حكم الإمام والمأموم إذا جلس الإمام في موضع قيام
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العشاء جلس الإمام للتشهد بعد الركعة الأولى ولكنه استذكر فقام قبل التسبيح له. وسجد سجدتي السهو قبل السلام. هل الصلاة صحيحة. وإذا أحد المصلين لم يتبعه في سجود السهو هل صلاته صحيحة وأحد المصلين لم يسه مع الإمام ثم سجد معه السهو ما حكم صلاته. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الإمام المذكور قد جلس بعد الركعة الأولى قدر فترة قراءة التشهد فإن عليه أن يسجد سجود السهو ويسجد معه المأمومون من سها منهم ومن لم يسه. قال ابن قدامة في المغني: فَزِيَادَاتُ الْأَفْعَالِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا, زِيَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ, مِثْلُ أَنْ يَقُومَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ, أَوْ يَجْلِسَ فِي مَوْضِعِ قِيَامٍ, أَوْ يَزِيدَ رَكْعَةً أَوْ رُكْنًا, فَهَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ, وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ , قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْن. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 8438، وقال في المغني أيضا: وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ، فَإِنْ سَهَا إمَامُهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ. وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ تَابِعٌ لِلْإِمَامِ وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ إذَا سَهَا, وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَسْهُ. وَإِذَا سَهَا الْإِمَامُ, فَعَلَى الْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ فِي السُّجُودِ سَوَاءٌ سَهَا مَعَهُ, أَوْ انْفَرَدَ الْإِمَامُ بِالسَّهْوِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ. وَذَكَرَ إسْحَاقُ أَنَّهُ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ, سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ , أَوْ بَعْدَهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ , الَّذِي رَوَيْنَاهُ. انتهى.
وعليه؛ فإن صلاة الإمام صحيحة وكذلك صلاة من تابعه في سجود السهو من المأمومين سواء سهوا معه أم لا، علما بأنه لا يجوز للمأموم أن يتابع الإمام في الزيادة المتيقنة بالنسبة للمأموم، وقد تقدم في الفتوى رقم: 617. بيان ما يترتب على متابعة المأموم للإمام في الزيادة المحققة.
وأما المأموم الذي لم يسجد سجود السهو مع الإمام؟ فإن كان ذلك عمدا فقد نص النووي في المجموع على بطلان صلاة المأموم إذا لم يتابع إمامه في سجود السهو إلا في صورتين ليست هذه منهما، فقال رحمه الله عند كلامه على قول صاحب المهذب: فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ لَزِمَ الْمَأْمُومَ حُكْمُ سَهْوِهِ; لِأَنَّهُ لَمَّا تَحَمَّلَ الْإِمَامُ عَنْهُ سَهْوَهُ لَزِمَ الْمَأْمُومَ أَيْضًا سَهْوُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ. بعد أن ذكر صورتين من صور أحكام سجود السهو وقرر أن المأموم لا يلزمه أن يتابع الإمام في سجود سهوهما وليست هذه الصورة منهما فقال: ثُمَّ إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الصُّورَتَيْنِ لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ, فَإِنْ تَرَكَ مُوَافَقَتَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ, وَسَوَاءٌ عَرَفَ الْمَأْمُومُ سَهْوَ الْإِمَامِ أَمْ لَمْ يَعْرِفْهُ, فَمَتَى سَجَدَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ سَجْدَتَيْنِ لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ سَهَا, انتهى. وأما إن كان الإمام جلس جلوسا أقل من فترة التشهد، فقيل عليه سجود السهو وقيل لا سجود في هذه الزيادة. قال ابن قدامة أيضا: وَإِذَا جَلَسَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشَهُّدِ قَدْرَ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ, فَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ السُّجُودُ, سَوَاءٌ قُلْنَا: جَلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ , مَسْنُونَةٌ أَوْ لَمْ نَقُلْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا بِجُلُوسِهِ , إنَّمَا أَرَادَ غَيْرَهَا فَكَانَ سَهْوًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ, فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ, كَالْعَمَلِ الْيَسِيرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَا ةِ انتهى. وعدم المطالبة بالسجود في هذه الحالة هو المعروف عند المالكية.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 17887.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(11/7628)
حكم عدم سجود المأموم للسهو مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[1. جلس الإمام بعد الركعة الأولى في الصلاة الرباعية ثم تذكر قبل التسبيح له ثم سجد للسهو قبل السلام ما حكم ذلك؟ وهل يعتبر ذلك سهوا؟
2. وإذا أحد المصلين لم يسهُ مع الإمام في نفس الصلاة السابقة وسجد مع الإمام سجود السهو ما الحكم؟
3. وآخر لم يسهُ مع الإمام ولم يسجد معه السهو بحجة أنه لم يسهُ ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما إذا جلس الإمام في الركعة الأولى سهوا بعد السجدة الثانية هل عليه سجود سهو أم لا؟ فمنهم من قال: إذا طال قعوده سجد للسهو وإن لم يطل قعوده كجلسة الاستراحة فإنه لا يسجد، وهذا قول الشافعية وهو مشهور في مذهب المالكية.
ومنهم من قال يسجد للسهو ولو لم يطل قعوده؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. رواه مسلم. وهذا قول الحنابلة، وعلى هذا القول فما فعله إمامكم من سجوده للسهو لأجل جلوسه في الركعة الأولى سهوا صحيح ولا إشكال فيه، ومحل السجود قبل السلام عند الشافعية والحنابلة.
ويلزم المأمومين متابعته في سجود السهو سواء من ابتدأ الصلاة مع الإمام والمسبوق منهم، وسواء من أدرك ركعة مع الإمام أو أقل أو أكثر على الصحيح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا سها الإمام فعلى المأموم متابعته في السجود سواء سها معه أو انفرد الإمام بالسهو. وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. اهـ
وقال النووي في المجموع: فإن ترك موافقته عمدا بطلت صلاته وسواء عرف المأموم سهو الإمام أم لم يعرفه، فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين لزم المأموم متابعته. اهـ
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المأموم إذا أدرك مع الإمام أقل من ركعة فإنه لا يسجد مع الإمام سجود السهو. والقول الأول -الذي ذكرنا- أقرب إلى الأدلة الآمرة بوجوب متابعة الإمام.
وانظر الفتوى رقم: 36، حول أحكام سجود السهو، والفتوى رقم: 8438، حول حالات المأموم في سجود السهو، والفتوى رقم: 12121، في سجود المسبوق مع الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(11/7629)
سهو المأموم بعد تسليم الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق أن سألتكم السؤال التالي: (صليت العشاء وبعد تسليم الإمام ظننت بأني قد فاتتني ركعة، ولذا بعدما سلم قمت لآتي بالركعة الفائتة، ولكن أثناء قيامي تذكرت بأني أدركت الصلاة كاملة، ولذا لا أعد مسبوقا، فجلست مباشرة، ثم سجدت سجدتين للسهو، ثم سلمت، فهل صلاتي صحيحة، وهل كان لزاما علي سجود السهو أم أني أجلس وأسلم فقط؟) أجبتم مشكورين، وأحلتموني على إجابة لسؤال آخر تتعلق بالسهو في حالة المنفرد، وسؤالي هنا عن حالة من سها وهو يصلى مؤتما بإمام، فماذا يفعل، أرجو الإفادة حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الإمام يتحمل ما تركه المأموم سهوا من غير الفريضة ما دام مقتديا به، فإذا سلم الإمام انقطع الاقتداء، فإن سها المأموم بعد سلام إمامه سجد سجود السهو، سواء كان مسبوقا كما في السائل الذي طرأ عليه الشك بعد سلام الإمام وقام ثم تذكر ورجع وسجد للسهو وهذا هو الصواب، وسجود السهو هنا واجب عند الحنابلة، وذهب الشافعية والمالكية إلى أنه سنة مع اختلافهم في محله هل هو قبل السلام أو بعده كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 4831، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8438، والفتوى رقم: 31478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/7630)
حكم سجود المأموم للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام جلس جلسة الاستراحة، ولكن أحد المأمومين وبعد سلام الإمام سجد المأموم سجود السهو، ظنا منه أن الإمام سها في الصلاة وجلس قبل القيام للركعة، ثم تكلم بكلام مغضب على الإمام لأن الإمام لم يسجد للسهو، فهل تعد صلاة هذا المأموم باطلة، حيث إنه لا يدرك معنى جلوس الاستراحة، فيعذر بجهله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المأموم سجد بعد سلامه من الصلاة -كما هو الظاهر- فإن صلاته لم تبطل لأنه فعل خارج الصلاة، مع أنه لا يطالب بالسجود لأن الإمام جلس جلسة مشروعة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما بينا في الفتوى رقم: 10649 فالرجاء مراجعتها.
ولو افترضنا أن الإمام سها وجلس في هذا الموضع ثم تذكر وقام قبل أن يمكث قدر التشهد، فقد ذهب بعض أهل العلم أنه لا سجود في هذه الحالة، وما دام الإمام لا يطالب بالسجود هنا على هذا القول فإن المأموم لا يطالب به من باب أولى، قال ابن قدامة في المغني: وإذا جلس في غير موضع التشهد قدر جلسة الاستراحة، فقال القاضي: يلزمه السجود سواء قلنا: جلسة الاستراحة، مسنونة أو لم نقل ذلك، لأنه لم يردها بجلوسه، إنما أراد غيرها فكان سهواً، ويحتمل أن لا يلزمه، لأنه فعل لو تعمده لم تبطل صلاته، فلا يسجد لسهوه كالعمل اليسير من غير جنس الصلاة. انتهى.
والقول بعدم سجود السهو في هذه الحالة هو المعروف عند المالكية، وإن كان سجود المأموم حصل قبل سلامه فمن أهل العلم من يرى أن الصلاة لا تبطل بالزيادة جهلا، وعند المالكية تبطل بزيادة الركن الفعلي كالسجود والركوع إن كان ذلك عمداً أو جهلا، قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الكبير ممزوجاً بنص خليل: وبتعمد كسجدة (ش) يريد أن من زاد في صلاته سجدة عمداً فإنها تبطل فقوله: كسجدة أي: من كل ركن فعلي. قال الدسوقي في حاشيته معلقاً: يريد أن من زاد في صلاته عمداً، أي: أو جهلاً. انتهى.
هذا ولا ينبغي للمأموم المذكور أن يتصرف هذا التصرف ويؤنب الإمام ويلومه لهذا السبب، فإن الإمام إنما جعل ليؤتم به، وهو في الغالب أدرى بما يجوز في الصلاة وما لا يجوز فيها، فينبغي احترامه وحمله على الصواب حتى يعلم أنه على غير ذلك، وليعلم أيضاً أن الإمام بشر ينسى ويخطئ فلو نسي أو سها فلا داعي للغضب واللوم ونحوه مما يتنافى مع الغرض الذي أتى له المصلي من بيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/7631)
أحكام الشك في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شك في صلاته وأراد أن يعيدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشك قد طرأ بعد انتهاء الصلاة بأن أتم صلاته من غير أن يشك في صحتها وبعد أن سلم منها طرأ عليه الشك، فقد تقدم في الفتوى رقم: 19068، أنه لا عبرة بالشك بعد الانتهاء من الصلاة، وإن كان الشك قد حدث أثناء الصلاة فلبيان ما يفعل من وقع له ذلك، يراجع الفتوى رقم: 41586، والفتوى رقم: 47932، والفتوى رقم: 2598.
ففيها بيان ما يفعله من شك أثناء الصلاة في عدد الركعات أو في الإتيان بالركن، فمن أتى بما شك فيه في هذه الحالة فصلاته صحيحة، لكن إذا لم يأت بما شك فيه حتى سلم وحصل الطول بعد الصلاة فقد بطلت صلاته لأن من شك في الإتيان بالأركان أثناء الصلاة فكمن لم يأت بها، قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر أركان الصلاة: فأما بطلان الصلاة بتركها ففيه تفصيل، وذلك أنه لا يخلو، إما أن يتركها عمداً أو سهواً، فإن من تركها عمداً بطلت صلاته في الحال، وإن ترك شيئاً منها سهواً، ثم ذكره في الصلاة، أتى به، على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله، وإن لم يذكره حتى فرغ من الصلاة، فإن طال الفصل ابتدأ الصلاة، وإن لم يطل بنى عليها، نص أحمد على هذا، في رواية جماعة، وبهذا قال الشافعي ونحوه قال مالك ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة والعرف، واختلف أصحاب الشافعي فقال بعضهم كقولنا وقال بعضهم: الفصل الطويل قدر ركعة وهو المنصوص عن الشافعي، وقال بعضهم قدر الصلاة التي نسي فيها والذي قلنا أصح لأنه لا حد له في الشرع فيرجع إلى العرف فيه ولا يجوز التقدير بالتحكم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1426(11/7632)
حكم صلاة من لم يسجد مع الإمام للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في صلاة الظهر وسها الإمام عن التشهد الأول وقام فنبهه من وراءه فرجع للجلوس ثم أتم الصلاة وسجد بعد السلام سجود السهو.
المسألة أني كنت معهم ولكن في طرف الصف الثاني ولم ألحظ قيام الإمام، وكنت بحكم عملي أقوم وأغادر المسجد حال الانتهاء من التسليم وهو خطأ وعادة سيئة أقلعت عنها من يومها، المهم أني حال قيامي بمغادرة مكاني وجدت القوم يسجدون فاضطربت ولم أدر ما الذي أصنعه ولم أسجد معهم. السؤال هل صلاتي باطلة ويجب إعادتها أم لا؟
جزا كم الله كل خير وشكرا.
بشير من تونس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاتك لم تبطل بترك السجود البعدي الذي ترتب على الإمام كما سبق في الفتوى رقم: 67609 وكان ينبغي أن تسجد مع الإمام عند ما رأيت الناس سجدوا بسحوده، ويسن لك أن تسجد هذا السجود ولو طال الزمن.
ولبيان ما ينبغي للمصلي فعله إذا نسي وقام من اثنتين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 13516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(11/7633)
ترك المأموم سجود السهو البعدي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن الإمام إذا أضاف ساهياً ركعة أو سجدة فإن المأموم يجب عليه أن لا يتبع الإمام، لكن هل يجب على المأموم اتباع الإمام إذا أضاف سجدتين بعد السلام جراء ما أضاف من سجود أو ركوع؟ وفي حالة وجوب اتباع المأموم للإمام إذا أضاف سجدتين بعد السلام فماذا على المأموم في حالة عدم اتباعه للإمام بسبب الجهل؟ ...
بارك الله فيكم يا شيخ وأفاد بكم. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المأموم إذا لم يكن مسبوقاً، أن يتابع إمامه في السجود بعد السلام، ولو لم يكن يعرف موجب السجود لأن الإمام ضامن ومؤتمن، وبالتالي فهو أدرى بما نشأ عنه السجود، لكن لو ترك المأموم السجود البعدي، مع الإمام فإنه لا تبطل صلاته، سواء فعل ذلك عمداً أو جهلاً أو نسياناً، لأن ترك السجود البعدي لا تبطل به الصلاة إلا أن من فعل ذلك فقد ترك سنة، ويختص السجود البعدي بعدم فواته بالطول أو الخروج من المسجد فيمكن سجوده بعد الطول، والخروج من المسجد ولو بعد سنة، قال الدسوقي في حاشيته على الدردير في الفقه المالكي معلقاً على قول خليل وهو يذكر مبطلات الصلاة: ويترك قبلي عن ثلاث سنن قال: فهم منه أن البعدي لا تبطل بتركه ولو طال، وحينئذ فيسجده متى ذكره. انتهى
فإن كان المأموم مسبوقاً فلا يسجد البعدي إلا بعد إتمام صلاته وسلامه، وللعلماء في هذا خلاف ذكرناه في الفتوى رقم: 44095. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/7634)
من قام إلى خامسة فسبحوا به فلم يلتفت لقولهم
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الشيخ الألباني رحمه الله في أحد أشرطته أنه إذا قام الإمام ساهيا للركعة الخامسة فإن المأموم أن ينبهه فإن لم يتنبه الإمام قام المأموم معه وكنت قرأت في فتوى لكم أن ذلك يبطل صلاة المأموم فهل هناك خلاف في تلك المسألة أم أن ذلك اجتهاد من الشيخ الألباني رحمه الله ولم يسبقه إليه أحد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن الإمام إذا قام لركعة خامسة، ونبهه المأمومون بالتسبيح فلم يرجع، فمن اتبعه عمداً عالماً بتلك الزيادة فقد بطلت صلاته.
قال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: قال ابن القاسم: إن صلى إمام خامسة فسها قوم كسهوه وجلس قوم واتبعه قوم عامدون فصلاة الإمام ومن سها معه أو جلس تامة ويسجدون معه لسهوه، وتفسد صلاة العامدين. انتهى
وفي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي: وسئل -فسح الله في مدته- عما إذا قام إمامه لخامسة هل الأولى انتظاره أو فراقه، وفيما إذا كان مسبوقاً هل هو كغيره أو لا حتى تجوز مفارقته؟.
فأجاب بقوله: الأولى انتظاره وسواء المسبوق وغيره، وعبارة شرحي للعباب: لو قام الإمام لزيادة كخامسة سهواً لم يجز له متابعته وإن كان شاكاً في فعل ركعة أو مسبوقاً علم ذلك أو ظنه، فإن تابعه بطلت صلاته إن علم وتعمد. انتهى
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 49596.
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وسئل رحمه الله عن إمام قام إلى خامسة فسبح به فلم يلتفت لقولهم، وظن أنه لم يسه فهل يقومون معه أم لا؟
فأجاب: إن قاموا معه جاهلين لم تبطل صلاتهم لكن مع العلم لا ينبغي لهم أن يتابعوه، بل ينتظرونه حتى يسلم بهم أو يسلموا قبله والانتظار أحسن. انتهى
ولم نقف على خلاف لهذا الحكم في هذه المسألة حسب اطلاعنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/7635)
هل يحتاج سجود السهو إلى نية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت ذات مرة أن سجود السهو البعدي يحرم فيهما المصلي بتكبيرة. ولما اعتدت أن تكون تكبيرة الإحرام في الصلاة مع رفع اليدين إلى الأذنين فقد رفعت يدي في بعض المرات إلى الأذنين عند سجود السهو البعدي. لكني رأيت إمام مسجد ترتب عليه سجود بعدي يأتي بالسجدتين دون رفع اليدين فأدركت خطئي.
قرأت كذلك أن سجود السهو البعدي يحتاج إلى نية فظننت أن هذه النية تشمل أن يستحضر المصلي في قلبه سبب السجود قبل السجود.وذات مرة (أو مرات لا أذكر بالضبط) سجدت سجودا بعديا دون أن أستحضر في قلبي سبب السجود فلما تذكرت أتممت السجود ثم أعدته بعد استحضار النية كما ظننتها. لكني قرأت بعد ذلك أن نية السجود تعني أن ينوي المصلي بتكبيرة الهوي الإحرام لسجود السهو
سؤالي هو هل يترتب علي شيء في كلتا الحالتين خاصة أنني لم أعد أتذكر ما هي الصلوات التي حصل فيها هذا الشيء ولا عددها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود السهو لا يطلب فيه رفع اليدين. قال النووي في المجموع: وسجود السهو سجدتان بينهما جلسة، ويسن في هيئتها الافتراش والتورك بعدهما إلى أن يسلم، وصفة السجدتين في الهيئة والذكر صفة سجدات الصلاة. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي متحدثا عن سجود السهو: وهل يرفع يديه بهذا الإحرام أم لا؟ لم أر فيه نصا كما قاله الحطاب. انتهى.
قال العدوي في حاشيته على الخرشي: والظاهر أنه لا يرفع كما في بعض الشراح. انتهى.
وسجود السهو -كما ذكرت- يحتاج إلى نية مقارنة للتكبير أو قبله بيسير.
قال الباجي المالكي في المنتقى: وجه الرواية الأولى أن سجود السهو بعد السلام صلاة في نفسها، لأنها تفتقر إلى طهارة وتفعل بعد شهر من السهو ويسلم منها، فوجب أن يكون التكبير في أولها تكبيرة إحرام وأن تفتقر إلى النية كسائر الصلوات. انتهى.
ولا يلزم حال السجود استحضار المصلي سبب السجود فلم نقف على من اشترط ذلك من أهل العلم.
وعليه، فصلواتك السابقة صحيحة كلها لا يؤثر عليها ما ذكرت إن شاء الله تعالى، وبما أن السائل من بلد يغلب فيه المذهب المالكي فنقول: إن سجود البعدي تركه لا يبطل الصلاة لكن من لم يأت به يجزئه أن يسجده متى ما ذكره ولو بعد مدة طويلة.
ففي التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة قال مالك: من نسي سجود السهو بعد السلام فليسجد متى ما ذكر ولو بعد شهر، ولو انتقض وضوؤه توضأ وقضاهما.
وللمزيد عن أحكام سجود السهو راجع الفتوى رقم 61623 والفتوى رقم: 13872.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(11/7636)
من تذكر أثناء القراءة أنه يسر في محل الجهر أو العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قام بالتورك في التشهد الأول ثم تذكر أثناءه وعاد إلى الجلسة العادية هل يسجد سجود زيادة وإن لم يفعل ذلك (أي سجود الزيادة) هل تبطل صلاته؟ نفس الحالة لمن كان يجهر في موضع سر ثم تذكر أثناء القراءة هل يعيد القراءة سرا وإن فعل ذلك هل يسجد سجود زيادة وإن لم يفعل ذلك (أي سجود الزيادة) هل تبطل صلاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 35943. خلاف الأئمة في هيئة الجلوس في الصلاة ـ ومن خلالها يتبين أن مذهب مالك رحمه الله تعالى في الجلوس للتشهدين وفيما بين السجدتين هو التورك. ولو أن أحدا جلس متوركا في الجلسة الأولى وأراد أن يغير جلسته من التورك إلى الجلسة الأخرى فلا يعتبر هذا زيادة ولا يلزمه سجود لا من أجل تغيير الجلسة ولا بسبب جلوسه متوركا لخفة العمل في التغيير ولأن من تورك في جلوسه الأول لا يلزمه سجود، قال النووي رحمه الله قال أصحابنا: لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء بل كيف وجد أجزأه سواء تورك أو افتراش أومد رجليه أو نصب ركبتيه أو أحدهما أو غير ذلك؛ لكن السنة التورك في آخر الصلاة والافتراش فيما سواه. انتهى.
أما من تذكر أثناء القراءة أنه يسر في محل الجهر أو العكس فقد فصل في ذلك فقهاء المذهب المالكي، قال الخرشي عند قول خليل: وإعادة سورة فقط لهما، أي ولا سجود في إعادة السورة لأجل الجهر أو السر حيث قرأها على خلاف سنتها وتذكر ذلك قبل الانحناء فرجع وأتى بها على سنتها لخفة ذلك. واحترز بقوله فقط مما لو أعاد أم القرآن والسورة أو أم القرآن فقط للسر حيث قرأها جهرا أو للجهر حيث قرأها سرا وتذكر ذلك قبل الانحناء فإنه يسجد. انتهى.
وخلاصة هذا أن من أسر بأم القرآن في محل جهرأوالعكس فإن تذكر ذلك قبل الانحناء للركوع أعادها على ما ينبغي ويسجد بعد السلام، وإن لم يتذكر ذلك إلا بعد الانحناء تمادى وسجد قبل السلام في حالة السر في محل الجهر وبعده في حالة الجهر في محل السر. وإن لم يسجد سجود السهو في الحالتين لم تبطل صلاته. هذا مذهب المالكية كما أسلفنا، ومذهب كثير من أهل العلم أنه لا يسجد للجهر في محل السر والعكس في الفاتحة وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/7637)
زاد الإمام سجدة ولم يتبعه المأموم وسجد معه للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة مصل زاد إمامه سجدة في الركعة الثانية من صلاة الصبح وهو لم يسجد معه هذه السجدة لتيقنه من إتمام الصلاة، وبعد التشهد والسلام سجد الإمام سجود السهو وسجد معه هذا المصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المأموم هنا قد أصاب إذ لم يتبع الإمام في الزيادة المتيقنة عنده، ولوا تبعه في هذه الحالة بطلت صلاته، أي صلاة المأموم الذي تيقن الزيادة وتابع فيها الإمام، كما أصاب في سجوده مع الإمام سجود السهو، وكنا قد أوضحنا هذا في الفتوى رقم: 1331، والفتوى رقم: 11388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/7638)
زيادة التسبيح في الركوع والسجود على ثلاث لا يستلزم سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يتم سجود السهو، وهل هناك حكم لنسيان التشهد الأوسط، وما حكم التسبيح فى الركوع أو السجود أكثر من ثلاث مرات، وهل له سجود سهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود السهو هو سجدتان يسجدهما المصلي إذا سها في صلاته بأن نقص منها أو زاد فيها، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 36، وقد أوضحنا كيفيته ومحله في الفتوى رقم: 1398، والفتوى رقم: 4831، ولبيان حكم من سها عن التشهد الأول راجع الفتوى رقم: 13516.
فأما زيادة التسبيح في الركوع والسجود على ثلاث فإنه أمر مستحب، فلا يلزم من فعل هذه الزيادة أو تركها سجود سهو، أما في فعلها فلأنه فعل مستحباً، وأما الترك فلأنه ترك ما لا يحتاج إلى جبر بسجود السهو، قال النووي في المجموع: قال القاضي حسين: قول الشافعي يقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً وذلك أدنى الكمال، ولم يرد أنه لا يجزئه أقل من الثلاث لأنه لو سبح مرة واحدة كان آتيا بسنة التسبيح، وإنما أراد أن أول الكمال الثلاث، قال: ولو سبح خمساً أو سبعاً أو تسعاً أو إحدى عشرة كان أفضل وأكمل. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدنى الكمال، قال: وجملة ذلك أنه يشرع أن يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، وقال مالك: ليس عندنا في الركوع والسجود شيء محدود. انتهى، والسجود مثل الركوع في هذا وإن كان تسبيحه سبحان ربي الأعلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(11/7639)
من كثر عليه الشك في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم السجود للسهو إذا شك المصلي في عدد السجدات وكان السهو عادة عنده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كثر عليه الشك أو تعوده في صلاته أو غيرها من العبادات فإن عليه أن يعرض عن الشك ولا يبالي به لأنه وسوسة من الشيطان ليفسد على العبد عبادته.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ومن استنكحه الشك في السهو فليله عنه ولا إصلاح عليه، ولكن عليه أن يسجد بعد السلام. لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه صلاته حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(11/7640)
سجود السهو إذا فعل ما لا يبطل عمده
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الجليل
تحدث لي بعض الأشياء في الصلاة ولا أدري هل يجب أن أسجد سجود سهو أم لا فمثلا بعد قراءة سورة الفاتحة أقوم برفع يدي للتكبير استعدادا للركوع وأثناء رفع اليد أتذكر أنني لم أقرأ بعض الآيات التي تلي قراءة الفاتحة فأقوم بإنزال يدي ثم قراءة سورة قصيرة أو بعض الآيات وإكمال الصلاة، فهل يجب أن أسجد سجود السهو في نهاية الصلاة، مثال آخر: في صلاة مثل العشاء وبعد سجود الركعة الأخيرة التي تسبق التشهد حاولت أن أقف أعتقد أنني صليت ثلاث ركعات، ولكن قبل أن أقف أي في وضع الجلوس على الأرض تذكرت أن هذه الركعة الأخيرة فلم أقف، فهل يجب أن أسجد سجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا سجود عليك في رفع اليدين لأجل الركوع ثم ردهما وترك الركوع لأجل قراءة السورة لأن هذه الحركة لا يبطل عمدها، وما لا يبطل عمده لا يسن له سجود السهو، وكذا النهوض إلى القيام ثم التذكر بأن القيام إلى خامسة فلا يسن له سجود سهو إلا إذا صار القائم الناهض إلى القيام أقرب فإنه يسن له حينئذ سجود السهو على الأصح، قال النووي في المنهاج: ولو نسي التشهد الأول فذكره بعد انتصابه لم يعد له، فإن عاد عالما بتحريمه بطلت، أو ناسيا فلا ويسجد للسهو، أو جاهلا فكذا في الأصح، وللمأموم العود لمتابعة إمامه في الأصح، قلت: الأصح وجوبه. والله أعلم.
ولو تذكر قبل انتصابه عاد للتشهد، ويسجد إن كان صار إلى القيام أقرب، ولو نهض عمدا فعاد بطلت إن كان إلى القيام أقرب، ولو نسي قنوتا فذكره في سجوده لم يعد له، أو قبله عاد ويسجد للسهو إن بلغ حد الراكع.
والخلاصة أن ما ذكرت لا يشرع له سجود السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/7641)
اختلاف الأئمة في موضع سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون سجود السهو قبل التسليم ومتى يكون بعده، وما هو حكم من يصلي العشاء مع الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا في محل سجود السهو هل هو قبل السلام وهو مذهب الشافعي، أو بعده وهو مذهب أبي حنفية، ومنهم من قال إن ما كان سببه نقص فمحله قبل السلام وما كان عن زيادة فمحله بعد السلام وهذا مذهب مالك رحمه الله تعالى، ومذهب الإمام أحمد أنه قبل السلام إلا ما ورد فيه النص أنه بعد السلام، وللمزيد من الفائدة طالع الفتوى رقم: 17887 لمعرفة الراجح.
وأما من يصلي العشاء مع الفجر فإن كان ذلك بعد طلوع الفجر فإنه يصلي العشاء قضاء، ثم يصلي الفجر ما دام الوقت متسعاً لها فإن خاف قدم الفجر، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 2241، والفتوى رقم: 1648، والفتوى رقم: 1747.
وأما إن كان ذلك قبل طلوع الفجر فإنه يصلي العشاء على أنها أداء، ولا يجوز تقديم الفجر عن وقتها ولا تجزئه، كما يأثم إن كان تأخير العشاء عن قصد بأن فرط فيها وأخرها إلى ما بعد طلوع الفجر، فإن من أخر صلاة عن وقتها من غير نسيان أو مرض لا يستطيع الصلاة معه أو نوم فقد أثم إثماً عظيماً فعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وللفائدة طالع الفتوى رقم: 408، والفتوى رقم: 3196.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/7642)
الزيادات في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يضيف المصلي في الركعة الثالثة سورة مع الفاتحة في الصلاة الرباعية أوالثلاثية فإنه لا يأتي بسجود بعدي، ولكنه عندما يضيف تشهدا بين الركعة الثالثة والرابعة في الصلاة الرباعية فإنه يأتي بسجود بعدي فما هو تفسير هذه المسألة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الزيادات في الصلاة على نوعين ذكرهما العلامة ابن قدامة في المغني فقال:
والزيادات على ضربين: زيادة في الأفعال وزيادة في الأقوال، وزيادة الأفعال قسمان: أحدهما زيادة من جنس الصلاة، مثل أن يقوم في موضع جلوس أو يجلس في موضع قيام.. فهذا تبطل الصلاة بعمده، ويسجد لسهوه.
الثاني: من غير جنس الصلاة، كالمشي والحك فهذا تبطل الصلاة بكثيره ويعفى عن يسيره ولا يسجد له، ولا فرق بين عمده وسهوه.
الضرب الثاني: زيادات الأقوال وهي قسمان أيضا، أحدهما: ما يبطل عمده الصلاة كالسلام وكلام الآدميين.
الثاني: ما لايبطل عمده الصلاة وهو نوعان:
أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود.. وقراءة السورة في الأخيرتين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك إذا فعله سهوا فهل يشرع له سجود سهو؟ على روايتين: إحداهما لا يشرع السجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال.
والثانية: يشرع له السجود لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم.
فإذا قلنا يشرع له السجود فذلك مستحب غير واجب لأنه جبر لغير واجب فلم يكن واجبا كجبر سائر السنن. اهـ.
ومن هذا التقسيم للزيادات في الصلاة تعلم أن زيادة سورة سهوا مع الفاتحة في الثلاثية والرباعية من زيادات الأقوال التي فيها الإتيان بذكر مشروع في غير موضعه، والعلماء في مشروعية سجود السهو لذلك على قولين، أما زيادة التشهد فإنها من زيادات الأفعال التي يشرع لها سجود السهو اتفاقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/7643)
أحوال سجود السهو وصلاة أربع ركعات بعد العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[1ـ متى يكون سجود السهو قبل السلام وبعد السلام؟ وهل أتشهد عندما أسجد سجود السهو؟ 2ـ لقد ذكر لي صديقي أنه يوجد حديث يقول إنه عندما يصلي الشخص ركعتين يقرأ في الأولى الفاتحة وسورة الاخلاص وفي الثانية سورة الكافرون ويسلم ويصلي بعد ذلك ركعتين يقرأ في الأولى السجدة وفي الثانية تبارك وهذا طبعا بعد الفاتحة. ويكون هذا قبل النوم. ما صحة هذا الحديث؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في سجود السهو هل هو قبل السلام أو بعده، أوأحيانا قبله وأحيانا بعده، وقد بينا هذا التفصيل في الفتوى رقم: 36، ولا تشهد بعد سجدتي السهو على الراجح من أقوال أهل العلم. وأما الحديث المشار إليه في السؤال فقد أخرجه ابن نصر في قيام الليل والطبراني في الكبير والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة قرأ في الركعتين الأولتين (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) وفي الركعتين الأخيرتين (تبارك الذي بيده الملك) (والم تنزيل) السجدة كتبت له كأربع ركعات من ليلة القدر) . وليس فيه أنهما قبل النوم بل بعد العشاء مطلقا، والحديث فيه ضعف ولكن يصح العمل به لأنه في فضائل الأعمال، قال الشوكاني رحمه الله تعالى: وفي إسناده أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي ضعفه الجمهور. وقال أبو حاتم محله الصدق. وقال البخاري مقارب الحديث. وروى محمد بن نصر من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء الآخرة ثم صلى أربع ركعات حتى لم يبق في المسجد غيري وغيره، وفيه المنهال ابن عمر وقد اختلف فيه. وروى الطبراني في الكبير عن ابن عمر مرفوعا من صلى العشاء الآخرة في جماعة وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد كان كعدل ليلة القدر، قال العراقي ولم يصح وأكثر الأحاديث أن ذلك كان في البيت ولم يرد التقييد بالمسجد إلا في حديث ابن عباس وحديث ابن عمر المذكورين. فأما حديث ابن عمر تقدم ما قال العراقي فيه. وأما حديث ابن عباس ففي إسناده من تقدم. قال: العراقي وعلى تقدير ثبوته فيكون قد وقع ذلك منه لبيان الجواز أو الضرورة له في المسجد اقتضت ذلك، والحديث يدل على مشروعية صلاة أربع ركعات أو ست ركعات بعد صلاة العشاء وذلك من جملة صلاة الليل.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/7644)
سجود السهو لترك السنن
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإجابة على الأسئلة التالية مع الأدلة، جزاكم الله خيراً.
ما حكم إذا ما نسيت سنة من سنن الصلاة المفروضة ولم أقم بسجود السهو عمدا؛ فهل الصلاة صحيحة أم باطلة، وما حكم إذا ما نسي الإمام إحدى سنن الصلاة ولم يقم بسجود السهو متعمدا؟ وأرجو منكم أن تكون الإجابة في وقت قريب إن شاء الله مع ذكر اسم المفتي وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 28891 مذاهب الفقهاء في حكم سجود السهو، فعلى السائل أن يراجعها أولاً ليعلم حكم سجود السهو عند الفقهاء هل هو واجب أو سنة.
ونحن نوضح هنا الحكم فيمن ترك سجود السهو عند الفقهاء، فالحنابلة قسموا أعمال الصلاة إلى أركان وواجبات وسنن، ومذهبهم أن من ترك سجود سهو نشأ عن ترك واجب من واجبات الصلاة بطلت صلاته، ولا تبطل بترك غير الواجبات مثل السنن، وقد أوضحنا مذهبهم في الفتوى رقم: 4831، والفتوى رقم: 12455.
وأن مذهب الأحناف قريب منهم، وعند المالكية تبطل الصلاة إن ترك عمداً أو سهواً سجود سهو نشأ عن ترك ثلاث سنن فأكثر فعلية كانت أو قولية عمدا أو سهوا إذا لم يتدارك سجوده قبل حصول الطول أو الخروج من المسجد، قال الخرشي وهو مالكي عند قول خليل: وبترك قبلي عن ثلاث سنن وطال -يعني أن الصلاة تبطل بترك سجود السهو الذي قبل السلام إذا كان عن نقص ثلاث سنن وطال قولية كثلاث تكبيرات أو اثنتين مع تسميعة أو فعلية كترك الجلوس غير الأخير ... - أو قولية وفعلية كترك السورة لاشتمالها على نفسها والقيام لها وصفتها من سر أو جهر. انتهى، يعني بقوله لاشتمالها على نفسها، أي أن السورة نفسها سنة والقيام لها سنة وصفتها من سر أو جهر سنة.
وعند الشافعية أن غير الأركان من أعمال الصلاة ضربان أبعاض وغير أبعاض، فالأبعاض مثل التشهد الأول والجلوس له والقنوت والقيام له وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا تركها في التشهد الأول على أنها سنة، وعلى القول بعدم سنيتها فلا سجود في تركها وكذلك الصلاة على الآل في التشهد الأخير على القول بأنها سنة وليست بواجبة، قال النووي: وكل واحد من هذه الأبعاض مجبور بسجود السهو إذا تركه سهواً لحديث عبد الله بن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين فلما جلس من أربع انتظر الناس تسليمه فسجد قبل السلام. وإن تركه عمدا فوجهان: أحدهما: لا يسجد لأن السجود مشروع للسهو وهذا غير ساه ... والثاني: وهو الصحيح باتفاق الأصحاب يسجد لأنه إذا شرع للساهي فالعامد المقصر أولى.
وأما غير الأبعاض كالتعوذ ودعاء الاستفتاح ورفع اليدين والتكبيرات والتسبيحات والدعوات والجهر والإسرار والتورك والافتراش والسورة بعد الفاتحة ووضع اليدين على الركبتين وتكبيرات العيد الزائدة وسائر الهيئات المسنونات غير الأبعاض فلا يسجد لها سواء تركها عمداً أو سهواً. انتهى.
ومنه يعلم أن من تعمد ترك سجود السهو لا تبطل صلاته عند الشافعية، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 51686، والفتوى رقم: 8330.
واعلم أنه لا فرق في هذا الحكم بين ترك الإمام لسجود السهو عمدا وبين المنفرد، وأما المأموم فإذا سها وراء الإمام فلا سهو عليه في غير الأركان، وخلاصة القول أنه لا ينبغي للمسلم أن يتعمد ترك سنة من سنن الصلاة لما في ذلك من مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم مع أن ذلك قد يكون مبطلاً لصلاته وخصوصاً إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة عند الحنابلة ولم يسجد أو ترك ثلاث سنن ولم يسجد عند المالكية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1426(11/7645)
ترك التشهد الاول وعدم السجود للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العشاء بدون التشهد الأول، يعني أربع ركعات متواصلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 13520 أن من نسي التشهد الأول وقام إلى الركعة الثالثة، فإنه يكمل صلاته ويسجد سجدتي السهو قبل السلام، ثم يسلم من صلاته، وللفائدة طالع الفتوى رقم: 42566.
وهذا السجود محل خلاف بين العلماء في وجوبه؛ فمنهم من يرى وجوبه، ومنهم من يرى الاستحباب، وإذا لم يكن السائل قد سجد سجدتي السهو حتى حصل الطول، فإن صلاته غير صحيحة عند من يقول بوجوب السجود وعليه الإعادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/7646)
نقص الإمام ركعة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة للإمام والمأموم في الحالات التالية:-
1. إذا سها الإمام وصلى ثلاث ركعات في العصر وجلس، وعندما سلم ذكره الناس أنه صلى ثلاثا وليس أربع ركعات.
2. إذا صلى الإمام خمس ركعات في الظهر سهواً ولم يذكره أحد من المصلين إلا بعد أن سلم فماذا يجب عليه وعلى المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام الذي نسي الركعة الأخيرة من صلاة العصر وبعد السلام نبهه المأمومون عليه أن ينوي نية إكمال الصلاة ويأتي بتلك الركعة ثم يسجد سجود السهو، وهذا بشرط أن لا يكون قد حصل طول فصل بفوت تدارك تلك الركعة، وهذا الطول يكون بالخروج من المسجد، أو بالمكث مدة من الزمن تسمى طولا في العرف.
قال الدسوقي المالكي في حاشيته: يعني أن المصلي إذا ترك ركنا من الصلاة سهوا أو طال فإنها تبطل، والطول إما بالعرف، أو بالخروج من المسجد. انتهى.
وقال الخرشي المالكي ايضا: يعني إذا بنى مع القرب ولو جِداً فإنه يرجع بإحرام، أي بتكبير ونية، ويندب له رفع اليدين حين شروعه، فلو ترك الإحرام بمعنى التكبير لم تبطل الصلاة ولا بد من النية أي نية إتمام ما بقي ولو قرب جدا اتفاقا. انتهى
وقيام الإمام لركعة خامسة قد سبق حكمه في الفتوى رقم: 59718
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/7647)
موقف المأمومين إن قام إمامهم للخامسة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام قام إلى الركعة الخامسة من صلاة الظهر والمأمومون بعضهم قام معه وبعضهم جلس فما حكم ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المأمومين أن يسبحوا للإمام لعله يرجع عن زيادة تلك الركعة، فإن سبح به اثنان فأكثر يثق بقولهما لزمه الرجوع إن كانت زيادته عن شك على قول لبعض أهل العلم، فإن لم يرجع في هذه الحالة بطلت صلاته.
وليس للمأمومين إن تيقنوا أنها خامسة متابعته، بل يجوز لهم مفارقته بحيث يسلمون وتصح صلاتهم، كما يجوز لهم انتظاره حتى يسلموا بسلامه، ومن اتبعه منهم عمدا عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته، ومن اتبعه سهوا أو جهلا فصلاته صحيحة.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 49596.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(11/7648)
الشك في ترك سجدة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي العصر منفرداً،وعندما قمت للقراءة في الركعة الرابعة راودني شك في سجود الركعة الثالثة هل سجدت سجدتين أم سجدة واحدة؟!
ولم أدر ماذا أفعل هل أسجد للسهو أم أقوم لركعة إضافية لأن الركعة الثالثة لو سجدت فيها سجدة واحدة بطلت ...
فأكملت الركعة الرابعة وقمت للركعة الخامسة ثم سجدت للسهو بعد التشهد وقبل السلام،، فهل ما فعلته صحيح؟ أم يجب علي إعادة هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك في ترك ركن من الصلاة كسجدة وهو غير موسوس فهو بمثابة من لم يأت بها. قال ابن قدامة في المغني: وإن شك في ترك ركن من أركان الصلاة وهو فيها هل أخل به أو لا، فحكمه حكم من لم يأت به إماما كان أو منفردا، لأن الأصل عدمه. انتهى.
ومادمت تذكرت ترك السجدة قبل أن تصل إلى السجود من الركعة التي تليها فكان عليك الرجوع والإتيان بتلك السجدة المشكوك في تركها ثم تأتي بالركعة الرابعة وتسجد للسهو، لكن نتيجة لجهلك بالحكم الشرعي فعلت ما فعلت، وحيث إنك أتيت بركعة كاملة بدل الركعة الثالثة التي شككت في ترك سجدة منها فما فعلته مجزئ إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/7649)
إذا قام لركعة زائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت الجماعة من الركعة الأولى ومتأكد من الأمر، لكن قام الإمام وجاء بركعة خامسة ولم يسبح له أحد فأكمل الصلاة بالزيادة التي ذكرت، فما حكم الصلاة، مع العلم بأنه لم يأتِ بسجود سهو وبعد السلام لم يشكك أحد في الزيادة، فما الحكم؟ بصرونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام إذا قام لركعة زائدة فمن كان من المأمومين عالما بزيادة تلك الركعة عليه أن يسبح للإمام لكي يرجع عن تلك الزيادة، فإن لم يرجع الإمام فالراجح أن من علم زيادة تلك الركعة لا يجوز له أن يتابعه فيها، وله أن يفارق الإمام ويسلم وصلاته صحيحة، فإن اتبعه في تلك الزيادة فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يتبعه عالما بتحريم ذلك فصلاته باطلة.
الحالة الثانية: أن يتبعه جاهلاً بالتحريم فتصح صلاته، وراجع الفتوى رقم: 49596.
وزيادة هذه الركعة الخامسة يترتب عليها سجود السهو، فإن تركه الإمام ومن معه فصلاتهم صحيحة، وراجع الفتوى رقم: 25202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/7650)
يتابع المسبوق الإمام في سجود السهو ثم يكمل ما فاته
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المفتي جزاك الله خيراً عنا، أتوجه إلى شخصكم الكريم بالسؤال التالي وهو: أنا إنسان كنت أصلي صلاة العشاء جماعة مع الإمام وكان الإمام كان قد صلى ثلاث ركعات وقام بالسلام علما بأننا خلال الصلاة قام أحد المصلين بتنبيهه بقول سبحان الله ولكنه سلم وبعد ذلك قمنا بإخباره بأننا قد صلينا ثلاث ركعات فقام وجاء بالركعة الرابعة وسجد سجود السهو، أحد المصلين فاتته الركعة الأولى وبعد السلام للإمام من الركعة الثالثة قام هذا المصلي ليأتي بالركعتين الأخريين، فهل عليه أن يلتزم مع الإمام عندما قام ليأتي بالركعة الرابعة أم عليه أن يتم صلاته لوحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المصلي الذي فاتته ركعة أن يتابع الإمام في الركعة الرابعة بالنسبة للإمام والتي هي الثالثة بالنسبة للشخص المسبوق، فما دام الإمام قد انتبه وأتى بالركعة الرابعة فالواجب على جميع المأمومين المسبوق منهم وغير المسبوق أن يتابعوه ويكملوا معه، وذلك لوجوب متابعة الإمام، فإذا سلم الإمام من الرابعة قام المسبوق لقضاء ما فاته، وهو هنا في مسألة السائل ركعة واحدة، ثم يسجد سجدتي السهو من أجل سهو إمامه، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 11388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/7651)
كيفية إصلاح الخطأ في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخطأت في الفاتحة كيف يتم إعادة الركعة بعد التسليم أم بعد التشهد قبل التسليم أقوم آتي بركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 37135 كيفية إصلاح الخطأ في الفاتحة إذا وقع أثناء الصلاة، وننبه السائل الكريم إلى أنه إذا لم يتذكر الخطأ إلا بعد إتمام الركعة التي وقع الخطأ فيها فإن هذه الركعة تعتبر ملغاة فإن كانت هي الأولى فإن الثانية بالنسبة لها تصير أولى، وإن كانت هي الثانية فإن الثالثة بالنسبة لها تصير ثانية، وهكذا، وإن لم يتذكر الخطأ إلا بعد السلام فإنه يحرم من جديد ويأتي بركعة إن لم يطل الفصل بين السلام وتذكر الخطأ، فإن حصل الطول بطلت الصلاة وعليه إعادتها لفوات التدارك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/7652)
صفة سجود السهو ورفع اليدين عند إتمام الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك رفع لليدين عند التكبير لسجدتى السهو، وهل عند انتهائي وتسليمي من الصلاة إذا تذكرت أنني فاتتني ركعة أو سجدة يقينا (كما جاء في حديث ذي اليدين) فهل عند دخولي في الصلاة مرة أخرى أكبر وأرفع يدي , وما هو قدر الوقت المسموح لفعل هذا بدلا من إعادة الصلاة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود السهو لا يطلب فيه رفع اليدين، قال الإمام النووي في المجموع: وسجود السهو سجدتان بينهما جلسة ويسن في هيئتها الافتراش والتورك بعدهما إلى أن يسلم، وصفة السجدتين في الهيئة والذكر صفة سجدات الصلاة. انتهى. وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل متحدثا عن سجود السهو: وهل يرفع يديه بهذا الإحرام أم لا؟ لم أر فيه نصا كما قاله الحطاب.انتهى. قال العدوى في حاشيته على الخرشي: والظاهر أنه لا يرفع كما في بعض الشراح. انتهى. ومن ترك ركعة سهوا رجع وأتى بها مالم يحصل طول، والطول هنا مقدر بما يطلق عليه طول في العرف، أو بالخروج من المسجد، قال الدسوقي في حاشيته: يعنى أن المصلي إذا ترك ركنا من الصلا سهوا وطال فإنها تبطل، والطول إما بالعرف، أو بالخروج من المسجد. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 35855. وعند رجوعك لتكميل ما تركته من ركعة ونحوها تنوي فيه الإكمال مع التكبير مع رفع اليدين ندبا. قال الخرشي أيضا: يعني إذا بنى مع القرب ولو جداً فإنه بإحرام أي بتكبير ونية، ويندب له رفع اليدين حين شروعه، فلو ترك الإحرام بمعنى التكبير لم تبطل الصلاة، ولا بد من النية أي نية إتمام ما بقي ولو قرب جداً اتفاقاً. انتهى. وراجع حكم من نسي سجدة في الفتوى رقم: 50974، والفتوى رقم: 36447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(11/7653)
نسيان الإمام آية من الفاتحة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[في الركعة الثانية من صلاة المغرب في المسجد وعندما كان الإمام يقرأ سورة الفاتحة قفز عن آية \" إياك نعبد وإياك نستعين\" وفتح عليه أحد المصلين لكن الإمام لم يسمعه وأكمل الفاتحة وقراءة القرآن وأكمل الصلاة! فهل صلاة الجماعة هذه صحيحة أم يجب على كل من صلى أن يعيد تلك الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة الفاتحة في الصلاة ركن من أركانها ولا يجزئ عنها غيرها عند جماهير أهل العلم، فمن تركها أو بعضها عمدا أو سهوا ثم علم بذلك لزمه العود لقراءتها إلا إن كان قد وصل إلى موضعها في الركعة الثانية فإن عليه أن يكمل صلاته ويأتي بركعة لبطلان الركعة التي تركت منها الفاتحة أو آية منها، وإن علم بعد الصلاة فإن قصر الفصل أتى بركعة، وإن طال الفصل أعاد الصلاة. وعليه، فصلاة الإمام الذي ترك آية (إياك نعبد وإياك نستعين) باطلة، وكذا من اقتدى به وهو عالم بأنه تركها والواجب عليهم إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(11/7654)
حكم المقتدي لو ترك الركوع وأتم الركعة بثلاث سجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من خالف الإمام أثناء الصلاة حيث إنه سجد حين ركع الإمام ولم يقم من سجوده وأتم الركعة بثلات سجدات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن متابعة المأموم للإمام في الصلاة أمر واجب، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 53974. ومن ترك ركناً من أركان الصلاة عمدا بطلت صلاته. أما إن تركه سهواً أو جهلاً فيجب عليه أن يأتي به إن أمكن تداركه، فإن لم يمكن تداركه ألغيت الركعة التي ترك منها الركن فقط. قال النووي: قال أصحابنا رحمهم الله، الترتيب واجب في أركان الصلاة بلا خلاف، فإن تركه عمداً بطلت صلاته، وإن تركه سهواً لم يعتد بما فعله بعد الركن المتروك حتى يصل الركن المتروك، فحينئذ يصح المتروك وما بعده. اهـ. قال في مطالب أولي النهى: ومن ترك ركنا غير تكبيرة الإحرام سهواً كركوع أو سجود أو رفع من أحدهما أو طمأنينة أو غير قيام فذكره ـ أي الركن المتروك ـ بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى غير التي تركه منها بطلت الركعة التي تركه منها وقامت التي تليها مقامها؛ لأنه لا يمكن استدارك المتروك لتلبسه بفرض قراءة الركعة الأخرى فلغت ركعته. اهـ.
وعليه؛ فمن ترك الركوع وأتم الركعة بثلاث سجدات فهذه الركعة باطلة، وعليه أن يأتي بركعة أخرى بعد تسليم الإمام، ثم يسجد للسهو راجع الفتوى رقم: 17887. وإن تركه متعمداً بطلت صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(11/7655)
حكم الجلوس للتشهد الأوسط مرتين سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في صلاة العشاء قعدت للتشهد مرتين في الركعة الثانية وفي الثالثة دون أن أنتبه، وانتبهت لهذا الأمر في الركعة الرابعة فأكملت صلاتي وسجدت للسهو بالنهاية هل عملي صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما قمت به من إكمالك الصلاة بعد ما تذكرت الزيادة وسجودك للسهو كان صواباً لأنك زدت في صلاتك ما هو من جنسها سهواً فكان حكمك أن تسجد بعد السلام سجدتي السهو جبراً للسهو، قال ابن قدامة في المغني معلقاً على قول الخرقي: أو جلس في موضع قيام -فهذا يتصور بأن يجلس عقيب الأولى أو الثالثة يظن أنه موضع التشهد أو جلسة الفصل فمتى ما ذكر قام وإن لم يذكر حتى قام أتم صلاته وسجد للسهو لأنه زاد في صلاته من جنسها ما لو فعله عمداً أبطلها فلزمه السجود إذا كان سهوا كزيادة ركعة. انتهى.
هذا إن كنت إماماً أو منفرداً، فإن كنت مأموماً فلا سجود عليك لتحمل الإمام لذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه السهو وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافيه. رواه الدارقطني في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(11/7656)
الجهر والسر في محله مطلوب شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم في بعض الأحيان بقراءة الفاتحة أو جزء منها وأحيانا السورة بعد الفاتحة سرا \"في الصلاة الجهرية وجهراً\" في الصلاة السرية، ماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل المذاهب الأربعة على أن كلاً من الجهر والسر في محله مطلوب شرعاً وإن اختلفوا في نوعية طلبه، فمنهم من يرى أنه سنة، ومنهم من يرى أنه واجب، وقد سبق أن ذكرنا هذا في الفتوى رقم: 22470.
ثم نضيف هنا أن ما مضى من الصلوات والسائل يسر فيه في محل الجهر أو يجهر فيه في محل السر صحيح لا يطالب بإعادته، وأما بالنسبة للمستقبل فينبغي أن يحافظ على هذه السنة ولا يتكاسل فيها، سيما وأن من أهل العلم من قال بوجوبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(11/7657)
أقوال العلماء فيمن سها عن تكبيرة سوى تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العشاء بعد الجلوس للتشهد الأول قمت وعندما بدأت الفاتحة شككت هل عندما قمت من الجلوس قلت الله أكبر أم لا، فماذا علي أن أفعل في مثل هذه الحالة، مع العلم بأني أكملت صلاتي بشكل اعتيادي، فهل قبلت صلاتي أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة، وما فعلته كان صوابا حيث أكملت صلاتك ولم تعرج على ما حصل، وذلك لأن من يقول من العلماء بسجود السهو لترك تكبيرة أو شيء من التكبير غير تكبيرة الإحرام وهم الحنابلة لا يلزم السجود عندهم إلا في حال تحقق السهو، أما في حال الشك كما في هذه المسألة فلا سجود، قال في المغني: وإن شك في ترك واجب يوجب تركه سجود السهو فقال ابن حامد لا سجود عليه لأنه شك في سببه فلم يلزمه بالشك؛ كما لو شك في الزيادة. انتهى.
أما الشافعية فلا سجود عندهم أصلا في ترك التكبير، قال الشافعي: وما سها عنه من تكبير سوى تكبيرة الافتتاح، أو ذكر في ركوع أو سجود، أو جهر فيما يسر بالقراءة أو أسر فيما يجهر فلا سجود للسهو؛ إلا في عمل البدن. والمعروف عند المالكية أن التكبيرة والتكبيرتين لا يسجد لتركهما، وإنما يسجد من ترك ثلاث تكبيرات أو أكثر سهواً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/7658)
المسبوق إذا سها وسلم مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أتيت للمسجدلأصلي فيه صلاة رباعية وفاتتني الركعة الأولى دخلت الصلاة معهم فلما جلست مع الإمام جلسة السلام سلم الإمام فبدل أن أقوم لآتي بالركعة الأولى سلمت نسيانا مني فلما انتبهت قمت وأتيت بالركعة الأولى ثم سلمت فما حكم هذه الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة ويلزمك سجود السهو بعد السلام، فإن لم تسجد لزمك متى تذكرت أو علمت. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 4830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(11/7659)
يشرع السجود للسهو لمن سها في صلاة الفرض والتطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد: بينما أنا أصلي النافلة نسيت فجلست في الركعة الأولى ولم أسلم فما كان مني إلا أن قمت وأتيت بالركعة الثانية، ما حكم هذا وهل الحديث المتطوع أمير نفسه، فهل هي قاعدة في التطوع بالعموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته صحيح وعليك أن تسجد سجدتي السهو لأن من سها في صلاته فإنه يشرع له أن يسجد للسهو -فريضة كانت أو نافلة- في قول عامة أهل العلم، قال ابن قدامة: لا نعلم فيه مخالفاً إلا ابن سيرين.
وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين. رواه مسلم، وقال: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. متفق عليه، ولم يفرق في ذلك بين النفل والفرض، ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود، فيسجد لسهوها.
أما حديث: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر. رواه أحمد والترمذي، فيستدل به الشافعية والحنابلة على عدم وجوب إتمام التطوع من العبادات كالصلاة والصيام بعد الشروع فيه بخلاف الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما بمجرد الشروع فيهما، لقول الله سبحانه: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ {البقرة:196} .
وعند الحنفية والمالكية: إذا شرع في التطوع وجب إتمامه لأنه عبادة، وإبطال العبادة حرام، لقول الله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} ، وقد قال: النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما وقد أفطرتا في صوم التطوع اقضيا يوما مكانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(11/7660)
السلام قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت أنا وأختي نصلي العصر جماعة اضطررنا لسجود السهو، لكن بعد ما انتهت هي من التشهد الأخير سجدت بمفردها دون أن تنتظرني حتى تقوم بالتكبير للسجود معاً، وبعد أن انتهت هي من السجود سلمت جهراً دون أن تنتظرني، السؤال هو: هل يجوز هذا أم يجب علينا إعادة الصلاة، مع العلم بأنها لم تكن تعلم بوجوب السجود للسهو معاً ولكنني كنت أعلم ولم أقم بالتنبيه إلا بعد الصلاة، فهل أنا آثمة، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أنك كنت تصلين بأختك وحصل سهو في الصلاة فسجدت للسهو قبلك ثم سلمت، فإن كان الأمر كذلك فلا شيء عليها ما دامت جاهلة -كما ذكرت في سؤالك- أو كانت قد نوت المفارقة، وإنما تبطل صلاتها إذا تعمدت ذلك دون أن تنوي المفارقة، ويلزمها حينئذ إعادة الصلاة، وأما أنت فلا شيء عليك ولا إثم لأنه لا يلزمك تنبيهها.
قال الشهاب الرملي: لو سلم -أي المأموم- قبل الإمام ولم ينو مفارقته عالما ذاكراً للقدوة بطلت صلاته قطعاً، لأنه فعل حرامين التقدم بركن وقطع القدوة من غير نية المفارقة.
هذا مذهب طائفة من أهل العلم، وذهبت طائفة أخرى إلى أن صلاة هذه الأخت بطلت لأنها سبقتك بالسلام، والأخذ بهذا المذهب أحوط فيما يستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(11/7661)
من نسي سجدة وتذكرها بعد القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت إماما (صلاة المغرب) وفي الركعة الأولى أتيت بسجدة واحدة وقفت بعدها وبدأت بقراءة الفاتحة وبعد تنبيه المأمومين أتيت بالسجدة الثانية للركعة الأولى من وقوفي وأكملت الركعتين وقبل السلام سجدت سجدتي السهو معتبرا أنني نقصت فرضا وهو السجدة الثانية، هناك من قال لي بأن الواجب إلغاء الركعة الناقصة والإتيان بأخرى بدلها والسجود بعد السلام وقيل بأن ما قمت به صوابا غير أن الصلاة فسدت بالسجود القبلي ويجب حينئذ إعادة الصلاة (كل مصلي منفردا يعيد صلاته) ، أملي أن تفتوني بالحل الصحيح وكذلك بما ترتب على خطئي تجاه المأمومين. وهل في مثل هذه الحالة (سهو الإمام) يتوجب على المأموم اتباعه أم لا؟ بارك الله فيكم وبكم، وجزاكم الله عني كل الخير. ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نسي ركناً من أركان الصلاة كالسجود مثلاً وأمكنه تداركه، فإنه يفعله هو وما بعده، وأما إن تعذر التدارك فإنه يلغي تلك الركعة ويأتي بركعة بدلها ويسجد لسهوه.
وفوات التدارك عند الحنابلة بالشروع في قراءة الركعة الموالية، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: من ترك ركناً من ركعة كركوع أو سجود ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها بطلت الركعة التي ترك الركن فيها وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، نص عليه أحمد. انتهى
والفوات عند المالكية بعقد الركوع من الركعة التالية: قال الخرشي عند قول خليل: وهما مالكيان: وتداركه إن لم يسلم ولم يعقد ركوعاً، فمعنى تداركه أنه يأتي به فقط من غير استئناف ركعة، فإن كان الركن المتروك من الركعة الأخيرة أتى به إن لم يسلم ... إلى أن قال: وإن كان الركن المتروك من غير الأخيرة أتى به إن لم يعقد ركوعاً من ركعة أصلية تلي ركعة النقص، فإن عقده ألغى ركعة النقص وقامت المعقودة مقامها. انتهى.
وبناء على ذلك، فعلى قول الحنابلة كان عليك أن تعتبر الركعة الأولى ملغاة وتحل الركعة التالية محلها وتسجد للسهو، وعلى قول المالكية ما فعلته صحيح؛ غير أنه كان عليك أن تجلس أولاً ثم تسجد لأن الحركة للركن مقصودة.
قال الخرشي عند قول خليل: وسجدة يجلس لا سجدتين. يعني أن من تذكر أنه نسي سجدة واحدة، فإنه يجلس ليأتي بها من جلوس بناء على أن الحركة للركن مقصودة، بخلاف لو تذكر أنه ترك السجدتين بعد قيامه، فإنه يأتي بهما من غير جلوس بل ينحط لهما من قيام كمن لم ينسهما. ومقتضى التعليل أنه يجلس لترك سجدة ولو كان جلس أولاً، وتقييد التوضيح إنما يأتي بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة.
وإذا سها الإمام ونقص ركوعاً أو سجوداً -مثلاً- فعلى المقتدين به أن ينبهوه، فإذا لم يرجع إليهم أتوا بالركن الذي تركه، ولحقوا به، وأتموا معه الصلاة.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وإن قام الإمام إلى خامسة ناسياً لم يجز للمأموم متابعته حملاً على أنه ترك ركناً من ركعة وإن كان مسبوقاً.
ولا يترتب على الإمام إذا سها في صلاته شيء تجاه المأمومين، فقد تجاوز الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
فإذا كان الإمام قد فعل ذلك سهواً وبدون قصد فلا يأثم ولا يؤاخذ، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] . قال: قال الله: قد فعلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/7662)
ماذا يقعل من سلم بعد ركعتين من المغرب سهوا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على اهتمامكم والإجابة عن استفسارنا وجزاكم الله عنا كل الخير
ماذا يفعل المرء الذي عزم أن يصلي صلاة المغرب وإذابه صلى ركعتين وسلم ظنا منه أنه صلى ثلاث ركعات
هل يعيد الصلاة من الأول أم يقوم ويأتي بركعة ثم يسلم منها؟
ثانيا هل يجوز تأخير الصلاة حتى يأتي زوجي وأصليها جماعة معه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سلم من الصلاة قبل تمامها كحال السائلة في تسليمها بعد ركعتين في صلاة المغرب فإن تذكر بعد سلامه مباشرة أو بوقت قصير عرفا فهذا عليه أن يقوم بإكمال الركعة المتبقية ثم يسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم، أما إن طال الفصل كأن يتحدث بغير أمر الصلاة طويلا ونحو ذلك فهذا يعيد الصلاة كاملة.
ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشاء ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها وفي القوم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فهابا أن يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا قصرت الصلاة ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين فقال يا رسول الله: أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أنس ولم تقصر فقال: بلى قد نسيت فصلى ركعتين، ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر وفي رواية أنه سلم بعدها.
ويجوز للمرأة أن تؤخر الصلاة لتصلي مع زوجها لإدراك ثواب الجماعة مالم تخش فوات الوقت، ويحصل لها بذلك فضل صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(11/7663)
يقال في سجود السهو ما يقال في سائر السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت هذا الدعاء: \"سبحان الذي لا يضل ولا ينسى سبحان الذي لا ينام ولا يسهو\"
ويقال إنه عند السجود للسهو فهل هذا صحيح؟
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما يدل على مشروعية اختصاص الدعاء المذكور بسجود السهو بل ينبغي أن يقال في سجود السهو ما يقال في سائر سجود الصلاة وهو سبحان ربي الأعلى.
فعن حذيفة رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه " سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ".
رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وصححه الشيخ الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 8527.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(11/7664)
مسائل حول الاستنجاء والشك في عدد الركعات والتسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم من يخرج منه أحياناً بعض القطرات من البول، هل يستنجى لكل صلاة ولو لم يتبول وما حكم من يشك في كثير من العبادات كالوضوء والصلاة، في عدد الركعات والتسبيح، في الكثير من الأحيان، فهل يسجد بعد كل صلاة سجدتين، أرجو أن تجيبو على السؤال وألا تحيلوني على بعض الأجوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن خرجت منه قطرات من البول لزمه أن يستنجي، فإن الاستنجاء من البول والغائط واجب على قول جمهور العلماء.
قال النووي في المجموع: فالاستنجاء واجب عندنا من البول والغائط، وكل خارج من أحد السبيلين نجس ملوث، وهو شرط في صحة الصلاة، وبه قال أحمد وإسحاق وداود وجمهور العلماء ورواية عن مالك، وقال أبو حنيفة: هو سنة، وهو رواية عن مالك. انتهى
إذا لم يخرج من السبيلين شيء، فإن الاستنجاء سببه أثر النجاسة المتبقي على القبل أو الدبر، فإذا لم يبل الإنسان أو يتغوط، فلا يلزمه شيء، وإذا حصل منه بول فقط، فليغسل محل البول فقط، أو يمسحه بثلاثة أحجار، أو نحوها ولا يلزمه غسل الدبر ولا مسحه، وإذا تغوط فقط، فلا يلزمه إلا غسل محل التغوط، أو مسحه، وإذا كان سبب الوضوء هو خروج ريح مثلاً، فلا يلزمه - بل لا يشرع له - غسل قبل ولا دبر، ولا مسحهما، ومن أصاب ثيابه البول أو نحوه من النجاسات، فعليه أن يغسل ما أصاب الثياب منه، إن أراد الصلاة بتلك الثياب، فإن طهارة الثوب شرط لصحة الصلاة.
وأما إذا كانت النجاسة يسيرة كنقطة بول أو ودي، فاختلف أهل العلم فيها، تجد تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17221.
أما الشك في الوضوء، فالقاعدة المقررة عند الفقهاء هي: أن اليقين لا يزول بالشك، ومستند هذه القاعدة الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
وعليه، فإذا كنت على وضوء ثم شككت هل أحدثت أم لا؟ فلا تلتفت لهذا الشك حتى تتيقن الحدث، فإذا تيقنت الحدث فأعد الوضوء، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2330.
وأما الشك في الصلاة إن كان في عدد الركعات، فإذا شك المصلي في صلاته كم صلى من الركعات؟ فعليه أن يبني على اليقين وهو الأقل، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثاً؟ فليجعلها اثنتين، وإذا لم يدر ثلاثاً صلى أو أربعاً؟ فليجعلها ثلاثاً، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. رواه مسلم.
وعلى هذا، فإذا شك المصلي في عدد الركعات، فإنه يبني على الأقل المتيقن ثم يسجد للسهو.
وإن كان الشك في التسبيحات، فمذهب الجمهور أن أذكار الركوع والسجود سنة.
قال الإمام النووي: واعلم أن الذكر في الركوع سنة عندنا وعند جماهير العلماء، فلو تركه عمداً أو سهواً لا تبطل صلاته ولا يأثم ولا يسجد للسهو. وذهب الإمام أحمد بن حن بل وجماعة إلى أنه واجب، فينبغي للمصلي المحافظة عليه للأحاديث الصريحة الصحيحة في الأمر به، كحديث: أما الركوع فعظموا فيه الرب. وغيره مما سبق، وليخرج عن خلاف العلماء رحمهم الله. والله اعلم. انتهى من كتاب الأذكار للنووي.
والواجب عند القائلين بالوجوب مرة واحدة والزيادة على ذلك سنة لا يجب بتركها سجود للسهو.
وعلى هذا، فمن شك في صلاته، هل قال في الركوع مثلاً: سبحان ربي العظيم. مرة واحدة أم لا؟ لزمه سجود السهو، وله أن يفعله قبل السلام أو بعده، والأفضل أن يكون قبل السلام لأنه نقص من الصلاة، وهذا الذي قلناه في الشك حيث لم يكثر، فإذا كثر حتى صار كالوسواس فالواجب طرح هذا الشك وعدم الالتفات إليه ولا يسجد للسهو بسببه.
قال في مطالب أولي النهي من كتب الحنابلة: ولا يشرع سجود السهو إذا أكثر الشك حتى صار كوسواس فيطرحه، وكذا لو كثر الشك في وضوء وغسل وإزالة نجاسة وتيمم فيطرحه لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة فيفضي إلى زيادة في الصلاة مع تيقنه إتمامها فوجب اطراحه واللهو عنه لذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/7665)
هل يسجد للسهو إن تباعد عن مكانه أو طال الزمن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو الآتي: في إحدى صلوات العشاء وإثر انتهاء الرّكعة الأولى تأخر الإمام عن تلاوة الفاتحة عند القيام إلى الرّكعة الثانية، فسمعت أحد المأمومين يقول سبحان الله، فتلا الإمام سورة الفاتحة ثم سورة قصيرة وأكمل الصّلاة كما ينبغي أن تكون وبعد التشهد الأخير ورد السلام، قام بسجدتي السّهو، ونظرا لكونه لم يخطئ في عدد الرّكعات لم أقم معه بسجدتي السّهو وإنما أنهيت صلاتي عند رده السّلام قبل أن يسجد سجدتي السّهو، ثم سألته لماذا قام بسجدتي السّهو مع أن عدد ركعاته صحيحة فأجابني بأنه لما انتهى من الرّكعة الأولى جلس للتشهد ظنّا منه بأنها الركعة الثانية ثم قام للركعة الثانية لما سمع كلمة سبحان الله، أما أنا فإنني لم أجلس معه نظرا لكوني لا أراه باعتبار أني أنظر إلى موضع سجودي، فأمرني بأن أقوم بسجدتي السهو ما دمت لم أغادر المسجد. سيدي الكريم ما هو الصّواب في هذه الحالة؟ جازاكم الله خيرا ووفقكم لما فيه خير البلاد والعباد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصواب أن عليك أن تسجد سجود السهو ما دام إمامك قد صدر منه ما يترتب عليه السجود المذكور، ففي المهذب في الفقه الشافعي: فإذا سها الإمام لزم المأموم حكمُ سهوه، لأنه لما تحمل الإمامُ عنه سهوه لزم المأموم أيضاً سهوُه. انتهى.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: وإذا سها الإمام وسجد لسهوه فليتبعه من لم يسه ممن خلفه.
فكان عليك أن تسجد عند تنبيه الإمام لك وأنت في المسجد، قال ابن قدامة في المغني: إذا نسي سجود السهو ثم ذكره قبل طول الفصل في المسجد فإنه يسجد سواء تكلم أو لم يتكلم وبهذا قال مالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور. انتهى.
فإذا خرجت من المسجد ولم تسجد فليس عليك سجود بعد ذلك وصلاتك صحيحة، وراجع الفتوى رقم: 27240.
ومن أهل العلم من يرى مشروعية السجود المذكور بعد الخروج من المسجد، وبعد حصول وقت طويل بعد الصلاة، حتى ولو بعد سنة وهذا هو مذهب المالكية، قال الشيخ خليل في مختصره ما معناه: وليسجد البعدي وإن بعد شهر.
قال ابن قدامة في المغني: وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وإن خرج وتباعد وهو قول ثان للشافعي، لأنه جبران يأتي به بعد طول الزمان كجبران الحج، وهذا قول مالك إن كان لزيادة. انتهى.
وعليه؛ فيشرع لك سجود السهو ما دمت في المسجد وخارجه عند بعض أهل العلم وصلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/7666)
قام إلى الخامسة وسبح به المأمومون فلم يرجع
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام قام إلى الركعة الخامسة فسبح به فلم يلتفت لقولهم، وظن أنه لم يسه، هل يقومون معه أم لا، إمام في صلاة العصر جلس في الركعة الثالثة، وظن أنها الركعة الرابعة، وسبح به ولم يلتفت إلى التسبيح ماذا يفعل المأمومون في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً، وجعلها في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان من الواجب على الإمام المذكور الرجوع عن القيام لتلك الركعة الزائدة إذا كان ضمن المأمومين رجلان ذوا عدل يثق بهما، ومن غير الغالب أن تخلو جماعة المسجد من مثل هذين، ففي هذه الحالة لا يجوز للمأمومين متابعة الإمام في تلك الزيادة، وتجوز لهم مفارقته بحيث يسلمون وتصح صلاتهم، قال ابن قدامة في المغني: إذا سبح به اثنان يثق بقولهما لزمه قبوله والرجوع إليه سواء غلب على ظنه صوابهما أو خلافه. إلى أن قال: وإذا ثبت هذا فإذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمه الرجوع بطلت صلاته، نص عليه أحمد، وليس للمأمومين اتباعه، فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين.
فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب، وقال القاضي: في هذا ثلاث روايات: إحداها: أنه لا يجوز لهم متابعته ولا يلزمهم انتظاره إن كان نسيانه في زيادة يأتي بها، وإن فارقوا وسلموا صحت صلاتهم وهذا اختيار الخلال، والثانية: يتابعونه في القيام استحسانا، والثالثة: لا يتابعون ولا يسلمون قبله لكن ينتظرونه ليسلم بهم وهو اختيار ابن حامد، والأول أولى لأن الإمام مخطئ فلا يجوز اتباعه على الخطأ.
الحال الثاني: أن يتبعوه جهلا بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين. انتهى.
وعليه، فالراجح أن المأمومين لا يتابعون الإمام المذكور في قيامه للخامسة وتجوز لهم مفارقته حيث يسلمون لأنفسهم وتصح صلاتهم، قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويسلم مأموم مفارق لإمامه بعد قيامه لزائدة وتنبيهه وإبائه الرجوع إذا أتم التشهد الأخير. انتهى.
ثم على الإمام في صلاة العصر المذكورة الرجوع إلى تنبيه المصلين إذا كان من بينهم ذوا عدل يثق بهما، فما دام لم يرجع فعلى المأمومين أن يتموا صلاتهم لأنفسهم، وتجوز لهم مفارقة الإمام بأن يأتوا بالركعة الباقية ويسلموا وصلاتهم صحيحة، وهذه مثل الحالة التي اختارها ابن قدامة في المغني، كما سبق ذلك في الجواب على سؤالك الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(11/7667)
من كثر منه السهو حتى صار كالوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاني إحدى الأخوات من شرود الذهن أثناء الصلاة فتصلي الصلاة جلها بخشوع ثم تشرد قرب نهايتها فتخطئ فتسجد السهو ولكنها كانت ساهية في السهو فتشك في سجود السهو! أو تصلي فتشرد في أول الصلاة ثم تتنبه فتكمل الصلاة بإحسان دون شرود ولكنها تشرد قرب النهاية فتنسى سجود السهو!.
مع العلم بأن هذا الأمر يتكرر كثيرا كما أن هذه طبيعتها فهي تنزل من السيارة فلا تغلقها أو تترك باب الشقة مفتوحا كما تمشي في الطريق شاردة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم الشفاء التام للأخت المذكورة بما تعانيه، ثم نقول: إذا كثر عليها السهو حتى أصبح بمثابة الوسواس فلا تلتفت إليه ولا يلزمها سجود سهو رفعا للحرج والمشقة.
قال المرداوي في الإنصاف: قال ابن أبي موسى ومن تبعه: من كثر منه السهو حتى صار كالوسواس فإنه يلهو عنه لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيفضي إلى الزيادة في الصلاة مع تيقن إتمامها ونحوها فوجب اطراحه. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: وعند المالكية من كثر عليه السهو وتيقن ما سها عنه أصلحه بأن يأتي به ولا سجود عليه، قال الدسوقي في حاشيته: والسهو المستنكح هو الذي يسهو ويتيقن أنه سها، وحكمه أنه يصلح ولا سجود عليه. انتهى.
وسهوها في سجود السهو لا يترتب عليه سجود سهو آخر، ففي تحفة المحتاج: ولو سجد للسهو ثم سها بنحو كلام لم يسجد ثانيا لأنه لا يأمن من وقوع مثله فربما تسلسل. انتهى.
وحول شرود الذهن في الصلاة والسرحان فيها يرجى مراجعة الفتوى رقم: 6598، وما دامت الأخت المذكورة تعاني مما ذكرت في أغلب أوقاتها فلا بأس بإحضارها إلى طبيب نفسي ثقة للنظر في حالتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/7668)
مسألة حول السهو في النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي ركعتين لله وبعد السجود الأخير نسيت الجلوس للتشهد , فوقفت ثم رجعت إلى الجلوس لإتمام التشهد
وقبل التسليم سجدت سجدتي السهو.فهل صلاتي صحيحة؟ جزاك الله عنا خير الجزاء....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإما أن تكون النافلة التي صلاها مقيدة كراتبة قبلية أو بعدية أو تكون نافلة مطلقة، فإن كانت راتبة فإن ما فعلته صحيح وأما إذا كانت نافلة مطلقة فإنه كان عليك أن تجلس أيضا ثم أنت بالخيار في فعل أحد أمرين.
الأول: أن تأتي بالتشهد وتسجد سجدتين للسهو ثم تسلم كما فعلت
الثاني: أن تنوي بعد الجلوس ما شئت من زيادة ثم تقوم للاتيان بما نويت زيادته لأنه يجوز نية الزيادة على العدد المنوي في النفل المطلق قبل الزيادة أو النقص.
قال النووي رحمه الله (قال أصحابنا: ثم إذا نوى عددا فله أن يزيد وله أن ينقص فمن أحرم بركعتين أو ركعة فله جعلها عشرا ومائة ومن أحرم بعشر أو مائة أو ركعتين فله جعلها ركعة ونحو ذلك، قال أصحابنا: وإنما يجوز الزيادة والنقص بشرط تغيير النية قبل الزيادة والنقص، فإن زاد أو نقص بلا تغيير النية عمدا بطلت صلاته بلا خلاف. مثاله: نوى ركعتين فقام إلى ثالثة بنية الزيادة جاز، وإن قام بلا نية عمدا بطلت صلاته، وإن قام ناسيا لم تبطل لكن يعود إلى القعود ويتشهد ويسجد للسهو، فلو بدا له في القيام وأراد أن يزيد فهل يشترط العود إلى القعود ثم يقوم منه أم له المضي؟ فيه وجهان مشهوران (أصحهما) الاشتراط، لأن القيام إلى الثالثة شرط ولم يقع معتدا به، ثم يسجد للسهو في آخر صلاته، ولو نوى ركعتين فصلى أربعا ساهيا ثم نوى إكمال صلاته أربعا صلى ركعتين آخرتين ولايحسب ما سها به. ولو نوى أربعا ثم نوى الاقتصار على ركعتين جاز وسلم منهما، فلو سلم قبل تغير النية عمدا بطلت صلاته، وإن سلم سهوا أتم أربعا وسجد للسهو، فلو أراد بعد سلامه أن يقتصر على الركعتين جاز فيسجد للسهو وسلم ثانيا، لأن سلامه الأول وقع سهوا فهو غير محسوب.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/7669)
سها فتشهد في الركعة الأولى فسلم ثم أتى بركعة ثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت سنة المسجد لصلاة الظهر ركعتين ثم صليت ركعة وجلست للتشهدثم تذكرت فسلمت وقمت فصليت ركعة واحدة.. فهل هذا يجوز..؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب عليك أن لا تسلم وإنما تقوم وتأتي بركعة أخرى تشفع بها الركعة التي صليتها وتسجد للسهو، وعليك أن تتعلم العلم الشرعي المتعلق بفرض عينك كالصلاة وشروطها والصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/7670)
من ترك الفاتحة ناسيا حتى سلم أو ركع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الإمام في حالة اكتشافه أنه نسي قراءة الفاتحة في إحدى الركعات، فهل يقوم للركعة الخامسة، وما وضع المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام قد تذكر نسيان الفاتحة في الركعة الأخيرة قبل السلام أو بعد السلام بوقت قريب فإنه يعود إلى صلاته بانيا على ما فعل، ويأتي بركعة ويسجد للسهو، قال الإمام النووي في المجموع: ففيمن ترك الفاتحة ناسياً حتى سلم أو ركع قولان مشهوران أصحهما باتفاق الأصحاب وهو الجديد لا تسقط عنه القراءة؛ بل إن تذكر في الركوع وبعده قبل القيام إلى الثانية عاد إلى القيام وقرأ.
وإن تذكر بعد قيامه إلى الثانية لغت الأولى وصارت الثانية هي الأولى، وإن تذكر بعد السلام والفصل قريب لزمه العود إلى الصلاة ويبني على ما فعل فيأتي بركعة أخرى ويسجد للسهو، وإن طال الفصل يلزمه استئناف الصلاة. انتهى.
أما المأمومون فتجب عليهم متابعة الإمام ما لم يتيقنوا أنه زاد في الصلاة ما ليس منها لغير سبب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
والفاتحة يسقط وجوبها عن المأمومين على الراحج ما داموا مقتدين بإمام، قال ابن قدامة في المغني: وتختص الفاتحة بسقوطها عن المأموم لأن قراءة إمامه له قراءة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1425(11/7671)
لا إعادة على من ترك السلام من سجود السهو الذي بعد التسليم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
نص الفتوى:
صليت المغرب بالناس إماما, وبعد التشهد الأوسط هممت أن أسلم عن يميني فتوجهت بوجهي يمينا وقلت (الس..) , وقبل أن أكمل كلمة (السلام) بادرني المصلون بالتسبيح فقمت فأتيت بالركعة الثالثة وقعدت للتشهد فتشهدت ثم سلمت بدون سجدتي السهو (اجتهادا مني في أن حالتي لم تكن كما حصل مع النبي في حديث ذي اليدين المشهور , والذي أتم النبي فيه السلام ثم أتى فيما بعد بالركعات الناقصات ثم سجد السهو , أما أنا فلم أسلم أصلا وإنما هممت فقط فردني المأمومين فورا وأكملت الركعة الثالثة قبل التسليم) .
ولما سلمت من غير أن أسجد سجدتي السهو بادرني المصلون بأن ما فعلته خطأ وأن علي أن أسجد سجدتي السهو الآن, فامتثلت لظن مني أنهم أعلم فسجدت سجدتين ثم لم أسلم بعدهما. فهاجوا ثانية واستنكروا علي عدم التسليم بعد سجدتي السهو.
والأسئلة الآن:
1- ما حكم سجدتي السهو في الصلوات التي يصلي الناس فيها بسجدتي السهو؟ أهي ركن مثلا لو تركه المصلي بطلت صلاته؟ أم ماذا؟
2- هل كان اجتهادي صائبا أم خاطئا عندما ظننت أنه ليس علي سجود للسهو مادمت لم أكمل التسليم؟
3- إذا كان اجتهادي خاطئا وأن ما أمرني به المأموم, ن هو الصواب , فما حكم التسليم بعد سجدتي السهو إذا كانتا بعد التسليم الأول الخاص بالصلاة؟ أهو واجب لو تركته عامدا بطلت سجدتي السهو؟ أم ماذا؟
الرجاء الإفادة بكل الآراء والمذاهب الفقهية ان أمكن..
ولكم جزيل الشكر.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود السهو محل اختلاف بين أهل العلم هل هو واجب أم سنة؟
والتفصيل في هذا في الفتوى رقم: 28891.
ويلزمك سجود السهو بسبب ما صدر عنك من زيادة.
قال ابن قدامة في المغني: الضرب الثاني: زيادات الأقوال، وهي قسمان أيضا: أحدهما: ما يبطل عمده الصلاة كالسلام وكلام الآدميين، فإذا أتى به سهوا فسلم في غير موضعه سجد على ما ذكرناه في حديث ذي اليدين. انتهى.
ولا فرق بين أن يؤتى بلفظ السلام كاملا وبين أن يأتي ببعضه، فالكل زيادة.
والتسليم بعد سجدتي السهود واجب، لكن تركه لا يبطل السجود، وبالتالي، لا يبطل الصلاة أيضا.
وقال الحطاب في "مواهب الجليل": قال ابن رشد في نوازله: السلام من سجود السهو الذي بعد السلام واجب عند مالك، إلا أنه لا يرى على من تركه إعادة السجود مراعاة لقول من يقول: لا يجب السلام من الصلاة، فهو على مذهبه واجب في السجود، وليس بشرط في صحته، لأن من واجبات الصلاة ما هو شرط في صحتها، ومنها ما ليس بشرط في صحتها. انتهى.
وعليه، فصلاتك صحيحة، وكذلك صلاة المأمومين خلفك وهذا هو ما تيسر لنا من كلام أهل العلم في هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(11/7672)
سجود السهو بالخطأ يعتبر سهوا يسجد له
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث لي وسواس كثير في الصلاة وأسجد للسهو مرات كثيرة، سؤالي الآن: إنني في بعض الأحيان أظن أنني أخطأت في الصلاة، وبينما أنا في سجدتي السهو أتذكر أنني لم أكن مخطأ، فما الحكم هنا هل أتوقف وأقطع السجود أم أكملها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 10356، حكم الوسواس في الصلاة وكيفية التخلص منه.
وأما إذا سجد الشخص للسهو، ثم تيقن وهو فيه أنه ليس عليه سجود سهو فإن عليه أن يقطعه ويسجد له سجدتين لأنه يعتبر زاد في صلاته ما ليس منها، قال البهوتي رحمه الله في منتهى الإرادات: ومن سجد لشك ظنا أنه يسجد له ثم تبين أنه لم يكن عليه سجود لذلك الشك سجد وجوباً لذلك أي لكونه زاد في صلاته سجدتين غير مشروعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/7673)
حكم التشهد بعد سجود السهو قبل السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه ثالث مرة أعيد السؤال حيث إنه تمت الإجابة في المرتين السابقتين عن حكم سجود السهو الواقع بعد السلام, أما سؤالي فهو ما حكم التشهد بعد سجود السهو الواقع قبل السلام؟
أرجو التثبت.
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة التشهد بعد سجود السهو القبلي مسألة خلافية, ولكن جمهور أهل العلم على عدم مشروعية التشهد بعد سجود السهو قبل السلام
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
قوله باب من لم يتشهد في سجدتي السهوأي إذا سجدهما بعد السلام من الصلاة وأما قبل السلام فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد انتهى
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(11/7674)
ما يلزم من نقل تسبيح السجود إلى تسبيح الركوع وعكسه
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان أكون أصلي وبدل أن أقول سبحان ربي العظيم أقول سبحان ربي الأعلى وأتدارك الموقف قبل السجود وأقول سبحان ربي العظيم ماهو حكم الشرع؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقل تسبيح السجود إلى تسبيح الركوع وعكسه مسألة خلاف بين أهل العلم، فالإمام النووي في المجموع صرح بعدم لزوم سجود السهو.
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى لزوم سجود السهو، حيث قال: وعليه؛ فنقل أذكار الركوع والاعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين إلى غير محالها المطلوبة يقتضي سجود السهو.
ثم إن التسبيح المأثور في الركوع إنما يشرع قبل رفع المصلي رأسه من الركوع، فإذا رفع رأسه من الركوع فات محله، قال ابن قدامة في المغني: إذا ركع ثم رفع رأسه فذكر أنه لم يسبح في ركوعه لم يعد إلى الركوع سواء ذكره قبل اعتداله قائماً أو بعده لأن التسبيح قد سقط برفعه، والركوع قد وقع صحيحاً. انتهى.
وعليه؛ فإذا كان التدارك قد حصل منك بعد الرفع من الركوع فإن التسبيح قد وقع في غير محله، وبالتالي يعتبر زيادة أخرى.
وعليه؛ فقد لزمك سجود السهو على رأي شيخ الإسلام الذي قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(11/7675)
لا يلتفت إلى الشك في عدد الركعات بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
منذ حوالي 6 سنوات وعندما كنت طالبا في الجامعة كنت وبعض الزملاء ندرس بعض المحاضرات في المساء، وفي بعض الأحيان نقوم بأداء الصلاة جماعة بعض الخروج من المحاضرة، وفي يوم من الأيام حان وقت صلاة العشاء فقمنا بأداء الصلاة جماعة كالمعتاد ‘ ولكن وفي اليوم التالي أخبرنا بعض الزملاء بأننا في ليلة البارحة عندما صلينا العشاء قمنا بأداء ثلاث ركعات على أنها صلاة المغرب ولم نصل أربعا. فقام بعض الزملاء بإعادة الصلاة وهم متيقنين بأنهم صلوا ثلاثا الليلة الماضية.
وفي الحقيقة أنني لم أكن متأكدا بأنني صليت ثلاثا أو أربعا، فلم أقم بإعادة الصلاة مرة أخرى. فهل يلزمني الإعادة أم أكتفي بما صليت، وهل علي ذنب في تأخير الوقت إلى الآن؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك في عدد الركعات كأن شك في الصلاة الرباعية كالعشاء مثلا هل صلى ثلاثا أو أربعا، فإن كان هذا الشك في أثناء الصلاة فالواجب عليه أن يبني على اليقين وهي ثلاث، ويأتي بالرابعة ثم يسجد للسهو، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. الحديث، رواه مسلم وغيره، وإن كان هذا الشك بعد الفراغ من الصلاة فلا أثر للشك في صلاته، ولا يلتفت إليه، وصلاته صحيحة.
وعليه، فصلاتك أخي السائل صحيحة إن شاء الله، وليس عليك إعادتها، إلا إذا تحققت أنك لم تصل إلا ثلاثا، فعندئذ تجب إعادة العشاء أربعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/7676)
من تذكر أنه لم يجلس للتشهد الأول إلا في أثناء الركعة الثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العصر أربعا ولكن في الركعه الثانية نسيت أن أقعد وتذكرت أني لم أقعد في الركعة الثالثة، خلال الركعة الثالثة ماذا يجب لي أن أفعل، هل أقعد ثم الركعة الرابعة ثم أقعد للتشهد الأخير، أم أكمل صلاتي بجلوس واحد، أفيدوني أنا أكملت صلاتي بحيث إني أجهل ماذا أفعل بقيام للركعة الثالثة وجلوس للتشهد الأخير في الركعة الرابعة، هل يجب أن أعيد الصلاة، أم أسجد للسهو، أنا في حيرة من أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صلى الإمام أو المنفرد الصلاة الثلاثية أو الرباعية فقام ساهياً إلى الركعة الثالثة ولم يجلس للتشهد الأوسط، ولم يذكر إلا بعد أن استتم قائماً، فإنه يواصل صلاته حتى يتمها ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام، لما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.
ولا يتشهد بعد الركعة الثالثة من الصلاة الرباعية بل يسقط عنه ويجبره سجود السهو، وانظر الفتوى رقم: 21975، لمعرفة حالات من نسي التشهد الأوسط، ولا يلزمك أن تعيد الصلاة، ولا سجو السهو (إن لم تكن سجدت) إذا طال الفصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(11/7677)
الشاك يبني على الأقل ويسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أصلي ولم أتذكر هل قمت بركعتين أم واحدة فأبني على الأقل ثم أثناء السجود (في الركعة التي تعتبر الأولى لأنني بنيت على الأقل) لا أتذكر هل هي السجدة الأولى أم الثانية فأقوم بعدها للجلسة بين السجدتين وأثناء ذلك الجلوس أتذكر أنني بالفعل سجدت سجدتين ولا أعلم هل كانت تلك السجدتين في هذه الركعة الحالية (التي إعتبرتها الأولى) أم الركعة التي قبلها (الأولى إذا اعتبرت أنني قمت بركعتين) فهل إذا سجدت مرة أخرى تكون الصلاة باطلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته صواب في بنائك على الأقل، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان. رواه مسلم وغيره.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن شك في ترك ركن من أركان الصلاة وهو فيها هل أخل به أو لا، فحكمه حكم من لم يأت به، إماما كان أو منفردا، لأن الأصل عدمه. انتهى.
وإتيانك بالسجدة الثانية ليس بمبطل للصلاة، بل هو المطلوب منك، إذ عليك أن تبني على الأقل كما هو معلوم، وهو كون السجدتين اللتين أتيت بهما كانتا من الركعة الأولى التي ألغيتها على اعتبار كونك صليت ركعتين.
قال ابن قدامة في المغني أيضا:
وإن ترك ركنا ثم ذكره ولم يعلم موضعه بنى الأمر على أسوء الأحوال مثل أن يترك سجدة لا يعلم من الرابعة أم من الركعة قبلها جعلها من التي قبلها، لأنه يلزمه حينئذ ركعة كاملة. انتهى.
وعليه، فصلاتك صحيحة، ثم تقوم بسجود السهو ترغيما للشيطان، ويكون هنا بعد السلام، كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 17887 هذا إذا لم يكثر منك السهو في الصلاة، فإن كثر عليك دائما، فلا تلتفت إليه، ولا يلزمك سجود، وللمزيد عن هذا الموضوع، راجع الفتوى رقم: 22408.
وللتعرف على علاج الوسوسة في الصلاة يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 1406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/7678)
سلم من ركعتين فأتم المأمومون لأنفسهم وأعاد هو
[السُّؤَالُ]
ـ[سلم الإمام في صلاة العشاء بعد ركعتين ولم يتبعه المصلون وقاموا بإكمال الركعتين ثم سلموا أما الإمام فقد أعاد الصلاة بمفرده ماذا عليه وعليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان على المأمومين أن ينبهوا الإمام على ما حصل من نقص عن طريق التسبيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله. متفق عليه.
فإن لم يفهم بالتسبيح كلموه بقدر الحاجة حتى يفهم لقول بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ عندما سلم من ركعتين من إحدى الصلوات الرباعية كما في الصحيحين.
فإن لم يمتثل لقولهم كملوا الصلاة لأنفسهم فرادى إن شاءوا وإن شاءوا قدموا أحدهم ليكمل بهم الصلاة.
أما الحكم الشرعي في هذه المسألة بعد وقوعها فالظاهر الصحة للجميع.. فأما المأمومون فيصح لهم أن يفارقوا الإمام لعذر، قال ابن قدامة في المغني: وإن أحرم مأموم ثم نوى مفارقة الإمام وإتمامها منفرداً لعذر جاز، لما روى جابر قال: كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فصلى معه ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده. متفق عليه. ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالإعادة ولا أنكر عليه فعله. (2/34) .
والذي نراه أن سلام الإمام من اثنتين وجهل المأمومين أن عليهم أن يسبحوا له أو يكلموه إذا لم يفهم بالتسبيح يعتبر عذراً تصح معه مفارقة الإمام، مع أن المفارقة لغير عذر فيها روايتان بالصحة وبعدمها.
وعلى كل؛ فلو أنهم أعادوها لكان ذلك أحوط لدينهم.
وأما الإمام فطالما أنه أعاد صلاته فذلك يكفيه، لكنه كان ينبغي إذا انتبه إلى الموضوع بقرب أن يكمل الصلاة، ويأتي بسجدتين بعد السلام.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/7679)
كيفية سجود السهو القبلي والبعدي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك فرق بين سجود البعدي وسجود القبلي وكيف أصليهما هل أسلم في الأخير أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في محل سجود السهو، فمنهم من قال يكون بعد السلام ومنهم من قال قبله ومنهم من فصل، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 17887.
وعليه فإذا سجد للسهو فإنه يتشهد له ثم يسلم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه أنه لا يتشهد له، بل يسجد سجدتين ثم يسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/7680)
الإمام يتحمل سهو المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك سجود للسهو في الصلاة مع الإمام للمأموم ومتى يكون وما هي حالاته مع ضرب للأمثلة في ذلك، وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإمام يتحمل سهو المأموم حال اقتدائه به إلا إذا ترك المأموم فريضة من فرائض الصلاة غير الفاتحة، وراجع الفتوى رقم: 28579، وبالنسبة لحالات المأموم في سجود السهو فنحيلك على الفتوى رقم: 8438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/7681)
لا يلزم تارك السنن سجود سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الخطأ في قول دعاء الاستفتاح؟؟ كقول: وتبارك اسمك، ولا إله غيرك ... أو نسيانه؟؟
وكذلك بعد الركوع أو بين السجدتين فإنني أكون متأكدة من أنني رفعت رأسي بعد الركوع ولكنني أشك في أنني قلت \"سمع الله لمن حمده\"..أو \"ربي اغفر لي ولوالدي\" بين السجدتين ...
وهل علي السجود للسهو إذا صادفت إحدى هذه الحالات الثلاثة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الاستفتاح مستحب في الصلاة فمن تركه أو ترك بعضه أو أخطأ في قراءته لم يلزمه بذلك شيء، وكذلك بقية السنن كالتسميع بعد الركوع، وكالدعاء بين السجدتين، لا يلزم تاركها سجود سهو، جاء في "الفواكه الدواني": ومن سها عن تكبيرة أو عن سمع الله لمن حمده مرة أو القنوت فلا سجود عليه. ا. هـ
وقال الشافعي في الأم: وإن لم يزد على أن يركع ويرفع ولم يقل شيئاً كرهت ذلك له، ولا إعادة عليه ولا سجود سهو. ا. هـ
وراجعي الفتوى رقم: 9805
تنبيه: المراد بالسنن هنا ما يقابله عند بعض أهل المذاهب الواجبات وعند بعضهم ما ليس بسنن مؤكدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/7682)
حكم متابعة الإمام إذا سجد للسهو بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا علي المسبوق إذا كان الإمام قد زاد وسجد للسهو بعد السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم متابعة المأموم المسبوق للإمام في سجود السهو إذا سجد الإمام بعد السلام، فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المأموم يتابعه في سجود السهو قبل القيام للقضاء، وذهب المالكية والشافعية إلى أنه يقوم للقضاء أولاً فإذا أتم صلاته سجد للسهو، والمسألة محل اجتهاد، ومن عمل بأي من المذهبين فقد وافق قولاً معتبراً، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 7558.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(11/7683)
من نسي ركعة ثم تذكرها وهو في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نسيت ركعه في صلاة الظهر (مثلا) وذكرتها عندما جلست للتشهد فهل أسجد سجود السهو أولاً أم أصلي الركعة الفائته ثم أسجد السهو وأسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نسي ركعة من صلاته ثم تذكرها وهو في التشهد، فإن عليه أن يقوم ليأتي بالركعة الناقصة ثم يتشهد ثم يسجد للسهو ثم يسلم، ولا يجوز لمن علم أن عليه ركعة ناقصة أن يسلم من صلاته قبل تمامها، سواء سجد للسهو قبل السلام أم لا، لأن سجود السهو لا يجبر الإخلال بالأركان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/7684)
حكم السلام بعد التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما حكم من سلم في التشهدالأول. هل يعتبر خرج عن الصلاة أم يكمل صلاته ثم يقوم بسجود بعدي؟
2 - هل غسل الميت ينقض الوضوء أم لا؟
3 - هل يجوز الجمع والتقصير عند رجوع المسافر إلى منزله بعد المغرب وهو لم يصل بعد المغرب والعشاء؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سلم في التشهد الأول سهوا فإن تذكر والعهد قريب، فإنه يكمل ويسجد للسهو بعد السلام كما في حديث ذي اليدين المذكور في الفتوى رقم: 4830، وإن طال الفصل بين سلامه وتذكره فإنه يستأنف صلاته، أي يعيدها من أولها، والأمر في قرب العهد وبعده راجع إلى العرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/7685)
حكم صلاة من نسي ركنا من أركان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن استدراك الصلاة إذا نسيت ركعة مثلا؟ وهل يعتبر السلام على الجنس الآخر من مبطلات الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نسي ركنا من أركان الصلاة وهو فيها وأمكنه تداركه فإنه يفعله هو وما بعده ولا إشكال، أما إن تعذر التدارك فإنه يلغي تلك الركعة ويأتي بركعة بدلها ويسجد لسهوه.
وكذا الحال إن كان خرج من الصلاة ولم يحصل طول، وفوات التدارك عند الحنابلة بالشروع في قراءة الركعة الموالية، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: من ترك ركنا من ركعة كركوع أو سجود ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها بطلت الركعة التي ترك الركن فيها وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، نص عليه أحمد. انتهى.
والفوات عند المالكية بعقد الركوع من الركعة التالية، قال الخرشي عند قول خليل وهما مالكيان: وتدارك إن لم يسلم ولم يعقد ركوعاً.، فمعنى تداركه أنه يأتي به فقط من غير استئناف ركعة، فإن كان الركن المتروك من الركعة الأخيرة أتى به إن لم يسلم، إلى أن قال: وإن كان الركن المتروك من غير الأخيرة أتى به إن لم يعقد ركوعاً من ركعة أصلية تلي ركعة النقص، فإن عقده ألغى ركعة النقص وقامت المعقودة مقامها. انتهى.
وبهذا نكون قد أجبنا على الجزء الأول من سؤالك، فبأي الرأيين المتقدمين أخذت أجزأك ذلك إن شاء الله.
أما الثاني وهو المتعلق بحكم تأثير سلام المتوضئ على غير محرم له أو العكس، فالجواب أن مجرد حصول ذلك لا يعد ناقضاً إلا إذا صاحب ذلك خروج مذي أو مني، وراجع الفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/7686)
لا سجود على المأموم إذا سها دون إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل يا فضيلة الشيخ: أنا حافظ تشهد ابن مسعود المروي عنه ولكن في صلاة العشاء بعد ما أدركت مع الإمام الركعة الثانية وعند التشهد الثاني بالنسبة لي أخطأت في التشهد فقلت في الأخير أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فأضفت هذه العبارة الأخيرة وحده لا شريك له وفي التشهد الأخير نطقت التشهد صحيحاً بعد تذكره، هل هنا صلاتي صحيحة أم علي سجدة سهو؟ وشكر الله سعيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك صحيحة على كل حال لأن التشهد في الجلسة الوسطى مختلف في وجوبه، ويجبر بسجود السهو عند القائلين بوجوبه، وإن كان الإنسان مأموماً فإن الإمام يحمل عنه كل سهو سهاه سوى الفريضة، قال الخرقي: وليس على المأموم سجود السهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه.
قال شارحه ابن قدامة: وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلا سجود عليه في قول عامة أهل العلم. انتهى.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/7687)
المسبوق يتابع الإمام إذا سجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال رقم 42638.. أنا أخطأت في السؤال عن سجدة السهو، فأنا سجدتها مع الإمام والحمد لله ثم أتممت صلاتي.ولكن الأهم.. هل ما فعلته في التسليم بعد معرفتي بنقص صلاتهم والدخول معهم من جديد هو الصحيح. أم أنَّ الصحيح هو أن أُتِمَّ صلاتي التي بدأتُ بها معهم ولا ألتفت إلى صلاتهم إن كانت تامة أم ناقصة؟..وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك متابعة الإمام بحيث تعود إلى متابعته بلا سلام، إذ لا حاجة إلى ذلك، ثم تكمل معه الركعة الباقية، وتسجد معه سجدتي السهو، وبعد سلامه تقوم لقضاء ما فاتك من ركعات قبل الاقتداء به، وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(11/7688)
من شك في ترك ركن من أركان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا كنت في التشهد الأخير وقرأت جزءاً منه أو كنت في بدايته ولم أتذكر هل جلست الجلسة بين السجدتين أم سجدت سجدة واحدة وقلت بعدها التشهد، فهل أجعل جلستي للتشهد هي الجلسة ما بين السجدتين وأسجد السجدة الثانية ثم أجلس للتشهد أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تأتي بركعة بدل الركعة التي نقصت فيها سجوداً وجلوساً بين السجدتين، لأنهما ركنان من أركان الصلاة فات تداركهما، لما قرره الفقهاء من أن من شك في فرض من فرائض الصلاة هل أتى به أم لا؟ فإنه يبني على اليقين عنده، ويأتي بما شك فيه ثم يسجد بعد السلام سجدتي السهو، قال ابن قدامة في المغني: وإن شك في ترك ركن من أركان الصلاة وهو فيها هل أخلَّ به أولا؟ فحكمه حكم من لم يأت به، إماماً كان أو منفرداً لأن الأصل عدمه.
وقال في موضع آخر: وإذا ترك ركناً ثم ذكره ولم يعلم موضعه بنى الأمر على أسوإ الأحوال، مثل أن يترك سجدة لا يعلم من الرابعة أم من الركعة قبلها جعلها من التي قبلها، لأنه يلزمه حينئذ ركعة كاملة.
ومحل هذا إن كان الشك في أثناء الصلاة أما إن كان بعدها فهو لغو لا عبرة به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/7689)
سجود السهو قبل السلام أم بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[أمَّنا رجل في صلاة العصر فصلى ركعتين فتشهد ثم في الثالثة جلس ليتشهد فقلنا له سبحان الله فقام فصلى الرابعة فتشهد وسجد سجدتين قبل السلام ثم سلم، والآن فمن الناس من قال أن الصلاة باطلة لأن عليه سجود بعد السلام وقد فعله قبل السلام إذن زاد في الصلاة شيئاً ليس منها، ومنهم من قال لا شيء في ذلك كله، المهم كان عليه سجود وقد فعل لا يهمنا إن كان قبل أو بعد، افتوني؟ جزاكم الله خيراً، وهل هناك اختلاف بين المذاهب، وأجركم على الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسهو الذي حصل من إمامكم ترتبت عليه زيادة في الصلاة، وهي الجلوس في الثالثة، والزيادة في الصلاة سهواً يسجد لها بعد السلام عند مالك، وهو قول الشافعي في القديم، ومذهبه الجديد أن سجود السهو كله قبل السلام، والمعتمد من مذهب الحنفية أن جميع سجود السهو بعد السلام، قال السرخسي في المبسوط: وإن سجود السهو يجب بتأخير ركن عن محله، ويؤدى بعد السلام عندنا. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 17887، والفتوى رقم: 38596.
ولمعرفة تفصيل المذاهب في ذلك راجع الفتوى رقم: 36، والفتوى رقم: 28891.
ولمعرفة حكم سجود السهو وما يوجبه وكيفيته، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4830، 30530، 4831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/7690)
حكم الركوع قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في صلاة الجماعة وركعت قبل الإمام، فهل يجب علي أن أسجد سجدتي السهو بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان سهو سهاه المأموم سواء كان زيادة أو نقصاً غير فريضة، فإن الإمام يحمله عنه ما دام مقتدياً به، وانظر الفتوى رقم: 31478.
وعلى هذا؛ فإن كان هذا السبق المذكور سهوا فلا شيء على هذا المأموم، وإن كان عمداً فإن الصلاة صحيحة، ويستحب أن يعود إلى القيام ويركع مع الإمام، ولكنه يأثم لمسابقته الإمام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/7691)
دعاء سجود السهو ورؤية الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دعاء سجود السهو؟ ما هو دعاء رؤية الكعبة؟ ومن هم أصحاب الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فسبق الكلام عن الدعاء الذي يقال في سجود السهو في الفتوى رقم: 8527 وكذا دعاء رؤية الكعبة في الفتوى رقم: 32217 وأما أهل الجنة فهم المؤمنون، وقد جاء التبشير لبعض الصحابة بالجنة، وانظر الفتوى رقم: 1508 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7692)
سجود السهو شرع لجبر الخلل الحاصل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أداء سجود السهو في غير الصلاة؟ أرجو الإجابة بالتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شُرع سجود السهو لجبر ما يحصل في الصلاة من خلل في سننها وما في حكمها، وقد بينا طرفاً من أسبابه وأحوال مشروعيته في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36،
15730،
17887،
5017،
6351.
ولا نعلم في أقسام سجود السهو سجوداً سببه في غير الصلاة، ومن ترتب عليه سجود سهو في الصلاة، سجده قبل السلام أو بعده على اختلاف بين أهل العلم في ذلك تجده في الفتاوى المحال عليها، وإن كان الأخ السائل يقصد غير ما ذكرنا فليبينه لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(11/7693)
المسبوق يتابع الإمام ويسجد معه السهو، ثم يكمل ما بقي من صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد وكانت صلاة الظهر مقامة فدخلت في الصلاة، وبعد التسليم قمت لأتم ما فاتني فتبين لي أن صلاتهم تنقصها ركعة فقاموا ليتموا صلاتهم. فسلمت ودخلت معهم مرة أخرى. فصليت معهم ركعة ثم أتممت صلاتي. والسؤال هو هل ما فعلته صحيح أم لا؟ وهل علي سجود سهو أم لا؟ وهل تجب علي إعادة الصلاة أم لا؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان الواجب في حقك وحق كل مسبوق إذا سلم الإمام قبل تمام صلاته ثم عاد لإكمالها، أن تتابع الإمام وتسجد معه سجود السهو، ثم تكمل ما بقي من صلاتك.
وحيث إنك سلمت دون إكمال صلاتك، فإنها تبطل بهذا السلام إن كنت عامداً.
وعليه؛ فتعيد صلاتك تلك، أما إن سلمت ساهياً فلا تبطل صلاتك وتسجد للسهو في آخر صلاتك، قال في كشاف القناع: ولا يعيد المسبوق إذا سجد مع إمامه، لأنه قد سجد وانجبرت صلاته، وإن لم يسجد المسبوق معه أي مع إمامه لسهوه لعذر سجد المسبوق آخر صلاته وجهاً واحداً، قاله في المبدع. أنتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/7694)
حكم صلاة من نسي التشهد أو شك في قوله
[السُّؤَالُ]
ـ[س\هل نسيان التشهد أو الشك في قوله يبطل الصلاة؟ وماذا علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا نسي المصلي التشهد الأول، فللعلماء فيه تفصيل بيناه في الفتوى رقم: 13516، والفتوى رقم: 21975.
أما إذا شك في ترك التشهد، فإن كان بعد تمام الصلاة فلا يلتفت إلى هذا الشك، قال في "مطالب أولي النهى": ولا أثر لشك بعد سلام أو بعد فراغ كل عبادة، لأن الظاهر أنه أتى بها على وجهها.
أما إذا كان الشك في أثناء الصلاة، فلا يجب عليه سجود السهو عند الحنابلة في قول ابن حامد، قال في "المغني": وإن شك في ترك واجب يوجب تركه سجود السهو، فقال ابن حامد: لا سجود عليه، لأنه شك في سببه، فلم يلزمه بالشك، كما لو شك في الزيادة. اهـ.
وجزم به في "غاية المنتهى" فقال: ولا سجود لشك في واجب. اهـ.
وقال في "الإنصاف": لا يلزمه وهو المذهب. اهـ.
ويستحب سجود السهو عند الشافعية لمن شك في ترك التشهد الأول، قال النووي في "المجموع": فإن شك في ترك مأمور يجبر تركه بالسجود -وهو الأبعاض- فالأصل أنه لم يفعله، فيسجد للسهو، ولا خلاف فيه. اهـ.
والتشهد الأول عند الشافعية من الأبعاض. تنبيه: قصد النووي أنه لا خلاف فيه بين الشافعية.
أما الأحناف، فإنه يجب عليه سجود السهو عندهم للشك في الواجب، والتشهد الأول من الواجبات، قال في "غرر الأحكام": يجب بعد تسليمتين أو تسليمة سجدتان وتشهد وسلام بترك واجب سهوا. اهـ.
قال منلا خسروا الشارح: إذ في العمد يأثم ولا تجب سجدة. اهـ.
وقال الشربنلالي في حاشيته "درر الحكام": ولا تفرق الفقهاء بين السهو والشك في الحكم. اهـ.
أما المالكية: فسجود السهو عندهم للشك في التشهد الأول مسنون تأكيدا، قال في "جواهر الإكليل" وإن تكرر السهو بزيادة أو نقص أو بهما سنة مؤكدة، سواء كان محققا أو مشكوكا.
والراجح عندنا في هذا -والله أعلم- هو استحباب سجود السهو لمن شك في التشهد الأول وهو في الصلاة، لأن الأصل أنه لم يأت به.
وراجع الفتويين التاليين: 20190، 17749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/7695)
ما يلزم من النسيان أو الشك في ترك ركن أو ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت كتباً كثيرة لمعرفة سجدة السهو ولكن لم أفهم جيدا حتى الآن، هل لو تذكرت (أو شككت) أنني نسيت ركعة أو فرضاً وأنا في الصلاة، فهل أصلي ركعة في نهاية الصلاة بعد التشهد ثم أسجد سجدتي السهو؟ وإذا تذكرت بعد الصلاة أنني نسيت ركعة أو فرضاً، فهل أصلي ركعة وسجدتين بتشهد أم ماذا؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أحكام السهو كثيرة، ويحتاج في دراستها للرجوع لأهل العلم ولا تكفي فيها فتوى، وليعلم أن من ترك ركنا أو ركعة يجب عليه الإتيان بما تحقق تركه، كما يدل عليه حديث ذي اليدين، ولا يجزئه السجود عن الركعة ولا عن السجدة.
كما يجب عليه الاحتياط عندما يشك في ترك ركن أو ركعة ويتذكر قبل أن يسلم، فعليه أن يأتي بما شك فيه ثم يسجد لسهوه، كما يدل له حديث أبي سعيد: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدِر كم صلى ثلاثا أو أربعاً، فليطرح الشك ليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم. رواه مسلم، وراجع للزيادة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36، 4830، 14544، 3016، 10674، 2598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/7696)
شرح حديث "فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة.."
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود منكم أن ترسلوا لي كلام الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين رحمه عن حديث معاوية بن حديج رضي الله عنه ... ودخل المسجد فأمر بلالا وأقام الصلاة ... " وهو في صحيح سنن النسائي؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث في سنن النسائي عن معاوية بن حديج: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوماً فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه رجل فقال: نسيت من الصلاة ركعة، فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى للناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ قلت: لا، إلا أن أراه، فمر بي فقلت: هذا هو، قالوا هذا: طلحة بن عبيد الله. قال الشيخ الألباني: صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني أيضاً في صحيح سنن أبي داود، كما جاء الحديث المذكور في مسند الإمام أحمد، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
قال الطحاوي رحمه الله في شرح معاني الآثار: ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً فأذن وأقام الصلاة ثم صلى ما كان ترك من صلاته، ولم يكن أمره بلالاً بالأذان والإقامة قاطعاً لصلاته، ولم يكن أيضاً ما كان من بلال من أذانه وإقامته قاطعاً لصلاته، وقد أجمعوا أن فاعلاً لو فعل هذا الآن وهو في الصلاة كان به قاطعاً للصلاة، فدل ذلك أن جميع ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته في حديث معاوية هذا وفي حديث ابن عمر وعمران وأبي هريرة رضي الله عنهم كان والكلام متاح في الصلاة، ثم نسخ بنسخ الكلام فيها، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بعد ذلك ما ذكره عنه معاوية بن الحكم وأبو هريرة وسهل بن سعد رضي الله عنهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/7697)
لا تقضى الركعات الفائتة قبل السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد لصلاة العشاء وأدركت الإمام في الركعة الثانية، وقبل انتهاء الإمام من الصلاة أخطأ وقام بركعة خامسة، فكانت هذه الركعة هي الرابعة بالنسبة لي وقد أدى الإمام سجود السهو وسلم.. والسؤال هنا هل يحق لي التسليم معه حيث إنني صليت أربع ركعات أم أنني يجب أن أصلي ركعة لإتمام الصلاة؟
والسلام عليكم ورحمة الله،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب عليك الإتيان بالركعة التي فاتتك بعد سلام إمامك، ولا يعتد بالركعة الزائدة التي صليتها خلفه لإتمام صلاتك، وراجع في هذا الفتوى رقم:
38222
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/7698)
متابعة الإمام مقدمة على سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سجود السهو في صلاة الجماعة (مسبوق) وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن إمام المسبوق هو الذي سها، فقد تقدم الكلام على ذلك في الفتوى رقم: 12121 والفتوى رقم: 12204
وإذا كان المقصود أن المسبوق هو الذي سها، فقد تقدم الكلام على ذلك في الفتوى رقم:
8438
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/7699)
سجود السهو مطلوب في النافلة والفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء أدائنا لصلاة التراويح وإثر الانتهاء من السجدة الثانية من الركعة الثانية كبر الإمام ثم قام وشرع بتلاوة الفاتحة، لكن سرعان ما انتبه لخطئه عند سماعه لتسبيح المصلين فجلس وأكمل التشهد ثم سلم ولم يقم بسجود السهو، وعندما سئل عن ذلك قال: لا يوجد سجود سهو في النافلة، فما هو الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود السهو مطلوب في النافلة كما هو مطلوب في الفريضة، وتوضيح هذا في الجوابين التاليين: 5017،
12283.
وكانت السنة في حق الإمام المذكور أن يسجد سجدتين بعد السلام، كما على المأمومين سجودهما في حالة عدم سجود الإمام.
وقد رجح ابن قدامة في "المغني" عدم بطلان الصلاة مع ترك سجود السهو قائلا: إن السجود مجبر للعبادة، فلم تبطل بتركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/7700)
نسي التشهد الأول فسبحوا له فرجع: هل الصلاة صحيحة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
صلينا العصر مع الجماعة في المسجد، وبعد الركعة الثانية نسي الإمام وقام للركعة الثالثة، فسبح الناس ورجع الإمام للتشهد الأول، وفي النهاية سجد سجود السهو، هل هذه الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة صحيحة إن شاء الله إذا كان الإمام قد رجع قبل الشروع في القراءة، كما هو مفصل في الفتويين التاليتين: رقم 21975، ورقم 13520.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(11/7701)
ترقيع الصلاة وإصلاحها أفضل أم قطعها وإعادتها
[السُّؤَالُ]
ـ[# ما هي صلاة الرقع؟ هل توجد فعلاً أم أنها بدعة؟.
جزاكم الله عنا كل خير ووفقكم لخدمة الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على صلاة بهذ الاسم (صلاة الرقع)
وإنما يتحدث أهل العلم عن الصلاة المرقعة وهي التي وقع فيها خلل بسبب سهو المصلي، فيجبر ذلك الخلل بسجود السهو.
وقد نص أهل العلم على أن ترقيع الصلاة وإصلاحها أفضل من قطعها وإعادتها مرة أخرى، لأن ذلك هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح.
ونقل الحطاب عن القرافي قوله في الذخيرة: التقرب إلى الله بالصلاة المرقعة المجبورة إذا عرض فيها الشك أولى من الإعراض عن ترقيعها والشروع في غيرها، والاقتصار عليها أيضا بعد الترقيع أولى من إعادتها، فإنه منهاجه صلى الله عليه وسلم ومنهاج أصحابه والسلف الصالح بعدهم.
فإن كان قصد السائل غير الصلاة المذكورة، فنرجو تبيينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/7702)
فتاوى في أحكام سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[السهو في الصلاة، وما هو الحكم الشرعي فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بسؤالك ما هي الأشياء التي يسجد بسببها المصلي سجدتي السهو، فقد سبق ذلك، الفتوى رقم: 4830.
وإن كنت تريد حكم سجود السهو فنظر الفتوى رقم: 28891.
وإن كنت تقصد السهو في الصلاة وترك الخشوع وتدبر القرآن فيها، فانظر الفتوى رقم: 4215، والفتوى رقم: 19893، وانظر في أسباب الخشوع في الصلاة الفتوى رقم: 9525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/7703)
سجود السهو في مذهب الإمام مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما ذكرت لكم آنفا أنا من ليبيا "المالكية" أود الاستفهام عن موضع سجود السهو قبل أو بعد التسليم وهل يعقب بالتشهد أم لا؟
أفيدوني أفادكم الله, فبسؤالي هذا لمن هو قبلكم اختلط علي الرأي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي مذهب الإمام مالك رحمه الله يسجد للسهو قبل السلام إن كان السجود للنقص، ويسجد بعد السلام إن كان للزيادة، جاء في مواهب الجليل: (فالمشهور من مذهب مالك أنه يسجد للنقص قبل السلام وللزيادة بعد السلام ... فإذا اجتمع الزيادة والنقصان ... فقال الرجراجي: لا خلاف أن أحد السهوين داخل في الآخر، وإنما الخلاف فيما يغلب فالمشهور تغليب النقصان وأنه يسجد لهما قبل السلام، وروى علي بن زياد تغليب الزيادة وأنه يسجد بعد السلام، ونحوه في العتبية) .ا. هـ
والتشهد عقب سجدتي السهو قبل السلام سنة عندهم، فلو تركه عمداً أو سهواً فلا شيء عليه، قال في مواهب الجليل: (فرع: فإن لم يُعد التشهد عمداً أو سهواً فالظاهر أنه لا شيء عليه) .انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(11/7704)
هل يعتد المسبوق بركعة الإمام الزائدة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أتيت إلى صلاة رباعية وفاتتني ركعة واحدة، ولكن الإمام صلى خمس ركعات وأدركت أربع ركعات فهل أقوم وآتي بالركعة التي فاتتني رغم أني صليت أربع ركعات مع الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في اعتداد المسبوق بركعة الإمام الزائدة، والراجح أنه لا يعتد بها، لأن القضاء يكون بعد السلام، لا قبله، فعلى المأموم أن يأتي بكل ما فاته بعد سلام إمامه، ولمعرفة الأحكام المتصلة بهذه المسألة، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3714، 13143، 617.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/7705)
سهو المأموم يحمله عنه الأمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أصلي مأموما ولم أتذكر هل فعلت إحدى السنن أم لا، هل أسجد سجود السهو بعد أن يسلم الإمام أم أسلم معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كل سهو سهاه المأموم حال اقتدائه يحمله عنه الإمام، قال الخرقي: وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسجد إمامه فيسجد معه.
قال شارحه في المغني: وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلا سجود عليه في قول عامة أهل العلم.
هذا إن كان السهو حصل أثناء القدوة بالإمام، أما إن كان المأموم مسبوقاً وحصل منه نقص أو زيادة بعد انفصاله عن إمامه، فحكمه حكم المنفرد فيأتي بالسجود لسهوه، وانظر الفتوى رقم:
8438
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(11/7706)
إذا لم يجهر الإمام بأكثر من آيتين في صلاة جهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صلى بنا الإمام صلاة الصبح، وفي الركعة الثانية أتى بالآيات الثلاث الأولى من الفاتحة سرا، ثم تذكر وأتى بالبقية جهرا.
هل صلاتنا صحيحة؟ علما بأننانعتمد على المذهب المالكي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يدل عليه كلام أهل المذهب المالكي: أن من ترك الجهر بأكثر من آيتين في الصلاة الجهرية، فيسن له أن يسجد للسهو قبل السلام، وقد تعرض الدسوقي في حاشيته لذكر ترك الجهر بثلاث آيات، لكنه توقف فيها لعدم وجود نص عند المالكية بشأنها، والأحوط هو السجود لترك الجهر في أكثر من آيتين، فهو المنصوص عليه عندهم، قال الدسوقي: قوله (بكآية) : الكاف واقعة في محلها، مدخلة للإعلان بآيتين، فهو مثل الإعلان بآية على الظاهر، وانظر هل الثلاث كذلك. اهـ
وعلى كل حال، فإن صلاتكم صحيحة، سواء ترك الجهر بآيتين أو أكثر من آيتين، لأن الجهر بالقراءة سنة واحدة، وترك سجود السهو لا يبطل الصلاة إلا إذا كان عن ترك ثلاث سنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(11/7707)
حكم من أتى بسجود السهو بعد فترة من تسليمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت العصر وعند الانتهاء من الصلاة لا أتذكر هل صليت أربع ركعات أم ثلاث ركعات؟ ثم قمت وصليت ركعة واحدة، لكن نسيت سجدة السهو، وبعد خمس دقائق تذكرت ثم قمت وصليت ركعة وسجدت سجدة السهو. ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في حكم من شك في إتمام الصلاة بعد السلام الفتوى رقم: 1191 والفتوى رقم: 19068.
وراجع في حكم من شك في إتمامها قبل السلام الفتوى رقم: 30604، والفتوى رقم: 20411.
وراجع فيما يترتب على نسيان سجود السهو الفتوى رقم: 34966.
ثم إن الصواب أنك إذا تذكرت سجود السهو بعد خمس دقائق من تسليمك أن تأتي به وحده، دون إعادة الركعة، ومع ذلك، فلا تأثير لإعادتها على صلاتك، وللسهو سجدتان، وليس سجدة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1424(11/7708)
بين سجود السهو وإعادة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفيدونا أفادكم الله في صلاة رباعية (العصر) صلاها الإمام ثلاث ركعات سهوا ولم ينبهه أحد من المأمومين إلا بعد أن قام الإمام بالتسليم والتسبيح، ولقد أبلغ قبل أن يغادر المحراب بالسهو الذي كان قد وقع فيه0
أفيدونا مما علمكم الله يرحمكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الإمام قد أتى بالركعة الرابعة بعد أن ذُكِّر وكان الفصل لم يطل، فإن الصلاة صحيحة، أما إذا لم يأت بالركعة أو ذُكِّر بها بعد أن طال الفصل، فعليه وعلى من اقتدى به إعادة الصلاة، وقد بينا هذا كله بدليله في الفتوى رقم: 35855 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/7709)
هل تجزئ سجدة واحدة للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صلاة جماعة سها الإمام فسجد سجدة واحدة فقط للسهو ثم سلم وبالتالي اقتدينا -نحن المأمومين- به، فهل صلاتنا صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود السهو سجدتان، ولا تكفي فيه سجدة واحدة، وبالتالي، فيعتبر هذا الإمام قد ترك سجدتي السهو، وأنتم اتبعتموه في ذلك، فصلاتكم صحيحة عند بعض أهل العلم، باطلة عند البعض الآخر، فإن أعدتموها، فذلك من باب الاحتياط والخروج من الخلاف، وهذا أولى.
وراجع الجوابين التاليين: 27240، 34966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/7710)
يتحمل الإمام سهو المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[سجدت سهوا بعد أن سلم الإمام ثم سلمت وقيل لي إنه لا يحق لي أن أسجد سهوا وأنا أصلي خلف إمام
فما رأيكم في هذه المسألة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما، وصححه ابن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الإمام ضامن.
قال الماوردي: يريد بالضمان -والله أعلم- أنه يتحمل سهو المأموم، كما يتحمل الجهر والسورة وغيرهما. انتهى من مغني المحتاج للشربيني.
وقال النووي -رحمه الله- في المنهاج: وسهوه -أي المأموم- حال قدوته يحمله إمامه. ا. هـ
فإذا سها المأموم حال قدوته، فإنه لا يسجد للسهو لتحمل الإمام ذلك السهو عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(11/7711)
صلاة من لم يجهر بالسلام صحيحة ولا سجود عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في صلاة الجماعة سلم الإمام التسليمة الأولى في سره والثانية جهر بها ولم يسجد سهوا.
هل الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جهر الإمام بالسلام سنة من سنن الصلاة وليس بواجب.
قال خليل في مختصره في معرض سرده لسنن الصلاة: وجهر بتسليمة التحليل فقط.
وقال ابن قدامة في الكافي: ويستحب له "يعني الإمام" أن يجهر بالأول "يعني السلام الأول" أكثر من الثانية.
ومن ترك الجهر بالسلام صحت صلاته ولا سجود عليه، لأنه ليس من سنن الصلاة المؤكدة ولا هو من واجباتها عند من يفرق بين الواجبات والفرائض في الصلاة.
قال ابن قدامة في الكافي ما معناه: أن من ترك سنة من سنن الصلاة لا يلزمه سجود؛ لأن السجود شرع لجبر النقص، فإن لم يكن الأصل المجبور واجبا فأولى أن لا يكون السجود له واجبا.
قال خليل عاطفاً على ما لا يسن السجود لتركه: ولا غير مؤكدة يعني أنه لا سجود على من ترك سنة غير مؤكدة.
وعليه، فإنا نقول للسائل: إن صلاة من لم يجهر بالسلام صحيحة ولا سجود عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(11/7712)
حكم من نسي سجدة ثم تذكر بعد أن سلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاتنا صحيحة حيث إن الإمام في التشهد الأخير في صلاة الظهر سجد سجدة واحدة ثم سلم تسليمة واحدة وأعقبها بالسجود الثاني ثم سلم ولم يسجد للسهو، هل الصلاة صحيحة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب المالكية والحنابلة في مثل هذه المسألة إلى الإتيان بركعة كاملة، وإن لم يفعل وطال الفصل عرفًا بطلت الصلاة، ووجبت عليه الإعادة. وراجع لذلك الفتوى رقم: 13404.
وذهب الحنفية والشافعية إلى صحة الصلاة مادام الفصل يسيرًا، أي أن يأتي بالسجدة فقط دون إعادة الركعة، وعلى هذا المذهب فصلاة هذا الإمام صحيحة، وكذلك صلاة من كان معه.
قال النووي في "المجموع شرح المهذب": إذا سلم من صلاته ثم تيقن أنه ترك ركعة أو ركعتين أو ثلاثًا أو أنه ترك ركوعًا أو سجودًا أو غيرهما من الأركان سوى النية وتكبيرة الإحرام، فإن ذكر السهو قبل طول الفصل لزمه البناء على صلاته، فيأتي بالباقي ويسجد للسهو، وإن ذكر بعد طول الفصل لزمه استئناف الصلاة. اهـ
ونقل في موضع بعد هذا عن الأوزاعي أنه قال فيمن نسي سجدة من الظهر فذكرها في صلاة العصر. قال: يمضي في صلاته، فإذا فرغ سجدها. والصحيح إذا طال الفصل أعادها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/7713)
المقتدي بين لزوم سجود السهو وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي العصر في جماعة فنسيت تكبيرة انتقالية فسجدت سجدتي سهو قبل التسليم فأخبرني المصلي الذي كان بجواري بأنه ليس علي سجود سهو، لأني مأموم، وأن الإمام يرفع التكبيرة التي نسيتها عني، فهل ما قاله صحيح؟ وهل علي إعادة؟ وفي أي الحالات يجب سجود السهو؟ ومتى لا يجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان تحمل الإمام لسهو من خلفه من المأمومين فيما عدا النقص من الفرائض، وذلك في الفتوى رقم: 28579.
وعليه؛ فما قمت به لم تكن فيه على الصواب، وأما الإعادة فلا تلزمك مادمت قد فعلت ذلك جهلاً منك.
وما ذكرناه من كون ما قمت به على خلاف الصواب، فهو فيما إذا وقع السهو حال صلاتك خلف الإمام، وهو الظاهر من السؤال. أما إن كنت مسبوقًا ووقع السهو بعد استقلالك عن الإمام، فأنت على صواب في سجودك للسهو.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8438.
وأما الحالات التي يجب فيها السجود للسهو والتي لا يجب فيها، فراجع لها الفتوى رقم: 4831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(11/7714)
ما يجب على من ترك السورة بعد الفاتحة ولم يتذكرها حتى ركع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أثناء الصلاة وعند الشروع في الركوع (قبل الاستواء راكعاً) إذا تذكر المصلي أنه لم يقرأ السورة بعد الفاتحة ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السورة في محلها سنة من سنن الصلاة، ومحل السورة هو القيام بعد الفاتحة في صلاة الصبح والجمعة والأوليين من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فمن نسيها ولم يتذكرها حتى انحنى للركوع فات تداركها وسجد لها سجدتي السهو.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي ما معناه: أن من ترك السورة ولم يتذكرها حتى انحنى فإنه يسجد قبل السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(11/7715)
ما يجب على من سلم في الركعة الثالة من الرباعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التشهد وأنا أصلي صلاة العصر وفي الركعة الثالثة تشهدتُ وسلمتُ أي صليتُ 3 ركعات بتشهدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على من سلَّم في الركعة الثالثة من الرباعية سهوًا أن يأتي بالركعة الباقية عليه إن تذكرها بالقرب، فإذا أتى بها وسلَّم من صلاته سنَّ له أن يسجد بعد السلام سجدتي السهو. فقد أخرج مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: سَلّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ، مِنَ الْعَصْرِ. ثُمّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ. فَقَامَ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ. فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصّلاَةُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ فَخَرَجَ مُغْضَباً. فَصَلّى الرّكْعَةَ الّتِي كَانَ تَرَكَ. ثُمّ سَلّمَ. ثُمّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السّهْوِ. ثُمّ سَلّمَ.
أما إن سلَّم قبل تمام الصلاة أو لم يأتِ بالركعة الرابعة حتى طال الفصل عرفًا أو لم يأتِ بها أصلاً، فإن الصلاة تبطل؛ لأن الركن الواحد تبطل الصلاة بمجرد تعمد تركه أو بتركه سهوًا حتى فات تداركه، فكيف بالركعة؟!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/7716)
حكم من سها عن الركوع ولم ينبه إلا بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدث أن سها الإمام عن ركن من الصلاة وهو ركوع الركعة الأولى ولم ينبه لذلك إلا بعد أن أنهى الصلاة فأعاد صلاته ولم يأمر المأمومين أن يعيدوها فما حكم صلاتهم هل صحت أم لا؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة إذا ترك منها ركن ولم يمكن تداركه فقد بطلت الركعة التي منها ذلك الركن، وعلى المصلي حينئذ أن يأتي بركعة بدلاً لها ثم بالسجود البعدي، والأصل في ذلك ما أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ لمسلم قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر. فسلم في ركعتين.. فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينًا وشمالاً فقال: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: صدق. لم تصل إلا ركعتين. فصلى ركعتين وسلم، ثم كبر، ثم سجد، ثم كبر فرفع، ثم كبر وسجد، ثم كبر ورفع.
فإذا لم يفعل ذلك حتى طال الوقت أو انتقض الوضوء فقد بطلت الصلاة، وعليه إعادتها. وطول الوقت يرجع فيه إلى العادة، وقال بعض الفقهاء: إن له أن يبني على ما صح من صلاته ويأتي بالباقي ولو طال الوقت، ما لم ينتقض وضوؤه. ولكن المعول عليه هو القول الأول. قال في المغني: فإن طال الفصل أو انتقض وضوؤه استأنف الصلاة.. وقال يحيى الأنصاري والليث والأوزاعي: يبني ما لم ينتقض وضوؤه.. ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة من غير تقدير. اهـ (1/374) .
وعليه، فالواجب على هؤلاء المأمومين أن يعيدوا صلاتهم لأنها بطلت إذا كانوا تركوا ركنًا كالركوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/7717)
حكم من قرأ سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قرأ الإمام في إحدى الركعتين الأخيرتين بعد الفاتحة سورة أخرى نسيانا لا قصدا، هل يسجد سجدة السهو، فإن سجد فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين لا يلزم منه سجود، فقد ذكر الشيخ المواق في التاج والإكليل ما يلي: قال مالك: وقرأ في الركعتين الأخيرتين بأم القرآن وسورة في كل ركعة سهوًا فلا سجود سهو عليه.
قال ابن يونس: لأنه إنما زاد قرآنًا كما لو قرأ بسورتين أو ثلاث في كل ركعة مع أم القرآن في الأوليين، وقد كان ابن عمر إذا صلى وحده قرأ في الأربع جميعًا في كل ركعة بأم القرآن وسورة، وكان أحيانًا يقرأ بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة. اهـ
وبهذا يعلم السائل أنه لا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/7718)
حكم من نسي سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[سهوت في صلاتي وكان علي سجود سهو، غير أني لما سلمت وانتهيت من الصلاة نسيت أن آتي بسجود السهو، وتذكرت السجود الذي علي بعد قرابة ربع ساعة. فهل أعيد الصلاة أم آتي بسجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف في من نسي سجود السهو ولم يتذكره إلا بعد طول، فقال البعض ببطلان صلاته، والبعض الآخر بعدم البطلان، ومنهم من فصل بين السجود القبلي والبعدي، قال ابن قدامة في المغني: وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل لم تبطل الصلاة، وبذلك قال الشافعي وأصحاب الرأي، وعن أحمد أنه إن خرج من المسجد أعاد الصلاة، وهو قول الحكم وابن شبرمة، وقول مالك وأبي ثور في السجود الذي قبل السلام، ولنا أنه جابر للعبادة بعدها، فلم تبطل بتركه كجبران الحج ... (1/385) .
واختلفوا كذلك في ما يعد طولاً، فرأى البعض أن الخروج من المسجد طول، والبعض الآخر رأى أن ذلك يرجع إلى العرف، ومنهم من فصل، قال في المغني: واختلف في ضبط المدة التي يسجد فيها، ففي قول الخرقي يسجد ما كان في المسجد، فإن خرج لم يسجد، نص عليه أحمد، وهو قول الحكم وابن شبرمة، وقال القاضي: يرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة، وهذا قول الشافعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى المسجد بعد خروجه منه ... وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وإن خرج وتباعد، وهو قول ثانٍ للشافعي ... وهذا قول مالك إن كان لزيادة، وإن كان لنقص أتى به ما لم يطل الفصل، لأنه لتكميل الصلاة، ولنا أنه لتكميل الصلاة فلا يأتي بعد طول الفصل كركن من أركانها. (1/384)
والخلاصة أنك إذا أتيت بسجود السهو، ثم أعدت الصلاة كنت آخذاً بالاحتياط، وإن فعلت غير ذلك فأنت على أحد هذه المذاهب، والاحتياط في أمور الدين أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/7719)
حكم رفع الصوت في تكبير سجود السهو وسلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع الصوت بالسلام في سجود السهو من السنة أم العكس صحيح، أفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الساجد للسهو إماماً سُنَّ له رفع الصوت بالسلام، لما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم.
وهذا يدل على إسماعهم تكبيره لسجود السهو وسلامه. قال الإمام النووي: وسجود السهو وإن كثر سجدتان كسجود الصلاة.
قال ابن حجر الهيتمي في معنى قوله كسجود الصلاة: في واجباته ومندوباته.
ومعلوم أن رفع الصوت بتسليم الصلاة للإمام مندوب، وأما المأموم والمنفرد فلا يسن في حقهما رفع الصوت في تكبير سجود السهو ولا في سلامه، ولا تكبير في سجود الصلاة ولا في سلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/7720)
حكم النافلة حكم الفريضة في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[الذي يتم به السجود القبلي أو البعدي هل سجود السهو ينطبق على صلاة النافلة أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد لخص الشوكاني الكلام في السجود هل يطلب أن يكون قبليا أو بعديا بقوله: وأحسن ما يقال في هذا المقام أنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم من السجود قبل السلام وبعده، فما كان من أسباب السجود مقيدا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد تقييده بأحدهما كان مخيرا بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين.
أما عن سجود السهو إذا حصل موجبه هل يطلب في النافلة كما يطلب في الفريضة؟ فإن الراجح أنه يطلب، قال ابن قدامة في المغني: وحكم النافلة حكم الفريضة في سجود السهو في قول عامة أهل العلم لا نعلم مخالفا؛ إلا ابن سيرين قال: لا يُشرع في النافلة، وهذا يخالف عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين. وقال: إذا نسي أحدكم فزاد أو نقص فليسجد سجدتين.، ولم يفرق، ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود، فيسجد لسهوها كالفريضة.
إلا أن المالكية قالوا: سجود السهو في النافلة كالفريضة إلا في خمس مسائل، قال العدوي في حاشيته: والحاصل أن النافلة كالفريضة إلا في خمس مسائل: السر والجهر والسورة، تغتفر في النافلة دون الفريضة،
الرابعة: إذا عقد ثالثة برفع رأسه من ركوعها كملها رابعة في النافلة بخلاف الفريضة.
الخامسة: إذا نسي ركنا من النافلة وطال أو شرع في صلاة مفروضة مطلقا أو نافلة وركع فلا شيء عليه، بخلاف الفريضة فإنه يعيدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7721)
الإمام إذا نبهه واحد من المصلين فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[شك أحد المصلين في اكتمال الصلاة فنبه الإمام في الجلوس الأخير إلى أن الصلاة لم تكتمل فقام الإمام وأتى بركعة وسجد للسهو، ولكن بعد الصلاة أفاد بعض المصلين أن الصلاة كانت مكتملة، ولم ينبهوا على ذلك بل تابعوا الإمام فى الإتيان بركعة خامسة، فما حكم صلاة من كان منهم على يقين بصحة الصلاة ولم ينبه الإمام بل أتى بركعة خامسة مع الإمام؟ وماذا على الذي ظن أن الصلاة لم تكتمل وتسبب في ما حدث من زيادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإمام إذا نبهه واحد من المصلين فقط فلا ينبغي أن يرجع إلى قوله إلا إذا غلب على ظنه أنه صادق في خبره، فحينئذ يكون رجوع الإمام اعتماداً على غالب ظنه هو لا تصديقاً لخبر الواحد، وهذا هو الراجح عند أهل العلم. قال ابن قدامة في المغني: فإن سبح بالإمام واحد لم يرجع إلى قوله إلا أن يغلب على ظنه صدقه فيعمل بغالب ظنه لا بتسبيحه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل قول ذي اليدين وحده. أما المأمومون الذين تابعوا الإمام مع يقينهم بأنه قام إلى خامسة فالتفصيل في الفتوى رقم: 6470. أما هذا الواحد الذي نبه الإمام فقد قام بما عليه لأنه شك في كمال الصلاة، والشك في نقصان الصلاة كتحققه، لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق، وفي الحديث المتفق عليه: من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(11/7722)
السهو الذي لا يحمله الإمام عن المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل أخطأ وركع قبل الإمام هل يسجد للسهو وحده بعد تمام الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن الإمام يحمل عن المأموم كل سهو سهاه ما دام مقتدياً به؛ إلا السهو في نقص فريضة غير الفاتحة، فإنه لا يحمله عنه، قال صاحب جواهر الإكليل: كل سهو سهاه المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة الإحرام أو السلام. انتهى.
وننبه هنا إلى مسألة وهي أنه لا يجوز للمأموم أن يسبق إمامه في الركوع أو غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/7723)
لا تبطل صلاة من أتى بزيادة قولية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل رفع من سجوده قائلاً: سمع الله لمن حمده فهل تصح صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن المصلي إذا أتى بزيادة قولية، وكانت من جنس الصلاة كالذي جاء في السؤال، فإن الصلاة لا تبطل به، سواء كان ذلك عمداً أو سهواً، وإنما الخلاف هل يلزم من ذلك سجود في حال السهو أم لا؟
وقد ذكر ابن قدامة في المغني: أن في المسألة روايتين عن أحمد إحداهما أنه لا يشرع له السجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه، والثاني يشرع له السجود لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس" رواه مسلم.
وفي المدونة: قال مالك: إذا جعل الإمام أو الفذ موضع سمع الله لمن حمده (الله أكبر) أو موضع الله أكبر (سمع الله لمن حمده) فليرجع فيقول ما وجب عليه، فإن لم يرجع ومضى سجد قبل السلام كما لو أسقطها. من التاج الإكليل.
وعليه، فمن قال: سمع الله لمن حمده حالة الرفع من السجود، فعليه أن يكبر، فإذا كبر فليسجد قبل السلام على قول الإمام مالك وعلى رواية عند الإمام أحمد، فإذا لم يكبر نسياناً سجد قبل السلام قولاً واحداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/7724)
صلاتك التي صليت صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بزملائي وفي الركعة الثالثة بعد السجود لم أقم للركعة الرابعة بل جلست لفترة وجيزة 5 ثوان ثم تذكرت فقمت للرابعة بدون نسيان أي ركن أو واجب هل يجب أن أسجد للسهو أم لا؟ علماً أني لم أسجد فماذا عليّ الآن؟
وهل نسيان قول رب اغفر لي بين السجدتين يوجب سجود السهو؟ وهل تقضى السنة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاتك هذه التي صليت بزملائك صحيحة، ولا أثر للثواني الخمس التي ذكرت، وليس عليك فيها سجود، كما أن نسيان قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، وإن كان يلزم منه السجود عند الحنابلة، فإن نسيان هذا السجود لا يبطل، وانظر الفتوى المتعلقة بسجود السهو ورقمها: 36.
أما قضاء السنن، فقد سبق الجواب عنه برقم: 2090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/7725)
إذا نسي كم صلى فليطرح الشك وليبن على اليقين
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان وأنا أقوم بأداء الصلاة أنسى ما صليته ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا نسيت عدد الركعات التي صليت فابن على أقل ما شككت فيه ثم أكمل الصلاة واسجد سجدتين قبل السلام، وذلك لما روى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى: أثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تمام الأربع كانتا ترغيماً للشيطان. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
هذا إذا لم تكن مستنكحا، أما إذا استنكحك الشك بأن يأتيك كل يوم ولو مرة، فإنك حينئذ تبني على الأكثر وتسجد سجدتين ترغيماً للشيطان، وذلك لما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مالك والبخاري ومسلم.
ولعلاج الوسواس روى عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/7726)
إذا اجتمع ما يوجب السجود قبل السلام وما يوجبه بعده يسجد لهما قبله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا زاد الإنسان في صلاته وكذلك نقص في صلاته فمثلا صلى الظهر وزاد سجودا ثم بعد ذلك قام ليتم صلاته ولم يجلس للتشهد فهل يلزمه سجود قبل التسليم لأن صلاته ناقصة وأيضا هل يلزمه سجود بعد التسليم لأنه زاد في صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سها في صلاته سهوين أحدهما يوجب سجود السهو قبل السلام والآخر يوجبه بعده كفاه سجود سهو واحد قبل السلام، قال العلامة ابن قدامة يرحمه الله في المغني: فعلى هذا إذا اجتمعا -أي ما يوجب السجود قبل السلام وما يوجبه بعده- في صلاة واحدة يسجد لهما قبل السلام لأنه أسبق وآكد لأن الذي قبل السلام قد وجب لوجوب سببه ولم يوجد قبله ما يمنع وجوبه ولا يقوم مقامه فلزمه الإتيان به كما لو لم يكن عليه سهو آخر، وإذا سجد له سقط الثاني لإغناء الأول عنه وقيامه مقامه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1424(11/7727)
سجود السهو لتدارك الركعة الرابعة من الرباعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنا نصلي صلاة العشاء وعندما رفع الإمام من السجود في الركعة الثالثة قام ليكمل الركعة الرابعة ولكن نطق أحد المأمومين وقال "سبحان الله" ظناً منه أننا نصلي المغرب، فجلس الإمام "ظناَ منه أنه زاد ركعة خامسة" وعندما جلس للتشهد سلم ثم سجد سجود السهو، فقلنا له ما بك بقي علينا ركعة، فعاد وأكمل الركعة الرابعة وسلم ثم بعد التسليم سجد سجود السهو..فهل صلاتنا صحيحة مع العلم بأن بعض المأموين أعادوا الصلاة وقالوا إن الصلاة غير صحيحة وباطلة ويجب أن تعيدوها!!! أفتونا في هذا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر بهذه الصورة التي وصفت في السؤال فإن صلاة الإمام صحيحة لتداركه للركعة الرابعة التي سلم قبلها، وما فعله من سجود البعدي فهو جبر لزيادة الجلوس والسلام من الركعة الثالثة.
أما من كان خلفه فمن كان منهم مثله في ظن التمام وسلم تبعاً للإمام فصلاته صحيحة لاعتقاده كمال الصلاة، أما من سلم منهم متيقناً نقص الصلاة فصلاته باطلة لخروجه من الصلاة عمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/7728)
الذكر والدعاء في التشهد الأول لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في التشهد الأول فقلته ثم قلت التشهد الأخير بعد التشهد الأول حيث بقيت لي الركعتان الثالثة والرابعة فهل أسلم وأعيد الصلاة أم أرفع للركعة الثالثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل يقصد بسؤاله – والله أعلم – أنه قرأ الأدعية التي يدعى بها في التشهد الأخير.
وبناء عليه، فهذا الفعل لا يبطل الصلاة عمده ولا سجود لسهوه، كما نقله النووي في المجموع عن الإمام الشافعي.
وعليه، فليتم صلاته ولا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/7729)
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يصلي بالناس صلاة الظهر وبعد تكبيرة الإحرام قرأ الفاتحة وقرأ بعدها آية [ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها ... ] ، فهل يسجد وإن سجد فكيف يعلم من وراءه، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قرأ الإمام في الصلاة السرية آية السجدة فإنه يسجد ويسجد من خلفه، جاء في بدائع الصنائع من كتب الحنفية:.. وإن تلاها [آية السجدة] مع ذلك -كراهة قراءة آية السجدة في الصلاة السرية- سجد لها وسجد القوم معه. انتهى. وجاء في المجموع من كتب الشافعية: ويسجد متى قرأها. أي آية السجدة، وقال في منح الجليل شرح مختصر خليل من كتب المالكية: وجهر ندباً بقراءة آية السجدة إمام الصلاة السرية ليعلم مأموميه سبب سجوده فيتبعوه فيه. انتهى.
هذا ومذهب الاحناف وطائفة من الحنابلة كراهية قراءة آية السجدة في الصلاة السرية لما يترتب على ذلك من تشويش على المصلين، ولكي لا يوقع المأمومين في هذا التشويش فإنه يندب له أن يجهر بآية السجدة إذا قرأها، كما ذكرنا في مذهب المالكية، ورأى الشافعية أنه يستحب له تأخير السجود إلى ما بعد السلام قال في المجموع: قال صاحب البحر وعلى مذهبنا يستحب تأخير السجود حتى يسلم الناس لئلا يهوش على المأمومين. انتهى.
وذهب بعض الحنابلة إلى أنه لا يسجد، قال ابن قدامة: (قال بعض أصحابنا: يكره للإمام قراءة آية السجدة في صلاة لا يجهر فيها وإن قرأ لم يسجد.)
وهو قول أبي حنيفة لأن فيه إيهاماً على المأموم، ولم يكرهه الشافعي لأن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سجد في الظهر. رواه أبو داود، واتباع النبي أولى.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/7730)
حكم زيادة قول من جنس الصلاة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في التشهد الأول فقلته ثم قلت التشهد الأخير بعد التشهد الأول حيث تتبقى لي الركعة الثالثة والرابعة فهل أسلم وأعيد الصلاة أم أرفع للركعة الثالثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الزيادة لا تبطل الصلاة ولو كانت عمداً، إذ أنها زيادة قول من جنس الصلاة، قال ابن قدامة في المغني وهو يتحدث عن زيادات الأقوال في الصلاة: القسم الثاني: ما لا يبطل عمده الصلاة، وهو نوعان:
أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك، إذا فعله سهواً فهل يشرع له السجود؟ على روايتين:
إحداهما: لا يشرع له سجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال.
الثانية: يشرع له السجود لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم. انتهى.
ثم ذكر النوع الثاني: وهو أن يأتي فيها بذكر أو دعاء لم يرد الشرع به فيها.
فعلى هذا.. فإن على السائل في هذه الحالة أن يكمل صلاته وأن يسجد سجدتين للسهو استحباباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(11/7731)
ترك الركن يبطل الركعة ويلزم المأموم الإتيان بها مع السجود للسهو.
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تكون في صلاة جماعة وتترك ركنا وهذا طبعا سهوا فهل تأتي بسجود السهو أم لا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سها عن الإتيان بأحد أركان الصلاة خلف إمامه، ولم يستدركه بطلت تلك الركعة التي فاته فيها الركن، والواجب عليه أن يأتي بها بعد سلام الإمام، ويسجد للسهو بعد ذلك، قال في مطالب أولى النهى "حنبلي": فإن سلم إمامه أتى المأموم بما شك فيه مع إمامه ليخرج من الصلاة بيقين، وسجد للسهو ويسلم. انتهى.
والشك عندهم كالترك، قال في زاد المستقنع: وإن شك في ترك ركن فكتركه. انتهى.
وذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى وجوب الإتيان بالركن مع إسقاط سجود السهو عنه، قال في أسنى المطالب "شافعي": فإن ترك المأموم ركناً غير النية وتكبيرة الإحرام والسلام، أتى بركعة بعد سلام الإمام ولا يسجد لأنه سها حال القدوة. انتهى.
وقال في منح الجليل "مالكي": وإن تمادى على ترك السجدة لعدم طمعه فيها قبل عقد إمامه، ولحق الإمام وقضى ركعة، بعد سلامه فلا سجود عليه -أي المأموم- لزيادة ركعة النقص لحملها الإمام عنه. انتهى.
وقال في الفتاوى الهندية: سهو المؤتم لا يوجب السجدة. انتهى.
والراجح عندنا في هذه المسألة -والله أعلم- هو مذهب الحنابلة، ولمعرفة أركان الصلاة وواجباتها وسننها وصفتها عندهم راجع الفتوى رقم:
12455، والفتوى رقم: 8249، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8438، والفتوى رقم: 4831.
علماً بأن المذاهب الثلاثة الأخرى تحتوي على تفاصيل وفروع كثيرة تتصل بهذه المسألة تركناها خشية الإطالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(11/7732)
هل يسجد الإمام للسهو في صلاة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخطأ الإمام في صلاة السنة (العيد) فهل يجب عليه سجود السهو؟ وما هو الحل لو لم يفعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبداية ننبه الأخ السائل ـ وفقه الله ـ إلى أمرين:
الأمر الأول: أن صلاة العيد ولو كانت سنة فلها حكم سائر الصلوات المشروعة؛ فيجب فيها كل ما يجب في الصلوات الأخرى في الجملة.
الأمر الثاني: أن قوله إن صلاة العيد سنة، ليس محل اتفاق بين العلماء، فقد اختلف العلماء في حكم صلاة العيد على ثلاثة أقوال:
أولاً: أن صلاة العيد واجبة على الأعيان، وهذا هو الصحيح عند الحنفية، قال الكاساني: (والصحيح أنها واجبة، وهو قول أصحابنا.) واستدلوا على ذلك بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرة، وأنه لا يصلى التطوع بجماعة - ما خلا قيام رمضان وكسوف الشمس وصلاة العيدين، فإنها تؤدى بجماعة - فلو كانت سنة ولم تكن واجبة لاستثناها الشارع كما استثنى التراويح وصلاة الخسوف.
الثاني: أن صلاة العيد سنة مؤكدة، وإلى هذا ذهب الشافعية والمالكية، قال الشيرازي: (صلاة العيد سنة.) وقال في التاج والإكليل: (صلاة العيد سنة مؤكدة.) ودليلهم على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للأعرابي - وكان قد ذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس - فقال له: هل عليَّ غيرهنَّ؟ قال: لا، إلا أن تطوع. متفق عليه.
الثالث: أن صلاة العيد فرض كفاية، وإليه ذهب الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: (وصلاة العيد فرض على الكفاية في ظاهر المذهب.) ودليلهم على ذلك عموم قول الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] ، ولمداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على فعلها، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة.
والراجح هو مذهب الجمهور وهو القول الثاني.:
أما في جواب سؤالك فنقول إن خطأ الإمام في صلاة العيد كخطئه في غيرها من الصلوات، وراجع الفتويين التاليتين:
10674،: 12121.
أما ما هو الحل إذا لم يسجد للسهو، فعلى السائل الكريم أن يبين نوع الخطأ الذي أخطأه حتى يمكننا جوابه بالتفصيل.
وعلى كل حال فجمهور العلماء على أنه لا يشرع له الآن سجود للسهو أو قضاء لصلاة العيد، وعليه أن يتوب إلى الله من ترك سجود السهو إن كان فعل ذلك متعمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7733)
حكم من كرر التكبير سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن أسجد للسهوإذا قلت الله أكبر مرتين عند الانتقال من ركن لآخر في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع لمن زاد في الصلاة تكبيرة أو تسبيحة سهواً أن يسجد سجدتي السهو بعد السلام جبراً لتلك الزيادة على سبيل الاستحباب وليس الوجوب، قال في المغني بعد أن حكى في المسألة روايتين قال: والثاني: يشرع له السجود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم. فإذا قلنا يشرع له السجود فذلك مستحب غير واجب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(11/7734)
مذاهب العلماء في حكم سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سجود السهو؟ وماهي الأدلة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود السهو في محله مشروع باتفاق أهل العلم، ولكن اختلفوا في حكمه، فقال المالكية والشافعية إنه سنة وليس بواجب كبدله، أي أن الأمور التي شرع السهو لجبرها غير واجبة، فكذلك جبرها، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: كانت الركعة نافلة والسجدتان. رواه النسائي.
ورأى الحنفية وجوبه في المشهور عنهم، ففي غرر الأحكام وشرحه درر الحكام: (يجب سجود السهو، وقيل: سنة، والصحيح الأول" قوله: والصحيح الأول أي أنه يجب كذا في الهداية، وقال الكمال: قوله هو الصحيح احتراز من قول القدوري، ونصَّ محمد على وجوبه كما في التبيين) . انتهى
أما الحنابلة فقالوا: بوجوبه لما يبطل الصلاة عمده من الزيادة أو النقص كترك التكبير والتسميع ونحوهما. قال في المغني: (وسجود السهو لما يبطل الصلاة عمده واجب) . انتهى
ويندب عندهم لمن ترك واجباً سهوًا كالتسبيح في الركوع والسجود، ويباح لمن لحن لحناً يخل بالمعنى سهواً أو جهلاً.
وإن أردت الاطلاع على كيفية السجود ووقته فيرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
36.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/7735)
ليس على المأموم سجود سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أصلي مع الإمام فحصل أني أخطأت خطأ منفرداً في قراءة شيء ليس في موضعه كقولي سبحان الله وبحمده في الركوع هل يوجب علي سجدتي السهو خلافا للإمام بعد انتهاء الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في أن الإمام يحمل سهو من خلفه من المأمومين ما عدا النقص في الفرائض. قال الخرقي: وليس على المأموم سجود سهوٍ إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه.
قال شارحه ابن قدامة في المغني: وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلا سجود عليه في قول عامة أهل العلم.
والأصل في هذا ما رواه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه.
هذا فيما يتعلق بسهو المأموم خلف الإمام عموماً، أما بخصوص ما سألت عنه فلا يلزم منه سجود أصلاً على قول الجمهور، وعليه فصلاتك صحيحة ولا شيء عليك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/7736)
سجود السهو لا يجبر الأركان ما لم يأت بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تكونوا جميعا بخير ونشكركم على خدماتكم وسؤالي هو:
إنني أخطئ كثيرا في الصلاة مثلا أصبح من الطبيعي عندي أن أنسى ركعة أو التشهد فصرت أكثر من سجدتي السهو حتى أصبحت عندي جزءا من الصلاة لكثرة استخدامها في نهاية صلاتي مع العلم أنني أحاول التركيز ولكنني أنسى فماذا أفعل وهل صلاتي مقبولة أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على مضمون سؤالك وعلاج الوسواس والنسيان في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3087 6598 9525 10973 22996
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/7737)
المصلي إذا سها ورجع بعد اعتداله في الركعة الثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أثناء صلاة العشاء قام الإمام بعد الركعتين ولم يجلس للتشهد فلما قيل له سبحان الله جلس بعد أن كان معتدلا ثم أتم الصلاة ثم جاء بسجود بعدي فما الحكم في صحة هذه الصلاة وما على الإمام والمأموم فعله؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن المصلي إذا سها ورجع بعد اعتداله في الركعة الثالثة وقبل شروعه في الفاتحة فصلاته صحيحة وإن كان بذلك قد أساء.
فإن كان إماما فعلى من خلفه متابعته إن قام ولم يرجع، وكذلك إن رجع إلى التشهد قبل القراءة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. رواه البخاري.
ويشرع في حال رجوعه سجود البعدي عند المالكية.
وعليه؛ فما فعله الإمام المذكور من السجود بعد السلام صحيح على هذا المذهب، وانظر الفتوى رقم:
13516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/7738)
المسبوق.. وسجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت مسبوقا في الصلاة وسها الإمام مما استدعى أن يسجد سجود السهو ماذا أفعل ولدي ركعات لم أكملها إذا كان السجود للسهو قبليا أو بعديا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سجد الإمام للسهو قبل السلام وجب على المأموم - ولو كان مسبوقاً- أن يسجد معه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه. متفق عليه.
وأما إذا سجد الإمالم للسهو بعد السلام وكان المأموم مسبوقاً فقد سبق ذكر اختلاف العلماء في هذه المسألة في الفتوى رقم: 12121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/7739)
كيف يفعل من يقصر إذا قام للركعة الثالثة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى مسافر صلاة العشاء وقام سهواً للركعة الثالثة وأتمها هل عليه سجود بعدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا نوى المسافر قصر الصلاة الرباعية فقام إلى الثالثة سهواً لزمه أن يعود إلى القعود، فإن كان قد تشهد في الثانية لم يأت بالتشهد مرة أخرى، ولكنه يسجد للسهو، وإن لم يتشهد في الثانية أتى بالتشهد وسجد للسهو.
فإن أتم الثالثة سهواً.. فإن كان قد تشهد في الثانية لم يجز له أن يتشهد في الثالثة بل يسجد للسهو، وإن لم يكن قد تشهد بعد الثانية أتى بالتشهد في الثالثة وسجد للسهو، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لكل سهو سجدتان. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما بإسناد حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(11/7740)
من لزمه سجود السهو، ثم سها عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أثناء الصلاة..شككت في عدد الركعات التي صليتها..فأكملت صلاتي على أساس العدد الأقل وفي نيتي أن أسجد سجدتي السهو ولكني نسيت وأكملت الصلاة وخرجت من الصلاة بدون سجدتي السهو هل تبطل صلاتي ويجب إعادتها؟؟؟ علما بأن هذا يتكرر كثيرا....... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن لزمه سجود السهو، ثم سها عنه، حتى طال الفصل أو خرج من المسجد فصلاته صحيحة ولا شيء عليه.
قال في الإقناع: فلو شرع في صلاة قضاه إذا سلم. وإن طال الفصل أو خرج من المسجد، أو أحدث، لم يسجد، وصحت.
وقال في شرحه: لأنه جابر للعبادة، كجبرانات الحج، فلم تبطل بفواته. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(11/7741)
ما يترتب على من نوى القصر وقام للثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى مسافر صلاة العشاء وقام للركعة الثالثة وأتمها هل عليه سجود البعدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافر إذا صلى العشاء ناوياً القصر ثم سها وقام للثالثة وأتمها سهواً فعليه أن يسجد للسهو قبل السلام، لأنه فعل زيادة في الصلاة.
وإما إن قام إلى الثالثة عمداً أو سهواً ثم استمر بها عمداً، دون حدوث ما يقتضي إتمامه الصلاة كنية الإقامة ونحو ذلك، فقد بطلت صلاته لأنه زاد فيها عمداً ما ليس منها.
قال النووي رحمه الله: ولو نوى المنفرد القصر فصلى ركعتين ثم قام إلى ثالثة.. فإن كان حدث ما يقتضي الإتمام كنية الإمام أو الإقامة أو حصوله بدار الإقامة في سفينة فقام لذلك، فقد فعل واجبه، وإن لم يحدث شيء من ذلك، وقام عمداً بطلت صلاته بلا خلاف، لأنه زاد في صلاته عمداً، كما لو قام المقيم إلى خامسة، وكما لو قام المتنفل إلى ركعة زائدة قبل تغيير النية، وإن قام سهواً ثم ذكر لزمه أن يعود ويسجد للسهو ويسلم، فلو أراد الإتمام بعد التذكر لزمه أن يعود إلى القعود ثم ينهض حتماً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/7742)
حكم المسافر لو قام سهوا للركعة الثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى مسافر صلاة العشاء وقام للركعة الثالثة وأتمها هل عليه السجود البعدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المسافر إن كان ممن يشرع لهم القصر، فإذا صلى العشاء بنية القصر وصلى ركعة ثالثة سهواً فعليه أن يسجد للسهو بعد السلام، ولو سجد قبل السلام فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7743)
ما يلزم من أتم الركعة الثالثة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى مسافر صلاة العشاء وقام للركعة الثالثة وأتمها هل عليه سجود السهو؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أتم الركعة الثالثة سهوًا، فعليه أن يسجد للسهو سجدتين، بعد السلام، لما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمسًا، فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذلك؟ قالوا: صلَّيت خمسًا، فثنى رجليه وسجد سجدتين.
وإذا كان أتمها عالمًا، بأنه في ركعة زائدة، بطلت صلاته، ووجب عليه الإعادة، والواجب على المصلي متى علم أنه قام إلى ركعة زائدة أن يجلس على الفور، فإذا لم يفعل بطلت صلاته ووجب عليه الإعادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/7744)
حكم من قام إلى الرابعة سهوا في المغرب ولم يستتم قيامه فعاد وجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[* رجل صلى المغرب وفي الركعة الأخيرة نسي فقام ليصلي الركعة الرابعة واستقامت ساقاه ثم تذكر أنه كان في الركعة الأخيرة وفي موضع التحيات, فجلس مباشرة وأكمل صلاته, فهل يعتبر موقفه هذا صحيح أم لا؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن قام إلى ركعة زائدة بعد الركعة الأخيرة من الصلاة، وتذكر ذلك فإنه يجب عليه الجلوس ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام لما زاد في الصلاة من قيام، ومن ترك سجود السهو في هذه الحالة سهواً أو جهلاً فلا يلزمه إعادة الصلاة وصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/7745)
حكم من تابع إمامه في ركعة زائدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت وراء أحد ما وقد سها بزيادة ركعة، وكنت مسبوقاً بركعة وعندما أتم صلاته تذكرت أني وجدته رافعاً من السجود, وصليت معه 4 ركعات وانصرف هو وأنا قمت بتعويض الركعة التي سبقت بها وبعد أن سلمت سجدت سجود السهو، وكان هو قد انصرف دونما يسجد سجود السهو، ربما قد نسي أو لأي سبب فما حكم صلاتي، وصلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الإمام صحيحة إن كان قد سها في صلاته وزاد الركعة ونسي السجود.
أما من تابعه في الركعة الزائدة مع علمه بزيادتها فإن صلاته باطلة؛ لأنه أتى بركعة زائدة متعمدًا، أما إذا اتبعه سهوًا فإن صلاته صحيحه إذا أتى بركعة بدل الركعة التي فاتته من أول الصلاة.
وهذا هو الصحيح خلافًا لمن قال بأنه يعتد بالركعة الزائدة، قال في الإنصاف: (ولا يعتد بهذه الركعة على الصحيح من المذهب) .
وعليه؛ فإذا كنت تابعته في الركعة الزائدة سهوًا منك فإن صلاتك صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(11/7746)
الشك في عدد الركعات يستلزم سجود السهو، وهل له تشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أفيدوني أفادكم الله وأعوذ بالله من كلمة أنا.. أصلي ولكنني لا أدري كم صليت فهل أسجد سجود سهو أم لا وهل في هذا السجود تشهد أم لا وأيضا في الصلاة الرباعية أصليها ولكن في الركعتين الأخيرتين أقرأ سورة مع الفاتحة هل صلاتي صحيحة أم غلط أم أسجد سجود سهو أيضا والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى فإنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينفث عن يساره ثلاثاً، كما روى مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: " إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت فأذهبه الله عني " والمقصود بالتفل: هو النفث مع خروج رشاش خفيف من الريق.
وعليه أن يبني على ما استيقن وهو الأقل، فإذا شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً؟ فليجعلها ثلاثاً ثم يكمل صلاته ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام، لما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان " وسجود السهو قبل السلام يكون بعد إتمام تشهد الصلاة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له تشهد آخر على القول الراجح من أقوال أهل العلم لعدم صحة الحديث الوارد في ذلك سواء كان سجود السهو قبل السلام أو بعده، والأحاديث الصحيحة اقتصرت على بيان سجود الرسول صلى الله عليه وسلم للسهو ثم سلامه دون تشهد، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وأما قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية والثالثة من صلاة المغرب فالأولى تركه، لأن أكثر الأحاديث التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا تدل على أنه كان يقتصر في الركعتين الأخيرتين على الفاتحة فقط، ومن تلك الأحاديث ما رواه البخاري ومسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول في الأولى ما لا يطول في الثانية وكذا العصر وهكذا في الصبح، وإن قرأ المصلي في غير الأوليين بشيء من القرآن بعد الفاتحة -أحياناً- جاز جمعاً بين الأدلة لأنه قد وردفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/7747)
ذكر سجود السهو كذكر السجود العادي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم يا شيخ وأثابكم الله الخير كله أما بعد ما هي الأذكار التي يذكرها الساهي في سجود السهو؟ مثلاً هل يقول (سبحان الذي لا يسهو ولا ينام) أم (سبحان ربي الأعلى الذي لا يسهو) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذكار التي يقولها المصلي في سجود السهو هي الأذكار التي يقولها في جميع السجود لا فرق في ذلك، فيقول: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، ثم يدعو بما شاء.
وأما قوله: سبحان الذي لا يسهو أو لا ينام، فلم نطلع عليه في الأذكار الواردة في السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(11/7748)
نسيان الركعة الوسطى وما يستلزمه
[السُّؤَالُ]
ـ[نسيان الركعة الوسطى في الصلاة ماذا يستلزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نسي الركوع أو غيره من الأركان، فعليه أن يرجع إليه ما لم يصل إلى موضعه من الركعة التي تلي المنسي منها، فإذا لم يتذكر حتى وصل إلى موضعه من الركعة الأخرى، وأحْرى إن تجاوز ذلك الموضع فعليه أن يتمادى في صلاته، ويأتي بركعة أخرى بدل الركعة التي نسي منها ذلك الركن، ثم يسجد للسهو هذا على الراجح من أقوال العلماء.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح زاد المستقنع: لا تبطل الركعة التي ترك منها ركناً إلا إذا وصل إلى محله من الركعة التي تليها، ويجب عليه الرجوع ما لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وهذا هو القول الصحيح.
هذا إذا كان قصد السائل الركوع، ومثله غيره من الأركان كالسجود.
أما إذا كان قصد السائل: الركعة كاملة، فإنه يجعل الركعة التي هو فيها بدل التي نسي، ويتمادى في صلاته.
ولاحتمال أن يكون قصده، ـ أنه نسي الجلسة الوسطى، فإن كان قد فارق الأرض بيديه وركبتيه، فليتماد في صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام.
فإذا لم يكن فارق الأرض بيديه وركبتيه، فليرجع إلى الجلوس، وليتم صلاته ولا سجود عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/7749)
حكم السهو في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل سها في صلاته فسجد للسهو وبينما لم يكمل السجدة الثانية لسجود السهو سها مرة أخرى هل أكمل السجدتين أم لا؟ فماذا يفعل؟ وهل تبطل صلاته إذا سلم وهو على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تيقن السهو وشك هل سجد له أم لا؟ فليسجد، لأن الأصل عدم السجود، ولو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين سجد أخرى، ولا يسجد مرة ثانية لسهوه في سجود السهو.
قال في تحفة المحتاج 2/205: (ولو سجد للسهو ثم سها بنحو كلام لم يسجد ثانياً، لأنه لا يأمن وقوع مثله، فربما تسلسل) . ا. هـ
ولا تبطل صلاته بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/7750)
حكم من شك في سجوده أنه لم يركع فعاد إلى الركوع ...
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا شككت في الركوع وظللت أفكر هل هذا شك أم وسوسة حتى سجدت ثم عدت بعد السجود إلى الركوع هل عملي صحيح أم يجب علي إعادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الشخص يلازمه الشك دائمًا بحيث يأتيه كل يوم مرة، فهذا وسوسة، وصاحبها يلزم بسجود السهو، ولا يلزمه إصلاح ما شك فيه.
قال بعض العلماء في تعريف الموسوس:
والشك يستنكحه ذا كثرة ... إذا أتاه كل يوم مرة
ويستنكحه: يلازمه.
وقال الأخضري في مختصره: والموسوس يترك الوسوسة من قلبه، ولا يأتي بما شك فيه، ولكن يسجد سواء شك في زيادة أو نقصان.
أما إذا كان الشك لا يأتيه إلا نادراً فهذا يأتي بما شك فيه، ويسجد للسهو، لما في صحيح مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلَّى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على اليقين، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم.
وعلى هذا، فإذا كنت عدت إلى الركوع، وأتيت به ثم أكملت صلاتك وسجدت للسهو فصلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى.
وقال الشيخ ابن عثيميين - رحمه الله - في شرح زاد المستقنع: لا تبطل الركعة التي ترك منها ركنًا إلا إذا وصل إلى محله من الركعة التي تليها.. ويجب عليه الرجوع ما لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية.. وهذا هو القول الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/7751)
ما يلزم من زيادة ركعة أو نقصانها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زيادة أو نقصان ركعة في الصلاة ناسياً تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سها المصلي وزاد في صلاته ركعة ونحوها من أركان الصلاة فإن صلاته صحيحة، ولكن يسن له أن يسجد سجدتي السهو لزيادة تلك الركعة إن كان لا يزال قريباً من الصلاة، ومن أهل العلم من يرى أنه يسن له السجود مطلقاً ولو طال الزمن.. وهذا في حال الزيادة.
أما في حال النقص فإنه لا يخلو ذلك من أن يتذكر المصلي تلك الركعة المنسية بحيث لم يطل الفصل بين تذكره وبين خروجه من الصلاة ففي هذه الحالة يعود إلى صلاته بإحرام ويأتي بالركعة ويسجد سجدتي السهو، أما إذا لم يتذكر ذلك إلا بعد طول الوقت كخروجه من المسجد أو مكثه زمناً ولو في مكان صلاته فإنه يعيد صلاته لبطلانها بذلك النقص الذي لم يعد ممكناً تلافيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(11/7752)
ما يلزم من الشك في الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الشك في الصلاة هل كنت سجدت سجدتين أو واحدة أو ركعت أم لا فهل يجب إعادة الركعة أم يكتفى بسجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا شك المصلي هل سجد سجدتين أو واحدة والحال أنه لم يعقد ركوع الركعة الموالية فإنه يبني على الأقل، فيرجع ويسجد سجدة ثانية. وكذلك الحال بالنسبة للشاك في الركوع، فإنه يرجع من المكان الذي وصل إليه في الصلاة ويركع؛ إلا إذا عقد ركوع الركعة الثانية فإنه تفوت عليه الركعة التي وقع فيها الخلل، وتصبح ملغاة، وتحل مكانها الركعة التالية لها، ثم إذا أكمل صلاته فإنه يسجد سجود السهو.
والأصل في هذا ما رواه مسلم من حديث أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا شَكّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلّى؟ ثَلاَثاً أَمْ أَرْبَعاً؟ فَلْيَطْرَحِ الشّكّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلّمَ.
ومن هذا يتضح للسائل أن عليه أن يسجد السجدة الثانية التي شك في حصولها، ويأتي بالركوع الذي شك فيه إذا كان ذلك ممكنا، وإلا ألغى تلك الركعة وأتى بأخرى محلها ثم يسجد قبل السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(11/7753)
أقوال العلماء في ما يلزم من جهر في موضع الإسرار والعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صليت صلاة جهرية سرا أو العكس سهوا فهل يترتب سجود قبلي أو بعدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل من الإسرار في موضعه والجهر في موضعه سنة عند الجمهور، واجب عند الحنفية ويسن عند المالكية والحنابلة في رواية عندهم لمن خالف هذه السنة أن يسجد للسهو، وقيد المالكية والحنابلة طلب السجود بحالة السهو، فإن خالف هذه السنه عامداً فلا سجود عليه.
وأما الحنفية الذين أوجبوا الإسرار في موضعه، والجهر في موضعه فأوجبوا سجود السهو على من تركه.
وليس على من خالف هذه السنة سجود سهو عند الشافعية، واستدلوا بالحديث المتفق عليه عن أبي قتادة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بأم الكتاب وسورة معها في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، ويسمعنا الآية أحياناً".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(11/7754)
حالات من نسي التشهد الأوسط فقام
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الظهر قام الإمام بدون التشهد الأوسط وقبل أن يقوم المصلون خلفه جلس وقرأ التشهد الأوسط وبعد الانتهاء من الصلاة سجد سجدتي السهو منفردا بدون المصلين خلفه ... ما حكم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نسي التشهد الأوسط فقام إلى الركعة الثالثة فله أحوال:
الأول: أن لا يستتم قائماً، فيجب عليه الرجوع حينئذ.
الثاني: أن يستتم قائماً، فيكره له الرجوع.
الثالث: أن يشرع في القراءة فيحرم رجوعه، وإن رجع إلى التشهد عالماً بطلت صلاته.
وكون الإمام رجع إلى التشهد قبل أن يقوم المصلون ظاهره أنه لم يشرع في القراءة، وقد أحسن في سجوده للسهو، فإن هذا السجود واجب على الراجح.
وأما المصلون فيلزمهم أن يتابعوا إمامهم في هذا السجود، ومن تركه منهم عمداً فقد بطلت صلاته، على ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، وهو الأحوط، أما الناسي فمعذور، وأما الجاهل فلا عذر له هنا، وقد سبق في الفتوى رقم:
13872 أن الجهل لا يكون عذراً في ترك المأمورات.
وبناء على هذا فيلزم هؤلاء إعادة تلك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/7755)
صنع جهاز لتدارك السهو ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك جماعة من الفتيات يردن تصنيع اكتشاف يتضمن صناعة جهاز حساس يوضع على سجادة الصلاة ليكون متصلا بها بحيث يقوم بحساب عدد الركعات إذا سها المصلي فهل يجوز ذلك إذا كان على ظهر السجادة (فوقها) أو خلفها أثناء الصلاة من جهة وبعدها من جهة أخرى؟ علما بأن الجهاز يحسب عدد السجدات ومن ثم يقوم المصلي بقسمتها على 2 لينتج عدد الركعات وذلك في أي صلاة (أي هل الجهاز يؤثر على تفاعل المؤمن مع الله تعالى ,وهل يخدش خشوعه) ؟
هداكم الله تعالى وهدانا لما يحب ويرضى.
الرجاء الرد بأقرب وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمصلي مطالب بترك كل ما من شأنه أن يلهيه عن الخشوع في صلاته، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني عن صلاتي" متفق عليه.
والصلاة هي قرة عين المؤمن، وراحة قلبه، لما فيها من مناجاة الله تعالى، والوقوف بين يديه، وعمل هذا الجهاز يوحي بأنها عبادة شاقة ثقيلة يكثر فيها السهو والنسيان.
والواقع ليس كذلك، بل إن كلا من السهو والنسيان أمر طارئ، ولا حرج فيه على المصلي، فقد سها النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، وشرع لأمته سجود السهو وفق أحكام وضوابط معلومة.
والمبتلى بالوسواس أو كثرة السهو لا يفيده هذا الجهاز أيضاً، فإنه قد يسهو أو يشك في الركوع، أو في الإتيان بتسبيحات الركوع أو السجود أو غير ذلك.
والذي ينبغي دعوة الناس إليه هو: كيف يستعدون للصلاة، ويفرغون لها قلوبهم، ويتهيأون لها بما يليق بها من الطهارة وفعل النوافل، والتخلص من وساوس الشيطان بالذكر.
وما ضر المؤمن أن يسهو في صلاته، فيبني على الراجح أو على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين ترغيماً للشيطان الذي سعى في إفساد صلاته.
ولهذا نقول لأخواتنا الفاضلات: لا تفعلن، وحسبكن ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، واجتهدن في توفير خبراتكن ومعارفكن في عمل شيء ينفع المسلمين ويفيدهم، لا ما يشغلهم عن صلاتهم أو يعودهم على الغفلة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(11/7756)
كيف يفعل من الشك في عدد السجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل إذا شككت في عدد السجدات؟ شكرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الشك بعد الفراغ من الصلاة، فلا يُلتفت إليه إلا إن تيقن النقص أو الزيادة، وإن كان الشك في أثناء الصلاة، فيأخذ بالأقل لأنه المتيقن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم". رواه مسلم.
يقول الإمام النووي في شرح مسلم: "وذهب الشافعي والجمهور إلى أنه إذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً -مثلاً- لزمه البناء على اليقين وهو الأقل فيأتي بما بقي ويسجد للسهو.
واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم.... وهذا صريح في وجوب البناء على اليقين) . انتهى 5/63
وعلى هذا إذا شك هل سجد واحدة أو اثنتين جعلها واحدة، لأن الأقل هو المتيقن والزائد مشكوك فيه، ومحل ما ذكر إذا لم تكثر الشكوك على الشخص حتى صار لا يفعل فعلاً إلا شك فيه كما هو حال الموسوسين، أو كان الشك وهماً طرأ على الذهن دون أن يستقر فيه فهذا لا عبرة بشكه ولا يتلفت إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/7757)
من يشك كثيرا يأخذ بالأكثر ويسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[غالبا وأنا أصلي سواء مكتوبة أو نافلة وعندما أسجد لا أدري هل هي السجدة الأولى أم الثانيه وغالبا ما أرفع إلى الركعه التالية علما أنه يتكرر كثيرا معي؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا تكرر الشك في الصلاة لا يلتفت إليه، عملاً بالقاعدة الفقهية "المشقة تجلب التيسير" والتي أساسها رفع الحرج كما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] .
فإذا كان هذا الشك يتكرر منك كثيراً -كما ورد في السؤال- فلا يضرك هذا الشك، فإذا ترددت هل هي السجدة الأولى أو الثانية أو الركعة الأولى أو الثانية، فخذ بالأكثر واسجد بعد السلام، ما لم تتيقن واحداً منهما فحينئذ تأخذ باليقين.
أما إذا كان الشك يحدث أحياناً في أحوال متباعدة ففي هذه الحالة تأخذ بالأقل وتسجد للسهو، لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبين على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/7758)
دواء الشك في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثير النسيان في الصلاة أحيانا لا أدري كم صليت أقل أو أكثر وأسجد للسهو ولكن يتكرر النسيان معي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننصحك بالحذر من الوساوس وبمحاربتها والإكثار من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ثم إنا نقول لك: إن كان هذا الشك في عدد الركعات أو أركان الصلاة أو غير ذلك، فإن كان بعد الفراغ من الصلاة فإنه لا يلتفت إليه ولا أثر له، أما إن كان في أثناء الصلاة فعليك أن تأتي بما شككت فيه، ثم تسجد للسهو ركعتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في الصلاة فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. أخرجه مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/7759)
ما يلزم من شك في عدد السجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يسهو في الصلاة ولا يعرف ما إن كان قد سجد سجدتين أم واحدة فقط وذلك بعد قيامه من السجود وليس أثناءه وماذا يفعل حينئذ؟
شكر الله لكم وأعانكم على خدمة الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه حالة شك، وإذا شك المصلي فلم يدر كم صلى فالحكم حينئذ أن يأخذ بالأقل، فتعتبر نفسك هنا أنك سجدت السجدة الأولى فقط، وتأتي بسجدة ثانية، وتسجد للسهو قبل السلام.
والدليل على ذلك ما رواه أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك، وليبنِ على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(11/7760)
هل يسجد المأموم للسهو لو تركه إمامه، ومسائل في سهو الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة سها الإمام في الصلاة عن أحد الواجبات وسلم ولم يسجد سجود السهو فهل على المأموم أن يسجد للسهو (قبل أم بعد التسليم) ؟ وهل عليه أن يخبر الإمام بأنه سها؟ وما هو واجب الإمام الذي يفعله عند ذلك هل يكفيه أن يسجد؟ أو أن يعيد الصلاة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سها الإمام وترك واجباً من واجبات الصلاة، وأعني بالواجبات هنا: ما يسمى في بعض المذاهب بالسنن المؤكدة، مثل: التشهد الأول ونحوه، فعلى المأموميين أن ينبهوه بالتسبيح لعله يتدارك النقص، فإذا لم يمكنه تداركه أو لم ينبهوه أصلاً، ولكنه تذكر قبل أن يسلم سجد له قبل سلامه.
فإذا لم يتذكر حتى سلم ثم انتبه لخطئه سجد وصحت صلاته، فإذا لم يسجد مع علمه بسهوه بطلت صلاته، وإن لم يتذكر أصلاً فصلاته صحيحة على المذهب الحنبلي.
وأما المأموم، فإنه يسجد قبل السلام، ولو ترك إمامه السجود على قول الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(11/7761)
هل يفارق المأموم المتيقن خطأ إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لو قام الإمام في الصلاة لخامسة ونبه ولم يمتثل لأنه يعتقد أنه على صواب ثم سجد للسهو سؤالي هو:
من علم أنها خامسة وجلس ينتظر الإمام حتى يجلس فيسلم بعده ولكن إذا سجد الإمام هل يجب على المأموم متابعته؟ وإذا كانت الإجابة بلا فما الواجب على المأموم إذا سجد مع الإمام؟
أرجو الإيضاح بتفصيل وشكرا لكم على جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قام الإمام لخامسة، وتيقن المأموم كونها زائدة لم يجز له متابعة إمامه، لكن هل يفارقه ويسلم؟ أم يجلس حتى يسلم معه؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء.
فالحنابلة على أن المأموم في هذه الحالة يفارق إمامه، ويتشهد ويسلم، ولا ينتظر سلام إمامه.
وذهب المالكية إلى أن المأموم إن تيقن زيادة الركعة سبح لإمامه، وجلس حتى يسلم مع الإمام بعد فراغه من تلك الركعة التي قام لها.
وعلى هذا القول يسجد المأموم للسهو تبعاً لإمامه، وعلى القول الأول لا يسجد.
وانظر في ذلك شرح منتهى الإرادت للبهوتي 1/206 وحاشية الدسوقي 1/304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/7762)
ما يشرع قوله في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الدعاء الذي يقال في سجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لسجود السهو دعاء خاص به، وإنما يشرع فيه ما يشرع في أدعية السجود الذي يكون في سجدات الصلاة الأصلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/7763)
القول الذي رجحه ابن تيمية في موطن سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون السجود القبلي والسجود البعدي؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فموطن سجود السهو اختلف فيه العلماء، فقيل: كله قبل السلام وهو مذهب الشافعي، وقيل: كله بعد السلام، وهو مذهب أبي حنيفة، وقيل: ما كان عن نقص فمحله قبل السلام، وما كان عن زيادة فمحله بعد السلام وهو مذهب مالك، وقول للشافعي في القديم، ومذهب الإمام أحمد أنه قبل السلام، إلا ما ورد فيه النص أنه بعد السلام، وهو ما إذا سلم من نقص في صلاته أو تحرى الإمام فبنى على غالب ظنه، وما عداه يسجد قبل السلام.
والصواب ما رجحه ابن تيمية حيث قال: (وأظهر الأقوال وهو رواية عن أحمد فرق بين الزيادة والنقص وبين الشك مع التحري والشك مع البناء على اليقين، فإذا كان السجود لنقص كان قبل السلام لأنه جابر ليتم الصلاة به، وإن كان لزيادة كان بعد السلام لأنه إرغام للشيطان لئلا يجمع بين زيادتين في الصلاة، كذلك إذا شك وتحرى فإنه يتم صلاته، وإنما السجدتان إرغام للشيطان فتكونان بعده.
وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها، والسلام فيها زيادة، والسجود في ذلك بعد السلام ترغيماً للشيطان.
وأما إذا شك ولم يبن له الراجح فيعمل هنا على اليقين، فإما أن يكون صلى خمساً أو أربعاً، فإن كان صلى خمساً فالسجدتان يشفعان له صلاته ليكون كأنه صلى لله ستاً لا خمساً، وهذا إنما يكون قبل السلام، فهذا الذي بصرناه يستعمل فيه جميع الأحاديث الواردة في ذلك، وما شرع قبل السلام توجب فعله قبل السلام، وما شرع بعد السلام لا يفعل إلا بعده وجوباً، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وعليه يدل كلام أحمد وغيره من الأئمة) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(11/7764)
مذاهب العلماء فيمن شك في عدد الركعات وهو في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في صحة صلاة إمام أراد التشهد الأخير في صلاة العصر فإذا بأحد المصلين خلف الإمام يقول سبحان الله مما شكك الإمام فقام ليأتي بركعة أخرى فإذا بأحد المصلين يقول سبحان الله فنزل الإمام فاذا بالمصلي الذي شكك أولاً يقول سبحان الله مرة أخرى. فقام الإمام ليأتي بالركعة , ثم سجد سجود السهو. فظهر للإمام والمصلين خطأ وسهو المصلي الذي شكك في المرة الأولى والأخيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا اختلف المأمومون في تنبيه إمامهم ولم يجزم إمامهم بأن قول أحد الفريقين أصوب من قول الفريق الآخر. فالواجب عليه البناء على الأقل، فإن شك في الصلاة رباعية: هل صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليجعلها ثلاثاً وليأت بركعة رابعة. وإذا شك هل سجد سجدة سجدتين؟ فليجعلها سجدة وليأت بسجدة أخرى ثم يسجد للسهو قبل السلام، ويجب على المأمومين متابعته إلا الموقن منهم أن إمامه زاد في صلاته، فلا تجوز له متابعته بل عليه أن ينتظره حتى يسلم فيسلم معه. قال الإمام النووي -رحمه الله- في المجموع ((فرع)) في مذاهب العلماء فيمن شك في عدد الركعات وهو في الصلاة. مذهبنا أنه يبني على اليقين ويأتي بما بقي، فإذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ لزمه أن يأتي بركعة إذا كانت صلاته رباعية سواء كان شكه مستوي الطرفين او ترجح احتمال الأربع، ولا يعمل بغلبة الظن سواء طرأ هذا الشك أول مرة أم تكرر، قال الشيخ أبو حامد: وبمثل مذهبنا قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح وربيعة ومالك والثوري وقال الأوزاعي: تبطل صلاته. قال الشيخ أبو حامد: وروي هذا عن ابن عمر وابن عباس. وقال الحسن البصري: يعمل بما يقع في نفسه من غير اجتهاد. ورواه عن أنس وأبي هريرة وقال أبو حنيفة: إن حصل له الشك أول مرة بطلت صلاته، وإن صار عادة له اجتهد وعمل بغالب ظنه، وإن لم يظن شيئاً عمل بالأقل. قال الشيخ أبو حامد: قال الشافعي في القديم: ما رأيت قولاً أقبح من قول أبي حنيفة هذا، ولا أبعد من السنةً. أهـ.
وعلى ضوء ما سبق فصلاة الإمام المسؤول عنه ومن معه صحيحة؛ إلا إذا كان في المأمومين من تابعه وهو موقن بخطئه فصلاته باطلة ويجب عليه إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(11/7765)
من نسي الجلوس للتشهد الأول ولم يذكره حتى استتم قائما
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في صلاة العشاء وفي الركعة الثانية بعد أن سجد الإمام السجدة الثانية قام ولم يجلس للتشهد فقال بعض المصلين سبحان الله فرجع الإمام من الوقوف إلى السجود ثم جلس للتشهد وأكمل الصلاة فما حكم الصلاة؟ وجزاكم الله خيره]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نسي الجلوس للتشهد الأول ولم يذكره حتى استتم قائماً اختلف العلماء فيما يفعله، هل يرجع إلى الجلوس أو لا؟
والصحيح من أقوالهم أنه لا يرجع سواء بدأ في القراءة أو لم يبدأ لما روى أحمد وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة قال: أمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر فقام فقلنا: سبحان الله، فقال: سبحان الله وأشار يعني قوموا فقمنا، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم قال: إذا ذكر أحدكم قبل أن يتم قائماً فليجلس، وإذا استتم قائماً فلا يجلس" قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح بطرقه. وهذا ما فعله الصحابة، فقد روى الترمذي وغيره عن هلال بن علاثة قال "صلى بنا المغيرة بن شعبة، فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس، فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم، وسجد سجدتي السهو، وقال: هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " وروي نحو ذلك عن عمر وابن مسعود وعقبه بن عامر.
ومن كان يعلم أنه لا يجوز له الرجوع ومع ذلك رجع فقد بطلت صلاته، وإن كان لا يعلم فصلاته صحيحة. ويسجد للسهو، وأما المأمومون فعليهم متابعة الإمام في قيامه، فإن رجع بعد القيام فليس لهم متابعته لأنه أخطأ، فإن رجعوا معه جاهلين الحكم فصلاتهم صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(11/7766)
حكم الشك في بعض أفعال أو أقوال الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء الجلوس للتشهد الأخير وأنا عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أشك في عدم قول أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. وأيضا قبل السلام في صلاة أخرى أشك نفس الشك فما يجب علي فعله في الحالتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصل لك الشك المذكور قبل السلام فلترجع إلى الموضوع الذي شككت فيه لتأتي به وبما بعده، ولا سجود عليك، أما ما حصل من شك بعد الانتهاء من الصلاة فإنه يلغى، لأن العلماء نصوا على أن الشك الطارئ بعد الفراغ من العبادة لا يسجد له. قال في الإقناع: (ولا أثر لشكه - يعني المصلي - بعد سلامه، وكذلك سائر العبادات لو شك فيه بعد فراغها) . ومما يجدر التنبيه إليه هنا: هو أن التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة على قول بعض أهل العلم. وعليه، فمن تركه سهوا ولم يذكره حتى سلم، رجع إلى الصلاة بنيته وأتى به وسجد، وإن لم يتذكره حتى حصل الطول بين السلام والتذكر بطلت الصلاة لفقد ركن من أركانها، وعليه إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(11/7767)
حكم من يسجد للسهو في كل صلاة احتياطا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بسجود السهو في الغالب في كل صلاة ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع سجود السهو إلا عند السهو، وفعله في كل صلاة من غير موجبه إحداث في أمر الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد" رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
فعملك هذا إلى البدعة أقرب منه إلى الاحتياط والورع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن تعمد زيادة السجود قبل السلام لغير سبب، يبطل الصلاة لزيادة ركنين فعليين، وهما سجدتا السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/7768)
ما يلزم من سها أكثر من سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من سها سهوين في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سها في الصلاة أكثر من سهو، فإنه يكفيه سجود سهوٍ واحد.
قال ابن قدامة: (إذا سها سهوين أو أكثر من جنس واحد كفاه سجدتان للجميع، لا نعلم أحداً خالف فيه، وإن كان السهو من جنسين، فكذلك. حكاه ابن المنذر قولاً لأحمد، وهو قول أكثر أهل العلم منهم: النخعي والثوري ومالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(11/7769)
أقوال العلماء فيمن استتم قائما ثم عاد للتشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[- رجل يصلي المغرب ثم نسي التشهد الأوسط فنبهه المأموم فجلس للتشهد الأوسط ثم أتم صلاته، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي إماماً كان أو منفرداً إذا نسي التشهد الأوسط وذكره، أو نبه عليه قبل أن يستوي قائماً فليجلس للتشهد ولا يسجد للسهو، وأما إذا ذكر أو نبه وقد استتم قائماً فإنه لا يرجع إلى التشهد، بل يمضي في صلاته ويلزمه أن يسجد سجدتين للسهو قبل السلام، لما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.
وأخرج ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، فإذا استتم قائماً فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو" فإذا استتم قائماً ثم عاد عامداً عالماً بالتحريم فهل تبطل صلاته؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: أحدهما أنها تبطل وهو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد.
والثاني إذا رجع قبل القراءة لم تبطل صلاته وهو الرواية المشهورة عن أحمد، وإن رجع بعد القراءة بطلت صلاته، والقول الأول أرجح: للحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7770)
ما يترتب على من نسي سجدة وتذكر بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن سلم الإمام ومكث حوالي ثلاث دقائق وشرع في السنة وتناقش بعض المصلين أن الإمام في الركعة الأخيرة نسي سجدة ولم ينبه إلى ذلك فاختلفوا في الأمر فمنهم من قال بالإعادة ومنهم من قال يرجع ويجلس فإذا استوى المصلون جالسين كبر للسجود وسجد سجدة واحدة ثم جلس للتشهد ثم إن شاء سلم وسجد بعدها للسهو أو سجد للسهو ثم سلم أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي إذا تذكر بعد أن سلم أنه نسي سجدة من سجدتي الركعة الأخيرة، ولم يحصل طول كبير عرفاً كان المشروع حينئذ أن يرجع للصلاة، ولو انحرف عن القبلة، ثم يقوم ليأتي بركعة كاملة، وذلك لأن الركعة التي نسي منها سجدة بطلت بمجرد سلامه، فيجب عليه قضاؤها، ثم بعد السلام يأتي بسجدتي السهو.
هذا هو رأي المالكية والحنابلة، مع التنبيه إلى أن الكلام إذا كان لمصلحة الصلاة لا يضر. أما إذا كان لأمر خارج عن الصلاة، فإنه يبطلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/7771)
ما يترتب على من نسي سجدة وتذكر بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن سلم الإمام ومكث حوالي ثلاث دقائق وشرع في السنة وتناقش بعض المصلين أن الإمام في الركعة الأخيرة نسي سجدة ولم ينبه إلى ذلك فاختلفوا في الأمر فمنهم من قال بالإعادة ومنهم من قال يرجع ويجلس فإذا استوى المصلون جالسين كبر للسجود وسجد سجدة واحدة ثم جلس للتشهد ثم إن شاء سلم وسجد بعدها للسهو أو سجد للسهو ثم سلم أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي إذا تذكر بعد أن سلم أنه نسي سجدة من سجدتي الركعة الأخيرة، ولم يحصل طول كبير عرفاً كان المشروع حينئذ أن يرجع للصلاة، ولو انحرف عن القبلة، ثم يقوم ليأتي بركعة كاملة، وذلك لأن الركعة التي نسي منها سجدة بطلت بمجرد سلامه، فيجب عليه قضاؤها، ثم بعد السلام يأتي بسجدتي السهو.
هذا هو رأي المالكية والحنابلة، مع التنبيه إلى أن الكلام إذا كان لمصلحة الصلاة لا يضر. أما إذا كان لأمر خارج عن الصلاة، فإنه يبطلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/7772)
كيف يفعل المسبوق إذا قام إمامه لخامسة
[السُّؤَالُ]
ـ[1.فاتتني ركعة في صلاة العشاء والإمام زاد ركعة سهواً، هل أسجد سجود السهو أم أزيد ركعة وأسجد سجود
السهو أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تيقن المأموم -مسبوقاً كان أو غير مسبوق- قيام إمامه إلى الركعة الخامسة في الصلاة الرباعية فتابعه، بطلت صلاته، وللمأموم المسبوق بركعة أو أكثر -إذا قام إمامه لخامسة- أن يقوم لإتمام صلاته ناوياً الانفصال عن إمامه، وله أن يجلس حتى يجلس إمامه للتشهد ثم يسلم، فيقوم هو ليتم ما فاته من صلاته، وأما سجود السهو فجمهور العلماء يقولون: إذا أدرك المأموم مع إمامه أي ركن من أركان الصلاة قبل سجوده للسهو وجب عليه متابعته في سجوده للسهو، سواء سجد قبل السلام أو سجد بعده، إلا أنه إن سجد الإمام بعد السلام فلا يسلم معه، المأموم بل ينتظره حتى يسجد للسهو فيسجد معه ثم يقوم ليتم ما فاته من صلاته، ولا يسجد للسهو بعد إتمام صلاته، وذهب المالكية -وهو رواية عن أحمد- إلى أنه إذا لم يدرك معه ركعة فلا سجود عليه، سواء كان السجود قبلياً أو بعدياً، وإذا سجد معه عامداً أو جاهلاً بطلت صلاته، لأنه غير مأموم حقيقة، لذا لا يسجد بعد تمام صلاته، وقالوا: إذا سجد الإمام بعد السلام فسجد معه المأموم بطلت صلاته، ولو لحق ركعة، قال الخرشي: وهو الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(11/7773)
كيف يتصرف الإمام والمأموم في حالات السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف للمأموم أن يتصرف في حالة سهو الإمام وعدم استجابته للتنبيه
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تصرف المأموم في حالة سهو إمامه يختلف باختلاف زيادة الإمام ونقصه، وعلى المأموم تنبيهه في كلا الحالتين. فمن علم من المقتدين أن الإمام قد زاد في صلاته، ثم استمر معه حتى سلم، فصلاته باطلة، وعليه القضاء، لأنه تعمد متابعة الإمام، وهو يعلم أنه قد زاد في صلاته، ومن لم يعلم بزيادة الإمام حتى سلم وانتهى من الصلاة، ثم علم أن في صلاته زيادة، فلا بأس عليه وصلاته صحيحة.
وأما الإمام فإن تعمد الزيادة واستمر فيها فصلاته باطلة، وإن كان يعتقد صحتها، ولم يتغير اعتقاده بالتنبيه، فصلاته صحيحة. وإذا سها الإمام، ونقص ركوعاً، أو سجوداً مثلاً فعلى المقتدين أن ينبهوه، فإذا لم يرجع إليهم أتوا بالركن الذي تركه، ولحقوا به، وأتموا معه الصلاة.
وإذا سها الإمام عن التشهد الأول فنبهه المأمومون أو تذكر قبل انتصابه قائماً لزمه الرجوع، وإن استتم قائماً فلا يعود للتشهد ولو نبهه المأمومون لأنه تلبس بركن ويسجد للسهو، لحديث عبد الله بن بحينة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الركعتين، فسبحوا فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين، ثم سلم. وأما حكم المأموم هنا فهو متابعة الإمام، ثم تنبيهه بعد الفراغ من الصلاة، ليسجد للسهو.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1422(11/7774)
ما يوجب سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأشياء التي توجب سجود السهو، وما هي الأشياء التي لا تصح الصلاة معها ولو بسجود السهو إلا بإعادتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على سجود السهو في المواضع التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها، أو أمر بالسجود فيها، وهي:
أولاً: من قام عن جلسة التشهد الأول في الرباعية أو الثلاثية فإنه يمضي ويسجد سجدتي السهو، لما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.
ثانياً: من سلَّم سهواً قبل تمام صلاته ثم رجع فأكملها فإنه يسجد سجدتي السهو، كما في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصدق ذو اليدين؟ " فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول. وفي بعض روايات هذا الحديث أن تلك الصلاة كانت الظهر أو العصر.
ثالثاً: أن يزيد في الصلاة ركعة سهواً، لما في الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن مسعود قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: "وما ذلك؟ " قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه وسجد سجدتين.
رابعاً: من شك في صلاته فلم يدر كم صلى فإنه يبني على ما تيقن ويسجد سجدتي السهو، لما في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان".
وبناءً على هذه الأحاديث وأمثالها اتفق االفقهاء في الجملة على أن موجب سجود السهو هو زيادة، أو نقصان، أو شك، واختلفوا في تفصيل ذلك اختلافاً كبيراً من أراده فليراجعه في كتب الفقه، وقد ذكر شيء من ذلك عند جواب السؤال رقم 36
واتفقوا كذلك على أن من ترك ركناً من أركان الصلاة، أو شرطاً من شروطها، أو فعل شيئاً من مبطلاتها، أن ذلك لا يجبر بسجود السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1422(11/7775)
كيفية ومحل سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو تفصيل كيفية أداء سجود السهو]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فسجود السهو سجدتان فقط يقال فيهما التسبيح المعروف ((سبحان ربي الأعلى ثلاثاً)) ومذهب الإمام الشافعي رحمه الله أن سجود السهو لا يقع إلا قبل السلام في جميع الأحوال – وذهب بعضهم إلى أن سجود السهو بعد السلام – وذهب البعض إلى التفصيل فإن كان السهو لنقص في الصلاة كان السجود قبل السلام، وإن كان السهو لزيادة كان السهو بعد السلام، وذهب الإمام أحمد إلى أنه مخير بين فعل السجود قبل السلام وبعده – وبعد ذلك تختلف المسائل من حيث الشك وعدمه والترجيح وعدمه، ولكن مسألة حكمها الخاص المتعلق بها – ولكننا نحيلك إلى رسالة صغيرة للشيخ محمد بن صالح العثيمين اسمها " رسالة في أحكام سجود السهو " وفقك الله.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7776)
من أسر في موضع الجهر أو العكس سن له سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا سها المصلي ولم يجهر في الصلاة الجهريه. هل يلزمه سجود السهو جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجهر والإسرار من سنن الصلاة، ولكل محله وموضعه، وعليه فمن أسر في موضع الجهر أو جهر في موضع السر سن له سجود السهو ولم يجب عليه ذلك، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7777)
لايتابع المأموم الإمام فيما زاد إذا تيقن الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متوجها لصلاة الظهر وسمعت الإقامة قبل وصولى المسجد وعند دخولي المسجد وجدت الإمام قد سجد أي إنه أنهى الركعة الأولى ودخلت فى الصلاة ونظرا لأن الإمام سها فقد صلى الظهر (5) ركعات الا أننى صليت (4) ركعات وسلم الإمام وسلمت معه ثم سجد بعد التسليم سجدتى سهو وفعلت معه. فهل صلاتى صحيحة؟ وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فمتى قام الإمام إلى ركعة زائدة وجب على المأمومين أن ينبهوه وعليه أن يرجع عن الزيادة، وإن كان متيقنا صواب نفسه فليس عليه الرجوع أو سجود السهو لاعتقاده خطأ من نبهه. وعلى المأمومين المتيقنين خطأ إمامهم أن لا يتابعوه بل يجلسون حتى يجلس الإمام ويسلموا معه. فإن تابعه أحد مع علمه أن ما قام إليه الإمام زائد في الصلاة، وكان يعلم أنه لا تجوز المتابعة بطلت صلاته. وإن تابعه جاهلا أو ساهياً أو شاكاً فصلاته صحيحة على الأظهر ومن كان مسبوقاً. كما في حالة السائل وتيقن أن هذه الركعة زائدة وتابع الإمام في الزيادة مع علمه أنه لا تجوز المتابعة بطلت صلاته أيضا فإن كان جاهلاً بالمتابعة فإن أظهر الأقوال أن هذه الركعة الزائدة لا يعتد بها في صلاة المأموم المسبوق وعليه فيجب عليك إعادة صلاة الظهر في كلتا الحالتين. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(11/7778)
أحكام سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو سجود السهو، كيفيته، ووقته؟ وما حكم من شك في صلاته (هل قال: سبحان ربي العظيم أم لا؟) أوهل سجد أم لا؟ مايفعل هل يسجد للسهو ام لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإن سجود السهو سجدتان يسجدهما المصلي، إذا زاد في صلاته أو نقص منها أو شك في شيء منها أو سلم قبل تمامها ساهياً أو ظاناً تمامها. فإن شك الإمام أو المنفرد في الصلاة الرباعية - مثلا- هل صلى ثلاثا أم أربعا، فإن الواجب عليه أن يبني على اليقين وهو اعتبار الأقل، أو يتحرى عدد الركعات التي صلاها، ثم يسجد للسهو؛ لحديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم " رواه مسلم ولحديث: "إذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم عليه". رواه البخاري ومسلم. وإن شك في فعل ركن أو تركه –مثل قراءة الفاتحة- فتذكره قبل الشروع في ركن آخر فإنه يأتي به ولا شيء عليه، وإن تذكره بعد شروعه في ركن آخر وقبل انقضاء الركعة التي فيها هذا الركن، فإنه يرجع إليه ويأتي به وبما بعده ويسجد، وإن تذكره بعد انقضاء الركعة كأن يكون المتروك أو المشكوك فيه في الركعة الأولى، ولم يتذكره إلا في الثانية أو الثالثة فإنه يعتبر الثانية أولى وهكذا لأن الركعة التي ترك منها الركن بطلت، ويسجد للسهو. وإن شك في واجب من واجبات الصلاة هل فعله أم لا، أو تركه سهوا، فإن تذكره في محله، أتى به ولا شيء عليه، وإن تذكره بعد تركه لمحله فإنه لا يرجع إليه وإن كان في الركعة نفسها، ويسجد للسهو. وأما إن سلم قبل تمامها -بأن سلم من ثلاث في رباعية مثلا- ثم نبه أو تذكر ما لم يطل الفصل، فإنه يقوم بدون تكبير، بنية الصلاة، ثم يأتي بالرابعة ثم يجلس للتشهد ثم يسجد سجدتي سهو، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ذي اليدين. رواه البخاري ومسلم، وأما محله: فقد اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من قال: يكون بعد السلام ومنهم من قال: يكون قبله ومنهم من قال: يكون قبل السلام إذا سجد من نقصان وبعد السلام إن كان من زيادة، ومنهم من قال: إن محله قبل السلام إلا في ثلاثة مواضع: إذا سلم قبل تمامها، وإذا كان متحريا، وإذا نسي سجود السهو الواجب قبل السلام، حيث إن الأحاديث التي وردت في سجود النبي صلى الله عليه وسلم دلت على ذلك. وإن سجد بعد السلام فإنه يتشهد له ثم يسلم، لأنه في حكم المستقل بنفسه، واختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه ليس لسجود السهو بعد السلام تشهد، حيث إن الأحاديث الصحيحة على خلاف ذلك، وعلى هذا فمن شك في صلاته، هل قال في الركوع منها. (سبحان ربي العظيم) أم لا؟ لزمه سجود السهو، وله أن يفعله قبل السلام أو بعده والأفضل أن يكون قبل السلام لأنه نقص من الصلاة، ولأن قول (سبحان ربي العظيم) يجب مرة واحدة في الركوع، والزيادة على ذلك سنة لا يجب بتركها سجود للسهو، وهذا مذهب الإمام أحمد وجماعة من العلماء.، لما رواه سعيد بن منصور، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن عقبه بن عامر الجهني - رضى الله عنه - قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فسبح باسم ربك العظيم) قال "اجعلوها في ركوعكم " وعند ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قالوا يا رسول الله كيف نقول في ركوعنا؟ فأنزل الله الآية التي في آخر سورة الواقعة (فسبح باسم ربك العظيم) فأمرنا أن نقول (سبحان ربي العظيم) وتراً. أورده السيوطي في الدر المنثور. وروى حذيفة أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول إذا ركع (سبحان ربي العظيم ثلاث مرات) رواه الأثرم، وأبو داود ولم يقل ثلاث مرات. ويجزئ تسبيحة واحدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتسبيح في حديث عقبة ولم يذكر عدداً، فدل على أنه يجزئ أدناه وهو تسبيحة واحدة، أما أدنى الكمال فثلاث، لحديث حذيفة المتقدم، ورواية في حديث ابن مسعود بلفظ (وذلك أدناه) المغني (1/542) بتصرف. ومن الأدلة أيضا على وجوب التسبيح مرة واحدة في الركوع ما رواه مسلم عن ابن عباس _ رضي الله عنهما قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم " فأما الركوع فعظموا فيه الرب " والتعظيم يصدق بواحدة. وذهب الجمهور إلى أن قول سبحان ربي العظيم في الركوع سنة. قال الإمام النووي عند حديث ابن عباس السابق: (واعلم أن الذكر في الركوع سنة عندنا وعند جماهير العلماء، فلو تركه عمداً أو سهواً لا تبطل صلاته، ولا يأثم ولا يسجد للسهو. وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه واجب، فينبغي للمصلي المحافظة عليه للأحاديث الصريحة الصحيحة في الأمر به، كحديث: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) وغيره مما سبق، وليخرج عن خلاف العلماء رحمهم الله، والله أعلم) انتهى من كتاب الأذكار للنووي. وأما السجود فهو ركن لا يجبر تركه سجود السهو. وقد سبق التفصيل بشأن أركان الصلاة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1421(11/7779)
من أحكام سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[اليوم في صلاة الجمعة كبر الإمام للركوع وركع ثم ركع المصلون، وبعدها كبر مرة أخرى، فقام بعض المصلين من الركوع، ففوجئوا بأن الإمام ما زال راكعا، فبعضهم رجع فركع، والبعض الآخر بقي واقفا حتى رفع الإمام من الركوع.
وهنا لدي سؤالان اثنان:
1 - المعلوم أن الإمام لا يجب عليه سجود سهو، لكن هل يجب عليه بسبب أخطاء المصلين التي نتجت عن تكبيره؟ وهل يجوز للمصلين الذين أخطؤوا أن يسجدوا للسهو علما أن الشافعية والمالكية أجازوا للمصلي أن يسجد للسهو ولو لم يسجد الإمام؟
2- ما حكم من رفع وبقي واقفا حتى قام الإمام من صلاته؟ هل تبطل صلاته أم لا؟ والذي عاد فركع هل يجب عليه سجود سهو أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هذا الإمام من التكبير ثانياً في أثناء الركوع، إن كان قد تعمده فهو أمرٌ لا ينبغي لما فيه من التلبيس على المأمومين، والتشويش عليهم، وأما إن كان فعله سهواً، فهو معذورٌ بسهوه، وعلى كلٍ فالصلاة لا تبطل بهذه الزيادة، لأنه ذكرٌ مشروعٌ من جنس الصلاة أتى به في غير محله، وفي مشروعية سجود السهو له إن كان ساهياً قولان.
قال ابن قدامة في المغني: القسم الثاني ما لا يبطل عمده الصلاة وهو نوعان: أحدهما أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك، إذا فعله سهوا فهل يشرع له سجود السهو؟ على روايتين. انتهى.
وجمهور أهل العلم على أن زيادة تكبيرة واحدة في الصلاة لا يسجد لها سجود السهو، ومنهم من ذهب إلى أن السجود لها مبطل للصلاة.
وأما فيما يتعلق بمسألتك، فاعلم أن المأموم إذا سها أو أخطأ في الصلاة لم يشرع له سجود السهو، وإنما يحمله عنه الإمام، كما بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 123811. وإذا سهى الإمام فلم يسجد لحق المأموم سهوه، وشرع له سجود السهو عند الشافعية والمالكية كما ذكرت.
وقد بين الشيرازي في المهذب خلاف الشافعية في المسألة، وأن الصحيح من المذهب أن المأموم يسجد في هذه الحال فقال رحمه الله: فإن سها الإمام لزم المأموم حكم سهوه، لأنه لما تحمل الإمام عنه سهوه لزم المأموم أيضاً سهوه، فإن لم يسجد الإمام لسهوه سجد المأموم، وقال المزني وأبو حفص البابشامي: لا يسجد لأنه إنما يسجد تبعا للإمام، وقد تركه الإمام فلم يسجد المأموم، والمذهب الأول أنه لما سها دخل النقص على صلاة المأموم لسهوه فإذا لم يجبر الإمام صلاته جبر المأموم صلاته.
وعليه، فإن قلنا بمشروعية أن يسجد الإمام للسهو في هذه الصورة شُرِع للمأموم أن يسجد لسهو الإمام الذي لحقه، لا لسهو نفسه، فإنه يحمله عنه الإمام. وأما إن قلنا بعدم مشروعية السجود للسهو في هذه الصورة فالأمر واضح، وبهذا يتبين لك أن المأمومين الذين أخطؤوا فقاموا عند سماع تكبير الإمام لا يُشرع لهم سجود السهو فضلا عن أن يجب عليهم، بل يحمل الإمام عنهم خطأهم ذاك كما بيناه في الفتوى المحال عليها.
ولا يجب على الإمام سجود السهو لما حصل من المأمومين من خطأ، لأن الإمام متبوعٌ، فلا يكون تابعاً للمأمومم.
قال في الاختيار لتعليل المختار: وإذا سها الإمام فسجد سجد المأموم وإلا فلا، وإن سها المؤتم لا يسجدان. انتهى.
وقد كان الواجبُ على هؤلاء المأمومين إذا قاموا، ثم علموا أن إمامهم ما زال في الركوع أن يرجعوا لمتابعته، فمن رجع منهم إلى الركوع فذلك الصواب، ومن لم يرجع منهم للركوع بل بقى واقفاً حتى رفع الإمام، فإن صلاته صحيحة في قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 32257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(11/7780)
من زاد شيئا في الصلاة من جنسها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في صلاة المغرب جماعة وبعد الركعة الثانية بدل أن يجلس الإمام للتشهد الأول فإذا به أتى بسجدة ثالثة ولما سبح له المصلون جلس للتشهد بدون تكبير والناس ساجدون (السجدة الثالثة الزائدة) ولم يدروا بما فعل الإمام وبعد السلام أتى بسجود بعدي.
فما حكم ذلك جزاكم الله عنا كل الخير وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هذا الإمام من الرجوع للتشهدِ حين سُبح به، بعد أن زاد سجدةً ثالثة، ثم سجوده سجدتي السهو بعد سلامه من الصلاة هو الصواب، فإن من زاد شيئاً في الصلاة من جنسها وجب عليه سجود السهو عند الحنابلة، واستُحبَ له عند الجمهور.
قال ابن قدامة في المغني: والزيادات على ضربين: زيادة أفعال وزيادة أقوال، فزيادات الأفعال قسمان: أحدهما: زيادة من جنس الصلاة مثل أن يقوم في موضع جلوس أو يجلس في موضع قيام أو يزيد ركعة أو ركنا، فهذا تبطل الصلاة بعمده ويسجد لسهوه قليلا كان أو كثيرا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. رواه مسلم. انتهى.
وقيامه للتشهد حين سُبح به يكون بلا تكبير كما فعل، لأنه أتى بتكبيرة الانتقال عند قيامه من السجدة الثانية.
والسجودُ في هذه المسألة بعد السلام هو المشروع لأنه سجودٌ لزيادة، فالمستحبُ أن يكون بعد السلام كما هو مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر الفتوى رقم: 17887.
وأما المأمومون الذين جلسوا للتشهد وسبحوا به فهم مصيبون، لأنهم امتثلوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسبيح بالإمام إذا نابه شيء. أخرجه البخاري، وأما الذين سجدوا معه، فمن كان منهم ساهياً أو متأولاً يظن وجوب متابعة الإمام، فصلاته صحيحة وانظر الفتوى رقم: 114846، ومن كان منهم عالماً بالتحريم عامداً للسجود الزائد، فقد أبطل صلاته ووجب عليه إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/7781)
سجد ثلاث سجدات وتبعه المصلون ولم يسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا الإمام فسجد في إحدى الركعات ثلاث سجدات وتبعه المصلون ولم يسجد للسهو ولم يعد الركعة. ما حكم صلاة الإمام والمأمومين وماذا عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الإمام والمأمومين صحيحة، لأنه إن كان نسي سجود السهو فإنه يسقط بطول الفصل أو بالخروج من المسجد.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل لم تبطل الصلاة وبذلك قال الشافعي وأصحاب الرأي. انتهى.
ومن أهل العلم من يقول بأن السجود البعدي يمكن فعله ولو بعد طول كثير وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى هذا يمكن للمصلين أن يفعلوه متى أرادوا ذلك ولو لم يفعله الإمام.. وإذا كان متعمدا تركه فلا تبطل الصلاة أيضا لأن سجود السهو سنة عند الجمهور، وعند من يقول بوجوبه كالحنابلة فلا تبطل الصلاة بترك سجود سهو محل أفضليته بعد السلام، والراجح أن السجود في هذه الصورة محل أفضليته بعد الصلاة لأنه لزيادة، وهذا مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وعليه يدل مجموع النصوص.
قال البهوتي في الروض: فلا تبطل بتعمد ترك سجود مسنون، ولا واجب محل أفضليته بعد السلام، وهو ما إذا سلم قبل إتمامها.. قال ابن قاسم في الحاشية: أي ولا تبطل أيضًا بتعمد ترك سجود سهو واجب محل أفضليته بعد السلام وفاقاً، لأنه خارج عنها فلم يؤثر في إبطالها وإن كان مشروعاً لها، كالأذان لكن يأثم بتعمد تركه، ومثله لو أخر السجود الذي أفضليته قبل السلام إلى ما بعده فتركه فلا تبطل. انتهى.
وأما إذا كان الإمام قد تعمد زيادة السجدة فلا شك في بطلان صلاته لأنه زاد في الصلاة ما ليس منها، وأما المأمومون الذين تابعوه فإنهم إن كانوا متأولين يظنون وجوب متابعته فلا شيء عليهم، لأن الصحابة قاموا خلف النبي صلى الله عليه وسلم إلى الركعة الخامسة في صلاة العصر عالمين بأنها الخامسة ولم يأمرهم بالإعادة لأنهم كانوا متأولين، وأما إن تعمدوا ذلك من غير تأول فقد بطلت صلاتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(11/7782)
من تلفظ بكلمة في الصلاة ساهيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
المشايخ/ الفضلاء.......
سؤالي هو: أثناء صلاة العشاء منفردا وبعد أن أكملت التشهد الأول نطقت خطأ من غير شعور بلفظ السلام ولم أكمل لفظ السلام فقط كلمة واحدة (السلام) ولم ألتفت إلى جهة اليمين، ثم قمت لأداء الركعة الثالثة وسؤالي هو:
هل علي سجود سهو حيث لم أسلم فقط نطقت بكلمة واحدة (السلام) وإذا كان علي سجود سهو هل يكون قبل السلام أم بعد السلام.
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الكلمة التي تلفظت بها سهواً وهي قولك (السلام) مما يصدقُ عليه مسمى الكلام، وعليه فقد كان يُشرعُ لك سجود السهو لإتيانك بها.
قال النووي في شرح المهذب: والثاني: ما تبطل الصلاة بعمده كالكلام والركوع والسجود الزائدين فهذا يسجد لسهوه إذا لم تبطل به الصلاة. انتهى.
وأما كون السجود في هذه الصورة قبل السلام أو بعده، فالذي يختاره كثير من أهل العلم أن السجود له بعد السلام أولى كما ذكر ابن قدامة في المغني، ولو سجد قبل السلام جاز، لأن خلاف العلماء في محل السجود خلافٌ في الأَولى والأفضل. وانظر الفتوى رقم: 113597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/7783)
مذاهب العلماء فيمن ترك سجود السهو لما يبطل عمده الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت إماما بالناس وفي سجدة الركعة الرابعة ساورني شك هل هي الرابعة أم الثالثة فقمت فسبح الناس فجلست مباشرة بدون أن أفعل أي شيء في الخامسة إلا القيام ولم يقم أي أحد من المأمومين فأنهيت الصلاة ولم اسجد للسهو اعتقادا مني أنه لم يحدث شيء يتطلب السجود وخاصة أن المأمومين سوف يتبعونني وهم لم يقم أحد منهم للخامسة فما الحكم أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته من القيامِ حينَ شككت هل هي الثالثة أو الرابعة صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ من شكَّ في صلاته بالبناء علي الأقل، كما أخرجه مسلمٌ من حديثِ أبي سعيد، وما فعله المأمومون من التسبيح بك وكذلك ما فعلته من الرجوعِ حين سبحوا بك، كلُ ذلك صحيحٌ موافقٌ للسنة، ولكن الخطأ هو في تركك لسجود السهو، فإنك قد زدتَ في صلاتك زيادة لو تعمدتها أبطلت الصلاة فشُرعَ لكَ سجود السهو، وقد سجد النبي صلى الله عليه وسلم حينَ زاد في صلاته السلام والكلام؛ كما في حديثِ ذي اليدين المتفقِ عليه، واختلفَ العلماء هل السجود لما يبطل عمده الصلاة واجبٌ أو سنة، والجمهورُ على أنه سنة، وظاهرُ مذهبُ أحمد وجوبُه، فإذا قلنا بوجوبه فإنّ من تركه ناسياً حتى طال الفصل فلا شيء عليه، والجاهلُ في معنى الناسي، وقد كنت جاهلاً بالحكم فلا شيء عليك.
قال الموفقُ في المغني: فصل: وإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل، لم تبطل الصلاة. وبذلك قال الشافعي وأصحاب الرأي. وعن أحمد: أنه إن خرج من المسجد أعاد الصلاة، وهو قول الحكم، وابن شبرمة وقول مالك وأبي ثور في السجود الذي قبل السلام. ولنا، أنه جابر للعبادة بعدها، فلم تبطل بتركه كجبرانات الحج، ولأنه مشروع للصلاة خارج منها، فلم تفسد بتركه، كالأذان انتهى.
واعلم أن متابعة المأمومين للإمام في سجود السهو واجبة وإن لم يكن منهم سهو، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم إنما جُعل الإمام ليؤتم به. متفقٌ عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(11/7784)
حكم تعمد المأمومين ترك السجدة ومتابعة الإمام في الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام نسي التكبير للسجدة الثانية في الركعة الأولى من صلاة الصبح فبقي المأمومون جلوسا فسبحوا له فظن أنه زاد سجدة ثالثة، قام للركعة الثانية فقاموا معه ثم سجد للسهو بعد السلام وسلّم فأعلموه أنهم تنقصهم سجدة فأتى بركعة أخرى وسجد للسهو قبل السلام. (فالإمام صلاته كاملة والمأمومون تنقصهم سجدة فهو بالركعة التي زادها صلّى ثلاثا فهل عليه إعادة وما حكم صلاة المأمومين، مع العلم أنه قام مصلّ من الصف الثاني وأتى الإمام فأعلمه بالخطأ الذي وقعوا فيه قبل قيام الإمام للركعة الثالثة ثمّ عاد إلى مكانه وأتمّ الركعة مع الجماعة فما حكمه. وسامحوني على الإطالة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تكبيرات الانتقال سنةٌ عند الجمهور، والحنابلة يقولون بوجوبها، والواجبات عندهم تُجبر بسجود السهو، فالذي كان يلزمكم أن تتابعوا الإمام حين سجد السجدة الثانية، فإن كان نسي التكبير أصلاً لزمه سجود السهو عند الحنابلة، ويرى كثير من أهل العلم أنه لا سجود عليه، وإن كان لم ينسه وإنما ترك الجهر به ظناً منه أنه يصلي منفرداً -وهذا يحصل كثيراً- فلا يلزمه شيء، وعلى كلٍ فصلاة الإمام صحيحة، وأما المأمومون فتلغى ركعتهم الأولى التي لم يسجدوا لها السجدة الثانية وتقوم الثانية مقامها، ويلزمهم الإتيان بركعة مكان التي ألغيت، وأما ما حدث من قيام الإمام لثالثة ومتابعة المأمومين له فهذا ناشئ عن الجهل بالحكم الشرعي، ولذا فصلاته وصلاتهم صحيحة ولا تلزمهم إعادتها، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ناسياً إلى الخامسة وتابعه الصحابة ظانين أن الصلاة قد زيدت عالمين أنها الخامسة، واكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بسجدتي السهو ولم يأمرهم بإعادتها.
وفي فتاوى شيخ الإسلام ما يفيد هذا فقد قال: إن قاموا معه -أي إن قام المأمومون مع الإمام لخامسة كما يفهم من السؤال- جاهلين لم تبطل صلاتهم. اهـ.
وظاهر كلام كثير من أهل العلم أنهم لا يعذرون بالجهل، وعليه.. فتكون صلاتهم باطلة لتعمدهم ترك السجدة ومتابعة الإمام في الزيادة، وأما كلام من تكلم مع الإمام فصلاته صحيحة.. فقد ذهب كثير من أهل العلم ومنهم مالك والأوزاعي وكثير من المحدثين إلى أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها مستدلين بحديث ذي اليدين، وقيد ذلك بعضهم بعدم إمكان تفهيم الإمام بغير التكليم، وبناء عليه فإن كان هذا الرجل الذي تكلم مع الإمام كان متأوِّلا يظن جواز ذلك أو كان جاهلا بالحكم، فصلاته صحيحة إن شاء الله، وقد قال الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286} ، وقال تعالى في جوابها: نعم. أخرجه مسلم في صحيحه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم معاوية بن الحكم بإعادة الصلاة حين تكلم فيها جاهلاً بالحكم ... والأولى والأحوط هو إعادة جميع المأمومين للصلاة مراعاة لقول من أبطلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(11/7785)
من زاد في صلاته (سجدة) سهوا ثم تذكر أثناء السجدة أنها زائدة فعليه قطعها فورا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل سجد سجدتي السهو قبل السلام، لا لأنه سها ولكنه ارتبك ولكن دون أن يتعمد، وقد يكون لانشغال باله، فبدلا من السلام من الصلاة، سجد للسهو، ثم تذكر أثناء السجدة الأولى للسهو، فماذا يفعل؟ رغم أنه لم يتعمد السجود، ولكنه هوى للسجود ارتباكا ودون قصد السهو.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن زاد سجدة في صلاته ساهياً ثم تذكر أثناء السجدة أنها ليست من الصلاة فعليه أن يقطع هذه السجدة فوراً، ثم يأتي بعد ذلك بسجود السهو وجوباً على ما رجحه شيخ الإسلام، والقول بالوجوب هو مذهب الأحناف والحنابلة وهو قول للمالكية، ولكن المشهور عندهم وهو مذهب الشافعية أن السجود سنة وليس واجبا، وقد استدل شيخ الإسلام على الوجوب بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. رواه مسلم عن ابن مسعود، وغير ذلك من الأدلة.
وقد اختلف العلماء في محل سجود السهو، وأقوى المذاهب في محل السجود هو مذهب مالك كما قال النووي في شرح مسلم، وهو أن من زاد في صلاته فليسجد بعد السلام وإن نقص في صلاته سجد قبل السلام، ففي مثل حالة السائل عليه أن يسجد بعد السلام لأنه زاد في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/7786)
حكم الزيادة في التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بسجود السهو. عند أدائي لفرض العصر وفي الركعة الثانية عند التحيات سهوت ولم أتوقف عند الشهادة فأكملت التحيات ولكن قبل التسليم تذكرت فقمت وأكملت الصلاة وسجدت سجدتي السهو في نهاية الركعة الرابعة فهل صلاتي صحيحة. وهل كان سجود السهو في موضعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من زاد في التشهد الأول فأتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأذكار التي يؤتى بها في التشهد الأخير فلا يطالب بالسجود للسهو، وقيل يطالب به، وعلى هذا القول فإن من سجد للسهو لهذه الزيادة كان سجوده في محله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يعني أنه طول في التشهد الأول فأتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأذكار والأدعية التي يؤتى بها في التشهد الأخير فلا يطالب بالسجود للسهو، ففي المجموع للنووي ما نصه: يكره أن يزيد في التشهد الأول على لفظ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والآل إذا سنناهما، فيكره أن يدعو فيه أو يطوله بذكر آخر، فإن فعل لم تبطل صلاته ولم يسجد للسهو سواء طوله عمدا أو سهوا، هكذا نقل هذه الجملة الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي واتفق الأصحاب عليها. انتهى.
ومن أهل العلم من يرى مشروعية السجود لهذا النوع من السهو، قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر أحد أقسام زيادات الأقوال في الصلاة: القسم الثاني: ما لا يبطل عمده الصلاة، وهو نوعان: أحدهما، أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك، إذا فعله سهوا، فهل يشرع له سجود السهو؟ على روايتين. إحداهما، لا يشرع له سجود ; لأن الصلاة لا تبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه، كترك سنن الأفعال. والثانية، يشرع له السجود، لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم. فإذا قلنا: يشرع له السجود فذلك مستحب غير واجب لأنه جبر لغير واجب، فلم يكن واجبا، كجبر سائر السنن انتهى.
وعليه نقول: إن كان الأخ السائل قد سجد للسهو تقليدا لقول من قال به من أهل العلم فذاك، أي أنه فعل أمرا مشروعا، أما إن كان فعله جهلا بما يقوله العلماء في هذه المسألة فقد فعل ما لا يشرع له فعله لكن الصلاة صحيحة ما دام يجهل عدم مشروعية السجود في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/7787)
زيادة بسملة أو سورة في غير محلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح الحكم فيما إذا زاد المصلي سهوا:
1. سورة أو بسملة في الركعة الثالثة أو الرابعة من صلاة الفرض بعد الفاتحة
2. قراءة الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأوسط أو جزء منها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المصلي مأموما وزاد بسملة أو سورة في غير محلها فلا يلزمه سجود سهو وإن كان منفردا أو إماما فيسجد للسهو استحبابا عند بعض أهل العلم.
وإذا أتى بالصلاة الإبراهيمية كلها أو جزءا منها في التشهد الأول فلا سجود عليه مطلقا. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 62642 والفتوى رقم: 30081.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/7788)
إذا سها الإمام فأتى بفعل في غير موضعه
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الفجر سجد الإمام سجود التلاوة دون أن يقرأ الآية التي تحتوي على موقع السجود، ولم يقم المصلون خلفه بتنبيهه وسجدوا معه، واستمر في صلاته حتى أتمها وسلم كالمعتاد ولم يسجد سجود السهو، فهل صلاتنا في هذه الحالة باطلة أم جائزة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا زاد الإمام فعلا في غير موضعه فعلى المأمومين أن ينبهوه بالتسبيح، فإن لم يستجب لتنبيههم فلا يجوز لهم متابعته، فإن تابعوه فمن كان منهم عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته اتفاقا، وإن كان جاهلا أو شاكا فلا تبطل على الصحيح، وبهذا تستطيعون معرفة حكم صلاتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب أن لا يتصدى للإمامة إلا عالم بأحكامها، فإن لم يوجد واضطر أحد للتقدم لإمامة قوم فعليه أن يجتنب ما يوقعه في الزلل؛ كسجود التلاوة وهو لا يعرف مواطن سجدات القرآن، فإن فعل فقد أخطأ وتعرض للمأثم، وحيث إن هذا وقع فكان الواجب على المأمومين أن يقوموا بتنبيهه لئلا يسجد، فإن سجد فلا يجوز لمن خلفه أن يسجد معه وهو عالم بخطئه، فإن فعل متعمدا بطلت صلاته، وأما من تابعه جهلا منه بالحكم أو سهوا أو شكا في الواجب فعله فصلاته صحيحة على الأرجح من أقوال أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: فزيادات الأفعال قسمان: زيادة من جنس الصلاة مثل: أن يقوم في موضع جلوس، أو يجلس في موضع قيام، أو يزيد ركعة أو ركعتان فهذا تبطل الصلاة بعمده، ويسجد لسهوه قليلا كان أو كثيرا.
وقال أيضا: وإذا سها الإمام فأتى بفعل في غير موضعه لزم المأمومين تنبيهه، فان كانوا رجالا سبحوا ... إلى أن قال: فإذا ثبت هذا فإنه إذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمه الرجوع بطلت صلاته، وليس للمأمومين اتباعه، فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين به، فان كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب عمدا..... ثم قال: الحال الثاني: إن تابعوه جهلا بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين، وفي الخامسة في حديث ابن مسعود. انتهى.
ويمكن لمزيد من الفائدة مراجعة الفتاوى رقم: 617، 8330، 1331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(11/7789)
حكم من زاد في صلاته ركوعا سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الواجب عمله على من ركع ركوعين متتابعين في نفس الركعة سهواً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن زاد في صلاته ركوعاً سهواً فصلاته صحيحة، والمشروع في حقه السجود للسهو، وقد اختلف أهل العلم في حكم سجود السهو بين الوجوب والاستحباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(11/7790)
المسبوق إذا قام إمامه لركعة خامسة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العشاء صلى بنا الإمام خمس ركعات وفاتت علي الركعة الأولى وسجد الإمام سجود السهو، فهل علي إتمام الركعة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام إذا قام لركعة زائدة فعلى المأمومين أن ينبهوه بالتسبيح ولا يتابعوه، فإن لم يرجع فمن كان من المأمومين متحققاً من زيادة تلك الركعة واتبع الإمام عامداً عالماً بحرمة اتباعه فصلاته باطلة، ومن تبعه ناسياً أو جاهلاً فصلاته صحيحة، وينطبق هذا الحكم على المأموم المسبوق، فإذا اتبع الإمام في تلك الركعة الزائدة جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة، لكن لا تجزئه عن الركعة التي فاتته قبل الدخول مع الإمام على القول الراجح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 71294، والفتوى رقم: 617.
وبالنسبة لسجود السهو في هذه الحالة فراجع حكمه مفصلاً في الفتوى رقم: 13143، والفتوى رقم: 96239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(11/7791)
من زاد ركعة في الفرض ثم سجد مباشرة للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة العشاء وزدت ركعة أي 5 ركعات وسلمت ثم سألت الذي بقربي فقال زدت ركعة فسجدت سجود السهو مباشرة هل هذا صحيح أم أقوم وأكبر وأسجد سجود السهو
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما قام به الأخ السائل هو الصواب حيث سجد مباشرة من غير أن يقوم لأن سجدتي السهو لا يشرع القيام لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(11/7792)
إذا قام الإمام إلى ركعة زائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمنا رجل في صلاة المغرب فبعد ثلاث ركعات قام للرابعة فقال له رجل سبحان الله فلم يرجع فقال له آخر إنك في الركعة الرابعة فلم يرجع وهذان الاثنان هما في الصف الأول وراءه. فمنا من بقي جالسا ومنا من تبعه خوفا من كونه ألغى الركعة الثالثة. فعندما سلم لم يعمل أي شيء لا سجودا ولا غير ذلك. فعندما قلنا له بأنه صلى أربعا فمن الناس من قال السجود يكفي ومنهم من قال الصلاة صحيحة للجالسين وباطلة للذين تبعوا الإمام ومنهم من قال باطلة للجميع بسبب الإمام. أقول وأكرر بأنه لم يلغ أي ركعة. السؤال رقم 2128049هو نفس السؤال ولكن في هذا الأخير توضيح. أفتونا وجزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قام الإمام إلى ركعة زائدة فيشرع أن يسبح له المأمومون، فإن رجع فذلك المطلوب، وإن تمادى فصلاته صحيحة ما لم يتيقن بأنه قام إلى زيادة، فإن تيقن ذلك واستمر بطلت صلاته وصلاة من علم أنه قام إلى زيادة وتابعه على ذلك عالما بأن متابعته لا تجوز، فإن كان يجهل ذلك فصلاته صحيحة لعذره بالجهل، ويسن للإمام والمأمومين أن يسجدوا للسهو ولا يلزمهم ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/7793)
سلم على النبي صلى الله عليه وسلم سهوا بدل التسليمة الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[سلمت في صلاتي فقلت في التسليمة الأولى السلام على النبي وقبل التسليمة الثانية تداركت ذلك وأعدت التسليمة الأولى صحيحة وقمت بالتسليمة الثانية ثم سجدت سجود سهو (باعتبار أن ما قمت به زيادة) ،
سؤالي هو: هل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة وما قمت به كان صواباً لأنك تكلمت في الصلاة كلاماً غير كثير سهواً، وسجدت لهذه الزيادة سجدو السهو، قال في المهذب في الفقه الشافعي: الذي يقتضي سجود السهو أمران زيادة ونقصان، فأما الزيادة فضربان قول وفعل، فالقول أن يسلم في غير موضع السلام ناسياً أو يتكلم ناسياً فيسجد للسهو. انتهى.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته في الفقه المالكي: ومن تكلم ساهياً سجد بعد السلام. قال في الفواكه الدوانى: إن كان إماماً أو فذا إلا أن يكون كثيرا فتبطل صلاته. وبه تعلم أن صلاتك صحيحة وأن ما فعلت كان صواباً إلا إذا كنت مأموماً فلا تطالب بسجود السهو لأن الإمام يحمل عنك السهو إلا في حال ما إذا كنت مسبوقاً وسهوت بعدما فارقت الإمام لقضاء بقية صلاتك فإنك تسجد لسهوك لانقطاع القدوة هنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(11/7794)
الإمام إذا نسي التشهد الأوسط ثم أداه في الركعة الثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف أمام نسي التشهد الأوسط ثم أداه في الركعة الثالثة، وهل إذا كانت يجب أن تعاد هل يمكن أن تصلى جماعة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان على الإمام إذا نسي التشهد الأول حتى قام إلى الثالثة أن يكمل صلاته ويسجد سجدتين قبل السلام كما أوضحنا في الفتوى رقم: 47269. ويجب على المأمومين اتباعه في ذلك، ولا يجوز له أن يتشهد في الثالثة لأنها ليست مكانا للتشهد، فإذا فعل ذلك عالما بتحريمه بطلت صلاته وصلاة من تبعه عالما بالتحريم أيضا لأنه تعمد زيادة لا يغتفر تعمدها في الصلاة، وكان الواجب على المأمومين عندما جلس بعد سجود الثالثة أن يقوموا ويسبحوا به حتى يلحق بهم الإمام، فمن قعد معه عالما بالتحريم بطلت صلاته لأن المتابعة في الزيادة مع تيقنها ومع العلم بمنع المتابعة فيها مبطل على المأمومين؛ كما أوضحنا في الفتوى رقم: 14987.
قال ابن قدامة في المغني: فزيادات الأفعال قسمان: زيادة من جنس الصلاة مثل أن يقوم في موضع جلوس أو يجلس في موضع قيام أو يزيد ركعة أو ركنا، فهذا تبطل الصلاة بعمده، ويسجد لسهوه قليلا كان أو كثيرا. انتهى.
وقال أيضا: وإذا سها الإمام فأتى بفعل في غير موضعه لزم المأمومين تنبيهه، فإن كانوا رجالا سبحوا إلى أن قال: فإذا ثبت هذا فإنه إذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمه الرجوع بطلت صلاته، وليس للمأمومين اتباعه، فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين به، فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب عمدا إلى أن قال: الحال الثاني: إن تابعوه جهلا بتحريم ذلك، فإن صلاتهم صحيحة، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين، وفي الخامسة في حديث ابن مسعود، إلى أن قال: ومتى لم يرجع وكان المأموم على يقين من خطإ الإمام لم يتابعه في أفعال الصلاة فينتظره هاهنا لأن صلاة الإمام صحيحة لم تفسد بزيادة، كما ينتظر الإمام المأموم في صلاة الخوف. انتهى.
وخلاصة القول أن الإمام إن كان عالما بأنه لا يجوز له التشهد في الركعة الثالثة وفعل ذلك بطلت صلاته وصلاة من تبعه عالما بحرمة ذلك أيضا، وإن كانوا كلهم جاهلين حرمة ذلك فإن صلاتهم صحيحة بعذرهم بالجهل عند غير المالكية.
وأما عند المالكية فإن الجهل عندهم مثل العمد في الزيادة في الصلاة. قال في مواهب الجليل وهو مالكي: رأيت في نوازل ابن الحاج ما نصه: إذا قام من اثنتين ولم يجلس فسبح به فجلس ثم سبح به فقام فإنه يعيد الصلاة لأنه زاد فيها جاهلا وهو كالعامد. انتهى.
وقال أيضا في شأن المأموم يعلم خطأ إمامه في الزيادة ويتبعه جهلا: وإن جهل وظن أنه يلزمه اتباعه ففي بطلان صلاته قولان، وهما على الخلاف في الجاهل هل هو كالعامد أو كالناسي؟ والجاري على المشهور إلحاق الجاهل بالعامد. انتهى.
والمختار عند اللخمي من المالكية عدم بطلان صلاة المأموم إذا تبع إمامه في الزيادة جهلا متأولا، ولا وجوب اتباع الإمام ولو في الزيادة، لكن الأحوط أن يعيدوا صلاتهم، وإذا أعادوها فلا حرج عليهم في الإعادة جماعة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 16546.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/7795)
مسالة في الشك والسهو في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
1- يقول بعض الفقهاء أن زيادة أكثر من نصف الصلاة سهوا فصلاته باطلة فهل هذا حتى في حالة الشك أي من شك في صلاته 3 مرات (في صلاة رباعية) وبنى في كل مرة على الأقل فهل صلاته باطلة فقد يكون صلى جملة 7ركعات، وهل يطبق هذا حتى في حالة السجود يعني عند زيادة سجدتين سهوا أو اثر شك في نفس الركعة.
2) من شك في صلاته في ركن فرجع إليه ثم تذكر أنه قد قام به , فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم أن أحداً من الفقهاء أبطل الصلاة بزيادة أكثر من نصفها عليها سهواً، وإنما المعروف عند المالكية أنه إذا زاد المصلي أربع ركعات سهواً في الصلاة الرباعية أو الثلاثية أو ركعتين في الثنائية الأصلية وهي غير المقصورة وتيقن هذه الزيادة بعد الصلاة فإنها تبطل صلاته، أما إذا لم يتيقن فيكفيه سجود السهو أما تعمد الزيادة فإنها تبطل ولو كانت أقل من ركعة هذا هو مذهب المالكية وهو السائد في تونس بلد السائل وفقه الله.
قال الدردير في الشرح الكبير (و) بطلت (بزيادة أربع) من الركعات متيقنة سهواً ولو في ثلاثية (كركعتين في الثنائية) أصالة كجمعة وصبح لا سفرية فبأربع، وبطل الوتر بزيادة ركعتين لا واحدة) وقول الدردير (متيقنة) يدل على أن من يبني على الأقل غير متيقن الزيادة، فإن تيقنها فيما بعد وكانت بقدر الصلاة كما بينا فالظاهر أنها تبطل، وأما زيادة السجود ونحوه سهواً فلم يحددوه بما سبق فلا يبطل، ومن شك في ترك ركن فعاد للإتيان به فلما شرع فيه تيقن أنه قد أتى به فإنه يعود لما كان عليه ويتم صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/7796)
أحكام الزيادات القولية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة قد أتلعثم وأنا أقرأ مثلا التشهد الأخير فهل أقول الكلمة التي تلعثمت فيها مرة أخرى أم أبدأ التشهد من أوله؟ وهل إذا بدأته من أوله تكون الصلاة باطلة للزيادة فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تصلح الكلمة التي تلعثمت فيها ولا حاجة إلى الرجوع للتشهد من أوله، فإن رجعت فلا تبطل الصلاة ولا سجود عليك، لأن الزيادات القولية إذا كانت مما شرع في الصلاة، فإنه لا سجود في عمدهما، ولأن إعادة الركن القولي لا تبطل بها الصلاة ولو في حال العمد على المشهور، قال في المغني عند ذكر الزيادات في الصلاة وأنها على ضربين: زيادة أفعال وزيادة أقوال، ثم ذكر أن زيادة الأقوال هي أيضا على قسمين: قسم تبطل الصلاة به وهو زيادة ما لم يشرع من الصلاة من الأذكار وغيرها كالكلام، أما القسم الثاني من أقسام الزيادة القولية، وهو أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة ولو في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود والتشهد في القيام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية، والأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك إذا فعله سهوا فهل يشرع له سجود السهو؟ على روايتين إحداهما: لا يشرع له سجود، السهو، لأن الصلاة لا تبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه، الثانية: أنه يشرع له السجود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم، ومحل الشاهد من هذا النص هو أن التشهد من الأذكار المشروعة التي لا تبطل الصلاة بتعمد زيادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/7797)
لا فرق في سجود السهو بين الفريضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سها الإمام في صلاة التراويح والتي يصليها مثنى مثنى قبل الوتر فبدلاً من أن يصلي ركعتين ويسلم ثم يقوم فيأتي بركعات الوتر، صلى ثلاث ركعات ثم سلم، وسلم من خلفه معه، فنبه فماذا يفعل بعد أن سلموا؟ علماً بأنهم لم يوتروا بعد؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على هذا الإمام أن يسجد سجدتي السهو، ويسجد معه من خلفه لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟، فقال: وما ذاك؟. قال: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سلم" متفق عليه واللفظ للبخاري.
ولأنه لا فرق في سجود السهو بين الفريضة والنافلة قال ابن قدامة: (وحكم النافلة حكم الفريضة في سجود السهو، في قول عامة أهل العلم، لا نعلم فيه مخالفاً، إلا ابن سيرين، قال: لا يشرع في النافلة، وهذا مخالف عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين" وقال " إذا نسي أحدكم فزاد أو نقص فليسجد سجدتين" ولم يفرق ... ولو قام في صلاة الليل فحكمه حكم القيام إلى ثالثة فجر، نص عليه أحمد وقال مالك: يتمها أربعاً ويسجد سهو، ليلاً كان أو نهاراً) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/7798)
ما يترتب على الزيادة في عدد ركعات الصلاة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[تأخرت عن صلاة الظهر جماعة وعندما حضرت الصلاة، صليت خمس ركعات بدلا من أربعة ولم أتبين ذلك إلا بعد أن أنهيت الصلاة.
هل تجب إعادة الصلاة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث إنك زدت تلك الركعة الخامسة سهواً فليس عليك إعادة تلك الصلاة، وإنما عليك أن تسجد سجدتين للسهو، فإن لم تأت بهما جهلا أو سهوا، وطال الفصل، فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(11/7799)
لا يتابع المأموم إمامه إذا زاد ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أخطأ الإمام وزاد عدد الركعات في الصلاه المفروضة وبعد تنبيهي له لم يجلس وقام.. فهل علي القيام معه وزيادة الركعة؟ أم علي الجلوس وانتظاره حتى يجلس ويتشهد ويسلم فأسلم معه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أخطأ الإمام وزاد ركعة وكان المأموم عالماً بهذه الزيادة فلا يجوز له أن يقوم معه بل إذا قام معه في هذه الزيادة تبطل صلاته. وللعلماء فيما ينبغي للمأموم فعله في هذه الحالة مذهبان الأول: أنه مخير، فإن شاء فارقه بالنية وسلم. والثاني: أنه ينتظره حتى يسلم ثم يسلم معه، وهذا القول هو الصواب إن شاء الله، لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف " قال النووي (والمراد بالانصراف السلام) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7800)
السجود بعد السلام أولى عند الجمهور لمن سلم قبل إتمام الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت المغرب، بعد التشهد الأول سلمت فسبحوا لي، وقمت فأتيت بالركعة الثالثة فتشهدت، ثم سجدت قبل السلام بدل أن أسجد السجود البعدي. فهل صلاتي صحيحة، أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على صحة الصلاة سواء سجد المصلي للسهو قبل السلام أو بعده، وإنما اختلفوا في الأفضل من ذلك، والأفضل في الصورة التي حدثت معك هو السجود بعد السلام عند الجمهور، خلافاً للشافعية الذين يرون أن الأولى في سجود السهو أن يكون كله قبل السلام، وعلى هذا فصلاتك صحيحة إن شاء الله ولا شيء عليك. قال الشوكاني في نيل الأوطار: قال القاضي عياض وجماعة من أصحاب الشافعي: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام أو بعده للزيادة أو للنقص أنه يجزئه ولا تفسد صلاته وإنما اختلافهم في الأفضل. انتهى.
وقال النووي في شرح المهذب: وقال صاحب الحاوي: لا خلاف بين الفقهاء يعني جميع العلماء أن سجود السهو جائز قبل السلام وبعده، وإنما اختلفوا في المسنون والأولى. فمذهب الشافعي وما نص عليه في القديم والجديد أن الأولى فعله قبل السلام في الزيادة والنقصان وبه قال أبو هريرة، وسعيد بن المسيب، والزهري، وربيعة والأوزاعي، والليث. وقال أبو حنيفة، والثوري: الأولى فعله بعد السلام في الزيادة والنقصان وبه قال علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم. وقال مالك: إن كان لنقصان فالأولى فعله قبل السلام وإن كان لزيادة فالأولى فعله بعد السلام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/7801)
نسي السجدة الأخيرة، وبعد السلام ذكروه فسجدت للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت الإمام ونسيت السجدة الأخيرة، وبعد السلام ذكروني فسجدت سجدتي السهو وانصرف الناس، فهل يجب على إعادة الصلاة وحدي أم على المأمومين أيضا؟ وإن كانوا انصرفوا ماذا افعل؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجبُ عليك حين ذكرت أنك نسيت السجدة الأخيرة أن ترجع فتأتي بها، ثم تتشهد، ثم تُسلم وتسجد سجدتي السهو، ثم تسلم، قال العلامة العثيمين: إن كانت السجدة الثانية من آخر ركعة فإنه يأتي بها وبالتشهد الأخير بعدها ويسلم ثم يسجد للسهو سجدتين ويسلم، وإن كانت من ركعة قبل الأخيرة فإن تلك الركعة التي نسي فيها السجدة تلغو وتكون التي تليها بدلها، ويحتاج إلى أن يأتي بركعة ثم يسلم ثم يسجد للسهو ويسلم. انتهى.
وكون السجود هنا في هذه المسألة بعد السلام فهو الأفضل لأنه عن زيادة، والراجح أن السجود للزيادة يُشرع بعد السلام، وللنقص قبل السلام، وهذا قول مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر الفتوى رقم: 17887.
وأما إذا لم تفعل، واكتفيت بسجدتي السهو وطال الفصل، فقد بطلت صلاتك، ولزمك إعادتها، وكذا صلاة المأمومين الذين تابعوك على هذه الصلاة، التي نقصت سجدة من سجداتها.
قال ابن قدامة في المغني في مسألة من سلم من صلاته عن نقص: فإن طال الفصل أو انتقض وضوؤه استأنف الصلاة، وكذلك قال الشافعي إن ذكر قريبا مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين ونحوه، قال مالك وقال يحيى الأنصاري والليث والأوزاعي: يبني ما لم ينقض وضوؤه. ولنا: أنها صلاة واحدة فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل كما لو انتقض وضوؤه ويرجع في طول الفصل إلى العادة من غير تقدير بمدة وهو مذهب الشافعي في أحد الوجوه. انتهى.
وعليه؛ فالواجبُ عليك إعادة تلك الصلاة، وأن تأمر بذلك من أمكنك من المأمومين الذين صلوا معك، لأن الدين النصيحة. ومن لم تستطع أمره بذلك أو جهلت عينه، فلا حرج عليك، لأن الله لا يُكلف نفساً إلا وسعها.
هذا ونحنُ ننصحك وعموم المسلمين بالاجتهاد في تعلم العلم النافع، فإن العلم هو الذي يُزيل عن صاحبه هذه الإشكالات، ويجنبه الوقوع في هذه المضايق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/7802)
ما يفعله المأموم إذا صلى الإمام ثلاث ركعات بدلا من أربع في الصلاة الرباعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المأموم إذا صلى الإمام ثلاث ركعات بدلا من أربع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المأموم أن يسبح للإمام ليقوم للركعة الباقية، فإن تمادى في الجلوس حتى طال, قام المأموم؛ فإن لم يقم الإمام نوى مفارقته وأتم صلاته، أما إن لم يتذكر إلا بعد سلام الإمام؛ فإنه يُذكر ليأتي بالركعة ويأتي بها المأموم، وفي هذه الحالة يسجد كل من الإمام والمأموم سجدتين بعد السلام لما في الصحيحين عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين، فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم: فصلى اثنتين أخريين ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول.
وإذا لم يأت الإمام بالركعة الناقصة فإن المأموم يأتي بها وحده ويسجد للسهو أيضا، ومن لم يأت بهذه الركعة حتى طال الفصل بعد السلام؛ فإن صلاته باطلة وعليه إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(11/7803)
الإمام ملزم بالإتيان بركعة عوضا عن التي ترك فيها الفاتحة بخلاف المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بسجود السهو حيث إننا كنا في صلاة المغرب فقام الإمام لركعة رابعة فلم نتابعه أنا وبعض الإخوة ولكن تبين لنا بعد الصلاة أن الإمام نسي قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة فألغى الركعة وأشار لمن هم خلفه بمتابعته، رآه البعض ولم نره نحن، وقد تناقشنا في هذه المسألة لنعلم ما هو الصحيح فيها، فاختلفت الأقوال وقد نقل لنا بعضهم أن صلاة من لم يتابعه في هذه الحالة قد بطلت وذلك لأن الإمام في هذه الحالة ألغى الركعة ولم يكن ساهيا.
أرجو بيان حكم هذه المسألة وأقوال الفقهاء فيها، علما أني بحثت في الموقع فلم أصل لنتيجة واضحة بالنسبة لي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلتموه من عدم القيام ومتابعة الإمام هو الصحيح، لأن ركعتكم قد صحت فلا يجوز لكم أن تزيدوا في الصلاة عمداً، وأما الإمام فمعذورٌ في إتيانه بالركعة بل إتيانه بها واجبٌ عليه لأن قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة ركن لا تصح الصلاة إلا به كما هو مذهب الجماهير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
ويؤيد ما ذكرنا من صحة ركعة المأمومين التي ألغاها إمامهم أنه إذا ظهر لهم بعد الصلاة أن الإمام كان محدثاً ولم يعلم المأموم فإن صلاة المأموم صحيحة، وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه اغتسل من جنابة بعد ما صلي بالناس الصبح فصلى ولم يأمر الناس بإعادة الصلاة، فإذا صحت صلاة المأموم مع تبين بطلان صلاة الإمام فالركعة أولى.
وبنحو هذا به أفتى العلامة ابن عثيمين رحمه الله، فقال كما في الجزء الرابع عشر من مجموع فتاواه: فالفاتحة ركن لا تصح الصلاة إلا بها في كل ركعة، فإذا نسيها الإمام في الركعة الأولى، ولم يتذكر إلا حين قام للركعة الثانية، صارت الثانية هي الأولى في حقه، وعلى هذا فلا بد أن يأتي بركعة أخرى عوضاً عن الركعة التي ترك فيها الفاتحة.أما المأموم فإنه لا يتابعه في هذه الركعة، لكن يجلس للتشهد، وينتظر حتى يسلم مع إمامه ... ..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1429(11/7804)
ترك سجودا ولم يأت به بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلاد المهجر نجتهد في أداء الصلاة جماعة ولكن للأسف ليس لدينا إمام راتب فنحاول اختيار الأحفظ والأقرأ للقرآن ثم الأكبر سنا للإمامة وقد يكون بعضنا غير ملم وغير متقن لكل متطلبات هذه المهمة من علوم الدين والشرع، وفي هذا الإطار سؤالي يتعلق بحدث وقع في إحدى صلوات الظهر بمسجدنا حيث نسي الأخ الذي أمنا آخر سجود من الصلاة (الثاني من الركعة الرابعة) ولم ينبهه جماعة المصلين حتى فرغ من الصلاة (سلم) ومضى بعض الوقت، حينئذ لم يدر هذا الأخ ماذا يفعل وكيف يصلح الذي وقع، أي كان يطلب منه بعض الإخوة إعادة الصلاة والبعض أداء سجود السهو.... فأصر على أن لا يقوم بشيء لأنه لا يعرف ما الواجب فعله في هذه الحالة حتى يسأل من هو أهل للسؤال وترك لكل واحد حرية القيام بما يراه صوابا، وما نود معرفته منكم فضيلة الشيخ هو: ماذا يترتب على هذا الأخ الذي أمنا فيما حصل وماذا يجب على كل واحد منا أن يفعل من أجل إصلاح الذي وقع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسجود ركن من أركان الصلاة لا تجزئ بدونه، وعليه فالصلاة المذكورة باطلة تجب إعادتها في حق الإمام ومن معه من المأمومين الذين لم يأتوا بهذا السجود مطلقاً، أو أتوا به بعد فصل كثير، أما من أتى بالسجود المذكور بعد فصل يسير فتصح صلاته عند بعض أهل العلم كالشافعية والحنفية، كما تصح صلاة من أتى بركعة كاملة بدل الركعة الناقصة قبل الفصل اليسير أيضاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36447.
والفصل الكثير يرجع في قدره إلى عرف الناس عادة ويحصل بالخروج من المسجد، كما تقدم في الفتوى رقم: 105088.
مع التنبيه على أنه من الواجب على المسلم تعلم أحكام الصلاة بما في ذلك أحكام السهو وما تترتب عليه صحتها ولا يعذر بجهل ذلك، وبالإمكان اقتناء بعض الكتب الفقهية المختصرة السهلة التي تفيد في هذا المجال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(11/7805)
من صلى ركعتين نافلة ثم قام ساهيا إلى ثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة السنة التي قبل صلاة الظهر (أربع ركعات) صليت اثنتين وقمت إلى الثالثة بدون التشهد وكملت الركعة الرابعة وجلست للتشهد ثم سجود السهو، فهل هذا صحيح أم يجب أن أصلي في السنة ركعتين ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فما فعلته صواب عند المالكية إذا كنت قد قمت للركعة الثالثة ثم عقدت ركوعها سهواً ثم كملت أربعاً وسجدت قبل السلام.
ففي شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: والمعنى أن من صلى ركعتين نافلة ثم قام ساهياً إلى ثالثة فإنه يرجع ويسجد بعد السلام إن فارق الأرض بيديه وركبتيه؛ وإلا فلا سجود عليه لرجوعه، لأنه إنما حصل منه التزحزح وهو لا يسجد له كما مر، هذا إن لم يعقد الثالثة، فإن عقدها برفع رأسه من ركوعها فإنه يكمل ما هو فيه أربعاً في غير الفجر، فإن صلى النافلة أربعاً وقام لخامسة ساهياً فإنه يرجع مطلقاً أي: سواء عقدها أم لا، ويسجد قبل السلام سجدتين في الصورتين لنقصه السلام. انتهى.
وعند الشافعية صحة الراتبة قبل الظهر بأربع ركعات بتسليمة واحدة وتشهد واحد إذا نوى عند تكبيرة الإحرام، أما إذا لم ينوه فليس له أن يزيد. قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: أن النفل غير المطلق كالوتر فليس له أن يزيد أو ينقص عما نواه. انتهى ...
والمستحب كونها بتسليمتين، وراجع الفتوى رقم: 25716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(11/7806)
سجود السهو عند ترك تكبيرات الانتقال أو قول ربنا ولك الحمد
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لي سؤال أرجو الإجابة عليه من فضيلتكم وهو: إني صليت بأمي كإمام وغلب على ظني في الصلاة أني نسيت قول ربنا ولك الحمد فى إحدى الركعات فعزمت في نفسي على أن أسجد سجدتين للسهو في نهاية الصلاة، ولكني تشهدت التشهد الأخير ثم سلمت ونسيت أن أسجد سجدتي السهو فتذكرت بعد سلامي بقليل وأنا ما زلت جالسا أني نسيت أن أسجد للسهو، فأشرت لأمي أن تبقى مكانها لكي تسجد معي للسهو فكبرت لأسجد سجدتي السهو ثم سلمت دون تشهد، فهل ما فعلته صحيح والصلاة صحيحة أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في سجود السهو عند ترك تكبيرات الانتقال أو قول: ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع، فمنهم من يرى أنه يسجد له وجوباً كالحنابلة -رحمهم الله تعالى- لأنه عندهم واجب، والسجود للواجب واجب، قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: المشهور عند أحمد أن تكبير الخفض والرفع، وتسبيح الركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، وقول: رب اغفر لي -بين السجدتين- والتشهد الأول واجب وهو قول إسحاق وداود.
ومنهم من يرى أنه لا يسجد له؛ بل لو سجد له مع العلم أنه لا يسجد له بطلت الصلاة كالشافعية رحمهم الله تعالى لأنه من السنن التي لا يشرع لها السجود عندهم.
والذي نختاره أنه يشرع سجود السهو لترك هذا الذكر، وعليه.. فسجودك له بعد السلام عن قرب صحيح ولا يبطل صلاتك ولله الحمد، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يشرع التشهد بعد سجود السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/7807)
سجود السهو لا يجزئ عن الركعة ونحوها من الأركان
[السُّؤَالُ]
ـ[أخطأ الإمام في صلاة العشاء فصلى العشاء ركعتين فقط ثم سلم، وعندما نبهه المصلون قام فصلى ركعة واحدة فقط وكانت قراءته جهرية وسلم أيضا وسجد سجود السهو، فأخطأ في سجوده أيضا ثم سلم، اختلف الناس في هذه الصلاة، هل تعاد أم لا، نرجو تبيان حكم هذه الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المأمومين إذا سها الإمام فسلم قبل انتهاء صلاته أن ينبهوه بالتسبيح، فإن كمل صلاته فإنهم يكملون معه الصلاة، ويتابعونه في سجود السهو إن سجد، فإن لم يكمل الإمام فعليهم أن يكملوا صلاتهم إن شاءوا فرادى، وإن شاءوا قدموا أحدهم، فيكملها إماماً، فإذا اتبعوا الإمام أو اتبعه أحدهم في زيادة يعلمون خطأ الإمام فيها أو سلموا معه قبل انتهاء الصلاة وهم يعلمون أنها لم تنته بطلت صلاة من فعل ذلك من المأمومين، هذا ما يجب على المأمومين في حال سهو الإمام.
أما في هذه الحالة فإذا كان الإمام المذكور لم يأت إلا بثلاث ركعات فقط، فإن صلاته لم تصح، وكذا صلاة من اقتدى به في ذلك؛ لأن سجود السهو لا يغني عن الركعة ونحوها من الأركان مثل الركوع أو السجود.
وقد كان بإمكانه أن يأتي بالرابعة أيضاً إذا كان سلامه من الثالثة سهوا، وتصح صلاته ويسجد للسهو للنقص الذي حصل وللجهر في موضع السر أيضاً، على القول بالسجود لذلك، هذا إذا تم تدارك هذا الإصلاح قبل حصول الطول فيما بين السلام من الثالثة والإتيان بالرابعة، على افتراض أنه أتى بها. أما إذا لم يكن أتى بالرابعة -أصلاً- أو أتى بها بعد الطول أو الخروج من المسجد فتجب إعادة هذه الصلاة على كل من لم يأت بها كاملة على نحو ما ذكرنا، سواء في ذلك الإمام والمأموم الذي سها معه، أما من لم يسه من المأمومين فليس له أن يسلم مع الإمام في هذه الحالة كما قدمنا، وللمزيد من التوضيح يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46072، 74312، 71254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(11/7808)
سلم مع الإمام ناسيا أنه مسبوق بركعة فكبر للإحرام أثناء قيامه لإكمال الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العشاء مسبوقا بركعة ثم سلمت مع الإمام ومباشرة فطنت لذلك وقمت للركعة الناقصة إلا أنني أثناء قيامي كبرت تكبيرة إحرام وليس تكبيرة انتقال ظانا مني أنها هي التي يجب القيام بها في هذه الحال، فهل صلاتي صحيحة، علما بأنني سجدت للسهو بعد السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان الأولى بك أن تحرم بالتكبير مع النية أي نية الرجوع إلى الصلاة قبل أن تقوم إلى الركعة، إلا أن الصلاة لا تبطل بالإحرام قائماً كما لا تبطل بترك الإحرام في هذه الحالة.
قال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: ونبه إن قرب ولم يخرج من المسجد بإحرام ولم تبطل بتركه وجلس له على الأظهر، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير عند هذا النص: وأما من سلم من واحدة تامة أو من ثلاث تامات فإنه يرجع لحالة رفعه من السجود ويحرم حينئذ لأنها الحالة التي فارقها فيها ولا يجلس كما قاله ابن رشد ولا فرق بين كونه تذكر وهو قائم أو تذكر وهو جالس. انتهى.
وقال أيضاً معلقاً على قول خليل: وجلس له على الأظهر (يعني الإحرام) أي جلس له وجوباً فإن خالف وأحرم قائماً فالصحة مراعاة لمن يقول يحرم قائماً.
وقال النووي في المجموع: ولو سلم الإمام فسلم المأموم سهوا ثم تذكر نبه على صلاته وسجد لأن سهوه بعد انقضاء القدوة. انتهى.
كما أنه لا شيء عليك في ترك تكبيرة الانتقال هنا، ولا تبطل الصلاة بتركها عمداً لأنها سنة، وقد تقدم في الفتوى رقم: 5005، عن النووي أن تكبيرات الانتقال سنة وأن هذا مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وعليه فلا تبطل الصلاة بترك تكبيرة الانتقال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/7809)
ما يجب على المأمومين إذا نقص الإمام سجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العصر وفي الركعة الثالثة نسي الإمام أن يسجد السجدة الثانية وجلس على أنه في التشهد الأخير فنبهه المصلون لهذا فوقف ظناً منه أنه نسي الركعة الرابعة ولم ينس سجدة وبعد أن انتهى من الصلاة بعد أن سجد سجدتي السهو قال له المصلون لقد نسيت سجدة. فاختلفت الآراء في المسجد بين من قال الصلاة باطلة ويجب إعادة الصلاة \"وهذا ما حصل بالفعل\". ومن قال نسجد سجدة ثم نقرأ التشهد ونسلم. بعض الناس كان قد دخل في الصلاة متأخراً فصلى خمس ركعات لاغياً التي أخطأ فيها الإمام ثم سجد سجدتي السهو، أفيدونا عن حكم الحالات الثلاثة في الشرع وماهو الصحيح الذى يجب أن نفعله من الكتاب والسنة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد سلام الإمام كان بإمكانكم تدارك إصلاح الصلاة بالإتيان بركعة بدل الركعة الثالثة التي ترك الإمام سجدة منها وأتى بركعة بعدها، فلم يعد بالإمكان الإتيان بتلك السجدة فتكون الركعة الثالثة ملغاة وتحل محلها الرابعة، ويكفيكم سجود السهو السابق لأن السهو إذا تكرر من جنس واحد كفى عنه سجود واحد، وراجع الفتوى رقم: 10674، والفتوى رقم: 14157.
وكان على المأمومين المتحققين من نقص السجدة كان عليهم أن يسبحوا للإمام، فإن لم يفهم كلموه بقدر الحاجة، فإن لم يمتثل سجدوها لأنفسهم، وإن اتبعوه في تركها بطلت صلاتهم. قال الدردير في شرحه لمختصر خليل: والمعتمد أنه إن لم يفهم بالتسبيح كلموه، فإن لم يرجع بالكلام يسجدونها لأنفسهم ولا يتبعونه في تركها وإلا بطلت عليهم، ويجلسون معه ويسلمون بسلامه، فإذا تذكر ورجع لسجودها فلا يعيدونها معه على الأصح. انتهى.
والمسبوقون ما فعلوه صحيح، وصلاتهم مجزئة إن شاء الله تعالى ما دام أنهم قد أتوا بركعة بعد سلام الإمام إن كانوا جاهلين حرمة متابعة الإمام في قيامه قبل الإتيان بالسجدة الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(11/7810)
سها فلم يركع مع إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[صل الإمام بسورة بها سجدة ولم يسجد والصفوف الخلفية سجدت فتركت الركوع فماذا عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان بعيداً عن إمامه فظن سجود الإمام للتلاوة فسجد لها والحال أن الإمام قد ركع، فإن أمكنه إدراك الإمام قبل أن يعتدل من الركوع، ركع معه واحتسب الركعة، وإن لم يمكنه إدراكه راكعاً، فإن أمكنه فعله واللحاق بإمامه مع أمن فوت الركعة الثانية أتى به وتبع إمامه وصحت ركعته، وإلا تبع إمامه وألغى ركعته، وكانت التي تليها عوضاً، وأتى بركعة بعد سلام الإمام، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16498.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(11/7811)
مايلزم من ترك السورة: إماما أو مأموما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اقتصار المصلي على قراءة الفاتحة في الركعتين الأوليين من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة على حكم ترك قراءة السورة بعد الفاتحة عمداً في الفتوى رقم:
9796.
وأما من تركها نسياناً فالمشهور من مذهب مالك أنه يسجد لها قبل السلام إن كان التارك إماماً أو فذاً. أما المأموم فلا يلزمه شيء لحمل الإمام عنه ذلك. قال التاج والإكليل شرح مختصر خليل: (في المدونة قال مالك: من نسي السورة في الركعة الأولى، أو في الأولين سجده لسهوه قبل السلام، وإن تعمد ذلك فلا إعادة عليه ويستغفر الله ولا يسجد لأنه لم يسه) انتهى.
وقال ابن جزي (من نسي السورة التي مع أم القرآن سجد قبل السلام في المشهور. وهذا في الإمام والفذ، وأما المأموم فلا سجود عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/7812)
حكم تخلف المأموم بركنين لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صليت مرتين في جماعة ولم أسمع تكبيرة الرفع من السجود في المرتين (وفي كل مرة كان معي آخرون) ولم أحضر الجلوس مع الإمام وعند انتهاء الصلاة لم أسلم مع الإمام وأكملت ركعة وسجدت للسهو فما العمل في مثل هذه الحالة وهل ما قمت به صحيح؟
وأعانكم الله والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت أتيت بما فاتك من الصلاة مع الإمام وهو الجلسة بين السجدتين والسجدة التي بعدها، ثم أكملت صلاتك مع الإمام، وبعد سلامه قمت فأتيت بركعة فصلاتك باطلة، لأنك صليتها خمساً، وكان يكفيك أن تسلم مع الإمام، ولا يلزمك شيء آخر، ولذا فالواجب عليك الآن إعادتها.
وإن كنت لم تأت بما فاتك مع الإمام وتابعته مباشرة وبعد سلامه قمت فأتيت بركعة وسجدت للسهو، فصلاتك صحيحة، ولا شيء عليك، وكان ينبغي لك ألا تسجد للسهو لأن هذا ليس محل سجود، فالسجود إنما شرع ليجبر ما يقع في الصلاة من نقص أو زيادة جراء السهو، وأنت لم تسه.
وكان ينبغي لك الإتيان بما فاتك ثم متابعة الإمام إذا لم تخش فوات الركعة التالية.
قال البهوتي في كشاف القناع: وإن تخلف المأموم بركنين لغير عذر بطلت صلاته لتركه متابعة الإمام بلا عذر، وإن كان تخلفه بالركنين فأكثر لعذر -كما هو حال السائل- كنوم وسهو وزحام؛ إن أمن فَوْت الركعة الثانية أتى بما تركه، وتبعه لتمكنه من استدراكه بلا محذور، وصحت ركعته فيتم عليها، وإلا بأن لم يأمن فوت الثانية إن أتى بما تركه تبعه، لأن استدراكه الفائتة إذن يؤدي إلى فوت ركعة غيرها، فيتركه محافظة على متابعة إمامه، ولغت ركعته، والتي تليها عوضها، فيبني عليها. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1423(11/7813)
ما يلزم من ترك ركنا من أركان الصلاة ناسيا أو متعمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من ترك ركنا من أركان الصلاه ناسيا أو متعمدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك ركناً من أركان الصلاة تعمداً مع قدرته على أدائه بطلت صلاته في الحال، ومن تركه سهواً ولم يذكره إلا بعد فراغه من الصلاة وطال الفصل بطلت الصلاة، وإن لم يطل الفصل لم تبطل الصلاة، ويلزمه على مذهب الإمام أحمد أن يأتي بركعة تامة، إلا أن يكون المنسي التشهد والسلام، فإنه يأتي به ويسلم ثم يسجد لسهوه. وقال الشافعي يأتي بالركن وما بعده لا غير، وهو الراجح، ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة والعرف.
وإن ذكر الركن المنسي أثناء صلاته أتى به وبما بعده من الأركان إلى نهاية الصلاة، وسجد للسهو.
وإن لم يذكره حتى شرع في قراءة ركعة أخرى بطلت الركعة التي نسي منها الركن، وحلت محلها الركعة التي تليها، مثال ذلك: ما لو نسي الركوع من الركعة الثانية -مثلاً- ولم يتذكر حتى قرأ الفاتحة من الركعة الثالثة، فإنه يفوت عليه تدارك الركوع الذي نسيه، وتصير الثالثة ثانية. وهكذا.
وتختص تكبيرة الإحرام من بين الأركان بأن الصلاة لا تنعقد بتركها، كما يختص القيام بسقوطه في النوافل مبالغة في تكثيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(11/7814)
نسيان التشهد الأوسط يجبر بسجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى الإمام صلاة الظهر ولم يجلس بين الركعتين ولم يذكر إلا بعد ما قام للركعة الثالثة هل يأتي بالتشهد الأول بعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا صلى الإمام أو المنفرد الصلاة الثلاثية أو الرباعية فقام ساهياً إلى الركعة الثالثة، ولم يجلس للتشهد الأوسط، ولم يذكر أو يذكَّر إلا بعد أن استتم قائماً، فإنه يواصل صلاته حتى يتمها ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام، كما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه.
ولا يتشهد الأوسط بعد الركعة الثالثة من الصلاة الرباعية، بل يسقط عنه ويجبره سجود السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7815)
حكم من سلم ناسيا قبل إكمال الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فيمن سلم من ركعتين في صلاة الظهر وتذكر بعد التسليم هل يستأنف الصلاة أم يبني على ما مضى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سلم قبل إكمال صلاته ناسياً، فعليه أن يرجع إلى صلاته، فيكملها ويسجد للسهو.
هذا إذا كان قد تذكر ذلك بالقرب.
أما إن كان قد طال الفصل بين سلامه وتذكره، فلا يبني على ما سبق من صلاته، وإنما يستأنف صلاة جديدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(11/7816)
حكم من نسي سجدة في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يترتب سجود السهو على من نسي سجدة في صلاة النافلة، وهل يمكن ترقيعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود السهو مشروع في كل صلاة يسهو فيها المصلي، سواء أكانت صلاة نافلة أم كانت صلاة فريضة.
ومن نسى سجدة من صلاة نافلة -أو فريضة- فإذا ذكرها قبل الشروع في القراءة من الركعة التالية رجع وأتى بها، وبما بعدها وسجد للسهو، وإن لم يذكرها حتى شرع في قراءة الركعة التالية بطلت الركعة التي نسي السجود فيها وصارت التالية مكانها.
قال ابن قدامة رحمه الله المغني: 1/715 (الصورة الثانية: قام من السجدة الأولى ولم يجلس للفصل بين السجدتين فهذا قد ترك ركني جلسة الفصل والسجدة الثانية، فلا يخلو من حالين: أحدهما: أن يذكر قبل الشروع في القراءة فيلزمه الرجوع، وهذا قول مالك والشافعي ولا أعلم فيه خلافاً، فإذا رجع فإنه يجلس جلسة الفصل ثم يسجد السجدة الثانية ثم يقوم إلى الركعة الأخرى…الحالة الثانية: ترك ركناً إما سجدة أو ركوعاً ساهياً ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي يليها بطلت الركعة التي ترك الركن منها وصارت التي شرع في قراءتها مكانها نص على هذا أحمد في رواية الجماعة) .
ومن أهل العلم من ذكر أنه يرجع إلى الركن الذي تركه ما لم يركع في الركعة التالية فإذا ركع ألغيت الأولى وصارت التالية مكانها، وهذا هو المعمول به عند الماليكة.
هذا كله إذاذكر أثناء الصلاة أو بعدها بيسير، أما إذا تطاول العهد فإنه يعيد الصلاة من أولها، فإن كان الوقت باقيا فهي أداء، وإن كان الوقت قد خرج فهي قضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/7817)
تعمد ترك القراءة بعد الفاتحة لا يوجب سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا إمام صلاة المغرب، وفي الركعة الثانية لم يقرأ بعد الفاتحة شيئا من القرآن الكريم ثم كبر وركع، وبعد الركعة الثالثة سلم الإمام دون سجود للسهو، فطلبنا من الإمام أن يسجد للسهو، فقال الإمام لا داعي لسجود السهو، وهذا جائز وأنا تعمدت عدم قراءة أي شيء بعد الفاتحة.
فما هو الحكم الشرعي في عدم قراءة شيء من القرآن الكريم بعد الفاتحة عمدا في الركعة الثانية من صلاة المغرب؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعمد ترك القراءة بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية مكروه، ومن فعل ذلك فقد تعمد ترك سنة على قول جمهور أهل العلم.
ولا يشرع السجود في حقه، وذلك لأن السجود إنما شرع لجبر السهو الذي يحصل من المصلي، أما العمد فإذا تعلق بترك واجب أو ركن فالصلاة باطلة لا يجبرها سجود السهو، وإذا تعلق بترك سنة فالصلاة صحيحة وقد أساء المصلي، ولذلك لم يشرع له سجود يجبر إساءته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/7818)
من نسي قول (سمع الله لمن حمده) فيسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
دخلت والإمام يصلي المغرب وأدركت معه الركعة الثانية وعند قيامه من الركوع قال الله أكبر بدلا من أن يقول سمع الله لمن حمده، فماذا على المأموم فعله وماذا على الإمام؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سها الإمام وترك واجباً من واجبات الصلاة التي من ضمنها قوله: سمع الله لمن حمده، بعد القيام من الركوع ولم ينتبه لسهوه إلا بعد فوات التدارك، فعليه أن يسجد لسهوه هذا سجدتين قبل السلام، وعلى المأموم أن ينبهه على سهوه، فإذا لم ينتبه فعل المأموم واجبه، وهو قوله هنا: ربنا ولك الحمد، وإذا انتبه الإمام وتدارك واجبه فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1422(11/7819)
حكم من سها في الصلاة وتذكر بعد ما صلى السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أدرك مع الإمام ثلاث ركعات في صلاة العشاء ثم سلم معه وقام على الفور وصلى السنة البعدية وبعد انتهائه من صلاة السنة قال له جاره في الصلاة بقيت لك ركعة فهل يصلي ركعة واحدة أم يعيد الصلاة لأنه فصل بينها بالسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سها في صلاته فترك ركناً من أركانها أو ركعة من ركعاتها، وتذكر بعد سلامه، فإن كان تذكره قبل طول الفصل لزمه البناء على صلاته، فيأتي بالباقي ويسجد للسهو.
وإن ذكر بعد طول الفصل لزمه استئناف الصلاة، واختلفوا في مقدار الفصل طولاً وقصراً فقيل: هو راجع للعرف والعادة، فما عد فصلاً طويلاً عادة وجب استئناف الصلاة بعده، وما عد فصلاً قصيراً عادة وجب البناء على الباقي والسجود للسهو، وقيل في مقدار الفصل: إنه مقدار ركعة طويلة، وقيل خفيفة، وعليه فالأحوط في حق من فصل بصلاة ركعتين هو استئناف الصلاة لطول الفصل فيما يظهر لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1422(11/7820)
إمام نسي سجدة ونبه فلم يرجع
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كان يصلي إماماً بقوم وفي الركعة الأولى سجد سجدة واحدة وبعدما وقف سبحوا له فلم يفهم ما يريدون وتمادى وفي نهاية الصلاة أخبروه فجاء بركعة وسجد بعدها وسلم فهل ما فعله صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الإمام الذي ترك سجدة سهواً، ولم يرجع لها نتيجة لسهوه، وعدم فهمه لتسبيح المأمومين، ثم بعد نهاية الصلاة أتى بركعة بدون فصل طويل بينها وبين السلام، فإن صلاته صحيحة، وعليه أن يسجد للسهو، هذا حكم صلاته هو.
أما بالنسبة للمؤتمين به فعليهم أن ينبهوه فإذا لم يرجع إليهم، سجدوا السجدة التي تركها، ولا يتبعونه في تركها، ولحقوا به وأتموا معه الصلاة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1421(11/7821)
من صلى الظهر ركعتين ناسيا فعليه إكمال الركعتين الباقيتين ثم يسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي الظهر ولكني نسيت وسلمت من ركعتين فماذا علي أن أفعل؟ أرجو الإجابة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من كانت هذه حاله لايخلو من حالين: إما أن يتذكر بعد سلامه مباشرة أو بوقت قصير عرفا، فهذا عليه أن يقوم بإكمال الركعتين المتبقيتين ثم يسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم. وإما أن يطول الفصل كأن يخرج من المسجد أو يتحدث بغير أمر الصلاة طويلا، ونحو ذلك.. فهذا يعيد الصلاة كاملة. ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشاء ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها وفي القوم أبوبكر وعمر رضي الله عنهما فهابا أن يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا: قصرت الصلاة: ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين فقال يا رسول الله: أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ، فقال "لم أنس ولم تقصر" فقال بلى قد نسيت فصلى ركعتين ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر ". وفي رواية أنه سلم بعدها.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7822)
ماذا على من شك هل سجد واحدة أو اثنتين فسجد سجدتي السهو بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المفتي: لقد شككت أثناء صلاة الفجر ـ في البيت وليست في جماعة ـ من أنني سجدت سجدة أو سجدتين في الركعة الثانية، وكان الشك عند السجود وكثر الشك أثناء التشهد الأخير مما جعلني أشك أيضاً، هل قرأت التشهد كاملاً أم لا؟ وعند الإنتهاء من السلام سجدت سجدتي السهو، فهل علي قضاء أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شك في أثناء الصلاة هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يلزمه أن يبني على الأقل وأنها سجدة واحدة ثم يأتي بالسجدة الثانية ثم يتشهد ويسجد سجدتين قبل السلام، وذلك لأن الأصل عدم الإتيان بالمشكوك فيه، قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح صحيح مسلم: وقال مالك والشافعي وأحمد ـ رضي الله عنهم ـ والجمهور متى شك في صلاته، هل صلى ثلاثاً أم أربعاً مثلاً؟ لزمه البناء على اليقين فيجب أن يأتي برابعة ويسجد للسهو، عملاً بحديث أبي سعيد وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. قالوا: فهذا الحديث صريح في وجوب البناء على اليقين. انتهى.
وبهذا التقرير تعلم أنك أخطأت في ترك الإتيان بالسجدة المشكوك فيها، ومن ثم تلزمك إعادة تلك الصلاة، لأنك فرغت منها شاكاً في إتمام أركانها فلم تقع صحيحة ولا مسقطة للفرض، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 113679 هذا ما لم تكن مصاباً بكثرة الشكوك، فإن كان يكثر منك الشك فلا تلتفت إليه وصلاتك صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/7823)
من شك وهو في التشهد هل هو الأول أو الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من جلس للتشهد وشك، هل هو التشهد الأول أم التشهد الثاني؟.
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك في عدد الركعات وهو في الصلاة فإنه يبني على الأقل مطلقا في مذهب الجمهور ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان.
وعليه؛ فمن شك وهو في التشهد، هل هذا هو التشهد الأول أو الأخير، فإنه يبني على اليقين وهو أنه في التشهد الأول ويسجد سجدتين قبل السلام، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يتحرى الصواب ويعمل بما غلب على ظنه إن كان عنده غلبة ظن ثم يسجد سجدتين بعد السلام وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وترجيح العلامة العثيمين رحمه الله قال الشيخ العثيمين في الشرح الممتع: القول الثَّاني في المسألة: أنه إذا شَكَّ وترجَّحَ عنده أحد الأمرين أخذ بالمترجِّح، سواء كان هو الزائد أم النَّاقص، ودليل هذا القول: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال فيمن شَكَّ فتردَّدَ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً قال: فَلْيَتَحَرَّ الصَّوابَ، فَلْيُتِمَّ عليه يبني على التحري ثم ليُسَلِّم، ثم يسجد سجدتين، يدلُّ مع الحديث الأول على أن الشَّاكَّ له حالان:
الأولى: حال يمكن فيها التَّحري، وهي التي يغلب فيها الظَّنُّ بأحد الأمرين.
الثانية: حال لا يمكن فيها التَّحري، وهي التي يكون فيها الشَّكُّ بدون ترجيح.
وبناءً على ذلك نقول: إذا شَكَّ في عدد الرَّكعات، فإن غلب على ظَنِّه أحد الاحتمالين عَمِلَ به، وبَنَى عليه، وسَجَدَ سجدتين بعد السَّلام، وإنْ لم يترجَّح عنده أحد الاحتمالين أخذ بالأقل، وبَنَى عليه، وسَجَدَ قبل السَّلام.
إلى أن قال رحمه الله: مسألة: وهي هل يفرَّق بين الإِمام والمنفرد والمأموم؟ أو هم على حَدٍّ سواء؟
الجواب: فَرَّقَ بعض العلماء بين الإِمام وغيره، وقال: الإِمامُ يأخذ بغالب ظَنِّهِ، وأما المأموم والمنفرد فيبني على اليقين، وهو الأقل.
ووجه الفرق على رأي هؤلاء العلماء: أن الإِمام عنده من يُنبِّهه لو أخطأ، بخلاف غيره، ولكن حديث ابن مسعود الذي ذكرناه آنفاً يدلُّ على أنه يبني على غالب ظَنِّهِ، سواء كان إماماً، أم مأموماً، أم منفرداً.
والقول الأول هو قول الجمهور كما تقدم، قال النووي في شرح مسلم مرجحا قول الجمهور: وذهب الشافعي والجمهور إلى أنه إذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا مثلا لزمه البناء على اليقين وهو الأقل فيأتي بما بقى ويسجد للسهو، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه: فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان، وهذا صريح في وجوب البناء على اليقين وحملوا التحري في حديث بن مسعود رضي الله عنه على الأخذ باليقين قالوا والتحري هو القصد ومنه قول الله تعالى:تحروا رشدا، فمعنى الحديث فليقصد الصواب وليعمل به وقصد الصواب هو ما بينه في حديث أبي سعيد وغيره، فإن قالت الحنفية حديث أبي سعيد لا يخالف ما قلناه لأنه ورد في الشك وهو ما استوى طرفاه ومن شك ولم يترجح له أحد الطرفين بنى على الأقل بالإجماع بخلاف من غلب على ظنه أنه صلى أربعا مثلا، فالجواب أن تفسير الشك بمستوى الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكا سواء المستوى والراجح والمرجوح والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/7824)
معنى المستنكح في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى المستنكح في الصلاة ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستنكح أو من استنكحه الشك في الصلاة، مصطلح يستعمله فقهاء المالكية لمن كثر منه الشك، بأن كان يعتريه ولو مرة في اليوم.
قال الشيخ عليش في فتاواه مبينا ضابط من استنكحه الشك وحكمه: ضَابِطُ اسْتِنْكَاحِ الشَّكِّ إتْيَانُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صِفَةُ إتْيَانِهِ أَوْ اخْتَلَفَتْ، كَأَنْ يَأْتِيَهُ يَوْمًا فِي نِيَّتِهِ، وَيَوْمًا فِي تَكْبِيرَةِ إحْرَامِهِ، وَيَوْمًا فِي الْفَاتِحَةِ، وَيَوْمًا فِي الرُّكُوعِ، وَيَوْمًا فِي السُّجُودِ، وَيَوْمًا فِي السَّلَامِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَتَاهُ يَوْمًا وَفَارَقَهُ يَوْمًا فَلَيْسَ اسْتِنْكَاحًا وَحُكْمُهُ وُجُوبُ طَرْحِهِ، وَاللَّهْوُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْأَكْثَرِ لِئَلَّا يُعْنِتَهُ، وَيَسْتَرْسِلُ مَعَهُ حَتَّى لِلْإِيمَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ كَثِيرًا فِي كَثِيرٍ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَيُنْدَبُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ، سَمِعَ أَشْهَبَ مَالِكًا يَقُولُ: وَمَنْ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنْ كَثُرَ هَذَا عَلَيْهِ لَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَلْيَقْرَأْ وَكَذَا سَائِرُ مَا شَكَّ فِيهِ. انتهى.
وهناك فرق عند المالكية بين الشك المستنكح والسهو المستنكح.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ. فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكِحُ هو أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنْ يَشُكَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً هل زَادَ أو نَقَصَ أو لَا؟ أو هل صلى ثَلَاثًا أو أَرْبَعًا؟ وَلَا يَتَيَقَّنُ شيئا يَبْنِي عليه، وَحُكْمُهُ أَنْ يلهي عنه وَلَا إصْلَاحَ عليه بَلْ يَبْنِي على الْأَكْثَرِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كما في عِبَارَةِ عبد الْوَهَّابِ، وَإِلَى هذا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: أو اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ ولهى عنه، وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هو: الذي لَا يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ كَمَنْ شَكَّ في بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ أو هل زَادَ أو نَقَصَ أو لَا؟ فَهَذَا يُصْلِحُ بِالْبِنَاءِ على الْأَقَلِّ وَالْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فيه وَيَسْجُدُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ وَمُقْتَصِرٍ على شَفْعٍ. الخ.
فَإِنْ بَنَى على الْأَكْثَرِ بَطَلَتْ وَلَوْ ظَهَرَ الْكَمَالُ حَيْثُ سَلَّمَ عن غَيْرِ يَقِينٍ، وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ هو: الذي يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا، وهو أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا سُجُودَ عليه وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيَصْلُحُ، وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هو: الذي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَحُكْمُهُ أَنْ يُصْلِحَ وَيَسْجُدَ حَسْبَمَا سَهَا من زِيَادَةٍ أو نَقْصٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: سُنَّ لِسَهْوٍ. وَالْفَرْقُ بين السَّاهِي وَالشَّاكِّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَضْبِطُ ما تَرَكَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(11/7825)
حكم اتخاذ جهاز الكتروني لعد الركعات لمن يكثر سهوه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرا لكثرة سهوي في الصلاة، خصوصا عدد السجدات والركعات، قمت بإنجاز عداد الكتروني. أعلم حكم المستنكح للسهو، لكني أحيانا أشك في هل أني مستنكح للسهو أم لا.
السؤال:- هل يجوز لي استعمال هذا العداد علما أنني اتخذت التدابير اللازمة كي لا يلهي عن الصلاة.
- إن لم تكن شبهة في هذا الجهاز، هل هنالك خير في وضع طريقة إنجازه على شبكة الانترنت.
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه، فلا ينبغي لمسلم بحال أن يصنع ما يلهيه في صلاته، ويشغله عنها، بل عليه أن يقبل عليها بكليته مستحضراً عظمة ربه عز وجل، متفكراً في معاني الأذكار، متدبراً لما يتلوه من الآيات.
والذي نراه أن هذا العداد قد يكون من أسباب الإلهاء في الصلاة والشغل عنها. وقولك: إنني اتخذت التدابير اللازمة كي لا يلهي عن الصلاة. غير مسلَّم، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم ألهاه قرام ذو تصاوير لعائشة سترت به سهوتها، وقال لها: أميطي عنك قرامك، فإن تصاويره لم تزل تعرض لي في صلاتي. وشغلته خميصة لها أعلام أي شيء يلبسه فيه خطوط، فأمر بردها إلى أبي جهم، والحديثان ثابتان في الصحيح.
ثم إن هذا العداد قد يسلبُ الصلاة روحها ولبها وهو الخشوعُ، بحيثُ تصيرُ حركة آلية روتينية لا حياة فيها ولا خشوع، ومن ثم فنحنُ ننصحك بعدم اتخاذ هذا العداد، وأن تقبل على صلاتك بخشوع وحضور قلب، فإذا سهوت فيها، فعلت ما أمر الشرعُ بفعله في حال السهو حسب نوع السهو وطبيعته، ولنا في باب سجود السهو فتاوى كثيرة مفصلة في هذا الموضوع، وإذا كثر منك الشك أو السهو بحيثُ أشبه الوسوسة، فإنك تطرحه ولا تلتفت له كما بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 119945، 58609، 58257.
وبمراجعتها تعرف معنى من استنكحه الشك، ومن يصدق عليه هذا الوصف ومن لا يصدق عليه.
ومن ثم تعرف أنه لا ينبغي لك اتخاذ هذا العداد، ولا تعليمُ طريقة اتخاذه على الشبكة العنكبوتية، وقد أجبنا عن مسألة مشابهة لمسألتك هذه في الفتوى رقم: 20599.
ولكننا لا نقولُ بتحريم هذا العداد، بل تركه أولى وأفضل؛ لأن بعض العلماء قد نصوا على جواز اتخاذ نظيره لمن كان يكثر منه النسيان والسهو، قال الشيخ العثيمين في الشرح الممتع: وله عَدُّ الركعات، وهذه قد تكون أحوج مما سَبَقَ، لأن كثيراً من الناس ينسى ويعدُّها بالأصابع، فهنا مشكل؛ لأنه إذا رَكَعَ لا بُدَّ أن يفرِّجَ أصابعه، وإذا سَجَدَ لا بُدَّ أن تكون أصابعه مبسوطة، وعلى هذا فيعدُّها بأحجار أو نَوى، فيجعل في جيبه أربع نَوى فإذا صَلَّى الرَّكعة الأُولى رَمى بواحدة، وهكذا حتى تنتهي، فهذا لا بأس به. لأن في هذا حاجة، وخاصة لكثير النسيان. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(11/7826)
علاج من يكثر منه الشك في الصلاة حتى صار وسواسا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن صحة صلاة الموسوس في البيت: أعلم أن صلاة الجماعة واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، ولكني مع ذلك أتكاسل عن صلاة الجماعة وأصلي كل الصلوات في البيت ولا أصلي إلا نادراً جداً في المسجد، أنا أعاني من وسواس في الصلاة وفي الطهارة بشكل مستمر وأعمل بالفتوى الخاصة بمن كثر عليه الوسواس بأنه يبني على الأكثر، ولذلك صرت أبني على الأكثر في كل صلواتي في البيت. سؤالي هو: هل هذه الفتوى لا تصلح لتارك صلاة الجماعة وبالتالي تكون صلاة من استنكحه الشك وبيني على الأكثر باطلة، لأنه لا يصلي جماعة حيث الوسواس يكثر على الشخص الذي يصلي منفردا في البيت، وأن هذه الفتوى تصلح فقط لمن يصلي في النادر منفرداً أي أن الفتوى ليست على إطلاقها أم أن الصلاة صحيحه، ولكنه يأثم لترك صلاة الجماعة، ولو صلى منفردا دائماً في البيت تكون صلاته صحيحة، والفتوى الخاصة بمن استنكحه الشك يعمل بها ولو صلى منفردا في البيت طوال حياته فصلاته صحيحه ولكن يكون آثما لترك صلاة الجماعه؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن من يكثر منه الشك في الصلاة بحيث يصير وسواساً فعلاجه أن يعرض عن هذا الشك، وألا يلتفت إليه، والمشهور عند المالكية أنه يستحب له سجود السهو، قال في مواهب الجليل: يعني أن من استنكحه الشك في الصلاة أي داخله وكثر منه فإنه يسجد بعد السلام ويلهو عن الشك أي فلا يصلح ما شك فيه ولو شك في الفرائض، قال في النوادر في ترجمة السهو عن القراءة ومن العتبية من سماع أشهب: ومن شك في قراءة أم القرآن فإن كثر هذا عليه لها عن ذلك، وإن كان المرة بعد المرة فليقرأ، وكذلك سائر ما شك فيه. وقال بعد ذلك في ترجمة من يكثر شكه: روى علي بن زياد عن مالك فيمن استنكحه السهو فظن أنه لم يتم صلاته فلا شيء عليه، ودليله على ذلك قال عنه ابن نافع: ولا يسجد له. قال في المختصر: ولو سجد بعد السلام كان أحب إلينا قاله عنه ابن نافع في المجموعة. انتهى.
وقال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا شك في تركه، فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
إما أن يكون هذا الشك وهماً لا حقيقة له، فهذا لا يؤثر عليه، يستمر في صلاته ولا يلتفت إلى هذا الشك.
- أن يكون هذا الشك كثيراً معه كما يوجد في كثير من الموسوسين -نسأل الله لنا ولهم العافية- فلا يلتفت إليه أيضاً، بل يستمر في صلاته حتى لو خرج من صلاته وهو يرى أنه مقصر فيها فليفعل ولا يلتفت إلى هذا الشك. انتهى.
ولم يفرق أحد من الفقهاء فيما نعلم بين من كان يصلي منفرداً أو في جماعة، بل حكمهما واحد وإن كان من يصلي منفرداً آثم لتركه الجماعة، على القول بوجوبها وهو المفتى به عندنا، هذا عن حكم مسألتك.
ولكننا قبل أن نختم الجواب نحبُ أن نتوجه إليك بالنصح، فإن تكاسلك عن أداء الجماعة، وتهاونك في فعلها مع اعتقادك لوجوبها مما يؤسف له، ويخشى عليك أن تكون معرضاً نفسك بسببه لغضب الله عز وجل، وحسبك أن النبي صلى الله عليه وسلم هم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة، ولم يأذن للأعمى في التخلف عنها، وقد كان الرجل من السلف يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، فنحن نعيذك بالله من أن تصر على تركها مع اعتقادك لوجوبها، وأنت صحيح سليم البدن.
ثم اعلم أن من بركات حفاظك على الجماعة أنها تطرد عنك هذا الوسواس فتخرج من صلاتك موقناً أنك فعلتها على وجهها، غير شاك في إتمامها، لارتباط صلاتك بصلاة الجماعة. ألا فاتق الله.. واحذر سخطه وعقوبته، وحافظ على الجماعة فإن الحفاظ عليها، من سمات المؤمنين الصادقين، وهو من أعظم أسباب صلاح الدنيا والدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/7827)
ما يترتب على الشك في العبادة قبل الفراغ منها أو بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلف المصلون في صلاة العشاء على قراءة الإمام لسورة الفاتحة أأسقط آية أم تتعتع فيها.
ماذا أفعل هل أعيد الصلاة أو لا؟ علما بأني لم أكن مركزا في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن حصل الشك إلا بعد الصلاة فلا يلزمك القضاء، بل صلاتك صحيحة -إن شاء الله- وذلك لأن الشك في العبادة بعد الفراغ منها لا أثر له، قال ابن رجب رحمه الله: إذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها، فإنه لا يلتفت إلى الشك.
قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية: فرق الإمام الشافعي بين الشك في الفعل وبين الشك بعد الفعل، فلم يوجب إعادة الثاني؛ لأنه يؤدي إلى المشقة، فإن المصلي لو كُلف أن يكون ذاكرًا لما صلى لتعذر عليه ذلك ولم يطقه أحد، فسومح فيه. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها. انتهى.
وما دام المصلون لم يجتمعوا على قول فإن أقوالهم تتساقط، وقد نص الفقهاء على أنهم إذا اختلفوا على الإمام في الصلاة تساقطت أقوالهم ولم يلزم الإمام العمل بشيء منها، هذا إذا اختلفت أقوالهم في الصلاة فخارجها أولى, قال في الروض المربع: وإن اختلف عليه من ينبهه سقط قولهم.
فقصارى الأمر أن يكون قد وقع شك في قراءة الإمام آية من الفاتحة، وقد رجحنا أن الشك في قراءة آية من الفاتحة لا أثر له، وأنه ليس كالشك في قراءة جميعها في الفتوى رقم: 44845، وهذا إذا كان الشك داخل الصلاة فخارجها أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/7828)
من شك هل سجد سجدة أو سجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ظن إمام بلدتنا أنه سها عن إحدى السجدتين في إحدى الركعات فقام بسجود قبلي قبل السلام، لكنه في الواقع لم ينس شيئاً بشهادة المصلين خلفه، فهل الصلاة صحيحة وإن نسي فعلاً سجدة، فهل إن ما أتى به من سجود قبلي صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهبُ الجمهور فيمن شكَّ هل سجد سجدةًٌ أو سجدتين أنه يبني على الأقل ويسجد قبل السلام، لحديثِ أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته, فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليطرح الشك , وليبن على ما استيقن, ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم, فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته, وإن كان صلى تمام الأربع كانتا ترغيما للشيطان. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
ومذهبُ أبي حنيفة ورواية عن أحمد اختارها شيخُ الإسلام ابن تيمية، أنه إن كان عنده ظنٌ غالب عَملَ به ثم سجد بعد السلام، واستدلوا بحديثِ ابن مسعود رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم -قال إبراهيم: لا أدري -زاد أو نقص- فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك، قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه، واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين. متفقٌ عليه.
وعلى هذا.. فهذا الإمامُ إن كان بنى على غلبة الظن فالذي كان ينبغي له أن يسجدَ بعد السلام، فإذا سجد قبل السلام صحَّ، فإن أكثر أهل العلم متفقون على أن موضع السجود قبل السلامِ أو بعده لا يجب وإنما اختلافهم في الأولى.
وأما إن كانَ شاكّاً فكان عليه أن يبني على الأقل، ثم يسجد قبل السلام.
ومن نسي سجدة فإنه لا يجبرها سجود السهو باتفاق العلماء بل عليه أن يعودَ فيأتي بها إن كانت السجدة التي نُسيت في الركعة الأخيرة، أما إن كانت في غير الركعة الأخيرة فعليه أن يأتي بركعةٍ تامة، لأن الركعة التي سجد فيها سجدةً واحدةً قد أُلغيت، وقامَ ما بعدها مقامها، وعليه مع ذلك سجود السهو.
وإذا سلم المصلي عن شك دون عملٍ بغلبة الظن فقد سلم قبل إتمام الصلاة عمداً فبطلت صلاته بذلك ولزمه إعادتها، لأنه تعمد إبطالَ صلاة نفسه فبطلت ولأن ما فعله ليس هو ما أمر به، ومحتملٌ أن يُقال بصحتها لموافقتها الصواب في نفس الأمر، والظاهرُ الأول.
قال خليل في مختصره في ذكر ما تبطل به الصلاة: وبانصراف لحدث ثم تبين نفيه: كمسلم شك في الإتمام ثم ظهر الكمال على الأظهر. قال في منح الجليل: وشبه في البطلان فقال (كـ) شخص (مسلم) عمدا أو جهلا بفتح السين وكسر اللام مشددة من صلاته والحال أنه (شك) حال سلامه (في الإتمام) وعدمه وأولى سلامه معتقدا عدمه، (ثم ظهر) له (الكمال) لصلاته التي سلم منها شاكا ف تبطل (على) القول (الأظهر) عند ابن رشد من الخلاف لمخالفته البناء على الأقل المتيقن الواجب عليه وأولى ظهور النقص أو بقاء شكه بحاله وهو هنا على حقيقته لا ما قابل الجزم لاقتضائه أن السلام مع ظن الكمال مبطل وليس كذلك, كما أفاده الحط عن ابن رشد هذا هو المشهور، ومقابله قول ابن حبيب إن ظهر الكمال لا تبطل. انتهى.
وإذا اختلفَ الإمامُ والمأمومون في السهو ولم يكن الإمامُ جازماً بصوابِ نفسه وجبَ عليه الرجوع إلى قولهم، قال الشيخ ابن عثيمين: لا يلزمه الرجوع، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجع إلى قول ذي اليدين، لكن إن غلب على ظنه صدقه أخذ بقوله، فإن سبح به رجلان ثقتان وجب عليه الرجوع، إلا أن يجزم بصواب نفسه، فإن لم يرجع وهو لم يجزم بصواب نفسه بطلت صلاته؛ لأنه ترك الواجب عمداً، وإن جزم بصواب نفسه لم يرجع وبنى على ما جزم به. مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين -المجلد الرابع عشر- كتاب سجود السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/7829)
المبتلى بالوسوسة لا يلتفت للشك ولا يسجد له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما إن عرفت أن من يشك في كم سجدة سجد حتى صرت في كل سجود أسجد ثلاثة وأربعة وأحيانا خمسة. وكلما قررت أن أجبر نفسي باثنتين فقط أحسست بالذنب والتقصير خاصة حين أتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام بان نضيف سجدة. فماذا أفعل أبني على شعوري بأنني سجدت السجدتين أم أعتني بالشك وأضيف احتياطا؟ وهل أستطيع أن أبني على اليقين؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت أختي الكريمة مبتلاة بداء الوسوسة عافاك الله، والواجبُ عليكَ أن تُعرضي عن هذا الوسواس جملة، وأن تطرحيه وراء ظهرك، ولا تلتفتي إليه بمرة، حتى يمنّ الله عليك بالشفاء من هذا الداء، فإذا قال لك الشيطان سجدت سجدةً لا سجدتين فأعرضي عن ذلك، واجعليهما سجدتين، فقد نص العلماء على أن المبتلى بالوسوسة ليس داخلاً في الأمر بالبناء على الأقل، واعلمي أنك لا تأثمين بإعراضك عن هذا الوسواس، ولكنك قد تأثمين إذا استرسلت معه وتماديت فيه مع قدرتك على خلافِ ذلك، وقد أجاب الشيخ العثيمين رحمه الله سائلاً تكثرُ منه الشكوك في الصلاة بقوله: لا يلتفت لهذا الشك ولا يسجد له، لأن الشكوك الكثيرة تؤدي إلى الوسواس.
وقد فصلنا القولَ في أمرِ الوسوسة وكيفية علاجها في الفتوى رقم: 10355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(11/7830)
فرق بين من شك أنه ترك شيئا ومن تيقن أنه ترك
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للفتوى رقم: 108947
عنوان الفتوى: الشك بعد السلام بوجود خطأ في التشهد الأخير.
تاريخ الفتوى: 02 جمادى الثانية 1429 / 07-06-2008
لماذا يوجد اختلاف في هذه الفتوى عن الذي يفتى به بعض المشايخ مثل الشيخ محمد بن العثيمين مثلا في المحاضرة 134 لقاء الباب الفتوح الموجودة على موقعكم صفحة الشيخ محمد بن العثيمين
سئل في نفس المسألة فأفتى بالآتي:
حكم رجل نسي السجود الثاني ثم ذكره بعد ما قضى الصلاة، لقاء الباب المفتوح. [134]
السؤال: فضيلة الشيخ: لو أن إنساناً نسي السجود الثاني، وبَعْدَما قضى الصلاة تذكر أنه بقي عليه سجود ماذا يفعل؟ هل يعيد الصلاة؟ الجواب: نعم، إذا نسي السجدة الثانية في آخر ركعة وسلم وتذكر، نقول: عد إلى الصلاة وانوِ أنك الآن جلست للدعاء بين السجدتين، ثم اسجد السجدة الثانية، ثم سلم، ثم اسجد سجدتين بعد السلام. أى أنه قال يجب العودة للجلوس بين السجدتين ثم يأتي بالسجدة الثانية.
بالقياس يجب أن تكون فتواكم يرجع المصلي بنية الصلاة وهو ساجد السجدة الثانية ثم يرفع للتشهد المشكوك فيه.
لماذا قلتم يبدأ بالتشهد مباشرة.
هل هي مسألة خلافية بين المذاهب من أين يرجع من نسي ركنا هل يرجع مباشرة للركن ويأتي بالذي بعده أم يرجع عند الركن قبل الذي نسيه أيهما أصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض أصلاً بين الفتوى المسؤول عنها وبين فتوى العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – فكلٌ من الفتويين في موضوعٍ مختلف.
فالفتوى الموجودة على الموقع بشأن الشك بعد الفراغ من الصلاة، وقد أجاب المفتي –وفقه الله- بما هو مقررٌ عند الفقهاء من أن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له، ففرق بين من شك أنه ترك شيئا ومن تيقن أنه ترك، فالشيخ ابن عثيمين رحمه الله أفتى فيمن تيقن أنه ترك السجود فأمره بأن يرجع إلى الصلاة ليؤدي ما تركه، فمن تيقن أنه ترك التشهد لزمه الإتيان به وهذا ما بينته الفتوى على موقعنا؛ إذ فيها بيان أن الخطأ في التشهد إذا كان مجزوما به لزم العود إلى التشهد ولا يعود إلى السجود، وذلك واضح لأنه لم يترك السجود ولا الرفع منه، وإنما أخطا في التشهد فلا يلزمه إلا الإتيان بما أخطأ فيه وهذا هو عين ما أجاب به العلامة العثيمين رحمه الله فإنه أمر السائل أن يعود إلى الجلوس بين السجدتين لأنه رفع من السجدة الأولى رفعاً صحيحاً ولكنه لم يأت بالسجدة الثانية فلزمه أن يأتي بما تركه وبما بعده للمحافظة على الترتيب بين الأركان.
والخلاصة أن الفتويين متطابقتان تدلان على أن من نسي شيئاً في الركعة الأخيرة من صلاته لزمه أن يأتي به وبما بعده، وأما إذا نسي ركناً في ركعةٍ سوى الأخيرة فإنه يلزمه الإتيان بركعةٍ كاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/7831)
مسائل في الشك في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التسليم في اثناء الصلاة (قبل انتهائها) ينقض الوضوء لأنني أحيانا أجبر على إعادتها ما لم أتيقن من العدد أو أشك في سجودي أو ركوعي وغير ذلك (أنا موسوسة في الصلاة) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلام من الصلاة عمدا قبل انتهائها لا يبطل الوضوء، ولكن يبطل الصلاة. ومن شك في عدد الركعات فإنه بيني على الأقل، ولا يسلم من الصلاة. وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 17749.
وكذا من شك في ترك سجدة لا يسلم من الصلاة، ويكفيه أن يأتي بالسجدة التي شك فيها ويأتي بما بعدها. وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 2598. وهذا في غير المبتلى بالوسوسة، وأما من كثرت وسوسته وغلبت عليه فهذا لا عبرة بوسوته ولا يعيد صلاته بسببها، وانظري الفتوى رقم: 58309، فيمن يعيد صلاته لأجل الشك في عدد ركعاتها والفتوى رقم: 61609، حول الشك المعتبر وغير المعتبر في الصلاة والفتوى رقم: 70678، فيمن استنكحه الشك في الوضوء والصلاة، وأخيرا الفتوى رقم: 23755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/7832)
شك في ترك ركن من أركان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثير النسيان وأحيانا أنسى أثناء الصلاة فى أية ركعة أصلي، فهل أقوم بتأدية الصلاة على حسب الركعات الأقل ومتى يتم حسابها على الأكثر، أي حينما أصلي وأنا في الركعة الثالثة مثلا ونسيت هل أكمل الصلاة على أنني في الثانية أي على الأقل أم أكملها على أنني في الثالثة، وما مدى صحة هذه الصلاة، مع العلم بأنني أكون خاشعا في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك في عدد ركعات صلاته بنى على الأقل ثم أتم صلاته وسجد للسهو ما لم يكثر منه ذلك فلا يلتفت إلى الشك، ففي الصورة التي ذكرتها في السؤال تبني على أنك صليت ركعتين وتتم ما بقي.
وزيادة في البيان نقول: الأصل في المصلي أنه لم يأت بالركعة التي شك فيها، ولا تبرأ ذمته من الصلاة إلا بيقين، وقد دل على ما قلنا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً لأربع كانتا ترغيما للشيطان. رواه مسلم وغيره.
قال ابن قدامة في المغني: وإن شك في ترك ركن من أركان الصلاة وهو فيها هل أخل به أو لا؟ فحكمه حكم من لم يأت به، إماماً كان أو منفرداً، لأن الأصل عدمه. انتهى.
وهذا في الحالة الطبيعية، أما إذا أصيب الإنسان بكثرة الشكوك فيبني على ما غلب على ظنه ولا يلتفت للشك، ولا يلزمه سجود سهو، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 22408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1428(11/7833)
حكم من شك في صلاته هل فعل هذا الشيئ أم لم يفعله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشاكل فظيعة فى الصلاة، فأنا لا أثق بوضوئي أحس أن هناك هواء يخرج، ولكن ليس ريحا، وإذا قمت إلى الصلاة فأنا دائمة النسيان وأحيانا أكون مركزة مثلا في الركعة الأولى وبعدما أقوم للركعة الثانية أنسى ماذا قلت وأنا ساجدة مثلا، وقد قرأت في شبكتكم أنه من تكرر عليه النسيان فلا يلزم بإعادة ما نسي ولكن المشكلة أني كل صلاة أنسى جزءاً من الصلاة غير الآخر، وهل يعتبر اللون الأصفر بعد الدورة الشهرية تبعها أم أنني يمكنني الصلاة بدون أن أتتطهر مجدداً؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكونك لا تثقين من صحة وضوئك فهذا دليل على وجود وساوس وشكوك تعتريك، وبالتالي فإذا شككت في حصول ناقض للوضوء كريح -مثلاً- فهذا لا يبطل الوضوء ما لم تتحققي يقيناً من خروجها. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 56843.
وإذا كان النسيان الذي ذكرتِه في السؤال معناه أنك تشكين هل فعلت الشيء أم لم تفعليه، وكان هذا يحصل لك عند كل صلاة كما ذكرت فلا يلزمك إعادة ما شككت في فعله، ولا تلتفتي إليه ولا يلزمك سجود سهو. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 22408.
وأفضل علاج للوساوس التي تجدينها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها؛ لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها، وراجعي فيه الفتوى رقم: 3086.
والصفرة إذا نزلت متصلة بالحيض، وقبل ظهور إحدى علامتي الطهر من جفوف أو قصة بيضاء فإنها تعتبر جزءاً من الحيض، وإن نزلت بعد الطهر من الحيض فلا تعتبر حيضاً. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 56627.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(11/7834)
صلاة من يكثر منه الشك في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب والحمد لله أقوم بواجباتي الدينية منذ فترة طويلة ولكن ما يقلقني هو كثرة الشك في الإتيان بجميع الأركان والفرائض في صلاتي- بل في معظم صلواتي التي أؤديها فردا فرضا كانت أو نافلة،على النحو المطلوب شرعا. أنا رغم كل ذلك أحاول تفادي الأخطاء والوسوسة ولكن لا أستطيع. فما الحل أرجوكم وهل صلاتي مقبولة إن شاء لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لأخينا السائل: عليك أن تأتي بصلاتك على الوجه المطلوب، وإذا كان الشك يكثر منك بأن يخيل لك الشيطان أنك تركت شيئا من صلاتك ونحو ذلك فلا تلتفت إلى وسوسته ولا تصدقه، بل أهمله وصلاتك صحيحة فإنه حريص على إفساد عبادة المسلم وخاصة الصلاة، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 61609، أن الشك لا يلتفت إليه إذا كثر على المصلي، كما ننصحك بالإكثار من الدعاء والتلاوة والمداومة على الأذكار خصوصا أذكار الصباح والمساء، وأما عن قبول الصلاة فإن المسلم إذا أدى العبادة على الوجه الصحيح وأخلص القصد لله فيها فإن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجره، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12455، 30492، 12333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/7835)
من شك في صلاة الشفع هل صلاها ركعة أو ركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً عندما أصلي ركعتين صلاة الشفع قد أنسى أني صليت ركعتين فأقوم آتي بالركعة وأصلي سجدة للسهو بعد التسليم وبعد ذلك أصلي الوتر إلا أنني أصاب بالوسوسة بأنني صليت أربع ركعات وليس وتراً، أفيدوني في ذلك الأمر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا شككت في صلاة الشفع هل صليت ركعة أو ركعتين فاجعليها ركعة وأتي بركعة أخرى واسجدي للسهو قبل السلام، ثم صلي ركعة الوتر، ولا تلتفتي إلى الوسواس الحاصل لك بأنك صليت ثلاثاً وركعة ومن ثم لم تكوني قد أوترت، لأن هذا الوسواس معارض لما هو المطلوب منك وهو العمل بما ظننته صواباً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(11/7836)
من بدأ في التشهد ثم شك في عدد السجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أجلس للتشهد بعد السجدة أشك هل هي سجدة أو سجدتان وأكون قد بدأت في التشهد. ولكن لم أصل إلى أشهد أن لا إله إلا الله. فأسجد الثانية ثم أسجد السهو]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 70403، ما يلزم المصلي إذا شك في صلاته هل سجد السجدة الثانية أم لا، فنحيل الأخت السائلة إليها، وننبه إلى أنه في حال الشك المعتبر فإنه يلزمها أن تسجد السجدة الثانية سواء أكملت التشهد أم لم تكمله فتأتي بالسجدة التي شكت فيها ثم تتشهد ثانية بعدها.
وانظري لذلك الفتوى رقم: 59944، 58257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(11/7837)
من استنكحه الشك في الوضوء والصلاة فلا يلتفت إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 26 أعاني من ضعف في ذاكرتي, بعض المرات خاصة في الصلاة غالبا لا أستطيع تذكر كم ركعة قد صليت, أوماذا قرأت في الركعة السابقة, وهذا يحدث معي أيضا في الوضوء, كما لا أستطيع التركيز إذا تحدث أحد بصوت عال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا ً نسأل الله تعالى أن يشفيك، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في النسيان وأسبابه وعلاجه فانظرها وهي برقم: 61282، ولعل أفضل حل لمشكلة عدم التركيز في الصلاة أن تؤدي الصلاة جماعة؛ فإنك تكون مأموماً وتأمن الشك في عدد الركعات ولاتلزمك الفاتحة في قول كثير من أهل العلم، وإذا صليت وحدك فحاول التركيز ولاتلتفت للشك بعد ذلك, وقد نص أهل العلم على أن من اسستنكحه الشك في الصلاة أي كثر عليه الشك فلْيلْهُ عنه ولا إصلاح عليه وليسجد بعد السلام فقط سجدتي السهو ولا يلزمه أكثر من ذلك ,
وكذلك من استنكحه الشك في الوضوء هل أحدث أم لا بعد وضوئه, فإنه لا ينتقض الوضوء لما فيه من الحرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1426(11/7838)
الشك الذي يلزم منه سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أسهو ما بين السجدتين لا أعلم سجدت مرة أو مرتين فهل أبني على الأقل أم أقطع باب الشك وأبني على اليقين أني سجدت مرتين حتى لا يُفتح باب للوسوسة وفي أذكار المساء والصباح أو ما بعد الصلاة من الأذكار أحيانا أسهوا لا أعلم كم العدد وصلت له مثلا من تسبيح أو تكبير أو تهليل هل أعيد من جديد أو أبني على الأقل
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشك المذكور لا يكثر عليك ولا يلازمك فإنك إذا شككت هل سجدت سجدتين أم واحدة؟ فابن على الأقل واسجد سجدة أخرى ثم قبل السلام تسجد سجدتين للسهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاةِ , وَهُوَ فِيهَا - هَلْ أَخَلَّ بِهِ أَوْ لا؟ - فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ , إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا؛ لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُهُ. انتهى
أما إذا كان الشك يلازمك دائما بأن كان يأتيك كل يوم ولو مرة واحدة فلا تلتفت إليه، ولا تفعل ما تشك فيه، ولا يلزمك سجود سهو على الراجح من كلام أهل العلم؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 22408.
وبالنسبة لأذكار الصباح والمساء والأذكار المأثورة بعد الصلاة فكلها مسنونة وليست بواجبة، فإذا كنت لا يكثر عليك الشك فالأفضل في حقك أن تحتاط حتى يغلب على ظنك الإتيان بها كلها حتى تحصل ثوابها، وإن كنت من يستنكحه الشك فلا تلتفت إلى الشك لما في ذلك من الحرج والمشقة.
وراجع الفتوى رقم: 50298، والفتوى رقم: 15539. وللفائدة راجع الفتوي رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(11/7839)
من استنكحه الشك في السهو ومن لم يستنكحه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني منذ فترة من الوسوسة والشك في الصلاة وقد سمعت أن المستنكح هو الذي يداومه الشك ولو مرة في اليوم يبني على الكمال أما من يأتيه الشك كل يومين مثلا لا يعتبر مستنكحا ويبني على النقصان، وأنا يأتيني الشك في الصلاة من وقت لآخر لكنني لا أبني على النقصان لأنني أشعر دائما أن هذا الشك لا وجود له، إذ لو وجد لاكتشفته في موضعه لا أن يأتيني الشك في الركعة الموالية مثلا وأشعر في كثير من المرات أنني قمت بما شككت فيه، مع ذلك أشعر بعدم ارتياح بعد الفراغ من الصلاة فأقوم بإعادتها حتى وإن حاولت تجاهل الأمر وغالبا ما يكون هذا الشك مفتاحا لشكوك في صلوات بعدها أتجاهل فيها كذلك الشك ولا أقوم بسجود بعدي ويبقى ذلك الشعور بعدم الارتياح قائما وسبب عدم قيامي بالسجود البعدي أنني قرأت فتوى لأحد الشيوخ الأجلاء (من غير المذهب المالكي المتبع لدينا) : يقول فيها إن الموسوس وأيضا الذي يشعر بأن شكه وهم يكمل صلاته ولا شيء عليه، لقد بقيت متذبذبا بين الرأيين فتارة أتّبع قول الشيخ لأنني أظنه صائبا لكن أبقى غير مرتاح وأقول في نفسي هل أكون لفقت في صلاتي بأن اتبعت أكثر من مذهب في نفس العبادة وحتى إن أبعدت هذه الفكرة من بالي يبقى شعور الضيق وعدم الارتياح إلا في بعض الحالات، وتارة أتبع ما سمعته من شيوخ في مدينتي وأقر أنني أشعر عادة ببعض الارتياح رغم أنني أخشى أن يكون ما فعلته زيادة في الصلاة من أجل شك المرجح بطلانه، هل أستطيع اتباع ما سمعته من شيوخ مدينتي في البناء على النقصان عندما يأتي الشك بعد أيام والسجود البعدي والبناء على الكمال عند تواتره رغم ترجيح بطلان الشك عندي أم على اتباع الفتوى الأخرى؟ جزاكم الله خيراً، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستنكاح الشك هو أن يأتي الشخص كل يوم ولو مرة، وحكمه هو ما قاله المواق في التاج والإكليل نقلاً عن الرسالة: من استنكحه الشك في السهو فليله عنه، ولا إصلاح عليه، ولكن عليه أن يسجد بعد السلام. انتهى.
وأما من يأتيه الشك يوما ويفارقه يوما فليس بمستنكح كمن شك في بعض الأوقات أصلى ثلاثاً أم أربعاً؟ أو هل زاد أو نقص أو لا؟ وحكمه ما قاله الدسوقي: فهذا يصلح بالبناء على الأقل والإتيان بما شك فيه ويسجد بعد السلام استحباباً. انتهى.
وهذا التفصيل هو ما ذهب إليه المالكية وهو المذهب المعمول به عندكم فننصحك بالأخذ به وعدم التشتت في الاستفتاء فإن ذلك يزيد من الوسوسة والشكوك، ولعلاج الوسوسة ننصحك بقراءة الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/7840)
لا يلتفت الإمام إلى تسبيح المأموم إلا إذا شك أو غلب على ظنه الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أسألكم أنا كنت إماما يوما فصليت بالناس الظهر أربع ركعات، وعندما كنت في الجلسة الأخيرة من الصلاة صرخ أحد المأمومين قائلا سبحان الله فظننت أني تركت سجدة فأتيت بها ثم استأنفت التحيات ثم سجدت سجدتين للسهو، وبعدما انصرفت من الصلاة قال الناس لي كان فعلك الأول صحيحا وقد أضفت سجدة،وقال الذي سبح لي إنك تركت ركعة كاملة، وأنا متأكد أني لم أترك ركعة والناس كلهم معي في ذلك إلا هو، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإمام إذا سبح به أحد المأمومين فإنه لا يلتفت إليه إلا إذا غلب على ظنه صدقه فيما أخبر به، فإنه يعمل والحالة هذه بغلبة ظنه لا بتسبيح المأموم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31867.
والظاهر أن الذي حصل هنا هو أن الإمام طرأ عليه الشك بسبب تسبيح المأموم وكان متيقناً أنه أتى بالركعات كلها فوقع الشك في السجدتين فأتى بما شك فيه وسجد سجود السهو وهذا هو الصواب، كما سبق في الفتوى رقم: 18472 ولا يلتفت إلى قول المأموم أنه ترك ركعة كاملة لأنه متيقن والجماعة معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(11/7841)
الشك المعتبر وغير المعتبر في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشك في استمرارية الصلاة من مبطلات الصلاة وهل ذلك بالإجماع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يعني بقوله الشك في استمرارية الصلاة الشكَ في عدد الركعات، أو في إتمام الصلاة، أو في الإتيان ببعض الأركان، فإن كان هذا أثناء الصلاة فعليه أن يأتي بما شك في فعله ثم يسجد للسهو سجدتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في الصلاة فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان. أخرجه مسلم في صحيحه. وإن كان الشك بعد الفراغ من الصلاة فقد تقدم في الفتوى رقم: 34716 أن الشك الطارئ بعد انتهاء العبادة لا يلتفت إليه. ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 6403، 50324.
هذا إذا كان الشخص عاديا بمعنى أنه ليس كثير الشك. وقد ذكر الشيخ محمد صالح العثيمين مسائل مفيدة أوردناها هنا للفائدة، وهي أن الشك لا يلتفت إليه في ثلاث حالات:
الأولى: إذا كان الشك بعد انتهاء الصلاة، فلا عبرة به إلا إن يتيقن الزيادة أو النقص.
الثانية: إذا كان الشك وَهْماً -أي طرأ على الذهن ولم يستقر- كما يوجد هذا في الموسوسين، فلا عبرة به أيضا ولو طاوعه الشخص لتعب تعبا عظيما.
الثالثة: إذا كثرت الشكوك حتى صار لا يفعل فعلا إلا شك فيه، إن توضأ شك وإن صلى شك، وإن صام شك، فهذا أيضا لا عبرة به لأنه مرض وعلة.
هذا مع أن في السؤال غموضا، وقد أجبنا حسب ما ظهر لنا منه.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 4831 والفتوى رقم: 1398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(11/7842)
من يعيد صلاته لأجل الشك في عدد ركعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أم عندما تصلي لا تتذكر عدد الركعات التي صلتها وتقوم بإعادتها مرات متعددة وذات مرة لاحظتها تصلي وقد صلت صلاتها صحيحة ولكنها أعادتها فما هو الحل في نظركم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأم المذكورة لا تعتريها الشكوك والوساوس كثيرا فما شكت في تركه أثناء الصلاة من الأركان الواجبة فإنها تأتي به، وإذا شكت في عدد الركعات بنت على الأقل، فمثلاً إذا شكت هل صلت ركعتين أو ثلاثاً؟ اعتبرتهما اثنتين، لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق، وإذا كان الشك بعد نهاية الصلاة فلا تلتفت إليه، وراجع الفتوى رقم: 28923.
وإن كثرت عليها الشكوك حتى صارت كالوساوس فلا تلتفت إليها، ولا تعول عليها كما في الفتوى رقم: 22408.
وإن أمكنها اتخاذ وسيلة لضبط عدد الركعات أو يساعدها شخص في ذلك فلتفعل، وينبغي نصحها مع بيان عدم مشروعية ما تقوم به من إعادة متكررة لصلاتها، لأن ذلك يؤدي إلى ترسيخ الوساوس وتواصلها، وقد نص أهل العلم على إن إعادة الصلاة لغير سبب معتبر غير مشروع، كما في الفتوى رقم: 16396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(11/7843)
من استنكحه الشك في الصلاة فلا يلتفت إليه وليس عليه سجود سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحت يا شيخ أنا لدي أسئلة كثيرة أرجو من حضرتك أن ترد علي في أسرع وقت لأني تعبت جداً جداً، أنا عندما أصلي لا أركز أبداً وأخطئ في قراءة الفاتحة وممكن أعيدها كذا مرة وأجد صعوبة وشدة في نطق آياتها وكذلك في الركوع والسجود، ساعات أبقى جاهلة هل ركعت أم لا أبقى ناسية جداً أو غير مركزة بالمرة وكذلك في السجود أبقى لا أعرف هل سجدت يعني لا أعرف هل هذه السجدة الأولى أم الثانية، وهذا يحصل لي كثيراً جداً فعلاً يبقى أسرح جدا، وأحاول أن أركز حتى أعرف هل ركعت أم لا وهكذا لكن ذلك لا يلبث إلا ثواني وأسهو ثانية وحاولت أبني على الأكثر لكني لا أستطيع أبداً لأني لو بنيت على الأكثر أقعد ألوم نفسي ولا أستريح إلا لما أعيد الركوع مثلاً أو أسجد مرة أخرى أو آتي بركعة لكي تجبر ما سهوت عنه يعني أعيد ما شككت به حتى في سجدتي السهو فأسهو فيهما أيضاً أبقى لا أعرف هل سجدت سجدة سهو واحدة أم اثنتين ساعات أبقى حاسة أنهما اثنتان لكني كذلك أكون متشككة وخائفة ولا أستريح إلا لما آتي بسجدة أخرى، وهكذا وقرأت في الموقع أن أبني على الأكثر، لكن بعد السلام أسجد سجدتي سهو، ولكن أحد الشيوخ قال لي ابني على الأكثر ولا تسجدي للسهو لأن كثرة الشكوك لا يلتفت إليها ولا يبنى عليها حكم فهل هذا صحيح وهل أسجد للسهو بعد السلام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الذي ذكرت من كثرة الشك يحصل في كل يوم فأنت بمثابة من استنكحه الشك، والراجح أن من كثر منه الشك حتى صار كالوسواس، لا يلتفت إليه ولا يلزمه سجود، وإن كان بعض أهل العلم يرى أنه يسجد بعد السلام دائماً بعد كل صلاة، ونحيلك إلى الأجوبة التالية أرقامها: 22408، 43045، 44845، 19236.
وللتعرف على علاج الوسواس راجعي الأجوية التالية أرقامها: 3086، 10355، 2860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(11/7844)
لا أثر للشك بعد الفراغ من العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت لكم أن الشك بعد الفراغ من العبادة لا اعتبار له، فهل يمكن تطبيق هذه الرخصة مع الاستنجاء حيث إني أشك بعض الأحيان هل غسلت مكان النجاسة كله أم هناك جزء لم أغسله، وهل تطبق هذه الرخصة بعد الفراغ بمدة طويلة أم حتى الفراغ مباشرة، ثم ما هو الدليل الشرعي لهذه الرخصة حتى أطمئن لتطبيقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشك بعد الفراغ من العبادة سواء كانت طهارة أو صلاة أو غيرهما لا يؤثر سواء طال الوقت أو قصر لأن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أنها تقع على وجه الكمال، ولأن اعتبار الشك بعد الأداء يؤدي إلى الحرج والمشقة، وهما مرفوعان في الشريعة الإسلامية السمحة، لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185} ، ولمزيد الفائدة راجع كلام العلماء في الفتوى رقم: 34716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/7845)
ماذا يفعل المأموم إذا تكرر منه الشك بتركه بعض أركان الصلاة حال ائتمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من شك في فرض خلف الإمام كالفاتحة أو ركوع أو سجود، كأن يقول مثلا ربما ركع الإمام ورفع وأنا لازلت قائماً ويكون ذلك خاصة عند السهو أو عند التشويش، مع العلم بأن هذا كثيراً ما يحصل لي مرتين أو أكثر في اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي يشك في ترك الأركان وراء الإمام غير مصاب بملازمة الشك بأن كان ما يعتريه ناجماً عن قلة التركيز والاهتمام بالصلاة، فيجب عليه أن يحضر ذهنياً عند صلاته ويستشعر الوقوف بين يدي الباري سبحانه وتعالى، فبذلك يخاف ويخشع ويخف عليه السرحان، فإن سهى عن ركن أو ركنين أو أكثر، فقد أوضحنا ما يعمله في الفتوى رقم: 13908.
فإن لم يتمكن من الإتيان بما شك فيه وراء الإمام أتى بعد سلام الإمام بركعة ولا سجود عليه عند المالكية والشافعية والأحناف، لأن الإمام يحمل سهوه، كما بينا في الفتوى رقم: 29444، وإن نسي قراءة الفاتحة فلا تبطل صلاته ولا سجود عليه إن كان وراء إمام على قول المالكية والأحناف، وقد ذهب الشافعية إلى أن الفاتحة فرض على كل مصل، سواء كان مأموماً أو غير مأموم، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 1740.
وإن كان الشخص المذكور صاحب شك بأن كان يعتريه كل يوم ولو مرة فقدنص فقهاء المذهب المالكي على أن من استنكحه الشك أي لازمه بحيث لا يتبقى شيئ يبنى عليه أن حكمه أن يلهى عنه ولا إصلاح عليه، بل عليه أن يبنى على الأكثر، قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: ومن استنكحه الشك في السهو فليله عنه ولا إصلاح عليه ولكن عليه أن يسجد بعد السلام وهو الذي يكثر ذلك منه يشك كثيراً أن يكون سهى زاد أو نقص ولا يوقن شيئاً. انتهى.
ومن هذا يعلم أن السائل إذا كان ممن يلازمه الشك كما هو الظاهر فعليه أن يتابع إمامه ويترك الوساوس التي تعرض له، ولا يطالب بالسجود بعد السلام لأنه مأموم، فعن ابن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه السهو وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافيه. رواه الدارقطني في سننه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(11/7846)
من شك هل أدى الصلاة المفروضة أم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من شك في أداء صلاة مفروضة (أن تشك أنك أديت صلاة مفروضة ثم تشك أنك لم تؤدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شك هل صلى صلاة مفروضة أم لم يصلها فإنه يلغي الشك ويأتي بصلاة محققة، وذلك لأن الصلاة متقين تعلقها بالذمة فلا تبرأ الذمة منها إلا بمحقق أي إلا باليقين، وإذا كان من شك في عدد الركعات يبني على الأقل ويأتي بما شك فيه فكيف بمن شك في الصلاة كلها هل أتى بها أم لا، ولأن الأصل عدم الإتيان بها، قال في أسنى المطالب في الفقه الشافعي: إن شك في النية أو تكبيرة الإحرام لزمه الإعادة، وكذا لو شك في أنه نوى الفرض أوالنفل، كما لو شك هل صلى أم لا، ذكره البغوي في فتاويه. انتهى، لكن إن كان الشخص من أهل الوسواس فليله عنه ولا يسترسل فيه، فإذا غلب على ظنه أنه صلى ثم طرأ عليه الشك بعد ذلك فإنه لا يعيد تلك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(11/7847)
الشك في قراءة الفاتحة أو بعض آياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[غالبا ما يراودني الشك في أنني قرأت سورة الفاتحة قراءة صحيحة.. أي أشك في أني نسيت آية من آياتها الكريمة.. كقول: مالك يوم الدين، اهدنا السراط المستقيم\".. وأحيانا أشك في جميع الركعات في الصلاة في صحة قراءتي للفاتحة..
فهل هذا يجوز فليس علي السجود للسهو أم ماذا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشك في قراءة الفاتحة أو بعض آياتها بعد الفراغ منها لم يلزم استئنافها لأن الظاهر أنها جيء بها تامة، جاء في المجموع: قال الشيخ أبو محمد: لو فرغ من الفاتحة وهو معتقد أنه أتمها ولا يشك في ذلك، ثم عرض له شك في كلمة أو حرف منها فلا أثر لشكه، وأما إن كان الشك قبل تمامها فإنه يستأنف قراءتها كما جاء في أسنى المطالب: وإن شك هل ترك حرفاً فأكثرمن الفاتحة بعد تمامها لم يؤثر، أو شك في ذلك قبله أي قبل تمامها، أو شك هل قرأها أولا استأنف لأن الأصل عدم قراءتها. ا. هـ
ومحل ما ذكر إذا كان الشك طبيعياً يأتي بين فترة وأخرى، أما إن كان يأتيك يومياً فلا يلتفت إليه كما ذكر العلماء في حكم من استنكحه الشك، جاء في فتح العلي المالك: سمع أشهب مالكاً يقول: ومن شك في قراءة أم القرآن فإن كثر هذا عليه لها عن ذلك، وإن كان المرة بعد المرة فليقرأ، وكذا سائر ما شك فيه. ا. هـ
وفي هذا النوع من الشك يسجد للسهو، كما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير في من استنكحه الشك قال: ويسجد بعد السلام ترغيماً للشيطان. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/7848)
ما يلزم من الشك في قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شك في قراءة الفاتحة في الصلاة، مع أن لدي إحساساً بأني قرأتها لكنني مع ذلك أشك، وأرجو عدم قول أنها وسوسة لأني والحمد لله تحسنت عن ذي قبل، أرجو التوضيح لي ولغيري بالتفصيل الممل؟ أرجو الرد بسرعة، وعلى الإيميل يكون أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شك هل قرأ الفاتحة أو لا ففيه تفصيل: فإن كان الشك في نفس الركعة فإنه يعود ليقرأ الفاتحة ثم يأتي بما بعدها، وإن كان في الصلاة في ركعة أخرى فإنه يلغي الركعة المشكوك في فاتحتها ويزيد ركعة، وإذا كان بعد الصلاة فلا يضره الشك، لأن الشك بعد الانتهاء من العبادة لا يضر، هذا كله إذا كان الشك طبيعياً.
أما إذا استنكحه الشك وغلب عليه، فإن الفقهاء قد نصوا على أنه لا عبرة بالشك المستنكح ولا يلتفت إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/7849)
الشك المعتبر وغير المعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرّحمن الرّحيم
أنا أسهو كثيرا في الوضوء، ماذا أفعل إن\" شككت \" أنّي زدت مرّة في فرض؟ وماذا أفعل إن شككت أنّي زدت أو أنقصت في سنّة من سنن الوضوء؟ أرجو الإفادة بكلّ الحالات الممكنة:أي إن وقع الشّكّ قبل الانتهاء من الفرض أو السّنّة المشكوك فيها، وبعد الانتهاء من هذا الفرض أو السّنّة وقبل الانتهاء من الوضوء، وبعد الانتهاء من الوضو، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شك في ترك فرض من فرائض الوضوء أو الصلاة قبل الانتهاء مما هو فيه من وضوءٍ أو صلاةٍ أو غيرهما من العبادات، فالواجب عليه الإتيان بما شك فيه لما قرر الفقهاء في أن من شك في ركنٍ بنى على اليقين، فإن كان في الصلاة وشك هل صلَّى ركعتين أو ثلاثاً بنى على الأقل الذي هو ركعتان، وإن كان في الوضوء وشك هل غسل رجلاً واحدة أو اثنتين غسل ما شك في غسله، إذ الذمة لا تبرأ إلا بمحقق، ومحل هذا إذا لم يكن الإنسان كثير الشكوك والوساوس كما سبق في الفتوى رقم: 7280، والفتوى رقم 22408 أما إذا حصل الشك بعد الانتهاء من الوضوء أو الصلاة أو غيرهما فإنه لا عبرة به كما ذكره غير واحد من أهل العلم، وكما سبق في الفتوى المحال عليها.
قال ابن رجب الحنبلي في القواعد: (وإذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركنٍ منها فإنه لا يلتفت إلى الشك) .
ومن شك في سنة من سنن الوضوء هل أتى بها أم لا ولم يتجاوز محلها أتى بها، وإن لم يتذكرها حتى تجاوز محلها أتى بها أيضًا ما لم ينب عنها غيرها كغسل اليدين أولاً، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/7850)
شك في عدد الركعات..ثم تيقن بعد خروج الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
كنت أصلي صلاة الصبح، وبعد أن سجدت السجدة الثانية في الركعة الأولى، شككت هل هي الركعة الأولى أم الثانية!! المهم حسبتها الركعة الثانية وسلمت.. ولكن بعد طلوع الشمس تذكرت وتيقنت بأنني كنت في الركعة الأولى؟
السؤال هو: هل صلاتي صحيحة أم علي أن أصليها مرة ثانية؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شك في أثناء صلاته في عدد الركعات فالحكم الشرعي أنه يبني على الأقل، ويتمم صلاته ويسجد للشك، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين.... رواه مسلم.
وعليه، فإن ما قمت به من بنائك على الأكثر غير صحيح لاسيما، وقد تبين لك ذلك فيما بعد، وقد نص العلماء على أن من مبطلات الصلاة السلام من الصلاة قبل التحقق من تمامها، لذا فعليك أن تعيد صلاتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(11/7851)
آراء العلماء في الشك في الصلاة وما يلزم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائما أشك في الصلاة هل صليت 4أو 5 فماذا أفعل مع العلم أنني دائما أشك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من كثر منه الشك في الصلاة حتى صار كالوسواس، فلا يلتفت إليه ولا يعول عليه، قال المرداوي في الإنصاف: (قال ابن أبي موسى ومن تبعه: من كثر منه السهو، حتى صار كالوسواس، فإنه يلهو عنه، لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيفضي إلى الزيادة في الصلاة، مع تيقن إتمامها ونحوه، فوجب إطراحه) . انتهى
وقال المواق في التاج والإكليل نقلاً عن الرسالة: (من استنكحه الشك في السهو فلْيلْهَ عنه، ولا إصلاح عليه، ولكن عليه أن يسجد بعد السلام) . انتهى
وقد فرق المالكية بين القليل والكثير بأن الكثير ما أتاه في كل يوم مرة، والقليل ما أتاه يوماً وفارقه يوماً أو أكثر، قال الشيخ عليش في فتح العلي المالك: (ضابط استنكاح الشك إتيانه كل يوم ولو مرة) . انتهى
وقال: (فإن أتاه يوماً وفارقه يوماً فليس استنكاحاً، وحكمه وجوب طرحه واللهو والإعراض عنه، والبناء على الأكثر لئلا يعنته، ويسترسل معه) . انتهى،
وذهب الحنفية إلى أن الذي يكثر شكه، يتحرى ويأخذ بما يستقر عليه ترجيحه، قال في الفتاوى الهندية: (وإن كثر شكه تحرى وأخذ بأكبر رأيه، كذا في التبيين) . انتهى
والراجح ما قدمناه لما فيه من رفع العنت والمشقة التي جاءت الشريعة بدفعهما ورفعهما، قال عز وجل: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(11/7852)
ما يلزم المصلي لو شك في عدد الركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المصلي إذا نسي عدد الركعات التي صلى؟ وشكرأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة، وسجد للسهو، وفي الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني لأَنْسَى أو أُنَسَّى لأسُن.
فإذا شك المصلي في صلاته كم صلى من الركعات؟ فعليه أن يبني على اليقين وهو الأقل، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثاً؟ فليجعلها اثنتين، وإذا لم يدر ثلاثا صلى أم أربعا؟ فليجعلها ثلاثا، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. رواه مسلم.
وعلى هذا فإذا شك المصلي في عدد الركعات فإنه يبني على الأقل المتيقن ثم يسجد للسهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/7853)
ابن صلاتك على اليقين واسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في صلاة الظهر وقد فاتتني ركعتان أوثلاث، شككت في ذلك فبنيت على ما تيقنت أنه الصواب وهو ركعتان، فقضيتهما ثم سجدت سجود السهو، وعند خروجي من باب المسجد استوقفني الذي صلى بجانبي وقال لي بقي علي ركعه فماذا أفعل؟ وقد أفتاني أحد طلبة العلم أن أصلي ركعة واحدة، وكان ذلك عند صلاة العشاء عندما سألته. فما هو الجواب الصحيح أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الذي فعلته من أنك بنيت على الأقل ثم أكملت وسجدت للسهو هو صحيح، لكن إذا كنت على يقين فلا يلزمك الالتفات إلى ما قاله لك هذا الرجل، وإن كنت على غير يقين فعليك أن تكمل ما تبقى من صلاتك فإن فعلت فحسن. أما إذا لم تكمل ما تبقى من الصلاة وحصل طول مُخِلٌّ كما في هذه الصورة، فالصواب أن عليك أن تعيد الصلاة من أصلها.
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7854)
ما يترتب على الشك في ترك ركن من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من صلى ولكن مثلا شك في ترك ركن أو شك في طهارته يعتبر تاركا للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شك في ركن من أركان الصلاة أو شك في طهارته، فإن كان هذا الشك بعد الفراغ من العبادة فلا أثر للشك في عبادته ولا يلتفت إليه ولا يعد فاعله تاركاً للصلاة، وأما إن كان الشك أثناء العبادة فإن الواجب عليه أن يبني على اليقين، بمعنى أن يأتي بالركن المشكوك فيه إن كان في الركعة ذاتها، وإن شك في ركن من ركعة سابقة فإن المتعين عليه في هذه الحالة أن يأتي بركعة كاملة لأن هذه الركعة التي شك في ركن منها تعتبر ملغاة، ثم يسجد للسهو بعد السلام، وكذلك إن شك في ركن من أركان الوضوء فإنه يأتي به وبما بعده من الأركان.. هذا إذا كان الشك أثناء العبادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7855)
من شك في صلاته فإنه يبني على ما تيقن ويسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب فعله إذا شك المصلي في عدد الركعات التي صلاها في صلاة ما، وهل يختلف الحكم إذا وقع الشك قبل التسليم أو بعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
إذا شك المصلي في عدد الركعات بعد الصلاة فلا يلتفت إليه، لأن الشك بعد العبادة لا يضر. وإذا كان الشك أثناء الصلاة أي قبل التسليم فليبن على ما تيقن عنده ويسجد للسهو قبل السلام. فإن كان شك مثلا هل صلى ثلاثا أم أربعا فإنه يبني على ماتيقن، وهو أنه صلى ثلاثا، ثم يسجد للسهو قبل السلام.
... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7856)
حكم السهو في الصلاة وسبل تجنبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السهو أثناء الصلاة؟ وما هي النصيحة لمن يسهو؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسهو في الصلاة أمر جبلي لا يسلم منه أحد ـ حتى إنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ـ فلا يلام العبد إذا سها في صلاته، وقد رفع الله ـ برحمته ـ عن هذه الأمة المؤاخذة في الخطإ والنسيان، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: السهو يقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، أما سها في صلاته فالمعنى أنه نسي منها شيئاً ـ إما ركوعاً أو سجوداً أو تسبيحاً ـ وأما سها عن صلاته فالمعنى غفل عنها وتهاون بها، فالأول السهو في الصلاة أمر جبلي يحصل من كل أحد حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه سها في صلاته. ولا يلام العبد لأنه من طبيعة الإنسان، وأما السهو عن الصلاة فهو المذموم الذي قال الله تعالى عنه: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. أي غافلون عنها لا يهتمون بها، بل يتهاونون بها. انتهى.
وإذا كان هذا السهو يعرض للإنسان بسبب استرساله مع الوساوس والفكر في أمور الدنيا والإعراض عن تدبر الصلاة فعليه أن يأخذ بالأسباب التي تجنبه هذا السهو من الإقبال على الصلاة والإعراض عما سواها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: هذا الأمر يشتكي منه كثير من المصلين، وهو أن الشيطان يفتح عليه باب الوساوس أثناء الصلاة، فربما يخرج الإنسان وهو لا يدري عما يقول في صلاته، ولكن دواء ذلك أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن ينفث الإنسان عن يساره ثلاث مرات وليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإذا فعل ذلك زال عنه ما يجده ـ بإذن الله.
وعلى المرء إذا دخل في الصلاة أن يعتقد أنه بين يدي الله عز وجل، وأنه يناجي الله تبارك وتعالى، ويتقرب إليه بتكبيره وتعظيمه، وتلاوة كلامه سبحانه وتعالى، وبالدعاء في مواطن الدعاء في الصلاة، فإذا شعر الإنسان بهذا الشعور فإنه يدخل في الصلاة بخشوع وتعظيم الله سبحانه وتعالى ومحبة لما عنده من الخير، وخوف من عقابه إذا فرط فيما أوجب الله عليه. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ينبغي للمصلي إذا حضر وقت الصلاة أن يتخلى عن كل شيء من أعمال الدنيا وشواغلها حتى يتجه ذهنه وتفكيره إلى عبادة ربه قدر الطاقة، فإذا تطهر ووقف في الصلاة وقف خاشعاً تالياً لكتاب ربه أو مستمعاً له متدبراً لمعانيه ولما يقوله من أذكار في صلاته ولا يستسلم للشيطان ووساوسه، بل عندما يعرض له أقبل على صلاته ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لما روي عن أبي العلاء بن الشخير أن عثمان قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي، قال: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذاك فأذهب الله عز وجل عني. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/7857)
صفة سجود السهو من حيث التكبيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[في سجود السهو الذي بعد السلام كنت وما زلت بعد أن أسلم من الصلاة أكبر أولا تكبيرة الإحرام، حيث أعتبر أنه من أجل أداء سجود السهو يلزمني أولا الدخول في الصلاة ـ باعتبار أنني قد خرجت منها بالسلام ـ لذلك بعد السلام من الصلاة مباشرة أكبر تكبيرة الإحرام ثم أكبر تكبيرة الانتقال وأسجد للسهو، والسؤال هو: هل عملي هذا صحيح؟ أم أنني أسجد للسهو ـ الذي بعد السلام ـ بعد السلام من الصلاة مباشرة ولا أكبر تكبيرة الإحرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله من التكبير للإحرام لسجود السهو ثم التكبير للسجود خطأ ولا نعلم أحدا من العلماء يقول بمشروعية تكبيرتين لسجود السهو إذا كان بعد السلام، وسجود السهو إذا كان بعد السلام ليس صلاة مستقلة، بل هو جبر للصلاة فكان تابعا لها، وقد دلت السنة على أن المشروع إذا سجد المصلي بعد السلام، أن يكبر تكبيرة واحدة ثم يسجد ثم يرفع مكبرا ثم يسجد مكبرا ثم يرفع مكبرا ثم يسلم.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ في قصة ذي اليدين حين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بسهوه في الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم سلم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(11/7858)
كيفية سجود السهو ومحله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية سجود السهو إذا كانت بسبب نقص ركعة في الصلاة؟ وهل يختلف الحكم إذا كانت الركعة الناقصة هي الركعة الثانية.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيفية سجود السهو في جميع الأحوال واحدة وهي سجدتان بينهما جلوس وبعدهما تسليم، وأما محله فقد بيناه بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 17887، وإن كان مقصود السائل بقوله نقص ركعة أي أن المصلي سلم قبل إتمام الصلاة ثم أتى بالركعة التي نسيها، فإن محل السجود يكون قبل السلام، ولا يختلف الحكم لو كانت الركعة المنسية الثانية أو غيرها، وننبه إلى أن سجود السهو لا يحل محل أركان الصلاة، فمن نسي ركنا من أركان الصلاة كالركوع أو السجود أو نحو ذلك، فلا بد أن يأتي بالركن الذي نسيه ثم يسجد للسلام قبل السلام، ولو سجد بعد السلام فلا شيء عليه وصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/7859)
المسبوق إذا سها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من سها في صلاة الجماعة، وهل تنطبق على من سها وهو يتمم في صلاته، مثلا فاتته ركعات وسلم مع الإمام، أو سها بعد أن قام يكمل صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا سها المسبوق في صلاته فلا يخلو من أحد حالين:
الأول: أن يسهو فيما يتابع فيه الإمام, فهذا لا يسجد للسهو في قول الجمهور, ويحمل عنه سهوه الإمام, وانظر الفتوى رقم: 38169.
والثاني أن يسهو فيما ينفرد بقضائه أو يسلم مع إمامه سهوا, فهذا يسجد للسهو في آخر صلاته.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا سها المأموم فيما ينفرد فيه بالقضاء, سجد, رواية واحدة, لأنه قد صار منفرداً, فلم يتحمل عنه الإمام. وهكذا لو سها فسلم مع إمامه, قام فأتم صلاته, ثم يسجد بعد السلام, كالمنفرد, سواء.
ولمزيد فائدة انظر الفتوى رقم: 104556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/7860)
سها دون إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت الجماعة ظانا أنه التشهد الأول فإذا به التشهد الأخير هل علي سهو؟ أو ظننت أنها الركعة الأولى فكانت الثانية هل علي سهو؟ وإذا دخلت متأخرا مثلا في الثالثة وسهوت بأني نسيت التكبير غير الإحرام هل علي سهو؟ أو سهوت في الركعتين اللتين أصليهما بعد تسليم الإمام حيث إني أدركته في الثالثة؟ أرجوكم الإجابة بالتوضيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أتيت الصلاة فالمشروع لك أن تصنع كما يصنع الإمام، ثم تقضي ما فاتك بعد الصلاة، ولا يلزمُ أن تكون عالماً حال دخولك في الصلاة بالركعة التي وصل إليها الإمام، بل ما أدركت فصلِ، وما فاتك فاقضِ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. متفقٌ عليه.
وإذا سهوتَ وأنت خلفَ الإمام بترك تكبيرة من تكبيرات الانتقال أو نحو ذلك فلا سهو عليك عند عامة أهل العلم. قال ابن رشد في بدابة المجتهد: اتفقوا على أن سجود السهو من سنة المنفرد والإمام، واختلفوا في المأموم يسهو وراء الإمام؛ هل عليه سجود أو لا؟ فذهب الجمهور إ لى أن الإمام يحمل عنه السهو، وشذ مكحول فألزمه السجود في خاصة نفسه، وسبب اختلافهم: اختلافهم فيما يحمل الإمام من الأركان عن المأموم وما لايحمله. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: مسألة: وليس على المأموم سجود إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه، وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلا سجود عليه في قول عامة أهل العلم، وحكي عن مكحول أنه قام عن قعود إمامه فسجد، ولنا أن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بسجود، وروى الدارقطني في سننه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه، ولأن المأموم تابع للإمام وحكمه حكمه إذا سها وكذلك إذا لم يسه، وإذا سها الإمام فعلى المأموم متابعته في السجود سواء سها معه أو انفرد الإمام بالسهو، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك، وذكر إسحاق أنه إجماع أهل العلم، سواء كان السجود قبل السلام أو بعده لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا سجد فاسجدوا. ولحديث ابن عمر الذي رويناه. انتهى.
وإذا كنت مسبوقاً وسهوتَ في حالة قضائك لما سُبقت به، فسجود السهو مطلوب منك في هذه الحال؛ لأنك قد انفصلت عن إمامك، فلا يحملُ عنك ما سهوت فيه. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 8438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(11/7861)
سجود السهو سجدتان
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام المسجد سجد سجدة واحدة للسهو ولما راجعناه قال هذا رأي الإمام السبكي ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود الإمام أن المشروع سجدة واحدة للسهو عند الإمام السبكي، فاعلم أن سجود السهو سجدتان وليس سجدة واحدة، ولم نجد أحدا من أهل العلم قال بأنه سجدة واحدة، والإمام السبكي شافعي المذهب، وقد نص فقهاء الشافعية على أن سجود السهو سجدتان، وأنه لو سجد سجدة واحدة عازما على انفرادها بطلت صلاته، مع أن أصل سجود السهود عند الشافعية مستحب لا تبطل الصلاة بتركه.
قال الخطيب الشربيني في الإقناع: وسجود السهو وإن كثر السهو سجدتان. . انتهى.
وقال الغمراوي في السراج الوهاج: وسجود السهو وإن كثر سجدتان، فلو سجد واحدة عازما على انفرادها بطلت صلاته. انتهى.
ومثله في المنهاج القويم للهيتمي الشافعي، حيث قال: وسجود السهو وإن كثر السهو من نوع أو أكثر سجدتان للاتباع كسجود الصلاة أي كسجدتيها في الأقل والأكمل وما يندب فيهما وما بينهما، فإن سجد واحدة بنية الاقتصار عليها ابتداء بطلت صلاته بخلاف ما إذا بدا له الاقتصار عليها بعد فراغها. . انتهى.
وكذا في حاشية إعانة الطالبين للدمياطي، فقد قال: ومعلوم أن سجود السهو سجدتان. انتهى.
وقال النووي في روضة الطالبين: أما كيفيته فهو سجدتان بينهما جلسة. انتهى.
بل نص فقهاء الشافعية على أن الإمام لو اقتصر على سجدة واحدة في سجود السهو فإن المأموم يسجد السجدة الأخرى؛ كما جاء في شرح المنهاج: ولو اقتصر إمامه على سجدة سجد ثنتين لكن لا يفعل الثانية إلا بعد سلام إمامه لاحتمال سهوه وتداركه للثانية قبل سلامه. . انتهى.
فهذه كتب الشافعية تنص على أن سجود السهو سجدتان فلا ندري من أين جاءكم إمامكم بهذا النقل عن السبكي؛ اللهم إلا أن يعني ما سبق نقله من أنه لو اقتصر على واحدة بعد أن شرع في السجود وكان في نيته أن يسجد سجدتين فلا تبطل صلاته فهذا صحيح عند الشافعي فيما يظهر، وليس معناه أن هذا مشروع عندهم بل المقصود عندهم أن من فعل ذلك فقد ترك سجود السهو، وسجود السهو عند الشافعية لا تبطل الصلاة بتركه رأسا وليس واجبا، وينبغي لكم أن تطالبوه بإثبات صحة نقله عن الإمام السبكي، وانظر الفتوى رقم: 37323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(11/7862)
يكتفى بسجود السهو القبلي عن البعدي
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا وأنا أصلي أجد من السهو أحدهما يستوجب سجود السهو قبل السلام والآخر بعد السلام في صلاة واحدة فماذا أفعل؟
- وكذلك في بعض الأحيان يحدث شيئان يستوجبان سجود السهو بعد السلام فهل أسجد أربع سجدات لكل واحدة سجدتين أم سجدتين فقط للاثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من سها في صلاته فزاد فيها ما يلزم منه سجود البعدي، أو نقص منها ما يلزم منه سجود القبلي فإنه يكتفي بسجود القبلي عن البعدي، وإذا سجد أحدهما مكان الآخر أجزأ عنه.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وصح إن قدم أو أخر. وقال شراحه: المعنى وصح سجود السهو إن قدم بعديه ولو عمدا رعيا لمذهب الشافعي، أو أخر قبليه رعيا لمذهب أبي حنيفة.اهـ
ولو حصلت عدة موجبات للسجود فيكفي لها سجود واحد سجدتين فقط. وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 17887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(11/7863)
حكم صلاة من أحدث أثناء سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[إ ن طلق الرّيح أثناء السّجود البعدي يترتّب عليه الوضوء مع إعادة السجود البعدي أم إعادة الفرض كاملا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
من صدر منه موجب سجود سهو بعد السلام فأحدث أثناء هذا السجود فصلاته صحيحة، لكن يسن له الوضوء وإعادة السجود، وإن كان سجود السهو قبل السلام وأخره بعده فتبطل الصلاة إن كان السجود مترتبا عن ترك ثلاث سنن، وإن ترتب عن أقل من ذلك فالصلاة صحيحة، وليتوضأ وليعد السجود استنانا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور قد صدر منه موجب سجود سهو بعد السلام فأحدث أثناء هذا السجود فصلاته صحيحة، لكن يسن له الوضوء وإعادة السجود، وإذا كان سجود السهو قبل السلام وأخره بعده ففيه تفصيل:
فإن كان هذا السجود ترتب عن ترك ثلاث سنن كالتشهد الأول مثلا فقد بطلت الصلاة، وإن ترتب السجود عن أقل من ذلك فالصلاة صحيحة، وليتوضأ وليعد السجود استنانا. هذا هو حاصل المذهب المالكي في المسألة. ومن أهل العلم من يرى بطلان الصلاة بالحدث في سجود السهو بعد السلام مطلقا، كما هو مذهب الشافعية. وراجع الفتوى رقم 94195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(11/7864)
لا يلزم سجود سهو لأجل الاستخلاف
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة المفروضة حصل عذر للإمام وقام بسحبي لإكمال الصلاة والحمد الله أكملت الصلاة. هل علي سجود سهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا استخلف الإمام أحد المصلين ليتم الصلاة بالجماعة فإنه لا يلزم الشخص المستخلف سجود سهو لأجل الاستخلاف. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 52975، والفتوى رقم: 13647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(11/7865)
عدم شعور المأمومين بسهو الإمام لا يؤثر على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا شك الإمام في عدد الركعات حيث قبل السجود للركعة الثانية شك في أن تكون الثانية أم الثالثة، وحين جلس للتشهد لم يرده أحد أي أنه حين بنى على الأقل لم يرده أحد، لكن لم يشعر المصلون بأنه في شك، فهل عليه سهو أم لا، ويمكن تعميم السؤال بأنه إذا كان الإمام في شك لكن بطريقة ما لم يشعر المأمومين بهذا الشك وتمت الصلاة بأركانها كاملة، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا شك الإمام هل صلى ركعتين أم ثلاثا فليبن على الأقل ويكمل صلاته ويسجد سجدتين قبل السلام ولو لم يشعر المأمومون بهذا الشك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا شك الإمام هل صلى اثنتين أم ثلاثا فإنه يبني على الأقل ويعمل على أساس أنه أتى بركعتين فقط ثم يكمل صلاته ويسجد للسهو سجدتين قبل السلام، ولو لم يرد عليه أو لم يشعر به أحد من المصلين. وراجع الفتوى رقم: 17749.
وكذلك إذا حصل للإمام شك في صلاته وأتى بالحكم الشرعي المطلوب وكانت الصلاة تامة سليمة من البطلان ولم يشعر المأمومون بذلك السهو، وبالتالي فعدم شعور المأمومين بسهو الإمام لا يؤثر على صحة الصلاة، ولا على مشروعية سجود السهو له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(11/7866)
حكم من أحدث في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت فرضاً من الفروض ونسيت شيئاً فعندما أتممت ما نقصني وسلمت وأردت أن أسجد سجدتين للسهو انتقض وضوئي أثناء السجود، فهل علي إعادة الصلاة مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ترتب عليه سجود سهو قبل السلام وأحدث أثناء هذا السجود فقد بطلت صلاته، ولو كان السجود قبل السلام تأخر عن محله بحيث وقع بعد السلام، ففي نهاية المحتاج ممزوجاً بالمنهاج وهو شافعي متحدثاً عن من سلم قبل سجود السهو ولم يحصل طول: (وإذا سجد) أي أراد السجود، وإن لم يَشرع فيه بالفعل كما أشعر به كلام الإمام والغزالي وغيرهما وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى (صار عائداً إلى الصلاة في الأصح) من غير إحرام لتبين عدم خروجه منها، ولهذا قال في الخادم: إن الصواب أن معنى قولهم صار عائداً للصلاة، أنا نتبين بعوده عدم خروجه منها أصلاً، لأنه يستحيل حقيقة الخروج منها ثم العود إليها، وأن سلامه وقع لغوا لعذره بكونه لم يأت به إلا لنسيانه ما عليه من السهو فيعيده وجوباً، وتبطل صلاته بنحو حدثه. انتهى.
وعند المالكية يصح تأخير سجود السهو الذي كان محله قبل السلام إلى ما بعده مع كراهة ذلك، ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: وصح سجود السهو إن قدم بعديه ولو عمدا رعيا لمذهب الشافعي، ولا يجوز ابتداء. أو أخر قبليه رعياً لمذهب أبي حنيفة، ويكره ابتداء. انتهى.
وفي الإحداث حال هذا السجود تفصيل عندهم، خلاصته أنه إذا كان السجود الذي ترتب عليك قبل السلام وهو ما كان سببه النقص من الصلاة ولو صاحب النقص زيادة أخرى ثم أخرته وأحدثت أثناءه فقد بطل هو وفات. لكن هل تبطل الصلاة أم لا؟ الجواب: أنه إن كان السجود عن ترك ثلاث سنن بطلت الصلاة وإلا فلا، وإن كان السجود المترتب عليك محله بعد السلام وهو ما كان بسبب الزيادة المحضة فصلاتك صحيحة، لكن يسن أن تتوضأ ثم تأتي بالسجود المذكور، ففي التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة قال مالك: من نسي سجود السهو بعد السلام فليسجده متى ما ذكر ولو بعد شهر، ولو انتقض وضوؤه توضأ وقضاهما. انتهى..
وبهذا يتضح للسائل أن من نقص من صلاته ونسي أن يسجد قبل السلام أو أخره عند من يجوز تأخيره وسجد بعد السلام ثم أحدث أثناء السجود أن من أهل العلم من يرى بطلان صلاته، ومنهم من يفصل كما أسلفنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/7867)
تعذر القراءة على الإمام والكلام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو من فضيلتكم شرح للموضوع الآتي وأن لا تحيلوني إلى أجوبة سابقة لأنه وقع جدال بين المصلين في هذا الموضوع ((كنا في صلاة الصبح فوقف الإمام في القراءة فاستفتح عليه وتكررت العملية أكثر من ثلاث مرات في ركعة واحدة فركع.وبعد الركوع والسجود للركعة الأولى جلس فسبح له فقام ثم ركع قبل أن يقرأ شيئا.وسبح له فسجد دون قراءة.فقال له أحد المصلين بالحرف بقيت ركعة فقام وأتم الصلاة.وسجد سجود بعدي)) السؤال الأول ما حكم هذه الصلاة؟ ما حكم صلاة الذي تكلم فيها بما سبق؟ وما يترتب على الإمام إذا تعذرت عليه القراءة أن يفعل؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام أتى بالفاتحة كاملة سواء كان التوقف فيها أم في غيرها وأتى في الركعة الأخيرة بالفاتحة وكان ما حصل منه من التصرف ناجما عن السهو وليس متعمدا فإن صلاته صحيحة وكذلك صلاة من خلفه، وليس عليه إلا سجود السهو بعد السلام كما فعل، ولا تبطل الصلاة بالكلام المذكور لأنه للإصلاح بعد أن سبح بالإمام فلم يفد ذلك شيئا، والأصل أن المشروع لمن نابه شيء في صلاته أن يسبح، فإذا لم يحصل الغرض بالتسبيح شرع من الكلام ما يحصل به التنبيه إذا لم يكثر. وأما الإمام فإذا تعذرت عليه القراءة فإن كان ذلك في الفاتحة ولم يفد الفتح عليه ندب أن يستخلف أحد المأمومين ليكمل بالناس.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: ندب للإمام خشي تلف مال أو نفس أو منع الإمامة لعجز أي كعجزه عن الركوع أو قراءة الفاتحة أي طريان عجزه عن ذلك في بقية صلاته وأما طريان عجزه عن السورة فليس من موجبات الاستخلاف. انتهى.
وإن تعذرت عليه قراءة غير الفاتحة فلا يشرع له الاستخلاف وليقرا آية مع الفاتحة ويكمل صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/7868)
زيادة الإمام سجدة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا سجد الإمام ثلاث سجدات أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيادة الإمام للسجدة لا يخلو أن يكون متعمدا أو غير متعمد، فإن كان متعمدا بطلت الصلاة مع أن تعمد ذلك مستبعد، وإن كان سهوا لم تبطل به الصلاة ويترتب عليه سجود السهو. قال ابن قدامة في المغني: والزيادات على ضربين: زيادة أفعال وزيادة أقوال، فزيادات الأفعال قسمان: أحدهما: زيادة من جنس الصلاة مثل أن يقوم في موضع جلوس أو يجلس في موضع قيام أو يزيد ركعة أو ركنا، فهذا تبطل الصلاة بعمده ويسجد لسهوه قليلا كان أو كثيرا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. رواه مسلم. انتهى.
فإذا علم المأموم أن السجدة زائدة فلا يسجدها مع الإمام، فإن فعل عامدا ذلك عالما بطلت صلاته كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 64728، والفتوى رقم: 11388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/7869)
صلاة من سجد السجدة الثانية من قيام
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يصلي وسها في الركعة الأولى بحيث قام بعد السجدة الأولى ووقف قائما , فقلنا له سبحان الله , فكبر وسجد مباشرة وأكمل الصلاة , وسجد سجدتي سهو. فقلت له إنك تركت ركنا وهو الجلسة التي بين السجدتين. فقال: يعتبر أني عملتها أثناء قيامي واقفا.
ما هو الحكم الشرعي في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه من أركان الصلاة فلا تصح الصلاة إلا بهما عند جمهور العلماء، قال النووي: فرع في مذاهب العلماء في الجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه، مذهبنا أنهما واجبان لا تصح الصلاة إلا بهما، وبه قال جمهور العلماء، وقال أبو حنيفة: لا تجب الطمأنينة ولا الجلوس بل يكفي أن يرفع رأسه عن الأرض أدنى رفع ولو كحد السيف، وعنه عن مالك أنهما قالا يجب أن يرتفع بحيث يكون إلى القعود أقرب منه وليس لهما دليل يصح التمسك به، ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم ثم ارفع حتى تمطئن جالسا. رواه البخاري. انتهى.
وذكر ابن قدامة في المغني أن الواجب في الصلاة نوعان أحدهما لا يسقط في العمد ولا في السهو.. قال: ومنه السجود حتى يطمئن والاعتدال عنه بين السجدتين حتى يطمئن. انتهى.
وبهذا يتبين أن الجلوس بين السجدتين واجب عند جمهور العلماء ولكن هل تبطل صلاة هذا الإمام لتركه الجلوس أم لا. عند المالكية قولان في بطلان صلاة من فعل مثل ما فعل الإمام المذكور، قال الدسوقي في حاشيته على الدردير بعد أن ذكر الخلاف في الكيفية التي يرجع بها من ترك سجدة وقام قال: وبقي شيء آخر وهو أنه على القول المعتمد من أن تارك السجدة يجلس، لو خالف ورجع ساجدا من غير جلوس فاستظهر الخرشي في كبيره البطلان لأن الجلوس بين السجدتين فرض قال شيخنا (العدوي) وقد يقال الظاهر الصحة مراعاة لما رواه أشهب أن تارك السجدة يخر ساجدا من قيام ولا يجلس. انتهى.
فعلى هذا القول الأخير لم تبطل صلاته وإن كان الأحوط والأبرأ للذمة أن يعيد هذا الإمام الصلاة خروجاً من الخلاف. هذا إذا لم يقم بإلغاء الأولى بعد أن فات محل تدارك إصلاحها ويجعل الثانية مكانها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(11/7870)
ما يفعله المأموم إذا ترك الإمام إحدى السجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام ترك السجدة الثانية في الركعة الأولى من صلاة الرباعية وقام إلى الركعة الموالية فسبح له المأمومون ولم يرجع، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان على المأمومين الذين تحققوا من نقص السجدة أن يسبحوا للإمام، فإن لم يفهم بالتسبيح كلموه بقدر الحاجة، فإن لم يمتثل سجدوها لأنفسهم ولا يتبعونه في تركها، فإن تبعوه في تركها بطلت صلاتهم على الراجح لتعمدهم ترك ركن من الصلاة، فإذا سجدوها فإنهم يتبعونه في بقية صلاته فيجلسون معه في جلساته ويسلمون بسلامه، وعليهم أن يخبروه بعد سلامه أنه ترك سجدة ليأتي بركعة مكان الركعة التي ترك منها السجدة، فإن لم يأت بركعة أصلاً أو فاته التدارك بأن حصل الطول بعد سلامه قبل أن يأتي بها بطلت صلاته. وهذه إحدى المسائل التي تبطل فيها صلاة الإمام دون المأموم عند المالكية.
قال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: وإن سجد إمام سجدة وقام لم يتبع وسبح به، والمعتمد أنه إن لم يفهم بالتسبيح كلموه، فإن لم يرجع بالكلام يسجدونها لأنفسهم ولا يتبعونه في تركها؛ وإلا بطلت عليهم، ويجلسون معه ويسلمون بسلامه، فإذا تذكر ورجع لسجودها فلا يعيدونها معه على الأصح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(11/7871)
الوسوسة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا صاحبة الفتوى رقم 58257 هل رأي حضرتك يعني أن أبني على الأكثر دائما ولا أسجد للسهو أم أبني على الأكثر وأسجد للسهو بعد الصلاة، ماذا أفعل بالضبط فقد قال لي أحد الشيوخ أبني على الأكثر ولا تسجدي للسهو وقرأت لحضرتك أن أبني على الأكثر وأسجد للسهو ما الذي أفعله وأي رأي أخذ به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى التي أشرت أليها أن الراجح من كلام أهل العلم أن من كثر عليه الشك حتى صار كالوسواس لا يتلفت إليه ولا يلزمه سجود، وهذا هو الذي يتماشى مع روح الشريعة الإسلامية السمحة المشتملة على رفع الحرج دائما فقد قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} . وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . وراجعي الفتوى رقم: 22408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1425(11/7872)
من زاد ركعة أو أكثر عمدا بطلت صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: في صلاة العشاء جماعة سها الإمام عند التشهد الأخير وقام فزاد ركعة وألحقها ركعة أخرى ثم سجد للسهو بعض المصلين سلم ولم يتابع أنا تابعت الإمام حتى التسليم نرجو بيان الحكم وهل الصلاة صحيحة
علماً أن الإمام أكد صحة الصلاة على مذهب الأحناف أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قام الإمام إلى الركعة الخامسة سهواً ثم أتمها بعد علمه أنها خامسة بطلت صلاته، وأما المأموم فإن علم أن إمامه قد زاد ركعة فلا يجوز متابعته عليها فإن تابعه وقام إلى الخامسة بطلت صلاته أيضاً وانظر الفتوى رقم: 18107 والفتوى رقم: 1953 والفتوى رقم: 14988. وأما عند الحنفية فإنه إذا قام الإمام إلى الخامسة ولم يقعد للتشهد في الرابعة، فسدت فريضته وتصير نفلاً ويستحب له أن يشفع الركعة الخامسة بركعة سادسة. ويلزمه إعادة الفريضة بعد ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد صاحب أبي حنيفة تبطل مطلقاً. وأما إذا كان قعد للتشهد ثم قام الخامسة سهواً لم تفسد صلاته ويشفع الخامسة بسادسة وإن لم يفعل فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(11/7873)
مسائل حول سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت للشيخ ابن عثيمين فيما يتعلق بسجود السهو أنه يكون بعد السلام في حالة الزيادة في أصل الصلاة وفي حالة حدوث شك وترجيح أحد الأمرين وأن السجود قبل السلام في موضعين وهما في حالة النقص أو في حالة الشك دون ترجيح فإنه ياخذ بالأقل ويسجد قبل السلام والاسئلة كالاتي:1- هل هذا هو أرجح الأقوال أم لا.2-في حالة السجود بعد السلام وكان هناك مأمومون قاموا لإكمال الصلاة قبل أن يسجد الإمام للسهو فماذا عليهم وما مدى صحة صلاتهم. 3-في حالة أن الشخص وجد لديه شك ولا يدري هل قال التشهد الأول أم لا ولم يترجح عنده أفعله اأ لا فهو يسجد قبل السلام فماذا يصنع إذا ترجح عنده أنه قال التشهد الأول هل يسجد بعد السلام وإذا ترجح عنده أنه لم يقل التشهد الأول هل يسجد بعد السلام لزوال الشك أم يسجد قبل السلام لأنه قد انتقص من صلاته. 4-يقال إن التشهد الأخير يقال مرة أخرى بعد سجود السهو فما مدى مشروعية ذلك وهل يقال في سجود السهو الذي يكون بعد السلام أم الذي يكون قبله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما رجحه الشيخ ابن عثيمين هو الراجح عندنا وقد فصلنا أقوال أهل العلم في المسألة في الفتوى رقم: 17887 أما إذا اجتمع ما محله قبل السلام، وما محله بعده، فيغلب ما قبل السلام فيسجد قبل السلام، لأنه أسبق وآكد، وقد وجد سببه ولم يوجد قبله ما يقوم مقامه، فإذا سجد له سقط الثاني وعليه فإن شك المصلي هل أتى بالتشهد الأوسط ولم يترجح له شيء فإنه يطرح الشك ويأت به إن لم يفت تداركه لأن الأصل عدمه ويسجد قبل السلام لما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان. فإن ترجح له أنه أتى به سجد بعد السلام لأنه بنى على غالب ظنه، وقد جاء النص بأنه يسجد بعد السلام لما رواه البخاري وغيره عن عبد الله قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم.... وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين. وإن ترجح له أنه لم يأت به وقد فات محله فإنه يسجد قبل السلام لما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم. وأما التشهد بعد سجود السهو سواء كان قبل السلام أو بعده فهو محل خلاف بين أهل العلم والراجح أنه لا يتشهد مطلقا وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله. وأما إذا قام المسبوق لقضاء ما عليه بعد سلام إمامه فسجد الإمام ففيه تفصيل بينه العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني فقال: إذا قام المأموم لقضاء ما فاته فسجد إمامه بعد السلام فحكمه حكم القائم عن التشهد الأول، إن سجد إمامه قبل انتصابه قائما لزمه الرجوع، وإن انتصب قائما ولم يشرع في القراءة لم يرجع، وإن رجع جاز، وإن شرع في القراءة لم يكن له الرجوع. نص عليه أحمد. وهذا مذهب الحنابلة في الجملة ولغيرهم مذاهب أخرى في المسألة فيها تفصيل أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/7874)
إذا قام الإمام إلى الركعة الخامسة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام الإمام ناسيا في إحدى صلاتي العشي مثلا للركعة الخامسة، هل يلزم المأموم متابعة الإمام؟ أم ينتظره جالسا ثم يتشهد عند جلوس الإمام ويسلم معه؟
وهل إذا عرف الإمام خطأه يجلس حتى ولو استقام واقفا؟
أفتونا أثابكم الله، وبشيء من التفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قام الإمام إلى الركعة الخامسة فعلى المأموم أن ينبهه، فإن عاد، وإلا لم يجز له متابعته بل يجلس حتى ينتهي من الركعة ويتشهد معه ويسلم، ومن تابعه من المأمومين عالما بالزيادة فصلاته باطلة وعليه القضاء، لأنه تعمد متابعة الإمام وهو يعلم أنه قد زاد في صلاته، ومن لم يعلم بالزيادة في صلاة الإمام حتى سلم وانتهى من الصلاة ثم علم أن صلاته فيها زيادة فلا حرج عليه وصلاته صحيحة.
ويجب على الإمام أن يجلس إذا عرف خطأه أو نبهه بعض المأمومين وإن استقام واقفا، فإن لم يجلس وأتم هذه الركعة الزائدة وهو يعلم أنها زائدة فصلات باطلة ويلزمه إعادتها. وراجع الفتوى رقم: 1331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/7875)
حكم من صلى العشاء ثم تذكر أنه لم يسلم من المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا دخلت صلاة العشاء بنية المغرب - لعذر شرعي - ثم قمت لصلاة العشاء دون أن أسلم من المغرب، وبعد تسليمي من العشاء تذكرت أني لم أسلم من المغرب، فما يجب علي؟ هل أعيد المغرب والعشاء؟ أم أسجد للسهو وأعيد العشاء - عند من يشترط الترتيب - أم أسجد فقط؟
وإذا ذكرت أني لم أسلم من المغرب أثناء صلاة العشاء هل أخِر لسجود السهو أم أعيد الركعةالثالثة من المغرب وأسجد للسهو؟
مع ذكر اسم المجيب وبارك الله فيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أنك قد قمت للعشاء قبل أن تسلم من المغرب فإن صلاة العشاء تعتبر لاغية لأنك دخلت فيها وأنت متلبس بالمغرب قبل طول الفصل. وقد اختلف أهل العلم في مقدار طول الفصل فقال بعضهم: هو راجع للعادة. وقال آخرون: هو بمقدار الصلاة التي حصل فيها الخلل. وقال آخرون: قدر ركعة. وقد اعتبر الشافعية صلاة ركعتين فاصلا طويلاً قطعاً كما في تحفة المحتاج.
واعتبر المالكية ما زاد على قراءة الفاتحة فاصلاً طويلاً كما في شرح الدردير.
وعليه فالفاصل في مسألتنا طويل، فعليك أن تعيد المغرب والعشاء، هذا إذا تذكرت بعد السلام من العشاء، أما إذا تذكرت قبل السلام من العشاء فإن كان بعد تمام ركعتين فكذلك، وإن كان قبل ذلك فلترجع ولتسجد للسهو ولتسلم من المغرب، ولا تُعِد الركعة الثالثة، ثم تصلي العشاء بعد ذلك والأحوط إذا تجاوزت الفاتحة هو إعادة المغرب والعشاء لما سبق ذكره عن المالكية.
وللفائدة فإننا نورد بعض أقوال أهل العلم في مثل مسألتنا، جاء في شرح الدردير: والرفض للصلاة وهو نية إبطال العمل (مبطل) لها اتفاقًا إن وقع في الأثناء وعلى أحد مرجحين إن وقع بعد الفراغ منها وأرجحهما عدم البطلان والصوم كالصلاة ثم شبه في البطلان قوله: (كسلام) أوقعه عقب اثنين من رباعية مثلاً لظنه الإتمام وإتمام في الواقع (أو ظنه) أي ظن السلام لظنه الإتمام ولم يكن منها شيء في الواقع (فأتم) يعني أحرم في الصورتين (بنفل) أو فرض، فالأولى لو قال فشرع بصلاة بطلت التي خرج منها يقينًا أو ظنًا (إن طالت) القراءة فيما شرع فيه بأن شرع في السورة بعد الفاتحة ولو لم يركع (أو ركع) بالانحناء ولو لم يطل، وإذا بطلت في الصورتين فيتم النفل الذي شرع فيه إن اتسع وقت الفرض الذي بطل أو عقد ركعة بسجدتيها وإن ضاق الوقت ويقطع الفرض المشروع فيه، وندب الإشفاع إن عقد منه ركعة، وإنما وجب إتمام النفل دون الفرض إن عقد ركعة؛ لأن النفل إذا لم نقل بإتمامه يفوت، إذ لا يقضى، وقيل: إن تمام الفاتحة طول ولم يشرع في السورة فيحمل قوله: أو ركع على من لم تجب عليه الفاتحة، فيكون قوله: إن طالت محمولاً على من يحفظها. وقوله: أو ركع إذا لم يحفظها واستبعد (وإلا) بأن لم تطل القراءة ولم يركع (فلا) تبطل ولا يعتد بما فعله، بل يرجع للحالة التي فارق فيها الفرض فيجلس.
وفي تحفة المحتاج: (ولو جمع) تقديمًا (ثم علم) بعد فراغهما أو في أثناء الثانية وقد طال الفصل بين سلام الأولى والتذكر (ترك ركن من الأولى بطلتا) الأولى لترك الركن وتعذر التدارك بطول الفصل، والثانية بالمعنى السابق لبطلان شرطها من صحة الأولى، وذكر هذه أولا لبيان الترتيب. ثم هنا لبيان الموالاة وتوطئة لقوله: (ويعيدهما جامعاً) إن شاء تقديمًا عند سعة الوقت أو تأخيرًا؛ لأنه لم يصل. أما إذا لم يطل فيلغو ما أتى به من الثانية ويبني على الأولى. اهـ
وأما عن اسم المجيب فراجع الفتوى رقم:
1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/7876)
حكم التشهد بعد سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام علكم ورحمة الله وبركاته السؤال/ هل يعاد التشهد بعد سجود السهو وهل أعيد التشهد كاملا من التحيات لله إلى إنك حميد مجيد أو إلى محمد عبده ورسوله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سجد بعد السلام أعاد التشهد كاملا وجوبا عند الحنفية والحنابلة، واستنانا عند المالكية، وانظر الفتوى رقم: 3947
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1424(11/7877)
حكم المسبوق إذا كان على إمامه سجود سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا مسبوق وقد تحصلت على الركعة الأخيرة من الصلاة الرباعية وعندما سلم الإمام السلام كان لديه سجود بعدي في هذه الحالة كيف أتم صلاتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء - وهو الراجح إن شاء الله - أن المسبوق ينتظر حتى يسجد للسهو مع إمامه، ثم يقوم فيتم ما فاته، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الإمام ليؤتم به " رواه البخاري وغيره.
وفي المسألة تفاصيل أخرى نجدها مسطورة في الفتاوى التالية: 12121 7558 12204
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(11/7878)
ماهية ترقيع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد من الإخوة بيان كيفية ترقيع الصلوات؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترقيع الصلاة هو جبر ومعالجة ما وقع فيها من خلل، وهذا موضوع واسع لا يمكن استيفاؤه في ورقة ولا ورقات، لكنا نذكر للسائل رؤوس أقلام من ذلك، فنقول:
ما كان في الصلاة من زيادة سهواً أو نقص سنة مؤكدة سهواً كذلك، فإنه يجبر بسجود السهو، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 4830، والفتوى رقم: 4831.
أما ما كان فيها من فقد شرط أو نقص ركن من أركانها فلا يجبر بسجود السهو، ولابد من الإتيان به هذا إذا ترك سهواً، أما إذا ترك عمداً فإن الصلاة تبطل بمجرد تركه، ولبيان حكم من ترك ركناً من أركان الصلاة سهواً تراجع الفتوى رقم: 14544 هذا إذا كان منفرداً أو إماماً، أما إذا كان مأموماً فقد سبق بيان ما يفعل في الفتوى رقم: 16498.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(11/7879)
المسبوق وحالات سجود السهود مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأحكام المتعلقة بالمسبوق في صلاة مع إمام عليه سجود سهو (إذا أمكن كل الحالات) ؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسبوق في صلاة سها فيها الإمام له حالتان:
الأولى: أن يسجد الإمام للسهو، وهذا له حالان:
الأول: أن يسجد الإمام قبل السلام، فيجب على المأموم متابعته عند أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، وهل يعيد السجود إذا انتهى من صلاته؟ قولان للإمام الشافعي رحمه الله، وهما روايتان عن الإمام أحمد.
الثاني: أن يسجد الإمام بعد السلام، فتجب متابعته عند الحنابلة وأصحاب الرأي، وقال الشافعي ومالك يقضي ما فاته ثم يسجد.
الثانية: أن لا يسجد الإمام للسهو:
فيسجد المسبوق في آخر صلاته عند الحنابلة كما قال صاحب المغني، ويمكن الاستفادة من الفتوى رقم: 12121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(11/7880)
مذهب أبي حنيفة في المقتدي إذا لزم إمامه سجود سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو قول العلماء في خصوص تلك المسألة إن الإمام وجب عليه سهو في الصلاة من ترك واجب أو تكرار ركن سهواً فسجد هو للسهو ومن المقتدين رجل أدرك الإمام من أول الصلاة إلى آخرها لكنه لم يسجد مع الإمام فهل يجب عليه شي أم لا؟
أريد الإجابة عنهذه المسألة حسب مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأجركم عندالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعروف من مذهب الإمام أبي حنيفة وغيره أن المقتدي إذا لزم إمامه سجود سهو فسجد له لزمه هو السجود تبعاً لإمامه.
وسواء أدرك المأموم سبب السجود أو لم يدركه بأن كان مسبوقاً، وذلك لأنه إذا لم يسجد مع إمامه يصير مخالفاً له.
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا" إلى آخره، أخرجه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(11/7881)
هل يتابع المسبوق الإمام في سجود السهوأم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في الصلاة مسبوقاً بركعة وبعد أن سلم الإمام وقمت لإتمام الركعة الأخيرة هم الإمام بالسجود للسهو ولكني لم أتابعه فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سها الإمام في صلاته، وأدرك المأموم معه ركعة فما فوقها، ثم سجد الإمام للسهو بعد السلام، فهل ينتظره المأموم المسبوق حتى يسجد للسهو فيسجد معه؟ أم يقوم يتم ما فاته ثم يسجد هو للسهو بعد انتهاء الصلاة؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فذهب الأكثرون إلى أنه ينتظره حتى يسجد للسهو فيسجد معه ثم يقوم فيتم ما فاته، ودليلهم هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به.."رواه البخاري وغيره.
وإذا لم يسجد معه كان ائتمامه به ناقصاً، هكذا قال الجمهور.
وذهب المالكية إلى أنه لا يتابعه وتبطل صلاته بمتابعته له متعمداً، لأن المتابعة تنقطع بالسلام، وعليه أن يقوم ليتم ما فاته، ثم يسجد للسهو، وهناك تفصيل للإمام أحمد رحمه الله، قال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا قام المأموم لقضاء ما فاته فسجد إمامه بعد السلام فحكمه حكم القائم عن التشهد الأول، إن سجد إمامه قبل انتصابه قائما لزمه الرجوع، وإن انتصب قائماً ولم يشرع في القراءة لم يرجع، وإن رجع جاز، وإن شرع في القراءة لم يكن له الرجوع. نص عليه أحمد…" وتراجع الفتوى رقم:
8438
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1422(11/7882)
حكم صلاة من جهر بالقراءة في الصلاة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة الظهر وفي الركعة الثانية انتبهت لنفسي أني أصلي جهرا ولم أدر ماذا أفعل أفيدونا أفادكم الله والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك صحيحة، والركعة التي لم تسر بالقراءة فيها مجزئه، لأن الجهر في الجهرية، والإسرار في السرية سنة، ولو أنك سجدت للسهو من حينك كان ذلك أفضل، لعموم الأحاديث الدالة على مشروعية سجود السهو على من زاد، أو نقص سهواً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1422(11/7883)
الذكر في سجود السهو كالذكر في سجود الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول المسلم في سجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الساجد يقول في سجود السهو مثل ما يقول في سجوده في صلاته: (سبحان ربي الأعلى) ، والواجب - في ذلك - عند من عد التسبيح في السجود واجباً هو قولها مرة واحدة، وأدنى الكمال ثلاث مرات، ويستحب الدعاء في السجود بما يسر الله من الأدعية الشرعية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1422(11/7884)
حالات المأموم في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يسجد المأموم سجود السهو إذا نسي أو جاء بزيادة أونقص أثناء صلاته خلف الإمام كأن يقف مثلا عند جلوس الإمام للتشهد أو كأن يجلس عندما يقف الإمام ليأتي بالركعة التالية بعد السجود]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللمأموم مع سجود السهو أحوال:
أولاً: أن يبتدئ الصلاة مع إمامه، فإن حصل منه سهو لم يحصل من إمامه فلا سجود عليه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه"
فمتابعة الإمام في السلام معه وعدم الزيادة عليه مقدمة على سجود السهو.
ثانياً: أن يكون المأموم مسبوقاً، وهو من فاته شيء من الصلاة ولزمه الإتمام، وهذا له حالان:
الأول: أن يسهو فيما انفرد به بعد إمامه فهو في هذا كالمنفرد فيسجد للسهو.
الثاني: أن يسهو فيما صلاه مع إمامه، كأن يدخل معه في الركعة الثانية ويسهو في الثالثة، فهذا يسجد للسهو أيضاً عند بعض أهل العلم.
ثالثاً: أن يقع السهو من الإمام ويسجد للسهو، فيلزم المأموم متابعته.، في الجملة وللعلماء في ذلك تفاصيل مذكورة في كتب الفقه.br>رابعاً: أن يسهو الإمام ولا يسجد - مع كونه يرى وجوب السجود- فيسجد المأموم إذا أيس من سجود إمامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1422(11/7885)
مسألة هامة تتعلق بسجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[سهى إمام في الصلاة ثم سلم وأتى بسجود السهو
وكان خلفه من المأمومين من فاته جزء من الصلاة
فلما سلم الإمام قام بعض الذين حضرو متأخرين فأتموا صلاتهم دون أن يسجدوا معه. وبقي بعضهم
فسجد للسهو معه ولما سلم الإمام من سجود السهو قاموا فأتموا صلاتهم.
فأي الفريقين على صواب؟ وماذا يجب على المخطيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في حكم متابعة المأموم المسبوق للإمام في سجود السهو إذا سجد الإمام بعد السلام، فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المأموم يتابع الإمام في سجود السهو قبل أن يقوم للقضاء لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإذا سجد فاسجدوا" أخرجه البخاري ومسلم. ولأن قضاء المأموم لما فاته إنما يكون بعد فراغ الإمام من صلاته، والإمام في هذه الحالة لم يفرغ بعد من صلاته فراغاً تاماً، وذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يتابعه في سجود السهو إذا كان بعد السلام، وإنما يقوم للقضاء أولا فإذا أتم صلاته سجد للسهو، واحتجوا لذلك بأن اقتداء المأموم بالإمام ينقطع بسلام الإمام فإذا انقطع الاقتداء انقطعت المتابعة. أما الحديث الذي استشهد به أهل المذهب الأول فهو في حق المتابعة في صلب الصلاة. وبناء على ما فصلنا من مذاهب أهل العلم فإن كلا من الفريقين المذكورين في السؤال وافق فعله مذهباً معتبراً لأهل العلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/7886)
كيف يتصرف من سلم وعليه سجود سهو
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تأديتي للصلاة أتذكر أنني ارتكبت خطأ ما، كنسيان ركعة أو ما شابه ذلك، وأنسى أيضا القيام بسجود السهو، وأتذكر ذلك بعد الانتهاء من الصلاة، فهل يجوز بعد أن قمت بالتسليم ورفع السجادة من على الأرض أن أعود مرة أخرى وأسجد سجدتي السهو؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يلتبس به الإنسان من الشكوك والوساوس في صحة صلاته، ملغى ولا عبرة به في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يطرأ الشك بعد الفراغ من الصلاة، ما لم يتيقن ما شك فيه من زيادة أو نقص.
الحالة الثانية: أن تبقى تلك الوساوس في حدود الأوهام، وأن لا ترتقي إلى درجة الشك، لأن الإنسان لو طاوع الأوهام والخيالات لتعب تعباً عظيماً، ولذهب ذلك به مذهباً لا حد له.
الحالة الثالثة: أن يكون هذا الشخص كثير الوساوس والشكوك، بحيث لا يفعل شيئاً إلا شك فيه، فهذا أيضا معذور، لأن كثرة الوساوس تعتبر مرضاً وعلة، فالشكاك ذهنه غير مستقر، وبالتالي فشكوكه لا عبرة بها.
أما في غير هذه الحالات، فإذا شك الإنسان في صلاته، بأن شك في عدد الركعات كم صلى، فالواجب عليه هو أن يبني على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل السلام، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً، أم أربعاً، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" رواه أحمد ومسلم وغيرهما، ومثل ذلك ما لو شك في الإتيان بسجدة أو ركوع، فليأت بما شك فيه وليسجد للسهو، وإذا نسي السجود قبل السلام، فليسجد بعده ما لم يخرج من المسجد، أو يطرأ عليه حدث، وعلى هذا فمن ترتب عليه سجود سهو، ولم يذكره إلا بعد فصل طويل كخروجه من المسجد أو نحو ذلك، سقط عنه لفوات محله. أما رفع السجادة وحده إذا لم يكن معه طول وقت فلا يسقط المطالبة بالسجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1421(11/7887)
صفة سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سجود السهو مثل السجود العادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صفة سجود السهو هي أن يسجد الشخص سجدتين بينهما جلوس، بعد إكمال الصلاة، وتارة تكونان بعد السلام وتارة تكونان قبله، على ماهو مفصل في مواضع سجود السهو، ويفعل في هاتين السجدتين ما يفعل في كل سجود من التسبيح والدعاء والتكبير والطمأنينة (أي استقرار الأعضاء) .
... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7888)
يشرع سجود السهو للفريضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشرع سجود السهو في السنن والرواتب، وهل هناك دعاء مخصوص يقال في سجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن سها في صلاته فإنه يشرع له أن يسجد للسهو- فريضة كانت أو نافلة - في قول عامة أهل العلم. قال ابن قدامة: لا نعلم فيه مخالفاً إلا ابن سيرين.
وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين" رواه مسلم. وقال: "إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين" متفق عليه.
ولم يفرق في ذلك بين النفل والفرض، ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود، فيسجد لسهوها.
وأما بخصوص الدعاء المستحب فيه فإنه يشرع فيه من الأذكار والأدعية ما يشرع في غيره من السجود، من وجوب التسبيح واستحباب الدعاء ونحو ذلك.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7889)
سجود السهو: حكمه وموضعه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تجبر الصلاة عند السهو أو الخطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في صلاته، لحديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم، فسها، فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم، رواه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه، كما ثبت عنه أنه قال: "إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين" وفي لفظ: "فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ". الحديث رواه مسلم.
وفي حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان" رواه مسلم.
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها هي الأصل في مشروعية جبر الصلاة، فإذا ما سها المصلي فزاد في صلاته، أو نقص، أو شك في عدد الركعات، فليسجد سجدتين جبراً لذلك الخلل الناشئ عن سهوه أو شكه في صلاته،
وقد اختلف العلماء في حكم السجود: فمنهم من قال بوجوبه، ومنهم من قال بسنيته، ومنهم من قال بوجوبه إذا كان عن نقص،وبندبه إذا كان عن زيادة، كما اختلفوا في محله: هل هو قبل السلام أو بعده، وبالتأمل يظهر أن مذهب الإمام أحمد في حكم السجود وفي محله أشد التصاقاً بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإليك خلاصة مذهبه في حكم السجود ومحله: حكم السجود ينقسم عند الإمام أحمد إلى ثلاثة أقسام: واجب، وسنة، ومباح، فيجب فيما إذا ما زاد المصلي ركوعاً أو سجوداً ونحوهما، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً، فلما انفتل من الصلاة توشوش القوم بينهم، فقال: " ما شأنكم؟ " فقالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: " لا "، قالوا: فإنك صليت خمساً، فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم ثم قال: " إنما أنا بشر مثلكم ... " الحديث، كما يجب على من سلم قبل إتمام الصلاة سهواً، لحديث عمران بن حصين قال: سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، وقام رجل بسيط اليدين فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج- أي النبي صلى الله عليه وسلم - فصلى الركعة التي ترك، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم، الحديث رواه مسلم.
ومن المواضع التي يجب فيها سجود السهو ما إذا ترك المصلي واجباً من واجبات الصلاة، كالتسبيح في الركوع أو السجود، والتشهد الأول، وإذا ترك المصلي هذا السجود الواجب متعمداً بطلت صلاته.
ويسن السجود فيما إذا أتى المصلي بقول مشروع في غير محله، كالقراءة في الركوع أو في السجود، ويباح فيما إذا ترك المصلي سنة من السنن القولية مثل دعاء الاستفتاح، أو ترك قراءة السورة في محلها.
أما محل سجدتي السهو عند الإمام أحمد فهو قبل السلام إلا لمن سلم عن نقص ركعة فأكثر، لحديث عمران بن حصين المتقدم، أوفي حالة ما إذا بنى الإمام على غالب ظنه، ففي حديث ابن مسعود: "وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم ما عليه ثم ليسجد سجدتين" أخرجه البخاري، وفي رواية له: "فليتم ثم يسلم ثم يسجد" ولمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام. ثم إن كون السجود قبل السلام أو بعده أمر فيه متسع، لأن الأحاديث وردت في كل من الأمرين،فلو سجد للكل قبل السلام أو بعده جاز.
وينبغي التنبه إلى أن السجود لا يجبر ترك ركن من أركان الصلاة، ولا ترك شرط من شروطها، وإنما يجبر ترك الواجبات والمسنونات على ما تقدم.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(11/7890)
التسليم بعد سجود السهو واجب والتشهد مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التشهد والتسليمتين بعد سجود السهو إذا كان السجود بعد السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
التسليمتان بعد سجود السهو الواقع بعد السلام حكمهما أنهما واجبتان، وأما التشهد فالمشهور عن الإمام أحمد أنه استحبه إذا كان سجود السهو بعد السلام. قال ابن قدامة: وجملة ذلك: فعليه أن يأتي بما بقي، ثم يتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتين ويسلم.
روى أبوداود قال: قلت فالتشهد؟ قال لم أسمع في التشهد، وأحب إلي أن يتشهد. فإن سجد ثم سلم ولم يتشهد فلا شيء عليه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7891)
من سلم من سجدتي السهو تسليمة واحدة أجزأته
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن سلم الإمام التسليمتين في آخر الصلاة سجد سجدتي السهو ثم سلم تسليمة واحدة فقط على اليمين فهل عمله صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سلم من سجدتي السهو تسليمة واحدة أجزأه ذلك وفعله صحيح، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم " سجد سجدتي السهو – بعد ما سلم من صلاته – ثم سلم، من غير تقيد بعدد معين فكان الاقتصار على تسليمة واحدة مجزئا.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7892)
يشرع سجود السهو في كل صلاة فريضة أو نافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزسجود السهو في صلاة المغرب أم يكون في الصلاة الرباعية فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن سجود السهو مشروع في كل صلاة يسهو فيها المصلي، سواء أكانت فريضة أو نافلة، رباعية أو ثلاثية أو ثنائية. على التفصيل المذكور في مواضع السجود وحكمه.
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7893)
حكم متابعة الماموم للإمام إذا سها بالزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى الإمام الركعتين الأوليين من العصر وسها عن التشهد الأول فقام للركعة الثالثة، وبعدها بقي قاعدا للتشهد الأول فتبعه المصلون، ثم قام للركعة الرابعة وبعد أن أتم سجودها قام ظنا منه أنها الثالثة فقام معه بعض المصلين وظل البعض الآخر قاعدا حتى أنهى الركعة الخامسة ثم تبعه الجميع في التشهد الأخير ثم أدى سجدتي السهو ثم سلّم، فما حكم الشرع في صلاة الإمام وكذا في صلاة المأمومين؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فمن علم من المقتدين أن الإمام قد زاد في صلاته ثم استمر معه حتى سلم فصلاته باطلة وعليه القضاء، لأنه تعمد متابعة الإمام وهو يعلم أنه قد زاد في صلاته، ومن لم يعلم بالزيادة في صلاة الإمام حتى سلم وانتهى من الصلاة، ثم علم أن صلاته فيها زيادة فلا بأس عليه وصلاته صحيحة.
وأما الإمام فان كان يعلم أن الركعة زائدة واستمر فيها فصلاته باطلة. وإن كان يعتقد أن صلاته صحيحة ولم يتغير اعتقاده بتنبيه المصلين، بل بقي على حاله وظنه إلى خروجه من الصلاة فصلاته صحيحة أيضا، وإذا أخبر بزيادة ولم يكن متأكداً من عدمها فعليه سجود سهو. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7894)
صفة سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل سجود السهو مثل السجود العادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صفة سجود السهو هي أن يسجد الشخص سجدتين بينهما جلوس، بعد إكمال الصلاة، وتارة تكونان بعد السلام وتارة تكونان قبله، على ماهو مفصل في مواضع سجود السهو، ويفعل في هاتين السجدتين ما يفعل في كل سجود من التسبيح والدعاء والتكبير والطمأنينة (أي استقرار الأعضاء) .
... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7895)
حكم إغلاق المسجد لمنع الطالبات من الهرب من الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إغلاق مسجد المدرسة أثناء فترة الدراسة تخوفا من تسرب الطالبات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز إغلاق المساجد في غير أوقات الصلاة للمصلحة، وانظري الفتوى رقم: 63687.
وعلى هذا، فإن كنتم تعانون من مشكلة هروب الطالبات من مقاعد الدراسة ومكثهن في مسجد المدرسة، فإن بإمكانكم أن تغلقوه بعد أداء الطالبات للصلاة مباشرة، أو أن تتخذوا أي إجراء آخر كالحسم من الدرجات أو غير ذلك، وأما إن كان المقصود إغلاق المسجد وحرمان سائر الطالبات والمدرِّسات من الصلاة فيه، مما يترتب عليه تأخيرهن للصلاة عن أول وقتها وربما خروج جميع وقتها بالكلية، فإن ذلك محرم، لقول الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ {البقرة:238} .
وقوله: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
وقوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا {مريم:59} .
وقوله: ف َوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5،4} .
والوعيد ليس على تركها بالكلية، وإنما على مجرد تأخيرها حتى يخرج وقتُها وإن أدَّوْها، كما حُكي عن ابن عباس وغيره.
وأن إغلاق المسجد بحيث يترتب عليه ما ذُكر لهو منتهى الظلم، وهو من أعظم صور السعي في خرابها، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا {البقرة:114} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/7896)
حكم الصلاة في مسجد يحوي مقاما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في المسجد الذي يظهر مخططه وهو يحوي مقاما؟ علماً بأن أقرب مسجد يليه أبعد منه بحوالي: 8 أضعاف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالمقام: القبر، فإما أن يكون هذا القبر خارج المسجد أو داخله، فإن كان خارج المسجد فتجوز الصلاة فيه ـ ولو كان القبر إلى جهة القبلة ـ ما دام هنالك حائل من حائط أو سور ونحوهما.
وأما إذا كان القبر داخل المسجد فالصلاة فيه منهي عنها ـ مع صحتها ـ وقيل لا تصح، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 13365، ورقم: 72189، ولا يجوز في الإسلام أن يجتمع مسجد وقبر، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 4527، ونقلنا فيها كلام أهل العلم بخصوص ما يجب فعليه إذا اجتمعا، فراجع هذه الفتوى للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(11/7897)
حكم توسعة المسجد من جهة مقبرة بجواره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء المسجد للتوسعة فوق المقبرة بسبب ضيق المسجد عن المصلين؟ وأنتظر الجواب من حضراتكم.
والله يوفقكم ويجزيكم الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المقبرة قديمة ولم يبق فيها أثر للميت، فيجوز حينئذ البناء عليها لحاجة المسجد، أما إن كان رفات الميت باقيا، فقد اختلف العلماء في الأعذار التي يجوز نبش القبور من أجلها، ونقل رفات الميت إلى مكان آخر وهم في ذلك ما بين موسع ومضيق، فمنهم من أجاز ذلك لما يتعلق به حق آدمي ولم يجزه فيما تعلق به حق الله، ومنهم من لم يجز ذلك إلا لضرورة، ومنهم من أجاز ذلك لغرض صحيح، فإذا أمكن توسيع المسجد من جهة أخرى غير جهة المقبرة فذاك، وإلا ففي نبشها لأجل ذلك خلاف، وانظر فيه الفتاوى التالية أرقامها: 10802، 19135، 123711، 19182، 72869.
أما البناء على القبور مع بقائها فلا يجوز، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية: س: عندنا مسجد قديم وحوله مقبرة قديمة جداً قد ضاعت معالمها بحيث لا نعرف أنها مقبرة إلا قبراً واحداً بجوار المسجد، وأراد أهل القرية توسيع هذا المسجد بحيث يدخل في المسجد القبر الظاهر وغيره، علماً أن المكان المذكور أنسب مكان لبناء المسجد، فهل يجوز لهم ذلك؟.
ج: يحرم إدخال القبر المذكور أو شيء من المقبرة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(11/7898)
حكم الجلوس في مسجد تفعل فيه البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجلوس في المسجد إن كانت تفعل فيه بدعة كقراءة القرآن جماعة؟ وإن لم أكن أقرؤه معهم، وهل يجوز حفظ القرآن مع من يفعل ذلك؟.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن جماعة لها أربع صور، منها أن يقرأ الكل مجتمعين بصوت واحد، وهذا قد اختلف أهل العلم في استحبابه وكراهته، وقد سبق ذكر ذلك مفصلاً مع ذكر بقية صور القراءة الجماعية في الفتوى رقم: 27933.
فإن كان المسجد ـ محل السؤال ـ ليس فيه إلا ذلك فلا بأس بالجلوس فيه وحفظ القرآن مع أهله، أما المسجد الذي تفعل فيه البدع حقيقة، ولا تصل بصاحبها إلى درجة الكفر، فإن وجد غيره من المساجد فهو أولى، وإن لم يوجد غيره فلا يجوز التخلف عن الجمع والجماعات فيه، وعلى من يذهب إليه أن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب استطاعته، ولا تجوز مشاركتهم ولا الجلوس معهم في بدعتهم، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 98871، 44831، 105430.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1430(11/7899)
في الصف الأول يصلي معاق ذهنيا ورائحته كريهة فهل يمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[في المسجد الذي أحب دائماً أن أصلي فيه يوجد شخص معاق ذهنياً يصلي فى الصف الأول، ودائماً ما يحب الناس الصلاة فى الصف الأول، ويتسابقون إليه، وأنا واحد منهم.. إلا أنني أجد نفسى أنفر من الصف الأول، وكذلك باقي المصلين الذين يصلون بجواره؛ لأن رائحته كريهة، وكما ذكرت أنه معاق ذهنياً، وعندما قلت ذلك لإمام المسجد، قال لي ربما يقبل الله صلاتنا من أجل هذا الشاب المعاق، فإني كنت سأقول له إن الملائكة لا تحب الرائحة الكريهة، وهكذا، ولكني بعد ما سمعت رده عجز لساني عن القول، فهل يجوز لمثل هذا المعاق أن يصلي معنا أم نمنعه من دخول المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكم في منع ذلك الشخص من الدخول إلى المسجد لكونه ليس من أهل الصلاة أولاً، ولكونه ذا رائحة كريهة، بل يستحب لكم منعه من ذلك حتى لا يؤذي الملائكة والمصلين برائحته، لاسيما وأنه ليس من أهل الصلاة ما دام مجنوناً ... وقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل من هذه البقلة الثوم وقال مرة من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.. انتهى. وعند مسلم أيضاً أن عمر رضي الله عنه قال: ... لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع.. انتهى.
فالسنة تدل على إخراج من به رائحة كريهة من المسجد، ولذا ذهب الحنابلة إلى استحباب إخراجه، قال صاحب كشاف القناع: فإن دخله -أي المسجد- آكل ذلك أي ما له رائحة كريهة من ثوم وبصل ونحوهما أو دخله من له صنان أو بخر قوي إخراجه -أي استحباب إخراجه إزالة للأذى..... انتهى.
وهذا في حق المكلف، فكيف بغير المكلف كالرجل المجنون المشار إليه في السؤال، فإخراجه من باب أولى.. وعلى الإمام أن يستجيب لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1430(11/7900)
صفة المنبر وهل ينقطع الصف إذا كان يفصل بين المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المنبر في المسجد إذا كان مكونا من خمس أو ست درجات وكبيرا وله قبة وطويلا، ويقطع الصف الأول وأحيانا الثاني والثالث، أو إذا كان مختلفا عن منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هل هو من البدع أم هو مكروه أفيدونا يرحمكم الله؟
وهل نستطيع أن نعرف أسماء المفتين في هذا الموقع الرائع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنبر شُرع ليرقى عليه الخطيب فيراه أكبر قدر من المصلين ويسهل عليهم الأخذ عنه.
والمساجد تختلف سعةً وضيقًا، وزحام الناس فيها أيضًا غيرُ منضبطٍ، فإذا احتاج الناس لفرْط زحامهم إلى منبر عالٍ ليتسنى لهم رؤية الخطيب، وكان المسجد متسعًا ـ فلا حرج في رفعه إلى القدر الذي تندفع به الحاجة وتتم به المصلحة، وأما إن كانت الحاجة تندفع بأقل بناء فينبغي أن لا يزاد فيه عن قدر الحاجة حذرًا من السرف وزخرفة المساجد المنهي عنهما.
وأما هل يقطع المنبر الصف أم لا فراجع في هذا الفتوى رقم: 74811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/7901)
حكم التحدث والتلاوة أثناء إلقاء الإمام الموعظة
[السُّؤَالُ]
ـ[س1ـ ياشيخ: عندنا ظاهرة في المسجد، فعندما يبدأ الإمام في الموعظة بعد صلاة الظهر في رمضان يبقى الإخوة يقرؤون القرآن الكريم ويتحدثون بصوت مرتفع في المسجد حتى في بعض الاحيان يقلق الحاضرون، فيا شيخ أيهما أولى حضورالموعظة وموضوعها عن الصيام، أو قراءة القرآن والحديث عن أمور الدنيا بصوت عال؟.
س2 هل يجوز رفع الصوت في المسجد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأولى هو استماع الموعظة وترك التحدث بحديث الدنيا المباح أثناء ذلك، وأما قراءة القرآن فمن أراد أن يقرأ القرآن ولا يستمع للموعظة فليقرأ بلا تشويش ولا رفع صوت، كما بينا في الفتوى رقم: 11503.
وينبغي لمن يلقي الموعظة أن يتوسط في رفع الصوت حتى لا يشوش على من يصلي أو يقرأ القرآن، كما بينا في الفتوى رقم: 115587.
وأما رفع الصوت داخل المسجد، والخوض في حديث الدنيا، فقد سبق بيان حكمه بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 126039، 13776، 30802، وما أحيل عليه فيها، فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1430(11/7902)
حكم أداء الصلاة في المطبخ
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلاب نسكن في سكن طلابي في ألمانيا، وفي كل طابق هناك مطبخ مشترك مع غرفة طعام، في الطابق يسكن معنا طالب مسيحي، بعض الإخوة أصبحوا يصلون جميع الصلوات جماعة في المطبخ. في حدود7
أشخاص. نحن نصلي هناك بدون إذن من مدير السكن.
عذرنا هو الحفاظ على صلاة الجماعة لأن غرفنا تتسع فقط لثلاثة أشخاص على الأكثر. فما هو رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أرضية المطبخ طاهرة أو أمكنكم استخدام سجادات تصلون عليها فلا حرج في صلاتكم بالمطبخ إن تعذر وجود مسجد تصلون فيه، ولا يشترط إذن المدير.
والأولى أن تسعوا في التفاوض مع مدير السكن لتخصيص قاعة للصلاة يحصل بها الأذان والإقامة، ففي الحديث: ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان. رواه أبو دواد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(11/7903)
الصلاة في مسجد الحي أفضل ما لم يوجد معارض أرجح
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد حارتنا ليس فيه مؤذن راتب, فأحيانا لا يؤذن أحد لصلاة الصبح مع أنني مستيقظ لأنني لا أشعر بالخشوع فيه، وأيضا قام رجل بمنعي عن الإمامة لأنني لا أقنت ولا أقول الأذكار الجماعية، ولا أصلي على النبي بعد الأذان جهرا على المذياع، فأضطر للذهاب لمسجد آخر تجنبا لذلك. فما مشروعية هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك إن شاء الله في ترك الصلاة في هذا المسجد، إن كنت لا تجد الخشوع فيه، فإن الأصل أن الصلاة في مسجد الحي أفضل إلا إذا عارض الصلاة فيه معارضٌ أرجح كتحصيل الخشوع، فإن ما تعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما تعلق بمكانها.
وقد بين العلامة العثيمين هذه المسألة فقال مبيناً الأولى من المساجد بالصلاة فيه فقال: فالحاصل أن الأفضل أن تصلي في مسجد الحي الذي أنت فيه، سواءاً كان أكثر جماعة أو أقل، لما يترتب على ذلك من المصالح، ثم يليه الأكثر جماعة لقوله عليه الصلاة والسلام: ما كان أكثر فهو أحب إلى الله. ثم يليه الأبعد، ثم يليه العتيق، لأن تفضيل المكان بتقدم الطاعة فيه يحتاج إلى دليل بيِّن. وليس هناك دليل بيّن على هذه المسألة.
مسألة: إذا قال قائل: إذا كان المسجد البعيد أحسن قراءة، ويحصل لي من الخشوع ما لا يحصل لي لو صليت في مسجدي القريب مني، فهل الأفضل أن أذهب إليه وأدع مسجدي أو بالعكس؟ الجواب: الظاهر لي حسب القاعدة أن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكانها، ومعلوم أنه إذا كان أخشع، فإن الأفضل أن تذهب إليه، خصوصاً إذا كان إمام مسجدك لا يتأنى في الصلاة أو يلحن كثيراً أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي توجب أن يتحول الإنسان عن مسجده من أجلها. انتهى.
وإذا كان أهل هذا المسجد يمنعونك من الإمامة إلا أن تأتي بهذه الأشياء التي ذكرتها، فلا نرى لك أن تصلي لهم إماما، لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولكن عليك بمناصحتهم وأن تبيّن لهم كلام أهل العلم وتذكر لهم أدلة عدم مشروعية بعض هذه الأشياء التي ذكرتها، وعليك أن تذكر لهم أن بعض هذه المسائل مختلف فيها كالقنوت في صلاة الصبح، وبعضها لا نعلم من أهل العلم المعتبرين من قال بمشروعيته بل قد تكاثرت نصوصهم على التحذير منه والنهي عنه وعده من المخالفات كرفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الأذان أو بعده، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 109572، 104347، 1599.
ولعلهم أن ينتصحوا إذا بيّنت لهم هذه الأحكام برفق ولين. وليس عليك إثم في ترك أذان الفجر بهذا المسجد وإن كنت مستيقظا، فإنه يكفي في المِصر أذان واحد يُسمِع أهله كما نص على ذلك كثير من العلماء الذين ذهبوا إلى وجوب الأذان.
قال ابن قدامة في المغني: ويكفي في المِصر أذان واحد إذا كان بحيث يُسمِعهم، وقال ابن عقيل: يكفي أذان واحد في المحلة ويجتزئ بقيتهم بالإقامة، وقال أحمد في الذي يصلي في بيته: يجزئه أذان المِصر، وهو قول الأسود، وأبي مجلز، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، وعكرمة، وأصحاب الرأي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(11/7904)
دعاء الدخول هل يقال عند باب السياج الخارجي للحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دعاء دخول المسجد يقال عند دخول الحرم أم عند دخول باب السياج الخارجي للمسجد؟ أي النقطتين أسمي عندها قد دخلت المسجد ويسن لي الدعاء حينذاك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللعلماء في رحبة المسجد وساحته الخارجية خلاف، هل هي من المسجد أو لا؟ فإن قلنا هي من المسجد، فإنك تُسمي عند دخولها، وتقول الذكر المشروع إذاً، وإن قلنا ليست من المسجد، فإنك لا تسمي ولا تقول الذكر إلا إذا دخلت من باب المسجد.
جاء في الموسوعة الفقهية:
اتّفق الفقهاء على أنّ المراد بالمسجد الّذي يصحّ فيه الاعتكاف ما كان بناءً معدّاً للصّلاة فيه. أمّا رحبة المسجد، وهي ساحته الّتي زيدت بالقرب من المسجد لتوسعته، وكانت محجّراً عليها، فالّذي يفهم من كلام الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في الصّحيح من المذهب أنّها ليست من المسجد، ومقابل الصّحيح عندهم أنّها من المسجد، وجمع أبو يعلى بين الرّوايتين بأنّ الرّحبة المحوطة وعليها بابٌ هي من المسجد. وذهب الشّافعيّة إلى أنّ رحبة المسجد من المسجد. انتهى.
والذي يظهر أن رحبة المسجد إن كانت به محوطة بجداره فهي من المسجد، ولها حكمه، وإلا فليست منه. قال في مطالب أولي النهى:
ومن المسجد ظهره، أي: سطحه, ومنه: رحبته المحوطة، قال القاضي: إن كان عليها حائط وباب فهي كالمسجد؛ لأنها معه, وتابعة له, وإن لم تكن محوطة, لم يثبت لها حكم المسجد. انتهى باختصار.
وقال الحافظ في الفتح:
وقال ابن المنير لرحبة المسجد حكم المسجد إلا إن كانت منفصلة عنه.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(11/7905)
حكم منع السائلين عن السؤال في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل يجوز لإمام الجامع أو لأحد المصلين منع المتسولين الذين يقومون بعد الصلاة مباشرة بالتسول حيث في ذلك إزعاج للمصلين؟ وحيث إن قضية المتسولين هنا في اليمن اصبحت فاشية في جميع المساجد وفيها إزعاج كثير للمصلين؟ وماذا عن الآية وأما اليتيم فلا تقهر. أرجو منكم كتابه اسم المفتي والإجابة بالتفصيل لكي أقوم بتعليق هذه الفتوى في بعض المساجد هنا في صنعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الشروع في الجواب على السؤال ننبه إلى حُرمة المسألة من غير حاجة، والتي تكاثرت النصوصُ في النهي عنها والتحذير منها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر. رواه مسلم.
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المسألة كدٌ يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطاناً أو في أمر لا بد منه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
قال أبو حامد الغزالي في الإحياء: السؤال حرام في الأصل، وإنما يباح بضرورة أو حاجة مهمة قريبة من الضرورة، فإن كان عنها بدٌ فهو حرام. انتهى.
فإذا عُلمَ من حال هؤلاء السؤّال أنهم يسألون من غير حاجة، أو كانوا يستطيعون التكسب، ولكنهم يتركونه اعتماداً على ما يأخذونه من المسألة المحرمة، فمنعهم من المسألة في المسجد مشروع، لما فيه من النهي عن المنكر، وكذا إذا كانوا يسألون لحاجة، وكان في سؤالهم تشويشٌ على المصلين وإزعاج لهم، فإنهم يمنعون من المسألة والحال هذه، لأن حق المصلين مقدم، وقد سئل شيخ الإسلام عن السؤال فى المسجد فقال: أصل السؤال محرَّم فى المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة، فإن كانت ضرورة وسأل فى المسجد ولم يؤذ أحدًا كتخطيه رقاب الناس، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ولم يجهر جهرا يضر الناس مثل أن يسأل والخطيب يخطب، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك جاز. انتهى نقلا عن غذاء الألباب للسفاريني.
ولا يُنافي هذا قوله تعالى: {وأما السائل فلا تنهر} لأن السائل الذي نُهي عن نهره، هو من سأل مُحتاجاً
قال الطبري: وأما من سألك من ذي حاجة فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته. انتهى
ثم إن منعهم من المسألة في المسجد لا يستلزم نهرهم، بل يمكن أن يمنعوا برفق، ويُردوا رداً جميلاً.
قال القرطبي: وأما السائل فلا تنهر، أي لا تزجره فهو نهي عن إغلاظ القول، ولكن رُدَّه ببذلٍ يسير، أو ردٍّ جميل. انتهى.
فإذا خلا سؤال السائلين في المسجد عن المحاذير المذكورة، فقد نص العلماء على كراهته، وإن كان إعطاؤهم قُربة يُثابُ عليها، وأما الكراهة، فلعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن المساجد لم تُبنَ لهذا. أخرجه مسلم.
قال السيوطي رحمه الله: السؤال في المسجد مكروه كراهة تنزيه، وإعطاء السائل فيه قربة يثاب عليها وليس بمكروه فضلا عن أن يكون حراما، هذا هو المنقول والذي دلت عليه الأحاديث، أما النقل فقال النووي في شرح المهذب في باب الغسل: فرع لا بأس بأن يعطي السائل في المسجد شيئا لحديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها. رواه أبو داود بإسناد جيد - هذا كلام شرح المهذب بحروفه، والحديث الذي أورده فيه دليل للأمرين معا أن الصدقة عليه ليست مكروهة، وأن السؤال في المسجد ليس بمحرم لأنه صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك بأخبار الصديق ولم ينكره، ولو كان حراما لم يقر عليه بل كان يمنع السائل من العود إلى السؤال في المسجد، وبذلك يعرف أن النهي عن السؤال في المسجد إن ثبت محمول على الكراهة والتنزيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/7906)
جمع العصر مع الظهر جمع تقديم جائز في حقك
[السُّؤَالُ]
ـ[أقطن بمحافظة الشرقية، والتي تبعد عن القاهرة مسافة 83 كيلو متر، وإنني أسافر يوميا من مكان إقامتي إلى مقر عملي بالقاهرة من الأحد إلى يوم الخميس، وميعاد خروجي من العمل يزامن أذان العصر، فهل يحق لي أن أقصر صلاة العصر وأجمعها مع صلاة الظهر، علما بأنني أصلى الظهر في جماعة أربع ركعات في العمل، ثم أقوم بعد ذلك وأصلي العصر ركعتين بنية القصر والجمع.علما بأنه في كثير من الأحيان عند رجوعي إلى منزلي أرجع قبل أذان المغرب بحوالي نصف ساعة، أي انه يمكنني إدراك صلاة العصر في منزلي. فهل يجوز لي قصر صلاة العصر مع الجمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإباحة القصر والجمع لكَ تنبني على ثبوت حكم السفر في حقك، وذلك بأن تكون المسافة بين بلدكَ والبلد الذي تسافر إليه مسافة القصر فأكثر، وأن تكون مُدة بقائكَ في البلد الذي تنتقل إليه لا تُزيل عنك اسم السفر، فأما الأمر الأول فإن المسافة التي تقطعها من بلدكَ إلى البلد الذي تسافر إليه هي مسافة القصر عند الجمهور كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 104344، وانظر لمعرفة أقوال العلماء في المسافة المبيحة للقصر الفتوى رقم: 110363.
وأنت ذكرت أنك تسافر يوميا، وبالتالي فمدة الإقامة ليست واردة بالنسبة لك.
وعليه فما تفعله من جمع العصر مع الظهر جمع تقديم صحيح جائز؛ لأن اسم السفر لم يزل عنكَ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(11/7907)
فضيلة الصلاة داخل الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي ميزة الصلاة داخل الكعبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا من السنة القولية يدلُ على فضيلة الصلاة داخل الكعبة، لكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وصلى فيها ركعتين، فدل هذا على استحباب النافلة داخل الكعبة، وأن فعلها مشروع، قال ابن قدامة: وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها، لا نعلم فيه خلافا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت ركعتين. انتهى.
ونص كثير من أهل العلم على أن دخول الكعبة والصلاة فيها مستحب، قال النووي في شرح المهذب: يستحب دخول الكعبة والصلاة فيها، وأقل ما ينبغي أن يصلى ركعتين، واستدل المصنف وغيره بحديث ابن عباس المذكور، وهو ضعيف كما سبق. ويغني عنه أحاديث كثيرة في الصحيح منها حديث ابن عمر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت بلالا فسألته: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، بين العمودين اليمانيين رواه البخاري ومسلم، وفي رواية أن ذلك كان يوم فتح مكة، وعن نافع عن ابن عمر أنه سأل بلالا: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني في الكعبة؟ فأراه بلال حيث صلى ولم يسأله، قال: وكان ابن عمر إذا دخل البيت ثم صلى يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن رسول الله صلى عليه وسلم صلى فيه. رواه البخاري. انتهى.
واختلف العلماءُ في صحة الفريضة داخل الكعبة، والراجح صحتها والأولى ترك فعل الفريضة فيها خروجاً من الخلاف، قال ابن قدامة: ولا تصح الفريضة في الكعبة، ولا على ظهرها. وجوزه الشافعي وأبو حنيفة لأنه مسجد، ولأنه محل لصلاة النفل، فكان محلا للفرض كخارجها. انتهى.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله،مبيناً مشروعية فعل النافلة في الكعبة، وجواز فعل النافلة فيها وأن تركه أولى: الصلاة في الكعبة جائزة، بل مشروعة، فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة لما فتح مكة دخلها وصلى فيها ركعتين، وكبر ودعا في نواحيها عليه الصلاة والسلام، وجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، وقال لعائشة في حجة الوداع لما أرادت الصلاة في الكعبة صلي في الحجر فإنه من البيت.
لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يصلي فيها الفريضة، بل تصلي في خارجها؛ لأنها هي القبلة فتصلي الفريضة في خارجها، وأما النافلة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فيها النافلة ولم يصل فيها الفريضة.
والصواب: أنه لو صلى فيها الفريضة أجزأه وصحت، لكن الأفضل والأولى: أن تكون الفريضة خارج الكعبة خروجاً من الخلاف، وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى بالناس الفريضة خارج الكعبة، وتكون الكعبة أمام المصلي في جميع الجهات الأربع في النافلة والفريضة، وعليه أن يصلي مع الناس الفريضة، ولا يصلي وحده انتهى من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - المجلد العاشر.
وصرح كثيرٌ من الفقهاء بأن الصلاة داخل الكعبة أفضل من الصلاة خارجها، وأفضل من الصلاة في المسجد الحرام، ونص كثيرٌ منهم على أن هذا الفضل لا يختص بالنافلة، بل يتعداه إلى الفريضة.
قال الفقيه ابن حجر المكي في تحفة المحتاج: بلى النفل داخلها أفضل منه ببقية المسجد (الكعبة) بخلاف البيت فإنه فيه أفضل منه حتى من الكعبة كما شمله الحديث، بل نقل الإجماع على أنه فيه أفضل منه في غيره حتى المسجد الحرام، وكذاك الفرض أفضل في الكعبة إلا إذا رجا جماعة خارجها. انتهى.
والصحيحُ إن شاء الله ما قدمناه، من أن النافلة داخل الكعبة مستحبة لفعله صلى الله عليه وسلم، وفعل الفريضة داخلها جائز، وتركه أولى خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/7908)
مسائل حول استخدام مكبرات الصوت بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص تسابق المساجد فى رفع الصوت الخارجي والداخلي مما يؤذي الأذن بشكل مبالغ فيه والإفراط في اتخاذ الميكرفون يمسك به الإمام فى يده، علما بأن العدد داخل المسجد مع حجم المسجد (من حيث صغره) يسمح بتوصيل الصوت لآخر صف وتشغيل الراديو بالمسجد قبل كل صلاة بمدة كبيرة وأحيانا تنتقل للأذاعة الخارجية امرأة بالراديو أو تقدم برنامج ما قبل الانتقال هل هذا مسموح به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بخصوص تشغيل المذياع في مكبرات الصوت، فإذا لم يُقصد به التعبد، ولم يشتمل على نوعٍ من أنواع الأذية والتشويش على المسلمين، فالظاهرُ أنه لا بأس به، وأما إذا قُصد به التعبد، فهو من المحدثات التي يجبُ المنع منها، وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: وضع جهاز راديو أو نحوه لإذاعة القرآن بصوت مرتفع في المسجد يوم الجمعة قبل مجيء الإمام لا يجوز. انتهى ... وكذا إذا اشتمل تشغيلُ المذياع على التشويش على الناس وخصوصاً المرضى ونحوهم وأذيتهم فهو ممنوع كذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه ابن ماجه.
ويزيدُ الأمر قُبحاً والمنع تأكداً اشتمال ما يُذاع على أصوات النساء اللاتي الأصل فيهن الستر والتصون، ولما في عرض أصواتهن من ذريعة الفتنة والشر..
وأما صلاة الأئمة في مكبرات الصوت فمتى وُجدت الحاجة إلى ذلك من عدم وصول صوت الإمام إلى جميع المصلين فلا بأس، على أن يُقتصر في ذلك على المكبرات الداخلية لئلا يتأذي من في خارج المسجد، وأما إذا كان صوت الإمام يبلغ المصلين فلا مُسوغَ لاستعمال مكبر الصوت في هذه الحال، وبخاصة إذا كان الإمام يُمسك المكبر بيده مما يؤدي إلى تركه كثيراً من سنن الصلاة، واشتغاله عن الصلاة بفعل لا حاجة إليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشُغلا. انتهى.
وأما الصلاة في مكبرات الصوت الخارجية مما يترتب عليه أذية للناس في بيوتهم، أو أذية أهل المساجد الأخرى، فهذا مما لا يجوز شرعا، وقد فصل العلامة العثيمين رحمه الله أدلة منع ما ذكرنا في فتوى له، نسوقها بطولها لما فيها من الفائدة، ونصيحةً للمسلمين، قال رحمه الله: ما ذكرتم من استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية على المنارة فإنه منهي عنه؛ لأنه يحصل به كثير من التشويش على أهل البيوت والمساجد القريبة، وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ من شرح الزرقاني في باب العمل في القراءة عن البياضي فروة بن عمرو –رضي الله عنه– أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. وروى أبو داود تحت عنوان رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة. قال ابن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان.. ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون فيه التشويش على الآخرين وأن في هذا أذية ينهى عنها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من مجموع الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين، وفي جواب له من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه. انتهى.
وأما ما يدعيه من يرفع الصوت من المبررات فجوابه من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر بعض الناس على بعض في القرآن وبين أن ذلك أذية، ومن المعلوم أنه لا اختيار للمؤمن ولا خيار له في العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب: 36} ، ومن المعلوم أيضاً أن المؤمن لا يرضى لنفسه أن تقع منه أذية لإخوانه.
الوجه الثاني: أن ما يدعيه من المبررات -إن صح وجودها- فهي معارضة بما يحصل برفع الصوت من المحذورات فمن ذلك:
1- الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جهر المصلين بعضهم على بعض.
2- أذية من يسمعه من المصلين وغيرهم ممن يدرس علماً أو يتحفظه بالتشويش عليهم.
3- شغل المأمومين في المساجد المجاورة عن الاستماع لقراءة إمامهم التي أمروا بالاستماع إليها.
4- أن بعض المأمومين في المساجد المجاورة قد يتابعون في الركوع والسجود الإمام الرافع صوته، لاسيما إذا كانوا في مسجد كبير كثير الجماعة حيث يلتبس عليهم الصوت الوافد بصوت إمامهم، وقد بلغنا أن ذلك يقع كثيراً.
5- أنه يفضي إلى تهاون بعض الناس في المبادرة إلى الحضور إلى المسجد؛ لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً فيتباطأ اعتماداً على أن الإمام في أول الصلاة فيمضي به الوقت حتى يفوته أكثر الصلاة أو كلها.
6- أنه يفضي إلى إسراع المقبلين إلى المسجد إذا سمعوا الإمام في آخر قراءته كما هو مشاهد، فيقعون فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراع بسبب سماعهم هذا الصوت المرفوع.
7- أنه قد يكون في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو ولغو كأنما يتحدون القارئ وهذا على عكس ما ذكره رافع الصوت من أن كثيراً من النساء في البيوت يسمعن القراءة ويستفدن منها وهذه الفائدة تحصل بسماع الأشرطة التي سجل عليها قراءة القراء المجيدين للقراءة ... والقاعدة العامة المتفق عليها أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم فحكم بما تقتضيه، فإن تساوت فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا إخوانهم المسلمين الذين تتشوش عليهم عباداتهم بما يسمعون من هذه الأصوات العالية حتى لا يدري المصلي ماذا قال ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر وقرآن، ولقد علمت أن رجلاً كان إماماً وكان في التشهد وحوله مسجد يسمع قراءة إمامه فجعل السامع يكرر التشهد لأنه عجز أن يضبط ما يقول فأطال على نفسه وعلى من خلفه، ثم إنهم إذا سلكوا هذه الطريق وتركوا رفع الصوت من على المنارات حصل لهم مع الرحمة بإخوانهم امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن. وقوله: فلا يؤذين بعضهم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. ولا يخفى ما يحصل للقلب من اللذة الإيمانية في امتثال أمر الله ورسوله وانشراح الصدر لذلك وسرور النفس به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/7909)
حكم فتح محل تجاري في ساحة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بناء محل تجاري في ساحة المسجد وتخصيص إيجاره لذلك المسجد، علماً بأنه لا يمكن التحكم بالمباع في ذلك المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد أولاً من بيان حكم ساحة المسجد، وهل هي من المسجد أو لا؟ جاء في الموسوعة الفقهية:
أما رحبة المسجد، وهي ساحته التي زيدت بالقرب من المسجد لتوسعته، وكانت محجراً عليها فالذي يفهم من كلام الحنفية والمالكية والحنابلة في الصحيح من المذهب أنها ليست من المسجد، ومقابل الصحيح عندهم أنها من المسجد، وجمع أبو يعلى بين الروايتين بأن الرحبة المحوطة وعليها باب هي من المسجد، وذهب الشافعية إلى أن رحبة المسجد من المسجد، فلو اعتكف فيها صح اعتكافه. انتهى.
وذكر في الإنصاف أنها إن كانت محوطة فهي منه وإلا فلا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 64088.
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ:
ما كان حائط المسجد شاملاً ومُدخلاً له في المسجد فهو من المسجد، وما كان خارج محيط المسجد فهو خارج المسجد. انتهى.
وعليه، فمتى كان لهذه الساحة حكم المسجد لم يجز فتح المحال التجارية فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك. رواه الترمذي.
وانظر في ذلك الفتوى رقم: 23300.
ومتى لم يكن لهذه الساحة حكم المسجد جاز فتح المحال التجارية فيها، لأن البيع والشراء حينئذ ليس واقعاً في المسجد، وما ذكرته من كون ما يباع في هذه المحال غير معلوم، فاعلم أن الأصل في المسلمين السلامة، وأنهم لا يبيعون إلا ما كان مباحاً، فإذا اطلع على من يبيع شيئاً محرماً، وجب نهيه عن ذلك ومنعه منه بما أمكن من الوسائل، وإذا كانت هذه المحال يُصرف ربحها في مصلحة المسجد فعلى القائمين على المسجد أن ينظروا فيما يباع فيها، وأن يتحروا موافقة الشرع في ذلك وعدم مخالفته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/7910)
حكم وضع النعال على سجاد المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع الحذاء على سجاد المسجد لحجة أنه رجل عجوز. وهل يجب علي لومه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوزُ لهذا الرجل أن يُدخل نعله المسجد، وأن يضعه على سجادته إذا كان النعل طاهراً ولا يلوث سجاد المسجد، وبخاصة إذا كان لا يستطيع وضعه في المكان المعد لوضع الأحذية لضعفه وكبر سنه، ولا ينبغي لك لومه، بل عليكَ أن ترفق به، وتعينه إذا كان كبير السن بوضع نعله في المكان المخصص للأحذية، ثم تحضره له بعد انتهاء الصلاة، فإن توقير الكبير ورعاية حقه مما ندبَ إليه الشرع المطهر.
قال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. وفي رواية: ويوقر كبير ن ا. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.
وقد بينا في فتاوى كثيرة أن الصلاة في النعال جائزة، لا مستحبة عند بعض أهل العلم، وأنه لا يجوز دخول المساجد المفروشة بالنعال إذا كان في ذلك إتلافٌ للفرش وتقذير لها، وأنه ينبغي تعاهد النعال وتطهيرها قبل دخول المسجد. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49254، 80394، 7832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(11/7911)
حكم صلاة المرأة في فناء منزلها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تصلي في وسط الحوش يعني في الفناء. فما حكم الشرع في ذلك وشكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة الصلاة في وسط الحوش إن كانت ساترة ما يجب عليها ستره من بدنها، ولكن طلب الأماكن الأكثر لها سترا والأبعد لها عن أنظار الرجال لا سيما غير المحارم لها هو الأفضل والأكثر ثوابا، كما في حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا. رواه أبوداود وصححه الألباني.
قال في عون المعبود:
فِي بَيْتهَا: أَيْ الدَّاخِلَانِيّ لِكَمَالِ سِتْرهَا، فِي حُجْرَتهَا: أَيْ صَحْن الدَّار. "فِي مَخْدَعهَا: هُوَ الْبَيْت الصَّغِير الَّذِي يَكُون دَاخِل الْبَيْت الْكَبِير يُحْفَظ فِيهِ الْأَمْتِعَة النَّفِيسَة, مِنْ الْخَدْع وَهُوَ إِخْفَاء الشَّيْء أَيْ فِي خِزَانَتهَا؛ لِأَنَّ مَبْنَى أَمْرهَا عَلَى التَّسَتُّر. انتهى.
وقد سبق بيان جواز صلاة المرأة في الأماكن المكشوفة في الفتوى رقم: 34766.
وبيان صحة صلاة المرأة في مكان يراها فيه الرجال إذا كانت مستترة في الفتوى رقم: 23371.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(11/7912)
حكم الضرب بالدف في الأعراس المقامة بملحقات المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الضرب بالدف عند الاحتفال بالأعراس فى القاعات الملحقة بالمساجد، سواء كان للرجال أو للنساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رخص الشرع في استعمال الدف في الأعراس والعيدين، وهذا خاص بالنساء على الراجح من قولي العلماء، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 515، 663.
والقاعات الملحقة بالمسجد لا تأخذ حكمه إذا كانت لم تعد للصلاة، وقد سبق بيان أن ملحقات المسجد لا تأخذ حكمه في الفتويين رقم: 45682، 5756.
أما إذا كانت هذه القاعة داخل بناء المسجد في المكان المعد للصلاة، فلا يضرب بالدف فيها ولو للنساء، قال المباركفوري في شرح حديث: أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف: (واضربوا عليه) أي على النكاح (بالدفوف) لكن خارج المسجد ... قال الحافظ: واستدل بقوله (واضربوا) على أن ذلك لا يختص بالنساء، لكنه ضعيف والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن اهـ.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: تجوز قراءة القرآن في هذا الفرح وخلطه مع الأناشيد، وأما الضرب بالدف فيجوز للنساء فقط في غير المسجد؛ لإعلان النكاح فيما بين النساء اهـ.
وقد سبق في الفتوى رقم: 53896 أن ضرب النساء بالدف في المسجد لا تتحقق به مصلحة شرعية فيما يظهر، فينبغي أن ينزه عنه المسجد، وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 13776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/7913)
حكم الصلاة وتلاوة القرآن في غرفة معلق على جدرانها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وقراءة القرآن في غرفة معلق على جدرانها صور بشر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحفظ وتعليق صور البشر وذوات الأرواح لا يجوز إلا ما كان منها ضروريا فيحفظ ولا يعلق، وهي تمنع من دخول الملائكة إلى البيت فعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ. رواه البخاري ومسلم.
وتكره الصلاة في المكان المعلقة فيه الصور لا سيما ما كان منها في قبلة المصلي، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمِيطِي عَنِّي فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي. رواه البخاري.
فالصلاة في الغرفة أو البيت الذي فيه صور معلقة لذوات الأرواح صحيحة، وكذا تجوز قراءة القرآن، ولكن الأولى البحث عن مكان آخر لأن صور ذوات الأرواح تمنع دخول الملائكة في البيت كما سبق في الحديث، وبهذا يمنع الإنسان نفسه من تنزل السكينة والملائكة حال الصلاة وقراءة القرآن، مع ما تجلبه هذه الصور من الإلهاء الذي يشغل المصلي ويذهب عنه الخشوع الذي هو روح الصلاة، وعليك أن تتجنب استقبال الصور أثناء الصلاة لأن هذا فيه تشبه بعبدة الأصنام، وقد سبق بيان ذلك بأدلته فراجع الفتوى رقم: 10888 في حكم التصوير، والفتوى رقم: 38598 في الصلاة إلى جهة الصور، أو ما يلهي في الصلاة. والفتوى رقم: 10243، في حكم الصلاة في مكان فيه صور، والفتوى رقم: 31365 في أن الصلاة في بيت فيه صور صحيحة، والفتوى رقم: 33332. في بيان أن عدم دخول الملائكة لبيت فيه صور لا يقتصر على الغرفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/7914)
المسجد النبوي لم يبن على قبر النبي وصاحبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البناء على القبور، البناء الموجود على قبر سيد البشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى قبر خليفته الصديق وخليفته عمر الفاروق وعلى قبر الخليفة علي بالعراق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبناء على القبور لا يشرع مطلقا إلا لضرورة، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 33304، 29974.
وأما المسجد النبوي الشريف فإنه لم يبن على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، بل كانت قبورهم في حجرة عائشة رضي الله عنها، ثم دخل القبر في حدود المسجد مع توسعته الثالثة بعد الخلافة الراشدة. وكان ذلك في حدود سنة 94هـ. تقريبا وذلك في وقت كان قد توفي فيه أكثر الصحابة. وبعض الموجودين منهم أنكر شمول التوسعة للبيوت المشتملة على القبر، كما أنكر ذلك سيد التابعين سعيد بن المسيب، وقد سبق بيان ذلك بشيء من التفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1583، 30099، 37685.
وكذلك علي رضي الله عنه لم يدفن في مسجد، ولم يبن عليه بعد موته ودفنه مسجد، بل دفن رضي الله عنه بدار الإمارة بالكوفة خوفا عليه من الخوارج أن ينبشوا قبره، كما قال ابن كثير في (البداية والنهاية) . وسبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 45219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(11/7915)
مشروعية اتخاذ المنارات للمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس لا يبنون منارة للمسجد، ويحتجون بأن الرسول صلى اله عليه وسلم لم يبن منارة. فكيف تردون عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبن المنارة للمسجد قول صحيح، فإنه لا يوجد ما يدل على أن المنائر كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس وجود المنارة شرطاً في المسجد، بل المسجد يكونُ مسجداً ولو لم تبنَ له المنارة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 108907، وليس معنى هذا أن اتخاذ المنارة لا يشرع، بل قد ذهب إلى مشروعية بنائها كثيرٌ من أهل العلم بناءً على ما في اتخاذها من المصلحة بصعود المؤذن عليها للتأذين، وقد ثبتت مشروعية التأذين على المكان المرتفع من فعل بلال رضي الله عنه.
قال في المغني: ويستحب أن يؤذن على شيء مرتفع ليكون أبلغ لتأدية صوته، وقد روى أبو داود، عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أستعينك وأستعديك على قريش، أن يقيموا دينك. قالت: ثم يؤذن. انتهى.
وقد أشار الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في كتابه مصباح الظلام إلى وجود الخلاف في استحباب المنارة وعبارته: ليس وجود المنار شرطا في الإسلام ولا واجبا، وفي استحبابه نزاع، لعدم وجوده في عهده صلى الله عليه وسلم، وكان المؤذن يتحرى أعلا المسجد وسطحه ليحصل الإسماع. انتهى.
والظاهرُ أن المنارات كانت موجودة زمن الصحابة ويدل لذلك ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عبد الله بن شقيق قال: من السنة الأذان في المنارة والإقامة في المسجد. وكان ابن مسعود يفعله، وما رواه الإمام أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال: كان قيام النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما ينزل المؤذن من المنارة ويصل إلى الصف.
تراجم الأئمة على هذه الأحاديث وعلى أحاديث الأذان فوق سطح الكعبة، وفوق سطح بيت امرأة من بني النجار ونحوها تفيد إقرارهم بجواز أو استحباب اتخاذ المنائر من أجل التأذين فوقها فمن ذلك قول الإمام ابن أبي شيبة رحمه الله: المؤذن يؤذن على المواضع المرتفعة المنارة وغيرها. وقول الإمام أبي داود رحمه الله: باب الأذان فوق المنارة.وقول الإمام البيهقي رحمه الله: الأذان في المنارة.
وهذا كله يفيدُ مشروعية اتخاذ المنارات، وأن القول باستحبابها أقربُ من القول بعدم استحبابها، وانظر الفتويين رقم: 38845، 101524.
وعلى هذا فمن بنى المسجد وبنى له منارة، فقد أحسن ومن لم يبن له منارة فلا جُناح عليه، وبناء المسجد صحيح، وكلٌ على خير، والأمر واسعٌ -إن شاء الله- لا تثريب فيه ولا إنكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(11/7916)
مسائل حول عدم إغلاق الهاتف الجوال أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الهاتف الجوال يرن فى صلاة الجماعة برنات غربية وغريبة حرام أو مكروه، أوعن قصد ما دام في كل مكان ملصقة ممنوع، والإمام ينهى، والعموم تنهى، ولكن بعض الناس لا يأخدون الأمر بجدية وعن غير قصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله في جميع أمورهم، وأن يحرصوا على تحصيل الخشوع في صلاتهم باجتناب كل ما يشغل عن ذلك. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه.
ومن ذلك إغلاق الجوال، أو جعله صامتا عند الدخول في الصلاة لما في تركه من التشويش على المصلين وأذيتهم. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألهته الخميصة في صلاته وذهبت ببعض خشوعه صلى الله عليه وسلم. فكيف بهذه الأصوات العالية المزعجة؟! لا شك أنها أبلغ أثرا في الإزعاج وتقليل الخشوع. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا في الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن أن يجهر بعضنا على بعض في القرآن لما في ذلك من الأذية والتشويش، فكيف بالتشويش بأصوات الجوالات؟ فمن تعمد ترك هذه الجوالات تصدر أصواتها المزعجة مشوشة على المصلين فقد ارتكب فعلاً لا يقل عن حد الكراهة، وقد يصل ذلك إلى الحرمة. وأما من نسِي إغلاقها فلا تلحقه تبعة، وعليه أن يبادر بكتم الصوت ولو في الصلاة، فإن تلك حركة يسيرة لا أثر لها في صحة الصلاة. وأما إذا كات هذه الجوالات مشتملة على النغمات الغربية كما ذكرت والرنات الموسيقية فلا شك في التحريم والحال هذه، لأن المعازف والموسيقى محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. رواه البخاري.
ألا فليتقِ الله ناس يبالغون في أذية المسلمين بإسماعهم هذه المنكرات وهم بين يدي ربهم عز وجل. ونسأل الله أن يهدي عموم المسلمين إلى ما فيه رشدهم وصلاحهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/7917)
حكم استقبال القبر أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد معرفة حكم الصلاة في مسجد فيه قبر، علما أن المسجد في القرية، والقبر موجود خلف جدار يفصل بين المسجد والقبر، لكن ما هناك أن مكان القبر عندما يكون المسجد معمرا فإن المصلين يصلون أمام القبر. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا القول في مسألة الصلاة في مسجدٍ به قبر في فتاوى كثيرة، وذكرنا أن القبر إذا كان خارج جدار المسجد فلا بأس بالصلاة في هذا المسجد إذا كان الفصل تاماً بين المسجد والقبر، بحيثُ لا يصدق على القبر أنه داخل المسجد. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40232، 46780، 72189.
ولا يجوزُ لأحدٍ من المصلين أن يستقبل القبر أثناء صلاته؛ لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور. بل إذا امتلأ المسجد بالمصلين فعليهم أن يصلوا بعيداً عن القبر ولا يستقبلوه بالصلاة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(11/7918)
حكم أكل الطالبات والكلام في الجوال في غرفة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الطالبات تأتيني لمسجد الطالبات في الكلية -وهو عبارة عن غرفة كبيرة خصصت لأداء فريضة الصلاة للطالبات- لغرض الأكل، أو عمل اتصال بالجوال وليس لأداء الصلاة -ولا أعلم إن كن يصلين أم لا يصلين أصلا.
فهل يجوز لهم ذلك بحجة الازدحام في المقهى، أو لهدوء المكان أو لحيائهن من الأكل أمام الطلاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على هؤلاء الطالبات في الأكل في هذه الغرفة المعدة للصلاة، فإن الأكل في المسجد جائز إذا أمن تلويثه. قال الشوكاني معلقا على حديث عبد الله ابن الحارث: كنا نأكل الخبز واللحم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. قال الشوكاني: والحديث يدل على المطلوب منه وهو جواز الأكل في المسجد، وفيه أحاديث كثيرة منها سكنى أهل الصفة في المسجد الثابت في البخاري وغيره.
والكلام في الجوال داخل المسجد جائز بشرط ألّا يكون في ذلك أذية للمصلين، ولا تشويش عليهم، وفعل ذلك في هذه الغرفة أولى بالجواز، وقولك إنك لا تدرين إن كن يصلين أو لا؟ فالأصل في المسلم السلامة، وحسن الظن بالمسلمين واجب، ومن علم أن إحداهن لا تصلي منهن فالواجب مناصحتها وتذكيرها بالله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/7919)
حكم المسجد الذي ينحرف محرابه عن القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مسجد ينحرف محرابه عن الكعبة بحوالي 1500كم؟ وكيف يتم تصحيح ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من صفة انحراف هذا المحراب غير واضح، ونحن نجيبك جوابا مجملا يتبين به حكم انحراف هذا المحراب على كل تقدير.
فقد بينا في فتاوى كثيرة انحراف محراب عن القبلة وانظر الفتوى رقم: 39247، والفتوى رقم: 15685.
والخلاصة أن هذا الانحراف إن كان يسيرا بحيث يصدق على المصلى أنه مستقبل لجهة الكعبة ولو كان منحرفا عن عينها، فالصلاة صحيحة، فإن فرض البعيد عن الكعبة استقبال جهتها، لقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ. {البقرة:144} .
وأما إن كان هذا الإنحراف كثيرا بحيث لا يصدق على المصلى أنه مستقبل جهة الكعبة فالصلاة باطلة، وأما تصحيح وضع المحراب إن كان في غير جهة الكعبة فسبيله أن يهدم ويعاد بناؤه على الصفة الصحيحة المشروعة، أو تجعل خطوط على أرضية المسجد أو خيوط تسد على فراشه، أو نحو ذلك مما يكون وسيلة لتصحيح تصفيف الصفوف وتوجيهها إلى القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(11/7920)
صلاة المرأة بحضرة غلام ناهز الاحتلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي وأنا بالغة أمام شاب لم يبلغ بعد، أي أنه أصغر مني ولكنه ولد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي للمرأة إذا بلغت أن تحرص على التستر والتصون ما أمكن، وليس لها أن تصلي بحضرة الرجال، إلا إذا كانت في كامل حجابها وأمنت الفتنة، وفي معنى الرجال البالغين الأطفال المميزون، الذين قد ظهروا على عورات النساء، وهم المراهقون الذين قاربوا البلوغ، وصارت لهم معرفة بأحوال النساء، فإن الله تعالى لم يبح للمرأة أن تبدي زينتها أمام الأطفال إلا بقيد عدم ظهورهم على عورات النساء، كما قال تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء {النور:31} ، وانظري الفتوى رقم: 13328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(11/7921)
الذهاب للمسجد البعيد لكون إمامه قراءته خاشعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جلب المؤمنين إلى مسجد يوجد فيه إمام خاشع، علماً بأن مسجدهم يوجد فيه إمام مسرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المصلين أن يصلوا في مسجد أبعد من مسجد حيهم كما بيناه في الفتوى رقم: 25905، لا سيما إذا كان الذهاب إلى المسجد البعيد يتحقق به مقصد شرعي، ولكن ينبغي أن لا يؤدي ذلك إلى هجر المسجد القريب وتعطله عن الصلوات الخمس. وانظر الفتوى رقم: 56429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(11/7922)
حكم صلاة العيد في مصلى به قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة العيد في ضريح ولي صالح وبه قبور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تظاهرت نصوص الشريعة وأدلتها على المنع من اتخاذ القبور مساجد سدا لذريعة الشرك وحماية لجناب التوحيد، فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك.
وفي الصحيح أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن ذكرت له من أمهات المؤمنين كنيسة رأتها بأرض الحبشة: أولئك شرار الخلق عند الله.
وأخرج أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد؛ إلا المقبرة والحمام. صححه الألباني. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة مشهورة. وقد بينا حكم هذه المسألة في فتاوى كثيرة. وانظر الفتاوى رقم: 35004، والفتوى رقم: 59667.
وصلاة العيد لا فرق بينها وبين غيرها في هذا الحكم؛ لأنها صلاة من جملة الصلوات، فكانت داخلة في عموم النهي بلا شك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(11/7923)
حكم الصلاة في مصلى يسكن فوقه كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة في زاوية في عمارة سكنية فوقها ساكن نصراني والآخر بائع للخمر، هل يجوز الصلاة فيها، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن البناء فوق المساجد يجوز ولا يخرجها ذلك عن كونها مساجد موقوفة، وأما الصلاة في المسجد الذي فوقه أو تحته بناء فصحيحة بلا خلاف.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 10921.
وإذا ثبت هذا فالصلاة في هذه الزاوية جائزة لا حرج فيها، ولا يضر المصلين كون الساكنين فوق المسجد من العصاة أو المشركين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. أخرجه أصحاب السنن.
فالصلاة جائزة في كل بقعة لم ينه عن الصلاة فيها، وأحرى إذا كانت في هذه الزاوية الموقوفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(11/7924)
شد الرحال إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وعائلتي مسلمون عرب نعيش في ألمانيا ونحمل أيضا الجنسية الألمانية نريد الذهاب إلى عمرة مع زيارة المسجد الأقصى.
هل زيارة المسجد الأقصى في هذه الأيام العصيبة مباحة لنا كمسلمين أم أنها تعتبر تأييدا للصهاينة؟
وجزاكم الله عنا ألف خير على خدماتكم للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد الأقصى المبارك من المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى. متفق عليه.
فالسفر إليه من أفضل القربات والصلاة فيه من أجل الطاعات ومما تضاعف به الحسنات، وراجع الفتوى رقم: 6879.
فمن سنحت له فرصة للسفر إلى هنالك دون تنازل عن شيء من دينه ولا تعريض نفسه للتهلكة وتسليط الأعداء على نفسه فليفعل، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 115336.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(11/7925)
مذاهب العلماء في الجمع بين الصلاتين لعدم وجود مكان طاهر للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني وأثناء عملي لا أجد أماكن طاهرة للصلاة إلا ما ندر. وإننا الآن في فصل الشتاء والماء بارد جدا، ولا توجد لدينا حمامات طاهرة، فهل يجوز في مثل هذا الوضع الجمع بين كل صلاتين. الرجاء إرشادي إلى الطريق القويم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. وعند أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام.
فهذا يدل بوضوح على أن الصلاة تمكن في أي بقعة من الأرض لم تعلم نجاستها، وادعاؤك أنه لا يوجد مكان طاهر تصلي فيه لا يكاد يتصور. وانظر الفتوى رقم: 41010.
والذي ننصحك به هو عدم التساهل والترخص فيما ليس برخصة، ولو فرضنا صحة قولك فيمكنك أن تستصحب معك شيئا طاهرا سجادة أو نحوها فتصلي عليها. ولو سلمنا عجزك عن هذا كله وهو بعيد كل البعد، فإن الجمع يجوز في هذه الحال على قول الحنابلة خلافا لغيرهم.
قال في الروض فيما يبيح الجمع: ويجوز أيضا لمرضع لمشقة كثرة نجاسة. انتهى.
وأما الجمهور فلا يبيحون الجمع في مثل هذه الحال، بل عندهم أنه يصلي الصلاة على وقتها على الحال التي يقدر عليها.
وأما الحمامات فلا علاقة لطهارتها من عدمها بصحة الصلاة، فالحاجة منها أن يتوضأ الإنسان فيها، وإن كانت أرضيتها فعلا نجسة فليحترز منها، ولا تؤثر نجاستها على صحة الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(11/7926)
الصلاة في مسجد تحيط به مقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[مقبرة صغيرة تحيط بها المساكن من الشمال والشرق والجنوب وتطل على الطريق على طول الناحية الغربية، في أقصى الناحية الغربية قام أناس ببناء مسجد على طول الناحية الغربية، وبدلك تم فصل المقبرة عن الشارع إلا عن طريق الباب المعد لدخول المصلين للمسجد، بالإضافة إلى ذلك فقد تم فصل القبور الداخلية عن صالة المسجد بسور به باب. فهل تجوز الصلاة فيه مع العلم بأن البناء لم يكن على القبور، وأن القبور في ناحية القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم بناء المساجد على القبور في الفتوى رقم: 4527.
وأما هذا المسجد فالذي يظهر أن الصلاةَ فيه جائزة، لأنه لم يُبن على القبور، ولأنه قد فُصلَ بينه وبينها بجدارٍ سوى جدار المسجد فلا يشمله والحال هذه نهيُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى القبور.
قال الشيخُ ابن بازٍ رحمه الله: إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور فالأحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر، غير جدار المسجد، أو طريق يفصل بينهما، هذا هو الأحوط والأولى؛ ليكون ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور. أما إن كانت عن يمين المسجد أو عن شماله، أي عن يمين المصلين، أو عن شمالهم فلا يضرهم شيئاً؛ لأنهم لا يستقبلونها، لأن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة الاستقبال. انتهى.
وقد تحققَ في هذا المسجد الشرط الذي ذكره الشيخ وهو وجود جدارٍ سوى جدار المسجد يفصلُ بينه وبين القبور فدل على ما ذكرناه من جواز الصلاة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(11/7927)
التكلم في المسجد بكلام الدنيا بصوت يزعج المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يتكلم في أمور دنيوية في المسجد بين الأذان والإقامة وبعد الصلاة المفروضة مباشرة وبصوت عال ويزعج المصلين الذين يريدون التسبيح والتسنن، وما هو أسلوب التعامل معهم وهم يقومون بإرجاع الأطفال من الصف الأمامي وهم يحضرون متأخرين عن الأطفال ويتقدمون للصف الأمامي فهل هذا جائز؟ وجزاكم الله خيرا عنا وعن المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام في المسجد في أمور الدنيا خلاف الأفضل، وهو جائز لا إثم فيه، فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة يتكلمون في المسجد بما ليس بذكر وأقرهم على ذلك.
فعن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيراً، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. رواه مسلم.
ولكن شرط جواز ذلك ألا يؤذي أحداً من المصلين، أو يزعجه برفع صوته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن أن يجهر بعضهم على بعض بالقرآن لئلا يؤذي بعضهم بعضاً برفع الصوت، فالكلام في أمور الدنيا بصوت مرتفع أولى بالمنع، وانظر لذلك الفتوى رقم: 11503.
وأما موقف الصبيان في المسجد فقد فصلنا القول فيه في الفتوى رقم: 16099، والفتوى رقم: 8648.
وأما أسلوب التعامل معهم، فالذي ننصحكم به هو الرفق واللين، وبيان السنة بالحكمة والموعظة الحسنة، وذكر كلام أهل العلم في المسألة وهم يستجيبون إن شاء الله، مع الحرص على سلامة الصدور ووحدة الصف، واجتماع الكلمة فإن ذلك مقصد رئيس من مقاصد الشريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(11/7928)
الصلاة في مسجد كان كنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة في مسجد كان في الأصل كنيسة؟ هل تجوز الصلاة فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم تحويل الكنائس إلى مساجد في الفتوى رقم: 111093، فإذا تحولت الكنيسة إلى مسجد لأمر اقتضى ذلك فقد صارت مسجدا له جميع أحكام مساجد المسلمين، فالصلاة فيه حينئذ مشروعة لا فرق بينه وبين غيره من المساجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(11/7929)
لا بأس في الصلاة في غير مسجد الحي لمقصد شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مستهتراً، ومنَّ الله عليَّ بالهداية وتحول حالي من سماع الأغاني إلى بُغْضِها وأحببت كتاب الله حفظاً وتلاوة وكنت لا أترك المسجد ولكن مع مرور الزمن أجد في نفسي تقصيراً في الصلاة أتركها أحيانا ولا أصليها في المسجد أحيانا أخرى، والحمد لله أنا الآن أحافظ على الصلاة قدر استطاعتي وأجهد في ذلك جهدا كبيرا ولكن قد لا أدرك الصلاة في المسجد بسبب العمل والأشغال وتركت مسجد الحي وأصلي في مسجد آخر بسبب سوء معاملة المصلين لبعضهم وتفشي الكذب بينهم والصراع من أجل الإمامة كما أنه فيه شك في قبلة المسجد وينقسمون إلى فريقين فريق يصلي في الطابق العلوي والآخر يصلي في الأسفل وقد نصحتهم بنزع الغل والأحقاد ودعوتهم إلى التصافي والتواد ولكن لا حياة لمن تنادي وقد كنت شديد التعلق بهذا المسجد ولكن قلبي الآن لم يعد يتحمل الصلاة في هذا المسجد بسبب ما فيه من الصراعات والفتن وعدم التحقق من ضبط قبلته (بعد بنائه من جديد) فهل آثم على ترك المسجد؟
وجزاكم الله خيراً وبارك الله لكم وفيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتم عليك نعمته، وأن يثبتك على الصراط المستقيم. ثم اعلم أخي الكريم أن الصلاة هي صلتك بالله تعالى، فلا يليق أبدا أن تتهاون في شأنها، وقد سبق لنا التنبيه على ذلك، وبيان ما يعين على الالتزام بها، في الفتويين: 1195، 3830.
وبالنسبة لاختيار مسجد للصلاة فيه، فالأصل أن المسجد الأكثر جماعة أفضل من غيره، وكذلك المسجد العتيق، إلا أن يكون حالك في مسجد معين أحسن من حالك في غيره من حيث الإقبال على الله لعدم الشواغل، أو للتأثر برؤية من يقتدى به من أهل العلم والصلاح، ونحو ذلك. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 112818.
فتركك لمسجد الحي وصلاتك في مسجد آخر لا حرج عليك فيه، فالمساجد كلها بيوت الله، وكونك لا تريد الذهاب لمسجد معين لما وصفتَ من حال أهله يُعد من المقاصد المشروعة؛ لأنه يجنبك ما يفتنك عن صلاتك ويشغلك فيها. وقد سبق بيان ذلك أيضا في الفتوى رقم: 25905.
ولكن نود أن نلفت انتباهك إلى حاجة أمثال هؤلاء المصلين في مسجد الحي إلى النصح والوعظ، فاجتهد أن تبذل لهم ذلك بكل وسيلة متاحة لك، ولا تمل من دعوتهم ولا الدعاء لهم بالهداية والصلاح.
والأمر الثاني الذي نود لفت انتباهك إليه أن الانحراف اليسير عن عين القبلة لمن لا يبصر الكعبة لا يضره، لأنه لا يلزمه شرعا استقبال عينها وإنما جهتها، كما هو مذهب جمهور العلماء. وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتويين: 17511، 11452.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(11/7930)
دور المسلم إذا تولى أمر المسجد جماعة غير مرضية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا جماعة في المسجد استولوا على السلطة بتزوير الانتخابات كما يجري في البلدان العربية نحن في فرنسا بلد ديمقراطي نخضع لقانون الجمعيات وهذه الجماعة لا يطيقها أحد من المسلمين الأكثرية وهم واضعون لقانون داخلي للجمعية لا ينتخب الا المنخرطين في الجمعية والمدينة عدد مسلميها 2000 مسلم وعدد المنخرطين 60 واحدا وأغلبهم لا يصلي إلا في الأعياد وعندما يكون الانتخاب يأتون إلى المسجد ونحن كرهناهم من تسييرهم للمسجد ومعاملتهم للمسلمين التي لا تليق وحتى الفرنسيين الذين دخلوا في الإسلام خرجوا منه وهذه الجماعة تحكم المسجد منذ 10 سنوات، ما هوالعمل مع هذه الجماعة الذين تسلطوا كسيوف على رقابنا وحتى الذي يصلي بالمسلمين معين من طرفهم بالقوة ونحن مشتتون فأفيدونا جزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم أن يقوم بما أوجب الله من النصح للمسلمين، والتواصي معهم بالحق والصبر وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بحكمة وبصيرة.
وعليه أن يستعين في ذلك بالوعظ والترغيب والترهيب بنصوص الوحي، وليتخير من أساليب النصح أحسنها، ومن الوسائل أنفعها، وعليه أن يدعو الله لهم بالهداية، وأن لا يمل من الدعاء لهم ولا من دعوتهم، فإذا انتفعوا بذلك فقد تحقق المطلوب، وإن لم يستجيبوا مع قيامه بواجبه فقد أدى الأمانة التي عليه وخرج هو من الحرج والإثم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 52998، والفتوى رقم: 29197.
ثم إن هذا الوضع المزري الذي يصفه السائل الكريم يوجب عليه وعلى كل مسلم غيور مضاعفة الجهد في الدعوة إلى الله، وتحمل أعبائها بقدر المستطاع، إصلاحاً لهذا الحال المعوج.. وأخذاً بيد المسلمين الجدد، وكذلك القدامى ممن تؤثر عليهم هذه الأوضاع سلباً، ونوصيك أخي الكريم بمراجعة موضوع (أساليب ووسائل الدعوة) في الفهرس الموضوعي بفتاوى الشبكة.
وأخيراً ننبه السائل الكريم على أنه إن كان له مدخل مع أي جهة مسؤولة وقادرة على إصلاح هذه الأوضاع، فينبغي الاتصال والاستعانة بهم لتغيير هذه المنكرات أو تقليلها، وكذلك إن استطعت أن يكون بينك وبين المصلين في هذا المسجد رابطة تستطيعون من خلالها القيام بهذا الإصلاح دون إحداث فتن ومنكرات أعظم، فعليكم بذلك.. ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 73406 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(11/7931)
حكم الصلاة في بيت يهودي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة في بيت يهودي عند الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الصلاة في بيت اليهودي -إذا كان المكان طاهراً- لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: حيتما أدركتك الصلاة فصل، والأرض لك مسجد ... رواه البخاري. وانظر الفتوى رقم: 5744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/7932)
تجنيب المساجد الشعارات والخلافات الحزبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يتسلق جدران المسجد ويكسر المفاتيح، القفل، ويعلق لوحات حزبية تشوه جدران المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن المساجد إنما بنيت للصلاة والذكر وقراءة القرآن، قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {النور: 36، 37} .
وبنيت المساجد لتكون مكانا لاجتماع المسلمين وتوحيد كلمتهم لا لتكون مكانا لعصبية حزبية تفرق كلمة المسلمين وتؤدي إلى نشر العداوة والبغضاء بينهم.
فننصح هؤلاء الإخوة بأن يتقوا الله ويجنبوا المساجد مثل هذه النزاعات ويعملوا على رص الصفوف ونبذ الفرقة، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ {الصف:4} .
وراجعي الفتويين: 40107، 27966.
كما ننصحكم بتجنب العبث بجدران المسجد ومفاتحه أو غير ذلك من أدواته فإن ذلك لا يجوز.
ولمعرفة حكم وضع اللوحات التي تفيد ولا تضر في المسجد راجعي الفتوى رقم: 34043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(11/7933)
حكم رفع الشعارات الحزبية وضرب الدفوف بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عمل احتفالات داخل المساجد لتكريم أوائل الطلبة مع وجود شعارات حزبية وأعلام وضرب الدف والأناشيد؟ وجزا كم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد تكريم الطلبة المتفوقين داخل المسجد لا نرى به بأسا، ولكن الاحتفال في المسجد على الصفة المذكورة في السؤال لا نرى جوازه في المسجد لاشتماله على عدة محاذير شرعية من الإنشاد مع ضرب الدفوف ورفع شعارات حزبية قد تزيد من التفرقة بين المسلمين. والأصل في المساجد أنها بنيت لإقامة ذكر الله تعالى كما قال عز وجل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ {النور: 36} ولما تقتضيه الصفة المذكورة من امتهان للمسجد وإخلال بحرمته وتعظيمه، وما ورد من أن الحبشة لعبوا بالحراب في المسجد في يوم عيد ليس فيه تلك المحاذير الموجودة في الاحتفال المشار إليه، وقد قال الحافظ في الفتح: واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 59681، والفتوى رقم: 60704، والفتوى رقم: 4368، حول ضرب الرجال بالدفوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(11/7934)
حكم ضرب الصبيان وطردهم من المساجد بعنف
[السُّؤَالُ]
ـ[إنه في يوم الإثنين الموفق 1/9/1429هـ في أول يوم من أيام الشهر الفضيل شهر الرحمة والمغفرة قام أحد جيراني بضرب أبنائي بعد صلاه العشاء وفي بداية التراويح وضرب أحدهم رأسه بجدار المسجد من الداخل عدة مرات وأخرجه من المسجد وبعده ضرب بالحذاء على وجهه عند باب المسجد وبعدها طرد أبنائي من المسجد وقيل لهم {إن صلاتكم غير مقبولة} فكيف يحكم هذا المصلي على صلاة أبنائي وأنهم ليسوا بصغار السن واحد عمره 11سنة والثاني 9 سنوات. هل يجوز ما حصل من هذا المصلي على أبنائي أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكثيرٌ من الناس بسبب الجهل المطبق يفسدون ويحسبون أنهم يصلحون، ويصدون عن سبيل الله وعن المساجد، ويخيلُ لهم الشيطان أنهم يحفظونها ويصونونها من العبث، ومن هذه الظواهر السيئة ضربُ الصغار والإغلاظُ لهم، وطردهم من المساجد بعنف، مما لا يُقره الشرع الشريف، الحاثُّ على الرفق والآمرُ به. وقد بينا فوائدَ إحضار الصبيان إلى المساجد في الفتوى رقم: 38481.
وتتميماً للفائدةِ نقول إن صلاة الصبي المميز صحيحة باتفاق العلماء إذا كان قد استوفى شروطها وأركانها، ومن ادعى أن الله لا يقبلُ صلاة عبدٍ من عباده فقد تألى على الله عز وجل، وقال عليه بغير علم وذلك من الكبائر.
والصبيانُ إذا بلغوا سبع سنين فهم مأمورون بفعل الصلاة ندباً، ويضربون عليها إذا بلغوا عشراً ليعتادوها، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
والصبي إذا تجاوز السبع فإنه غالباً ما يعقلُ الخطاب ويفهم الجواب، فإذا نُبهَ تنبه، فينبغي احتواء هذا النشء وتعليمهم وتفهيمهم برفقٍ ولين إذا وقعت منهم أخطاء ليحبوا المساجد ويألفوها، فإذا أخطأ منهم صبي فالرفقُ به مُتعين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرفق ما كان في شيءٍ إلا زانه، وما نُزعَ من شيءٍ إلا شانه. أخرجه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق. ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. وما لا يعطي على ما سواه. متفقٌ عليه واللفظُ لمسلم.
فما فعله هذا الرجل من ضرب أبنائك فيه مخالفاتٌ عظيمة، من انتهاكه حرمة المسجد، ومنها عقوبة من لا يستحقُ العقوبة، بل ينبغي الرفق بهولاء واللينُ لهم، ومنها الصدُ عن سبيل الله بتنفير هؤلاء الصغار عن المساجد وتبغيضها لهم، ومنها إهانة الوجه الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكريمه ونهى عن ضربه، فقال صلى الله عليه وسلم: إذا ضرب أحدكم أخاه، فليتق الوجه. رواه أبو داود وهو عند مسلم بلفظ " إذا قاتل ... ، والأحاديثُ في الباب كثيرة.
ومنها قوله على الله بغير علم واجتراؤه عليه بزعمه أن صلاة هؤلاء الصبيان غير مقبولة، وقد كان الأولى به إذا فرضنا أنهم فعلوا ما لا ينبغي أن يعظهم بلينٍ ورفق، أو يكل إليك أمر عقوبتهم، وعلى كلٍ فالذي ينبغي لك أن تنصحه بالتوبة إلى الله عز وجل، وتبين له هذه المخالفات الذي وقع فيها لا انتصاراً لنفسك ولكن طلباً لمرضاة الله عز وجل، وإن خشيتَ حدوثَ مفسدة إذا واجهته بهذا فيمكنك أن تستعين بمن تثق به في نصيحته، ولا تمتنع من اصطحاب أبنائك إلى المساجد مع تعليمهم آدابها ووجوب تعظيمها.
وانظر الفتوى رقم: 114043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(11/7935)
حكم منع الصبي المميز من المسجد بحجة أن أباه ليس معه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام والمؤذن أن يمنعوا أبنائي من الصلاة في المسجد إلا بحضوري معهم في المسجد علماً أن أبنائي ليسوا بصغار السن وأصغرهم 9سنوات علما بأني لا أستطيع الحضور معهم لأني أعمل في منطقة بعيدة من الساعة الرابعة صباحا ولا أعود إلا الساعة التاسعة مساء، وعلما بأن المسجد يوجد به عدد من الأطفال بدون آبائهم فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنع المسلم من دخول المسجد لغير عذر يبرر هذا المنع لا يجوز لأن الله تعالى قال: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ {الجن 18} : وقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {البقرة 114} .
والصبي المميز تصحُ صلاته بإجماع العلماء بل هو مأمورٌ بفعلها إذا بلغ سبع سنين، وينبغي ضربه على تركها إذا بلغ عشر سنين كما أمربذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هاهنا فلا يجوزُ منع الصبيان المميزين من دخول المساجد وإن كانوا بمفردهم، هذا إذا كانوا سيراعون حرمتها ويعرفون آدابها، ولعل أبناءك يخلون بآداب المسجد ويحدثون فيه شغبا، مما يحملُ الإمام والمؤذن على منعهم من دخوله حرصاً على المصلحة العامة، ومحافظةً على خشوع المصلين، فإذا كان الأمرُ كذلك فلا لوم عليهما في منعهم، والواجبُ عليك أن تعلمهم آداب المساجد ووجوبَ تعظيمها، فإذا استقام سلوكهم فلن يمنعهم من المساجد أحد، وإذا كان ما تصورناه صحيحا فالذي يظهر أن ما يحدثه أبناؤك من شغبٍ في المسجد هو الذي يجعل الإمام والمؤذن يفرقان بينهم وبين غيرهم من الصبيان.
وأما إذا كانا يمنعانهم من دخول المسجد بغير حق، فعليكَ أن تنصحهما وتبين لهما مخالفة ما يفعلانه للشرع الشريف، وأن في ذلك جوراً وحيفاً وتنفيراً عن المسجد، والظاهرُ إن شاء الله أنهما سيستجيبان لنصحك، وإذا خشيت وقع فتنةٍ ومفسدة فيمكنك أن تأمر أبناءك بالذهاب إلى مسجد آخر دفعاً للشر وتقليلاً للفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(11/7936)
حكم الصلاة على البلاط بدون حائل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على البلاط مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز الصلاة على البلاط مباشرة إذا كان طاهراً لقوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. متفق عليه واللفظ للبخاري.. وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 63499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/7937)
حكم الصلاة في حجرة دون القاعة الرئيسية للمبنى
[السُّؤَالُ]
ـ[تم إ نشاء اتحاد للمصريين في إحدى الدول الأوروبية ويضم في عضويته أقباطا ومسلمين وقد تم تخصيص حجرة للصلاة لمن أدركته الصلاة من المسلمين ويرى بعض المسلمين من الأعضاء أنه تجب إقامة الصلاة في القاعة الرئيسية مع الأذان والأقامة وكذلك إقامة صلاة الجمعة مما يعترض عليه الإخوة الأقباط لما فيه من تضييق عليهم في المساحة والإزعاج في مكان هم شركاء فيه، فهل يمكن الاكتفاء بالمكان المخصص للصلاة وهل في ذلك القرار ما يغضب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أن تتنبهوا إلى وجوب مراعاة الضوابط الشرعية في معاملة هؤلاء الأقباط بحيثُ يكون تعاملكم معهم مقتصرا على الحاجة وما تتحقق به المصلحة دون أن تشتمل قلوبكم على محبتهم أو موالاتهم أو اعتقادِ أنهم إخوةٌ لكم، فقد قال تعالى لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة 22} ، وأما صلاةُ المسلمين في مكانٍ مُعدٍ للصلاة في هذا المقر فجائزٌ لا حرج فيه، وليس شرطاً أن يصلوا في القاعة الرئيسة، فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: وجعلت ليَ الأرض مسجداً وطهورا. متفقٌ عليه. وإن حرصوا على الصلاة في مسجدٍ قريب كان ذلك أولى لما للصلاة في المساجد من الفضل العظيم وللمزيد انظر الفتويين: 17127، 46120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(11/7938)
هل يصلي في المسجد العتيق أم في المصلى القريب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنشأ جار لنا مصلى أسفل منزله يسع تقريبا لـ80 مصلى، مبدئيا: هل يوجد أي مانع للصلاة فيه، ثانيا: هذا المسجد يبعد عني حوالي 30 خطوة، والمسجد الذي أصلي فيه يبعد عني بحوالي 300 خطوة وكلما ذهبت إلى المسجد مررت بهذا المصلى، فأيهما أولى بالصلاة فيه (مع ملاحظة أنني أفضل الصلاة فى المسجد على المصلى دون أي مشقة علي) ، ثالثا: إذا كنت موقننا بأن تكبيرة الإحرام ستفوتني في المسجد مع إمكانية إدراكها فى المصلى الذي أمر عليه، ففي أيهما أصلي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في الصلاة في هذا المصلى، وقد ذكر الفقهاء أن المساجد قد تتفاضل باعتبارات معينة ومن ذلك كثرة المصلين، وكون أحد المسجدين هو المسجد العتيق ونحو ذلك، وعلى هذا فصلاتك في المسجد العتيق أفضل لا سيما مع ما في ذلك من فضل كثرة الخطا، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتركون الصلاة في مساجد أحيائهم ويأتون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم: 112818.
والذي يظهر والله أعلم أن الصلاة في المصلى مع إدراك تكبيرة الإحرام أفضل من الصلاة في المسجد العتيق مع فوات تكبيرة الإحرام، وللمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 107579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(11/7939)
المسجد الأكثر جماعة أو العتيق أفضل من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو هل من الممكن أن يكون لبعض المساجد أفضلية على مساجد أخرى في الدعاء وأنا هنا لا أعني الحرمين, وهل إذا استشعر المرء ارتياحا في مسجد ما وأحس أن دعاءه يستجاب فيه هل هذا أمر صواب أم أنه من الوهم ولا يجوز تفضيل أي مسجد سوى التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلما كانت الصلاة في المسجد أفضل كان الدعاء فيه أفضل كذلك، والمساجد الثلاثة مفضلة على غيرها في الصلاة والدعاء، وكذلك المسجد الأكثر جماعة أفضل من غيره لثبوت ذلك في الحديث الصحيح، ومثله المسجد العتيق عند بعض أهل العلم لأن الطاعة فيه أقدم من غيره.
ففي الفتاوى الكبرى لابن تيمية: وكلما فضل المسجد كالمساجد الثلاثة كانت الصلاة والدعاء أفضل. انتهى.
وفى الإنصاف للمرداوي الحنبلي: والصحيح من المذهب: أن المسجد العتيق أفضل من الأكثر جماعة. انتهى.
وفى المجموع للنووي الشافعي: فإن كان هناك مساجد فذهابه إلى أكثرها جماعة أفضل للحديث المذكور. انتهى.
وبناء عليه؛ فإن الدعاء يكون أفضل ـ في غير المساجد الثلاثة ـ إذا تعلق الأمر بالمسجد الأكثر جماعة أو العتيق ولا نعلم دليلا على أفضلية الدعاء في غيرهما من المساجد، وكون الإنسان يستشعر استجابة دعائه في مسجد معين ليس بصواب إذ سيكون ذلك تخصيصا له بغير دليل، اللهم إلا أن يكون حاله في هذا المسجد أحسن من حاله في غيره من حيث الإقبال على الله وفي الدعاء لعدم الشواغل أو للتأثر برؤية من يقتدى به من أهل العلم والصلاح وهم في عبادة ونحو ذلك فنعم إذن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/7940)
دخول المصلين المسجد بغير غطاء للرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أو المصلي للجماعة أن يدخل المسجد بقميصه دون القبعة ثم يحين وقت الصلاة فيلبس القبعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإمام أو غيره من المصلين دخول المسجد دون ستر للرأس، وتصح صلاتهم كذلك، إلا أن المستحب للمصلي أن يكون في أكمل هيئة ولا سيما الإمام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 109290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/7941)
رفضت لجنة المسجد قبول تبرعات المصاحف والكتب الدينية
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا ببناء مسجد على نفقتنا ولم نجمع أي تبرعات والحمد لله وملأنا المكتبه بالمصاحف والكتب الدينية المتميزة وجاء أكثر من شخص ومعهم مصاحف يريدون وضعها بالمسجد ورفضنا بحجة أن المسجد لا يقبل تبرعات مع الاعتذار لهم أن المكتبة مليئة وأن يذهبوا إلى مساجد أخرى تقبل التبرعات، فهل من حرمه علينا في ذلك نفعنا الله بعلمكم وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ {الجن:18} ، فإذا بُني المسجد فهو ليس مملوكاً لأحد، فلم يكن لكم أن تمنعوا من أراد الخير من فعله، بل عليكم أن تحبوا الخير لإخوانكم كما تُحبونه لأنفسكم، وإذا كان المسجد قد وجدت فيه الكفاية من الكتب والمصاحف فكان يمكنكم أن تُشيروا عليهم بوجوه أخرى من المنافع التي يمكنهم الإسهام بها في عمارة المسجد جبراً لقلوبهم وحرصاً على سلامة صدورهم، فما فعلتموه ليس هو الأصوب فيما نرى.. والله أعلم.
إلا إذا دللتموهم على مسجد آخر معين هو أحوج لتلك المصاحف من مسجدكم فيكونُ ذلك مستحباً، لكن أن ترفضوا قبول المصاحف وتُحيلوهم على المساجد الأخرى التي هي في عامتها قد وجدت كفايتها من المصاحف فليس ذلك بصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(11/7942)
مزيد توضيح حول حكم الصلاة في المسجد المبني على قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفتيتم بجواز الصلاة في مسجد مبني فوق القبور شريطة أن تكون هذه القبور غير ظاهرة،
السؤال ماذا تقول في فتوى ابن باز وفتاوى اللجنة الدائمة التي لم تجز الصلاة في المسجد الذي فيه قبور. وهل ابن باز واللجنة الدائمة يقصدون بالقبور القبور الظاهرة أم غير الظاهرة. وهل هناك فرق بين قبر ظاهر وقبر غير ظاهر؟ لأن هذه الفتاوى أثارت جدلا كبيرا، وأرجو أن يكون الرد بسرعة لأن القضية مستعجلة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان ينبغي لك أن تذكر رقم الفتوى التي أشكلَ عليك الجمع بينها وبين فتاوى العلماء، ثم اعلم أننا لا نفتي إلا بما يقولُ به أهل العلم المعتبرون من المتقدمين والمتأخرين، وبخصوص هذه المسألة الخطيرة التي وقع بسببها الشرك في الناس وانتشرت مظاهره في بلاد المسلمين فإن فتاوانا كثيرةٌ متظاهرة على التحذير من هذه الكبيرة -كبيرة بناء المساجد على القبور- وبيان خطرها.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64496، 56497، 103382، 4527.
واعلم أيضاً أن الحكمة التي نهي لأجلها عن اتخاذ القبور مساجد هي سدُ ذريعة الشرك، ولذا فمتى وُجدت هذه الذريعة وجد المنع، فإذا وجدت صورة قبرٍ ولا ميتَ في الحقيقة فالمنع حاصل؛ لأن الذريعة موجودة، وإن زُعم بعد بناء المسجد أنه كانت هاهنا قبور وهذه القبور غيرُ ظاهرة, فلا معنى ً للمنع من الصلاة في هذا المسجد، إذ لا توجد صورة القبر ولا حقيقته، فالمقصود أن لا توجد صورة للقبر.
وقد أجاب بمثل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: لا يجوز دفن ميت في مسجد؛ فإن كان المسجد قبل الدفن غيّر إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا، وإن كان المسجد بني بعد القبر فإما أن يزال المسجد وإما أن تزال صورة القبر. انتهى.
ولعل هذا هو معنى عبارتك (إذا كانت القبور غير ظاهرة) ، وقد ثبت في الصحيح أن النبي – صلي الله عليه وسلم –بنى مسجده وكان في موضعه قبورٌ للمشركين فنبشت.
قال العلامة الألباني – رحمه الله – في بيان هذا المعنى: ومن البين الواضح أن القبر إذا لم يكن ظاهرا غير معروف مكانه فلا يترتب من وراء ذلك مفسدة كما هو مشاهد حيث ترى الوثنيات والشركيات إنما تقع عند القبور المشرفة حتى ولو كانت مزّورة لا عند القبور المندرسة ولو كانت حقيقة فالحكمة تقتضي التفريق بين النوعين وهذا ما جاءت به الشريعة ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(11/7943)
الخروج من المسجد بعد الأذان.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة إقامة صلاة الجمعة بأذانين والصلاة بينهما؟ وهل يجوز مغادرة المسجد قبل صعود الخطيب على المنبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا علاقة لصحة صلاة الجمعة بتعدد الأذان قبلها ولابالصلاة بين الأذانين، ولا خلاف في أن الأذان الذي يكون عند صعود الخطيب المنبر سنة، أما الأذان الأول فقد سنه عثمان رضي الله عنه لما كثر الناس في زمنه، واستمر عليه العمل بعد ذلك، هذا وليست للجمعة راتبة قبلها، لكن يسن لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس تحية للمسجد، وله أن يصلي ما شاء بعد ذلك، ثم إن الخروج من المسجد بعد الأذان من غير عذر ولا نية للرجوع حرام أو مكروه عند بعض أهل العلم، لاسيما إذا كان الخارج هنا ممن تجب عليهم الجمعة لأنه لا يجوز له الخروج بلا عودة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا علاقة لصحة صلاة الجمعة بتعدد الأذان قبلها ولا بالصلاة بين الأذانين، ولا خلاف في أن الأذان الذي يكون عند صعود الخطيب المنبر سنة، أما الأذان الأول فقد سنه عثمان رضي الله لما كثر الناس في زمنه، واستمر عليه العمل بعد ذلك، وراجع الفتوى رقم: 9928.
هذا وليست للجمعة راتبة قبلها، لكن يسن لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس تحية للمسجد، وله أن يصلي ما شاء أو يشتغل بالذكر أو القراءة حتى تبدأ الخطبة، ولْيُسر بذلك لئلا يخلط على المصلين.
أما عن الشق الثاني من السؤال ... فإن الخروج من المسجد بعد الأذان من غير عذر ولا نية للرجوع حرام أو مكروه عند بعض أهل العلم، لاسيما إذا كان الخارج هنا ممن تجب عليهم الجمعة فإنه لا يجوز له الخروج بلا عودة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر. قال الترمذي: وعلى هذا العمل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم, أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر. قال أبو الشعثاء: كنا قعودا مع أبي هريرة في المسجد, فأذن المؤذن, فقام رجل من المسجد يمشي, فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد, فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود والترمذي, وقال: حديث حسن صحيح. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدركه الأذان في المسجد, ثم خرج, لم يخرج لحاجة, وهو لا يريد الرجعة, فهو منافق. رواه ابن ماجه. فأما الخروج لعذر فمباح بدليل أن ابن عمر خرج من أجل التثويب في غير حينه. وكذلك من نوى الرجعة لحديث عثمان رضي الله عنه. انتهى.
ومن أهل العلم من يرى أن الخروج من المسجد بعد الأذان مكروه فقط، قال النووي في المجموع: يكره الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي إلا لعذر؛ لحديث أبي الشعثاء، قال: كنا قعودا مع أبي هريرة رضي الله عنه في المسجد فأذن المؤذن فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. انتهى.
وفي الفواكه الدواني في الفقه المالكي: ويحرم الخروج من المسجد بعد الإقامة للمتطهر إلا أن يكون قد صلى تلك الصلاة وهي مما لا تعاد, وأما الخروج بعد الأذان فمكروه إلا أن يريد الرجوع إليه, فإن خرج راغبا عن الصلاة جملة فهو منافق. انتهى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55914، 7637، 18313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(11/7944)
حكم الفصل بين الرجال والنساء في المسجد بجدار أو قماش ونحوه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التفريق بين الرجال والنساء في المسجد حيث يكون بينهم حائط أو حجاب أو نحوه؟ هل الأفضل أن يصلوا معا؟ متى بدأ التفريق بينهم في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل بين الرجال والنساء بحائل كستر أو جدار أو نحو ذلك أمرٌ حسن موافقٌ للمقاصد العليا للشريعة، فإن الشرع المطهر يتشوف إلى تقليل الاختلاط بين الرجال والنساء وجعله في أضيق نطاق، وهذا الفصل وإن لم يكن موجوداً زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد وردت في السنة المطهرة احتياطاتٌ للفصل بين الرجال والنساء مشابهةٌ لهذا المعنى، والمقصود منع الاختلاط أو تقليله، فبأي سبيل حصل ومن أي وجهٍ تحقق فقد حصل المقصود.
وهاكَ جملة من الأحاديث وأقوال العلماء تدل على وجود هذه الاحتياطات في السنة المطهرة، فقد قال النبي – صلي الله عليه وسلم –: خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا. رواه مسلم.
قال النووي – رحمه الله -: وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال، ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماع كلامهم، ونحو ذلك , وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. انتهى.
وعن ابن عمر قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ، قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي عون المعبود: لو تركنا هذا الباب: أي باب المسجد الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم. للنساء: لكان خيراً وأحسن، لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد، والحديث فيه دليل أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال، بل يعتزلن في جانب المسجد، ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام, فكان عبد الله ابن عمر أشد اتباعا للسنة, فلم يدخل من الباب الذي جعل للنساء حتى مات. انتهى.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيراً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وهو الزهري: فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ. رواه البخاري.
قال السندي – رحمه الله – في بيان سبب مكثه صلى الله عليه وسلم بعد السلام -: أي: ليتبعه الرجال في ذلك، حتى تنصرف النساء إلى البيوت، فلا يحصل اجتماع الطائفتين في الطريق. حاشية سنن ابن ماجه والأحاديث في الباب كثيرة.
وهذه النصوص تدل على مشروعية اتخاذِ أي احتياطٍ ممكن يتحقق به مقصود الشرع من منع اختلاط الرجال بالنساء أو تقليله شريطةَ ألا يؤثر ذلك في صحة اقتداء النساء بالإمام ومتابعتهن له.
وأما عن الوقت الذي بدأ فيه هذا الفصل فأمرٌ يصعب تحديده وليست معرفته ذات كبير جدوى، إذ المهم معرفةُ الحكم الشرعي وقد تبين، وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 63398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(11/7945)
حكم الصلاة في مسجد داخله غرفة في قبلته فيها قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مسجد في الحي وداخل المسجد في الجهة اليمنى وفي القبلة هناك غرفة مغلقة كل الأسبوع فيها قبر للذي بنى المسجد وهو غير مرتفع وممسوح تقريبا ونحن المصلون لا نبالي به وهو منسي بالنسبة لنا. ولكن حاولنا نبشه ولكن لم نستطع بسبب أهل الميت الذين عندهم نفوذ قوي في السلطة، ولاجتناب الفتنة تركنا الأمر وللعلم أن أهل الميت لا يأتون للمسجد إلا يوم الجمعة ليترحموا على والدهم وهذا بعد انقضاء صلاة الجمعة أي بعد فراغ المسجد. وليكن في علمكم أنه عندنا إمام نشهد له بالتقوى وهو بعيد عن هذه الشبهات ولكن لم يستطع فعل أي شيء. فما حكم الصلاة في هذا المسجد. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
لا يجوز الدفن بداخل المسجد ولا تجوز الصلاة في المسجد الذي يوجد بداخه قبر سواء كان على القبر بناء خاص به أم لا ماد ام داخل المسجد، أما إذا كان خارجا عن المسجد منفصلا عنه فلا بأس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القبر داخل المسجد فإنه لا تجوز الصلاة في ذلك المسجد حتى ينقل القبر أو يسوى، وإذا لم يكن بإمكان جماعة المسجد تسوية القبر الموجود داخل المسجد أو كان بإمكانهم ذلك لكن يترتب عليه ضرر أكبر كالفتنة فعليهم أن ينتقلوا إلى مسجد آخر لأن الصلاة لا تجوز في المسجد الذي بداخله قبر سواء كان على القبر بناء خاص به أم لا، لأن ذلك لا يغير شيئا من كونه قبرا داخل المسجد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّرَ إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديداً. وإن كان المسجد بني بعد القبر، فإما أن يزال المسجد وإما أن تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه. انتهى.
وقال أيضا: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فقال في مرض موته: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما فعلوا. قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس: إن من كان قبلكم كان يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا بيتي عيداً ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني.
ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المسجد على القبور، ولا تشرع الصلاة عند القبور، بل كثير من العلماء يقول: الصلاة عندها باطلة. انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يبين الحكم فيما إذا بني المسجد على قبر أو دفن الميت في مسجد فقال: وعلى هذا.. فيهدم المسجد إذا بني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد. نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معا لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً، أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه، وغربته بين الناس كما ترى. انتهى.
هذا كله إذا كان القبر داخل المسجد، أما إذا كان خارجا عنه فلا حرج في الصلاة فيه كما بينا ذلك في فتاوى سابقة، راجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31670، 40232، 40826.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(11/7946)
حكم تلقي العلم في مسجد فيه قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجدنا بني في المقبرة ويحيط به حائل يفصله عن القبور وتحت بلاط المسجد توجد قبور أي ليست ظاهرة ويستحيل نبشها مع العلم أنكم أفتيتم بجواز الصلاة في هذا المسجد، والسؤال هل يجوز للمصلين أن يقصدوا هذا المسجد من خارج القرية بنية الاستفادة من دروس إمام هدا المسجد الذي يحذر من الشرك والبدع مع وجود مسجد في بلدة مجاورة ليس مبنيا في مقبرة ولكن لا تقام فيه الدعوة إلى الله على الوجه الصحيح، وباتالي يضطر البعض منهم إلى المجيء إلى مسجدنا.وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد إذا لم تكن فيه قبور ظاهرة جازت الصلاة فيه سواء كان بجانبه قبور أم لا، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 27410، فراجعها، ويجوز للمصلين أن يقصدوا هذا المسجد لتلقي العلم فيه سواء أمكنهم التعلم في غيره أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(11/7947)
الصلاة في المسجد في المناطق التي تكثر فيها البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في منطقة تكثر فيها البدع بين الناس وفي المساجد أيضا ويسيطر عليها الصوفية والجهلة، فهل يجوز لي الصلاة في هذه المساجد، مع العلم إذا صليت فيها أكون مجبراً على تقليدهم بما يقومون به من بدع وإلا أكون معرضا للخطر إذ لم أتبعهم فهم لا يسدون الخلل في الصفوف ويضعون أيديهم على أو تحت صرتهم ويشيرون بالسبابة فقط عندما يقولون أشهد أن لا إله إلا الله ويرجعونها عندما يقولون وأشهد أن محمد رسول الله وينزلون على ركبهم ويقومون عليها ويصلون صلاة السنة بعد التسليم من الصلاة المفروضة مباشرة ويسنون صلاة أربع ركعات سنة بعد الأذان الأول لصلاة الجمعة هذا دعنا عن الخطيب وما يلقي إليهم من بدع في خطبة الجمعة لا أطيل عليكم يجري في المسجد كل ما يراه الصوفية واجب ونحن علينا تقليدهم بكل ما يقومون به وإلا اعتبرونا من الخوارج وقد هجروا وقتلوا الكثير لهذا السبب فأرجو إجابتي بما يلزمني فعله، وهل صلاتي معهم واجبة ومجزية؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمكنك الصلاة في مسجد غير المسجد الذي ذكرت فهذا أولى، وإن تعذر وجود غيره وكان إمامه سالماً من الأمور الشركية المخرجة عن ملة الإسلام فالصلاة خلفه مجزئة، ولا يجوز تفويت الجمعة والجماعة خلفه لفسقه، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 23182، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 6742.
وما ذكرته من أمور يفعلها هؤلاء هي محل خلاف بين أهل العلم ولا يوصف فاعلها بإنه مبتدع بفعلها، وعليه فهي ليست بعذر للتخلف عن الصلاة في المسجد وسننبه على حكمها:
1- فتسوية الصفوف مستحبة عند جمهور أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 77294.
2- ووضع اليدين تحت السرة في الصلاة حال القيام قال به بعض أهل العلم، والبعض قال بوضعهما تحت الصدر وفوق السرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36112.
3- الإشارة بالأصبع بعد ذكر اسم الله تعالى للدلالة على التوحيد ثم إرجاعها بعد ذلك لا بأس به، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 46314.
4- واستحباب تقديم الركبتين على اليدين عند السجود أو العكس محل خلاف بين العلماء، فتقديم الركبتين هو مذهب جمهور أهل العلم، وكذا اختلفوا في الهيئة المستحبة عند القيام، قال ابن قدامة في المغني: (ويكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه، ثم يداه، ثم جبهته وأنفه) هذا المستحب في مشهور المذهب، وقد روي ذلك عن عمر رضي الله عنه وبه قال مسلم بن يسار، والنخعي وأبو حنيفة والثوري والشافعي. وعن أحمد رواية أخرى أنه يضع يديه قبل ركبتيه، وإليه ذهب مالك لما روي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير. رواه النسائي. ولنا ما روى وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي، قال الخطابي: هذا أصح من حديث أبي هريرة. وروي عن أبي سعيد قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين. وهذا يدل على نسخ ما تقدمه، وقد روى الأثرم حديث أبي هريرة: إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل. انتهى.
وقال رحمه الله وهو يبين كيفية القيام: ينهض إلى القيام على صدور قدميه معتمداً على ركبتيه ولا يعتمد على يديه، وقال مالك والشافعي السنة أن يعتمد على يديه في النهوض. انتهى بتصرف يسير.
5- ومن الأفضل أداء السنة الراتبة بعد الإتيان بالأذكار المأثورة بعد الفريضة، لكن المبادرة بتلك الراتبة قبل تلك الأذكار لا إثم فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 62393، والفتوى رقم: 19745.
6- والمواظبة على الصلاة بعد الأذان الأول لصلاة الجمعة لا يوجد دليل صريح على مشروعيته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4301، والفتوى رقم: 17613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(11/7948)
خروج المرأة إلى المسجد ومكثها فيه لأكثر من صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ذهاب النساء للمسجد يصلين صلاة العصر فى المسجد ويمكثن فى المسجد يقرأن القرآن حتى صلاة العشاء بالمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من خروج النساء إلى المسجد للصلاة بشرط إذن الزوج في ذلك وارتداء الملابس الساترة وأمن الفتنة والابتعاد عن الطيب، وإذا خرجن إلى المسجد فإنه لا مانع من بقائهن فيه لمدارسة القرآن إلى صلاة المغرب أو العشاء إذا التزمن الشروط المذكورة، لأن لهن أن يعتكفن ويتعلمن العلم، ولهن في ذلك عظيم المثوبة عند الله تعالى.. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/7949)
بناء المسجد تحت السكن بلا منارة وتحويله إلى ملجأ أيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بناء مسجد تحت عمارة سكنية أو مبنى؟ وما الدليل على ذلك؟ مع العلم أن العمارة السكنية قد يوجد بها حمامات فوق المسجد وغرف نوم، ويسكن فيها أقباط، والمسجد بدون المآذن التي عند وجودها ترفع الملائكة الصلاة والدعاء إلى السماء؛ وغالباً يكون الإمام الذي يخطب في هذا المسجد رجل عادي لا يملك شهادة جامعية في الشريعة ويجتهد اجتهاداً شخصياً ويفتي دون علم؛ وهذا المسجد الصغير يجعل الرجال القريبين منه يتكاسلون عن الذهاب إلى المساجد الكبيرة ذات المآذن العالية والتي خطوات المشي إليها تحُطُّ خطيئة وترفع درجة. وهل يجوز لمن بنى مسجدا صغيرا تحت عمارة أن يحوله إلى ملجأ صغير للأيتام؟ مع العلم أن المساجد كثيرة والحاجة إلى بناء ملاجئ الأيتام شديدة. وهل القول بأن (ثواب بناء الملاجئ أعظم من ثواب بناء المساجد بسبب أن من يبني مسجدا يُبنى له بيت في الجنة وهذا البيت يكون في أي درجة (عليا أو سفلى) ، أما من يكفل يتيماً يصبح مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كالسبابة والوسطى في الفردوس الأعلى من الجنة) قول صحيح؟ وهل يجب أن تتبنى المساجد أيتام المسلمين كما تتبنى الكنيسة أبناء المسيحيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق فى الفتوى رقم: 10921 بيان حكم السكن فوق المسجد، وقد ذكرنا أن بعض أهل العلم كالحنفية قال بجواز البناء فوقه أو تحته.
وعدم وجود منارة للمسجد لاينقله عن كونه مسجدا، ولا تأثير له على صحة الصلاة فيه، والحكمة من مشروعية المنارة صعود المؤذن عليها ليكون أذانه مسموعا أكثر، ولا ترابط بين وجود المنارة وبين رفع الملائكة الصلاة أو الدعاء إلى السماء، ومعلوم أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن فيه منارة وإنما استحدثت المنائر بعد ذلك للمصلحة التي ذكرنا آنفا. وراجعي الفتوى رقم: 101524.
ولا يشترط في خطيب الجمعة كونه يحمل شهادة جامعية، بل تجزئ إمامته فى الجمعة إذا أتى فى خطبته بما يجزئ في الخطبة شرعا، وقد تقدم بيان ذلك فى الفتوى رقم: 63194. والفتوى رقم: 63122.
وأما الإفتاء بغير علم فهو قول على الله تعالى بغيرعلم، وهذه مسألة فى غاية الخطورة، فالواجب نصح من يقوم بذلك. وراجعي فى ذلك الفتوى رقم: 32711
وأداء الصلاة فى المسجد الأبعد الأكثر جماعة أفضل، وإن كانت الصلاة فى المسجد الأقرب صحيحة كما تقدم فى الفتوى رقم: 49324.
والأصل أن المسجد الذي ثبتت وقفيته لا يجوز تحويله عن كونه مسجدا هذا مذهب جمهورأهل العلم، لكن إذا دعت الحاجة إلى تحويله إلى ملجأ أيتام ونحوه جاز ذلك عند بعض أهل العلم.
وراجع فى ذلك الفتوى رقم 77460. مع الفتاوى المحال عليها.
والذى يظهرمن الأدلة أن كفالة الأيتام أفضل من بناء المساجد ففي الصحيحين واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا.
قال ابن حجر في فتح البارى: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى وهو نظير الحديث الآخر بعثت أنا والساعة كهاتين الحديث إلى أن قال: قال شيخنا في شرح الترمذي لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي أو منزلة النبي لكون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل ولا دنياه ويرشده ويعلمه ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك اهـ ملخصا. انتهى
وفى فيض القدير للمناوي: (كافل اليتيم) أي المربي له أو القائم بأمره من نحو نفقة وكسوة وتأديب وغير ذلك (له) كقريبه (أو لغيره) كالأجنبي (أنا وهو كهاتين) وأشار بالسبابة والوسطى (في الجنة) مصاحبا له فيها وقد تطابقت الشرائع والأديان على الحث على الإحسان إلى اليتيم وحق على من سمع هذا الحديث العمل به ليكون رفيق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة أفضل من ذلك وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى انتهى
ولا يجب على القائمين على شؤون المساجد كفالة الأيتام بل هي عبادة مرغب فيها وتعتبر من فروض الكفايات كما تقدم فى الفتوى رقم: 27077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/7950)
توسعة المسجد إذا أدت إلى إدخال قبر فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا بتوسيع مسجد القرية ولكن كان ذلك على حساب ضريح لولي صالح كان في غرفة مستقلة عن المسجد ولكنه يوجد في المحيط العام للجامع، ولكنه بعد التوسعة سيدخل تماما في المسجد وله باب سيكون خارج المسجد، أردنا إزالة الضريح بالكامل لكن إمام الجمعة يصر على إعادة بنائه بعد التوسعة، بالإضافة أن وجوده في المسجد يسبب فتنة للمصلين خصوصا وأهل القرية عموما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد وعن الصلاة عند القبور حيث قال صلى الله عليه وسلم: ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك. رواه مسلم.
ولا يجوز أن يكون القبر داخل المسجد فيوسع المسجد من الجهات الأخرى غير جهة القبر، فإذا لم يمكن ذلك واحتيج إلى الجهة التي فيها القبر، وكان القبر عافيا فلا حرج في إزالته وتوسعة المسجد في تلك الجهة.
ففي التاج والأكليل شرح مختصر خليل: وقال ابن رشد أما بناء المسجد على المقبرة العافية فلا كراهية فيه قاله ابن القاسم لأن القبر والمسجد حبيسان على المسلمين ودفن موتاهم، فإذا لم يمكن التدافن واحتيج أن تتخذ مسجدا فلا بأس بذلك لأن ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعض ذلك على ما النفع فيه أكثر والناس أحوج إليه.
وينبغي أن يفصل بين المسجد والقبر بجدار أو نحوه ولا يبنى على القبر شيء، ويجب أن يحذر الناس من الوقوع فيما لا يجوز من تعظيم صاحب القبر أو جعل أي نوع من أنواع العبادة له كالدعاء والاستغاثة ونحو ذلك أو الوقوع في الابتداع كالتبرك به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/7951)
الصلاة في حافلة تدخل فيها الكلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عامل في أوروبا سائق لحافلة أصلي في الحافلة عندما تدركني الصلاة فيها، مع العلم أن النصارى يدخلون الكلاب في الحافلة هل هذا جائز؟ وشكرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله إليك لحفاظك على أداء الصلاة في أول وقتها والدعوة إلى الإسلام بفعالك، ثم اعلم أن مرور الكلب أو استلقاءه في مكان ما لا يمنع الصلاة فيه إلا إذا مسه شيء من لعاب الكلب أو بوله أو عذرته أو عرقه، فيمنع ذلك من الصلاة في هذا المكان.
لكن إذا زالت تلك النجاسة بشمس أو ريح أو استحالة، فاختلف الفقهاء في طهارة المكان وبالتالي تجوز الصلاة فيه، أو عدم طهارته وبالتالي ففي الصلاة فيه قولان، وراجع الفتوى رقم: 27392.
فإن عملت بالقول الأول تقليدا لمن قال به وصليت فلا حرج عليك، فقد ثبت عن ابن عمر أنه قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك. رواه البخاري. ومعلوم أن النجاسة لو كانت باقية لوجب غسل ذلك.
هذا ويمكنك حمل سجادة معك للصلاة عليها إذا شككت في طهارة المكان، وهذا أحوط.
ثم إنا ننبهك على ضرورة مراعاة استقبال القبلة والإتيان بأركان الصلاة حال الصلاة، ور اجع الفتوى رقم: 9766، والفتوى رقم: 1173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(11/7952)
الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن المساجد التي تنتشر في مصر وتكون أسفل البيوت والتي نطلق عليها (زاوية) يؤذن فيها للصلوات الخمس وتقام فيها صلاة الجمعة:
1-هل تجزئ صلاة الجماعة فيها وإذا كانت الإجابة بنعم هل يقل الأجر عن المساجد الجامعة؟
2-ما حكم صلاة الجمعة فيها مع العلم انه يزيد العدد عن40 رجلا؟
3-هل الصلاة في هذه المساجد مع إدراك تكبيرة الإحرام أفضل أم الصلاة في المساجد الجامعة مع عدم إدراك تكبيرة الحرام؟
4-ما الحكم إذا ترتب على الصلاة في المساجد الجامعة ضياع الجماعة الأولى مع إمكانية إدراكها في الزاوية؟
5-هل في قوله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع) إشارة في كلمة (ترفع) إلى عدم وجود شيء أعلى المسجد من سكن وغيره؟
6-هل يختلف الحكم فى هذه الزوايا اذا كانت في أماكن العمل ولا يؤذن فيها للفجر وكذلك أيام العطلات والجمعات وأحيانا في العشاء؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالمسجد الصغير صلاة الجماعة فيه مجزئة لكن ثواب الصلاة أعظم في المسجد الأبعد والأكثر جماعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49324، وأما الجمعة فتجزئ إقامتها في هذه المساجد لاسيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لضيق الجوامع الموجودة أو بعدها بحيث يشق الذهاب إليها، وراجع شروط تعدد الجمعة في الفتوى رقم: 23537.
والصلاة في المسجد الأكثر جماعة فيه مزيد فضل وثواب في حين أن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام مرغب فيه ولم نقف على شيء من كلام أهل العلم يفيد تفضيل أحد الامرين على الآخر، لكن الذي يظهر لنا أن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام في المسجد الصغير أفضل من الذهاب إلى المسجد الجامع مع فوات شيء من الصلاة كتكبيرة الإحرام إذ أداء الصلاة كلها في جماعة أفضل من أداء بعضها فيها كما قرر ذلك أهل العلم، وهذه فضيلة عائدة إلى ذات العبادة، وما كان كذلك فإنه يقدم على الفضيلة العائدة إلى مكان العبادة. قال الإمام الزركشي رحمه الله في المنثور في القواعد الفقهية: الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها. انتهى. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 45325.
وأداء الصلاة في المسجد الصغير في الجماعة الأولى أولى من أدائها في المسجد الجامع في جماعة ثانية، وراجع الفتوى رقم: 16939.
والمقصود من رفع المساجد في الآية الكريمة ما يشمل بناءها وتنظيفها وتطهيرها من الأدناس وكل ما لا يليق من لغو الأقوال والأفعال.
قال ابن كثير في تفسيره: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية الكريمة فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ، قال نهى الله سبحانه عن اللغو فيها إلى أن قال: وقال قتادة: هي هذه المساجد أمر الله سبحانه وتعالى ببنائها وأخر بعمارتها ورفعها وتطهيرها. انتهى.
وفي تفسير القرطبي: قوله تعالى: أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ أذن معناه أمر وقضى، وحقيقة الإذن العلم والتمكين دون حظر، فإن اقترن بذلك أمر وإنفاذ كان أقوى، وترفع قيل معناه: تبنى وتعلى، قاله مجاهد وعكرمة، ومنه قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، وقال صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة. وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تحض على بنيان المساجد. وقال الحسن البصري وغيره: معنى ترفع تعظم، ويرفع شأنها من الأنجاس والأقذار. انتهى.
ولم نقف على من قال إن معنى رفع المسجد عدم وجود بناء أعلى منه من سكن أو غيره، وأما المصليات في أماكن العمل فإن كانت لم توقف لذلك ولا يؤذن فيها للصلوات الخمس فإنها لا تأخذ أحكام المساجد لكن الجماعة فيها مجزئة، وينال المصلي فيها مضاعفة ثواب الجماعة وإن كان ذلك دون ثواب المصلي في المسجد، وراجع للفائدة في هذا الفتوى رقم: 47228، والفتوى رقم: 55413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(11/7953)
حكم الصلاة في المقهى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة في المقهى تجوز أم لا, لأن هناك بعض من أعرفهم يقولون لي لا والآخر يقول لي تجوز، ولا أدري لأني في شك في هذا الأمر، فهل تجوز الصلاة فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجزئ الصلاة -إذا حصلت في مكان طاهر- بدون كراهة في المقهى الذي لا تمارس بداخله المعاصي والمنكرات، وإن كان المقهى تحصل فيه بعض المنكرات كمشاهدة الأفلام الخليعة ونحو ذلك فتكره الصلاة فيه، وتعتبر صحيحة إذا كانت على موضع طاهر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقهى المذكور إذا كانت لا تمارس فيه المنكرات والمعاصي فالصلاة فيه صحيحة بدون كراهة إذا حصلت على مكان طاهر، وإن كان المقهى تحصل بداخله بعض المنكرات كالتدخين أو مشاهدة الأفلام الخليعة ونحو ذلك من المحرمات فتصح الصلاة فيه -إن وقعت في مكان طاهر- مع الكراهة لأنه مأوى للشياطين. وقد نص أهل العلم على كراهة الصلاة في مثل هذا المكان، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 44038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/7954)
حكم بناء المساجد الكثيرة في القرية الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبتي فى الإسلام جزاكم الله خيراً كثيراً على أجوبتكم الثمينة ولي سؤال ... هل كثرة بناء المساجد بالقرية حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكثرة المساجد في القرية الواحدة مشروع إذا دعت إليه الحاجة لكثرة المصلين مثلاً وإن لم تدع إليه الحاجة ولم يكن إحداث مسجد بقرب مسجد آخر بقصد الإضرار فذلك محل خلاف بين بعض أهل العلم، وإذا كان بقصد الإضرار فلا يجوز الإقدام عليه، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 100066.
والضوابط المبيحة لتعدد الجمعة في القرية الواحدة سبق بيانها في الفتوى رقم: 106538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(11/7955)
بناء المسجد بجوار مقبرة لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء مسجد بجوار مقبرة لغير المسلمين وخاصة أن جزءاً من المقبرة يوجد في قبلة المسجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بناء مسجد بجوار مقبرة لا حرج فيه، إذا لم يدخل شيء من القبور في المسجد، ولا حرج في كون هذه القبور عن يمينه أو شماله أو في اتجاه القبلة ما دامت منفصلة، وانظر ما سبق من الفتاوى في هذا الموضوع ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27410، 13365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(11/7956)
صلت في المسجد الحرام فلم تطف لشدة الزحام
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت للحرم المكي لأداء الصلاة مع طفلتين وتعذر علي الطواف للزحام الشديد فهل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عليك شيء في ذلك إذا كنت إنما جئت لمجرد الصلاة ولم تأت لنسك من حج أوعمرة، فإذا دخلت المسجد فصلي ركعتي التحية ... فتحية المسجد بالنسبة للمكي ليست بالطواف وإن كان يشرع له الطواف كما يشرع لغيره، وطواف التطوع من أفضل أنواع العبادات في الحرم فالإكثار منه مطلوب لمن قدر عليه دون مشقة زائدة، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16425، 51592، 50418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(11/7957)
بناء مسجد بجوار مقبرة لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء مسجد بجوار مقبرة لغير المسلمين وخاصة أن جزءاً كبيراً من المقبرة يوجد في قبلة المسجد الذي نريد أن نبنيه، علما بأن المسافة التي تفصل بين المقبرة والمسجد لا تتجاوز خمسة أمتار؟ جزاكم الله خييراً.. مسلم من فرنسا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعاً من إقامة المسجد المشار إليه، ويستحسن أن يفصل بين المقبرة وبين المسجد بحائل كسور ونحوه لئلا تكون القبور مطلة على المسجد مباشرة، وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 27410، والفتوى رقم: 46780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/7958)
حكم مجاورة المقابر للمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اتخاذ المقابر بجوار المساجد والجلوس بها والتبرك بصاحبها حلال أم حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من مجاورة المقابر للمساجد بحيث يكون يكون المسجد خارج المقبرة لأن المحظور هو أن يكون القبر داخل المسجد، وكذلك لا مانع من الجلوس في المقابر للاتعاظ والعبرة.
أما التبرك بها فإنه غير مشروع؛ بل هو أمر محرم نهى عنه الشرع وغلظ عليه لأنه ذريعة إلى الشرك.
ولمزيد الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 30053، 27410، 26808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/7959)
دخول المسجد بهاتف يحوي صورا خليعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها المشايخ الكرام فأفتوني في أمري رحمكم الله، السؤال هو: ما حكم الدخول بجهاز المحمول إلى المسجد وهو يحتوي على مقاطع فيديو للدعارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمسلم النظر إلى الصور الخليعة ولا الاحتفاظ بها داخل هاتفه، والهاتف المشتمل عليها لا ينبغي إدخاله للمسجد تعظيماً لحرمات الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم النظر إلى الصور الخليعة ولا الاحتفاظ بها داخل هاتفه بل، الواجب التلخص منها والهاتف المشتمل عليها لا يليق إدخاله إلى المسجد، فينبغي إبعادة عنه تعظيماً لحرمات الله، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30} ، ويتعين نصح من يقوم بذلك بحكمة ورفق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105297، والفتوى رقم: 46480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(11/7960)
الذهاب للصلاة في المساجد الأثرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محب للمساجد القديمة الأثرية فى القاهرة وأحب أن أصلي فيها، فهل بذلك أكون داخلا فى الحديث المنهي عنه في شد الرحال للمساجد الغير مذكورة فى الحديث؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كنت تسافر لأجل الصلاة في هذه المساجد والتعبد فيها فإن هذا داخل في النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة المعروفة، وإن لم تكن تسافر بأن كانت المساجد الأثرية قريبة منك أو كنت تسافر لأجل رؤيتها ثم تصلي فيها إذا صادفت وقت الصلاة فلا حرج في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسافر لأجل الصلاة في هذه المساجد والتعبد فيها فإن هذا داخل في النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة فلا يشرع السفر لأي مسجد لأجل الصلاة فيه غير المساجد الثلاثة، وإن لم تكن تسافر بأن كانت المساجد الأثرية قريبة منك أو كنت تسافر لأجل رؤيتها ثم تصلي فيها إذا صادفت وقت الصلاة فلا حرج في ذلك، ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى. والحديث رواه الترمذي أيضاً عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قال في تحفة الأحوذي عند شرح هذا الحديث: واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتاً، وإلى المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها والصلاة فيها، فقال الشيخ أبو محمد الجويني: يحرم شد الرحال إلى غيرها عملاً بظاهر هذا الحديث وأشار القاضي حسين إلى اختياره وبه قال عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار نضرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور وقال له: لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت، واستدل بهذا الحديث، فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه ووافقه أبو هريرة. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 35634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(11/7961)
الصلاة في مسجد بني على قبر فيه بعض رفات الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[شب خلاف في مسجدنا للصلاة عند بداية توسعة المسجد وتجديده وعند البدء في حفر الأساسات وجدنا قبرين بهما رفات لا ندري لمن ولا أحد من كبار السن يعلم بوجودهما ولا حتى يعلم أحد بوجود مقبرة سواء للمسلمين أو غيرهم أفرغ القبرين جزئيا ونقلت العظام وليست جميعها ثم أكمل بناء المسجد، السؤال هو جوهر الخلاف: هل تجوز الصلاة في هذا المسجد للعلم بأنه المسجد الوحيد في بلدتنا؟ رعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجوز الصلاة في المسجد المذكور، طالما أن رفات القبرين لم ينقل كله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أنه يجب على المسلمين احترام قبور أمواتهم، ولا يحل نبش قبورهم لغير ضرورة، وإذا تُعُدي على القبور ونبشت جاز بناء المسجد مكان تلك القبور بشرط أن لا يبقى من القبور شيء، فإن بقي من القبور شيء فلا يجوز بناء المسجد عليها، ولا الصلاة في المساجد إذا بنيت عليها، وقد ثبتت الأحاديث في النهي عن بناء المساجد على القبور في الصحيحين وغيرهما، وسئُل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: توجد وسط مدينتنا مقبرة قديمة أزالت البلدية أنقاضها وأقامت مكانها حياً سكنياً ومباني لذوي الدخل المحدود وبقيت منها مساحة كبيرة أقام عليها أهل البر والإحسان مسجداً ليصلي فيه سكان الحي، وبعد بناء المسجد وقع خلاف بين أهل البلد حول جواز الصلاة في هذا المسجد أو عدم جوازها وانقسموا بين مؤيد ومعارض، ما حكم هذا المسجد؟ وهل يجب هدمه أم الإبقاء عليه؟ هل الصلاة في هذا المسجد صحيحة أم لا؟ فأجابوا: الأرض التي بني عليها المسجد إذا كانت خالية من القبور صحت الصلاة فيها، وإلا فيجب هدم المسجد الذي بني عليها. انتهى.. ولك أن تراجع للمزيد من الفائدة في هذا وذلك في الفتوى رقم: 5752.
وبناء على ما ذكر نقول إنه لا تجوز الصلاة في المسجد المذكور، طالما أن رفات القبرين لم ينقل كله، اللهم إلا أن يكون هذا المتبقي رميماً، ولا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون القبور قبور مسلمين أو قبور كفار إلا في إباحة نبش قبور الكفار التي لا يؤدي نبشها إلى فتنة أو إخلال بما عوهدوا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(11/7962)
إغلاق الهاتف الجوال عند الدخول للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في تونس مشكلة اسمها الهاتف الجوال فعند إقامة الصلاة في المسجد لا أحد يقفل هاتفه فتسمع جميع الرنات فطبعا لا يمكن للمصلي الخشوع الشيء الذي يجعلني أفضل أحيانا الصلاة في البيت، والغريب في الأمر أن لا أحد يكلم الأشخاص الذين لا يحترمون بيوت الله وكأنها صارت مسألة عادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ينبغي للمسلم إغلاق الهاتف عند دخول المسجد لما في ذلك من تعظيم حرمات الله تعالى والبعد عما يقطع خشوع المصلين، وينبغي للإمام وغيره التنبيه على هذا الأمر حسب الاستطاعة، وصوت الجوال في المسجد ليس بعذر للتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم الحرص على إغلاق الهاتف قبل دخول المسجد لما في ذلك من تعظيم حرمات الله، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30} ، إضافة إلى السلامة من التشويش الذي يقطع خشوع المصلين، ويوقعهم في الحرج والمشقة، وبالتالي فينبغي للإمام التنبيه على خطورة هذه الظاهرة، وكذلك كل من استطاع مكافحتها بنصيحة أو بتعليق إعلان على أبواب المسجد للتنبيه على تركها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3558.
وليست المشكلة التي ذكرت بعذر للتخلف عن الصلاة في المسجد جماعة، فالأعذار المبيحة لذلك معروفة في كتب أهل العلم، وقد سبق بيان بعضها في الفتوى رقم: 49024.
وصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الراجح في حق الرجل القادر الذي يسمع النداء، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/7963)
حكم الصلاة بمسجد يوجد قبور بخارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الاطلاع من فضيلتكم على رسالتي لأن فيها مصلحة لكثير من المسلمين.. أما بعد يوجد في الحي الذي أسكنه جامع مقسوم إلى قسمين قسم جامع والقسم الآخر مدرسة، علما بأن هناك سورا بين الجامع والمدرسة أي مفصول كل واحد على حدة لكن يوجد قبران في المدرسة ويوجد باب معبر بين الجامع والمدرسة، فهل تجوز الصلاة في الجامع فأفيدونا آجركم الله؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المسجد لا يوجد بداخله قبر فلا حرج في الصلاة فيه، ولو كان في البناء المجاور له قبر أو قبور. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 29937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/7964)
دخول المسجد بجريدة أو مجلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من يحمل الجريدة أو المجلة عند دخوله المسجد؟ هل هو جائز ولا بأس أم يأثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن الجريدة أو المجلة تحتوي على منكر مثل الصور المحرمة ونحوها فلا مانع من حملها وإدخالها في المسجد، وإن كانت تحتوي على شيء من تلك الصور المحرمة والمقالات الداعية إلى الفساد فالواجب إتلافها، لإخلاله بآداب المسجد وانتهاكه حرمته، ولتنظر الفتوى رقم: 46480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(11/7965)
حكم زخرفة المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا زخرفتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم. الراوي: أبو الدرداء خلاصة الدرجة: حسن، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 585 ... كيف هذا وكل المساجد مزخرفة بدءا بالحرمين الشريفين وأيضا المصاحف على أشكال وأنواع، فكيف هذا الله يرحم والديكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص كثير من أهل العلم على كراهة زخرفة المساجد لما يخشى من إلهاء المصلين وعدم خشوعهم وللبعد عن التشبه بالكفار لهذا الحديث وللحديث الآخر: ما أمرت بتشييد المساجد. رواه أبو داود وصححه الألباني. وقال عمر عند تجديد المسجد النبوي: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. رواه البخاري معلقاً.
وقد عد أهل العلم من البدع المكروهة ما عمل الوليد بن عبد الملك رحمه الله تعالى أيام خلافته من زخرفة المساجد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى سنية زخرفتها وهو قول للشافعية، وذهب بعضهم إلى أن المسجد لا يليق أن يكون أدنى من بيوت الحي.
وأما تحلية المصاحف المنهي عنها فإنما هو تحليتها بالذهب فهو منهي عنه عند الجمهور، وذهب بعضهم إلى جوازه للنساء، وأما مجرد زخرفة غلاف المصحف فليس مراداً في الحديث، ثم إنه يتعين التنبه إلى أن الحديث إذا ثبت لا يحكم عليه بالواقع، فالشرع هو الأصل والواقع يتبع له.
وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9320، 10884، 65702، 10687، 31089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(11/7966)
حكم الصلاة فوق الحجر الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد بالقرب من منزلنا حجارة كبيرة بحجمها يستطيع الإنسان أن يصلي فوقها بجسمه الكامل، سؤالي: هل الصلاة فوقها جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الصلاة على تلك الحجارة إذا كانت طاهرة، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 49354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7967)
حكم دخول الجنب المسجد عن طريق الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دخل المسجد جنباً عن طريق الخطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للجنب أن يمكث في المسجد، لكن من فعل ذلك خطئاً أو نسياناً فلا إثم عليه بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه والبيهقي وصححه الألباني.
أما العبور من المسجد فلا إثم فيه على الجنب ولو كان متعمداً، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 22059.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7968)
حكم وضع لوحة الأذكار أمام المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك لوحات خاصة بالأذكار مثلاً (الأذكار بعد الصلوات المكتوبة) وعادة يتم تعليق هذه اللوحات على الحائط الواقع أمام المصلين يرى بعض المصلين أن اللوحة فى هذا الوضع من شأنها أن تشغل بعض المصلين، السؤال: هل يجوز تعليق هذه اللوحات في هذا الوضع أم يجب منعها ووضعها على الحائط الخلفي أو الأطراف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وضع هذه الأذكار أمام المصلين مكروه وقد سبق في الفتوى رقم: 69241 حكم تعليق الآيات القرآنية وأسماء الله الحسنى في المساجد وجواز ذلك إلا أن وضعه في قبلة المصلي مكروه لما يسببه من التشويش على المصلين، ولا فرق في الحكم بين تعليقها وتعليق الأذكار الذي هو محل السؤال هنا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(11/7969)
الصلاة في المساجد المبنية على القبور والمسجد النبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع على خطيب مسجد يؤكد شرعية وضع القبور في المساجد، كنت قد حضرت صلاة الجمعة الماضية في المسجد الكبير بمنطقتنا وإذا بخطيب المسجد يبرر ويحث المسلمين على الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور ويسند أقواله بحجة أن من يحرم الصلاة في المساجد التي تحوي قبورا عليه أن يحرم الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف ذلك والصلاة فيه تعدل ألف صلاة، فأرجو منكم أن تبينوا لي وللمسلمين أجمع لكي لا نقع في البدع، وأن تبينوا صلاحية حضور صلاة الجمعة مع هذا الخطيب، وهل الصلاة خلفه صحيحة؟ وفقكم الله إلى ما فيه خير الأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصلاة في المساجد المبنية على القبور منهي عنها وملعون فاعلها ولا تصح، والمسجد النبوي الشريف لم يبن على القبور، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد وإنما دفن في حجرة عائشة، وتصح الصلاة خلف المبتدع الذي لم تصل بدعته إلى حد الكفر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في الأماكن المبنية على القبور نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصرح عبارة دالة على النهي حين قال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك. والحديث رواه مسلم واللفظ له والنسائي في السنن الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم.
بل لعن صلى الله عليه وسلم -وهو في سكرات الموت اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ففي البخاري ومسلم من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصار اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا. فهل هناك أصرح من هذه الألفاظ النبوية الشريفة الصحيحة الصريحة في الدلالة على النهي والمنع والتحريم، وكل عاقل منصف لا يملك إلا أن يسلم بدلالة هذه الألفاظ على المنع والتحريم وأنها صريحة في النهي عن اتخاذ القبور -بما فيها قبور الأنبياء لأنها منصوص عليها- أماكن للصلاة.
وأما ما ذكروه من أن لازم هذا القول تحريم الصلاة في المسجد النبوي الشريف لأن فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فهذا قول غير لازم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد وإنما دفن في بيت عائشة رضي الله عنها وكان البيت وقتها خارج المسجد، ثم أدخلت الحجرة الشريفة في المسجد في زمن الوليد بن عبد الملك، ولما أدخلت الحجرة سد بابها الذي يلي المسجد حتى لا يتخذ قبره صلى الله عليه وسلم وثناً وعيداً، ففضيلة الصلاة في المسجد النبوي الشريف باقية، وانظر تفصيل الرد على هذه الشبهة في كتاب: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للعلامة الألباني رحمه الله تعالى في الفصل الرابع من الكتاب والفصل السادس فقد أجاد رحمه الله تعالى وأفاد، وكتابه هذا من أفضل ما كتب في هذا الموضوع، ثم انظر بعد ذلك الفتوى رقم: 1583، والفتوى رقم: 37685 وكذا في الفتوى رقم: 64740 وفيها تفصيل حول الصلاة خلف من ابتلي ببدعة.
هذا وننصحك وسائر المسلمين في بلدك بعدم الاستماع لهذا النوع من الدعوة إلى الضلال، وابحثوا عن خطيب آخر غير هذا الخطيب، وإن أمكنكم عزله عن الخطبة دون إحداث مفسدة أكبر فاسعوا في ذلك عند الجهات المختصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(11/7970)
مسألة حول نهي آكل الثوم عن دخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النهي عن أكل البصل والثوم نهي تحريم عند الذهاب إلى المسجد، وهل من أكلهما لا يجوز له الدخول إلى المسجد، وهل تنظيف الفم بالفرشاة ومعجون الأسنان بعد أكل البصل والثوم يسقط هذا النهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المسألة محل خلاف بين أهل العلم، والأرجح أن آكل الثوم ونحوه لا يجوز له دخول المساجد حتى تذهب الرائحة، وأن النهي الوارد في ذلك للتحريم لا للكراهة، وإذا زالت الرائحة الكريهة زوالا كليا بأي مزيل جاز دخول المسجد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن هذا النهي للكراهة التنزيهية صونا للمسجد عما يستقذر ودرءا لإيذاء المصلين وكذلك الملائكة، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وذهب بعض أهل العلم إلى أن النهي للتحريم، وهذا هو القول الراجح، ويدل عليه ما راه مسلم في صحيحه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع.
هذا فضلا عن ظاهر نهيه صلى الله عليه وسلم، إذ الأصل فيه المنع والتحريم.
وممن أفتى بذلك من المعاصرين الشيخ ابن باز رحمه الله.
وعلى ذلك فلا يجوز لمن أكلهما أو أحدهما أو ما شابههما مما له رائحة مؤذية وكريهة أن يدخل المساجد، وراجع الفتوى رقم: 29697.
قال الإمام النووي في تعليقه على الحديث السابق: هذا تصريح بنهي من أكل الثوم ونحوه عن دخول كل مسجد، وهذا مذهب العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي عن بعضهم أن النهي خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وأما ما يسقط هذا النهي فهو ما يحصل به زوال المحظور، وهو زوال تلك الرائحة، وإذا زالت الرائحة الكريهة بأي مزيل أو بأي سبب جاز الدخول وارتفع الحظر، غير أن الغالب أن هذه الرائحة لا تذهب بمجرد استعمال الفرشاة والمعجون إذ أن مصدرها الجوف لا الفم فقط كما بين ذلك غير واحد من أهل العلم كابن القيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/7971)
تؤدى الصلاة في أي مكان يتيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد الإخوان العراقيين الذين تشردوا فأنا الآن بالسويد وأبلغ من العمر 13 سنة، ومن المعروف في بلدان الغرب هناك مضايقات عديدة للإخوة المسلمين وفي هذا الموقع الجغرافي للسويد تتغير أوقات الصلاة بشكل كبيراً جداً عن دولنا العربية فصلاة الفجر الساعة 6 ونصف وصلاة الظهر الساعة 11 ونصف وصلاة العصر الساعة 1 وربع وصلاة المغرب الساعة 3 وعشرة دقائق، ويكون وقت ذهابي للمدرسة من الساعة 8 صباحا حتى الساعة 3 وفي بعض الأحيان 4 عصر، فهل من الممكن أن أصلي في المدرسة، علما بوجود أماكن عامة نظيفه كالكافتريا وأخرى، ولكن هل من الصحيح أن أصلي في مناطق عامة، وهناك مضايقات عديدة للمسلمين كافة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على المسلم المكلف أن يؤدي الصلوات في أوقاتها، فإن أمكن وجود مسجد ذهب إليه، أو وجود جماعة سعى للحصول على الصلاة معها، وإن لم يوجد شيء من ذلك صلى في المكان الذي هو فيه، سواء كان في مدرسة أو غيرها، علماً بأن مجرد المضايقة التي يلقاها المسلم ليس عذراً لترك الصلاة، ثم إن على المصلي أن يتنجنب الأماكن المتنجسة أو القذرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى فرض على المسلم المكلف أن يؤدي الصلوات في أوقاتها فإن أمكن وجود مسجد ذهب إليه، أو وجود جماعة سعى للحصول على الصلاة معها، وإن لم يوجد شيء من ذلك صلى في المكان الذي هو فيه سواء كان محل شغل أو في مدرسة أو غيرها، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. علماً بأن مجرد المضايقة التي يلقاها المسلم ليس عذراً لترك الصلاة، ثم إن على المصلي أن يتجنب الأماكن المتنجسة أو القذرة والأماكن المنهي عن الصلاة فيها، وهي مبينة في الفتوى رقم: 64232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(11/7972)
حكم الصلاة في مسجد بني على قبر وهمي
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد بني على قبر أحد الاولياء الذي يقدسه الناس في منطقة البناء هذه ولكن القبر لا يحوي بداخله جثة بل الجثة الحقيقية موجودة مغمورة تحت مياه نهر يمر بمحاذاة هذا المسجد أسالكم هل يجوز الصلاة فيه؟ وماحكم هذا المسجد من الشريعة؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى كالفتوى رقم: 64496، وغيرها كثير عدم صحة الصلاة في المساجد المبنية على القبور، وأن بناء المساجد على القبور كبيرة من كبائر الذنوب وملعون فاعله.
والذي نراه أن بناء مسجد على قبر وهمي لا حقيقة له داخل في ذلك البطلان والتحريم، لأن الشركيات والوثنيات التي تفعل في المساجد المبنية على القبور تفعل عند القبور المشرفة الظاهرة ولو كانت غير حقيقية، ومن المعلوم أن العلة في منع بناء المساجد على القبور هو البعد عن الغلو في أصحاب القبور وسد الطريق الموصل إلى الشرك كما نص على ذلك العلماء، وهذا بحذافيره واقع في تلك المساجد المبنية على تلك القبور الوهمية. قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الرد على من سوى بين بناء المساجد على القبور المندرسة غير المعروفة وبين بنائها على القبور القائمة: ومن البين الواضح أن القبر إذا لم يكن ظاهرا غير معروف مكانه فلا يترتب من وراء ذلك مفسدة كما هو مشاهد حيث ترى الوثنيات والشركيات إنما تقع عند القبور المشرفة حتى ولو كانت مزورة لا عند القبور المندرسة ولو كانت حقيقة فالحكمة تقتضي التفريق بين النوعين وهذا ما جاءت به الشريعة ... انتهى. وانظر كتابه القيم: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد.
وعليه، فلا يجوز بناء المساجد على القبور ولو كانت وهمية ‘ ولا تجوز الصلاة في المساجد التي بنيت على تلك القبور الوهمية والتي لا فرق في الواقع بينها وبين القبور الحقيقية من حيث وقوع الشرك والبدع عندها.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/7973)
حكم إزالة المساجد الخشبية للحفاظ على المظهر العمراني
[السُّؤَالُ]
ـ[المساجد الخشبية (الكرفانات) التي تثبت على الأرض ويصلون فيها، فهل يجوز إزالتها وهدمها بدون بناء مسجد مكانها حفاظا على المظهر العمراني للبلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد هو ما وقفت أرضه مسجداً سواء بني أو لا، وأما إذا بني مكان وهيئ للصلاة ولكنه لم توقف أرضه كما هو الغالب في الكرفانات ونحوها، فلا تكون مساجد ولا تعطى حكمها، بل هي كأي بقعة من الأرض هيئت للصلاة دون وقف.
قال الإمام النووي رحمه الله: المصلى المتخذ للعيد وغيره، الذي ليس بمسجد لا يحرم المكث فيه على الجنب والحائض على المذهب وبه قطع الجمهور.
وعليه فالمساجد الخشبية (الكرفانات) ، إذا كانت أرضها موقوفة فلا تجوز إزالتها أو هدمها إلا من أجل إعادة بنائها أحسن مما كانت عليه، وإن لم تكن أرضها موقوفة فالأصل أنه لا حرج في إزالتها حيث استغني عنها بوجود مسجد بديل.
هذا ولا ينبغي أن تزال هذه المساجد لمجرد الحفاظ على المظهر العمراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(11/7974)
خصص من بيته زاوية للصلاة وأراد تجديد بنائها فمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت منزلاً بمصر عبارة عن ثلاثة طوابق الطابق الأرضي عبارة عن زاوية للصلاة ومدخل المنزل - أرغب في هدم العقار وإعادة بنائه وبناء الزاوية مرة أخرى - ماذا أفعل خاصة وأن القائمين على خدمة الزاوية يرفضون قيامي بالهدم على أساس أنهم قاموا بالإنفاق على الزاوية حتى أصبحت جميلة وقد حاولت إقناعهم والتشاور معهم بأن هذا العقار ملكي من ناحية ومن ناحية أخرى سأعيد بناء الزاوية بشكل أفضل من الشكل القديم وسأساهم في نفقات ديكوراتها والصرف عليها إلا أن الرفض مازال قائماً مما سيضطرني إلى الإبلاغ لتدخل سلطات وزارة الداخلية في هذا الشأن خاصة وأني حصلت على قرار إزالة رسمي من المحكمة المختصة - ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اشتريت المنزل من مالكه اشتراء صحيحا، فمن حقك أن تفعل به أي تغيير أردته. وهذه الزاوية التي قلت إنها للصلاة، إن لم يكن للقائمين على خدمتها أية شبهة، فهم يعتبرون غصابا، وليس لهم الحق في أن يمنعوك مما تريد فعله في منزلك.
وإن كان لهم شبهة ملك، بأن كانوا قد اشتروا أرضها غير عالمين بأنها مملوكة، فإن من حقهم أن تعطيهم قيمتها قائمة، فإن لم تقبل كان من حقهم أن يعطوك قيمة أرضها ويملكوها، فإن لم يقبلوا أيضا كنتم شركاء فيها وفي أرضها، كلُ بقيمة ما يملك. قال الشيخ خليل فيمن بنى أو غرس بشبهة: وإن غرس أو بنى قيل للمالك أعطه قيمته قائما. فإن أبى فله دفع قيمة الأرض، فإن أبى فشريكان بالقيمة يوم الحكم ...
وهذا كله هو على تقدير أن الزاوية المذكورة لم توقف مسجدا للصلاة، وأما لو كانت قد أوقفت لذلك فإنها لا يصح أن تباع، وبالتالي فليس لك أن تهدمها.
وفيما يخص ما ذكرته من أنك قد حصلت على قرار إزالة رسمي من المحكمة المختصة، فإن كنت قد حصلت عليه بطريقة عادلة، حسبما بيناه، فالأمر ظاهر. وإن كنت قد حصلت عليه بطرق ملتوية، فالواجب أن تتجنب ذلك وتعود إلى الحق، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(11/7975)
النافلة في البيت أفضل وذكر الله في المسجد أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأفضل التعبد قبل صلاة الفجر في المسجد أم في البيت، علماً بأني جار للمسجد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلاة النافلة في البيت أفضل من المسجد، والسعي للمسجد لتلاوة القرآن وذكر الله تعالى أفضل من فعل ذلك في البيت؛ لما ثبت من الترغيب في الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالتعبد صلاة النافلة فهي أفضل في البيت من المسجد؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 15945.
وإن كان المقصود بالتعبد تلاوة القرآن وذكر الله تعالى فالأفضل أن يكون ذلك في المسجد لما يترتب على ذلك من انتظار الصلاة فيه، والذي ثبت الترغيب في شأنه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70662.
كما ثبت الترغيب أيضاً في توطن المسجد والإكثار من المكث فيه، ففي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم. وصححه الشيخ الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: (ما توطن) بمثناة فوقية أوله قال مغلطاي: وفي رواية ابن أبي شيبة: ما يوطي بمثناة تحتية أوله وبآخره (رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له) أي فرح به وأقبل عليه بمعنى أنه يتلقاه ببره وإكرامه وإنعامه (من حين يخرج من بيته) يعني من محله كمبيت أو خلوة أو نحوهما (كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم) قال الزمخشري: التبشبش بالإنسان المسرة به والإقبال عليه وهو من معنى البشاشة لا من لفظها عند صحبنا البصريين. وهذا مثل لارتضاء الله فعله ووقوعه الموقع الجميل عنده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(11/7976)
حكم الصلاة في مسجد بني على أرض مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله، أما بعد:
فأردت أن أستفتيكم عن الصلاة في مسجد سمعت أن أرضه مغتصبة ولكنى عندما سألت الذي بناه وهو صاحب العمارة التي فوقه أكد لي أن هذا الكلام ليس صحيحا ً وقال إن الأرض كانت ملكا ً لرجل يهودي أجلته الثورة عن مصر، وبذلك فتكون الأرض ملكا ً للدولة، ولكن الدولة لم تضع يدها على الأرض، وبنى هو عمارته وأنشأ تحتها هذا المسجد، فأولا: ما حكم هذا المسجد هل أرضه مغتصبة أم لا؟
ثانيا ً: إذا كانت الأرض مغتصبة فالصلاة فيها صحيحة مع الإثم، على من يكون هذا الإثم، يكون على الذي اغتصب الأرض أم على كل من يصلي فيها، علما ً بأن المصلين لا يستطيعون أن يتحروا الحقيقة في هذا الأمر ولا أن يتأكدوا منه؟
ثالثا ً: ما جزاء من يطلق الإشاعات من عوام الناس على اغتصاب أرض المسجد دون علم، وهل هو من الذين يصدون عن سبيل الله وعن مساجد الله؟
وجزاكم الله خيرا.ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرض إذا كانت ملكا لرجل يهودي أو على أي دين آخر، فإنه لا يجوز أن تجليه الثورة ولا غيرها عنها. وبذلك تعلم أن الأرض المذكورة ليست ملكا للدولة، وما حصل فيها من العمران إنما هو محض غصب. وغصب الأرض من أشد الأشياء تحريما فالوعيد فيه شديد لما روى البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: من ظلم قيد شبر طوقه الله من سبع أرضين. وفي رواية: من أخذ شبرا من الأرض بغير حق طوقه الله في سبع أرضين يوم القيامة.
وقد نص الفقهاء على أنه يشترط للمسجد أن لا يقام على أرض مغصوبة، وإذا أقيم على أرض مغصوبة حرمت الصلاة فيه.
قال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز أن يصلي في أرض مغصوبة، لأن اللبث فيها يحرم في غير الصلاة، فلأن يحرم في الصلاة أولى.
وقال النووي في شرحه لكلام الشيرازي: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع.
وعليه، فالصلاة لا تجوز في المسجد المذكور، لكن جمهور أهل العلم على صحة الصلاة فيه مع الإثم، وخالف الحنابلة فذهبوا إلى بطلانها.
والإثم يكون على من اغتصب الأرض، وعلى كل مصل عالم بذلك.
ومن هذا تعلم -أيضا- أن مشيع مثل هذا الخبر يعتبر ناهيا عن المنكر، وليس من الذين يصدون عن سبيل الله وعن مساجد الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(11/7977)
تعدد مآذن المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
سؤالي يرحمكم الله، لفت نظري عند زيارتي للأراضي المقدسة وتمعني في مآذن المسجد الحرام فوجدت عددها تسعة فما الحكمة في هذا العدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعدد مآذن المسجد الحرام وكونها تسعة ليس له مقصد شرعي، وإنما سببه اتساع المسجد والتوسع في تفخيم بنائه، وتشييده وزخرفته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(11/7978)
دخول المسجد ممن على جسده أو ثيابه نجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن دخول المسجد بنجاسة الجسد والثياب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلم أنه يحترز من النجاسات وإذا أصابه شيء منها في بدنه أو ثوبه فإنه يبادر إلى غسله وإزالته، كما أن الأصل أن تصان المساجد عن النجاسات، قال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {النور:36} ،.
قال ابن كثير رحمه الله: أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها. انتهى.
ولذا منع الفقهاء الحائض من المرور في المسجد إن خافت تلويثه، صيانة للمسجد عن النجاسات، بل منع المالكية تعليم الصبي في المسجد لعدم تحفظه من النجاسات.
قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: كره فيه تعليم صبي قرآنا أو غيره والمذهب المنع ولو كان لا يعبث لعدم تحفظه من النجاسة.
وقد نص بعض فقهاء الشافعية أيضاً على حرمة الدخول بنجاسة إلى المسجد سواء كانت في الثوب أو النعل وسواء كانت رطبة أو جافة إن خاف تلويث المسجد أو لم يكن دخوله لحاجة.
جاء في حاشية الجمل: أن من دخل بنجاسة في نحو ثوبه أو نعله رطبة أو غير رطبة إن خاف تلويث المسجد أو لم يكن دخوله لحاجة حرم.
وعليه فإننا نفتي بالمنع من دخول المسجد والمكث فيه لمن كان على بدنه أو ثوبه نجاسة حتى يزيلها وكذا بالمنع من المرور فيه لغير حاجة أو خيف تلويثه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/7979)
حكم وضع المصباح في قبلة المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عندما نصلي في المسجد نوقد الفانوس في الليل للإضاءة ونضعه جنب الإمام أي أمام المصلين فقال لنا أحد الإخوة إنه لا يجوز وضعه أمام المصلين لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فأفيدونا في صحة هذا القول؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب كثير من الفقهاء رحمهم الله تعالى إلى أنه يكره للمصلي أن يستقبل النار في قبلته لما في ذلك من التشبه بعبدة النار، قال منصور البهوتي الحنبلي رحمه الله تعالى في كشاف القناع: ... ويكره استقباله شيئاً من نار ولو سراجاً وقنديلاً ونحوه كشمعة موقدة لأن فيه تشبهاً بعبدة النار.. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ... وصرح المالكية والحنابلة بكراهة استقبال شيء من النار في الصلاة ولو سراجاً أو قنديلاً أو شمعة موقدة لأن فيه تشبيهاً بعبدة النار، وذهب الحنفية إلى عدم كراهة استقبال هذه الأشياء، قالوا لأن المجوس تعبد الجمر لا النار الموقدة، ولذا قالوا بكراهة الصلاة إلى تنور أو كانون فيه جمر. انتهى.
وبهذا يعلم الأخ السائل أن المسألة خلافية بين الفقهاء وليس فيها نص صريح في عدم استقبال النار، وأن من كره استقبالها فلأجل التشبه بعبدتها، وقد ورد التحذير صريحاً في المنع من التشبه بغير المسلمين، فالأولى عدم وضع الفانوس في جهة المصلين خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(11/7980)
حكم خروج المصلي من المسجد لبغضه الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أتى إلى الصلاة ووجد بأن الإمام الذي يصلي لا يحبه، ولكن للعلم بأنه لا يوجد أي كره، ولكن لم أسترح إليه، فهل أغادر المسجد وأذهب إلى مسجد آخر أم أصلي، فأرجو الإجابة على هذا السؤال بسرعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أولاً أنه لا ينبغي للمسلم أن يبغض أخاه المسلم من غير مسوغ شرعي، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين عن البغضاء بينهم فقال: لا تباغضوا.
وأخبر أن البغضاء بين المؤمنين تحلق الدين وسماها الحالقة، فالأولى بالرجل المشار إليه أن يجاهد نفسه على إزالة البغضاء والكراهية تجاه ذلك الإمام وغيره من المسلمين، فما أجمل بالمسلم أن يكون سليم الصدر من الحقد والغل تجاه إخوانه المسلمين، وراجع الفتوى رقم: 43839، والفتوى رقم: 1642.
ولا يجوز لمن دخل المسجد بعد الأذان أن يخرج منه لأجل بغض الإمام أو كراهيته له، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج من المسجد بعد الأذان كما تقدم في الفتوى رقم: 31856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/7981)
صلاة عائشة في حجرتها مع وجود قبره صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يعتقد جواز الصلاة في المسجد الذي في داخله قبر مستدلاً بصلاة عائشة رضي الله عنها في حجرتها التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وليس بينها وبين القبر إلا ساتر قماش.
فكيف نرد على هذا الزعم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصلاة في مسجد فيه قبر محرمة وعائشة رضي الله تعالى عنها كانت تصلي في حجرتها مع وجود جدار فاصل بينها وبين قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه، وبعد دفن عمر رضي الله عنه غادرت حجرتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في مسجد فيه قبر محرمة على الراجح كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 68541.
وعائشة رضي الله عنها كانت تصلي في حجرتها مع وجود جدار بينها وبين قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وليس ساتر قماش وبعد دفن عمر غادرت حجرتها وبالتالي فحالتها ليست بدليل على جواز الصلاة في مسجد مشتمل على قبر.
ففي التمهيد لشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ:
وقد قبل الصحابة - رضوان الله عليهم - وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعملوا بها، فدفنوه في مكانه الذي قبض فيه، في حجرة عائشة، وكانت - رضي الله عنها - قد أقامت جدارا بينها وبين القبور، فكانت غرفة عائشة فيها قسمان قسم فيه القبر، وقسم هي فيه.
وكذلك لما توفي أبو بكر رضي الله عنه، ودفن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة الشمال، كانت أيضا في ذلك الجزء من الحجرة، ولما دفن عمر - رضي الله عنه - تركت الحجرة رضي الله عنها، ثم أغلقت الحجرة، فلم يكن ثم باب فيها يدخل منه إليها، وإنما كانت فيها نافذة صغيرة، ولم تكن الغرفة كما هو معلوم مبنية من حجر، ولا من بناء مجصص، وإنما كانت من البناء الذي كان في عهده عليه الصلاة والسلام؛ من خشب ونحو ذلك. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(11/7982)
بناء مسجد بالقرب من مسجد تقام فيه الجمعة والصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[تم بناء مسجد بالرغم من معارضة الناس له ليتم بناؤه في القطعة المخصصة له بالقرب من مسجد تقام فيه الصلوات الخمسة والجمعة، يبعد حوالي 100متر، علما بأن هنالك منطقة في نفس الحي تحتاج لمسجد وبعد افتتاح المسجد أغلب أهل المنطقة لا يصلون فيه، فهل يعتبر هذا المسجد ضرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشرع بناء مسجد قرب مسجد مع عدم الحاجة إلى المسجد الثاني، فإن كان المقصود من ذلك الإضرار فالثاني مسجد ضرار تصح الصلاة فيه مع الكراهة، وإن لم يُقصد الإضرار فالثاني ليس بمسجد ضرار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسجد الأول يكفي لجماعة المصلين فلا يشرع الإقدام على بناء المسجد الثاني بالقرب من الأول، فإن قُصد ببنائه الإضرار بالمسجد الأول فهو مسجد ضرار وإن لم يقصد ذلك ولم تدع الحاجة إليه ففي مشرعية بنائه خلاف لبعض أهل العلم.
ففي الفروع لابن مفلح الحنبلي: ولا يبنى مسجد ضراراً، وقال محمد بن موسى: يبني مسجداً إلى جنب مسجد؟ قال: لا يبني المساجد ليعدي بعضها بعضاً، وقال صالح: قلت لأبي: كم يستحب أن يكون بين المسجدين إذا أرادوا أن يبنوا إلى جانبه مسجداً؟ قال: لا يبنى مسجد يراد به الضرار لمسجد إلى جنبه، فإن كثر الناس حتى يضيق عليهم فلا بأس أن يبنى وإن قرب من ذلك، فاتفقت الرواية أنه لا يبنى لقصد الضرار، وإن لم يقصد ولا حاجة فروايتان، رواية محمد بن موسى: لا يبنى، واختاره شيخنا وأنه يجب هدمها، وقاله فيما بني جوار جامع بني أمية. وظاهر رواية صالح: يبنى. انتهى.
ومسجد الضرار تصح الصلاة فيه مع الكراهة ففي مطالب أولي النهى ممزوجاً بغاية المنتهى: (و) تصح الصلاة مع الكراهة (بمسجد الضرار) إذا لم تكن أرضه مغصوبة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(11/7983)
النهي عن أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هناك بعض الأشخاص في المسجد يحتكرون الأماكن القريبة من الإمام ورغم أنهم كبار السن إلا أنهم ليسوا مؤهلين للإمامة، فهل أكون قد أخللت بالاحترام الواجب للكبير إذا أنا أخذت مكان أحدهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بقولك (يحتكرون الأماكن ... ) أن الواحد منهم يضع سجادة ونحوها من غير أن يبكر ويسبق إلى المكان فلا حرج عليك في إزالة تلك السجادة وأخذ أمكنتهم، وليس هذا مخلا بالأدب مع كبار السن، لأنهم بحجزهم للأماكن مع عدم وجودهم يعتبرون معتدين غاصبين ويجب الإنكار عليهم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 16137.
وإن كان المقصود أنهم يبكرون، ولكن تسأل عن حكم إقامتهم من أماكنهم بعد جلوسهم فيها فلا نرى جواز ذلك؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه كما في صحيح البخاري، ولأن في هذا العمل إشاعة للشحناء والبغضاء في القلوب كما أنه مع كبار السن يعتبر أقبح لما فيه من إساءة الأدب معهم، فالمكان في المسجد لمن سبق إليه، وليس أحد أحق بموضع من المسجد من غيره، وكونهم ليسوا مؤهلين للإمامة لا يقتضي إقامتهم من أماكنهم، ومن كان مؤهلاً للإمامة فإنه مطالب بأن يبادر ويصلي خلف الإمام. وانظر لذلك الفتوى رقم: 16099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(11/7984)
سبب النهي عن الصلاة في معاطن الإبل
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تحرم الصلاة في معاطن الإبل؟ هل ما يقال أن فيها شبها من الشياطين صحيح؟ أليس الثماني أنواع من البهائم المذكورة في سورة الأنعام التي أبيح أكل لحمها تعتبر أبوالها وفضلاتها طاهرة وأن الصلاة في مرابض الغنم جائزة وبالقياس باقي الثمانية أصناف جائزة الصلاة في أماكنها؟ لماذا الإبل مستثناة. إذا كانت الإبل مستثناة من الثمانية ما مدى صحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بشرب أبوالها للشفاء؟
روث الثماني أنواع المذكورة في سورة الأنعام بالإضافة إلى روث الخيول والثيران وفي البلاد الأجنبية روث الخنازير يستخدم دائما في التسميد. هل معنى ذلك أنه يحرم أكل المزروعات لأنها تتغذى بالنجاسة والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل ما غذي بالنجس. لو سألت يا شيخ المزارعين يقولون دائما إن الزرع لا بد من تسميده ودائما ما يستخدم الروث كأساس للتسميد وأحيانا تضاف أسمدة صناعية.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في معاطن الإبل خاصة دون بقية الأنعام، والعلة في ذلك كما قيل هو أنها تعمل عمل الشياطين فلا يأمن المصلي أن تنفر وهو يصلي وسطها فتفسد صلاته، ولا يصح قياس الإبل هنا على الغنم ولا غيرها لوجود النص الوارد في النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، وهذا النهي محمول على الكراهة عند أكثر الفقهاء، وحمله الحنابلة على التحريم.. ثم إن حكم فضلات الحيوانات مختلف فيه بين الفقهاء، ولا علاقة له بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل لأن من يرى طهارتها من الفقهاء يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، ومن يرى عدم طهارتها يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل أيضا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة في معاطن الإبل خاصة من بين سائر الأنعام، وعلة النهي في الإبل دون غيرها من الأنعام كونها تعمل عمل الشياطين، فهي كثيرة النفار والشرود فلا يأمن المصلي من أن تشوش عليه صلاته، وهذا محمول عند أكثر الفقهاء على الكراهة، وحمله الحنابلة على التحريم، والأصل في ذلك ما في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل. قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.
وفي سنن أبي داود عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين. وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال: صلوا فيها فإنها بركة. والحديث صححه الألباني.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: والحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في مواضع الإبل وعلل ذلك بقوله: فإنها من الشياطين. أي الإبل خلقت من الشياطين كما في رواية ابن ماجه: فإنها خلقت من الشياطين. فهذا يدل على أن علة النهي كون الإبل من الشياطين لا غير، فالإبل تعمل عمل الشياطين والأجنة لأن الإبل كثيرة الشراد فتشوش قلب المصلي وتمنع الخشوع. قال الخطابي: قوله صلى الله عليه وسلم: فإنها من الشياطين يريد أنها لما فيها من النفار والشرود وربما أفسدت على المصلي صلاته، والعرب تسمي كل مارد شيطانا؛ كأنه يقول: كأن المصلي إذا صلى بحضرتها كان مغررا بصلاته لما لا يؤمن نفارها وخبطها المصلي. وهذا المعنى مأمون من الغنم لما فيها من السكون وضعف الحركة إذا هيجت. انتهى.
وإذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة في معاطن الإبل فلا يمكن قياسها على غيرها من الأنعام لأنه قياس في مقابل النص وهو غير صحيح.
ثم إنه لا علاقة للنهي عن الصلاة في معاطن الإبل بمسألة طهارة فضلات بهيمة الأنعام لأن من يرى طهارتها من الفقهاء يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، ومن يرى عدم طهارتها يرى النهي عن الصلاة في معاطن الإبل أيضا.
ولمزيد الفائدة والتوضيح في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 45041، والفتوى رقم: 12472، ولبيان مذاهب الفقهاء في الحكم على أبوال الحيوانات وأرواثها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 65229.
أما نهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل ما غذي بنجس فهو في الجلالة، وقد سبق بيان حكم أكلها والتفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 43396.
وإذا علم أن الكثير من العلماء يرون طهارة أبوال الأنعام وأرواثها فلا مانع من استخدامها كأسمدة أو غيرها، بل لا مانع أيضا من استخدام الأسماد النجسة، ولا يتنجس الزرع بذلك لكن يغسل ظاهره إذا لاقى نجسا. قال النووي في المجموع: الزرع النابت على السرجين. قال الأصحاب: ليس هو نجس العين لكن ينجس بملاقاة النجاسة نجاسة مجاورة وإذا غسل طهر وإذا سنبل فحباته الخارجة طاهرة قطعا ولا حاجة إلى غسلها وهكذا القثاء والخيار وشبههما يكون طاهرا ولا حاجة إلى غسله. قال المتولي: وكذا الشجرة إذا سقيت ماء نجسا فأغصانها وأوراقها وثمارها طاهرة كلها، لأن الجميع فرع الشجرة ونماؤها.
وهذا موافق لمذهب مالك. وانظر الفتوى رقم: 53219، وللحنابلة قولان في هذه المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(11/7985)
رأس يحيى هل هو موجود بالجامع الأموي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن ضريح رأس النبي يحيى (عليه السلام) في المسجد الأموي في دمشق، وكيف يكون ذلك وأنا أعلم أن الأمويين من ضمن القرن الثالث المفضل فكيف يبنون على قبور الأنبياء، وقد نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وإذا كان الأمويون لم يبنوا على الضريح وأنه شيء مضاف مستحدث على المسجد ووهمي كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن جميع قبور الأنبياء ليس هناك دليل شرعي على أماكنها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم, فهل تصح الصلاة في المسجد الأموي على اعتبار أن القبر وهمي وغير موجود أصلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يصح وجود رأس يحيى بالجامع الأموي، ولم يكن البناء على القبور في ذلك العصر معروفاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس صحيحاً وجود رأس يحيى بالجامع الأموي لما ذكره شيخ الإسلام أن قبور الأنبياء لا يعرف منها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الجامع الأموي لم يبن على قبر، فقد كان العمل بمنع البناء على القبور آنذاك قائماً ولم تظهر حينئذ مظاهر الغلو في المقبورين، وقد ذكر الزحيلي في فتاواه أن المقام الموجود ليحيى مجرد مقام فارغ من قبر حقيقي، وذكرأن من المحقق وجود قبره بفلسطين في القدس لا في الديار السورية، وراجع الفتوى رقم: 27145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(11/7986)
يسن تلاوة القرآن وتعليم العلم في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مسجد من أحياء مدينة مراكش لا يقرؤون القرآن في المسجد ولا يعطون دروساً دينية ولا يدعون بالدعاء الصالح بعد الصلاة، وحينما سُئلوا عن هذا، قالوا إنهم يطبقون السنة، فهل هذا فعلا صحيح وهل هو من السنة? وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة تلاوة القرآن في المسجد، ففي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في شأن قصة الأعرابي الذي بال في المسجد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن. انتهى.
وقد جاء في الحديث الصحيح ثبوت ترتب الثواب الجزيل على مدارسة كتاب الله تعالى في المساجد، وراجع الفتوى رقم: 23771، والفتوى رقم: 49231، كما أن تعليم العلم في المسجد من السنة، وتشهد لذلك الأحاديث الصحيحة، كما في الفتوى رقم: 78679.
ولكن يجب الحذر من الابتداع في هذه السنة وذلك بابتداع هيئات فيها لم تكن واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه؛ كأن تكون القراءة بصوت واحد، أو تكون الدروس مشتملة على بدع أو شركيات أو نحو ذلك، أو يكون الدعاء بعد الصلاة جماعياً فهذه كلها أمور مخالفة للسنة، فإن امتنعوا منها فإنهم على صواب في ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 7673، والفتوى رقم: 20250.
والدعاء بعد الصلاة المفروضة تقدم تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 583، والفتوى رقم: 13351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(11/7987)
هل يمنع الأطفال من المسجد مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أحضرت أطفالي الاثنين لصلاة الجمعة وشاهدوا جدهم فى الصف الأمامي وذهبوا إليه ثم عادوا إلي مرة أخرى قام أحد المصلين بعد انتهاء الصلاة قائلاً بأن الأطفال يشوشون على المصلين واستدل بحديث: (جنبوا أولادكم ومجانينكم المساجد) فما هو رأي الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأطفال على قسمين:
الأول: لا يعبث في المسجد ولا يؤذي المصلين فلا حرج في حضوره للمسجد، والأفضل أن يكون بجوار أبيه أو أحد أقاربه الكبار، ويعلم آداب المسجد، وأن يحذر من أذية الناس وتخطيهم ونحو ذلك قبل أن يؤتى به إلى المسجد.
الثاني: يعبث في المسجد ويؤذي المصلين ولا ينتهي لو نهي، فهذا لا يجوز الإتيان به إلى المسجد، وإن أتى به إليه أخرج منه، لما يترتب على وجوده من تشويش على المصلين، فقد يكون هذا الرجل مصيباً في نهيه، وذلك إن كان الأولاد بهذا الوصف، ولكن ننبه هنا إلى أن حديث: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ... إلخ رواه ابن ماجه من حديث واثلة بن الأسقع وهو ضعيف لا تقوم به حجة، ولا يصح أن يمنع الأطفال من المسجد مطلقاً بهذا الحديث، بل لا بد من التفصيل الذي قرره أهل العلم، وهو الذي ذكرناه سابقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(11/7988)
حكم الصلاة في أماكن تذاع فيها الموسيقى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة أثناء سماع الموسيقى من غير رغبة في المطار، أتبطل أم لا، وكذلك الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصلاة في الأماكن الهادئة التي لا يوجد فيها ما يشوش على المصلي أولى وأفضل من الصلاة في الأمكنة التي يوجد فيها اللغط والأصوات، ولا سيما إذا كانت الموسيقى من ضمن هذه الأصوات لأن قصد الاستماع إليها حرام، كما أنها تلهي المصلي وتشغله عن التركيز في الصلاة مما يجعل الصلاة في هذه الحالة مثل الصلاة في الأماكن التي يوجد فيها ما يلهي نظر المصلي.
وعليه، فإن على المسلم أن يتجنب الصلاة في هذه الأماكن، فإن لم يمكن ذلك صلى على حاله، وإن كان يسمع الموسيقى، ولكن عليه أن يتشاغل عنها بقراءة القرآن وبالتركيز في الصلاة، ولا يؤثر مجرد استماعها على صحة الصلاة ولا الوضوء، كما أنه لا إثم عليه في استماعها ما دام لا يستطيع تغيير ذلك المنكر ولم يقدر على مفارقته ولم يقصد الاستماع إليها. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 44134، والفتوى رقم: 64232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/7989)
الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها جمعة أو غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد حديثان يوضح أحدهما أن صلاة المرأة في بيتها أفضل والآخر بأن لا نمنع النساء من الصلاة في المساجد، أريد معرفة مقدار ثواب المرأة، فنحن الرجال معروف أن صلاتنا في المسجد بسبع وعشرين درجة، لكن زوجتي لا تعلم مدى ثوابها، فهل تنزل معي إلى المسجد أم لو صلت بالبيت سيكون ثوابها أعلى تطبيقا لسنة النبي لدرجة أنها تريد أن تصلي الجمعة، ولا تعلم هل صلاتها ظهراً في البيت أفضل أم ماذا، وأريد أن أعرف ماذا كانت تفعل النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المرأة صلاتها في بيتها للجمعة وغيرها من الفرائض والنوافل؛ إلا أنها تصلي يوم الجمعة في بيتها ظهراً، لما رواه الإمام أحمد عن أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، فقال صلى الله عليه وسلم: قد علمت. وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاة في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك. وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة. فهذه المرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة معه وفي مسجده الذي تضاعف فيه الصلاة فأرشدها إلى أن صلاتها في بيتها أفضل لها، فما بالك بالصلاة مع غيره في غير مسجده.
ولكن لو خرجت للصلاة فلا مانع من ذلك ما لم يترتب على ذلك فتنة أو منكر، وقد كانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يعملن بتوجيهه الشريف، وتارة يخرجن إلى مسجده للصلاة معه، ونهى الرجال عن منعهن من ذلك، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56807، 35324، 79412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/7990)
دخول الكلب إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت قطة علينا في المسجد فقلت لزميلي الحمد لله أنها قطة تكون كارثة لو كان كلبا فأخبرني بأنه من المستحيل أن يدخل الكلب، لأنه ممنوع لأنه يمثل الشيطان، أما القطة ليست بقطة عادية، لكنها جن مسلم، فهل هذا الكلام صحيح، وما الدليل على ذلك آثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأن الكلب لا يدخل المسجد لأنه يمثل الشيطان غير صحيح شرعاً وواقعاً، أما شرعاً فقد ثبت عن ابن عمر أنه قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك. رواه البخاري.
وهذا كان في أول الأمر قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها، ويشير إلى ذلك ما زاده الإسماعيلي في روايته من طريق ابن وهب في هذا الحديث عن ابن عمر قال: كان عمر يقول بأعلى صوته (اجتنبوا اللغو في المسجد) قال ابن عمر: وقد كنت أبيت في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الكلاب ... إلخ. فاشار إلى أن ذلك كان في الابتداء، ثم ورد الأمر بتكريم المسجد حتى من لغو الكلام، وبهذا يندفع الاستدلال به على طهارة الكلب.
فالأمر إذاً كما رأيت فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم جعلت عليه الأبواب لمنع الكلاب من دخوله، وقد رأينا كلابا دخلت بعض المساجد، فكيف يقال بعد ذلك مستحيل أن يدخل الكلب إلى المسجد، والقول بأن الكلاب تمثل الشيطان، والشيطان لا يدخل المسجد غير صحيح أيضاً، بل الشيطان يدخل المسجد ويوسوس للمصلين كما هو معروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/7991)
حكم فرش المسجد بفرش فوق فرش
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل يجوز أن يفرش المسجد بفرش ثاني فوق الفرش الأول، وهل هناك حديث للنبي عليه الصلاة والسلام ينهي عن الفرش فوق الفرش، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على حديث ينهى عن فرش المسجد بفرشين أحدهما فوق الآخر، ولكن ينهى عنه عند عدم الحاجة إلى ذلك لما فيه من تضييع المال في غير فائدة، لما في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات. وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/7992)
حكم الصلاة في مسجد يفصل بينه وبين المقابر حائط حديدي
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على السؤال الآتي والإجابة عليه خصيصا وعدم إحالتي إلى فتوى أخرى مثلها، سيدي الكريم ما حكم الصلاة في مسجد يوجد في زاوية من زوايا المقبرة وداخل حائطها، إلا أنه يوجد حائط من الحديد وطريق معبدة عرضه تقريبا خمسة عشر متراً يفصلان بين القبور والمسجد، علما بأن هذا المسجد تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة وقد وقع نقاش بين مشيعين لإحدى الجنائز فمنهم من أجاز الصلاة في هذا المسجد ومنهم من حرمها، الشيء الذي جعلني أكتب إليكم هذا السؤال؟ وجزاكم الله ألف ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المسجد مستقلا عن المقبرة أي لا تحيط به القبور مفصولاً عنها بما ذكر ولا يوجد بداخله قبور كما ذكرت في السؤال، فلا مانع من الصلاة فيه لأن الممنوع هو الصلاة إلى القبور مباشرة أو جعل المسجد وسط المقابر، أما مع انفصاله عنها ووجود الحائل وهو حائط المسجد وحائط الحديد، فلا مانع من الصلاة فيه كما نص الفقهاء على ذلك، قال البهوتي في دقائق أولي النهى ممزوجاً بمتن المنتهى. في الفقه الحنبلي عند ذكر المواضع التي ينهى عن الصلاة فيها ومنها المقبرة: (وتكره) الصلاة (إليها) لحديث أبي مرثد الغنوي مرفوعاً: لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها. رواه الشيخان، (بلا حائل) فإن كان حائل لم تكره الصلاة (ولو) كان (كمؤخرة رحل) كسترة المتخلي، فلا يكفي الخط، ويكفي حائط المسجد.. إلى أن قال: وإن حدثت القبور بعده، حوله أو في قبلته، كرهت الصلاة إليها بلا حائل. انتهى بحذف.
وقال ابن حامد: إن صلى إلى المقبرة والحش فهو كالمصلي فيها إذا لم يكن بينه وبينها حائل، كما روى أبو مرثد الغنوي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها. متفق عليه. انتهى من الشرح الكبير.
والحاصل أنه لا حرج إن شاء الله تعالى في الصلاة في هذا المسجد، وتراجع الفتوى رقم: 38493، والفتوى رقم: 46337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/7993)
حكم وضع كتب الثقافة الإسلامية والأدب العربي بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إضافة مكتبة ثقافية للأطفال تحتوي على كتب متنوعة خاصة بالثقافة الإسلامية والأدب العربي الهادف فى جزء قصي بالمسجد، علما بأننا أقمنا فصلا صيفيا لتعليم القرآن الكريم وعلومه فى الإجازة الصيفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من وضع كتب الثقافة الإسلامية وكتب الأدب العربي وغيرها من الكتب النافعة في المسجد وقراءتها فيه، فهو مكان العلم والتعليم، كما هو معلوم في الصدر الأول، وكان حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد فيه الشعر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم، وقد نص أهل العلم على جواز استعمال المسجد فيما يخدم الإسلام وينفع المسلمين، وقد سبق بيان أحكام المساجد وما يتعلق بها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46480، 34043، 70662، 71341.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(11/7994)
اتخاذ المراحيض خارج المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم وجود المراحيض في المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المراحيض خارج المسجد كما هو المعروف فلا بأس باتخاذها ولو كانت قريبة منه، بل إن وجودها من مرافق المسجد التي ينبغي الحرص على إقامتها لما فيها من تسهيل أمر الطهارة على المصلين.
وانظر في ذلك الفتوى رقم: 41192، والفتوى رقم: 50762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(11/7995)
الصلاة في مسجد أقيم على قبر قد نبش
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجدنا أقيم على مقبرة كنا نعتقد أنها نبشت تماما، لكن تبين لنا أثناء أشغال توسعة أنه لا يزال هناك بقايا هياكل بشرية، وقد سبق أن أشرتم علينا في سؤال سابق بأفضلية ترك الصلاة في هذا المسجد وبالفعل فمنذ ذلك الحين ألزمت نفسي بعدم الصلاة فيه غير أن إمام المسجد الذي أصلي فيه حاليا شيخ مسن لا يحفظ إلا القليل من القرآن ويتغيب أحيانا عن الصلاة مما يثير أحيانا بعض الفوضى بتقدم من هو ليس بأهل لينوبه، خلاصة القول افتقدت الكثير من الخشوع الذي كنت أجده في المسجد الأول خاصة وأن إمامه صغير السن ومن حفظة كتاب الله عز وجل ويحسن التجويد وعيبه هو أيضا أن له بعض الميولات الصوفية، فهل أواصل مقاطعة هذا المسجد أم يجوز لي أن أصلي فيه أحيانا بحثا عن الخشوع خاصة في الصلوات الجهرية، فأفيدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسجد المقام على قبور قد نبشت تشرع الصلاة فيه لأن محل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت فيه قبور فنبشت عندما أراد بناء المسجد، وأما إذا وجدت بعض آثار القبور فينبغي إزالتها ومهما يكن من أمر فإن هذا لا يؤثر على الصلاة، إذا كان القبر لا شكل له أو كان مستقلاً عن محل الصلاة، فالظاهر من قولك أثناء أشغال التوسعة أن مكان البقايا خارج المسجد وبناء عليه فالصلاة في المسجد لا حرج فيها.
وأما الصلاة في المساجد فهي أمر متعين وإذا تعددت المساجد فقد ذكر بعض أهل العلم أنها تتفاضل بحسب كثرة المصلين أو فضلهم، كما قال صاحب الكفاف: وتتفاضل بكثرة الملا * وفضله فابتغ جما فضلا
فإذا كان الإمام يحسن تلاوة القرآن ويقوم بأعمال الصلاة قياماً صحيحاً فيشرع الاقتداء به على الراجح ما لم تكن عنده بدعة مكفرة، فقد صلى الصحابة خلف الولاة الفسقة كالحجاج وابن زياد وغيرهما، وقال الحسن البصري في إمامة المبتدع: صل وعليه بدعته. رواه البخاري.
وراجع في ذلك بالتفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53089، 52239، 16978، 23182، 1636، 59667، 26722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(11/7996)
حكم الصلاة على السجادة المكتوب عليها اسم الله عز وجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على السجادة المكتوب عليها اسم الله عزوجل؟
مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى جواز الصلاة على السجادة المكتوب عليها اسم الله تعالى وذلك لأمرين:
الأول: لما في ذلك من تعرض السجادة للامتهان بالوطء والفرش مع ما فيها من اسم الله تعالى، وهذا ينافي التعظيم الواجب لله تعالى ولأسمائه الحسنى جل وعلا، وانظري الفتوى رقم: 42138.
الثاني: سدا لذريعة الوقوع في البدعة فقد يعتقد بعض الناس أن الصلاة على السجادة المكتوب عليها اسم الله أعظم أمرا من الصلاة على غيرها، واعتقاد هذا بدعة في الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(11/7997)
دخول الجنب للمسجد وتيممه للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل شخص المسجد وهو جنب وتيمم فيه هل يعيد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن التيمم لا يشرع إلا عند فقد الماء أو العجز عن استعماله، ومن ذلك أن يكون الماء باردا برودة يغلب على الظن أن استعماله معها سيؤدي لحدوث مرض أو زيادته أو تاخر برء، وبشرط ألا يجد ما يسخن به الماء ولو بأجرة.
وثانيا أنه يجوز للجنب المرور بالمسجد للحاجة على الصحيح من قولي العلماء لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ.. {النساء: 43} ، وأما حديث: لا أحل المسجد لحائض ولا جنب، فهو حديث ضعيف ضعفه البيهقي والألباني وغيرهما، وعلى فرض صحته فهو عام مخصوص بأدلة جواز المرور، قال الشوكاني بعد إيراده له: فمع كونه فيه مقال سنبينه هو عام مخصوص بأدلة جواز العبور، وعلى هذا فإذا دخل الجنب المسجد فتيمم فيه وصلى فصلاته صحيحة ولا شيء عليه ولا يلزمه أن يعيدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/7998)
الصلاة على الفرش المشترى بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت سلفة من المصرف واشتريت بها فرشا لبيتنا ولم أكن أدرك أن السلفة حرام ثم تبت لله منها وعاهدت الله على أن لا أكرر مثل هذا العمل، وأنا أقوم بدفع مبلغ من المال شهريا كفارة عن ذنبي، ولكن قيل لي إن الصلاة على هذا الفرش غير مقبولة، فماذا أفعل علما بأنني فى حاجة إليه فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن اقترض بزيادة فقد أتى أمراً محرماً يستحق فاعله اللعنة، فعليه أن يسارع بالتوبة إلى الله مما صنع، وعليه رد القرض بدون زيادة إن أمكنه ذلك، وإلا فيرد القرض مع الزيادة لاضطراره إلى ذلك، وما اشتراه بالمال المقترض حلال. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51500، والفتوى رقم: 34864.
وعليه فالصلاة على الفرش المذكور صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1428(11/7999)
جلوس الحائض في المصلى للاستماع للخطب والدروس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقطع مصلى للنساء بستارة إلي قسمين قسم للصلاة والقسم الآخر للقادمات من النساء الحائضات رغبة منهن للاستماع إلى الخطبة والدروس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المصلى المذكور غير موقوف للصلاة فليس بمسجد ولا يأخذ أحكام المسجد على الأصح فيجوز للحائض دخوله والمكث فيه لاستماع الدروس والخطب ونحو ذلك، ولا حاجة لفصله إلى قسمين قسم للصلاة وقسم للحيض، فإن فعل فلا مانع منه، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: المصلى المتخذ للعيد وغيره، الذي ليس بمسجد لا يحرم المكث فيه على الجنب والحائض على المذهب. وبه قطع الجمهور، وذكر الدارمي فيه وجهين ... وقد يحتج له -أي وجه المنع- بحديث أم عطية في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يحضرن يوم العيد ويعتزلن المصلى. ويجاب عنه: بأنهن أمرن باعتزاله ليتسع على غيرهن وليتميزن. والله أعلم.
أما إن كان المصلى مسجداً في الأصل فلا يجوز للمرأة الحائض أن تمكث فيه، وفصل بعضه بستارة أو جدار لا يغير الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(11/8000)
حكم دخول المسجد بالبصطار العسكري والصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دخولي للمسجد بالبصطار العسكري علما أنني إذا نزعت البصطار تخرج منه رائحة كريهة؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الدخول بالبصطار العسكري وهو الحذاء العسكري المسجد بشرط أن لا يلوثه، وتجوز الصلاة به إذا كان طاهرا، بل استحب بعضهم الصلاة بالنعل الطاهر لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم وأباحه أكثر الفقهاء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 23992، إلا أننا ننبه هنا إلى أهمية مراعاة المصلين فغالب الناس اليوم ينكرون الدخول بالحذاء في المسجد والصلاة به، بل يعتبره بعضهم استهانة بالله وبالمصلين وانتهاك لحرمة المسجد، وإذا كان المصلي في مثل هؤلاء الناس فلا ينبغي أن يدخل بها المسجد دفعا للفتنة.
وإذا كانت تنبعث رائحة كريهة بعد نزعها فعليك بغسل رجليك قبل الدخول إلى المسجد والصلاة مع الناس، وإذا لم يمكنك ذلك فانت معذور في ترك الجماعة لئلا تؤذي الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(11/8001)
من سبق إلى مكان بالمسجد فهو أحق به
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أول الداخلين تقريبا لأحد المساجد لأداء صلاة الظهر وبعد أداء تحية المسجد جلست في المكان الذي خلف الإمام مباشرة بالصف الأول وعادتي أن آتى إلى المسجد مبكرا معظم الوقت وأجلس في نفس المكان. عند إقامة الصلاة طلب منى إمام هذا المسجد أن أتنحى جانبا وأترك هذا المكان للمؤذن وقال إن هذا المكان يجب أن يكون للمؤذن ولا يحق لأي شخص أخر الوقوف فيه ورددت بأنني أتيت مبكرا ومن حقي أن أجلس في المكان الذي أريد. أرجو التعليق عن هذا الموضوع وهل للإمام الحق في ما عمل معي وماهو الدليل الشرعي لهذا العمل إن كان موافقا للسنة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد سبقت إلى المكان المذكور فأنت أحق به، ولا يحق للإمام أو غيره أن يزيحك عنه إلا برضاك قال ابن قدامة في المغني: وليس له أن يقيم إنسانا ويجلس في موضعه سواء كان المكان راتبا لشخص يجلس فيه أو موضع حلقة لمن يحدث فيها أو حلقة للفقهاء يتذاكرون فيها أو لم يكن لما روى ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل يعني أخاه من مقعده ويجلس فيه. متفق عليه، ولأن المسجد بيت الله والناس فيه سواء قال الله تعالى: سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ {الحج: 25} فمن سبق إلى مكان هو أحق به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى ماء لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به. رواه أبو داود، وكمقاعد الأسواق ومشارع المياه والمعادن. اهـ وفي شرح النووي لصحيح مسلم شارحا للحديث المتفق عليه واللفظ لمسلم: لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه: هذا النهي للتحريم فمن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره لصلاة أو غيرها فهو أحق به، ويحرم على غيره إقامته لهذا الحديث إلا أن أصحابنا استثنوا منه ما إذا ألف من المسجد موضعا يفتي فيه أو يقرأ قرآنا أو غيره من العلوم الشرعية فهو أحق به وإذا حضر لم يكن لغيره أن يقعد فيه وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة. انتهى.
وعليه فأنت أحق بالمكان الذي سبقت إليه ولا يختص به المؤذن، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 69422، والفتوى رقم: 53878.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(11/8002)
جواب شبهة حول صلاة المرأة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد فلماذا كانت الصحابيات وهن أفقه من في الأمة يشهدن صلاة الفجر في الغلس متلفعات بمروطهن كما ثبت في الصحيح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده، فهل يتركن بيوتهن ويتكلفن الذهاب في الغلس والبرد وتكون المرأة التي صلت في بيتها افضل منهن في الأجر؟ ما دليل تخصيص أفضلية صلاة الجماعة للرجال فقط وإذا كان الأمر كذلك فما فائدة ذهاب المرأة أصلا للمسجد؟ ألتنال أجرا أقل؟ فإذا كان الإمام مالك لا يأخذ بالحديث الصحيح إذا خالف عمل أهل المدينة فعمل الصحابيات والله أولى بالاتباع من حديث أم حميد؟
الرجاء التوضيح وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المساجد ولو كان أحد المساجد الثلاثة الفاضلة وهي مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس لما في مسند الإمام أحمد أن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي. ولقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وغيره.
فدل هذان الحديثان على أنه كلما كان المكان أستر للمرأة وأبعد عن اختلاطها بالرجال كانت الصلاة فيه أفضل بالنسبة لها، وهذا لا يعني أنها لا يجوز لها أن تصلي في المساجد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى الرجال أن يمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه، زاد أبو داود: وبيوتهن خير لهن. وهذا الخروج من النساء لا يعني أن صلاتهن في المسجد أفضل لما رأيت من تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن صلاتهن في البيوت أفضل ورخص لهن في الخروج وأقرهن عليه ولم يخرجن جميعا، ولا كن يداومن على ذلك، والذي حملهن على الخروج هو حب سماع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم والخشوع في الصلاة والتأثر بها أكثر، وحرصا على ما قد يسمعنه من العلم والإرشاد ويشهدنه من الخير، وكن يلتزمن بالآداب الشرعية من التستر وعدم التعطر والتزين ونحو ذلك مما يدعو إلى الفتنة، ولما حدث من بعض النساء خلاف ذلك قالت عائشة رضي الله عنها: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(11/8003)
الصلاة في مسجد قباء
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في السنة من صلى في قباء كان له أجر عمرة هل هذا يختص بالفريضة أم حتى النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد قباء ويصلي فيه، وفي رواية فيصلي فيه ركعتين. قال النووي في المجموع: (فرع) يستحب استحبابا متأكدا أن تأتي مسجد قباء وهو في يوم السبت آكد ناويا التقرب بزيارته والصلاة فيه لحديث ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين. وفي رواية: أنه صلى الله عليه وسلم صلى فيه ركعتين. رواه البخاري ومسلم، وعن أسيد بن الحضير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجد قباء كعمرة. رواه الترمذي وغيره، قال الترمذي: هو حديث حسن صحيح. انتهى.
وفي سنن ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة. قال الشيخ الألباني: صحيح، وفي المصنف لابن أبي شيبة عن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء ثم جاء مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان ذلك كعدل عمرة.
وعليه فمن أتى مسجد قباء وصلى فيه ركعتين أو أكثر كتب له ثواب عمرة سواء كانت صلاته فريضة أو نافلة كما هو ظاهر هذه الأحاديث. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 71452.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(11/8004)
إدراك تكبيرة الإحرام في المسجد الأكثر جمعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهم أكثر ثواباً؟ الذهاب إلى مسجدنا الكبير الأبعد مبكراً بعد الأذان مباشرة والوقوف في الصف الأول وحضور تكبيرة الإحرام ولكن أصل هناك أربع ركعات سنة الظهر وليس في البيت؟ أم أن أصلي أربع ركعات السنة في بيتي وأذهب لأصلي في زاوية صغيرة أقرب من حيث الخطوات من المسجد الكبير (لأن المسجد الكبير سريع في إقامته للصلاة) ؟ والزاوية عبارة عن غرفة في طابق أرضي من عمارة، أعدها المسلمون للصلاة، يحضرها قليل من المصلين بالمقارنة بالمسجد الكبير.
وإن كان الجواب أن المسجد الذي تحضره جماعه أكبر ومستقل في مبنى خاص به أفضل من الزاوية، هل الأفضل أن تصلي زوجتي معي قبل أن أذهب لأصلي في المسجد لتأخذ هي ثواب الجماعة وأيضاً تكون قد صلت في أول الوقت ولكن يفوتني الصف الأول أو تكبيرة الإحرام أفضل؟ أم أن تنتظر هي حتى أن أعود ونصلي جماعة؟
آسف لطول السؤال، وجزاكم الله خيراً كثيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حقك بعد دخول وقت الظهر أن تصلي سنة الظهر فى بيتك لأن أداءها فيه أفضل من المسجد كما سبق في الفتوى رقم: 15945.
ثم تذهب للصلاة في المسجد الجامع الذي تصلي فيه الجماعة الأكثر خصوصا إذا كانت مسافته أبعد فهذه أمور لها مزيد أجر ومثوبة وراجع الفتوى رقم: 51577.
ولو كان أداء الراتبة في البيت سيترتب عليه فوات الصلاة مع الجماعة الكثيرة مع فضيلة المشي إلى الجامع وحضور الصف الأول وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، فصل الراتبة في المسجد حتى لا تفوتك هذه الفضائل جملة، وابدأ بالصلاة مع الجماعة في المسجد، ثم بعد رجوعك تصلى إماما بزوجتك حيث يحصل لها فضل صلاة الجماعة. وراجع الفتوى رقم: 9763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(11/8005)
شروط جواز الصلاة في مسجد بناه ساحر
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في قريتنا مساجد أوقاف وأنصار سنة ويوجد بها عمل دعوي وفي نفس القرية يوجد مسجد قد بناه أحد السحرة والدجالين، فما حكم الصلاة فيه أولاً، وثانياً نحن نقاطع الصلاة والخطابة فيه منذ أنشئ إلى الآن قرابة 15 عاما أو يزيد، فإذا كانت الصلاة فيه والخطابة جائزة، فهل في صلاتنا فيه وخطابتنا بعد مقاطعتنا له ضرر على الدعوة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في الصلاة في المسجد المذكور، إلا إذا كان قد بني على أساس التفرقة والضرار، فإن كان كذلك فلا يصلى فيه، وانظر الفتوى رقم: 29971، فقد بينا فيها جواز الصلاة في مسجد بناه كافر أو ساهم في بنائه، وما نحن فيه أولى بالجواز، هذا إذا كان إمامه غير الشخص الموصوف بالسحر والدجل، فإن كان ذلك الشخص هو الإمام فنحن لا نعلم حقيقة ما عنده، ولكن لا تنبغي الصلاة خلفه لأن من السحر ما يكفر به صاحبه، وللعلماء في ذلك تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 15453.
والظاهر أن صلاتكم في هذا المسجد إن كان الإمام ممن يصح الاقتداء به، وكذا خطابتكم فيه لبيان الحق والدعوة إلى السنة لا تعود على الدعوة بضرر، بل إن ذلك قد يؤدي إلى تأثيركم على مرتادي المسجد بدعوتكم ودروسكم فيه. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(11/8006)
صلاة المضطر في مسجد فيه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل ثلاثة أسابيع كانت لدينا جنازة استلمناها صباح الجمعة وكانت لا تحتمل الانتظار بسبب وجود حظر للتجوال في بغداد من الساعة الحادية عشرة إلى الساعة السابعة مساء في يوم الجمعة فقمنا بدفن الأموات حيث ما إن انتهينا من الدفن أذن المؤذن للجمعة ولم يكن قرب المقبرة إلا جامع أبي حنيفة النعمان ومسجد آخر فيه ثلاث قبور ويوجد مسجد آخر يبعد نصف ساعة عن المكان أي أننا إن ذهبنا له لا ندرك صلاة الجمعة فاضطررنا في ذلك اليوم إلى الصلاة في جامع أبي حنيفة الحاوي على ضريح الإمام علما أن الصلاة كانت صلاة جمعة ولا يوجد وسائل نقل أوسيارات بسبب حظر التجوال؟
أجيبونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 16049، عدم جواز الصلاة في المساجد التي بداخلها قبر أو قبور لكن ما دمتم قد صليتم بالفعل في مسجد يحتوي على قبر وفعلتم ذلك مضطرين بأن لم تستطيعوا الوصول إلى غيره فإن صلاتكم صحيحة. وانظر الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 26061، هذا إذا كانت القبور بداخل الجامع المذكور، فإن كانت توجد خارجه بأن كانت عن يمينه أو يساره أو خلفه فلا شيء في الصلاة فيه حينئذ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(11/8007)
بناء مسجد ثان للجمعة في المحلة الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موجود حاليا بالصين في مدينة بشرق الصين تحديدا أعمل داخل مصنع خاص بمستثمر عربي كنا نعتاد صلاة الجمعة بمسجد موجود بهذه المدينة مع الصينيين أهل البلدة، ومنذ فترة قريبة أعددنا مسجدا داخل المصنع بالدور الأرضي بالمسكن الخاص بنا وأصبح كل الموظفين يصلون به في يوم الجمعة وتركوا المسجد الكبير فما الحكم؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عدم جواز إقامة صلاة الجمعة إلا في المسجد القديم في المدينة، ولكن إذا دعت الحاجة إلى إقامتها في مسجد آخر بأن ضاق المسجد القديم عن الناس أو ترامت أطراف القرية بحيث يبعد المسجد القديم عن أماكن بعض المصلين فعند ذلك تجوز إقامتها في مسجد آخر كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5597، والفتوى رقم: 31016.
وعليه، فإذا كان المسجد التي كنتم تصلون فيه قد ضاق على المصلين أو كان يبعد عنكم مسافة يشق عليكم قطعها نحوه فإنه يجوز لكم أن تصلوا في المسجد المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(11/8008)
المطاعنة داخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المطاعنة داخل المسجد، علماً بأن المسجد له حرمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم مراد السائل على وجه التحديد، لكن إن كان مراده اللعب بالسلاح في المسجد فلا مانع من اللعب بالحراب في المسجد لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ... الحديث.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وفي الرواية الأخرى: يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد، ويلتحق به في ما معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر.
ومع ثبوت جوازه لا بد من مراعاة الزمان والمكان الذي يفعل فيه, فكثير من الناس يرى أن هذا عبث يجب تنزيه المسجد منه، فإذا فعله بعض الناس دون أن يعلموا الآخرين بجوازه لربما أحدث فتنة, لا سيما وقد وجد من العلماء من قال بأن هذا الأمر منسوخ كما حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(11/8009)
الصلاة في مكان حوله نجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة للوالدة في غرفتها وفيها الوالد لا يصلي، وهو بالأصح يعجز عن الصلاة، وهو كبير السن، الفراش الذي ينام عليه به نجاسة من البول بالتحديد، أرجو إفادتي في ذاك الأمر؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تصلي والدتك في الغرفة التي فيها والدك ما دامت تصلي في مكان طاهر منها، ولا يضر وجود نجاسة على فراش والدك، لأن طهارة المكان المشترط في الصلاة هو الذي يلامسه المصلي لا ما كان حوله، وإن كان الأفضل أن يبتعد عنه ويتخير لصلاته مكانا خالياً من النجاسة التي حوله، وننبهك إلى أن الصلاة لا تسقط عن والدك ما دام عقله باقياً، وعليه أن يصلي حسب قدرته، فإن فقد عقله سقطت عنه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 52394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(11/8010)
دخول العروس السافرة قاعة المناسبات الملحقة بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بجوار منزلنا مسجد ملحق به قاعة للمناسبات مجانية كمساهمة وخدمة من المسجد مع الوقت ازداد الإقبال عليها لدرجة أني رأيت من يومين عروسا سافرة متبرجة بجوار زوجها الديوث يظهر منها أكثر مما يخفى، وقررت إرسال خطاب إلى المسؤول عن المسجد لعله لا يدري بمثل هذا وأريد مساعدتكم في بعض النقاط، على حد علمي أن حرم المسجد يعد مسجداً ولا يجوز لامرأة متبرجة أن تدخل الحرم لا سيما المسجد نفسه، فهل هذا صحيح وما الدليل الاختلاط وضوابطه، ما يسمى بالأغاني الإسلامية وما شابه، فأنا أسمعها آتية من القاعة أحيانا ونحن في الصلاة، كلمة تحذير للمسؤول عن المسجد في عدم التعاون على الإثم والعدوان؟ وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيتها إلى المسجد ولا غيره وهي متبرجة, بل الواجب عليها أن تحتجب لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33} ، ولا يجوز لزوجها أن يقرها على ذلك، بل الواجب عليه صيانتها ومنعها من الظهور أمام الأجانب متبرجة عملاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} ، وقد اختلف أهل العلم في رحبة المسجد هل لها حكم المسجد أم لا، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 64088.
ولا يجوز للقائمين على المسجد إقرار هذا الأمر، بل إن عليهم أن يضعوا ضوابط للمناسبات التي تقام بهذه القاعة وأن يلزموا الناس بتطبيق أمر الله والالتزام به، وراجع في الاختلاط والأناشيد الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 72264، 71110، 71045، 67683، 61092، 48184، 65539، 29305، 30804، 51269، 19596، 49923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(11/8011)
الصلاة فوق بالوعة قديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من المدرسين نعمل في الفترة المسائية، وفي صلاة العصر يقوم بعض إخواني بأداء الصلاة فوق بيارة (بالوعة) مستخدمة قديمة، لكن نفسي لم تطب بالصلاة معهم وأقوم باللصلاة منفردا، وللعلم يوجد ساحة مليئة بالحصى، أفتوني في ذلك جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يعني أن الإخوة المذكورين يصلون على سطح البالوعة كما هو الظاهر من السؤال، فإن لم يكن على سطحها نجس فإن صلاتهم صحيحة لأن الفقهاء نصوا على صحة الصلاة فوق النجس إذا كان بينه وبين المصلي حائل، وعليه فلا ينفرد عنهم فإن الجماعة واجبة عند كثير من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(11/8012)
حكم الصلاة في مسجد اتخذ بغير إذن المسؤولين
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل في المدينة التي نقيم فيها في هولندا تقوم البلدية بتمويل لمؤسستنا، وهذا التمويل يغطي جميع مصاريف المؤسسة.
والتمويل يقدم على أساس أن الساهرين على المؤسسة يقومون بأنشطة ثقافية واجتماعية وغير ّذلك إلا الأنشطة الدينية.
فالقائمون حولوا جزءا من مقر المؤسسة إلى مسجد دون إذن السلطات والمصاريف الخاصة بالمسجد تسحب من التمويل الذي تقدمه البلدية للمؤسسة. إلا مصاريف الإمام يدفعها الزائرون.
وفي الأيام الأخيرة حول القائمون على المؤسسة مكانا في المقر إلى دكان لبيع المواد الغذائية وذلك بدون علم أو إذن الممولين ودون علم السلطات المحلية.
ومن بعض سلبيات الدكان على المسلمين أن صار المكان ضيقا وتكدس الزبناء في الممر يعيق خروج النساء من قاعة الصلاة الخاصة بهم؟
فما قولكم حفظكم الله؟
وهل تجوز الصلاة في هذا المسجد خاصة وأنه غير قانوني وليس له ترخيص ويصرف عليه من أموال غير مستحقة له؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان على الإخوة العاملين في المؤسسة المذكورة أن يستأذنوا الطرف المسؤول في أن يتخذوا مصلى يصلون فيه داخل مؤسستهم ويكون تمويله ضمن تمويل المؤسسة فإن وافق على ذلك فبها ونعمت وإلا فلا يجوز الصرف عليه من مال المؤسسة لأن هذا يتنافى مع تحديد الأوجه التي مولت المؤسسة لأجلها والمسلمون عند شروطهم كما في الحديث الصحيح، ولأنه من التعدي على أموال الغير وهو حرام ولو كان لغرض عمل مسجد، أما بعد أن حصل ما حصل فإن عليهم أن يقدموا طلبا للموافقة على المصلى الموجود حاليا مع الموافقة على الصرف عليه أيضا، فإن قبل طلبهم استمروا على حالهم، وإن رفض طلبهم فإن كان مكان المسجد ملكا لجهة التمويل أو كانت أجرته تدفع من مالهم فإن الصلاة في هذا المصلى حرام باعتبار أنه مكان مغصوب، لكنها صحيحة عند جمهور الفقهاء، باطلة عند الإمام أحمد ومن وافقه، قال النووي رحمه الله في المجموع: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع وصحيحة عندنا وعند الجمهور من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال أحمد بن حنبل والجبائي وغيره من المعتزلة باطلة. انتهى.
وكذلك الحكم بالنسبة للدكان المذكور فإن كان غير مأذون فيه فإنه لا يجوز اتخاذه لأنه من التعدي أيضا، بالإضافة إلى ما قد يحصل عند العثور على هذه المخالفة من المساءلة وربما الإذلال، والمسلم لا يجوز له أن يذل نفسه، ناهيك عن الانطباع السلبي الذي سيولده هذا التصرف اتجاه المسلمين، هذا وننبه الإخوة الذي يشتغلون في هذه المؤسسة على أنه إن كانت الأعمال التي يقومون بها محرمة أو تشمل على محرمات فإنه لا يجوز لهم الاستمرار في العمل فيها، فإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، وعليهم أن يبحثوا عن كسب حلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1427(11/8013)
هل الأفضل إتمام بناء مسجد أم بناء مسجد جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا والوالدة نريد أن نقوم بإكمال مسجد قام ببنائه شخص آخر حيث إن المسجد غير مكتمل من حيث التشطيبات مثل الأرضيات والنوافذ والصبغ والسقف والأبواب والفرش والكهرباء والإنارة أي أن الهيكل العام للمسجد فقط هو الموجود. هل يكون لنا أجر بناء المسجد أم الأفضل القيام ببناء مسجد جديد؟ وهل يكون لي أجر بناء مسجد إذا اشتركت مع والدتي في إكمال بناء هذا المسجد؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن يبني كل واحد مسجدا مستقلا في مكان يحتاج الناس فيه إلى المسجد ليكون أجر هذا المسجد كله له، فإن لم يقدر على ذلك فليشارك غيره بما عنده من المال ويكون أجره على قدر ما شارك به سواء كان ذلك إتمام مسجد قد بني بعضه أو إحداث مسجد جديد، وينبغي أن يراعى في ذلك حاجة المنطقة إلى المسجد والمصلحة الكبرى من وجوده، فبعض المناطق تحتاج إلى مسجد يكون محلا للصلاة وتحفيظ القرآن وتعليم الناس وإلقاء المحاضرات، وبعضها لا تكون الاستفادة منه إلا للصلاة فقط، وربما كان هناك مسجد بقربه يمكن أن يأتيه الناس بسهولة، فالحريص على الأجر يسعى إلى السبق إلى بناء المسجد الأول في الحي وتقديمه على غيره لأنه كلما كان النفع بالمسجد أكثر كان أجر بانيه أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1427(11/8014)
حكم الصلاة في بيوت النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
1-هل يجوز الصلاة في بيت المسيحييَّن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على كراهة الصلاة في بيوت النصارى، وكذلك الصلاة في بيت المسلم الذي لا يتحفظ من النجاسات، قال في فواكه الدواني شرح رسالة أبن أبي زيد القيروان في الفقه المالكي: وهو يذكر الأماكن التي تكره الصلاة فيها قال: ومنها: البقعة التي لا يتوقى أصحابها النجاسات كبيت النصراني أو المسلم الذي لم يتنزه عن التجاسات، ومثل ذلك الفرش الذي يمشي عليه الصبيان ومن لا يتحفظ من النجاسات، ولا يلزم من الكراهة الإعادة لأن شرط الإعادة تيقن النجاسة أو عدم تيقن الطهارة في ما الغالب فيه النجاسة كالمزبلة والمجزرة ونحوهما. انتهى
ولو صلى المسلم في هذه الأماكن على فراش يعلم طهارته فلا كراهة حينئذ، لكن يكره للمصلي أن يصلي وفي قبلته تصاوير أو تماثيل، ففي الفروع لابن مفلح: يكره أن يصلي إلى جدار فيه صورة وتماثيل، لما فيه من التشبه بعبادة الأصنام والأوثان، وظاهره ولو كانت صغيرة لا تبدو للناظر إليها، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(11/8015)
استخدام هبة الكافر في بناء المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الطلبة المسلمين ندرس في اليابان والمدينة التى نقيم بها ليس بها مسجد ولاحتى بالمدن المجاورة لها. ولقد منَّ الله علينا (بتبرعات الطلبة المسلمين وبعض رجال الأعمال المسلمين) أن اشترينا قطعة أرض لبناء مسجد عليها، ونحن الآن بصدد بناء المسجد وحيث إن تكاليف البناء هنا مرتفعة جدا بما يفوق طاقة المسلمين بالمدينة والمدن المجاورة، فقد اقترح البعض توسيع دائرة المتبرعين لتشمل غير المسلمين. لذا نرجو من فضيلتكم إفتاءنا فيما يلي:
1- هل يجوز دعوة غير المسلمين للتبرع لهذا المسجد؟
2- إذا كان دعوتهم للتبرع لا تجوز فما الحكم إذا أراد أحدهم التبرع دون أن ندعوه لذلك هل نقبل تبرعه أم لا؟
3- إذا جاز قبول التبرع من غير المسلمين هل يجب علينا التحري عن مصدر أموال المتبرع ومدى شرعيتها؟ وإن تبين لنا أنها من مصدر غير مشروع هل يجوز قبولها أم لا؟
نسأل الله تعالي أن يزيدكم علماً وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تطلبوا من كافر إعانة مالية يهبكم إياها ثم تستعينون بها في بناء مسجد، كما لا حرج في قبولها منه دون طلب لا سيما مع عجزكم عن بنائه وحاجتكم إليه، ولا يلزمكم البحث عن مصدر ماله الذي تبرع به هل هو من حلال أو من حرام، ولكن إذا علمتم أن عين المال الذي أعطاكم إياه حراما فلا يجوز لكم قبوله وصرفه في بناء المسجد، وهناك تفصيل مهم في الفتوى رقم: 6261، يرجى الاطلاع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1427(11/8016)
الصلاة بحضرة الكفار وفي أماكن وجودهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا أن نصلي أمام الكفار والمسيحيين، وهل يجوز لنا الصلاة في أماكن الكفار أو في أماكن المسيحيين، والعكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود السؤال عن الصلاة بحضرة كافر: مسيحي أو غيره، فالصلاة صحيحة بحضرته ولو حصل مرور منه أمام المصلي، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 30485.
وإن كان السؤال عن حكم الصلاة بأماكن وجود الكفار كبيوتهم أو مكاتبهم مثلا فتصح الصلاة في تلك الأماكن إذا أديت الصلاة على مكان طاهر ولم يقع ما يبطلها، وإن كنت تسأل عن الصلاة في أماكن عبادتهم كالكنيسة مثلاً فالصواب جواز الصلاة فيها إذا دعت الحاجة إلى ذلك، فراجع الفتوى رقم: 5744، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 9992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(11/8017)
وضع الساعات ذوات الأجراس بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيوخ الكرام
أفيدونا جزاكم الله عن حكم تعليق أو وضع الساعات الكبيرة في المساجد وخاصة المساجد الكبيرة الرئيسة في البلد، الساعات ذوات أجراس مثل أجراس الكنائس , وتصدر صوتا عاليا كل ساعة وكل نصف ساعة وكل ربع ساعة وفي أثناء الصلاة وخطب الجمعة والمحاضرات الدينية.
ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.
من إندونيسيا, أبو صالح
هشام صالح باسليمان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أصل وضع الساعة في المسجد لأن وضعها فيه لا يخلو من مصلحة معتبرة كما لا حرج أن يكون فيها صوت لا يشوش على المصلين ولا يشبه أجراس الكنائس بقصد التنبيه مثلا على أن وقت الأذان أو الإقامة قد حان.
أما أن تكون فيها أصوات عالية تشوش على المصلين تصدر كل ساعة أوأقل من ساعة فالظاهر أن ذلك لا يجوز، إذ أن كلما يشوش على المصلين من الأصوات أو الحركات في المسجد محرم، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت بالقرآن في المسجد، ففي سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة.
وإذا كان هذا في قراءة القرآن فكيف برفع الصوت بما يشبه أصوات أجراس الكنائس أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(11/8018)
كتابة شعار متضمن لفظي الله ومحمد ووضعه في القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا جزاكم الله خيرا عن حكم وجود منبرين في ساحة المسجد, موضوعين بجانبي الإمام, المنبر الأيمن منقوش عليها شعار منظمة إسلامية هي التي بنت المسجد وفي وسط الشعار لفظ الجلالة (الله) والمنبر الأيسر منقوش عليه نفس الشعار وفي وسط الشعار اسم (محمد) .
المنبران عليهما شعار المنظمة , ولفظ الجلالة على اليمين ومحمد على اليسار.
ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.
من إندونيسيا , أبو صالح
هشام صالح باسليمان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من كتابة شعار المنظمة أو لفظ الجلالة ولفظ محمد صلى الله عليه وسلم في منبر في المسجد لكن لا ينبغي أن يكون ذلك في قبلة المسجد لأنه يشغل المصلين، ولذلك صرح جماعة من أهل العلم بكراهة ذلك.
قال الإمام أحمد رحمه الله: كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئا في القبلة حتى المصحف.
وفي المدونة: قلت: أكان مالك يكره أن يكون في القبلة مثل هذا الكتاب الذي كتب في مسجدكم بالفسطاط، قال: سمعت مالكا وذكر مسجد المدينة وما عمل فيه من التزويق في قبلته وغيره، فقال: كره ذلك الناس حين فعلوه وذلك لأنه يشغل الناس في صلاتهم ينظرون إليه فيلهيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1427(11/8019)
إدخال التلفاز إلى المساجد لمشاهدة البرامج الدينية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ...
نرجو من سيادتكم الرد على سؤالي التالي: أحدثت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بجميع المساجد جهاز تلفاز مصحوباً بجهاز رقمي (parabol) لمشاهدة البرامج الدينية، فما هو حكم الشرع في ذلك؟ وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التلفاز جهاز صالح للخير وصالح للشر، وقد تقدم الجواب مفصلاً عن اقتنائه واستخدامه وهو تحت الفتوى رقم: 1886 فراجعه.
وما قيل في التلفاز يقال كذلك في ما يعرض عن طريق الدش، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20530، فإذا تحققت القدرة على الامتناع عن استخدام التلفاز إلا في الخير والمباح، وأمكن توقي ما في القنوات من الشر فلا حرج في اقتنائه واستخدامه، فمن أدخل جهاز التلفزيون المصحوب بالجهاز الرقمي إلى المسجد فلا حرج عليه، بشرط أن يقتصر في استعماله على البرامج العلمية النافعة، والمحاضرات الدينية، وألا يحصل سماع محرم ولا رؤيته.
فمن المعلوم أن الشريعة قد جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعاً، ودفع شر الشرين إذا لم يمكن أن يندفعا جميعاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:.... فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فالقليل من الخير خير من تركه، ودفع بعض الشر خير من تركه كله ... انتهى.
ولو أنه أمكن جعل الجهاز في غرفة تابعة للمسجد ويدخل لها من أراد سماع درس ديني فهو أولى، لأن المسجد قد يكون فيه من يريد تلاوة القرآن ومن يحب صلاة بعض النوافل، فالأولى عدم فتح الجهاز حينئذ لئلا يحصل خلاف بين المحب لسماع الدرس والمحب للتفرغ للتلاوة أو الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(11/8020)
الصلاة على الحصير والأسمنت المطبوخ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو الأتي: مامدى شرعية السجود على حصير من نوع البلاستيك وهل السجود على المطبوخ مثل الأسمنت ومشتقاته الجليز وغيره جائز أم لا؟
دمتم في رعاية الله وحفظه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود يجوز ويصح على كل طاهر متصل بالأرض بما في ذلك الإسمنت ومشتقاته مطبوخا كان أم لا, فقد ذكر أهل العلم أن السجود يصح على الأرض وما اتصل بها مما هو طاهر. قال الحطاب في مواهب الجليل في الفقه المالكي: قال ابن عرفة في حد السجود: والسجود مس الأرض أو ما اتصل بها. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالصلاة على الحصير والبسط من الصوف والشعر والوبر والثياب والقطن والكتان وسائر الطاهرات وصلى عمر على عبقري، وابن عباس على طنفسة، وزيد بن ثابت وجابر على حصير, وعلي وابن مسعود وأنس على المنسوج وهو قول عوام أهل العلم. انتهى.
ومحل الشاهد من كلام ابن قدامة هذا قوله وسائر الطاهرات فإنه يشمل الإسمنت وغيره. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 36324، والفتوى رقم: 74788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/8021)
حكم الصلاة في مسجد فيه مستقبل للقنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حكم المساجد التي تحتوي على مستقبل للقنوات، هل تجوز فيها الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في المسجد الذي يحتوي على مستقبل للقنوات صحيحة؛ إلا أنه لا ينبغي أن يوضع ذلك المستقبل على المسجد تنزيهاً له عن مثل هذه الآلات التي تستخدم غالباً في الحرام، ومن ثم لا يليق وضعها على المسجد ولو استخدمت في المباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(11/8022)
انخفاض الأرض نحو شبر هل يقطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث رحمة للعالمين، إخوتنا ومشايخنا الكرام.
ما الحكم الشرعي في مصلى زيد عليه قطعة أرض عن يمينه لتوسعته، بحيث كانت القطعة المُزادة منخفضة عن المصلى الأصل حوالي شبر أو أكثر قليلاً، فهل يأخذ هذا الأمر حكم الصف المقطوع؟ نرجو توضيح الأمر؟
وفقكم الله لما يرضيه وبارك فيكم، وجزاكم عن الأمة كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 64458، بيان المقصود بالصف المقطوع، وقد تبين أنه الصف الذي يتخلله حاجز يقطع اتصال بعضه ببعض كسارية أو جدار ونحو ذلك، وعليه فإن كان انخفاض تلك التوسعة عن بقية المسجد يسبب فرجة في الصف فإن هذا الصف يعتبر مقطوعا، لكن هذا الأمر لا يمنع الصلاة في المصلى المذكور، فليتراص المصلون في الصف ما أمكن، ولا حرج عليهم إن شاء الله تعالى فيما لا طاقة لهم به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(11/8023)
حكم الصلاة في مرابض الغنم
[السُّؤَالُ]
ـ[عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم. والمقصود بمرابض الغنم المكان الذي تأوي إليه عند رواحها من المرعى، وقد استدل بالحديث من قال بطهارة بول وروث ما يؤكل لحمه. وفي المسألة نزاع مشهور بين أهل العلم، وممن يقول بنجاسة ذلك الشافعي رحمه الله، وقد فسر الشافعي رحمه الله هذا النص وما شابهه على أنه محمول على المكان الذي لا بعر فيه ولا بول؛ كما في سنن البيهقي الكبرى، قال: قال الشافعي رحمه الله: فأمر أن يصلي في مراحها يعني -والله أعلم- في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر ولا بول فيه. قال: وأكره له الصلاة في أعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صلى أجزأه لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده ولم يفسد ذلك صلاته أهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(11/8024)
الصلاة عند مقام إبراهيم
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يصلي الناس في مكة المكرمة يوم الجمعة وقد ابتعدوا عن مقام إبراهيم بدائرة كبيرة، وقد قال تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى؟؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل الصفة التي سألت عنها هي مسألة تنظيمية من طرف القائمين على الحرم وليس هناك ما يمنعها، والآية التي ذكرت لاتدل على أن كل صلاة ينبغي أداؤها عند مقام إبراهيم، بل الآية تخص ركعتي الطواف دون غيرهما من الصلوات.
قال ابن القيم في زاد المعاد متحدثا عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم:
فلما فرغ من طوافه، جاء إلى خلف المقام، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً فصلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت، قرأ فيهما بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص وقراءته الآية المذكورة بيان منه لتفسير القرآن، ومراد الله منه بفعله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاته، أقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، انتهى.
وبالتالى فغير هاتين الركعتين من الصلوات لايترتب على أدائه مزيد فضل عند المقام دون سائر الحرم، قال الباجى فى المنتقى:
وقوله فربما صلى عند المقام وعند غيره يريد أنه كان يرى ركعتي الطواف عند المقام وفي غيره من الأماكن في المسجد مجزئتين وأنه كان يفعل الأمرين وذلك كله جائز إلا أنه يستحب أن تكون ركعتا الطواف الواجب خلف المقام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما وقد قرأ عند صلاته خلف المقام بركعتي الطواف {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} فالظاهر أنه مراد بالآية وهذا أمر وليس في الصلوات ما يختص بمقام إبراهيم غير ركعتي الطواف والله أعلم. انتهى
وعليه فصلاة الجمعة على الهيئة التى سألت عنها لامانع منها، مع التنبيه على أن المقام كان قريبا من الكعبة فنقل من مكانه توسعة على الطائفين كما تقدم فى الفتوى رقم: 21464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(11/8025)
حكم من خصص لنفسه موضعا في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستشيركم في أمر هل يجوز للمصلي أن يدخل المسجد قبل قيام الصلاة وأن يضع كيسا أو حقيبة في الصف الأول ثم يذهب ليتوضأ وبعد الوضوء يرجع إلى المكان الذي ترك فيه الكيس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يدخل الشخص المسجد ويضع حقيبته أونحوها في الصف الأول ليحصل السبق إلى ذلك المكان, لكن هذا الفعل المذكور لا يترتب عليه اختصاصه بذلك المكان, فلو سبق إليه غيره فهو أحق به. قال الحطاب في مواهب الجليل المالكي: وذكر ابن غازي عن شيخه القوري عن العوفية أن من وضع بمحل من المسجد شيئا يحجره به حتى يأتي إليه يتخرج على مسألة هل ملك التحجير إحياء؟ انتهى. ولم يذكر غير هذا (قلت) سيأتي في إحياء الموات أن التحجير ليس بإحياء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/8026)
الصلاة في مسجد فيه انحراف يسير عن القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا في قرية تل شهاب من درعا في سوريا مسجد بناؤه قديم صلينا فيه أكثر من 35 سنة ثم تبين أن المسجد منحرف عن القبلة 17 درجة إي ما يعادل 540 كم طالبنا بلجنة من الأوقاف لتحديد الاتجاه الصحيح واستجابت لذلك، ولكن بعض المصلين رفضوا ذلك بحجة أن أباءنا كانوا يصلون على الاتجاه فتركت الأوقاف الموضوع وقالوا اتركوا المسجد ولا تصلوا فيه لفض الخلاف، فهل يجوز الصلاة في المسجد على الاتجاه القديم أم يجب الانحراف وإذا انحرفنا ولم ينحرف الإمام هل تصح صلاتنا خلفه، ولكن من الأصح أن نضع خيطان في المسجد لتعديل الاتجاه أم نتركه على ما هو عليه؟ جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تمكنتم من وضع خطوط لتحديد اتجاه القبلة بدقة فهو الأفضل وإلا فلا حرج عليكم من الصلاة في المسجد المذكور ما دام لا يزال في جهة القبلة، فالشرط هو استقبال جهة الكعبة للبعيد عنها لا استقبال عينها عند جمهور أهل العلم، وعليه فتجزئكم الصلاة في المسجد كما هو بحاله، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تراجع الفتوى رقم: 23757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(11/8027)
حكم الصلاة في مسجد بخارجه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
أنا صاحب السؤال رقم 291199 أشكركم على جوابكم الطيب وجزاكم الله خيرا.
لقد تم إحاطة الوثن بجدار بحيث أصبح في غرفة مستقلة ولا يراه من يدخل المسجد, المسجد بني حديثا ولم يكن بناؤه تعظيما للوثن ولكن لأن المكان الذي تم اختياره كان أنسب للناس من حيث قربه من جميع أهل القرية الوثن في الأصل كان قبل بناء المسجد في مكان المصلى وعند التحضير لبناء المسجد أزيل الوثن ووجد في جواره بعض العظام لبعض الموتى فتم جمعها ثم أعيد بناء الوثن وراء المصلى كما هو مبين في الصورة ظنا منهم أنه لا حرج في ذلك ما دام الوثن خارج المصلى ومخالفا للقبلة وتم دفن العظام تحت المشهد. فهل تجوز الصلاة في هذا المسجد؟ وما حكم الصلاة فيه؟ وهل يدخل في هذه المسألة فقه المفاسد والمصالح لأن مسجد المدينة بعيد والمسجد كان سببا في هداية الكثير من الناس وخاصة الشباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقبر خارج المسجد كما هو موضح في سؤالك، وعليه فلا مانع من الصلاة فيه ولا كراهة في ذلك سواء كان في بنائه في ذلك المكان مصلحة أعظم من غيره أم لا، وكان الواجب ترك القبر في محله الأول وبناء المسجد خارجا عنه لأن أهل العلم يقولون البقاء للأول منهما إن كان المسجد نبش القبر ونقل، وإن كان القبر هدم المسجد، ولكن ما دام قد حصل ما حصل فنقل الميت من مكانه ودفنه في مكان آخر فلا نرى مانعا من إبقاء الحال على ما هو عليه الآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(11/8028)
الصلاة في مسجد بني قبر خارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[فنشكر فضيلتكم على سعة صدوركم وبارك الله فيكم على عملكم هذا وجعله الله في ميزان حسناتكم.
السؤال: ما رأي فضيلتكم في الصلاه في مسجد به ولي يقال إنه كانت له كرامات فيما مضى والله أعلم حيث إن ضريح هذا الولي ملاصق للمسجد من الخلف ولا يزال الناس يعتقدون بكرامته مع أنه ميت منذ زمن بعيد والمصيبه أن إمام الأوقاف لدينا يعتقد بهذه الترهات ونحن نصلي خلفه وما يزال هناك أناس يأتون لزيارته والتبرك به ويطلبون منه شفاء مرضاهم ولا حول ولا قوه إلا بالله، فهل يصح لنا أن نصلي في هذا المسجد حيث إنه مسجد القريه الرئيسي وقد قام بعض الشباب من أصحاب اللحى الطويلة بالإفتاء بتحريم الصلاه فيه، وقد قال أحدهم إن الصلاه في هذا المسجد تعادل في الذنب الزنا بأحد المحارم ولا حول ولا قوه إلا بالله، وقد قال بعضهم إنه يجب هدم هذا المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم بناء المساجد على القبور، كما يحرم دفن الميت في المسجد لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ولما في صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
والصلاة في المسجد الذي فيه قبر حرام، وقد فصلنا القول في هذا في الفتوى رقم: 1530، فلتراجع.
وأما بناء المسجد عند القبر بحيث يكون القبر خارجه ولو ملاصقا له من أي جهة فلا يحرم وتصح الصلاة فيه بلا حرمة ولا كراهة.
وأما زيارة القبر المذكور للعظة والعبرة كسائر القبور فمشروعة، وأما زيارته لدعائه من دون الله وطلب قضاء الحوائج منه كشفاء المريض ونحو ذلك فهذا شرك والعياذ بالله، ولا بد من تحذير الناس من هذا الانحراف وتعليمهم السنة الصحيحة في زيارة القبور وكيفية التعامل معها.
وأما إمام المسجد فينظر في حاله فإن كان يعتقد تأثير هذا الولي وقضاءه للحاجات مع الله أو من دون الله فلا يصلى خلفه، وإلا فصلوا خلفه والصلاة خلف غيره أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1427(11/8029)
الفرق بين المسجد والجامع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخوكم في الإسلام محمد خليل الواعظ من بغداد العراق أرجو الإجابة عن السؤال الآتي بتقرير مفصل عن الفرق بين المسجد والجامع، وما هو المسجد أو الجامع الأكبر مساحة واسعة في العالم؟
بارك الله فيكم وفي موقعكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد شرعا يطلق على المسجد الجامع وغيره إلا أن الجامع خاص بالذي تؤدى فيه صلاة الجمعة ويحصل فيه الاعتكاف، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: والاعتكاف في المسجد الجامع أحب إلينا وإن اعتكف في غيره فمن الجمعة إلى الجمعة. انتهى.
وفي كفاية الطالب الرباني ممزوجا برسالة ابن أبي زيد القيرواني: لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد الجامع في المكان الذي تصح فيه الجمعة. انتهى.
وغير المسجد الجامع هو المسجد الذي تؤدى فيه الصلوات الخمس فقط وثبتت وقفيته، ولا علم لنا بأكبر مسجد مساحة في العالم ولا يترتب على معرفته حكم شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1427(11/8030)
تغيير المكان بعد صلاة الفرض والنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال
عند صلاة الشفع والوتر هل يجب تغيير المكان بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب للمصلي أن يتنقل من مكانه الذي أتم فيه صلاة سواء كانت فرضا أو نفلا ولا يجب ذلك. قال الرملي في نهاية المحتاج: ويسن أن ينتقل للنفل أو الفرض من موضع فرضه أو نفله إلى غيره تكثيرا لمواضع السجود فإنها تشهد له, ولما فيه من إحياء البقاع بالعبادة فإن لم ينتقل إلى موضع آخر فصل بكلام إنسان.
وعليه، فيستحب تغيير المكان إذا صلى الشفع ثم أراد صلاة ركعة الوتر. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(11/8031)
الصلاة على جلود الأنعام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة على جلد الأنعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأنعام تطلق شرعا على الإبل والبقر والغنم قال الإمام ابن كثير في تفسيره: وقوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ {المائدة: 1} هي الإبل والبقر والغنم قاله أبو الحسن وقتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب. انتهى.
فالصلاة على جلد حيوان من الأنعام تمت تذكيته شرعا لا بأس بها، وإذا كان الجلد مدبوغا لحيوان ميت من هذه الأنعام فقد اختلف أهل العلم هل تجزئ الصلاة عليه أم لا؟
فعند المالكية والمشهور عند الحنابلة أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ، وعند الشافعية يطهر بالدبغ غير جلد الخنزير والكلب، وعند الحنفية يطهر أيضا بالدبغ غير جلد الخنزير والإنسان، ومن أهل العلم من يرى أن الدبغ مطهر لجميع جلود الميتة وهذا المذهب قواه الشوكاني وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 48329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1427(11/8032)
لا حرج في الصلاة في مسجد يوجد في خارجه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مسجد فيه قبر خارج المسجد لكنه متصل به في البناية وهو في غير اجاه القبلة ثم حدث أن أزيلت العظام والقبر ثم حدثت مشاكل ولا ندري هل أعادوها إلى القبر، فما الحكم الشرعي في الصلاة فيه، أي الصلوات الخمس، وكذا صلاة الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القبر خارج المسجد سواء كان في جهة القبلة أو غيرها جاز أداء الصلوات الخمس والجنائز في المسجد المذكور سواء علمتم بإعادة العظام إلى القبر بعد نبشه أم لا.
وإنما اختلف العلماء في حرمة الصلاة في المسجد الذي فيه قبر والراجح حرمة ذلك، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 13365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(11/8033)
حكم من صلى في مسجد يضم قبرا دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي الظهر في مسجد يضم قبرا دون علم فهل لي أن أعيد ما صليته في ذلك المسجد بعد أن اكتشفت ذلك؟ وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 40826، بيان أقوال العلماء في حكم الصلاة في المسجد الذي في داخله قبر، وخلصنا في تلك الفتوى إلى اعتماد القول بأن الصلاة فيه حرام وأنها باطلة أيضا، وعلى هذا القول فإن على الأخ السائل أن يعيد الصلوات التي صلاها في ذلك المسجد، أما على قول الجمهور فلا إعادة عليه، وعلى كل حال فإنه لا يأثم بصلاته في المسجد المذكور ما دام غير عالم بوجود القبر فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. قال الشيخ الألباني: صحيح.
والأحوط إعادة تلك الصلوات خروجا من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(11/8034)
هل بني مسجد مكان بيعة العقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[اذكر اسم المسجد الذي بني مكان بيعة العقبة الأولى والثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عنه في الفتوى رقم: 71492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(11/8035)
مراجعة دروس الكلية في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله.. هل يجوز لنا أن ندرس ما نقرأه في الكلية في المسجد؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوظائف المسجد جاءت منصوصة في السنة المطهرة. روى الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المساجد: إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن. قال في عون المعبود: بل بنيت لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها.
وفي التاج والإكليل للمواق: ابن عرفة: أما تعليم الصبيان في المسجد فروى ابن القاسم: إن بلغ الصبي مبلغ الأدب فلا بأس أن يؤتى به المسجد, وإن كان صغيرا لا يقر فيه ويعبث فلا أحب ذلك. وروى سحنون: لا يجوز تعليمهم فيه; لأنهم لا يتحفظون من النجاسة.
وقال الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى، بعد ذكر إباحة التعليم في المسجد: ... هذا كله حيث كان المتعلمون مميزين، يؤمن منهم تنجيس المسجد وتقذيره، وعدم التشويش على المصلين. فإن كان فيهم غير مميزين لا يؤمن تنجيسهم أو تقذيرهم له حرم على المعلم إدخالهم ...
وبناء على هذا، فإذا كان ما يدرس في الكلية غير مخالف لتعاليم الإسلام، وكان المتعلمون يتمسكون بآداب المسجد، من تجنيبه النجاسات والأقذار ورفع الصوت والتشويش على المصلين، فلا نرى مانعا من مراجعة دروس الكلية فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(11/8036)
بناء المسجد الأقصى المبارك
[السُّؤَالُ]
ـ[كلنا نعلم حكاية المسجد الأقصى، ولكن فوجئت بأحد العلماء المسلمين البارزين يدعى قصة أتمنى معرفة صحتها يقول إن الله عز وجل قال لسيدنا داود لي فى هذا المكان مسجد عظيم وأنت نبيي الآن فى الأرض يا داود أعد بناء مسجدى العظيم وحدد الله عز وجل مكان المسجد الأقصى وكان مكان المسجد الأقصى بيتا لرجل يهودي واشتراه نبي الله داود من الرجل ملأ البيت خيلا بعد حوار وفصال دار بين الرجل ونبي الله داود، هل ما قاله هذا العالم صحيح وهل أمر الله عز وجل النبي داود، وهل كان مكان المسجد الأقصى بيتا لرجل يهودي، فعلا، أرجو الإفادة سريعا فهذا الموضوع بدأ ينتشر وخاصة أن قائل هذا الكلام من العلماء الذي يتبعه الكثير من شبابنا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثابت في السنة أن المسجد الأقصى كان ثاني مسجد وضع على الأرض، ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون عاماً. ثم الأرض لك مسجد، فحيث أدركتك الصلاة فصل. ولك أن تراجع في تاريخ بناء المسجد الأقصى فتوانا رقم: 17825، وفتوانا رقم: 3286.
ولم نقف على خبر ثابت يفيد صحة الكلام الذي سألت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(11/8037)
لا يأثم من سكبت منه القهوة في المسجد بدون قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[كبت قهوة في المسجد بغير قصد, فهل على صاحبها إثم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصب قهوة ونحوها في المسجد بغير قصد لا إثم فيه، وعلى من حصل منه ذلك أن ينظف المسجد؛ لأن ذلك مطلوب في حق المساجد ولأن إبقاءها دون تنظيف قد يسبب أذى للمصلين، وربما سبوا من وقع منه ذلك فيكون قد تسبب في إلحاق الأذى بنفسه أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(11/8038)
حكم المواعدة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت جالسا في المسجد أقرأ كتابا وجاءني أحد التجار وكانت بيني وبينه عملية تجارية وسألني قائلا هل يمكن أن نستأنف عمليتنا قلت لا بأس سأتصل عليك فيما بعد هل أثمت أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي عليه الجمهور أن البيع في المسجد مكروه، ومثله الشراء، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 23300، لكن الذي صدر من الأخ السائل جزاه الله خيرا في الحقيقة ليس بيعا، بل إنه تحرج من الحديث عن البيع في المسجد، وواعد زميله بالاتصال به فيما بعد، ولا يصدق عليه أنه باع في المسجد.
وعلى كل حال فإنه لا يأثم بهذا الكلام، بل إن فعل المكروه لا يترتب عليه إثم ولا عقاب كما هو مقرر عند أهل العلم، لكن يثاب على تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(11/8039)
المكث في المسجد للمذاكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد وقت قليل بين صلاة المغرب والعشاء فلا أستطيع الذهاب والرجوع للمسجد, هل يمكني المذاكرة في المسجد حتى صلاة العشاء؟ وإذا لم يرد حارس المسجد ذلك فماذا أفعل؟ برغم وجود أشخاص يتكلمون داخل المسجد في أمور لا علاقة لها بالدين!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل المكث في المسجد منتظراً لصلاة العشاء لما في ذلك من الثواب العظيم, ففي الصحيحين واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.
فإذا أمكنك المكث في المسجد فهذا أكثر ثواباً، ولا يضرك وجود جماعة يتحدثون في المسجد، لكن ينبغي لك نصحهم إذا كانوا يتحدثون بمحرم أو مكروه أو فضول مباح، وقد سبق في الفتوى رقم: 9877، حكم التحدث في المسجد بالتفصيل، فإن تعذر عليك البقاء في المسجد لسبب ما فلا حرج عليك في الرجوع إلى المنزل فإذا كان منزلك بعيداً عن المسجد بحيث لا تسمع النداء الصادر بغير مكبر الصوت فلا تجب عليك صلاة الجماعة بل تصلي في بيتك مع من وجدت فيه، وإلا فصل منفرداً. وراجع الفتوى رقم: 24476، والفتوى رقم: 56563.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(11/8040)
دخول المسجد بجوال يحوي صورا خليعة
[السُّؤَالُ]
ـ[معنا شخص في العمل يحمل جوالا به صور خليعة فهل يجوز الصلاة معه في مسجد الشركة علما أنه يدخله معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الاحتفاظ بالصور المحرمة في الجوال ولا النظر إليها وقد قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30} والواجب على ذلك الشخص أن يتوب إلى الله تعالى وأن يمحو تلك الصور من الجوال، كما أن الواجب عليكم أن تبذلوا له النصيحة برفق وحكمة عملاً بقول الله تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ {لقمان: 17}
وأما الصلاة معه في المسجد فجائزة وليس حمله للصور في الجوال عذراً لتخلفكم عن صلاة الجماعة، ولا تبطل الصلاة بحمل المصلي للجوال الذي به صور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(11/8041)
يصح وقف البناء السفلي للمسجد دون العلو والعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز توسيع جامع بشراء محلات مجاورة له، علما وأنه يوجد فوق المحلات مساكن ومتحف لسياح ليسوا بالضرورة مسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح توسيع المسجد المذكور بشراء المحلات المجاورة له وتكون السفل هو المسجد دون الأعلى، بحيث لا يمنع من دخوله الكافر والجنب والحائض، قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في التحفة وهو يتحدث عن المسجد: يصح وقف السفل دون العلو وعكسه.
وإذا كان بإمكان القائمين على المسجد شراء ما فوق المحلات لإضافته إلى المسجد أو تأجيره لمن لا يتخذه متحفاً فذلك أولى لأن المتاحف لا تخلو غالباً من بعض المخالفات الشرعية؛ كأن تكون فيها تماثيل وأصنام وغير ذلك، فمن مقتضى تعظيم المسجد ألا تكون فوقه. وانظر الفتوى رقم: 18849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(11/8042)
التصويرالفوتوغرافي والصلاة في الأرض المغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن عدة أمور أريد معرفة أحكام التصوير مع معرفة منَ من كبار الأئمة الذي أباحه، وهل الإثم على المصور فقط وأعني التصوير الفوتوغرفي
هل يجوز للمرأة صلاة التراويح بمسجد به بدع كالتسبيح بعد كل سلام لعدم وجود غيره وهي تريد أجر الجماعة مع العلم أنها لا تسبح بل تقضي وقت التسابيح بالاستغفار او الدعاء سرا بالأدعية السنية أو قراءة القرآن
وهل يجوز الصلاة بمسجد أرضه أخدتها الحكومة من أصحابها وأقامت عليها المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التصوير الفوتوغرافي اختلف فيه العلماء المعاصرون، كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9755، 10888، 27630.
ولا نعرف من تكلم عليه من كبار الأئمة القدامى، لأنه أمر لم يكن معروفاً في الزمن القديم بل لم يعرف إلا في القرن التاسع عشر، وأما العلماء المعاصرون فإنه أباحه كثير منهم إذا كانت هناك حاجة تدعو إليه ومنهم الشيخ ابن باز والشيخ محمد بن إبراهيم والألباني واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية وأغلب علماء الهند وباكستان ومثال ما تدعو إليه الحاجة الصورة التي توضع في الجواز ورخصة السيارة وما أشبهها.
وأجازه مطلقاً الشيخ ابن عثيمين ومحمد نجيب المطيعي والشعراوي وسيد سابق والقرضاوي ومحمد سالم بن عدود ومحمد الحسن الددو، ما لم يكن فيه ما يؤدي للحرام كتصوير ما يؤدي للشرك أو الفاحشة، كما أفاده الشيخ محمد أحمد علي واصل في كتاب أحكام التصوير في الفقه الإسلامي.
ثم إنه إذا قلنا بتحريمه فإن المصور يأثم كما يأثم من طلب منه ذلك، كما تأثم الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة فالشيء المحرم يأثم من فعل لأجله ومن فعله.
وأما الصلاة بالمسجد الذي توجد عند أهله بعض البدع فإنها تباح على الراجح إن لم تكن البدع مكفرة، علماً بأن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها دائماً، كما قدمنا في الفتوى رقم: 10306.
وراجع في حكم الصلاة في الأرض المغصوبة الفتوى رقم: 7296، والفتوى رقم: 8573.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(11/8043)
حكم تعليق أسماء الله الحسنى أمام المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في اللوحات المعلقة المكتوب فيها أسماء الله في جدار المسجد أمام المصلين وخلفهم؟
بعض المصلين يرفضون ذلك والآخرون موافقون عليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 3071 ذكر اختلاف العلماء في تعليق اللوحات القرآنية في الأماكن المحترمة، ومن خلال هذه الفتوى يتبين أن تعليق آيات القرآن ومثلها أسماء الله الحسنى في المسجد لا بأس به لأنه مكان محترم لا تتوقع فيه إهانتها، مع أن هذا غير مطلوب وفي الفتاوى الهندية وليس بمستحسن كتابة القرآن على المحاريب والجدران لما يخاف من سقوط الكتابة وأن توطأ. انتهى.
فهذه العبارة تفيد أن تعليق أسماء الله الحسنى في المسجد غير حرام وإن كان غير مستحسن
ثم إن كانت هذه اللوحات أمام المصلين بحيث يمكن أن ينظروا إليها وتشغلهم فإن العلماء قد ذكروا كراهة النظر في الصلاة إلى ما يلهي فيكره وضع كل ما يلهي في الصلاة أمام المصلي وانظر الفتوى رقم: 61935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(11/8044)
مناقشة من يدعي جواز دخول الحائض والجنب المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تمنعون من دخول الحائض المسجد، أليس قد قال ابن عباس: \"لا يصح لأحد أن يقرب الصلاة\" ومن لازم المسجد وهو جنب إلا بعد الاغتسال إلا المسافر فإنه يتيمم\" وقال به النووي والشافعي، وبهذا قال أبو حنيفة والنووي وابن راهويه وهو رواية عن أحمد: أما إذا أراد الجنب دخول المسجد فعليه أن يتيمم، وقال الجمهور من العلماء: يجوز لمن عليه جنابة دخول المسجد للحاجة مطلقاً، واستدلوا بحديث أبي هريرة المتفق عليه لما سأله الرسول – صلى الله عليه وسلم - عندما افتقده، فقال: يا رسول الله إني كنت نجساً قد أجنبت، فقال له الرسول (إن المسلم لا ينجس) قال ابن المنذر: وبه نقول. فأنكر على أبي هريرة اعتزاله المسجد، وحضور مجلس العلم بعلة الجنابة، وبين له أن المسلم لا ينجس.
ومعلوم أن الكافر المشرك يجوز له دخول المساجد كلها إلا المسجد الحرام؛ لقوله تعالى \"إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ... \" وبوب البخاري في صحيحه: (باب دخول المشرك المسجد) وساق فيه حديث ثمامة بن أثال لما ربطه الرسول –صلى الله عليه وسلم- في سواري المسجد، ولا يكاد يجهل أحد أن المشركين كانوا يغدون على الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد لغرض الإسلام أو لتبليغ رسالة إليه، أو لغرض المجادلة والحاجة كما حصل من وفد نصارى نجران، فقد بقوا أياماً ضربوا أخبيتهم في جانب من المسجد، بل كان نصارى الحبشة يلعبون فيه بالحراب بمرأى ومسمع من الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فإذا جاز هذا مع المشرك النجس مهما تطهر وتنظف فكيف لا يجوز للحائض والجنب المسلمين دخول المسجد لسماع المواعظ والتذكير وتعلم القرآن وتعليمه، وإذا جاز للجنب ومن في حكمه -كالحائض- المرور بالمسجد للحاجة الخاصة من نوم أو استظلال وراحة فدخولهما له لغرض طلب العلم أو تعليمه من باب أولى.
-وحدث الحيض كحدث الجنابة في الجملة- فلا تصح الصلاة من الحائض والجنب ما داما متلبسين به، ودليل هذا في الجنب آية النساء السابق ذكرها، ودليل عدم صلاة الحائض قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فإذا أقبلت حيضتك تدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك وصلي) . وتأسيساً على ما سبق فإن الجنب والحائض على وجه الخصوص لا يجوز منعهما من دخول المسجد لسماع المواعظ وحضور الدروس والندوات والمحاضرات العلمية النافعة، ومنع الحائض من ذلك قد يسبب لها نسيان ما حفظته من القرآن، ويحرمها من طلب العلم النافع علاوة على ما فيه من كسر خاطرها، وكبح همم وعزائم ذوات النبوغ من النساء، ثم إذا أبيح للجنب دخول المسجد للحاجة كما لو كان في سفر (إلا عابري سبيل ... ) فإن الحائض أشد منه حاجة، كأن يطلبها عدو لأخذ مالها أو التحرش بها جنسياً فلها أن تدخل المسجد وتمكث فيه، والقاعدة الشرعية تقول: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عند الانتفاء) ، وطلب العلم في المسجد إن لم يكن بالفعل فرض عين تدعو إليه الضرورة لإحياء رسالة المسجد للمسلمين جميعاً، فلا أقل أن يكون حاجة تنزل منزلة الضرورة، وإذا كانت العلة من منع الحائض من دخول المسجد والمكث فيه للحاجة عند من يقول بالمنع هي خوف تلويثه بالنجاسة (الدم) فإن وسائل النظافة والتحفظ عند النساء اليوم أكثر منه في زمان مضى، حيث تتحفظ المرأة في بيتها -فضلاً عن المسجد- لا يلحق الدم مهما عظم شيئاً من ملابسها، ثم إن المستحاضة (غير الحائض) تصوم وتصلي وتشهد مجامع الخير ولو خرج منها الدم، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث عائشة، قالت: \"اعتكف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم\" فإن كانت علة المنع للحائض هي التلويث للمسجد فهي نفسها في دم الاستحاضة، وليست مساجدنا بأفضل من مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بل حاجة نساء اليوم إلى طلب العلم الشرعي وتوخي سبله النافعة -أشد من حاجة نساء الأمس وأمهات المؤمنين خاصة- وثبت من حديث أم عطية في الصحيحين أنها قالت: \"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العيدين أن نخرج العواتق والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ويجتنبن الحيض المصلى. فكأن اجتناب النساء الحيض للمصلى مخافة التلويث بالدم النجس، وسبق أن أجبنا عن هذه العلة المدعاة، أما التعليل في خروجهن إلى صلاة العيدين فقد نص عليه بالحديث (ليشهدن الخير ودعوة المسلمين) من سماع الخطبة والموعظة والتأمين على الدعاء ونحو ذلك، وهذا هو عين الموجود في الدروس العلمية المقامة في المسجد من الرجال والنساء طوال العام، وفي شتى الفنون العلمية النافعة. ثم إن منع الحيض من حضور مثل هذه الدروس والحلقات العلمية لا يتفق مع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: \"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات\" أي بثياب العادة دون زينة أو طيب، لقد أرسلت هذا السؤال من قبل ولكنكم لم تعيروه اهتماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 2979، أنه لا يحل للحائض ولا الجنب أن يمكثا في المسجد ولو بقصد التعلم والتعليم، وفي الفتوى دليل على ذلك، إضافة إلى ما رواه ابن ماجه عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته إن المسجد لا يحل لحائض ولا لجنب. قال الشوكاني في نيل الأوطار بعد أن ناقش حجة من ادعى ضعف هذا الحديث: قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لأقل مراتب رواته، ووجود الشواهد له من خارج. قال: والحديثان (يعني هذا الحديث وحديث لا أحل المسجد للحائض ولا جنب الذي رواه أبو داود) يدلان على عدم حل اللبث في المسجد للجنب والحائض وهو مذهب الأكثر. انتهى.
وما ذكر السائل عن البعض بأنه أجاز للجنب دخول المسجد مطلقاً مقدم عليه بما ذهب إليه أكثر أهل العلم في عدم حل مكث الجنب والحائض في المسجد، مستدلين بالنصوص الصريحة في منع ذلك، هذا ولم يذكر في حديث أبي هريرة الذي أورده السائل أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقده في المسجد، وإنما الوارد أنه لقيه في الطريق وهاب أبو هريرة مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ملاقاته وهو جنب، فأخبره صلى الله عليه وسلم أن المؤمن لا ينجس، أي أنه لا داعي لاختبائه عنه.
وكذا ما ذكره عن ابن عباس من قوله: لا يصح لأحد أن يقرب الصلاة وهو جنب.. إلخ، لا دليل فيه على جواز لبث الحائض والجنب في المسجد، بل إن هذا قول ابن عباس ومن وافقه في تفسير آية النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ {النساء:43} ، وفسرها غير هؤلاء بتفسير آخر، ولتوضيح هذا راجع تفسير القرطبي وتفسير الشوكاني عند تفسير هذه الآية.
ثم إنه لا يصح قياس مسألة الحائض والجنب على مسألة الكافر لأنه قياس مع وجود النص، فالجنب والحائض منصوص على منعهما من اللبث في المسجد إلا في حالة الاجتياز أو في حال ما إذا كان الجنب لا يجد ماء أو كان مريضاً فيتيمم ويدخل المسجد، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 13359، والفتوى رقم: 22059.
وكذلك لو دعت ضرورة ملحة إلى دخولهما المسجد لغير ما ذكرنا مثل الخوف من الهلاك أو نحو ذلك، فلا يمنع دخولهما لأن الضرورات تبيح المحظورات، أما حضور مجالس العلم فليس مثل هذه الضرورات، ولأن فترة الحيض قليلة بالنسبة لفترة الطهر، وكذلك الجنب.
أما المشرك ففي جواز دخوله المسجد خلاف وتفصيل لأهل العلم مبين في الفتوى رقم: 4041، ولا نسلم أن للحائض والجنب أن يستظلا في داخل المسجد ولا أن يناما فيه من باب أولى لمنعهما من المكث فيه على قول الأكثر؛ كما سبق.
وإذا كان الجنب والحائض لا يفوتهما من الدورس إلا ما يفوتهما في هذه الفترة ويحضرانها فيما عداها فلن يفوتهما كثير، ولا يعتبر منع الحائض من اللبث في المسجد كسرا لخاطرها ولا كبحا لهمتها، لأن كل مؤمنة تعلم أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ولا غضاضة فيه، مع أن لها أن تحضر كل الندوات وكل المحاضرات في غير المسجد، ولها أن تقرأ القرآن على قول مالك ورواية عن الشافعي والإمام أحمد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 33792.
ولاتقاس الحائض على المستحاضة لأن الأخيرة في حكم الطاهرات تدخل المسجد لأجل الصلاة وغيرها لكن تتحفظ من تلويثه، أما الحائض فليست كذلك فهي ممنوعة من الصلاة وبالتالي فلا تدخل المسجد ولو أمن تلويثه من قبلها، وانظر الفتوى رقم: 58687.
ثم إن الحائض لا تمنع من شهود العيدين، بل هي مأمورة بحضورهما مع اجتناب المصلى، وفي هذا دليل على ما ذهب إليه الأكثر، وحديث: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. لا تدخل فيه الحيض للنهي عن دخولهن المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(11/8045)
استدبار القبلة في المسجد ومد الرجلين إلبها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال: هل يجوز لي استدبار القبلة متكأ بظهري إلى حائط المسجد أثناء انتظار الصلاة وأنا أتصفح المصحف الكريم، وهل يجوز تسريح الرجلين جهة القبلة أثناء انتظار الصلاة والاضطجاع على أحد الشقين وأنا أنتظر الصلاة، أفيدوني؟ وأجركم على الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس باستدبار القبلة في هذه الحالة، وكذلك الاتكاء على جدار المسجد أو الاضطجاع فيه، إلا إذا كان هذا يتنافى مع المروءة في عرف الناس، وحينئذ فلا ينبغي فعله، وانظر الفتوى رقم: 11331، ولبيان جواز مد الرجلين إلى القبلة طالع الفتوى رقم: 66643، والفتوى رقم: 10129.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/8046)
صلاة النساء عند أبواب المسجد مظنة للفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد ظاهرة تقلقني في المسجد الأقصى، حيث إن النساء يصلين بمواضع مختلفة متباعدة من ساحات المسجد الأقصى وعند الأبواب خاصة في صلاة التراويح \"طبعا داخل الأسوار\" بمجموعات مع وجود مكان مسقوف معد لهن وأحيانا يوجد فيه متسع، وخاصة أن هذه الصفوف أحيانا تكون في طريق الرجال إلى مصلاهم، أرجو توضيح حكم الصلاة في الصفوف المتباعدة داخل ساحة المسجد ... وفي صلاة النساء في ممر الرجال؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 26957، ورقم: 36111 ذكر شروط جواز حضور النساء صلاة الجماعة في المسجد، وأنه لا يجوز اختلاط الرجال والنساء في المسجد سواء كان ذلك في الصفوف أو عند الخروج والدخول. وعليه.. فإن على الأخوات المذكورات إذا ذهبن إلى المسجد أن يلتزمن بالشروط المذكورة، وأن يبتعدن عن الأماكن التي يختلطن فيها مع الرجال ومنها الصلاة عند الأبواب، لأنها مكان مرور الرجال، وبالتالي فالصلاة عندها مظنة الفتنة لا سيما مع وجود أماكن خاصة بهن فيها متسع، وليحذرن من أن يذهبن إلى المسجد بغية الأجر فيرجعن بالوزر، فالصلاة في المسجد بالنسبة للنساء ليست واجبة بل هي جائزة، فإذا ترتب عليها إثم كانت غير جائزة، بل إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن ولو مع أمن الفتنة، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى المحال عليها أعلاه.
أما صلاتهن في صفوف متباعدة فلا شك أن السنة أن تكون الصفوف في الصلاة منتظمة متراصة، فلو لم تنتظم الصفوف فإن وجد هنا صف وهنا صف فالصلاة صحيحة، والسنة انتظام الصفوف حسب الاستطاعة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 38928، والفتوى رقم: 45569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(11/8047)
الصلاة في مسجد بني على قبور سويت وحوله قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في مسجد له الصفات التالية: مسجد قديم دفن به بعض الأشخاص وعندما تم إعادة بنائه يعتقد أنها لم تزل، مع العلم بأنها تحت بلاط المسجد غير بارزة، يوجد علي يسار المسجد مقبرة تبعد مسافة 2م ويوجد بها قبة لأحد الصالحين، وأمام المسجد يوجد قبر بارز يرتفع 10سم عن سطح الأرض وينخفض عن مستوى سطح المسجد، أرجو الإجابة على ضوء الرسالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما دام المسجد قد أعيد بناؤه والقبور غير بارزة أي قد سويت بالأرض فلا بأس بالصلاة فيه لأن العلماء ذكروا أن القبور إذا طرأت على المسجد إما أن تنبش إن كانت جديدة، وإما أن تسوى بالأرض، وهذه القبور كما في السؤال تحت بلاط المسجد.
ومما يجدر التنبيه عليه هو أنه لا يجوز الدفن في المسجد كما لا يجوز بناء المسجد على القبور، وانظر الفتوى رقم: 26258.
أما القبور الموجودة خارج المسجد فلا تؤثر في مشروعية الصلاة فيه سواء كانت عن يمينه أو يساره أو أمامه ولو كانت بارزة ما دامت خارج سور المسجد، وانظر الفتوى رقم: 27410، والفتوى رقم: 36850.
ولبيان عدم جواز بناء الأضرحة على القبور راجع الفتوى رقم: 16166.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/8048)
شبهات حول بناء المسجد على القبر والذبح والنذر لغيرالله
[السُّؤَالُ]
ـ[فأتوجّه بالشكر لإخواني العاملين بالشبكة الإسلامية وأسأل الله أن يعينهم على نشر السنة وقمع البدعة وعلى رفع راية الإسلام أنا شاب تونسي أقطن بقرية صغيرة تبعد عن المدينة حوالي 2 كم بها مسجد واحد بني حديثا، يوجد بهذا المسجد مشهد شركي عبارة عن قبّة يوجد تحتها قبر يزعم أنه لولي صالح، هناك من يزور هذا الوثن ويتقرب إليه بنذر أو نسك ... وهناك من الناس من يعتقد فيه النفع والضر وقد اطلعت على بعض أقوال العلماء وبعض فتاوى الشبكة التي تخص الموضوع كالفتوى رقم 1530 وتبين لي أن الصلاة فيه محرمة، هنالك الكثير من الناس لم يقتنع بهذه الفتوى لوجود من يلبس عليهم ممن يدعون أنهم رجال دين وفقهاء ولا حول ولا قوة إلا بالله بعدّة شبه التي أرجو أن تردوها بأدلّة واضحة وبيّنة مع الاستشهاد ببعض أقوال العلماء المعروفين الشبه: 1- يستدلون بالحديث \"إنما الأعمال بالنيات....\" وأنهم مخلصون لله ولا يهم إن كان هنالك قبر أم لا فهم لا يعبدون هذا القبر. 2- القبر خارج المصلى وخلف المصلين (ولكنه داخل سور المسجد) . 3- يقولون حتى إن كان القبر داخل المسجد فهذا قبر الرسول صلى الله عليه وسلّم وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما داخل المسجد فلو كانت الصلاة محرمة في المسجد الذي فيه قبر لكان من باب أولى أن لا يصلّى في المسجد النبوي. 4- رجال الدين في القرية والمدينة المجاورة من المتعصبين للمذهب المالكي وهم يرون أن الصلاة فيه جائزة هذا مما جعل عامة الناس لا يقبلون حتى الاستماع إلى الحجج حتى أن منهم من يقول لك: متى أصبحت تصلي أنت، أتفتون بغير علم. 5- هنالك أيضا ممن يدعون العلم يؤول الآيات على غير ظاهرها، يتلاعب بعقول الناس وخاصة أن أكثرهم من الشيوخ والكهول. الرجاء منكم الرد على هذه الشبه وأن لا تحيلوني على فتاوي أخرى لحاجتى إلى نص الفتوى مسترسلا لأطبعه ساعيا بإذن الله بذلك أن أظهر بها الحق والله متم نوره ولو كره المشركون، وأسال الله أن يثقل بهذا العمل موازين حسناتكم ويرزقنا وإياكم الجنة. وأخيرا فأنا أسأل هل يجوز هدم سور المسجد وبناءه من جديد بحيث يصبح الوثن خارج السور وهل بهذا تصبح الصلاة في هذا المسجد جائزة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء المساجد على القبور محرم وتحرم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر على الراجح من أقوال أهل العلم سواء كان القبر في القبلة أو في مؤخرة المسجد وسواء كان المقبور من الأولياء أو من عامة الناس، كما دلت على ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتقريرات العلماء الأجلاء فمن ذلك ما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وما في صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
وما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند ال له.
وقال العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني: ولا يجوز اتخاذ السرج على القبور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله زوارات القبور، المتخذات عليهن المساجد والسرج. رواه أبو داود والنسائي. ولفظه: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أبيح لم يلعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، ولأن فيه تضييعا للمال في غير فائدة، وإفراطاً في تعظيم القبور أشبه تعظيم الأصنام ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر مثل ما صنعوا. متفق عليه، وقالت عائشة: إنما لم يبرز قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يتخذ مسجداً، ولأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها، والتقرب إليها، وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات، باتخاذ صورهم، ومسحها، والصلاة عندها. انتهى.
وقال العلامة البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: ويحرم اتخاذ المسجد عليها أي: القبور وبينها لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. متفق عليه (وتتعين إزالتها) أي: المساجد، إذا وضعت على القبور، أو بينها (وفي كتاب الهدي) النبوي لابن قيم الجوزية (لو وضع المسجد والقبر معا لم يجز ولم يصح الوقف ولا الصلاة) تغليبا لجانب الحظر (وتقدم) ذلك (في) باب اجتناب النجاسة) .
وفي هذا القدر كفاية لمن تجرد لقبول الحق، وأما المعاند فلن ينتفع ولو ملأت له الكراريس بالحجج والأدلة والبراهين والذي ينبغي فعله الآن هو هدم الجزء المبني على القبر أو فصل القبر عن المسجد.
وأما الشبه التي يتمسك بها هؤلاء فهي مثل بيت العنكبوت فحديث (إنما الأعمال بالنيات) لا دلالة فيه لما ذهبوا إليه فأين الدلالة فيه على مشروعية بناء المساجد على القبور أو الطواف حولها أو التمسح بها والنذر لها ونحو ذلك.
وأما كونهم مخلصين لله في العمل فهذا لا يعني أن عملهم صحيح فكم من مريد للخير لا يوفق له، وكم من مجتهد في أمر يظنه عبادة ويظن نفسه على خير وهو على ضلال لأنه لم يضبطه بالميزان الشرعي وكلام الأئمة العلماء، وليحذر هذا الغالط من أن يتناوله قول الله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا {الكهف:103-104} ، وقال ابن مسعود رحمه الله تعالى: وكم من مريد للخير لن يصيبه.
فحسن النية لا يلزم منه حسن العمل، بل لا بد من ضبط الأعمال بالكتاب والسنة، ثم ما كان منها مشروعا طلب من صاحبه أن يؤديه بصدق وإخلاص، وما كان ممنوعا طلب منه تركه والتحذير منه لا ممارسته بحسن نية، وقد رأينا أن البناء على القبور منهي عنه فكيف يتعبد بذلك.
وأما الذبح للمقبور أو النذر له أو دعاؤه والاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو شرك بالله تعالى، لما فيه من صرف العبادة لغير الله وفي صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله.
وقد روى أبو داود عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم. قال الشيخ الألباني: صحيح.
فانظر إلى تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الذبح لله في مكان كان يعبد فيه المشركون غير الله ويجعلونه مكانا لأعيادهم فما بالك بالذبح والنذر لغير الله، وأمر الله أن يكون الذبح له وحده فقال: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام:162} ، ويقال لهؤلاء أترون الذبح والنذر والدعاء من العبادة أم لا؟ فإن قالوا: إن ذلك من العبادة، قيل لهم: فصرف العبادة لغير الله شرك ولا شك.
ويقال لهم: هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سادة الأولياء وصفوة النجباء، هل ثبت عن واحد منهم أنه دعا قبرا أو استغاث به، أو ذبح له أو نذر له؟ حاشاهم رضي الله عنهم، فقد برأهم الله من هذا الباطل، فما لم يكن يومئذ دينا فلن يكون اليوم دينا.
وأما احتجاجهم بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد النبوي فقد رد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على هذه الشبهة في كتابة القول المفيد على كتاب التوحيد، حيث قال: إذا قال قائل نحن الآن واقعون في مشكلة بالنسبة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه في وسط المسجد، فما هو جوابه؟ قلنا: الجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن المسجد لم يبن على القبر، بل بني المسجد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال: إن هذا من دفن الصالحين في المسجد، بل دفن في بيته.
والوجه الثالث: أن إدخال بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق من الصحابة، بل بعد أن انقرض أكثرهم، ولم يبق منهم إلا القليل، وذلك عام 94هـ تقريباً، فليس مما أجازه الصحابة وأجمعوا عليه مع أن بعضهم خالف في ذلك، وممن خالف أيضا سعيد بن المسيب من التابعين فلم يرض بهذا العمل.
والوجه الرابع: أن القبر ليس في المسجد حتى بعد إدخاله، لأنه في حجرة مستقلة عن المسجد، فليس المسجد مبنيا عليه، ولهذا جعل هذا المكان محفوظاً محوطا بثلاثة جدران، وجعل الجدار في زاوية منحرفة عن القبلة أي مثلثا، والركن في الزاوية الشمالية، بحيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف.
فبهذا كله يزول الإشكال الذي يحتج به أهل القبور ويقولون هذا من عهد التابعين إلى اليوم، والمسلمون قد أقروه ولم ينكروه، فنقول: إن الإنكار قد وجد حتى في زمن التابعين، وليس محل إجماع، وعلى فرض أنه إجماع فقد تبين الفرق من الوجوه الأربعة التي ذكرناها. انتهى.
فالقبر إذن ليس في المسجد كما تبين، بل في حجرة مستقلة عن المسجد، فلا يقال بأن هذه بدعة ولا بد من نبش القبر، والقول في قبور الصاحبين كالقول في قبره صلى الله عليه وسلم لأنها -أي القبور- في حجرة واحدة، ولا حرج في هدم سور المسجد وبنائه من جديد بحيث يكون القبر خارجه -بل هو واجب- ولكنه يدخل في تغيير المنكر يسقط عن من لا يستطيعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/8049)
الصلاة في المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في المقابر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 17764، بيان مذاهب أهل العلم مفصلة حول الصلاة في المقبرة وذكرنا فيها أن من صلى في مقبرة فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره ولا تلزمه إعادة تلك الصلاة عند أكثر أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/8050)
الصلاة على التراب والرمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة على التراب والرمل من غير حائل كسجادة مثلا جائزة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على الرمل مباشرة جائزة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(11/8051)
أقوال العلماء في إيقاد المصابيح في المسجد ليلا
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: في القرية التي أسكن فيها يقوم المؤذن المكلف بالأذان في المسجد بإطفاء كل الأنوار الموجودة في المسجد ولا يترك أي بصيص من نور، وقلت له على الأقل أترك مصباحا واحدا في أعلى المئذنة حتى يهتدي الناس عابرو السبيل للمسجد وخوفا من الطائرات التي تطير على ارتفاع منخفض، فقال لي بأن هناك حديثا صحيحا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن ترك أضواء المساجد مضاءة بعد الصلاة لأن هذا من الإسراف، أثابكم الله ما مدى صحة هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على حديث يأمر بإطفاء سرج المسجد، ولعل الأخ المؤذن قصد الحديث الذي في الصحيحين عن جابر مرفوعاً قال:..... وأطفئوا المصابيح عند الرقاد، فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت.
والعلة في السرج القديمة غير موجودة في السرج الحديثة، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ولو وجدت مصلحة لإبقاء سراج في المسجد فلا حرج في ذلك، سواء من السرج القديمة أو الحديثة، وأما لغير حاجة فقد نص الفقهاء على أنه يطفأ جميع سرج المسجد لما في ذلك من ضياع المال، لا سيما إذا كان من مال الوقف، وقد سئل الشيخ ابن حجر الهيتمي عمن وقف على دهن السراج في المسجد هل يجوز سراجه جميع الليل وإن لم يكن فيه أحد؟ فأجاب بقوله: الذي أفتى به النووي أنه إنما يكون جميع الليل إن انتفع من بالمسجد ولو نائماً، فإن لم يكن به أحد ولا يمكن دخوله لم يسرج لأنه إضاعة مال.
وقال ابن عبد السلام: يجوز إيقاد اليسير من المصابيح ليلا مع خلوه احتراماً له وتنزيها عن وحشة الظلمة، ولا يجوز نهاراً لما فيه من السرف والإضاعة والتشبيه بالنصارى، ومن كلامه هذا يؤخذ تحريم إكثار الوقود في المساجد بحيث يزيد على الحاجة قطعاً أيام رمضان ونحوها وإن لم يكن من مال الوقف.
قال العبادي الحنفي في الجوهرة: ولو وقف على دهن السراج للمسجد لا يجوز وضعه لجميع الليل، بل بقدر حاجة المصلين، ويجوز إلى ثلث الليل أو نصفه إذا احتيج إليه للصلاة فيه، وهل يجوز أن يدرس الكتاب على سراج المسجد؟ ينظر، إن كان وضع لأجل الصلاة فلا بأس بذلك إلى أن يفرغوا من الصلاة.
وقال ابن نجيم: ولا بأس بأن يترك سراج المسجد فيه من المغرب إلى وقت العشاء، ولا يجوز أن يترك فيه كل الليل إلا في موضع جرت العادة فيه كمسجد بيت المقدس، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الحرام. أو شرط الواقف تركه فيه كل الليل، كما جرت العادة به في زماننا، ويجوز الدرس بسراج المسجد إن كان موضوعاً فيه لا للصلاة بأن فرغ القوم من الصلاة وذهبوا إلى بيوتهم وبقي السراج فيه، قالوا: لا بأس بأن يدرس بنوره إلى ثلث الليل، لأنهم لو أخروا الصلاة إلى ثلث الليل لا بأس به، فلا يبطل حقه بتعجيلهم، وفي ما زاد عن الثلث ليس لهم تأخيرها فلا يكون لهم حق الدرس.
وما سبق فيما لم تترتب على السراج مصلحة مقصودة كالدلالة عليه ليقصده الناس للصلاة فيه وعدم اصطدام طائرة مارة بمنارته ونحو ذلك، أما إذا ترتب عليه ذلك فلا شك إن إبقاء نور بقدر تحقيق المصلحة هو المطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(11/8052)
مذاهب العلماء في مكث الجنب والحائض في المسجد وعبوره فيه بلا مكث
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن فتوى عندكم لا تجيز للحائض دخول المسجد لحضور الدروس مع أن ابن عباس قال: لا يصح لأحد أن يقرب الصلاة، ومن لازم المسجد وهو جنب إلا بعد الاغتسال إلا المسافر فإنه يتيمم، وقال به النووي والشافعي، وبهذا قال أبو حنيفة والنووي وابن راهويه وهو رواية عن أحمد: أما إذا أراد الجنب دخول المسجد فعليه أن يتيمم، وقال الجمهور من العلماء: يجوز لمن عليه جنابة دخول المسجد للحاجة مطلقاً، واستدلوا بحديث أبي هريرة المتفق عليه لما سأله الرسول – صلى الله عليه وسلم - عندما افتقده، فقال: يا رسول الله إني كنت نجساً قد أجنبت، فقال له الرسول (إن المسلم لا ينجس) قال ابن المنذر: وبه نقول. فأنكر على أبي هريرة اعتزاله المسجد، وحضور مجلس العلم بعلة الجنابة، وبين له أن المسلم لا ينجس.
ومعلوم أن الكافر المشرك يجوز له دخول المساجد كلها إلا المسجد الحرام؛ لقوله تعالى:.. إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ... وبوب البخاري في صحيحه: (باب دخول المشرك المسجد) وساق فيه حديث ثمامة بن أثال لما ربطه الرسول –صلى الله عليه وسلم- في سواري المسجد، ولا يكاد يجهل أحد أن المشركين كانوا يغدون على الرسول – صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد – لغرض الإسلام أو لتبليغ رسالة إليه، أو لغرض المجادلة والحاجة كما حصل من وفد نصارى نجران، فقد بقوا أياماً ضربوا أخبيتهم في جانب من المسجد، بل كان نصارى الحبشة يلعبون فيه بالحراب بمرأى ومسمع من الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فإذا جاز هذا مع المشرك النجس مهما تطهر وتنظف فكيف لا يجوز للحائض والجنب المسلمين دخول المسجد لسماع المواعظ والتذكير وتعلم القرآن وتعليمه، وإذا جاز للجنب ومن في حكمه - كالحائض – المرور بالمسجد للحاجة الخاصة من نوم أو استظلال وراحة فدخولهما له لغرض طلب العلم أو تعليمه من باب أولى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنهج العلمي الصحيح هو جمع الأدلة الواردة في الموضوع الواحد والتوفيق بينها حسب القواعد المقررة عند أهل العلم، ومن ذلك تقديم الخاص على العام والمقيد على المطلق والأقوى على ما هو دونه عند عدم إمكان الجمع أوعدم ثبوت النسخ، ولو طبقنا هذه القواعد في هذه المسألة لتبين لنا بوضوح أن أدلة تحريم مكث الجنب والحائض في المسجد خاصة وصريحة فهي مقدمة على غيرها.
ومنها: ما رواه أبو داود وصححه ابن القطان وابن خزيمة وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. أي مكثا فيه لا مرورا، ودل على هذا التفريق قوله تعالى وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ {النساء: 43} ويشترط في جواز عبور المرأة الحائض أن تأمن من تلويثه بدمها وإلا فتمنع حتى من المرور، وقد نقل عن السلف التفريق بين المكث والمرور أيضا، فمن ذلك ما رواه البيهقي في سننه عن ابن عباس: في قوله: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا. قال: لا تدخل المسجد وأنت جنب إلا أن يكون طريقك فيه ولا تجلس. ورواه أبو نعيم عن أبي جعفر وقال: إلا وأنت مار تمر فيه. وعن جابر قال: كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا. وعن أنس بن مالك: في قوله وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قال: يجتاز ولا يجلس.
وعن عطاء قال: الحائض والجنب لا ينقضان عقاصا ولا ضفيرة ولا تمر حائض في المسجد إلا مضطرة، لقول الله تعالى: فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا {التوبة: 28} وهو قول سعيد بن المسيب.
فالاستدلال على جواز المكث بأدلة جواز المرور غير سديد لما سبق؛ بل من أهل العلم من منع المرور أيضا إلا عند الضرورة وبعد التيمم وإن كان الأصح الجواز مطلقا كما سيأتي.
وأما الاستدلال بحديث أبي هريرة فليس بصحيح لأنه ليس فيه دلالة على أن للجنب أن يمكث في المسجد؛ بل فيه أنه لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب, قال: فانخنست منه فاغتسلت, ثم جئت، فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال: سبحان الله, إن المؤمن لا ينجس. متفق عليه. فأين الدلالة فيه على جواز المكث في المسجد؟!.
وأما لعب الحبشة في المسجد فإنهم كانوا مسلمين وليسوا نصارى كما زعم الأخ السائل، ولا دليل فيه للدعوى بكل حال.
وأما قياسه على جواز مكث الكافر فلا يصح من وجهين كما سيأتي في كلام الإمام النووي رحمه الله وسننقله بطوله لما فيه من الفائدة زيادة على ما سبق
قال الامام النووي في المجموع (فرع) في مذاهب العلماء في مكث الجنب في المسجد وعبوره فيه بلا مكث, مذهبنا أنه يحرم عليه المكث في المسجد جالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان, متوضئا كان أو غيره, ويجوز له العبور من غير لبث, سواء كان له حاجة أم لا, وحكى ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومالك. وحكي عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه أنه لا يجوز له العبور إلا أن لا يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر. وقال أحمد: يحرم المكث ويباح العبور لحاجة ولا يباح لغير حاجة. قال: ولو توضأ استباح المكث. وجمهور العلماء على أن الوضوء لا أثر له في هذا. وقال المزني وداود وابن المنذر: يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا. وحكاه الشيخ أبو حامد عن زيد بن أسلم. واحتج من أباح المكث مطلقا , بما ذكره ابن المنذر في الإشراف , وذكره غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم لا ينجس. رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة, وبما احتج به المزني في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد , فالمسلم الجنب أولى, وأحسن ما يوجه به هذا المذهب أن الأصل عدم التحريم , وليس لمن حرم دليل صحيح صريح. واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ {النساء: 43} قال الشافعي رحمه الله في الأم: قال بعض العلماء بالقرآن: معناها لا تقربوا مواضع الصلاة. قال الشافعي: وما أشبه ما قال بما قال: لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل , إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد, قال الخطابي: وعلى ما تأولها الشافعي تأولها أبو عبيدة معمر بن المثنى. قال البيهقي في معرفة السنن والآثار: وروينا هذا التفسير عن ابن عباس، قال: وروينا عن جابر قال: " كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب" وعن أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة في المسجد, فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود وغيره. قال البيهقي: ليس هو بقوي قال: قال البخاري عند جسرة عجائب وقد خالفها غيرها في سد الأبواب. وقال الخطابي "ضعف هذا الحديث" وقالوا: أفلت مجهول, وقال الحافظ عبد الحق: "هذا الحديث لا يثبت". (قلت) وخالفهم غيرهم, فقال أحمد بن حنبل "لا أرى بأفلت بأسا " وقال الدارقطني "هو كوفي صالح" وقال أحمد بن عبد الله العجلي "جسرة تابعية ثقة" وقد روى أبو داود هذا الحديث ولم يضعفه , وقد قدمنا أن مذهبه أن ما رواه ولم يضعفه ولم يجد لغيره فيه تضعيفا فهو عنده صالح , ولكن هذا الحديث ضعفه من ذكرنا, وجسرة بفتح الجيم وإسكان السين المهملة, وأفلت بالفاء. قال الخطابي: وجوه البيوت أبوابها, وقال: ومعنى وجهوها عن المسجد: اصرفوا وجوهها عن المسجد. وأجاب أصحابنا عن احتجاجهم بحديث: المسلم لا ينجس بأنه لا يلزم من عدم نجاسته جواز لبثه في المسجد. وأما القياس على المشرك فجوابه من وجهين: (أحدهما) أن الشرع فرق بينهما, فقام دليل تحريم مكث الجنب. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في المسجد, فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية. (والثاني) أن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد فلا يكلف بها, بخلاف المسلم وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئا لم يلزمه ضمانه لأنه لم يلتزم الضمان بخلاف المسلم والذمي إذا أتلفا. واحتج من حرم المكث والعبور بحديث: لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. وبحديث سالم بن أبي حفصة عن عطية بن سعد العوفي المفسر عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. رواه الترمذي في جامعه في مناقب علي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال أبو نعيم ضرار بن صرد: معناه لا يحل لأحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك. قال الترمذي: سمع البخاري مني هذا الحديث واستغربه, قالوا: ولأنه موضع لا يجوز المكث فيه, فكذا العبور, كالدار المغصوبة وقياسا على الحائض ومن في رجله نجاسة. واحتج أصحابنا بما احتج به الشافعي وغيره وهو قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ. وتقدم ذكر الدلالة منها. قال أصحاب أبي حنيفة: المراد بالآية أن المسافر إذا أجنب وعدم الماء جاز له التيمم والصلاة وإن كانت الجنابة باقية, لأن هذه حقيقة الصلاة. والجواب أن هذا الذي ذكروه ليس مختصا بالمسافر بل يجوز للحاضر فلا تحمل الآية عليه, وأما ما ذكرناه فهو الظاهر, وقد جاء الحديث وأقوال الصحابة وتفسيرهم على وفقه فكان أولى. واحتجوا بحديث جابر: كنا نمشي في المسجد جنبا لا نرى به بأسا. رواه الدارمي بإسناد ضعيف, ولأنه مكلف أمن تلويث المسجد فجاز عبوره كالمحدث. وأما الجواب عن حديثهم الأول فهو أنه إن صح حُمِل على المكث جمعا بين الأدلة. وأما الثاني فضعيف لأن مداره على سالم بن أبي حفصة وعطية وهما ضعيفان جدا شيعيان متهمان في رواية هذا الحديث, وقد أجمع العلماء على تضعيف سالم وغلوه في التشيع , ويكفي في رده بعض ما ذكرنا, لاسيما وقد استغربه البخاري إمام الفن, على أنه لو صح لم يكن معناه ما ذكره أبو نعيم لأنه خلاف ظاهره, بل معناه إباحة المكث في المسجد مع الجنابة, وقد ذكر أبو العباس بن القاص هذا في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. وأما قياسهم على الدار المغصوبة , فمنتقض بمواضع الخمور والملاهي والطرق الضيقة. وأما قياسهم على من على رجله نجاسة فإنما يمنع عبوره إذا كانت النجاسة جارية أو متعرضة للجريان, وهذا يمنع صيانة للمسجد من تلويثه , والجنب بخلافه فنظير الجنب من على رجله نجاسة يابسة فله العبور. وبهذا يجاب عن قياسهم على الحائض إن حرمنا عبورها, وإلا فالأصح جواز عبورها إذا أمنت التلويث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(11/8053)
تعانق الناس وتهنئتهم للعريس وتناول الطعام في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ بارك الله في علمكم وعملكم:
دعاني أحد أقاربي لحضور عقد قرانه في المسجد ورأيت بعض السلوكيات أود من فضيلتكم مدى اتفاقها مع الشرع وهي
1- بداية الحفل بقراءة أحد الإخوة للقراَن الكريم
2- قام أحد الصبية الصغار بإنشاد أحد الأناشيد التي تنشد في الأفراح وطلب من المدعوين أن يرددوا وراءه وهو ما حدث
3- ما يحدث في جميع حفلات عقد القران في المسجد من تعانق المدعوين لبعضهم البعض الحديث مع بعضهم مما يؤدي لارتفاع الأصوات في المسجد
4- قيام البعض بتصوير المدعوين وتصوير العريس ووكيل العروس أثناء إتمام إجراءات العقد
5- توزيع المياه الغازية والعصائر والشيكولاتة على المدعوين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فافتتاح العرس وغيره بقراءة آيات من القرآن الكريم أمر حسن، فإن خير الحديث كتاب الله، وهو خير ما تلي واستمع له، وأما إنشاد الشعر الحسن في المسجد وترديد الحاضرين معه بصوت معتدل لا صخب فيه فجائز كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 20136.
وأما تعانق الناس وتهنئتهم للعريس وسؤال بعضهم عن حال بعض وشرب الماء والعصير وأكل الشكولاته ونحوها في المسجد فهو على قسمين:
الأول: جائز وهو أن لا يكون في ذلك رفع أصوات ولا تلويث المسجد كتساقط فتات من المأكولات أو قطرات من المشروبات، لأن في ذلك امتهانا للمسجد وأذى للمصلين يجلب النمل والحشرات ونحوها إلى المسجد.
الثاني: ممنوع وهو عكس الأول وهو أن يكون في ذلك امتهان للمسجد وإلحاق أذى بالمصلين.
وأما تصوير هذا الحفل في المسجد أو في غيره فهو مبني على حكم الصور الفوتوغرافية، وقد اختلف العلماء في حكمها، والأولى الابتعاد عنها إلا إذا كانت هناك حاجة أو مصلحة تدعو إلى ذلك.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(11/8054)
حكم الصلاة في الاصطبل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأماكن التي يحرم فيها أو ينهى عن الصلاة فيها وهل تجوز الصلاة في الاصطبل ولو بعد تنقيته من القاذورات؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الأماكن التي ينهى عن الصلاة فيها في الفتوى رقم: 64232، وتجوز الصلاة في الاصطبل بعد تنقيته من الأنجاس والأقذار، لأن إزالة النجس عن المحل المتنجس تسوغ الصلاة فيه، فقد طهر النبي صلى الله عليه وسلم بول الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد بصب دلو من الماء عليه، وراجع الفتوى رقم: 10703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/8055)
المشي إلى المساجد وكتابة الآثار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك أجر بالنسبة للمشي إلى المسجد وهل بهذا علاقة بالآية الكريمة
بسم الله الرحمن الرحيم (ونكتب ما قدموا وآثارهم) فهل هذا يعنى أن هناك ملائكة تكتب خطوات المصلى إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشي إلى المسجد مرغب فيه ترغيبا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وورد عنه في ذلك أنواع من الأجور كما سبق توضيحه في الفتاوى التالية: 36854، 54777، 51633.
وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم الذين يمشون إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة ونص الحديث: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما، وقال الألباني: صحيح.
وقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره عند كلامه على هذه الآية من سورة يس تفسيرين، أحدهما: أن المراد بذلك آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية.
قال ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد: ما قدموا أعمالهم وآثارهم يعني خطاهم.
وقال قتادة: لو كان الله عز وجل مغفلا شيئا من شأنك يا ابن آدم أغفل ما تعفى الرياح من هذه الآثار ولكن أحصى على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصى هذا الأثر فيما هو من طاعة الله تعالى أو من معصيته، فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله تعالى فليفعل.
قال ابن كثير: وقد وردت في هذا المعنى أحاديث وهذه الأحاديث هي المذكورة في الفتاوى المشار إليها أعلاه.
وبهذا يعلم الأخ السائل العلاقة بين الآية الكريمة والأحاديث في موضوع المشي إلى الصلاة ولم يذكروا هنا أن هناك ملائكة يكتبون الخطا لكن المعروف أن كل شخص موكل به من الملائكة من يكتب أعماله الصالحة وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/8056)
خروج المصلي إلى المسجد متطهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ما المرء ذهب إلى المسجد ولم يتوضأ أو فسد وضوؤه أثناء الطريق إلى المسجد فهل يذهب عنه ذلك الأجر العظيم حسب قول الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أن الخروج والذهاب إلى المسجد بطهارة له فضل على الذهاب إليه بدون طهارة، لقوله صلى الله عيله وسلم: من تطهر في بيته ثم خرج إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة.
فظاهر هذا الحديث يدل على أن خروج المصلي متطهرا أفضل من خروجه غير متطهر، وعليه فإن من خرج غير متطهر فقد فاته فضل الخروج بالطهارة ويشهد لهذا المعنى ما رواه أبو داود عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: شبه بالحاج المحرم لكون التطهر من الصلاة بمنزلة الإحرام من الحج لعدم جوازهما بدونهما ثم إن الحاج إذا كان محرما كان ثوابه أتم، فكذلك الخارج إلى الصلاة إذا كان متطهراً كان ثوابه أفضل. انتهى
إلا أن الذي تطهر في بيته وخرج ثم أحدث في طريقه إلى المسجد من غير قصد قد يحصل على هذا الفضل لأنه تطهر في بيته ثم خرج متطهرا، وفعل ما في مقدروه لسعة فضل الله تعالى وكرمه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامله. انتهى.واستدل لهذا بأحاديث صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/8057)
حكم مد الرجلين إلى جهة المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في مد الرجلين في المسجد من حرج كراهة أو سوء أدب، سواء كانت توجد خزانة للقرآن أمامنا أم لا؟
أرجو التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا كراهة في مد الرجلين في المسجد كما نص على ذلك الإمام النووي في المجموع قال: وللمعتكف النوم والاضطجاع والاستلقاء ومد رجليه في المسجد، لأنه يجوز ذلك لغيره فله أولى. انتهى
وراجع الفتوى رقم: 10129 لحكم مد الرجلين إلى القبلة، وأما مد الرجلين إلى جهة المصحف أو المصاحف، فقد اختلف فيه أهل العلم فمنهم من ذهب إلى حرمة ذلك ومنهم من ذهب إلى كراهته أي لا يأثم فاعله قال: سليمان بن محمد البجيرمي الشافعي في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: ويحرم مد الرجل إلى جهة المصحف ووضعه تحت يد كافر. انتهى
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع بشرح الإقناع: ويكره مد الرجلين إلى جهته أي المصحف. اهـ.
وكذا ذكر فقهاء الحنفية في كتبهم كراهة مد الرجل إلى جهة المصحف ما لم تكن في مكان مرتفع عن المحاذاة.
فينبغي اجتناب ذلك ما أمكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/8058)
الصلاة في مسجد يؤذن فيه للجمعة ثلاث مرات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة في المسجد حيث يقوم فيه ثلاثة مؤذنين ويؤذنون واحدا تلو الآخر بمكبر الصوت؟ هل ذلك له أصل أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتكرار الأذان يوم الجمعة ثلاث مرات من البدع المحدثة، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: فتوهم كثير من أهل الأمصار أن الأذان لصلاة الجمعة ثلاث مرات ... وهو بدعة، قال ابن العربي في العارضة: وأما المغرب أي بلاد المغرب فيؤذن ثلاثة من المؤذنين لجهل المفتين في الرسالة.
فللجمعة أذانان أحدهما كان على عهده صلى الله عليه وسلم والثاني زاده عثمان، وأما الثالث فلا أصل له، وانظر الفتوى رقم: 15296.
فلا ينبغي الزيادة فيها على أذانين، وأما ما عداها من الصلوات فقد استحب بعض أهل العلم تعدد الأذان له، وانظر الفتوى رقم: 63074.
وأما حكم الصلاة في ذلك المسجد الذي تقام فيه تلك البدعة، فالأولى لمن وجد غيره، ولم يمكنه تغيير تلك البدعة أن يذهب إليه هجرا لأصحاب البدعة، وإن لم يجد غيره صلى فيه ولا إثم عليه في ذلك، وينبغي أن يبين لهم الصواب ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، والصلاة من أحسن ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساؤوا فلا تسئ معهم، كما قال عثمان رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/8059)
وضع الهلال والنجمة فوق مآذن المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا بوضع فوق المئذنة الهلال والنجمة وهي عادت مصنوعة من النحاس فإلى ماذا تشير
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وضع الهلال والنجمة فوق مآذن المساجد مما تعارف الناس عليه كشعار تتميز به المساجد عن غيرها، كما وضعوا هلالا أحمر على هيئات الإغاثة والمؤسسات الخيرية والمستشفيات والصيدليات ... تمييزا لها عما يضعه أهل الملل الأخرى من الصلبان وغيرها كشعار يختصون به.
ولذلك فإن الهلال أصبح شعارا يميز المؤسسات التابعة للمسلمين كما أن غيرهم من الأمم لهم شعاراتهم الخاصة التي تميز مؤسساتهم.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 38845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(11/8060)
صلاة المصلين فوق قبة المسجد المكتوب عليها آيات قرأنية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمنا في مسجد نزال الكبير ببناء طابق ثان وقمنا بعمل قبة في الطابق الأول مكتوب عليها آيات من القرآن الكريم فهل هناك حرمة بسبب سير الناس واستعمالهم للطابق الثاني حيث يعلو المصلين آيات القران الموجودة في قبة الطابق الأول
... ... ... ... ... ... ... ... رئيس لجنة المسجد
... ... ... ... ... ... ... ... ... ياسر عبد اللطيف
... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... عمان /الاردن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من كتابة بعض القرآن في موضع لا يترتب على كتابته فيه امتهان له ولا إخلال بتعظيمه، وكره أهل العلم كتابته في موضع تكون فيه مظنة امتهان. ففي غذاء الألباب ممزوجا بمنظومة الآداب وهو حنبلي: وتكره كتابة شيء من القرآن العظيم في نحو الستر والجدران، أو أي وكلُّ (ما) أي الذي هو مظنة بَذْلة وامتهان كالثياب ونحوه ا. انتهى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 23572.
وكتابة القرآن في قبة داخل المسجد لا يترتب عليه امتهان له، وبالتالي، فذلك جائز من غير كراهة، ووجود المصلين في الطابق الثاني واستعمالهم لذلك المكان لا بأس به ولا يترتب عليه إهانة للقرآن المكتوب ولا امتهان له.
ففي فتاوى الرملي الشافعي: هل يحرم وضع المتاع على ما فيه قرآن أو علم؟ فأجاب بأنه لا يحرم إذ لا امتهان فيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/8061)
حكم كتابة أسماء الرسول عليه الصلاة والسلام في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أسماء الرسول الموجودة في المسجد النبوي، وما حكم تعليقها في مساجد أخرى، وأرجو من حضرتكم تزويدنا بأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم؟ شاكراً لكم حسن تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة وقد تحدثنا عنها وعما كتب على جدار المسجد النبوي، في الفتوى رقم: 9688، والفتوى رقم: 63515.
وأما تعليق ما ليس فيه محظور شرعي من هذه الأسماء في المساجد الأخرى فالظاهر أنه لا حرج فيه لعدم وجود دليل يمنع؛ إلا أن الأولى للمسلم أن ينقل إلى مسجد حيه ما كان في المسجد النبوي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من الحلق العلمية والأعمال الصالحة وإيواء المحتاجين وإعانة الضعفاء، فهذا أولى لمجتمع حيك لما فيه من تحقيق مصالحهم الدينية والآخروية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(11/8062)
الصلاة في مسجد مبني على مقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيله الشيخ أود أن أطرح عليكم السؤال التالي: هل تجوز الصلاة في مسجد مبني على مقبرة وفيه بعض مظاهر الشرك مثل إيقاد السرج والدعاء والنذر والاستغاثة بغير الله مع العلم أنه المسجد الوحيد في القرية؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم أن ذكرنا في الفتوى رقم: 1530 أن الصلاة في المساجد المبنية على القبور لا تجوز ولا تصح، كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى، هذا إضافة إلى ما ذكر من المنكرات من دعاء غير الله والنذر لغير الله والاستعانة بغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة على أنه لا يبنى مسجد على قبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك، وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر، وإما بنبشه إن كان جديداً، وإن كان المسجد بني على القبر، فإما أن يزال المسجد وإما تزال صورة القبر، فالمسجد على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه. انتهى
وأما ما يفعله السائل، فقد بيناه في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 26061 فليرجع إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(11/8063)
علة النهي عن المواضع التي ورد النهي عن الصلاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المواضع التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها مع ذكر علة النهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المواضع التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، وردت في حديث من رواية ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن: في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله. وهذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والبيهقي في سننه، لكن ضعفه الشيخ الألباني.
وعلة النهي عن الصلاة في هذه الأماكن تعبدية عند بعض أهل العلم، وقيل: النهي معلل بمظنة النجاسة بالنسبة لغير الصلاة فوق الكعبة، قال المرداوي في الإنصاف: المنع من الصلاة في هذه الأمكنة تعبد على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور، قال الزركشي: تعبد عند الأكثرين واختاره القاضي وغيره وقدمه في الشرح والرعاية الكبرى.
قال ابن زرين في شرحه: الأظهر أنه تعبد، وقيل: معللً وإليه ميل المصنف فهو معلل بمظنة النجاسة. انتهى.
ومن أهل العلم من صرح بعلة النهي عن الصلاة في هذه الأماكن وذلك على النحو التالي:
1- المجزرة: قال المباركفوري في شرحه لسنن الترمذي: وهي الموضع الذي ينحر فيه الإبل ويذبح البقر والشاة نهي عنها لأجل النجاسة فيها من الدماء والأرواث.
2- قارعة الطريق: قال المباركفوري أيضاً: والمراد بها ها هنا نفس الطريق؛ وإنما تكره الصلاة فيها لاشتغال القلب بمرور الناس وتضييق المكان عليهم. انتهى.
3- فوق ظهر بيت الله: قال المباركفوري: لأنه إذا لم يكن بين يديه سترة ثابتة لم تصح صلاته لأنه مصل على البيت لا إلى البيت. انتهى.
4- المقبرة،5- معاطن الإبل: فعلة النهي فيهما مظنة النجاسة، قال ابن قدامة في المغني: فإن المقبرة تنبش ويظهر التراب الذي فيه صديد الموتى ودماؤهم ولحومهم، ومعاطن الإبل يبال فيها فإن البعير البارك كالجدار يمكن أن يستتر به ويبول؛ كما روي عن ابن عمر أنه أناح بعيره مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليه. انتهى.
6- المزبلة: وهي موضع إلقاء الزبل، فعلة النهي مظنة النجاسة، قال الكاساني في بدائع الصنائع: أما معنى النهي عن الصلاة في المزبلة والمجزرة فلكونهما موضع النجاسة. انتهى.
7- الحمام: علة النهي كونه مأوى للشياطين، قال الإمام النووي في المجموع: والأصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة تنزيه وتصح الصلاة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(11/8064)
الصلاة في مكان يدار فيه الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعزائي الكرام. علماءنا المحترمين.
دعينا أخيرا إلى حفل زفاف من أحد الأصدقاء، وكان علينا تلبية الدعوة فلبينا ولله الحمد.
المكان الذي دعينا إليه مكترى من صاحب الحفل
وللأسف الشديد المكان هذا دليل على خان أي مكان تباع فيه الخمور وهو خاص لذلك (بار) أدخل في الموضوع ولب السؤال هو أن جماعة منا وهم من الملتحين حين قدم الطعام أي أكلنا الوجبة الأولى وبقينا في انتظار الثانية قامت هذه الجماعة وهم في بضع نفر لأداء صلاة المغرب ودون أن يلقوا أي كلام للجمع الغفير المؤمن المتواجد في المكان للدعوة لأداء صلاة الجماعة.
1-هنا السؤال: هل تجوز الصلاة في هذا المكان وقنينات الخمور بأشكالها وأنواعها أمامنا.
2- الجماعة أتت على نصف عشائها وهي في انتظار الباقي المخصص للضيافة.
3- هذه الفرقة الملتحية التي قامت إلى الصلاة دون أن تدعوا الآخرين إلى الجماعة رغم أن المكان
مكان سكر ورقص بعيد كل البعد أن تقام فيه الصلاة، وإن كانت الصلاة جائزة في هذا المكان الآثم، هل هؤلاء آثمون أم نحن الآثمين حين لم نقم معهم رغم أنهم لم يدعوا أحدا للجماعة. إني في انتظار الأجوبة ومعذرة إن كنت قد أطلت عليكم وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور الوليمة التي يوجد عندها المنكر لا يجوز لمن لا تمكنه إزالته، وعليه، فإن حضوركم جميعا لهذه الوليمة التي تدار عليها كؤوس الخمر والتي هي في محل بيع الخمر لا يجوز، وقد أثمتم جميعا ولا تسلمون من الإثم إلا إذا كان يمكنكم إزالة هذا المنكر وأزلتموه بالفعل.
فقد روى الإمام أحمد والدارمي عن جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر.
وقال ابن قدامة في المغني: إذا دعي إلى وليمة فيها معصية كالخمر والزمر والعود ونحوه وأمكنه الإنكار وإزالة المنكر لزمه الحضور والإنكار لأنه يؤدي فرضين: إجابة أخيه المسلم وإزالة المنكر، وإن لم يقدر على الإنكار لم يحضر، وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر أزاله فإن لم يقدر انصرف. انتهى.
أما صلاة هؤلاء في هذا المكان فهي مكروهة، لكنها صحيحة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 10836 فراجعها، وكذلك الفتوى رقم: 54420.
ولا كراهة في صلاتهم قبل حضور الطعام إذا كانت أنفسهم لا تتوق إليه كثيرا بحيث يشغلون به أفكارهم وهم في الصلاة ما دام الطعام لم يحضر بعد، كما أنه لا إثم عليكم في عدم الصلاة معهم في هذا المكان إذا كنتم تصلون فيما بعد ولم يضق الوقت.
وحتى لو أن الطعام حضر وصلوا بحضرته فإن صلاتهم صحيحة مع الكراهة إن كان في الوقت متسع، وإلا، فلا كراهة لأن الوقت مقدم.
قال النووي في صحيح مسلم عند حديث: لا صلاة بحضرة الطعام: قال: وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت، ولا يجوز تأخيرها وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور. انتهى.
وخلاصة الجواب أن حضوركم لهذه الوليمة التي يوجد فيها ما ذكر من المنكرات لا يجوز إلا إذا قدرتم على تغييرها وغيرتموها بالفعل، وإلا فإنكم آثمون وعليكم أن تتوبوا إلى الله تعالى وتحذروا في المستقبل من حضوركم في مثل هذه الولائم المشتملة على المحرمات، وأما الجماعة الذين صلوا في هذا المكان فقد ارتكبوا مكروها إن كان في الوقت متسع، وكذلك إن لم يكن فيه متسع ووجدوا مكانا آخر غير هذا المكان مع أن صلاتهم صحيحة، ولا ياثم بقية الجماعة بعدم صلاتهم معهم إن كان في الوقت متسع، وصلوا بعد ذلك بل إنهم في هذه المسالة قد حالفهم الصواب حيث لم يصلوا في هذا المكان الذي تكره فيه الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(11/8065)
يعظم الأجر لشرف الزمان أو المكان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي زيارة البيت الحرام، أيهما أفضل الذهاب إليه يوم الجمعة وصلاة الجمعة، وقد يصعب علي تقبيل الحجر والصلاة في حجر سيدنا إسماعيل عليه السلام، أم الذهاب إليه في بقية أيام الأسبوع وتقبيل الحجر، حيث يخف الزحام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن يوم الجمعة يوم عبادة ودعاء وذكر كما نص على ذلك العلماء، وأن لمس الحجر أو تقبيله لمن استطاع ذلك من غير أن يقع في محظور مثل مزاحمة المرأة للرجال وإذاية الناس مستحب أيضاً.
إلا أننا لم نطلع على أفضلية الطواف يوم الجمعة على الطواف في غيره من الأيام، لذلك نقول للأخت السائلة إنها لو جمعت بين الأمرين فهو أفضل بأن تحضر يوم الجمعة وتعود في وقت آخر بحيث يمكنها أن تستلم الحجر وتصلي في الحجر.
فإن لم تستطع ذلك بأن كان الوقت لا يفي بذلك فأيهما فعلت فقد أصابت الأجر ولا نستطيع المفاضلة بين هذين الأمرين إذ لا يمكن ذلك إلا بنص ولم نطلع عليه، ولكن أهل العلم يذكرون أن العمل يعظم أجره بسبب شرف الزمان أو شرف المكان أو شرف العامل ولا شك في شرف يوم الجمعة فقد وردت بذلك الأحاديث، للفائدة راجعي هذه الفتوى رقم: 61633، والفتوى رقم: 26835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/8066)
حكم الصلاة في مسجد مزخرف ويدخله بعض الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد مزخرف ويدخل إليه السياح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل يمنع الصلاة في مسجد مزخرف أو يدخله بعض الكفار، والأصل جواز ذلك، فلا ينتقل عنه إلا بدليل، وللتعرف على حكم زخرفة المساجد راجع الفتوى رقم: 10687.
كما تقدم حكم دخول الكفار المساجد في الفتوى رقم: 26104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(11/8067)
ممارسة الرياضة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل، نحن مجموعة من الأخوات بفرنسا نقوم بالرياضة في مسجدنا، لأننا لا نستطيع ممارستها في قاعات مختلطة.. أما المسجد فليس له صومعة..
سؤالي:
هل يجوز لنا ممارسة الرياضة، مع العلم أنه وكما تعلم نكون حيضا؟، حيث قيل لنا أنه لا يجوز الدخول لقاعة الصلاة!
نرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر..
وكتب الله لكم ذلك في ميزان حسناتكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للحائض أن تدخل المسجد، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 152 أما ساحات المسجد فلا مانع أن تدخلها، وغير الحائض تدخل المسجد وتمكث فيه ما شاءت، أما ممارسة الرياضة فيه فإن كان يوجد غيره ولو صالات في البيوت من غير اختلاط فلا ينبغي عمل الرياضة فيه وخصوصا الحركات التي تتنافى مع السكينة والوقار، لأن المساجد لم تبن إلا للعبادة وما يتعلق بها، وإن كان لا يوجد مكان أصلا أو لا يوجد مكان خال من الموانع الشرعية مثل الاختلاط أو النظر إلى العورات فالظاهر أنه لا مانع من عملها فيه بدليل حديث عائشة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم وغيره قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد وأنا جارية.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: فيه جواز ذلك في المسجد. وقال بعد أن رد على من ادعى نسخ اللعب بالحراب في المسجد وعلى من ادعى أن اللعب كان خارج المسجد قال: واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا، بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو. وقال المهلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز، وفي الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح، وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله وكرم معاشرته، وفضل عائشة وعظيم محلها عنده صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5743، 40656، 11213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/8068)
إغلاق المسجد في غير أوقات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحم الرحيم
أما بعد، سؤالي هو: مؤذن مسجد مكلف من هيئة الأوقاف، وصدرت إليه تعليمات بفتح المسجد قبل موعد الأذان بساعة وإغلاقه بعد صلاة الصبح بنصف ساعة أما باقي الأوقات من بعد صلاة العصر إلي صلاة العشاء فالمسجد مفتوح، وعندما قام المؤذن بإغلاق المسجد بعد فريضة الصبح قام أحد المصلين وقال أنتم تصدون عن سبيل الله، وقال الآية: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) ، هنا قالت لجنة المسجد المكونة من الإمام والمؤذن وعضوين آخرين بترك المهمة التي كانوا قائمين فيها في المسجد من إشراف على المسجد، فما الحكم في ذلك، وأفيدوني في أي توضيح ترونه أنه جيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بإغلاق المسجد في غير أوقات الصلاة لصيانته أو لحفظ محتوياته من فرش ونحوها إذا خشي عليها الضياع، ففي المجموع للإمام النووي: قال الصيمري وغيره من أصحابنا: لا بأس بإغلاق المسجد في غير وقت الصلاة لصيانته أو لحفظ آلاته هكذا قالوه وهذا إذا خيف امتهانها وضياع ما فيها ولم يدع إلى فتحها حاجة.
فأما إذا لم يخف من فتحها مفسدة ولا انتهاك لحرمتها وكان في فتحها رفق بالناس فالسنة فتحها كما لم يغلق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه ولا بعده. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: ويجوز قفل المسجد في غير أوقات الصلاة. انتهى.
وعليه فإذا كانت هناك مصلحة راجحة في إغلاق المسجد في غير أوقات الصلاة فلا مانع من ذلك ولا يعتبر ذلك من السعي في خرابه ولا من المنع من ذكر الله تعالى فيه، إلا أننا ننبه أن إغلاق المسجد بالنسبة لصلاة الفجر ينبغي أن يكون بعد طلوع الشمس حتى يتمكن من أراد من المصلين أن يجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 27856.
وبناء على ذلك فإن كان الشخص المذكور يطالب بإبقاء المسجد مفتوحاً بعد صلاة الصبح حتى يتمكن من إحراز هذه الفضيلة فذلك من حقه وينبغي لجماعة المسجد أن تستجيب لذلك.
وأما إن كان يطالب بإبقاء المسجد مفتوحاً مطلقاً فهو مخطئ فيما قال وعليه أن يستغفر الله تعالى مما صدر منه من عبارة غير لائقة، ولا ينبغي للجماعة المشرفة على أمور المسجد التخلي عن مهمتها بل الأولى بهم أن يحتسبوا الأجر والمثوبة من الله تعالى وأن يصبروا على ما يصيبهم من أذى في ذلك فإن الثواب حينئذ أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/8069)
الصلاة في مسجد يغلق في بعض الفترات
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلبه جامعيون لنا مسجد بالإقامة الجامعية.هل تجوز الصلاة به مع العلم أنه يغلق أبوابه في العطل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز لكم الصلاة في المسجد المذكور ولو كان يغلق في بعض الفترات، إلا أنه لا ينبغي تعطيل المسجد إن كان في السكن أو في الجيران من يمكن أن يعمره إن أمكن ذلك، وعلى كل حال فصلاتكم فيه في زمن إقامتكم مطلوبة ولو كان في فترة الإجازة يغلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(11/8070)
صالة الأفراح المختلطة الملاصقة للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد قام المسؤولون في أحد المساجد القريبة منا بإنشاء صالة للأفراح متصلة بالمسجد، المشكلة الكبرى أنهم بدؤوا بإقامة بعض النشاطات في هذه الصالة والتي عادة تكون مختلطة، حتى أننا في إحدى الليالي أتينا لصلاة العشاء وإذا بالنساء غير المحجبات والمتزينات يملأن المسجد، عندما كلمنا إدارة المسجد عن هذا الوضع قالوا لنا إن هذه هي طريقة عمرو خالد (أي أنهم يقيمون النشاطات المختلطة مما يجعل الشباب يأتون إلى المسجد) ، ما حكم إنشاء مثل هذه الصالات في المساجد، هل تنصحوننا أن نقطع علاقتنا بهذا المسجد (مع العلم بأنه يوجد مسجد قريب أكثر التزاماً بالسنة) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي إلصاق صالة الأفراح بالمسجد إذا كان يجري فيها اختلاط وطرب وتشويش على المرتادين للمسجد للصلاة والذكر وقراءة القرآن، وأما جلوس النساء في المسجد بالزينة وبلا حجاب في أوقات الصلوات فمنكر عظيم، ودعوة سافرة للفتنة في أحب البقاع إلى الله تعالى، فالواجب على القائمين على المسجد أن يتقوا الله وينبغي لكم مناصحتهم بالرفق والحكمة، وبينوا أن ما ذكروه من عذر فهو غير مقبول، ولا يظن بالداعية عمرو خالد أن يكون منهجه إقامة النشاطات في المساجد بهذه الصورة المنكرة، وإن كان قد قال بذلك فقوله مردود عليه، فإن أصر القائمون على المسجد على هذا المنكر فاعتزلوا هذا المسجد وصلوا في مسجد آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/8071)
اصطحاب سجادة للصلاة عليها في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يحضر معه من بيته سجادة صلاة كي يصلي عليها داخل المسجد، علما بأن المسجد مفروش بالسجاد أو الموكيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اصطحاب السجادة إلى المسجد أمر جائز ولا شيء فيه ما لم تصاحبه اعتقادات فاسدة، فهو من جملة المباحات، وإن كان فرش المسجد كافياً بل إن المسجد لا يشترط تفريشه، كما لا يشترط على المصلي في غيره أن يصلي على فراش ما دام يصلي في مكان طاهر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(11/8072)
حكم توسعة المسجد فوق مقبرة قديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بناء توسعة للمسجد فوق مقبرة قديمة
وما حكم الشرع في ردم مقبرة قديمة مر عليها أكثر من 40 سنة لم يدفن فيها أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بناء المساجد على القبور إلا إذا اندرست المقبرة وبلي من فيها فيجوز، والمرجع في ذلك إلى أهل الخبرة، فإذا أخبر أهل الخبرة بأن الأموات يبلون في هذه المقبرة في أربعين سنة فإنه يجوز بعد ذلك الانتفاع بها ببناء وحرث ولا بأس بردمها والسير عليها ونحو ذلك، وإلا فلا يجوز، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 19135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/8073)
بناء مصلى النساء مجاورا لمصلى الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة مسجد (النعمان بن مقرن) نسأل: هل يجوز بناء مصلى النساء مجاور لمصلى الرجال خصوصا إذا لم يكن فيه مجال لبناء مصلى خلف المسجد لعدم توفر مساحة كافية؟ وما حكم صلاة من تصلي في هذا المبنى؟ نرجو سرعة الإجابة لشروعنا في البناء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة تأخر صفوف النساء عن صفوف الرجال بدليل ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها.
وعليه، فإذا أمكنكم بناء مصلى النساء في مؤخرة المسجد فهذا أفضل، وإن لم يمكن ذلك فلا مانع من بنائه في أعلى المسجد أو في جهة اليمين أو اليسار من المسجد، واليمين أفضل من اليسار.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 25667، 23789، 27615.
هذا كله إذا كان مصلى النساء متصلا بالمسجد من غير فاصل بينهما، أما إذا كان منفصلا عن المسجد فقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/8074)
الصلاة في مسجد بني وسط القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفتيتم في بعض الفتاوي بأن الصلاة تجوز في المساجد المبنية في المقابر شريطة أن لا يكون هناك مظهر من مظاهر الشرك، ومسجدنا بني في وسط المقبرة والمساجد الأخرى بعيدة عنا, وممن يزور هذه القبور من يستغل الفرصة لممارسة بعض مظاهر الشرك كالنذر, والاستغاثة وإيقاد السرج عند هذا المسجد وبالتالي فنحن لا نصلي في هذا المسجد، وفي الآونة الأخيرة قمنا باقتراح بعض النقاط لتطهير هذا المكان من الشرك، مع العلم بأننا لا نملك السلطة للتغيير المباشر والمسؤولين أظهروا نوعا من التماطل والبطء مخافة الفتنة على حسب زعمهم, وقالوا لنا إن هذه المطالب يصعب تحقيقها في المدى القريب، والسؤال: ما الموقف الذي يجب علينا أن نتخذه، هل نصلي في هذا المسجد ونعمل في نفس الوقت على القضاء على هذه المظاهر مع المسؤولين مهما كلفتنا من وقت، أم ننتظر حتى يحققوا مطالبنا وهو تطهير هذا المكان لنصلي فيه, مع العلم بأن هذه المطالب بسيطة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان بإمكانكم أن تصلوا في مسجد آخر وتغيروا هذا المنكر فهو المطلوب، وإن كان المنكر لن يزول إلا بصلاتكم في المسجد ونصح الناس وتحذيرهم وبيان الحق لهم، فلا حرج عليكم في الصلاة في هذا المسجد، كما بيناه في الفتوى رقم: 56497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(11/8075)
بناء المسجد بمال ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الظروف التي لا تجوز فيها صلاة الجمعة، مسجد بني بالربا، قانون غير شرعي، إمام ظهرت مسايرته للنظام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم بناء المسجد من مال ربوي ولكن لو قدر أن شخصاً ما كان يتعامل بالربا ثم تاب إلى الله وأناب فله التخلص من مال الربا بصرفه في مشاريع خيرية عامة تنفع المسلمين ومنها المسجد، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 24869.
وأما قولك: قانون غير شرعي، فلعلك تقصد حكم الصلاة في مسجد يتبع قانونا وضع له وهو غير شرعي، وهذا كلام مجمل يحتاج إلى بيان حتى نستطيع الحكم على هذه المخالفة بدقة، وأما قولك: إمام ظهرت مسايرته للنظام، أي غير الشرعي وتختلف هذه المسايرة فقد تكون ترويجاً للباطل وقد تكون سكوتا عن مخالفات النظام وقد تكون غير ذلك، فالحكم على هذا الإمام يحتاج إلى معرفة تامة به وموقفه، فقد يكون متأولاً في هذه المسايرة ويصلح بقدر استطاعته ولو تخلى عن المسجد لجيء بشخص آخر يكون وبالاً وسببا لإفساد الناس، وقد يكون هذا الإمام متبعاً لهواه في مجاراة النظام فلا نستطيع الحكم عليه بعينه، ولا القول بعدم شرعية الصلاة في المسجد المذكور، وقد بينا حكم الصلاة خلف الإمام الفاسق في الفتوى رقم: 26339 فلتراجع ولا يجوز أن تترك الجمعة لفسق الإمام، والأفضل أن يسأل عن هذا الرجل عالم معروف بالعلم والورع من أهل البلد ممن له إحاطة بالقضية وملابساتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/8076)
لا بأس بتنبيه المصلين لإغلاق الهاتف الجوال عند دخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة المفتي المحترم: قمت بكتابة لافتة على باب المسجد في قريتي البعنة جامع النور، وهي الرجاء إقفال الهاتف النقال قبل دخول المسجد، وذلك للتذكير فقط والله يعلم أنني كتبتها لصالح المصلين، بعد مرور شهر أو أكثر قام إمام المسجد يخطب خطبة الجمعة عن هذه اللافتة وادعى بأنها نوع من أنواع العنف وممنوع كتابة مثل هذه اللوحة على باب المسجد، مع العلم بأنه قبل كتابة هذه اللوحة كان هناك رنين دائم للهاتف أثناء كل صلاة مما سبب الإحراج لصاحبه، أما بعد كتابة اللوحة خفت هذه الظاهرة التي لفتت انتباه حضرات المصلين؟ لك جزيل الشكر سلفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته عمل طيب تثاب عليه إن شاء الله تعالى لما يترتب عليه من تنبيه المصلين على ضرورة إغلاق الهاتف الجوال عند دخول المسجد، فقد يترتب على فتحه تشويش على المصلين بما يطلقه من رنين عند الاتصال خصوصاً إذا اشتمل على موسيقى، وبالتالي فعملك هذا فيه تنبيه إلى خير وطاعة لله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم وغيره، وللفائدة راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 53178، 3558، 28442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(11/8077)
حكم منع من يتسبب بضرر المسجد من دخوله
[السُّؤَالُ]
ـ[يعطي القانون الألماني لكل صاحب عقار الحق في أن يمنع من يشاء من دخول العقار إذا رأي في ذلك ضررا عليه. ونحن في مجلس إدارة الجمعية الإسلامية في مدينة براونشفايج استعملنا هذا الحق في منع ثلاث من الشباب من دخول المسجد مرة أخرى بعد أن تسببوا في ضرر بالغ للجمعية حيث إنه حدث بينهم في المسجد شجار تطور إلى معركة بالأيدي وسحب أحدهم سكينا وأراد أن يطعن به آخر لولا تدخل بعض النساء اللاتي كن يدرسن الأطفال في المسجد في هذا الوقت وجرحت إحداهن من السكين وانهارت أخرى ونقلت إلى المستشفى بسيارة إسعاف وأصاب ذلك الفعل الأطفال الموجودين بصدمة وسيبقى ذلك الحادث المؤسف في ذاكرتهم لن ينسوه بسهولة. بعدها حدث شجار آخر وصياح ولغط في المسجد وسباب لم نعتد عليه ولولا تدخل بعض المصلين لكانت هناك معركة أخرى يعلم الله مداها، فقال مدير الجمعية للناس إن من يفعل ذلك مرة أخرى سوف يمنع من دخول المسجد حيث إن السكوت على ذلك سيضر بالإسلام والمسلمين ويكفي أن تعلم إحدى الصحف المحلية بوجود عراك في المسجد فستكون فرصة كبيرة للكلام على أن المسلمين يهددون أمن المدينة وخلافه وقد يغلق المسجد من جراء هذه التصرفات الهوجاء. أحد هؤلاء المتهورين يقول لنا لا يجوز أن تمنعوا مسلما من دخول المسجد لأن الرسول لم يطرد أحدا من المسجد وأن هذا تصرف غير شرعي! الرجاء إفادتنا في هذا الأمر علما بأنه هناك مساجد أخرى بالمدينة للمسلين الأتراك ممكن لمن يمنع من مسجدنا أن يصلي بها.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على القائم على المسجد أن يمنع من دخول المسجد من يتسبب في إلحاق الضرر والتشويه بالإسلام والمسلمين إذا دخل المسجد، وربما تسببت مشاكله في إغلاق المسجد وحرمان المسلمين من الصلاة فيه. ولا شك أن الحفاظ على بقاء المسجد مفتوحاً ليصلي فيه عموم المسلمين ودفع المشاكل الحاصلة فيه بسبب هؤلاء الأشخاص مقدم على تركهم يؤدون صلاة الجماعة في المسجد، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من أكل ثوماً أوبصلاً أن يدخل المسجد؛ وما ذلك إلا للأذى الذي يحصل للناس بسببه، فهولاء أعظم منه أذى وضرراً وتشويها للإسلام والمسلمين. وننصحكم ـ قبل منعهم ـ بإسداء النصيحة لهم برفق وحكمة، وأن تبينوا لهم سوء عاقبة فعلهم لعلهم يرجعون عما هم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/8078)
المسجد الصغير له حكم المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ما يطلق عليه (زاوية) والموجودة أسفل البيوت تعتبر في حكم المسجد، علما بأنه يقام فيها جميع الصلوات وكذا صلاة الجمعة، أم أن للمسجد شروطا خاصة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يعرف بالزاوية وهي المسجد الصغير له حكم المسجد، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 39164، والفتوى رقم: 9359.
ولبيان حكم البناء فوق المساجد وحكم الصلاة في مسجد فوقه سكن يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/8079)
حكم احتيال صاحب أرض متنازع عليها بينه وبين البلدية لجعلها مسجدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك قطعة أرض بها جنينة صغيرة حوالي المترين عرض في ثلاثة أمتار طول وكان عليها نزاع بين العائلة وبين البلدية بسبب أن تلك القطعة واقعة في حزام التخطيط المدني وستحول في المستقبل إلى شارع بغرض توسعته، فأردت أن أستبقي تلك الأرض للعائلة فخطر ببالي أن أحولها إلي زاوية صغيرة أو مسجد صغير، فاعترض بعض أصدقائي وقالوا إن ذلك تعد على طريق حكومي لا يجوز للدين أن يتدخل فيه، أما البعض الآخر فيشجعني على هذا التصرف، السؤال هو هل يجوز بناء المساجد والزوايا ضمن أراضي مخالفة ودون تصريح؟ وما حكم الدين على الذين بنوا زوايا ضمن أرض عامة متعدين على الشارع الأصلي (هل في هذا السلوك إعلاء من شأن الدين وهل سأثاب عليه؟؟)
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز جعل شيء من طريق الناس مسجدا إذا كان ذلك يحصل به ضرر بأصحاب الطريق، وأولى من ذلك وأحرى إذا كان اعتدي على طريق من الطرق العامة فجعلت مسجدا، وراجع في هذا الفتوى رقم: 53144.
وعليه؛ فقيام بعض الناس بالاعتداء على الطرق العامة وبناء مساجد عليها غير جائز، لأن الطريق جعلت لمصلحة الناس والأخذ منها وانتقاصها يلحق بهم الضرر.
وأما مسألة نزاعك مع البلدية حول قطعة الأرض المشار إليها ونيتك الاحتيال على قرار البلدية بجعل هذه القطعة مسجدا فلا ينبغي لك فعل ذلك إذا كان قرار البلدية قرارا عادلا، وستدفع لك تعويضا مناسبا مقابل نزع أرضك للمصلحة العامة.
أما إذا كان القرار جائرا ولن تعطى ثمنا عادلا لأرضك فلا نرى مانعا من الاحتيال على هذا القرار بجعل هذه القطعة من الأرض مسجدا إذا كان جعلها مسجدا لا يضر بالطريق، وتؤجر على حسب نيتك، وراجع في شروط نزع الملكية الخاصة الفتوى رقم: 4429.
وأما حكم بناء الزوايا فراجعه في الفتوى رقم: 9359.
وننبه إلى أن قول بعض الناس طريق حكومي لا يجوز للدين أن يتدخل فيه خطأ واضح، لأن الدين يدخل في كل شؤون الحياة، وراجع لذلك الفتوى رقم: 5490 ولذا ينبغي لك أن تقصد بهذا الفعل الطاعة والتقرب إلى الله تعالى، لحديث: إنما الأعمال بالنيات. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(11/8080)
حكم التحول عن مسجد لآخر لأجل كراهة للإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت خصومة بين أحد المصلين وبين إمام المسجد فقام ذلك المصلي بمقاطعة ذلك المسجد وتحول إلى مسجد آخر ليصلي فيه واستمر هذا الأمر لسنوات فهل تجوز مقاطعة بيوت الله
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقاطعة بيوت الله لا تجوز، ولكن التحول عن مسجد إلى آخر لا يسمى مقاطعة، وفيما يتعلق بصلاة المرء في مسجد غير مسجد حيه فإن بعض الفقهاء قد نصوا على أن الصلاة في مسجد الحي أفضل من الصلاة في غيره، ولو كان غيره أكثرة جماعة. قال ابن عابدين في رد المختار: ومسجد حيه وإن قل جمعه أفضل من الجامع وإن كثر جمعه. اهـ.
فإذا كان سبب التحول عن المسجد هو كراهة للإمام لنقص في دينه أو فساد في سيرته فالتحول عنه هو الصواب إذا لم يتمكن من عزله عن الإمامة، لأن إمامته حينئذ مكروهة، وإن كانت الكراهة لسبب شخصي فلا ينبغي التحول لأن فيه طاعة للشيطان، وقد نهى الله عن اتباع خطواته. قال النووي: قال أصحابنا: وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعا، كوال ظالم، وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصون من النجاسات، أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم، أو شبه ذلك، فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة، والعتب على من كره. المجموع: 4/172.
وعلى كل حال، فإن صلاة هذا المتحول صحيحة، ولكن كان من الواجب عليه أن يعصي الشيطان مع استحباب الصلاة في مسجد حيه كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/8081)
الصلاة في مسجد بني بمال ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في مسجد فيه الربا هل يجوز أم لا؟ وهل يقبل إن تصدقت؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 49729، أنه لا يجوز الاقتراض من الربا لأجل بناء مسجد ولا غيره، لكن من كانت لديه أموال مكتسبة من حرام فإنه يلزمه التخلص منها وصرفها في مصالح المسلمين، ومن ذلك صرفها في بناء المساجد كما ذكر ذلك أهل العلم منهم الإمام النووي رحمه الله، وأما من حيث صحة الصلاة فهي صحيحة في المسجد الذي بني بمال ربوي ـ كما ذكرنا في الفتوى المشار إليها ـ وإن كان السائل يعني بقوله وهل يقبل إن تصدقت الصدقة بالحرام مثل الربا، فليراجع الفتوى رقم: 39719. وإن كان يعني غير ذلك فليبينه لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(11/8082)
مضاعفة أجر الصلاة فيما زيد على المسجد النبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الصلاة في المدينة تعدل ألف صلاة باعتبار أن المدينة كلها حرم، وإذا كان كذلك فبماذا تتميز الصلاة في المسجد النبوي عن الصلاة في أي مكان داخل حدود المدينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم تفضل ما سواها بألف صلاة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. والحديث متفق عليه.
وهذا باتفاق أهل العلم، أما ما زيد في مسجده صلى الله عليه وسلم بعده من التوسعات ففيه خلاف بين أهل العلم، فقد ذكر النووي أنه لا يدخل في هذا الفضل، وقال ابن تيمية والمحب الطبري إن هذا الفضل يشمل كلما زيد في المسجد، قال في شرح سنن ابن ماجه: (قوله) في مسجدي هذا: بالإشارة يدل على أن تضعيف الصلاة في مسجد المدينة يختص بمسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمانه مسجداً دون ما حدث فيه بعده من الزيادة في زمن الخلفاء الراشدين تغليباً لاسم الإشارة وبه صرح النووي فخص التضعيف بذلك بخلاف المسجد الحرام فإنه لا يختص بما كان لأن الكل يعمه اسم المسجد الحرام ذكره العيني، قال القارئ واعترض عليه ابن تيمية وأطال فيه والمحب الطبري وأورد آثاراً استدلالا بها ... وبأن الإشارة في الحديث إنما هي لإخراج غيره من المساجد المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم وبأن الإمام مالكا سئل عن ذلك فأجاب بعدم الخصوصية. انتهى مختصراً قال الشيخ والمختار عند الجمهور أن الحكم بالمضاعفة يشمل لما زيد عليه فقد ورد لو مد هذا المسجد إلى صنعاء اليمن كان مسجدي ونقل المحب الطبري رجوع النووي عن تلك المقالة. انتهى.
وإذا كان الخلاف جاريا فيما زيد في المسجد نفسه فإن حرم المدينة لا يدخل في هذا الفضل المذكور في الحديث، نعم قد يقال إن الأعمال تضاعف حسب الزمان والمكان، وخلاصة القول أن الفضل المذكور في تفضيل الصلاة خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وما زيد فيه مما له حكم المسجد عند شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 1056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(11/8083)
تحية المسجد فيما أعد للصلاة وليس مسجدا وقفا
[السُّؤَالُ]
ـ[انطلاقا من قول الله تعالى فأسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
يوجد مكان للصلاة مؤقت وهو مبني بنوافذه وأبوابه كالمسجد وتقام فيه صلاة الجمعة والأرض ليست موقوفة لمسجد، السؤال هو: هل تصح فيه تحية المسجد وأجر الصلاة كمسجد وإذا كانت الإجابة بلا هل يأثم من صلى تحية المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحية المسجد مستحبة لكل داخل إلى المسجد وهو متطهر يريد الجلوس، وقيل ولو لم يرد جلوساً، والأصل فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. رواه مسلم وغيره.
هذا بالنسبة للمسجد الموقوف أرضا وبناء اتفاقاً، وأما المكان المعد للصلاة وليس مسجدا وقفاً فقد اختلف أهل العلم هل يطالب داخله بتحية المسجد عند دخوله أم لا؟ فظاهر كلام المالكية أنه مثل المسجد في ذلك، قال النفراوي في الفواكه الدواني عند قول صاحب الرسالة: ومن دخل المسجد على وضوء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين قال: وهل يتناول مساجد البيوت أو قاصر على المساجد المباحة؟ وأقول: المتبادر من الروايات العموم لتسمية الجميع مساجد. انتهى، واشترط الشافعية لصحة تحية المسجد أن يكون المسجد وقفا وتكون الأرض التي بني فيها وقفا.
أما إن كانت محتكرة أو مستأجرة فلا يصح أن تكون مسجداً؛ لكن البناء الذي في هذه الأرض يصح وقفه مسجداً وتصح تحية المسجد فيه، قال في فتوحات الوهاب وهو شافعي: وخرج بقوله المسجد الرباط وما بني في أرض مستأجرة على صورة المسجد وإذن بانيه في الصلاة فيه، ومثل الأرض المستأجرة المحتكرة والأرض التي لا تجوز عمارتها كالتي بحريم الأنهار ومحل ذلك في الأرض، أما ما فيها من البناء ومنه البلاط ونحوه فيصح وقفه مسجداً حيث استحق إثباته فيها كأن استأجرها لمنافع تشمل البناء ونحوه، وتصح التحية فيه. انتهى، ويدل لكلام المالكية ما سبق ذكره في الفتوى رقم: 2083
وعلى كل حال فلا إثم على من صلى في هذا المكان تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/8084)
إقامة المهرجانات وتأبين الأموات في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم المهرجانات داخل المسجد.
ما حكم تأبين الشهيد في المسجد مع العلم أن ما يقال بمثابة موعظة وقد أفتانا بعض الفقهاء أن الاحتفال بذكرى الشهيد وجميع المناسبات كالمولد النبوي يجوز إذا كان الحديث الذي يقال موعظة، والرجاء إقران الفتوى بالأدلة؟
الرجاء الرد بسرعة لأن ذلك قد أثار الجدل في مسجدنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إقامة المهرجانات والحفلات في المساجد لأنها لم تبن لمثل هذا كما صح بذلك الحديث وراجع الجواب رقم: 13776 والجواب رقم: 30804 وهذا في العموم أما بخصوص نعي الميت فراجع الجواب رقم: 23113 والجواب رقم: 59681
وأما تخصيص يوم معين للتأبين كالأربعين فبدعة، سواء كان ذلك للشهيد أو غيره من عموم الأموات، كما في الفتوى رقم: 21198 وأما الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فقد بينا حكمه في فتاوى سابقة، فراجع الفتوى رقم: 1563، والفتوى رقم 6064.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/8085)
حكم تحويل المسجد إلى عيادة أو سكن مؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في القرية رجل وهب أرضه لبناء مسجد عليها، كان المسجد في الطابق الأول وبعدها بنى طابقا ثانيا نقل المسجد للطابق الثاني وقام بتأجير الطابق الأول، لمستوصف والفائدة المادية ترجع إليه شخصيا ثم بنى طابقا ثالثا ونقل المسجد للطابق الثالث وقام بتأجير الطابق الثاني بعد أن حوله لشقة سكنية وفائدته المادية ترجع شخصيا، السؤال: هل يجوز له ما فعل، وهل أرض الوقف الإسلامي هي وقف من الأرض للسماء
أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص قد أوقف الأرض المذكورة مسجدا ولم يستثن الانتفاع بالدور الأول منها أو الثاني فليس له أن يعود ويستغل شيئا منها لصالحه سواء كان الدور الأول أو الثاني أو غيرهم لأن ما فوق هذه الأرض وما تحتها يعتبر مسجدا، وقد خرج من ملك واقفه، وهناك خلاف بين الفقهاء في حكم بناء أحد الأدوار لصالح المسجد، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 60020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/8086)
صلاة الجمعة في المحلات التي بجوار المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجد في حارتي التي أسكن بها يوجد فسحة خارجه يصلي الناس فيها ويوجد محلات بجانبها، وسؤالي هل يمكن لأصحاب المحلات أن يصلي في محله في صلاة الجمعة مثلا وهل تحسب جماعة لهذا الشخص.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 38038، أن الصلاة -أي صلاة الجمعة- تصح للمأموم إذا صلى خارج المسجد ولو حال بينه وبينه طريق أو نهر، وأن هذا هو مذهب مالك والشافعي، وهو الذي اختاره ابن قدامة من الحنابلة في المغني ونصره وقواه بشرط أن يسمع الإمام أو من يسمع عن الإمام أو يراه أو يرى من يصلى معه. وعلى هذا؛ فيجوز لأصحاب المحلات أن يصلوا في محلاتهم إذا كانت أبوابها مفتحة وهم يرون أو يسمعون الإمام أو من يسمع عنه، وأولى إذا صلوا خارج الأبواب عند أفنية الدكاكين.
وننبه هنا إلى أن المالكية لا تصح عندهم صلاة الجمعة لمن هو داخل في مكان خاص مثل الدكاكين أو البيوت التي تغلق ولو أذن أصحابها في الصلاة فيها ـ قال في التاج والاكليل قال مالك: تصلى الجمعة في أفنية المسجد ورحابه وأفنية ما يليه من الحوانيت والدور التي تدخل بغير إذن، وإن لم تتصل الصفوف بتلك الأفنية، أو كانت بينهم طريق فصلاة من صلى فيها تامة إذا ضاق المسجد، ولا أحب ذلك في غير ضيقة، قال ابن رشد: ظاهر المدونة وسماع ابن القاسم أن من صلى في مصاطب الحوانيت التي لا تأخذها الغلق من غير ضرورة ولا ضيق مسجد أنه قد أساء وصلاته جائزة.إلى أن قال: من المدونة وأما الحوانيت والدور التي حول المسجد ولا تدخل إلا بإذن فلا تجزئ أن تصلى قيها وإن أذن أهلها انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/8087)
الصلاة في مسجد يشك أنه بني على أرض مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام مسجد سمعت من بعض الناس أنه بني على أرض مغصوبة فلما سألت صاحبه قال إنها كانت لأناس هجروها وتركوها منذ زمن مع العلم أن هذا المسجد فوقه عمارة وأنا غير متأكد من مدى دقة كلام صاحب العمارة والمسجد فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجابة عن هذه المسألة تتوقف على حقيقة أمر الأرض المذكورة هل هي مغصوبة أم لا، ومن الصعب معرفة ذلك بالنسبة لنا، إلا أن من الأسلم لك أن تترك الصلاة في هذا المسجد دفعا للشبهات، ولاسيما وقد اعترف صاحب المسجد وصاحب العمارة أن الأرض كانت مملوكة لأناس ولم يذكر شراء ولا غيره، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه، ورغم أن صاحب المسجد والعمارة متمسك في الوقت الحالي بالأرض فإن مجرد ذهاب أهل الأرض المملوكة عنها لا يبيح تعميرها ولا امتلاكها ولو طال الزمن واندرست. قال ابن قدامة في المغني وهو يذكر أقسام موات الأرض: القسم الثاني ما جرى عليه ملك مالك وهو ثلاثة أقسام أيضا، أحدها ما له مالك معين وهو ضربان: ما ملك بشراء أو عطية، فهذا لا يملك بالإحياء بعد ذلك بغير خلاف. قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن ما عرف بملك مالك غير منقطع أنه لا يجوز إحياؤه لأحد غير أربابه. الثاني: ما ملك بالإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتا فهو كالذي قبله سواء، وقال مالك يملك هذا. انتهى.
هذا إذا كان المالك الأول معينا فإن لم يكن معينا فقد قال ابن قدامة في المغني أيضا النوع الثالث: ما جرى عليه الملك في الإسلام لمسلم أو ذمي غير معين فظاهر كلام الخرقي أنها لا تملك بالإحياء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.. والرواية الثانية أنها تملك وهو مذهب أبي حنيفة ومالك لعموم الأخبار ولأنها أرض موات لاحق فيها لقوم بأعيانهم أشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك. انتهى. ولمعرفة حكم الصلاة في الأرض المغصوبة طالع الفتوى رقم: 7296 كما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10921 لبيان حكم البناء فوق المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(11/8088)
حكم وضع أمتعة وأدوات في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في مسجدنا شجر عنب وتين وتمر ما حكم هذه الفاكهة، وهل يجوز أن يأكل منها طلاب المسجد، علماً بأن زارعها شيخ توفاه الله منذ أربع سنوات، سؤال آخر: مسجدنا كبير فلذلك قسمناه جزئين بالأخشاب جزء يبقى فارغاً وجزء نصلي فيه ويوم الجمعة نحول الأخشاب ونصلي في المسجد كله، ما حكم هذا التقسيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشجرة المغروسة في المسجد ثمرتها تصرف في مصالح المسجد لا في غير ذلك، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 51485.
وإذا كان وضع الأخشاب المذكورة في المسجد لا يترتب عليه تضييق على المصلين بحيث لا يحتاج إلى الجزء الذي وضعتم دونه الأخشاب، ولا يمنع من الصلاة فيه من أراد ذلك، فلا مانع من ذلك. أما إذا ترتب على فعلكم هذا تضييق على المصلين فلا يجوز، قال النفراوي المالكي في شرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: أما ما يقذره أو يضيق على مصل فيحرم لأن المساجد وضعت للعبادة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/8089)
الأدلة على كراهة الصلاة في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفتى شخص في بلد أوروبي بجواز الصلاة في بيت الخلاء إذا كنت تشتغل مع كافر يمنعك من إقامة الصلاة في وقتها في مكان العمل وستطرد من العمل إذا قمت بذلك مع إفتائه بعدم تقديم وقت الصلاة أي الصلاة قبل حلول وقتها في المنزل عوضا عن الصلاة في وقتها لكن في بيت الخلاء نظرا للمانع المذكور أعلاه، الرجاء إبراز الأدلة الشرعية لهذه الفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلوب من هذا الشخص أن يبحث عن عمل آخر يستطيع معه القيام بشعائر دينه كالصلاة، فإذا لم يجد عملا آخر واحتاج لهذا العمل، فإنه لا حرج عليه في القيام بالصلاة في مكان طاهر من هذا المكان الذي يسمى ببيت الخلاء أو الحمام، والصلاة صحيحة مع الكراهة إذا لم تكن هناك حاجة، أما مع الحاجة فإن الكراهة تزول حينئذ، وإذا كان في موضع سجوده وجلوسه نجاسة فلا تصح صلاته إلا إذا وضع ثوبا طاهراً أو نحوه وصلى عليه، والدليل على ذلك كراهة الصلاة في الحمام- وهو مكان الاستحمام- حيث ورد في حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. رواه الترمذي.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يصلى في سبعة مواطن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى. رواه الترمذي، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: والأصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة تنزيه وتصح الصلاة. انتهى.
ومعلوم أن الصلاة قبل وقتها لا تصح؛ لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، فإذا دار الأمر بين أن يصلي قبل الوقت أو في الوقت لكن في الحمام، فالصلاة فيه بالقيود السابقة متعينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/8090)
أول من بنى مسجدا حول الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو أول من بنى مسجداً حول الكعبة؟ وشاكرين إن أجبتم لي على سؤالي في أقرب فترة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري في الصحيح عن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد قالا: لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر فبنى حوله حائطاً، قال عبيد الله: جداره قصير، فبناه ابن الزبير.
قال ابن حجر في الفتح: وذكر الفاكهي أن المسجد كان محاطاً بالدور على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فضاق على الناس فوسعه عمر واشترى دوراً فهدمها وأعطى من أبى أن يبيع ثمن داره، ثم أحاط عليه بجدار قصير دون القامة، ورفع المصابيح على الجدر، قال: ثم كان عثمان فزاد في سعته من جهات أخر، ثم وسعه عبد الله بن الزبير، ثم أبو جعفر المنصور، ثم ولده المهدي، قال: ويقال إن ابن الزبير سقفه أو سقف بعضه، ثم رفع عبد الملك بن مروان جدرانه وسقفه بالساج: وقيل: بل الذي صنع ذلك ولده الوليد وهو أثبت، وكان ذلك سنة ثمان وثمانين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/8091)
السواك وتقليم الأظافر في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكره التسوك بالمسجد، وكذلك تقليم الأظافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 49533 أن السواك في المسجد لا كراهة فيه، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية.
وأما تقليم الأظفار في المسجد فقد ذكر أهل العلم أنه يسن صون المسجد عن ذلك، قال صاحب الإقناع وهو حنبلي: ويسن أن يصان كل مسجد عن كل وسخ وقذر وقذاة ومخاط وتقليم أظفار. وذكر كراهة ذلك المالكية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/8092)
حكم جمع الأموال لإقامة الحفلات في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس في بلادنا يجمعون الأموال ليقيموا الحفلة في المسجد ويسمونها صدقة فهل يجوز ذلك؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد ينبغي أن ينزه عن كل ما لا يليق به من رفع صوت ولغط ونحو ذلك، والغالب وجود مثل هذا في الحفلة المقامة في المسجد، وبالتالي، فلا ينبغي إقامة الحفلات في المساجد بغض النظر عن المقصد منها، وراجع الفتوى رقم: 30804 والفتوى رقم: 38394
وتحرم إقامة تلك الحفلة إذا ترتب عليها تقذير للمسجد أو تضييق على المصلين.
قال النفراوي المالكي في شرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني: أما ما يقذره أو يضيق على مصل فيحرم لأن المساجد وضعت للعبادة. انتهى.
هذا إضافة إلى أن جمع الأموال بقصد إقامة الحفلات في المساجد أمر لا يستند إلى دليل شرعي، بل هو بدعة ينبغي تجنبها. فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
وأما جمع الاموال لإطعام المسكين ومواساة المحتاج فإنه أمر حسن، وهو صدقة من الصدقات، سواء كان ذلك في المسجد أو خارجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/8093)
من أحكام الصلاة في المسجد المحتوي على قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار عن الفتوى المتعلقة بالصلاة فى المسجد المبني في المقبرة ما قصدكم بإزالة صور القبور وهل يعني القبور الموجودة داخل المسجد أم في ساحة المسجد أم خارج المسجد، وهل يجوز أن نصلي في هذا المسجد جميع الصلوات، وأقصد هنا النوافل مثل التراويح الرواتب الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بإزالة صورة القبر هو تسوية القبر وتسطيحه بالأرض حتى لا يبقى له شكل ولا هيئة وذلك إذا كانت القبور قديمة، أما إذا كانت جديدة فتنبش -أي تحفر ويخرج منها الميت- قال ابن تيمية في شرح العمدة: فإن زال القبر إما بنبش الميت وتحويل عظامه مثل أن تكون مقبرة كفار، أو ببلاه وفنائه إذا لم يبق هناك صورة للقبر فلا بأس بالصلاة هناك؛ لأن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت فيه قبور المشركين فأمر بها فنبشت لما أراد بناءه. انتهى.
أما المقصود بالقبور التي تزال فالقبور التي بني عليها مسجد أو التي أدخلت فيه أو في ساحته إذا كانت داخل حدود المسجد، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4527، 1530، 19182، 1525.
أما إذا كانت القبور خارج المسجد ووجد بينها وبين المسجد فاصل فلا تزال، والصلاة في هذا المسجد صحيحة، قال في المغني لابن قدامة: فإن كان المسجد سابقاً ... أو كان في غير مقبرة فحدثت المقبرة حوله لم تمنع الصلاة فيه بغير خلاف لأنه لم يتبع ما حدث بعده. انتهى.
واعلم أن النهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور نهي مطلق سواء في صلاة الفريضة أو صلاة النافلة، قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فالمسجد المبني على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل فإنه منهي عنه. انتهى.
ويستثنى من ذلك الصلاة على الجنازة فهي محل خلاف بين العلماء، كما سبق في الفتوى رقم: 11238.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(11/8094)
حكم وضع الدفاية وقاتلة الحشرات بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الدفاية وقاتلة الحشرات الطائرة بالمساجد؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من وضع ما ذكرت في المسجد إذا لم يترتب على ذلك تضييق على المصلين أو تقذير للمسجد.
فإن ترتب على ذلك تقذيره أو تضييق على المصلين حرم وضع ما ذكر فيه. قال النفراوي المالكي في شرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني: أما ما يقذره أو يضييق على مصل فيحرم لأن المساجد وضعت للعبادة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/8095)
الصلاة في مسجد به قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بالمسجد الذى به القبر؟ مثل مسجد الشيخ عبد السلام الأسمر فى ليبيا لأنى مقيم بجواره علما بأن القبر خلف جميع المصلين. أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر في الفتوى رقم: 16049، كما بينا حكم بناء المساجد على القبور في الفتوى رقم: 4527 فليرجع إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(11/8096)
اللغو والسهر في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين، بعض الشباب الملتزمين أصحاب التدين نحسبهم كذلك والله حسيبهم ينامون في المساجد بحجة عدم فوات صلاة الفجر عليهم فيجتمع هؤلاء الشباب في المسجد ويأخذهم الحديث واللهو عن النوم أو العبادة وكذلك يتركون النوم في بيوتهم تاركين أهلهم وقد يحتاج أهلهم اليهم في أي وقت فهل هذا يجوز من الشباب الملتزم المتدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنوم في المسجد قد سبق كلام أهل العلم حوله مفصلا في الفتوى رقم: 27718. كما أن الكلام في الأمور الدنيوية والضحك في المسجد كل منهما مباح إذا لم يشتمل على محرم، كما بينا في الفتوى رقم: 9967، إلا أن الكلام باللغو بعد صلاة العشاء مكروه، قال الإمام النووي في المجموع: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها للحديث الصحيح السابق، والمراد بالحديث الذي يكره بعدها ما كان مباحا في غير هذا الوقت، أما المكروه في غيره فهنا أشد كراهة، وسبب الكراهة أنه يتأخر نوعا فيخاف تفويته لصلاة الليل إن كانت له صلاة ليل أو تفويته للصبح عن وقتها أو عن أوله، وهذه الكراهة إذا لم تدع حاجة إلى الكلام ولم يكن فيه مصلحة،أما الحديث للحاجة فلا كراهة فيه وكذا الحديث بالخير كقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاكرة الفقه وحكايات الصالحين والحديث مع الضيف ونحوها فلا كراهة في شيء من ذلك، وقد جاءت بهذا كله أحاديث صحيحة مشهورة. انتهى. ومن كانت له زوجة من هؤلاء الشباب فبعض أهل العلم يقول بوجوب المبيت معها خصوصا إذا تضررت بانفرادها. قال الحطاب في مواهب الجليل: وكذا قال ابن عرفة ابن شاس من له زوجة واحدة لا يجب مبيته عندها قلت الأظهر وجوبه أو تبييته معها امرأة ترضى لأن تركها ضرر بها وربما تعين عليه زمن خوف المحارب والسارق. انتهى. وعليه فإذا كان الشباب المذكورون إنما يشتغلون بأحاديث اللغو ويسهرون في المسجد فهذا مكروه عند أهل العلم لما يترتب عليه من تفويت قيام الليل أو تأخير صلاة الصبح عن وقتها ويكون الأمر أشد إذا كان غياب أحدهم يترتب عليه تضييع مصالح أهله، وبالإمكان في حقهم استعمال بعض الأسباب المعينة على الاستيقاظ لصلاة الفجر وبعض هذه الأسباب مبين في الفتوى رقم: 42111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/8097)
بناء المنبر بالإسمنت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء منبر بالإسمنت؟
وشكراً وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من بناء منبر بالمسجد بإسمنت أو غيره من مواد البناء، وراجع لمزيد الفائدة في هذه المسألة الفتوى رقم: 46184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(11/8098)
حكم الصلاة في مصنع خمر حول لمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مصنع للخمور حول إلى مصنع للكيماويات وأقيم به مسجد ما حكم الصلاة فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد المذكور كغيره من المساجد تشرع الصلاة فيه لعدم دليل يدل على التفريق بينه وبين غيره، وراجع الفتوى رقم: 23437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(11/8099)
الصلاة في مسجد فيه قبر وحكم إمامة الجهمي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا شيخ هو: ما حكم الصلاة في مسجد يوجد بجانبه على اليسار قبران وهما داخل السور التابع للمسجد، علماً بأن الشيخ عبد الله الجابري حفظه الله قد تم سؤاله وقال الصلاة فيه جائزة واستمعت لشريط للشيخ ربيع حفظه الله قال: سألت الشيخ ابن باز رحمه الله بنفسي وأنا أعلم بالإجابة لكن سألته ليبين لبعض الناس فقال له الشيخ ابن باز رحمه الله: لا يجوز الصلاة فيه فماذا أفعل، ويوجد مسجد صغير بجانب المسجد هذا، ولكن الذي يصلي بالناس رجل صوفي ويقول إن الله في كل مكان وهو موقن بها وقد اأفتت اللجنة الدائمة للإفتاء قالت: من يقول إن الله في كل مكان كافر ولا تجوز الصلاة خلفه، فما الحل أفادكم الله، وسدد خطاكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم الصلاة في مثل هذا المسجد المسؤول عنه في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 5752.
أما الصلاة خلف من تلبس ببدعة مكفرة كمن يقول بقول الجهمية: إن الله في كل مكان، فلا تصح الصلاة خلفه، قال في الفتاوى الهندية: تجوز الصلاة خلف صاحب هوى وبدعة، ولا تجوز خلف الرافضي والجهمي والقدري والمشبهة ومن يقول بخلق القرآن، وحاصله: إن كان هوى لا يكفر به صاحبه تجوز الصلاة خلفه مع الكراهة، وإلا فلا. انتهى، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 10128.
فينبغي البحث عن مسجد آخر ليس فيه قبر وإمامه من أهل السنة المستقيمين ما دمت تستطيع الذهاب إليه واحتسب خطواتك هذه عند الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى. متفق عليه عن أبي موسى، وقال صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة. متفق عليه عن أبي هريرة.
فإن تعذر عليك فصل في بيتك أو أي مكان، وإن أدى ذلك إلى فوات الجماعة. وراجع الفتوى رقم: 46203، والفتوى رقم: 37797، والأفضل في هذه الحالة أن تجمع في بيتك مع من يحضرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/8100)
حكم الصلاة في الحمام المعد للاستحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في الحمام، علما بأن الحمام يستعمل فقط للاستحمام، وليس للتبول والتبرز، وهو كبير وركن منه فقط هو الذي يستعمل للاستحمام، والباقي منه نظيف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في الحمام صحيحة مع الكراهة سواء كانت الحاجات تقضى فيه أو لا، إلا إذا كان في موضع سجوده وجلوسه نجاسة فلا تصح؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. رواه الترمذي.
ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى. رواه الترمذي، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: والأصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة تنزيه وتصح الصلاة.
وعليه فالصلاة مكروهة في الحمام لا لوجود النجاسة، وإنما لكون هذا المكان أصبح مأوى للشياطين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/8101)
الصلاة في مسجد تحته قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[إضافة إلى السؤال رقم252445 فإن القبور التي تحت المسجد غير ظاهرة أي غير مصورة وجاء في الشريط رقم543 للألباني أنه تجوز الصلاة في مثل هذا المسجد، قال لأن الصلاة في مسجد فيه قبور شر وترك الجماعة شر، وشر ترك الجماعة أكبر من شر الصلاة في مسجد فيه قبور فما قولكم؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 56497 ما يجب على رواد المسجد فعله، وأنهم لا يتركون الصلاة في الجماعة، ولكن يعملون على إزالة القبور قدر استطاعتهم إن كانت لا تزال موجودة دون إحداث فتنة وضرر.
أما إن كانت القبور غير موجودة، وليس لها صور فلا حرج في الصلاة في ذلك المسجد.
وأما عن قول الألباني: فلم يسبق لنا اطلاع عليه، لكن مؤدى ما نقله الأخ السائل كمؤدى ما قلناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/8102)
حكم دخول الكفار حمامات المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو:
بجوارنا مسجد فروض وحول هذا المسجد مجموعة من الأعمال الإنشائية ويوجد فيها مجموعة من العمال الذين هم ليسوا على دين الإسلام ونراهم يستخدمون أعزكم الله حمامات المسجد لقضاء حاجتهم؟ فهل نتركهم على ذلك أم نمنعهم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الدخول إلى الحمامات لا يستلزم المرور من داخل المسجد ولا رحبته المحاطة ببناء فلا نرى مانعا من دخول الكفار لقضاء حوائجهم.
أما إذا كان دخول الحمامات يستلزم دخول المسجد أو رحبته المحاطة ففي المسألة خلاف بين العلماء، بيناه في الفتوى رقم: 4041، والفتوى رقم: 26104، والراجح أنه لا يجوز لهم دخول المسجد إلا لمصلحة، ولا مصلحة في دخول هؤلاء.
أما إذا كانت الرحبة غير محاطة فلا مانع من دخولهم منها إلى الحمامات أيضا، وراجع الفتوى رقم: 10281.
قال النووي في المجموع: حريم المسجد لا يثبت له حكم المسجد في صحة الاعتكاف فيه، وتحريم المكث فيه على الجنب. اهـ.
وقال المرداوي في الإنصاف: رحبة المسجد ليست منه على الصحيح من المذهب.... وهو من المفردات. اهـ.
وقال: وعنه أنها منه، جزم به بعض الأصحاب، منهم القاضي في موضع من كلامه، وجزم به في الحاويين، والرعاية الصغري في موضع من كلامه، فقال: إن كانت محوطة فهي منه، وإلا فلا. قال المجد: ونقل محمد بن الحكم ما يدل على صحة هذا الجمع. اهـ.
وقال: وقدم هذا الجمع في المستوعب. وقال: ومن أصحابنا من جعل المسألة على روايتين، والصحيح أنها رواية واحدة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(11/8103)
حكم الصلاة إلى النائم والكلام القبيح عند الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في مبيت جامعي وقبلتي فيه موجهة نحو سرير صديقتي فعندما تكون نائمة وأنا أصلي تكون أمامي لكنني لست قريبة جداً من سريرها، وهذا بعدما أبدلت صديقتاي مواضع الأسرة لتغيير الغرفة، فهل سأقول لهم أرجعوا البيت كما كانت، علما بأن بيننا سريري وأنا أتوضأ مرة قلت كلمة سيئة ولم أعرف هل أعيد الوضوء أم لا فلم أعده وقلت يا رب إن كنت سبيت لأعدت، ولكنني لا أتذكر هل حلفت أم لا، وأنا الآن عندما أتوضأ دائماً أقول سيئاً في نفسي، علماً بأنه ليس بذيئاً وهو يتكرر دائماً وزاد لأنني عند الوضوء أفكر في عدم قوله، وهل صحيح أن من يسب الدين والعياذ بالله يجب عليه أن يصلي ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الصلاة مع وجود زميلتك نائمة على سريرها جهة القبلة بدليل ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت.
والكلام القبيح أثناء الوضوء لا يبطله لكن الأفضل أثناء الوضوء الاشتغال بذكر الله تعالى، إضافة إلى أن المسلم عليه الحرص على كف لسانه عن كل كلام لا نفع فيه، ويتأكد ذلك إذا تعلق الأمر بالكلام القبيح، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 6923.
وما دمت لم تتحققي من حصول اليمين فإنه يعتبر شرعا لم يحصل، لأن الأصل عدم الحلف حتى يتيقن. قال الإمام النووي شارحاً الحديث المشتمل على الشك في حصول الحدث: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي: أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
وعليك الإعراض عما يعتريك من خواطر ووساوس، ولا مؤاخذة بها ما لم يعمل بها الإنسان أو يتكلم بها حقيقة، ومما يعين على التخلص من هذه الخواطر عدة أمور مفصلة في الفتوى رقم: 1406.
ومن صدر منه سب الدين حقيقة فقد وقع في خطر عظيم والعياذ بالله تعالى، حيث يعتبر كافراً مرتدا عن الإسلام، وراجعي الفتوى رقم: 1327.
أما إذا كان السب المذكور عبارة عن هواجس وخواطر في النفس فلا مؤاخذة عليها، لكن يجب صرف التفكير عنها فوراً، والاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان، فإنه يوسوس بها لإدخال الحزن والقلق إلى قلب المسلم والمسلمة. ولا تطلب صلاة ركعتين بسبب تلك الخواطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/8104)
صلاة المرأة في بيتها خير لها
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في ما معناه أن الذي يتوضأ في البيت ثم يذهب إلى المسجد يقال له في كل خطوة حسنة ... فهل يوجد أجر للنساء مثل هذا الأجر وعلما بأن النساء تصلين في البيت
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي ذكرت معناه مخرج في صحيح مسلم ولفظه: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة. وهذا الثواب المترتب على السعي إلى المسجد يحصل لمن قام بذلك من الرجال أو النساء، لكن الأفضل في حق النساء والأعظم أجرا هو الصلاة في بيوتهن امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرشدهن إلى ذلك، ولاشك أنه صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على الخير لأمته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير له ن. رواه أبو داود. وصححه الشيخ الألباني. وقال أيضا: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 10306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/8105)
حكم الجلوس على الكرسي والمسند في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فيمن يجلسون في المسجد على كرسي وهم أشداء البنية أو يجلسون متكئين الظهر على تلك البدع التي ظهرت (شلتة بمسند) جزاكم الله كل خير وعلم، وبارك الله فيكم لنفع المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الجلوس في المسجد على كرسي أو غيره في حق الضعفاء من الناس أو غيرهم، لقول الله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:191} ، وهذا القعود هنا عام يشمل ما إذا كان على فراش المسجد مباشرة، أو بواسطة كرسي أو غيره.
وكذلك الجلوس على الآلة التي ذكرت لا مانع منه، ولا يدخل في تعريف البدعة عند أهل العلم. فقد عرفها الشاطبي بقوله: فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 631.
وهذه الآلة التي ذكرت ليست اختراع طريقة في الدين، بل هي اختراع عادي لأمر مفيد للإنسان في أمور عاداته، وليست من التعبد في شيء شأنها في ذلك شأن المخترعات الكثيرة التي ينتفع بها الناس في شؤونهم العادية.
وعليه فلا مانع من الجلوس على الكرسي أو غيره في المسجد، سواء كانت هناك حاجة إلى ذلك أم لا، وهذا في حكم الجلوس في المسجد خارج الصلاة، أما في الصلاة فلا تجوز الصلاة على الكرسي للقادر على القيام إذا كانت الصلاة فرضاً، ويجوز ذلك نفلاً، وراجع الفتوى رقم: 5585.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/8106)
الصلاة في مصلى يفصله عن المسجد شارع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيها الأفاضل الرجاء إفادتنا بحكم المسألة التالية مع التعليل وذكر الدليل إن أمكن حتى يتسنى لنا تعميم الفتوى وجزاكم الله خيرا.
المسألة: مسجد بالجزائر منّ الله عليه وبمساعي حثيثة من بعض الخيرين بالبلدة ضمّت إليه قطعة أرض أخرى مبنية، فوقع خلاف شديد بين إمام المسجد وبعض المصلين من حيث جواز الصلاة من عدمها لكون المكان الجديد المضاف للمسجد القديم يفصل بينه وبين المسجد طريق يمر من خلالها الراجلون وحتى السيارات، فهل تجوز الصلاة في المكان الجديد على الرغم من أن المصلين يوم الجمعة وغيرها من الصلوات يفصل بينهم وبين المسجد الأصلي طريق لا يغلق عن المارّة والسيارات أثناء الصلاة؟ فهناك إذن فاصل بين المسجد والمصلى المضاف إليه عبارة عن طريق ولا يغلق أثناء الصلاة.
أفيدونا برأي سديد لأنّه قد وقع في شأن المسألة خلاف شديد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 38038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(11/8107)
لا يبنى مسجد على قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مسجد بني على مقبرة، والقبور التي تحته كثيرة وقديمة جداً تتجاوز الـ 100 سنة وبني هذا المسجد هنا لعدم توفر مكان آخر، ويحيط به حائل يبلغ المترين مع العلم أن المسجد الآخر القريب منا يبعد عنا بـ 3 كلم وإن لم نصل في هذا المسجد فإن الجماعة تفوتنا فأفتونا مأجورين من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور أو أدخلت القبور فيها لا تجوز، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها، راجع الفتوى رقم: 4527، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، فأيهما طرأ على الآخر أزيل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة على أنه لا يبنى مسجد على قبر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر، وإما بنبشه إن كان جديداً، وإن كان المسجد بني على القبر، فإما أن يزال المسجد، وإما تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه. انتهى.
وعليه، فإن استطعتم أن تصلوا في مسجد لا قبر فيه، فذاك، وإلا فاعملوا على إزالة صور القبور إن كانت لا تزال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/8108)
الصلاة في مكان بغير إذن أصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في مكان دون استشارة أصحابه؟ مثل دكان أو غرفة معزوله بشركة غير التي أعمل بها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعلم من حال أصحاب المكان أنهم يأذنون في مثل هذا فلا بأس بالصلاة. قال الإمام النووي في شرح مسلم: الإذن ضربان: أحدهما: الإذن الصريح ... والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة ... فما علم بالعرف رضا الزوج والمالك به فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم. اهـ بتصرف. وقال ابن قدامة: الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي. اهـ.
وإن كانوا لا يأذنون بذلك فلا تجوز لك الصلاة في هذا المكان، وقد اختلف العلماء في الصلاة في البقعة المغصوبة، فذهب الحنابلة إلى بطلان الصلاة، وذهب الجمهور إلى أنها صحيحة مع الإثم، راجع الفتوى رقم: 7296 فابحث عن مكان مباح للصلاة فيه، وإن اضطررت للصلاة في الشارع فهو خير من مكان غير مباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/8109)
لا تنطبق أحكام المسجد على المبنى الذي لم يبلغ حد الوقفية
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله تعالى أن يتقبل طاعتكم، سؤالي: تقوم بعض الجامعات البريطانية بتخصيص مكان للمسلمين للصلاة فيه، تقام في هذا المكان جميع الصلوات ولكنه ليس ملكا للمسلمين بل هو ملك للجامعة البريطانية إذ تستطيع إلغاءه أو نقله أو تتصرف به كيفما شاءت، هل يأخذ هذا المكان حكم المسجد رغم كونه ليس ملكا للمسلمين، هل يجوز الاعتكاف فيه مثلا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المكان المذكور لم يخرج عن ملك الجامعة ولم يصل إلى مرحلة الوقفية المعتبرة شرعا فإنه لا تنطبق عليه أحكام المسجد من اعتكاف ونحوه، قال ابن العربي في أحكام القرآن: فلو بنى الرجل في داره مسجدا وحجزه عن الناس واختص به لنفسه لبقي على ملكه ولم يخرج إلى حد المسجدية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/8110)
لا يقام مسجد على أرض مغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لحضرة صاحب السماحة فضيلة المفتي الموقر،
الدكتور والشيخ عبد الله الفقيه المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المستفتي: فواز عدنان الخطيب من قرية الجديدة قضاء عكا، فلسطين.
الموضوع: نرجو أن تفيدونا بفتوى شرعية بشأن بناء مسجد على أرض مصادرة (أرض مغتصبة) .
صاحب السماحة والفضيلة أرفع لسماحتكم ولفضيلتكم الموقرة سؤالي التالي ألا وهو:-
إنني ابن لعائلة هاجرت من قرية ميعار قضاء عكا ولجأت إلى مدينة عكا عام 1948 وتمت مصادرة أراضيها والاستيلاء عليها من قبل ما يسمى في ذلك القيم على أموال الغائبين، إلا أنه وفي عام 1963 تمت عملية مبادلة بين عائلتي وما يسمى دائرة أراضي إسرائيل، وتم تعويض عائلتي بالشيء القليل (نسبة لا تتعدى العشرة بالمائة من الأرض المغتصبة) من أرض زراعية بديلة تقع في مشارف قرية أخرى تدعى قرية الجديدة، ومع مرور الزمن وتزايد تعداد سكان القرية وحاجتها لتوسيع منطقة نفوذها تم عام 1998 وضع خارطة هيكلية من قبل المجلس المحلي ودائرتي أراضي إسرائيل والتنظيم والبناء لتحويل الأراضي الزراعية إلى أراض للبناء، ومن ضمنها الأرض المبادل عليها مع عائلتي والمستفتى بشأنها، إلا أن المجلس المحلي ودائرتي أراضي إسرائيل والتنظيم والبناء قاموا بسلخ ما يقارب الخمسة دونمات (اغتصاب ومصادرة) بحجة حاجة القرية لأراضي بناء معدة للمصالح العامة، لكن عائلتي قامت بالاعتراض على هذه المصادرة لكونها تسبب الضرر البالغ لها وللأرض المحاذية (للطريق) الشارع العام الذي يحيي الأرض وما زلنا في مراحل بحث الاعتراض من الناحية القانونية، لكنه وفي الآونة الأخيرة علمت عائلتي أن رئيس السلطة المحلية ومهندسيها قاموا بالاتفاق مع شخص على بناء مسجد على هذه القطعة المغتصبة، عندها قمت بالتوجه إلى المجلس المحلي لاستيضاح الأمر من رئيس السلطة المحلية، فطلب مني الموافقة على البناء وإنني لأستغرب طلباً مثل هذا، وعليه فإنني أتوجه لسماحتكم وفضيلتكم ملتمساً منكم إفتائي بفتوى شرعية بهذا الشأن وهل
يجوز من الناحية الشرعية بناء مسجد على أرض مغتصبة من مالكيها ورغماً عنهم، آملاً من الله وراجياً من سماحتكم الاستجابة لطلبي بإعطائي فتوى شرعية بالشأن المُستفتى به ولكم جزيل الشكر سلفاً، تحريراً في يوم الأحد (15) رمضان لسنة 1425هـ الموافق لتاريخ 27/10/2004 م.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... المستفتي
فواز عدنان الخطيب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغصب الأرض حرام ولو كان لبناء مسجد عليها. فقد روى البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: من ظلم قيد شبر طوقه الله من سبع أرضين. وفي رواية: من أخذ شبرا من الأرض بغير حق طوقه الله في سبع أرضين يوم القيامة.
وقد نص الفقهاء على أنه يشترط للمسجد أن لا يقام على أرض مغصوبة، وإذا أقيم على أرض مغصوبة حرمت الصلاة فيه.
قال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز أن يصلي في أرض مغصوبة، لأن اللبث فيها يحرم في غير الصلاة، فلأن يحرم في الصلاة أولى. وقال النووي في شرحه لكلام الشيرازي: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 7296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/8111)
أينما أدركت المرأة الصلاة فلتصل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه لا يجوز للمرأة الصلاة في خلاة، مثلاً هل أترك زوجتي لتصلي ساترة وراء السيارة أم تصليها قضاء بعد الوصول إلى البيت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المحافظة على الصلاة في وقتها من أعظم الواجبات وتأخيرها حتى يخرج وقتها لا يجوز، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب على المسلم أن يصلي الصلوات الخمس في مواقيتها وليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر ولكن العذر يبيح له شيئين: يبيح ترك ما يعجز عنه، ويبيح له الجمع بين الصلاتين، فما عجز العبد عنه من واجبات الصلاة سقط عنه، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وقال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا. وروي في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم. انتهى.
وعليه فالواجب على زوجتك أن تصلي في الخلاة أو غيرها، إن خشيت خروج الوقت، وتستتر بما تقدر عليه من سيارة أو غيرها إن احتاجت إلى ذلك حفاظاً على وقت الصلاة، ولا يصح تأجيل الصلاة حتى الوصول إلى البيت لما تقدم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. رواه البخاري.
ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة، وما هو شائع من أن المرأة لا تصلي إلا في بيتها أو في المسجد لا أصل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(11/8112)
حكم الصلاة في مصلى العمل دون مسجد الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق مباشرة بالفتوى رقم 6276 وفي نفس السياق ولكن بصيغة مختلفة قليلا: نحن نعمل في شركة، والشركة موفر بها جامع،تقام فيه أغلب الفرائض، ونحن نعمل في الإدارة ونؤدي صلاتي الظهر والعصر كل يوم، وتبعد الإدارة عن المسجد مسافة تبعد من ثلاث إلى خمس دقائق مشياً على الأقدام، ولكن الإخوة في مبنى الإدارة يفضلون أداء الفريضة في مبنى الإدارة جماعة وبدون الذهاب إلى المسجد وذلك توفيرا للوقت والمشوار، وخاصة أن وقت الصلاة يتخلل وقت العمل، فهل صلاتهم جماعة فيها مبنى الإدارة فيه أي حرج شرعي، أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن يصلي المرء الصلوات المفروضة في جماعة المسجد الذي يؤذن فيه للصلوات الخمس، لما في ذلك من زيادة الأجر بالسعي للمسجد، وحصول جماعة أكثر من المصلين، فقد روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. والحديث صححه الألباني. كما أن ذلك هو الموافق لقول ابن مسعود رضي الله عنه: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن. رواه مسلم. ومع هذه الأفضلية، فإنه يجوز لكم الصلاة في المصلى المعد للصلاة في شركتكم، مع حصول أجر الجماعة لكم، وإن كان الأجر أعظم في حضور جماعة المسجد الآخر لما ذكرنا. ولذا نقول: إذا كان الذهاب إلى المسجد الآخر لا يضيع كثيراً من وقت العمل، ولم يكن باباً لإهمال الموظفين والعمال، فالأفضل أن تصلوا فيه، أما إذا كان الذهاب إليه سيؤدي إلى تعطيل العمل أو إهمال الموظفين، فلا مانع من الصلاة في مسجدكم بالعمل، وراجع الفتوى رقم: 33461، والفتوى رقم: 21306. علماً بأن الفتوى رقم: 6276، تقوم على قاعدة الخروج من الخلاف والخروج من الخلاف مستحب، إذ قد أوجب بعض العلماء أداء الصلاة المفروضة في مساجد الجماعات، والخروج من هذا الخلاف يكون بفعل ما اختلف في وجوبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/8113)
دخول الكفار والفساق المسجد لا أثر له في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في مسجد دخله يهود وفساق ومغنون غربيون، (إسحاق رابين ومايكل جاكسون مثلاً) ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد الذي دخله كفار أو فساق ونحوهم كغيره من المساجد تشرع الصلاة فيه ولا تأثير لدخول هؤلاء على الصلاة فيه لعدم دليل يدل على ذلك، وراجع الحكم الشرعي لدخول الكافر المسجد في الفتوى رقم: 4041، والفتوى رقم: 26104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(11/8114)
الفرق بين المسجد الحرام والبيت الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين المسجد الحرام والبيت الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 53385
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/8115)
حكم الصلاة في حجرة يشرب فيها الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: امرأة تصلي وبالقرب منها يأتي أبناؤها ويشربون الخمر والكحول والمسكرات في نفس الغرفة من البيت وهي لا تقول لهم بأن يصلوا أو أن لا يشربوا الخمر بالقرب منها فهل صلاة هذه المرأة مقبولة، وأين هي من الحديث النبوي الشريف كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فهل الله تعالى سوف يسألها عن هذا الإهمال في حق الرعية، علما بأن زوجها كان أيضاً يشرب الخمر والمسكرات، فهل هذا الزواج باطل إذا كانت المرأة تصلي وزوجها يشرب الخمور؟ يرجى الإجابة ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شرب الخمر يعد من كبائر الذنوب والعياذ بالله، والواجب على من رأى من يشرب الخمر أن ينصحه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ولا يجوز له السكوت لاسيما إذا كان مسؤولاً عنه كالأب والأم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ... متفق عليه.
كما لا يجوز له مجالسته حال شربه، بل ينهاه ثم يبتعد عنه خشية أن ينزل مقت الله على الجميع، وعليه فيجب على هذه المرأة أن تأمر زوجها وأولادها بالمعروف وتنهاهم عن المنكر حسب قدرتها لما رواه مسلم في صحيحه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
وأما زواجها بهذا الشخص الشارب للخمر فصحيح ما لم يكن مستحلا شرب الخمر فالنكاح غير صحيح لأنه كافر، وأما صلاتها فهي صحيحة إذا كانت مستكملة الشروط والأركان، وأما قبولها فلا يعلمه إلا الله تعالى، وعلى كل حال فننصح هذه المرأة بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/8116)
حكم استئجار جزء من كنيسة لإقامة صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من استأجر جزءا من مبنى كنيسة لصلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في استئجار جزء من كنيسة لصلاة الجمعة فيها لأن الصلاة في الكنيسة جائزة ما لم يكن فيها صور فتكره، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5744، والفتوى رقم: 3121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/8117)
حكم الصلاة في غرفة نوم الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في غرفة نوم الزوجين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الصلاة في غرفة نوم الزوجين، إذا كان المكان طاهراً خالياً من النجاسات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر نسائه ولم يكن لإحداهن إلا غرفة واحدة وفيها تنام معه صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(11/8118)
الفرق بين المسجد الحرام والبيت الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول السؤال: ما الفرق بين المسجد الحرام والبيت الحرام؟ أعانكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد الحرام هو أول مسجد وضعه الله في الأرض، وهو بهذا الاعتبار هو البيت الحرام نفسه، قال الله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ {آل عمران:96} ، وقال تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ {البقرة:149} ، والمقصود هنا البيت، كما يمكن أن يطلق المسجد الحرام على الحرم كله، قال الله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى {الإسراء:1} ، ففي أحكام القرآن للجصاص: روي عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من بيتها تلك الليلة، فقال تعالى: من المسجد الحرام لأن الحرم كله مسجد.
وورد ذكر البيت والمقصود به الحرم كله، قال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ... {البقرة:125} انظر أحكام القرآن لابن العربي.
وعليه فالبيت الحرام هو المسجد الحرام عينه، سواء قصد بأي من العبارتين المكان الخاص أو الحرم كله، ويمكن أيضاً اعتبار البيت الحرام الكعبة الشريفة التي فيها الحجر الشريف، والمسجد الحرام هو المسجد المحيط بها من كل الجهات، وقد اختلف أهل العلم في تضعيف الصلاة إلى مائة ألف، الواردة في المسجد الحرام، هل المقصود بها ذات المسجد أو الحرم كله، قال ابن مفلح: وظاهر كلامهم في المسجد الحرام أنه نفس المسجد ومع هذا فالحرم أفضل من الحل ... إلى أن قال: وقد يتوجه من هذا حصول المضاعفة بالحرم كنفس المسجد.....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/8119)
حكم إجارة مسجد لجماعة (حزب التحرير)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: أما بعد إلى من شرفهم الله بالعلم علمائنا الأفاضل أفتونا مأجورين. نحن جماعة من المسلمين من أهل السنة والجماعة نطبق الإسلام على منهج السلف الصالح عقيدة وفقها نقيم في الدنمارك من سنوات طويلة ولأسباب لا تخفى عليكم. ولكي نحافظ على ديننا وهويتنا وكذلك من أجل أبنائنا وأبناء المسلمين قمنا باستئجار مبنى كبير جعلناه مكانا للعبادة وبعض الأنشطة فنقيم فيه الصلوات الخمس والجمعة وصلاة التراويح وكذلك نقيم فيه حلقات التعليم للكبار والصغار وللنساء أيضا كما أننا نقيم بعض الأنشطة الرياضية والثقافية وكل ذلك في سبيل مرضاة الله عز وجل لا نأخذ أجرا من أحد. وبسبب التكاليف الكثيرة التي تواجهنا من إيجار للمكان وتوابعه من فواتير الكهرباء والماء وغيرها من أعمال الصيانة فإننا نقع في عجز في كثير من الشهور ونحن كما أسلفنا لا نأخذ أي مساعدة من أي جهة رسمية سوى التبرعات من المسلمين وهذا لا يكفي. فقمنا بفتح مطعم صغير داخل المسجد لكن في مكان منعزل عن المسجد ولا نصلي فيه وله فاصل يفصله عن مكان المصلى نبيع فيه الطعام للتخفيف علينا من النفقات. كما أننا قمنا بإعطاء المكان لجماعة حزب التحرير أربعة أيام في الشهر ولمدة ساعتين يجتمعون فيه ببعضهم لقاء مبلغ جيد من المال لا يخطبون الجمعة ولا يؤمون المسلمين في الصلاة. فأنكر علينا بعض إخواننا ذلك بحجة أنهم أي الحزب من أهل البدع ولا يجوز لنا فعل ذلك وقد سألنا بعض الشيوخ الكرام الذين يقيمون معنا فأجازوا ذلك لنا. لكن أولئك الإخوة لم يعجبهم ذلك وأرادوا أن نسأل علماء مشهورين ومعروفين عند المسلمين ونحن نضع القضية بين أيديكم وقد فصلنا لكم كل شيء فنرجو منكم التكرم بالرد علينا بسرعة لحل هذه المشكلة بارك الله فيكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. ملاحظة المكان قائم منذ عشر سنوات لكن هذه الأشهر قمنا بذلك للعجز المالي الذي نعاني منه. يمكنكم الرد لو أردتم على العنوان التالي ()
إخوانكم في لجنة مسجد طيبة في الدنمارك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حزب التحرير وقع في انحرافات عقدية خطيرة تكفي في وصمه بأن أصحابه من أهل البدع، وانظر الفتوى رقم: 34834 والفتوى رقم: 13372 والفتوى رقم: 29120 والسماح لهم باستغلال المسجد للقاءاتهم ونشاطاتهم فيه عدة محاذير قد تربو على مصلحة حصول المال:
1- فيه نوع إعانة لهم على ما هم فيه من الانحراف، فإنهم لا يكتفون بمجرد التحدث مع بعضهم والمصافحة والاجتماع العادي، لأنهم لو أرادوا ذلك لفعلوه في بيوتهم، بل لا بد لهم من إقامة بعض الدروس فيما بينهم، وقد يقرءون فيها شيئا من مناهجهم المخالفة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
2- إذنكم لهم باستغلال المسجد قد يؤدي بهم إلى التفكير في استغلاله فترة أطول، بل ربما أدى بهم إلى التفكير في انتزاعه منكم، وهذا معلوم من حال الجماعات في أوروبا.
3- قد يكونون سببا في استعداء الحكومة عليكم بما يقومون به من نشاطات غير منضبطة بضوابط الشرع، فيشوشون عليكم في دعوتكم، وقد يقوضون هذا الصرح الذي جعلتموه للدعوة إلى الله عز وجل.
4- قد يكون في ذلك ترويح لهم ولنشاطاتهم، فقد يحضر عندهم في المسجد من عوام المسلمين ما يكونون سببا في انحرافه وتحزبه.
5- أنه قد ذهب جماعة من الفقهاء إلى كراهة إجارة المسجد وعللوا ذلك بأن المساجد لا تبنى للكراء
سئل ابن القاسم رحمه الله تعالى أرأيت إن بنى رجل مسجدا فأكراه من يصلي فيه؟ قال: لا يصلح هذا في رأيي لأن المساجد لا تبنى للكراء. اهـ. من المدونة. ونظرا لما تقدم فإننا ننصح الإخوة بعدم إيجار المسجد لجماعة حزب التحرير، ولعل الله سبحانه وتعالى يغنيهم عن ذلك، وقد قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 28} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(11/8120)
حكم تعليق الإعلانات التجارية بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لكم هو: ما حكم تعليق الإعلانات التجارية على ما يسمى بلوحة الإعلانات داخل المسجد، وكذلك ما حكم الإعلان عبر مبكرات الصوت الخاص بالمساجد كالإعلان عن افتتاح روضة أطفال خاصة، أو عن تأجيل حفلة عرس؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعليق الإعلانات في المساجد على أقسام:
الأول: أن يكون الإعلان من باب الدلالة على الخير كالإعلان عن فتح روضة إسلامية للأطفال فلا ينبغي أن يشك في جوازه، لأن كونه دلالة على الخير يدخل فيما بنيت له المساجد.
الثاني: أن يكون الإعلان عن أمر مباح كالإعلان عن تأجيل حفل عرس ونحو ذلك مما يحصل نادراً وتتحقق به مصلحة عامة للناس، فلا حرج فيه والأولى عدم فعله إذا أمكن تحقيق الغرض بغير ذلك.
وأما الإعلان على سبيل الترويج التجاري، فهذا مما ينبغي أن تنزه عنه المساجد لما في ذلك من إشغال الناس بالصفقات التجارية، وكثرة مثل هذا النوع من الإعلانات وإقبال أصحاب السلع عليه، وقد ورد النهي عن البيع والشراء في المسجد، وهذا وإن كان في دخوله في معنى البيع المنهي عنه نظر، إذ هو ليس بيعاً شرعاً، إلا أنه ينبغي اجتنابه، لأن المساجد لم تبن لهذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(11/8121)
تغيير الأماكن عند صلاة النافلة بعد الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يقومون بعد الانتهاء من صلاة الفريضة بتغيير الأماكن لصلاة النافلة بقصد أن تشهد لهم الأرض يوم القيامة. فهل ورد ذلك عن النبي أوالصحابة رضوان الله عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن العلة في استحباب تنقل المصلي من مكان صلاته إلى مكان آخر ليتنفل فيه ما ورد من أن الأرض تشهد للعبد بما عمل عليها من خير أو شر، بينا ذلك في الفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/8122)
حكم توسعة المسجد على حساب الطريق العام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد استشارتكم في موضوع, أنا لدي سكن خاص وتقابلني حديقة علي بعد 10 أمتار, يفصلنا طريق عمومي, في الآونة الأخيرة تم تنصيب لجنة بالحي لبناء مسجد في مكان الحديقة, كل هذا شيء جميل ومستحب, لكن المشكل يكمن في أن هذه اللجنة قررت أخذ جزء من الطريق العام, فبدأت في أشغال البناء بدون ترخيص وتركت مسافة 4 أمتار بين واجهة منزلي وبين المسجد, هذا ما سبب ضررا لي وإلى مستعملي الطريق العام, أيعقل بناء بيت لله على حساب المصلحة العامة دون مراعاة الأضرار (الظلم) التي تلحق بالغير؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسجد والطريق يعدان من المنشئات العامة التي يستفيد منها عموم المسلمين فلا ينبغي أن يوسع أحدهما على حساب الآخر لكن إذا كان بالامكان أن يكتفى من الطريق بالأربعة الأمتار التي تركتها اللجنة فإن المسجد أولى بالمساحة الباقية, أما إذا كان هناك ضرر حاصل على جيران المسجد بسبب تضييق الطريق فلا يجوز لهذه اللجنة أن تفعل ذلك.
وعلى العموم فإننا ننصحك أخي الكريم بأن تجلس مع أعضاء اللجنة المذكورة وتذكر لهم الضرر الحاصل عليك من تضييق الشارع , فإن كان الضرر صحيحا فلا نظن أن اللجنة ستقدم على الإضرار بك وبأهل الحي إن شاء الله.
فإن فرض أن اللجنة أصرت على الإضرار بك فيمكنك رفع الأمر إلى المحاكم الشرعية لتفصل فيه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/8123)
حكم الصلاة في مسجد مكتوب عليه الهيئة العامة للأضرحة والقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاه في الجامع مكتوب عليه الهيئة العامة للأضرحة والقبور هل يجوز الصلاة فيه؟
س 2 أنا أعمل في عمل وكان الاتفاق أن أصلي الصلوات في الجامع وبعد مرور حوالي أربع سنوات قال صاحب العمل لا تقفلوا المحل أثناء موعد الصلاه هل يجوز الاستمرار معه في العمل أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان في هذا المسجد قبر فلا تجوزالصلاة فيه، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 16049 والفتوى رقم: 37685.
أما إذا لم يكن فيه قبر فلا بأس بالصلاة فيه مع السعي قدر المستطاع في إزالة عبارة الهيئة العامة للأضرحة والقبور المكتوبة على المسجد، لأن هذه الهيئة تقوم برعاية المساجد التي تبنى على القبور وسدانة ما فيها من قبور وأضرحة، مع أن اتخاذ القبور مساجد وبناء المساجد عليها يعد من البدع المحدثات المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس: ألا وإن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك، رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه. وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. متفق عليه. يحذر ما صنعوا.
ولا يخفى ما يجري في تلك المساجد من عبادات شركية من الاستغاثة والاستعانة بأصحاب هذه الأضرحة، والذبح والنذر لهم وغير ذلك من مظاهر الشرك الأكبر.
فمثل هذه الهيئة يجب الإنكار عليها، لا وضع اسمها على المساجد ليغتر الناس بها وبما تقوم به.
وأما عن منع صاحب العمل لك من الصلاة في المسجد في وقت العمل، فاعلم أن الصلاة في الجماعة واجبة على المسلم، ولا يجوز له تركها إلا من عذر، فإذا كنت مضطرا لهذا العمل ولا تجد بديلا عنه لا حرج عليك في الصلاة في مكان العمل، مع البحث عمن يصلي معك جماعة فيه حتى تجد عملا آخر يمكنك فيه المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/8124)
حكم دخول الحائض إلى مسجد لم يكتمل بناؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم دخول المرأة الحائض إلى مسجد يكون شبه مكتمل بمعنى أنه دخلته الكهرباء ولكنه لم يفرش ولم تقم فيه صلاة الجماعة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان عدم جواز دخول الحائض للمسجد وهي برقم: 51327، ولا يختلف الحكم والله أعلم فيما إذا بني المسجد ولم تقم فيه الصلاة بعد لأنه مسجد وداخل في قوله صلى الله عليه وسلم: فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(11/8125)
حكم التبرع لبناء مسجد في أرض مملوكة للدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي سؤال لفضيلة المفتي وهو كالتالي:
بسبب الظروف الحالية التي يعيش فيها بلدي العراق وغياب دور السلطة والدولة ظهرت ظاهرة بناء المساجد على أراضي الدولة دون الموافقات الأصولية الخاصة بذلك فهل يجوزالتبرع لبناء هذه المساجد وهل تجوز الصلاة فيها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء المساجد في الأرض التي لا يملكها أحد وإنما هي ملك للدولة مشروع في الجملة ما لم يترتب عليه ضرر بالغير كسد طريقهم، أو تضييقه بحيث يلحقهم بذلك ضرر، وبشرط كون الناس بحاجة إلى هذ المسجد، ولا يشترط في هذه الحالة إذن الإمام، قال ابن قدامة في "المغني": وإن بنى في طريق واسع في موضع لا يضر البناء فيه لنفع المسلمين كبناء مسجد يحتاج إليه للصلاة فيه في زاوية ونحوها، فلا ضمان عليه، وسواء في ذلك كله أذن الإمام أو لم يأذن. اهـ.
ونقل ابن تيمية في الفتاوى الكبرى عن إسماعيل بن سعيد الشالنجي قال: سألت أحمد عن طريق واسع وللمسلمين عنه غنى، وبهم إلى أن يكون مسجدا حاجة هل يجوز أن يبنى هناك مسجد؟
قال: لا بأس إذا لم يضر بالطريق. اهـ.
ثم قال ابن تيمية بعدها: فأحمد أجاز البناء هنا مطلقا، ولم يشترط إذن الإمام. اهـ.
فإذا بنيت المساجد في غير أملاك الناس الخاصة ولم يضر ذلك بالناس في معاشهم جازت الصلاة فيها والتبرع لبنائها، ولو لم يأذن فيها الإمام على الراجح، فإذا غاب الإمام وكان الناس فوضى كان الأمر أولى بالجواز إذا التزم فيه بالضوابط المذكورة، أما إذا تم البناء على أرض يملكها شخص أو أشخاص دون إذن منهم، فهذا لا يجوز، والصلاة فيها لا تجوز، وإن كانت صحيحة مع الإثم على الراجح، كما بيناه في الفتويين رقم: 7296، 8573.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(11/8126)
أي المساجد أولى بالصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب معتاد على أداء صلاة الفجر في مسجد معين، وسؤالي هو: أيهما أفضل أن أحافظ على الصلاة في هذا المسجد حيث إنه يوجد فيه أناس يعرفونني فأكون بذلك قد حققت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد له أربعون رجلا بالإيمان دخل الجنة، أم أن الأفضل أن أحافظ على أداء الصلاة في مساجد متنوعة حتى لا أكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هنالك أناسا يصلون حتى يقال عنه إنه فلان مصل، فلا يأخذ بذلك من الأجرشيئاً، أرشدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأول مسجد تختاره لأداء صلاتك هو المسجد الذي يكون إمامه صحيح القراءة سليم المعتقد صالح العمل والخلق، ثم الذي تكون الجماعة فيه أكثر لأنه كلما كثرت الجماعة تضاعف الأجر لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال أشاهد فلان، قالوا: لا، قال: أشاهد فلان، قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى.
وكذلك ما كان أبعد ممشى لأن الله يكتب الآثار للماشي إلى المسجد بكل خطوة تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم.
ولما في الصحيحن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد......
أو كان فيه أناس صالحون تستفيد من مجالستهم علما وخلقا ونحو ذلك ولا يعني ذلك ألا تصلي في مساجد أخرى أحياناً، وهذا كله فيما إذا لم يؤد ذلك إلى تعطيل المسجد الأقرب، والشهادة للشخص بالصلاح لا تقتصر بصلاته في مسجد معين، ولكن بذلك وبغيره مما يعرفه الناس عنه من الخير سواء كان من رواد مسجدهم أم لا ما داموا عارفين بصلاحه واستقامته وما دام الشخص لا يعمل ذلك ليقال عنه فهو غير مراء بل ثناء الناس عليه حينئذ تكون من عاجل بشرى المؤمن لأن المؤمنين شهداء الله في أرضه، لما رواه مسلم عن أبي ذر قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه، قال: تلك عاجل بشرى المؤمن. ولما في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: مر بجنازة فأثني عليها خيراً، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شراً، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، قال عمر: فدى لك أبي وأمي مر بجنازة فأثني عليها خير فقلت وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شر فقلت وجبت وجبت وجبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض.
وأما إذا كنت لا تستطيع التخلص من الرياء إلا بالصلاة في عدة مساجد فلا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/8127)
حكم الانتفاع بثمرة شجرة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بعض العنب والتين مزروعة فى المسجد ماحكم هده الفاكهة؟
هل يجوز اعطاؤها للمصلين؟
هذه الفاكهة زرعها شيخ توفاه الله منذ سنتين، وكان خطيبا وإماما لهذا المسجد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره كثير من أهل العلم غرس الشجر في المساجد لأنه يضيقها، ولشبه ذلك بفعل أهل البيع. قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة. نص عليه أحمد، وقال: إن كانت غرست النخلة بعد أن صار مسجدا، فهذه غرست بغير حق، فلا أحب الأكل منها. وفي الفتاوى الهندية: ويكره غرس الشجر في المسجد، لأنه تشبه بالبيعة وتشغل مكان الصلاة. وقال الخرشي: فائدة: صرح جماعة بمنع الغرس والزرع في المسجد. وفي المجموع للنووي: يكره غرس الشجر في المسجد.
فإن وجدت الشجرة في المسجد، وكان لها ثمر، فإن ثمرها يباع ويصرف في مصالح المسجد. قال ابن المقري: ولو نبتت شجرة بمقبرة فثمرتها مباحة، وصرفها إلى المقبرة أولى، لا ثمرة شجرة للمسجد، بل يصرف الإمام عوضها لمصالحه. وفي المغني لابن قدامة: قال أبو الخطاب: عندي أن المسجد إذا احتاج إلى ثمن ثمرة الشجرة بيعت وصرف ثمنها في عمارته. قال: وقول أحمد: يأكلها الجيران محمول على أنهم يعمرونه.
فقد تبين من هذه النصوص أن الثمار المذكورة إنما تجعل في عمارة المسجد ولا تعطى للمصلين إلا أن يكونوا يعمرونه إذا احتاج إلى العمارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(11/8128)
حكم صلاة الفريضة في مصلى الجنائز
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد جامع تم هدمه من أجل التوسعة وانتقل المصلون إلى مصلى جنائز قريب حل محل المسجد في إقامة كل الصلوات فيه، فهل يجوز ذلك، وما حكم هذا المصلى إذا عاد المصلون إلى المسجد الأول بعد إتمامه، وهل يأخذ هذا المصلى حكم المسجد على التأبيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهدم المسجد بقصد توسعته لا مانع منه كما سبق في الفتويين التاليتين: 17780، 6658.
ولا بأس بالصلاة في مصلى الجنائز ولا يأخذ بذلك حكم المسجد على التأبيد لأن إقامة الصلوات فيه مدة محددة يرجع لعلة واضحة وهي الحاجة إليه، وقد زالت تلك العلة، ومن القواعد المعروفة عند أهل العلم أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/8129)
حكم دخول غير المسلمين المساجد في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي لدخول غير المسلمين للمساجد في بلاد الغرب ... علما أن الهدف تعريفهم على الإسلام ... وهم عادة يأخذون صورا فوتغرافية..وغالبا ما تكون الفتيات متبرجات؟
وما هو حكم وضع المرايا في سقف المسجد كجمال هندسي؟
أجيبونا بارك الله فيكم.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 4041 حكم دخول الكافر للمسجد، ونقلنا أقوال أهل العلم في ذلك، وأن الراجح جواز دخول الكافر لجميع المساجد إلا المسجد الحرام إذا دعت الحاجة لذلك، أو كان في دخوله للمسجد مصلحة كدعوته إلى الإسلام.
وعليه؛ فلا حرج في دخول المشرك للمسجد في بلاد الغرب إذا كان الهدف تعريفه بالإسلام، إلا أنه ينبغي مراعاة ضوابط معينة عند دخولهم للمسجد، منها: أن لا يكون في حال دخوله للمسجد على حالة تنافي احترام المسجد وتكريمه كتبرج النساء أو كونهن حيضا أو كان بينهم من يباشر شرب الدخان عند دخوله المسجد ونحو ذلك مما يتنافى مع مكانة المسجد، وقد قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [سورة النور:36] . قال الحسن البصري: معنى ترفع تعظم ويرفع شأنها وتطهر من الأنجاس والأقذار.
وأما عن أخذ الصور الفوتوغرافية، فإن كانت الصور التي يصورونها للمسجد ومقتنياته وليس لذوات الأرواح فإنه لا حرج في ذلك ولا يمنعون منه من باب تأليف قلوبهم، وإن كان الأفضل إعلامهم بمكانة المسجد في الإسلام، وأن التصوير فيه قد ينافي منزلته العظيمة، وأما إن كان التصوير لذوات الأرواح كأن يصور بعضهم بعضا فإنهم يمنعون من ذلك بالطريقة المناسبة، كإخبارهم بأن هذا محرم في شرعنا على الراجح. ولمعرفة حكم التصوير الفوتوغرافي نحيلك إلى الفتوى رقم: 9755.
وأما عن وضع المرايا في سقف المسجد كجمال هندسي، ففيه عدة محاذير:
الأول: أن هذا فيه زخرفة للمسجد وتزيين له، وهذا يشغل القلوب عن الخشوع الذي هو روح الصلاة، وفيه أيضا شغل للذاكرين في المسجد والتالين فلربما جلس الواحد منهم ليقرأ القرآن وإذا به يقلب بصره في سقف المسجد فتلهيه المرآة. وقد قال عمر رضي الله عنه للبناء لما أمر ببناء المسجد: أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس.
الثاني: أن فيه إسرافا في المال بصرفه في وضع المرآة في سقف المسجد وهذا لا فائدة فيه. جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يكره زخرفة المسجد بذهب أو فضة, أو نقش, أو صبغ, أو كتابة أو غير ذلك مما يلهي المصلي عن صلاته, لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أمرت بتشييد المساجد، والتشييد: الطلاء بالشيد أي الجص, قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد. وروى البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أمر ببناء مسجد وقال: أكن الناس من المطر, وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدبار عليكم. ولأن ذلك يلهي المصلي عن الصلاة بالنظر إليه فيخل بخشوعه; ولأن هذا من أشراط الساعة.
هذا إذا لم تكن الزخرفة بمال وقف، أما إذا كانت بمال وقف فقد اتفق الفقهاء على عدم جواز ذلك، وأن من زخرفه بمال وقف يضمن ذلك ويغرم القيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1425(11/8130)
لا يختض فضل بناء المساجد ببقعة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك متبرع يريد بناء مسجد, أيها أفضل بناء المسجد في الأردن أم في قرية في الولايات المتحدة, علما أن هذه القرية لا يوجد فيها مسجد، ويوجد فيها عائلات مسلمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة. رواه أحمد وغيره.
ففي الحديث بيان فضل بناء المساجد، وهذا الفضل حاصل لكل من بنى أو ساهم في بناء لمسجد وفي أي مكان بنى هذا المسجد فليس لمكان فضل على مكان في بناء المساجد، ولكن قد تكون الأفضلية راجعة إلى حاجة أهل بلد على بلد لهذا المسجد أو ذاك ولعل هذه القرية في الولايات المتحدة الموجود بها مسلمون وليس فيها مسجد أحوج من غيرها من الأماكن التي تكثر بها المساجد فيكون بناء المسجد في هذه القرية أفضل من هذه الحيثية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/8131)
حكم بتاء مسجد في بلد غيرمسلم به عوائل مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتي في هذا الأمر، هل يجوز بناء مسجد في قرية في الولايات المتحدة، حيث لا يوجد مسجد في هذه القرية ويوجد بها عوائل مسلمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل جواز بناء المساجد في البلدان وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يبنون المساجد في البلدان التي يفتحونها، وبناؤها من أعظم القربات إلى الله عز وجل.
وأما بناء المسجد في القرية التي توجد فيها عائلة مسلمة واحدة كما فهم من السؤال فينبني على ترجيح المصالح أو المفاسد، فإذا كان بناء المسجد هناك فيه مصلحة شرعية بحيث يمكن أن يصير منبرا للدعوة إلى الله عز وجل ويتكاثر المسلمون في هذه القرية بسبب وجود هذا المسجد ويأتون إليه من الأماكن والقرى الأخرى فلا مانع من بنائه بل يستحب ذلك.
وأما إذا كان سيبقى المسجد بعد بنائه مجرد تحفة ينظر إليها الناس ولا يعمر بالصلاة والذكر فبناؤه على هذه الحالة قد يكون فيه مضيعة للمال وصرفه في بناء مسجد في مكان آخر أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/8132)
لا ينبغي بناء دورات المياه فوق المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن لجنة مسجد في بلده مسلمة والحمد لله رب العالمين
نتوجه إليكم بالسؤال التالي:
نقوم بتوسيع المسجد. وبحكم التوسيع والبناء أفضل خيار لموضع المواضئ والمراحيض التابعة للنساء يكون في الطابق العلوي أي محاذي لسدة النساء وذلك فوق قسم من قاعة صلاة الرجال.
ولقد سمعنا بعض الانتقادات من بعض الملمين بعلوم الشريعه بأن نتوجه إليكم بهذا السؤال. مع أننا أخذنا إذنا بذلك من أحد علماء مدينة غزة واسمه الشيخ عبد الحليم.
نشيربالذكر أننا نسكن في مدينة طمره داخل الخط الأخضر
الرجاء أفيدونا وجزاكم الله عنا وعن الأمه كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسجد قد بني بناء مستقلا فإن سقفه وما علاه تابع له، فلا يجوز بناء شيء فوقه إلا ما يعود بمصلحة على المسجد، كتوسعة يحتاجها المسلمون للصلاة.
ولا نرى أن يبنى عليه المراحيض، حيث أمكن بناؤها في موضع آخر.
وإنما قلنا إنه لا ينبغي بناء المراحيض فوق المسجد تعظيما لحرمة المسجد وإكراما له، فإن المساجد إنما أقيمت لذكر الله تعالى، وهي مكان اجتماع الذاكرين لله ومحل أداء أشرف عباداتهم، وهي الصلاة، فكيف تجعل المراحيض ونحوها فوق رؤوس الراكعين الساجدين؟!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/8133)
حكم تبادل الحديث داخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
مارأيكم في هذا الحديث -إذا دخل المصلي إلى المسجد وجلس يتحدث مع شخص آخر قبل بداية الصلاة، تقول له الملائكة: اسكت ياولي الله، وإذا واصل في الحديث تقول له الملائكة اسكت ياعبد الله وإذا واصل في الحديث تقول له اسكت يا عدو الله وإذا واصل في الحديث تقول له اسكت عليك لعنة الله.
ماهو مدى صحة هذاالحديث ومارأي الشرع في التحدث داخل المسجد قبل الصلاة أوبعدها وخاصة بين الأذان والإقامة علما بأن الكلام -دنيوي أي خارج أمورالدين-
وعندنا في البلاد بعض الاشخاص العارفين بأمور الدين كأستاذ التربية الإسلامية مثلا قالوا إن التحدث داخل المسجد يجوز فمارأي فضيلتكم مع العلم بأن هذه العادة جرت على الأغلبية وصدقوني أدخل المسجد وخاصة بين الأذان والإقامة كأنني دخلت إلى سوق أو مقهى ... لكثرة الضوضاء فيه أغيثونا يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على سند لهذا الحديث، وإنما أورده بعض الفقهاء في كتبه من غير سند، وهو يخالف الأحاديث الصحيحة الدالة على جواز الحديث في المسجد كحديث جابر رضي الله عنه: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم أي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. وانظر لذلك الفتوى رقم: 9967.
وهذا يدل على أنه لا يصح نسبة هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم، كما أنه لا يوجد في المسانيد والكتب المشهورة، قال ابن الجوزي رحمه الله: ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع.ا. هـ. وقال السيوطي رحمه الله في تدريب الراوي: معنى مناقضته للأصول أن يكون خارجا عن دواوين الإسلام والمسانيد والكتب المشهورة.ا. هـ. إلا أننا نقول: إن الكلام في المسجد إذا كان برفع الصوت وكان فيه تشويش على المصلين والتالين فإنه يكره وقد يصل إلى حد الحرمة.
قال الإمام النووي رحمه الله: تكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة. ويؤيد هذا ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثلاثا وإياكم وهيشات الأسواق. قال النووي: أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن.ا. هـ.
وإننا نخشى على من يرفع صوته في المساجد ويكون ذلك ديدنه أن يكون من الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: سيكون في آخر الزمان قوم يجلسون في المساجد حلقا حلقا إمامهم الدنيا فلا تجالسوهم فإنه ليس لله فيهم حاجة. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني. فالواجب الحذر من اتخاذ المسجد لغير ما بني له حتى يكون كالأسواق فإنه إنما بني للذكر والصلاة وقراءة القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(11/8134)
حكم مراجعة الدروس في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في إحدى الكليات العلمية في اليمن وأسكن في قسم داخلي مع عدد من الزملاء وبعض الزملاء يفضل مراجعة دروسه في المسجد التابع للسكن وجاء زميل لنا وقال إن مراجعة الدروس في المسجد لا تجوز، واستدل على ذلك بالحادثة الني حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهي عندما تبايع بعض الصحابة في المسجد فدعا على تجارتهم الرسول صلى الله عليه وسلم، السؤال
1-ما صحة تلك الحادثة
2- هل تجوز مراجعة الدروس في المساجد وإن لم تجز فما هو الدليل على عدم الجواز؟ ونرجو من سماحتكم الدعاء لنا بالهداية والتفقه في الدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المراجعة إذا كانت بصوت مرتفع فوق الحاجة في المسجد فلا تنبغي، ويكون الأمر أشد في حال وجود بعض المصلين أو القارئين أو الذاكرين.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهز بعضكم على بعض بالقراءة. رواه الإمام أحمد في المسند، وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط. ورواه الإمام مالك في الموطأ.
قال الباجي في المنتقى: لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعض ومنعا من الإقبال على الصلاة وتفريغ السر لها وتأمل ما يناجي به ربه، وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعا حينئذ لإذاية المصلين فبأن يمنع رفع الصوت بالحديث وغيره أولى. انتهى.
وذكر الحطاب في مواهب الجليل: أن مالكا سئل عن رفع الصوت بالعلم في المسجد فأنكر ذلك، وقال: علم ورفع صوت! فأنكر أن يكون علم ورفع صوت، وفيه كانوا يجلسون في مجالس العلم كأخي السرار فإذا كان مجلس العلم على سبيل الاتباع فليس فيه رفع صوت فإن وجد فيه رفع صوت منع وأخرج من فعل ذلك. انتهى. ويقصد بأخي السرار أي كونه غيره سرا.
وقال الدسوقي في حاشيته:
وأما قراءة العلم في المساجد فمن السنة القديمة ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة. انتهى.
وعليه، فلا بأس بالمراجعة في المسجد بشرط عدم التشويش على مصل أو قارئ وعدم رفع صوته فوق الحاجة، وبشرط كون ما يراجع فيه مما يباح الاشتغال به من كل علم مفيد نافع، هذا إضافة إلى مراعاة آداب المسجد والبعد عن كل ما يؤدي إلى تدنيسه وتقذيره.
أما دعاؤه صلى الله عليه وسلم أو أمره بالدعاء على من يبيع أو يشتري أو ينشد ضالته في المسجد كما في سنن الترمذي من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة فقولوا: لا ردها الله عليك. وصححه الشيخ الألباني. فلا يدل على منع تعلم العلم ومراجعته في المساجد مع مراعاة الضوابط المتقدمة، وكيف يكون ذلك وتعلم العلم من أجل العبادات!.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/8135)
حكم تربية الدواجن في حديقة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز تربية الدواجن في حديقة المسجد؟
أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيراًً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمساجد إنما هي من جملة الأوقاف، والأصل في الوقف أن لا يفعل به إلا ما تم الوقف له أو كان فيه مصلحة للوقف.
وعليه، فإذا كانت الدواجن المذكورة يمكن أن تجلب للمسجد أقذاراً أو نجاسات أو كانت تضر بالمصلين أو تشوش عليهم أو تؤدي تربيتها إلى شيء من الأمور التي من شأنها أن تعطل بعض وظائف المسجد، فإن تربيتها في حديقة المسجد لا تجوز، سواء كانت الدواجن ملكاً للمسجد أو لا، كانت تجلب له نفعاً أو لا.
وإن كانت لا تجلب له ضرراً ولا تعطل شيئاً من وظائفه، فهذه إن كانت للمسجد فلا حرج في تربيتها في حديقته، وكذا إذا لم تكن له ولكنها تجلب له دخلاً يمكن أن يعين في توفير لوازمه، وإن لم يكن فيها نفع للمسجد فلا يجوز أن تربى في حديقته، لأن تربيتها فيه حينئذ يخرج الوقف عما تم له في الأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(11/8136)
الصلاة في مسجد بني بقرض ربوي أفضل أم في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ عبد الله الفقيه..
يشهد الله أنني أحبك في الله وأستريح كثيرا لفتواك نسأل الله أن يوفقنا إلى الصواب دائما..
الشيخ عبد الله..
أنا من سكان بريطانيا ويوجد بجانب بيتي مسجد بناه إخواننا الباكستانيون وقد أخذوه بالربا ولم يسددوا حتى هذه اللحظة المبالغ التي عليه وهم طبعا حسبما يقولون أن علماءهم أجازوا لهم هذا بأخذ الربا في البلدان غير المسلمة..
ويوجد بجانبه مسجد آخر ليس بعيدا عنه مسجد بناه المتبرعون وتقام الجمعة في المسجدين.
فيا شيخ أنا أريد أن أسأل هذه الاسئلة بخصوص المسجدين:
أيهما أفضل الصلاة في المسجدين؟
هل تجوز الصلاة في المسجد الربوي؟
هل أدعو الناس لترك الصلاة في المسجد الربوي والذهاب إلى المسجد الآخر؟
هل يجوز أن نأكل في الحفلات التي يقيمها المسجد وهم عادة هنا في بريطانيا المساجد تعمل تجمعا في الشهر مرة أو أكثر من مرة وتكون خلالها دروس ووجبات؟
وبارك الله فيك..
بانتظار الاجابة
ملاحظة قديمة أكررها أرجو أن ترسلوا لي الإجابة على الإيميل لا ترسلوا رقم الفتوى فأنا أضيع كثيرا بهذه في الماضي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله قد حرم تناول الربا وأمر بالابتعاد عنه، قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] (البقرة:278)
وعليه؛ فلا يجوز أخذ قرض ربوي مطلقا سواء كان لشراء مكان يتخذ مسجدا أو لغرض آخر من الأغراض؛ بل إن ما يقصد به التقرب إلى الله كبناء المساجد ونحو ذلك، يتأكد فيه اتقاء الربا والحذر منه، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا،
وقد سبق أن بينا أن حكم الربا في دار الكفر كحكمه في دار الإسلام سواء وذلك في الفتوى رقم: 13433، والفتوى رقم: 20702.
ولذلك فالواجب مناصحة أو لئك الإخوة الذين بنوا المسجد بقرض ربوي وبيان الحق لهم.
وأما الصلاة في ذلك المسجد الذي بني بقرض ربوي، فهي جائزة، وكذلك الاجتماع فيه وحضور الحفلات التي يقيمها والأكل فيها، لأن القرض بعد قبضه يدخل في ملك المقترض، ويكون دينا عليه، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره، إلا أنه في القرض الربوي يأثم المقترض لتعامله بالربا.
وأما أي المسجدين أفضل، من حيث الصلاه فيه، ففي ذلك تفصيل، فإذا تاب هؤلاء الإخوة الذين بنوا المسجد بقرض ربوي واعترفوا بخطئهم، فالصلاة في المسجد ين سواء، وإن أصروا على ما فعلوا، فالصلاة في المسجد الآخر أفضل ليكون ذلك رادعا لكل من يريد أن يحذوا حذوهم في بناء المساجد بقروض ربوية، وفي حالة إصرار هؤلاء الإخوة وعدم توبتهم فلا حرج أن تبين للناس أن الصلاة في المسجد الآخر أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(11/8137)
الصلاة في المسجد العتيق بين الأفضلية وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل: الصلاة في المسجد العتيق أم الصلاة في المسجد الأكثر عدداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصلاة في المسجد الأكثر جماعة أفضل من الصلاة في المسجد الأقل جماعة ولو كان عتيقاً لورود النص بفضل صلاة الأكثر جماعة.
قال ابن قدامة في المغني رحمه الله: فصل: وفضل الصلاة فيما كثر فيه الجمع من المساجد أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أحمد في المسند، فإن تساويا في الجماعة ففعلها في المسجد العتيق أفضل لأن العبادة فيه أكثر. أ. هـ
وذهب بعض العلماء إلى أن الصلاة في المسجد العتيق أفضل من الصلاة في المسجد الأكثر جماعة.
ولا شك أن القول الأول هو الصحيح لوجود النص وهو قوله صلى الله عليه وسلم: وما كان أكثر فهو أحب. ولا نعلم أنه ورد حديث في تفضيل العتيق.
إلا إذا كان هناك مصلحة شرعية ترجح أفضلية الصلاة في المسجد العتيق كأن يكون إماماً لا تقام الجماعة إلا بحضوره، أو يكون قيماً للمسجد وعنده مفاتيحه فلا تقام الجماعة إلا بحضوره، فتكون الصلاة في المسجد العتيق لهولاء أفضل من الصلاة في غيره من المساجد لما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/8138)
وظيفة المسجد والإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مسجدنا وفي سائر المساجد في الجزيرة مشكلة كبيرة تطل برأسها في كل عام وتؤدي إلى الانقسامات والعداوات بين أبناء المسجد الواحد ذلك بأن أهل المسجد وعماره يريدون إمارة بالمسجد اتباعا للسنة وجماعة من أهل الأهواء وأصحاب الأموال يريدون انتخابات وتكتلات وقوائم وفصل للشيخ عن اللجنة ولا يريدون منه أي تدخل بل يريدونه موظفا ينفذ الأوامر فقط بل بلغ الأمر بأنهم يحاسبون الشيخ حتى إذا دعا إلى الله عن طريق الراديو أو التلفاز يقولون له لماذا لم تشاورنا في الذي تقوله مع أن الشيخ يدعو إلى الله منذ اثني عشر عاما ومعروف بالجزيرة كلها بدفاعه عن الإسلام ودعوة الناس إليه. فأفيدونا أفادكم الله هل من دستور إسلامي يحكم علاقات الناس في المسجد؟ وهل هناك فصل بين الدين والدولة نرضى بالشيخ إماما لأخرانا ولا نرضاه لدنيانا؟ وهل يستطيع المسلم أن يقبل بما يطرحه أهل الأهواء؟ وهل يأثم إذا دعمهم على سن هذه السنة الجديدة في المساجد؟ أفيدونا أفادكم الله وإن كان هناك دستور او نظام فأعيثونا لعل الله أن يصلح بكم هذا الخلل ويطفئ بكم الفتنة. وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد دستور بالمعنى المعروف للكلمة يحكم علاقات الناس في المسجد، والمعروف أن وظيفة المسجد هي الصلاة وذكر الله والتلاوة ونشر العلم والدعوة إلى الله وسائر العبادات، فقد كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم هو مركز الدعوة وهو محل الشورى بين المسلمين، وهو منطلق الغزوات والسرايا، وهو محل تدبير كافة الأمور.
وأما أن يقيد الإمام ويكبت هذا الكبت فلا يسمح له بالدعوة إلى الله، فليس ذلك من الدين.
ووظائف المسجد جاءت منصوصة في السنة. روى الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المساجد: إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن. قال في عون المعبود: بل بنيت لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها.
وفصل الدين عن الحياة كما هو معروف عند الأنظمة الغربية لا يمكن في الإسلام، لأنه وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الدين الذي لا محاباة فيه، فالحاكم والمحكوم والغني والفقير والشريف والوضيع كلٌ سواء في الحقوق والواجبات، ولا يتفاوتون إلا فيما بينهم من القرب والبعد من الله، وهو الدين الذي يرعى مصالح الخلق ويحافظ عليها، فليس فيه تشريع يعارض مصحلة راجحة، وهو الدين الذي يحض على العلم وعلى الدعوة إلى الله.
ثم الإمامة منصب شريف لا يليق أن تكون مجالا للأهواء والانتخابات والتكتلات، والذي يعين إمام المسجد هو السلطان أو نائبه، فإن لم يوجد فالذي يرضاه أهل البلد، قال في "فتوحات الوهاب": وتحصل في الجامع والمسجد الكبير أو الذي في الشارع بتولية الإمام أو نائبه فقط، لأنها من الأمور العظام، فاختصت بنظره، فإن فقد فمن رضيه أهل البلد ...
ولا يجوز للمسلم أن يجاري أهل الأهواء فيما يقومون به مما لا يبيحه الشرع، ولا شك أن المعين لهم على ذلك آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/8139)
بالقرب من بيته مسجدان ولا يعرف في أيهما يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بالقرب من بيتي مسجدان، وهما على مسافة متساوية من بيتي تقريباً أحدهما يسمى (رياض الصالحين) الجامع الأول، وهو رياض الصالحين المصلون الذين فيه أكثر من الجامع الآخر كما أنه له شيخ مختص به، ولكن الجامع الآخر ليس له شيخ، مختص به كما أن عدد المصلين فيه أقل من (رياض الصالحين) ، وهنا أريد أن أسأل أي الجامعين يجب علي أن أصلي فيه وآيهما يكون لي فيه ثواب أكثر، وهل يصح أن نترك الجامع الأكثر في المصلين ونذهب للجامع الآخر لنقول: إننا يجب أن نعمره ولا نتركه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل للمرء أن يصلي في المسجد الأكثر جماعة، لكون المسجد الأكثر جماعة يزيد أجر الصلاة فيه على الذي هو أقل منه جماعة، ما لم يكن ثمت أمور أخرى ترجح الذهاب إلى المسجد الآخر مثل الخشية من أن يهجر، قال في الموسوعة الفقهية الكويتية: والصلاة في المساجد التي يكثر فيها الناس أفضل من الصلاة في المساجد التي يقل فيها الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل. وإن كان في جواره أو غير جواره مسجد لا تنعقد فيه الجماعة إلا بحضوره، ففعلها فيه أفضل وأولى من فعلها في المسجد الذي يكثر فيه الناس، لأنه يعمره بإقامة الجماعة فيه وبذلك تحصل الجماعة في مسجدين. انتهى.
وبناء على ذلك، فالصواب أن تصلي في المسجد الذي هو أكثر جماعة، مع أن صلاتك في غيره من المساجد جائزة صحيحة وليس فيها أي شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1425(11/8140)
حكم الصلاة في مسجد فيه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في مسجد به ضريح أو ما يسمى بمساجد الأولياء لو كان هذا الضريح فى الجهة الخلفية من المسجد وليس عند القبلة, وإذا صليت في مثل هذا المسجد وأنا لا أعلم بوجود الضريح فهل علي قضاء هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم بناء المسجد على القبر في الفتاوى التالية أرقامها: 1530، 4527، 16049.
وقد اختلفت العلماء في صحة الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فمنهم من ذهب إلى صحة الصلاة مع الكراهة، ومنهم من قال بالبطلان، والأحوط الأخذ بالقول بالبطلان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(11/8141)
حكم إغلاق المسجد دفعا للفتن بين المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة من المصلين المقيمين في فرنسا، مسجدنا الذي نصلي فيه بناه وينفق عليه رجل محسن يريد أن يغلق المسجد ولا يصلي فيه إلا الجمعة لحدوث مشاكل وفتنة بين جماعات مختلفة من أمور الدين، مع العلم بأنه المسجد الوحيد والكبير الذي يجمع المسلمين، فهل له الحق في إغلاقه وحرمان المسلمين من أداء هذه الشعيرة العظيمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على حكم إغلاق المسجد في أوقات الصلوات لأجل دفع الفتنة الحاصلة فيه من بعض المصلين، نتقدم بنصيحة لمن يحدثون الفتنة فيه فنقول لهم اتقوا الله تعالى وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، واحذروا من غضب الله عليكم وعقابه لكم بسبب انتهاك حرمة بيته وأذى المصلين فيه وحرمانهم منه، واحذروا من تنفير غير المسلمين من الإسلام بسبب أفعالكم وسوء تصرفاتكم فإن غير المسلمين الذين تعيشون عندهم سيظنون بسبب أفعالكم هذه أن الإسلام دين خصام وشقاق وسبب فرقة بين متبعيه وهو برئ من ذلك.
وأما ما يتعلق بغلق المسجد فننصح الأخ القائم على المسجد والمتبرع ببنائه أن لا يغلقه لأن إغلاقه وحرمان الناس منه حرام، لقول الله عز وجل: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114] ، ولا نعلم سبب المشكلة وحجم المفسدة المترتبة عليها ولكن هناك وسائل أخرى يمكن من خلالها حل المشكلة دون إغلاق المسجد، فإن كانت المشكلة هي في الاعتراض على الإمام أو من يعظ الناس ونحو هذا فننصح الأخ بالتشاور مع المصلين الذين لا علاقة لهم بالمشاكل في اختيار إمام آخر، ويكون مؤهلاً للصلاة بالناس ووعظهم وتنظيم شؤون المسجد وما يحتاجه، ويمكنه الاستعانة ببعض المراكز الإسلامية هناك، وبإذن الله سيوفقه الله للحل وبعد الوصول إلى الحل ووضع نظام معين للمسجد وإعلام المصلين فإن من خالفه ينصح فرداً كان أو جماعة برفق ولين، ثم يحذر وينذر، فإن خالف واستمر على حمقه فامنعوه من المسجد ولا تمنعوا سائر المصلين، فإن تعذر حل المشاكل إلا بإغلاق المسجد بعد مراجعة بعض المراكز الإسلامية عندكم فلا حرج عليلكم في غلقه مع السعي لإيجاد حل في أقرب وقت ممكن، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولأنه يمكن أداء الصلاة في مسجد آخر حتى تحل المشكلة ومع ذلك فعليكم بالسعي لإيجاد حل في أقرب وقت ممكن، وقد نص بعض الفقهاء على جواز إغلاق المسجد في غير وقت الصلاة للمصلحة، فكذلك يجوز إغلاقه أيضاً وقت الصلاة إذا كانت المفسدة لا تندفع إلا بذلك.
قال الإمام النووي رحمه الله: قال الصيمري وغيره من أصحابنا: لا بأس بإغلاق المسجد في غير وقت الصلاة لصيانته أو لحفظ آلاته هكذا قالوه، وهذا إذا خيف امتهانها، وضياع ما فيها، ولم يدع إلى فتحها حاجة، فأما إذا لم يخف من فتحها مفسدة ولا انتهاك حرمتها، وكان في فتحها رفق بالناس فالسنة فتحها، كما لم يغلق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه ولا بعده.
وقال المرغيناني رحمه الله في الهداية: ويكره أن يغلق باب المسجد، لأنه يشبه المنع من الصلاة، وقيل لا بأس به إذا خيف على متاع المسجد في غير أوان الصلاة.
قال الكمال بن الهمام رحمه الله معلقاً عليه: قوله لأنه يشبه المنع من الصلاة، وهو حرام، قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114] ، وقال ابن عابدين رحمه الله قال في البحر: وإنما كره لأنه يشبه المنع من الصلاة، قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ.
ومن هنا يعلم جهل بعض مدرسي زماننا من منعهم من يدرس في مسجد تقرر في تدريسه، وتمامه فيه (قوله إلا لخوف على متاعه) هذا أولى من التقييد بزماننا لأن المدار على خوف الضرر، فإن ثبت في زماننا في جميع الأوقات ثبت كذلك إلا في أوقات الصلاة، أو لا فلا، أو في بعضها ففي بعضها، كذا في الفتح، وفي العناية: والتدبر في الغلق لأهل المحلة، فإنهم إذا اجتمعوا على رجل وجعلوه متوليا بغير أمر القاضي يكون متولياً انتهى بحر ونهر.
وقال ابن بطال: اتخاذ الأبواب للمساجد واجب لتصان عن مكان الريب وتنزه عما لا يصلح فيها من غير الطاعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/8142)
حكم وضع المصاحف في الجهة الخلفية من المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم وضع المصاحف في خزائن في الجهة الخلفية للمسجد؟
وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم المحافظة على المصاحف وجعلها في الأماكن اللائقة بها.. ولا شك أن وضعها الأنسب في المسجد أن تكون أمام الصفوف وفي متناول رواد المسجد.
وإذا دعت الحاجة لجعلها خلف الصفوف أو في مكان مخصص لها هناك فلا مانع من ذلك ما دام المكان الذي وضعت فيه لائقا ومحترما.. إلا إذا كان في ذلك تقليل من شأنها ولو في نفوس العوام فإنه لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/8143)
أقوال العلماء في مصلى العيد هل يعتبر مسجدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرمة مصلى العيد مثل حرمة المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في مصلى العيد هل له حكم المسجد أم لا؟ فذهب الحنابلة إلى أن له حكم المسجد.
واستدل الحنابلة على ذلك بما ورد في البخاري ومسلم عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج في العيدين العواتق، وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين.
وقيده بعضهم بما إذا وُقف للصلاة فيه.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ويتجه محل اعتبار مصلى العيد مسجداً لذلك، ولو كان وقفه بقرائن، كأن يأذن مالكه للناس إذناً عاماً بالصلاة فيه، ويتكرر منه ذلك، ولا يشغله بشيء ويجنبه ما يقذره وهو متجه. ا. هـ
وذهب الجمهور إلى أن مصلى العيد ليس له حكم المسجد إلا في صحة الاقتداء بالإمام، قال في الفتاوى الهندية: واختلفوا في مصلى العيد والجنازة والأصح أنه لا يأخذ حكم المسجد، وإن كان في حق جواز الاقتداء كالمسجد لكونه مكاناً واحداً. ا. هـ
وفي شرح مختصر خليل للخرشي وهو مالكي: المصلى ليس له حكم المسجد، فيجوز المكث به للجنب ونحوه، هكذا نقل عن ابن عرفة.
وقال بعضهم: يكون مسجداً حال أداء الصلاة لا غير، وهو والجبانة سواء، ويجنب هذا المكان عما يجنب عنه المساجد احتياطاً. انظر حاشية ابن عابدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(11/8144)
حكم الصلاة في المسجد الذي يفصل بينه وبين القبر سور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد يوجد في سوره باب يؤدي إلى المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المسجد له سور كما ذكرت في السؤال، فلا مانع من الصلاة فيه لأن الممنوع هو الصلاة إلى القبور مباشرة، أما مع وجود الحائل وهو حائط المسجد وسوره، فلا مانع كما نص الفقهاء على ذلك.
قال البهوتي: فإن كان حائل لم تكره الصلاة ولو كان كمؤخرة الرحل كسترة المتخلي. شرح منتهى الإرادات.
وقال ابن حامد: إن صلى إلى المقبرة والحش فهو كالمصلي فيها إذا لم يكن بينه وبينها حائل كما روى أبو مرثد الغنوي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها. متفق عليه. انتهى من الشرح الكبير.
والحاصل أنه لا حرج إن شاء الله تعالى في الصلاة في هذا المسجد، وتراجع الفتوى رقم: 1525، والفتوى رقم: 17764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/8145)
حكم الصلاة في مسجد معلق فيه صور أناس يطوفون بالكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المساجد يوجد فيها صورة الكعبة الشريفة وبهذه الصورة كثير من الناس يطوفون حولها، فهل تجوز الصلاة فيها, علما بأنها تكتر في بلادنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم تعليق صورة الكعبة في المسجد إذا كانت تلك الصورة مصحوبة بصور أناس يطوفون حول الكعبة، وذلك في الفتوى رقم: 1612، فلتراجع.
أما الصلاة في المسجد الذي تعلق فيه تلك الصورة فلا مانع منها، لكن ينبغي نصح القائمين على أمور المسجد من إمام أو مؤذن بنزع تلك الصورة، خصوصاً إذا كانت إلى جهة المحراب، لما يشتمل على تعليقها من انشغال المصلين بالنظر إليها، الشيء الذي يكون سبباً لنقص الخشوع في صلاتهم، وراجع الفتوى رقم: 14486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(11/8146)
حكم إغلاق الجامع وأداء الفروض في المسجد الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إقفال المسجد طوال أيام الأسبوع ولا تصلى فيه إلا صلاة الجمعة وصلاة التراويح وصلاة العيدين من كل عام مع العلم بوجود جيران مقيمين بجوار هذا المسجد ويؤدون صلاة الأوقات في مسجد آخر قريب وكذلك ما حكم المسجد الذى يصلى فيه جميع الأوقات إلا صلاة الجمعة لا تصلى فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يفهم من السؤال أن هناك بلدة بها مسجدان أحدهما كبير جامع، والآخر صغير فروض، وأهل هذه المنطقة يقومون بإغلاق الجامع ويصلون الفروض في المسجد الصغير، ويفتحون الجامع لصلاة الجمعة، وفي التراويح في رمضان وفي صلاة العيدين لكثرة الناس في هذه الصلوات، ويكتفون بالمسجد الصغير للصلوات الخمس المكتوبة، فإذا كان هذا هو المقصود من السؤال فلا حرج في إقفال المسجد الجامع لعدم الحاجة إليه، اكتفاء بالمسجد الصغير في الصلوات المكتوبة وفتحه للجمعة والتراويح والعيدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/8147)
حكم تخصيص المساجد الموجودة داخل المؤسسات لفئة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[المشكلة هي مشكلة أكثر من 300 مصلي عربي، كنا نصلي في مسجد موجود في المركز الثقافي المصري، وهو موجود في الطابق السفلي تحت الأرض، ولكن فجأة أغلقوه دون سبب وقالوا لن يصلي هنا إلا المصريون، مع العلم أن عددهم لا يتجاوز 15 شخصا وكان يفتح لصلاة الجمعة فساعدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأحد أن يُقصر الصلاة في بيت من بيوت الله على أناس معينين دون غيرهم، قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] ، وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا [البقرة: 114] ، وراجع الفتوى رقم: 34074، والفتوى رقم: 5302.
لكن بعض المساجد التي تكون داخل الهيئات والمؤسسات ليست مساجد موقوفة للصلاة فيها، فلا تأخذ أحكام المساجد، وقد يترتب على دخول عموم الناس للصلاة فيها نوع من الضرر، ففي هذه الحالة يجوز للقائمين على المؤسسة أن يحولوا دون حصول هذا الضرر بالطريقة التي تناسبهم دون إفراط أو تفريط، وتقدير هذا الضرر يعود إليهم هم، لأنهم أكثر اطلاعاً من غيرهم على مصلحة المكان، فعلى القائمين على هذا المركز الثقافي أن يتقوا الله تعالى قدر استطاعتهم، ويتعاونوا مع إخوانهم المسلمين ليتمكنوا من صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات في مسجد مركزهم، ما لم يترتب على ذلك إخلال يتضرر منه المركز أو أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/8148)
حكم الصلاة في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[وأيضا لو لم يتبقى من وقت انتهى الصلاة إلا بعض دقائق مثلا وأنا في المقبرة فهل أصلي فيها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
3- ... ... نحيلك على الفتوى رقم: 17764 لمعرفة حكم الصلاة في المقبرة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/8149)
حكم الصلاة في مسجد مجاور لمقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم.. يا شيخ ما هو حكم وضع بعض الأحجار تحت رأس الميت كالمخدة له.. وأنا توصلت إلى أنه لا تجوز الصلاة في المقبرة ولا إليها والسؤال هو الآن في المقبرة حائط من حديد يرى بداخل المقبرة وفي الجهة الأخرى للحديد مسجد يعني يفصل بينه وبين القبور باب من حديد فما حكم هذا المسجد حيث قد تكون القبلة باتجاه القبور وأيضا لو لم يتبقى من وقت انتهى الصلاة إلا بعض دقائق مثلا وأنا في المقبرة فهل أصلي فيها وأيضا يا شيخ كيف أوفق بين ما ذكرته آنفاً وبين فعل الرسول وصحابته من الصلاة على الخادمة التي ماتت في الليل فراح وصلى عليها الرسول وتبعه الصحابة فهو صلى في المقبرة وأيضا لما اتجه إلى القبلة سيكون أمامي قبور هلا فصلتم لنا بارك الله في كل ما تحبونه وترضونه وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
2- ... ... فطالما أن المسجد ليس في داخل المقبرة وليس في المسجد قبر والمسجد منفصل عن المقبرة بحائط، فلا غبار على هذا المسجد ولا على الصلاة فيه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/8150)
حكم الصلاة قبالة دورة المياه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزلي الصلاة وأمامي دورة مياه؟
علما بأن المساحة التي أصلي فيها مسيجة ومعرضة لأشعة الشمس مع العلم بأنني أعمل في محل لا يوجد به مكان مخصص للصلاة
... ... ... بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المكان الذي ستصلي فيه طاهراً فلا يضرك وجود دورة المياه مقابل ذلك المكان ولا فوقه ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله، لأن شرط الطهارة مشترط في المكان لا في ما حوله من الأمكنة.
ولو وجدت النجاسة في المكان الذي ذكرت فيمكنك أن تفرش على ذلك المكان سجاداً ونحوه مما يحول بينك وبين النجاسة، وصلاتك صحيحة بدون كراهة إن كانت النجاسة غير متيقنة، فإن كانت النجاسة متيقنة وكان بينك وبينها حائل فصلاتك صحيحة أيضاً ولكن مع الكراهة، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: والمزبلة أي محل الزبل ومثله كل نجاسة متيقنة، لأن بفرشه طاهراً عليها يحاذيها، ومَرّ كراهةُ محاذاتها. ا. هـ
وقال الشرواني في حاشيته توضيحاً لقول ابن حجر في التحفة: "متيقنة"، قال: خرج به غير المتيقنة مما غلبت فيه النجاسة فلا كراهة مع بسط الطاهر عليها، كما اقتضاه كلام الرافعي لضعف ذلك بالحائل. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/8151)
الصلاة في مسجد فيه قبر.. أم الحرص على الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في هذا البلد استنبول في المنطقة القديمة منها، المنطقة العثمانية توجد فيها مساجد بها قبور أو بجانبها لصالحين وخلفاء العثمانين، وبعض الصحابة التابعين على مساحة واسعة جداً، بحيث إذا أدركتني صلاة الفريضة بهذه المنطقة فلا أستطيع أن ألحق على الصلاة بالمساجد الحديثة خارج المنطقة لبعد المسافة، وأقرب مسجد تقريباً ربع ساعة بالحافلة، تكون الصلاة قد انتهت غير انتظار طريق مع العلم أنه يوجد مساجد حديثة فيها لكن الوقت لا يسعفني ربما لأنه بعيد أو لا يعلم أين، هو يجتاح سؤالا، فالمدينة جداً كبيرة وأيضاً وقت الصلاة من الأذان إلى انتهاء الصلاة قصير، فهل يا فضيلة الشيخ يجوز لي أن أصلي بهذه المساجد خشية فوات الفريضة والجماعة وما هو عمل الإخوة المقيمين في هذه المناطق كيف يصنعون؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لا تجوز في مسجد فيه قبر لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الاحاديث الصريحة الصحيحة الثابتة، وأما إذا كان القبر بجانب المسجد خارج حدود المسجد فهذا لا علاقة له بالمسجد، وفي هذه الحالة تجوز الصلاة بالمسجد لأنه منفصل عن القبور، وللمزيد من التفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم: 26258.
وإذا كانت المساجد جميعها في بلدتك بداخلها قبور فلا تصل فيها، بل إن استطعت أن تذهب إلى البلدة المجاورة لتصلي في مسجد ليس فيه قبور وإلا صل في بيتك أو أي مكان، وإن أدى ذلك إلى فوات الجماعة، وما سبق يجب عليك وعلى المقيمين في بلدتك فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/8152)
الفصل بين الفريضة والنافلة يتم بكل ما يسمى كلاما
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخذنا بوجوب الانتقال أو الكلام بعد الفريضة أو النافلة فهل يقوم مقام الكلام أن أسبح الله تعالى وأستغفره أم لا بد من الكلام وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا حكم الانتقال من موضع إلى موضع آخر، أو الفصل بالكلام، في الفتوى رقم: 22946، والفصل بالكلام يكون بكلام إنسان أو تسبيح أو تحميد أو غيرهما مما يسمى كلاماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/8153)
هل يصلي الموظفون الصلاة في المسجد أم في مصلى العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: نحن مجموعة من الموظفين في هيئة حكومية، يوجد بجانب مبنى الهيئة مسجد ملاصق له حيث نسمع نداء صلاة الظهر بوضوح تام، وفي نفس الوقت يوجد مصلى داخل مبنى الهيئة يصلي فيه فقط صلاة الظهر جماعة، فانقسم الموظفون قسمين فقسم يصلي في المسجد والبعض يصلي في المصلى، وفي وسط هذا الانقسام أمر مدير الهيئة جميع الموظفين بعدم الخروج إلى المسجد والصلاة في المصلى، فما هو حكم الصلاة في هذا المصلى والحالة هذه، مع التكرم بذكر أقوال العلماء في ذلك ما أمكن؟ وجزاكم الله خيراً، والرجاء سرعة الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 31027، والفتوى رقم: 34242، والفتوى رقم: 40814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/8154)
حكم الصلاة في مكان مقترح أن يكون دورة مياه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة ف ي مكان مقترح أن يكون دورة مياه ثم تغير المكان وأصبح غرفة وهذا التغيير تم قبل البناء المنزل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك إن كان المكان طاهرا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. رواه أحمد والترمذي بسند صحيح.
ولا يعد المكان مكان قضاء حاجة إلا بتهيئته لذلك، لا بمجرد الاقتراح أن يكون دورة مياه. قال البجيرمي في حاشيته على شرح منهج الطلاب ( ... الصلاة في الحمام الجديد –والمقصود بالحمام الحمام السخن الذي يغتسل فيه- لا تكره لأنه لا يصير مأوى لهم إلا باستعماله، بخلاف الحش وهو المكان الذي يعد لقضاء الحاجة في بستان أو غيره، فإنه يصير مأوى لهم بمجرد تهيئته..) وعليه، فما لم يهيأ لذلك أو أعد ثم نقض فلا تكره الصلاة فيه إن كان طاهرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/8155)
منبر النبي صلى الله عليه وسلم كان له ثلاث درجات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يكون المنبر أكثر من ثلاث درجات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه أن نفرا جاءوا إلى سهل بن سعد قد تماروا في المنبر من أي عود هو، فقال أما والله إني لأعرف من أي عود هو ومن عمله ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول يوم جلس عليه، قال: فقلت له يا أبا عباس فحدثنا، قال أرسل رسول الله صلى الله عليه سلم إلى امرأة -قال أبو حازم إنه ليسمها يومئذ- انظري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أكلم الناس عليها فعمل هذه الثلاث درجات ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت هذا الموضع فهي من طرفاء الغابة، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي.
ولا حرج في صنع منبر له أكثر من ثلاث درجات، لأن المقصود من المنبر هو الظهور أمام الناس لمخاطبتهم وتعليمهم، ولو اقتصر على ثلاث درجات تأسياً بمنبر النبي صلى الله عليه وسلم فهو أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/8156)
ملحقات المسجد لا تأخذ حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حدود المسجد وأين أقول دعاء دخول المسجد، فكما تعرف فإن مساجد اليوم أصبحت كبيرة جداً يعني هناك موقف للسيارات داخل حدود المسجد ثم تمشي في أرض المسجد حيث تكون مغسلة الموتى وأيضا مكان الحمام والوضوء ثم تدخل باب المسجد فأين تكون بارك الله فيك أحكام المسجد وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل بقعة من بقاع الأرض تصير مسجداً وتجري عليها أحكامه إذا خصصت للصلاة، فالمسجد إذن هو المكان الذي يصلى فيه، وعند دخوله يقال دعاؤه، لا عند مواقف السيارات ولا مغسلة الموتى والحمامات، فهذه كلها تعتبر خارج المسجد، وقد كانت غرف أمهات المؤمنين وبيوت الصحابة مجاورة وملاصقة للمسجد ... وكانوا يمارسون فيها الأعمال العادية ويكونون فيها في حالة الجنابة أو الحيض، فليس لها إذن اعتبار المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/8157)
قبر النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة مستقلة عن المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ الآن إذا كنا متفقين على أن القبر إذا دخل المسجد فالمسجد أولى، والقبر لا بد من هدمه وإزالته إلى مقابر المسلمين.. طيب يا شيخ الآن مسجد الرسول بني أولا ثم عبد الملك بن مروان سنة 84 أدخله.. فدخل القبر إلى المسجد قلنا هذا الحكم.. أنا لا يهمني أن القبر كان في حجرة خارج المسجد أم لا النهاية هي وصول القبر إلى داخل المسجد عن طريق هذا الرجل الذي هو له سابقة بدع مثل تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين، وقد يكون ابتدع ذلك هو أيضا فما هو ردكم على هذا وأيضا ما حكم من يقول إن القبر في هذا المسجد بداخل المسجد هو ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو بدعة فلا بد من نبش القبر ووضعه في مقابر المسلمين وكل من في الحجرة.. وأيضا إذا كان هذا الحكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فلم تلحقون الحكم بصاحبي الرسول صلى الله عليه وسلم وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على هذه الشبهة في كتابه القول المفيد على كتاب التوحيد، قال: إذا قال قائل نحن الآن واقعون في مشكلة بالنسبة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه في وسط المسجد، فما هو جوابه؟ قلنا: الجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن المسجد لم يبن على القبر؛ بل بني المسجد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال: إن هذا من دفن الصالحين في المسجد، بل دفن في بيته.
والوجه الثالث: أن إدخال بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق من الصحابة، بل بعد أن انقرض أكثرهم، ولم يبق منهم إلا القليل، وذلك عام: 94هـ تقريباً، فليس مما أجازه الصحابة وأجمعوا عليه مع أن بعضهم خالف في ذلك، وممن خالف أيضاً سعيد بن المسيب من التابعين فلم يرض بهذا العمل.
الوجه الرابع: أن القبر ليس في المسجد حتى بعد إدخاله، لأنه في حجرة مستقلة عن المسجد، فليس المسجد مبنياً عليه، ولهذا جُعِل هذا المكان محفوظاً محوطاً بثلاثة جدران، وجعل الجدار في زاوية منحرفة عن القبلة أي مثلثاً، والركن في الزاوية الشمالية، بحيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف.
فبهذا كله يزول الإشكال الذي يحتج به أهل القبور ويقولون هذا من عهد التابعين إلى اليوم، والمسلمون قد أقروه ولم ينكروه، فنقول: إن الإنكار قد وجد حتى في زمن التابعين، وليس محل إجماع، وعلى فرض أنه إجماع فقد تبين الفرق من الوجوه الأربعة التي ذكرناها. انتهى: 1/394.
فالقبر إذن ليس في المسجد كما تبين، بل في حجرة مستقلة عن المسجد، فلا يقال بأن هذه بدعة ولا بد من نبش القبر، والقول في قبور الصاحبين كالقول في قبره صلى الله عليه وسلم لأنها -أي القبور- في حجرة واحدة.
وفي الأخير ننبه السائل إلى أن عبد الملك لم يكن هو الذي أدخل الحجرات في المسجد، ولا هو الذي قدم خطبة العيد على الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/8158)
الصلاة في مرابض الغنم ومعاطن الإبل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. ما معنى مرابض الغنم وأيضا أعطان الإبل وماذا يقصد بأنها خلقت من الشياطين وهل من صلى في أعطان الإبل صلاته باطلة أم أنه يأثم مع صحة صلاته؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرابض الغنم هي مأواها ومراودها، قال ابن حجر في "تحفة المحتاج": (مرابض الغنم أي مراقدها، والمراد جميع محالها) اهـ.
أما أعطان الإبل، فقال الأنصاري في "أسنى المطالب": (هي المواضع التي تنحى إليها الإبل الشاربة ليشرب غيرها، كما قاله الشافعي وغيره، أو لتشرب هي عللا بعد نهل، كما قاله الجوهري وغيره) . اهـ.
وأما المقصود بكونها خلقت من الشياطين، فقال الخطابي: يريد أنها لما فيها من النفور والشرود ربما أفسدت على المصلي صلاته، والعرب تسمي كل مارد شيطانا ... انتهى.
وأما عن حكم الصلاة في أعطان الإبل، فقد ذهب الجمهور إلى أن ذلك مكروه، والصلاة صحيحة، وذهب الحنابلة إلى أن ذلك حرام، وأن الصلاة باطلة، وراجع الفتوى رقم: 17764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/8159)
حكم الذهاب إلى مسجد فيه بعض مظاهر البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[أداوم على حضور حلقة لتحفيظ القرآن الكريم في مسجد فيه بعض البدع (أتباع طرق صوفية) ، وكذلك يوجد بجانبه مباشرة قبر شيد لمنشئ المسجد بعد موته وبنيت على القبر قبة، فهل قراءتي وصلاتي في المسجد صحيحة، أرجو الإجابة أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا القبر خارج المسجد فلا علاقة له بالمسجد وحينئذ تجوز الصلاة فيه، وبخصوص قراءة القرآن في هذا المسجد وحفظه هناك فيجوز أيضاً، ولكن إن وجدت بهذا المسجد بعض صور الشرك والبدع فلا يجوز الذهاب إليه إلا بقصد إنكار المنكر، قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء:140] ، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4527، 26258، 30036، 13742.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/8160)
سبب إطلاق القرآن على البيت الحرام وبيت المقدس اسم المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا ذكرت في آية الإسراء لفظة المسجد الأقصى وكذا المسجد الحرام مع العلم بأنه في تلك الحقبة لم يكن بعد القدس مسجدا. فما الحكمة من ذكر هذا اللفظ أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك لماذا سمي كل من البيت الحرام وبيت المقدس مسجداً ولم يكونا في هذا الوقت مسجدين على النحو المعروف في الإسلام، فالجواب أن المسجد لغة: المكان الذي يسجد فيه، ولم يخل البيت الحرام أو بيت المقدس ممن يتعبد فيه بالسجود لله، كما قال تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (الحج: من الآية26) ، وقال: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (آل عمران:43) ، وقال: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (الإسراء: من الآية107)
وهذه الآية في مؤمني أهل الكتاب كما هو معروف في التفسير.
ولذا صح أن يقال عن البيت الحرام أو بيت المقدس مسجد قبل أن يكونا مسجدين على النحو المعروف في الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(11/8161)
حكم إنشاء وحدة صحية فوق المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن مركز لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم ينتسب لمركزنا ما يزيد عن ثلاث مائة طالب وطالبة تم تأسيس المركز منذ أكثر من عامين وتم بفضل الله تخريج 14 حافظا وحافظة من المركز، ونتيجة لازدياد عدد طلاب المركز توجهنا لأهل الخير من أجل بناء طابق على سطح مسجد القرية ليكون مقراً للمركز وبفضل الله نحن الآن في المراحل النهائية من البناء وواجهتنا مشكلة وهي أن عددا من أبناء القرية اعترضوا على بناء وحدة صحية في إحدى زوايا البناء على الرغم من أن تصريفها خارجي وتم اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع تسرب شيء، نرجو منكم إفادتنا في هذا الموضوع وهل هناك مانع من عمل هذه الوحدة، وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أنه لا يجوز بناء وحدة صحية فوق المسجد، لأن ذلك لم يكن في نية الواقف عند الوقف، أما إذا كان في نيته ذلك عند الوقف، فقد أجازه طائفة من أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 10921، وعليه، فننصحكم أن تقتصروا في البناء فوق المسجد على مقر لتحفيظ القرآن الكريم، ويكون له حكم المسجد من حيث حرمة مكث الجنب والحائض فيه ومشروعية تحيته بالصلاة وغير ذلك، لأن كل ما علا المسجد فله حكم، وقد أجبناكم على أساس ظاهر اللفظ وهو أن المراد بالوحدة الصحية: مكان الاستطباب، أما إذا كان المراد بالوحدة المراحيض فإن المنع سيكون من وجهين الوجه الأول ما أسلفناه من أنه لم يكن من نية الواقف، والثاني أنه سيفضي إلى أن تكون المساجد تحت المراحيض!! ولا يخفى ما في هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(11/8162)
يستخدم كهرباء المسجد بإذن من مرافب المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم حاليا ببناء منزل وقد احتاج المقاول للكهرباء فقمت بأخذها من أحد الجيران، ولكنه بعد مدة رفض بحجة أن آلات البناء قامت بتعطيل بعض أجهزته، فقمت بأخذ الكهرباء من المسجد المجاور بعد أن استأذنت من مراقب المساجد التابع لوزارة الأوقاف فأذن لي، علما بأن المسجد قد قام ببنائه، والدي ولكن الكهرباء والماء مجانية، فهل ما قمت به صحيح، علما بأن مراقب المساجد من أهلي وأخاف أن يكون قد ساعدني لهذا السبب فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراقب المساجد مخولاً بالإذن في استخدام كهرباء المسجد فلا حرج عليك إن شاء الله في استخدامها، وإن لم يكن مخولاً بالإذن فلا يجوز لك استخدامها، ولا يجوز له الإذن في ذلك لما فيه من الخيانة للأمانة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال: 27] ، والواجب عليك حينئذ بذل النصح له، إذ أن الدين النصيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/8163)
التحاق النساء بجماعة الرجال في الصلاة مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الجامعة مصلى ليس له إمام أو مؤذن راتب وفيه مكتبة. معظم المصلين ذكور ونريد تشجيع الطالبات على الصلاة في المصلى. هنالك اقتراحان:
1- تخصيص أوقات معينة لحجز المصلى للنساء فقط لمدة 20 إلى 30 دقيقة بعد صلاة الظهر, العصر والمغرب.
2- عدم تخصيص أوقات معينة لحجز المصلى للنساء فقط وتشجيعهن على حضور الصلاة مع الجماعة وحثهن على الصلاة في المصلى، لأن الاقتراح الأول لا يسلم من البدعة.
أفتونا بتفصيل بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا ورزقكم حسن العاقبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تلتحق النساء بجماعة الرجال في الصلاة، وهذا هو ما كان عليه الحال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وتنبغي مراعاة أمور وآداب في ذلك:
1-أن لا يكون ثم اختلاط ولا كشف عورات.
2-أن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وعلى العكس من ذلك النساء، كما في الحديث الذي رواه مسلم، وانظر الفتوى رقم: 26957 ففيها ذكر بقية الآداب.
ولا مانع من العمل بالاقتراح الثاني إن خفتم الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/8164)
حكم الصلاة في محل بيع الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى في محل للتدخين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة في محل بيع الدخان أو شربه مكروهة لأنه محل فسق ومحلات الفسق مأوى للشياطين، وقد نص العلماء على كراهة الصلاة في هذا الموطن، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: الصلاة في مأوى الشيطان مكروهة بالاتفاق، وذلك مثل مواضع الخمر والحانة ومواضع المكوس ونحوها من المعاصي الفاحشة، والكنائس والبيع والحشوش ونحو ذلك، فإن صلى في شيء من ذلك ولم يلمس نجاسة بيده ولا ثوبه صحت صلاته مع الكراهة. انتهى.
قال الشبراملسي: وإن لم تكن المعصية موجودة حين صلاته، لأن ما هو كذلك مأوى للشياطين. انتهى.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عرسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإنه منزل حضرنا فيه الشيطان، قال: ففعلنا. أي خرجوا من هذا الوادي ثم صلوا كما في بقية الحديث، قال الإمام النووي: فيه دليل على استحباب اجتناب مواضع الشيطان، وهو أظهر المعنيين في النهي عن الصلاة في الحمام.
وبهذا تبين أن الصلاة في أماكن الفسق والمجون مكروهة لتواجد الشياطين فيها، وننبه الأخ السائل إلى أن صلاة الفرض يجب على الرجل البالغ غير المعذور أن يؤديها في المسجد مع جماعة المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/8165)
الأرض كلها مكان للصلاة إلا ما استثناه الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة على التربة؟؟ كما يفعل البعض أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى خص هذه الأمة بأن جعل الأرض كلها مكاناً للصلاة، لما روى البخاري عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ... الحديث.
وهذا عام في جميع الأرض وليس خاصاً بأرض دون أخرى، إلا إذا كانت نجسة أو مغصوبة عند بعض أهل العلم، ومن هذا يعلم أن ما يفعله بعض العوام من تخصيص بعض المواضع بالتعبد بالصلاة عليها أو السجود على حجارتها ليس له دليل شرعي، وإنما هو من البدع التي يجب على المرء الحذر منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/8166)
حكم اتخاذ المحاريب بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
إخواني المفتين الأفاضل الكرام لي سؤالان:
1- هل المحراب بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم المحراب فانظر فيه الفتوى رقم: 2031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(11/8167)
الصلاة في قاعات الدراسة لا حرج فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلبة ندرس في بلد غربي وليس لنا مصلى، وكثيرا ما نضطر للصلاة في المدارج (وأكثرها هي مسالك الخروج حال الحوادث لذا فقليلاً ما يستعملها الناس) وأحيانا في قاعات الدراسة الفارغة فهل يجوز هذا علما بأن الإدارة رفضت تسليمنا قاعة للصلاة بحجة قلة القاعات. وجازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الصلاة في الأماكن المذكورة إن كانت طاهرة، وإلا فيجب أن تبحثوا عن مكان طاهر، أو تفرشوا لكم سجاداً طاهراً، وانظر الفتوى رقم: 23971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/8168)
لا بأس بتخصيص جزء من المصلى للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الجامعة مصلى ليس له إمام أو مؤذن راتب وفيه مكتبة. معظم المصلين ذكور، ونريد تشجيع الطالبات على الصلاة في المصلى. هنالك اقتراحان:
1- تخصيص أوقات معينة لحجز المصلى للنساء فقط لمدة 20 إلى 30 دقيقة بعد صلاة الظهر, العصر والمغرب.
2- عدم تخصيص أوقات معينة لحجز المصلى للنساء فقط وتشجيعهن على حضور الصلاة مع الجماعة وحثهن على الصلاة في المصلى لأن الاقتراح الأول لا يسلم من البدعة.
أفتونا بتفصيل بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا ورزقكم حسن العاقبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن بالإمكان تخصيص جزء من المصلى للنساء بحيث تؤمن الفتنة ولا يقع شيء من محظورات الاختلاط بالرجال، فالأولى حينئذ تحديد وقت معين للنساء بحيث يؤدين الصلاة وحدهن دون الرجال، مع التنبه إلى بعض الأمور كضيق وقت المغرب ونحو ذلك، والأخذ بهذا الاقتراح الأول لا يدخل في باب الابتداع، وإنما هو من العمل بالمصالح الشرعية، لاسيما أن الأصل أفضلية صلاة المرأة في بيتها، فقد روى أحمد وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 27615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/8169)
حكم شراء مسجد بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة المسلمين المقيمين في أوروبا الجماعة المسلمين اتفقوا أن يشتروا مسجداً بقرض بنكي ربوي كلهم يعرفون فإن الله تعالى قد حرم الربا إلا القليل هل يجب الابتعاد عنهم أم نساعدهم في هذه المعاصي، رجاء الرد سريعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز شراء المسجد بالقروض الربوية، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 33360 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/8170)
الصلاة في حجرة مجاورة لمعبد هندوسي
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أقوم بكراء غرفة في أحد المنازل الأندنويسية وصاحب الدار من الهندوس وعنده معبد في حديقته هل يصح لي أن أصلي في هذا المنزل؟ وجزاكم الله خيراـ الرجاء الرد باللغة الإنجليزية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الصلاة في هذه الغرفة إن كانت طاهرة، ولا يضر وجود المعبد خارجها، وانظر الفتوى رقم: 5744، والفتوى رقم: 3121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/8171)
حكم الصلاة بمسجد به قبر بنية الدعوة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في المساجد التي بها ضريح وذلك بنية الدعوة إلى الله وتغيير الباطل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق بيان حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور، راجع في ذلك الفتويين: 13365 / 4527 وأما نية الدعوة إلى الله تعالى وإنكار المنكر فليست مسوغاً للصلاة في المسجد الذي به قبر، لاسيما أن الدعوة إلى الله تعالى يمكن القيام بها في غير وقت الصلاة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8172)
حكم الصلاة في ساحة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: عندنا مسجد نصلي فيه الجماعة وفي الصيف نقوم بالصلاة في ساحة المسجد، أي خارج صحن المسجد ولكن داخل سوره، فهل تعتبر هذه الصلاة في المسجد أم خارجه، وهل ثوابها مثل صلاتها داخل الصحن أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الصلوات الخمس المفروضة أن تؤدى داخل المسجد، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إذ لا يعرف عنهم أداء هذه الصلوات خارجه، وقد سبق أن بينا أن ساحة المسجد إذا لم تكن مسورة معدة للصلاة لا تأخذ حكم المسجد، راجع في هذا الفتوى رقم: 10281.
فينبغي الحرص على أداء هذه الصلوات في المسجد، ما لم تكن ثمة حاجة للصلاة خارجه، فلا بأس حينئذ في الصلاة في فنائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/8173)
حكم الصلاة في مسجد أمامه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في القرية مسجد وأمامه مبنى وهذا المبنى وضع على مكان جثة أحد كبار العائلة ويسمى هذا المبنى مشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة في هذا المسجد صحيحة، ويجب هدم هذا المبنى كما هو مبين في الفتوى رقم: 29937 والفتوى رقم: 27410
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/8174)
لا أثر لكون المسجد فوق دورات المياه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
في مدينتنا مسجد قديم وهو صغير وأخيراً تم توسيعه، وقد بنوا الطابق الأول فوق المراحيض، بمعنى أن المراحيض من تحت والمصلى من فوق، فهل تجوز الصلاة أم لا؟ وأحيطكم علما كذلك بأنه في الجهة الأخرى هناك قبور أمام المصلين أي في اتجاه القبلة، مع العلم بأن هناك سوراً بين القبور والمصلين فما حكم ذلك؟ وبارك الله فيكم.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطهارة المكان شرط من شروط صحة الصلاة على الراجح من أقوال العلماء، وما فوق سقف المراحيض مكان طاهر، فالصلاة فيه صحيحة ولا يضر كون المراحيض تحت السقف لبعد المصلي عن النجاسة، وأما عن القبور التي تكون في قبلة المسجد فراجع لها الفتوى رقم: 27410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/8175)
حكم الصلاة في المسجد الذي بداخله قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هذاالسؤال موجه إلى الشيخ عبد الله الفقيه
يوجد بالقرب منا مسجدان الأول يوجد به قبران معظمان، أحدهما في حجرة خارج المصلى، يفصل بينهما فناء،والآخر في المقبرة، وكلاهما شمال المصلى، ولا يصلى فيه الفجر والعشاء، وتصلى فيه الجمعة وهو الأقرب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر:
- فذهب الجمهور إلى أن ذلك مكروه، وهو مذهب الحنفية والشافعية، وهو رواية عن أحمد ورواية عن مالك.
- وذهب المالكية إلى الجواز من غير كراهة.
- وذهب الحنابلة إلى أن ذلك حرام، والصلاة باطلة.
- وهناك رواية عن أحمد أن ذلك حرام والصلاة صحيحة، والذي اعتمدناه هنا في الشبكة هو مذهب الحنابلة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1530، والفتوى رقم: 4527.
هذا إذا كان القبر داخل المسجد، أما إذا كان خارج المسجد، بحيث يفصل بينه وبين المصلين جدار، فإنه لا إشكال في الصلاة في هذا المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/8176)
وقوف الصبيان غير طاهرين في الصف جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترك الأولاد الصغار يصلون مع الجماعة، علما بأنهم غير طاهرين؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الصبي مميزاً أمر بالصلاة، ويشترط لصحة صلاته ما يشترط لصلاة البالغ، كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم كابن قدامة المقدسي، حيث قال في المغني: فصل: ويعتبر لصلاة الصبي من الشروط ما يعتبر في صلاة البالغ، إلا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار. يدل على صحة صلاة غير الحائض بغير الخمار. انتهى.
فيجب على أولياء الصبيان المميزين أمرهم بالطهارة للصلاة، وتأديبهم على تركها إذا بلغوا عشراً قياساً على الصلاة، لأن الصلاة لاتصح إلا بالطهارة، أما دون سن التمييز فلا يؤمرون بالصلاة أصلاً، وإن وقفوا مع الكبار في الصفوف للصلاة جاز وقوفهم، ولا تصح منهم صلاة، ولكن يجب على أهليهم أن ينظفوهم ويتخذوا من الأسباب ما يمنع من تلويثهم المسجد، وقد ثبت دخول الصبيان دون التمييز المسجد، بل وصلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو حامل أمامة بنت أبي العاص ابنة زينب بنته رضي الله عنها، وحديثه في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(11/8177)
لا بأس بغرس الأشجار والورود عند مدخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هل يمكن غرس ورود أو شجيرات عند مدخل المسجد لإعطاء منظر طبيعي جميل للمارة خاصة من غير المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فان تعاهد المسجد بالمحافظة على نظافته من الداخل والخارج من
الإيمان، لأنها بيوت الله.
قال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم
الآخر..) التوبة 18.
وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه الإمام مسلم في صحيحه: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي
لذكر الله وقراءة القرآن.
ولا يدخل غرس الأشجار وزرع الورود - عند مدخل المسجد- في باب
بدع المساجد، بل هو من تعاهده، وصورة من صور المحافظة على جماله ونظافته، وعليه فإنه لا بأس به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/8178)
حكم الصلاة في المسجد الذي أمامه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة وبعد:
نحن نسكن في بلد نصف سكانه نصارى وفي هذا البلد مسجد واحد رئيسي فقط وهذا المسجد يوجد أمامه قبر على جهة القبلة. هل تجوز الصلاة في هذا المسجد؟
مع العلم بأن هناك مصليين صغيرين في البلد.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان القبر أمام المسجد، بمعنى أنه خارج جداره، فلا شيء في الصلاة في هذا المسجد، أما إذا كان داخل المسجد ويستقبله الناس في صلاتهم، فلا تجوز الصلاة في هذا المسجد، كما فصلناه في الفتوى رقم: 31670، والواجب عليكم هدم المسجد إن كان القبر أسبق منه، أو نبش القبر ونقل الميت إلى مكان آخر إن كان المسجد أسبق، أو اتخاذ مسجد آخر للجمعة والجماعة، وقبل فعل ما ذكر، لا بأس أن تصلوا في أحد المصليين اللذين وصفتهما بالصغر مع محاولة توسيعهما حسب الإمكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/8179)
يكره للزوج منع زوجته من الخروج للصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
السؤال هو: ما حكم صلاة المرأة في المسجد (صلاة التراويح، صلاة العيدين) وهل يجوز منعها من الصلاة في المسجد، أرجو الرد على عنواني.
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة المرأة في المسجد مع الجماعة لا حرج فيها، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً، بشرط الالتزام بالآداب الشرعية، كعدم التعطر والتزين ومزاحمة الرجال، وأمن الفتنة، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23731، 26957، 2247، 35324.
ويجوز للزوج أن يمنع زوجته من الخروج للصلاة في المسجد، إلا أنه يكره له منعها عند أمن الفتنة وتحقق الشروط المذكورة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه.
قال النووي في شرح المهذب: يستحب للزوج أن يأذن لها إذا استأذنته إلى المسجد للصلاة، إذا كانت عجوزاً لا تشتهى، وأمن المفسدة عليها وعلى غيرها للأحاديث المذكورة، فإن منعها لم يَحْرم عليه، هذا مذهبنا، قال البيهقي: وبه قال عامة العلماء، ويجاب عن حديث لا تمنعوا إماء الله مساجد الله: بأنه نهي تنزيه، لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب، فلا تتركه للفضيلة. انتهى.
وقال أيضاً في موضع آخر: وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه، إذا كانت ذات زوج أو سيد، ووجدت الشروط المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(11/8180)
حكم وضع اللافتات المشتملة على مواعظ في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل وضع اللافتات التي فيها مواعظ وأحاديث (وقد تكون ملونة) في المساجد من الزخرفة المنهي عنها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص جمهور الفقهاء على كراهة كتابة أو نقش القرآن على الجدران، قال ابن همام الحنفي في فتح القدير: تكره كتابة القرآن وأسماء الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يفرش. انتهى.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله: (ويكره كتبه) أي القرآن (على حائط) ولو لمسجد. انتهى.
وقال الحطاب المالكي رحمه الله في مواهب الجليل: ويكره كتب القرآن في حائط مسجد أو غيره. انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: قال في الفصول وغيره يكره أن يكتب على حيطان المسجد ذكر أو غيره، لأن ذلك يلهي المصلي. انتهى.
قال الإمام النووي في المجموع: يكره زخرفة المسجد ونقشه وتزيينه للأحاديث المشهورة، ولئلا تشغل قلب المصلي. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 23572. وأما اللافتات التي فيها مواعظ فإن كانت في خلفية المسجد ولا تشغل المصلين فلا حرج في تعليقها لأنها نوع من الصحائف والأوراق التي اتفق الفقهاء على جواز كتابة الآيات والأحاديث فيها، ويجب الحذر من سقوطها وامتهانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(11/8181)
حكم الصلاة في البيوت المبنية داخل المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل ماهو داخل حائط المقبرة محسوب عليها وبالتالي لا تجوز الصلاة فيه، وتجدر الإشارة أن هناك دوراً مسكونة داخله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الدور لا يترتب على الصلاة فيها حكم الصلاة إلى القبور، ما دامت هذه الدور لا يوجد بداخلها قبر، وعلى هذا فتصح الصلاة فيها، وبخصوص بناء هذه الدور في هذه المقبرة، فإن هذه المقبرة إن كانت موقوفة فلا يصح البناء بأرضها إلا إن كانت في هذا البناء مصلحة للمقبرة، أو كان ذلك بشرط الواقف، فإن تخلف هذان الشرطان أو أحدهما، كان البناء غصباً، وكان حكم الصلاة فيها حكم الصلاة في الأرض المغصوبة، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 7296.
وإن كانت هذه المقبرة مملوكة فلا يصح البناء بها إلا بإذن مالكها، وإلا كان هذا البناء غصباً، والحكم فيه كسابقه.
وثم أمر آخر وهو أن هذه الدور إذا بنيت على بعض القبور، فإن كانت هذه القبور قد بليت، ولم يبق للميت أثر، جاز هذا البناء وصحت فيها الصلاة، وإن لم تبل هذه القبور وبقي للميت أثر فلا يجوز البناء عليها، ويجب على من فعل ذلك التوبة والقيام بما ذكرناه في الفتوى رقم: 21598.
وأما الصلاة فيها فلا تجوز والحالة هذه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1525.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أنه لا يجوز للرجال التخلف عن صلاة الجماعة والصلاة في هذه الدور إلا لعذر، لأن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/8182)
لا تتصور الضرورة في الصلاة بمسجد فيه قبر إلا بالإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد به قبر عند الضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 1530 أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي بمسجد فيه قبر.
وعليه، فمن وجد مسجداً فيه قبر، فإنه لا يصلي فيه، بل يصلي في مسجد آخر أو في بيته أو أي مكان، ولا تتصور الضرورة في الصلاة بمسجد فيه قبر إلا بالإكراه، وليس على المكره إثم في ذلك، ولكن عليه أن يعيد الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(11/8183)
الرد على الاحتجاج بوجود قبره صلى الله عليه وسلم بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة لا تصح في المسجد الذي فيه قبر كيف يكون قبر النبي داخل المسجد ثم يصلى فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، وبيان تحريم بناء المساجد على القبور ودفن الموتى في المساجد في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 5752.
كما تقدم الرد على الاحتجاج بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد في الفتوى رقم: 30099، والفتوى رقم: 1583.
وننبه هنا إلى أن من حِكَم النهي عن البناء على القبور البعد عن اتباع أهل الكتاب في اتخاذهم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، والبعد عن الغلو في الصالحين الذي قد يؤدي إلى عبادتهم كما حصل لقوم نوح، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اتخاذ قبره عيداً فقال: لا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد دعا الله أن لا يجعل قبره وثنا يعبد، فقال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد. رواه مالك وأبو يعلى، وصححه الألباني.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن الله تعالى استجاب دعاءه، فعصمه من تمكن المصلين من استقبال قبره أثناء الصلاة، قال ابن القيم في قصيدته النونية:
ولقد نها أن نصير قبره ... عيدا حذار الشرك بالرحمن
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي ... قد ضمه وثنامن الأوثان
فأجاب رب العالمين دعاءه ... فأحاطه بثلاثة الجدران
حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه ... في عزة وحماية وصيان
قال الشارح، قال القرطبي: ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأعلوا حيطان تربته وسدوا المداخل إليها وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذ كان مستقبل المصلين فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/8184)
يحرم قربان المسجد الحرام لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الكعبة الشريفة بالنسبة لليهود والمسيحيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكعبة المشرفة ومكة المكرمة حرسها الله تعالى، حرم الله الآمن، وأشرف بقعة على ظهر الأرض، لا يجوز أن يقربها اليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين بعد نزول قول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28] .
ولمزيد من التفصيل والفائدة ومذاهب أهل العلم في هذا الموضوع نحيلك إلى الفتوى رقم: 4041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1424(11/8185)
حكم إدخال القبر في المسجد بعد بنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في مسجد به قبر بحيث كان بناء المسجد سابقاً للقبر ويوجد في المسجد مقام فوق القبر وبعض الناس متأكدون من أنه ليس هناك أحد مدفون في هذا القبر وبعض الناس يستقبلون القبر في صلاتهم نرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز بناء المساجد على القبور، كما لا يجوز إدخال القبور في المساجد بعد بنائها، ولا تصح الصلاة في المساجد المبنية على القبور، على ما بيناه في الفتوى رقم: 31670، والفتوى رقم: 27410.
ولمعرفة الحكم الشرعي في هذه المساجد راجع الفتوى رقم: 4527.
علماً بأنه لا فرق بين التأكد من وجود مقبور في هذه القبور أو عدم وجوده، لأن المقصود من النهي هو الخوف من تعظيم غير الله تعالى، وهذا حاصل في حال وجود مقبور وفي حال عدم وجوده مع وجود صورة القبر (المشهد) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما المساجد المبنية على القبور فقد نهوا عنه معللين بخوف الفتنة بتعظيم المخلوق، كما ذكر ذلك الشافعي وغيره من سائر أئمة المسلمين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند وجودها في كبد السماء، وقال: إنه حينئذ يسجد لها الكفار. فنهى عن ذلك لما فيه من المشابهة لهم، وإن لم يقصد المصلي السجود إلا للواحد المعبود، فكيف بالصلاة في المساجد التي بنيت لتعظيم القبور. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(11/8186)
بناء القبور في المساجد ودفن الموتى فيها محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في بلديتنا مقام يدعى "سيدي اسعيد، وفيه قاعة وضع فيها تابوت يطوف الناس حوله ويقبّلونه، إلى غير ذلك من الطقوس، وقاعة مجاورة لها اتخذت مصلَّى وقبر الولي الصالح في الفناء، وقد كان هذا المقام زاوية لتعليم القرآن، فما حكم الصلاة في مصلَى هذا المقام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبناء القبور في المساجد ودفن الموتى فيها فعل محرم، بل هو كبيرة من الكبائر، وكذلك بناء المساجد عليها، لورود النهي الصريح من الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 26258.
والصلاة في المساجد والمصليات التي هذا شأنها لا تصح إذا كان القبر في داخل المسجد، وذلك قول جمهور كبير من أهل العلم، أما إذا كان القبر خارج المسجد فالصلاة فيه جائزة وصحيحة، ولو كان ملاصقاً له مادام بينهما فاصل، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31670، 1530، 5752، 16049، 17764، 36448، 1516.
والواجب على المسلم في مثل هذه الأحوال أن يستبرئ لدينه ويترك الشبهات، ويسعى في أداء عبادته على الوجه الذي يتيقن معه صحتها وإجزاءها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/8187)
المحراب..معناه.. فائدته.. فكرته وتاريخه
[السُّؤَالُ]
ـ[من أين جاءت فكرة المحراب في المساجد؟ وما هي وظيفته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المحراب كان في البداية يطلق على الحصن الذي يحارب منه العدو، ثم أطلق على القصر الحصين، قال تعالى: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ... [سبأ:13] .
ثم صار يسمى به البيت الذي يختلى فيه للعبادة، فقد كان لزكريا عليه الصلاة والسلام محراب يصلي فيه، قال تعالى: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ [آل عمران:39] .
وكان لداوود عليه السلام محراب يجلس فيه للعبادة، قال تعالى في شأنه: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ [صّ:21] .
وأما فكرة المحراب بالمعنى الحديث، فإنها متأخرة، ويقال إن أول وضعها كان في المسجد الأموي في دمشق على عهد الوليد بن عبد الملك. ووظيفته الأساسية هي معرفة القبلة، ثم صار دهليزاً صغيراً يقف فيه الإمام.
قال صاحب التحرير والتنوير: وأما إطلاق المحراب على الموضع من المسجد الذي يقف فيه الإمام الذي يؤم الناس يجعل مثل كوة غير نافذة واصلة إلى أرض المسجد في حائط القبلة يقف الإمام تحته، فتسمية ذلك محراباً تسمية حديثة، ولم أقف على تعيين الزمن الذي ابتدئ فيه إطلاق اسم المحراب على هذا الموقف.... والذي يظهر أن المسلمين ابتدأوا فجعلوا طاقات صغيرة علامة على القبلة لئلا يضل الداخل إلى المسجد يريد الصلاة، فإن ذلك يقع كثيراً، ثم وسعوها شيئاً فشيئاً حتى صيروها في صورة نصف دهليز صغير في جدار القبلة يسع موقف الإمام، وأحسب أن أول وضعه كان عند بناء المسجد الأموي في دمشق، ثم إن الخليفة الوليد بن عبد الملك أمر بجعله في المسجد النبوي ... (11/161) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1424(11/8188)
مالم يكن يومئذ دينا فلن يكون اليوم دينا
[السُّؤَالُ]
ـ[بدأ الكثير من الدخلاء على الإسلام في القول بأن الصلاة باطلة في المساجد التي بها أضرحة مثل مسجد سيدنا الحسين وغيره من مساجد أولياء الله الصالحين ما هو الحل في قول هؤلاء الجاهلين المتحدثين والخارجين على الإسلام؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم بناء المساجد على القبور، أو دفن الموتى في المساجد، وحكم الصلاة في هذه المساجد، وذلك في الفتويين التاليتين: 9943، 4527.
ومعلوم أن هذا الأمر لم يكن معهودًا في القرون الخيِّرة التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال: خَيْرُ النّاسِ قَرْنِي، ثُمّ الّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمّ الّذِينَ يَلُونَهُمْ رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، واللفظ للبخاري.
وما أحسن ما قاله الإمام مالك رحمه الله، حيث قال: ما لم يكن يومئذ دينًا فلن يكون اليوم دينًا. وما أحسن قول القائل:
وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شرٍّ في ابتداع من خلف
وقد يحتج بعض الناس على جواز دفن الميت بالمسجد بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل مسجده، وقد بيَّنَّا ما في هذه الشبهة من استدلال غير صحيح، وذلك في الفتوى رقم: 30099.
وننبه الأخ السائل إلى أن هذا الذي ذكرناه هو الحق الذي لا شك فيه، والموافق لما جاءت به نصوص الشرع، ولا يصح أن يوصف القائلون به بتلك الأوصاف التي وردت في السؤال، بل لازم ذلك أن تكون هذه أوصاف السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وغيرهم من أئمة الدين ممن كان يعتقد هذا المعتقد.
ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتاوى التالية: 4445، 25852، 34964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(11/8189)
حكم الصلاة في بيت أو في ساحته ضريح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي صديق يسألني عن حكم الصلاة في البيت الذي موجود به -أو بالأحرى يوجد في الفناء التابع للبيت- ضريح. أي ولي صالح (ليس قبرا وإنما ضريح) .أرجو إفادتي وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الضريح هو القبر. قال ابن حجر في فتح الباري: الضريح شق يشق في الأرض على الاستواء ويدفن فيه. (3/213) . وقال شارح سنن ابن ماجه: ضرح للميت كمنع حفر له ضريحًا، والضريح القبر أو الشق.
وعليه.. فإن الصلاة في البيت الذي فيه ضريح لا تجوز لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، روى الشيخان والنسائي والدارمي وأحمد عن عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه. فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وفي رواية: يحذر مثل ما صنعوا.
وأما إن كان القبر خارج البيت فلا مانع إذن من الصلاة فيه. وانظر ذلك في الفتويين رقم: 31670، 13365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(11/8190)
هل يجوز للمرأة الصلاة في مكان مكشوف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن صلاة المرأة لا تجوز إلا تحت سقف؟ أي لا بد من وجود حائل يحول بينها وبين السماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فغير صحيح أن المرأة لا يجوز أن تصلي إلا تحت سقف أو حائل يحول بينها وبين السماء، إذ لم يرد ذلك في السنة ولا عمل السلف الصالح، بل وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ. يدل على أن صحة الصلاة لا تختص ببقعة دون أخرى، وقوله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل لا يراد به جنس الرجال وحده، وإنما المقصود جميع المكلفين.
والذي يشترط في صحة صلاة المرأة هو أن تستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، لما روى أبو داود وابن ماجه والترمذي والدارمي وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار. والحائض هي: البالغة.
وروى أبو داود عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(11/8191)
حكم التصرف في مسجد خاص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هدم مسجد قديم بني داخل بيت وبناء مسجد خارج البيت بدل هذا المسجد ليصلي فيه عامة الناس، مع العلم بأن المسجد الذي داخل البيت لا يصلي فيه إلا أهل البيت بمعنى أنه ليس لعامة الناس؟ وما حكم بيع الأرض الموقوفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسجد إذا كان خاصا غير مأذون فيه لعامة الناس فإنه يجوز التصرف فيه بما يراه صاحب المنزل، إذا كان لم ينو جعله وقفاً، ولا شك أن استخدامه في المصلحة إن أمكن أفضل من هدمه لغير مصلحة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 6658، وراجع في بيع الأرض الموقوفة الفتوى رقم:
6609
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/8192)
حكم الذهاب إلى المسجد الأبعد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز لي يا شيخ أن أصلي في غير المسجد الذي بجانب بيتي، وذلك لأن الحي الذي أسكن فيه حديث ويوجد فيه من العمال الكثير وروائحهم كريهة، فهل يجوز لي أن أصلي في مسجد آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في مسجد غير المسجد الذي بجانبك لا حرج فيها إذا لم يترتب عليها تعطيل للمسجد الأقرب.
بل قد يكون الذهاب إلى المسجد الأبعد أكثر أجراً لكثرة الخطى إليه، ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذالكم الرباط.
وكثرة الخطى تكون ببعد الدار وكثرة التكرار، وعليه فلا حرج عليك في أداء الصلاة في المسجد الأبعد خصوصاً إذا كان في المسجد الأقرب من تتأذى من رائحته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(11/8193)
مصلحة المسجد أولى بالاعتبار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل نقل أشجار موجودة بجوار المسجد حلال أم حرام؟ وذلك بغرض التوسع لعمل مظلة للمصلين؟ مع العلم أن الأشجار ستنقل بجوار المسجد، وماذا إن ماتت خلال نقلها أو بعد ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القائم على شؤون المسجد ينبغي له فعل كل ما تترتب عليه مصلحة للمسجد، ومن ذلك نقل الأشجار الموجودة حوله بغرض منفعة للمصلين.
وإذا ماتت الأشجار بسبب نقلها من مكانها فلا حرج في ذلك، لأن نقلها لا يقصد به إلا الإصلاح وليس بغرض إتلافها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(11/8194)
يجوز للإمام أن يقف في المحراب أو يتأخر عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو أنسب موقع للإمام فى المسجد عندما يؤم المصلين هل يقابل المحراب مباشرة أم يقف بجانبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أكثر العلماء لم يميزوا موقفا داخل المسجد يقف فيه الإمام، فله أن يقف في المحراب أو يتأخر عنه حسبما تسمح به سعة المسجد وضيقه.
ورأى البعض أن يقف الإمام عن يمين المحراب إن كان المسجد متسعاً وإلا فلا حرج في وقوفه في المحراب، قال في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى ما نصه:.... (وتكره صلاة إمام فيه) أي المحراب- (بلا حاجة) كضيق مسجد وكثرة جمع، فلا يكره لدعاء الحاجة إليه، ومحل الكراهة (إن منع مأموماً مشاهدته) روي عن ابن مسعود وغيره، لأنه يستتر به عن بعض المأمومين، أشبه ما لو كان بينه وبينهم حجاب، (بل يقف) الإمام عن (يمين محراب) ، إذا كان المسجد واسعاً نصا لتميز جانب اليمين. ج1ص296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/8195)
المكان المعد للصلاة هل يأخذ حكم المسجد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلاب في الصين وقد قمنا بتخصيص غرفة كمصلى ونقوم بصلاة الجماعة والحمد لله في جميع الأوقات فهل تعتبر الغرفة مسجداً؟ وعندما يأتي أحد المصلين متأخرا فهل له أن يصلي خلف شخص مأموم بقيت له ركعة أو ركعتان؟ وهل يستطيع من صلى الجماعة وانتهى منها أن يصلي مرة أخرى ليكسب المتأخر أجر الجماعة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يمكن أن تعتبر الغرفة مسجداً إلا إذا كانت مسجداً فعلاً، فهي لا تأخذ الآن حكم المسجد من حيث التحية ومكث الحائض والجنب، ونحو ذلك.
لكن هل صلاة الجماعة واجبة في المسجد؟ اختلف العلماء في ذلك:
فذهب الحنفية والمالكية إلى أن الجماعة سنة مؤكدة، وذهب الشافعية إلى أنها فرض كفاية على الصحيح من المذهب، وذهب الحنابلة إلى أنها فرض عين على من تجب عليهم الجمعة ولم يشترطوا لها المسجد.
وذهب الظاهرية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنها لابد أن تكون في المسجد إلا لعذر.
والأحوط الأخذ بهذا القول، فإذا كان هناك مسجد قريب تسمعون نداءه فصلوا في المسجد، وإلا فأنتم معذورون، وراجع الفتوى رقم: 30245.
وأما عن الفقرة الثانية من سؤالك، فراجع لها الفتوى رقم: 8746، والفتوى رقم: 18496.
وأما عن الفقرة الثالثة، فراجع لها الفتوى رقم: 8033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(11/8196)
السرير ليس مكانا للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى فوق السرير حتى لا يمر طفل صغير أمامه وهو يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة لمن أراد الصلاة وخشي المرور بين يديه أن يضع سترة أمامه وليدن منها ولا يترك أحداً يمر بينه وبينها، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب اتخاذها لمن خشي المرور، وبذلك يأثم إذا تركها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كما في سنن ابن ماجه مرفوعاً: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها ولا يدع أحداً يمر بين يديه.
هذا هو الحل لمن خشي مرور الأطفال أو غيرهم أمامه، وأما السرير فليس مكانا للصلاة، وربما يتحرك أو يهتز فيسبب الانشغال عن الصلاة وعدم الخشوع فيها وخاصة إذ كان ليناً، وإذا كان مخصصاً للنوم فيكون مظنة لعدم الطهارة..... والصلاة فوقه لا تغني عن وضع السترة إذا كان يمكن المرور أمامه.
كما ننبهك إلى أن داء صلاة الفريضة في الجماعة واجب على الرجال القادرين، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
19108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/8197)
حكم الصلاة في مسجد به قبر في حجرة منفصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في المسجد الذي به ضريح؟ مع العلم أن هذا الضريح في حجرة منفصلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة لا تجوز ولا تصح في مسجد فيه قبر لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الأحاديث الصريحة الصحيحة الثابتة.
والنهي يقتضي التحريم والفساد كما قرر ذلك العلماء رحمهم الله تعالى، وإذا كان القبر أو الضريح في حجرة مستقلة خارج حدود المسجد فهذا لا علاقة له بالمسجد، وفي هذه الحالة تجوز الصلاة بالمسجد لأنه منفصل عن القبر، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم: 26258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/8198)
القبر والمسجد لا يجتمعان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد:
فأريد أن أعرف ما حكم الصلاة في مسجد به قبر مع العلم بأن القبر يتواجد خارج بيت الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
26258 حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، وسواء كان القبر في المكان الذي يؤدي الناس فيه الصلاة أو في جانبه أو في مؤخرته، المهم أنه داخل مسمى المسجد، أما إذا كان خارجه فلا شيء في الصلاة في هذا المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/8199)
الصلاة في بيت فيه صور صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في بيت فيه صور معلقة أو صور محفوظة للذكرى؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في بيت فيه صور صحيحة، ولا تبطل الصلاة بالنظر إلى الصور ولو حصل فيها فكر، مع أنه تكره الصلاة إلى جهة الصور أو ما يلهي في الصلاة، ومما يدل لذلك حديث أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. رواه البخاري وأحمد.
وقد ذكر النووي في المجموع: أنه تكره الصلاة إلى ثوب فيه صور أو ما يلهي، وأن الصلاة تصح، وإن حصل فيها فكر أو اشتغال قلب بغيرها، وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع. انتهى.
هذا وينبغي أن يعلم أن محل هذا في النفل أو الفرض الذي حصل لصاحبه عذر يمنعه من الذهاب إلى المسجد.
أما غير المعذور، فيتعين عليه أن يصلي في المسجد مع الجماعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له.
وفي رواية أنه قال: من سمع النداء فارغا صحيحاً فلم يجب فلا صلاة له رواهما الحاكم وصححهما ووافقه الذهبي.
وفي رواية: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر رواه ابن ماجه والحاكم وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 10888 في حكم التصوير الفوتوغرافي، والفتوى رقم: 9724 في الصلاة إلى جهة الصور، أو ما يلهي في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(11/8200)
الفرق بين المسجد والمسجد الجامع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما الفرق بين المسجد والمسجد الجامع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفرق بين المسجد والجامع هو أن الجامع أعم.. فهو الذي فيه الجمعة، وعليه يدل حديث: ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع. رواه أبو داود.
بخلاف المسجد غير الجامع فهو الذي تقام فيه الصلوات الخمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/8201)
لا يبنى المسجد على قبر ولا يدفن ميت في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في المساجد التي تبنى وبها قبر لأحد الأولياء أو الأئمة، وما حكم الصلاة فيها، مع العلم بأن المعتقدين بعدم حرمتها يبررون ذلك بأن مقام سيدنا إبراهيم يوجد داخل الحرم الشريف وكذلك مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وبه قبر الرسول ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يحرم بناء المساجد على القبور ولا تصح الصلاة فيها، كما يحرم دفن الميت بالمسجد، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث نهى فيها عن ذلك، بل لعن فاعله، وقد وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 1530.
أما ما يردده من يفعل هذا من كون قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد فيرد عليه بأنه وصاحبيه لم يدفنوا في المسجد، وإنما دفنوا في بيت عائشة، ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أُدخلت الحجرة في المسجد في آخر القرن الأول، ولا يعتبر عمله هنا في حكم الدفن في المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لم ينقلوا إلى أرض المسجد، وإنما أُدخلت الحجرة التي هم بها في المسجد لأجل التوسعة، فلا يكون في ذلك حجة لأحد على جواز البناء على القبور أو اتخاذ المساجد عليها أو الدفن فيها لما ورد من الأحاديث الصحيحة المانعة من ذلك.
وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على هذه الشبهة في المجلد السابع والعشرين ص: 137، فقال رحمه الله تعالى:
بل المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين لا تجوز الصلاة فيها، وبناؤها محرم كما قد نص غير واحد من الأئمة لما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والسنن والمسانيد أنه قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. وقال في مرض موته: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد - يحذر ما فعلوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره. ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا.
وكانت حجرة النبي صلى الله عليه وسلم خارجة عن مسجده، فلما كان في إمرة الوليد بن عبد الملك كتب إلى عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة النبوية أن يزيد في المسجد، فاشترى حُجَرِ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت شرقي المسجد وقبلته فزادها في المسجد فدخلت الحجرة إذ ذاك في المسجد وبنوها مسنمة عن سمت القبلة لئلا يصلي أحد إليها.
وكذلك قبر إبراهيم الخليل لما فتح المسلمون البلاد كان عليه السور السليماني ولا يدخل إليه أحد ولا يصلي أحد عنده، بل كان مصلى المسلمين بقرية الخليل هناك، وكان الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى أن نقب ذلك السور ثم جعل فيه باب، ويقال: إن النصارى هم نقبوه وجعلوه كنيسة ثم لما أخذ المسلمون منهم البلاد جعل ذلك مسجداً، ولهذا كان العلماء الصالحون لا يصلون في ذلك المكان. هذا إذا كان القبر صحيحاً، فكيف وعامة القبور المنسوبة إلى الأنبياء كذب مثل القبر الذي يقال إنه قبر نوح، فإنه كذب لا ريب فيه، وإنما أظهره الجهال من مدة فريبة، وكذلك قبر غيره. انتهى.
أما مقام إبراهيم الموجود بمكة فليس بقبر، بل هو أثر قدميه كما هو معروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/8202)
الصلاة في مسجد بنته منظمة تنصيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد بنته منظمة تنصير مثل "كاريتاس" مثلا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز صفات من يحق لهم عمارة المساجد فقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة:18] .
قال في التفسير المنير: (أي إنما يستحق عمارة المساجد وتستقيم منه العمارة، ويكون أهلاً لها من اتصف بالإيمان بالله تعالى إيماناً صحيحاً، على النحو المبين في القرآن من الإقرار بوجود الله والاعتراف بوحدانيته، وتخصيصه بالعبادة والتوكل عليه، وآمن باليوم الآخر الذي يحاسب الله فيه العباد، وأقام الصلاة المفروضة ... هؤلاء الموصوفون بهذه الصفات هم الذين يقتصر عليهم عمارة المساجد الحسية بالبناء والتشييد والترميم، والمعنوية بالعبادة والأذكار وحضور دروس العلم، فلا يعمر بيوت الله غيرهم) .
وبناءً على ما تقدم نقول: الأصل أن يقوم المسلمون ببناء المساجد، وأن يمنع الكفار من ذلك لأنهم ليسوا أهلاً لعمارة مساجد الله، ولئلا تكون لهم منّة على المسلمين بذلك، كما أشار إلى هذا الملحظ الشوكاني رحمه الله في فتح القدير.
وقال الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن (2/87) : (اقتضت الآية منع الكفار من دخول المساجد ومن بنائها وتولي مصالحها والقيام بها) . انتهى
لكن إن قام كافر ببناء مسجد أو المساهمة في نفقاته، فلا يهدم المسجد إلا إذا اتخذ أداة للضرر، فيكون حينئذ كمسجد الضرار فيهدم.
فالصلاة في المسجد الذي بنته منظمة (تنصيرية) جائزة، ما لم تكن بنته ضراراً وتفريقاً بين المؤمنين.
قال في التفسير المنير: (ولا مانع أيضاً من قيام الكافر ببناء مسجد أو المساهمة في نفقاته، بشرط ألا يتخذ أداة للضرر، وإلا كان حينئذ كمسجد الضرار ... وقال أيضاً: إنما المنع موجه إلى الولاية على المساجد والاستقلال بالقيام بمصالحها، مثل تعيينه: ناظر المسجد أو ناظر أوقاته. وقيل: إن الكفار ممنوعون من عمارة مساجد المسلمين مطلقاً) . التفسير المنير (10/140) للدكتور وهبة الزحيلي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/8203)
حكم الصلاة في مسجد بخارجه قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ ما حكم الصلاة في مسجد يوجد بين مجموعة من القبور مضافاً إليها قبة فاصل من جدارين، إذ يبدو الجداران كأنهما جدار واحد، كما أن هذه القبور والقبة المذكورة تزار عند الأفراح ممن يعتقد في القبور، ناهيك عن كون مفتاح هذه القبور والقبة مستأمناً عليه بالمسجد، ويعطى لهؤلاء الجهلة القبوريين من قبل إمام المسجد أو القيم، فما قول فضيلتكم في هذا التناقض العجيب في محاولة الجمع بين منبري الشرك والتوحيد في آن واحد، علما بأنه يوجد مساجد أخرى قريبة جداً من الحي، فأيهما أفضل ترك ذريعة الشرك وكذا الاعتياد على مثل هذا المنكر فيصبح معروفا في القلوب فيفضي إلى تعظيمها بعد حين ممن ينشأ على هذا، أو تخطي المسجد وهذا أسلم للشبه على الغير وللقلب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حذر الإسلام من اتخاذ القبور مساجد، كما نهى عن البناء على القبور أو إدخال القبور فيها، وقد بينا ذلك واضحاً مع أدلته في الفتوى رقم: 4527.
أما إذا كانت القبور خارج المسجد، ووجد بينها وبينه فاصل، فإن الصلاة في هذا المسجد صحيحة ولا يضر إن كانت في قبلته، قال في مطالب أولي النهى: (فإن كان حائل لم تكره الصلاة.) انتهى.
وقال: (ويكفي حائط المسجد.) انتهى.
وراجع في هذا الفتوى رقم: 27410.
علماً بأنه يجب هدم القبور المشرفة والقباب التي عليها عند القدرة على ذلك مع أمن الفتنة على النفس وجماعة المسلمين، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته." رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/8204)
حكم الصلاة في مسجد بني بقسط ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الصلاة في مسجد تم بناؤه من مال بقرض من البنك أي دخل في المسجد مال ربوي لإتمام بنائه على الرغم من أنه لا يوجد مسجد غيره في المنطقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في هذا المسجد جائزة، وقد سبق بيان جواز الصلاة في المسجد الذي بني من مال حرام، وذلك في الفتوى رقم: 17161..
فجوازها في هذه الحالة أولى، وإنما يقع الإثم على من اقترض هذا المال، فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/8205)
الصلاة في مسجد بقبلته مقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة في مسجد توجد بقبلته مقبرة، لا يوجد حاجز يفصل بينهما، والمسجد باسم رجل صالح مدفون بالمقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت القبور خارج المسجد سواء كانت عن يمينه أو شماله أو أمامه فإن ذلك لا يؤثر على مشروعية الصلاة فيه وصحتها، وجدار المسجد كاف للفصل بينه وبين المقبرة.
أما إذا كان القبر داخل المسجد وإن حوط بجدار فلا تشرع الصلاة فيه، كما هو مبين في الفتوى رقم:
4527
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(11/8206)
إذا اجتمع مسجد وقبر فما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: لدينا مسجد قديماً جداً محاط بمقبرة، وعند إجراء التوسعة له بقيت به ثلاثة أو أربعة قبور
وقد سمعنا مؤخراً بتحريم الصلاة فيه، لوجود هذه القبور.. نرجو التوضيح.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عندها أمر محرم في شريعة الإسلام، وقد تواتر النهي عن ذلك في ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم،
فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل موته بخمس: ألا وإن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، إني أنهاكم عن ذلك.
قال العلماء: لا يجتمع في دين الإسلام قبر ومسجد، فأيهما طرأ على الآخر أزيل، وعلى هذا فإذا كان المسجد بني أولاً، فإن القبور تنبش وتنقل إلى المقبرة، أو تسوى بالأرض حتى لا يبقى لها أثر.
وإن كان المسجد بني بعد القبور فإما أن يزال المسجد أو تزال صورة القبور بتسويتها مع الأرض.
فالمسجد الذي بني على القبور لا يصلى فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(11/8207)
حكم إقامة الصلوات في مسجدين متجاورين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم مسجدين متجاورين؟
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن يكون لكل حي أو مجموعة مسجد واحد يصلون فيه جماعة، حتى يلتقي أكبر عدد ممكن من أهل الحي الواحد للصلة والتعارف والتعاون على البر والتقوى.
ولكن إذا كان بالحي الواحد مسجدان، فلا مانع من إقامة الصلاة فيهما إذا كان لكل منهما إمامه وجماعته، وربما كان ذلك أيسر لحضور الجماعة.
وعليه، فإن حكم هذين المسجدين كحكم غيرهما من مساجد المسلمين التي تقام فيها الصلاة.
ولكن لا ينبغي إقامة الجمعة فيهما معاً لغير ضرورة، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى منع تعدد الجمعة في البلد الواحد لغير ضرورة أو حاجة ملحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8208)
المسجد المهجور يأخذ حكم المساجد العامرة ما دام قائما
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدتنا مسجد قديم، هجر هذا المسجد بعد بناء مسجد جديد، فصار مهجوراً لا تقام الصلاة فيه، ولكنه خصص لتدريس النساء القرآن الكريم، فهل يبقى له حكم المسجد؟ نرجو منكم التفصيل. وهل يجوز دخول النساء الحيَّض للمسجد هذا وغيره من المساجد لغرض العلم؟.
أفيدونا رحمكم الله وأعزكم بالإسلام وأعز الإسلام بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام المسجد القديم قائماً على حاله، ويصلح للصلاة فيه فهو مسجد، ويأخذ أحكام غيره من المساجد، ولا حرج في صلاة النساء فيه وقراءتهن للقرآن وتعلمه فيه؛ إلا أن الحائض تمنع من المكث فيه كسائر المساجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(11/8209)
حكم الصلاة في المساجد التي بها قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
هناك في بلادنا الجزائر يوجد طائفة يدعون بالطرقيين ويصلون في المسجد فيه ضريح ومنهم من يصلي داخل البيت الذي يوجد فيه الضريح في صلاة الجماعة منفرداً فما هوالحكم الشرعي من هذا السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام على الصوفية كثيراً وستجد في الفتوى رقم:
21700 إحالات نافعة.
وأما عن حكم بناء الأضرحة والصلاة في المقابر وفي المساجد التي بها قبر أو قبور فانظر الفتاوى التالية بالأرقام التالية: 17764 -
16166 -
13365 -
8500 -
9943 -
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(11/8210)
حكم الصلاة في بيت فيه كلب ليس للحراسة.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة في بيت يربى فيه كلب؟ علما أنه ليس للحراسة، وما عقاب هذه التربية علما أن الكلب للترفيه وليس للحراسة! أرجو الإفادة؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز اتخاذ الكلب إلا للصيد، أو الحراسة. وراجع الفتوى رقم: 14735 أما بالنسبة للصلاة في بيت فيه كلب فلا حرج فيها، إلا إذا تحققت من نجاسة المكان الذي تصلي فيه، أو غلب ذلك على ظنك، وحينئذ يجب عليك تطهيره، أو الصلاة في مكان غيره خال من النجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(11/8211)
حكم الصلاة في مخزن خمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة في مخزن يوجد فيه خمر مخزن؟ علما بأنه لا يوجد مكان آخر؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الصلاة في المكان المذكور، لكن بشرط أن يكون الموضع الذي تماسه أعضاء المصلي خالياً من الخمر، فإذا كان خاليا منها كانت الصلاة صحيحة، لأن المصلي لا يلمس الخمر في مواطن أعضائه، وقد نص أهل العلم على أن وجود النجاسة بجنب المصلي بل ولو كانت تحت صدره وقت سجوده وهولا يلمسها فإنها لا تضر.
ومن هذا يتبين للسائل صحة الصلاة في المخزن بالشرط المذكور، لكن لا يخفى أن الخمر محرمة في الإسلام تحريماً بيناً، فلا يجوز تخزينها ولا حراستها، بل يجب إنكارها وإراقتها، وقد لعن فيها النبي صلى الله عليه وسلم عشراً كما روى الترمذي وابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(11/8212)
حكم البيع في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الإسلام في رجل يبيع الكتب الدينية داخل المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك"......
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار..... رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
ولهذا ذهب جماهير أهل العلم إلى كراهة البيع والشراء في المسجد، سواء كانت السلعة حاضرة أو غائبة موصوفة، وذهب بعض أهل العلم إلى تحريم البيع والشراء في المسجد، مع اتفاق الجميع على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه.
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: (أما البيع والشراء "أي في المسجد" فذهب جمهور العلماء إلى أن النهي محمول على الكراهة، قال العراقي: وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه. وهكذا قال المارودي. وأنت خبير بأن حمل النهي على الكراهة يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بأن النهي حقيقة في التحريم، وهو الحق، وإجماعهم على عدم جواز النقض وصحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم فلا يصح جعله قرينة لحمل النهي على الكراهة.
وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه لا يكره البيع والشراء في المسجد، والأحاديث ترد عليه.
وفرق أصحاب أبي حنيفة بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره، أو يقل فلا كراهة، وهو فرق لا دليل عليه) . انتهى
وقال المرداوي في الانصاف: (لا يجوز البيع والشراء للمعتكف في المسجد وغيره على الصحيح من المذهب، نص عليه في رواية حنبل، وجزم به القاضي وابنه أبو الحسين وغيره وصاحب الوسيلة والإيضاح والشرح هنا وابن تميم، وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وغيرهما) .
وعلى كل حال.. فالأولى بالمسلم الابتعاد عن البيع والشراء في المسجد، لأن هذا المكان بني لعبادة الله تعالى، فلو جاء الناس بسلعهم إليه لبيعها فيه صار سوقاً، وفي موطأ مالك أن عطاء بن يسار: كان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معك وما تريد؟ فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه قال: عليك بسوق الدنيا وإنما هذا سوق الآخرة.
وفيه أن عمر بن الخطاب بنى رحبة من ناحية المسجد تسمى البطحاء وقال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعراً أو يرفع صوتاً فليخرج إلى هذه الرحبة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/8213)
الصلاة حيث ينادى يها أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد
إني أقيم بمسكن بحي شعبي وقد قمنا أخيرا بإنشاء مركز لتحفيظ القرآن الكريم في وسط الحي وخصصنا جزءا خاصاً للصلاة على أساس أن نجعله مصلى عاماً إلا أن الأوقاف وهي الجهة المسؤلة رفضت أن يكون هذا الجزء مصلى عاماً للجميع وإنما هو مخصص للطلبة والمعلمين داخل المركز فقط وبهذا لا يمكن إقامة الأذان داخل المركز , إلا أن أهل الحي يحضرون للصلاة في جماعة في جميع الأوقات.
والسؤال هل صلاة الجماعة داخل هذا المركز تعادل صلاة الجماعة في المسجد أم يجب علينا الذهاب إلى المسجد البعيد نسبيا عن بيوتنا.
جزاكم الله عن الإسلام كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلى المذكور ينبغي أن يعطى حكم المسجد من الاحترام والتعظيم ما دام قد عين مكاناً للصلاة، فتستحب تحيته عند الدخول ويمنع الجنب والحائض من دخوله.. إلى غير ذلك من الأمور.
أما بخصوص مقارنة الصلاة فيه بالصلاة في المساجد التي ينادى فيها للصلاة، فالظاهر -والله أعلم- أن الصلاة في المسجد التي يؤذن للصلاة فيه أفضل لما في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله غدا مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن. ففي هذا الحديث التنصيص على الأمر بالمحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(11/8214)
يراعي من يصلي على الكرسي في المسجد عدم الإضرار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم0
اعتاد بعض المرضى والعجزة في المسجد الصلاة على كرسي، ولما نهاهم الإمام عن ذلك وخاصة عند فرش المسجد بفراش فاخر تذمر البعض منهم0 السؤال المطروح: ما الحكم الشرعي في الصلاة على الكرسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في الصلاة على كرسي لمن عجز عن الصلاة قائماً، ولو كان ذلك في داخل المسجد، إلا أنه ينبغي مراعاة ألا يترتب على ذلك ضرر كبير بما فرش به المسجد، مع احتمال الضرر اليسير إن وجد، كما أننا ننصح إمام المسجد والمصلين به بمراعاة الحكمة في معالجة الأمور التي قد يقع الخلاف حولها، فإن الإلفة بين قلوب المسلمين مقصد شرعي عظيم، والخلاف شر وبلاء، ولمزيد الفائدة عن حكم من عجز عن الصلاة قائماً تراجع الفتوى رقم:
5585.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/8215)
المحراب ... معناه ... وأول محراب في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو المحراب؟ وما اسم الجزء من المسجد الذي يصلي فيه الإمام بالمأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير: (والمحراب بناء يتخذه أحد ليخلو فيه بتعبده وصلاته، وأكثر ما يتخذ في علو يرتقى إليه بسلم أو درج، وهو غير المسجد. وأطلق على غير ذلك إطلاقات، على وجه التشبيه أو التوسع، كقول عمر بن أبي ربيعة:
دمية عند راهب قسيس ... صوروها في مذبح المحراب
أراد في مذبح البيعة، لأن المحراب لا يجعل فيه مذبح.
وقد قيل: إن المحراب مشتق من الحرب، لأن المتعبد كأنه يحارب الشيطان فيه، فكأنهم جعلوا هذا المكان آلة لحرب الشيطان.
ثم أطلق المحراب عند المسلمين كشكل نصف قبة في طول قامة ونصف يجعل بموضع القبلة ليقف فيه الإمام للصلاة، وهو إطلاق مُوَلَّد.
وأول محراب في الإسلام، محراب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، صنع في خلافة الوليد بن عبد الملك مدة إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة) . انتهى
وقال ابن عطية رحمه الله في تفسيره: (والمحراب: المبني الحسن كالغرف والعلالي ونحوه، ومحراب القصر أشرف ما فيه. ولذلك قيل لأشرف ما في المصلى -وهو موقف الإمام- محراب) . انتهى
وقال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب: (والمحراب: القبلة، ومحراب المسجد أيضاً صدره وأشرف موضع فيه، ومحاريب بني إسرائيل مساجدهم التي كانوا يجلسون فيها، وفي التهذيب: التي يجتمعون فيها للصلاة) . انتهى
وقال أيضاً رحمه الله: (وقيل: سمي المحراب محراباً لأن الإمام إذا قام فيه لم يأمن أن يلحن أو يخطئ، فهو خائف مكاناً كأنه مأوى الأسد، والمحراب مأوى الأسد، يقال: دخل فلان على الأسد في محرابه، وغيله، وعرينه) . انتهى
أما بالنسبة لاسم الجزء الذي يصلي فيه الإمام، فأصبح متعارفاً عليه باسم "المحراب" وإلى ذلك أشار ابن عاشور كما نقلنا عنه سابقاً.
وفي الأصل كان يقال له: مصلى الإمام -أي مكان صلاته- كما جاء ذلك في مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة، وعدلت الصفوف قياماً قبل أن يخرج إلينا النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلينا فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب، وقال لنا: مكانكم. فمكثنا على هيئتنا -يعني قياما-ً ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه.
والحديث متفق عليه. والشاهد منه أن أبا هريرة رضي الله عنه عبَّر عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم وهو إمام القوم بقوله: "فلما قام في مصلاه"، هذا مجمل ما ذكره أهل العلم عن المحراب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/8216)
حكم حفر بئر في المسجد، وحكم منع أحد السكان ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم:
لدينا أزمة فى المياه، وتبرع متبرع لحفر بئر بآلة في المسجد، ورفض أحد السكان، لأنه لديه بئراً وخاف أن ينفذ ومصلحة المجتمع أولى من مصلحة الفرد هل له الحق أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحفر البئر في المسجد محل خلاف بين العلماء: هل يجوز أو لا يجوز؟ والذي يترجح جواز حفر البئر في المسجد للمصلحة العامة مع الكراهة، شريطة أن لا يحدث ذلك تشويشاً على المصلين، وأن لا توجد حاجة لتلك البقعة للصلاة فيها، وهذا مذهب الشافعية رحمهم الله.
وأما عن منع أحد السكان للحفر خشية أن ينفذ ماؤه هو، فليس له المنع من ذلك، لأنه خارج عن ملكه، وهو إنما يملك التصرف في ملكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/8217)
الرؤية الصحيحة في حكم الأناشيد الإسلامية في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[النشيد (الإسلامي) بداخل المسجد بترنم وتنغم وتمطيط محاكياً فعل المغنين اثنان في الأمام وخمسة في الخلف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال العلماء جواز إنشاد الشعر في المسجد إذا كان مما يمدح به الإسلام، أو يحض على الجهاد والفضائل، وما شابه ذلك من المقاصد الحسنة.
فقد روى البخاري ومسلم أن عمر رضي الله عنه مر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه، فقال: قد كنت أنشد فيه، وفيه من هو خير منك. يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. والأحاديث في إنشاد الصحابة للشعر في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع كثيرة.
ولكن يمنع إنشاد الشعر في المسجد، إذا أدى إلى اللغط وارتفاع الأصوات، فإن ذلك منهي عنه فيما رواه مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثلاثاً، وإياكم وهيشات الأسواق".
ومن هيشات الأسواق كما قال النووي رحمه الله: (ارتفاع الأصوات واللغط والإنشاد جماعة في المسجد داخل في هذا والله أعلم) .
هذا عن حكم إنشاد الشعر في المسجد، وأما عن حكم الأناشيد الإسلامية عموماً فإن الصحيح أنها جائزة إذا لم تتضمن حراماً، في ألفاظها، أو بمصاحبتها لآلات اللهو، ولم يكن فيها تشبه بأهل الفسق والفجور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/8218)
حكم الصلاة في مسجد عليه التزام مالي
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد في طور الانشاء قارب على الانتهاء إلا أن هناك التزاماً مالياً عليه، فهل تجوز الصلاة فيه، علما بأن المسجد تقام فيه حاليا صلاة الأوقات دون الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الصلاة أنها جائزة وصحيحة في كل مكان طاهر أديت فيه، لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً. رواه البخاري ومسلم.
وعليه فتجوز الصلاة في هذا المسجد، ولو كان عليه التزام مالي، إذ لا دليل يمنع من ذلك، وعلى القائمين على المسجد أداء الحقوق لأهلها، فإذا كانت الصلاة صحيحة في الأرض المغصوبة عند أكثر أهل العلم فإن صحتها ههنا أولى وأحرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/8219)
مذاهب أهل العلم في الصلاة داخل الكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم موحد بالله والحمد لله أقيم في أوروبا ما يقرب من 15 عاماً متزوج من أوروبية أعلنت إسلامها والحمد لله والتزمت به تطبيقاً بما فيه أمر الحجاب والفضل والمنة لله وحده وأعاني من مرض ضيق الصدر وظللت ما يزيد على العامين بدون عمل في رحلة البحث عن عمل يتناسب مع هذا وهو في الأمن غالباً حراسة المنشئات العامة كالشركات والمستشفيات والمتاحف والبنوك وخلافه من الأماكن الأثرية وعملت ما يقرب العام غالباً مستشفى ومحل سوبر ماركت ضخم وكنت أقوم بأداء الصوات في العمل في الخفاء غالباً وللضرورة في العلن نظراً لمعرفتي بكراهية الكثيرين منهم للمسلمين وخوف الغربيين من الإسلام وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ومع الوقت رآني بعضهم أصلي واختلق بعضهم المشاكل معي ثم أبلغ مديري في العمل أني أصلي في أروقة العمل (أثناء العمل) فتم استدعائي من قبل المدير وأبلغني أن هذا لا يجوز بحال أن أصلي في العمل ودافعت عن موقفي بأن هذا لا يضير العمل في شيء وأني مسلم أعتز بإسلامي....إلخ
فتم إيقافي حوالي ثلاثة أسابيع عن العمل ثم تم الاتصال بي وإخطاري أنه يوجد إمكانية واحدة للعمل لي بالشركة وهي بحراسة كنيسة أثرية قليلاً ما يصلى بها يومياً ومعظم الوقت تستخدم في الأغراض السياحية والدخول لها برسوم كالمتاحف ولكن يصلي بها النصارى يومياً في الصباح حوالي 40 دقيقة فقط أو أقل ...
ولما حاولت التهرب بحجة أنني ربما لا أقبل من العاملين بها لكوني مسلم فقالوا لي لا هذا لايهم من جهتهم ولكن هل دينك يمنعك من أن تحرس كنيسة قلت لهم لا يوجد عداء ديني يمنعني من حراسة الكنائس مادام السلام يستتب ولكني أفضل عملاً أخر بعيداً عن الحساسيات الدينية وعندها خيروني ما بين أن أواصل عملي معهم بهذه الكنيسة المتحف أو أنه سيتم فصلي وبالتالي تسقط مستحقات معينة قانونية لي وعندها قبلت أن أواصل عملي معهم بهذه الكنيسة متمنياً من الله أن يجعل لي مخرجاً في القريب العاجل من ذلك وفي أثناء عملي بها أستغل ذلك في إظهار سماحة الإسلام وأننا نؤمن بالمسيح مثلهم مع الفارق وإلهنا وإلههم واحد ونحن له مسلمون وأننا أمرنا بمجادلتهم بالحسنى إلا من ظلموا منهم.... إلخ
وأبحث الآن عن مكان أستطيع الصلاة في بالكنيسة لعلمي بموقف الفاروق عمر رضي الله عنه من الصلاة بالكنائس وأن الله قد جعل الأرض لنا مسجداً وطهوراً.... وسؤالي الآن ذو شقين أولاً:
هل يجوز لي العمل في حراسة كنيسة تستخدم بنسبة ثمانون بالمئة في الأغراض السياحية البحته علماً بأنني من النشطاء إسلامياً في هذه البلاد؟
ثانيا: هل يجوز لي أصلاً الصلاة كمسلم في هذه الكنيسة في مكان مناسب نوعاً ما لذلك حتى لا يخرج وقت الصلاة علماً بأنني لا استمرار بها على الدوام...... أفيدوني أفادكم الله ووفقكم إلى ما يحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الصلاة في الكنيسة، فقد رخص في ذلك الحسن وعمر بن عبد العزيز والشعبي وغيرهم ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: فأينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد. متفق عليه.
وكره بعض أهل العلم الصلاة فيها لأجل ما بها من تصاوير، وهو قول ابن عباس ومذهب مالك. والصواب الجواز إذا احتاج المسلم إلى ذلك ولم يتخذه عادة.
وأما العمل في بنائها أو حراستها أو نحو ذلك فإنه لا يجوز وإن كانت لا يصلي بها النصارى إلا نادراً، لأن في ذلك إعانة لهم على ما هم عليه من باطل، قال الله سبحانه: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وعليه، فلا يجوز لك القيام بحراسة الكنيسة المذكورة فإن فعلت فأنت آثم وأجرتك المتحصلة منها غير مباحة.
وعليك أن تحاول مع الجهة المسؤولة أن تبحث لك عن عمل غير حراسة الكنيسة، فإن أصروا على أن تبقى حارس كنيسة فإنهم يقصدون فتنتك في دينك، فلا يجوز لك البقاء في هذا العمل وعليك بالبحث عن غيره ولو بأجرة أقل ما دام يسد ضرورياتك أنت ومن تعول، فإن الله جل وعلا يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/8220)
حكم بناء قاعة رياضة فوق المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا تحققت الحاجة ولا أقول الضرورة، فهل يجوز بناء المراحيض مع قاعة رياضية فوق المسجد؟ وما هو تفصيل الإجابة وحدود المباح والمنهي عنه في ذلك؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المسجد قد بني بناءاً مستقلاً، فإن سقفه وما علاه تابع له، فلا يجوز بناء شيء فوقه إلا ما يعود بمصلحة على المسجد، كتوسعة يحتاجها المسلمون للصلاة.
ولا نرى أن يبنى عليه المراحيض حيث أمكن بناؤها في موضع آخر.
وأما القاعة الرياضية فلا تدخل فيما يعود بالمصلحة على المسجد.
وإذا كان المسجد لم يبن بعد، فلا ينبغي أن توضع المراحيض فوقه، بل تجعل أسفل منه، ولا مانع من تخصيص قاعة الرياضة بجوار قاعة الصلاة أو أسفل منها إذا كانت الرياضة تمارس تحت إشراف أمناء موثوقين يجنبون اللاعبين الوقوع فيما حرم الله تعالى من كشف للعورات والسباب وغير ذلك، مع ضمان عدم التشويش على المصلين أثناء ممارسة الرياضة.
وإنما منع بناء المراحيض وقاعة الرياضة فوق المسجد تعظيماً لحرمة المسجد وإكراماً له، فإن المساجد إنما أقيمت لذكر الله تعالى، وهي وجهة المسلمين، ومحل أداء أشرف عباداتهم وهي الصلاة، فكيف تجعل المراحيض وعبث اللاعبين والراكضين فوق رؤوس الراكعين الساجدين؟!.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(11/8221)
المشي بالنعال المتنجسة في مكان الصلاة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الخروج من دورات المياه والانتهاء من الوضوء، ماحكم الدخول بتلك الأحذية التي استعملناها
للوضوء إلى داخل المسجد فى جهة ليس عليها فرش، وأحيانا قد يتم وضع الفرش عليها عند الازدحام
علما بأن الأحذية قد يكون عليها بعض النجاسة؟ وجزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا مأمورون بتعظيم المساجد وتكريمها وتطهيرها فهي بيوت الله، وقد قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30] . وقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [النور:36] .
وقال صلى الله عليه وسلم: إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول والقذر. رواه البخاري ومسلم، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه عرض عليه أجور أمته ومنها القذاة يخرجها الرجل من المسجد، كما رواه أبو داود والترمذي.
وعليه، فإنه لا يجوز المشي بالأحذية المتنجسة على هذا المكان ما دام معداً للصلاة فيه، ولو كان ذلك وقت الزحام فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(11/8222)
أقوال العلماء في الصلاة في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد يتوسط مقبرة وبين القبور مسالك ضيقة لعبور الناس من وإلى المسجد وقد اضطررت للصلاة فيه صلاة المغرب لضيق الوقت أولا ولعدم قرب أي مسجد آخر فما حكم الصلاة فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها كل ذلك لا يجوز، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك أشد النهي، وانظر الفتوى رقم: 5752، والفتوى رقم: 4527.
ومن صلى في مقبرة، فعليه التوبة والاستغفار، ولا يلزمه إعادة الصلاة في قول أكثر أهل العلم منهم الحنفية والمالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد.
قال الإمام النووي في المجموع (3/166) : أما حكم المسألة، فإن تحقق أن المقبرة منبوشة لم تصح صلاته فيها بلا خلاف إذا لم يبسط تحته شيء، وإن تحقق عدم نبشها صحت بلا خلاف وهي مكروهة كراهة تنزيه، وإن شك في نبشها فقولان، أصحهما: تصح الصلاة مع الكراهة، والثاني: لا تصح. ثم قال الإمام النووي أيضاً: فرع في مذاهب العلماء في الصلاة في المقبرة، قد ذكرنا مذهبنا فيها وأنها ثلاثة أقسام.
قال ابن المنذر: روينا عن علي وابن عباس وابن عمر وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلاة في المقبرة، ولم يكرهها أبو هريرة وواثلة بن الأسقع والحسن البصري، وعن مالك روايتان أشهرهما: لا يكره، ما لم يعلم نجاستها.
وقال أحمد: الصلاة فيها حرام، وفي صحتها روايتان؛ وإن تحقق طهارتها.
ونقل صاحب الحاوي عن داود أنه قال: تصح الصلاة؛ وإن تحقق نبشها.
وقال ابن قدامة رحمه الله: وعن أحمد رواية أخرى أن الصلاة في هذه صحيحة ما لم تكن نجسة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي. ا. هـ
قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في الأم (1/113) : المقبرة: الموضع الذي يقبر فيها العامة، وذلك كما وصَفتُ مختلطة بالتراب بالموتى، وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت ثم لم يحرك القبر، فلو صلى رجل إلى جنب ذلك القبر أو فوقه كرهته له، ولم آمره يعيد لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء.
والمذهب المعتمد عند الحنابلة هو أن الصلاة في المقبرة لا تصح، قال المرداوي في الإنصاف: (ولا تصح الصلاة في المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل. هذا المذهب. وعليه الأصحاب. قال في الفروع: هو أشهر وأصح في المذهب، قال المصنف وغيره: هذا ظاهر المذهب، وهو من المفردات) انتهى. ويدل لمذهبهم ما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام".
تنبيه: إذا قال النووي في المجموع: (بلا خلاف) فليس مراده - بالضرورة- الإجماع، بل قد يكون مراده أنه لا خلاف بين الشافعية في هذه، فالقصد هو نفي الخلاف داخل المذهب، وليس نفي الخلاف خارجه، وإنما نبهنا على هذا لأن بعض طلبة العلم في هذه الأزمان قد زلت أقدامهم في هذه المسألة، فنسبوا إلى النووي إجماعات لم يقل بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/8223)
حكم دخول المسجد لغير المتوضئ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دخول المسجد بدون وضوء؟ حيث أنه يوجد مسجد به ثلاثة أبواب وبوابة واحدة يوجد مكان للوضوء فكثير من الناس يستغلون المسجد كممر بين المصلين للتوجه إلى مكان الوضوء والعودة مرة أخرى للصلاة فهل يصح ذلك؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دخول المسجد لغير المتوضئ لا حرج فيه إن لم يكن جنباً أو حائضاً.
أما بالنسبة للمرور منه بغرض الوضوء الذي يوجد مكانه داخل المسجد أو خارجه، وكان المسجد هو الطريق الوحيد للوصول إلى المتوضأ فلا حرج فيه أيضاً، لأن هذا المرور لغرض شرعي ولا يتنافى مع تعظيم المسجد.
وإذا كان الجنب ومن في حكمه يباح لهم عبور المسجد، فمن باب أولى غير الجنب. ولكن لا ينبغي المرور بين يدي المصلي، لما في ذلك من الوعيد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم، لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه! ". متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/8224)
حكم الصلاة في مصلى العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا في مكان العمل مصلى وليس بمسجد تقام فيه صلاة الظهر جماعة فقط، فهل يجوز لي الصلاة فيه؟ مع العلم أن المسجد خارج مكان العمل ويتطلب استخدام السيارة للوصول إليه؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الإسلام حث على أداء الصلاة في جماعة، فقد روى ابن ماجه والبيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر".
والأصل في الصلاة أن تؤدى في المسجد الجامع الذي يؤذن فيه لجميع الصلوات، كما ثبت في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من أحب أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن.
أما إذا كان المسجد بعيداً فلا بأس من اتخاذ مصلى في مكان العمل تؤدى فيه الصلاة في جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(11/8225)
حكم الصلاة في مكان فوقه حمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في غرفة يعلوها حمام، في دور علوي، في مبني مسلح، وليس للغرفة طريق إلى الحمام مجرد أن السقف هو سقف الحمام (دورة مياه) ؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من الصلاة في الغرفة المذكورة، إذ أن الممنوع هو الصلاة في مكان نجس، سواء كان المصلي فوقه أو تحته إذا كان المصلي يمس النجس. أما إذا كان بين المصلي والنجس حاجز فلا بأس بالصلاة حينئذ في ذلك المكان.
هذا مع التنبيه إلى أنه لا ينبغي أن يتخذ مسجد تحت حمام في حالة الاختيار، لما في ذلك من الإخلال بالأدب مع الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(11/8226)
لا بأس بإقامة الدروس للنساء في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إلقاء المحاضرات للنساء في المساجد، علماً هنا في كندا توجد مشاكل للحصول على مكان تقام فيه الدروس الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة يجوز لها المكث في المسجد كالرجل بشرط أن لا تكون حائضاً ولا جنباً، كما وردت بذلك الأحاديث.
ومنعه صلى الله عليه وسلم الحائض من المكث في المسجد دليل على إباحة ذلك لغير الحائض، وهذا أمر معلوم وأدلته كثيرة.
وعليه، فلا بأس بإقامة الدروس للنساء في المسجد وإن كان الأفضل أن تكون الدروس في غير المسجد حتى تتمكن الحيَّض من حضورها فيعم النفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/8227)
حكم التطهر من الجنابة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم التطهر من الجنابة في المسجد؟ مع العلم أنه لا يوجد مكان غيره؟
....وجزاكم الله كل معروف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد (بالمسجد) الحمامات ودورات المياه التابعة لبناء المسجد فليعلم أن الحمامات وأماكن قضاء الحاجة ليست من المسجد، فلا تسري عليها أحكام المساجد المعلومة، وعليه فلا بأس على المسلم في أن يغتسل فيها من الجنابة ونحوها.
وإن كان قصدك السؤال عن حكم الاغتسال داخل المسجد؟ فإن ذلك لا يجوز لعدة أمور منها: انتهاك حرمة المسجد الذي أعد لعبادة الله وإعلاء ذكره، قال تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور:36] ، وعندما نشد رجل ضالته في المسجد، قال له النبي صلى الله عليه وسلم "لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له" رواه مسلم.
قال النووي يرحمه الله: (معناه: لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها) .
ومنها: أن المسجد لا يجوز المكث فيه للجنب، وقد قال صلى الله عليه وسلم "فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" رواه أبو داوود , ومنها تعرض المسجد للنجاسة التي يجب أن يصان عنها المسجد ... إلخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(11/8228)
قول أهل العلم في إلقاء السلام عند دخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إلقاء السلام عند دخول المسجد، إذا كان هناك من يصلي أو إن لم يكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كره جمهور أهل العلم السلام على المشتغل بالصلاة، وذهب الحنابلة إلى القول بعدم الكراهة.
قال: في كشاف القناع (والمذهب لا يكره السلام على المصلي، نص عليه وفعله ابن عمر، لقوله تعالى (فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم) أي أهل دينكم، ولأنه صلى الله عليه وسلم حين سلم عليه أصحابه لم ينكر ذلك) كشاف القناع 1/379.
ومن الأحاديث التي وردت في ذلك ما ثبت عن صهيب رضي الله عنه أنه قال: "مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت فرد إلي إشارة. وقال: لا أعلم إلا أنه قال إشارة بإصبعه" رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي. قال الإمام الشوكاني يرحمه الله بعد أن أورد الحديث المتقدم وغيره (الأحاديث المذكورة تدل على أنه لا بأس أن يسلم غير المصلي على المصلي، لتقريره صلى الله عليه وسلم من سلم عليه على ذلك) نيل الأوطار 2/617.
وأما إذا دخلت المسجد وليس فيه أحد أو كان فيه من لا يشتغل بصلاة أو أذان أو قراءة قرآن فإنه يستحب إلقاء السلام بصوت يُسْمَع. قال الإمام النووي يرحمه الله في كتاب الأذكار: (ويستحب إذا دخل بيته أن يسلم وإن لم يكن فيه أحد، وليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وكذا إذا دخل مسجداً أو بيتاً لغيره ليس فيه أحد، يستحب أن يسلم، وأن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(11/8229)
الصلاة بالمسجد الذي يضم قبرا منهي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلةالشيخ هل يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه ضريح، سواء كان في الواجهة، أو بجانبها، خاصة أن هذه المساجد موجودة بكثرة بالجزائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالصلاة عند القبور واتخاذها مساجد وبناء المساجد عليها، كل ذلك من المحدثات المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس: " ألا وإن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك" [والحديث في صحيح مسلم] وقال عليه الصلاة والسلام: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد". [أخرجه عبد الرزاق في مصنفه] . وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قالا: "لما نزل برسول الله طفق يطرح خميصةً له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [متفق عليه] يحذر ما صنعوا. ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وفي رواية: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". متفق عليه فالمساجد المبنية على قبور أنبياء أو صالحين أو غيرهم من آحاد الناس - إلا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن تزال بهدم أو غيره، ولا تصح الصلاة فيها.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله (وعلى هذا فيهدم المسجد إذا ابني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معاً لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً، أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه بين الناس كما ترى) انظر زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (3/572) . والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(11/8230)
حكم الصلاة في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في البنك كوني أعمل به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة جماعة في البنك جائزة والأولى، أن تكون في المسجد وننبه إلى حكم العمل في البنوك وسبق بيانه في الفتوى رقم: 4862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/8231)
الشروط الواجب توفرها في مصليات النساء بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الشروط التي يجب توافرها في مصلى النساء بأي مسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشترط في مُصلى النساء الذي يكون في المساجد عدة شروط:
الأول: أن يعلم المأموم بانتقالات الإمام برؤيته، أو رؤية بعض المأمومين، لئلا يشتبه على المأموم حال الإمام فلا يتمكن من متابعته، فلو جهل المأموم أفعال إمامه الظاهرة كالركوع والسجود، أو اشتبهت عليه لم يصح اقتداؤه، لأن الاقتداء متابعة، ومع الجهل والاشتباه لا تمكن المتابعة.
الثاني: ألا يكون بين المصلَّى -المذكور في السؤال- والمسجد طريق نافذ دون أن تتصل الصفوف خلاله، فإن اتصلت الصفوف صح الاقتداء مع مراعاة الشرط الأول، هذا عند الحنفية والحنابلة. أما المالكية: فوجود هذا الطريق عندهم لا يضر الاقتداء إذا لم يمنع من سماع الإمام أو بعض المأمومين، وهو الصحيح عند الشافعية.
الثالث: ذهب الحنفية والشافعية إلى أنه لا يصح الاقتداء إذا كان بين المأموم والإمام جدار كبير، أو باب مغلق يمنع المقتدي من الوصول إلى الإمام لو قصده، ويصح إذا كان الجدار صغيراً أو كبيراً وله ثقب، بحيث يمكنه من خلالهما متابعة الإمام بسماع أو رؤية.
ومذهب المالكية أنه لا فرق بين كون الجدار كبيراً أو صغيراً، ما لم يمنع من سماع أو رؤية الإمام أو بعض المأمومين.
وبناءً على ما سبق، فإن مصلى النساء ينبغي ألا يُفصل عن المسجد بجدار كامل، مراعاة لقول الجمهور، وخروجاً من الخلاف، فإن لم يمكن ذلك لجأ المصلون إلى عمل فتحة فيه، كما هو قول الجمهور، لأن ذلك أقرب إلى عدم اشتباه حال الإمام على المأموم، فإن تعذر عمل هذه الفتحة أيضاً وأمكن وصول صوت الإمام إلى المأمومين ولو بمُسمِّع جاز على مذهب المالكية.
ونذكر السائل بقول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] .
وقوله تعالى: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [الزمر:55] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/8232)
حكم إلقاء السلام على المصلين في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن يدخل المسجد متأخرا إلقاء السلام على من هم قائمون للصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ... أما بعد:
فيجوز إلقاء السلام على المصلي، وللمصلي الرد عليه حالاً بالإشارة، أو لفظاً بعد السلام، والدليل هو ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأدركته وهو يصلي فسلمت عليه، فأشار إليَّ، فلما فرغ دعاني، فقال: " إنك سلمت عليَّ آنفاً وأنا أصلي ".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم السلام حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده. (رواه الترمذي بهذا اللفظ، وقال حديث حسن صحيح)
وعن صهيب رضي الله عنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة". (رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم، وقال الترمذي حديث حسن) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " كنا نسلم في الصلاة، ونأمر بحاجتنا، فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فسلمت عليه، فلم يرد عليَّ السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: "إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن الله سبحانه قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة فرد علي السلام". (رواه أبو داود وغيره، وحسنه النووي)
وننبه إلى أنه إذا كثر سلام الداخلين إلى المسجد بحيث يشوش على المصلين ويشغلهم عن صلاتهم فإنه يكره.. والله أعلم. .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(11/8233)
حكم الصلاة ودخول المسجد بغير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخول المسجد أو الصلاة بغير طهارة هل لهذا كفارة؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المراد بالحدث الحدث الأكبر، فلا يجوز للجنب المكث في المسجد، وأما مروره فيه فلا حرج فيه، لقول الله تعالى: (وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء:43] .
وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب".
وروى ابن ماجه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب".
وأما المحدث حدثاً أصغر، فلا حرج عليه في دخول المسجد والمكث فيه، ولكن لا تحل الصلاة للمحدث، سواء أكان حدثه حدثاً أكبر، أم كان حدثاً أصغر، فلا تصح صلاة بغير طهارة.
ومن صلى بغير طهارة فقد أساء، وصلاته باطلة يجب عليه إعادتها مع التوبة والاستغفار مما صنع، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/8234)
شرار الناس من يتخذون القبور مساجد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أمابعد:
فالصلاة عند القبور واتخاذها مساجد وبناء المساجد عليها، كل ذلك محدثات مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس: " ألا وإن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد". [أخرجه عبد الرزاق في مصنفه] . وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قالا: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [متفق عليه] يحذر ما صنعوا. ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وفي رواية: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله (وعلى هذا فيهدم المسجد إذا ابني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معاً لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً، أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه بين الناس كما ترى) انظر زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (3/572) . والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1421(11/8235)
لا تجوز الصلاة في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مسجد محاط بالقبور، ويوجد طريق عام داخل المقبرة من قديم الزمان، علماً بأن المسجد والمقبرة ليس لهما تاريخ محدد يبين بدايتهما، فما الحكم الشرعي للصلاة في هذا المسجد؟ وما حكم الطريق المارة في المقبرة؟ علماً بأن هذا الطريق هي أسهل طريق مؤدية للقرية. أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز الصلاة في المقبرة ولا تصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك". [رواه مسلم] . وقوله: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" [رواه أصحاب السنن إلا النسائي] ، وقد نص فقهاء الحنابلة على أن المسجد إذا بني داخل المقبرة، وحدث بعدها فحكمه حكم المقبرة لا تصح الصلاة فيه، إلا صلاة الجنازة. أما إن حدثت المقبرة حول المسجد، فتصح الصلاة مع الكراهة. وإن وضعا معاً لم تصح فيه الصلاة تغليباً لجانب الحظر. وحيث إنه لا يعلم أيهما السابق، فإننا ننصح الأخ السائل بتجنب الصلاة في هذا المسجد إلا صلاة الجنازة. ولا ينبغي للمسلمين اتخاذ طريق في مقابر، وعليهم الاكتفاء بغيره من الطرق ولو مع شيء من المشقة، وإن غلب على الظن خلو هذا الطريق من القبور، ودعت الحاجة إلى سلوكه جاز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8236)
تجوز الصلاة في المصلى مالم يكن وسط المقابر أو في داخله قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في إحدى القرى بنى أهل القرية مصلى صغيراً للصلاة على موتاهم بالقرب من المقبرة حتى يتمكن من يسبقون الجنازة لحفر القبر من المشاركة في الصلاة على الميت ولكن المشكلة أن هذا المصلى يبعد عن أقرب قبر في حدود العشرين مترا ولكن المقبرة تكون في اتجاه القبلة بالنسبة للمصلى، فما هو وضع المصلى وهل تجوز الصلاة فيه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
جزاك الله خيراً أخي السائل على حرصك، وطالما أن المصلى ليس وسط المقابر ولا في داخل المصلى قبر وليس بمتصل بالمقابر، فلا غبار على هذا المصلى ولا على الصلاة فيه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8237)
يتعين عدم تعريض المسجد للإغلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد أن نسألكم في أمر هام: نحن جماعة نسكن في قرية صغيرة في فرنسا ـ والحمد لله ـ نجحنا في أن نفتح مسجدا، لكن رئس البلدية لهذه القرية لا يريد جماعة الخروج في سبيل الله أن يأتوا إلى المسجد والذين يأتون من مدن أخرى ويهدّدنا بإقفاله ونحن مختلفون: ففينا من يرى أنه يجب منعهم، وفينا من يرى أنه لاينبغي منعهم.
أجيبونا جزاكم الله خيراً، فماذا نفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلمين يتعين عليهم الحفاظ على ما عندهم من الخير والسعي في المزيد، وبناء عليه فيتعين الحفاظ على بقاء المسجد مفتوحاً، ولا تعرضوه لما يؤدي لإغلاقه، وجماعة الدعوة التي تأتيكم يمكن أن تنزل في البيوت فإن أمكن السماح لهم بالصلاة في المسجد والمدارسة مع الناس في المسجد أوقات الصلوات ثم يكون سكنهم الرسمي خارج المسجد فهو أولى.
وإلا، فلتكن لقاءاتهم بالناس في البيوت والأندية والمقاهي ولا تعرضوا المسجد للإغلاق، وادعو الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويرزقهم العون على إقامة جميع أعمالهم التعبدية، والدعوة بأمان وحرية، واحرصوا على عدم وجود الخلاف بين جماعة المسجد ولا تحملنكم العاطفة وحب ضيافة الضيوف على التفرق والتنازع الذي يخشى أن يؤدي للفشل، وتذكروا أن أعظم الدعاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تتح له الفرصة بمكة لجمع الناس بالمسجد والمدارسة معهم فيه، وإنما كان يلتقي بهم في بيت الأرقم بن الأرقم ـ رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/8238)
لا حرج في تنبيه الإمام المصلين للمحافظة على نظافة المسجد ومرافقه
[السُّؤَالُ]
ـ[انتبهت قبل صلاة التراويح، فإذا بالإمام يخاطب المصليات طالبا منهن تنظيف المرحاض الخاص بهن وعدم ترك الأوساخ بها (لا أذكر أنه ذكر كلمة الغوط إلا أنه كان يقصده) وذلك باستعمال مكبرات الصوت الخاصة بالمسجد. غير أنه في اليوم الموالي وصلت جمعية المسجد رسالة يشكون فيها تصرف الإمام. غير أنه اعتبر كنصيحة للنظافة بالنسبة لي كمصل. فما حكمكم؟ وهل يجوز للإمام أن ينصح المصلين في مثل هذه الأمور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النصيحة أساس الدين، وواجب المسلم لإخوانه ولكل الناس. ولكن يجب أن تكون برفق ولين وحكمة. وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 3716، 52045، 3058، 8580، 27020، 2439، 43329.
ومن المعلوم عند كل مسلم عناية الإسلام بالطهارة والنظافة، وخاصة في أماكن العبادة وما تعلق بها، ولذلك فإن على رواد المسجد ومستخدمي مرافقه- رجالا كانوا أو نساء- أن يحرصوا على الطهارة ويحافظوا على نظافة المسجد ومرافقه.
ولا بأس أن يذكر الإمام أو غيره من أفراد المسلمين بهذه الحقيقة أو ينصحهم بالمحافظة عليها، ويتأكد ذلك إذا دعت الحاجة إلى التذكير بها، ولكن لا ينبغي أن يعين جهة أو مجموعة. وخاصة إذا كان في ذلك إحراج أو تشهير. فقد ذكرنا في الفتاوى المشار إليها أن النصيحة ينبغي أن تكون بحكمة، فيتخير لها الأسلوب اللائق والوقت المناسب. ولذلك كان ينبغي للإمام أن يكتب عبارة مناسبة إلى النساء إذا كن يقصرن في النظافة أو يكلم إحداهن بأسلوب مناسب أو ما أشبه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/8239)
الفرق بين مساجد البيوت والمساجد العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثاً بأن من بنى لله مسجداً ـ ولو كان في حجم عش الطائرـ بنى الله له بيتاً في الجنة، فهل هذا صحيح؟ وهل يجوز لي أن أتخذ مكاناً صغيراً في أحد أركان غرفتي فأصلى فيه النافلة وأعامله معاملة المسجد وآخذ الأجرعلى ذلك؟.
أفيدوني ـ يرحمكم الله ـ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في بناء المساجد وحث عليه، فعن عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة. متفق عليه. ووقع في بعض الروايات في غير الصحيح زيادة ـ ولو كمفحص قطاة ـ وهو المكان الذي تتخذه القطاة لوضع البيض، قال الشوكاني في بيان ثبوت هذه الرواية وشرح معناها: والتنكير في ـ مسجدـ للشيوع فيدخل فيه الكبير والصغير. وعن أنس عند الترمذي مرفوعا بزيادة لفظ: كبيرا أو صغيراـ ويدل لذلك رواية ـ كمفحص قطاةـ وهي مرفوعة ثابتة عند ابن أبي شيبة عن عثمان وابن حبان والبزارعن أبي ذر وأبي مسلم الكجي من حديث ابن عباس والطبراني في الأوسط من حديث أنس وابن عمر، وعند أبي نعيم في الحلية عن أبي بكر وابن خزيمة عن جابر وحمل ذلك العلماء على المبالغة، لأن المكان الذي تفحصه القطاة لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة. وقيل: هي على ظاهرها والمعنى: أنه يزيد في مسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر، أويشترك جماعة في بناء مسجد فيقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر. انتهى.
وأما اتخاذك مكانا تخصه بالصلاة في بيتك فهو مشروع، وقد دل عليه عمل كثير من السلف، وقد ذكرالحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ طرفا من أدلة هذه المسألة في شرحه لقول البخاري في صحيحه: باب المساجد في البيوت.
ونحن ننقل شيئا من كلامه للفائدة، قال ـ رحمه الله: مساجد البيوت، هي أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها، وقد قدمنا في آخر كتاب الحيض أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجد بيت ميمونة وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض.
وروى جعفر بن برقان عن شداد مولى عياض بن عامر عن بلال أنه جاء إلى النبي يؤذنه بالصلاة فوجده يتسحر في مسجد بيته. خرجه الإمام أحمد.
وروى محمد بن سعد أبيه قال: أول من اتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه عمار بن ياسر، وهذه المساجد لا يثبت لها شيء من أحكام المساجد المسبلة، فلا تجب صيانتها عن نجاسة ولا جنابة ولا حيض، هذا مذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء. انتهى.
وبه تعلم أنه لا حرج عليك في تخصيص مكان معين تصلي فيه في بيتك، كما فعل عتبان بن مالك الصحابي حين أضر وحال السيل بينه وبين المسجد، فاتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، كما في الصحيحين قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح الحديث: وفيه: أنه لا بأس بملازمة الصلاة في موضع معين من البيت، وإنما جاء في الحديث النهي عن إيطان موضع من المسجد للخوف من الرياء ونحوه. انتهى.
وليس معنى هذا أن هذه المساجد في البيوت لها نفس فضيلة المساجد المسبلة، وأن الصلاة فيها كالصلاة في المساجد الموقوفة، ولا أنها يصدق عليها فضل بناء المساجد الوارد في الحديث، قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله: وأما إقامة الجماعة للصلوات في مساجد البيوت فلا يحصل بها فضيلة الصلاة في المساجد، وإنما حكم ذلك حكم من صلى في بيته جماعة وترك المسجد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(11/8240)
حكم الصلاة في مسجد بني على قبور مندرسة غير ظاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتي في هذه المسالة أفادكم الله.
نظرا للزيادة السكانية في قريتنا، وبالتالي زيادة في عدد المصلين، كان لا بد من إجراء توسعة للجامع، وكان لا بد من إزالة ما يعبر عنه بلهجتنا ـ الخلوة ـ وهي مكان به أربعة قبور لإحدى العائلات، وعند ما أرادت لجنة الجامع إزالة رفات هذه القبور ووضعها في قبر بديل ثارت ثائرة هذه العائلة، وهددت باللجوء إلى القضاء مما اضطر اللجنة إلى التوسيع والتبليط فوق هذه القبور وأصبح لا يرى منها شيء، والذي لا يعرف الموضوع لا يستطيع معرفة أن تحت البلاط رفات لأربعة قبور.
والسؤال: هل تجوز الصلاة في مثل هذه الوضعية خاصة وأن الحديث النبوي واضح وصريح؟ وكيف يمكن حل هذه المسالة دون أن نخالف الشرع؟ .
أفيدونا يرعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. متفق عليه. والذي نراه في مسألتكم أنه ينبغي بذل الجهد في إخراج القبور من المسجد، ونقلها إلى مقابر المسلمين ولو عن طريق القضاء؛ لأن بقاءها ولو مندرسة سيؤدي إلى الصلاة عليها، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها. اهـ.
فإن تعذر ذلك، وكانت القبور مندرسة غير بارزة كما ذكرت ولم يمكن إزالتها بحال فنرجو أن لا حرج في الصلاة في ذلك المسجد، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز الصلاة في المساجد التي قبورها مندرسة غير ظاهرة للأمن من الفتنة بالقبر المندرس.
قال الألباني رحمه الله تعالى في تحذير الساجد من بدعة اتخاذ القبور مساجد في الرد على من زعم وجود قبور في الحجر في المسجد الحرام: القبور المزعوم وجودها في المسجد الحرام غير ظاهرة ولا بارزة ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى فلا ضرر من وجودها في بطن أرض المسجد، العبرة في هذه المسألة بالقبور الظاهرة وأن ما في بطن الأرض من القبور فلا يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر بل الشريعة تنزه عن مثل هذا الحكم، لأننا نعلم بالضرورة والمشاهدة أن الأرض كلها مقبرة الأحياء كما قال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا {النبأ 25-26} . قال الشعبي: بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم.
ومن البين الواضح أن القبر إذا لم يكن ظاهرا معروفا مكانه فلا تترتب على ذلك مفسدة كما هو مشاهد، حيث ترى الوثنيات والشركيات إنما تقع عند القبور المشرفة حتى ولو كانت مزورة لا عند القبورالمندرسة ولو كانت حقيقة، فالحكمة تقتضي التفريق بين النوعين. اهـ. مختصرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(11/8241)
وجود جدارين بين المسجد والقبر كاف للفصل بينهما وجواز الصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله، لدينا مسجد، يوجد قبر تجاه القبلة، لكن يفصل بين القبر والمسجد جداران بمعنى أن الذي يصلي في المسجد لا يرى القبر، وعليه فإن طائفة من الناس لا يصلون في هذا المسجد، ويعدون الصلاة فيه باطلة، وينفرون الناس عن عمارة هذا المسجد. فهل ما يقولونه صحيح؟ ثم ألا يعد الجداران الفاصلان بين القبر والمسجد حائلا؟ وللإشارة فهو قبر لا يتبرك به ولا يستغاث به، وليس ضريحا لولي صالح، وليس من القباب المشهورة وإنما هو قبر كسائر القبور. فنرجو منكم القول الفصل في هذه المسألة. وبارك الله فيكم، وجزاكم خيرا وإحسانا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج من الصلاة في هذا المسجد، ولا ينبغي لهذه الطائفة من الناس ترك الصلاة فيه، ولا أن يصدوا الناس عنه، وذلك لأن الجدارين الكائنين بين المسجد والقبر لا شك في كونهما فاصلاً بين المسجد والقبر، فلا يكون المصلي في هذا المسجد مصلياً إلى القبر.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: فإذا قال قائل: ما هو الحَدُّ الفاصل في الصلاة إليها؟ قلنا: الجدار فاصل، إلا أن يكون جدارَ المقبرة ففي النفس منه شيء، لكن إذا كان جداراً يحول بينك وبين المقابر، فهذا لا شَكَّ أنه لا نهي، كذلك لو كان بينك وبينها شارع فهنا لا نهي. انتهى.
وإذا كان الجدار الواحد فاصلاً، فلا يكون المصلي مع وجوده مصلياً إلى القبر كما هو صريح كلام الشيخ رحمه الله، فالجداران أولى، ولمزيد الفائدة والاطلاع على مزيد من كلام أهل العلم في المسألة انظر الفتوى رقم: 117236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(11/8242)
هل يعتبر المسجد المبني برخصة من حكومة غير مسلمة مسجد ضرار
[السُّؤَالُ]
ـ[فضلة الشيخ عندي سؤال يتعلق بالمساجد عندنا هنا في أوروبا، فبعض الإخوة لا يصلون في هذه المساجد بحجة أنها مساجد ضرار؛ لأنها لم تبن ولم تؤسس على تقوى من الله تعالى، لأنها بنيت برخص حكومات غير إسلامية، فهل بهذا الأمر يجوز تسميتها مساجد ضرار، وإن كانت كذلك، ما حكم صلاة من يصلي فيها؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن بلاد أوروبا لا يبنى بها مسجد ولا غيره إلا بعد إذن السلطات في ذلك، فلا يسوغ أن يجعل مجرد الترخيص من السلطة سببا في ترك الصلاة بهذا المسجد ونسبته للضرار، فإن لم يكن المسجد قصد به الضرار عند بنائه فهو كأي مسجد من المساجد تجوز الصلاة فيه، ولا عبرة بترخيص الحكومة، فإن النظام العالمي يوجب الترخيص في كثير من الأشياء، فالمبرر الذي سوغنا به الاستفادة من السيارة المرخص لها والمتجر المرخص له وغير ذلك من المرافق ينبغي أن نسوغ به الصلاة في المسجد المرخص له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/8243)
فضل بناء المساجد وتعميرها وصيانتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو فضل من يصرف من ماله الخاص على إدامة مسجد من مساجد الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أثنى الله سبحانه على من يعمر مساجده فقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. {التوبة:18} .
وإن من عمارة المساجد إقامتها، وترميمها وتعاهدها وصيانتها، ويدخل هذا الفعل أيضا في الصدقة الجارية، ولو كانت المشاركة بمبلغ قليل، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث. ف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
ومن فضل الإنفاق على المساجد وتعميرها والمساهمة في استمرارها وبنائها ماورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
قال السندي في شرحه لابن ماجه: وقَوْله: كَمَفْحَصِ قَطَاة. هُوَ مَوْضِعهَا الَّذِي تُخَيِّم فِيهِ وَتَبِيض لِأَنَّهَا تَفْحَص عَنْهُ التُّرَاب، وَهَذَا مَذْكُور لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَة فِي الصِّغَر وَإِلَّا فَأَقَلّ الْمَسْجِد أَنْ يَكُون مَوْضِعًا لِصَلَاةِ وَاحِدٍ. وَفِي الزَّوَائِد: إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَحَمَلَ أَكْثَر الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تَفْحَصُ الْقَطَاة عَنْهُ لِتَضَع فِيهِ بَيْضَهَا وَتَرْقُد عَلَيْهِ لَا يَكْفِي مِقْدَاره لِلصَّلَاةِ فِيهِ ... وَقِيلَ بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ, وَالْمَعْنَى أَنْ يَزِيدَ فِي مَسْجِدٍ قَدْرًا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ تَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَة هَذَا الْقَدْر، أَوْ يَشْتَرِكُ جَمَاعَة فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ فَتَقَعُ حِصَّة كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْر. انتهى.
وفي الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ.
قال النووي في بيان عظمة هذا الثواب: يَحْتَمِل قَوْله: مِثْله، أَمْرَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ: بَنَى اللَّه تَعَالَى لَهُ مِثْله فِي مُسَمَّى الْبَيْت, وَأَمَّا صِفَته فِي السَّعَة وَغَيْرهَا فَمَعْلُوم فَضْلهَا أَنَّهَا مِمَّا لَا عَيْن رَأَتْ وَلَا أُذُن سَمِعْت وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر. الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ فَضْله عَلَى بُيُوت الْجَنَّة كَفَضْلِ الْمَسْجِد عَلَى بُيُوت الدُّنْيَا. انتهى.
وقد سبق بيان فضل بناء المساجد وتعميرها في الفتاوى الآتية أرقامها: 10427، 35601، 50965.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/8244)
بناء مسجد بنية الحصول على وظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بناء المساجد من أجل الحصول على وظيفة به عند ضمه للأوقاف، مع العلم بأن الهدف والنية من بنائه هو الحصول على وظيفة فقط، وهل ينطبق نفس الحكم على بناء المساجد في أماكن مليئة بالمساجد مما يؤدي إلى قلة المصلين، والعكس، أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن بنى مسجداً لا يريد بذلك إلا هذه الوظيفة فلا أجر له ولا ثواب، وليس له إلا ما نواه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. متفق عليه.
وعن أبي أمامة الباهلي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلاً غزاً يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله صلى عليه وسلم: لا شيء له. فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه. رواه النسائي وصححه الألباني. ولذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلم على شرط نية إرادة وجه الله في بناء المساجد لحصول أجرها في الآخرة، فقال صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة. متفق عليه.
قال ابن حجر: قوله: (يبتغي به وجه الله) أي يطلب به رضا الله والمعنى بذلك الإخلاص.. قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيداً من الإخلاص.. انتهى.. ومن بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة. انتهى.. وقد سبق أن بينا بعض الآداب التي تراعى في بناء مسجد، وذلك في الفتوى رقم: 51151.
وأما بناء مسجد في مكان لا يحتاج إليه ويؤدي إلى قلة عدد المصلين وتفريقهم في المساجد ففي مشروعية بنائه خلاف لبعض أهل العلم، وبالتالي يكون في حصول الثواب هذا الخلاف نفسه، فمن قال: لا يشرع فلن يترتب على بنائه ثواب، بل قد يترتب عليه الإثم.. وقد سبق بيان شيء من ذلك في الفتوى رقم: 19645، والفتوى رقم: 100066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(11/8245)
حكم الاقتراض للمشاركة في بناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يتم بناء مسجد في قريتي، وقد قام المسؤولون عن بناء المسجد بتحديد مبلغ للمساهمة في بناء المسجد، وأنا لا يوجد معي هذا المبلغ، فهل يجوز أن أستلف هذا المبلغ وأقوم بالتبرع للمسجد أم لا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الاقتراض للمشاركة في بناء ذلك المسجد، إذ المساهمة في بناء المساجد من أعظم العبادات وأنفع القربات؛ لما ثبت عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً قال بكير: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة. رواه البخاري ومسلم.. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(11/8246)
ما يصير به المسجد مسجدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المكان الذي تقام فيه الصلوات الخمس دون الجمعة يسمى مسجدا، وتسقط فريضة الصلاة فيه على قول الذين قالوا بفرضية الصلاة في المسجد، أم يجب أن تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة؟ وماهي الأمور التي يجب توافرها في المكان ليسمى مسجدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شرط المسجد الذي تقام فيه الجماعة أن يكون مما تقام فيه الجمعة، بل لا زال المسلمون يفرقون بين المسجد الجامع ومسجد الجماعة، بل إن كثيرا من أهل العلم عدوا إقامة الجمعة في كل مسجد من المحدثات. ولا ريب في أن الجمعة لم تكن تقام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا في مسجده الشريف مع وجود مساجد أخرى في المدينة آنذاك. وانظر الفتوى رقم: 31325.
وأما كون الجماعة لا تجوز إلا في المسجد فقول طائفة من أهل العلم، ونصره ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة، ومذهب جمهور الموجبين للجماعة أن المسجد ليس شرطا لها ولا واجبا فيها، وإن كانت إقامة الجماعة فيه أولى بلا شك. وانظر الفتوى رقم: 55413.
وأما ما يصير به المسجد مسجدا، فالمسجد هو المكان المعد للصلاة يؤذن فيه وتقام فيه الصلوات الخمس، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: المسجد لغة موضع السجود، وشرعا: كل ما أعد ليؤدي فيه المسلمون الصلوات الخمس جماعة، وقد يطلق على ما هو أعم من هذا فيدخل فيه ما يتخذه الإنسان في بيته ليصلي النافلة أو ليصلي فيه الفريضة عند وجود مانع شرعي يمنعه من أدائها جماعة في المسجد الذي يقيم الناس فيه الجماعة، ومن ذلك ما رواه البخاري وغيره عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل.. الحديث. اهـ
وقد فرق أهل العلم بين المسجد والمصلى بأن الأول هو ما وقف للصلاة فلم يعد مملوكا لأحد، وأن الثاني هو ما اتخذ للصلاة من غير وقف، فلم تزل ملكية صاحبه عنه. وراجع فتوانا رقم: 55449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(11/8247)
حكم إنشاء مصلى في البيت مع محراب ومنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي بناء بيت وأريد أن أجعل به مصلى، وأود أن أجعل في هذا المصلى منبرا ومحرابا لأعلم أولادي على الإسلام كما ينبغي عندما أتزوج وأرزق بأبناء إن شاء الله.
ما حكم الشرع بالمذكور أعلاه.
بارك الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تخصيص مكان للصلاة في البيت، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب. رواه أبو داود والترمذي، والمقصود بالدور القبائل. وقال بعض العلماء: المراد اتخاذ بيت في الدار للصلاة كالمسجد يصلي فيه أهل البيت، ولا حرج في اتخاذ المحراب أيضا في المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم: 2031.
ولا حرج في الأصل في اتخاذ المنبر ولا نعلم مانعا يمنع من ذلك، ولكن لا يجوز لك ولا لأبنائك المكلفين التخلف عن صلاة الجمعة في المسجد واستبدال الصلاة في المسجد بالصلاة في البيت لوجوب السعي إليها حيث ينادى بها.
وإننا نوصيك بالاقتصاد في البناء وعدم الإسراف، وانظر لذلك الفتوى رقم: 14414، والفتوى رقم: 18671، والفتوى رقم: 110178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(11/8248)
من بنى مسجدا من مال مسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اختلس أموالا من الدولة وهو الآن فار في إحدى الدول الغربية وممنوع عليه الدخول إلى بلده وإلا قبض عليه، هذا الرجل بنى مسجدا في بلده الأصلي فما حكم هذا المسجد وحكم الصلاة فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أخذ بعض أموال المسلمين العمومية وجب عليه ردها، ولا تبرأ ذمته إلا بذلك، وبالتالي فعليه إرجاعها لبيت المسلمين لتصرف في مصالحهم.
وإذا بنى منها مسجدا فإنه غير مأجور على ذلك لأن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا، وهذا المسجد يبقى على حالته فلا يهدم والصلاة فيه صحيحة مجزئة.
وراجع الفتوى رقم: 65979، والفتوى رقم: 26047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/8249)
لا حرج في بنائكم لمسجد جديد للغرض المذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نسكن بمدينة صغيرة في أسبانيا ويوجد مسجد يتم تمويله عن طريق جمع التبرعات من طرف مسلمي المنطقة حيث إن هذه الأموال تخزن في البنك تحت حساب فيما يسمى بالمسؤول منذ حوالي10سنوات، ومؤخرا اكتشفنا اختلاس الأموال من طرف الرئيس الذي رفض التنحي عن المسؤولية بشدة فضلا عن أنه رفض تعيين أي شخص آخر إلى جانبه للإشراف على حساب أموال المسجد رغم اتفاق كل مسلمي المنطقة على تغييره، لكن نظرا لقوة نفوذه لم نستطع تنحيته، كما أننا لا نسطيع التخلي عن تمويل المسجد وهجره رغم تأكدنا أن هذه الأموال سيتم اختلاس جزء كبير منها، ولهذا قررنا نحن ممولوا المسجد فتح مسجد ثان في المدينة تحت إشراف أناس أتقياء، فهل يجوز لنا ذلك؟ علما أننا إذا قمنا بهذا فإن المسجد القديم قد لا يجد من يموله، وما هو الحل في حالة عدم الجواز؟ أفتوني ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف إذا كان تمويلكم للجامع القديم يؤدي إلى تمكن من ذكرتم من الاختلاس فإنه يجب عليكم أمرا بمعروف ونهيا عن منكر إيقاف ذلك الفساد بأي الوسائل المتاحة، وبناء مسجد آخر وتمويله لا مانع منه شرعا، وننصح قبل ذلك بإعلام المسؤول المذكور عن توجهكم هذا عله يرعوي ويكف، ومن ثم تباشرون ما أردتم فعله من عزله أو تعيين مشرف معه.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5597، 1964، 76966، لمعرفة ما يتعلق ببناء مسجد آخر من أحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/8250)
تاريخ صنع المحراب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حقا يوجد حديث لرسولنا الكريم ينهى فيه عن الصلاة في المحراب لغير الإمام مكتوبة كانت أو غير مكتوبة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحراب لم يكن موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنشأه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في خلافة الوليد بن عبد الملك وهو أول محراب أنشئ في الإسلام، ووضع في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو موضح في الفتوى رقم: 21927 وعليه فلم يرد فيه حديث يتناوله حسب علمنا.
كما لم نقف على كلام لأحد من أهل العلم يشتمل على النهي عن أداء الصلاة فريضة أو نافلة في المحراب المخصص لقيام من يؤم الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/8251)
وظائف المسجد لا تدخل تحت الحصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأعمال الأربعة التي كانت تقام في مسجد النبي في عهده. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعمال التي كانت تقام في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهده كثيرة، ولم نقف على أن أحدا من أهل العلم حدها بأربعة أو بعدد آخر.
فالأصل أن وظائف المسجد الأساسية هي الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله، وفوق هذا كان مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- مسكنا لبعض المسلمين الذين لا يجدون مأوى، وكان محلا لاستقبال الوفود التي تفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدعوهم ويعلمهم ويرشدهم، وكان هو منطلق السياسة الإسلامية بأكملها، وكان محلا للمشاورة، إلى غير ذلك من الوظائف التي لا تدخل تحت الحصر ...
ولمزيد الفائدة يمكنك أن تراجعي فتوانا رقم: 57626.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(11/8252)
حكم بناء من يتعامل بالربا للمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والدي تاجر في العقارات وأنا أساعده في عمله ولكن للأسف هو يأخذ قروضا من البنك وتمويلات للعقارات غير إسلامية ويستدين مبالغ طائلة من أهله وغير أهله والبنوك وغير ذلك وحان وقت سدادها. وهو لا يهمه أبدا أي شيء ولا يخطط لما يعمل. علما بأنه إنسان خير ويبني مسجدا في قريتنا على حسابه الخاص.
إنه لم يعد ليرى زوجته وأولاده منذ أربعة أشهر ونصف ولديه زوجة ثانية وولدان منها ولم يستطع أن يبيع هذه العقارات لأنه يبالغ في الأسعار ولكن نحن الذين نعاني من هذا كله ولا نخرج من البيت وذلك لعدم وجود المال
فأسئلتي هي:
1-هل علي ذنب إن حاولت إقناعه وفشلت في ذلك؟
2-ما حكم ما يقترضه وما يعمله لكي أحاول إقناعه مرة أخرى؟
3-هل من الممكن أن السبب في أنه لم يستطع بيع هذه العقارات أنه دخل في القروض الربوية؟
4-ما مدى تأثير هذه القروض الربوية على أجره في بناء المسجد؟ علما أنه يبني المسجد بالديون؟
5-وآخر أسئلتي هو هل عليه ذنب أنه لم يعد ليرى زوجته الأولى وأولاده الذي تركهم منذ 4 أشهر ونصف وسافر إلى دبي للعمل ويصرف الأموال الطائلة هناك بينما أهله في اليمن لا يجدون مالا كافيا للعيش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك يقترض بالربا ويدخل في معاملات غير شرعية ويستدين أموال الناس ناويا إتلافها وعدم ردها فإن ذلك كله من الكبائر والموبقات العظيمة.
فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:278-279}
وليعلم أن الله تعالى يمحق أموال الربا وغيرها من أموال الميسر والسحت ونحوها؛ كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا {البقرة: 276} وهذا الذي يجده في تجارته شيء من ذلك المحق المتوعد به آكل الربا المتعامل به.
وأما تأثير هذه القروض الربوية والمعاملات المحرمة على أجره في بناء المسجد.. فنقول: إذا كان يبني المسجد من مال حلال ولو كان دينا في ذمته يسدده من مال حلال فهو مأجور إن شاء الله على عمله الصالح هذا بحسب نيته، فالسيئة لا تحبط الحسنة ولا تبطلها، ولكن إن غلبت سيئاته حسناته هلك؛ إلا أن يرحمه الله برحمة من عنده
وأما إن كان يبني المسجد من مال حرام فإنه لا يؤجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. رواه مسلم.
وبالنسبة لمعاملته مع أهله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أبو داود. وفي رواية لمسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته.
فيجب عليه أن ينفق عليهم بالمعروف، وإذا سافر يترك لهم ما يفي بحاجتهم، ويلزمه ألا يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر إلا لعذر كالعمل ونحوه
هذا، وإذا قام الولد بنصح والده وبين له الحق فلم يرجع إليه ولم يرعو عن غيه فقد قام بواجب النصيحة ولا يلحقه إثمه، قال الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: 164}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1427(11/8253)
حكم بناء مسجد عن طريق بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الجمعية الإسلامية بمدينة أليكانتي
COMUNIDAD ISLÁMICA DE ALICANTE
فضيلة الشيخ حفظه الله.
نعلمكم أننا إخوة لكم في مدينة أليكانتي الإسبانية، حلت بنا مصيبة وهي أن مسجدنا قد أغلق منذ سبعة أشهر (وهو المسجد الوحيد في المدينة والتي يسكنها ما يقارب 6000 مسلم ويصلي الجمعة ما يقارب ألف مسلم) بسبب شكوى من الجيران الحاقدين وحجتهم أننا لا نملك مخرجا للطوارئ. فحكم القاضي بإغلاقه ونفذت البلدية قرار القاضي. ثم راجعنا البلدية وقدمنا طلبا ليسمحوا لنا بعمل مخرج للطوارئ فوافقت البلدية بعدما خرجت وكشفت على المبنى، وبعد موافقة رجال الإطفاء المختصين بهذه الأمور وبعد موافقة نقابة المهندسين. وهذه الموافقة جاءت بعد 6 أشهر ثم قام الجيران بشكوى ثانية فجاء قرار بتوقيف العمل بالمسجد خوفا على البناء من الانهيار بشكوى شفوية من الجيران مؤيدة عن طريق أحد المهندسين والقضية عادت إلى المحكمة من جديد.
... وأثناء ذلك قمنا بعدة محاولات للخروج من هذه المشكلة منها:
1- البحث عن مكان للإيجار فكانت هناك عقبات منها:
... أ- لم نجد مكانا مناسبا للإيجار.
... ب- لو وجد فإن الجيران وأصحاب الملك لا يريدون أن يؤجروا للمسلمين من أجل المسجد.
2- اتصلنا بالمراكز الإسلامية الكبرى في مدريد وبعض السفارات وزرنا رابطة العالم الإسلامي وبعض الجمعيات الإسلامية بالسعودية وطلبنا منهم أن يمدوا يد العون لنا لشراء مسجد أو أرض أو أي شيء يجتمع فيه المسلمون ولكن للأسف خذلنا رغم أن قضيتنا منتشرة في كل أوروبا وعندنا ترخيص رسمي للجمعية وتزكيات من كبرى المراكز الإسلامية في مدريد وبعض المشايخ والعلماء ولو دخلت على الإنترنيت لوجدت التفاصيل تحت عنوان مسلمو إسانيا يصلون على شاطئ البحر.
3- وجدنا بعض الأماكن للشراء وقمنا بجمع التبرعات من مسلمي أليكانتي وما حولها ولكنها لا تساوي شيئا أمام المبالغ الضخمة المطلوبة. والآن نحن مقبلون على شهر رمضان المبارك وأحوالنا على الحال التالي:
... 1- المسجد مغلق
... 2- لا توجد صلوات خمس في المسجد.
... ... 3- الدروس معطلة.
... ... 4- لا نملك من المال ما يكفي لشراء مبنى لنقيم به المسجد رغم الجهود المبذولة خلال ستة أشهر.
... ... 5- وضع الجالية ضعيف جدا.
... ... 6- المسلمون كهيئات رسمية أو أفراد يعتذرون عن المساعدة لأسباب أمنية أو غيرها من الأسباب التي ينسجها لهم الشيطان رغم قدرتهم على بناء أكثر من مسجد.
... الحلول الموجودة:
1- هناك مبنى للبيع وصاحبه وافق على بيعه لنا للمسجد ولكنه يريد نقوده نقدا كاملة. فهل يجوز لنا شراؤه عن طريق البنك بفوائد ربوية؟
2- هناك بيت لأحد المسلمين مساحته 1400 م يصلح لأن يكون مسجدا وصاحب هذا البيت عاجز عن تسديد ثمنه للبنك فحجز عليه البنك وهو ملك البنك الآن، فهل يجوز لنا شراؤه من البنك لأنه يبيع ما يملك مع الاتفاق مع البنك على تحديد نسبة الربح بحيث يجعلها نسبة ثابتة.
نرجو من فضيلتكم إفتاءنا وإرشادنا لما فيه صالح المسلمين.
أخوكم إمام وخطيب مسجد أليكانتي
أبو همام
فاكس: 0034965269806 ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... تلفون: 0034687626905
بريد إلكتروني:
Inscrito en el registro del ministerio de justicia e interior N 3096 /SE A. Dirección: C/ Jovellanos no 8-10 oficina no 7 C.P 03002 Alicante ESPAÑA. TEL: (0034) 965269806, e-mail:]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد حرم تناول الربا وأعلن الحرب على متعاطيه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278-279} .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عقد الربا من الموبقات السبع التي تعتبر من أشنع المعاصي وأشدها عقوبة عند الله تعالى؛ كما في الحديث المتفق عليه.
وعليه؛ فلا يجوز أخذ قرض ربوي للغرض المذكور.
ثم هذا البيت الذي قلت إن البنك قد حجزه لأن صاحبه عاجز عن تسديد ثمنه، وأن البنك يريد بيعه، فإذا كان سيبيعه لكم بربح محدد، ولن يزاد هذا الربح في حال ما إذا تأخرتم في التسديد فلا مانع من أن تشتروه، لأن من حق البنك أن يبيعه ليستوفي منه الديون التي له على صاحبه.
وإذا كان البنك سيشترط عليكم أنكم إذا تأخرتم في التسديد فإن ثمن البيت سيزداد عليكم، فإن اشتراءه حينئذ لا يجوز.
واعلموا أنكم إذا سعيتم في تحصيل مسجد بكل ما أوتيتم من الوسائل، وعجزتم عن تحقيق ذلك، فإن المؤاخذة تسقط عنكم. فالله تعالى عدل ولا يكلف نفسا إلا وسعها.
ونسأل الله أن يضاعف لكم الأجر والثواب بما بذلتموه من الجهود في إقامة شعائر الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(11/8254)
الذهاب إلى المسجد الأبعد والأكثر جماعة أعظم أجرا
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في طريقي إلى المسجد مصلى غير مبني، أرض فقط، وتقام فيه الصلاة وبالقرب منه مسجد، فهل تجوز الصلاة فيه أم أنه لا بد لي من الصلاة في المسجد القريب منه ويبعد عنه حوالي 400 م. وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في المصلى المذكور الذي تقام فيه الجماعة جائزة، إلا أن الأفضل هو الذهاب إلى المسجد الأبعد والأكثر جماعة والصلاة فيه، لأنه كلما كثرت الجماعة كانت الصلاة معها أفضل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 49324، والفتوى رقم: 5547، ولما في كثرة الخطا إلى المساجد من الأجر العظيم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد.. . ولما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم. وروى البخاري عن مجاهد في قوله تعالى: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ {يس:12} ، قال: خطاهم أي إلى الصلاة، وروى الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد فنزلت هذه الآية: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن آثاركم تكتب فلا تنتقلوا.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1427(11/8255)
حكم توسيع مسجد على حساب القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع معقد نوعا ما.
قامت لجة حينل بتوسيع جامع الهرية وإعادة تهيئته، لكن إثر التوسع زعم بعض الناس أو أغلبهم أن التوسع كان على حساب قبور كانت قريبة منه مع العلم أن الجامع يتوسط مقبرة. فما حكم ذلك وهل توجد أي حلول؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتوى سابقة أنه يحرم بناء المساجد على القبور، وأنه لا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، فيجب إزالة أحدهما. فلتراجع الفتوى رقم: 4527، فإذا لم يتيقن أن المسجد وسع على القبور فلا حرج في إبقائه والصلاة فيه، ولا يلتفت إلى شك بعض الناس في ذلك لأن الأصل عدم توسعته على القبور.
وأما إذا تيقن أنه وسع على القبور فينظر إلى مكان القبور.. فإن كان موقوفا لدفن الموتى فيه أو مسبل لذلك (وهو ما ليس بموقوف ولا مملوك لأحد ولكن جرت عادة الناس بالدفن فيه) فلا يجوز توسعة المسجد فيه لأنه مخصص للدفن ويجب هدم المسجد.
وإن كان مملوكا لبعض الناس فينظر: هل القبور قديمة بحيث يكون قد اندرس ما فيها من الأموات أم لا؟ والمرجع في الاندراس وعدمه إلى أهل الخبرة بالأرض, فإن تبين أنهم قد اندرسوا فلا مانع من بناء المسجد على تلك الأرض بإذن المالك وتزال صورة القبور، وإن لم يكونوا قد اندرسوا فلا يجوز البناء ولو أذن المالك لأن فيه اعتداء على الميت وتجب إزالته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(11/8256)
حكم صرف المال المخصص لشراء أرض لبناء مسجد كإيجار لمصلى
[السُّؤَالُ]
ـ[في البدايه أتقدم إليكم بالتقدير والاحترام على ماتبذلونه من جهد كبير في هذا الموقع.
في الحقيقة لقد استفدت كثيرا من هذا الموقع كما استفاد غيري لدفع كثير من الشبهات التي تلقى على ديننا من كل مكان.
كما أود شكركم أيضا على إجابتكم عن كل أسئلتي السابقه التي أرسلتها إليكم.
نحن مجموعة من الطلبة المسلمين الدارسين في إحدى الدول غير المسلمة, مع وجود بعض المقيمين الدائمين بحكم الزواج أو العمل. في المقاطعه التي نقيم فيها لايوجد مسجد..لذلك قمنا منذ ثلات سنوات تقريبا وبصعوبة قمنا بتأجير مكان صغير لإقامة الصلاة..كما قمنا أيضا بترتيب أنفسنا وتسجيل هذا المكان رسميا في البلدية وهذه خطوة أولية لشراء قطعة أرض وبناء مسجد عليها.. كما بدأنا بجمع التبرعات لهذا الغرض وهو بناء مسجد ثابت لنا وبالتالي نتخلص من مشاكل التأجير وغيرها. ثم البدء بجمع هذه التبرعات منذ حوالي أربع سنوات..وهذا المشروع في الحقيقة يحتاج إلى عدة سنوات لإنجازه لأن ثمن الأرض هنا مرتفع جدا ... كما قمنا بفتح حساب بنكي لإيداع التبرعات المجموعة من عدة أماكن والخاصة بشراء قطعة الأرض..علما بأن إيجار المصلى الحالي لايتم دفعه من الأموال المودعه في هذا الحساب لأن هذه الأموال مدفوعه بنية شراء قطعة أرض وبناء مسجد ثابت عليها..
مؤخرا ونتيجة لضيق المصلى الحالي وازدياد عدد المصلين قررنا الانتقال منه وتأجير قطعة أرض صغيرة ووضع فيها (trailers) حاويات , واستعمالها كمصلى مؤقت وكفترة انتقالية إلى حين شراء الأرض وبناء المسجد.
أحد الإخوه اقترح استعمال الأموال المتبرع بها لبناء المسجد, وحدث جدل شديد بيننا بين موافق ورافض للفكرة..وبحكم أني عضو في مجلس الشورى الخاص بنا عارضت هذا المقترح بشدة وذلك لسببين: أولهما هو أنه سيكون من الصعب تعويض هذه الأموال في حالة استعمالها, لأن الإخوه هنا سيرضون بهذا الحل المؤقت وبالتالي سيفترون تدريجيا على جمع التبرعات والسعي لبناء المسجد الدائم. كما أني أخشى لو سمحت باستعمال هذه الأموال في هذه المرة, لا أستطيع منعهم مستقبلا من استعمالها في أغراض أخرى كدفع مصاريف الإيجار أو الصيانة أو غيرها من الأمور.
السبب الثاني هو أن هذه الأموال قد تبرع بها إلينا بنية شراء قطعة أرض وبناء المسجد وليس لغرض تأجير مكان مؤقت للصلاه وبالتالي نكون تحت رحمة المؤجر.
سؤالي هو هل يجوز لنا من الناحية الشرعية استعمال هذه الأموال لغرض شراء هذه الحاويات وإنشاء مصلى مؤقت, خصوصا وكما قلت إن هذه الأموال قد دفعت إلينا لغرض شراء قطعة الأرض وبناء مسجد.
علما بأنه لو سعينا بجد نستطيع بإذن الله تعالى تجميع المبلغ المطلوب لشراء هذه الحاويات دون الحاجة لاستعمال الأموال المدخرة لشراء الأرض وبناء المسجد؟
للأهمية نرجو منكم توضيح حكم هذه المسأله, وتقبلوا مني فائق التقدير والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنفاق والتعاون على بناء مسجد لا سيما في أماكن تجمع المسلمين في بلاد الغرب من أفضل الأعمال لما يشكله المسجد من أهمية، فهو يحفظ على المسلمين دينهم ويؤدون فيه واجباتهم ويتواصلون ويلتقون ويتعاونون فيه على البر والتقوى، فعلى المسلمين في مثل هذه البلدان أن ينفقوا من أموالهم ما يمكنهم من بناء المساجد، وإذا قام على جمع الأموال لهذا الغرض أناس منهم فيجب أن يلتزموا بشروط المتبرعين لأنهم وكلاء عنهم، ولا يملك الوكيل التصرف إلا فيما وكل إليه.
وعليه؛ فلا يجوز لكم صرف الأموال التي جمعت لشراء قطعة أرض وبناء المسجد عليها في شراء حاويات تجعلونها مصلى مؤقتاً؛ إلا أن يأذن لكم المتبرعون أو يحصل العجز التام عن شراء أرض المسجد ولم يمكنكم التواصل مع المتبرعين في هذه الحالة يمكن القول بجواز صرفها إلى شراء حاويات أو دفعها إيجارات للمصلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(11/8257)
حكم الصلاة في مسجد بني بأموال مسروقة من الدولة وعلى أرضها بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جار لجامع بني من أموال الدولة المسروقة حيث قام بعض الناس بجمع المواد المسروقة والتابعة للدولة ثم بيعها وبني الجامع من هذه الأموال إلا أنها لم تكف فتبرع الناس بالباقي واكتمل بناء الجامع علما أن أرض الجامع التي بني عليها الجامع كانت تابعة للدولة وتم البناء بدون موافقاتهم أفتوني حيث إن المنطقة محتاجة إلى هذا الجامع وما هو حكم الصلاة فيه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان على من جمع المواد المسروقة من الدولة أن يردها إليها، لأنها ممتلكات عامة ترجع لبيت المال ولا يحق للأفراد التصرف فيها إلا بإذن المسؤولين وولاة الأمر.
وكذلك الأمر بالنسبة لقطعة الأرض التي بني عليها المسجد، فإنها ملك عام يجري عليها ما يجري على بيت المال.
وما فعل هؤلاء من التصرف في الممتلكات العامة يعتبر افتياتا على المسؤولين، وما دام هذا الجامع قد تم بناؤه من المال العام وعلى أرض عامة، والناس يحتاجون إليه فلا بأس بالصلاة فيه إن شاء الله تعالى لأن من مصارف المال العام بناء المساجد.
وكان الأولى بهؤلاء لما رأوا حاجة المنطقة إلى المسجد أن يسعوا لإيجاد الأرض والمال بطرق مشروعة حتى يكون عملهم محموداً كله يثابون عليه.
وعلى كل، فإن الصلاة في هذا الجامع صحيحة إن شاء الله تعالى، وأما الصلاة في الأرض المغصوبة وما بني بالحرام المحض، فقد سبقت الإجابة عليها في الفتويين: 60150، 17161.
نرجو الاطلاع عليها وعلى ما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(11/8258)
كراهة اتخاذ السجاد المزخرف في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..........
شيخنا الكريم ... قرر إمام مسجدنا أن يبدل سجاد المسجد فلما أحضر السجاد الجديد كان مزخرفا فأبى بعض الشباب المساعدة في إدخاله إلى المسجد بحجة أن هذا السجاد بدعة ولا يجوز وضعه وتفريشه في المسجد فما حكم تفريش أرضية المسجد ببساط مزخرف شيخنا الكريم....... أفتونا بارك الله في علمكم
وشكرا أخوكم ومحبكم في الله توفيق من الجزائر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من جعل فراش في المسجد للصلاة عليه فيه، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك الفراش مشتملا على زخارف يترتب عليها انشغال قلب المصلي بالنظر إليها، لما في ذلك من إذهاب الخشوع والتشويش على القلب.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد ولا يكتب في القبلة شيء، وذلك لأنه يشغل قلب المصلي وربما اشتغل بقراءته عن صلاته، وكذلك يكره تزويقها وكل ما يشغل المصلي عن صلاته وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فلما قضى صلاته قال: اذهبوا بهذه إلى أبي جهم بن حذيفة فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي وأتوا بأنبجانيته. متفق عليه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة أميطي عنا قرامك فإنه لا يزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. رواه البخاري
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مع ما أيده الله به تعالى من العصمة والخشوع يشغله ذلك فغيره من الناس أولى. انتهى.
وعليه، فإذا كان السجاد المذكور له زخارف تشغل المصلين فيكره اتخاذه فراشا في المسجد.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 8236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(11/8259)
الصلاة في المسجد غير المزخرف أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد مزخرف، أو السجادة فيها لمعة مزخرفة، نعلم أن هناك الكثير من هذه المساجد مع أن الرسول قال: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزخرفة المساجد مكروهة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10687، واللوم يتوجه إلى من قام بهذه الزخرفة، والصلاة في المسجد الذي لا زخرفة فيه أولى من الصلاة في المسجد المزخرف إذا أمكن ذلك، ومثل ذلك يقال في السجادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(11/8260)
المسجد ودوره في حياة الأمة الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[الله وحده هو الذي يجازيكم على هذا المجهود العظيم وعلى هذا النفع العميم الذي تقومون به للإسلام والمسلمين.سؤالي هو..ماهي أهمية المسجد في الإسلام مع بعض الأدلة الشرعية وذلك للرد على المنكرين والجاحدين لهذه الأهمية.والله ما ابتغيت من هذا العمل الا الدفاع عن الإسلام والمسلمين.إذا كان الدفاع بالحجة والإقناع.وهذا ما أوده من فضيلتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن للمسجد أهمية عظيمة في نشر الإسلام وتوعية المسلمين واجتماعهم وتآلفهم وتفقد حال من يحتاج إلى إعانة، فهو مجمع الفضائل ومحل العبادة، وقد شهد الله لمن يعمره بالطاعة بالإيمان فقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ {التوبة: 18} . وأثنى الله عز وجل على عمار المساجد بالطاعات والذكر فقال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رجال.. {النور:36} . وحث على عمارته الحسية، وأخبر أن من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة.
ولأهمية المسجد فقد كان من أول ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قدومه المدينة هو بناؤه للمسجد، وقد كان مأوى للضعفاء أصحاب الصفة ومن أصيب بهم أو غيره، فعن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك! قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني. ولا ينكر أهمية المسجد في الإسلام إلا جاهل أو مكابر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(11/8261)
دور المسجد كما بينه القرآن والسنة المطهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أريد بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عن مبدأ الدور الإشعاعي للمسجد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد له مكانة عظيمة في الإسلام، ويبدو ذلك جليا من خلال ما يلي:
1- إضافته إلى الله تعالى إضافة تشريف وتعظيم، فقد قال: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً {الجن:18} .
2ـ أمر الله تعالى بتعظيمه من رفع بنيانه وتعميره بالعبادة حيث قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ {النور: 36ـ37} . كون عمارته دليلا على قوة الإيمان، فقد قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ {التوبة: 18} .
وقد دلت السنة النبوية على الدور الكبير للمسجد، ويتضح هذا من خلال البدء بتأسيسه وجعله من أوليات ما قام به صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة حيث كان محلا لكل مصلحة تخدم شؤون المسلمين، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
1- الترغيب في بنائه حيث قال صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله تعالى بنى الله له بيتا في الجنة. رواه مسلم.
2ـ الترغيب في العبادة فيه ومدارسة العلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح. متفق عليه وهذا لفظ مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدراسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم.
3ـ كان مسكنا لبعض المسلمين الذين لا يجدون مأوى كما هو شأن أهل الصفة، وقد ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن عمر كان ينام فيه وهو شاب عزب.
4ـ كان محل استقبال الوفود التي تفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدعوهم ويعلمهم ويرشدهم.. هذا إضافة إلى حلق التعليم وغيرها التي كان المسجد وما يزال مكانا رحبا لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/8262)
ثواب المشي إلى المسجد يناله الماشي منفردا كان أو مع رفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل الذهاب إلى المسجد برفقة أم منفرداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثواب الجزيل المترتب على المشي إلى المسجد حاصل لمن قام به، سواء كان منفرداً أو في جماعة، لأن سببه هو السعي إلى المسجد، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة.
وبالتالي فيستوي في حق الذاهب منفردا أو في جماعة، لكن إذا استطاع الإنسان أن يكون سبباً في إحضار غيره إلى المسجد لأداء الصلاة فسيحصل إن شاء الله تعالى على ثواب ذلك زيادة على ثواب سعيه هو، لقوله صلى الله عليه وسلم: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: الدال على الخير كفاعله. رواه الترمذي وغيره، وللتعرف على أهمية الصلاة جماعة راجع الفتويين التاليتين: 5153، 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(11/8263)
آداب تراعى في بناء المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نفكر في أن نبني مسجد فماهو البناء السني والسلفي الذي لا بد أن يكون المسجد عليه هل يمكن أن تعطينا ضوابط وصورة عنه كما كان في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وماهو الذي يجب تجنبه والبعد عنه أرجو تنبيهنا على كل ما يفتح الله به عليكم حتى يكون أول مسجد سلفي في العالم وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص الآداب التي ينبغي أن تراعى في بناء المسجد نذكر منها ما يلي:
أولا: الإخلاص وابتغاء مرضاة الله تعالى ببنائه. قال تعالى: [لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ] (التوبة: 108) .
ثانيا: أن يجتنب بناؤه على قبر أو أن يدفن فيه أحد، فلا يجتمع في الإسلام قبر ومسجد، وراجع الفتوى رقم: 4527.
ثالثا: أن تجتنب زخرفة المسجد والمغالاة في بنائه، وراجع الفتوى رقم: 10687.
رابعا: لا بأس في بناء المحراب وهو مبين في الفتوى رقم: 2031.
خامسا: يستحب أن يكون المنبر ثلاث درجات، كما كان منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا وجدت مصلحة في الزيادة عليها فلا حرج، وراجع الفتوى رقم: 45690 ويمكنكم التعرف على المزيد فيما يتعلق بأحكام وآداب المساجد، وذلك عن طريق البحث الموضوعي بمركز الفتوى بالشبكة الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/8264)
بناء منبر النبي صلى الله عليه وسلم وصفته
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ الحديث، كيف كان منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ماذا كان بناؤه، هل من طين أو خشب وهل كان عالياً وهل هو الذي الآن موجود في مسجد المدينة أو عند الكعبة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث درجات بغير المستراح، وهو من طرفاء الغابة وهي شجرة الأثل على الأصح، ولا يوجد المنبر النبوي حالياً لا في المسجد الحرام في مكة المكرمة ولا في المسجد النبوي في المدينة المنورة، لأنه احترق وأبدل بغيره، قال قليوبي رحمه الله في حاشيته على شرح الجلال المحلي على منهاج الطالبين: فلما احترق أبدله المظفر صاحب اليمن بغيره، ثم أبدله الظاهر بغيره ثم أبدله المؤيد شيخ بغيره، ثم أبدله الظاهر خوش.... فلما احترق أبدله السلطان الأشرف قايتباي طاب ثراه بالمنبر الرخام الموجود الآن على صفة منبر معاوية تقريباً.
وفي صحيح مسلم عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه: أن نفرا جاءوا إلى سهل بن سعد قد تماروا في المنبر، من أي عود هو فقال: أما والله إني لأعرف من أي عود هو، ومن عمله، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول يوم جلس عليه، قال: فقلت: له يا أبا عباس فحدثنا، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة قال أبو حازم: إنه ليسميها يومئذ، انظري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أكلم الناس عليها، فعمل هذه الثلاث درجات ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت هذا الموضع، فهي من طرفاء الغابة، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/8265)
موضع المحراب من المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع المحراب في زاوية من زوايا المسجد
حسب الرسم المصاحب ... ... ...
... ... ... |-----------*القبلة ... ... ...
... ... ... | ... ... |
... باب المسجد المسجد |
... ... ... | ... ... | ...
... ... ... |-----------|
الرجاء الإسراع بالإجابة لأن هنالك جدلاً قائماً بهذا الخصوص وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من وضع المحراب في يمين أو وسط أو شمال المسجد إذا كان في الجهة الصحيحة إلى الكعبة، وأما الإمام فيكون في مقابل وسط الصف استحباباً لا وجوباً، وانظر الفتوى رقم: 33042، والفتوى رقم: 2553، لأن الهدف من المحاريب الدلالة على القبلة كما نص على ذلك العلماء، وليس في المسألة توقيف، بل المحاريب لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أحدثت بعده صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك الإمام النووي في المجموع.
قال العلامة ابن مفلح في الآداب الشرعية: وقال ابن عقيل ينبغي اتخاذ المحراب فيه ليستدل به الجاهل، وقطع به ابن الجوزي.
وانظر الفتوى رقم: 2031.
ولا نرى أن هذه المسألة مما يستحق أن يثار من أجلها جدل ونزاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/8266)
حكم فرض مبلغ على مرتادي المسجد لأجل التوسعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... ... ... ... ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم.
شيخنا الفاضل نحن من مسؤولي المساجد ببلجيكا, وبجوارنا مكان للبيع وأردنا أن نشتريه لتوسيع المسجد وتشاورنا مع بعض الإخوة من المسجد لشراء هذا المكان والذي يساوي ثمنه المطلوب 150000 يورو. واتفقنا على أن نشتريه , ولكن بشروط وهذه الشروط هي كالتالي:
- أن نفرض على الجماعة مقدار 500 يورو لكل شخص ولكن لا نعرف عدد الأشخاص الذين سيوافقوننا على هذا النصيب المعين ولكن نقدر ما بين 150 حتى 200 شخص, قرر بعض الإخوة أن كل من يصلي في هذا المسجد يجب عليه أداء هذا الواجب. وبعد أشهر أو سنة سنعين مقدارا آخر لإتمام الباقي.
- وكل من له أولاد يدرسون بهذا المسجد يجب علية أن يؤدي هذا الواجب.
- ثم كل من يأتي جديدا إلى هذا المسجد من ناحية أخرى ليسكن في هذه الناحية ويشارك معنا في الصلاة عليه أن يؤدي هذا الواجب, أو يأتي لتسجيل أبنائه للتعليم في هذا المسجد لا يقبل حتى يؤدي هذا الواجب المفروض.
• السؤال هو إذا امتنع أحد من هؤلاء الأصناف الثلاثة: الأب الذي له أبناء يدرسون حاليا في هذا المسجد وقد أدى واجبه الأول في شراء المسجد الأول الذي نصلي فيه الآن , وأراد أن يمتنع الآن لشراء المكان الثاني الذي نريد شراءه.
• السؤال الثاني إذا إمتنع الشحص الذي يصلي معنا الآن , ولكنه لا يؤدي سوى ثمن الانخراط كجميع المنخرطين الذي هو 75 يورو كل سنة لكل شخص.
• السؤال الثالث هو الشخص الثالث الذي سيشارك معنا في هذا المسجد لأول مرة سواء تحول ليسكن قرب هذا المسجد أو أحد أبناء الجماعة الذي سيأتي من جديد للمشاركة في الانخراط بهذا المسجد. أو يأتي لتسجيل أبنائه بهذا المسجد. فما حكم هؤلاء الأشخاص وجزاكم الله خير الجزاء عن عامة المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من أفضل الأعمال بناء المساجد وتعميرها، انفراداً أو معاونة على ذلك، والإعانة على بناء المساجد من أفضل أنواع الإعانات، وقد ندبنا الله إليها بقوله:: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] ، وأي بر أعظم من بناء بيت لله يجتمع فيه أهل الإسلام، ليؤدوا فيه ما افترض الله عليهم من الصلوات، ويتعلموا فيه القرآن والسنة ويلتقوا على الخير والمحبة خمس مرات في اليوم، وكما يحصل ذلك الأجر العظيم لمن بنى المسجد من أساسه فإنه يحصل أيضاً لمن وسعه وزاد فيه، ولما وسع عثمان المسجد النبوي استدل بقوله صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجداً ... الحديث، قال الحافظ ابن حجر: ولم يبن عثمان المسجد إنشاء، وإنما وسعه وشيده، فيؤخذ منه إطلاق البناء في حق من جدد كما يطلق في حق من أنشأ. انتهى.
ومع هذا الفضل العظيم فإنه لا يمكن إيجاب ذلك على جماعة المسجد، أو الساكنين قريباً منه، بل هو على سبيل الندب، وأما أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون بالمسجد فلا بأس من فرض رسوم عليهم مقابل تعليم أولادهم، ومن ثم التبرع من قبل القائمين على التعليم بهذه الرسوم لتوسعة المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/8267)
أول مأذنة في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أين بنيت أول مآذنة في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف المؤرخون في أول مئذنة بنيت في الإسلام، ففي "فتوح البلدان" للبلاذري أن أول مئذنة في الإسلام كانت على يد زياد بن أبيه الذي عينه معاوية رضي الله عنه على البصرة عام 45 هـ، بينما ذكر المقريزي أن صوامع جامع عمرو بن العاص الأربع التي بناها مسلمة بن مخلد والي مصر في العهد الأموي عام 53 هـ هي أول مآذن في الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(11/8268)
الصدقة على القريب.. أم بناء منارة مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا بقريتي مسجد ولكن بدون منارة ويوجد عندي خالي أخو والدتي قام ببناء منزل ولكن لم يتمكن من إكماله: سؤالي؟
هل أقوم بالتبرع لخالي لإكمال بناء منزله أم أقوم بالتبرع لبناء منارة للمسجد؟ أفيدوني جزاكم الله ألف خير....... علماً بانني عربي اقيم بدولة قطر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تقديمك لإعانة الخال أفضل لأن منارة المسجد ليست أمرا متأكدا، وإنما استحسنها بعض العلماء، لأنها تساعد على إبلاغ الصوت وإسماع الناس.
وأما إعانة الأقارب والتصدق عليهم، فإنه اجتمعت فيه صلة الرحم والصدقة، ويدل لذلك ما في الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(11/8269)
الصلاة في مسجد فيه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بعثت لكم بسؤال الفترة الماضية منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، حول مسألة مسجد بني على قبر،
وقد أجبتم مأجورين عن سؤالي رقم 593895، ولكن لم أوضح لكم أنه لا يوجد مسجد قريب من المنزل إلا عن بعد ما يقارب 350 متراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافة المذكورة لا تعد كبيرة عرفاً، ولذا فإن المتعين عليك هو الذهاب إلى المسجد الذي لا يشتمل على قبور، إلا إذا كنت عاجزاً عن الوصول إليه بسبب المرض ونحوه، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(11/8270)
الرؤية الشرعية لبناء المنارة وكتابة اسم الله عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع لوحة مكتوب عليها الله أكبر على منارة المسجد بدلاً من الهلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن وضع لوحة على المنارة مكتوب فيها اسم الجلالة أو شيء من القرآن أو الحديث، فعل ينافي الأدب مع هذا المكتوب، لأنه يعرضه للتراب ونزول الطيور وإلقاء فضلاتها عليه، وكلها أمور تؤدي إلى امتهان ما هو معظم شرعاً، وقد قال الحق سبحانه وتعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30] .
أما بخصوص الهلال ووضعه على المنارة فإن كان ذلك على سبيل التقرب والتعبد فهو من البدع والمحدثات التي لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن أهل العلم قالوا باستحباب اتخاذ المئذنة للمصلحة، حيث إنها تساهم في علو الصوت، كما أن فيها أيضاً تمييزاً للمسجد عن غيره من سائر المباني.
قال في بريقة محمودية في تقسيمه للبدع إلى أنواع، ثم ذكر منها ما هو مستحب فقال: وقد تكون مستحبة كبناء المنارة، وإنما كانت مستحبة مع كونها بدعة لأنها عون لإعلام وقت الصلاة للناس.
والحاصل أنه لا حرج في بناء المنارة من غير إسراف، وألا يوضع عليها شيء، لا هلال ولا لوحة مكتوب عليها اسم الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/8271)
ورد الشرع الحكيم بالنهي عن زخرفة المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نقش اسم الرسول صلى الله عليه وسلم وأسماء الخلفاء الراشدين على جدران المساجد كما كانت العادة في بعض الدول الإسلامية، رحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد الشرع الحكيم بالنهي عن زخرفة المساجد، وما يفعل في هذه المساجد من كتابة بعض الأسماء عليها داخل في هذه الزخرفة المنهي عنها، وقد ذكرنا ما ورد من نصوص بهذا النهي في الفتوى رقم: 10687 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/8272)
حكم بناء مسجد من مال كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قبول مال رجل نصراني كتبرع لبناء مسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع قد أباح قبول هدية الكافر، وحيث كان ذلك جائزاً جاز قبول تبرعه في بناء المسجد. وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 6261.
ولا عبرة بكون هذا المال ناشئًا عن حلال أو حرام؛ لأن بناء المساجد - كغيرها من المرافق العامة - لا يشترط أن يكون مصدر ما تشيد به من حلال. قال النووى في شرح المهذب: فرع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه، فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله، فإن كان ميتًا وجب دفعه إلى ورثته، وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والرُّبَط والمساجد ومصالح طريق مكة، ونحو ذلك مما يشترك فيه المسلمون. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/8273)
أفضلية المسجد لمن لا يجد جماعة في المسجد ولا خارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في كندا وفيها مسجد واحد يبعد 3 كيلو والمسلمون فيهم البركة وليسوا قليلين غير أن الحاصل أنه لا يصلى في المسجد إلا الفجر والمغرب والعشاء وأنا أنتهي من الجامعة العصر تقريباً ولا أعرف ما إذا صليت في المسجد أو البيت سيكون نفس الشيء مع أني أعلم أن صلاة العصر لا يأتي أحد إلى المسجد بل أصلي بنفسي
فهل هو نفس الأجر أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت على يقين من أنك لن تجد من يصلي معك العصر في المسجد، ويمكنك تحصيل جماعة خارج المسجد، فالأفضل أن تصلي في الجماعة، لما أخرجه النسائي وأبو داود وأحمد من حديث أُبَيِّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل.
وأما إذا كنت لا تجد جماعة في المسجد ولا خارج المسجد، فالأفضل أن تصلي في المسجد، لما ورد من الترغيب في عمارة المسجد، قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة:18] .
وروى الشيخان وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطهر في بيته ثم مضى على بيتٍ من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة. أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(11/8274)
إغلاق بيوت الله ظلم عظيم وسعي لتخريبها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا من تونس.
لقد صدر قرار بغلق المساجد ولا يتم فتحها إلا أثناء وقت الصلاة فقط ما قول الشرع في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسجد في الإسلام له مكانة عظيمة وذلك بدا جليا عند وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فكان من أول أعماله بناء مسجده الشريف، كما أن الله تعالى أضاف المسجد إليه إضافة تشريف وتعظيم، قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجن:18] .
وأمر الله تعالى برفع شأن المسجد وبنائه، وبين أنه مكان لذكره تعالى، فقال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [النور:36] .
وقد رغب الإسلام في بناء المساجد، فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله تعالى بنى الله له بيتاً في الجنة.
والمسجد مكان لكل ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، فمنه كانت تدار شؤون الدولة الإسلامية وتجهز الجيوش والسرايا وبعثات الدعوة إلى الله، وربما يكون سكناً لبعض المسلمين الذين لا يجدون مأوى، كما هو شأن أهل الصُفَّة، وقد ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن عمر كان ينام فيه وهو شاب عزب، وهو موضع للاعتكاف، قال الله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] .
وعليه.. فلا يجوز إغلاق بيوت الله تعالى في وجه المؤمنين الذين يريدون تعميرها بذكر الله تعالى، لأن ذلك ظلم عظيم وسعي لتخريبها، قال الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا [البقرة:114] .
وذكر الله تعالى صفات من يعمر المساجد في قوله: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة:18] .
قال ابن كثير بعد هذه الآية: فإذا كان من هو كذلك مطروداً منها مصدوداً عنها فأي خراب لها أعظم من ذلك؟!! وليس المراد من عمارتها زخرفتها وإقامة صورتها فقط، وإنما عمارتها بذكر الله فيها , وإقامة شرعه فيها ورفعها عن الدنس والشرك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/8275)
لا تبنى مساجد لصلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم من يعارض بناء مسجد للصلوات الخمس يريد مسجداً لصلاة العيد فقط والذي يعارض الغريب أنه إمام مسجد جامع، ونحن لا يوجد عندنا مسجد قريب للصلوات الخمس؟ ما الحكم إذا قال لك شخص أمانة وأنت لا تريد تحملها فأعطاك إياها بالغصيبة؟ أفيدونا وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبناء المساجد من أفضل الطاعات وأجلِّ القربات، ففي الصحيحين: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله تعالى بنى الله له مثله في الجنة.
ولا ينبغي لمسلم أن يعارض بناء مسجد لجماعة محتاجة إليه، ولا سيما إذا كان ممن يقتدى بهم مثل أئمة المساجد ونحوهم.
أما صلاة العيد فلا تبنى لها المساجد لأن السنة فيها أن تصلى في الصحراء أو المصليات غير المساجد المبنية، ونعتذر للسائل عن سؤاله الثاني فإننا لم نفهمه فهماً يمكننا من الجواب عليه، فنرجو توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8276)
حكم فصل طابق المسجد العلوي عن السفلي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنني أحد أعضاء لجنة إعمار مسجد حي نزال الكبير في مدينة عمان الأردن، ونقوم حالياً بتوسعة المسجد وإعمار طابق ثان له، ونريد عمل قبة على سطح المسجد، فسؤالي هل يجب أن يكون الطابق الثاني مطلاً على الأول، أي غير مفصول تماماً لأننا نريد فصله، أي فصل الطوابق عن بعض.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في بناء طابق علوي للمسجد، ولا يجوز لكم فصله عن المسجد السفلي بحيث لا يرى المصلون الذين فيه الإمام ولا من يراه، إلا إذا احتجتم إلى ذلك، فلا حرج عليكم بشرط أن يعلم المأمومون بصلاة الإمام، كسماع صوته عبر المكبر أو من يبلغ عنه.
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 18169،.
8566، وقد سبق حكم ارتفاع المأموم على الإمام في الفتوى رقم:.
10884.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/8277)
صيانة وترميم المساجد ليس من الإسراف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
نقوم بصيانة لدرج المسجد عند الأبواب الخارجية "تركيب رخام للدرج" ورغبة في التوفير والاقتصاد عملنا أحواضا للعشب مقابل السواري لتقليص المساحة التي سيعمل لها الرخام، أنكر بعض الإخوة علينا وقالوا إن هذا من البدع ... أفيدونا رحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في هذا العمل بدعة بل هو عمل تشكرون عليه ونرجو من الله أن يثيبكم على نيتكم فقد جمعتم بين ترك الإسراف والتبذير في بناء المساجد وبين تجميلها وتزيينها، بغير محرم أو منهي عنه، وعملكم هذا يدخل في عموم تعظيم وتنزيه المساجد التي أمر الله ورسوله بعمارتها وصيانتها، وقال عز وجل: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [النور:36] .
ومن الحديث: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب. رواه أبو داود وابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/8278)
السعي في تخريب المساجد يشمل كل أنواع التعطيل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم يا إخوة الإسلام أما بعد:
فإن سؤالي يتمحور في جانب مهم للغاية وهو كيفية إعمار بيوت الله من المساجد إذا صح لي القول وقلت إن الإمام لا يشجع على إعمارها وسؤالي هذا في حقيقته لا يعد كما قلت لأنه تعجب. إن هذا الإمام وهو الإمام الوحيد الذي يصلي بنا لا يوجد سواه لأن الإمام عندنا لا يمكن أن يكون إماما إلا إذا توافرت به شروط تتماشى مع الوضع السياسي في بلادنا إذا صلى بنا كانت قراءته للسور بسرعة حتى لا نكاد نفهم من قراءته شيئاً بالإضافة إلى الركوع والسجود وهذا الشيء في حقيقته يؤلمني لأن الله يستحق منا العبادة المتزنة ولذلك قررت بأن لا أصلي في المسجد لأني أصبحت أخاف أن يجيء يوم وأقصر في واجبي أمام الله وأخاف أن تصبح صلاتي كنقر الديك إذا صح القول.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمارة بيوت الله تعالى تتطلب تشييدها وتأسيسها على السنة، والمحافظة عليها بالرعاية والنظافة والصيانة.
وعمارتها تكون بالعبادة فيها وأداء الصلوات، وفتح أبوابها لمن أراد ذلك دائماً، ومن عمارتها إقامة الدروس، وتعليم الناس ما ينفعهم في دينهم وفي دنياهم، فالمسجد أهم مؤسسة عند المسلمين، وأول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه إلى المدينة المنورة هو تشييد المسجد، فكان مسجده صلى الله عليه وسلم مكاناً للصلاة والعبادة، وكان مدرسة يتعلم فيها المسلمون ما يحتاجونه من أمور دينهم ودنياهم، وكان محل الاجتماعات العامة يلتقي فيه المسلمون، ومركز القيادة العليا، فيه تعقد الألوية، ومنه تنطلق الجيوش والسرايا والبعوث الدعوية.
ومن يعطل المسجد عن أداء دوره في المجتمع، وتبليغ رسالته على النحو الذي كان عليه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومساجد السلف الصالح، فإنه يسعى لتهميشه والتقليل من أهميته، وبالتالي خرابه، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114] .
والسعي في التخريب لا يقتصر على التخريب المادي، وإنما يشمل كل أنواع التعطيل المؤدي في النهاية إلى تهميش المسجد وإماتته وشل حركته.
وأما الأولى بالإمامة في المسجد والإقامة على شؤونه فهو أعلم القوم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنا.
ويجب على الإمام -كما يجب على غيره- أن يتأنى ويطمئن في صلاته، ويرتل القرآن ترتيلاً كما أمر الله تعالى، وترتيل القرآن هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
والطمأنينة من فروض الصلاة وأركانها، ولا تتم إلا بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل صلى ولم يطمئن في صلاته: ارجع فصلّ، فإنك لم تصلّ ثلاث مرات حتى قال له: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة ومنها: ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ... والحديث في الصحيحين وغيرهما.
وننصح السائل بألا ينقطع عن المسجد، لأن الصلاة في المسجد مع الجماعة واجبة على الرجال -في الراجح من أقوال أهل العلم- ولا يجوز التخلف إلا بعذر.
فإن كان هذا الإمام يطمئن في الأركان قدر ما تحصل به الفريضة، وتقدير ذلك قدر ما تحصل به تسبيحة واحدة على الأقل، فالصلاة صحيحة إن شاء الله تعالى، ولا داعي للتخلف عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(11/8279)
يجوز بيع المسجد القديم لبناء آخر بثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[بني مسجد في قرية، وبمرور الزمان عليه، أصبح لا يستوعب عدد المصلين، فبنى أهل القرية مسجداً آخر على جنب المسجد القديم أكبر وأوسع منه، فهل يجوز هدم المسجد القديم الذي أصبح مهجورا متعطلا؟ وهل يجوز بيع ما يمكن الاستفادة منه من المسجد القديم لنكمل بثمنه عملية بناء المسجد الجديد؟ علما بأن الجديد مازال يحتاج إلى تكلفة باهظة لتكميله، وترميم المسجد القديم يحتاج إلى تكلفة كبيرة أيضا مع أنه من المتأكد أننا ولو بعد الترميم لا نصلي فيه ولا ندرس فيه إلا نادراً لأن المسجد الجديد أجدر وأصلح بذلك؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المسجد القديم قد أصبح مهجوراً متعطلا فيجوز بيعه ويجعل ثمنه تكملة للمسجد الجديد، وقد روى الخلال أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نقب بيت المال بالكوفة: أن انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لن يزال في المسجد مصل، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه، ووجه الحجة منه أنه أمر بنقله من مكانه فدل على جواز نقل المسجد من مكانه إلى مكان آخر، وإذا جاز ذلك من دون بيع الأول فأحرى أن يجوز مع بيعه ليستفاد من ثمنه في بناء المسجد الجديد.
وهذا الذي ذكرناه هو الراجح عند أهل العلم. وللتفصيل راجع الفتوى رقم:
6658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/8280)
حكم الصلاة في المسجد الذي بني من مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يتاجر في بيع الكحول بنى مسجدا في إحدى القرى لكن سكان هذه القرية رفضوا الصلاة فيه بدعوى أن ماله حرام ما حكم الشرع من موقف سكان القرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في المسجد المبني من المال الحرام صحيحة إن شاء الله تعالى.
لأن المال الحرام يجب على صاحبه التخلص منه، ومن الأوجه التي ينفق فيها: بناء المساجد والمدارس ووجوه الخير ... قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: (فرع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله فإن كان ميتاً وجب دفعه إلى وارثه وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة كالقنطار والربط والمساجد ومصالح طريق مكة ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء) انتهى كلامه رحمه الله.
وعلى أهل هذه القرية عمارة هذا المسجد بالصلاة وإقامة الدروس لتعليم الناس دينهم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(11/8281)
بناء المسجد بمال بعضه حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بناء مسجد من مال المحسنين علماً أن بعض المال مال حرام، أقصد أن بعض المحسنين معروف عنهم معاملتهم بالحرام مثل الرشوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة " فبناء المساجد فيه الخير الكثير، والثواب الجزيل، عند الله تعالى، وهذا الحديث وما في معناه يفيد أن من بنى لله مسجداً سيدخل الجنة، فإذا أراد الشخص بناء مسجد، وكان في ماله بعض الحرام، فينبغي له أن يخصص من ماله الحلال ما يبني به بيت الله، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، هذا هو الأولى والأفضل لمن يريد أن ينال هذا الثواب العظيم.
أما إذا كان الشخص يملك أموالاً محرمة، مثل الفوائد الربوية أو غيرها، وأراد التخلص منها، فإن له أن يبني بها المساجد للمسلمين، وله أن يفعل غير ذلك من وسائل التخلص منها في وجوه البر والإحسان، وهذا من باب التخلص من الحرام، وليس من باب الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(11/8282)
الصلاة في مسجد بني من مال حرام ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وبعد:
أنا أسكن في هولندا في مدينة صغيرة أسسنا فيها مسجدا كلفته أكثر من 500000 اورو معظمها من الحرام (أكثر من 70 في المائة من المبلغ مكتسب من المخدرات والخمر والقمار وتزوير التعويضات الاجتماعية وغير ذلك من الأموال الحرام) . سؤالي: هل تجوز فيه الصلوات والجمعة؟ وهل تجوز لي الصلاة في بيتي بدلاً من هذا المسجد؟ مع العلم بأن أهله يحبون البدع ويكرهون السنة.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال الحرام الذي لا يُعرف مالكه، أو لا يمكن ردَّه عل مالكه لجهل عينه، كما في اليانصيب الذي يشارك فيه أعداد كثيرة من الناس، فهذا المال ونحوه يجوز أن تبنى به المساجد، وعليه يجوز الصلاة في هذه المساجد بلا كراهة.
يقول ابن رشد الجد المالكي: وقد قيل: إن سبيل المال الحرام الذي لا يعلم أصله سبيل الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين.
فعلى هذا القول تجوز الصلاة دون كراهة في المسجد المبني من المال المجهول أصله. البيان والتحصيل 18/565.
وأما السؤال عن حكم الصلاة في المسجد إذا كان الإمام مبتدعاً، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية: فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل، فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد، وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم، فهذه تفعل خلف كل بر وفاجرٍ باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفرداً، لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقاً.
وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع، فهو أحسن وأفضل بلا ريب لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته، وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما النزاع وتفصيل.
وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة مثل: بدع الرافضة والجهمية، ونحوهم.
فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل: مسألة الحرف والصوت ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعاً وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه النزاع.
هذا ولا يعذر بترك الصلاة في المسجد إن كان به بدعة أو منكر، فيحضر وينكر حسب استطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(11/8283)
الممنوع في بناء مسجد قرب آخر: قصد الإضرار
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مسجد عتيق وهو يكفي للمصلين هناك، إلا أن أحد الأشخاص يحاول بناء مسجد على بعد 200 متر، ونشعر بأن المسجد العتيق سوف يهجر إن بني المسجد الجديد.
وسبب بنائه للمسجد الجديد: هو كون المسجد العتيق ليست له منارة ولا تمكن رؤية من بعيد وهو يريد جذب ناس أكثر وقد اقترحنا عليه إعادة بناء المسجد القديم حيث أن ذلك سيفي بالمطلوب أي جذب من يريد جذبه.
وسؤالي هو: هل يجوز لنا منعه من بناء هذا المسجد؟ أجيبوني في أسرع وقت ممكن وباللغة العربية.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن اجتماع المصلين في مسجد واحد أفضل وأعظم للأجر، كما قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن أبي بن كعب.
وعليه، فإذا كان بناء المسجد الجديد يحد من جماعة الأول أو يؤدي إلى تعطيله بالكلية فإن الأنسب بمقاصد الشرع أن لا يبنى هذا المسجد، بل يرمم القديم ويبنى له منارة من المال المخصص لهذا المسجد الجديد أو من غيره.
وبما أن الأخ الذي يريد بناء المسجد قصده جذب أكثر عدد ممكن من المصلين ونحو ذلك من الأغراض الشرعية، فننصحه بأن يبحث عن مكان ليس لأهله مسجد يصلون فيه أو يحتاجون إلى توسعة مسجد -وما أكثرهم- فيصرف أمواله فيه.
ومع هذا كله فنحن لا نقول بمنع بناء المسجد قرب المسجد ما لم يكن بقصد الضرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/8284)
حكم الصلاة بمسجد بني بمال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخصان بهدم مسجد وبناء آخر مكانه جديداً أكبرمنه حجماً وقد تكفلا بالتكاليف، إلا أن بعض المحسنين ساهموا في بنائه، ولكن هذين الشخصين يعملان في الغرب في التجارة، وكما تعلمون أن بعض الأموال تأتي من بيع المحرمات، مثل: الخمر، والخنزير، فهل يجوز الصلاة فيه للناس؟ وهل للمتبرعين أجر في ذلك؟ وكذلك من ساهم معهم في بنائه؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذان الرجلان بنيا المسجد من مالهما الحرام، فلا أجر لهما، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، ومن شاركهما من ماله الطيب في بناء المسجد فهو مأجور عند الله إن أخلص النية.
والصلاة في هذا المسجد جائزة، وقد نص الفقهاء على أن المال الحرام يتخلص منه صاحبه في المصالح العامة، ويصرف إلى ما يصرف فيه أموال بيت المال، ومن مصارف بيت المال بناء المساجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/8285)
حكم إقامة الجمعة في كراج العمارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد يسر لنا الله تبارك وتعالى في كراج مكاناً لأداء الصلاة فيه، وبما أنه في الأسفل وفوقنا الجيران، ونريد أن نقيم صلاة الجمعة. فهل تجوز فيه صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من إقامة الجمعة أو غيرها من الصلوات في هذا المكان ولو كان أسفل، وفوقه جيران، وذلك لسبق تملك الجيران للعلو، أما لو كان المسجد أنشئ مستقلا فإن سطحه يكون تابعاً له، ويتعين للوقف، ولا يجوز السكنى فوقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(11/8286)
حكم البناء فوق المساجد وحكم الصلاة في مسجد فوقه سكن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد فوقه مسكن عائلي، مع العلم أن المسكن بني بعد المسجد؟ وهل يجوز السكن فوق المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسجد بمجرد بنائه والإذن للناس بالصلاة فيه إذناً عاماً يصير وقفاً محرراً عن أن يملك العباد فيه شيئاً، ومتى زال ملك واقفه عنه، فليس له أن يرجع فيه، ولا يبيعه، ولا يورثه، ولا يتصرف فيه إلا في مصلحة المسجد.
أما إن اشترط في حين وقفه حق البناء، واتخاذ السكن فوقه، أو تحته، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم:
-فمذهب المالكية: منع البناء فوقه، وجوازه تحته.
-ومذهب الحنابلة: أنه إن جعل أسفل بيته مسجداً، لم ينتفع بسطحه، وإن جعل سطحه مسجداً، انتفع بأسفله.
-وجوز الإمام أبو يوسف البناء تحته، وفوقه.
والذي يظهر أنه لا مانع من البناء فوقه، وتحته، إن كان ذلك في نيته حين الوقف.
أما الصلاة في مسجد فوقه أو تحته سكن فصحيحة بلا خلاف، لأن الأصل هو صحة الصلاة في كل مكان، إلا الأماكن التي منع الشرع من الصلاة فيها، وعلى هذا عمل الناس دون نكير من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1422(11/8287)
حكم بناء قبة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قبة المسجد بدعة كما يقول السلفية؟
نرجوا أن يكون الجواب في أسرع وقت ممكن مع تزويد نا بالمعلومات الكافية والأدلة المقنع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى عمارة المساجد فقال: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:36،37] وقال سبحانه: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18] .
والعمارة تنتظم الحسية بالبناء، والمعنوية بالعبادة. غير أنه قد ورد النهي عن زخرفتها والتباهي بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أمرت بتشييد المساجد" رواه أبو داود من حديث ابن عباس، والتشييد هو الطلاء بالشيد وهو الجص.
قال القرطبي: قال ابن عباس: (لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى) . وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
أما بناء (قبة) للمسجد فإن كان من أجل الإضاءة والتهوية فلا حرج فيه، إذ لم يرد ما يدل على المنع منه، والأصل في الأشياء الإباحة، وإنما ينبغي الحذر من بنائها على وجه الإسراف أوالمباهاة. وإن كان بناؤها على وجه التعبد واعتقاد السنية فإنه يعد بدعة محدثة، والنبي صلى الله عليه وسلم: يقول: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1422(11/8288)
حكم زخرفة المساجد وإنارته وفرشه بالبسط الفاخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز زخرفة المسجد بالآيات القرآنية؟ وهل يجوز فرشه بالأبسطة الفاخرة وإضاءته زيادة عن الحاجة مع كونها مكلفة؟ وهل يمكن تركيب الأعمدة التي عليها النحوتات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ زَخْرَفَةُ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ نَقْشٍ، أَوْ صَبْغٍ، أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْهِي الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلَاتِهِ , لما أخرجه ابن حبان في صحيحه وأبو داود وابن ماجه في سننهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
وَالتَّشْيِيدُ: الطِّلَاءُ بِالشِّيدِ أَيْ الْجِصِّ. ولفظ ابن ماجه: "أَرَاكُمْ سَتُشَرِّفُونَ مَسَاجِدَكُمْ بَعْدِي، كَمَا شَرَّفَتْ الْيَهُودُ كَنَائِسَهَا، وَكَمَا شَرَّفَتْ النَّصَارَى بِيَعَهَا".
وقد ذكر الإمام البخاري الجزء الموقوف على ابن عباس من هذا الحديث، مع أثر آخر عن أبي سعيد، وآخر عن أنس رضي الله عنهم فقال: (بَاب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: أَكِنَّ النَّاسَ مِنْ الْمَطَرِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ، وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهَوْنَ بِهَا ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى) .
وفي المسند، وصحيحي ابن خزيمة، وابن حبان، وسنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، عن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ".
وَيروى عن جمع من الصحابة منهم أبو هريرة، وأَبُو الدَّرْدَاءِ، وأبوذر، وأبو سعيد، رضي الله عنهم أنهم كانوا يقولون: إذَا حَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ وَزَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ فَالدَّمارُ عَلَيْكُمْ.
وقد نقلت كراهة ذلك أيضا عن الأئمة مثل: مالك وأحمد وغيرهما، ففي المدونة قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَه أَنْ يَكُونَ فِي الْقِبْلَةِ مَثَلُ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي كُتِبَ فِي مَسْجِدِكُمْ بِالْفُسْطَاطِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَذَكَرَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَمَا عُمِلَ فِيهِ مِنْ التَّزْوِيقِ فِي قِبْلَتِهِ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ: كَرِهَ ذَلِكَ النَّاسُ حِينَ فَعَلُوهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ النَّاسَ فِي صَلَاتِهِمْ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَيُلْهِيهِمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ أَرَادَ نَزْعَهُ. فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ كَبِيرَ شَيْءٍ مِنْ الذَّهَبِ فَتَرَكَهُ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَمِنْهُمْ الْحَنَابِلَةُ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ زَخْرَفَةُ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَتَجِبُ إزَالَتُهُ كَسَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ، لِأَنَّهُ إسْرَافٌ، وَيُفْضِي إلَى كَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ.
وقال ابن الحاجب في المدخل عند ذكره لما يجب تغييره من المنكرات (وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الزَّخْرَفَةِ فِي الْمِحْرَابِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) .
وقد اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ زَخْرَفَةُ الْمَسْجِدِ أَوْ نَقْشُهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَأَنَّ الْفَاعِلَ يَضْمَنُ ذَلِكَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهِ وَلَيْسَ بِبِنَاءٍ.
وبناء على ما تقدم فإن زخرفة المساجد بالنقوش المزركشة والأصباغ المختلفة وتحليتها بالذهب والفضة وكتابة الآيات القرآنية والأقوال المأثورة على جدرانها مكروهة إن لم تكن محرمة، وخاصة إذا كانت تفضي إلى انشغال المصلين بها.
وأما تفريش المسجد بالفرش الفاخرة وإنارته، فإن ما تدعو إليه الحاجة من ذلك مطلوب شرعاً، بل مرغب فيه.
ولا حرج في ذلك ما دام متناسباً مع حال المسجد ومكانته، ما لم يصل إلى حد الإسراف والتبذير، وراجع الفتوى رقم: 9320.
وأما تركيب الأعمدة التي فيها نحوتات، فإن كانت هذه النحوتات صوراً لذوات الأرواح من حيوانات وبشر، فإن تركيبها لا يجوز، لا في المسجد ولا في غيره، لحرمة اتخاذ صور ذوات الأرواح، وخاصة ما كان منها في مكان غير ممتهن.
وأما إن لم تكن النحوتات صوراً لذوات الأرواح، فهي داخلة في عموم الزخرفة، وقد عرفت حكمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1422(11/8289)
بناء مسجد بتمويل بنك إسلامي يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: نحن نسكن ضمن مجموعة من المنازل ولا يوجد لدينا مسجد قريب وأريد أن أبني مسجدا عندنا فهل يجوز أن أبني المسجد بتمويل من بنك إسلامي علما بأنه لا يوجد لدي المال الكافي للبناء والأوقاف أخبرونا بأنهم لايبنون مساجد في الوقت الحالي.
وجزاكم الله خيرا كثيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج شرعاً في بناء المسجد بتمويل من البنك الإسلامي إذا كان البنك ملتزماً بالتعاملات الإسلامية، ولا يتعامل بالربا. ونسأل الله لكم التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(11/8290)
الزوايا ... أنواعها ... وحكم كل نوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوحكم الزوايا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا السؤال عام محتمل، حيث إن الزوايا يقصد بها في بعض الأماكن: المساجد الصغيرة، وعندهم أن الزاوية هي المسجد الصغير، وحكم بنائها جائز ويثاب فاعله - إن شاء الله - لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من بنى مسجداً لله كمفحص قطاة، أو أصغر، بنى الله له بيتاً في الجنة" رواه ابن ماجه.
كما يقصد بها: الأماكن التي تتخذها بعض الطرق الصوفية للتعبد وفق طريقتهم التي ارتضوها، فمنهم الغلاة الذين يلجئون إلى غير الله بالدعاء والاستغاثة، وطلب العون والمدد، وتفريج الكروب، وستر العيوب ... إلخ.
ولا شك أن هذه الأمور من الشرك الأكبر المناقض لأصل التوحيد، والمحبط للعمل، وهؤلاء لا تجوز الصلاة خلفهم، ولا مجالستهم، ولا مخالطتهم فيما يقدمون عليه من باطل، والواجب نصحهم وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، لكن ذلك يتوجب على العلماء القادرين على دحض شبهاتهم، والرد على افتراءاتهم ... فإن لم يرجعوا عن باطلهم وجب التحذير منهم، ومعاداتهم وفق الضوابط الشرعية، ومن الصوفية من يتشبث بالأوراد المبتدعة الباطلة، فهؤلاء وإن كانوا أخف حالاً من الغلاة، لكن يجب الحذر من بدعهم ومنكراتهم.
وعلى أية حال، فمثل هذه الأماكن يحتاط في أمرها، حيث لا يجوز للمسلم المشاركة في بنائها إلا إذا تأكد، أو غلب على ظنه أنها لا تبنى للترويج للبدع والضلالات، أو الشرك والخرافات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(11/8291)
زخرفة المساجد والإسراف في بنائها مذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الإسراف فى بناء المساجد، أى صرف مبالغ كبيرة في أعمال الديكورات المكلفة والزينة وشراء الفرش والأثاث الفاخر باهظ الثمن، وهل من الأولى التصدق بهذه المبالغ الكبيرة على الفقراء. علي سبيل المثال لقد سمعت بأن أحدهم قد تصدق بثرية كبيرة الحجم، يقدر ثمنها بثلاثين ألف دولار تقريبا، لأحد المساجد، فهل كان من الأولى شراء ثرية بسيطة تؤدي الغرض وتوفير جزء كبير من هذا المبلغ والتصدق به على الفقراء والمساكين.
أفيدونا أفادكم الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإسراف والتبذير خلقان مذمومان، جاء النهي عنهما في كتاب الله عز وجل، قال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] وقال (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الاسراء: 26،27) .
وزخرفة المساجد والإسراف في بنائها من علامات الساعة، فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد".
وقال البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة، باب بنيان المساجد: (قال أنس: يتباهون، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، فالتباهي بها: العناية بزخرفتها. قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى) .
وقد جاء وعيد شديد على هذه الزخرفة، وهو فيما رواه الحكيم الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: " إذا زوقتكم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم" قال الألباني في صحيح الجامع: إسناده حسن.
وما ذكرته من التصدق بثرية كبيرة الحجم يقدر ثمنها بثلاثين ألف دولار، داخل في حد الإسراف، والأولى - بلا شك- أن يكتفى بما يحقق الغرض من الإنارة، ثم يتصدق بالباقي، ولنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أصحابه، فقد عمروا المساجد بالطاعة والعبادة، معرضين عن الزينة والزخرف.
قال عمر رضي الله عنه عند تجديد المسجد النبوي: "أكِنَّ الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر، فتفتن الناس".
رواه البخاري قال المناوي في فيض القدير: (فزخرفة المساجد، وتحلية المصاحف منهي عنها، لأن ذلك يشغل القلب، ويلهي عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى. والذي عليه الشافعية أن تزويق المسجد، ولو الكعبة، بذهب أو فضة حرام مطلقاً، وبغيرهما مكروه) انتهى. ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1422(11/8292)
بناء مسجد تحت عمارة ... أم المساهمة في بناء مسجد مستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله قطعة أرض أنوي بناء منزل عليها إن شاء الله، فأيهما أفضل عند الله أن أبني مسجداً تحت المنزل، أم أتبرع بتكاليف بنائه لمسجد مستقل؟ علما بأنني أعجز عن بناء مسجد مستقل. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي نراه لك، هو أن تسلك إحدى الطرق الثلاث الآتية على الترتيب:
1/ إن كانت منطقة سكنك بحاجة إلى مسجد، وكنت قادراً على أن تجعل من هذا المسجد منارة لنشر السنة، وتعليم العلم سواء أقمت بذلك بنفسك، أو عهدت به إلى من يقوم به من أهل الصلاح والاستقامة والالتزام بالسنة فاعقد العزم، واشرع في بنائه.
2/ وإن لم تكن منطقتك محتاجة إلى مسجد جديد، ورأيت من أهل السنة والصلاح من يبني مسجداً فساهم فيه بأموالك.
3/ وإن لم يكن شيء من ذلك، فنرى أن تعهد بهذه الأموال إلى إحدى الجمعيات الموثوقة التي تتولى بناء المساجد في أفريقيا وآسيا، فإن ما لديك من الأموال قد يكفي لبناء مسجد مستقل، مع أهمية التأكد من سلامة المنهج الذي تتبناه هذه الجمعية، لتضمن قيام مسجدك وأعماله والدعوة فيه على ما يرضي الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(11/8293)
كل ما اتخذ مسجدا يأخذ حكم المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الذي يذهب إلي مسجد تحت مبنى لا تحتسب خطواته إلى هذا المسجد حسنات؟
وهل معنى هذا أن هناك فرقاً بين هذه النوعية من المساجد والمساجد الأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام المكان الذي يتوجه إليه المصلي مسجداً، ونية الماشي أنه يمشي للصلاة في المسجد فهو مأجور، بغض النظر عن أن المسجد يعلو بناءً، أو أن بناءً يعلوه، لكن الأفضل أن يكون مبنى المسجد مستقلاً عن غيره حيث لا يكون تبعاً له في التغيير أو الهدم والبيع، ولا تكون أنابيب مياه ومجاري ذلك المبنى مارة به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1422(11/8294)
حكم من نذر بناء مسجد في موضع وأراد تحويله لموضع آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قطعة أرض أنا وزوجى لبناء محلات ومباني لنا وللأولاد، ونذرنا قبل بداية البناء أن نبني زاوية (مسجداً صغيراً) فى جزء من المساحة السفلية، وبعدما انتهينا من بناء المساحة السفلية وبنينا منزلنا لاحظنا وجود أكثر من مسجد للصلاة والمنطقة لا تحتاج أكثر من ذلك هل نتصدق ببناء زاوية أو مسجد في مكان آخر، وهل يصلح ذلك للوفاء بالنذر أوماذا نفعل إذ لاحظنا تقارباً كبيراً بين المساجد المجاورة لقطعة الأرض بشكل واضح أثابكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه". ولا شك أن بناء المساجد من الطاعة المرغب فيها، والتي يجري على الإنسان ثوابها بعد موته لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علما نشره، وولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه أو مسجداً بناه ... الحديث" أخرجه ابن ماجه وهو في صحيح ابن خزيمة ومشكاة المصابيح.
وعليه فإنا نقول للسائلة الكريمة: يجب عليكم الوفاء بنذركم المتمثل في بناء المسجد، أو الزاوية في المكان الذي عينتموه له، ما دام يرجى وجود مصلين حوله، ولو قلوا. وفي حالة ما إذا كانت المنطقة كما قلت فيها من المساجد ما لا يحتاج معه إلى زيادة مسجد آخر، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن يصبح المسجد مهجوراً ومعطلاً بعد بنائه وبذل التكلفة فيه، أو هجران مسجد آخر كان قائماً، ـ نقول: في هذه الحالة عليكم أن تستشيروا جهة مختصة في أمور العقار، فتقوِّم المكان الذي كان مخصصا للمسجد بقيمته الحالية. وتخرجين أنت وزوجك تلك القيمة ليشترى بها مكان آخر في موضع يحتاج فيه لمسجد، ثم تقومان ببناء المسجد فيه على الصفة التي نذرتما أصلاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8295)
لا حرج من صلاة الإمام في المحراب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فقد بلغتني فتاوى حضرتكم واستفدت منها الكثير وأدعو الله لكم المزيد من العلم والتقدم في خدمة الإسلام والمسلمين وبارك الله فيكم أما بعد:
ما هو حكم المحراب؟ وهل يجوز للإمام أن يصلي فيه بالجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد
وأنت جزاك الله تعالى خيراً كثيرًا وبارك فيك ووفقنا وإياك لما فيه رضاه.
سألت عن حكم المحراب.
والجواب هوأن بعض السلف كره اتخاذ المحراب في المسجد، وكره للإمام الصلاة فيه، وذلك لأنه لم يكن موجودًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، فرأى أنه بدعة لهذا السبب.
والذي استقر عليه عمل الأمة بعد ذلك اتخاذ المحاريب وصلاة الأئمة فيها. وينبغي للإمام أن يتأخر قليلاً عن المحراب ليراه كل المصلين وخاصة إذا كان في المسجد متسع.
وأول من أحدث المحاريب هو: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما هدم المسجد النبوي وبناه سنة واحد وتسعين للهجرة.
وقال غير واحد من العلماء (لم يزل عمل الناس على ذلك من غير نكير) ، والمحراب سيستفيد منه الغريب فى تحديد اتجاه القبلة إن كان المسجد من مساجد الطرق مثلا. وعلى كل فلا حرج في صلاة الإمام فيه والجماعة خلفه - إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(11/8296)
رفع الصوت بالعلم في المسجد.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن حكم من يقوم بإلقاء المواعظ والخطب بعد الانتهاء من الصلاة المفروضة مباشرة وخصوصا صلاة الفجر بحجة أن هذه الأمور هي من باب نشر العلم ـ ويقوم بذلك يوميا ـ علما بأنه لا يترك لنا الوقت الكافي للتسبيح والدعاء بعد أداء الصلاة ويرفع صوته بطريقة مزعجة جدا أثناء إلقائه لمواعظه بطريقة تمنع أي أحد من التركيز في تسبيحاته.
كما أن هذا الشخص لا يتقن اللغة العربية فلغته ركيكة جدا ويقوم بتفسير آيات الله بطريقة سطحية جدا ولا يتقن أحكام تلاوة القرآن.
الرجاء الرد على استفساري بالتفصيل حتى أقوم بطباعة ردكم وتعليقه في مسجدنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعليم العلم الشرعي من آكد الواجبات التي يجب على الأئمة وغيرهم من العلماء أن يقوموا بها وأحسن أماكنه المسجد، ففي حديث مسلم: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسوانه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.
وقال النووي في المجموع: يستحب عقد حلق العلم في المساجد وذكر المواعظ والرقائق ونحوها، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته: أما قراءة العلم في المسجد فمن السنة القديمة، ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة. انتهى.
وقد بوب الإمام البخاري على رفع الصوت بالعلم وأسند فيه الحديث وفيه: فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار.
قال ابن بطال: وهذه حجة في جواز رفع الصوت في المناظرة في العلم. وذكر ابن عيينة قال: مررت بأبي حنيفة وهو مع أصحابه وقد ارتفعت أصواتهم بالعلم. انتهى.
وقال ابن حجر في الفتح: استدل المصنف على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله: فنادى بأعلى صوته. وإنما يستدل بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد وكثرة جمع أو غير ذلك، ويلحق بذلك ما إذا كان في موعظة كما ثبت ذلك في حديث جابر كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته. أخرجه مسلم. ولأحمد من حديث النعمان في معناه وزاد: حتى لو أن رجلا بالسوق لسمعه. انتهى.
وبناء عليه، فننصحك بالتعاون مع هذا الإمام على المواصلة في إلقاء المواعظ، واحرص على مناصحته سرا وحضه على الازدياد من العلم وعدم رفع الصوت لغير حاجة، وإذا كان أهل المسجد ينتظرون الدرس إذا أعلن عنه فالأولى أن يؤخر الدرس حتى ينتهي القوم من أذكارهم المسنونة بعد الفرض.
وإذا كانوا لا ينتظرون فالأولى أن تقدم لهم دروس مختصرة، ولا يسوغ أن يؤخر الدرس من أجل أن بعض الحاضرين يريد ذلك من أجل أذكارهم أو لغرض آخر إذا كانوا لا ينتظرون الدرس، لأن الدرس نفعه متعد وهو مقدم على الأذكار.
وعلى الإمام أن يتخول الناس بالموعظة فلا يكثر عليهم فيملوا، وأن لا يتحدث إلا فيما يحسن لا سيما الحديث في تفسير القرآن الكريم.
وراجع الفتويين رقم: 100994، ورقم: 115587.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(11/8297)
حكم وضع ملصقات على جدران المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[تم وضع ملصقات على جدران المسجد لتذكير الناس بأحاديث رمضان وحتى تتجدد النوايا للمصلين، والغريب أن هناك من شبهنا بالشيعة وأنكر علينا ذلك، فما ردكم عليه بالدليل؟ وأيضا على مسألة تزيين المسجد بالآيات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه الملصقات إن وضعت في مكان لا يمتهن ولا يلهي المصلين فلا حرج فيها، بل هي نوع من أنواع الدعوة إلى الله تعالى يؤجر عليها صاحبها، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 39978، 34043، 115955، وليس في ذلك تشبه بالمبتدعة، بل الاهتمام بتذكيرالناس وتبشيرهم وتهنئتهم بقدوم شهر رمضان هو الأوفق للسنة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جاءكم رمضان شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها قد حرم. رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني. وفي رواية لأحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه: قد جاءكم شهر رمضان.
قال ابن رجب في لطائف المعارف: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشرأصحابه، قال: بعض العلماء هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين؟ من أين يشبه هذا الزمان زمان؟. انتهى.
وأما مسألة تزيين المسجد بالآيات القرآنية فقد نص جماعة من الفقهاء على كراهة كتب القرآن في حائط المسجد أو غيره، ومن هؤلاء الحطاب في مواهب الجليل، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب وابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج، والشرواني في حاشيته على الخطيب، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 39978، 23572.
ومن ناحية أخرى، فإن الشرع الحنيف قد نهى عن زخرفة المساجد، وتزيين جدارن المساجد ولو بكتابة آيات قرآنية داخل في هذا النهي، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 10687، 38368، 9320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(11/8298)