الأذكار التي تقال بعد الصلوات.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية المستحبة بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة كثيرة منها:
ما رواه أهل السنن وغيرهم عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام ".
ومنها ما رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " قال: وكان رسول الله يهلل بهن دبر كل صلاة. وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة: "اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر،وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر" رواه البخاري والترمذي. ومنها قراءة آية الكرسي وقراءة سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس، ومنها ما رواه الترمذي وابن ماجه، واللفظ له، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل، يسبح الله في دبر كل صلاة عشرا، ويكبر عشرا، ويحمد عشرا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان. وإذا أوى إلى فراشه سبح وحمد وكبر مائة فتلك مائة باللسان وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة؟ قالوا وكيف لا يحصيهما؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان وهو في الصلاة فيقول اذكر كذا وكذا حتى ينفك العبد لا يعقل، ويأتيه وهو في مضجعه فلا يزال ينومه حتى ينام " والحديث صححه الشيخ الألباني.
والتسبيح دبر كل صلاة عشرا، هو أحد الكيفيات الواردة، قال المباركفوري رحمه الله في شرح الترمذي: (واعلم أن في كل من تلك الكلمات الثلاث روايات مختلفة، قال ابن حجر المكي: ورد التسبيح ثلاثا وثلاثين، وخمسا وعشرين، وإحدى عشرة، وعشرة، وثلاثا، ومرة واحدة، وسبعين، ومائة، وورد التحميد ثلاثا وثلاثين، وخمسا وعشرين، وإحدى عشرة، وعشرة ومائة، وورد التهليل عشرة، وخمسا وعشرين، ومائة) . وننصح الأخ باقتناء كتاب الأذكار للنووي، وحصن المسلم لسعيد القحطاني، وهو كتاب صغير الحجم جم الفوائد.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6951)
الأذكار المسنونة بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة بعض الأدعيه المستحبه بعد أداء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقدورد في السنة كثير من الأذكار منها: أن يقول بعد التسليم، أستغفر الله ثلاثاً. لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله له النعمة والفضل وله الثناء الحسن. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
قراءة آية الكرسي، قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين مرة واحدة بعد كل صلاة، باستثناء المغرب والفجر فتقال ثلاثاً، ومنها أن يقول سبحان الله ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/6952)
لا مانع من الدعاء بعد الصلاة بعد الأذكار المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دعاء الإمام جهرا مستقبلا المصلين بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء بعد الصلاة ثابت مشروع في الجملة. وعلى هذا جمهور العلماء، ولا يقال فيه إنه بدعة كما زعمه البعض. ... وقد ترجم الإمام البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح: باب: الدعاء بعد الصلاة. ... وأورد الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة إذا سلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث أن ما نقل عن بعض أهل العلم من نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقاً أمر مردود، ثم أورد الأحاديث التي فيها أن النبي أوصى بعض أصحابه بالدعاء بعد الصلاة، مثل: حديث معاذ "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" وكالحديث الذي أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا انصرف من الصلاة "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر".
والمانعون من الدعاء قيدوا ذلك بما إذا كان بعد السلام مباشرة من غير أن يأتي بالأذكار المشروعة أما إذا أتى بالأذكار المشروعة وانتقل بوجهه، فلا يمنعون الدعاء حينئذ. والحاصل أن من دعا لا ينكر عليه، ومن لم يدع لا ينكر عليه، والمسألة فيها سعة، وهي واقعة تحت أصل عام وهو: الدعاء. والله أعلم. والمسألة مذكورة في فتح الباري 11/137/138.لكن جعل هذا الدعاء على صفة مخصوصة، كأن يجهر به الإمام ويؤمن خلفه المصلون والتزام ذلك والمداومة عليه من الأمور المحدثة ولا ريب. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6953)
حكم الصلاة مع مدافعة الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة أنني دائما منفوخة وخاصة بعد الوضوء أصبح أريد إخراج ريح. لا أعرف ما هو الحل هل يمكن منعه من الخروج بالغصب واعتبار أنني ما زلت متوضئة وخاصة عند قراءة القرآن؟ وهل إذا كنت قد منعت خروج الريح في الفرض ممكن صلاة السنة على نفس الوضوء أو يجب إعادته مرة أخرى؟ وإذا قرأت القرآن بدون وضوء هل أؤجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما تحسين به من الرغبة في إخراج الريح مجرد وهم ووسوسة فننصحك أن تعرضي عنها وألا تلتفتي إليها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 51601.
وأما إذا لم يكن الأمر كذلك فاعلمي أن صلاة من يدافعه الأخبثان البول والغائط وفي معناهما الريح صحيحة عند الجماهير وإن كان الأولى له والأفضل في حقه أن يقضي حاجته ليقبل على صلاته وهو فارغ البال ما لم يخش خروج الوقت فإنه يصلي على حسب حاله، وكذا إذا كان يقرأ القرآن وأراد قضاء حاجته فالأولى له أن يقضيها ليقبل بقلبه على التدبر والخشوع في القراءة، وإن كانت قراءته إذا قرأ صحيحة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. أخرجه مسلم.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع، وكراهتها مع مدافعته الأخبثين وهما البول والغائط، ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع، وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها، وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور، ونقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنها باطلة. انتهى بتصرف.
واعلمي أن الوضوء لا ينتقض بمجرد حبس الريح بل لا ينتقض إلا بخروجها فعلاً، فإذا حبست الريح عن الخروج في الفريضة كره لك ذلك على ما مر ولم ينتقض وضوؤك فلو صليت بهذا الوضوء النافلة فصلاتك صحيحة كما تقدم.
وأما قراءة القرآن فلا تشترط لها الطهارة بل يثاب المسلم على قراءته للقرآن وإن كان محدثاً الحدث الأصغر وإن كان الأكمل أن يكون على وضوء، وأما مس المصحف فلا بد فيه من الطهارة الكاملة، وانظري في ذلك الفتويين: 8599، 78224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(11/6954)
كراهة الصلاة في الثوب الذي لا يستر غالب أحد العاتقين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة بفنلا محملوة باطلة أوصحيحة أو مكروهة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الثوب المسؤول عن الصلاة فيه إن كان لا يستر غالب أحد العاتقين فالمعتمد في مذهب الحنابلة بطلان صلاة الفرض فيه، ومذهب الجمهور أن ستر العاتقين في الصلاة سنة وليس بفرض، وأن الصلاة في مثل هذا الثوب صحيحة، وهو الراجح عندنا جاء في الروض المربع ممزوجا بحاشيته لابن قاسم: ويكفي ستر عورته أي:عورة الرجل في النفل إجماعا لأن مبناه على التخفيف. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وستر عورته مع جميع أحد عاتقيه في الفرض لا بعض العاتق ولو بما يصف البشرة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء. رواه الشيخان عن أبي هريرة.
وقال الوزير: أجمعوا على أنه لا يجب على المصلي ستر المنكبين في الصلاة فرضا أو نفلا إلا أحمد، فأوجبه في الفرض، وعنه في النفل روايتان، وقال النووي وغيره: فيه عن أحمد روايتان إحداهما أنه لا يجب في الفرض ولا في النفل، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور السلف والخلف، لقوله: فاتزر به. انتهى.
ورجح قول الجمهور العلامة العثيمين رحمه الله قال في الشرح الممتع: والقول الثاني: أن ستر أحد العاتقين سنة وليس بواجب، لحديث إن كان ضيقا فاتزر به وهذا القول هو الراجح وهو مذهب الجمهور. انتهى.
وعليه؛ فالراجح أن الصلاة في الثوب الذي لا يستر غالب أحد العاتقين مكروهة غير باطلة وإن كان الأولى الحرص على الخروج من خلاف أهل العلم. وانظر الفتوى رقم: 42671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(11/6955)
تكره الصلاة بوجود صور لبشر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تأثير وجود صور لبشر معلقة على الجدران على تأدية الصلاة أو قراءة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هناك ضرورة أو حاجة تستدعي تعليق هذه الصور لتوضيح بعض المعلومات فيجب أن تكون الصورة ناقصة الرأس أو تطمس، فإذا احتيج لشيء من ذلك وقطع الرأس أو طمست معالم الوجه -كما هو حاصل في بعض النشرات الموجودة ببعض المساجد- فنرجو أن لا يكون حرج في ذلك، لما في الحديث: الصورة الرأس. رواه الإسماعيلي في معجمه وصححه الألباني.
فإن لم تكن كما ذكرنا فينبغي نصح القائمين على أمور المسجد من إمام أو مؤذن بنزع تلك الصور، أو طمس صورة الوجه خصوصاً إذا كانت إلى جهة المحراب، ولأنه تكره الصلاة إلى جهة الصور أو ما يلهي في الصلاة.. ومما يدل لذلك حديث أنس رضي الله عنه قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. رواه البخاري وأحمد.
وقد ذكر النووي في المجموع: أنه تكره الصلاة إلى ثوب فيه صور أو ما يلهي، وأن الصلاة تصح، وإن حصل فيها فكر أو اشتغال قلب بغيرها، وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع. انتهى.
وللفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 119052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(11/6956)
حكم نظر المصلي إلى رقم المتصل بالجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في إمام يخرج هاتفه المحمول من جيبه أثناء صلاة الجماعة ليرى من قام بالاتصال به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخشوع في الصلاة هو لبُ الصلاة وروحها، فصلاةٌ بلا خشوع كبدنٍ ميتٍ لا روح فيه، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألهته في صلاته خميصةٌ لها أعلام، فأمر بردها إلى صاحبها أبي جهم، وأن يؤتى بأنبجانيته وهي كساءٌ غليظ، كما في الحديث المتفقٌ عليه، فلا شك أن ما يفعله هذا الإمام أشدُ إلهاءً وأعظم منافاةً لمقصود الصلاة الذي هو الخشوع.
والذي ينبغي للمسلم أن يُلقيَ الدنيا وراء ظهره، وألا يفكر فيها ولا يبالي بها، بل يُقبلُ بقلبه في صلاته على ربه ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلاً. متفقٌ عليه.
وهذا العمل من هذا الإمام وإن كان لا يُبطل الصلاة لأنه عملٌ يسيرٌ عرفاً، فإنه مكروهٌ بلا شك لما فيه من الإشغال عن الصلاة لغير حاجة.
كما ينبغي للإمام أن يكون قدوة لمن وراءه من المصلين، فهو أولى الناس بأن يحرص على آداب الصلاة ومستحباتها، وكمال الخشوع فيها.
ولمزيد الفائدة تُراجع الفتاوى ذات الأرقام الآتية 28442، 72686، 3558.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(11/6957)
حكم التفات الأم إلى طفلها أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لطفلة رضيعة 8 أشهر عندما أكون أصلي تكون مثلاً تسبح أو تتقلب فأصبح مشتتة الذهن والتركيز وأحاول أن أختلس النظر إليها (لا أختلس خوفا من ضياع أجر الصلاة) ، ولكن ما العمل فهي طفلة قد تؤذي نفسها أو لا قدر الله تضغط على نفسها وما شابه، فأرجوكم أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تخافين على طفلتك ضرراً فلا بأس من أن تنظري إليها بين الحين والحين، ولا يؤثر ذلك في صحة صلاتك؛ لأن النظر إلى الشيء في الصلاة عمل يسير لا يضر، وخاصة إذا كان لحاجة، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل أمامة بنت بنته، فإذا قام رفعها، وإذا سجد وضعها. ونظرك إلى طفلتك دون هذا بكثير.
وإذا كان هذا النظر يستلزم التفاتاً إلى جهة الطفلة فلا بأس به إذا كان بالعنق فحسب دون أن تنحرفي بصدرك عن جهة القبلة، فقد روى أبو داود عن سهل بن الحنظلية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث فارساً في حاجة فجعل يلتفت إلى الشِعب وهو يصلي. وقد بينا حكم الالتفات في الصلاة وما يجوز منه وما يكره وذلك في الفتوى رقم: 18452، وانظري كذلك الفتوى رقم: 101049.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(11/6958)
حكم البدء القبيح في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الآتي:
إذا قال الإمام في الفاتحة: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ثم عاد إلى كلمة أنعمت وقال كالآتي: أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين، هل يبطل ذلك الصلاة لأنه بدأ الآية من منتصفها من موضع غير منتهى مستكمل المعنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للإمام أن يعتني بمعرفة الوقف والابتداء، فقد سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن قوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا {المزمل:4} ، فقال: هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف، فإن الوقوف في غير محله أو البدء في غير موضعه ربما يغير معنى الآية أو يشوه جمال التلاوة.
فإذا وقف في غير محل وقف فينبغي أن يعيد من موضع يصح الابتداء به، ليستقيم المعنى، ويرتبط أول الكلام بآخره.
وبناء على ما تقدم، فكان ينبغي للإمام المذكور أن يعيد القراءة من قوله تعالى: غير المغضوب عليهم مثلا، وفي الجملة فليس في ما فعله الإمام ما يبطل صلاته أو صلاة المأمومين، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 113378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(11/6959)
كراهة الصلاة حال مدافعة الأخبثين
[السُّؤَالُ]
ـ[في وقت العمل تحل علينا صلاة الظهر والعصر فأتوضأ لصلاة الظهر وعندما تأتي صلاة العصر دائما أكون أحبس الريح حتى لا يخرج حتى يتسنى لي الصلاة مع الجماعة وأكون لا أريد الوضوء مرة ثانية لأن مكان الوضوء في العمل أمام جميع الموظفين ويراقبون الداخل والخارج وإن أحد احتاج الدخول للحمام وأنا أتوضأ يضرب الباب بشكل محرج وخاصة أن الحمام وحيد وعدد الموظفين كثير فهل تجوز لي صلاة العصر وأنا حابس للريح حتى أدرك صلاة الجماعة أم أؤجل الصلاة إلى أن أعود إلى البيت وأصلي في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة حالَ مدافعة الأخبثين مكروهةٌ اتفاقاً، بل قد غلا الظاهرية فقالوا بعدمِ صحتها، وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم: النهي عن الصلاة حالَ مدافعة الأخبثين (البول والغائط) ، وفي معناهما كل مشغل يتشوش القلب بمدافعته كالريح، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين. رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
وعن أبي الدرداء قال: من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ. ذكره البخاري في صحيحه معلقا.
ولأن منزلة صلاة الجماعة من الدينِ بالمحلِ المعلوم فلا نرى لكَ تركَ الجماعة بحال، ولا الصلاةَ وأنت تدافعُ الريح، إذا كانت مدافعتُكَ له شديدة تُشغلك وتشوِّش قلبك، ولكن الذي ينبغي لكَ أن تقضي حاجتك ثم تتوضأ للعصر، كما تتوضأ للظهر، وما ذكرته من كثرة الموظفين وترددهم ذهاباً ومجيئا لا نراهُ مُسَوّغاً كافيا لتركِ الوضوءِ والصلاة مع الجماعة، فأي ضررٍ عليكَ في أن يراكَ هؤلاء الموظفون وأنت تتوضأ؟ والوضوء لا يستغرق وقتاً كبيراً يحصلُ به ضررٌ عليك أو عليهم، وقد ذكرتَ أنك تتوضأ للظهر في نفس مكان العمل فما الفرقُ بينَ وضوءٍ للظهر ووضوءٍ للعصر؟ .
أخي الحبيب: ننصحكَ ألا تفتحَ على نفسك باب التساهل فسُلَم التنازلات يبدأ بدرجة، ولكن إذا ضاق الأمر ولم تستطع الوضوءَ فعلاً فلا تُصلي وأنت تُدافع الريح إذا كانت مدافعته تَشغلُك عن الخشوع في الصلاة، وانتظر حتى تصليَ في بيتك ما دمت تصلي في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(11/6960)
حكم النظر إلى الكعبة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النظر إلى الكعبة الشريفة أثناء الصلاة في مكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة كما يقول جمهور أهل العلم أن ينظر المصلي حال قيامه إلى موضع سجوده؛ لما رواه البيهقي والحاكم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى طأطأ رأسه ورمى ببصره نحو الأرض، ولا يختلف هذا عندهم لمن صلى بجوار الكعبة أو بعيدا عنها، ففي سنن البيهقي ومستدرك الحاكم وصححه أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خروجه منها.
وعليه؛ فمن نظر إلى الكعبة حال الصلاة يكون تاركا لهذه السنة هذا ما عليه جمهور أهل العلم خلافا للإمام مالك وأصحابه القائلين أن المصلي ينظر قبالة وجهه حسب سمته المعتدل فلا يرفع ولا يطأطئ رأسه مستدلين بقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 20001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(11/6961)
كفت الثياب هل هو منهي عنه في الصلاة وخارجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الكفت وهل نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة خاصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فكفت الثياب المنهي عنه في الصلاة هو ضمها وجمعها عند الركوع والسجود، وذلك خاص بالصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا الأحاديث الواردة في النهي عن كفت الثوب في الصلاة، ومعنى الكفت تجده في الفتوى رقم: 17710، والفتوى رقم: 21465، والفتوى رقم: 18142 فانظرها.
والنهي عن كف الثوب إنما هو في الصلاة خاصة وليس خارجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(11/6962)
حكم الالتفات إلى الطفل أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حين أكون في الصلاة وتكون ابنتي بجانبي تلعب، فهل يجوز إمالة النظر إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم إذا كان في الصلاة أن يقبل عليها بقلبه وبدنه، ولا يلتفت فيها لغير حاجة لاتفاق المسلمين على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة، وغض البصر فيها عما يُلهي، والالتفات في الصلاة إن لم يكن لحاجة معتبرة يكره فعله ولا يبطل الصلاة، والمراد بالالتفات هنا إمالة الوجه يميناً أو شمالاً، أما الالتفات بحيث يستدبر القبلة فإنه مفسد للصلاة، وقد سبق أن ذكرنا التفصيل في حكم الالتفات وأدلة ذلك في الفتوى رقم: 18452.
وعليه فإذا كان الالتفات إلى البنت هنا لحاجة كأن يخاف عليها مثلا فالظاهر أنه لا كراهة فيه ما لم يؤد إلى استدبار القبلة أو يكثر بحيث يصير مشغلا عن الصلاة، مع التنبيه على أنها لو خافت على الطفلة الضرر أو التلف وجب قطع الصلاة لإنقاذ النفس ثم تستأنف الصلاة بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/6963)
اختلاف العلماء في المقصود بقطع الصلاة بمرور المرأة أمام المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي العزيز سامحك الله لم تجب عن سؤالي، أنا حددت بدقة سؤالي، مرور الحائض في بيتها أمام المصلي (فلنقل زوجها مثلا) خارج موضع سجوده. المرور ليس بين يديه وليس في الحرم وليس في الظروف العادية بل عندما تكون حائضا.
أرجوك أن تشفي غليلي وتجيب سؤالي. السؤال مرة أخرى هو:
لقد علمت أن الأحاديث القائلة بأن مرور المرأة والحمار والكلب أمام المصلي (والمقصود ليس موضع السجود) يفسد صلاته غير صحيحة لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت تجلس وهي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ولم ينكر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك وأنها رفضت هذه الأحاديث وقالت إنها تشبه النساء بالكلاب والحمير. سؤالي، هل مرور المرأة الحائض تحديدا أمام المصلي خارج موضع سجوده يفسد صلاته؟ (مثلا مرور المرأة أمام المصلي من جهة القبلة في نفس الغرفة التي يصلي بها) أرجو الرد على سؤالي بدقة ووضوح ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننبه السائل ابتداء إلى أن الأحاديث القائلة بقطع الصلاة بمرور المرأة والحمار والكلب هي أحاديث صحيحة السند ومنها ما هو في صحيح مسلم وليس كما زعم السائل من أنها غير صحيحة.
وإنما اختلف العلماء في القول بمدلولها نظرا لوجود أحاديث أخرى صحيحة تعارضها وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى رقم: 32586، ومن قال من العلماء بقطع الصلاة بمرور المرأة فإن هذا يشمل عنده المرأة الحائض وغير الحائض، غير أنه وردت رواية بتخصيص المرأة بالحائض كما في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض. رواه أحمد وأهل السنن الأربعة.
ومرور المرأة في جهة قبلة المصلي بعيدا عنه وليس بين يديه لا يفسد الصلاة، وإنما ورد الحديث في مرورها بين يديه أي قدامه بالقرب منه، ولم نجد للفقهاء قولا في تحديد هذه المسافة إلا أنهم ذكروا في شرح الأحاديث الواردة في النهي عن المرور بين يدي المصلي المسافة المرادة بالتحريم، قال في عون المعبود في بيان اختلاف العلماء في تحديد المسافة المرادة في قوله بين يدي المصلي: واختلف في تحديد ذلك فقيل إذا مر بينه وبين مقدار سجوده وقيل بينه وبين قدر ثلاثة أذرع وقيل بينه وبين قدر رمية بحجر..
ولا نرى فرقا بين المراد بهذا والمراد بمرور المرأة لأن كلا الموضوعين في المرور بين يدي المصلي.
وننبه إلى أن المفتى به عندنا هو قول جمهور أهل العلم وهو أن الصلاة لا تبطل بمرور المرأة ولو كانت حائضا ولو مرت بين يديه وكذا لا تبطل بمرور الكلب والحمار وأن المقصود بالقطع نقص الأجر بشغل القلب بمرور أحدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(11/6964)
لا بأس برفع الصوت بالقراءة أثناء الصلاة للتنبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفلة عمرها سنة ونصف تشغلني كثيرا أثناء الصلاة لكثرة حركتها وخطورتها، فأحيانا أحاول تنبيه أخيها الذي عمره 7 سنوات ليمنعها عن الخطأ وأنا أصلي بأن أصفق أو أرفع صوتي، فهل صلاتي صحيحة؟ وهل الأفضل أن أؤخر الصلاة حتى تنام أو ما شابه لأكون أكثر تركيزا وخشوعا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشرع التصفيق للمرأة إذا نابها شيء في صلاتها، ولا يؤثر على صحة صلاتها رفع الصوت بالقرآن أو الذكر، ولا مانع أيضا من تأخير الصلاة عن أول وقتها أو وسطه لأجل أدائها بهدوء وخشوع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس بالتصفيق هنا لتنبيه الولد على كف البنت عن إفساد الصلاة أو التشويش فيها فإن المشروع في حق المرأة إذا نابها شيء في صلاتها أن تصفق، ولو رفعت صوتها بالقراءة للتنبيه أيضا لم يؤثر ذلك على صحة صلاتها ولا شيء عليها في ذلك، فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنما التصفيق للنساء.
ولفظ أبي داود: إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال، وليصفق النساء.
قال النووي: قال أصحابنا متى ناب المصلي شيء بأن احتاج إلى تنبيه إمامه على سهو أو استأذن عليه أحد، أو رأى أعمى يقارب الوقوع في بئر أو نار ونحوها، أو أراد إعلام غيره، فالسنة أن يسبح الرجل، وتصفق المرأة ... إلى آخر كلامه.
أما عن تأخير الصلاة فإن الأولى والأفضل هو أن تؤدى الصلاة في أول وقتها، لكن لو أخرت عن أوله لغرض إيقاعها بهدوء وخشوع فلا حرج في ذلك ما دام الوقت باقيا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(11/6965)
الانشغال بأمر أخروي لا يتعلق بالصلاة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت قولاً لعمر بن الخطاب يقول فيه: إني لأجهز الجيش وأنا في الصلاة. فكيف يحصل هذا إن كان صحيحاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجهيز عمر رضي الله عنه للجيش أثناء الصلاة ذكره بعض أهل العلم وبعضهم جعله دليلاً على عدم كراهية التفكر بالأمور الأخروية أثناء الصلاة، قال ابن قدامة في المغني الحنبلي: وروي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى صلاة فلم يقرأ فيها، فقيل له: إنك لم تقرأ. فقال: أني جهزت جيشاً للمسلمين، حتى بلغت به وادي القرى. انتهى.
وفي منح الجليل لمحمد عليش المالكي: تفكره بأخروي لا يتعلق بالصلاة لا يكره، بدليل تجهيز عمر رضي الله تعالى عنه جيشاً وهو يصلي، والظاهر تقييده بعدم إشغاله عنها كما تقدم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(11/6966)
حكم استخدام سجادة للصلاة عليها صورة لمسجد أو للكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام سجادة للصلاة وعليها صورة لمسجد أو للكعبة، علماً بأن الصورة قد تداس بالأقدام؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصورة الكعبة أو المسجد إذا كانت موجودة على سجادة ويترتب عليها تشويش على قلب المصلي ونقص في خشوع صلاته فيكره حينئذ استخدام تلك السجادة للصلاة نظراً للعلة المذكورة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14486، والفتوى رقم: 20705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(11/6967)
كراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين
[السُّؤَالُ]
ـ[عند خروجنا من المدرسة في نهاية الدوام كنا دوما نصلي صلاة الظهر في المدرسة ولكن في بعض الأوقات نتأخر بسبب المدرسين فنصليها في المسجد القريب أنا وأناس قليل من المدرسة وفي مرة كنت أظن أن وقت الصلاة قد مضى وكنت أظن الصلاة في المدرسة قد انتهت ونزلت من الدرج حيث إن صفي يقع في الطابق الثالث والصلاة في ساحة المدرسة وعند نزولي للساحة تبين لي أنهم يصلونها فأردت أن أصليها في المسجد القريب من المدرسة لأني كنت حاقنا ولم أكن على وضوء فربما تنتهي الصلاة وأنا لم أفرغ من الوضوء فأكملت طريقي إلى المسجد فصليت به جماعه أنا وصديقي فقط بعد أن توضأت، فما حكم نيتي هذه وصلاتي أنا وصديقي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة، وكذلك صديقك، وبصلاتكما معا يحصل لكما فضل الجماعة إن شاء الله تعالى، وما قمت به من عدم الصلاة مع مدافعة الأخبثين كان صواب. وانظر الفتوى رقم: 38636
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(11/6968)
حكم ترك القات في الفم أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى وفي فمه قات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم استعمال القات في الفتوى رقم: 13241، فالرجاء مراجعتها، أما تركه في الفم أثناء الصلاة فهو أمر يتنافى مع ما هو مطلوب من المصلي من الاستعداد للصلاة والإقبال عليها بالفعل والقول والتفكير، وأقل أحواله أن يكون مكروها لأن العلماء نصوا على كراهة وضع المصلي شيئا في فمه ولو كان مباحا متفقا على إباحته مثل الطعام، فما بالك بالقات، قال في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ويكره إخراج لسانه وفتح فمه ووضعه فيه شيئا لأن ذلك يخرجه عن هيئة الصلاة. انتهى.
ومحل هذا إن كان موضوعا في جانب الفم مثلا من غير أن يتحلل منه شيء إلى المعدة أو يتسبب في قراءة الفاتحة قراءة غير صحيحة، فإن تحلل منه شيء أثناء الصلاة إلى المعدة فقد صار في حكم الأكل في الصلاة، وقد سبق بيان ما يترتب على ذلك في الفتوى رقم: 61703، وإن ترتب على وضع ما ذكر في الفم أثناء الصلاة إفساد قراءة الفاتحة أبطل الصلاة ولو لم يتحلل منه شيء إلى المعدة، قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الصغير على أقرب المسالك في الفقه المالكي: (و) بطلت (بمشغل) أي مانع (عن فرض) من فرائض الصلاة كركوع أو سجود وقراءة فاتحة أو بعضها كشدة حقن أو غثيان أو وضع شيء في فمه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(11/6969)
كراهة الصلاة إلى نار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الدفايات (التدفئة) أمام المصلين في المساجد (حيث تكون أشبه بنار وهكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره جماعة من أهل العلم الصلاة إلى النار، قال ابن قدامة في المغني: ويكره أن يصلي إلى نار، قال أحمد: إذا كان التنور في قبلته لا يصلي إليه، وكره ابن سيرين ذلك، وقال أحمد في السراج والقنديل يكون في القبلة أكرهه وأكره كل شيء ... اهـ.
ثم قال ابن قدامة: وإنما كره ذلك لأن النار تعبد من دون الله، فالصلاة إليها تشبه الصلاة لها. اهـ.
وعليه؛ فلا ينبغي أن تترك هذه النار أمام المصلين بل تجعل خلفهم أو عن جانبهم، لكن صلاتهم على كل حال صحيحة ولا إثم عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(11/6970)
لا يصلي الرجل وهو حاقن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الحديث صحيح أم لا؟
لا صلاة لحابس أقصد لا صلاة لحابس الغائط أو التبول. لو سمحتم إذا كان الحديث صحيحا أعطوني الراوي وأعطوني هل هو البخاري أو مسلم أو أي واحد من هؤلاء، وشكراً جزيلاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على اللفظ الذي ذكره الأخ السائل، وقد وردت عدة أحاديث صحيحة في هذا المعنى، ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان. ورواه أبو داوود عن عائشة أيضا بلفظ: لا يصلي بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان. وفي سنن أبي داود أيضا عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل وهو حاقن. قال الشيخ الألباني: صحيح، وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يأت أحدكم الصلاة وهو حاقن، ولا يدخل بيتا إلا بإذن، ولا يؤمَّن إمام قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم. قال شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره دون قوله: "ولا يؤمن ... إلخ، وقد تقدم حكم الصلاة في حالة مدافعة الأخبثين في الفتوى رقم: 38636، والفتوى رقم: 18415، فالرجاء مراجعتهما
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(11/6971)
الحساسية إذا أطال القيام من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة وهي أني أحاول أن أطيل في صلاة قيام الليل ولكن أقف لمدة قصيرة جدا (5 دقائق) ثم تبدأ ساقاي تحكاني (من الركبة وتحت) ويزداد هذا الحك فأبدأ بفقدان الخشوع ولا أستطيع إطالة الصلاة.
وأنا أشك أنه يمكن أن يكون الشعر الكثيف ولكن لست متأكدا فماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخ السائل شفاه الله وعافاه من كل مكروه ينبغي أن يعرض هذه الحالة على الطبيب فلعله يرشده إلى ما فيه الشفاء، ولو توقف ذلك على إزالة شعر الساقين فإن ذلك جائز ولا سيما في حال الضرورة، وانظر الفتوى رقم: 36708، ونقول له أيضاً ما دمت تجد هذه الحساسية إذا أطلت القيام في الصلاة فخفف القيام لئلا يكثر الفعل أثناء الصلاة فيؤدي ذلك إلى بطلانها، ثم إن الحك في الصلاة جائز للحاجة ما لم يكثر، قال في مطالب أولي النهى في الفقه الحنبلي وهو يذكر ما يباح للمصلي فعله: (و) له (إشارة بنحو يد، كوجه) وعين، وحك جسده إن احتاج إليه، لما روى أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة. رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وأبو داود، ورواه الترمذي من حديث ابن عمر، وقال حسن صحيح (ما لم يُطل) . قال في المبدع: راجع إلى قوله: وله رد المار بين يديه، إلى آخره، ولا يتقدر الجائز منه بثلاث، ولا بغيرها من العدد، بل اليسير ما عده العرف يسيراً، لأنه لا توقيف فيه، فيرجع للعرف كالحرز، والقبض، (وما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمل أمامة، وفتحه الباب لعائشة، وتأخره في صلاة الكسوف، وتقدمه) فهو يسير لا تبطل الصلاة بمثله، لأنه مشروع. انتهى
ويرى المالكية أن قليل الحك جائز للحاجة وقيل إن كثر أبطل عمده وسهوه، وإن توسط أبطل عمده ويسجد لسهوه، قال في منح الجليل ممزوجاً بنص مختصر خليل في الفقه المالكي: (و) لا (سجود) في (حك جسده) وجاز إن كان لحاجة وقل وكره لغير حاجة، وقيل فإن كثر ولو سهوا أبطل، وإن توسط أبطل عمده وسجد لسهوه. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 4215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(11/6972)
حكم صلاة من يغالبه النعاس
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا أحيانا حين أستيقظ لصلاة الصبح ثم أتوضأ وأصلي أكون أثناء الصلاة بين النوم واليقظة وأحاول أن أفيق ولكن لا أستطيع علما بأنني لا أكون مغمضا عيني أثناء الصلاة، فما حكم صلاتي هذه وهل علي إعادتها حين أستيقظ بعد طلوع الشمس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعلم أنك تأتي في صلاتك بالأركان والواجبات من أفعال وأقوال فإن صلاتك صحيحة ولا تطالب بقضائها، وإن لم تكن تعلم أنك أتيت فيها بما ذكر فإن صلاتك غير صحيحة ويجب عليك قضاؤها.
قال الباجي في المنتقى عند كلامه على ما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب ويستغفر فيسب نفسه. قال وإن جرى ذلك في صلاة الفرض فكان في الوقت من السعة ما يعلم أنه يذهب عنه فيه النعاس ويدرك صلاته أو يعلم أن معه من يوقظه فليرقد وليتفرغ لإقامة صلاته في وقتها فإن كان في ضيق الوقت وعلم أنه إن رقد فاته الوقت فليصل ما يمكن وليجهد نفسه في تصحيح صلاته ثم يرقد فإن تيقن أنه قد أتى في ذلك بالفرض وإلا قضاها بعد نومه
وقال العراقي في طرح التثريب عند شرح حديث: إذا قعد أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع قال والدي رحمه الله تعالى: ظواهر الأحاديث تقتضي وجوب ذلك يعني الاضطجاع، فأما من حيث المعنى فإن كان النعاس خفيفا بحيث يعلم المصلي الناعس أنه أتى بواجبات الصلاة فصلاته صحيحة، وإن كان بحيث لا يعلم ما أتى به من الواجبات فصلاته غير صحيحة. انتهى بتصرف، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل، كما ذكر النووي أنه مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(11/6973)
أقوال العلماء في النقاب في الصلاة للرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت مفتيا لدولة عربية لما سئل عن النقاب قال \\\" الإمام مالك قال النقاب بدعة!!! \\\"
فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على ما يفيد صحة نسبة هذه المقولة للإمام مالك، ولكن المعروف في مذهبه هو كراهة النقاب في الصلاة للرجال والنساء لأنه يمنع وضع الأنف على الأرض في حال السجود ولا تترتب عليه إعادة، وأن على المرأة تغطية المفاتن إن خشيت رؤية الرجال لها وفتنتهم بها. وأما في خارج الصلاة فيكره للرجال ما لم يكن من عادة القوم، وأما النساء فيشرع لهن عند خوف نظر الرجال ووقوع الفتنة ستر المفاتن سدا للذريعة وابتعادا عما يؤدي للمعاصي
قال ابن القاسم في المدونة: وبلغني عن مالك في المرأة تصلي متنقبة بشيء، قال: لا إعادة عليها وذلك رأيي، والتلثم مثله، ولا أرى أن تعيد.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: وأما تغطية الفم والأنف في الصلاة فمكروه لمن أكل ثوما، وإنما أصل الكراهية فيه لأنهم كانوا يتلثمون ويصلون على تلك الحال فنهوا عن ذلك.
ذكر ابن وهب قال: أخبرني الوليد بن المغيرة أن وهب بن عبد الله المعاوي حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضعن أحدكم ثوبه على أنفه وهو في الصلاة فإن ذلك خطم الشيطان.
قال ابن وهب: وكره أن يغطي الإنسان أنفه في الصلاة.
وقال ابن عبد الحكم: لا يغطي أنفه في الصلاة.
وقال ابن الجهم: معنى ذلك ليباشر الأرض بأنفه عند سجوده كما يباشرها بجبهته.
وكره التلتم في الصلاة عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعكرمة وطاوس وإبراهيم والحسن، وروي عن علي.
وقال حميد بن عبد الرحمن الرقاشي قال: حدثنا بكر بن عامر قال: كان إبراهيم والشعبي يكرهان أن يغطي الرجل فاه في الصلاة.اهـ
وقال القرافي في الذخيرة: قال في الكتاب - يعني المدونة - إذا صلت متنقبة لا إعادة عليها، قال ابن القاسم: ذلك رأيي والتلثم كذلك. ...
قال القرافي بعد كلام: ويستحب كشفه لمباشرة السجود، والتلثم يستر الأنف. وفي الموطأ عن سالم بن عبد الله كان إذا رأى إنسانا يغطي فاه في الصلاة جبذ الثوب عنه حتى يكشف فاه. قال صاحب الطراز: ولمالك رحمه الله في كراهية تغطية اللحية قولان ... اهـ
وقال الحطاب في شرح مختصر خليل: قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد عند قول صاحب الإرشاد: ويمنع التلثم في الصلاة، أما التلثم فيمنع إذا كان لكبر ونحوه ويكره لغير ذلك إلا أن يكون ذلك شأنه كأهل لمتونة أو كان في شغل عمله من أجله فيستمر عليه. وتنقب المرأة للصلاة مكروه لأنه غلو في الدين، ثم لا شيء عليها لأنه زيادة في الستر. انتهى
وراجع للاطلاع على كلام أهل العلم في ستر المرأة وجهها خارج الصلاة الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 50794، 59641، 41704، 4470، 5224، 1560، 1111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(11/6974)
التفات الأعمى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر عن حكم التفات الأعمى في الصلاة من حيث صحة الصلاة في حالة كان أماما أم مأموما مع العلم بتكرار ذلك في الصلاة الواحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصلي مأمور بالخشوع في صلاته والسكوت فيها، ويجب عليه استقبال القبلة، وأما النظر إلى موضع سجوده فمستحب سواء كان بصيرا أو أعمى، وسواء كان إماما أو منفردا أو مأموما، وأما الالتفات فقد أوضحنا حكمه في الفتويين التاليتين: 15875، 18452. ولم نجد أحداً من أهل العلم فرق بين الأعمى وغيره. فالتفات الأعمى من الالتفات بلا حاجة وحكمه الكراهة مالم يصل إلى حد الاستدبار للقبلة، فإن وصل إلى ذلك أبطل الصلاة، وعلى الأخ الذي يكثر الالتفات في صلاته أن يحذر من ذلك إذ لا فائدة فيه، وإنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاته، وقد نص بعض علماء المالكية على أن الإكثار من الالتفات في الصلاة يبطلها لأنه من الفعل العمد الذي تبطل الصلاة به إن توسط، وأولى إن كثر، قال العدوي في حاشيته على الخرشي عند قول خليل وهو يعد مكروهات الصلاة: وفرقعة أصابع والتفات بلا حاجة قال واعلم أن الفرقعة والالتفات إن كثر أبطل مطلقا وإذا توسط أبطل عمده وسجد لسهوه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(11/6975)
كراهة الصلاة أمام المرآة والتلفاز في حالة تشغيله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة أمام المرآة بحيث يمكن أن يرى المصلي صورته فيها.. وأيضا ما حكم الصلاة أمام التلفاز حيث إن الصوت يكون مكتوما ولكن الصورة ظاهرة..
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة أمام المرآة وجهاز التلفاز في حالة تشغيله يدخل في مكروهات الصلاة من النظر إلى ما يلهي، وليس من مبطلاتها ـ لأن المرآة وما يتراءى له فيها سواء كان صورته أو غيرها من الملهيات في الصلاة، وكذلك التلفاز في حال تشغليه؛ بل هو أشد إلهاء من النظر إلى الثوب ذي الأعلام أي الصور المنصوص عليه. قال النووي: يكره أن يصلي وبين يديه رجل أو امرأة يستقبله ويراه، وقد كرهه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما؛ ولأنه يشغل القلب -غالبا- فكره، كما كره النظر إلى ما يلهيه كثوب له أعلام، ورفع البصر إلى السماء، وغير ذلك مما ثبتت فيه الأحاديث الصحيحة. انتهى.
وقد استدل الفقهاء على كراهة النظر إلى ما يلهي في الصلاة بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وإذا كان صلى الله عليه وسلم يُشَوَش عليه مثل هذا فما بالك بغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/6976)
النهي عن كفت الشعر لأجل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وأنا ألف شعري على اللورو أو بكر لف الشعر مع العلم أنني سأرتدي الطرحة فوقه ولن يعيقني عن السجود السليم وملامسة جميع الأعضاء اللازمة لموضع السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد السؤال عن الآلة التي ذكرت تبين لنا أنها أسطوانة يلف عليها الشعر، وبالتالي فالأصل إباحة استعمالها والصلاة بها إذا كانت طاهرة، ولا تمنع من أداء الأركان على الوجه المشروع، وراجعي صفة الصلاة مفصلة في الفتوى رقم: 12455. لكن إذا كان استعمالها مشمتلا على التشبه بالنساء الكافرات أو شعارا للبغايا فيكون استعمالها محرما؛ إلا أن الصلاة صحيحة مع وجودها إذا كانت طاهرة. وراجعي الفتوى رقم: 3611. هذا إضافة إلى أن كفت الشعر لأجل الصلاة منهي عنه على سبيل الكراهة، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والرجلين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(11/6977)
إقعاء الكلب وعدم البيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى إقعاء الكلب؟ وما هو حكم عدم مبايعة أحد؟ مع العلم أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقعاء الكلب هو هيئة جلوسه وورد النهي عنها في الصلاة، وقد فصلنا القول في صفتها وهيئتها وأقوال العلماء في ذلك والأحاديث الواردة فيه في الفتوى رقم: 15980. وأما حكم البيعة والحديث الوارد في من مات وليس في عنقه بيعة وكلام أهل العلم فيه فقد ذكرناه مفصلا في الفتوى رقم: 6927. والفتوى رقم: 23027. فليرجع إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(11/6978)
لا بأس بالإشارة في الصلاة باليد والعين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تصلي ولكن أثناء صلاتها تعتني بكل ما هو حولها تنظر لمن دخل وتوجه بأصبعها من سأل. ما حكم الشرع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم حول موضع نظر المصلي أثناء صلاته، فالمستحب عند المالكية النظر إلى جهة القبلة مع الاعتدال من غير رفع للرأس ولا خفضه. واستحب غيرهم أن يكون نظر المصلي إلى موضع سجوده، وللتفصيل راجع الفتوى رقم: 20001.
والالتفات في الصلاة قد ذكرنا حكمه عند المذاهب الأربعة في الفتوى رقم: 15875. ولا بأس بالإشارة أثناء الصلاة إذا كانت خفيفة لحاجة، ففي المغني لابن قدامة: ولا بأس بالإشارة في الصلاة باليد والعين لأن معمرا روى عن الزهري عن أنس وعن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة. انتهى. وفي التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة قال ابن القاسم: لابأس بالإشارة الخفيفة في الصلاة إلى الرجل لبعض حوائجه، وقد أجاز له مالك أن يرد جوابا بالإشارة فهذا مثله. انتهى.
وللتعرف على أهمية الخشوع في الصلاة راجع الفتوى رقم: 23481، والفتوى رقم: 18033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/6979)
التخصر في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى النهي عن التخصر في الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التخصر المنهي عنه في الصلاة هو وضع اليد على الخصر، وخصر الإنسان وسطه وهو المستدق فوق الوركين؛ كما في المصباح المنير لأحمد بن محمد بن علي الفيومي الشافعي. قال في المبسوط وهو حنفي: ولا يضع يديه على خاصرته؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التخصر في الصلاة. انتهى.
وقال في التاج والإكليل شرح مختصر خليل وهو مالكي عند قول المؤلف وهو يعد مكروهات الصلاة: وتخصر. قال عياض: من مكروهات الصلاة الاختصار وهو وضع اليد على الخاصرة في القيام وهو من فعل اليهود. انتهى.
وقال البهوتي في دقائق أولي النهى وهو حنبلي: ويكره فيها تخصر أي وضع يده على خاصرته، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل مختصرا. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/6980)
حكم الشعور بمراودة الابتسامة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي أشعر أن الابتسامة تراودني دائما ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشعورك بمراودة الابتسامة لك غير مبطل للصلاة، كما سبق في الفتوى رقم: 58179، ولكن ينبغي لك حمل النفس على الاتصاف بالخشوع أثناء الصلاة، وللتعرف على ما يعين على حصول الخشوع راجع الفتوى رقم: 9525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/6981)
حكم النظر في معاني الآيات أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أثناء صلاة قيام الليل أن أقرأ من المصحف لأنني لا أحفظ الكثير منه وفي حالة الجواز هل يجوز قراءة معاني الكلمات إذا كان المصحف يحتوي على هذه المعاني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمصلي فرضا أو نفلا أن يقرأ من المصحف، وأما النظر إلى معاني القرآن وإجراؤها على القلب دون تلفظ باللسان فمكروه، وأما التلفظ بها فمبطل للصلاة، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق، ولو قلب أوراقه أحياناً في صلاته لم تبطل، ولو نظر في مكتوب غير القرآن وردد ما فيه في نفسه لم تبطل صلاته وإن طال، لكن يكره، نص عليه الشافعي في الإملاء وأطبق عليه الأصحاب. وحكى الرافعي وجهاً أن حديث النفس إذا طال أبطل الصلاة وهو شاذ، والمشهور الجزم بصحتها. انتهى، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/6982)
النهي عن صلاة الرجل وهو حاقن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لحابس ومن هو الحابس من باب التأكد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد حديث بهذا اللفظ، وإنما الثابت هو حديث أبي أمامة عند أحمد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يأت أحدكم الصلاة وهو حاقن. ورواه ابن ماجه بلفظ: نهى أن يصلي الرجل وهو حاقن. وإسناده صحيح صححه الألباني في الجامع، فلعل الأخ الكريم روى الحديث بالمعنى لأن الحاقن هو حابس البول، كما قال ابن فارس وغيره.
ولمزيد فائدة راجع: 18415، 42888.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/6983)
نصيحة بدون إحراج لمن يدخل المسجد وتنبعث منه رائحة الثوم أو البصل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أصلي في المسجد أكثر الأوقات والفضل لله ويوجد في المسجد أناس يأتون إلى المسجد ورائحة (الثوم والبصل) تملؤهم، فما الطريقة المثلى التي أنصحهم بها وأبين لهم أن هذا مخالف لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهى فيه عن أكل هذه الأطعمة عند القدوم إلى المسجد دون أن أجرحهم وهم عدد ليس بالقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رود في الأحاديث الصحيحة النهي لمن أكل ثوماً أو بصلاً من دخول المسجد، منها حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا. رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم " مساجدنا "، وعن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا، أو لا يصلين معنا. رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
والطريقة المثلى لنصح هؤلاء الناس أن تعلق الفتوى التي سنحيلك عليها والمتضمنة للأحاديث السابقة وغيرها على باب المسجد، أو على حائط من حيطانه بحيث يتمكن هؤلاء الإخوة من قراءتها، وعنوان هذه الفتوى هو: النهي عن دخول المسجد لمن أكل ثوماً مكروه تحريماً أم تنزيهاً، ورقمها: 29697، وكذلك الفتوى رقم: 14060.
ويمكنك أن تطلب من إمام المسجد أو خطيب الجمعة أن يتكلم حول هذه المسألة ويذكر الناس بهذه الأحاديث، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1425(11/6984)
حمل الطفل والتبسم له أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لطفلة واحدة عمرها سنتان تقريبا وهي لا تريدني أن أبتعد عنها أبدا حتى إني لا أستطيع أن أصلي وهي وحدها معي، أنتظر أحدا أن يأخذها كي أستطيع الصلاة ولكن أغلب الأوقات أنا لوحدي لا يوجد معنا أحد في المنزل وعندها أحاول أن أصلي ولكن دون تركيز وهي تصرخ وتبكي على حضني وتنزع عني الحجاب وتشد سجادة الصلاة إليها فأضطر أحيانا أن أمسك يدها أو أبتسم لها وأنا أصلي هل يجوز ذلك؟ وأحيانا أترك الصلاة وأنتظر عودة زوجي ويكون الفرق بين الظهر والعصر قريب جدا جدا أو أنتظر إلى أن تنام فما حكم ذلك؟ وأنا أحاول أن أضع لها كل الألعاب وأشغل لها الرسوم المتحركة ولكنها لا تقبل إلا وأن أتكلم وألعب معها فماذا يترتب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان أثناء الصلاة واحتاج إلى مسك يد الولد الصغير أو حمله فلا شيء عليه في ذلك، لما روى أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي يحمل أمامة أو أميمة بنت أبي العاص وهي بنت زينب يحملها إذا قام، ويضعها إذا ركع حتى فرغ.
والتبسم إن كان لم يبلغ درجة الضحك فلا بأس به، مع أن أهل العلم قد كرهوا تعمده، وراجعي فيه فتوانا رقم: 6403.
وعليه، فلا حرج فيما تفعلينه لبنتك أثناء الصلاة، والأفضل ترك التبسم لها.
وتأخير الصلاة عن وقتها لا يباح إلا لعذر. قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} .وقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} .
فإذا كان بإمكانك أداء الصلاة في وقتها ولو بحمل البنت في بعض الأحيان أثناء الصلاة، أو بشغلها بشيء، أو تنويمها أو غير ذلك فلا يجوز لك التأخير، وإن عجزت عن أداء الصلاة بجميع الوسائل فلا شك أن ذلك يعتبر عذرا يسقط عنك الإثم في التأخير.
ونلاحظ هنا أن الذي يعد تأخيرا إنما هو الصلاة خارج الوقت المختار، وأما الصلاة في الوقت المختار فلا تعد تأخيرا ولو كانت في آخره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/6985)
فالبصاق في الصلاة.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مريضة تصلي وهي تبزق في وعاء فما تنصحون]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبصاق في الصلاة لا مانع منه، سوى ما ثبت من تخصيصه بالنهي وهو البصاق إلى جهة القبلة أو اليمين، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزق بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه. وهذا لفظ مسلم.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقد اتفقوا على جواز البصاق في الصلاة. انتهى.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: فيه نهي المصلي عن البصاق بين يديه وعن يمينه، وهذا عام في المسجد وغيره. انتهى.
وعليه، فلا حرج في البصاق في الوعاء المذكور إذا لم يكن إلى جهة اليمين أو القبلة، وللمزيد يرجى الرجوع للفتوى رقم: 14860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(11/6986)
النهي عن الصلاة مع تشمير الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحديث الذي ينهى عن الكشف عن الساعد (التشمير) مع الشرح القليل لو سمحتم لأنه تضاربت علي معانيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنهي عن التشمير في الصلاة أو قبلها لأجلها ورد في الصحيحين، ولفظ مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين، والرجلين، وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه، أو رأسه معقوص، أو مردود شعره تحت عمامته، أو نحو ذلك. فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته. انتهى.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/6987)
حكم من صلى بحضور عرائس الأطفال أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لديها طفلة في وقت الصلاة تضع الطفلة لعبها من عرائس وغيرها أمام أمها في السجادة، فماذا تفعل الأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المصلي أن يسعى في تحصيل الخشوع في الصلاة ويبعد عنه كل ما يمكن أن يشغله، روى البخاري ومسلم أن عائشة رضي الله عنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام، وقال: شغلتني أعلام هذه فاذهبوا بها إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية. وفي رواية للبخاري: فأخاف أن تفتنني.
قال النووي رحمه الله: معنى هذه الألفاظ متقارب، وهو اشتغال القلب بها عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع، ففيه الحث على حضور القلب في الصلاة وتدبر ما ذكرناه، ومنع النظر من الامتداد إلى ما يشغل، وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به، وكراهية تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه وغير ذلك من الشاغلات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى ...
وعليه، فالذي على الأم أن تفعله هو أن تبعد عنها لعب ابنتها إذا أرادت أن تصلي حتى لا يشغل قلبها عن الصلاة، ومع ذلك، فإنها لو صلت بحضور تلك اللعب أمامها فلا خلاف في أن صلاتها صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/6988)
موضع النظر أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى ولم ينظر إلى موضع سجوده ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى موضع السجود مستحب عند جمهور العلماء، ومذهب المالكية أن الأفضل للمصلي النظر قبالة وجهه حسب سمته المعتدل، فلا يرفع رأسه ولا يطأطئ، لقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ {البقرة: 144} . وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 20001.
وعلى كل الأقوال، فإن الصلاة لا تبطل بعدم النظر إلى موضع السجود، وإنما يكره للمصلي الالفتات يمينا وشمالا ورفع البصر إلى السماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(11/6989)
مدى أثر إسبال الإزار على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت إمام المسجد في الرياض يقول وهو يتكلم عن المسبل وقال لقد دخل رجل المسجد وصلى فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ارجع فإنك لم تصل فرجع مرة ثانية فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ارجع فإنك لم تصل، لأن الرجل كان مسبل الثياب، فهل هذا صحيح أن المسبل لا تقبل صلاته. وجزاكم الله عنا ألف خير ونفعنا بكم المسلمين0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح عند أهل العلم أن الرجل إذا صلى وهو مسبل ثوبه أن صلاته صحيحة، ولكنه عصى الله تعالى، ولا يطالب بإعادتها، وأما الحديث المذكور الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة، قال: بينما رجل يصلي مسبلا إزاره إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ ثم جاء، ثم قال: اذهب فتوضأ، فذهب وتوضأ ثم جاء، فقال له رجل: يا رسول الله مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟! فقال إنه كان: يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره. وهذا لفظ الحديث فقد أجاب الجمهور عنه بأنه ضعيف، وأجابوا بأجوبة أخرى ذكرناها في الفتوى رقم: 7445، وهذا لا يعني أن الاسبال غير حرام؛ بل إنه حرام سواء في الصلاة أو في غير الصلاة. وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 48362، ورقم: 32479.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/6990)
أحكام التلثم في الصلاة للرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في صلاة المجاهد باللثام على وجهه، مع العلم بأنه لا يجوز للمرأة المنقبة تغطية وجهها في الصلاة وهذا المجاهد دعته الضرورة لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على كراهة التلثم في الصلاة للرجل والمرأة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يغطي الرجل فاه في الصلاة. رواه أبو داود وابن ماجه.
والتلثم عند الشافعية هو تغطية الفم، وقال الحنفية والحنابلة: هو تغطية الفم والأنف، وهو عند المالكية ما يصل لآخر الشفة السفلى، وعليه فصلاة الرجل أو المرأة باللثام مكروهة، والقول بأن صلاة المرأة المتلثمة لا تجوز غير صحيح؛ بل هي مكروهة كما سبق، قال خليل في مختصره: وهو يعد مكروهات الصلاة (وانتقاب المرأة) .
وقال صاحب التاج والإكليل: يكرهان -أي انتقابها وتلثمها- وتسدل على وجهها إن خشيت رؤية رجل -أي أجنبي-.
وقال الخطيب الشربيني: وأن يصلي الرجل متلثما والمرأة متنقبة -أي يكره ذلك- ونص النووي في المجموع: أنها كراهة تنزيهيه لا تمنع صحة الصلاة. انتهى.
إلا إذا كان يسجد بجبهته على الثوب المغطي به وجهه فتبطل عند الشافعية، وقال البهوتي في كشاف القناع: ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع بلا حاجة.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام، ولأن ستر الوجه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف ويغطي الفم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عنه، فإن كان لحاجة كحضور أجانب فلا كراهة، وكذلك الرجل تزول الكراهة في حقه إذا احتاج إلى ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(11/6991)
هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاسر الراس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بغير قلنسوة فإن كان صلى فكم مرة فعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على استحباب ستر الرأس في الصلاة للرجل بعمامة وما في معناها، ونص الحنفية على كراهة صلاة الرجل مكشوف الرأس إذا كان تكاسلا لترك الوقار، لا للتذلل والتضرع. ولم نقف على حديث أو أثر صحيح يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى حاسر الرأس، وأما ما رواه ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان ـ أي النبي صلى الله عليه وسلم ـ ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه وهو يصلي فقد قال عنه الألباني رحمه الله (ضعيف جدا) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1425(11/6992)
حكم افتراش الجرائد للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي أثناء العمل وبما أني أشك في طهارة المكان أضع قطعاً من الجرائد أو الصحف، فهل هناك ما يبطل الصلاة، علما بأن الصحف لا تخلو من الصور؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن الأصل في الأماكن الطهارة ما لم تتيقن أو يغلب على ظنك أن المكان متنجس، فحينئذ لا تجوز لك الصلاة فيه، ولا حرج أن تضع عليه شيئاً طاهراً وتصلي عليه، والأفضل أن لا يكون في الموضوع -سواء كان من الجرائد أو غيرها- صور أو ما يلهي في الصلاة، لأن ذلك ينافي الخشوع، ولا تبطل به الصلاة ولو حصل نظر إليها أو تفكر فيها، ومما يدل لذلك حديث أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. رواه البخاري وأحمد.
وقد قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما الثوب الذي فيه صور أو صليب أو ما يلهي فتكره الصلاة فيه وإليه وعليه للحديث. انتهى.
وننبه إلى أن هذه الجرائد إذا كان فيها اسم من أسماء الله تعالى أو شيء من القرآن أو الحديث أو الفقه فلا يجوز افتراشها، سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها لأن افتراشها فيه عدم تعظيم لحرمات الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/6993)
الخروج من الصلاة لمسوغ شرعي غير مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن عمر بن الخطاب طعن وهو يصلي صلاة الفجر إماماً، فلما طعن تقدم أحد الصحابة ليؤم الناس بدلاً منه، وسؤالي هو: لما لم يتوقف الصحابة عن الصلاة ليدافعوا عنه، وهل يدل ذلك على أن الخروج من الصلاة مكروه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قطع الصلاة بمسوغ شرعي فمشروع، كقطعها لقتل حية ونحوها، لورود الأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه نائم أو غافل قصدت إليه حية ونحوها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب. رواه الإمام أحمد وأبو داود، وغير ذلك من الأمور التي تربو فيها المصلحة على فساد الصلاة.
فلا يكره الخروج من الصلاة لمسوغ من هذه المسوغات، ولا شك أن خروج الصحابة من الصلاة للدفاع عن إمامهم وأميرهم من المصلحة التي تجيز الخروج من الصلاة، وهذا ما فعله الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فإن طائفة منهم قد خرجوا من الصلاة، لدفعه أو الإمساك به، فلما تحقق من القبض عليه نحر نفسه كما هو معلوم من السيرة، واستمر البقية في الصلاة إذ لا يحتاج الأمر وهو الإمساك بالمعتدي وقتله إلى خروجهم جميعاً من الصلاة، وفي الواقع أن كثيراً منهم لم يعلموا ولم يدروا بما حدث إلا بعد انتهاء الصلاة، لاسيما ممن لم يكن في الصفوف الأمامية، وقد ظنوا عند ما سمعوا عبد الرحمن بن عوف يكمل بهم بقية الصلاة أن عمر رضي الله عنه قد نابه شيء عادي في الصلاة كانتقاض الوضوء -مثلاً- مع الوضع في الاعتبار أن الصلاة صلاة الفجر مع ما يعنيه ذلك من صعوبة الرؤية بسبب الظلام وقلة الإضاءة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(11/6994)
الصلاة بالشال الذي يغطي نصف الكتف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بدون شيء يغطي الجسم الأعلى للعبد من رقبته يعني إلى تحت سرته وما حكم الصلاة بالشيال الذي يقال عنه الحال له شيالتين أو حمالتين على نصف الكتف ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق حكم الصلاة في الثوب إذا لم يكن على الكتفين منه شيء، وأن الصلاة مجزئة مع الكراهة، وراجع الفتوى رقم: 42671 والفتوى رقم: 8267.
والصلاة بالشال الذي يغطي نصف الكتف صحيحة لأن النهي عن الصلاة في الثوب الواحد مقيد بما إذا لم يكن على الكتف منه شيء.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/6995)
ويكره أن يوقت بشيء من القرآن لشيء من الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[يصلي بنا إمام يواظب في صلاة الصبح على القراءة بسور معينة وذلك على عدد أيام الأسبوع، بمعنى أنه يقرأ في صبح الاثنين من هذا الأسبوع بما كان قرأ به في صبح اثنين الأسابيع التي مضت، وكذلك في قراءته في صبح يوم الثلاثاء يقرأ بما كان قرأ به في صبح ثلاثاء الأسابيع التي مضت وهكذا لبقية أيام الأسبوع، فماذا تقولون في مثل من يفعل مثل هذا الفعل.
جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن المداومة على ذلك مكروهة لما فيها من هجر باقي سور القرآن وإيهام بتفضيل بعض سور القرآن في القراءة على بعض بلا دليل شرعي، وفي مثل هذا يقول: البابتري في العناية شرح الهداية: ويكره أن يوقت بشيء من القرآن لشيء من الصلوات لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل. ا. هـ
وإذا كان بعض العلماء كره مداومة الإمام على قراءة سورة الم السجدة في فجر الجمعة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها فيها، وعللوا هذه الكراهة لئلا يظن أنها مفضلة بالسجدة، أو لئلا يظن وجوب قراءتها في كل جمعة، جاء في الإنصاف: وتكره المداومة عليها على الصحيح من المذهب، نص عليه، قال الإمام أحمد: لئلا يظن أنها مفضلة بسجدة. ا. هـ
فتكون المداومة على قراءة سورة معينة وتكرارها في صلاة معينة ويوم معين أولى بالكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/6996)
رفع الأكمام للوضوء والدخول بالصلاة هكذا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يحصل معي حين الوضوء أن أكفف سروالي فوق الكعبين بمسافة شبر وكمي إلى أعلى المرفقين وأدخل بهما الصلاة وهما بهذه الصفة فهل يوجد نهي أو كراهة لهذا الفعل أفتوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى للمصلي أن يكون في هيئة الطبيعة أثناء الصلاة، لأن ذلك أدعى لخشوعه وعدم تشويش ذهنه، وإذا صلى كافتاً السروال أو الكم، فإن كان فعل ذلك من أجل عمل كالوضوء -مثلاً- فلا بأس أن يدخل الصلاة بتلك الهيئة، مع أن الأولى إصلاح ذلك كما تقدم، وإن كان يفعل ذلك للصلاة فلا ينبغي، قال المواق في شرحه للمختصر: من صلى محتزما أو جمع شعره بوقاية أو شمر كميه، فإن كان ذلك لباسه وهيئته قبل ذلك أو كان في عمل حتى حضرت الصلاة فصلاها كما هو، فلا بأس بذلك، وإن كان إنما فعل ذلك ليكفت به شعراً أو ثوباً فلا خير فيه، ابن يونس: النهي عن ذلك إنما هو إذا قصد به الصلاة بكفت يستر. (2/185)
وبذلك تعلم أنه لا كراهة في فعلك ما دمت لم تفعله من أجل الصلاة.
ولمزيد من الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 17710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(11/6997)
التسبيح والدعاء في الركوع والسجود سرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التسبيح والدعاء في الركوع والسجود يكون سراً أو جهراً وأيهما أفضل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
فإن المشروع في التسبيح والدعاء عند الركوع والسجود أن يكون سراً لا جهراً، ويتأكد ذلك إذا كان الجهر يشوش على المصلين، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ويسبح الله سراً في ركوعه وأقله مرة.
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: فجميع الأذكار التي يشرع للإمام أن يقولها سراً يشرع للمأموم أن يقولها سراً كالتسبيح في الركوع والسجود وكالتشهد والدعاء.
ولا حرج عليه إن جهر جهراً خفيفاً بالدعاء والتسبيح، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك.
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان أن الإسرار هو في الركوع والسجود المشروع، وانظر الفتوى رقم: 7744، والفتوى رقم: 41404.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(11/6998)
كراهة الصلاة بدون ستر المنكبين أو العاتقين
[السُّؤَالُ]
ـ[-ما حكم الصلاة دون ستر الكتفين أو العاتقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكتفان أولاً هما المنكبان، والعاتق ما بين المنكب إلى أصل العنق فهو موضع الرداء من الرقبة.
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى صحة الصلاة بدون ستر المنكبين أو العاتقين، وحملوا النهي الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء. حملوه على الكراهة لا على التحريم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: وإن كان ضيقاً فاتزر به. رواه البخاري.
ولأن المنكبين والعاتقين ليسا من العورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6999)
تنبيه الإمام على إغلاق أجهزة النداء وقت الصلاة لا بأس فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الجماعة في المسجد، قبل كل وقت الصلاة، يقول الإمام أغلقوا الهواتف باالعربية والهولندية، ولكن نحن نبدأ في الصلاة والهواتف تنبه يميناً وشمالاً. ما هو الحكم في الإسلام هنا. شكراً وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت لنا فتاوى تتعلق بكراهة حمل المصلي لما يمكن أن يشغل عن الخشوع، فراجع ذلك في الفتوى رقم: 3558.
فعلى المصلين أن يتقوا ذلك، وينبهوا إليه إخوانهم الذين لا يزالون يمارسونه رغم التوجيه الذي يقوم به الإمام قبل كل صلاة.
والتعاون في إبعاد هذه الأجهزة أو غلقها وقت الصلاة، هو من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1424(11/7000)
لا بأس بالصلاة إلى ظهر رجل قاعد يتحدث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد الصلاة خلفي وأنا جالس مثل زوجتي مثلا أنا أتحدث بالنسبة للنساء.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بسؤالك جلوسك أمام شخص يصلي سواء كان زوجتك أو غيرها، فإنه لا مانع منه، ما لم يك فيه إشغال وإلهاء للمصلي، وإلا كره، يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته بالليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة. متفق عليه.
جاء في "نصب الراية": ولا بأس بأن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث، لأن ابن عمر ربما كان يستند بنافع في بعض أسفاره. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1424(11/7001)
كراهة الصلاة في الثياب التي عليها تصاوير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
يوجد نوع من الأحذية puma وفيها مرسوم فهد صغير، يعني الظل فقط بدون ملامح الوجه، وكذلك عندي بدلة رياضية فيها فرس مرسوم بواسطة الخيط أي (مطرز) وبشكل صغير، ما حكمهما؟ وهل يجوز الصلاة بالبدلة؟ وشكر الله جهدكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصورة المرسومة على الحذاء تأخذ حكم الصور الممتهنة، وقد بينا حكمها في الفتوى رقم: 22143، والفتوى رقم: 22058.
وانتهينا فيهما إلى أن الراجح جواز استخدام ما فيه صورة ممتهنة وإن حرُم رسمها ابتداء، ومما يقوي القول بجواز استخدام الحذاء المذكور أن الصورة مطموسة الملامح كما ذكر السائل، وكذلك القول في الصورة المنقوشة بالخيط على البدلة الرياضية، إلا أن العلماء صرحوا بكراهة الصلاة في الثياب التي عليها تصاوير، وكذلك البسط والفرش والستائر، وقد بينا هذا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 474، 14486، 33796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/7002)
حكم التثاؤب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
الرجاء المساعدة في: أنني وعند قراءة القرآن أو الصلاة أو التسبيح أتثاءب وكأنني نعسان، مع العلم بأنني لا أشعر بالنعاس, فما هو الحل؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التثاؤب له حالتان:
الأولى: أن يكون اختياريا، وهذا مكروه، سواء أكان في الصلاة أم في غيرها، ومن ابتلي بذلك، فعليه أن يسد فمه ولو بيده، لقوله صلى الله عليه وسلم: التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليردّه ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال "ها" ضحك منه الشيطان. متفق عليه.
الحالة الثانية: أن يكون اضطراريا، وهذا لا مؤاخذة فيه على من ابتلي به لأنه خارج عن إرادته، وعليه أن يسد فمه كما مر في الحديث السابق.
ولا بأس أن تعرض نفسك على الطبيب، فقد يكون ذلك لمشكلة صحية كنقص كمية الأكسجين عن التنفس ونحو ذلك.
ولمزيد من الفائدة حول موضوع التثاؤب، نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 31375 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/7003)
صلى مرتديا قبعة عليها صورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذي يصلي وهو لابس على رأسه قبعة عسكرية (الكاب) ، عليها شعار الدولة، وهو عبارة عن طائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف في صحة صلاة شخص يلبس شيئاً فيه صورة، إذا أكمل شروط صحة الصلاة، وخلت صلاته من المبطلات، وأما عن حكم لبس ما فيه صورة في الصلاة، فقد تقدم الجواب عنه في الفتوى رقم: 26175، فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/7004)
الصلاة إلى الصور تخل بالخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس في مدرسة إبتدائية ونقيم الصلاة والجمعة فيها، فهل يجوز تعليق صور ورسومات من عمل الأطفال على الجدران لهدف التعليم وعرض العمل والمسابقات ولفترة وجيزة أفيدونا بأي نصيحة مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنتم في مكان تقام فيه الجمعة، فلا تجوز لكم إقامة جمعة في المدرسة، بل تصلون مع المسلمين في جوامعهم، لأنه لا يجوز تعدد الجمعات لغير ضرورة أو حاجة، وانظر في حكم تعدد الجمعة الفتوى رقم: 30037
وأما تعليق الصور فإذا كانت لذات روح (حيوان أو إنسان ونحو ذلك) فالأحوط تركه، وراجع الفتوى رقم: 680 هذا، وإذا جازت لكم صلاة الجمعة في المسجد فلا تصلوا إلى صور لأنها تشغل المصلي وتلهيه عن صلاته وهو مطالب بالابتعاد عن كل ما يشغله عنها.
وانظر الفتوى رقم: 9403
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(11/7005)
الصلاة مع كشف المرفقين
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن صلاة الرجل تكون باطلة إن كان عاري الكتفين أو المرفقين فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة عاري المرفقين صحيحة باتفاق أهل العلم، أما صلاة عاري الكتفين فقد اختلف أهل العلم في إجزائها، وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 8267
وننبهك -وفقك الله- إلى أن الصلاة مع كشف المرفقين إذا كان الكشف عن طريق تشمير الثوب فهي صحيحة مع الكراهة على الراجح، لدخول ذلك في الكفت الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وراجع للأهمية الفتوى رقم:
18142
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/7006)
كراهية الصلاة إلى جهة النائم والجالس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة أمام النائم أو الجالس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء كرهوا الصلاة إلى جهة النائم لما يمكن أن يحصل منه من كشف عورة أو حدوث مشوش. قال الدسوقي: قوله كنائم، أي فهو مشغل باعتبار ما يعرض له من خروج شيء منه يشوش على المصلي أو كشف عورته.
وأما الصلاة إلى جهة الجالس فمكروهة إن كان مواجهًا، وإن كان يستتر بظهره ففيها تفصيل. قال الدسوقي: والحاصل أن الاستتار بالشخص المواجه له مكروه مطلقًا، وأما الاستتار بظهره فإن كانت امرأة أجنبية أو كافرًا أو ... فالكراهة، وإن كان رجلاً غير كافر، جاز من غير كراهة، وإن كانت امرأة محرمًا فقولان، والراجح الجواز. (1/246) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(11/7007)
هل من كفارة لمن مر بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أنه إذا مررنا من أمام شخص يصلي فإن علينا كفارة؛ فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المرور بين يدي المصلي فقال: لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه. متفق عليه.
ولم تكن هناك كفارة معينة، وإنما على من فعل ذلك التوبة والاستغفار من الإثم الذي وقع فيه إذا كان متعمدا.
ولمزيد من التفصيل والأدلة عن المرور بين يدي المصلي وحكم السترة، نحيلك إلى الفتوى رقم:
10700 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/7008)
حكم الدعاء في القيام أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا جزاكم الله خيرا
عن عادة بعض أئمة المساجد في جاوة - أندونيسيا حيث إن الإمام يقول اللهم اغفر لي ولوالدي بعد قراءة الفاتحة قبل أن يؤمن المأمومون، من أين أتى هذا الشيء؟ غير المغضوب عليهم ولا الضالين، ربي اغفر لي ولوالدي، ثم آمين، وهل صلاتي معهم باطلة؟ وهل أنا آثم إن لم أنبههم على فعلتهم تلك؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء في القيام مكروه، وكما لا ينبغي أن يقرأ المصلي القرآن راكعاً أو ساجداً فإنه كذلك لا يدعو في القيام، فالقيام يُقرأ فيه القرآن، والركوع يعظم فيه الرب -سبحانه وتعالى-، والسجود يجتهد فيه بالدعاء فهذه هي السنة.
فقد جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.
والصلاة ليست باطلة وإن كان ما يفعله الإمام مكروها وخلاف السنة، ولكن يجب عليك أن تنبه هؤلاء الأئمة، وإذا لم يستجيبوا لك فنبه المصلين، وأعلمهم أن هذا خلاف السنة ولا ينبغي التمادي عليه.
كما أنه لا ينبغي لك أن تتخلف عن صلاة الجماعة لهذا السبب، ولكن مع تنبيهك وتعليمك سيزول ذلك إن شاء الله تعالى، فتكون من الدالين على الخير وممن أحيا السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(11/7009)
صلاة المسبل صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بصلاة مسبل الإزار؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبقت الإجابة على حكم إسبال الإزار في الفتوى رقم: 3900، والفتوى رقم: 2135. أما حكم الإسبال في الصلاة فهو الكراهة كما نص على ذلك أهل العلم. قال ابن قدامة في المغني: ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برفع الإزار.. ومع هذا، فصلاة المسبل صحيحة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/7010)
حكم صلاة المنفرد خلف الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أعلم أنه لا يجوز الصلاة خلف الإمام منفرداً ولكن هل يجوز أن أبدأ صلاتي خلف الإمام منفرداً وأنا على علم بأنه سوف يأتي مصلون يقفون إلى جانبي في الصف؟
وجزكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم رحمهم الله إلى كراهة صلاة المنفرد خلف الصف بدون عذر وانتفاء الكراهة مع العذر، وذهب الحنابلة إلى إبطال صلاة من صلى ركعة كاملة خلف الصف لغير عذر.
ونصوا على أن المأموم لو ركع فذاً ثم دخل الصف راكعاً والإمام قد رفع رأسه من الركوع ولم يسجد نصوا على أن صلاته صحيحة، ونصوا على أن المأموم لو ركع فذاً ثم وقف آخر قبل رفع الإمام صحت صلاته، قال المرداوي في الانصاف: هذا المذهب نص عليه -أي أحمد وعليه الأصحاب، قال الزركشي: هذا المنصوص المشهور المجزوم به. انتهى.
وعليه، فما دمت تعلم أنه سيقف معك غيرك في الركعة فلا حرج عليك في الإحرام خلف الصف، فإن لم يأت أحد، فقد اختلف العلماء هل يجذب إليه أحدا من الصف أم لا؟ وقد حكى الخلاف الإمام النووي رحمه الله في المجموع فقال: فرع في مذاهبهم في الجذب من الصف: قد ذكرنا أن الصحيح عندنا أن الداخل إذا لم يجد في الصف سعة جذب واحدا بعد إحرامه واصطف معه وحكاه ابن المنذر عن عطاء والنخعي وحكي عن مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق كراهته وبه قال أبوحنيفة وداود انتهى، والذي نراه أن الأولى ألا يجذب إليه أحدا ولا حرج عليه إن صلى خلف الصف منفردا والحالة هذه، وقد قدمنا لك أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تكره مع العذر، وكون الصف مكتملا يعد عذرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(11/7011)
لا يشرع تكرارالفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لإمام أن يكرر سورة الفاتحة أو بعض آياتها العديد من المرات كل مرة بقراءة في ركعة واحدة ثم ينتقل لقراءة ما تيسر من القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتكرار الفاتحة في الصلاة غير مشروع لأنه خلاف السنة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونص على كراهته في المذاهب الأربعة، ولكن هل تبطل الصلاة به أم لا؟ قولان لأهل العلم والراجح منهما وهو مشهور المذاهب الأربعة أن الصلاة لا تبطل به، وأوجب فيه الحنفية ومن وافقهم سجود السهو إلا إذا قرأ سورة بعد الفاتحة ثم أعاد الفاتحة، هذا ولا شيء عليه في التكرار ولا كراهة إن فعله لوسوسة أو لعاهة به.
أما تكرار بعض آيات الفاتحة فيكره فعله لغير حاجة ولا يبطل الصلاة، وللفقهاء تفاصيل كثيرة في هذه المسألة ونكتفي بما أورده الدسوقي من المالكية في حاشيته على الشرح الكبير حيث قال: وإن كانت تلك الأقوال فرائض كالفاتحة فإنه يسجد لتكرارها إن كان التكرار تحقيقاً أو شكاً على ما استظهره بعضهم وكان سهواً، وأما لو كررها عمداً فلا سجود والراجح عدم البطلان مع الإثم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/7012)
صلاة الحاقن مكروهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في حبس الريح قبل الصلاة وأنا متوضأ؟ مع العلم أنني يخرج مني الريح كثيراً؟ خاصة وقت الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يكره للمسلم أداء الصلاة مع وجود ما يقتضي انشغاله عن صلاته وقطع خشوعه كحبس الريح ومدافعة الأخبثين، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 18415.
وخروج الريح منك إن لم يكن بصفة مستمرة بحيث ينقطع فترة تتمكن فيها من أداء الصلاة فإن الواجب إعادة الوضوء، وإن كان بصفة دائمة فحكمه حكم سلس البول، وراجع في ذلك الفتوى رقم:
8777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/7013)
أقوال أهل العلم في فرقعة الأصابع داخل وخارج الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم فرقعة الأصابع في المسجد وهل هناك حديث صحيح ينهى عن فرقعة الأصابع في المسجد، وما حكمها في الأدب الإسلامي إذا كان داخل المسجد أو خارجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
r>
ففرقعة الأصابع في الصلاة مكروهة في المذاهب الأربعة، ونص ابن عابدين في حاشيته على تحريمها كما سيأتي، قال صاحب الدر المختار وهو يعدد مكروهات الصلاة: (وفرقعة الأصابع وتشبيكها ولو منتظر الصلاة أو ماشياً إليها للنهي، ولا يكره خارجها لحاجة) .
قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار: (قوله: وفرقعة الأصابع، هو غمزها أو مدها حتى تصوت، وتشبيكها هو أن يدخل أصابع إحدى يديه بين أصابع الأخرى، بحر قوله: للنهي وهو مارواه ابن ماجه مرفوعاً: لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي. وروى في المجتبى حديثاً: أنه نهى أن يفرقع الرجل أصابعه وهو جالس في المسجد ينتظر الصلاة. وفي رواية: وهو يمشي إليها. وروى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعاً: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبك بين يديه فإنه في صلاة. ونقل في المعراج الإجماع على كراهة الفرقعة والتشبيك في الصلاة، وينبغي أن تكون تحريمية للنهي المذكور، بحر وحلية. انتهى
وقال الحطاب في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: (وأما فرقعة الأصابع فتكره عند مالك رحمه الله تعالى في المسجد وفي غيره، وخص ابن القاسم الكراهة بالمسجد، نقله ابن عرفة وصاحب التوضيح) . انتهى
وقال أحمد العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج: (ويكره أن يروِّح على نفسه في الصلاة، وأن يفرقع أصابعه أو يشبكهما لأنه عبث) . انتهى
وقال البهوتي في كشاف القناع: (وتكره فرقعة أصابعه؛ لما روى الحارث عن علي قال: لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة. رواه ابن ماجه) .
وقال الرحيباني في مطالب أولى النهى: (ويكره أيضاً فرقعة أصابع وتشبيكها أي الأصابع، وتبطل الصلاة إن كثر فعل ذلك فيها) .
وأما فرقعة الأصابع خارج الصلاة فهي مكروهة عند جماعة من أهل العلم، وبعضهم قيد الكراهة بغير الحاجة، وممن أطلق الكراهة مالك -كما تقدم- والأرجح عند المالكية كراهتها في الصلاة فقط، ولا تكره في غيرها ولو في المسجد كما نص على ذلك عليش في منح الجليل.
وعند الحنفية تكره الفرقعة خارج الصلاة لغير حاجة، قال ابن عابدين في حاشيته: قوله: (ولا يكره خارجها لحاجة، المراد بخارجها ما ليس من توابعها لأن السعي إليها -الصلاة- والجلوس في المسجد لأجلها في حكمها كما مر؛ لحديث الصحيحين: لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه. وأراد بالحاجة نحو إراحة الأصابع، فلو لدون حاجة بل على سبيل العبث كره تنزيها، والكراهة في الفرقعة خارجها منصوص عليها) ....
وعليه؛ فالأولى اجتناب فرقعة الأصابع مطلقاً إلا لحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1423(11/7014)
الإحساس بالبول بدون مدافعة لا أثر له على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإحساس بالبول بدون مدافعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد الإحساس بدون مدافعة لا يضر وليس به بأس إن شاء الله.
قال الإمام الصنعاني رحمه الله في سبل السلام جـ1 صـ287-288: بعد ذكره حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان. رواه مسلم.
قال: أي (لا صلاة وهو -أي المصلي- يدافعه الأخبثان البول والغائط، ويلحق بهما مدافعة الريح فهذا مع المدافعة، وأما إذا كان يجد في نفسه ثقل ذلك وليس هناك مدافعة فلا نهي عن الصلاة معه، ومع المدافعة فهي مكروهة، قيل: تنزيها لنقصان الخشوع، فلو خشي خروج الوقت إن قدم التبرز وإخراج الأخبثين قدم الصلاة وهي صحيحة مكروهة) . انتهى
وبصحة صلاة المدافع للأخبثين قال جمهور العلماء، قال النووي في المجموع: (يكره أن يصلي وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح أو يحضره طعام أو شراب تتوق نفسه إليه لحديث عائشة، قال أصحابنا "أي الشافعية" فينبغي أن يزيل هذا العارض ثم يشرع في الصلاة فلو خاف فوت الوقت فوجهان: الصحيح الذي قطع به جماهير الأصحاب أنه يصلي مع العارض محافظة على حرمة الوقت ثم يقضيه لظاهر هذا الحديث، ولأن المراد من الصلاة الخشوع فينبغي أن يحافظ عليه) .
ونقل النووي عن بعض الشافعية الخراسانيين وصاحب البيان عن الشيخ أبي زيد المروزي أنه إذا انتهى به مدافعة الأخبثين إلى أن ذهب خشوعه لم تصلح صلاته وبه جزم القاضي حسين من الشافعية، قال النووي: وهو شاذ ضعيف، والمشهور من مذهبنا ومذهب العلماء صحة صلاته مع الكراهة، وحكى القاضي عياض عن أهل الظاهر بطلانها) . انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: (إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته سواء خاف فوت الجماعة أو لم يخف؛ لحديث عائشة رضي الله عنها) .. إلى أن قال: (والمعنى في ذلك أن يقوم إلى الصلاة وبه ما يشغله عن خشوعها وحضور قلبه فيها، فإن خالف وفعل صحت صلاته في هذه المسألة) . انتهى
والحاصل: أن مجرد الإحساس بالبول بدون مدافعة لا يدخل في النهي مع أن الأفضل أن يدخل الإنسان وقد أزال عنه ما يشغله في صلاته من الخواطر.... وإما إذا كانت هناك مدافعه فإن غاية ما فيه إليه أنه تكره صلاته ولا تبطل لأنه وإن شغل به عن الخشوع فإن الصلاة مجزئه عنه، وإنما ينقص بذلك أجرها وثوابها بقدر نقصان الخشوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لينصرف فلا يكتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/7015)
الصلاة بساعة اليد التي بها صورة شخص
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاه بساعة اليد التي بها صورة شخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الصورة مرسومة باليد أو منسوخة مما رسم باليد، فهي من نوع الصور المحرمة، أما إذا كانت صورة فوتوغرافية، وهي التي تلتقط بالماكينة المخصصة لذلك، ففيها خلاف بين العلماء، والأولى تركها خروجاً من هذا الخلاف، أما الصلاة في الثياب التي فيها صور أو حمل الأشياء التي تحتوي على صور أثناء الصلاة، فهذا مكروه عند جمهور العلماء، لما فيه من الإلهاء عن موضوع الصلاة.
وذهب علماء الحنابلة إلى حرمة لبس ما فيه صور في الصلاة، سواء كانت الصورة كبيرة كالتي تكون على الثوب، أو صغيرة كالتي تكون في الخاتم والساعة ونحوهما، قال في مطالب أولي النهي: (فلو لبس خاتماً في فصه صورة، أو لبس ثوباً فيه صورة حيوان يعيش حرم عليه ذلك، لما فيه من التشبه التام بأهل الكتاب) . انتهى
وسواء قلنا بالكراهة أو التحريم، فالصلاة صحيحة، لكن يجب التخلص من هذه الصورة إذا كانت من النوع المرسوم باليد، أما إذا كانت فوتوغرافية فالأولى أيضاً التخلص منها خروجاً من الخلاف كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/7016)
يكرة للمصلي الصلاة بثوب يغطي عورته فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: فقد وقعت في اختلاف مع البعض حول مدى مشروعية الصلاة مستور العورة فقط وباقي الجسد عار تماما لذا قصدتكم لرفع الالتباس والله لا يضيع أجر من عمل صالحا والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ستر عورته من سرته إلى ركبته في الصلاة ولكنه لم يستر بقية جسمه من الكتفين وغيرهما فقد اختلف فيه أهل العلم، فذهب الجمهور إلى صحة صلاته مع الكراهة.
وفي رواية عن أحمد أنها غير جائزة وغير مجزئة، وهو مذهب الظاهرية.
والراجح - إن شاء الله تعالى - ما ذهب إليه الجمهور من صحة الصلاة مع الكراهة، قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته: (ويكره للرجل أن يصلي بثوب ليس على أكتافه منه شيء) .
ولمزيد التفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
8267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(11/7017)
لا مانع من الصلاة وفي اليد ساعة معدنية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ما يمنع المصلي من الصلاة وفي يده ساعة معدنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم مانعاً من أن يصلي المسلم وفي يده ساعة معدنية، إنما المنهي عنه بالنسبة للرجل هو لبس الحرير والذهب سواء كان في الصلاة أو خارجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(11/7018)
الحدث في الصلاة وما يلزم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[- ماحكم صلاة من يمنع خروج الغازات في هذه الحالة؟
أ-قبل الأذان.
ب-أثناء أداء الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره للشخص أن يحبس الريح أو البول حتى يدخل في الصلاة، لأن ذلك يذهب كمال الخشوع والطمأنينة، وأما إذا جاءته الريح أو جاءه البول وهو في الصلاة فلا يقطع الصلاة ولا شيء عليه، إلا إذا أدت مدافعته للحدث إلى فوات ركن أو واجب فإنه يخرج من الصلاة ويقضي حاجته ثم يتوضأ ويعيد صلاته.
قال الإمام النووي في المجموع: فإذا أحدث المصلي في صلاته باختياره بطلت صلاته بالإجماع، سواء كان حدثه عمداً أو سهواً، سواء علم أنه في صلاة أم لا، وإن أحدث بغير اختياره بأن سبقه الحدث بطلت طهارته بلا خلاف وفي صلاته قولان مشهوران، الصحيح الجديد أنها تبطل والقديم لا تبطل ... انتهى وقال: فرع في مذاهب العلماء في جواز البناء لمن سبقه الحدث.. قد ذكرنا أن مذهبنا الصحيح الجديد أنه لا يجوز البناء بل يجب الاستئناف وهو مذهب المسور بن مخرمة الصحابي رضي الله عنه، وبه قال مالك وآخرون، وحكاه صاحب الشامل عن ابن شبرمة وهو الصحيح من مذهب أحمد، وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والأوزاعي: يبني على صلاته وحكاه ابن الصباغ وغيره عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر رضي الله تعالى عنهم ورواه البيهقي عن علي وسلمان الفارسي وابن عباس وابن عمر وابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعطاء وطاووس وأبي إدريس الخولاني وسليمان بن يسار وغيرهم رضي الله عنهم. أهـ ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 18415
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/7019)
فرقعة الأصابع في الصلاة من العبث
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم تكتكة الأصابع مع الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مراد السائل السؤال عن حكم فرقعة الأصابع في الصلاة؟ فالجواب أننا لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في كراهة العبث في الصلاة، والفرقعة من العبث، وقد نص على كراهتها جماعة من أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني وهو فقيه حنبلي: ويكره فرقعة الأصابع -أي في الصلاة-.
وقال صاحب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وهو يعد مكروهات الصلاة قال: وفرقعة الأصابع.
وقال خليل المالكي في مختصره: وهو يعد مكروهات الصلاة: (وفرقعة أصابع والتفات بلا حاجة.
وكره مالك رحمه الله فرقعة الأصابع مطلقاً في الصلاة، وخارجها، وفي المسجد وغيره، كما يذكر ذلك شراح خليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/7020)
هل الصلاة في الظالم تبعد الملائكة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم الصلاة في حجرة معتمة حيث يقال الصلاة في الظلام تبعد الملائكة فهل هذا صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من الصلاة في الظلام، بل قد وردت أحاديث صحيحة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الظلام، من ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
ولا نعلم أحداً من أهل العلم كره الصلاة في الظلام، بل ربما كان الظلام أجمع للقلب، وأبعد عن الاشتغال بما يلهي عن الصلاة، وأما كون الملائكة لا تحضر مواطن الظلام، فكلام باطل لا أصل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/7021)
حكم الصلاة بالفانلة الداخلية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة بالفانلة الداخلية (الحمالات) حرام خصوصا في هذه الأيام الحارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع للرجل أن يصلي بهذا النوع من الملابس الداخلية مع أن الأولى هو ستر الكتف كاملاً ولبس أحسن الثياب، وانظر الفتوى رقم:
8267 والفتوى رقم:
9906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(11/7022)
تعلم صفة الصلاة من مظانه يجنب الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها المصلون؟ وكيف يمكن تجنبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان أخطاء المصلين في الفتوى رقم:
3788.
أما كيفية اجتنابها فبالرجوع إلى الكتب التي بينت صفة الصلاة، وهذه المادة متوفرة في كتب الفقه المختلفة، ومن الكتب التي ألفت بخصوص هذا الموضوع "رسالة الصلاة" للشيخ عبد العزيز بن باز، وكتاب "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" للشيخ الألباني رحمهما الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(11/7023)
ماهية كف الثوب المنهي عنه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (أمرت أن أسجد على سبع وألا أطوي ثوبا ولا أكف شعرا) ونحن في أثناء أوقات العمل نطوي سراويلنا حتى نتجنب الإسبال عند الصلاة فهل ما نقوم به صحيحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعروف في رواية الحديث المشار إليه في السؤال لفظ: ولا أكف ثوباً ولا شعراً. وورد بلفظ: ولا أكفت. ولا نعرفه بلفظ وألا أطوي. هذا ما لزم التنبيه عليه أولاً.
وأما عن حكم المسألة: فإن الإسبال منهي عنه في الصلاة وخارج الصلاة، كما صحت بذلك الأحاديث الكثيرة، فإذا رفع المصلي ثوبه عن حد الإسبال حال الصلاة لم يكن داخلاً في النهي عن كف الثوب في الصلاة الذي ورد فيه الحديث، لأنه مأمور بهذا الكف في الصلاة وخارجها.
وقد نص بعض أهل العلم على أن الكراهة في كف الثوب في الصلاة إنما تحصل إن كان هذا الكف لغير حاجة، فإن كان لحاجة فلا كراهة.
قال صاحب روض الطالب من الشافعية: (ويكره للمصلي ضم شعره وثيابه لغير حاجة) . انتهى كلامه رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(11/7024)
الالتفات في الصلاة وتغميض العينين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي في الخشوع، هل إذا أغمضتَ عيني في الصلاة يعتبر هذا التفاتاً (أي الالتفات الذي يقول رب العزة للملتفت في صلاته أإلى خير مني) ؟ وجزاكم الله خيراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور في السؤال حديث ضعيف، ذكره الهيثمي في مجوع الزوائد فقال: " وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام الرجل في الصلاة، أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت، قال: يا ابن آدم، إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني! أقبل، فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك، فإذا التفت الثالثة، صرف الله تبارك وتعالى وجهه عنه. قال الهيثمي رواه البزار وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي أجمعوا على ضعفه". انتهى، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة.
وقد روي هذا الحديث بعدة ألفاظ متقاربة كلها ضعيفة، لكن صح عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. رواه البخاري.
قال في سبل السلام: (هو دليل على كراهة الالتفات في الصلاة، وحمله الجمهور على ذلك إذا كان التفاتاً لا يبلغ استدبار القبلة بصدره، وإلا كان مبطلاً للصلاة) . انتهى
أما تغميض العينين في الصلاة، فلا يُعد التفاتاً، ولا يدخل ضمن الحديث الذي ذكرناه في النهي عن الالتفات في الصلاة، ولم يُرو عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح في النهي عن تغميض العينين في الصلاة، لكن ورد في ذلك آثار عن السلف، بنى العلماء عليها قولهم بكراهة تغميض العينين في الصلاة، قال البيهقي في سننه: (وروينا عن مجاهد وقتادة أنهما كان يكرهان تغميض العينين في الصلاة، وروي فيه حديث مسند، وليس بشيء) . انتهى
وقال الشربيني في مغني المحتاج: (وقد ورد في النهي عنه -يعني تغميض العينين في الصلاة- حديث ضعيف، كما أشار إليه البيهقي.) انتهى
وقد ضعف الحديث الوارد فيها الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزياداته، وقد سبق بيان حكم تغميض العينين في الصلاة في الفتوى رقم:
7040.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/7025)
تطويل الركعة الثانية على الأولى خلاف السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلي أن يأتي في الركعة الثانية بسورة أطول وأسبق في ترتيب المصحف من السورة التي أتى بها في الركعة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة في الصلاة تطويل الركعة الأولى على الثانية، ولا ينبغي تطويل الثانية على الأولى، لا سيما التطويل الفاحش، ومن فعل ذلك صحت صلاته لكنه خالف السنة.
وأما قراءة غير الفاتحة في ركعتي الصلاة بغير ترتيب المصحف، فقد كرهه بعض أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 2162.
قال النووي في المجموع: والأولى أن يقرأ على ترتيب المصحف، سواء قرأ في الصلاة أم خارجها. انتهى
ومن نكس القراءة صحت صلاته بلا خلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/7026)
أقوال العلماء في موضع النظر حال الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهو مكان النظر في الصلاة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تبارك وتعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة:144] .
وقد اختلف العلماء في موضع النظر حال الصلاة مع إجماعهم على اشتراط التوجه للقبلة،
فذهب المالكية إلى أن المصلي يستحب له أن ينظر قبالة وجهه حسب سمته المعتدل، فلا يرفع ولا يطأطئ رأسه.
وذهب غيرهم إلى أنه يستحب أن يكون نظر المصلي إلى موضع السجود، لما روى ابن سيرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره في السماء، فنزلت الآية: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:2] فطأطأ رأسه. رواه البيهقي وسعيد بن منصور، وزاد: وكانوا يستحبون للرجل ألا يجاوز بصره مصلاه.
وذهب شريك بن عبد الله القاضي إلى أن النظر في القيام إلى موضع السجود، وفي الركوع إلى موضع القدمين، وفي السجود إلى موضع أنفه، وفي القعود إلى حجره.
واتفقوا على كراهة الالتفات ورفع البصر، لما رواه البخاري عن عائشة مرفوعاً: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
أما الالتفات لحاجة فلا كراهة فيه إن كان خفيفاً، لما في الموطأ وغيره من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في صلاة أبي بكر بالناس في غياب النبي صلى الله عليه وسلم.. وفيه وكان أبو بكر لا يتلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس عليه من التصفيق التفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه أن امكث مكانك، قال النووي: فيه جواز الالتفات للحاجة. واتفقوا على أن الالتفات المؤدي إلى استدبار القبلة أنه مبطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/7027)
حكم كف الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن كف الثوب أو الشعر وفهمت أن المقصود هو ثني أكمام القميص مثلاً فهل هذا صحيح؟ وهل هو قاصر على الصلاة فقط؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كف الثوب والشعر ورد النهي عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين، والمقصود بذلك النهي عنه في الصلاة، لذلك ترجم عليه البخاري: لا يكف ثوبه في الصلاة.
وليس المقصود النهي عن ذلك مطلقاً.
ويدخل في النهي فعله قبل الصلاة، ونسبه القاضي عياض إلى الجمهور، ومما يدل على النهي عنه، ولو قبل الصلاة ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه، فقام فجعل يحله، فالظاهر أن عبد الله ابن الحارث فعل ذلك قبل الصلاة ثم دخل فيها.
وثني أكمام القميص يدخل في ذلك لأنه داخل في مسمى الكف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(11/7028)
الالتفات في الصلاة بين الكراهة والإباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب سرقة الأحذية بمسجد مدينتنا كلف الإمام شخصاً بحراسة الأحذية أثناء الصلاة وذلك برجوعه إلى آخر المسجد وتحريك عينيه دون رأسه أليست هذه الالتفاتة تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الإمام النووي رحمه الله في المجموع: (أجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة، وغض البصر عمّا يُلهي، وكراهة الالتفات في الصلاة، وتقريب النظر وقصره على ما بين يديه) . ا. هـ
إلا إنه يجوز الالتفات لحاجة، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً، ولا يلوي عنقه خلف ظهره" رواه الترمذي بإسناد صحيح.
وفي مسلم عن جابر قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، فالتفت إلينا فرآنا قياماً، فأشار إلينا ... فإذا لم تكن حاجة فالالتفات مكروه، لما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلفت في الصلاة، فقال: "اختلاس يختلسه الشيطان من العبد".
والالتفات المكروه هو ما لم يصل إلى حد استدبار القبلة، فمن استدار بجملته عن القبلة فسدت صلاته.
وذهب بعض العلماء كالزيلعي والباقاني إلى أن المصلي لو نظر بمؤخر عينه يمنة ويسرة من غير أن يلوي عنقه، فإن ذلك مباح.
وصرح الشافعية بجواز اللمح بالعين دون الالتفات وقالوا: لا بأس به، واستدلوا: "بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ أصحابه في صلاته بموق عينيه" رواه الترمذي، وصححه الحاكم وابن القطان.
ولعل هؤلاء يقصدون بالإباحة هنا خلاف الأولى، فالأولى للمصلي قصر بصره على ما بين يديه إلا لحاجة كما بينَّا.
ومما سبق تعلم أن الالتفات إذا لم يصل إلى حد استدبار القبلة لا تبطل به الصلاة، وغايته أنه مكروه، لكن يأتي على هذا الفعل أن ذاك الحارس يبقى مشغولاً بالأحذية عن مناجاته لربه في صلاته وهذا فيه ما فيه من عدم حضور القلب ونقص الخشوع وهما أمران مطلوبان في الصلاة بل صلاة المرء على قدر ما عقل منها، كما أن ذاك الحارس يلزم من حراسته لتك الأحذية أن ينفرد بالصلاة في مؤخرة المسجد وهو منهي عنه لما رواه أحمد عن زياد بن أبي الجعد رضي الله عنه "أن رجلاً صلى خلف الصف وحده فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد صلاته" والحديث قال عنه الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، لذا ننصح بالبحث عن وسيلة أخرى مناسبة للحفاظ على الأحذية من السرقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/7029)
أقل أحوال التكفيف الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التكفيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالتكفيف: كف الثوب أو الشعر في الصلاة، فقد ورد بذلك النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أُمِر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعراً ولا ثوباً: الجبهة، واليدين، والركبتين، والرجلين" متفق عليه.
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (2/258) : وظاهره أن ترك الكف واجب بحال الصلاة لا خارجها، ورده القاضي عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور، فإنهم كرهوا ذلك للمصلي، سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها.
قال الحافظ: واتفقوا على أنه لا يفسد الصلاة. انتهى.
فعلى هذا يكون أقل أحواله الكراهة، لأنه ورد النهي عنه.
وقد سبقت الإجابة على هذا الموضوع برقم: 17710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/7030)
حكم صلاة الحاقن
[السُّؤَالُ]
ـ[من كان في الصف الأول وأحس بوجود ألم في البطن ويستطيع أن يتحمله وفي نفس الوقت هناك ريح يريد أن يخرج منه ويستطيع مدافعته حتى نهاية الصلاة فهل يدافع؟ أم يخرج الريح ويخرج من الصلاة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مدافع الأخبثين يُسمى بالحازق، والأخبثان هما: البول، والغائط.
وقيل: الحازق مدافع الريح فقط، ومدافع البول فقط يُسمى: بالحاقن، ومدافع الغائط ُيسمى: بالحاقب، كما ذكره ابن عابدين في رد المحتار.
ومذهب الشافعية والحنابلة كراهة ابتداء الصلاة وهو يدافع الأخبثين أو أحدهما، فإن خاف فوات الوقت صلى على حاله.
قال ابن مفلح في الفروع: (ويكره ابتداؤها مع مدافعة الأخبثين) . ا. هـ
وقال في المغني: (إذا كان حاقناً كُرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته، سواء خاف فوات الجماعة أو لم يخف) . ا. هـ
فإن صلى دون أن يقضي حاجته صحت صلاته مع الكراهة، وإنما قلنا بصحة صلاته هنا وهو الراجح، لأن النهي هنا تعلق بفوات فضيلة لا فريضة.
قال عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام: (أن يُنهى عن الشيء لفوات فضيلة في العبادة فلا يقتضي الفساد، كالنهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين، فإنه يُنهى عن ذلك لما فيه من تشويش الخشوع، ولو ترك الخشوع عمداً لصحت الصلاة) . ا. هـ
وقال النووي في المجموع: (والمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء صحة صلاته مع الكراهة) . ا. هـ
ومذهب الحنفية: الكراهة مطلقاً، وهي كراهة تحريم عندهم، سواء كان قبل ابتداء الصلاة أو في أثنائها، وعليه أن يخرج عندهم من الصلاة إن عرض له فيها وشغله عنها، إلا إذا خاف فوات الوقت، فإن أتمها صحت وأثم.
قال ابن عابدين في رد المحتار: (قال في الخزائن: سواء كان بعد شروعه أو قبله، فإن شغله قطعها، إن لم يخف فوات الوقت، وإن أتمها أثم.) ا. هـ
ومذهب المالكية كمذهب الشافعية والحنابلة في الجملة، إلا أنهم يقولون: إذا وصل الحاقن إلى حد لا يقدر معه على الإتيان بالفرض أصلاً، أو يأتي معه لكن بمشقة، فإنه يُبطل الصلاة.
قال الخرشي في شرح مختصر خليل: (أو أتى به على حالة غير مرضية بأن يضم وركيه أو فخذيه، ولا يأتي بالصلاة إلا بصعوبة شديدة. واعلم أن محل بطلانها بالشغل إذا دام، وأما إذا حصل ثم زال فلا إعادة) . ا. هـ
والراجح -والله أعلم- هو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو: صحة صلاة الحاقن مع الكراهة، إلا إذا أدى الحقن إلى فوات ركن أو واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/7031)
لا يكف ثوبه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال هو: هل تجوز الصلاة مع عكف (طي) كم القميص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة مع كفت الكم صحيحة، إلا أنه يكره للمصلي في حالة الاختيار أن يكف ثوبه، لما ثبت في البخاري وغيره من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُمرنا أن نسجد على سبعة أعظم، ولا نكف ثوباً ولا شعراً".
وترجم له البخاري باب لا يكف ثوبه في الصلاة وذكر الحديث.
وجمهور العلماء على أن هذا النهي للكراهة، وأن الصلاة معه صحيحة، وسواء فعل ذلك في الصلاة أو قبل أن يدخل فيها.
انظر فتح الباري 2/383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(11/7032)
اتفق العلماء على النهي عن الصلاة مشمرا كمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في تشمير كم الثوب في الصلاة والرجاء شرح الحديث الخاص بقول النبي صلي الله عليه وسلم: (أمرت ألا أكفف ثوباً في الصلاة) وإذا كنت أرفع كم الثوب قبل دخولي الصلاة فهل يلزمني إنزال الكم عند دخولي الصلاة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تشمير الثوب أو كفت الكم في الصلاة مكروه، والدليل هو الحديث الذي أشار إليه السائل ونصه هو: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب ولا الشعر" أخرجه الشيخان وأصحاب السنن إلا الترمذي عن ابن عباس.
وفي لفظ: "ولا أكف ثوباً ولا شعراً" وقال شراح الحديث كـ الطيبي والمناوي: لا نكفت: لا نضم ولا نجمع الثياب عند الركوع والسجود للصلاة، وقالوا: النهي عن كفها للكراهة لا للتحريم.
ويقول الإمام النووي عند كلامه على هذا الحديث: (اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمراً وكمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء) .
وقد نهى الإمام أحمد رجلاً كان إذا سجد جمع ثوبه بيده، وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: (ويكره له أيضاً عقص شعره وكف ثوبه وتشمير كمه ولو لعمل قبل الصلاة لحديث (ولا أكف ثوباً ولا شعراً) انتهى.
وبهذا يعلم السائل أنه لا ينبغي له رفع كم ثوبه عند إرادة الصلاة للنهي عن ذلك، ولو صلى رافعاً كم ثوبه فصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1423(11/7033)
حكم صلاة من نظر إلى صحيفة وقرأ ما فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القراءة أثناء الصلاة من صحيفة أو مجلة أمام المصلي سهوا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نظر وهو في صلاته إلى صحيفة أو غيرها وقرأ ما فيها في نفسه دون لفظ، فقد أتى مكروهاً، لأن هذه القراءة شغل بغير ما شرع في الصلاة، وصد عن الخشوع المطلوب فيها.
وأما إذا تلفظ بما رآه في الصحيفة عامداً وهو يعلم أنه في الصلاة، وأن الكلام فيها محرم، فإنه قد بطلت صلاته بالإجماع، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قدامة وغيرهما.
وأما إذا تلفظ بما رأى سهواً، فقد اختلف أهل العلم في بطلان صلاته، فذهب الجمهور إلى بطلان صلاته. قال الشوكاني في (نيل الأوطار) : (قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامداً وهو لا يريد إصلاح صلاته أن صلاته فاسدة، واختلفوا في كلام الساهي والجاهل، وقد حكى الترمذي عن أكثر أهل العلم أنهم سووا بين كلام الناسي والعامد والجاهل، وإليه ذهب الثوري وابن المبارك حكى ذلك الترمذي عنهما وبه قال النخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وهو إحدى الروايتين عن قتادة وإليه ذهبت الهادوية.
وذهب قوم إلى الفرق بين كلام الناسي والجاهل، وبين كلام العامد، وقد حكى ذلك ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عباس وعبد الله بن الزبير ومن التابعين عن عروة بن الزبير وعطاء ابن أبي رباح والحسن البصري وقتادة في إحدى الروايتين عنه، وحكاه الحازمي عن عمرو بن دينار، وممن قال به مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر وحكاه الحازمي عن نفر من أهل الكوفة، وعن أكثر أهل الحجاز وأكثر أهل الشام، وعن سفيان الثوري وهو إحدى الروايتين عنه، وحكاه النووي في شرح مسلم عن الجمهور.
ثم ذكر الشوكاني حجج الفريقين ورد كل فريق على الآخر، فراجعه إن شئت.
والراجح عندنا من القولين هو الثاني لقوة أدلته وصراحتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(11/7034)
تستحب الصلاة في أجمل الملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بلباس العمل إن كان اللباس متسخا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المطلوب من المصلي والأكمل له هو أن يأتي الصلاة على أحسن هيئاته، وفي أجمل ملابسه، لقول الله عز وجل: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف:31] ، ومع ذلك لو صلى بملابسه الطاهرة المتسخة فلا إثم عليه، وصلاته صحيحة.
إلا أنه يتأكد في حقه تبديل ملابسه إذا كان يصلي في المسجد، منعاً للأذى اللاحق للمصلين بانبعاث الرائحة الكريهة ونحوها، ولا مشقة في هذا، إذ يمكنه تخصيص ثوب لذلك، ويأخذه إلى محل العمل ليلبسه هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(11/7035)
كانت تداوم على افتراش ذراعها في السجود جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ظللت مدة طويلة أصلي وأنا لاصقة يدي بالأرض (الرسغ على الأرض) ولم أكن أعرف أنه مكروه للصلاة.. والآن ماذا أفعل بكل الصلوات التي صليتها وأنا هكذا وهي لا تعد ولا تحصى (أحصاها الله سبحانه وتعالى فقط) ؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك التي مضت صحيحة -والحمد لله- ونسأل الله تعالى أن يقبلها وأن يبارك فيها، وغاية ما وقع منك هو فعل مكروه من مكروهات الصلاة لا يوجب إعادتها ولا يبطل ثوابها ولا يؤثر على صحتها؛ خاصة وأنت تجهلين حكم هذا الفعل، وقد ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" رواه الشيخان وأصحاب السنن. وفي رواية "ولا يفترش ".
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
" (ومعناهما واحد، كما قال ابن المنير وابن رسلان: أي لايجعل ذراعيه على الأرض كالفراش والبساط. قال القرطبي: ولا شك في كراهة هذه الهيئة، ولا في استحباب نقيضها) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(11/7036)
أقوال العلماء في الالتفات في الصلاة والتجشؤ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم الصلاة وراء إمام يلتفت في الصلاة ويتجشأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على كراهة الجشاء، ما لم يغلب فإن غلب فلا كراهة فيه، وأما الالتفات فمكروه غير محرم ولا يفسد الصلاة عند أهل المذاهب الأربعة، وإليك تفصيلاتهم:
فمذهب الحنفية: أن تحويل الوجه كله أو بعضه مكروه لا يفسد الصلاة.
ومذهب المالكية: أن الالتفات يميناً أو شمالاً ولو بجميع جسده لا يبطل الصلاة ما بقيت رجلاه للقبلة.
ومذهب الشافعية: أن المصلي إن تحول بصدره عن القبلة بطلت صلاته وإن لم يتحول لم تبطل، لكن إن كان لحاجة لم يكره، وإلا كره كراهة تنزيه.
ومذهب الحنابلة: كراهية الالتفات لغير حاجة، فإن كان لحاجة لم يكره، وإن التفت بوجهه وصدره فمكروه لا يبطل الصلاة، وتبطل الصلاة إن استدار بجملته.
دليل الكراهة ما رواه البخاري، والترمذي، والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" ومن هذا يتضح جلياً أن صلاة هذا الإمام صحيحة ومن صحت صلاته لنفسه صحت صلاة الناس خلفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(11/7037)
العلة في نهي المصلي وغيره أن يبزق أمامه أو عن يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يبزق أثناء القيام في الصلاة عن يساره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبزاق هو ماء الفم إذا خرج منه، فإن كان بداخله فهو الريق، وفعل ذلك في الصلاة جائز إن احتاج إليه المصلي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا كان في الصلاة فإنما يناجي ربه، فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه" رواه البخاري، وفي رواية أخرى: "أو تحت قدمه اليسرى". وهذا يدل على جواز ذلك بشرط أن يكون على اليسار، أو تحت القدمين، ولا يكون عن يمينه، ولا أمامه بين يديه، هذا إذا كان خارج المسجد، أما إذا كان داخل المسجد فيزيد عليها حكم آخر، وهو وجوب دفنها بعد إخراجها من الفم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" رواه البخاري، أي خطيئة لمن لم يرد دفنها، هذا إذا لم يكن المسجد يتلوث ببزاقه، أما إذا كان يتلوث ببزاقه كالمساجد المبلطة والمفروشة بالبسط وأنواع الفُرش المختلفة، فلا يجوز البزاق فيها بحال، لأنه لا يمكن دفنها، ويتأذى الناس بها حتى بعد تنظيفها، ولربما كانت سبباً في نقل الأمراض بين الناس، ويتقيد هذا الحكم أيضاً بما إذا لم يكن عن يساره أحد، فإن كان عن يساره أحد فليبزق تحت قدميه، أو في أطراف ثيابه، أو في منديله.
والحكمة في ذلك، بينتها رواية البخاري الأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فلا يبصق أمامه، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه، فإن عن يمينه ملكاً، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه فيدفنها". وهل يختص هذا النهي بالصلاة؟ أم أنه عام فيها وخارجها؟ قولان للعلماء: أرجحهما -والله أعلم- أنه لا يجوز داخل الصلاة وخارجها تكريماً لليمين، لكنه في داخل الصلاة أشد، وقد جزم بذلك النووي كما نقله عنه ابن حجر في الفتح، وممن قال بهذا ابن مسعود ومعاذ بن جبل وعمر بن عبد العزيز
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/7038)
حكم الصلاة على السجاد المحتوي على صور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وأعانكم الله.
لدي سجَادة عليها صورة طائر وسجادة ثانية عليها صورة الكعبة الشريفة, فهل يجوز الصلاة عليهما شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم تصوير ذوات الأرواح من إنسان وحيوان وطير، لأدلة كثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم:
13282 وينبغي للمصلي أن يتحرى بصلاته مكاناً خالياً من التصاوير، لما ثبت من أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة. متفق عليه.
وقد صرح فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية بكراهة الصلاة على بساط فيه صورة، واتفقوا على الكراهة إذا كانت الصورة في القبلة، لأنه يشبه سجود الكفار لأصنامهم.
وأما ما رسم عليه صورة الكعبة فلا حرج في الصلاة عليه، إلا أن تكثر ألوانه وزخارفه فيكره، لما فيه من شغل الفكر وإذهاب الخشوع، لما في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي
قال النووي رحمه الله: (فيه الحث على حضور القلب في الصلاة وتدبر ما ذكرناه، ومنع النظر إلى ما يشغل، وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به، وكراهية تزويق محراب المسجد، وحائطه ونقشه، وغير ذلك من الشاغلات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(11/7039)
القول الراجح في صلاة من خرج منه دم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت أصلي لاحظت في الركعة الأخيرة قطرة من الدم على أنفي ولكنها لم تسقط بسبب النزيف، فأتممت صلاتي ولكن لست متأكداً من هذا العمل؟ هل الذي فعلت صحيحاً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسير الرعاف لا يبطل الصلاة، بل نقل الباجي عن القاضي أبي محمد إجماع الصحابة على عدم بطلان الصلاة بالرعاف مطلقاً.
وإذا كان الواقع ما ذكرت، فصلاتك صحيحة، ولا إعادة عليك، لأن الذي ذكرت أنه خرج من أنفك يسير، فلا يعتبر نجاسة تبطل الصلاة، ولا دماً متفاحشا ينقض الوضوء عند من يقول بذلك، مع أن الراجح، والذي عليه أكثر أهل العلم أن الدم الخارج من غير المخرج المعتاد، لا ينقض الوضوء، ولو كان كثيراً.
وينبغي لمن رعف داخل الصلاة أن يزيل ما تجمع في أنفه من الدم أولاً بأول.
ففي الموطأ عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال: "رأيت سعيد بن المسيب يرعف، فيخرج منه الدم، حتى تتخضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه، ثم يصلي، ولا يتوضأ".
وعن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج من أنفه الدم حتى تتخضب أصابعه، ثم يفتله، ثم يصلي".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(11/7040)
اجتناب ما يشغل عن الصلاة ... لا يعد تنطعا
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأنا ذات مرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على بساط أو فراش بها تصاوير وبعد الانتهاء من الصلاة قال إنها ألهته في صلاته، ومن هنا أصبحنا نفرش على السجادات المخصصة للصلاة فرشة بيضاء أو أي شيء سادة ليس به زخارف لأن قلوبنا ليست أنقى من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم والسؤال هل في هذا العمل تنطع أو تشدد علما بأننا لا نرغم أحدا على أن يفعل مثلنا ولكننا دائما نواجه باستفسارعن سبب ما نفعل فنوضح الأمر وهناك الكثيرمن الأخوات يقلدننا والسؤال مرة أخرى هل فيما نفعل تشدد علما بأننا نحرص على اتباع السنة وجزيتم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي".
والخميصة: كساء مربع له علمان، والأنبجانية: كساء غليظ لا علم له.
قال الحافظ ابن حجر: (ويستنبط منه كراهية كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش ونحوها) .
وقد أحسنتم في عدم الصلاة على السجادات المنقوشة، ويمكنكم شراء سجادة لا رسوم ولا نقش فيها، فهذا أيسر من تكلف فرش شيء آخر فوق السجادة عند كل صلاة، وأدعى لقبول الناس وتفهمهم لما تفعلون، ومع هذا، فإن حرص الإنسان على حضور قلبه في الصلاة، واجتناب ما يشغله فيها لا يعد تنطعا بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1422(11/7041)
حكم من طرأ عليه مدافعة الأخبثين أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من دافعته الريح وهو في الصلاة أو دافعه البول أو الغائط في الصلاة هل تفسد صلاته علما بأنه كان قبل الصلاة لا يدافعه وإنما أتاه وهو في وسط الصلاة هل ينطبق عليه الحديث لا صلاة لمن يدافعه الاخبثان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بحضرة طعامٍ، ولا هو يدافعه الأخبثان".
والأخبثان: البول والغائط، ويلحق بهما ما كان في معناهما مما يشغل القلب، ويذهب كمال الخشوع، كمدافعة الريح مثلاً.
وقد نص جمهور أهل العلم - بناءً على هذا الحديث - على كراهة ابتداء الصلاة والدخول فيها لمن كان يدافعه الأخبثان، وما في معناهما، فإن صلى وهو مدافع فصلاته صحيحة، وحملوا النفي الوارد في الحديث على نفي الكمال، وليس نفي الصحة، بدليل الإجماع على صحة صلاة من صلى بحضرة الطعام إذا أكمل أركان الصلاة وواجباتها، فكذلك المدافع للأخبثين إذا أكملها.
أما من طرأت عليه المدافعة أثناء الصلاة، فلا حرج عليه، كما هي الحال بالنسبة لك، وعلى ذلك فصلاتك صحيحة إن شاء الله - من غير كراهة - ولا ينطبق على ما حصل لك مضمون الحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(11/7042)
تكره الصلاة في الثوب إذا لم يكن على الكتف منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة المفتين أسأل هل تصح صلاة الرجل وأكتافه مكشوفة مع العلم أني أعلم أنه لايجوز كشف الكتفين أثناء الصلاة في الحج أو العمرة وإذا كان هناك فرق بين الصلاة في العمرة والحج والصلوات في غير الحج والعمرة من حيث كشف الكتف أو تغطيته فأفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أولاً أنه لا فرق بين الصلاة في الحج والصلاة في غير الحج، بالنسبة لما ذكره من الكشف عن الكتف أو الكتفين.
أما حكم ذلك في الصلاة عموماً فهو أن العلماء اختلفوا في إجزاء صلاة من صلى في ثوب واحد ليس على عاتقيه منه شيء، وعدم إجزائها. فقال الجمهور: إنها مجزئة مع الكراهة، وقال الإمام أحمد في رواية عنه والظاهرية: إنها غير جائزة وغير مجزئة، وعنه في رواية أخرى أنها مجزئة غير جائزة. وسبب اختلافهم هنا هو اختلافهم في فهم المراد من النهي الثابت في الحديث -الآتي ذكره قريباً- فالجمهور حملوا النهي على الكراهة، جمعاً بين الحديث وبين أحاديث أخرى تدل على جواز الصلاة في الثوب الواحد من غير أن يكون منه شيء على العاتق. والإمام أحمد ومن وافقه حملوا النهي على التحريم وقالوا: إن النهي ما دام للتحريم فهو يقتضي الفساد. ولعل قول الجمهور أولى بالاعتبار لجمعه بين مدلولات الأحاديث. والحديث المشار إليه في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء" ومما جعل الجمهور يحملون هذا الحديث على الكراهة، جملة أحاديث تدل على الصلاة في الثوب الواحد من غير ذكر لجعل شيء منه على العاتق.
من ذلك ما في الصحيحين عن سعيد بن الحارث قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فجئت ليلة لبعض أمري فوجدته يصلي وعليَّ ثوب واحد، فاشتملت به وصليت إلى جانبه، فلما انصرف قال: ما السرى يا جابر؟ فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: "ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ "قلت: كان ثوب يعني ضاق. قال: "فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فأتزر به" ومن ذلك أيضاً ما في المسند عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: إذا لم يكن للرجل إلا ثوب واحد فليأتزر به ثم ليصل، فإني سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ذلك، ويقول: لا تلتحفوا بالثوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود. قال نافع: ولو قلت لك إنه أسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجوت أن لا أكون كذبت. وقد حسن إسناده أبو عبد الله المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة.
وقد فصل النووي رحمه الله تعالى هذه المسألة في شرحه لحديث أبي هريرة المتقدم فقال: قال: مالك وأبوحنيفة والشافعي رحمهم الله تعالى والجمهور: هذا النهي للتنزيه لا التحريم، فلو صلى في ثوب واحد ساتر لعورته، ليس على عاتقه منه شيئ صحت صلاته مع الكراهة، سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا. وقال أحمد وبعض السلف رحمهم الله: لا تصح صلاته إذا قدر على وضع شيء على عاتقه إلا بوضعه، لظاهر الحديث. وعن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رواية أنه تصح صلاته، ولكن يأثم بتركه، وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه: " فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فأتزر به" رواه البخاري، ومسلم في آخر الكتاب في حديثه الطويل.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/7043)
حكم الصلاة على السجاد المشتمل على تصاوير أو صلبان ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بالحي الذي أسكنه مسجد تقام فيه جميع الصلوات ولكن بعض الفرش والبسط التي بالمسجد توجد عليها كلمات مكتوبة باللغة الإنجليزية مثل كلمة (sex) وكذلك بعض الرسوم التخطيطية مثل الصليب المعكوف النازي والصليب العادي وكذلك رسوم لبعض الإشارات الإباحية بأشكال هندسية معينة فهل تجوز الصلاة على مثل هذه الفرش وما هوالحل لمثل هذه المشكلة علما أنني تحدثت مع اللجنة المشرفة على المسجد ولكن لاحياة لمن تنادي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوجود الصليب في الثياب، أو الستور، أو البسط ونحوها مكروه عند جمهور أهل العلم، وذهب الحنابلة في وجه لهم إلى التحريم، وهو الذي صوبه المرداوي في الإنصاف قائلاً: (يكره الصليب في الثوب ونحوه على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر نقل صالح. قلت: وهو الصواب) . انتهى.
وما صوبه المرداوي هو الراجح، لما أخرجه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه".
والقضب: القطع.
وقولها: (شيئاً) يشمل الملبوس والمستور والفرش وغيرها.
وأخرج أحمد عن أم عبد الرحمن بن أذنية قالت: كنا نطوف مع عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فرأت على امرأة برداً فيه تصليب، فقالت أم المؤمنين: "اطرحيه اطرحيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى نحو هذا في الثوب قضبه".
وأخرج ابن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان يحرق ثوباً فيه صليب، ينزع الصليب منه.
ويلحق بحكم الصليب هنا كل ما كان شعاراً لأهل الكفر، أو الفسوق ونحوها من الإشارات والكلمات الدالة على الكفر، أو المروجة للرذيلة للاشتراك في العلة الجامعة.
وإذا صلى المسلم بالثياب المحتوية على الصلبان، أو شعارات أهل الكفر أو الفسق مع وجود غيرها، فإنه عاص قطعاً، والراجح أن صلاته صحيحة، وتكره الصلاة في كل ما يلهي، ولو لم يكن مما مر، ومن صلى فالتهى به فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه، لما أخرجه البخاري ومسلم-واللفظ له- عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في خميصة ذات أعلام فنظر إلى أعلامها، فلما قضى صلاته، قال: "اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة وأتوني بأنبجانية فإنها ألهتني آنفاً في صلاتي".
قال النووي في المجموع: (وفي الحديث الحث على حضور القلب في الصلاة، وتدبر تلاوتها وأذكارها ومقاصدها من الانقياد والخضوع، ومنع النظر من الامتداد إلى ما يشغل، وإزالة كل ما يخاف إشغال القلب، وكراهة تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه، وغير ذلك من الشاغلات، وفيه أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر واشتغال قلب بغيرها، وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع) . انتهى.
وأخرج البخاري عن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي".
قال النووي في المجموع: (وأما الثوب الذي فيه صور، أو صليب، أو ما يلهي، فتكره الصلاة فيه، وإليه وعليه للحديث) . انتهى.
وقال ابن الأمير الصنعاني في سبل السلام: (وفي الحديث دلالة على إزالة ما يشوش على المصلي صلاته مما في منزله، أو في محل صلاته، ولا دليل فيه على بطلان الصلاة، ولأنه لم يرو أنه صلى الله عليه وسلم أعادها) . انتهى.
والحاصل أنا نوصيك بإرشاد القائمين على المسجد إلى إزالة كل ما يلهي المصلي في صلاته من نقوش في البسط ونحوها، أما ما كان فيها من صليب، أو شعار لأهل الكفر، أو الفسق، فإنه يلزمهم قضبها، أو طمسها، أو إزالتها لحرمة اتخاذها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/7044)
حكم صلاة المسبل إزاره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المسبل والصلاة خلفه وخلف المبتدع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإسبال مذموم على كل حال سواء كان في الصلاة أو كان خارجها، لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قلت: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا؟ فأعاد ثلاثاً. قلت من هم خابوا وخسروا؟ قال: "المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر" رواه مسلم.
وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار".
أما صلاة المسبل ثوبه فهي مجزئة عند جماهير العلماء مع الكراهة، ونصوا على أن الكراهة هي كراهة تحريم إذا كان ذلك للخيلاء، وأجابوا عما في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه من أنه قال: "بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره، إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ ثم جاء، ثم قال اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال له رجل يا رسول الله ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ فقال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره.
أقول- أجابوا عن هذا بأنه لا يصلح لأن يكون دليلاً على خلاف ما عليه الجمهور من إجزاء صلاة المسبل ثوبه لأمرين اثنين:
1- أن الحديث ضعيف كما نص على ذلك أئمة الحديث، ولذلك لم يحتج به ابن حزم لما ذهب إليه من أن صلاة المسبل غير مجزئة، وإنما استدل ببعض الآثار.
2- أنه على افتراض صحته فإن عدم القبول لا يعني -بالضرورة- عدم الإجزاء، فقد ثبت أن من أتى عرافاً لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، ومن شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، ومع ذلك لم يؤمر أحد منهما بالإعادة، مما يدل على أن الصلاة مجزئة، وإنما المنفي حصول الثواب والقبول الذين يحصلان للمتقين المطيعين. قال تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين) [المائدة:27] وبناء على ما تقدم فإن الراجح -إن شاء الله تعالى- هو ما عليه الجمهور من صحة صلاة المسبل. ويبنى على ذلك صحة الصلاة خلفه، وإن كان الأولى أن يصلي المسلم خلف الأتقى والأورع، ولكن إن صلى خلف مرتكب المعصية، والمتصف بالبدعة غير المكفرة فالصلاة صحيحة، وقد صلى جماعة من الصحابة خلف الحجاج وغيره.
ثم إنه لو كان المرء مطالباً بأن لا يصلي إلا خلف الأتقى الأورع، لكان لزاماً عليه أن يبحث -كلما أراد أن يصلي - عن حال من يصلي خلفه. ولا يخفى ما في ذلك من المشقة الزائدة والحرج الشديد، والله جل وعلا يقول: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1422(11/7045)
تغميض العينين أثناء الصلاة جائز إذا كان أنفع للمصلي وأجمع لقلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً يغمض المرءُ عينيه أثناء الصلاة فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة تغميض العينين في الصلاة، لما رواه الطبراني في الكبير والأوسط وابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه" وعللوا ذلك بأنه مظنة النوم، وبأن السنة أن يرمي المصلي ببصره إلى موضع سجوده، وفي التغميض ترك لتلك السنة، كما عللوه بأن كل عضوٍ وطرف ذو حظ من هذه العبادة، وحظ العين منها النظر.
واستثنوا من ذلك التغميض لكمال الخشوع، بأن خاف فوت الخشوع بسبب رؤية ما يشوش الخاطر، فلا يكره حينئذ، بل قال بعضهم إنه الأولى.
ويجب التغميض إذا لزم من تركه فعل محرم، كنظرٍ محرمٍ لا طريق إلى الاحتراز عنه إلا بالتغميض،
ومن الفقهاء من لم يكره التغميض أصلا، قال الإمام النووي: "والمختار أنه لا يكره إذا لم يخف ضرراً، لأنه يجمع الخشوع، وحضور القلب، ويمنع من إرسال النظر، وتفريق الذهن، قال البيهقي وقد روينا عن مجاهد وقتادة أنهما كرها تغميض العينين في الصلاة، وفيه حديث قال: "وليس بشيء" ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1421(11/7046)
لا يكره للرجل عدم تغطية رأسه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تغطية الرأس أثناء الصلاة سنة؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تغطية الرأس في الصلاة بالنسبة للرجل ليست من سنن الصلاة، وسواء في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد. إلا أنه يستحب تغطيته لمن كان من عادته التجمل بها لقول الله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1421(11/7047)
بعض أخطاء المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصلاة الصحيحة،، وأرجو أن تبينوا لي أخطاء المصلين وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة الصحيحة الكاملة هي التي تشبه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب على المسلم أن يتعلم صفة صلاته صلى الله عليه وسلم ويطبق ذلك، ففي صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلوا كما رأيتموني أصلي " وأقل مجزئ من ذلك أن يحافظ المسلم على الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، فيغتسل إذا وجب عليه الغسل، ويتوضأ إذا وجب عليه الوضوء أو يتيمم في الحالة التي يكون ذلك هو الحكم الشرعي بالنسبة له، بأن يكون مريضاً يضره الوضوء أو فقد الماء، ويغسل جميع ذكره إذا خرج منه مذي. وعليه أن يحافظ على الطهارة من الخبث -أي النجاسات- في بدنه وثوبه والمكان الذي يصلي فيه. وأن يستر عورته ويستقبل قبلة المسلمين، وأن يحافظ على أداء الصلاة في وقتها الذي عينه الله تعالى لكل صلاة.
وأن يحافظ على إتمام الركوع والسجود والقيام، وأن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن،
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية من المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى ثم جاء فسلم، فقال وعليك السلام فارجع فصل فإنك لم تصل فقال في الثانية أو في التي بعدها: علمني يا رسول الله فقال: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر لك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها".
أما أخطاء المصلين فهي كثيرة وتختلف باختلاف الناس وبلدانهم، فتجد عند قوم أخطاء لا توجد عند آخرين، ومن الأخطاء الأكثر انتشاراً: التساهل في أمر الطهارة بنوعيها، وعدم إتمام الركوع والسجود، والعبث في الصلاة، وعدم الخشوع فيها، وعدم المحافظة عليها في الجماعة، إلى غير ذلك من الأخطاء الكثيرة، وننصحك بقراءة كتاب (القول المبين في أخطاء المصلين) وكتاب (المنظار في الأخطاء الشائعة) .
وكذلك كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ويجب على المسلم طلب العلم الشرعي الذي يعرف به ماذا يجب عليه لربه وما ينجيه من عذابه يوم القيامة ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه الطبراني عن ابن مسعود.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7048)
يكره للمصلي حمل ما يشغله عن الصلاة والخشوع كالجوال وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. وبعد، كثرت فى الفترة الأخيرة ظاهرة استخدام الهاتف النقال لظروف العصر مما جعل كثير من مستخدمى هذا الجهاز لا يفارقونه حتى حال دخولهم المساجد ولا يغلقونه أثناء الصلاة فكثيرا ما نسمع رنينه ونحن نصلى وقد سبب ذلك هيجان البعض من هذه الظاهرة واتهام من يتسببون فيها بأوصاف غير لا ئقة سؤالنا ما حكم الشرع فى ادخال الجهاز النقال الى المساجد.. أفيدونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن من نعم الله على عباده أن يسر لهم وسائل الاتصال من سيارات وبواخر وسفن وطائرات وهواتف هوائية وغير هوائية وصدق الله إذ يقول: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) [النحل:8] وهذه النعم تستحق الشكر، ومن تمام شكرها استخدامها في الخير والبعد بها عن الشر، ولا تكون هذه النعم سبباً للصد عن طاعة الله. وقد نص أهل العلم على أنه يكره للمصلي أن يحمل معه ما يشغله عن الخشوع ولئن كان المصلون يتأذون من هذه الأصوات المزعجة التي تصدرها هذه الهواتف فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بني آدم كما في صحيح مسلم. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم قارئ القرآن أن يخفض صوته حتى لا يشوش على قارئ آخر أو مصل آخر. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له فكشف الستور وقال: " ألا كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة في الصلاة" رواه الحاكم. فإذا كان هذا الحث على خفض الصوت لمن قرأ القرآن فما بالكم معاشر المسلمين بهذه المزعجات التي تذهب بالخشوع؟! ألا فليتق الله هؤلاء الذين يدخلون المساجد وهواتفهم مفتوحة تؤذي عباد الله. ومن أراد الدخول بها فليغلقها حتى لا تشوش على إخوانه والله ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7049)
الصلاة مع مدافعة الأخبثين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حبس الريح بعد الوضوء وأثناء الصلاة حيث يخرج منى الكثير وأعيد الصلاة مرات عديدة ولكنه لايستمر معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان " والأخبثان هما البول والغائط الريح والنهي عن الصلاة حال المدافعة مقيد بما إذا لم يخش فوات الوقت فلو خشي المصلي خروج الوقت قدم الصلاة ولو كان مدافعاً، ثم إن عليك أن تتنبه إلى أن خروج الريح هذا إذا كان ملازماً لك أكثر الوقت فإنه يعتبر بمثابة السلس والواجب في هذه الحالة أن يتوضأ المصاب به لكل صلاة عند دخول وقتها ويصليها وما تيسر له من النوافل إن شاء ولا يضره ما خرج في أثناء الصلاة إذ لو كلف الوضوء – والحالة هذه – لكان في ذلك حرج شديد والله جل وعلا يقول: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) ويقول: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1422(11/7050)
التثاؤب في الصلاة مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التثاؤب في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
التثاؤب له حالتان: الأولى: الحالة التي يكون فيها التثاؤب اختياريا وقد نص العلماء على كراهة التثاؤب في هذه الحالة، سواء كان في الصلاة أو خارجها إلا أنه في الصلاة أشد كراهة، لما فيه من عدم الاعتناء بالصلاة وعدم استحضار معاني ما يقرأ من قرآن أو ذكر أو دعاء، ولمنافاته للخشوع الذي عرفه العلماء بأنه: الخوف الناتج عن استشعار الوقوف بين يدي الله تعالى، وعلى من ابتلي بهذا أن يبادر إلى سد فمه ولو بيده، لقوله صلى الله عليه وسلم: " التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تثاءب أحدكم يضع يده على فيه" والحديث قال عنه الشيخ شعيب الأرناؤوط إسناده صحيح على شرط مسلم.
الثانية: التثاؤب الاضطراري، ولا شك أن المرء غير مكلف في هذه الحالة لأنها حالة اضطرار، إلا أنه مطالب فيها هي الأخرى بسد فمه للحديثين السابقين، ولا شك أن تكررها يؤذن بعدم استشعار مراقبة الله لأن التثاؤب من الشيطان. ولا مكان للشيطان في قلب مشغول صاحبه بمناجات ربه، يشعر صاحبه بأن الله يراقبه، وأنه عليم بذات الصدور، وهو الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7051)
مذاهب أهل العلم في الكلام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام وفي شهر رمضان وأثناء صلاة القيام بأحد المساجد المزدحمة داخل وخارج المسجد قال الإمام العبارة الآتية وأثناء القراءة ـ سجدة يا إخوان ـ ثم سجد سجود التلاوة، فهل الكلام بهذه الكيفية يبطل الصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في كون ما فعله هذا الإمام خطأ ظاهر، فإن الكلام في الصلاة مبطل لها مع العلم والعمد، والظاهر أن هذا الإمام كان جاهلا بالحكم، فإن كان جاهلا فصلاته وصلاة من خلفه صحيحة على الراجح وهو مذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد.
وأما إن كان عالما بالحكم فصلاته باطلة وتجب عليه التوبة إلى الله تعالى مما أقدم عليه.
والواجب على هذا الإمام وسائر من يتصدرون لإمامة المصلين أن يجتهدوا في التفقه في أمور دينهم، لئلا تقع منهم أمثال هذه المخالفات، وقد بين أهل العلم حكم الكلام في الصلاة وأنه مفسد لها مع العلم والعمد، والعلماء اختلفوا فيمن تكلم ناسيا أو جاهلا وهذا تفصيل مذاهبهم كما جاء في شرح المنتقى للشوكاني ـ رحمه الله:
ولا خلاف بين أهل العلم أن من تكلم في صلاته عامدا عالما فسدت صلاته، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامدا وهو لا يريد إصلاح صلاته أن صلاته فاسدة، واختلفوا في كلام الساهي والجاهل، وقد حكى الترمذي عن أكثر أهل العلم أنهم سووا بين كلام الناسي والعامد والجاهل وإليه ذهب الثوري وابن المبارك حكى ذلك الترمذي عنهما وبه قال النخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وهو إحدى الروايتين عن قتادة، وذهب قوم إلى الفرق بين كلام الناسي والجاهل، وبين كلام العامد وقد حكى ذلك ابن المنذرعن ابن مسعود وابن عباس وعبد الله بن الزبير، ومن التابعين عن عروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وقتادة في إحدى الروايتين عنه وحكاه الحازمي عن عمرو بن دينار، وممن قال به مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر، وحكاه الحازمي عن نفر من أهل الكوفة وعن أكثرأهل الحجاز وأكثر أهل الشام، وعن سفيان الثوري وهو إحدى الروايتين عنه، وحكاه النووي في شرح مسلم عن الجمهور ـ استدل الأولون ـ بحديث الباب وسائر الأحاديث المصرحة بالنهي عن التكلم في الصلاة وظاهرها عدم الفرق بين العامد والناسي والجاهل، واحتج الآخرون لعدم فساد صلاة الناسي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكلم في حال السهو وبنى عليه، كما في حديث ذي اليدين، واحتجوا لعدم فساد صلاة الجاهل بحديث معاوية بن الحكم ... ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره بالإعادة. انتهى.
والمعتمد عند الحنابلة عدم الفرق بين الناسي والجاهل والعامد في إفساد صلاة الكل بالكلام، وعن أحمد رواية أخرى بالفرق اختارها شيخ الإسلام وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(11/7052)
حكم ترك الركوع في صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك الركوع في صلاة النافلة، ماذا يترتب عليه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة النافلة تبطل بما يبطل صلاة الفريضة ولا فرق، والركوع ركن من أركان الصلاة، ومن ترك ركناً من أركان الصلاة عمداً فإن صلاته تبطل، ومن تركه سهواً فله صور، ولكل صورة منها حكم، وانظر التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 14544، وللمزيد من الفائدة انظر أركان الصلاة وواجباتها في الفتوى رقم: 12455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1430(11/7053)
مدى أثر وجود الكلب في البيت على الصيام والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي: هل يمكن أن أصوم وفي البيت كلب.أي هل يمكن أن يقبل الله صلاتي وصيامي وقيامي.علما أنه رغما عني؟ وهل وجود الكلب يمكن أن يمنع الملائكة أن تطوف من حولي عند تلاوتي للقرأن أوذكري لله عز وجل. لأني أسكن مع نصرانية بدلا عن أخي الذي يسكن معه أقارب لي ليسوا بمحارم لي. أريحوني جزاكم الله خيرا فإن الشيطان يهيئ لي أن الله لا يقبل مني شيئا. فأحيانا أقاومه وأحيانا لا. أفيدوني من فضلكم؟ أرجو منكم إجابتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود الكلب في البيت لا يبطل الصيام والصلاة، إلا أن وجود الكلب في البيت يمنع دخول الملائكة لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي طلحة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. انتهى. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان. رواه مالك والبخاري ومسلم واللفظ له.
وبما أن الأخ السائل لا حيلة له في إخراج الكلب فنرجو أن لا إثم عليه من جهة وجود الكلب، ولكن لا يجوز له أن يسكن هذه المرأة إن كان يترتب على سكنه معها خلوة، أو إطلاع على ما لا يجوز الاطلاع عليه. وقد قال صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة. متفق عليه. وفي رواية الترمذي وأحمد فإن الشيطان ثالثهما.وانظر للأهمية الفتوى رقم: 10327 عن حكم السكن مع أهل الكتاب في بيت واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(11/7054)
تذكر الإمام بعد الصلاة أنه لم يمسح رأسه في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[تذكر الإمام أنه لم يمسح رأسه في الوضوء بعد إكمال الصلاة. فما حكم صلاة المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تذكر الإمام بعد فراغه من الصلاة أنه لم يكن مسح رأسه في الوضوء فقد صلى محدثاً، والواجب عليه أن يعيد الوضوء كله ويعيد الصلاة، هذا إن قلنا بوجوب الموالاة في الوضوء. أو يعيد مسح الرأس وغسل الرجلين إن قلنا بعدم وجوب الموالاة في الوضوء، والأحوط الأول.
وأما المأمومون فصلاتهم صحيحة على الراجح.
قال ابن قدامة رحمه الله: إذا صلى الإمام بالجماعة محدثاً، أو جنباً، غير عالم بحدثه فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة فصلاتهم صحيحة، وصلاة الإمام باطلة. روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال مالك والشافعي. روي عن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح ثم وجد في ثوبه احتلاماً فأعاد ولم يعيدوا. وصلى عثمان رضي الله عنه بالناس صلاة الفجر فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة فأعاد الصلاة، ولم يأمرهم أن يعيدوا. وعن علي رضي الله عنه أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد، ولا آمرهم أن يعيدوا. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى بهم الغداة ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا. رواه كله الأثرم. انتهى.
هذا إن كان تذكر أنه لم يمسح رأسه كما ذكر في السؤال، أما إن كان مجرد شك هل مسح رأسه أم لا، فلا يلتفت إليه ما دام قد عرض له بعد العبادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/7055)
من وضع ورقة ليقرأ منها شيئا من أركان الصلاة أو السور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع ورقة بجانب المصلي مكتوب عليها كيفية الصلاة والسور التي يجب قراءتها أثناء الصلاة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أنه لا يجب قراءة شيء من السور في الصلاة سوى الفاتحة لحديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه. والأصل أن المصلي يقول أذكار الصلاة ويأتي بما وجب عليه فيها من حفظه دون استعانة بورقة أو غيرها، لأنه أقرب للخشوع وأدعى إلى استحضار أذكار الصلاة والتفكر في معانيها، وإن كان فعل هذا مما لا تبطل به الصلاة لأنه عمل يسير لم يتضمن مبطلاً من مبطلات الصلاة، وتأمل الخط المكتوب ونحو ذلك مما لا تبطل به الصلاة.
جاء في فقه السنة: وروى البخاري عن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أميطي قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي. وفي هذا الحديث دليل على أن استثبات الخط المكتوب في الصلاة لا يفسدها. انتهى.
وعليه فالذي ننصح به هو تجنب هذا الفعل لما تقدم، لكن من احتاج إلى ورقة ليقرأ منها شيئاً من أركان الصلاة وما لا تصح إلا به لكونه لا يحفظ ذلك فإن ذلك متعين في حقه واجب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/7056)
صلت بدون وضوء جديد بعد نزول الإفرازات المهبلية جهلا بأنها تنقض الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: أنا قديما لم أكن أعلم أن الإفرازات المهبلية تبطل الوضوء، والآن أنا أقضي هذه الصلوات لكن أصابني وسواس متعب، والآن تركت قضاء الصلوات لأنني أصبحت أتكاسل في الصلاة.
فهل قضاء الصلاة واجب أم مستحب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مسألة الصلوات التي صليتها مع وجود تلك الإفرازات الطبيعية، فإنها وإن كانت لا تصح لفقد شرط من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة، لكن بما أن هذا كان عن جهل فإنا نرى أنه لا يجب عليك قضاء ما صليته بذلك الوضوء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسيء في صلاته بتصحيح صلاته ولم يأمره بقضاء ما فات لجهله، وقد سبق أن نبهنا على ذلك في الفتويين رقم: 34109، 15551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(11/7057)
حكم الصلاة خلف من يبدل الذال زايا في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نحدد من هو أفضل للإمامة إذ إنني أعمل وسط مجموعة من الباكستان والهنود، ويوجد بينهم واحد ملتح ويقرأ القرآن بشكل جيد إلا أنه يلفظ حرف الذال: زاء. مثلا: صراط الذين. يلفظها: سراط الزين. أما بالنسبة لي أحاول أن أكون كما أمر الله عز وجل إلا أنني أخفف اللحية ولباسي هو بنطال وقميص، وأقرأ القرآن بطلاقة والحمد لله وأحفظ من القرآن شيئا ليس الكثير؟
وشكرا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحب أن ننصحك أولا بشأن تخفيفك من اللحية، فإن تقصير اللحية إلى حد يشبه الحلق لا ينبغي لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية.
وأما بشأن سؤالك فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأولى بالإمامة بيانا شافيا في قوله: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا. رواه مسلم.
واعلم أن الصلاة خلف من يبدل حرفا بحرف في الفاتحة لا تجوز عند الجماهير من أهل العلم كما ذكرنا أقوالهم مستوفاة في هذه المسألة في الفتوى رقم: 113626
ومن ثم فلا تجوز الصلاة خلف هذا الإمام الذي يبدل الذال زايا في الفاتحة، والأولى أن تتقدم أنت للإمامة إذا كنت تقيم القراءة على وجهها، ولكننا ننصحك بالحرص على ارتداء الثياب الواسعة التي لا تصف حجم الأعضاء، فإن صلاة الرجل في الثياب الضيقة قد كرهها كثير من أهل العلم، ونص على كراهتها الشافعي رحمه الله في الأم، وعليك كذلك ألا تخفف لحيتك تخفيفا يقرب من الحلق، لما في ذلك من المخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64891، 73812، 79673، 13867، 35942.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(11/7058)
حكم من وقع في أمر مبطل للصلاة جاهلا به
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أقلد المذهب المالكي في الصلاة وأخطأت في صلاتي فجئت بما يبطلها عن جهل. هل يمكنني اتباع حكم مذهب آخر إذا كان أيسر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك هاهنا إلى أمر مهم، وهو أنه لا حرج عليك في اتباع مذهب مالك رحمه الله، فإنه أحد المذاهب الأربعة المتبوعة، وقد كان مالك رحمه الله نجم السنن، وكان من أكثر أهل عصره عناية بالحديث، وتعظيماً للأثر، والثناء عليه وعلى علمه وورعه متواتر، وانظري الفتوى رقم: 31408.
وإذا ظهر لك دليلٌ يخالف المذهب تعين المصيرُ إليه، فإن اتباع الدليل هو الواجب على كل مسلم، ثم إذا أردت الانتقال عن مذهب مالك إلى غيره فلا حرج في ذلك أيضا بشرط ألا تقصدي بذلك تتبع الرخص، وقد بينا حكم الانتقال من مذهب معين إلى غيره في الفتوى رقم: 56633.
وأما حكم المسألة: فإنكِ لم تبيني لنا هذا المبطل للصلاة الذي أتيتِ به عن جهل، حتى نبين لك ما هو الراجح عندنا فيما يلزمك، فعليك إن أردت التفصيل أن تبيني ما فعلته مما ذكرت أنه يبطل الصلاة، فقد لا يكون مبطلا لها، وأنت تعتقدينه مبطلا، وقد يكون مبطلا عند مالك لا عند غيره، ويكون الراجح في الدليل عندنا خلاف قول مالك، وقد يكون متفقا على أنه مبطل للصلاة.
ولكننا نقول على وجه الإجمال إن العلماء اختلفوا فيمن فعل مبطلا من مبطلات الصلاة أو غيرها جاهلاً ثم بان له أنه مما يُبطلها، فذهب بعضهم إلى لزوم الإعادة وهم الجمهور، وذهب بعضهم إلى عدم لزومها وهو راويةٌ في مذهب أحمد ومالك قواها شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال رحمه الله: وعن أحمد فى هذا الأصل روايتان منصوصتان فيمن صلى فى معاطن الإبل ولم يكن علم بالنهى ثم علم هل يعيد على روايتين، ومن صلى ولم يتوضأ من لحوم الإبل ولم يكن علم بالنهي ثم علم هل يعيد على روايتين منصوصتين، وقيل عليه الإعادة إذا ترك الصلاة جاهلا بوجوبها فى دار الإسلام دون دار الحرب وهو المشهور من مذهب أبى حنيفة. انتهى.
ثم أطال النفس رحمه الله في الانتصار للقول بعدم لزوم الإعادة، واحتج عليه بحديث المسيء صلاته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقضاء ما مضى من صلواتٍ قصّر في أركانها، وبغيره من الأحاديث التي هي في معناه. وانظري الفتوى رقم: 109981. ولم يفرق بين ما كان متفقاً عليه أو مختلفا فيه من المسائل، ولا شك في أن هذا القول له قوة واتجاه، وما كان مختلفاً فيه من المسائل، أولى أن يُعذر فيه الجاهل، فيُفتى بالقول المرجوح دفعاً للمشقة والحرج، وقد نص على ذلك كثيرٌ من أهل العلم.
قال الشاطبي رحمه الله: فمن واقع منهيا عنه، فقد يكون فيما يترتب عليه من الأحكام زائد على ما ينبغي بحكم التبعية لا بحكم الأصالة، أو مؤد إلى أمر أشد عليه من مقتضى النهي، فيترك وما فعل من ذلك، أو نجيز ما وقع من الفساد على وجه يليق بالعدل، نظرًا إلى أن ذلك الواقع وافق المكلف فيه دليلًا على الجملة، وإن كان مرجوحًا، فهو راجح بالنسبة إلى إبقاء الحالة على ما وقعت عليه؛ لأن ذلك أولى من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي، فيرجع الأمر إلى أن النهي كان دليله أقوى قبل الوقوع، ودليل الجواز أقوى بعد الوقوع، لما اقترن به من القرائن المرجحة. انتهى.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: المسألة الخلافية إذا وقعت فيها الضرورة....جاز للمفتي أن يأخذ بالقول الآخر من أقوال أهل العلم الذي فيه الرخصة. انتهى.
وبهذا تعلمين أنك إذا كنت فعلتِ مبطلا من مبطلات الصلاة جاهلة بكونه يبطلها، كأن تركتِ ركناً من أركانها، أو شرطاً من شروطها، أو ارتكبت محظوراً فيها ثم تبين لكِ كونه يبطلها، إما في نفس الأمر لموافقة الدليل، أو كان يبطلها على قول من تقلدينه من العلماء، وكان في المسألة خلافٌ بين أهل العلم، ومذهبُ بعضهم أن هذا الشيء الذي فعلته غيرُ مبطل، فلا حرج عليكِ في العمل بهذا القول المرجوح، والذي قال به بعض أهل العلم لما تقدم. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 117091.
وإن أردتِ القضاء احتياطاً خروجاً من الخلاف فهذا حسنٌ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(11/7059)
إضافة أدعية غير مأثورة في الصلاة هل تبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[زاد شخص في الصلاة بعد رفعه من الركوع ربنا ولك الحمد والشكر أو قال بين السجدتين رب اغفر لي ولوالدي أو وهو يقرأ الفاتحة قال استعنت بالله عندما وصل إياك نعبد وإياك نستعين هل هذه الزيادات أو مثالها تبطل الصلاة وتعتبر كلاما أجنبياً؟ وما ضابط الكلام الأجنبي وغير الأجنبي الذي يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام الذي يبطل الصلاة هو ما كان أجنبياً عنها من غير جنسها، وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القران. رواه مسلم.
قال العلامة الصنعاني في سبل السلام: والمراد من عدم الصلاحية عدم صحتها ومن الكلام مكالمة الناس ومخاطبتهم كما هو صريح السبب فدل على أن المخاطبة في الصلاة تبطلها" انتهى.
وقد أطال العلماء في كتب الفروع في بيان ما تبطل به الصلاة من الكلام فراجع كلامهم إن شئت في مظآنه.
وأما هذا الذي ذكرته وسألت عنه فلا تبطل به الصلاة لأنه وإن كان غير وارد فهو من جنس الكلام المشروع في الصلاة إذ هو دعاءٌ وذكرٌ في الجملة، وإن كان الأولى تركه والتقيد بالمأثور.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: لا شك أن التقيد بالأذكار الواردة هو الأفضل، فإذا رفع الإنسان من الركوع فليقل: ربنا ولك الحمد ولا يزد "والشكر" لعدم ورودها. " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله فيما يقال بين السجدتين: ويقول: رب اغفر لي , رب اغفر لي , رب اغفر لي , كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوله , ويستحب أن يقول مع هذا: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني , لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم , وإذا قال زيادة فلا بأس كأن يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أدخلني الجنة، ونجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي ونحو ذلك , ولكن يكثر من الدعاء بالمغفرة فيما بين السجدتين كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى
وانظر الفتوى رقم: 10248.
وأما قول القائل عند قوله (إياك نعبدُ وإياك نستعين) :" استعنت بك يارب"، فهو وإن كان غير مشروع كما قدمنا، والأولى والأفضل تركه لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لا يبطل الصلاة، فقد ثبت في الصحيح في حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ب حذيفة بالليل أنه كان إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، فدل على أن جنس هذا الكلام لا يبطل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(11/7060)
حكم قطع الصلاة لبكاء الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الحرم مع زوجي أؤدي عمرة، وعندما انتهينا منها أقيمت صلاة المغرب، وكان طفلي الصغير معي (عمره سنة و3 أشهر) وعادة عندما أتركه يقف أمامي، وأصلي في المسجد مع الجماعة (ولا أصلي في المسجد إلا إذا كنت خارج المنزل وحان وقت الصلاة) يبكي أول الصلاة ثم يسكت أثناء الركوع والسجود، وقد يبكي أثناء القيام للركعة الثانية، ثم يسكت، فإذا أحسست أنه يشوش على المصلين خرجت من الصلاة، فهل يجوز قطع صلاتي؟ ولكن عندما كنت في الحرم تركته يبكي وسكت عند الركوع والسجود وأكملت صلاتي لأن صوت الميكرفونات هناك عال وغطى على صوت بكائه بحيث يسمع من بجانبي قراءة الإمام كاملة، ولكن زوجي اعترض على أني أكملت صلاتي، قال لي إني شوشت علي من بجانبي، وكان من الأولي أن أترك الصلاة أو لا أدخل فيها فقلت له أولا إن صوت بكائه كان لا يمنع من بجانبي عي سماع القراءة كاملة، وإن نساء الصحابة كن يصحبن أولادهن للمسجد، وكانوا يبكون فهل خرجن من الصلاة أو منعهن ذلك من عدم الذهاب إلي المسجد، أو نهاهن الرسول عن ذلك؟ فغضب مني زوجي وقاطعني في الكلام فهل ما فعلته خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت صنعا بعدم قطع الصلاة لأجل بكاء الصغير، ولا يجوز للمصلي أن يقطع صلاة الفريضة من غير عذر شرعي، وليس بكاء الصغير مسوغا يبيح قطع الفريضة، وما ذكرته السائلة من أن نساء الصحابة لم يرد عنهن قطع الصلاة لبكاء الصبي هذا استدلال صحيح فيما نرى.
ونحث السائلة على أن تسعى لإصلاح ما بينها وبين زوجها، وأن لا تقابل قطيعته لها بمثلها، وانظري الفتوى رقم: 11131، والفتوى رقم: 98601، وكلتاهما حول مسوغات قطع الصلاة، والفتوى رقم: 96391، 33169. وكلتاهما عن حكم اصطحاب الأطفال للمسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(11/7061)
أقسام الحركة في الصلاة وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاتي وأن يقف أولادي بجواري يتشاحنون ويتعاركون واضطر لشد هذا وجذب تلك، وكذلك أحيانا أرفع صوتى قليلا لكي يستطيع ابني قراءة التشهد لأنه يتعثر به لأنه عنده 5سنوات وأريد تعويده على الصلاة بصورة صحيحة فما حكم الصلاة بهذا الشكل لأني لا أستطيع الاختباء منهم أثناء الصلاة وهل يقبل الله الصلاة بهذا الكم من الحركات، وهل الحركة خطوة أو نحوها بشرط أن تكون فى اتجاه القبلة لاشيء فيها إذا كانت لاضطرار كإنقاذ صغير سيسقط ويتأذى أم الخروج من الصلاة أفضل ثم إعادتها بعد إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العمل الذي تعملينه في الصلاة من جذبكِ لطفلكِ أثناءها ونحو ذلك، عملٌ يسير لا تبطل به الصلاة، وقد ثبت نظيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى ذات يوم وهو حامل أمامة بنت ابنته، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها. متفق عليه.
وقد صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عن يساره فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه. متفق عليه.
وثبت في الصحيح أيضا تقدمه وتأخره صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، وعند أبي داود وغيره أنه فتح الباب لعائشة وهو يصلي، في نظائر كثيرة، فدل على ما ذكرناه من أن مثل هذا العمل اليسير لا تبطل به الصلاة، وقد بينا ضابط العمل الذي تبطل به الصلاة، وما يجوزُ من العمل فيها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 56817، والفتوى رقم: 95922.
وقد قسم العلامة العثيمين رحمه الله الحركة في الصلاة إلى خمسة أقسام، فقال: فالحركة في الصلاة إذاً تجري فيها الأحكام التكليفية الخمسة، وهذه الأقسام هي:
القسم الأول: حركة واجبة.
القسم الثاني: حركة محرمة.
القسم الثالث: حركة مكروهة.
القسم الرابع: حركة مستحبة.
القسم الخامس: حركة مباحة.
فأما الحركة الواجبة: فهي التي تتوقف عليها صحة الصلاة، مثل أن يرى في غترته نجاسة، فيجب عليه أن يتحرك لإزالتها ويخلع غترته، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يصلي بالناس فأخبره أن في نعليه خبثاً فخلعها صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته واستمر فيها. رواه أبو داود.
ومثل أن يخبره أحد بأنه اتجه إلى غير القبلة؛ فيجب عليه أن يتحرك إلى القبلة.
وأما الحركة المحرمة: فهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة، لأن مثل هذه الحركة تبطل الصلاة، وما يبطل الصلاة فإنه لا يحل فعله؛ لأنه من باب اتخاذ آيات الله هزواً.
وأما الحركة المستحبة: فهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة، كما لو تحرك من أجل استواء الصف، أو رأى فرجة أمامه في الصف المقدم فتقدم نحوها وهو في صلاته، أو تقلص الصف فتحرك لسد الخلل، أو ما أشبه ذلك من الحركات التي يحصل بها فعل مستحب في الصلاة؛ لأن ذلك من أجل إكمال الصلاة، ولهذا لما صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عن يساره أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه. متفق عليه.
وأما الحركة المباحة: فهي اليسيرة لحاجة، أو الكثيرة للضرورة، أما اليسيرة لحاجة فمثلها فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو جدها من أمها- فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها. متفق عليه.
وأما الحركة الكثيرة للضرورة: فمثالها الصلاة في حال القتال؛ قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُواتَعْلَمُونَ البقرة /238-239؛ فإن من يصلي وهو يمشي لا شك أن عمله كثير ولكنه لما كان للضرورة كان مباحاً لا يبطل الصلاة.
وأما الحركة المكروهة: فهي ما عدا ذلك وهو الأصل في الحركة في الصلاة، وعلى هذا نقول لمن يتحركون في الصلاة: إن عملكم مكروه، منقص لصلاتكم، وهذا مشاهد عند كل أحد فتجد الفرد يعبث بساعته، أو بقلمه، أو بغترته، أو بأنفه، أو بلحيته، أو ما أشبه ذلك، وكل ذلك من القسم المكروه إلا أن يكون كثيراً متوالياً فإنه محرم مبطل للصلاة. انتهى.
وبهذا التفصيل المتقدم، تعلمين حكم الحركة في الصلاة، وأنها إن كثرت لغير ضرورة أبطلتها، وإن كثرت للضرورة لم تبطلها.
وأما هذا العمل اليسير الذي تعملينه فلا أثر له في إبطال الصلاة كما بينا، ويُرجى أن تكون صلاتك مقبولة إن شاء الله.
وإذا كان الأمرُ على ما وصفنا، فلا يسوغُ لكِ قطع الصلاة؛ لقول الله تعالى: ولا تُبطلوا أعمالكم {محمد:33} .
وأما رفع صوتكِ في التشهد فإنه خلاف السنة، فإن السنة لكل مصلٍ أن يُسر بالتشهدِ ونحوه من تسبيحات الركوع والسجود، والتكبير إلا الإمام فإنه يجهرُ به ليُسمع المأمومين.
جاء في مواهب الجليل: قال في اللباب: من الفضائل إسرار التشهدين. انتهى.
وقال في الاستذكار: وإخفاء التشهد سنة عند جميعهم، وإعلانه بدعة وجهل ولا خلاف فيه. انتهى.
ولا يُشرعُ لكِ تعليم طفلكِ الصلاة، ولا أمره بها إذا كان دون سبع سنين، بل عليكِ أن تنتظري حتى يبلغ سبع سنين ويصير مميزاً، فتأمرينه بالصلاة إذاً.
قال النووي في المجموع: فمن لا تلزمه الصلاة لا يؤمر بفعلها لا إيجابا ولا ندبا إلا الصبي والصبية فيؤمران بها ندبا إذا بلغا سبع سنين وهما مميزان، ويضربان على تركها إذا بلغا عشر سنين، فإن لم يكونا مميزين لم يؤمرا لأنها لا تصح من غير مميز. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(11/7062)
إعادة الصلوات ينبني على معرفة نوع السائل الذي كان يخرج
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي أثناء الخطبة (قبل الزفاف وعقد الزواج مكتوب) كانت عندما ينزل منها السائل دون جماع لا تغتسل للصلاة إنما تطهر ملابسها وتعيد وضوءها وتصلي وذلك بسبب عدم علمها بالموضوع واستحيائها من سؤال من حولها وبالأمس قرأت أن الصلاة لا تجوز إلا بالاغتسال.
فهل يجب أن تعيد صلاتها عن الأيام الفائتة عندما كانت تمر بهذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم هذه المسألة يتوقف على معرفة حقيقة هذا السائل الذي كان يخرج من زوجتك، فإن كان مذياً، فإنه لا يوجب إلا تطهير ما أصابه من البدن والثوب والوضوء، وإن كان منياَ فإنه يوجب الغسل، ولمعرفة الفرق بين مذي المرأة ومنيها راجع الفتوى رقم: 45075، ورقم: 50236، وانظر أيضا لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 110928.
فإذا تبين أن هذا السائل الذي كان يخرجُ منها هو المذي فلا شيء عليها، وإذا تبين أنه مني، فالواجبُ عليها أن تتحرى عدد تلك الصلوات التي صلتها من غير غسل، ثم تقضيها حسب الطاقة، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية أن من ترك شرطاً من شروط الصلاة جاهلاً لم يجب عليه القضاء، والقول الأول أحوط وهو المفتى به عندنا. وانظر الفتوى رقم: 109981، ورقم: 36178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/7063)
مدى أثر الوساوس على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يأتيني وسواس أثناء الصلاة وأحيانا في الأوقات العادية، ويقوم بسب الرسول صلى الله عليه وسلم والله عز وجل، وبحثت كثيرا عن أدعية تبعد عني الوسواس، وقرأت في أحد الأيام أن الإنسان يحاسب على ما في قلبه ولا يحاسب على هذا الوسواس؟
هل أحاسب على هذا الوسواس وتبطل الصلاة به لأن هذا الموضوع يضايقني كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه مجرد خواطر لم ينعقد عليها القلب، فلن تؤاخذ بها. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.
لكن عليك التلهي والإعراض عنها، وعدم الاسترسال معها حتى لا يتمكن منك الشيطان ويتسلط عليك.
وأما الصلاة فلا تبطل بذلك، فقد ذكر النووي في المجموع: أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر واشتغال قلب بغيرها, وهذا بإجماع من يعتد به في الإجماع. اهـ.
لكن الصلاة يقل ثوابها بذلك؛ لما روى أبو داود وأحمد وحسنه الألباني عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها.
وفي صحيح مسلم وغيره أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
وعليك بالمحافظة على قراءة المعوذات وغيرها من أذكار الصباح والمساء، وأدبار الصلوات، والنوم وغيرها، وأكثر من التضرع والابتهال إلى الله عز وجل وسؤاله أن يرزقك الخشوع في الصلاة، ويعيذك من الشيطان الرجيم. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 1406، 52270، 59659، 75046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(11/7064)
قول الإمام سامع الله لمن حمده هل يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اللحن في أداء التكبيرات في الصلاة؟ فالإمام الراتب حين يمط في قوله سمع الله لمن حمده فيجعلها: سامع الله لمن حمده، أي يقولها بتأن شديد يخرج به هذا المد.
هل هذا الفعل يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الفقهاء قد اتفقوا على ركنية تكبيرة الإحرام، وأن من لحن فيها لحنا يحيل المعنى، أو زاد حرفا أو نقصه لم تنعقد صلاته، وقد ذكرنا أقوالهم مستقصاة في الفتوى رقم: 46478.
وأما تكبيرات الانتقال ومثلها التسميع والتحميد فسنة عند الجمهور خلافا لأحمد رحمه الله، فمن ترك تكبيرات الانتقال عمداً صحت صلاته عند الجمهور، وكذلك الحال فيمن لحن فيها.
قال ابن عابدين:
وأما اللحن في التسميع فهو ما يفعله عامتهم إلا الفرد النادر منهم فيقولون رابنا لك الحامد بزيادة ألف بعد راء ربنا وألف بعد حاء الحمد، أمّا الثانية فلا شك في كراهتها، وأما الأولى فلم أر من نبه عليها ولو قيل إنها مفسدة لم يكن بعيداً لأنه الراب بتشديد الباء زوج الأم كما في الصحاح والقاموس وهو مفسد للمعنى، إلا أن يقال يمكن إطلاقه عليه تعالى وإن لم يكن وارداً، لأنه اسم فاعل من التربية فهو بمعنى رب، وعلى كل حال فجميع ما ذكرناه لا يحل فعله وما هو مفسد منه يكون ضرره متعدياً إلى بقية المقتدي ممن يأخذ عنه. انتهى.
قال النووي في شرح المهذب:
قال الشافعي في الأم والأصحاب: فإن قال: من حمد الله سمع له أجزأه في تحصيل هذه السنة لأنه أتى باللفظ والمعنى. انتهى.
واللحن المسؤول عنه والذي يقع من هذا الإمام هو من النوع الذي لا يحيل المعنى، فحكمه الكراهة، ولا تبطل به الصلاة كما يدل لذلك كلام ابن عابدين المتقدم ذكره.
والذي ينبغي لكم أن تجتهدوا في مناصحته، وتعليمه التسميع على الوجه المشروع تحقيقاً للسنة، وتحصيلا لكمال الأجر وخروجاً من خلاف من أوجبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(11/7065)
حكم من يقرأ (إياك) غير مشددة في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يقرأ: إياك، في سورة الفاتحة -إياك- دون شدة.
فما حكم صلاته وصلاة المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم هذه المسألة في فتاوى كثيرة وانظر منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23898، 63246، 18936.
وحاصل القول في المسألة أن كل تشديدة في الفاتحة قائمة مقام حرف، فمن أسقط التشديدة مع قدرته على الإتيان بها بطلت صلاته وصلاة من خلفه، قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: تجب قراءة الفاتحة في الصلاة بجميع حروفها وتشديداتها وهن أربع عشرة تشديدة؛ في البسملة منهن ثلاث، فلو أسقط حرفاً منها، أو خفف مشدداً، أو أبدل حرفاً بحرف مع صحة لسانه لم تصح قراءته. انتهى.
وأما إن كان عاجزاً عن غير هذا فصلاته لنفسه صحيحة، وفي صحة الائتمام به قولان مشهوران للعلماء، وانظري لذلك الفتوى رقم: 112355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(11/7066)
السجود في غير محله مبطل للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على هذا الموقع الجميل وجعله الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله ونفع بكم وجعلكم هادين ومهتدين بإذنه سبحانه وتعالى وأورثكم برحمته جنة النعيم مع رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.
وسؤالي هو أنني في كثير من الأوقات في أثناء الصلاة وأنا أقرأ القرآن وعند الوصول لآيات تتضمن نعيم أهل الجنة أو عذاب أهل النار أو تتحدث عن عظمة المولى سبحانه وتعالى أشعر برغبة شديدة جدا بالسجود لله وبين يديه ولكني لا أقوم بذلك لأحافظ على صحة الصلاة.
فهل يجوز أن يسجد المصلي أثناء الصلاة بغير موضع السجود أو بغير سجود التلاوة.
وهل هناك فرق في ذلك بين من يصلي نافلة لوحده أو من يصلي مأموما خلف إمام.
أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم الأمة كيف يصلون بقوله وفعله، فلا يجوز لأحد أن يخل بهيئة الصلاة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وليس الأمر في ذلك خاضعا للأهواء والرغبات بل المسلم ينضبط بالشرع ويجعل هواه ورغبته تبعا لما جاء به الدين الحنيف.
وقد اتفق العلماء على أن من تعمد زيادة ركوع أو سجود أو قيام في الصلاة فقد أبطلها لا فرق في ذلك بين الإمام والمأموم والمنفرد.
قال البهوتي في الروض: فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة قياما في محل قعود أو قعودا في محل قيام ولو قل كجلسة الاستراحة وركوعا أو سجودا عمدا بطلت صلاته إجماعا، قاله في الشرح. انتهى.
وبهذا تعلم أن السجود في غير محله مبطل للصلاة بإجماع العلماء، ولا يجوز السجود في الصلاة في غير موضعه إلا إذا قرأ آية سجدة فإنه يسجد إن كان إماما أو منفردا ولا يسجد المأموم إلا إذا سجد إمامه كما دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة المشهورة، ولا فرق فيما ذكرنا بين النافلة والفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(11/7067)
الشك بانتقاض الوضوء أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بأحد أقربائي وفي التشهد الأخير أحسست بخروج شيء بدون صوت ولا رائحة وبدون قصد، في الأول ظننت أنه ريح، ولكن بعد إتمامي الصلاة والذهاب للأكل بدأت أطرح على نفسي الأسئلة هل خرج من الدبر أو لم يخرج ... ورغم ذلك لم أتوصل إلى جواب دقيق، ومنذ ذلك الحين والوساوس تلاحقني فهل هذه الصلاة صحيحة، وهل علي إعادتها مع العلم بأنه مضى عليها أسبوع، وهل علي أن أخبر الذي صليت به، أتمنى أن تجيبوني على هذا السؤال، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر الحال أنك غير جازم بخروج شيء منك، وما دام الأمر كذلك فصلاتك صحيحة لا يلزمك إعادتها، فإن الأصل صحة الصلاة وهذا يقين، واليقين لا يزول إلا بيقين مثله، فما لم يحصل لك يقين تحلف عليه -كما قال ابن المبارك- بأنه قد خرج منك شيء فعليك أن تسد باب الوسوسة، وتكتفي بهذا الأصل الذي هو صحة الصلاة، وليس المرد إلى سماع الصوت أو وجدان الريح، وإن كان هو المنصوص عليه في الحديث، ولكن المرد إلى حصول اليقين بانتقاض الطهارة.
فعن عباد بن تميم عن عمه قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. رواه الجماعة إلا الترمذي. قال النووي: معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وقال أيضاً: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
فإذا حصل لك هذا اليقين لزمتك إعادة الصلاة، ولا يلزم أن تخبر من صليت به؛ لأن صلاته صحيحة ما دام أنه اقتدى بك وهو لا يعلم بطلان صلاتك، فقد صح أن عمر صلى بالناس ثم ذكر أنه جنب، فاغتسل وأعاد الصلاة، ولم يأمر الناس بالإعادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/7068)
الاهتزاز وتحريك الإصبع أثناء القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من الوسوسة وعدم التركيز في الصلاة لذلك كلما قرأت آية من الفاتحة أقفل إصبعا وهكذا وأيضا في الركوع والسجود لا أعرف كم مرة سبحت فهل هذا من الحركة المبطلة للصلاة؟ وفي بعض الأحيان وأنا واقفة أقرأ أتحرك للأمام وللخلف بصورة بطيئة أهتز كما يفعل البعض عندما يقرأ القرآن ولكن أخف، فهل تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضم الأصبع أو تحريكها عند قراءة الآية عمل مكروه لأنه نوع عبث وعمل غير مشروع ولا تدعو الحاجة إليه، إلا أننا نرى أن الصلاة لا تبطل بذلك لأنها حركة يسيرة، وينبغي اجتنابها؛ لأن المصلي ليس بحاجة إلى عد آيات الفاتحة، وإنما يطلب منه قراءتها لا عد آياتها، وكذا ليس بحاجة إلى عد التسبيح ولو سبح مرة واحد لكفى وأتى بالواجب على قول من يوجب التسبيح في الركوع والسجود.
والاهتزاز أثناء القراءة، إن كان خفيفا لا تبطل الصلاة به، كما بيناه في الفتوى رقم: 101662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(11/7069)
حكم صلاة من يميل الألف إلى الياء في كلمة (اهدنا)
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله كنت أظن أن الألف في اهدنا في الفاتحة تخفى عند القراءة فكنت لا أحققها وأميلها إلى الياء فأقرأها على نحو يهدنا وكنت أظن أن هذا هو الصواب وبعد مدة شككت في صحة ما أقوله ولم أسأل, فما حكم تلك الصلوات هل أعيدها أم أعذر لجهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا كيفية قراءة هذا الحرف من الفاتحة في الفتوى رقم: 78097، كما بينا حكم من ترك حرفاً من حروف الفاتحة في الفتوى رقم: 94366.
فإذا كنت تبدلين الألف من اهدنا ياءً خالصة فهذا إبدال حرف بحرف تبطلُ به الصلاة مع القدرة على النطق الصحيح، وأما إذا لم تكن هذه الياء ياءً خالصة بحيث كانت شبيهة بالألف مع إخلال يسير بكيفية النطق فلا تبطل الصلاة بمثل هذا لأنه لحن خفي فلم تبطل به الصلاة.
وأما عن قضاء صلاة ما مضى من سنين على فرض بطلان الصلاة فمذهب الجمهور وجوب القضاء، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا يلزمك القضاء وذلك للمشقة البالغة التي تلحقك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المسيء في صلاته بقضاء ما مضى من صلوات، وقد كان يخل ببعض أركانها، والقضاء أحوط لما فيه من خروج من خلاف الجمهور القائلين بلزوم القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1430(11/7070)
المرأة تحرص على الصلاة في مكان لا يراها فيها رجل أجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في روسيا مع زوجي والكلية توجد على بعد ساعة من بيتي، وقد تدركنا الصلاة في الكلية فما هو الأفضل أن أصلي وراء زوجي أم أؤخر الصلاة حتى أعود إلى البيت مع أنه قد نتمكن في بعض الأحيان من الحصول على غرفة حتى لا يرانا أحد وبعض الأحيان في مرأى من الناس، كما أنه قد أكون في بعض الأحيان بدون رفقة زوجي، فماذا أفعل في جميع هذه الحالات؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة المرأة في بيتها خير لها من الصلاة في أي مكان آخر ولو في المسجد، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10306.
وعليه؛ فالأفضل للأخت أن تؤخر الصلاة حتى ترجع إلى البيت، إلا إذا خشيت خروج الوقت فعليها أن تصليها في الكلية سواء مع زوجها أو بمفردها، ولتحرص على أن تصليها في مكان لا يراها فيه أحد من الرجال الأجانب، وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 13328، والفتوى رقم 14234.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(11/7071)
حكم تحرك المسبوق يمينا أو شمالا أو إلى الأمام أو إلى الخلف
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة لنا مصلى نؤدي فيه الصلوات الخمس, وبالطبع يكون هناك مسبوقون بركعة أو أكثر، وعند تسليم الإمام يقوم المسبوقون بتأدية ما فاتهم من ركعات مع المشي في كل الاتجاهات، الأمام, اليمين, اليسار, وإلى الخلف، وحتى من هو في الصف الأول الذي لا يقطعه ولا يمر أمامه أحد، فنرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا الحكم الشرعي في هذا المشي في كل الاتجاهات، وحتى الصف الأول، أهو واجب أو سنة، وإن كان كذلك ما مقداره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك اعتقاد شائع عند كثير من الناس وهو أن المسبوق يُستحبُ له أن يتحرك خطوة أمامه أو خلفه أو عن يمينه أو عن شماله وهذا اعتقاد لا أصل له، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه أنهم فعلوا شيئاً من ذلك، وقد ثبت في السنن الأمرُ بأن يتحرك الإنسان من موضع صلاته إذا أراد صلاة أخرى، وليس ما يتمه المسبوق من هذا الباب، بل هي صلاة واحدة لا تشرع الحركة في أثنائها، فإن كانت حركة هذا المسبوق للتوسيع على المارين أو للوقوف خلف سترة قريبة منه فلا بأس بهذا؛ لأنه فعل يسير لمصلحة فجاز، ونظائره في السنة كثيرة، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلتفت إلى الشعب وهو يصلي يرقب رجلاً بعثه في حاجة، وتقدم وتأخر في صلاة الكسوف حين رأي الجنة والنار وهذا في الصحيحين، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.. وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 95917.
وأما إذا كانت هذه الحركة لغير مصلحة فهي من العبث المكروه في الصلاة، وقد قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:2} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وقد قسم الشيخ العثيمين في فتاواه أفعال المصلي إلى خمسة أقسام، وذكر أن المكروه منها هو ما لم تدعُ إليه حاجة ولم يكن في مصلحة الصلاة وكان يسيراً، وعلى هذا التقرير فحركة أولئك المسبوقين من جنس المكروه، فإن صاحبها اعتقاد بسنية ذلك دخلت في حيز البدعة، فعليك أخي أن تنبه هؤلاء المصلين إلى ضرورة تحري السنة والحرص على تطبيقها في القليل والكثير، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 56817.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(11/7072)
حكم ترك الخشوع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة أعظم فرض في الإسلام وتركها كفر في رأي أغلب العلماء، ومن الأحاديث التي تذكر أفضالها وخصائصها الكثير، لكن مؤخراً قرأت حديثين الأول: (إن الرجل لينصرف من صلاته لا يدري كم كُتب له منها نصفها، ثلثها، ربعها، خمسها، سدسها، سبعها، ثمنها، تسعها، عشرها..) والآخر: (إن أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن صلحت فقد نجح وإن فسدت خاب وخسر) ...
حسناً نحن نصلي 90 % من صلواتنا بدون خشوع وبسهو وتفكير في أمور الدنيا للأسف، مما يجعلني أشعر أنني أدخل في عموم الحديث أنه ليس لي من صلاتي إلا عشرها أو ربما أقل ولا حوة ولا قوة إلا بالله!! وهل على هذه الحالة أكون من الخاسرين يوم القيامة؟.
وصحيح أن الله غفور رحيم ولكن يجب أن لا نتهاون بالصلاة خاصة!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادكَ الله حرصاً على الخيرِ ورغبةً فيه، وأما قولك إن ترك الصلاةِ كفرٌ في قولِ أغلب العلماء ففيه نظر، فإن جمهورَ العلماء على أن من تركَ الصلاة كسلاً لا يكفر كفراً ناقلاً عن الملة، وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي, خلاف لأحمد وطائفة من المحدثين وهو خلافٌ معتبر, وتاركها كسلا على خطر عظيم.
وأما الحديثان اللذان ذكرتهما فصحيحان، وأما حكم الخشوع في الصلاة فأكثرُ العلماء على أنه سنة، وذهب أبو الوفاء بن عقيل من الحنابلة وأبو حامدٍ الغزالي من الشافعية وكثير من المالكية والحنفية إلى أنه واجبٌ يبطل تركه الصلاة عند بعضهم، ولكن المعتمد عند المحققين عدم بطلان الصلاة بتركه، وقد دلت النصوص الثابتة في الصحيحين وغيرهما على أن الاشتغال بالفكرِ في شيءٍ من أمور الدنيا لا يبطل الصلاة، فقد ردَّ النبي صلي الله عليه وسلم الخميصةَ على أبي جهم وطلب أنبجانيّته وعلل ذلك بقوله: إنها ألهتني آنفاً في صلاتي. وقال لعائشة رضي الله عنها: أميطي عنا قرامَك، فإن تصاويره لم تزل تعرضُ لي في صلاتي. ولا يكادُ أحدٌ يسلم من مثل هذا الفكر والموفقُ من وفقه الله، وراجع المجموع للنووي للاطلاع على المزيد من أدلة عدم البطلان بالتفكير، لكن العبد مأمور بدفع ما يعرض له من فكر يخرجه عن الاشتغال بالصلاة وعدم الاسترسال معه.
والخلاصة أن تعلم يا أخي أن الخشوع هو سرُ الصلاة الأعظم، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون 1-2} فصلاةٌ بلا خشوع بدنٌ بلا روح، وبقدرِ كمال الخشوع يكون كمال الأجر، ومن غلب عليه الفكر في أمور الدنيا في صلاته فإنها تصح وتقع مجزأة بحيثُ لا يطالبُ بالإعادة، ولكنه قد لا يخلو من الإثم إذا استرسل مع هذه الخواطر ولم يدافعها فضلاً عما يفوته من الأجر الكبير، ولذا فالواجبُ علينا جميعاً أن نجتهد في تحصيل الخشوع في الصلاة والأخذ بأسبابه والاجتهاد في مدافعة الخواطر وعدم الاسترسال معها لتقعَ صلاتُنا على الوجه الأكمل، وعلينا أن نجبر ما عسي أن يقع فيها من نقص بالإكثار من النوافل، فإن الله يجبرُ بها نقص الفرائض، وبالاجتهاد في التوبة والاستغفار، والاجتهاد في الدعاء أن يمنّ الله علينا بقلوبٍ خاشعة وأعمالٍ متقبلة، فإذا اطلع الله منا على الصدقِ في طلب الخشوع وإرادة تحصيله فإنه تعالى لن يخيبَ سعينا فقد قال عز وجل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت 69}
والله المسئول أن يقيل عثراتنا، ويغفر زلاتنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وللمزيد راجع الفتاوي 3087، 5829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(11/7073)
قطع النية أثناء الصلاة يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة فريضة وكانت صلاة الصبح وعندما أديت الصلاة وبعد التسليم اكتشفت أن صلاتي باطلة؛ لأني قطعت النية أثناء الصلاة ولم أقم بإعادة هذه الصلاة إلا بعد صلاة الجمعة، كان اليوم يوم جمعة، مع علمي بأن صلاتي باطلة (صلاة الصبح) ، مع ذلك العلم إلا أني لم أعد الصلاة إلا بعد خروج وقتها وبعد أداء صلاة الجمعة فهل بهذا الفعل أكون كالمتعمد ترك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في بطلان صلاة من نوى قطع نيتها في أثنائها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 54203.
بل لو تردد في قطعها أو المضي فيها بطلت صلاته لأن هذا التردد يخالف النية التي هي عزم القلب، كما قال في الروض المربع: ... فإن قطعها في أثناء الصلاة أو تردد في فسخها بطلت لأن استدامة النية شرط ومع الفسخ أو التردد لا يبقى مستديماً.. انتهى.
وبما أنك كنت على علم بأن قطع النية يبطل الصلاة فقد كان الواجب عليك إعادتها، فإن كنت تعلم وجوب الإعادة قبل خروج الوقت ولم تفعل فقد تركت صلاة حتى خرج وقتها متعمداً، وعليه فأنت آثم بفعلك وتلزمك التوبة إلى الله تعالى، ومن تاب تاب الله عليه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 4034.
ونوصيك أخيراً بأن لا تفتح على نفسك باب الوسوسة في أنك قطعت النية فإن الوسوسة شرها مستطير تجعل صاحبها كأنه لا عقل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(11/7074)
حكم من تخلف عن الإمام بركن
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مع الإمام من أول الصلاة, ثم لما ركع الإمام تأخرت عنه فرفع هو من الركوع قبل أن أركع أنا, فهل فاتتني بذلك الركعة؟ علما وأني سلمت مع الإمام ولم آت بركعة أخرى, فهل صلاتي صحيحة؟ وإن كانت باطلة فما العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. فلا يجوز التخلف عن الإمام بمقتضى هذا الحديث، فإذا كنت قد تخلفت عن الإمام لعذر كأن تكون بطيء القراءة أو نسيت قراءة الفاتحة ثم اشتغلت بقراءتها حتى رفع الإمام من ركوعه ثم أتيت بالركوع الذي فاتك وتابعت الإمام فيما بقي من الصلاة فصلاتك صحيحةٌ بلا شك وليس عليك شيء، وأما إذا كان تخلفك عن الإمام بغير عذر فقد اختلف أهل العلم في صحة صلاتك، ففي أصح الوجهين عند الشافعية لا تبطل، ورجح الحنابلة البطلان وهو الذي رجحه العلامة العثيمين – رحمه الله – في الشرح الممتع حيث قال: ولكن القول الراجح حسبما رجحنا في السبق إنه إذا تخلف عنه بركن لغير عذر فصلاته باطلة سواء كان الركن ركوعاً أم غير ركوع. اهـ.
وعلى هذا.. فإذا كان تخلفك لغير عذر فإنه يلزمك إعادة تلك الصلاة ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/7075)
يمشي إلى المسجد وفي نيته التخلص من وزنه الزائد فهل صلاته مقبولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائما أصلي في منزلى وأنا سمين أو قل: وزنى زائد فعلمت أن المشي هو أفضل وسيله لحرق الدهون, فبدأت أصلي في الجامع وأنا أحرق الدهون في طريقي إليه, وتراودني شكوك أن صلاتي فيها شرك في العمل فهل تقبل صلاتي؟ أرجو التوضيح ليطمئن قلبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك في المسجد صحيحة مجزئة حتى وإن نويت بمشيك تخفيف الوزن، وليس فيها شرك مادمت تصلي في الأصل ولم تقصد بأصل الصلاة غير وجه الله تعالى، ولكن قد يفوتك أجر الخطوات التي تخطوها إلى المسجد لأنك لم تنو بها وجه الله إذ إنك نويت تخفيف الوزن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه. فيكون مشيك بتلك النية عادة لا عبادة، وقد دلت السنة على أن الأجر لا يحصل بالعمل إلا مقرونا بالنية كما ذكره الحافظ في الفتح، وقال القرطبي: من لم يقصد القربة لم يؤجر لكن تبرأ ذمته من الواجبة. اهـ
والذي نوصي بها أخانا السائل أن يجتهد في أداء الصلاة في المسجد وينوي بذهابه أداء ما افترضه الله عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(11/7076)
حكم قراءة المصلي لآية لغرض التنبيه على أمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وراء أحد الأئمة الذي يحمل كتاب الله وبينه وبين أحد المصلين خلافات فيقوم نظام وسامحوني في اللفظ (التلقيح بآيات القرآن) فمثلا (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وهو يرمي على أحد المصلين خلفه ثم يردد بعد الصلاة الرسالة والحمد لله وصلت، وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة الإمام للآية المذكورة أثناء الصلاة مع قصده التنبيه على الأمر الذي أراد لا تبطل به الصلاة إن كان أورده عند محله.
قال خليل: وذكر قصد التفهيم به بمحله، وإلا بطلت. قال الشيخ الدردير ممثلا لما يجوز من ذلك: أو يستأذن عليه شخص وهو يقرأ: إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، فيرفع صوته بقوله: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ، لقصد الإذن في الدخول، أو يبتدئ ذلك بعد الفراغ من الفاتحة.. وإلا بأن قصد التفهيم به بغير محله كما لو كان في الفاتحة أو غيرها فاستؤذن عليه فقطعها إلى آية: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ بطلت صلاته، لأنه في معنى المكالمة. اهـ.
وعلى تقدير الصحة فلا يمنع الاقتداء به إذا كان ملتزما فيما يتعلق بالصلاة، ولا يجوز التخلف عن الجماعة للسبب المذكور سواء في ذلك الذي يختلف مع الإمام وغيره..
ويفترض أن يكون الإمام على قدر المسؤولية المناطة به فيتحلى بالصبر والحكمة والعفو ويبتعد عن الخلافات؛ بل يسعى لحل خلافات الناس فيما بينهم فضلا عن خلافه هو مع غيره.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 39018، والفتوى رقم: 108935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1429(11/7077)
حكم تعمد الإتيان بسجدة ثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[نصلي جماعة في بيتنا وعندي صبي صغير إذا تأخرت عن الصلاة يجر رأسي إلى السجود وأنا أكملت السجدتين فإن لم أسجد لا ينقطع عن البكاء ويترك الصلاة وإذا قمت لإكمال الصلاة ترك الصلاة وراح يبكي، ما حكم السجود الثالث فأفتونا وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإنه لا يشرع لك الإتيان بالسجدة الثالثة، فإن فعلت ذلك عمداً بطلت صلاتك لأن تعمد مثل هذه الزيادة من مبطلات الصلاة، ثم إن على الأخ السائل أن يتجنب هذا الصبي أثناء صلاته لأن الظاهر أنه يشغله ولا يتركه يأتي بها على الوجه المطلوب، فهو مكلف بأداء الصلاة والصبي غير مكلف بها، غاية أمره أنه يؤمر بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ولا يؤمر بها قبل ذلك، وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 39252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/7078)
إذا رأى على بدنه نجاسة بعد الصلاة فهل يعيدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إذا وجد ماء بسيط خرج من القبل بعد الصلاة ولم يتأكد الشخص إن كان هذا الماء خرج قبل الصلاة أم بعدها وإنما وجد بعد الصلاة مباشرة، ومما هو أكيد أنه ليس بولا لأنه شفاف ولزج بعض الشيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن كل خارج من السبيلين ناقض للوضوء سواء كان بولاً أو غيره، كما قال صاحب الزاد: ... وينقض ما خرج من سبيل مطلقاً.. وكذا كل خارج منهما نجس عدا المني ورطوبة فرج المرأة ففيهما خلاف، والمفتى به عندنا طهارتهما.
ومن تطهر وصلى ثم رأى بعد صلاته نجاسة على ثوبه ولم يعلم بها قبل الصلاة فصلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها، وهذا المفتى به عندنا، وكذا إذا لم يجزم أن هذا الخارج خرج بعد الوضوء فوضوؤه صحيح لأنه تطهر يقيناً وشك في انتقاض الوضوء بالخارج واليقين لا يزول بالشك، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 44825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(11/7079)
حكم اللعب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذي يلعب في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة ليست محل لعب بل هي محل الخشوع والتدبر للقراءة والذكر ومراقبة الله وتعظيمه، واللعب فيها يعني تعمد العمل فيها وذلك من مبطلاتها إن كان كثيراً باتفاق أهل العلم.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(11/7080)
حكم صلاة من قال (سبحان ربي الأعلى) بدون مد حرف اللام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إن قرأت سبحان ربي الأعلى في السجود ولم أمد حرف اللام في آخر كلمة الأعلى فقلت سبحان ربي الأعلى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائل بقوله (ما الحكم) أي حكم الصلاة من حيث الصحة والبطلان.. فإن التسبيح في الركوع والسجود سنة مستحبة في قول جمهور أهل العلم وليس واجبا، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 94786، فمن تركه ابتداء صحت صلاته وحتى على القول بوجوبه كما هو مذهب الحنابلة -والواجب عندهم تسبيحة واحدة- فإن صلاة الأخ السائل صحيحة لأنه أتى بالتسبيح بمجرد قوله (سبحان ربي) فقط ولو لم يذكر الأعلى.
وإن كان مقصود بقوله (ما الحكم) أي من حيث الإثم فلا يجوز تعمد ذلك. ومن قاله خطأ عن غير عمد فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. {الأحزاب:5}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(11/7081)
حكم صلاة من كبر تكبيرة الإحرام وهو راكع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دخول أحد في الصلاة وهو على ركبتيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بدخول الصلاة على الركبتين أن الشخص يكبر تكبيرة الإحرام وهو على ركبتيه لم يستقل قائماً مع قدرته على القيام، فهذا لا تجزئ معه الصلاة المفروضة لسقوط ركن من أركانها وهو القيام لتكبيرة الإحرام، ولا يجوز تعمد الإقدام على هذا الفعل.
أما صلاة النفل فتصح من قعود، وللمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 5585.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7082)
تحرك الرجل أثناء الصلاة هل يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في تحرك أحد أعضائي في الصلاة دون إرادتي كتحرك رجلي مثلاً دون إرادتي أثناء كوني واقفة عند قراءة الفاتحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تحرُّك الرِّجل أثناء الصلاة لا يبطلها إذا لم يصل إلى درجة الفعل الكثير، وكذا إذا وصل إلى حد الفعل الكثير وكان بغير اختيار منك، والضابط في معرفة الفعل الكثير يرجع فيه إلى ما تعارف عليه الناس، فما عدوه كثيراً فهو كثير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الحركة الحاصلة لرِجْلك لا تبطل الصلاة إذا لم تكثر بحيث تصل إلى درجة الفعل الكثير في الصلاة وكذا إذا كثرت وكانت بغير اختيار منك، والفرق بين الفعل اليسير والكثير هنا يرجع فيه إلى ما تعارف عليه الناس، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 6403، والفتوى رقم: 31619.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7083)
تشهد في الركعة الثالثة لا الثانية ولم يسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أفادكم الله لحقت صلاة الجماعة في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر فقمت للركعة الثانية بعد أن سلم الإمام وصليت ركعتين ثم جلست للتشهد وقمت لصلاة الركعة الأخيرة وجلست للتشهد فهل الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قد كان على السائل أن يجلس في الركعة الثانية بالنسبة له ويتشهد ثم يأتي بالثالثة من غير جلوس ثم بالرابعة فإن لم يفعل ذلك فقد ترك واجبا من واجبات الصلاة ولا يفيده الإتيان بالتشهد في الثالثة عند الجمهور، وكان عليه إذ فعل ما فعل أن يسجد للسهو للنقص الذي حصل ولزيادة التشهد في غير محله، وحيث إنه اكتفى بالتشهد في الثالثة ولم يسجد للسهو كما يبدو فعليه إعادة الصلاة لأن من ترك التشهد والجلوس له ولم يسجد للسهو لم تصح صلاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تجلس في الركعة الثانية بالنسبة لك وتتشهد ثم تأتي بالثالثة من غير جلوس ثم بالرابعة، وبما أنك لم تفعل ذلك فقد تركت واجبا من واجبات الصلاة ولا يفيدك الإتيان بالتشهد في الثالثة عند الجمهور خلافا لأبي حنيفة، وكان عليك أن تسجد للسهو للنقص ولزيادة التشهد في غير محله، وحيث ولم تسجد للسهو كما يبدو فالظاهر أن عليك إعادة الصلاة لأن من أهل العلم من يرى أن من ترك التشهد والجلوس له ولم يسجد للسهو لم تصح صلاته، أما على قول أبي حنيفة فلا شيء عليك لأن هذا هو الصواب عنده، لكن قول الأكثر هو المقدم.
ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: في الفقه الحنبلي: لو أدرك من رباعية أو مغرب ركعة تشهد) التشهد الأول (عقب قضاء) ركعة (إلى أن قال وإنما قلنا: يتشهد من أدرك ركعة عقب أخرى لئلا يلزم تغيير هيئة الصلاة ; لأنه لو تشهد عقب ركعتين , لزم عليه قطع الرباعية على وتر والثلاثية شفعا ومراعاة هيئة الصلاة ممكنة ولا ضرورة إلى تركها فلزم الإتيان. انتهى
وفي الموسوعة الفقهية بعد ذكر خلاف العلماء فيما يدركه المسبوق هل هو آخر صلاته أو هو أولها ما نصه: لكن لو أدرك من رباعية أو مغرب ركعة , تشهد عقب قضاء ركعة أخرى عند الحنابلة كما قال به سائر الفقهاء, غير أبي حنيفة, لئلا يلزم تغيير هيئة الصلاة, لأنه لو تشهد عقب ركعتين لزم قطع الرباعية على وتر, والثلاثية شفعا, ومراعاة هيئة الصلاة ممكنة, وقال أبو حنيفة: لو أدركه في ركعة الرباعي يقضي ركعتين بفاتحة وسورة ثم يتشهد, ثم يأتي بفاتحة خاصة, ليكون القضاء بالهيئة التي فاتت. وقال الشافعية: ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته, وما يفعله بعد سلام إمامه آخره , لقوله عليه الصلاة والسلام: {فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فأتموا} وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله, وعلى ذلك إذا صلى مع الإمام الركعة الثانية من الصبح, وقنت الإمام فيها يعيد في الباقي القنوت, ولو أدرك ركعة من المغرب مع الإمام تشهد في الثانية. وذهب المالكية, وأبو يوسف ومحمد من الحنفية , وهو المعتمد في المذهب, أن المسبوق يقضي أول صلاته في حق القراءة, وآخرها في حق التشهد, فمدرك ركعة من غير فجر يأتي بركعتين بفاتحة وسورة وتشهد بينهما , وبرابعة الرباعي بفاتحة فقط , ولا يعقد قبلهما, فهو قاض في حق القول عملا برواية: {وما فاتكم فاقضوا} لكنه بان على صلاته في حق الفعل عملا برواية: {وما فاتكم فأتموا} وذلك تطبيقا لقاعدة الأصوليين: (إذا أمكن الجمع بين الدليلين جمع) فحملنا رواية الإتمام على الأفعال, ورواية القضاء على الأقوال. انتهى. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 9875.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7084)
الصلاة خلف المشرك لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف الإمام الذي يشرك ... الذي يقرأ الفاتحة على الطعام ... ويقرأ الفاتحة بعد الصلاة بالصوت ... ويذهب إلى قبور الصالحين ... هذا الشيء موجود في الهند؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشرك لا تجوز ولا تصح الصلاة خلفه، ولكنا ننبهك إلى أن هذه الأمور المذكورة لا يحكم على صاحبها بالشرك، ما لم تكن زيارة القبور مشتملة اعتقاد إنهم يقضون الحوائج أو دعاؤهم من دون الله، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 98374، 53835، 98136، 31022، 721، 14955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(11/7085)
يمنع الصبي برفق من المرور بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن الأطفال الذين يجهلون معنى الصلاة لصغر سنهم عندما أقف للصلاة يأتي ابني الصغير ويقف أمامي مباشرة حتى أني لا أستطيع السجود إلا إذا تنحيت عنه، فهل أمنعه من دخول الغرفة التي أصلي بها أم أسمح له حتى ينظر إلي ويتعلم الصلاة وينشأ عليها؟ وبارك الله فيكم على هذه الجهود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبلُ أن مرور الصبي أو وقوفه بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة ولا يبطلها، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 27134.
وينبغي منع الصبي من المرور بين يدي المصلي ودفعه، لأنه قد يشوش عليه فيذهب خشوعه، ويشترط لذلك المنع أن لا يترتب عليه فعل كثير لئلا تبطل الصلاة، قال النووي: إن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيراً أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف. وقال أيضاً وهو يذكر ضابط الفعل الكثير الذي تبطل به الصلاة: وأما ما عده الناس كثيراً كخطوات كثيرة متوالية، وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة، قال أصحابنا: على هذا؛ الفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل بلا خلاف، والثلاث كثير بلا خلاف ... إلى أن قال: ثم اتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى. انتهى.
وبناء على ما ذكر، فلا نرى عليك حرجاً في السماح لابنك بدخول الغرفة التي تصلي بها، طالماً أن تنحيته من أمامك لا تتطلب فعلاً كثيراً، وإلا كان منعه من دخول الغرفة هو الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1428(11/7086)
حكم صلاة المرأة المسلمة أمام المرأة كتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للمرأة المسلمة الصلاة أمام امرأة كتابية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي تبطل به الصلاة هو أحد أمور ثلاثة هي:
1- ترك شرط من شروط صحتها مع القدرة على تحصيله، ولك أن تراجع في شروط صحة الصلاة الفتوى رقم: 1742.
2- تعمد ترك ركن من أركانها أو واجب من واجباتها، ولك أن تراجع في أركان الصلاة وواجباتها الفتوى رقم: 12455.
3- فعل مبطل من مبطلاتها، ولك أن تراجع في مبطلات الصلاة الفتوى رقم: 6403.
فإذا تقرر هذا عُلم أنه لا تأثير لصلاة المرأة المسلمة أمام امرأة كتابية على صحة صلاتها، لأنه لا علاقة بين ذلك وبين شروط الصلاة أو أركانها أو مبطلاتها، وبالتالي فهي صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(11/7087)
البكاء من خشية الله أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ تقع ظاهرة غريبة في المسجد الذي أصلي فيه:
لدينا إمام شديد البكاء عندما يناجي الله في الدعاء يبدأ بالبكاء بشدة وبصوت مرتفع فتحدت ضجة في المسجد بارتفاع أصوات البكاء عند الرجال. أما عند النساء فحدث ولا حرج أصواتهن تعلو من البكاء فهل هذا جائز؟ وهل يعتبر بكاء النساء بصوت مرتفع تضرعا إلى الله " في الدعاء" حرام وهل يصنفن ضمن النساء النائحات اللواتي تجب عليهن توبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبكاء إن كان من خشية الله سبحانه وتعالى فهو محمود ومطلوب، وقد أخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن العين الباكية من خشية الله لا تمسها النار، فقال: عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله. رواه الترمذي وحسنه، ورواه الحاكم وغيره. والبكاء من خشية الله لا يكون إلا غلبة، وبالتالي فإنه لا يوصف بالجواز أو عدمه، لأن ما لا يستطاع تركه ليس مناطا للتكليف، وسواء في ذلك الرجال أو النساء، وإما إذا كان هذا البكاء مختلقا وليس من خشية الله، فإنه بعيد عن أن يكون مباحا، إذ لا يجوز الضجيج ولا رفع الأصوات في المسجد، إضافة إلى أنه في هذه الحالة قد يعتبر من الرياء.
والبكاء في الصلاة فيه تفصيل عند الفقهاء يمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 55754. وأما ما ذكرته عن النساء من البكاء فليس من النياحة؛ لأن النياحة قد عرفها أهل العلم بأنها: رفع الصوت بالندب على الميت، أو شق الثياب، أو لطم الخدود، أو حلق الشعر لذلك.... ولكن ينبغي أن يعلمن أولا أن ألافضل في حق المرأة أداء الصلاة في بيتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني.
وعلى الإمام ومن خلفه من المصلين أن يجاهدوا أنفسهم على عدم رفع الصوت بالبكاء فإن كثيرا من أهل العلم يرون بطلان الصلاة بذلك، ولا سيما إذا بان من المصلي حرفان؛ كما في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(11/7088)
حكم نزول الإفرازات أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نزول إفرازات أثناء الصلاة يستدعي إعادة الصلاة أم إذا أكملتها تعتبر صحيحة، برجاء الرد علي ولو برد مختصر وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نزول الإفرازات أثناء الصلاة مبطل لها لأنه ينقض الوضوء، والوضوء إذا انتقض أثناء الصلاة بطلت، لكن إذا كانت هذه الإفرازات وصلت إلى حد السلس أي استمرار النزول من بدء دخول وقت الصلاة إلى خروجه بحيث لا تنقطع أو تنقطع وقتاً يسيراً لا يكفي للطهارة والصلاة، ففي هذه الحالة على الأخت أن تتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي، ولا يضر إن نزل شيء من ذلك وهي في الصلاة، ولبيان التفصيل في حكم الإفرازات التي تراها النساء من حيث الطهارة من عدمها وما يترتب على استمرار نزولها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 93433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(11/7089)
حكم من تنحنح في الصلاة ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النحنحة في الصلاة سهوا يبطلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تنحنح في صلاته ناسيا فصلاته صحيحة، ولا تبطل ولو بان حرفان فأكثر، ولا يلزمه سجود السهو، والنحنحة ليست أشد من الكلام، وقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم بطلان من تكلم سهوا في صلاته.
قال النووي في المجموع عن كلام الناسي في الصلاة: أن يتكلم ناسيا ولا يطول كلامه فمذهبنا أن لا تبطل صلاته، وبه قال جمهور العلماء، منهم ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وأنس وعروة بن الزبير وعطاء والحسن البصري والشعبي وقتادة وجميع المحدثين ومالك والأوزاعي في رواية.....إلخ انتهى، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 78183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(11/7090)
الخشوع هل هو شرط لصحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أكثرت عليكم بالأسئله فجزاكم الله كل خير على صبركم وتعاونكم معي هذه المرة أود منكم إفتائي في الصلاة، هل صحيح أن لم أخشع أو سهوت أثناء قراءتي القرآن في الصلاة أو عدم تركيزي وأنا أصلي تبطل صلاتي وأنه يوم القيامة سوف أقف ولم تحسب لي أي صلاة إلا ما حضر فيها قلبي مثلي مثل الذي لم يصل في الدنيا، فأنا دائماً وأغلب الوقت أتذكر فقط في صلاتي دعاء الاستفتاح وبعدها أسرح وأقرأ آلياً دون تركيز فأفتوني جزاكم الله خيراً، فقد قالت لي أختي إني أسقطت فرضي وإني أديته غير أن أجري يحسب بحسب حضور قلبي ... هل ذلك صحيح، ما معنى أن تحسب لي صلاة غير أني لم أؤجر عليها، ما الفرق بين أداء الصلاة وبين تركها وبين أجرها، فأفتوني أثابكم الله قبل رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الخشوع في الصلاة هو ثمرتها وفائدتها لكنه ليس بشرط في صحة الصلاة عند جمهور العلماء، وبدونه يكون المصلى قد سقط عنه فرض الصلاة بمعنى أنه لا يطالب بالقضاء وثواب الصلاة يكون بقدر حضور القلب فيها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخشوع في الصلاة هو ثمرتها وفائدتها فعلى المسلم البحث عن الوسائل المعينة على حصوله لكنه ليس بشرط في صحة الصلاة عند جمهور العلماء، كما تقدم في ذلك الفتوى رقم: 23481.
وبناء عليه فعدم خشوعك وتركيزك في الصلاة لا يبطلها وتكونين قد أديت فريضة الصلاة وسقط الوجوب عنك بحيث لا تطالبين بالإعادة، لكن الصلاة في هذه الحالة تكون ناقصة الثواب ولا يكتب لك من ثوابها إلا بقدر حضور القلب فيها. وراجعي التفصيل في ذلك الفتوى رقم: 73714، والفتوى رقم: 6598.
وكذلك الخطأ في قراءة القرآن لا يبطل الصلاة إذا كان في غير الفاتحة أو كان فيها ولم يغير المعنى، فإن كان الخطأ مغيراً للمعنى في الفاتحة فلا بد من إعادة القراءة إن كان لا يزال في حال يمكنه تدارك القراءة بأن كان لا يزال في الصلاة وإلا أعاد الصلاة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 93675.
وترك الصلاة هو عدم أدائها أصلاً وفعلها بدون خشوع مسقط للفرض عن المصلي بمعنى أنه لا يطالب بقضائها لكن لا ثواب لها لعدم حضور القلب؛ لأن الثواب يكون بقدر الخشوع كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1428(11/7091)
حكم الصلاة خلف أعجمي يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[فاتتني صلاة الجماعة في المسجد فصليت مع جماعة ثانية كان يؤمها رجل أعجمي لا ينطق حرف الحاء في سورة الفاتحة فشككت في صلاتنا وأعدت الصلاة وحدي بعد أن فرغنا من الجماعة، فما حكم تقديم من لا يتقن الفاتحة وما حكم إعادتي لصلاتي وحدي نفع الله بكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قمت به من إعادة الصلاة كان صوابا وهو أمر واجب؛ إذ لا يجوز الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن في الفاتحة، وهذا الإمام لا تصح صلاته إلا إن كان عاجزا عن التعلم، فإن كان عاجزا صحت صلاته، لكن لا يصح الاقتداء به، إلا لمن كان مثل هذا الإمام في العجز عن الإتيان بالفاتحة من غير لحن لعجمة أو غيرها، وقد سبق أن أوضحنا حكم هذه المسألة في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 61691، والفتاوى المحال عليها فيها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(11/7092)
رؤية الأجنبي للمرأة لا يبطل صلاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تبطل الصلاة إذا رآنا زوج الأخت في غرفة الصلاة أو إذا دخل فيها، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تبطل صلاة المرأة برؤية الرجال لها ولو كانوا من غير المحارم، ولا تبطل الصلاة أيضاً بدخول الرجل إلى الغرف التي تخص النساء مع أن ذلك لا ينبغي ما لم تدع إليه حاجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الأخت السائلة هي ومن معها لا تبطل برؤية الرجل المذكور لها أثناء الصلاة ولا بدخوله الغرفة التي تصلي فيها سواء كان محرماً أو لا، إلا أن غير المحرم لا يشرع له الدخول على النساء الأجنبيات -أي غير المحارم- في أماكنهن الخاصة بهن خشية الفتنة وسدا للذريعة إلا لحاجة دعت إلى ذلك، سواء في ذلك زوج الأخت وغيره، ثم إن الأولى والأفضل في حق المرأة أن تصلي في مكان يسترها عن رؤية الرجال لا سيما الأجانب عنها، فإن ذلك أحسن وأبعد عن النظر وأبلغ في الستر، ولبيان مبطلات الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6403، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 19590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(11/7093)
الرجوع من الفرض إلى السنة في الصلاة يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[في الركعة الأخيرة من الصلاة وحين الجلوس للتشهد انتابني شك في عدم تمكين أطراف الأرجل من السجود فعدت وسجدت ثم قرأت التشهد الأخير وسجدت للسهو بعد السلام، فهل فعلي صحيح أم تجب الإعادة، وأ ثناء صلاة العصر أحسست بالغازات وحركتها داخل الأحشاء، ليس في البطن لا في الشرج وكنت أضع قدمي على مقعدتي وأحس بحركتها وصوت لا تسمعه أذني لكني أشعر به داخل الشرج بشكل واضح، فهل أعيد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته غير صحيح لأن مجرد تمكين أطراف القدمين أثناء السجود سنة لا أثر لتركه، هذا إن تيقنت تركه وأولى إن شككت، لأن الأصل الإتيان به، فأنت حينئذ رجعت من فرض إلى سنة وهذا لا يجوز، ففي أسنى المطالب ممزوجاً بروض الطالب وهو شافعي متحدثاً عن سجود التلاوة: (وإن قرأها المصلي فركع، ثم بدا له أن يسجد لم يجز) . لأنه رجوع من فرض إلى سنة فلو لم يبلغ حد الراكع جاز. انتهى.
وهذا العود إلى السنة يبطل الصلاة إن فعله المصلي عالماً ذاكراً؛ وإلا بأن كان جاهلاً أنه يبطل الصلاة فالصلاة صحيحة إن شاء الله.
وما أحسست به من غازات أثناء صلاتك إذا لم تتحققي من خروجه حيث كان الإحساس به داخل البطن أو الشرج فلا يبطل الصلاة، وراجعي ذلك في الفتوى رقم: 22393.
وإذا تحققت من خروج الريح بحيث شممتها أو سمعت صوتاً أو علمت بخروجها ولو بدون صوت أو رائحة فصلاتك باطلة تجب إعادتها بعد الوضوء، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 23909، والفتوى رقم: 49066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(11/7094)
هل تقبل صلاة من كان يخطئ في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت صلاتي غلطا فهل يسامحني الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد يوم القيامة، فمن حافظ عليها فاز ونجا ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} .
فالواجب على المسلم المحافظة على الصلاة، ويحرم التهاون بها أو تضييعها، كما يجب عليه أيضاً أن يتعلم أحكامها، فطلب العلم فريضة على كل مسلم مكلف، فإذا قصر ولم يتعلم فقد أثم وعليه أن يتوب إلى الله تعالى وبذلك تمحى سيئاته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وإذا علم بحصول خلل مبطل لصلاته وجب عليه قضاؤها ولو كانت كثيرة، وكيفية قضاء الفوائت تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320، ومبطلاتها سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 6403.
وإذا مات المسلم عاصياً بتقصيره في صلاته فأمره إلى الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9115، والفتوى رقم: 25080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(11/7095)
سلم الإمام والمأمومون ما زالوا في الجلوس بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نصلي الجمعة في باحة المسجد حيث لم نتمكن من دخول المسجد بسبب كثرة المصلين ولله الحمد, ولكن عندما رفع الإمام من السجدة الأولى من الركعة الثانية فصلت مكبرات الصوت بالمسجد ولم نعلم أن الإمام سجد للسجدة الثانية، حيث حسبناه أطال الدعاء قبل السجود حتى شعرنا بالمصلين خرجوا من المسجد وارتبكنا الشك ربما نحن سهونا، سلمنا وبدأنا بالتساؤل هل صلاتنا ناقصة سجدة أم كنا ساهين وتأكدنا من نقصان السجدة هل سقطت جمعتنا أم ماذا نفعل؟
منا من صلى ظهرا بعد ومنا من سجد للسهو ومنا من اكتفى بما حصل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن علم بسلام الإمام في الحالة المذكورة وسلم معه ظانا أنه قد أتم صلاته ثم تبين أنه لم يسجد السجدة الثانية رجع إلى صلاته قبل حصول طول معتبر شرعا فأتم ما بقي من أركانها فصلاته صحيحة. وراجع الفتوى رقم: 36156.
أما من ترك تلك السجدة أو التشهد بعدها على القول بكونه ركنا من الصلاة بحيث لم يأت بهما أو فعلهما بعد طول وقت فجمعته باطلة ويجب عليه إعادتها ظهرا، ولا يجزئ سجود السهو عن تلك السجدة أو التشهد بعدها بناء على ركنيته.
ومن أعاد الجمعة ظهرا أجزأه ذلك، وراجع الفتوى رقم: 35139، والفتوى رقم: 54393.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/7096)
العمل القليل لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي في المسجد في الصف الأول خلف إمام متطرفا عن يمينه أمام زر تشغيل سماعات ومكبرات الصوت، عندما كبر الإمام وقرأ الفاتحة بدأت المكبرات بالصدى وأصبحنا لا نسمع الإمام والصوت أصبح مزعجاً جداً، أنهنيا الركعة الأولى على هذه الحالة، ولكن ازداد التشويش خلال الركعة الثانية، فتقدمت خطوة وأغلقت زر التشغيل ثم تراجعت خطوة ووقفت في الصف، فهل فعلي هذا صحيح أم أن صلاتي بطلت وعلي الإعادة، وما الذي يجب فعله في هذه الحالات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن العمل الكثير في الصلاة مبطل لها، واختلفوا في حده، والراجح أن الكثرة تعرف بالعرف والعادة كما فصلناه في الفتوى رقم: 6403.
وعليه.. فما دام الأخ السائل لم يخط غير خطوتين فإن صلاته صحيحة، وقد أصاب فيما فعل، لأن إغلاق السماعة في هذه الحالة من مصلحة الصلاة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 17029، والفتوى رقم: 95922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/7097)
حكم المشي الكثير في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء رجل إلى المسجد فوجد الصلاة قائمة لم يجد فراغاً في الصف الأول فنبه رجلاً في الصف الأول بيده ليقف معه في الصف الثاني فهذا الرجل الثاني استجاب له فوقف معه علماً بأنه قد خطا أكثر من خمس خطوات، وذلك عندما تراجع إلى الصف الثاني، السؤال: هل ورد دليل شرعي من حديث أو غيره بهذا الأمر، وهل صلاة الرجل الذي تراجع إلى الوراء وخطا عدة خطوات هل صلاته صحيحة، وهل تصرف الرجل الذي جاء متأخراً بشكل صحيح ومسنون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الرجل الذي تراجع استجابة لمن نبهه ليقف معه في الصف صحيحة، إذا كان لم يخط أكثر من خطوتين، أما إذا خطا أكثر من ذلك متوالياً فمن أهل العلم من يرى بطلان الصلاة بالمشي أثناءها أكثر من خطوتين ولاء لاعتبار ذلك من الفعل الكثير، نص على ذلك فقهاء المذهب الشافعي، قال النووي في المجموع وهو يذكر ضابط الفعل الكثير الذي تبطل به الصلاة: وأما ما عده الناس كثيراً كخطوات كثيرة متوالية، وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة، قال أصحابنا: على هذا الفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل بلا خلاف والثلاث كثير بلا خلاف. إلى أن قال: ثم اتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى. انتهى.
وعلى هذا فما دام بعض الفقهاء قد صرح ببطلان الصلاة بالمشي أثناءها أكثر من خطوتين، فإن الأحوط في حق الشخص الذي تأخر ومشى في صلاته أكثر من خمس خطوات أن يعيد صلاته، وإنما قلنا إن الإعادة في حقه أحوط فقط ولم نقطع بوجوب الإعادة لأن المالكية يرون جواز المشي في الصلاة لأجل سد فرجة ونحوها ولو تعدى صفين دون الذي خرج منه والذي دخل فيه، وهذا يقتضي أنه قد يخطو أكثر من ثلاث خطوات لأنهم لم يحددوا إلا بالصفوف والصفوف قد تتباعد بعض الشيء.
أما تصرف الرجل الذي جاء متأخراً ولم يجد فرجة في الصف فالظاهر أنه صحيح إذا كان لا يعلم أن مشي الشخص الذي نبهه وتراجع إليه هذه المسافة قد يبطل صلاته، مع أن الفقهاء قد اختلفوا فيما ينبغي أن يعمل من حصل له مثل هذا، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 14806 ومن خلال مطالعة هذه الفتوى سيتبين أن أكثر الفقهاء يرون جواز جذب المنفرد هنا أحداً من الصف ليقف معه أي يجذبه بالفعل أو يشعره بأنه يريد منه أن يتأخر ليقف معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(11/7098)
حكم الصلاة والذكر في أماكن تقترف فيها المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي التي أطلب فيها فتواكم هي عن ممارسة العبادات والدعاء في نفس المكان الذي تمارس فيه المعاصي والرذائل، واسمحوا لي بإيجاز التفاصيل بسرعة؛ أقول لكم بصراحة إن المعصية التي لا أعلم إن كنت تائبا منها أم ما زلت غارقا فيها هي المواقع الإباحية على الإنترنت وممارسة العادة السرية، أتوب وأنقطع عنها لأسابيع ثم أعود، على كل حال أنا أتصفح هذه المواقع على مكتبي داخل غرفتي وأمارس العادة السرية في نفس المكان، ولكني في وقت آخر أصلي، وفي وقت آخر أدرس على نفس المكتب ونفس الكرسي الذي أمارس عليه الرذيلة، وأنا معتاد قبل البدء بالدراسة على قراءة الأذكار والأدعية، ولكني مرة سمعت من خطيب وإمام المسجد في خطبته أنه حتى يقبل الله الدعاء، فيجب أن يكون هذا في مكان لا تمارس فيه المعاصي والرذائل، فهل كلامه صحيح، الآن لا أعلم هل يستجيب الله دعائي ويشرح صدري للدراسة وأنا أدعوه على نفس الكرسي ونفس المكتب الذي أمارس عليه الرذيلة، وهل يجوز لي الصلاة في غرفتي أم لا، أرجوكم لكي أرتاح تماما أن تشيروا إلى آراء كل العلماء والمذاهب بخصوص هذا الأمر، وهل لكلام إمام مسجدنا أي اعتبار شرعي أو أي دليل كان صحيحا أو ضعيفا، ألم يأمر النبي عليه السلام بتجنب المناطق التي عذب الله فيها عصاة الأمم السابقة والمرور بها سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وينور قلبك ويطهر فرجك وعينك من المنكر الذي تمارسه، أخي الفاضل: إننا نتوجه إليك بطلب يملؤه الحب والشفقة في أن تعزم من حيث قراءة هذا الجواب عزيمة صادقة على البعد عن رؤية هذا الخنا الذي يبثه دعاة الرذيلة وقتلة الطهر والفضيلة، أخي الفاضل: منَّ الله عليك بالصلاة والذكر وقراءة القرآن فكيف تستجيب لمثل هذا المخازي والمهازل التي لا تليق بمسلم فضلاً عن أخ أحسسنا من كلامه بصلاح وهدى؟! أخ يبدأ درسه بالأذكار وتلاوة القرآن.
تأمل أخي في عواقب ما تصنع دينياً وصحياً، فإن النظر إلى الحرام يذهب حلاوة الإيمان ويطمس نور البصيرة ويشوش الفهم ويورث الهم والغم ويزهد في الحلال ويضعفك في المستقبل عن المعاشرة الحلال، فكم سمعنا عن أناس تعودوا على هذه المناظر القبيحة وتعودوا على ممارسة هذه العادة الرذيلة وتعج بهم المراكز الصحية لأخذ العلاج لقوة الباءة، فقد عجزوا عن معاشرة أزواجهم ولحقهم العار والفضيحة، فحري بك أن تكون قوي العزيمة وشهم الرجولة فتقطع وساوس الشيطان وألاعيب الهوى والنفس.
وأما بخصوص الصلاة فإنها تكره في الأماكن المعدة والمهيأة للمعاصي كشرب الخمر أو الزنا ونحو ذلك، فهي صحيحة مع الكراهة، وأما الأماكن غير المعدة لذلك فلا تكره ولو وقعت فيها المعصية أحياناً كما هو الحاصل بالنسبة لغرفتك التي أعددتها لغير المعصية، ولكنك تقع فيها أحياناً، أما لو أصررت على ممارسة الحرام فيها فنخشى أن تلحق بما سبق، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: الصلاة في مأوى الشيطان مكروهة بالاتفاق، وذلك مثل مواضع الخمر والحانة ومواضع المكوس ونحوها من المعاصي الفاحشة، والكنائس والبيع والحشوش ونحو ذلك، فإن صلى في شيء من ذلك ولم يلمس نجاسة بيده ولا ثوبه صحت صلاته مع الكراهة. انتهى.
قال علي الشبراملسي رحمه الله تعالى: وإن لم تكن المعصية موجودة حين صلاته، لأن ما هو كذلك مأوى للشياطين. انتهى. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عرسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإنه منزل حضرنا فيه الشيطان، قال: ففعلنا. أي خرجوا من هذا الوادي ثم صلوا كما في بقية الحديث، قال الإمام النووي: فيه دليل على استحباب اجتناب مواضع الشيطان، وهو أظهر المعنيين في النهي عن الصلاة في الحمام. انتهى.
والحاصل أن الدعاء والصلاة في هذا المكان مقبولة، ولن يكون هذا المكان في المستقبل محلا لها إن شاء الله، وكلام الخطيب يُحمَل على الترهيب والحث على اختيار المكان المناسب للدعاء والصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1428(11/7099)
حكم صلاة رجل يلبس الفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الفضة لبسها حرام على الرجال، وهل صحيح أنها تبطل الصلاة إذا صلى الرجل وهو يلبسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للرجل لبس خاتم الفضة بلا خلاف، وكذلك يجوز له تحلية آلة الحرب كالسيف والرمح ونحوهما، وكذلك اتخاذ منطقة مفضضة، أما ما عدا ذلك فقد اختلف فيه العلماء، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 6148، والفتوى رقم: 93279 فالرجاء مراجعتهما.
ومن خلال ما ذكرنا هنا وما ذكرنا في الفتويين المشار إليهما سيتبين أن من الفضة ما يجوز لبسه للرجال باتفاق العلماء، وهذا لا تبطل الصلاة بلبسه بالاتفاق أيضاً، وكذلك لا تبطل الصلاة بلبس ما اختلف في جواز لبسه أيضاً عند القائلين بالمنع، لكنه يأثم بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/7100)
خروج المني من المصلي في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل إذا نزل مني المني ولو بشكل بسيط وأنا أصلي في جماعة (في الركعة الأولى وفي الصف الأول والمسجد مزدحم حيث يصعب الخروج من الصلاة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الاستمرار في الصلاة في هذه الحالة، وينبغي لمن حصل معه هذا الأمر أن يخرج ممسك أنفه على هيئة الراعف لأجل الستر على نفسه، ولا إثم عليه في مروره أمام المأمومين ولو أمكنه أن يخرج من غير أن يمر بين يدي المصلين فعل ذلك، ولمزيد الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 53433، كما يجب الغسل بسبب خروج المني، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 20570.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/7101)
حكم بلع النخامة واليسير الباقي من الشرب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أقوال العلماء في من بلع النخامة أثناء الصلاة؟ وهل تبطل بالإجماع؟
وما حكم بلع الماء اليسير المتبقي في الفم بعد الشرب أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبلع النخامة أثناء الصلاة مع القدرة على طرحها مبطل للصلاة عند المالكية والشافعية كما تقدم في الفتوى رقم: 74504.
وبالنسبة لغيرهم من أهل العلم فلم نقف على كلام لهم فيها، واليسير الباقي من الشرب إن كان من قبيل ما يجري به الريق فلا تبطل الصلاة بابتلاعه. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 40737.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(11/7102)
خروج الريح بعد الصلاة هل يؤثر على صحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خروج الريح بعد الصلاة وأثناء التسبيح يفسد الصلاة ويستلزم إعادتها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن خروج الريح قد حصل بعد التسليم من الصلاة وأثناء الأذكار بعدها مثلا فهذه الصلاة صحيحة، ولا يضرها خروج الحدث بعد نهايتها، وإن كان خروج الريح قد كان قبل التسليم من الصلاة فقد بطلت، لأن خروج الريح من نواقض الوضوء، والصلاة لا تجزئ بدون وضوء. وراجعي الفتوى رقم: 8707، والفتوى رقم: 1795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(11/7103)
حكم صلاة من توضأ بعد وضع كريم في شعره ووجهه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع كريم الشعر والوجه يمنع وصول الماء إلى الجسم وبالتالي يبطل الوضوء؟ وهل كل صلواتي في الماضي تعتبر باطلة؟ أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نستطيع الحكم على كريم معين أنه يمنع وصول الماء أولا يمنع ذلك، ولكن الشخص نفسه ينظر فإذا كانت المادة المذكورة مانعة من وصول الماء إلى شعر الرأس أو بشرة الجلد فلا يجزئ الوضوء مع وجودها، وإذا كان الوضوء باطلا فالصلاة التي فُعِلَتْ به باطلة أيضا، وراجع الفتوى رقم: 1726، والفتوى رقم: 52445.
وعليه فإذا كنت تتوضأ مع وجود تلك المادة المانعة من وصول الماء إلى شعرالرأس أوبشرة الجلد فالواجب عليك إعادة جميع الصلوات التى أديتها في هذه الحالة، وراجع الفتوى رقم: 61320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(11/7104)
حكم التنحنح والضحك والبكاء والكلام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة من تنحنح أو ضحك أو بكى فيها، وهل الكلام اليسير في الصلاة مبطل لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يظهر من كلام الفقهاء أن التنحنح لحاجة لا يبطل الصلاة وكذلك إن كان غلبة، فإن كان اختياراً لغير حاجة ففيه تفصيل ذكره النووي رحمه الله تعالى حيث قال في المجموع: وأما التنحنح فحاصل المنقول فيه ثلاثة أوجه: الصحيح الذي قطع به المصنف والأكثرون: إن بان منه حرفان بطلت صلاته، وإلا فلا. (والثاني) : لا تبطل - وإن بان منه حرفان، قال الرافعي: وحكي هذا عن نص الشافعي. (والثالث) : إن كان فمه مطبقاً لم تبطل مطلقاً وإلا فإن بان حرفان بطلت وإلا فلا. وبهذا قطع المتولي وحيث أبطلنا بالتنحنح فهو إن كان مختاراً بلا حاجة، فإن كان مغلوباً لم تبطل قطعاً، ولو تعذرت قراءة الفاتحة إلا بالتنحنح فيتنحنح ولا يضره، لأنه معذور، وإن أمكنته القراءة وتعذر الجهر إلا بالتنحنح فليس بعذر على أصح الوجهين، لأنه ليس بواجب. انتهى.
وعند الحنابلة تبطل الصلاة بالتنحنح إن بان منه حرفان فأكثر وقد جنح ابن قدامة إلى أنه لا يبطل الصلاة لأنه لا يسمى كلاماً، ولأن الحاجة تدعو إليه، فقال في المغني: فأما النحنحة، فقال أصحابنا: إن بان منها حرفان بطلت الصلاة بها كالنفخ، ونقل المروذي قال: كنت آتي أبا عبد الله فيتنحنح في صلاته، لأعلم أنه يصلي. وقال مهنا: رأيت أبا عبد الله يتنحنح في الصلاة، قال أصحابنا: هذا محمول على أنه لم ينتظم حرفين.
وظاهر حال أحمد أنه لم يعتبر ذلك، لأن النحنحة لا تسمى كلاماً، وتدعو الحاجة إليها في الصلاة وقد روي عن علي رضي الله عنه قال: كانت لي ساعة في السحر أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان في صلاة تنحنح، فكان ذلك إذني وإن لم يكن في صلاة أذن لي. رواه الخلال بإسناده، واختلفت الرواية عن أحمد في كراهة تنبيه المصلي بالنحنحة في صلاته، فقال في موضع: لا تنحنح في الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال، ولتصفق النساء. وروى عنه المروذي أنه كان يتنحنح ليعلمه أنه في صلاة وحديث علي يدل عليه، وهو خاص فيقدم على العام. انتهى.
وفي المذهب المالكي لا تبطل الصلاة بالتنحنح إن دعت إليه الحاجة ولو كانت حاجة لا تتعلق بالصلاة فإن تنحنح عبثاً بطلت، ففي الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني ما نصه: فروع تشتد حاجة الطالب لمعرفتها، منها: التنحنح في الصلاة لضرورة لا يبطل عمده ولا سجود يسجد، ولغير ضرورة قولان المختار منهما عند اللخمي أنه لا يبطل الصلاة، واقتصر عليه خليل حيث قال: والمختار عدم الإبطال به لغيرها، ولكن قيده السنهوري بما إذا فعله لغير ضرورة متعلقة بالصلاة، وليس معناه أنه فعله عبثاً، وإنما معنى قول خليل تبعاً للخمي لغيرها أو لغير حاجة متعلقة بالصلاة، فلا ينافي أنه فعله لحاجة غير متعلقة بها كإعلام أنه في الصلاة، وأما لو تنحنح عبثاً عامداً في صلاته لبطلت ولا وجه لعدم البطلان، وقال الحطاب: ظاهر كلام خليل ولو فعله عبثاً حيث قل، ويظهر لي أن كلام السنهوري أوجه. قال الأجهوري: وينبغي أن الجشاء والتنخم كالتنحنح في أحكامه. انتهى.
ولبيان حكم الضحك في الصلاة راجع الفتوى رقم: 72694، والفتوى رقم: 55754، لبيان حكم البكاء في الصلاة، والفتوى رقم: 76980، لبيان حكم الكلام في الصلاة أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1427(11/7105)
الكلام الذي تبطل به الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تبطل الصلاة بخروج حرفين (كمن) ولم يسمعها من بجواري وغير مفهومة المعنى، لوحدها، فأرجو الإفادة عن هذه المسألة بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الصلاة تبطل بالكلام لما روى زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه، قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
وعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله تعالى عنه قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
وذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى أن الكلام المبطل للصلاة ما انتظم منه حرفان فصاعدا، لأن الحرفين يكونان كلمة كأب وأخ، وكذلك الأفعال والحروف، ولا تنتظم كلمة في أقل من حرفين، قال الخطيب الشربيني: الحرفان من جنس الكلام، لأن أقل ما يبنى عليه الكلام حرفان للابتداء والوقف، أو حرف مفهم نحو (ق) من الوقاية و (ع) من الوعي و (ف) من الوفاء، وزاد الشافعية مدة بعد حرف وإن لم يفهم نحو (آ) لأن الممدود في الحقيقة حرفان وهذا على الأصح عندهم. ومقابل الأصح أنها لا تبطل، لأن المدة قد تتفق لإشباع الحركة ولا تعد حرفا، وذهب المالكية إلى أن الكلام المبطل للصلاة هو حرف أو صوت ساذج، سواء صدر من المصلي بالاختيار أم بالإكراه، وسواء وجب عليه هذا الصوت كإنقاذ أعمى أو لم يجب، واستثنوا من ذلك الكلام لإصلاح الصلاة فلا تبطل به إلا إذا كان كثيراً، وكذا استثنوا الكلام حالة السهو إذا كان كثيراً فإنه تبطل به الصلاة أيضاً. ولم يفرق الحنفية ببطلان الصلاة بالكلام بين أن يكون المصلي ناسياً أو نائماً أو جاهلاً، أو مخطأ أو مكرها، فتبطل الصلاة بكلام هؤلاء جميعاً، قالوا: وأما حديث: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. فمحمول على رفع الإثم، واستثنوا من ذلك السلام ساهيا للتحليل قبل إتمامها على ظن إكمالها فلا يفسد، وأما إن كان عمداً فإنه مفسد.
وكذا نصوا على بطلان الصلاة بالسلام على إنسان للتحية، وإن لم يقل: عليكم، ولو كان ساهيا. وبرد السلام بلسانه أيضاً، وذهب الشافعية إلى عدم بطلان الصلاة بكلام الناسي، والجاهل بالتحريم إن قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيداً عن العلماء، ومن سبق لسانه، إن كان الكلام يسيراً عرفاً، فيعذر به، واستدلوا للناسي بما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم من ركعتين، ثم أتى خشبة المسجد واتكأ عليها كأنه غضبان، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال لأصحابه: أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين. ووجه الدلالة: أنه تكلم معتقداً أنه ليس في الصلاة، وهم تكلموا مجوزين النسخ ثم بنى هو وهم عليها، ولا يعذر في كثير الكلام، لأنه يقطع نظم الصلاة وهيئتها، والقليل يحتمل لقلته ولأن السبق والنسيان في كثير نادر.
قال الخطيب الشربيني: ومرجع القليل والكثير إلى العرف على الأصح. وأما المكره على الكلام فإنه تبطل صلاته على الأظهر ولو كان كلامه يسيراً، ومقابل الأظهر لا تبطل كالناسي، وأما إن كان كلامه كثيراً فتبطل به جزماً، وذهب الحنابلة إلى بطلان الصلاة بكلام الساهي والمكره، وبالكلام لمصلحة الصلاة، والكلام لتحذير نحو ضرير، ولا تبطل عندهم بكلام النائم إذا كان النوم يسيراً، فإذا نام المصلي قائماً أو جالساً، فتكلم فلا تبطل صلاته، وكذا إذا سبق الكلام على لسانه حال القراءة فلا تبطل صلاته، لأنه مغلوب عليه فأشبه ما لو غلط في القراءة فأتى بكلمة من غيره. وقال ابن قدامة: إن تكلم ظانا أن صلاته تمت، فإن كان سلاما لم تبطل الصلاة رواية واحدة، أما إن تكلم بشيء مما تكمل به الصلاة أو شيء من شأن الصلاة مثل كلام النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين لم تفسد صلاته. انتهى من الموسوعة الفقهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(11/7106)
حكم صلاة من تيمم وهو يستطيع استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حكم قضاء الصلاة الفائتة، فأنا كنت أصلي بالتيمم لمدة سنوات، مع العلم بأنني قادرة على الوضوء، وذلك لجهلي وانتشار ظاهرة التيمم في مجتمعنا، فهل يجب علي قضاء هذه الصلوات، وإذا كان علي القضاء هل يمكنني أن أصلي التراويح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، ولا تصح الصلاة بالتيمم في حق من يقدر على الوضوء، إذ أن التيمم لا يصار إليه إلا مع عدم إمكان استعمال الماء، لكونه غير موجود أصلاً أو لكونه يسبب ضرراً محققاً أو مظنوناً بتجربة أو إخبار طبيب عارف، فإن عدل أحد إلى التيمم وهو يستطيع استعمال الماء لم يفده ذلك التيمم وكانت صلاته باطلة ويجب عليه قضاؤها، لذا فإن على الأخت السائلة أن تقضي جميع الصلوات التي كانت تتيمم لها وهي قادرة على الوضوء، ولبيان كيفية القضاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 70806، والفتوى رقم: 12700، ولها أن تصلي التراويح وغيرها من النوافل المقيدة دون المطلقة، ويرى بعض المالكية أن من عليه فوائت الصلاة لا يتنفل مطلقاً، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 40088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/7107)
ظهور ظل شخص أمام المصلي لا أثر له على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألتكم سابقاً ولم تجيبوني، كنت أصلي أمام باب، وجاء أحدهم ودق الباب وأنا أصلي فظهر ظله على الباب والستارة، فأصبحت أصلي وظله أمامي، هل صلاتي صحيحة، مع العلم بأنه لم يكن هناك سترة أمامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 28786، حكم السترة للمصلي وما يترتب على من مر من بين يديه مار -رجلاً كان أو امرأة- أثناء الصلاة، وذكرنا هنالك أن الصحيح أن مرور المرأة أمام المصلي لا يبطل صلاته وكذلك مرور غيرها، وإذا كان مرور الشخص أمام المصلي لا يبطل الصلاة فما بالك بما هو دونه مثل الظل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(11/7108)
الكلام اليسير غير المفهوم في الصلاة هل يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إذا تكلم الإنسان في الصلاة بكلام قليل جدا وغير مفهوم ولم يسمعه من بجواره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تكلم في صلاته لغير مصلحة الصلاة عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته ولو كان كلاما يسيرا أو غير مفهوم ولو لم يسمعه من بجواره، فالعبرة بوجود الكلام لا بكونه مفهوما أو مسموعا، قال ابن قدامة في المغني: أما الكلام عمدا وهو أن يتكلم عالما أنه في الصلاة مع علمه بتحريم ذلك لغير مصلحة الصلاة ولا لأمر يوجب الكلام فتبطل الصلاة إجماعا. اهـ.
وقد قسم الإمام النووي رحمه الله تعالى الكلام في الصلاة إلى ثلاثة أقسام فقال:
أحدها: أن يتكلم عامدا لا لمصلحة الصلاة فتبطل صلاته بإجماع، نقل الإجماع فيه ابن المنذر وغيره.
الثاني: أن يتكلم لمصلحة الصلاة بأن يقوم الإمام إلى خامسة فيقول: قد صليت أربعا أو نحو ذلك فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء أنه تبطل الصلاة، وقال الأوزاعي لا تبطل وهي رواية عن مالك وأحمد. اهـ.
والصحيح أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها لحديث ذي اليدين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم من ركعتين في صلاة رباعية فقال له ذو اليدين ـ أحد الصحابة ـ أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين. فقال الناس نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر وسجد سجدتي السهو. والحديث رواه البخاري ومسلم. والشاهد أنه لم تبطل الصلاة بسؤال ذي اليدين لأنه تكلم لمصلحة الصلاة.
وقال النووي: الثالث: أن يتكلم ناسيا ولا يطول كلامه مذهبنا أنه لا تبطل صلاته وبه قال جمهور العلماء. اهـ.
وأما من تكلم عامدا وهو جاهل بحكم الكلام في الصلاة فالصحيح أنها لا تبطل أيضا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا تبطل الصلاة بكلام الناسي والجاهل وهو رواية عن أحمد. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(11/7109)
هل تبطل الصلاة إذا أخطأ في ألفاظ الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أقمت الصلاة في مسجدنا الجامعي، وتكون عبر ميكروفونات، فلما أقمت أخطأت فيها ونسيت جزءاً منها، فما صحة الصلاة، أرجو الإجابة بالدلالة على الأحاديث الواردة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخطأك في الإقامة ونسيانك لبعضها لا يترتب عليه بطلان للصلاة، فالإقامة سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم ولا تبطل الصلاة بتركها كلها فضلاً عن ترك بعضها خطأً، قال ابن قدامة: وإن صلى مصل بغير أذان ولا إقامة، فالصلاة صحيحة على القولين، لما روي عن علقمة والأسود، أنهما قالا: دخلنا على عبد الله فصلى بنا، بلا أذان ولا إقامة رواه الأثرم، ولا أعلم أحداً خالف في ذلك إلا عطاء، قال: ومن نسي الإقامة يعيد، والأوزاعي قال مرة: يعيد ما دام في الوقت، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه، وهذا شذوذ، والصحيح قول الجمهور، لما ذكرنا، ولأن الإقامة أحد الأذانين، فلم تفسد الصلاة بتركها كالآخر. انتهى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5431.
وما صدر منك خطأ أو نسياناً لا إثم عليك فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(11/7110)
مدى أثر الكلام على صلاة الإمام والمأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال صلاة العشاء في المسجد رن جرس هاتف جوال أحد المصلين مرتين فتكلم الإمام في وسط الصلاة وقال الرجاء غلق الهاتف ما حكمكم عن هذا التصرف؟ وهل يبطل صلاة الإمام وحده أم الكل؟
مع الشكر سلفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام الصادر عن الإمام المذكور إذا كان عمدا فقد بطلت صلاته بإجماع أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: أما الكلام عمدا , وهو أن يتكلم عالما أنه في الصلاة , مع علمه بتحريم ذلك لغير مصلحة الصلاة , ولا لأمر يوجب الكلام , فتبطل الصلاة إجماعا. انتهى
وفي المجموع للنووي بعد تقسيمه للكلام في الصلاة إلى عدة أقسام: (أحدها) : يتكلم عامدا لا لمصلحة الصلاة فتبطل صلاته بالإجماع , نقل الإجماع فيه ابن المنذر وغيره. انتهى
وكلام ذلك الإمام لاتتوقف عليه صحة الصلاة لأن رنين الهاتف لا يبطل الصلاة, وإن ترتب عليه التشويش على المصلين، وإن تكلم الإمام المذكور سهوا أو جهلا فصلاته صحيحة عند بعض أهل العلم. وقد اختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في الفتاوى الكبرى: ولا تبطل الصلاة بكلام الناسي والجاهل وهو رواية عن أحمد. انتهى
والإقدام على الكلام المذكور إن كان عمدا مع معرفة حرمته فهو معصية وإثم؛ لأن إبطال الصلاة وقطعها لا يجوز من غير عذر شرعي يبيح ذلك؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 32896، وإن كان عن نسيان أو جهل بغرض قطع التشويش على المصلين فصاحبه معذور لا إثم عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه في السنن وصححه الشيخ الألباني.
وحيث بطلت صلاة الإمام هنا فلا تبطل صلاة المأمومين لأن سبب البطلان مما قد يخفى عليهم, فيمكن أن يعتقدوا صواب ما أقدم عليه ذلك الإمام، وإنما تبطل صلاتهم إذا كان سبب البطلان مما لا يخفى عليهم وتابعوا الإمام بعد ذلك. وراجع الفتوى رقم: 45353، والفتوى رقم: 46834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(11/7111)
حكم من ابتلع نخامة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بلع النخامة يبطل الصلاة أو الصيام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتلاع الصائم للنخامة سبق تفصيل حكمه عند أصحاب المذاهب الأربعة وذلك في الفتوى رقم: 24697.
ومن ابتلع نخامة أثناء الصلاة عمدا مع قدرته على طرحها فقد بطلت صلاته. قال الحطاب في مواهب الجليل المالكي: من ابتلع نخامة في الصلاة وهو قادر على طرحها بطلت صلاته وصومه إن كان صائما. انتهى
قال الشربيني الخطيب في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع وهو شافعي متحدثا عن مبطلات الصلاة: وابتلاع نخامة نزلت من رأسه إن أمكنه مجها ولم يفعل. انتهى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(11/7112)
لا بأس بالحركة القليلة في أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ولدان عمرهما سنتان والآ خر 3 أشهر لا أستطيع تركهما وحدهما حيث إن الأول يغار كثيرا ولا يتوانى عن ضرب أخيه كلما سنحت الفرصة عند الصلاة أجد صعوبة كبيرة في الخشوع حيث إنه علي مراقبتهما لأني وحدي بالمنزل ولا أستطيع ترك الابن الأكبر في غرفة أخرى لأنه أيضا صغير ويحتاج لمراقبة أحيانا كثيرة يجهش الصغير بالبكاء وأنا وسط الصلاة ولا بد من إعطائه مصاصته خشية أن يختنق بقوة البكاء فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك وضع ولدك الصغير في مكان مرتفع كسرير لا يصل إليه الولد الكبير وتصلي بجواره إن أمكنك ذلك, أو تشغلي ولدك الكبير ببعض الألعاب ونحو ذلك من الأساليب. ولا بأس بالحركة القليلة في أثناء الصلاة, كأن تكوني ساجدة فتضعي في فم ولدك ما يسكته. وأما الحركة الكثيرة فتبطل الصلاة، وأما عن الخشوع فطالعي الفتوى رقم: 23481، والفتوى رقم: 53232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(11/7113)
حكم الصلاة بوضوء لم يصل الماء فيه إلى إصبع المتوضئ
[السُّؤَالُ]
ـ[توضأت للصلاة وبعد أن انتهيت من الصلاة رأيت على أصبعي أثراً لمادة تمنع وصول الماء إلى الجلد، وهذه المادة أعلم بوجودها قبل الوضوء وحاولت إزالتها والظاهر أني لم أرها كلها، وإنما رأيت جزءا منها فأزلته ولم أر الجزء الباقي إلا بعد الانتهاء من الصلاة، فهل أعيد الوضوء والصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الصبغ غليظاً يمنع وصول الماء إلى البشرة ولم تزله مع قدرتك على إزالته فصلاتك بذلك الوضوء غير صحيحة سواء تركت إزالته عمداً أو سهواً، قال الإمام النووي رحمه الله: إذا كان على بعض أعضائه شمع أو عجين أو حناء أو أشباه ذلك فمنع وصول الماء إلى شيء من العضو لم تصح طهارته سواء كثر ذلك أم قل، ولو بقي على اليد وغيرها أثر الحناء ولونه دون عينه أو أثر دهن مائع بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجري عليها، لكن لا يثبت صحت طهارته. انتهى.
وجاء في التاج: أما الأدهان على أعضاء الوضوء فإن كانت غليظة جامدة تمنع ملاقاة الماء فلا بد من إزالتها، وإن لم تكن كذلك صحت الطهارة. انتهى، فالواجب عليك إعادة الصلاة بطهارة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(11/7114)
السلام قبل انتهاء الصلاة عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلى العصر قضاء في وقت المغرب فجاء شخص يصلي خلفي معتقدا أنني أصلي المغرب، فاضطررت أن أسلم بعد ثلاث ركعات فقط ثم جئت بالرابعة منفردا لأتمم صلاة العصر. فهل في ذلك شيء؟
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السلام المذكور قد صدر منك عمدا، وبالتالي فصلاتك للعصر قد بطلت، ويجب قضاؤها لأن السلام عمدا قبل محله من مبطلات الصلاة، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي: وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها لأنه تكلم فيها والباقي منها إما ركن أو واجب، وكلاهما تبطل الصلاة بتركه تعمدا. انتهى.
وفي بدائع الصنائع للكاساني وهو حنفي: والأصل أن السلام العمد يوجب الخروج عن الصلاة إلا سلام من عليه السهو وسلام السهو لا يوجب الخروج عن الصلاة. انتهى.
وكان الواجب عليك أن تتم صلاتك أربعا، والذي يقتدي بك وهو يصلي المغرب تصح صلاته عند بعض أهل العلم، وقد تقدم بيان ما ينبغي له أن يفعله إذا قمت لإتمام صلاتك أربعا، وذلك في الفتوى رقم: 10038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(11/7115)
هل يقطع الصلاة مرور الصبي الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الطفل الصغير يبطل الصلاة عندما يقف بين يدي المصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرور الصبي أو وقوفه بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة ولا يبطلها كما بينا في الفتوى رقم: 27134، ولكن ينبغي منعه من المرور بين يديه ودفعه، لأنه قد يشوش على المصلى صلاته فيذهب خشوعه.
ويستثنى من ذلك ما كان لحاجة كما بينا في الفتوى رقم: 60917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(11/7116)
أحكام القهقهة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قهقه في صلاة المغرب وهو مأموم؟ وهل يحمل الإمام وزره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صدرت منه قهقهة أثناء الصلاة فصلاته باطلة.
ففي المجموع للنووي وهو شافعي: وأما الضحك والبكاء والأنين والتأوه والنفخ ونحوها، فإن بان منه حرفان بطلت صلاته وإلا فلا، وسواء بكى للدنيا أو للآخرة. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن ضحك فبان حرفان فسدت صلاته، وكذلك إن قهقه ولم يكن حرفان. وبهذا قال جابر بن عبد الله، وعطاء، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفا. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: من المدونة قال مالك: إن قهقه المصلي قطع وابتدأ. انتهى
وعند الحنفية أن القهقهة تبطل الوضوء والصلاة, قال الكاساني في بدائع الصنائع -وهو حنفي- متحدثا عن مبطلات الصلاة: (ومنها) القهقهة عامدا كان أو ناسيا; لأن القهقهة في الصلاة أفحش من الكلام, ألا ترى أنها تنقض الوضوء والكلام لا ينقض, ثم لما جعل الكلام قاطعا للصلاة ولم يفصل فيه بين العمد والسهو فالقهقهة أولى. انتهى
وعند المالكية إذا ضحك المأموم تمادى وجوبا على صلاته الباطلة خلف الإمام بالشروط التالية:
1ـ إذا لم يقدر على ترك الضحك غلبة أو نسيانا.
2ـ إذا لم تكن الصلاة جمعة.
3 ـ إذا لم يترتب على تماديه ضحك غيره من المأمومين.
4ـ أن يكون الوقت متسعا لقضاء الصلاة بعد سلام الإمام.
قال محمد عليش في منح الجليل وهو مالكي: (وتمادى) وجوبا الشخص (المأموم) المقهقه في صلاته مع إمامه الباطلة لحق الإمام واحتياطا للصلاة لحرمتها إذ قد قيل بصحتها (إن لم يقدر) المأموم حال ضحكه (على الترك) من ابتدائه إلى انتهائه، بأن كان كله غلبة من أوله لآخره أو نسيانا كذلك، فإن قدر على تركه بأن ابتدأه مختارا أو غلبة أو نسيانا وأمكنه تركه بعد ذلك فتمادى فيه فلا يتمادى؛ بل يقطع ويبتدئ مع إمامه، ولم تكن الصلاة التي ضحك فيها جمعة وإلا قطعها وابتدأها لئلا تفوته، ولم يلزم على تماديه ضحك غيره من المأمومين كلا أو بعضا، وإلا قطع وخرج منهم واتسع الوقت؛ وإلا قطع وابتدأ. انتهى
والقهقهة لا تنقض الوضوء عند جمهور أهل العلم؛ لكن قوى شيخ الإسلام ابن تيمية استحباب الوضوء منها حيث قال فى الفتاوى الكبرى: مسألة: في رجل ضحك في الصلاة. فهل تبطل صلاته أم لا؟. الجواب: أما التبسم فلا يبطل الصلاة، وأما إذا قهقه في الصلاة فإنها تبطل، ولا ينتقض وضوؤه عند الجمهور كمالك والشافعي وأحمد ; لكن يستحب له أن يتوضأ في أقوى الوجهين، لكونه أذنب ذنبا، وللخروج من الخلاف، فإن مذهب أبي حنيفة ينتقض وضوؤه، والله أعلم. انتهى
وإذا كان الشخص قد ضحك في الصلاة غلبة ولم يكن له سبب في جلب الضحك المذكور فالإثم مرفوع عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
وإن تعمد الضحك فقد وقع في إثم عظيم وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى, ولا يتحمل عنه الإمام تلك المعصية لقوله: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(11/7117)
لا بأس بإغلاق الجوال أثناء الصلاة بحركة يسيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك محموله يرن وهو إمام ولم يجب عليه هل تبطل صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تبطل صلاة الشخص بعدم الرد على رنين الجوال وإن كان الأفضل له إغلاق الجوال بحركة يسيرة لا تؤثر على الصلاة, ومن الأولى للمصلى إغلاق الهاتف قبل الدخول في الصلاة مخافة ما يصدر من تشويش بسببه أثناء الصلاة. وراجع الفتوى رقم: 28442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(11/7118)
أثر خروج الريح من الذكر على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ...
إني أعاني من صدور رائحة من الذكر لذلك أخشى على الصلاة فهل يجوز الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الرائحة التي تجدها ناشئة عن خروج الريح التي هي من نواقض الوضوء فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم هل الوضوء في هذه الحالة باطل أم لا؟
فعند المالكية والحنفية لا تنقض الوضوء قال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: وكذلك الريح من القبل لا وضوء فيه عند مالك وأبي حنيفة وهو كالجشاء خلافا للشافعي. انتهى
وفي المبسوط للسرخسي وهو حنفي: فإن خرج الريح من الذكر فقد روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه حدث لأنه خرج من موضع النجاسة وعامة مشايخنا يقولون هذا لا يكون حدثا وإنما هو اختلاج فلا ينقض الوضوء. انتهى.
وعند الحنابلة إذا حصل يقين بوجوده نقض الوضوء قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وقال القاضي: خروج الريح من الذكر وقبل المرأة ينقض، وقال ابن عقيل: يحتمل أن يكون الأشبه بمذهبنا في الريح يخرج من الذكر أن لا ينقض، لأن المثانة ليس لها منفذ إلى الجوف، ولا جعلها أصحابنا جوفا، ولم يبطلوا الصوم بالحقنة فيه، ولا نعلم لهذا وجودا ولا نعلم وجوده في حق أحد، وقد قيل: إنه يعلم وجوده بأن يحس الإنسان في ذكره دبيبا، وهذا لا يصح فإن هذا لا يحصل به اليقين والطهارة لا تنقض بالشك، فإن قدر وجود ذلك يقينا نقض الطهارة، لأنه خارج من أحد السبيلين، فنقض قياسا على سائر الخوارج. انتهى.
أما الشافعية فالوضوء باطل عندهم في هذه الحالة قال النووي في المجموع: فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما ينقض الوضوء، سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد، ولا فرق في خروج الريح بين قبل المرأة والرجل ودبرهما، نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم، واتفق عليه الأصحاب، قال أصحابنا: ويتصور خروج الريح من قبل الرجل إذا كان آدر، وهو عظيم الخصيين، وكل هذا متفق عليه في مذهبنا. انتهى.
وإن كانت الرائحة المذكورة لا علاقة لها بالريح الناقضة للوضوء فلا يترتب عليها نقض للوضوء ولا تمنع الصلاة ولا تبطلها, واحرص على النظافة دائما لأن الإسلام يحث عليها.
إضافة إلى استعمال الطيب دائما اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يحبه ويحث على استعماله، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 50154. ولا بأس بعرض حالتك على طبيب مختص في هذا المجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(11/7119)
الجهر في محل السر والعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[ووفقكم الله لخير هذا العمل وألهمكم المزيد من التقوى.
سيدي الكريم. سؤالي هو: كنت أصلي والحمد لله أرشدني لطريق الإسلام ولكن بعد مرور العديد من السنوات تقريبا 04 سنوات اكتشفت أني كنت أصلي مع ارتكاب بعض الأخطاء (الصلاة جهرا مكان السر وبعض الأخطاء في الكلام الذي ينبغي أن يلفظ) فيا سيدي الكريم هل صلاتي صحيحة مع العلم أني لم أكن أعلم بهذه الأخطاء وعدم تعمدي لها. أفدني في صحة صلاتي وهل علي إعادتها وهل توجد كفارة لذلك. وشكرا وأطال الله في عمركم في طاعة الله؟
لا إله إلا الله محمد رسول الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهر في محل السر أو السر في محل الجهر لا تبطل به الصلاة كما سبق في الفتوى رقم: 33234، وانظر الفتوى رقم: 54023، لكن يسن كل منهما في محله، ويسجد لسهوهما عند المالكية قبل السلام إن أسر في محل الجهر، وبعده إن جهر في محل السر.
وكان ينبغي للأخ السائل أن يبين نوع الخطأ الذي اكتشفه أو اطلع عليه في صلاته وحيث لم يبين ذلك فنحن نحيله على بعض الفتاوى التي تبين أركان الصلاة ومبطلاتها فليراجع الفتوى رقم: 12455، والفتوى رقم: 6403، فإذا كان الخلل المذكور يتعلق بالفاتحة أو تكبيرة الإحرام أو القدر الواجب من التشهد مما يغير المعنى وكان يستطيع إصلاحه فإن عليه أن يقضي الصلوات التي صلاها بهذا الخطأ في هذه الفترة المذكورة، لأن المسلم مأمور وجوبا بتعلم أحكام ما تصح به صلاته وما تفسد به، فإن فرط في التعلم مع إمكانه لم يعذر في ذلك، ولبيان كيفية قضاء الفوائت تراجع الفتوى رقم: 31107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(11/7120)
حكم الصلاة بملابس عليها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الملابس التي عليها صور؟ وهل تصح الصلاة بها إذا لبسنا فوقها ما يسترها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 4371 بيان أن الصحيح من أقوال أهل العلم حرمة لبس الثياب المشتملة على صور لذوات الأرواح سواء كانت صورا لبني آدم أولبعض البهائم، وتصح الصلاة في هذه الثياب إذا كانت الصلاة مستوفاة لشروطها وأركانها وواجباتها وسلمت مما يبطلها سواء تم ستر تلك الصور أم لا، وهذا مع حصول الإثم الحاصل بسبب لبس تلك الثياب المذكورة.
وراجع الفتوى رقم: 21359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(11/7121)
صلاة المتلبس بالنجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألت قبل ذلك عن سلس البول وأجبتني بأنه يجب تغيير الحفاظة مع كل صلاة, لو كنت في منزلي فلا مشكلة عندي لكن أشعر بالحرج عندما أكون خارج منزلي وعندما نكون عند أحد من أقاربنا مثلا ونقضي عنده وقتا طويلا فهل لي رخصة, أنا الآن لا أخرج ولا أحب زيارة أهلي إلا في فترة الدورة الشهرية حتى لا أضطر للصلاة بدون طهارة كاملة. وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطهارة من الخبث من شروط صحة الصلاة، فلا تصح صلاة من صلى متلبسا بنجاسة لا يعفى عنها ما دام يستطيع إزالتها. وعليه، فإن وجود الأخت السائلة في غير مكانها لا يبيح لها الصلاة بدون طهارة كاملة، ويجب عليها إذا أرادت أن تصلي أن تتطهر وتغير الحفاظة إن وجدت لذلك سبيلا ولو أن ترجع إلى مكانها، مع أنه يمكنها إذا كانت في زيارة أن تبدل الحفاظة داخل الحمام إذا وجدت بدلها أو تغسل التي كانت عندها في حال عدم وجود بدلها تفعل ذلك في الحمام وتتوضأ وتصلي ولا يوجد حرج في هذا، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 57848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1426(11/7122)
يصح للمصلي تقليد القائل بالصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نقضي الصلوات كصلاة واحدة أو لعدة أيام لم نصلي بها لأعذار نجهلها أو صليناها وتبينا فيما بعد بأنها باطلة، والمرأة في السوق كيف تصلي الصلاة كصلاة الظهر أو كصلاة المغرب وإذا أخرتها متى تصليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فرط بترك بعض الصلوات أو كان يؤديها بصورة لا تصح على قول أحد من أهل العلم فإن عليه أن يتوب إلى الله جل جلاله، ويبادر إلى تعلم كيفية الصلاة الصحيحة والقضاء لما فاته على الفور حسب استطاعته في أي ساعة من ليل أو نهار، فإن كانت الفوائت كثيرة قضى في اليوم الواحد صلاة يومين على الأقل؛ إلا إذا كان ذلك يؤخره عن كد لعياله فيجوز الاقتصار على صلاة يوم. قال الدسوقي: فالواجب حالة وسطى فيكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر، ولا يكفي قضاء يوم في يوم؛ إلا إذا خشي ضياع عياله إن قضى أكثر من يوم. انتهى.
وأما ما كان يؤديه من الصلاة ووقع موافقا لمذهب من مذاهب أهل العلم فلا تلزمه إعادته؛ بل له تقليد القائل بالصحة كما فعل الإمام أبو يوسف الحنفي رحمه الله حينما اغتسل يوم الجمعة من ماء سقطت فيه فأرة فماتت ولم يعلم بذلك فاغتسل منه، فقيل له: إن الماء الذي اغتسلت منه سقطت فيه فأرة فماتت! -وكان مذهبه تنجس الماء القليل وهو ما دون القلتين بمجرد وقوع النجاسة فيه- فقال: نأخذ بقول إخواننا أهل المدينة لا ينجس الماء ما لم يتغير. وأما إذا لم يوافق قول إمام من أئمة الإسلام فإن عليه إعادة تلك الصلاة لأنها باطلة عند الجميع.
والحاصل أن من ضيع صلوات كثيرة فإنه تجب عليه المبادرة إلى قضائها فورا، وليكن أقل ما يقضيه في اليوم الواحد صلاة يومين ما لم يكن ذلك يؤخره عن كسبه للنفقة على عياله.
وعلى المرأة أن تؤدي الصلاة في وقتها سواء كانت في السوق أو في غيره، ولو كانت في السوق فيمكنها أن تذهب متطهرة أو تتطهر هناك إن كانت تعلم إمكان ذلك، فإذا حضر وقت الصلاة فتذهب وتصلي في مؤخرة المسجد مع الناس أو تصلي بعد خروجهم أو تصلي في أي مكان طاهر، ولا يجوز لها تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بحجة أنها في السوق، بل عليها أن تتحرى وتجتهد لأداء صلاتها في وقتها. ولو ضاق عليها الأمر يوما فلم تتمكن فلها أن تجمع بين الظهر والعصر تقديما أو تأخيرا وكذا بين المغرب والعشاء لما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. ولو قدر أنها لم تصلها حتى خرج وقتها ولم تتمكن من جمعها فإن عليها قضاءها متى تمكنت من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/7123)
البكاء والدعاء بملاذ الدنيا في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرات في كتاب أصول الفقه على المذاهب الأربعة أن الذي يبكي في صلاته على أمور الدنيا تبطل صلاته وأنه لايجوز الدعاء إلا فيما يخص التعبد ولا يجوز الدعاء بما يتمنى الإنسان في الدنيا كأن يقول اللهم زوجني فلانة أو اجمعني بفلانة بالحلال أو طلب رزق أو توفيق في الدنيا وأمورها فما معنى هدا الكلام مع العلم بأني لست مقلدة بل اتبع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وبالنسبة للبكاء فأحيانا أبكي لتذكري ذنبا اقترفته او اقترفه من أحب من أب أو أم أو عند سماعي للإمام يقرأ آية عن الدنيا أحيانا أكون متألمة وأشعر بضيق عند صلاتي تنهمر دموعي وأحيانا أتدكر من أحب من الموتى وأحن لهم وأحيانا أتدكرهم وأتدكر أن الموت قريب جدا أفيدوني أفادكم الله مادا أفعل وأنا أعلم أن المرء أقرب مايكون لربه وهو بين يديه وهو ساجد له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء عبادة عظيمة ينبغي للمسلم المواظبة عليها والإكثار منها خصوصا في الأوقات التي تظن فيها استجابة الدعاء ومن تلك الأوقات أثناء السجود في الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم
ولأهل العلم مذهبان في شأن الدعاء في الصلاة إذا كان الدعاء مشتملا على طلب بعض ملذات الدنيا أو شهواتها من كل ما يشبه كلام الآدميين.
فعند الحنابلة والحنفية تبطل الصلاة في هذه الحالة خلافا للشافعية والمالكية، ففي دقائق أولي النهى وهو حنبلي: وعلم من قوله أو بأمر الآخرة أنه ليس له الدعاء بما يقصد منه ملاذ الدنيا وشهواتها كاللهم ارزقني جارية حسناء أو طعاما طيبا أو بستانا أنيقا فتبطل به لحديث إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن. رواه مسلم انتهى.
وفي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي وهو حنفي: كقولك أعطني مالا وأطعمني واقض ديني وزوجني امرأة وما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها فإن ذلك يفسد الصلاة. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل وهو مالكي: أي حيث جاز الدعاء دعا الشخص المصلي بما أحب مما هو ممكن من أمر أخراه أو دنياه كتوسعة رزق وزوجة حسناء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: مذهبنا أنه يجوز أن يدعو فيها أي الصلاة بكل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة من أمور الدين والدنيا وله اللهم ارزقني كسبا طيبا وولدا ودارا وجارية حسناء يصفها واللهم خلص فلانا من السجن وأهلك فلانا وغير ذلك، ولا يبطل الصلاة شيء من ذلك عندنا. ..وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 19525.
والبكاء في الصلاة فيه تفصيل فتارة يكون سببه التأثر بكتاب الله تعالى أو الخوف من عقابه.
وتارة يكون بسبب مصيبة دنيوية أو مرض، وأحيانا يكون غلبة وأحيان يكون اختيارا، وفي بعض الأحيان يحصل بصوت أو بدونه وكل هذه الحالات وأحكامها مفصلة في الفتوى رقم: 55754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1426(11/7124)
يجب قضاء الصلوات لمن أداها على وجه غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عشر سنوات وأنا أصلي واليوم اكتشفت أن هناك خللا في الطهارة وفي الصلاة لا تقبل معه الصلاة فما الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان ينبغي للأخ السائل أن يبين نوع الخلل الذي اكتشفه أو اطلع عليه فيما يتعلق بصحة الطهارة والصلاة، وحيث لم يبين ذلك فنحن نحيله على فتاوى تبين فرائض الغسل والوضوء وما ينتقض به الوضوء والفتاوى أرقامها كالتالي: 14001، 3682، 1795، ولبيان أنواع الطهارة راجع الفتوى رقم: 48837، ولبيان أركان الصلاة ومبطلاتها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 12455. 6403. فإذا كان الخلل المذكور مما يتعلق بفرائض الصلاة وأركانها، أو مما يتعلق بفرائض الوضوء المتفق عليها، أو كان خللا في الغسل بأن كان لا يعمم الجسد -مثلاً- أو كان يترك النية فإن الصلاة لم تصح، وعليه أن يقضي الصلوات التي صلاها في هذه الفترة التي لم تصح فيها صلاته، كما عليه قضاء ما فاته من الصلوات مما لم يصل أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(11/7125)
لا يمتنع المسكر عن الصلاة إذا أفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا شرب المرء مسكرا هل صحيح لا يصلي إلا بعد مرور عدة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرب المسكرات من الكبائر العظيمة والآثام الجسيمة، وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وقد ورد فيها من الوعيد قوله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام. وإن على الله عهدًا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. رواه مسلم.
وأخرج الترمذي بسند حسن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين صباحًا.
والمرء إذا سكر وفقد عقله بحيث لم يعد يعلم ما يقول فصلاته باطلة لقول الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ {النساء:43} . ومع هذا فلم يرد أن شارب المسكر لا يصلي إلا بعد مرور عدة أيام، بل يجب عليه أن يبادر إلى التوبة، وأن يقيم الصلاة متى أفاق من سكره، وإلا كان عليه إثم السكر وإثم ترك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(11/7126)
الرد على هاتف الطوارئ أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في قسم الطوارئ في مصنع الغاز وكنت أصلي الظهر وبعد الركعة الثانية رن تلفون الطوارئ فتركت الصلاة ورددت على الهاتف وتكلمت بعض الكلمات ثم واصلت الصلاه فهل تجوز صلاتي.علما أني سجدت السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الإقدام على قطع الصلاة للرد على الهاتف المذكور إذا كان عدم الرد عليه ستترتب عليه مفسدة معتبرة شرعاً، أو تترتب على ذلك عقوبة يشق عليك تحملها، وهذا النوع من الكلام مع كونه واجباً إلا أنه من مبطلات الصلاة إذا كان عمداً، قال المواق في التاج والإكليل المالكي: المازري إذا تكلم عمداً لاستنقاذ مسلم كتحذير أعمى من الوقوع في مهلكة فإنه عندنا يبطل الصلاة وإن كان الكلام واجب اً. انتهى
هذا إضافة إلى أن الكلام في الصلاة عمداً لغير إصلاحها مبطل لها عند أهل العلم مطلقاً.
قال النووي في المجموع: فرع في مذاهب العلماء في كلام المصلي هو ثلاثة أقسام.
أحدها يتكلم عامداً لا لمصلحة الصلاة فتبطل صلاته بالإجماع، نقل الإجماع فيه ابن المنذر وغيره لحديث معاوية بن الحكم السابق وحديث اب ن مسعود وحديث جابر وحديث زيد بن أرقم وغيرها من الأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله تعالى. إلى أن قال: الثالث: أن يتكلم ناسياً ولايطول كلامه فمذهبنا أنه لا تبطل وبه قال جمهور العلماء منهم ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وأنس وعروة بن الزبير وعطاء والحسن البصري والشعبي وقتادة وجميع المحدثين ومالك والأوزاعي وأحمد في رواية وإسحاق وأبو ثور وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.
وقال النخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأحمد في رواية تبطل. انتهى
وعليه فما صدر من الكلام منك يبطل الصلاة ولا يصححها سجود السهو فتجب عليك إعادتها فوراً
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1426(11/7127)
صلاة من أدرك السجود فاعتد الركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت إلى فضيلكتم بسؤال فأحلتموني إلى فتاوى سابقة حيث إني لم أجد الجواب الشافي، ورقم السؤال هو 289978 والسؤال هو: دخل مصل المسجد في صلاة المغرب ووجد المصلين في الركعة الأخيرة فأحرم وسجد مباشرة قبل الإمام، وعند سجود الإمام رفع من السجود وبعد تسليم الإمام أتى بركعتين وسلم فقلت له قم وأت بركعة لأن الركعة الأولى باطلة، هل ما قام به هو الصواب أم لا، أم ماذا يجب عليه أن يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط في إدراك المأموم للركعة أن يدرك الإمام وهو في الركوع قبل أن يرفع ويجتمع معه بقدر قول سبحان الله قبل أن يرتفع عن قدر الإجزاء من الركوع، وقدر الإجزاء في الركوع هو: الانحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: إذا أدرك مسبوق الإمام راكعا وكبر وهو قائم ثم ركع، فإن وصل المأموم إلى حد الركوع المجزئ، وهو أن تبلغ راحتاه ركبتيه قبل أن يرفع الإمام عن حد الركوع المجزئ فقد أدرك الركعة وحسبت له، قال صاحب البيان: ويشترط أن يطمئن المأموم في الركوع قبل ارتفاع الإمام عن حد الركوع المجزئ. وأطلق جمهور الأصحاب المسألة، ولم يتعرضوا للطمأنينة، ولا بد من اشتراطها كما ذكره صاحب البيان.
وقيل لا يشترط أن يجتمع معه بقدر سبحان الله بل يجزئ أن يجتمعا في الركوع المجزئ ولو دون مقدار قول سبحانه الله، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ومن أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. رواه أبو داود.. إلى أن قال: وهذا إن أدرك الإمام في طمأنينة الركوع أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء فهذا يعتد بالركعة.
وعليه فصلاة الشخص المذكور باطلة إذا لم يدرك الركوع مع الإمام لأنه صلى المغرب ركعتين وما قلته له صحيح، والواجب عليه الآن إعادة صلاة المغرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/7128)
سقوط الجبيرة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سقطت الجبيرة من يد المصلي أثناء الصلاة, وكان قد مسح عليها في وضوئه, هل تبطل صلاته ويبطل وضوؤه، مع العلم بأن يده لم تشف بعد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 59451، أن سقوط الجبيرة أثناء الصلاة يبطلها، أما الوضوء فلا ينتقض إذا ردها ومسح عليها، أي فعل ذلك من غير طول فإن حصل الطول بين سقوطها وردها والمسح عليها انتقض الوضوء على القول بوجوب الموالاة في الوضوء، ولبيان أقوال الفقهاء في الموالاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 49273.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/7129)
حكم صلاة الإمام والمأمومين إذا زاد الإمام ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الشباب الدارسين في ماليزيا ... البارحة قام الأخ الذي يؤمنا في صلاة العشاء إلى ركعة خامسة ... سبحنا له، لكنه لم يجلس فقمنا ظانين أنه نسي الفاتحة في إحدى الركعتين السريتين.. ولما سألناه قال إنه لم ينس الفاتحة بل قام ناسيا ولا يجوز لمن فارقت ركبتاه الأرض الرجوع، قال له بعض الإخوة ذلك في التشهد الأول قال لا وإن كانت الخامسة.. السؤال هل الصلاة صحيحة، وإن بطلت هل يلزم على الجميع الإعادة.. نرجو الرد سريعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام في الحالة التي ذكرت قد زاد ركعة جاهلاً، وقد اختلف أهل العلم هل الجاهل كالناسي أم كالعامد؟ فعند الحنابلة أن الجاهل بمثابة الناسي وهذا مشهور في كتبهم، ومن الأمثله على ذلك ما يلي:
1- في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع: وإن فعله أي ركع أو سجد ونحوه قبل إمامه جهلاً أو سهواً ثم ذكره لم تبطل صلاته لما تقدم من أنه سبق يسير، ولحديث: عفي لأمتي الخطأ والنسيان. انتهى.
2- في الفروع لابن مفلح: وإن لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا كفارة عليه. انتهى.
وعند المالكية أن الجاهل كالعامد. ففي الفروق للقرافي: فإذا كان العلم بما يقدم الإنسان عليه واجباً كان الجاهل في الصلاة عاصياً بترك العلم فهو كالمتعمد الترك بعد العلم بما وجب عليه، فهذا وجه قول مالك رحمه الله أن الجهل في الصلاة كالعمد والجاهل كالمتعمد لا كالناسي. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي المالكي متحدثاً عن مبطلات الصلاة: قوله: وبتعمد زيادة ركن فعلي أي بزيادته عمدا وكذا جهلاً وهذا في الفرض والنفل المحدود كالوتر. انتهى.
وبالتالي فصلاة الإمام المذكور صحيحة عند الحنابلة باطلة عند المالكية، أما المأمومون الذين اعتقدوا قيام الإمام لموجب واتبعوه فصلاتهم صحيحة، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: وأما من تيقن ثبوت الموجب أو ظنه أو توهمه أو شك فيه فإنه يجب في هذه الأحوال أن يتبعه في قيامه وجوباً لأن الشخص إنما يعتد من صلاته بما تيقن أداءه. انتهى.
وأخيراً: يجدر التنبيه إلى أن المسلم يجب عليه تعلم أحكام فروض العين كالصلاة والصيام ونحوهما، وكلما تفقه في أمور دينه كان ذلك أعظم ثواباً عند الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 11280.
وعليه؛ فصلاة الإمام المذكور صحيحة عند الحنابلة خلافاً للمالكية، ولا شك أن من الاحتياط في الدين إعادته لتلك الصلاة خروجاً من خلاف أهل العلم، أما المأمومون فصلاتهم صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(11/7130)
من قاء في الصلاة استأنف ولم يبن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مرضت في بيت الله تعالى وطرأ علي القيء في السجدة الثانية في صلاة العشاء في جماعة واضطررت إلى قطع الصلاة وذهبت بعيدا عن المصلين ثم رجعت لكي أواصل الصلاة وهناك لا يوجد ماء ولا أستطيع أن أخرج من أمام المصلين، ما حكم ذلك هل أعيد الصلاة أم الصلاة صحيحة؟ وأيضا في صلاة الفجر نزل القيء على قميصي بين السجدتين في الركعة الأولى ولم أقطع الصلاة وكنت متعطشا لأن أواصل الصلاة واقفا ما حكم الصلاة ولا أستطيع أن أذهب بعيدا عن المصلين لينزل القيء بعيدا عنهم ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من سؤالك أنك قد حصل لك قيء في أثناْ صلاة العشاء ثم قطعتها ورجعت لتكملها، فإذا كان الأمر هكذا فهذه الصلاة باطلة لأمرين:
الأول: وجود نجاسة أثناء الصلاة لأن الذي عليه جمهور أهل العلم أن القيء نجس؛ كما سبق في الفتوى رقم: 9445 والفتوى رقم: 33258.
الأمر الثاني: قطعك للصلاة ورفضك لها، وهذا مبطل؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 54203 هذا إضافة أن هناك من أهل العلم من يقول بكون القيء ناقضا للوضوء، ولكن الرجح أن الوضوء منه مستحب فقط؛ كما في الفتوى رقم: 11378 والفتوى رقم: 55901.
وعليك في هذه الحالة أن تخرج من المسجد حتى تقوم بتطهير النجاسة؛ ولا يضرك المرور من أمام المصلين لأن سترة الإمام تعتبر سترة لهم، كما في الفتوى رقم: 61925.
ومن المعروف أن الحرم غالبا يتوفر فيه الماء كما هو معلوم، كما أن صلاة الفجر أيضا قد بطلت لحصول القيء فيها.
قال الإمام مالك في المدونة: من قاء عامدا أو غير عامد في الصلاة استأنف ولم يبن؛ وليس هو بمنزلة الرعاف لأن صاحب الرعاف يبني وهذا لا يبني. انتهى.
وعليه، فالواجب عليك إعادة صلاة العشاء والصبح بعد أن تقوم بتطهير النجاسة من ثوبك أو بدنك لنجاسة القيء عند جمهور أهل العلم.
وتطهير النجاسة يكون بغسل محلها حتى ينفصل الماء عن المحل طهورا غير متغير بالنجاسة؛ كما سبق في الفتوى رقم: 45586 هذا إضافة إلى استحباب الوضوء من خروج القيء كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/7131)
حكم تنبيه المصلي من بجانبه
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما أصلي وأنا ساجد وإذ بالرجل الذي يصلي بجانبي يرفع لي يدي ظنا منه أني أقعو أي أضع يدي مسترخية على الأرض، كما ورد النهي عنه، هل ما فعله الرجل صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على المصلي أن ينبه من بجنبه على ما يستحق التنبيه من باب النصح له، بشرط ألا يكون في ذلك كلام ولا حركة كثيرة ولا استدبار للقبلة، وراجع الفتوى رقم: 49177، والفتوى رقم: 2197.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(11/7132)
من صلى ناسيا المسح على الجوربين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت ألبس الجوارب على طهارة وتوضأت للصلاة وكانت نيتي المسح عليهما، ولكني نسيت المسح وصليت وتذكرت بعد فراغي من الصلاة أني لم أمسح على الخفين، فهل صلاتي صحيحة أم باطلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك باطلة تجب إعادتها لأنك أديتها بوضوء ناقص، فأنت بمثابة من صلى من غير غسل لرجليه في الوضوء، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: أن من ترك فرضا من فروض الوضوء أو الغسل غير النية يقينا أو شكاً غير مستنكح مغسولا أو ممسوحاً عضوا أو لمعة عمداً أو سهوا أتى به ثلاثا إن كان مغسولاً، ويأتي بالصلاة التي كان صلاها بذلك الوضوء كمن لم يصلها. انتهى.
وإذا تذكرت بالقرب فيكفيك المسح على جوربيك وإعادة الصلاة، أما إذا تذكرت بعد الطول فالواجب عليك استئناف الوضوء من جديد لفقدان المؤلاة التي هي فرض من فرائض الوضوء على الراجح من أقوال أهل العلم، والطول المعتبر هنا هو مدة من الزمن تكفي لجفاف أعضاء شخص معتدل بين الشباب والشيخوخة في زمان معتدل بين الحرارة وهبوب الريح في مكان معتدل بين الارتفاع والهبوط، وراجع الفتوى رقم: 49273.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(11/7133)
حكم حمل المصلي مادة مسكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص دخل لأداء صلاة من الصلوات وفي حوزته سيجارة فيها حشيش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 24171 والفتويين المحال عليهما فيها حرمة تناول الحشيش، وبيان ضرره على الإنسان في بدنه، وغيره.
كما أوضحنا في الفتوى رقم: 31538 أن المسكر النجس إنما هو المكسر المائع، وأما المسكر اليابس مثل الخشيش فهو غير نجس، وعلى ذلك فلا تبطل الصلاة لحمله فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(11/7134)
من تحقق من فساد وضوئه أثناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: بارك الله فيكم على هذا الموقع الهام والمفيد، سؤالي هو: مأموم شعر بأنّه انتقض وضوؤه وسط الصلاة هل يجب عليه قطع صلاته فوراً والخروج من المسجد، وإن كان خلفه مصلّون بحيث يتحرّج من العبور أمامهم ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تحقق من فساد وضوئه أثناء الصلاة فالواجب عليه قطعها والخروج من المسجد فوراً، ويستحب له أثناء الخروج أن يمسك أنفه كهيأة الراعف ستراً على نفسه، ولا حرج عليه في المرور من أمام المصلين لأن سترة الإمام تعتبر سترة لهم، فإن تعذر الخروج لشدة الزحام يبقى جالساً حتى يتمكن من الخروج ثم يتوضأ ويعيد الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 61925.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(11/7135)
الخطا في الصلاة الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن صيغة الصلاة على النبي في الصلاة: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلى أخر الصيغة. أخطأ في صلوات كثيرة لسنوات حيث كان يقول اللهم صلي على محمد وال محمد كما صليت علي إبراهيم وال إبراهيم إلى أخر الصيغة. نسي كلمة وعلى أو أخطأ ولم يقلها. هل الصلوات تكون باطلة وهل تجب عليه إعادة صلوات سنوات بسبب ذلك نرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من خطأ في الصلاة الإبراهيمية لا يبطل الصلاة ولا شيء فيه فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير اختلف العلماء في ركنيتها، فهي مستحبة عند أكثر العلماء ركن عند الحنابلة والشافعية، كما سبق في الفتوى رقم: 52582.
ولكن القائلين بركنية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يتحقق الركن عندهم بقول المصلي اللهم صل على محمد وما زاد على ذلك فمستحب.
وعليه، فالخطأ المذكور لا يبطل الصلاة، وبالتالي، فلا تلزمك إعادة صلواتك السابقة التي كنت تخطئ فيها، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 34380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(11/7136)
تشميت العاطس في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إذا عطس أحد أثناء الصلاة أن يقول الحمد لله ويرد الآخر يرحمك الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عطس في صلاته يجوز له أن يقول الحمد لله على الصحيح من كلام أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28927.
ألا أنه يستحب له الإسرار بالحمد أثناء الصلاة، وراجعي الفتوى رقم: 31375.
ومن رد على العاطس بقوله يرحمك الله أثناء الصلاة بطلت صلاته، قال الشيرازي في المهذب وهو من كتب الشافعية: وإن شمت عاطساً بطلت صلاته لحديث معاوية بن الحكم، ولأنه كلام وضع لمخاطبة الآدمي فهو كرد السلام.
وفي روضة الطالبين للنووي: ولو قال: يرحمك الله بطلت على المشهور. انتهى.
وفي فتح القدير لابن الهمام الحنفي: ومن عطس فقال له آخر: يرحمك الله وهو في الصلاة فسدت صلاته لأنه يجرى في مخاطبات الناس فكان من كلامهم. انتهى.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني وهو مالكي: لأن من في صلاة لا يجوز له تشميت العاطس، بل لو قال المصلي للعاطس يرحمك الله عمداً أو جهلاً بطلت صلاته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(11/7137)
الإتيان في الصلاة بذكر مشروع في غير محله له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أستخدم دعاء شرعيا خاصا بموقع ما, (كالدعاء الخاص بالصلاة الذي يقال قبل السلام) ، في موضع آخر غيره؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود الإتيان بالدعاء المذكور خارج الصلاة فلا بأس بذلك بل هو مرغب فيه لما ورد في فضل الدعاء والإكثار منه خصوصاً في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 49867.
أما إذا كان المقصود نقل ذكر مشروع في الصلاة من محل إلى آخر فيها، فالإتيان في الصلاة بذكر مشروع في غير محله له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك عمداً فإنه لا يبطل الصلاة ولا يترتب عليه سجود سهو.
الحالة الثانية: أن يكون ذلك سهواً فلا تبطل الصلاة كذلك، لكن يترتب على ذلك سجود سهو أم لا؟ في المسألة قولان:
وعلى القول أن سجود السهو مشروع في هذه الحالة فإنه على سبيل الندب لا على الوجوب، وإن كان المصلي مأموماً فلا سجود عليه لكون الإمام يحمله عنه، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 46593، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 50455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/7138)
حكم مخاطبة المصلي بالكلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت أصلي في المسجد منفردا جاء أحد الرجال وراح يكلمني: هل أنا أصلي الفرض أم السنة لكي يصلي معي جماعة. ولكني لم أرد عليه واكتفيت برفع درجة صوتي حتى أخبره بأنني أصلي الفرض. السؤال هل يجوز تكليم المصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع صوتك بقصد إفهام غيرك أنك في صلاة مفروضة لا بأس به كما سبق في الفتوى رقم: 49177. ومخاطبة المصلي بالكلام لا تنبغي لما يترتب عليها من التشويش عليه الذي صرح أهل العلم بكراهته. ففي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: ويكره رفع الصوت بقراءة تُغَلِّط المصلين لاشتغالهم. انتهى. وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا ينبغي للرجل أن يسلم على المصلي, ولا على المصلي أن يرد عليه بإشارة ولا غير ذلك، أما السلام فلأنه يشغل قلب المصلي عن صلاته فيصير مانعا له عن الخير، وإنه مذموم. انتهى. وفي حاشية العدوي على شرح الخرشي المالكي متحدثا عن المسائل التي يأثم فاعلها: وكذا مناول آخر شيئا، ومكلم آخر بين يدي المصلي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(11/7139)
الحدث يضاف إلى آخر أوقاته
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الصبح في المسجد ثم عدت للمنزل ونمت وبعد أن استيقظت بعد شروق الشمس وجدت أآثار مني جاف في ملابسي الداخلية (السروال) ، فهل أعيد صلاة الصبح بعد غسل الجنابة أم لا شيء علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تلزمك إعادة صلاة الصبح نظراً لما هو معروف من قواعد الفقه من أن الحدث يضاف إلى آخر أوقاته لا إلى ما قبل ذلك، فالأصل أنك على طهارة حتى صليت الصبح ووجود الاحتلام قبل ذلك مشكوك فيه واليقين لا يزول بالشك كما هو معروف أيضاً، وراجع الفتوى رقم: 58660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/7140)
تغيير النية أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أقوم للصلاة بنية الظهر، ولكن أثناء الصلاة أتذكر بأني قد أديت صلاة الظهر والصلاة التي أصليها الآن هي صلاة العصر، فماذا أفعل هل أسلم وأجدد النية أم أجدد النية أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نية الصلاة المعينة من أركان الصلاة، فلا بد عند النية من تعيين الصلاة في القلب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى. متفق عليه.
ولا يطالب بالتلفظ، بل إنه خلاف الأولى، فمن قام إلى صلاة الظهر مثلاً فلا بد من تعيينها في النية.
وعليه؛ فإن على الأخ السائل إذا وقع في مثل ما ذكر أن يقطع ويحرم بنية الصلاة الحاضرة، وإن كان قد تمادى في مثل هذا فعليه الإعادة، لأن النية وقتها عند الإحرام لا بعده، قال النووي في المجموع وهو شافعي: إذا أراد فريضة وجب قصد أمرين بلا خلاف: أحدهما: تعيين الصلاة المأتي بها هل هي ظهر أم عصر أم غيرهما.
وخلاصة القول أن الصلاة لا تصح إذا لم تعين في النية، ولا يمكن تغيير النية أثناء الصلاة من فرض إلى فرض آخر، ومن فعل ذلك بطلت صلاته، وعليه أن يستأنفها مرة أخرى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 41249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(11/7141)
أقوال العلماء فيمن سبقه الحدث في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل هل هناك قول في حالة إذا فسد وضوء المصلي وهو في التشهد الأخير أن يتوضأ ويكمل من عند التشهد في المذهب الحنفي أو في أي مذهب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من انتقض وضوؤه أثناء الصلاة عن عمد منه بطلت صلاته باتفاق العلماء، ولا يمكن أن يبني على ما مضى من صلاته، ولا بد أن يستأنف. وكذلك إذا غلبه الحدث وهو في الصلاة فإن صلاته تبطل، ولا يصح أن يبني على ما مضى من الصلاة، بل يتوضأ ويستأنف من جديد على مذهب مالك، والصحيح من مذهب الشافعي، والإمام أحمد. قال النووي رحمه الله في المجموع وهو شافعي: فرع: في مذاهب العلماء في جواز البناء لمن سبقه الحدث.. قد ذكرنا أن مذهبنا الصحيح الجديد أنه لا يجوز البناء بل يجب الاستئناف، وبه قال مالك وآخرون، وحكاه صاحب الشامل عن ابن شبرمة، وهو الصحيح من مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والأوزاعي: يبني على صلاته. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي المذهب: وأما بيان ما يفسد الصلاة، فالمفسد لها أنواع: منها الحدث العمد قبل تمام أركانها بلا خلاف حتى يمتنع عليه البناء، واختلف في الحدث السابق ـ وهو الذي سبقه أي غلبه من غير قصد ـ وهو ما يخرج من بدنه من بول أو غائط أو ريح أو رعاف أو دم سائل من جرح أو دمل به بغير صنعه. قال أصحابنا: لا يفسد الصلاة، فيجوز البناء استحسانا. وقال الشافعي: يفسدها، فلا يجوز البناء.
والحاصل أن من سبقه الحدث في الصلاة بطلت صلاته ولا يصح منه البناء عند مالك، وعلى الصحيح من مذهب الشافعي والإمام أحمد، ويصح منه البناء عند أبي حنيفة إن كان الحدث من غير قصد. فيذهب ويتوضأ ويكمل صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/7142)
الأكل والشرب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[من نواقض الصلاة الأكل والشرب المتعمد السؤال: كيف يأكل ويشرب الإنسان في الصلاة؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأكل أو الشرب عمدا في الصلاة يبطلها، وإن كان جهلا أو سهوا فلا يبطلها إلا إذا كثر عرفا، والأكل في الصلاة كالأكل في غيرها وهو معروف. قال الإمام النووي في المجموع: قال أصحابنا: إذا أكل في صلاته أو شرب عمدا بطلت صلاته، سواء قل أو كثر، هكذا صرح به الأصحاب ... والضابط على هذا أن ما أبطل الصوم أبطل الصلاة، ولا خلاف في بطلان الصوم بهذا. قال البغوي وغيره: والمضغ وحده يبطل الصلاة، وإن لم يصل شيء إلى الجوف حتى لو مضغ علكا بطلت صلاته، فإن لم يمضغه بل وضعه في فيه فإن كان جديدا يذوب فهو كالسكرة فتبطل صلاته على الصحيح، وإن كان مستعملا لا يذوب لم تبطل كما لو أمسك في فمه حصاة أو إجاصة فإنها لا تبطل قطعا. هذا كله في العامد، فلو أكل ناسيا للصلاة أو جاهلا بتحريمه فإن كان قليلا لم تبطل بلا خلاف، وإن كثر بطلت على أصح الوجهين ... وتعرف القلة والكثرة بالعرف.
ثم قال النووي رحمه الله تعالى: فرع: في مذهب العلماء في الأكل والشرب في الصلاة. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على منعه منهما وأنه إن أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا لزمه الإعادة، فإن كان ساهيا قال عطاء: لا تبطل وبه أقول، وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي: تبطل، قال: وأما التطوع فروي عن ابن الزبير وسعيد بن جبير أنهما شربا في صلاة التطوع وقال طاوس: لا بأس به. قال ابن المنذر: لا يجوز ذلك. ولعل من حكي ذلك عنه فعله سهوا. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(11/7143)
الصلاة خلف من يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام أحد المساجد عندما يقرأ سورة الفاتحة في الصلوات الجهرية ينطق قوله تعالى \"الرحمن الرحيم\" كما يلي \"الطحمن الطحيم\" مع أنني سمعته يقرؤها بشكل صحيح في موضع آخر من القرآن! فهل الصلاة خلف هذا الإمام صحيحة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تصح الصلاة خلف من يلحن هذا اللحن في الفاتحة سواء كان الإمام يعمل ذلك عمداً أو عن غير عمد، بل إن صلاة الإمام نفسه تبطل إن تعمد إبدال حرف بحرف مثل ما ذكرت، وقد بسطنا الكلام في هذا الموضوع في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 23898، 60642، 56522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(11/7144)
الصلاة والشعر مدهون بزيت كريه الرائحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيلا على إجابتكم عن سؤالي وأريد أن أستفسر عن سؤال آخر أستعمل بعض الوصفات الزيتية ذات الرائحة الكريهة لمعالجة شعري من السقوط فهل تجوز صلاتي وشعري مدهون بهده الزيوت؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المواد الزيتية التي تعالجين بها شعرك لم يدخل في تركيبتها مادة نجسة فيجوز لك أن تصلي بها ولا حرج عليك في ذلك لمجرد الرائحة، فإنها لا تبطل الصلاة، إلا أنه ينبغي للمسلم وهو في صلاته يناجي ربه، كما في الحديث: إذا كان أحدكم في صلاته فإنه يناجي ربه.. متفق عليه ينبغي له أن يكون على أكمل هيئة وأتمها وأحسنها، ففي الحديث: إن الله جميل يحب الجمال.. أخرجه مسلم.
ولو كان الأمر يتعلق بمقابلة ومناجاة عظيم من عظماء الدنيا للبس المرء أبهى حلله وانتقى أجمل عطوره وحرص أن يكون على أكمل حال، فكيف بمن يقف بين يدي رب الأرباب ويناجي قيوم السموات والأرض ومليكهن الذي بيده الأمر وهو على كل شيء قدير، وله المثل الأعلى سبحانه، فيجب على المسلم أن يعي ذلك ويستشعره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(11/7145)
تعمد الانحراف الكثيرفي الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بمدينتنا مسجد ذو شكل خارجي متعدد الاتجاهات وعند امتلائه يوم الجمعة يضطر المصلون للصلاة خارج أسوار المسجد ولكنهم يتخذون الصفوف موازية للحائط فيضيعون استقبال القبلة فهل يجوز اتباعهم في نفس الصفوف علما وأني أعرف اتجاه القبلة بالاستعانة بالبوصلة.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمصلين أن ينحرفوا عن القبلة ولو كان الجدار الذي يصلون أمامه منحرفا عنها أو مدورا بل ولو كان المسجد نفسه منحرفا فما بالك بالأسوار خارجه، ولا يجوز للسائل أن يتابع المصلين على ذلك الانحراف إن كان ثم انحراف، بل عليه أن ينبه على أن الانحراف المتعمد يبطل الصلاة إن كان انحرافا كثيرا، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 15685. قال العدوي في حاشيته على الخرشي على متخصر خليل وهو مالكي وفي المدونة: ومن استدبر أو شرق أو غرب ويظن أنها القبلة وعلم في الصلاة قطع وابتدأ الصلاة بإقامة وإن علم بذلك بعد الصلاة أعاد في الوقت. انتهى. وإن كان الانحراف يسيرا وهو ما دون حد الاتجاه إلى الشمال أو الجنوب في تلك البلاد بأن اتجه إلى الجنوب الشرقي أو الشمال الشرقي وتبين ذلك في الصلاة اتجه للقبلة وبنى على مامضى في الصلاة وبعدها فلا إعادة. وفي العدوي أيضا عن بهرام قال في المدونة: من علم أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب قطع وإن علم في الصلاة أنه انحرف يسيرا فلينحرف للقبلة وبيني. انتهى. وخلاصة القول أن تعمد الانحراف الكثير مبطل لأنه ترك شرط من شروط الصلاة عمدا. قال في الدردير ممزوجا بنص خليل: (وبطلت) الصلاة (إن) أداه اجتهاده لجهة و (خالفها) وصلى لغيرها متعمدا (وإن صادف) القبلة في الجهة التي خالف إليها ويعيد أبدا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/7146)
الشك في خروج شيء أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني أثناء الصلوات أشك في انتقاض الوضوء بنزول شيء من الذكر لكني لا أقطع الصلاة وأواصل صلاتي ولكن بعض الأحيان أثناء الصلاة أنوي أنه إذا خرجت من الصلاة وتحققت من نقض الوضوء فسوف أعيد الصلاة. فهل هذه النية المعلقة تبطل الصلاة؟ فقد علمت أنه من تردد في قطع الصلاة فإن صلاته تبطل وأنا لم أتردد في قطعها ولكني أنوي إعادتها إذا تأكدت من نزول شيء مني. فهل هذه النية بإعادتها بهذه الطريقة تبطل الصلاة؟ وماذا علي أن أفعل إذا شككت في صحة الوضوء أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد المقررة في الشرع أن اليقين لا يزول بالشك، فمن كان متطهرا وشك في انتقاض وضوئه سواء كان في الصلاة أو في خارجها فلا ينتقض وضوؤه ولو كان في الصلاة فإنه لا يخرج منها حتى يتيقن الحدث لما في الصحيحين: أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. قال النووي رحمه الله: معناه يعلم وجود أحدهما ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة،هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى. وعليه، فلا تلتفت إلى الشك في خروج شيء منك أثناء الصلاة، وأما تحديثك لنفسك بإعادة الصلاة لو تبين لك أنه نزل منك شيء أثناء الصلاة فلا يعد قطعا للنية ولا تعليقا مضرا تقطع به إذ من المعلوم أنه لو حدث للإنسان حدث في صلاته أو تبين أنه صلى محدثا أنه لابد من إعادة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(11/7147)
عدم الخشوع لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل الصلاة إن لم يكن المرء خاشعا فيها..وهل صحيح أن المرء يرجم بصلاته إن لم يخشع فيها يوم القيامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الخشوع هو روح الصلاة، لكن جمهور العلماء على أنه ليس شرطا لصحتها، فلا تبطل الصلاة لعدم وجوده فيها، ونعني بهذا أنه لا يطالب في الدنيا بإعادة الصلاة التي فقد فيها الخشوع، لكن ثوابها ينقص، وقد يذهب، وقد أوضحنا معنى الخشوع في الصلاة وما يترتب على عدم حصوله في الفتوى رقم: 4215 ولم تطلع على أن من لم يخشع في صلاته رجم بها يوم القيامة، وقد ثبت في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب عليه الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة. قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كانت انتقص منها شيئا قال: انظروا هل لعبدي من تطوع، فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم. رواه أبو داود، وقد رواه أصحاب السنن أيضا. وقال الألباني: صحيح. وفي معجم الطبراني الأوسط عن أنس بن مالك أنه صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الصلاة لوقتها وأسبغ وضوءها وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرة تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها فلم يسبغ لها وضوءها ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها خرجت وهي سوداء مظلمة تقول: ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق ثم ضرب بها وجهه. ففي هذا الحديث أنه يضرب بها وجهه من غير ذكر القيامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(11/7148)
حكم الصلاة بوجود الإنجيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في بيت فيه كتاب الإنجيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس بالصلاة في البيت الذي فيه الإنجيل أو غيره من الكتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(11/7149)
جواز حمل الصبي أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لها طفل غير طبيعي {مغولي} ، يحرك أمه أثناء الصلاة، فماذا تفعل، وهل عليها شيء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حمل الصبي أثناء الصلاة أو تعلقه بالمصلي جائز شرعاً، لما رواه الشيخان من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس، وأمامة بنت أبي العاص (وهي ابنة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها.
ولما رواه أحمد في مسنده والنسائي في سننه والحاكم في مستدركه من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.. ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
وخالف المالكية في ذلك فخصوا جواز حمل الصبي بالنافلة دون الفريضة، وتعقبهم النووي فقال: وهذا التأويل فاسد لأن قوله يؤم الناس صريح في أنه كان في الفريضة، كما أن دعوى النسخ والخصوصية باطلة؛ إذ لا دليل عليها ولا ضرورة إليها.
كما تعقب الخطابي أيضاً في دعواه أن هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم عن غير قصد، قال النووي: وهو باطل ودعوى مجردة، ومما يردها قوله في صحيح مسلم: فإذا قام حملها.
فالصواب الذي لا محيد عنه أن الحديث كان لبيان الجواز.
هذا عن حمل الصبي أثناء الصلاة، وأما تحريك الصبي لأمه أثناء الصلاة فإن كان لا يؤدي إلى استدبار القبلة أو حركة كثيرة بحيث لو رآها الناس لظنوها خارج الصلاة فلا شيء فيه، قال النووي: إن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيراً أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف. وضابط الكثرة والقلة في ذلك هو العادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(11/7150)
عصى وصحت صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت في أحد الأماكن وكان هناك ملابس توزع كدعاية عليها شعار، وأخذت بعض هذه الملابس دون إخبار المسؤول عنها. فما حكم هذا؟، وماذا لو صليت في هذه الملابس هل تقبل أم لا؟، وكيف أكفر عن هذه الملابس في حالة حرمتها مع العلم بعدم استطاعتي ردها لأماكنها؟. أفيدوني أثابكم الله ولا تحولوني لفتاوى أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسؤول عن تلك الثياب إذا كان لا يأذن بأخذها دون علمه، ولو أخذت دون علمه لا يرضى بذلك ولا يقره فإن أخذها حينئذ يعد سرقة. والثياب المسروقة والمغصوبة لا تجوز الصلاة فيها، واختلف في بطلان الصلاة، فالذي عليه الحنابلة أنها باطلة، ويرى الجمهور من المالكية والشافعية والحنفية أنها صحيحة كما قال خليل في مختصره: عصى وصحت صلاته. ولم يرد دليل صريح يدل على بطلان الصلاة في تلك الحالة.
والجواب هنا عن سقوط القضاء وبراءة الذمة، أما قبولها والثواب عليها فعلمه عند الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر كما عند الترمذي وصححه الألباني عن أناس يخرجون من الصلاة ولم يجدوا عليها ثوابا، وعن آخرين يتفاوت ثوابهم عليها، كل ذلك بحسب الحضور فيها والخشية والإتيان بها على أكمل وجه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤديها، كما يجب عليك أن تتوب من الذنب توبة نصوحا فتتخلص مما معك من الثياب بإعادتها ولو بطريق غير مباشر، وليكن في كريم عملك أن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن ألقى الله ولا أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال. أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح. وقد قال أيضا: لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لاعبا، فقال رجل: وإن كان قضيبا من أراك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وإن كان قضيبا من أراك. أخرجه مسلم في صحيحه. إلى غير ذلك من الأدلة التي تحرم أموال الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(11/7151)
الاقتداء بالأمي الذي لا يحسن الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه قصة حصلت مع بعض الإخوة كانوا في بيت صديق لهم ولما دخل وقت الصلاة قدموا واحدا منهم وكان لا يجيد قراءة القرآن فهو لا يقرأ بطريقة جيدة ولا يحفظه لدرجة أنه يقول بدل الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم يقول الحمد لله رب العالمين الرحيم الرحيم وعند انتهاء الركعة الأولى تقدم أحد المصلين وسحبه إلى الخلف وتقدم أماما بدلا منه وصلوا صلاتهم كاملة واعتبر الركعة الأولى زائدة وسجدوا سجود سهو بعد الانتهاء من الصلاة فما حكم صلاتهم هذه فالإمام الثاني استمر مباشرة بعد سحب الإمام الأول فهل صلاتهم صحيحة أم لا وما يجب عليهم فعله في هده الحالة أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الصلاة غير صحيحة، ولا يمكن الاستخلاف فيها لأنها بطلت عند الاقتداء بالشخص الذي لا يحسن قراءة الفاتحة، هذا إذا كان الآخرون يحفظونها كما هو الظاهر. قال النووي رحمه الله تعالى: قال أصحابنا: -يعني الشافعية- من لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها أو يحفظها كلها إلا حرفا أو يخفف مشددا لرخاوة في لسانه أو غير ذلك وسواء كان ذلك لخرس أو غيره، فهذا الأمي والأرت والألثغ إن كان تمكَّن من التعلم فصلاته في نفسه باطلة، فلا يجوز الاقتداء به بلا خلاف، وإن لم يتمكن بأن كان لسانه لا يطاوعه أو كان الوقت ضيقا ولم يتمكن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة، فإن اقتدى به من هو في مثل حاله فصلاته صحيحة بالاتفاق. انتهى. وقال العدوي في حاشيته على الخرشي المالكي: وبطلت باقتداء القادر في فرض أو نفل، وبعاجز عن ركن ابتداءً ودواما من فاتحة أو ركوع أو سجود. انتهى.
ومن المعروف أن الاستخلاف جائز؛ لكن الصلاة في مثل حالة السائل بطلت بالاقتداء بمن لا يحسن الفاتحة عند الركعة الأولى، وبالتالي فلا بد من استئنافها وإعادتها، وسواء علم المأموم أن الإمام أمي أم لا. قال النووي في المجموع: بعد أن ذكر خلاف الشافعية في صحة صلاة المقتدي بالأمي إن كان المأموم لا يحفظ الفاتحة كلها أو يحفظ منها شيئا لا يحفظه الأمي. قال: واتفق المصنفون على أن الصحيح بطلان الاقتداء وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وغيرهم، إلى أن قال: واعلم أن الأقوال الثلاثة جارية سواء علم المأموم أن الإمام أمي أم جهل ذلك. انتهى.
وقد تبين أن الصحيح بطلان الاقتداء بالأمي إلا بمثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/7152)
حكم نطق الذال في الفاتحة بين الذال والزاي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم إخراج طرف اللسان عند النطق بحرف الذال أو نطقه بين الزاي والذال عند قراءة الفاتحة في الصلاة يبطلها وهل يجب إعادة جميع الصلوات السابقة التي حدث فيها ذلك وهل ذلك متفق عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 23898 أن إبدال الذال زايا في الفاتحة يبطل الصلاة إن كان الشخص يستطيع أن يتعلم، فإن أمكنه التعلم وفرط في ذلك فإن صلاته باطلة، فإن لم يستطع أو لم يجد من يعلمه فصلاته صحيحة، ولا يقتدي به إلا من هو مثله في ذلك، هذا حاصل المذاهب الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة ومتقدمي الحنفية فيمن أبدل حرفا بحرف في قراءة الفاتحة، ولم يفرق الحنفية بين الفاتحة ولا غيرها في ذلك.
أما نطق الذال ممزوجا بالزاي -كما في السؤال- فقد نص النووي على أن مثل هذا مفسد أيضا على المتعمد والمفرط في التعلم. قال في المجموع: ولو أخرج بعض الحروف من غير مخرجه بأن يقول نستعين تشبه التاء الداء، والصاد لا بصاد محضة ولا بسين محضة بل بينهما، فإن كان لا يمكنه التعلم صحت صلاته، وإن أمكنه وجب التعلم ويلزمه قضاء كل صلاة في زمن التفريط في التعلم، هذا حكم الفاتحة. انتهى.
وعليه، فإن على من لا يفرق بين الحرفين أن يتعلم الفرق بينهما لئلا يفسد صلاته، وقد تبين من خلال النص الذي أوردنا أن المفرط في التعلم عليه القضاء مدة التفريط، ثم إن تعلم الفرق بين الحرفين المذكورين لا يكلف كبير عناء ولا كثير وقت، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 56522
وأما من حيث الاتفاق فقد قلنا إن هذا محل اتفاق بين جل فقهاء المذاهب الأربعة إلا المتأخرين من الأحناف، فقد نصوا على أن مثل هذا لا تفسد به الصلاة في غير العمد المحض لعموم البلوى به بين العوام. قال ابن عابدين في رد المحتار: قال القاضي أبو عاصم: إن تعمد ذلك تفسد، وإن جرى على لسانه أو لا يعرف التمييز لا تفسد وهو المختار، وفي التتارخانية عن الحاوي حكى عن الصفار أنه كان يقول، الخطأ إذا دخل في الحروف لا يفسد لأن فيه بلوى عامة الناس، لأنهم لا يقيمون الحروف إلا بمشقة. وفيها: إذا لم يكن بين الحرفين اتحاد المخرج ولا قربه إلا أن فيه بلوى العامة كالذال مكان الصاد، أو الزاي المحض مكان الذال والظاء مع الضاد لا تفسد عند بعض المشايخ، قلت: -والكلام لابن عابدين- فينبغي على هذا عدم الفساد في إبدال الثاء سينا والقاف همزة كما هو لغة عوام زماننا، فإنهم لا يميزون بينهما، ويصعب عليهم جدا كالذال مع الزاي، ولا سيما على قول القاضي أبي عاصم، وقول الصفار، وهذا كله قول المتأخرين، وقد علمت أنه أوسع، وأن قول المتقدمين أحوط، قال في شرح المنية: وهو الذي هو الذي صححه المحققون وفرعوا عليه، فاعمل بما تختار والاحتياط أولى سيما في أمر الصلاة التي هي أول ما يحاسب العبد عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/7153)
لا تبطل الصلاة مع الشك في نزول قطرات من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أعيش في الغرب ولدي المشكلة التالية: بعد فراغي من الحدث الأصغر أشعر مرات أنه لا يزال بعض القطرات التي لا تزال في القضيب ولذلك ألجأ في كثير من الأحيان إلى أن ألفه بمنديل وذلك حتى أحافظ على طهارة ملابسي الداخلية، وهذا المنديل أرميه عند الوضوء والسؤال هنا في حالة أني نسيت ولم أزل المنديل ولم أذكر إلا بعد الصلاة فما الحكم، علما أني غالبا أضع المنديل في كثير من المرات للاحتياط.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي أن تلتفت إلى مجرد الشعور الذي تحس به وهو أنه بقي شيء من البول في ذكرك ومن ثم سينزل بعد ذلك ثم ترتب على ذلك لفه بالمنديل ونحوه لأنه قد يكون لا حقيقة لهذ الشعور، وقد يجرك إلى وسواس يعسر التخلص منه بعد ذلك. ولذلك فإننا ننصحك بعدم الالتفات إليه مطلقا. وأما إذا تيقنت أنه ينزل منك شيء بعد الطهارة ويلوث بدنك أو ثيابك فلا حرج عليك حينئذ في أن تلفه بخرقة أو غيرها حتى لا تتلوث منه، ثم تنزعها عند الصلاة وتتطهر، ثم تصلي، فإن كان يستمر نزوله فهو سلس، وقد بينا كيفية طهارة السلس لكل صلاة في الفتوى رقم: 9346، وإذا صليت بهذا المنديل فإن كنت لم تتحقق نزول شيء من البول عليه فإن الصلاة صحيحة لأنه طاهر بيقين، والنجاسة مشكوك فيها، واليقين لا يزول بالشك. وأما إن تيقنت تنجسه ثم صليت به ناسياً فهذه الصلاة محل خلاف بين أهل العلم في صحتها وبطلانها، والأولى إعادتها خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/7154)
النظر إلى المرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النظر إلى الفتيات يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 11190 أن النظر إلى المرأة لا ينقض الوضوء، وسواء في ذلك الفتيات وغيرهن والأجنبيات وغيرهن، ولبيان نواقض الوضوء طالع الفتوى رقم: 1795.
وهو كذلك لا يبطل الصلاة وإن كان ينافي الحال التي ينبغي أن يكون عليها المصلي من مراقبة لله تعالى، والشعور بالوقوف بين يديه وهيبة مناجاته.
وإننا نوصي الأخ السائل بغض البصر وعدم تكرار النظر إلى ما لا يحل له النظر إليه، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:30-31} .
قال ابن العربي رحمه الله تعالى في أحكام القرآن: يعني يكفوا عن الاسترسال، أي الاسترسال في النظر إلى المحرمات لأن المرء قد ينظر إلى ما لا يحل له من غير قصد، فإن أدام النظر فقد عصى، وإن لفت بصره عندما عرف أنه ينظر إلى محرم فلا شيء عليه. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 1529، والفتوى رقم: 3974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/7155)
سبق الإمام بالسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[صلينا وراء إمام في صلاة العيد لا يمكننا مشاهدة الإمام بعد رفع الإمام من الركعة الأولى كبر فكبرنا بعده وسجدنا إلا الإمام لم يسجد وبقي يكبر عدة مرات فأرشده الصف الأول وهم في وضع سجود فسجد الإمام وأتى في آخر الصلاة بسجود بعدي وصلاته صحيحة المشكلة هو أن كثيرا من المصلين فارق السجود في الركعة الأولى وقاموا عندما سمعوا الإمام يكبر أكثر من مرة. الأصل أنه لا يجوز لهم مفارقة السجود وإنما ينتظرون التحاق الإمام بهم الذي سها ولم يسجد، الذين قاموا وفارقوا السجود فيهم من يجهل أحكام ترقيع الصلاة ما هو حكم صلاته، ومنهم من يعلم أنه لا يحق له مفارقة السجود ولم يفارقه ما هو حكم صلاته، ومنهم من يعلم أنه إذا سجد لا يصح له مفارقة السجود إلا أنه سها وفارقه ملتحقا بالإمام ما هو حكم صلاته، وهناك من الذين فارقوا السجود أعاد وحده صلاة العيد هل ما فعله صحيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمأمومون الذين سبقوا الإمام بالسجود يستحب في حقهم العودة إلى القيام حتى يوافقوا الإمام نظرا للأمر باتباعه.
وعليه؛ فصلاة الجميع صحيحة سواء في ذلك الذين قاموا من السجود إلى القيام، أو الذين استمروا ساجدين ينتظرون الإمام، وراجع كلام الإمام النووي في الفتوى رقم: 32257، ولا حرج على من أعاد الصلاة بعد معتقدا بطلانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/7156)
حالات تبطل فيها صلاة المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحالات التي تبطل فيها صلاة المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا ما تبطل به الصلاة على كل مصل في الفتوى رقم: 6403 وذكرنا في الفتوى رقم: 617 أن المأموم تبطل صلاته إذا تابع الإمام في ركعة مثلا أو ركن وهو يعلم أنه زائد على الصلاة، وتبطل صلاة المأموم أيضا إذا سبق الإمام بتكبيرة الإحرام، وكذا السلام على قول لأهل العلم، أو صلى وراء إمام يعلم أنه محدث أو متنجس الثياب أو البدن أو المكان، أو اقتدى بامرأة أو خنثى مشكل أو كافر، ومعلوم أن الإمام يحمل عن المأموم سهوه إلا الفرائض فإنه لا يحمل سهوه عن أركان الصلاة، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء إلا القراءة، أي قراءة الفاتحة، فعند الشافعية لا بد من قراءتها سواء أسر الإمام أم جهر، وتبطل صلاة المأموم في حال اقتدائه بمأموم مقتد بغيره، وتجب على المأموم متابعة إمامه فلا يتقدمه بشيء من أفعال الصلاة، ولا يتخلف عنه، فإن تخلف عن إمامه باكثر من ركنين لغير عذر بطلت صلاته، هذه بعض الحالات التي تبطل فيها صلاة المأمومين، ولمعرفة المزيد تراجع كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(11/7157)
حكم ترك المأموم ركنا من أركان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
إمام في السجدة الأولى من الركعة الثانية لصلاة الصبح لم يكبر عند الرفع من السجود فبقي المأمومون سجودا وعندما هوى ساجدا رفعوا من السجود ثم عادوا ساجدين فما حكم من بقي جالسا وكيف ترقع الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذين تأخروا في السجود بسبب عدم رفع الإمام صوته بالتكبير حين الرفع من السجدة الأولى ثم رفعوا بعد تكبيره لسجوده الثاني ثم سجدوا فهؤلاء صلاتهم صحيحة، ولا سجود سهو عليهم، لأنهم مأمومون، وأما الآخرون فإن سلموا دون سجود فصلاتهم باطلة لأنهم تركوا ركنا من أركان الصلاة، والواجب عليهم إعادة هذه الصلاة، وإن سجدوا قبل طول فصل بين السجدتين فصلاتهم صحيحة، والفصل الطويل هو أن يكون بقدر الدعاء المشروع بين السجدتين وزيادة قدر قراءة أقل التشهد الذي هو التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/7158)
مرور المرأة لا يقطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مصلى الكلية يوجد أمام القبلة (مسرح) تقام عليه الندوات والمحاضرات، وارتفاعه حوالي نصف المتر، والسؤال هو: أني بينما كنت أصلي ركبت إحدى الطالبات عليه ومشت أمامي وأنا أصلي، فهل مشيها عليه أمامي يقطع صلاتي، وهل يجب علي إعادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرور المرأة أمام المصلي لا يبطل الصلاة ولا يقطعها عند أكثر أهل العلم، كما سبق في الفتوى رقم: 53022.
والمصلي الذي يخشى أن يمر أمامه أحد يتخذ سترة، وقد سبق حكمها ومواصفاتها في الفتوى رقم: 10700، والفتوى رقم: 52581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1425(11/7159)
الرياء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى لكي يقال: (إنه من المصلين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبادات لا تقبل إلا إذا كانت خالصة لله تعالى سواء كانت صلاة أوغير ذلك، لأن الإخلاص ركن من أركان قبول العمل الصالح، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {البينة: من الآية5} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ {الماعون:4ـ6} . وفي الحديث القدسي: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه. رواه مسلم. وروى الترمذي بسند حسن عن أبي سعد بن أبي فضالة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الناس يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمل عمله لله أحد فليطلب ثوابه من عند غير الله فأنا أغنى الشركاء عن الشرك. والأدلة في هذا الباب كثيرة جداً على بطلان صلاة من صلى رياء للناس. قال ابن رجب الحنبلي: واعلم أن العمل لغير الله أقسام فتارة يكون الرياء محضا بحيث لا يراد به سوى مراءاة المخلوقين لغرض دنيوي كحال المنافقين في صلاتهم كما قال تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا {اًالنساء: 142} . وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام وقد يصدر في الصدقة الواجبة أو الحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله. أهـ. ولمزيد فائدة راجع الفتويين: 56847، 10992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/7160)
حكم الصلاة وفي جيبه مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة من يحمل في جيبه مالا حراما سواء اكتسبه من عمل حرام أو غير ذلك هل الصلاة صحيحة أم لا وما الحكم إن كان ناسياً وجود هذا المال في جيبه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى وفي جيبه مال حرام فصلاته صحيحة، لأن مبطلات الصلاة مضبوطة ومعروفة عند أهل العلم، وليس هذا الأمر من بينها، وراجع تفصيل مبطلات الصلاة في الفتوى رقم: 6403.
والمال الحرام إن كان له مالك معين وجب رده إليه، وإن لم يكن له مالك معين أو اكتسبه صاحبه من حرام وجب التخلص منه بإنفاقه على الفقراء والمساكين، أو في مصالح المسلمين العامة ككفالة الأيتام وإغاثة المنكوبين ونحو ذلك. وراجع تفصيل المسألة في الفتوى رقم: 3519.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/7161)
حكم صلاة من شك في خروج المني منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشك في خروج المني أو الشك فيه هل هو مني يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن المصلي قد شك في خروج ناقض للوضوء أثناء الصلاة، فإنه لا يلزمه شيء وصلاته صحيحة، لأن الأصل عدم الخروج ما لم يحصل يقين بضده، ويدل لهذا ما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم: شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى
وإذا تحقق الشخص أو غلب على ظنه خروج سائل أثناء صلاته، وهو ليس بصاحب سلس، فإن صلاته قد بطلت، سواء كان الخارج منياً أو مذياً أو ودياً، لأن الثلاثة من نواقض الوضوء الخارجة من القبل، وراجع بقية تلك النواقض في الفتوى رقم: 1795.
وللتعرف على الفرق بين المني والمذي والودي، وما يترتب على خروج كل منها راجع: 35657، 50195، 56051.
وبالنسبة لصاحب السلس، فقد سبق بيان الحكم فيه في الفتوى رقم: 56252، والفتوى رقم: 38410.
وراجع في حكم من شك في كون الخارج المتحقق مذياً أو منياً الفتوى رقم: 8725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(11/7162)
من انتقض وضوءه حال الزحام الشديد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وددت أن أستفسر عن الصلاة وذلك بما يخص نقض الوضوء وأنا أصلي جماعة بالمسجد ماذا أفعل، وخصوصاً بدر في ذهني هذا السؤال: وأنا أصلي بالمسجد وبالصف الأول والمسجد ما شاء الله عامر، فقلت في ذهني ماذا لو انتقض وضوئي فكيف سأقطع صلاتي وكيف سأخرج من وسط هذا الجمع الهائل، وأيضاً ممكن أن أفسد خشوع المصلين، ما العمل في مثل تلك الحالة مع مراعاة الظروف التي أثرتها سابقاً؟ وشكراً، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك أولاً على أهمية الخشوع في الصلاة، وننصحك بالإعراض عن مثل تلك الوساوس والأفكار التي تدور في نفسك والتي هي من وسوسة الشيطان للحيلولة دون التلذذ بمناجاة الله تعالى أثناء تلك العبادة العظيمة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، والتي هي أول ما يسأل عنه العبد من أعماله يوم القيامة، ثم اعلم أنه لا ينتقض الوضوء إلا عند تيقن الناقض، لما في الصحيحين واللفظ لمسلم: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
وإذا تيقنت من حدوث ناقض للوضوء في هذه الحالة فقد بطلت صلاتك، لأن الطهارة شرط في صحة الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه.
وحاول الخروج من الزحام ما أمكن، فإن تعذر عليك ذلك مكثت بدون صلاة إلى أن تتمكن من ذلك فتتوضأ وتعيد صلاتك، وراجع الفتوى رقم: 17222.
وللتعرف على حكم الخشوع في الصلاة، راجع الفتوى رقم: 4215، والفتوى رقم: 23481.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(11/7163)
حكم المقتدي لو ترك الركوع وأتم الركعة بثلاث سجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من خالف الإمام أثناء الصلاة حيث إنه سجد حين ركع الإمام ولم يقم من سجوده وأتم الركعة بثلات سجدات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن متابعة المأموم للإمام في الصلاة أمر واجب، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 53974. ومن ترك ركناً من أركان الصلاة عمدا بطلت صلاته. أما إن تركه سهواً أو جهلاً فيجب عليه أن يأتي به إن أمكن تداركه، فإن لم يمكن تداركه ألغيت الركعة التي ترك منها الركن فقط. قال النووي: قال أصحابنا رحمهم الله، الترتيب واجب في أركان الصلاة بلا خلاف، فإن تركه عمداً بطلت صلاته، وإن تركه سهواً لم يعتد بما فعله بعد الركن المتروك حتى يصل الركن المتروك، فحينئذ يصح المتروك وما بعده. اهـ. قال في مطالب أولي النهى: ومن ترك ركنا غير تكبيرة الإحرام سهواً كركوع أو سجود أو رفع من أحدهما أو طمأنينة أو غير قيام فذكره ـ أي الركن المتروك ـ بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى غير التي تركه منها بطلت الركعة التي تركه منها وقامت التي تليها مقامها؛ لأنه لا يمكن استدارك المتروك لتلبسه بفرض قراءة الركعة الأخرى فلغت ركعته. اهـ.
وعليه؛ فمن ترك الركوع وأتم الركعة بثلاث سجدات فهذه الركعة باطلة، وعليه أن يأتي بركعة أخرى بعد تسليم الإمام، ثم يسجد للسهو راجع الفتوى رقم: 17887. وإن تركه متعمداً بطلت صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(11/7164)
الصلاة وعلى يمينه موقد نار
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي وعلى يميني موقد نار فما حكم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة إذا صليت مع وجود موقد نار عن يمينك أو شمالك مثلا لعدم ما يدل على بطلان الصلاة بما ذكرت، ولأن مبطلات الصلاة معروفة عند أهل العلم وليس هذا من بينها، وراجع مبطلات الصلاة في الفتوى رقم: 6403.
لكن ننصحك بأداء الصلاة جماعة في المسجد لما يترتب على ذلك من الثواب الجزيل، إضافة إلى أن كثيراً من أهل العلم يقول بوجوبها، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/7165)
حكم رجوع الإمام عن الركوع لتصحيح القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخطأ الإمام في قراءة آخر آية قبل الركوع وهم بالركوع وعندما قام المأمومون برده عاد ورفع قبل أن يكبر وقبل أن يستقر راكعا ثم أعاد الآية بالشكل الصحيح وركع، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للإمام إذا بلغ حد الراكع أن يعود بنية تصحيح قراءة السورة التي أخطأ فيها، فإن عاد عامداً عالما بطلت صلاته؛ لأنه رجع من ركن إلى سنة، وأما إذا لم يكن وصل إلى حد الراكع -وهو إمكان وضع بطون كفيه على ركبتيه- وعاد فصلاته صحيحة، وكذا لو عاد بسبب الجهل أو النسيان فصلاته صحيحة لجهله أو سهوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/7166)
حكم إعادة الصلاة التي تردد الشخص في صحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إعادة الصلاة إذا أخطأ الإنسان بصلاته ولم يدر ما حكم صلاته أهي باطلة أم لا فارتأينا أن يعيد صلاته بعد ما انتهى من الصلاة الأولى التي أخطأ فيها وذلك تجنباً للشبهات. طبعا إذا لم يوجد من يسأل من أهل العلم في نفس وقت الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الورع والاحتياط في الدين إعادة الصلاة التي ترددت في صحتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي في سننه، وراجع الفتوى رقم: 16396. ومن الجدير التنبيه عليه أن المسلم يجب عليه تعلم أحكام الفروض العينية كالعقيدة والصلاة والزكاة والصيام والحج مع الترغيب في تعلم ما أمكن من العلوم النافعة. فقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. متفق عليه. وقال أيضا: طلب العلم فريضة على كل مسلم. رواه ابن ماجه وغيره وهو في صحيح الترغيب والترهيب. وراجع للمزيد عن هذا الموضوع الفتوى رقم: 44674، والفتوى رقم: 18607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/7167)
ضابط الحركة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن الحركة الزائدة من مبطلات الصلاة لكن سؤالي إذا كانت أصلي وحولي أطفال صغار يصلون معي ويلعبون حولي فهل تبطل صلاتي تحركي بمقدار خطوة أو اثنتين لأتمكن من السجود. أوتحريك يدي لإبعاد طفل من أمامي.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يقبل على صلاته ويخشع فيها بقلبه وبدنه لقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:1ـ2} . كما يجب عليه الاطمئنان فيها، وقد اتفق الفقهاء على أن الحركة الكثيرة المتوالية تبطل الصلاة وراجعي الفتوى رقم: 41589.أما إذا كانت الحركة قليلة وغير متوالية فإن الصلاة لا تبطل بها لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: فتح الباب لعائشة وهو يصلي. رواه أحمد والترمذي. وعن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى ذات يوم وهو حامل أمامة بنت ابنته، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها. متفق عليه. وأمر صلى الله عليه وسلم بدفع المار بين يدي المصلي وقتل الحية والعقرب وغير ذلك، فالفعل القليل إذا كان لحاجة فلا شيء فيه، وأما إذا كان لغير حاجة فهو مكروه. قال ابن قدامة: لا بأس بالعمل اليسير في الصلاة للحاجة. اهـ. قال النووي: فمختصر ما قال أصحابنا: أن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلا لم يبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط.. وقال أصحابنا: والفعل القليل الذي لا يبطل الصلاة مكروه إلا في مواضع، أحدها: أن يفعله ناسيا، الثاني: أن يفعله لحاجة مقصودة. الثالث: أن يكون مندوبا إليه كقتل الحية أو العقرب ونحوها، وكدفع المار بين يديه والصائل عليه. اهـ. من المجموع.
وعليه فحركتك من أجل التمكن من السجود أو إبعاد طفل لا شيء فيها. ولمعرفة مبطلات الصلاة راجعي الفتوى رقم: 6403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/7168)
مذاهب الفقهاء في مسألة البكاء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة التراويح يقوم الإمام بقراءة بعض السور كالحاقة مثلا وق وأغلبية المصلين يبكون ولكني لا أحس بالبكاء مع إحساسي بالقشعريرة عند القراءة ومتابعتي للإمام أي أنني لا أنشغل بأمور الدنيا في الصلاة، فهل هذ راجع إلى قسوة القلب وهل علي ذنب في هذا الأمر، ثم هناك بعض المصلين يبكون بصوت عال، فهل هذا جائز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الناس يختلفون في تأثرهم بسماع القرآن، فمنهم من يخشع قلبه ويقشعر جسده ولا تفيض بالدمع عينه وهذا على خير لأن الله جل وعلا يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {الأنفال:2} ، ومن الناس من يوجل قلبه وتفيض بالدمع عينه فهذا أكمل إن سلم من آفة الرياء، وعلى كلِ فإن التأثر بالقرآن والقشعريرة عند سماعه مع جمود العين عن البكاء من خشية الله تعالى أمر محمود، ومع ذلك فإنه يعد مرتبة أدنى من المرتبة السابقة وللترقي والعلاج ينبغي للمسلم أن يجاهد نفسه بأربعة أمور كما ذكر ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان:
الأول: بالقرآن الكريم، فإنه شفاء لما في الصدور من الشك، ويزيل ما انطوت عليه من الشرك، ودنس الكفر، وما فيها من أمراض الشبهات والشهوات، وهو هدى لمن علم الحق وعمل به، كما أنه رحمة لما يحصل به للمؤمنين من الثواب العاجل والآجل، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57} ، وقال جل وعلا: أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {الأنعام:122} .
الثاني: ما يحفظ عليه قوته ومادته، ويكون ذلك بالإيمان وبالعمل الصالح، ولزوم أوراد الطاعات.
الثالث: الحمية عن المضار، وتكون باجتناب جميع المعاصي والمخالفات.
الرابع: الاستفراغ من كل مادة مؤذية، ويتم ذلك بالتوبة والاستغفار وفقنا الله وإياك للتوبة النصوح والعمل بما يرضيه تعالى إنه سميع مجيب.
وأما البكاء في الصلاة ففيه تفصيل عند الفقهاء لا بد من معرفته حتى لا يعرض المصلي صلاته للبطلان وهو لا يشعر، وقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية مذاهب الفقهاء في المسألة، فقالوا: يرى الحنفية أن البكاء في الصلاة إن كان سببه ألما أو مصيبة فإنه يفسد الصلاة، لأنه يعتبر من كلام الناس، وإن كان سببه ذكر الجنة أو النار فإنه لا يفسدها، لأنه يدل على زيادة الخشوع، وهو المقصود في الصلاة، فكان في معنى التسبيح أو الدعاء، ويدل على هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي بالليل وله أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
وعن أبي يوسف أن هذا التفصيل فيما إذا كان على أكثر من حرفين، أو على حرفين أصليين، أما إذا كان على حرفين من حروف الزيادة، أو أحدها من حروف الزيادة والآخر أصلي، لا تفسد في الوجهين معا، وحروف الزيادة عشرة يجمعها قولك: أمان وتسهيل.
وحاصل مذهب المالكية في هذا: أن البكاء في الصلاة إما أن يكون بصوت، وإما أن يكون بلا صوت، فإن كان البكاء بلا صوت فإنه لا يبطل الصلاة، سواء أكان بغير اختيار، بأن غلبه البكاء تخشعا أو لمصيبة، أم كان اختياريا ما لم يكثر ذلك في الاختياري، وأما إذا كان البكاء بصوت، فإن كان اختياريا فإنه يبطل الصلاة، سواء كان لمصيبة أم لتخشع، وإن كان بغير اختياره، بأن غلبه البكاء تخشعا لم يبطل، وإن كثر، وإن غلبه البكاء بغير تخشع أبطل، هذا وقد ذكر الدسوقي أن البكاء بصوت، إن كان لمصيبة أو لوجع من غير غلبة أو لخشوع فهو حينئذ كالكلام، يفرق بين عمده وسهوه، أي فالعمد مبطل مطلقاً، قل أو كثر، والسهو يبطل إن كان كثيراً، ويسجد له إن قل.
وأما عند الشافعية، فإن البكاء في الصلاة على الوجه الأصح إن ظهر به حرفان فإنه يبطل الصلاة، لوجود ما ينافيها، حتى وإن كان البكاء من خوف الآخرة، وعلى مقابل الأصح: لا يبطل لأنه لا يسمى كلاما في اللغة، ولا يفهم منه شيء، فكان أشبه بالصوت المجرد.
وأما الحنابلة فإنهم يرون أنه إن بان حرفان من بكاء، أو تأوه خشية، أو أنين في الصلاة لم تبطل، لأنه يجري مجرى الذكر، وقيل: إن غلبه وإلا بطلت، كما لو لم يكن خشية، لأنه يقع على الهجاء، ويدل بنفسه على المعنى كالكلام، قال أحمد في الأنين: إذا كان غالبا أكرهه، أي من وجع، وإن استدعى البكاء فيها كره كالضحك وإلآ فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/7169)
صلاة وصيام من ابتلع بقايا الطعام بين الأسنان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للمقعد أن يؤم في الصلاة إذا كان يحفظ أجزاء من القرآن، بالنسبة للصائم إذا خرج شيء من بقايا الطعام من فمه بدون تقيؤ ولكن بقايا سائل من الفم أشبه ما يخرج من المعدة إذا امتلأت البطن ثم ابتلعه هل يؤثر على الصوم، وإذا خرج أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على إمامة المقعد لغيره في الصلاة وذلك في الفتوى رقم: 44705.
وما ابتلعه الصائم إن كان يسيراً باقيا بين أسنانه فلا يؤثر على صحة الصيام ولا الصلاة، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى وهو حنبلي: ولا تبطل ببلع ما بين أسنان من بقايا الطعام عمدا بلا مضغ ولو لم يجر به ريقه. انتهى.
وقال الخرشي وهو مالكي: قال فيها (المدونة) أن ابتلع حبة بين أسنانه لم تبطل صلاته ويحتمل الإباحة والكراهة وهو أقرب، ولذلك طولب بالسواك عند كل صلاة خشية التشويس على المصلى بما يبقى بين أسنانه من الطعام ومثل الصلاة الصوم. انتهى.
وفي المبسوط للسرخسي وهو حنفي: فأما إذا كان باقيا بين أسنانه فلم يوجد القصد إلى إيصال المفطر إلى جوفه والذي بقي بين أسنانه تبع لريقه ولو ابتلع ريقه لم يفسد صومه. انتهى.
وفي المجموع للنووي وهو شافعي: أجمع العلماء على أنه لا شيء على الصائم فيما يبلعه مما يجري مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على رده. انتهى، وإن كان المقصود أن السائل المذكور قيئ خارج من المعدة فراجع حكم ذلك في الفتوى رقم: 24697، والفتوى رقم: 27659.
وبالنسبة لابتلاع القيء في الصلاة فله حالات، وذلك لأنه أما أن يكون خرج غلبة أو اختياراً وفي كلتا الحالتين إما أن يكون طاهراً أو نجسا وتفصيل هذا ذكره الحطاب في مواهب الجليل حيث قال: والمعنى أن من غلبه القيء في الصلاة لم تبطل صلاته ويتمادى فيها فإن خرج لغسله بطلت صلاته كما تقدم، ومفهوم كلامه أنه لو تعمد القيء بطلت صلاته وهو كذلك.
وهذا إذا كان القيء طاهرا أو لم يرده بعد انفصاله إلى محل يمكن طرحه، فإن كان القيء نجسا بأن تغير عن هيئة الطعام على المشهور أو قارب أوصاف العذرة على ما اختاره اللخمي وابن رشد بطلت الصلاة كما سيأتي بيانه، وإن كان القيء طاهرا ورده بعد انفصاله إلى محل يمكن خروجه ناسيا أو مغلوبا ففي بطلان صلاته قولان.
وأما إن رده طائعاً غير ناس فلا خلاف في بطلان صلاته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/7170)
عدم الخشوع في الصلاة لا يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الـ23 من عمري (أعاني من الوسواس القهري في الصلاة) ذهبت لأداء صلاة العشاء والتراويح في أحد المساجد (منذ8 سنوات لم أصلها في المسجد) وذلك لتخفيف حدة هذه الوساوس ولرغبتي في الشعور بالخشوع في الصلاة ولكن المشكلة كانت في الإمام فهو بعد قراءته للفاتحة لم يترك مجالا من الوقت يسمح بقراءتي للفاتحة بعده، ولكني قرأتها سريعاً جدا مع أنه بدأ في قراءة سورة من القرأن الكريم (بعد الفاتحة) وفي الركوع والسجود كنت أسبح بسرعة خوفا من أن يقوم الإمام وإنا لم أنته بعد من التسبيح, وكذلك الأمر في التشهد فأنا أحس أني لم أخشع ولم أكن أعلم ما أقول في هذه الصلاة. أرجو الإجابة: هل تعتبر صلاتي صحيحة أم عليَ إعادة الصلاة؟
أرجو منكم عدم ذكر بريدي الإلكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على هذا السؤال في عدة أمور:
الأول: أن الأفضل أن تصلي المرأة في بيتها لاسيما إذا كان في صلاتها في بيتها تحقيق الخشوع والخضوع في الصلاة.
الثاني: أن الوسواس مرض له أسباب وعلاج، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 51601.
الثالث: أن الخشوع في الصلاة سنة وليس فرضاً على الراجح من أقوال أهل العلم، كما فصلناه في الفتوى رقم: 4215.
وعليه، فصلاتك صحيحة، وينبغي لك في المستقبل أن تصلي في بيتك فهو خير لك، وإن صليت مع الإمام في المسجد فحاولي الخشوع بقدر طاقتك.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/7171)
هل يدفع القطة إذا مرت بين يديه في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إذا مرت القطة من أمامي أثناء الصلاة أن أزيحها أو أتركها ولا شيء علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 16685 والفتوى رقم: 29174 حكم السترة، ونقول للسائل الكريم، فإذا مرت القطة أو غيرها وراء السترة إن كانت لك سترة فاتركها ولا تتعرض لها، لوجود السترة بينك وبينها، وإن مرت بينك وبين السترة، أو مرت قريباً منك في حال عدم وجود السترة، وكنت في غير القيام فادفعها ما استطعت، فإن رجعت وإلا فإن صلاتك صحيحة على كل حال، وإن مرت أمامك وأنت قائم في الصلاة وأمكنك دفعها برجليك فافعل ذلك، واحذر من أن تنحط من قيامك إليها لئلا تبطل صلاتك، فقد ذكر بعض أهل العلم أن المصلي إذا انحط قيامه لأخذ حجر لقتل عقرب أو نحوه أن صلاته تبطل لأن القيام في الصلاة من الأركان والانحطاط يخل به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(11/7172)
لا تفسد صلاة من تابع الإمام في الزيادة جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العشاء جماعة عند التشهد الأخير قام الإمام ولم يجلس للتشهد فسبح من وراءه ولكن تابع فزاد ركعة خامسة ثم سادسة وقبل السلام سجد للسهو، بعض المصلين سلم ولكني تابعت الإمام حتى سلم, أحيطكم علماً أني كنت أجهل حكم المفارقة عند الزيادة عملاً بحديث متابعة الإمام هذه الحادثة مضى عليها حوالي عشرين يوما هل أعيد أو أقضي هذه الصلاة أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد تابعت الإمام في تلك الزيادة جاهلا تحريم ذلك فصلاتك صحيحة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين. وبالنسبة للإمام فإذا سبح به اثنان يثق بقولهما وجب عليه الرجوع سواء غلب على ظنه صدقهما أو خلاف ذلك. فإن لم يرجع في هذه الحالة فصلاته باطلة، وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 49596. وسجود الإمام للسهو قبل السلام مع زيادته بركعتين قد يكون متبعا فيه لبعض أهل العلم كالشافعية القائلين بكون سجود السهو قبل السلام دائما. وراجعي الفتوى رقم: 43213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/7173)
من رفض النية وهو في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء لدي سؤال أرجو الله أن أجد عندكم الإجابة الشافية عليه
لقد كنت أصلي العصر في جماعة وأثناء الركعة الأولى لم أتمكن من مواصلة الصلاة بسبب بعض الوساوس وفاتني الإمام في الركوع –المهم أنا خرجت من الصلاة حسب نيتي على أن أعيد الصلاة مرة أخرى ولكن تحرجاً من المصلين تظاهرت بالصلاة وأنا أعلم أن هذا العمل لا يجوز وفيه رياء وشرك– وبعد الصلاة استغفرت الله من ذلك وذهبت وتوضأت من جديد وأعدت الصلاة في جماعة مرة أخرى ولكن هل فعلي هذا وهو تظاهري بالصلاة يعتبر شركا أصغر أم أنه شرك أكبر يخرج من الملة حيث حدثتني نفسي بذلك مما جعلني أعيد الوضوء وهل يجب علي كذلك الغسل قبل الصلاة هذه – أم كان يكفيني التوبة فقط وإعادة الصلاة بنفس الوضوء الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان عليك الإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال فيها لما في ذلك من الخطر العظيم على المسلم في دينه ودنياه. وللتعرف على علاج الوساوس، راجع الفتوى رقم: 1406.
وفوات الركوع في الركعة الأولى مع الإمام ليس مبرراً لرفض نية الصلاة أو قطعها؛ بل عليك أن تركع وتتابع الإمام في صلاته لأنه قد سبقك بركن مقصود واحد فقط، وراجع الفتوى رقم: 13460.
وعند المالكية تلحق الإمام في الركن الذي هو فيه وتقضي الركعة الأولى فقد فاتتك، ففي التاج والإكليل للمواق: من المدونة قال ابن القاسم: الذي أرى وآخذ فيمن نعس خلف الإمام في الركعة الأولى أن لا يعتد بها ولا يتبع الإمام فيها وإن أدركه قبل أن يرفع الإمام من سجودها؛ ولكن يسجد مع الإمام ويقضيها بعد سلام الإمام.
المازري لأن من لم يدرك ركعة فلم يحصل له ما يبيح له القضاء قبل فراغ الصلاة؛ بل صار كمن فاته شيء قبل الدخول في الصلاة. اتنهى.
ورفضك نية الصلاة واستحضار نية الخروج منها مبطل للصلاة عند أهل العلم، قال الإمام الشافعي في الأم: ولو أن رجلا دخل في صلاة بنية ثم صرف النية إلى صلاة غيرها أو صرف النية إلى الخروج منها وإن لم يخرج منها ثم أعاد النية إليها فقد فسدت عليه، وساعة يصرف النية عنها تفسد عليه، ويكون عليه إعادتها. انتهى.
وفي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: فإن قطعها (أي النية) في أثنائها (أي الصلاة) بطلت لأن النية شرط في جميعها وقد قطعها أشبه ما لو سلم ينوي الخروج منها أو عزم عليه (أي على قطع النية) بطلت لأن النية عزم جازم، ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية، أو تردد فيه (أي قطعها) بطلت الصلاة لأن استدامة النية شرط لصحتها، ومع التردد تبطل الاستدامة. انتهى.
وقال خليل المالكي في مختصره متحدثا عن نية الصلاة: والرفض مبطل. انتهى.
وتظاهرك بالصلاة مع بطلانها مراعاة للمصلين محرم عند بعض أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 24106، بل إنه إذا كان بقصد الرياء فهو محرم قطعا وهو داخل في مسمى الشرك الأصغر، قال الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك. وللتفصيل فيما يتعلق بأنواع الشرك، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7386، 16150، 10992.
وعليه؛ فما وقعت فيه إذاً يعتبر شركاً أصغر وليس بشرك أكبر مخرج من الملة، وبالتالي فوضوؤك صحيح ولا يلزمك غسل للصلاة، وما دمت قد أعدت الصلاة فما عليك إلا المبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار، وننصحك بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال فيها، ولتكثر من الدعاء والاستعانة بالله تعالى وتقواه فسيكفيك كل ما أهمك من أمور دينك ودنياك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1425(11/7174)
مرور المرأة أمام المصلي لا يبطل الصلاة ولا يقطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى أن المرأة إذا مرت أمام المصلي قطعت صلاته؟ هل عليه أن يعيدها من جديد؟ وهل ينطبق الحكم على البنت الصغيرة التي دون الخمس سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مرور المرأة أمام المصلي لا يبطل الصلاة ولا يقطعها على قول جل أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر رواية في مذهب الإمام أحمد بن حنبل بقطع الصلاة بمرور المرأة والحمار والكلب قال: وقال عمرة والشعبي والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي: لا يقطع الصلاة شيء لما روى أبو سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة شيء. رواه أبو داود. انتهى.
ويسن للمصلي أن يجعل سترة أمامه، فإن مر شيء بينه وبينها فليدافعه ما استطاع ولو مر بين يديه فإن الصلاة لا تبطل ولا تقطع، ولا يضره ما مر وراء السترة باتفاق أهل العلم، قال النووي في المجموع: إذا صلى إلى سترة فمر بينه وبينها رجل أو امرأة أو صبي أو كافر أو كلب أسود أو حمار أو غيرها من الدواب لا تبطل صلاته عندنا. قال الشيخ أبو حامد والأصحاب وبه قال عامة أهل العلم إلا الحسن البصري. انتهى.
فإذا تبين لك أن مرور المرأة أمام المصلي لا يقطع صلاته عند الجمهور، فإن ذلك في البنت الصغيرة أولى، ومعنى قطعت صلاته أي أبطلتها عند من يقول بالبطلان والقطع وهو قول بعض العلماء والصحيح قول الجمهور كما بينا في الفتوى رقم: 28786، ورقم: 30485.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(11/7175)
التكلم في الصلاة دون إرادة
[السُّؤَالُ]
ـ[في حال كنت أصلي ومنسجمة تماماً ولكن طفلتي الصغيرة أتت على السجادة ووقعت فدون قصد لفظت كلمة ماما، هل تبطل صلاتي وعلي إعادتها، وأيضاً كثيراً ما تأتي طفلتي وتنام على حضني وتلعب وأنا أصلي ولكني أضع ابنتي جانباً وأكمل صلاتي وسجودي، فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام سهواً إذا كان قليلاً لا يبطل الصلاة على قول الجمهور من العلماء كما قال النووي في المجموع قال: القسم الثالث: من أقسام الكلام في الصلاة: أن يتكلم ناسياً ولا يطول كلامه، فمذهبنا لا تبطل صلاته، وبه قال جمهور العلماء. انتهى.
وذكر منهم جميع المحدثين، ومن الفقهاء مالكاً والأوزاعي ورواية عن أحمد وإسحاق وأبي ثور وغيرهم، ولمزيد الفائدة، يرجى مراجعة الفتوى رقم: 9865.
وعليه؛ فلا تبطل صلاتك بالكلمة التي قلتها نسيانا، كما لا تبطل أيضا بتنحية الطفلة عنك أثناء الصلاة، كما في الفتوى رقم: 6878.
لكن لا ينبغي للمسلم أن يجعل صلاته لعبة للأطفال، فعليه أن يتجنب كل ما يشغله عن الخشوع في صلاته أو يسبب له العمل الكثير، لأن من العلماء من يقول بأن الصلاة تبطل بالفعل العمد قليله وكثيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(11/7176)
لا تبطل صلاة المأموم إذا مرت امرأة أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المأموم إذا مرت أمامه امرأة, قد يحدث هذا في بلاد الكفر في حديقة عمومية أو مكان عمومي عن غير قصد وجهل, مع تفادي الصلاة في الممرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تبطل صلاة المأموم إذا مرت امرأة أمامه ولا تقطع الصلاة بذلك، وسترة الإمام سترة للمأموم.
وانظر لمزيد من الفائدة حول مرور المرأة أمام المصلي وهل يقطع ذلك الصلاة الفتوى رقم: 32586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(11/7177)
هل تبطل الصلاة بانتصاب الذكر أو تحرك الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا استقام القضيب أثناء الصلاة أو تحركت الشهوة، فهل ذلك يبطل الصلاة، وماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تبطل الصلاة لمجرد انتصاب الذكر أو تحرك الشهوة أثناء الصلاة، لأنه ليس من مبطلاتها، وراجع في مبطلات الصلاة الفتوى رقم: 6403، هذا ما لم يخرج مذي، فإن خرج انتقض الوضوء ووجب الخروج من الصلاة، وغسل الذكر وما أصابه المذي من الثوب أو البدن وإعادة الصلاة.
وعليك صرف الوساوس والأفكار التي تسبب لك هذا، والإقبال على صلاتك بخشوع وتدبر لمعانيها، فإن وجدت شيئاً من ذلك فتعوذ من الشيطان، واتفل عن يسارك ثلاثاً، كما جاء في حديث عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/7178)
حكم الكلام لمصلحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الإمام وأصلي بالمسجد حدث أني أخطأت في صلاة العشاء وجلست في الركعة الثالثة للتشهد الأخير فنبهني أحد المأمومين بقوله سبحان الله فظننت أني نسيت السجدة الثانية فأتيت بالسجدة فقال المأموم هناك ركعة ناقصة فقمت وأتيت بالركعة الرابعة وسجدت قبل السلام فما حكم صلاتي ومن خلفي جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيادة فعل من جنس الصلاة سهوا يجبره سجود السهو، لما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً، فقالوا: أزيد في الصلاة؟ قال: "وما ذلك؟ " قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه وسجد سجدتين.
وأما كلام المأموم بقوله هناك ركعة ناقصة فإذا كان قال ذلك جاهلا بحكم الكلام في الصلاة، أو لنسيانه فذلك لا يؤثر على صحة الصلاة، إذا كان يسيراً، فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثُكل أمياه، ماشأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي.
فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، والمشروع لمن نابه شيء في صلاته هو التسبيح، فإن لم يفهم الإمام المقصود بالتسبيح فله أن يتكلم بما يصلح الصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم بشرط أن لا يكثر عرفا، ويدل على عدم بطلان الصلاة بالكلام الذي هو في مصلحة الصلاة، حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين، فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع " رواه البخاري ومسلم.
وعليه؛ فصلاتك صحيحة لأنك زدت فعلا من جنس الصلاة وهو السجود وجبرته بسجود السهو، وصلاة المأموم صحيحة ولا إعادة عليكما
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/7179)
رفع الصوت بالقرآن في مواضع السر لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع الصوت بما يشوش على المصلين في مواضع السر في الصلاة يبطل الصلاة وهل هذا متفق عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع الصوت بالقرآن إذا كان يؤدي إلى التشويش على المصلين غير مشروع، لما فيه من أذيتهم، ومنع قلوبهم من الحضور والتدبر، فقد روى أحمد من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بم يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.
قال الباجي في شرح الموطأ: ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعض، ومنعا من الإقبال على الصلاة، وتفريغ السر لها، وتأمل ما يناجي به ربه من القرآن. اهـ
وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض بالقراءة. رواه أبو داود والنسائي والبهيقي والحاكم.
أما بالنسبة لحكم الصلاة فهي صحيحة ولا يبطلها رفع الصوت
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/7180)
حكم الإشارة أو رفع الصوت من المصلي للتنبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يصلي فدخل عليه آخر يريد منه شيئا فوجده يصلي فأراد أن يخرج فأشار له المصلي إشارة معناها: انتظر، فهل الإشارات التي تحمل معاني جائزة من المصلي..كأن يرفع صوته فجأة للتنبيه وغير ذلك من الإشارات باليد..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشارة من المصلي بقصد تنبيه غيره على أمر لا مانع منها ولا تبطل الصلاة، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاكٍ، وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا. وكذلك لا بأس برفع المصلي صوته ببعض التلاوة بقصد إفهام غيره بمسألة ما، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل أثناء استطراده لبعض الأشياء التي لا تبطل الصلاة: أو يستأذن عليه شخص وهو يقرأ " إن المتقين في جنات وعيون "، فيرفع صوته بقوله: " ادخلوها بسلام آمنين " لقصد الإذن بالدخول، أو يبتدئ ذلك بعد الفراغ من الفاتحة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(11/7181)
حكم الصلاة في مسجد فيه قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في مسجد به ضريح أو ما يسمى بمساجد الأولياء لو كان هذا الضريح فى الجهة الخلفية من المسجد وليس عند القبلة, وإذا صليت في مثل هذا المسجد وأنا لا أعلم بوجود الضريح فهل علي قضاء هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم بناء المسجد على القبر في الفتاوى التالية أرقامها: 1530، 4527، 16049.
وقد اختلفت العلماء في صحة الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فمنهم من ذهب إلى صحة الصلاة مع الكراهة، ومنهم من قال بالبطلان، والأحوط الأخذ بالقول بالبطلان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(11/7182)
هل يؤمر المسبل بإعادة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال ابن حزم رحمه الله في المحلى: ولا تجزي الصلاة ممن جر ثوبه خيلاء من الرجال.... إلخ، وذكر الحديث الذي رواه مسلم في صحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء.، وذكر عن ابن عباس: لا ينظر الله إلى المسبل، وعن ابن مسعود: المسبل إزاره في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام، وعن مجاهد: كان يقال من مس إزاره كعبه لم يقبل الله له الصلاة.
وقال ابن حزم: فمن فعل في صلاته ما حرم عليه فلم يصل كما أمر فلا صلاة له.
أصحاب الفضيلة ما وجه الجمع بين هذه الأدلة وبين ما صح عنه عليه السلام من أمره بالصلاة خلف البر والفاجر، وهل في هذه المسألة نسخ أو تخصيص، وهناك من يرى أن الجمع بين هذه الأدلة يكون باستثناء الأقل من الأكثر فيكون المعنى: صلوا وراء كل بر وفاجر إلا من أسبل إزاره في الصلاة، فهل هذا الجمع صحيح حسب أصول الفقه، علما بأنني ولله الحمد لست من المسبلين ولكني أسأل عن الصلاة خلف الأئمة المسبلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس بين ما استدل به ابن حزم ومن وافقه على بطلان صلاة المسبل وبين الحديث: صلوا خلف كل بر وفاجر نسخ ولا تخصيص.
وذلك أن الحديث: صلوا خلف ... حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج حتى يصار إلى النظر في كونه ناسخاً أو منسوخاً أو عاماً أو مخصصاً، فبقي النظر إذاً في التعارض بين ما يراه ابن حزم من بطلان صلاة المسبل وبين رأي الجمهور وهو صحتها.
والراجح عندنا هو رأي الجمهور، لأن الحكم على العبادة بالفساد يحتاج إلى دليل يصلح للاحتجاج، وما روي من أمر المسبل بإعادة الصلاة ضعفه أهل العلم بالحديث.
قال الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله في كتابه الشرح الممتع، بعد أن ذكر كلام العلماء في هذه المسألة وما تمسك به القائلون ببطلان صلاة المسبل: وهذا القول -يعني القول بصحة صلاة المسبل- هو الراجح إلا إذا ثبت الحديث، فإن الحديث تعين القول بموجبه لكن كثيرا من أهل العلم ضعفه، وقالوا لا تقوم به حجة، ولا يمكن أن تلزم إنساناً بإعادة صلاته بناء على هذا الحديث. انتهى كلامه، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/7183)
لا علاقة بين صحة الصلاة وارتكاب الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم,
أريد أن أسال حضراتكم عن العمل فى المصارف الربوية هل ذنبها عظيم جداً وهل تصح صلاتنا ونحن نأكل الربا وهل يصح أى عمل صالح ونحن نأكل الربا وإذا كنت لاأستطيع أن أوفر احتياجاتى. هل يحق لي أن أبقى فى هذا المصرف وأنا الأن فى حالة خطوبة ولا أستطيع فى هذا الوقت أن أجد عملاً أخر وإذا تركت هذا العمل سأواجه مشاكل كبيرة فى حياتى المادية وهل يحق لي أن آخذ قرضاً لي وأوفر لنفسي بيتا
أرجوكم أريد فتؤى صريحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز العمل في البنوك الربوية لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهانا الله عنه بقوله " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " المائدة
وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم 1725 ورقم 6984
مع هذا التحريم المؤكد للعمل في مجال الربا، فقد رخص الله تعالى للمضطرين في ارتكاب بعض المنهيات وفقاً للضرورة فقال تعالى (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) (الأنعام: من الآية 119)
ولمعرفة الضرورة المبيحة للعمل في هذا المجال راجع الفتويين رقم 32275
ورقم 23001
أما البقاء في هذا العمل لحين الحصول على عمل آخر فراجع الفتوى رقم 8428، علماً بأنه لا علاقة للصلاة والأعمال الصالحة الأخرى بما ذكرنا، لأن صاحبها لايزال مسلماً إلا أن يكون العامل لعمله مع علمه بحرمته فهذا لا يقبل الله له عملا لأنه في حكم المرتد.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(11/7184)
حكم صلاة من يتغذى عن طريق الشريان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول السادة في ما يكون على شريان المريض من وضع كلكوز فيمده بالطعام والشراب على شكل سوائل يعني لم فائدة من دون أن يأكل، فهل هذا يجوز أن يصلي وهو عليه لأنه بمثابة الأكل والشرب متعمداً، وهل يبطل الصوم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يوصل بشريان المريض ليمده بالطاقة ... لا يبطل الصلاة بذاته، فإن كان توصيله إليه لا يعوقه أو يمنعه من القيام للقادر وبقية الأركان فإن صلاته صحيحة -إن شاء الله- لأن الممنوع في الصلاة الأكل والشرب، ومجرد تغذيته للجسم أو مده بالطاقة لا يعد أكلاً، ولو استطاع المريض نزعه حتى يؤدي الصلاة فلا شك أن ذلك أفضل، وأما الصوم فإنه يفسده لأنه بمنزلة الغذاء المفسد للصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1425(11/7185)
لا تبطل الصلاة نغمات الهاتف النقال الموسيقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا رن نقال أحد المصلين في إحد الصلوات وفتن المصلين بصوت النغمة، هل صلاة هذا الشخص صحيحة أم باطلة لفتنته للمصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة صاحب النقال (الهاتف المحمول) صحيحة ولا تبطل بصدور نغمات موسيقية من هاتفه ولو أدى ذلك إلى التشويش على المصلين في صلاتهم لكنه يأثم إذا تعمد هذا الفعل، وينبغي لأصحاب الهواتف المحمولة أن يتقوا الله ويحرصوا على إغلاق هواتفهم قبل الدخول إلى المسجد حتى لا يؤذوا إخوانهم المصلين، وحتى يجنبوا بيوت الله هذه النغمات الموسيقية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/7186)
ما يبطل صلاة الإمام ولا يبطل صلاة المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأعمال التي تبطل صلاة الإمام ولا تبطل صلاة المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء اختلفوا في الحالات التي تبطل فيها صلاة الإمام دون المأموم، وخلاصة ذلك أنهم اتفقوا على أن إن طروء الحدث على الإمام في الصلاة لا يؤثر على صلاة المأمومين، ما لم يقتدوا به بعد علمهم أو علمه بالحدث، واختلفوا إذا صلى بهم وهو جنب، وعلموا بذلك بعد الصلاة، فقال قوم صلاتهم صحيحة، وهم الشافعية، وقال آخرون صلاتهم فاسدة، وهم الأحناف، وفرق قوم بين أن يكون الإمام عالماً بجنابته فلا تصح صلاتهم، وبين أن يكون ناسياً لها فتصح، هولاء القوم هم المالكية، ووافقهم الحنابلة في هذه المسألة، قال في بداية المجتهد: وسبب اختلافهم هل صحة انعقاد صلاة المأموم مرتبطة بصحة صلاة الإمام أم ليست مرتبطة، فمن لم يرها مرتبطة، قال صلاتهم صحيحة، ومن رآها مرتبطة قال صلاتهم غير صحيحة، ومن فرق بين السهو والعمد أخذ بظاهر حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم استفتح الصلاة فكبر ثم أومأ إليهم أن مكانهم ثم دخل ثم خرج ورأسه يقطر فصلى بهم، فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشر مثلكم وإني كنت جنباً. رواه أبو داود والإمام أحمد، فظاهر الحديث يدل على أنهم بنوا على تكبيرة الإحرام، وقد ذكر المالكية الحالات التي تبطل فيها صلاة الإمام فقط استثناء من قولهم كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على مأمومه إلا في اثنتي عشرة مسألة وهي:
1-سبق الحدث، أي غلبته فخرج ولم يعمل بهم عملاً.
2-نسيان الحدث أيضاً حتى أتم الصلاة.
3-ضحك الإمام غلبة أوسهواً.
4-رؤية المأموم نجاسة على إمامه فأراها له فوراً ولم يقتد به بعد ما رآها.
5-كشف عورة الإمام أعني السوءتين.
6-إذا رعف في الصلاة رعاف بناء فاستخلف.
7-إذا انحرف عن القبلة كثيراً ونوى مأمومه مفارقته.
8-طروء فساد على صلاة الإمام الذي قسم طائفتين في الخوف بعد مفارقة الأولى.
9-إذا ترك السجود لقبلي وكان عن ثلاث سنن وطال وسجده المأموم.
10-إذا قطع الإمام الصلاة لخوف على مال أو نفس.
11-إذا طرأ على الإمام جنون أو موت.
12-إذا نسي الإمام سجدة ويسبح له المأموم ولم يرجع فسجدها المأموم، واستمر الإمام تاركاً لها حتى سلم وطال الوقت.
هذا ويجب التنبه إلى أن هذه المسائل ليست محل اتفاق من المالكية، بل إن منهم من حذف بعضهاً، ومنهم من زاد فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/7187)
من أتى في الصلاة بذكر أو دعاء لم يرد الشرع به
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بموضوع الصلاة:
أنا أصلي في مسجد وإمام مسجدنا في الصلوات الجهرية أولاً يقرأ دعاء الاستفتاح ثم يقرأ الفاتحة بعد آمين يقول يارب العالمين واللهم اغفرلي ولوالدي وبعد ذلك يقرأ اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ... إلخ الدعاء ثم يقرأ بعض الآيات فهل صلاته صحيحة وهل نصلي خلفه؟؟
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما جاء به الإمام المذكور من قوله بعد الفاتحة: يا رب العالمين اللهم اغفر لي ولوالدي، يعتبر في غير محله، لكن لا تبطل الصلاة لأجله، ولا يترتب سجود سهو بسببه سواء كان عمداً أو سهواً، قال ابن قدامة في المغني: النوع الثاني: أن يأتي فيها بذكر أو دعاء لم يَرد الشرع به فيها كقوله آمين يا رب العالمين، وقوله الله أكبر كبيراً ونحو ذلك، فهذا لا يشرع له السجود، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يقول في الصلاة: الحمد لله حمد كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى فلم يأمره بالسجود. انتهى.
أما قول الإمام: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ... إلى آخره فهذا دعاء الاستفتاح الثابت في الصحيحين وغيرهما لكن محله المشروع ليس بعد الفاتحة، وإنما هو بعد الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة، فكأن هذا الإمام أتى بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، وقد فصل ابن قدامة القول في هذا حيث قال: القسم الثاني: ما لا يبطل عمده الصلاة وهو نوعان: أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية، أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك.. إذا فعله سهواً فهل يشرع له سجود السهو على روايتين، إحداهما: لا يشرع له سجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال.
والثانية: يشرع له السجود لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم، فإذا قلنا يشرع له السجود فذلك مستحب غير واجب، لأنه جبر لغير واجب، فلم يكن واجباً كجبر سائر السنن، قال أحمد: إنما السهو الذي يجب فيه السجود ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الأصل عدم وجوب السجود. انتهى.
وعليه؛ فصلاة الإمام المذكورة صحيحة، كما تصح الصلاة خلفه، لكن ينصح بحكمة ويؤمر بالاقتصار على الإتيان بدعاء الاستفتاح والأذكار في محلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/7188)
حكم إرضاع المرأة لطفلها وهي تصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رضاعة المرأة طبيعيا أو اصطناعيا لولدها وهي تصلي الفريضة أو النافلة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم رضاعة المرأة طبيعيا أو اصطناعيا لولدها وهي تصلي الفريضة أو النافلة، فقد ذكر العلماء ضوابط للأفعال التي تبطل الصلاة. قال الإمام النووي: فمختصرها ما قاله أصحابنا: أن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط، وقال أيضا: والفعل القليل الذي لا يبطل الصلاة مكروه إلا في مواضع.
وقد اختلف العلماء في ضابط القليل والكثير، فقيل يقدر ذلك بالعرف، وقيل الكثير هو ما يخيل للناظر أن فاعله ليس في الصلاة، وقيل غير ذلك.
وقال الشيخ ابن عثيمين: شروط بطلان الصلاة بالحركات ثلاثة:
1- أن تكون طويلة عرفا.
2- أن لا تكون لضرورة
3- أن تكون متوالية بغير تفريق.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة في الفعل، صار مبطلا للصلاة، لأنه حركة من غير جنس الصلاة وهي منافية لها، كالكلام، لأن الذي ينافي الصلاة يبطلها. اهـ.
ولمزيد من الفائدة انظر فتوى رقم: 10780.
وإرضاع المرأة لطفلها فعل من غير جنس الصلاة، فيكون مبطلا للصلاة إذا كان طويلا ولغير ضرورة، ثم إن فيه غالبا كشف لعورة المرأة في الصلاة، وستر العورة هي بالنسبة للمرأة جميع بدنها إلا الوجه والكفين شرط لصحة الصلاة، فتبطل الصلاة بكشفها.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/7189)
من قطع الصلاة لفتح الباب
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نصلي العصر وأغلق باب المسجد بالخطأ والإمام في الركعة الثانية وطرق باب المسجد بعض المصلين يريدون اللحاق بالجماعة فقام أحد المصلين بالسير إلى الخلف إلى أن فتح لهم الباب ليصلوا بينما سلم الآخر وقام للذهاب لفتح الباب ثم لحق كلاهما بالإمام وصلى الثاني ركعتين بعد الإمام وصلى الأول ركعة زائدة فما حكم صلاة كل منهما أو ما هو حكم الخروج من الصلاة لهذا السبب. أفتونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن العمل الكثير في الصلاة مبطل لها، واختلفوا في حدّه، والراجح أن الكثرة تعرف بالعرف والعادة، كما فصلناه في الفتوى رقم: 10780.
وعليه، فإذا كانت الخطوات التي خطاها هذا الشخص لفتح الباب للمصلين ثم رجوعه إلى مكانه في الصلاة يسيرة، فصلاته صحيحة، وقد أصاب فيما فعل، وإن كانت كثيرة ووالى بينها فصلاته باطلة وعليه إعادتها.
وأما قولك: وصلى الأول ركعة زائدة: فإن كان المقصود أنه فاتته ركعة حال فتحه للباب ولم يتمكن من تدارك الإمام، فأتى بركعة بدلها بعد سلام إمامه، فلا شيء في ذلك، وإن كان المقصود أنه أتى بركعة زائدة مقابل خروجه من الصف وفتحه للباب دون أن تكون فاتته ركعة، فصلاته باطلة، لأنه زاد فيها ركعة، وعليه إعادتها.
وأما قطع الصلاة لهذا السبب، ففيه تفصيل، وهو أنه إن كانت الصلاة فريضة فلا يجوز قطعها، وإن كانت نافلة، فلا حرج في ذلك على القول الراجح من أقوال العلماء.
وعليه، فإن كان الشخص الذي قطع صلاته لهذا السبب في صلاة فريضة، فقد أخطأ ولا إثم عليه ما دام جاهلا، وصلاته صحيحة إذا عاد وأحرم بالصلاة مع الإمام وأتم ما فاته بعد سلام الإمام.
وأما إن كانت نافلة، فلا حرج عليه في قطعها واستئنافها بعد قضاء الغرض والإتيان بها تامة دون اعتداد بما مضى منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/7190)
لا أثر لدخول الكافر على المصلي أثناء صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة المسلمه إذا دخلت عليها أثناء الصلاة امرأة على غير ملة الاسلام؟ هل تصح الصلاه أم تعيدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة المرأة المسلمة صحيحة، وليس دخول كافر على المصلي مبطلا لصلاته، فليس ذلك من مبطلات الصلاة عند أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(11/7191)
حكم صلاة من يحمل السجائر
[السُّؤَالُ]
ـ[والسؤال الثاني، من صديق لي يسأل: هل تبطل الصلاة عندما تكون علبة السجائر في الجيب؟ وأثابكم الله خير الثواب، في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما سؤالك الثاني فقد سبق جوابه في الفتوى رقم: 31652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/7192)
تبطل الصلاة بخروج شيء من الفرج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فى الشهر السادس من الحمل أحيانا يصاحبني كحة وأنا أصلي مما يؤدي لسقوط ماء من فتحة البول، فهل تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنزول شيء من الفرج يبطل الوضوء ومن ثم تبطل الصلاة التي حصل ذلك في أثنائها والواجب عليك إعادة الوضوء والصلاة، وانظري الفتوى رقم: 24518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/7193)
ترك القيام في الصلاة لا يسوغه وجود المسلم في دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بيم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو كالتالي: هل يجوز لي أن أتيمم وأصلي العصر وأنا جالس، لأني خفت أن يفوتني وقت الصلاة، وجالس لأني في الشارع ولأني في دولة كافرة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الطهارة للصلاة أن تكون بالماء، ولا يجوز العدول عنه إلى التراب إلا لمسوغ شرعي، ومن المسوغات الشرعية للعدول عن الوضوء إلى التيمم ضيق الوقت عند بعض العلماء، فلو كان بحثك عن الماء أو انشغالك بالوضوء يترتب عليه خروج وقت الصلاة، فلا حرج عليك إن شاء الله في التيمم، وإلا فلا يجوز لك التيمم.
وبخصوص صلاتك وأنت جالس والحال ما ذكرت، فلا تجوز لأنك قادر على القيام، ووجودك في دولة كافرة ليس مسوغاً لذلك، إلا إذا غلب على ظنك أن يترتب عليك ضرر من ذلك، ولم تجد مكاناً آمناً تصلي فيه قائماً.
وننبهك إلى أنك إن كنت عاجزاً عن إقامة شعائر دينك في بلاد الكفر، فالواجب عليك الهجرة إلى بلد تستطيع فيه ذلك، ولا يجوز لك البقاء في بلاد الكفر من غير ضرورة، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 5537، والفتوى رقم: 16686، والفتوى رقم: 714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/7194)
أثر حركة العضو التناسلي على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عفواً: ما حكم الصلاة إذا شعر المصلي بحركة في العضو التناسلي أثناء أداء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حركة العضو التناسلي في الصلاة لا أثر لها على الصلاة ما لم يخرج مذي أو مني، وعلى المصلي أن يحرص على الخشوع في الصلاة، ويشغل قلبه بتدبر القرآن وأذكار الصلاة، وراجع الوسائل المعينة على الخشوع في الفتوى رقم: 9525، والفتوى رقم: 24093.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/7195)
الحك الكثير المتوالي مبطل للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يسمح بثلاث حركات في الصلاة هل هي أثناء الصلاة، كلها أم في كل ركن ثلاث حركات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على بطلان الصلاة بالعمل الكثير المتوالي ولو سهوا، قال في "أسنى المطالب" نقلا عن القاضي: إنه لو أكثر من حك جسده مرارا متوالية مختارا بطلت صلاته، إلا أن يكون بحرب. وقال الدسوقي في حاشيته وهو مالكي عند قول خليل: "ولا في حك جسده" أي هو جائز إن كان لحاجة وقلّ، وكره لغير حاجة والحال أنه قليل، فإن كثر سواء كان عمدا أو سهوا بطل، فإن توسط أبطل عمده وسجد لسهوه.
وقال الحنابلة: تبطل الصلاة بكثير من العمل عمدا أو سهوا لا بقليله.
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الكثرة تعرف بالعرف والعادة، وذهب الحنفية إلى أن ثلاث حكات متتاليات كثيرة، قال زكريا الأنصاري وهو شافعي: وعلى هذا يحمل إطلاق البغوي أن الحك ثلاثا مبطل.
والحاصل أن الحك الكثير المتوالي مبطل للصلاة باتفاق المذاهب، سواء كان عمدا أو سهوا، أما إن كان يسيرا أو غير متوالٍ، فلا تبطل الصلاة به، إلا إذا زاد على المعتاد، والكثرة تحدد بالعرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/7196)
من انتقل بنية عن فرض إلى فرض بطلت الصلاتان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد جئت إلى المسجد لصلاة العشاء، وعندما قام المصلون للصلاة نويت ثلاث ركعات لصلاة المغرب، وبعد الدخول في الصلاة تذكرت فتابعت مع الإمام، وعندما قمنا للركعة الرابعة نويت في سري أن أقيم ركعة رابعة لأتم صلاة العشاء، وبعد أن سلم الإمام سلمت معه ثم مباشرة قمت بعمل سجود سهو وسلمت مرة أخرى، أرجو يا سيدي الشيخ أن تخبرني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد دخلت للصلاة ونويت أنها صلاة المغرب ثم نويت في أثناء الصلاة أن تجعلها صلاة العشاء، فقد بطلت صلاة المغرب لأنك قطعت نيتها، وبطلت صلاة العشاء لأنك لم تنوها من بدايتها.
وذلك أن من انتقل بنية عن فرض إلى فرض فقد بطلت الصلاتان، قال صاحب الزاد: وإن انتقل بنيةٍ عن فرض إلى فرض بطلا.
فالواجب عليك إعادة صلاة العشاء، وكذلك صلاة المغرب إن لم تكن صليتها قبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1424(11/7197)
حكم قطع الفريضة والنافلة لبكاء الطفلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة على رسول الله
لدي طفلة رضيعة أتركها نائمة وأصلي أحيانا أثناء الصلاة تستيقظ وتبكي، هل يجوز لي أن أقطع صلاتي سواء كانت فريضة أو نافلة؟ أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم قطع الفريضة إلا إذا خفت على البنت ضررا معتبرا كحريق أو سقوط، أما البكاء، فلا، وفي النفل خلاف، وكلا المسألتين سبق ذكرهما في الفتاوى التالية أرقامها: 29700، و 11131، و 26303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/7198)
لا تبطل الصلاة بابتلاع بقايا الطعام بين الأسنان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أكلت ولم أتمضمض قبل الصلاة ثم ابتلعت بقايا طعام أثناء الصلاة، فهل هذا يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا تبطل الصلاة بابتلاع ما تبقى من الطعام بين الأسنان، قال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا أكل أو شرب في الفريضة عامداً بطلت صلاته رواية واحدة ولا نعلم فيه خلافاً ... فإن فعل ذلك في التطوع أبطله في الصحيح من المذهب، وهو قول أكثر الفقهاء. وإن أكل أو شرب في فريضة أو تطوع ناسياً لم يفسد عند الحنابلة، وبهذا قال عطاء والشافعي ... لقوله عليه الصلاة والسلام: عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان.، وقال الأوزاعي: تفسد صلاته، وهو قول الحنفية لأنه عمل كثير وحالة الصلاة مذكرة. وقال -رحمه الله-: وإن بقي بين أسنانه أو في فيه من بقايا الطعام يسير يجري به الريق فابتلعه لم تفسد صلاته.، وانظر الفتوى رقم: 6403. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/7199)
تكرار تكبيرة الإحرام لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تكبر تكبيرة الإحرام في الفريضة أكثر من تكبيرتين أو ثلاث تكبيرات، فهل صلاتها صحيحة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الفعل المذكور من هذه المرأة عن عمد وقصد فقد أساءت ووقعت في بدعة، وينبغي أن تنصح ويبين لها أن ما صدر منها مخالفة شرعية، أما صلاتها فصحيحة.
ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: سئل عن إمام شافعي يقول الله أكبر يكرر التكبير مرات عديدة والناس وقوف خلفه أجاب: الحمد لله، تكرير اللفظ بالنية والتكبير والجهر بلفظ النية أيضاً منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام، وفاعل ذلك مسيء، وإن اعتقد ذلك دينا فقد خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه عنه، وإن عزل عن الإمامة إذا لم ينته كان له وجه. انتهى.
وإذا كان الفعل المذكور ناشئاً عن كثرة الوساوس والأوهام، فلا إثم عليها لأن هذا حصل غلبة، لكن ينبغي أن تنصح بعدم الالتفات إلى تلك الوساوس والأوهام، وأن تكثر من الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان الرجيم، وللمزيد عن هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 12158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/7200)
أحرم بفريضة ثم نوى نقلها إلى صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
دخلت المسجد لأداء صلاة الظهر، فلما كبرالإمام ولم يركع، تبين لي أنها صلاة الجنازة، فغيرت النية، وبعد السلام صليت الظهر.
أفيدونا في هذا؟ والحالة الأخرى: إذا دخلت ووجدت صلاة الجنازة ولم أؤد الفريضة، أأدخل معهم وبعدها أصلي الفريضة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نقل النية من فريضة إلى أخرى، سبب لبطلان الفريضتين معا.
قال ابن قدامة في "المغني": وإذا أحرم بفريضة ثم نوى نقلها إلى فريضة أخرى، بطلت الأولى، لأنه قطع نيتها، ولم تصح الثانية، لأنه لم ينوها من أولها. انتهى.
وعليه، فإن ما فعلته صواب، بأدائك لصلاة الظهر بعد الجنازة.
أما صلاة الجنازة، فإنها باطلة، لأنك لم تنوها عند الإحرام، بل أحرمت بنية الظهر، ولكن قضاءها غير ممكن.
أما الحالة الأخرى التي تسأل عنها، فإن الأولى في حقك: الدخول في الصلاة على الجنازة، لأنها يخشى فواتها، وهذا موجب لتقديمها، كما في الفتوى رقم: 25328.
هذا إضافة إلى السعي في الحصول على الثواب العظيم المترتب على الصلاة على جنازة المسلم.
فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شهد الجنازة حتى يصلي عليها، فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن، فله قيراطان، قيل: وما القيراط؟ قال: مثل الجبلين العظيمين. وهذا لفظ مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(11/7201)
زاد ركعة خامسة عامدا فما حكم صلاته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت الإمام في آخر ركعة ثم أكملت الصلاة بمفردي، فدخل خلفي من يصلي فكانت الركعة الأولى له والثانية لي فصليت خمسة ركعات مع علمي بذلك، ولكني خشيت أن تتم اللخبطة للذين يصلون خلفي فصليت الركعة الخامسة
السؤال ما حكم صلاتى وما حكم صلاتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك قد ارتكبت إثماً بتعمد الزيادة في الصلاة فيلزمك أمران:
أولهما: التوبة إلى الله والاستغفار عما فعلت، ومن تاب تاب الله عليه.
وثانيهما: إعادة الصلاة لأنها بطلت بتعمد الزيادة ولا تجبر بسجود السهو، أما الذين صلوا بصلاتك فصلاتهم صحيحة إن شاء الله، ولا تلزمهم الإعادة إن لم يعلموا بالزيادة.
أما إن علموا بأنك قمت لركعة زائدة وتبعوك فإن صلاتهم تبطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(11/7202)
من أكل في الصلاة ناسيا أو جاهلا أو عامدا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رأيت فتاة أكملت تناول اللبان بعد انتهائها من الصلاة وكانت موجودة في فمها من قبل، هل يجوز أن نصلي وفي فمنا لبان (تحت اللسان) ، وبعد الانتهاء من الصلاة نكمل تناولها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن قليل الأكل مبطل للصلاة، قال ابن قدامة في المغني نقلا عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا أن عليه الإعادة.
وأما من أكل في حال السهو، فيفرق فيه، فإن كان كثيرا بطل مثل العمد، وإن كان قليلا، فمذهب كثير من أهل العلم أنه لا يبطل الصلاة.
قال النووي في المجموع: فلو أكل ناسيا للصلاة أو جاهلا بتحريمه، فإن كان قليلا، لم تبطل بلا خلاف، وإن كثر بطلت على أصح الوجهين.
ومما يلحق بالأكل: وضع المصلي في فيه ما طبعه الذوبان، كالسكر، وشبهه، قال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا نزل في فيه ما يذوب كالسكر فذاب منه شيء فابتلعه، أفسد صلاته، لأنه أكل.
وعلى هذا، فإن ما قامت به هذه الفتاة من وضع هذا اللبان في فمها أثناء الصلاة، مبطل لصلاتها إن كانت عامدة، لأنه لا يخلو غالبا من أن يتحلل منه شيء فيصل إلى الجوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/7203)
رؤية الأجنبي للمرأة ليس عذرا لها في ترك القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إنى أصلي صلاة الظهر والعصر وأكون راكعة، وهذا لطبيعة عملي فإني لو صليت وأنا واقفة سيشاهدني الرجال، فما رأيكم فى هذا؟
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم:
14234، أن القيام ركن من أركان الصلاة لا يسقط إلا عند العجز عنه، وأن رؤية الرجال الأجانب للمرأة حال صلاتها ليست عذراً في تركها القيام، فلتراجع تلك الفتوى.
والأحوط لهذه السائلة أن تعيد تلك الصلوات التي صلتها وهي جالسة لذلك العذر.
وأما عمل المرأة فقد بينا ضوابطه في الفتوى رقم: 5181، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/7204)
مرور المرأة أمام المصلي لا يبطل صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر الأخت من الأب والأم من مبطلات الصلاة إذا حاولت تعديل السجاد الذي أنا أصلي عليه بمد ذراعها دون العبور.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 28786 حكم السترة للمصلي وما يترتب على من مر من بين يديه مار رجلا أو امرأة أثناء الصلاة.
وذكرنا هنالك أن الصحيح أن مرور المرأة أمام المصلي لا يبطل صلاته، وإذا كان المرور لا يبطل الصلاة وهو الذي جاء النص عليه في الحديث فما بالك بما هو دونه من تحريك السجاد ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/7205)
حكم حمل الصور الفوتوغرافية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أما بعد:
هل تجوز الصلاة إذا نسيت أن المحفظة في جيب الثوب، مع العلم بأنه في المحفظة البطاقة الشخصية والنقود التي يوجد بها صور كائنات.
وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حمل الصور الفوتوغرافية في الصلاة لا يؤثر في صحة الصلاة وانظر الفتوى رقم: 26175، والفتوى رقم:/ 12972، والفتوى رقم:.
وإذا كانت الصور مما لا تدعو الحاجة إليه فالأفضل التخلص منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/7206)
تبطل الصلاة بترك فرض من فرائضها
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
مسألة في الوضوء والصلاة ... وهي كالتالي:
ما الحكم إذا ترك العبد السنة أو الواجب أو الركن في الوضوء أو الصلاة..وهذا الترك إما أن يكون جحودا أو نسيانا أو تعمدا، فما الحكم في كل موقف؟ ... والحمد لله رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم من شك في ترك فرض أو سنة من فرائض وسنن وضوئه في الفتوى رقم: 28923.
كما سبق حكم من ترك سنة من سنن الوضوء متعمداً في الفتوى رقم: 30445.
وحكم من ترك فرضاً من فرائض الوضوء ناسياً في الفتوى رقم: 25551، وحكم من ترك ركناً من أركان الصلاة ناسياً برقم: 35139.
أما من ترك فرضاً من فرائض الصلاة عامداً، فقد بطلت صلاته من حينه، علماً بأن بعض أهل العلم يسمى أركان الصلاة وفرائضها واجبات، فالواجب والفرض عنده مسمى واحد.
أما عند من يفرق بين الواجب والسنة في الفرض مثل الحنابلة فتبطل الصلاة عنده بتعمد ترك الواجب، ولا تبطل بتركه سهواً. وفي الأخير نقول للسائل إن سؤاله بما أنه مركب من فقرات كثيرة وافترضات مختلفة فينبغي له أن يوضحه لنا وخصوصا قوله "جحودا".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/7207)
تلزم إعادة الصلوات لمن صلاها وهو محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت في وقت سابق وأنا على حدث أكبر فماذا علي وأنا لا أعرف عدد تلك الصلوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من صلَّى وهو محدث حدثًا أكبر أو أصغر فصلاته باطلة، وتلزمه إعادتها، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 19776.
وإذا كان صلَّى به عدة صلوات لا يعرف عددها بالضبط فليصلِّ عدداً يرى أنه يبرئ من ذمته ويزيل شكه، فمن القواعد: أن الذمة لا تبرأ إلا بيقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/7208)
مدى تأثير لبس الرجل سلسلة فضة على صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فما حكم لبس الرجل سلسة من فضة في اليد أو الرقبة من غير تشبه؟ وهل تجوز صلاته إذا صلى وهو يلبسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لبس الرجال لسلاسل الذهب أو الفضة من المحرمات، ولا يخلو من التشبه بالنساء أو الكفار. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6148، والفتوى رقم: 21424.
هذا في ما يتعلق بحكم اللبس عمومًا. أما في حال الصلاة فإنه لا يؤثر في صحتها، قياسًا على صحة الصلاة مَنْ لبس الحرير فيها من الرجال. وانظر الفتوى رقم: 23207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/7209)
إمامة بدون وضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك من يصلي بنا إماما، لكنه كثير التدخين وكثير اللغو، ولا يتوضأ قبل الصلاة، هل يجوز أن نصلي خلفه? وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم الصلاة خلف شارب الدخان والفاسق عمومًا في الفتوى رقم: 29087 والفتوى رقم: 16978.
وأما من عُلم أنه يصلي بالناس بدون وضوء فلا تجوز الصلاة خلفه، ومن صلى خلفه وهو عالم بحدثه فصلاته باطلة وتجب عليه إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/7210)
هل يؤثر في صحة الصلاة أداؤها قبل جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ماذا ترون في الشخص الذي هم بالسفر ثم دخل وقت صلاة العصر فصلاها بالبيت مع ابنه قبل أن تصلى الصلاة في المساجد ثم سافر؟ فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة إذا أديت بعد دخول وقتها، فهي صلاة صحيحة، ولا يؤثر في صحتها أداؤها قبل أداء أهل المسجد صلاتهم، إلا أن الراجح عندنا وجوب صلاة الجماعة، فعلى هذا، فقد ارتكبتما إثما بالتخلف عنها، فتجب عليكما التوبة، ما لم يكن هنالك عذر يبيح لكما أو لأحدكما التخلف عنها، فالمعذور لا يلحقه الإثم.
ولمعرفة أدلة وجوب صلاة الجماعة راجع الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(11/7211)
الصلاة بملابس بها رسوم لكائنات حية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تجوز الصلاة بملابس بها رسوم لكائنات حية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم لبس الثوب الذي فيه تصاوير مطلقاً سواءً كان في الصلاة أو خارجها، ومن صلى به فصلاته صحيحة مع الإثم، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(11/7212)
لا تبطل صلاة من استنجى باليد اليمنى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الاستنجاء باليد اليسرى فقط؟ وهل تبطل صلاتي إذا استعملت اليد اليمنى لأني حاولت أكثر من مرة باليسرى لكني أجد صعوبة وأحس بعدم اكتمال النظافة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستنجاء باليد اليسرى مستحب عند جماهير الفقهاء، وتكره مباشرة العضوء باليمنى عند الاستنجاء، لما في حديث أبي قتادة: لا يمسكنّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه رواه البخاري ومسلم.
وقد حمل الجمهور النهي على التنزيه وحمله الظاهرية على التحريم، وأيد الشوكاني مذهبهم.
وعلى كلا القولين فلا تبطل الصلاة إذا استنجيت باليد اليمنى ولو أمكن استعمال اليسرى أحرى إذا لم يمكن.
ومحل هذا الكلام في مباشرة اليد للذكر أو النجاسة، أما استخدام اليد في صب الماء أو المسح بالحجر أو غيره فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/7213)
حكم قطع الصلاة لاستقبال مكالمة هاتفية مهمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز قطع الصلاة لاستقبال مكالمة هاتفية مهمة دولية لسماع أخبار الأهل التي انقطعت بسبب الحرب على العراق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يُسأل عنه العبد من أعماله؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله. رواه الطبراني.
وهي من آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلم.. فعن أنس قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم. حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه. رواه الإمام أحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم: لتنقضنَّ عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقض عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة. رواه ابن حبان.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأصحاب السنن. وقال أيضاً: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
فلذا تجب المحافظة على الصلاة وأداؤها بشروطها وأركانها وكل ما هو مطلوب شرعاً فيها مع الخشوع فيها، واستحضار احتمال أن تكون آخر صلاة يصليها المسلم، فلا يجوز قطعها إذاً لما ذكرت من استقبال مكالمة أو غيرها، فذلك لا يجوز وهو مبطل لها سواء كانت فريضة أو نافلة، بل إن التفكير في قطعها هو من كيد الشيطان ليفسد على المسلم عبادته.
وهذا الكيد لا يكاد يسلم منه أحد.. حتى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم حاول الشيطان أن يقطع عليه صلاته، ففي الحديث المتفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عفريتاً من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه، فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، فرده الله خاسئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/7214)
حكم صلاة من وضع الثوم على شعره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لوسمحت فضيلة الشيخ ما هو حكم وضع الثوم على الشعر وقد دخل وقت الصلاة هل تجوزالصلاة به؟
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول المسجد لمن أكل الثوم، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه الشجرة -يريد الثوم- فلا يغشانا في مساجدنا، قلت: ما يعني به؟ قال: ما أراه يعني إلا نيئه، وقال مخلد بن يزيد عن ابن جريج: إلا نتنه متفق عليه.
وقد كره العلماء أكل كل ذي رائحة كريهة، لأن الملائكة تتأذى من ذلك، قال ابن قدامة: ويكره أكل البصل والثوم والكراث والفجل وكل ذي رائحة كريهة من أجل رائحته، سواء أراد دخول المسجد أو لم يرد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس. رواه ابن ماجه. وإن أكله لم يقرب من المسجد. (المغني ج11 ص 88) .
وعليه، فإن صلاة آكل الثوم أو من فيه رائحته صحيحة، لأن المنهي عنه دخول المسجد لئلا يتأذى منه المصلون، ولا فرق بين أكله ووضعه على الشعر، لأن علة النهي رائحته، فمن أماته طبخاً أو أزال رائحته بوسيلة أخرى، فلا مانع من وضعه له على الشعر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(11/7215)
حكم الإخلال في نطق الضاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نطق الضاد مع الإشمام بالظاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان لا يستطيع أن يميز بين الضاد والظاء فلا إثم عليه في نطقه الضاد ظاء، أما إذا كان يستطيع أن يتعلم ويأتي بكل حرف منهما من مخرجه، دون التباس فيجب عليه ذلك، ويأثم بترك التعلم ولا تبطل صلاته على الصحيح من أقوال أهل العلم إلا إن تعمد أن ينطق الضاد ظاء مع قدرته على النطق الصحيح، جاء في الفتاوى الهندية للأحناف:
وإن كان لا يمكن الفصل بين الحرفين إلا بمشقة كالظاء مع الضاد والصاد مع السين والطاء مع التاء اختلف المشايخ، قال أكثرهم: لا تفسد صلاته، هكذا في فتاوى قاضي خان، وكثير من المشايخ أفتوا به، قال القاضي الإمام أبو الحسن والقاضي الإمام أبو عاصم: إن تعمد فسدت، وإن جرى على لسانه أو كان لا يعرف التمييز لا تفسد وهو أعدل الأقاويل، والمختار، هكذا في الوجيز للكردري.
وسئل الإمام الرملي هل تصح صلاة من يبدل الضاد بالظاء في غير الفاتحة أو لا كما جزم به شيخ الإسلام زكريا في شرحه للجزرية؟
(فأجاب) بأن إبدال الضاد بالظاء يبطل الصلاة إذا كان في الفاتحة أو بدلها وفعله قادرا عالما عامدا، وعلى هذا يحمل قول شيخنا في شرحه للجزرية لئلا يختلط أحدهما بالآخر فتبطل به صلاته.
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله:
والصحيح من مذاهب العلماء أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما، وذلك أن الضاد نخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ولأن كلا من الحرفين من الحروف المجهورة ومن الحروف الرخوة ومن الحروف المطبقة، فلهذا كله اغتفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك.
والله أعلم.
وأما حديث "أنا أفصح من نطق بالضاد" فلا أصل له.
علماً بأننا لم نفهم مراد السائل بقوله مع الإشمام بالظاء، إلا أننا نقول: إن المصلي إما أن يقرأها ضاداً أولا؟ فإن نطقها بين الضاد والظاء فليس ضاداً، ويشمله ما تقدم في أول الجواب من الأحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/7216)
مرجع الكثير واليسير في الحركات المبطلة للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث نبوي يقول "ثلاث حركات يبطلن الصلاة" بمعنى أنه إذا تحرك المصلي ثلاث مرات أثناء صلاته تبطل الصلاة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد مضى بيان حكم الحركات في أثناء الصلاة، وذلك في الفتوى رقم: 10780.
أما عن تحديد المبطل بعدد معين من الحركات كثلاث أو أكثر فقد قال عنه ابن قدامة في المغني: ولا يتقدر الجائز من هذا بثلاث ولا بغيرها من العدد، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر منه زيادته على ثلاث، كتأخره حتى تأخر الرجال فانتهوا إلى النساء، وفي حمله أمامة ووضعها في كل ركعة، وهذا في الغالب يزيد على ثلاثة أفعال، وكذلك مشي أبي برزة مع دابته، ولأن التقدير بابه التوقيف، وهذا لا توقيف فيه، ولكن يُرجع في الكثير واليسير إلى العرف، فيما يُعد كثيراً أو يسيراً، وكل ما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو معدود يسيراً. انتهى.
مع العلم بأن الذين صرحوا ببطلان الصلاة بثلاث حركات فأكثر هم الشافعية، لأنهم عدُّوا ذلك كثيراً بشرط توالي الحركات، قال النووي في المنهاج: فالخطوتان أو الضربتان قليل، والثلاث كثير إن توالت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/7217)
حكم البكاء قي الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمةالله
والدتي تسأل عن البكاء أثناء الصلاة هل يفسد الصلاة، بمعنى كما تعلمون أحداث العراق، لقد شاهدت على التلفيزيون صورة لطفل عراقي مقتول فتذكرته أثناء الصلاة فبكت هل تجب عليها إعادة الصلاة، وهل يجوز البكاء وأنت ساجد خشوعا، أرجو منكم الإجابة؟ ولكم الشكر وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البكاء إذا جاء غلبة ولم يكن فيه صوت لم تبطل به الصلاة سواء كان من خشية الله أو لمصيبة....
وأما إذا كان بصوت فإنه يفسد الصلاة ما لم يكن من خشية الله تعالى، وعلى ذلك فإذا كان بكاء والدتك بصوت لسبب ما تشاهده ويعلق بذاكرتها من مصائب المسلمين ... فإن صلاتها باطلة، وإن كان غلبة وبدون صوت فإن صلاتها صحيحة إن شاء الله تعالى.
وأما بكاء الخشوع فمغتفر ولا شيء فيه، بل هو من صفات المؤمنين الخاشعين، سواء كان ذلك في السجود أو غيره من هيئات الصلاة، قال الله تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:109] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح يبكون في صلاتهم من خشية الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/7218)
لا يقطع الصلاة شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال هو: عند مرور الكلب الأسود وأنا أصلي في الركعة الثالثة من أمامي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن الصلاة لا يقطعها شيء، سواء اتخذ المصلي سترة أم لا، وسواء كان المرور من خلف السترة أو بينها وبين المصلي، وسواء كان المار رجلاً أو امرأة أو حيواناً، وهذا هو المقرر في مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وقد جمعها الإمام النووي في المجموع فقال: إذا صلى إلى سترة فمر بينه وبينها رجل أو امرأة أو صبي أو كافر أو كلب أسود أو حمار أو غيرها من الدواب لا تبطل صلاته عندنا، قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: وبه قال عامة أهل العلم. ا. هـ
لكن يسن للمصلي أن يتخذ سترة إذا قام في الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سترة الرجل في الصلاة السهم، وإذا صلى أحدكم فليستتر بسهم" رواه أحمد، وحسنه الأرناؤوط.
فإذا مر شيء من خلف السترة، فإنه لا يضره، وإذا مر بينه وبينها فليدفعه ما استطاع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم يُصلي، فلا يدع أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان" رواه مسلم.
فإن لم يتخذ المصلي سترة، فلا إثم عليه وصلاته صحيحة، لكن عليه أن يتحاشى مواضع مرور الناس، وراجع الفتوى رقم: 28786، والفتوى رقم: 12211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(11/7219)
حكم صلاة من نام قي السجدة الأولى ولم يستيقظ إلا في الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاه الفجر وأثناء الركعة الأولى غفوت قليلا أثناء السجدة الأولى ولم أستيقظ إلا عند السجدة الثانية من الركعة الأولى، أي أني سجدت سجدة واحدة فقط في الركعة الأولى.. ماذا أفعل هل أعيدها؟ أم علي كفارة؟ علما بأن ذلك كان قبل فترة طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنك إذا كنت تعني بالفترة الطويلة، أنك لم تكن قد بلغت الحلم حين جرى لصلاتك ما جرى، فإنه ليس عليك شيء في الماضي وإنما عليك الاعتناء بصلواتك في المستقبل لأنك لست مؤاخذاً بما صدر منك قبل البلوغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه أو قال المجنون حتى يعقل، وعن الصغير حتى يشب. أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن.
أما إذا كنت قد بلغت، فإن صلاتك تلك باطلة وعليك إعادتها، وبطلانها إما أن يكون بسبب ترك السجدة، لأن السجود في الصلاة واجب بالإجماع، وواجب بالسنة، كما في حديث المسيء صلاته وغيره: ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً..... متفق عليه.
وإما أن يكون بسبب النوم فيها إن كان ثقيلاً، فإنه ناقض للوضوء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العين وكاء السهِ، فمن نام فليتوضأ. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/7220)
حكم تغيير المسبوقين أماكن صلاتهم بعد صلاة الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى كثيرا من المسبوقين في الصلاة بعد سلام الإمام يذهبون للخلف أو للأمام أي لا يتمون صلاتهم في الصف الذي كانوا يصلون فيه هل في ذلك حكم أم هذه عادة ليس إلا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتغيير المسبوقين لأماكن صلاتهم بعد صلاة الإمام إذا لم يكن لحاجة فهو خلاف السنة، ولا يبطل الصلاة إلا إذا تكرر كثيراً، أو كان لمسافة طويلة نحو خمسة صفوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/7221)
ما يترتب على من نوى القصر وقام للثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى مسافر صلاة العشاء وقام للركعة الثالثة وأتمها هل عليه سجود البعدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافر إذا صلى العشاء ناوياً القصر ثم سها وقام للثالثة وأتمها سهواً فعليه أن يسجد للسهو قبل السلام، لأنه فعل زيادة في الصلاة.
وإما إن قام إلى الثالثة عمداً أو سهواً ثم استمر فيها عمداً، دون حدوث ما يقتضي إتمامه الصلاة كنية الإقامة ونحو ذلك، فقد بطلت صلاته لأنه زاد فيها عمداً ما ليس منها.
قال النووي رحمه الله: (ولو نوى المنفرد القصر فصلى ركعتين ثم قام إلى ثالثة.. فإن كان حدث ما يقتضي الإتمام كنية الإمام أو الإقامة أو حصوله بدار الإقامة في سفينة فقام لذلك، فقد فعل واجبه، وإن لم يحدث شيء من ذلك، وقام عمداً بطلت صلاته بلا خلاف، لأنه زاد في صلاته عمداً، كما لو قام المقيم إلى خامسة، وكما لو قام المتنفل إلى ركعة زائدة قبل تغيير النية، وإن قام سهواً ثم ذكر لزمه أن يعود ويسجد للسهو ويسلم، فلو أراد الإتمام بعد التذكر لزمه أن يعود إلى القعود ثم ينهض متماً) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7222)
مرور الطفل بين يدي المصلي لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفلة صغيرة لها من العمر سنة كاملة ,هذه الطفلة أحيانا تقوم باللعب والمرور أمامنا أثناء الصلاة, فهل تكون صلاتي صحيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة صحيحة -إن شاء الله- إلا أنه ينبغي أن تحاولوا منعها من المرور بين يدي المصلي، وليحاول المصلي دفعها بيده أو التقدم لتمر هي من الخلف، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما أرادت البهيمة أن تمر بين يديه وهو يصلي، كما رواه أبو داود وأحمد عن عبد الله بن عمرو.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم 20713 22255
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1423(11/7223)
تعمد كسر لام عليكم، وعليهم في الصلاة مبطل لها
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من الناس يخطئون في النطق بهذه الكلمة -عليكم -وعليهم - وذلك بكسر اللام وخاصة المصريين في السلام عليكم وفي الفاتحة في أنعمت عليهم فما حكم هذا النطق وخاصة في الصلاة لغير المنتبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكسر اللام في كلمتي عليهم وعليكم في قراءة القرآن الكريم لحن.
ومن تعمد ذلك في الصلاة بطلت صلاته لأنه متلاعب، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن نصب المخفوض في صلاته فأجاب: إن كان عالماً بطلت صلاته لأنه متلاعب في صلاته، وإن كان جاهلاً لم تبطل على أحد الوجهين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/7224)
الصلاة بالأسنان المركبة صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تبطل الصلاة بالأسنان المركبة التي يمكن خلعها أم لا إشكال في الصلاة بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة بالأسنان المركبة ولو أمكن خلعها صحيحة إن شاء الله تعالى، ولا حرج فيها، لأن تركيب تلك الأسنان مشروع أصلاً ونزعها في كل حين فيه حرج ومشقة كبيرة، وما كان كذلك لا يكلف الله تعالى به، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رخص لعرفجة أن يتخذ أنفاً من ذهب ولم يأمره بنزعه عند طهارته وصلاته والحديث في ذلك أخرجه الإمام أحمد وغيره.
ويمكنك أن تطلع على مبطلات الصلاة في الفتوى رقم:
6403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(11/7225)
تأثير المرور بين يدي المصلي على صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسألكم عن الأشخاص الذين يمشون من أمامي أثناء الصلاة هل تبطل صلاتي، أي هل يقطع هذا الشخص الذي مشى من أمامي صلاتي أم ماذا؟
وأريد أن أعرف إن كان يجب علي منعه كيف أمنعه وهو يلح على أنه يريد أن يمشي من أمامي، وهل أستطيع أن أرسم خطاً في ذهني كي يكون لي حدا أستطيع أن أقيس عليه حركة الناس من أمامي بحيث يكون هذا قطع من أمامي والآخر لم يقطع لأنه أبعد من الخط وهكذا؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم السترة ودفع المار في الجواب رقم 10700 والجواب رقم 1998
أما بخصوص بطلان الصلاة وعدمه بالمرور بين يدي المصلي، فهذا مما اختلف فيه الفقهاء، حيث ذهب منهم المالكية والحنفية والشافعية إلى أن الصلاة لا تبطل بأي مار أياً كان، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقطع الصلاة شيء، وادرأوا ما استطعتم " أخرجه أبو داود.
وقال الحنابلة مثل ذلك.. إلا أنهم استثنوا المرأة والكلب الأسود والحمار.
وننبه السائل إلى أن ما أشار إليه من التعويض عن السترة بخط يرسمه في ذهنه أمر لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا قال به أحد من أهل العلم فيما نعلم، وإنما الوارد هو جواز التستر بخط على الأرض إذا لم يجد سترة، لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد فلينصب عصاً فإن لم يكن معه عصاً فليخط خطاً ثم لا يضره ما مر أمامه " رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/7226)
حكم صلاة الإمام إذا أتى بالصلاة على النبي أثناء الفاتحة والقراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت أحد المساجد في أفريقيا ووجدت الإمام يصلي بالناس وبعد أن بدأ في قراءة الفاتحة وأثناء القراءة أخذ يصلي على النبي بصوت عال مرتين أثناء قراءة الفاتحة وكذلك في السورة التي بعدها وأتممت الصلاة مع الإمام وأنا لا أعرف هل الصلاة على النبي في هذه الحالة تبطل الصلاة أم لا وهل أعيد الصلاة أم لا، أفيدونا جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يقوم به هذا الإمام من تقطيع القراءة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بدعة محدثة لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، وقد جاء الأمر بأن يؤدي الصلاة على الهيئة التي كان يؤديها النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ففي صحيح البخاري: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وما دام هذا لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يعد بدعة يجب تركها، خاصة إذا كان هذا الإنسان إماماً يقتدى به، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
أما بالنسبة لتأثيرها على صحة الصلاة وعدمه؟ فالجواب أن الصلاة تبطل به لأن الفقهاء نصوا على أن كل كلام خارج عن أقوال الصلاة المعهودة تبطل به؛ إلا إذا كان ذلك لمصلحة الصلاة كالفتح على الإمام أو تنبيهه على ركن نسيه وما شابه ذلك، وما دامت صلاة هذا الإمام باطلة، فإن صلاتك خلفه باطلة، تجب عليك إعادتها؛ لأن القاعدة هي "من صحت صلاته لنفسه صحت صلاة غيره خلفه والعكس بالعكس"، إلا في بعض الاستثناءات، وليست منها هذه الصورة فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/7227)
لا تقطع الصلاة ما لم تتحقق من خروج شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم مشكلتي أنه عندما أبول تتأخر بعض قطيرات البول في المسالك البولية لمدة قد تصل إلى 15 دقيقة أحيانا أو أقل، في هذه الحالة أضطر إلى وضع حائل من المنديل ألفه على العضو من أجل عدم تسرب البول إلى الملابس الداخلية حتى لا تتنجس وذلك بعد الاستنجاء، وبعد انصرام تلك المدة أستنجي مرة ثانية ثم أتوضأ، وفي أحد الأيام نسيت هذا المنديل على العضو ولم أستنج كما هي عادتي للمرة الثانية مع العلم أني استنجيت قبل وضع المنديل، ثم توضأت وأثناء الصلاة تذكرت غير أنني أتممت صلاتي فهل كان يجب علي أن أقطع صلاتي وأعيد الوضوء بعد أم لا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يجب على الشخص بعد قضاء حاجته من بول أو غيره هو أن لا يستعجل وأن يبقى في مكانه حتى يستفرغ المحل ثم بعد ذلك يستنجي.
ثم لا يضره بعد ذلك ما تبقى في المسالك البولية لأن الإنسان لا يسأل ولا يؤاخذ بما لم يبرز من الفضلات، فإذا استنجى الإنسان وتوضأ ودخل الصلاة فلا يجوز له قطعها حتى يتحقق من نزول أو حدوث شيء من نواقض الوضوء.
وعليه.. فإذا كنت دخلت الصلاة بعد الوضوء فعليك أن تتمها ولا يجوز لك قطعها ما لم تتحقق من نزول البول، وكونك دائماً تنزل منك قطرات بعد فترة لا يؤثر في الحكم، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم لما شكى إليه الرجل أنه يجد الشيء في الصلاة: " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " متفق عليه.
وفي الأخير ننصح السائل الكريم بقطع سبيل الوساوس وعدم الاسترسال فيها فلا يعيد وضوءه، ولا يقطع صلاته إلا بعد التحقق من ناقض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1423(11/7228)
حكم صلاة حامل النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم سقط بيلفون في دورة المياه (مرحاض) فقام صاحبه بتنشيفه وتشغيله هل يجوز أن يحمله في الصلاة؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يمكنك تطهير هذا الجهاز بالماء، فلا يجوز لك حمله في الصلاة بحال، لأن صلاة حامل النجاسة بلا ضرورة باطلة عند جمهور الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم.
أما إذا لم يمكنك تطهير الجهاز بالماء لتعذر ذلك، أو الخوف على الجهاز من التلف، فيجب عليك في هذه الحالة أن تطهر منه الأجزاء التي يمكن تطهيرها دون ضرر، وتترك الباقي تلافياً للضرر لقاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور.
وقاعدة: لا ضرر ولا ضرار.
إلا أنه يجب عليك عدم حمله في الصلاة لغير ضرورة أو حاجة شديدة، فإذا كان ثم ضرورة أو حاجة، كالخوف عليه من التلف أو السرقة، جاز حمله وصحت الصلاة به، وهذا ما دلت عليه نصوص الفقهاء المستقاة من قواعد الشريعة العامة الداعية إلى اليسر ورفع الحرج، حيث صرحوا بجواز الصلاة للمقاتلين وسيوفهم معهم دون غسل الدم النجس الذي عليها، لأنه لا سبيل لهم للتخلص منها، وقاسوه على صلاة المستحاضة مع نزول الدم منها لضرورة ذلك ولمشقة التحرز منه، وكذلك نصوا على المسامحة في الدم الذي يكون بداخل فرج المرأة لتعذر إزالته، كما عللوا عدم تنجس الماء الكثير بوقوع النجاسة فيه إن لم يتغير، بتعذر تطهيره.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 15358، والفتوى رقم: 22555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/7229)
كبر تكبيرة الإحرام قبل إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[كبر المأموم قبل أن يكبر الإمام تكبيرة الإحرام. ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن متابعة الإمام واجبة فلا يجوز سبقه ولا التأخر عنه تأخراً فاحشاً بحيث يشرع في الركن الموالي، ومن كبر تكبيرة الإحرام قبل إمامه لم تنعقد صلاته لا نعلم في ذلك خلافاً بين أهل العلم، وعليه أن يكبر للإحرام بعد الإمام، فإن استمر بتكبيرته قبل الإمام فصلاته باطلة، ويجب عليه إعادتها.
ولكن اختلف العلماء في من وافق الإمام في تكبيرة الإحرام، فذهب الجمهور إلى عدم انعقاد صلاته، وذهب الحنفية إلى انعقاد صلاته، والصحيح الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(11/7230)
جلوس الابن الصغير على السجاد لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرّحيم
سؤالي هو عندما أكون أصلي صلاة مكتوبة أو نافلة
يجلس ابني الصغير (عمره سنة واحدة) على السجاد، هل يفسد ذلك الصّلاة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجلوس الولد الصغير وقت الصلاة على السجاد التي يصلي عليها المصلي لا يفسد الصلاة إذا لم يؤد ذلك إلى وقوع نجاسة على ثوب المصلي أو بدنه أو مكان صلاته.
ولا يضر ما قد يحدث من عمل يسير بسبب الولد كتنحيته قليلاً أو حمله من مكانه للحاجة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني:
ولا بأس بالعمل اليسير في الصلاة للحاجة. قال أحمد -يعني: ابن حنبل رحمه الله- لا بأس أن يحمل الرجل ولده في الصلاة الفريضة لحديث أبي قتادة، وحديث عائشة أنها استفتحت الباب، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة حتى فتح لها
انتهى كلامه رحمه الله.
ويشير بقوله رحمه الله لحديث أبي قتادة إلى ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/7231)
الخشوع ... معناه ... وحكم الصلاة بدونه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي لا يخشع في صلاته يدخل النار ويعتبر كافراً لأن الله لم يتقبل صلاته أي كأنه لم يصل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخشوع في الصلاة، وتدبر معاني ما يتلى فيها من قرآن، ويذكر فيها من أذكار هو روح الصلاة، وبدونه تصبح الصلاة مجرد حركات لا حياة فيها.
وقد حكم الله بفلاح عباده الخاشعين في الصلاة، حيث قال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:1-2] .
وفي الحديث الذي رواه أحمد والنسائي وابن حبان من رواية عمار بن ياسر أنه صلى ركعتين فخففهما، فقال له عبد الرحمن بن الحارث: يا أبا اليقظان أراك خففتهما، فقال: بادرت بهما الوسواس، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل ليُصلي الصلاة، ولعله لا يكون له منها إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبُعها أو سدسها حتى أتى على العدد".
والمقصود بالخشوع في الصلاة خشوع القلب، وهو خوفه من الله.
وقيل الخشوع في الصلاة: الإقبال عليها. وقيل: السكون فيها. وقيل: ألا يحدث نفسه في الصلاة.
ومع أهمية الخشوع في الصلاة، فإن صلاة من فاته صحيحة عند جمهور العلماء.
واختار ابن حامد وابن الجوزي من الحنابلة أنها تبطل.
وقيل: حصول الخشوع شرط ولو في جزء من الصلاة حده البعض بتكبيرة الإحرام.
والصحيح الأول، وهو أن الخشوع ليس شرطاً لصحة الصلاة، وهو الذي عليه جماهير العلماء، وقد نقل الإمام النووي الاتفاق عليه، كما في المجموع الجزء الرابع باب الخشوع في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/7232)
حكم الصلاة بثوب فيه ترويج للمنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة إذا كان المصلي يرتدي قميصاَ عليه مادة إعلانية لمشروبات روحية (ليست صورة مجرد اسم المشروب) ؟ وشكراًَ.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يلبس هذا النوع من الملابس لأن في ذلك ترويجاً لهذا الباطل وتعاوناً مع أصحابه وإقراراً له ورضى به، وخاصة إذا كان ذلك في حال تلبسه بأقدس العبادات، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان [المائدة:2] .
أما بخصوص الصلاة فإنها صحيحة رغم ارتكاب صاحبها لتلك المعصية، لما قرر أهل العلم أن المصلي إذا صلى بالحرير فصلاته صحيحة وعليه إثم معصية اللبس، قال خليل بن إسحاق المالكي: (وعصى وصحت إن لبس حريراً أو ذهباً أو سرق أو نظر محرماً فيها) -يعني الصلاة-.
هذا وننبه السائل إلى أن تسميته المسكرات والمشروبات الكحولية بالمشروبات الروحية خطأ جسيم، لأننا مطالبون بأن نسمي المسميات بأسمائها الشرعية لأن الله عز وجل رتب أحكاماً على أوصاف، ومن ذلك الخمر.. فما خامر العقل أي غطاه فهو خمر، ولا يصح أن يسمى بغير ذلك، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها. رواه النسائي وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(11/7233)
خروج شيء من فرج المرأة يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قيامي بصلاة الظهر أحسست برطوبة وأكملت صلاتي ثم صليت السنة بعدها. فما حكم خروج إفرازات من المرأة خلال الصلاة وهل علي إعادة الصلاة. أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تيقن انتقاض طهارته وهو في الصلاة وجب عليه الخروج منها وإعادة الوضوء والصلاة.
وما دامت الأخت السائلة أحست بخروج الإفرازات منها فقد انتقض وضوؤها، وكان الواجب أن تخرج من الصلاة فور تيقنها ذلك ثم تعيد الوضوء والصلاة.
ويجب عليها الآن قضاء تلك الصلاة التي صلتها بلا طهارة، وقد سبق تفصيل القول في حكم الإفرازات التي تخرج من المرأة في الفتوى رقم 5188 فليرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/7234)
هل تصح الصلاة بملابس فيها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[ألاحظ أثناء دخولي للصلاة في كثير من المساجد أن بعض الشباب يلبسون تي شيرت به رسوم لبعض الممثلين رجال ونساء وقد يكون بعضها رسوماً فرعونية والبعض به رسوم حيوانات، مما يلهي أغلب المصلين فما حكم الإسلام في هذه التي شيرتات وحكم الصلاة فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المسلم لبس ما فيه صورة لذات روح، أو فيه شعار لأهل الكفر، أو الفسق مع وجود غيره.
وانظر الفتوى رقم:
4371.
ومن صلى بهذه الثياب فإنه عاصٍ قطعاً يلحقه الإثم بذلك، لكن صلاته صحيحة إن استوفت شروطها وأركانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/7235)
صلاة المتبرجة لا تؤدي الثمرة المرجوة منها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تصلي ولكنها بعد الصلاه تلبس ملابس قصيرة ولا تغطي شعرها وتستعمل العطر والطيب
هل تجوز صلاتها....أفيدونا جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن تبرج المرأة وسفورها أمام الرجال، وتعطرها عند خروجها من الذنوب والمعاصي التي لها أثرها الوخيم على دين، وخلق المرأة، وعلى شرفها، وعرضها.
ولا ريب أن صلاة من كانت هذه حالته لم تؤد ثمرتها المرجوة منها، لأن الصلاة الكاملة تنهى عن المعاصي والذنوب، قال سبحانه وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] .
هذا إذا كانت تستر ما يجب عليها ستره أثناء الصلاة وتتبرج إذا خرجت من الصلاة، أما إن كانت لا تستر ما يجب عليها ستره في الصلاة فصلاتها باطلة أصلاً ولمعرفة ما يجب ستره في الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 4523 فعلى هذه المرأة المسلمة أن تستشعر هذا الجرم، والمعصية، وأن تبتعد عن ما يغضب ربها وأن تلتزم بأحكام الشرع في حجابها ولباسها وخروجها قبل أن ينقضي عمرها، وتلقى ربها، وهي عاصية له مخالفة لشرعه مجاهرة بالمنكر والمعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/7236)
مرور الأطفال بين يدي المصلي هل يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم عندي طفل عمره سنتان وعندما أبدأ بصلاتي يمر من أمامي أو يجلس على السجادة هل صلاتي جائزة وهل يصح لي أن أمد يدي لمنعه علما أنه يستجيب لهذه الطريقة ولا يوجد غيري في المنزل ليمسكه أثناء صلاتي؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمرور الأطفال من بين يديك في الصلاة أو جلوسهم أمامك لا يبطل صلاتك؛ لكن عليك أن تمنعيهم من المرور من أمامك، وإن مضوا من أمامك فلا حرج، فقد روى ابن ماجه وأحمد عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة، فقال بيده فرجع. فمرت زينب بنت أم سلمة، فقال بيده هكذا فمضت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هن أغلب.
وكان ينبغي لك ألا تصلي إلا إلى سترة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
19108
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/7237)
حكم الإشارة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
رجل يصلي فجاء أحد بقربه أحد وهذا المصلي عنده سبب كحساسية في رجله أو وجع المهم ان امرأة صلت بقربه نتيجة الزحام
فأشار بيده لمن بقربه أن ابتعد قليلا يعني لا تلمسني بجسدك أو برجلك فهل تبطل صلاة هذا المصلي الذي أشار بهذه الإشارة لأنها كأنها لغة إشارة تكلم بها وهو يصلي؟ نرجوا الإفادة وبارك الله فيكم........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مثل هذه الإشارة حركة يسيرة لحاجة لا تبطل الصلاة بها، وقد دل على ذلك عدد من الأحاديث منها مارواه النسائي في سننه عن صهيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه فرد علي إشارة، ولا أعلم إلا أنه قال بأصبعه. وصححه الألباني ورواه الطبراني في الكبير وابن حبان في صحيحه وغيرهم.
ومنها ما رواه النسائي وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قال: استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تطوعاً، والباب على القبلة، فمشى عن يمينه أو عن يساره ففتح الباب، ثم رجع إلى مصلاه. وحسنه الألباني والشيخ شعيب الأرناؤوط ورواه الدارقطني والبيهقي والنسائي في الكبرى وغيرهم.
وفي الصحيحين عن أبي قتادة الأنصاري، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها".
ولمعرفة المزيد عن حكم الحركة في الصلاة، راجع الفتوى رقم:
10780 والفتوى رقم: 1280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/7238)
صلاة فاقد العقل جراء السكر باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخمر نجسة بحيث لا تجوزالصلاة بها سواء أكان الشخص سكران أو ملطخا بها ثوبه فقط، أو تجوز
الصلاة بمجرد الوضوء؟ كما تعلمون أن المؤمنين قبل تحريم الخمر وحتى في فترة النهي عنها كانوا يتقدمون للصلاة وهم سكارى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الخمر في الفتوى رقم: 254.
ويترتب على القول بنجاستها منع صلاة المتلطخ بها حتى يتطهر منها.
أما بالنسبة لصلاة السكران فاقد العقل، والذي لا يعلم ما يقول، فهي باطلة لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) [النساء:43] .
وهذه الآية نص محكم من الله عز وجل في النهي عن الصلاة في حالة السكر الذي يفقد العقل، وهذا الحكم الذي هو النهي عن الصلاة في تلك الحال محكم، ولم يزده الحكم النهائي بتحريم الخمر إلا تأكيداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/7239)
حكم من أصابه الحدث حال قيامه من سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[في أثناء سجودي في الركعة الأخيرة سهوت قليلا فلا أذكر كم مرة سجدت وعند قيامي بسجود السهو أحسست بخروج الريح مني دون قصد، فأريد منكم إخباري هل جازت صلاتي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان سجودك للسهو قبل السلام من الصلاة وأحدثت أثناءه، فإن طهارتك تبطل وتبطل صلاتك، وبالتالي فإن عليك أن تقطع الصلاة ثم تتوضأ وتستأنف الصلاة من جديد، أما إذا كان سجودك للسهو بعد السلام من الصلاة فصلاتك صحيحة لأن الحدث وقع بعد تمامها، وعليك أن تتوضأ وتسجد للسهو. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/7240)
الإخلال بركن من أركان الصلاة مع القدرة عليه يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في ايطاليا منذ سنة وفي بعض الأحيان خوفاً من خروج وقت إحدى الصلوات عندما أكون خارج المنزل فإنني أصلي وأنا جالسة على كرسي بالإيماء خاصة والمركز الإسلامي لمدينة روما بعيد ووجدت مسجدا آخر ولكن للأسف لا يستقبل النساء للصلوات فهل ما أفعله يعتبر صلاة؟ علماً بأن هذا الأمر لايكون بشكل متكرر ولكن في أوقات متقطعة حيث أحاول قدر الإمكان أن أكون في المنزل عند أوقات الصلوات أو قريبة من المركز الإسلامي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منزلة الصلاة في الإسلام لا تعدلها منزلة أي عبادة أخرى، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به.
قال صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" رواه الترمذي عن معاذ رضي الله عنه.
والصلاة لا بد من أدائها في أوقاتها المحددة، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء:103] .
وهذه الأوقات واسعة بحمد الله، فمن استطاع أن يؤديها في أول الوقت فذلك أفضل، ومن لم يستطع ففي وسطه أو آخره، ولكنه لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها.
وكذلك لا بد من أدائها بكيفيتها المعروفة من تحصيل الشروط والإتيان بالأركان والفرائض للقادر، فمن أخل بشيء من ذلك مع الذكر والقدرة فصلاته باطلة لا فائدة فيها.
فأما شروطها: فاستقبال القبلة، ودخول الوقت، وطهارة الثوب والبدن والمكان (من الحدث الأكبر والأصغر) وستر العورة.
وأما الأركان: فهي النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام في الفرض لغير العاجز، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، والاعتدال قائماً، والسجود، والرفع منه مع الطمأنينة، والجلوس والتشهد الأخيران للسلام، والسلام في الصلاة.
وتبقى بعد ذلك السنن والمستحبات والهيئات، فمن أخل بشرط من شروط الصلاة أو ركن من أركانها مع القدرة عليه فصلاته باطلة.
وعلى هذا، فإن على الأخت السائلة أن تعيد الصلوات التي صلتها بدون قيام وسجود، وهي غير عاجزة عن ذلك، فالمريض العاجز هو الذي يصلي بهذه الكيفية، والأخت غير مطالبة بالذهاب إلى المسجد، وإنما يطلب منها أن تؤدي الصلاة على الوجه المطلوب في بيتها أو أي مكان آخر طاهر، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/7241)
حكم مرور الأطفال أمام المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي في المنزل أولادي يقطعون صلاتي دائما فهل صلاتي صحيحة أم لا؟ مع العلم بأنهم أطفال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره: "إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود".
فمن هذا الحديث الصحيح يتبين أن المصلي يطلب منه أن يضع أمامه سترة يستتر بها تمنع المرور من أمامه، وأنه إذا استتر سترة، فإنه لا يقطع صلاته مرور أي شيء أمامه من وراء السترة.
وعليه، فإننا نقول للسائل: إذا كان مرادك بقطع الأطفال لصلاتك أنهم يمرون أمامك أثناء الصلاة، فالجواب:
أن الصلاة لا يبطلها مرور الأطفال أمام المصلي، ولو لم تكن له سترة.
وإذا كان مرادك أنهم يلامسونك وأنت تصلي، فصلاتك أيضاً صحيحة، ما لم تتحقق من نجاسة ما اتصل بك منهم وأنت تصلي، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وننبه الأخ السائل إلى أن أداء الصلاة مع الجماعة واجب عيني على الرجال القادرين.
لذا، فإن صلى ببيته مع وجود مسجد تصلي فيه جماعة وهو قادر على أدائها معهم، فقد عصى الله تعالى، وارتكب إثماً كبيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(11/7242)
تحويل النية أثناء الصلاة يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي وولدي العشاء مع المغرب جمع تقديم وقصر في المسجد فدخل قوم وصلوا خلفي المغرب فقمت بتحويل نيتي إلى صلاة المغرب مرة أخرى وبعدها صليت العشاء فما الحكم الصحيح لما فعلت؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شرع في صلاة فريضة أو نفل معين ثم غير نيته إلى فريضة أخرى أو إلى نفل معين لم تجزئه هذه الصلاة عن الصلاة الأولى، لأنه صرف النية عنها، ولم تجزئه تلك الصلاة عن الصلاة التي صرف إليها نيته، لأنه لم ينوها من أولها، وهذا باتفاق الفقهاء، لا نعلم بينهم في ذلك خلافاً.
وعليه، فانتقالك من العشاء إلى المغرب لا يجوز أصلاً، لما فيه من قطع صلاة الفريضة لغير عذر، كما أنه أيضاً يخل بشرط صحة جمع التقديم الذي هو الموالاة، لأن مذهب جمهور الفقهاء على أن الفصل بين المجموعتين براتبة أو بفريضة أخرى ممنوع، وأنه لا يجزئ معه الجمع.
لذا، فإننا نقول يجب عليك إعادة صلاة العشاء، لأن صلاتك لها قبل وقتها مع فقد شرط من شروط صحة الجمع يجعلها غير مجزئة، وكذا الحكم بالنسبة لولدك.
وننبهك إلى أنه كان بإمكانك أن تستمر في صلاة العشاء ويقتدي بك من أراد أداء صلاة المغرب لأن اختلاف نية الإمام مع نية المأموم لا يمنع صحة الاقتداء به، على الراجح من أقوال أهل العلم وإذا سلمت من صلاة العشاء قام المأموم لإكمال صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/7243)
وجود الوشم لا يؤثر على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم وأحمل في كتفي وشما على شكل ثعبان وسيف وهيكل عظمي هل صلاتي صحيحة؟ والوشم موجود في جسمي. يذكر أني لا أستطيع محو هذا الوشم لأنه يشوة كتفي؟؟؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخفى عليك أن وضع الوشم على الجسد ذنب عظيم، ومع ذلك لا تأثير له على صحة الصلاة،
أما إزالته الآن فإنها لا تلزمك إذا كنت قد تتأذى من إزالته أو كانت قد تؤدي إلى تشوهات، خصوصاً أنه يوجد في مكان غير ظاهر عادة وهو الكتف، فعليك بالتوبة والاستغفار وحاول تغطيته دائماً ما أمكنك ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(11/7244)
خروج المني يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة إذاكان هناك وقوع مني أو نزول ماء بسبب مشاهد التلفزيون به صور نساء شبه عاريات أو كذلك الالتقاء بهن شخصيا في سوق أو شاطئ فيحصل إحساس بالغريزة فلا يستطيع المرء أن يوقفها من نزول ذلك المني. أفيدونا جزاكم الله خيرا في أقرب وقت ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل أمر المؤمنين بغض الأبصار، فقال سبحانه: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن العين تزني وزناها النظر. رواه مسلم.
فلا يجوز للمسلم إطلاق نظره فيما حرم الله عليه سواء على شاشة التلفزيون أو أوراق المجلات أو النظر إلى النساء مباشرة.
والواجب على من وقع في ذلك المسارعة في التوبة والرجوع إلى الله عز وجل قبل أن يفاجأه الموت وهو على حاله تلك، وحينها لا ينفع الندم.
وإذا خرج المني وجب الغسل ولا تصح الصلاة إلاَّ بعد الاغتسال، وإذا خرج المني أثناء الصلاة بطلت وعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(11/7245)
حكم صلاة من شرب الخمر ثم قام للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة بعد شرب كأس أو كأسين من الخمر بحيث إن الشخص لم يسكر في وقت الصلاة وهو يعلم ما يتلفظ به من قول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً نقول للسائل: إنه يجب على شارب الخمر أن يستغفر الله ويتوب إليه من هذه المعصية التي هي أم الخبائث، وورد فيها من الوعيد والتهديد ما يرتدع به من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فقد أخرج الشيخان عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا لم يتب منها حرمها في الآخرة. وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الإمام أحمد بسنده عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.
وأما بخصوص حكم من شرب الخمرثم أراد الصلاة وهو غير سكران بحيث يعرف ما يقول، فنقول: إن صلاته صحيحه إذا أكمل شروطها وأركانها، بمعنى أنه غير مطالب بإعادتها. وانظر ما كتبناه في شأن شارب الخمر في الفتوى رقم:
1108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(11/7246)
تعمد الصلاة بثياب نجسة مبطل لها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المذي والودي وهل يبطلان الصلاة إذا وقعا على ثياب المصلي؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم كل من المذي والودي في الفتوى رقم:
12356 والفتوى رقم: 9170.
وخلاصة القول أنهما نجسان يوجبان الاستنجاء والوضوء، ويجب غسل ما أصاب الثياب أو البدن منهما.
وتعمد الصلاة بثياب فيها نجاسة مبطل لها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور. رواه مسلم وغيره.
وهذا يشمل الطهارة من الحدث والطهارة من الخبث، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/7247)
وصل الشعر وصبغه وأثرهما على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل وصل الشعر بالميش حرام؟ وهل صحيح أن الصلاة لا تصح؟ وهل الصبغ كذلك؟
وجزاكم الله الف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالميش يطلق ويراد به عرفاً واحد من شيئين:
أولهما: ما يصبغ به الشعر وهو جائز ما لم يكن أسود أو فيه ضرر فيحرم، لأن الدليل الشرعي قد دل على تحريم الصبغ بالأسود، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6007، ودل على تحريم الضرر بالنفس والإضرار بالغير، قوله عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجه، وحسنه السيوطي، وصححه الألباني.
والثاني: وصل الشعر بغيره من الشعور الصناعية وهو حرام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4089.
وعلى كل، فإنه لا يبطل الصلاة، سواء أكان صبغاً أم كان وصلاً، إلا إذا منع وصول الماء إلى الشعر الأصلي في المسح في الوضوء أو إلى البشرة في الغسل من الجنابة أو الحيض أو النفاس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(11/7248)
هل يجوز التمادي في الصلاة لمن احدث
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجماعة انتقض وضوئي وتعذر خروجي للزحام فهل يمكن إكمال الحركات فقط بدون كلام ثم بعد ذلك أقوم بالوضوء وإعادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أحدث وهو في الصلاة فقد بطلت صلاته، ووجب عليه الخروج منها -نافلة كانت أو فريضة- لأن الطهارة شرط في صحة الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ". متفق عليه من حديث أبي هريرة، ومن تمادى في صلاته وهو يعلم حدثه وبحرمة الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصية عظيمة عند عامة العلماء، وقال أبو حنيفة وبعض المالكية يكفر لاستهزائه. والراجح أنه وقع في معصية عظيمة يلزمه التوبة والاستغفار منها.
وعليه، فلا يجوز لك التمادي في الصلاة ولو كان هناك زحام، فتحاول الخروج منه وإلا بقيت دون أداء الصلاة، فإذا تمكنت من الخروج خرجت وتوضأت، وأعدت الصلاة مستأنفاً لها من أولها على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(11/7249)
التحرك لمصلحة الصلاة لا يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[حضر نفر الصلاة ولم يسعهم الصف فأرادوا أن يصفوا بجانب الإمام ولكن آخر قام فحرك السترة إلى الأمام وطلب من الإمام التقدم قليلاً وكونوا صفاً آخر بين الإمام والصف السابق فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة هؤلاء النفر صحيحة -والحمد لله- ولا يضر المأمومين أنهم صفوا بينهم وبين الإمام أو تحركوا أمامهم، لأن سترة الإمام هي سترة للمأموم، فلا يضر أن يتحرك أحد بين الصفوف إذا احتاج إلى ذلك، وتحريك الستر وتقدم الإمام نحوها كل ذلك لا يضر، بل هو من مصلحة الصلاة. والحمد الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/7250)
من شرب الخمر في الدنيا حرمها في الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مدمن خمر ولكن مع حبي للصلاة لازلت أصلي وأشرب الخمر وأنا أبكي ولكن لا أستطيع الخلاص منها.
السؤال هو: ما هو حكم صلاتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حبك للصلاة ومحافظتك عليها دليل واضح على أن فيك خيراً كثيراً، وأنك من معدن خير، فما عليك إلا أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وتستعين به أولاً وأخيراً، وتطرد عنك وساوس الشيطان وتزيينه لمعصية الله تعالى، واستعن على ذلك باستحضار مراقبة الله تعالى، وأن الشيطان عدو الإنسان لا يسعى إلا لإيقاعه فيما يضره في دنياه، ويوبقه في نار جهنم في أخراه، كما قال سبحانه وتعالى عنه: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر:39-40] .
وعليك أن تعرف قدر نعمة العقل التي أنعم الله بها عليك، وأن لا تسعى إلى ما يضرها أو يؤثر فيها، فحفظ العقل من أوجب الواجبات على المرء شرعاً وطبعاً.
وعليك أن تنظر في عواقب الأمور، وأن لا تستبدل لذة زائفة زائلة بلذة حقيقة باقية، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة" متفق عليه.
وراجع الفتوى رقم: 10399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(11/7251)
صلاة بائع أشرطة الأغاني من حيث الصحة والقبول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب حاصل على ليسانس آثار 91 ظللت أبحث عن فرصة عمل شريفة لمدة عامين ولم أجد في ظل البطالة الرهيبة التي تمر بها مصر. وأخيرا"وجدت فرصة عمل في أحد محلات بيع شرائط الكاسيت (قرآن كريم وأغاني) ولأني شاب أحافظ على الصلاة والحمد لله فقد فوجئت بمن يخبرني أن صلاتي باطلة ولن يقبلها الله تعالى ... ما مدى صحة هذا الكلام؟ وهل إذا كان في قلبي مثقال ذرة من إيمان بالله وحب رسوله وصحابته أدخل النار؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فلا شك أن بيع الأغاني المحرمة والمتاجرة فيها حرام، لأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه وحرم كل ما من شأنه أن يعين عليه إعانة مباشرة. والواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى، وأن يطيب مكسبه، وأن يتحرى الحلال حتى يكون مطعمه ومشربه وملبسه حلالاً.
أما القول ببطلان صلاة بائع الأغاني فهو غير صحيح، بل هي صحيحة إذا توفرت فيها شروط الصحة، وجيء بأركانها كاملة، وكونها تقبل أو لا تقبل هذا شيء لا يعلمه إلا الله، وليس خاصاً ببائع الأغاني عن غيره.
وأما ما سألت عنه من دخول من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان في النار، فالجواب عنه: نعم، يدخل العصاة من المسلمين النار بقدر معصيتهم؛ إن لم يتوبوا منها أو يتداركهم الله برحمة منه فضلاً ومناً، ورحمة الله واسعة. وعلى كلٍ، فمن دخلها منهم فإنه لا يخلد فيها، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: " يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان...... إلى آخر الحديث " وهو في صحيح البخاري، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في عصاة الموحدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(11/7252)
حكم صلاة الإمام والمأمومين إذ ازاد ركعة تماديا
[السُّؤَالُ]
ـ[قام الإمام لركعة رابعة من صلاة المغرب فسبحنا له لكنه لم يعد فقمنا معه وأتممنا الركعة الزائدة ورقعنا معه بسجدتين بعد السلام فهل صلاتنا صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قام الإمام إلى ركعة زائدة، فإنه يُسبح له المأمومون، فإن رجع فذلك المطلوب، وإن تمادى كما هو فإنهم لا يتابعونه لأنهم يعلمون أن هذه زيادة في الصلاة، والزيادة في الصلاة مع العلم تبطلها.
أما بالنسبة لصلاتكم فنرجو أن تكون صحيحة، لأنكم كنتم معذورين بالجهل في حكم الشرع في ذلك، وليس عليكم إعادتها على الراجح، ومع ذلك فلو أعدتموها احتياطاً وخروجاً من خلاف قوي في المسألة، فإن ذلك أولى، أما الإمام فصلاته صحيحة إذا لم يحصل له اليقين بتسبيح المأمومين أثناء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/7253)
حكم صلاة الرجل الذي يلبس الذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الذهب للرجال وهل يجوز الصلاة به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لبس الذهب للرجال حرام، وقد تقدم ذلك في الفتوى رقم:
1703 وبما أنه لا يجوز للرجل لبس الذهب، فإنه لا يجوز له الصلاة فيه، ولكن صلاته صحيحة مع الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/7254)
من انتقض وضوؤه في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت الجمعة ولكن وجدت أني نقضت الوضوء هل أبحث عن إعادة صلاة الجمعة في جامع آخر أو أصلي أربع ركعات؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طرو الحدث أو تذكره أثناء الصلاة مبطل لها. وعليه فإن صلاتك قد بطلت.
وإن تمكنت من إدراك صلاة الجمعة في مسجد آخر لزمك ذلك، وإذا لم يمكنك فصل الظهر أربع ركعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1423(11/7255)
الصلاة بين شاربي خمر صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سافرت على متن الطائرة وجلست بين اثنين يشربان الخمر وصليت بينهما لكن لم ألمس أحداً منهما هل صلاتي مقبولة؟
سافرت أنا والمدير وسكنا في غرفة واحدة ولكن هو يسكر وصليت في الغرفة وهو في الحمام هل الصلاة مقبولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شرب الخمر يعد من كبائر الذنوب والعياذ بالله، وراجع الفتوى رقم:
10053 والفتوى رقم: 10723 والواجب على من رأى من يشرب الخمر أن ينصحه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ولا يجوز له السكوت، كما لا يجوز له مجالسته حال شربه، بل ينهاه ثم يبتعد عنه خشية أن ينزل مقت الله على الجميع. وإذا رأى أن هجر أمثال هؤلاء قد ينفع في زجرهم فليهجرهم.
أما بالنسبة لسؤالك عن الصلاة فجوابه:
أن صلاتك صحيحة، ما دمت لم تتلبس بالخمرة حال أداء الصلاة في ثوبك، أو بدنك، أو مكان صلاتك، هذا على القول بنجاسة الخمر، وهو مذهب جمهور العلماء.
هذا وننبه السائل إلى أنه إذا صلى الفريضة في الطائرة فإنه لا بد أن يأتي بما يستطيع من أركانها جميعاً، من قيام وركوع وسجود. وإن عجز المصلي عن شيء من ذلك، وخاف خروج الوقت قبل التمكن من فعله صلى على الحالة التي في استطاعته.
وأما النافلة فلا حرج أن يصليها جالساً مع الإيماء للركوع والسجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1423(11/7256)
ماذا يفعل من خرج منه ريح أثناء صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المصلي إذا خرج منه ريح أثناء ركعتي صلاة الجمعة ... واسأل الله ان يجازيكم بألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن خرج منه الريح أثناء صلاة الجمعة عليه أن يقطع الصلاة ويتوضأ، فإن أدرك الجمعة مع الجماعة بعدُ فبها ونعمت، وإلا صلى ظهراً ولا إثم عليه، لأن ذلك خارج عن استطاعته. وانظر الفتوى رقم:
1034
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1423(11/7257)
ما يلزم من ترك ركنا من أركان الصلاة ناسيا أو متعمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من ترك ركنا من أركان الصلاه ناسيا أو متعمدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك ركناً من أركان الصلاة تعمداً مع قدرته على أدائه أثم وبطلت صلاته في الحال، ومن تركه سهواً ولم يذكره إلا بعد فراغه من الصلاة وطال الفصل بطلت الصلاة، وإن لم يطل الفصل لم تبطل الصلاة، ويلزمه على مذهب الإمام أحمد أن يأتي بركعة تامة، إلا أن يكون المنسي التشهد والسلام، فإنه يأتي به ويسلم ثم يسجد لسهوه. وقال الشافعي يأتي بالركن وما بعده لا غير، وهو الراجح، ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة والعرف.
وإن ذكر الركن المنسي أثناء صلاته أتى به وبما بعده من الأركان إلى نهاية الصلاة، وسجد للسهو.
وإن لم يذكره حتى فات تداركه بالوصول إلى مكانه من الركعة التي تليه بطلت الركعة التي نسي منها الركن، وحلت محلها الركعة التي تليها، مثال ذلك: ما لو نسي الركوع من الركعة الثانية -مثلاً- ولم يتذكر حتى قرأ الفاتحة من الركعة الثالثة، فإنه يفوت عليه تدارك الركوع الذي نسيه، وتصير الثالثة ثانية. وهكذا.
وتختص تكبيرة الإحرام من بين الأركان بأن الصلاة لا تنعقد بتركها، كما يختص القيام بسقوطه في النوافل مبالغة في تكثيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(11/7258)
صلاة المرأة في الأماكن العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا يدخل وقت الصلاة وأنا في مكان عام كالحديقة العامة مثلاً هل أصلي جالسة كما قيل لي أم واقفة علما أن الرجال الأجانب موجودون في الحديقة وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القيام ركن من أركان الصلاة تبطل بتركه، ولا يسقط إلا في حالة العجز عنه.
وعليه، فإنه يجب عليك أن تقومي في صلاتك ولو كنت في الحديقة أمام الرجال الأجانب، ولكن عليك الالتزام بالحجاب الشرعي أثناء الصلاة، كما أنه يستحب للمرأة أن تضم بعضها إلى بعض أثناء الركوع والسجود، مبالغة في التستر على ما ذكره بعض أهل العلم.
ومن قال: إنك تصلين جالسة مع القدرة على القيام فقد قال على الله بغير علم.
نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1422(11/7259)
ما يفعله من أصابته نجاسة أثناء صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
ما حكم من بدأ بصلاته وأثناء الصلاة أصاب الثوب الذي يلبسه نجاسة السؤال هل يترك الصلاة لإزالة النجاسة أم يكمل صلاته؟
وجزاكم الله كل خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أصابت ثوبه نجاسة من النجاسات التي لا يعفى عنها، وهو في أثناء الصلاة، واستقرت عليه فإن استطاع أن يخلع ذلك الثوب فليخلعه وليستمر في صلاته وهي صحيحة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره جبريل- وهو في الصلاة - أن في نعليه خبثاً (أي نجاسة) فخلع نعليه واستمر في صلاته. والحديث في المسند وغيره. فإن لم يمكنه خلع الثوب الذي استقرت عليه النجاسة فإنه يجب عليه أن يقطع الصلاة حتى يزيلها، إذا كان في الوقت متسع لوجوب طهارة ثوب المصلي وبدنه ومكانه، ثم بعد ذلك يستأنف الصلاة من جديد، فالعلماء قد عدوا سقوط النجاسة واستقرارها على المصلي من مبطلات الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(11/7260)
ما يترتب على الإمام والمأمومين لو أخطأ الإمام في السجود وسجد للسهو سجدة واحدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[1-كنا نصلي الجمعة خلف الإمام وأخطأ في السجدة الأولى
وتم التنبيه عليه بالتسبيح وعندما أراد أن يسجد سجود السهو أتى بسجدة واحدة فقط ,.ونعلم أن
هذا خطأ. فبعض المصلين أعاد الصلاة- صلاة ظهر-
والكثير لم يفعلوا شيئا سوى متابعة الإمام المخطئ فما الحكم لتصحيح خطإ الإمام الذى كان يشعر حينها
بالمرض. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يبدو لنا من كلام السائل أن الجميع تصرفوا دون علم بأحكام سجود السهو، وحكم ذلك عند الفقهاء مبني على وجوب تعلم أحكام الفرائض، وأنه لا يجوز للمكلف أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، وقد نقل الإجماع على هذا الغزالي في الإحياء، والشافعي في الرسالة. فمن وجبت عليه الصلاة تعين عليه أن يعرف أحكامها، ومن وجب عليه الحج تعين عليه أن يعرف أحكامه، قال القرافي في الفروق: (فإذا كان العلم بما يقدم عليه الإنسان واجباً، كان الجاهل في الصلاة عاصياً بترك العلم، فهو كالمتعمد الترك بعد العلم بما وجب عليه، فهذا هو وجه قول مالك -رحمه الله- إن الجهل في الصلاة كالعمد) ا. هـ. الفرق الثالث والتسعون.
فالجاهل بالأحكام الشرعية الواجبة عليه كالعامد لا كالناسي، فالناسي معذور لأن النسيان يهجم عليه قهراً ولا حيلة له في دفعه، ولذلك عفا الله عنه فقال: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) [البقرة: 286] وفي صحيح مسلم أن الله تعالى قال: قد فعلت.
أما الجاهل فإنه غير معذور لأنه يمكنه دفع جهله بالتعلم قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل:286] وبهذا يتبين لنا أن الذين تركوا السجدة الثانية جهلاً صلاتهم باطلة لأن جهلهم كعمدهم، وهذا ينطبق على الجميع، أما من أعاد الجمعة ظهراً فقد أصاب، لأنه لما بطلت جمعته أتى بما يجب عليه، وهو صلاة الظهر، لأنه يتعذر عليه إعادة الجمعة وحده، هذا إذا كان السجود الذي تركوه واجباً، ولبيان الواقعة بعينها، أرسل لنا سبب السجود.
لكن قد يقال: إن معاوية بن الحكم تكلم في الصلاة جاهلاً، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، مع أن الصحابة نبهوه. وهذا دليل على انتشار هذا الحكم بينهم، وعدم خفائه عليهم، والجواب أن الكلام في الصلاة من المنهيات، وسجود السهو من المأمورات، قال الزركشي في المنثور: (الجهل والنسيان يعذر بهما في حق الله تعالى في المنهيات دون المأمورات) ا. هـ. ويقول الإمام السبكي في الفتاوى مبيناً سبب التفريق بين المأمورات والمنهيات: (والفرق بين الأوامر والنواهي في هذا المعنى، أن الأوامر قصد فيها فعل المأمور به لمصلحة المكلف، ولا تحصل له المصلحة إلا بالفعل، فإذا ترك عصى لإخلاله بالمقصود، وتلك المعصية مستمرة حتى يأتي بالمقصود، فلا يسقط الفعل قطعاً، ولا الإثم المتعلق به، حتى يأتي به لأنه هو المقصود، وأما النواهي فالمقصود منها عدم المنهي عنه) وقال الزركشي في المنثور: (والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهالة لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي فعذر بالجهل فيه) ا. هـ.
هذا مع العلم بأن صلاة الجميع صحيحة عند فقهاء الشافعية لأن سجود السهو عندهم سنة لا واجب، قال عميرة بن شهاب الدين البرلسي في حاشيته على كنز الراغبين: (الصارف لأحاديثه عن الوجوب، ما في بعضها -يعني بعض روايات الحديث- كانت الركعة له نافلة والسجدتان، ولأن البدل كمبدله أو أخف، ولذا وجبت جبرانات الحج دون هذا. والله أعلم) ا. هـ
ولكن قول الجمهور أقوى، والعمل به أحوط، فعلى الذين تركوا السجدة ولم يصلوا الظهر، أن يقضوا هذه الصلاة، وبهذا تبرأ ذمتهم عند الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(11/7261)
تبطل الصلاة بترك التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ فترة طويلة آتي بالتشهد الأول في الصلاة الرباعية، وفي الركعة الرابعة لا آتي بالتشهد من أوله، وأقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، هل صلاتي السابقة باطلة، لو سمحتم أجيبوني بسرعة.
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشهد الأخير يعد ركناً من أركان الصلاة تبطل بتركه على الراجح من أقوال العلماء، لحديث ابن مسعود عند النسائي، وأصله في الصحيحين، قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده ... وصححه البيهقي. فقوله: قبل أن يفرض علينا يدل على ذلك.
وعليه، فإن الصلوات التي صليتها بدون التشهد الأخير تعتبر باطلة، إلا أنك قد تكون معذوراً بالجهل، ولا يلزمك إعادتها، ويدل على ذلك حديث المسيء صلاته، حيث ترك ركن الطمأنينة جهلاً، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلوات السابقة، ومع هذا فلو أعدت هذه الصلوات السابقة احتياطاً لدينك وإبراء لذمتك كان ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1422(11/7262)
حكم ابتلاع الدم في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[- ماذا لوابتلع الدم أثناء الصلاة من به جرح بفمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فابتلاع الدم الخارج من جرح اللسان أثناء الصلاة إن كان بغير قصد فلا شيء فيه، والصلاة صحيحة، وإن كان بقصد فالصلاة باطلة، وأما خارج الصلاة فإن كان يسيراً فلا شيء في ابتلاعه والأفضل أن يلفظه، وإن كان كثيراً وجب عليه لفظه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/7263)
حكم صلاة من لم يعقل منها شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني بشدة من أحلام اليقظة لدرجة أني لا أجد عقلي بدون تفكير في ما يفيد أو في غيره. وهذا الأمر يقلقني جدا في الصلاة فأحيانا أتم صلاتي وما عقلت منها شيئا. فهل علي إعادة الصلاة سواء كانت فرضا أو نفلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي مطلوب منه إحضار ذهنه وقلبه أثناء الصلاة، حتى يحصل له التدبر والخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها، ولا ينبغي للمسلم أن يسترسل في حديث النفس، والتخيلات، والخواطر التي لا تجر إلا إلى الوسوسة، وضياع الوقت فيما لا يعود على الإنسان بفائدة. وفي التفكير في آيات الله تعالى الكونية، والاشتغال بالقرآن والأذكار غنى للمسلم عن الاسترسال في التخيلات وما إليها.
ثم إن من صلى صلاة تامة الشروط والأركان، ولم ينقصها إلا عدم الخشوع فلا إعادة عليه -وإن لم يعقل منها شيئاً- لكن أجرها ناقص نقصاً كبيراً للإخلال بالخشوع فيها، ففي سنن أبي داود عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(11/7264)
الهاتف النقال لايبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الهاتف النقال من مبطلات الصلاة؟ وماهي نصيحتكم لصاحبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه أما بعد:
فإن الهاتف النقال لا يبطل الصلاة ولو كان مفتوحاً، ولكن يجب على صاحبه إغلاقه قبل الدخول في الصلاة، حتى لا يشوش عليه، وعلى غيره من المصلين.
وراجع الفتوى رقم:
3558
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(11/7265)
مسوغات قطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يجوز قطع الصلاة عمدا، أي أثناء أدائها؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقطع الصلاة المفروضة عمداً من غير مسوغ شرعي محرم باتفاق العلماء، لما في ذلك من العبث بالعبادة الذي يتنافى مع حرمتها، ومكانتها، ولقول الله سبحانه: (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد:33] أما إن كانت نافلة فلا يجوز -أيضاً- قطعها عند الحنفية والمالكية بلا عذر كالفريضة، وقالت الشافعية والحنابلة: يجوز، مع استحباب عدم القطع، والراجح الأول.
ومما يسوغ له قطع الصلاة -فريضة أو نافلة- قتل الحية، وخوف ضياع ماله، أو مال غيره، أو إغاثة ملهوف، أو تنبيه غافل أو نائم قصده ما يضره، ونحو ذلك.
وكذلك قطع النافلة عند إقامة الفريضة أو خشية فوات الركعة الأولى منها، على خلاف بين الفقهاء في ذلك.
وهناك أمور أخرى تجيز أو توجب قطع الصلاة وهي محل خلاف بين الفقهاء، فليرجع إليه في مكانه في كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(11/7266)
ضوابط العمل الذي لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كان يصلي بالمسجد وبجانبه مريض بالصرع وبينما هو في الركعة الثانية سقط المريض أمامه فقام بأخذه جانبا، فما حكم هذا الفعل وأثره على الصلاة وكيف يعود لصلاته هل يدخل من جديد أم يكمل ويبني على ما سبق وإن أداه مع الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الفعل الذي صدر من هذا المصلي قليلاً عرفاً فإن صلاته صحيحة، وما قام به من فعل لا يؤثر عليها، أما إذا كان كثيراً فإن الصلاة قد بطلت، وقد اختلف العلماء في ضابط القلة والكثرة، فقيل: إن المرجع في ذلك يكون إلى العادة والعرف، وقيل: الكثير هو ما يكون المصلي بحيث لو رآه إنسان من بُعْد تيقن أنه ليس في صلاة، وما عدا ذلك فهو قليل.
قال النووي: (وإن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيراً أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف) . ثم قال بعد عرضه للخلاف في ضبط القليل والكثير: (إن الرجوع في ذلك إلى العادة فلا يضر ما يعده الناس قليلاً، كالإشارة برد السلام، وخلع النعل ورفع العمامة ووضعها، ولبس ثوب خفيف ونزعه، وحمل صغير ووضعه، ودفع مار وأشباه هذا) . أهـ. ويمكنك أن تقيس ما صدر من هذا الشخص من فعل على هذه الضوابط والنصوص، فإن كان من الكثير فالصلاة قد بطلت -كما تقدم- وإلا فلا.
وإذا بطلت فلا بد من استئنافها من جديد، ولا يصح البناء على ما مضى منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(11/7267)
حكم الكلام في الصلاة لمصلحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم أفيدونا في سؤال فقهي هام وعاجل:
في مسجد قريتنا بالديار الفرنسية صلى بنا الإمام صلاة العشاء فغلط -ناسيا-في آية فاستفتح عليه المأموم فلم يسمعه الإمام جيدا فقال "نعم" فأعاد المأموم فتحه فصحح الإمام الآية وأكمل الصلاة.
-هل الصلاة صحيحة أم باطلة ? وهل تعاد الصلاة أم لا؟
... ... ... ... جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة صحيحة ولا إعادة، وذلك لأن هذا الإمام ما قال: نعم إلا لجهله بحكم الكلام في الصلاة، أو لنسيانه، وكل ذلك لا يؤثر على صحة الصلاة، إذا كان يسيراً، بدليل أن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال-وهو في الصلاة- لرجل عطس جنبه: يرحمك الله، ولما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالإعادة، بل بين له أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، والقصة في صحيح مسلم وغيره.
هذا بالنسبة للكلام جهلا أو نسياناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/7268)
معنى الثوب المعصفر، وحكم الصلاة به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هوالثوب المعصفر وما حكم الصلاة به ولبسه؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالثوب المعصفر هو المصبوغ بالعصفر - وهو نبات يصبغ صباغا أحمر - ولهذا كان غالب ما يصبغ بالعصفر يكون أحمر، كما قال الحافظ ابن حجر، ولبسه مباح للنساء، محظور على الرجال.
أخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: "أأمك أمرتك بهذا"؟. قلت: أغسلهما؟. قال: "بل أََحْرقهما".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أأمك أمرتك بهذا" قال النووي في معناه: (هذا من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن، وأما أمره صلى الله عليه وسلم بإحراقهما، فهو عقوبة وتغليظ لزجره، وزجر غيره عن مثل هذا الفعل) .
وأما الصلاة في الثوب الذي يحرم لبسه - سواء كان معصفرا، أو حريرا، أو عليه تصاوير - فقد اختلف في صحتها، والراجح أنها صحيحة، وإن كان اللابس عاصياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1422(11/7269)
إرسال اليدين لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذين يصلون دون ضم أيديهم تعتبر صلاتهم غير صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن وضع اليد اليمنى على اليسرى، ووضعهما على الصدر في الصلاة سنة من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه جمهور أهل العلم، وهو المعروف بالقبض.
أما عدم فعل ذلك، وإرسال اليدين، فلا يبطل الصلاة، لأنه ترك سنة، وترك السنة لا يبطل الصلاة.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(11/7270)
ما يلزم من مارس العادة السرية وصلى بدون طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أمارس العادة السرية ولا أدري كم عدد الصلوات التي صليتها وأنا نجسة لجهلي أنها تبطل الصلاة فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ممارسة العادة السرية إن ترتب عليها خروج مذي لزم الوضوء، لمن أراد أن يصلي، وغسل الفرج.
وإن ترتب عليها خروج مني لزم الغسل من الجنابة، وإن لم يترتب عليها شيء من ذلك، فلا يلزم الممارس لها شيء من حيث الطهارة.
وعلى ذلك، فإن ترتب على ممارستك للعادة السرية خروج مذي أو مني، ولم تقومي بما يلزمك من جراء ذلك وصليت، فإن صلاتك تلك باطلة، وعليك إعادتها، فإن علمت عدد الصلوات التي صليتها بتلك الحالة، فاقضيها على حسب ذلك، وإن جهلت العدد فصلي عدداً تحتاطين به لعبادتك، وأكثري من النوافل والاستغفار.
وإن كانت ممارستك للعادة السرية لم يترتب عليها شيء مما ذكر، فصلاتك صحيحة، وعليك التوبة إلى الله تعالى من ممارسة العادة السرية على كل حالٍ، فإن ممارستها محرمة، وراجعي الفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1422(11/7271)
حكم محاذاة المرأة للرجل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال فى كتب الفقه الحنفي اذا اشترك الرجل وامرأة مشتهاة فى الصلاة في وقت واحد على الإمام الواحد ونوى الإمام إمامتها إذا كانت المرأة محاذية مع الرجل أو مقدمة عليه بلا حائل تفسد صلاة الرجل وإذا كان الأمر كذلك فما العلاج في الحرم المحترم في أيام الحج على مذهب أبي حنيفة بينوا تؤجروا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ذكره السائل منصوص عليه في كتب الأحناف، ولا يفرقون فيه بين الصلاة في الحرم والصلاة في غيره، وقد دل على ذلك صريح كلامهم. انظر المبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ج1 ص452 ط إدارة القرآن والعلوم الإسلامية -كراتشي.
وانظر أيضاً المبسوط للسرخسي ج2 صـ78 ط دار المعرفة بيروت. والراجح في هذه المسألة هو ما عليه الجمهور من عدم بطلان الصلاة، وأن تعمد ذلك مكروه.
وعلى ذلك فما يحصل في الحج لا يبطل الصلاة اعتباراً بقول الجمهور، وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه لأن إبطال الصلاة به فيه حرج كبير، وتكليف بغير المستطاع.
والله تعالى يقول (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78] ويقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة:286] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(11/7272)
حكم صلاة المرأة بالمكياج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمراة أن تصلي بالمكياج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في صلاة المرأة بالمكياج إذا كان مكوناً من مواد طاهرة. ولمزيد من البيان يراجع الجواب رقم 933
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(11/7273)
تصلي وتخرج سافرة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي تصلي ولا تلبس الحجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المرأة المسلمة البعد عن التبرج والسفور، والبعد عن أسباب الفتنة، وكل ما يغضب الله، ومن الأمور المنكرة تخلي المرأة عن الحجاب الشرعي، وإذا كانت المرأة تصلي بلباس يستر جميع بدنها باستثناء الوجه والكفين، ولكنها لا تلبس الحجاب الشرعي عند خروجها من المنزل، فهي عاصية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وصلاتها وإن كانت صحيحة إلا أنها لن تأتي بثمرتها المرجوة منها على وجه كامل، لأن الصلاة التي تنفع صاحبها تنهاه عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت: 45] .
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً" رواه الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح. أما إن كانت المرأة لا تلبس الحجاب لا في الصلاة ولا في غيرها فالأمر أشنع لأخلالها بشرط من شروط صحة الصلاة ألا وهو ستر العورة ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها:
12411
4185
5413
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1422(11/7274)
حكم وجود هيكل عظمي في مكان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي هيكل عظمي حقيقي أهدانيه شخص حتى أتبرع به لطبيب يتعلم عليه وقال لي شيخ هذا حرام ويجب دفنة ولا تجوز الصلاة في غرفة بها هذا الهيكل؟ افيدونا يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا أثر لوجود الهيكل العظمي في الغرفة في صحة الصلاة؛ إلا أنه لا يكون في قبلة المصلي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1422(11/7275)
قول أهل العلم في صلاة الحاقن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حفظكم الله هو أنني قد أديت الحج ولله الحمد وأسأل الله القبول ولكني وأثناء المبيت بمزدلفة أديت صلاة الفجر وأنا محتسر من البول علماً أنني حاولت الاختلاء بمكان حتى أفرغ البول وأتوضأ ولكن من شدة زحمة الناس وقرب المسافة بيينهم جعلني أن لا أقوم بذلك سؤالي هل علي شئ في حجي أو صلاتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تثريب عليك، وحجك صحيح، فليس من أركان، ولا شروط الحج عدم مدافعة الأخبثين إجماعاً.
وكذلك الحال بالنسبة للصلاة، فيما ذهب إليه أكثر أهل العلم، حيث حملوا ما ورد في صحيح مسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" حملوه على الكراهة، وقالوا: إن المنفي إنما هو كمال الصلاة لا صحتها، ويرى المالكية أنه إذا كان احتسار البول شديداً جداً، ولا يتأتى الإتيان بالفرض إلاّ بمشقة، وعدم حضور بال، فإنه يبطل الصلاة..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(11/7276)
التدخين محرم، ولا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوحكم من يصلي وهو إنسان مدخن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من يصلي ويدخن، قد خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، غير أن تدخينه لا يبطل صلاته، إن أداها على الوجه الشرعي مكتملة الشروط خالية من موانع الصحة، لكن ينبغي نصحه وتذكيره وتنبيهه إلى ضرورة اجتناب التدخين جملة، فإن ضعف عن ذلك، فلا أقل من أن يجتنبه قبل الصلوات المكتوبات، لئلا تتآذى الملائكة، والمصلون من المسلمين من رائحته، مع أننا نقول بتحريمه في كل وقت، لما يترتب عليه من أضرار وخيمة، تجد تفاصيلها في الفتوى رقم 1671
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1422(11/7277)
مبطلات الصلاة تنتظم الفريضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من أتاه الحدث فىصلاة نا فلة مندو بة كنافلة بعد الظهر مثلا هل يتوضأ من جديد ويصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أحدث وهو في الصلاة فقد بطلت صلاته ووجب عليه الخروج منها، نافلة كانت أو فريضة لأن الطهارة شرط من شروط الصلاة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ قال رجل من حضرموت ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط" أخرجه البخاري. ولا يلزمه قضاء هذه النافلة بعد الوضوء إنْ لم يكن قد تعمد إخراج الحدث اتفاقاً لا نعلم خلافاً في ذلك، وكذا إذا تعمده في قول أكثر أهل العلم، وألزمه المالكية بالقضاء كما ألزموا به من أفطر في النوافل متعمداً محتجين بقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) [محمد: 33] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/7278)
من جهل أن المذي يبطل الوضوء فهل يقضي صلواته السالفة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المذي من مبطلات الوضوء فهل تبطل الصلاة إذا حصل المذي أثناء الصلاة مع العلم بأني أتوضأ لكل صلاة؟ إذا كان ذلك يبطل الصلاة فما حكم صلاتي التي مضت والتي كنت قد صليتها وأنا أشعر بالمذي مع جهلي بأنه يبطل الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما كان من نواقض الوضوء، فهو من مبطلات الصلاة إن حدث في أثنائها، ففي الصحيحين عن المقداد بن الأسود أن علياً رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذّاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد فسأله، فقال: "يغسل ذكره ويتوضأ"، وقد دلَّ الحديث أيضا على نجاسة المذي، فيلزمك أن تغسل ذكرك، وما أصاب من ثوبك، إذا لم يكن في غسل الثوب مشقة، فإن كانت فيه مشقة اكتفيت فيه بالنضح. أي: الرش بالماء. لما في حديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدةً وعناءً، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما يجزئك من ذلك الوضوء، فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك، حيث ترى أنه قد أصاب منه" رواه أحمد والترمذي.
وأما حكم ما مضى من صلاتك، والتي صليتها مع علمك بخروج المذي منك جهلاً بالحكم، فأكثر أهل العلم على وجوب قضائها، لدخولها في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم المتفق عليه من حديث أبي هريرة: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" أخرجه البخاري، ومنهم من يرى أنك معذور بالجهل، مستدلاً على ذلك بحديث المسيء في صلاته، حيث كان رجلاً لا يطمئن في صلاته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعيد تلك الصلاة قائلاً له: "ارجع فصل فإنك لم تصل" فقال: والله لا أحسن غيرها، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، متفق عليه.
ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة ما مضى من صلاته، وإنما أمره بإعادة تلك الصلاة الحاضرة، لبقاء وقت وجوبها، ولا شك أن الأخذ بالمذهب الأول أولى وأحوط. وإن كان المذي يخرج منك بشكل شبه مستمر، ولا تجد الوقت الكافي لأداء الصلاة بدون خروجه، فقد فصلنا حكم ذلك في الفتوى رقم 3224. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1421(11/7279)
حكم صلاة من خيل إليه أنه خرج منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الوضوء، دائما أعيد أكثر من ثلاث مرات مع أني متأكد أنه وسواس لأنه لم يخرج شي من المخرج فهل إذا سمعت صوتا وأكملت الصلاة تكون جائزة أرجوا التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان على يقين من غسل عضو من أعضاء الوضوء، واعتراه الوسواس، فالذي ينبغي عليه: أن يدع الوسواس ويعمل باليقين.
ومن أشكل عليه هل خرج منه شيء أو لا؟ وكان في صلاة، أو كان على وضوء فهو باق على أمره من صلاة، أو وضوء. ولا يخرج إلا إذا سمع صوتاً، أو وجد ريحاً، لما رواه البخاري ومسلم عن عباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينفتل، أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً".
وهذا إذا خرج الصوت من دبره، وأما إذا كان الصوت من بطنه فقط، ولم يخرج من دبره فلا شيء في ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1421(11/7280)
حكم الصلاة في مسجد مكتوب فيه: يا الله - يامحمد.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في مسجد مكتوب في قبلته يا الله ـ يا محمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة في مسجد كتب في قبلته عبارة (يا الله - يا محمد) صلاة صحيحة ولكن لا ينبغي كتابة شيء في القبلة، فقد كره أهل العلم ذلك. قال أحمد: كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئاً في القبلة حتى المصحف.
وفي المدونة: قلت: أكان مالك يكره أن يكون في القبلة مثل هذا الكتاب الذي كتب في مسجدكم بالفسطاط؟ قال سمعت مالكاً وذكر مسجد المدينة وما عمل فيه من التزويق في قبلته وغيره. فقال: كره ذلك الناس حين فعلوه. وذلك لأنه يشغل الناس في صلاتهم ينظرون إليه فيلهيهم) .
وعبارة (يا محمد) تحمل معنى آخر من معاني النهي وهو معني الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة بالمخلوق لا تجوز ولو كانت به صلى الله عليه وسلم؛ إذ قد ورد عنه النهي عن ذلك. فأخرج الطبراني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله ". قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح، غير ابن الهيعه وهو حسن الحديث. قال الإمام ابن تيمية في كتاب الاستغاثة "152" (وهو صالح للاعتضاد، ودل على معناه الكتاب والسنة) . قال صاحب كتاب فتح المجيد: (كره صلى الله عليه وسلم أن يستعمل هذا اللفظ في حقه، وإن كان فيما يقدر عليه في حياته: حماية لجناب التوحيد، وسداً لذرائع الشرك، وأدباً وتواضعاً لربه، وتحذيراً للأمة من وسائل الشرك، في الأقوال والأفعال) .
فإذا كان هذا فيما يقدر عليه صلى الله عليه وسلم في حياته، فكيف يجوز أن يستغاث به بعد وفاته، ويطلب منه أمور لا يقدر عليها إلا الله؟! ، فالحاصل أن هذا الحديث نص صريح في أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو كتابة عبارة (يا محمد) على جهة الاستغاثة لا تجوز. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1421(11/7281)
حمل الصغير أثناء الصلاة لا يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولي ولد والحمد الله عمره سنة وشهر بما أنه لا توجد مساجد في المنطقة التي أسكن فيها فأنا مجبر على الصلاة في البيت مع أسرتي كإمام. وإبان الصلاة يأتي الابن محاولاً المرور أمامي إلا أنني آخذه وأحمله حتى أجلسه على الأرض وأكرر هذه العملية كلما حاول المرور أمامي وأنا أصلي.
هل تقبل هذه الأشياء في الصلاة، وهل صلاتي مقبولة إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان في صلاة واحتاج إلى حمل ولده الصغير جاز له ذلك، ولا تبطل صلاته بفعله هذا.
والدليل على ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى - أحمد واللفظ له- وأبو داود، والنسائي، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي يحمل أمامة أو أميمة بنت أبي العاص - وهي بنت زينب- يحملها إذا قام ويضعها إذا ركع حتى فرغ) .
ونوصيك أيها الأخ الكريم بالحرص على الصلاة في الجماعة وفي المسجد إن كان موجوداً ولو غير قريب إن أمكن ذلك فلأجر على قدر المشقة، ولو سعيت في بناء مسجد في حارتك بأي وسيلة تقيمون فيه الصلاة لكان في ذلك الخير الكثير، ويكون ذلك بالتعاون مع المسلمين الموجودين في منطقتك " فإن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شئيا". رواه مسلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1421(11/7282)
مبطلات الصلاة، وهل الشك مما يبطلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى مبطلات الصلاة، وهل الشك من مبطلات الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتبطل الصلاة بأحد أمرين:
1- بفعل ما يحرم فيها.
2- بترك ما يجب فيها.
أما فعل ما يحرم فيها فهو:
1- الأكل والشرب عمداً. قال ابن المنذر "أجمع أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامداً أن عليه الإعادة" وكذا في صلاة التطوع عند الجمهور، لأن ما أبطل الفريضة يبطل التطوع. أما إذا أكل أو شرب جاهلاً أو ناسياً، فلا تبطل صلاته على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو قول الشافعية والحنابلة، وكذلك لا تبطل الصلاة لو ابتلع ما بين الأسنان إذا كان دون الحمصة.
2- الكلام عمداً في غير مصلحة الصلاة: فعن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. روه الجماعة. فإن تكلم جاهلاً بالحكم أو ناسياً فصلاته صحيحة. فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم فقلت: وا ثُكل أمياه، ماشأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي. أما عدم بطلان الصلاة بالكلام الذي هو في مصلحة الصلاة، فلحديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع " رواه البخاري ومسلم.
والكلام لإصلاح الصلاة يشرط ألا يكثر عرفاً وألا يفهم المقصود بالتسبيح. وقال الأوزاعي في رجل صلى العصر فجهر بالقرآن، فقال رجل من ورائه: إنها العصر. لم تبطل صلاته. والراجح ما قدمناه. لأن المشروع لمن نابه شيء في صلاته هو التسبيح، فلا يعدل عنه إلى الكلام إلا حيث تعذر تحصيل المقصود بالتسبيح، فالعدول عنه بغير عذر في معنى الكلام المتعمد وهو مبطل.
3- العمل الكثير عمداً. قال النووي: (إن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيراً أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط ثم اختلفوا في ضبط القليل والكثير على أربعة أوجه إلى أن قال: والرابع وهو الصحيح المشهور وبه قطع المصنف والجمهور: أن الرجوع فيه إلى العادة فلا يضر ما يعده الناس قليلاً، كالإشارة برد السلام، وخلع النعل، ورفع العمامة ووضعها، ولبس خف ونزعه، وحمل صغير ووضعه ودفع مارٍ، ودلك البصاق في ثوبه وأشباه هذا، وأما ما عده الناس كثيراً كخطوات كثيرة متوالية وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة،) انتهى.
أما الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في سبحة أو حكة أو حل أو عقد فالصيحيح أن الصلاة لا تبطل به، وإن كثرت متوالية، لكن يكره.
4- الضحك في الصلاة: نقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصلاة بالضحك. قال النووي: وهو محمول على من بان منه حرفان. وقال أكثر العلماء لا بأس بالتبسم. وإن غلبه الضحك ولم يقو على دفعه فلا تبطل الصلاة به إن كان يسيراً، وتبطل به إن كان كثيراً، وضابط القلة والكثرة العرف.
ثانياً: تبطل الصلاة بترك ما يجب فيها. فمن ترك ركناً أو واجباً من واجبات الصلاة عمداً وبدون عذر بطلت صلاته، لما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي لم يحسن صلاته: "ارجع فصل فانك لم تصل" والواجب إن تركه ساهياً عنه سجد سجدتين للسهو. أما الركن فلابد من الإتيان به، ولا يجزئ عنه سجود السهو. وكذلك تبطل الصلاة بترك شرط من شروطها، عمداً بالاتفاق أما تركه سهواً ففيه تفصيل وفي بعضه خلاف ليس هذا محل بسطه.
وأما الشك في الصلاة فلا يبطلها، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؛ ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم"، فالشك من موجبات سجود السهو وليس من مبطلات الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1421(11/7283)
ترك الخشوع في الصلاة وحكمه.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التفكر في أمور الدنيا أثناء الصلاة يبطلها?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لمن دخل في الصلاة أن يستحضر قلبه وفكره فيها وفي تدبر ما يقرأ، لقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون: 1-2]
وقوله تعالى: (وقوموا لله قانتين) [البقرة: 238] .
أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه. قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلا" متفق عليه.
وإنما للمرء من صلاته ما عقل منها، فإذا اشتغل فكره بأمور الدنيا فينتقص من أجره بقدر ذلك، فقد روى أبو داود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها حتى قال: إلا عشرها" وقال ابن عباس: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) والتفكر في أمور الدنيا وشواغلها لا يكون إلا من الغفلة، وهل تبطل الصلاة بذلك وتجب الإعادة؟ في ذلك تفصيل لأهل العلم:
فإن كانت الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة وإن كان الثواب ناقصاً.
وأما إن غلبت الغفلة والتفكر في أمور الدنيا على حضور القلب فلأهل العلم قولان: أحدهما: لا تصح الصلاة في الباطن وإن صحت في الظاهر، لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه بصلاة المرائي فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن، وإليه ذهب الغزالي رحمه الله.
الثاني: تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب، فهو بمنزلة الصائم الذي لم يدع قول الزور والعمل به فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، وهو الصحيح -إن شاء الله- فإن النصوص والآثار دلت على أن الأجر والثواب مشروط بالحضور، ولا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهراً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7284)
ترك الخشوع ينقص ثواب الصلاة ولا يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجزىء الصلاة التي بدون خشوع.. بمعنى (هل تقبل) . وهل يجب إعادتها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخشوع هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح سكون وتواضع، وقال قتادة: الخشوع في القلب، وهو الخوف، وغض البصر في الصلاة.
وخشع في صلاته ودعائه: أقبل بقلبه على ذلك، وهو مأخوذ من خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت.
وجمهور الفقهاء على أن الخشوع في الصلاة سنة، لقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون: 1-2] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة" رواه مسلم. والدليل عندهم على صحة الصلاة مع عدم الخشوع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر العابث بلحيته بإعادة الصلاة، مع قوله: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، إلا أنه ضعيف لا تقوم بمثله حجة بل إن من أهل العلم من حكم بوضعه كالشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله.
ولأن الصلاة لا تبطل بعمل القلب ولو طال.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الخشوع فرض لكن لا تبطل الصلاة بتركه، وهذا هو المعول عليه عند المالكية، ومن أهل العلم من عده واجباً مشترطاً تبطل الصلاة بتركه.
... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7285)
حكم انكشاف باطن قدم المرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل (أسفل رجل المرأة) عورة؟ وهل تصح صلاتها في حالة كشفهما؟. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة بالنسبة للرجال الأجانب كلها عورة بما في ذلك رجلها ظاهراً وباطناً. وأما بالنسبة للنساء ومحارمها من الرجال، فليست الرجل عورة، وأما في الصلاة، فيجب عليها أن تستر باطن رجليها، كما تستر ظاهرهما على الراجح من أقوال أهل العلم، لأن المرأة كلها عورة، لكن باطن القدم يعتبر من خفيف العورة، وعليه فإن كشفه لا يبطل الصلاة في الراجح، حتى عند القائلين بوجوب ستره، فإن المحققين من أهل العلم فرقوا بين مغلظ العورة وغيره، فأبطلوا الصلاة بكشف المغلظ ولم يبطلوها بكشف غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7286)
ما يفعله من أحدث أثناء الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[من أحدث وهو يصلي، هل يخرج ويتوضأ وعند عودته هل يكمل الصلاة أم يعيدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الحدث يقطع الصلاة بالاتفاق، قال ابن رشد:
اتفقوا على أن الحدث يقطع الصلاة، واختلفوا هل يقتضي الإعادة من أولها إذا كان قد صلى منها ركعة أو ركعتان قبل طرو الحدث، أم يبني على ما قد مضى من الصلاة؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا يبني لا في حدث ولا في غيره مما يقطع الصلاة إلا في الرعاف فقط، ومنهم من رأى أنه لا يبني لا في الحدث، ولا في الرعاف، وهو الشافعي، وذهب الكوفيون إلى أنه يبني في الأحداث كلها. انظر بداية المجتهد (1/346-347) .
ومما سبق يتبين لنا أن مذهب الجمهور فيمن طرأ عليه الحدث في صلاته أنه لا يبني على ما سبق بل يستأنف الصلاة من جديد، أما مذهب الأحناف فهو البناء على ما سبق حيث قالوا: من سبقه الحدث في الصلاة انصرف، فإن كان إماماً استخلف، وتوضأ وبنى. واستدلوا بحديث عائشة قالت: قال رَسُول اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمْ "من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي، فلينصرف، فليتوضأ. ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم". وقالوا قوله: " فلينصرف فليتوضأ" هما للوجوب، و"ليبن" دليل المشروعية لأنه أمر بالبناء، وأدنى درجات الأمر الإباحة، وإنما لم يكن البناء واجباً، لأن البناء لتيسير الأمر على المصلي، وفي إيجابه ينقلب اليسر عسراً، فلا يكون واجباً. نقلاً عن شرح فتح القدير (1/228-330) لابن عبد الواحد، أما الاستدلال بالحديث المتقدم، فقد صحح الزيلعي هذا الحديث مرفوعاً من حديث عائشة كما في نصب الراية (1/38-39) ولكن الحافظ ابن حجر أعله وضعفه مرفوعاً، وإنما حسن الحديث موقوفاً على علي وعلى سلمان الفارسي كما في التلخيص (1/653-656) كما ضعفه ابن قدامة في (المغني 1/744) .
وعلى هذا فالراجح -والله أعلم- أن من طرأ عليه الحدث أثناء الصلاة فإن صلاته تبطل ويلزمه استئنافها من جديد، لأنه فقد شرط الصلاة في أثنائها على وجه لا يعود إلا بعد زمن طويل وعمل كثير، وكل ذلك مفسد للصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7287)
حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في تلاوة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تعقيب على إجابة مغايرة للمطلوب بخصوص السؤال رقم: 2246950 وكان موضوعه التالى: هل يجوز للإمام أن يصلّي على النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أثناء الفريضة حيث أنّ إمامنا جزاه الله عنّا خيرا سكت هنيهة عند آية محمّد رسول الله ليقول ((سرّا)) (صلّى الله عليه وسلّم) ففتح عليه العديد من المصلّين ب (والذين معه) فأعلمهم إثر الصلاة بالأمر، سبحان الله من الغد وجدنا بعض الذين نسأل الله لهم التوبة يعيبون عليه ما فعل علما بأنّه أفضل الأئمّة في المنطقة قراءة وسلوكا وفِقها في نظر أغلب المصلّين، وأشير أنّنا من ولاية سوسة من تونس وعلى المذهب المالكي. جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
وكانت الإجابة الموجّه إليها بخصوص الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد الفاتحة وليس ذلك ما سألت بل قصدت أثناء تلاوة السورة في صلاة العشاء كما كان يفعل صلّى الله عليه وسلّم عندما يمرّ بآية عذاب أو بآية رحمة.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المصلي في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى في أثناء القراءة إذا مر بآية فيها ذكر اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم, وقد بينا ذلك في الفتوى رقم 30357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/7288)
حكم زيادة وأن موسى وإدريس أنبياء الله ... في تشهد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يقول في التشهد الموجود في الصلاة أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى وموسى وإدريس.... أنبياء الله ورسله وأن جبريل ... ملائكة ... أي أنه يضيف على الشهادتين ما حكم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزيادة المشار إليها في السؤال غير مشروعة في التشهد، وتدخل في حيز البدعة؛ لأنه لم يرد ـ فيما نعلم ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقولها في التشهد ولا عن أحد من أصحابه، ومع ذلك فإن الصلاة لا تبطل بها لأنها من جملة الذكر المشروع، وقد نص الفقهاء على أن الصلاة لا تبطل بالذكر ولو كان غير مندوب في الصلاة، قال الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله في مغني المحتاج: ... ولا تبطل الصلاة بالذكر والدعاء وإن لم يندبا. .. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 75612.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(11/7289)
حكم من تعمد إبطال الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محافظ على تكبيرة الإحرام وذهبت إلى المسجد يوما فوجدتهم قد أكملو الصلاة قبل موعد الإقامة فانتظرت قليلا حتى أتت جماعة أخرى فصلينا مع الإمام فصلى ركعتين ثم سلم، ثم نويت هذه الصلاة نافلة، ثم أتت جماعة أخرى فصليت معهم الصلاة كاملة، فهل صلاتي صحيحة؟ وهل تحسب لي تكبيرة الإحرام التي كنت أحافظ عليها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك أولا على حرصك على إدراك تكبيرة الإحرام فى جماعة، فقد ثبت الترغيب في ذلك بدليل ما جاء في سنن الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق. وحسنه الشيخ الألباني.
ويفهم من كلامك أنك قد أديت ركعتين من الصلاة الرباعية خلف إمام مسافر، لأنك ذكرت أنه صلى ركعتين فقط. وكان عليك تكميل صلاتك بعد سلام إمامك الذي أدركت معه تكبيرة الإحرام وأنت آثم إذا تعمدت إبطال تلك الصلاة، لحرمة إبطال العبادة بعد الشروع فيها، قال الكاساني في بدائع الصنائع: ولنا أن المؤدى عبادة, وإبطال العبادة حرام، لقوله تعالى: ولا تبطلوا أعمالكم. فيجب صيانتها عن الإبطال, وذا بلزوم المضي فيها, وإذا أفسدها فقد أفسد عبادة واجبة الأداء فيلزمه القضاء جبرا للفائت كما في المنذور والمفروض. انتهى.
وقال النووي في المجموع: وإبطال العبادة الواجبة لا يجوز. انتهي.
وتغيير نية تلك الفريضة إن كان لنفل مطلق فهو جائز، كما تقدم فى الفتوى رقم: 71757.
وقضاؤك لصلاتك الباطلة خلف إمام آخر مجزئ ونرجو أن تكون قد أدركت معه أيضا ثواب تكبيرة الإحرام، لأن الثواب المذكور يحصل بإدراكها مع أي جماعة، فظاهر عموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: من صلى لله أربعين يوما في جماعة ... إلى آخر الحديث. يشمل كل جماعة وهي تحصل باثنين فأكثر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(11/7290)
حكم ستر الكتفين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة الحديث: لا صلاة لحاسر كتفيه؟ وما هو حد الحسر للكتفين إن صح الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث بهذا اللفظ فيما نعلم، وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء. متفق عليه.
وعمل بظاهر النهي الحنابلة فأوجبوا ستر أحد العاتقين في صلاة الفريضة، وذهب الجمهور إلى استحباب ستر العاتقين في الصلاة، وأن الصلاة مع عدم سترهما أو أحدهما صحيحة فرضا كانت أو نفلا، والواجب عند الحنابلة هو ستر غالب أحد العاتقين، وقد استوفينا القول في هذه المسألة ورجحنا قول الجمهور فانظر التفصيل في الفتوى رقم: 124265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1430(11/7291)
خلاف الفقهاء فيما يقطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صحيح البخاري حديث أنه لا يقطع شيء صلاة المسلم. وبه أخذ الإمام مالك في مذهبه.
لماذا لم يأخذ الباقون بهذا الحديث وأخذوا بحديث المرأة والحمار والكلب الأسود أي منهم يقطع الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث: لا يقطع الصلاة شيء. لم يروه البخاري في صحيحه كما ذكر السائل، بل ترجم البخاري بابا بعنوان: مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ. وروى فيه حديثا عن عائشة رضي الله عنها، وأثرا عن ابْن أَخِي ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ- يعني الزهري - عَنْ الصَّلَاةِ يَقْطَعُهَا شَيْءٌ فَقَالَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ. والحديث المذكور رواه أبو داود في سننه (رقم719) بسنده عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ. وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو متكلم فيه. والحديث ضعفه: ابن تيمية، وابن حجر، وعبد الحق الإشبيلي، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي وغيرهم. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، فتح الباري، الأحكام الكبرى، العلل المتناهية، تنقيح التحقيق.
ولأن الحديث لم يثبت فلم يأخذ به من قال بأن الصلاة تقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود لأن هذا هو الثابت عنده في الحديث، فقد روى مسلم في صحيحه بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ.
وأما عن الخلاف في مسألة قطع الصلاة، فذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن مرور شيء بين المصلي والسترة لا يقطع الصلاة ولا يفسدها، أيا كان، ولو كان بالصفة التي توجب الإثم على المار، وقال الحنابلة مثل ذلك، إلا أنهم استثنوا الكلب الأسود البهيم فرأوا أنه يقطع الصلاة، ولهم روايات أخرى في المسألة، وفي المسألة تفصيلات وأدلة أخرى غير الحديث المذكور في السؤال، تراجع لها الفتاوى التالية أرقامها: 30485، 28786، 32586، 28786.
وننبه السائل إلى أنه لا يوجد أحد من العلماء المعتبرين يتعمد ترك حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمة كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام: وَلِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ -الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ قَبُولًا عَامًّا- يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَّتِهِ؛ دَقِيقٍ وَلَا جَلِيلٍ. فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينِيًّا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ, إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ قَوْلٌ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ, فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عُذْرٍ فِي تَرْكِهِ. وَجَمِيعُ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أَحَدُهَا: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ.
وَالثَّانِي: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ إرَادَةَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.
وَالثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ.
وَهَذِهِ الْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ تَتَفَرَّعُ إلَى أَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ. ثم ذكرها رحمه الله، وننصح السائل بقراءة الكتاب المذكور فهو فريد في بابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/7292)
الصلاة إلى المرأة إذا كانت نائمة لا يضر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أريد أن أصلي وتوجد امرأة نائمة أمامي، ووضعت حاجزا بيني وبينها وأديت صلاتي. هل تجوز صلاتي؟ علما بأن الحاجز لا يغطي جميع جسمها، فهو عبارة عن متكأ للاتكاء عليه. هل يكفي لأداء صلاتي أم لا تجوز بحاجز أو بدون حاجز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صلت المرأة وبين يديها امرأة نائمة لم يكن في ذلك حرج، وكذا الرجل إذا صلى وبين يديه امرأة يحل النظر إليها لم يكن في ذلك حرج، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا، قَالَتْ: وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. وهذا يدل على أن الصلاة إلى المرأة إذا كانت نائمة لا يضر، سواء كان بين المصلي وبينها حاجز أو لا، ولكن ينبغي ترك هذا إذا كان يشغل المصلي ويلهيه في صلاته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه.
كما أن كثيرا من أهل العلم قد كرهوا الصلاة إلى النائم.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وتكره الصلاة إلى متحدث وإلى نائم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة إلى النائم والمتحدث. رواه أبو داود. انتهى بتصرف يسير.
فينبغي اجتناب ذلك خروجا من هذه الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/7293)
كيف يتم صلاته من أدرك الثالثة في العصر مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت صلاة العصر ولحقت الركعة الثالثة. فكيف أكمل الصلاة هل أجلس للتشهد في هذه الركعة أم أكمل الركعتين وأجلس للسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد إدراك الثالثة من صلاة المغرب أو الرابعة من صلاة العصر، لأن هذه الحالة هي التي يتصور فيها لبس، والحكم فيها أنه إذا قام للقضاء بعد سلام الإمام فإنه يجلس للتشهد في أول ركعة من ركعات القضاء لأنها هي ثانيته هو.
وأما إذا كان مقصوده هو عين ما كتبه في السؤال فالجواب: أنك إذا أدركت الركعة الثالثة مع الإمام في صلاة العصر، فالواجبُ عليك أن تبقى مع الإمام حتى يُسلم، فإذا سلم الإمام، فإنك تقومُ وتقضي ما فاتك من الركعات، وهما في هذه الصورة ركعتان، فتصليهما كما تُصلي الركعة الثالثة والرابعة من العصر، ولا تجلس للتشهد إلا في آخر الصلاة، وذلك لأنك جلست للتشهد الأول في الركعة الثانية لك، والتي كانت الرابعة للإمام، فإذا صليت الركعتين اللتين فاتتاك، جلست للتشهد في آخر صلاتك، وهذا لا إشكال فيه، وانظر الفتوى رقم: 6339.
وهاهنا تنبيه مهم، فالراجحُ أن ما يدركه المأموم مع إمامه هو أول صلاته لا آخرها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 43967.
فإذا أدرك المسبوق الإمام في الركعة الأخيرة، فإنه يجلسُ للتشهد الأول في أولى المقضيات، وهل يقضي ما فاته من قراءة؟ استحب الجمهور أن يقضي المسبوق ما فاته من قراءة في الركعة الأولى والثانية، وإن كان ما يقضيه هو آخر صلاته، ومال الحافظ إلى أنه لا يقضي القراءة، وقال: وهو القياس، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 120040.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(11/7294)
الاستعاذة هل هي في الركعة الأولى فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله في كل ركعة من ركعات الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله في كل ركعة، والحديث الوارد في شأن استعاذته صلى الله عليه وسلم في الصلاة رواه أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: كان إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. وهو ظاهرٌ في أن هذه الاستعاذة في الركعة الأولى من الصلاة، ولم يرد نصٌ صريحٌ يُفيدُ أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ فيما بعدها من الركعات، ومن ها هنا اختلف العلماء القائلون بمشروعية الاستعاذة في الصلاة، وقد فصلنا مذاهبهم في الفتوى رقم: 55599.
ورجح كثيرٌ من العلماء أن الاستعاذة في الصلاة تختصُ بالركعة الأولى، قال ابن القيم في زاد المعاد: وكان إذا نهض افتتح القراءة، ولم يسكت كما كان يسكت عند افتتاح الصلاة، فاختلف الفقهاء: هل هذا موضع استعاذة أم لا؟ بعد اتفاقهم على أنه ليس موضع استفتاح. وفي ذلك قولان هما روايتان عن أحمد، وقد بناهما بعض أصحابه على أن قراءة الصلاة هل هي قراءة واحدة فيكفي فيها استعاذة واحدة، أو قراءة كل ركعة مستقلة برأسها؟ ولا نزاع بينهم أن الاستفتاح لمجموع الصلاة، والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر، للحديث الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة ب: الحمد لله رب العالمين. ولم يسكت وإنما يكفي استعاذة واحدة، لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت، بل تخللهما ذكر، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمد الله، أو تسبيح، أو تهليل، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك. انتهى.
وقال الشوكاني: الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى، فالأحوط: الاقتصار على ما وردت به السنة، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط. انتهى بتصرف.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله:
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في الصلاة سنة. واختلف العلماء -رحمهم الله- هل يستعيذ في كل ركعة، أم في الركعة الأولى فقط، بناء على القراءة في الصلاة: هل هي قراءة واحدة، أم لكل ركعة قراءة منفردة؟ والذي يظهر لي: أن قراءة الصلاة واحدة، فتكون الاستعاذة في أول ركعة، إلا إذا حدث ما يوجب الاستعاذة، كما لو انفتح عليه باب الوساوس، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا انفتح عليه باب الوساوس أن يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/7295)
قبول الصلاة أمره إلى الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تتأكد أن صلاتك صحيحة وربنا تقبلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للصلاة أركاناً وشروطاً بينها أهل العلم في كتب الفقه، واستوفوا الكلام عليها، فإذا حقق العبدُ شروط الصلاة كاملة، وأتى بصفتها على وجهها من غير أن يخل بشيءٍ من أركانها، واطمأن فيها، وأتم قيامها وركوعها وسجودها وخشوعها، فهي صحيحة، ولا تبطل الصلاة إلا إذا ترك العبدُ شيئاً من شروطها، أو أركانها أو فعل مبطلاً من مبطلاتها.
فالواجبُ على المسلم أن يجتهد في تعلم أحكام الصلاة، ويعرف ما يجبُ عليها وما يحرمُ فيها حتى تقع صلاته صحيحةً، وأما القبول بمعنى الإثابة على هذه الصلاة فهذا أمر غيبي، ومن أهم شروط القبول الإخلاص، فقد قال عز وجل: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. {البينة:5} . وقال صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى. متفق عليه.
فليحرص المسلم على أن يكون جميع عمله عامة وصلاته خاصة ابتغاء وجه الله، لا يريدُ بشيء منه رياء ولا سمعة، ولا يطلب محمدة الناس وثناءهم، ثم إن المؤمن الصادق في إيمانه يأتي بالعبادات على وجهها، ثم يكون خائفاً وجلاً أن يُرد عليه عمله بسبب دخيلة شر، أو خبيئة سوء، فهو معلق القلب بربه عز وجل يدعوه أن يتقبل طاعاته، ويتجاوز عن سيئاته وهفواته فهو يحسن الظن بربه، ويسيء الظن بنفسه وعمله، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ. {المؤمنون:60} . وقد سألت عائشة رضي الله عنها عن هذه الآية فقالت: يا رسول الله أهو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر قال: لا يا بنت أبي بكر أو يابنت الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو يخاف أن لا يتقبل منه الله. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وهذا لفظ ابن ماجه، وصححه الألباني وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/7296)
حكم الجهر في الفرض والنفل لزيادة الخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع الصوت عالياً في الصلاة المفروضة أو النافلة إذا كان الشخص يخشع أكثر في رفع الصوت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة الجهر في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء، والجمعة، والعيد، والكسوف، للإمام وللمنفرد على الصحيح، والإسرار فيما سوى ذلك.. قال النووي في شرح المهذب:
فالسنة الجهر في ركعتي الصبح والمغرب والعشاء، وفي صلاة الجمعة، والإسرار في الظهر والعصر، وثالثة المغرب والثالثة والرابعة من العشاء، وهذا كله بإجماع المسلمين مع الأحاديث الصحيحة المتظاهرة على ذلك، هذا حكم الإمام.. وأما المنفرد فيسن له الجهر عندنا وعند الجمهور. انتهى.
وأما النوافل، فقد بين النووي حكم الجهر والإسرار فيها فقال كما في شرح المهذب:
وأما نوافل النهار فيسن فيها الإسرار بلا خلاف، وأما نوافل الليل غير التراويح فقال صاحب التتمة: يجهر فيها، وقال القاضي حسين، وصاحب التهذيب: يتوسط بين الجهر والإسرار، وأما السنن الراتبة مع الفرائض: فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا. انتهى.
وقال ابن قدامة عن صلاة المتهجد:
وهو مخير بين الجهر بالقراءة والإسرار بها، إلا أنه إن كان الجهر أنشط له في القراءة، أو كان بحضرته من يستمع قراءته أو ينتفع بها فالجهر أفضل، وإن كان قريباً منه من يتهجد، أو من يستضر برفع صوته فالإسرار أولى، وإن لم يكن هذا ولا هذا فليفعل ما شاء. انتهى.
وقد روى أبو داود بسند صحيح كما قال النووي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يرفع صوته قليلاً في تهجده وقد كان يخفض صوته، وأمر عمر أن يخفض صوته قليلاً وقد كان يرفعه.
فهذه هي السنة وهي التوسط في ذلك. فينبغي للمسلم أن يتبع السنة ويحرص على العمل بها ما أمكنه، ثم ليُعلم أن تحصيل الخشوع أكمل ما يكون في متابعة السنة، وترك الستة والعدول عنها مما يفوت به الخشوع، لأن أخشع الناس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكمل هيئات الصلاة هي التي كان يحرص عليها صلى الله عليه وسلم.
ولكن من خالف السنة فجهر في موضع الإسرار وأسر في موضع الجهر صحت صلاته، قال النووي في شرح المهذب:
لو جهر في موضع الإسرار أو عكس لم تبطل صلاته ولا سجود سهو فيه، ولكنه ارتكب مكروهاً، هذا مذهبناً وبه قال الأوزاعي وأحمد في أصح الروايتين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(11/7297)
حكم المداومة على قراءة سورة الإخلاص بعد السورة في الأوليين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي في صلاتها تقرأ بعد الفاتحة بسورة، لكنها بعد تلك السورة دائما تقرأ سورة الإخلاص. أولا لأنها تحبها، وثانيا لأنها تخاف أن تكون قد أخطأت في السورة التي تقرأها بعد الفاتحة، كأن تقع في خطأ في التشكيل مثلا. فهل فعلها هذا صحيح. أفيدونا بارك الله فيكم؟
وجزاكم الله خيراً عن الإسلام خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن نرجوا لأمك أن يحبها الله عز وجل كما أحبت سورة قل هو الله أحد، فقد صح: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ (قل هو الله أحد) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن اقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه. متفق عليه.
فختم أمك القراءة بقل هو الله أحد جائز لا حرج فيه لهذا المعنى، ولكن الأولى والأفضل اتباع السنة، والقراءة بما كان يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال العلامة ابن باز رحمه الله:
وإذا قرأ بعض الأحيان في الثانية: قل هو الله أحد، أو قرأها مع غيرها فلا بأس، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن بعض أئمة الأنصار يقرأ: قل هو الله أحد مع قراءتة الأخرى، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: إني اقرأ فيها لأني أحبها لأنها صفة الرحمن وأنا أحبها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: حبك إياها أدخلك الجنة. وفي لفظ قال: أخبروه أن الله يحبه. يعني كما أحبها فإذا قرأها مع غيرها فلا بأس، أو قرأها وحدها بعد الفاتحة فلا بأس، ولكن تحري سنة النبي صلى الله عليه وسلم والسير على منهجه في القراءة أولى وأولى. انتهى من فتاوى نور على الدرب.
وقال ابن قدامة في المغني:
وأما الفريضة فالمستحب أن يقتصر على سورة مع الفاتحة، من غير زيادة عليها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يصلي أكثر صلاته، وأمر معاذاً أن يقرأ في صلاته كذلك، وإن جمع بين سورتين في ركعة ففيه روايتان: إحداهما، يكره، لذلك. والثانية: لا يكره. انتهى.
والصواب عدم الكراهة لحديث صاحب السرية، وإن كان لزوم هدي النبي صلى الله عليه وسلم أولى كما تقدم.. وأما المعنى الثاني والذي تقرأ أمك سورة الإخلاص لأجله، وهو خشيتها من الغلط في قراءة السورة فنحن ننصحها أن تقرأ بما تتثبت منه من السور، ولو كانت القصار كسورة الإخلاص ونحوها، فهذا خير لها من أن تقرأ ما تخشى أن تخطئ فيه، أو أن يقع اللحن في قراءتها فإذا قرأت ما تتثبت من حفظه لم تحتج إلى إعادة قراءة شيء آخر خشية وقوع اللحن.
ثم اعلمي أن الغلط في القراءة بعد الفاتحة من غير تعمد لا أثر له في صحة الصلاة، ولا يوجب إعادة القراءة ولا القراءة بشيء آخر، والقراءة بعد الفاتحة سنة فلو تركت رأساً لم تبطل الصلاة بذلك، وانظري في ذلك الفتويين رقم: 111802، 97830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(11/7298)
حكم تعمد الجهر في الظهر والعصر
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع. سؤالي فقط يا مشايخنا الكرام هو: ما حكم رفع الصوت أثناء قراءة القرآن في صلوات الظهر والعصر والسنن الرواتب، علما أنها تكون صلاة فرد وليست جماعة بحكم دراستي في الخارج. وفقكم الله وأيدكم بتأييده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع لكل مصلٍّ أن يسرَّ بالقراءة في صلاة الظهر والعصر إماما كان أو مأموما أو منفردا، قال الشيرازي في المهذب: ويستحب الإسرار في الظهر والعصر والثالثة من المغرب والأخريين من العشاء لأنه نقل الخلف عن السلف.
وقال ابن قدامة: الجهر في مواضع الجهر، والإسرار في مواضع الإسرار مجمع على استحبابه، ولم يختلف المسلمون في مواضعه، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف. فمن جهر في موضعٍ يُسن الإسرار فيه بالقراءة صحت صلاته، وكان مخالفا للسنة، قال ابن قدامة: فإن جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته.
ومما يدل على أن الصلاة لا تبطل في بالجهر في موضع لإسرار حديث أبي قتادة المتفق عليه في صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر وفيه: ويسمعنا الآية أحيانا.
وذهب بعض العلماء كابن القاسم من المالكية إلى بطلان الصلاة بتعمد الجهر في موضع الإسرار، والصحيح هو مذهب الجمهور لما قدمنا، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 16561 والفتوى رقم: 64503.
وعليه، فالذي ننصحك به هو عدم الجهر في الظهر والعصر امتثالا للسنة وخروجا من خلاف من أبطل الصلاة به، ثم إننا ننصحك بالحرص على صلاة الجماعة، وأن تبحث عن مسجد تقام فيه الجماعة، أو بأن تقيمها مع بعض إخوانك من المسلمين الذين يدرسون معك، ولا تفرط في الجماعة ما أمكنك ذلك، فإن فضل الجماعة عظيم، وهي فرض عين على الراجح من أقوال العلماء، فإن لم تجد من يقيم الجماعة معك فصلٍّ منفرداً ولا جناح عليك، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/7299)
حكم عدم التورك أو الافتراش في جلوس الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم الجلوس جلوسا صحيحا في الصلاة يبطل الصلاة؟
أقصد في سؤالي جلسة التورك أو جلسة الافتراش، لأنني لا أستطيع مثل هذا الجلوس والذي يسبب لي الألم في الصلاة. فهل صلاتي صحيحة لأني لم أجلس هذه الجلسات في صلاتي على الإطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مذاهب العلماء في الهيئة المسنونة في الجلوس للتشهد، وأن الراجح هو مشروعية الافتراش في كل جلوس في الصلاة، إلا في الصلاة ذات التشهدين، فيتورك في التشهد الأخير، وذلك في الفتوى رقم: 35943.
فإذا خالف المصلي هذه الهيئة المسنونة، وجلس على كيفية أخرى فصلاته صحيحة، ويكون قد فاته أجر السنة. قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء بل كيف وجد أجزأه، سواء تورك، أو افترش، أو مد رجليه، أو نصب ركبتيه أو أحدهما أو غير ذلك، لكن السنة التورك في آخر الصلاة والافتراش فيما سواه. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/7300)
لم يستطع الوضوء ولا التيمم فصلى على حاله فهل يعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة الفجر في المنزل من دون أن أتوضأ، وذلك بأني لا أستطيع المشي لأن قدمي مكسورة ولم يكن هناك من يعينني على إيجاد الماء أو التيمم؟ أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال هو ما وصفتَ من عجزك عن الوضوء والتيمم، ولم تكن لك حيلة لتحصيل الماء للوضوء أو التراب للتيمم، فصلاتُك صحيحةٌ إن شاء الله، ولا إعادة عليك، فإن فاقد الطهورين يُصلي حسبَ حاله، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، ودليلُ ما ذكرنا حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيح حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجالاً في طلب القلادة التي أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ذلك فنزلت آية التيمم.
قال الشوكاني: قوله " فصلوا بغير وضوء " استدل بذلك جماعة من المحققين منهم المصنف على وجوب الصلاة عند عدم المطهرين الماء والتراب، وليس في الحديث أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب؛ لأنه لا مطهر سواه ووجه الاستدلال به أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدِِّثين وأكثر أصحاب مالك. اهـ من نيل الأوطار.
وقال ابن القيم رحمه الله: وحالة عدم التراب كحالة عدم مشروعيته ولا فرق، فإنهم صلوا بغير تيمم لعدم مشروعية التيمم حينئذ فهكذا من صلى بغير تيمم لعدم ما يتيمم به فأي فرق بين عدمه في نفسه وعدم مشروعيته، فمقتضى القياس والسنة أن العادم يصلي على حسب حاله، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يعيد، لأنه فعل ما أمر به، فلم يجب عليه الإعادة، كمن ترك القيام والاستقبال والسترة والقراءة لعجزه عن ذلك فهذا موجب النص والقياس. اهـ من حاشية ابن القيم على تهذيب سنن أبي داود.
وفي المسألة أقوالٌ أخرى سوى هذا القول الذي رجحناه، وقد بين ابن قدامة مذاهب العلماء في هذه المسألة، ورجح أن من عدم الطهورين صلى حسب حاله، ولا تلزمه الإعادة ولو وجد الماء في الوقت فقال ما عبارته: وإن عدم بكل حال صلى على حسب حاله. وهذا قول الشافعي، وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يصلي حتى يقدر، ثم يقضي، لأنها عبادة لا تسقط القضاء، فلم تكن واجبة، كصيام الحائض. وقال مالك: لا يصلي ولا يقضي، لأنه عجز عن الطهارة، فلم تجب عليه الصلاة، كالحائض. وقال ابن عبد البر: هذه رواية منكرة عن مالك. وذكر عن أصحابه قولين: أحدهما كقول أبي حنيفة والثاني يصلي على حسب حاله، ويعيد. ولنا ما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أناسا لطلب قلادة أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فنزلت آية التيمم ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا أمرهم بإعادة، فدل على أنها غير واجبة؛ ولأن الطهارة شرط، فلم تؤخر الصلاة عند عدمها، كالسترة واستقبال القبلة. وإذا ثبت هذا، فإذا صلى على حسب حاله، ثم وجد الماء أو التراب، لم يلزمه إعادة الصلاة في إحدى الروايتين، والأخرى عليه الإعادة. وهو مذهب الشافعي لأنه فقد شرط الصلاة، أشبه ما لو صلى بالنجاسة.
والصحيح الأول لما ذكرنا من الخبر، ولأنه أتى بما أمر، فخرج عن عهدته لأنه شرط من شرائط الصلاة فيسقط عند العجز عنه، كسائر شروطها وأركانها، ولأنه أدى فرضه على حسبه، فلم يلزمه الإعادة، كالعاجز عن السترة إذا صلى عريانا، والعاجز عن الاستقبال إذا صلى إلى غيرها، والعاجز عن القيام إذا صلى جالسا. انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: إني طريح الفراش ولا أقوى على الحركة فكيف أقوم بعملية الطهارة لأداء الصلاة وكيف أصلي؟ فأجابت: أولا: بالنسبة للطهارة يجب على المسلم أن يتطهر بالماء، فإن عجز عن استعماله لمرض أو غيره تيمم بتراب طاهر، فإن عجز عن ذلك سقطت الطهارة وصلى حسب حاله، قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقال جل ذكره: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(11/7301)
حكم تأخير المرأة للعشاء حتى تستمع إلى برنامج ديني
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك برنامج ديني في التلفاز وكان موعده مع صلاة العشاء، فهل يجوز لي أن أتاخر عن صلاة العشاء إلى أن ينتهي هذا البرنامج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففعل الصلاة في أول وقتها ليس واجبا، بل الواجب فعلها في أي جزء من أجزاء الوقت لأنه واجب موسع، فمتى فعلت الصلاة في أي جزء من أجزائه برئت الذمة، وانظري الفتوى رقم: 16353.
وعلى هذا فلا حرج عليكِ في تأخير صلاة العشاء لأجل متابعة هذا البرنامج الديني ما دمتِ ستصلينها في وقتها، والذي يمتدُ إلى نصف الليل، وأما ما بعد نصف الليل إلى الفجر فهو وقت جواز عند بعض العلماء، ووقت ضرورة عند بعضهم، وانظري تفصيل القول في وقت صلاة العشاء في الفتوى رقم: 118179.
والمستحبُ في العشاء أن تُصلى في آخر وقت الاختيار، للأحاديث الكثيرة الدالة على ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه. أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال حديث حسن صحيح، وصححه الألباني أيضا.
وهذا الحكم إنما يختص بالمنفرد أو الجماعة الذين لا يتضررون بالتأخير.
قال ابن قدامة في المغني: وإنما يستحب تأخيرها للمنفرد ولجماعة راضين بالتأخير.انتهى.
وهذا الذي ذكرناه من جواز تأخير العشاء في الوقت خاصٌ بمن لا تلزمه الجماعة، كالنساء والمعذورين في تركها من الرجال، وأما من تلزمهم الجماعة من الرجال فلا يجوز لهم ترك الجماعة إلا لعذر شرعي، وليس ما ذكر في السؤال عذراً يبيح للرجال التخلف عن الجماعة، وقد بينا حكم الجماعة وأنها واجبة على الأعيان في فتاوى كثيرة ومنها الفتويبن التاليين: 677، 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(11/7302)
هل يلزم الاستتار بجدار وحكم الاستتار بسلة للقمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اعتدت أن أصلي وأفرش سجادتي في غرفتي، ويكون أمامي بعض الجمادات مثل طاولة الحاسوب وسلة القمامة، فهل يجوز ذلك أم يجب أن يكون أمامي فقط الجدار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم المصلي أن يصلي إلى الجدار، بل يشرع لكل مصل أن يصلي إلى شيء يستره من الناس ويمنع مرور المار بين يديه، ولا يلزم أن تكون هذه السترة جداراً، فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال: مثل مؤخرة الرحل. وقد بين قدر السترة وطولها وذلك في الفتوى رقم: 57303.
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالعنزة وهي عصا قصيرة، أقصر من الرمح لها سنان، وقيل هي الحربة القصيرة - أفاده الحافظ ـ فكان يغرزها في الأرض ويصلي إليها، وكانت هذه سترته غالباً، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء. متفق عليه. وإنما كانت تحمل له العنزة ليستتر بها إذا أراد الصلاة، كما بين ذلك الحافظ في الفتح، قال رحمه الله في أوجه حمل العنزة معه صلى الله عليه وسلم وذكر بعضها ثم قال: أو تحمل لأنه كان إذا استنجي توضأ، وإذا توضأ صلى. وهذا أظهر الأوجه. انتهى.
وبهذا يتبين لك أن صلاتك إلى ما ذكر صحيحة لا كراهة فيها، وأن الطاولة ونحوها يصلح أن تكون سترة للمصلي، لكن ننبهك إلى أن سلة القمامة إذا كانت تحتوي على شيء من النجاسات ظاهر، فإنها لا تتخذ سترة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم الاستتار بالنعال: لا بأس بها، إلا إذا كان فيها شيء بين من نجاسة أو أذى، فلا يتخذها سترة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى أن يبصق أمام وجهه) ، أما إذا كان ليس فيها أذى أو نجاسة تشاهد، فلا حرج أن تتخذ سترة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/7303)
العاجز عن قراءة الفاتحة ماذا يفعل في الركوع والسجود والتشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص لا يستطيع قراءة الفاتحة في الصلاة، فماذا يقول في الركوع والسجود، وهل يلزمه التشهد الأول والثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ما يلزم من عجز عن الفاتحة، وأن عليه أن يقرأ ما يحفظه منها بقدرها، ولو بأن يكرر آية منها سبع مرات، فإن لم يستطع قرأ سبع آيات من غيرها، فإن لم يستطع قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وانظر لذلك الفتوى رقم: 114239.
والذكر في الركوع والسجود سنة عند الجمهور، وواجب عند الحنابلة، ومن عجز عنه فصلاته صحيحة، وأما التشهد فإن من عجز عنه يأتي بما قدر عليه من الذكر من غيره، وإلا قعد بقدر التشهد ثم سلم، قال العبادي رحمه الله في حاشيته على تحفة المحتاج: ولو عجز عن التشهد أتي ببدله كما هو ظاهر. انتهى. وانظر لذلك الفتوى رقم: 96905.
وننبه ها هنا إلى أن تعلم أحكام الصلاة وما لا تصح إلا به واجب على كل مسلم، فمن قصر في التعلم مع قدرته عليه كان مفرطاً مؤاخذاً، وكان معرضاً صلاته للبطلان وعدم القبول. كما ننبه إلى أن ما ذكرناه من التخفيف عن العاجز ورفع الحرج عنه هو من يسر هذه الشريعة وسماحتها وإتيانها بمصالح العباد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/7304)
هل يجهر المنفرد في صلاة الفجر إذا صلاها في بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسالكم عن صلاة الفجر هل تكون جهرية أم سرية في حال أدائها في البيت؟ وهل تغني عن صلاة الصبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي للمسلم هو الحرص على أداء الصلاة جماعة في المسجد وألا يفرط فيها ما أمكنه لما في فعلها فيه من عظيم الثواب، وأما إذا صلى المسلم في بيته، فإن كان يُصلي في جماعة فإنه يجهرُ في الصبح إن كان إماماً، لأنه لا فرق في مشروعية الجهرِ للإمام في صلاة الجماعة، بين المسجد وغيره، وأما إن كان يُصلي منفرداً، فالصحيحُ أنه يُشرع له الجهر كما لو كان إماماً، وقال بعض العلماء يُخيرُ بين الجهر والإسرار، قال ابن قدامة: وهذا الجهر مشروع للإمام، ولا يشرع للمأموم بغير اختلاف.
وأما المنفرد فظاهر كلام أحمد أنه مخير..وقال الشافعي: يسن للمنفرد الجهر، لأنه غير مأمور بالإنصات إلى أحد فأشيه الإمام. انتهى بتصرف.
وقال النووي في شرح المهذب: فَالسُّنَّةُ الْجَهْرُ فِي رَكْعَتِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَالْإِسْرَارُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ الْعِشَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَظَاهِرَةِ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا حُكْمُ الْإِمَامِ. وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسَنُّ لَهُ الْجَهْرُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ، قَالَ الْعَبْدَرِيُّ: هُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ: جَهْرُ الْمُنْفَرِدِ وَإِسْرَارُهُ سَوَاءٌ. دَلِيلُنَا: أَنَّ الْمُنْفَرِدَ كَالْإِمَامِ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْجَهْرِ لِلتَّدَبُّرِ، فَسُنَّ لَهُ الْجَهْرُ كَالْإِمَامِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ تَدَبُّرًا لِقِرَاءَتِهِ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ غَيْرِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى إطَاقَةِ الْقِرَاءَةِ. وَيَجْهَرُ بِهَا لِلتَّدَبُّرِ كَيْفَ شَاءَ. انتهى.
وإن كان مرادك بصلاة الفجر السنة القبلية للصبح، فالسنة عند الجمهور الإسرار فيها بالقراءة سواءٌ صليت في البيت أو في المسجد، قال النووي: وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ مَعَ الْفَرَائِضِ: فَيُسَرُّ بِهَا كُلِّهَا بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا. وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ الْجَهْرَ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ، وَعَنْ الْجُمْهُورِ الْإِسْرَارَ كَمَذْهَبِنَا. انتهى
وأما سؤالك هل تغني صلاة الفجر عن صلاة الصبح فغيرُ واضح، فإن كان مرادكَ بالفجر الرغيبة وبالصبح الفريضة، فإن السنة لا تغني عن الفريضة ولا تقوم مقامها البتة، وانظر الفتوى رقم: 16863
وأما إن كان مرادكَ أن هناكَ صلاتين إحداهما تُسمى الصبح والأخرى تسمى الفجر، فإن الله لم يفرض في اليوم إلا خمس صلوات، ومنها صلاة الصبح وهي أيضاً صلاة الفجر فهما اسمان لصلاة واحدة، وهي التي تؤدى من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، وانظر الفتوى رقم: 29471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/7305)
صلاة الحامل إذا كانت تصدر من بطنها أصوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل في أول السادس، ومنذ حوالي شهرين وأنا عندي انتفاخ دائما من الحمل، ويخرج أصوات دائما حتى وأنا جالسة أو ماشية، وخصوصا عند الركوع والسجود في الصلاة، لكن أنا أتوضى لكل صلاة، فهل هذا صحيح أم ماذا أفعل؟ وماذا أفعل عندما أصلى عند أحد أو في المسجد لأن الأصوات تخرج متكررة ليس صوتا واحدا، وأحيانا يكون الانتفاخ والأصوات بتعب وألم في الجزء السفلى من البطن نتيجة كبر البطن، أيضا فزوجي يقول لي صلي على الكرسي ولا تخفضي رأسك في السجود؛ لأن يدي الاثنتين توجعانني فلا أقدر أحمل عليهما كثيرا، ففي السجود أصلي بسرعة. فماذا أفعل أصلي على الكرسي أم حرام؟ لازم أصلي قائمة (وقوفا وركوعا وسجودا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأصوات التي ذكرتها في السؤال مجرد قرقرة في البطن، لا يصحبها خروج ريح فهذه لا تنقض الوضوء، ولا حكم لها.
وأما إذا كنتِ مصابةً بانفلات الريح كما هو الظاهر، فالواجبُ عليكِ أن تتوضئي لكل صلاة بعد دخول الوقت، فتصلين بذلك الوضوء الفرض وما شئتِ من النوافل، وينتقض وضوؤك بخروج الوقت كصاحب السلس والمستحاضة. وانظري الفتوى رقم: 26572، والفتوى رقم: 36006.
وعلى هذا الاحتمال فما تفعلينه من الوضوء لكل صلاة هو الصحيح، ولا حرج عليكِ في خروج ذلك الريح سواءٌ صليت عند أحد، أو في المسجد فإنكِ معذورة، والله تعالى لا يكلفُ نفساً إلا وسعها، لكن إن كان المصلون في المسجد يتأذون بهذا الريح، فننصحكِ أن تعتزلي المسجد تركاً لأذية المصلين، ولأن صلاتك في بيتك أولى.
قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وفي الحديث المذكور أيضا من الفقه: أن آكل الثوم يبعد من المسجد ويخرج عنه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقرب مسجدنا أو مساجدنا لأنه يؤذينا بريح الثوم وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يُتأذى به، ففي القياس: أن كل ما يتأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب (سليط) اللسان، سفيهاً عليهم في المسجد، مستطيلاً، أو كان ذا ريحة قبيحة لسوء صناعته، أو عاهة مؤذية كالجذام وشبهه وكل ما يتأذى به الناس إذا وجد في أحد جيران المسجد وأرادوا إخراجه عن المسجد وإبعاده عنه كان ذلك لهم، ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول، فإذا زالت كان له مراجعة المسجد. انتهى، وانظري الفتوى رقم: 31302.
وأما كيفية صلاتكِ، فاعلمي أن الواجب على المسلم أن يصلي قائماً، إن قدر على ذلك، فإن لم يستطع صلى قاعداً، فإن لم يستطع صلى على جنب؛ لما رواه البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب.
فإذا قدرتِ على القيام في الصلاة والركوع والسجود فيها، ولو بالاقتصار على القدر المجزئ، والإسراع الذي لا يخل بواجبات الصلاة، فهذا هو الواجبُ عليكِ، وإن شق عليكِ القيام مشقةً ظاهرة جاز لكِ القعود كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 25092.
وإن لم تستطيعي السجود على الأرض أو شق عليكِ ذلك مشقة ظاهرة جاز لكِ الإيماء، وتومئين قدر استطاعتك، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وانظري الفتوى رقم: 4751.
وهذا كله من يسر الشريعة، وسماحتها وإتيانها بما يحقق مصالح العباد، ونسأل الله لكِ الشفاء والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(11/7306)
هل الهوي إلى السجود يكون على اليدين أم الركبتين
[السُّؤَالُ]
ـ[حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)
هل الأمر للوجوب أم الاستحباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث المذكور في صحته خلاف مشهور بين المحدثين؛ لأنه من رواية محمد بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، وقد أعله البخاري شيخ الصناعة بأن محمد بن الحسن لا يتابع عليه ولا يدرى أسمع من أبي الزناد أم لا. وأعل الحديث كذلك الدارقطني وأبو حمزة الكناني وغيرهم. وعلته تفرد محمد بن الحسن به.
ومن صححه من المحدثين أجاب بأن محمد بن الحسن بلدي أبي الزناد وعصريه، فالحديث إذا على شرط مسلم. وبين الفريقين مناقشات طويلة. وعلى تقدير صحة الحديث فإنه لم يقل بوجوب استقبال الأرض باليدين أحد من أهل العلم المعتبرين من الأئمة المتقدمين، بل نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على صحة صلاة من استقبل الأرض بيديه أو ركبتيه، وإنما خلاف الأئمة في الأفضل منهما، فقد سئل رحمه الله عن الصلاة، واتقاء الأرض بوضع ركبتيه قبل يديه، أو يديه قبل ركبتيه؟
فأجاب: أما الصلاة بكليهما، فجائزة باتفاق العلماء. إن شاء المصلي، يضع ركبتيه قبل يديه. وإن شاء وضع يديه ثم ركبتيه. وصلاته صحيحة في الحالتين باتفاق العلماء. ولكن تنازعوا في الأفضل.
فقيل: الأول كما هو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين.
وقيل: الثاني، كما هو مذهب مالك، وأحمد في الرواية الأخرى. وقد روي بكل منهما حديث في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم. ففي السنن عنه: أنه كان إذا صلى وضع ركبتيه ثم يديه، وإذا رفع رفع يديه ثم ركبتيه.
وفي سنن أبي داود وغيره أنه قال: إذا سجد أحدكم، فلا يبرك بروك الجمل، ولكن يضع يديه ثم ركبتيه. وقد روي ضد ذلك، وقيل: إنه منسوخ. انتهى من مجموع الفتاوى.
وشذ أبو محمد بن حزم فأوجب استقبال الأرض باليدين وهو محجوج بالإجماع على خلاف ما ذهب إليه. وقد ذهب المالكية والأوزاعي وبعض أهل الحديث إلى استحباب استقبال الأرض باليدين عند الهوي إلى السجود عملا بظاهر هذا الحديث، وخالفهم الجمهور فذهبوا إلى مشروعية استقبال الأرض بالركبتين استدلالا بحديث وائل ابن حجر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه. أخرجه الأربعة. وبالغ ابن القيم في نصر مذهب الجمهور والاستدلال له وتضعيف القول الأول في زاد المعاد. وبالجملة فالمسألة من مسائل الخلاف السائغ والتي لا ينبغي التشديد فيها ولا الإنكار، بل الخلاف فيها كما ذكرنا إنما هو في الأولى والأفضل. وقد جاء عن عمر وابن مسعود استقبال الأرض بالركبتين، وعن ابن عمر استقبال الأرض باليدين. فالأمر واسع كما ذكرنا، وقد رجحنا القول باستحباب استقبال الأرض باليدين في الفتوى رقم: 5982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/7307)
هل يجهر بكتبيرات الانتقال في صلاتي الظهر والعصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أجهر فى التكبير، وـ سمع الله لمن حمده؛ ربنا ولك الحمد. أثناء صلاة الظهر والعصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع لك إذا كنت إماماً أن تجهر بتكبيرة الإحرام، وتكبيرات الانتقال، وبقول سمع الله لمن حمده، لأجل إسماع المأمومين، وأما قول: ربنا لك الحمد. فلا يُشرع الجهر به.
وأما إذا كنت مأموماً أو منفرداً فلا يشرعُ لكَ الجهر بشيءٍ من التكبيرات، وعند المالكية أنه يُشرع لك الجهر بتكبيرة الإحرام دون غيرها، وقد بينا هذه الأحكام مفصلة، وذكرنا أقوال أهل العلم فيها في فتاوى كثيرة، وانظر منها الفتوى رقم: 23768، والفتوى رقم: 55922، والفتوى رقم: 116301.
ولا فرق في هذا بين صلاتي الظهر والعصر وبين غيرهما من الصلوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(11/7308)
هل للمرأة أن تصلي جالسة بسبب بكاء رضيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وأنا جالسة بسبب بكاء رضيعي الشديد وارتفاع حرارته وأحمله أثناء صلاتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أن القيام ركن من أركان صلاة الفريضة، وعلى أن القعود لا يجوز فيها إلا لمن لا يستطيع القيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنه: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا. أخرجه البخاري.
فما ذكرته ليس بعذر مقبول البتة يبيح لك الصلاة من قعود مع القدرة على القيام في الفريضة، ويمكنك أن تصلي في الوقت الذي ينام فيه رضيعك أو توكلي أحدا بحمله وتعاهده حتى تفرغي من صلاتك، فإن لم تتمكني فيمكنك أن تخففي في الصلاة بحيث لا تخلين بشيء من أركانها، وذلك لا يستغرق زمنا يتضرر به رضيعك نسأل الله له العافية.
وأما في النافلة فيجوز لك الجلوس مع القدرة على القيام ولك نصف أجر القائم كما ثبت في الحديث، وانظري الفتوى رقم: 70890، والفتوى رقم: 107394.
كما يجوز لك حمل رضيعك إذا قمت في الصلاة إذا علمت طهارة ثيابه كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 60917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(11/7309)
التبسم والضحك عند سماع القرآن فرحا بنصر الله لأوليائه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا عندما أقرأ القران أضحك أو أتبسم على قصص السفهاء والكفار وسخرية الله منهم وفرحا على انتصار الحق على الباطل وسرورا لأحوال المؤمنين الفائزين. فهل هذا يجوز أم أنه من قلة التأدب مع القرأن وآيات الله؟ وهل يعتبر من عدم الخشوع, خصوصا إذا كان في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبسم أو الضحك فرحا بنصر الله تعالى لأوليائه وإهلاك أعدائه لا حرج فيه خارج الصلاة، لأن الفرح بنصر الله للمؤمنين وإهلاك أعدائه وبالمنح الربانية مشروع لقوله تعالى في انتصار الروم على الفرس: الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {الروم: 1-4} ولقوله: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ {يونس: 58} .
وفي صحيح مسلم عن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ، ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي فيقول ما تدري ما أحدثت بعدك.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان أنها قالت: نام رسول الله يوما قريبا مني ثم استيقظ يتبسم قالت: فقلت يا رسول الله ما أضحكك؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي يركبون ظهر هذا البحر الأخضر.
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنه دعا بماء فتوضأ ثم ضحك فقال لأصحابه: ألا تسألوني ما أضحكني فقالوا ما أضحكك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ كما توضأت ثم ضحك فقال: ألا تسألوني ما أضحكك، فقالوا ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: إن العبد إذا دعا بوضوء فغسل وجهه حط الله عنه كل خطيئة أصابها بوجهه، فإذا غسل ذراعيه كان كذلك، وإذا طهر قدميه كان كذلك. رواه أحمد بإسناد جيد وأبو يعلى، ورواه البزار بإسناد صحيح. وزاد فيه: فإذا مسح رأسه كان كذلك، كذا قال المنذري في الترغيب والحديث صححه الألباني.
وأما التبسم في الصلاة فهو مكروه عند أهل العلم إن لم يكثر وتبطل الصلاة إذا حصلت القهقهة كما بيناه في الفتوى رقم: 72694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(11/7310)
الصلاة الباطلة لا تجبر إذا أعيدت إلا بصلاة صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يوجب إعادة الصلاة، وإذا صلى الإنسان ثم أعاد الصلاة وأخطأ فهل تقبل الأولى أم يعيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح لكننا نقول إن إعادة الصلاة من غير سبب يقتضي إعادتها ممّا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: لا تعاد الصلاة في يوم مرتين. أخرجه النسائي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وصححه الألباني.
وأما إذا أعاد الصلاة الأولى لكونها بطلت بأن أحدث فيها أو تكلم عامدا أو فعل فيها ما يبطلها فهذا هو الواجب عليه إذ ذمته لم تزل مشغولة بالصلاة ويمكنك أن تراجع في مبطلات الصلاة فتوانا رقم: 6403 , فإذا أبطل الثانية أيضا بنحو ما تقدّم وجب عليه إعادتها كذلك حتى يفعلها صحيحة، ولا تقوم الأولى مقامها إذا كانت قد وقعت باطلة، فالصلاة الباطلة لا تجبرها الصلاة الباطلة، وإنما تجبر بالصلاة الصحيحة.
وإذا كان مرادك غير ما فهمناه من السؤال فأعد إرساله إلينا بلغة واضحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/7311)
حكم صلاة الحاقن
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أكون في بعض المجالس وعندما يحين وقت الصلاة أريد أن أذهب للطهارة والوضوء، ولكن لا أستطيع ذلك، لأن مكان المرافق قريب جدا من الغرفة ويسمعون الأصوات (أصوات الذي يخرج من الإنسان أثناء الطهارة في المرافق الصحية) ولا أستطيع ترك المكان لأنني أذهب إليه لأسباب ضرورية جدا، وإذا قمت بالطهارة كما أريد قد أتعرض إلى موقف محرج لا يسهل تحمله، فماذا علي أن أفعل، هل أقوم بأداء الصلاة بمجرد الوضوء دون الذهاب إلى المرافق الصحية، وبعدها أقوم بإعادة الصلاة في وقت مناسب؟ أو ماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حضرت الصلاة وأنت غيرُ حاقن - أي لا تدافع الأخبثين البول والغائط - جاز لك أن تتوضأ وتصلي، ولا تُعيد تلك الصلاة، فإن دخول الخلاء قبل الوضوء لا يجب، كما أن الاستنجاء لا يجبُ إلا لإزالة النجاسة. وانظر الفتوى رقم: 2562، وأما إذا كنت حاقناً عند حضور وقت الصلاة، فالذي يجب عليك هو أن تقضي حاجتك، ثم تتوضأ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان. أخرجه مسلم، فإن صليت والحالُ هذه فصلاتك صحيحة، ولا تلزمك إعادتها عند الجمهور خلافاً للظاهرية، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز للمصلي أن يدخل في الصلاة وهو يدافع الغائط أو البول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. أخرجه مسلم في صحيحه، والحكمة في ذلك والله أعلم أن ذلك يمنع الخشوع في الصلاة، لكن لو صلى وهو كذلك فإن صلاته صحيحة، لكنها ناقصة غير كاملة للحديث المذكور ولا إعادة عليه. وأما إذا دخلت في الصلاة وأنت غير مدافع للأخبثين، وإنما حصلت المدافعة أثناء الصلاة، فإن الصلاة صحيحة ولا كراهة، إذا لم تمنعك هذه المدافعة من إتمام الصلاة. انتهى.
مع التنبه إلى أن شهود الجماعةِ مما يجبُ عليكَ إذا كنت تسمعُ النداء لقوله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يُجب فلا صلاة له إلا من عذر. رواه أبو داود وابن ماجه. واعلم أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لا يجوز، وليس ما ذكرته بمسوغٍ لترك أداء الصلاة في وقتها، فقد قال الله عز وجل: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103} فإذا خشيت خروج الوقت وأنت حاقن وجب عليك أن تقضي حاجتك وتتوضأ وتصلي، ولا يجوز لك أن تُخرج الصلاة عن وقتها، وأما إذا كان وقت الصلاة متسعاً وبك حاجةٌ إلى قضاء حاجتك أمكنكَ أن تؤخر الصلاة ما دمتَ لا تخرجها عن الوقت ولا يفوت عليك تأخيرها صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(11/7312)
حكم صلاة الحاقن
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أكون في بعض المجالس وعندما يحين وقت الصلاة أريد أن أذهب للطهارة والوضوء، ولكن لا أستطيع ذلك، لأن مكان المرافق قريب جدا من الغرفة ويسمعون الأصوات (أصوات الذي يخرج من الإنسان أثناء الطهارة في المرافق الصحية) ولا أستطيع ترك المكان لأنني أذهب إليه لأسباب ضرورية جدا، وإذا قمت بالطهارة كما أريد قد أتعرض إلى موقف محرج لا يسهل تحمله، فماذا علي أن أفعل، هل أقوم بأداء الصلاة بمجرد الوضوء دون الذهاب إلى المرافق الصحية، وبعدها أقوم بإعادة الصلاة في وقت مناسب؟ أو ماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حضرت الصلاة وأنت غيرُ حاقن - أي لا تدافع الأخبثين البول والغائط - جاز لك أن تتوضأ وتصلي، ولا تُعيد تلك الصلاة، فإن دخول الخلاء قبل الوضوء لا يجب، كما أن الاستنجاء لا يجبُ إلا لإزالة النجاسة. وانظر الفتوى رقم: 2562، وأما إذا كنت حاقناً عند حضور وقت الصلاة، فالذي يجب عليك هو أن تقضي حاجتك، ثم تتوضأ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان. أخرجه مسلم، فإن صليت والحالُ هذه فصلاتك صحيحة، ولا تلزمك إعادتها عند الجمهور خلافاً للظاهرية، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز للمصلي أن يدخل في الصلاة وهو يدافع الغائط أو البول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. أخرجه مسلم في صحيحه، والحكمة في ذلك والله أعلم أن ذلك يمنع الخشوع في الصلاة، لكن لو صلى وهو كذلك فإن صلاته صحيحة، لكنها ناقصة غير كاملة للحديث المذكور ولا إعادة عليه. وأما إذا دخلت في الصلاة وأنت غير مدافع للأخبثين، وإنما حصلت المدافعة أثناء الصلاة، فإن الصلاة صحيحة ولا كراهة، إذا لم تمنعك هذه المدافعة من إتمام الصلاة. انتهى.
مع التنبه إلى أن شهود الجماعةِ مما يجبُ عليكَ إذا كنت تسمعُ النداء لقوله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يُجب فلا صلاة له إلا من عذر. رواه أبو داود وابن ماجه. واعلم أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لا يجوز، وليس ما ذكرته بمسوغٍ لترك أداء الصلاة في وقتها، فقد قال الله عز وجل: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103} فإذا خشيت خروج الوقت وأنت حاقن وجب عليك أن تقضي حاجتك وتتوضأ وتصلي، ولا يجوز لك أن تُخرج الصلاة عن وقتها، وأما إذا كان وقت الصلاة متسعاً وبك حاجةٌ إلى قضاء حاجتك أمكنكَ أن تؤخر الصلاة ما دمتَ لا تخرجها عن الوقت ولا يفوت عليك تأخيرها صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(11/7313)
أبوهم يصلي في البيت قاعدا بلا عذر ويطعن في الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[في بادئ الأمر أحب أن أشكركم على مجهودكم وجزاكم الله خيرا.
المشكلة يا سيدي أن أبي تجاوز الستين من عمره 65 وهو يصلي في المنزل ويصلى وهو جالس جميع الفروض وإحساسي أنه يصلى بغير خشوع ويستمع إلى القرآن ولا يقرؤه ولا يصلي في المسجد إلا الجمعة فقط وقد تكلمت معه قبل ذلك بلطف عن صلاة الجماعة وفضلها وعن الصلاة في المسجد وعن قراءة القرأن ولكن لا يستجيب وهو لا يعمل منذ سن الأربعين تقريبا لخروجه بمعاش مبكر وهو بصحة جيدة والحمد لله فكل هذه السنوات كما هو لا جديد وحيث إنه في المنزل طوال الوقت يتكلم أمامنا عن الناس أو الجيران في صفاتهم وحياتهم هذا يسرق وهذا يفعل كذا وهذا يفعل كذا ونحن يا سيدي لا نريد أن يغضب علينا الله سبحانه وتعالى وأن يكون علينا وزر من كلامه في حق الناس. فماذا أفعل معه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقع والدك – عفا الله عنه وغفر له – في جملة من المخالفات الشرعية، والتي نجملها فيما يلي:
1- صلاة الفريضة قاعدا مع كونه يتمتع بصحة جيدة ويقدر على القيام وهذه الصلاة باطلة، لأن القيام في صلاة الفرض ركن لا بد منه، ولا يجوز لأحد أن يصلي قاعدا إلا عند عجزه عن القيام، أو في حال كون القيام يشق عليه مشقة شديدة بحيث يذهب خشوعه بسبب مكابدته لذلك، وكذا لو كان القيام يزيد في مرضه، أما من يستطيع القيام لمصالحه الدنيوية، فيلزمه أن يصلي قائما ولا يجوز له القعود،.
قال النووي رحمه الله: وأما الفرض فإن صلاه قاعدا مع قدرته على القيام لم يصح فلا يكون فيه ثواب بل يأثم به قال أصحابنا (الشافعية) : وان استحله كفر وجرت عليه أحكام المرتدين كما لو استحل الزنى والربا أو غيره من المحرمات الشائعة التحريم. انتهى.
وأما بالنسبة لما مضى من هذه الصلوات فإن كان أبوك جاهلا بهذا الحكم فلا إعادة عليه على الراجح من أقوال أهل العلم، أما إن كان عالما وتعمد المخالفة فإنه مع ما لحقه من إثم تلزمه الإعادة وتراجع الفتوى رقم: 104802.
2- ترك الصلاة في جماعة, وقد سبق لنا أن بينا أن الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة واجبة، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1798، 42038، 1415.
3- ما يكون منه من حديث عن الناس والطعن فيهم وذكر عيوبهم ومساوئهم، وهذه هي الغيبة المحرمة بإجماع المسلمين بل هي كبيرة من الكبائر، وقد بينا حكم الغيبة وكيفية التوبة منها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12890، 66515، 6710.
فالواجب عليكم هو دوام النصح لوالدكم نسأل الله أن يهديه وأن يوفقه للتوبة، ثم إذا جلستم معه فتناول بعض الناس بالغيبة والطعن فعليكم أن تذكروه بحرمة ذلك بأسلوب لين رفيق، فإن أصر على ذلك فعليكم أن تقوموا من مجلسه حتى لا تكونوا شركاء له في الإثم بالاستماع إليه، فإن الغيبة كما حرم النطق بها حرم الاستماع إليها.
فإن فعلتم ذلك ونصحتموه ودعوتم له بالهداية والتوفيق، فقد برئتم من فعله وليس عليكم من وزره شيئا، فإنه قد تقرر في دين الله أنه لا تزور وازرة وزر أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/7314)
تشعر بالدوار حال القيام إذا صلت في المسجد فما الحل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت بالحرم أو بالمسجد في الصلاة أصاب بدوخة ولا أقدر أن أكمل الصلاة وأنا واقفة وشفايفي تصير بيضاء وإذا استمعت للتلاوة عيوني (تزغلل) ولا أستطيع أن أتابع السماع للقرآن، أرجو إفادتي بالحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء والعافية، وننصحك بمراجعة الأطباء لعلهم يرشدونك إلى ما تحصل لك به العافية في هذا الداء مع الاستعانة بالدعاء واللجوء إلى الله عز وجل واستعمال الرقى النافعة والتداوي بالقرآن العظيم فإن في ذلك الشفاء بإذن الله.
وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1796، 4678، 13449.
وجاهدي نفسك في تلاوة القرآن وسماعه ولا تستسلمي لوسوسة الشيطان وكيده، فإن من جاهد نفسه أعانه الله عز وجل مصداقا لقوله الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} .
وإذا عجزت عن الصلاة قائمة وشق عليك مواصلتها من قيام فأتميها قاعدة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا أخرجه البخاري.
نسأل الله أن يرفع البلاء عن المبتلين من المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(11/7315)
هل للعطر ومزيل العرق وماء التواليت أثر على صلاة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث بأن المرأة المتعطرة لا تقبل صلاتها، وهل هذا يسري على مزيل رائحة العرق وماء التواليت، أنا سيدة أعمل لفترات طويلة وأريد الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة ... وهذا الحديث مختلف في صحته، لأن فيه عاصم بن عبيد الله، ضعفه ابن معين وقال البخاري: منكر الحديث، والحديث رواه البيهقي وابن خزيمة أيضا، وبوب عليه بابا فقال: باب إيجاب الغسل على المتطيبة للخروج إلى المسجد ونفي قبول صلاتها إن صلت قبل أن تغتسل.. وكذا الحديث صححه الألباني، وقد قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح الحديث: ولو صح فإنه يحمل على أن ذلك عقوبة لها بمعني: أنها لا تثاب على تلك الصلاة التي صلتها وأنها تحرم أجرها وثوابها، وهي إنما جاءت من أجل أن تحصل الثواب فحصلت الإثم، وفات عليها تحصيل الأجر على تلك الصلاة التي صلتها. وقد ذكرنا فيما مضى أنه لا يلزم من كون الصلاة لا تقبل، أن الذي وصف بأن صلاته لا تقبل يعيدها، وإنما هذا فيه بيان حرمانه من الثواب بسبب هذا الذنب الذي ارتكبه واقترفه. انتهى.
وإذا كان هذا العطر المستخدم فيه شيء من الكحول، فإن الكحول نجسة في قول جمهور أهل العلم، ولا تصح الصلاة بالعطر الذي فيه الكحول، سواء كان رجلا أو امرأة، في المسجد أو في البيت، ولا شك أن تبرج المرأة أو تعطرها بحيث يراها أو يشمها الرجال الأجانب يعتبر معصية عظيمة، ويخشى عليها بطلان صلاتها، ومزيل العرق إذا كان معطرا فيأخذ حكم العطر، فتمنع المرأة منه عند خروجها من بيتها، ولم يتبين لنا المقصود بـ (ماء التواليت) وإن كان المقصود به عطر يستخدم في اليد بعد الاستنجاء فهو كذلك تمنع المرأة منه إذا كان مظنة أن يشمه الرجال الأجانب، وانظري للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 15377، 76905، 2892، 67978 وكلها حول تعطر المرأة وصلاتها، وكذلك الفتوى رقم: 105835، حول الضوابط الشرعية لخروج المرأة للعمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(11/7316)
حكم تشغيل شريط أدعية أثناء الصلاة لتحقيق الخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على المجهود الكبير للرد على أسئلة جميع الأعضاء.
سؤالي: أنا عندي مشكلة في السرحان أثناء الصلاة، فهل يجوز أن أشغل شريطا به دعاء بصوت منخفض، بحيث لو سرحت فى الصلاة أسرح في الدعاء، فهذا يشجعني أني سرعان ما أستعيد تركيزي في الصلاة مرة ثانية، لأن الدعاء الذي أسمعه به كلام الله ويحسسني بالخشوع. أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه. فدل هذا الحديث على أن المصلي لا ينبغي له أن يشتغل بغير الصلاة، ودعوى أن تشغيل شريط يعين على التركيز في الصلاة دعوى غير مسلمة، بل هو يعين على التركيز في الشريط لا في الصلاة، فهو مشوش خارجي ومكدر إضافي يزيد على ما تعاني منه من الشرود في أثنائها، فهذا ليس بعلاج إذن بل تزيد به الداء داء، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألهته خميصة لها أعلام، وألهته تصاوير جعلت في القرام، وهذا كله ثابت في الصحيح، فكيف يأتي المسلم بما هو أكبر من ذلك بكثير فيشوش به على نفسه، ويبتعد به عن الخشوع أكثر فأكثر، بل ينبغي للمسلم إذا كان يريد السلامة حقا، وأن تكون صلاته مقبولة أن يجاهد نفسه على تحصيل الخشوع في الصلاة مستعينا بالأسباب والوسائل التي شرعها الله وأمر بها، فيصلي في مكان هادئ ليس فيه تصاوير، ويقبل بقلبه على صلاته، متفكرا في أذكارها متدبرا لما يتلوه من القرآن، مستحضرا عظمة ربه عز وجل، متبعا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية الصلاة، ويجتهد مع ذلك في الدعاء أن يرزقه الله الخشوع، فإن القلوب يقلبها الله كيف يشاء.
وإذا دخل في صلاته فعليه أن يلقي الدنيا وراء ظهره، فلا يفكر فيها، ولا يأبه لأشغالها، فإن الفكر في الدنيا وأحوالها من أعظم ما يلهي عن الصلاة، فإذا فعل المسلم هذا، وداوم عليه فإن الله لن يخيبه ولن يحبط سعيه فإنه عز وجل يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} .
نسأل الله أن يرزقنا وإياك الخشوع في الصلاة.
وللمزيد انظري الفتويين رقم: 9525، 3087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(11/7317)
يخطئ في التشهد ثم يصلح خطأه فما حكم صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صلاتي وبالضبط عند التشهد أخطئ في صيغة التشهد، ولكني أتذكر وأصحح خطئي في نفس التشهد، فهل هذا يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الخطأ في قراءة التشهد لا تبطلُ به الصلاة طالما أنك تعودُ فتصلحه، ولست مؤاخذاً على وقوع الخطأ منك، لقوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا.. {البقرة:286} ، وقال الله في جوابها: قد فعلت. أخرجه مسلم.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 53037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(11/7318)
كيف يصلي السجين الذي قيدت يداه ورجلاه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سجن شخص وتم تقييد يديه إلى الخلف وتم تقييد رجلييه من طرف سجانيه ورفضوا نزع قيده وقت الصلاة، فكيف يصلي وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تسقط الصلاة عن الشخص ما دام إدراكه وعقله باقيين ويصلي على الهيئة التي يمكنه بها أداء الفرض: قائما أو قاعدا أو على جنب أو مستقليا يومئ إيماء حسب قدرته، فإن لم يستطع الإيماء كفاه إجراء أفعال الصلاة على قلبه لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري.
وهذا عام لكل صاحب عذر ومنهم السجين الذي سبقت صفته في السؤال، فما قدر عليه فعله وما عجز عنه سقط.
كما أنه يعذر في عدم الطهارة إن عجز عنها، وله أن يصلي بالتيمم إن عجز عن طهارة الماء بنفسه أو بمن يوضئه فإن عجز عن التيمم صلى على الحالة التي هو بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/7319)
حكم الصلاة بحضرة الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني والحمد لله ربي هداني إلى الصراط المستقيم. مشكلتي أني أشتغل في شركة يهودية ولا يوجد مكان أصلي فيه سوى الغرفة التي أعمل بها ويوجد فيها أشخاص يهود. بإذن الله سوف أطلب منهم أن يتركوا الغرفة كل يوم لربع ساعة وقت أذان الظهر لكي أستطيع أن أصلي الظهر، سؤالي هل أستطيع أن أجمع العصر مع الظهر لأني لا أستطيع أن أطلب منهم أن يتركوا الغرفة مرة أخرى وقت أذان العصر. أود أن أنبه أني والحمد لله متزوج وعندي 2 أولاد وأيضا أنفق على أبي وأمي. والحمد لله ابتليت بإعاقه في جسدي الذي يمنع مني أن أترك هذا العمل لأنه مناسب لحالتي.وأيضا أبعد عن العمل الذي أشتغل فيه مسافة 74 كم فهل أستطيع أن أجمع أم هنالك حل آخر.
الرجاء الرد السريع لأني في حيرة والرجاء الدعاء لي ولأهلي بالهداية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمعُ بين الصلاتين لا نراه جائزاً لك لأن المسافة التي ذكرتها لا تبلغُ حد السفرِ المبيح للقصر والجمع عند الجمهور، والذي نفهمه من السؤال أنكَ تضطر لإخراجهم من مكان العمل حال الصلاة مما يفيد أنك تتحرج من الصلاة أمامهم، فإن كان كذلك فاعلم أنه لا بأس عليك من الصلاة بحضرتهم، فيمكنكَ أن تؤدي صلاتكَ في وقتها وإن كان هؤلاء الكفار معكَ في الغرفة فإنه لا يوجد مانع شرعي يمنع من الصلاة بحضرة الكفار، وقد كانت وفود المشركين تأتي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيكلمونه ويسألونه، ولم يكن يمتنع من الصلاة بحضرتهم.
فإذا عجزتَ عن هذا فيمكنكَ أن تخرجَ أنت من مكان العمل وتبحث عن مكانٍ يتسنى لك الصلاة فيه، والأمر يسيرٌ إن شاء الله، والأرض كلها مسجد كما ورد بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وننصحك أن تجتهد في البحث عن عملٍ لا تخالط فيه هؤلاء الظالمين لأنفسهم فإن مخالطتهم تقسي القلب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/7320)
من لم يقدر على القيام في الصلاة إلا معتمدا على جدار أو عصا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عجز المصلي عن طول القيام في الصلاة فهل الأفضل له أن يتكئ على جدار أو أن يجلس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القيام في الفريضة واجب بإجماع العلماء ولا يجوز الجلوس إلا لمن شق عليه القيام، فإن لم يقدر على القيام إلا معتمداً على جدارٍ أو نحوه وجب عليه القيام ولم يجز له الجلوس لأنه حينئذ يسمى قائماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين كما ثبت في الصحيح: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً.
قال ابن قدامة: وإن قدر على القيام، بأن يتكئ على عصا، أو يستند إلى حائط، أو يعتمد على أحد جانبيه لزمه، لأنه قادر على القيام من غير ضرر فلزمه كما لو قدر بغير هذه الأشياء. انتهى من المغني.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ويجب القيام ولو معتمداً، فلو قال قائل: أنا لو قمت معتمداً على عصا أو على عمود، أو على جدار أمكن ذلك، وإن لم أعتمد لم أستطع فلا تقلني رجلاي؟ فنقول: يجب عليك القيام ولو معتمداً، لعموم الأدلة. انتهى.
وأما النافلة فيجوز القعود فيها ولو مع القدرة على القيام، وله نصف أجر القائم، وإن قدر على القيام معتمداً فهو أولى وأكثر في ثوابه كما نص على ذلك العلماء.
وقد بين القاضي عياض في شرح مسلم أقوال العلماء في هذه المسألة فقال كما نقله عنه النووي في شرح المهذب: اختلف السلف في جواز التعلق بالحبال ونحوها في صلاة النفل لطولها فنهى عنه أبو بكر الصديق وحذيفة رضي الله عنهما، ورخص فيه آخرون. قال: وأما الاتكاء على العصا فجائز في النوافل باتفاقهم إلا ما حكي عن ابن سيرين من كراهته، وقال مجاهد: ينقص من أجره بقدره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(11/7321)
سنة الفجر وصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم إخواني من فضلكم تفصيلا عن صلاة الفجر والصبح معا.
يعني قبل أن أقوم بصلاة الفجر ومباشرة بعدها أقوم بصلاة الصبح أم أقوم بتأخير الصبح قليلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن هناك صلاتين في وقت الفجر الأولى منهما سنة الفجر والثانية صلاة الفجر الفريضة، فإذا دخل وقت الفجر تصلي سنة الفجر ركعتين، ويستحب أن تقرأ فيهما سورة بعد الفاتحة فتقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة قل يا أيها الكافرون، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة قل هو الله أحد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على هذه السنة طيلة حياته حتى في السفر، وأخبر أنهما خير من الدنيا وما فيها، ثم بعد أداء السنة تقيم الصلاة وتصلي الفريضة ركعتين تجهر فيهما بالقراءة، وهذه الصلاة الفريضة أحب إلى الله تعالى من السنة التي قبلها، وهي إحدى الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة، ولك أن تصلي الفريضة بعد سنة الفجر مباشرة، ولك أن تؤخرها عنها قليلا، والمهم أن لا تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/7322)
النهي عن وصل الصلاة بالصلاة هل يشمل النافلة مع النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يتبع الرجل صلاة الفرض بصلاة النافلة حتى يغير مكانه أو يتحدث فهل ذلك ينطبق على إتباع صلاة النافلة بالنافلة أيضا أي يجب بين كل نافلتين أن أغير مكاني أو أتكلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم من حديثِ أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن توصل صلاةٌ بصلاة حتى يتكلم أو يخرج.
وفي سننِ أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله. يعني: السبحة.
فدلَ الحديثان على مشروعيةِ الفصلِ بين الفريضة والنافلة، وقد حمل عامة العلماء هذا الحكم على الاستحباب.
ونصوص كثيرٌ من العلماء تدل على أن هذا الحكم خاصٌ بالفريضة والنافلة فلا يصل النافلة بالفريضة بل يستحب أن يفصل بينهما، وعلل ذلك بعضهم بخشية التباس النافلة بالفريضة وأن يُزاد في الفريضة ما ليس منها، ويؤيد ذلك حديثٌ ورد في المسند من قول عمر وأقر النبي صلى الله عليه وسلم فيه أن سبب هلاك أهل الكتاب هو عدم فصلهم بين الفرض والتطوع.
قال شيخُ الإسلام رحمه الله: والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة وغيرها، كما ثبت عنه في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام، فلا يفعل ما يفعله كثير من الناس يصل السلام بركعتي السنة، فإن هذا ركوب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، ولهذا استحب تعجيل الفطور، وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، ونهي عن استقبال رمضان بيوم أو يومين، فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام وغير المأمور به، والفصل بين العبادة وغيرها، وهكذا تتمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها. انتهى.
ومن العلماء من ذهب إلى أن هذا الحكم عام فيشمل النافلة والنافلة فيفصل بينهما بكلامٍ أو خروج، ويؤيده العلة التي عللوا بها وهي تكثيرُ مواضع السجود حتى تشهد له يوم القيامة.
قال الشوكاني رحمه الله: والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة كما قال البخاري والبغوي لأن مواضع السجود تشهد له، كما في قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا، أي تخبر بما عمل عليها، وورد في تفسير قوله تعالى: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْض. أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، وهذه العلة تقتضي أيضاً أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله، وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام، لحديث النهي عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم المصلي أو يخرج، أخرجه مسلم وأبو داود. انتهى.
ولا يخفى ما في هذا القول من الاتجاه والعمل بالعموم، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(11/7323)
حكم التأفف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يتأفف في الصلاة من رائحة أو شخص بجانبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأفف كما في لسان العرب هو أن يقول أفّ من كرب أو ضجر، ولا يجوز للمصلي أن يشتغل بالتأفف أو النفخ عن الخشوع في الصلاة، فإن تأفف المصلي فقد بان منه حرفان وبطلت صلاته عند كثير من العلماء، لأن هذا في حكم الكلام، ولم تبطل عند آخرين.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف:.. أو نفخ فبان حرفان، فهو كالكلام، وهذا المذهب وعليه الأصحاب، واختار الشيخ تقي الدين: أن النفخ ليس كالكلام، ولو بان حرفان فأكثر، فلا تبطل الصلاة به، وهو رواية عن الإمام أحمد ... انتهى.
وقال السمرقندي الحنفي في تحفة الفقهاء حول النفخ في الصلاة: قال أبو حنيفة ومحمد تفسد صلاته أراد به التأفف أو لم يرد وكان أبو يوسف يقول أولاً إن أراد به التأفف يعني أن يقول أف أو تف على وجه الكراهة للشيء والتبعيد على وجه الاستخفاف تفسد صلاته وإن لم يرد به التأفف لا تفسد ثم رجع وقال لا تفسد صلاته لأنه ليس بكلام في عرف الناس بل هو بمنزلة السعال والتنحنح والصحيح قولهما لأن الكلام في العرف حروف منظومة مسموعة وأدنى ما يقع به انتظام الحروف حرفان وقد وجد ... انتهى.
ولا شك أن على المصلي أن يبتعد عن كل ما قد يفسد صلاته، فإن تأفف فالأحوط له أن يعيدها، وانظر للفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72694، 109499، 29061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(11/7324)
حكم الإفراط في مد كلمة آمين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مد كلمة آمين بعد سورة الفاتحة في الصلاة لأكثر من 6 حركات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول آمين عقب الفاتحة ومدها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد في المسند عن وائل بن حجر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (ولا الضالين) فقال: آمين يمد بها صوته. إلا أن الإفراط في المد مكروه كما نص على ذلك الفقهاء، قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولى النهى: وكره إفراط بتشديد ومد لأنه إخراج للقراءة عن موضوعها ... وحرم وبطلت الصلاة إن شدد ميمها لأنه يصير بمعنى قاصدين.. انتهى مختصراً. فالإفراط في المد العارض للسكون في (آمين) مكروه، ولا تبطل الصلاة به، وانظر لذلك الفتوى رقم: 98193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/7325)
حكم ترك الافتراش في الجلوس في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا إخواني عندي استفسار حول الجلسة بين السجدتين في الصلاة أعلم أن أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم كان يجلس مفترشا قدمه اليسرى وينصب رجله اليمنى في اتجاه القبلة أنا أفعل مثل ذلك، ولكن في الأمر بعض من الشدة يعني تؤلمني رجلي هل أستمر على هذا النحو حتى أعتاد عليه أم يحق لي أن أجلس كيفما أشاء للاطمئنان أكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالافتراش في جلوس الصلاة من السنن التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ومن شق عليه الافتراش فله أن يجلس الجلسة التي يطمئن فيها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 65685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(11/7326)
حكم إطالة الركوع لانتظار الموسوس حتى يدخل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت ابتلاها الله بالوسواس فى الصلاة، فتلقى صعوبة فى رفع يدها لتكبيرة الإحرام وفي نطقها وقد تدخل الصلاة وتسلم مرة أخرى لشكها فى أي شيء فى النية أو خلافه، وتظل فترة حتى تجد القدرة على رفع يدها والتكبير وبدأنا نصلي معها جماعة لنساعدها على التخلص من الوسواس ولكنها لا تدخل إلا بعد الفاتحه وفى بعض الأحيان فى الركوع وقد ننتظرها فى الركوع لمدة قد تصل لدقائق حتى تدخل فى الصلاة، وأريد أن أسأل ما حكم انتظارنا لها فى الركوع وهل من ذكر معين نقوله حتى تتمكن من الدخول أم أنه لا يجب انتظارها
وهل من علاج لهذا الوسواس، مع العلم بأنها عولجت بالقرآن لفترة طويلة ولم يتغير الوضع، فأرجو إفادتنا لأنها تتعذب كثيراً حتى تستطيع الدخول فى الصلاة والجميع قال لها أن تطرح الشك وتحاول أن تأتي بالتكبير بقدر المستطاع ولا تشق على نفسها، فهل ذلك صحيح وهل من الممكن العلاج من هذا الوسواس أم عليها الاستعانه بطبيب نفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم انتظار المأموم في الركوع ليدرك الركعة في الفتوى رقم: 50759، والراجح أنه مستحب ما لم يشق على المأمومين، وأما وجوبه فلا قائل به من أهل العلم فيما نعلم، وأما أذكار الركوع فهي كثيرة، ومنها ما رواه حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم. رواه الخمسة وصححه الترمذي. وعن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن. متفق عليه.
وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقل به قدمي. وفي سنن أبي داود بسندٍ صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبحان ذي الجبروات والملكوت والكبرياء والعظمة.
وأما فيما يتعلق بهذه الأخت فما نصحتموها به من ترك الوسوسة والإعراض عنها هو الصواب، وهو العلاج الذي لا علاج لها غيره، ومما يعينها على ذلك أن تستعين بالدعاء والإقبال على الله ليرفع عنها هذا البلاء، وأن تعلم أن دين الله يسر فلماذا تشق هي على نفسها، وإذا كانت تريد مرضاة الله فإن مرضاة الله لا تُنال إلا باتباع شرعه، وشرع الله في هذه الحال هو أن تقبل على عبادتها وصلاتها معرضة عن الوسوسة غير ملتفتة لتلبيس الشيطان ... والأمر يسير فما هو إلا أن تتعامل مع أذكار الصلاة بطريقة عادية، وقد ذكروا أن بعض الطلاب قال لشيخه إني أوسوس في التكبير فلا أستطيع أن أقول الله أكبر إلا بمشقة بالغة، فقال له: قلها كما قلتها الآن. ولا بأس من الاستعانة بطبيبة نفسية، فإن ذلك من التداوي وقد شرع الله التداوي عموماً وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(11/7327)
حكم تغطية المرأة ما انكشف من شعرها أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل حركة تغطية الشعر إذا خرج أثناء الصلاة بدون قصد هل تبطل الصلاة إن كانت 3 حركات أو أكثر....أرجو التوضيح جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحركة المذكورة لا تبطل الصلاة ولو كثرت لأنها لحاجة تترتب عليها صحة الصلاة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 59312.
كما لا تبطل الصلاة بظهور بعض شعر الرأس إذا انكشف من غير عمد ثم ستر فورا من غير تراخ طويل عادة، قال ابن قدامة في المغنى: فإن انكشفت عورته عن غير عمد، فسترها في الحال، من غير تطاول الزمان، لم تبطل لأنه يسير من الزمان، أشبه اليسير في القدر. وقال التميمي في كتابه: إن بدت عورته وقتا واستترت وقتا، فلا إعادة عليه لحديث عمرو بن سلمة. ولم يشترط اليسير، ولا بد من اشتراطه لأن الكثير يفحش انكشاف العورة فيه، ويمكن التحرز منه، فلم يعف عنه، كالكثير من القدر. انتهى.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 32309.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(11/7328)
أحكام دعاء المأموم في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هل يجوز الدعاء في الصلاة عندما أكون خلف الإمام في الصلاة السرية (أثناء الصلاة) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمأموم أن يدعو في صلاته -في مواطن الدعاء كالسجود والجلوس بين السجدتين- خلف الإمام، سواء كات الصلاة سرية أو جهرية.
وإن كان مقصود السائل الدعاء عند القيام فإن الدعاء عند القيام في الصلاة غير مشروع بل مكروه كما بيناه في الفتوى رقم: 33798، وليس القيام في الصلاة موطنا للدعاء إلا في القنوت، والمشروع في القيام قراءة القرآن لا الدعاء إلا عند المرور بآية رحمة -مثلا- فيشرع السؤال، وكذا عند مرور بآية عذاب فتشرع الاستعاذة ونحو ذلك، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 20331، وكذا الفتوى رقم: 18064.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(11/7329)
تشعر بعدم الخشوع في الصلاة لعدم فهمها الآيات
[السُّؤَالُ]
ـ[عند صلاتي أواجه مشكلة من عدم الخشوع بسبب عدم فهم الآيات وذلك يضايقني جداً بسبب أني أشعر أن الصلاة لا تجوز فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أهمية الخشوع في الصلاة، وذكرنا أنه مع أهميته فإن الصلاة تصح بدونه على الراجح من أقوال العلماء، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 23481.
ولا ريب أنه لو أمكن المسلم معرفة معنى كل آية من آيات القرآن لكان حسناً، ولكن إن لم يحصل ذلك فليجتهد المسلم في تحري استشعار المعاني العامة، وتدبر المعاني الواضحة، ولا سيما ما يدل على عظمته سبحانه كأسمائه وصفاته وأفعاله في خلقه، ومثل هذه المعاني البينة كثيرة في القرآن، وانظري لذلك الفتوى رقم: 27390.
وهنالك أمور كثيرة تعين المسلم على الخشوع، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 3087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/7330)
حكم الدعاء في صلاة التراويح من كتاب للأدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في صلاة التراويح قراءة الأدعية من كتاب أدعية من السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للمسلم أن يدعو في صلاة التراويح أو غيرها بما يتيسر من الدعاء وإن أمكن حفظ أدعية القرآن والسنة والدعاء بها كان أولى، وأما القراءة من كتاب فالأولى اجتنابه، فمن العلماء من يرى إبطال الصلاة بمثل هذا، وربما أدى إمساك الكتاب وفتح الصفحات إلى كثرة الحركة، وكثرة الحركة في الصلاة مبطلة لها إضافة إلى أن مثل هذا قد يذهب الخشوع، ولمزيد الفائدة يمكنك مطالعة الفتويين: 108231، 104879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(11/7331)
حكم من يتلعثم في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث لي أمر في الصلاة وخصوصا في التسليم وهو نادر أنني حين أسلم التسليمة الأولى وأشرع في الثانية أتلعثم فيها فأقف مثلا في وسط الكلمة كأن أقول مثلا السلام عليكم ثم أقف لكني أتدارك إما بإعادة التسليم كما في المثال الثاني أو بإكماله كما في المثال الأول حينما أتوقف في (ور) أتدارك وأقول ورحمة الله فهل هذا الأمر يخل بصلاتي علما أنه نادر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلعثم أمرٌ خارجٌ عن إرادة الإنسان ولذا فهو معفوٌ عنه، فقد قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} ولذا فصلاتك صحيحة، لا يُخل بصحتها تلعثمك في أثنائها، ثم إن الراجح من أقوال العلماء أن التسليمة الثانية مسنونةٌ لا واجبة، والصلاة تصح ولو اقتصر المصلي على تسليمةٍ واحدة وهو مذهب الجمهور خلافاً لأحمد رحمه الله.
ثم إن الذي يصيبك من التلعثم أحياناً ربما يكون عرضا من أعراض الوسوسة فتنبه لخطورةِ هذا الداء وسُدَّ هذا الباب قبل أن يدخل إليك الشيطان من خلاله، واحرص على استئصال المرض قبل أن يتفاقم ويستفحل، وانظر الفتوي رقم: 98806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(11/7332)
تكرار الفاتحة في الصلاة وحكم الدعاء بعدها وبعد السورة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من يصلي فيقرأ الفاتحة أكثر من مرة ثم يدعو بعدها ثم يقرأ سورة ثم يدعو ثم يكبر فيركع ثم بعد ما صلى قلت له إن ذلك بدعة فقال أنت لا تعلم شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تكرار الفاتحة، فأباحها فريق من العلماء لأنها قراءة قرآن فلم تمنع، وقال فريق آخر ببطلان الصلاة بتكرارها، لأنه ركن كرره فأبطل الصلاة كما لو زاد ركوعاً أو سجوداً، وتوسط آخرون فقالوا بكراهة تكرارها خروجاً من خلاف من أبطلها ولأنه لم ينقل، وهذا القول هو المعتمد عند الحنابلة وهو الراجح إن شاء الله تعالى، هذا فيما لو كررها لغير عذر.
وأما إن كررها لعذر كالشك في قراءتها أو في قراءة آية منها، أو تحصيل سنة الجهر فلا كراهة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 102995.
وأما الدعاء بعد الفاتحة وقبل السورة وبعد السورة وقبل الركوع فمما لم ينقل فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يتركوا شيئاً من سنته إلا بينوه ونقلوه لنا، وقد بينوا صفة صلاته من افتتاحها إلى اختتامها أتم بيان، ولم يتركوا شاردة ولا واردة إلا ذكروها، حتى لقد ذكروا اضطراب لحيته في صلاته صلى الله عليه وسلم، وكان مما بينوه مواضع دعائه في صلاته صلى الله عليه وسلم، وقد وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 5007.
وليس من هذا المواضع التي كان يدعو فيها بعد الفاتحة ولا بعد السورة، ومن ادعى خلاف هذا فعليه الدليل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي. أخرجه البخاري. وأحسن الهدي هديه صلى الله عليه وسلم فالمتعين الوقوف مع أقواله وأفعاله والدوران مع سنته حيث دارت، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لحسن متابعته صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/7333)
كيفية صلاة المرأة يوم الجمعة إذا صلت في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلي المرأة صلاة الظهر يوم الجمعة إذا كانت في البيت هل كباقي الأيام 4ركعات قبلية ثم الفرض ثم ركعتين بعدية أو تصلي كما يصلى في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تحضر المرأة الجمعة في المسجد فالواجب في حقها أن تصلي الظهر كباقي الأيام، ويسن لها أن تصلي الرواتب راتبة الظهر القبلية والبعدية وهي مفصلة في الفتوى رقم: 103787.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 62441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(11/7334)
لم تنهه صلاته عن محبة اللواط والكلام في الجنس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي ولكن أميل إلى ممارسة اللواط عبر التليفون وأحب كلام الجنس، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أدى الصلاة على الوجه المطلوب وخشع فيها وراقب الله تعالى انتفع بها فلا يقرب معصية بعدها حتى تأتي الصلاة الأخرى وهكذا، وعلى السائل أن يبتعد عن الحديث في هذا المنكر القبيح الذي يمنعه الشرع ويأباه الطبع السليم، وإن استطاع الزواج فليتزوج فهو أنفع الوسائل المساعدة على حفظ الفرج، وقد يجب عليه الزواج إذا كان يستطيعه ويخشى الوقوع في المحرمات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسلم يصلي ثم بعد ذلك يمارس المعاصي فمعنى ذلك أنه لم يأت بالصلاة على الوجه المطلوب، فقد ذكر بعض المفسرين أن من أدى الصلاة على الوجه المطلوب فأتى بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها وخشع فيها لله وراقب الله تعالى انتفع بها فلا يقرب معصية بعدها حتى تأتي الصلاة الأخرى وهكذا..
أما من كانت صلاته مجرد صورة لا خشوع ولا مراقبة فيها فإن صاحبها يبقى على حاله فيجترئ بعدها على المعاصي لأنه لم ينتفع بصلاته كما ينبغي.
جاء في تفسير القرطبي عند الكلام على قول الله تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر قال: أخبر حكماً منه بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر، وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة، والصلاة تشغل كل بدن المصلي، فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه وادكر أنه واقف بين يديه وأنه مطلع عليه ويراه، صلحت لذلك نفسه وتذللت وخامرها ارتقاب الله تعالى وظهرت على جوارحه هيبتها، ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة، فهذا معنى هذه الأخبار، لأن صلاة المؤمن هكذا ينبغي أن تكون. انتهى.
لذا فإننا ننصح السائل بالبعد عن الحديث أو الفكر في هذا المنكر القبيح الذي يمنعه الشرع ويأباه الطبع السليم، وننصحه بأن يشغل وقته بما يفيده في الدنيا والآخرة من تعلم علم نافع، ومن تكسب مباح ورياضة مشروعة، وعليه أن يصحب الأخيار ويكثر من مجالستهم ويواظب على الصلاة في الجماعة وعلى الأذكار النبوية المقيدة والمطلقة، ونسأل الله أن يعفه ويعينه على الطاعة والبعد عن المعاصي، وإن استطاع الزواج فليتزوج فهو أنفع الوسائل المساعدة على غض البصر وحفظ الفرج، كما في حديث الصحيحين: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
وقد يجب عليه الزواج إذا كان يستطيعه ويخشى الوقوع في المحرمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(11/7335)
حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الركوع في غير الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يمكنني أن أرفع يدي بالدعاء من أجل حاجة معينة بعد الركوع من الركعة الأخيرة من الضحى وقيام الليل؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لك أن تسأل الله تعالى جميع حوائجك في الصلاة سواء كانت فرضا أو نفلا لكن في مواضع الدعاء من الصلاة مثل السجود وما بين التشهد والسلام، أما الدعاء مع رفع اليدين بعد الركوع فهذا غير مشروع إلا في الحالات التي يشرع فيها القنوت، ولتراجع الفتوى رقم: 6822 والفتوى رقم: 94204، والفتوى رقم: 55467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/7336)
حكم اتخاذ الحذاء سترة للمصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الحذاء سترة للمصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحذاء إذا كان طاهراً لا حرج في وضعه أمام المصلي سترة له كما تقدم في الفتوى رقم: 29591، وصفة السترة المفضلة للمصلي قد سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 52581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/7337)
حكم تعمد المنفرد الإسرار في الصلوات الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في الوقت الذي أشكر فيه مجهوداتكم.. الرجاء التكرم بالإجابة على سؤالي التالي ... أنا حالياً موجود في إيطاليا للدراسة وحسب لوائح الجامعة هنا عند تسكين الطلبة تكون كل غرفة بها طالبان وقد صادف أن الذي سكن معي في نفس الغرفة طالب من النمسا مسيحي الديانة، سؤالي هو هل أستطيع الصلاة سراً للصلوات الجهرية حيث إنني أقوم بذلك منذ وصولي من باب عدم الإزعاج وخاصة في صلاتي الصبح والعشاء حيث إن الهدوء وعدم الإزعاج هو السائد هنا فأفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص المنفرد يسن له الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية عند المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة وهو مخير بين الجهر والإسرار عند الحنفية وعلى القول المعتمد عند الحنابلة، وبناء عليه فصلاتك صحيحة ولو تعمدت الإسرار بالقراءة في الصلوات التي يشرع فيها الجهر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 16561.
مع التنبيه على ضرورة الحرص على أداء الصلاة جماعة في المسجد إن أمكن أو في مصلى الجامعة إن وجد، وإن لم يوجد فلتسعوا في إنشائه ليقوم الطلبة المسلمون بأداء الصلاة فيه جماعة على الدوام وإن تعذر ذلك قمتم بأداء الصلاة في ساحة الجامعة أو في بعض البيوت، وينبغي أن تحرص على دعوة هذا الرجل إلى الإسلام ببيان ما فيه من محاسن، فلعل الله يهديه على يديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(11/7338)
الجمع بين أذكار وأدعية الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جمع الأذكار الواردة في الركوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفريضة والنافلة، بمعنى هل نقول ذكرا واحدا أثناء الركوع أم نقول أكثر من ذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع الاقتصار على التسبيح كما يشرع الجمع بين الأذكار والأدعية المأثورة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركوع والسجود في بعض الأحيان إذا كان منفرداً، وكان يحث الأئمة على التخفيف، ففي صحيح مسلم أنه قام ليلة فقرأ في قيامه بالبقرة والنساء وآل عمران ثم ركع فكان ركوعه قريباً من قيامه وكان سجوده قريباً من ذلك.. وقد ذكر النووي في المجموع: أنه يستحب الجمع بين الأدعية المأثورة وأنه ينبغي للإمام أن لا يطيل طولاً يشق على جماعته.
وبناء عليه فمن كان منفرداً في الفرض أو النفل فله أن يفعل في ذلك ما شاء، ومن كان إماماً فلا بأس أن يجمع بين بعض الأذكار والأدعية مع البعد عن الإطالة المفرطة بالمصلين.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 171، 3231، 6434، 59402، 41380، 80235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1429(11/7339)
حكم قطع الصلاة لموت أحد المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة إخوتي في الله: إذا كنا أثناء تأدية صلاة جماعة ووافت المنية أحد المصلين هل يتوقف الجميع عن أداء الصلاة، أم ماذا يحدث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن موت أحد المصلين ليس مسوغا لقطع الصلاة لأن الصلاة إنما تقطع لإنقاذ النفس ونحوه، وإذا كان الشخص قد فارق الحياة يقينا فليس هناك من داع للقطع، فإذا أكملوا صلاتهم شرعوا في الترتيب لتجهيزه. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 60984، والفتوى رقم: 49122، والفتوى رقم: 98601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(11/7340)
تكرار السورة في الركعة الواحدة في صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع صلاة قيام الليل بركعتين بحيث أقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة وسورة أخرى مثلا سورة الإخلاص بحيث أقرأ سورة الإخلاص عدة مرات في نفس الركعة، فهل هذا يجوز أم أنه لا يجوز في صلاة النافلة إعادة قراءة نفس السورة عدة مرات بعد الفاتحة وذلك في الركعة الواحدة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في تكرار السورة في الركعة الواحدة، لكن ينبغي للأخت السائلة إذا كانت تحفظ شيئاً من القرآن أن تقرأه في صلاتها ولا تقتصر على سورة واحدة ليكون ذلك مراجعة لحفظها وتحصل على أجر تلاوة الجميع، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10052، والفتوى رقم: 97397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(11/7341)
حكم الصلاة بغير خشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أستطيع الخشوع في الصلاة رغم محاولاتي الكثيرة، أصلي في جماعة مع أهلي نتيجة أدوية كنت آخذها فهل صلاتي لا تقبل، أريد أن أخشع وأحس بحلاوة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصلاة بدون خشوع مجزئة عند جمهور العلماء وإن كانت ناقصة الثواب، وقبول الصلاة وغيرها من الطاعات أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه، لكن المسلم دائماً يسن له رجاء قبول أعماله الصالحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخشوع في الصلاة صفة محمودة عظيمة الثواب، لكن الصلاة بدونه صحيحة عند جمهور أهل العلم وإن كانت ناقصة الثواب، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 23481، والفتوى رقم: 6598.
وعليه فصلاتك بدون خشوع مجزئة، وجاهدي نفسك لتحصيل الخشوع بقدر الاستطاعة، فإن فعلت ذلك فلعلك تؤجرين أجر الخاشعين ما دام تعذر الوصول إلى الخشوع بسبب الأدوية.
وبالنسبة لقبولها عند الله تعالى فهذا أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه، لكن المسلم يسن له رجاء قبول أعماله الصالحة كلها، كما في الفتوى رقم: 97007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(11/7342)
الصلاة مع الإسبال وحكم قطرات البول التي لا تنقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلى ولباسه يصل إلى أسفل الكعبين بكثير ,وهل يجوز له أن (يثنيه) ليرفعه عن ملامسه الأرض؟
2-ينزل منى قطرات من البول بعد التبول ورغم أني أحاول جاهدا أن أصفي هدا البول إلا أنه يتبقى منه فأضع منديلا ثم بعد فترة أزيل هذا المنديل وأتبرأ مره أخرى من البول ثم أصلي ,هذا إذا كنت في المنزل وهناك وقت لذلك ولكن إذا كنت في الخارج وأريد التبول واللحاق بالصلاة ماذا أفعل, وهل أصلي بهذا الوضوء الفرض والسنة ,وإذا كانت المسافة بين وقت الوضوء (على نفس الحالة) وبين الصلاة كبيرة هل أصلي أم أتوضأ مرة أخرى؟
في بعض الأحيان أزيل المنديل الذى أضعه وأتبرأمن البول ولا أجد مكانا أضعه فيه أو لاستخدامه مرة أخرى فأضعه في جيبي وأصلي هل تصح الصلاة؟ أعتذر عن إطالتي في هذا الموضوع ولكنه يشغلني كثيرا لأني أتذكر دائما حديث المصطفي صلى الله عليه وسلم وأخشى عذاب القبر، أسألك الدعاء واسأل الله العلى القدير القادر الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة مع إسبال الثوب أسفل من الكعبين مجزئة مع الكراهة إذا كان الإسبال ليس بقصد الخيلاء ومع الحرمة عند قصد الخيلاء وراجع الفتوى رقم: 7445، ومن كان مسبلا لثوبه فليتب إلى الله تعالى وليبادر إلى الإقلاع عنه مطلقا سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها وبالتالي فالمصلى أثناء الصلاة أولى بترك الإسبال، وقطرات البول التي ذكرت إن كان نزولها متواصلا بحيث لا تنقطع وقتا يتسع للوضوء والصلاة فلها حكم السلس الذي سبق بيانه في الفتوى رقم: 3224.
وإن كانت تنقطع وقتا يتسع للوضوء والصلاة فليست بسلس وبالتالي فعليك الاستبراء منها والانتظار حتى ينتهي خروجها ولك استخدام الوسائل المساعدة على إخراج ما يمكن إخراجه من سلت الذكر ونتره نترا خفيفا أو أن تتحرك فتقوم وتقعد أو تتنحنح أو تمشى قليلا حسب الحاجة ولا تجزئ الصلاة قبل انقطاع تلك القطرات ولو ترتب على ذلك فوات صلاة الجماعة ولا فرق في هذا الحكم بين وجودك في المنزل أو خارجه وإذا توضأت بعد هذا الاستبراء فلك أن تصلي به الفريضة وما شئت من نوافل ولا يلزمك الوضوء لكل صلاة مادمت لست صاحب سلس، وبالتالي فإذا كانت الفترة الزمنية بين الوضوء والصلاة طويلة ولم يحصل ناقض لوضوء فلا يلزمك تجديده وإن كان الأولى تجديده لكل فريضة عند أكثر أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم 100518.
والمنديل المتنجس الذي حملته أثناء الصلاة لا يبطلها عند بعض أهل العلم إذا حصل ذلك نسيانا أو جهلا كما تقدم في الفتوى رقم 67038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/7343)
أذكار الركوع والسجود والرفع منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية الواردة عند الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه، وهكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن في الركوع أن يقال سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وتستحب الزيادة على ذلك، ويقول في السجود سبحان ربي الأعلى ثلاثاً أيضاً، ولو زاد استحب ذلك، ولبيان ما يقال في الرفع منهما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 32911، والفتوى رقم: 94204، والفتوى رقم: 4989، والفتوى رقم: 41549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(11/7344)
التخيلات الجنسية في الصلاة وخارجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أنا شاب لم أتزوج بعد، عندي احتقان في البروستا يتسبب في نزول بعض قطرات البول أو المذي أو الودي بعد الانتهاء من عملية التبول (عندما أرفع قدمي وأنا أتوضأ أو عندما ألتقط شيئا من الأرض على سبيل المثال) وعلمت من أحد أهل الفتوى كيف يصلي من هو في مثل حالتي والحمد لله.
وعلمت من مصادر مختلفة أن من أهم أسباب احتقان البروستاتا الإثارة الجنسية.
وسؤالي هو: هل تخيلي للمشاهد الجنسية يؤثر على صحة صلاتي وغيرها من الأمور التي لها علاقة بالطهارة؟
أرجو التمعن في سؤالي لأنني أدرجته في طلبين للفتوى قبل ذلك ولم أصل إلى ما أريد بالضبط وأرجو أن تكون الإجابة مباشرة وآسف على هذه الكلمات.
وجزاكم الله عن المسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا ينبغي تعمد التفكير في مثل هذه الأمور لأن الاسترسال في ذلك والإدمان عليه قد يؤدي إلى الوقوع فيما حرم الله،، وإن وقع ذلك في غير الصلاة لم يؤثر على صحتها، وإن كان فيها ولم يحل دون الإتيان بأركانها وواجباتها لم يؤثر على صحتها أيضا، وإن كان الأجر ناقصا، هذا إذا لم ينشأ عن ذلك خروج حدث مثل المذي ونحوه وإلا أفسد الصلاة والوضوء.
ويستحب للأخ السائل إذا كان موسوسا نضح المحل والسراويل بالماء بعد الاستنجاء قطعا لطريق الوسوسة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي التفكير في هذه الأمور المحرمة بل إن بعض أهل العلم عد الفكر في المحرمات محرما إضافة إلى أن الاسترسال معه والإدمان عليه قد يؤدي إلى الوقوع فيما حرم الله، وأما ما خطر من ذلك من غير قصد فلا إثم فيه، ثم إن تخيل المشاهد المذكورة إذا كان في غير الصلاة فلا يؤثر على صحتها وإن كان فيها ولم يمنع الإتيان بأركانها وواجباتها فإنه لا يؤثر على صحتها أيضا أي أنه لا يطالب بالإعادة عند الجمهور كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6598، وإن كان الأجر ناقصا، هذا إذا لم ينشأ عن ذلك خروج حدث مثل المذي ونحوه وإلا أفسد الصلاة، وعلاج التخلص من هذه التخيلات يكمن في الإعراض عنها كلما خطرت، والتفكير بدلا من ذلك فيما يرضي الله تعالى مثل استحضار عظمته ومراقبته وتفهم القراءة والتركيز على أداء الصلاة بصفة كاملة مع إعمار الوقت بذكر الله وقراءة القرآن واختيار الصحبة الصالحة التي تعين على الطاعة.
ومما يعين على كسر الشهوة التي تسبب مثل هذه الأفكار كثرة الصيام، فقد أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يستطع النكاح، بقوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء:.متفق عليه.
ثم في حال الوسوسة في الاستنجاء يستحب نضح الفرج والسراويل بالماء بعد الاستنجاء قطعا لطريق الوسوسة، ولينظر الفتوى رقم: 69985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1429(11/7345)
هل يشرع إعادة صلاة الجمعة والصبح والمغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صليت الجمعة في مسجد ثم بعد ذلك ذهبت إلى مسجد آخر لأصلي فيه العصر ووجدت الإمام ما زال يخطب فهو سيصلي الجمعة قبل العصر بقليل فماذا أفعل هل أستمع إلى الخطبة ثم بعد ذلك أصلي الركعتين نافلة، كذلك إذا صليت صلاة الفجر في جماعة وجاء رجل متأخرا وطلب مني الصلاة معه فماذا أفعل وكذلك بالنسبة لصلاة المغرب هل إذا صليتها نافلة مع شخص آخر أصليها 3 ركعات؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من صلى الجمعة ثم حضر إلى مسجد آخر لصلاة العصر فوجد الإمام أثناء خطبة الجمعة فلا تشرع له إعادتها عند بعض أهل العلم، وإن أراد الجلوس والاستماع للخطبتين فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، وصلاة الفجر لا تشرع إعادتها مع منفرد صدقة عليه لثبوت النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وتشرع له في هذه الحالة -عند بعض أهل العلم- إعادة المغرب للغرض السابق وله إعادتها ثلاث ركعات أو أربعاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد صليت الجمعة ثم حضرت إلى مسجد آخر لأداء صلاة العصر فوجدت الإمام أثناء خطبة الجمعة فتشرع لك إعادتها عند الشافعية خلافاً للمالكية ومن معهم كما سبق في الفتوى رقم: 61920، والفتوى رقم: 75949.
وإذا أردت الجلوس والاستماع للخطبتين فلا تجلس حتى تصلي ركعتين: تحية المسجد، وراجع الفتوى رقم: 102877.
وبعد أداء صلاة الفجر لا تشرع لك إعادتها مع غيرك صدقة عليه ليحصل على ثواب صلاة الجماعة لثبوت النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس كما سبق في الفتوى رقم: 32434.
وبالنسبة لصلاة المغرب فلا بأس بإعادتها -عند بعض أهل العلم- مع منفرد ليحصل على ثواب صلاة الجماعة، ولك إعادتها حينئذ ثلاث ركعات أو أربعاً، فكلتا الحالتين قال بها بعض أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وأما المغرب فهل تعاد على صفتها، أم تشفع بركعة، أم لا تعاد -على ثلاثة أقوال مشهورة-. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(11/7346)
الفرق بين فساد الصلاة وبطلانها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين فساد الصلاة وبطلانها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عند حصول ما يبطل الصلاة فيمكن وصفها بالبطلان أو الفساد فالعبارتان هنا بمعنى واحد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا بطلت الصلاة بحصول بعض مبطلاتها فلا فرق بين وصفها بالبطلان أو الفساد عند الجمهور والمعتمد عند الحنفية ففي شرح الكوكب المنير لتقي الدين الفتوحى الحنبلى:
(وبطلان وفساد مترادفان، يقابلان الصحة الشرعية) سواء كان ذلك في العبادات أو في المعاملات، فهما في العبادات: عبارة عن عدم ترتب الأثر عليها، أو عدم سقوط القضاء أو عدم موافقة الأمر. وفي المعاملات: عبارة عن عدم ترتب الأثر عليها. وفرق الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه بين البطلان والفساد. انتهى
وفى الموسوعة الفقهية الكويتية: يرى المالكية والشافعية والحنابلة أنه لا فرق بين البطلان والفساد في التصرفات، سواء أكان ذلك في العبادات كالصلاة مع ترك ركن من أركانها أو شرط من شروطها، أم كان ذلك في النكاح كالعقد على إحدى المحارم، أم كان في المعاوضات، كبيع الميتة والدم والشراء بالخمر والبيع المشتمل على الربا، فكل من البطلان والفساد يوصف به الفعل الذي يقع على خلاف ما طلبه الشارع، ومن أجل هذه المخالفة لم يعتبره، ولم يرتب عليه أي أثر من الآثار التي تترتب على الفعل الصحيح. فالجمهور يطلقونهما ويريدون بهما معنى واحدا وهو: وقوع الفعل على خلاف ما طلبه الشارع، سواء أكان هذا الخلاف راجعا إلى فوات ركن من أركان الفعل، أم راجعا إلى فوات شرط من شروطه. أما الحنفية فإنهم - على المشهور عندهم، وهو المعتمد - يوافقون الجمهور في أن البطلان والفساد مترادفان بالنسبة للعبادات. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(11/7347)
شك أنه لم يكبر تكبيرة الانتقال فكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صلاة العشاء كنت مأموما، وأثناء الرفع من السجود إلى الركعة الثانية، حدثت لي وسوسة هل قلت تكبيرة الانتقال أم لا (وأغلب الظن أني قلتها) ، ولكني قررت أن أقولها مجددا لليقين ودفع الشك، ما حكم قولي تكبيرة الانتقال على هذه الصورة وما حكم الصلاة التي صليتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أصبت في الإتيان بما شككت في تركه وصلاتك صحيحة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 28579، 31478، 54771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7348)
ما يفعله من شك في خروج شيء منه أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندما أدخل في الصلاة تأتيني شكوك على وجه التكرار بأن شيئا ما خرج مني كنزول رطوبة مثلا لكن لا أكون متأكدة من ذلك فأتم صلاتي ولا أقطعها، سؤالي هو: هل أتأكد من ذلك عندما أنتهي من الصلاة أم لا؟ أفتونا بارك الله فيكم وجزاكم خيرا، وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شك أثناء الصلاة في خروج شيء منه يلزمه أن يواصل في صلاته حتى يتمها ولا يقطعها بسبب ذلك الشك، ويشرع له أن ينظر بعد انتهاء الصلاة فإن تأكد من خروج شيء منه ينقض الوضوء توضأ وأعاد الصلاة وإلا فلا، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 31363، 61224، 49066، 51601، 58171، 49652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/7349)
كيف يصلي المرء صلاة صالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد إن صلحت صلحت الأعمال وإن فسدت الأعمال، فكيف نضمن أن تكون صلاتنا صالحة بإذن الله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حافظ المرء على صلاته، أركانها وواجباتها وسننها، وعلى شروطها امتثالاً لأمر الله تعالى، لا رياء ولا سمعة، وحافظ على أدائها في الوقت وفي الجماعة إن استطاع كانت صلاته صالحة ومقبولة إن شاء الله تعالى، وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 48779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(11/7350)
حكم التفكير في القرآن أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لو فكرت في القرآن الكريم أثناء الصلاة أكون قد سهوت عنها، وما هي الأمور التي يجوز التفكير فيها بالصلاة حتى لا أكون سهوت عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التفكير في القرآن ليس من السهو، بل ينبغي للمصلي أن يتدبر ويتفهم ما يقرؤه أثناء صلاته ليزداد خشوعاً، لكن لا ينبغي أن يذهب في ذلك إلى حد الانشغال عن أركان الصلاة وواجباتها وسننها، كما ينبغي استحضار مراقبة الله تعالى واستشعار عظمته عند ذكره والإقبال على الصلاة والتركيز فيها بحيث لا يزيد فيها ولا ينقص ويأتي بالأركان على الوجه المطلوب من طمأنينة واعتدال ونحو ذلك، والابتعاد عن التفكير بأمور الدنيا وشواغلها وأحاديث النفس وغير ذلك مما لا يتعلق بالصلاة، علماً بأن التفكير فيما يتعلق بأمور الآخرة لا بأس به أثناء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(11/7351)
تركت القيام في الفرض لعدة سنوات فماذا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت وأنا جالسة لمدة سنوات معتقدة أن هذا يجوز مع الكراهة والآن تبين لي أنني مخطئة وأن القيام ركن من أركان الصلاة فماذا أفعل هل أعوض ما فاتني بقضاء صلاة مع كل فرض أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على الأخت السائلة أن تقضي الصلوات التي أدتها جالسة وهي تستطيع القيام، فإن استطاعت حصر عددها قضتها جميعا وإلا قامت بقضاء ما يغلب على ظنها أنه عدد الصلوات التي أدتها ناقصة الأركان لأن القيام في الصلاة ركن من أركانها ولا يسقط مع القدرة هذا مذهب الجمهور وذهب ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك مثل هذا جاهلاً بحكمه أنه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القيام في الصلاة ركن من أركانها، ولا يسقط مع القدرة عليه، ولا تصح الصلاة بدونه، ومن صلى جالسا وهو يستطيع القيام لم تصح صلاته. وعلى هذا فإن على الأخت السائلة أن تقضي الصلوات التي أدتها جالسة وهي تستطيع القيام فإن استطاعت حصر عددها قضتها جميعا وإلا قامت بقضاء ما يغلب على ظنها أنه عدد الصلوات التي أدتها ناقصة الأركان. ولبيان كيفية قضاء الفوائت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107.
هذا مذهب الجمهور، وسواء في ذلك من علم أن القيام ركن ومن جهل ذلك. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك مثل هذا جاهلاً بحكمه أنه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى، واستدل على ذلك بحديث المسيء صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره إلا بإعادة الصلاة الحاضرة. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 98617، لكن مذهب الجمهور هو الراجح. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 100678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(11/7352)
علاج السهو والسرحان في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة الصحيحة حتى لا نسهو في الصلاة؟
وهل اذا فكرت في قراءة القرآن وأحكامه في الصلاة أكون قد سهوت؟
وهل التفكير في كم ركعة صليت وكم آية قرأت يعتبر سهواً؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علاج السهو والسرحان في الصلاة يكون بالإقبال على الله تعالى والتركيز على الصلاة بالقلب والجوارح وتفهم القراءة واستحضار عظمة الله تعالى ومراقبته والابتعاد عن التفكير بأمور الدنيا وشواغلها وأحاديث النفس وغير ذلك مما لا يتعلق بالصلاة، أما التفكر في القرآن وأحكامه فليس من السهو لكن لا ينبغي أن يذهب في ذلك إلى حد الانشغال عن أركان الصلاة مثل عدد الركعات وإتمامها، وكذلك التفكير في كم ركعة صلى فإنه ليس من السهو بل هو مما يتعلق بإتمام الصلاة، ولا مانع من التفكير في عدد الآي التي قرأها لكنه غير مطلوب ولا ينبغي أن يشتغل به المصلي عما هو أهم منه، وليعلم السائل أن المرء ليس له من صلاته إلا ما عقل منها، وقد قال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 6598، والفتوى رقم: 49385.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/7353)
صلاة الرجل بين اثنين أحدهما أمامه والآخر خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي بين اثنين، يكون الأول سترة لي وأكون سترة للذي بالخلف، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من صلاتك على نحو ما ذكرت ... وإنما كره الفقهاء استقبال وجه آدمي في الصلاة، وكذلك الصلاة إلى امرأة تصلي بين يديه، وكذلك الصلاة إلى صورة محرمة.
قال في مطالب أولي النهى، وهو من كتب الحنابلة: وتكره صلاة رجل بين يديه امرأة تصلي.. وإن لم تكن تصلي فلا كراهة. وقال: ويكره فيها استقبال صورة حيوان محرمة إذا كانت منصوبة، نص عليه لما فيه من التشبهبعبادة الأوثان والأصنام وقال: وظاهره ولو صغيرة لا تبدو لناظريها، ويكره فيها استقبال وجه آدمي نصاً ... .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(11/7354)
حكم التفكر في الدعاء أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتاويكم أن التفكر في الآخرة أثناء الصلاة لا حرج فيه وغير ممنوع، أحيانا وأنا أصلي أتفكر في الدعاء الذي أدعو به في السجود أثناء الركوع أو أثناء قراءة القرآن أفكر في الدعوات التي سأدعو بها في السجود قد تكون دعوات للدنيا وللآخرة، فهل هذا التفكر من الأمور التي تخص الآخرة أم لا ولا يجوز التفكر فيها أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن التفكير بالدعاء بالأمور الدنيوية مثل السعة في الرزق ونحو ذلك يعتبر من التفكر في الأمور الدنيوية وهو مكروه أثناء الصلاة، أما التفكير بالدعاء الأخروي المتضمن سؤال الله الجنة ونحو ذلك فإنه يكون من الأمور الأخروية.
وعليه فلا حرج في التفكير في هذا الأخير أثناء الصلاة على القول بأن التفكير بالأمور الأخروية التي لا علاقة لها بالصلاة لا تكره وهو ما نص عليه بعض أهل العلم، على أن بعضهم قد نص أيضاً على كراهة كل ما يؤثر على الخشوع ولو كان بأخروي، وتراجع الفتوى رقم: 70133.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/7355)
حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الفاتحة في صلاة الفرض مرتين في الركعة الواحدة بحيث أن تكون الفاتحة الثانية بنية الدعاء مثلاً، نرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة لا يبطل الصلاة، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 41349.
لكن المنصوص عليه عند كثير من أهل العلم أن تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة لا يجوز، قال الشيخ الصاوي في بلغة السالك لأقرب المسالك ذاكراً ما لا تبطل به الصلاة: ... كتكرير الفاتحة فلا يبطلها عن المذهب، وإنما يحرم إن كان عمداً ويسجد إن كان سهواً. انتهى.
وعد ابن عابدين في رد المحتار ترك تكرير الفاتحة من واجبات الصلاة، قال: والرابع عشر ترك تكرير الفاتحة قبل سورة الأوليين. انتهى.
ومن هذا يتبين لك أنه لا يجوز قراءة الفاتحة في صلاة الفرض مرتين في الركعة الواحدة، وسواء كان ذلك بقصد أن تكون الفاتحة الثانية دعاء، أو لقصد آخر، ما لم يكن تكرارها للشك في قراءتها أو ترك آية منها، أو لتحصيل سنية الجهر أو السر فيها ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(11/7356)
الصلاة التي يجتمع فيها خمس تشهدات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصلاة التي بها خمس تشهدات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن أن يجتمع في الصلاة الواحدة خمس تشهدات، وذلك في عدة حالات ذكرها بعض أهل العلم منها مثلاً المأموم الحاضر إذا أدرك الركعة الثانية من صلاة إمام مسافر فإنه يجلس بعد كل ركعة ويتشهد وإذا لزمه سجود سهو فإنه يتشهد له، وهذه الحالات ذكرها فقهاء المذهب المالكي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(11/7357)
لا بأس بالصلاة على الفراش الغليظ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بالوساوس وعندما تقع لي مشكلة أذهب للبحث عن الحل مما يأخذ مني وقتا كثيراً، وبالتالي يخرج الوقت وأجد نفسي قد ذهب الوقت ولم أفعل شيئاً في دراستي، علما بأنني في عامي الأخير ولدي عمل كثير أقوم به، سؤالي هو: إذا وقع لي خطأ في الصلاة ولا أعلم حكمه فهل علي أن أبحث مباشرة عن الحكم حيث إنني أخاف أن تكون صلاتي باطلة رغم علمي بمبطلاتها، لكن إذا تعلق الخطأ بإحدى مبطلاتها يقع لي مشكل أقوم بإعادتها وقد قال لي أحد الأصدقاء إن الصلاة لا تعاد، فسأسرد عليكم بعض الحالات: صليت في فراش غليظ ورقيق مما منع وصول بعض أعضائي إلى الأرض في السجود والقيام والجلوس, كاليدين والركبتين. فما الحكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عماد الدين كما في الحديث، ويجب على المسلم المكلف أن يتعلم من أحكام الفقه ما تصح به صلاته، فيتعلم أركانها ومبطلاتها بعد أن يعلم أحكام الطهارة لأن صحة الصلاة متوقفة على صحة الطهارة.
وعليه؛ فإن كانت هذه الأمور التي تشكل عليك مما تتوقف عليها صحة الصلاة فيجب عليك تعلمها ولو بسؤال من له معرفة بالفقه، وإذا تبين أن الأخطاء التي تحصل لك من مبطلات الصلاة فتجب عليك إعادة الصلاة إذا علم بطلانها قبل خروج الوقت، وإن لم تعلم ذلك إلا بعد خروجه وجب قضاؤها، لكن إذا ظننت أنك أخطأت خطأً يفسد الصلاة وهو ليس كذلك فلا تطالب بالإعادة ولا بالقضاء.
ثم إن الصلاة على الفرش صحيحة سواء كانت رقيقة أو غليظة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالصلاة على الحصير والبسط من الصوف والشعر والوبر، والثياب من القطن والكتان وسائر الطاهرات، وصلى عمر على عبقري، وابن عباس على طنفسة، وزيد بن ثابت وجابر على حصير، وعلي وابن عباس وابن مسعود وأنس على المنسوج، وهو قول عوام أهل العلم. انتهى.
وقد سبق حكم السجود خاصة على الإسفنج وما في معناه في الفتوى رقم: 8236، والفتوى رقم: 56201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(11/7358)
الفوائد الصحية لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فوائد صلاة الفجر البدنية والصحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول ابتداء إن الأصل في المسلم أن يؤدي صلاة الفجر وغيرها من الصلوات امتثالا لأمر الله تعالى ورغبة في ثوابه، وليس لأجل الفوائد الصحية وهذا هو حقيقة الإخلاص في الصلاة.
وأما عن الفوائد الصحية فانظر لها الفتوى رقم: 73150.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(11/7359)
حكم الصلاة إذا مر الصبي وبثيابه الداخلية نجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لدى طفلة أنظفها بالمناديل من النجاسة وذلك عند دخولها الحمام لأنها مريضة بتحسس في جسمها فهل جلوسها معي أثناء الصلاة يعتبر نجاسة لموضع صلاتي وكذلك طفلي ألبسه حفاظا فهل علي أن أغير له حفاظه عندما أريد أن أصلي لأنه كذلك يمر بموضع صلاتي لأ ن حفاظه لا يكون نظيفا مع العلم بأن ملابسهما الخارجية تكون نظيفة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المصلي أن يتجنب ما يمكن أن يؤثر على صحة صلاته قدر المستطاع لكن مرور الطفل على ثياب المصلي أو ملامسته له أو جلوسه بمكان صلاته أو مجرد جلوسه إلى جانبه لا يؤثر على صحة الصلاة ولو كانت ملابس الصبي الداخلة نجسة طالما أن بدن المصلي وملابسه ومكانه الذي يصلي فيه لم يصب بنجس، لكن لو حمل الطفل وهو يعلم أنه متلبس بنجاسة بطلت صلاته لأنه صار في حكم حامل النجاسة، وإذا كان من المحتمل أن يصل إلى الأخت السائلة شيء من النجاسة إذا لم تغير حفاظة الصبي قبل الصلاة فينبغي أن تغيرها لئلا يفسد عليها صلاتها. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 15694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(11/7360)
الصلاة جالسا لألم يصيب العمود الفقري
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقكم الله تعالى لما فيه خير الإسلام والمسلمين.. سؤالي هو أنني أعاني من انزلاق غضروفي في الظهر وفي بعض الأحيان لا أستطيع أن أصلي وأنا واقف وإنما أصلي وأنا جالس على كر سي كي لا تؤثر الحركة على العمود الفقري خاصة في مرحلتي الركوع والسجود وبالتالي قد أشعر وقتها بالتألم، فهل يجوز ذلك شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقيام في الصلاة المفروضة ركن من أركانها لا تجزئ بدونه لكنه يسقط بثبوت العجز عنه، وبالتالي فإذا ترتب على الركوع أو السجود ألم خفيف يمكن تحمله فلا يجزئك أن تصلي على كرسي، وإن كان الركوع والسجود يترتب عليهما ألم فادح يشق تحمله فلك الصلاة على كرسي مع الإيماء وهو الإشارة بالرأس إلى جهة السجود ويكون الإيماء للسجود أخفض من الركوع، وراجع الفتوى رقم: 54090، والفتوى رقم: 54654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(11/7361)
هل تراعى أحكام التجويد في غير القرآن في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المصلي الإتيان بأحكام تلاوة القرآن أثناء الصلاة حتى في غير مواضع قراءة القرآن -مثل قلقلة حرف الباء فى التكبير "الله أكبر" وقول "أشهد (ألا) إله إلا الله" بدلا من "أشهد (أن لا) إله إلا الله" في التشهد وغير ذلك من الأحكام؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجب مراعاة أحكام التجويد في غير القرآن، ثم إن القلقلة إنما يؤتى بها في حال سكون الحرف من أحرفها، والباء من (الله أكبر) ليست ساكنة. ويجب الإتيان بالتكبير في الصلاة والتشهد فيها على الوجه الصحيح, ومما لا ينبغي في التشهد إظهار النون من أشهد ألا إله إلا الله، بل ذكر بعض العلماء أن تعمد ذلك مبطل، لكن الصحيح أنه غير مبطل لأنه من اللحن الذي لا يخل بالمعنى، مع أن تعمد ذلك حرام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تجب مراعاة أحكام التجويد في غير القرآن لعدم الأمر بذلك، ومع ذلك فالأولى مراعاتها من غير تكلف، ثم إن التكبير في الصلاة منه ما هو ركن من أركانها كتكبيرة الإحرام ومنه ما يعتبر واجباً أو سنة على خلاف بين العلماء مثل سائر التكبير فيها، وعليه فيجب الإتيان به على الوجه الصحيح مع التنبيه على أن القلقلة إنما يؤتى بها في حال سكون الحرف من أحرفها، والباء من الله أكبر ليست ساكنة.
وكذلك الحكم في التشهد فلا بد من الإتيان به على الوجه الصحيح، لأن منه ما هو ركن ومنه ما هو واجب أو سنة مؤكدة في الصلاة، ولا ينبغي إظهار النون من أشهد أن لا إله إلا الله في التشهد لأن الإدغام هو الوارد في الحديث بل ذكر صاحب تحفة المحتاج أن ذلك مبطل للصلاة لتركه الشدة وهي بمنزلة حرف، لكن الصحيح أن ذلك غير مبطل لأنه لحن لا يخل بالمعنى، ففي حاشية العبادي على تحفة المحتاج في الفقه الشافعي: قوله إنه لو أظهر النون المدغمة في اللام في أن لا إله أبطل. قياسه أنه لو أظهر التنوين المدغم في الراء في وأن محمداً رسول الله أبطل فإن الإدغام في كل منهما في كلمتين، هذا وفي كل ذلك نظر لأن الإظهار لا يزيد على اللحن الذي لا يغير المعنى خصوصاً وقد جوز بعض القراء الإظهار في مثل ذلك، قال ابن الجزري في باب أحكام النون الساكنة والتنوين ما نصه: وخير البزي بين الإدغام والإظهار فيهما أي النون والتنوين عندهما أي عند اللام والراء إلخ. انتهى. وانظر لذلك الفتوى رقم: 27026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/7362)
ركنية القيام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
سؤالي هو: يقول رب العزة فى محكم آياته (وقوموا لله قانتين) صدق الله العظيم فما هو مقدار القيام؟ هل هو بمقدار التكبيرة أم بمقدار التكبيرة وقراءة الفاتحة أم التكبيرة والفاتحة وما تيسر من القرآن اللهم إن كان فيه خير فهو منك وإن كان غير ذلك فهو من الشيطان ومن نفسي.؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
القيام في الصلاة المفروضة ركن بقدر تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والرفع من الركوع وذلك في كل ركعة، على أن الركوع لا بد وأن يكون من قيام، ومن الأدلة على ركنية القيام قوله تعالى: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238} ، وقد فسر هذا القنوت أيضاً بالخشوع في الصلاة وترك الكلام فيها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فسر القنوت في الصلاة في الآية المذكورة بالخشوع في الصلاة وبترك الكلام فيها ففي تفسير الإمام ابن كثير: وقوله تعالى: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ. أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة، لمنافاته إياها، ولهذا لما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الرد على ابن مسعود حين سلم عليه، وهو في الصلاة، اعتذر إليه بذلك، وقال: إن في الصلاة لشغلا. وفي صحيح مسلم أنه عليه السلام قال لمعاوية بن الحكم (السلمي) حين تكلم في الصلاة: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وذكر الله. انتهى.
كما أن الآية من الأدلة على أن القيام في الصلاة المفروضة ركن من أركانها ففي المنتقى للباجي المالكي: وأصل ذلك أن القيام ركن من أركان الصلاة وشرط في صحة الفرض منها مع القدرة عليها والدليل على ذلك قوله تعالى: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ولا خلاف في ذلك فثبت بذلك وجوب القيام. انتهى.
وفي دقائق أولى النهى ممزوجاً بغاية المنتهي: (وهي) أربعة عشر ركنا (قيام قادر في فرض) ولو على الكفاية لقوله تعالى: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ. وحديث عمران: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعدا ... إلى آخره. انتهى.
وعليه فالقيام في الصلاة المفروضة يكون ركنا بقدر تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والرفع من الركوع ركن كذلك وذلك في كل ركعة، والركوع لابد أن يكون من قيام كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/7363)
مسوغات قطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في وقت صلاة فرض كان جماعة من المجاهدين يصلون مع بعضهم بعضا صلاة فرض، فهل يجوز قطع الصلاة بسبب خروج الطيران الإسرائيلي فوقهم. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطع الصلاة بالنسبة لمن خشي على نفسه الهلاك لو لم يقطعها واجب لأن فيه إنقاذا للنفس من الهلاك، فقد ذكر الفقهاء أن من مسوغات قطع الصلاة الخوف على النفس، أو ضياع مال له قيمة، أو إغاثة ملهوف، وقد خرج الصحابة من الصلاة للدفاع عن إمامهم وأميرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن، وفي رد المحتار على الدر المختار في الفقه الحنفي وهو يذكر الحالات التي يجوز فيها قطع الصلاة: ويجب لإغاثة ملهوف وغريق وحريق، لا لنداء أحد أبويه بلا استغاثة؛ إلا في النفل. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية ما نصه: قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها بلا مسوغ شرعي غير جائز باتفاق الفقهاء، لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ، أما قطعها بمسوغ شرعي فمشروع، فتقطع الصلاة لقتل حية ونحوها للأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة له أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه نحو حية، ولا يمكن تنبيهه بتسبيح، ويقطع الصوم لإنقاذ غريق، وخوف على نفس، أو رضيع. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي في باب صلاة الخوف، ما يفيد أن من فاجأهم العدو أثناء الصلاة أنهم يكملون أفذاذا حسبما يستطيعون، ونصه: وحاصله أنهم إذا افتتحوا صلاتهم آمنين ثم فجأهم العدو في أثنائها فإنهم يكملون أفذاذا على حسب ما يستطيعون مشاة وركبانا من إيماء إن لم يقدروا على الركوع والسجود وإلا كملوا بالركوع والسجود، وفي الأول يصير بعضها بركوع وسجود وبعضها بالإيماء. انتهى.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 26303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1428(11/7364)
من أحكام السترة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أجبتموني في سؤال سابق عن مدى وحجم السترة لكن لم تجيبوني عن مقدار المسافة التي يمكنني أن أمر فيها من أمام المصلي دون أن أرتكب إثما؟ بحيث إذا صليت في الصف الأول ثم أردت الخروج من المسجد ماذا أفعل بحيث إني أجد أغلب الناس تصلي النافلة في الصفوف التي ورائي ولا سبيل للخروج إلا إذا مررت من أمامهم , هل أنتظرهم حتى يكملون صلاتهم أم أني يجوز لي المرور مع ترك مسافة معينة بيني وبين المصلي وفي هذه الحال بكم تقدر هذه المسافة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا خلاف بين أهل العلم في النهي عن المرور أمام المصلي بينه وبين سترته أو بالقرب منه إذا لم تكن له سترة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه، قال أبو النضر لا أدري قال أربعين يوما أو شهرا أو سنة. متفق عليه.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داوود: (بين يدي المصلي) أي أمامه بالقرب منه وعبر باليدين لكون أكثر الشغل يقع بهما، واختلف في تحديد ذلك فقيل إذا مر بينه وبين مقدار سجوده، وقيل بينه وبين قدر ثلاثة أذرع وقيل بينه وبين قدر رمية بحجر. انتهى، وقال الحافظ ابن حجر عند شرح هذا الحديث. وظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقا ولو لم يجد مسلكا بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته. انتهى.
وعليه، فينبغي للأخ السائل وغيره عند ما يريد الخروج من المسجد في حال وجود المصلين أن يتجنب المرور من أمامهم ما أمكن ذلك، مع أنه لو ابتعد عنه بحيث لا يمر من موضع يمكن أن يصل إليه المصلي حال ركوعه وسجوده جاز له ذلك على القول بأن حرم المصلي مقدار ما يصل إليه في ركوعه وسجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1428(11/7365)
نزول المصاب على يديه قبل ركبتيه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أركض فسقطت على الأرض فعالجت رجلي فحان وقت الصلاة فعندما ذهبت لأصلي فسجدت فعندما أردت السجود وضعت يدي قبل رجلي وكنت قبل هذا الحادث أضع رجلي قبل يدي فهل هذا يصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أنك كنت حين تريد السجود تقدم ركبتيك على يديك وبعد سقوطك على الأرض قدمت يديك على ركبتيك فصلاتك صحيحة ولا حرج عليك باتفاق أهل العلم، وإنما اختلفوا في أيهما السنة أن يضع يديه قبل ركبتيه أم العكس، ولكل قول أدلته والأمر فيها واسع في حالة الاختيار فما بالك بحالة مثل حالتك، وراجع في تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(11/7366)
النعاس في الصلاة،، هل يخرج منها وكيف يخرج
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين هل يستحب للمصلي الناعس أن يخرج من صلاته متى كان النعاس خفيفاً؛ وما حكم ذلك إذا كان النعاس شديداً، وكيف ينصرف منها كما ورد في حديث النسائي: إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف عنها. وهل يعم ذلك صلاة النفل وصلاة الفرض، كذا ورد الأمر بالاضطجاع لمن استعجم القرآن في لسانه فلم يدري ما يقول، فهل ينسحب هذا الحكم للذكر وجميع العبادات القولية والفعلية كلما نعس فيها المرء؛ سواء أكانت فروضاً أو أنفالاً ... وهل يفهم من قوله: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ. أن النعاس الذي يأمر صاحبه بالخروج من الصلاة هو النعاس الذي لا يدري فيه المصلي ما يقول ويفعل. وكيف يفهم فعله مع ابن عباس وأنه لم يأمره أو يشر إليه بالخروج لما قام معه في تهجده، وفيه: فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني في شقه الأيمن، فجعل إذا أغفيت أخذ بشحمة أذني. قال ابن رجب في فتح الباري: فتبين بهذه الرواية: أن أخذ النبي بأذن ابن عباس في الصلاة إنما كان عند نعاسه، إيقاظا له. ف أرجو توضيح ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصلى إذا كان به نعاس خفيف لا يؤثر على قراءته فلا يشرع له قطع صلاته، كما يفهم من الحديث الذي ذكرت، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وحمله المهلب على ظاهره فقال: إنما أمره بقطع الصلاة لغلبة النوم عليه فدل على أنه إذا كان النعاس أقل من ذلك عفى عنه، قال: وقد أجمعوا على أن النوم القليل لا ينقض الوضوء. انتهى.
لكن إذا اشتد النعاس على المصلى صلاة فريضة أو نافلة فإنه يقطعها، ومثلها كل طاعة قولية أو فعلية فريضة أو نافلة؛ لأن المسلم ينبغي أن يقبل على الطاعة بخشوع وفراغ قلب، وراجع تفاصيل المسألة في الفتوى رقم: 57270، والفتوى رقم: 65557.
والانصراف من الصلاة يعني التسليم منها، قال الحافظ في الفتح أيضاً: فلينصرف والمراد به التسليم من الصلاة. انتهى. وعدم أمره صلى الله عليه وسلم لابن عباس بالنوم عند نعاسه أثناء الصلاة راجع إلى أنه جاء ليتعلم منه صلى الله عليه وسلم ففعل معه ذلك ليكون أثبت له، قال العينى في عمدة القارى: "فلينصرف" والمراد به الخروج من الصلاة بالتسليم. فإن قلت فقد جاء في حديث ابن عباس في نومه في بيت ميمونة رضي الله عنها "فجعلت إذا غفيت يأخذ بشحمتي أذني" ولم يأمره بالنوم. قلت لأنه جاء تلك الليلة ليتعلم منه ففعل ذلك ليكون أثبت له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/7367)
من أخطاء المصلين والمؤذنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أركان الصلاة، وما هي بدع الصلاة والأخطاء التي يقع فيها المصلون والمؤذنون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا أركان الصلاة وواجباتها وسننها ومكروهاتها في الفتوى رقم: 12455 فارجع إليها تجد بغيتك.
أما الأخطاء التي يقع فيها المصلون والمؤذنون فهي كثيرة وتختلف باختلاف الناس وبلدانهم، وقد تكون بعض الأشياء خطأ مخالفاً للسنة عند بعض العلماء وهو سنة عند آخرين لاختلافهم في صحة الأحاديث الواردة في المسألة أو ضعفها أو لتعارض الأحاديث أو لغير ذلك من الأسباب. ومن أمثلة هذا النوع تقديم الركبتين عند السجود على اليدين، والقنوت في صلاة الفجر، ووضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع، وهذه الأمور ينبغي أن تدرس حتى تعرف مسائل الخلاف، فيعذر المخالف فيها.
ويمكننا الآن أن نذكر بعض الأخطاء الأكثر انتشاراً: التساهل في أمر الطهارة بنوعيها، وعدم إتمام الركوع والسجود، والعبث في الصلاة، وعدم الخشوع فيها الذي هو لبها وروحها، وعدم المحافظة عليها في الجماعة، إلى غير ذلك من الأخطاء الكثيرة، وعدم تحري أوقات الأذان الصحيحة وتمطيطه تمطيطاً زائداً وزيادة بعض الألفاظ غير الواردة كـ (حي على خير العمل) ، أو عدم النطق بالحروف نطقاً صحيحاً بحيث يستبدل بعضها ببعض ونحو ذلك من الأخطاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/7368)
وقوف البنت الصغيرة في صف الرجال مكشوفة الراس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن آتي بأختين لهما خمس سنوات تقريباً إلى مسجد الرجال، بدون تغطية لرأسيهما، وتلبسان سراويل ويصليان معنا في الصف، علماً بأنهما لا تعبثان ولا تشوشان على المصلين؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 28385، بيان حدِّ عورة الصبي ذكراً أو أنثى، وبناءً على ذلك فالصبية ذات الخمس سنين لا تطالب بتغطية رأسها لأنه ليس بعورة، وإحضار الصبيان إلى المساجد كان معهوداً في زمنه صلى الله عليه وسلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 38481.
وبالتالي فإذا كانت أختاك لا تعبثان في المسجد فلا مانع من إحضارهما إليه ولو كانتا مكشوفتي الرأس، ولكن احرص على أن تكونا في طرف الصف ولا تكونا في وسطه حتى لا تقطعان الصف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2750.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(11/7369)
القراءة في الصلاة حال ترداد النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التنفس في القراءة حال الصلاة بمعنى أن يتحرك اللسان والشفتان بالقراءة في حال الشهيق والزفير معا؟ فهذا الأمر يفعله أكثر الناس نظرا لأن القراءة تكون في السر فيجد المرء نفسه يقرأ تلقائيا في حال الشهيق كما يقرأ في حال الزفير. فهل هذا من باب التنفس في القراءة؟ وما حكمه؟ وما حكم صلاة من فعله في الفاتحة وغيرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن القراءة حال ترداد النفس فالأفضل أن لا تكون القراءة حال الشهيق أو الزفير، سواء كان ذلك في الصلاة أو غيرها، ولكن لو وقعت فينظر هل حصل النطق بالحروف كما هي أو لا؟.
فإن حصل النطق بالحروف وحركاتها دون تغيير للمعنى فالقراءة صحيحة؛ لأن العبرة بحصول القراءة صحيحة، وقد حصلت وإلا فلا.
ثم ينظر في حالة عدم صحة القراءة، فإن كانت للفاتحة في الصلاة، فالصلاة غير صحيحة، وإن كانت لغيرها فالصلاة صحيحة. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 69854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/7370)
الدعاء المأثور بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستوي قولي في الصلاة بين السجدتين "أستغفر الله العظيم" بدلا من " رب اغفر لي وارحمني واعف عني.؟ ".أم هى توقيفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المأثور بين السجدتين تقدم ذكره في الفتوى رقم: 4713، وقولك: أستغفر الله العظيم. ذكر غير مأثور بين السجدتين، وبالتالي، فلا يستوي مع الذكر المأثور بينهما.
وعليه، فينبغي الاقتصار على الدعاء المأثور بين السجدتين وعدم الزيادة عليه، رواجع الفتوى رقم: 10248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/7371)
إغلاق الباب على الطفل الصغير لتتمكن المرأة من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة هل صلاتي مقبولة إذا أغلقت الباب بالمفتاح على ابني الذي يريد الدخول علي ولا يجعلني أركز بالصلاة وهو يبكي؟ وفي بعض الأحيان أكون مستعجلة لئلا تصبح الصلاة قضاء فأضطر إلى غلق الباب علي وهو يبكي؟ ولكم مني جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في إغلاق الباب على الابن المذكور بشرط أن لا يكون في ذلك ضرر عليه، ولكن الذي نخشاه أن يكون بكاء الطفل والشفقة عليه من أن يصاب بشيء ما، قد يكونان مصدر انشغال لك، والأولى أن تعطيه شيئا ينشغل به عنك أو تضعيه عند أحد من أهل البيت إن وجد، هذا ولا شك أن تحصيل الخشوع في الصلاة هو روحها وثمرتها، وراجعي الفتوى رقم: 9525، والفتوى رقم: 56247.
وقبول الصلاة وغيرها من الطاعات أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى، فعلى المسلم الاجتهاد في إتقان شروطها وأركانها وواجباتها مع الخشوع فيها والإخلاص لله تعالى، وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 65587، وأوقات الصلوات الخمس تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 40996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/7372)
حكم قراءة آية الكرسي وحدها بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء الصلاة كنت أقرأ الفاتحة ثم آية الكرسي في الركعة الأولى، وقد قيل لي بعد الصلاة إنه لا تكفي آية الكرسي وحدها ويجب قراءة سورة صغيرة أخرى معها، فهل هذا صحيح؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءتك لآية الكرسي بعد الفاتحة مجزئة، ولا تجب عليك قراءة سورة بعدها، وإن كان الأفضل قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 31950، والفتوى رقم: 32636، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 10052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/7373)
صلاة من قبلنا هل كانت كصلاتنا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كانت صلاة قوم موسى وقوم عيسى عليهما السلام مثل صلاة المسلمين لأن في القرآن الكريم ورد أن صلاتهم فيها ركوع وسجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أنبياء الله تعالى وأتباعهم كانت لهم صلوات كما دلت على ذلك ظواهر بعض النصوص، ولم يرد ما يبين كيفية هذه الصلاة، لكنها مخالفة لصلاة المسلمين كما صرح بذلك المفسرون، ففي تفسير ابن كثير عند كلامه على معنى قوله تعالى: فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ {البقرة:213} ، قال: فاختلفوا في يوم الجمعة، فاتخذ اليهود يوم السبت، والنصارى يوم الأحد، فهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة، واختلفوا في القبلة فاستقبلت النصارى المشرق واليهود بيت المقدس فهدى الله أمة محمد للقبلة، واختلفوا في الصلاة، فمنهم من يركع ولا يسجد، ومنهم من يسجد ولا يركع، ومنهم من يصلي وهو يتكلم، ومنهم من يصلي وهو يمشي، فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(11/7374)
معرفة شروط الصلاة وأركانها وواجباتها وسننها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي شروط صحة الصلاة , شروط وجوب الصلاة , أركان الصلاة , واجبات الصلاة , سنن الصلاة. عند المذاهب الأربعة , بشكل دقيق ومختصر. جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقسيم شروط الصلاة إلى شروط صحة وشروط وجوب وشروط صحة ووجوب معا وسرد أركانها وواجباتها والفرق بينهما عند من يراه وذكر سنتها يحتاج إلى بحث لا يتسع مجال الفتوى ولا طبيعتها له، فمن أراد التعرف عليها بشكل مفصل والوقوف على كلام فقهاء المذاهب واختلافهم فيها فليرجع إلى كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(11/7375)
الأركان والواجبات والسنن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الأحاديث التي تدل على ركن، والتي تدل على واجب، والتي تدل على سنة في الصلاة، رغم أنها كلها أحاديث. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قسم الفقهاء الصلاة إلى أركان وواجبات وسنن مع اختلافهم في ذلك، فأحيانا الواجب عند البعض يسمى ركنا أيضا، ومنهم من يفرق بين الركن والواجب.
والتفريق بين الأحاديث الدالة على كل من الركن والواجب والسنة راجع إلى الاستقراء، حيث يتميز الركن بكون تركه مبطل للصلاة، ولا يسقط في عمد ولا سهو بعكس الواجب والسنة عند من يرى هذا التقسيم قال ابن قدامة في المغنى:
وجملة ذلك أن المشروع في الصلاة ينقسم قسمين: واجب، ومسنون، فالواجب نوعان; أحدهما، لا يسقط في العمد ولا في السهو، وهو الذي ذكره الخرقي في هذه المسألة، وهو عشرة أشياء: تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة للإمام والمنفرد، والقيام، والركوع حتى يطمئن، والاعتدال عنه حتى يطمئن، والسجود حتى يطمئن، والاعتدال عنه بين السجدتين حتى يطمئن، والتشهد في آخر الصلاة، والجلوس له، والسلام، وترتيب الصلاة، على ما ذكرناه.
فهذه تسمى أركانا للصلاة لا تسقط في عمد ولا سهو. وفي وجوب بعض ذلك اختلاف ذكرناه فيما مضى. وقد دل على وجوبها حديث أبي هريرة عن المسيء في صلاته. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لم تصل. وأمره بإعادة الصلاة، فلما سأله أن يعلمه علمه هذه الأفعال، فدل على أنه لا يكون مصليا بدونها. ودل الحديث على أنها لا تسقط بالسهو ; فإنها لو سقطت بالسهو، لسقطت عن الأعرابي لكونه جاهلا بها. والجاهل كالناسي. انتهى
وفي المجموع للنووي:
فرع في التسبيح وسائر الأذكار في الركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده، وربنا لك الحمد، والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام كل ذلك سنة ليس بواجب، فلو تركه لم يأثم وصلاته صحيحة، سواء أتركه عمدا أم سهوا، لكن يكره تركه عمدا هذا مذهبنا، وبه قال مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء. قال الشيخ أبو حامد: وهو قول عامة الفقهاء، قال صاحب الحاوي: وهو مذهب الفقهاء كافة. وقال إسحاق بن راهويه: التسبيح واجب إن تركه عمدا بطلت صلاته، وإن نسيه لم تبطل، وقال داود: واجب مطلقا، وأشار الخطابي في معالم السنن إلى اختياره، وقال أحمد: التسبيح في الركوع والسجود وقول: سمع الله لمن حمده، وربنا ولك الحمد، والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجبة، فإن ترك شيئا منه عمدا بطلت صلاته، وإن نسي لم تبطل، ويسجد للسهو عنه، وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور. واحتج من أوجبه بحديث عقبة بن عامر المذكور في فرع أذكار الركوع، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. وقال: صلى الله عليه وسلم {صلوا كما رأيتموني أصلي} وبالقياس على القراءة. واحتج الشافعي والجمهور: بحديث المسيء صلاته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمه واجبات الصلاة، ولم يعلمه هذه الأذكار، مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة، فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها، بل هذه أولى بالتعليم، لو كانت واجبة ; لأنها تقال سرا وتخفي، فإذا كان الركوع والسجود مع ظهورهما لا يعلمها فهذه أولى، وأما الأحاديث الواردة بهذه الأذكار فمحمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وأما القياس على القراءة ففرق أصحابنا بأن الأفعال في الصلاة ضربان: أحدهما: معتاد للناس في غير الصلاة، وهو القيام والقعود، وهذا لا تتميز العبادة فيه عن العادة فوجب فيه الذكر ليتميز. والثاني: غير معتاد، وهو الركوع والسجود، فهو خضوع في نفسه متميز لصورته عن أفعال العادة فلم يفتقر إلى مميز والله أعلم. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 12455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/7376)
حكم الزيادة في عدد ركعات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم زيادة ركعات في الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزيادة على عدد الركعات لا تخلو من أن تكون عمدا أو سهوا، فإن كانت عمدا بطلت الصلاة ووجبت إعادتها وأثم فاعل ذلك كما قدمنا في الفتوى رقم: 39252، اللهم إلا من دخل في صلاة نفل مطلق أي غير الرواتب وذوات الأسباب فإنه إن نوى عددا معينا له أن يغير نيته فيزيد، لكنه لا يزيد إلا بعد تغيير النية، هكذا قرر فقهاء الشافعية.
وإن كانت الزيادة في عدد الركعات سهوا سن له سجود السهو كما قدمنا في الفتوى رقم: 9085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(11/7377)
قبول الصلاة لا يعلمه إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح إذا صليت في المسجد، الله يقبل صلاتي 100% في %100]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم مطالب بأداء صلاة الجماعة في المسجد، وأما هل تقبل صلاته أم ترد فهذا أمر غيبي لا يعلمه إلا الله، ولا يمكن لأحد أن يطلع عليه، وانظر الفتوى رقم: 48761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(11/7378)
حكم عدم وضع بعض أصابع القدم على الأرض في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب في الفقه أنه في حالة السجود في الصلاة من ضمن الأعضاء التي يجب أن تلامس الأرض هي أطراف أصابع القدمين، والسؤال هو: أنا لاحظت عند السجود أن أصبع القدم الصغير لا يلامس الأرض، فهل ذلك يبطل الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 35672، حكم السجود على أطراف القدمين فالرجاء مراجعتها لمزيد الفائدة، ولا يشترط ملامسة جميع أصابع القدمين الأرض بل يجزئ وضع بعض أطراف الرجل على الأرض، قال في دقائق أولي النهى ممزوجاً بمتن منتهى الإرادات في الفقه الحنبلي: (ويجزئ بعض كل عضو) في السجود عليه، لأنه لم يقيد في الحديث، وإن سجد على ظهر كفيه أو أطراف أصابع يديه فظاهر الخبر يجزئه لأنه قد سجد على يديه. وكذا لو سجد على ظهور قدميه. انتهى.
ومن هذا يعلم أن عدم وضع الأصبع الصغير من الرجل على الأرض لا يبطل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(11/7379)
إفادة حول قصة تأخر أبي بكر عن الصلاة وإدراكه الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإفادة إذا كانت هذه القصة أو الحديث صحيحا أم لا لأنه منتشر فى جميع المنتديات كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول الله أكبر كلما يرفع من الركوع وفي يوم من الأيام تأخر أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن الصلاة خلف الرسول عليه الصلاة والسلام وحزن وذهب إلى المسجد مسرعا فوجد أن الرسول ما زال في الركوع ولم يرفع منه, فحمد الله كثيرا (احمد الله يا أخي) ، فنزل جبريل للرسول وهو في الركوع وقال له (لقد سمع الله لمن حمده) يقصد أبو بكر فأصبحت سمع الله لمن حمد بدل الله أكبر في كل صلاة إلى يوم القيامة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد ثبوت هذه القصة عن أبي بكر رضي الله عنه، وإنما الثابت في الحمد بعد الرفع من الركوع، حديث رفاعة الزرقي: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركوع، وقال: سمع الله لمن حمده، قال: رجل وراءه ربنا لك الحمد حمدا طيبا كثيراً مباركا فيه، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاته قال: من المتكلم آنفاً؟ قال: أنا يا رسول الله، فقال: صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أولا. رواه البخاري.
وفي رواية عن رفاعة قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيراً طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال من المتكلم في الصلاة؟ فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثانية فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثالثة فقال رفاعة: أنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكاً أيهم يصعد بها. رواه الترمذي وأبو داود والنسائي.
وقال الشوكاني في النيل: يجمع بين الروايتين بأن الرجل المبهم في رواية البخاري وهو رفاعة كما في حديث الباب، ولا مانع أن يكني عن نفسه إما لقصد إخفاء عمله أو لنحو ذلك، ويجمع أيضاً بأن عطاسه وقع عند رفع رأسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/7380)
حكم الدعاء قبل تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المصلين عند تكبير الإمام للصلاة (تكبيرة الإحرام) يرفعون أيديهم ويدعون ويتأخرون في الدخول، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف في الدعاء بعد الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام هل يسن أم لا؟ فنص الإمام أحمد في رواية أنه لا يسن، وهي التي مشى عليها أصحابه، وفي رواية عنه أنه يسن، قال الإمام المرداوي رحمه الله في الإنصاف: ليس بعد الإقامة وقبل التكبير دعاء مسنون نص عليه، وعنه أنه كان يدعو بينهما ويرفع يديه. اهـ.
ويستدل للدعاء بما رواه ابن حبان في صحيحه، والنسائي في السنن الكبرى، والحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي في التلخيص، وقال هو على شرط مسلم ولم يخرجه، عن سعد بن أبي وقاص أن رجلا قال حين انتهى إلى الصف: اللهم آتني أفضل ما تؤتي عبادك الصالحين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذن يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله.
والدعاء المقصود هنا إنما هو في حق المنفرد والإمام، أما المأموم فالسنة في حقه أن لا ينشغل بعد تكبير الإمام للإحرام بالدعاء، بل المطلوب منه أن يكبر للإحرام بعد الإمام، ويدخل في الجماعة من أول الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/7381)
حكم قصد الصلاة بجوار شخص معين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ملتزم بالصلاة ومواظب عليها في المسجد ولكن عندما أدخل إلى المسجد أحب أن أصلي بجانب شخص محدد أنا أعلم أن ذلك خطا مني ولكن لا أستطيع العدول عن ذلك وأنا ذاهب إلى المسجد أقول سوف أذهب إلى جهة بعيدة عنه ولكن سرعان ما أدخل المسجد لأجد نفسي أبحث عنه، أرجو أن تدلوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أنه لا حرج على المرء في أن يصلي قرب من شاء ما لم يحرمه ذلك من مقدم الصفوف حيث يعظم الأجر أكثر من الصلاة في مؤخرها؛ لذا فإن عليك أن تهتم بالصلاة في الأماكن التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على التسابق إليها، ولا يكن همك أن تصلي بجنب فلان أو فلان، ونحن لا نعلم حقيقة ما الذي يحملك على التعلق بالصلاة جنب الشخص المذكور، فإن كان حبا في الله تعالى فللحب في الله فضل عظيم كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 52433، ولكن ليكن ذلك في حدود الشرع فلا إفراط ولا تفريط، وإذا كان ذلك لغرض غير شرعي فإن الأمر المباح يصير بقصد الحرام حراما مثل النظر إلى المحارم ونحوه مثلا فإنه مباح أصلا لكنه بقصد الشهوة يصير حراما، وفي هذه الحالة يجب الابتعاد عن كل ما يؤدي إلى ما لا يرضاه الله ورسوله سدا للذريعة وكبحا للهوى والنفس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/7382)
هل تعاد الصلوات التي لم تحس فيها بالطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يلزمني إعادة كل الصلوات التي لم أشعر فيها بالطمأنينة عمري 19 سنة ونادراً جداً أن أقدر على الخشوع في صلاتي طوال عمري وقد أعد الصلوات التي خشعت فيها عدا، وأنا الآن الحمد لله منّ الله علي بالتوبة، ولقد علمت الآن أنه يجب إعادة الصلوات التي لم يطمئن فيها العبد، فهل من المعقول أن أعيدها أم يعتبر من المشقة لكوني علمت الحكم حديثا ومدة جهلي طويله قرابة الـ 7 سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصدين بانعدام الطمأنينة في الصلاة عدم الخشوع فيها فصلاتك صحيحة عند جمهور أهل العلم، وإن كانت ناقصة الثواب راجعي في ذلك الفتوى رقم: 23481، والفتوى رقم: 4215.
وإن كان المقصود بالطمأنينة سكون الأعضاء في الصلاة المدة الزمنية المطلوبة فهي واجبة في جميع أركان الصلاة الفعلية والقدر المجزئ منها، وتقدم تفصيله في الفتوى رقم: 51722.
فإذا كنت تأتين في صلاتك بالقدر المجزئ من الطمأنينة فهي صحيحة ولا تشرع لك إعادتها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 15650، وإما إذا لم تكوني تأتين بالقدر الواجب فصلاتك باطلة وعليك أن تعيديها إن علمت قدرها، وإلا فاحتاطي في ذلك حتى تبرأ ذمتك، وأسباب الخشوع المعينة عليه تقدم بيانها في الفتوى رقم: 9525، والفتوى رقم: 3087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(11/7383)
التأمين والتسبيح والتعوذ والسؤال عند سماع تلاوة الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما يجب علي أن أقول لما يصل الإمام إلى قوله تعالى: آخر البقرة (فانصرنا على القوم الكافرين) ثم (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) (أليس الله بأحكم الحاكمين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على المأموم أن يقول شيئا عند قراءة الإمام لهذه الآيات، ولكن لا مانع من أن يؤمن سرا عند آية البقرة كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 80751، ولبيان ما يستحب أن يقال عند قراءة أو سماع الآيتين الأخريين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8175، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 30137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(11/7384)
كيفية السجود في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية السجود في الصلاة كما ذكرت في كتاب الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 59402، صفة سجود النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في كتاب الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان ما يلي: الركن السابع السجود وهو وضع الجبهة على الأرض ويكون على الأعضاء السبعة في كل ركعة مرتين لقوله تعالى: واسجدوا. وللأحاديث الواردة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم به وفعله له وقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ، فالأعضاء السبعة هي الجبهة والأنف واليدان والركبتان وأطراف القدمين، فلا بد أن يباشر كل واحد من هذه الأعضاء موضع السجود وحسب الإمكان. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(11/7385)
حكم التلفظ بالنية والأذان لصلاة السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أريد أن أصلي فأنوي وأقول نويت أن أصلي مثلا صلاة الظهر أربع ركعات لقبلة الله تعالى وأقول الأذان قبل كل صلاة سواء في السنة أو في الفرض فهل صلاتي صحيحة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى، ولكن تلفظك بالنية غير صحيح لأن التلفظ بها بدعة لم يرد بها الشرع كما في الفتوى رقم: 6445، والفتوى رقم: 11235.
وكذلك الأذان لصلاة السنة لم يرد به الشرع. قال الشافعي رحمه الله: لا أذان ولا إقامة إلا للمكتوبة. وقال مالك رحمه الله: لا أذان في نافلة.. فالاذان لا يشرع لصلاة السنة أو النافلة وإنما يشرع لصلاة الفرض ولو لمنفرد كما في الفتوى رقم: 21135، والفتوى رقم: 7909.
وأما الأذان والإقامة للمرأة فقد اختلف أهل العلم فيهما بين قائل بالجواز وقائل بالكراهة، والمفتى به عندنا استحباب الأذان والإقامة للنساء للفريضة كما تقدم في الفتوى رقم: 6994.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(11/7386)
صلاة الناعس وحكم صلاة الصبح بعد طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرخاوة أثناء الصلاة تبطلها؟ وما حكم صلاة الصبح بعد أن اتضح أن الشمس قد طلعت؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم مقصود السائل بالرخاوة، فإذا كان مقصوده بالرخاوة في الصلاة النعاس أو مراخاة الجسم نتيجة لتعب أو كسل ونحو ذلك وعلى الاحتمالين فالصلاة صحيحة إذا أتي بأركانها ولا يضره النعاس أو رخاوة الجسم لأنهما لا يبطلان الطهارة.
إلا أن المطلوب من المصلي أن يتهيأ لصلاته ويقبل عليها برغبة ونشاط لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه.
قال النووي رحمه الله: وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحو مما يذهب عنه النعاس فهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، لكن لا يخرج فريضة عن وقتها.. ..انتهى
وقال الشيخ الباجي رحمه الله في المنتقى: وإن جرى ذلك في صلاة الفرض فكان في الوقت من السعة ما يعلم أنه يذهب عنه فيه النعاس ويدرك صلاته أو يعلم أن معه من يوقظه فليرقد وليتفرغ لإقامة صلاته في وقتها فإن كان في ضيق الوقت وعلم أنه إن رقد فاته الوقت فليصل ما يمكن وليجهد نفسه في تصحيح صلاته ثم يرقد فإن تيقن أنه قد أتى في ذلك بالفرض وإلا قضاها بعد نومه.
وقال الولي العراقي رحمه الله في طرح التثريب عند شرح حديث: إذا قعد أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع قال والدي رحمه الله تعالى: ظواهر الأحاديث تقتضي وجوب ذلك يعني الاضطجاع، فأما من حيث المعنى فإن كان النعاس خفيفا بحيث يعلم المصلي الناعس أنه أتى بواجبات الصلاة فصلاته صحيحة، وإن كان بحيث لا يعلم ما أتى به من الواجبات فصلاته غير صحيحة. انتهى بتصرف، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل، كما ذكر النووي أنه مذهب الجمهور.
وأما صلاة الصبح بعد طلوع الشمس فصحيحة ولكن من أخرها عن وقتها لعذر كنوم فلا شيء عليه وقد حصل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ففي صحيح البخاري وغيره عن عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وإنا أسرينا حتى كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها فما أيقظنا إلا حر الشمس وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء فنسي عوف ثم عمر بن الخطاب الرابع وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس وكان رجلا جليدا فكبر ورفع صوته بالتكبير فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم قال: لا ضير أو لا يضير، ارتحلوا فارتحل فسار غير بعيد ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ ونودي بالصلاة فصلى بالناس) .
وأما إذا أخر الصلاة حتى طلعت الشمس متعمدا فهو آثم وعليه القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(11/7387)
قصر الصلاة وجمعها وتأخيرها عن وقتها بسبب المحاضرات الجامعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سماع المحاضرات الجامعية يفوت علينا بعض أوقات الصلاة بحيث لا تسمح الظروف إطلاقاً بأدائها. فهل يجوز إذا أمكن الأداء أن نقصر؟ وما كيفية القصر في الفرائض؟ وهل نؤدي الفوائت قبل أي فرض يليها أو نؤديه بعد مثيله من اليوم التالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام حيث تعتبر الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق مضيعها أو المتهاون بها حيث قال تعالى:
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}
وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} .
وعليه فالواجب على السائل المحافظة على أداء الصلاة المفروضة في وقتها، فإن أمكن أداؤها جماعة في مسجد أو قاعة الدرس مثلا فهذا الواجب، وإن لم يمكن ذلك فليصلها منفردا في قاعة الدرس أو في مكان آخر طاهر، وليس الحضور للمحاضرات بعذر شرعي لتأخير الصلاة عن وقتها أو قصرها لأن القصر حدد له الشرع سببا واضحا وهو قطع مسافة قصر في سفر مباح. وراجع الفتوى رقم: 12471.
كما أن الدراسة ليست بعذر شرعي لجمع الصلوات بصفة دائمة. وراجع الفتوى رقم: 13041.
وإذا كان الاشتغال بالدراسة يترتب عليه تضييع الصلاة بأدائها خارج وقتها فلا خير في عمل مشغل عن الصلاة، وبالتالي فالواجب ترك الدراسة في تلك الجامعة. وراجع الفتوى رقم: 42122، والفتوى رقم: 58251.
وبخصوص قضاء الفوائت وترتيبها مع الصلاة الحاضرة فمذاهب أهل العلم في المسألة سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 42800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(11/7388)
كيفية صلاة ركعتي الفجر وصلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الحمد لله أستيقظ لصلاة الفجر كل يوم، السؤال هو: هل صلاتي صحيحة ولا غلط، أنا أخبركم كيف أصلي، أولاً أستيقظ وأتوضأ وبعد ذلك أصلي ركعتي سنة الفجر من غير تكبير وبعد ذلك أصلي الفرض من غير تكبير، وبعدها أصلي ركعتي الصبح بتكبير وكلهم أصليهم خلف بعض، أي بعد ما أنتهي من ركعتين أصلي بعدهم إذا كان هذا غلطا، فأرجو منكم الطريقة الصحيحة فى صلاة الفجر والصبح، وهل عندما أصلي الفجر أصلي بعده على طول الصبح، أم لا بد عندما يطلع الصبح أصليه، وهل أكبر قبل أن أصلي السنة أو قبل أن أصلي الفجر، أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطريقة الصحيحة في هذا الموضوع هي أن تعمل الأخت السائلة ما يلي، بعد الوضوء وتحقق دخول وقت صلاة الصبح وهو طلوع الفجر الصادق حين يؤذن المؤذن الأذان الثاني إن كانوا يؤذنون للفجر أذانين تصلي السنة وهي ركعتان قبل صلاة الفرض، وتسمى راتبة الصبح وركعتا الفجر، ولا تصح إلا بتكبيرة الإحرام كغيرها من الصلوات، ولا تطالب بالزيادة عليهما، وبعد ذلك تصلي الفرض مباشرة وذلك لأن المبادرة إلى الصلاة بعد التحقق من دخول وقتها مستحب، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 78352 والفتوى المحال عليها فيها، فهذا بالنسبة لمن يصلي منفرداً.
أما من كان في جماعة فلينتظرها بعد أن يصلي راتبة الفجر، وأما التكبير الذي ذكرته الأخت في السؤال فإذا كانت تعني بالتكبير تكبيرة الإحرام وهي قول المصلي في أول صلاته الله أكبر فهذه التكبيرة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها، سواء كانت فرضاً أو نفلاً، وإن كانت تقصد الإقامة عند القيام إلى الصلاة بأن تقول الله أكبر الله أكبر أشهد إن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، فإنها تخص الفرض، ولمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 32449، والفتوى رقم: 9120.
ونؤكد التنبيه هنا إلى أن وقت سنة الفجر يبدأ بطلوع الفجر الصادق فمن صلاها قبل ذلك لم يأت بها، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 35761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(11/7389)
قول آمين بعد سورة البقرة وبلى بعد سورة التين
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم الأنبيياء.. وبعد:
سؤالي كالتالي: ما حكم قول آمين بعد دعاء سورة البقرة الأخير وكذا قول بلى بعد سورة التين أثناء الصلاة، وهل هناك دليل شرعي؟ وجزيل الشكر على القائمين على هذا الموقع المفيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قول آمين عند نهاية قراءة سورة البقرة، سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها، ففي مصنف ابن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن رجل عن معاذ أنه كان إذا ختم البقرة قال: آمين.
وسئل الشهاب الرملي عن قول الروياني: إذا أتى بسبع آيات متضمنة للفاتحة بدلها فعندي أنه يؤمن عقبها ويحتمل خلافه هل الراجح احتماله الأول أو الثاني؟ فأجاب: بأن أرجحهما أولهما ويعضده أن في التفسير أن معاذاً رضي الله عنه كان إذا قرأ آخر البقرة قال: آمين، قال ابن عطية: إن كان عن توقيف فذاك، وإلا فهو حسن. وظاهر أن مسألتنا أولى من هذه. انتهى.
وأما قول بلى بعد قراءة سورة التين فسنة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 8175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(11/7390)
صلاة الرجل وحده مع امرأة في مصلى العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس حاسوب أعمل مع أجنبية متزوجة من رجل عربي مسلم وقد أسلمت وهي تدرس اللغات الآن. لكنها تشكو أنها لا تستطيع الصلاة في العمل وأنها لا تجد الجو المحفز على الصلاة أو قضائها في البيت لأن زوجها لا يصلي عادة. جاءت إلي وقالت لم لا تدعني أصلي معك وتؤمني وهذا ما سوف يساعدني على إيجاد مكان أصلي به أثناء الدوام وأنني سأجد الدافع للمداومة على الصلاة علماً انها لا تجد من يساعدها على المداومة على الصلاة من الإناث في العمل لأنهم إما لا يصلون أو يؤجلون الصلاة ويقضون جميع صلوات النهار في البيت ومعظم الموظفين الرجال يفضلون أن يصلوا لوحدهم. قد حصل لها موقف محرج في الغرفة المخصصة للصلاة قررت على أساسها أن لا تعود إليها أبدا لأن الرجال عندها منعوها من الصلاة هناك وأخذوا يصرخون وينظرون إليها بطريقة غير جيدة. هي لا تعرف من العربية الكثير لذلك أترجم وضعها وسؤالها. هل يجوز أن تصلي معي هي مأمومة بي علماً أننا سنكون لوحدنا أثناء الصلاة. جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسيدة التي سألت عن حالتها بإمكانها أن تصلي في الغرفة المخصصة للصلاة بعد خلوها من الرجال، كما يمكنها الصلاة في مكتبها أو في مكان طاهر داخل مكان العمل، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة.
كما يجوز لك أن تصلي بها إماما برفقة أحد زملائك داخل قاعة الصلاة، مع تنبيه الرجال على عدم مشروعية طردها من تلك القاعة وضرورة مراعاة وضعيتها الراهنة، ولا يجوز لك الصلاة معها منفردين كما ذكر لما في ذلك من الخلوة المحرمة، وراجع الفتوى رقم: 53242.
وبخصوص زوجها الذي لا يصلى فقد سبق بيان حكم المسألة في الفتوى رقم: 1061.
وينبغي لك نصح زملائك بضرورة أداء الصلاة جماعة في مصلى العمل حتى تفوزوا بالثواب الجزيل المترتب على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 55413.
مع التنبيه على وجوب المحافظة على الصلاة وحرمة تركها أثناء العمل بحجة جمعها مع غيرها في البيت، وراجع الفتوى رقم: 62476.
وأخيرا ننبه على أن عمل الرجل في مكان يختلط فيه الرجال مع النساء لا يجوز إلا بضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 8677.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1427(11/7391)
القيام عند الإقامة وتكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإقامة (يعني الوقوف عند إقامة الصلاة) شرط أو ركن من أركان الصلاة ومن غيرها الصلاة تبطل ولقد سمعت رأيين متناقضين والرجاء أن تفيدوني بكل الآراء التي تناولت موضوع الإقامة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد القيام عند إقامة الصلاة قبل تكبيرة الإحرام فالجواب أنه غير واجب ولا نعلم أحدا قال بوجوبه ولا أنه شرط من شروط الصلاة، وإنما اختلف العلماء في تعيين الوقت الذي يستحب فيه القيام عند الإقامة كما أسلفنا في الفتوى رقم: 20796، وإن كان المراد القيام أي وقوف الشخص ليكبر تكبيرة الإحرام فهذا ركن من أركان الصلاة مثل القيام أثناء قراءة الفاتحة، وانظري الفتوى رقم: 12455، هذا في الفرض وفي حق من يستطيع القيام، أما غير المستطيع فلا يكلف ما لا يستطيع وتصح صلاته قاعدا، وانظري الفتوى رقم: 25092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(11/7392)
هل يصلي الطالب بالإيماء لكي لا يقاطع الدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن الصلاة بالإيماء إذا استحال وجود مكان للصلاة. وكذلك بالنسبة للتلميذ الذي لا يمكنه مقاطعة الدرس للصلاة فذلك "ممنوع"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القيام في صلاة الفريضة والركوع والسجود كل ذلك من أركان الصلاة التي لا تصح بدونها، ولا تسقط إلا عند العجز، فلا ينتقل المصلي إلى الصلاة جالسا أو مومئا إلى الركوع والسجود إلا عند العجز حقيقة أي عدم الاستطاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن القيام: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري ولقوله صلى الله عليه وسلم عن السجود: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم. .. الحديث. رواه البخاري ومسلم، ولكن من عجز عن القيام فلا بأس من أن يصلي قاعدا للحديث المتقدم، فمن عجز عن الركوع أو السجود فإنه يأتي بما يستطيع الإتيان به من هذه الأركان فيومئ إيماء.
قال ابن قدامة في المغني:
وإن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما كما يومئ بهما في حالة الخوف، ويجعل السجود أخفض من الركوع إن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود.. اهـ
ولكن ننبه أن هذا في حال العجز حقيقة كالمريض أو كالذي يكون في زحام شديد لا يمكنه التخلص منه ونحو ذلك.
وأما الدراسة فليست عذرا في ترك هذه الأركان، فلا يجوز للطالب أن يصلي الفريضة جالسا على كرسي الدراسة ويومئ بالركوع أو السجود بحجة أن قطع الدرس ممنوع، أو بحجة الحياء من الناس ونحو ذلك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 29687، والفتوى رقم: 35578، والفتوى رقم: 68473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(11/7393)
التسبيح في صلاة النافلة لا يختلف عن الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التسبيح في صلاة النافلة مختلف عن الفريضة أم نفس التسبيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يعني التسبيح في الركوع والسجود فإنه لا فرق فيه بين الفريضة النافلة، وإن كان المراد التسبيح بعد الصلاة، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 25793، أنه خاص بالمتكوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(11/7394)
يقتصر المصلي على الأركان ويترك السنن لإدراك الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مصاب بسلس ويتوضأ لكل صلاة وإذا خرج الوقت بطلت طهارته، لم يبق من الوقت ما يسع كل أركانها (عليه صلاة الظهر وبقي من الوقت بعد التطهر ما لا يسع أربع ركعات) إن كبر وصلى بطلت طهارته في الركعة الثالثة لخروج الوقت ماذا يفعل؟! هل يصلي ويعيد أم يصلي ولا يعيد أم يصلي وإذا خرج الوقت خرج من صلاته (لأنها بطلت) ويعيدها قضاء، ماذا لو ظن أن الوقت لن يخرج فخرج، وهل يجب عليه الاقتصار على الأركان فقط، وهل يؤثر لو كان تأخيره للصلاة بعذر أو لا في مسألة الإعادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في وضوء صاحب السلس، فمنهم من رأى أنه لا ينقض بالسلس إذا كان يلازمه أكثر الزمن، ومنهم من رآه يبطل بدخول وقت الصلاة الأخرى، ومنهم من قال يبطل بخروج وقت الصلاة التي توضأ لها ولو لم يدخل وقت الصلاة الأخرى، ولك أن تراجع في تفصيل كلامهم الفتوى رقم: 71602.
واعلم أن شريعة الإسلام مبنية على اليسر والسماحة، وليس فيها شيء من الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وقال: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري.
وعليه؛ فهذا الرجل إذا دخل في الصلاة وخرج الوقت في ركعته الثالثة، فإنه يمكنه أن يقلد من لا يرون بطلان الوضوء إلا بدخول وقت الصلاة الأخرى، أو من لا يرون بطلانه أصلاً إذا كان السلس ملازماً أكثر الزمن، وذلك لأن قطع صلاة الفريضة بعد الشروع فيها دون مسوغ شرعي غير جائز؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} ، ثم بعد أن يكملها فمن الحسن له أن يعيدها احتياطاً للخروج من خلاف أهل العلم، إذا كانت الإعادة لا تشق عليه، ولا نرى فرقاً بين أن يظن أن الوقت لن يخرج فخرج، ولا بين أن يكون تأخيره للصلاة كان بعذر أو لا، لأن أهل العلم لم يبنوا خلافهم في هذه المسألة على شيء من ذلك، وإنما بنوه على ما ورد فيها من النصوص، أو على ما تجلبه من المشقة.
وأما ما سألت عنه من الاقتصار على الأركان وترك السنن محافظة على إدراك الوقت، فقد قال به كثير من أهل العلم، ففي منح الجليل عند قول خليل: وتدرك فيه الصبح بركعة، قال الشيخ عليش: تامة بسجدتيها مشتملة على قراءة فاتحة قراءة متوسطة وعلى طمأنينة واعتدال في رفع من ركوع وسجود، ويجب ترك السنن كقراءة سورة وزيادة طمأنينته محافظة على إدراك الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1427(11/7395)
حكم صلاة من يدافع البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي التهابات وصديد في البول، وكل خمس دقائق أدخل الحمام وعند الصلاة أتوضأ ولكني حين أصلي أكون أريد أن أدخل الحمام مرة أخرى فبالله عليكم ماذا أفعل هل صلاتي صحيحة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن الأخ يسأل عن صلاة من صلى وهو يدافع البول، وعليه، فنقول إن صلاة من يدافع البول أو الغائط أو الريح صحيحة مع الكراهة لمن حالته طبيعية بحيث يمكنه أن يزيل ذلك قبل الدخول في الصلاة، أما بالنسبة لك فصلاتك صحيحة بلا كراهة لأنك معذور، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: يكره أن يصلي وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح أو يحضره طعام أو شراب تتوق نفسه إليه لحديث عائشة، قال أصحابنا "أي الشافعية" فينبغي أن يزيل هذا العارض ثم يشرع في الصلاة.
وهذا في الشخص الطبيعي كما سبق، أما المعذور فلا حيلة له في إذهابه، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، فاطمئن أخي الكريم وادع الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء، واستخدم الأسباب الحسية كالذهاب إلى الطبيب، نسأل الله جل جلاله أن يشفيك مما ألم بك.
ونقل النووي عن بعض الشافعية الخراسانيين وصاحب البيان عن الشيخ أبي زيد المروزي أنه إذا انتهى به مدافعة الأخبثين إلى أن ذهب خشوعه لم تصلح صلاته وبه جزم القاضي حسين من الشافعية، قال النووي: وهو شاذ ضعيف، والمشهور من مذهبنا ومذهب العلماء صحة صلاته مع الكراهة، وحكى القاضي عياض عن أهل الظاهر بطلانها. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته سواء خاف فوت الجماعة أو لم يخف؛ لحديث عائشة رضي الله عنها.. إلى أن قال: والمعنى في ذلك أن يقوم إلى الصلاة وبه ما يشغله عن خشوعها وحضور قلبه فيها، فإن خالف وفعل صحت صلاته في هذه المسألة. انتهى
والحاصل: أن مجرد الإحساس بالبول بدون مدافعة لا يدخل في النهي، مع أن الأفضل أن يدخل الإنسان وقد أزال عنه ما يشغله في صلاته من الخواطر.... وإما إذا كانت هناك مدافعه فإن غاية ما فيه أنه تكره صلاته ولا تبطل لأنه وإن شغل به عن الخشوع فإن الصلاة مجزئه عنه، وإنما ينقص بذلك أجرها وثوابها بقدر نقصان الخشوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لينصرف فلا يكتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(11/7396)
الظل أمام المصلي هل يقطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب هذا السؤال http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=77068&Option=FatwaId
وأخشى أن تكونوا لم تفهمو قصدي، الظل الذي أتحدث عنه جاء بسبب وجود ضوء خلف الشخص الذي يدق الباب، إذ الباب زجاجي وأمامه ستارة، وأنا أصلي أمام الباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرور شيء أمام المصلي لا يبطل صلاته سواء كان المار رجلاً أو امرأة أو حيواناً، وإنما ينقص أجر الصلاة، وأما مرور الشخص خلف السترة وحصول الظل أمام المصلي فلا أثر له ولا يدخل في القطع أصلاً، وعليه فصلاتك صحيحة وأجرها تام، وذلك لأدلة منها ما رواه أبو داود عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة شيء وادرأوا ما استطعتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/7397)
البكاء في الصلاة وبكاء النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم عند قراءته القرآن في الصلاة يسمع له نحيب أو كان يسمع له صلى الله عليه وسلم أنين؟ أفيدوني أفادكم الله، وسبب هذا السؤال كثرة المتنطعين الذين جعلوا من هذه التصرفات نوعا من الأساليب التى يخدعون بها العامة ليتصور العامي مدى خوف وخشية هذا المنافق من الله وهو بعيد من ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى أبو داود والنسائي عن مطرف عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل. يعني صوتا كصوت الماء وهو يغلي.
وللبكاء في الصلاة تفصيل عند الفقهاء لا بد من معرفته حتى لا يعرض المصلي صلاته للبطلان وهو لا يشعر، وقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية مذاهب الفقهاء في المسألة، فقالوا:
يرى الحنفية أن البكاء في الصلاة إن كان سببه ألما أو مصيبة فإنه يفسد الصلاة، لأنه يعتبر من كلام الناس، وإن كان سببه ذكر الجنة أو النار فإنه لا يفسدها، لأنه يدل على زيادة الخشوع، وهو المقصود في الصلاة، فكان في معنى التسبيح أو الدعاء، ويدل على هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي بالليل وله أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
وعن أبي يوسف أن هذا التفصيل فيما إذا كان على أكثر من حرفين، أو على حرفين أصليين، أما إذا كان على حرفين من حروف الزيادة، أو أحدها من حروف الزيادة والآخر أصلي، لا تفسد في الوجهين معا، وحروف الزيادة عشرة يجمعها قولك: أمان وتسهيل.
وحاصل مذهب المالكية في هذا: أن البكاء في الصلاة إما أن يكون بصوت، وإما أن يكون بلا صوت، فإن كان البكاء بلا صوت فإنه لا يبطل الصلاة، سواء أكان بغير اختيار، بأن غلبه البكاء تخشعا أو لمصيبة، أم كان اختياريا ما لم يكثر ذلك في الاختياري، وأما إذا كان البكاء بصوت، فإن كان اختياريا فإنه يبطل الصلاة، سواء كان لمصيبة أم لتخشع، وإن كان بغير اختياره، بأن غلبه البكاء تخشعا لم يبطل، وإن كثر، وإن غلبه البكاء بغير تخشع أبطل، هذا وقد ذكر الدسوقي أن البكاء بصوت، إن كان لمصيبة أو لوجع من غير غلبة أو لخشوع فهو حينئذ كالكلام، يفرق بين عمده وسهوه، أي فالعمد مبطل مطلقا، قل أو كثر، والسهو يبطل إن كان كثيرا، ويسجد له إن قل.
وأما عند الشافعية، فإن البكاء في الصلاة على الوجه الأصح إن ظهربه حرفان فإنه يبطل الصلاة، لوجود ما ينافيها، حتى وإن كان البكاء من خوف الآخرة، وعلى مقابل الأصح: لا يبطل لأنه لا يسمى كلاما في اللغة، ولا يفهم منه شيء، فكان أشبه بالصوت المجرد.
وأما الحنابلة فإنهم يرون أنه إن بان حرفان من بكاء، أو تأوه خشية، أو أنين في الصلاة لم تبطل، لأنه يجري مجرى الذكر، وقيل: إن غلبه وإلا بطلت، كما لو لم يكن خشية، لأنه يقع على الهجاء، ويدل بنفسه على المعنى كالكلام، قال أحمد في الأنين: إذا كان غالبا أكرهه، أي من وجع، وإن استدعى البكاء فيها كره كالضحك وإلا فلا. والله أعلم.
ولا شك أن المتصنع على خطر عظيم والله تعالى يكشفه ولو بعد حين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1427(11/7398)
قراءة القرآن في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه لا تجب قراءة القرآن عند السجود بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، وعلى كل حال فإن قراءة القرآن في السجود والركوع قد ثبت النهي عنها بقوله صلى الله عليه وسلم: ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم وغيره، ومن هذا يعلم أن المشروع في السجود حيث كان هو الدعاء لا قراءة القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(11/7399)
مرور الطفل بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث أنه عندما نصلي يأتي طفل أمامنا فيزعجنا إذا سجدنا أوركعنا، هل صلاتنا جائزة؟ وكيف التصرف معه؟ وأريد معرفة سبب تصرف أي طفل هكذا حيث يترك اللعب وأي شيء ويأتي أمام المصلي. هذا سؤال ينتظر جوابه الكثيرين من الأشخاص، رجاء أفتونا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلوب من المصلي أن يتخذ مكانا بعيدا عن إزعاج وتشويش الأطفال وغيرهم لئلا ينشغل بهم وبأصواتهم، ولو صلى مع وجود هذا الإزعاج فالصلاة صحيحة، ولو مر أمامه طفل أو غيره ينبغي أن يدفعه عن المرور ما أمكن لأن مروره بين يدي المصلي ينقص أجر صلاته.
وأما سبب ترك الطفل للعب ومجيئه إلى المصلي فقد يكون باختياره وقد يكون بدافع من الشيطان لما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان. أي الشيطان هو الذي حمله على مروره وامتناعه من الرجوع، فكذلك الطفل قد يدفعه الشيطان ليزعج المصلي عن صلاته وينقص عليه أجرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(11/7400)
قراءة القرآن في الصلاة من الهاتف النقال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة القرآن في الصلاة من الهاتف النقال، سواء صلاة النافلة كالتراويح في رمضان أو الضحى أوقيام الليل أو صلاة الفريضة، وسواء كان إماما أو مأموما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن في الصلاة من الهاتف كقراءتها من المصحف الشريف، والصحيح جواز ذلك في صلاة الفريضة والنافلة كما بيناه في الفتوى رقم: 1781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(11/7401)
صلاة المرء في ثياب نومه لكونها دون الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أنعم الله علي بالهداية وأنا الآن في بداياتي، أنا الآن أذهب إلى الصلاة بثوب النوم لأن ثيابي جميعها مسبلة وهل هناك أولوية بين اللباس لأن هناك من قال لي الثياب الجديدة وإن كانت مسبلة فهي الأهم حتى لو كان لدي ثوب قصير آخر وما معنى هذه المقولة ((الدين يسر وليس عسرا)) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك أيها الأخ الكريم على الهداية إلى الصواب، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا وإياك على طاعته، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 69465، ويجب على الأخ السائل أن يقصر ثيابه بحيث لا تتجاوز الكعبين فقد جاء في الحديث الوعيد الشديد فيمن جر ثوبه خيلاء وقال صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار. رواه البخاري، هذا ولا يشترط في لباس الصلاة أن يكون جديدا، بل المهم أن يكون طاهرا ساترا، ولكن ينبغي للمسلم أن يختار لصلاته أحسن ثيابه تعظيما لشأن الصلاة، ولا شك أن الصلاة في الملابس التي لا تتجاوز الكعبين ولو كانت غير جديدة أولى من الصلاة في الملابس الجديدة الطويلة بحيث تتجاوز الكعبين؛ لأن لبس الثوب الذي يتجاوز الكعبين حرام، وإن صحت فيه الصلاة على الراجح، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 53976، ولمزيد الفائدة في هذا المعنى راجع الفتوى رقم: 39405، والفتاوى المحال عليها فيها. ولبيان المقصود بيسر الدين راجع الفتوى رقم: 46684.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(11/7402)
حكم الإسراع في الصلاة عند سماع رنين الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الإسراع في الصلاة عند سماع الهاتف أو غير ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يسرع في صلاته إسراعا يخل بأركان الصلاة من طمأنينة واعتدال، سواء كان ذلك لأجل إدراك مكالمة الهاتف أم لا، أما إذا أسرع إسراعا لا يخل بأركان الصلاة فإن ذلك جائز ولاسيما إذا كان لحاجة، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داوود عند شرح الحديث: إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه، والحديث يدل على مشروعية الرفق بالمأمومين ومراعاة مصالحهم ودفع ما يشق عليهم وإيثار تخفيف الصلاة للأمر يحدث. انتهى
ثم إننا نقول لأصحاب الهواتف المحمولة عليهم أن يتقوا الله ويحرصوا على إغلاق هواتفهم قبل الدخول في الصلاة لئلا يشوشوا على أنفسهم ومن بجوارهم من المصلين، كما ننصح بالابتعاد عن النغمات الموسيقية والاكتفاء بما هو خال من الألحان ونحوها لحرمة استماع الموسيقى من الجوال وغيره.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1427(11/7403)
صلاة الرجل وصلاة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك فرق في صفة صلاة الرجل والمرأة؟ وإذا كان هناك فرق فما هو؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أجبنا عن هذا الموضوع بالفتوى رقم: 75880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(11/7404)
صلاة النساء وهل يقمن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة النساء كصلاة الرجال وهل تجب عليهن الإقامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أنه لا فرق بين الرجال والنساء في كيفية أداء الصلاة، لا في الأقوال ولا في الأفعال إلا في بعض الهيئات التي ذكر الفقهاء أنها تختص بالمرأة كما تقدم في الفتوى رقم: 28569، ومما تختلف فيه المرأة عن الرجل أيضا الجهر في القراءة، فإن المرأة لا تجهر إلا في حالات بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: 6545، وتختلف معه أيضا في حال ما إذا أمت النساء فإنها تقف وسطهن كما أسلفنا في الفتوى رقم: 26491، ولا تقف أمامهن كما يقف الرجل أمام المأمومين، وأما الإقامة فإنها غير واجبة سيان في ذلك الرجال والنساء، ولبيان حكمها بالنسبة للمرأة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 28487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1427(11/7405)
هل يصلي جالسا على كرسي أم على الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني شيخ كبير في السن قائلا: هل من الأفضل أن أصلي على كرسي أم أن أصلي قاعدا على الأرض، علما أنني أستطيع الصلاة في الحالتين فاجتهدت عقلا بأن الصلاة على الأرض جالسا أفضل لتمكنه من السجود ولا يتسنى له ذلك عند جلوسه على الكرسي، أريد معرفة رأيكم في ذلك. بارك الله فيكم ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقيام في الصلاة المفروضة ركن من أركانها لا تجزئ بدونه، ولا ينتقل المصلي إلى الصلاة جالسا إلا بعد عجزه عن القيام، ففي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب.
فإذا كان الشيخ المذكور قد تحقق من عجزه عن القيام جاز له أن يصلي جالسا، لكن جلوسه هذا لا يبرر تركه للسجود لأن السجود ركن من أركان الصلاة لا تجزئ بدونه، وبالتالي فلا تجزئ صلاته على كرسي إذا ترتب عليها تركه للسجود، وراجع الفتوى رقم: 68473. وأما النافلة فيجوز للقادر على القيام أن يصليها جالسا وله نصف أجر القائم، ولكن عليه أن يسجد على الأرض إذا أمكنه ذلك، مع التنبيه على أن المصلى جالسا له هيأتان مفضلتان فصلهما الإمام النووي في المجموع قائلا: وأما القعود الذي هو بدل القيام وفي موضعه ففي الأفضل منه قولان ووجهان: (أصح القولين) وهو أصح الجميع يقعد مفترشا، وهو رواية المزني وغيره، وبه قال أبو حنيفة وزفر (والثاني) متربعا، وهو رواية البويطي وغيره، وبه قال مالك والثوري والليث وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وذكر المصنف دليلهما، وأحد الوجهين متوركا، حكاه إمام الحرمين والغزالي في البسيط وغيرهما لأنه أعون للمصلي. (والثاني) : يقعد ناصبا ركبته اليمنى جالسا على رجله اليسرى وهو مشهور عند الخراسانيين واختاره القاضي حسين لأنه أبلغ في الأدب. انتهى.
ومن الضروري التثبت في الفتوى بحيث تكون مستندة إلى دليل شرعي، ومن لم يتضح له الدليل الشرعي في مسألة فليسأل أهل العلم المتصفين بالورع والتقوى وسلامة المنهج لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
وراجع الفتوى رقم: 5583.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(11/7406)
الصلاة في صف معوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الصلاة في صف معوج، يقال إن الله لا ينظر إلى الصف المعوج. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 56001 بيان كون أن الله تعالى لا ينظر إلى الصف المعوج هو مما يشتهر على ألسنة الناس ولا أصل له في حديث صحيح أو ضعيف، والصلاة في الصف المعوج صحيحة، فتسوية الصفوف عند جمهور أهل العلم سنة مؤكدة وليست بواجبة كما تقدم في الفتوى رقم: 24029.
لكن ينبغي للمسلم الحرص على تسوية الصفوف ونصح المصلين بأهمية ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(11/7407)
رفع المرأة صوتها في الصلاة بسبب الوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مصابة بالوسواس القهري أثناء الصلاة مما يضطرني إلى الصلاة بصوت مرتفع وتكرار الآيات والتسبيح مرات كثيرة، والصلاة جميعها عندي جهرية،وأنا مضطرة لدخول المستشفى لإجراء عملية مما زاد من قلقي عن كيفية صلاتي في المستشفى بين الناس، السؤال: هل يجوز تأجيل صلاتي حتى العودة إلى البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نسأل الله لنا ولك الشفاء من كل الأسقام، وننصحك بكثرة الدعاء والتوكل على الله تعالى واستحضار أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أما فيما يتعلق بالسؤال فيجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها ولا يجوز لك تأخيرها حتى تخرجي من المستشفى وترجعي إلى البيت فتقضيها فيه.
وأما رفع الصوت بالقراءة فغير مطلوب منك بل يكفي أن تقرأي بما تسمعي نفسك، وإذا أسمعت نفسك كفاك ذلك عن الجهر الزائد عليه، ولا تلتفتي إلى الوسواس الذي ينتابك ويخيل إليك أنك لم تقرأي القراءة المطلوبة في الصلاة، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/7408)
الخروج من الصلاة لإغاثة من أغمي عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت إليكم بسؤال وقد مضى عليه أكثر من شهر ولم أتوصل بجواب، والسؤال كان كما يلي كنت في صلاة الجماعة فأصاب أحد المصلين إغماء فهرع إليه الإمام والمصلون على السواء، سؤالي هو: ما هو العمل الشرعي الذي يجب القيام به في مثل هذه الحالة، وما يترتب على هذه الجماعة من كفارات بسبب خروجهم من الصلاة، وما هي الحالات التي يسمح فيها للمصلي الخروج من الصلاة وكيف يعود إليها؟ وجزاكم الله أحسن الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قطع الصلاة لمسوغ شرعي كخوف ضياع مال له قيمة، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه نائم أو غافل قصدت إليه حية أو حريق ونحوهما، وقد خرج الصحابة من الصلاة للدفاع عن إمامهم وأميرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن، وعليه فلو أغمي على مصل جاز قطع الصلاة لإغاثته، فإن تحققت إغاثته بواحد أو جماعة اقتصر عليهم ولا ينبغي للباقي الخروج، ولكن من خرج لإغاثته ولم يعلم أنه قد كفي فلا شيء عليه، وأما عن كفارة الخروج من الصلاة فإنه لا كفارة على من خرج من الصلاة سواء كان لعذر أو غيره إلا أن المعذور غير آثم وغيره آثم عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وعند العودة إليها يستأنفها من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(11/7409)
لا تقطع الصلاة بسبب رنين الجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[وقف بالأمس زميل إماما للمصلين وكان الهاتف الجوال في جيبه مفتوحا رغم أنني في السابق كتبت لافتة على باب المسجد باللغتين العربية والإنجليزية برجاء إغلاق الهاتف، وعند قراءته للفاتحة أحدث الجوال موسيقى لأغنية سودانية صاخبة وأكمل الإمام الفاتحة مع الموسيقى فمد يده في جيبه وأوقفه إيقافا مؤقتا وفي الركعة الثانية أثناء التلاوة تكرر الاتصال به فأحدث الجوال نفس الموسيقى ثانية فاستهجنت الموقف وانسحبت من الصلاة ومن المسجد بهدوء، فهل الصلاة التي أقامها صحيحة أم باطلة؟ وهل خروجي من المسجد صحيح أم خطأ؟ وما هو العمل الصحيح مع الإمام إذا حدث معه ذلك مرة ثانية وأحدث الجوال صوت أغنية أو موسيقى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان ينبغي للإمام المذكور إغلاق هاتفه قبل الدخول في الصلاة, وإذا لم يغلقه وحصل اتصال به أثناء الصلاة فينبغي له إغلاقه بحركة يسيرة سواء كان الاتصال مرة أو أكثر لأن مثل هذه الحركة اليسيرة لا تبطل الصلاة ولو تكررت عمداً، كما سبق بيانها في الفتوى رقم: 6403.
كما تتأكد على ذلك الإمام المبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى, ومن صدق توبته بعده عن مثل هذه الموسيقى داخل الجوال وغيره, ويتعين نصحه بحكمة ورفق، وصلاة الإمام والمأمومين صحيحة في هذه الحالة، وما حدث أثناء هذه الصلاة ليس بمبرر شرعي لقطعها. وقد سبق في الفتوى رقم: 11131، والفتوى رقم: 32896 بعض مسوغات قطع الصلاة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 72686، والفتوى رقم: 66829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/7410)
الفوائد الصحية للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما علاقة الصلاة بالصحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فهمناه من السؤال هو الاستفهام عن الفوائد الصحية للصلاة، وعليه فنقول: هناك فوائد بدنية عظيمة كثيرة ينعم الله بها على المسلم بواسطة الصلاة، على الرغم من أنه يؤديها بنية تنفيذ أمر الله عز وجل، وطلبا لمرضاته وتقربا إليه، فالمسلم حين يؤدي الصلاة فإنه -وبدون أن يلقي لذلك بالا- يقوم بتمارين تشمل جميع البدن من أعلى الرأس إلى أخمص القدم، ففي كل حركة من حركات الصلاة هناك عضلات ومفاصل وأوتار وأربطة.. إلخ تشترك جميعا في تأدية الحركة مما ينتج عنه تقويتها وتنشيطها.
ولو قيل لأحد المصلين إنه يؤدي خمسين حركة كل يوم لأصابته الدهشة ومع ذلك فهو -كما سترى فيما بعد إن شاء الله- يؤدي عددا من الحركات يفوق كثيرا هذا الرقم، فالصلاة عمل بسيط وحركات قليلة متكررة خمس مرات في اليوم، ولكن إذا أحصيتها جميعا وجدت أرقاما مذهلة، يقول الدكتور فارس عازوري الاختصاصي في الأمراض العصبية والمفاصل من جامعات أميركا: إن الصلاة عند المسلمين وما تحتويه من الركوع والسجود تقوي عضلات الظهر، وتلين تحركات فقرات اللسلة الظهرية، وخصوصا إذا قام الإنسان بالصلاة في سن مبكرة، ويترتب على ذلك مناعة ضد الأمراض التي تنتج عن ضعف في العضلات التي تجاور العمود الفقري، والتي ينشأ من ضعفها أنواع من أمراض العصبي تسبب الآلام الشديدة والتشنج في العضلات.
نعم، وهذا ما سيقوله كل طبيب منصف، وللصلاة فوائد أخرى الله أعلم بها، يقول الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {البقرة: 45 ـ 46} ومن أجل ذلك يدعو الإسلام المريض إلى أداء الصلاة قائما أو قاعدا أو مضطجعا حسب استطاعته، وجميع هذه الفوائد والمنافع تعود عليك لا على الله عز وجل، والله تعالى لم يفترض عليك الصلاة إلا لصالحك أنت، وما غضبه عندما لا تؤديها لأنك أصبته بشيء من الضرر بل لأنك ظلمت نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(11/7411)
الإشارة في الصلاة بما يفهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على الرسول الأمين أما بعد:
فضيلة الشيخ أعلمك أني أحبك في الله..وجزاك الله خيرا..
سؤالي في الصلاة ...
بينما كنت أصلي (منفردا) ، اذ جاء رجل من خلفي ودخل معي في الصلاة (الآن نحن جماعة) ... ولكنه عندما دخل معي في الصلاة كنت أعلم أن هناك جماعة أخري قائمة أصلا ... فأشرت لذلك الرجل بيدي بأن لا يدخل معي بالصلاة.. لعله يفهم أن هناك جماعة قائمة أساسا....
فما حكم ما يلي:
1- الإشارة باليد أثناء الصلاة كما فعلت هل هي جائزة أم ماذا؟
2- هل أستأنف الصلاة.. مع العلم بأن هناك جماعة أخرى؟
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وجد جماعة يصلون فليلتحق بهم ولا يصلي وحده، وإذا فعل ذلك متعمدا فقد أثم وفاته ثواب الصلاة جماعة وهو ثواب عظيم لاينبغى التفريط فيه، وراجع الفتوى رقم: 35262،
والإشارة التي قمت بها جائزة ولا تبطل الصلاة، قال ابن قدامة في المغني:
ولا بأس بالإشارة في الصلاة باليد والعين لأن معمرا روى عن الزهري عن أنس وعن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر, {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة} رواه الديري عن عبد الرزاق عن معمر. انتهى
وقال النووي في المجموع:
ولوأشارفى صلاته بما يفهم ففي بطلانها وجهان الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور لا تبطل لأنه ليس بكلام ولا فعل كثير انتهى
لكن ما دام الشخص المذكور قد اقتدى بك فيحصل لكما فضل صلاة الجماعة لأن فضلها يحصل بإمام ومأموم وراجع الفتوى رقم: 41612.
وإقامة جماعتين في مسجد واحد تقدم حكمها في الفتوى رقم: 56786.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(11/7412)
وضع السبحة أمام المصلي أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع السبحة على فرش الصلاة أثناء الصلاة أي أمام المصلي ... لأني أرى جدتي تفعل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله جدتك لا مانع منه لأن الأصل جواز ذلك ما لم يدل دليل على عدمه إلا أن تكون تعتقد أنه مطلوب شرعاً فيكون هذا الفعل بدعة لأنه فعل عبادة على وجه خاص من غير دليل شرعي يدل على ذلك، وهذا داخل في ضابط البدعة، كما في الفتوى رقم: 631، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 41435، والفتوى رقم: 7051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(11/7413)
من يرفع يديه في مواضع الرفع في الصلاة أكثر ثوابا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة من يرفع يديه أكثر درجة من الذي يصلي وهو لا يرفع يديه على السنة؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 70318، تفصيل المواضع التي يشرع فيها رفع اليدين في الصلاة فراجعيها.
وإذا كنت تقصدين رفع اليدين في الصلاة في موضع يسن فيه ذلك، فمن فعله فإنه يثاب عليه ثوابا لا يناله تارك هذه السنة، فقد عرف أهل العلم السنة بأنها ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، ففي غذاء الألباب- وهو حنبلي- عند تعريفه للسنة اصطلاحا: وفي الاصطلاح: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير -كما قدمنا- والمراد هنا ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه. انتهى.
ومن ترك سنة صحيحة فينبغي نصحه وإرشاده إلى أهمية اتباع السنة والمواظبة عليها والحصول على الثواب المترتب على فعلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(11/7414)
الدعاء في الصلاة بما ليس بمأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجماعة في المسجد في الركوع يكون هناك فترة من الزمن بعد قراءة الذكر (سبحان ربي العظيم وبحمده 3 مرات) فأقوم باستغلال هذا الوقت بأذكار مثل (سبحان ربي العظيم وبحمده عدد خلقة ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته وأكررها حتى يقوم الإمام للرفع) وهكذا في كل ركن يبقى وقت فبعد الرفع من الركوع أقول (ربنا ولك الحمد) وإذا بقي وقت قبل سجود الإمام أقول (يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأكررها حتى يسجد الإمام) وفي السجود (سبحان ربي الأعلى وبحمده 3 مرات) فأقوم باستغلال الوقت بأذكار مثل (سبحان ربي الأعلى وبحمده عدد خلقة ورضا نفسه وزنه عرشه ومداد كلماته وأكررها حتى يقوم الإمام للجلوس بين السجدتين وبين السجدتين أدعوا ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وغيرها من أذكار الاستغفار حتى السجود الآخر وهكذا
مع علمي أن هذا الفعل غير واجب ولا سنه في الصلاة وإنما رغبة مني في الزيادة من الخير
فهل هذا الفعل صحيح وأستمر بذلك وأخبر به الآخرين دالاً على الخير؟ أم أنة يعتبر بدعة؟ أم ماذا ترون؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3231، والفتوى رقم: 6434، ذكر بعض الأدعية المأثورة في الركوع والسجود، والدعاء المأثور بعد القيام من الركوع تقدم بيانه في الفتوى رقم: 32911، وتقدم ذكر الدعاء المأثور بين السجدتين في الفتوى رقم: 4713، فالأفضل أن تبدأ بالمأثور من الدعاء وهو جامع وكاف وينبغي تعلمه, ومن شغل به وقته كفاه بحيث لا يحتاج إلى الإتيان بغيره، ومن لم يكن حافظا لكل المأثور فلا بأس أن يأتي بما ليس بمأثور من الأدعية أو الأذكار من غير أن يعتقد سنية ذلك في هذا الموضع أو يدعو إليه غيره, ثم ينبغي للمسلم أن يتعلم الأذكار المأثورة المقيدة والمطلقة ويعلمها غيره من المسلمين، فالسنة الصحيحة أولى بالتعلم والتبليغ ففيها غنى عما سواها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(11/7415)
حكم رفع الرؤوس إلى السماء بعد الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المصلين يرفع رأسه إلى السماء بعد الاستقامة من الركوع، فهل هذا يجوز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع للمصلي رفع رأسه إلى السماء بل ينبغي أن يكون نظره إلى موضع سجوده عند أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: يستحب للمصلي أن يجعل نظره إلى موضع سجوده، قال أحمد في رواية حنبل: الخشوع في الصلاة: أن يجعل نظره إلى موضع سجوده. وروي ذلك عن مسلم بن يسار، وقتادة، وحكي عن شريك، أنه قال: ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده، وفي ركوعه إلى قدميه، وفي حال سجوده إلى أنفه، وفي حال التشهد إلى حجره. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: وقوله ويكون منتهى بصره إلى موضع سجوده وفسره الطحاوي في مختصره فقال: يرمي ببصره إلى موضع سجوده في حالة القيام وفي حالة الركوع إلى رؤوس أصابع رجليه وفي حالة السجود إلى أرنبة أنفه وفي حالة القعدة إلى حجره، لأن هذا كله تعظيم وخشوع.
وقال النووي في المجموع: فأجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة وغض البصر عما يلهي وكراهة الالتفات في الصلاة وتقريب نظره وقصره على ما بين يديه، ثم في ضبطه وجهان (أصحهما) وهو الذي جزم به المصنف وسائر العراقيين وجماعة من غيرهم أنه يجعل نظره إلى موضع سجوده في قيامه وقعوده (والثاني) وبه جزم البغوي والمتولي يكون نظره في القيام إلى موضع سجوده، وفي الركوع إلى ظهر قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي القعود إلى حجره، لأن امتداد البصر يلهي فإذا قصره كان أولى، ودليل الأول أن ترديد البصر من مكان إلى مكان يشغل القلب ويمنع كمال الخشوع. انتهى.
وعند المالكية الأفضل النظر إلى جهة الأمام قال ابن العربي في أحكام القرآن: المسألة الثالثة: أنه يضع بصره في موضع سجوده، وبه قال الشافعي والصوفية بأسرهم، فإنه أحضر لقلبه، وأجمع لفكره. قال مالك: إنما ينظر أمامه، فإنه إن حنى رأسه ذهب بعض القيام المنقوض عليه في الرأس، وهو أشرف الأعضاء منه، وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة وحرج، يعرفون ذلك بالتجربة، وما جعل علينا في الدين من حرج، وإنما أمرنا أن نستقبل الجهة ببصائرنا وأبصارنا، أما إنه أفضل لمن قدر عليه متى قدر وكيف قدر، وإنما الممنوع أن يرفع بصره في الصلاة إلى السماء، فإنه لم يؤمر أن يستقبل السماء، وإنما أمر أن يستقبل الجهة الكعبية، فإذا رفع بصره فهو إعراض عن الجهة التي أمر بها، حتى (قال النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم) . انتهى.
وعليه فما يفعله بعض المصلين من رفع رؤوسهم إلى السماء بعد الرفع من الركوع غير مشروع، وينبغي نصح من يفعل ذلك بحكمة ورفق فإن ذلك من النصيحة للمسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(11/7416)
الجهر بالاستعاذة في الصلاة الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الإخوة يقوم بالإمامة في الصلاة الجهرية ويبدأ بأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويجهر بها في الركعتين، علماً بأننا صلينا خلف كثير من الأئمة العلماء لم نسمع أحداً جهر بها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأفضل الإسرار بالإستعاذة عند ابتداء القراءة في الصلاة، قال ابن قدامة في المغني متحدثاً عن التعوذ في الصلاة: وكيفما استعاذ فهو حسن، ويسر الاستعاذة، ولا يجهر بها، لا أعلم فيه خلافاً. انتهى.
وقال النووي في المجموع: لو قال: أعوذ بالرحمن من الشيطان أو أعوذ بكلمات الله من الشيطان الرجيم أجزأه إن كانت الصلاة سرية بلا خلاف، وإن كان جهرية ففيه طريقان: (أحدهما) وبه قال أبو علي الطبري وصاحب الحاوي يستحب الإسرار به قولاً واحداً، كدعاء الافتتاح، (والثاني) وهو الصحيح المشهور فيه ثلاثة أقوال (أصحها) يستحب الإسرار (الثاني) يستحب الجهر، لأنه تابع للقراءة فأشبه التأمين كما لو قرأ خارج الصلاة فإنه يجهر بالتعوذ قطعاً. (والثالث) يخبر بين الجهر والإسرار ولا ترجيح. انتهى.
وعليه فالراجح استحباب الإسرار بالتعوذ قبل القراءة في الصلاة وتصح الصلاة في حال الجهر به، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 40164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/7417)
تحريك الإصبع في التشهد حكمه وحكمته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي سؤال؟ ألم نسمع في الحديث الشريف أن ثلاث حركات في الوضع الواحد تبطل الصلاة؟ إذن فلم نر الكثير من المسلمين والمسلمات في المساجد عند التشهد لا يكتفون برفع الأصبع وإنما يحركونه بصورة عجيبة ومضحكة؟!!! اأنا اعتقد أن فقط رفع الأصبع والشهادة بأن الله سبحانه واحد احد فرد صمد يكفي بأن يؤذي الشيطان أيما أذية ولم يتحول الأصبع إلى قضيب صغير من الحديد ويأتي الشيطان لينام تحته فيوسعه المصلي ضربا مبرحا قد يبطل به صلاته!!! أعتقد أن الإسلام أعمق من ذلك ولعل سؤالي هذا يستحق الإجابة منكم؟؟؟؟؟؟.شكرا جزيلا لكم وأنتظر الاجابة بفارغ الصبر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشارة بالأصبع في الصلاة سنة متفق عليها لصحة الأحاديث الواردة في ذلك، والحكمة منها دفع الشيطان، لما رواه أحمد عن نافع قال كان عبد الله بن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار بأصبعه وأتبعها بصره ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهي أشد على الشيطان من الحديد يعني السبابة. وأما تحريكها باستمرار فإن القائلين بذلك متبعون لما ورد في الحديث الذي رواه أحمد أن وائل بن حجر الحضرمي قال قلت لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي – وفيه- ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد.
وليس معنى ذلك عندهم أن الشيطان لا يدفع ولا يتأذى إلا بتحريكها فليتنبه لذلك.
وليعلم أن تحريكها لا يبطل الصلاة لأمرين:
الأول: أن الذين يفعلون ذلك يرون صحة الحديث الوارد بالتحريك، وما دام الحديث صحيحا عندهم فلا تكون حركتهم عبثا مبطلا للصلاة، بل تكون من جنس حركات الصلاة كالحركة للركوع والسجود.
الثاني: أن حركة الأصبع حركة صغيرة لا تبطل حتى عند القائلين بأن ثلاث حركات متواليات تبطل الصلاة.
وننبهك إلى أن الفقهاء اتفقوا على أن العمل الكثير يبطل الصلاة، واختلفوا في تحديد الكثرة، ولم يصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن ثلاث حركات تبطل الصلاة، وإنما هو تحديد من بعض الفقهاء.
وعليه فلا يصح الإنكار على من حرك أصبعه في الصلاة، فقد ذهب إلى ذلك أئمة ومنهم المالكية رحمهم الله فإنهم يرون تحريك الأصبع في التشهد كله ويكون تحريكها يمينا وشمالا لا فوق وتحت،
والحنابلة يرون الإشارة بها عند ذكر لفظ الجلالة (الله) والحنفية يرون أنه يشار بها عند قول (لا إله) وضمها عند قول (إلا الله)
والشافعية يرون الإشارة بها عند قول (إلا الله) إلى بقية التشهد دون تحريك لما رواه أحمد والنسائي وأبو داود وغيرهم عن وائل بن حجر رضي الله عنه، أنه قال في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم قعد فافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها.
قال الإمام البيهقي رحمه الله: يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرار تحريكها، حتى لا يعارض حديث ابن الزبير عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه بلفظ: "كان يشير بالسبابة ولا يحركها، ولا يجاوز بصره إشارته". قال الحافظ في التلخيص الحبير: وهذا الحديث أصله في مسلم دون قوله: ولا يجاوز بصره إشارته.
والحاصل أن المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم، ولكل رأيه، ولا ينبغي للمسلم أن يضيق صدره ذرعا بالخلاف فيها، فإن اتفاق العلماء حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(11/7418)
العطاس والتثاؤب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن نحمد الله أو نتعوذ من الشيطان عندما نعطس أو نتثاءب في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعطاس من الله والتثاؤب من الشيطان كما صحت بذلك الأحاديث، ومن عطس استحب له أن يحمد الله في الصلاة أو خارجها، وأما من تثاءب فلم يرد حديث بأنه يتعوذ بالله من الشيطان، ولكن لو تعوذ بالله من ذلك فقد فعل حسنا، لأن الالتجاء إلى الله للحماية من الشيطان مطلوب في كل حين لا سيما وقد حصل التثاؤب الذي هو من الشيطان، ولو تعوذ في صلاته بقصد الدعاء لا بأس بذلك لا سيما إن كان في موضع الدعاء، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 31375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(11/7419)
مخالفات لا تبطل بها الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[.
لقد تقدمت بسؤال سابق عن استفسارات تخص صلاتي وصحتها، ولكني لم أوضح جيدا الأخطاء التي ارتكبتها وقد تمت الإجابة عن سؤالي في الفتوى رقم 71254، وقد طلبتم مني التوضيح، ولذلك هذه هي الأخطاء التي ارتكبتها:
- الصيغة الصحيحة للنية: فكنت أتلفظ بها كما في الأذان
- الصلاة الإبراهيمية لم أكن آتي بها.
- دعاء القنوت في صلاة الصبح: لم أكن أتلفظ به.
سيدي الكريم أفيدوني في استفساري وهل علي إعادة صلاتي لذلك. وإن كان كذلك فكيف أقضي صلاتي التي لم أكن أصليها بشكل صحيح، علما بأنها صلاة خمس سنوات.
نشكركم على ذلك ونرجو لكم التوفيق والأعمال الصالحة.
لا إله إلا الله محمد رسول الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية هي القصد ومحلها القلب، وأما التلفظ بها فاختلف فيه العلماء هل يسن أولا، والصحيح أنه لا يسن، ومن تلفظ بها ولو جهرا فصلاته صحيحة ولله الحمد.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير من الصلاة فقد اختلف العلماء في حكمها:
فذهب الشافعي وأصحابه، وهو المعتمد لدى الحنابلة كما في كشاف القناع ومطالب أولي النهى إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض في التشهد الأخير من تركه بطلت صلاته.
واحتجوا بحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال الإمام النووي رحمه الله: رواها أبو حاتم ابن حبان وأبو عبد الله الحاكم في صحيحيهما والدارقطني والبيهقي، واحتجوا بها، قال الدارقطني: هذا إسناد حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح. انتهى كلامه رحمه الله.
والحديث مروي في الصحيحين وغيرهما، ولكن هذه الرواية فيها زيادة إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا وهي موضع الشاهد من الحديث، وليعلم أن أقل الواجب عند هؤلاء العلماء الذين يقولون بالوجوب هو: قول اللهم صل على محمد، فمن أتى به فقد أتى بالواجب وصلاته صحيحة ولا يلزمه الإتيان ببقية الصلاة الإبراهيمية.
وذهب الحنفية والمالكية إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبة لا واجبة، وبناء على هذا القول نقول للأخ السائل: لا تقلق فصلاتك صحيحة على هذين المذهبين، ونوصيك في المستقبل بالمحافظة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
وأما القنوت في صلاة الصبح فقد اختلف العلماء أيضا في حكمه، فذهب الشافعية والمالكية إلى استحبابه وذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أنه لا يسن، والتلفظ المجزئ بالقنوت وغيره من أذكار الصلاة أن يسمع الإنسان نفسه وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وذهب آخرون إلى أنه يجزئ تحريك اللسان والشفتين، وعليه فمن قنت ولم يسمع نفسه القنوت فقنوته صحيح، وصلاته صحيحة، ولا يلزمه إعادتها ومن لم يقنت فصلاته صحيحة كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(11/7420)
حكم التورك في صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن التورك في النافلة كما هو الحال في الفريضة، وما هو حكم من تورك في النافلة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
" cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100 " border=0 UNSELECTABLE="on">
" UNSELECTABLE="on" width="100 "> " background="" height=250 UNSELECTABLE="off">
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحالة التي يشرع فيها للمصلي الجلوس متوركاً أو مفترشاً فصلها النووي الشافعي حيث قال: مذهبنا أنه يستحب أن يجلس في التشهد الأول مفترشا وفي الثاني متوركا، فإن كانت الصلاة ركعتين جلس متوركا، وقال مالك: يجلس فيهما متوركا، وقال أبو حنيفة والثوري: يجلس فيهما مفترشا، وقال أحمد: إن كانت الصلاة ركعتين افترش، وإن كانت أربعاً افترش في الأول وتورك في الثاني. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي: ثم يجلس في التشهد الثاني من ثلاثية فأكثر متوركاً لحديث أبي حميد فإنه وصف جلوسه في التشهد الأول مفترشا. وفي الثاني متوركا، وهذا بيان الفرق بينهما، وزيادة يجب الأخذ بها والمصير إليها، وحينئذ لا يسن التورك إلا في صلاة فيها تشهدان أصليان في الأخير منهما. انتهى.
ولم يفرق أهل العلم هنا -فيما اطلعنا عليه- بين الفريضة والنافلة، والأمر في ذلك كله واسع، وقد قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء بل كيف وجد أجزأه، سواء تورك أو افترش أو مد رجليه أو نصب ركبتيه أو أحدهما أو غير ذلك، لكن السنة التورك في آخر الصلاة والافتراش فيما سواه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(11/7421)
القبض والسدل في الصلاة والحكمة من القبض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحكمة من القبض في الصلاة؟ وما هو الفرق بين السدل والقبض؟ بصيغة أخرى ما المغزى من القبض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 2591، التفصيل في حكم القبض والسدل فراجعها، والحكمة من القبض هو كف اليدين عن العبث بهما، والاتصاف بالخشوع والتذلل لله تعالى إلى غير ذلك من الحكم التي نبه عليها بعض أهل العلم فقد قال الزرقاني في شرحه لموطأ الإمام مالك بعد بيانه لصفة القبض الصحيحة:
قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنه صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع.
ومن اللطائف قول بعضهم القلب موضع النية والعادة أن من احترز على حفظ شيء جعل يديه عليه انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير:
(كان إذا قام في الصلاة قبض على شماله بيمينه) بأن يقبض بكفه اليمين كوع اليسرى وبعض الساعد والرسغ باسطا أصابعها في عرض المفصل أو ناشرا لها صوب الساعد ويضعهما تحت صدره، وحكمته أن يكون فوق أشرف الأعضاء وهو القلب فإنه تحت الصدر، وقيل لأن القلب محل النية والعادة جارية بأن من احتفظ على شيء جعل يديه عليه، ولهذا يقال في المبالغة أخذه بكلتا يديه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(11/7422)
صلاة العشاء والمستحبات في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال عن كيفية صلاة العشاء وهل هناك مستحبات عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
شكرا وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان كيفية الصلاة عموما بالتفصيل في الفتاوى التالية برقم: 6188، 8249، 12455، فيرجى الاطلاع عليها.
وقولك هل هناك مستحبات عن النبي صلى الله عليه وسلم لم نعرف مرادك به على وجه التحديد، وعلى العموم فالمستحبات كثيرة، وضابط المستحب هو ما أمر به الشارع أمرا غير جازم، أو هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، ويسمى المندوب، ومثاله في الصلاة السنن الراتبة، وفي الصيام صيام الأيام البيض، وكذلك الصدقة من غير الزكاة الواجبة، والحج التطوع، بعد أداء حجة الفرض وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(11/7423)
صلاة العاجز عن بعض الأركان
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جدة قصرت في حق الله من ناحية الصلاة لكنها الآن تريد الصلاة ولكن المشكلة أنها لا تعرف تصلي لصعوبة ظروفها الصحية من ثقل السمع وتوصيل المعلومة لها. هنا أريد أن أسأل هل ينفع لها صلاة بدون تكبير وقراءة الفاتحة ونحو ذلك من أركان وواجبات الصلاة بسسب ظروفها حيث إنها تصلى بإشارات وتسبيح وتكبير ونحو ذلك. وهل هناك أعمال أفعلها لها تأخذ منها أجرا وهي حية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم يوم القيامة
وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها حيث قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59}
وقال تعالى فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4- 5} هذا من جهة، ومن جهة أخري نسأل الله تعالى أن يتوب على جدتك ولتعلم أن الصلاة لا تسقط عن المكلف ما دام عقله معه، والذي عليه جمهور أهل العلم أنه يجب عليها قضاء جميع الصلوات التي تركتها، هذا إن علمت عدد الصلوات التي تركتها وإلا واصلت القضاء حتى يغلب على ظنها براءة ذمتها، وإذا كان لأولادها علم بعدد ما عليها من قضاء فليعينوها في ضبط عدده، ومادامت الآن في مرحلة عجز ومشقة فالواجب عليها أن تصلي بحسب ما تقدر عليه فمثلا إذا عجزت عن قراءة الفاتحة تقتدي بأحد أفراد العائلة يكون إماما لها، فإن تعذر ذلك اكتفت بقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وراجع الفتوى رقم: 5012، فإن عجزت عن بعض أركان الصلاة كالقيام مثلا صلت جالسة، وعند العجز عن الجلوس صلت مستلقية، وإن لم تقدر إلا على الإشارة بيدها أو طرف عينها وجب عليها ذلك، ولا تسقط عنها الصلاة مادام عقلها معها، وما عجزت عنه من أركان الصلاة أو واجباتها سقط وجوبه عنها، وراجع الفتوى رقم: 68501
وبالنسبة لما ينفعها ثوابه في حياتها فمن ذلك الصدقة مع نية إهداء الثواب لها، فإن ذلك ينفعها إن شاء الله تعالي كما تقدم في الفتوى رقم: 52840
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(11/7424)
التعوذ بالله من الشيطان بعد دعاء الاستفتاح
[السُّؤَالُ]
ـ[عند أداء صلاة الجماعة وعندما يبدأ الإمام بالقراءة وخاصة في الصلوات السرية أقوم بقراءة بعض الأدعية لطرد الشيطان فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في حق المصلي أن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان بعد دعاء الاستفتاح وقبل القراءة، وسواء في ذلك الصلاة السرية والجهرية، والإمام والمأموم، وفي بيان ما تحصل به هذه الاستعاذة يقول الخطيب الشربيني رحمه الله من فقهاء الشافعية: ويحصل بكل ما اشتمل على التعوذ من الشيطان، وأفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقيل: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. اهـ
ويستثنى في حق المأموم مواطن لا تستحب له فيها الاستعاذة منها، إذا خاف فوت القراءة خلف الإمام، أو خاف فوت وقت الصلاة، أو وقت الأداء بأن لم يبق من وقتها إلا ما يسع ركعة، بل يأتي بالقراءة في هذه الصور كلها؛ لأن القراءة فرض فلا يشتغل عنها بالنفل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(11/7425)
السؤال عند آية الرحمة في صلاتي الفرض والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[علمنا أن رسول الله في صلاة النافلة إذا مر بآية عذاب تعوذ، فما هو الحكم في الفرض، وما الحكم في الرد في بعض آيات القرآن مثل (أليس الله بأحكم الحاكمين) ، بقول بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وهل هذا يبطل الصلاه أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند الشافعية والحنابلة يشرع للمصلي إذا قرأ آية رحمة أن يسأل الله الرحمة أو آية عذاب أن يستعيذ بالله تعالى ونحو ذلك، وهذا شامل لكل مصل سواء كان إماماً أو فذا أو مأموماً في فرض أو نفل، ففي المجموع للنووي وهو شافعي: قال الشافعي وأصحابنا: يسن للقارئ في الصلاة وخارجها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى الرحمة أو بآية عذاب أن يستعيذ به من العذاب، أو بآية تسبيح أن يسبح أو بآية مثل أن يتدبر. قال أصحابنا: ويستحب ذلك للإمام والمأموم والمنفرد. إلى أن قال: وكل هذا يستحب لكل قارئ في صلاته أو غيرها، وسواء صلاة الفرض والنفل والمأموم والإمام والمنفرد، لأنه دعاء فاستووا فيه كالتأمين.
وقال النووي أيضاً: وقال أبو حنيفة رحمه الله: يكره السؤال عند آية الرحمة والاستعاذة في الصلاة. وقال بمذهبنا جمهور العلماء من السلف فمن بعدهم. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجاً بمنتهى الإرادات وهو حنبلي: (و) لمصل أيضاً (سؤال) الله الرحمة (عند) قراءته، أو سماعه (آية رحمة وتعوذ به) أي: أن يستعيذ بالله (عند) مروره على (آية عذاب و) له (نحوهما) أي: المذكورات، كالتسبيح عند آية هو فيها، لحديث حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى -إلى أن قال- إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ. مختصر. رواه مسلم، ولأنه دعاء بخير فاستوى فيه الفرض والنفل. انتهى.
وفي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع وهو حنبلي أيضاً: وله السؤال والتعوذ في فرض ونفل، عند آية رحمة أو عذاب) فيه لف ونشر مرتب، روى حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح بالبقرة فقلت: يركع عند المائة ثم مضى إلى أن قال إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ. مختصر رواه مسلم، ولأنه دعاء وخير (حتى مأموم نصا ويخفض صوته) نقل الفضل لا بأس أن يقوله مأموم ويخفض صوته. انتهى.
وعليه فهذا السؤال عند سببه لا يبطل الصلاة بل هو مشروع عند الحنابلة والشافعية مكروه عند الحنفية، أما قول المصلي: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين بعد التلاوة، لقوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ {التين:8} ، فورد الأمر به في حديث ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير ولفظه: من قرأ منكم بـ (التين والزيتون) فانتهى إلى آخرها (أليس الله بأحكم الحاكمين) فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ (لا أقسم بيوم القيامة) فانتهى إلى (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) فليقل بلى، ومن قرأ (والمرسلات) فبلغ (فبأي حديث بعده يؤمنون) فليقل آمنا بالله. ومع ضعف هذا الحديث فلا تبطل الصلاة بذكر تلك الكلمات، ففي مطالب أولي النهى ممزوجاً بمنتهى الإرادات وهو حنبلي: (و) لمصل (قول: سبحانك فبلى) ، إذا قرأ: (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) نصا، فرضا كانت، أو نفلا، للخبر. وأما (أليس الله بأحكم الحاكمين) ففي الخبر فيها نظر ذكره في (الفروع) . انتهى.
وفي منح الجليل لمحمد عليش المالكي: هذا يفيد أنه يستثنى من قوله وأثناء سورة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره وسؤال الجنة والاستعاذة من النار عند ذكرهما ونحو ذلك وإن قول المأموم بلى أنه أحكم أو قادر على قراءة الإمام (أليس الله بأحكم الحاكمين) أو الآية المتقدمة لا يبطل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(11/7426)
الجهر والإسرار في تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل صلى مع الجماعة وأثناء الصلاة شعر بأن صلاته غير صحيحة حيث شعر بأنه لم يكبر تكبيرة الإحرام بصوت يسمعه.. وبعد أن انتهت الصلاة قام بالصلاة لوحده ... فهل كان الأفضل أن لا يعيد الصلاة أو أن يقطع الصلاة وينوي من جديد مع الإمام.. وفي حال صلى ثانية منفردا فهل حسبت له صلاة الجماعة.. أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهر بتكبيرة الإحرام مستحب للمأموم عند المالكية، ففي حاشية الدسوقي على شرح الدردير المالكي:
وأما الجهر بتكبيرة الإحرام فهو مندوب لكل مصل إماما أو مأموما أو فذا. انتهى.
أما غيرهم من أهل العلم فلا يشرع عندهم لغير الإمام الجهر بشيء من تكبير الصلاة كما تقدم في الفتوى رقم: 24596، بل إن المشروع في حق غير الإمام الإسرار، وأعلى الإسرار المطلوب هو أن يسمع نفسه فقط وأدناه ما كان بحركة اللسان.
وبناء عليه فالمأموم المذكور إذا كان نطق بالتكبير ولو بحركة اللسان فقط فإن صلاته صحيحة، وقد حصل له ثواب الصلاة في جماعة إن شاء الله تعالى، وكان من الأفضل في حقه أن لا يعيد تلك الصلاة مرة أخرى لعدم وجود سبب يقتضي الإعادة؛ لأن الإعادة في هذه الحالة غير مشروعة كما تقدم في الفتوى رقم: 16396، وعلى السائل الكريم الحذر من الوقوع في الوساوس لأن تتبعها والالتفات إليها مما يؤدي إلى رسوخها وتمكنها الشيء الذي يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه فأفضل علاج لها هو الإعراض عنها.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 12158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(11/7427)
الدعاء في القيام في الصلاة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة السرية ومع الجماعة يحدث وأن يطيل الإمام في القراءة حتى يركع، فهل يمكن لي الاشتغال بالدعاء، وهل هناك دعاء مطلق أو مقيد، أفتونا؟ أحسن الله إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تمكن المأموم من تلاوة القرآن في أثناء قيام الإمام فهو الأفضل، وإلا اشتغل بالدعاء، وليس هناك دعاء مخصوص يدعى به في هذا الموطن، ولكن يدعو بما شاء، قال الإمام ابن حجر الهيتمي في فتاويه: المأموم إذا فرغ من فاتحته ولم يسمع قراءة الإمام كأن بعد عنه أو سمع صوتاً لا يفهمه، أو كان في سرية وفي الثالثة أو في الرابعة من الرباعية، سن له أن يقرأ، أو يدعو، والقراءة أولى، لأن القيام محلها، ولا يسكت لأن الصلاة لا سكوت فيها إلا في مواضع ليست هذه منها. وكذا إذا فرغ من التشهد الأول قبل إمامه فإنه يسن له أن يشتغل بالدعاء لا بالصلاة على الآل، لأنها مكروهة في التشهد الأول. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(11/7428)
حكم الصلاة جالسا لأجل ارتحال الصبي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[يحلو للصغيرة عندي أن تتعمشق على ظهري أثناء السجود, مما أخشى معه القيام لوقوف الركعة التالية فأصليها قاعدا.. كيف إن كنت منفردا أو إماما. وكيف يفعل المأموم عندها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الصغيرة المذكورة تجلس على ظهرك أثناء السجود فيمكنك تنحيتها برفق وليس وجودها هذا بمبرر لأن تصلي ركعة جالسا. ففي مسند الإمام أحمد: عن الحسن أخبرني أبو بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فإذا سجد وثب الحسن على ظهره وعلى عنقه، فيرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعا رفيقا لئلا يصرع, قال: فعل ذلك غير مرة. فلما قضى صلاته قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت بالحسن شيئا ما رأيناك صنعته! قال: إنه ريحانتي من الدنيا، وإن ابني هذا سيد، وعسى الله تبارك وتعالى أن يصلح به بين فئتين من المسلمين. قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
وفي السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فكان يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، وإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا فوضعهما وضعا رفيقا، فإذا عاد عادا, فلما صلى وضعهما على فخذيه جعل واحدا هاهنا وواحدا هاهنا, قال أبو هريرة: فجئته فقلت: يا رسول الله ألا أذهب بهما إلى أمهما، قال: لا. فبرقت برقة، فقال: الحقا بأمكما. فما زالا يمشيان في ضوئها حتى دخلا إلى أمهما. انتهى
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك القيام لهذا السبب المذكور، فالقيام في الصلاة المفروضة ركن من أركانها لا تصح بدونه مع القدرة عليه. ففي المنتقي للباجي وهو مالكي: وأصل ذلك أن القيام ركن من أركان الصلاة، وشرط في صحة الفرض منها مع القدرة عليه. والدليل على ذلك قوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ {البقرة: 238} ولا خلاف في ذلك فثبت بذلك وجوب القيام. وروي عن عمران بن حصين أنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب. فخص بهذا الخبر من الآية من لم يستطع القيام، وبقيت الآية على عمومها في المستطيعين. انتهى
فإذا صلي الإمام جالسا في هذه الحالة عمدا واتبعه المأمومون عمدا كذلك فصلاة الجميع باطلة، بل المأمومون هنا بالخيار إن شاءوا قدموا أحدهم يكمل بهم الصلاة، وإن شاءوا أتموا صلاتهم أفذاذا في غير الجمعة؛ لأن متابعة الإمام لا تكون في ترك ركن من أركان الصلاة. وراجع الفتوي رقم: 46939
أما إذا كان الإمام قد صلي جالسا نسيانا أو جهلا أو اتبعه المأمومون نسيانا أوجهلا كذلك فصلاة الجميع صحيحة عند الحنابلة القائلين بأن الناسي والجاهل ليسا مثل العامد خلافا للمالكية؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 64627
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(11/7429)
صلاة العاجز عن حفظ الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... بسم الله لرحمن الرحيم
سؤالي هو: أن أمي لا تعرف الصلاة لانها أمية وهي مهما أعلم بها تنسى وتتعذر لي بأنها لا تقدر على حفظ الآيات ولكنها تعرف حركات الصلاة فهل يجوز أن تتوضأ وتصلي بحركات الصلاة من دون قراءة الفاتحة والآيات القصيرة؟
... وجزاكم الله خيراً.....................]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أمك عاجزة عن تعلم الفاتحة فإن الصلاة لا تسقط عنها ولا يقال هل يجوز لها أن تتوضأ إلى آخره بل يجب عليها أن تصلي على نحو ما ذكرنا في الفتوى رقم: 5012، وقد ذكر فقهاء المذهب المالكي أنه يجب عليها أن تصلي وراء إمام يتحمل عنها الفاتحة إن وجدته، فإن لم تجده وجب عليها أن تذكر الله تعالى بدل القراءة بأن تقول سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ففي التاج والإكليل شرح مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: فيجب تعلمها إن أمكن وإلا أئتم، فإن لم يمكنا فالمختار سقوطهما ـ يعني القراءة والقيام لها.
قال ابن عرفة (يلزم جاهلها تعلمها، فإن ضاق الوقت ائتم، فإن لم يجد فلابن سحنون وابن القاسم وأشهب فرضه ذكر الله) انتهى
أي يكبر تكبيرة الإحرام ويقف يذكر الله ثم يركع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(11/7430)
رفع اليدين في الصلاة وهل يترك خوفا من الرياء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أثناء الصلاة في المسجد يشتكي بعض الإخوة من قيامي بالرفع بعلة أنه ما دام الإمام لا يقوم به فيجب علي تركه مع العلم أن هذه السنة قد اندثرت في بلادنا بحيث يعتبر فاعلها شاذا حتى إني أحس بأني أرائي أثناء القيام بالرفع. فهل علي تركها سواء لتجنب إضجار الآخرين بحركات يعتبرونها زائدة أو لتجنب إحساسي بالرياء. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع اليدين في الصلاة مشروع في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: عند تكبيرة الإحرام، وهذه محل إجماع أهل العلم.
الحالة الثانية: عند الركوع والرفع منه، وهذه سنة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الفتوى رقم: 3894، وقد قال باستحبابها الحنابلة والشافعية ولا تطلب عند المالكية والحنفية ففي المدونة: وقال مالك لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة لا في خفض ولا في رفع إلا في افتتاح الصلاة يرفع يديه شيئا خفيفا. انتهى.
وفي المبسوط للسرخسي وهو حنفي: ولا يرفع يديه في شيء من تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الافتتاح. انتهى.
الحالة الثالثة: عند الرفع من التشهد الأول وهذه مستحبة في رواية للحنابلة، وعلى الصحيح عند الشافعية. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ويسن رفع اليدين إذا قام المصلي من التشهد الأول إلى الثالثة وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها أبو البركات كما يسن في الركوع والرفع منه. انتهى.
وقال النووي في المجموع: منها أن رفع اليدين مستحب في ثلاثة مواضع بالاتفاق عندنا عند الإحرام والركوع والرفع منه وكذا في القيام من التشهد الأول على المختار. انتهى.
وعليه، فإذا كنت تقصد بالرفع هنا رفع اليدين في هذه المواضع التي شرع فيها فذلك سنة ثابتة فحافظ عليها ونبه غيرك من المصلين عليها مع مراعاة الحكمة والرفق في ذلك، فإن ذلك أدعى لتأليف قلوب الناس وقبولهم للسنة، وتركك لهذا الرفع لا إثم فيه لكن يفوتك به أجر تحصيل هذه السنة، وما يدور في نفسك من كون فعلها رياء هو من مكايد الشيطان لكي يحرمك من ثواب هذه السنة الصحيحة، فواظب عليها وجاهد نفسك في سبيل أن تكون طاعتك كلها خالصة لوجه الله تعالى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 56847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(11/7431)
ترك الجهر بالقراءة في الصلاة خجلا من الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ترك شيء من سنن الصلاة لاعتبارات دنيوية مثل الخفض من الصوت عند القراءة عندما أكون أصلي لوحدي خجلا أو من هذا لقبيل يعد مبطلا للصلاة, لأني قرأت قولا للقاضي عياض يقول فيه (ترك العمل من أجل الناس رياء) أفتونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم الجهر بالقراءة في أوقات الجهر لا تبطل به الصلاة ولو كان بسبب الخجل، لأن الجهر في محله سنة أو مستحب، ومن أسر في وقت الجهر ترك سنة أو مستحبا ولم تبطل صلاته كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 33234.
مع أن خفض الصوت بالقراءة قد لا يخرجها عن حد الجهر الذي قد أوضحنا هـ في الفتوى رقم: 18560، هذا ولا يجوز للمسلم أن يترك شيئا مما هو مأمور به شرعا رياء للناس، كما لا يجوز له أن يعمل عملا مما يبتغى به وجه الله تعالى لأجل الناس، ومن ابتلي بالخجل فعليه أن يعالج نفسه ويتمرن على ما يذهب عنه الخجل ويستحضر عند الصلاة مراقبة الله تعالى واطلاعه عليه، فبهذا يمكن أن يتخلص مما يعاني منه، وننبه على أن الكلام الذي أشار إليه السائل إنما هو من كلام الزاهد الفضيل بن عياض وليس من كلام القاضي عياض، رحمهما الله تعالى. ولبيان خطورة الرياء وما يحبط العمل منه بالكلية يرجى الاطلاع على الفتويين التاليين: 49482، 65194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(11/7432)
تقديم إطفاء الحريق على أداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا الجهد ثم إن لي مسألة أرجو منكم أن تفتونا والتي هي نحن موظفون بحقل نفطي وهناك نظام مستعمل لإنذار الحرائق والحالات الطارئة وفور سماع هذه الإشارة هناك إجراءات تتخذ
ولكل موظف مكان عند سماع هذه الصفارة كما أن لكل موظف دورا ولكن غالبا ما يكون الإنذار غير حقيقي وقد حصل أثناء الصلاة فلم نعرف هل نقطع الصلاة أم ماذا نفعل وخاصة أنه غالب على ظن الإمام أنه إنذار ليس حقيقيا؟ فما العمل إذا حصل إنذار في المستقبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المصلي إذا دخل في صلاته يحرم عليه قطعها اختيارا، أما إذا كان قطعها لضرورة كحفظ نفس محترمة من تلف أو ضرر، أو قطعها لإحراز مال يخاف ضياعه فيجوز له ذلك، وقد يجب في بعض الحالات كإغاثة ملهوف وإنقاذ غريق أو إطفاء حريق أو قطعها لطفل أو أعمى يقعان في بئر أو نار.
جاء في قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: قاعدة في الموازنة بين المصالح والمفاسد.. المثال الثامن: تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة؛ لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة، ومعلوم أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك. انتهى.
وجاء في كشاف القناع: ويجب رد كافر معصوم بذمة أو هدنة أو أمان عن بئر ونحوه كحية تقصده كرد مسلم عن ذلك بجامع العصمة، ويجب إنقاذ غريق ونحوه كحريق، فيقطع الصلاة لذلك فرضا كانت أو نفلا، وظاهره ولو ضاق وقتها؛ لأنه يمكن تداركها بالقضاء بخلاف الغريق ونحوه. فإن أبى قطعها لإنقاذ الغريق ونحوه أثم وصحت صلاته. انتهى.
وعليه، فلو كان جرس الإنذار يُعلِم بوقوع خطر فإن على الموظفين قطع الصلاة والتوجه إلى أماكنهم المخصصة. والأصل أن دق الجرس يكون لحدوث مشكلة ويلزمكم القيام بعملكم، فإذا تبين أنه ليس هناك مشكلة فلا شيء عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(11/7433)
هل تعاد تكبيرة الإحرام في سائر الركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تكبيرة الإحرام تكون في الركعة الأولى فقط من الصلاة أم في جميع الركعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة لا تصح بدونها، وسميت بهذا الاسم لحرمة الأشياء المنافية للصلاة بعدها، ففي العناية شرح الهداية للبابرتي وهو حنفي: وإنما اختصت التكبيرة الأولى بهذه التسمية لأنها تحرم الأشياء المباحة قبلها بخلاف سائر التكبيرات. انتهى.
وهذه التكبيرة خاصة بالركعة الأولى فلا تعاد في غيرها من الركعات، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع وهو حنبلي: (ثم يصلي) الركعة (الثانية) كالركعة (الأولى) لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته لما وصف له الركعة الأولى {ثم افعل ذلك في صلاتك كلها} (إلا في تجديد النية) للاكتفاء باستحبابها، ولم يستثنه أكثرهم، لأنها شرط لا ركن كما تقدم، وقد أوضحته في الحاشية (و) إلا في (تكبيرة الإحرام) فلا تعاد، لأنها وضعت للدخول في الصلاة وقد تقدم. انتهى.
وفي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي أيضاً: قوله (ثم يصلي الثانية كالأولى، إلا في تكبيرة الإحرام) بلا نزاع. انتهى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 22424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(11/7434)
حكم الاستماع إلى القرآن في المذياع أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا شيوخنا الأفاضل: أنا أعيش في أمريكا وعندما أقوم إلى الصلاة في البيت أستمع إلى القرآن في المذياع، فهل هذا شيء طيب أم شيء يؤثر على عملية الخشوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لمن دخل في الصلاة أن يستحضر قلبه وفكره فيها وفي تدبر ما يقرأ لقول الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون َ {المؤمنون:1-2} .
ولا شك أن فتح المذياع والاستماع إلى القرآن أثناء الصلاة قد يلهي عن تدبر ما يقرؤه ويقوله المصلي، والاستماع إلى القرآن من المذياع له وقت آخر غير وقت الصلاة. وعليه، فإننا ننصح الأخ السائل بعدم فتح المذياع وقت الصلاة، فإن هذا أقرب إلى حضور القلب، وانظر للأهمية الفتاوى التالية حول الأمور التي تعين على الخشوع في الصلاة، الفتوى رقم: 3087، والفتوى رقم: 5829، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 1798، والفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(11/7435)
متى يسقط ركن القيام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تلميذ أعيش في بلد أوروبي غير مسلم، أقضي اليوم في الجامعة ـمكتب الدراسةـ حيث لا يوجد مكان منعزل كي أقوم بأداء فريضة الصلاة في وقتها، أريد أن أؤدي صلاتي في أوقاتها بدل قضائها عند رجوعي إلى المنزل، صادف وأن لاحظت رجلا يؤدي صلاته في مكان عمومي وهو يجلس على كرسي، هل هذه الطريقة مقبولة، ما شروطها، كيفية أدائها، هل يجوز لي القيام بها، هل يجب إعادة الصلاة فيما بعد، ادعوا لنا بأن يفقهنا الله في ديننا وأن يتقبل منا صالح أعمالنا وأن يتجاوز عن سيئاتنا وأن يزوجنا بزوجات صالحات والبنات بأزواج صالحين؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد فإن حافظ عليها فاز وربح وإن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} .
وعليه؛ فالواجب عليك المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها المشروعة، ولا يجوز لك تأخيرها بحجة عدم وجود مكان منعزل، بل أدها ولو في الأماكن العمومية كقاعة الدرس مثلاً، والغالب كون تلك الأماكن نظيفة طاهرة، ويجب أداء الصلاة حال القيام في حق من يقدر عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري وغيره.
وعليه؛ فصلاة الفرض للقادر على القيام جالساً لا تصح لأن القيام في الصلاة ركن من أركانها لا يسقط مع القدرة عليه ولا تصح بدونه، كما أن الركوع والسجود ركنان من أركان الصلاة لا تصح بدونهما في حق المستطيع، ومن عجز عنهما أومأ لهما، والإيماء هو الإشارة بالرأس إلى موضع الركوع أو السجود، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 54090، والفتوى رقم: 25092.
وعليه، فالصلاة على كرسي من جلوس لا يجزئ إلا في العاجز عن القيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/7436)
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أنه كان في بعض الأوقات يسبل؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل الكريم يعني إسبال الثوب فقد تقدم في الفتوى رقم: 31463، والفتوى رقم: 5943.
أن إسبال الثوب تحت الكعبين حرام، ومن غير الوارد أن يحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر ويحرمه ثم يفعله هو، حاشاه من ذلك.
وإن كان يعني إسبال اليدين في الصلاة فقد تقدم في الفتوى رقم: 1450 أنه لم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 2591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1426(11/7437)
صلاة المريض الذي لا يتحرك من فراشه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي مريض في المستشفى منذ ثلاثة أسابيع، في العناية المكثفة ولكنه ليس في غيبوبة، عند ما أطلب منه أن يصلي لا يستجيب لي ويقول لا أستطيع الوضوء (هو لا يتحرك من فراشه فعلا) مع العلم أنه كان ملتزما جدا بصلاته قبل مرضه ودخوله المستشفى، أنا أقر بأن مرضه شديد فهو لا يقوى على الحركة ولكن على حد علمي أن الصلاة لا تسقط عن المريض، فهل هو آثم؟ وعليه أن يقضي ما فاته؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام والدك يتمتع بوعيه وعقله فلا تسقط عنه الصلاة بحال لكنه لا يكلف إلا ما يستطيع فيصلي حسب استطاعته قائما أو قاعدا، أو مضطجعا أو بالإيماء، وإذا لم يتمكن من الوضوء تيمم، فإن لم يستطع صلى على ما يستطيع، وانظري الفتوى رقم: 20909.
وأما بخصوص ما ترك من الصلاة ظنا منه أن الصلاة تسقط بالمرض فكان الواجب أن يسأل أو يأمر من يسأل العلماء ماذا عليه في هذه الحالة، وحين لم يسأل وترك الصلاة في حالة المرض فإن كان ذلك للجهل فنرجو الله أن لا يكون آثما، وإن كان عن علم فعليه التوبة إلى الله، وعلى كل حال فعليه قضاء ما ترك من الصلاة في المرض الذي لم يصل إلى حد الغيبوبة، وعليه أن يتوب إلى الله من التقصير في شأن الصلاة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2528، والفتوى رقم: 44369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/7438)
النطق الصحيح للتكبير في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منك جزاك الله خيرا إعطائي توضيحا كافيا حول النطق ب (الله أكبر) من حيث المد، زيادة الواو مابين الكلمتين ومد الهمز في بداية (الله) معللين ذلك بأدلة حتى يمكنني تبليغها لمجموعة من المصلين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الألف بعد اللام في الله أكبر يمد مدا طبيعيا ولا يزاد على ذلك لعدم موجب للزيادة، ولا تجوز زيادة الواو بين كلمتي الله وأكبر.
وأما مد همزة الوصل في كلمة الله فإنه لا يجوز لأنه يحول الخبر إلى استفهام، وقد صرح بعض أهل العلم ببطلان الصلاة إذا مد المصلي الهمزة في تكبيرة الإحرام، في بداية الله أكبر، لأنه يتغير المعنى المراد من تكبير الله إلى الاستفهام عنه.
وراجع الفتوى رقم: 49351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(11/7439)
أركان الصلاة عند الشافعية والأحناف
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح الصلاة حسب مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام الشافعي كل لوحده، وهل هناك فروق بينهما أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن توضيح أحكام الصلاة حسب المذهبين المذكورين لا تسعه فتوى، وسنذكر لك أركان الصلاة حسب المذهبين أما هيأتها، وماهيتها فلا يوجد فيها خلاف يذكر، فأركان الصلاة عند الشافعية هي كالتالي:
1- النية المقترنة بتكبيرة الإحرام.
2- القيام مع القدرة في الصلاة المفروضة.
3- تكبيرة الإحرام.
4- قراءة الفاتحة.
5- الركوع.
6- الاعتدال بعد الركوع.
7- السجود مرتين كل ركعة.
8- الجلوس بين السجدتين.
9- الجلوس الأخير.
10- التشهد في الجلوس الأخير.
11- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير.
12- التسليمة الأولى.
13- ترتيب هذه الأركان حسب ورودها.
وعند الأحناف أركان الصلاة كالتالي:
1- القيام.
2- الركوع.
3- السجود.
4- القراءة.
5- القعدة الأخيرة مقدار التشهد.
6- ترتيب الأركان.
7- إتمام الصلاة.
8- الانتقال من ركن إلى ركن.
والنية عندهم شرط وليست بركن، وكذلك التحريمة أي تكبيرة الإحرام، ولبيان صفة الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6188، والفتوى رقم: 8249، والفتوى رقم: 12455.
ولبيان أحكام الصلاة بالتفصيل يرجى مراجعة مقدمة الحضرمي أو عمدة السالك لابن النقيب في الفقه الشافعي، وفي الحنفي مثلاً حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح، وهذه الكتب وغيرها من كتب الفقه توجد في المكتبات الإسلامية، فإن لم تكن موجودة عندكم فيمكن طلبها من البلاد التي توجد فيها، ومن خلال مراجعة هذه الكتب سيتبين الفرق بينهما في الأحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(11/7440)
لا تقطع الصلاة بحجة رنين الجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نصلي وراء إمام فرن جرس هاتف جوال لأحد الإخوة وقد طال ذلك بل وأعاد الرنين مرات ومرات فقام الإمام بالتسليم وخرج من الصلاة دون أن تتم بحجة الافتتان في الصلاة وعدم الخشوع بسبب رنين الهاتف ولكي يطلب من الأخ إغلاق هاتفه فكانت فتنة في المسجد البعض ينكر هذا والبعض يقره والبعض أكمل صلاته فما ردكم بارك الله فيكم؟ وهل يجوز لمن نسي إغلاق هاتفه ورن في حالة الصلاة أن يغلقه ويتم صلاته؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة عن حكم قطع الصلاة لأجل إغلاق الهاتف في الفتوى رقم: 28442، وبذلك تعلمون أنه ما كان للمصلين أن يقطعوا صلاتهم إذا قطع الإمام صلاته، وإنما عليهم أن يتموا صلاتهم فرادى أو يقدموا أحدهم يتم بهم الصلاة.
وفي نفس الفتوى جواز إغلاق الهاتف أثناء الصلاة، وأن ذلك لا يؤثر في صحة الصلاة ما دام الفعل خفيفاً، والواجب على المسلم إذا أراد الصلاة أن يغلق الهاتف أو يكتم صوته بأن يضعه على الوضع الصامت لئلا يشوش على نفسه وعلى المصلين فيدخل عليهم ضرراً بأصوات الرنين، ويشتد الأمر إذا كان رنين الهاتف أصوات الموسيقى فتزيد الفتنة والتشويش ويعظم الإثم على من تعمد ذلك، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 53958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(11/7441)
الجهر في الصلاة السرية والجهرية بقصد التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة لي بنت صغيرة، هل يجوز لي الصلاة بالجهر قليلا بهدف تسميع وتعليم ابنتي، علما وأني أضعها لتصلي بجانبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 4508، ذكر المواضع التي تجهر فيها المرأة والتي تسر فيها، فإذا تبين ذلك للأخت السائلة من خلال مراجعتها للفتوى المشار إليها فإنه لا يشرع لها أن تجهر في محل السر لا بقصد التعليم ولا غيره كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 64503.
وإن كانت في محل الجهر فليكن قصدها أولا أداء فريضة الله تعالى بفرائضها وسننها ومستحباتها، ومن سننها الجهر في محله، فإن قصدت ذلك مع إسماع ابنتها لتتعلم فلا بأس بذلك لأن الفقهاء ذكروا أن المصلي إذا أتى بشيء من القراءة بقصد القراءة في الصلاة وتفهيم آخر ونحو ذلك أو تنبيهه فإنه لا يفسد الصلاة. قال النووي: فلو أتى أي المصلي بشيء من نظم القرآن بقصد القراءة فقط أو بقصد القراءة مع غيرها كتنبيه إمامه أو غيره أو الفتح على من ارتج أو تفهيم أمر كقوله لجماعة أو واحد يستأذنون في الدخول: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ أو استؤذن في أخذ شيء فيقول: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وما أشبه هذا، فهذا لا يبطل الصلاة، سواء قصد القراءة أو القراءة مع الإعلام إلى أن قال: فأما من قصد الإعلام فقط فتبطل بلا خلاف. انتهى.
ومحل الشاهد من كلام النووي هذا هو أنه لا بأس أن يقصد المصلي بقراءته في الصلاة أمرا آخر مع القراءة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/7442)
حكم زيادة كاف في تسبيح الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما الفرق بين سبحانك ربي العظيم.. وسبحان ربي العظيم أثناء الركوع والسجود.. وأيهما أصح في الصلاة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرق بين صيغتي التسبيح المذكور هي زيادة كاف الخطاب في سبحانك في الصيغة الأولى وحذفها من الأخيرة، لكن الصحيح في تسبيح الركوع هو سبحان ربي العظيم، أما الصيغة الأولى فلم ترد في تسبيح الركوع، فقد روى الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى، وما أتى على آية رحمة إلا وسأل وم اأتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ. قال الترمذي صحيح وصححه الألباني أيضاً، والحديث رواه ابن ماجه والدارمي والنسائي وأبو داود وغيرهم.
وعليه فينبغي الاقتصار على الرواية الواردة في كتب السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(11/7443)
حكم الصلاة خلف بعض النساء الجالسات
[السُّؤَالُ]
ـ[نصلي جماعة بمكان العمل وفي نفس الوقت تجلس بعض النساء أمام جزء من الصف الأول، النساء يجلسن على مكاتبهن، فهل تجوز الصلاه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يكون بعض الصف في الصلاة خلف امرأة جالسة على كرسي أو مضطجعة على سرير ونحو ذلك لما رواه البخاري عن عروة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة على الفراش الذي ينامان عليه. وفي مسند أحمد: فإذا أراد أن يسجد غمز -يعني رجلي- فضممتها إلي ثم يسجد.
ويجب على الرجل غض بصره عن النساء الأجانب ولو كان في الصلاة، والعمل في مكانٍ يختلط فيه الرجال بالنساء فيه محاذير شرعية ومفاسد كبيرة، وراجع الفتوى رقم: 8677، والفتوى رقم: 1734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(11/7444)
موضع اليدين في الصلاة بالنسبة للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أين تضع المرأة يداها في الصلاة على البطن أم فوق الصدر؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا فرق بين الرجل والمرأة في هيئة وضع اليدين في الصلاة، واعلم أن العلماء قد اختلفوا هل توضع اليدان على الصدر فوق السرة أو توضعان تحت السرة.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(11/7445)
القبض في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما طريقة القبض الشرعية في الصلاة؟. جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما صفة القبض فقد بيناها في الفتوى رقم: 45533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/7446)
دعاء الرفع من الركوع والاعتدال منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لمادا يقول الناس سمع الله لمن حمده ـ ربنا ولك الحمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
وقال أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي في شرح معاني الآثار: عن أبي موسى الأشعري: قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فقال: إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده. انتهى.
وقال الباجي في المنتقى: قال الشيخ إسحاق إن قول الإمام سمع الله لمن حمده على معنى الدعاء، فمعناه اللهم اسمع لمن حمدك فيقول المأموم اللهم ربنا ولك الحمد كالداعي والمؤمن. إلى أن قال الباجي: إذا ثبت ذلك فإن قول المصلي سمع الله لمن حمده يحتمل الإخبار عن ذلك على وجه الإذكار لمن معه من المأمومين، إذ الصلاة مبنية على الجماعة، ويحتمل أن تكون بمعنى الدعاء أن يسمع الله لمن حمده ويكون معنى يسمعه أي يثيبه ويتقبل منه.
وقول المأموم اللهم ربنا ولك الحمد معناه المبادرة إلى فعل ما دعا إليه والعمل بما دعا له أي يثاب عليه ويتقبل منه. انتهى.
وعليه، فقول المصلي: (سمع الله لمن حمده ـ ربنا ولك الحمد) كلها ألفاظ ثابتة في السنة الصحيحة ومشتملة على الدعاء والتأمين عليه. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 21115 والفتوى رقم: 20981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(11/7447)
التمطيط في تكبيرات الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التمطيط في تكبيرات الانتقال خاصة قبل جلوس التشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 46478، والفتوى رقم: 54052 حكم مد تكبيرات الانتقال، وكم يمكن أن تمد دون تمطيط مكروه أو مبطل فراجعهما.
ونزيد هنا ما ذكره النووي في حد مد التكبير للجلوس من السجدة إذ قال رحمه الله في شرح المهذب: والسنة أن يكبر لجلوسه ويبتدئ التكبير من حين يبتدئ رفع الرأس ويمده إلى أن يستوي جالساً فيكون مده أقل من مد تكبيرة الهوي من الاعتدال إلى السجود لأن الفصل هنا قليل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(11/7448)
القيام في الصلاة المفروضة ركن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة المرأة في السيارة المتوقفة وهي جالسة وذلك لتعذر صلاتها في مسجد وخوفا من خروج وقت الصلاة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا تعذر عليها أداء الصلاة في المسجد لا يعتبر هذا عذراً شرعياً لأدائها الصلاة جالسة في السيارة لأن القيام في الصلاة المفروضة ركن لا تصح الصلاة بدونه.
ففي صحيح البخاري وغيره من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب.
وبالتالي فالواجب على هذه المرأة النزول من السيارة وأداء الصلاة قائمة على الأرض ولو كان ذلك مع رؤية الرجال الأجانب مع الالتزام بالحجاب الشرعي، والمبالغة في التستر بضم بعضها إلى بعض أثناء الركوع والسجود، وهناك بعض الحالات الخاصة التي تباح فيها الصلاة المفروضة في السيارة أو على الدابة سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 14833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/7449)
مذاهب العلماء في الدعاء أثناء القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت أحد المساجد في شهر رمضان في صلاة التراويح، وعندما بدأت صلاة التراويح كان الإمام يقوم بقراءة الفاتحة وبعدها يقرأ له ما تيسر من السور القرآنية وعندما كان يتوقف عند سور العذاب والترهيب من النار وعند سور النعيم في الجنة كان يدعو بصوت يسمعه جميع المصلين وكان المصلون يقولون آمين.. وفي كل سورة كان يفعل هذا العمل.. حيث وجدت أن هذه القراءة اختلطت بالدعاء تارة وبالآيات القرآنية تارة أخرى، حيث يستمر هذا الإمام على هذا المنوال والطراز في جميع الركعات وأيام شهر رمضان حتى تستغرق هذه الصلاة الواحدة أي صلاة التراويح ما يقارب الثلاث ساعات، ما الحكم الشرعي من القرآن والسنة النبوية.. وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين يفعل هذا الشيء لوحده، وإذا كان إمام المصلين أيضا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة دعاء المصلي إذا مر بآية رحمة أو آية عذاب ونحو ذلك، فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها ليسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها.
قال الصنعاني في سيل السلام: وفي الحديث دليل على أنه ينبغي للقارئ في الصلاة تدبر ما يقرؤه، وسؤال رحمته، والاستعاذة من عذابه، ولعل هذا كان في صلاة الليل، وإنما كان ذلك لأن حديث حذيفة مطلق وورد تقييده بحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة ليست بفريضة، فمر بذكر الجنة والنار فقال: أعوذ بالله من النار. رواه أحمد..... ولو فعله أحد في الفريضة فلعله لا بأس فيه ولا يخل بصلاته سيما إذا كان منفرداً لئلا يشق على غيره إذا كان إماماً.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار عند حديث حذيفة المتقدم: فيه استحباب الترسل والتسبيح عند المرور بآية فيها تسبيح، والسؤال عند قراءة آية فيها سؤال ... والظاهر استحباب هذه الأمور لكل قارئ من غير فرق بين المصلي وغيره، وبين الإمام والمنفرد والمأموم، وإلى هذا ذهب الشافعية. انتهى.
وإذا كان الشافعية ذهبوا إلى استحباب ذلك لكل مصلٍ فإن الأحناف كرهوا ذلك للإمام والمأموم، جاء في المبسوط: إذا مر المصلي بآية فيها ذكر الجنة فوقف عندها وسأل فهو حسن في التطوع إذا كان وحده، فأما إذا كان إماماً كرهت له ذلك.. وكذلك إن كان خلف الإمام فإنه يستمع وينصت. انتهى.
وعند الحنابلة رواية بكراهة ذلك في الفريضة.
جاء في الفروع: وله السؤال عند آية رحمة وعنه (يعني أحمد) يستحب، وظاهره لكل مصل، وعنه يكره في فرض.
وأما المالكية فقد جاء عنهم كراهية الدعاء في أثناء السورة في الفرض، كما في شرح مختصر خليل للخرشي:.... قوله: وأثناءها وأثناء سورة هو في الفرض، وأما في النفل فجائز....
فإذا تبينت مذاهب العلماء في هذه المسألة فإن الإمام إذا دعا أثناء القراءة فالظاهر أن المأموم لا يؤمن على دعائه، كما جاء في نهاية المحتاج من كتب الشافعية: وإذا سأل أي الإمام الرحمة أو استعاذ من النار ونحوها فإن الإمام يجهر به ويوافقه فيه المأموم، وظاهر أن المأموم لا يؤمن على دعائه وإن أتى به بلفظ الجمع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/7450)
حكم قطع الصلاة لإنقاذ شخص من الهلاك
[السُّؤَالُ]
ـ[. فلان يصلي, وفي أثناء الصلاة يرى صبيه في طرف السقف يكاد أن يسقط, ماذا يفعل, أيقطع الصلاة ثم يعود لصلاته بعد إغاثة صبيه أو يكبر ويبدأ بصلاة جديدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطع الصلاة في هذه الحالة واجب لإنقاذ الطفل من الهلاك، وإذا قطع لذلك استأنف الصلاة من جديد، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 50969
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(11/7451)
صلاة فاقد الطهورين والفطر بسبب المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 32 عاما أصبت بمرض منذ ثلاث سنوات وإلى الآن مازلت أعاني منه عافاكم الله وعافانا ولله الحمد والشكر على كل حال.... وسؤالي هو يتفرع من اثنين ألا وهو أنني قد استيقظت صباح يوم وكنت في شدة المرض وحراراتي جدا مرتفعة ولم أستطع أن أنهض للوضوء فظللت في فراشي وبحثت عن صعيد طيب أتطهر به ولكن لم أجد فخيشت أن يخرج وقت الصلاة فصليت في فراشي بدون طهور ... فهل صلاتي صحيحة أم أعيدها؟ وأيضا في شهر رمضان الماضي لم أستطع صيام الشهر كله وأنا الآن أعتل أكثر فأكثر وأخشى أن أموت ولا أستطيع رد الأيام التي أفطرت فيها ... أرجو من فضيلتكم إفادتي ... هل أنتظر إلى أن تتحسن حالتي.. أم ماذا أفعل إذا لم تتحسن وخاصة أنني لا أقدر على نفقة العلاج لأنه مكلف جدا.... هل أطعم وأتصدق عن كل يوم أفطرته.... وسؤال آخر رعاكم الله وهو هل أستطيع ان أسأل بعض الإخوة بطلب مساعدات مالية فلقد عرضت لي تلك المساعدات ورفضتها لأني كنت دائما أقول سيشفيني ربي قريبا ولن أحتاج إلى أحد ...
أفيدوني أفادكم الله وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء من جميع الأمراض الظاهرة والباطنة، ونوصيك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، وعدم الجزع والتسخط على قضاء الله تعالى، فإن ذلك هو حال المؤمن يحمد في السراء ويصبر في الضراء، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا اللمؤمن، إن صابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. وعليك بالدعاء فإنه سلاح المؤمن القوي، وتحري أوقات الإجابة.
وأما بالنسبة للصلاة -التي سألت عنها- فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في حكم من فقد الطهورين: الماء والتراب، في حق الصلاة، والأحوط من أقوالهم أن الشخص يصلي على الحالة التي هو عليها، ويعيد تلك الصلاة إذا وجد الماء أو وجد التراب قبل الماء في مكان يغلب عليه عدم وجود الماء، سواء كان ذلك في الوقت أو بعده لأن صلاته الأولى كانت لحرمة الوقت، ومن صلاها في وقتها ولم يعد فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى. وانظري الفتوى رقم: 1309.
وأما الصوم فإن كان المرض الذي أصابك يرجى برؤه فلا يصح الإطعام، وأما إذا قرر الأطباء الثقات عدم رجاء البرؤ فإن عليك إطعام مسكين بدل كل يوم، فإن عجزت عن ذلك فإنه يبقى في ذمتك حتى تقدري، فإن لم تقدري حتى الوفاة فلا شيء عليك، ويستحب لأقاربك الاطعام عنك أو الصوم.
وأما طلب مساعدة ممن يستطيع إعانتك لأجل العلاج فجائز لأنه سؤال للحاجة، وإنما الممنوع هو السؤال للتكثر وزيادة المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/7452)
صلاة المرأة بين الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل في شركة كبيرة وفي أوقات كثيرة لا يمكنني الصلاة في مكان خال من الناس لكثرة الموظفين.
سؤالي: هو ما حكم صلاة المرأة أمام الرجال؟ أنا أشعر بحرج كبير وخجل عندما أركع وأسجد ومن حولي رجال.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجدر التنبيه على أن المرأة لا يجوز لها العمل في مكان تختلط فيه مع الرجال إلا إذا كانت هناك حاجة ملحة لمثل هذا العمل، فيجوز للحاجة مع التزامها بالحجاب الكامل وعدم الخلوة بأجنبي والاقتصار في الكلام مع الرجال على قدر الحاجة من غير ريبة ولا خضوع بالقول. وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 3859.
ولا حرج على المرأة في الصلاة أمام الرجال بشرط التزامها بالحجاب الشرعي والحرص على التستر. وراجعي أيضا الفتوى رقم: 14234.
ولمعرفة حكم الهجرة إلى بلاد الكفر راجعي الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/7453)
إصلاح الصلاة أولى من إعادتها
[السُّؤَالُ]
ـ[شككت في عدد ركعات الصلاة ولم أبن على الأقل ولم أسجد للسهو ولكني قمت بإعادة الصلاة فهل هذا مكروه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان عليك أن تبني على المتيقن من الصلاة وهو الأقل ثم تكملي صلاتك وتسجدي سجود السهو ـ كما أوضحنا في الفتوى رقم: 20411، لأن إصلاح الصلاة من سنته صلى الله عليه وسلم وهو أولى من إعادتها، قال الحطاب في مواهب الجليل وهو من كبار فقهاء المالكية قال: القرافي في الذخيرة التقرب إلى الله تعالى بالصلاة المرقعة المجبورة إذا عرض فيها الشك أولى من الإعراض عن ترقيعها والشروع في غيرها والاقتصار عليها أيضا بعد الترقيع أولى من إعادتها فإنه منهاجه صلى الله عليه وسلم ومنهاج أصحابه والسلف الصالح بعدهم، والخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع إلى أن قال فلا ينبغي لأحد الاستظهار على النبي صلى الله عليه وسلم فلو كان في ذلك خير لنبه عليه وقرره في الشرع، والله سبحانه وتعالى لا يتقرب إليه بمناسبات العقول وإنما يتقرب إليه بالشرع المنقول. انتهى. هذا ما كان ينبغي فعله، لكن الصلاة التي صليت بدل الأولى صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/7454)
ذكر إبراهيم عليه السلام في الصلاة الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة ما سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد الأخير ... أي لماذا نقول (اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ... إلى آخره) ، أرجو الإفادة مع الدليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 43869 فليرجع إليها.
وننبه الأخ السائل إلى أن قولك (اللهم صلي على سيدنا محمد) غير مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالأولى اتباع الألفاظ المأثورة، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 59867، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 58123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/7455)
حكم تطويل السجدة الأخيرة من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة: يتعمد كثير من أئمة المساجد بل أغلبهم في مدينتنا إطالة السجدة الأخيرة من الصلاة للدعاء فيها على وجه التخصيص.. هل تبطل الصلاة بذلك بناء على قوله عليه السلام (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وأؤكد لكم بأن هذا يحدث في جل المساجد فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تطويل السجود الأخير من الصلاة وغيره لا يبطل الصلاة، وكنا قد أجبنا عن هذه المسألة بعينها في الفتوى رقم: 46472 فلتراجع فالإجابة فيها كافية إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(11/7456)
الاضطراب عند القراءة في الصلاة الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحس بخوف شديد وبتسارع فظيع في دقات قلبي عندما أصلي بجمع من الناس جهرا أوعند قراءة القرآن في جمع من الناس, حتى أنه يتضح للعيان. ويمر الاضطرب بعدها مباشرة بشكل كلي. هل لي من علاج.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يجده السائل الكريم من اضطراب وغيره عندما يتقدم الناس في الجهرية، أو عند قراءة القرآن أمامهم هو أمر يعترى بعض الأشخاص إما لعدم اعتيادهم على مثل هذا الأمر- وقد يختفى عندما يعتاد القراءة أمام الناس جهرا- وإما لغير ذلك، وكنا قد ذكرنا نصائح وإرشادات لمن تعتريه الحالة المذكورة في الفتوى رقم: 45965. وعلى كل حال فعلى الأخ السائل أن يخلص لله، ويتفهم ويتدبر القرآن، ويستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى، واطلاعه عليه فإن ذلك قد يخفف عنه ما يجده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/7457)
وقت ابتداء التكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكبر الإمام قبل الحركة أم في نهاية الحركة مع العلم بأن المأمومين يبدأون الحركة بمجرد سماع التكبير وخاصة في الصفوف التي لا ترى الإمام وبهذا قد يسبق بعض المأمومين الإمام فما حكم ذلك.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستحب للمصلي أن يبدأ التكبير مع ابتداء شروعه في الركن كالركوع والسجود أو غيرهما. قال ابن قدامة في المغني: يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه من السجود وانتهاؤه عند اعتداله قائما ليكون مستوعبا بالتكبير جميع الركن المشروع فيه، وعلى هذا بقية التكبيرات، إلا من جلس جلسة الاستراحة فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه ثم ينهض للقيام بغير تكبير. انتهى. وإذا حصل أن بعض المأمومين سبق الإمام في بعض تكبيرات الانتقال من ركن إلى ركن فصلاته صحيحة عند جمهور أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 41502، وراجع أيضا الفتوى رقم: 32257. أما السبق بتكبيرة الإحرام قبل الإمام فمبطل لصلاة المأموم كما في الفتوى رقم: 24477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(11/7458)
الخشوع ليس شرطا في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في فرنسا ويوافق وقت الحصة المسائية وقت صلاتي الظهر والعصر فأصليهما في قاعة الدرس أثناء وقت الاستراحة ولكن ينقصني الخشوع، وسؤالي هو: للقيام بهذه الصلاة على وجه أكمل هل بإمكاني أداؤها في مكان مخصص كدورة مياة للمعاقين فيه مرحاض ومغسل ومكان يتسع لفرش سجاد، مع العلم بأنه لا توجد بينها حواجز كجدار فاصل أو باب، أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي الحرص على أداء الصلاة جماعة إن أمكن ذلك، فإن لم توجد جماعة فلا مانع من أدائها في قاعة الدرس أو غيرها من كل مكان طاهر منعزل عن كل ما يشوش عليك ويجلب لك عدم الخشوع.
واعلم أن الخشوع في الصلاة رغم أهميته ليس بشرط في صحتها عند جمهور أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 6598، والفتوى رقم: 4215.
وللتعرف على بعض ما يعين عليه، راجع الفتوى رقم: 9525، والفتوى رقم: 3087.
والصلاة في المكان المذكور مكروهة لكونه مأوى الشياطين مع صحتها إذا كانت على موضع طاهر، وراجع الفتوى رقم: 57300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/7459)
بناء الأقوال والأفعال
[السُّؤَالُ]
ـ[عند وصولي إلى صلاة الجماعة في المسجد، مثلا في صلاة العشاء في الركعة الثالتة كيف أتم صلاتي هل أتمها فاتحة وسورة في الركعتين أم فاتحة فقط وما معنى نأتي بالأفعال دون الأقول والعكس أرجو منكم التوضيح بتفصيل.... ولكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن من أدرك ركعتين من صلاة العشاء يقوم بعد سلام الإمام ويأتي بركعتين بالفاتحة فقط بناء على أن ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته وراجع الفتوى رقم: 6339، وأما من يفرق بين الأقوال والأفعال فمراده بالأفعال ماسوى القراءة وبالأقوال خصوص القراءة، قال الصاوي المالكي في حاشتيه: وإذا قام المسبوق لقضاء ما فاته قضى القول والمراد به خصوص القراءة وصفتها من سر أو جهر بأن يجعل ما فاته قبل دخوله مع الإمام بالنسبة إليه أول صلاته وما أدركه معه آخرها، وبنى الفعل وهو أي الفعل والمراد بالفعل ما عدا القراءة بصفتها فيشمل التسميع والتحميد والقنوت بأن يجعل ما أدركه معه أول صلاته بالنسبة للأفعال وما فاته آخرها فيكون كالمصلي وحده. انتهى. أي أنه إذا أدرك المسبوق ركعته من العشاء فإنه يصلي ثانية جهرا ويقرأ فيها سورة بعد الفاتحة ثم يجلس للتشهد بعد الثانية ثم يصلي الثالثة ويقرأ فيها جهرا ويأتي بسورة بعد الفاتحة ثم يصلي الرابعة يقرأ فيها الفاتحة سرا ويكون بنى على ما مضى من الأفعال لا في الأقوال، وعلى هذا المذهب فبما أنك أدركت ركعتين من العشاء فإنك تصلي ما بقي من صلاتك جهرا وتقرأ سورة بعد الفاتحة في الركعتين. وراجع الفتوى رقم 6182
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(11/7460)
حكم التمايل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
- ما حكم التأرجح في الصلاة بشكل طفيف مع ثبوت القدم في مكانه مع ترتيل قراءة القرآن؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يقبل على صلاته ويخشع بقلبه وبدنه، قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:2،1} . كما يجب عليك ترك الحركة إلا عند الحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر بن سمرة عند مسلم: اسكنوا في الصلاة. قال النووي في المجموع: فمختصر ما قال أصحابنا أن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف وإن كان قليلا لم يبطلها بلا خلاف هذا هو الضابط. وقال أصحابنا: والفعل القليل الذي لا يبطل الصلاة مكروه إلا في مواضع، إحداهما: أن يفعله ناسيا، الثاني: أن يفعله لحاجة مقصودة، الثالث: أن يكون مندوبا إليه كقتل الحية أو العقرب ونحوها وكدفع المار بين يديه والصائل عليه. ا. هـ. وأيضا فهذا التمايل عند القراءة ليس من هديه صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه الكرام، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ. رواه أحمد وأصحاب السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح. ولمزيد فائدة راجع الفتويين: 37860 و 56852.
وعليه؛ فلا ينبغي فعل هذه الحركة لعدم الحاجة إليها ولمخالفتها هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(11/7461)
كيف يعلم الرجل المرأة الأجنبية الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف فتاة لا تصلي فنصحتها بالصلاة فقبلت على أن أعلمها كيفية الصلاة، فهل يمكنني ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصحك لهذه الفتاة بأن تصلي أمر مطلوب إذا انضبطت النصيحة بالضوابط الشرعية كغض البصر وعدم الخلوة ونحو ذلك، والحمد لله الذي وفقها للتوبة على يديك، ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتها على ذلك، وأن يكتب لك الأجر والثواب.
وأما تعليمك إياها للصلاة فلا حرج فيه أيضاً ويكون ذلك عبر الهاتف أو في مجلس لا خلوة فيه ولا كشف عورة ولا خشية فتنة، أو عبر رسالة أو كتيب يشرح صفة الصلاة بأسلوب سهل أو شريط مسجل، أو دلالتها على امرأة تحسن معرفة أحكام الصلاة ونحو ذلك من الوسائل المتاحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(11/7462)
حكم مخاطبة المصلي أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن مخاطبة المصلّي أثناء صلاته، لإصلاح خطأ قام به، مثلا وضع يده اليسرى على اليمنى أو أخطأ في التلاوة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مخاطبة المصلي جائزة إذا كانت لمصلحة الصلاة كإشارة إلى بعض المخالفات التي قد تصدر عنه أثناء الصلاة، وقد دل على ذلك أحاديث منها حديث عبد الله بن بحينة قال: أقيمت صلاة الصبح فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي والمؤذن يقيم فقال صلى الله عليه وسلم: أتصلي الصبح أربعا ً. رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم. وروى أحمد عن ابن عباس قال: أقيمت الصلاة وأنا أصلى الركعتين فرآني صلى الله عليه وسلم وأنا أصليهما فدنا وقال: أتريد أن تصلي الصبح أربعا ً. ومنها ما رواه البخاري عن أسماء في باب صلاة النساء خلف الرجال قالت: أتيت عائشة حين خسفت الشمس والناس قيام وهي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها نحو السماء، فقالت: سبحان الله، فقلت: آية قالت برأسها أن نعم. قال الحافظ في الفتح: له حكم الرفع لأنها كانت تصلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه فيدخل في التقرير.اهـ. ومنها حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا مريضا من أصحابه فدخل عليه وهو يصلي على عود، فوضع جبهته على العود فأومأ إليه فطرح العود وأخذ وسادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعها عنك، إن استطعت أن تسجد على الأرض وإلا فأومئ إيماء..الحديث رواه الطبراني وصححه الألباني في السلسلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(11/7463)
حكم ترك المسبوق التشهد الأول عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أدرك ركعة معنا الجماعة في صلاة المغرب وبعد السلام قام وصلى ركعتين متواصلتين بدلا من أن يصلي ركعة ويقعد للتشهد فهل هذا صحيح؟ مع العلم أنه متعمد وقال إن التشهد الأوسط سنة ولا يبطل الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا المسبوق يعتقد أنما أدركه المأموم مع الإمام هو آخر صلاته وما فاته أول صلاته فلا حرج عليه فيما فعل لأن ذلك مذهب لبعض أهل العلم، وقد بينا كلام أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 6182. أما إذا كان يعتقد المذهب الآخر الذي نراه راجحا وهو أنما أدركه المأموم مع الإمام يعتبر أول صلاته وما فاته يأتي به على أنه آخر صلاته، إذا كان يرى ذلك، وقام عن التشهد عمدا فهنا تنشأ مسألة أخرى وهي: هل تبطل صلاة من ترك التشهد الأول عمدا أو لا في ذلك خلاف. فتبطل الصلاة عند الحنابلة بشرط العمد مع العلم بالحكم الشرعي للمسألة كما في الفتوى رقم: 51686. وتصح على المشهور عند المالكية. ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل: وهل تبطل بتعمد ترك سنة مؤكدة متفق على سنيتها داخلة الصلاة والمراد الجنس الصادق بالمتعدد ومثلها السنتان الخفيفتان من فذ وإمام أو لا تبطل وهو الراجح. انتهى. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 26421.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(11/7464)
مرور الشخص من أمام المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 4 سنوات أصلي في المسجد ودائماً في الصف الأول واعتدت هذا، ولكن بعض العباد يأتون إلى المسجد لا أعرف ما يوجد في رؤوسهم يصلون أمام الصف الأول بمترين وأكثر ولا يضعون سترة أمامهم تسمح لنا بالمرور لا هم يصلون في الصف الأول ولا يتركون المجال للآخرين، وما أفعله أنا هو أن أمر على جانبهم ثم آخذ مكانا في الصف الأول الذي يكون مباشرة أمامهم وأصر على أنهم لا ينوون الصلاة في الصف الأول، فهل يجوز لي أن أفعل ما ذكرت أم تعتبر قطع صلاة، وهذا ما أشعر به أحياناً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هؤلاء الأشخاص يصلون خلف الصف الأول، فينبغي نصحهم بأن ينتظموا في الصف بحيث لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون لقوله صلى الله عليه وسلم: أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله،ومن قطع صفا قطعه الله. رواه أبو داود.
وإذا كنت تمر أمامهم بمسافة لا تعتبر قريبة في عرف الناس فلا إثم عليك إن شاء الله تعالى، كما في الفتوى رقم: 10700.
هذا إضافة إلى أن الصلاة لا يقطعها مرور الشخص من أمام المصلي، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 28786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(11/7465)
المشروع في حق الرجل التنبيه بالتسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتدنا داخل المنزل أنه عندما يكون أحد داخل الصلاة ويناديه شخص آخر وهو لا يستطيع أن يرد عليه يصفق المصلي كي يعلمه بأنه موجود داخل المنزل وذلك لأنه لا يراه وهذا كان يحدث لي حيث أكون داخل الغرفة فأصفق عند النداء وأنا داخل في الصلاة كي أعلم المنادي بأني موجود فهل هذا التصفيق يجوز شرعا؟ خصوصا وأن هذا التصفيق يستعمل لأهداف غير الإعلام بالوجود داخل المنزل كأن أصفق لشخص يعرف أنني موجود لأعلمه بأنني أريده لشيء ما وينتظرني حتى أفرغ.
والسلام وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يشرع في حق الرجال التسبيح في الصلاة لحاجة، والتصفيق خاص بالنساء، لقوله صلى الله عليه وسلم: التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء. متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
فلا بأس بالتسبيح لحاجة بقصد إفهام الغير بكونك في صلاة أو بكونك تريد أن ينتظر.
ففي الخرشي المالكي: قال مالك: ولا بأس بالتسبيح في الصلاة للحاجة للرجال والنساء. انتهى
وراجع المزيد في الفتوى رقم 19758.
وفي التاج والإكليل لابن القاسم: ومن استأذن رجلاً في بيته وهو يصلي فسبح به يريد بذلك أن يعلمه أنه في صلاة فلا بأس به. انتهى
ويكره التنبيه بالتصفيق، قال البهوتي في كشاف القناع: ويكره بصفير كتصفيقه؛ لقوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً {الأنفال: 35} .
وعليه، فالمشروع لك التنبيه بالتسبيح، أما التصفيق فهو مكروه، لأنه خاص بالنساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/7466)
رفع الإصبع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،،، وبعد
سؤالي جزاكم الله عنا ألف خير وبركة هو:
لقد اعتدت أن أرفع أصبعي أثناء قراءة الفاتحة بالسر والجهر، وعند سماعي للإمام وهو يتلو القرآن ويذكر فيه عظم الله وجلاله، مثلا: عندما أسمع قول الحق عز وجل\\\" الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين \\\".
صدق الله العظيم
وهذا لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
فهل في ذلك إثم أو رد ,,,
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشارة بالسبابة المسبحة مشروعة في التشهد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 55068 وفي الدعاء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 46314.
أما الإشارة بالأصبع عند قراءة القرآن في الصلاة أو في غيرها فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله، ولم ينقل عن أحد من السلف، وكل عبادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي بدعة، لأن فيها مضاهاة غير المسنون بالمسنون، ومن عمل بدعة وهو يعلم، أثم وردت عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم عن عائشة. فالأفضل ترك هذه الأشياء إلا في المواضع الثابتة في السنة.
كما أن تحريك الأصبع حركة كثيرة مع تحريك الكف مبطل للصلاة كما هو معتمد مذهب الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/7467)
الجلوس بين السجدتين وحكم الإقعاء بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك إمام يصلي بنا في المسجد وقد رأيته ذات مرة لا يجلس بين السجدتين كما هو المفروض وإنما يستوي قائما على ركبتيه مع أنه جلس في التشهد , وأعتقد (ولا أعلم) أنه لا يستطيع الجلوس لكبر سنه فما حكم الصلاة خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الإمام يضع ركبتيه على الأرض ويرفع فخذيه وينصبهما ولم يجلس بمقعدته فإن ذلك لا يكفي عن الجلوس إذا لم يكن له عذر, وأما إذا كان له عذر فلا حرج عليه وتصح الصلاة خلفه. وأما إذا كان يجلس مقعيا بين السجدتين فجائز والإقعاء بين السجدتين هو أن ينصب قدميه ويجلس عليهما بأليتيه. قال النووي في المجموع: فروع في الإقعاء" قد ذكرنا أن الأحاديث الواردة في النهي عنه مع كثرتها ليس فيها شيء ثابت، وبينا رواتها، وثبت عن طاووس قال: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين قال: هي السنة. فقلنا: إنا لنراه جفاءً بالرجل، قال: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم في صحيحه، وفي رواية للبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من سنة الصلاة أن تمس أليتاك عقبيك بين السجدتين. وذكر البيهقي من حديث ابن عباس هذا، ثم روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه ويقول: إنه من السنة. ثم روى عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أنهما كانا يقعيان، ثم روى عن طاووس أنه كان يقعي وقال: رأيت العبادلة يفعلون ذلك عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم. قال البيهقي فهذا الإقعاء المرضي فيه والمسنون على ما روينا عن ابن عباس وابن عمر: هو أن يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض، ويضع أليتيه على عقبيه ويضع ركبتيه على الأرض، ثم روى الأحاديث الواردة في النهي عن الإقعاء بأسانيدها عن الصحابة الذين ذكرناهم ثم ضعفها كلها وبين ضعفها، وقال: حديث ابن عباس وابن عمر صحيح ثم روى عن أبي عبيد أنه حكى عن شيخه أبي عبيدة أنه قال: الإقعاء أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه بالأرض.وقال في موضع آخر: الإقعاء جلوس الإنسان على أليتيه ناصباً فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع، قال البيهقي: وهذا النوع من الإقعاء غير ما رويناه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، فهذا منهي عنه. وما رويناه عن ابن عباس وابن عمر مسنون. قال: وأما حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان ينهى عن عقب الشيطان. فيحتمل أن يكون وارداً في الجلوس للتشهد الأخير، فلا يكون منافياً لما رواه ابن عباس وابن عمر في الجلوس بين السجدتين. هذا آخر كلام البيهقي ـ رحمه الله ـ ولقد أحسن وأجاد وأتقن وأفاد وأوضح إيضاحاً شافياً وحرر تحريراً وافياً ـ رحمه الله ـ وأجزل مثوبته. انتهى من المجموع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/7468)
تشديد الراء في التكبير والفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تشديد الراء في غير محله في الصلاة يبطلها عند التكبير مثلا، أو في لفظ \\\"الصراط\\\" في الفاتحة حيث إني أجد صعوبة في نطقها صحيحة وأضطر لإعادتها مرات، ويرجع هذا لخلل عندي في نطق حرف الراء من صغري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان سليم النطق بالحروف إلا أنه أبدل حرفا بحرف، كمن يبدل الراء لاما أو ياء أو يبدل السين ثاء أو جيما أو شينا، أو يسقط شدة حرف فصلاته صحيحة إن لم يمكنه التعلم، فإن أمكنه التعلم فلم يتعلم فصلاته باطلة، وأما إذا كان لا يستطيع النطق بالحرف لعلة خلقية فلا شيء عليه، وأما تشديد الحرف غير المشدد لغير علة فهي إساءة لا تبطل الصلاة، بخلاف عكسه فمبطلة، ومحل هذا في تكبيرة الإحرام والفاتحة. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: لو خفف مع سلامة لسانه حرفا مشددا من الفاتحة أو أبدل به أي بحرف حرفا آخر كظاء بضاد بطلت قراءته لتلك الكلمة لتغييره النظم، وكإبدال ذال الذين المعجمة بالمهملة خلافا للزركشي ومن تبعه، نعم لو نطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف كما تنطق بها العرب صح مع الكراهة، جزم به الروياني وغيره. قال في المجموع: وفيه نظر. وخرج بتخفيف المشدد عكسه، فيجوز وإن أساء، ذكره الماوردي والروياني. اهـ.
وقال الإمام النووي: وإن كان اللحن الذي يغير المعنى في غير الصلاة فلا يمنع الاقتداء. انتهى، من "المجموع".
ويقول الإمام ابن قدامة رحمه الله: فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده فتبطل صلاتهما. انتهى.
وننبه السائل إلى أنه ينبغي أن يحذر من الوسوسة التي قد تفضي إلى التنطع المذموم والمشقة التي لم يكلف الله عباده بما يؤدي إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(11/7469)
حكم الصلاة على الإسفنج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة على الإسفنج الذي يوضع تحت السجاد في المساجد ومامعنى حديث (إمكان الجبهة من الأرض هل هو الضغط بها) أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود على الإسفنج لا تصح معه الصلاة إلا إذا كان الإسفنج مندكا بحيث يمكن معه استقرار الجبهة على الأرض أو ما اتصل بها، وكنا قد بينا هذا الحكم في فتاوى سابقة، فراجع فتوانا رقم: 36324. وإمكان الجبهة من الأرض معناه تقويتها على الأرض، ففي عون المعبود عند شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: فمكن السجود. قال: وقال ابن حجر: معناه فمكن جبهتك من مسجدك، فيجب تمكينها بأن يتحامل عليها بحيث لو كان تحتها قطن انكبس. ففيه إذاً شيء من الضعط. وهذا من باب الاستحباب، وأما القدر الواجب فيكفي فيه وضع أقل جزء من الجبهة مع الطمأنينة. قال الحطاب: ولفظ ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: السجود وهو تمكين الجبهة والأنف، يعني بلفظ التمكين أنه يضع جبهته وأنفه بالأرض على أبلغ ما يمكنه، وهذا هو المستحب، وأما الواجب فيكفي فيه وضع أيسر ما يمكن من الجبهة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(11/7470)
مذهب المالكية في النظر في المصحف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عفوا أخطأت في السؤال رقم 250725 وهذا هو نصه الصحيح فأرجو أن يستبدل بالتالي:
جاء في فتواكم رقم 1781 أن المالكية يرون كراهة القراءة من المصحف في الصلاة، فحبذا لو تذكروا لي ما أمكنكم من أقوالهم، لأني أنكرت على أحد الأئمة حين قال للمأمومين (إن حمل المصحف والمتابعة مع الإمام منه في صلاة التراويح يساعد على الخشوع في الصلاة) وهذا الإمام لا يرضى إلا بأقوال المالكية، فوعدته بأني سآتيه بها. ثم إنه أجاب على إنكاري بأن الفتوى تتغيّر بتغيّر الأزمنة والأمكنة، أي أنّ هؤلاء المأمومين أقلّ خشوعا من أسلافهم، فبماذا يُردّ عليه؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب المالكية كراهة النظر في المصحف في صلاة الفريضة أو أثناء النافلة لا إن كان المصلى قد ابتدأ صلاة النفل بالنظر فيه فلا كراهة في ذلك.
ففي التاج والأكليل للمواق: من المدونة أجاز مالك أن يؤم الإمام بالناس في المصحف في قيام رمضان وكره ذلك في صلاة الفرض، ومن المدونة أيضاً إن ابتدأ النافلة بغير مصحف منشور فلا ينبغي إذا شك في حرف أن ينظر فيه، ولكن يتم صلاته ثم ينظر. انتهى
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: يعني أنه يكره قراءة المصلي في المصحف في صلاة الفرض ولو دخل على ذلك من أوله لاشتغاله غالبا ويحوز ذلك في النافلة إذا ابتدأ القراءة في المصحف لا في الأثناء فكره وهو معنى قوله أو أثناء نقل لا أوله. انتهى
أما كون الفتوى تتغير بحسب الزمان والمكان، فهذه مسألة معروفة عند أهل العلم مشهورة في كتبهم، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 25069.
وعليه، فلا كراهة في حمل المصحف في التراويح بالنسبة للإمام أو المأمومين عند المالكية خصوصاً إذا ترتب على ذلك مزيد خشوع وحضور القلب في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/7471)
تفصيل القول في حكم الاستعاذة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الإمام الألباني أنّ الاستعاذة تكون في كل ركعة لعموم قوله تعالى\"واٍذا قرأت القرآن.....\" ولعدم وجود دليل صريح من السنّة على عكس ذلك حيث إنّ قول أبي هريرة \"ولم يسكت\" إنّما عنى السكتة الطويلة التي تكون
لدعاء الاستفتاح كما قال مسلم فيبقى الحال كما هو تبعا للآية
فما هو قولكم
كما أنّه يقول إنّها واجبة ومن لم يقرأها فهو آثم وذلك لأنّ الأصل في الأمر القرآني الوجوب إلاّ أن يدلّ الدليل على صرفه من الوجوب إلى الندب فلماذا عدل كثير من الأئمة عن هذه القاعدة وقالوا باستحبابها فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستعاذة المصلي قبل القراءة مستحبة في أول كل ركعة عند الشافعية في المعتمد، ورواية صحيحة عند الحنابلة كما في الإنصاف، ولم يستحبها المالكية في النفل وكرهوها في الفرض، واستحبها الحنفية وهو المعتمد عند الحنابلة في الركعة الأولى فقط، ونقل العبدري وجوبها عن عطاء والثوري، وهي رواية عن أحمد اختارها ابن بطة، ورواية عن داود الظاهري، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى (فاستحبه – التعوذ- للمصلي جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ومنهم ابن عمر وأبو هريرة وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وابن سيرين والنخعي والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم، وقال مالك لا يتعوذ أصلاً لحديث المسيء في صلاته ودليل الجمهور الآية، وهي قوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واستدلوا بأحاديث ليست بثابتة فالآية أولى.
وأما استحبابه في كل ركعة فقد ذكرنا أن الأصح في مذهبنا استحبابه في كل ركعة، وبه قال ابن سيرين وقال عطاء والحسن والنخعي والثوري وأبو حنيفة يختص التعوذ بالركعة الأولى، وأما استحبابه للمأموم فمذهبنا أنه يستحب له كما يستحب للإمام والمنفرد. وقال الثوري وأبو حنيفة لا يتعوذ المأموم، لأنه لا قراءة عليه عندهما، وأما حكمه فمستحب ليس بواجب، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، ونقل العبدري عن عطاء والثوري أنهما أوجباه، قال: وعن داود روايتان (إحداهما) وجوبه قبل القراءة، ودليله ظاهر الآية، ودليلنا حديث المسيء صلاته، انتهى.
فهذا الحديث المذكور هو الصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب عند جمهور الفقهاء رحمهم الله، والقول بالوجوب الذي ذهب إليه الشيخ الألباني – كما ذكرتم- ومن سبقه ممن ذكرناهم من أهل العلم له حظ من النظر ولكن في الركعة الأولى فقط، أما في سائر الركعات فلم نقف له على سلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/7472)
جهر المنفرد في الصلوات الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجهر للمنفرد في صلاة المغرب والعشاء والفجر وعلى أي مذهب؟
(ربنا لك الحمد والشكر) بعد الركوع، هل كلمة (والشكر) بدعة وعلى أي مذهب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهر في الأوقات المذكورة جائز باتفاق العلماء ومن ضمنهم أئمة المذاهب الأربعة، وهو سنة بالنسبة للإمام عند الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، وأوجبه الأحناف على الإمام في الصلاة الجهرية، كما يسن الجهر للمنفرد في الصلاة الجهرية عند المالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 16561.
وقد تقدم في الفتوى رقم: 15439 أن كلمة والشكر بعد قول المصلي ربنا ولك الحمد غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي فلا ينبغي الزيادة على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار في الصلاة وهذا لا يختص بمذهب عن مذهب فكلهم متفقون على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله وأقواله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/7473)
تكتيف اليدين يوم الجمعة وفي الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تكتيف اليدين من الشيطان كما يقول البعض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد من سؤال السائل، فإن كان يقصد بتكتيف اليدين الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب، فإن كان الأمر كذلك فقد كره بعض أهل العلم الحبوة (وهي أن يضم الإنسان رجليه ويديه إلى باقي جسده بثوب أو غيره، أو يضم رجليه إلى بطنه بيديه بدل الثوب. هذه الصورة كرهها بعض أهل العلم لما رواه أبو داود والحاكم وابن ماجه.. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب. ورخص فيها بعض أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة منهم ابن عمر وأنس قال النووي رحمه الله تعالى: ولا يكره عند الشافعي ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي وغيرهم. وقال الخطابي: الاحتباء يجلب النوم فيعرض طهارته للنقض ويمنع من استماع الخطبة. اهـ. ولعل الراجح هو الجواز لفعل ابن عمر وأنس وغيرهما، وهو ما درج عليه العلامة خليل في المختصر وهو مالكي المذهب بقوله عاطفا على ما يجوز وقت الخطبة: واحتباء فيها. أما إن كان قصدك وضع اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر أثناء الصلاة فهذا سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله كما ثبت ذلك في موطإ الإمام مالك وصحيح مسلم وغيرهما. ومن قال إنه من الشيطان فهو على خطر عظيم، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى. هذا إذا كان قصدك ما ذكرنا وإلا فنرجو توضيح ما تقصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(11/7474)
حكم القنوت في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القنوت في الفجر، وهل هو بدعة، أرجو الإجابة بشيء من التفصيل، وأرجو نقل أقوال وأدلة الشيخ الألباني في هذه المسألة إن كان قد تكلم فيها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم القنوت في الفجر في الفتوى رقم: 1599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/7475)
حكم حمل المصلي هاتفا خلويا به موسيقى وقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ عندي جهاز هاتف خلوي جوال يحتوي على بعض الأغاني فهل يجوز أن أصلي به في المسجد، ويوجد في نفس الجهاز القرآن الكريم كاملاً أيضاً فهل يكون حراماً أن أجمع بين الاثنين معاً على نفس الشريح أي الذاكرة وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أنه يكره للمصلي أن يحمل معه ما أصله مباح مما يشغله عن الخشوع في صلاته، وأما الموسيقى والأغاني الماجنة ونحو ذلك فلا يجوز استصحابها لا في الهاتف ولا في غيره وتجب إزالتها، لكن حمل الهاتف المحتوي عليها لا يبطل الصلاة، لكن يعظم الإثم وتشتد الحرمة على من دخل المسجد ومعه ذلك الجوال ولم يغلقه وهو يعلم أنه سيسمع منه تلك الأصوات في المسجد أو في حال الصلاة لما في ذلك من عدم تعظيم شعائر الله، ولما فيه من أذى للمصلين، وقد نهى الله ورسوله عن ذلك كما هو معلوم، وعليه فنوصيك بتقوى الله تعالى وتغيير ما بداخل الجهاز من الأغاني بشيء جائز، وفي حالة الدخول في المسجد أو في الصلاة أغلقه حتى لا يشغلك ويشغل بقية المصلين عن صلاتهم، وأما تحميل القرآن والأغاني على شريحة واحدة في الجوال أو غيره من الأجهزة فلا ينبغي وإذا حصل الخلط بين القرآن والأغاني فإنه حينئذ لا يجوز لما ذلك من لبس الحق بالباطل والاستهانة بالقرآن ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/7476)
الصلاة مع وجود أثر لماء الوضوء على الفم والأنف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وفي الفم والأنف أثر لماء الوضوء؟
وهل يعتبر ذلك شربا أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالصلاة مع وجود أثر الماء في الأنف أو الفم، ومحاولة التخلص من ذلك الأثر تنطع وغلو، ويفضي بصاحبه إلى الوسوسة، ولا يعتبر بقاء هذا الأثر في الأنف أو الفم من قبيل الشرب ويكفي الإنسان أن يستنثر بعد الاستنشاق وأن يمج الماء عن فمه بعد المضمضة في الوضوء.
والزيادة على ذلك لاستخراج أثر الماء تنطع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. قالها ثلاثاً. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/7477)
نهاية سجادة الصلاة هل تعتبر سترة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين
- ما هو المقصود من السترة التي يتخذها المصلي
- وهل تعتبر \" سجادة الصلاة \" سترة يستطيع المرء أن يمر عند نهايتها
... ... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسترة هي ما يضعه المصلي أمامه تمنع المرور بين يديه وتمكنه من الخشوع في أفعال الصلاة، وذلك لما رواه ابن ماجه عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، ولا يدع أحداً يمر بين يديه.
قال العلماء: والحكمة في السترة كف البصر عما وراءها، ومنع من يجتاز بقربه.
وقد ذهب بعض العلماء إلى اعتبار الخط بدلا من السترة عند عدم وجودها، قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد سترة خط خطا وصلى إليه، وقام ذلك مقام السترة، نص عليه أحمد، وبه قال سعيد بن جبير والأوزاعي، وأنكر مالك الخط، وكذلك الليث بن سعد وأبو حنيفة وقال الشافعي بالخط بالعراق، وقال بمصر لا يخط المصلي خطاً، إلا أن يكون فيه سنة تتبع. ا. هـ
والذي نراه هنا آخر السجادة التي يصلي عليها المصلي، يقوم مقام الخط عند عدم السترة أو العجز عنه، لأنه في معناه وفي معنى العصا إذا ألقيت بين يدي المصلي عند العجز عن نصبها، قال ابن قدامة: وإن كان معه عصا فلم يمكنه نصبها فقال الأثرم: قلت لأحمد: الرجل يكون معه عصا، لم يقدر على غرزها، فألقاها بين يديه، أيلقيها طولاً أم عرضاً؟ قال: لا، بل عرضاً، وكذلك قال سعيد بن جبير والأوزاعي، وكرهه النخعي، ولنا أن هذا في معنى الخط فيقوم مقامه، وقد ثبت استحباب الخط بالحديث الذي رويناه. ا. هـ
والحديث الذي استدل به الحنابلة ضعفه البعض، وصححه البعض الآخر، وعلق الإمام الشافعي العمل بالخط على ورود السنة.
والخلاصة أن نهاية السجادة تقوم مقام الخط عند من يقول به حسبما ظهر لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/7478)
حكم حمل المنديل واستعماله أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الزكام والرشح أثناء الصلاة إن كانت جماعة أو كنت منفرداً أخاف أن ينزل من أنفي شيء، وهذا ما يحصل عادة أثناء الرشح، فهل يجوز لي في هذه الحالة أن أخرج منديلاً من جيبي، وهل يجوز أن أبقي المنديل في يدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو أنه لا حرج في ذلك، وقد نص الفقهاء على أن الحركة اليسيرة لا تبطل الصلاة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حمل أمامة في صلاته وفتح الباب لعائشة وهو يصلي، ورد السلام بالإشارة وهو يصلي.
وقال صاحب الزاد في ذكر ما يجوز للمصلي فعله "ولف العمامة" ولا شك أن استخراج المنديل من الجيب أخف من لف العمامة، وانظر الفتوى رقم: 20651، والفتوى رقم: 10780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/7479)
هل يغمض عينيه حال السجود أم يفتحهما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يكون الشخص ساجدا في الصلاة هل يجب عليه إغلاق عينيه أم فتحهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المصلي يفتح عينيه ولا يغمضهما إلا لغرض صحيح، لأن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى كراهة تغميض العينين في الصلاة، لما رواه الطبراني في الكبير والأوسط وابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه. وعللوا ذلك بأنه مظنة النوم، وبأن السنة أن يرمي المصلي ببصره إلى موضع سجوده، وفي التغميض ترك لتلك السنة، كما عللوا بأن كل عضو وطرف ذو حظ من هذه العبادة، وحظ العين منها النظر، واستثنوا من ذلك التغميض لكمال الخشوع، بأن خاف فوت الخشوع بسبب رؤية ما يشوش الخاطر، فلا يكره حينئذ، بل قال بعضهم إنه الأولى، ويجب التغميض إذا لزم من تركه فعل محرم، كنظر محرم لا طريق إلى الاحتراز عنه إلا بالتغميض، ومن الفقهاء من لم يكره التغميض أصلاً. قال الإمام النووي: والمختار أنه لا يكره إذا لم يخف ضرراً، لأنه يجمع الخشوع، وحضور القلب، ويمنع من إرسال النظر، وتفريق الذهن.
قال البيهقي: وقد روينا عن مجاهد وقتادة أنهما كرها تغميض العينين في الصلاة، وفيه حديث قال: وليس بشيء.انتهى، ولا نعلم أحداً قال بحرمة غمض العينين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(11/7480)
الدعاء بالعامية لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد الكتب أن الدعاء في الصلاة باللهجة العامية يبطل الصلاة، مع العلم بأن الدعاء باللهجة أحياناً يكون أخشع، ما هو رأيكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء بالعامية لا يبطل الصلاة، ولكن الدعاء بالمأثور أفضل فإن عدل عنه فالأفضل الالتزام بالفصحى إذا أمكنه، وكره بعض أهل العلم الدعاء بالأعجمية كما كره بعضهم الدعاء بغير المأثور، ولكن لم نر من عد اللحن في الدعاء من مبطلات الصلاة، فقد صرح النووي في المجموع وتابعه شراح المنهاج بعدم بطلان صلاة من لحن في التأمين.
وقال ابن الصلاح في فتاواه: إن الدعاء الملحون ممن لا يستطيع غير الملحون لا يقدح في الدعاء ويعذر فيه.
وفي الموسوعة الفقهية عند الكلام على ما يجوز من الترجمة:
الدعاء بغير العربية في الصلاة: المنقول عن الحنفية في الدعاء بغير العربية الكراهة، وقد فصل الشافعية الكلام فقالوا: الدعاء في الصلاة إما أن يكون مأثوراً أو غير مأثور. أما الدعاء المأثور ففيه ثلاثة أوجه: أصحها، ويوافقه ما ذهب إليه الحنابلة: أنه يجوز بغير العربية للعاجز عنها، ولا يجوز للقادر، فإن فعل بطلت صلاته. والثاني: يجوز لمن يحسن العربية وغيره، والثالث: لا يجوز لواحد منهما لعدم الضرورة إليه. وأما الدعاء غير المأثور في الصلاة، فلا يجوز اختراعه والإتيان به بالعجمية قولا واحداً، وأما سائر الأذكار كالتشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والقنوت، والتسبيح في الركوع والسجود، وتكبيرات الانتقالات، فعلى القول بجواز الدعاء بالأعجمية تجوز بالأولى، وإلا ففي جوازها للعاجز أوجه: أصحها: الجواز، والثاني: لا، والثالث: يجوز فيما يجبر بسجود السهو، وذكر صاحب الحاوي: أنه إذا لم يحسن العربية أتى بكل الأذكار بالعجمية، وإن كان يحسنها أتى بالعربية، فإن خالف وقالها بالفارسية: فما كان واجبا كالتشهد والسلام لم يجزه، وما كان سنة كالتسبيح والافتتاح أجزأه وقد أساء. رواجع للزيادة في موضوع الدعاء بغير المأثور الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9127، 8581، 20519، 52405، 20935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(11/7481)
ما يفعله من أحس بحاجة إلى التغوط في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص به سلس ريح لا ينضبط بوقت معين، السؤال هو: أحيانا بعد توضئه ودخوله في الصلاة يحس بارتفاع وتيرة وحجم خروج الريح نتيجة حاجة جسمه إلى التغوط، فهل يقطع صلاته ثم يتغوط ويعيد الوضوء أم يستمر في صلاته؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله فيمن كان في صلاة وأحس بحاجة للتبول أو التغوط هل له أن يدافع ذلك ويستمر؟ أم يقطع الصلاة ويذهب فيقضي حاجته ثم يتطهر ويعيد الصلاة، فذهب الحنفية إلى أن صلاة الحاقن ونحوه مكروهة، سواء طرأ عليه ذلك قبل شروعه في الصلاة أو بعده، فإن شغله ذلك عن الصلاة قطعها ما لم يخف خروج الوقت، وإن أتمها على هذه الحال أثم.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إذا طرأ عليه ذلك في الصلاة، فليس له الخروج منها إذا كانت مفروضة، إلا إذا ظن بكتمه ومدافعته ضرراً، ويرى المالكية أن المدافعة إذا كانت معها مشقة أو مشغلة، فإنها تبطل الصلاة، والراجح هو مذهب الشافعية والحنابلة القائلين بصحة صلاة من يدافع الخبث مع الكراهة، وهذا ما لم يتيقن خروج شيء منه، وإلا لزمه الخروج وإعادة الصلاة ما دام أنه يمكنه أداء الصلاة بطهارة، وعلى المسلم أن يحذر من وسواس الشيطان فإنه حريص أن يوهم الشخص بما ليس بحاصل ليفسد عليه عبادته فلينتبه لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/7482)
هل كان ابن عمر يصلي الصلوات مرتين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
أريد أن أعرف مدى صحة الكلام القائل بأن سيدنا عبد الله بن عمر كان يعيد صلاته.
فإن كان صحيحا فما هي الأسباب التي أدته لفعل ذلك؟ وهل يوجد غيره من احتذي بهذا الفعل؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعرف فيما نعلم أن ابن عمر كان يعيد الصلاة التي صلاها، بل المنقول عنه خلاف ذلك، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من حديث سليمان بن يسار قال: أتيت ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلون في المسجد، قلت: ما يمنعك أن تصلي مع الناس؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. قال في عون المعبود: قال الخطابي في المعالم: هذه صلاة الإيثار والاختيار دون ما كان لها سبب كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلي معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين الأخبار ورفعا للاختلاف بينهما.. . وقال في الاستذكار: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضا، وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمره بذلك، فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة والثانية نافلة، فلا إعادة حينئذ. انتهى. وقد قال صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة، أخرجه أصحاب السنن.
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم أو قال: كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها فصل الصلاة لوقتها، ثم إن أقيمت الصلاة فصل معهم، فإنها زيادة خير.
وعليه، فلعل ما نقل عنه من أنه كان يعيد الصلاة -إن صح النقل عنه- لعل ذلك داخل تحت ما ذكرناه من الأسباب مما يسوغ إعادة الصلاة مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/7483)
صفة الجلوس بين السجدتين وهل يشير بالسبابة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك خطأ في قول أشهد أن لا إله إلا الله مع رفع السبابة بين جلوسي السجود وما الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب الفقهاء من أهل المذاهب إلى أن المصلي يجعل أصابع اليد اليمنى مبسوطة في الجلسة بين السجدتين كاليد اليسرى، وذهب ابن القيم وتابعه بعض المشايخ كابن عثيمين رحمه الله تعالى إلى أنه يقبض من يده اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويرفع السبابة ويحركها عند الدعاء، قال ابن القيم في زاد المعاد: ثم كان يرفع رأسه غير رافع يديه، ويرفع من السجود رأسه قبل يديه، ثم يجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى. وذكر النسائي عن ابن عمر قال: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعه القبلة، والجلوس على اليسرى، ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع جلسة غير هذه. وكان يضع يديه على فخذيه، ويجعل مرفقه على فخذه، وطرف يده على ركبته، ويقبض ثنتين من أصابعه، ويحلق حلقة، ثم يرفع إصبعه يدعو بها ويحركها، وهكذا قال وائل بن حجر عنه.
وأما حديث أبي داود عن عبد الله بن الزبير: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها، فهذه الزيادة في صحتها نظر. وقد ذكر مسلم الحديث بطوله في صحيحه عنه ولم يذكر هذه الزيادة، بل قال: كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بأصبعه. وأيضا ليس في حديث أبي داود عنه أن هذا كان في الصلاة، وأيضا لو كان في الصلاة لكان نافيا، وحديث وائل ابن حجر مثبتا، وهو مقدم، وهو حديث صحيح ذكره أبو حاتم في صحيحه. ثم كان يقول: رب اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني. هكذا ذكره ابن عباس رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم، وذكر حذيفة أنه كان يقول: رب اغفرلي. وكان هديه صلى الله عليه وسلم إطالة هذا الركن بقدر السجود، وهكذا الثابت عنه في جميع الأحاديث، وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد بين السجدتين حتى تقول قد أوهم وهذه السنة تركها أكثر الناس من بعد انقراض عصر الصحابة، ولهذا قال ثابت: وكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه يمكث بين السجدتين حتى نقول قد نسي أو قد أوهم. وأما من حكم السنة ولم يلتفت إلى ما خالفهما فإنه لا يعبأ بما خالف هذا الهدي. انتهى كلامه رحمه الله. وقال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: فإن السنة تدل على أنه يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويرفع السبابة ويحركها عند الدعاء هكذا جاء فيما رواه الإمام أحمد من حديث وائل ابن حجر بسند قال فيه صاحب الفتح الرباني إنه جيد وقال فيه المحشي على زاد المعاد إنه صحيح، وإلى هذا ذهب ابن القيم رحمه الله.
والراجح هو ما ذهب إليه عامة الفقهاء، وأما الحديث الذي استند إليه ابن القيم ومن تابعه فيحمل على أن ذلك في جلوس التشهد لا في الجلوس بين السجدتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1425(11/7484)
المقصود بصلاة الهجيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الهجيرة وما هو وقتها وكم عدد ركعاتها، بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الهجيرة تطلق على صلاة الظهر المفروضة، قال الحطاب في مواهب الجليل متحدثا عن هذه الصلاة: لأنها أول صلاة ظهرت في الإسلام ولذلك تسمى الأولى وقيل لأنها في وقت الظهيرة أي شدة الحر، ولذلك تسمى صلاة الهجيرة لأنها تصلى في وقت الهاجرة وهي شدة الحر. انتهى، ومن المعروف أن عدد ركعات صلاة الظهر أربع ركعات، أما وقتها فيرجى للتعرف عليه مراجعة الفتوى رقم: 13740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1425(11/7485)
حكم ترك سنن الصلاة عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك سنن الصلاة عمدا فصلى بدون رفع اليدين والتشهد والذكر وووو عامداً متعمداً، وقال ما دامت هذه سنن لا آتي بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفقهاء يقسمون السنن إلى قسمين سنن غير مؤكدة وسنن مؤكدة، فالسنن غير المؤكدة مثل رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ووضع اليد اليمنى على اليسرى، في حال القيام ودعاء الاستفتاح ونحوها فهذه لا تبطل الصلاة بتركها عند الجميع، قال ابن قدامة في المغني بعد ذكرها: وحكم هذه السنن جميعها أن الصلاة لا تبطل بتركها عمدا ولا سهوا. انتهى.
أما السنن المؤكدة وهي المسماة عند بعض أهل العلم بالواجب كالحنابلة ومن أمثلته عندهم التشهد الأول والجلوس له والتسبيح في الركوع يعني قول سبحان ربي العظيم وكذلك التحميد (قول ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع) فمثل هذه الواجبات عندهم تبطل الصلاة بتركها عمدا، وتركها سهواً يوجب سجود السهو.
قال ابن قدامة أيضاً بعد ذكرها: وحكم هذه الواجبات إذا قلنا بوجوبها أنه إن تركها عمدا بطلت صلاته. انتهى.
والمالكية قد اختلفوا في ترك السنن المؤكدة عمدا هل يبطل الصلاة أم لا والمشهور عدم البطلان، ومن أمثلتها عندهم قراءة السورة بعد الفاتحة والتشهد الأول والثاني، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وهل تبطل الصلاة بترك سنة مؤكدة عمداً أو جهلا، وهو قول ابن كنانة وشهره في البيان لتلاعبه أو لا تبطل بذلك ويستغفر الله لكون العبادة قد حوفظ على أركانها وشروطها وهو قول مالك وابن القاسم وشهره ابن عطاء الل هـ ولا سجود عليه لأن السجود إنما هو للسهو. انتهى.
علماً بأن بعض ما يسميه الحنابلة بالواجب يعتبر عند المالكية سنة خفيفة لا يبطل تركه الصلاة بلا خلاف عندهم، وللتعرف على تفصيل أركان الصلاة وواجباتها وسننها راجع الفتوى رقم: 12455.
لكن على المسلم أن يكون حريصاً على اتباع كل سنة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم وليحذر كل الحذر من مخالفتها، فقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21] ، وقال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7] ، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 6417، فالمتساهل في فعل السنن قد يتمادى به الأمر إلى ترك الفرائض والعياذ بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(11/7486)
مسألة حول الإمساك باليد اليمنى مع اليسرى عند الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مسك اليد اليمنى مع اليد اليسرى عند الإقامة إلى الصلاة منهي عنه؟ وذلك لأن أناسا كانوا يصلون خلف الرسول صلى الله عليه وسلم يخفون بأيديهم الأصنام.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مسك اليد اليمنى مع اليد اليسرى عند القيام إلى الصلاة وقبل الدخول فيها غير مطلوب ولم يرد فيه شيء يدل على مشروعيته، وإن كان السائل الكريم يعني بالمسك عدم رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، ويسأل: هل رفع اليدين عند الإحرام مأمور به، لأن بعض الناس كانوا يخفون أصنامهم ... إلى آخره.
فالجواب: أن هذا التعليل ذكره صاحب الفواكه الدواني في شرح رسالة بن أبي زيد القيرواني المالكي فقال: وحكمة استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام: إما لمخالفة المنافقين في ضم أذرعهم إلى أجنابهم حرصا على بقاء أصنامهم تحت آباطهم، فأمرنا بالرفع لمخالفتهم، وللإشارة إلى أن المصلي قد رفض الدنيا وأقبل على ربه.انتهى.
لكن التحقيق في ذلك أن رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: واختلفت عبارات العلماء في الحكمة في رفع اليدين، فقال الشافعي رضي الله عنه: فعلته إعظاما لله تعالى واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال غيره: هو استكانة واستسلام وانقياد، وكان الأسير إذا غلب مد يديه علامة للاستسلام، وقيل: هو إشارة إلى استعظام ما دخل فيه، وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على الصلاة ومناجاة ربه سبحانه وتعالى. إلى أن قال: وقيل غير ذلك، وفي أكثرها نظر، والله أعلم.انتهى. ولم يذكر النووي مسألة الأصنام.
وإن كان السائل يعني شيئا آخر فالرجاء توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(11/7487)
حكم التخلف عن صلاتي العيد والجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لم يصل العيد والجمعة؟ وماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجمعة فرض لا يجوز التخلف عنها إلا بعذر، ومن تخلف عنها لغير عذر شرعي فهو عاص لله تعالى بتخلفه ولو مرة واحدة، وقد عرض نفسه للوعيد الوارد في حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما المخرج في صحيح مسلم من أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.
ويتضاعف الوعيد ويشتد إذا تخلف عن ثلاث جمع فأكثر، لما رواه أصحاب السنن وأحمد من حديث أبي الجعد الضمري من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع على قلبه.
وأما صلاة العيدين، فقد اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال:
الأول: واجبة على الأعيان، وهذا هو الصحيح عند الحنفية، قال الكاساني: والصحيح أنها واجبة، وهو قول أصحابنا.انتهى. واستدلوا على ذلك: بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرة، وأنه لا يصلى التطوع بجماعة ـ ما خلا قيام رمضان وكسوف الشمس وصلاة العيدين، فإنها تؤدى بجماعة - فلو كانت سنة ولم تكن واجبة لاستثناها الشارع كما استثنى التراويح وصلاة الخسوف.
الثاني: أن صلاة العيد سنة مؤكدة، وإلى هذا ذهب الشافعية والمالكية، قال الشيرازي: صلاة العيد سنة.انتهى. وقال في التاج والإكليل: صلاة العيد سنة مؤكدة.انتهى. ودليلهم على ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للأعرابي - وكان قد ذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس - فقال له: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع. متفق عليه.
الثالث: أن صلاة العيد فرض كفاية، وإليه ذهب الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: وصلاة العيد فرض على الكفاية في ظاهر المذهب.انتهى. ودليلهم على ذلك: عموم قول الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [سورة الكوثر: 2] . ولمداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على فعلها، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة.
والراجح: هو مذهب الجمهور، وهو القول الثاني.
وإذا فاتت الجمعة بعذر أو بغير عذر فإنها تقضى ظهرا لا جمعة. قال الكاساني رحمه الله في بدائع الصنائع: وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ سَقَطَتْ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لَا تُقْضَى، لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ, وَالْأَدَاءُ فَاتَ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ يَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَتَسْقُطُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا.
وأما من فاتته صلاة العيد مع الإمام، فقد اختلف أهل العلم هل يقضيها، أم لا؟ والراجح: أنه يسن له قضاؤها على صفتها، وقد ذكر الإمام النووي مذاهب العلماء في هذه المسألة فقال: (فَرْعٌ) فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إذَا فَاتَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ، قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا أَبَدًا, وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ , وَحَكَى الْعَبْدَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ وَدَاوُد أَنَّهَا لَا تُقْضَى, وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: تُقْضَى صَلَاةُ الْفِطْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي, وَالْأَضْحَى فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: مَذْهَبُهُ كَمَذْهَبِهِمَا, وَإِذَا صَلَّاهَا مَنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَهُ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ, وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ , وَعَنْهُ رِوَايَةٌ يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ, وَإِنْ شَاءَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ, وَبِهِ جَزَمَ الْخِرَقِيُّ، وَالثَّالِثَةُ: مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ, وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ , وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: رَكْعَتَيْنِ بِلَا جَهْرٍ وَلَا تَكْبِيرَاتٍ زَوَائِدَ، وَقَالَ إسْحَاقُ: إنْ صَلَّاهَا فِي الْمُصَلَّى فَكَصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا أَرْبَعًا.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/7488)
أجر الصلاة يتفاوت حسب المشقة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، سؤالي هو: أنا أعمل فترة مسائية من الساعة العاشرة مساء إلى الساعة العاشرة صباحا، وأنا بالطبع أصلي الفجر بالمسجد أني سهران طوال الليل من أجل عملي، فهل جزائي في صلاة الفجر مثل جزاء الذي يعمل طوال النهار وينام الليل ويستيقظ للفجر من أجل الصلاة مع أنه كان يعمل طوال النهار، وهناك أيضاً: أنا أجمع صلاة الظهر والعصر مع المغرب بحكم أني أعمل طوال الليل وأنام بالنهار فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأجر على العبادة يتفاوت من شخص لآخر إذا كان في الإتيان بها مشقة على أحدهما أكثر من الآخر لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أجرك على قدر نصبك. أي تعبك وهناك فرق بين أن يفارق الإنسان نومته على فراشه الوثير ويقوم إلى الصلاة وبين غيره ممن لا يجد مشقة ممن كان غير نائم.
وأما الجمع بين الصلاتين لأجل النوم فغير جائز بل الواجب عليك أن تقوم وتؤدي الصلاة في وقتها ثم تعود إلى النوم إن كنت محتاجاً إليه ومثل ذلك الشخص الذي يعمل في النهار وربما نام متأخراً فيلزمه القيام لأداء صلاة الفجر في وقتها واعلم أنك إذا جاهدت نفسك على القيام لصلاة الظهر والعصر في وقتيهما فإن أجرك يعظم على قدر ما تلقى من المشقة، وننبهك إلى أن صلاة المغرب لا تجمع مع العصر لا في سفر ولا في غيره من أعذار الجمع وإنما تجمع مع العشاء فقط عند وجود العذر المبيح للجمع كالسفر والمطر، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 26458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1425(11/7489)
علاج النعاس في صلاة الفجر أو الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يغلبه النعاس في صلاة الفجر أو الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الشيطان عدو للإنسان، ويحاول بكل ما أوتي من كيد وحيلة أن يبعده عن الخير ويوقعه في الشر، والصد عن ذكر الله تعالى ـ خاصة ـ من أهم أهدافه التي يسعى دائما لتحقيقها، قال تعالى ـ بعد ذكر بعض مكايد الشيطان: وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [سورة المائدة: 91] .
وعليه؛ فهذا النعاس الذي ينتاب الشخص في صلاة الفجر أو الجمعة لا شك أنه من الشيطان، وعلاجه الالتجاء إلى الله تعالى بالإستعاذة من شر الشيطان وكيده والقضاء على الأسباب الجالبة له من إرهاق الجسد في غير وقت الصلاة وتنظيم أوقات النوم ونحو ذلك، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة...... إلى آخر الحديث. وهو في صحيح البخاري وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(11/7490)
صلى الصلاة مرتين سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في العمل وصليت العصر مع زميلي في جماعة وفي وقتها ونحن في الصلاة كان هناك إزعاج وأشخاص في العمل ينادونني عن طريق جهاز اللاسلكي حتى انتهت الصلاة، وبعدها بساعة تقريباً شاهدة جماعة تريد الصلاة واكتمل الصف فاعتقدت بأنها صلاة المغرب فذهبت وتوضأت وشاركتهم الصلاة وفي الصلاة طرأ علي أنها صلاة العصر وليست المغرب لأنه في الركعة قبل الأخيرة لم يجلس الإمام للتشهد فأكملت الصلاة أربع ركعات.. ومعنى ذلك أنني صليت العصر مرتين سهواً مني واعتقاداً بأنها الفريضة التالية، أتمنى منكم توضيح هذه المسألة وما علي تجاه ديني والشيء الآخر هو علم بعض الزملاء بهذه المسألة وبدؤوا بالسخرية وإخبار كل من يقابلون بهذا الشيء ويضحكون ويذكرونني به في كل وقت نجتمع فيه، علما بأنني لست متضايقاً من هذا لأن المسألة بيني وبين ربي ولله الحمد، أيضا هناك مقولة تقول جل من لا يسهو، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخطأ والنسيان وما لهما من العفو من الله، أرجو منكم الرد على هذا الموضوع وتوجيه النصائح لمن يستهزؤون بما حصل ويسخرون به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عباده بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها فقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [سورة البقرة: 238] .
ومن المحافظة عليها أداؤها في أوقاتها جماعة في المسجد مع المسلمين، حيث لا يجوز للرجل التخلف عن الجماعة بغير عذر، وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم وأكد على حضور الصلوات في جماعة، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم. رواه البخاري.
ومن هنا، فلا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة إلا لعذر معتبر شرعاً، كالمطر والمرض، ونحو ذلك.
وأما ما حدث كما ذكرت في السؤال فلا إثم عليك في ذلك، لأنك قد فعلت ذلك خطأً وسهواً، وقد تجاوز الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر.
وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [سورة البقرة: 286] . قال: قال الله: قد فعلت.
ولا تنعقد لك عصراً لأنك لم تنوها، بل نويت المغرب كما فهمنا ولا تنعقد صلاة مغرب وهذا ظاهر.
والخطأ أمر طبيعي يحدث لكل أحد ولا يدعو إلى السخرية والاستهزاء، وقد يكون زملاؤك إنما يذكرون ذلك على سبيل المداعبة والمزاح وهم يعلمون أن هذا أمر عادي وقد يحدث لأي منهم في أي وقت، فالمطلوب منك أن لا تضيق من هذا الأمر وتتقبل مزاح زملائك بصدر رحب إلا ما خرج عن حد المزاح والمداعبة المشروعة، فهذا لا يجوز ولك أن تخبر من يفعل ذلك بالحكم وإطلاعه على آداب المزاح المبينة في الفتوى رقم: 10123.
وأن تذكره بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [سورة الحجرات: 11] ، ففي هذه الآية الكريمة نهى الله عن أخلاق ذميمة ثلاثة:
- نهى عن السخرية، وهي الاستهزاء بالآخرين أو التقليل من شأنهم وتحقيرهم، وهذا يخالف الآداب الإسلامية. قال أحد السلف: لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً.
- ونهى عن اللمز وهو العيب، أي لا يعيب بعضكم بعضاً، واللمز يكون باليد والعين واللسان والإشارة، وهو الغمز بالوجه مثلاً أو تحريك الشفاة بما لا يفهم.
- ونهى عن التنابز بالألقاب، وهو نهي عام في كل لقب يكره المسلم أن ينادى به.
قال الإمام ابن كثير في قوله جل وعلا: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ أي: بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب، كما كان أهل الجاهلية يتناعتون، بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه.
فلا يجوز لمسلم أن يستهزئ بأخيه المسلم بأي وجه كان، وحسب من يفعل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(11/7491)
صلى العصر مرتين سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في العمل وصليت العصر مع زميلي في جماعه وفي وقتها ونحن في الصلاة كان هناك إزعاج أو أشخاص في العمل ينادونني عن طريق جهاز اللاسلكي حتى انتهت الصلاة.. وبعدها بساعه تقريبا شاهدت جماعة تريد الصلاة واكتمل الصف فاعتقدت بأنها صلاة المغرب فذهبت وتوضات وشاركتهم الصلاة وفي الصلاة طرأ علي أنها صلاة العصر وليست المغرب لأنه في الركعة قبل الأخيرة لم يجلس الامام للتشهد فأكملت الصلاة اربع ركعات.. ومعنى ذلك أنني صليت العصر مرتين سهوا مني واعتقادا بأنها الفريضة التالية.
اتمنى منكم توضيح هذه المسألة وما علي تجاه ديني والشيء الآخر هو علم بعض الزملاء بهذه المسألة وبدؤوا بالسخرية وإخبار كل من يقابلون بهذا الشيء ويضحكون ويذكرونني به في كل وقت نجتمع فيه.
علما بأنني لست متضايقا من هذا لأن المسألة بيني وبين ربي ولله الحمد وأيضا هناك مقولة تقول جلّ من لا يسهو، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخطأ والنسيان وما لهما من العفو من الله، أرجو منكم الرد على هذا الموضوع وتوجيه النصائح لمن يستهزؤون بما حصل ويسخرون به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 236960.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(11/7492)
حكم تأخير الصلاة عن أول وفتها بسبب الدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[آخذ درساً ولكن في منتصف الدرس تقريباً يؤذن المغرب وننتهي من ذلك الدرس قبل العشاء بنصف ساعة تقريباً وأذهب إلى الصلاة فور الانتهاء من الدرس هل ينطبق علي قول الله تعالى فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذين توعدهم الله بالويل في قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] ، هم الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج وقتها وليس الذين يؤخرون الصلاة عن أول وقتها، هذا إذا كنت تصليها قبل مغيب الشفق، ومع هذا فالذي ننصحك به هو أداء الصلاة في أول وقتها إن أمكن فإذا لم يمكن وكنت محتاجاً للدرس المذكور فلا حرج عليك في تأخير الصلاة عن أول وقتها، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18839.
وينبغي أن تعلم أن صلاة الجماعة واجبة إلا لعذر، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2252، 13099 والأرقام المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(11/7493)
الحكمة من تغيير الموضع الذي صليت فيه الصلاة المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا نرى المصلين يغيرون اماكن صلاتهم بعد الصلاة المفروضة لصلاة السنة وهل يلزم فعل ذلك وما الحكمة منه، وهل يطلب ذلك الفعل في البيت وتغير موقع السجادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم المأموم تغيير الموضع الذي صلى فيه الفريضة إذا أراد أن يصلي النافلة، قال الإمام أحمد: من صلى وراء الإمام فلا بأس أن يتطوع مكانه، فعل ذلك عمر رضي الله عنه، وأما الإمام فإنه يستحب له أن يتحول عن مكانه، نص عليه الإمام أحمد، وقاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما رواه المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتطوع الإمام في مقامه الذي يصلي فيه. رواه ابن خزيمة.
وأما الحكمة من تغيير موضع الصلاة، فلعلها أن كل بقعة من الأرض تصلي فيها وتسجد فيها لله سبحانه تشهد لك بذلك يوم القيامة، ولا بأس بفعل ذلك في البيت كذلك للحكمة ذاتها.
ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(11/7494)
حكم قطع صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة شباب انسحبوا من صلاة عيد الأضحى، ربما لعدم اتفاقهم مع الإمام، فهذا يسبب حاليا إساءة للمسلمين وخاصة بهذا البلد، ما موقف الإسلام نحو هذه المعاملات؟ وجزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق بيان حكم صلاة العيد في الفتوى رقم: 29328.
وأنه يجوز فعلها في جماعة وفي غير جماعة، وعلى القول بوجوب صلاة العيد فلا يجوز قطعها بعد الشروع فيها، وعلى القول بأن صلاة العيد سنة -وهو الراجح وإليه ذهب الجمهور- فلا يجوز قطعها أيضاً عند المالكية والحنفية، وانظر في حكم قطع الصلاة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11131، 32254، 32896.
وإن كان المقصود بالانصراف الانصراف قبل الصلاة ولم يكن لهم عذر شرعي معتبر فقد أساءوا، وفرقوا الكلمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/7495)
كيفية قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المعلوم أنه إذا أقيمت الصلاة المكتوبة يخرج الفرد الذي يصلي صلاة السنة من صلاته فهل يخرج من الصلاة بالتسليم أم بدون تسليم وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكيفية قطع النافلة يكون بالتسليم منها أو بالخروج من غير تسليم، أي بمجرد الانصراف أو أي مناف للصلاة كالكلام الأجنبي عنها.
ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم: 6183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(11/7496)
حكم الصلاة في الظلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن يصلي المرء في الظلمة مع توافر الضوء مع أدلة قرآنية تؤيد الجواب بالقبول؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من الصلاة في مكان مظلم مع توافر مكان آخر فيه ضوء، لأنه لم يرد تفريق في ذلك في الشرع، بل ربما كان المكان المظلم أقرب إلى أداء الصلاة بخشوع حيث تنتفي الشواغل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(11/7497)
حمل السلاح في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل تجوز الصلاة بالسلاح الناري؟ مع العلم أن الاستقرار في الجزائر غير متوفر، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك ما يمنع من الصلاة بالسلاح الناري، شريطة ألا يكون فى ذلك ضرر على النفس أو الغير، بل إذا وجد السبب الداعي فإن حمله يكون مشروعا قال تعالى: َوإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً [النساء:102] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/7498)
حكم قراءة الفاتحة للأصم القادر على القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أصم وأبكم فما حكم صلاة الجماعة بالنسبة له، هل يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن خلف الإمام؟؟ أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من كان أصم قادراً على القراءة فحكمه في القراءة الجهرية في صلاة الجماعة حكم من لا يسمع قراءة إمامه، وقد اختلف الفقهاء في حكمه، فمنهم من أوجب عليه القراءة أعني قراءة الفاتحة، ومنهم من لم يوجبها عليه، قال النووي في المجموع: وقال أصحابنا: وإذا قلنا لا تجب عليه في الجهرية بأن كان أصم أو بعيداً من الإمام لا يسمع قراءة الإمام ففي وجوبها عليه وجهان مشهوران للخراسانيين، أصحهما تجب لأنها في حقه كالسرية، والثاني: لا تجب لأنها جهرية. انتهى.
وذهب آخرون إلى كراهة القراءة في حقه قال النفراوي في كتابه الفواكه الدواني: قال خليل في عد السنن: وإنصات مقتد ولو سكت إمام، وظاهره ولو كان لا يسمع قراءة الإمام، وهو كذلك فتكره القراءة خلفه في الجهرية. انتهى.
وهذا كله على القول بعدم وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الجهرية، أما من يوجب القراءة في الجهرية فيوجبها عليه، ولا شك أن قراءته لها أولى خروجاً من خلاف من أوجبها عليه في كلتا الحالتين، هذا إذا كانت القراءة جهرية، أما إذا كانت سرية فهو كغيره من المأمومين فيها من حيث الحكم، وقد وقع الخلاف في السرية ومنهم من منع ذلك، ومنهم من استحبها والراجح وجوب القراءة كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 4826.
وبهذا يتبين أن قراءة الأصم في حالة السرية أو الجهرية هي الأحوط، وهذا في حق من كان أصم وقادراً على الكلام.
أما إن كان غير قادر على الكلام وهو الأخرس فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه تكفيه النية، وذهب آخرون إلى أنه لا بد مع ذلك من تحريك لسانه، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: على الأخرس أن يحرك لسانه بقدر ما يحركه الناطق، لأن القراءة تتضمن النطق وتحريك اللسان، فسقط ما عجز عنه ووجب ما قدر عليه. انتهى، فعلى هذا فإن تحريكه لسانه أحوط خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/7499)
يحرم قطع الصلاة الواجبة اختيارا
[السُّؤَالُ]
ـ[حينما أصلي أي فرض أبدأ بخشوع ولله الحمد، فمثلاً عند ركوعي لا أعلم ماذا قرأت، ثم أركع الثانية وأنا أكون قد أفكر في شيء ما، فأقطع صلاتي وأنا في هذه الركعة، فأستعيذ من الشيطان وأنفث عن يساري ثلاثاً ثم أصليها مرة أخرى ولله الحمد أكثر خشوعا وطمأنينة، وأفعلها كثيراً في صلاتي، فهل علي شيء في قطعي للصلاة بهذه الصورة؟ علماً بأنني أعيد الصلاة خوفاً من الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أهل العلم على حرمة قطع الصلاة الواجبة إلا لعذر يبيح ذلك، كإنقاذ نفس أو تلف مال ونحو هذا؛ لقول الله تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] ، قال صاحب الروضة البهية: ويحرم قطع الصلاة الواجبة اختياراً للنهي عن إبطال العمل المقتضي له إلا ما أخرجه الدليل، واحترز بالاختيار عن قطعها لضرورة كحفظ نفس محترمة من تلف أو ضرر. انتهى.
وعلى هذا فالواجب على السائل أن يتوب إلى الله تعالى مما سبق له من قطع الصلاة بغير عذر شرعي يبيح ذلك، وليعلم أن هذا يدخل في جملة وسوسة الشيطان، ولعلاج ذلك ننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 2081، والفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/7500)
لا يقطع الصلاة شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[•من هم الذين إذا مروا أمام المصلي قطعوا صلاته؟. وفي حالة مرورهم ماهو الواجب عمله على المصلي؟ هل يكمل صلاته أم يعيدها؟ وما الحكم إن شك أن أحدا قطع صلاته أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل.
قال الإمام النووي: اختلف العلماء في هذا فقال بعضهم: يقطع هؤلاء الصلاة،قال أحمد بن حنبل: يقطعها الكلب الأسود، وفي قلبي من المرأة والحمار شيء، إلى أن قال: وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهم وجمهور العلماء من السلف والخلف: لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا من غيرهم.
وتأول هذا الحديث على أن المراد بالقطع نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء وليس المراد بطلانها.
وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة وذُكر عندها: ما يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة، فقالت عائشة: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب، والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني على السرير بينه وبين القبلة مضجعة فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنسل من عند رجليه.
فتبين من هذا أن الصحيح عن جل أهل العلم أن الصلاة لا تبطل بمرور هذه الأشياء الثلاثة، وأن المقصود بالقطع: نقص الأجر بشغل القلب بمرور أحدها، وراجع الفتوى رقم: 28786.
وعليه فمن مَرَّ أمامه واحد من هذه الثلاثة فلا يقطع صلاته وليستمر فيها، وليعلم أن الصلاة لا تقطع بالشك، فمن دخل فيها لزمه إكمالها إلا إذا طرأ عليه مبطل يقينا، أو ترتب على التمادي فيها هلاك نفس محترمة كأعمى أو صبي أمامه نار سيقع فيها إن لم يقطع المصلي صلاته، فيجب عليه قطعها لإنقاذ حياته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(11/7501)
الحكمة من كون صلاتي الظهر والعصر سريتان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من تلاوة القرآن في صلاة الظهر والعصر قراءة صامتة وباقي الصلوات قراءة جهرية، ولماذا نصلي ظهر الجمعة ركعتان فقط وتكون القراءة في الصلاة جهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة عن مثل سؤالك بما فيه الكفاية فنحيلك إليها، وهي في الفتوى رقم: 28213.
خاصة أن فيها كلاماً نافعاً في المسألة للعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم "إعلام الموقعين عن رب العالمين".
أما كون صلاة الجمعة ركعتين فهو أمر عليه الإجماع، قال ابن المنذر: أجمع المسلمون على أن صلاة الجمعة ركعتان.
وجاء في الأثر الصحيح الذي أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه عن عمر قال: صلاة الجمعة ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
ويقال في كون عدد ركعاتها اثنتين إنه توقيف واجب التسليم له والعمل به اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد تكون العلة هي ما ذكره جماعة من أهل العلم من أنها ركعتان فقط من أجل الخطبة، فلما كانت قبلها خطبتان ناسب أن يُقتصر في الصلاة على ركعتين، وهكذا الحال في الصلوات التي تشرع لها الخطبة هي ركعتان كصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/7502)
لا يسقط القيام في الفرضة إلا عند عدم القدرة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لي الصلاة وأنا جالسة في عملي بسسب ضيق المكان، وهل يجوز لي في حالة عدم القيام للصلاة في وقتها أن أجمع صلاتي؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا يسقط إلا عند عدم القدرة عليه، قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] .
فمن كان له عذر يمنعه عن القيام جاز له أن يصلي جالساً والأعذار التي تمنع من القيام منها أن يكون الشخص مريضاً لا يستطيع القيام، أو يكون في بيت قصير السقف ولا يمكنه الخروج منه، أو يكون لا يأمن أن يرفع رأسه، وفي الحديث: صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً.... رواه البخاري.
وباستطاعة السائلة أن تتنحى جانباً من مكان عملها فتصلي قائمة كما أمر الله، ومحل ما ذكرناه من ركنية القيام إنما هو في صلاة الفريضة، أما النافلة فيجوز للشخص فعلها قاعداً مع القدرة على القيام بالإجماع لكن ثوابها يكون نصف ثواب القائم، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/7503)
إذا لم يكن المرء يشتهي الأكل فلا حرج أن يقدم الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
غالبا ما أكون جائعة ولكنني لا أشتهي الأكل ولا أستطيع الأكل إلا بعد المغرب أو العشاء فهل يجوز لي أن أصلي وأنا جائعة ومعدتي خالية؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أهل العلم على كراهة الصلاة بحضرة الطعام أو الشراب والنفس تشتهيه، ويلحق بذلك كل ما في معناه مما يشغل القلب، ويذهب كمال الخشوع.
وذلك لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "لا صلاة بحضرة الطعام , ولاهو يدافعه الأخبثان".
هذا إذا كانت نفسه تشتهيه.. أما إذا كان لا يشتهيه ولا يعبأ به فلا مانع من الصلاة بحضرته لأن علة النهي عن الصلاة بحضرة الطعام تعلق القلب به، وهي هنا منتفية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/7504)
قطع الصلاة لإغلاق الهاتف المحمول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقطع الرجل صلاته كي يمنع صوت جرس المحمول إذا طال دقه خشية التشويش على المصلين وإفساد الجماعة وخصوصا إذا كانت تلك الأصوات خبيثه كألحان الغناء العفنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز قطع الصلاة المفروضة إلا لعذر شرعي، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها بلا مسوغ شرعي غير جائز باتفاق الفقهاء؛ لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال الله تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] .
أما قطعها بمسوغ شرعي فمشروع، فتقطع الصلاة لقتل حية ونحوها للأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة، له أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه حية ولا يمكن تنبيهه بتسبيح) . انتهى
ومنه يعلم أنه لا يجوز قطع الصلاة المفروضة لأجل إغلاق الهاتف المحمول إذ يمكن للمصلي أن يغلق الهاتف المحمول أو على أقل تقدير أن يسكت رنين الهاتف بحركة يسيرة في أثناء الصلاة، ولا يؤثر ذلك في صحة الصلاة.
وعلى أصحاب الهواتف المحمولة أن يتقوا الله ويحرصوا على إغلاق هواتفهم قبل الدخول إلى المسجد حتى لا يؤذوا إخوانهم المصلين، وحتى يجنبوا بيوت الله هذه النغمات الموسيقية التي عمت بها البلوى في كثير من المساجد، كما ننصح بالابتعاد عن النغمات الموسيقية والاكتفاء بما هو خال من الألحان ونحوها، لحرمة استماع الموسيقى من الجوال وغيره، وانظر الفتوى رقم:
26424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/7505)
حكم قطع الصلاة لمن توقع الأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرّحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي: سيدي الكريم أنا أعمل ضمن سلك أمني لبلد عربي مسلم (عسكري) غير أن هذا السّلك في بلدي يشدد الرقابة على الصلاة حتّى أن الصلاة تكاد تكون ممنوعة بهذا السلك فأضطر لأدائها بالمنزل ماعدا صلاة الجمعة والعيدين والتراويح ثم إن عملي يحتم علي قضاء يوم وليلة في عدّة مناوبات بالعمل ويتطلب مني ذلك
اليقظة التامة وأضطر لأداء الصلاة خفية هل يجوز قطع صلاة مكتوبة عندما أفاجأ بدورية مراقبة؟ وهل يجوز جمع صلاة يوم وليلة لأدائها عند الانتهاء من المهمّة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المؤسف حقاً أن يمنع بلد عربي مسلم الناس من الصلاة، وهل هذا إلا كما قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْداً إِذَا صَلَّى [العلق:9-10] .
وهذه الآية نزلت في شأن إمام من إئمة الكفر وهو أبو جهل، وقد نهى الله عن طاعة من هذا شأنه، فقال: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19] .
وماذا يبقى من الدين إذا منعت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لينقضن عرى الإسلام عروة عروة كلما انقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن نقضاً الصلاة. رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تترك صلاة مكتوبة متعمداً فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمه. رواه البيهقي. وهو في صحيح الجامع برقم 7339.
ولهذا نوصيك بالمحافظة على الصلاة، والبحث عن عمل آخر تستطيع أن تقيم فيه دينك، إلا إذا كان في بقائك مصلحة عامة للإسلام، وإذا حدث أنك فوجئت بدورية أثناء صلاتك فلك أن تقطع الصلاة، لأن ذلك عذر في حقك ما دمت تتوقع منهم الأذى، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] .
على أن تصليها بعد ذلك في وقتها، أما جمع صلاة يوم وليلة لأدائها بعد انتهاء العمل فلا يجوز. وانظر لذلك الفتوى رقم:
7409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(11/7506)
حكم قطع الصلاة للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل عندما يسقط المصلي بجواري نتيجة مرض أو صرع أثناء تأدية الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن المصلي إذا دخل في صلاته يحرم عليه قطعها اختياراً، أما إذا قطعها لضرورة كحفظ نفس محترمة من تلف أو ضرر، أو قطعها لإحراز مال يخاف ضياعه، فيجوز له ذلك، وقد يجب في بعض الحالات كإغاثة ملهوف وإنقاذ غريق أو إطفاء حريق، أو قطعها لطفل أو أعمى يقعان في بئر أو نار.
جاء في قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: قاعدة في الموازنة بين المصالح والمفاسد ... المثال الثامن: (تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة. ومعلوم أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك) . انتهى
وجاء في كشاف القناع: (ويجب رد كافر معصوم بذمة أو هدنة أو أمان عن بئر ونحوه كحية تقصده كرد مسلم عن ذلك بجامع العصمة، ويجب إنقاذ غريق ونحوه كحريق فيقطع الصلاة لذلك فرضاً كانت أو نفلاً، وظاهره ولو ضاق وقتها لأنه يمكن تداركها بالقضاء بخلاف الغريق ونحوه، فإن أبى قطعها لإنقاذ الغريق ونحوه أثم وصحت صلاته) . انتهى
فالواجب في مثل هذه الحالة التي ذكرها السائل أن يقطع الصلاة ويقوم بإسعاف هذا المريض إلا أن يكفيه غيره ذلك، فإذا فرغ من إسعاف المريض استأنف صلاته من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(11/7507)
حكم الصلاة في النعلين
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن الصلاة في النعلين أعزكم الله سنة ولكن النعال قد تكون قاسية من الأمام بحيث لا يمكن ثني أصابع القدم عند السجود فهل يجوز الصلاة في مثل هذه الأحذية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة في النعلين مختلف فيهما بين أهل العلم على قولين:
أولهما: سنية الصلاة فيها، وهذا مذهب الحنابلة.
قال في كشاف القناع 1/286: (وتسن الصلاة في الطاهر منها أي من النعال. قاله الشيخ تقي الدين وغيره للأخبار.. منها عن أبي سلمة يزيد بن سعيد قال: سألت أنسا أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه. قال: نعم. متفق عليه) .
الثاني: أنها جائزة مباحة غير مستحبة،.
وهو مذهب الجمهور وارجع الفتوى رقم 5210 ولا فرق بين النعل القاسية وغيرها، وتوجيه أصابع القدم إلى القبلة مستحب، فإن تركه مع القدرة عليه أو العجز عنه فلا حرج عليه، وبإمكان المصلي أن يخلع نعله عند السجود ليتمكن من توجيه أصابع رجليه إلى القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/7508)
محل تكبيرات الانتقال من ركن إلى ركن
[السُّؤَالُ]
ـ[تكبيرة القيام للركعة الثالثة في الأرض أم عند الاستقامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتكبير للانتقال من ركن إلى ركن يستحب أن يكون عند الشروع في الانتقال باتفاق، واستثنى المالكية تكبيرة القيام للثالثة من جلسة الوسطى، فقالوا: يستحب أن يكون بعدما يعتدل المصلي قائماً كأنها بداية صلاة، قال خليل بن إسحاق المالكي عاطفاً على المستحبات: (وتكبيره في الشروع، إلا في قيامه من اثنتين فلاستقلاله) . يعني قائماً.
وأما غيرهم فقالوا: يكبر حال النهوض للثالثة كغيرها. قال الحجاوي في زاد المستقنع: وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مكبراً بعد التشهد الأول. قال شارحه الشيخ ابن عثيمين: (يدل على أن التكبير يكون في حال النهوض وهو كذلك، لأن جميع التكبيرات ما عدا تكبيرة الإحرام محلها ما بين الركنين) .
ولعل هذا الأخير هو القول الذي تسنده الأدلة، فلم نطلع على دليل يخصص التكبير بعد القيام للثالثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(11/7509)
حكم تكبيرات الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أخطاء في صلاتي مثل عدم التكبير بعد الركوع فهل هي مقبولة؟ نرجو الإجابة آجركم الله.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل يقصد التكبير عند الركوع لا بعده لأنه لا تكبير بعد الركوع وإنما يقول المصلي: (سمع الله لمن حمده) إذا لم يكون مأموماً.
وتكبيرة الركوع وكذا جميع تكبيرات الانتقال من واجبات الصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم فلا يجوز تركها عمداً، ومن تركها سهواً فليسجد للسهو، وصلاته صحيحة إن شاء الله، أما أمر القبول فهو إلى الله سبحانه.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
5005 والفتوى رقم:
12455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(11/7510)
يشرع للمصلي وغيره إذا مر بآيات فيها سؤال أن يسأل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة قول المأموم بعد قول الإمام في سورة الملك (فمن يإتيكم بماء معين) (الله) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: (ويسن للقارئ في الصلاة وخارجها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله الرحمة، أو بآية عذاب أن يستعيذ منه، أو بآية تسبيح أن يسبح، أو بآية مثلٍ أن يتفكر، وإذا قرأ أليس الله بأحكم الحاكمين قال: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ فبأي حديث بعده يؤمنون قال: آمنت بالله، وإذا قرأ فمن يأتيكم بماء معين قال: الله رب العالمين) . انتهى وذكر مثله الرملي في نهاية المحتاج، وابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج
ولعل حجتهم في ذلك، ما رواه أحمد في المسند عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى. قال: وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها. وصححه الأرناؤوط.، وفي رواية أخرى عند أحمد أيضا: وإذا مر بآية فيها تنزيه لله عز وجل سبح. ورواه أبو داود وصححه الألباني، ورواه النسائي أيضا.
وقال ابن حجر في فتح الباري: (وكان أيضاً يدعو في القنوت، وفي حال القراءة.. إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب استعاذ) . انتهى
والحديث السابق يفيد عموم السؤال والاستعاذة والثناء عند وجود أسبابها، لكن لم يرد -حسب علمنا- حديث خاص بالآية المذكورة في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(11/7511)
ما يشرع فعله للرجل والمرأة إذا نابهما شيء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في الصلاة ونادى علي شخص هل يجوز رفع صوتي بالتكبير أو غير ذلك حتى أخبره أني موجود ولكني أصلي؟
نرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المشروع في حق الرجل الذي يكون في الصلاة، إذا أراد التنبيه على أمر ما هو أن يرفع صوته بالتسبيح، وقد ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما المرأة فالمشروع في حقها التصفيق.
فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنما التصفيق للنساء".
ولفظ أبي داود: "إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال، وليصفق النساء".
قال النووي: (قال أصحابنا متى ناب المصلي شيء بأن احتاج إلى تنبيه إمامه على سهو أو استأذن عليه أحد، أو رأى أعمى يقارب الوقوع في بئر أو نار ونحوها، أو أراد إعلام غيره، فالسنة أن يسبح الرجل، وتصفق المرأة ... ) إلى آخر كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/7512)
مذاهب العلماء في القنوت في الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القنوت في صلاة الفجر، وأنا سمعت جوازه في النوازل وإذا نزلت في المسلمين نازلة فيقنت في جميع الصلوات فكيف يقنت في صلاة العصر؟ أرجو الإجابة بسرعة وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب الشافعية والمالكية هو مشروعية القنوت في الفجر، وقد استدلوا بأدلة كثيرة ذكرها الإمام النووي رحمه الله في المجموع، وقال: مذهبنا أنه يستحب القنوت فيها سواء نزلت نازلة أو لم تنزل، وبهذا قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم، وممن قال به أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي وابن عباس والبراء بن عازب رضي الله عنهم. رواه البيهقي بأسانيد صحيحة. وقال به من التابعين فمن بعدهم خلائق، وهو مذهب ابن أبي ليلي والحسن بن صالح ومالك وداود وقال عبد الله بن مسعود وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وأحمد: لا قنوت في الصبح. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 3038 ففيها بيان كيفية القنوت في الصلوات السرية كالعصر، وأن الإمام أو المنفرد يجهر بالقنوت كجهره في صلاة الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/7513)
فرق الشعر قبل الدخول في الصلاة وأثناءها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم فرق الشعر في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي نفهمه من كلمة "فرق" الشعر، هو جعله فرقتين من مفرق "وسط" الرأس. وهذا إن فعله الشخص قبل الصلاة فلا شيء فيه، بل كان من هديه صلى الله عليه وسلم فرق الشعر بعد أن كان يسدله
أما إن كان يقصد كفت الشعر أثناء الصلاة عند السجود فهو مكروه اتفاقاً، لما ثبت في البخاري وغيره عن ابن عباس قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعراً ولا ثوباً،
وفي لفظ "ولا نكفت" والكف والكفت بمعنى واحد أي لايجمع شعره كي لا يصيب الأرض إذا سجد، أو أن يشد ضفيرة شعره حول رأسه، يقول العلماء: النهي شامل لكل من صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان كذلك قبل الصلاة وفعلها لمعنى آخر وصلى على حاله بغير ضرورة.
وإذا كان يقصد فرق الشعر أثناء الصلاة فهذا من العبث المنافي للخشوع وأقل أحواله الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/7514)
المرخص لهم المرور بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[تقام الصلاة وهناك من يكمل صلاة النافلة هل يجوز لي أن أمرّ بين يديه لأكمل الصف أم أنتظر حتى ينتهي من صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في أن المرور وراء السترة لا يضر، وأن المرور بين المصلي وسترته منهي عنه، فيأثم المار بين يديه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه." قال أبو النضر راوي الحديث: (لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراً أو سنة) متفق عليه.
هذا، وقد استثنى الفقهاء من الإثم المرور بين يدي المصلي للطائف أو لسد فرجة في صف أو لغسل رعاف أو ما شاكل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/7515)
تصلى الفريضة مرة واحدة إلا لسبب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،
عمتي تصلي مع كل فرض عدد ركعات نفس الفرض مثلا الظهر 4 ركعات تصلي معه 4 ركعات فرض لأنها كانت مريضة ونوت بدون نذر أن تصلي مع كل فرض مثله فهل هذا يجوز. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فإن الفرض يسقط عن العبد إذا فعله مرة واحدة على الوجه المشروع، فإذا حصل فيه خلل جاز له إعادته إذا كان الخلل لا يؤثر في صحة صلاته طلباً لكمال الأجر، أما إذا كان الخلل يبطل صلاته، فالإعادة حينئذ واجبة، وكذلك تجوز إعادة الصلاة لإدراك فضيلة ما. كما إذا صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت، فإنه يستحب له إعادة الصلاة عند بعض العلماء، ويجب عند البعض الآخر، وكذلك إذا صلى منفرداً ثم وجد جماعة يصلون، أعاد معهم نفس الصلاة طلباً لفضيلة الجماعة، أما إذا لم يوجد سبب لإعادة الصلاة - كما ذكرنا في الأمثلة السابقة - فإن إعادة الصلاة غير مشروعة، لما ثبت في السند عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تصلوا صلاة في يوم مرتين " وعلى من يفعل ذلك أن ينوي بها نافلة مطلقة، أو سنة الظهر البعدية، لآن الفرض لا يطلب فعله إلا مرة واحدة، ولا يعاد إلا لسبب، فإن أعيد لغير سبب، كان ذلك زيادة، والزيادة في العبادة غير مشروعة كالنقصان منها، لأنه لا عبادة إلا بنص، ثم ننبه السائل إلى أن النذر لا ينعقد إلا باللفظ فلا ينعقد بمجرد العزم، وبالتالي فما صدر من عمتك ليس نذراً ملزماً أصلاً ما لم تتلفظ بالنذر.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(11/7516)
تكبير الانتقال يصاحب الفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر هذه التكبيرة زائدة؟ شخص دخل على جماعة تصلي فكبر تكبيرة الإحرام ودخل معهم الصلاة وكانوا في وضع الجلوس للتشهد الأخير، وعندما سلّم الإمام قام هذا الشخص وكبّر في قيامه، هل هذه التكبيرة جائزة أم أنها زيادة عن الصلاة على اعتبار أنه كبر تكبرة الاحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه التكبيرة ليست زائدة، بل هي تكبيرة القيام ليأتي بأول ركعة من صلاته، والتكبير عند الخفض والرفع في الصلاة مشروع عند جماهير العلماء، بل قال ابن دقيق العيد: وقد اتفق الفقهاء على هذا بعد أن كان وقع فيه خلاف لبعض المتقدمين.
وكان ينبغي للأخ المصلي أن يكبر من حيث ابتداء القيام قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه -باب يكبر وهو ينهض من السجدتين-: وكان ابن الزبير يكبر في نهضته.
وذكر بسنده عن سعيد بن الحارث قال: صلى لنا أبو سعيد الخدري، فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين سجد، وحين رفع، وحين قام من الركعتين، وقال: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم.
ولفظة حين تدل على المصاحبة، قال ابن دقيق العيد: وهذا هو الذي استمر عليه عمل الناس، وأئمة فقهاء الأمصار.
وفي قوله في الحديث: "وحين قام من الركعتين" رد على مالك رحمه الله في قوله: إذا قام من الثانية إلى الثالثة يكبر بعد أن يستوي قائماً، والراجح مذهب الجمهور أن التكبير يصاحب الفعل في كل الانتقالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1422(11/7517)
حكم فعل القنوت أو تركه للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في المنطقة أغلب إن لم أقل كل الأئمة في صلاة الفجر يقنتون بعد الرفع من الركوع. السؤال: ما حكم القنوت هنا وما على المأموم عمله إذا كان بدعة؟ وكيف العمل لو قدموني إماما للجماعة في الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقنوت في صلاة الفجر اختلف فيه الصحابة والتابعون والأئمة المتب وعون، والخلاف فيه خلاف سائغ معتبر مما يسعنا قبوله، وذلك أنه ثبت فعله في السنة، وكذلك تركه. ولذلك فإننا ننصح أن لا تكون هذه المسألة وأمثالها مما يكثر فيه الجدل من المسائل الخلافية الفرعية ـ مصدرا للشقاق والخلاف والفرقة والعصبية والخصومات بين المصلين، فلكل قول وجهته ودليله وسلفه. ولا بأس بالبحث العلمي والتحقيق في الأدلة من طلبة العلم خاصة، أما الإنكار والتشنيع فلا مجال له في مثل هذه المسائل، وعلى ذلك فإذا جرت عادة بلد بالقنوت أو ترك القنوت في صلاة الصبح فلا حرج في ذلك ولا نكير، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3394، 22151، 1599.
أما المأموم فالسنة في حقه أن يتابع إمامه إذا قنت في صلاة الصبح، لعموم قوله النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. متفق عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به. وقال: لا تختلفوا على أئمتكم. وثبت عنه في الصحيح أنه قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: من صلى خلف إمام يقنت في صلاة الفجر فليتابع الإمام في القنوت في صلاة الفجر، ويؤمن على دعائه بالخير، وقد نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله تعالى. اهـ.
ولزيادة الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5564، 6822، 13918.
ومن لا يرى القنوت في الصبح إذا قدم للإمامة بقوم يرون القنوت فينبغي أن يعمل بما يراه موافقا للسنة في رأيه ويترك القنوت ما دام من وراءه يرضون بصنيعه، أما إذا ترتب على ذلك مفاسد أو خصومات مع المأمومين، فلا بأس حينئذ أن يقنت بهم، بل هذا يكون أفضل وأقرب لمقاصد الشريعة.
قال شيخ الإسلام: قد استحب أحمد أيضا لمن صلى بقوم لا يقنتون بالوتر وأرادوا من الإمام أن لا يقنت لتأليفهم، فقد استحب ترك الأفضل لتأليفهم.. وهذا كله يرجع إلى أصل جامع: وهو أن المفضول قد يصير فاضلا لمصلحة راجحة. اهـ.
وقال أيضا: ما اتفق العلماء على أنه إذا فعل كلا من الأمرين كانت عبادته صحيحة ولا إثم عليه لكن يتنازعون في الأفضل وفيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، ومسألة القنوت في الفجر والوتر والجهر بالبسملة وصفة الاستعاذة ونحوها من هذا الباب ... ولو كان الإمام يرى استحباب شيء والمأمومون لا يستحبونه فتركه لأجل الاتفاق والائتلاف كان قد أحسن. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(11/7518)
وقت بداية دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يبدأ الإمام دعاء القنوت في رمضان؟ وكيف نرفع الأيدى أثناء دعاء القنوت؟ وأين ينظر الإمام والمأموم أثناء دعاء القنوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك السؤال عن وقت بداية دعاء القنوت هل هو قبل الركوع أو بعده، فإن هذه مسألة خلاف بين أهل العلم، ومذهب الجمهور أن الأولى القنوت بعد الركوع وعليه تدل أكثر الأحاديث، ولكن لو قنت قبل الركوع جاز لثبوته عن بعض الصحابة ووروده في بعض الأحاديث.
قال في حاشية الروض: قال الخطيب: والأحاديث التي فيها القنوت قبل الركوع كلها معلولة. وقال شيخ الإسلام: من الناس من لا يراه إلا قبله، ومنهم من لا يراه إلا بعده، وأما فقهاء الحديث كأحمد وغيره فيجوزون كلا الأمرين لمجيء السنة الصحيحة بهما، وإن اختاروا القنوت بعده لأنه أكثر وأقيس. انتهى.
وأما إن كان مقصودك السؤال عن وقت بداية القنوت من الشهر، ففي هذه المسألة خلاف أيضا، والصحيح إن شاء الله أن القنوت يشرع في جميع السنة، واتفق الفقهاء على مشروعية القنوت في النصف الأخير من رمضان.
قال في حاشية الروض: وعبارة الإقناع وشرحه: ويسن أن يقنت فيها، أي في الركعة الأخيرة من الوتر جميع السنة، وهذا مذهب أبي حنيفة، وقال الوزير: اتفقوا على أن القنوت في الوتر مسنون في النصف الثاني من شهر رمضان إلى آخره، وقال الشيخ: إذا صلى قيام رمضان فإن قنت جميع الشهر، أو نصفه الأخير، أو لم يقنت بحال فحسن، وقال: يخير في دعاء القنوت بين فعله وتركه. انتهى.
وأما سؤالك عن كيفية رفع اليدين في دعاء القنوت فقد أجبنا عنه في الفتوى رقم: 100311، وانظر أيضا الفتوى رقم: 6822.
وأما محل النظر أثناء دعاء القنوت فإن المشروع للمصلي إذا قام في الصلاة أن ينظر إلى موضع سجوده، عند الجمهور. وانظر الفتوى رقم: 55768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/7519)
حكم الزيادة في ألفاظ القنوت المسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الشيوخ الأفاضل: إمامنا في المسجد اعتاد أن يضيف في دعاء القنوت كلمة ـ سوء ـ يعني يقول: وقني سوء شر ما قضيت، وكذلك يضيف ـ سبحان ـ في دعاء القنوت, وقلنا له أن الدعاء الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ ليست فيه هذه الزيادة، نرجو منكم التوضيح لهذا الأمر. الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن ـ ولا سيما قبل حلول شهر رمضان المبارك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر ليست فيه هذه الزيادة كما ذكرت، فإن لفظه، عن الحسن ـرضي الله عنه ـ قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث حسن، ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئا أحسن من هذا.
فالأولى عند الدعاء بهذا الدعاء أن يلتزم اللفظ الوارد دون زيادة، ولكن إذا زاد الإمام لفظا لا يحيل المعنى وليس فيه محظور شرعي لم يكن ذلك محرما ولا مؤثرا في صحة الصلاة، وإن كان ذلك خلاف الأفضل، فإن دعاء القنوت ليس فيه شيء مؤقت لا يجوز العدول عنه ولا الزيادة فيه، بل مهما دعا به جاز.
قال المرداوي في الإنصاف: ونقل أبو الحارث ـ بما شاء ـ اختاره بعض الأصحاب، قال أبو بكر في التنبيه: ليس في الدعاء شيء مؤقت، ومهما دعا به جاز. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 45233.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(11/7520)
القنوت في الصلوات الخمس وحكم قلب الأكف عند الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دعاء القنوت في جميع الصلوات، وإذا جاز فما حكم قلب الأكف في الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما القنوت في الصلوات الخمس، فقد بينا حكمه وأنه مشروعٌ في النوازل بأدلة السنة الصحيحة، وغير مشروعٍ في غير الصبح اتفاقا، إذا لم تكن نازلة، ومختلفٌ فيه في صلاة الصبح، وذلك في الفتوى رقم: 118111، وانظر للفائدة في معرفة الخلاف في قنوت الصبح الفتوى رقم: 94697.
وبينا أن الراجح استحباب رفع اليدين في دعاء القنوت متى كان مشروعاً، وذلك في الفتوى رقم: 6822.
وأما سؤالك عن قلب الأكف في الدعاء، فإن كان مقصودكَ السؤال عن قلبهما في دعاء القنوت، فقد نقل المرداوي عن شيخ الإسلام أنه قال: ولم يقل أحد ممن يرى رفعهما في القنوت أنه يرفع ظهورهما بل بطونهما. انتهى.
فهذا نقلٌ للاتفاق على أن المشروع في دعاء القنوت الدعاءُ ببطون الأكف.
وأما إن كان مقصودكَ السؤال عن قلب اليدين في الدعاء مطلقاً، فهذه مسألة نزاعٍ بين أهل العلم، ومنشؤ الخلاف، اختلاف فهم العلماء للحديث الذي أخرجه مسلم في صفة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، وأنه جعل ظهورهما نحو السماء، فقال جماعة من أهل العلم: إن الدعاء إذا كان لجلب نعمة، فالمشروع أن يكون ببطون الأكف، وإذا كان لدفع نقمة، فالمشروع أن يكون ببطون الأكف، جمعاً بين فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، وبين نهيه عن السؤال بظهور الأكف،.
قال الصنعاني في شرح حديث أنس: أن النبي صلي الله عليه وسلم استسقي فأشار بظهر كفيه إلى السماء. أخرجه مسلم. فيه دلالة أنه إذا أريد بالدعاء رفع البلاء فإنه يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، وقد ورد صريحا في حديث خلاد بن السائب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل بطن كفيه إلى السماء، وإذا استعاذ جعل ظهرهما إليها. وإن كان قد ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنه: سلوا الله ببطون أكفكم، ولاتسألوه بظهورها. وإن كان ضعيفا فالجمع بينهما أن حديث ابن عباس يختص بما إذا كان السؤال بحصول شيء لا لدفع بلاء، وقد فسر قوله تعالى ويدعوننا رغبا ورهبا. أن الرغب بالبطون والرهب بالظهور.انتهى.
قال في نيل الأوطار: فأشار بظهر كفه إلى السماء قال في الفتح قال العلماء السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعاء بحصول شيء أو تحصيله أن يجعل بطن كفيه إلى السماء. وكذا قال النووي في شرح مسلم حاكيا ذلك عن جماعة من العلماء (وقيل الحكمة) في الإشارة بظهر الكفين في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل في تحويل الرداء وقد أخرج أحمد من حديث السائب بن خلاد عن أبيه (أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظهرهما إليه) في إسناده ابن لهيعة وفيه مقال مشهور. انتهي.
وتأول بعض العلماء حديث أنس المشار إليه، على أنه صلى الله عليه وسلم، بالغ حينئذٍ في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، حتى يُخيل للرائي أنه يدعو بظهور كفيه لشدة الرفع، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام، وإليه أشار المناوي في فيض القدير، قال الشيخ العثيمين: بل رفعهما رفعا شديدا حتي كان الرائى يرى ظهورهما نحو السماء لأنه إذا رفع رفعا شديدا صارت ظهورهما نحو السماء وهذا هو الأقرب وهو اختيار شيخ الأسلام بن تيمية رحمه الله، وذلك لأن الرافع يديه عند الدعاء يستجدي ويطلب ومعلوم أن الطلب إنما يكون بباطن الكف لا بظاهره. انتهي.
وعلى هذا التأويل فالمشروعُ في الدعاء مطلقاً هو الدعاء ببطون الأكف لا بظهورها، ولعل هذا القول أقرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(11/7521)
حكم تضمين القنوت دعاء اللهم اجعلنا من الذين يقولون ويفعلون
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز للإمام أن يدعو بدعاء القنوت مثل (اللهم اجعلنا من الذين يقولون ويفعلون) ، أفيدونا؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء القنوت في النوازل يكونُ بطلب رفع النازلة، ولا ينبغي أن يزاد على ذلك مما لم ترد به السنة، وأما القنوت في الصبح عند من يرى مشروعيته أو القنوت في الوتر فالأمر فيه واسع، وهذا الدعاء المسؤول عنه وإن لم يكن ثابتاً في السنة، لكن معناه حسن، فلا نرى حرجاً من الدعاء به في القنوت وغيره، فإن الله عز وجل عاب أقواماً وذمهم لكونهم يقولون ما لا يفعلون، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف:2-3} ، فإذا دعا المسلم بأن يكون من الناجين من هذا الوعيد كان ذلك حسناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(11/7522)
القنوت في الصلوات الخمس عند النوازل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القنوت في الصلوات الخمس المفروضة؟ وهل النبي صلى الله عليه وسلم دعا على اليهود أربعين يوماً في الصلوات الخمس؟ وما الأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نقل الشوكاني في شرح المنتقى اتفاق العلماء على أنه لا يُقنت في الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير سبب، وأما القنوت في الصبح ففيه خلاف مشهور، وقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 1599.
وأما القنوت في الصلوات الخمس عند النوازل كما لو نزل بالمسلمين بلية أو تسلط عليهم عدو فهو مستحب عند الجمهور، والقول باستحبابه هو الصحيح الذي دلت عليه السنة التي لا معارض لها، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على حي من أحياء العرب، ثبت ذلك من رواية جماعة من الصحابة، وهؤلاء الحي هم: رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله، وهم الذين قتلوا القراء السبعين، وقصتهم مشهورة في السيرة.
وثبت في الصحيح أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قنت يدعو بنجاة بعض المسلمين المستضعفين بمكة. وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 18211، والفتوى رقم: 3038، وأما قنوته أربعين يوماً على اليهود فلا نعلم ما يدل عليه بل هو مما لا أصل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(11/7523)
القنوت قبل الركوع في الركعة الثانية من الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت الإمام في صلاة الصبح بالركعة الثانية عندما ينتهي من قراءة الفاتحة والسورة يسكت لمدة 5 أو 10 ثواني، فهل يوجد دعاء لقراءته، وما هو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع عند جماعة من الفقهاء أن يدعو المصلي في الركعة الثانية من صلاة الصبح عقب الانتهاء من القراءة وقبل الركوع، وهذا الدعاء يسمى بدعاء القنوت، وانظر له الفتوى رقم: 18064، والفتوى رقم: 104295، والفتوى رقم: 3394، والفتوى رقم: 1628.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(11/7524)
قنوت الإمام لا يسوغ التخلف عن الصلاة خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أرجو تبيين أمر هذا القول.وهو بخصوص الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر على الدوام. مما ترتب على هذا الفعل ترك جمع من المصلين صلاة الفجر في المسجد.وعندما سئلوا عن ذلك تحججوا قائلين: 1.إن الإمام ليس من أهل الاجتهاد لأنه مقلد.
2. قالوا إنه يطيع أمر الجهات المختصة فهي طاعة لغير الله.
3. حكم اعتزالهم شهود صلاة الفجر في المسجد.
4.هل من العلماء قال مثل قولهم؟ نرجو إجابتنا بشكل مباشر على المسألة التي أتعبت أهل العلم وطلابه ليس لدقة المسألة ولكن بسب الخوض فيها بغير علم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا أن القنوت في الفجر مختلف في مشروعيته بين العلماء كما في الفتوى رقم: 94697 والفتوى رقم: 18064.
وحتى على القول بعدم مشروعية القنوت في الفجر فإن قنوت الإمام لا يعتبر مسوغا للتخلف عن صلاة الفجر، ولا نظن عالما يقول بهذا إطلاقا، وقد نص العلماء على أنه ينبغي للمأموم أن يقنت خلف إمامه إذا قنت لأن هذا من الأمور الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: عن قنوت الإمام في الفجر بعد أن بين أن المداومة على قنوت الفجر ليس من السنة:.... لكن من اعتقد ذلك متأولا في ذلك له تأويله، كسائر موارد الاجتهاد، ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به وقال: لا تختلفوا على أئمتكم. وثبت عنه في الصحيح أنه قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم.... . انتهى من الفتاوى الكبرى (2/245)
وجاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة – مع أنهم يقولون بعد مشروعية قنوت الفجر -: قال في الاختيارات: وإذا فعل الإمام ما يسوغ فيه الاجتهاد تبعه المأموم فيه وإن كان هو لا يراه مثل القنوت في الفجر.
وأما الاحتجاج بأن الإمام يطيع الجهات المختصة وأنها طاعة لغير الله أو أنه مقلد ... فهذا كله ليس بحجة للتخلف عن صلاة الفريضة، ولو فرض أن وزارة الأوقاف أمرت الأئمة بقنوت الفجر لم يكن هذا عذرا في التخلف عن الصلاة، كما أن متابعة الإمام لا تقتصر على المجتهد بل حتى لو كان مقلدا فإنه يتابع.
قال شيخ الإسلام في اقتداء المأموم بالإمام إذا فعل الإمام ما يرى عدم بطلان الصلاة به ويعتقد المأموم بطلان الصلاة به:.... تصح صلاة المأموم، وهو قول جمهور السلف، وهو مذهب مالك، وهو القول الآخر في مذهب الشافعي، وأحمد، بل وأبي حنيفة، وأكثر نصوص أحمد على هذا. وهذا هو الصواب، لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم. فقد بين صلى الله عليه وسلم أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم، ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له، وأنه لا إثم عليه فيما فعل، فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد.. .. انتهى.
فعلى المصلين المشار إليهم أن يتقوا الله تعالى، وأن يكفوا عن إصدار الفتاوى بغير علم، وأن ينتهوا عن التخلف عن صلاة الفجر لغير عذر فإن هذا من تلبيس إبليس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/7525)
استمرار دعاء القنوت ما دامت النازلة باقية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي وحبيبي بارك الله فيك، فى الحقيقة أود سؤالك سؤالا لطالما حير الكثير فى غزة خاصة كما تعرف أن غزة دائماً تمر بنوازل بحكم أننا تحت الاستعمار الصهيوني وأصبح القتل والتشريد وتدمير البيوت أمرا عاديا، لكن رغم ذلك الحياة في غزة كانت مقبولة، كان المعبر يفتح أسبوعا ويغلق أسبوعين وكانت المواد الغذائية تدخل، لكن الآن الوضع فى غزة سيئ جداً جداً الحصار مفروض منذ 10 أشهر لا دواء ولا غذاء ولا غاز ولا ملابس، أستشهد من جراء إغلاق المعبر وفقدان الكثير من الأدوية ما يقارب 140 شخصاً، لكن السؤال الذي أريد الإجابة عنه هو قامت وزارة الأوقاف فى غزة بإصدر بيان تدعو أئمة المساجد فى الدعاء لكل صلاة، لكن مشايخ السلفية قالوا إن الدعاء غير جائز لأن النوازل أي القتل والحصار وغيرهما أصبحت عادة، وعندما يدعو الشيخ الإمام في المسجد هم لا يرفعون أيديهم، فهل هذا صحيح؟ وبارك الله فيك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله العلي العظيم رب العرش العظيم أن يفرج عن إخواننا المسلمين في غزة وأن يجعل ما أصابهم كفارة لسيئاتهم ويتقبل قتلاهم في الشهداء، وأما عن السؤال فقد سبق لنا أن بينا مشروعية دعاء القنوت والأدلة عليه، وذلك في الفتوى رقم: 3038، كما بينا أيضاً أن دعاء القنوت مشروع ما دامت النازلة باقية من غير تحديد بزمن معين وإنما زمنه زمن النازلة كما في الفتوى رقم: 18211.
وهذا ما تدل عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر الحافظ في فتح الباري حديث جابر قال: قال رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الأخيرة من صلاة الصبح صبيحة خمس عشرة من رمضان فقال: اللهم أنج الوليد بن الوليد. الحديث وفيه فدعا بذلك خمسة عشر يوماً حتى إذا كان صبيحة يوم الفطر ترك الدعاء فسأله عمر، فقال: أو ما علمت أنهم قدموا ... الحديث.
فدل هذا على أنه ترك القنوت عندما زالت النازلة وعلى استمرار دعاء القنوت وقت النازلة وزواله بزوالها.
وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد:.... وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة وتركه عند عدمها..
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:.... القنوت يكون عند النوازل.. وقال أيضاً: ... وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النوازل ...
وهذه النقول وغيرها تدل على أن دعاء القنوت مؤقت بالنازلة فما دامت النازلة باقية فالدعاء مشروع، ولم نجد أحداً من العلماء قال إن دعاء القنوت لا يشرع إذا طالت النازلة أو أن دعاء القنوت بوقت معين مع بقاء النازلة، فلا ندري ما حجة المشايخ المشار إليهم.
وعلى كل حال فما دامت وزارة الأوقاف قد دعت الأئمة إلى دعاء القنوت فينبغي طاعتها في ذلك، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء:59} ، وينبغي للمسلمين في غزة أن يكثروا من التوبة والاستغفار فإن ذلك من أسباب رفع البلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1429(11/7526)
القنوت سرا في صلاة الصبح عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما مدى شرعية دعاء القنوت سراً قبل الركوع في كل صلوات الفجر حيث إن الإمام يدعي أن هذا من مذهب الإمام مالك، فهل يوجد نص واضح بم يدعيه إمامنا في مذهب الإمام مالك، وظاهرة دعاء القنوت سراً موجودة عند كثير من أئمة الجزائر والمغرب العربي وإن كان الجواب لا، الرجاء أن توضحوا لنا من أين أتت هذه الظاهرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقنوت سراً في صلاة الصبح دائماً مستحب على القول المشهور في مذهب الإمام مالك، ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي: يعني أن القنوت مستحب في صلاة الصبح وهذا هو المشهور، وقال ابن سحنون: سنة. قال يحيى بن عمر هو غير مشروع ومسجده بقرطبة لا يقنت فيه إلى حين أخذها أعادها الله للإسلام، ولابن زياد ما يدل على وجوبه، لأنه قال من تركه فسدت صلاته أو يكون على القول ببطلان صلاة من ترك السنة عمداً، وقال أشهب: من سجد له فسدت صلاته، وقال ابن الفاكهاني: القنوت عندنا فضيلة بلا خلاف أعلمه في ذلك في المذهب ونقل بعضهم عن اللخمي أنه ذكر أنه سنة وقوله: سراً، يعني أن المطلوب في القنوت الإسرار به وهذا هو المشهور، وقيل: إنه يجهر به. انتهى ... وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 64087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/7527)
هل قنت صلى الله عليه وسلم يدعو على اليهود شهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دعا على اليهود شهراً في الصلوات الخمس أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على كون الرسول صلى الله عليه وسلم مكث شهراً يدعو على اليهود في الصلوات وإنما ثبت دعاؤه شهراً على بعض القبائل التي اشتركت في قتل جماعة من الصحابة عند بئر معونة، كما جاء في الحديث الصحيح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/7528)
دعاء القنوت عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صيغة دعاء القنوت عند المالكية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشروع عند المالكية اختيار القنوت بالدعاء المروي عن عمر رضي الله عنه، كما ذكره خليل في المختصر وابن أبي زيد في الرسالة.
وقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار أن مالكا رحمه الله روى أنه ليس في القتوت دعاء موقت ولكنه يستحب القنوت بقوله: اللهم إنا نستعينك إلى آخره ...
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58471، 22151، 1628، 3394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/7529)
كيفية رفع اليدين في دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية رفع اليدين في دعاء القنوت وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كيفية رفع اليدين أثناء دعاء القنوت هو أن ترفعا حتى يحاذي بهما الصدر ونحو ذلك وتكون باطن الكف إلى السماء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كيفية رفع اليدين في دعاء القنوت عند القائلين به هو أن يرفعها حتى يحاذي بهما صدره كما روي ذلك عن بعض السلف.
قال ابن قدامة في المغني: قال الأثرم: كان أبو عبد الله يرفع يديه في القنوت إلى صدره، واحتج بأن ابن مسعود رفع يديه في القنوت إلى صدره، وروي ذلك عن عمر وابن عباس وبه قال إسحاق وأصحاب الرأي وأنكره مالك والأوزاعي، ويزيد بن أبي مريم ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك. رواه أبو داود وابن ماجه. ولأنه فعل من سمينا من الصحابة. انتهى. وللتفصيل في حكم رفع اليدين في دعاء القنوت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(11/7530)
القنوت في الصلاة أوقات النوازل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التأمين على دعاء الإمام يوم الجمعة في الركعة الثانية، بعض الناس يقولون إن ذلك غير وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور يقوم بالقنوت في صلاة الجماعة بسبب حصول نازلة حدثت بالمسلمين فهذا مشروع عند الشافعية، ولا يسن عند الحنابلة، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 58969.
والقنوت المشروع عند النوازل التي قد تحدث للمسلمين من كوارث ومصائب تقدم تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 3038.
والمستحب جهر الإمام بهذا القنوت كما يستحب للمأمومين الجهر بالتأمين على دعائه لتأمين الصحابة رضوان الله عليهم على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت، ففي المجموع للنووي: والصحيح أو الصواب استحباب الجهر، ففي البخاري في تفسير قول الله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ. عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقنوت في قنوت النازلة. وفي الجهر بالقنوت أحاديث كثيرة صحيحة سنذكرها إن شاء الله تعالى قريباً في فرع مذاهب العلماء في القنوت.
واحتج المصنف والأصحاب في استحباب تأمين المأموم على قنوت الإمام بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة، إذا قال سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه. رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح. انتهى.
وفي فتوحات الوهاب لسليمان الجمل الشافعي: والأماكن التي يجهر فيها المأموم خلف إمامه خمسة: تأمينه مع إمامه، وفي دعاء الإمام في قنوت الصبح، وفي قنوت الوتر في النصف الأخير من رمضان، وفي قنوت النازلة في الصلوات الخمس، وإذا فتح عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/7531)
توضيح حول حكم القنوت في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القنوت في صلاة الفجر، وهل صحيح ما قاله الشيخ أحمد شاكر في سنن الترمذي في تعليقه أن أحاديث القنوت ثابتة وأن الممنوع هو القنوت بصفة دائمة؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القنوت في صلاة الفجر مختلف فيه بين الفقهاء، فمنهم من يرى أنه سنة أو مستحب كما هو مذهب الشافعية والمالكية، ومنهم من يرى أنه غير مشروع وهو مذهب الأحناف والحنابلة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3394، وللفائدة ينظر في الفتوى رقم: 64087.
وما ذكر الأخ السائل عن الشيخ أحمد شاكر صحيح فإن بعض أحاديث القنوت صحيحة لكن ليست في الفجر خاصة لذلك كان المختلف فيه هو المداومة عليه في صلاة الفجر، وهو خلاف قديم من عهد الصحابة والتابعين والفقهاء من بعدهم، ولذا فلا ينبغي وصف المداومة عليه في الفجر بأنها ممنوعة لأنها محل خلاف قوي كما مر، ففي سنن الترمذي عن البراء بن عازب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب قال: وفي الباب عن علي وأنس وأبي هريرة وابن عباس وخفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري قال أبو عيسى حديث البراء حديث حسن صحيح واختلف أهل العلم في القنوت في صلاة الفجر فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم القنوت في صلاة الفجر وهو قول مالك والشافعي وقال أحمد وإسحاق لا يقنت في الفجر إلا عند نازلة تنزل بالمسلمين فإذا نزلت نازلة فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين اهـ. والحديث صحيح كما ذكر الألباني وغيره.
وقال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي عند كلامه على هذا الحديث: قال الحازمي في كتاب الاعتبار اتفق أهل العلم على ترك القنوت من غير سبب في أربع صلوات وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال واختلف الناس في القنوت في صلاة الصبح فذهب أكثر الناس من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار على إثبات القنوت فيها، وذكر كثيرا من الصحابة والتابعين قال: ومن الأئمة والفقهاء أبو إسحاق وأبو بكر بن محمد والحكم بن عتيبة وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه وعن الثوري روايتان وغير هؤلاء خلق كثير، وخالفهم في ذلك نفر من أهل العلم ومنعوا من شرعية القنوت في الصبح، وزعم نفر منهم أنه كان مشروعا ثم نسخ انتهى كلام الحازمي إلى أن، قال أي صاحب تحفة الأحوذي: وقال الشوكاني في النيل واحتج بهذا الحديث من أثبت القنوت في الصبح ويجاب بأنه لا نزاع في وقوع القنوت منه صلى الله عليه وسلم إنما النزاع في استمرار مشروعيته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(11/7532)
المداومة على القنوت سرا في صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي صلاة الصبح في مسجد بالقرب من بيتنا وإمام هذا المسجد في الركعة الثانية بعد قراءة الفاتحة وسورة يقرأ دعاء سرا ويفعل ذلك يوميا ويفعل ذلك كل واحد ناب عنه في الإمامة. فهل هذا يعتبر بدعة. فإن كان كذلك فهل نصلي خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء الذي يقوم به الإمام المذكور يسمى دعاء القنوت، وهو مشروع عند بعض أهل العلم كالمالكية والشافعية، ومن فعله لا يوصف بكونه مبتدعا، وتصح الصلاة خلفه، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 64087، والفتوى رقم: 22151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(11/7533)
وقوف الإمام من غير أن يقنت لأجل قنوت المامومين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمام مسجد يسكت بعد القيام من الركوع في صلاة الفجر في الركعة الثانية حتى يتسنى لمن وراءه من المأمومين الشافعية من القنوت حيث إن الإمام يرى عدم صحة القنوت في صلاة الفجر والمأمومون يرفضون ذلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القنوت في صلاة الفجر مختلف فيه بين الصحابة والتابعين، ومن ثم اختلف فيه العلماء من بعدهم، وكنا قد ذكرنا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 22151، وعليه، فإنه يجوز للإمام المذكور أن يقنت، وإذا لم يقنت فلمن يرى القنوت أن يقنت إذا طمع في إدراك الإمام في السجود.
قال في كفاية الأخيار في الفقه الشافعي: ولو ترك الإمام القنوت إما لكونه لا يراه كالحنفي، أو نسي، فإن علم المأموم أنه لا يلحقه في السجود فلا يقنت، وإن علم أنه لا يسبقه قنت. انتهى.
هذا فيما يتعلق بالمأموم إذا لم يقنت الإمام،أما وقوف الإمام الذي لا يرى القنوت من غير أن يقنت لإتاحة الفرصة للمأموم فليس مطلوبا منه ولو فعل ذلك فلا يقف ساكتا، فإما أن يقنت وهذا لا بأس به، وإما أن يشتغل بالدعاء الوارد بعد القيام من الركوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(11/7534)
حكم من نسي القنوت وتذكره في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[تذكرت دعاء القنوت في صلاة الصبح وأنا جالس للتشهد الأخير هل آتي به وأنا جالس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تتذكر القنوت في صلاة الفجر إلا بعد الجلوس للتشهد الأخير، فقد فات تداركه ولا يشرع لك حينئذ القيام به.
قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: إذا نسي القنوت قبل الركوع، فإنه يقنت بعد الركوع ولا يرجع من الركوع إذا تذكره هناك، فإذا رجع فسدت صلاته. انتهى
وفي تحفة المحتاج ممزوجاً بشرح المنهاج في الفقه الشافعي: ولو نسي إمام أو منفرد قنوتاً فذكره في سجوده لم يعد له لتلبسه بفرض، فإن عاد عامداً عالماً بطلت صلاته. انتهى
وفي الفتاوى الهندية على الفقه الحنفي: ولو نسي القنوت فتذكر في الركوع، فالصحيح أنه لا يقنت في الركوع ولا يعود إلى القيام. انتهى
فكلام أهل العلم هنا دال على أن وقت القنوت هو حال القيام إما قبل الركوع وإما بعده، وصلاتك صحيحة ولا يلزمك سجود سهو. ففي المدونة: وقال مالك فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح قال: لا سهو عليه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/7535)
الأدلة على مشروعية القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية فضيلة الشيخ نرجو إفادتنا في مسألة القنوت في صلاة الفجر وذلك بسبب من يقول ببطلان هذه الصلاة لثلاثة أسباب:
أولها: قول ابن القيم في هذا بأن الصلاة فيها هذا القنوت قد فسدت بسببه.
الثاني: القول الذى ينسب للسلف الصالح وهو: لاتجعل نفسك قنطرة يعبر عليك الناس إلى الجنة ثم ترمى في جهنم. وقالوا هذا لأن الإمام آثر البقاء خوفا أن يأتي من لا يقيم السنة فيصلي بالناس من أهل البدع والذي هم كثر في بلادنا
والسبب الثالث: قالوا قد فسدت الصلاة بسبب طاعة غير الله، المثال في قبول أمر القنوت الصادر من الجهات المختصة لأن القنوت يفرض عليهم والذي يهمنا هو حكم فعل الإمام؟ وحكم الصلاة التي فيها القنوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما نسبته لابن القيم من كون القنوت في صلاة الفجر مبطل لها، بل الذي وقفنا عليه أن ابن القيم رحمه الله تعالى سرد في كتابه زاد المعاد كثيراً من الأدلة على أن المداومة على القنوت في الفجر لم تكن من هديه صلى الله عليه وسلم.
ثم ختم سرد هذه الأدلة بقوله: فإذا قلنا: لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة؛ ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأفضله والله المستعان. انتهى
والقنوت في صلاة الفجر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة والتابعين:
ففي المصنف لابن أبي شيبة من الأدلة ما يلي:
1/ عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر والمغرب.
2/ عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر.
3/ عن عبد الله بن معقل قال: قنت في الفجر رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو موسى.
ولهذه الأدلة وغيرها يرى مشروعيته كثير من أهل العلم كالمالكية والشافعية، ففي المدونة الكبرى:
وقال مالك في القنوت في الصبح: كل ذلك واسع قبل الركوع وبعد الركوع، وقال مالك: والذي آخذ به في خاصة نفسي قبل الركوع. انتهى
وقال الإمام الشافعي في الأم: ولا قنوت في شيء من الصلوات؛ إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام. انتهى
وعليه، فلم يثبت عن ابن القيم قوله ببطلان الصلاة بسبب القنوت، والقنوت في الفجر ثبت في السنة فعله وتركه.
ومن فعله لا يوصف بكونه مبتدعاً، وبالتالي فالمصلون الذين يرون مشروعية القنوت ليسوا بأصحاب بدع ولا ينطبق على إمامهم كونه يجعل نفسه طريقاً للعابرين إلى الجنة ثم يرمى به في جهنم، كما أن فعل القنوت في حق من فرض عليه لا يعتبر طاعة لغير الله تعالى، لكونه مشروعاً قبل ذلك كما تقدم بيان الأدلة على ذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3394، والفتوى رقم: 22151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(11/7536)
القنوت في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد قنوت فى صلاة الفجر؟ وهل يكون سرا أم جهرا؟ وقبل الركوع أم بعده؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 22151 والفتوى رقم: 3394 والفتوى رقم: 18064 حكم القنوت، وكيفيته، وكلام أهل العلم فيه، فنرجو مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/7537)
تخصيص صلاة الجمعة بالقنوت بين المشروعية والبدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل القنوت في صلاة الجمعة بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخصيص صلاة الجمعة بقنوت بدعة، وأما القنوت فيها عند النوازل فمشروع كغيرها من الفرائض، قال الإمام الشافعي رحمه الله: حكى عدد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة فما علمت أحدا منهم حكى أنه قنت فيها إلا أن تكون دخلت في جملة قنوته في الصلوات كلهن حين قنت على قتلة أهل بئر معونة، ولا قنوت في شيء من الصلوات إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام.انتهى.
وفي مصنف ابن أبي شيبة:
(1) حدثنا حفص بن غياث عن ليث عن طاووس قال: القنوت يوم الجمعة بدعة.
(2) حدثنا عبد الأعلى عن برد عن مكحول أنه: كان يكره القنوت يوم الجمعة.
(3) حدثنا أبو بكر قال: حدثنا شريك عن عبيد الله بن يزيد عن إبراهيم قال: القنوت في الجمعة بدعة.
(4) حدثنا الفضل بن دكين عن شريك عن أبي إسحاق قال: صليت خلف المغيرة بن شعبة والنعمان بن بشير الجمعة فلم يقنتا، وخلف علي، فقلت: أقنت بكم؟ قال: لا.
(5) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثني أبو بكير قال: حدثني أبي قال: أدركت الناس قبل عمر بن عبد العزيز يقنتون في الجمعة، فلما كان زمن عمر بن عبد العزيز ترك القنوت في الجمعة.انتهى.
وعليه؛ فالبدعة تخصيص الجمعة بالقنوت، وذهب بعض أهل العلم ومنهم الحنابلة إلى أنه لا يسن القنوت في صلاة الجمعة حتى في النوازل بل يكتفى فيها بالدعاء في الخطبة، قال البهوتي رحمه الله في دقائق أولي النهى: (فيسن لإمام الوقت) أي: الإمام الأعظم (خاصة) القنوت (فيما عدا الجمعة) من الصلوات لرفع تلك النازلة، وأما الجمعة فيكفي الدعاء في الخطبة.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(11/7538)
الصلاة في ثوب به نجاسة وحكم القنوت في الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الأوقات أصلي في ثوب أصابته نجاسة لأنني استفدت من بعض الأقوال بأن إزالة النجاسة من الثوب ليست واجبة، وأن ثوبي يتعرض للمذي كثيرا،فما حكم الصلوات التي صليتها. س2:-بحثت عن أحاديث في القنوت فوجدت حديثا في موقع الدرر السنية وهو حسن (أن النبي صلي الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو عليهم ثم ترك فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتي فارق الدنيا) وفي مجموع الفتاوي لابن تيمية (أنه لم يزل يقنت حتي فارق الدنيا) وكثر الكلام في هذه المسألة ويتبين من الأحاديث أن الرسول داوم علي القنوت الذي قبل الركوع في صلاة الصبح، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الصلاة الطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان، فمن صلى في ثوب به نجاسة عالما بها قادرا على إزالتها، فلا تصح صلاته لفقد شرط الطهارة، وعليه إعادة تلك الصلوات التي صلاها على غير طهارة ما لم تكن النجاسة يسيرة يعسر الاحتراز منها، فإنه يعفى عنها. وسبق في الفتوى رقم: 53344، بيان أقوال العلماء في ما يعفى عنه من النجاسة فنحيل عليها، أما الحديث الوارد في السؤال عن القنوت فقد رواه أحمد عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف، وقال عنه الألباني في السلسلة الضعيفة " منكر " وسبق في الفتوى رقم: 3394 حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح، وراجع كلام ابن القيم في زاد المعاد وتوفيقه بين الأحاديث الواردة في ترك القنوت وملازمته في الفجر فهو كلام نفيس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/7539)
قنوت عمر في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة ما يقال في الركعة الثانية من صلاة الصبح بعد انتهاء الإمام من تلاوة الآية، ملاحظة: المرجو من سيادتكم إرسال جوابكم باللغة الفرنسية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تشير إلى ما هو معروف في المذهب المالكي من القنوت في صلاة الصبح وهو مشروع عندهم بعد الانتهاء من القراءة، واستحبوا الإسرار به، وأن يكون بدعاء عمر الذي رواه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان ولفظه: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكافرين ملحق، اللهم عذب الكفار أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك.
قال في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: (وقنوت سراً بصبح فقط قبل الركوع) عياض: من فضائل الصلاة ومستحباتها القنوت في الصبح، قال في المدونة: واسع القنوت قبل الركوع وبعده والذي آخذ به نفسي قبل الركوع. ولفظه: اللهم إنا نستعينك إلى آخره ... انتهى، وقد اختلف العلماء في القنوت في صلاة الصبح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3394، والفتوى رقم: 5564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(11/7540)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في نهاية دعاء قنوت صلاة الفجر يصلي الإمام على النبي صلى الله عليه وسلم هل يجب على المأموم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقنوت في صلاة الفجر سنة عند المالكية والشافعية، واستحب الشافعية أن يصلي ويسلم فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، وصرحوا بأن من تركه أو بعضه عمداً أو سهواً أنه يسن له سجود السهو.
وعليه، فلا يجب على المأموم، ولا على الإمام الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/7541)
مشروعية القنوت في الفرائض والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكون دعاء القنوت في صلاة الصبح، أما في نافلة ما، أرجو توضيح ذلك مع ذكر صيغته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقنوت في الصلاة مشروع في المواطن التالية:
1- عند حدوث نازلة حصلت للمسلمين كالخوف من عدو أو مطر مضر ونحو ذلك وهذا يشرع في جميع الصلوات الخمس، ويكون مشتملاً على الدعاء للمسلمين بالحفظ من أعدائهم مع التضرع إلى الله تعالى بإهلاك العدو والتنكيل بهم، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 3038.
2- في الوتر والأفضل أن يكون بعد الركوع ويجوز قبله، وراجع صيغة الدعاء في الفتوى رقم: 3394.
3- في صلاة الصبح في غير النوازل، فهو سنة عند مالك والشافعي خلافا لأحمد وأبي حنيفة، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 1628، والفتوى رقم: 43513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(11/7542)
حكم القنوت في صلاتي الفجر والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء في ركعة الوتر بعد صلاة التراويح في رمضان حيث يقال إن الدعاء يجب أن يكون بعد اليوم 15 من رمضان؟ وما الحكم في الدعاء في صلاة الفجر بعد الركوع في الركعة الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في مشروعية القنوت في صلاة الفجر، فذهب بعضهم إلى مشروعيته، وذهب بعضهم إلى عدم مشروعيته، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 18064.
وأما القنوت في الوتر، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه فيه قبل الركوع في كل السنة، وذهب صاحباه والحنابلة وبعض الشافعية إلى سنيته كل السنة، وذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى تخصيصه بالنصف الأخير من رمضان، وهي رواية ابن حبيب عن مالك والمعتمد عند المالكية عدم مشروعية القنوت في الوتر مطلقاً، فهذه هي مذاهب أهل العلم في المسألة والأمر فيه سعة، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وحقيقة الأمر أن قنوت الوتر من جنس الدعاء السائغ في الصلاة من شاء فعله ومن شاء تركه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/7543)
ما حكم التطويل في دعاء القنوت في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التطويل في دعاء القنوت في الوتر وباقي الصلوات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 2768، أن دعاء القنوت بعد القيام من الركوع من ركعة الوتر لا يشترط له دعاء معين، والأحسن أن يقول ما جاءت به السنة وهو الدعاء المشهور الذي يرويه الحسن رضي الله عنه، وأما من جهة التطويل فإذا كان المرء يصلي وحده فلا حرج عليه في تطويل الدعاء، وإن كان إماما فلا يجوز له أن يضر بالناس، وليدع بالدعاء المذكور في الفتوى التي أشرنا إليها ويدعو للمسلمين ولا يطول، وهكذا الحكم في الدعاء في الصلاة، فإن كان المصلي منفردا فله أن يطول في الدعاء في المواقع التي يشرع فيها الدعاء في الصلاة مثل السجود وقبل السلام من الصلاة، وإن كان إماما فليخفف بالناس، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى 45972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/7544)
القنوت في صلاة الصبح ليس بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل إذا قنت الإمام في الفجر، هل أصمت أم أؤمن وراءه، مع علمي بأنها بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى خلف إمام يقنت في صلاة الفجر، فإنه يؤمن على دعائه في حالة جهر الإمام بالقنوت، وفي حالة إسراره به قنت المأموم سراً، ولتعلم أن القنوت في الفجر ليس بدعة كما زعمت، وراجع التفصيل في الفتويين التاليتين: 5564، 3394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/7545)
لا دليل على مذهب الأحناف في التكبير قبل دعاء القنوت في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أدرس في بلد غربي وفي السنة الماضية كنت أصلي التراويح عند إمام مسجد يخشع في صلاته ولا يستعجل العجلة التي تذهب حلاوة الصلاة إلا أنه في الوتر يتبع مذهب الإمام أبي حنيفة فيقرأ الفاتحة ثم سورة الإخلاص ثم يكبر ولا يركع ثم يدعو ثم يكبر ثانية ويركع فقرأت مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ووجدته مطابقا لذلك ولو أنه مخالف للسنة لكنني لم أجد ذكرا للتكبيرة الأولى التي قبل الدعاء فهل تعتبر هذه التكبيرة زائدة تبطل الصلاة أم أنه يجوز متابعته في ذلك على قاعدة من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره أم أتابعه ولكن لا أكبر هذه التكبيرة أفتوني مأجورين لأن رمضان مقبل والأئمة الذين يطبقون السنة يستعجلون عجلة تذهب الخشوع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتكبيرة التي قبل دعاء القنوت في الوتر على مذهب الحنفية ليس لها دليل من السنة ولا قياس.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى فهذه التكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس
ا. هـ.
إلا أنه لا يمكن القول ببطلان الصلاة بهذه التكبيرة لأن التكبير شرع في الصلاة وقد قال صاحب الزاد: وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه ... لم تبطل ولم يجب له سجود بل يشرع ا. هـ.
فمن أتى بقول هو مشروع في الصلاة ولكنه أتى به في غير موضعه فإن الصلاة لا تبطل بذلك. وهل يتابع الإمام على هذه التكبيرة؟ قياس قول الإمام أحمد لا يتابع عليها فقد قال حرب في روايته عند أحمد إذا كبر الإمام في صلاة الجنازة خمساً لا يكبر المأموم معه ولا يسلم إلا مع الإمام لأنها زيادة غير مسنونة للإمام فلا يتابعه المأموم فيها.
فتخريجاً على هذا القول لا يتابع المأموم الإمام في هذه التكبيرة لأنها زائدة وغير مشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(11/7546)
مشروعية القنوت عند النوازل في الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على هذا السؤال: ما هو حكم دعاء القنوت في الصلوات الخمس وخاصة لأهل فلسطين في ظل الظروف والمحنة التي نعيشها، فهناك من الأشخاص من يرى في ذلك بدعة إذا دعا الإمام في صلاة الظهر أو العصر أو المغرب مما أحدث بعض الإشكاليات في المسجد الذي نصلي فيه بين المصلين، فنرجو منكم إفادتنا على البريد الإلكتروني حتى يتم وضع الفتوى في المسجد؟ وبارك الله في جهودكم، ولكم من جزيل الشكر، ونسال الله لنا ولكم العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في مشروعية دعاء القنوت عند النوازل في الصلوات الخمس، وتجد أدلة ذلك في الفتوى رقم: 3038.
والقول ببدعيته غير صحيح، وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 18211.
وعلى كل حالِ فلا ينبغي أن تكون هذه المسألة مثار خلاف بين المسلمين في هذا الوقت الذي هم فيه في أمس الحاجة إلى الالتحام للقيام في وجه العدو الحقيقي المشترك.
وإننا نسأل الله العلي القدير رب العرش العظيم أن يفرج عن المسلمين في فلسطين وفي كل مكان، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويخذل اليهود قتلة الأنبياء ومن ناصرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(11/7547)
حكم من أخطأ في صيغة دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أخطأ الإمام في الدعاء أثناء الصلاة فقال: اللهم إنك لا تقضي ولا يقضى عليك، هل تبطل الصلاة في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تجاوز الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
فإذا كان الإمام قد قال هذا القول خطأ وبدون قصد فلا يؤثر ذلك على صحة الصلاة ولا يأثم الإمام ولا يؤاخذ، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، قال: قال الله: قد فعلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/7548)
يفنت في الصبح لكنه يستعيض بسورة الإخلاص عن الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا في مذهب مالك دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح فأقوم أحيانا بتلاوة سورة الإخلاص بدلا من الدعاء فهل هي بدعة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمالكية يستحب عندهم القنوت في صلاة الفجر ويستحبون أن يكون قبل الركوع، وأن يكون بلفظه الوارد فيه، والقنوت قبل الركوع مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وخلق من الصحابة، وهو مذهب إسحاق ومالك، وقالوا هو الذي استقر عليه عمل الصحابة، ويستحب عند المالكية الإسرار بالدعاء في القنوت، وعليه فما يفعله السائل غير مشروع ولا يوافق أي مذهب من المذاهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/7549)
شرح دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاء القنوت في صلاة الوتر , خاتمة الصلوات اليومية:
اللهم إنا نستعينك ونستهديك , ونستغفرك ونتوب إليك , ونؤمن بك ونتوكل عليك , ونثني عليك الخير
كله , نشكرك لا نكفرتك , ونخلع نترك من يفجرك.اللهم إياك نعبد , وإليك نصلى ونسجد , وإليك
نسعى ونحفد , نرجو رحمتك ونخشى عذابك , إن عذابك الجد بالكفار ملحق.
وصلى الله على سيدنا محمد , وعلى آله وصحبه وسلم.
ما معنى هذا القنوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء القنوت المذكور مأثور عن عمر بن الخطاب رضي ال له عنه كما في المصنف لابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق وسنن البيهقي وغيرهم.
فمعنى قوله: نستعينك نطلب منك العون، ونستهديك: نسألك الهداية لطريق الحق، ونستغفرك: نسألك مغفرة ذنوبنا، ونتوب إليك: نعلن رجوعنا إلى طاعتك وامتثال أمرك، ونؤمن بك: نعتقد اعتقادا جازما بكل ما يجب به الإيمان في حقك، ونتوكل عليك: نعتمد عليك في كل أمورنا، ونثني عليك الخير كله: نمدحك بما أنت له أهل من المديح والثناء، نشكرك ولا نكفرك: نصرف كل نعمتك في طاعتك ولا نصرفها في معصيتك فذلك كفران لها،
اللهم إياك نعبد: لا نعبد إلا إياك لاستحقاقك أن تفرد بالعبادة، وإليك نصلي ونسجد: نخلص عبادتنا لك من صلاة وسجود، وإليك نسعى ونحفد: نسرع ونبادر إلى خدمتك والعمل بطاعتك، نرجو رحمتك: نؤمل أن تشملنا رحمتك، ونخشى عذابك: نخاف عقوبتك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق: فعقوبتك المحققة المؤلمة ستلحق الكافرين الملحدين ولن يفلتوا منها، والصلاة من الله تعالى هي الرحمة، وآله صلى الله عليه وسلم: هم المؤمنون من بني هاشم، وصحبه: هم كل من اجتمع معه مؤمنا به ومات على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/7550)
القنوت في المذهب المالكي سرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي في مسجد القرية التي أقطن بها، والإمام الراتب الذي يؤمنا يقنت دائما في صلاة الصبح وبصفة مستمرة، علما بأن قنوته سرا قبل الركوع في الركعة الثانية، فماذا أفعل كمأموم؟ هل أقنت معه أم أسكت.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا الإمام مالكي المذهب، ومن المعروف أن المأموم مأمور بمتابعة الإمام، فما دام إمامك يقنت سرا فعليك أنت أيضا القنوت، وتفصيل هذه المسألة في الجوابين التاليين: 5564، 3394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(11/7551)
حكم من قنت بناء على رغبة المصلين وهو يرى الترك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في بلد عربي وهذا البلد المذهب السائد فيه المذهب المالكي وفيه أن يكون القنوت يومياً في صلاة الصبح في الركعة الثانية قبل الركوع، وأحياناً يتغيب الإمام الراتب فيقدمونني للصلاة فصليت أكثر من مرة ولم أقنت لأني أرى أن الصحيح والله أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقنت ويترك، أما تخصيص صلاة بعينها بالقنوت دون باقي الصلوات فلا، وكان يقنت في النوازل فكلمني أحد الأشخاص بالنيابة عن المصلين إنهم يريدون أن أقنت ولا يوجد عند غياب الإمام من يجيد تجويد القرآن، والسؤال هنا: إذا صليت بهم ولم أقنت حدث نوع من الاضطراب في المسجد، وإذا لم أصل بهم تقدم من هو ليس على علم بالتجويد ويلحن في القراءة، وإذا قنت خالفت ما أنا مقنتع به حتى أرضي الناس، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففعل القنوت في صلاة الصبح سنة وتركه فيها سنة، وقد صح كل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كنا أجبنا عن هذا الموضوع من قبل، فراجع فيه الفتوى رقم: 17238، والفتوى رقم: 1599، والفتوى رقم: 22151.
وبناء على هذا فإذا صليت بهؤلاء وقت غياب إمامهم، فلا شك أن الأفضل أن تقنت ما داموا لا يرضون منك بترك القنوت خصوصاً إذا تعين ذلك وسيلة للحيلولة دون أن يصلي بهم من يلحن في القراءة ولا يحسن تجويدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/7552)
موطن دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون دعاء القنوت هل بعد القيام من الركوع أم بعد قراءة سورة الإخلاص أي قبل الركوع.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل الإتيان بدعاء القنوت بعد الركوع، فإن أتى به قبل الركوع فلا بأس، راجع الفتوى رقم: 40345 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/7553)
قنوت الوتر من شاء فعله ومن شاء تركه
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني شخص أواظب على صلاة الوتر بعد الرفع من الركوع أدعو بدعاء القنوت، فهل صلاتي صحيحة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة، وإنما اختلف أهل العلم في سنية قنوت الوتر وعدمها، فذهب إلى سنيته الحنابلة والحنفية وبعض الشافعية، كما قال ابن قدامة والطحاوي والنووي.
وذهب المالكية وهي رواية ابن حبيب عن مالك والشافعية إلى سنيته في النصف الأخير من رمضان فقط، وللمالكية قول آخر بعدم سنيته مطلقاً وهو المشهور عند المتأخرين، قال شيخ الإسلام في الفتاوى بعد بحث في شأنه: وحقيقة الأمر أن قنوت الوتر من جنس الدعاء السائغ في الصلاة من شاء فعله ومن شاء تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/7554)
لا صلاة تسمى بصلاة القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة القنوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعرف صلاة تسمى بصلاة القنوت، ولكن هناك حالات يشرع فيها القنوت في الصلاة، تنظر في معرفتها الفتوى رقم: 3038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/7555)
مذاهب الأئمة في القنوت في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم صلاة الصبح خلف إمام يقوم بالقنوت في الركعة الثانية منه بعد قراءة شيء من القرآن قبل الركوع والدعاء الذي يقرأه هو ما يقرأ في قنوت الوتر؟ وما حكمها إن لم أقرأه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم القنوت في صلاة الفجر، وقد بينا هذا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18064، 3394، 22151.
والذي نراه أن الأمر في ذلك واسع، إذ الخلاف فيه من نوع الخلاف المعتبر الذي لا يُنكر فيه على المخالف، علماً بأن القنوت بعد القراءة وقبل الركوع هو مذهب المالكية، وقد بيناه مع دليله في الفتوى رقم: 17238.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(11/7556)
القنوت قبل الركوع وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أتى بدعاء القنوت في صلاة الفجر بعد الرفع من الركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأفضل في دعاء القنوت الإتيان به بعد الركوع، فإن أتي به قبل الركوع فلا بأس، وقد اختلف الفقهاء في حكم القنوت في صلاة الفجر على قولين، ذكرناهما مع أدلة كل منهما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3394، 1599، 22151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/7557)
أقوال العلماء في القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن صلاة الصبح: ما هو المقصود بالتوقف قليلا في الركعة الثانية بعد قراءة سورة الفاتحة وسورة أخرى
ولكم مني جزيل الشكر والامتنان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل مقصود السائل بالتوقف القنوت المستحب بعد القراءة في صلاة الصبح عند المالكية.
وقد سبق خلاف العلماء في القنوت في الفتوى رقم:
22151 والفتوى رقم: 3394
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(11/7558)
القنوت مشروع في النوازل فرديا وجماعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القنوت في النوازل هل يكون فردياً أم جماعياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم القنوت عند النوازل في الفتوى رقم: 3038.
وإذا علمت أن الحكم هو مشروعية الدعاء، فاعلم أنه لا فرق في ذلك بين المنفرد والجماعة.
قال صاحب تحفة المحتاج: ويستحب مراجعة الإمام الأعظم أو نائبه بالنسبة للجوامع، فإن أمر به وجب، ويسن الجهر به مطلقاً للإمام والمنفرد ولو سرية..... إلى أن قال: ولعله إنما طلب الجهر من المنفرد هنا بخلاف قنوت الصبح، لشدة الحاجة لرفع البلاء الحاصل، فطلب الجهر إظهار لتك الشدة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/7559)
حكم القيام بالقنوت في غير موضعه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
كنا نصلي العشاء بمسجد يقع بالقرب من محطة ركاب السكة الحديد، وفوجئنا نحن المأمومين بأن الإمام بعد الرفع من الركعة الثانية بدأ في القنوت والدعاء بغرض أن يسمعه المسافرون إلى مصايف الإسكندرية وأخذ يدعو لحماية الشباب من المصايف والآثام التي تحدث فيها. نرجو أن توضحوا لنا صحة القنوت في الركعة الثانية لصلاة العشاء وليس بعد الرفع من الركعة الأخيرة، وإن لم تكن صحيحة فهل تصح صلاتنا؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله هذا الإمام غير مشروع من جهتين:
أولاً: لأن القنوت لا يشرع إلا في الركعة الأخيرة من الصلاة على اختلاف بين العلماء في محله هل هو قبل الركوع أو بعده؟
ثانياً: أن القنوت في العشاء لغير نازلة لا يشرع، وقد تنازع العلماء في حكم القنوت في الصبح والوتر والنوازال، ولم يقل أحد منهم إن القنوت في غير ذلك مشروع.
إذا تقرر هذا.. فما فعله هذا الإمام من القنوت غير المشروع، يبطل الصلاة لأنه أتى في الصلاة بما ليس منها عمدا، وليست هذه المسألة من باب من أتى بقول مشروع في غير موضعه.
أما صلاة المأمومين فمن تابعه وهو يعلم أن ذلك لا يجوز فصلاته باطلة لأنه تابع الإمام في مبطل على عمد، أما من كان جاهلاً فصلاته صحيحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم. رواه البخاري.
ومن لم يتابعه بالتأمين على قنوته فصلاته أيضاً صحيحة، لخلو صلاته مما يبطلها والمتابعة للإمام إنما تشرع فيما هو مشروع من أفعال وأقوال الصلاة، لا فيما هو غير مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/7560)
حول رفع الصوت بتأمين القنوت والصلاة على النبي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي يدور حول الدعاء عند القنوت في الوتر والصبح فلاحظت أن بعض الإخوة يرفع يديه والبعض الآخر يؤمِّن بصوت مرتفع والبعض يؤمِّن بزيادة مع كلمة آمين يارب وغير ذلك وعندما يذكر الرسول عليه الصلاة والسلام يصلون عليه والكثير يحدث في القنوت فما رأيكم يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخلاف في مسألة القنوت هل يكون في الصبح أم في الوتر خلاف معلوم يمكن أن تنظر فيه الفتوى رقم:
22151.
أما رفع اليدين عند الدعاء لمن يقنت فقد استحبه أكثر أهل العلم، لما أخرجه البيهقي وصححه النووي عن أنس رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة "الفجر" رفع يديه يدعو عليهم.
أما التأمين فينبغي للمأموم إذا سمع الدعاء أن يؤمن ويجهر به كما في تأمين القراءة، وقد ثبت أنهم كانوا يؤمنون بعد ولا الضالين حتى إن للمسجد لَلَجَّة (اللجة: الصوت المرتفع) ، وهذا التأمين يكون بصيغة آمين -أي اللهم استجب- أما زيادة يارب فلم ترد عن السلف، وينبغي الاقتصار على ما ورد.
أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي سنة، وذلك لما أخرجه النسائي عن الحسن رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه كلمات يقولهن في الوتر آخرها: تباركت وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد.
وقد اختلف العلماء هل يؤمن منها لأنها من قبيل الدعاء؟ قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعاء فيؤمن عليها، وقيل هي ثناء يشارك فيه.
قال في أسنى المطالب أيضاً: وقال الغزي: الأقرب أنه يشاركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1423(11/7561)
حكم دعاء القنوت عند التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام
هل دعاء القنوت عند التشهد جائز أم لا؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود استبدال دعاء القنوت بالتشهد فإن ذلك لا يجوز وهو مبطل للصلاة لأن التشهد ركن تبطل الصلاة بتركه على الراجح من أقوال أهل العلم، أما إذا كان المقصود أن يدعو بالدعاء الوارد في القنوت بعد الإتيان بالتشهد والأذكار والأدعية الواردة وقبل السلام فإنه لا بأس بذلك لأنه دعاء والموطن موطن دعاء.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم 1628 والفتوى رقم 3394
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(11/7562)
القنوت ثبت فعله وتركه في السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى قول الأشجعي لابنه"أي بني: محدث"؟ المقصود كلمة "محدث"في الحديث
الذي رواه ابن حبان. ويتعلق بالقنوت في الفجر.
أفيدونا أفادكم الله فالجدل فيه كبير يكاد يوقع الفتنة بيننا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المقصود من قول الصحابي الجليل طارق رضي الله عنه -بكلمة- "محدث" أن القنوت في صلاة الصبح بدعة، كما جاء في رواية أخرى عن ابن عباس بسند ضعيف كما في زاد المعاد.
والحديث الذي ذكرت صححه الأرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد لابن القيم.
والقنوت في صلاة الفجر اختلف فيه الصحابة رضوان الله عليهم، وبناء على اختلافهم اختلف فيه كذلك التابعون، وأئمة المذاهب رضي الله عنهم أجمعين.
وعلى هذا.. فالخلاف فيه خلاف معتبر، وهو من الخلاف الذي يسعنا قبوله.
قال ابن القيم رحمه الله: والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى الله عليه وسلم جهر وأسرَّ وقنت وترك.. ثم قال: وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.. فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح....، ثم قال: ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعل ذلك ثم تركه، فأراد أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة، وهذا رد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقاً.... ويقولون: هو منسوخ وفعله بدعة ... وأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، ويقولون: فعله سنة وتركة سنة، فلا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعله مخالفاً للسنة....
والحاصل أن القنوت ثبت فعله في السنة، وكذلك تركه، والخلاف فيه من الخلاف القديم الذي من الصعب حسمه.
وننصح السائل الكريم بالاطلاع على ما كتبه العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه القيم زاد المعاد في بحث الخلاف في رفع اليدين وجهر آمين والقنوت في الفجر وأنواع التشهدات والأذان والإقامة.
كما ننصح الإخوة ألا يكثروا الجدل في المسائل الخلافية الفرعية، فإن ذلك يسبب الفرقة والتعصب. ولا بأس بالبحث العلمي، والتحقيق في الأدلة من طلبة العلم، وراجع الفتوى رقم:
3394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(11/7563)
موضع قنوت الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي ركعة وفي أي موضع من صلاة الصبح يقرأ القنوت بالنسبة للرأي الذي يقول بذلك؟ ومن هو الإمام الذي يرجح هذا الرأي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهب المالكية والشافعية إلى أن القنوت مشروع في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح، لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: ما زال رسول الله صلى الله عليه يَقْنُتُ في الفجر حتى فارق الدنيا ومحلُّه عند المالكية أن يكون قبل الركوع ويجوز عندهم بعده، ومحله عند الشافعية بعد الركوع فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7564)
دعاء القنوت، معناه وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو دعاء القنوت؟ وهل هو واجب في صلاة الصبح؟ وما حكم تركه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقنوت: بالتاء هو الدعاء والطاعة، وهو السكوت، وهو أيضا طول القيام في الصلاة. وقنت الرجل: أي دعا على عدوه، وقنت: أطال القيام في صلاته. وأفضل الدعاء في القنوت ما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت". رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وعن عمر رضي الله عنه أنه قنت في صلاة الصبح فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق. اللهم عذب الكفار أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك" رواه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان. والقنوت سنة في الوتر في جميع أيام السنة، قاله أحمد وغيره، والأفضل أن يكون بعد الركوع، وإن كان قبل الركوع فلا بأس، لما روى حميد قال: سئل أنس عن القنوت في صلاة الصبح فقال "كنا نقنت قبل الركوع وبعده" أخرجه ابن ماجه. وأما القنوت في صلاة الصبح فقد اختلف الأئمة رحمهم الله في مشروعيته فذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أنه لا يسن القنوت في صلاة الصبح ولا في غيرها من الصلوات سوى الوتر. لما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه. وعن أبي مالك قال: قلت لأبي إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحوا من خمس سنين أكانوا يقنتون في الصبح؟ قال: أي بني محدث. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. وذهب مالك والشافعي إلى أن القنوت في صلاة الصبح سنة في جميع الزمان، لأن أنسا قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا. رواه أحمد، وكان عمر رضي الله عنه يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم. والخلاف في ذلك يسع الجميع، لأنه من الخلاف المعتبر، ولا ينكر فيه على المخالف. ويسن أن يسجد للسهو إن ترك القنوت عند بعض من قال بسنيته في صلاة الصبح.
والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7565)
دعاء القنوت وحكم تركه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دعاء القنوت؟ وما هو حكم تركه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فالقنوت في اللغة له عدة معان منها أنه يطلق على الدعاء قال الزجاج: المشهور في اللغة أن القنوت الدعاء وأن القانت هو الداعي. وفي الشرع هو: الدعاء في الصلاة في محل مخصص من القيام. قال النووي رحمه الله: واعلم أن القنوت لا يتعين فيه دعاء على المذهب المختار فأي دعاء دعا به حصل القنوت ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ولكن الأفضل ما جاءت به السنة. فعن الحسن بن علي قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وأنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت.) والأحسن أن يقول بعد هذا الدعاء اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ويسن القنوت في الوتر في آخر ركعة منه بعد الركوع وهو مذهب الحنابلة والشافعية وقيل يجب، فإن تركه فلا بأس ولا يسجد للسهو. وأما القنوت في الصلوات غير الوتر فقد اختلف فيه الفقهاء فمنهم من قال يسن وهم الشافعية والمالكية ومنهم من قال لا يسن وهم الحنفية والحنابلة وهو الأقرب لما رواه الترمذي عن أبي مالك سعد بن طارق الأشجعي قال: قلت لأبي يأبت إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة نحوا من خمسين سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: (أي بني محدث، وفي لفظ: يابنى إنها بدعة.) قال أبو عيسى والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. هذا والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/7566)
القنوت في الفجر مذهب المالكية والشافعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم القنوت في صلاة الصبح؟ حيث أن البعض منهم يقنتون دائماً في صلاة الفجر. وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القنوت في صلاة الصبح هو مذهب الشافعي والمالكية رحمهم الله استدلالاً بحديث أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا، والحديث صححه بعض أهل العلم واستدلوا به على القنوت في صلاة الصبح. فإذا كانت عادة بلد ما أنهم يقنتون في صلاة الصبح فلا ينكر عليهم وكذا إذا جرت العادة في بلدٍ أنهم لا يقنتون في صلاة الصبح فلا يطالبون ما دام أنهم كذلك، وفي مذهب بلدهم عدم القنوت في صلاة الصبح. وفقك الله لما يحب ويرضى.
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/7567)
حكم الصلاة إذا سلم الإمام من الثالثة فلما أخبروه أعاد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا الإمام صلاة العشاء وجلس عند الركعة الثالثة وسلم، فتكلم معه المصلون بذلك فقام وأعاد صلاة العشاء فأنكرت عليه محتجا بالحديث المعروف، علماً بأن الإمام لم يقم من مجلسه والكلام الذي دار بعد التسليم كان حول توضيح الأمر للإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على هذا الإمام أن يقوم لقضاء الركعة التي نسيها ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام إن لم يكن تعمد الكلام، فإن كان كلم المصلين معتقداً أن صلاته قد تمت فلا شيء عليه، لأن كلام الناسي والجاهل لا يبطل الصلاة على الراجح من قولي أهل العلم، وأما من تعمد تكليمه من المصلين لإخباره بأنه قد بقيت عليه ركعة فإن صلاته تبطل عند الجمهور القائلين بأن الكلام عمداً يبطل الصلاة ولو كان لمصلحتها. وعند المالكية أن الكلام اليسير لإصلاح الصلاة لا يبطلها، واستدلوا على ذلك بحديث ذي اليدين الذي أشرت إليه، وأجاب عنه الجمهور بما ذكره الحافظ في الفتح وعبارته: واستدل به- أي بخبر ذي اليدين- على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا ناسياً، وأما قول ذي اليدين له بلى قد نسيت وقول الصحابة له صدق ذو اليدين فإنهم تكلموا معتقدين النسخ في وقت يمكن وقوعه فيه فتكلموا ظنا أنهم ليسوا في صلاة كذا قيل وهو فاسد لأنهم كلموه بعد قوله صلى الله عليه وسلم: لم تقصر، وأجيب بأنهم لم ينطقوا وإنما أومأوا كما عند أبي داود في رواية ساق مسلم إسنادها وهذا اعتمده الخطابي، وقال حمل القول على الإشارة مجاز سائغ بخلاف عكسه، فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه وهو قوي لكن يبقى قول ذي اليدين بلى قد نسيت، ويجاب عنه وعن البقية على تقدير ترجيح أنهم نطقوا بأن كلامهم كان جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابه لا يقطع الصلاة. انتهى منه مختصراً.
والحاصل أنه لم يكن يجوز لهذا الإمام أن يقطع الصلاة لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. بل كان عليه المبادرة بالقيام إلى الركعة التي بقيت عليه فور إخبار المأمومين له بذلك، وأما من تعمد الكلام معه لإخباره بالخلل الذي وقع في الصلاة فكان عليهم أن يستأنفوا صلاة جديدة عند الجمهور فيدخلون معه فيما بقي من صلاته ثم يتمون صلاتهم بعد سلامه، وعند المالكية أن صلاتهم صحيحة ولا يلزمهم شيء لما قدمناه، أما وقد أعادوا الصلاة فقد برئت ذممهم جميعاً وأجزأتهم صلاتهم الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/7568)
محل التعوذ بعد التشهد إذا سجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: عندما أخطئ في الصلاة وأريد أن أسجد السهو، فمتى يكون الدعاء قبل السلام: اللهم أني أعوذ بك من عذاب القبر؟ فهل قبل سجود السهو، أم بعده؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن سجود السهو قد اختلف أهل العلم في محله، هل هو قبل السلام أم بعده؟ والراجح عندنا في محله هو ما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 17887، وبخصوص ما سألت عنه فإن الدعاء يكون قبل السلام على كل حال، لأنه إذا كان الخطأ في الصلاة قد ترتب عليه سجود سهو قبل السلام فإنك تسجدين للسهو بعد تمام التشهد وما اشتمل عليه من دعاء، ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم.
وفي حاشية العدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: قوله قبل سلامه أي: وبعد تشهده ودعائه. انتهى.
وأما إذا سجدت للسهو بعد السلام، فلا يخفي أن سجود السهو حينئذ قد حصل بعد تمام الدعاء في التشهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1430(11/7569)
إمام التراويح إذا سها وقام للثالثة فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في صلاة التراويح وإذا بالإمام ينهض للركعة الثالثة فسبح له المصلون ولكنه أكمل صلاته، ومن ثم قام بعدها فأتى بالرابعة، ولا أدري إن كان نوى الأربع أم الاثنتين كالعادة؟ ولكنه لم يخبرنا ما مدى صحة صلاتنا وهل هذا جائز؟ مع علمي أنه عند التسبيح والتأكد يجب علي الجلوس وعدم المتابعة بنية المفارقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الزيادة على ركعتين في صلاة التراويح وذكرنا مذاهب العلماء في المسألة، فانظرها في الفتوى رقم: 55933.
وإذا كان الإمام قد نوى أربعا فصلاته صحيحة عند من جوز ذلك من العلماء، وأما إذا كان قد نوى ركعتين كما هو الظاهر ثم نسي فقام إلى الثالثة فقد كان يجب عليه الجلوس وأن يسجد للسهو.
قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا قام إلى الثالثة في التراويح ناسياً فإنه يرجع، حتى لو قرأ الفاتحة فإنه يرجع ويجلس ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتين، فقد نص الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ على أن الرجل إذا قام إلى الثالثة في صلاة الليل، فكأنما قام إلى ركعة ثالثة في صلاة الفجر، ومعلوم أن الإنسان إذا قام إلى ركعة ثالثة في صلاة الفجر وجب عليه أن يرجع، لأن الفجر لا يمكن أن يُصلَّى ثلاثاً، وكذلك صلاة الليل لا تزيدعلى ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى.
وأنا سمعتُ أن بعض الأئمة إذا قام إلى الثالثة سهواً وذكَّروه استمر وصلى أربعاً، وهذا في الحقيقة جهل منهم مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى.
والواجب أن الإنسان إذا ذُكِّر في صلاة الليل أو التراويح ولو بعد أن شرع في القراءة فيجب أن يرجع ويجلس ويقرأ التحيات ويسلم، ثم يسجد سجدتين للسهو ويسلم.
وهكذا حكم المأموم إذا كان قد نوى ركعتين فإنه لا يتابع الإمام إذا مضى في صلاته، وإنما يجلس للتشهد وينوي مفارقة إمامه ويسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/7570)
صفة سجود السهو عند الحنفية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كيفية سجود السهو وفق المذهب الحنفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحاصل مذهب الحنفية في صفة سجود السهو أن المستحب فيه أن يكون جميعه بعد السلام، فلو سجد قبل السلام أجزأه وخالف الأفضل، فإذا سلم المصلي من صلاته كبر وسجد للسهو سجدتين ثم تشهد ثم سلم، هذا هو الأولى عندهم.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وَأَمَّا بَيَانُ مَحَلِّ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ فَمَحَلُّهُ الْمَسْنُونُ بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كان السَّهْوُ بِإِدْخَالِ زِيَادَةٍ في الصَّلَاةِ أو نُقْصَانٍ فيها.
ثم ذكر خلاف العلماء في المسألة وبين دليل المذهب ثم قال: وإذا عَرَفَ أَنَّ مَحَلَّهُ الْمَسْنُونَ بَعْدَ السَّلَامِ فإذا فَرَغَ من التَّشَهُّدِ الثَّانِي يُسَلِّمُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَعُودُ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَأْتِي بِالدَّعَوَاتِ وهو اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
وقال أيضا: هذا الذي ذَكَرْنَا بَيَانَ مَحَلِّهِ الْمَسْنُونِ وَأَمَّا مَحِلُّ جَوَازِهِ فَنَقُولُ جَوَازُ السُّجُودِ لَا يَخْتَصُّ بِمَا بَعْدَ السَّلَامِ حتى لو سَجَدَ قبل السَّلَامِ يَجُوزُ وَلَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ أَدَاءٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ من أَرْكَانِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ سُنَّتَهُ وهو الْأَدَاءُ بَعْدَ السَّلَامِ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/7571)
أسباب التغلب على كثرة السهو في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا أسهو في الصلاة خاصة مع أني أستعيذ بالله من االشيطان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسهو والنسيان من العوارض البشرية التي لا ينفك عنها إنسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني. متفق عليه.
فحدوث السهو في الصلاة ليس بالأمر المستغرب حتى يبحث عن سببه وعلته، بل هو طبيعة بشرية، ولكن يمكن التغلب على كثرة السهو في الصلاة بالأخذ بأسباب الحضور في الصلاة والخشوع فيها، وعدم التفكير في غيرها من أمور الدنيا، فإن الاسترسال مع هواجس النفس ووساوسها والتفكر في أمور الدنيا وعدم حضور القلب في الصلاة من أكبر أسباب وقوع السهو والنسيان، والتعوذ من الشيطان من أكبر أسباب الحضور فيها وعدم حصول اللبس، فعن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له: خنزب. فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا، قال، ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. أخرجه مسلم.
وهذه الاستعاذة لا بد فيها من الصدق والإخلاص وحضور القلب، فإن الله لا يقبل دعاء من قلب لاه كما في الحديث، كما أن الاستعانة بالله واللجوء إليه تعالى والاجتهاد في دعائه من أعظم الأسباب التي يرجى بها ذهاب ما يجده العبد من كثرة السهو والنسيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(11/7572)
لا سجود سهو على المأموم إلا تبعا لإمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نصلى الفجر، وبعد أن سلم الإمام قام الذي بجانبي بسجود سجدتي سهو، فقلت له: لماذا تسجد؟ فقال: لأنني شككت أنني لم أُسبح الله عند الركوع، فقلت له: إنما جعل الإمام ليؤتم به وما عليك سجود سهو، فقال إنه سأل قبل ذلك ويلزمه سجود السهو. أفيدونا جزاكم الله خيرا لأنني أحس بذنب أني قلت له ذلك؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الشك في ترك التسبيح لا يُشرع له سجود السهو حتى عند الحنابلة القائلين بوجوب تسبيحات الركوع والسجود على المشهور من مذهبهم.
قال المرداوي في الإنصاف: قوله: وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وجهين. وأطلقهما في الفروع، والتلخيص، والبلغة، والرعاية الصغرى، والحاويين، والكافي، والقواعد الفقهية. إحداهما: لا يلزمه وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، قال في المهذب: هو قول أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: لم يسجد في أصح الوجهين واختاره ابن حامد، والمصنف، والمجد، وجزم به في الوجيز، وقدمه في المستوعب، والرعاية الكبرى وشرح ابن رزين. انتهى.
وعليه فما فعله هذا الرجل غير صحيح لهذين الوجهين، أولاً: لكونه مأموما، والمأموم لا يُشرع له سجود السهو. وثانيا: لكون الشك في ترك التسبيح ليس مما يُشرع له سجود السهو على الراجح، وتقدم كلام العلماء في ذلك.
وحتى على تقدير أن الشخص الذي كان يصلي بجانبك قد تحقق من تركه التسبيح عند الركوع، فإن جماهير أهل العلم من السلف والخلف على أن الإمام يحمل عن المأموم سجود السهو، وهذه بعض النقول عنهم يتبين بها ما ذكرناه.
قال ابن قدامة في المغني: وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه، وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلا سجود عليه في قول عامة أهل العلم، وحكي عن مكحول أنه قام عن قعود إمامه فسجد. ولنا أن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بسجود، وروى الدارقطني في سننه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه. ولأن المأموم تابع للإمام وحكمه إذا سها وكذلك إذا لم يسه. انتهى.
وقال النووي في شرح المهذب: قال أصحابنا إذا سها خلف الإمام تحمل الإمام سهوه ولا يسجد واحد منهما بلا خلاف لحديث معاوية. قال الشيخ أبو حامد: وبهذا قال جميع العلماء إلا مكحولا فانه قال يسجد المأموم لسهو نفسه. انتهى.
وقال العلامة العثيمين رحمه الله: قوله: ولا سجود على مأموم إلا تبعاً لإِمامه أي: أن المأموم لا يلزمه سجود السَّهو إلا تبعاً لإِمامه. فقوله: لا سجود عام يشمل السُّجود للشَّكِّ، أو السُّجود للزيادة، أو السُّجود للنقص. وذلك لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: إنما جُعل الإِمام ليؤتمَّ به فلا تختلفوا عليه. ولأن سجود السَّهو واجب، وليس برُكن، والواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإِمام، وذلك في عدَّة صُور: منها: لو قام الإِمامُ عن التشهُّدِ الأول ناسياً سَقَطَ عن المأموم. ومنها: لو دخل المأمومُ مع الإِمام في ثاني ركعة في رباعية سَقَطَ عن المأموم التشهُّد الأول؛ لأنَّ التشهُّد الأول يقع لهذا المأموم في الرَّكعة الثالثة للإِمام، ومعلوم أن الإِمام لا يجلس في الرَّكعة الثالثة؛ فيلزم المأموم أن يقوم معه، فيسقط عنه واجب من واجبات الصَّلاة، فإذا كان الواجب يسقط عن المأموم مِن أجل المتابعة، فسجود السَّهو واجب؛ فيسقط عن المأموم من أجل المتابعة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(11/7573)
حكم سجود الإمام في الجمعة للسهو حيث لا يشرع له السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت حادثة أثناء أداء صلاة الجمعة، إذ إنّ الإمام لا يشكّ أحد في تمكّنه الفقهي، لكن بعض المأمومين أربكوه في الرّكعة الثّانية لمّا لم يُتِمّ قراءة سورة القارعة (وكان ساهيا) معتقدين أنّه أنقص في سنن الصّلاة فسبّحوا له فلم يعر اهتماما بما أنّه متأكّدٌ أنّه لم يُخطئ، وعند التشهّد الأخير أصرّ أحدهم على سجدتين قبليّتين ففعل،
وأنا بدوري على يقين أنّ الصّلاة حينئذ أصبحت باطلة بزيادة سجدتين غير مستوجبتين. فأرجوكم أن تُنوّرونا. وفي صورة بطلان الصّلاة ماذا يجب على الإمام وعلى المأمومين، والحال أنّ الجميع قد تفرّقوا، ولا يمكن أن تجمعهم إلاّ جمعة قادمة.
بارك الله فيكم وفي جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ولم يبين لنا السائل بجلاء من هو الذي سجد سجدتي السهو قبل السلام هل هو الإمام أو أحد المأمومين؟ وهل الإمام ترك قراءة السورة رأسا أم أنه قرأ جزءا منها وترك آخر كما يفهم من السؤال؟ وعلى كل فقراءة السورة بعد الفاتحة من سنن الصلاة وليست من الأركان ولا الواجبات، ومن تركها عمدا لم يلزمه سجود سهو كما بيناه في الفتوى رقم: 9796، وإذا كان الإمام هو الذي سجد قبل السلام لكونه ترك قراءة السورة سهوا فصلاته صحيحة كما بيناه في الفتوى رقم: 20204.
وإن كان المأموم هو الذي سجد فقد بطلت صلاته، إلا أن يكون ناسيا أو جاهلا بالحكم الشرعي كما بيناه في الفتوى رقم: 108854، وإن كان الإمام لم يترك السورة، وإنما قرأ شيئا منها ولم يكملها ثم سجد للسهو تحت إلحاح المصلين وهو يعلم أنه لا داعي لسجود السهو، فنرى أن صلاته بطلت بذلك السجود الزائد لأن من زاد في صلاته فعلا من أفعال الصلاة سجودا أو ركوعا عمدا بطلت صلاته، وتبطل بذلك صلاة المأمومين أيضا، لأن صلاة الجمعة يشترط لها الجماعة، ولم تحصل الجماعة ببطلان صلاة الإمام، جاء في الفروع لابن مفلح: وإن منعنا الاستخلاف أتموا فرادى قيل: ظهرا، لأن الجماعة شرط كما لو اختل العدد وقيل: جمعة بركعة معه كمسبوق، وقيل جمعة مطلقا لبقاء حكم الجماعة لمنع الاستخلاف، وإن جاز الاستخلاف فأتموا فرادى لم تصح جمعتهم. . انتهى. ويعيدونها ظهرا، وينبغي للإمام والحالة هذه في الجمعة التي تليها أن ينبه المصلين على ذلك حتى يعيدوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(11/7574)
هل تصح صلاة من قام للخامسة ثم جلس وسجد للسهو قبل السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[فى صلاة العصر نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأخير، وقام، وعندما نبهه المصلون جلس وأدى التشهد الأخير ثم أدى سجود السهو قبل السلام. فهل الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة صحيحة، وقد اختلف الفقهاء فيمن صلى خمساً هل يسجد للسهو قبل السلام أم بعده قولان هما روايتان عن الإمام أحمد، قال في المغني: واختلف فيمن سها فصلى خمساً هل يسجد قبل السلام أو بعده على روايتين.. انتهى. وسواء سجد قبل السلام أم بعده فالصلاة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/7575)
مأخذ الشافعية في ترجيح السجود للسهو قبل السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدلة التي استدل بها الشافعي على أن سجود السهو كله يكون قبل السلام؟
نرجو أن نجد عندكم الجواب وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهكَ إلى أن مسألة موضع سجود السهوٍ محل خلاف بين العلماء، واختلاف العلماء إنما هو في الأفضل مع اتفاقهم على إجزاء السجود قبل السلام وبعده.
قال النووي في المجموع: وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، يَعْنِي جَمِيعَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ جَائِزٌ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْمَسْنُونِ وَالْأَوْلَى. انتهى.
والمختار عندنا هو مذهب مالكٍ وبعض الشافعية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أن السجود إن كان لنقصٍ فمحله قبل السلام، وإن كان لزيادة فمحله بعد السلام. وانظر الفتوى رقم: 17887.
ومشهور مذهب الشافعية هو أن سجود السهو كله قبل السلام، واستدلوا على ذلك بالأحاديث التي ورد فيها السجود قبل السلام، كحديث ابن بحينة في نسيان النبي صلى الله عليه وسلم التشهد الأول، وأنه سجد قبل السلام، وحديث أبي سعيد في أمر من شك بالبناء على الأقل والسجود قبل السلام، وتأولوا الأحاديث التي فيها السجود بعد السلام على ما ستراه في كلام النووي، وعللوا مذهبهم بأن سجود السهو شُرع لإصلاح الصلاة فكان قبل التحلل منها.
قال الشيرازي في المهذب: وَمَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَلِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ، كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الصَّلَاةِ. انتهى.
وقال النووي في المجموع: وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَجَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا وَرَدَّ الْمُجْمَلَ إلَى الْمُبَيَّنِ وَقَالَ: الْبَيَانُ إنَّمَا هُوَ فِي حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُمَا مَسُوقَانِ لِبَيَانِ حُكْمِ السَّهْوِ، وَفِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَالِاخْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ وَوُجُوبُ الْبَاقِي، وَفِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ السَّهْوُ بِالزِّيَادَةِ، وَأَمَّا التَّحَرِّي الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَالْمُرَادُ بِهِ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ.
وَأَمَّا السُّجُودُ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَهُ كَانَ سَهْوًا لَا مَقْصُودًا. قَالُوا: وَلَا يَبْعُدُ هَذَا فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَقَعَ فِيهَا السَّهْوُ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مُحْتَمَلٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِبَيَانِ حُكْمِ السَّهْوِ فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَارِدَيْنِ لِبَيَانِ حُكْمِ السَّهْوِ الصَّرِيحَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُمَا وَلَا يَجُوزُ رَدُّهُمَا وَإِهمالها. انتهى بتصرف.
وبما تقدم يتضح مأخذ الشافعيةِ في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/7576)
ما يفعل الإمام إذا نسى الركوع وسجد ثم تذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم لو نسى الإمام الركوع وسجد، ثم عاد وركع وأتم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا سجد الإمام قبل أن يركع فالواجب عليه أن يرجع إلى الركوع ثم يأتي بما بعده ويلغي السجدة الزائدة التي أتى بها، لأن الترتيب ركن من أركان الصلاة, فمن ترك ركنا من أركان الصلاة سهواً, وجب عليه الرجوع إليه ما لم يشرع في قراءة الركعة التالية عند بعض أهل العلم, أو ما لم يصل إلى مثله من الركعة التالية عند بعض أهل العلم, وهو ما رجحه العلامة العثيمين رحمه الله.
قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا –رحمهم الله- الترتيب واجب في أركان الصلاة, بلا خلاف, فإن تركه عمدا, بطلت صلاته, وإن تركه سهواً, لم يعتد بما فعله بعد الركن المتروك حتى يصل إلى الركن المتروك, فحينئذ يصح المتروك وما بعده, فإن تذكر السهو قبل مثل المتروك, اشتغل عند التذكر بالمتروك, وإن تذكر بعد فعله في ركعة أخرى, تمت الركعة السابقة, وألغى ما بينهما. انتهى.
ثم يسجد هذا الإمام للسهو في آخر صلاته, والمستحب أن يكون سجوده بعد السلام لأنه لزيادة, والأفضل في الزيادة أن يسجد لها بعد السلام, وفي النقص أن يسجد له قبل السلام, كما هو مذهب مالك, واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وسجوده للسهو في هذه الصورة واجب عند الحنابلة, لأن القاعدة عندهم أن ما يبطل عمده الصلاة وجب السجود لسهوه, وأما الجمهور, فسجود السهو عندهم سنة, ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية، 14554، 28891، 17887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(11/7577)
ما يلزم المصلي إذا أخطأ في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نصلي ونخطئ في بعض الأشياء سواء في حركات الصلاة أو في الكلام الذي نقوله في الصلاة فماذا علينا في هذه الحال أن نفعل وأن نقول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ما يفعلونه إذا حصل منهم سهو أو خطأ في صلاتهم بزيادة أو نقص في قول أو فعل، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: فإذا سهى أحدكم فليسجد سجدتين. رواه مسلم.
وباب سجود السهو بابٌ كثير المسائل، واسع التفريعات لا تمكن الإحاطة به في هذه الفتوى المختصرة، فيمكنكِ الرجوع إلى مركز الفتوى بموقعنا، فستجدين هناك كثيراً من الفتاوى النافعة التي تفيدكِ- إن شاء الله -في معرفة ما يلزمك إذا حدث لك خطأ في الصلاة، وقد بينا الأسباب التي يُشرع لها سجود السهو في الفتوى رقم: 4830.
وبينا ما يُشرعُ لمن نسيَ ذكراً مشروعاً من أذكار الصلا ة، أو قال ذكراً مشروعاً في غير موضعه في الصلاة، مع كثير من المسائل المهمة في سجود السهو في الفتوى رقم 113597.
وبينا محل سجود السهو، وهل يكون قبل السلام أو بعده في فتاوى كثيرة، وانظري الفتوى رقم: 72941، ورقم: 17887.
وأما كيفية سجود السهو وما يُقال فيه، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
سجود السهو يؤدى كما يؤدى سجود الصلاة، فيسجد على سبعة أعظم كسجود الصلاة، ويذكر الله بالذكر المعروف: سبحان ربي الأعلى، ويقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، وليس هناك ذكر خاص بسجود السهو، هذا ما يقرره أهل العلم. انتهى.
وننبهكِ إلى أن سهوكِ وخطأكِ إذا كان بترك ركن، فلا بد من العودة للإتيان به، فإن لم تعودي للإتيان به ألغيت تلك الركعة التي تُرك ركنها، وأتيتِ بركعةٍ أخرى عند بعض العلماء، وعند بعض العلماء أنه يكفيكِ أن تأتي بالركن المتروك وما بعده ثم تسجدين للسهو، إلا أن يطول الفصل فتبطل الصلاة ويلزم إعادتها، وانظري الفتوى رقم: 14544.
وأما إن كان مرادكِ السؤال عن الخطأ في القراءة في الصلاة فقد بينا ما يلزمُ فيه في الفتوى رقم: 37135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/7578)
الموسوس هل يمتنع عن السجود للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الموسوس في الصلاة عليه سجود السهو أم لا؟ وماهي كيفية السجود هل بعد السلام أم قبله؟ وهل له تشهد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كثر منه الشك بحيثُ صار وسوسة فالمشروع له الإعراضُ عن هذا الوسواس، وأن يطرحه وراء ظهره، فإن الالتفات إلى الوسوسة في مثل هذا يفتحُ على العبد باباً من أبواب الشر، وهذا الموسوس الذي أمرَ بالإعراضِ عما يعرض له من الشكوك في الصلاة لا يُشرع له أن يسجد للسهو.
قال المرداوي في الإنصاف: قال ابن أبي موسى ومن تبعه: من كثر منه السهو، حتى صار كالوسواس، فإنه يلهو عنه، لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيفضي إلى الزيادة في الصلاة، مع تيقن إتمامها ونحوه، فوجب إطراحه. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 58609.
ومن العلماء من قال: إن الموسوس لا يلتفت للوسوسة ويسجد بعد السلام، والراجح الأول، وأنه لا يُشرع له السجود، وانظر الفتوى رقم: 58257.
وأما موضع سجود السهو العادي وهل هو قبل السلام أو بعده، فقد فصلنا القول فيه في فتاوى كثيرة، وانظر الفتوى رقم: 17887، والراجح عندنا أن ما كان لنقص فمحل السجود فيه قبل السلام وما كان لزيادة فمحل السجود فيه بعد السلام.
وإذا سجدَ من عليه سجود السهو قبل السلام أو بعده، فالراجحُ أنه لا يتشهد بعد سجود السهو، بل يُسلم مباشرةً بعد فراغه من السجدتين.
وقد قال النووي عن التشهد بعد سجود السهو: لم يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. انتهى.
والقول بعدم مشروعية التشهد بعد سجود السهو هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، أما حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سها فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم. أخرجه أبو داود والترمذي.
فإن قوله: ثم تشهد. زيادة شاذة تفرد بها أشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين. وقد رواه جمع من الثقات عن ابن سيرين دون هذه الزيادة. وممن حكم بشذوذها البيهقي وابن عبد البر وابن حجر، ومن المعاصرين الألباني في الإرواء.
قال ابن حجر: وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما، ووَهَّموا رواية أشعث لمخالفته غيرَه من الثقات عن ابن سيرين، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/7579)
حكم عدم متابعة الإمام في سجود السهو القبلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في أحد الأيام حضرت صلاة العصر وفاتتني الركعة الأولى ولم يجلس الإمام الجلسة الوسطى مما ترتب عليه السجود القبلي وعندما سجد للقبلي لم أسجد معه بل بقيت جالساً حتى سلم فقمت وأتممت ركعتي الرابعة وسجدت القبلي، فما هو حكم صلاتي في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تسجد مع الإمام حيث سجد للسهو، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. ثم تسجد آخر صلاتك لأنه موضع سجود السهو، وعلى كل فصحة صلاتك محل خلاف بين العلماء، لأن وجوب هذا السجود محل خلاف بينهم، فمنهم من أبطل الصلاة بتركه كما هو معتمد مذهبي المالكية والشافعية، ومنهم من لم يبطلها، وإن احتطت وأعدت هذه الصلاة لتركك هذا الواجب لكان أولى.
قال في تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج: (ولو اقتدى مسبوق بمن سها بعد اقتدائه، وكذا) لو اقتدى بمن سها (قبله في الأصح) وسجد الإمام لسهوه (فالصحيح) فيهما (أنه) أي المسبوق (يسجد معه) للمتابعة ولا نظر إلى أن موضعه آخر صلاته،.. (ثم) يسجد أيضاً (في آخر صلاته) ، لأنه محل السهو الذي لحقه، ومقابل الصحيح لا يسجد معه نظراً إلى أن موضع السجود آخر الصلاة، وفي قول في الأولى ووجه في الثانية يسجد معه متابعة ولا يسجد في آخر صلاة نفسه، وهو المخرج السابق، وفي وجه في الثانية هو مقابل الأصح أنه لا يسجد معه ولا في آخر صلاة نفسه، لأنه لم يحضر السهو. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(11/7580)
من تذكر أنه لم يقرأ الفاتحة فقرأها فهل يسجد للسهو
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي أولا: عندما يتذكر المصلي وهو يقرأ السورة التي بعد الفاتحة أنه لم يقرأ الفاتحة، ثم قرأ الفاتحة، هل عليه سجود سهو؟ وإذا كان عليه سجود سهو، هل يكون واجبا بحيث تبطل الصلاة بتركه، أم يكون سجود السهو مشروعا فقط ولا يلزمه.
ثانيا: عندما يحصل شك في قراءة الفاتحة هل قرأ الفاتحة أم لا، وهو يقرأ السورة التي بعد الفاتحة، ويعمل بالأصل وهو عدم قراءة الفاتحة، هل عليه سجود سهو؟ وهل هو واجب مثل الشك في الأركان الفعلية أم أن الأركان القولية إذا أتى بها وهو مازال في محلها لا يلزمه سجود السهو في حالة نسيانها أو الشك.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة للجزء الأول من السؤال فإن قراءة السورة لا تشرع قبل قراءة الفاتحة، ومن قرأ السورة ثم ذكر أنه لم يقرأ الفاتحة فعاد فأتى بها فلا شيء عليه، وما قرأه قبل الفاتحة لا يعتد به.
وانظر الفتوى رقم: 14510، ولا يجب عليه سجود السهو في هذه الحال لأنه أتى بذكر سهوا لو تعمده لم تبطل صلاته، وهل يشرع له سجود السهو أو لا، من أهل العلم من يرى عدم مشروعية سجود السهو كما هو مذهب الشافعية والظاهر لنا من مذهب الحنابلة مشروعية سجود السهو في هذه الحال.
قال البهوتي في الروض: وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وقعود وتشهد في قيام وقراءة سورة في الأخيرتين لم تبطل ولم يجب له سجود بل يشرع أي يسن كسائر ما لا يبطل عمده الصلاة.
قال ابن قاسم في الحاشية: صححه غير واحد منهم صاحب الفروع والوسيلة والرعاية، ونصره جماعة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين. رواه مسلم فإن لم يكن مشروعا كآمين، رب العالمين، الله أكبر كبيرا، لم يشرع له سجود، جزم به في المغني والشرح وغيرها.
وأما الجزء الثاني من سؤالك فإن من شك هل قرأ الفاتحة أم لا فالأصل أنه لم يقرأها، فيعود فيأتي بها بخلاف من شك في قراءة حرف بعد تمامها، كما اختار ذلك الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب، وانظر الفتوى رقم: 29456، ولا يلزمه سجود السهو إن عاد فقرأ الفاتحة وهو قائم؛ لأنه أتى بالركن في محله، وغايته أنه أتى بذكر مشروع في غير موضعه وهو القراءة على فرض أنه لم يكن قرأ الفاتحة أو كرر قراءتها على فرض أنه كان قرأها وكلاهما لا يوجب سجود السهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(11/7581)
حكم صلاة المأموم إذا خرج ولم يتابع الإمام في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[نسي الإمام في الصلاة الجلوس الأوسط، ثم سلم، قام بعض الناس وخرجوا من المسجد، ثم سجد للسهو وسلم، ما هو حكم صلاة من خرج، وهل صلاة الإمام تنتهي بالسلام الأول أم الثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 61323، أن المشروع لمن تركَ التشهد الأول هو السجودُ قبل السلام وإن كان سجوده بعد السلام جائزاً، وبينا في الفتوى رقم: 112925، رجحان القول بسقوط سجود السهو وصحة الصلاة إذا خرجَ من المسجد أو طال الفصل.
قال البُهوتي في الروض المربع شرح زاد المستقنع: وإن نسيه أي نسي سجود السهو الذي محله قبل السلام وسلم ثم ذكر سجد وجوبا إن قرُب زمنه.. فإذا سلّم - وإن طال فصْلٌ عرفا أو أحدث أو خرج من المسجد - لم يسجد وصحت صلاته. انتهى.
وبهذا تعلم صحة صلاة من نسي سجود السهو حتى طال الفصل، أما المأموم فإنه مأمور بمتابعة الإمام في السجود، فإذا لم يفعل فقد صرح بعض أهل العلم ببطلان صلاته لأن سجود السهو يلزم المأموم إذا فعله الإمام، فإن تركه سهوا عاد إليه إذا لم يطل الفصل فإن طال الفصل أعاد الصلاة.
قال الفقيه ابن حجر المكي: الذي في شرحي للمنهاج قضية كلامهم أن سجود السهو بفعل الإمام له يستقر على المأموم ويعتبر كالركن حتى لو سلم بعد سلام إمامه ساهيا عنه لزمه أن يعود إليه إن قرب الفصل وإلا تعاد صلاته كما لو ترك منها ركنا. انتهى.
فالأحوط على هذا أن يأمر هؤلاء المصلين بإعادة تلك الصلاة التي تركوا فيها متابعة الإمام في سجود السهو. والله أعلم، وأما هل تنتهي صلاة الإمام بالتسليم الأول أو الثاني فلا شك في أنها تنتهي بالسلام الأول الذي يكون قبل سجود السهو إذا سجده بعد السلام، ولذا فإن العلماء اللذين يوجبون سجود السهو لما يُبطلُ عمده الصلاة كالحنابلة يقولون يأثمُ من تركَ السجود الواجب إذا كان محلُ أفضليته بعد السلام وتصحُ صلاته، وعبارة البُهوتي في الروض: فلا تبطل (أي الصلاة) بتعمد ترك سجودٍ مسنون ولا واجبٍ محل أفضليته بعد السلام وهو ما إذا سلم قبل إتمامها لأنه خارجٌ عنها فلم يؤثر في إبطالها. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1430(11/7582)
سها الإمام وسجد للسهو سجدة واحدة فقط ثم تذكر أنه سجد واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سها الإمام في الركعة الأخيرة وسجد سجدة واحدة فقط ثم قرأ التحيات والصلاة الإبراهيمية ثم سلم ولم يتذكر ذلك وبعد فترة ذكره أحد المصلين بأنه سها عن إحدى السجدتين وعندها كان أغلب من في المسجد قد انصرفوا، فما حكم من علم بأن الإمام قد سها، فهل يعيد صلاته وما حكم من انصرف ولم يعلم بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام قد ذُكِّر بهذه السجدة التي فاتته من قريب وذَكَر ثم عاد إليها وتشهد وسجد للسهو فقد فعل ما عليه، وبرئت ذمته وذمة من تابعه من المأمومين.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك، أن من سلم قبل إتمام صلاته ساهياً ثم علم قبل طول الفصل ونقض وضوئه، فعليه أن يأتي بما بقي، ثم يتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو. انتهى.
وأما إذا كان لم يذكر بتلك السجدة إلا بعد طول الفصل فتجب عليه وعلى المأمومين معه إعادة الصلاة، قال الموفق: فإن طال الفصل، أو انتقض وضوؤه استأنف الصلاة، وكذلك قال الشافعي إن ذكر قريباً مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين، ونحوه قال مالك. انتهى.
وضابط طول الفصل هو العرف والعادة كما رجحه في المغني، وأما المأمومون الذين خرجوا من المسجد قبل إتمام الصلاة فيجب عليهم أن يعيدوا تلك الصلاة متى علموا بحصول السهو، وعليكم أن تبينوا لمن تعرفونه منهم حكم هذه المسألة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 36447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(11/7583)
سجد للسهو قبل التشهد جهلا وسجد المأمومون
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في صلاة المغرب ولم يجهر الإمام بالقرآن في الركعة الثانية فتم تنبيهه فجهر بالقرآن (وقبل التشهد في الركعة الثالثة) سجد الإمام ركعتي السهو ظناً منه أنها قبل التشهد وجلس للتشهد وسلم وظن من خلفه أنه سهى مرة أخرى وسجد أربع سجدات طلبت منه أن يؤمنا بسجود السهو وسجدنا سجدتين سهو بعد الصلاة، فهل الصلاة صحيحة وهل سجود السهو الذي كان بعد الصلاة صحيح، وهل سجود السهو جماعة خلف الإمام صحيح، وشكراً ونرجو الإجابة للضرورة القصوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهر والإسرار في موضعه سنة لا يجب لتركه السهو، وإنما يستحب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: فإذا سهى أحدكم فليسجد سجدتين. رواه مسلم. وفي المسألة خلاف بيناه في الفتوى رقم: 22470.
وصلاة هذا الإمام والمأمومين صحيحة إن شاء الله لا تلزمهم إعادتها لأنه حين زاد في الصلاة سجدتين كان جاهلاً يظن أن هذا هو موضع سجود السهو، وسجد خلفه المأمومون ظانين وجوب المتابعة، والصحيح أن من زاد فعلاً في الصلاة جاهلاً لا تبطل صلاته، لقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} ، ولما ثبت في الصحيح من أن الصحابة قاموا إلى خامسة في العصر حين قام إليها النبي صلى الله عليه وسلم ناسياً وهم يعلمون أنها الخامسة لأنهم تأولوا وظنوا أن الصلاة قد زيد فيها، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.
وإذ قد سجدتم سجود السهو بعد السلام فقد أحسنتم وأجزأكم ذلك، وهذا السجود صحيح بلا شك، وأما سجود المأمومين مع الإمام سجود السهو فهو واجب عليهم ليس لهم تركه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. متفق عليه..
ونحب أن ننبهكم هنا إلى ضرورة تعلم العلم الشرعي وأنه لا ينبغي لمسلم أن يجهل فقه العبادات التي يمارسها كل يوم، فإنكم لم تفعلوا هذه المخالفات إلا بسبب الجهل بأحكام الصلاة، وكيف يفعل من سهى فيها، فعليكم أن تنشطوا في التفقة في الدين، وتجتهدوا في إزالة داء الجهل عنكم فإنكم وإن عذرتم بجهلكم في عدم بطلان الصلاة فقد لا تكونون معذورين لتقصيركم في تعلم العلم الواجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(11/7584)
سها عن التشهد الأول فسبحوا له فجلس يظنه التشهد الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام صلى صلاة المغرب وفي الركعة الثانية سها عن التشهد وقام واقفا للركعة الثالثة سبح له المصلون وبقوا جلوسا ولم يتابع الإمام أحد واستمروا في التسبيح حتى التبس على الإمام بأنه في الركعة الثالثة فجلس وتشهد وأطلق السلام عندها سبح له المصلون فعلم أنه ما زال في الثانية قام حالاً وأكمل ركعة وسلم وأتى بسجود السهو فما حكم فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هؤلاء المأمومون من تركهم متابعة الإمام وإصرارهم على التسبيح به حتى لبسوا عليه صلاته غلط ظاهر، فقد كان الواجب عليهم أن يتابعوه حين قام عن التشهد الأول، فإن العلماء اتفقوا على أن الإمام إذا قام عن التشهد الأول وشرع في القراءة حرم عليه الرجوع إلى التشهد، والصحيح أنه إن استتم قائماً لم يجز له الرجوع، وإن لم يشرع في القراءة ووجب عليهم أن يتابعوه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 13516، والفتوى رقم: 16546.
وأما صلاتهم فصحيحة لجهلهم بالحكم، وقد قال الله عز وجل: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} ، وأما الإمام فقد فعل ما هو الواجب عليه، فإنه لم يقعد إلا لظنه أنها الثالثة، فلما تيقن أنها الثانية قام فأتى بالركعة التي بقيت عليه وهذا هو الواجب عليه، وقد سجد للسهو لأجل تركه التشهد الأول وزيادته جلوساً وسلاماً.. ولكن كانت السنة في حقه أن يسجد قبل السلام لأن المشروع لمن ترك التشهد الأول هو السجود قبل السلام، كما دل له حديث عبد الله بن بحينة الثابت في الصحيحين، والسجود بعد السلام جائز، فإن الخلاف في موضع السجود إنما هو في الاستحباب والأفضلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(11/7585)
مسائل تتعلق بسجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي خاص بسجود السهو أريد أن أعرف ماذا يفعل المرء في الحالات التالية، وأرجو الإجابة بتفصيل على أسئلتي:
إذا قال سبحان ربي الأعلى أو قرأ التشهد أو الفاتحة أو قال كلاما لا يقال في الصلاة في الركوع سهوا وتذكر وهو راكع ثم قال سبحان ربي العظيم فهل يسجد السجود البعدي وهل إذا لم يقل سبحان ربي العظيم يسجد السجود القبلي.
أعلم أن من سها عن الفاتحة وتذكر حتى وصل إلى موضعها من الركعة التي تليها لغت تلك الركعة لكن ماذا لو تذكر قبل أن يصل إلى موضعها كأن تذكر وهو ساجد السجدة الأولى هل يكبر حين يقوم لها وكذلك من نسي الركوع إذا تذكره مثلا وهو ساجد هل يقف ثم يكبر قائما ويركع أم يأتي بصفة الركوع مباشرة دون أن يستتب قائما وبدون تكبير وكذلك من قال كلاما غير مباح في الصلاة عمدا بطلت صلاته لكن من سها وتكلم كلاما في الصلاة غير مباح في الصلاة ولكن سهوا هل يسجد بعد السلام أم صلاته باطلة، وكذالك من قال سبحان الله حين سمع الإمام يقرأ آية أو قال الله تعظيما لله حين سمع آياته، وفي حال إذا سلم المرء قبل تمام الصلاة كأن سلم في الثالثة وتذكر هل يكبر تكبيرة الإحرام جالسا ثم تكبيرة الإنتقال أم تكبيرة الانتقال وحدها.
وأخيرا أريد معرفة كيفية التكبير في سجود السهو القبلي والبعدي.
وجزاكم الله خيرا واعذروني على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجوابُ على سؤالك يحتاجُ إلى أن نقسمه إلى نقاط ليسهل عليكَ وعلى القراء تحصيلُ الفائدة.
أولاً: من قال ذكراً مشروعاً في غير موضعه كأن قرأ التشهد أو قال سبحان ربي الأعلى في الركوع سهواً، هل يشرع له سجود السهو؟
فيه قولان معروفان للعلماء قال ابن قدامة في المغني: الثاني: ما لايبطل عمده الصلاة وهو نوعان:
أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود.. وقراءة السورة في الأخيرتين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك إذا فعله سهوا فهل يشرع له سجود سهو؟ على روايتين: إحداهما لا يشرع السجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال.
والثانية: يشرع له السجود لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم. انتهى
وفد نص الشيرازي في المهذب على أنه إن قرأ القرآن في الركوع سجد، والقول بمشروعية السجود هنا أحوط وأوفق لعموم النص.
والقول الثاني أنه لا يُشرع في هذه الحال سجود سهو.
ثانياً: من ترك تسبيح الركوع أو السجود قهل يُشرعُ له سجود السهو؟
فيه أقوالٌ للعلماء معروفة، فمذهبُ أحمد وجوبِ سجود السهو هنا لأن تسبيح الركوع والسجود عنده من واجبات الصلاة فتركه عمداً يبطلها، ومذهبه وجوب سجود السهو لما يُبطل عمده الصلاة، وذكر النووي في شرح المهذب أن مذهب الشافعي والأصحاب عدم مشروعية سجود السهو لترك التسبيح، وأن السجود له مشروعٌ عند مالك وأبي حنيفة قال رحمه الله: ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يسجد لترك الجهر والإسرار والتسبيح وسائر الهيئات، وقال أبو حنيفة - رحمه الله -يسجد للجهر والإسرار، وقال مالك: يسجد لترك جميع الهيئات.
وبه تعلم أن القول بمشروعية سجود السهو في هذه الحال هو مذهبُ الجمهور، ويؤيده الحديث المتقدم ذكره في كلام ابن قدامة.
ثالثاً: كون السجود في الصورة الأولى وهي إذا قال في الركوع ما لا يشرع فيه بعدياً وفي الثانية قبلياً وهي لو ترك التسبيح في الركوع هو مذهبُ مالك واختيارُ شيخ الإسلام، فالسجودُ على هذا المذهب يُشرعُ للزيادة بعد السلام وللنقص قبل السلام، وفي المسألة أقوالٌ أخرى لا نطيلُ بذكرها وهذا أرجحها، وهذا مندوبٌ لا واجب فلو عكسَ صحت الصلاة.
رابعاً: من نسيَ الفاتحة ثم ذكر قبل وصوله إلى محلها من الركعة التالية، فإنه يقومُ من غير تكبير لأنه ليس محل انتقالٍ حتى يكبر له ثم يأتي بالفاتحة وما بعدها، وقد ذكرنا أقوال العلماء في المسألة في الفتوى رقم 48930.
خامساً: من نسيَ الركوع فسجد فإنه يقومُ من سجوده من غيرِ تكبير لأنه ليسَ من انتقالات الصلاة المشروعة فيها حتى يُشرع له التكبير، فإذا استتم قائماً فإن كان لم يتم قراءته أتمها، وإن كان أتمها كبر وركع، ولا يجوزُ أن يقوم من السجود إلى الركوع مباشرة لأن الهوي إلى الركوع ركنٌ مقصود فلا بد أن يأتيَ به بنية.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في مجموع فتاوى والرسائل: إذا تذكر المصلي أنه نسي الركوع، وهو ساجد فإن الواجب عليه أن يقوم من سجوده، ثم يكمل قراءته إذا كانت لم تكمل، ثم يركع ويكمل صلاته، ويسلم، ثم يسجد سجدتين ويسلم.. انتهى.
سادساً: من تكلم ساهياً في صلاته فالصحيحُ أن صلاته لا تبطل بذلك وهو مذهبُ كثيرٍ من أهل العلم واختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية، دليله قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة 286} وقال الله في جوابها (قد فعلت) أخرجه مسلم، وفي الصحيح أن معاوية بن الحكم تكلم في الصلاة جاهلاً بحرمة الكلام ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادتها، والناسي كالجاهل، إذا علمتَ هذا فالمشروعُ لمن نسيَ فتكلم في الصلاة أن يسجد للسهو.
قال النووي: (والثاني) : ما تبطل الصلاة بعمده كالكلام والركوع والسجود الزائدين فهذا يسجد لسهوه إذا لم تبطل به الصلاة. انتهى.
سابعاً: من قال سبحان الله عند سماع تلاوة الإمام قد تقدم حكمه في الكلام على من قال ذكراً مشروعاً في غيرِ موضعه، وإن قال ذكراً مما لا يُشرع في الصلاة، كأن قال (الله) وهذا الذكر بالاسم المفرد غيرُ مشروعٍ في الصلاة ولا خارجها لكنه إذا قاله في الصلاة لا تبطل به صلاته لأنه ليس من كلام الناس، وفي سجود السهو له قوةٌ واتجاه.
ثامناً: من سلم قبل تمام صلاته فإنه يرجع إلى الجلوس، ثم يكبر تكبيرة الانتقال فحسب، ويقوم ويأتي بما بقي عليه من صلاته ويسجد للسهو بعد السلام، وليس عليه هنا تكبيرة إحرام لأن تكبيرة الإحرام تكون لافتتاح الصلاة لا في أثنائها.
تاسعاً: التكبير في سجود السهو سواءَ كان قبل السلام أو بعده سواء، وهو أن يكبرَ أثناء الهوي ثم يسجد ويطمئن ويقول ما يقوله في سجود الصلاة، ثم يرفع مكبراً، ويجلس مطمئنا، ثم يهوي للسجدة الثانية مكبراً، ثم يرفع مكبراً، فإذا استوى جالساً سلم عن يمينه وعن شماله كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/7586)
هل يسجد المأموم للسهو مع الإمام ولو لم يتم التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة المغرب في الركعة الأخيرة وأثناء رفع الإمام من الركوع قال الله أكبر بدلاً من سمع الله لمن حمده ثم رد نفسه سريعاً، وبعد التشهد سجد سجدة سهو، عندما كبر الإمام لسجدة السهو كنت أنا في منتصف التشهد فحاولت أن أنتهي منها سريعاً وأصبحت في حيرة من أمري هل أتبع الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما جعل الإمام ليؤتم به" أو كما قال صلى الله عليه وسلم أم أكمل تشهدي، وجدت الإمام يرفع من السجدة الأولى للسهو فأسرعت بالسجود ولم أكن أنهيت التشهد ثم سجدت معه السجدة الثانية وسلمت معه.
أولاً ما حكم سجود السهو وهل كان له لزوم حيث إنه رد نفسه سريعاً، وما حكمها إن لم يقل غير التكبير فقط بدل سمع الله لمن حمده (طبعاً بغير عمد وماذا يفعل المأمومون؟)
ثانياً: ما حكمي أنا حيث لم أكمل تشهدي وتأخرت في اتباع الإمام في السجدة الأولى من السهو حتى رفع منه
أفيدوني أفادكم الله
أتمنى الرد عن كل محتوى السؤال وبارك الله فيكم وجزاكم عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الإمام وكذا المنفرد سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع واجب من واجبات الصلاة التي يجب سجود السهو لتركها سهوا كما فصلناه في الفتوى رقم: 67612، ولكن بما أن الإمام قد تدارك وأتى بها فإنه لم يكن يلزمه أن يأتي بالسجود لذلك، لكن يشرع له من غير التزام لأنه أتى بقول مشروع في الصلاة في غير محله، وقد نص الفقهاء على أن من أتى بقول مشروع في الصلاة في غير موضعه فإنه يشرع له أن يسجد للسهو من غير إلزام كما قال صاحب الروض: وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وركوع وقعود وتشهد في قيام وقراءة سورة في الركعتين الأخيرتين من رباعية أو في الثالثة من مغرب لم تبطل بتعمده لأنه مشروع في الصلاة في الجملة ولم يجب له أي لسهوه سجود بل يشرع أي يسن كسائر ما لا يبطل عمده الصلاة ... الخ انتهى. وأما سجود المأموم مع إمامه للسهو وهو لم يكمل التشهد فإذا سجد الإمام للسهو فإن المأموم يسجد معه ولو لم يتم التشهد، وبعد السجود يكمل التشهد، وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة كما جاء في الإنصاف: إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه يعني ولو لم يتم المأموم التشهد سجد معه ثم يتمه على الصحيح من المذهب وقيل يتمه ثم يعيد السجود ثانيا، وأطلقها ابن تميم.. انتهى. وجاء في حاشية قليوبي وعميرة من كتب الشافعية عند كلامه على سجود الإمام للسهو وحكم تخلف المأموم ولم يتم المأموم التشهد الواجب أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الواجبة فيجب عليه التخلف لإتمامه لأنه سجود جابر لا لمحض المتابعة وهو لا يقع جابرا قبل تمام الواجب خلافا لابن حجر، فلو سجد قبل تمامها عامدا عالما بطلت صلاته لأنه غير معتد به ثم يجب عليه أن يسجد بعد تمامها ولو بعد سلام الإمام لاستقراره عليه بفعل الإمام انتهى. وعلى هذا القول فإن صلاة السائل بطلت بسجوده قبل أن يتم التشهد لاسيما أنه لم يأت بالتشهد بعد سجوده مع الإمام فيكون ترك ركنا من أركان الصلاة فيلزمه إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/7587)
حكم ترك ركن من ركعة والرجوع للتشهد بعد القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من كثرة الشك في الصلاة فكنت مثلا أرفع للركعة الثالثة وقد أبدأ في قراءة الفاتحة ثم أشك في أني لم أسجد السجدة الثانية في الركعة الثانية أو أشك في أني لم أقل التشهد الأول فأقطع القراءة وأعيد ما شككت فيه ... في الآونة الأخيرة قرأت أنه لا يجوز قطع الركن وعليّ إكمال الصلاة ثم الإتيان بالركعة كاملة ثم سجود السهو..لكني كثيرة الشك ووطأة الشك أشد من معرفتي بحرمة قطع الركن للإتيان بالواجب فلا أرتاح عندما لا أعيد ... لكني أعرف أن الإعادة محرمة لكن لا أتيقن ذلك لأن الشك أخذ تفكيري ولم أكن مستوعبة بأن القطع يبطل الصلاة فأنا أعاني من شدة الشك الذي يغطي على تفكيري وفي بعض الأحيان استصعب إعادة ركعة كاملة عند الشك لأني حتما سأشك من جديد فأحس أن قطع الركن أرحم وأريح لقلبي من الإتيان بالركعة بعد إتمام الصلاة لأني قد أصلي خمسا أو ستا بدلا من الأربع ركعات؟ فهل عليّ شيء؟ فقد عزمت على عدم قطع الركن بعد معرفتي اليقينية بحرمة ذلك فسابقا كنت أعرف بحرمة ذلك لكني لا أعلم لماذا كنت أحس بأن تحريمه مخفف!! والصلاة بعدم الالتفات للوساوس لا أرتاح لها فأحس بأن صلاتي ناقصة.. جزاكم الله الفردوس الأعلى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لما قرأته من أن العودة لما فات لا تجوز، وإنما يأتي بركعةٍ مقيد بكونه ذكر ما فاته وقد بدأ بقراءة الفاتحة من الركعة التالية أما قبل البدء بالقراءة فإنه يرجع إليه وهذا أحد القولين في المسألة، والقول الثاني: وهو الراجح، واختاره العلامة العثيمين في الشرح الممتع أنه إذا نسيَ ركناً في ركعة فإنه يرجع إليه مالم يصل إلى محله من الركعة التالية، فإذا وصل إلى محله من الركعة التالية قامت مقامها، وعليه الإتيان بركعة مكان التي نسيَ منها ركناً.
وأما الرجوع إلى التشهد الأول بعد أن يستتم قائماً فليسَ من هذا الباب لأن التشهد الأول ليس من الأركان، وقد اختلف العلماء في الرجوع إلى التشهد الأول بعد استتمام القيام وقبل الشروع في القراءة فجوزه الحنابلة ومنعه الشافعية، وعلى قول الشافعية وهو الموافق للحديث من فعل هذا عالماً ذاكراً بطلت صلاته.
وأما بالنسبة لمسألتك فالظاهرُ أنكِ مصابةٌ بالوسوسة، نسألُ الله لكِ العافية، وإذا لم تقومي بمحاربة هذا الداء، ومحاولة التغلب عليه فإنكِ توقعين نفسكِ في شرٍ عظيم، وعلاجُ الوسوسة الوحيد هو عدم الالتفات إليها، ولا الاكتراثِ بها، بل عليكِ أن تمضي في صلاتك ولا تلتفتي إلى ما يساورك من وساوس أو شكوك، ولا يلزمك سجود سهو، وانظري الفتوى رقم: 95273، وهذا هو ما نص عليه أهلُ العلم كما في الفتوى رقم: 22408، فمن استرشد بكلامهم وتوجيهاتهم ونصحهم هُديَ إلى الرشد، واعلمي ان الزيادةَ في الصلاة كالنقصِ منها، وأنكِ لا تأثمين إذا طرحتِ الوساوس، بل ستريحين نفسك ديناً ودنيا، بل إننا نخشى عليكِ من الإثم إذا مضيتِ مع وساوسك مع علمكِ أنها أوهامٌ يغلبُ على الظن معها أنكِ تزيدين في الصلاة.
وكونكِ لا ترتاحين مع عدم الالتفات للوساوس في الصلاة هو من تلبيس الشيطان عليك، إذ هذا هو حكم الله في المسألة، ويلزمُ كل مسلم أن ينشرح صدراً بأحكامه تعالى فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء 65} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/7588)
سها فتشهد في الثالثة فتذكر فأتم التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي العشاء منفرداً, وفي الركعة الثالثة سهوت وبدأت قراءة التشهد بنية التشهد الأول وكأني مازلت في الركعة الثانية. وحين وعيت بالخطأ لم أقطع التشهد ولكنني أتممته وقمت لأتابع الصلاة فصلّيت الركعة الأخيرة وسلمت. فهل صلاتي صحيحة أم يجب إعادتها؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجبُ عليك أن تقومَ إلى الرابعة فورَ علمك بأنك جلست في غير موضع الجلوس ثم تسجد بعد ذلك للسهو.
قال ابن قدامة في المغني في شرح قول الخرقي: أو جلس في موضع قيام -فهذا يتصور بأن يجلس عقيب الأولى أو الثالثة يظن أنه موضع التشهد أو جلسة الفصل فمتى ما ذكر قام وإن لم يذكر حتى قام أتم صلاته وسجد للسهو لأنه زاد في صلاته من جنسها ما لو فعله عمداً أبطلها فلزمه السجود إذا كان سهوا كزيادة ركعة. انتهى.
وفي قول ابن قدامة المتقدم (ما لو فعله عمداً أبطلها) إشارةٌ واضحة إلى أن مضيك في التشهد بعد علمك بأن الجلوس زائد مما تبطلُ به صلاتك ويجبُ عليك إعادتها لأنك زدت فيها ما ليس منها عمداً كما لو زدت ركعة، هذا إذا كنت عالماً بالحكم، وأما إذا كنت جاهلاً أو متأولا تظنُ أنه يجبُ عليكَ إتمام التشهد بعد إذ شرعت فيه، فالصحيحُ أن صلاتك صحيحة لأن زيادة الجاهل كزيادة الناسي، وقد قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب 5} وقد تابع الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم حينَ زاد خامسةً في العصر ناسياً وهم يعلمون أنها الخامسة لظنهم وجوب المتابعة، فعذرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بالإعادة.
والخلاصة: أنك إذا كنت عالماً بالحكم وتعمدت الزيادة وجب عليكَ إعادة الصلاة، وأما إذا كنت جاهلاً أو متأولاً فلا شيء عليك، وإن أعدتها احتياطاً خروجاً من الخلاف فلا بأس، لأن من أهل العلم من لا يرى العذر بالجهل في مثل هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(11/7589)
حكم عدم متابعة الإمام في سجود السهو بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنا نصلي المغرب جماعة سجد الإمام سجدة واحدة في الركعة الثانية وجلس للتشهد الأول في البداية ظننا أنه سيسجد ولكن حينما تأخر في السجود نبهه أحد المصلين فسجد وجلس مرة أخرى للتشهد الثاني وبعدها أتى بسجود السهو بعد السلام ولكن بعض المصلين لم يأتوا بسجود السهو مع الإمام فهل ما فعله الإمام والمصلون صحيح؟ أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام قد سجد السجدة الثانية بعدما ذُكّر، ثم تشهدَ التشهد الأول ثم صلى الثالثة وسجد سجدتين بعد السلام، فما فعله صحيح بلا شك، وسجود السهو في هذه الحالة مشروعٌ في حقه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لكل سهوٍ سجدتان بعدما يسلم. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وهذا الإمام قد نسي فأتى بالتشهد في غير موضعه، وهذه زيادةٌ فيسجد لها بعد السلام كما هو مذهبُ مالك واختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن سجد قبل السلام فلا بأس، والمأمومون الذين سجدوا مع الإمام مصيبون لأنهم امتثلوا ما أمر به النبي صلي الله عليه وسلم في قوله: إنما جُعل الإمام ليؤتم به. متفق عليه.
والذين لم يسجدوا معه مخطئون لمخالفتهم هذا الأمر، وقد أجمع العلماء على وجوبِ متابعة الإمام إذا سجد للسهو، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإِذَا سَهَا الْإِمَامُ، فَعَلَى الْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ فِي السُّجُودِ سَوَاءٌ سَهَا مَعَهُ، أَوْ انْفَرَدَ الْإِمَامُ بِالسَّهْوِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ.
وَذَكَرَ إِسْحَاقُ أَنَّهُ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ، سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا. انتهى..
وأما صلاتهم فمن ترك السجود عمدا فالأحوط أن يعيدها إذ قد ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان الصلاة بترك المأموم متابعة الإمام في سجود السهو عمدا، وذهب آخرون إلى صحة صلاة المأموم لو ترك متابعة الإمام في السجود البعدي.
قال النووي في المجموع: الثانية: يعني من الصورتين اللتين لا يتابع المأموم فيها الإمام في سجود السهو أن يعلمَ بسبب سهو الإمام ويتيقن غلطه في ظنه، بأن ظن الإمام ترك بعض الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه أو جهر في موضع الإسرار أو عكسه فسجد فلا يوافقه المأموم، ثم إذا سجد الإمام في غير الصورتين لزم المأموم موافقته فيه، فإن ترك موافقته عمداً بطلت صلاته. انتهى.
ولهذا قلنا إن الأحوط لهم إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/7590)
ما يلزم الإمام إذا شك في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا إمام مسجد الحي أحيانا أسهو في صلاتي وأشك هل صليت ثلاثا أم أربعاً وأعمل بما ترجح عندي وتكون الصلاة صحيحة والمصلون خلفى لا يعلمون بما حدث من الشك، وإذا سجدت للسهو اعترضوا بأن الصلاة كانت صحيحة لماذا السجود، فهل في هذه الحالة يلزمني السجود أم لا، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في العمل بغلبة الظن في الصلاة فذهب الجمهور إلى أنه يبنى على اليقين مطلقاً وهو الأقل سواء أكان عنده غلبة ظن أو لا، واستدلوا بحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تمام الأربع كانتا ترغيماً للشيطان. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
وذهب أبو حنيفة وأحمد في روايةٍ عنه اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية إلى الفرق بين من كان عنده غلبة ظن فيبني على غلبة ظنه ويسجد بعد السلام، ومن شك يبني على الأقل ويسجدُ قبل السلام، واستدلوا بما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك، قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين.
فحملوا حديث أبي سعيد على الشك وحديث ابن مسعود على من كان عنده غلبة ظن، وفرق أحمد في رواية اختارها الخرقي بين الإمام فيعمل بغلبة ظنه والمنفرد فيبني على اليقين مطلقا.
والخلاصة أنك إذا كنت ترى العمل بغلبة الظن أو تقلد من يفتي بهذا القول من العلماء المعتبرين فلك ذلك والمشروع في حقك سجود السهو بعد السلام، وما عليك إلا أن تشرح المسألة للمأمومين وتذكر لهم حديث ابن مسعود وتبين لهم من أخذ به من العلماء، ولن يكون منهم إذا أحسنت عرض المسألة وبيانها إلا الاستجابة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/7591)
حكم السجود للسهو قبل التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الظهر نسي الإمام التشهد بين الركعتين وعندما سجد السجود القبلي سجد قبل أن يأتي بالتشهد الأخير تم تشهد التشهد الأخير وسلم ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله الإمام المذكور من سجوده للسهو قبل التشهد مجزئ عند من يقول بعدم ركنية التشهد الأخير، والتشهد الذي قام به يكفيه عن تشهد الصلاة وعن التشهد بعد سجود السهو وبالتالي فصلاة الجميع صحيحة. وهذا الحكم مبني على ما ذكره العدوي في حاشيته على شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي ـ خصوصا كون السائل من بلد يغلب عليه الفقه المالكي ـ حيث قال: قوله قبل سلامه أي: وبعد تشهده ودعائه، والظاهر أنه لو سجد قبل التشهد يكفي، ويكفيه له وللصلاة تشهد واحد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(11/7592)
نسي السجود للسهو وتذكره في صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سهوت في صلاة المغرب وبعد أن كبرت لصلاة النافلة تذكرت أنه علي أن أسجد للسهو الذي حدث مني في صلاة المغرب، فماذا أفعل هل أقطع صلاة النافلة لأسجد للسهو، أم كيف أتصرف.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما يلزم من نسي سجود السهو حتى طال الفصل، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 34966.
وأما من نسي سجود السهو حتى دخل في صلاةٍ أخرى، فالذي يظهر أنه يسجد للسهو بعد فراغه منها، لأن السجود باقٍ في ذمته فعليه أن يأتي به، ويمتنع أن يأتي به في صلاته لأنه يكون زائداً فيها ما ليس منها، ولا ينبغي له قطعها للإتيان به لقوله تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد 33} فلم يبق إلا أنه يأتي به بعد فراغه منها.
قال ابن قدامة في المغني: وإن نسي السجود حتى شرع في صلاة أخرى، سجد بعد فراغه منها، في ظاهر كلام الخرقي لأنه في المسجد. وعلى قول غيره، إن طال الفصل لم يسجد وإلا سجد....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(11/7593)
صلاتك صحيحة ولا يلزمك سجود سهو في هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الظهر وفي الركعة الثالثة بعد السجدتين جلست سهوا ورفعت أصبعي للتشهد، وأثناء رفعي لأصبعي تذكرت الركعة الرابعة فقمت لها دون أن أشرع في قول التشهد (التحيات) وأتيت بالرابعة ونويت أن آتي بركعتي سجود السهو بعد السلام إلا أني بعد السلام لم آت بهما (بعد أن سلمت قررت أن لا آتي بهما لأني كنت أشك هل يجب السجود أم لا، لأن الزيادة كانت قليلة، وبعد تردد قررت أن لا آتي بهما) ما حكم صحة صلاتي وصلاة المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك وصلاةُ المأمومين صحيحة ولم يكن يلزمك سجود سهوٍ على الصحيح من قولي العلماء، فإن ما أتيت به فعلٌ يسير لا يؤثر في صحة الصلاة، وفي حديث المغيرة عند أبي داود وابن ماجه: إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمض ولا يعود وليسجد سجدتين فإن لم يستتم قائما فليجلس ولا سهو عليه. صححه الألباني في الإرواء.
قال الصنعاني في سبل السلام: يؤيد ذلك أنه قد وردت أحاديث كثيرةٌ في الفعل القليل وأفعالٌ صدرت منه – صلى الله عليه وسلم – ومن غيره مع علمه بذلك ولم يأمر فيها بسجود السهو ولا سجد لما صدر عنه منها.
وقد ذكر ابن قدامة في المغني هذه المسألة بعينها فقال: فيما إذا نسي فجلس للتشهد قدر جلسة الاستراحة بعد ما ذكر قول القاضي في أنه يلزمه سجود السهو: ويحتمل أن لا يلزمه لأنه فعلٌ لو تعمده لم تبطل صلاته فلا يسجد لسهوه كالعمل اليسير من غير جنس الصلاة. انتهى.
وما أبداه ابن قدامة احتمالا لا تخفى قوته وموافقته لحديث المغيرة السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(11/7594)
معنى التحري في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى التحري في مسألة سجود السهو؟ وما على المرأة إذا أسرت في الجهر أو جهرت في الصلاة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبةِ لمعنى التحري فقد وقع الأمر به في حديثِ ابن مسعودٍ وهو ثابتٌ في الصحيحين ولفظه: صلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: لا أدري - زاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك. قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين، ثم سلم. فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن، إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين.
واختلف العلماء في معني الأمر بالتحري الوارد في الحديث، فحمله الجمهور على البناء على الأقل، كما ثبت الأمر بذلك في حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين أيضا ولفظه عند مسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن. ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. فإن كان صلى خمسا، شفعن له صلاته. وإن كان صلى إتماما لأربع، كانت ترغيما للشيطان. قالوا: فمن شكَّ في صلاته بني على الأقل وهو اليقين سواءً كان عنده غلبة ظنٍ أو لا وجمعوا بذلك بين النصوص، وهذا قول مالك والشافعي ورواية عن أحمد، وقال أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية: إ ن التحري المأمور به في حديثِ ابن مسعود هو العملُ بغلبة الظن، وهو خلافُ الأمر بالبناء على الأقل الثابتِ في حديث أبي سعيد، فالشك عند هذا الفريق من العلماء له حالتان: إما أن يكون مستوي الطرفين فحينئذٍ يبني على الأقل، وإما أن يغلب على ظنه أحد الاحتمالين فيعملَ به، ويؤيد ما ذهبوا إليه أن الأمر بالتحري ليس هو الأمرَ بالبناء على الأقل، ويدلُ له كذلك أن الأمر بالسجود في حديثِ ابن مسعود الذي أمر فيه بالتحري إنما هو بعد السلام، والأمر بالسجود في حديثِ أبي سعيد الذي أمرَ فيه بالبناء على الأقل إنما هو قبل السلام، وتغايرُ الأمرين يدلُ على تغاير الحكمين. والله أعلم.
وأما بالنسبة لجهرِ المرأة وإسرارها في الصلاة، فالصحيحُ أن المرأة في ذلك كالرجل فتجهرُ فيما يُشرع الجهر فيه وتُسر فيما يُشرع الإسرار فيه، لعمومِ خطاب الشرع للرجال والنساء، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم وحسنه الألباني: النساءُ شقائق الرجال. ولم يرد ما يفيدُ تخصيص النساء بحكمٍ في هذه المسألة، وقد ذكر النووي خلاف الشافعية في هذه المسألة وصحح هذا القول، لكن إذا كان بحضرةِ المرأة أجنبي أسرت بكل حال سداً لباب الفتنة، والجهرُ والإسرار في موضعهما سنةٌ بلا خلاف، والصلاةُ صحيحةٌ على كل حال، لكن اختلف العلماء هل يُشرع لمن نسيَ فجهر في موضع الإسرار أو عكس, سجود السهو أو لا، قال النووي في المجموع: لو جهر في موضع الإسرار أو عكس لم تبطل صلاته ولا سجود سهو فيه، ولكنه ارتكب مكروها، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي وأحمد في أصح الروايتين. وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق: يسجد للسهو، دليلنا: قوله في حديث أبي قتادة. ويسمعنا الآية أحيانا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1429(11/7595)
تدارك السورة يفوت بوضع اليدين على الركبتين
[السُّؤَالُ]
ـ[في الركعة الثانية قرأت الفاتحة وهممت بالركوع وانثنيت قليلا (تقريبا 20%) ولم أكبر، فتذكرت أني لم أقرأ السورة فرجعت وقرأت السورة وركعت، ولم أسجد للسهو، ماحكم صحة الصلاة وصلاة المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتدارك السورة يفوت بوضع اليدين على الركبتين أي بوصول اليدين إلى هذا القدر بحيث لو أراد وضعهما على الركبتين وضعهما أما قبل ذلك فلا.
قال الخرشي: يعني أن العقد المفيت لتدارك الركن الموجب لبطلان ركعته: رفع الرأس من الركعة التالية لركعة النقص وهو مذهب ابن القاسم, وقال أشهب بوضع اليدين على الركبتين إلا في عشر مسائل يقول ابن القاسم فيها بقول أشهب منها إذا نسي الركوع فلم يذكره إلا في ركوعه من التي تليها ومنها من ترك السر أو الجهر أو السورة أو التنكيس بأن يقدم السورة على أم القرآن فلم يذكر ذلك حتى وضع يديه على ركبتيه ومنها إذا نسي تكبير العيد أو سجدة التلاوة حتى وضع يديه على ركبتيه ... إلى آخر ذلك.
وفي منح الجليل للشيخ عليش: (ف) يفوت تداركه (بالانحناء) لركوع الركعة التي تليها وإن لم يطمئن فيه. وظاهر كلام شب يفيد أنه لا بد من تمام الانحناء بقرب راحتيه من ركبتيه ... اهـ
والانحناء الذي ذكره السائل يظهر أنه لم يبلغ هذا القدر.
فعلم من هذا أن هذا القدر من الانحناء لا يفوت به تدارك قراءة السورة، ولا يلزم منه شيء، وبالتالي فصلاتك صحيحة على النحو الذي جئت به، وكذلك صلاة المأمومين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(11/7596)
حكم عمل الإمام في السهو بإقرار المأمومين وسكوتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي متعلق بأحكام السهو (العمل بإقرار المصلين) السؤال: لو سهى الإمام فلم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا فإنه يبني على اليقين ويسجد للسهو, لكن فهل يجوز له أن يبني على إقرار المصلين وسكوتهم بمعنى أن يقول مثلا: سأقوم؛ فإن قال المصلون سبحان الله فهي الخامسة وسأعود للجلوس وأسجد للسهو بعد السلام لأنه سهو عن زيادة, وإن لم يقولوا: سبحان الله أكملت الركعة بناء على إقرار المصلين وبدون أن أسجد للسهو مع أنني شاك وقد يكون المصلون شاكين أيضا، وأرجو بيان مذهب الحنابلة ثم مذهب الشافعية في مسألة موضع سجود السهو متى يكون قبل السلام ومتى يكون بعده مدعما بالأدلة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء الإمام -إذا شك في صلاته- على الكيفية التي ذكرها السائل لم يرد به دليل فيما نعلم، ولم نجد أحداً من أهل العلم قال به بعد البحث والتقصي، والذي جاءت به السنة أنه يبنى على اليقين أو على غلبة الظن على خلاف بين الفقهاء في ذلك، وفي التفريق بين الإمام والمنفرد، ومذهب الحنابلة في ذلك التفريق بين المنفرد والإمام، فالمنفرد يبني على اليقين وهو الأقل، والإمام يبني على غلبة الظن -وليس على أمل تنبيه المصلين له- قال ابن قدامة في المغني: واختار الخرقي التفريق بين الإمام والمنفرد فجعل الإمام يبني على الظن والمنفرد يبني على اليقين، وهو الظاهر في المذهب، نقله عن أحمد الأثرم وغيره. والمشهور عن أحمد البناء على اليقين في حق المنفرد لأن الإمام له من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب فليعمل بالأظهر عنده، فإن أصاب أقره المأمومون فيتأكد عنده صواب نفسه، وإن أخطأ سبحوا به فرجع إليهم فيجعل له الصواب على كلتا الحالتين، وليس كذلك المنفرد إذ ليس له من يذكره فيبني على اليقين ليحصل له إتمام صلاته.. انتهى.
وأما مذهب الحنابلة والشافعية في موضع سجود السهو فمحل سجدتي السهو عند الإمام أحمد هو قبل السلام إلا في حالتين يسجدهما بعد السلام: الأولى: من سلم عن نقص ركعة فأكثر فإنه يسجد بعد السلام لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم إحدى صلاتي العشي -الظهر أو العصر- فسلم بهم من ركعتين فلما نبه صلى الركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين، والحديث في الصحيحين، ومثله حديث عمران بن حصين حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاث.
الثانية: إذا بنى الإمام على غالب ظنه، ففي حديث ابن مسعود: وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم ما عليه ثم ليسجد سجدتين. أخرجه البخاري، وفي رواية له: فليتم ثم يسلم ثم يسجد. ولمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام.
وبقية السهو يسجد له قبل السلام، قال ابن القيم في زاد المعاد: وأما الإمام أحمد رحمه الله، فقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن سجود السهو: قبل السلام، أم بعده؟ فقال: في مواضع قبل السلام، وفي مواضع بعده، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم حين سلم من اثنتين، ثم سجد بعد السلام، على حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين.
ومن سلم من ثلاث سجد أيضاً بعد السلام على حديث عمران بن حصين. وفي التحري يسجد بعد السلام على حديث ابن مسعود، وفي القيام من اثنتين يسجد قبل السلام على حديث ابن بحينة، وفي الشك يبني على اليقين، ويسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري وحديث عبد الرحمن بن عوف، قال الأثرم: فقلت لأحمد بن حنبل: فما كان سوى هذه المواضع؟ قال: يسجد فيها كلها قبل السلام، لأنه يتم ما نقص من صلاته، قال: ولولا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، لرأيت السجود كله قبل السلام، لأنه من شأن الصلاة، فيقضيه قبل السلام، ولكن أقول: كل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد فيه بعد السلام، فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائر السهو يسجد فيه قبل السلام.. انتهى.
وأما مذهب الشافعية فإن محل السجود عندهم كله قبل السلام استحباباً، وانظر الفتوى رقم: 17887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1429(11/7597)
حكم اقتداء الناسي بشخص يصلي بجواره
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص دخل المسجد مع شخص آخر ولكنه نسي كم صلى من الركعات واعتمد على الشخص الذي دخل معه ولم يسجد سجود السهو فهل صلاته جائزة؟ وهل بمجرد الشك في الصلاة يجب عليه سجود السهو حتى وإن تأكد بعد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا شك المسبوق في عدد الركعات فإننا لا نرى مانعا من أن يتحرى صلاة المسبوق الذي بجانبه ودخل معه في الصلاة لأن هذا من العمل بغالب الظن كما ذكر الشيخ ابن عثيمين , فقد سئل فضيلته رحمه الله تعالى: عن مأموم يدخل مع الإمام وينسى كم صلى فهل يقتدي بمن إلى جنبه؟ فأجاب الشيخ بقوله: هذا يقع كثيراً، فقد يدخل اثنان مع الإمام، ثم ينسى أحدهما كم صلى، أو كم أدرك مع إمامه، فيقتدي بالشخص الذي إلى جنبه. فنقول: لا بأس أن يقتدي بالشخص الذي إلى جنبه، إذا لم يكن عنده ظن يخالفه، أو يقين يخالفه؛ لأن هذا رجوع إلى ما يغلب على ظنه، والرجوع إلى ما يغلب على ظنه في باب العبادات لا بأس به على القول الراجح. ... انتهى.
وجاء أيضا في فتوى لفضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير حول نفس السؤال: في حال الشك في عدد الركعات يبني الإنسان على اليقين، فيعتمد الأقل من عدد الركعات، وإن بنى على غالب الظن، أي بما يترجح لديه ولو بالنظر إلى من بجواره فلا بأس، على أن يسجد للسهو في الحالتين.
كما في فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب لفضيلة الشيخ محمد المنجد.
وأما هل يجب السجود بمجرد الشك ولو تأكد بعد ذلك أنه على صواب فجوابه أنه إذا شك ثم علم أن صلاته صحيحة فإنه لا يسجد للسهو.
جاء في المدونة: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَفَكَّرَ قَلِيلًا فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا, قَالَ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ.... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/7598)
ما يفعله المسبوق عند سهو الإمام زيادة أو نقصا على مذهب الإمام مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسبوق عند سهو الإمام زيادة ونقصا على مذهب الإمام مالك رحمه الله، أرجو التفصيل?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الإمام مالك – رحمه الله – أن سجود السهوِ للنقص يشرع قبل السلام، وأما إذا كان لزيادة فإنه يسجد بعد السلام لقصة ذي اليدين، وفيها أن النبي – صلي الله عليه وسلم – حين زاد في الصلاة سجد بعد السلام، قال خليل: سن لسهو وإن تكرر بنقص سنة مؤكدة أو مع زيادة سجدتان قبل سلامه ... إلى أن قال: وإلا فبعده.
وإذا سجد الإمام قبل السلام فإن المسبوق يتابعه، وأما إذا سجد بعد السلام فلا يمكن للمسبوق متابعته عند مالك لأن المتابعة انقطعت بسلام الإمام، فعليه حينئذ أن يقوم فيقضي ما عليه ثم يسجد للسهو بعد سلام نفسه، وهذا أيضا هو قول الشافعي والليث والأوزاعي كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني، وهذا هو ما يرجحه العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – لكنه يري أن المأموم لا يقضي سجود السهو إلا إذا كان أدرك السهو مع الإمام.
هذا والذي ينبغي لكل مسلم أن يبحث عن السنة ويتحراها ما أمكن.
وللمزيد انظر الفتوى رقم 12121
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(11/7599)
الشك بعد السلام بوجود خطأ في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ مصل شك بعد السلام من صلاة العصر أنه أخطأ في التشهد الأخير، لم يمض بعد السلام أكثر من دقيقة فرجع بنية الصلاة وجلس نفس جلسة التشهد الأخير وكبر نفس تكبيرة الانتقال من السجود للجلسة الأخيرة للتشهد أي كبر جالسا دون رفع يديه وقرأ التشهد الأخير وسلم وسجد سجود السهو فهل ما فعله صحيح أم أنه كان يجب أن يبدأ من السجود أي يرجع ساجداً ويرفع للتشهد، وهل يكبر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المصلي المذكور قد شك بعد الصلاة في الخطأ في صيغة التشهد فصلاته صحيحة ولا يلزمه إعادته لأن الأصل صحته حتى يثبت عكس ذلك، وبالتالي فلم يكن على صواب في إعادة التشهد، وصلاته لا تبطل بذلك، ومن لزمه إعادة التشهد لا يشرع له السجود قبله ليأتي بتشهده بعد رفع من سجود كما لا تلزمه إعادة التكبير لقيامه من السجود والتكبير قبل ذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 95964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/7600)
الجلوس للتشهد الأخير في الركعة الثالثة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب فعله إذا ما جلست للتشهد الأخير في الركعة ما قبل الأخيرة..مثلا في صلاة العصر عوض أن أجلس للتشهد الأخير في الركعة الرابعة أجلس سهوا للتشهد في الركعة الثالثة.. هل أكمل الصلاة وأجلس للتشهد في الركعة الرابعة وأسجد سجود السهو قبل السلام؟.. أرجو إفادتي بارك الله فيكم حتى يتبين لي الفعل السليم..
إن ظروفا جعلتني أسهو فسبحان ربي الذي علم ضعفنا ويسر لنا أمور ديننا.
جزاكم الله خيرا هنا في الشبكة الإسلامية وبارك لكم وبكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب إتمام الصلاة في هذه الحالة بالقيام للركعة الرابعة والإتيان بها كاملة، ثم الجلوس للتشهد الأخير في موضعه، ثم يستحب الإتيان بالسجود للسهو بسبب الزيادة في الصلاة وهو الجلوس بعد الثالثة والتشهد فيه، ومن أهل العلم من يرى أن هذا السجود قبل السلام، ومنهم من يرى أنه بعده، والأمر في ذلك واسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(11/7601)
السجود للسهو عند الجهر في الصلاة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الجهر سهوا ببعض الآيات في الصلاة السرية يفسدها؟ أم يجبر بسجود السهو؟ أم لا يحتاج لشيء وتبقى الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما الجهر بالقراءة في موضع الإسرار فمن جهر عمدا أو سهوا في موضع الإسرار لم تبطل صلاته، ولكن هل يلزمه سجود سهو؟ قولان لأهل العلم، فمنهم من قال يسجد للسهو كما هو قول المالكية، قال العدوي المالكي في حاشيته:.. اعلم أنه إذا قرأ جهرا في محل السر سهوا فإنه يسجد بعد السلام على المعروف من المذهب وعن ابن القاسم قبل السلام. انتهى
وذهب آخرون كالشافعية إلى أنه لا يسجد للسهو كما قال النووي في المجموع عن ترك السنن التي يسميها الشافعية غير الأبعاض كالجهر أو الإسرار ( ... وسائر الهيئات المسنونات غير الأبعاض فلا يسجد لها، سواء تركها عمدا أو سهوا لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود لشيء منها، والسجود زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف ...
ولعل الأمر في هذا واسع فلو سجد احتياطا كان أولى، ولو ترك فلا حرج عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(11/7602)
حكم السلام سهوا قبل تمام الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل إذا صلى صلاة رباعية دائما ينسى، ومن ضمن الصلاة صلاة العشاء بعد الركعة الثانية يسلم ويسبح ثم يقف لصلاة الشفع والوتر، ماذا يفعل بعد ذلك؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
من ترك ركعتين أو ركعة أو ركنا من صلاة العشاء أو غيرها فصلاته باطلة إذا حصل طول قبل فعلهما، والطول يكون بالخروج من المسجد أومضي وقت يسمى طولا عادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتبطل صلاة الرجل المذكور إذا كان ما يفعله من التسبيح والوقوف للنافلة يعتبر طولا عادة.
قال النووي في المجموع: إذا سلم من صلاته ثم تيقن أنه ترك ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو أنه ترك ركوعا أو سجودا أو غيرهما من الأركان سوى النية وتكبيرة الإحرام، فإن ذكر السهو قبل طول الفصل لزمه البناء على صلاته فيأتي بالباقي ويسجد للسهو، وإن ذكر بعد طول الفصل لزمه استئناف الصلاة, هكذا قاله المصنف هنا ونص عليه الشافعي في الأم والبويطي وصرح به الأصحاب في جميع الطرق. وحكى المصنف في التنبيه قولا أنه يبني ما لم يقم من المجلس, وهذا القول شاذ في النقل وغلط من حيث الدليل, وهو منابذ لحديث ذي اليدين السابق فوجب رده, والصواب اعتبار طول الفصل وقصره, وفي ضبطه قولان ووجهان, الصحيح منها عند الأصحاب الرجوع إلى العرف, فإن عدوه قليلا فقليل أو كثيرا فكثير وهذا هو المنصوص في الأم وبه قطع جماعة منهم البندنيجي. انتهى.
وفى الإنصاف للمرداوى الحنبلى: تنبيه: قوله (فهو كترك ركعة كاملة) يعني يأتي بها , وهو مقيد بقرب الفصل عرفا, ولو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه, وقيل: بدوامه في المسجد قدمه في الرعاية فلو كان الفصل قريبا, ولكن شرع في صلاة أخرى, عاد فأتم الأولى , على الصحيح من المذهب, بعد قطع ما شرع فيها, وعليه جمهور الأصحاب, وعنه يستأنفها لتضمن عمله قطع نيتها, وعنه يستأنفها إن كان ما شرع فيه نفلا, وقال أبو الفرج الشيرازي في المبهج: يتم الأولة من صلاته الثانية. انتهى.
وفى حاشية الدسوقى المالكى: يعني أن المصلي إذا ترك ركنا من الصلاة سهوا وطال فإنها تبطل والطول إما بالعرف أو بالخروج من المسجد. انتهى.
وتجدر ملاحظة أن هذا الرجل إذا دام عليه السهو بحيث يأتيه كل يوم ولو مرة فإنه يسقط عنه سجود السهو عند كثير من أهل العلم للمشقة.
قال خليل: إلا إن استنكحه السهو ويصلح. قال الدردير في شرحه له: بأن يأتيه كل يوم ولو مرة فلا سجود عليه لما حصل له من زيادة أو مع نقص عند انقلاب ركعاته للمشقة. انتهى.
وننبه الرجل المذكور بضرورة أداء الصلاة جماعة في المسجد فهي واجبة على القول الراجح في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء كما تقدم في الفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/7603)
ما يفعله المسبوق إذا ذكر بعد السلام أنه ترك ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي صلاة رباعية وكنت مسبوقا بركعتين حيث إني أتيت بركعة واحدة وتذكرت الركعة الباقية بعد السلام، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سلم قبل تمام صلاته كأن سلم من ثلاث في الرباعية ثم تذكر قبل أن يطول الفصل فإنه يرجع للصلاة بنية وتكبير ويقوم بتكبير، ثم يأتي بالرابعة ثم يجلس للتشهد ثم يسجد سجدتي سهو، وإن طال الفصل بين سلامه وتذكره استأنف صلاته، أي يعيدها من أولها، ويرجع في تحديد طول الفصل من عدمه إلى العادة والعرف، ويعتبر الخروج من المسجد مثل طول الفصل في المذهب المالكي فلا يمكن التدارك بعده ويجب استئناف الصلاة، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 44004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(11/7604)
السجود للسهو قبل السلام فيما كان محله بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاتنا صحيحة؟
في صلاة العشاء بانتهاء الركعة الثالثة وقبل القيام للركعة الرابعة بقي الإمام جالسا لحظات للتشهد ظ نا منه أنه التشهد الأخير فنبه البعض الإمام بسبحان الله فقام وأكمل الركعة الرابعة والتشهد الأخير ولكنه قام بسجود قبلي عوض البعدي (باعتبار أنه كانت له زيادة الجلوس الخطأ للتشهد) ... أريد أن اعرف هل الصلاة صحيحة ... وهل من اختلاف بين المذاهب حيث إن البلدة التي أعيش فيها والتي وقع فيها الاختلاف تتبع الإمام مالك رحمه الله ...
،نيروا لنا الطريق، وجزاكم الله كل خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا جلس الإمام سهوا في الركعة الثالثة ثم أتم صلاته حين نبهه المصلون وسجد قبل السلام فصلاته صحيحة في قول المذاهب الأربعة حتى عند المالكية الذين يجعلون السجود للسهو عن زيادة بعد السلام لأنهم نصوا على أنه لو سجد قبل السلام فصلاته صحيحة كما قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، ونصه: لو خالف المصلي وقدم ما يؤخر وأخر ما يقدم لم تبطل صلاته، قال خليل وصح إن قدم أوأخر.
والحنابلة أيضا عندهم سجود السهو كله قبل السلام إلا ما ورد الحديث بكونه بعد السلام ولو خالف صحت صلاته. والشافعية عندهم سجود السهو مستحب ومحله كله قبل السلام، وعند الحنفية بعد السلام كله ولو سجد قبله صحت صلاته كما قال السرخسي في المبسوط، ونصه: وإذا سجد للسهو قبل السلام أجزأه. انتهى.
فتبين بهذا أن صلاة الإمام المسؤول عنها صحيحة ولا إشكال فيها، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 76310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(11/7605)
قام للخامسة سهوا فلما سبحوا له كبر وجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي إماما في صلاة العصر وقد سهوت وقمت للقيام بركعة خامسة ولكن المأمومين سبحوا فجلست للتشهد وعند خفضي من القيام للتشهد كبرت والسؤال هل يشرع التكبير هنا؟ أم لايشرع وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشرع التكبير حال الرجوع عن الزيادة لكنه لا يؤثر على صحة الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التكبير هنا في غير محله، لأن هذا الانتقال زائد عن الصلاة لكن الإتيان به لا يؤثر على صحة الصلاة؛ لأن غاية أمره أن يكون زيادة ذكر من أذكار الصلاة،
وهو غير مبطل كما نص على ذلك الفقهاء ففي الفواكه الدواني على الرسالة في الفقه المالكي: وأما زيادة أقوال الصلاة فلا سجود في سهوها كما لا تبطل بعمدها، كما لو كرر السورة أو التكبير أو زاد سورة في أخرييه إلا أن يكون القول فرضا فإنه يسجد لسهوه، كما لو كرر الفاتحة سهوا ولو في ركعة، وجرى خلاف في بطلان الصلاة بتعمد تكريرها، والمعتمد واقتصر عليه الأجهوري عدم البطلان. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(11/7606)
لم يدرك الإمام حين سها فهل يسجد للسهو معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت صلاة العصر في الركعة الثالثة وتبين أن الإمام أخطأ في الصلاة بزيادة سجدة، السؤال هو: هل آتي بالسجود القبلي مع الإمام أم أقوم حتى آتي بالركعتين الناقصتين ثم أتم السجود القبلي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا سها الإمام في صلاته -بزيادة أو نقصان- وسجد للسهو في آخر صلاته قبل السلام لزم المأموم متابعته حتى لو كان مسبوقاً لم يدرك السهو مع الإمام وأدرك معه أقل من ركعة على الصحيح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا سها الإمام فعلى المأموم متابعته في السجود سواء سها معه أو انفرد الإمام بالسهو، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. انتهى.
وقال النووي في المجموع: فإن ترك موافقته عمداً بطلت صلاته وسواء عرف المأموم سهو الإمام أم لم يعرفه، فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين لزم المأموم متابعته. انتهى، فيسجد مع الإمام سجود السهو ثم إذا سلم الإمام قام لقضاء ما عليه، وانظر التفصيل في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70604، 71044، 96239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1428(11/7607)
هل يسجد للسهو من تكثر شكوكه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ممن استنكحه الشك في الصلاة لذلك لا أسجد سجود السهو عند شكي، لكن سؤالي هو: أنه في بعض الأحيان يحدث لي سرحان يسير في الصلاة فأشك في عدد السجدات، فهل هذا الشك بسبب السرحان يوجب سجود السهو بالنسبة لي أم لا، وهل يجب علي إعادة الصلاة التي سرحت فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا سجود على من استنكحه الشك وكثر عليه ولو كان ذلك ناجماً عن السرحان ومن الفقهاء من يرى استحباب سجود السهود بعد السلام في حق من استنكحه الشك ترغيماً للشيطان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت ممن يكثر عليهم الشك في الصلاة فلا سجود عليك لأن الشك إنما يحصل مع السرحان وعدم التركيز، فمن كثر ذلك عليه صار ممن استنكحه الشك ومن ندر منه سجد للسهو بعد الإتيان بما شك في تركه من الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 58257.
ومن الفقهاء من يرى استحباب سجود السهو بعد السلام في حق من استنكحه السهو ترغيماً للشيطان وهو رأي المالكية، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 63548.
ولبيان ما يترتب على السرحان في الصلاة وما يعين على الخشوع فيها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6598، والفتوى رقم: 9525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/7608)
كانت تسجد للسهو سجدة واحدة فماذا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت للتو أن سجود السهو عبارة عن سجدتين وأنا عندما أسهو في صلاتي أسجد سجدة واحدة، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
السجود مرة واحدة لا يجزئ في سجود السهو ولا تبطل الصلاة بعدم الإتيان بسجود السهو على القول بأنه سنة، كما لا تبطل الصلاة أيضاً بزيادة سجدة فيها جهلاً أو نسياناً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأخت السائلة كانت تقتصر في سجود السهو على سجدة واحدة فإنها لم تأت بسجود السهو لأن سجود السهو سجدتان ومن لم يأت بهما لم يأت به ولو أتى بسجدة واحدة، وعليها أن تتنبه في المستقبل لسجود السهو، فإن منه ما هو واجب ومنه ما هو سنة عند أهل العلم، والذي نرى والله أعلم أنه لا شيء عليها فيما مضى بناء على القول بأن سجود السهو أياً كان سببه - وهذا مذهب كثير من أهل العلم منهم الشافعية - سنة يسقط بالنسيان، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 34966.
وحيث إن السجدة الواحدة غير معتبرة في سجود السهو فإن السجدة التي كانت تأتي بها إذا كانت تسجدها قبل السلام تعتبر زيادة في الصلاة والمقرر عند الفقهاء أن تعمد زيادة الركن مثل السجود أو الركوع من مبطلات الصلاة، لكن من فعل ذلك جاهلاً لم تبطل صلاته وهذا هو الحال في هذه المسألة، قال في تحفة المحتاج ممزوجاً بمتن المنهاج في الفقه الشافعي: (ولو فعل في صلاته غيرها) أي غير أفعالها (وإن كان) المفعول (من جنسها) أي جنس أفعالها التي هي ركن فيها كزيادة ركوع أو سجود (بطلت إلا أن ينسى) أو يجهل. انتهى بحذف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/7609)
من قام للخامسة ولم يجلس للتشهد وتذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إذا قمت في الركعة الرابعة ولم أجلس للتشهد الأخير هل إذا تذكرت أو أحد ذكرني أرجع أجلس أو أكمل وآتي بالركعة الخامسة ثم أسجد سجدة السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصلي إذا سها وزاد في صلاته ما ليس منها مثل أن يقوم لخامسة في الصلاة الرباعية فإنه يرجع متى ذكر الزيادة سواء تذكر في القيام أو في الركوع أو السجود، فيرجع جالسا ثم يتشهد ثم يسلم ويسجد للسهو، ولا يجوز له التمادي في الزيادة بعد علمه بها سواء تذكرها بنفسه أو ذكره أحد، فإن تمادى في الزيادة عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته، قال ابن قدامة في المغني: فَزِيَادَاتُ الْأَفْعَالِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا، زِيَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، مِثْلُ أَنْ يَقُومَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ، أَوْ يَجْلِسَ فِي مَوْضِعِ قِيَامٍ، أَوْ يَزِيدَ رَكْعَةً أَوْ رُكْنًا، فَهَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ، وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {إذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(11/7610)
زيادة الإمام ركوعا في الصلاة جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة المغرب قرأ الإمام في الركعة الأولى سراً، ثم ركع فقال له الناس سبحان الله، فرفع من الركوع وقرأ الفاتحة وسورة جهراً، ثم ركع مرة أخرى، ثم أكمل باقي الصلاة وجاء بسجود سهو، السؤال هو: هل هذه الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان على هذا الإمام بعد أن نسي الجهر في محله حتى ركع أن يستمر في صلاته ولا يعيد القراءة ولا الركوع مرة أخرى لأن ذلك زيادة في الصلاة ويسجد للسهو لجبران نقص سنة الجهر عند بعض الفقهاء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22470.
وحيث إنه خالف ذلك وأعاد القراءة والركوع، فإن فعل ذلك جاهلا كما هو الظاهر فإن صلاته صحيحة وعليه سجود السهو كما فعل، قال في تحفة المحتاج ممزوجاً بمتن المنهاج في الفقه الشافعي: (ولو فعل في صلاته غيرها) أي غير أفعالها (وإن كان) المفعول (من جنسها) أي جنس أفعالها التي هي ركن فيها كزيادة ركوع أو سجود (بطلت إلا أن ينسى) أو يجهل. انتهى بحذف، وإن فعل ذلك عالماً بتحريم الزيادة في الصلاة وأنما فعل يعتبر زيادة بطلت صلاته وصلاة من تبعه عالماً بذلك أيضاً. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61324.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(11/7611)
لم يسجد للسهو قبل السلام مع الإمام فماذا عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... وبه نستعين
في أحد الأيام تأخرت عن صلاة الظهر جماعة ولكن الحمد لله لحقت الصلاة خلف أحد المصلين في الركعة الثالثة وقبل تسليم الإمام (المصلي) قام هو بسجدتي سهو، علماً بأنني لم ارتكب خطأ في صلاتي فكنت في حيرة من أمري هل أسجد معه أم أنتظر وقررت الانتظار ثم أكملت باقي صلاتي، فهل صلاتي صحيحة، وقد أشار علي بعض الأصدقاء في يوم آخر بعد أن حكيت له ذلك أنه كان أولى بي السجود معه، ونظرا لأنني لم أفعل كان يفضل أن أسجد سهواً أيضاَ، أفيدوني؟ وجزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللمأموم المسبوق مع سجود السهو عدة حالات تقدم بيانها في الفتوى رقم: 12204.
وبناءاً على ذلك فكان عليك متابعة الإمام في سجود السهو قبل السلام ولو لم ترتكب خطأ، وبما أنك لم تفعل فإن هذا السجود بفعل الإمام له يصير ركناً من الصلاة عند الشافعية يفعله المأموم إن قرب الفصل وإلا وجب عليه إعادة تلك الصلاة، ففي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي: وسئل نفع الله به عمن لحق مع الإمام ركعة من الصبح مثلاً وسجد الإمام سجود السهو وهو جالس ناس فذكر بعد سلام الإمام ولم يسجد أو سجد سجدة وبقيت الثانية هل يسجدها أو يسجد الجميع إذا لم يسجد أو يترك؟ (فأجاب) بقوله: الذي في شرحي للمنهاج قضية كلامهم أن سجود السهو بفعل الإمام له يستقر على المأموم ويصير كالركن حتى لو سلم بعد سلام إمامه ساهياً عنه لزمه أن يعود إليه إن قرب الفصل وإلا تعاد صلاته كما لو ترك منها ركناً ولا ينافي ذلك أنه لو لم يعلم بسجود إمامه للتلاوة إلا وقد فرغ منه لم يتابعه، لأنه ثم فات محله بخلافه هنا. انتهى. وبناء على ما تقدم وجب عليك إعادة صلاة الظهر المذكورة، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 12121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/7612)
السهو في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة عشاء وأردت سجود السهو فسجدت قبل السلام لكني شككت في عدد السجدات فبنيت على الأقل وسجدت سجدة أخرى ثم بعد التسليم سجدت سجدتين للسهو مرة أخرى فهل فعلي هذا صحيح وما حكم صلاتي؟
ما حكم تأخر المسبوق اليسير بعد تسليم الإمام إذا أراد إكمال التشهد قبل القيام وما حكم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تيقن السهو وشك هل سجد له أم لا فليسجد لأن الأصل عدم السجود، ولو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين سجد أخرى، ولا يسجد مرة ثانية لسهوه في سجود السهو أو شكه فيه ولا يسجد بعد السلام، وما دمت قد سجدت جهلا بالحكم الشرعي فلا تبطل صلاتك بذلك.
قال في تحفة المحتاج: 2/205: ولو سجد للسهو ثم سها بنحو كلام لم يسجد ثانيا لأنه لا يأمن وقوع مثله فربما تسلسل. اهـ
وأما تأخر المسبوق بعد سلام الإمام فجوابه أن القدوة تنقطع بسلام الإمام، فإن كان هذا الجلوس محلا لقراءة التشهد بالنسبة للمسبوق قرأه ثم قام لإكمال ما بقي من صلاته وإن لم يكن محلا فليس له الجلوس. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: ولو سلم الإمام فمكث المسبوق بعد سلامه جالسا وطال جلوسه قال أصحابنا: إن كان موضع تشهده الأول جاز ولا تبطل صلاته لأنه جلوس محسوب من صلاته، وقد انقطعت القدوة وقد قدمنا أن التشهد الأول يجوز تطويله لكنه يكره وإن لم يكن موضع تشهده لم يجز أن يجلس بعد تسليمه لأن جلوسه كان للمتابعة وقد زالت فإن جلس متعمدا عالما بطلت صلاته وإن كان ساهيا لم تبطل ويسجد للسهو. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/7613)
مسائل تتعلق بسجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[فمن خلال قراءتي لكتاب صحيح البخاري في المجلد الرابع تحت تصنيف كتاب السهو من الصفحة 151 وحتى الصفحة 177 فهذا ما توصلت إليه ولكنني لست متأكدة منه فأرجو التوضيح والتوكيد منكم أهل العلم
#سجود السهو#
# الحالات الموجبة للسجود:
- للمفرد: إذا شك في صلاته فإنه لا يسجد إلا إذا تيقن من الزيادة أو النقصان، وأزيد على ذلك قول سعد: "ورأيت عروة ابن الزبير صلّى من المغرب ركعتين، فسلّم وتكلم، ثم صلّى ما بقي وسجد سجدتين وقال: هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم"
- الجماعة (ما يختص به تنبيه المأمومين للإمام وينطبق ما يفعله الإمام على المفرد) :
### في حالتين: 1) تنبيه المأمومين له أثناء الصلاة: بقولهم (سبحان الله) أثناء تأدية الإمام للصلاة وسهوه عن (التشهد الأول) في صلاة الظهر وقياسا بذلك أي صلاة فيها تشهدين فعلى الإمام أن يسجد سجدتين قبل التسليم من التشهد الأخير. / 2) تنبيه المأمومين بعد الفراغ من الصلاة: وأستند فيها إلى حادثة ذي اليدين أو ذي الشمالين، حيث حدثت عند صلاة العصر فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين وسلم فنبهه ذو اليدين بعد الفراغ من الصلاة فرد النبي صلى الله عليه وسلم خبره إلى يقينه أولا ثم استيقن خبر ذي اليدين من المأمومين وأخذ بإجماع المأمومين ثم صلى ركعتين وسجد سجدتين (وأطال فيهما) ثم سلم.
#طريقة السجود:
التكبير ثم السجود ثم التكبير ثم الرفع من السجود ثم التكبير ثم السجود ثم التكبير ثم الرفع من السجود ويقال في السجود كما يقال في سجود الصلاة "سبحان ربي العظيم" ثلاثا
# حالات السهو:
* إذا شك المصلي في صلاته فإنه يرد شكه إلى اليقين فما غلب عليه أمره فيأخذ به في الزيادة والنقصان، فإن تيقن قبل التسليم فيسجد سجدتين قبل التسليم ويسلم، وإن تيقن بعد التسليم فإنه يكون على حالتين:
#الأولى# الزيادة: فيكتفي بسجود سجدتين فقط
#الثانية# النقصان: يصلي ما انتقص من الصلاة ثم يسجد سجدتين قبل التسليم
# ما أشكل علي فهمه:
1) ماذا يفعل المصلي في حالة:
أ- تيقنه قبل التسليم بأنه زاد في عدد الركعات؟
* ما احترت فيه: هل:- 1) يكتفي بسجود سجدتين قبل التسليم / 2) يسلم ثم يسجد سجدتين
ب- تيقنه قبل التسليم بأنه انتقص من الصلاة؟
* ما احترت فيه: هل:- 1) إن كان انتقص التشهد فيكتفي بسجود سجدتين قبل التسليم / 2) إن كان انتقص الركعات فهل:- (أ) يسجد سجدتين قبل التسليم ثم يقوم (ولا يسلم) ليكمل ما انتقص من الصلاة / (ب) يكتفي بسجود سجدتين ويسلم / (ج) يسلم ثم يصلي ما انتقص من الصلاة ويسجد سجدتين قبل التسليم وهذا ما أظنه الأرجح.
وجزاكم الله خيرا
وسامحونا على المجادلة بغير علم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دون الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه جملة كبيرة من الأحاديث الصحيحة ولم يدونها كلها وكذا الإمام مسلم رحمه الله وهما أصح الكتب الحديثية لتلقي الأمة لهما بالقبول، فالحرص على قراءتهما والاطلاع عليهما من أي قارئ مسلم مهم، ولكن ليس لكل قارئ استخراج الأحكام منهما ولا من غيرهما من كتب الحديث، وإنما ذلك لمن تأهل من أهل العلم للنظر والاستنباط،وله شروط معروفة في كتب الأصول.
وقد يقول بعضهم: الأحاديث واضحة المعنى؟
فنقول قد يكون الحديث واضح المعنى ولكنه منسوخ أو مخصص أو هناك ما هو أرجح منه إلى غير ذلك من الأمور التي تجعل العمل به غير سائغ ولا يعرف ذلك إلا أهل العلم، وقد نفل الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم عند شرحه لحديث: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فاخطأ فله أجر) .اتفاق العلماء على حرمة النظر لغير المتأهل فقال: قَالَ الْعُلَمَاء: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث فِي حَاكِم عَالِم أَهْل لِلْحُكْمِ، فَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ: أَجْرٌ بِاجْتِهَادِهِ، وَأَجْرٌ بِإِصَابَتِهِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ بِاجْتِهَادِهِ،.. فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْحُكْمِ فَلَا يَحِلّ لَهُ الْحُكْم, فَإِنْ حَكَمَ فَلَا أَجْر لَهُ بَلْ هُوَ آثِمٌ، وَلَا يَنْفُذ حُكْمه، سَوَاء وَافَقَ الْحَقّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ إِصَابَته اِتِّفَاقِيَّة لَيْسَتْ صَادِرَة عَنْ أَصْل شَرْعِيّ فَهُوَ عَاصٍ فِي جَمِيع أَحْكَامه، سَوَاء وَافَقَ الصَّوَاب أَمْ لَا، وَهِيَ مَرْدُودَة كُلّهَا، وَلَا يُعْذَر فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ.
ومن هنا ننصحك بالرجوع إلى كلام أهل العلم وفهمهم للكتاب والسنة، وعدم الهجوم على استخراج الأحكام من كتب الحديث.
وما ذكرته في الفقرة الأولى وهي الحالات الموجبة لسجود السهو فحكمها كالتالي:
إذا شك الإمام أو المنفرد في صلاته فلم يدر كم صلى فإن عليه أن يبني على اليقين وهو الأقل ويتم صلاته، فلو شك في صلاة رباعية هل صلى ثلاثا أم أربعا فعليه أن يجعلها ثلاثا ويأت بركعة ويسجد للسهو ثم يسلم، وليس له أن يجتهد ويعمل بما يغلب على ظنه على الراجح عند أهل العلم قال الإمام النووي رحمه الله: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدكُمْ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِس: َقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - وَالْجُمْهُور: مَتَى شَكَّ فِي صَلَاته هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا مَثَلًا؟ لَزِمَهُ الْبِنَاء عَلَى الْيَقِين، فَيَجِب أَنْ يَأْتِي بِرَابِعَةٍ وَيَسْجُد لِلسَّهْوِ عَمَلًا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا شَكَّ أَحَدكُمْ فِي صَلَاته فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اِسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُد سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّم فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاته، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي وُجُوب الْبِنَاء عَلَى الْيَقِين.
وليس الأمر كما ذكرت بأنه: لا يسجد إلا إذا تيقن من الزيادة أو النقصان.
وكلامك هذا إنما هو في حق من سلم من صلاته ثم شك في الزيادة أو النقص أو نبهه غيره فالعلماء يقولون لا يسجد للسهو إلا إذا تيقن أنه زاد أو نقص لأن الأصل تمام الصلاة، وأما الشك قبل السلام فالأصل عدم تمام الصلاة، وعليه أن يتمها بيقين ثم يسجد ويسلم.
وأما كلامك في الفقرة الثانية فيما يتعلق الجماعة وتنبيههم للإمام فإنهم إذا نبهوه وهو في الصلاة لتركه التشهد الأوسط فإنه يسجد للسهو قبل السلام ويجزئه عن ترك التشهد الأوسط.
وأما إذا نبهوه بعد السلام فإن قرب الوقت فإنه يسجد فقط ولا يصح أن يعود فيأتي به، وإن نبهوه بعد طول الفصل فإنه لا يسجد.
وأما إذا ترك ركنا أو ركعة فإنه لا يجوز له أن يسلم قبل الإتيان به ولو فعل ذلك عالما عامدا فصلاته تبطل وعليه إعادتها، فما ظننته راجحا غير صحيح ولم يقل به أحد من أهل العلم فيما نعلم، وهذا يؤكد ما نبهناك عليه أولا من أنه ليس لكل أحد أن يستخرج الأحكام من الأدلة وهو قاصر في العلم.
كما أنه لا يجزئ سجود السهو عن ذلك الركن أو الركعة بل لا بد من الإتيان بذلك ثم سجود السهو.
وأما الفقرة التي ذكرت فيها طريقة السجود للسهو فكلامك فيها صحيح.
وأما الفقرة الرابعة وهي حالات السهو فكلامك فيها صحيح ما عدا العمل بغالب الظن في تحديد الزيادة أو النقص ثم العمل وفقا لذلك فغير صحيح، بل الظن لا يعمل به في هذه الحالة فإنه إذا لم يتيقن الإتيان بما يلزمه فعليه الإتيان به وسجود السهو على الراجح من كلام أهل العلم كما قدمناها عن الإمام النووي رحمه الله.
وأما ما أشكل عليك فجوابه على النحو التالي:
1- إذا تيقن قبل السلام أنه زاد في الصلاة فإنه يسجد سجدتين للسهو فقط ويسلم، وفي قول لأهل العلم أنه يسجد بعد السلام عند الزيادة.
2- إذا تيقن قبل السلام أنه انتقص من الصلاة؟
فعليه أن يأتي بما تركه أولا إذا كان ركنا ثم يسجد للسهو قبل السلام ولا يجزئه سجود السهو عنه، وليس له أن يسلم وهو يعلم أنه بقي عليه ركن من الصلاة بل عليه الإتيان به قبل السلام.
وإذا كان ما تركه سنة كالتشهد الأوسط فلا يعود إلى الإتيان بها بل يسجد للسهو فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/7614)
ما يفعل من سلم بعد ركعتين من صلاة المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال هو في صلاة المغرب صليت ركعتين جهرا ثم نسيت فسلمت وتفكرت حين ذلك قمت مباشرة فصليت ركعة ثالثة ثم سلمت فأتيت بالبعدي ثم سلمت فإذا بأحد من أصدقاء قال لي يجب عليك أن تكبر تكبيرة الإحرام لأنك خرجت من صلاة. أفيدوني جزاكم الله خيرا يا شيخنا الكريم أحبه في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سلم من صلاته قبل تمامها وتذكر بعد سلامه مباشرة أو بوقت قصير عرفا فإن عليه أن يأتي بالركعة المتبقية، أما إن طال الفصل فإن عليه أن يعيد الصلاة.
وفي حالة إذا تذكر بعد وقت قصير هل عليه أن يأتي بتكبيرة الإحرام أم لا؟ للعلماء في ذلك قولان:
الاول: لا يكبر تكبيرة الإحرام لأنه لم يخرج من الصلاة بل مازال فيها فيعود إلى الجلوس ثم يقوم إلى الركعة الثالثة فيأتي بها ثم يسجد للسهو ثم يسلم.
الثاني: عليه أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو الذي أمرك به صديقك وهو مذهب المالكية رحمهم الله تعالى. قال ابن أبي زيد: ومن انصرف من الصلاة ثم ذكر أنه بقي عليه منها شيء فليراجع إن كان بقرب ذلك فيكبر تكبيرة يحرم بها ثم يصلي ما بقي عليه، وإن تباعد ذلك أو خرج من المسجد ابتدأ صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/7615)
حكم صلاة الفريضة إذا شك فيها هل سلم من النافلة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث معي كثيراً أن أصلي السنة بتركيز وبعدها أصلي الفرض، ويصبح عندي شك إن كنت قد سلمت في السنة أم لا، فهل تكون الصلاة باطلة ويجب إعادتها، أم أعيد السنة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك هل سلم من صلاته أو لا فالأصل أنه لم يسلم، ثم ينظر في حاله فإن كان قد أتى بمناف كانحراف عن القبلة وطال الفصل عرفاً أو أتى بكلام كثير أو حركة مبطلة ونحو ذلك بطلت صلاته، وفي هذه الحالة إن شرع في صلاة ثانية صحت الثانية لأنه أحرم بها وقد بطلت الأولى، وأما لو شرع في الصلاة الثانية قبل أن تبطل الأولى فله حالتان:
الأولى: أن يطول قيامه فيها عرفاً سواء كانت فرضاً أو نفلاً أو يركع فيها ويسجد فتبطل الصلاة الأولى والثانية، وعليه أن يعيدهما، أما بطلان الثانية فلأنه أحرم وهو لا يزال في الأولى، وأما بطلان الأولى فلطول الفصل.
الحالة الثانية: أن لا يطول قيامه فيها ولم يركع ويسجد بل تذكر أنه ما سلم من الأولى أو شك في ذلك عن قرب ولم يكن قد أتى بمناف كأن قصر انحرافه عن القبلة أو كلامه فعليه أن يعود للجلوس والسلام من الصلاة الأولى فإن لم يفعل بطلتا.
قال بدر الدين الزركشي في المنثور في القواعد: قال الإمام الشافعي في مختصر البويطي، إذا صلى الرجل نافلة ثم سها فأحرم في مكتوبة قبل أن يسلم فإن ذكر ذلك قريباً جلس، ففرغ من النافلة، وسجد للسهو وابتدأ المكتوبة وإن تطاول قيامه في المكتوبة أو ركع وسجد لها بطلت النافلة والمكتوبة وكان عليه ابتداء المكتوبة، وكذلك لو سها في مكتوبة حتى دخل في نافلة فإن كان ما عمله في النافلة قريباً رجع إلى المكتوبة وأتمها وسجد للسهو وإن كان مما تطاول وركع منها ركعة بطلت المكتوبة وعليه أن يعيدها. انتهى.
وهذا كله فيما إذا لم يكثر الشك، أما إذا كثر الشك فلا يتلفت إليه، كما قال أهل العلم:
والشك بعد الفعل لا يؤثر * وهكذا إذا الشكوك تكثر
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/7616)
مشروعية السجود الناشئ عن الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أنا أصلي بالناس صلاة القيام وحدث لي سهو ظننت أني في الركعة الأولى فقمت، فقال لي المصلون سبحان الله فرجعت وقمت بالتشهد ثم سلمت ولم أسجد سجود السهو، فهل علي شيء، وهل صلاة النافلة فيها سجود سهو أم لا؟ وجزاكم الله عنا ألف خير وادع لنا بالهداية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة النافلة في حكم سجود السهو مثل الفريضة، ولكن سجود السهو في حالتك هذه سنة وليس واجباً، وكان ينبغي لك أن تسجده، وما دام ذلك لم يحصل فلا شيء عليك وصلاتك صحيحة، ومن أهل العلم من يرى مشروعية السجود الناشئ عن الزيادة بعد الخروج من المسجد، ولو طال الوقت بعد الصلاة، حتى ولو بعد سنة، وهذا هو مذهب المالكية، قال الشيخ خليل في مختصره ما معناه: وليسجد البعدي وإن بعد شهر. وقال ابن قدامة في المغني: وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وإن خرج وتباعد وهو قول ثان للشافعي، لأنه جبران يأتي به بعد طول الزمان كجبران الحج، وهذا قول مالك إن كان لزيادة. انتهى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 5017، والفتوى رقم: 27240.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(11/7617)
أقوال العلماء في موطن سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي صلاة الصبح وبينما أنا في الركعة الأولى ركعت ركوع الأولى ثم سجدت سجدتي الركعة الأولى من المفترض كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم وآتي بالركعة الثانية ولكن الحدث أنني جلست للتشهد قبل أن آتي بالركعة الثانية وقرأت التشهد ولكن قبل أن أسلم تذكرت أنني لم أصل الركعة الثانية فقمت وأتيت بالركعة الثانية، سؤالي هو: متى أسجد لسجود السهو في هذه الحالة هل بعد السلام أم قبل السلام؟
السؤال الثاني: وإذا كنت قد سلمت بعد التشهد الذي جئت به بعد الركعة الأولى أيضاً متى أسجد للسهو في هذه الحالة بعد السلام أم قبل السلام؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله في موطن سجود السهو عموما فقيل: كله قبل السلام وهو مذهب الشافعي، وقيل: كله بعد السلام وهو مذهب أبي حنيفة، وقيل: ما كان عن نقص فمحله قبل السلام وما كان عن زيادة فمحله بعد السلام وهو مذهب مالك، وقول للشافعي في القديم ومذهب الإمام أحمد أنه قبل السلام؛ إلا ما ورد فيه النص أنه بعد السلام وهو ما إذا سلم من نقص في صلاته أو تحرى الإمام فبنى على غالب ظنه، وما عداه يسجد قبل السلام.
وعلى القول بالتفريق بين الزيادة والنقص فالسهو الذي حصل منك يكون سجوده بعد السلام لأن فيه زيادة جلوس وتشهد سواء سلمت أو لم تسلم؛ لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما، وخرج سرعان الناس قصرت الصلاة، فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا فقال: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: صدق. لم تصل إلا ركعتين, فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع, قال: وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال: وسلم.
وعلى كلٍ؛ فالأمر فيه سعة والحمد لله، ولكن إذا سلم المصلي قبل تمام صلاته فالأولى أن يسجد بعد السلام للحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(11/7618)
متابعة الإمام إذا ترك التشهد الأول سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم توضيح الآتي: كان أثناء صلاة المغرب أن الإمام لم يجلس للتشهد في الركعة الثانية وجلس المصلين من خلفه وكان كثير من المصلين يقول سبحان الله لكي ينتبه الإمام، لكن الإمام واصل الصلاة ثم جلس وسجد سجدتي السهو بينما لم يكمل خلفه أحد الصلاة، فلما فرغ من صلاته أعاد الصلاة ومن خلفه بقية المصلين، فهل صلاته الأولى صحيحة ولو لم يكمل معه المصلون، وهل كان من المفترض أن يكمل المصلون معه مهما فعل أو أخطأ أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نسي الإمام التشهد الأوسط وذكره، أو نبه عليه قبل أن يستوي قائماً فليجلس للتشهد ويسجد للسهو إن كان رجوعه بعد أن صار إلى القيام أقرب وإلا فلا سجود عليه، وأما إذا ذكر أو نبه وقد استتم قائماً فإنه لا يرجع إلى التشهد، بل يمضي في صلاته ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام، لما في الصحيحين عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.
وأخرج ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائماً فليجلس، فإذا استتم قائماً فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو. فإذا استتم قائماً ثم عاد عامداً عالماً بالتحريم فهل تبطل صلاته؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين: أحدهما أنها تبطل وهو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد.
والثاني إذا رجع قبل القراءة لم تبطل صلاته وهو الرواية المشهورة عن أحمد، وإن رجع بعد القراءة بطلت صلاته، والقول الأول أرجح: للحديث السابق، وعليه فصلاة الإمام الأولى صحيحة وأما المأمومون فقد كان الواجب عليهم متابعة الإمام, وليس لهم أن يقطعوا متابعتهم لإمامهم بسبب أنه لم يرجع للجلوس، وما داموا لم يتابعوه جهلاً منهم ثم أعادوا الصلاة فصلاتهم الثانية صحيحة ولا إثم عليهم لإفساد صلاتهم الأولى لجهلهم وتكون الصلاة الثانية للإمام نافلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1427(11/7619)
ما يفعله المأمومون إذا جلس الإمام للتشهد في الثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام صلى العشاء وجلس التشهد الأخير في الركعة الثالثة، ماذا على المصلين أن يتبعوه أو ما هو الحل؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المأمومين في الحالة التي ذكرت أن ينبهوا الإمام بواسطة التسبيح, فإن لم يفهم كلموه بقدر ما يفهم, فإن امتثل فإنهم يكملون معه الركعة الباقية مع سجود السهو بعد السلام، فإن لم يمتثل الإمام فعلى المأمومين تكميل الركعة الباقية إن شاءوا فرادى, وإن شاءوا قدموا أحدهم فيكملها إماما بهم فتصح صلاتهم، وراجع الفتوى رقم: 60665، والفتوى رقم: 46072. وتصح صلاة الإمام إذا انتبه وأتى بالركعة الباقية قبل حصول الطول الذي هو الخروج من المسجد أو مضي مدة زمنية تسمى طولا في العرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(11/7620)
سجود السهو للمأموم والمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حصل مني أي خلل في الصلاة يتطلب سجوداً للسهو، ولم أسجد للسهو فما الحكم من حيث صحة الصلاة، وهل يكون بذلك نقص في صلاتي، سواءً كان ذلك -أي ترك سجود السهو- مني عمداً أو سهواً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل لك ما يوجب سجود السهو وكنت مأموماً فسهوك يحمله الإمام مادمت مقتدياً به، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36757.
وأما إذا قد كنت غير مأموم ففيه تفصيل وخلاف بين أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 61623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(11/7621)
السجود للسهو بعد السلام فيما يسجد له قبله
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أصلي منفردا ويأتى أناس يأتمون بي ولكن أحيانا أريد سجود السهو فلا أود أن يشاركوني فيه لأنهم لم يكونوا معي من الأول، فأسلم ثم أسجد للسهو وحدي. فهل هذا التصرف سليم؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ترتب عليه سجود سهو جاز له سجوده قبل السلام وبعده، قال النووي فى المجموع وهو شافعي: وقال صاحب الحاوي: لا خلاف بين الفقهاء , يعني جميع العلماء أن سجود السهو جائز قبل السلام وبعده , وإنما اختلفوا في المسنون والأولى. انتهى
وفى دقائق أولي النهى ممزوجا بمنتهى الإرادات وهو حنبلي: (وكونه) أي: السجود (قبل السلام , أو بعده ندب) لأن الأحاديث وردت بكل من الأمرين , فلو سجد للكل قبل السلام , أو بعده جاز. انتهى
وللتعرف على مذاهب أهل العلم حول محل سجود السهو مع بيان محله الأفضل والأولى راجع الفتوى رقم: 17887.
واعلم أن المأموم تلزمه متابعة إمامه في سجود السهو ولو لم يدرك معه موجب ذلك السجود، وبالتالي فكان عليك أن تسجد سجود السهو في الوقت المفضل لذلك، وإن سجدته بعد السلام فصلاتك صحيحة كما رأيت. والمأموم المسبوق الذى ترتب على إمامه سجود سهو له حالات سبق بيانها في الفتوى رقم: 12204، والفتوى رقم: 12121.
وعليه فيجوز لك تأخير سجود السهو إلى ما بعد السلام إلا أن الأفضل سجوده قبل السلام في الحالات التي يكون فيها ذلك أفضل والتي ذكرناها في الفتوى السابقة كما رأيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/7622)
حكم من قال في قيامه من السجود (سمع الله لمن حمده)
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا خلف الإمام في صلاة جماعة فقال الإمام في قيامه من السجود الأول (سمع الله لمن حمده، وقام المصلون من سجودهم وقال أحدهم (ربنا ولك الحمد) ، وتابع الإمام سجوده الثاني، فما حكم الحالة، علماً بأن الإمام لم يسجد سجود السهو في نهاية الصلاة وسألناه، فقال إنه لا يذكر ما حصل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام المذكور قد أتى بذكر مشروع في غير محله وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، فهل يشرع فيها سجود سهو أم لا، كما تقدم في الفتوى رقم: 62642.
والمأموم الذي قال: ربنا ولك الحمد في غير محلها لا سجود عليه لأن الإمام يحمل عنه هذا السجود، على القول بمشروعيته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28579 وعليه فصلاة الجميع صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1427(11/7623)
حكم من أتى بذكر مشروع في الصلاة في غير محله سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا الإمام العشاء، فنسي ودعا بدعاء القنوت في الركعة الثانية ظاناً أنها الرابعة ثم أتم صلاته، وسجد للسهو في آخر الصلاة، فما حكم تلك الصلاة، وبعد الصلاة قام أحد الشيوخ الأجلاء الذي كان متواجداً بالمسجد فقال إن الإمام لم يكن عليه سجود سهو وصلاته كانت صحيحة بدون سجود السهو، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام المذكور قد أتى بذكر مشروع في الصلاة في غير محله سهواً، وفي هذه الحالة اختلف أهل العلم هل يلزم سجود سهو أم لا؟ قال ابن قدامة في المغني متحدثاً عن الزيادة القولية في الصلاة: القسم الثاني: ما لا يبطل عمده الصلاة، وهو نوعان: أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك، إذا فعله سهواً، فهل يشرع له سجود السهو؟ على روايتين. إحداهما: لا يشرع له سجود، لأن الصلاة لا تبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه، كترك سنن الأفعال. والثانية: يشرع له السجود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم. فإذا قلنا: يشرع له السجود. فذلك مستحب غير واجب لأنه جبر لغير واجب، فلم يكن واجباً، كجبر سائر السنن. قال أحمد: إنما السهو الذي يجب فيه السجود، ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الأصل عدم وجوب السجود. انتهى.
وعليه.. فالصلاة المذكورة صحيحة، ولعل ذلك الإمام متبعاً لمن يرى مشروعية سجود السهو في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/7624)
هل يسجد للسهو إذا لم يجهر في إحدى تكبيرات الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنا نصلى صلاة العصر وفي الركعة الثانية ركع الإمام من دون أن يقول الله أكبر جهراً ليعلم المأمومين بركوعه وقال له أحد المأمومين خلفه سبحان الله ليذكره ولكن لم ينتبه وقام من الركوع قائلاً سمع الله لمن حمده والمأمومين لم يسجد منهم أحد فقام المأمومون بالركوع بعد قيام الإمام منه وبعضهم قال أثناء انتقاله في الركوع الله أكبر جهراً لكي يعمل باقي المأمومين مثله ويركعوا وعلم الإمام فانتظر حتى ركع المأمومون ولكن من المأمومين من أتم ركوعه ثم قام قبل أن يكبر الإمام للسجود ومنهم من ظل راكعاً حتى كبر الإمام للسجود وفي نهاية الصلاة وقبل التسليم سجد الإمام سجدتين للسهو فهل كل ماسبق صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله الإمام بعد علمه بسهوه صحيح، وكذا من ركع ثم رفع. وأما من تأخر حتى كبر الإمام للسجود فرفع فلا يخلو أمره من حالين الأول: أن يعلم بأن الإمام قد رفع من الركوع فهو مخطئ، والثاني: أن لا يعلم فلا حرج عليه وصلاة الجميع صحيحة.
وأما سجود السهو لمن ترك الجهر بتكبير الانتقال فمحل خلاف بين أهل العلم، فللحنابلة روايتان قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن الجهر والإخفات ـ في موضعهما ـ من سنن الصلاة، لا تبطل الصلاة بتركه عمدا، وإن تركه سهوا فهل يشرع له السجود من أجله؟ فيه عن أحمد روايتان:
إحداهما: لا يشرع، قال الحسن، وعطاء، وسالم، ومجاهد، والقاسم، والشعبي، والحاكم: لا سهو عليه.
والثانية يشرع.. فإذا قلنا بهذا كان السجود مستحبا غير واجب نص عليه أحمد، قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل سها، فجهر فيما يخافت فيه، فهل عليه سجدتا السهو؟ قال: أما عليه فلا أقول عليه. ولكن إن شاء سجد. اهـ
وأما الشافعية فلا يسجد لذلك عندهم مطلقا.
وأما المالكية فلا يرون السجود إلا إذا ترك التلفظ بتكبيرتين فأكثر قال النفراوي في الفواكة الدواني: ومن سها عن تكبيرة من غير تكبيرة العيد وغير تكبيرة الإحرام، أو عن لفظ سمع الله لمن حمده أو سها عن القنوت فلا سجود عليه وإن سجد لشيء من ذلك عمدا قبل سلامه بطلت صلاته، أما لو كانت تكبيرة العيد أو تكبيرتين من غير العيد أو تسميعتين لسجد، وإن صحت الصلاة بعدم السجود.
وقد فصلنا حكم سجود السهو لمن أسر في موضع الجهر أو جهر في موضع السر في الفتوى رقم: 22470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(11/7625)
موقف المأمومين إذا قام الإمام في العصر للخامسة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام الإمام إلى الركعة الخامسة في صلاة العصر لأنه نسي قراءة الفاتحة في إحدى الركعات, فقالوا له سبحان الله فأشار بيده وقال قوموا وهم متيقنون أنهم صلوا أربع ركعات ولم يعرفوا ما حصل للإمام فماذا عليهم أن يفعلوا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المأمومين في هذه الحالة أن يسبحوا للإمام كما فعلوا ولا يتبعوه في الزيادة المتيقنة بالنسبة لهم، ولو أشار إليهم أو كلمهم لأنهم على يقين منها، فمن اتبعه عمداً عالماً بتحريم متابعته في الزيادة بطلت صلاته، فإن لم يرجع انتظروه حتى يرجع، فإن رجع إليهم انتظروه حتى يسلم فيسلموا معه لأن صلاتهم تامة ويسجدوا معه سجود السهو قال النووي في المجموع: فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين لزم المأموم متابعته حملا له على أنه سها، بخلاف ما لو قام إلى ركعة خامسة فإنه لا يتابعه حملا له على أنه ترك ركنا من ركعة، لأنه لو تحقق الحال هناك لم تجز متابعته، لأن المأموم أتم صلاته يقيناً. انتهى
وفي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي: وسئل فسح الله في مدته عما إذا قام إمامه لخامسة هل الأولى انتظاره أو فراقه، وفيما إذا كان مسبوقاً هل هو كغيره أو لا حتى تجوز مفارقته؟
فأجاب بقوله: الأولى انتظاره وسواء المسبوق وغيره، وعبارة شرحي للعباب: لو قام الإمام لزيادة كخامسة سهواً لم يجز له متابعته وإن كان شاكاً في فعل ركعة أو مسبوقاً علم ذلك أو ظنه، فإن تابعه بطلت صلاته إن علم وتعمد. انتهى
هذا ما على المأمومين أن يفعلوه إذا قام الإمام إلى خامسة وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتوى رقم: 60356، والفتوى رقم: 64875، وأما هذه الصلاة التي تكلم الإمام في صلبها، بقوله قوموا قبل أن يشير أو يسبح إن لم يكن ناسياً فإنه بكلامه هذا تبطل صلاته لأنه فعل فعلا ظاهراً تبطل به الصلاة، وتبطل به صلاة المأمومين إذا لم ينووا مفارقته، وانظر الفتوى رقم: 45353، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع بعد أن ذكر الإجماع على بطلان الصلاة بالكلام عمداً (والثاني) : أن يتكلم لمصلحة الصلاة بأن يقوم الإمام إلى خامسة فيقول: قد صليت أربعاً أو نحو ذلك فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء أنه تبطل الصلاة، وقال الأوزاعي لا تبطل، وهي رواية عن مالك وأحمد لحديث ذي اليدين، ودليل الجمهور عموم الأحاديث الصحيحة في النهي عن الكلام، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال وليصفق النساء. ولو كان الكلام مباحاً لمصلحتها لكان أسهل وأبين، وحديث ذي اليدين جوابه ما سنذكره إن شاء الله تعالى (الثالث) : أن يتكلم ناسياً ولا يطول كلامه فمذهبنا أنه لا تبطل صلاته، وبه قال جمهور العلماء. انتهى
ويرى بعض أهل العلم أن الصلاة لا تبطل بالكلام جهلاً، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح الممتع: وكذلك لو تكلم في صلب الصلاة ناسياً أو جاهلاً لا تبطل على القول الراجح ودليله قوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب: 5} انتهى بتصرف قليل، وذكر الشيخ مع هذه الآية حديث معاوية بن الحكم وقد أشرنا إلى هذا المعنى في الفتوى رقم: 9865، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 43655، والفتوى رقم: 49596.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(11/7626)
سهو الإمام يعتبر سهوا للمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[1. جلس الإمام بعد الركعة الأولى في الصلاة الرباعية ثم تذكر قبل التسبيح له ثم سجد للسهو قبل السلام ما حكم ذلك؟ وهل يعتبر ذلك سهوا؟
2.وإذا أحد المصلين لم يسه مع الإمام في نفس الصلاة السابقة وسجد مع الإمام سجود السهو ما الحكم؟
3. وآخر لم يسه مع الإمام ولم يسجد معه السهو بحجة أنه لم يسه ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام المذكورقد ترتب عليه سجود سهو لإتيانه بجلوس في غير محله نسيانا، وهذا من أسباب ترتب سجود السهو. قال ابن قدامة في المغني:
والزيادات على ضربين; زيادة أفعال, وزيادة أقوال: فزيادات الأفعال قسمان: أحدهما , زيادة من جنس الصلاة, مثل أن يقوم في موضع جلوس, أو يجلس في موضع قيام, أو يزيد ركعة أو ركنا, فهذا تبطل الصلاة بعمده, ويسجد لسهوه, قليلا كان أو كثيرا; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. رواه مسلم انتهى.
والمأموم في هذه الحالة مطالب باتباع إمامه في سجود السهو، ففي دقائق أولي النهى ممزوجا بمنتهى الإرادات وهو حنبلي:
(وليس على مأموم) سها دون إمامه (سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه) ولو لم يسه, أو يسجد بعد سلامه؛ لحديث ابن عمر مرفوعا: ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه. رواه الدارقطني. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سجد لترك التشهد الأول والسلام من نقصان سجد الناس معه. ولعموم: (وإذا سجد فاسجدوا) فيسجد مأموم متابعة لإمامه (ولو لم يتم) المأموم (ما عليه) من (واجب) تشهد، ثم (يتمه) بعد سلام إمامه؛ لحديث: وإذا سجد فاسجدوا. ولا يعيد السجود لأنه لم ينفرد عن إمامه.انتهى
وفي الفواكه الدواني ممزوجا برسالة ابن أبي زيد القيرواني وهو مالكي:
(وإذا سها الإمام) عن شيء يوجب السهو عنه السجود (وسجد لسهوه فليتبعه) في السجود وجوبا (من لم يسه معه ممن خلفه) وأولى من حضر معه السهو وإن أتى به ; لأن القاعدة أن كل ما يحمله الإمام عن المأموم يكون سهو الإمام سهوا للمأموم , وإن فعله أو لم يحضر موجبه , انتهى
ومن لم يتبع الإمام في هذا السجود عامدا عالما بتحريم عدم المتابعة بطلت صلاته، ففي الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي وهو شافعي:
(وسئل) - نفع الله به وأعاد علينا من بركته - هل تجب متابعة الإمام في سجود السهو فورا؟ (فأجاب) بقوله: نعم يجب ذلك; فإذا فرغ الإمام من السجدتين ولم يسجد المأموم بطلت صلاته إن كان عامدا عالما بالتحريم. انتهى.
هذا الحكم في حالة ما إذا كان المأموم غير مسبوق، أما إذا كان مسبوقا فقد تقدم تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 12121، والفتوى رقم: 12204.
وبالنسبة لموضع سجود السهو هل يكون محله قبل السلام أم بعده راجع الفتوى رقم: 17887.
وبناء عليه فسجود الإمام هنا قبل السلام هو مذهب بعض أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(11/7627)