هل يجوز الاقتداء بمن يمد كلمة (عليهم) من سورة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يصلي في المسجد فاعترضه أحد المأمومين بأنه يمد كلمة (عليهم) من سورة الفاتحة وأن ذلك لحناً جلياً يبطل الصلاة فهل هذا من اللحن، وما الفرق بين اللحن الجلي والخفي، وهل هناك صور لها تبطل الصلاة، وهل اعتراض ذلك المأموم في مكانه؟ وشكر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللحن الذي تبطل به الصلاة هو اللحن في سورة الفاتحة لحنا جلياً يحيل المعنى، كما ذكرنا ذلك في عدة فتاوى ومنها الفتوى رقم: 78648، والفتوى رقم: 23898.
وإن كان لحناً جلياً لا يحيل المعنى لم تبطل الصلاة به كضم الهاء في قوله (الحمد لله) فهذا لحن جلي لكنه لا يحيل المعنى ولا تبطل به الصلاة، ولا شك أن مد حرف من حروف كلمة (عليهم) يعتبر لحناً جلياً، فإذا قرأ الكلمة (علايهم) بإشباع فتحة اللام حتى صارت ألفاً، أو قرأها (عليهيم) بإشباع كسرة الهاء حتى صارت ياء فهذا لحن جلي يبطل معنى الكلمة فلا يصح الاقتداء بهذا الإمام، ولكن ننصحكم بالرجوع إلى أحد العلماء ليتمكن من الاستماع لقراءة الإمام المشار إليه والحكم بناء على ذلك هل لحنه يحيل المعنى أو يبطل معنى الآية أم خفيفاً لا يحيل المعنى ولا يبطل معنى الآية، والفرق بين الجلي والخفي هو أن اللحن الجلي يكون بترك الإعراب وإبدال الحروف وإحداث حروف زائدة، وأما اللحن الخفي فهو ترك التجويد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(11/6287)
المواظبة على مواصلة الختمة في الفجر في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجد يختم القرآن في صلاة الفجر كل يوم ربع حزب وكلما ختم أعاد ذلك معتمدا في ذلك تثبيت حفظه فأخبر خطيب الجمعة لهذا المسجد بأنها بدعة ولا يجوز فعل ذلك، مع العلم بأنه كلما ختم قام بالدعاء إثر ذلك وقام بتفريق المشروبات والحلويات فأفتوني؟ يرحمكم الله وتقبل أعمالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أنه يشرع للمصلي أن يقرأ في صلاته بعد فاتحة الكتاب ما تيسر له، عملاً بحديث أحمد وابن حبان: إذا استقبلت القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت. صححه الأرناؤوط. ولا شك أن الهدي الأكمل والأقرب للسنة هو قراءة سورة كاملة بعد قراءة الفاتحة، ففي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: كان يقرأ بأم الكتاب وسورة معها في الأوليين من صلاة الظهر وصلاة العصر.
قال ابن قدامة في المغني: وقد اشتهرت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسورة مع الفاتحة في صلاة الجهر ونقل نقلاً متواتراً وأمر به معاذاً فقال: اقرأ بالشمس وضحاها، وبسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى. متفق عليه. انتهى. وذكر ابن القيم في زاد المعاد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه لا يعين سورة في الصلاة بعينها لا يقرأ إلا بها، إلا في الجمعة والعيدين.. قال: وأما في سائر الصلوات فقد ذكر أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة، وكان من هديه قراءة السورة كاملة وربما قرأها في الركعتين وربما قرأ أول السورة، وأما قراءة أواخر السور وأوساطها فلم يحفظ عنه. انتهى.
وقد اختلف الفقهاء في القراءة التي يحصل بها أصل السنة، فذهب المالكية إلى حصول السنة بقراءة ما زاد على الفاتحة ولو آية، سواء كانت طويلة أو قصيرة، وتحصل كذلك عندهم بقراءة بعض آية على أن يكون لها معنى تام، وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى حصول السنة بقراءة آية واحدة، واستحب الإمام أحمد أن تكون طويلة كآية الدين لتعدل قراءة سورة، ولعل ما ذهب إليه المالكية أولى لعموم قوله تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ {المزمل:20} ، إذ إنه يشمل قراءة آية كاملة أو جزء منها مما يفيد معنى كاملاً، علماً بأن قراءة ما زاد على الفاتحة لا يجب وإنما هو سنة، وبهذا يعلم اتفاقهم على جواز القراءة من أوساط وأواخر السور إلا ما نقل عن أحمد من كراهة المواظبة عليه، ويدل للجواز ما روى ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) ، الآية التي في البقرة وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) . رواه مسلم وما ثبت في النفل يجوز في الفرض إلا إذا ثبت مخصص للفرض.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا تكره قراءة أواخر السور وأوساطها في إحدى الروايتين. نقلها عن أحمد جماعة لأن أبا سعيد قال: أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر. وعن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرج فناد في المدينة أنه لا صلاة إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب. أخرجهما أبو داود. وهذا يدل على أنه لا يتعين الزيادة، وروي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ في الآخرة من صلاة الصبح آخر آل عمران وآخر الفرقان. رواه الخلال بإسناده. وعن إبراهيم النخعي قال: كان أصحابنا يقرأون في الفريضة من السورة بعضها ثم يركع ثم يقوم فيقرأ في سورة أخرى، وقول أبي برزة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح من الستين إلى المائة دليل على أنه لم يكن يقتصر على قراءة سورة، والرواية الثانية: يكره ذلك نقل المروذي عن أحمد أنه كان يكره أن يقرأ في صلاة الفرض بآخر سورة، وقال: سورة أعجب إلي. فقال المروذي: كان لأبي عبد الله قرابة يصلي به فكان يقرأ في الثانية من الفجر بآخر السورة، فلما أكثر قال أبو عبد الله: تقدم أنت فصل، فقلت له: هذا يصلي بك منذ كم، قال: دعنا منه يجيء بآخر السور وكرهه، ولعل أحمد إنما أحب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما نقل عنه وكره المداومة على خلاف ذلكن والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة السورة أو بعض سورة من أولها فأعجبه موافقة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعجبه مخالفته. ونقل عنه في الرجل يقرأ من أوسط السور وآخرها، فقال: أما آخر السور فأرجو، وأما أوسطها فلا. ولعله ذهب في آخر السورة إلى ما روي فيه عن عبد الله وأصحابه ولم ينقل مثل ذلك في أوسطها، وقد نقل عنه الأثرم، قال: قلت لأبي عبد الله: الرجل يقرأ آخر السورة في الركعة فقال: أليس قد روي في هذا رخصة عن عبد الرحمن بن زيد وغيره، وأما قراءة بعض السورة من أولها فلا خلاف في أنه غير مكروه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة المؤمنين إلى ذكر موسى وهارون ثم أخذته سعلة فركع، وقرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب فرقها في ركعتين. رواه النسائي. انتهى.
فإذا ثبت هذا فالأولى عدم المواظبة على مواصلة الختمة في الفجر لأنه ليس ثابتاً من هدي السلف، ولكنه لا ينبغي التبديع به؛ لما روي عن السلف مما يفيد جواز قراءة القرآن على التوالي في الفريضة إن رضي أهل المسجد، وروي عنهم ما يفيد كرهه، وقد جزم البهوتي بعدم كراهته فقال في كشاف القناع: ولا تكره قراءة القرآن كله في الفرائض على ترتيبه، قال حرب: قلت لأحمد: الرجل يقرأ على التأليف في الصلاة: اليوم سورة وغداً التي تليها، قال: ليس في هذا شيء، إلا أنه روي عن عثمان أنه فعل ذلك في المفصل وحده ... انتهى.
وقال ابن القيم في بدائع الفوائد: اختلف قوله في قراءة القرآن في الفرائض على التأليف على سبيل الدرس، فروى عنه ابنه عبد الله أنه قال: سألت أبي عن الرجل يقرأ القرآن كله في الصلاة الفريضة، قال: لا أعلم أحداً فعل هذا، وقد روي عن عثمان أنه كان يقرأ بعض القرآن سوراً على التأليف، وروى عنه حرب في الرجل يقرأ على التأليف في الصلاة اليوم سورة الرعد وغداً التي تليها ونحو ذلك، قال: ليس في هذا شيء إلا أنه يروي عن عثمان أنه فعل ذلك في المفصل وحدها. وروى عنه مهنا أنه رخص أن يقرأ في الفرائض حيث ينتهي، سالم بن قتيبة عن سهل بن أبي حذيفة عن ثابت بن أنس قال: كانوا يقرؤون في الفريضة من أول القرآن إلى آخره. وروى المروزي أن أحمد سئل عن حديث أنس هذا، فقال: هذا حديث منكر. روى حنبل عنه إذا كان المسجد على قارعة الطريق أو طريق يسلك، فالتخفيف أعجب إلي، وإن كان مسجداً معتزلاً أهله فيه ويرضون بذلك، فلا أرى به بأساً وأرجو إن شاء الله ... انتهى.
هذا وليعلم أنه كان من هدي السلف الختم في صلاة النفل، قال صاحب تحفة الأحوذي: وروى الطحاوي بإسناده عن ابن سيرين قال: كان تميم الداري يحيي الليل كله بالقرآن كله في ركعة. عن عبد الله بن الزبير أنه قرأ القرآن في ركعة، وعن سعيد بن جبير أنه قرأ القرآن في ركعة في البيت ... وكان منصور بن زاذان خفيف القراءة وكان يقرأ القرآن كله في صلاة الضحى ... انتهى.
وأما الدعاء بعد الختم فهو من هدي السلف ولا بأس أن يدعو في الصلاة، قال النووي في المجموع: يستجاب الدعاء عند الختم وتنزل الرحمة، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا أراد الختم جمع أهله وختم ودعا، واستحبوا الدعاء بعد الختم استحباباً متأكداً وجاء فيه آثار كثيرة، ويلح في الدعاء ويدعو بالمهمات ويكثر من ذلك في صلاح المسلمين وصلاح ولاة أمورهم ويختار الدعوات الجامعة. انتهى.
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: ويستحب أن يجمع أهله عند ختم القرآن وغيرهم لحضور الدعاء، وكان أنس إذا ختم القرآن جمع أهله وولده، وروي ذلك عن ابن مسعود وغيره ... انتهى.
وقال ابن القيم في جلاء الأفهام: وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على الدعاء عقب الختمة، فقال في رواية ابن الحارث: كان أنس إذا ختم القرآن جمع أهله وولده. وقال في رواية يوسف بن موسى، وقد سئل عن الرجل يختم القرآن فيجتمع إله قوم فيدعون؟ قال: نعم، رأيت معمراً يفعله إذا ختم. وقال في رواية حرب: استحب إذا ختم الرجل القرآن أن يجمع أهله. وروى ابن أبي داود في فضائل القرآن عن الحكم، قال: أرسل إلي مجاهد وعبدة بن أبي لبابة: أرسلنا إليك، إنا نريد أن نختم القرآن وكان يقال: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن ثم دعوا بدعوات.
وروى أيضاً في كتابه عن ابن مسعود أنه قال: من ختم القرآن فله دعوة مستجابة، وعن مجاهد قال: تنزل الرحمة عند ختم القرآن، وروى أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن عن قتادة قال: كان بالمدينة رجل يقرأ القرآن من أوله إلى آخره عند أصحاب له، فكان ابن عباس رضي الله عنهما يضع عليه الرقباء، فإذا كان عند الختم جاء ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فشهده.
ونص أحمد رحمه الله تعالى على استحباب ذلك في صلاة التراويح، قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءتك: قل أعوذ برب الناس فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع، قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه. وكان سفيان بن عيينة يفعله بمكة.. قال عباس بن عبد العظيم: وكذلك أدركت الناس بالبصرة وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا أشياء، وذكر عن عثمان بن عفان ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(11/6288)
حكم الصلاة بالقراءات السبع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بالقراءات السبع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القراءات السبع هي القراءات المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللمسلم أن يقرأ بأيها شاء في الصلاة وفي غير الصلاة، وإذا كان القصد الجمع بينهما في القراءة فإنه غير مطلوب، وقد اختلف في جوازه وكراهته. وعلى هذا فإن الأولى للمصلي أن يتم قراءته على قراءة واحدة لئلا يقع في الكراهة، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 102656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/6289)
صلاة العاجز عن النطق الصحيح لأحد حروف الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أقرأ الفاتحة ولم يخرج صوت أحد الحروف ولكن فمي نطق هذا الحرف بشكل صحيح مثلا في كلمة "مستقيم" نطقت حرف السين بشكل صحيح لكن صوته لم يخرج يعني لم أسمعه فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تصح صلاة من يسقط حرفا من الفاتحة إلا إذا كان عاجزا عن الإتيان به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لا تصح إلا بقراءة الفاتحة كاملة بجميع حروفها وشداتها.. فلو سقط منها حرف أو خفف مشدد.. مع القدرة على الإتيان به لبطلت الصلاة.
وأما من كان عاجزا عن النطق بالحرف أو عن بيانه على الوجه المطلوب فصلاته صحيحة في نفسه ولا تصح الصلاة خلفه إلا لمثله، هذا ما نص عليه أهل العلم وسبق بيانه بتفصيل أكثر في الفتويين: 94366، 102842.
وعلى ذلك فإن عليك أن تحاولي تصحيح الفاتحة وإخراج كل من مخرجه بصفته.. بما في ذلك السين وغيرها، وإذا عجزت عن الإتيان بها فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة؛ فالله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/6290)
الحد المستحب قراءته للإمام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة أو المعروف أن الإمام يجب أن يقرأ في صلاة المغرب والعشاء سورا عدد آياتها قليل مثل سورة الضحى وما يوازيها من آيات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجب على الإمام ولا غيره قراءة سورة معينة ولا عدد معين من الآيات في الصلاة، سواء في ذلك صلاة المغرب والعشاء وغيرهما، ويستحب قراءة سورة بعد الفاتحة، وتحصل السنة بقراءة ما زاد على الفاتحة، لكن يستحب التطويل في بعض الصلوات أكثر من غيرها، فيستحب أن يقرأ في العشاء بنحو سورة الشمس والليل وفي المغرب بنحو الشرح والتكاثر ونحوهما من قصار السور، وهذا كله مستحب وليس واجباً، مع أن التخفيف على المأمومين مطلوب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أما المنفرد فله أن يطول ما شاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الإمام ولا غيره قراءة سورة معينة ولا عدد معين من الآيات في الصلاة سواء في ذلك صلاة المغرب والعشاء وغيرهما، ويستحب قراءة سورة بعد الفاتحة وتحصل السنة بقراءة ما زاد على الفاتحة، لكن يستحب التطويل في بعض الصلوات أكثر من غيرها، فقد صح عن رسول الله صلى الله عيله وسلم أنه كان يطيل القراءة في الصبح أكثر من غيرها، يلي ذلك الظهر، ومن هنا أخذ الفقهاء استحباب تطويل القراءة في الصبح أكثر من غيرها تليها الظهر ثم العشاء والعصر ثم المغرب، قالوا: ويستحب أن يقرأ في الصلاة بالمفصل وهي السور التي تكثر فيها الفواصل، وهي من الحجرات إلى الناس، وفيه طوال وأوساط وقصار، فطواله من الحجرات لعبس، ويقرأ بها في الصبح والظهر، وأوساطه من سورة عبس لسورة الضحى، ويقرأ بها في العصر والعشاء، ويقرأ في المغرب بالقصار وهي من الضحى للناس، وهذا كله مستحب وليس واجباً، مع أن التخفيف على المأمومين مطلوب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أما المنفرد فله أن يطيل ما شاء.
ففي المجموع للنووي ما نصه: يستحب أن يقرأ الإمام والمنفرد بعد الفاتحة شيئاً من القرآن في الصبح وفي الأوليين من سائر الصلوات، ويحصل أصل الاستحباب بقراءة شيء من القرآن، ولكن سورة كاملة أفضل، حتى أن سورة قصيرة أفضل من قدرها من طويلة، لأنه إذا قرأ بعض سورة فقد يقف في غير موضع الوقف، وهو انقطاع الكلام المرتبط، وقد يخفى ذلك. قالوا: ويستحب أن يقرأ في الصبح بطوال المفصل (كالحجرات) (والواقعة) وفي الظهر بقريب من ذلك، وفي العصر والعشاء بأوساطه، وفي المغرب بقصاره، فإن خالف وقرأ بأطول أو أقصر من ذلك جاز. ودليله الأحاديث السابقة. انتهى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 13447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/6291)
قراءة البسملة في الصلاة وهل هي آية مستقلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة البسملة في الصلاة الجهرية وهل هي من القرآن الكريم وآية من الفاتحة، وإن كانت كذلك فما الحكمه في عدم قراءتها جهرا في الصلاة الجهرية لدى بعض المذاهب رغم وجودها آية أساسية في الفاتحة، وما معنى الحديث الشريف أن أي شيء لم يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء في كون البسملة بعضا من آية في سورة النمل ولا خلاف بينهم في كتابتها في أوائل السور جميعا عدا سورة التوبة، وفيما عدا ذلك خلاف، فعند بعضهم هي آية من كل سورة عدا سورة التوبة وهذا مذهب الشافعي، واستدل بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين فأقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم. ولأن الصحابة أثبتوها في المصاحف ولم يثبتوا بين الدفتين سوى القرآن، واختار هذا القول النووي في المجموع.
وذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنها ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها ولا يجب قراءتها في الصلاة واختاره ابن قدامه الحنبلي في المغني.
وذهب بعض العلماء إلى أنها آية من الفاتحة وليست بآية في بقية السور، وذهب البعض إلى أنها ليست بقرآن وهذا أضعف الأقوال.. بل إن من أهل العلم من قال بكفر من يقول بذلك.
قال ابن العربي: من قال إنها ليست بآية في أوائل السور لم يكفر لأنه موضع خلاف، ومن قال إنها ليست من القرآن كفر لوجودها في آية النمل.
وبناء على ما سبق فإنه ينبغي قراءة البسملة في كل صلاة جهرية كانت أو سرية ... وذلك مراعاة للقول بالوجوب الذي هو مذهب الشافعي ومن وافقه كابن المبارك.
ومن ترك قراءتها عملا بمذهب الجمهور فصلاته صحيحة، والمسألة من مواطن الخلاف السائغ..التي لا ينكر فيها على المخالف.
ثم إننا ننبه السائل إلى أمر مهم وهو أنه لا تلازم بين كونها آية من الفاتحة وبين مسألة الجهر بها أو الإسرار في الصلاة الجهرية.
والصحيح من قول أهل العلم أن كليهما مشروع وبكل ورد الخبر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلا الأمرين فعله صحابته الكرام.. لكن الأكثر من حاله صلى الله عليه وسلم وصحابته هو الإسرار بها.
وأما الحديث المسؤول عنه فقد ضعفه غير واحد من أهل العلم وحسنه بعضهم، ومعناه أن كل أمر ذي أمر أهمية ينبغي أن يبدأ بالتسمية أو بالحمدلة كما في بعض روايات الحديث، فإن لم يفعل كان ذلك الأمر أبتر، يعني ناقص البركة.
وإن كان القصد من ذكرك للحديث هو الاستدلال به على مشروعية قراءة البسملة في الصلاة لكيلا تكون ناقصة فنقول إنه لا دليل فيه على ذلك لعدم صلا حيته للاحتجاج به في هذه المسألة.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24847، 58128، 1949، 76933.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(11/6292)
حكم التأمين بعد قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول التأمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، ما حكمه بالنسبة للمأموم والمنفرد؟
وهل أؤمن على قراءة الإمام ثم أؤمن على قراءتي للفاتحة إذا كنت مأموما مع العلم بأني آخذ بالرأي الذي ينص على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
وهل أؤمن أيضا على الركعتين الأخيرتين إذا كنت مأموما أو منفردا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التأمين بعد قراءة الفاتحة مستحب سواء للإمام أو المأموم أو المنفرد على الصحيح من أقوال أهل العلم وليس مختصا بالمأموم والمنفرد لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمن في صلاته ويرفع بها صوته..رواه الترمذي وغيره. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتأمين عند تأمين الإمام.
وقد روى الإمامان البخاري ومسلم في فضل ذلك أحاديث.
والمشروع لك أن تؤمن على قراءة الإمام، ثم تؤمن مرة أخرى بعد قراءتك الفاتحة، وأن تؤمن أيضا في الركعتين الأخيرتين مأموما كنت أو منفردا
قال الإمام النووي في المجموع: قال أصحابنا ويسن التأمين لكل من فرغ من الفاتحة سواء كان في الصلاة أو خارجها.
قال الواحدي: لكنه في الصلاة أشد استحبابا.
ويمكن لمزيد من الفائدة مراجعة الفتاوى التالية:
12241، 12455، 59725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(11/6293)
حكم الجمع بين أكثر من قراءة في ركعة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة القرآن الكريم في الصلاة الجهرية للإمام بأكثر من قراءة من القراءات وذلك في الركعة الواحدة في الصلاة الواحدة؟
أرجو بيان ذلك باستفاضة لأن هذه الحادثة حدثت معي وقد اعترضت على ذلك وقلت لا يجوز؟ وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أنه يحرم على المسلم أن يقول: لا يجوز لما لا يعلم تحريمه في الكتاب أو السنة، فإذا كنت لا تعلم حكم المسألة التي تسأل عنها فلماذا تفتي بأنه لا يجوز كما ذكرت في السؤال؟!!، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً. {الإسراء:36} .
وقد تعددت أقوال الفقهاء في حكم الجمع بين أكثر من قراءة في الصلاة ولو في ركعة واحدة بين مجيز، وبين من رأى كراهة ذلك. قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: قال النووي في المجموع: إذا قرأ بقراءة من السبع استحب أن يتم القراءة بها، فلو قرأ بعض الآيات بها وبعضها بغيرها من السبع جاز بشرط أن لا يكون ما قرأه بالثانية مرتبطا بالأولى.اهـ. والمعنى إذا ابتدأ بقراءة أحد القراء فينبغي أن يستمر على القراءة بها، ما دام الكلام مرتبطا، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة أحد من السبعة، والأولى دوامه على الأولى.
وقال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: ... فليس يلزم أحدا أن يقرأ بقراءة شخص واحد كنافع مثلا أو عاصم؛ بل يجوز له أن يقرأ الفاتحة فيتلو حروفها على ثلاث قراءات مختلفات لأن الكل قرآن ... اهـ، وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن جمع القراءات السبع: هل هو سنة أم بدعة؟ ....فكان مما أجاب به: ... وأما جمعها في الصلاة أو في التلاوة فهو بدعة مكروهة ... اهـ مختصرا، ولا شك أن الأولى للإمام أن يتم التلاوة على قراءة واحدة لما في ذلك من البعد عن الفتنة والتخاصم بين المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(11/6294)
حكم قراءة القرآن في الصلاة عن ظهر قلب لأجل تثبيت الحفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا جزاكم الله خيراً ... هل الاستعانة بصلاة الليل على حفظ وتذكر آيات القرآن الكريم جائزة خصوصاً أنه قد يصاحب القراء في الصلاة بعض الأخطاء نتيجة لعدم إتقان الحفظ مائة في المائة.. فهل يأخذ القارئ إثما إذا قرأ القرآن للاستعانة بذلك على حفظ سورة ثم أخطأ وهو يصلي في القراءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قراءة القرآن عن ظهر قلب لأجل تثبيت الحفظ ولو مع احتمال الخطأ في بعض الأحيان، لأن القارئ لا يسلم من ذلك عادة، وسواء كان ذلك في الصلاة أم لا، بل إن القراءة في الصلاة لها أجر زائد، وراجع الفتوى رقم: 30550، والفتوى رقم: 37135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(11/6295)
المأموم إذا لم يدرك قراءة الفاتحة وأدرك الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أقنع صديقتي بقولها لماذا نقرأ الفاتحة مع الإمام لأنه هو الذي يؤم بالمصلين وإذاً يجب أن نقرأها لماذا تحسب لنا ركعة إذا أدركناها مع الإمام بالرغم من عدم قراءتها في البداية، كيف أفهمها إنها أوامر من عند الله وصلى الله عليه وسلم سنة الرسول؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فقراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام محل خلاف بين أهل العلم، والراجح وجوب القراءة؛ لكن ليس من أخذ بأحد القولين أن ينكر على الآخر، ولا بأس ببيان حجة القول الذي أخذ به، لكن المأموم إذا لم يدرك قراءة الفاتحة وأدرك الركوع فإنه يعتد بتلك الركعة عند جمهور العلماء ومنهم الشافعية الذين يرون وجوب الفاتحة على كل حال، والاعتداد بالركعة هنا أمر توقيفي وارد عن الشارع فيخصص بذلك الحكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة المأموم سورة الفاتحة خلف الإمام محل خلاف بين أهل العلم، والراجح وجوب القراءة، على كل حال قد بينا أدلة ذلك في فتاوى سابقة فراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2281، والفتوى رقم: 27338.
ولإزالة الإشكال الذي أوردته في موضوع الاعتداد بالركعة إذا لم يدرك المأموم قراءة الفاتحة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 97493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(11/6296)
حكم الاستعاذة والبسملة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على المجهودات الجبارة التي تقومون بها للإجابة على أسئلة إخوانكم المسلمين الحائرين..
سمعت في إحدى الفضائيات أنه لا يجوز قول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبسم الله الرحمن الرحيم" قبل قراءة السور في الصلاة ألا نكون بذلك قد أنقصنا آية من آيات الفاتحة، والصلاة إذا ناقصة، فأفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة مستحبة عند الجمهور، أما البسملة أول الفاتحة فمحل خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من يرى أنها آية من الفاتحة ولا بد من الإتيان بها ومن لم يأت بها لم تصح صلاته، ومنهم من يرى أنها ليست آية منها وأن قراءتها غير مستحبة ومن لم يأت بها صحت صلاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا هو أن السائلة تسأل عن حكم الاستعاذة والبسملة في الصلاة ... والجواب إن الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة مستحبة عند الجمهور خلافاً للمالكية القائلين بعدم استحبابها هنا وخلافا للقول بوجوبها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 55599.
ثم إن الإتيان بالبسملة مع الفاتحة في الصلاة مما اختلف فيه الفقهاء قديماً، ففي المذهب المالكي لا يشرع الإتيان بها في الصلاة إلا لأجل الخروج من الخلاف، والمالكية ومن وافقهم لا يعتبرونها آية من الفاتحة، ويرى الشافعية ومن وافقهم أنها آية من الفاتحة ولا بد من الإتيان بها فيها، وقد سبق أن ذكرنا خلاف أهل العلم في هذه المسألة بالتفصيل في الفتوى رقم: 36312، وأوضحنا أن مسألة البسملة في الفاتحة وما يترتب على تركها من المسائل الخلافية التي بحث فيها العلماء قديماً ولم يصلوا فيها إلى ما يقطع النزاع ويرفع الخلاف، وعليه فمن قلد من لم ير أنها آية من الفاتحة فلا شيء عليه في تركها لا في الفاتحة ولا في السورة بالأولى، ومن قلد من يرى أنها آية من الفاتحة لزمه الإتيان بها، وراجعي الفتوى رقم: 40164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1428(11/6297)
الزيادة في المد العارض للسكون عند قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن الإمام لو قرأ بلحن يغير المعنى في الفاتحة تبطل الصلاة، لكن أحياناً كثيرة يطيل نهاية بعض الآيات في الفاتحة مثل مالك يوم الدين يطيل قراءة الياء الموجودة في الدين ثم يكمل ويقف عند المستقيم يطيل الياء بمعنى يقرأ بعض الآيات ويمد الحرف يلتقط نفسه أثناء المد ويكمل، المقصود أن الإمام يقرأ الفاتحة بدون توقف ويلتقط نفسه أثناء المد، فهل المد الطويل يفسد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المد عند نهاية الآية يعقبه وقف على النون من قوله تعالى مالك يوم الدين، وما شابهها من أواخر الآيات، كما هو الظاهر من قول السائل: ويقف، فإن هذا موضع مد وهو ما يسمى بالمد العارض لأجل السكون، وأطول مد له يقدر بمقدار ست حركات، وما زاد على ذلك يعتبر تمطيطاً وهو مكروه، لكن لا تبطل به الصلاة كما ذكر أهل العلم وإليك التفصيل.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: والمستحب أن يأتي بها -القراءة- مرتلة معربة يقف فيها عند كل آية ويمكن حروف المد واللين ما لم يخرجه ذلك إلى التمطيط لقول الله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. وروي عن أم سلمة أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: كان يقطع قراءته آية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. رواه الإمام أحمد في مسنده، وعن أنس قال: كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم. أخرجه البخاري. فإن انتهى ذلك إلى التمطيط والتلحين كان مكروهاً لأنه ربما جعل الحركات حروفاً، قال أحمد: يعجبني من قراءة القرآن السهلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(11/6298)
حكم إعادة الفاتحة للشك في نسيان آية منها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا شك الإمام أثناء قراءة الفاتحة أنه نسي آية فقرأ الاستعاذة ثم أعاد قراءة الفاتحة مرة أخرى كاملة، فهل تبطل الصلاة لأنه ترك ركنا ورجع لسنة مثلا نسي التشهد الأول وبدأ في قراءة فاتحة الركعة الثالثة لو تذكر ورجع للتشهد الأول تبطل الصلاة لأنه رجع لسنة وترك الركن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما فعل الإمام المذكور من تكرار قراءة الفاتحة لا يبطل الصلاة بل إنه تدارك وتصحيح لخطأ محتمل لا بد من تصحيحه هنا لئلا تبطل الصلاة.
وإليك التفصيل: فإن الفاتحة ركن من أركان الصلاة ولا بد من الإتيان بها كاملة، ومن شك في ترك بعضها أثناء القراءة استأنف من جديد، ففي حاشية ابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج في الفقه الشافعي ما مفاده أن من شك أثناء قراءة الفاتحة هل ترك آية منها أو أكثر أنه يستأنف قراءتها من جديد، ونصه: أو شك في ذلك قبل تمامها أو هل قرأها أو لا استأنف لأن الأصل عدم قراءتها. انتهى.
بل إن تعمد تكرار الفاتحة لا يبطل الصلاة على الراجح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 41349، أما من نسي الاستعاذة فقط فلا يرجع إليها، وتراجع الفتوى رقم: 78221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(11/6299)
حكم نسيان آية أو جزء منها أو تبديل كلمة بأخرى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المصلي إذا كان في الصلاة يقرأ آية ثم نسي تتمتها وحاول أن يتذكر ولكن دون جدوى وفي حالة أخرى إذا قرأ آيات من القرأن وبعد انتهاء الصلاة اكتشف أنه نسي كلمة أو بعض الكلمات من الآية أن يقرأها أو غير بعض الكلمات عن غير قصد مثلا بدل أن يقول العليم الحكيم قال السميع العليم؟ وجزاكم الله عنا خيراً.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا توقف القارئ أثناء الصلاة ولم يجد من يفتح عليه فإما أن يركع، وإما أن يقرأ ما بعد الآية التي توقف عندها إذا استحضره كما سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 65970.
أما نسيان الآية أو الكلمة أو إبدالها بكلمة أخرى في غير الفاتحة من غير قصد فلا يفسد الصلاة ولا يلزم منه شيء، قال النووي رحمه الله تعالى: وإن كان اللحن الذي يغير المعنى في غير الفاتحة صحت صلاته -أي الإمام- وصلاة كل أحدٍ خلفه لأن ترك السورة لا يبطل الصلاة فلا يمنع الاقتداء. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة ولا الائتمام به إلا أن يتعمده فتبطل صلاتهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(11/6300)
لا إشكال في عدم قراءة المأموم الفاتحة فيما إذا أدرك الإمام راكعا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: الفتوى التي أصدرتموها بعنوان من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة رقم:96963، لماذا لا تنهي الخلاف حول وجوب قراءة الفاتحة للمأموم. الفتوى باختصار تقول الإمام يتحمل القراءة، لماذا إذا أدرك المأموم الإمام أثناء القراءة قبل الركوع يصير خلاف على وجوب قراءة الفاتحة للمأموم. الإمام ركع يتحمل القراءة لكن قبل الركوع العلماء مختلفون كيف!!!!!
العلماء اتفقوا واختلفوا على نفس الشيء!!!!!!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أدرك المأموم قراءة الفاتحة خلف إمامه في الصلاة الجهرية فوجوب القراءة وعدمه محل خلاف بين أهل العلم، ولكل من القولين أدلته كما تقدم في الفتوى رقم: 2281، أما إذا أدرك المأموم إمامه راكعا فقد أدرك الركعة وتسقط عنه الفاتحة ولا إشكال في هذا على مذهب من يقول إن الإمام يتحمل عنه الفاتحة فلا تجب عليه قراءة الفاتحة في القيام، ولكن قد يظهر الإشكال على مذهب من يقول بوجوب قراءتها خلف الإمام كالشافعية مثلا، وهذا ليس إشكالا في الحقيقة ولا تناقضا منهم، فإنهم يقولون: الأدلة الدالة على وجوب قراءة الفاتحة عامة تشمل كل مصل؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. رواه البخاري ومسلم، فهذا الحديث ونحوه عام في كل مصل، فقلنا: يجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، ثم جاء دليل خاص في من أدرك الإمام في الركوع وأنه قد أدرك، فاستثناء هذه الصورة لأنه قد ورد دليل خاص فيها، ولأن المأموم في هذه الصورة لم يدرك القيام الذي هو محل القراءة، هذا ملخص ما أجابوا به عن هذا الإشكال كا ذكره النووي رحمه الله في شرح المهذب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1428(11/6301)
رجحان القول بوجوب القراءة خلف الإمام على سبيل الفرض لا الاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر الإمام مالك رضي الله عنه في الموطأ أن عبد الله بن عمر ما كان يقرأ خلف الإمام في الصلاة الجهرية، فماذا يعني هذا القول، قال الله تعالى: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون. قال أحمد: أجمع الناس أن هذه الآية في الصلاة. وقد ذكرتم في الفتوى بترجيح وجوب القراءة خلف الإمام في الصلاة الجهرية! هل هذا الوجوب على سبيل الفرض أم الاستحباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الموطأ للإمام مالك: مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ، قال: وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام. وفي المنتقى للباجي وهو شرح للموطأ: قوله: فحسبه قراءة الإمام، يريد أن قراءة الإمام تكفيه أن يقرأ هو، وإذا صلى وحده فليقرأ لأنه ليس وراء من يكفيه بالقراءة، ثم أكد ذلك بفعله فقال: وكان عبد الله لا يقرأ وراء الإمام، فأخبر بذلك أنه كان يفتي بالمنع من القراءة وراء الإمام، وأنه كان يأخذ بذلك في خاصة نفسه، وهذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون لا يقرأ وراء الإمام فيما جهر فيه وإن كان يقرأ وراءه فيما يسر فيه وأتى باللفظ عاماً. والوجه الثاني: وهو الظاهر من اللفظ أنه كان لا يقرأ وراء الإمام جملة، ولكن أورده مالك رحمه الله، وإن كان لا يأخذ بقوله في أحد الموضعين ليبين الاختلاف في ترك القراءة خلف الإمام ثم يسوغ له بعد ذلك إيراد دليل على ما يقول به منه. انتهى.
فوجوب قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية محل خلاف بين أهل العلم، ولكل من الوجوب وعدمه أدلة تعضده، وقد اخترنا في الفتوى رقم: 2281، رجحان القول بالوجوب على سبيل الفرض وليس الاستحباب انطلاقاً من الأدلة التي تدعم هذا القول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(11/6302)
قراءة الفاتحة للمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أنا خجل من طرح هذا إلا أن الأمر مهم جدا، والمشكلة أنني في الصلاة دائما أنسى تكبيرة الإحرام فأعيدها العديد من المرات، وغالبا ما تفسد صلاة الجماعة فأرجع للبيت وأبقى الكثير من الوقت وأنا أعيدها المشكل أنه لا يمكن تجاهل هذا الأمر لأن الصلاة لا تصح إلا بها، كما أنني لدي نفس المشكلة مع الفاتحة إذ أنني أبقى أكررها حتى يفوتني الإمام ويركع ثم يرفع ولا أكمل الفاتحة حتى تفسد الصلاة وذلك في الصلاة الجهرية والسرية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتكبيرة الإحرام تتألف من كلمتين هما {الله أكبر} فالتلفظ بها أقصر من أن يحصل أثناءه نسيان، فالأمر عائد إلى وسوسة في نفسك فجاهدها في سبيل التخلص من ذلك، وراجع الفتوى رقم: 46553، والفتوى رقم: 12158، وما أحيل عليه فيها ففيها ما يفعله الموسوس.
وبالنسبة لقراءة الفاتحة للمأموم فإن بعض أهل العلم يرى سقوطها عن المأموم ما دام مقتديا بإمامه، فلك تقليد هذا القول وصلاتك صحيحة.
وإن أردت قراءتها فلا داعي لتكرارها ولا أن تمكث كل هذا الوقت الطويل في شأنها، وراجع الفتوى رقم: 94629، والفتوى رقم: 4826.
وأهم علاج للوساوس التي تعانيها هو الإعراض عنها لأن الاسترسال فيها سبب لثبوتها، وكيفية العلاج الوسواس القهري تقدم بيانها في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(11/6303)
المخرج الشرعي لمن لا يحسن قراءة الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يبلغ 66 عاما وهو لا يصلي ولكنه يصوم في رمضان ومؤمن بالله، إنه لم يتعلم الصلاة في صغره وقد أفهمناه أن الصلاة واجبة ويجب عليه أن يتعلمها فأقتنع بذلك وحاول أولا حفظ سورة الفاتحة طبعا حيث لم يكن قد حفظها في صغره، ولكنه أخفق في ذلك حيث إنه كبير في السن وذاكرته قد ضعفت كثيراً وحاولت أختي أن تعلمه ما يقوله عند الركوع والسجود لكنه يجد صعوبة في التعلم في هذا السن، أما نحن أبناؤه ووالدتي فمعظمنا نصلي ونصوم بالرغم من أنه رجل رقيق القلب ويساعد الناس كثيراً وقد سألته مرة لو كان يعرف كيفية أداء الصلاة فهل كان يؤديها قال نعم، المشكلة أنه لا يستطيع التعلم في هذا العمر وهو لم يتعلم في الصغر لأنه كان مشغولا بالعمل لإعالة إخوانه الأربعة بعد وفاة والده وهو صغير، أني أفكر به كثيراً وأخاف عليه من العذاب في الآخرة، أنه لا ينكر فرضيتها ولكنه لا يتعلمها وقد حاولت والدتي أن ترشده لكنه لم يسمع كلامها، ماذا أفعل له وهل هناك طريقة أخرى للصلاة لمن لا يحفظ الفاتحة أرجو منكم الرد؟ وجزاكم الله خيراً وهل سيغفر الله له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة من أعظم العبادات، ومن أجل شعائر الإسلام، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {البينة:5} ، وهي عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر -أو الشرك- ترك الصلاة. أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه وابن أبي شيبة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. وقد أمرنا الله بالمحافظة عليها فقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238} ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخل الجنة. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وأبو داود.
ولا شك أن ما حصل من والدك تقصير عظيم تجب عليه التوبة الصادقة منه قبل الممات، ولا تتم توبته إلا بأن يقوم بالصلاة حسب قدرته، فإذا عجز عن قراءة الفاتحة عن ظهر قلب فليقرأها من المصحف، وليحاول تعلمها، فإن عجز عن ذلك فقد جعلت له الشريعة مخرجاً والحمد لله، وذلك بأمور:
1- أن يصلي جماعة خلف غيره، وحينئذ لا يضره عدم قراءة الفاتحة أو غيرها عند كثير من العلماء سواء أكانت الصلاة جهرية أو سرية.
2- أن يقول بدلاً عن الفاتحة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، لما روى أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزئني، فقال: قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
3- فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدر الفاتحة.
4- فإن لم يحسن شيئاً من الذكر وقف بقدر قراءة الفاتحة ثم يتم صلاته. وبهذا يكون قد قام بما أوجب الله تعالى عليه، ويغفر الله له ذنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(11/6304)
قراءة آخر السورة وأول التي تليها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أثناء القراءة في الصلاة الجهرية أجمع بين آخر سورة وأول السورة التي تليها كآخر الحجر مع أول النحل مع البسملة جهرا بينهما. فما حكم البسملة جهرا علما أني أقرأ برواية قالون عن نافع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإتيان بالبسملة بين السورتين جهرا صواب ما دمت تقرأ على رواية قالون عن نافع، لكن المشهور في مذهب مالك أن البسملة لا يؤتى بها في الفرض لا جهرا ولا سرا، قال القرطبي: وجملة مذهب مالك وأصحابه: أنها ليست عندهم آية من فاتحة الكتاب ولا غيرها، ولا يقرأ بها المصلي في المكتوبة ولا في غيرها سراً ولا جهراً، ويجوز أن يقرأها في النوافل. هذا هو المشهور من مذهبه عند أصحابه. انتهى، وقال سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم الشنقيطي في نشر البنود بعد أن نقل كلام الحافظ ابن حجر في أن القارئ يعتبر في الإتيان بالبسملة وعدم الإتيان القراءة التي يقرأ بها كان ذلك في الصلاة أو في غيرها بغض النظر عن كونه مالكيا أو شافعيا أو غير ذلك: قال البقاعي وهذا من نفائس الأنظار لكنه مخالف لما في تحصيل المنافع على الدرر اللوامع، ولفظه ولا يبسمل مالك في صلاة الفرض ولو قرأ برواية من يبسمل بخلاف النافلة، قال أبو الحسن الحضري:
وإن كنت في غير الفريضة قارئا * فبسمل لقالون لدى السور الزهر. انتهى.
لكن كراهة الإتيان بالبسملة في الفرض في المذهب المالكي تنتفي بقصد الخروج من الخلاف بل إنها مستحبة حينئذ، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا أَتَى بِهَا عَلَى وَجْهِ أَنَّهَا فَرْضٌ سَوَاءً قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ أَمْ لَا وَمَحِلُّ النَّدْبِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْفَرْضِيَّةَ كَانَ آتِيًا بِمَكْرُوهٍ وَلَوْ قَصَدَ النَّفْلِيَّةَ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُقَالُ لَهُ حِينَئِذٍ إنَّهُ مُرَاعٍ لِلْخِلَافِ وَحِينَئِذٍ فَيُكْرَهُ كَمَا إذَا قَصَدَ الْفَرْضِيَّةَ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا.انتهى، ومع أن السنة تحصل بقراءة ما زاد على الفاتحة ولو آية إلا أن الأفضل هو قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة كما صرح بذلك الفقهاء، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فِي الصُّبْحِ وَفِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَكِنَّ سُورَةً كَامِلَةً أَفْضَلُ، حَتَّى أَنَّ سُورَةً قَصِيرَةً أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ ; لِأَنَّهُ إذَا قَرَأَ بَعْضَ سُورَةٍ فَقَدْ يَقِفُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَقْفِ، وَهُوَ انْقِطَاعُ الْكَلَامِ الْمُرْتَبِطِ، وَقَدْ يَخْفَى ذَلِكَ. انتهى
ويرى المالكية أن الاقتصار على بعض السورة في صلاة الفرض مكروه وكذلك الزيادة على السورة، قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: وَسُنَنُهَا سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَالْمُرَادُ قِرَاءَةُ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَوْ آيَةً أَوْ بَعْضَ آيَةٍ لَهُ بَالٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِانْفِرَادِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَكُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ السُّورَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَقِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ فِي الْفَرْضِ. انتهى، وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير معلقا على قوله: وسننها سورة أيْ لَا سُورَتَانِ وَلَا سُورَةٌ وَبَعْضُ أُخْرَى بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَالسُّنَّةُ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَالْكَرَاهَةُ تَعَلَّقَتْ بِالثَّانِيَةِ. انتهى
وعند الحنابلة روايتان في القراءة من آخر السورة، إحداهما أن ذلك جائز لا كراهة فيه، والثانية أنه مكروه، قال ابن قدامة في المغني: و َلَا تُكْرَهُ قِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. نَقَلَهَا عَنْ أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ ; لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَمَا تَيَسَّرَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اُخْرُجْ، فَنَادِ فِي الْمَدِينَةِ، أَنَّهُ {لَا صَلَاةَ إلَّا بِقُرْآنٍ، وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُد وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الزِّيَادَةُ إلى أن قال: وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يُكْرَهُ ذَلِكَ. نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ بِآخِرِ سُورَةٍ. وَقَالَ: سُورَةٌ أَعْجَبُ إلَيَّ،،،،. وَنُقِلَ عَنْهُ، فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ مِنْ أَوْسَطِ السُّوَرِ وَآخِرِهَا، فَقَالَ: أَمَّا آخِرُ السُّوَرِ فَأَرْجُو، وَأَمَّا أَوْسَطُهَا فَلَا وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ فِي آخِرِ السُّورَةِ، إلَى مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ. وَلَمْ يُنْقَلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَوْسَطِهَا. وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ، قَالَ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَقْرَأُ آخِرَ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَةِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا رُخْصَةٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَغَيْرِهِ؟ وَأَمَّا قِرَاءَةُ بَعْضِ السُّورَةِ مِنْ أَوَّلِهَا فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ ; {فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ مِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ إلَى ذِكْرِ مُوسَى وَهَارُونَ، ثُمَّ أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ، فَرَكَعَ، وَقَرَأَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/6305)
مذاهب العلماء في القراءة خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأصح في الصلاة هل يقرأ المصلي الفاتحة والآيات بعدها وهو مقتد بالإمام في الصلاة الجهرية أم يكتفي بالإنصات للإمام؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمأموم في الصلاة الجهرية من أهل العلم من يرى أنه يكتفي بالإنصات لقراءة إمامه ولا يقرأ فاتحة ولا غيرها، ومنهم من يرى وجوب قراءة الفاتحة ولا يقرأ غيرها، والأحوط أن يقرأ الفاتحة، ففي المغني لابن قدامة: وجملة ذلك أن المأموم إذا كان يسمع قراءة الإمام لم تجب عليه القراءة، ولا تستحب عند إمامنا والزهري والثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك وإسحاق وأصحاب الرأي، وهذا أحد قولي الشافعي، ونحوه عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن جبير، وجماعة من السلف، والقول الآخر للشافعي قال: يقرأ فيما جهر فيه الإمام. ونحوه عن الليث، والأوزاعي، وابن عون ومكحول، وأبي ثور، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه. وعن عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها. رواه الأثرم وأبو داود. وروى عن أبي هريرة عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج غير تمام. قال الراوي: يا أبا هريرة إني أكون أحياناً وراء الإمام؟ قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي. رواه مسلم وأبو داود.
ولأنها ركن في الصلاة فلم تسقط عن المأموم، كسائر أركانها، ولأن من لزمه القيام لزمته القراءة مع القدرة، كالإمام والمنفرد، ولنا قول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. وقال أحمد: فالناس على أن هذا في الصلاة. قال سعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم ومحمد بن كعب والزهري: إنها نزلت في شأن الصلاة. وقال زيد بن أسلم وأبو العالية: كانوا يقرءون خلف الإمام، فنزلت: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. وقال أحمد في رواية أبي داود: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة. ولأنه عام فيتناول بعمومه الصلاة، وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا. رواه مسلم. والحديث الذي رواه الخرقي رواه مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة فقال: هل قرأ معي أحد منكم؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: ما لي أُنازَع القرآن. قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه من الصلوات، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مالك في الموطأ وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(11/6306)
حكم صلاة من يسقط حرفا من الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة من يخطئ في قراءة حرف من حروف سورة الفاتحة كأن لا ينطق بالهمزة في كلمة (اهدنا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تصح صلاة من يسقط حرفا من الفاتحة إلا إذا كان عاجزا عن ذلك فتصح صلاته لنفسه، ولا تصح القدوة به إلا لمثله. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: قال أصحابنا (يعني: الشافعية) من لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها أو يحفظها كلها إلا حرفا أو يخفف مشددا لرخاوة في لسانه أو غير ذلك، وسواء كان ذلك لخرس أو غيره فهذا الأمي والأرت والألثغ إن كان تمكن من التعلم فصلاته في نفسه باطلة فلا يجوز الاقتداء به بلا خلاف، وإن لم يتمكن بأن كان لسانه لا يطاوعه أو كان الوقت ضيقا ولم يتمكن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة، فإن اقتدى به من هو في حاله فصلاته صحيحة بالاتفاق. انتهى.
هذا وننبه إلى أن همزة اهدنا همزة وصل، فتسقط في الوصل، وينطق بها عند الوقف على كلمة نستعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(11/6307)
حكم صلاة من يكرر الفاتحة أو بعض آياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أكرر كثيراً سورة الفاتحة أثناء الصلاة وذلك لأنه يتلعثم لساني أثناء القراءة رغم أني أتعوذ من الشيطان على يساري ثلاث مرات وأذكر الله بعد الصلاة، ولكن أجد صعوبه في قراءتها رغم أنني متعلمة وعمري فوق الثلاثين سنة، فهل الواجب علي أن أسجد للسهو بعد التسليم لأنني قرأت مرة أنه من كرر قراءة الفاتحه كلها يسجد للسهو بعد التسليم، ولكن تقريبا أنا أكررها بكل صلاة، وهل صحيح إن كررت بعض الآيات منها لا يحتاج إلى سجود السهو، علما بأنني والله أجد نفسي أحارب في الصلاة، في سبيل عدم التكرار ولكن لساني يخطئ كثيراً لا أعرف ماذا أفعل له وما حكم صلاتي، وسجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الذي تعاني منه الأخت السائلة فيه نوع من الوسوسة، وعلاجها في عدم الاسترسال معها، ولتراجع في ذلك الفتوى رقم: 3086.
وإذا كان عندها صعوبة في النطق حقيقة فعليها أن تأتي بما تستطيع، ولا تكلف غير ما في وسعها؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا داعي لتكرار الفاتحة، فإن كررتها عمداً فلا سجود عليها؛ لأنه لا سجود في العمد، ولا تبطل الصلاة بذلك أيضاً على الراجح، وإن كررتها سهواً سجدت بعد السلام أو قبله، ولا سجود في تكرير آية، ولتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26857، 53133، 30601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/6308)
مذاهب العلماء في الدعاء أثناء القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: إنني في صلاة الجماعة الجهرية أدعو بالدعوة التالية أثناء قراءة الإمام سورة الفاتحة وهي: عندما يقرأ الإمام الحمد لله رب العالمين أدعو اللهم إني أحمدك وأشكرك على نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وزوجتي وذريتي اللهم لا تحرمنا أي منها، الرحمن الرحيم: اللهم ارحمنا برحمتك فان لم ترحمنا هلكنا فان رحمتك وسعت كل شيء، مالك يوم الدين: اللهم اجعله يوما يسيرا وآتني كتابي بيميني في ذلك اليوم العظيم وبيض وجهي ووجه والدي وزوجتي وذريتي واجعلنا اللهم من أصحاب الوجوه الناضرة التي إلى وجه ربها ناظرة، إياك نعبد وإياك نستعين: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وان أعمل صالحا ترضاه وأدخلني ووالدي برحمتك في عبادك الصالحين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم إلى آخر السورة: أدعو اللهم اهدني ووالدي وزوجتي وذريتي وسائر المؤمنين الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة واجعلنا اللهم من الذين أنعمت عليهم ولا تجعلنا من المغضوب عليهم ولا تجعلنا من الضالين المضلين الهالكين المهلكين.
آمين: أدعو يا أرحم الراحمين اغفر لي ولوالدي وارحمني وارحمهما كما ربياني صغيرا ولسائر المؤمنين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الموضع ليس من مواضع الدعاء في الصلاة أصلا؛ كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 4158، والعلماء قد اختلفوا في حكم الدعاء عند سماع آية الرحمة أو آية العذاب أو آية السؤال؛ فمنهم من يرى أنه سنة وهم الشافعية سواء في ذلك الفرض والنفل. قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: َقالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا: يُسَنُّ لِلْقَارِئِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الرَّحْمَةَ أَوْ بِآيَةِ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ مِنْ الْعَذَابِ، أَوْ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ أَنْ يُسَبِّحَ أَوْ بِآيَةٍ مَثَلُ أَنْ يَتَدَبَّرَ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَإِذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} قَالَ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَإِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} قَالَ: آمَنَا بِاَللَّهِ، وَكُلُّ هَذَا يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ قَارِئٍ فِي صَلَاتِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ صَلَاةُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْمَأْمُومُ وَالْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ ; لِأَنَّهُ دُعَاءٌ فَاسْتَوَوْا فِيهِ كَالتَّأْمِينِ، وَدَلِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: {صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فقرأها، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إذَا مَضَى بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ سُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ. انتهى
وظاهر كلامهم أنهم لا يقولون بإحداث ذكر أو دعاء عند قراءة كل آية -كما هو الحال لدى الأخ السائل-
ومنهم من يرى أن استحباب ذلك خاص بالنفل. قال ابن قدامة في المغني: و َيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي نَافِلَةً إذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَهَا، أَوْ آيَةُ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهَا ... إلى أن قال: وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَرِيضَةٍ، مَعَ كَثْرَةِ مَنْ وَصَفَ قِرَاءَتَهُ فِيهَا. انتهى
ومنهم من يرى كراهة الدعاء عموما في هذا الموضع من صلاة الفرض -وهم المالكية- قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي وهو يذكر مكروهات صلاة الفريضة: وَكَالدُّعَاءِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَثْنَاءِ السُّورَةِ فِي الْفَرْضِ. انتهى.
ونحن نقول للأخ السائل: إذا تبين أن المسألة كما ذكرنا فينبغي أن تترك هذا الدعاء في هذا الموضع لاسيما وهو دعاء كثير يشغلك عن الاستماع إلى القراءة، والامر كما قال ابن قدامة رحمه الله لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان مما يفعله لنقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(11/6309)
حكم الخطأ في قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المأموم سجود بعدي بسبب إعادة قراءته الفاتحة عندما يخطئ في قراءتها، أحيانا يتبادر في ذهني أني أخطئ في صلاة الجماعة فأكمل الصلاة وأنا في ذهني أنني سأرجع للبيت لإعادتها، فهل هذه النية مبطلة للصلاة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمأموم إذا ترتب عليه سجود سهو في حال اقتدائه بإمامه فإن الإمام يتحمل عنه سجود السهو، كما تقدم في الفتوى رقم: 38169.
ومن أخطأ في الفاتحة خطأ غير مخل بالمعنى فقراءته وصلاته صحيحتان، ولا يلزمه إعادة ما أخطأ فيه، وإن كان الخطأ مغيراً للمعنى وجب عليه إعادة القراءة، قال النووي في المجموع: إذا لحن في الفاتحة لحنا يخل المعنى بأن ضم تاء أنعمت أو كسرها، أو كسر كاف إياك نعبد، أو قال: إياء بهمزتين لم تصح قراءته وصلاته إن تعمد، وتجب إعادة القراءة إن لم يتعمد، وإن لم يخل المعنى كفتح دال نعبد ونون نستعين وصاد صراط ونحو ذلك لم تبطل صلاته ولا قراءته، ولكنه مكروه ويحرم تعمده. ولو تعمده لم تبطل قراءته ولا صلاته. هذا هو الصحيح، وبه قطع الجمهور. انتهى. ولا يترتب عليه سجود في هذه الحالة، وراجع الفتوى رقم: 47427.
وإذا كنت قد رفضت نية الصلاة نظراً إلى أنك ستعيدها فقد بطلت ووجب عليك إعادتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 54203.
وإن بقيت مستصحبا لنية الصلاة من غير رفض لها فصلاتك صحيحة، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 22408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(11/6310)
حكم من نسي قراءة الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على المصلي فعله إذا نسي قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة من صلاة المغرب في صلاة الجماعة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور مأموماً نسي قراءة الفاتحة من الركعة الثالثة خلف إمامه فصلاته صحيحة عند من يرى من أهل العلم أن قراءتها غير واجبة عليه، ما دام مقتدياً بإمام، وإن كان الذي ترك الفاتحة إماماً أو فذا ولم يأت بها فصلاته باطلة. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2281، 59257، 31478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/6311)
طول القراءة في الصلاة.. مزيد ثواب وفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حسنات إذا أطال الإمام القراءة في الصلاة أكثر من الـ 27 حسنة المعروفة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الشخص في جماعة يضاعف ثوابها على صلاته منفردا. فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. والحديث رواه أصحاب السنن وغيرهم، فهذه الدرجات لا يزيد عددها، ولكن إذا أطال الإمام الصلاة فله ومن خلفه مزيد حسنات وثواب، لأن هذا القيام عبادة إضافة إلى ما قد يشتمل عليه من تلاوة قرآن وذكر لله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1428(11/6312)
حكم إمامة من يقلب النون ميما ويشدد الميم المخففة في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يؤم المصلين ولكن في قراءة الفاتحة يشدد الميم في كل آيه ويقلب النون في نهاية الآية إلى ميم ما حكم صلاته وصلاة المصلين؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور يقلب النون ميما ويشدد الميم المخففة خلال قراءته سورة الفاتحة فلا يجوز الاقتداء به، ولا تصح الصلاة خلفه إلا لمن هو مثله لأنه يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى. وقد سبق بيان حكم صلاة من يلحن في الفاتحة لحنا جليا، وكذلك صلاة من اقتدى به في الفتوى رقم: 61691، والفتاوى المحال عليها فيها، فالرجاء مراجعتها. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 69854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(11/6313)
جواز الجمع بين أكثر من سورة في ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يصلي بسورتين في ركعة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الجمع بين سورتين أو أكثر من سور القرآن بعد قراءة الفاتحة في ركعة واحدة في الصلاة.
ففي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه.
وقد نص طائفة من أهل العلم على جواز الجمع بين سورتين في ركعة واحدة، وبوب البخاري لذلك فقال: "باب الجمع بين السورتين في ركعة" وذكر تحت هذه الترجمة عدة أحاديث وآثارا تدل على ذلك.
ومنها: ما رواه تعليقا ووصله الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن ثابت بن أسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ "قل هو الله أحد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها فقال: حبك إياها أدخلك الجنة.
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(11/6314)
ما يقرؤه المأموم خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقرأ مع الإمام في صلاة القيام وبعد أن انتهت الصلاة قال لي جاري الذي كان يصلي بالقرب مني لا يصح أن تقرأ مع الإمام إلا الفاتحة هل هذا صحيح؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قاله صاحبك صحيح، وقد بينا حكم المسألة في فتاوى سابقة فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 30659، 1637، 73922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1427(11/6315)
مذهب الشافعية في قراءة المأموم للفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[في المذهب الشافعي ما الفتوى في شخص استكمل قراءة الفاتحة وعندما فرغ منها كان الإمام قد انتهى من قراءة السورة فركع فلم يستمع هو إلى السورة بمعنى أنه لم ينصت إليها من الإمام مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة الفاتحة على المأموم لازمة عند السادة الشافعية رحمهم الله تعالى لما رواه أبو داود وغيره عن عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم هذا يا رسول الله قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأها. ولو قرأها المأموم وبعد إتمامها ركع الإمام ولم يتمكن المأموم من سماع قراءته للسورة فلا شيء عليه، وإنما يطالب بالاستماع للقراءة بعد قراءته للفاتحة إن أمكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/6316)
حكم تكرير سورة معينة في صلوات اليوم الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير في تكرار سورة واحدة في الصلوات المكتوبة، وذلك بعد الفاتحة، أي أن نقرأ مثلاً سورة النبأ في الركعة الأولى من صلاة الظهر ونكرر ذات الأمر في الصلوات التالية لنفس اليوم؟ أثابكم الله الجنة وزادكم علماً ونوراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في مثل هذا الأمر ما لم يعتبر فاعله أن ذلك من السنة؛ لأن الأصل أن للمسلم أن يقرأ في صلاته ما تيسر من القرآن، وللفائدة في الموضوع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(11/6317)
هل يقرأ المأموم خلف إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأختي نحرص دائما أن نصلي مع بعض في جماعة مثلا في صلاة الصبح أقرأ سورة الفا تحة وسورة قريش بصوت عال سؤالي: هل يجب على أختي أن تقرأ هي في نفسها أيضأ هذه السور أم تكتفي باستماعها لي أرجوكم لا تحيلوني لفتاوى سابقة لأني لا أجد جوابا صحيحا لسؤالي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن المأموم لا يقرأ الفاتحة ولا غيرها خلف الإمام في الجهرية إذا كان يسمع قراءة الإمام؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الأعراف: 204} .
وقد ثبت عن جماعة من السلف أن المقصود بهذه الآية الإنصات إذا قرأ الإمام. وذهب الشافعية إلى أنه تجب قراءة الفاتحة على المأموم في الجهرية والسرية على السواء خلف الإمام مستدلين بالأحاديث التي فيها وجوب قراءة الفاتحة من غير فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد, كما في الصحيحين وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. وأصرح منه ما في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما من حديث عبادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح فثقلت عليه القراءة, فلما انصرف قال: إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم، قلنا: يا رسول الله إي والله. قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها.
وبناء على هذا فلو قرأها المأموم احتياطا وخروجا من الخلاف لكان أولى.
وأما السورة فلا يقرؤها المأموم وهو يسمع قراءة الإمام عند الجميع، أما إذا كان لا يسمع قراءة الإمام لبعد أو صمم ونحو ذلك فإنه يقرؤها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1427(11/6318)
الخطأ غير العمد في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت إماما في صلاة الجمعة فأخطأت في قرآة آيه في معرض استدلالي على مسألة وما استدركت ذلك الخطأ ولما انتهيت من الصلاة تأكدت أني لخبطت في هذه الآيه فهل يلحقني إثم من ذلك، وقد يحدث هذا أحيانا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد أخطأت في القراءة عن غير قصد ولا عمد فلا حرج عليك ولا إثم إن شاء الله، والصلاة صحيحة للجميع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهواعليه. رواه ابن ماجه في سننه، وقال الشيخ الألباني: صحيح.
ولا شك أن الاعتناء بكتاب الله تعالى وبذل الجهد من أجل إتقان حفظه عمل طيب يثاب عليه المسلم، وراجع الفتوى رقم: 46216، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 71899.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(11/6319)
إصلاح الخطأ في قراءة الفاتحة متعين للمستطيع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخطأت في قراءة الفاتحة بدون قصد بسبب وسوسة أو مرض كالرشح (يعني أني متأكد من حصول الخطأ) هل يتوجب علي أن أكرر اللفظ إذا تكرر الخطأ أم ألفظ مرة واحدة بقدر المستطاع؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحققت من حصول خطأ في قراءة الفاتحة فعليك إصلاحه لأن قراءة الفاتحة ركن أساسي من أركان الصلاة. فإذا كررت اللفظ لإصلاح الخطأ وأصلحته فذلك المطلوب، فإن عجزت عن ذلك فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة لأنك بمثابة من عجز عن بعض حروف الفاتحة فتصح صلاته وإمامته لمثله. وراجع الفتوى رقم: 47372، وراجع أيضا الفتوى رقم: 4865، والفتوى رقم: 31555.
وبخصوص الوسوسة فجاهد نفسك في سبيل الإعراض عنها فإن ذلك هو أفضل علاج لها، وراجع الفتوى رقم: 51330.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/6320)
قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح من 60 إلى 100 آية، هل كان ذلك في كل ركعة، أم مجموع ما يقرؤه في صلاة الصبح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطول القراءة في صلاة الفجر، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث أبي برزة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الغداة من الستين إلى المائة.
ومن المحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر بالستين إلى المائة في كل ركعة أو في الركعتين معاً، ففي عون المعبود شرح سنن أبي داود: أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر أو إحداهما ما بين الستين إلى المائة. أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي برزة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(11/6321)
الحساسية إذا أطال القيام من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة وهي أني أحاول أن أطيل في صلاة قيام الليل ولكن أقف لمدة قصيرة جدا (5 دقائق) ثم تبدأ ساقاي تحكاني (من الركبة وتحت) ويزداد هذا الحك فأبدأ بفقدان الخشوع ولا أستطيع إطالة الصلاة.
وأنا أشك أنه يمكن أن يكون الشعر الكثيف ولكن لست متأكدا فماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخ السائل شفاه الله وعافاه من كل مكروه ينبغي أن يعرض هذه الحالة على الطبيب فلعله يرشده إلى ما فيه الشفاء، ولو توقف ذلك على إزالة شعر الساقين فإن ذلك جائز ولا سيما في حال الضرورة، وانظر الفتوى رقم: 36708، ونقول له أيضاً ما دمت تجد هذه الحساسية إذا أطلت القيام في الصلاة فخفف القيام لئلا يكثر الفعل أثناء الصلاة فيؤدي ذلك إلى بطلانها، ثم إن الحك في الصلاة جائز للحاجة ما لم يكثر، قال في مطالب أولي النهى في الفقه الحنبلي وهو يذكر ما يباح للمصلي فعله: (و) له (إشارة بنحو يد، كوجه) وعين، وحك جسده إن احتاج إليه، لما روى أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة. رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وأبو داود، ورواه الترمذي من حديث ابن عمر، وقال حسن صحيح (ما لم يُطل) . قال في المبدع: راجع إلى قوله: وله رد المار بين يديه، إلى آخره، ولا يتقدر الجائز منه بثلاث، ولا بغيرها من العدد، بل اليسير ما عده العرف يسيراً، لأنه لا توقيف فيه، فيرجع للعرف كالحرز، والقبض، (وما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمل أمامة، وفتحه الباب لعائشة، وتأخره في صلاة الكسوف، وتقدمه) فهو يسير لا تبطل الصلاة بمثله، لأنه مشروع. انتهى
ويرى المالكية أن قليل الحك جائز للحاجة وقيل إن كثر أبطل عمده وسهوه، وإن توسط أبطل عمده ويسجد لسهوه، قال في منح الجليل ممزوجاً بنص مختصر خليل في الفقه المالكي: (و) لا (سجود) في (حك جسده) وجاز إن كان لحاجة وقل وكره لغير حاجة، وقيل فإن كثر ولو سهوا أبطل، وإن توسط أبطل عمده وسجد لسهوه. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 4215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(11/6322)
قراءة سورة المسد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في الصلاة بسورة المسد (تبت يدا أبي لهب) أي حرمة أو كراهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن للمصلي أن يقرأ في الصلاة بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن سواء في ذلك سورة المسد وغيرها من القرآن حسب الهدي النبوي في القراءة في الصلاة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 32567، وعليه فإن القول بحرمة قراءة السورة المذكورة في الصلاة أو كراهة ذلك غير صحيح لعموم الأحاديث الواردة في قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة من غير استثناء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(11/6323)
لا ينقطع المأموم عن القراءة حتى يركع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا الإمام يطيل بالقراءة وهو فى الصلاة السرية وأنا انتهيت من قراءة سورة الفاتحة وسورة أخرى ماذا أفعل؟ وهل يجوز القراءة بالركعتين الأخيرتين بعد الفاتحة سورة أخرى إذا أطال الإمام؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمأموم في الصلاة السرية إذا فرغ من قراءة الفاتحة والسورة ولم يركع الإمام ينبغي له أن يقرأ بعض القرآن سواء كان المقروء سورة أو أو أقل، فإن لم يقرأ القرآن فليشتغل بالذكر، ولا يبقى متوقفا عن القراءة والذكر مخافة أن يؤدي ذلك به إلى الوسوسة أو التفكر في أمور لا علاقة لها بالصلاة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 50246، كما يجوز للمأموم على القول الراجح قراءة سورة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية أو الركعة الثالثة من الثلاثية، وراجع الفتوى رقم: 26636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(11/6324)
القراءة بأكثر من قراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوى رقم298239 لم تجيبوني عن قول ابن عباس رضي الله عنهما بأن من جمع قراءتين في صلاة واحدة بطلت فهل هذا قول صحيح وحسب مافهمت بأنه يجوز لي أن أقرا في الصلاة في الركعة الأولى بقالون وفي الركعة الثانية بورش أليس ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما نسبته لابن عباس رضي الله عنهما، لكن يجوز لك أن تقرأ في الركعة الأولى برواية قالون وفي الركعة الثانية برواية ورش ونحوها من كل رواية صحت القراءة بها فالأمر في ذلك واسع قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: إذا ثبتت القراءات وتقيدت الحروف فليس يلزم أحداً أن يقرأ بقراءة شخص واحد، كنافع مثلاً أو عاصم، يل يجوز له أن يقرأ الفاتحة فيتلو حروفها على ثلاث قراءات مختلفات، لأن الكل قرآن، ولا يلزم جمعه، إذ لم ينظمه الباري لرسوله، ولا قام دليل على التعبد، وإنما لزم الخلق بالدليل ألا يتعدوا الثابت إلى ما لم يثبت، فأما تعيين الثابت في التلاوة فمسترسل على الثابت كله. والله أعلم. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/6325)
البسملة في الصلاة.. جهر أم إسرار
[السُّؤَالُ]
ـ[اشرح رد أبي شامة عن التعارض في حديث البسملة الذي ذكره الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلم على الروايات المتعارضة عن أنس في شأن البسملة في الصلاة ابن عبد البر فأعلها بالاضطراب فإنه قال في كتاب الاستذكار: اختلف عليهم في لفظه اختلافا كثيرا مضطربا متدافعا، منهم من يقول: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، ومنهم من يذكر عثمان ومن لا يذكر، فكانوا لا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم، ومنهم من قال: فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وقال كثير منهم: كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وقال بعضهم: فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وقال بعضهم: كانوا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم. قال: وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم والذين لا يقرءونها.
وقد حاول أبو شامة ترجيح الأحاديث المثبتة بما رواه البخاري في صحيحه، وذكر أنه لم تختلف الروايات على قتادة في حديث البخاري، هذا بخلاف حديث مسلم فاختلف فيه عليه، وما لم يختلف فيه أولى عند الترجيح بحصول الضبط فيه، فذكر أبوشامة أنه روى البخاري في صحيحة من طريقين عن قتادة عن أنس قال: سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد ب بسم الله، ويمد بالرحمن: ويمد بالرحيم.
ثم أطنب أبو شامة في بيان صحة الحديث ودلالته على المراد بما في ذلك إثبات البسملة حال القراءة في الصلاة وخارج الصلاة فقال: وهذا إسناد لا شك في صحته، وقال الدارقطني بعد تخريجه: هذا حديث صحيح وكلهم ثقات. وقال الحازمي: هذا حديث صحيح لا يعرف له علة، وفيه دلالة على الجهر مطلقا وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة.
ثم قال أبو شامة موضحا كلام الحازمي: وتقرير هذا أن يقال: لو كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله: عن أي قراءتيه تسأل عن التي في الصلاة أم التي خارج الصلاة؟ فلما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف في ذلك، وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة في قراءته، ولولا ذلك كان أنس أجاب: الحمد لله رب العالمين أو غيرها من الآيات. قال: وهذا واضح.
قال: ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن إلا عن قراءته في الصلاة، فإن الراوي قتادة وهو راوي حديث أنس ذاك وقال فيه: نحن سألناه عنه. انتهى.
هذا.. وننبه إلى أن الشافعي والترمذي وابن عبد البر وابن خزيمة وابن حزم والنووي وابن حجر رجحوا إثبات البسملة، وحملوا أحاديث أنس على القراءة بها سرا وتابعهم الصنعاني والألباني.
قال الشافعي في رد حديث النفي الذي رواه مالك في الموطأ عن حميد عن أنس قال: صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الشافعي: خالفه سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي وعددٌ لقيتهم سبعة أو ثمانية مؤمنين مخالفين له، قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد، ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين. قال الشافعي: يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها، ولا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم.
وقال الترمذي في السنن عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين. قال الشافعي: إنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة،وليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون {بسم الله الرحمن الرحيم} وكان الشافعي يرى أن يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة.
وقال ابن عبد البر في كتاب الإنصاف في البسملة بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائي وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبي عروبة وأبي عوانة: فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب انتهى.
وقال ابن خزيمة في صحيحه: باب ذكر الدليل على أن أنساً إنما أراد بقوله: لم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، أي لم أسمع أحدا منهم يقرأ جهرا بسم الله الرحمن الرحيم، وأنهم كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة؛ لا كما توهم من لم يشتغل بطلب العلم من مظانه وطلب الرئاسة قبل تعلم العلم. أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا سلم بن جنادة القرشي نا وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم.
قال الألباني في تحقيق صحيح ابن خزيمة: إسناده صحيح، وما أعل به من الاضطراب فليس بشيء؛ إذ يمكن التوفيق بين وجوه الاختلاف لكن لا مجال لبيان ذلك هنا.
ثم ذكر ابن خزيمة رواية أخرى تصرح أنهم كانوا يسرون بها.
وقال ابن القيم في الزاد: وكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها. ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائما في كل يوم وليلة خمس مرات أبدا، حضرا وسفرا، ويخفى ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال حتى يحتاج إلى التشبث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلدا ضخما.
وقال الصنعاني في السبل: والأقرب أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها تارة جهرا وتارة يخفيها.
ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث الدارقطني والبيهقي: إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما قال الألباني في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(11/6326)
أقوال العلماء في حكم الاقتداء بمن يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الفاتحة. هنا في أوروبا في أحد المساجد حيث قام الأزهر ببعث واعظ إلى هذا المسجد ولكن هذا الواعظ يخطئ في الفاتحة.
حيث يقول {الرحمنُ الرحيم} بضم النون وكذلك يقول {الزين أنعمت عليهم} وصلينا نحن خلفه بهذه القراءة ونصحه بعض الإخوة ولكن بعض المرات قبل أن ينصح كان يقرأ في الركعة الأولى بـ (الزين)
وفي الثانية يصححها بـ (الذين) والظاهر أنه يسهو والآن صحح (الذين) ولكن بقي خطؤه في قوله
(الرحمانُ) مع أني نصحته فما حكم صلاتنا خلفه في هذه الحالة وهل أغير المسجد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للصلاة خلف من يبدل الذال زايا في سورة الفاتحة فقد تقدمت الإجابة عن ذلك في الفتوى رقم: 23898، والفتوى رقم: 56522، فالرجاء مراجعتهما ومن خلالها سيعلم أنه لا يصح اقتداء من يحسن قراءة الفاتحة بمن يخل في قراءتها خللا مثل إبدال الذال بحرف الزاي ونحو ذلك؟
وعليه.. فإن على الإخوة الذين اقتدوا بمن يبدل حرفا بحرف في سورة الفاتحة أن يعيدوا صلاتهم. قال النووي في المجموع: فقال أصحابنا: الأمي ما لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها، أو يحفظها كلها إلا حرفا، أو يخفف مشددا لرخاوة في لسانه أو غير ذلك، وسواء كان ذلك لخرس أو غيره، فهذا الأمي والأرت والألثغ إن كان تمكن من التعلم فصلاته في نفسه باطلة فلا يجوز الاقتداء به بلا خلاف، وإن لم يتمكن بأن كان لسانه لا يطاوعه أو كان الوقت ضيقا، ولم يتمكن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة، فإن اقتدى به من هو مثل حاله صح اقتداؤه بالاتفاق، لأنه مثله فصلاته صحيحة. انتهى
وذهب بعض متأخري علماء الأحناف إلى صحة الصلاة خلف من يبدل الذال زايا ونحو ذلك لأنه مما تعم به البلوى كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 60642، وأما ضم النون من (الرحمن) فلا يجوز تعمده لكن لا تبطل الصلاة به لأنه من اللحن الذي لا يغير المعنى، ويكره الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن. قال النووي أيضاً: إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقاً، فإن كان لحناً لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله) كانت كراهة تنزيه، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان لحناً يغير المعنى كضم التاء من (أنعمت) أو كسرها، أو يبطله بأن يقول (الصراط المستقين) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم، فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي: ولا يصح الاقتداء به. انتهى
والظاهر أنه لا فرق بين ضم النون من الرحمن وضم الهاء من اسم الجلالة، بل إن كان الإمام المذكور يضم النون من (الرحمن) باعتبار أنها قراءة فليعلم أنها شاذة، والشاذ لا تجوز القراءة به لا في الصلاة ولا في غيرها. قال النووي رحمه الله تعالى: ونقل الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ وأنه لا يصلى خلف من يقرأ بها، قال العلماء: فمن قرأ بالشاذ إن كان جاهلاً به أو بتحريمه عُرِّف ذلك، فإن عاد إليه بعد ذلك أو كان عالماً به عزر تعزيراً بليغاً إلى أن ينتهي عن ذلك، ويجب على كل مكلف قادر على الإنكار أن ينكر عليه، فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة ــ فإن لم يكن فيها تغير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صحت صلاته وإلا فلا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(11/6327)
صفة التأمين خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[س/ما صفة التأمين خلف الإمام هل يمد الألف أم ينطق ألف عاديه وتمد الياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح أن الألف في لفظ آمين تلفظ ممدودة. قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: ففي آمين لغتان مشهورتان أفصحهما وأشهرهما وأجودهما عند العلماء آمين بالمد بتخفيف الميم وبه جاء الحديث والثانية أمين بالقصر وبتخفيف الميم حكاها ثعلب وآخرون، وأنكرها جماعة على ثعلب وقالوا: المعروف المد وإنما جاءت مقصورة في ضرورة الشعر وهذا جواب فاسد لأن الشعر الذي جاء فيها فاسد من ضرورية القصر.
وحكى الواحدي لغة ثالثة بالمد والإمالة مخففة الميم وحكاها عن حمزة والكسائي وحكى الواحدي آمين بالمد أيضا وتشديد الميم، قال: روي ذلك عن الحسن البصري والحسين أبي الفضل. قال: ويؤيده أنه جاء عن جعفر الصادق أن تأويله قاصدين إليك وأنت الكريم من أن تخيب قاصدا.
وحكى لغة الشدة أيضا القاضي عياض وهي شاذة منكرة مردودة، ونص ابن السكيت وسائر أهل اللغة على أنها من لحن العوام، ونص أصحابنا في كتب المذهب على أنها خطأ. اهـ.
وأما الياء فيصح أيضا مدها وهو مد طبيعي ويكون عارضا للسكون إذا وقف عليه على الكلمة ولم يصلها بما بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(11/6328)
القراءة خلف الإمام أحوط
[السُّؤَالُ]
ـ[فى بعض الأحيان فى صلاة الجماعة أجد المأموم الذى بجانبى يقرأ بصوت عال لا أستطيع القراءة أو أشك فى صحة القراءة فأترك القراءة على الإمام يتحملها. إلا أني أحاول قراءة التشهد الأخيروالصلاة على النبى ((لأنهما الركنين الوحيدين من أقوال الصلاة اللذين لا يتحملهما الإمام باتفاق كل المذاهب)) فإذا رجحت أنى قرأت التشهد الأخيروالصلاة على النبى عتبرت الصلاة صحيحة وأى نقص فى أقوال الصلاة الأخرى أعتبر أن الإمام يتحمله. فإذا لم أستطع قراءة التشهد الأخير والصلاة على النبي أو شككت أعدت الصلاة. أحيانا أنتظر المأموم الذى بجانبي حتى ينتهي من التشهد الأخير والصلاة على النبي حتى أستطيع أن أقولهما إلا أن الإمام يسلم ويبدأ الماموم الذى يقرأ بصوت مرتفع فى قراءة الأذكار بعد الصلاة بصوت عال لا أستطيع قراءة التشهد بصورة صحيحة. ماهو رأى الفقهاء في ذلك؟ ماذا يفعل من يجد مأموما لا يهمه إلا أن تكون صلاته صحيحة فيقرأ بصوت عال ولا يراعي المأمومين الذين بجانبه. أرجو أن أعرف كيف أتصرف إذا دخلت صلاة جماعة ووجدت المأموم الذي بجانبي يقرأ بصوت عال لا أستطيع القراءة أو أشك فى صحة القراءة حيث إن ذلك يتكرر مما يجعلني أعيد الصلاة ويفسد علي صلاة الجماعة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للأخ السائل أن ينبه المصلين على أن المأموم لا يجهر بقراءته ولا بشيء من أذكار الصلاة لئلا يشوش على المصلين معه، والإسرار قد حده العلماء بأن يسمع نفسه دون غيره، وإذا لم يستطع تنبيههم طلب من الإمام أن ينبههم على أهمية هذا الأمر، أما ترك القراءة وراء الإمام فمن العلماء من لا يجب عنده على المأموم أثناء ائتمامه أن يقرأ في الصلاة شيئاً من القرآن، وإنما تستحب عنده قراءة الفاتحة في حال السر في الصلاة النهارية وفي الأخريين من العشاء والأخيرة من المغرب، أما في حالة الجهر فيستمع المأموم إلى قراءة إمامه وهذا مذهب المالكية ومن وافقهم وعند الشافعية ومن وافقهم لابد للمأموم وغيره من قراءة الفاتحة سواء أسر الإمام أم جهر. وانظر الفتوى رقم: 2281.
فينبغي للمصلي أن يقرأ رغم قراءة المأموم بجانبه ليأتي بالفاتحة ولو شوش عليه الذي يجانبه لأجل الخروج من الخلاف، ولئلا يكون الشيطان هو الذي يخيل إليه تشويش المصلين عليه فيخالفه في ذلك، ولو رفع صوته قليلاً بحيث يسمع نفسه فإنه سينقطع عنه التشويش، وكذلك الحكم بالنسبة للتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يترك قراءتهما ولو شوش عليه المصلي لأن التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة عند كثير من أهل العلم، وكذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير فإنه فرض عند الشافعية. لذا فليحذر الأخ السائل من التساهل في قراءتهما، فإن كان قد تركهما في صلاة أو صلوات فعليه الإعادة أيضاً نظراً للقول بفرضيتهما، ثم إن على المصلي أن يراعي آداب الصلاة فلا يرفع صوته على إخوانه وإلا فإنه يأثم بتشويشه عليهم، كما أن المصلي عليه أيضاً أن يشتغل بقراءته وأذكاره في الصلاة فلا ينصت للآخرين، وإذا علم أن الذي بجانبه يرفع عليه حتى لا يستطيع الاستمرار في القراءة في الصلاة فليصل في مكان آخر من الصف لا يوجد فيه تشويش لأن ما لا يتم الواجب إلا به يعتبر واجباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(11/6329)
ما يقرأ بعد الفاتحة في صلاة المغرب وصلاة الشفع
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف يا فضيلة الشيخ عند صلاة المغرب ما هي السور التي يجب أن تقرأ بعد الفاتحة هل هناك سور معينة أو أي سور يمكن أن تقرأ، وكذلك عند صلاة الشفع، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب قراءة غير الفاتحة في صلاة المغرب وغيرها من الصلوات، ولكن يستحب أن يقرأ بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين شيئاً من القرآن، ولا تستحب سورة معينة بل للمصلي أن يقرأ بما شاء، ولا نعلم تحديد سورة معينة تقرأ بعد الفاتحة في صلاة المغرب.
وأما صلاة الشفع فإن كنت تقصدين بصلاة الشفع أي الركعتين اللتين قبل الركعة الأخيرة من الوتر، فإنه يستحب أن يقرأ في الأولى بسورة الأعلى وفي الثانية بسورة الكافرون وفي ركعة الوتر بسورة الإخلاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/6330)
صلاة من لا يعرف العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من امرأة أوروبية، وهي الآن تريد أن تصوم معي في شهر رمضان المبارك، ولكن هي لا تعرف أي شيء عن الإسلام، وسؤالي هو: هل يجوز لها أن تصلي باللغة الإنجليزية أم لا.. ثانيا إنها لا تحب الحجاب الآن وتريد أن تصوم معي، فماذا هي نصيحتكم لنا؟ وجزاكم الله خيراً، أرجو الإجابة قبل رمضان، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن المسلم لا يجوز له أن ينكح إلا امرأة مسلمة أو كتابية أي يهودية أو نصرانية، والكتابية لا يجوز لها أن تباشر العبادات من صلاة وصيام ونحو ذلك إلا بعد أن تسلم، ولا تصح منها لو قامت بها ولا تثاب عليها، لقول الله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ... {التوبة:54} ، فالإسلام شرط لصحة العبادات، فإذا أسلمت بأن شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وجب عليها القيام بما أوجب الله عليها من العبادات والحقوق واجتناب ما حرم الله عليها من الذنوب والمعاصي، وارتداء الحجاب لأنه فريضة وليست مخيرة في فعله أو تركه، لأن الله يقول: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36} .
ويجب عليها أن تتعلم الفروض العينية كالصلاة والطهارة والصوم والزكاة إن كان لها مال، والحقوق والمعاملات التي تمارسها، ويمكن أن تقوم بذلك أنت أو تأذن لها بالذهاب إلى أحد المراكز الإسلامية لتتعلم ما تحتاجه وتأخذ منهم كتباً وأشرطة صالحة لها.
وأما صلاتها باللغة الإنجليزية فلا تصح ما دامت قادرة على التعلم، وأما قبل التمكن من التعلم فإنه يصح أن تترجم أذكار الصلاة باللغة الإنجليزية، وأما قراءة الفاتحة فلا يصح بل تأتي بدلها بذكر مثلها باللغة العربية، فإن عجزت عنه بالعربية فلها أن تترجمه بلغتها، فإن عجزت عنه بلغتها فإنها تسكت قدر قراءة الفاتحة ثم تركع وتتم صلاتها فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ونرشدك أخي الفاضل أن تهتم بزوجتك وترغبها في الإسلام وتعلمها إياه وتتواصل مع المراكز الإسلامية لإعانتك على ذلك، واعلم أن زوجتك هي قرينة حياتك وأم أولادك، فإن صلاحها سبب لصلاحهم، وفسادها سبب لفسادهم، والبيت الصالح هو البيت السعيد، والبيت الطالح هو البيت الشقي، فاحرص على صلاحهم فهم أمانة في عنقك، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته. متفق عليه، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(11/6331)
قراءة الفاتحة أثناء قراءة الإمام السورة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل مصل إلى المسجد في وقت من أوقات الصلاة ووجد الإمام مثلا يقرأ جهرا السورة الثانية بعد الفاتحة أي أن المصلي فاتته سورة الفاتحة هل بعد التكبير يقرأ هذا المصلي في نفسه سورة الفاتحة التي فاتته أم يستمع فقط للإمام؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة المأموم للفاتحة أثناء ائتمامه مختلف فيها بين العلماء، وقد سبق توضيح كلامهم في ذلك في الفتوى رقم: 2281، والفتوى رقم: 1637.
ومن خلال مطالعة هذين الفتويين يستبين للسائل الكريم أن لكلا القولين دليلاً قوياً.
وعليه، فلا حرج على الأخ في هذه المسألة أن يأخذ بأيهما شاء، فإن شاء أنصت لقراءة السورة، وتسقط عنه الفاتحة على قول المالكية ومن وافقهم، وإن شاء قرأ الفاتحة أثناء قراءة الإمام للسورة وفاقاً للقول الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/6332)
قراءة القرآن قبل الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يصلي العصر وقرأ قرآنا سراً قبل الفاتحة ثم تذكر فقرأ الفاتحة, هل عليه سجود سهو؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 14510، ولا يعتد بالسورة التي قرئت قبل الفاتحة، فمن سها عن الفاتحة وقرأ قبلها ثم تذكر وقرأها سن له أن يقرأ بعدها شيئاً من القرآن وليس عليه سجود سهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/6333)
إذا نسي آية في الصلاة فليقرأ مابعدها أو من سورة أخرى أو ليركع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتصرف إذا بدأت أقرأ مقطعا من سورة عند صلاة الفرض ولم أتذكر الباقي رغم محاولتي التذكر هل أترك القراءة وأنتقل إلى الركوع أم أتلو سورة أخرى أجيد حفظها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نسيت آية من غير الفاتحة أو ألبست عليك، فلم تستطع تذكرها ولم يفتح عليك أحد المأمومين -إذا كنت إماما- فأنت مخير بين أمرين: أما أن تركع، وإما أن تنتقل لما بعدها، أو لقراءة آية أخرى، أو سورة أخرى.
قال أبو داود في سننه: (باب الفتح على الإمام في الصلاة) : وروى بسنده عن المسور بن يزيد المالكي رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئاً لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا أذكرتنيها.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها، فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي: أصليت معنا؟ قال: نعم. قال: فما منعك؟ أي من الفتح علي.
قال بدر الدين العيني: وينبغي للمقتدي أن لا يعجل بالفتح، وللإمام أن لا يلجئهم إليه، بل يركع إذا جاء أوانه، أو ينتقل إلى آية أخرى، وتفسير الإلجاء: أن يردد الآية أو يقف ساكتاً. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(11/6334)
حكم من أسقط شيئا من الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام أسقط إحدى آيات الفاتحة سهوا ولم ينتبه عليها إلا بعد انتهاء الصلاة وانصراف عدد كبير من المصلين ما حكم صلاة كل من الإمام والمأمومين فهل تجب عليهم الإعادة أم لا أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور قد تنبه إلى ما أسقطه من سورة الفاتحة قبل حصول الطول فيكفيه هو ومن معه من المأمومين أن يأتوا بركعة بدل ركعة النقص ويسجدون للسهو وصلاتهم صحيحة، أما إذا لم ينتبه الإمام إلا بعد مضي زمن يعتبر طولا فقد بطلت صلاة الإمام وحده دون صلاة المأمومين، لأن الإمام لم يتعمد سبب البطلان بل صدر منه سهوا وراجع الفتوى رقم: 45353.
والطول المعتبر هنا هو الخروج من المسجد أو المكث فيه مدة من الزمن تسمى طولا في عرف الناس، وراجع الفتوى رقم: 48930.
وعند المالكية إذا لم يحصل طول فإنه يشرع في هذه الحالة سجود السهو قبل السلام إضافة إلى إعادة الصلاة احتياطا.
ففي حاشية الدسوقي المالكي: ولكن ظاهر المذهب أنه إذا ترك الفاتحة كلا أو بعضا سهوا من الأقل كركعة من الرباعية أو الثلاثية فإنه يسجد قبل السلام ثم يعيد تلك الصلاة احتياطا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/6335)
فتاوى في جهر المرأة بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة الجهرية هل هي حرام حيث إنني ألجأ لها حتى لا أسرح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجعي في الجهر بالتلاوة أثناء الصلاة الفتاوى التالية أرقامها: 22470، 4508، 6520.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(11/6336)
أقوال أهل العلم في البسملة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أي الحديثين أصح، وبأيهما آخذ؟
أخرج أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} \"وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ يَذْكُرُونَ بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فِي أَوَّلِ قِرَاءةٍ، وَلاَ فِي آخِرِهَا. (صحيح مسلم بشرح النووي) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الأول قد رواه الدارقطني والبيهقي بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم. ورواه الترمذي أيضاً وقال عنه: هذا حديث ليس إسناده بذاك، وقال الشيخ الألباني ضعيف الإسناد.
وأما الحديث الثاني وهو قول أنس: صليت...... إلى آخر الحديث، فقد رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وهذا لفظ مسلم، ومع صحة هذا الحديث الأخير، فقد اختلف أهل العلم في معناه، فقال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قوله: يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين بضم الدال على الحكاية واختلف في المراد بذلك فقيل المعنى كانوا يفتتحون بالفاتحة وهذا قول من أثبت البسملة في أولها.... وقيل المعنى كانوا يفتتحون بهذا اللفظ تمسكا بظاهر الحديث، وهذا قول من نفى قراءة البسملة، لكن لا يلزم من قوله: كانوا يفتتحون بالحمد أنهم لم يقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم سرا. انتهى.
وقال في عون المعبود شرح سنن أبي داود نقلاً عن ابن حجر بعد أن ذكر اختلاف أهل العلم في البسملة هل هي آية من كل سورة أو آية من الفاتحة مع اتفاقهم على أنها بعض آية من سورة النمل قال: واختلفوا في قراءتها في الصلاة فعن الشافعي ومن تبعه تجب، وعن مالك تكره في الفرض دون النفل، وعن أبي حنيفة تستحب وهو المشهور عن أحمد ثم اختلفوا، فعن الشافعي يسن الجهر، وعن أبي حنيفة لا يسن، وعن إسحاق يخير. انتهى.
وخلاصة القول أن الشافعي رحمه الله يرى أن معنى قول أنس: كانوا يفتتحون بالحمد لله أي أنهم كانوا يقرؤون الفاتحة قبل السورة ولا يعني عدم البسملة، ويرى مالك أن المعنى الابتداء بالحمد لله من غير بسملة عملاً بظاهر اللفظ، ومن تابع أحد القولين من عامة الناس فلا جناح عليه، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 36312.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(11/6337)
حكم جهر المرأة بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاه الجهرية مكروهة فأنا ألجأ إليها حتى لا أسرح وأكون مركزة في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا كانت منفردة، أو بحضرة محارمها، أو كانت تؤم غيرها من النساء فالجهر والإسرار كل في موضعه سنة لها، وهو في حقها كالرجل، وجهرها بحيث تسمع نفسها ومن يليها. وإن كانت بحضرة أجانب، فكره الجمهور لها الجهر حينئذ سدا لذريعة الافتتان بصوتها، وحكم المالكية والحنفية بتحريمه إن خشيت الفتنة من علو صوتها. ولك أن تراجعي في تفصيل هذا الموضوع فتوانا رقم: 4508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(11/6338)
ما يلزم العاجز عن قراءة الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أمي أصيبت بجلطة دماغية قبل مدة وبسببها تأثرت بعض الأمور لديها أي أصبحت تنسى أمورا كثيرة أهمها الصلاة ولدى متابعتي لها تبين لي بأنها لا تصلي الصلاة بشكل صحيح إذا أنها في بعض الأحيان تنسى إحدى السجدتين أو السلام ولا تتقن قراءة الفاتحة وقصار السور (هي أمية) ولكنها في أحيان أخرى تكون ذاكرتها جيدة فاجتهادا مني أصبحت أصلي معها جماعة ولكن لا أعرف إذ كان يصح لي أن أجهر بكل الصلوات للتمكن من الإعادة ورائي حتى أنني أضطر أن أجهر بكلام الركوع والسجود والصلاة الإبراهيمية لأنني أرى بأنها لا تؤديها بالشكل الصحيح وأيضا في الصلاة يكون معي أخواتي (البنات) لأن إخوتي الذكور يكونون في أعمالهم وكذلك أنا أعمل فأحيانا أنا أصلي معها أحيانا أخرى إحدى أخواتي لأننا نريد كسب صلاه الجماعة وإذا لم تكن صلاتنا جائزة فهل علي إعادة الصلوات التي صليتها معها سابقا على هذا الوضع؟
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما تقومين به أنت وأخواتك من صلاتكن مع والدتكن صحيح، بناء على القول الصحيح من جواز إمامة المرأة بالمرأة، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 5796 وكذلك صلاة الوالدة.
وأما عن قراءة هذه الأم للفاتحة حال ائتمامها بغيرها، فمن أهل العلم -وهم المالكية- من يقول بأن الإمام يحمل عن المأموم الفاتحة فلا يلزم المأموم بقراءتها في حالة الاقتداء، ولفظ التشهد عندهم لا تبطل الصلاة بتركه، وكذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسائر التسبيحات، ومنه تعلمين أن صلاة أمك صحيحة، بل إنها إن كانت عاجزة عن تعلم الفاتحة فإنها ملزمة في حالة عجزها عندهم بأن تصلي وراء إمام يحمل عنها قراءة الفاتحة إن وجدته.
ففي منح الجليل شرح مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: فيجب تعلمها إن أمكن وإلا ائتم، فإن لم يمكنا فالمختار سقوطهما يعني القراءة والقيام لها.
قال ابن عرفة: يلزم جاهلها تعلمها، فإن ضاق الوقت ائتم، فإن لم يجد فلابن سحنون وابن القاسم وأشهب فرضه ذكر الله، أي يكبر تكبيرة الإحرام ويقف يذكر الله ثم يركع.
هذا إن كانت لا تحفظ الفاتحة، فإن كانت تحفظها إلا أنها لا تتقن تجويدها، فإن صلاتها صحيحة، ولو صلت وحدها، وبهذا تعلم الأخت السائلة أن صلاة أمها صحيحة ما دامت وراء إمام، وأن إمامها يتحمل عنها الفاتحة على مذهب من ذكرنا.
وإذا كنت تجهرين بالقراءة بحيث تلقنيها الفاتحة أثناء الصلاة، فلتكن نيتك قراءة الفاتحة لهذا الغرض، ولا بأس إن شاء الله إن قصدت مع ذلك تلقينها.
وحذار من أن تكون النية تلقينها فقط فتبطل الصلاة، كما يقوله بعض أهل العلم.
ثم إن كان السهو الذي يعتري أمك سهواً عادياً بحيث لو نبهت أصلحت فعليها الإتيان بما نسيت من أركان الصلاة إن تذكرته بقرب، وعليها سجود السهو، وإن لم تتذكر إلا بعد طول أعادت الصلاة، ولبيان بعض أحكام السهو يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية: 4830، 13403، 14157، 21499.
فإن كثر السهو عليها حتى صار كالوسواس فلتراجعي حكمه في الفتوى رقم: 49459.
وينبغي أن تحاولي مع أمك حتى تحفظ الفاتحة بصفة صحيحة، وكذلك التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كانت أمية لقنيها ذلك حتى تحفظ، وإن كانت تقرأ ساعديها على ذلك حتى تعرف ما هو ضروري لصلاتها، ثم إن الجهر بالتسبيحات لا يطالب به في الصلاة، ولا حاجة إليه لأن الأذكار في الركوع والسجود سنة عند جمهور أهل العلم، وأما التشهد فقد قدمنا أنه ليس بركن أيضاً عند بعض أهل العلم، لكن لو رفعت السائلة صوتها بقراءة التشهد لتسمع أمها فتردد فلا بأس إن شاء الله، لكن لا تقصد التلقين فقط، وإنما تقصد قراءة التشهد، ولا بأس مع ذلك إن قصدت التلقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(11/6339)
مسائل في اللحن في القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب منكم الإجابة على السؤال التالي وهو: ما تقولون في الصلاة خلف إمام عجمي يفسد المعنى في القراءة أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم من يلحن في الفاتحة وحكم الاقتداء به في الفتوى رقم: 61691 فلتراجع.
أما إن كان يفسد المعنى في غير الفاتحة فقد تقدمت الإجابة عن حكم ذلك في الفتوى رقم: 13127. وسواء كان الإمام أعجمياً أو عربيا، والأولى أن يقدم الأقرأ لكتاب الله تعالى، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6682، 38650، 35811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(11/6340)
إطالة القراءة في الركعة الثانية عن الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله أؤدي الصلاة بانتظام ولكن يحدث أن أقرأ في الركعة الأولى سورة من قصار السور وفي الركعة الثانية سورة طويلة , فهل يجوز ذلك. أفيدونا أفادكم الله ووفقكم. وشكرا لكم مقدما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن تكون القراءة في الأولى أطول من القراءة في الثانية كما ورد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب: 21} ويقول صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري وقد ثبت عن أبي قتادة الأنصاري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين يطول في الأولى ويقصر في الثانية ويسمع الآية أحيانا، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين وكان يطول في الأولى وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح ويقصر في الثانية. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر: قال الشيخ تقي الدين: كان السبب في ذلك أن النشاط في الأولى يكون أكثر فناسب التخفيف في الثانية حذرا من الملل إلى أن قال: وقال من استحب استواءهما إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ وأما في القراءة فهما سواء، ويدل عليه حديث أبي سعيد عند مسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية
فإطالة الركعة الثانية على الأولى مخالفة لهذه السنة الثابتة، وعلى كل حال فالصلاة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/6341)
اللحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض أئمة المساجد هنا يقرؤون في الفاتحة أنعمتا عليهم أو يكادون أي يمدون التاء أكثر من المد الطبيعي لها بحيث يكاد ينطقون أنعمتا أو يفعلون، هل هذا من التلحين الخفي أو هو يفسد الصلاة؟ جزاكم الله عنا خيرا كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيادة ألف بعد التاء من كلمة (أنعمت) في سورة الفاتحة هي من قبيل اللحن الذي لا يغير المعنى وبالتالي فلا يبطل الصلاة، قال ابن قدامة في المغني: يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى، فإن ترك ترتيبها أو شدة منها، أو لحن لحنا يحيل المعنى مثل أن يكسر كاف (إياك) أو يضم تاء (أنعمت) أو يفتح ألف الوصل في (اهدنا) لم يعتد بقراءته إلا أن يكون عاجزاً عن غير هذا. انتهى.
لكن ينبغي نصح وتنبيه كل من ينطق بهذا اللحن الذي لا يجوز تعمد القراءة به مع مراعاة الحكمة والرفق في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(11/6342)
أحوال الفتح على الإمام في الفاتحة وغير الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق برد الإمام (أي تصححيه عند خطئه في قراءة إحدى الآيات في إحدى الصلوات الجهرية) في صلاة الجماعة. فحقيقة السؤال يتكون من عدة أسئلة:
السؤال الأول: من يجوز له التصحيح للأمام؟
السؤال الثاني: هل يجوز أن يصحح للإمام أحد الموجودين بالمسجد ولكنه ليس ضمن المصلين خلف الإمام بسبب أنه كان مسبوقا ولم يدرك الركعة بعد, أو أنه قد صلى وهذه جماعة ثانية-مثلاً.
السؤال الثالث: وهل إذا صحح للإمام هذا الشخص الذي لم يكن ضمن المأمومين فهل تبطل الصلاة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم- فكيف يعرف الإمام أن من صحح له ليس من ضمن المصلين وراءه؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفتح واجب على المأموم إذا غلط إمامه أو توقف في سورة الفاتحة لتوقف صحة الصلاة عليها. ففي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي: ويجب فتحه على إمامه إذا أرتج عليه، أو غلط بفاتحة. انتهى. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 4195.
أما إذا كان الفتح على الإمام في غير الفاتحة فله ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يفتح عليه أحد المأمومين خلفه، وهذا مشروع في حالة توقف الإمام أو غلطه، وصلاته صحيحة.
ففي المدونة قال مالك: فيمن كان خلف الإمام فوقف الإمام في قراءته فليفتح عليه من خلفه. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى أيضا: ولمأموم فتح على إمامه إذا أرتج بالبناء للمفعول أي ألبس وأغلق عليه، تقول: أرتجت الباب إذا أغلقته، أو غلط في الفرض والنفل. انتهى.
وفي المجموع للإمام النووي: قال الشافعي في المختصر: وإذا حصر الإمام لقن. قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: ونص في مواضع أخر أنه لا يلقن. قال القاضي أبو الطيب: قال أصحابنا: ليست على قولين بل حالين؛ فقوله: يلقنه أراد إذا استعظمه التلقين بحيث سكت ولم ينطق بشيء، وقوله: لا يلقنه أراد ما دام يردد الكلام ويرجو أن ينفتح عليه فيترك حتى ينفتح عليه، فإن لم ينفتح لقن، واتفق الأصحاب على أن مراد الشافعي هذا التفصيل، وأنها ليست على قولين. انتهى.
الحالة الثانية: أن يفتح على الإمام غير مأموم وليس في صلاة، وهذا جائز، ولا يبطل صلاة الإمام عند المالكية خلافا للحنفية.
ففي المنتقى للباجي المالكي: ولا بأس أن يفتح من ليس في صلاة على من هو في صلاة، قاله مالك في المختصر.انتهى.
وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي: ويجوز لغير مصل الفتح ولا تبطل. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا بأس أن يفتح على المصلي من ليس معه في الصلاة، وقد روى النجاد بإسناده قال: كنت قاعدا بمكة فإذا رجل عند المقام يصلي وإذا رجل قاعد خلفه يلقنه، فإذا هو عثمان رضي الله عنه.انتهى.
الحالثة الثالثة: ونذكرها هنا للفائدة فقط وهي أن يكون الذي يفتح على الإمام غير مأموم ولكنه في صلاة، وفي هذه الحالة يكره الفتح، ولا تبطل به صلاة الفاتح ولا المفتوح عليه، وهذا مذهب الحنابلة، واختلف المالكية في بطلان صلاة الفاتح بعد أن صححوا صلاة المفتوح عليه، وأما الحنفية فأبطلوا الصلاتين معا.
ففي بدائع الصنائع للكاساني وهو حنفي: ولو فتح على المصلي إنسان فهذا على وجهين: إما إن كان الفاتح هو المقتدي به أو غيره، فإن كان غيره فسدت صلاة المصلي، سواء كان الفاتح خارج الصلاة أو في صلاة أخرى غير صلاة المصلي، وفسدت صلاة الفاتح أيضا إن كان هو في الصلاة لأن ذلك تعليم وتعلم، فإن القارئ إذا استفتح غيره فكأنه يقول: ماذا بعد ما قرأت فذكرني، والفاتح بالفتح كأنه يقول: بعد ما قرأت كذا فخذ مني. انتهى.
وأما المالكية: ففي المنتقى للباجي: وإن كانا في صلاتين مختلفتين لا يفتح أحدهما على الآخر لأن فيه اشتغالا للفاتح عن صلاته بصلاة غيره وتغريرا بفرضه، وربما أداه ذلك إلى السهو وإدخال نقص في العبادة.
فرع: فإذا فتح عليه فقال ابن القاسم في المجموعة قد أبطل صلاته وهو بمنزلة الكلام، وقال ابن حبيب لا يعيد، وبه قال أشهب. انتهى.
وعند الحنابلة يكره للمصلي في هذه الحالة الإقدام على الفتح لغيره ولا تبطل صلاة أي منهما.
قال ابن قدامة في المغني: يكره أن يفتح من هو في الصلاة على من هو في صلاة أخرى، أو على من ليس في صلاة لأن ذلك يشغله عن صلاته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. انتهى.
وبإمكان الإمام التعرف على من فتح عليه من غير المأمومين بالسؤال عنه بعد انتهاء الصلاة، أو بتمييز صوته إن كان على علم به قبل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(11/6343)
مذهب الأحناف في قراءة الفاتحة وغيرها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم قراءة سورة الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة على المذهب الحنفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة الفاتحة في الصلاة عند الحنفية تجب في الأوليين مع سورة، وتندب في الأخريين وحدها دون قراءة سورة معها، فالجمع المشروع بينها وبين سورة إنما هو في الأوليين فقط. وأما الجمع بينهما في الثالثة والرابعة فمكروه تتريها؛ بل يكتفى بالفاتحة. قال ابن نجيم في البحر الرائق: ثم الفاتحة واجبة في الأوليين من الفرض، وفي جميع ركعات النفل، وفي الوتر والعيدين، وأما في الأخريين من الفرض فسنة. وقال ابن عابدين رحمه الله تعالى في الحاشية: الواجب في الأوليين كل منهما. وقال الكاساني في بدائع الصنائع: أما الواجبات الأصلية في الصلاة فستة: منها: قراءة الفاتحة والسورة في صلاة ذات ركعتين، وفي الأوليين من ذوات الأربع والثلاث، حتى لو تركهما أو أحدهما: فإن كان عامدا كان مسيئا، وإن كان ساهيا يلزمه سجود السهو. اهـ. وهذا بالنسبة للإمام والمنفرد.
وأما المأموم فلا يقرأ عند الحنفية لا في سرية ولا في جهرية لا في الأوليين ولا الأخريين، بل عليه الإنصات في وقت القراءة ولو لم يسمع قراءة الإمام. قال الزيلعي في تبيين الحقائق: ولا يقرأ المؤتم ـ أي سواء جهر الإمام أو أسر ... والإنصات فرض بالنص ... يعني قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا {الأعراف: 204} . والإنصات لا يخص الجهرية، لأنه عدم الكلام؛ لكن قيل: إنه السكوت للاستماع لا مطلقا. وحاصل الاستدلال بالآية أن المطلوب أمران: الاستماع والسكوت، فيعمل بكل منهما. والأول يخص الجهرية، والثاني لا، فيجري على إطلاقه فيجب السكوت عند القراءة مطلقا.
وأما ضم السورة إلى الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة فمكروه تنزيها لا تحريما، وقد فصل ذلك ابن عابدين في الحاشية أيضا فقال: لايكره تحريما بل تنزيها لأنه خلاف السنة. قال في المنية وشرحها: فإن ضم السورة إلى الفاتحة ساهيا يجب عليه سجدتا السهو في قول أبي يوسف لتأخير الركوع عن محله، وفي أظهر الروايات لا يجب لأن القراءة فيهما مشروعة من غير تقدير، والاقتصار على الفاتحة مسنون لا واجب. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/6344)
قراءة السورة في الثالثة والرابعة عند الأحناف
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم قراءة سورة قصيرة في الركعة الثالثة والرابعة على المذهب الحنفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 13447 ذكر اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة ومنهم الحنفية على أن محل قراءة السورة هو الركعتان الأوليان من الرباعية والثلاثية، والمراد أن المصلي مطالب على وجه السنية بقراءة سورة بعد الفاتحة أو شيء من القرآن في الأوليين من الرباعية والثلاثية، هذا عند المالكية والشافعية والحنابلة، ويجب عليه ذلك عند الأحناف، لكن قراءة السورة أو شيء من القرآن بعد الفاتحة في الثالثة والرابعة أمر جائز عند الأحناف أيضا. قال في الدر المختار وهو حنفي عند ذكر واجبات الصلاة قال: وهي قراءة فاتحة الكتاب وضم سورة في الأوليين من الفرض. قال الشارح: وهل يكره في الأخريين المختار لا. انتهى. أي المختار من القولين ـ وهما كراهة قراءة سورة بعد الفاتحة في الثالثة والرابعة وعدم كراهته ـ القول المختار أنه لا يكره ذلك.
وخلاصة القول أن قراءة السورة سواء كانت قصيرة أو طويلة في الثالثة والرابعة أمر جائز عند الأحناف، إلا أنه غير مطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(11/6345)
قراءة الفاتحة في ركعات الصلاة من ورائها حكم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال محير وهو: لماذا نقرأ سورة الفاتحة حصراً في كل ركعة من الصلاة وهي من الفرائض وبدونها لا تصح الصلاة ولماذا لم تكن سورة الإخلاص أو غيرها أرجوكم أجيبوني عن سؤالي لأني سئلت ولم أستطع الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس كل عبادة يدرك العقل الحكمة منها؛ بل لله عز وجل أن يتعبدنا بما شاء ولو جهلنا الحكمة من وراء ذلك، ولكن لا بأس في التماس الحكمة من وراء أحكام الشريعة فإن معرفة المسلم بما يمكن معرفته من ذلك يزيده إيماناً وثقة بدينه، وقد سبق أن بينا ما تختص به الفاتحة دون غيرها من سور القرآن في الفتوى رقم: 42057. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 8139، والفتوى رقم: 20981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/6346)
حكم الجمع بين عدة روايات في الركعة الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[حفظت القرآن ولكن على ثلاث روايات ولا أميز بين الروايات وأؤم المصلين في بعض الأحيان فتكون قراءتي في الركعة الواحدة على ثلاث روايات فهل الصلاة صحيحة وهل يجوز لي أن أواصل الإمامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم أن يقرأ القرآن بأي قراءة شاء من القراءات المتواترة المعروفة، فهي كلها صحيحة، ولا يلزم التقيد بواحدة منها بعينها. قال ابن العربي في أحكام القرآن: إذا ثبتت القرا ءات وتقيدت الحروف فليس يلزم أحدا أن يقرأ بقراءة شخص واحد كنافع -مثلا- أو عاصم، بل يجوز له أن يقرأ الفاتحة فيتلو حروفها على ثلاث قراءات مختلفات لأن الكل قرآن، ولا يلزم جمعه إذ لم ينظمه الباري لرسوله ولا قام دليل على التعبد، وإنما لزم الخلق بالدليل ألا يتعدوا الثابت إلى ما لم يثبت، فأما تعيين الثابت في التلاوة فمسترسل على الثابت كله. انتهى
ولا مانع من أن يجمع القارئ بين قراءات مختلفة حال تلاوته إلا في حالة ما إذا كان ذلك في آية مرتبطة المعنى، أو آيات يرتبط بعضها ببعض في المعنى أيضا، كما سبق في الفتوى رقم: 3112.
فإذا حصل الجمع الممنوع في غير الفاتحة أثناء الصلاة فإنه غير مبطل لها، ولا إثم فيها إذا لم يكن مقصودا، وراجع الفتوى رقم: 17834 والفتوى رقم: 4195.
لكن ينبغي حال الإمامة في الصلاة الاقتصار على القراءة المألوفة في بلدك مخافة التشويش على المصلين، كما في الفتوى رقم: 52293 ومن الورع والاحتياط في الدين عدم تقدمك للإمامة مخافة الوقوع في الجمع الممنوع بين القراءات ما دمت لا تتمكن من تفادي الوقوع فيه خصوصا إذا وجد من يؤم الناس غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/6347)
قراءة المأموم الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلي خلف إمام أن يكمل قراءة الفاتحة قبل أن ينتهي الإمام منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي للمأموم أن لا يسرع في قراءته بل يقرأ قراءة متوسطة تتلاءم مع قراءة إمامه، ولو أكمل الفاتحة قبل إمامه فلا شيء في ذلك، لكن لو أكملها قبل شروع الإمام فيها فقد ذكر النووي قولا بالبطلان مع أن الصحيح عدمه. قال في المجموع: وإن فرغ من الفاتحة أو التشهد قبل شروع الإمام فيهما فثلاثة أوجه، الصحيح لا يضر، بل يجزيان لأنه لا يظهر فيه المخالفة، الثاني: تبطل به الصلاة. الثالث: لا تبطل لكن لا تجزئ بل تجب قراءتهما مع قراءة الإمام أو بعدها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(11/6348)
من لم يتذكر قراءة الفاتحة إلا بعد انتهاء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام أرجو منكم الإجابة على هذا السؤال وهو: ما حكم من كان إماما للمصلين ولكن لم يقرأ الفاتحة، وتذكرها بعد أن تمت الصلاة، وماذا عليه أن يفعل في هذه الصلاة، وهناك بعض الناس يقولون نحن نتبع المالكية والشافعية وغيرهما، هل يجوز أن نعمل بأي مذهب أم نلتزم بالإمام مالك، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعليه فما دام هذا الإمام لم يقرأها في صلاته كلها حتى سلم فإن صلاته باطلة، إلا أنه إن تذكر بالقرب من السلام فيمكن أن يبني على إحرامه ويأتي بالركعات التي لم يقرأ فيها بالفاتحة ومثله المأمومون في هذا، وإن لم يتذكر إلا بعد حصول طول الفصل فإنه يبتدئ صلاته، وتبطل صلاة المأمومين معه عند المالكية، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 14544، والفتوى رقم: 46834.
ولموضوع التزام مذهب معين يرجى مراجعة الفتوى رقم: 5812، والفتوى رقم: 6787.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/6349)
الخطأ في السورة بعد الفاتحة لا يؤثر على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أخطأ في قراءة السورة أثناء الصلاة ولم يتدارك الخطأ إلا بعد أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطأ في القراءة ما دام في السورة فإنه لا يبطل الصلاة. وبالتالي، فلا شيء عليك لأن الخطأ المبطل للصلاة هو الحاصل في الفاتحة فقط دون غيرها، وراجع الفتوى رقم: 4195، والفتوى رقم: 4865.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 17834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/6350)
لا بأس من إكمال الإمام في الركعة الثانية من حيث انتهت قراءته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: ألاحظ أن الإمام الذي أصلي عنده يبدأ في بعض الأحيان بالقراءة بعد الفاتحة من نهاية الآية السابقة في الركعة الأولى كما في الآية 8 من سورة التحريم نورهم يسعى فهل هذا جائز، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففوله تعالى: نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ {التحريم:8} ، هو جزء من الآية الثامنة من سورة التحريم وليس بداية آية، فإذا كنت تقصد أنه الإمام المذكور قد اقتصر على بعض آية فهذا تحصل به السنة عند المالكية إذاكان ما قرأه مكتمل المعنى، وعند الأئمة الثلاثة الآخرين لا تحصل السنة إلا بقراءة آية كاملة، وراجع الفتوى رقم: 31950.
وإن كان الإمام قد كمل السورة أو قراءة آية فأكثر فقد حصلت السنة بما قرأ، وإن كان الأفضل أن يقرأ سورة كاملة، ولا مانع من أن يقرأ الإمام في الركعة الثانية من حيث انتهت قراءته في الركعة الأولى فالأمر في ذلك واسع؛ وإن كان الأفضل كما سبق قراءته لسورة كاملة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/6351)
لا بأس أن يفتح أو ينبه من ليس في صلاة على من هو في صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن هو خارج الصلاة أن يفتح على الإمام إذا أخطأ الإمام في التلاوة أو إذا سها في صلاته؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان خارج الصلاة لا مانع من أن يفتح على الإمام أو ينبهه إلى سهوه إذا سها، ففي المنتقى للباجي المالكي: قال أشهب: ولا بأس أن يفتح من ليس في صلاة على من هو في صلاة، قاله مالك في المختصر. انتهى
وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي: ولغير مصل الفتح ولا تبطل. انتهى
والإمام إذا أخبرته جماعة، سواء كانوا مأمومين أم لا، وكان خبرهم يفيد العلم الضروري، فالواجب عليه الرجوع إلى قولهم.
قال الدسوقي المالكي في حاشيته: حاصل فقه المسألة أن الإمام إذا أخبره جماعة مستفيضة يفيد خبرهم العلم الضروري بتمام صلاته أو بنقصها، فإنه يجب عليه الرجوع لخبرهم، سواء كانوا من مأموميه أو لا، سواء تيقن صدقهم أو ظنه أو شك فيه أو جزم بكذبهم، ولا يعمل على يقينه، ومثل الإمام في ذلك الفذ والمأموم، فيجب على كل منهما الرجوع لخبر الجماعة المستفيضة مطلقاً. انتهى
وكذلك إذا أخبره عدلان فقط رجع للصواب، ففي دقائق أولي النهي ممزوجاً بمنتهى الإرادات وهو حنبلي: ومن سها فنبهه ثقتان وظاهره فأكثر، سواء شاركوه في العبادة بأن كان إماما لهم أو لا، ويلزمهم تنبيهه لزمه الرجوع ليرجع للصواب إلى تنبيههم، لأنه صلى الله عليه وسلم قبل قول القوم في قصة ذي اليدين. انتهى
ويجب على المأمومين الفتح على الإمام في شأن الخطأ في الفاتحة أو العجز عنها، ومثلها في ذلك الإخلال بركن كسجدة مثلاً. قال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ويجب الفتح في الأصح في الفاتحة كنسيان سجدة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(11/6352)
من أحكام القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا اقتطفت بعض الآيات من سورة في الركعة الأولى (في صلاة الجماعة أو منفردا) ومن ثم قرأت بعض الآيات من سورة أخرى في الركعة الثانية ... مثلا: قرأت في الركعة الأولى: الإسراء - 23 - وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ... وأكملت آية أو آيتين بعدها، ثم قرأت في الركعة الثانية: الأعراف - 199 - خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ... وأكملت آية أو آيتين بعدها ... أو يجب علي التكملة وليس الذهاب إلى آية أخرى من سورة أخرى أو آية أخري (تبعد عن الآية المقروءة) من نفس السورة - مثل: قراءة أول السورة في ركعة وقراءة منتصف أو نهاية السورة في الركعة الأخرى ... حتى ولو كان هناك هدف لقراءتها على هذا النحو ... كقراءة آيات توجيه وآداب في الصلاة للناس.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة، وتحصل السنة بقراءة آية واحدة أو بما زاد على الفاتحة فقط على خلاف بين أهل العلم في ذلك، كما في الفتوى رقم: 31950، وما أقدمت عليه من تنكيس القراءة على خلاف ترتيب المصحف الكريم مكروه عند أهل العلم غير محرم، وراجع الفتوى رقم: 2162. ولا يجب عليك في الركعة الثانية مواصلة القراءة من السورة التي قرأت بعضها بل يجوز لك قراءة آيات من منتصف تلك السورة أو نهايتها بل وقراءة آيات من سورة أخرى بدليل قراءته صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى من سنة الفجر بقوله تعالى: قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا {آل عمران: 84} . وقراءته في الركعة الثانية بقوله تعالى: رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {آل عمران:53} . والآيتان من سورة آل عمران. وراجع الفتوى رقم: 51399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(11/6353)
جواز قراءة ما زاد على الفاتحة في غير الأوليين من كل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقرأ المصلي في ركعتي الفرض الأخريين بسورة أصلا
وهل هناك فرق في القراءة بين الفرض والسنة والنافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة الاقتصار على الفاتحة في غير الركعتين الأوليين من صلاة رباعية أو ثلاثية.
قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أنه لا تسن زيادة القراءة على أم الكتاب في الركعتين غير الأوليين. قال ابن سيرين: لا أعلم أنهم يختلفون في أنه يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب. انتهى.
مع جواز قراءة ما زاد على الفاتحة في غير الأوليين، كما في الفتوى رقم: 26636.
ولا فرق في القراءة بين الفريضة والسنة والنافلة. قال ابن قدامة أيضا في المغني: وجملة ذلك أن قراءة السورة بعد الفاتحة مسنونة في الركعتين من كل صلاة، لا نعلم في هذا خلافا. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 29539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/6354)
من اقتصر على قراءة الفاتحة، ومن ترك قراءة الفاتحة ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة النفل (الفجر مثلا) بالفاتحة فقط دون السورة؟ هل هي جائزة؟ هل يجب الإتيان بسجود السهو القبلي اعتبارا أنني نسيت الفاتحة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يقرأ المصلي في النافلة بفاتحة الكتاب وما تيسر؛ كما ثبت عند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بهما في المغرب. ولو اقتصر على الفاتحة أجزأته. بل إن الاقتصار عليها في ركعتي سنة الفجر مستحب في المشهور من مذهب المالكية، قال النفرواي في الفواكه الدواني: ويستحب أن يقرأ في كل ركعة من ركعتي الفجر بأم القرآن فقط ويسرها، قال خليل: وندب الاقتصار على الفاتحة سراً لما في الموطأ من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين الفجر فيخفف فيهما حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن أم لا. أما من ترك قراءة الفاتحة ناسياً أعاد الركعة والركعات التي نسي فيها القراءة. قال الإمام النووي في المجموع: ففيمن ترك الفاتحة ناسيا حتى سلم أو ركع قولان مشهوران، أصحهما باتفاق الأصحاب وهو الجديد: لا تسقط عنه القراءة بل إن تذكر في الركوع وبعده قبل القيام إلى الثانية عاد إلى القيام وقرأ، وإن تذكر بعد قيامه إلى الثانية لغت الأولى، وصارت الثانية هي الأولى، وإن تذكر بعد السلام ـ والفصل قريب ـ لزمه العود إلى الصلاة ويبني على ما فعل فيأتي بركعة أخرى ويسجد للسهو، وإن طال الفصل يلزمه استئناف الصلاة. ولا يجبر سجود السهو وحده نسيان الفاتحة لأنها من أركان الصلاة؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14933، والركن لا يسقط بالنسيان ولا يجبر تركه بالسجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(11/6355)
تصحيح لحن الإمام في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي جزاكم الله خيرا هو هل علي أن أصحح تلاوة الإمام إذا قال (صراط اللزين أنعمت عليهم) أم أراعي لهجة القارئ علما بأنه من دولة مصر الشقيقة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام فعلا يبدل الذال زايا فالواجب تصحيح خطئه، وتنبيهه على ذلك، لأن الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح بدونها، واللحن فيها غير مغتفر، وراجع الفتوى رقم: 3280.
هذا إضافة إلى أن الشخص المذكور لا تصح إمامته إلا لمثله مع صحة صلاته هو في نفسه إن عجز عن التعلم فإن أمكنه التعلم، فلم يتعلم فصلاته باطلة، ولا تصح إمامته لمن يحسن القراءة لأنه اقتدى بمن لا يجوز اقتداؤه به، وراجع الفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/6356)
قراءة البسملة بدون تعيين أو نية
[السُّؤَالُ]
ـ[لو فرضنا أن البسملة آية في كل سورة إلا (التوبة) فهل تشترط النية خاصة عند سورة الفاتحة في الصلاة أقصد هل علي أن أنوي أني سأقول (بسم الله الرحمن الرحيم) لسورة الفاتحة وليست لسورة أخرى أو ليست مجرد بدء للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في أقوال العلماء في البسملة وهل هي آية من الفاتحة وقراءتها في الصلاة وأول السور، وانظر على سبيل المثال الفتوى رقم: 36312، والفتوى رقم: 34178، والفتوى رقم: 1949، والفتوى رقم: 2431، والفتوى رقم: 2243.
وقولك هل أنوي أن أقول: بسم الله.... لسورة الفاتحة.
لا يحتاج الأمر إلى هذه الوسوسة، فإذا كبرت للصلاة وقرأت الاستعاذة فاقرأ البسملة ثم اشرع في قراءة الفاتحة، ولا تفتح على نفسك باب الوسوسة هل هذه البسملة للفاتحة أو لغيرها؟ وهل الاستعاذة للفاتحة أو لكل القراءة ... وهذا لا ينتهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/6357)
حكم صلاة من يلحن في القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي سيدة كبيرة في السن أمية لا تجيد لا القراءة ولا الكتابة مواظبة جداً على صلاتها، لكني اكتشفت أخيراً أن قراءتها للسور التي تصلي بها تشتمل على أخطاء وأستطعت والحمد لله تدارك ذلك، سؤالي: هل تقبل صلاتها السابقة بالأخطاء في السور، وهل من إثم عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت والدتك لا تتعمد ما يصدر عنها من أخطاء في السور التي تحفظها، فإنها معذورة وصلاتها صحيحة إن شاء الله تعالى إذا كانت لا تخطئ في الفاتحة مع عجزها عن إصلاح الخطأ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن حبان في صحيحه وابن ماجه في سننه وصححه الشيخ الألباني، وللتفصيل في هذه المسألة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 4865، 17834، 5012، 37135، 49450.
وقد أحسنت صنعاً فيما قمت به من إصلاح للأخطاء المذكورة وستجدين الثواب الجزيل على ذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
أما عن صحة صلواتها السابقة، فإن كانت مستوفية الشروط والأركان سالمة من المبطلات فهي صحيحة إن شاء الله تعالى، ما دام الخطأ في القراءة قد وقع عن جهل بالحكم، وعدم تمكن من الإصلاح.
فقد قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة، وأما المتقي الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة علم ذلك بإخبار الله تعالى لا أن ذلك يجب على الله تعالى عقلاً وقال عدي بن ثابت وغيره: قربان متقي هذه الأمة الصلاة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(11/6358)
ما يقرؤه المصلي في صلاة القصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقرأ في الصلوات الرباعية التي يتم قصرها إلى ركعتين؟ بمعنى هل يكتفى بالفاتحة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يقرأ المصلي في الركعتين الأوليين مع الفاتحة ما تيسر من القرآن سواء قصر الرباعية أو صلاها تامة، لا فرق في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/6359)
صلاة من عنده خلل في نطق حرف من الحروف
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم من قبل عن سورة الفاتحة وقمتم بالرد جزاكم الله خيراً، ولكني أتساءل عن حالتي خاصة ولم أجدها إذا نطقت حرف الدال في الفاتحة وظهر للسامع حرف تاء \"لا أقف إماماً لغيري\" فما الحكم، وأحياناً أنطقها دالاً صحيحة، خاصة أني أظل أعيد وأكرر الآيات وكثيراً ما يفوتني الركوع مع الإمام فأركع ويكون هو ساجدا ثم ألحقه في السجود فأقوم بعد الصلاة بإعادتها وحدي وأظل أكرر أيضاً وأنا وحدي مما يسبب لي إرهاقاً شديداً، فما الحكم إذا كنت في جماعة أو منفرداً لوحدي وإذا كانت هذه وسوسة فما الحكم إلى أن أتخلص منها إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تنطق بحرف الدال نطقا صحيحاً فلا يضرك أن يكون السامع قد سمعه على أنه حرف التاء، وأما إذا كنت فعلا تنطق به أحيانا تاء فإنه ينبغي لك أن تسعى إلى نطقه في قراءة الفاتحة في الصلاة دالا إن أمكن ذلك، وإلا فلا حرج عليك، وإن كنت تقدر ولكن ببطء فيلزمك ذلك إذا صليت منفرداً، وأما إذا صليت مأموماً فلا تتأخر لقراءتها بل تابع الإمام لأن الفاتحة لا تلزم المأموم عند الحنفية والمالكية، فقد ذهبوا إلى عدم وجوب قراءتها على المأموم، ومذهبهم هو الأرفق بك وبأمثالك، فلا حرج عليك في الأخذ به ما دمت لا تقدر على نطقه دالا إلا بمحاولة بحيث لا يمكنك متابعة الإمام. وهذا كله إذا كان يعسر عليك النطق به فعلا.
أما إذا كان ذلك نتيجة وسواس، فلا تلفت إلى الوسواس، واعتبر نفسك نطقته نطقاً صحيحاً من أول مرة، ويمكنك معرفة صحة النطق بالحرف المذكور بأن تعرض قراءتك على شخص يعرف مخارج الحروف وصفاتها، فإن قال لك نطقك بالحرف صحيح، فاعلم أن ما تشعر به وسواس فلا تلتفت إليه، وإن قال لك عندك خلل في نطقه فحاول إصلاحه على يد هذا الشخص أو غيره إن أمكن، وإلا فلا شيء عليك لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، إلا أنه لا يصح أن يقتدي بك من هو أحسن منك قراءة، ويصح أن يقتدي بك من هو مثلك أو دونك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/6360)
قراءة صلاة الفاتح بدلا عن التأمين في الصلاة غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض البلدان وبعد قراءة الفاتحة لا يؤمنون بل يقرؤون اللهم صل وسلم على سيدنا محمد الفاتح لها أغلق والخاتم لها سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين هل هذامحدث أي بدعة ومن أحدثه عبر العصور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأمين بعد قراءة الفاتحة سنة، والراجح من أقوال أهل العلم الجهر به في الصلاة الجهرية والإسرار به في السرية. وقال بعض العلماء بالإسرار به في جميع الصلوات، وراجع فتوانا رقم: 12241.
والصلاة التي ذكرت إنها تقرأ في بعض البلدان هي المسماة بصلاة الفاتح، وهي من أذكار التيجانية، وقد ابتدعوها مدعين أن زعيم طريقتهم أحمد التيجاني المتوفى سنة 1230هـ والمدفون في مدينة فاس المغربية قد التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم لقاء حسيا، وأنه تعلم منه صلاة الفاتح.
وراجع فيما يدعيه أصحاب هذه الطريق عن صلاة الفاتح الفتوى رقم: 22508 وإذا علمت أن الصيغة المذكورة للصلاة بدعة فما ظنك إذا كانت تضاف مكان التأمين المشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/6361)
حكم تكرار آية من الفاتحة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تكرار الآية في الفاتحة أكثر من مرة أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تكرار الفاتحة وأولى آية منها لا تبطل به الصلاة ولو كان عمداً على الراجح من مذهب الإمام أحمد، لكنه مكروه، كما بينا في الفتوى رقم: 26857.
أما الشافعية فقد قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع نقلا ً عن إمام الحرمين: إذا كرر الفاتحة أو آية منها.... لا بأس بذلك إن كان لتشككه في أن الكلمة قرأها جيداً أم لا لأنه معذور وإن كرر كلمة منها بلاسبب قال الإمام والذي أراه أنه لا تنقطع موالاته بتكرير آية منها كيف كان. إلى أن قال: وقال البغوي إن كرر آية لم تنقطع القراءة. انتهى بحذف قليل.
والمعتمد عند المالكية عدم بطلان الصلاة بتكرير الفاتحة عمداً قال الخرشي في شرح مختصر خليل: عند قوله وبتعمد كسجدة قال: وخرج بتمثيله بالركن الفعلي الركن القولي كتكرير الفاتحة والظاهر لا تبطل. انتهى، وهذا في العمد وأما في السهو فلو كرر الفاتحة كلها سهواً سجد بعد السلام ولا يسجد لتكرير آية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/6362)
صفة القراءة بعد الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يقرأ في الركعه الأولى اّّيات من بداية سورة ما وفي الركعه الثانيه يترك الآيات التي بالمنتصف ويبدأ في الآيات الآخيرة من نفس السورة مثال على ذلك يبدأ بالركعه الأولى بسبح اسم ربك الأعلى ... إلى ... إنه يعلم الجهر وما يخفى ويبدأ بالركعه الثانيه ب قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه (إلى أخر السوره) نلاحظ هنا أنه ترك آيات في المنتصف هل هذا جائز أم الأفضل التواصل في تسلسل الأيات....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الإمام إذا فعل ما ذكره السائل، لعموم قوله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ {المزمل: 19} . ولكن الأولى أن يقرأ في كل واحدة من الركعتين السورة كاملة، فإن لم يفعل، فالأولى له أن يبدأ في الركعة الثانية من حيث انتهى في الركعة الأولى، كما كان هديه صلى الله عليه وسلم.
قال في كشاف القناع: ولا تكره قراءة أواخر السورة وأوساطها كأوائلها، لعموم قوله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ. ولما روى أحمد ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى من ركعتي الفجر قوله تعالى: قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا. وفي الثانية: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: وكان من هديه قراءة السورة كاملة، وربما قرأها في الركعتين، وربما قرأ أول السورة، وأما قراءة أواخرها وأوساطها فلم يحفظ عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(11/6363)
حكم القراءة في الصلاة بتعطيش الجيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من ينطق الجيم بتعطيشها في الصلاة تبطل صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجيم من الحروف الشجرية التي تخرج من وسط اللسان مع ما يقابله من الحنك الأعلى، ومع إخراجها من مخرجها المذكور فلا بد أيضاً من إعطائها صفاتها الحقيقية التي تتميز بها عن غيرها وهي الجهر والشدة، فإذا عطشت فإن ذلك يذهب بصفتها ويجعلها حرفا مهموساً ومتفشياً، وهذا خطأ ولحن لا يجوز تعمده في القرآن الكريم وخاصة إذا كان ذلك في الصلاة.
أما إذا كان ذلك عن عجز أو خطأ غير متعمد فنرجو أن يكون صاحبه معذورا ولا تبطل، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 50967.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/6364)
إكمال الفاتحة أم إدراك الركوع مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى أحدهم بجواري في صلاة الظهر وبدأنا معا مع تكبيرة الإحرام وفي الركعة الرابعة ركع الإمام والذي بجواري لم يركع حتى قال الإمام سمع الله لمن حمده وبعدها ركع، فحدثته أنه لم يدرك الركعة الرابعة فقال يجب علي أن أتم الفانحة بتأنٍ وبعدها أركع، فمن منا على صواب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المأموم في هذه الحالة متابعة إمامه ليدركه في الركوع، وإن لم يكمل قراءة الفاتحة، وذلك لأن متابعة الإمام واجبة بلا خلاف، وقراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم فيها خلاف قوي بين العلماء هل تجب أم لا؟ وقد بينا هذه المسألة في الفتوى رقم: 27433، والفتوى رقم: 31636.
ومقابل قول الجمهور هو قول الشافعية بأنه يجب على المأموم إكمال الفاتحة ولو فاته الإمام بالركوع على الصحيح عندهم، واعتبروا هذا من التخلف وراء الإمام بعذر، وهو لا يضر عندهم في ركن واحد أو ركنين لعذر.
قال النووي في المجموع وهو يذكر الحالات التي إذا لم يتابع فيها المأموم الإمام لا تبطل صلاته، قال: ومنها: أن يكون المأموم بطيء القراءة لضعف لسانه ونحوه لا لوسوسة، والإمام سريعها فيركع قبل أن يتم المأموم الفاتحة فوجهان أحدهما: يتابعه ويسقط عن المأموم باقيها فعلى هذا إن اشتغل بإتمامها كان متخلفا بلا عذر، والصحيح الذي قطع به البغوي والأكثرون لا يسقط باقيها، بل يلزمه أن يتمها ويسعى خلف الإمام على نظم صلاة نفسه. انتهى، وبهذا يتضح للسائل حكم المسألة وقول الجمهور فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(11/6365)
حجة من قال بوجوب قراءة الفاتحة ولو لم يسكت إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتمادا على قول من أوجب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية حتى لو لم يسكت الإمام واستمر في قراءة السورة بعدها، فكيف يقرأ المأموم الفاتحة إذا تابع الإمام قراءته وقرأ سورة العصر مثلا ... فلا المأموم يتم الفاتحة ولا هو استمع لما قرأ الإمام.. وإذا أخطأ الإمام لا يجد من يرده لأن من خلفه مشغولون بالقراءة ... فما الراجح: الاستماع للإمام أم قراءة الفاتحة..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم قراءة المأموم للفاتحة في الفتوى رقم: 2281، فليرجع إليها ففيها تفصيل المسألة وأقوال العلماء فيها، وأن من قال بوجوب قراءة الفاتحة ولو لم يسكت إمامه خصص عموم الأمر الوارد بالإنصات في الآية بالأحاديث المصرحة بوجوب قراءة الفاتحة كما في الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/6366)
مسألة قراءة المأموم للفاتحة ليست من الاختلاف المذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ياشيخ إذا سمحت لي لماذا العلماء يختلفون في قراءة المأموم بالفاتحة عقب تأمين الإمام، منهم من يقول ليس على المأموم قراءة الفاتحة، ومنهم من يوجب عليه القراءة، وإن أردنا القراءة اصطدمنا بنص إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا. يا شيخ حل المسالة أقرأ الفاتحة ولا أسكت عقب الإمام؟ والله أستغرب اختلاف العلماء في عمود الدين! وشكرا جزيلا وحفظكم الله. أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة وجوب قراءة المأموم للفاتحة في حال الجهر بها من المسائل التي اختلف فيها العلماء قديما وحديثا، ولكل طائفة من العلماء أدلتها التي تعضد ما ذهبت إليه. وللتعرف على تفاصيل المسألة، وما فيها من أدلة أهل العلم راجع الفتويين التاليتين: 2281 و 1740.
وهذا الاختلاف الصادر من أهل العلم في هذه المسألة ليس من الاختلاف المذموم لأنه ليس اختلافا في أصل من أصول الدين، فهم لم يختلفوا في وجوب الصلاة ولا في حرمة التهاون بها أو تركها، بل كان اختلافهم في مسألة من فروع الفقه التي أخذ فيها كل واحد بما ترجح لديه من دليل، وكلهم والحمد لله مأجور، ومن قلد واحدا من أولئك العلماء فيما ذهب إليه صحت صلاته وبرئت ذمته.
وللتعرف على الاختلاف المذموم وغيره، راجع الفتوى رقم: 8675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(11/6367)
هل يعيد قراءة الفاتحة إذا شك أنه لم يقرأها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أصلي مأموما وكنت أقرأ الفاتحة أثناء الركعة الثالثة وقلت أول آية ولم أكن مركزا، فهل أقولها مرة أخرى خشية أن أكون قد قرأت سورة أخرى بدلا من الفاتحة لعدم تركيزي؟ مع العلم بأن آخر كلمة في الآية تكون آخر كلمة من أول آية في سورة الفاتحة بالفعل. أم أكمل الفاتحة حتى ألحق أن أتمها قبل أن يركع الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكر حكم قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم في الفتوى رقم: 1745 والفتوى رقم: 27338.
وعليه؛ فلا بد للمأموم من قراءة سورة الفاتحة كاملة وخصوصا في الصلاة السرية، لكنا نرى أن حالة السائل فيها شيء من الوسوسة. وعليه؛ فحكمه الاستمرار في القراءة وعدم الالتفات إلى الوسوسة والشكوك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(11/6368)
حكم اللحن في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة الإمام سورة الفاتحة بتطويل الفتحة (مثل الألف) في إياك ثم يوقف هنيهة ثم يواصل نعبد ... هكذا يستمع تقريبا (إياكا ... ونعبد إياكا ... نستعين) وحجته أنه يريد بذلك الإيضاح، علما بأنه في الوقت الذي يؤم بنا، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ينطق به الإمام المذكور هو من اللحن الذي لا يغير المعنى وبالتالي فلا يبطل الصلاة، قال ابن قدامة في المغني: يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى، فإن ترك ترتيبها أو شدة منها أو لحن لحنا يحيل المعنى مثل أن يكسر كاف إياك أو يضم تاء أنعمت أو يفتح ألف الوصل في اهدنا لم يعتد بقراءته إلا أن يكون عاجزا عن غير هذا. انتهى، وللمزيد من الفائدة والتفصيل عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 18936.
ولكن ينبغي نصح الإمام المذكور بترك تلك الزيادة والاقتصار على قراءة الفاتحة مرتلة مجودة بدون نقصان ولا زيادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/6369)
من ترك الفاتحة ناسيا حتى سلم أو ركع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الإمام في حالة اكتشافه أنه نسي قراءة الفاتحة في إحدى الركعات، فهل يقوم للركعة الخامسة، وما وضع المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام قد تذكر نسيان الفاتحة في الركعة الأخيرة قبل السلام أو بعد السلام بوقت قريب فإنه يعود إلى صلاته بانيا على ما فعل، ويأتي بركعة ويسجد للسهو، قال الإمام النووي في المجموع: ففيمن ترك الفاتحة ناسياً حتى سلم أو ركع قولان مشهوران أصحهما باتفاق الأصحاب وهو الجديد لا تسقط عنه القراءة؛ بل إن تذكر في الركوع وبعده قبل القيام إلى الثانية عاد إلى القيام وقرأ.
وإن تذكر بعد قيامه إلى الثانية لغت الأولى وصارت الثانية هي الأولى، وإن تذكر بعد السلام والفصل قريب لزمه العود إلى الصلاة ويبني على ما فعل فيأتي بركعة أخرى ويسجد للسهو، وإن طال الفصل يلزمه استئناف الصلاة. انتهى.
أما المأمومون فتجب عليهم متابعة الإمام ما لم يتيقنوا أنه زاد في الصلاة ما ليس منها لغير سبب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
والفاتحة يسقط وجوبها عن المأمومين على الراحج ما داموا مقتدين بإمام، قال ابن قدامة في المغني: وتختص الفاتحة بسقوطها عن المأموم لأن قراءة إمامه له قراءة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1425(11/6370)
الاحتياط في الدين قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية والسرية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل المأموم خلف الإمام في الصلاة بعد أن انتهى الإمام من قراءة الفاتحة وأثناء قراءة سورة بعد الفاتحة، فهل يقرأ المأموم في ذلك الوقت الفاتحة أم أنه يستمع لقراءة الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة المأموم للفاتحة خلف إمامه في حال الجهر مسألة خلاف بين أهل العلم، وللوقوف على التفصيل في هذا راجع الفتوى رقم: 1740.
ولا فرق في ذلك بين من أدرك الفاتحة مع الإمام ومن لم يدركها ولكنه تمكن من قراءتها، ولا شك أن من الورع والاحتياط في الدين قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية والسرية للخروج من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/6371)
قراءة المأموم للفاتحة حال جهر الإمام لا إثم فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[مقتنع بأن الفاتحة ليست واجبة على المأموم في الصلاة الجهرية, ولكن أقولها من باب الاحتياط. فهل أكون آثماً لأني لم أنصت إلى الإمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءتك للفاتحة في حال الجهر احتياطا لا إثم فيها نظرا لقول بعض أهل العلم بوجوب القراءة حينئذ.
ولكن مذهب الجمهور عدم القراءة والاكتفاء بالإنصات امتثالا لقوله تعالى: [وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] (لأعراف:204)
لكن كان عليك أن تنصت للقراءة، فإن الإنصات لقراءة الإمام مطلوب على كلا القولين.
وراجع تفصيل المسألة في الجوابين التاليين: 19586، 28199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/6372)
لا يكمل الفاتحة من أجل سرعة الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا يكمل قراءة الفاتحة خلف الإمام لسرعته في الركعتين الثالثة والرابعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها، فرضا كانت الصلاة أو نفلا، وهي واجبة على الإمام والمنفرد، وعلى المأموم في سكتات الإمام، وجمعا بين الأدلة التي تدل على وجوبها على كل مصل، كقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه، وبين النصوص التي تأمر بالإنصات للإمام، كقوله تعالى: [وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا] (لأعراف: 204) . فإنها في الصلاة على الصحيح.
فإذا كان الإمام الذي تصلى معه يقرأ قراءة سريعة بحيث لا يتأتى أن يأتي بالفاتحة على حالها فلا تصل معه، أما إذا كانت قراءته سريعة سرعة عادية يأتي بالأحرف ولا يخل بها، فيمكن أن تطلب منه برفق ولين أن يتمهل في القراءة حتى تتمكن من قراءة الفاتحة، فإن فعل فنعما هي، وإلا، فإن استمر على سرعته ولم تتمكن من إكمال الفاتحة، فالراجح أن صلاتك صحيحة، لأن كثيرا من الفقهاء من المتقدمين وغيرهم لا تجب قراءة الفاتحة عندهم على المأموم في حال السر، بل يعتبرونها مستحبة له فقط، وهؤلاء على رأسهم أبو حنيفة رحمه الله، وهو المشهور من مذهب مالك. قال القرطبي في "جامع أحكام القرآن": لا ينبغي لأحد أن يدع القراءة خلف إمامه في حال السر، فإن فعل فقد أساء ولا شيء عليه عند مالك وأصحابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/6373)
هل يأتي المأموم بالاستعاذة والبسملة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة الجهرية هل يشرع الاستفتاح والتعوذ والبسملة، ولماذا هذا يشرع فأنا لا أقرأ لأتعوذ ولا أبسمل فالإمام يقرأ لي فلماذا في بداية الصلاة أفعل ذلك وأيضا هل فقط الاستفتاح ولا شيء بعده، يعني إذا كنت مأموما ماذا أفعل بعد تكبيرة الإحرام في الجهرية والسرية مع الإمام وإذا كنت منفردا أيضا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الاستفتاح سنة لكل مصل، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا، وسواء كان في صلاة جهرية أو سرية، وراجع الفتوى رقم: 11227.
أما الاستعاذة، فهي مشروعة لمن أراد أن يقرأ القرآن. قال تعالى: [فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ] (النحل: 98) .
أما من لم يقرأ فلا يستعيذ، نقل ابن قدامة في "المغني" عن ابن منصور أنه قال للإمام أحمد: سئل سفيان أيستعيذ الإنسان خلف الإمام؟ قال: إنما يستعيذ من يقرأ. قال أحمد: صدق.
أما البسملة، فهي مشروعة لمن قرأ الفاتحة وأوائل السور، وهو مخير إذا قرأ أواسطها، علما بأن الراجح لدينا وجوب قراءة الفاتحة على المأموم إذا كانت الصلاة سرية، وكذلك إذا كانت جهرية والمأموم لا يسمع قراءة الإمام.
وراجع الفتوى رقم: 22500، أما للإمام والمنفرد، فقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، وراجع الفتوى رقم: 12455، والفتوى رقم: 14933.
والله أعلم. ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/6374)
حكم الصلاة خلف من يقول في الفاتحة \"ولا الظالين\"
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك إمام المسجد القريب من بيتي يقول ولا الظالين بدل ولا الضالين هل صلاتي خلفه غير صحيحة فأنا أعرف أنه لا صلاة بغير فاتحة الكتاب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما سؤالك عن الصلاة خلف من يقرأ "ولا الظالين" بدلاً من "ولا الضالين" فانظر في جوابه الفتوى رقم: 34506.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/6375)
المؤمن على دعاء غيره يعتبر داعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد يا شيخ هناك مسائل دقيقة لم أجد لها الفهم التام وهي كالتالي.. عند قولنا آمين كم نمد الألف والنون ممكن أن تعطيني أرقاما في المد لنوافق السنة بذلك.. وأيضا لو أنا ماش بالطريق وسمعت القارئ يقرأ وذكر الفاتحة هل يشرع لي ن أقول آمين بالدليل وأيضا لما يكون دعاء بالقرأن مثل {ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا ... } هل يشرع لي أن أقول أمين..
وأيضا عند الحيعلتين للمؤذن كيف يحرك رأسه هل له أن يميل رأسه إلى بياض جنبه الأيمن ويقول حي على الصلاة وينتظر ولا يرجع رأسه ويقول حي على الصلاة..
وأيضا اليوم نسمع الأذان شبيهاً للتلحين فكيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان وكذلك يا شيخ بارك الله في عمرك وذريتك لما نتشهد التشهد الأول هل أكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك لما أكون في التشهد الأول وأحرك أصبعي للتشهد فمتى أقف هل بعد انتهاء سلام الإمام على الجنبين أو لما يتلفظ بالسلام أقف بارك الله فيك وفي صحتكم والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا يشتمل على عدة مسائل:
المسألة الأولى: هو كلمة آمين، فهذه الكلمة ليست من القرآن الكريم، وأفضل طريقة لضبط مدها متابعة سماعها من إمام متقن للأداء حتى تتمكن من النطق الصحيح لها، ولا توجد أرقام دقيقة لقدر هذا المد.
المسألة الثانية: تأمينك عند سماع قراءة الفاتحة أو غيرها لا بأس به، بل أنت مثاب عليه إن شاء الله، لأن المؤمن على دعاء غيره يعتبر داعياً أيضاً بدليل أن الله تعالى قال في شأن موسى وهارون: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا (يونس: من الآية89) ، وهارون لم يدع، وإنما أمَّن على دعاء موسى، فإذا أمَّنت على دعاء غيرك فكأنك قد دعوت له باستجابة الدعاء.
المسألة الثالثة: فالمؤذن يدير وجهه إلى اليمين إذا قال حي على الصلاة، وإلى اليسار إذا قال حي على الفلاح، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يدير وجهه على يمينه إذا قال حي على الصلاة وعلى يساره إذا قال حي على الفلاح، ولا يزيل قدميه عن القبلة في التفاته لما روى أبو حنيفة قال: رأيت بلالاً يؤذن وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا. انتهى.
المسألة الرابعة: راجع حكم التلحين في الأذان في الفتوى رقم: 35591.
المسألة الخامسة: التشهد الأول ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تقصيره وعدم الدعاء فيه، وبالتالي فلا تطلب فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم في زاد المعاد: وكان صلى الله عليه وسلم يخفف هذا التشهد جداً حتى كأنه على الرضف، وهي الحجارة المحماة، ولم ينقل عنه في حديث قط أنه صلى عليه وعلى آله في هذا التشهد، ولا كان أيضاً يستعيذ فيه من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال، ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات قد صح تبيين موضعها وتقييدها بالتشهد الأخير. انتهى.
المسألة السادسة فلعلك تقصد التشهد الثاني لأنه هو الذي يحصل بعد السلام وليس التشهد الأول، فإذا كنت في التشهد الثاني فيمكن مواصلته هو وما يشتمل عليه من دعاء حتى ينتهي الإمام من التسليمتين، فإذا انتهى تسليم الإمام يكره الدعاء حينئذ، قال خليل في مختصره مستطرداً المواضع التي يكره فيها الدعاء: وبعد سلام إمام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/6376)
لا تمنع الصلاة خلف من لا يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا المغرب اليوم أخ غير عربي ولكنه خريج الأزهر الشريف وأحفظنا للقرآن على ما نعتقد ولكن له في قرءئته لكنة ولكن نطق الفاتحة سليمة واعترض بعض الزملاء على أنه ينطق العربية بلكنة لهذا لا تصح إمامته وليس منا من هو دارس لقواعد التلاوة مثله، وأيضا قالوا لي إن العاجز لا تصح إمامته نرجو الإفاده جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام يحسن قراءة الفاتحة ولا يلحن فيها لحناً يخل بالمعنى فلا حرج في الصلاة خلفه، أما إذا كان يلحن بالمعنى فلا يصح الاقتداء به، ولكن ينبغي أن يكون الشخص الذي يحكم على لحنه بأنه مخل أو غير مخل عالماً بهذا الشأن، وقد فصلنا ما يتعلق بهذا الموضوع في الفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/6377)
استحباب قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأوليين
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو منكم أيها الإخوة الكرام أن تبينوا لنا بالكتاب والسنة مسألة القراءة بعد الفاتحة.. فهناك منا من قال لا يجوز القراءة بأقل من آيتين، وهناك منا من أجاز القراءة بآية أو حتى بجزء منها كأن تقرأ "إن الله لا يخلف الميعاد" أو \"أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين\" كجزء من الآية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالسورة بعد الفاتحة غير واجبة، بل سنة، والراجح أن أصل السنة يحدث بآية أو بعضها إن أفاد، وهذا ما ذكرناه في الفتوى رقم: 37877، والفتوى رقم: 31950.
والذي نحب أن ننبه إليه أن المسألة هينة، فلا ينبغي أن يدور حولها خلاف وشقاق، فجماهير فقهاء الإسلام على عدم وجوب السورة بعد الفاتحة، وإنما الخلاف بينهم في ما يحصل به أجر السنة، وقد سبق ما هو الراجح، والأفضل هو أن يأتي بسورة كاملة، لما في البخاري ومسلم وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وعلى هذا القول جماهير الفقهاء، بل قال ابن مفلح في الفروع: لا خلاف بين أهل العلم في استحباب قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة. اهـ.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/6378)
يجب بذل الوسع في تعلم الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمي سيدة كبيرة وليست متعلمة وهي تخطئ في قراءة الفاتحة وصعب أن أعلمها قراءتها، فهل الصلاة صحيحة وأبي نفس الموضوع ولكنه متعلم ولكن سنه كبيرة
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها، ويدل لذلك حديث الصحيحين: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
وبناء على هذا فإنها يجب تعلمها على كل مكلف وتصحيح ألفاظها، وإذا تصورنا أن أحداً كبر ولم يتعلمها، فإنه يتعين على ولده أن يعلمها له ويصحح له ألفاظها، فإن ذلك من البر به، فإن لم يتعلمها مع إمكان التعلم فإن صلاته باطلة، وأما صعوبة تعليمك لهما، فإن كانت للكنة فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فيجب عليهما من ذلك بذل الوسع في تصحيح الألفاظ، ويعفى لهما عما عجزا عنه.
وإن كانت الصعوبة بسبب عدم قبولهما التعلم منك، فعليك -بعد الدعاء لهما بالهداية وقبول التعلم- أن تسعى في إقناعهما بالموضوع، وتستعين بغيرك ممن يمكنه التأثير عليهما حتى يساعدك في إقناعهما وتعليمهما، ويمكن أن تستعين بالوسائل المساعدة كالشريط المعلم، وأشرطة أهل العلم المرغبة في التعلم، والأشرطة والرسائل والكتب التي تؤكد وجوب حفظ الفاتحة ووجوب إتمام الصلاة.
وراجع للمزيد من التفصيل في حكم صلاة اللاحن ووجوب الفاتحة وحكم من عجز عنها الفتاوى التالية أرقامها: 40159 / 23898 / 2281 / 5012 / 1377 / 4195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/6379)
حكم تأمين المصلي في غير الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقول المصلون آمين عند انتهاء الإمام من قراءة أواخر سورة البقرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أن يؤمن المصلي عندما ينتهي من قراءة قوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين َ [البقرة:286] ، في صلاة التطوع عموماً، أما الفريضة فلا يدعو فيها بمثل هذه الأدعية إلا إذا كان ساجداً، وأما التأمين فلا يؤمن إلا بعد الفاتحة، قال الشافعي رحمه الله في الأم: ولا يقال آمين إلا بعد أم القرآن، فإن لم يقل لم يقضها في موضع غيره. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 20331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(11/6380)
من عجز عن قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أرجو أن تشرحو لي ماذا يقرأ المصلي في الصلاة الرباعية في الركعة الثالثة والرابعة؟ حيث إن بعض العلماء يقولون إنه يسبح الله، والبعض يقول الفاتحة فقط، وأرجو كتابة الدليل لكل الإجابات؟ وشكراً وأثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة قراءة الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الظهر والعصر والثالثة من المغرب، وقد سبق التدليل على ذلك في الفتوى رقم: 26993.
أما ما نسب في السؤال إلى بعض العلماء من جواز التسبيح بعد الفاتحة في الركعات المذكورة، فهذا ما لم نعثر عليه، ولعل المقصود هو أن من عجز عن قراءة الفاتحة جازت له عدة أمور من جملتها التسبيح، قال في جواهر الإكليل -وهو مالكي- عند قول خليل: وندب فصل بين تكبيره وركوعه، بسكوت أو ذكر أو سورة أخرى. وهذا في حق العاجز عن قراءة الفاتحة، كما ذكر شراحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(11/6381)
لا أثر للخطأ في الصلاة في غير الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحاول حفظ القرآن إن شاء الله والشيء الذي أحفظه أقرؤه في صلاتي ولكن بعد الحفظ الجيد، وأصلي في الليل وكل شيء على ما يرام، ولكن في الصلاة المفروضة بعض المرات أخطئ في بعض الآيات كتقديم آية أو في تشكيل الكلمات، هل هنا الصلاة صحيحه، وهل علي إعادة الصلاة، وماهي نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يجزيك خيراً على حرصك على حفظ القرآن وقراءته، وأبشر بحسن الجزاء من الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار. رواه البيهقي، وصححه الألباني.
وقال أيضاً: اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. رواه مسلم.
وبالنسبة للصلاة التي تخطئ فيها في قراءة بعض الآيات، فصلاتك صحيحة، ما لم يكن الخطأ في فاتحة الكتاب، وقد تقدم ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 4865.
ولقد تقدمت لنا فتاوى تتضمن نصائح لمن أراد أن يحفظ القرآن، تراها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35857، 31173، 3913، 27446، 22551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1424(11/6382)
قرأ التشهد بدلا من الفاتحة سهوا فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي صلاة العصر وراء إمام، انتبهت في الركعة الآخيرة وأنا أقرأ التشهد محل سورة الفاتحة، وقبل أن أتمكن من قراءة سورة الفاتحة ركع الإمام وركعت معه، ونعلم أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة الفاتحة، فماذا على المصلي أن يفعل في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن.
وجمهور أهل العلم على أن قراءة الفاتحة في السرية للمأموم واجبة، وخالف الإمام مالك في ذلك فرآها مستحبة في حق المأموم، قال خليل: وندبت إن أسر.
وخالف فيه أيضاً الأحناف فقالوا: لا يقرأ المؤتم خلف الإمام في السرية والجهرية، بل يستمع وينصت، من الإنصات بمعنى السكوت. انظر مجمع الأنهر.
ويستدلون بحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة. أخرجه ابن ماجه وأحمد، وفيه وفي الاستدلال به كلام لأهل العلم، إلا أن مسألتك تخرج عن موضوع خلافهم، لأنك لم تتعمد تركها، بل قرأت غيرها سهواً، ولم تتمكن من قراءتها بعد ذلك، وأنت مطالب بمتابعة إمامك، فالظاهر أن لا شيء عليك، وصلاتك صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/6383)
حول الصلاة على النبي بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك دعاء يقرأ مباشرة بعد سورة الفاتحة (اللهم صل وسلم على سيدنا محمد..) هل يمكنني الحصول عليه كاملا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لا نعلم دليلا يدل على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الفروض الخمسة والنوافل بعد سورة الفاتحة مباشرة.
وأما صلاة الجنازة، فإنه يشرع فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، والدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة، كما سبق في الفتوى رقم: 1999، ويدل لذلك قول أبي أمامة رضي الله عنه: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ ... رواه ابن أبي شيبة والطبراني في مسند الشاميين، وعبد الرزاق بسند صحيح، وأخرجه الجارود وقال ابن حجر في "التلخيص": رجاله مخرج لهم في الصحيحين.
وراجع صيغة الصلاة المفضلة في الفتوى رقم: 5025.
وأما في غير الصلاة، فلا نعلم دعاء مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة، ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها. وقد سبق في الفتوى رقم: 969 أن لفظ السيادة لم يثبت ذكره في الصلاة عن السلف، وعلينا أن لا ننسى البيت الذي كان يذكره الإمام مالك دائما:
وخير أمور الدين ما كان سنة ... وشر الأمور المحدثات البدائع
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/6384)
مدى أثر الخطأ القراءة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني أحفظ القرآن وأقوم بتسميع ما حفظته في صلاتي وأكتشف بعد ذلك أنني أخطأت في بعض الآيات فهل صلاتي صحيحة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يؤثر خطؤك في بعض الآيات على صحة الصلاة، إلا إذا كان الخطأ في الفاتحة، وراجع الفتوى رقم: 4195، والفتوى رقم: 4865،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6385)
حكم تكرير سور بعينها في كل صلاة جمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم قراءة نفس الآيات في كل صلاة جمعة أو أي صلاة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تكرير سور وآيات في كل صلاة جمعة لا حرج فيه ما لم يعتقد سنيته أو لزومه، بل قد يكون سنة إذا واظب على السور التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤها في الجمعة، فقد كان يقرأ فيها بالغاشية والأعلى أحياناً، والجمعة والمنافقون أحياناً.
ومثل صلاة الجمعة غيرها من الصلوات، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقرأ السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر ألم* تنزيل وهل أتى على الإنسان.
وفي رواية لمسلم: كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين.
وأخرج مسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية.
وهذا وننبه إلى أن من خلاف الأولى المواظبة على شيء لم يواظب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم: 27268، والفتوى رقم: 12118.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/6386)
لا يجهر المصلي في غير مواضع الجهر
[السُّؤَالُ]
ـ[فيما يخص الركعات الجهرية في الصلاة، هل يكون الجهر في سورة الفاتحة وشيء من القرآن، أم يكون أيضاً في تسبيحات الركوع والرفع منه والسجود والتشهد؟ وهل تكون صلاة النافلة (غير الفرض) جهرا أم سراً؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجهر في مواضع الجهر من الصلاة مخصوص بقراءة القرآن، سواء في ذلك الفاتحة والسورة، وسواء في الفرض أو النافلة على تفصيل تجده في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4442 و 23768 و 34896
أما التسبيح والدعاء والتشهد، فالسنة الإسرار بكل ذلك ولا نعلم خلافاً في ذلك، وكذلك التكبيرات لغير الإمام، فالسنة الإسرار بها عند أكثر أهل العلم؛ إلا إذا كانت هناك حاجة لرفع الصوت بها من أجل إبلاغ صوت الإمام.
أما صلاة النافلة فتارة تكون السنة الإسرار بها وتارة تكون الجهر، وتارة يخير المصلي بينهما، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 34896
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/6387)
تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الرفع من سجود التلاوة وقراءة الفاتحة سهواً، ماذا يترتب على المصلي أن، يفعل ولكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتكرير الفاتحة في الركعة الواحدة لا يبطل الصلاة، سواء كان تكريرها سهواً أو عمداً، ويندب لمن حصل منه ذلك السجود للسهو، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: فإن قرأ الفاتحة مرتين سهواً لم يضر، وإن تعمد فوجهان، الصحيح المنصوص لا تبطل لأنه لا يخل بصورة الصلاة ...
وسئل ابن حجر الهيتمي كما في الفتاوى الفقهية الكبرى له: ولو كرر الفاتحة مرتين هل يسن له السجود، أي للسهو.
فأجاب بقوله ضمن جواب طويل: يسجد للسهو أيضاً في تكرير الفاتحة، كما نقله الزركشي عن الرافعي، وهو متجه، وإن جزم بعض المتأخرين بخلافه، لكن إن كررها عمداً لجريان وجه ببطلان الصلاة بذلك، فالسجود له أولى.... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/6388)
هل فرضت الصلاة قبل نزول الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. قبل أن تنزل سورة الفاتحة ماذا كان يقرأ المسلمون في الصلاة بدل سورة الفاتحة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: اختلف أهل العلم في كون الفاتحة مكية أم مدنية، وكذلك قيل نزل نصفها بمكة، ونصفها في المدينة، وكونها مكية أصح، لقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر:87] . وسورةالحجر مكية بإجماع، ومما رجح به القرطبي كونها مكية قوله: ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير الحمد لله رب العالمين، يدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، وهذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء. وبهذا يتضح أن المرجح أن الصلاة لم تفرض إلا بعد نزول الفاتحة. الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/6389)
من تعمد اللحن فصلاته وصلاة المؤتم به باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اللحن في الفاتحة أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللحن في الفاتحة مبطل للصلاة إن كان صاحبه متعمداً، أو كان عاجزاً ولكن له قابلية التعلم ولم يتعلم، وأما إذا كان ساهياً أو غير قابل للتعلم فإن صلاته صحيحة.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما من تعمد اللحن فصلاته وصلاة من اقتدى به باطلة بلا نزاع، لأنه أتى بكلمة أجنبية في صلاته، ومن فعله ساهياً لا تبطل صلاته ولا صلاة من اقتدى به قطعاً، بمنزلة من سها عن كلمة فأكثر في الفاتحة أو غيرها، وإن فعل ذلك عجزا بأن لا يقبل التعليم فصلاته وصلاة من اقتدى به صحيحة أيضاً، لأنه بمنزلة الألكن ... وإن كان عجزه لضيق الوقت أو لعدم من يعلمه مع قبوله التعليم، فإن كان مع جود من يأتم به، فإن صلاته وصلاة من ائتم به باطلة، سواء كان مثل الإمام في اللحن أم لا، وإن لم يجد من يأتم به، فصلاته وصلاة من اقتدى به صحيحة إن كان مثله، وإن لم يكن مثله بأن كان ينطق بالصواب في كل قراءته، أو صوابه أكثر من صواب إمامه فإنه محل الخلاف. 2/26، وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1424(11/6390)
حكم من أتى بالبسملة في الصلاة بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إذا تم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم بعد تلاوة الفاتحة في الركعة الثالثة أو الرابعة فهل تبطل الصلاة وتجب إعادتها أو بذكر صدق الله العظيم وإتمام الصلاة؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أتى بالبسملة في الصلاة بعد الفاتحة فإن صلاته لا تبطل بها، لأنها بعض آية من سورة النمل اتفاقاً، والخلاف إنما هو في كونها آية من أول سورة الفاتحة، أو آية من أول كل سورة من القرآن غير سورة التوبة، أو ليست إلا بعض آية من سورة النمل فقط، والأكمل أن تقال قبل الفاتحة لا بعدها، وأما قول صدق الله العظيم في الصلاة، فإما أن يكون قائلها عامداً أو ساهياً، وقد تقدم القول في تفصيل من تلفظ بكلام في الصلاة لغير إصلاحها، فراجعي فيه الفتوى رقم: 16559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6391)
حكم اللحن في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أثناء الصلاه إذا تم لفظ كلمة منها بصورة غير صحيحة، مثلا إذا كانت بالكسرة وتم لفظ الكلمة بالضمة أو بالفتحة فهل يجب إبطال الصلاة وإعادتها أم بتصحيح الكلمة فقط؟
مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لفظ المصلي كلمة بلفظ غير صحيح، كما إذا غير حركة من حركاتها مثلاً، فإن كان متعمداً ذلك فصلاته باطلة تلزم إعادتها، وإن كان ساهياً فصلاته صحيحة، ويكفيه أن يصلحها إن كان التدارك ممكنا، قال في الخرشي: وأما من تعمد اللحن فصلاته وصلاة من اقتدى به باطلة بلا نزاع، لأنه أتى بكلمة أجنبية في صلاته، ومن فعله ساهياً لا تبطل صلاته ولا صلاة من اقتدى به. 26/2.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(11/6392)
الجهر والإسرار في الصلوات النهارية والليلية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تصح القراءة الجهرية في صلاة الضحى والشفع والوتر و..و..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقاعدة العامة في ذلك هي أن القراءة في صلوات النهار تكون سرية، وفي صلوات الليل تكون جهرية، إلا ما خُص بالدليل، كما هو مبين في الفتوى رقم: 26311.
ومن عكس الأمر فجهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر، فقد خالف السنة وصلاته صحيحة ولا شيء عليه، وراجع الفتوى رقم: 33234.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/6393)
حكم التنكيس بين الآيات في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قراءة سورة في الصلاة بعد الفاتحة تم تقديم آية على آية فهل هذا يفسد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تنكيس القرآن له أربع حالات:
تنكيس السور- وتنكيس الآيات -وتنكيس الكلمات - وتنكيس الحروف.
فأما تنكيس السور وهو أن يقرأ المصلي في الركعة الثانية سورة بعد الفاتحة يكون ترتيبها في المصحف قبل السورة التي قرأ في الركعة الأولى.
أو يقرأ في ركعة واحدة سورتين تكون الثانية منهما قبل السورة الأولى في ترتيب المصحف.
واختلف العلماء في ذلك بين الجواز والكراهة، مع اتفاقهم على صحة الصلاة.
فذهب الحنابلة والمالكية إلى الكراهة وهو الأحوط.
وذهب الشافعية إلى الجواز وهو رواية عن أحمد.
وأما التنكيس بين الآيات وهو أن يقرأ آية قبل الآية الأخرى والتي هي قبلها في ترتيب المصحف فهذا محرم، فإن تعمد ذلك بطلت الصلاة، وقال بعض العلماء يُكره.
قال في بلغة السالك لأقرب المسالك: (وحرم تنكيس الآيات المتلاصقة في ركعة واحدة، وأبطل -أي الصلاة- لأنه ككلام الأجنبي) .
وقال ابن قاسم الحنبلي في حاشيته على الروض: (وأما تنكيس الآيات فقال الشيخ وغيره يحرم، لأن الآيات قد وضعها صلى الله عليه وسلم، ولما فيه من مخالفة النص وتغيير المعنى، وقال ترتيب الآيات واجب لأن ترتيبها بالنص إجماعاً) . انتهى.
وأما إن كان التنكيس بين الآيات عن غير عمد فالقول ببطلان الصلاة بعيد، لاسيما أن من العلماء من قال إن التنكيس بين الآيات مكروه وليس بمحرم.
وأما تنكيس الكلمات فمحرم بالإجماع وتبطل الصلاة به وفاقاً، سواء أكان عن عمد أم سهو، قال في الروض: (ويحرم تنكيس الكلمات وتبطل به) .
ومثله تنكيس الحروف.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الزاد: (هذا لا شك في تحريمه وأن الصلاة تبطل به، لأنه أخرج القرآن عن الوجه الذي تكلم الله به، كما أن الغالب أن المعنى يختلف اختلافاً كبيراً) .ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/6394)
حكم النظر في معاني الآيات أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صلاة قيام الليل إذا كان المصلي يقرأ من مصحف به معاني الكلمات, هل يجوز النظر في جوانب المصحف في معاني الكلمات أثناء الصلاة حتى وإن كان ذلك لا يؤثر على التلاوة أو الخشوع؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع للمتنفل القراءة من المصحف عند جمهور العلماء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1722.
أما بخصوص النظر في معاني الآيات في الصلاة، فلا ينبغي، لأنه يدعو إلى ترك الخشوع في الصلاة، ومعلوم أن كل أمر يؤدي إلى شغل الإنسان عن صلاته أدنى مراتبه الكراهة، ولهذا كره أهل العلم زخرفة المساجد، لأنها تلهي المصلين.
قال في مواهب الجليل نقلا عن الإمام مالك: وقد كره للناس تزويق القبلة، وذلك مما يشغل الناس في صلاتهم.
وعلى هذا، فالذي نرشد السائل إليه هو: أن يبدأ في مطالعة تفسير الآيات قبل الشروع في الصلاة، وأما ما ذكره من الجمع بين القراءة والنظر في معاني الآيات والخشوع فمستبعد، إذ كيف للإنسان أن يجمع بين قراءة الآيات وتتبع معانيها مكتوبة مع محافظته على الخشوع.؟!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(11/6395)
قراءة سورتي السجدة والإنسان كل جمعة سنة ثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنا أؤم الناس في صلاة الفجر وأحافظ على قراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة، ولكن أحد المصلين قال لي يجب أن تصلي يوم الجمعة القادمة بأي سورتين ماعدا هاتين السورتين، كي لا يتخذ العوام من المصلين هذا فرضاً؟ ما حكم فتواه؟ وماهو الصحيح؟ هل أستمر على محافظتي عليهما يوم الجمعة أو أفعل مثل ما طلب، أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة سورتي السجدة والإنسان كل جمعة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن خشي أن يعتقد عوام الناس أن القراءة بهاتين السورتين في صلاة الفجر فرض، فيستحب للإمام ترك القراءة بهما أحياناً حتى يعلم الناس أن القراءة بهما ليست فرضا، وقد نقل شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى عن أكثر أهل العلم أنهم استحبوا ترك القراءة بالسجدة والإنسان أحياناً حتى لا يعتقد الجهال أنها فرض.
وبناءً على ذلك فيستحب لك ترك القراءة بهما أحياناً، أما وجوب ترك القراءة بهما أحياناً فغير صحيح، ولا نعلم أحداً قال به من أهل العلم، إنما اختلف العلماء هل يستحب ترك القراءة بهما أحياناً أو لا يستحب ذلك لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يداوم على القراءة بهما، وكان إذا عمل عملاً أثبته ودام عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/6396)
لو اقتصر على الفاتحة أجزأته صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة السنة فيها سور قصيرة أم تقتصر على الفاتحة؟ علماً بأنني أصلي بالفاتحة فقط السنة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة سورة بعد الفاتحة سنة وليس بواجب، فلو اقتصر على الفاتحة، أجزأته الصلاة -سواء كانت الصلاة فريضة أو سنة-، وبه قال الأئمة الأربعة والثوري وكافة العلماء، إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب عن طائفة أنهم أوجبوا قراءة سورة مع الفاتحة.
وبناء عليه، لو اقتصر على الفاتحة أجزأته الصلاة.
ولكن الأفضل أن يقرأ معها سورة، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وخروجا من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/6397)
حمل المصحف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن لنا حمل المصحف الشريف والقراءة منه في صلاة الليل والنافلة، وهل الحركة في تناول المصحف للقراءة منه لا تبطل الصلاة؟ جزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين والمسلمات خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بحمل المصحف في الصلاة للقراءة منه على الراجح من أقوال أهل العلم كما هو مبين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1781، 1722، 26718.
أما عن الحركة لتناول المصحف هل تبطل الصلاة؟ فجوابه: أنها إن كانت كثيرة فإنها تبطل الصلاة وإلا فلا، وضابط الحركة الكثيرة مبين في الفتوى رقم: 10780، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 30209.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/6398)
ما يترتب على الخطأ في قراءة القرآن في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ 20 سنة لقد تبت وبدأت الصلاة منذ 4 أيام السؤال الأول: هل عندما أخطئ في سورة أعيد السورة فقط أم أعيد الركعة كاملة السؤال الثاني: بم تنصحونني وقد تبت منذ 4 أيام فقط؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن وفقك وهداك وشرفك بأن تكون من أهل السجود له، فإن المُهان حقا هو من أعرض عن هذا الخير واتبع هواه، كما قال الله سبحانه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج:18] .
وينبغي أن تتعلم أحكام الصلاة من خلال حضورك بعض الدروس العلمية، أو سماعك لشريط أو قراءتك لكتاب معنيٍ بذلك.
وإذا أخطأت في قراءة السورة، فإما أن يكون ذلك في الفاتحة وإما أن يكون في غيرها، أما الخطأ في الفاتحة فلا بد من إصلاحه، لأن الفاتحة ركن من أركان الصلاة، فتصلح الخطأ وتكمل قراءتك، ولو نسيت منها آية أو أخطأت خطأ، ولم تنتبه لذلك إلا بعد الركوع مثلاً، فإنك تقف وتعيد قراءة الفاتحة، ولو كان تذكرك بعد فراغك من الركعة، فإن الركعة تُلْغَى، وتأتي بركعة بدلاً عنها.
أما إن كان الخطأ في غير الفاتحة، فلا يترتب عليه شيء لأن قراءة السورة بعد الفاتحة أمر مستحب وليس واجباً، لكن إن تمكنت من إصلاح الخطأ في موضعه، فهذا حسن، ولا تلزمك إعادة السورة.
ونوصيك بتقوى الله تعالى والإكثار من النوافل، والصدقة والصوم وقراءة القرآن ومصاحبة الصالحين، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/6399)
من نسي الجهر في الفاتحة ثم تذكر أثناء قراءتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قرأ الفاتحة سرا ثم تذكر في منتصفها أنها جهر، هل يكمل القراءة أم يعيد أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أسر بالفاتحة في موضع الجهر، ثم ذكر في أثنائها فهل يبني على ما قرأ أو يعيد؟
قولان للعلماء، فذهب المالكية إلى أنه يستأنف القراءة ما لم ينحنِ للركوع، وذهب الحنابلة في الصحيح من مذهبهم إلى أنه يبني على القراءة.
قال في الإنصاف: لو نسي الجهر في الصلاة الجهرية فأسر، ثم ذكر، جهر وبنى على ما أسره، على الصحيح من المذهب، وعنه يبتدئ القراءة، سواء كان قد فرغ منها أو لا.
وأما إذا نسي الإسرار في صلاة السر فجهر، ثم ذكر، فإنه يبني على قراءته قولا واحداً. انتهى.
وقال في الفروع: وقد نقل أبو داود -أي عن أحمد - إذا خافت فيما يجهر به حتى فرغ من الفاتحة ثم ذكر يبتدئ الفاتحة فيجهر ويسجد للسهو.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن أسر في موضع الجهر ففيه روايتان: إحداهما: يمضي في قراءته.
والثانية: يعود في قراءته، على طريق الاختيار لا على طريق الوجوب ... لأنه أخل بصفة مستحبة في القراءة، يمكنه أن يأتي بها، وفوت على المأمومين سماع القراءة. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 22470، والفتوى رقم: 9293 ففيهما بيان الخلاف في حكم الجهر والإسرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(11/6400)
حكم من نسي قراءة الفاتحة وراء الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المأموم قراءة سورة الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة في صلاة الظهر والعصر والمغرب وفي الركعة الثالثة من صلاة المغرب؟ وإذا نسي قراءة سورة الفاتحة هل تبطل صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم قراءة الفاتحة للمأموم حال إسرار الإمام،، والراجح عندنا وجوب القراءة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 29810.
وأما إذا نسي المأموم قراءة الفاتحة خلف إمامه، فلا تبطل صلاته، ولتراجع الفتوى رقم: 31478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6401)
تكرار القول في الصلاة بين المشروعية وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تكرار القول في الصلاة؟
وأرجو أن أعرف طرق التخلص من الوسواس القهري
وأرجو الرد سريعا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأقوال الصلاة تنقسم إلى قسمين من حيث مشروعية التكرار وعدمها:
الأول: مطلوب كتكرار التسبيح في الركوع والسجود.
الثاني: غير مشروع كقراءة الفاتحة والتشهد، ونحو ذلك.
وقد سبق حكم تكرار القول في الصلاة في الفتوى رقم: 26857.
وأما علاج الوسواس القهري، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1424(11/6402)
أقوال العلماء في مسألة البسملة في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بالناس إماما وقد نسيت أن أقرأ البسملة في الفاتحة والسورة التي تليها سراً وقد سجدت للسهو فهل عليّ شيء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اتفق القراء على وجوب قراءة البسملة في بداية الفاتحة، سواء كان القارئ مبتدئًا القراءة أو في أثنائها. كما اتفقوا على وجوب الإتيان بها في ابتداء ما سوى الفاتحة من السور إلا سورة التوبة، فإنها لا تبتدأ بها. قال ابن بري: ولا خلاف عند ذي قراءة ... في تركها في حالتي براءة وذكرها في أول الفواتح ... والحمد لله لأمر واضح وقال الشاطبي: ومهما تصلها أو بدأت براءة ... لتنزيلها بالسيف لست مبسملاً ولابد منها في ابتدائك سورة ... سواها وفي الأجزاء خُيِّر من تلا وقد اختلف في عدها آية من آيات الفاتحة وفي عدمه كُتّابُ المصاحف مع اتفاقهم جميعًا على كتابتها، وعلى أن الفاتحة سبع آيات، فهي آية من الفاتحة في المصحف المكي والمصحف الكوفي، وليست آية مستقلة في المصحف المدني والشامي والبصري. قال عبد الفتاح القاضي في نظم عد الآي: والكوفِ مع مكٍ يعد البسملة ... سواهما أولى عليهم عدله فإذا علمت كلام القراء فيها، فاعلم أن الفقهاء اختلفوا في كونها آية في الفاتحة، لا تتم الفاتحة إلا بها، وعليه فلا تصح الصلاة دونها، وفي كونها ليست آية منها، فذكر ابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع، وابن حزم في المحلى: أن الشافعي وابن المبارك وأحمد في رواية عنه جعلوها آية مستقلة، ولا تصح الصلاة دونها. ورجح هذا المذهب النووي وابن حزم. ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث الدارقطني والبيهقي: إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما قال الألباني في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفًا. وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد -في رواية ذكر ابن قدامة في المغني أنها الرواية المنصورة عند أصحابه- إلى أن البسملة ليست آية مستقلة في الفاتحة. ومن أوضح ما احتجوا به ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ، والإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى: قَسَمْتُ الصلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأُوا يَقُولُ الْعَبْدُ (الْحَمْدُ للهِ رَبّ الْعَالَمِينَ) . يَقُولُ اللهُ عَزّ وَجَلّ: حَمَدَنِي عَبْدِي ... محل الشاهد أنه بدأ الفاتحة بالحمد لله رب العالمين، ولم يذكر البسملة. ويضاف إلى هذا ما استفاض من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها في الصلاة، كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: صَلّيْتُ خَلْفَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. فَكَانُوا يستَفتحونَ بِـ (الْحَمْدُ لله رَبّ الْعَالَمِينَ) ، لاَ يَذْكُرُونَ (بِسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحِيمِ) فِي أَوّلِ قِرَاءَةٍ، وَلاَ فِي آخِرِهَا. رواه مسلم، وفي رواية ابن خزيمة: يُسِرُّونَ. وفي رواية لأحمد وابن حبان -صححها الأرناؤوط-: لا يَجْهَرون بِـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ) . ومن هنا يعلم السائل أن مسألة البسملة في الفاتحة وما يترتب على تركها من المسائل الخلافية التي بحث فيها العلماء قديمًا ولم يصلوا فيها إلى ما يقطع النزاع ويرفع الخلاف. وعليه فمن قلد من لم ير أنها آية من الفاتحة فلا يسجد لتركها لا في الفاتحة ولا في السورة بالأولى، ومن قلد مخالفيه أعاد الصلاة إذا لم يتذكر أنه تركها، إلا بعد فوات التدارك، ولا يكفي السجود عنها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/6403)
مذاهب العلماء في مسألة الصلاة بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بلغة غير العربية؟
هل صحيح أن الرسول عليه السلام أمر صحابيا بترجمة الفاتحة بغرض الصلاة بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأقوال الصلاة منها القرآن وغيره، ومنها الفرض والمستحب، والخلاف بين أهل العلم في ترجمة كلٍّ طويلٌ.
فالقراءة بغير العربية ممنوعة عند جمهور العلماء المالكية والشافعية والحنابلة، سواء أحسن القراءة بالعربية أم لم يحسن؛ لأن الله عز وجل أمر بقراءة القرآن فقال: فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20] .
والقرآن هو المنزل بلغة العرب. قال ابن قدامة في المغني: ولا تجزئه القراءة بغير العربية ولا إبدال لفظها بلفظ عربي، سواء أحسن قراءتها بالعربية أو لم يحسن، وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك. وقال بعض أصحابه: إنما يجوز لمن لم يحسن العربية. اهـ
وأوجب هؤلاء على المكلف تعلم الفاتحة ولو بالرحلة، فإن عجز عن تعلمها اختلفوا في فرضه، فمنهم من أوجب عليه الائتمام بغيره ممن يحسنها، وهذا مذهب المالكية، ومنهم من أوجب عليه البدل من القرآن أو الذكر، وجوز الشافعية ترجمة الذكر الذي يقال بدلاً من الفاتحة. وذهب أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة إلى أن المصلي إن كان يحسن العربية لم يجز له أن يقرأ القرآن بغيرها، وإن كان لا يحسن يجوز. وقد كان الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- يرى جواز القراءة بالفارسية، ولكنه رجع عن هذا القول إلى قول صاحبيه.
وأما التكبير والتشهد وأذكار الصلاة، فلو كبر المصلي بغير العربية ذهب أبو حنيفة إلى جواز فعله مطلقًا، واشترط الجمهور للتكبير بغير العربية العجز عن العربية بعد تعلمها. واختلف المالكية فيما لو عجز عن التكبير بالعربية، فمنهم من وافق الشافعية والحنابلة في ترجمته، ومنهم من قال بسقوطه. قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ولا يجزئه التكبير بغير العربية مع قدرته عليها، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: يجزئه. اهـ
وأما التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فيجوزان بغير العربية للعاجز عنها، ولا يجوزان للقادر، هذا مذهب الشافعية. وأما المالكية فظاهر مذهبهم كراهة ذلك للقادر على العربية، وجوازه للعاجز كما قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل، قال: وكره كما في المدونة دعاء في الصلاة وإحرام وحلف بعجمية لقادر على العربية، ولا بأس أن يدعو بها في غير الصلاة ومفهومه الجواز للعاجز. اهـ
وأما السلام فإن عجز عن العربية جاز له السلام بغيرها. وأما الدعاء بغير العربية في الصلاة فالمنقول عن الحنفية الكراهة، وهذا ما يفهم من مذهب المالكية كما في النقل السابق عن الخرشي.
وقد فصل الشافعية الكلام، فقالوا: الدعاء في الصلاة إما أن يكون مأثورًا أو غير مأثور، أما الدعاء المأثور ففيه ثلاثة أوجه: أصحها - ويوافقه ما ذهب إليه الحنابلة - أنه يجوز بغير العربية للعاجز عنها ولا يجوز للقادر. وأما الدعاء غير المأثور في الصلاة فلا يجوز اختراعه والإتيان به بالعجمية قولاً واحدًا.
هذا تفصيل مذاهب العلماء في مسألة الصلاة بغير العربية. وأما الحديث الذي أشار إليه السائل، فلا نعلم حديثًا بهذا المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/6404)
التأمين سنة للإمام والمأموم والمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول المأمومين آمين بعد قراءة الفاتحة أثناء الصلاة في الأحوال التالية:
أ- خلف الإمام في الصلاة الجهرية؟
ب- خلف الإمام في الصلاة السرية؟
ج - المصلي المفرد سواء للصلاة الجهرية، أو السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن للمصلي منفردا التأمين بعد فراغه من قراءة الفاتحة، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، ومثله الإمام والمأموم في السرية، والمقتدي في صلاة الجهر إذا سمع قراءة إمامه.
أما الإمام في الصلاة الجهرية، فقد اختلف فيه، حيث ذهب الجمهور إلى استحباب ذلك له، وخالف المالكية.
قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: "فإذا قال: ولا الضالين قال: آمين":
وجملته أن التأمين عند فراغ الفاتحة سنة للإمام والمأموم، روي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما وابن الزبير، وبه قال الثوري وعطاء والشافعي وأصحاب الرأي.
وقال أصحاب مالك: لا يحسن التأمين للإمام. اهـ.
والحاصل أن المأموم يؤمّن حال السر على قراءته، وفي الجهر عند سماع قراءة إمامه، أما الفذ المنفرد فإنه يؤمن لنفسه في كلتا الحالتين.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/6405)
نسيان التأمين لا يترتب عليه حكم
[السُّؤَالُ]
ـ[•ما حكم من نسي قول كلمة آمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة في حالة الفرد وفي حالة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التأمين بعد الفاتحة في الصلاة مستحب، ولا يترتب على نسيانه سجود، ولا تأثير له على صحة الصلاة، بل إن خليلاً ذكر في مختصره وذكر شراحه: أن من سجد سجود السهو لترك المستحب عمدًا وجهلاً قبل السلام تبطل صلاته. وراجع في حكم التأمين الفتوى رقم:
26272 12241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/6406)
كم يقرأ المصلي من القرآن بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم عند الإتيان بالفاتحة والسورة في الركعتين الأولى والثانية من الصلاة يميل البعض إلى قراءة ما تيسر من بعض السور الطويلة في القرآن ما مدى صحة ذلك؟ وهل هناك عدد محدد من الآيات؟ ومن أين نبدأ وأين تنتهي؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يقرأ المصلي الفاتحة في الركعتين الأوليين ثم يقرأ ما تيسر له بعد ذلك من القرآن، وليس ذلك محدودًا بقراءة عدد من الآيات، ولا بسور طويلة أو قصيرة.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 31950، والفتوى رقم: 3820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/6407)
البسملة في الصلاة في الفاتحة وأول السورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الضروري البسمله قبل قراءة القرآن في الصلاة وأعني بذلك قبل الفاتحة أو أي سورة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البسملة مشروعة في الصلاة في أول الفاتحة وأول كل سورة من القرآن عند جمهور العلماء، ورأى مالك والأوزاعي غير ذلك. قال ابن قدامة في المغني: ... وجملة ذلك أن بسم الله الرحمن الرحيم مشروعة في الصلاة في أول الفاتحة وأول كل سورة في قول أكثر أهل العلم. وقال مالك والأوزاعي: لا يقرؤها في أول الفاتحة لحديث أنس، وعن عبد الله بن المغفل قال: سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: أي بني، محدث؟ إياك والحدث. قال: ولم أر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام، يعني منه. فإني صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحداً منهم يقولها، فلا تقلها، إذا صليت فقل: الحمد لله رب العالمين أخرجه الترمذي وأحمد.
ولنا ما روي عن نعيم المجمر أنه قال: صليت وراء أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، وقال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه النسائي (1/284) .
وفي الدردير: قال القرافي - من المالكية - والغزالي - من الشافعية - وغيرهما: الورع البسملة أول الفاتحة خروجاً من الخلاف. وقال الدسوقي: أي ويأتي بها سرًّا (1/251) .
وعليه فالأحوط للمصلي أن يأتي بالبسملة سرًّا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/6408)
لا بد من تحريك اللسان والشفتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي من دون تحريك شفتيه ولسانه هل تعتبر صلاته باطلة؟ وكذلك دعاؤه هل لا يستجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة في الصلاة، وتكبيرة الإحرام، والتشهد الأخير، والتسليم أركان قولية للصلاة فلا تصح بدونها، ولا تصح هذه إلاَّ بتحريك اللسان والشفتين، لأنه لا تسمى القراءة قراءة إلا بتحريكهما، وإلا كانت تدبراً أو تفكراً، وراجع الفتوى رقم: 28265، والفتوى رقم: 18560.
وكذلك الدعاء لابد فيه من تحريك اللسان والشفتين، إلا أن السنة فيه الإسرار والمخافتة.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1/182) : والسنة في الدعاء كله المخافتة، إلا أن يكون هناك سبب يشرع له الجهر. قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] ، وقال تعالى: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً [مريم:3] .
بل السنة في الذكر كله ذلك، كما قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف:205] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/6409)
لا يجهر المصلون على بعض بالقراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع، وبعد: فهل يجوز أن يجهر من فاتته ركعتان من صلاة المغرب فى أولاهما إذا كان بجانبه مأموم فاتته الركعتان أيضا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المصلي إذا كان جهره بالقراءة يؤدي إلى التشويش على غيره فلا يجهر بالقراءة، ودليل ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قام أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه فليعلم أحدكم ما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة. أخرجه الإمام أحمد في المسند، والإمام مالك في الموطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/6410)
حكم القراءة من المصحف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني حافظة لكتاب الله تعالى في آخر الليل أجلس لمراجعة ما حفظته فأجد نفسي حافظه له فإذا هممت إلى الصلاة وبدأت أقرأ من السور التي حفظتها أنسى السورة كلها ولا أقرأ ألا آية أو اثنتين فأخشى أن تكون قراءتي هذه فيها استخفاف بالقرآن، لذلك آثرت أن أقرأ في صلاتي بقصارالسور مثل الإخلاص والناس ولا أقرأ غيرهم أفيدوني أفادكم الله؟ وأشكركم على هذا الموقع الرائع الذي يفيد الكثير من الناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكونك لا تستطعين قراءة القرآن من حفظك في الصلاة فلعل هذا يرجع إلى أنك لم تحفظي الحفظ الكافي، أو لم تثبتي ما حفظت بالتكرار بعد الحفظ في المرة الأولى، فلا بد من تكرار القرآن بعد الحفظ حتى يثبت، وإذا ثبت فلا بد من المراجعة بعد ذلك من وقت لآخر، وبإمكانك أن تقرئي من المصحف في الصلاة، فقد ثبت ذلك عن السلف الصالح رضوان الله عليهم، ولمعرفة تفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم: 1722، أو تقرئي من قصار السور كل ذلك لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6411)
إذا ركع الإمام ولم يتم المأموم الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ركع الإمام في الصلاة في الركعة الثالثه قبل أن أتم قراءة سورة الفاتحه, فهل أتمها ثم أركع أم أركع بدون إتمامها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تع الى، في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، والراجح من أقوالهم أنها واجبة على المأمو م إذا تمكن من قراءتها، وأما إذا لم يتمكن من قراءتها فإنها تسقط عنه.
وعلى ذلك.. فإذا ركع الإما م فإن على المأموم أن يتابعه ويركع وليس عليه أن يبقى حتى يقرأ الفاتحة، فإنما جعل الإمام ليؤتم به، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2281
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/6412)
حول قراءة الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحديث الذي رواه مسلم والذي قال فيه الرسول "اقرأها في نفسك" دليل واضح على وجوب قراءة الفاتحة على المأمومين حتى في جهر الإمام ولا يجب المصير إلى غيره أم لا، وهل المراد "بالإنصات" في الآية عدم تحريك اللسان والشفتين أم تجوز القراءة لكن مع عدم التشويش على المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه السائل أولاً إلى أن لفظة "اقرأ بها في نفسك" من كلام أبي هريرة لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثاً، غير تمام، فقيل: لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك ...
وهذا واضح أنه من قول أبي هريرة، وأما ما فهمته من أن الحديث دليل واضح على وجوب قراءة الفاتحة على المأمومين ولا يجب المصير إلى غيره، فليس صحيحاً لأنه قد يقال إن الحديث دل على أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاةK ويستثنى المأموم لأنه يجتزئ بقراءة إمامه، وأما قول أبي هريرة للرجل: "اقرأ بها في نفسك" فهو قول مجمل لا يعلم هل هو في حالة المخافتة أو حالة الجهر؟ ثم قد يقال إنما أمره بالقراءة لما في ذلك من الفضيلة المذكورة في حديث القسمة لا لقوله: من صلى صلاة لم يقرأ....
ولسنا هنا بصدد تحقيق هذ المسألة، ويمكن للسائل الرجوع إلى مجموع الفتاوى لابن تيمية المجلد الثالث والعشرين صفحة 228، فقد أجاد شيخ الإسلام في بحث هذه المسألة، وذكر أقوال العلماء وأدلتهم، أما المراد من قول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْ آنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. [الأعراف:204] ، قال ابن تيمية: ... فالأمر بالإنصات يقتضي الإنصات عن كل ما يمنعه من استماع القراءة من ثناء وقراءة ودعاء..، وقال: ومن قرأ وهو يستمع فلم ينصت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/6413)
متابعة الإمام مقدمة على قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول (لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب) ، هناك رجل يصلي فى المسجد عندما يقوم الإمام من السجود أو التشهد فإن الرجل لا يستطيع القيام بسرعة أحيانا عندما يقوم يكون الإمام قد أكمل القراءة في هذه الحالة هل يجوز أن يقرأ قبل أن يتم القيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة في الصلاة لا تصح إلا في حال القيام، إلا للعاجز عن القيام نهائياً، وعليه فإن هذا الشخص المذكور في السؤال إذا لم يجد فرصة لقراءة الفاتحة يتابع إمامه فيركع معه ولا يتأخر عنه تأخراً يخل بالمتابعة، وذلك لوجوب متابعة الإمام بلا خلاف، وقراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم فيها خلاف قوي بين أهل العلم، بين من يوجبها في كل الحالات، وبين من يوجبها في حالة السر دون الجهر، ومن لا يوجبها في حالة السر ولا في حالة الجهر، ولكل منهم دليله.
لذا فإنا نرى أنه في مثل هذه الحالة المذكورة يقدم المأموم متابعة الإمام فيركع معه، ولا يقرأ الفاتحة قبل القيام ولا يشتغل بها أيضاً حتى تفوته الركعة، والدليل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/6414)
استحباب الجهر والسر في محلهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا السر والجهر في الصلاة وهل صلاة الليل جهراً وهل نستطيع أن نصيلها سراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر ابن قدامة في شرح العمدة وفي المغني أنه لا خلاف في استحباب الجهر والسر في محلهما، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن خالف ترك السنة فصلاة الليل يجهر فيها، ولا ينبغي تعمد الإسرار فيها، فالجهر والسر في محلهما مستحبان مؤكدان عند الجمهور للإمام والمنفرد، ونقل النووي عليه الإجماع في المجموع، وراجع في حكمة الجهر والسر الفتوى رقم: 28213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6415)
ماذا يقرأ المأموم خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول المصلي في حال القيام وبالتحديد في ((صلاة الجماعة)) بالفرائض الخمس -أي ماذا عليه أن يقرأ.. من سورة الفاتحة وغيرها، وهل ما أقرؤه يكون جهراً أم سراً أم جهراً بصوت منخفض -في جميع صلوات اليوم؟ وهل يجب أن أقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن ومن اختياري ومن أي سورة أم يشترط أن أقرأ من سورة معينة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالمأموم إن كان يسمع قراءة الإمام فلا يقرأ معه السورة، لقوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] . وفي قراءة سورة الفاتحة خلف الإمام خلاف مشهور، وراجع الفتوى رقم: 28199 والفتاوى المحال عليها فيها، أما إن كانت الصلاة سرية، أو كان المأموم لا يسمع الإمام، فالواجب هنا قراءة الفاتحة، ويندب ما سواها في غير الأخيرتين من الظهر والعصر والعشاء والأخيرة من المغرب، فيقتصر على الفاتحة فقط، والدليل على وجوب قراءة الفاتحة في هذه الحالة قوله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا) ، غير تمام قيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك ... رواه الأئمة مالك وأحمد ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي. وأدلة أخرى ليس عندنا متسع لبسطها. أما قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الأوليين من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فهو سنة باتفاق الفقهاء، وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والإسرار بها أو الجهر تابع للصلاة التي هي فيها، أسرية هي أم جهرية، أما خلف الإمام، فعلى التفصيل السابق، ولا يشترط قراءة سورة معينة، بل أي سورة أو آيات قرأت فقد أصبت الفضيلة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/6416)
أقل ما يكفي في القراءة بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أقل جزء من القراءة للسورة الثانية بعد الفاتحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصحيح أن المصلي تكفيه قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة، ولا يشترط أن يقرأ سورة كاملة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة الاكتفاء بقراءة البعض من سورة ولم يقوموا بسجود القبلي أو البعدي.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم: قرأ المؤمنون في الصبح حتى جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سَعلة فركع، وقرأ عمر في الركعة الأولى بمائة وعشرين آية من البقرة، وفي الثانية بسورة من المثاني، وقرأ ابن مسعود بأربعين آية من الأنفال، وفي الثانية بسورة من المفصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/6417)
الهدي النبوي في القراءة في الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أقرأ في كل صلاة من الصلوات الخمس ليس لأنني لا أعلم ولكن ليطمئن قلبي في ما أقرأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي يقرأ في صلاته فاتحة الكتاب في كل ركعة، ثم يقرأ في الصبح وفي الأوليين من غيرها بما تيسر له، عملاً بحديث أحمد وابن حبان: إذا استقبلت القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت. صححه الأرناؤوط.
وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه لا يعين سورة في الصلاة بعينها لا يقرأ إلا بها؛ إلا في الجمعة والعيدين.
قال: وأما في سائر الصلوات فقد ذكر أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة، وكان من هديه قراءة السورة كاملة وربما قرأها في الركعتين وربما قرأ أول السورة، وأما قراءة أواخر السور وأوساطها فلم يحفظ عنه.
ويدل لما ذكره ابن القيم ما في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: كان يقرأ بأم الكتاب وسورة معها في الأوليين من صلاة الظهر وصلاة العصر.
وللتوسع في الهدي النبوي في القراءة راجع زاد المعاد لابن القيم، وراجع الفتوى رقم: 3536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(11/6418)
دليل الجهر في قضاء الفجر نهارا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الصبح بعد وقتها تكون أيضا بالجهر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فاتته صلاة الفجر حتى خرج وقتها بطلوع الشمس، فإنه يقضيها ويجهر فيها بالقراءة، ليكون القضاء على وفق الأداء، ولا فرق أن يقضيها منفرداً أو إماماً، لحديث أبي قتادة في قصة نومهم عن صلاة الفجر، قال: ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم. رواه مسلم.
فقوله: كما كان يصنع كل يوم. فيه إشارة إلى أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها.
قال المجد ابن تيمية بعد أن أورد الحديث المتقدم: وفيه دليل على الجهر في قضاء الفجر نهاراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/6419)
تحصل السنة بقراءة آية أو بعض آية تامة المعنى
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدد الآيات التي يجب أن تقرأ بعد الفاتحة على الأقل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا خلاف بين الفقهاء في أن قراءة السورة كاملة بعد قراءة الفاتحة أفضل، واختلفوا في القراءة التي يحصل بها أصل السنة، فذهب المالكية إلى حصول السنة بقراءة ما زاد على الفاتحة ولو آية، سواء كانت طويلة أم قصيرة، وتحصل كذلك عندهم بقراءة بعض آية على أن يكون لها معنى تام. وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى حصول السنة بقراءة آية واحدة، واستحب الإمام أحمد أن تكون طويلة كآية الدين لتعدل قراءة سورة، ولعل ما ذهب إليه المالكية أولى لعموم قوله تعالى: فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20] . إذ أنه يشمل قراءة آية كاملة أو جزء منها مما يفيد معنى كاملاً، علما بأن قراءة ما زاد على الفاتحة لا يجب وإنما هو سنة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(11/6420)
يجوز قراءة أكثر من سورة في ركعة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاه غير الجهريه قد يقرأ المأموم سورة قصيرة بينما الإمام قد يطول في القراءة، ففي هذه الحالة هل للمأموم أن يقرأ أكثر من سورة أم يقف ساكتا حتى يكمل الإمام قراءته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز قراءة أكثر من سورة في ركعة واحدة. قال النووي في المجموع: وأما الجمع بين سورتين في ركعة ففيه حديث أبي وائل قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال ابن مسعود: هذَّاً كهذِّ الشعر، لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين في كل ركعة. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وعليه.. فلا حرج عليك في شغل ذلك الوقت بالقراءة ولو أدى إلى قراءة أكثر من سورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/6421)
المأموم الذي لم يتمكن من قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد: فمن الأئمة من تدرك معه تكبيرة الإحرام، ولا يدرك معه الركعة مَنْ يقرأ الفاتحة فما هي كيفية الصلاة معه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم قراءة المأموم للفاتحة برقم: 2281.
أما بخصوص المأموم الذي لم يتمكن من قراءتها، أو كانت قراءتها تفوِّت عليه الركوع مع الإمام ومسابقته، فإنه يركع مع الإمام ولو فاتته الفاتحة.
بدليل حديث أبي بكرة رضي الله عنه وهو أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: زادك الله حرصاً ولا تَعْد. رواه الإمام أحمد والبخاري وأبو داود وغيرهم.
ووجه الدلالة من الحديث على سقوط الفاتحة عن المأموم في مثل هذه الحالة -مع اعتداده بالركعة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة بإعادة الركعة، وهذا هو مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/6422)
إصلاح الخطأ في القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أصلي وأخطأت في كلمة من القرآن هل علي أن أعيد قراءة الآية من أولها أم أعيد الكلمة وحدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه لا حرج عليك في البداية من أول الآية أو من نفس الكملة، ولكن ينبغي أن تراعي البداية من أول الكلام. هذا.. وينبغي أن يعلم أن إصلاح الخطأ لا تتوقف عليه صحة الصلاة إن لم يكن في الفاتحة. وأما إذا كان في الفاتحة، وكان خطأ مخلا بالمعنى فلا بد من إصلاحه لتوقف صحة الصلاة على قراءتها كاملة عند الجمهور، وراجع الفتوى رقم: 4195، والفتوى رقم: 4865. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(11/6423)
حكم التشويش على المصلين بالقراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي أضايق من حولي بصوتي رغم أن الصوت منخفض هل تجوز القراءة في داخلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع للمنفرد الجهر بالقراءة في محل الجهر ما لم يشوش على غيره.
أما المأموم، فالسنة من حقه المخافتة بالقراءة، قال صاحب المدخل: فينبغي للإمام أن ينهى عن الجهر خلفه بالقراءة في صلاة السر، لأن ذلك خلاف السنة وفيه التشويش عليه، وعلى من يقرب منه.
وقد ورد النهي عن أقل من هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. وكان كل واحد منهم يصلي لنفسه وهذه صلاة واحدة، فمن باب أولى أن ينهى عن ذلك، وكذلك إذا كانت الصلاة جهرية وقرأ المأموم الفاتحة خلفه فلا يجهر بها. ... ... ... ...
ومن هذا يعلم السائل أنه ينبغي له أن يقرأ سراً، سواء كان مأموماً أو منفرداً من غير أن يسمعه أحد، حذراً من التشويش على من حوله من المصلين، ولأن ذلك خلاف السنة خصوصاً إذا كان مأموماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(11/6424)
حكم قراءة السورة التي يقرؤها الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المصلي خلف الإمام أن يقرأ الفاتحة وسورة قصيرة؟ أم يكتفي بما يقرأه الإمام ويبقى صامتا طوال الوقت؟ أم يقرأ مع الإمام الفاتحة والسورة القصيرة التي يتلوها الإمام؟
وجزاكم الله خيراً على تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف الإمام، لاسيما في سكتاته للخروج من الخلاف، فإن لم يدع له الإمام فرصة، فالراجح من حيث الدليل أن قراءة الفاتحة تسقط عنه، ومع ذلك فإنه لو قرأها احتياطاً وخروجاً من الخلاف فلا بأس.
وللإفادة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 1637، 2281.
أما قراءة السورة التي يقرؤها الإمام، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك، ففي سنن أبي داود والنسائي وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: "إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم، قلنا: يارسول الله، إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
فالواجب الإنصات لقراءة الإمام فيما سوى الفاتحة، وأما الفاتحة ففيها الخلاف المذكور في الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6425)
أدلة جواز الجمع بين سورتين في ركعة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: أنا مسؤول مسجد
قرأت سورة الإخلاص بعد آية لا بعد السورة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد ما يفعله بعض الناس من قراءة سورة الإخلاص في كل ركعة عملاً بمقتضى الحديث المروي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه.
فإن كان هذا قصدك.. وتسأل هل تكون قراءة الإخلاص في هذه الحالة بعد قراءة سورة كاملة أم يجوز أن تكون بعد قراءة آية فقط؟ فالجواب أن كلا الأمرين جائز ولا حرج فيه إن شاء الله تعالى، وخاصة إذا كان القصد هو محبة الله تعالى ومحبة أسمائه وصفاته.
قال الحافظ في الفتح: قال ناصر الدين بن المنير: في هذا الحديث أن المقاصد تغير أحكام الفعل لأن الرجل لو قال: إن الحامل له على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها، لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها، لكنه اعتل بحبها فظهرت صحة قصده فصوَّبه. انتهى.
وقد نص أهل العلم على جواز الجمع بين سورتين في ركعة واحدة، ومثل ذلك قراءة سورة وبعض من سورة، وقد بوب البخاري لذلك فقال: "باب الجمع بين السورتين في ركعة" وذكر تحت هذه الترجمة عدة أحاديث وآثاراً تدل على ذلك.
وكما تجوز قراءة قل هو الله أحد بعد السورة تجوز كذلك قبلها لما ذكره
البخاري تعليقاً ووصله الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن ثابت بن أسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورةً يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ "قل هو الله أحد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها! إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة: فقال: إني أحبها! فقال: حبك إياها أدخلك الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/6426)
حول الاستعاذة والبسملة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أرجو توضيح أمر البسملة والتعوذ في الصلاة عند الفاتحة أو السور القصيرة هل تجب في بداية كل قراءة أرجو توتضيح ذلك بالتفصيل ... ؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع للمصلي بعد أن يكبر للإحرام ويقرأ دعاء الاستفتاح أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يبسمل، ثم يقرأ الفاتحة. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1134.، والفتوى رقم: 8842. فراجعهما.
ولا يشرع له أن يكرر الاستعاذة في كل ركعة، كما بيناه في الفتوى رقم: 10328.
أما البسملة فيقرؤها عند كل قراءة للفاتحة، وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 5255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/6427)
حول قراءة الفاتحة للإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة؟
وهل هي واجبة في صلاة المنفرد وهل ينوب الأمام عن المأموم في قراءة الفاتحة في الصلاة؟
وهل يجب قراءتها في صلاة السر والجهر أم في صلاة السر فقط.
وجزاكم الله عنا خير الجزاءوالسلام عليكم ورحمة الله
تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقراءة الفاتحة في الصلاة واجبة على الإمام والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، واختلف في المأموم وقراءته لها في حال إسرار إمامه.. وهي واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، أما في حال جهر الإمام وسماعه هو لقراءته فإن سكت فلا شك أنه يقرؤها، وإن لم يسكت فالأحوط له قراءتها أيضاً وراجع الفتوى رقم:
1740
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6428)
حكم الاقتصار على الفاتحة في النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجزئ قراءة الفاتحة فقط في النافلة (أو أي نافلة معينة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يقرأ المصلي في النافلة الفاتحة وما تيسر من السور الأخرى لكن لو اقتصر على الفاتحة فقط فصلاته صحيحه، فإنه وإن كان قد فعل خلاف السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1423(11/6429)
لا يترك الجهر لأجل السفر أو الجمع
[السُّؤَالُ]
ـ[القصر في الصلاة متى يكون وكيفيتها وهل تكون صلاة جهرية عند القصر لصلاة المغرب والعشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت شروط قصر الصلاة الرباعية في الفتوى رقم: 558 فراجعها، علماً بأن صلاة المغرب لا تقصر إنما تقصر الصلاة الرباعية.
وأما بخصوص الجهر بالقراءة في صلاتي المغرب والعشاء فهو سنة ثابته عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، ولا تترك من أجل السفر أو الجمع بين هاتين الصلاتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(11/6430)
قراءته صلى الله عليه وسلم في صلوات الفرض والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أصلي الصلوات الخمس مع النوافل؟ الرجاء تحديد ماذا أقرأ كما كان الرسول (صلى الله عليه وسلم)
يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلوات الخمس وغيرها من السنن والنوافل يجب أن يكون على الكيفية التي كان يؤديها عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه وصلوا كما رأيتموني أصلي.
وقد بين العلماء كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يخلو كتاب من كتب الفقه من باب خاص بصفة الصلاة.
ولمعرفة شيء من ذلك نحيلك إلى الفتوى رقم:
8249.
وبخصوص النوافل الراتبة مع الصلوات الخمس فنحيلك إلى الفتوى رقم:
2116.
وأما قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلوات فإنه كان يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن، وكانت صلاته إذا صلى بالناس وسطاً بين الطول والقصر، وغالباً ما يقرأ في صلاة الفجر بطوال المفصل، وكذلك الظهر، وكان يقرأ من وسط المفصل في العشاء، أما العصر والمغرب فكان يقرأ فيهما بقصار المفصل، وربما قرأ في المغرب من وسط المفصل.
وكان يقرأ في الركعتين بعد المغرب، وركعتي الفجر، وركعتي الطواف -غالبًا- بسورة الكافرون والإخلاص.
أما غير ذلك من النوافل فإنه كان يقرأ فيها ما تيسر، وكان يطيل القراءة في قيام الليل.
ولمزيد من التفصيل عن كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجو أن تطلع على كتاب: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني رحمه الله.
تنبيه: المفصل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: طوال المفصل، ويبدأ من الحجرات إلى عَبَسَ وَتَولَّى.
الثاني: أواسط المفصل، وتبدأ من عبس إلى سورة الضحى.
والثالث: قصاره، وتبدأ من الضحى إلى الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/6431)
من قرأ الفاتحة في السجود سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا علي إذا نسيت أن أقول سبحان ربي الأعلى في السجود وكذلك في الركوع أو قرأت الفاتحة في السجود سهوا ولم أتذكر إلا بعد السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم من نسي التسبيح في الركوع والسجود في الفتوى رقم: 36 فراجعها.
وأما من قرأ الفاتحة في السجود سهواً، فصلاته صحيحة، سواء تذكر قبل السلام أو بعده، ولا يجب عليه سجود السهو، ولكن يسن له ذلك، قال في نيل المآرب - من كتب الحنابلة -: (ويسن -أي سجود السهو- إذا أتى بقول مشروع في غير محله، كالقراءة في السجود والقعود وكالتشهد في القيام) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/6432)
القراءة بعد الفاتحة في صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال صلاة الفجر فاتحة وسورة أو فاتحة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة سنة مؤكدة، لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وقد مضى بيان ذلك في الفتاوى التالية:href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=26636 ">26636
26993، 13447
وإطالة القراءة بعد الفاتحة في الفجر أكثر من غيره من الصلوات هو الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن أبي برزة الأسلمي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة آية.
وفيه أيضاً عن جابر بن سمرة قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بـ ق والقرآن المجيد، وكان صلاته بعد تخفيفاً.
وإن كان المقصود سنة الفجر، فالمستحب فيها قراءة سورة الكافرون والإخلاص لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/6433)
مدى مشروعية الدعاء أثناء القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء أثناء السجود في صلوات الفرض بعد التسبيح؟ وهل يجوز الدعاء عند سكتات الإمام للتعوذ من النار عند المرور على آية تذكر بالنار، أم فقط تقتصر هذه على النوافل والسنن التطوعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء يشرع في السجود سواء في صلاة الفرض أم في صلاة النفل، وذلك لعموم النصوص الواردة في ذلك، منها ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم". هذا فيما يتعلق بالمسألة الأولى.
أما المسألة الثانية: فقد ورد فيها حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ. رواه أبو داود وأحمد، وهو يتعلق بقيام الليل، وكذا حديث عائشة أيضاً في مسند أحمد، ومثلهما حديث حذيفة رضي الله عنه وهو في سنن النسائي.
ولأنه ورد في قيام الليل -وهو صلاة تطوع- ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقتصر به على النوافل دون الفرائض، وممن قال بذلك ابن قدامة في المغني حيث قال: (ولا يستحب ذلك في الفريضة، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في فريضة مع كثرة من وصف قراءته فيها) .
وذهب آخرون إلى استحبابه في كل صلاة، ومنهم النووي حيث قال فيما نقله عنه الشوكاني في نيل الأوطار، قال النووي: وفيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها يعني فرضها ونفلها وللإمام والمأموم والمنفرد) .
والقول الأول أولى، وهو استحباب ذلك في غير الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6434)
تسقط القراءة إذا لم يسكت الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فى صلاة الجماعةعندما يتلو الإمام القرآن هل أقرأ الفاتحة وآية صغيرة أثناء تلاوته أم أستمع إليه ولا أقرأ؟
ولكم جزيل الشكر......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المأموم قراءة الفاتحة إذا سكت إمامه في أصح قولي العلماء، فإن لم يسكت فالراجح من حيث الدليل سقوطها عنه لأنه مأمور بالإنصات لقراءة إمامه، قال الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
قال الإمام أحمد في رواية أبي داود: (أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة) .
وللإفادة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 22500، وكذلك الفتويين المربوطتين بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/6435)
الحكمة من التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تكون القراءة سراً في صلاة الظهر والعصر بينما تكون في صلاة الفجر والمغرب والعشاء جهراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن شريعتنا الإسلامية مبنية على مراعاة الحكمة والمصلحة في أحكامها وشرائعها، فما من أمر من الأمور أو نهي من النواهي أو إرشاد من الإرشادات إلا والشريعة ترمي من ورائه لجلب مصلحة أو دفع مفسدة، وهذا أمر ثابت في الشريعة يدل عليه استقراء الكتاب والسنة، قال تعالى في تعليل رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107] .
والرحمة تتضمن رعاية مصالح العباد، ودرأ المفاسد عنهم، وقال جل وعلا في بيان الحكمة من نهي الأزواج عن إتيان النساء في حال الحيض: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة:222] .
وقال في بيان الحكمة من تحريم الخمر والميسر: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة:91] .
وقال صلى الله عليه وسلم في بيان تعليل الأمر بالزواج: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" متفق عليه.
إلى آخر هذه النصوص التي تدل على أن الشريعة ما وضعت إلا لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل ودفع المفاسد عنهم، والتي لو ذهبنا نتتبعها من القرآن والسنة لزادت -كما يقول الشوكاني في إرشاد الفحول- على عشرة آلاف موضع.
ولاشك أن معرفة المصالح، والحكم التي بنيت عليها الأحكام مما يزيد المسلم طمأنينة، ويبين سمو الشريعة وعظمتها، لكن بعض هذه الحكم والمصالح قد تخفى ولا تظهر لكثير من الناس، فشدة التعلق بها، والبحث عنها قد يوقع في الحيرة، ويضعف الانقياد، بل قد يوقع في الكفر، كما جرى لإبليس، فعندما أمره الله بالسجود لآدم خفيت عليه الحكمة من هذا الأمر، فأبى السجود لآدم، واعترض على الله بعقله القاصر، قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء:61] .
ولهذا حكى الله عن المؤمنين التسليم المطلق لأحكامه، فقال عز من قائل: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36] .
فننصح السائل بعدم الجري وراء الحكم والعلل، فما ظهر منها فالحمد لله، وما لم يظهر فليقل فيه كما قال الراسخون في العلم في قوله تعالى: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [آل عمران:7] .
وإذا تقرر هذا، فقد قال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين: (وأما التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار، ففي غاية المناسبة والحكمة، فإن الليل مظنة هدوء الأصوات، وسكون الحركات، وفراغ القلوب، واجتماع الهمم المشتتة بالنهار، فالنهار محل السبح الطويل بالقلب والبدن ... ولهذا كانت السنة تطويل قراءة الفجر على سائر الصلوات، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، لأن القلب أفرغ ما يكون من الشواغل. أما النهار فلما كان بضد ذلك، كانت قراءة صلاته سرية؛ إلا إذا عارض في ذلك معارض أرجح منه، كالمجامع العظيمة في العيدين والجمعة والاستسقاء والخسوف، فإن الجهر حينئذٍ أحسن وأبلغ في تحصيل المقصود، وأنفع للجمع، وفيه من قراءة كلام الله عليهم، وتبليغه في المجامع العظام ما هو أعظم مقاصد الرسالة) . ا. هـ
من أعلام الموقعين.
وقال صاحب حاشية الجمل: (حكمة الجهر في موضعه والإسرار في موضعه أنه لما كان الليل محل الخلوة ويطيب فيه السمر شرع الجهر فيه إظهاراً للذة مناجاة العبد لربه ... والنهار لما كان محل الشواغل والاختلاط بالناس طلب الإسرار لعدم صلاحيته للتفرغ للمناجاة، وألحق الصبح بالصلاة الليلية لأن وقته ليس للشواغل عادة) .
هذا وقد ذكر العلماء حكماً أخرى، ولا يمكننا القطع بأنها أو أي منها سر التفريق بين صلاة الليل والنهار في الجهر والإسرار، وحسبنا أن نقول كما أرشدنا ربنا: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [البقرة:285] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/6436)
الصحابة أفهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم من غيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت عن كراهية التنكيس في القرآن وأن ابن مسعود رضي الله عنه قد كره التنكيس بنوعيه سواء في السورة الواحدة أو في ترتيب السور..
فهل نحن مطالبون بحفظ ترتيب السور ... !!
وسؤال منطقي آخر هل معنى هذا أن ابن مسعود أو الصحابة ممن رأي كراهية التنكيس بين السور يتضمن رأيهم بالتالي كراهية قراءة سورة الناس في الركعة الأولى..؟!! علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا بذلك.. بل قراءة ما تيسر من القرآن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا فتاوى فيها تفصيل الحكم في تنكيس السور والآيات داخل الصلاة وخارجها، ومنها الفتوى رقم:
23144 - والفتوى رقم: 5206.
وينبغي أن يعلم أن الفقهاء لاسيما الصحابة أعلم وأفهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم منا فعلينا التسليم لهم في فهم الكتاب والسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/6437)
حكم قراءة المأموم للفاتحة سرا وجهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب قراءة الفاتحة من المأموم في صلاة الجماعة في الركعات التي يجهر فيها الإمام وإذا كان ذلك واجبأ فهل يقرأ الإمام الفاتحة مرة سرأ ومرة جهرأ في الركعات المذكورة وجزاكم الله كل خير......
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح أنه على المأموم أن يقرأ الفاتحة مطلقاً سواء في الصلاة الجهرية أو السرية، وذلك لما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
ولما أخرجه الترمذي وغيره من حديث عبادة بن الصامت قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم، قال: قلنا يا رسول الله، إي والله، قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها. قال الترمذي: وحديث عبادة حديث حسن.
وأما قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا قرأ فأنصتوا. فهو عام خُص بهذه الأحاديث.
ويجوز للمأموم أن يقرأها حال قراءة الإمام فإذا أتمها أنصت لقراءة الإمام، كما هو مبين في الفتوى رقم:
1637 - والفتوى رقم: 1740.
والإمام لا يشرع له قراءة الفاتحة إلا مرة واحدة في كل ركعة جهراً في الجهرية وسراً في السرية، وتكرار الفاتحة غير مشروع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك هو ولا أحد من أصحابه ولم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(11/6438)
أحكام تتعلق في قراءة البسملة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أعانكم الله أن توضحوا لي كيفية قراءة القرآن أثناء الصلاة هل نبدأ بالبسملة قبل قراءة كل من الفاتحة والسورة أم لا؟ وهل يختلف ذلك بالنسبة للصلاة المفروضة عن النوافل؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن البسملة آية كاملة من أول سورة الفاتحة، وأن الصلاة لا تصح إلا بقراءتها، وتكون قراءتها قبل قراءة الفاتحة.
ولا فرق في وجوب قراءتها في الفريضة والنافلة ولا في الجهرية والسرية، وتستحب البسملة عند قراءة السورة -غير الفاتحة- هذا إذا ابتدأ المصلي أو القارئ السورة من أولها، فإن قرأ من بعض السورة فإنه يخير في الإتيان بالبسملة وتركها.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (تستحب قراءة البسملة في أول كل سورة في الصلاة وغيرها، نص عليه -أي أحمد - وقال: لا يدعها. قيل له: فإن قرأ من بعض سورة يقرؤها قال: لا بأس) . انتهى.
والسنة الإسرار بها في الصلاة الجهرية لقول أنس: "صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة أو آخرها" رواه مسلم وغيره
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/6439)
محل قراءة السورة بعد الفاتحة هو الركعتين الأوليين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن أعرف كيفية الصلاة الرباعية فأنا أعرف أنه في الركعتين الأولى والثانية تكون بقراءة الفاتحة وما تيسر من القران فهل في الركعتين الثالثة والرابعة نفس الشيء أم بالفاتحة فقط
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة الرباعية كغيرها من الصلوات في الشروط والأركان والواجبات والسنن والمستحبات ...
إلا أن المصلي لا يقرأ في الأخريين سورة مع الفاتحة، وإنما يقتصر على الفاتحة فقط.
وذلك لما رواه البخاري عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم القرآن وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح.
وعلى هذا؛ فمحل قراءة السورة بعد الفاتحة هو الأولييان فقط، وأما الأخيرتان من الرباعية والثالثة من الثلاثية فلا يقرأ فيها غير الفاتحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(11/6440)
حكم تكرار الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تكون صلاتي صحيحة إذا قمت بقراة الفاتحة في الركعة الواحدة أكثر من مرة.
أتحدث عن القراءة السرية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتكرار الفاتحة عمداً في الركعة الواحدة غير مشروع، واختلف هل ذلك على سبيل الكراهة أم على سبيل الحرمة فيبطل الصلاة؟ والراجح الأول.
قال في الإنصاف: (ويكره تكرار الفاتحة.. هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. وقيل: تبطل) .
وقال في منتهى الإرادات: (ويكره تكرار الفاتحة لأنه لم ينقل.. وخروجاً من خلاف من أبطلها، لأنها ركن. والفرق بين الركن القولي والفعلي أن تكرار القول لا يخل بهيئة الصلاة) ،
ومن هذا يتبين للسائل صحة صلاة من كرر الفاتحة عمداً مع الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/6441)
تصح إمامة المتنفل للمفترض وعليه أن يجهر ويسر كل في وقته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى شخص ما نافلة مثل سنة المغرب ثم أتى رجل آخر فاتخذه إماماً فهل يكمل قراءته في الصلاة سرية أم يجهر في القراءة؟ وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في اقتداء المفترض بالمنتفل عند طائفة من أهل العلم.. منهم الشافعية وقول عند الحنابلة، ودليل ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم من أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يذهب ليصلي بجماعته فرضهم، فهي لهم فريضة وهي له نافلة.
وعلى الشخص المقتدى به في هذه الحالة أن يجهر في نافلته إذا كانت ليلية، ويسر بها إذا كانت نهارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(11/6442)
لا بأس من حمل المصحف خلف الإمام لمتابعته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في صلاة التراويح يرغب البعض في متابعة الإمام من خلال مصحف محمول باليد وقد أفتوا بعدم جواز إمساك المصحف إلا لشخص واحد يصحح للإمام أما غير ذلك فغير جائز الرجاء إفادتنا عن مدى جواز أو حرمانية الإمساك بمصحف في صلاة التراويح للمصلين عموما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقراءة من المصحف في الصلاة جائزة سواء للإمام أو المنفرد لعموم الأدلة الدالة على مشروعية القراءة في الصلاة وهي تعم القراءة من المصحف والقراءة عن ظهر قلب، ومن أصرم الأدلة على ذلك ما رواه البخاري تعليقاً من أن ذكوان مولى عائشة كان يصلي بها في الليل من المصحف، ولا بأس من حمل المصحف خلف الإمام ومتابعته في القراءة لغرض الفتح عليه إن غلط، من شخص واحد أو أكثر، فإن تحقق الغرض بشخص واحد فالأولى أن يكتفى به، وانظر المزيد في الفتوى رقم: 10054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/6443)
أقوال العلماء في الزيادة على الفاتحة فيما بعد الأوليين
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الفرض نقرأ سورة صغيرة بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية أما بعد ذلك فإننا نقرأ الفاتحة فقط فهل نفعل ذلك في السنة أيضا؟
ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة في الركعتين الأوليين أمر مشروع في الجملة، يستوي في ذلك الفرض والنفل، لكن حصل الخلاف بين العلماء في قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية، والركعة الثالثة من الصلاة الثلاثية، فذهب المالكية إلى أن القراءة مشروعة في الأوليين فقط، لكن لو زاد قراءة السورة فيهما فلا شيء عليه، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وهو يعدد ما لا يسجد له سجود سهو قال: (قوله أو زاد سورة في أخرييه أي فلا سجود عليه على المشهور ... مراعاة لمن يقول بطلب قراءة السورة في الأخيرتين أيضاً. انتهى
وذهب الشافعية في الأظهر والحنابلة في المذهب إلى مشروعية القراءة في الأوليين دون غيرهما، ومقابل الأظهر عند الشافعية الجواز في الأخريين أيضاً للحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة آلم السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك) ، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر، على قدر قيامه في الأخريين من الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك.
قال الصنعاني في سبل السلام: (وفيه دلالة على قراءة غير الفاتحة معها في الأخريين) . انتهى.
وللحنفية تفصيل في القراءة في الصلاة، ضربنا عنه صفحاً لطول ما فيه من التفاصيل، والراجح مما ذكرنا -والله أعلم- هو جواز القراءة في الركعتين الأخريين من الصلوات الرباعية، والركعة الأخيرة من الثلاثية، فرضاً ونفلاً، للحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وقد سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/6444)
حكم قضاء الفجر من حيث الجهر أو الإسرار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي اليوم كما يلي:
كيف تصلى صلاة الصبح بعد طلوع الفجر هل تصلى سرا أم جهرا؟
...................وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن صلاة الفجر (الصبح) إن فعلت في وقتها قبل طلوع الشمس فإنه يجهر فيها بالقراءة، وأما إن فعلت قضاء بعد طلوع الشمس ففيها خلاف مشهور بين الفقهاء، والأظهر أنه يجهر فيها، لأن القضاء يحاكي الأداء. ومما يقوي هذا ما رواه مسلم وغيره عن أبي قتادة في حديثه الطويل الذي ذكر فيه نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر ثم صلاها بعد طلوع الشمس قال أبو قتادة (ثم أذن بلال بالصلاة فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما يصنع كل يوم) قال النووي رحمه الله: وقد يحتج به من يقول: يجهر في الصبح التي يقضيها بعد طلوع الشمس وهذا أحد الوجهين لأصحابنا وأصحهما أنه يسر بها) انتهى كلامه رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/6445)
يستحب في نوافل الليل الإجهار، وفي نوافل النهار الإسرار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الضحى جهرية؟ وجزاكم الله خيراً
لقد بحثت بكل الإجابات الخاصة بموضوع الضحى ولم أجد سوى العدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القراءة في صلاة الضحى تكون سرية كغيرها من نوافل النهار، فالقاعدة أن القراءة في نوافل الليل تكون جهراً وفي نوافل النهار تكون سراً إلا ما استثني ودل الدليل على أنه يكون جهراً، كالعيدين والاستسقاء.
قال ابن أبي زيد في المسألة: (ويستحب في نوافل الليل الإجهار، وفي نوافل النهار الإسرار، وإن جهر في النهار في نفله فذلك واسع) .
وهذا على جهة الاستحباب.. والأمر واسع في ذلك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/6446)
التأمين في الصلاة وخارجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التامين (آمين) بعد قراءة الشخص لسورة الفاتحة في غير الصلاة؟
أي أنا أقرأ الفاتحة وأقول آمين.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتأمين مستحب لكل من فرغ من قراءة الفاتحة سواء كان في الصلاة أو غيرها، لكنه في الصلاة أشد استحباباً. قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: ويسن التأمين لكل من فرغ من الفاتحة سواء كان في الصلاة أو خارجها، قال الواحدي: لكنه في الصلاة أشد استحباباً انتهى.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم 12241
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/6447)
الاستعاضة عن القراءة في الصلاة بسماع المسجل لا يجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الليل (قيام الليل) حسب المأثورعن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن صلاة النافلة والتطوع ممكن أن يكون الإمام غير بالغ ولكن حافظ جيد وبما أن صلاة الليل في كثير من الأحيان تحتاج التطويل والقراءة بطوال السور وكان الرسول يطيل فيها وأنا حسب حفظي قليل وأريد أن أطيل في صلاة القيام هل يمكن أن أستعمل مسجل الكاسيت الصغير ووضع السماعات في أذني وأصلي بها الليل أي هل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيام الليل سنة مؤكدة، ووقته يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وقد مدح الله أهله القائمين القانتين، وأثنى عليهم ووعدهم على ذلك أعظم موعدة، فقال سبحانه: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17] .
وأخبر عن صفوة عباده أنهم استحقوا الجنة، لأن من صفاتهم أنهم: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] .
واعلم وفقك الله أنه لا يشرع لك أن تستعمل مسجل الكاسيت الصغير وتضع السماعات في أذنك، مستعيضا بذلك عن القراءة، لقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي. وقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
ويجوز لك أن تقرأ من المصحف نظراً في صلاة النافلة، ومنها قيام الليل، وقد ثبت هذا عن بعض السلف رحمهم الله، فقد بوب البخاري بابا قال في ترجمته: باب إمامة العبد والمولى، وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف. وهو قول جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/6448)
الإسرار والجهر ببسملة الفاتحة في الصلاة كلاهما سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قراءة البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) الآية رقم واحد من سورة الفاتحة في الصلاة الجهرية وما حكمة عدم الجهر بها لدى بعض الأئمة في المساجد بالرغم من أنها آية من فاتحة الكتاب وهي من القرآن الكريم بدليل وجودها في سورة النمل في الآية (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم....) وهل تكون الصلاة الجهرية كاملة بدون قراءة بسم الله الرحمن الرحيم استنادا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا صلاة بدون فاتحة الكتاب) ؟
أرجو الرد استنادا إلى حديث شريف وآيات القرآن الكريم وليس استنادا إلى المذاهب الأربعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن البسملة بعض آية من سورة النمل، وأنها ليست آية في أول سورة براءة، وأجمعوا على صحة صلاة من جهر بها أو أسر، واختلفوا في كونها آية مستقلة في أول كل سورة، وفي كونها آية من أول الفاتحة دون غيرها من السور، وفي كونها كتبت للفصل بين السور لا أنها آية، والذي نراه صواباً في هذا هو قول من قال: إنها آية كاملة من أول سورة الفاتحة، وكل سور القرآن غير سورة براءة -التوبة- وهذا هو مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى.
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: أما حكم المسألة فمذهبنا أن بسم الله الرحمن الرحيم آية كاملة من أول الفاتحة بلا خلاف، وليست في أول براءة بإجماع المسلمين، وأما باقي السور غير الفاتحة وبراءة، ففي البسلمة في أول كل سورة منها ثلاثة أقوال حكاها الخراسانيون أصحها وأشهرها وهو الصواب أو الأصوب أنها آية كاملة..
وقال أيضاً: ولا خلاف عندنا أنها تجب قراءتها في أول الفاتحة، ولا تصح الصلاة إلا بها لأنها كباقي الفاتحة. وهذا هو الراجح.
وقال أيضاً: قد ذكرنا أن مذهبنا أن البسملة آية من أول الفاتحة بلا خلاف، فكذلك هي آية كاملة من أول كل سورة غير براءة على الصحيح في مذهبنا كما سبق، وبهذا قال خلائق لا يحصون من السلف.
قال الحافظ ابو عمر بن عبد البر: هذا قول ابن عباس وابن الزبير وطاوس وعطاء ومكحول وابن المنذر وطائفة.
واحتج أصحابنا بأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على إثباتها في المصحف في أوائل السور جميعاً سوى براءة بخط المصحف بخلاف الأعشار وتراجم السور، فإن العادة كتابتها بحمرة ونحوها، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن فيكونون مغررين بالمسلمين، وحاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن، فهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة رضي الله عنهم. قال أصحابنا هذا أقوى أدلتنا في إثباتها. ا. هـ
ولهم أدلة أخرى تطول الفتوى بذكرها.
وعلى ضوء هذا الترجيح، فإنه يشرع الجهر عند قراءتها في الصلاة الجهرية عند قراءة سورة الفاتحة، وسائر السور ما عدا براءة، ويشرع الإسرار بها أيضاً في الصلوات الجهرية لثبوته في أحاديث صحيحة، وهو مذهب أكثر أهل العلم، فلا ينكر على من فعل أحد الأمرين اجتهاداً أو تقليداً، وهذا من السعة في الأحكام الشرعية إلا أن في سؤال الأخ السائل شيئاً يحتاج إلى تنبيه وتصحيح، وهو قوله: أرجو الرد استناداً إلى حديث شريف وآيات القرآن الكريم، وليس استناداً إلى المذاهب الأربعة. وهذا القول خطأ محض، وتجرؤ على المذاهب الأربعة وأصحابها وأتباعها الآخذين لها جيلاً عن جيل، وكأن هذه المذاهب لا تستند في أقوالها إلى الكتاب والسنة.
وهذا غير صحيح فالأئمة الأربعة ومن جاء بعدهم من علماء مذاهبهم لا يقولون قولاً إلا ولهم دليل على قولهم ذلك مع غض النظر عن صحة الدليل وسلامة الاستدلال.
وننبه الأخ السائل إلى أنه لا بد للمتأخر من سلف سبقوه في فهم الآية والحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(11/6449)
قراءة المأموم في الصلاة السرية خلف إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزأن أرفع صوتي فى الصلاة السرية بقدر ما يسمعني فقط ولا يسمعه الآخرون فى صلاة الجماعة حتى يكون ذلك أدعى للخشوع؟ وما حكم تغميض العينين للخشوع فى الصلاة أو تغميضهما قليلا بحيث أستطيع أيضا أن أرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المأموم أن يقرأ في صلاته السرية خلف إمامه بحيث يسمع نفسه فقط، ولا يشوش على الإمام والمأموين، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
18560.
وأما ما يتعلق بتغميض المصلي عينيه، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم:
7040.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/6450)
هل يصح قراءة شيء من القرآن في الركعتين الأخيرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أفيدوني أفادكم الله وأعوذ بالله من كلمة أنا.. أصلي ولكنني لا أدري كم صليت فهل أسجد سجود سهو أم لا وهل في هذا السجود تشهد أم لا وأيضا في الصلاة الرباعية أصليها ولكن في الركعتين الأخيرتين أقرأ سورة مع الفاتحة هل صلاتي صحيحة أم غلط أم أسجد سجود سهو أيضا والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى فعليه أن يبني على ما استيقن وهو الأقل، فإذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليجعلها ثلاثاً ثم يكمل صلاته ويسجد سجدتين للسهو قبل السلام، لما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان) " وسجود السهو قبل السلام يكون بعد إتمام تشهد الصلاة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له تشهد آخر على القول الراجح من أقوال أهل العلم لعدم صحة الحديث الوارد في ذلك سواء كان سجود السهو قبل السلام أو بعده، والأحاديث الصحيحة اقتصرت على بيان سجود الرسول صلى الله عليه وسلم للسهو ثم سلامه دون تشهد، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وأما قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية والثالثة من صلاة المغرب فالأولى تركه، لأن أكثر الأحاديث التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا تدل على أنه كان يقتصر في الركعتين الأخيرتين على الفاتحة فقط، ومن تلك الأحاديث ما رواه البخاري ومسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول في الأولى ما لا يطول في الثانية وهكذا العصر وهكذا في الصبح) ، وإن قرأ المصلي في غير الأوليين بشيء من القرآن بعد الفاتحة -أحياناً- جاز جمعاً بين الأدلة لأنه قد ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6451)
حكم اللحن الجلي في الفاتحة وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجماعه إذا كان الإمام يقرأ حرف ذ
بحرف ز، مثل: قول أعوز برب الناس مثلا بدل قل أعوذ
هل تصح الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشخص الذي يبدل حرفاً بحرف، كمن يبدل الراء لاماً أو ياءً، أو يبدل السين ثاءً أو جيماً أو شيناً، أو يبدل الذال زاء، فهذا الشخص لا يصلي إلا بمثله، وصلاته لنفسه صحيحة إن لم يمكنه التعلم، فإن أمكنه التعلم فلم يتعلم فصلاته باطلة.
فإن صلى بمن يحسن القراءة لم تصح صلاة المأموم لاقتدائه بمن لا يجوز الاقتداء به، بل ذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن هذا العاجز عن التعلم تبطل صلاته أيضاً إذا أمكنه أن يجد من يصلي خلفه ممن يحسنها، فلم يصلِّ خلفه.
وما ذكر محله إذا كان اللحن في الفاتحة، أما في غير الفاتحة، فيقول الإمام النووي: (وإن كان اللحن الذي يغير المعنى في غير الفاتحة صحت صلاته وصلاة كل أحد خلفه، لأن ترك السورة لا يبطل الصلاة، فلا يمنع الاقتداء) . انتهى من المجموع.
ويقول الإمام ابن قدامة رحمه الله: (فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/6452)
مدى شرعية القراءة في المصحف للإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز للإمام في الصلاة أن يقرأ القرآن في مصحف مفتوح أمامه أو من ورقة مكتوبة خوفا من الخطأ، وإن كان لا يجوز أو يجوز فأرجو موافاتي بالدليل وشكراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على معرفة أحكام دينك، وزادك الله حرصاً، ولمعرفة الأمر الذي سألت عنه راجع الفتاوى التالية أرقامها.
1781 12786 6019
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/6453)
مواضع الجهر والإسرار في الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الكلمات التي أقولها جهراً والتي أقولها سراً في الصلوات المفروضة؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخلو المصلي من أن يكون إماماً أو مأموماً أو منفرداً، وبيان ما يشرع من الأقوال لكل واحد من الثلاثة يظهر في الآتي:
1- يسن جهر الإمام بتكبيرة الإحرام باتفاق، وأما المنفرد والمأموم، فيسران بها عند أكثر أهل العلم.
2- يسن الجهر بقراءة الفاتحة، وما تيسر من القرآن في صلاة الفجر، وفي الأوليين من صلاة المغرب والعشاء للإمام باتفاق، وبعضهم أوجبه كالحنفية، وللمنفرد عند جمهور العلماء، وبعضهم خَيَّر المنفرد بين الجهر والإسرار.
ويجوز لهما الجهر ببعض الآيات في الصلاة السرية، لما في الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحيانا.....
وأما المأموم فلا يجهر خلف إمامه لأنه يشوش عليه، وعلى بقية المأمومين، وفي صحيح مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر أو العصر فقال: أيكم قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى؟ فقال: رجل أنا ولم أرد بها إلا الخير، قال: قد علمت أن بعضكم خالجنيها.
قال النووي رحمه الله: أي نازعنيها، ومعنى هذا الكلام الإنكار عليه، والإنكار في جهره أو رفع صوته بحيث أسمع غيره لا عن أصل القراءة...... انتهى
3- يسن الجهر بتكبيرات الانتقال كالتكبير للركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده.. عند الرفع من الركوع للإمام باتفاق العلماء إلا ما نقل عن عثمان ومعاوية وزياد، ودرج عليه سائر بني أمية من الإسرار، كما قال الشوكاني: وأما المأموم والمنفرد فيسن لهما الإسرار عند جماهير أهل العلم إلا إذا كان المأمومين لا يسمعون تكبير الإمام فإنه يجهر واحد من المأمومين أو أكثر حسب الحاجة ليبلغ الناس تكبير الإمام، ودليله ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر رضي الله عنه يسمع الناس تكبيره. وفي رواية: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبر كبر أبو بكر يسمعنا.
4- الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية للإمام والمأموم والمنفرد عند جمهور أهل العلم على تفاصيل عندهم يطول ذكرها.
5- الجهر بالقنوت للإمام، وتأمين المأموم عليه سواء كان القنوت في الفجر عند من يقول به، أو كان قنوت النوازل أو قنوت الوتر وعلى هذا أكثر أهل العلم.
وأما المنفرد فذهب بعضهم إلى أنه يسر، وذهب البعض الآخر إلى تخييره بين الجهر والإسرار.
6- الجهر بالتسليم للخروج من الصلاة للإمام باتفاق، على القول الراجح.
وننبه هنا إلى أن العلماء رحمهم الله اختلفوا في حد الجهر والإسرار فذهب أكثرهم إلى أن أدنى الإسرار المجزئ هو إسماع نفسه حيث لا مانع، واكتفى بعضهم بتحريك اللسان والشفتين، وأما الجهر فأدناه إسماع غيره ولا حد لأعلاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(11/6454)
تكرار قصار السور في الصلوت لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أكرر قراءة قصار السور في كل الصلوات الخمس لا بل إن بعض الصلوات تكون متشابهة في كل شيء ماهو رأي الإسلام في هذا مع العلم أنني قليل الحفظ من القرآن أقرأ ولكني لا أحفظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تكرار قراءة سور معينة في الصلوات لا حرج فيه، لاسيما إذا كان المرء لا يحفظ غيرها، أما إذا كان المرء يحفظ غيرها فإن الأفضل أن يقرأ في صلاته من جميع سور القرآن التي يحفظها، وراجع الفتوى رقم:
12118.
وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة الزلزلة في كلتا ركعتي الفجر لبيان الجواز، فقد روى أبو داود في سننه: أن رجلاً من جهينة سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ في الصبح إذا زلزلت الأرض في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمداً. وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(11/6455)
فوارق في القراءة بين صلاة النافلة والفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون القراءة في صلاة النافلة (السنة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القراءة في النافلة مثل القراءة في الفرض يقرأ المصلي بفاتحة الكتاب ثم يتبعها بما تيسر من القرآن. ويشرع تطويل القراءة في النافلة إلا في ركعتي الفجر فإن المستحب فيهما التقصير، لحديث عائشة المتفق عليه قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى إني لأقول هل قرأ فيهما بأم الكتاب) . ...
وننبه هنا إلى أن نافلة الليل يجهر فيها بالقراءة ونافلة النهار يسر فيها؛ ما لم تكن مثل صلاة العيدين ونحوهما مما تطلب فيه الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(11/6456)
حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام بارك الله فيكم ... هل تتم الصلاة في الصلاة الجماعة بدون أن يقرأ المأموم سورة الفاتحة وذلك لأن الإمام لا يعطي الوقت لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة خلف الإمام واجبة ولا تتم الصلاة إلا بها على الراجح من أقوال العلماء إذا كانت القراءة سرية، وكذا إذا كانت جهرية وكان المأموم لا يسمع قراءة الإمام.
أما إذا كانت القراءة جهرية والمأموم يسمعها فالواجب عليه حينئذ هو الإنصات لقراءة إمامه.
ولتفاصيل ذلك وأدلته واختلاف العلماء فيه يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
1740 والفتوى رقم:
1637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(11/6457)
القول الراجح في سكتة الإمام عقب الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو القول الراجح فى ترك الإمام فترة زمنية تكفى لقراءة الفاتحه (للمأموم) فى الصلوات الجهرية ما بين الفاتحه والسورة وماذا يفعل هو أثناء ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في مشروعية سكتة الإمام عقب قراءة الفاتحة على قولين:
القول الأول: مشروعية هذه السكتة، وهو مذهب الشافعية والحنابلة ودليلهم ما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن سمرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتين، إذا دخل في الصلاة، وإذا فرغ من القراءة. واللفظ لأحمد.
القول الثاني: كراهة هذه السكتة، وهو مذهب الحنفية والمالكية ومستندهم عدم وجود الدليل، وهذا القول هو الراجح إذ أن حديث سمرة رضي الله عنه ضعيف الإسناد.
وعلى فرض صحة الحديث، فليس فيه دلالة على أن هذه السكتة بمقدار ما يقرأ فاتحة الكتاب.
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: لو كان يسكت سكتة تتسع لقراءة الفاتحة لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم ينقل هذا أحد، علم أن لم يكن.
وعلى القول بمشروعيتها، فقد ذكر بعض الفقهاء أنه يستحب للإمام في هذه الحالة الانشغال بالذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(11/6458)
حكم قراءة البسملة في الفاتحة وهل هي آية منها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل البسملة من الفاتحة؟ وهل قراءتها واجبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في البسملة هل هي آية من كل سورة؟ أم أنها آية من الفاتحة فقط؟ أم أنها ليست آية من الفاتحة ولا غيرها؟ ولكنهم اتفقوا على أنها جزء من آية في سورة النمل.
وعلى العموم، فإن الراجح من أقوال العلماء أنها آية من الفاتحة، فيجب قراءتها معها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/6459)
حكم قراءة سورة الكهف كاملة في الظهر يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقرأ سورة الكهف كاملة في صلاة الظهر كل جمعة؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السائل ممن تجب عليهم صلاة الجمعة، فهذا يلزمه حضورها، وبالتالي لم يعد مطالباً بصلاة الظهر.
أما إن كان ممن تسقط عنه صلاتها، أو كان بمكان لا تجب فيه، فهذا لا يخلو حاله من واحد من أمرين:
الأول: أن يكون وحده، ولم يتخذ ذلك عادة في كل أسبوع، فهذا لا حرج عليه في الصلاة بما ذكر.
الثاني: أن يكون إماماً، ولم يعلم من جماعته رضاهم بالتطويل، فهذا لا يقرؤها خشية التطويل، لأنه إمام، والإمام يستحب في حقه التخفيف، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: صلى معاذ بأصحابه العشاء، فطول عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتريد أن تكون يا معاذ فتانا؟! إذا أممت الناس فاقرأ بالشمس ونحوها، وسبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم ربك، والليل إذا يغشى" متفق عليه، واللفظ لمسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(11/6460)
حكم الصلاة بالأشرطة المرتلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كما تعلمون لقد ثبت في السيره بأنه يمكن إمامة الصبي في الصلاة النافلة إذا كان أكثر حفظاً وعلى ذلك كما تعلمون أن اليوم الحفظ قليل وفي زمن الرسول الحافظون كثيرون وكان الرسول يتهجد بالسورالطوال ولكن أنا قليل الحفظ وأريد الإطالة في صلاة الليل وحسب علمي والله اعلم بأنه كلما طالت القراءة كان التدبر أكثر فهل يمكن أن أصلي صلاة الليل أي (القيام) بالأشرطة المرتلة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد أنك تستغني عن قراءتك في صلاتك بالاستماع إلى القراءة المرتلة في الشريط، فهذا لا يصح ولا يشرع بحال، وإن كنت تقصد أن تسمعه وتقرأ بقراءته، فإن المصلي مطالب بتدبر ما يقرأ، وبعدم الاشتغال عن ذلك بشيء خارج الصلاة.
واستماعك لشريط، وأنت تصلي وتقرأ بقراءته ينافي ذلك، فلا ينبغي لك فعله، وإن كنت لا تحفظ من السور الطوال، وأردت القراءة بها فلك أن تقرأ من المصحف أثناء القيام، وإن كان الأفضل لك والأجمع لقلبك والأجلب للخشوع أن تقرأ من حفظك، ولك أن تقرأ في الركعة عدة سور قصار لأجل الإطالة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6019.
وننبهك إلى اختلاف العلماء في إمامة الصبي، وإن كان الراجح الجواز إذا كان أكثر أخذاً للقرآن، كما هو مبين في الفتوى رقم: 5632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(11/6461)
مذاهب العلماء في القراءة الفاتحة حال جهر الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت في صلاة الجماعة والإمام يقرأ سورة من القرآن هل أقوم بقراءة دعاء الاستفتاح وسورة الفاتحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة دعاء الاستفتاح ليست مستحبة لمن دخل في صلاة الجماعة والإمام يقرأ سورة من القرآن، وذلك لأن دعاء الاستفتاح مستحب والإنصات للقراءة واجب، ولا يعارض الواجب بما هو مستحب.
أما قراءة الفاتحة خلف الإمام في حال الجهر فقد اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال:
-مذهب جمهور العلماء أنه لا يقرأ، وذهب آخرون إلى جواز الأمرين مع تفضيل القراءة، والقول الثالث: إن القراءة واجبة.
ولعل الراجح -والله أعلم- هو مذهب الجمهور وهو أنه ليس له أن يقرأ، لقوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
وعليه، فإذا دخلت مع الإمام في صلاة الجماعة في حال الجهر، فالواجب الإنصات لقراءته ما لم يسكت، أو تكون أنت في مكان لا يصل إليك فيه صوته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/6462)
النسيان بعد الصلاة لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيانا وبعد الصلاة..... ننسى ما قرأناه فيها فما حكم ذلك؟ وهل تبطل الصلاة؟
هذا سؤال لإحدى الأخوات فما أقول؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا فرغ المرء من صلاته فليس مطالباً بأن يتذكر ما قرأه في صلاته أو ما قرأه إمامه إن كان صلى في جماعة، وليس كل من صلى يتذكر بعد الصلاة ما قرأه هو أو إمامه، بل إن كثيراً من الناس ينسون ولا يتذكرون، وقوة الذاكرة تختلف من شخص لآخر بل من الناس من يسمع الكلمة وبعد أقل من دقيقة ينسى ما سمع، والنسيان أمر بشري لا ينزه عنه إنسان كائناً من كان حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني. والحاصل أن من لم يتذكر بعد الصلاة ماذا قرأ هو، أو ما قرأ إمامه فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/6463)
مذهب المالكية في البسملة وقراءة الفاتحة سرا
[السُّؤَالُ]
ـ[في المذهب المالكي هل يقرأ المأموم الفاتحة جهراً أو سراً ثم البسملة جهراً أو سراً؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مذهب المالكية، وكل المذاهب -فيما نعلم- أن المأموم يقرأ الفاتحة سراً، لكن إذا كان قصد السؤال قراءة المأموم للفاتحة خلف الإمام، فقد تقدمت في ذلك فتاوى، ومنها الفتوى رقم: 1740.
أما مذهب المالكية في البسملة، فإنهم يرون أنها لا تقرأ لا سراً ولا جهراً هذا هو مشهور المذهب.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 5566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/6464)
حكم تكرار آية في الصلاة سوى أم الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى ركعتين بنفس الآية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في تكرير الآية أو السورة في الركعتين أو الركعات، لقوله تعالى: (فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزمل:20] .
إلا أن الأفضل أن تقرأ في الركعة الأولى بسورة، وفي الثانية بسورة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/6465)
حكم القراءة دون ترتيب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قراءة السورتين في الصلاة دون مراعاة ترتيبهما في المصحف؟
مع الاحترام والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة بسور من القرآن -قصيرة كانت أم طويلة- دون مراعاة ترتيب المصحف صحيحة، والدليل على ذلك حديث حذيفة رضي الله عنه: "أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها" رواه مسلم.
وسورة آل عمران متقدمة على سورة النساء في ترتيب المصحف.
وقد تأول بعض العلماء نهي السلف عن قراءة القرآن منكوساً على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها، كما نقل ذلك النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض رحمهما الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/6466)
يلزم القراءة قدر الوسع بعد بذل المستطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تبلغ 68 من العمر وهي لا تعرف لا القراءة ولا الكتابة في صلاتها لا تقرأ الفاتحة كاملة ولا أي سورة بعدها ولا تكمل التشهد فما حكم صلاتها وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزم المصلي القراءة أثناء القيام إلا بالفاتحة، وما زاد عن ذلك فهو سنة، وأما الفاتحة والتشهد وغيرهما من الفرائض فيجب على المسلم المكلف أن يتعلمها، إذ لا تصح صلاته إلا بها، فيجب على أمك تعلم ذلك إن قدرت عليه، فإن عجزت عنه بعد بذل الوسع فيه، فيلزمها قراءة ما تحسن من الفاتحة وكذلك التشهد، وصلاتها بعد ذلك صحيحة، فالله سبحانه وتعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] . ويقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/6467)
أقل مراتب الإسرار والجهر في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة القرآن في الصلاة السرية والقراءة العادية للنساء بدون تحريك الشفاه؟ وهل يجب على الرجل أن يسمع نفسه فقط حتى في صلاة الجماعه؟
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة واجبة سواء كانت الصلاة جهرية أو سرية، لما في الصحيحين عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) .
فهي ركن من أركان الصلاة وفرض من فرائضها عند الجمهور، ويستوي في ذلك الرجال والنساء إذا لم يكونوا يصلون خلف إمام.
وأما من يصلي خلف إمام فقد اختلف في وجوب قراءة الفاتحة عليه إذا وجد فرصة لقراءتها، وأما المسبوق الذي لم يدرك القراءة في الركعة فإنها تسقط عنه ويعتد بتلك الركعة التي أدرك ركوعها.
والراجح من أقوال العلماء أن على المأموم أن يقرأ الفاتحة إذا لم يسمع قراءة إمامه سواء كانت الصلاة جهرية أم سرية.
أما من يسمع القراءة من الإمام ففرضه الإنصات والتدبر، وتعتبر قراءة الإمام قراءة له، لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
وبالنسبة للسرية فلا بد فيها من تحريك اللسان والشفتين فهذا أدنى السر، وبدونه لا تعتبر قراءة وإنما هو تدبر أو تفكر بالقلب ولهذا لا يمنع للجنب. وأما أعلى السر فهو أن يسمع نفسه ومن يليه.
والإمام إذا كان يصلي الصلاة الجهرية فعليه أن يسمع نفسه ومن يليه، وهو أقل مراتب الجهر، ولا حد لأعلاه، وقد كان صلى الله عليه وسلم: يرفع صوته بالقراءة يمد بها صوته. رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها.
والحاصل: أن قراءة فاتحة الكتاب واجبة على الإمام والمنفرد في الصلاة الجهرية والسرية، وأن القراءة السرية لا بد فيها من تحريك اللسان والشفتين للرجال والنساء، وأن الإمام في الصلاة الجهرية عليه أن يسمع نفسه ومن يليه، وهو أضعف مراتب الجهر ولا حد لأعلاه بالنسبة للرجل ولا ينبغي للمرأة أن تزيد على أن تسمع نفسها إلا إذا كانت في مكان لا يسمع صوتها فيه إلا النساء ومحارمها من الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(11/6468)
حكم الخطأ في قراءة الصلاة، وهل يلزم منها شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض السور القصيرة التي لم أكن أحفظها سابقا أحاول الآن حفظها وقراءتها في الصلاة ولكن لكوني حديثة الحفظ لها فإنني في بعض الأحيان أنسى بعض الآيات بها أو أتلكأ أثناء قراءتها فهل علي إثم في حال قراءتها بهذه الطريقة علما بأنني في بعض الأحيان عندما أنسى منها آية أو أخطئ في قراءتها أسجد سجدتي سهو فما حكم ذلك؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم والمسلمة تعلم كتاب الله تعالى وحفظه لما يترتب على ذلك من الخير العظيم. وقد أخرج البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) . وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) . وقد أوجب العلماء تعلم الفاتحة وحفظها وذلك لتوقف صحة الصلاة عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرج البخاري: (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب) .
وأما ما زاد على الفاتحة من القراءة فليس بواجب التعلم عند جمهور العلماء، ودليلهم ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: "في كل صلاة قراءة، فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى منا أخفينا منكم، فمن قرأ بأم القرآن فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل" وفي البخاري "وإن زدت فهو خير". وذهب بعض العلماء إلى أنه لا بد من زيادة على الفاتحة، وممن قال بهذا ابن عباس وابن عمر وابن مسعود قالوا: لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها من القرآن.
وعلى كل، فمن الأحوط أن يحفظ الإنسان ما تيسر من القرآن زيادة على الفاتحة، لحديث عبادة بن الصامت الذي أخرجه مسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن -زاد في رواية- فصاعدا. وبخصوص الأخطاء التي تقع أحياناً في القراءة فلا إثم فيها إن كانت غير مقصودة، إذ الأخطاء أمر يصعب التحرز منه ولا سيما في بداية الحفظ. أما السجود من أجل الأخطاء تلك في غير الفاتحة فإنه لا يشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(11/6469)
هل تتطابق القراءة في الفرض والنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة السنة هل يقتصر على قراءة الفاتحة فقط أم يتم قراءة ما تيسر من القران وهل يختلف ذلك باختلاف صلاة السنة مثل سنن الفروض والوتر والشفع جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيرى الفقهاء أن النوافل لها حكم الفرائض في بعض المسائل، ومن بينها ما سألتم عنه من قراءة الفاتحة وما زاد عليها من السور الأخرى، وذلك لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ الفاتحة في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل ولم يثبت عنه خلاف ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في البخاري: صلوا كما رأيتموني أصلي. وفيما يتعلق بالزيادة على الفاتحة فقد وردت جملة من الأحاديث تبين أنه صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في الرواتب والسنن المؤكدة كالعيدين والخسوف والكسوف والنوافل الأخرى بعض السور، ففي ركعتي الفجر وراتبة المغرب كان يقرأ بالكافرون والإخلاص. أخرج الترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود قال: ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. وفي الشفع والوتر كان يقرأ في الركعة الأولى: سبح اسم ربك الأعلى، والثانية، قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة، قل هو الله أحد والمعوذتين. أخرجه ابن ماجه. وفي العيدين والجمعة كان يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية. رواه مسلم.
ومن هذا يتبين للسائل تطابق الفرض والنفل في كون كل واحد منهما يُقرأُ في كل ركعاته بفاتحة الكتاب وشيء بعدها؛ إلا أن زيادة شيء بعد الفاتحة في صلاة الفرض مقصور على الركعتين الأوليين عند كثير من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(11/6470)
إسماع المأمومين القراءة هدي نبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[نلاحظ في بعض المساجد لا يستعمل مكبر الصوت في الصلاة الجهرية مما يؤدي إلى عدم سماع الإمام أثناء القراءة فما هوحكم المشرع في هذا الأمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي للإمام أن يرفع صوته بالقراءة والتكبير والتسميع حتى يُسمع من يقتدي به، وذلك اقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه من حديث أنس أنه كان يمد صوته ويطيل الحروف الصالحة للإطالة يستعين بها على التدبر والتذكر وتذكير من يتذكر، ووصفت أم سلمة رضي الله عنها قراءته بأنها مفسرة حرفاً حرفاً، وذلك في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وفي البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء: والتين والزيتون فما سمع أحداً أحسن صوتا منه.
وهذا كله يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته بالقرآن في وقت الجهر ويسمع المصلين معه، ومن الحكمة في ذلك حصول التدبر للتلاوة والمتابعة للإمام في التكبير والتسميع "إنما جعل الإمام ليؤتم به".
وعلى هذا فينبغي للإمام أن يرفع صوته بالقراءة في الصلوات الجهرية حتى يسمعه من خلفه فيستمعون ويتدبرون، وإذا احتاج إلى تسميعهم بواسطة مكبر الصوت لضعف صوته الداخلي أو لاتساع المسجد فليستخدمه. ولكن ينبغي أن لا يفتح إلا "الميكروفون"الداخلي لأن استخدام الخارجي قد يشوش على أهل المساجد الآخرين كما هو مشاهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(11/6471)
ما يلزم من أخطأ في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من قرأ سورة في الصلاة وأخطأ فيها؟ هل يسجد سجود السهو أم ماذا يفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الخطأ في سورة الفاتحة، فإنه لا يجبره سجود السهو، لأن الفاتحة ركن والركن لا يجبر بسجود السهو.
والواجب هو إصلاح هذا الخطأ، فإن تم إصلاحه فلا يحتاج لسجود السهو، وإذا لم يتم إصلاحه وكان كنسيان آية ونحوه مما يخل بالركن، فإنه يجب إعادة تلك الركعة.
وإذا كان الخطأ في سورة أخرى غير الفاتحة، فإنه لا يحتاج إلى سجود السهو، سواء أصلح أو لم يصلح، لأن قراءة السورة بعد الفاتحة أمر مستحب، وليس واجباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(11/6472)
المسبوق إذا اكتفى بقراءة الفاتحة هل يلزمه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسأله الآتية: ما يقول الفقهاءالكرام في رجل أدرك الإمام في الرابعة من الرباعية فلما سلم الإمام قام المسبوق إلى قضاء ما فاته من الصلاة. وقرأ الفاتحة في الأولى من الركعات الثلاث الفائتة فقط وسها عن ضم السورة وقرأ في الأخريين الفاتحة والسورة معاً. هل تجوز صلاته أم لا؟ وإذا جازت صلاته يسجد للسهو أم لا؟ أريد الجواب على مذهب الإمام أبي حنيفة (رحمه الله تعالى) شكراً! (أجركم عندالله الرحمان المنان) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة صحيحة طالما أنه قد قرأ الفاتحة في كل ركعة، فلا يجب قراءة شيء غير الفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ". وأما عن قراءة سورة بعد الفاتحة فقد بينا في جواب سابق أن المسبوق له أن يجعل ما أدركه مع الإمام أول صلاته، وله أن يجعل ما فاته هو أول صلاته، فليراجع هذا في الجواب رقم:
6182 ومن ترك السورة بعد الفاتحة فلا يجب عليه أن يسجد للسهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(11/6473)
ترديد آيات العذاب والرحمة في صلاة الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترديد آيات العذاب والرحمة في صلاة الفريضة في جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الثابت هو ترديد آية أو آيات في النافلة، هذا هو المنقول الثابت من فعله عليه الصلاة والسلام، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى أصبح، وهي قوله تعالى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) [المائدة: 118] والأصل أن ما جاز فعله في صلاة النافلة جاز فعله في المكتوبة.
وعليه، فلا بأس بترديد الآيات في الفريضة، وذلك من أجل تحصيل الخشوع والتدبر، فالترديد جائز ما لم يشق على المصلين، أو يشوش عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(11/6474)
يكره تعمد ترك قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من نسي قراءة سورة مع الفاتحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نسي قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة فلا شيء عليه، لأن قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية مسنون، يكره تعمد تركه، ولا يلزم بتركه سجود سهو عند الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(11/6475)
قراءة الفاتحة ركن على الراجح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قراءة الفاتحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة في الصلاة تعد ركناً من أركانها لا تصلح الصلاة إلا به على الراجح من أقوال العلماء، وهو مذهب الجمهور، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" رواه البخاري ومسلم.
وشواهد هذا الحديث كثيرة جداً، وراجع الفتوى رقم: 2281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(11/6476)
قراءة سورة بعد الفاتحة مستحبة في جميع الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة سورة قصيرة في صلاة النوافل وتحية المسجد؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة سورة بعد الفاتحة مستحب، يستوي في ذلك الفرض والنفل، ومن ذلك تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(11/6477)
ما يلزم من قرأ الفاتحة بعد السورة القصيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قيامي بفريضة الصلاة وفي بعض الأحيان أنسى قراءة سورة الفاتحة قبل السورة القصيرة فأقوم بقراءتها بعد السورة القصيرة هل يجوز ذلك؟ وماذا علي أن أفعل عندما يحصل ذلك؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نسي أن يقرأ الفاتحة ثم تذكرها وقرأها قبل الركوع، فإنه لا شيء عليه، ولكن عليه أن يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر له، لأن ما قرأه قبلها لا يعتد به، لأنه في غير محله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1423(11/6478)
يندب قراءة السور في الصلاة مرتبة حسب المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يتوجب قراءة السور بالترتيب في الصلاة في كل ركعة متسلسلا مثلا في صلاة الصبح (في ركعتي الصبح هل يتوجب قراءة سورة القدر في الركعة الأولى وقراءة سورة الزلزلة في الركعة الثانية) وفي ركعتي الفرض هل يتوجب مثلا قراءة سورة القارعة في الركعة الأولى والتكاثر في الركعة الثانية أم بالإمكان مثلا قراءة سورة المسد في الركعة الأولى وسورة الإخلاص في الثانية؟ أفيدوناافادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب قراءة السور في الصلاة حسب ترتيبها في المصحف ولكنه يندب، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2475 والفتوى رقم: 2162 والفتوى رقم: 5206
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1422(11/6479)
قول أهل العلم في مايقرأ في الركعتين الأوليين من الفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه يجوز في الصلاة أن نقرأ الفاتحة وآية قصيرة في أول ركعتين من كل فرض وباقي الركعات يجوز لنا أن نقرأ فيها الفاتحة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة على أنه يسن قراءة شيء من القرآن بعد سورة الفاتحة في الصلاة، فإن لم يقرأ أجزأته صلاته، وذلك لما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "في كل صلاة يُقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير لك".
وذهب الحنفية إلى وجوب قراءة أقصر سورة من القرآن، أو ما يقوم مقامه بعد الفاتحة، وأقصر سورة في القرآن مقدارها ثلاث آيات.
وقول الجمهور أرجح لقوة دليله، وضعف الحديث الذي استدل به الأحناف، واتفق الفقهاء الأربعة على أن محل القراءة هو الركعتان الأوليان من صلاة الفرض، لحديث أبي قتادة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح" رواه البخاري.
ويسن تطويل القراءة في الركعة الأولى على الثانية عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، ومحمد بن الحسن من الحنفية، لحديث أبي قتادة السابق، ولعل السبب في ذلك ما ذكره ابن حجر في فتح الباري حيث قال: قال الشيخ تقي الدين: كان السبب في ذلك أن النشاط في الأولى يكون أكثر فناسب التخفيف في الثانية حذراً من الملل. ا. هـ.
وقال أيضاً: وروى عبد الرزاق عن ابن جريح عن عطاء قال: إني لأحب أن يُطول الإمام الركعة الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6480)
اللحن في القراءة ... أقوال الفقهاء في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
كنت في صلاة فقرأ الإمام (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) - بفتح التاء في الموت- فصححت له ثم بعد الصلاة اعترض علي فقلت إن اللحن إذا أخل بالمعنى فإنه تبديل لكلام الله وهو تعالى القائل (لا مبدل لكلماته) الآية فهل فعلي صحيح؟
أرجو الإجابة مع عرض أقوال أهل العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نصيحتك لهذا الإمام فعلٌ تثاب عليه إن شاء الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم، وتصحيح خطأ القارئ من النصيحة لكتاب الله تعالى، ومن النصيحة للقارئ نفسه.
وأما عن حكم صلاة الإمام والمأموم في هذه الحالة، وهي الخطأ في الإعراب في غير الفاتحة، فجمهور العلماء يقولون بصحة صلاتهما، ونظراً لطلبك عرض أقوال العلماء في ذلك فسنعرضها لك باختصار:
أما الحنفية، فالمتقدمون منهم على بطلان صلاة الإمام والمأموم، إذا كان تغيير الإعراب يؤدي إلى معنىً كفري، وذهب المتأخرون إلى صحة الصلاة، لو أدى إلى معنى كفري، لأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب، هذا إن كان على سبيل الخطأ، أما إن كان عامداً، فصلاته باطلة قطعاً.
وأما المالكية، فالصلاة عندهم صحيحة مطلقاً، إلا إذا كان عامداً، فصلاته باطلة، ولكنهم يشترطون في غير العامد أربعة شروط لصحة صلاته، وهي:
1- أن يكون عاجزاً عن التعلم لضيق الوقت.
2- ألا يجد معلماً يعلمه.
3- ألا يوجد غيره يؤم الناس.
4- أن يكون المأموم مثله، أو أقل منه في العلم بالقراءة.
فإن تخلف شرط من هذه الشروط، فصلاته باطلة.
وإنما قالوا بصحة صلاة المخطئ دون العامد، لأن القارئ المخطئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن، بل يعتقد بقراءته ما يعتقد بها من لا يلحن فيها.
وأما الشافعية، فالصلاة عندهم صحيحة، ولو كان لحنه يُغير المعنى، هذا إذا كان غير قادرٍ على التعلم أو كان مخطئاً، أما إذا قدر على التعلم أو تعمد اللحن فصلاته باطلة.
قال في روضة الطالب: فإن لحن في غير ذلك لحناً يغير المعنى، كقوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) بجر اللام، فإن كان قادراً عامداً بطلت صلاته، وإلا فتصح صلاته والقدوة به، لأن ترك السورة جائز. ا. هـ.
وأما الحنابلة، فالصلاة عندهم صحيحة أيضاً، إن كان الإمام مخطئاً، أما إذا تعمد فصلاته باطلة هو ومن اقتدى به.
قال ابن قدامة: فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده فتبطل صلاتهما. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/6481)
الرواتب التي كان عليه الصلاة والسلام يقرأ فيها بسورة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[1 - النوافل قبل الظهر والعصر والعشاء هل هناك سور معينة يفضل قراءتها فيها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء بقراءة سورة معينة في رواتب الصلاة المفروضة، إلا في ركعتي الفجر والركعتين اللتين تصليان بعد المغرب، فإنه يقرأ في الأولى منهما بعد الفاتحة سورة "الكافرون" وفي الثانية بسورة الإخلاص، فقد ثبت في ذلك أحاديث منها ما أخرجه الترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1422(11/6482)
حكم صلاة من يقرأ من المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أختم المصحف كل شهر، وليس لدي وقت كاف حيث أنني أعمل وأقوم على رعاية أولادي، لذا أقوم بالقراءة في صلاتي صفحة مع كل ركعة من المصحف الذي أضعه أمامي على قائم مرتفع، هل هذا جائز أم لا؟ علما بأنني قد فعلت هذا في رمضان وقدرني الله بفضله على ختم القرآن مرتين.
أرجو منكم الإجابة وجزاكم الله خيرا عنا وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على الحرص على قراءة القرآن وختمه في كل شهر، فهذا من أفضل القربات، فحاولي أن يكون لك وقت تقرئين فيه القرآن خارج الصلاة المفروضة والنافلة، إذ مثل هذا لا يأخذ من وقت الإنسان كثيراً، إذ يكفي لقراءة جزء من القرآن نصف ساعة تزيد أو تنقص. ووقت الإنسان فيه متسع لذلك مهما كثرت أشغاله وأعماله، وأما القراءة من المصحف في الصلاة: فإن كانت الصلاة نافلة فالقراءة جائزة، سواء أمسكت المصحف بيدك أم كان على قائم مرتفع أمامك، وإن كانت فرضاً ففي جواز ذلك خلاف بين أهل العلم والأولى تركه خروجاً من ذلك الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(11/6483)
قراءة جريح اللسان في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[-إذا جرح اللسان ووضع عليه ضماد بحيث لا يمكن تلفظ الحروف فهل تكفي القراءة في القلب في الصلاة بدون تحريك اللسان سواء كنت خلف الإمام أو منفرداً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة:286] ويقول سبحانه: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78] ويقول سبحانه: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن:16] وعليه فمن كان بلسانه جرح وكان لا يستطيع التلفظ بالحروف، أو يضره التلفظ بها سقط عنه اللفظ باللسان للعجز عنه، وعليه أن يقرأ بقلبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/6484)
يجهر بالتأمين في الجهرية ويسر به في السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[1 لماذا يقال آمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة؟ وهل يجب النطق بها بصوت مرتفع؟ وهل يصح قولها بالسر أي (بدون رفع الصوت) حيث إن البعض يقول: يجب نطقها بصوت مرتفع والبعض يقول: يجب عدم نطقها بصوت. أرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التأمين عند الفراغ من قراءة الفاتحة سنة، وليس واجباً، وقد اختلف الفقهاء في الجهر به وعدمه في الصلاة على قولين:
1-يسن إخفاؤه (الإسرار به) في جميع الصلوات: جهرية كانت أو سرية. وبه قال الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك في إحدى الروايتين عنه.
وعللوا ذلك: بأن التأمين دعاء فاستحب إخفاؤه، كباقي الأدعية.
2-يسن أن يجهر به الإمام والمأموم فيما يجهر فيه بالقراءة، وإخفاؤه فيما يخفى فيه. وبه قال الإمام الشافعي، وأحمد، ومالك في الرواية الأخرى.
واستدلوا على ذلك بما يلي: قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آمين" ورفع بها صوته. رواه الترمذي وغيره، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتأمين عند تأمين الإمام، فلو لم يجهر به لم يُعلِّق عليه كحالة الإخفاء. والراجح هو الجهر بالتأمين في الصلوات الجهرية، والإسرار به في الصلوات السرية. ولعل من المناسب أن نشير إلى معنى التأمين، وبعض فضائله فنقول: معنى: آمين: اللهم استجب.
ومن فضائله أنه يوجب إجابة الدعاء، ومحبة الله لقائله.
روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فقولوا: آمين، يجبكم الله" ومعنى يجبكم: يجيب دعاءكم.
وروى أبو داود والنسائي وأحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فقولوا: آمين يجبكم الله"
ومن فضائله أيضاً: "قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" قال ابن شهاب: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: آمين. رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ: "إذا قال أحدكم آمين، قالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه مسلم. ومما يدل على مزيته أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين، فأكثروا من قول آمين" رواه ابن ماجه، وصححه العراقي وغيره. قال الإمام المناوي: (ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين) أي قولكم في الصلاة وعقب الدعاء آمين. كما يستحب أن يختم الدعاء بالتأمين، وأن يكثر منه فإنه من أسباب الإجابة، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود: "إن ختم بآمين فقد أوجب".
ومما تقدم يعلم سبب قول المسلمين آمين، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وحث المسلمين عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(11/6485)
ما يفعل من نسي أثناء القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قرأت في الصلاة سورة ونسيت جزءاً من آية فيها ثم تذكرت ذلك بعد الركوع فماذا أفعل؟ وإذا وقفت في وسط آية ولم أتذكر تكملتها فماذا أفعل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قرأت سورة من القرآن ونسيت منها آية أو زدت فيها آية، أو دمجت آية في آية أخرى، ونحو ذلك ثم بعد الركوع علمت ذلك، فلا يلزمك شيء، بل عليك أن تواصل ركوعك وبقية صلاتك حتى تتمها، وكذا إذا نسيت آية أو أُلْبِسَتْ عليك، فلم تستطع تذكرها ولم يفتح عليك أحد المأمومين - إذا كنت إماماً - فأنت مخير بين أمرين: إما أن تركع، وإما أن تنتقل لما بعدها، أو لقراءة آية أخرى، أو سورة أخرى.
قال أبو داود في سننه (باب الفتح على الإمام في الصلاة) : وروى بسنده عن المسور بن يزيد المالكي رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئاً لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا أذكرتنيها".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها، فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي: "أصليت معنا؟ " قال: نعم. قال: "فما منعك؟ " أي من الفتح علي.
قال بدر الدين العيني: وينبغي للمقتدي أن لا يعجل بالفتح، وللإمام أن لا يلجئهم إليه، بل يركع إذا جاء أوانه، أو ينتقل إلى آية أخرى، وتفسير الإلجاء: أن يردد الآية أو يقف ساكتاً. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1422(11/6486)
تكرار سور معينة في صلاة التراويح....رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: بالنسبه لصلاة التراويح فأنها تصلى 20ركعة بحيث يقرأ في الركعة الأولى من سورة التكاثرحتى سورة المسد
وفي الركعة الثانية يقرأ سورة الإخلاص. فهل يعتبر هذا تخصيصاً علما بأنها تقرأ بسرعة نوعاً ما ويقرؤها الإمام كل يوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تكرار سور معينة في كل ركعة لا حرج فيه، ولا سيما إذا كان ذلك لغرض، كأن يكون القارئ يصلي بناس يشق بهم تطويل القراءة، أو لا يحفظ من القرآن إلا تلك السور، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ (قل هو الله أحد) فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخبروه أن الله تعالى يحبه"
قال ابن العربي: فكان هذا الحديث دليلاً على جواز تكرار سورة في كل ركعة. انتهى.
إلا أننا نقول: إن الأولى للمصلي أن يقرأ في صلاته من جميع سور القرآن من غير تحديد، إن كان يحفظه، وعلى ذلك كان عمل السلف الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1422(11/6487)
للمرأة أن تجهر بالقراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تقرأ وتكبر بصوت مرتفع إذا صلت وحدها أو مع زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة إذا صلت وحدها أو بحضور زوجها أو محرم من محارمها أن ترفع صوتها بالقراءة والتكبير، وتجهر بهما، ولكن يكون جهرها أخفض من جهر الرجال، ولو لم يكن بحضرتها غير محارمها.
قال الشافعي: وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره.
وجاء في كفاية الأخيار: وأما المرأة إذا أمَّت أو صلت منفردة، فإنها تجهر - إن لم تكن بحضرة الرجال الأجانب - لكن دون جهر الرجل، وتسر إن كان هناك أجانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1422(11/6488)
القراءة من المصحف في الصلاة جائزة للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي القراءة من المصحف أثناء الصلاة، مع العلم أن ملكة الحفظ عندي ضعيفة؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن القراءة من المصحف في الصلاة فرضا كانت أو نفلا لا حرج فيها إذا دعت إليها حاجة، بأن كان الشخص لا يستطيع أن يقرأ دون المصحف. وانظر الإجابة عليها بالتفصيل تحت رقم:
1781
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1422(11/6489)
تكرير السورة في الصلاة مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[- مرات أصلي بسورة واحدة سورة الإخلاص في أي وقت من أوقات الصلاة فهل يجوز لي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
2-فإن الأولى للشخص والأفضل له أن لا يكرر السورة الواحدة في صلاته.
لأن عدم تكرير السورة الواحدة في الصلاة هو الأكثر من هديه صلى الله عليه وسلم. ولكن إذا كرر السورة في الصلاة في بعض الأحيان فلا بأس، لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الصبح بسورة الزلزلة في الركعتين كلتيهما. ففي سنن أبي داود أن رجلا من جهينة أخبر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح (إذا زلزلت) في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم قرأ ذلك عمداً. وبهذا الحديث استدل بعض العلماء على عدم كراهة تكرير السورة في الصلاة. قال بدر العيني شارح سنن أبي داود (والأصح أنه لا يكره، ولكن ينبغي أن لا يفعل ولو فعل لا بأس به) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1422(11/6490)
نافلة النهار سرا ونافلة الليل جهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اصلي ركعتين لله، فهل ممكن أن تكون هذه جهرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
-فالسنة أن تكون صلاة النهار سرية، وصلاة الليل جهرية.
قال مجاهد: صلاة النهار عجماء. أي إنه لا يجهر بالقراءة في شيء من صلوات النهار، إلا الجمعة والعيدين.
فإن صليت هاتين الركعتين نهاراً فالسنة أن تسر فيهما، وإن صليتهما ليلاً فاجهر فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1422(11/6491)
قراءة سورة السجدة يوم الجمعة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه وسلم.
ماحكم الشرع في إمام يصلي الصبح بالناس في كل جمعة بآيات السجدة ويسجدالجماعة معه في أماكن سجودالتلاوة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعروف والثابت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في صلاة صبح يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان، ثبت ذلك في صحيح مسلم وغيره، والحكمة في ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية أنهما - أي السورتين المذكورتين - تضمنتا ما كان ويكون في يوم الجمعة، فقد اشتملتا على خلق آدم وعلى ذكر المعاد، وحشر العباد، وذلك يكون يوم الجمعة، فكانت قراءتهما في مطلعه فيها تذكير للأمة بما كان وما سيكون فيه، وبهذا يتضح أن السجدة ليست مقصودة، وإنما هي تبع لقراءة سورة السجدة.
وعلى هذا، فإذا كان مقصود السائل هو أن الإمام يصلي في كل جمعة بسورة السجدة، فهذا هو السنة.
أما إذا كان مقصوده أنه لابد أن يصلي في يوم الجمعة بسورة فيها سجدة تلاوة ليسجد ظناً منه أن السجدة مقصودة لذاتها في يوم الجمعة، فهذا عمل مكروه، ولذلك فقد كره بعض الأئمة المداومة على قراءة سورة السجدة يوم الجمعة، دفعاً لتوهم بعض الجهلة من تخصيص يوم الجمعة بسجدة زائدة، وبالنسبة لسجود الجماعة مع الإمام الذي يصلي كل جمعة بسورة فيها سجدة، فهذا هو حكمهم، وما فعلوه هو عين الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1422(11/6492)
تعمد ترك القراءة بعد الفاتحة لا يوجب سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا إمام صلاة المغرب، وفي الركعة الثانية لم يقرأ بعد الفاتحة شيئا من القرآن الكريم ثم كبر وركع، وبعد الركعة الثالثة سلم الإمام دون سجود للسهو، فطلبنا من الإمام أن يسجد للسهو، فقال الإمام لا داعي لسجود السهو، وهذا جائز وأنا تعمدت عدم قراءة أي شيء بعد الفاتحة.
فما هو الحكم الشرعي في عدم قراءة شيء من القرآن الكريم بعد الفاتحة عمدا في الركعة الثانية من صلاة المغرب؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعمد ترك القراءة بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية مكروه، ومن فعل ذلك فقد تعمد ترك سنة على قول جمهور أهل العلم.
ولا يشرع السجود في حقه، وذلك لأن السجود إنما شرع لجبر السهو الذي يحصل من المصلي، أما العمد فإذا تعلق بترك واجب أو ركن فالصلاة باطلة لا يجبرها سجود السهو، وإذا تعلق بترك سنة فالصلاة صحيحة وقد أساء المصلي، ولذلك لم يشرع له سجود يجبر إساءته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/6493)
من أم بالناس فليخفف
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدين أن يقوم شخص بصلاة المغرب بحوالي ساعة، وكذلك صلاة العصر؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الفذ (أي المنفرد) لا حد لها من حيث الطول، فيجوز تطويلها حسب النشاط والاستعداد، هذا إذا كان يصلي نفلاً أما إن كان يصلي فرضاً فهو مربوط بوقت ذلك الفرض فلا يجوز له أن يطيل الصلاة حتى يخرج وقتها، أما إذا كان إماماً فالمشروع له حينئذ أن يخفف بالناس، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء" متفق عليه واللفظ للبخاري.
قال النووي: معنى أحاديث الباب ظاهر، وهو: الأمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يخل بسنتها ومقاصدها، وأنه إذا صلى لنفسه طول ما شاء من الأركان التي تتحمل التطويل، وهي القيام والركوع والسجود، والتشهد دون الاعتدال، والجلوس بين السجدتين. انتهى.
وننبه إلى أن غالب هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العصر والمغرب هو التخفيف، فكان يقرأ فيهما بقصار المفصل وأوساطه، وهذا أكمل الهدي، وهو لا يحتمل مثل هذا التطويل، والرفق لا يكون في شيء إلا زانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1422(11/6494)
الاستعاذة في الصلاة أو لإرادة قراءة القرآن سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستعاذة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنة، لقوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل:98] .
ولحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة استفتح، ثم يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه" رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
وصفة الاستعاذة أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وكله حسن ويسرُ بالاستعاذة، ولا يجهر بها، وهذا عن الاستعاذة في الصلاة.
أما الاستعاذة خارج الصلاة، فلا نعلم خلافاً في مشروعيتها لمن أراد أن يقرأ، لقوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل:98] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1422(11/6495)
حكم تصحيح القراءة في الصلاة من المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الر حمن الرحيم سؤالي هوإذا غلطت في الصلاة في القراءة في آية من الآيات فأخذت المصحف وكان في جواري: فهل هذا جائز فإننا نقيم في الولايات المتحدة الأمريكية فلا نجد سوى هذا الموقع الجيدالذي نرسل إليه أسئلتنا فجزا الله أصحاب الفضيلة خيرالجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أخطأ في قراءة آية من سورة الفاتحة في صلاته، وجب عليه تصحيح الخطأ حتى تكون قراءة الفاتحة صحيحة، وإلا فصلاته باطلة، لأن قراءة سورة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، روى البخاري ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
وأما الخطأ في قراءة آية من سورة غير الفاتحة في الصلاة، وتناول المصحف لقراءة الآية صحيحةً منه. فإن كان المصحف قريباً من المصلي وهو قائم بحيث لا يحتاج إلى حركة كثيرة، ولم يوجد من يفتح عليه، ويصلح خطأه، فنرجو ألا يكون فيه بأس، على ألا يكون ذلك عادة له، وإن قطع التلاوة وركع، فلا حرج عليه في ذلك، بل قد يكون أولى، حفاظاً على السمت وعدم الحركة في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1422(11/6496)
حكم ترك الجماعة لأجل عدم التشويش أثناء قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لايسطيع قراءة الفاتحة خلف الإمام سرا"علما" أنه يوجد إمكانية لقراءتها جهرا ولكن يشوش على المصلين.
هل تسقط عنه صلاة الجماعة أم لا وإن لم تسقط الجماعة فهل صلاته صحيحة
وجزاكم الله خيرا
ابو الحسن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيلزم المأموم قراءة الفاتحة في ركعات الصلاة السرية، أما الجهرية: فإنه إذا قرأ الإمام لزمه الإنصات والاستماع لقراءته، لقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) [الأعراف: 204] .
لكن إذا وجد فرصة لقراءة الفاتحة في الجهرية عند سكتات الإمام لزمه ذلك ووجب عليه، فإن لم يجد إلا حال قراءة الإمام لا يقرأ، وصلاته صحيحة.
قال ابن المنذر في الأوسط: ولا أرى أن يقرأ وهو يسمع قراءة الإمام، والذي يجب علينا إذا جاءنا خبران يمكن استعمالهما جميعاً أن نقول بهما ونستعملهما، وذلك أن نقول لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب إلا صلاة أمر النبي صلى الله عليه وسلم المأموم إذا جهر الإمام بقراءته أن يستمع لقراءته، فيكون فاعل ذلك مستعملاً للحديثين جميعاً، ولا يعدل عن هذا القول أحد إلا عطل أحد الحديثين. والله أعلم. انتهى.
وقراءة المأموم في السرية والجهرية تكون سراً في نفسه، ولا يجوز له الجهر في القراءة حتى لا يشوش على الإمام والمصلين.
ولا تسقط صلاة الجماعة -عن السائل- للعذر المذكور، ثم إن تصور العجز عن القراءة سراً مع القدرة على القراءة متعذر، إن لم يكن مستحيلاً، لكن الشيطان قد يلبس على الإنسان في كثير من الأحيان، وربما كان هذا التصور من تلبيسه، فيجب السعي في نبذه والتخلص منه، ومن أفضل الوسائل في هذا الباب الاستعاذة قبل القراءة، قال تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) [النحل: 98] .
قال العلماء معنى (إذا قرأت) : إذا أردت القراءة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/6497)
لا تأثير لعدم تذكر ما قرئ في الصلاة إذا أتي بالقراءة الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليّت الفرض ولم أّذكر السور التي قرأتها فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد صليت الفريضة وقرأت الفاتحة في كل ركعة، وقرأت معها ما يتيسر من القرآن في الركعات التي تسن فيها قراءة ذلك مع الفاتحة، فصلاتك صحيحة موافقة للسنة، ولا يضر عدم تذكرك للسور التي قرأتها. ولا يؤثر ذلك على صحة الصلاة، وإن كان المطلوب الخشوع وحضور القلب حال الصلاة، فإذا حرصت على ذلك يرجى أن لا تنسى ما قرأته من سور مع الفاتحة، لكن ينبغي أن يعلم أنه لا بد من قراءة الفاتحة في كل ركعة لأنها ركن من أركان الصلاة،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي عن عبادة بن الصامت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1422(11/6498)
حكم الصلاة إذا حصل خطأ في القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يخطىء في قراءة القرأن عند الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخطأ في قراءة القرآن في الصلاة إما أن يكون مخلا بالمعنى أو لا يكون مخلاً به، فإذا كان لا يغير المعنى بأن كان لحناً خفيفاً فلا يؤثر في صحة الصلاة، مع أن الواجب على المسلم هو أن يتعلم من أحكام القراءة ما يمكنه من القراءة الصحيحة، أما إذا كان الخطأ المذكور يغير المعنى وكان في الفاتحة فإنه يبطل الصلاة، لأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، فيجب على المصلي أن يأتي بها كاملة مرتبة بآياتها وكلماتها وحروفها، وحركاتها التي يسبب الخطأ فيها تغير المعنى، مثل ضم أو كسر تاء أنعمت، أو نحو ذلك، وإن كان في غير الفاتحة فلا تبطل به الصلاة، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1421(11/6499)
حالات جهرالمرأة بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة الجهر في الصلاة؟ وما هي الصلوات التي تجهر بها وتسر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلوات الجهرية هي: الفجر والمغرب والعشاء، يجهر في الركعتين الأوليين منها، والصلوات السرية هي: الظهر والعصر.
أما الجهر للمرأة فله حالان:
الأول: أن تكون منفردة، أو بحضرة محارمها، فالجهر والإسرار كل في موضعه سنة، وهو في حقها كالرجل، وجهرها بحيث تسمع نفسها ومن يليها.
الثاني: أن تكون بحضرة أجانب، فكره الجمهور لها الجهر حينئذ سداً لذريعة الافتتان بصوتها، وحكم المالكية بتحريمه إن خشيت الفتنة في علو صوتها، وأجاز جهرها طائفة من الفقهاء، وحرموا على السامع التلذذ بسماع صوتها، واستدل من كره رفع صوتها بحضرة الأجانب بقوله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" متفق عليه.
فإذا لم يشرع لها التسبيح لإصلاح الصلاة، وإصلاحها واجب، فبالأحرى أن لا يشرع لها الجهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1421(11/6500)
حالات جهر المرأة بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة الجهر في الصلاة وما هي الصلوات التي تجهر بها وتسر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلوات الجهرية هي: الفجر والمغرب والعشاء، يجهر في الركعتين الأوليين منهما، والصلوات السرية هي: الظهر والعصر.
أما الجهر للمرأة فله حالان:
الأول: أن تكون منفردة، أو بحضرة محارمها، أو كانت تؤم غيرها من النساء فالجهر والإسرار كل في موضعه سنة، وهو في حقها كالرجل، وجهرها بحيث تسمع نفسها ومن يليها.
الثاني: أن تكون بحضرة أجانب، فكره الجمهور لها الجهر حينئذ سداً لذريعة الافتتان بصوتها، وحكم المالكية بتحريمه إن خشيت الفتنة من علو صوتها، وأجاز جهرها طائفة من الفقهاء، وحرموا على السامع التلذذ بسماع صوتها، واستدل من كره رفع صوتها بحضرة الأجانب بقوله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" متفق عليه.
فإذا لم يشرع لها التسبيح لإصلاح الصلاة، وإصلاحها واجب، فبالأحرى أن لا يشرع لها الجهر وليس بواجب. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(11/6501)
حكم قراءة المصلي من المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[في قيام الليل ماذا يجب أن نقرأ من سور القرآن هل نقرأ من قصار السور أم من السور الطويلة وإذا كان من السور الطويلة هل يصح فتح المصحف والقراءة منه أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه لا يجب على الإنسان أن يقرأ في الصلاة بعد الفاتحة سوراً معينة بطول أو قصر، سواء في صلاة الفريضة أم في صلاة التطوع. ويجوز للإنسان في قيام الليل القراءة من قصار السور ومن طوالها.
لكن المعروف من هديه صلى الله عليه وسلم ومن هدي صحابته الكرام القراءة بالطوال في قيام الليل، ولذلك يسن للإنسان أن يقرأ من السور الطوال إن تيسر ذلك وإلا فما تيسر له. وبإمكانه أن يقرأ عدة سور من القصار إن لم يحفظ من السور الطوال حتى يحصل له الأجر الكثير، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف أية كتب من المقنطرين" رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع. والمراد بالمقنطرين هنا أي أصحاب الأجر الكثير.
وأما بالنسبة لفتح المصحف والقراءة منه أثناء الصلاة فلا بأس به، سواء أكان من الإمام أم كان من المنفرد لعموم الأدلة الدالة على مشروعية القراءة في الصلاة، وهي تعم القراءة من المصحف، والقراءة عن ظهر قلب. ومن أصرح ذلك ما رواه البخاري تعليقاً من أن ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها أنه كان يصلي بها في الليل من المصحف. لكن إذا أمكن القراءة من المحفوظ استغني بها، وهو الأفضل لأنه أجمع للقلب، وأجلب للخشوع. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1421(11/6502)
الجهر والإسرار بالبسملة كلاهما سنة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الطيب، وكثر الله من أمثالكم.
بالنسبة للجهر بالبسملة عند الصلاة الجهرية أي قبل قراءة الفاتحة وبعد الفاتحة، جائز أم تقرأ سرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما الجهر بالبسملة قبل قراءة الفاتحة فقد وقع فيه الخلاف بين العلماء فمنهم من قال هو سنة، ومنهم من قال السنة الإسرار.
قال الإمام ابن قدامة: (ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون.
قال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ. وذكره ابن المنذر عن ابن مسعود، وابن الزبير، وعمار، وبه يقول الحكم، وحماد، والأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي.
ويروى عن عطاء، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: الجهر بها وهو مذهب الشافعي.. إلخ) .
انظر المغني (1/521) وقال الصنعاني في سبل السلام (وقد أطال العلماء في هذه المسألة الكلام وألف فيها بعض الأعلام، وقال أيضاً: واختار جماعة من المحققين أنها مثل سائر آيات القرآن يجهر بها فيما يجهر فيه، ويسر بها فيما يسر فيه.. إلخ (1/ 329) .
والراجح والله أعلم أن الجهر والإسرار بالبسملة قد وردا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإسرار بها كان أكثر، وما أجمل كلام الإمام ابن القيم إذ يقول: (وكان يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل يوم وليلة خمس مرات أبداً حضراً وسفراً، ويخفى ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جُمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال حتى يحتاج إلى التشبث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلّداً ضخماً) . انظر زاد المعاد (1/ 206- 207) .
وبناءً على ما تقدم، فالسنة الإسرار بالبسملة، ولا بأس بالجهر بها في بعض الأحيان جمعاً بين الأدلة.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6503)
أقوال العلماء في الجهر والإسرار بالبسملة قبل الفاتحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الطيب، وكثر الله من أمثالكم.
بالنسبة للجهر بالبسملة عند الصلاة الجهرية أي قبل قراءة الفاتحة وبعد الفاتحة، جائز أم تقرأ سرا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجهر بالبسملة قبل قراءة الفاتحة قد وقع فيه الخلاف بين العلماء فمنهم من قال هو سنة، ومنهم من قال السنة الإسرار. قال الإمام ابن قدامة: ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون. قال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ. وذكره ابن المنذر عن ابن مسعود، وابن الزبير، وعمار، وبه يقول الحكم، وحماد، والأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي. ويروى عن عطاء، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: الجهر بها وهو مذهب الشافعي.. إلخ. انظر المغني (1/521)
والحق أن هذه المسألة قد أطال العلماء فيها الكلام، ومنهم من ألفّ فيها كما قال الصنعاني في سبل السلام وقد أطال العلماء في هذه المسألة الكلام وألف فيها بعض الأعلام وقال أيضاً: واختار جماعة من المحققين أنها مثل سائر آيات القرآن يجهر بها فيما يجهر فيه، ويسر بها فيما يسر فيه.. إلخ (1/ 329) .
والراجح -والله أعلم- أن الجهر والإسرار بالبسملة قد وردا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإسرار بها كان أكثر، وما أجمل كلام الإمام ابن القيم إذ يقول: وكان يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل يوم وليلة خمس مرات أبداً حضراً وسفراً، ويخفى ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جُمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال حتى يحتاج إلى التشبث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلّداً ضخماً. انظر زاد المعاد (1/ 206- 207) .
وبناءً على ما تقدم، فالسنة الإسرار بالبسملة، ولا بأس بالجهر بها في بعض الأحيان جمعاً بين الأدلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6504)
حكم قراءة الآيات منكسة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تبطل الصلاة فى حالة تلاوة آيات القرآن الكريم بها منكسة (ليس حسب ترتيب السور) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تنكيس آيات القرآن إذا كان ذلك في ركعة واحدة بأن قرأ آية ثم قرأ التي قبلها متعمداً فإنه حرام، لأنه إخراج للقرآن عن هيئته ونظمه الذي أنزله الله عليه، وقد قال العلماء إن الصلاة تبطل به. وأما إذا كان التنكيس في ركعتين بأن قرأ في الركعة الأولى آية، ثم قرأ في الركعة الثانية الآية التي قبلها فإن هذا مكروه ولا تبطل به الصلاة.
... ... ... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6505)
صلاة العاجز عن القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل سنوات ولي أولاد، وأنا على عمل. عندما أصلي لا أستطيع أن أتذكر شيئا من الصلاة، أقرأ القرآن يومياً ولا أستطيع حفظ شيء ولو كلمة، حتى في المدرسة كنت أدرس في مدرسة خاصة لسوء ذاكرتي، بعض الناس ذهبوا بي إلى طبيب نفسي.
حاولت قتل نفسي أكثر من مرة ولكن لم أستطيع. أفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن يقدم على الانتحار تحت أي ظرف من الظروف ولا أن يحاول ذلك، لأنه من الكبائر العظيمة، لقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) [النساء: 29] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبداً ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً" متفق عليه.
وكونك لا تستيطع الحفظ ولا أداء الصلاة كما تحب أمر خارج عن إرادتك، ولا تلام عليه، وهو ابتلاء يحتاج إلى صبر وقد قال الله تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) [الزمر: 10] .
وشريعة الإسلام مبنية على اليسر والسماحة، وليس فيها شيء من الفتنة، والحرج، قال الله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج: 78] .
وقال: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] .
وقال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) [البقرة: 286] .
واعلم أنه يجب على المسلم أن يتعلم الفاتحة لأنها ركن لا تصح الصلاة إلا به لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" متفق عليه.
فإذا كنت تحفظ الفاتحة، ولا تحفظ شيئاً غيرها، فصلاتك صحيحة، لأن قراءة السورة بعد الفاتحة سنة وليست فرضاً ولا واجباً.
وإذا عجز الإنسان عن قراءة الفاتحة عن ظهر قلب فليقرأها من المصحف، وليحاول تعلمها، فإن عجز عن ذلك فقد جعلت له الشريعة مخرجا والحمد لله، وذلك بأمور:
1- أن يصلي جماعة خلف غيره، وحينئذ لا يضره عدم قراءة الفاتحة أو غيرها عند كثير من العلماء سواء أكانت الصلاة جهرية أو سرية. وفي محافظتك على صلاة الجماعة علاج لمسألة نسيان عدد ركعات الصلاة أيضاً.
2- أن يقول بدلا عن الفاتحة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. لما روى أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزئني فقال: "قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله".
3- فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدر الذكر السابق.
4- فإن لم يحسن شيئاً من الذكر وقف بقدر قراءة الفاتحة ثم يتم صلاته.
وهذه المخارج كما ترى في غاية اليسر والسهولة ورفع الحرج. وينبغي لك أن تداوم على الذكر، لا سيما أذكار الصباح والمساء والنوم والأكل والدخول والخروج، فإن الذكر جنة حصينة يحرز الإنسان بها نفسه من الشيطان ووساوسه.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6506)
حكم من أخطأ في القراءة أثناء الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. حصل في عدة مرات أنه أثناء قراءتي للقرآن في الصلاة شككت في صحة قراءتي لإحدى الآيات وبعد انتهائي من الصلاة ذهبت لأتأكد من المصحف فوجدت أني قد أخطأت في القراءة فماذا علي أن أفعل؟ هل يجب أن أعيد الصلاة. جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أخطأ في قراءته في الصلاة ـ من غير عمد ـ فلا شيء عليه وصلاته صحيحة، فعن المسور بن يزيد المالكي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية، فقال له رجل: يا رسول الله آية كذا وكذا. قال: "فهلا ذكرتنيها" رواه أبو داود وابن حبان.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي - رضي الله عنه-: أصليت معنا؟ قال: نعم. قال: فما منعك. رواه أبو داود.
وفي لفظ " فما منعك أن تفتحها علي".
فدل هذان الحديثان على أن من أخطأ في قراءته في الصلاة أن صلاته صحيحة ولا يسجد للسهو إلا أن يكون الخطأ في قراءة الفاتحة، فإنها ركن في الصلاة. فمن أخطأ فيها بلحن يحيل المعنى، أو أسقط حرفاً منها ثم استدركه أثناء الركعة صحت، فإن فاتت الركعة دون تصحيح فسدت الركعة، وقضاها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6507)
يجب على المأموم قراءة الفاتحة في الصلاة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في الصلاة غير الجهرية (الظهر - العصر) ماذا يردد المصلي المقتدي بالإمام، هل يقرأ الفاتحة وآية قصيرة وحده، أم يسكت ويتابع الإمام. الرجاء توضيح ذلك ودمتم ذخراً للأمة الإسلامية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد: ...
فإن المأموم في الصلاة السرية: يقرأ بالفاتحة وما تيسر معها من سورة، أو آية، أو آيات، ولا ينبغي له أن يبقى ساكتاً، بل إنّ من أهل العلم من أوجب عليه قراءة سورة الفاتحة. وبهذا قال الشافعي وآخرون، والحجة لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب" [رواه البخاري] . وفي رواية لمسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن". قالوا: فقوله: "لا صلاة " نفي لكل صلاة، سواء كانت فرضاً أم نفلاً، وسواءً كان المصلي فيها منفرداً، أم إماماً، أم مقتدياً، كما أنه يفهم من قوله تعالى: (وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا..) [الأعراف:204] أنه في حال إسرار الإمام، ليس هناك قرآن يتلى يستوجب الإنصات، فوجبت قراءة القرآن على المأموم، كما هي واجبة على الإمام، ولأن القيام موضع لقراءة القرآن، ولا معنى لسكوت المأموم، ولهذا فإن المأموم مأمور بالإتيان بأذكار وأدعية الصلاة في مواضعها كالإمام والمنفرد، لأنه ليس هناك ذكر أو دعاء يجهر به الإمام فيستمع له المأموم، والقراءة أعظم الذكر، ووقتها في السرية يشغل معظم وقت الصلاة ... وكل ذلك يقتضي قراءة الفاتحة وما تيسر معها من القرآن.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/6508)
متى تجهر المرأة بالقراءة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ هل حكم المرأة في الصلاة كحكم الرجل، تجهر في الجهرية، أم تسر فيها وهل هناك استثناءات للجهر بالصلاة بالنسبة للمرأة. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلوات الجهرية هي: الفجر والمغرب والعشاء، يُجهر في الركعتين الأوليين منهما، والصلوات السرية هي: الظهر والعصر.
أما الجهر للمرأة فله حالان:
الأول: أن تكون منفردة، أو بحضرة محارمها، أو كانت تؤم غيرها من النساء فالجهر والإسرار كل في موضعه سنة، وهو في حقها كالرجل، وجهرها بحيث تسمع نفسها ومن يليها.
الثاني: أن تكون بحضرة أجانب، فكره الجمهور لها الجهر حينئذ سداً لذريعة الافتتان بصوتها، وحكم المالكية والحنفية بتحريمه إن خشيت الفتنة من علو صوتها، وأجاز جهرها طائفة من الفقهاء، وحرموا على السامع التلذذ بسماع صوتها، واستدل من منع أو كره رفع صوتها بحضرة الأجانب بقوله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" متفق عليه.
فإذا لم يشرع لها التسبيح لإصلاح الصلاة، -وإصلاحها واجب-، فبالأحرى أن لا يشرع لها الجهر وهو ليس بواجب، وكذلك استدلوا باتقاق العلماء على أنها لا يشرع لها الأذان ولا الجهر بالتلبية، ونحو ذلك مما فيه رفع الصوت بحضرة الرجال. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/6509)
مواضع الجهر والإسرار في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم متى يكون الجهر بالقراءة في الصلاة ومتى يكون عدم الجهر مع العلم أنني لا أخشع في الصلاة إلا وأنا أجهر بالقراءة وشكرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه يندب الجهر في صلاة الصبح والأوليين من المغرب والعشاء وفي الجمعة، وأنه يسر في صلاة الظهر والعصر.
وهذا هو المعروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير الهدي وأكمله وأحسنه، وأما النوافل فإن كانت ليلية فيندب الجهر فيها، وإن كانت نهارية فيندب الإسرار فيها، ويستثنى من النوافل النهارية ما يجتمع له الناس وتتقدمه خطبة كصلاة الكسوف والاستسقاء والعيدين، فهذه يُسنُّ للإمام أن يجهر بالقراءة فيها ليسمع من خلفه.
وإذا كان الأمر ما ذكرنا فالأولى التزام ما جاءت به السنة، وهو الجهر في موضع الجهر والإسرار في موضع الإسرار.
أما الخشوع فهو عمل قلبي.
ويمكن للإنسان أن يخشع، ولو كان يسر بالقراءة لأن سيد الخاشعين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يجهر ويسر بالقراءة.
والعبد إذا استحضر في قلبه عظمة الله ووقوفه بين يديه حال الصلاة خشع، ولا شك، سواء كانت القراءة جهرية أو سرية.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6510)
الفتح على الإمام.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أخطأ الإمام في القراءة يجب على المأموم رده، وإذا لم يرده وصحح له الخطأ بعد الصلاة فهل يصح ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع للمأموم إذا وقف الإمام في القراءة أو أخطأ فيها أن يفتح عليه ويصلح له، والدليل على ذلك ما أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبيّ رضي الله عنه: " أصليت معنا؟ " قال: نعم. قال: " فما منعك؟ " أي فما منعك أن تفتح علي.
وعن أنس رضي الله عنه قال: كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه الحاكم، وقال الحافظ: قد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: قال عليّ: إذا استطعمك الإمام فأطعمه.
وإذا كان الخطأ في الفاتحة بإسقاط آية أو آيتين منها، فالظاهر أن الصلاة لا تصح حتى يأتى المصلي بالجزء الساقط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". متفق عليه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
وأما إذا كان الإسقاط من غير الفاتحة، فالصلاة صحيحة، وكذا إذا كان الخطأ لحناً خارج الفاتحة في الراجح، وأما إذا كان اللحن في الفاتحة وكان محيلاً للمعنى فإن الصلاة تبطل به إذا لم يعد يصلح ما لحن فيه هذا ومما ينبغي التنبه له أنه لا ينبغي أن يقدم للإمامة إلا القارئ المتقن، ولا ينبغي أن يتقدم غيره عند وجوده. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6511)
ترتيب القراءة في الصلاة بين السور مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قراءة سور القرآن في الصلاة هل يجب الأخذ بترتيبها حسب سور القرآن أي هل يمكن قراءة سورة الإخلاص في الركعة الأولى وفي الثانية قراءة آخر سورة البقرة مثلا أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لا يجب الأخذ بترتيب المصحف فيما يتعلق بالسور أثناء القراءة في الصلاة، والأخذ بالترتيب أحسن وأفضل لموافقة ترتيب المصحف، وقد نص بعض أهل العلم على أنه يكره للمصلي مخالفة هذا الترتيب، لكن قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى فقرأ بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران ". [رواه مسلم] .
وهذا على خلاف ترتيب المصحف. أما في غير الصلاة فلا حرج قطعاً.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6512)
حكم من جهر في صلاة سرية أو العكس.
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم عرفة للعام الهجري 1421 في إحدى حملات الحج صلى الإمام صلاة الظهر والعصر قصراً (جهرا) !!!!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله هذا الإمام من جمع الظهر والعصر يوم عرفة هو الصواب، أما الجهر بالقراءة فخلاف الصواب، فقد نص ابن القيم في زاد المعاد في هدي خير العباد (2/2234) على أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر في الظهر يوم عرفة مع أنه صلاها ركعتين كما فعل في العصر، ولعل الإمام الذي صلى بكم فعل ما فعله ناسياً وعلى كل حال فصلاتكم صحيحة.
وقد اختلف أهل العلم في لزوم سجود السهو لمن جهر في موضع سر، أو أسر في موضع جهر أو عدم لزومه، والأمر فيه سعة لعدم وجود نص في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6513)
اقتصر في القراءة في الركعتين الأخيرتين من الفرائض على قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إني أقرأ في الصلاة الفاتحة وسورة صغيرة في كل الركعات أي من الفجر حتى العشاء ولكن فوجئت بمن يقول لي إنه في الركعتين الثالثة والرابعة يجب قراءة الفاتحة فقط!!! الرجاء إفادتي.
والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة يجب عليك أن تقرأ بها في كل ركعة، كما أنه ينبغي لك أن تقرأ معها ما تيسر من القرآن في الركعتين الأولى والثانية، وأما غيرهما فيقتصر فيه على الفاتحة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان الغالب عليه الاقتصار عليها فيه، كما يدل لذلك حديث أبي قتادة عند مسلم قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بـ (فاتحة الكتاب) وسورةٍ، ويُسمعنا الآية أحياناً، ويقرأ في الركعتين الأخريين بـ (فاتحة الكتاب) ".
وإن زاد المصلي فى الأخريين على الفاتحة فهذا جائز، وقد كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك في الظهر والعصر أحياناً، كما يفهم من حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم أيضا وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية، أو قال: نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين، في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك".
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1421(11/6514)
الفتح على الإمام في الفاتحة واجب وفي غيرها مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رد الإمام إذا أخطأ في القراءة (في أثناء الصلاة) واجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة فيها تفصيل: فإن كان الإمام قد أخطأ في قراءته لسورة الفاتحة فيجب رده لأن الفاتحة ركن من أركان في الصلاة لا تتم الصلاة إلا بها. وإن أخطأ في قراءته لسورة غير الفاتحة فهنا يشرع الفتح عليه. وهذا ما ذهب إليه جماهير أهل العلم، وقد وردت بعض الأحاديث تدل على أنه مشروع، ومن ذلك ما أخرجه أبو داود والحاكم وابن حبان، من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبيّ: أصليت معنا؟ قال: نعم قال فما منعك". وأخرج أبو داود أيضاً، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه من حديث المسور بن يزيد المالكي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية، فقال له رجل يا رسول الله آية كذا وكذا قال: "هلا ذكرتنيها " فالحديثان يدلان على مشروعية الفتح على الإمام، لإصلاح خطأ في قراءته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6515)
حكم من ترك بعض الآيات سهوا في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الإسلام على المصلي الذي ينسى بعض الآيات أثناء الصلاة عندما يصلي لوحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن ترك آيات من القرآن في الصلاة سهواً وهو يصلي منفرداً أو إماماً، فالآيات المنسية إما أن تكون من الفاتحة، أو من غيرها، فإن كانت من غير الفاتحة فلا يترتب على تركها شيء، وإن كانت من الفاتحة، فإن تذكرها قبل الركوع رجع وقرأها ولا سجود عليه، وإذا لم يتذكرها إلا بعد عقد الركوع بطلت الركعة التي لم يأت بالفاتحة فيها تامة، وحلت الركعة التي تليها محلها، وإذا لم يتنبه لها إلا بعد أن سلم أتى بركعة مكان تلك الركعة إن انتبه بالقرب، وإلا بطلت صلاته، إذا الفاتحة كلها ركن في كل ركعة على القول الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " متفق عليه.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6516)
ترتيب السور في القراءة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ترتيب السور واجب في الركعتين الأوليين حسب ترتيب سور المصحف أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
لا يجب ترتيب السور في القراءة حسب ترتيب المصحف ولكنه يندب باتفاق الفقهاء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كراهة تنكيس السور، وممن نص على ذلك، صاحب الروض المربع، وري عن ابن مسعود أنه سئل عمن يقرأ القرآن منكوساً فقال: (ذلك منكوس القلب) ، وفسره أبو عبيدة بأن يقرأ سورة ثم يقرأ بعدها أخرى هي قبلها في النظم ولذا فإن الأولى أن يراعي المصلي ترتيب السور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6517)
حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هل يجب على المأموم قراءة الفاتحه؟ حيث إن بعض الأئمة لا يعطون المأموم الوقت لقراءة الفاتحه في صلاة الفرض. ... أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم. والراجح وجوبها عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" متفق عليه، ولما رواه أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ ، قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".وهذا واضح فى حال السر وفى حال الجهر إذا سكت الإمام بعد الإنتهاء من الفاتحة فإذا لم يسكت الإمام وقرأ فإن المأموم ينصت لقراءة إمامه وتسقط عنه الفاتحة حينئذ عند كثير من أهل العلم، لقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) [الأعراف:204] قال أحمد في رواية أبي داود: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا ". أخرجه الإمام أحمد في المسند وهو في صحيح مسلم مفرقا، قيل لأحمد رحمه الله: فإن قرأ بفاتحة الكتاب ثم سمع قراءة الإمام؟ قال: يقطع إذا سمع قراءة الإمام وينصت للقراءة، انظر المغني لابن قدامة، وقد ذهب إلى ذلك مالك والزهري والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وغيرهم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض المحققين.
وذهبت طائفة أخرى من أهل العلم إلى أن المأموم إذا لم يتمكن من قراءة الفاتحة أثناء سكتات إمامه أو كان الإمام لا يسكت أصلا فإنه يقرأ بها في نفسه سراً أثناء قراءة الإمام للسورة، وأنها لا تسقط عنه بحال لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لعلكم تقرءون خلف إمامكم قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لاصلاة لمن لم يقرأ بها". رواه أحمد وأبو داود وابن حبان بإسناد حسن فهذان الحديثان يخصصان عموم الأمر بالإنصات الوارد في الآية والأحاديث.
ومن خلال عرض هذه الأقوال يتبين للسائل الكريم أن مسألة قراءة الفاتحة أثناء قراءة الإمام في الجهرية أو سقوطها عنه مسألة من مسائل الخلاف التي تطرق إليها العلماء قديماً وحديثاً ولهم فيها رأيان قويان معضدان بالأدلة، وبالتالي فلا حرج -إن شاء الله على من أخذ بما ترجح له من القولين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1422(11/6518)
يكره التنكيس في قراءة القرآن في الصلاة وخارجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة السور القرآنية في الصلاة غير مرتبة ترتيبها التسلسلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى أن تقرأ سور القرآن الكريم في الصلاة وخارج الصلاة مرتبة حسب ما في المصحف لأن ذلك الترتيب وضعه الصحابة وأجمعت الأمة على العمل به فما تنبغي مخالفته، فإن قرأ القارئ أو المصلي السور منكسة غير مرتبة فذلك مكروه عند جمهور الفقهاء لما تقدم، وقالت طائفة أخرى بعدم الكراهة كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "قام من الليل فقرأ بسورة البقرة ثم بالنساء ثم آل عمران" وهذا على غير الترتيب في المصحف، ولكن من كره التنكيس يقول إن ترتيب المصحف كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم حدده لهم، كما استقر في مصحف عثمان وإنما كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم - النساء قبل آل عمرآن قبل التوقيف والترتيب في الصفحة الأخيرة.
ولذا فإن الأولى ترك ذلك كما سبق.
والله تعالى اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6519)
يحرم تنكيس الآيات ويكره تنكيس السور في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترتيب تلاوة قراءة القران الكريم سواء من حيث الآيات أو السور؟ وذلك في الحالات التالية - في الصلوات. - التلاوة المستمرة في غير الصلوات؟ - للشرح والأمثلة بارك الله فيكم.ونهنئكم بقرب دخول شهر الخير والبركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فالأولى قراءة السور مرتبة حسب ما في المصحف سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها وتكره مخالفة ذلك، وهو الذي يسمى: التنكيس في القراءة، ولا يحرم لأنه ورد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم (أنه افتتح مرة صلاة الليل فقرأ بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران وهذا على خلاف ترتيب المصحف) رواه مسلم عن حذيفة رضي الله عنه.
أما ترتيب الآيات فواجب وتنكيسها محرم لأن هذا الترتيب توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم، كما في سنن النسائي الكبرى وغيرها عن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه شيء يدعو بعض من يكتب فيقول ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا.
ومذهب المالكية إبطال الصلاة به، قال الصاوي (وحرم تنكيس الآيات المتلاصقة في ركعة واحدة وأبطل لأنه ككلام أجنبي) وقوله وأبطل أي أبطل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(11/6520)
القراءة من المصحف أثناء الصلاة خلاف الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز القراءة من المصحف في الصلاة المكتوبة والنافلة؟ وهل يجوز الجمع بين القراءة من المصحف واستماع القرآن من المسجل ومتابعتهما أثناء الصلاة المكتوبة والنافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للمصلي أن يقرأ من المصحف في صلاة النافلة وكذا المكتوبة، وهذا هو مذهب الشافعية والقول المعتمد في مذهب أحمد. وذهب المالكية إلى الكراهة. ودليل المجيزين ما رواه البيهقي عن -عائشة رضي الله عنها- أنها كان يؤمها غلامها ذكوان من المصحف في رمضان، قال الزهري: كان خيارنا يقرؤون من المصاحف، وذهب الحنفية إلى أن القراءة من المصحف تفسد الصلاة، إلا إذا كان المصلي حافظاً وقرأ من المصحف من غير حمل، ولهذا نقول: الأولى ترك ذلك في الصلاة المكتوبة، خروجاً من الخلاف ومراعاة لسنن الصلاة من النظر إلى موضع السجود وترك الانشغال بالنظر وتقليب الأوراق. وقد علل الحنفية البطلان بأمرين:
الأول: أن هذا عمل كثير.
الثاني: أن التلقي من المصحف شبيه بالتلقي من المعلم، وإذا كان مجرد القراءة من المصحف محل خلاف بين أهل العلم مما حدا ببعضهم إلى القول ببطلان الصلاة به، فلا شك أن انضمام الاستماع إليه أشد تأثيراً في صحة الصلاة عند من قال بالبطلان. ينضاف إلى هذا أن القرآن إنما يقرأ ليتدبر، ولا شك أن تدبره متعذر ممن هو مشتغل بقراءته والاستماع إليه في آن واحد. فالحاصل أن تجنب ذلك في الصلاة مطلوب طلباً مؤكداً، وهو في صلاة الفرض أشد تأكيداً، إذ لا يطلب فيها تطويل أصلاً، فتكفي فيها أم الكتاب، وما تيسر معها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6521)
قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية أولى من تركها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية؟ ...
أرجو توضيح ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
...
فمذهب الجمهور أن المأموم لا يقرأ الفاتحة، ولا غيرها خلف الإمام في الجهرية إذا كان يسمع قراءة الإمام مستدلين بأدلة منها:
1. قول الله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون) [الأعراف: 204] وقد ثبت عن جماعة من السلف أن المقصود بهذه الآية الإنصات إذا قرأ الإمام.
2. حديث أبي هريره رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا" والحديث في المسند وغيره ونُقِل عن الإمام مسلم تصحيحه له. وذهب الشافعية إلى أنه تجب قراءة الفاتحة على المأموم، في الجهرية والسرية على السواء خلف الإمام، مستدلين بالأحاديث التي فيها وجوب قراءة الفاتحة، من غير فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد، كما في الصحيحين وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". وأصرح منه ما في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما من حديث عبادة أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: "إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم"، قلنا: يا رسول الله إي والله. قال: " لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها". وقد تبين مما تقدم أن المسألة مختلف فيها بين أهل العلم سلفاً وخلفاً، وكل فريق له أدلته، ويرد قول الفريق الآخر لضعف أدلته، أو لعدم دلالتها على محل النزاع، حسب رأيه. إذا عرفت ذلك فالأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الجهرية، والسرية جميعاً، للخروج من الخلاف، لأن من قال بوجوب القراءة خلف الإمام يرى بطلان صلاة من تركها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6522)
قراءة الفاتحة واجبة في الصلاة على الإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام، علماً بأن الإمام لا يترك مجالاً للقراءة بين الفاتحة والسورة التي بعدها؟ وهل يجزئ الاستماع للإمام في القراءة والاكتفاء بذلك دون قراءة، أفيدونا بذلك جزاكم اللة خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، نفلا كانت الصلاة أو فرضا، وهي واجبة على الإمام والمنفرد على السواء، وتجب كذلك على المأموم في سكتات الإمام في أصح قولي العلماء، جمعاً بين النصوص الآمرة بقراءتها، كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". [متفق عليه] ، وفي رواية: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب". [متفق عليه] ، ولفعله صلى الله عليه وسلم، مع قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي". [رواه البخاري] .
وبين النصوص الآمرة بالإنصات لقراءة الإمام، كقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) فإنها في الصلاة على الصحيح.
ويقرأ المأموم الفاتحة في سكتات الإمام، وللإمام سكتتان، قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: للإمام سكتتان فاغتنموا فيها القراءة بفاتحة الكتاب، إذا دخل في الصلاة وإذا قال: ولا الضالين". وإذا لم يدع الإمام فرصة للقراءة، فالراجح من حيث الدليل أن قراءة الفاتحة تسقط عن المأموم ومع ذلك فإنه لو قرأها احتياطا وخروجا من الخلاف فلا بأس.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1422(11/6523)
الصلاة السرية والجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهي الصلوات الجهرية والصلوات السرية وما هي الحكمة من صلاة السر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
- الصلوات الجهرية هي: المغرب، والعشاء، والفجر.
- والصلوت السرية هي الظهر، والعصر ونحن نسر فيها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر فيها، فعلى المصلي أن يفعل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [الأحزاب: 21] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6524)
حكم القراءة من المصحف للمصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز لمن يصلي الفرائض أن يقرأ من المصحف؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اختلف العلماء في قراءة المصلي من المصحف أثناء صلاته، فأجاز الحنابلة والشافعية القراءة من المصحف في الفرض والنفل، ولما في سنن البيهقي عن عائشة رضي الله عنها، "أنها كان يؤمها غلامها ذكوان في المصحف في رمضان" وذكره البخاري تعليقاً.
قال أحمد: (لا بأس أن يصلي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف، قيل له الفريضة؟ قال لم أسمع فيه شيئا) . ومنع آخرون من ذلك حتى أبطل أبو حنيفة الصلاة بذلك وعن صاحبيه تكره فقط، والأولى ترك ذلك في الفرض. والاكتفاء به في النفل عند الحاجة كصلاة التراويح وقيام الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6525)
تبطل صلاة من ترك قراءة الفاتحة في ركعة من صلاته ولم يأت بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من قرأ سورة بدون الفاتحة في إحدى ركعات الصلاة؟ وما حكم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
فالذي عليه المحققون من أهل العلم أن الفاتحة ركن في كل ركعة ومن أسقطها أو بعضها فقد بطلت صلاته، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب، فالواجب عليك أخي الكريم أن تعيد الصلاة التي سقطت الفاتحة من إحدى ركعاتها.
والعلم عند الله
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/6526)
الرواية الصحيحة في الذكر الوارد في الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد روايتان للحديث الذي فيه تسبيح الملائكة، الأولى: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
والثانية: سبوح قدوس ربنا رب الملائكة والروح.
وهل الأصح التي بها ربنا؟ أم التي من غيرـ ربنا؟ وأيهما تقال في الركوع والسجود إن صحتا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى هذا الحديث المسؤول عنه مسلم وأبو داود وغيرهما، ولفظه عندهم: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وأما زيادة لفظ ربنا، فلم نقف عليها في شيء من الكتب المسندة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(11/6527)
لا تبطل الصلاة بالاستعاذة أثناء الركوع أو السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا استعاذ المصلي في الصلاة بصوت في أي وضع كان ساجدا أم راكعا فهل تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن استعاذ راكعا أو ساجدا لم تبطل صلاته عامدا أو ساهيا، لأن الاستعاذة ذكر مشروع في الصلاة والإتيان بالذكر المشروع في غير موضعه لا تبطل به الصلاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: الثاني ما لا يبطل عمده الصلاة وهو نوعان:
أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود، وقراءة السورة في الأخيرتين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك. انتهى.
ثم إن الاستعاذة وإن كانت دعاء وهو مشروع في الركوع والسجود في الجملة، لكن الوارد في الاستعاذة أنها تشرع في الصلاة في أول القراءة لقوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. {النحل 98} .
وهل تشرع في كل ركعة أو في الركعة الأولى فقط، في هذا خلاف بين أهل العلم، ورجح ابن القيم في زاد المعاد أنها تشرع في الركعة الأولى فقط، وتشرع كذلك الاستعاذة إذا لبس الشيطان على المصلي صلاته كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص إلى ذلك، فقد روى مسلم في صحيحه أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله. إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي. يلبسها علي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب. فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه. واتفل على يسارك ثلاثا فقال: ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(11/6528)
(ربنا ولك الحمد) من الأذكار الثابتة بعد الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بإحدى القنوات الفضائية الدينية: أنه لم يكن على زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يقول عليه الصلاة والسلام في الصلاة: سمع الله لمن حمده. لم يكن أحد من الصحابة يقول خلفه: ربنا ولك الحمد. وأن هذه العبارة جاءت في فترة لاحقة لذلك. فما مدى صحة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأن الصحابة لم يكونوا يقولون:- ربنا ولك الحمد- بعد الرفع من الركوع قول باطل، فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يقولون ذلك، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك.
ففي البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا. قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون.
فالقول بأن هذه العبارة أحدثت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم قول باطل يدل على جهل قائله بالسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(11/6529)
إباحة الدعاء في الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزيادة في الركوع على ما جاء في السنة مثلا بقول سبحان ربي الكريم أو الحليم أو المتصف بصفات الكمال أو غيرها من أنواع التسبيح التي تفيد التعظيم، وماذا لو دعا الإنسان سهوا في الركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6434 بيان الذكر المأثور في الركوع، وفيه كفاية عن غيره، فمن شغل به وقته كفاه، والالتزام به أولى وأفضل، وينبغي تعلمها والمواظبة عليها، ومن زاد عليه فلا إثم عليه، لكن لا يعتقد أن ما زاد من أذكار وأدعية مشروع في هذا الوقت بعينه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 106318، والفتوى رقم: 72643.
والذي يستحب من الذكر في الركوع هو ما كان مشتملاً على تعظيم الله تعالى، وإذا دعوت سهواً أو عمداً فلا حرج عليك، ففي صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال ابن دقيق العيد: يؤخذ من هذا الحديث إباحة الدعاء في الركوع. انتهى ... وراجع للمزيد الفتوى رقم: 41380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(11/6530)
حكم زيادة أذكار فيها تعظيم لله تعالى في الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في الركوع أن أزيد أذكارا فيها تعظيم وتسبيح مثلا سبحان ربي الكريم الرحيم أو أي ذكر فيه تعظيم زيادة على سبحان ربي العظيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأدعية المأثورة في الركوع كثيرة فينبغي للمسلم تعلمها وشغل الوقت بها، ففيها كفاية عن غيرها، ولا بأس بزيادة بعض الأدعية أو الأذكار المشتملة على تعظيم الله تعالى من غير اعتقاد سنيتها في هذا الموضع بعينه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6434 والفتوى رقم: 35317، بيان الأدعية المأثورة في الركوع، وهي كثيرة وليست مقتصرة على سبحان ربي العظيم فينبغي تعلمها.
ومن شغل الوقت بها كفته بحيث لا يحتاج إلى الإتيان بغيرها، فلا بأس بأن يأتي المصلي بما ليس بمأثور من الأدعية أو الأذكار المشتملة على تعظيم الله تعالى من غير اعتقاد سنيتها في هذا الموضع بعينه، لا سيما إن كان لا يحفظ المأثور. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 72643.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/6531)
محل الإتيان بربنا لك الحمد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن قول (ربنا ولك الحمد) بعد الاستواء من الركوع، إذا أخذت بقول الوجوب في حق الإمام والمأموم، ما حكم من بدأ بقول ربنا ولك الحمد قبل الاعتدال أثناء المرحلة الأخيرة من الرفع من الركوع سهوا أو عمدا (فكان جزء منها أثناء الرفع وجزء منها أثناء الاعتدال)
1. هل عليه شيء
2. إذا تذكر هل يعيدها كاملة بعد الاعتدال وهل عليه شيء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موضع الإتيان بربنا لك الحمد هو بعد الرفع من الركوع للإمام والمنفرد، فإن أتى به قبل إتمام الاعتدال فإن ذلك لا يؤثر على صحة الصلاة ولا تلزمه إعادته، أما المأموم فإنه يقوله في رفعه، ففي دقائق أولي النهى ممزوجا بمتن المتنهى في الفقه الحنبلي بعد أن ذكر أن التسميع والتحميد من واجبات الصلاة ومحل ذلك أي ما تقدم من تكبير الانتقال والتسميع وكذا التحميد لمأموم بين ابتداء انتقال وانتهائه لأنه مشروع له فاختص به، فلو كمله في جزء منه أجزأه لأنه لم يخرج به عن محله. انتهى. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 59206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(11/6532)
من شك في إدراك الركوع مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً على تجاوبكم السريع مع السؤال 2159187، لكن هناك شيء إلى حد الآن لم أفهمه وأرجو توضيحه لي، فهل تعتبر الركعة فائته بمجرد تحرك الإمام للرفع من الركوع أم أنه يجب أن يستوي قائما حتى نقول إن هذه الركعه فائتة، وما حكم من دخل مسجداً لا يرى فيه الإمام وركع قبل أن يقول الإمام سمع الله لمن حمده وإذا ما علمنا أن بعض الأئمة يقولها بعد الرفع من الركوع، فهل يجب على المأموم التدقيق في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا اشترك المسبوق مع الإمام في القدر المجزئ من الركوع وهو الإنحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما فقد أدرك الركعة، وأولى إذا أدركه واطمأن معه وقتاً أطول، أما من اختلف مع الإمام بأن ذهب ليركع فرفع الإمام فلا يعتبر مدركاً للركعة، ثم إن على المأموم أن يتحقق من أنه أدرك الإمام راكعاً، فإن شك في ذلك ألغى تلك الركعة ولم يعتد بها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أدرك المسبوق الإمام راكعاً بعد أن كبر للإحرام قائماً واشترك مع الإمام في القدر المجزئ من الركوع واطمأن معه ولو قليلاً اعتد بتلك الركعة، والقدر المجزئ من الركوع كما ذكر الفقهاء هو الانحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما، أما إذا لم يدرك هذا القدر من ركوع الإمام بأن هوى المأموم ليركع فرفع الإمام فلا يعتد بالركعة ويتابعه في السجود.
ثم إن على المأموم أن يتحقق أو يظن ظناً قوياً أنه أدرك الإمام راكعاً، لأن ذلك يتوقف عليه الاعتداد بالركعة من عدمه، فإن كان لا يرى الإمام وغلب على ظنه أنه ما زال راكعاً أجزأه ذلك، فإن شك في إدراكه راكعاً لم يعتد بتلك الركعة.
قال ابن قدامة في المغني: من أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركوع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. رواه أبو داود. ولأنه لم يفته من الأركان إلا القيام، وهو يأتي به مع تكبيرة الإحرام، ثم يدرك مع الإمام بقية الركعة، وهذا إذا أدرك الإمام في طمأنينة الركوع، أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء. فهذا يعتد له بالركعة، ويكون مدركاً لها، فأما إن كان المأموم يركع والإمام يرفع لم يجزه، وعليه أن يأتي بالتكبيرة منتصباً، فإن أتى بها بعد أن انتهى في الانحناء إلى قدر الركوع أو ببعضها، لم يجزه، لأنه أتى بها في غير محلها، إلا في النافلة. انتهى.
وقال في أسنى المطالب ممزوجاً بمتن روض الطالب في الفقه الشافعي: وإن هوى المسبوق للركوع فرفع الإمام ولاقاه في حد أقل الركوع، وهو بلوغ راحتيه ركبتيه (مطمئناً) أي المسبوق (أجزأه وإلا فلا، ولو شك في الاكتفاء) أي في إدراك الحد المعتبر قبل ارتفاع الإمام (لم يكن مدركاً) للركعة، لأن الأصل عدم إدراكه وإن كان الأصل أيضاً بقاء الإمام فيه ورجح الأول بأن الحكم بإدراك ما قبل الركوع به رخصة فلا يصار إليه إلا بيقين قاله الرافعي وغيره، ويؤخذ منه أنه لا يكتفى بغلبة الظن، قال الزركشي: وفيه نظر فإنا لا نشترط في صحة الاقتداء التيقن بل يكفي غلبة الظن كما في طهارة الإمام، وقد قال الفارقي: إذا كان المأموم بحيث لا يرى الإمام، فالمعتبر أن يغلب على ظنه أنه أدرك الإمام في القدر المجزئ. انتهى.
وفي مختصر خليل بن إسحاق في الفقه المالكي: وإن شك في الإدراك ألغاها. انتهى.
وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 46951، والفتوى رقم: 2640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1428(11/6533)
انحناء الرقبة قليلا لا ينافي الاعتدال بعد الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الرفع من الركوع والاستواء قائما هل يجب استواء عظام الرقبة أيضا والنظر إلى الأمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
انحناء الرقبة قليلا لا ينافي الاعتدال، ويستحب للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده لورود ذلك في السنة وهو قول أكثر أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتدال بعد الرفع من الركوع ركن من أركان الصلاة، وينبغي اعتدال الرقبة أيضا بحيث يصير الشخص على هيئته المعتادة في القيام، لكن لا يضره انحناؤها لأن ذلك لا يخرجه عن كونه معتدلا، كما أنه مأمور بالنظر إلى موضع سجوده استحبابا، والنظر إلى موضع السجود حال القيام ربما يتقضي انحناء الرقبة قليلا، فدل ذلك على أن انحناءها لا ينافي الاعتدال الذي هو ركن من أركان الصلاة، قال في مطالب أولي النهى ممزوجا بمتن المنتهى في الفقه الحنبلي: والسادس الاعتدال بعد الركوع الركن لقوله صلى الله عليه وسلم: ثم ارفع حتى تعتدل قائماً وأقله: أي الاعتدال عوده أي المصلي لهيئته المجزئة أي التي تجزئه من القيام قبل ركوع فلا يضره بقاؤه منحنيا يسيراً حال اعتداله واطمئنانه لأن هذه الهيئة لا تخرجه عن كونه قائماً، وتقدم أن حدَّ القيام ما لم يصر راكعاً، والكمال منه الاستقامة حتى يعود كل عضو إلى محله. انتهى.
ولبيان الموضع الذي ينبغي للمصلي النظر إليه يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 20001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(11/6534)
كراهة رفع اليدين قبل التكبير أو بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس أثناء الصلاة عندما ينهي الإمام قراءته الجهرية ويصبح ظاهرا أنه أنهاها وسوف يكبر للركوع يرفعون أيديهم للتكبير للركوع ويخفضونها, ربما قبل أن يكبر الإمام, لكنهم لا يركعون إلا بعد ركوعه.
فهل في رفع اليد قبله والتكبير مخالفة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المأموم يتابع إمامه في شؤون صلاته كلها، فلا يكبر قبل تكبيره، ولا يركع قبل ركوعه، كما أن التكبير للركوع ونحوه ينبغي أن يكون مقارنا للشروع فيه، وبالتالي فيكره للمصلي رفع يديه للركوع قبل الشروع فيه ولكن صلاته صحيحة، ومن الأدلة على ذلك ما ذكره الدسوقي المالكي في حاشيته متحدثا عن رفع اليدين حيث قال: وكره رفعهما قبل التكبير أو بعده. انتهى
والله تعالى أعلم,.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1428(11/6535)
من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي إعادة الركعة من جديد إذا ما أدركت الركوع فقط مع الجماعة لأني لم أقرأ فاتحة الكتاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أدركت الركوع مع إمام في الصلاة فقد أدركت تلك الركعة عند جمهور أهل العلم، وليس عليك إعادتها كما تقدم في الفتوى رقم: 2640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(11/6536)
السنة بعد الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الرفع من الركوع البعض يرفع يديه ويدعو فهل ورد شيء من هذا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان خطأ فما هو الصواب؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة بعد الرفع من الركوع أن يقول المصلي -إماما كان أو مأموما أو منفردا- ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ربنا لك الحمد، ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
والاقتصار على الوارد هنا أفضل لأن بعض العلماء يرون أن تطويل هذا الركن بقدر قراءة الفاتحة يبطل الصلاة، وبعضهم يرى أن تطويله لا يبطل ولا حرج في زيادة ذكر أو دعاء فيه؛ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه، فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف: قريبا من السواء متفق عليه.
والذين منعوا من تطويله استندوا إلى رواية في صحيح البخاري وهي {ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء} وفسروها بأن أركان صلاته قريبا من السواء في الطول؛ إلا القيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين فخفيفة، وأما رفع اليدين كهيئة الدعاء فهذا غير مشروع؛ إلا في حال القنوت عند من يقنت بعد الركوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/6537)
أقل قدر مجزئ في الركوع وأكمله
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من انتبه في صلاته وشعر أنه لم يطمئن في فعل من أفعالها، كأن يركع الشخص ولا ينتبه إلى أنه لم يحن ظهره بالقدر المطلوب إلا بعد الرفع من الركوع! وماذا يفعل من كان يصلي مع جماعة!
وهل يجوز لمن انتبه في أثناء الفعل نفسه أن يعدل وضعيته أم أن الإعادة واجبة ولو كان في جماعة!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطمأنينة في الركوع ركن من أركان الصلاة عند جماهير أهل العلم، وهي أن تستقر الأعضاء في الركن زمنا ما، فمن لم يطمئن فصلاته غير صحيحة، وعليه أن يأتي ببدل الركعة التي لم يطمئن فيها؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 13210.
وأما أقل قدر مجزئ في الركوع فهو أن ينحني المصلي بحيث يمكنه وضع بطن كفيه على ركبتيه. قال الإمام النووي رحمه الله: قال أصحابنا: أقله أن ينحني بحيث تنال راحتاه ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما، ولا يجزيه دون هذا بلا خلاف عندنا، وهذا عند اعتدال الخلقة وسلامة اليدين والركبتين.
وأما أكمله فقد اتفق الفقهاء على أن ينحني المصلي بحيث يسوي ظهره وعنقه بأن يمدهم حتى يصيرا كالصحيفة الواحدة ولا يحني ظهره ويدلي رأسه أكثر من ذلك، فإن فعل فقد خالف السنة وصلاته صحيحة، فعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره. وفي رواية: ثم حنى غير مقنع رأسه ولا مصوبه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير إلى أن قالت: وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك. وفي حديث المسيء صلاته قال النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك ومكن ركوعك. قال الإمام البغوي رحمه الله: السنة في الركوع عند عامة العلماء أن يضع راحتيه على ركبتيه ويفرج بين أصابعه ويجافي مرفقيه عن جنبيه ويسوي ظهره وعنقه ورأسه.
ولو علم في الصلاة من أتى بالقدر اللازم الذي تقدم ذكره مع تقصيره في الأكمل فينبغي أن يعدل وضعيته ولا يلزمه ذلك، كما لا يلزمه أن يأتي بتسبيح جديد بعد تعديل وضعيته وإن فعل فهو حسن، وإن لم يفعل فصلاته صحيحة سواء كان منفردا أو في جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(11/6538)
حكم الاستغفار عند الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الرفع من الركوع وقول اللهم ربنا لك الحمد هل يشرع للمصلي أن يضيف سراً أستغفر الله العظيم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرفع من الركوع ليس من مواضع الدعاء في الصلاة في غير أوقات النوازل. وقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 32911، ما يقال عند الرفع من الركوع, وعليه فينبغي للمسلم أن يحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وليستغفر الله تعالى في السجود فهو من مواطن إجابة الدعاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم ولينظر الفتوى رقم: 8581، مع التنبيه على أن من وافق قوله اللهم ربنا ولك الحمد قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(11/6539)
من ترك التسميع أو التحميد في الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز استعمال الله أكبر عند القيام من الركوع بدلاً من سمع الله لمن حمده أو ربنا ولك الحمد, إماما كنت أو مأموما، وما حكم صلاة من فعل ذلك في جميع صلاته أو بعضها، لأن أحد الناس أخبرني بأن الأصل في ذلك هو الله أكبر؟ أشكركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 12455 أن سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع من واجبات الصلاة بالنسبة للإمام والمنفرد، وأن ربنا ولك الحمد من واجبات الصلاة أيضاً بالنسبة للجميع. هذا مذهب طائفة من أهل العلم.
وعليه؛ فلا يجوز تعمد إبدالها بالتكبير، فسنة الصلاة هكذا، ومن فعل ذلك متعمداً بطلت صلاته عند بعض أهل العلم لأنه تعمد ترك واجب، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 6403.
ومن ترك التسميع أو التحميد في الرفع من الركوع سهواً سجد قبل السلام إذا لم ينتبه، ويأت بهما كما سبق في الفتوى رقم: 9511، ألا أن يكون مأموماً فإن الإمام يحمل عنه سهوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/6540)
الفرق بين الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين السجود والركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالركوع ورد تعريفه وحكمه مفصلا في كلام أهل العلم. قال في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي:
والمجزئ في الركوع انحناؤه بحيث يمكن من كان وسطا في الخلقة مس ركبتيه بكفيه نصا لأنه لا يسمى ركوعا بدونه ولا يخرج عن حد القيام لركوع إلا به أي بالمس أو قدره أي قدر هذا الانحناء من غير وسط كطويل اليدين وقصيرهما فينحني حتى يكون بحيث لو كان من أوساط الناس لأمكنه مس ركبتيه بيديه. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي متحدثا عن أركان الصلاة: سابعها الركوع وهو لغة انحناء الظهر، وأما شرعا فأقله الذي لا يسمى ركوعا إلا به كما قال ابن شعبان انحناء مع وضع يديه على آخر فخذيه بحيث تقرب بطنا كفيه من ركبتيه فلو قصرتا لم يزد على تسوية ظهره. انتهى.
والسجود هو مباشرة الأرض ونحوها بالأعضاء السبعة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 59402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(11/6541)
رفع اليدين عند تكبير الركوع والرفع منه ثابت بالتواتر
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يعتبر عدم الرفع في الصلاة خطأ حسب ما قاله الشيخ محمد حسان في شريطه المسجل (40 خطأ في الصلاة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يقصد بقوله "عدم الرفع" أي عدم رفع اليدين في الصلاة قبل الركوع وبعد الرفع منه، فلا شك أن رفعهما في هذا الموطن من السنة، وترك رفعهما ترك لشيء من سنن الصلاة، وهذا فيه ما فيه من النقص.
فإنه قد ثبت بالسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وكذلك عند تكبير الركوع وعند الرفع منه، كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده. انتهى.
قال الإمام ابن القيم: وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفساً، واتفق على روايتها العشرة -أي المبشرين بالجنة- ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة؛ بل كان ذلك هدية دائماً إلى أن فارق الدنيا. انتهى من زاد المعاد 218/1.
وبهذا يعلم السائل الكريم أن ترك الرفع في هذه المواطن خلاف للسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/6542)
شروط الاعتداد بالركعة لمن أتى والإمام راكع
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت الركعة الثانية من الصلاة والإمام رافع من الركوع ولكنه لم يقل بعد (سمع الله لمن حمده) ما الحكم في ذلك؟ أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يشترط في إدراك الركعة بالركوع هو أن يجتمع المأموم مع الإمام قبل أن يرفع عن قدر الإجزاء من الركوع، وقدر الإجزاء هو الانحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما، قال ابن قدامة في المغني ومن أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة ". رواه أبو دواد، إلى أن قال: وهذا إن أدرك الإمام في طمأنينة الركوع، أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء فهذا يعتد بالركعة. انتهى
وقال ابن عبد البر في كتابه الاستذكار: جمهور العلماء على أن من أدرك الإمام راكعا فكبر وركع وأمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة، ومن لم يدرك ذلك فقد فاتته الركعة، ثم قال: هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل. انتهى
والمعروف أن تمكين اليدين من الركبتين في الركوع مستحب فلا يُشْكل قوله: وأمكن يديه من ركبتيه فإنه وصف للركوع الكامل.
وبهذا يُعلم أن المسبوق إما أن يدرك الإمام ويركع معه ويطمئن فهذا يعتد بالركعة، وكذا إن اشترك معه في الانحناء المجزئ ولو كان اشتراكا قليلا فهذا يعتد أيضا بالركعة، أما إن اختلفا بأن كان الإمام يرفع والمأموم يركع فلا يعتد بالركعة ولا عبرة بدخوله مع الإمام قبل قوله سمع الله لمن حمده ما دام قد رفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(11/6543)
الحد الذي يعتبر به الراكع مدركا للركوع مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يعد الرجل مدركا للركعة، هل يشترط أن يدرك المأموم الإمامَ راكعا ويركع معه ركوعا كاملا؟ أم يكفي أن يكبر المأموم ويدخل في الصلاة، حال ركوع الإمام، وقبل أن يرفع الإمام من ركوعه، ولو لم يلحقه المأموم في الركوع، أو أن يحرم المأموم ويكبر، والإمام ما زال في ركوعه، وأثناء ركوع المأموم رفع الإمام من الركوع مباشرة، فلم يدرك المأموم الطمأنينة في الركوع مع الإمام، ولكني أوكد أنه دخل في الصلاة وكبر للتحريم والإمام راكع. ألا يعد هذا إدراكا للركعة، ألا يقاس هذا على من دخل في الصلاة في آخر الوقت، ثم خرج عليه الوقت وهو في الصلاة، فيحسب له إدراك الوقت، وماحد الطمأنينة في الركوع؟ سامحوني على الإطالة ولكني أردت توضيح الصورة كاملة، لتطابقها الفتوى، لكم شكري واحترامي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يشترط في أدراك الركعة بالركوع هو أن يجتمع المأموم مع الإمام قبل أن يزول عن قدر الإجزاء من الركوع، وقدر الإجزاء هو الإنحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما، قال ابن قدامة في المغني: ومن أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. رواه أبو داود إلى أن قال: وهذا إن أدرك الإمام في طمأنينة الركوع أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء فهذا يعتد بالركعة.
وقال ابن عبد البر في كتابه الاستذكار: جمهور الفقهاء على أن من أدرك الإمام راكعاً فكبر وركع وأمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة، ومن لم يدرك ذلك فقد فاتته الركعة، ثم قال هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل. انتهى كلامه.
والمعروف أن وضع اليدين على الركبتين مستحب فلا يشكل قوله وأمكن يديه من ركبتيه فإنه وصف الكمال من الركوع وعلى هذا فالمسبوق إما إن يدرك الإمام راكعاً ويركع معه ويطمئن فهذا يعتد بالركعة، وكذلك إن اشترك معه في الإنحناء المجزئ ولو كان اشتراكاً قليلاً، أما إن اختلفا بأن كان المأموم يركع والإمام يرفع فلا يعتد بالركعة ويتابعه في السجود، ثم إن مسألة إدراك الركعة بالركوع منصوص عليها في الحديث السابق وفي غيره من الأحاديث مثل حديث أبي بكرة الشهير وفي كلام الفقهاء من المتقدمين والمتأخرين فلا تقاس ولا تحتاج إلى القياس على إدراك الصلاة في الوقت أو غيره، أما الطمأنينة فهي سكون الأعضاء واستقرارها أثناء تأدية الأركان الفعلية سواء كانت ركوعاً أو سجوداً ولو قليلاً، هذا هو حد الطمأنينة.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(11/6544)
حول وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة بعد الركوع وقبل السجود؟ وأيهما أفضل ترك اليد أم وضعها بعد القيام من الركوع؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية وغيرهم ذهبوا إلى إرسال اليدين بعد الرفع من الركوع، وقد سبق بيان الأقوال مع الأدلة في الفتوى رقم: 14840.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/6545)
ما يقال بعد الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم شيخنا الجليل
ما أفضل ما يقول العبد فى الصلاة عند الوقوف من الركوع وسماع الإمام يقول (سمع الله لمن حمده) ؟ ولكم الأجر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يقول المأموم -إذا قال الإمام (سمع الله لمن حمده) -: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا لك الحمد) أو (ربنا لك الحمد) ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه وفيه: وإذا قال -أي الإمام- سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد.
ويكون أفضل لو زاد على ذلك ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله بعد الرفع من الركوع، فقد جاء في مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده، قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وقريب منه في صحيح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/6546)
مذهب الإمام مالك في رفع اليدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إن قول الإمام مالك إن الرفع في غير تكبيرة الإحرام ليس الأصل أي السنة وإنما هو فرع صحيح
وذلك لأن عمل أهل المدينة استقر على عدم الرفع وهذا العمل أقوى من أي دليل حيث يعني أنه هو ما داوم عليه الرسول ومات عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استفاضت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم برفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام، وهذا مذهب أحمد والشافعي وإحدى الروايتين عن مالك، فإنه ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر وغيره من الصحابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، ولا يفعل ذلك في السجود.
قال ابن القيم في زاد المعاد: وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفساً، واتفق على روايتها العشرة، ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة، بل كان ذلك هديه دائماً إلى أن فارق الدنيا.
وعن ابن عمر أنه كان يرفع يديه إذا قام من الركعتين.. ويرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري.
وما ذكر في السؤال عن الإمام مالك أنه قال في رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ليس الأصل أي السنة...... إلخ، والاحتجاج على ذلك بعمل أهل المدينة فالجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أن هذه العبارة المنسوبة إلى الإمام رحمه الله، لم نجدها في ما بين أيدينا من مراجع المذهب المالكي، ولكن جاء في المدونة، أن مالكاً رحمه الله قال: لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة، لا في خفض ولا في رفع؛ إلا في افتتاح الصلاة..... قال ابن القاسم: وكان رفع اليدين عند مالك ضعيفاً إلا في تكبيرة الإحرام.
وواضح من هذا أن الإمام رحمه الله، إنما نفى علمه برفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ولم ينف أن لذلك أصلاً، وما قدمنا من الأحاديث يثبت أن لرفع اليدين أصلاً بل هو السنة، والمثبت مقدم على النافي، فكيف والرواية الأخرى عن مالك تثبت سنة الرفع في المواضع التي جاءت بها الأحاديث، وقد نقل الدسوقي عن صاحب التوضيح: الظاهر أنه يرفع يديه عند الإحرام والركوع والرفع منه والقيام من اثنتين لورود الأحاديث الصحيحة بذلك.
الوجه الثاني: أن كون عمل أهل المدينة حجة إنما هو في زمن الصحابة، وأما عملهم بعد موت الصحابة فلا فرق بينه وبين عمل غيرهم، وهذا قول المحققين من أصحاب مالك، فقد نقل شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى عن القاضي عبد الوهاب أن هذا العمل بعد الصحابة ليس حجة ولا إجماعاً عند المحققين من أصحاب مالك، وإذا كان الأمر كذلك فالسنة هي التي تحكم بين الناس لاعمل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن رفع اليدين في المواضع التي جاءت في تلك الأحاديث سنة من سنن الصلاة، فوجب الانقياد لذلك ولو خالفه العمل المتأخر لأهل المدينة، ومن هذا تعلم أن الصواب هو سنية الرفع في المواضع التي جاءت بها السنة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
21806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/6547)
حكم من تأخر عن الركوع مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أود إفادتي فيما إذا تخلفت عن الركوع مع الإمام في الركعة الثالثة أو الرابعة لقراءة الفاتحة ولم أركع حتى رفع الإمام من الركوع..هل تجب علي إعادة الصلاة؟ وهل هناك فرق بين أن أتأخر لبطء في قراءتي أو أن أتأخر لوسوسة في القراءة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سبقك الإمام بالرفع من الركوع لسبب تأخرك في قراءة الفاتحة، فإن عليك أن تبادر فتركع وتلحق إمامك ما لم تخش أن يسبقك بالرفع من آخر سجدة من سجدتي تلك الركعة، فإن خشيت إن سبقك بأن يرفع من آخر سجدة من تلك الركعة فاتبعه فيما هو فيه وألغ تلك الركعة، واقض ركعة مكانها بعد سلام إمامك.
ولا فرق أن يكون تأخرك بسبب بطء في قراءتك أو لوسوسة.
واعلم أنه يلزم المأموم متابعة إمامه بحيث يشرع في الركن بعد فعل إمامه له مباشرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا" ... الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما.
فعليك أن تقرأ الفاتحة من غير بطء شديد يخل بمتابعة الإمام. أما الوسوسة، فعليك أن ترفضها رفضاً تاماً وأن لا تستسلم لها فهي من مصائدالشيطان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(11/6548)
هل يشرع للمصلي رفع يديه للدعاء عند الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع الأيدي للدعاء بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده والدعاء ربنا ولك الحمد حمداً كثيرا" طيباً ... الخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن السنة رفع اليدين عند الرفع من الركوع، لما في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: (سمع الله لمن حمده) فعل مثله، وقال: (ربنا ولك الحمد)
فرفع اليدين هنا للرفع من الركوع، وأما الرفع للدعاء فلا يفعله إلا إذا كان لدعاء القنوت على الراجح، وهو الذي ذهب إليه الحنابلة والشافعية والأحناف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(11/6549)
المسنون قوله للمأموم حين اعتداله من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول المأموم إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده؟
... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام يقول عند رفعه من الركوع "سمع الله لمن حمده" ثم يقول: ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، لما في الصحيحين: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد".
أما المأموم فلا يشرع له أن يقول: سمع الله لمن حمده، وإنما يقول: ربنا ولك الحمد....إلخ فقط، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة والشعبي، وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد بن الحنفية وإسحاق وابن سيرين يقول ذلك كالإمام، لحديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري. ولأنه ذكر شرع للإمام، فيشرع للمأموم كسائر الأذكار، واحتج أصحاب المذهب الأول بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد". رواه البخاري ومسلم، ورويا مثله عن أنس، ورواه مسلم أيضاً من رواية أبي موسى، وهذا المذهب هو الأقرب إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(11/6550)
الأفعال الواجبة لمن اقتدى بالإمام بعد رفعه من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت مع الإمام بعد رفعه من الركوع فماذا أقول وجزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول ما ينبغي عليك فعله هو أن تبدأ بتكبيرة الإحرام، إذ لا تنعقد الصلاة -أصلاً- إلا بتكبيرة الإحرام، قال ابن قدامة في المغني: والتكبير ركن في الصلاة، لا تنعقد الصلاة إلا به، سواء تركه عمداً أو سهواً، هذا قول ربيعة ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم". رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذاهبي. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يقول الله أكبر". رواه الطبراني وصحح إسناده الألباني -رحمه الله-.
فمن دخل مع الإمام بعد رفعه من الركوع فليبدأ أولاً بتكبيرة الإحرام، ثم إن وجد فسحة في الوقت، فلا بأس بأن يقول ذكر الاعتدال الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: ربنا ولك الحمد، وإن زاد عليه فقال: حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.. لكان خيراً، فقد قاله رجل كان يصلي وراءه صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من المتكلم آنفا"؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً". رواه مالك والبخاري وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/6551)
حكم إضافة كلمة (والشكر) مع ذكر الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زيادة كلمة (والشكر) مع ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز زيادة كلمة: (والشكر) مع ربنا ولك الحمد، لأنها غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل في العبادات أنها لا تُفعل إلا بدليل، فهي مبنية على التوقيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/6552)
أقوال العلماء في كيفية وضع اليدين بعد الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما السنة بعد الرفع من الركوع هل هو الإسبال أم وضع اليمنى على اليسرى؟ مع التفصيل في ذلك ومن رأى من العلماء الإسبال ومن رأى وضع اليمنى على اليسرى من علماء العصر وعلماء القرون الماضية....
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوضع اليدين بعد الاعتدال من الركوع في الصلاة مختلف فيه بين العلماء المعاصرين، فذهب الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وغيره من علماء نجد والحجاز إلى أن السنة أن يضع يمينه على شماله على صدره، وأن إرسال اليدين مكروه لا ينبغي فعله لكونه خلاف السنة، واستدلوا بأحاديث قبض اليدين حال القيام، وقالوا: لا فرق بين القيام قبل الركوع وبعده لأن الأحاديث تعم الحالين.
ويؤيد ذلك ما خرجه النسائي بإسناد صحيح عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة يضع يده اليمنى على كفه اليسرى"، وهذا يعم القيام الذي قبل الركوع والذي بعده.
قال ابن باز رحمه الله: وليس مع من قال إرسالهما بعد الركوع حجة يحسن الاعتماد عليها فيما نعلم، بل ذلك خلاف صريح السنة. انتهى.
وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد قال المرداوي في الانصاف: قال الإمام أحمد: إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه، وإن شاء وضع يديه على شماله انتهى.
وذهب عامة الفقهاء المتقدمين والمعاصرين إلى أنه يرسل يديه بعد الركوع، بل ذهب الألباني - رحمه الله - إلى أن قبضهما بعد الركوع بدعة.
وعلى العموم، فإن هذه المسألة من المسائل الفرعية، ومن سنن الصلاة وآدابها، لا من واجباتها عند جميع العلماء، فلا ينبغي أن يؤخذ مثل هذه المسألة وسيلة للنزاع بين المسلمين، فمن قبض فلا حرج عليه، ومن أرسل فلا حرج عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/6553)
صفة الركوع المسنون والمجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم استواء الظهر أثناء الركوع يبطل الصلاة أو تكون غير مقبولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المراد بعدم استواء الظهر، عدم الاطمئنان، فإن ذلك مبطل للصلاة، لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل"، فصلى، ثم جاء فأمره بالرجوع، فعل ذلك ثلاث مرات، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبع الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها". ومن هنا كانت الطمأنينة واجبة في الركوع، وغيره من الأركان.
قال الإمام ابن قدامة: (ويجب أن يطمئن في ركوعه، ومعناه: أن يمكث إذا بلغ حدّ الركوع قليلاً، وبهذا قال الشافعي) .
أما إذا كان المراد بعدم الاستواء ألا يكون الظهر مستقيماً، فإن صلاة فاعل ذلك صحيحة إذا اطمئن، لأنه ينطبق عليه أنه أتى بالركوع المجزئ، وإن فاته الكمال.
قال في الشرح الكبير: (وقدر الإجزاء - يعني في الركوع- الانحناء، بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه، لأنه لا يخرج عن حدّ القيام إلى الركوع إلاّ به، ولا يلزمه وضع يديه على ركبتيه، بل ذلك مستحب) . الشرح الكبير مع المغني (1/541) .
فالحاصل أن من حقق القدر المجزئ من الركوع، فصلاته صحيحة، ولكن السنة في الركوع تسوية الرأس بالعجز (مؤخرة الشخص) والاعتماد باليدين على الركبتين مع مجافاتهما عن الجنبين، وتفريج الأصابع على الركبة والساق، وبسط الظهر.
فعن عقبة بن عامر: "أنه ركع فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي" رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.
وعند النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع اعتدل ولم يُصوبَ رأسه ولم يقنعه.
ومعنى (يصوب) : يميل به إلى أسفل ومعنى (يقنعه) : يرفعه إلى أعلى.
وعن علي رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لو وُضع قدح من ماء على ظهره لم يهرق" رواه أحمد وأبو داود في مراسيله.
ولا شك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل هدي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري، ومن هنا فإننا نوصي بامتثال السنة في الركوع وغيره. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1422(11/6554)
أدعية مأثورة تقال في الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أفضل الأدعية التي يمكن أن يدعو بها المسلم خلال الركوع والسجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأفضل ما يدعو به المسلم في ركوعه وسجوده الأدعية النبوية التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:
ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".
وما رواه مسلم من حديث عائشة أيضا قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: " سبوح قدوس، رب الملائكة والروح".
وما رواه النسائي من حديث محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطوعاً يقول إذا ركع: "اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي، خشع سمعي وبصري ولحمي ودمي ومخي وعصبي لله رب العالمين". وما رواه النسائي من حديث عوف بن مالك قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ركع مكث قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة".
وما رواه مسلم وأبو داود من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "اللهم غفر لي ذنبي كله، دِقَّه وَجِلَّه، أوله وآخره، سره وعلانيته".
وما رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سجوده: "أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".
وللمصلي أن يدعو في سجوده بما شاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم" رواه مسلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1421(11/6555)
رفع اليدين قبل الركوع وبعده من السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثا وارداً عن الصحابي الجليل ابن عمر -رضي الله عنهما- فيما أذكر: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه الكريمتين عند التكبير للركوع وعند الرفع من الركوع إلا أنني فيما قرأت أن المذهب الحنفي لايعتبر ذلك من السنة وأن الرفع يكون فقط في تكبيرة الإحرام وحيث إنني أقتدي بالمذهب الحنفي أرجو منكم إفادتي بالأسباب التي ارتكز عليها الأحناف في ذلك وهل هذا هو رأي الإمام أبي حنيفة رحمه الله أم هو اجتهاد متبعيه.
... ولكم مني جزيل الشكر ووفقكم الله على درب الدعوة إلى الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه قد ثبت بالسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام وكذلك عند تكبير الركوع وعند الرفع منه فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا، وقال: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد". قال ابن القيم رحمه الله: (وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفساً واتفق على روايتها العشرة ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة بل كان ذلك هديه دائماً إلى أن فارق الدنيا) اهـ من زاد المعاد 218/1.
وأنت تعلم أيها السائل الكريم أنه إذا ستبانت لأحد من المسلمين سنة صحيحة فلا يجوز له أن يدعها لقول أحد. ولعل الإمام أبا حنيفة لم يبلغه هذا الحديث أو بلغه حديث ينص على عدم الرفع إلا في تكبيرة الإحرام فقط. مثل قول ابن عمر في الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود" وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما حتى ينصرف. والأحاديث التي تدل على عدم الرفع إلا عند تكبيرة الإحرام فقط كلها ضعيفة نص على ذلك الحافظ ابن حجر وكذلك ابن الجوزي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(11/6556)
من أدرك الركوع مع الإمام فإنه يحتسب الركعة.
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع الرائع. سؤالي هو: أعلم أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، وأعلم أن ضياع أي ركن يبطل الصلاة ولا يجزئ بدله أي شيء إذ لا بد من الإتيان به. هذا علمي، إذا كيف نوفق بين هذا وبين القول بأن إدراك الركوع مع الإمام يجعلني أدرك الركعة، علما بأن حديث أبي بكرة لم أفهم منه إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له (زادك الله حرصا ولا تعد، أي لا تكرر مثل هذا) أو لا تعد (أي لا تسرع أو لا تجر) وعليه فلم أجد فيه دليلا على إدراك الركعة بالركوع لأنه دخل في الصلاة منذ دخوله باب المسجد. أعتذر للإطالة ولكن لأني رغبت في توقع إجابة فضيلتكم وتخيلت نفسي كأني أتناقش معكم. جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فجمهور أهل العلم على أن من أدرك الإمام وهو راكع، فركع معه قدراً يحقق الطمأنينة اعتد بهذه الركعة، وذلك لأدلة منها: ما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ". وقد صحح الحديث ابن خزيمة. ومعنى الحديث أن من أدرك الإمام ساجداً فليسجد معه ولا يعتد به، ومن أدركه راكعاً فليركع معه وليعتد بالركوع حيث أدركه. ويشهد لهذا المعنى أن في رواية الإمام أحمد للحديث المتقدم زيادة: من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة.
ومنها ما رواه البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه -الحديث المذكور في السؤال - وفيه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصاً ولا تعد "، ووجه الدلالة من الحديث أنه أدرك النبي وهو راكع، فلما خشي أن تفوته الركعة ركع دون الصف حتى يدرك الركعة، وفي عدم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم له بإعادة الركعة إقرار على أنها تجزئه، وبهذا يكون قد اتضح الإشكال الموجود عند السائل، لأنه صرح بأنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع وركع معه، ولكنه ركع قبل الصف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6557)
محل وضع اليدين بعد الرفع من الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- وبعد التحية أرجو منكم أن تشرحوا لي عن وضع اليدين على الصدر عند الرفع من الركوع. أريد حديثا عن هذا الموضوع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
السنة للمصلي أنه يضع يديه على صدره حال قيامه في الصلاة لا فرق في ذلك بين قيامه قبل الركوع وقيامه بعده، لحديث وائل بن حجر عند النسائي بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان "إذا كان قائماً في الصلاة قبض يمينه على شماله"، وفي رواية له أيضا ولأبي داود بإسناد صحيح عن وائل أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما كبر للإحرام وضع يده اليمني على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد.
فقد دل هذا الحديث ضمناً على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده على صدره حالة القيام، ووجه ذلك أن من وضع يمناه على كف يسراه ورسغها وساعدها دون تكلف لابد وأن يتصف بوضع يديه على صدره تلقائياً، ومن أدلة وضع اليدين على الصدر في حالة القيام ما رواه ابن خزيمة في صحيحه عن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمني على يده اليسرى على صدره، وما روي أيضاً عن طاووس مرسلاً قال: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشدهما على صدره وهو في الصلاة، ذكره ابن عبد البر في التمهيد، وأما حديث علي أنه قال: "من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة" فضعيف متفق على تضعيفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6558)
الواجب في السجود وضع الجبهة على الأرض أم تمكينها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله ألف خير على ما تنفعون به الأمة بفتاويكم من خلال هذا الموقع.
على موضع السجود عند منابت الشعرأعلى الجبهة، أصاب المنطقة أحمرار وحكة وصارت بها قشور جلدية، فحاولت أن لا أضغط أكثر على ذلك الموضع عند السجود واستعنت بيدي حتى يخف الضغط نوعا ما دون رفع الجبهة عن الأرض، ولكن بمرور الوقت، أصابني وسواس وخفت أن لا يكون ذلك جائزا ولا تقبل صلاتي، فما حكم ذلك؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب في السجود هو مجرد وضع الجبهة على الأرض مع الطمأنينة، وهذا مذهب المالكية، قال في مواهب الجليل: ولفظ ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب السجود: وهو تمكين الجبهة والأنف، يعني بلفظ التمكين أنه يضع جبهته وأنفه بالأرض على أبلغ ما يمكنه وهذا هو المستحب، وأما الواجب فيكفي فيه وضع أيسر ما يمكن من الجبهة. انتهى.
وقال ابن عرفة في حد السجود: والسجود مس الأرض أو ما اتصل بها من سطح محل المصلي كالسرير بالجبهة والأنف. انتهى.
وعلى هذا المذهب فلا إشكال في كون صلاتك صحيحة لحصول مس الأرض بالجبهة حال السجود.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن مجرد المس لا يكفي، ولكن لا بد من تمكين الجبهة من محل السجود، وهذا مذهب الشافعية قال الإمام النووي ـ رحمه الله: والصحيح من الوجهين أنه لا يكفي في وضع الجبهة الإمساس، بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته، فلو سجد على قطن أو حشيش أو شيء محشو بهما وجب أن يتحامل حتى ينكبس ويظهر أثره علي يد لو فرضت تحت ذلك المحشو، فإن لم يفعل لم يجزئه، وقال إمام الحرمين: عندي أنه يكفي إرخاء رأسه ولا حاجة إلى التحامل كيف فرض محل السجود والمذهب الأول. انتهى.
وعلى هذا المذهب إن كان سجودك بهذه الكيفية المذكورة من تمكين الجبهة من الأرض فصلاتك صحيحة، وأما إن كنت تكتفي بمجرد مس الأرض بالجبهة، فإن كنت عاجزاً عن غير هذا فصلاتك صحيحة، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} . ولقوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} .
فإذا كان ما فعلته هو أكثر ما تقدر عليه من وضع الجبهة، فقد فعلت ما وجب عليك، قال النووي ـ رحمه الله ـ في باب صلاة المريض: ويجب أن يقرب جبهته من الأرض للسجود أكثر ما يقدر عليه، قال الرافعي: حتى قال أصحابنا لو قدر أن يسجد على صدغه أو عظم رأسه الذي فوق جبهته وعلم أنه إذا فعل ذلك كانت جبهته أقرب إلى الأرض لزمه ذلك، ولو سجد على مخدة ونحوها وحصلت صفة السجود بأن نكس ورفع أعاليه إذا شرطنا ذلك أو كان عاجزاً عن الزيادة على ذلك أجزأه، وعليه يحمل فعل أم سلمة ـ رضي الله عنها. انتهى بتصرف.
وأما إذا كنت لم تمكن جبهتك من الأرض مع القدرة على ذلك واكتفيت بمجرد مس الأرض بها، فعليك عند الشافعية إعادة الصلوات التي صليتها على هذه الصفة لإخلالك بركن من أركانها وهو السجود.
والذي ظهر لنا من السؤال أنك تضع جبهتك على الأرض ممكناً لها إلا أنك لا تبالغ كثيراً في التحامل عليها، فإذا كان كذلك فصلاتك صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/6559)
تمكين الأنف مع الجبهة في السجود سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم لبس النظارة في الصلاة؟ ولماذا البعض يخلع النظارة عند السجود؟ فجزء فقط من الأنف هو الذي لا يلمس الأرض، هل هو تشدد أم ذلك هو الصواب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم لبس النظارة في الصلاة، في الفتوى رقم: 19937، ولا يوصف خالع النظارة لأجل السجود بالتشدد، ولابسها أعلم بحاله فربما علم أنه إن سجد بها فلن يستطيع تمكين أنفه من الأرض في السجود، وتمكين الأنف من الأرض عند السجود ليس تشدداً بل هو مطلوب شرعاً إذا كان دون مبالغة حتى لا يتأذى أنفه، قال صاحب الإقناع في بيان الحكمة من التفريج بين اليدين في السجود ومجافاة الفخذين عن البطن: لأنه أبلغ في تمكين الجبهة والأنف من محل سجوده وأبعد من هيئات الكسالى. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: تمكين الأنف مع الجبهة في السجود سنة عند جمهور الفقهاء، لما روى أبو حميد رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد ومكن جبهته وأنفه على الأرض. انتهى.
وإن كان السائل يعني بقوله ـ جزء فقط من الأنف لا يلمس الأرض ـ أي أن المصلي لا يمكن جبهته من الأرض ولا يلمس الأرض من الأنف إلا شيء يسير فقد ذكرنا أن تمكين الأنف من الأرض عند السجود مطلوب شرعاً ولكن من سجد دون أن يمكن أنفه من الأرض مع تمكين الجبهة فقد حصل الواجب بذلك، لأن السجود على الأنف مستحب ولا يجب في قول جمهور أهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء وهم المالكية والشافعية وأبو يوسف ومحمد ـ صاحبا أبي حنيفة ـ وعطاء وطاووس وعكرمة والحسن وابن سيرين وأبو ثور والثوري، وهو رواية عن أحمد إلى أنه لا يجب السجود على الأنف مع الجبهة، لقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم. ولم يذكر الأنف فيه، ولحديث جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر. وإذا سجد بأعلى جبهته لم يسجد على الأنف، وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر نقراً.
ويستحب عند هؤلاء السجود على الأنف مع الجبهة، للأحاديث التي تدل على ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/6560)
لا حرج في الدعاء بدعاء سجود التلاوة في غير سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشرع الدعاء بدعاء سجود التلاوة: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود. في كل سجود غير سجود التلاوة أم لا؟ جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بدعاء سجود التلاوة والإلحاح به في السجود فرضاً كان أو نفلاً، ولو كان لغير التلاوة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. وقوله صلى الله عليه وسلم: فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم. رواهما مسلم في صحيحه. فهذان الحديثان وغيرهما يرغبان في الدعاء في السجود على العموم من غير تحديد، وأفضل الأدعية ما كان بالمأثور، ومنه الدعاء المذكور، فهو وإن كان من الأدعية المشروعة في سجود التلاوة، فإنه لا مانع من الدعاء به في كل سجود غيره.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: ودعاء بما أحب وإن لدنيا. وهو ما درج عليه صاحب فقه العبادات حيث قال: ويندب الدعاء في السجود ولو كان دنيوياً أو الدعاء لغيره خصوصاً أو عموماً بلا حد، بل بحسب ما ييسر الله تعالى؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء.
وقال مالك في المدونة: بلغني أن عروة بن الزبير قال: إني لأدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح.
وجاء في كشاف القناع للبهوتي وهو حنبلي المذهب، قال: نقلوا عن الفضل بن زياد أنه سأل الإمام بم أدعو؟ قال: بما شئت.
وعلى ذلك فلا حرج في الدعاء في السجود بهذا الدعاء وغيره ما لم يكن بإثم أو قطيعة رحم، والأفضل والأحوط ألا يلتزم المرء به في كل صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(11/6561)
استحباب إطالة السجود والإكثار من الدعاء فيه للمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كثرة الدعاء أثناء الصلاة خطأ؟ بمعنى أننى أثناء الصلاة أدعو الله عز وجل وذلك فى كل سجدة وفى كل الصلوات، حيث إنني سمعت شيخا عندنا يقول: إن كثرة الدعاء فى الصلاة تضرها، لأن الصلاة ما شرعت للدعاء فقط.
أرجو الافادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الإكثار من الدعاء في السجود والإطالة فيه لغير الإمام, بل يستحب ذلك، لما رواه مسلم وأحمد وأبو داوود وغيرهما: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ. واللفظ لمسلم.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أطال السجود مرة وهو يسبح حتى كان سجوده قريبا من قيامه في تلك الركعة وقد قرأ فيها بسورة البقرة وآل عمران والنساء. والحديث رواه مسلم وأحمد والنسائي.
وكتب السير والتواريخ والتراجم مليئة بسير العباد الصالحين الذين كانوا يطيلون السجود ويكثرون من الدعاء, فالقول بأن إطالة السجود والإكثار من الدعاء فيه يضر بالصلاة هو قول مجانب للصواب, هذا بالنسبة لغير الإمام, وأما الإمام فإنه مطالب شرعا بالتخفيف على المأمومين حتى لا يشق عليهم، وقد روى مالك والشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(11/6562)
من نسي سجدة في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أظن أن نسيان سجدة يجبر بسجود السهو وكنت متأكدة من ذلك، وعلمت مؤخراً أن ذلك غير صحيح. فماذا أفعل؟ علما بأني أتبع المذهب المالكي. وهل يمكن لي اتباع حكم مذهب آخر إذا كان أيسر؟ إذا كان علي إعادتها فكيف يكون ذلك، علما بأني في العادة ينتقض وضوئي بعد وقت قصير من إنهاء الصلاة المكتوبه وأجدد دائما الوضوء لكل صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهكِ أولاً إلى أن المسلم يجبُ عليه أن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ليكون على بصيرة من أمر دينه، لقوله تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {النحل:43} . وليس للمسلم أن يسأل عن أيسر الأقوال وأخفها طلباً للرخص، بل يسأل عن حكم الله في المسألة وما يقضي به الدليلُ فيها، فمهما كان اتبعه وعمل به.
وأما عن مسألتك، فاعلمي أن السجود من أركان الصلاة، فلا تصح الصلاة بتركه، لا عمداً، ولا سهواً، ولا جهلاً، ففي حديث المسيء صلاته المتفق على صحته، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً. متفق عليه.
فدل على ركنية سجدتين في كل ركعة، وما كان من باب الفرائض والأركان، فإنه إذا ترك سهواً لم يُجبر بسجود السهو بمجرده، بل لا بُد من الإتيان به.
قال ابن رشد: وأما الفرائض فلا يجزئ عنها إلا الإتيان بها، وجبرها إذا كان السهو عنها مما لا يوجب إعادة الصلاة بأسرها على ما تقدم فيما يوجب الإعادة. انتهى.
وبه تعلمين أن من نسي سجدة في صلاته وجب عليه الإتيانُ بها متى ذكرها، فإن ذكرها قبل الوصول إلى محلها من الركعة التالية رجع إليها، وقال بعض العلماء: بل إذا شرع في قراءة الركعة التالية، ألغى الركعة التي تُركت سجدتها، وأقام التالية مقامها، وإن لم يذكر تلك السجدة حتى وصل إلى محلها من الركعة التالية، فإنه يُلغي تلك الركعة التي نسي منها تلك السجدة، وتقوم الأخرى بدلها، فإن لم يذكر حتى فرغ من صلاته أتى بتلك الركعة، ما لم يطل الفصل أو ينتقض وضوؤه، فإن لم يفعل وطال الفصل بطلت تلك الصلاة ووجب عليه إعادتها.
قال ابن قدام ة فيمن سلم من صلاته عن نقص: فإن طال الفصل أو انتقض وضوءه استأنف الصلاة، وكذلك قال الشافعي إن ذكر قريبا مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين، ونحوه. قال مالك: وقال يحيى الأنصاري، والليث، والأوزاعي: يبني ما لم ينقض وضوءه، ولنا أنها صلاة واحدة فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل كما لو انتقض وضوءه، ويرجع في طول الفصل إلى العادة من غير تقدير بمدة وهو مذهب الشافعي في أحد الوجوه. انتهى.
وبهذا كله تعلمين أن الواجب عليكِ أن تتحري تلك الصلوات التي نسيت فيها سجدة، ولم تأت بها بل اكتفيتِ بجبرها بسجود السهو، ثم تقضين جميع تلك الصلوات لأنها دينٌ في ذمتك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
ولكن ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من ترك شرطا أو ركنا من شروط الصلاة أو أركانها جاهلاً لم يكن عليه القضاء، واستدل على ذلك بحديث المسيء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقضاء ما مضى من صلوات ترك بعض أركانها، وبغيره من الأحاديث، ومذهب الجمهور أحوط وأبرأ للذمة وهو المفتى به عندنا، وانظري للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 109981.
إذا علمتِ هذا وعلمت أن الإعادة واجبة عليك، فإنك تقضين حسب الطاقة، وإذا انتقض وضوؤك لزمك إعادته، لأن الصلاة لا تصح بغير وضوء، فإن كنت ذات حدث دائم، كأن كنت مستحاضة أو معذورة بسلس البول أو نحوه، فإنك تتوضئين لكل صلاة بعد دخول الوقت، وتصلين ما شئت من الفروض والنوافل ما لم يخرج الوقت، وانظري الفتوى رقم: 98130، وعند مالك أن المعذور بالسلس ونحوه لا يلزمه الوضوء لكل صلاة، وإنما يُستحب له فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/6563)
الدعاء في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء في كل سجدة في صلاة الفرض أم لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسجود من أعظم المواطن التي يرجى فيها إجابة الدعاء، والإكثار من الدعاء في السجود مأمور به شرعا، فمن دعا في كل سجدة من سجدات الصلاة سواءا كانت فريضة أو نافلة فلا يلام على ذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الدعاء في السجود.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: يشرع للمؤمن أن يدعو في صلاته في محل الدعاء سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة، ومحل الدعاء في الصلاة هو السجود، وبين السجدتين، وفي آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقبل التسليم. انتهى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يستجاب لكم. أخرجه مسلم. ومعنى قَمِن: حقيق وجدير كما قاله النووي.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أيضا: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء. وثبت الدعاء في السجود من فعله صلى الله عليه وسلم أيضا في أحاديث كثيرة، ومنها ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يتأول القرآن. متفق عليه.
وهو بظاهره يعم الفرض والنفل، وبه يظهر أن الدعاء في السجود من أعظم الخير الذي لا ينبغي للمسلم تفويته ولا التفريط فيه، وكلما أكثر منه العبد كان خيرا له.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإمام لا ينبغي له أن يطيل في الدعاء في السجود إطالة مفرطة، فإنه مأمور بالتخفيف وأن لا يشق على من وراءه من المأمومين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(11/6564)
التسبيح في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم أداء سبحان ربي الأعلى، مع الجماعة حركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقصودك من السؤال غيرُ واضح، فإن كان مقصودك الوقت الذي يقول فيه المصلي ذكر السجود -سبحان ربي الأعلى- فيُشرع للمصلي أن يقول هذا الذكر إذا استقرت أعضاؤه السبعة على الأرض، فيُسبح مرةً وجوبا عند الحنابلة، واستحباباً عند الجمهور، والكمال أن يُسبح ثلاثاً.
وأما إن كان مقصودك كيفية تسبيح الجماعة، فاعلم أن المشروع لكل مصلٍ أن يسبح في نفسه، ولا يُشرع للمصلين أن يُسبحوا معاً في وقت واحد، بل هذا من البدع المحدثة.
والذي نراه لكَ أيها الأخ- الفاضل- أن تُعيدَ صياغة السؤال بصورةٍ أكثر وضوحاً لنتمكن من إفادتك الإفادة التامة، إذا لم يكن فيما ذكر جواب لما تسأل عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1430(11/6565)
الدعاء بغير المأثور في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بهذا الدعاء في السجود وهل ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ دعاء السجود، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قريبا فيسره وإن كان قليلا فكثره وإن كان كثيرا فبارك لي فيه؟
وجزاكم الله خير الجزاء عنا وعن أمة نبينا صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الدعاء غير وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن يجوز الدعاء به في السجود وغيره إذ لا يشترط الدعاء بالمأثور. ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة: أنه صلى الله عليه وسلم: كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(11/6566)
حكم صلاة من سجد على قدم واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة صحية في قدمي الاثنتين (الظفر في الإصبع الكبير بكلا القدمين ينمو داخل اللحم مما يسبب ألما كبيرا معظم الوقت وأنا مصاب بها وأحاول معالجتها منذ سنتين) وعند السجود يؤلمني موضع ملامسة أطراف الأصابع للأرض , والوضع الوحيد المريح بالنسبة لي هو أن أضع قدما فوق أخرى عند السجود والجلوس بحيث أن تكون قدم واحدة فقط ملامسة للأرض وفوقها القدم الأخرى سواء عندما أكون ساجدا أو جالسا , ولكن من شروط الصلاة الصحيحة ملامسة أطراف أصابع القدمين للأرض عن السجود وأنا لا يمكنني هذا بسبب الألم الذي تسببه لى.. فهل يجوز لي أن أختار الوضعية التي تريحني والتي سبق وذكرتها؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
السجود على القدمين في الصلاة ليس بواجب عند جمهور أهل العلم خلافا للحنابلة، وبالتالي فمن سجد على قدم واحدة فصلاته صحيحة عند الجمهور، كما يجزئ الجلوس على قدم واحدة وحتى الحنابلة القائلين بالوجوب يسقط ذلك عندهم عند العجز عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تشكوه، ويجزئك السجود على قدم واحدة عند جمهور أهل العلم القائلين بعدم وجوب السجود على غير الجبهة من الأعضاء السبعة المأمور بالسجود عليها، وحتى عند الحنابلة القائلين بوجوب السجود على القدمين فيسقط هذا الوجوب عند المشقة المعتبرة. قال ابن قدامة في المغني وهو يبين حكم السجود على هذه الأعضاء ومتى يسقط: والسجود على جميع هذه الأعضاء واجب، إلا الأنف، فإن فيه خلافا سنذكره إن شاء الله، وبهذا قال طاوس، والشافعي في أحد قوليه، وإسحاق. وقال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي في القول الآخر: لا يجب السجود على غير الجبهة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سجد وجهي. وهذا يدل على أن السجود على الوجه، ولأن الساجد على الوجه يسمى ساجدا، ووضع غيره على الأرض لا يسمى به ساجدا، فالأمر بالسجود ينصرف إلى ما يسمى به ساجدا دون غيره، ولأنه لو وجب السجود على هذه الأعضاء لوجب كشفها كالجبهة. وذكر الآمدي هذا رواية عن أحمد. وقال القاضي في " الجامع ": وهو ظاهر كلام أحمد ; فإنه قد نص في المريض يرفع شيئا يسجد عليه، أنه يجزئه، ومعلوم أنه قد أخل بالسجود على يديه. ولنا ما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بالسجود على سبعة أعظم ; اليدين، والركبتين، والقدمين، والجبهة. متفق عليه. وروي عن ابن عمر رفعه: إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما. رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي. وسجود الوجه لا ينفي سجود ما عداه، وسقوط الكشف لا يمنع وجوب السجود، فإنا نقول كذلك في الجبهة على رواية، وعلى الرواية الأخرى فإن الجبهة هي الأصل، وهي مكشوفة عادة، بخلاف غيرها، فإن أخل بالسجود بعضو من هذه الأعضاء، لم تصح صلاته عند من أوجبه، وإن عجز عن السجود على بعض هذه الأعضاء، سجد على بقيتها، وقرب العضو المريض من الأرض غاية ما يمكنه، ولم يجب عليه أن يرفع إليه شيئا؛ لأن السجود هو الهبوط، ولا يحصل ذلك برفع المسجود عليه، وإن سقط السجود على الجبهة لعارض من مرض أو غيره، سقط عنه السجود على غيره ; لأنه الأصل وغيره تبع له، فإذا سقط الأصل سقط التبع، ولهذا قال أحمد في المريض يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه: إنه يجزئه انتهى
كما يجزئك في الجلوس كونه على قدم واحدة، فكل هيئة منه مجزئة؛ كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 65685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(11/6567)
جلسة الاستراحة للإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جلسة الاسترحة بالنسبة للإمام، وما حكم مأموم إمامه يجلس جلسة الاستراحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
جلسة الاستراحة مختلف في حكمها فهي عند بعض أهل العلم مستحبة لكل مصل، وإذا أتى بها الإمام استحب للمأموم أن يأتي بها معه، وله أن ألا يأتي بها ولا شيء عليه في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم جلسة الاستراحة مبين في الفتوى رقم: 10649، ولا فرق بين الإمام وغيره في استحبابها، أو عدمه عند من لا يقول به، وعلى القول باستحبابها فإذا أتى بها الإمام فيستحب للمأموم أن يأتي بها معه، وله أن يتركها، ولا شيء عليه في ذلك، وقد سُئل ابن حجر الهيتمي: عمن قام وجلس إمامه للاستراحة أو التشهد الأول هل يحرم عليه ذلك؟ (فأجاب) بقوله: مقتضى إطلاقهم حرمة التقدم على إمامه بفعل أنه لا فرق لكن مقتضى قولهم لا تجب موافقته في نحو جلسة الاستراحة أنه لا فرق بين أن يفعلها الإمام ويتركها المأموم أو عكسه وهو متجه. انتهى.
وكذلك لو تركها الإمام فلا حرج على المأموم في فعلها وتركها، ففي المنثور في القواعد ما نصه: لا يشتغل المأموم بفعل ما تركه الإمام من سجود تلاوة والتشهد الأول ونحوه، لأن الاقتداء واجب، وإن اشتغل به عامداً بطلت صلاته إلا في صورتين: إحداهما: جلسة الاستراحة لقصرها ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(11/6568)
حكم من يقول بين السجدتين (أعوذ بالله منه)
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء الجلوس بين السجدتين أقول دائما "اللهم اغفر لي" وأقول أيضا "أعوذ بالله منه" فهل قول "أعوذ بالله منه" بشكل دائم أثناء الجلوس بين السجدتين هو زيادة لا تجوز في الصلاة، ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا الدعاء الوارد بين السجدتين في الفتوى رقم: 4713. فعلى الأخ السائل أن يحفظه ويداوم عليه لأنه من واجبات الصلاة، أما قوله: أعوذ بالله منه. فإن كان المراد الاستعاذة بالله من الشيطان أو الاستعاذة بالله من غضب الله وعقوبته كما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك ... " فلا بأس بذلك ولا تعتبر زيادة لأن الاستعاذة من الأذكار المشروعة في الصلاة، لكن ينبغي الاقتصار على ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر. وانظر الفتوى رقم: 62642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(11/6569)
ترك الجلوس بين السجدتين عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول إمام صلى ولكن في إحدى الركعات سجد الأولى ثم رفع من السجدة مباشرة إلى القيام دون أن يأتي بالسجدة الثانية وعندما اعتدل سبح له المأمومون فعاد إلى السجود دون أن يأتي بالجلسة بين السجدتين، فما حكم الصلاة، فأرجو منكم أن تكون الإجابة على الرأي المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من نسي سجدة ثم تذكرها ورجع إليها من قيامه ليأتي بها وجب عليه أن يجلس قبل الإتيان بها لأن الجلوس بين السجدتين واجب ومن لم يأت به لم تصح صلاته على المعتمد في المذهب المالكي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان على هذا الإمام أن يجلس قبل أن يأتي بالسجدة التي نسيها يأتي بها ويكمل صلاته ويسجد للسهو بعد السلام وذلك لأن الجلوس هنا واجب عند المالكية وغيرهم، غير أن المالكية يعتبرونه في هذه الحالة واجباً بناء على القول بأن الحرمة للركن مقصودة وهذا القول هو المعتمد، ومقتضاه أن من لم يجلس قبل السجدة في هذه الحالة لم تصح صلاته إذا لم يتدارك إصلاح الخلل قبل فوات الأوان.
وقيل يخر ساجداً ولا يجلس قبل الإتيان بالسجدة بناء على القول بأن الحركة للركن غير مقصودة، وعلى هذا القول لا تبطل الصلاة بترك الجلوس قبل السجدة المنسية.
قال الخرشي في حاشيته على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قوله: وتارك ركوع يرجع قائماً وندب أن يقرأ وسجدة يجلس لا سجدتين: يعني أن من تذكر أنه نسي سجدة واحدة فإنه يجلس ليأتي بها من جلوس بناء على أن الحركة للركن مقصودة بخلاف لو تذكر أنه ترك السجدتين بعد قيامه فإنه يأتي بهما من غير جلوس بل ينحط لهما من قيام كمن لم ينسهما. انتهى.
قال العدوي معلقاً هنا: فلو لم يجلس فالظاهر البطلان، لأن الجلوس بين السجدتين فرض. انتهى.
إذا تبين هذا فالذي نرى هو أن يعيد هذا الإمام ومن تبعه في ترك الجلوس قبل الإتيان بالسجود عملاً بالقول المعتمد عند المالكية وغيرهم من البطلان في هذه الحالة، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 50974، والفتوى رقم: 46939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(11/6570)
حكم المأموم الذي لم يسجد للتلاوة مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
عند قراءة القرآن في الصلاة سجد الإمام سجود التلاوة ولكن الكثير من المصلين ركعوا. ما هو الواجب عليهم بعد أن أتم الإمام قراءة القرآن وركع؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على المأمومين اتباع الإمام في سجدة التلاوة ومن لم يتبعه عمدا بطلت صلاته عند بعض أهل العلم، ومن لم يتمكن من سجدة التلاوة مع الإمام لعذر لم تبطل صلاته ولا يطالب بسجود التلاوة إذا فاته مع الإمام وإنما تجب متابعة الإمام في بقية الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو حال المأمومين من أحد احتمالين:
أولهما: أن يكونوا تعمدوا مخالفة الإمام فذهبوا للركوع بدل اتباع إمامهم في سجود التلاوة ففي هذه الحالة تبطل صلاتهم لسببين أحدهما الإتيان بالركوع قبل الإمام عمدا، الثاني عدم اتباعهم للإمام في سجود التلاوة على القول بوجوب اتباعه في ذلك كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 15548.
الاحتمال الثاني: أن يكونوا فعلوا ذلك سهوا أوظنا منهم أن الإمام يريد الركوع فركعوا ثم رفع الإمام من السجدة وفي هذه الحالة لا شيء عليهم وعليهم أن يركعوا مع الإمام إذا ركع ويتابعوه في بقية صلاتهم لأنهم معذورون ولا سجود عليهم، ولا يشرع لهم سجود التلاوة بعد انتهاء الإمام منه.
قال النووي في المجموع بعد أن ذكر وجوب متابعة الإمام في سجود التلاوة: وإذا سجد الإمام لزم المأموم السجود معه , فإن لم يسجد بطلت صلاته بلا خلاف لتخلفه عن الإمام , ولو لم يسجد الإمام لم يسجد المأموم , فإن خالف وسجد بطلت صلاته بلا خلاف, ويستحب أن يسجد بعد سلامه ليتداركها ولا يتأكد ولو سجد الإمام ولم يعلم المأموم حتى رفع الإمام رأسه من السجود لا تبطل صلاة المأموم ; لأنه تخلف بعذر, ولكن لا يسجد, فلو علم والإمام بعد في السجود لزمه السجود, ولو هوى المأموم ليسجد معه فرفع الإمام وهو في الهوي رجع معه ولم يسجد, وكذا الضعيف البطيء الحركة الذي هوى مع الإمام لسجود التلاوة فرفع الإمام رأسه قبل انتهائه إلى الأرض لا يسجد بل يرجع معه بخلاف سجود نفس الصلاة فإنه لا بد أن يأتي به, وإن رفع الإمام; لأنه فرض. انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(11/6571)
السجود على موضع خشن ليظهر أثره على وجهه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إن تعمدت أن أجعل مكان السجود عندي في المصلى خشنا ليظهر موضع السجود في وجهي لأحصل على وصف الله تعالى للمؤمنين بسيماهم في وجوههم من أثر السجود فهل هذا يعد رياء أم أنه لا حرج في قصد ذلك بنية الحصول على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أثر السجود في الوجه ليس هو الوصف الذي وصف الله تعالى به عباده المتقين في قوله: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ {الفتح:29} ، ومن تعمد السجود على موضع خشن ليبقى أثر السجود في وجهه ويوصف بكثرة السجود فهذا من الرياء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصف الله تعالى لعباده المتقين بوجود أثر السجود في وجوههم ليس معناه الأثر الذي قد يظهر في الوجه بسبب خشونة موضع السجود، قال الإمام ابن كثير في تفسيره: وقوله: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: سيماهم في وجوههم يعني: السمت الحسن. وقال مجاهد وغير واحد: يعني: الخشوع والتواضع.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة (5) ، عن منصور عن مجاهد: سيماهم في وجوههم من أثر السجود قال: الخشوع، قلت: ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه، فقال: ربما كان بين عيني من هو أقسى قلباً من فرعون.
وقال السدي: الصلاة تحسن وجوههم، وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار.
وقد أسنده ابن ماجه في سننه عن إسماعيل بن محمد الطلحي، عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. والصحيح أنه موقوف، وقال بعضهم: إن للحسنة نوراً في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس. وقال أمير المؤمنين عثمان: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه. انتهى.
وعليه فلا يشرع لك تعمد السجود على موضع خشن ليبقى أثر السجود في وجهك فليس هذا هو المقصود في الآية التي ذكرتها، وإذا قصدت بهذا الفعل بقاء أثر السجود وأن توصف بكونك كثير السجود والصلاة فهذا داخل في تعريف الرياء وهو محرم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(11/6572)
حكم الصلاة مع وجود حائل بين الجبهة وموضع السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا حال شعري بسبب طوله بين جبهتي وبين موضع السجود لا تقبل صلاتي، وما حكم صلاتي عندئذ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
السجود على شعر الرأس لا يؤثر على صحة الصلاة في قول أكثر العلماء ويرى الشافعية أنه مبطل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود على شعر الرأس واليد والكم والذيل وكور العمامة لا يؤثر على صحة الصلاة عند جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: ولا تجب مباشرة المصلي بشيء من هذه الأعضاء، قال القاضي: إذا سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله فالصلاة صحيحة رواية واحدة، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة. انتهى.
وفي المذهب الشافعي لا يصح السجود على ما ذكر وهو من مبطلات الصلاة عندهم، قال النووي في المجموع: فرع في مذاهب العلماء في السجود على كمه وذيله ويده وكور عمامته وغير ذلك مما هو متصل به، قد ذكرنا أن مذهبنا: أنه لا يصح سجوده على شيء من ذلك، وبه قال داود وأحمد في رواية، وقال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وإسحاق وأحمد، في الرواية الأخرى: يصح، قال صاحب التهذيب: وبه قال أكثر العلماء. انتهى.
وقال في التجريد في الفقه الشافعي، بعد أن ذكر صحة السجود على الشعر النابت على الجبهة: بخلاف الشعر النازل من الرأس فلا يكفي السجود عليه. انتهى.
ومن هذا يعلم صحة صلاة من سجد على شعر رأسه عند الجمهور خلافاً للمذهب الشافعي، وينبغي تجنب ذلك حسب الإمكان لأجل الخروج من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1428(11/6573)
استحباب إطالة السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[أصادف امرأة بالمسجد كل يوم بعد الانتهاء من صلاة المغرب فتأخذ القرآن بيدها تصلي وتقرأ سورا منه ثم تبقى واقفة لمدة ليست بقليلة وتقرأ من القرآن الذي تمسكه بيدها وبعد ذلك أراها تسجد سجدة طويلة جدا وتحت بطنها توجد مسبحة طويلة يمكن أن يكون طولها مترا فماذا يعني هذا دخلت مرة المسجد ولما وجدت نفسي وحدي معها وهي أخذت مكانا آخر المسجد خفت منها وغادرت المسجد
فما هي هذه الصلاة؟ وهل يحق لي أن أغادر المسجد لما تكون هي تقوم بصلاتها هذه.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الوقت من أوقات صلاة النافلة وقراءة المتنفل من المصحف لا حرج فيها كما لا حرج في إطالة السجود، وعليه، فلا نستطيع أن نقول إلا أن ما تقوم به هذه المرأة نافلة عادية ليس فيها ما يدعو إلى استنكارها أو الانزعاج منها ومغادرة المسجد من أجلها، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1722، والفتوى رقم: 609، والفتوى رقم: 45972، والفتوى رقم: 27572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(11/6574)
آداب الدعاء لاتستحب في غير دعاء السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[لأنني حريص كل الحرص على الدعاء في السجود فأنا لا أتوانى في الإتيان بكل أركان الدعاء من الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد والثناء على الله جل وعلا، لكن المشكل هو أن الوقت لا يكفيني والإمام يكبر للرفع من السجود، فهل يجب الإتيان بكل أركان الدعاء خلال السجود أم الدعاء مباشرة؟ وجزاكم الله كل خير وجعلكم سراجا منيراً لهذه الأمة بإذنه عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعلوم أن من آداب الدعاء أن يبتدئ الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع يديه إلى السماء ثم يدعو على الحالة المعروفة، وذلك من أسباب إجابة الدعاء، لكن الظاهر أن هذا في غير دعاء السجود كما يدل على ذلك كلام أهل العلم، قال الشافعي في الأم في باب الذكر في السجود بعد أن ذكر حديث أبي هريرة وفيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد قال: اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين. وحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا إني نهيت أن أقرأ راكعاً وساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم، قال: وأحب أن يبدأ الرجل في السجود بأن يقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً، ثم يقول ما حكيت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوله في سجوده ويجتهد في الدعاء فيه رجاء الإجابة ما لم يكن إماماً فيثقل على من خلفه أو مأموماً فيخالف إمامه. انتهى.
فكلام الشافعي هذا يدل على أن الدعاء في السجود يبدأ بالتسبيح وبما ورد من الذكر ثم الدعاء، بل إن بعض فقهاء الأحناف اعتبر الإتيان بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود من الإتيان بالذكر في غير محله ويسجد للسهو بسببه، قال الزيلعي في تبين الحقائق في الفقه الحنفي: وعن محمد: أستقبح إذ أوجب سجود السهو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قلت قد: أوجب سجود السهود بقراءة القرآن في الركوع والسجود لكونها في غير محلها فكذا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكونها في غير محلها. انتهى.
وعلى هذا فينبغي للأخ السائل أن يدعو بما تيسر له من الدعاء ولا يتأخر وراء الإمام لأجل الدعاء وقتاً طويلاً لئلا يتخلف عن الإمام ويدع عنه ما عدا ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/6575)
النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[اثنتي عشرة ركعة تصليهن في ليل أو نهار تتشهد بين كل ركعتين، فاذا تشهدت في آخر صلاتك قم بالثناء على الله عز وجل وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب. رواه الحاكم عن ابن مسعود، فهل تجوز قراءة القرآن في السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3586 بيان كون الحديث الذي أشرت إليه موضوعاً مع التنبيه على النهي عن قراءة القرآن أثناء السجود أو الركوع، وهذا النهي يفيد الكراهة، ففي شرح النووي لصحيح مسلم: فيه النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، وإنما وظيفة الركوع التسبيح، ووظيفة السجود التسبيح والدعاء، فلو قرأ في ركوع أو سجود غير الفاتحة كره ولم تبطل صلاته، وإن قرأ الفاتحة ففيه وجهان لأصحابنا أصحهما: أنه كغير الفاتحة فيكره ولا تبطل صلاته. والثاني: يحرم وتبطل صلاته، هذا إذا كان عمداً فإن قرأ سهواً لم يكره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(11/6576)
لا بأس بالجمع بين الأدعية المأثورة وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل: قول الأدعية التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام في السجود أم الدعاء بما طاب لي لأن العبد يكون قريبا من الله. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن تأتي في السجود بالأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو أتيت بها وزدت عليها غيرها فحسن، ولو أتيت ببعض الوارد وغيره فجائز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/6577)
السجود على السجاد والموكيت
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض السجاد المخصص للصلاة به نقوش مرسومة بخيوط النسيج وأطرافها خالية من النسيج حتى أنها ملتصقة بالأرض كالبساط، فهل لتفاوت السمك أثر على وصول الأعضاء إلى الأرض، وكما أن هناك بعض النقوش في الموكيت ترسم على السجادة نفسها، ثم تقطع ويلصق نفس النقش بلون آخر إلا أن حدوده ذات انحدار، وعند الصلاة عليه أحس بأنه كأنه حفرة واضحة، مثلاً لو وضعت أصبعي فإن هذا الحفر لا يجعل الجزء الذي فوقه يصل إلى الأرض، فما هو حكم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التفاوت المذكور في نسج السجاد والموكيت لا يؤثر على صحة السجود عليها، لأنه مكان تستقر فيه الأعضاء على ما اتصل بالأرض، وقد نص أهل العلم على أنه لا بأس بالصلاة على الطنافس والبسط المعمولة من الصوف والشعر والوبر وغير ذلك من الطاهرات، وهذه المنسوجات لا تخلو من تفاوت في النسج، قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالصلاة على الحصير والبسط من الصوف والشعر والوبر، والثياب من القطن والكتان وسائر الطاهرات، وصلى عمر على عبقري وابن عباس على طنفسة وزيد بن ثابت وجابر على حصير وعلي وابن عباس وابن مسعود وأنس على المنسوج، وهو قول عوام أهل العلم. انتهى.
وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8236، والفتوى رقم: 56201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(11/6578)
القدر المجزئ من السجود وما تدرك به الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتفاع أصبع من الأصابع عن الأرض أثناء السجود يبطل الصلاة أو ارتفاع الأنف وعدم ملاصقته للأرض وأن كان لمدة لا تقل عن ثانية خاصة إن كنت قد أدركت ركعة قبل خروج الوقت فهذا يعني أن الإعادة ستخرج الصلاة من وقتها، وهل الارتفاع من السجدة الثانية في الركعة الأولي يعني أني أدركت ركعة قبل خروج الوقت أم علي البدء في قراءة الفاتحة للركعة الثانية حتى أكون قد أدركعت ركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يسجد المصلي على سبعة أعضاء لقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده إلى أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين. متفق عليه من حديث ابن عباس، وعلى هذا اتفق العلماء، إلا أنهم اختلفوا هل وضعها كلها شرط لصحة السجود أم لا؟ والراجح أنه لا بد من وضع الأعضاء السبعة كلها بقدر أقل الطمأنينة، وهو قول سبحان الله، ويجزئ وضع جزء من كل عضو، والمعتبر من أعضاء الوجه هو الجبهة لا الأنف، فلو وضع الأنف وحده لم يجزئ.
أما لو وضع من كل يد ورجل أصبعاً واحدة كفى، وعليه فإذا وضع جميع أعضائه أو بعضاً من كل عضو بقدر سبحان الله ثم رفع واحداً منها قبل الباقي حال السجود ثم ردها أو لم يردها فلا حرج عليه وسجوده صحيح.
وأما إدراك الركعة من الصلاة فهو فعل ركعة منفرداً قبل خروج الوقت أو إدراك الركوع مع الإمام والاطمئنان معه بقدر سبحان الله في الركوع ثم الإتيان ببقية الركعة، وتتم الركعة برفع الرأس من السجدة الثانية، وإن لم يصل المصلي إلى حد تجزئ فيه القراءة كما في حاشية الجمل على فتح الوهاب لزكريا الأنصاري الشافعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/6579)
يستحب ضم أصابع اليدين في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب ضم أصابع الأيدي عند السجود؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضم أصابع اليدين في السجود سنة وليس بواجب، قال الإمام النووي رحمه الله: والسنة أن يضم أصابع يديه ويبسطها إلى جهة القبلة. وقال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: يستحب ضم أصابع يديه في السجود. قال الإمام أحمد: ويوجههما نحو القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(11/6580)
مناقشة من زعم عدم جواز الصلاة والسجود على البسط والزرابي
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل:
بعد مطالعتي لجوابكم، وجدت بعض الإشكالات في جواب سماحتكم ألخصها كالتالي:
قلتم:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أكثر الفقهاء جوّزوا الصلاة والسجود على البسط والزرابي، وما يُعرف اليوم بالسجاد، ومن الذين جوزوا ذلك الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم. مستدلين بما رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي معترضة فيما بينه وبين القبلة،
على فراش أهله، اعتراض الجنازة.
أقول:
1- مم كان مصلى رسول صلى الله عليه وسلم مفروش؟ لم يتم بيان ذلك في الحديث. وأما الأحاديث
التي روت الفراش أشارت صراحة إلى أن السيدة عائشة هي التي كانت مضطجعة على
الفراش ولا تدل من قريب أو بعيد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي عليه أو يمكن
جبهته عليه أثناء السجود، فإن ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد صلى على الفراش فهذا لا
يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مكن جبهته على الفراش، وإن كانت السيدة عائشة معترضة
ومضطجعة فهي لم تكن أمام الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة بطولها من قمة رأسها إلى
أخمص قدمها، بل كانت مادة رجلها فقط إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا ما دلت عليه
الأحاديث عندما كانت تقبض رجليها.
2- الأحاديث التي بها لفظ فراش، من رواتها عروة بن الزبير والذي توفي عام 94
للهجرة أي أنه لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم قط، فكيف له أن يروي عن عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
إذن فالرواية ساقطة أساسا ولا يصح الاستدلال بها أو إيرادها.
3- الروايات التي أوردتموها لا تدعو أو تدل أو تحض بالسجود على الفرش أو غير
الأرض، بل يقابلها أحاديث تؤكد وتحض بالسجود على الأرض وتمنع السجود على الفرش
ومثال ذلك:
* روى عبد الرزاق عن خالد الجهني قال: رأى النبي صهيباً يسجد كأنّه يتقي
التراب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ترب وجهك يا صهيب ... كنز العمال 4 / 100 الرقم
2129.
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: عفّر وجهك في التراب.... إرشاد الساري 1 /
405
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سجدت فمكّن جبهتك وأنفك من الأرض.... أحكام
القرآن / الجصّاص 3 / 209
* عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فآخذ
قبضة من حصى في كفّي لتبرد حتى أسجد عليها من شدّة الحر ... مسند أحمد 2 / 327،
سنن النسائي 2 / 204، سنن أبي داود 1 / 110
* يقول وائل: \" رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله يضع أنفه على الأرض
إذا سجد، مع جبهته \".... مسند أحمد بن حنبل: 3 / 179، طبعة بيروت
* أبو سعيد الخدري قال: أبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أنفه
أثر الماء والطين.... صحيح البخاري: 1/173، 198، 2/253، 254، 256، 258، 259،
سنن أبي داود: 1/143، 144، السنن الكبرى: 2/104
* ابن عباس، وانس، وبريدة بإسناد صحيح مرفوعاً: ثلاثة من الجفاء: يمسح جبهته
قبل أن يفرغ من صلاته وفي لفظ واثلة بن الأسقع: لا يمسح الرجل جبهته من التراب
حتى يفرغ من الصلاة.... أخرجه البزار والطبراني راجع مجمع الزوائد: 83، 84
* أبو عبيدة: أن ابن مسعود كان لا يصلي أو لا يسجد إلا على الأرض. ... أخرجه
الطبراني في الكبير وعنه في المجمع: 2/57
قلتم:
وروى أحمد وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم
صلى على بساط.
وروى أحمد وأبو داود عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قوله: كان النبي صلى الله
عليه وسلم يصلي على الحصير، وعلى الفروة المدبوغة.
أقول:
1- أما بخصوص الحصير فهو جائز لأنه من الأدلة على أن السجود لا يتم إلا على
الأرض وما تنبته الأرض من غير المأكول، والحصير غير مأكول مما يفيد بإطلاق
السجود على ما نبت من الأرض من غير المأكول، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم سجد على ما يؤكل،
وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وتقريره حجة.
2- الحديث لم يشر بأي وجه من الأوجه أن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع جبهته ومكنها على الفرو
المدبوغ، بل أشار صراحة إلى الصلاة على الفرو المدبوغ لا على تمكين الجبهة
عليه، وينفي أيضا مسألة تمكين الجبهة من السجود على الفرو المدبوغ الروايات
التي أسلفتها مسبقا.
3- أيضا نقول هنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على البساط، ولم يبين الحديث ما تنفيه الأحاديث التي أوردت مسبقا من
تمكين الجبهة على الأرض، والبساط ليس بأرض، وبيان آخر هو أن معنى البساط هو كل
ما يفرش ويبسط على الأرض، فسؤالها هو ما هي مادة هذا البساط الوارد في الحديث؟
4- الرواية ضعيفة سندا ولا يعتد بها، وذلك لوجود يونس بن الحارث الذي قيل عنه: قال أحمد: أحاديثه مضطربة. وقال عبد الله بن أحمد: سألته عنه مرّة أُخرى، فضعّفه ابن الحارث الذي قيل عنه: قال أحمد: أحاديثه مضطربة. وقال عبد الله بن أحمد: سألته عنه مرة أخرى فضعفه. وعن ابن عباس: ضعفه. وقال مرة: ليس بالقوي. وقال ابن أبي شيبة: سألت ابن معين عنه فقال: كنا نضعفه ضعفاً شديداً. وقال عبيد الله بن سعيد الثقفي الكوفي: قال أبو حاتم في \" الجرح والتعديل \" لابنه: هو مجهول وقال ابن حجر: حديثه عن 45 رقم 8185.....الجرح والتعديل 5 / 316 ـ 317 رقم 1505........ تهذيب التهذيب 5 / 379 ـ 380 رقم 4427. حديث ميمونة رضي الله عنها قولها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة. وروى مثله مسلم وغيره عن من سعف النخل، وتنسج بالسيور والخيوط. أقول: الخمرة جاء في (لسان العرب) : الخمرة: حصيرة أو سجادة صغيرة خمرة لأنها تستر الوجه من الأرض........ (اللسان) مادة (خمر) ص 1261........ فهذا تصريح ودليل على أن السجود لا يدل على جواز السجود على ما تنبت الأرض من المأكول والملبوس، والحصير لا يؤكل ولا يلبس. صحابته رضي الله عنهم معه، ومن بعده وتابعيهم رحمهم الله تعالى، كانوا يصلون ويسجدون على الأرض، لا يتخذ أحدهم من أحدهم على الصلاة على أمثالها، بل كانوا يتحرون الصلاة والسجود على الأرض، وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز بسط سجادة، فأمر الإمام مالك بحبسه، فقيل له: إنه عبد الرحمن بن مهدي، فقال: أما علمت أن بسط السجادة في مسجدنا على الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل أو قول أو تقرير.؟ فهذا تصريح بعدم جواز السجود على غير ما يطلق عليه الأرض وما تنبته من غير....
قلتم: وقد روى البخاري ومسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت اثر الطين على جبهته. أقول: وهذا يدل على............... قلتم: كالمسجد في أيامنا هذه وكثير من البيوت، فإنه يصلى على الفرش، أو البساط دون حرج، وإذا احتيج لفرش سجادة أو زربية فرشها ويصلي عليها، لكن أن يتحرى فرش سجادة أو زربية بعينها يصلي عليها، أو أن يفرش سجادة على بساط مفروش مثله مكروه، لا ينبغي فعله. أقول: وما هو دليل ذلك؟ بل ما أوردناه في بياننا مسبقاً أنه لا توجد أية إشارة من بعيد أو قريب بتجويز أو فعل أو قول أو تقرير الرسول بالسجود على غير الأرض ومشتقاتها مما يؤكل أو يلبس؟ كما تجدونه في الرد على الروايات التي أوردتموها. .
قلتم وإن الصلاة على الأرض أولى وأفضل وأقرب للخضوع لله تعالى، وللخشوع، وكما ذكرت، فإن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر هذه المسألة بتفصيل في مجموع فتاواه في الجزء الثاني من كتاب الفقه المجلد 22 والله أعلم، أقول لا جديد يرويه ابن تيمية عما أسلفتم؟ .... ... ... وعليه نرجو من سماحتكم الإفاضة علينا بجوابكم الكريم وأحسن الله لنا ولكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول: قد ذكرنا الأحاديث الصحيحة الدالة على جواز السجود على الفراش ونحوه مما يوضع على الأرض، وهذا مما حصل عليه الاتفاق بين أهل العلم، وإنما اختلفوا في جواز السجود على ما يتحرك بحركة المصلي مما هو محمول له، فأجازه الجمهور ومنعه الشافعية.
وأما القول بأنه لا يجوز السجود إلا على الأرض أو ما هو نابت منها من غير المأكول والملبوس فلا دليل عليه ولا قائل به من العلماء المعتبرين، ولا بد أن نقول هنا بأن السلف أعلم منا وأفهم لأدلة الكتاب والسنة وأحرص على العمل بهما، فلانأت بقول لم نسبق إليه، فقد قال أحمد لأحد تلاميذه: إياك أن تقول قولاً ليس لك فيه سلف، وهو محمول على ما تكلموا فيه لا ما استجد من المسائل كما نص عليه الأسنوي، ولا يصح رد الأحاديث الصحيحة التي استدلوا بها على جواز السجود على الفرش دون أن يكون القائم بذلك أهلا للكلام.
ثم إن قولك أخي الكريم الأحاديث التي بها لفظ فراش، من رواتها عروة بن الزبير والذي توفي عام 94 للهجرة أي أنه لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم قط، فكيف له أن يروي عن عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ إذن فالرواية ساقطة أساساً ولايصح الاستدلال بها أو إيرادها. أهـ
قول خاطئ تماماً فقد قررت فيه عدم صحة رواية عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لأنه لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم. ونقول: متى كان شرطاً في التابعي أن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم لتصح روايته عن الصحابي، ولو قلنا بذلك لم يصح حديث، وهذا من أبطل الباطل، وإذا بطل ذلك فالرواية التي استندنا إليها في صحة السجود على الفرش صحيحة، ووجه الدلالة أن عائشة رضي الله عنها كانت معترضة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما توضع الجنازة أمام المصلي، فإذا سجد غمز رجلها لترفعها فيسجد، وهذا يدل دلالة واضحة على أن سجوده كان على الفراش في المكان الذي كانت عليه رجلاها، ولو قدر أنه ليس هناك دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على فرش أو أقر السجود عليه أو صرح بجواز ذلك فليس هناك دليل يمنع من ذلك ويبطل صلاة من سجد على فرش، وغاية ما في الأحاديث المذكورة أن السجود على الأرض أفضل، ولما كان مركز الفتوى في الشبكة الإسلامية منشغلاً بإسعاف المستفتين ببيان ما يحتاجون إليه معتمداً في ذلك على الأدلة الشرعية ومستنيراً بفهم الأئمة لها، فإننا نورد لك نقلاً واحداً ونكتفي به عن مناقشة كل ما ورد في سؤالك من الأحاديث من حيث الصحة وصواب الدلالة لأن ذلك يطول.
ففي تحفة الأحوذي: قال ابن بطال: لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخمرة إلا ما روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بتراب فيوضع على الخمرة فيسجد عليه، ولعله كان يفعله على جهة المبالغة في التواضع والخشوع فلا يكون فيه مخالفة للجماعة. وقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير أنه كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض، وكذا روي عن غير عروة، ويحتمل أن يحمل على كراهة التنزيه. كذا في الفتح ص 243 ج 1. وقال الشوكاني في النيل: والحديث يدل على أنه لا بأس بالصلاة على السجادة سواء كان من الخرق أو الخوص أو غير ذلك، سواء كانت صغيرة أو كانت كبيرة كالحصير والبساط؛ لما ثبت من صلاته صلى الله عليه وسلم على الحصير والبساط والفروة. وقد أخرج أحمد في مسنده من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأفلح: يا أفلح ترب وجهك أي في سجوده. قال العراقي: والجواب عنه أنه لم يأمره أن يصلي على التراب وإنما أراد به تمكين الجبهة من الأرض، وكأنه رآه يصلي ولا يمكن جبهته من الأرض فأمره بذلك لا أنه رآه يصلي على شيء يستره من الأرض فأمره بنزعه. انتهى. قوله: وفي الباب عن أم حبيبة وابن عمر وأم سلمة وعائشة وميمونة وأم كلثوم بنت أبي سلمة بن عبد الأسد ولم تسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما حديث أم حبيبة فأخرجه الطبراني. وأما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط وأحمد والبزار. وأما حديث أم سلمة فأخرجه الطبراني. وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم وأبو داود. وأما حديث ميمونة فأخرجه الجماعة إلا الترمذي. وأما حديث أم كلثوم فأخرجه ابن أبي شيبة كذا في النيل. قوله (حديث ابن عباس حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث ميمونة (وبه يقول بعض أهل العلم) قال الشوكاني في النيل: قد ذهب إلى أنه لا بأس بالصلاة على الخمرة الجمهور: قال الترمذي: وبه يقول بعض أهل العلم، وقد نسبه العراقي إلى الجمهور. انتهى
فحديث (ترب وجهك ... ) لا دلالة فيه إلى ما تريد أن تصل إليه، بل لو أخذ به على ظاهره لما صح السجود إلا على التراب لا على الصلب من الأرض كالحصى ونحوها.
وفيما ذكرنا كفاية للجمع بين الأحاديث التي أوردتها في سؤالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/6581)
جواز السجود على الأرض والحصير والسجاد وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر لي أن هناك حديثا في في صحيح البخاري أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي إلا على التراب أو شيء من الأرض أو يأخذ قطعة قماش ويقول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تضعها في التراب ثم يضعها فيصلي عليها.... ومن ذكر لي هذا الحديث هو شخص يسأل هل هذا موجود في صحيح البخاري أم لا؟
وزودني بشيء من أساليب الدعوة المؤثرة في الرجال والنساء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في صحيح البخاري ما أشرت إليه من كونه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي إلا على التراب ... إلخ ما ذكرت في السؤال، وغاية ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان بالمسجد معتكفاً فطلب من عائشة رضي الله عنها أن تناوله (الخمرة) وذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: يا عائشة ناوليني الثوب فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك.
وفي رواية: ناوليني الخمرة. والخمرة هي السجادة كما قال الخطابي وفي الديباج هي ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير وغيره.
وقد بينا في الفتوى رقم: 60558 جواز السجود على الحصير وكور العمامة وطرف الثوب والقماش والأرض وغيره.
أما تخصيص الجبهة بذلك دون الأنف وسائر الوجه كما يفعله بعض الناس فقد نص أهل العلم على كراهته، قال ابن مفلح في الفروع: ويكره أن يخص جبهته بما يسجد عليه. وكذلك البهوتي في كشاف القناع وغيره. وذلك لأن تخصيص الجبهة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن سلف الأمة، والذي ورد إنما هو وضع الخمرة تحت الوجه كاملاً وكذلك طرف الثوب والحصير وغيره، كما في المصنف لابن أبي شيبة.
وأما كيفية الدعوة إلى الله والأساليب المؤثرة في ذلك، فقد ذكرناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5197، 21186، 5202 ,.
كما بينا شروط وآداب وضوابط دعوة الرجل للمرأة في الفتوى رقم: 8657، ونرجو مراجعة ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(11/6582)
الفرق بين الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين السجود والركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالركوع ورد تعريفه وحكمه مفصلا في كلام أهل العلم. قال في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي:
والمجزئ في الركوع انحناؤه بحيث يمكن من كان وسطا في الخلقة مس ركبتيه بكفيه نصا لأنه لا يسمى ركوعا بدونه ولا يخرج عن حد القيام لركوع إلا به أي بالمس أو قدره أي قدر هذا الانحناء من غير وسط كطويل اليدين وقصيرهما فينحني حتى يكون بحيث لو كان من أوساط الناس لأمكنه مس ركبتيه بيديه. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي متحدثا عن أركان الصلاة: سابعها الركوع وهو لغة انحناء الظهر، وأما شرعا فأقله الذي لا يسمى ركوعا إلا به كما قال ابن شعبان انحناء مع وضع يديه على آخر فخذيه بحيث تقرب بطنا كفيه من ركبتيه فلو قصرتا لم يزد على تسوية ظهره. انتهى.
والسجود هو مباشرة الأرض ونحوها بالأعضاء السبعة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 59402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(11/6583)
الحكمة من مشروعية تكرار السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا المسلم يسجد سجتين ويركع مرة واحدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرض الله الصلاة على عباده هكذا، فعلمها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري، وقد ذكر البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع في الفقه الحنبلي العلة في ذلك فقال: وإنما شرع تكرار السجود في كل ركعة دون غيره لأن السجود أبلغ ما يكون في التواضع، لأن المصلي لما ترقى في الخدمة بأن قام ثم ركع ثم سجد فقد أتى بغاية الخدمة، ثم أذن له في الجلوس في خدمة المعبود فسجد ثانيا شكرا على اختصاصه بالخدمة وعلى استخلاصه من غواية الشيطان إلى عبادة الرحمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(11/6584)
سر كون السجود مرتين وعلى الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد المنتديات قرأت هذين الموضوعين وأردت التأكد من صحتهما، الموضوع الأول سأل رجل الإمام عليا (رضي الله عنه) : لماذا نسجد مرتين، ولماذا لا نسجد مرة واحدة كما نركع مرة واحدة، قال رضي الله عنه: من الواضح أن السجود فيه خضوع وخشوع أكثر من الركوع، ففي السجود يضع الإنسان أعز أعضائه وأكرمها (أفضل أعضاء الإنسان رأسه لأن فيه عقله، وأفضل ما في الرأس الجبهة) على أحقر شيء وهو التراب كرمز للعبودية لله، وتواضعاَ وخضوعاً له تعالى، سأل: لماذا نسجد مرتين مع كل ركعة، وما هي الصفة التي في التراب؟ فقرأ أمير المؤمنين رضي الله عنه الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى) صدق الله العظيم، أول ما تسجد وترفع رأسك يعني (منها خلقناكم) وجسدنا كله أصله من التراب وكل وجودنا من التراب، وعندما تسجد ثانية تتذكر أنك ستموت وتعود إلى التراب وترفع رأسك فتتذكر انك ستبعث من التراب مرة أخرى.
الموضوع الثاني الدرجة الأولى: (مصل مقرب) : صلاته كاملة كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلوا كما رأيتموني أصلي. الدرجه الثانية: (مصل مفلح) : قال تعالى: \"قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون\" وهو خشوع القلب وخضوع الجوارح، الدرجه الثالثة: (مصل مأجور) : يجاهد الشيطان في صلاته وهذا المجاهدة توصله إلى درجه المفلح، قال تعالى: \"والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا\"، الدرجة الرابعة: (مصل محروم) : (رب مصل ليس له من صلاته إلا التعب) ، هو الذي جسده في المسجد وقلبه خارج المسجد، لأن الصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح، الدرجة الخامسة: (مصل معاقب) : قال تعالى: \"فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون\" وهو الذي يسهو عن صلاته فلا يؤديها في وقتها وربما فاتته الصلاة، وإن كان الموضوع الثاني صحيحا فما الفرق بين الدرجة الأولى والثانية؟ وجزاكم الله خير الجزاء وجعل مثواكم الجنان إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبتيه إلى علي رضي الله عنه لم نقف عليه في أي مرجع من المراجع المتوفرة لدينا، لكن ننبه إلى أن الحكمة من تكرار السجود في الركعة الواحدة دون غيره ترجع إلى أن السجود أبلغ في التواضع من غيره، قال البهوتي في كشاف القناع: وإنما شرع تكرار السجود في كل ركعة دون غيره لأن السجود أبلغ ما يكون في التواضع لأن المصلي لما ترقى في الخدمة بأن قام ثم ركع ثم سجد فقد أتى بغاية الخدمة، ثم أذن له في الجلوس في خدمة المعبود فسجد ثانياً شكراً على اختصاصه إياه بالخدمة وعلى استخلاصه من غواية الشيطان إلى عبادة الرحمن. انتهى.
وكون السجود على التراب فيه مزيد للتواضع والعبودية لله تعالى، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: ولأن السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يداس ويمتهن. انتهى.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: والسجود غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة وهي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام، ولهذا كان أفضل من الركوع. انتهى.
والتقسيم الذي ذكرتيه للمصلين لم نقف على من ذكره حسب علمنا، فلا شك أن من أتى بالصلاة كاملة على طريقة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو قريب من رحمة الله تعالى، والحديث الذي ذكرت رواه البخاري وغيره من حديث مالك بن الحويرث حيث أوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وقومه عند سفرهم قائلاً: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أولاً احفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي.
ومن اتصف بالخشوع في صلاته فهو من المفلحين الفائزين عند الله تعالى، لقول الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:1-2} ، ومن يجاهد نفسه ليفوز بالخشوع في صلاته فهو مأجور على ذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال القرطبي في تفسيره لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا: وقال ابن عطية: فهي قبل الجهاد العرفي وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته. انتهى.
ومن أدى صلاته دون خشوع فقد سقط عنه وجوبها لأنه ليس شرطا في صحة الصلاة عند جمهور أهل العلم، كما سبق في الفتوى رقم: 53232.
وبالتالي فمن ليس في صلاته خشوع لا يوصف بأنه ليس له من صلاته إلا التعب، ومن يؤخر الصلاة عن وقتها لغير عذر شرعي فهو عاص لله تعالى ومعاقب على فعله هذا لما ثبت من الوعيد الشديد في حق من يضيع الصلاة أو يتهاون بها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 25784.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/6585)
السجود على الحصير وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن صحة الحديث الذي يقول بأن السجود لا يجوز إلا على الأشياء التي لا تؤكل ولا تلبس، وإذا كان هذا صحيحاً، فسجادة الصلاة بشكل عام مصنوعة من المواد نفسها التي تصنع منها الثياب، كالقماش والمخمل إلى آخره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه لا أصل له في كتب السنة التي اطلعنا عليها، وقد ثبت عن رسول الله أنه سجد على ثوبه وعلى الحصير وعلى الخمرة وعلى كور العمامة، فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لها ناوليني الخمرة، قالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك. رواه مسلم، قال في النهاية: الخمرة هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أونسيجة خوص ونحوه. انتهى.
وفي الصحيحين من حديث أنس: أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قوموا فلأصلي بكم، فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء فقام رسول الله واليتيم معي والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين. وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن أبي أوفى قال: رأيت رسول الله سجد على كور العمامة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالصلاة على الحصير والبسط من الصوف والشعر والوبر والثياب والقطن والكتان وسائر الطاهرات وصلى عمر على عبقري وابن عباس على طنفة وزيد بن ثابت وجابر على حصير وعلي وابن مسعود وأنس على المنسوج، وهو قول عوام أهل العلم. انتهى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 43983.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(11/6586)
صفة سجود النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[-كيفية سجود النبي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة سجوده أنه كان يسجد على سبعة أعضاء وهي الجبهة مع الأنف واليدان والركبتان وبطون الأصابع لقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين. متفق عليه عن ابن عباس. وكان يضع راحتيه على الأرض مبسوطتين مضمومتي الأصابع مستقبلا بهما القبلة ويضعهما حذو منكبيه أو يسجد بينهما ويرفع ذراعيه عن الأرض ولا يبسطهما، وكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد مكن أنفه وجبهته من الأرض، ونحى يديه عن جنبيه، كما رواه أبو داود والترمذي، وكان ينصب قدميه ويستقبل بأطراف أصابعهما القبلة ويرص عقبيه ويعتدل في سجوده أي يعتمد فيه اعتمادا متساويا على جميع أعضاء سجوده ويثبت حتى يطمئن كل عظم منه يقول سبحان ربي الأعلى ثلاث. وعن عائشة أنه كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح. وقال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس عند مسلم: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.
لمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 30083.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(11/6587)
جلسة الاستراحة محل اختلاف بين العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[لو كانت جلست الاستراحة من السنة لماذا لا يجلس الشيخ عبد الرحمن السديس أو أسامة الخياط هذه الجلسة في بيت الله الحرام أثناء الصلاة المنقولة على التلفاز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في جلسة الاستراحة هل هي سنة أم لا؟ فذهب الأكثر إلى عدم سنيتها، وذهب الشافعية وهو رواية عند الحنابلة إلى سنيتها، فلعل الشيخين - السديس والخياط - ممن يرون أنها ليست مسنونة. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 10649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(11/6588)
صفة وضع القدمين في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة ضم القدمين حال السجود علما بأن بعضهم يقول إن حديث عائشة شاذ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم أن من السنة ضم القدمين في الصلاة حال السجود، بدليل ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنه قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبان وهو يقول: اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
والحديث أيضا رواه أصحاب السنن، ولم نقف على من قال بشذوذه من أهل العلم، واستحب بعضهم التفريق بين القدمين في السجود. ففي المغني لابن قدامة: ويستحب أن يفرق بين ركبتيه ورجليه، لما روى أبو حميد قال: وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء. انتهى.
وحديث أبي حميد رواه أبو داود في السنن، والبيهقي في سننه، وقد ضعفه الشيخ الألباني.
وفي حاشيتي قليوبي وعميرة وهو شافعي: وفي الروضة: يستحب التفريق بين القدمين شبرا، ويقاس به التفريق بين الركبتين. انتهى.
وفي منح الجليل المالكي: تفريقهما خلاف المعتاد قلة وقار؛ كإقرانهما وإلصاقهما زيادة تنطع. انتهى.
لكن حديث عائشة المذكور قد يفيد ضم القدمين في السجود مع التفرقة بينهما قليلا، وبالتالي فلا منافاة بينه وبين استحباب التفرقة بينهما عند من قال ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(11/6589)
سجود المصلي قاعدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم -وفقكم الله- في الصحيح إذا صلى التطوع قاعداً كيف يسجد، هل يومئ به أو يضع جبهته على الأرض؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة النافلة من جلوس جائزة ولو مع القدرة على القيام، لكن المصلي هنا يحصل على نصف أجر القائم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50899.
والسجود في هذه الحالة يكون على الأعضاء السبعة المأمور بالسجود عليها في قوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب والشعر. متفق عليه.
والإيماء إنما يجزئ في حالة العجز عن السجود، كما في الفتوى رقم: 54090 وبالتالي فالسجود هنا مثل سجود الشخص القادر الذي يصلي قائماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(11/6590)
النزول على اليدين أم الركبتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اختلاف الشيخين الألباني والحويني في مسألة السجود، حيث يقول الأول إنه يكون أولاً باليد، والثاني بالركبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلاف في هذه المسألة قديم وكل من الشيخين المذكورين تابع لمن سبقه في ترجيح ما رجحه، وكل على خير لأن هذه المسألة من المسائل الفرعية التي تختلف فيها وجهات النظر، وقد فصلنا الكلام فيها في الفتوى رقم: 5982 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(11/6591)
حكم من سجد على أصبع واحدة من قدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن تلمس جميع أصابع القدم الأرض عند السجود كي يصبح صحيحاً أم يكفي واحدا فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المصلي السجود على الأعضاء السبعة امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين. متفق عليه واللفظ للبخاري.
ومن سجد على أصبع واحدة من قدمه فصلاته صحيحة، ففي مطالب أولى النهى للرحيباني: ويجزئ بعض كل عضو في السجود عليه، لأنه لم يقيد في الحديث في الكل. انتهى، وفي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي: ويكفيه وضع أصبع واحدة، فلو لم يضع الأصابع ورفع ظهر القدم، فإنه لا يجوز.
أما ترك السجود على القدم كله، فراجع حكمه في الفتويين التاليتين: 7884، 35672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/6592)
العاجز عن السجود يكفيه الإيماء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة لا أقدر على السجود في الصلاة وأصلي وأنا جالسة، فهل يجوز لي أن أسجد على شيء قريب مني كالمخدة مثلاً أو أسجد على مكتب أو أي شيء تلمسه جبهتي فإني أريد أن أشعر وأحس بالسجود فأفيدوني أفادكم الله، وأرجو ألا تتأخروا علي لأن هذا الأمر يحيرني ويقلقني جداً ونحن على مشارف الشهر الكريم فأريد أن أحس بحلاوة السجود وخاصة في هذا الشهر الكريم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت عاجزة عن السجود على الأرض فيكفيك الإيماء وهو الإشارة بالرأس إلى جهة السجود، ويكون الإيماء للسجود أخفض من الركوع، ولا يلزمك السجود على وسادة أو مكتب أو غيرهما، وراجعي الفتويين التاليتين: 13942، 4751.
فإذا أومأت للسجود، فقد قمت بما هو مطلوب منك شرعاً، فقد قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وقد كره بعض أهل العلم أن يسجد المؤمن في صلاته على شيء يرفعه، قال خليل: يعد مكروهات الصلاة: ورفع مأوم ما يسجد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(11/6593)
صفة صلاة العاجز عن السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيلا على هذا الموقع، والله يجزيكم خيرا، من فترة بعثت لكم سؤالا أني لا أستطيع أن أصلي وأنا واقفة، والآن الحمد لله أحسن بكثير من قبل أستطيع أن أقف وأنا أصلي ولكن عندما أسجد أشعر بألم في عظم الركبة ولا يرتاح قلبي وبالي إذا صليت وأنا جالسة وإذا صليت وأنا جالسة يأتيني الشيطان ويوسوس يقول صلاتك غير مقبولة، ماذا أفعل؟ وهل أستطيع أن أمسك القرآن وأقرأ منه وأنا أصلي؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فإذا كنت قادرة على القيام في الصلاة وكان الألم الذي تشعرين به حال السجود يمكن تحمله بحيث لا تترتب عليه مشقة فادحة فحينئذ يجب عليك القيام حال الصلاة والسجود على الأعضاء السبعة ما دمت قادرة على ذلك دون مشقة فادحة، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري وغيره.
أما إذا كان الألم المذكور تترتب عليه مشقة عظيمة بحيث يشق تحمله فإنك تصلين قائمة ثم تركعين وبعد الرفع من الركوع تجلسين على الأرض وتومئين إلى السجود من جلوس، فإن لم تستطيعي الجلوس على الأرض فبإمكانك أن تجلسي على كرسي أو نحوه، والإيماء هو الإشارة بالرأس إلى موضع السجود، ويكون هنا مشروعاً عند العجز عن السجود.
قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: فإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود. انتهى.
وفي الفواكه الدواني وهو مالكي: والحاصل أن العاجز عن الركوع والسجود يومئ لهما من قيام إن عجز عن الجلوس وإن قدر على الجلوس أومأ إلى الركوع من قيام وإلى السجود من جلوس. انتهى.
وننصحك بالإعراض عما يلقيه الشيطان في قلبك من وساوس فإن الشيطان لا يألو جهدا في إدخال الحزن إلى قلب المسلم، وراجعي الفتوى رقم: 8759، والفتوى رقم: 12333.
ولا حرج عليك في حمل المصحف أثناء الصلاة والقراءة فيه كما ذكرنا في الفتوى رقم: 26718.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/6594)
حكم التسبيح في السجود، وزيادة (وبحمده)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول (سبحان ربي الأعلى وبحمده) في السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسبيح في السجود وهو قول: سبحان ربي الأعلى وبحمده، أو سبحان ربي الأعلى، سنة عند جمهور أهل العلم، وواجب عند الحنابلة، فالأحوط أن لا يتركه المصلي. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 35317
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/6595)
كراهة السجود كهيئة انبساط الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى بعض المصلين أثناء الصلاه في وضع السجود يكون في وضع نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس منا من تشبه بالكلاب لكن أكبر مني في السن وأحرج أن أكلمهم فهل علي إثم إن لم أخبرهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب.
وانبساط الكلب في السجود هو: أن يلصق المصلي ذراعيه بالأرض -كما يفعل الكلب- وهو ساجد، وهذه الصفة مكروهة، وينبغي لك نصح من يفعلها، ولو كان أكبر منك سناً، ويكون نصحه برفق ولين، ولكن لو لم تنصحه فلا إثم عليك، لأن فعله هذا ليس بمنكر، وإنما هو مكروه كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/6596)
السجود ليس محلا لقراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة القرآن في السجود وذلك في صلاة التطوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الركوع والسجود ليسا محلا لقراءة القرآن، وقد ذكر العلماء كراهة ذلك، ولا فرق بين صلاة الفرض والتطوع إلا بقصد الدعاء، بأن دعا في السجود -مثلا- بآية دعاء من القرآن فلا بأس بذلك في التطوع وغيره، وقد سبق وأن بينا حكم القراءة في الركوع والسجود في الفتوى رقم: 23020، فلترجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/6597)
الهدي النبوي في جلسة الاستراحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو:- هل يجوز أن نجعل جلسة الاستراحة ملا زمة في كل صلاة؟
ومتى فعلها الرسول عليه الصلا ة والسلام؟ ومتى فعلها من عمره عليه السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق تفصيل كلام العلماء في جلسة الاستراحة في الفتوى رقم: 10649. وبناء على ثبوت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فإنه يجوز لك أن تجلس جلسة الاستراحة في كل صلاة، كما هو مذهب الشافعي وأكثر المحدثين، ويكون ذلك في الأوتار أي في القيام من الركعة الأولى من صلاتي المغرب والصبح، وفي القيام من الأولى والثالثة من الرباعية، وهذه الجلسة لم تكن مستحبة عند الأكثر من العلماء كما ذكر ابن حجر في فتح الباري.
وأما قولك متى فعلها النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإن كنت تعني في أي الركعات فقد بينا لك ذلك، وإن كنت تعني التاريخ الذي فعل فيه النبي صلى الله عليه وسلم جلسة الاستراحة فإننا لم نجد من تطرق لذلك، لكن الشيء الذي لا شك فيه هو أن النبي صلى الله عليه وسلم جلسها في صلاته أحيانا، وتركها في صلاته أحيانا أخرى.
ولم يثبت أيضا أنه فعلها في فترة من عمره دون غيرها. وقد رد ابن حجر على قول بعض القائلين بعدم استحبابها بأنه إنما فعلها صلى الله عليه وسلم عند كبره. قال في تحفة الأحوذي: وقال الحافظ ابن حجر في الدراية: هذا تأويل يحتاج إلى دليل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث لما أراد أن يفارقه: صلوا كما رأيتموني أصلي، ولم يفصل له، فالحديث حجة في الاقتداء به في ذلك. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 22570.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1425(11/6598)
يجوز الدعاء في السجود بالمأثور وغير المأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبق وأن أرسلت لكم بسؤال عن بعض الأدعية التي تعودت على ذكرها في السجود وما إذا كانت جائزة أم لا وقمتم جزاكم الله خيرا بإجابتي ولكن بتحويلي إلى فتاوى أخرى ولم أحصل من خلالها على الإجابة المطلوبه لذا أرجو منكم إجابتي تحديدا على الأدعية التالية:
1- رب اشرح لي صدري ويسر ...
2- اللهم وفقني لطاعتك
3- اللهم احفظ بنتي فلانة
4- اللهم اغفر لوالدي
5- اللهم اغفر لزوجتي وارحمها، اللهم أكرم نزلها
أرجو منكم أن تخصوني بفتوى مستقلة لأنني أكرر هذه الأدعية باستمرار وأكون قلقا من صحتها، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء في السجود مندوب لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، لقوله عليه الصلاة والسلام: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. رواه مسلم. ويجوز الدعاء فيه وفي غيره من المواطن التي يشرع فيها الدعاء في الصلاة بالدعاء المأثور سواء كان قرآناً؛ كقوله تعالى عن موسى عليه السلام: (رب اشرح لي صدري..) أو حديثاً نبوياً كقوله عليه الصلاة والسلام: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفرلي. متفق عليه.
ويجوز بغير المأثور كقولك: اللهم وفقني لطاعتك أو اللهم احفظ ابنتي وزوجتي ونحو ذلك مالم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، وعلى هذا جماهير أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/6599)
حكم ترك الجلوس بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل متابعة الإمام واجبة، إمامنا لا يأتي بسنة الجلوس بين السجدتين هل أخالفه وأجلس للحظة أم أتبعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجلوس بين السجدتين ركن واجب في الصلاة وليس بسنة؛ بدليل حديث المسيء صلاته، فقد قال له صلى الله عليه وسلم: ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. متفق عليه.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها حكاية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوى جالساً.
وعليه؛ فالجلوس بين السجدتين ركن واجب، تبطل الصلاة بتركه، ولا يشمله الأمر بمتابعة الإمام الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. متفق عليه، قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: متابعة الإمام واجبة في الأفعال الظاهرة إلى أن قال: ثم وجوب المتابعة ليس شيء منها شرطاً في صحة القدوة إلا تكبيرة الإحرام. انتهى.
ثم إن عليك نصح الإمام المذكور إن كان فعلاً يترك الجلوس بين السجدتين، ولا تصح الصلاة بمتابعته في ترك هذا الركن الواجب في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/6600)
حكم الإطالة في السجود الأخير من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإطالة في السجود الأخير من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود في الصلاة يعتبر من مواطن إجابة الدعاء التي ينبغي تحريها والاجتهاد في الدعاء فيها، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وفيه أيضاً: فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. ثم إن التطويل في السجود جائز عموماً لكن تخصيصه بالسجود الأخير أو غيره أمر غير وارد، فلو وقع مرة أو صدفة فلا بأس بذلك، ولا يداوم عليه، هذا إن كان المصلي منفرداً، أما إذا كان إماما فلا ينبغي أن يطول طولاً يتضرر به من خلفه؛ لما في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والمريض والضعيف، وإذا صلى وحده فليصل كيف شاء. قال النووي في هذا الحديث: الأمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يخل بسننها ومقاصدها، وأنه إذا صلى وحده طول ما شاء في الأركان التي تحتمل التطويل، وهي القيام والركوع والسجود والتشهد دون الاعتدال والجلوس بين السجدتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(11/6601)
حكم الدعاء في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[2- هل يجوز الدعاء في السجود (في الفرض أو النافلة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء في السجود جائز، وقد سبق في الفتوى رقم: 11546 فلتراجع.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/6602)
السجود محل للدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن يصلي منفردا الدعاء أثناء السجود في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السجود محل للدعاء، روى الإمام مسلم والنسائي وأبو داود والدارمي وأحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.....فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم.
ولا فرق في هذا بين من يصلي منفرداً وبين من يصلي في جماعة، ولا خلاف في ما ذكر إن كان موضوع الدعاء يتعلق بالآخرة، وأما الدعاء بملاذِّ الدنيا فرأى الأحناف والحنابلة أنه لا يجوز في الصلاة خلافاً لما عليه جمهور أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 19525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/6603)
وضع اليدين عند الهوي إلى السجدة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل من السنة عند النزول إلي السجود الثاني أن تقدم اليد اليمنى على اليسرى أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة تقديم اليدين معا اليمنى واليسرى في السجدة الثانية، والراجح أنهما تقدمان على الركبتين في السجدة الأولى أيضاً، وقد تقدم لنا ذكر الخلاف في الذي يقدم من اليدين أو الركبتين في السجود، فلك أن تراجعه مع أدلة كل فريق في الفتوى رقم: 5982.
ولم نجد من قال بتفاوت اليدين في السجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/6604)
مشروعية السجود في غير الصلاة لمقصد شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على الإجابات المفيدة والمقنعة.
هل يجوز أن أسجد للدعاء لطلب حاجة من غير صلاة، فأنا عند انتهاء الصلاة وبعد السلام أحب أن أدعو وأنا ساجدة؟
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص بعض أهل العلم على مشروعية السجود في غير الصلاة لمقصد شرعي، ومن ذلك الدعاء، ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد نقلنا كلامه في ذلك في الفتوى رقم: 34270.
وعلى هذا فلا حرج عليك إن شاء الله في السجود في غير الصلاة من أجل الدعاء، ولكن لا ينبغي أن تتخذي ذلك عادة، فإن فعلتيه أحياناً فلا بأس، واحرصي على الدعاء في سجود الصلاة، فهو أكمل وأفضل لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/6605)
حكم بسط الثوب للسجود عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة على شيء من ملابسها كسجودها على خمارها مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في السجود أن يكون مباشرة على الأرض أو فراش المصلي دون حائل زائد. لكن إذا حصلت للمصلي مشقة في ذلك لوجود حر أوبردٍ يُرخَّص له في بسط ثوبه للسجود عليه، بدليل ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنّا نُصَلّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِدّةِ الْحَرّ. فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ، بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ.
وقد ذكر ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، وهو يعد الفوائد المستفادة من الحديث، ذكر من ضمن هذه الفوائد فائدتين:
1- فيه دليل على جواز استعمال الثياب وغيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقائه بذلك حر الأرض وبردها.
2- فيه دليل على أن مباشرة ما باشر الأرض بالجبهة واليدين هو الأصل، فإنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة، وذلك يفهم منه أن الأصل والمعتاد عدم بسطه. انتهى
وراجعي الفتوى رقم: 18709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(11/6606)
شرط صحة السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إذا كنت في بيتك وجاء مطر فهل يجوز جمع الصلاة في البيت بعلة الجمع؟ أم لا تجوز إلا إذا كنت في المسجد فقط؟ وكذلك ما حكم الصلاة على الإسفنج أو الملابس المطرزة والملمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنما شرع جواز الجمع للمطر لتحصيل فضل الجماعة مع تفادي المشقة. ومتى انتفت أي من العلتين انتفى جواز الجمع. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 6854.
وأما عن سؤالك الثاني، فإن السجود على الإسفنج لا يصح إلاَّ إذا كان الإسفنج مندكًّا، لأن من شرط صحة السجود استقرار الجبهة على الأرض أو ما اتصل بها. والإسفنج لا يحصل ذلك معه دون الاندكاك. قال الدرديري: ويشترط استقرارها على ما يسجد عليه، فلا يصح على تبْنٍ أو قطنٍ، إلا إذا انْدكَّ. (1/240) .
وأما الملابس المطرزة والملمعة، فإن الصلاة تصح عليها مع الكراهة لكونها تشغل عن الصلاة. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 9403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/6607)
لأولى أن يكون التسبيح في الصلاة وترا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك عدد معين في تسبيح الركوع وتسبيح السجود؟ وهل يجب أن يكون العدد فرديا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب للمصلي إمامًا كان أو غيره أن يسبح الله تعالى في ركوعه وسجوده، لما روى مسلم في صحيحه عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. وعنه كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى. رواه أحمد ومسلم.
وعلى هذا فينبغي للمصلي ألا يهمل ذلك، والأولى أن يكون التسبيح وترًا لا شفعًا، نظرًا لتفضيل الوتر على الشفع في الشرع.
ولمعرفة الأدنى في التسبيح والأكمل نحيلك على الفتوى رقم: 19389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/6608)
حكم سجود من لم يضع قدميه على الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا سجد المصلي مع رفع قدميه عن الأرض هل تبطل الصلاة أم تكون صحيحة؟ وقوله صلى الله عليه وسلم أمرت بالسجود على سبعة أعظم هل الأمر هنا للوجوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يرفع قدميه عن الأرض أثناء السجود؛ لأن ذلك مخالف لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر.
وإذا رفع المصلي رجليه بعد ما وضعهما، أو ردهما إلى الأرض بعد ما رفعهما، فلا شيء عليه إن شاء الله؛ لأن السجود حصل بوضعهما على الأرض، ولكن لا ينبغي له أن يرفعهما لأن ذلك خلاف السنة.
وإذا لم يسجد عليها أصلاً فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاته، ولعل الراجح من أقوالهم إن شاء الله تعالى، ما ذهب إليه المالكية ومن معهم، وهو: أن صلاته صحيحة، لأن السجود يحصل بالسجود على الجبهة، ولكنهم قالوا بالإعادة في الوقت لمن ترك السجود على أنفه.
والسجود على الأعظم السبعة المذكورة ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه في كلها، وذهب بعضهم إلى وجوبه في الجبهة وحدها، وسنيته في غيرها من الأعضاء.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 7884.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(11/6609)
صفة وضع اليدين حال السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما هو مكان وضع اليدين أثناء السجود؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مكان وضع اليدين أثناء السجود قد ذكره ابن قدامة في المغني مفصلاً حيث قال: ويستحب أن يضع راحتيه على الأرض مبسوطتين، مضمومتي الأصابع بعضها إلى بعض، مستقبلاً بهما القبلة، ويضعهما حذو منكبيه. ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي؛ لقول ابن حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم: وضع كفيه حذو منكبيه. وروى الأثرم قال: رأيت أبا عبد الله سجد ويداه بحذاء أذنيه، وروي ذلك عن عمر وسعيد بن جبير لما روى وائل بن حجر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه رواه الأثرم وأبو داود، ولفظه: ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه والجميع حسنه. والكمال في السجود على الأرض أن يضع جميع بطن كفيه وأصابعه على الأرض، ويرفع مرفقيه، فإن اقتصر على بعض باطنها أجزأه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/6610)
زيادة (وبحمده) في الركوع والسجود صحيحة ثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أصح قول: سبحان ربي العظيم وبحمده أم سبحان ربي العظيم فقط في الركوع؟ وكذلك في السجود هل الأصح سبحان ربي الأعلى وبحمده أم سبحان ربي الأعلى فقط؟
وجزاكم الله عنا كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما قول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود فمتفق على صحته بين الفقهاء، وأما زيادة (وبحمده) فيهما، فمن الفقهاء من أجازها، ومنهم من منع من قولها، بناءً على ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عدمه. والصحيح أنها زيادة ثابتة، كان يقولها صلى الله عليه وسلم كثيرًا، ولكن الذي عليه أكثر الروايات وأصحها الاقتصار على (سبحان ربي العظيم) و (سبحان ربي الأعلى) .
أما هذه الزيادة فأخرجها أبو داود في سننه وعقَّب عليها بقوله: وهذه الزيادة نخاف ألا تكون محفوظة. ولم يقطع بشذوذها.
هذا وقد صححها غير واحد من أهل الحديث، وبذلك حكم الألباني في صحيح أبي داود، وأوردها صيغة صحيحة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص133) ، وعزاها هناك لأبي داود والدارقطني وأحمد والطبراني والبيهقي.
مع أن الروايات التي عند الدارقطني والطبراني ضعيفة كما بينه صاحب "عون المعبود". وقال بعد إيراده لعدد من طرقها: وفي هذا جميعه رد لإنكار ابن الصلاح وغيره لهذه الزيادة، وقد سئل أحمد بن حنبل فيما حكاه ابن المنذر فقال: أما أنا فلا أقول وبحمده. قلت: وأصل هذه في الصحيح عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك. اهـ
هذا وقد صحح الموفق ابن قدامة وغيره قولها، حيث قال في المغني: وإن قال (سبحان ربي العظيم وبحمده) فلا بأس، فإن أحمد بن نصر روى عن أحمد أنه سئل عن تسبيح الركوع والسجود (سبحان ربي العظيم) أعجب إليك أو (سبحان ربي العظيم وبحمده) ؟ فقال: قد جاء هذا وجاء هذا، وما أدفع منه شيئًا. وقال أيضًا: إن قال (وبحمده) في الركوع والسجود أرجو ألا يكون به بأس. وذلك لأن حذيفة روى في بعض طرق حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم وبحمده) ، وفي سجوده (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ، وهذه زيادة يتعين الأخذ بها. وروي عن أحمد أنه قال: أما أنا فلا أقول وبحمده. وحكى ذلك ابن المنذر عن الشافعي وأصحاب الرأي. ووجه ذلك أن الرواية بدون هذه الزيادة أشهر وأكثر، وهذه الرواية قال أبو داود: "نخاف ألا تكون محفوظة". وقيل: هذه الزيادة من رواية ابن أبي ليلى فيحتمل أن أحمد تركها لضعفه عنده. اهـ
والخلاصة أن زيادة (وبحمده) صحيحة ثابتة، يستحب الأخذ بها أحيانًا، وأحيانًا يتركها المصلي اتباعًا للسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1424(11/6611)
الدعاء في الركوع والسجود مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء في الركوع والسجود يبطل الصلاة مع الاستناد إلى القرآن أو السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء في الركوع والسجود لا يبطل الصلاة؛ لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.
ولما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانتيه وسره.
ولما في صحيح مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا في الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(11/6612)
حكم السجود المنفرد لغير صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السجود دون صلاة أي أن تسجد مستقبل القبلة دون أن تصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع السجود المنفرد عن الصلاة إذا كان لسبب، كسجود التلاوة، وقد تقدم في الفتوى رقم: 3056، أو سجود الشكر، وسبق في الفتوى رقم: 4786.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الفروع" لـ ابن مفلح: ولو أراد الدعاء فعفر وجهه لله بالتراب وسجد له ليدعوه فيه، فهذا سجود لأجل الدعاء، ولا شيء يمنعه.
أما السجود بلا سبب فكرهه بعض أهل العلم، وحرمه بعضهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالمكروه السجود بلا سبب. وقال ابن حجر الهيتمي في "المنهج القويم": يحرم التقرب إلى الله تعالى بسجدة بلا سبب ولو بعد الصلاة.
أما ما رواه مسلم في الصحيح عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: سَلْ. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود. فقال العراقي كما في "فيض القدير" لـ المناوي: ليس المراد هنا السجود المنفصل عن الصلاة كالتلاوة والشكر فإنه إنما يشرع لعارض، وإنما المراد سجود الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(11/6613)
كيف يفعل من لا يستطيع السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مشلول شللاً نصفيا وأصلي على السرير الخاص بي، هل في حالة السجود أسجد على السرير (أي يلامس جبيني السرير) ، علما بأن رجلي تكونان ممدودتين أمامي حيث لا أستطيع ثنيهما هل أسجد على السرير أم ليس من الضروري أن يلامس رأسي السرير؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيظهر من وصفك لحالك أنك لا تستطيع السجود، فيسقط عنك، ويكفيك أن تومئ له إيماء وكذلك الركوع، وليكن إيماؤك بالسجود أخفض من إيمائك للركوع، ولا يلزمك رفع شيء لتسجد عليه.
ونسأل الله أن يعافيك، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 12785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/6614)
المزحوم يسجد على ظهر من أمامه أو قدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الزحام في المسجد شديداً ولم أتمكن من السجود بحيث يكون أنفي وجبهتي على الأرض فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السجود على الجبهة والأنف ركن لايتم السجود إلا به كما سبق في الفتوى رقم: 13942.
لكن إذا اشتد الزحام بحيث كان الشخص لا يستطيع أن يصل إلى موضع السجود فله أن يسجد على ظهر المصلي الذي يليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا اشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه. رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرناؤوط حديث صحيح.
قال ابن قدامة في المغني: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهر إنسان أو قدمه لزمه ذلك وأجزأه، وبهذا قال النووي وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وقال عطاء والزهري ومالك لا يفعل. انتهى.
وبهذا يعلم السائل أنه لا بد أن يسجد في موضع السجود المعتاد أو يسجد على ظهر أو قدم المصلى أمامه، مع أن إجزاء السجود على ظهر أو قدم الإنسان فيه خلاف بين العلماء كما علمت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/6615)
هيئة النهوض من السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[النزول من الركوع إلى السجود على اليدين أولاً أم على الركبتين أولاً، والقيام من السجود على اليدين أم على الركبتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا بيان كيفية النزول من الركوع إلى السجود، والراجح في ذلك من أقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 5982.
أما بالنسبة للنهوض من الأرض فجمهور الفقهاء يرون أن المصلي يقوم معتمداً على يديه، قال ابن عبد البر في التمهيد: واختلف في الاعتماد على اليدين ثم النهوض إلى القيام، فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم: يعتمد على يديه إذا أراد القيام، وروي عن ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا أراد القيام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/6616)
يشرع الدعاء في سجود الفرض والنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء أثناء السجود في صلوات الفرض بعد التسبيح؟ وهل يجوز الدعاء عند سكتات الإمام للتعوذ من النار عند المرور على آية تذكر بالنار، أم فقط تقتصر هذه على النوافل والسنن التطوعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء يشرع في السجود سواء في صلاة الفرض أو في صلاة النفل، وذلك لعموم النصوص الواردة في ذلك، منها ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم". هذا فيما يتعلق بالمسألة الأولى.
أما المسألة الثانية: فقد ورد فيها حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: (قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ) . رواه أبو داود وأحمد، وهو يتعلق بقيام الليل، وكذا حديث عائشة أيضاً في مسند أحمد، ومثلهما حديث حذيفة رضي الله عنه وهو في سنن النسائي.
ولأنه ورد في قيام الليل -وهو صلاة تطوع- ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقتصر به على النوافل دون الفرائض، وممن قال بذلك ابن قدامة في المغني حيث قال: ولا يستحب ذلك في الفريضة، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في فريضة مع كثرة من وصف قراءته فيها) اهـ.
وذهب آخرون إلى استحبابه في كل صلاة، ومنهم النووي حيث قال فيما نقله عنه الشوكاني في نيل الأوطار، قال النووي: (وفيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها يعني فرضها ونفلها وللإمام والمأموم والمنفرد) .
والقول الأول أولى، وهو عدم استحباب ذلك في غير الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1423(11/6617)
قول العلماء في رفع اليدين بعد النهوض من السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع اليد والتكبير بعد القيام من السجود في الركعة الثانية والثالثة والرابعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرفع اليدين بعد الرفع من السجود اختلف فيه أهل العلم.. فالجمهور على عدم الرفع واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في حكايته لمواطن رفع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة.. ثم قال ابن عمر: لا يفعل ذلك -أي الرفع- حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود. وفي صحيح مسلم نحوه.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم عند أبي داود فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود وقيام وقعود وبين السجدتين. ونحوه عند الطبراني وغيره.
وجاء الرفع أيضاً عند النسائي والدارقطني بسندين صحيحين كما قال الشيخ الألباني رحمه الله.
وهذه الأحاديث مثبتة فهي مقدمة على أحاديث النفي التي استدل بها الجمهور. وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الشافعية منهم: أبو بكر بن المنذر وأبو يعلى الطبري، وهو قول أيضاً عن مالك والشافعي كما قال العراقي في طرح التثريب، وبه قال الإمام ابن حزم وقال: إن أحاديث رفع اليدين في كل خفض ورفع متواترة توجب العلم، ونقل هذا المذهب عن جماعة من الصحابة.
والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك أحياناً لا دائماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(11/6618)
الدعاء في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن كيفية الدعاء في السجود هل يتم الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبالنسبة للدعاء بعد التسليم من الصلاة هل يجوز رفع اليدين بالدعاء؟ مع خالص تحياتي وشكري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء". وفي هذا دليل على أن للعبد أن يدعو بما شاء؛ وخاصة ما تمس الحاجة إليه من الأمور الملحة، والتي يكون العبد مضطراً إليها لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدع"و.
والأفضل أن يدعو بالأدعية المأثورة لما تضمنته من جوامع الكلم، ولما في ذلك من الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة في السجود، ولم ينقل إلينا فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "سبحانك الله وبحمدك اللهم اغفر لي". إلى غير ذلك من أدعيته الكثيرة.
وبخصوص رفع اليدين للدعاء فإنه مشروع عند كل دعاء إلا ما ورد الدليل باستثنائه فهذا هو الأصل.
وعليه؛ فلا مانع من رفع اليدين للدعاء بعد السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(11/6619)
محل رفع اليدين عند القيام للثالثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع اليدين قبل القيام للركعة الثالثة (يعني جالسا) في صلاة الظهر مثلا سنة ورفعهما بعد القيام بدعة وضحوا لنا هذا الأمر؟ جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة هي رفع اليدين بعد القيام لا قبله، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن في رفع اليدين بعد القيام من الجلسة بعد الركعتين الأوليين هل هو مندوب إليه؟ وهل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة؟: فأجاب: نعم هو مندوب إليه عند محققي العلماء العالمين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وقول طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعي وغيرهم، وقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والسنن، ففي البخاري وسنن أبي داود والنسائي عن نافع: (أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم) .
وعن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، يصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من الركعتين رفع يديه كذلك وكبر) . رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/6620)
التمسك بالسنة ومصلحة ائتلاف القلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في الجزائر نتبع المذهب المالكي والمذهب المالكي لا توجد فيه جلسة الاستراحة ولقد قرأت كتاب الإمام الألباني (صفة صلاة الرسول كأنك تراه) وفيه توجد جلسة الاستراحة بين الركعة والركعة أي الركعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة.
المشكل في المسجد تجد كل الصف يقوم للركعة الثانية مباشرة بعد الرفع من السجود الثاني وأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا أبقى قليلا في جلسة الاستراحة. أنا أظن أن هذا يبعث نوعا من عدم الطمأنينة في صفوف المصلين لأننا كما قلت نحن في الجزائر نتبع المذهب المالكي؟
وشكرا لكم جزيلا على ما تفعلونه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم جسلة الاستراحة وأقوال العلماء فيها في الفتوى رقم 10649
واخترنا أنها سنة، ولكن ننبهك إلى أنه لا ينبغي للشخص أن يفعل السنة إذا كانت ستؤدي إلى الفرقة والخلاف، لأن ائتلاف القلوب واجتماعها واجب، وفعل السنة مستحب، وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره.
ولكن ينبغي للشخص أن يعلم الناس سنية ما يعتقد سنيته، ويحثهم عليه، فإذا اقتنع الناس بذلك فالحمد لله وإلا فإنهم سيعذرون من فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(11/6621)
حكم السجود للدعاء في الصلاة ...
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالسجود مباشرة قبل التسليم للدعاء في صلاة الفرض أوالنافلة؟ وما حكم الدعاء في سجود صلاة الفريضة؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز زيادة سجود في الصلاة للدعاء لا في الفرض ولا في النفل؛ لأن من زاد في الصلاة فعلاً من جنسها متعمدًا بطلت صلاته، أما الدعاء في السجود في صلاة الفرض أوالنفل فجائز، بل مطلوب ما لم يكن بإثم أو قطيعة رحم، وهو بالمأثور الصحيح أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/6622)
الحالة المبيحة لإزالة أثر السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهر لي على وجهي منطقة سوداء في جبهتي، أشك أنها أثر السجود، يطلب مني أهلي إزالتها بوضع نوع من الكريم،هل أطيعهم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا فضل أثر السجود في جواب برقم 23308 فليراجع،
ولا ينبغي للمسلم أن يزيل هذه العلامة والسيما من وجهه، ولكن إن أزالها خوفاً من الرياء فالذي يظهر لنا أنه لا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/6623)
العلامة المميزة لأهل الصلاة يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فائدة أثر السجود؟؟ أرجو ذكر بعض الأحاديث عنه ... ؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث طويل يصف فيه ما يكون يوم القيامة قال: "حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود".
فهذا الحديث يدل على أن أهل الصلاة يميزون ويعرفون يوم القيامة بآثار السجود.
وقد اختلف العلماء في المراد بآثار السجود.. هل المراد الجبهة خاصة، أم المراد الأعضاء السبعة التي يسجد عليها؟ والأول أقوى.
وقد قال الله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح:29] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/6624)
لا بأس بالأدعية الواردة في القرآن في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بآية قرآنية أثناء السجود مثل (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ... ) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس في أن يدعو الساجد بالأدعية الواردة في القرآن؛ إلا أنه لا ينوي القراءة بل ينوي الدعاء ذلك أن الفقهاء اتفقوا على كراهة قراءة القرآن في السجود والركوع، لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب. وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم". رواه مسلم.
قال الزيلعي في تبيين الحقائق: ويكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد بإجماع الأئمة الأربعة. انتهى
وهو محرم في مذهب الظاهرية، ولم يكره ذلك طائفة من السلف، وروي عن ابن الزبير والنخعي والربيع بن خثيم.
قال الزركشي: ومحل كراهتها إذا قصد بها القراءة.. فإن قصد بها الدعاء والثناء فينبغي أن يكون كما لو قنت بآية من القرآن. انتهى من أسنى المطالب.
وفي حاشية قليوبي وعميرة: تكره القراءة في غير القيام في الصلاة إن قصد القراءة. انتهى
وفي بلغة السالك للصاوي: وتكره القراءة بركوع أو سجود؛ إلا أن يقصد في السجود بها الدعاء. انتهى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/6625)
هل يأتي المقتدي بجلسة الاستراحة إذا تركها الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاقتداء بالإمام في تركه لجلسة الاستراحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في فتوى سابقة برقم:
10649 أن الصحيح من أقوال أهل العلم استحباب جلسة الاستراحة، وبينا هناك أدلة كل فريق.
ولو ترك الإمام جلسة الاستراحة فيستحب للمأموم أن يأتي بها، وليس في ذلك مخالفة للإمام.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: (وإن ترك -أي الإمام- سنة.. فإن كان في اشتغال المأموم بها تخلف فاحش كسجود التلاوة والتشهد الأول، لم يجز للمأموم الاتيان بها، فإن فعلها بطلت صلاته، وله فراقه -أي له فراق الإمام- ليأتي بها، وإن ترك الإمام سجود السهو أو التسليمة الثانية أتى به المأموم لأنه يفعله بعد انقضاء القدوة، فإن لم يكن في اشتغال المأموم بها -أي بالسنة التي تركها الإمام- تخلف فاحش بأن ترك الإمام جلسة الاستراحة أتى بها المأموم، قال أصحابنا: لأن المخالفة يسيرة) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/6626)
يتخير الساجد من الدعاء أعجبه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نكثر من الدعاء في السجود، فهل يجب أن يكون من الدعاء المسنون أم أي دعاء خاص بي؟ وهل أذكار الركوع والسجود وأقصد مثل سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة يمكن ترديدها أكثر من مرة وهل يجوز جمع عدد من الأذكار والقول بها في آن واحد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بالإكثار من الدعاء حال السجود فقال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء". رواه مسلم.
وهذا يدل على أن للمسلم أن يدعو فيه بما شاء، والأولى بالمسلم أن يدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أوتي جوامع الكلم، ولينال الداعي أجر الدعاء والاتباع،
وله أن يدعو بأي دعاء يناسب مقامه ويتلاءم مع موضوع حاجته، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو". وفي لفظ للبخاري: "من الثناء ما شاء".
والأذكار والأدعية التي تقال في السجود اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، وقد ذكرنا طرفاً منها في الفتوى رقم:
3231.
ومنها ما رواه النسائي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وكان يقول في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل من تحتي نوراً، واجعل من أمامي نوراً، واجعل من خلفي نوراً، وأعظم لي نوراً". وصححه الألباني.
ومنها ما رواه النسائي أيضاً عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة". وصححه الألباني.
وليعلم الأخ السائل أنه لا مانع من جمع أكثر من دعاء في السجود، لعموم الأمر بذكر الله ودعائه، ولو كرر الدعاء الواحد أكثر من مرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/6627)
لا بأس بلبس النظارة في الصلاة لو حقق شرط السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة بالنظارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الصلاة بالنظارة، لكن ينبغي الانتباه إلى أن المصلي إذا سجد فلا بد أن يمكن جبهته وأنفه من الأرض، فقد روى أبو داود والترمذي، وصححه، وصححه كذلك الألباني عن أبي حميد رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين". رواه الدارقطني والطبراني وأبو نعيم في أخبار أصبهان.
وقال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة -وأشار بيده على أنفه واليدين- والركبتين وأطراف القدمين، ولا نكف الثياب والشعر" متفق عليه.
وعلى هذا، فإن كانت النظارة تعوق المصلي من تمكين جبهته أو أنفه من الأرض فلا يجوز له لبسها حال السجود، أما إذا كانت لا تعوقه عن ذلك فلا بأس بلبسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/6628)
حذ الركوع والسجود للمنفرد والإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أطيل الركوع والسجود؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حدد الفقهاء الطول في الركوع والسجود بالتسبيح فيهما، حيث جعلوا أقل مجزئ قدر ما يقول فيه المصلي في الركوع: سبحان ربي العظيم مرة، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى مرة، والأكمل أن يقول ذلك عشراً أو سبعاً، وأوسط الكمال خمس، وأدناه ثلاث، قال ابن قدامة في المغني: قال احمد جاء الحديث عن الحسن البصري أنه قال: التسبيح التام سبع، والوسط خمسة، وأدناه ثلاثة.
قال القاضي:الكامل في التسبيح إن كان منفرداً ما لا يخرجه إلى السهو، وفي حق الإمام ما لا يشق على المأمومين.
ومن هذا يتبين للسائل أنه إذا كان وحده، فله أن يطيل ما شاء ما لم يخرج إلى حال السهو، وإن كان إماماً فبحسب الجماعة، وإن كان مأموماً فهو تابع للإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/6629)
المختار مباشرة الجبهة للأرض حال السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تغطية الجبهة في السجود بالطاقية أو الغترة وعدم تمكين ملامسة الجبهة بفرش المسجد من موكيت أو سجادة. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعلماء مجمعون على أن المختار مباشرة الجبهة للأرض حال السجود؛ إلا أن المصلي إذا سجد على كور عمامته أو غترة أو نحوه فإن سجوده صحيح عند أكثر العلماء، لحديث أنس قال: " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض يبسط ثوبه فيسجد عليه". رواه البخاري ومسلم.
وذهب الشافعية إلى وجوب كشف ما يقع عليه الاسم من الجبهة فيباشر به موضع السجود، فإن سجد على كور عمامته أو طرف كمه أو طرف عمامته وهما يتحركان بحركته في القيام والقعود أو غيرهما لم تصح صلاته أما لو سجد على شيء فنفصل عنه فصلاته صحيحة، والأحوط كشف الجبهة ومباشرتها لموضع السجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/6630)
الاعتماد على اليدين عند الرفع من السجود أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[عند القيام من السجود , لا أستطيع أن أقوم بدون أن استند بيدي على الأرض إلى أن أرفع ركبتي من على الأرض ولكن قيل لي بأن هذا تشبه بالحيوانات (وأن الرسول نهى عن ذلك) فحاولت أن أرفع يدي أولا ثم أرفع ركبتي إلا إنني أسقط ولا أستطيع القيام بدون أن أستند على يدي؟ فهل صلاتي هكذا غير مقبولة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في الاعتماد على يديك عند الرفع من السجود، ولو كنت صحيحاً قادراً على الاعتماد على الركبتين، فأحرى إذا كنت عاجزاً عن الاعتماد على الركبتين، وقد سبق لنا فتوى مطولة رجحنا فيها أفضلية الاعتماد على اليدين فراجع ذلك في الفتوى رقم 5982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(11/6631)
متى يستحب رفع اليدين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن شيء وهو: عند القيام من السجود في الركعة الأولى هل نرفع اليد في التكبير لبداية الركعة الثانية؟ وهل نرفع اليد في التكبير عند الهوي للسجود مع كلمة (الله أكبر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواطن فقط، وهي:
الأول: عند تكبيرة الإحرام.
الثاني: عند الركوع.
الثالث: عند الرفع من الركوع.
الرابع: عند القيام إلى الركعة الثالثة.
ولا يشرع فيما سوى ذلك، فلا ترفعان عند القيام إلى الركعة الثانية أو الرابعة ولا عند الهوي إلى السجود، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(11/6632)
تفسير الإقعاء بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[في الجلسة بين السجدتين أيجوز لي أن أجلس بنصب أصابع رجلي ووضع الإليتين على العقبين، وقد سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن هذه الجلسة؛ أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن الإقعاء، لكن لم يصح منها شيء -كما قال بعض أهل العلم- ومنها ما رواه ابن ماجه عن أنس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب"، وقد اختلف العلماء في تفسير الإقعاء المنهي عنه؟ فمنهم من قال: هو نصب القدمين والجلوس على العقبين، ومنهم من قال: هو الجلوس على الأليتين ونصب الركبتين مثل إقعاء الكلب والسبع، وهذا هو تفسير أهل اللغة للإقعاء، وهو المنهي عنه على الراجح، أما الجلوس على العقبين فإن هذا جائز؛ بل من السنة.
قال النووي في المجموع "فروع في الإقعاء" قد ذكرنا أن الأحاديث الواردة في النهي عنه مع كثرتها ليس فيها شيء ثابت، وبينا رواتها وثبت عن طاووس قال " قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين قال: هي السنة فقلنا: إنا لنراه جفاءً بالرجل، قال: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم. في صحيحه، وفي رواية للبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "من سنة الصلاة أن تمس أليتاك عقبيك بين السجدتين". وذكر البيهقي من حديث ابن عباس هذا، ثم روي عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه ويقول: إنه من السنة" ثم روى عن ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم أنهما كانا يقعيان ثم روى عن طاووس أنه كان يقعي وقال: رأيت العبادلة يفعلون ذلك عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم قال: البيهقي فهذا الإقعاء المرضي فيه والمسنون على ما روينا عن ابن عباس، وابن عمر: هو أن يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض، ويضع أليتيه على عقبيه ويضع ركبتيه على الأرض ثم روى الأحاديث الواردة في النهي عن الإقعاء بأسانيدها عن الصحابة الذين ذكرناهم ثم ضعفها كلها وبين ضعفها، وقال: حديث ابن عباس، وابن عمر صحيح ثم روى عن أبي عبيد أنه حكى عن شيخه أبي عبيدة أنه قال: الإقعاء أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه بالأرض. وقال في موضع آخر: الإقعاء جلوس الإنسان على أليتيه ناصباً فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع، قال البيهقي: وهذا النوع من الإقعاء غير ما رويناه عن ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم فهذا منهي عنه، وما رويناه عن ابن عباس، وابن عمر مسنون، قال: وأما حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان ينهى عن عقب الشيطان" فيحتمل أن يكون وارداً في الجلوس للتشهد الأخير فلا يكون منافياً لما رواه ابن عباس، وابن عمر في الجلوس بين السجدتين ".
هذا آخر كلام البيهقي -رحمه الله- ولقد أحسن وأجاد وأتقن وأفاد وأوضح إيضاحاً شافياً وحرر تحريراً وافياً -رحمه الله- وأجزل مثوبته" انتهى من المجموع.
والخلاصة أن الجلسة المذكورة في السؤال ليست هي الاقعاء المنهي عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(11/6633)
هيئة النهوض إلى القيام بعد الرفع من السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تتم عملية السجود هل اليدان تسبقان الرجلين أم العكس مع موافاتي بحديث يدل على إحدى الصفتين ونفس السؤال بالنسبة في القيام من السجود بعد التشهد الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكيفية الهوي إلى السجود مبينة في الفتوى رقم: 5982.
وأما كيفية النهوض إلى الركعة الثانية وسائر الركعات، فمذهب المالكية والشافعية أنه يقوم معتمداً على يديه، ومذهب الحنابلة أنه يقوم معتمداً على ركبتيه.
وقد استدل الحنابلة بحديث وائل بن حجر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. رواه النسائي والترمذي وأبو داود.
واستدل الشافعية بحديث مالك بن الحويرث: أن النبي صلى الله عليه وسلم استوى قاعداً، ثم قام واعتمد على الأرض بيديه. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/6634)
صفة صلاة العاجز
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهي صفة صلاة القاعد وهل لابد من السجود علي شيء وليكن اليد وهل يمكن القيام والجلوس على كرسي أثناء السجود والتشهد فقط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القيام في الصلاة ركن لا يجوز تركه إلا عند العجز، وكذلك الركوع والسجود، فمن كان-مثلا- قادراً على ذلك كله أتى به على الوجه الأكمل، ومن عجز عن شيء منه أتى بما يستطيع، وسقط ما لا يستطيع فقط. فمن كان مثلاً قادراً على القيام وليس قادراً على الركوع والسجود، فإنه يلزمه القيام، ويأتي بما استطاع من الركوع والسجود فيومئ إيماءاً، ولا يلزمه إذا لم يستطع السجود على الأرض أن يضع شيئاً يسجد عليه، سواء أكان ذلك الشيء يده أم كان غيرها، فقد روى أبو يعلى والبيهقي والبزار عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضاً فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها، فأخذ عوداً يصلي عليه، فأخذه فرمى به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صل على الأرض إن استطعت، وإلا فأوم إيماءً واجعل سجودك أخفض من ركوعك"
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجال البزار رجال الصحيح. انتهى.
وقد اختلف في رفع الحديث ووقفه، وله شواهد عن ابن عمر وابن عباس، وصححه الألباني في صفة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(11/6635)
يستحب الدعاء في سجود الفريضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا البرنامج، السؤال: هل الدعاء في السجود جائز في صلا ة الفرض؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء مستحب في سجود الفريضة والنافلة، والدليل على ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء" وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: "اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره" إلى غير ذلك من الأدلة، وهي تشمل سجود الفريضة والنافلة، فللمسلم أن يدعو في سجوده بما أحب من خيري الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1422(11/6636)
أقوال العلماء في جلسة الاستراحة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم "جلسة الاستراحة" في الصلاة حسب المذاهب الفقهية الأربعة، وماذا يترتب على من تركه ناسيا أو جاهلا بحكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخرج البخاري وغيره عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً.
فهذا الحديث يدل على استحباب جلسة الاستراحة، وتسمى جلسة الأوتار، لأنها تكون بعد الأوتار في الصلاة.
وقد ذهب إلى استحبابها الشافعي في المشهور عنه وهو كذلك رواية لأحمد نقلها الخلال عنه، واختارها طائفة من أهل الحديث، وذهب المالكية والحنفية إلى عدم استحبابها، وهو المعتمد عند الحنابلة ففي كشاف القناع للبهوتي رحمه الله: (ولا تستحب جلسة الاستراحة وهي جلسة يسيرة صفتها كالجلوس بين السجدتين) بعد السجدة الثانية من كل ركعة بعدها قيام والاستراحة طلب الراحة كأنه حصل له إعياء فيجلس ليزول عنه والقول بعدم استحبابها مطلقا: هو المذهب المنصور عند الأصحاب.
واستدل هؤلاء بالأحاديث الأخرى التي لم تذكر فيها هذه الجلسة مثل حديث أبي حميد الساعدي، المشتمل على صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ورأوا أن ما ذكره مالك بن الحويرث من جلوسه صلى الله عليه وسلم ربما كان لعارض من مرض وكبر سن.
والراجح -إن شاء الله تعالى- أن هذه الجلسة مستحبة لأن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم -في الصلاة- أن تكون للتشريع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي."
ومما يؤيد القول باستحبابها أن راويها مالك بن الحويرث هو راوي الحديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي"،رواه البخاري. فحكايته لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم معتبرة، فكأنه يفسر بها هذا الأمر الذي رواه.
وما استدل به القائلون بعدم استحبابها من كونها لم تذكر في الأحاديث الأخرى، غير كاف للرد على القائلين باستحبابها، لأن الكثير من سنن الصلاة المتفق عليها لم تذكر في كل الأحاديث التي تحكي صفة صلاته صلى الله عليه وسلم. وغاية ما يدل عليه ذلك نفي الوجوب، لا نفي الاستحباب، كما هو ظاهر.
وعلى كل فمن تركها ناسياً أوجاهلاً بحكمها فلا يترتب على ذلك شيء إطلاقاً، بل إن من تركها عامداً لا يلزمه شيء، إلا أنه لا ينبغي تركها بالكلية، لما علمت من ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/6637)
حكم الدعاء للوالدين بالمغفرة بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[في الجلوس بين السجدتين يدعو المرء بـ (رب اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني)
هل إضافة جملة "لي ولوالدي" بدعة؟
وإذا كانت لا فما الفرق بينها وبين عدم زيادة كلمة (والشكر) في حال الرفع من الركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمصلي أن يداوم على إضافة كلمة: "ولوالدي" في الدعاء بين السجدتين، أو كلمة: "والشكر" في حمده بعد الركوع، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالمداومة على ذلك إلحاق له بالمشروع المسنون على الدوام.
وله أن يدعو لوالديه بعد الإتيان بالمشروع في هذا المحل في سجوده، وبعد تشهده.
والمشروع هو قوله: "رب اغفر لي، رب اغفر لي" رواه النسائي، وابن ماجه. أو قوله:" اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني " رواه أبو داود. وعن الترمذي:" واجبرني " بدل "وعافني".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(11/6638)
الدعاء أثناء السجود بأمور الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بأمور الدنيا أو بالمأثور أثناء سجود الصلوات المفروضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاء الإنسان لنفسه، ولمن أحب أثناء سجوده في الصلاة المفروضة، أو النافلة، من الأمور المستحبة والمندوبة، لأن السجود من المواطن التي ينبغي للمسلم أن يحرص على الدعاء فيها، لما أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".
والأولى بالمسلم أن يدعو بالمأثور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، وإن دعا بغير المأثوربما أحب جاز له ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه" متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "ثم ليتخير من المسألة ما شاء، وما أحب" رواه مسلم.
ولا حرج عليه مالم يدع بحرام، أو قطيعة رحم، أو يعتدي في دعائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(11/6639)
صفة جلسة الاستراحة كالجلوس بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كيفية جلوس الاستراحة في الصلاة؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن صفة جلسة الاستراحة، كالجلوس بين السجدتين قدراً وهيئة.
واختلف الفقهاء في كيفية الجلوس المسنونة في الصلاة، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يُسَنّ التورك في التشهد الأخير، والافتراش في بقية جلسات الصلاة، وهو الراجح، لحديث أبي حميد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته" أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود: "فإذا كانت الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة".
وذهب الحنفية إلى التفريق بين الرجل والمرأة، فالرجل يسن له الافتراش، والمرأة يسن لها التورك، لا فرق في ذلك بين كل الجلسات.
وقال المالكية: إن هيئة الجلوس في جميع الجلسات هي: التورك، سواء في ذلك الرجل والمرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(11/6640)
صفة السجود المسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع القدم أثناء السجود بدون عذر يبطل الصلاة أو تكون غير مقبولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن السجود يكون على سبعة أعضاء - كما قال ابن رشد-: الوجه، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين". رواه البخاري ومسلم.
واختلفوا فيمن سجد على وجهه ونقصه السجود على عضو من تلك الأعضاء، هل تبطل صلاته أم لا؟ فقال قوم: لا تبطل صلاته، لأن اسم السجود إنما يتناول الوجه فقط، وقال قوم: تبطل إن لم يسجد على السبعة الأعضاء للحديث الثابت. بداية المجتهد (1/266) بتصرف يسير.
وممن قال بالقول الأول الإمام أبو حنيفة، ومالك، والشافعي في قول.
وممن قال ببطلان الصلاة إذا لم يسجد على السبعة الأعضاء الإمام أحمد في المذهب والشافعي في الأصح.
وعلى هذا فإننا نقول: ينبغي نصح وتوجيه من يصلي رافعاً قدمه أثناء السجود بدون عذر، وتنبيهه إلى أنه ربما حُكم على صلاته بالبطلان بسبب هذا الفعل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1422(11/6641)
إمام ترك سجدة ونبه فلم يرجع
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كان يصلي إماماً بقوم وفي الركعة الأولى سجد سجدة واحدة وبعدما وقف سبحوا له فلم يفهم ما يريدون وتمادى وفي نهاية الصلاة أخبروه فجاء بركعة وسجد بعدها وسلم فهل ما فعله صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الإمام الذي ترك سجدة سهواً، ولم يرجع لها نتيجة لسهوه، وعدم فهمه لتسبيح المأمومين، ثم بعد نهاية الصلاة أتى بركعة بدون فصل طويل بينها وبين السلام، فإن صلاته صحيحة، وعليه أن يسجد للسهو، هذا حكم صلاته هو.
أما بالنسبة للمؤتمين به فعليهم أن ينبهوه فإذا لم يرجع إليهم، سجدوا السجدة التي تركها، ولا يتبعونه في تركها، ولحقوا به وأتموا معه الصلاة. وإذا قام اللإمام لقضاء الركعة فليس عليهم أن يتبعوه لأن صلاتهم تمت. وفي حالة ما إذا انتبه الإمام لهذا الخلل قبل السلام وقام للركعة وقاموا معه عالمين بطلت صلاتهم لتعمدهم زيادة ركعة في الصلاة والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1421(11/6642)
أقوال العلماء في كيفية الهوي إلى السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أرفع من الركوع وأريد أن أهوي إلى السجود هل أقدم يدي على ركبتي أم العكس؟ أفيدونا بالأحاديث التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في صفة الهوي إلى السجود على قولين:
الأول: تقديم الركبتين على اليدين، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
وحجتهم في ذلك ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه".
قال الخطابي هو: أثبت من حديث تقديم اليدين، وهو أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل ورأي العين" انتهى نقلا من المجموع للنووي 3/395.
وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرف أحداً رواه غير شريك، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم يرون أن الرجل يضع ركبتيه قبل يديه. وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي، ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وسكتا عنه.
لكن قال الدارقطني: تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به. انتهى.
ولهذا حكم الألباني بضعف الحديث، وأطال الكلام في ذلك، كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة (حديث رقم 929) وإرواء الغليل برقم 357، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتج الجمهور أيضا بما روى عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: "كُنَّا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بالركبتين قبل اليدين" رواه ابن خزيمة. وفي سنده إسماعيل بن يحيى بن سلمة وهو متروك.
قال الحافظ في الفتح: وادعى ابن خُزيمة أن حديث أبى هريرة منسوخ بحديث سعد هذا ولو صح لكان قاطعاً للنزاع لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن سهيل عن أبيه وهما ضعيفان. انتهى من الفتح، كتاب الصلاة باب: يهوي بالتكبير حين يسجد واحتجوا أيضا بما رواه الأثرم من حديث أبى هريرة بلفظ "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل".
قال الحافظ في الفتح: ولكن إسناده ضعيف.
والحديث أخرجه أيضا ابن أبى شيبة والطحاوي والبيهقي، وقال عنه الألباني: حديث باطل.
القول الثاني: تقديم اليدين على الركبتين عند الهوي إلى السجود وهو مذهب مالك والأوزاعي وأحمد في رواية. وحجتهم في ذلك:
1/ ما رواه أبو داود والنسائي والدارمي والبخاري في التاريخ وأحمد من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه".
قال النووي: إسناده جيد. وصححه عبد الحق في الأحكام الكبرى. وأطال الألباني الكلام في تصحيحه والرد على من أعله (انظر السلسلة الضعيفة وإرواء الغليل) .
وقال ابن القيم (فالحديث ـ والله أعلم ـ قد وقع فيه وهم من بعض الرواة فإن أوله يخالف آخره، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، فإن البعير إنما يضع يديه أولاً) .
وقال (وكان يقع لي أن حديث أبى هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله، ولعله "وليضع ركبتيه قبل يديه" ... حتى رأيت أبابكر بن أبى شيبة قد رواه كذلك) وذكر رواية الأثرم. وابن أبى شيبة لكنها ضعيفة كما سبق.
2/ ومن أدلة هذا القول ما رواه ابن خزيمة والدارقطني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه".
3/ وما جاء عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار والدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقال الألباني في إرواء الغليل: وهو كما قالا. وصححه ابن خزيمة أيضا.
ونقل الألباني عن الحاكم قوله: القلب إليه أميل ـ يعني من حديث وائل ـ لروايات كثيرة في ذلك عن الصحابة والتابعين. انتهى.
وأثر ابن عمر رواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم.
هذه هي محصلة أدلة الفريقين، ولا شك في رجحان أدلة القول الثاني من حيث الثبوت وفي هذا يقول العلامة أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي 2/58 (والظاهر من أقوال العلماء في تعليل الحديثين أن حديث أبى هريرة هذا حديث صحيح، وهو أصح من حديث وائل، وهو حديث قولي يرجح على الحديث الفعلي على ما هو الأرجح عند الأصوليين) انتهى.
وقال محققا زاد المعاد: شعيب وعبد القادر الأرنؤوطيان:
(بمراجعة التعليقات السابقة يتبين أن المرجح خلاف ما ذهب إليه المصنف (ابن القيم) وأن حديث أبى هريرة هو المرجح على حديث وائل لصحة سنده، ودعوى الاضطراب فيه منتفية لضعف كل الروايات التي فيها الاضطراب" انتهى.
لكن ينبغي أن يقال هنا: إن رأي الفريق الأول أقوى من حيث النظر، فإن الجميع متفقون على الأخذ بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير".
ولا شك أن البعير إذا برك يقدم مقدمه (يديه) على مؤخره.
فيكون الحديث دالا على تقديم الركبتين على اليدين، ولا يدفع ذلك ما نقل عن أهل اللغة من أن ركبتي البعير في يديه.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "كما يبرك" نهى عن الكيفية، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله (إن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولاً، وتبقى رجلاه قائمتين، فإذا نهض فإنه ينهض برجليه أولاً، وتبقى يداه على الأرض. وهو صلى الله عليه وسلم نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات، فنهى عن بروك كبروك البعير، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس، فهدي المصلي مخالف لهدي الحيوانات) .
وقال ابن القيم أيضا (وسر المسألة أن من تأمل بروك البعبير وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بروك كبروك البعير، علم أن حديث وائل بن حجر هو الصواب والله أعلم) أنتهى.
والحاصل أن القول بتقديم اليدين على الركبتين أقوى من حيث السند، والقول بتقديم الركبتين أقوى من حيث النظر. ومن المعلوم أن المعول عليه هو حال السند، وعليه فالراجح ـ والله أعلم ـ هو القول بتقديم اليدين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6643)
الزيادة على سجدتين في الركعة الواحدة غير مشروعة.
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز أن أسجد بأكثر من سجدتين لكل ركعة وذلك عندما أصلي قيام الليل حيث سأل أحد الصحابة مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة قفال له الرسول صلى الله عليه وسلم (أعني على نفسك بكثرة السجود) ؟ 2- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من قرأ مائة آية كتب له قيام ليله ومن قرأ ماتي آيه كتب من القانتين.... فهل يلزم ذلك قراءة هذه الآيات في صلاة أو بدونها؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للشخص أن يزيد في الركعة الواحدة على سجدتين ولو كانت صلاته نافلة، لمخالفة ذلك لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه زاد على سجدتين في الركعة الواحدة. أما قوله صلى الله عليه وسلم "أعني على نفسك بكثرة السجود" فالمقصود بالسجود هنا الصلاة، وليس المراد السجود وحده، والمعنى أعني على نفسك بكثرة الصلاة، وخص السجود بالذكر لشرفه، وفيه تنبيه إلى فضيلة السجود لأنه موضع دعاء، وعنوان خضوع لله جل وعلا. ومثل هذا كثير في القرآن الكريم مثل قوله تعالى: (واسجد واقترب العلق) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا) [الحج:77] وقوله (واركعوا مع الراكعين) [البقرة: 43] والمراد بالركوع والسجود: الصلاة كلها. وأما السؤال عما أعد الله تعالى لمن قرأ مائة آية أو مائتين فظاهر الأحاديث التي وردت بذلك يدل على أن هذا الفضل لكل من قرأها ولو في غير الصلاة.
... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6644)
ما يقال بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدعاءالمشروع بين السجدتين وهل هناك حرج في الزيادة في هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فروى النسائي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي"، وروى أبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني" ورواه أيضا الترمذي وفيه: "واجبرني" بدل: "وعافني".
فيشرع الدعاء بين السجدتين بأحد هذين الدعاءين أو بهما معاً ولا بأس بالتكرار أو الزيادة على ما في هذين الحديثين، والدعاء بما شاء ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم، نص على ذلك بعض أهل العلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6645)
ما يقال بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدعاءالمشروع بين السجدتين وهل هناك حرج في الزيادة في هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى النسائي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي"، وروى أبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني" ورواه أيضا الترمذي وفيه: "واجبرني" بدل: "وعافني".
فيشرع الدعاء بين السجدتين بأحد هذين الدعاءين أو بهما معاً ولا بأس بالتكرار أو الزيادة على ما في هذين الحديثين، والدعاء بما شاء ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم، نص على ذلك أهل العلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6646)
مواضع الدعاء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مواضع الدعاء في الصلاة الواجبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مواضع الدعاء في الصلاة هي كما يلي: بعد تكبيرة الإحرام وهو دعاء الاستفتاح، وفي الركوع، والاعتدال بعد الرفع منه، وفي السجود، وبين السجدتين، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في هذه المواضع من صلاته.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6647)
حكم رفع اليدين بين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستحب رفع اليدين عند التكبير ما بين السجدتين؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام لما روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة"، ويستحب كذلك أن يرفع يديه عند التكبير للركوع وعند الرفع منه على القول الراجح لما ثبت في السنة المتواترة عن واحد وعشرين من الصحابة ومنهم ابن عمر في الحديث المتفق عليه أنه قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين يكبر، حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال (سمع الله لمن حمده) . فعل مثله، وقال: (ربنا ولك الحمد) .
ويستحب كذلك الرفع عند القيام من التشهد الاوسط إلى الركعة الثالثة لما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (…… وإذا قام من الركعتين رفع يديه)
وأما عند التكبير بين السجدتين فلا يستحب المداومة على الرفع فيه لحديث سالم بن عبد الله عن أبيه وفيه "ولا يرفع بين السجدتين" رواه أحمد وغيره بهذا اللفظ، وقد ثبتت أحاديث فيها الرفع لليدين عند كل خفض ورفع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6648)
الأدعية في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد دعاء يمكن قوله أثناء السجود؟ وهل دعاء (يا مقلب القلوب ... ) منها؟ وماهو تكملة هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأذكار والأدعية المأثورة التي تقال في السجود كثيرة ومنها: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) وهو مروي في الصحيحين. وفيها (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) وهو مروي في صحيح مسلم ومنها (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين) وهو في صحيح مسلم، ومنها (سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت) في صحيح مسلم، ومنها (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطلك، وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) (اللهم اغفر ذنبي كله دقة وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره) رواه مسلم. و (سبحان ربي الأعلى ثلاثاً) رواه ابن ماجه. وأما دعاء يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقد رواه الترمذي وحسنه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - وقد كان هذا الدعاء أكثر دعائه عليه الصلاة والسلام ولم ينقل والله أعلم - أنه كان يقوله في سجوده - ولو قاله أحد في سجوده فلا حرج عليه لأن السجود موضع دعاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ". [رواه مسلم] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6649)
هيئة جلوس المرأة في السجدتين كهيئة جلوس الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد اختلاف في الجلوس بين السجدتين بالنسبة للرجل والمرأة وما هي الطريقة االصحيحة؟
جزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهيئة جلوس المرأة بين السجدتين كهئية جلوس الرجل تماماً ولا تخالف المرأة الرجل في الصلاة بعد الإحرام بها إلا في اللباس والجهر، وقال أبو حنيفة والشافعي تجلس المرأة كأيسر ما يكون لها، فإن تيسر لها أن تجلس على قدمها اليسرى وتنصب قدمها اليمنى وتجعل أصابع رجلها اليمنى إلى القبلة فهو أولى وأفضل، وإلا فكيفما تيسر لها على من أن أهل العلم من نصّوا على أنها تفارق الرجل من أنه يندب له أن يفرّج بين فخذيه ويبعد يديه من ركبتيه في السجود وهي بعكسه في كل ذلك وأن عليها أن تنضم وتنقبض مبالغة في سترها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6650)
مذاهب العلماء في اشتغال المأموم بالصلاة الإبرهيمية والدعاء بعد سلام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال: أنا ـ والحمد لله ـ أصلي في المسجد وأحيانا يسلم الإمام وأنا أقرأ الصلاة الإبراهيمية، فماذا أفعل؟ فهل أسلم معه دون أن أكملها؟ أو أكملها إلى آخرها وبعدها أسلم كما أفعل الآن؟ وأيهما الأصح؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك ـ أولا ـ إلى أن الواجب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة هو قول: اللهم صل على محمد، وما زاد على ذلك من تمام الصلاة الإبراهيمية سنة لا واجب، جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه أي في التشهد الأخير، لحديث كعب، والركن منه ـ اللهم صل على محمدـ لظاهر الآية وما بعده سنة، وعنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة وهو قول أكثر الفقهاء.
فإذا كنت قد فرغت من القدر الواجب في التشهد وأتيت بالواجب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنك تتابع الإمام وتسلم بعد تسليمه دون تأخر، ولا تشتغل بفعل مسنون من تمام الصلاة الإبراهيمية ولا ما عداها من الدعاء إلا ما كان يسيرا، خروجا من خلاف من منع ذلك من العلماء، قال الحطاب في مواهب الجليل: قال التلمساني في شرح الجلاب: إنه لا يجوز الاشتغال بعد سلام الإمام بدعاء ولا غيره. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: فإن سبق إمام بالسلام قبل أن يكمل مأموم دعاء التشهد أتمه إن كان يسيرا ثم سلم، وإن كان كثيرا تابعه بالسلام ولا يشتغل بإتمام ذلك، نقله أبو داود. انتهى.
وأما إذا كنت لم تأت بشيء من الواجب في التشهد فأت به ثم سلم ولو تأخرت عن الإمام، لأنك مشتغل بواجب، قال البهوتي في كشاف القناع: وقال في المغني والشرح، وابن الجوزي في المذهب، وغيرهم: يستحب أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد فراغ الإمام مما كان فيه. اهـ.
وذلك لحديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا. إذ الفاء للتعقيب فلو سبق الإمام المأموم بالقراءة وركع الإمام تبعه المأموم، لما تقدم وقطعها ـ أي القراءة ـ لأنها في حقه مستحبة، والمتابعة واجبة، ولا تعارض بين واجب ومستحب بخلاف التشهد إذا سبق به الإمام وسلم فلا يتابعه المأموم، بل يتمه إذا سلم إمامه ثم يسلم لعموم الأوامر بالتشهد. انتهى.
وقال العلامة ابن باز ـ رحمه الله: عليك أن تكمل التشهد ولو تأخرت بعض الشيء عن إمامك، لأن التشهد الأخير ركن في أصح قولي العلماء، وفيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
فالواجب أن تكمله ولو بعد سلام الإمام.
ويرى الشافعية أنه لا حرج على المأموم في أن يتأخر بعد سلام إمامه ما شاء، لأن القدوة تنقطع بسلام الإمام، قال النووي في المنهاج: وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/6651)
حكم تحريك الإصبع عند التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تحريك الإصبع أو مدها إلى الأمام أثناء الجلوس للتشهد؟ وهل يترتب على من لم يحرك إصبعه أو يمدها شيء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشارة بالإصبع في التشهد مستحبة عند الأئمة الأربعة، وإنما الخلاف في موضع استحباب الإشارة وفي مشروعية تحريك الإصبع مع الإشارة وقد بسطنا القول في هذه المسألة وبينا مذاهب العلماء فيها في فتاوىكثيرة، فانظرمنها الفتوى رقم: 125315، وما أحيل عليه فيها وليس على من ترك التحريك أوالإشارة شيء، فإن هذا من سنن الصلاة وليس من واجباتها ولا نعلم أحدا من العلماء يرى وجوب التحريك أوالإشارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(11/6652)
الموالاة بين كلمات التشهد واللحن في بعض ألفاظه
[السُّؤَالُ]
ـ[كان فى صلاة الفريضة فى التشهد الأخير ووصل إلى اللهم صل على محمد ... لكن شك هل قال محمد عبده ورسوله أم نسي وقال محمد رسوله فرجع وقال وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلى ... ولم يعد التشهد من الاول هل صحت أم بطلت الصلاة؟ اللهم صل على محمد هل صل فيها ياء أم تنطق من غير ياء لأن الأمر حذفها وأشهد أن محمد أم محمدا فى التشهد هل فيها ألف أم لا؟ وهل تبطل صلاة من يقول أحيانا محمد وأحيانا فى فريضة أخرى محمدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموالاة بين كلمات التشهد واجبة عند من أوجبه ذلك من الفقهاء.
قال الزركشي في المنثور: ومما تجب فيه الموالاة بين كلمات الفاتحة وكذا بين كلمات التشهد صرح به المتولى قال ابن الرفعة وهو قياس الفاتحة. انتهى.
وعليه فمن ترك شيئا من الألفاظ الواجبة في التشهد نسيانا ثم ذكر قبل أن يسلم مع قرب الفصل فحكمه كمن ترك شيئا من كلمات الفاتحة ثم ذكر قبل أن يطول الفصل فإنه يأتي باللفظ المتروك وما بعده ولا يلزمه أن يأتي بالتشهد من أوله.
قال النووي في شرح المهذب: وإن فعل ذلك أي ترك الترتيب في قراءة الفاتحة ساهيا لم يعتد بالمؤخر ويبني على المرتب من أول الفاتحة نص عليه في الأم واتفق الأصحاب عليه. قال البغوي وغيره: إلا أن يطول الفصل فيجب استئناف القراءة. انتهى.
وههنا لم يطل الفصل كما هو واضح فالصلاة صحيحة بلا إشكال. هذا إن كان المتروك أو المشكوك في تركه في التشهد لفظا واجبا فيه، وننبهك إلى أنه وقع في بعض روايات التشهد من حديث ابن عباس وأشهد أن محمدا رسول الله مكان عبده ورسوله. وعلى كل فصلاة هذا المصلي صحيحة.
وأما عن كيفية النطق بلفظ صل فإنه ينطلق بدون إثبات الياء لأنه فعل أريد به الدعاء جاء على صيغة الأمر فيبنى على حذف حرف العلة، وإثبات الياء في هذا الفعل لحن قبيح جدا لأن صورته بعد إثبات الياء تكون صورة خطاب المؤنثة.
وأما لفظ محمدا فإنه ينطق بإثبات الألف لأنه اسم أن وعدم إثباتها وإن كان خطأ من حيث الصناعة النحوية لكنه ليس مبطلا للصلاة لأنه من قبيل اللحن الخفي الذي لا يحيل المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(11/6653)
مذاهب العلماء في الدعاء بعد التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للحديث الذي علم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته الصلاة، قال له بعد التشهد ثم تخير من الدعاء ما شئت، هل معنى ذلك أن الدعاء بعد التشهد ركن تبطل الصلاة بتركه؟.
أم أن: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد ـ الصيغة الإبراهيمية ـ هي في صورة دعاء ونحن نقولها باعتبار أنها ركن تبطل الصلاة بدونها؟ وهل تحل محل الدعاء الذي نص عليه الحديث؟ وماذا عن عدد كثير جدا من الناس لا يقول الدعاء أي التشهد الأخير والصلاة الإبراهيمية ثم يسلمون من غير دعاء؟ وهل ـ حسب الحديث ـ صلاتهم باطلة؟.
يوجد دعاء بعد التشهد فيه حديث: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، هل بسبب حديث المسيء أصبح هذا الدعاء ركنا؟ وما حكم من صلى من غير أن يقوله؟ وما حكم هذا الدعاء عند المذاهب المختلفة؟ هل ركن تبطل بدونه الصلاة؟ وما هو بالضبط نصه الصحيح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ورد في حديث المسيء صلاته من مشروعية الدعاء بعد التشهد الأخير لا يجعل هذا الدعاء ركنا من أركان الصلاة، بل هو مستحب عند الجمهور وسنة عند الحنفية، وإليك بيان مذاهب أهل العلم مفصلة في المسألة قال المواق المالكي في التاج والإكليل: ابن عرفة: يستحب الدعاء عقب التشهد الأخير. انتهى.
وفى أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: ويستحب الدعاء بعدها: أي بعد الصلاة عليه وعلى آله في التشهد الأخير ـ بما شاء ـ مما يتعلق بالآخرة والدنيا، لخبر: إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقرأ التحيات لله إلى آخرها ثم ليتخير من المسألة ما شاء, أو أحب. رواه مسلم.
وروى البخاري: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به، والدعاء بما يتعلق بالآخرة أفضل مما يتعلق بالدنيا، لأنه المقصود الأعظم، والدعاء المأثور أي المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من غيره ومنه: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
ومنه: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال.
ومنه: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم.
ومنه: إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. انتهى.
وفى دقائق أولي النهي ممزوجا بمنتهى الإرادات لمنصورالبهوتي الحنبلي: ثم يقول ندبا: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، أي الحياة والموت، ومن فتنة المسيح الدجال، لحديث أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات, ومن فتنة المسيح الدجال. رواه مسلم وغيره. والمسيح: بالحاء المهملة على المعروف.
وإن دعا في تشهده الأخير بما ورد في الكتاب أي: القرآن نحو: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. فلا بأس. انتهى.
وفى مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر على الفقه الحنفي أثناء ذكره سنن الصلاة: والدعاء يعني بعد التشهد في القعدة الأخيرة لنفسه ولوالديه إن كانا مؤمنين ولجميع المؤمنين والمؤمنات، لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا صلى أحدكم فليبدأ بالثناء على الله تعالى ثم بالصلاة ثم بالدعاء. انتهى.
والدعاء المأثور الذي ذكرت أوله ليس بركن من أركان الصلاة، بل هو داخل في عموم الدعاء المستحب لكنه أفضل من غيره، لكونه من مأثورات الدعاء في هذا الموطن وقد تقدم بلفظه كاملا فيما سبق.
ومن ترك الدعاء بعد التشهد الأخير فصلاته صحيحة، لأنه ليس بركن ولا واجب كما رأينا.
والصلاة الإبراهيمية لا تقوم مقام هذا الدعاء، بل هي مشروعة بذاتها فهي سنة، لكن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عموما في التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة تبطل بتركها عند الشافعية والمشهورعند الحنابلة، خلافا للمالكية والحنفية، كما تقدم في الفتوى رقم: 52582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(11/6654)
كيفية نطق النبي عليه الصلاة والسلام بلفظ التشهد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني يسألني، ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد؟ فهل كان يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنني رسول الله، أو وأشهد أن محمداً رسول الله كما نقولها نحن؟.
حفظكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتشهد بذات الصفة التي علمها أصحابه وفيها ـ وأشهد أن محمداً رسول الله ـ وفي لفظ ـ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ـ وشهادته لنفسه بالرسالة صلى الله عليه وسلم تصريحاً باسمه الشريف دون الاكتفاء بضمير المتكلم ثابتة في نصوص السنة، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صفة خطبته صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد.
فليس تشهده بذكر اسمه الشريف مما يستغرب، بل هو الأصل، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن وفيه ـ محمد رسول الله ـ ولم يكن يغيرها عن وضعها فيقول مثلاً أنا رسول الله، فلا شك إذاً في أنه كان يقول الأذكار الواردة في الصلاة على الصفة التي شرعها لأمته وبينها لهم، إذ الأصل أنه متعبد بما تعبدت به الأمة، إلا ما ثبتت خصوصيته به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1430(11/6655)
الصيغة الأفضل من صيغ التشهد المأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه صيغة التشهد الأول المعمول بها عندنا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
1-لماذا اختار الإمام مالك الصيغة الأخرى التي تحوى الزاكيات هل هي لها ثواب أكثر؟ لأني سمعت شيخا في التلفزيون يقول لقد اختار مالك هذه الصيغة من بين الصيغ؟
2-سيدة مسنة تصلى بأشهد مرة واحدة وتعطف بحرف الواو محمد عبد ورسوله-أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله- وتم تنبيهها لكن تقولها هي نفسها وتصر على قولها كذلك. ما حكم صلاتها علما بأنها مسنة ومريضة والتفاهم معها ليس يسيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن التشهد بأي صيغة من صيغ التشهد الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم يحصل به الإجزاء. وإنما اختلاف أهل العلم في الأفضل من ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: وبأي تشهد تشهد مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم جاز نص عليه أحمد فقال: تشهد عبد الله أعجب إلي، وإن تشهد بغيره فهو جائز لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علمه الصحابة مختلفا دل على جواز الجميع كالقراءات المختلفة التي اشتمل عليها المصحف. انتهى.
وتشهد ابن مسعود الذي ذكرته في سؤالك هو اختيار أحمد رحمه الله، وإنما اختاره لكونه أثبت وأصح، واختار الشافعي تشهد ابن عباس لكونه أجمع، واختار مالك تشهد عمر لكونه علمه الناس على المنبر بمحضر من الصحابة.
قال ابن قدامة رحمه الله: وقال مالك: أفضل التشهد تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: التحيات لله الزاكيات لله الصلوات لله، وسائره كتشهد ابن مسعود لأن عمر قاله على المنبر بمحضر من الصحابة وغيرهم فلم ينكروه فكان إجماعا. فهذه حجة مالك رحمه الله في تقديم تشهد عمر على غيره والكل جائز كما قدمنا، ورجح شيخ الإسلام أن يأتي بهذا مرة وبهذا مرة لئلا يترك شيئا من الوارد عنه صلى الله عليه وسلم.
وأما الشق الثاني من السؤال وهو المتعلق بعدم تكرار لفظ أشهد، فإنه ليس بواجب، ومن ثم فصلاة تلك المرأة صحيحة إن شاء الله.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: في رواية أبي دواد إذا قال وأن محمدا عبده ورسوله ولم يذكر أشهد أرجو أن يجزئه. انتهى.
وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب: وأما أقل التشهد فقال الشافعي وأكثر الأصحاب أقله: التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
وهذا يدل على أن تكرار لفظ أشهد غير واجب، ومما يؤيد ذلك سقوط هذه اللفظة من بعض الروايات.
قال النووي رحمه الله: ومما يدل لسقوط لفظة وأشهد رواية أبي موسى السابقة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/6656)
فتاوى سابقة في كيفية تحريك السبابة أثناء التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي بارك الله فيه من قراء كتب العلم الموثوقة والتفاسير كذلك، وقد أخبرني بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحريك أصبعه السبابة عند التشهد على شكل حلقه وهذا أشد شيء على الشيطان، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يستمر في هذا الفعل طوال التشهد ويستمر حتى التسليم إلى أن يقوم من الصلاة وهو يحرك أصبعه بهذه الطريقة، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع أصبعه عند قول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم يعد التحريك. فهل هذا صحيح؟ وهل آثم لأخذي لكلامه؟ علما بأنه قال لي إنه قرأ هذا الشيء ومكتبته تضم كتب قيمة كابن كثير والقرطبي وسيد قطب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو الثقة بكلام الوالد إن كان طالب علم مهتما بدراسة العلم الشرعي، وأما موضوع التشهد فقد روى مسلم في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاث وخمسين وأشار بالسبابة.
وقد بسطنا كلام أهل العلم في تحريك السبابة ومتى ينتهي في الفتاوى التالية أرقامها فراجعيها: 30337، 29675، 29330، 30797، 54730.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(11/6657)
حكم من لحن في التسليمة الأولى وأعادها صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المصلي الذي يلحن في التسليمة الأولى من الصلاة متعمدا لحنا يغير المعنى، ولكنه يعيدها في نفس الوقت صحيحة مرة أخرى أي ينطقها مرتين واحدة وهي الأولى خاطئة والأخرى سليمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلام ركنٌ من أركان الصلاة عند الجمهور خلافاً للحنفية، وقول الجمهور هو الصواب لقوله صلى الله عليه وسلم: وتحليلها التسليم. رواه أبو داود، فهو ظاهرٌ في أن المصلي لا يتحلل من صلاته إلا بالتسليم، فإذا تعمد المصلي الكلام قبل التسليم، فقد بطلت صلاته، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن. رواه مسلم.
فمن لحن في سلامه لحناً يُحيل المعنى، متعمداً فقد أبطل صلاته، لأنه أتى فيها بشيءٍ من كلام الناس قبل أن يتحلل منها، ولا ينفعه أن يأتي بالتسليم بعد هذا على وجه صحيح، لأنه قد أبطل صلاته، فوجب عليه إعادتها، وإن كان هذا لا يكادُ يُتصور صدوره من مسلم عالم بأحكام الصلاة.
وأما من لحن في التسليم ساهياً، فإن صلاته لا تبطل، فإن الراجح أن كلام الناسي لا يُبطل الصلاة، لقوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:186} ، وقال الله في جوابها: قد فعلت.أخرجه مسلم.
وعليه أن يأتي بالتسليم على صورته الصحيحة، ويُشرع له في هذه الحال سجود السهو، قال النووي مُجملاً ما ذكرنا من الأحكام: أما حكم السلام فحاصله ان السلام ركن من أركان الصلاة، لا تصح إلا به، ولا يقوم غيره مقامه، وأقله أن يقول السلام عليكم، فلو أخل بحرف من هذه الاحرف لم يصح سلامه، فلو قال السلام عليك أو قال سلامي عليك أو سلام الله عليكم أو سلام عليكم أو السلام عليهم لم يجزه بلا خلاف، فان قاله سهوا لم تبطل صلاته ولكن يسجد للسهو وتجب إعادة السلام، وإن قاله عمدا بطلت صلاته إلا في قوله السلام عليهم فإنه لا تبطل الصلاة لأنه دعاء لغائب، وإن قال سلام عليكم بالتنوين فوجهان مشهوران. انتهى.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 40159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/6658)
من سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ إذا سلم المصلي عن اليمين التسليمتين على جهة اليمين، فما حكم الشرع في ذلك؟ أو إذا سلم على اليسار ونسي أن يسلم على اليمين بداية، فما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروعُ للمصلي أن يسلم تسليمتين، الأولى عن يمينه والثانية عن شماله، لما روى ابن مسعود قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسلم حتى يرى بياض خده عن يمينه ويساره. وعن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما يكفي أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله. رواهما مسلم وفي لفظ لحديث ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله. قال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح.
فإن خالف المصلي وسلم التسليمتين عن يمينه أو عن شماله، أو الأولى عن شماله والثانية عن يمينه صحت صلاته، وفاتته الفضيلة، قال الشوكاني في نيل الأوطار:
قوله: عن يمينه وعن يساره فيه مشروعية أن يكون التسليم إلى جهة اليمين ثم إلى جهة اليسار. قال النووي: لو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه صحت صلاته وحصلت التسليمتان ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما. انتهى.
وإذا كان المصلي المتعمد مخالفة صفة التسليم المستحبة تصح صلاته مع فوات الفضيلة، فأولى بالصحة من نسيَ وسلم الأولى عن يساره ابتداءً، هذا وقد بينا حكم التسليم في الصلاة، وأن الأولى فرضٌ، والثانية مستحبة. وانظر لذلك الفتوى رقم: 20523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/6659)
ثبوت لفظة وأشهد أن محمدا رسول الله في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى صيغة التشهد الصحيحة؟ لقد سمعت أنه لا يجوز قول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. لأنه لا يجوز قول الشهادة مرتين بل يجب قول: أشهد أن لا اله إلا الله ومحمدا رسول الله. أرجو تصحيح هذه المعلومة وإعلامى بالتشهد الصحيح وقصة التشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سمعته من عدم جواز قول وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وما عللته به من التعليل كلامٌ باطل لا شك في بطلانه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم علم أصحابه التشهد، ولا سبيل إلى تلقي تلك العبادات، وصيغها إلا من مشكاته صلى الله عليه وسلم، وكان مما علمهم في التشهد أن يقولوا: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فعن شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله أي ابن مسعود:
كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو السلام فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.متفق عليه
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ: كَمَا يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ.أخرجه مسلم.
وبأي صيغة تشهدت من الصيغ الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أجزأ ذلك عنك، واختار أحمد وأبو حنيفة تشهد ابن مسعود لكونه أثبت إسناداً، واختار الشافعي تشهد ابن عباس لكونه أجمع معنىً، واختار مالك تشهد عمر لأنه علمه الناس على المنبر، ولفظه: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أخرجه مالك وغيره.
وبأيها كان التشهد حصل الإجزاء، وإنما الخلافُ في الأولى والأفضل، هذا عن صيغة التشهد.
وأما ما سألت عنه من قصة التشهد فكأنك تُشيرُ إلى ما ذكره بعض الوعاظ، ومن لا عناية له بعلم الحديث من أن ألفاظ التشهد منشأها حوارٌ بين الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فقال سيدنا رسول الله: التحيات لله والصلوات الطيبات فقال الله: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فقال رسول الله: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فقالت الملائكة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
وهذا كله كلامٌ مختلقٌ لا أصل له في شيءٍ من كتب السنة.
جاء في فتاوى اللجنة:
وأما كونه صلى الله عليه وسلم أتى بالتشهد وهو ساجد عند سدرة المنتهى ليلة المعراج، فلا نعلم له وللسجود في ذلك المكان ليلة المعراج أصلاً. انتهى.
وقد ذكرنا كلاماً نفيساً للعلامة ابن القيم رحمه الله في معنى التشهد فانظره لأهميته في الفتوى رقم: 64163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/6660)
السنة في كيفية وضع اليد للمصلي حال التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا انتهيت من الصلاة الإبراهيمية فهل يجوز لي أن أفرد يدي بحيث لا أقبضها أم يجب علي أن أبقيها مثل حالتها أثناء التشهد؟ وكذلك في الركعة الثانية بعد التشهد هل إذا أكملت التشهد يجب علي أن أبقي يدي مثلما كانت أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة للمصلي إذا جلس للتشهد أن يقبض الخنصر -أي الأصبع الصغرى- والتي تليها، ويحلق الإبهام والوسطى، ويشير بالمسبحة، أو يقبض أصابعه الثلاث، ويضع الإبهام على الوسطى ويشير بالمسبحة. والمشروعُ له أن يُبقي يده اليمنى على هذه الصفة إذا جلس في التشهد الأول حتى ينهض إلى الثالثة، وإذا جلس في التشهد الأخير حتى يُسلم، هذا هو ظاهر السنة، ولم يرد ما يفيدُ مشروعية بسط اليد بعد الفراغ من قراءة التشهد، وقبل التسليم، أو قبل النهوض إلى الثالثة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: السنة للمصلي حال التشهد أن يقبض أصابعه كلها أعني أصابع اليمنى، ويشير بالسبابة ويحركها عند الدعاء تحريكاً خفيفاً إشارة للتوحيد، وإن شاء قبض الخنصر والبنصر وحلق الإبهام مع الوسطى، وأشار بالسبابة. كلتا الصفتين صحتا عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما يده اليسرى فيضعها على فخذه اليسرى مبسوطة ممدودة أصابعها إلى القبلة، وإن شاء وضعها على ركبته، كلتا الصفتين صحتا عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 116949.
وننبهكَ إلى أن هذه الكيفية في وضع اليد في التشهد مُستحبة وليست واجبة، فمن تركها فصلاته صحيحة، ولا نعلم أحداً من الفقهاء يقول بوجوب هذه الكيفية في التشهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(11/6661)
كيف يجلس المسبوق مع الإمام في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا جئت والإمام في الركعة الأخيرة فهل أجلس مفترشا أم أجلس متوركا حيث إنها صلاة رباعية للإمام وأنا لم أصل إلا الركعة الأولى؟
والآمر الأخير هل إذا صليت الركعة الثانية أتورك أم التورك يكون فقط في الركعة الرابعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما هل يجلس المسبوق متوركا مع الإمام في الجلوس للتشهد الأخير، فجوابه: نعم يجلس المسبوق متوركا مع الإمام في الجلوس للتشهد الأخير ولو افترش فلا حرج، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف عن جلوس المسبوق مع الإمام في التشهد الأخير: والصحيح من المذهب أنه يتورك مع إمامه على الرواية الأولى كما يتورك إذا قضى ... وعنه: يفترش، وعنه يخير وهو وجه.. .انتهى.
وأما هل تتورك إذا جلست في الركعة الثانية، فإن التورك يسن في التشهد الأخير في الرباعية والثلاثية، لا في التشهد الأوسط، ولا في التشهد الأخير في الثانية، وانظر الفتوى رقم: 16453، عن الافتراش والتورك معناهما ومواضع سنيتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(11/6662)
حكم الزيادة على التسليمتين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تكرار التسليم في الصلاة بعد الانتهاء منها يقول السلام عليكم، السلام عليكم، السلام عليكم. نرجو منكم الجواب الكافي الوافي الشافي الغاني المرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا كيفية التسليم في الصلاة في الفتوى رقم: 101962.
واعلم أن مذهب الجمهور أن الواجب هو التسليمة الأولى، وأنه يتحلل من الصلاة بها، وأنه يُستحبُ له أن يأتي بتسليمة ثانية، قال ابن قدامة في المغني: ويشرع أن يسلم تسليمتين عن يمينه ويساره لما روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسلم حتى يرى بياض خده عن يمينه ويساره، وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله. رواهما مسلم. وفي لفظ لحديث ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله. قال الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح. انتهى.
وقال النووي: مذهبنا: الواجب تسليمة واحدة، ولا تجب الثانية، وبه قال جمهور العلماء أو كلهم. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة، وحكى الطحاوي والقاضي أبو الطيب وآخرون عن الحسن بن صالح أنه أوجب التسليمتين جميعا، وهي رواية عن أحمد وبهما قال بعض أصحاب مالك. والله أعلم. انتهى.
وأما الزيادة على التسليمتين فلا تُشرع بحال، لعدم ثبوتها لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه.
وذهب بعض المالكية إلى أن المشروع للمأموم ثلاث تسليمات الأولى عن يمينه للخروج من الصلاة، والثانية ينوي بها السلام على الإمام، والثالثة ينوي بها السلام على من على يساره، وقد أنكر هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله، واختار أن التسليمة الثانية يقصد بها الإمام والمأمومين معا، وأن الثالثة بدعة، قال رحمه الله: يسلم اثنتين: واحدة عن يمينه، يعتقد بها الخروج من الصلاة، والثانية عن يساره يعتقد بها الرد على الإمام والمأمومين، والتسليمة الثالثة احذروها، فإنها بدعة، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة. انتهى من مواهب الجليل.
وأما إن كان من يكرر التسليم، يُكرره على جهة الوسوسة، فليعلم أنه قد تحلل من الصلاة بالتسليمة الأولى، وأتى بالمستحب بالتسليمة الثانية، فزيادته على التسليمتين عبث ولغوٌ لا فائدة فيه، وعلى هذا الموسوس أن يُسد على نفسه باب الوسوسة لئلا يجلب إلى نفسه شراً عظيما، وضرراً جسيما، وانظر الفتوى رقم: 69990 ورقم: 60471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/6663)
ما يفعله المأموم إذا أطال الإمام التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: عندما أنتهي من التشهد الأول أثناء الصلاة وهذا خلف الإمام طبعا فما هي وضعية السبابة هل أسدل يدي على فخذي أم أبقي أصبعي في وضعيته الأولى وماذا أقول إذا كان الإمام لا يزال يتشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشروع لكل مصلٍ إذا جلس في التشهد أن يشير بأصبعه المسبحة لثبوت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم، والمشروع أن يبقى مشيراً طيلة التشهد، وفي المسألة خلاف كبير وتفصيلات للفقهاء كثيرة، وظاهر السنة هو ما ذكرنا، ويبقى مشيراً بأصبعه سواء كان إماماً أو منفرداً أو مأموماً، فإن كان مأموماً فإنه لا يترك الإشارة إلا بعد سلام الإمام إن كان في التشهد الأخير أو بعد قيامه إلى الثالثة إن كان في التشهد الأول، لأنه تابع لإمامه فهو ما زال في التشهد طالما أن إمامه لم ينصرف من الصلاة أو يقم إلى الثالثة.
وأما إذا أطال الإمام التشهد الأول فإن المأموم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصحيح مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول استحباباً، وهو قول الشافعي ودليله ناهض جداً، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيدعو ربه ويصلي على نبيه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيقعد ثم يحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو ثم يسلم. رواه مسلم في صحيحه.
وله أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية تامة لأنها أكملُ ما يُصلى به عليه صلى الله عليه وسلم، ولعدم ورود ما يمنعُ من تكميلها، فإذا استمر الإمام جالساً فإنه يأتي بما شاء من الدعاء قياساً على التشهد الأخير ولأن الصلاة لا يُشرع فيها السكوت.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إذا أطال الإمام التشهد الأول فاستمر في التشهد حتى لو أكملته فلا حرج، وكذلك لو أدركت الإمام في الركعتين الأخيرتين فإنه سيطيل التشهد، لأن التشهد في حقه هو الثاني وفي حقك الأول، فأتم التشهد ولا حرج، وكمل التشهد وصل على النبي صلى الله عليه وسلم وبارك على النبي صلى الله عليه وسلم وتعوذ بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر ... أو ادع بما شئت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(11/6664)
حكم انصراف الإمام من الصلاة بغير تسليم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإمام الذي قام بدون أن يسلم في الركعة الأخيرة من صلاة العشاء وقام يصلي الشفع والوتر وبقي المأمومون في أماكنهم جلوسا ولم يسلموا إلا بعد ما تيقنوا أن الإمام ذهب يصلي الشفع والوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام ترك السلام ناسياً فكان ينبغي لكم أن تسبحوا به حتى يرجع إلى الجلوس ويسلم، فإذا امتنع فإنكم تنوون المفارقة وتسلمون وتنصرفون وقد صحت صلاتكم.
وأما هو فتلزمه إعادتها لأنه تعمدَ ترك ركنٍ من أركانها، اللهم إن كان هذا الإمام حنفي المذهب فإن الحنفية لا يرونَ وجوب التسليم في الصلاة، وهذا القول ضعيفٌ جدا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُنقل عنه أنه قد ترك التسليم من الصلاة قط، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. أخرجه البخاري.
وقد روى أبو داود عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: مفتاحُ الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، فدل بوضوح على أنه لا يتحللُ من الصلاة إلا بالتسليم، فإذا كان هذا الإمام قد ترك السلام لهذا السبب الذي ذكرنا فما فعلتموه من التسليم والانصراف هو الصواب لأن صلاته قد تمت عند نفسه، ولا تتم صلاتكم أنتم حتى تسلموا كما هو القول الراجح، ولكن ينبغي لكم أن تناصحوه وتبينوا له السنة وتحثوه على ترك الخروج من خلاف الجمهور، وعدم إدخال اللبس على المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/6665)
من ترك التشهد وهو يظن استحبابه
[السُّؤَالُ]
ـ[من كان يترك التشهد الأخير ظنا منه بأنه سنة عند الإمام مالك اختلط عليه الأمر بهذا فهم التشهد الأخير سنة وليس التشهد الأول ما حكم هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يختلط الأمر على هذا الشخص، فمذهبُ مالك هو أن التشهد في الصلاة سنةٌ ليس بواجب، سواءٌ في ذلك التشهد الأول والثاني، وقد نقل الفقيه المالكي أبو الوليد ابن رشد في بداية المجتهد القول باستحباب التشهد عن مالكٍ وأبي حنيفة، وقد حرر الموفق في المغني خلاف العلماء في هذه المسألة وذكر أدلة الوجوب وهو الصواب في المسألة، قال رحمه الله:
وهذا التشهد والجلوس له من أركان الصلاة, وممن قال بوجوبه عمر، وابنه وأبو مسعود البدري والحسن والشافعي. ولم يوجبه مالك ولا أبو حنيفة؛ إلا أن أبا حنيفة أوجب الجلوس قدر التشهد. وتعلقا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه الأعرابي , فدل على أنه غير واجب. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال: قولوا: التحيات لله. وأمره يقتضي الوجوب, وفعله وداوم عليه, وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده السلام على جبريل السلام على ميكائيل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله..... إلى آخره
وهذا يدل أنه فرض بعد أن لم يكن مفروضا , وحديث الأعرابي يحتمل أنه كان قبل أن يفرض التشهد , ويحتمل أنه ترك تعليمه لأنه لم يره أساء في تركه. انتهى.
إذا علمت هذا، وعلمت أن الصواب هو وجوب التشهد الأخير، فاعلمي أنه لا يلزمُ من ترك التشهدَ وهو يظن استحبابه إعادة ما فات من صلاة، لأنه كان يقلدُ إماماً متبوعاً يسوغ تقليده؛ ولأن الإلزامَ بالقضاء في مسائل الاجتهاد مما يشقُ جدا.
وعليه، فينبغي المرء أن يحرصَ على فعل الصلاة كما أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعلها وعلمها أصحابه، مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي. أخرجه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(11/6666)
حكم الإشارة باليسرى في حالة فقد اليمنى
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت اليد اليمنى مقطوعة فهل يتشهد في الصلاة ويحرك أصبعه في اليد اليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصح عدم إشارة مقطوع اليد اليمنى بيساره لأن السنة لليد اليسرى هي البسط، وهذا هو الصحيح من كلام أهل العلم.
قال النووي في المجموع: لو كانت اليمنى مقطوعة سقطت هذه السنة فلا يشير بغيرها لأنه يلزم ترك السنة في غيرها، وممن صرح بالمسألة المتولي، وهو نظير من ترك الرمل في الثلاثة لا يتداركه في الأربعة لأن سنتها ترك الرمل. اهـ
ومن العلماء من يرى تسويغ الإشارة باليسرى في حالة فقد اليمنى كما في الفروع لابن مفلح الحنبلي، وكذا في مواهب الجليل من المالكية، والصحيح هو الأول لأن اليسرى شأنها البسط في حالة التشهد للصلاة وهذا هو الذي صدر به الحطاب وابن مفلح رحمهما الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/6667)
من نسي التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[نسيت وصليت بدون أن أقول التشهد بعد ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في كيفية صلاة من نسي التشهد الأول، فانظر الفتوى رقم: 21975، والفتوى رقم: 13520، والفتوى رقم: 50202، وكلا الفتويين الأخيرتين في حكم من لم يسجد للسهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(11/6668)
خمس تشهدات في صلاة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للفتوى رقم 102407 الصلاة التي يجتمع فيها خمس تشهدات أنا لم أفهم أبدا كيف يجتمع في صلاة المأموم الحاضر إذا أدرك الركعة الثانية من صلاة إمام مسافر ركعة خمس تشهدات، بالنسبة لصلاة المأموم:
1- التشهد الأول مع الامام.
2- التشهد الثانى للمأموم هو الأوسط أى بعد الركعة الثانية.
3- التشهد الثالث هو الأخير للمأموم. إ ذا وجد سجود سهو صاروا أربع فقط ممكن تشرح لي كيف يكونون خمسة، كذلك فى فتاويكم السابقة وفتاوى غيركم أرجح الأقوال (الجمهور ومنهم المالكية) لا يوجد تشهد بعد سجود السهو على ما أذكر أنكم أفتيتم بذلك سابقا وقلتم الأحناف وليس المالكية هم فقط عندهم بعد سجود السهو تشهد آخر أما الجمهور للسهو سجود سهو فقط ولا تشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإن هذه المسألة من المسائل الفقهية التي تحتاج إلى مذاكرة وتأمل، وهي كما ذكر في الجواب السابق مذكورة في الفقه المالكي ولها نظائر: وصورتها عندهم أن الشخص الحاضر أي غير المسافر إذا اقتدى بإمام مسافر وأدرك معه ركعة واحدة صلاها معه وجلس لتسليم الإمام، فإذا سلم الإمام المسافر فإن المسبوق بعد سلام الإمام يفعل ما يلي: يأتي بركعة بالفاتحة فقط ويجلس ويتشهد لأنها ثانيته، ثم يأتي بركعة ثالثة بالفاتحة فقط ثم يجلس ويتشهد لأنها رابعة إمامه لو لم يكن قاصراً، ثم يأتي بركعة رابعة بالفاتحة والسورة جهراً إن كانت عشاء وإلا سراً ثم يتشهد ويسلم، وإذا حصل له سهو سجد وتشهد قبل السلام أيضاً كما هو معلوم في المذهب المالكي. وبهذا يكون قد أتى بخمس تشهدات في صلاة واحدة، ثم إن هذه المسألة من المسائل النادرة، وهذه الصورة هي رواية ابن القاسم.
وإذا أردت التوسع والاطلاع على هذه المسألة ونظيراتها فانظر كتب الفقه المالكي وخاصة شراح خليل بن إسحاق عند قوله في مختصره: وإذا اجتمع بناء وقضاء لراعف أدرك الوُسطَييْن أو إحداهما، أو لحاضر أدرك ثانية صلاة مسافر، أو خوف بحضر، قدم البناء وجلس في آخرة الإمام، ولو لم تكن ثانيته. انتهى.
ثم إننا لم نذكر أن المالكية ممن يرى أن سجود السهو لا تشهد فيه، بل إن التشهد مستحب عندهم قبل السلام من سجود السهو سواء كان قبلياً أو بعدياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(11/6669)
كيفية التسليم من الصلاة وعلى من نسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء من فضيلتكم إفادتي بالأجوبة عن الأسئلة التالية:
-ما هي أركان الصلاة، وما هي واجباتها وما هي سننها.
-ما هي كيفية التسليم في الصلاة وعلى من نسلم عندما نتجه نحو اليمين ونحو الشمال أو إلى الأمام.
جزاكم الله شكرا وأعانكم على القيام بهذه المهمة العالية وما يجنيه منها المسلمون من فوائد جمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ابتداء نرحب بالأخ السائل في موقعنا ونسأل الله أن يوفقه لما يحبه ويرضاه، وأما عن أركان الصلاة وواجباتها وسننها فانظر لذلك الفتوى رقم: 12455.
وأما كيفية السلام من الصلاة فقد بينها الفقهاء رحمهم الله، ومن ذلك ما ذكره البهوتي في الروض المربع بقولهم: ثم يسلم وهو جالس.... فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك، وسن التفاته عن يساره أكثر، وأن لا يطول السلام، ولا يمده في الصلاة.... وأن يقف على آخر كل تسليمة وأن ينوي به الخروج من الصلاة. انتهى.
وأما على من نسلم فالمقصود بالسلام من الصلاة ابتداء هو الخروج منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم.
ولكن ذكر بعض الفقهاء أنه ينوي مع الخروج من الصلاة أشياء أخرى ذكرها النووي رحمه الله تعالى بقوله: وينوي الإمام بالتسليمة الأولى الخروج من الصلاة والسلام على من عن يمينه وعلى الحفظة، وينوي بالثانية السلام على من على يساره وعلى الحفظة، وينوي المأموم بالتسليمة الأولى الخروج من الصلاة والسلام على الإمام وعلى الحفظة وعلى المأمومين من ناحيته في صفه وورائه وقدامه، وينوي بالثانية السلام على الحفظة وعلى المأموين من ناحيته، فإن كان الإمام قدامه نواه في أي التسليمتين شاء، وينوي المنفرد بالتسليمة الأولى الخروج من الصلاة والسلام على الحفظة، وبالثانية السلام على الحفظة.. انتهى.
ومثله ما نص عليه بعض فقهاء المالكية من أن الإمام ينوي بسلامه الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة ومن معه من المأمومين، والفذ ينوي الخروج والسلام على الملائكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(11/6670)
هل كان الرسول يصلي على نفسه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل أليس الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يصلي مثلنا وتعلمنا الصلاة منه، ولكن عندما كان يصلي الرسول ماذا كان يقول عن نفسه عندما يصلي هل كان يقول اللهم صلي علي ونحن عندما نقول السلام عليك أيها النبي هل هو كان يقول السلام على نفسي أريد أن أفهم عن سيدنا الرسول كيف كان يتكلم عن نفسه كرسول ونحن نصلي على سيدنا النبي، ولكن هو على من يصلي أريد أن أفهم كل هذا مع الدليل الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عبادة متعبد بها، وقد علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فقال لهم: قولوا اللهم صل على محمد..........
وفي بعض الروايات عن علي أن جبريل علمه للرسول صلى الله عليه وسلم، فاتضح بهذا أن المطلوب من عموم المصلين هو الإتيان بهذا اللفظ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبعد أنه كان يأتي بهذا اللفظ.
ويؤيد أنه ثبت عنه الدعاء لنفسه بصيغة مثل هذا في عدة أدعية، منها قوله كما في الصحيحين: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً. ومنها قوله كما في مسلم: اللهم تقبل من محمد وآل محمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(11/6671)
حكم صلاة من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي في التشهد الأخير ولكني قرأت نصف التشهد الأول فقط وسلمت ثم سجدت سجود السهو فهل هذا يكفي أم لا بد من إعادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يعني بقوله قرأت نصف التشهد أنه قرأ التشهد حتى وصل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم سلم ثم سجد للسهو فإن صلاته صحيحة عند أكثر الفقهاء، وذلك لأن الباقي بعد التشهد الذي ذكرنا نهايته ليس واجباً ما عدا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فيها خلافاً بين الفقهاء، فعند الأحناف والمالكية مستحبة وعند الحنابلة ركن وقيل واجبة تجبر بالسجود، وفي المذهب الشافعي تعتبر فرضاً لا تجبر بالسجود فمن لم يأت بها بعد التشهد الأخير بأي صيغة كانت لم تصح صلاته، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: فرع في مذاهب العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير قد ذكرنا أن مذهبنا أنها فرض فيه، ونقله أصحابنا عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما، ونقله الشيخ أبو حامد عن ابن مسعود وأبي مسعود البدري رضي الله عنهما، ورواه البيهقي وغيره من الشعبي هو إحدى الروايتين عن أحمد وقال مالك وأبو حنيفة وأكثر العلماء: هي مستحبة لا واجبة، وحكاه ابن المنذر عن مالك وأهل المدينة، وعن الثوري وأهل الكوفة وأهل الرأي وجملة من أهل العلم. قال ابن المنذر وبه أقول. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر واجبات الصلاة ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: أن من ترك شيئاً عامداً بطلت صلاته، ومن ترك شيئاً منه ساهياً أتى بسجدتي السهو. انتهى.
أما إذا كان قد سلم قبل أن يأتي بالتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت بهما بعد السلام وطال الفصل فإن عليه إعادة الصلاة لأن التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة على الراجح، كما سبق ذكره في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 34423، والركن لا يجبر بالسجود، هذا إضافة إلى ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي ركن في المذهب الشافعي، ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة والعرف، فإذا طال الفصل عرفاً لم يمكن تدارك الإصلاح وتجب الإعادة وإن لم يطل الفصل أمكن التدارك وإصلاح الخلل مع سجود السهو، ومن أهل العلم من يعتبر الخروج من المسجد مفوتاً للتدارك ولم لم يطل الفصل بين السلام وتذكر الخطأ، وللفائدة في الموضوع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 13520، والفتوى رقم: 14554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(11/6672)
نوى قطعه وإعادته ولم يقطعه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الموالاة شرط في قراءة التشهد؟
وما حكم من نوى قطع التشهد والإعادة من جديد ثم أكمل التشهد ولم يعد هل تبطل صلاته؟ وهل تبطل على القول القائل بأن الإمام يتحمل عنه التشهد الأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموالاة بين كلمات التشهد واجبة، قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية في الفقه الشافعي: ومما تجب فيه الموالاة بين كلمات الفاتحة وكذا بين كلمات التشهد، صرح به المتولي. قال ابن الرفعة: وهو قياس الفاتحة. انتهى.
وفي حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب في الفقه الشافعي أيضا ما نصه: وإنما وجبت الموالاة في التشهد لأن تركها يخل بالنظم. انتهى.
أما من نوى قطعه ولم يقطعه فالظاهر أن ذلك لا يؤثر على صحة صلاته لأن مثل هذا لا يؤثر لو حصل في الفاتحة، والتشهد مثلها في ذلك من باب أولى، قال النووي في المجموع: وإن نوى قطع القراءة ولم يسكت لم تبطل قراءته بلا خلاف، وإن سكت يسيرا بطلت أيضا على الصحيح. انتهى.
وإذا علم أن مجرد نية قطع التشهد لا يؤثر على صحة الصلاة عند من يرى أنه واجب أو ركن من أركان الصلاة، فمن باب أولى أن لا يؤثر ذلك عند من يرى أنه سنة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 38298.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(11/6673)
أحكام التشهد الأخير في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كل ما أصلي ألاقي نفسي ساعات أنسى التشهد وأضطر لأخرج من الصلاة وأحاول أن أتذكر بعدها لكني لا أتذكر مع أني حافظة جيدا فأضطر لعدم إكمال الصلاة، فماذا يمكنني أن أعمل كي لا يقع ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة التشهد الأخير في الصلاة ركن من أركانها لا تصح إلا به وهو الذي رجحه الشافعية والحنابلة؛ كما سبق في الفتوى رقم: 34423، وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن لم يحسنهما عليه أن يتعلمهما، فإن كان لا يحفظهما وكان يقدر على قراءتهما من نحو ورقة وجب عليه ذلك كما هو الحال في قراءة الفاتحة وبذلك صرح فقهاء الشافعية، فإن لم يتمكن المصلي من تعلم التشهد أو قراءته من نحو ورقة فعليه أن ينتقل إلى البدل، قال العلامة ابن قاسم العبادي رحمه الله في حاشيته على تحفة المحتاج: ولو عجز عن التشهد أتى ببدله كما هو ظاهر. وهذا البدل هو الذكر إن كان يحفظ شيئاً من الأذكار؛ وإلا جلس بقدر التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا تعلم الأخت السائلة أن صلاتها لا تصح بغير تشهد ما دامت قادرة على قراءته من نحو ورقة أو الإتيان ببدله إن كانت لا تقدر على ذلك، كما قد اتضح لها أيضاً أن المخرج لحالها أن تصطحب في صلاتها ورقة أو نحوها قد كتب فيها التشهد، فإن احتاجت إلى قراءتها من الصحيفة قرأتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/6674)
من شك في السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العصر أنا وشخص آخر خلف إمام بدأ من تكبيرة الإحرام حتى التسليمتين لكن الإمام أطال السجدة الأخيرة مدة طويلة جداً، فهل تطويل السجدة الأخيرة سنة أم لا، وهل يمكن ترك متابعة الإمام وإكمال الصلاة منفرداً إذا أطال الصلاة أم يحرم، تضايقت فقلت للإمام بعد الصلاة إن تطويل السجدة الأخيرة ليس سنة فهل أنا آثم، وهل صلى ابن تيمية العشاء مرة وأطال السجدة الأخيرة حتى الفجر، وفي صلاة الجمعة سرحت فلم أدر هل سلمت للخروج من الصلاة أم لا لم يمض وقت طويل بعد التشهد فسلمت تسليمتين وبعدهما وسوست يا شيخ فسلمت تسليمتين مرة أخرى، لم أسجد سجود السهو عمداً، فما مدى صحة الصلاة لو كان عدد التسليمات ستة أو أربعة، هل يجب إعادة هذه الصلاة ظهراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 46472 حكم إطالة السجود الأخير فلتراجع، ومن قال إن تخصيص السجدة من سجدات الصلاة أخيرة كانت أو غيرها بالتطويل خلاف السنة فلا حرج عليه وقد أصاب.
ومفارقة المأموم لإمامه جائزة إذا كانت لعذر كخوف مرض أو تلف مال إلى آخر الأعذار المذكورة في الفتوى رقم: 47529.
ولم نقف على ما يفيد كون شيخ الإسلام ابن تيمية أطال السجدة الأخيرة من صلاة العشاء حتى طلع الفجر، وعلى افتراض حصول ذلك منه لا يجعله سنة.
وقد أصبت في شأن الإتيان بالسلام حين شككت في حصوله فهذا هو المطلوب، ففي الغرر البهية لزكريا الأنصاري الشافعي: وأفهم كلام الناظم أنه لو شك في السلام أتى به ولا يسجد لفوات محله. انتهى.
وفي الخرشي شرح مختصر خليل المالكي: وكذلك إذا شك هل سلم أم لا؟ فإنه يسلم ولا سجود عليه إن كان قريباً ولم ينحرف عن القبلة ولم يفارق مكانه. انتهى.
وما صدر عنك من زيادة يترتب عليه سجود سهو، ويكون بعد السلام بناء على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17887.
ولا تبطل صلاتك بتعمد ترك هذا السجود لكن يشرع عند بعض أهل العلم كالمالكية ورواية عند الحنابلة وقول للشافعي أن تقوم بهذا السجود ولو طال الزمن. وراجع الفتوى رقم: 50202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(11/6675)
حكم الخطأ في صيغة التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في إحدي فتاويكم عن التحيات, وهي كالآتي: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" أما أنا فكنت دائما أقولها بشكل مغاير, فكنت أقول: "التحيات لله, الزكيات لله, الطيبات الصلوات لله, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" فهل ما كنت أقوله طوال عمري في التحيات خطأ أم يجوز لي قول ذلك، وماذا لو كان ذلك خطأ, فهل تعتبر كل صلواتي خاطئة وناقصة ولا تقبل، وهل يعاقبني الله لأني كنت لا أعرف وكنت أقولها كما ذكرت, لأني ظننت أنها صحيحة?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 34423 أن التشهد الأخير من الصلاة محل خلاف بين العلماء هل هو ركن أم لا؟ فذهب إلى أنه ركن منها الحنابلة والشافعية، وقد ذكرنا أن هذا هو القول الراجح، ويرى آخرون عدم ركنيته فتصح الصلاة بدونه، وأقل ما يجزئ في التشهد تقدم ذكره في الفتوى رقم: 70738.
وبناء عليه؛ فالتشهد الذي كنت تواظبين عليه مشتمل على خطأ وغير مجزئ، وبالتالي فقد أخللت بهذا الركن من الصلاة عند من يقول بركنيته، وعليه فيجب إعادة جميع الصلوات التي أديتها مع الخطأ في التشهد، وإن جهلت عددها فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، وكيفية قضاء الفوائت الكثيرة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك شيئاً من أركان الصلاة جاهلاً أنه لا قضاء عليه، كما في الفتوى رقم: 13805.
أما التشهد الأول فسنة عند الجمهور ولا تبطل الصلاة بالخطأ في لفظه، وراجعي الفتوى رقم: 59826، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 8103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/6676)
كيفية الجلوس للتشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الجلوس للتشهد حيث إنني في السابق لم أكن أعرف الجلسة الصحيحة ولكنني تعلمتها حاليا وأحس بها تؤلم الرجل هل هي واجبة أم أغيرها أو أنني سوف أعتاد عليها؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكيفية المشروعة للجلوس في التشهد سنة وليست بواجبة، وتقدم تفصليها في الفتوى رقم: 16453.
ويجزئ الجلوس للتشهد بأي كيفية كانت. وراجعي الفتوى رقم: 65685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/6677)
القدر المجزئ في الصلاة على النبي في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أمريكا وددت أن أسأل سؤالا بخصوص فتوى في الصلاة، كنت أصلي خلف إمام وكان الإمام مستجعلاً في صلاته، فعند التشهد الأخير لم أستطع إكمال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (التشهد الأخير) ، فأنا أعلم بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركن من أركان الصلاة، هل يلزمني إعادة الصلاة، علماً بأن نيتي إكمال التشهد الأخير، فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 21413، أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة تبطل بتركه عند الحنابلة والشافعية، وقد ذكرنا أن هذا القول هو الراجح، وبناء عليه فإذا كنت قد أتيت في التشهد الأخير بما يجزئ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حيث قلت: اللهم صل على محمد ونحوها فصلاتك صحيحة، قال النووي في المجموع: وأما أقل الصلاة فقال الشافعي والأصحاب: هو أن يقول: اللهم صل على محمد، فلو قال: صلى الله على محمد فوجهان حكاهما صاحب الحاوي، قال: وهما كالوجهين في قوله: عليكم السلام، والصحيح أنه يجزئه، وبه قطع صاحب التهذيب، وفي هذا دليل على أنه لو قال: اللهم صل على النبي، أو على أحمد أجزأه. وكذا قطع الرافعي بأنه لو قال: صلى الله على رسوله أجزأه، قال: وفي وجه يكفي أن يقول صلى الله عليه. انتهى.
وإذا كنت لم تأت بما يجزئ من هذه الصلاة فصلاتك باطلة تجب إعادتها، لأنك تركت ركناً من أركان الصلاة والإمام لا يحمله عنك. وراجع الفتوى رقم: 54393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(11/6678)
حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل التسليم
[السُّؤَالُ]
ـ[في التشهد الأول بعد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله هل يكتفي الإنسان بهذا القدر أم يجب عليه أن يقول اللهم صلي على محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وفي التشهد الأخير بعد أن ينتهي من الصلوات الإبراهيمية ومن الدعاء، فهل يجوز للإنسان أن يختم ذلك بأن يقول اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ثم ينهي الصلاة بالسلام؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التشهد الأول يقتصر فيه على لفظ التشهد فقط، ولا تطلب فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على قول أكثر أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 32998، ولبيان لفظ التشهد انظر الفتوى رقم: 18928.
وتجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الدعاء وقبل السلام من الصلاة مع العلم أن ذلك مخالف للسنة الواردة إذ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو التشهد أولاً ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء ثم السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(11/6679)
حكم التشهد وما يجزئ فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت مؤخرا أنني أخطئ في قراءة التشهد حيث إني أقرأ "التحيات لله والصلوات الطيبات, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمد عبده ورسوله" هل على شيء أفعله لتعويض هذا الخطأ حيث إنى أعلم أنه ركن من أركان الصلاة، وقد علمت والحمد لله الصيغ الصحيحة وأقرؤها الآن.
مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة لأنك أتيت بما يجزئ فى التشهد، وراجع الفتوى رقم 70738.
مع التنبيه على أمرين:
1 ـ أنك قرأت [الطيبات] بدون واووهي موجودة فى بعض روايات الحديث بدون واوأيضا كما فى صحيح ابن خزيمة.
2ـ جئت بجملة [وحده لاشريك له] وهي أيضا فى بعض روايات الحديث كما فى سنن أبى داود.
وللتعرف على بعض صيغ التشهد المأثورة راجع الفتوى رقم: 8103.
وعليه، فالتشهد الذى ذكرت أنك كنت تقرأ به مجزئ وصلاتك صحيحة.
لكن ننصحك بالاقتصارفى التشهد على رواية مأثورة واحدة من غير تلفيق بين عدة روايات متعددة.
والتشهد الأخيرركن من أركان الصلاة عند الحنابلة والشافعية كما تقدم فى الفتوى رقم: 54393.
والتشهد الأول سنة عند أكثرأهل العلم وراجع الفتوى رقم: 59826.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1427(11/6680)
مذاهب الفقهاء في هيئة جلوس التشهد للرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: هل كل الصفات التي يتحلى بها رسولنا محمد (ص) واجبة على الرجال وعلى النساء؟ وإن كانت على النساء أيضا هل يجوز للنساء أن تجلس في تشهد الصلوات جلسة الافتراش كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صفات النبي صلى الله عليه وسلم منها ما هو خَلْقي، ومنها ما هو خُلُقي، كما أسلفنا في الفتوى رقم: 20635، فما كان منها خَلقيا -بفتح الخاء- وهو ما يتعلق بصورته وخلقته وشكله وما وهبه الله سبحانه وتعالى من كمال الخلقة وتناسبها فهذا خارج عن نطاق التكليف.
أما صفاته الخُلُقية وهي أخلاقه وآدابه فينبغي للمسلم أن يقتدي بها ما استطاع سواء في ذلك الرجل والمرأة؛ لأنه أسوة الجميع إلا فيما يخص الرجال دون النساء، فلا يشرع للمرأة أن تتشبه بالرجال اقتداء به صلى الله عليه وسلم، ولكن تقتدي به في العبادة والكرم والتواضع والحلم والشفقة وكثرة ذكر الله تعالى والابتعاد عن ما لا يرضي الله ورسوله وغير ذلك من الصفات الحميدة المشتركة بين الرجل والمرأة.
أما أفعاله صلى الله عليه وسلم فقد فصلنا فيها من حيث التأسي بها من عدمه في الفتوى رقم: 24214، ولا فرق بين الرجل والمرأة في حكم التأسي به صلى الله عليه وسلم بما في ذلك صفة الصلاة إلا في بعض الهيئات المستحبات، منها: الافتراش في جلسة التشهد، على خلاف بين الفقهاء في ذلك، فقد ذكر الفقهاء أنه يستحب للرجل أن يجافي بين بطنه وركبتيه وبين مرفقيه وإبطيه وبين رجليه في الركوع والسجود بخلاف المرأة فيستحب لها العكس وهو الانضمام في جميع ذلك لأنه أستر لها، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، وَأَنْ تُلْصِقَ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا فِي السُّجُودِ كَأَسْتَرِ مَا يَكُونُ، وَأُحِبُّ ذَلِكَ لَهَا فِي الرُّكُوعِ وَفِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَأَنْ تُكَثِّفَ جِلْبَابَهَا وَتُجَافِيهِ رَاكِعَةً وَسَاجِدَةً لِئَلَّا تَصِفَهَا ثِيَابُهَا، وَأَنْ تَخْفِضَ صَوْتَهَا. انتهى.
وقال في التاج والإكليل، عند قول خليل في مختصره في الفقه المالكي: (و َمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنَهُ فَخِذَيْهِ وَمَرْفِقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ وَمُسْتَحَبَّاتهَا - أَنْ يُجَافِيَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ بِضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يَضُمُّهُمَا وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَرْفَعُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ فِي سُجُودِهِ وَيُجَافِي ضَبْعَيْهِ تَفْرِيجًا مُقَارَبًا. وَاسْتَحَبَّ ابْنُ شَاسٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَمِنْ الرِّسَالَةِ: وَتُجَافِي بِضَبْعَيْك عَنْ جَنْبَيْك، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَكُونُ مُنْضَمَّةً مُنْزَوِيَةً. هذا على مذهب مالك والشافعي وهو أنه لا فرق بين الرجل والمرأة في هيئة الجلوس في التشهد، ويرى الأحناف أن المرأة تتورك في الجلوس للتشهد بخلاف الرجل.
أما الحنابلة فمذهبهم أنها تخير بين أن تجلس متربعة وبين أن تسدل رجليها وتجعلهما عن يمينها
ففي الموسوعة الفقهية ما نصه: وَأَمَّا هَيْئَةُ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ فَالِافْتِرَاشُ لِلرَّجُلِ، وَالتَّوَرُّكُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى أَمْ الْأَخِيرَةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هَيْئَةُ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ التَّوَرُّكُ. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْقُعُودِ هَيْئَةٌ لِلْإِجْزَاءِ، فَكَيْفَمَا قَعَدَ فِي جَلَسَاتِهِ أَجْزَأَهُ، لَكِنَّ السُّنَّةَ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلَاةِ التَّوَرُّكُ وَفِي أَثْنَائِهَا الِافْتِرَاشُ. وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ هَيْئَةَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ هِيَ الِافْتِرَاشُ، وَفِي الثَّانِي التَّوَرُّكُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَجْلِسَ مُتَرَبِّعَةً، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ أَنْ تَسْدُلَ رِجْلَيْهَا فَتَجْعَلَهُمَا فِي جَانِبِ يَمِينِهَا، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ السَّدْلَ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ غَالِبُ فِعْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِجِلْسَةِ الرَّجُلِ. انتهى.
وننبه الأخ السائل هنا إلى أنه لا تنبغي الإشارة إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بـ (ص (أو صلعم بل إن ذلك غير مشروع كما تقدم في الفتوى رقم: 7334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(11/6681)
الزيادة على المأثور في التشهد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول بالتشهد أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك يحي ويميت وهو على كل شيء قدير وفي آخر التشهد يقول إنك حميد مجيد يا رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المسلم الاقتصار على الصيغ المأثورة في التشهد وهذه الصيغ تقدم بيانها في الفتوى رقم: 8103، والفتوى رقم: 61785، كما أن الأفضل الاقتصار على الصلاة الابراهيمية في التشهد وعدم الزيادة عليها، وراجع الفتوى رقم: 50232.
وعليه فما يقوله ذلك الشخص أثناء التشهد من زيادة على اللفظ المأثور لا يبطل التشهد, وإن كان الأفضل تركه والاقتصار على المأثور. وأقل ما يجزئ في التشهد سبق ذكره في الفتوى رقم: 70738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(11/6682)
قول المالكية في ترك المأموم التشهد الأول عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ قرأت معظم الفتاوى الخاصة بترك التشهد الأول والتى أحلت الرد على سؤالى عن التشهد الأول إليها مثل الفتوى رقم (26421) . لكن لي استفسار ممكن توضحه لي من غير أن تحوله إليها مرة أخرى:
مذهب المالكية أن التشهد الأول إذا تركه المأموم عمدا صح لأنه سنه مع الإثم. السؤال هو لماذا لا يتحمل الإمام التشهد الأول عن المأموم إذا تركه عمدا أو قام الإمام سريعا للركعة الثالثة فتابعه المأموم من غير أن يتم المأموم التشهد الأول مثل تسبيحات الركوع والسجود سنة يتحملها الإمام إذا تركها المأموم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسبيح الركوع والسجود في الصلاة مندوب عند المالكية وليس بسنة كالتشهد, والفرق بينهما أنه لا إثم في ترك المندوب عمدا ولا سجود سهو له. وأما السنة فيأثم تاركها عمدا على القول بإثم تارك السنة, وعليه أن يستغفر دون سجود للسهو, ولا يتحملها الإمام عنه في هذه الحالة بحيث لا يؤاخذ عليها لأنه تركها عمدا, وإنما يتحملها عنه في حالة السهو بحيث لا يلزمه سجود السهو. وقولك: أو قام الإمام سريعا للركعة الثالثة ففي هذه الحالة ينبغي للمأموم أن يترك بقية التشهد ويتابع الإمام لأنه معذور, قال الدسوقي في حاشيته على شرح الدرديرعلى خليل: قد يسقط الطلب به أي التشهد في حق المأموم في بعض الأحوال كنسيانه حتى قام الإمام من الركعة الثانية فليقم ولا يتشهد. اهـ
وفيه أيضا: (قوله بتعمد ترك سنة) أي بتعمد ترك غير مأموم سنة فالخلاف في غير المأموم، وأما هو فلا شيء عليه اتفاقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(11/6683)
التسليمة الثانية إذا قصد بها تحية الجالسين
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت بعض الناس يصلون تحية المسجد فإذا سلموا عن شمالهم رفعوا أصواتهم بالسلام كأنهم يقصدون السلام على الجالسين بالرغم من أنها التسليمة الثانية للصلاة، وبعدها أجد الجالسين قد ردوا عايه السلام وإني أسأل عن جواز الجمع بين السلامين وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 8225، أن من السنة في حق داخل المسجد ثلاث تحيات
1 ـ الدعاء المأثور عند دخول المسجد.
2ـ صلاة ركعتين.
3ـ السلام على الجالسين في المسجد.
والخروج من الصلاة تجزئ فيه تسليمة واحدة فإذا كان الشخص يقصد بالتسليمة الأولى الخروج من الصلاة ثم يجهر بالثانية تحية للجالسين في المسجد فلا حرج عليه في ذلك.
وإن كان يقصد بالتسليمة الثانية الخروج من الصلاة وتحية الجالسين فهذا خلاف الأولى وصلاته صحيحة لأن التسليمة الثانية تصح الصلاة بدونها، وراجع الفتوى: 4161، والفتوى رقم: 46595.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3741
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1427(11/6684)
يجزئ الجلوس في التشهد على أي هيئة فعلها المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث أحيانا عند جلوسي فيما بين السجدتين أن أكتشف أن إبهام رجلي اليسرى التي أجلس عليها غير متلتصق بالأرض فهل في ذلك تاثير على صحة الصلاة؟ علما بأنني لا أتعمد فعل هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 35943، والفتوى رقم: 71651، تفصيل هيئة الجلوس المشروعة في التشهد أثناء الصلاة, والأمر واسع في تلك الهيئة فيجزئ الجلوس على أي صفة فعلها المصلي وصلاته صحيحة. قال النووي في المجموع بعد تفصيله لهذه الهيئة: قال أصحابنا: لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء, بل كيف وجد أجزأه سواء تورك أو افترش أو مد رجليه أو نصب ركبتيه أو إحداهما أو غير ذلك, لكن السنة التورك في آخر الصلاة, والافتراش فيما سواه. انتهى.
وعليه فصلاتك صحيحة, ولا حرج عليك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(11/6685)
المأثور في الصلاة الإبراهيمية عدم ذكر كلمة (سيدنا)
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة الإبراهيمية لماذا لا نقول اللهم صلى على سيدنا محمد، ونقول محمد فقط، أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة الإبراهيمية صيغتها مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولم تثبت فيها زيادة عبارة (سيدنا) قبل ذكر نبيناً محمد صلى الله عليه وسلم, وبالتالي فعدم ذكر هذه العبارة اتباع للمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولا شك أن هذا أفضل وأولى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(11/6686)
حكم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[يدعي أحد الأشخاص بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات التي بها تشهدين أي الصلاة عليه في كلا التشهدين وقراءة التشهد كاملا حتى (إنك حميد مجيد) في كلا التشهدين الأوسط والأخير ومستدلا بالحديث الآتي (وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره) أبو عوانة في صحيحه (3/334) - في الترمذي حسب ما أخبرني والسؤال هنا: أنني وبحمدلله اطلعت على فتواكم رقم 32998 وفتواكم رقم10357 ومن خلالهما الحمدلله أثبتم لنا بالدليل والأحاديث أن نقرأ إلى عبده ورسوله في التشهد الأوسط ونقرأ كاملا إلى حميد مجيد في التشهد الأخير لذلك وفضلا بيان صحة هذا الحديث الذي في الترمذي وما معناه بوضوح؟
وجزاكم الله خيرا على مجهوداتكم الكريمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على الحديث المذكور في سنن الترمذي بعد البحث عنه، والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تثبت عنه الصلاة على نفسه في التشهد الأول نظرا لما ذكره ابن القيم حيث ساق أدلة القائلين بها وغيرهم، فقد قال في جلاء الأفهام:
الموطن الثاني من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وهذا قد اختلف فيه، فقال الشافعي في الأم: يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، هذا هو المشهور من مذهبه، وهو الجديد، لكنه يستحب وليس بواجب، وقال في القديم: لا يزيد على التشهد وهذه رواية المزني عنه، وبهذا قال أحمد، وأبو حنيفة، ومالك وغيرهم.
واحتج لقول الشافعي بما رواه الدارقطني: من حديث موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: التحيات الطيبات الزاكيات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى الدارقطني أيضاً: من حديث عمرو بن شمر، عن جابر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بريدة؛ إذا صليت في صلاتك فلا تتركن الصلاة عليَّ فيها، فإنها زكاة الصلاة، وقد تقدم.
قالوا: وهذا يعم الجلوس الأول والآخر.
واحتج له أيضا بأن الله تعالى أمر المؤمنين بالصلاة والتسليم على رسوله صلى الله عليه وسلم، فدل على أنه حيث شرع التسليم عليه شرعت الصلاة عليه، ولهذا سأله أصحابه عن كيفية الصلاة عليه، وقالوا: قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ فدل على أن الصلاة عليه مقرونة بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن المصلي مسلم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيشرع له أن يصلي عليه.
قالوا: ولأنه مكان شرع فيه التشهد والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم، فشرع فيه الصلاة عليه كالتشهد الأخير.
قالوا: ولأن التشهد الأول محل يستحب فيه ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فاستحب فيه الصلاة عليه، لأنه أكمل في ذكره.
قالوا: ولأن في حديث محمد بن إسحاق: كيف نصلي عليك إذا نحن جلسنا في صلاتنا؟ .
وقال الآخرون: ليس التشهد الأول بمحل لذلك، وهو القديم من قولي الشافعي رحمه الله تعالى، وهو الذي صححه كثير من أصحابه، لأن التشهد الأول تخفيفه مشروع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس فيه كأنه على الرضف، ولم يثبت عنه أنه كان يفعل ذلك فيه، ولا علمه للأمة، ولا يعرف أن أحداً من الصحابة استحبه، ولأن مشروعية ذلك لو كانت كما ذكرتم من الأمر لكانت واجبة في المحل كما في الأخير، لتناول الأمر لهما، ولأنه لو كانت الصلاة مستحبة في هذا الموضع لاستحب فيه الصلاة على آله صلى الله عليه وسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرد نفسه دون آله بالأمر بالصلاة عليه، بل أمرهم بالصلاة عليه وعلى آله في الصلاة وغيرها، ولأنه لو كانت الصلاة عليه في هذه المواضع مشروعة لشرع فيها ذكر إبراهيم وآل إبراهيم، لأنها هي صفة الصلاة المأمور بها، ولأنها لو شرعت في هذه المواضع لشرع فيها الدعاء بعدها، لحديث فضالة، ولم يكن فرق بين التشهد الأول والأخير.
قالوا: وأما ما استدللتم به من الأحاديث، فمع ضعفها: بموسى بن عبيدة، وعمرو بن شمر، وجابر الجعفي، لا تدل، لأن المراد بالتشهد فيها هو الأخير دون الأول بما ذكرناه من الأدلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(11/6687)
أقل ما يجزئ في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذا الموقع وجزاكم الله خيرا لدي بعض الأسئلة ربما مردها وسوسة, ولكن لقطع الشك باليقين أرجو من حضرتكم إفتائي فيها.
في صلاة المغرب أردت تطويل التشهد الأخير ولكن دب في نفسي شعور بأن ثيابي ربما فيها نجاسة لم أزلها فأسرعت في التشهد وسلمت. هذا الإسراع وكأنه محاولة للهروب من الواقع بأن لا أترك لنفسي مجال تفكير وتأكد, ولكن بعد الصلاة تيقنت أنني لم أحمل نجاسة ولكن شعرت بانقباض لتعمدي الإسراع, فهل صلاتي غير صحيحة؟ هل من نصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشهد الأخير ركن من أركان الصلاة عند الحنابلة والشافعية فمن تركه عندهما بطلت صلاته , وراجع الفتوى رقم: 34423.
وأقل ما يجزئ في التشهد ذكره ابن قدامة في المغني ـ بعد ذكره للصيغ المفضلة عند بعض أهل العلم ـ حيث قال:
فعلى هذا يجوز أن يقال: أقل ما يجزئ التحيات لله, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله, السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أو أن محمدا رسول الله. انتهى
كما أن الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير من واجبات الصلاة التي تبطل بتركها عند الشافعية والمعتمد عند الحنابلة؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 21413
هذا مع الإضافة إلى أن التطويل في التشهد غير مطلوب. قال ابن قدامة في المغني أيضا: ولا تستحب الزيادة على هذا التشهد, ولا تطويله, وبهذا قال النخعي, والثوري , وإسحاق. انتهى.
وعليه.. فصلاتك صحيحة إذا كنت قد أتيت بما يجزئ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة كانت عند من يقول بأن تركهما مبطل للصلاة.
وأخيرا ننبه إلى ضرورة الإ عراض عما تجده في نفسك من وساوس؛ لأن الاسترسال فيها مما يزيد من تمكنها فلا تلتفت إليها. نسأ ل الله تعالى لك الوقاية من كل مكروه, وللفائدة راجع الفتوى رقم: 60609، والفتوى رقم: 3086.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو الحجة 1426(11/6688)
فمن شك قبل السلام هل قرأ التشهد أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الفجر وفي التحيات وعندما سلم الإمام وقتها لم أدرك هل أنا قرأت التشهد أم لا، وغلب على ظني أني لم أقرأ التشهد ولكني لم أجزم بذلك، ولا أدري هل أعيد الصلاة أم لا، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شك قبل السلام هل قرأ التشهد أم لا فالواجب عليه أن يقرأه قبل أن يسلم ثم يسلم، سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، فإن سلم قبل أن يقرأه وجب عليه إعادة الصلاة، لأن التشهد ركن منها على الراجح، ومن شك في قراءته قبل السلام ولم يأت به فهو كمن تعمد تركه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1426(11/6689)
المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سلم الإمام من الصلاة وكان علي ركعة أو أكثر فمتى أقوم؟ مع التسليمة الأولى أم بعدها؟ أم بعد التسليمتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الواجب في التسليم من الصلاة هو التسليمة الأولى، أما الثانية فهي سنة فقط، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 46595. وبناء على مذهب أكثر أهل العلم فإن المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته من صلاة قبل تسليم الإمام التسليمة الثانية فإن صلاته صحيحة لأن اقتداءه بالإمام قد انقطع بمجرد التسليمة الأولى. قال الإمام النووي في المجموع وهو شافعي: إذا سلم الإمام التسليمة الأولى انقضت قدوة المأموم الموافق والمسبوق لخروجه من الصلاة. انتهى
وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: قال في الطراز: لو أحدث المصلي بعد فراغه من التسليمة الأولى لم تفسد صلاته وفاقا بين أرباب المذاهب، ولا يشترط أحد التسليمتين إلا ابن حنبل والحسن وهو باطل بالإجماع ممن تقدمهما ومن تأخر. انتهى
وهذا بخلاف مذهب الحنابلة القائلين بوجوب التسليمتين، وأن من يطالب بقضاء ركعة فأكثر من المأمومين إذا قام للقضاء قبل التسليمة الثانية فإن صلاته تنقلب نفلاً وتبطل فريضته إذا لم يرجع ليقوم بعد سلامها، ففي مطالب أولي النهي ممزوجاً بغاية المنتهى للرحيباني الحنبلي: وإن قام مسبوق لقضاء ما فاته قبل تسليمة ثاينة ولم يرجع ليقوم بعد سلامها، ويلزمه الرجوع؛ انقلبت صلاته نفلاً لتركه العود الواجب لمتابعة إمامه بلا عذر، فيخرج من الائتمام ويبطل فرضه. ويتجه أن صلاة المسبوق تنقلب نفلاً بمجرد قيامه قبل تسليمة إمامه الثانية إن لم يرجع، ولو كان المسبوق جاهلاً أن قيامه مضر في فرضه. ويتجه أيضاً أنه أي المسبوق له أن يقوم بإياس من تسليمة ثانية ممن لا يرى وجوبها من نحو شافعي كمالكي لأنه خرج من صلاته بالتسليمة الأولى. انتهى
وعليه؛ فلا تبطل صلاة المسبوق إذا قام للقضاء قبل تسليم إمامه التسليمة الثانية عند أكثر أهل العلم خلافاً للحنابلة؛ وإن كان الاحتياط أن لا يقوم إلا بعد التسليمة الثانية خروجاً من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/6690)
شرح ألفاظ التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه بعض الكلمات التي نقولها في الصلاة ولم أفهمها الرجاء إن أمكن تفسيرها وشكراً، ما معنى ألفاظ (التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله في التشهد، ما معنى السلام على رسول الله، وما معنى نخلع لك ونخلع في دعاء القنوت، وهل هنالك فرق بين سبحان الله وبحمده وسبحان الله والحمد لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد::
فقد تقدم في الفتوى رقم: 34478 ذكر صيغة التشهد التي أشار إليها السائل وهي الصيغة المأخوذ بها عند المالكية، ومعنى ألفاظها كما في الخرشي وغيره كالتالي: التحيات أي الألفاظ الدالة على الملك مستحقة لله تعالى، الزاكيات الناميات وهي الأعمال الصالحة لله، الطيبات أي الكلمات الطيبات وهي ذكر الله تعالى وما والاه، الصلوات لله أي الصلوات الخمس لله وقيل كل الصلوات وقيل الأدعية وقيل العبادات كلها. انتهى.
وأما السلام عليك أيها النبي، فالسلام اسم من أسمائه تعالى أي الله عليك حفيظ وراض أيها النبي وقيل المقصود الدعاء له بالسلامة.. إلى أن يقول الخرشي: أي نخضع ونذل من الخشوع وهو الخضوع ومعنى نخلع أي نزيل ربقة الكفر من أعناقنا، ومعنى نحفد أي نخدم، ومعنى إن عذابك بالكافرين ملحق بالكسر أي لاحق وبالفتح بمعنى أن الله يلحقه بالكافرين وهما روايتان أي مُلْحِقُُ ومُلحَقُُ. انتهى.
ولبيان معنى سبحان الله وبحمده طالع الفتوى رقم: 4513، أما سبحان الله والحمد لله فلا تحتاج إلى بيان لوضوح التركيب والمعنى. هذا مع أن المعنى في الحقيقة واحد وهو تسبيح الله وحمده في الجملة، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 26073.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/6691)
هل يرد السلام من كان على يمين المصلي أو يساره
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سلم المصلي عن يمينه وعن شماله, هل يلزم من يجلس بجانبه أن يرد السلام عليه؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإنه لا يلزم من على يمين المصلي أو شماله أن يرد عليه لأن من على يمين المصلي إما أن يكون مصلياً أو يكون غير مصل، فإن كان غير مصل بأن كان جالساً -مثلا- أو مارا ثم صادف وجوده سلام المصلي فهذا لا يلزمه بالرد، ولو رد عليه كان ذلك حسناً، قال العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج من كتب الشافعية ناقلاً عن ابن حجر: لو علم من عن يمينه بسلامه عليه لم يجب عليه الرد لأنه لكونه مشروعاً للتحلل لم يصلح للأمان فكأنه لم يوجد منه سلام على غيره اـ هـ
وإن كان من على يمين المصلي أو يساره يصلي -أي أثناء الصلاة- فلا يطالب بالرد وهو في الصلاة، وكذلك الأمر إن كان قد سلم ثم سلم أحد بعده فلا يطالب بالرد عليه. ولو رد عليه بسلامه فلا بأس بذلك؛ لعموم ما رواه أبو داود عن سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام، وأن نتحاب، وأن يسلم بعضنا على بعض.
وللمالكية في رد المأموم على الإمام والمأموم بالسلام تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 67286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/6692)
التسليم من الصلاة عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا يفعل أو لا يقول السلام عليكم عند السلام في الثانية على الجانب الأيسر عند المالكية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الواجب عند المالكية تسليمة واحدة، ويستحب عندهم للمأموم أن يسلم مشيرا إلى جهة الإمام ردا عليه، ويسلم سرا كذلك على يساره إن كان به أحد.
قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الكبير ممزوجا بنص خ لي ل وهو يذكر سنن الصلاة: والحادية عشر: رد مقتد على إمامه مشيرا له بقلبه لا برأسه، ثم يسن رده على يساره وبه أحد أي من المأمومين أدرك ركعة مع إمامه ولو صبيا، أو انصرف كل من الإمام والمأموم. انتهى. أي ولو انصرف كل منهما قبل سلام المأموم.
فإذا كان السائل يعني السلام الفرض فلا توجد تسليمة ثانية عند المالكية في السلام الواجب، وإذا كان يعني التسليم الذي يسن للمأموم أن يرد به سرا على الإمام وعلى المأموم الذي على يساره إن صلى على يساره أحد فقد أوضحنا أن هاتين التسليمتين مما يسن للمأموم، ولا يلتفت بهما بل يسلم ردا على الإمام والمأموم الذي عن يساره مشيرا بقلبه لا برأسه.
وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 4161، 46595، 17287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(11/6693)
حكم من سلم قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتمم مصلي صلاته سلم قبل إمامه بعد ما سمع السلام من مصل دخل المسجد ليصلي إحدى الصلوات، وهل على الذي تسبب في ذلك إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من سلم قبل سلام إمامه ثم تبين أن إمامه لم يسلم عليه أن يرجع بالنية والإحرام إلى الصلاة فينتظر سلام إمامه ويسلم معه ولا سجود عليه لأنه فعل ذلك عن غير عمد وهو في حالة الاقتداء، قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وأما المأموم يسلم قبل إمامه لظنه سلام إمامه فإنه ينتظر سلام إمامه ويسلم معه ولا شيء عليه حيث لم يحصل منه ما يبطل صلاته؛ وإلا ابتدأها. انتهى.
وقال الباجي في شرح الموطأ: فإن سلم قبل إمام عامداً بطلت صلاته، وإن سلم ساهياً لم تبطل صلاته وحمل عنه الإمام سهوه. انتهى، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 25326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(11/6694)
التورك والافتراش من سنن الصلاة وكيفما جلس المصلي أجزأه
[السُّؤَالُ]
ـ[يصعب علي الجلوس بعد السجود في وضع التورك فهل هذا الوضع يجب على المرأة وهل إذا جلست مثل معظم الناس على ركبتي ومقدمة ساقي يكون خطأ، وأرى بعض النساء يجلسن علي الإليتين مع الفخذ الأيسر بينما يضعن كلتا ساقيهما على الأرض على الجانب الأيمن، فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 16453 كيفية الافتراش والتورك ومواضع سنيتهما، وأن الرجل والمرأة في ذلك سواء.
وهما لا يشترطان في صحة الصلاة بل كيفما جلس المصلي أجزأه، فيجوز الجلوس على الهيئة المذكورة في السؤال ولا سيما إذا كان ذلك للضرورة سواء في ذلك الرجل والمرأة، وكلاهما مطالب بهيئة الجلوس المسنونة في الصلاة، فإذا لم يأت بها المصلي صحت صلاته، وكذلك الجلسة التي ذكرت السائلة أنها ترى بعض النساء يجلسنها في الصلاة لا تؤثر في صحة الصلاة مع أن السنة في هيئة الجلوس في الصلاة هو ما أوضحناه في الفتوى المشار إليها أعلاه.
قال النووي رحمه الله تعالى: قال أصحابنا لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء بل كيف وجد أجزأه سواء تورك أو افترش أو مد رجليه أو نصب ركبتيه أو أحدهما أو غير ذلك لكن السنة التورك في آخر الصلاة والافتراش فيما سواه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(11/6695)
السر في إدماج إبراهيم مع محمد في الصلوات الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نذكر في صلاتنا عادة بعد التشهد هذا ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وعلى إبراهيم انك حميد مجيد, وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد)) السؤال هنا لماذا نخص بالذكر ابراهيم عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام لماذا لم نشر بالذكر لنبي الله نوح عليه السلام مثلا أو غيره من الرسل ولماذا هذه التفرقة؟ أرجوكم أفيدوني أفادكم ووفقكم الله لعمل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة المذكورة جاءت مبينة لأمر الله بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرنا بطلب الله أن يصلي عليه كما صلى على إبراهيم وعلى آل ابراهيم، ولذلك ذكر في أغلب روايات الصلاة ما ذكر الله عن الملائكة أنهم قالوا في أهل بيت إبراهيم وهو قولهم: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ {هود: 73} . ففي الصحيحين عن كعب بن عجرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وقال البيهقي في الشعب: وذكر الحليمي في معنى هذا التشبيه أن الله عز وجل أخبر أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم مخاطبة لسارة: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد. وقد علمنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم من أهل بيت إبراهيم وكذلك آله كلهم، فمعنى قولنا: اللهم صل أو بارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت أو باركت على إبراهيم وآل إبراهيم أي أجب دعاء ملائكتك الذين دعوا لآل إبراهيم فقالوا: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت وفي محمد وآل محمد كما أجبته في الموجودين كانوا يومئذ من أهل بيت إبراهيم.
ثم إن الصلاة على الأنبياء الآخرين وعلى الصحابة تجوز تبعا عند الجمهور، وجوزها بعضهم تبعا واستقلالا، ويرجحه حديث الصحيحين: اللهم صل على آل أبي أوفى. قال ابن القيم: المختار أن يصلى على الأنبياء والملائكة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وآله وذريته وأهل الطاعة على سبيل الإجمال. وراجع للتفصيل فتح الباري عند حديث كعب بن عجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(11/6696)
معنى صيغة التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أصح صيغة للتشهد في الصلاة مع شرحها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 8103 أن الصيغة التي تعتبر هي أصح صيغ التشهد هي ما رواه ابن مسعود وذلك لقوة سندها وكثرة من رواها، قال ابن القيم في بدائع الفوائد: وكان عادتهم (يعني العرب) إذا دخلوا على ملوكهم أن يحيوهم بما يليق بهم وتلك التحية تعظيم لهم وثناء عليهم، والله أحق بالتعظيم والثناء من كل أحد من خلقه، فجمع العبد في قوله: التحيات والصلوات والطيبات أنواع الثناء على الله، وأخبر أن ذلك له وصفا وملكان وكذلك الصلوات كلها لله فهو الذي يصلي له وحده لا لغيره، وكذلك الطيبات كلها من الكلمات والأفعال كلها له، فكلماته طيبات وأفعاله كذلك، وهو طيب لا يصعد إليه إلا طيب ... إلى أن قال: والصلاة مشتملة على عمل صالح وكلم طيب، والكلم الطيب إليه يصعد والعمل الصالح يرفعه فناسب ذكر هذا عند انتهاء الصلاة وقت رفعها إلى الله تعالى، ولما أتى بهذا الثناء على الله ألفت إلى شأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي حصل هذا الخير على يديه فسلم عليه أتم سلام، ثم انتقل إلى السلام على نفسه وعلى سائر عباد الله الصالحين، ثم ختم المقام بعقد الإسلام وهو التشهد بشهادة الحق التي هي أول الأمر وآخره. انتهى بحذف قليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(11/6697)
مذهب الشافعية ومن وافقهم في الصلوات الإبراهيمية في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن صيغة الصلاة على النبي في الصلاة الموجودة في موقعكم: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلى آخر الصيغة. في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة مذهب الشافعي أقل الركن هو فقط اللهم صل على محمد. السؤال نص الحديث هو الصيغة كاملة من أين استنتج الشافعي أن أقل الركن هو فقط اللهم صل على محمد. هل هذا اجتهاد منه. أيضا سؤال إذا اكتفى المصلي ب: اللهم صل على محمد هل الصلاة صحيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي ذهب إليه الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه هو وجوب مطلق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تجب عنده الصيغة المذكورة؛ إلا أن الصلاة الإبراهيمية سنة عنده مثل غيره من الأئمة، وقول الإمام أحمد في هذه المسألة مثل الشافعي.
قال النووي رحمه الله: اعلم أن العلماء اختلفوا في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير في الصلاة، فذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله والجماهير على أنها سنة لو تركت صحت الصلاة، وذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى إلى أنها واجبة لو تركت لم تصح الصلاة، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما وهو قول الشعبي.. إلى أن قال: والواجب عند أصحابنا -ويعني من الشافعية- اللهم صل على محمد، وما زاد عليه سنة. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: قال الشافعي في الأم: فرض الله الصلاة على رسوله بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، فلم يكن فرض الصلاة عليه في مواضع أولى منه في الصلاة، ووجدنا الدلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك: أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثني صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله: كيف نصلي عليك يعني في الصلاة؟ قال: تقولون: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم.. إلى آخر الصلاة الإبراهيمية
وخلاصة القول أن الشافعي استدل على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بالآية من سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا حيث حمل الأمر هنا على الوجوب، وليس في الآية ما يدل على وجوب صيغة معينة، وإنما فيها الأمر بالصلاة، لذلك قال الشافعية ومن وافقهم بأن أقل ما يجزئ من ذلك اللهم صل على محمد كما تقدم، وأن ما زاد على ذلك سنة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 52582.
ومن هذا كله تعلم أن الاقتصار على اللفظ الذي ذكرت مجزئ عند القائلين بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة صحيحة عندهم ومن باب أولى عند القائلين بعدم وجوبها أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(11/6698)
التشهد في الفرض والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أي التشهد نذكر في صلاة النوافل أوالشفع والوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشهد في صلاة النوافل والشفع والوتر هو نفس التشهد في الفرائض، وله صيغ مختلفة صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلو أتى المصلى بأي واحدة منها أجزأه، وإن أتى بواحدة في بعض الصلوات وبالثانية في أخرى فحسن ليعمل بكل ما ورد في السنة. ومن صيغ التشهد ما رواه مسلم والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. وفي رواية: عبده ورسوله. وأخرج أبو داود والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في التشهد: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله. ـ قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته ـ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله ـ قال ابن عمر: وزدت فيها وحده لا شريك له ـ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وأخرج مسلم وأبو داود وابن ماجة عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... وإذا كان عند القعدة فليكن من أول أحدكم: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي ـ والسياق له ـ عن القاسم بن محمد: كانت عائشة تعلمنا التشهد وتشير بيدها تقول: التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله، السلام على النبي ... إلى آخر تشهد ابن مسعود. وما ذكرناه من التشهد يقتصر عليه في التشهد الأول من الصلاة الرباعية والثلاثية، وأما التشهد الثاني من الرباعية وكذا تشهد الثنائية والوتر فيزاد فيه الصلاة الإبراهيمية وهي كما في صحيح البخاري من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(11/6699)
الحكمة من تخصيص آل إبراهيم في الصلاة الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا وهب الله سبحانه وتعالى آل إبراهيم هذه الخصوصية والخير.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود السؤال عن آل إبراهيم لماذا خصوا بذكرهم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد تقدم الجواب على ذلك في الفتوى رقم: 60457 فليرجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(11/6700)
مذاهب العلماء في حكم التشهد الأول والجلوس له
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك رجل أدرك الإمام في صلاة العصر في الركعة الأخيرة وبعد ما سلم الإمام صلى ثلاث ركعات مع بعض متعمدا وليس ناسيا بدلا من أن يصلي الركعة الثانية له ويجلس للتشهد الأوسط وعندما قلنا له هذا خطأ قال إن التشهد الأوسط سنة عن النبي ويمكن أن نتركه والصلاة تكون صحيحة فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قام به الرجل المذكور مخالف للسنة؛ لأن التشهد الأول سنة من سنن الصلاة عند الجمهور، وكنا قد ذكرنا خلاف العلماء فيمن تركه عمدا هل عليه أن يعيد أم لا؟ ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 26421، فليرجع إليها، ثم إن أكثر العلماء على أن التشهد الأول والجلوس له سنة، قال النووي في المجموع عند ذكر مذاهب العلماء في حكم التشهد الأول والجلوس له قال: مذهبنا أنه سنة، وبه قال أكثر العلماء، منهم مالك والثوري والأوزعي وأبو حنيفة، قال الشيخ أبو حامد وغيره: وهو قول عامة العلماء، وقال الليث وأحمد وأبو ثور وإسحاق وداود: هو واجب. قال أحمد: إن ترك التشهد عمدا بطلت، وإن تركه سهوا سجد للسهو وأجزأته صلاته. انتهى.
وعليه، فلا ينبغي للمسلم أن يتعمد ترك سنة جماهير العلماء على سنيتها. والبعض منهم يقول بوجوبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/6701)
حكم الاقتصار على لفظ الشهادتين في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اكتفيت في التشهد بقول الشهادتين والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم سلمت هل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم التشهد الأخير واختلاف العلماء فيه في الفتوى رقم: 34423، فلتراجع، وفيها بينا أن الراجح قول من يقول بركنيته، وعليه فمن ترك التشهد الأخير فإن صلاته غير صحيحة، ولا يجزئ في التشهد الاقتصار على لفظ الشهادتين؛ بل ذكر العلماء أن المجزئ منه أن يقول: التحيات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله أو محمداً عبده ورسوله.
ذكر هذا زكريا الأنصاري ناقلاً له ومقرراً عن علماء الشافعية، ودليلهم في ذلك الأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرهما، وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال النووي في المجموع: وأما أقل الصلاة فقال الشافعي والأصحاب هو أن يقول: اللهم صل على محمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/6702)
رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت إلى مسجد جماعة متأخرا ركعة فما هي السنة في رفع يدي من التشهد الأوسط حال قيامي مقتديا بالإمام وهل أرفع يدي أنا فقط بعد قيامي لركعتي الثالثة وكذلك ما هو الحال إذا كان الإمام لا يرفع يديه حال قيامه للركعه الثالثة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط سنة صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16292، 19200، 24038، 26217.
وعليه، فمن دخل مع الإمام في الركعة الثانية شرع له رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط، سواء رفع إمامه أو لم يرفع، لأن الرفع لا يخل بالمتابعة، وليس فيه اختلاف على الإمام، ولا تخلف عن المتابعة. ولمعرفة السنن التي يجوز الإتيان بها خلف الإمام وإن لم يفعلها راجع الفتوى رقم: 54593.
أما عند قيامك لركعتك الثالثة فيشرع لك رفع اليدين للأدلة المشار إليها في الفتاوى السابقة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(11/6703)
تحريك الإصبع في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول التشهد إذا أكملت التشهد هل أبقى أشير بأصبعي حتى ينهي الإمام ويقوم أو يسلم أم أوقف حركة أصبعي. أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريك الأصبع في التشهد سبب لليقظة في الصلاة ومانع من السهو، فيها ولعل هذا هو الحكمة فيه كما ذكر ذلك بعض أهل العلم، وبالتالي فينبغي أن يكون التحريك مستمرا حتى السلام من الصلاة دفعا للوسوسة، وعليه فينبغي لك تحريك الأصبع حتى تسلم بعد سلام الإمام، ولا تواصل التحريك بعد ذلك لأن الصلاة قد تمت. وراجع تفصيل المسألة في الفتويين التاليتين: 45464، 30337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/6704)
صفة التسليم للإمام والمأموم والمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[في نهاية الصلاة هل التسليم على اليمين واليسار مرتين أو أربع مرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صفة التسليم من الصلاة أن يسلم عن يمينه ويسلم عن يساره سواء في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد، وقد قال بعض أهل العلم أن التسليم المفروض إنما هو تسليمة واحدة على اليمين، وللتفصيل في ذلك راجع الفتوى رقم: 12924.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/6705)
تحريك السبابة في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم ما هي الصفة الصحيحة للتشهد، هل يجب تحريك السبابة وما مدى صحة وضعف قول الرسول صلى الله عليه وسلم \"إنه لأشد وقعا على الشيطان من الحديد\"؟ وفقكم الله في مسعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يعني الصفة الصحيحة للجلوس للتشهد فليراجع الفتوى رقم: 1311، وإن كان يعني صيغة التشهد فليراجع الفتوى رقم: 8103.
وأما تحريك السبابة أثناء التشهد فإنه غير واجب ولكنه مستحب عند المالكية، قال خليل ابن إسحاق المالكي في مختصره: وتحريكها دائما -يعني السبابة. وكنا قد أوضحنا في الفتوى رقم: 30797، والفتوى رقم: 552 اختلاف العلماء في تحريك السبابة والإشارة بها، ولكيفية وضعها على الوسطى راجع الفتوى رقم: 54730.
وأما الحديث المذكور فإنه جاء في مسند الإمام أحمد عن نافع قال: كان ابن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار بأصبعه وأتبعها بصره ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهن أشد على الشيطان من الحديد -يعني السبابة-. وضعفه الأرناؤوط، وذكر الألباني في تخريج مشكاة المصابيح أن سنده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/6706)
هل يوجد حديث يقيد حركة السبابة عند التشهد عند قول: لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث ذكره البيهقي حول تقييد حركة السبابة بوقت النفي والإثبات (أي عند قول لا إله إلأ الله) , فهل هذا حديث صحيح أو حسن, أم ضعيف، أرجوا شيئا من التفصيل في تخريجه والكلام على رواته, لأنه قد استدلت به المذاهب الأربعة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نقف في سنن البيهقي على حديث فيه تقييد حركة السبابة بوقت النفي والإثبات، ولكن ما رواه البيهقي هو حديث وائل بن حجر في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأنظرن إلى رسول الله كيف يصلي قال: فنظرت إليه، قام فكبر..... ثم قعد فافترش رجله اليسرى فوضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه وركبته اليمنى ثم قبض بين أصابعه فحلق ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها. ورواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارمي وابن الجارود، وصححه ابن خزيمة كما في الفتح والنووي في المجموع، والألباني في صفة الصلاة.
وفي الحديث استحباب الإشارة من بداية التشهد إلى الدعاء في آخر التشهد وهو مذهب المالكية حيث قالوا: يندب تحريكها يميناً وشمالاً دائماً. ووجه عند الشافعية حكاه الرافعي أنه يشير في جميع التشهد وضعفه النووي في المجموع وذكر أن الصحيح الإشارة عند الهمزة من قوله (إلا الله) .
ومذهب الحنابلة أنه يشير مراراً كل مرة عند لفظ الله تنبيهاً على التوحيد ولا يحركها. ذكره ابن قدامة في المغني، والمشهور عند الحنفية قولان كما قال ابن عابدين: الأول: عدم الإشارة، والثاني: رفع السبابة عند النفي (لا إله) ووضعها عند الإثبات (إلا الله) واستدل الأئمة الأربعة بحديث وائل بن حجر السابق على أقوالهم السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/6707)
هل تقيد حركة السبابة عند التشهد بقول لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث ذكره البيهقي حول تقييد حركة السبابة بوقت النفي والإثبات (أي عند قول لا إله إلأ الله) , فهل هذا حديث صحيح أو حسن, ام ضعيف؟ أرجوا شيئا من التفصيل في تخريجه والكلام علي رواته, لأنه قد استدلت به المذاهب الأربعة..وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
راجع الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم 55068
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/6708)
من ترك الالتفات عن يمينه ويساره عند السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت خلف أحد المشايخ من الأردن وكنا في سفر فأقام الصلاة مختلفة، وعندالتسليم سلم تسليمة واحدة دون الالتفات على اليمين واليسار.
أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل هذا الإمام على مذهب من يرى أنه تجزئ تسليمة واحدة، ولكن من السنة تسليم المصلي عن يمينه وعن يساره حين الخروج من الصلاة، ففي صحيح مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه قال: كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده.
فتارك الالتفات عن يمينه ويساره عند السلام قد ترك سنة صحيحة، لكن لا تبطل صلاته بذلك.
كما تصح صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة، ويستحب له أن يجعلها تلقاء وجهه، كما قال الإمام النووي في المجموع، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 34060، 20523، 46595.
وإذا كان المقصود بقولك: فأقام الصلاة مختلفة أنه أخطأ في ترتيب الإقامة أو في ألفاظها، فهذا أيضاً لا تأثير له على صحة الصلاة، بل هي صحيحة ولو لم تحصل الإقامة أصلاً.
وراجع أيضاً تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 5431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/6709)
كيفية التشهد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من سيادتكم أن توضحوا لنا طريقة الصلاة، وما يذكر فيها، خصوصاً عند التشهد وكيفيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ما يتعلق بكيفية الصلاة ومنها التشهد، في الفتوى رقم: 8249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(11/6710)
حكم الخطأ في ترتيب التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا على من أخطأ في التشهد فقدم كلمة على أخرى فبدلا من أن يقول (التحيات لله والصلوات والطيبات) قال (التحيات لله والطيبات والصلوات) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على من أخطأ في التشهد أن يصلح الخطأ ولا شيء عليه إذا لم يغير المعنى متعمدا. قال النووي في المجموع: وينبغي أن يأتي بالتشهد مرتبا، فإن ترك ترتيبه نظر إن غيره تغييرا مبطلا للمعنى لم تصح صلاته، وتبطل صلاته إن تعمد، لأنه كلام أجنبي، وإن لم يغير فطريقان، والمذهب صحته وهو المنصوص في الأم، وبه قطع العراقيون وجماعة من الخراسانيين. انتهى. والظاهر أن الخطأ الذي ذكره السائل خفيف، لأنه لم يغير معنى ولم يأت بزيادة من غير لفظ الحديث، وإنما قدم وأخر خطأ، فحكمه أن يصلح ولا شيء عليه إن شاء الله، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 8103، 47427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(11/6711)
لا حرج على لم يستطع افتراش رجله اليسرى ونصب اليمنى
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى أن لا تهملوا استفساري ... أريد أن أسأل عن السجود في الصلاة وضعية الرجل فيها لأني لا أستطيع عند الجلوس بين السجدتين أن أجعل إحدى الرجلين منتصبة لأنه يسبب لي ألما ومشقة، وأرجو أن تردوا علي ولا تتأخرو للضرورة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نلفت نظر الأخت السائلة أننا لا نهمل أسئلة السائلين واستفساراتهم وليس من عادتنا ذلك. وأما عن صفة الجلوس في الصلاة فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان صفة جلوس التورك والافتراش وموضعهما وهي برقم: 16453 وبينا أنهما من سنن الصلاة، أي ليستا واجبتين فإذا لم يستطع المصلي أن يفترش رجله اليسرى وينصب اليمنى لأجل المشقة أو غيرها فلا حرج عليه -إن شاء الله- وله أن يجلس جلسة تليق بحاله. وصلاته صحيحة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/6712)
أقوال العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك الصلاة الابراهيمية في صلوات السنن؟
هل يقرأ دعاء الاستفتاح في صلوات السنن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظ الصلاة الإبراهيمية يعتبر سنة في الصلاة وليس واجبا، وأما مطلق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير فهو ركن عند الحنابلة على المشهور عندهم، وهو مذهب الشافعي وأصحابه، حيث قال النووي في المجموع عند كلامه على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير، قال: ذكرنا أن مذهبنا أنها فرض، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وقال مالك وأبو حنيفة وأكثر العلماء: هي مستحبة لا واجبة. انتهى. وحيث علمت أن لفظ الصلاة الإبراهيمية مستحبة في الصلاة، وأن عموم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد غير واجب عند أكثر العلماء، فإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السنن لا يبطلها على قول الأكثر، فكيف بترك الصلاة الإبراهيمية، ومع ذلك فلا ينبغي تعمد تركها نظرا للقول بركنيتها في الصلاة، ولأن ترك السنن لا ينبغي عند من يقول بسنيتها،
ولدعاء الاستفتاح في السنن راجع الفتوى رقم: 378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1425(11/6713)
حكم الالتفات في السلام وقول السلام عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين ...
إذا كان الفقهاء اتفقوا على ركنية ووجوب التسليم لتحلل من الصلاة؛ فلماذا ذهب بعضهم كما في (المجموع، والمغني وغيرهما) إلى سنية الالتفات حال التسليم؛ فما هو الدليل الصارف عن ركنية ووجوب الالتفات؟ بغض النظر إلى هيئة الالتفات أكان تسليمتين أوتسليمة واحدة ... ؟
وهل صحيح أن قول \\\"السلام عليهم\\\" كما ذهبت الشافعية غير مبطل للصلاة لأنه دعاء لغائب؛ وإن قاله المصلي عمداً؟ أم أن ذلك مبطل لها؟
وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن لفظ السلام ركن من أركان الصلاة، وذهب الحنفية إلى أنه واجب وليس بركن فَالْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ يَكُونُ بِالسَّلَامِ , وَيَكُونُ بِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ، ومن فعل ذلك فقد تَمَّتْ صلاته وَلَو لم يتلفظ بالسَلَام، قال الكاساني في بدائع الصنائع: لفظة السلام ليست بفرض عندنا ولكنها واجبة, ومن المشايخ من أطلق اسم السنة عليها وأنها لا تنافي الوجوب لما عرف, وعند مالك والشافعي فرض حتى لو تركها عامدا كان مسيئا ولو تركها ساهيا يلزمه سجود لسهو عندنا, وعندهما لو تركها تفسد صلاته.
وعد جمهورالعلماء السلام ركن من أركان الصلاة لورود الأدلة بذ لك ومنها ما رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ.
وهو متحقق باللفظ دون الالتفات فلا تلازم بينه وبين الالتفات حتى يقال ما هو الدليل الصارف عن ركنية ووجوب الالتفات
وعليه فلولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت في سلامه لما صح القول بسنية الالتفات في السلام ولكنه قد صح أنه صلى ال ل هـ عليه وسلم فعله ففي صحيح مسلم عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ. ومجرد الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الركنية، كما هو مقرر في كتب الأصول.
وأما قول المصلي السلام عليهم قاصدا به الدعاء أو الدعاء والرد على من سلم عليه فغير مبطل للصلاة لأنه لا خطاب فيه للغير ولا هو من كلام الناس قال النووي في المجموع - مبينا حقيقة الكلام الذي ت فسد به الصلاة - مَا سِوَى الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَنَحْوِهَا فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَنَحْوُهَا فَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا ودليله ما رواه مسلم عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال النووي رحمه الله أيضا فَلَوْ رَدَّ السَّلَامَ أَوْ شَمَّتَ الْعَاطِسَ بِغَيْرِ لَفْظِ خِطَابٍ فَقَالَ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّهُ دُعَاءٌ مَحْضٌ.
وهذا -أعني ما ذهب إليه الشافعيه- هو الظاهر لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/6714)
أعد قراءة الصلوات الإبراهيمية ولا سجود سهو عليك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أحيانا بالصلاة الإبراهيمية عند نهايتها لا أدري هل أنا قلت اللهم صل على نبينا أم اللهم بارك على نبينا حتى أعلم أني انتهيت أم لا واحتياطا أقوم بإعادة اللهم بارك لأني لا أدري قلتها أم لا فهل عملي صواب وهل يجب لذلك سجود سهو]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تتاكد من إكمال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلتقرأ الجزء الذي لم تتأكد أنك قرأته منها ولا سجود، وعليك أن تركز في صلاتك لئلا تدخل في باب الوسوسة. وننبهك على أن لفظ الصلاة الإبراهيمية الذي في الصحيحين لا يوجد فيه عبارة اللهم صل على نبينا وبارك على نبينا، وإنما نصها في رواية البخاري: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
فينبغي الاقتصار على ألفاظ الحديث التي رواه بها الأئمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 16479 ورقم: 47427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1425(11/6715)
هل يجزئ قول (سلام عليكم) في تسليم الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين ...
ما صحة هذين الأثرين الواردين في كتاب الأم للشافعي
فصل: اختلاف علي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أبواب الوضوء والغسل والتيمم|أبواب الصلاة.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِثْلَهُ سَوَاءً
وَلَيْسُوا يَأْخُذُونَ بِهِ وَيَزِيدُونَ فِيهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذين الأثرين صحيحان عن علي رضي الله عنه، لأن سند الطريق الثاني رجال الصحيح، ولكنه موقوف على علي رضي الله عنه، ويشهد له ما في صحيح ابن حبان عن أبي حميد الساعدي في تعليمه لقومه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أنه سلم عن يمينه سلام عليكم ورحمة الله، وسلم عن شماله سلام عليكم ورحمة الله. ولكن المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم هو أنه كان يقول: السلام عليكم بالتعريف. هذا هو اللفظ المعروف في كتب السنة. وقد ذهب المالكية في المشهور عنهم والحنابلة في الصحيح عندهم إلى تعين تعريف السلام بأل، وعدم إجزاء السلام بغير أل، كذا في شروح خليل وفي المغني والإنصاف، ودليل ذلك أن النبي واظب على هذا اللفظ وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري وذهب الشافعية إلى الإجزاء مع أن الأولى عندهم هو السلام بأل. وقال الشافعي في الأم: وأقل ما يكفيه من تسليمه أن يقول: السلام عليكم، فإن نقص من هذا حرفا عاد فسلم، وإن لم يفعل حتى قام عاد فسجد للسهو ثم سلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(11/6716)
موضع نظر المصلي عند التسليم من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد
هل ورد دليل من السنة النبوية يبين موضع النظر عند التسليم من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل الكريم يعني النظر وقت السلام فإن المصلي يستحب له أن يسلم عن يمينه وعن يساره، ونظره في هذا الوقت إلى جهة يمينه أو يساره، وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص قال: كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده. ومثله في سنن أبي داود وابن ماجه والترمذي ويختص الإمام باستحباب انحرافه عن جهة القبلة أو إقباله على المأمومين بوجهه بعد السلام، بدليل حديث البخاري عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، والحاصل أن نظر المصلي عند السلام تابع للجهة التي يسلم إليها، إما على اليمين أو على اليسار أو تلقاء وجهه، وإن كان يعني موضع نظر المصلي قبل السلام فليراجع الفتوى رقم: 20001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1425(11/6717)
صيغة التسليمتين
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام تغيب الإمام فقمت بإمامة المصلين وعند التسليم قلت (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، فقال أحد المصلين إن هذه بدعة، هل هو على حق وما هي السنة النبوية في مسألة التسليم؟ ولكم خالص التحية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيغة التسليم التي سألت عنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي سنن أبي داود عن وائل بن حجر قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله. والحديث صححه الشيخ الألباني. وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وحديث التسليمتين رواه خمسة عشر من الصحابة بأحاديث مختلفة فيها صحيح وحسن وضعيف ومتروك، وكلها بدون زيادة وبركاته إلا في رواية وائل هذه، ورواية عن ابن مسعود عن ابن ماجه وابن حبان. ومع صحة إسناد حديث وائل كما قال الحافظ في بلوغ المرام يتعين قبوله إذ هي زيادة عدل، وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها، وقد عرفت أن الوارد زيادة وبركاته وقد صحت، ولا عذر عن القول بها، وقال به جماعة من العلماء.انتهى.
والذي تكرر ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. رواه أحمد في المسند وأبو داود والترمذي وابن ماجه في سننهم، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده.
وعليه، فصيغة التسليم التي أقدمت عليها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للتسليم إلى جهة اليمين فقط. أما في جهة الشمال فلم تثبت زيادة وبركاته فيها، وراجع الفتوى رقم: 4161.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/6718)
مشروعية الدعاء في الصلاة قبل السلام وبعده شامل للفريضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوا أن تجاوبوا على سؤالي الدعاء أفضل بعد السلام أو قبل السلام في السنن أو الصلاة المفروضة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء مشروع في الصلاة قبل السلام وبعده، وقد كثرت الأدلة على مواظبته صلى الله عليه وسلم على الدعاء قبل السلام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: ودعاؤه في الصلاة المنقول عنه في الصحاح وغيرها إنما كان قبل الخروج من الصلاة، وقد قال لأصحابه في الحديث الصحيح: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال. وفي حديث ابن مسعود الصحيح لما ذكر التشهد، قال: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه، إلى أن قال شيخ الإسلام: وبكل حال فلا يجوز أن يخص ما بعد السلام لأن عامة الأدعية المأثورة كانت قبل ذلك.
ثم قال أيضا: وأما حديث أبي أمامة قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة، فهذا يجب أن لا يخص ما بعد السلام بل لا بد أن يتناول ما قبل السلام. وإن قيل إنه يعم ما قبل السلام وما بعده لكن ذلك لا يستلزم أن يكون دعاء الإمام والمأموم جميعا بعد السلام سنة، كما لا يلزم مثل ذلك قبل السلام بل إذا دعا كل واحد وحده بعد السلام فهذا لا يخالف السنة.
إلى أن قال: ثم إنه لم يقل مسلم إن الدعاء بعد الخروج من الصلاة يكون أوكد وأقوى منه في الصلاة. انتهى
وفي الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
ومشروعية الدعاء في الصلاة قبل السلام وبعده شامل للفريضة والنافلة،
فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وأخرج الطبري من رواية جعفر بن محمد الصادق، قال: الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة كفضل المكتوبة على النافلة. انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وقد روت عائشة وغيرها دعاءه في صلاته بالليل وأنه كان قبل الخروج من الصلاة. انتهى
وعليه؛ فالدعاء في الصلاة مشروع قبل السلام وبعده لكن قد كثرت النصوص الدالة على مواظبته صلى الله عليه وسلم على الدعاء قبل السلام فيكون بذلك أفضل من غيره، وهذا شامل للفريضة والنافلة.
وراجع الفتوى رقم: 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/6719)
ينبغي عدم الزيادة على صيغة الصلوات الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ذكر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في الصلاة الإبراهمية.... الصلاة على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صلينا على سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى آخره يقال لا يجوز ذكر سيدنا محمد عليه السلام وسيدنا إبراهيم رضي الله عنه فقط يقال محمد عليه السلام وإبراهيم عليه السلام، هل ما ذكر صحيح أفيدونا؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيغة الصلاة الإبراهيمية الثابتة في الصحيحين وغيرهما لم تذكر فيها عبارة (سيدنا) لا قبل ذكر محمد صلى الله عيه وسلم ولا قبل ذكر إ براهي م عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية! إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وللحديث بعض الصيغ الأخرى، وقد نقل الحافظ ابن حجر عدم ثبوت لفظ السيادة في أي صيغة من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما في الفتوى رقم: 969.
وبناء على هذا، فينبغي الاقتصار على اتباع الألفاظ المأثورة في السنة الصحيحة وعدم الزيادة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/6720)
يقول في التسليمة الثانية \"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين\"
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل الصلاة تكون صحيحة أم باطلة بعد أن يسلم الإمام بقوله (السلام عليكم ورحمه الله) في السلام الأول وبقوله (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) في السلام الثاني؟
ولفضيلتكم جزيل الشكر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تبطل صلاة الإمام المذكور ولا المأمومين خلفه بسبب السلام الذي ذكرت، وإن كان الأفضل والأكمل استعمال صيغة السلام الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن وائل بن حجر قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله. رواه أبو داود في سننه وصححه الألباني وكذلك رواه النسائي في سننه من حديث عبد الله بن مسعود وصححه الألباني أيضا.
وينبغي نصح الإمام المذكور حتى يتعرف على هذه السنة ويواظب عليها فإن هذا من النصيحة وقد قال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.
ولمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 4161.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/6721)
ابتداء السلام من الصلاة يكون إلى جهة القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند السلام في الصلاة هل أقول السلام عليكم قبل الالتفات إلى اليمين أو مع الالتفات، وهل الإقامة واجبة قبل الصلاة، وإن حصل ونسيت إقامة الصلاة هل تبطل الصلاة، دخلت إلى المسجد والمؤذن يؤذم للصلاة هل من الواجب أن أظل واقفاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابتداء السلام يكون إلى جهة القبلة ثم يلتفت المصلي إلى جهة يمينه قائلا ورحمة الله، قال ابن قدامة في المغني: قال ابن عقيل: يبتدئ بقول السلام عليكم إلى القبلة، ثم يلتفت قائلا ورحمة الله عن يمينه ويساره في قوله ورحمة الله، لقول عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم تلقاء وجهه معناه ابتداء السلام. ورحمة الله يكون في حال التفاته. انتهى.
والإقامة سنة وقيل فرض كفاية، ولا تبطل الصلاة بتركها، قال ابن قدامة في المغني أيضاً: وإن صلى مصل بغير أذان ولا إقامة فالصلاة صحيحة على القولين، لما روي عن علقمة والأسود أنهما قالا: دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان ولا إقامة. رواه الأثرم، ولا أعلم أحدا خالف في ذلك إلا عطاء. انتهى.
والأفضل في حقك إذا دخلت أثناء الأذان أن تنتظر فراغ المؤذن من الأذان حتى تتمكن من حكاية الأذان لتحصل على الثواب الجزيل المترتب على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 24137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(11/6722)
من اقتصر على تسليمة واحدة.. إماما أو مأموما
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لو أن الإمام سلم تسليمتين ولكن أنا أريد أن أقتصر على تسليمة واحدة، فهل هذا جائز، وهل هذا من مخالفة الإمام، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى وجوب التسليمة الأولى، واختلفوا في الثانية، فمنهم من جعلها سنة، ومنهم من أوجبها وهي رواية عن الإمام أحمد، قال النووي في المجموع: مذهبنا الواجب تسليمة واحدة ولا تجب الثانية، وبه قال جمهور العلماء أو كلهم. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة، وحكى الطحاوي والقاضي أبو الطيب وآخرون عن الحسن بن صالح أنه أوجب التسليمتين جميعاً، وهي رواية عن أحمد. ا.هـ
وإذا كانت التسليمة الثانية لا تجب فمتى تنقضي قدوة المأموم بالإمام؟ يقول النووي رحمه الله في بيان ذلك: إذا سلم الإمام التسليمة الأولى انقضت قدوة المأموم الموافق والمسبوق لخروجه من الصلاة. ا. هـ
وعليه؛ فلو أطال المأموم البقاء في الصلاة بعد سلام إمامه التسليمة الأولى لم يكن مخالفاً له، ولو اقتصر الإمام على تسليمة واحدة فيسن للمأموم أن يسلم تسليمتين، قال النووي: لأنه خرج عن متابعته بالأولى. وبهذا يتبين أنه لو اقتصر على تسليمة احدة لم يكن مخالفاً للإمام لأنه قد خرج عن متابعته ولكن يسن له أن يسلم تسليمتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/6723)
من السنة أن يزيد \"وبركاته\" في التسليمة الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب عند التسليم في الصلاة قول (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، أم يجوز الاكتفاء بـ (السلام عليكم ورحمة الله) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة قول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في التسليم إلى جهة اليمين، وقول السلام عليكم ورحمة الله إلى جهة اليسار لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وليست واجبة، فقد جاء في سنن أبي داود من حديث وائل بن حجر قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله.
قال ابن قدامة بعد ذكر الحديث: فإن قال ذلك فحسن. انتهى.
ويكفي أن يقول السلام عليكم ورحمة الله دون زيادة وبركاته فقد ورد الاقتصار على ذلك في أحاديث كثيرة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 45496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(11/6724)
رفع اليد عن الفخذ في التشهد أمر محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند الشهادة في التشهد في الصلاة أن يتم رفع اليد كاملة عن الرجل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة رفع الأصبع السبابة والإشارة بها في التشهد، لما في صحيح مسلم عن عبد الله بن الزبير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة ... وفيه: وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بأصبعه.
أما رفع اليد كاملة عن الرجل (الفخذ) فلم يرد عنه صلى الله عليه وسلم، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري.
وقال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/6725)
التعوذ من فتنة الدجال في التشهد مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل صحيح أنك إذا جلست في الركعة الأخيرة في الصلاة وبعد ما تنتهي من التشهد الأخير يجب عليك أن تدعو بقول: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وإذا لم أقلها قبل التسليم تكون صلاة باطلة أو فاسدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعوذ من فتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات، والتعوذ من المأثم والمغرم ثابت في الصحيحين، وقد ذكرنا لفظه في الفتوى رقم: 7861.
وهذا الدعاء مستحب وليس بواجب، فلو تركه المصلي فصلاته صحيحة وهذا ما عليه معتمد المذاهب الأربعة المتبوعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/6726)
موضع اليدين في التشهد الأول والأخير وبين السجدتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أين أضع يدي بين السجدتين هل كما توضع في التشهد الأول، وكذلك عند التشهد الأخير ما معنى قول الألباني إنه يلقم كفه اليسرى ركبته ويعتمد عليه، مع أنه بين النهي على الاعتماد في التشهد الأول وهل هناك فرق وهل وضع اليدين في التشهد الأول يختلف عن الثاني وشكر أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمكان وضع اليدين في حال الجلوس بين السجدتين وفي التشهد الأول والأخير ذكره الإمام مسلم في صحيحه، حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه، وفي رواية أشار بأصبعه السبابة، ووضع إبهامه على أصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته.
والقعود هنا شامل للجلوس بين السجدتين وفي حالة التشهد الأول والأخير، وعبارة ويلقم كفه اليسرى ركبته واردة في صحيح مسلم، وقد مضى بيان حكم تحريك الأصبع في الجلوس بين السجدتين في الفتوى رقم: 45100، فلتراجع، وقد قال الإمام النووي في تفسير إلقام الكف للركبة: وقد أجمع العلماء على استحباب وضعها عند الركبة، أو على الركبة وبعضهم يقول بعطف أصابعها على الركبة، وهو معنى قوله ويلقم كفه اليسرى ركبته، والحكمة في وضعها عند الركبة منعها من العبث. انتهى.
ولعل مقصود الشيخ الألباني بالاعتماد هو عطف أصابع اليد اليسرى على الركبة اليسرى، وتمكينها من الركبة كالمعتمد.
أما الاعتماد المنهي عنه فهو وضع اليد على الأرض والاعتماد عليها في حالة الجلوس، لما رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى رجلاً وهو جالس معتمد على يده اليسرى في الصلاة، فقال: إنها صلاة اليهود.
قال الذهبي في التلخيص: على شرطهما، يعني الشيخين البخاري ومسلم.
وعليه؛ فإنه فلا فرق بين التشهد الأول والأخير والجلوس بين السجدتين بالنسبة لوضع اليدين.
وراجع الفتوى رقم: 44505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/6727)
حكم الاقتصار على تسليمة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يسلم الإمام على يمين وشمال فهل لي أن أسلم فقط يميناً على السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل صفة للتسليم من الصلاة تسليم المصلي مرتين بادئاً باليمين قائلاً السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره مثل ذلك، ومن اقتصر على تسليمة واحدة فصلاته صحيحة، لأن جمهور أهل العلم على كون الواجب تسلمية واحدة فقط، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 4161.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/6728)
زيادة كلمة (وبركاته) في التسليم جهة اليمين سنة ثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم من الأيام غاب الإمام وتقدمت لإمامة المصلين وأثناء التسليم قلت (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - جهة اليمين) ثم (السلام عليكم ورحمة الله - جهة اليسار) وبعد الصلاة قال أحد المصلين إن هذه بدعة هل هو على حق وماهي الطريقة الصحيحة للتسليم من واقع سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
ولكم خالص التحية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في سنن أبي داود من حديث وائل بن حجر قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله.
وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وحديث التسليمتين رواه خمسة عشر من الصحابة بأحاديث مختلفة فيها صحيح وحسن وضعيف ومتروك، وكلها بدون زيادة وبركاته، إلا في رواية وائل هذه، ورواية عن ابن مسعود عند ابن ماجه وعند ابن حبان، ومع صحة إسناد حديث وائل -كما قال الحافظ في بلوغ المرام- يتعين قبول زيادته، إذ هي زيادة عدل، وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها، وقد عرفت أن الوارد زيادة وبركاته، وقد صحت ولا عذر عن القول بها، وقال به جماعة من العلماء. انتهى.
وعليه؛ فإن قول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في التسليم إلى جهة اليمين، والسلام عليكم ورحمة الله إلى جهة اليسار، ليس ببدعة بل هي سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال ابن قدامة رحمه الله بعد أن ذكر حديث وائل السابق: (فإن قال ذلك فحسن) . ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/6729)
الكيفية الصحيحة للتشهد والصلاة عليه الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صليت الصلاة أقرأ في التشهد \" التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد\"، هل صحيح أم لا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اجتناب ذكر لفظ السيادة، كما بيناه في الفتوى رقم: 969.
ولمعرفة بعض صيغ التشهد مع بيان أفضلها راجع الفتوى رقم: 34478، والفتوى رقم: 8103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/6730)
صفة وضع اليدين في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد بالتفصيل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وضع كلتا يديه اليمنى والشمال في الجلسة بين الجلستين وكذلك عند التشهد الأول والأخير أين أضع اليسرى على فخذي أو على الفخذ مع الركبة أو فقط الركبة وكذلك اليمين في التشهد أريد كل تفصيل في هذه المسألة وشكرا لك على حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا عدوان إلا على الظالمين وبالله التوفيق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في ذلك عدة روايات في صحيح مسلم وغيره، لخصها الألباني في كتابه "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" بقوله: كان إذا قعد في التشهد وضع كفه اليمنى على فخذه، وفي رواية: (ركبته) اليمنى، ووضع كفه اليسرى على فخذه، وفي رواية: (ركبته) اليسرى باسطا عليها.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(11/6731)
المقصود بالتحيات لله والصلوات الطيبات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما معنى التشهد \"التحيات لله والصلوات والطيبات ... إلخ\"، ولماذا سميت فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم بالزهراء، وهل يجب على المرأة التحجب عند قراءة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بين العلماء معاني ألفاظ التشهد ومنهم ابن دقيق العيد، في كتابه إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام فقال:
التحيات جمع التحية وهي الملك وقيل السلام وقيل العظمة وقيل البقاء، فإذا حمل على السلام فيكون التقدير التحيات التي تعظم بها الملوك مستحقة لله تعالى، وإذا حمل على البقاء فلا شك في اختصاص الله تعالى به، وإذا حمل على الملك والعظمة فيكون معناه الملك الحقيقي التام والعظمة الكاملة لله، لأن ما سوى ملكه وعظمته تعالى فهو ناقص.
والصلوات يحتمل أن تراد بها الصلوات المعهودة ويكون التقدير أنها واجبة لله لا يجوز أن يقصد بها غيره، أو يكون ذلك إخباراً عن إخلاصنا الصلوات له أي أن صلواتنا مخلصة له لا لغيره، ويحتمل أن يراد بالصلوات الرحمة ويكون معنى قوله: لله تعالى أي المتفضل بها والمعطي هو الله لأن الرحمة التامة لله تعالى لا لغيره.
وأما الطيبات فقد فسرت بالأقوال الطيبات، ولعل تفسيرها بما هو أعم وأولى أعني الطيبات من الأفعال والأقوال والأوصاف، وطيب الأوصاف كونها بصفة الكمال وخلوصها عن شوائب النقص.
وأما تسمية فاطمة رضي الله عنها بالزهراء فإنه اسم ذكر ابن حجر في الإصابة أنها كانت تلقب به، وقد ذكره ابن كثير في البداية والنهاية، وابن حبان في صحيحه, وابن الجوزي في صفة الصفوة، والخطيب في تاريخ بغداد، ولم نعثر على من ذكر سبب تسميتها به، إلا أن أهل اللغة ذكروا أن الزهرة يعنى بها البياض، قال صاحب اللسان: الأزهر الأبيض العتيق البياض النير الحسن، وهو أحسن البياض كأن له بريقا ونوراً يزهر كما يزهر النجم والسراج.
وأما قراءة المرأة القرآن بدون حجاب، فقد سبق حكمها في الفتوى رقم: 3931.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/6732)
سبب تخصيص إبراهيم بالصلاة عليه بعد التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا خصص الله عز وجل سيدنا إبراهيم في التشهد دون سائر الأنبياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أشار ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام إلى أن تخصيص إبراهيم عليه السلام بالذكر هنا، لما وهبه الله تعالى لآل إبراهيم من الخير حيث قال: والمقصود الكلام على قوله: وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته وثبوته له، ومضاعفته له وزيادته، هذا حقيقة البركة. انتهى.
ثم ذكر ابن القيم ما اختص الله تعالى به آل إبراهيم من الخصائص، فلتراجع هناك لمزيد من الفائدة، ثم قال بعدها: وهذه الخصائص وأضعاف أضعافها من آثار رحمة الله وبركاته على أهل هذا البيت، فلهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نطلب له من الله تعالى أن يبارك عليه وعلى آله كما بارك على هذا البيت المعظم. انتهى، وقد تبين بهذا وجه تخصيص إبراهيم عليه السلام وآله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/6733)
محل قراءة الصلاة الإبراهيمية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة متى تقرأ الصلوات الإبراهيمية مع التحيات، أهي في جميع الصلوات الخمس أم في بعضها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة الإبراهيمية تقرأ مع التحيات في الصلوات الخمس لا في بعضها فقط، وتكون في الجلسة الأخيرة التي هي للتسليم من الصلاة، وقد سبق أن بينا كيفية الصلاة من التكبير إلى التسليم، فراجعها في الفتوى رقم: 6188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/6734)
التشهد مشروع بالسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[من أدخل التحيات في الصلاة؟ هل الله أم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك لا بد أن تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشرع من عند نفسه، وإنما هو وحي من الله سبحانه وتعالى، قال الله سبحانه عن رسوله صلى الله عليه وسلم: وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4] وقال سبحانه: من يطع الرسول فقد أطاع الله [النساء:80] وقال أيضاً: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [الحشر: 7]
وعليه؛ فإذا شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد (التحيات) في الصلاة فهو من الله سبحانه لا من تلقاء نفسه.
لكن إذا كان مقصود السائل هو هل التشهد مشروع بالقرآن أم بالسنة؟ فجوابه أن التشهد مشروع بالسنة وليس بالقرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/6735)
حكم من ترك الصلاة على النبي في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا عندما أصلي سنن الرواتب، وعند الجلوس للتشهد الأخير، أقرأ التشهد الأول من غير الصلاة على النبي , فما حكم صلاتي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة، على الراجح من أقوال العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 21413.
فمن تركها متعمداً بطلت صلاته ووجبت عليه إعادتها إذا كانت فريضة.
أما من تركها سهواً ولم يذكر إلا بعد فراغه من الصلاة ولم يطل الفصل فلا تبطل صلاته، وعليه أن يأتي بالصلاة -على النبي صلى الله عليه وسلم- وما بعدها، ويسجد للسهو، وإن طال الفصل بطلت، ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العرف والعادة.
ولمعرفة مزيدٍ من التفصيل والفائدة راجع الفتوى رقم: 14554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/6736)
أهمية التشهد، والدلالة على وجوبه.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أهمية التحيات؟ وهل هي صحيح لقاء بين الله والرسول في حادثة الإسراء والمعراج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
ففي قول ابن عباس: كما يعلمنا السورة من القرآن دلالة على أهمية التشهد، ودلالة على وجوبه.
ولهذا كان الراجح من أقوال العلماء ركنية التشهد الأخير، كما بيناه في الفتوى رقم: 13805، وأما التشهد الأوسط فينظر بشأنه في الفتوى رقم: 26421.
هذا ولم نعثر على حديث يفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم تلقى التحيات من الله تعالى ليلة المعراج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/6737)
إذا أحدث المصلي فلا يحتاج لشيء آخر ليخرج من صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إذا أردت أن أقطع الصلاة هل أسلم تسليمتين أم ماذا أفعل؟ وإن كان حصل حدث هل أسلم أم الصلاة أصلا قد بطلت فلا داعي للسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقطع صلاة الفريضة بعد الشروع فيها دون مسوغ شرعي غير جائز باتفاق الفقهاء، لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وقد ورد النهي عن إفساد العبادة، كما في قوله تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33] .
أما قطعها بمسوغ شرعي فمشروع، كقطعها لقتل حية ونحوها، لورود الأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه نائم أو غافل قصدت إليه حية ونحوها، وغير ذلك من الأمور التي تربو فيها المصلحة على فساد الصلاة، هذا بالنسبة للصلاة المفروضة، أما صلاة السنن والنوافل، فقد اختلف العلماء في حكم قطعها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 11131،.
علما بأن قطع الصلاة في حالة جوازه يتم بالسلام أو غيره من الأفعال المنافية للصلاة، كالكلام الكثير، والحركة الكثيرة والانصراف، وانظر في هذا الفتويين التاليين: 6183، 33510.
وإذا انقطعت الصلاة بسبب الحدث المبطل للوضوء، فإن المصلي لا يحتاج لفعل شيء للخروج من صلاته، لأنه قد خرج منها بفقدان شرط من شروط الصلاة ألا وهو الطهارة من الحدث، وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 1034، 24518، 8777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1424(11/6738)
هيئة القعود بين السجدتين والتشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيفية القعود بين السجدتين أو في التشهد بالتفصيل؟ وهل حرام أن أفترش برجلي الاثنتين الأرض وأجلس عليهما؟ وهل هذا هو الإقعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي حميد رضي الله عنه، في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فلما رفع رأسه من السجدة الأولى ثنى رجله اليسرى وقعد عليها..
ففيه أن المصلي يقعد بين السجدتين مفترشًا، وقد تقدمت صفة الافتراش وصفة الجلوس في التشهد، وذلك في الفتوى رقم: 1311.
وافتراش الرجْلين جميعًا بين السجدتين ليس حرامًا، ولكنه خلاف السنة، ولا يعد ذلك من الإقعاء؛ لأن الإقعاء هو أن ينصب الرجْلين جميعًا، ويضع أليتيه على عقبيه، وهو مستحب أيضًا بين السجدتين، لكن الأفضل هو الافتراش، ودليل استحباب الإقعاء بين السجدتين، حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عند مسلم أنه كان يفعله ويقول: هي سنة نبيك.
وروى البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يفعله ويقول: إنه من السنة.
وراجع الفتوى رقم: 15980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(11/6739)
هيئة الجلوس المسنونة في التشهدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلي أن ينصب كلتا رجليه عند الجلوس للتشهد؟ مع الدليل، وإن كان هناك اختلاف الرجاء ذكره إذا أمكن ذكره. جزاكم الله خيرا ونفع بكم المسلمين.
أحمد الجناحي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في هيئة الجلوس المسنونة في التشهدين - الأوسط والأخير - في الصلاة، على أربعة أقوال نلخصها في ما يلي:
ذهب الحنفية إلى التفريق بين الرجل والمرأة، فالرجل يسنُّ له الافتراش والمرأة يسن لها التورك، لا فرق في ذلك بين التشهد الأول والأخير أو الجلسة بينهما.
وذهب المالكية إلى أن المسنون هو أن يجلس المصلي متوركًا، وذلك بأن يفضي بإليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى، وهذا في كل جلسات الصلاة، والرجل والمرأة في هذا سواء.
وذهب الحنابلة إلى أن المسنون للمصلي أن يتورك في جلوس التشهد الأخير في الصلاة ذات التشهدين، وما عداه يكون مفترشًا ناصبًا اليمنى جالسًا على اليسرى.
وذهب الشافعية إلى أنه يتورك في كل تشهد أخير مطلقًا، سواء كانت الصلاة ثنائية أو أكثر، ويفترش في ما عداه.
ولعل أقرب هذه الأقوال إلى السنة - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة؛ فقد روى البخاري عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى، حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة، قدم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته.
ومن هذا الحديث تتبين لك الهيئة المسنونة في التشهد، فإن خالف المصلي ونصب رجليه جاز ذلك، ولكنه ترك السنة وفاته ثوابها.
علمًا بأنه يشرع للمصلي أن يجلس على قدميه ناصباً لهما بين السجدتين لما في صحيح مسلم عن طاووس قال: قُلْنَا لاِبْنِ عَبّاسٍ فِي الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ. فَقَالَ: هِيَ السّنّةُ. فَقُلْنَا لَهُ: إِنّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرّجُلِ. فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: بَلْ هِيَ سُنّةُ نَبِيّكَ صلى الله عليه وسلم.
قال النووي رحمه الله تعالى عند شرحه لهذا الحديث ما نصه: اختلف العلماء في حكم الإقعاء وفي تفسيره، اختلافاً كثيراً لهذه الأحاديث، والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان: أحدهما: أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي، والنوع الثاني: أن يجعل إليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس بقوله سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. وراجع للأهمية الفتويين التاليتين: 1311، 15980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/6740)
معاني كلمات التشهد والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى هذه الكلمات:
- (التحيات والصلوات والطيبات) إلى آخره؟
- (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) إلى آخره؟
- ومعنى كلمة (الصلاة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن معاني كلمات التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي على النحو التالي حسب ما أورد ابن حجر في فتح الباري:
التحيات: جمع تحية ومعناها السلام، وقيل: البقاء.
الصلوات: قيل المراد الخمس، أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل في كل شريعة. وقيل: المراد العبادات كلها. وقيل: الدعوات.
والطيبات: أي ما طاب من الكلام. وقيل: الطيبات ذكر الله. وقيل: الأقوال الصالحة، كالدعاء والثناء. وقيل: الأعمال الصالحة.
السلام عليك أيها النبي: أي سلمت من المكاره.
ورحمة الله: أي إحسانه.
وبركاته: أي زيادته من كل خير.
السلام علينا: دعاء للنفس بعد الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم.
عباد الله الصالحين: أي القائمين بما يجب عليهم من حقوق الله وحقوق عباده.
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: اعتراف بأن لا معبود بحق إلا الله، واعتراف كذلك بعبودية محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته.
اللهم: معناها يا الله.
ومعنى صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه عند ملائكته.
آل محمد: أي أهله.
كما صليت على آل إبراهيم: أي مثل ثنائك على أهل إبراهيم.
وبارك: المراد بالبركة هنا الزيادة من الخير.
حميد: معناها محمود.
مجيد: من المجد وهو صفة من كمل في الشرف.
والصلاة هي مفرد الصلوات. وتقدم معناها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/6741)
من صيغ التشهد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
هل هذا هو تشهد الصلاة أم لا؟ وإذا كان غير هذا فأكتبوه لنا وجزاكم الله خيراً:
التحيات لله الزكيات لله الطيبات الصلاوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وأشهد أن لا إله لا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن الذي جاء به محمد حق وأن النار حق وأن الصراط حق وأن الميزان حق وأن الساعة آتية
لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهم في
العالمين أنك حميد مجيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدّة صيغ صحيحة في التشهد في الصلاة، وقد اتفق العلماء على جواز كل صيغة منها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 8103.
كما وردت أنواع من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبق ذكر بعضها في الفتوى رقم: 5025.
أما ما جاء في السؤال فإنه اشتمل على: صيغة التشهد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وزيادة بينهما. فأما صيغة التشهد المذكورة فصحيحة، ولفظها: التحيات لله، الزَّكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وهذه الصيغة رواها الإمام مالك في الموطأ وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأما صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فصحيحة أيضًا، ولفظها كما في صحيح البخاري من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وأما الزيادة على التشهد بينهما فقد وردت بلفظ آخر، لكن إسنادها ضعيف جدًّا، وذلك في ما رواه أبو نعيم في الحلية من حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: وإذا تشهد ذكر التشهد، ويتبعه: أشهد أن وعدك حق، وأن لقاءك حق، وأشهد أن الجنة حق، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، إن الله لا يخلف الميعاد وفي إسناده أبان بن أبي عياش وهو متروك الحديث، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.
وعليه، فعلى السائل الاقتصار على التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وترك الزيادة المذكورة بينهما؛ لكونها لم تصح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/6742)
فرضية التشهد الأخير والقعود له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أهل السنة والجماعة والحمد لله، في بعض الأوقات أجد الإمام قد دخل في الصلاة وهو في الركعة الثانية من صلاة الظهر، وبالتالي فهي تعتبر بالنسبة لي الأولى، أقوم بالتشهد مع الإمام في ركعته الرابعة، وبعد أن يسلم الإمام أقوم وأصلي الركعة الرابعة، وأتشهد وأسلم التسليمتين عن اليمين والشمال، وفي نفس الوقت يدخل معي أحد الإخوة من الإباضية في الصلاة في نفس الوقت الذي دخلت فيه، إلا أنه بعد أن يسلم الإمام يقوم ويصلي الركعة الأولى، حيث إنه لا يجلس للتشهد الأخير مثل ما فعلته أنا، بل يقوم ويقرأ الفاتحة ويجلس ويسلم تسليمة واحدة مباشرة دون تشهد. السؤال هل ما قام به الأخ الإباضي من فعل ورد في السنة النبوية؟
أرجومنكم الإفادة، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشهد الأخير والجلوس له ركن من أركان الصلاة عند الشافعية والحنابلة، واستدلوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد.. فقوله: قبل أن يفرض علينا التشهد: دلَّ على أنه فرض.
وذهب المالكية والحنفية إلى أن الجلوس بقدر التشهد هو الواجب لا التشهد، والمشهور عن مالك أن الواجب الجلوس بقدر السلام فقط، وعليه فلو رفع المصلي رأسه من السجود واعتدل جالسًا وسلم كان ذلك الجلوس هو الواجب وفاتته السنة، ولو جلس ثم تشهد ثم سلم كان آتيًا بالفرض والسنة.
واستدلوا في عدم ركنية التشهد الأخير بحديث المسيء في صلاته، وليس فيه التشهد، وأجاب الشافعية عن هذا الاستدلال بقولهم: إنما لم يذكره له لأنه كان معلومًا عنده، ولهذا لم يذكر له النية وهي مجمع عليها.
والذي نرجحه هو قول الشافعية والحنابلة القائلين بفرضية التشهد الأخير والقعود له، لمجيء النص بفرضيته في قول ابن مسعود رضي الله عنه: قبل أن يفرض علينا التشهد. ولصحة جوابهم على حديث المسيء في صلاته، وعليه فمن تركه عمدًا أو سهوًا ولم يتداركه بطلت صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/6743)
معنى الصلاة الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله على نعمة التوحيد فمن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيداً أما بعد:
فإني أعوذ بالله أن أقول عليه ما ليس لي به علم والأكثر من ذلك أعوذ بالله أن أقول له - سبحانه- ما ليس لي به علم فكيف أقول الصلاة الابراهيمية ولا أجد أي معنى لها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة الإبراهيمية هي الواردة في حديث كعب بن عجرة في الصحيحين، وهي: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آله إبراهيم، إنك حميد مجيد.
أما عن معناها فهو واضح، لكن لا بأس من البيان بإيجاز:
اللهم صلّ على محمد طلب من الله أن يصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والصلاة من الله هي الثناء في الملأ الأعلى، وقيل: هي الرحمة.
وعلى آل محمد قيل: هم أهل بيته خاصة، والصحيح أنهم أتباع ملته.
كما صليت على إبراهيم واضح المعنى.
وعلى آل إبراهيم هم أتبعه وأنصاره.
اللهم بارك على محمد طلب من الله تعالى أن يبارك على النبي صلى الله عليه وسلم، والبركة هي زيادة الخير وثبوته. والباقي واضح يُعلم مما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/6744)
موقف الشرع من قراءة التشهد بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل الصلاة مقبولة بغير قراءة التشهد الأول والثاني لعدم قراءة العربية على أحسن وجه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشهد الأول واجب من واجبات الصلاة، والتشهد الأخير ركن من أركانها، على الراجح في كليهما، فعلى هذا يلزم المكلف تعلم التشهد وبذل الوسع في حفظ لفظه، لأنه متعين، فلو أبدله بمعناه لم تصح صلاته، وهذا إذا كان قادراً على لفظه بالعربية، فإن عجز أجزأته ترجمته كما ذهب إلى ذلك الشافعية والحنابلة، نص على هذا النووي في المجموع وهو شافعي المذهب، والمرداوي في الإنصاف وهو حنبلي المذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/6745)
هل تشرع الصلاة على النبي في التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في صلاة النوافل التشهد يكون بعد كل ركعتين أو بعد الركعتين الأخيرتين؟ وكيف يكون التشهد، من التحيات إلى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أم إلى إنك حميد مجيد؟
السؤال الثاني/
في صلاة الفرض في الرباعية مثلا بعد الركعتين الاوليين يقرأ التشهد من التحيات لله والزكيات لله إلى إنك حميد مجيد أو إلى أشهد أن محمداً عبده ورسوله ويكمل الباقي بعد الأخيرتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي كل صلاة فيها تشهدان فرضا كانت أو نفلا، ينبغي أن يقتصر في التشهد الأول على قراءة التشهد بدون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، قال النووي رحمه الله:
هل تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأول؟ فيه قولان مشهوران: (القديم) لا يشرع، وبه قطع أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، (والجديد) الصحيح عند الأصحاب تشرع.. اهـ.
وذهب المالكية إلى كراهة الدعاء عقب التشهد الأول ولو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في منح الجليل: وكره (أي الدعاء) قبل تشهد وبعد سلام إمام، وبعد تشهد أول أي غير تشهد السلام، ومنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فتكره في التشهد الأول. اهـ.
أما التشهد الأخير، فلا خلاف في مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقبه، وإنما اختلفوا في ركنيتها، فذهب الأحناف والمالكية إلى أنها سنة وليست بواجب.
وذهب الحنابلة والشافعية إلى أنها ركن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(11/6746)
مذاهب العلماء حول تحريك الإصبع في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية تحريك السبابة في التشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة على مشروعية الإشارة بالسبابة في التشهد، واختلفوا متى تكون هذه الإشارة، وهل يكون معها تحريك أم لا؟.
فذهب الحنفية إلى مشروعية الإشارة بها عند النفي، وهو قول المتشهد: "لا إله" ووضعها عند الإثبات "إلا الله".
قال ابن عابدين في حاشيته: ويرفع السبابة عند النفي ويضعها عند الإثبات، وهذا ما اعتمده المتأخرون لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة، ولصحة نقله عن أئمتنا الثلاثة.
وذهب الشافعية إلى استحباب رفعها عند الإثبات وهو قول المصلي: "إلا الله" إلى نهاية التشهد. ولا يحركها كما في مغني المحتاج وغيره.
وذهب الحنابلة إلى أنه يشير بها عند ذكر الله تعالى، قال المرداوي في الإنصاف: تنبيه: الاشارة تكون عند ذكر الله تعالى فقط على الصحيح من المذهب. انتهى.
ولا يحركها عندهم، قال المرداوي أيضاً: لا يحرك إصبعه حالة الإشارة على الصحيح من المذهب. انتهى.
وذهب المالكية إلى مشروعية الإشارة بها مع التحريك دائماً يميناً وشمالاً لا فوق وتحت، قال الشيخ خليل: وتحريكها دائماً.
قال الخرشي: لا: أي وندب تحريك السبابة يميناً وشمالاً....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/6747)
الزيادة على التشهد الأول بذكر أو دعاء لا تضر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في التشهد الأول فقلته ثم قلت التشهد الأخير بعد التشهد الأول حيث يبقى لي الركعة الثالثة والرابعة فهل أسلم وأعيد الصلاة أم أرفع للركعة الثالثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل قصد -والله أعلم- أنه أتى بالأدعية التي يدعى بها في التشهد الأخير أو الصلاة الإبراهيمية وبناء عليه فإن الزيادة على التشهد الأول بدعاء أو ذكر لا يضر تعمده ولا يسجد سجود السهو له كما نقل النووي في المجموع عن الإمام الشافعي وعلى هذا فلا يجوز له أن يسلم بل يقوم للركعة الثالثة وصلاته صحيحة إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/6748)
مذاهب أهل العلم في تحريك السبابة في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[متى ترفع السبابة في التشهد الأول والثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحريك السبابة أثناء التشهد مشروع عند جمهور أهل العلم؛ إلا أنهم اختلفوا في كيفية ذلك حيث ذهب المالكية إلى أنها تحرك دائما في جميع التشهد. وذهب الشافعية إلى أنها لا تحرك إلا مرة واحدة عند قول "إلا الله" من الشهادة، وذهب الحنابلة في الصحيح من مذهبهم إلى أنه يشار بها عند ذكر الله تعالى فقط، ولا يحرك الإصبع حال الإشارة.
والأصل في تحريك السبابة ما رواه النسائي من حديث وائل بن حجر وفيه: ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها. صححه الألباني في صفة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/6749)
أقوال العلماء في زيادة لفظ "سيدنا" في الأذان والتشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع في التسييد في الأذان كأن يقول المؤذن أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى عدم زيادة لفظ "سيدنا" في الأذان وغيره من الأذكار والأدعية المأثورة كالتشهد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمها الصحابة بصيغ معينة واقتصر عليها الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
وقد ذهب إلى هذا جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى حيث قال: اتباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يقال لعله ترك ذلك تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم، كما لم يكن يقول عند ذكره صلى الله عليه وسلم: "صلى الله عليه وسلم" وأمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذكر، لأنا نقول: لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين، ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم قال ذلك مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك، وقد عقد القاضي عياض باباً في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، في كتاب الشفا ونقل آثاراً مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ "سيدنا".... نعم ورد في حديث ابن مسعود أنه كان يقول في صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين.... الحديث. أخرجه ابن ماجه ولكن إسناده ضعيف. انتهى مختصراً، وقد نقله الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب جماعة من أهل العلم وهو المعتمد عند الشافعية إلى استحباب زيادة لفظ "سيدنا" في الأذان والتشهد وغيرهما، قال الرملي في نهاية المحتاج: والأفضل الإتيان بلفظ السيادة -أي في التشهد في الصلاة- كما قاله ابن ظهيرة وصرح به جمع، وبه أفتى الشارح -المحلي- لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب فهو أفضل من تركه وإن تردد في أفضليته الأسنوي، وأما حديث: لا تسيدوني في الصلاة. فباطل ولا أصل له كما قاله بعض متأخري الحفاظ، وقول الطوسي: إنها مبطلة غلط. انتهى
وقال علي الشبراملسي في حاشيته على نهاية المحتاج: قوله لأن فيه....الخ يؤخذ من هذا سن الإتيان بلفظ السيادة في الأذان وهو ظاهر، لأن المقصود تعظيمه صلى الله عليه وسلم بوصف السيادة حيث ذكر، لا يقال: لم يرد وصفه بالسيادة في الأذان لأنا نقول كذلك هنا وإنما طلب وصفه بها للتشريف وهو يقتضي العموم في جميع المواضع التي يذكر فيها اسمه عليه الصلاة والسلام.
وصرح الحنفية باستحباب زيادة لفظ السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال صاحب الدر المختار: وندب السيادة لأن زيادة الإخبار بالواقع عين سلوك الأدب فهو أفضل من تركه.
قال ابن عابدين في حاشيته: واعترض بأن هذا مخالف لمذهبنا لما مر من قول الإمام من أنه لوزاد في تشهده أو نقص فيه كان مكروهاً، قلت: فيه نظر، فإن الصلاة زائدة على التشهد ليست منه، نعم ينبغي على هذا عدم ذكرها في "وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" وأنه يأتي بها مع إبراهيم عليه السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/6750)
فتاوى حول التشهد وتحريك الأصبع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام يطيل الجلسة في التشهد الأول سؤالي ماذا يقول بعد انتهائه من التشهد؟ كيف تكون حركة الأصبع عند قراءة التشهد وما حكم من لم يحرك أصبعه؟ وفقكم الله.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن الإمام أو المنفرد إذا أتم التشهد الأول أن يقوم إلى الركعة الثالثة ولا يقول شيئاً كما تقدم بيانه في الفتوى رقم:
10357.
وأما حكم تحريك الإصبع في التشهد وكيفية ذلك فقد سبق مفصلاً في الفتوى رقم:
552 - والفتوى رقم: 4443 فراجعهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(11/6751)
أقوال الفقهاء فيمن ترك لفظ التشهد الأول عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترك نص التشهد عمدا في منتصف الصلاة والاكتفاء بالتشهد في آخر الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ترك لفظ التشهد الأول عمداً اختلف الأئمة في صلاته بين قائل بالصحة مع الإثم كالمالكية، ولا ينفع فيه السجود عندهم، وبين قائل بالصحة مع وجوب إعادة الصلاة كالأحناف، وقائل بأنه يجبره سجود السهو وهو قول الشافعية، أما الحنابلة فقالوا بالبطلان إذا اجتمع العمد والعلم بالحكم.
هذا مع العلم أن الإقدام على هذا يعد تهاوناً بالصلاة، واستخفافاً بها، والاستخفاف بها من صفات المنافقين كما ذكره المفسرون عند قوله تعالى: فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون [الماعون:4-5]
والصلاة هي عماد الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما في الحديث الصحيح، فلا فلاح ولا نجاح لمن جاء مضيعاً لها.
أسأل الله لي ولك التوفيق، وأن يهدينا سواء السبيل.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(11/6752)
حكم التشهد الأوسط
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجماعة هل يجب على المأموم قراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن أم يكتفي بقراءة الإمام؟
وما هو حكم التشهد الأوسط بعد الركعتين وما يقال فيه؟ جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم قراءة المأموم للفاتحة مبين في الفتوى رقم: 1740 والفتوى رقم: 23051 وأما ما زاد على الفاتحة فإن كان في صلاة سرية فيشرع له قراءة ما يتيسر، وإن كان في جهرية فلا يشرع له قراءة شيء سوى الفاتحة، وانظر الفتوى رقم:
2281
وأما التشهد الأوسط والجلوس له فسنتان عند الجمهور واجبان عند الحنابلة، ولفظ التشهد كما جاء في الصحيحين واللفظ للبخاري: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وهذا مشهور عند العلماء بتشهد ابن مسعود وقد أخذ به فريق من أهل العلم واختار الشافعي رحمه الله تشهد ابن عباس الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لزيادة ألفاظه ولفظه كما في صحيح مسلم " التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1424(11/6753)
أكمل وأفضل هيئة في السلام من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنكر علي شخص عند التسليم من الصلاة عندما أتوقف برأسي جهة القبلة بين التسليمة اليمنى واليسرى أفيدوني في ذلك.
والله يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بذلك استقبال القبلة بوجهك لتبدأ التسليمة الثانية وأنت مستقبلاً القبلة فذلك الفعل صحيح لا ينكر عليك لأن كلاً من التسليمتين يستحب للمصلي أن يبدأها وهو مستقبل القبلة، قال الإمام النووي في روضة الطالبين: أما أكمل السلام فأن يقول: السلام عليكم ورحمة الله ويسن تسليمة ثانية على المشهور إلى أن قال: وإن قلنا تسليمتين فإحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره ويبتدئ بالسلام مستقبل القبلة، ثم يلتفت بحيث ينقضي السلام مع تمام الالتفات. اهـ.
وهذا عام للتسلمتين فيبتدأ كل واحدة مستقبلا للقبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/6754)
حكم صلاة من سلم قبل الإمام سهوا في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الفاضل:
أثناء صلاة العصر وفي جلسة التشهد الأخير وبدون قصد قمت بالتسليم قبل الإمام
ماحكم صلاتي؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا السلام الذي أتيت به خلف الإمام سهوا لا يؤثر على صحة صلاتك إذا كنت قد عدت إلى الاقتداء به من فورك وسلمت بعد سلامه.
أما إذا كنت قد اكتفيت بهذا السلام قبل الإمام، فإن هذا يفسد صلاتك، لأن سبق الإمام في الإحرام والسلام مبطل كمساواته، فلابد من اقتفائه ومتابعته فيهما رزقنا الله وإياك الفقه في الدين. آمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(11/6755)
لا بد للمسبوق من الإتيان بالتشهد قبل السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتتني الركعة الأولى في الصلاة ثم أكملتها بعد سلام الإمام ((هل أقرأ التشهد أو أكتفي بالسلام فقط بعد الرفع من السجدة الأخيرة)) جزاكم الله خير الجزاء........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال العلماء أن الجلوس في آخر الصلاة قبل السلام والتشهد في هذا الجلوس فرضان لا تصح الصلاة إلا بهما، ودليل ذلك قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، السلام على الله قبل عباده.. السلام على جبريل وميكائيل.. السلام على فلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله. رواه لنسائي.
فبين لنا ابن مسعود أن التشهد لم يكن فرضاً ثم فرض، وهذا مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وطائفة كبيرة من أهل العلم.
وعلى هذا نقول للأخ السائل: لا بد من الإتيان بهذا التشهد قبل السلام، وأما تشهدك مع الإمام فللمتابعة فقط، وإلا فليس محلاً للتشهد بالنسبة لك إذا كانت الصلاة رباعية أو ثنائية، وإن كانت الصلاة هي المغرب فتشهدك مع الإمام هو التشهد الأوسط بالنسبة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(11/6756)
حكم من نسي التسليم في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... تحيه وبعد
لقد بدات أصلي منذ شهر تقريبا والحمد لله، أحيانا قد أرتكب بعض الأخطاء في صلاتي مثلا أقول
"الله أكبر بدلا من سمع الله لمن حمد" أو حين أركع أقرأ الفاتحة فقط بدلا من قراءة الفاتحة وبعض الآيات من القرآن الكريم.
في الأمس صليت المغرب وبعد انتهائي من صلاة ركعتي السنة انتبهت أنني قد نسيت أن أسلم.
فما عساي أن أفعل إذا ارتكبت خطأ في صلاتي ,عند الصلاه في البيت أو في المسجد (صلاة الجماعة) ؟
وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الهداية والثبات حتى نلقاه، أما بالنسبة للأخطاء التي تقع منك في الصلاة فإنها لا تأخذ حكما واحداً، ولكل خطأ منها حكمه. ولتفصيل ذلك، راجع الفتوى رقم:
36 والفتوى رقم:
4830 والفتوى رقم:
4831 والفتوى رقم:
16592.
أما بالنسبة لمن قال الله أكبر بدلاً من قول سمع الله لمن حمده، فقد تقدم الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 12247.
وأما قول السائل: حين أركع أقرأ الفاتحة فقط بدلاً من قراءة الفاتحة وبعض الآيات ... فلعه سبق قلم منه أو قصد به حال القيام لها حال الركوع فإن الركوع لا تقرأ فيه الفاتحة ولا غيرها من القرآن ولكن يقال فيه "سبحان ربي العظيم"
وعلى العموم فإن قراءة ما زاد على الفاتحة في القيام مستحب على مذهب جمهور العلماء.
أما من نسي السلام فإن تذكره بالقرب فإنه يعود ويسلم ويسجد للسهو، وإن طال الوقت فإنه تبطل صلاته لأن السلام ركن، ويجب عليه إعادة الصلاة من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(11/6757)
حكم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التسليم في صلاة الشفع والوتر بعد قول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله (أي نصف التشهد) وجزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير من الصلاة.
فذهب الشافعي وأصحابه إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض في التشهد الأخير من تركه بطلت صلاته، وهو المعتمد لدى الحنابلة كما في كشاف القناع ومطالب أولي النهى.
واحتجوا بحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ قال: قولوا اللهم صلِ على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال النووي رحمه الله: رواها أبو حاتم ابن حبان وأبو عبد الله الحاكم في صحيحيهما والدارقطني والبيهقي، واحتجوا بها، قال الدارقطني: هذا إسناد حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح. انتهى كلامه رحمه الله.
والحديث مروي في الصحيحين وغيرهما، ولكن هذه الرواية فيها زيادة: إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا. وهي موضع الشاهد من الحديث.
وذهب الحنفية والمالكية إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبة لا واجبة، والراجح المذهب الأول.
وبناء على هذا نقول للأخ السائل: من أراد أن يسلم من ركعتين أو أوتر بركعة فلا بد وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا بطلت هذه الصلاة، ويستحب أن يصلي على الآل، ثم يدعو بما شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(11/6758)
هل تصح صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند نهاية الصلاة أن ينطق المصلي مرة واحدة بالسلام عليكم ورحمة الله؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن التسليمة الأولى هي الفرض وأن الثانية مستحبة، فمن اقتصر على تسليمة واحدة أجزأته صلاته.
قال النووي قال ابن المنذر:: (أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة) اهـ.
هذا وإن اقتصر المصلي على تسليمة واحدة استحب له أن يسلمها تلقاء وجهه وإن سلم تسليمتين جعل الأولى عن يمينه والثانية عن يساره ويلتفت مع كل تسليمة حتى يرى من كان عن جانبه خده. أفاده النووي في المجموع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/6759)
أقوال العلماء في ما يقول المسبوق في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أدرك المأموم الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية هل يقرأ التشهد كاملا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أم لا. أرجو التفصيل في المسألة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك الركعتين الأخيرتين من الرباعية، فإذا جلس الإمام لتشهده الأخير وجب عليه هو أن يجلس حتى يسلم الإمام، ولكن ماذا يقول في هذا الجلوس؟ هذا محل نزاع بين العلماء.
فذهب بعضهم إلى أنه لا يزيد على التشهد الأول، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: (وإذا أدرك بعض الصلاة مع الإمام، فجلس الإمام في آخر صلاته لم يزد المأموم على التشهد الأول بل يكرره نص عليه أحمد فيمن أدرك مع الإمام ركعة قال: يكرر التشهد، ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدعو بشيء مما يدعى به في التشهد الأخير لأن ذلك إنما يكون في التشهد الذي يسلم عقيبه، وليس هذا كذلك. انتهى كلامه رحمه الله.
وذهب الشافعية إلى أنه يقول في هذا الجلوس في هذه الحال مثل ما يقوله في التشهد الأخير، قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في تحفة المحتاج: أما المسبوق إذا أدرك ركعتين من الرباعية فإنه يتشهد مع الإمام تشهده الأخير، وهو أول للمأموم فلا يكره الدعاء له بل يستحب. اتهى.
والذي يظهر لنا رجحان مذهب الشافعية في المسألة لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الآل والدعاء بعد ذلك إنما منعه من منعه في التشهد الأول لأنه مبني على التخفيف، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس للتشهد الأول فكأنما يجلس على الرضف، كما روي الحديث عند الترمذي وغيره، وإن كان في سنده ضعف؛ لكنه قد صح موقوفاً على أبي بكر رضي الله عنه، رواه ابن أبي شيبة وصححه الحافظ بن حجر في تلخيص الحبير، نقول: منع الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الآل في التشهد الأول لتلك العلة، ولكنه في مسألتنا هذه جالس لا محالة ولم يبق مانع يمنع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/6760)
السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في تشهد الصلاة بصيغة الخطاب أم الغيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صيغة التشهد في الصلاة فهناك من يقول: السلام على النبي وهناك من يقول أن الصيغة هي: السلام عليك أيها النبي ويقولون: إن هذه هي الصيغة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أما صيغة المخاطبة فكانت في حياته؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صحت عدة صيغ للتشهد، واتفق العلماء على جواز كل صيغة منها، واختلفوا في أفضلها، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 8103.
وذهب أكثر العلماء وعليه جرى العمل بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الخطاب: السلام عليك، وذهب طائفة من العلماء إلى جواز السلام عليه بلفظ الخطاب في حياته وبلفظ الخطاب والغائب بعد وفاته، لما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ... وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام على النبي.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: هذه الزيادة ظاهرها أنهم كانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي بكاف الخطاب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات تركوا الخطاب، وذكروه بلفظ الغيبة، فصاروا يقولون: السلام على النبي.
وقال في موضع آخر: قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة، دل على أن الخطاب في السلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم غير واجب، فيقال: السلام على النبي، قلت - القائل الحافظ -: قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعاً قوياً، قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبي صلى الله عليه وسلم حي: السلام عليك أيها النبي، فلما مات قالوا: السلام على النبي، وهذا إسناد صحيح. ا. هـ.
قال الألباني: ويؤيده أن عائشة رضي الله عنها كذلك كانت تعلمهم التشهد في الصلاة: السلام على النبي رواه السراج في مسنده، والمخلص في الفوائد بسندين صحيحين عنها.
وقال الألباني أيضاً: وقد نقل كلام الحافظ هذا جماعة من العلماء المحققين أمثال القسطلاني والزرقاني واللكنوي وغيرهم، فارتضوه، ولم يتعقبوه بشيء.
وقال أيضاً: والأمر عندي في هذا واسع، فبأي صيغة من الصيغ الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد المصلي فقد أصاب السنة، وإن كان تشهد ابن مسعود أصح رواية باتفاق العلماء لاتفاق الرواة على روايته بلفظ واحد دون زيادة حرف أو نقص، ومن ذلك تفصيله رضي الله عنه بين ما كان الصحابة يقولونه في حال حياته في السلام عليه بلفظ الخطاب وما كانوا يقولونه بعد وفاته بلفظ الغيبة بتوقيف منه صلى الله عليه وسلم إياهم، ولذلك كانت السيدة عائشة تعلمهم التشهد بلفظ الغيبة كما تقدم. أ. هـ.
وأما جمهور أهل العلم، فتمسكوا بلفظ الخطاب الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ولم يفرقوا بين حياته وموته، ورأوا أن ما قاله ابن مسعود اجتهاد منه، وعارضوه بحديث عمر أنه علم الناس التشهد وهو على المنبر بلفظ الخطاب، وهذا يقتضي أنهم كانوا يقولونه بلفظ الخطاب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: إنه ليس من كلام ابن مسعود، وإنما هو من كلام الراوي عنه، وقالوا: إذا احتمل اللفظ لم تبق فيه دلالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/6761)
رفع الأيدي المنهي عنه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عن أنس بن مالك عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "كأني بقوم يأتون من بعدي يرفعون أيديهم في الصلاه كأنها أذناب خيل شمس" هل الرفع عند التكبير حرام؟ وهل الرفع بعد التكبير ناقض للصلاة؟ وهل الرفع بعد التكبير بدعة ولكن لا تنتقض بها الصلاة؟ هذا وأن أفيضوا علينا رحمنا الله وإياكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المشهور في روايات هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه هذا الكلام إلى أصحابه، كما رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن وغيرهم عن جابر بن سمرة وغيره قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس، اسكنوا في الصلاة".
وقد بينت الروايات الأخرى محل هذا الرفع الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم وغيره عن جابر بن سمرة أيضاً قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس، إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله".
فبينت هذه الرواية أنهم كانوا يرفعون أيديهم ويشيرون بها عند السلام، فنهاهم عن ذلك.
وأما الرفع عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع من الركوع فسنة ثابتة، لما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود) .
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/6762)
لفظ التشهد حديث وليس قرآنا
[السُّؤَالُ]
ـ[لأي تصنيف تنسب التحيات التي تقال في نهاية الصلاة إلى الحديث أو القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلفظ التشهد الذي يقال قبل السلام من الصلاة، هو حديث صحيح وليس من القرآن وقد ورد بروايات عدة نذكر منها رواية ابن مسعود وفيها: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(11/6763)
لا يشرع للمصلي رفع يديه عند الدعاء في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء في التشهد الأخير يجوز فيه رفع اليدين إلى الرب قبل السلام من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جلوسه للتشهد الأول وكذا التشهد الأخير أنه كان يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وينشر أصابعه اليسرى جهة القبلة ويجعلها قريبة من طرف الركبة، ويجعل يده اليمنى على فخذه اليمنى قباضاً أصابعها باسطاً السبابة مشيراً بها.
ولا يشرع أن يرفع يديه عند الدعاء بل يبقيهما على الحال المذكورة آنفاً اقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/6764)
الهدي النبوي في تسليم الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في نهاية الصلاة التسليمتان
فإنني أسلم عن يميني ثم أتوقف في الوسط ثم أسلم عن شمالي. فهل هذا التوقف غير جائز
وماهوهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
والله يحفظكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الثابت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو أنه كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر. كما ثبت عنه أيضاً أنه كان -أحياناً- يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئاً أو قليلاً، وقال الإمام النووي في روضة الطالبين: وإن قلنا بتسليمتين، فإحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره، ويبتدئ بالسلام مستقبل القبلة.
وبهذا يعلم السائل أن هديه صلى الله عليه وسلم هو ابتداء كل من التسليمتين مستقبل القبلة. أما التوقف بينهما أكثر من ما يستغرق استقبال القبلة من الوقت، فالظاهر -والله أعلم- أنه زيادة في الصلاة، وهي غير مشروعة، فالعبادة مبناها على التوقيف فلا يزاد فيها على ما ثبت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(11/6765)
الافتراش والتورك ... معناهما، ومواضع سنيتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم لقد قرأت لكم في الفتاوى عن معنى الافتراش والتورك؟ فهل يشرعان للنساء أيضا؟ وهل من الممكن توضيحهما أكثر فأنا لم أفهم كيفية جلوسهما نهائياً؟ وهل هما من سنن الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالافتراش عرفه العلماء بقولهم: هو أن ينصب المصلي قدمه اليمنى قائمة على أطراف الأصابع، ويفرش رجله اليسرى بأن يلصق ظهرها بالأرض، ويجلس على باطنها. وهو يسن في جلوس التشهد الأول في الصلاة الرباعية والثلاثية، وعند الجلوس بين السجدتين، وعند التشهد الأخير في الصلاة الثنائية، أما التورك فيسن في التشهد الأخير في الصلاة الرباعية أو الثلاثية.
وصفته: أن ينصب المصلي رجله اليمنى، ويضع بطون أطراف أصابعه على الأرض ورؤوسها للقبلة، ويخرج يسراه من جهة يمينه، ويلصق وركه بالأرض، وكذا إليته اليسرى.
والمرأة كالرجل في كل هذا لشمول الخطاب لها في قوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري وذهب الشافعية إلى أن التورك يكون -أيضاً- في التشهد الأخير، من الصلاة الثنائية وإن لم يكن ثانياً كتشهد الصبح والجمعة وصلاة التطوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(11/6766)
حكم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بذكر لفظ (السيادة)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول صلى الله على سيدنا محمد
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: اللهم صل على سيدنا محمد. جائزة.
والأولى الصلاة عليه بالكيفية التي علمها أصحابه رضي الله عنهم حينما قالوا له: (يا رسول الله هذا السلام عليك -أي قد عرفناه- فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم " رواه البخاري وغيره، وله ألفاظ أخرى ليس في واحد منها ذكر لفظ (السيادة) وهو المعروف عن الصحابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(11/6767)
تبطل الصلاة بترك التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ فترة طويلة آتي بالتشهد الأول في الصلاة الرباعية، وفي الركعة الرابعة لا آتي بالتشهد من أوله، وأقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، هل صلاتي السابقة باطلة، لو سمحتم أجيبوني بسرعة.
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشهد الأخير يعد ركناً من أركان الصلاة تبطل بتركه على الراجح من أقوال العلماء، لحديث ابن مسعود عند النسائي، وأصله في الصحيحين، قال: كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله ... وصححه البيهقي. فقوله: قبل أن يفرض التشهد يدل على أن التشهد فرض بعد أن لم يكن فرضاً.
وعليه، فإن الصلوات التي صليتها بدون التشهد الأخير تعتبر باطلة، إلا أنك قد تكون معذوراً بالجهل، ولا يلزمك إعادتها، ويدل على ذلك حديث المسيء صلاته، حيث ترك ركن الطمأنينة جهلاً، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلوات السابقة، ومع هذا فلو أعدت هذه الصلوات السابقة احتياطاً لدينك وإبراء لذمتك كان ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1422(11/6768)
حكم التشهد، وما يلزم من فاته تشهد مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[1- السلام عليكم ورحمة الله
أنا حديث العهد في الصلاة، وأرجو منكم أن تساعدوني في الإجابة على ما يلي:
دخلت المسجد في صلاة المغرب وأدركت الركعة الثانية مع الإمام، كم تشهدا يجب أن أتشهده حتى
نهاية الصلاة؟
أرجو أن تجيبوا على سؤالي، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسؤالك عن ماذا يجب عليك من التشهد؟ فجوابه هو أن العلماء اختلفوا في حكم التشهد على قولين:
أحدهما: أنه ليس بواجب، وإنما هو سنة، وهذا قول مالك وأبي حنيفة، واستدل أهل هذا القول بأن القياس يقتضي إلحاقه بسائر الأركان التي ليست بواجبة في الصلاة، انظر بداية المجتهد ج1ص187 والثاني: أنه واجب، وهو قول أحمد والشافعي، ودليل هؤلاء حديث ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.
رواه مسلم.
وما دام هؤلاء استدلوا بحديث صحيح -وإن كان غير صريح- فإن مذهبهم ينبغي أن يكون أقوى. والله أعلم.
وعلى كل حال فإنما يلزم هذا السائل من التشهد سواء كان واجباً أو غير واجب هو أن يتشهد في جلستيه اللتين جلسهما مع الإمام، ثم إذا سلم الإمام وأتى هو بالركعة التي فاتته مع الإمام وجلس للسلام فإنه يتشهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(11/6769)
أقوال أهل العلم في السلام المشروع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[-هل المصلي الفذ أي المنفرد والإمام يسلمان في نهاية الصلاة على اليمين فقط أم على اليمين واليسار؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن السلام المشروع في الصلاة تسليمتان، يستوي في ذلك الفذ والإمام والمأموم إذا كانت صلاة ذات قيام وركوع وسجود، ويكون تسليمة واحدة إذا لم تكن كذلك، كصلاة الجنازة وسجود التلاوة، وسجود الشكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الصلاة فالمختار عند مالك ومن يتبعه من أهل المدينة تسليمة واحدة في جميع الصلاة فرضها ونفلها المشتملة على الأركان الفعلية، أو على ركن واحد) .
وعند أهل الكوفة تسليمتان في جميع ذلك ووافقهم الشافعي، والمختار في المشهور عن أحمد أن الصلاة الكاملة المشتملة على قيام وركوع وسجود يسلم فيها تسليمتين، وأما الصلاة بركن واحد كصلاة الجنائز وسجود التلاوة وسجود الشكر فالمختار تسليمة واحدة، كما جاءت أكثر الآثار بذلك. فالخروج من الأركان الفعلية المتعددة بالتسليم المتعدد، ومن الركن الفعلي المفرد بالتسليم المفرد، فإن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت معتدلة، فما طوَّلها أعطى كل جزء منها حظه من الطول، وما خففها أدخل التخفيف على عامة أجزائها) انتهى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1422(11/6770)
مدى مشروعية الصلاة على النبي والدعاء في التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من شيخ جليل فاضل أن التشهد الأوسط في الصلاة لابد أن يقرأ كاملا دون الدعاء وأن الدعاء يكون عقب التشهد الأخير فى الصلاة، والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة التشهد في الجلوس الأوسط كاملاً، بما فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال بها جماعة من أهل العلم، ودليلهم عموم الأحاديث الآمرة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذهب آخرون إلى أنه يقتصر في الجلوس الأوسط على التشهد فقط، دون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء. وقد روى الإمام أحمد وابن خزيمة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:" ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء أن يدعو، ثم يسلم".
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:" وكان يخفف هذا التشهد جداً حتى كأنه على الرضف وهي الحجارة المحماة ولم ينقل عنه في حديث قط أنه- صلى الله عليه وسلم - صلى عليه وعلى آله في التشهد الأول، ولا كان يستعيذ فيه من عذاب القبر، وعذاب النار، وفتنة المحيا، وفتنة الممات، وفتنة المسيح الدجال. ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات قد صح تبيين موضعها، وتقييدها بالتشهد الأخير" اهـ.
فتبين أن السنة هي الاقتصار على التشهد فقط في التشهد الأوسط، دون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودون الدعاء، وإن أتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جاز، والأولى ترك ذلك كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1422(11/6771)
المسبوق ... وقراءة التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حضرت صلاة المغرب في الركعة الثانية وأتممت مع الإمام الصلاة وبعد تسليم الإمام قمت بالركعة الثالثة هل يجب أن أقرء التشهد مرة أخرى علما بأنني قرأته مع الإمام في الركعة الثانية والثالثة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشهد الأخير من كل صلاة واجب، سواء كان المصلي منفرداً، أو مأموماً مسبوقاً، أو غير مسبوق، ومن أدرك الركعتين الأخيرتين من المغرب مع الإمام وجب عليه الإتيان به في كل ركعة، وبيان ذلك أنه في الركعة الأولى من صلاته يأتي به من أجل وجوب متابعة الإمام، وفي الركعة الثانية يأتي به أيضاً لأجل متابعة الإمام مع أنها هي ثانيته هو أيضاً، ولو صلى منفرداً لجلس فيها للتشهد.
أما في الركعة الأخيرة، والتي انفرد بها المسبوق عن الإمام، فهو واجب كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/6772)
تشهد ابن مسعود أصح حديث في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الصيغة الصحيحة للتحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في التشهد صحيحة، وأقواها - باتفاق المحدثين - حديث ابن مسعود قال: " كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" رواه الشيخان، وأصحاب السنن، وغيرهم.
قال مسلم: أجمع الناس على تشهد ابن مسعود، لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضاً.
وقال الترمذي والخطابي وابن عبد البر، وابن المنذر: تشهد ابن مسعود أصح حديث في التشهد، ومن الصيغ الصحيحة في التشهد ما رواه مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه " التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله تعالى وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله " وقد اختار هذا اللفظ الإمام الشافعي رحمه الله لكثرة ألفاظه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(11/6773)
يقرأ المسبوق ما أمكنه من التشهد والصلوات الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أتيت متأخرا وصليت الركعة الأخيرة مع الإمام هل تقرأ التحيات كلها (أي مع الصلاة الإبراهيمية) أم ماذا تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على من أدرك الركعة الأخيرة، أو التشهد مع الإمام أن يبدأ بقراءة التشهد أولاً قبل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا قعد أحدكم في الصلاة، فليقل التحيات لله ... " أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود، فالتشهد إذاً مقدم على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وضعاً وترتيباً.
ثم إذا بقي الإمام جالساً بعد فراغه من التشهد قرأ ما أمكنه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سلم الإمام قام لقضاء ما عليه. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1422(11/6774)
صيغ التشهد وبيان أفضلها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الصيغة الصحيحة للتشهد الأخير في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت عدة صيغ للتشهد ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها:
ما أخرجه البخاري ومسلم وابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين - فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض - أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".
وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا السلام على النبي. انتهى.
وأخرج مسلم والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
وفي رواية عبده ورسوله. انتهى.
وأخرج أبو داود والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في التشهد: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله. - قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته - السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله - قال ابن عمر: وزدت فيها وحده لا شريك له - وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وأخرج مسلم وأبو داود وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ... وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي - والسياق له - عن القاسم بن محمد: كانت عائشة تعلمنا التشهد وتشير بيدها تقول: التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله، السلام على النبي.. الى آخر تشهد ابن مسعود.
وقد جمعها الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن استطاع الإنسان أن يأتي بكل هذه الصيغ، بأن يأتي في صلاة بصيغة، وفي أخرى بأخرى وهلم جرا، فلا شك أن ذلك أحسن إن شاء الله وأكمل، وإن أراد الاقتصار على صيغة واحدة، فعليه بتشهد ابن مسعود، لأنه أعم وأصح سندا، وعلى العمل به أكثر أهل العلم.
قال ابن حجر في فتح الباري: قال الترمذي: حديث ابن مسعود روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث روى في التشهد، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة، ومن بعدهم قال: وذهب الشافعي إلى حديث ابن عباس في التشهد، وقال البزار لما سئل عن أصح حديث في التشهد قال: هو عندي حديث ابن مسعود، وروي من نيف وعشرين طريقاً، ثم سرد أكثرها، وقال: لا أعلم في التشهد أثبت منه، ولا أصح أسانيد، ولا أشهر رجالاً. انتهى.
قال ابن حجر: ولا اختلاف بين أهل الحديث في ذلك، وممن جزم بذلك البغوي في شرح السنة، ومن رجحانه أنه متفق عليه دون غيره، وأن الرواة عنه من الثقات لم يختلفوا في ألفاظه بخلاف غيره، وأنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم تلقيناً. انتهى.
وهذه الصيغ يأتي المصلي بواحدة منها في تشهده الأول، وتشهده الثاني إلا أنه يزيد بعد التشهد الثاني الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بما يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/6775)
للمصلي أن يدعو بعد التشهد بما شاء
[السُّؤَالُ]
ـ[تقريبا في كل صلاة بعد التشهد الأخير أقرأ الدعوات الواردة في السؤال، مرة خطر ببالي: هل يجوز الدوام على هذه الدعوات؟ هل هي بعيدة عن البدعة؟ ما رأي الشرع؟ الدعوات في التشهد الأخير من الصلاة: ربنا نعوذ بك من عذاب النار، ونعوذ بك من عذاب القبر، ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات، ونعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال. اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا. اللهم اشفنا وعافنا وارحمنا. ربنا اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عن من سواك واقض عنا الدين وأغننا من الفقر. ثم السلام من الصلاة. أقرأ الدعوات بصيغة الجماعة وذلك بنية شمل أهل بيتي كلهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء بعد التشهد وقبل السلام بما شاء المسلم من خيري الدنيا والآخرة مستحب مطلقاً، سواء كان مأثوراً أو غير مأثور، فعن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد، ثم قال في آخره: " ثم لتختر من المسألة ما تشاء" رواه مسلم.
ولكنه بالمأثور أفضل. والجزء الأول من الدعاء -الذي ذكر السائل أنه مواظب عليه- من أصح ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، أي بعد التشهد الأخير وقبل السلام فعن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال" رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة " اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم" متفق عليه. وكذلك قراءة الدعاء بصيغة الجمع بغية شمول الأهل والمسلمين مستحبة ومطلوبة شرعاً.
إلا أن الصيغة التي ذكر السائل، وهي: " ربنا نعوذ بك من عذاب النار لا توافق لفظ الحديث الذي تقدم ذكره آنفاً.
أما باقي الدعوات الواردة في نص السؤال فليست مما ورد الدعاء به بعد التشهد وقبل السلام، والأكمل أن تبدأ بما ذكرنا من الأدعية الواردة، ثم تثني بما أعجبك من الدعاء، لقوله صلى الله عليه وسلم "ثم لتختر من المسألة ما تشاء". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1422(11/6776)
هل يجب رد سلام المسلم من صلاته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم رد السلام على المصلي بعد الانتهاء من صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رد السلام لا يكون إلا بعد ابتدائه كما يعلم ذلك من لفظ " الرد" والظاهر- والله تعالى أعلم- أن سلام الخروج من الصلاة ليس له حكم ابتداء السلام الذي يجب رده. وفرق كبير بين من سلم من الصلاة، أي خرج منها بقوله: السلام عليكم. وبين من سلم على القوم بمعنى حيّاهم بالسلام. فيجب الرد على المسلَّم عليهم في الأخير دون الأول.
وذهب الشافعية إلى أن الإمام ينوي السلام على المقتدين، وهم ينوون الرد عليه وعلى من سلم عليهم من المؤمنين، لحديث: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام، وأن نتحابَّ، وأن يسلم بعضنا على بعض". رواه أبو داود وإسناده ضعيف.
والعلم عند الله تعالى
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(11/6777)
حكم صلاة من لم يأت بصيغة التسليم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لو سهوت أثناء التشهد الأخير فبدلا من أن أقول السلام عليكم ورحمة الله أسهو وأقول أستغفر الله فهل صلاتي جائزة أفيدونا ماجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السلام ركن من أركان الصلاة، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي.
فلا تصح الصلاة بدونه، ولا يجبر بسجود السهو، ولا يقوم غيره مقامه، لذا فمن سها عنه، وأبدله بغيره من استغفار، أو نحوه، فلا يجزئه ذلك عنه، بل لابد أن يأتي بالسلام.
وتصح صلاته إن أتى السلام بعد تذكر إن لم يطل الفصل، أما إذا لم يأت به، أو لم يتذكره إلا بعد وقت طويل، فإن صلاته باطلة، لفقدها ركناً من أركانها وهو السلام، وعليه إعادتها على الصحيح.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/6778)
الأفضل للمصلي أن يأتي بالتسليمتين.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قام بأداء الصلاة دون التسليمة الثانية وهل يترتب عليه عقاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم التسليمة الثانية في الصلاة، فذهب الجمهور إلى أن الواجب تسليمة واحدة، وذهب الحنابلة إلى أن التسليمتين ركن من أركان الصلاة، وهو مروي عن أحمد، والرواية الثانية عنه: أن التسليمة الثانية سنة.
وقد قال ابن المنذر: (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة) .
وتعقبه المرداوي في الإنصاف بقوله: (قلت: هذا مبالغة منه، وليس بإجماع. قال العلامة ابن القيم: وهذه عادته إذا رأى قول أكثر أهل العلم حكاه إجماعاً) اهـ.
وليعلم أن المتكرر ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإتيان بالتسليمتين في الصلوات المكتوبة، كما روى أحمد ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه ويساره: " السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله " حتى يرى بياض خده.
وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: (كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده) . رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
وحجة من اكتفوا بتسليمة واحدة: ما رواه الترمذي والحاكم من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل إلى الشق الأيمن شيئاً.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وقد ضعفه كثير من أهل العلم بالحديث، وصححه بعضهم بشواهده.ولعل الأفضل المواظبة على التسليمتين، ومن صلى فاكتفى في صلاته بتسليمة واحدة، فصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6779)
اخشع في صلاتك وليس عليك إعادة التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أصابني شيء من الغفلة والسرحان أثناء قراءتي التشهد في الصلاة فقمت بإعادة قراءة التشهد مرة أخرى من أجل إعطائه حقه من التفكر وحضور الذهن.. فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن أذكار الصلاة لا تكرر إلا ما ورد النص بتكريره كالتسبيح في الركوع والسجود ثلاثاً ثلاثاً. والتشهد من أذكار الصلاة ولا يشرع فيه التكرار. وقد نص أهل العلم على أن من شك في ركن من أركان الصلاة أو واجباتها وهو في أثناء الصلاة فإنه يأتي به. وسؤالك ليس من هذا القبيل، وإنما هو من حيث التفكر وحضور الذهن فالذي ينبغي عليك أن تستحضر الخشوع أثناء صلاتك قدر استطاعتك وإن شرد ذهنك فلا تعد ما قررته في ذلك الوقت وإلا فإنك لو فتحت هذا الباب على نفسك فإنه يخشى من تسلط الوسواس عليك، فاحرص قدر استطاعتك على استحضار قلبك وذهنك والله يوفقك ولا يلزمك شيء في صلاتك التي صليتها قبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6780)
كيفية جلوس التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية الجلوس في التشهد في الصلوات الرباعية والثلاثية والثنائية هل هي تورك أم افتراش، وما الحكم بالنسبة للتشهد في صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كيفية الجلوس في التشهد مما اختلف فيه الفقهاء، ولعل أقرب الأقوال إلى الصواب أن التورك يشرع في التشهد الأخير من الصلاة الرباعية والثلاثية وأما الافتراش فيكون في الصلاة الثنائية فرضاً أو نفلاً، وفي التشهد الأوسط. والافتراش هو أن يجلس المصلي علي رجله اليسرى وينصب اليمنى. والتورك هو أن يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجها من تحته عن يمينه، ويجعل الإلية على الأرض. والدليل على ذلك: حديث أبي حميد الساعدي قال: وهو في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم … إلى أن قال: "فإذا كان في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته" رواه البخاري.
وفي رواية عن الخمسة إلا النسائي "حتى إذا كانت الركعة التي تنقضي فيها الصلاة أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركا ثم سلم". فهذا دليل على التورك في الجلوس للتشهد في الرابعة، وفي حكمه الجلوس للتشهد الأخير في المغرب. وأما الافتراش فيما عدا ذلك فيدل عليه الحديث السابق وغيره كما في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فسجد ثم قعد فافترش رجله اليسرى. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6781)
قول ((سيدنا محمد)) في التشهد غير مأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[البعض في التشهد يقول اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد - والبعض يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. ما هي الصيغة الأولى قولها في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فالأولى في ذلك اتباع الألفاظ المأثورة، ولم يرد في شيء منها لفظ (السيادة) كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله، قال: وقد عقد القاضي عياض بابا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الشفاء ونقل فيه آثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين، ليس في شيء منها عن أحد منهم لفظ: (سيدنا) . والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6782)
صلاة فيها أربع تشهدات.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الصلاة التي بها أربع تشهدات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة من حيث الأصل إما ذات تشهد واحد كالثنائية، أو تشهدين كباقي الصلوات الخمس.
أما ما سألت عنه فيحدث حينما يدرك المسبوق الإمام في التشهد الأول من صلاة المغرب، فإذا ما أتم مع إمامه ثالثة المغرب، يكون المسبوق قد أتى بتشهدين، وتبقى للمسبوق ركعتان يجلس بعد الأولى منهما للتشهد الأوسط بالنسبة له، ويبقى له التشهد الأخير في الثالثة، فيكون قد أتى بأربع تشهدات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6783)
السنة في تحريك الإصبع في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع وأقول: لهم جزاكم الله خيراً عنا وعن الأمة الأسلامية. سؤالي عن رفع الأصبع في التشهد (ما هي الطريقه الصحيحة الواردة عن النبي صلىالله عليه وسلم في تحريك الأصبع) وهل هناك أدلة من السنة النبوية. وما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإشارة بالإصبع عند التشهد من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد والنسائي وأبو داود وغيرهم عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم قعد فافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلّق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها.
قال الإمام البيهقي رحمه الله: يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرار تحريكها، حتى لا يعارض حديث ابن الزبير عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه بلفظ: "كان يشير بالسبابة ولا يحركها، ولا يجاوز بصره إشارته". قال الحافظ: وهذا الحديث أصله في مسلم في قوله: ولا يجاوز بصره إشارته والحديث الذي في مسلم من رواية ابن الزبير فيه: وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه.
فالحاصل أن أصل الإشارة بالإصبع ثابت وقد اختلف أهل العلم في كيفية التحريك على ثلاثة أقوال:
1- أنه يحركها دائماً
2- أنه يحركها إذا مر باسم الله وعند الدعاء.
3- أنه لا يداوم على التحريك بل يشير مرة واحدة. وعلى كل فالخطب يسير، ولعل أقرب الأقوال إلى الصواب أن تحرك دائماً تحريكاً متئداً.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6784)
بعض الوسائل المعينة على الخشوع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل يصلي ويقول: أنا أشعر وكأني أصلي تأدية للأوامر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا إنما ينشأ من فقد الشعور بلذة العبادة، ولتحصيل لذة العبادة ينبغي أن يستشعر المصلي أن كل عبادة يؤديها تقربه إلى الله، وأن الله ينظر إليه حين أدائه لها، وأنه ربما يموت بعد انتهائه من هذه العبادة، كل ذلك سيدفعه لتحسين العبادة وتجويدها، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. متفق عليه.
كما ننصحه بالأخذ بأسباب الخشوع في صلاته، ومن أكبر أسباب تحصيل الخشوع العلم بأنه لب الصلاة وروحها، وأن الصلاة بلا خشوع كجسدٍ ميتٍ لا روح فيه يُخشى أن يُضربَ بها وجه صاحبها فلا تصعد إلى الله عز وجل، والعلم كذلك بأن الخشوع من أكبر موجبات الفلاح للعبد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:1-2} . ويتحققُ الخشوع بإقبال العبد على صلاته وإعراضه عن الدنيا والفكر فيها، وأن يحرص على أداء الصلاة بهيئتها الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع الحرص على تدبر الأذكار، والتفكر في معاني الآيات.
وعلى المسلمِ أن يحرص على أن يبتعد أثناء صلاته عما يشتت خاطره من: صور وزخارف وصخب ولغط، كما أن الدعاء بحصول الخشوع من أعظم أسباب تحصيله فإن الدعاء سلاحٌ ماض.
ولمعرفة المزيد مما يعين على الخشوع في الصلاة راجع الفتويين رقم: 9525، 3087.
فإذا أخذ العبد بأسباب تحصيل الخشوع وحرص عليها، فإنه بعون الله تعالى يظفر بالخشوع المطلوب ويحصل عليه، وتتحقق له ثمرته، ويزداد خشوع العبد وينقص بقدر أخذه بهذه الأسباب أو تركها.
وهناك رسالة توجد في المكتبة الشاملة ألفها الشيخ محمد صالح المنجد عنوانها: 33 سببا للخشوع في الصلاة، ننصحك بقراءة هذه الرسالة والاستفادة منها.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 28951.
وجمهور العلماء على أن ترك الخشوع ينقص ثواب الصلاة ولا يبطلها، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 4215. وانظر أيضا الفتويين رقم: 6598، 23481.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(11/6785)
الحركة في الصلاة هل تنافي الطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للطمأنينة، هل تجب في كل الصلاة؟ يعني أحيانا أقوم من السجود للركعة التالية وأطيل في الصمت حتى أستقر، وأضع يدي على الصدر، وأعدل رجلي وأشعر أنه وسواس، ثم إذا بدأت بالقراءة وحركت يدي أو رجلي أشك أن هذا الأمر ينافي الطمأنينة ويجب إعادة الصلاة، أعاني من وسواس في الطمأنينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطمأنينة واجبةٌ في الصلاة كلها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته بأن يطمئن في قيامه وركوعه وسجوده، وحد الطمأنينة في القيام هو أن يعتدل قائماً، ويقرأ ما أوجبه الله عليه من الفاتحة، وإن قرأ شيئاً بعدها فيما تُشرع فيه القراءة فحسن، وحدُ الطمأنينة في الركوع، والسجود، والاعتدالين قد ضبطه بعض أهل العلم بأن يبقى وقتاً يتسع للإتيان بالذكر المشروع.
قال محمد المختار الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: الطمأنينة: هي الوقت الكافي الذي يصدق به تحصيل الركن، ففي القيام لا إشكال أنه سيقرأ الفاتحة فيحصِّل الطمأنينة المعتبرة، فإن وقت قراءة الفاتحة قدرٌ للطمأنينة.
لكن بحث العلماء في الطمأنينة في الركوع والسجود والرفع من الركوع والرفع من السجود.
أولها: إذا ركع، لأنه في القيام سينشغل بالقراءة، فلو ركع فإن الواجب عليه تسبيحة واحدة، فإذا ركع ثم رفع مباشرة ولو قال: سبحان ربي العظيم اختطافاً فإنه حينئذ لا يُجزيه هذا الركوع؛ لأنه لم يطمئن، وهذا هو الذي وقع من المسيء صلاته، وهو الذي من أجله نبهه النبي صلى الله عليه وسلم على صفة الصلاة؛ لأن هذا الرجل كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة صلى ولم يحسن الصلاة، والمراد بعدم إحسانه الصلاة استعجاله فيها.
فالطمأنينة إذا ركع أن ينتهي إلى الركوع الكامل، فإذا انتهى إلى الركوع الكامل يقول: سبحان ربي العظيم، وقدر قوله: سبحان ربي العظيم يعتبر تحصيلاً للطمأنينة. انتهى.
وضبط بعض العلماء الطمأنينة بأنها السكون وإن قل.
وبهذا تعلمين أن أمر الطمأنينة أيسر بكثير مما تتوهمينه، فإنه لا ينافي الطمأنينة الواجبة تحريكُ اليد أو الرجل في الصلاة، فإن هذه حركة يسيرة يُعفى عنها ولا تؤثر في صحة الصلاة، وقد بينا أقسام الحركة في الصلاة، وما يؤثر في صحتها وما لا يؤثر بياناً مفصلا في الفتوى رقم: 121351.
فعليكِ إذا قمت من السجود إلى الركعة الثانية أن تبادري بالقراءة فور اعتدالك قائمة، ولا تطيلي الصمت.
ثم إذا حركت يدك أو رجلك في أثناء القيام فلا يضرك ذلك، ولا يُشرع لك إعادة الصلاة لهذا الأمر.
وختاماً نذكرك بما بدأنا به من لزوم الإعراض عن الوسوسة، والاجتهاد في تحصيل العلم النافع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(11/6786)
يراعي الإمام حال المأمومين ويخفف بحيث لا يخل بالطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يصلي بالناس صلاة معتدلة لكن هنالك واحد -أو اثنان- من المصلين يقول له قصر في السجود لأنه مريض وهو يخاف إن قصر أكثر في السجود أن يصبح ينقر في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتصادُ والتوسط في كل شيءٍ حسن، والواجبُ على الإمام أن يطمئن في صلاته فلا يُخلُ بشيءٍ من أركانها، فإن الطمأنينة ركنٌ تبطلُ الصلاة بتركه عند جماهير العلماء من السلف والخلف.
وينبغي له في ذات الوقت أن يُراعي حال المأمومين ويخفف ما أمكن فيقتديَ بأضعفهم فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والمعتبر في التوسط ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين كانوا يصلون بأقوامهم.
وقد ذكر العلماء أن الإمام لا يزيد على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود فهو أدنى الكمال المستحب كما نص على ذلك أهل العلم، ورويَ في هذا المعنى حديثٌ فيه مقال، قال الخرقي في مختصره: ويقول: سبحان ربي العظيم ثلاثا. وهو أدنى الكمال، وإن قال مرة أجزأه. انتهى.
واستحبَ بعض أهل العلم أن يسبح الإمام خمساً ليدركَ من خلفه ثلاثَ تسبيحات.
وعليه؛ فإذا كان هذا الإمام ملتزما بما ذكر فلا يخفف أكثر من ذلك وينبغي أن يتلطف بالمعترضين عليه بما يطيب قلوبهم.
ولمعرفةِ قدر الطمأنينة الواجبة وحكم الطمأنينة في الصلاة تُراجع الفتاوى ذات الأرقام الآتية: 13210، 63567، 19893، 71411، 93192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(11/6787)
ضابط الطمأنينة في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي مأموما وفي السجود حركت رأسي لكي أسجد على أكبر قدر ممكن من الأنف والجبهة (ولا أعني بالحركة الضغط فقط)
ولكن الإمام كبر للقيام من السجود قبل أن أثبت فما حكم سجودي هذا مع العلم أني كنت أصلي على أرض صحراوية صلبة وقلت (سبحان ربي الأعلى) عدة مرات كما أني كنت ساجدا على أنفي وجبهتي خلال تحريك رأسي فهل صلاتي صحيحة أم باطلة؟
وهل الثبات في السجود بدون تحريك الرأس لثانية أو أجزاء من الثانية وكنت مأموما يجزئ أم أن صلاتي باطلة مع العلم أني قد قلت (سبحان ربي الأعلى) ؟
وما حكم حركة الرأس البسيطة في السجود الناتجة عن ارتفاع سمك السجادة مع العلم أن سمك السجادة نفس سمك سجاد الحرم أو أقل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطمأنينة من أركان الصلاة في الركوع والاعتدال منه والسجود والجلوس بين السجدتين، وأقلها سكون الأعضاء بقدر (سبحان الله) .
قال النووي: والصحيح من الوجهين: أنه لا يكفي في وضع الجبهة الإمساس، بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته، فلو سجد على قطن أو حشيش أو شيء محشو بهما وجب أن يتحامل حتى ينكبس ويظهر أثره على يد - لو فرضت تحت ذلك المحشو - فإن لم يفعل لم يجزئه.
وقال أيضا: ولو زاد في الهوي - في الركوع- ثم ارتفع والحركات متصلة ولم يلبث لم تحصل الطمأنينة.
وقال ابن حجر في التحفة (ضابطها أن تسكن وتستقر أعضاؤه) . لِأَنَّهَا سُكُونٌ بَيْنَ حَرَكَتَيْنِ.
وقال الحنابلة: أقلها حصول السكون وإن قل، قال المرداوي: وهذا على الصحيح من المذهب، وقيل: هي بقدر الذكر الواجب.
وعليه، فإن استقرت جبهتك على الأرض ولو لحظة بحيث يكون هناك سكون بين حركة الهوي إلى السجود وحركة الرفع منه صح سجودك؛ وإلا فلا، وعليك إعادة الصلاة.
وأما سمك السجادة الأعلى.. فإن كان خفيفا بحيث ينكبس -كما هو في بعض السجادات- فلا بد من التحامل حتى يحصل الانكباس كما ذكره النووي، أي لا يكفي مجرد أن تمس الجبهة هذا النوع من الفراش ما دام سينكبس لو تحامل عليه؛ بل لا بد من شيء من التحامل عليه حتى يحصل شيء من الانكباس، وإلا فلا يجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1428(11/6788)
علاج السرعة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وعمري 28 عاما، لديّ بنتان وولد، كل حياتي بسرعة إذا ما طبخت وإذا ما أكلت أنا عجولة لأن وقتي قليل وأعمل خارج البيت لكن إذا ما أذّن الأذان سارعت إلى الوضوء وأحيانا قبل الأذان أدخل وأتوضأ ولكن مشكلتي صعبة جدا عجولة في الصلاة جدا جدا دائما أحاول أن أتمهل لكن دون جدوى أرجع من البداية أسرع في الصلاة ساعدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعجلة في الصلاة من كيد الشيطان يريد أن يحرمك أجرها وثوابها وحصول أثرها الطيب، وهو الفلاح والتأثير الإيجابي في حياتك، فقد قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ. {المؤمنون:1-2} وقال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. {العنكبوت:45} وقد روى أبو داوود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها حتى قال: إلا عشرها. وقال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها. فاحرصي على الخشوع والتأني لتحقيق هذه الأغراض الحميدة من الصلاة، وتذكري أن المصلي واقف بين يدي الله لا بد أن يستحضر أنه بين يديه، وأنه متصل به سبحانه وتعالى فلا يعجل ويسرع، ومن طرق العلاج للسرعة أن يتأمل المصلي ما يقرأ في صلاته من القرآن والأذكار، ويطلب من الله تعالى أن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته. نسأل الله تعالى أن يعينك على إحسان صلاتك إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(11/6789)
ضرورة إتقان الصلاة والخشوع فيها والطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يسرع كثيرا في الصلاة وعندما أصلي معه لا أجد راحتي وأجد نفسي أسرع لألحق به ولا يترك لي الوقت للتسبيح والدعاء لذلك فقد أصبحت أصلي غالبا بمفردي فما حكم ذلك أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك المذكور يسرع في صلاته مع إتيانه بما يجزئ من الطمأنينة فصلاته صحيحة ويصح الاقتداء به، وسبقت الإجابة على مثل هذا في الفتوى رقم: 35181، والفتوى رقم: 19893، وما يجزئ من الطمأنينة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 63567، وفي هذه الحالة يحصل لكما فضل صلاة الجماعة، فلا تفرطي في ذلك الثواب العظيم، وراجعي الفتوى رقم: 275، وإن صليت بمفردك فصلاتك صحيحة.
وينبغي لك نصح زوجك وتنبيهه على ضرورة إتقان الصلاة والخشوع فيها، وعدم الإسراع فيها بما يترتب عليه الإخلال بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(11/6790)
صلي وحدك ولا يضرك غضبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي أحيانا وراء زوجي وهو يسرع كثيرا في القراءة خاصة في الصلوات السرية حتى إنني أحيانا لا أتمكن من قراءة الفاتحة بأكملها أو أقراها بسرعة شديدة وغالبا لا أتمكن من قراءة سورة بعد الفاتحة وقد نبهته كثيرا أن يبطئ فيلتزم قليلا ثم يعود لسابق عهده فهل الأفضل أن لا أصلي وراءه مع العلم أن هذا يضايقه وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لك أن تنصحي زوجك أولا بأداء الصلاة في جماعة المسجد لما في ذلك من الفضل العظيم، ولما في التخلف من حرمان الأجر، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وابن حبان.
وقال صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. متفق عليه.
وأخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة.
فإن أصر على الصلاة في البيت فانصحيه ثانيا أن يؤدي الصلاة بخشوع وتدبر، فإن الله قد رتب الفلاح على ذلك فقال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون: 1-2}
فإن أصر على نقر الصلاة بحيث لا تتمكنين من الإتيان بأركان الصلاة وراءه فصل وحدك وبيني له أنك لا تستطيعين أداء الصلاة صحيحة وراءه ولا يضرك غضبه بعد ذلك.
وننبهك إلى أن قراءة السورة بعد الفاتحة سنة من سنن الصلاة وليست ركنا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(11/6791)
تطويل أركان الصلاة من أجل الخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المصلى إذا لم يتدبر معنى ما يقول في الركوع أو السجود وأدرك ذلك قبل القيام من السجود أو الرفع من الركوع أن يزيد تسبيحة أخرى محاولا الخشوع والتدبر فيها وإذا كانت الإجابة نعم ولم يفعل (كما حصل لي) فهل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخشوع المصلي وتدبره لما يقرأ ويقول في ركوعه وسجوده مطلوب، وتركه لذلك يحرمه من الثواب ولا يبطل صلاته على الصحيح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6589.
ومن شعر وهو في ركوعه أو سجوده أنه لم يكن خاشعا فأطال ركوعه أو سجوده وخشع فيه فأمر حسن ولو لم يفعل فصلاته صحيحة ناقصة الأجر كما سبق في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(11/6792)
هل يصلي مع جماعة تؤخر الصلاة وتنقرها أم منفردا في وقتها مع الطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
فضيلة الشيخ، فى بعض العطل أسافر إلى البادية قصد الراحة، ألا أنه تصادفني أشياء لا أجد لها تفسيرا فقهيا، أود من فضيلة الشيخ أن يتكرم فيوضح لنا جانبا منها.
1- أن النداء للصلوات يتأخر كثيراً خاصة أذان صلاة المغرب (فماذا أفعل والحالة هذه) ، هل أصلي قبل أذان المسجد أم أنتظر إلى بزوغ الشفق حيث يكون الأذان، مع العلم بأن هذا التأخير موروث عن سلفهم.
2- أن الصلاة تؤدى بسرعة غير عادية بحيث تسلب المصلي جميع مقومات الطمأنينة الواجبة توفرها في الصلاة (فماذا أفعل) . أكتفي يا فضيلة الشيخ بهذين السؤالين على أمل طرح الباقي فى فرصة لاحقة؟ وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 20529، أن وقت دخول صلاة المغرب إذا غربت الشمس، وذكرنا أدلة ذلك، ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وأما نهاية وقتها المختار فهو غياب الشفق كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وفيه:.... ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق. رواه مسلم، والمقصود بالشفق هو الأحمر، كما بينا في الفتوى رقم: 13712.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم المالكية في قول يرى بعضهم أنه هو المشهور إلى أن مختار صلاة المغرب هو مقدار ما تؤدى فيه بشروطها من طهارة وستر عورة ونحوه، ودليلهم في ذلك أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم المغرب في نفس الوقت في اليومين الذين بين له فيهما أوقات الصلوات، والحديث عند النسائي وصححه الألباني.
قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وللمغرب غروب الشمس يقدر بفعلها بعد شروطها. قال في مواهب الجليل: هذا التضييق لوقت المغرب هو الذي حكاه أصحابنا العراقيون عن مالك أنه ليس لها إلا وقت واحد، وبه قال ابن المواز والشافعي. والتحقيق أن مختار الغرب يمتد إلى مغيب الشفق لما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو.. (المتقدم) قال الشوكاني: وهذا الحديث أولى من حديث جبريل عليه السلام لأنه كان بمكة في أول الأمر وهذا متأخر ومتضمن زيادة.
فمن صلى المغرب ما بين غروب الشمس إلى غياب الشفق فلا إثم عليه فقد أدرك المختار وإن فاتته فضيلة الصلاة لأول الوقت، كما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الأعمال قال: الصلاة لوقتها. متفق عليه، وفي رواية: الصلاة في أول وقتها. الترمذي والدارقطني والبيهقي وصححها الألباني.
وتأخير الأذان عن أول دخول الوقت لا ينبغي لأن المقصود به هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، ولكن ربما كان المؤذن موسوساً لا يؤذن حتى يتيقن غروب الشمس فلا حرج عليه في ذلك، وينبغي تنبيه الجماعة إلى فضيلة الصلاة لأول الوقت وعدم تأخيرها لغير حاجة من انتظار جماعة ونحوه.
كما لا ينبغي لك أن تصلي قبل الأذان وقبل صلاة الجماعة إن لم يؤخروا الصلاة عن وقتها المختار كما بيناه، وليس بزوغ الشفق الأحمر هو نهاية مختار المغرب وإنما غيابه ... وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة وحث على ذلك ورغب فيه، كما بينا في الفتوى رقم: 28664، والفتوى رقم: 27899، والفتوى رقم: 9680.
وأما الإسراع في الصلاة وعدم الطمأنينة والخشوع فيها فإن كان ذلك يؤدي إلى الإخلال بركن من أركانها فإنه يبطلها ولا تصح صلاة من يفعل ذلك، لحديث المسيء صلاته، فقد كان ينقرها نقراً فقال له صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثاً. ثم بين له كيفيتها وفيه: اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تستوي قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. متفق عليه، وانظره بتمامه في الفتوى رقم: 36724.
وقد بينا الحد الذي تحصل به الطمأنينة في الفتوى رقم: 63567 فراجعه، وينبغي لك أن تأمر تلك الجماعة بالمعروف وتدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة: قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
وقال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
فإذا دعوتهم بالحكمة وبينت لهم الصواب بأدلته وكلام أهل العلم ممن يحترمون أقوالهم من أئمة المالكية وغيرهم فلعلهم يستجيبون لك ويتركون تلك الأمور المخالفة لهدى الشارع الحكيم، وعلى كل فلا يجوز لك الاقتداء بإمام لا يأتي بالطمأنينة الواجبة، نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/6793)
حد الطمأنينة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحي الذي أسكن فيه لا يوجد مساجد مجاورة، إلا مسجدا للأتراك لكن المشكلة هي أن الأتراك للأسف لديهم من البدع في الصلاة ما لا يعلم بها إلا الله، والأهم أن صلاتهم ليس فيها أي روح أي أنهم يؤدون الصلاة على أنها أفعال جسديه ليس إلا (ونحن لا نتهمهم ولكن هذا الظاهر الذي نراه والله الذي يعلم ما في الصدور) أعني بأفعال جسدية أي أن صلاتهم ينقرونها نقر الغراب، لا أقول أنها باطلة، لكن إذا دققت في الموضوع تماما تجد أن الإمام طبق أدنى ما يوجب الاطمئنان (ما يكفيك للقول في السجود سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات متتالية بشكل سريع) ، وهي بالنسبة لي سريعة، هذه هي صلاة الإمام لكن إمام المسجد كثيرا ما يغيب وهنا المشكلة، فالإمام عندما يغيب بيطلع يصلي أي واحد بدلاً منه وصلاته تكون أسوأ من الإمام هذا من جهة، من جهة أخرى عندما يقفون في الصلاة تكون بينهم مسافات أي أنهم لا يتراصون في الصف جنب جنب الكتف للكتف والرجل مع الرجل، عندما تنظر في الصف من بعيد تقول أن كل واحد يصلي لحاله، والسؤال هو: هل أصلي في المسجد أفضل أم في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في الجماعة في المسجد مطلوبة، فإذا كان إمام المسجد مبتدعاً فإنه ينظر في بدعته، فإن كانت بدعة كفرية فلا تصح الصلاة خلفه، وإن كانت دون الكفر فينظر فإن أمكنت الصلاة خلف غيره فلا تصلي خلفه، وإن لم تمكن فلا تفوت الجماعة لكون إمام المسجد مبتدعاً، بل معتقد أهل السنة أنه يصلى خلف كل بر وفاجر ما دامت صلاته لنفسه صحيحة، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم. وينبغي مناصحة الإمام بالرفق واللين وبيان الحق له عسى الله أن يهديه للحق.
وأما الطمأنينة في الصلاة فركن عند جمهور أهل العلم واختلفوا في مقدارها، والأصح أنها سكون بعد حركة بمقدار قول (سبحان الله) مرة واحدة، وما دام الإمام يطيل الركوع والسجود بمقدار قول سبحان الله فلا يعتبر نقراً للصلاة يمنع من الصلاة خلفه.
وأما تسوية الصف فقد أجمع العلماء على مشروعيتها في الصلاة، واختلفوا في وجوبها، فالجمهور على الاستحباب فقط، وحكي هذا إجماعاً، لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق. رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان.
وحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة. رواه البخاري، وحديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم. رواه البخاري ومسلم، ورواه أبو داود وأحمد بلفظ: أو ليخالفن الله بين قلوبكم. وحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتموا الصف الأول، ثم الذي يليه ... رواه الخمسة إلا الترمذي. وعند مخالفة الناس لهذه السنة فإنهم ينصحون وتبين لهم السنة ولا مبرر لترك الجماعة لهذا السبب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(11/6794)
أثر ذكر الموت في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي خاصة في قيام الليل وأثناء الركوع أطيل الركوع فيتهيأ لي كأن أحداً يقول تذكر القبر وأنت تقول سبحان ربي العظيم، وأيضاً يقول لي سبحان ربي العظيم هي التي ستنفعك في قبرك وتنجيك وأيضا يوم القيامة وكثيراً ما تحصل معي هذا التهيؤ في صلاة القيام وإذا لم يأتني هذا التهيؤ في الصلاة أفقد جزءاً كبيراً من الخشوع لأني اندمج معها، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تشعر به دليل على تأثرك بما تقوله في الصلاة وما تقرؤه من أذكار، وهذا دليل على حضور القلب في الصلاة والخشوع فيها، وهذا نعمة عظيمة جدير بالمسلم أن يحمد الله عليها وأن يواظب على أسبابها، ومن الجدير بالمسلم في صلاته التفكر في أمور الآخرة فإنها معينة على الخشوع في الصلاة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن يحسن صلاته. أخرجه البيهقي في كتاب الزهد الكبير وصاحب كنز العمال، وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحية وفي صحيح الجامع.
وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي أيوب قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني وأوجز، قال: إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه، وأجمع اليأس عما في أيدي الناس. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.
فتذكر أمور الآخرة من القبر ونحوه معين على الخشوع في الصلاة، فينبغي للمصلي الحرص على الأسباب المعينة عليه والبعد عما ينافيه، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 9525، والفتوى رقم: 48779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(11/6795)
انشغال قلب المصلي بتذكر ما يحفظه من قرآن هل يدخل في مسمى الخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[في قيام الليل أقوم بقراءة ما حفظت حديثا من القرآن وبالتالي يصبح جل تركيزي وذهني بالصلاة بالقراءة فقط بمعنى لا يوجد تفهم للآيات مثلاً أو خشوع بالمعنى المطلوب لأن تركيزي منصب أن أجمع الآيات التي حفظتها وهكذا.. فهل تركيزي على إتيان الآيات بشكل صحيح كما أسلفت يسمى خشوعا أم أنا لستُ على صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تعانيه من مشقة وجهد في سبيل حفظ كتاب الله تعالى طاعة عظيمة الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وفي لفظ للبخاري: ومثل الذي يتعاهده وهو عليه شديد فله أجرانِ.
قال المناوي في فيض القدير: والذي يقرؤه ويتَتَعْتَعُ أي يتوقف في تلاوته، والتًّعتعة في الكلام التردد فيه لحَصَر أو عِي أو ضعف حفظ، وهو عليه أي والحال أن القرآن على ذلك القارئ شاق له أجرانِ، أي أجر بقراءته وأجر بمشقته، ولا يلزم من ذلك أفضلية المتَتَعْتِع على الماهر لأن كون الماهر مع السفرة أفضل من حصول أجرين؛ بل الأجر الواحد قد يفضل أجورا كثيرة. انتهى
والخشوع عرفه الحافظ ابن حجر في الفتح بقوله: والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون، وقيل لا بد من اعتبارهما، حكاه الفخر الرازي في تفسيره
وقال غيره: هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة، ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي: الخشوع في القلب أخرجه الحاكم. وأما حديث: لو خشع هذا خشعت جوارحه، ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن. انتهى
وقال العيني في عمدة القاري: وعن أبي الورد: يحتاج المصلي إلى أربع خلال حتى يكون خاشعا: إعظام المقام وإخلاص المقال واليقين التمام وجمع الهم.
وقال العيني أيضا: لأن الصلاة المعتبرة أن يكون فيها خشوع، وما يلهي المصلي ينافي الخشوع والخضوع. انتهى
وعليه؛ فما تفعله لا يدخل تحت تعريف الخشوع؛ وبالتالي فلا يسمى خشوعا لانشغال قلبك بموضوع حفظ ما تقرؤه من قرآن، والذي ننصح به هو أن تقتصر في قيام الليل على قراءة ما تتقن حفظه حتى تكون خاشعاً حاضر القلب متدبراً لآيات كتاب الله تعالى فاهماً لمعانيه، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (صّ:29)
وهذا الذي ذكرناه إذا لم يمكن أن تجمع بين التركيز على الحفظ والخشوع والتدبر.
أما خارج الصلاة فتخصص ما أمكن من وقتك لحفظ أكبر قدر ممكن من كتاب الله تعالى ومراجعته حتى تستظهره وتجيد حفظه، ففي ذلك الخير الكثير إن شاء الله تعالى.
وعلى كل حال فأنت في عبادة تثاب عليها.
وللتعرف على الآداب التي ينبغي أن يتصف بها قارئ القرآن راجع الفتوى رقم: 24437
كما يرجى مراجعة الفتويين التاليتين: 24834، 6598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(11/6796)
انعدام الخشوع في الصلاة يوجب نقصان الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[كثرة سجود السهو في الصلاة هل تنقص أجرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكثرة سجود السهو دليل على حصول ما يوجبه، وذلك غالبا راجع إلى سرحان الفكر في الصلاة وعدم حضور القلب فيها، وما حصل من عدم حضور القلب فيها ينقص مقابله من ثوابها.
ففي سنن أبي داود من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها. وحسنه الشيخ الألباني.
فعلى المسلم مجاهدة نفسه على الخشوع والحضور في الصلاة حتى يفوز بجميع ثوابها، وحتى يتصف بصفات المؤمنين الصادقين الذين وصفهم الله تعالى بقوله: [قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ] (المؤمنون: 1-2) .
وفي سنن ابن ماجه عن أبي أيوب قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: علمني وأوجز، قال: إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع. وحسنه الشيخ الألباني.
فمن اعتقد أنه في صلاة ربما تكون آخر صلاة يؤديها فحري به أن يخشع فيها ويتقنها.
وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 6598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/6797)
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة أريد أن أتخلص منها عندما أصلي أشرد في صلاتي كثيرا مع أنني أحافظ على صلاتي والحمد لله , هذه هي مشكلتي أريد أن أعرف هل تقبل صلاتي أم لا وأريد حلآ لهذه المشكلة رجاءً وشكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 6598 والفتوى رقم:
3087 الأسباب التي تعين المصلي على حضور الذهن والخشوع في الصلاة، فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6798)
الخشوع مطلوب للإمام والمأموم والمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن المصلي ليس له من صلاته إلا ما عقل هل هذا ينطبق على صلاة الجماعة وصلاة الفرد، أم أن صلاة الجماعة تكون كاملة سواء خشع المصلي في صلاته أم لا؟ وهل يتحمل الإمام ما حصل من أخطاء من قبل المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الخشوع في الصلاة وذلك في الفتوى رقم: 6598.
وما ذكرناه فيها يشمل صلاة الجماعة وصلاة الفرد، ويشمل الإمام والمأموم والمنفرد، وترك الخشوع ليس من الأخطاء التي يحملها الإمام.
وأما عن تحمل الإمام لأخطاء المأموم من غير ترك الخشوع، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28579، 29444، 31478، 8438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/6799)
حكم الصلاة خلف من ينقر الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت للمسجد لأصلي الظهر، فإذا بالإمام قد انتهى من الصلاة، فوجدت مجموعة من المصلين، ويؤمهم شاب، فصليت معهم، الذي يؤم بالمصلين صلاته نقرها نقرة الغراب، لم أستشعر في صلاتي معهم خشوعا، فصليت مرة أخرى صلاة الظهر.
هل هذا جائز؟ ما حكم الشرع في هذا الموقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام لا يطمئن في الأركان فإن الصلاة خلفه باطلة، وعليك وعليه وعلى الذين صلوا بصلاته إعادتها؛ لأن الطمأنينة ركن في الصلاة كما هو مفصل في الفتوى رقم: 13210.
أما إذا كانت سرعة هذا الإمام لا تبلغ درجة الإخلال بالطمأنينة فإن الصلاة خلفه صحيحة ولا تشرع لك إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/6800)
الاستعجال في الصلاة: بطلان لها أو نقص وذهاب للخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستعجل بصلاتي دائما وكل من يراني أصلي يسخر مني وأكتفي بالقول الله الذي يقبل الصلاة ويحكم فيها فبم تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان استعجالك في أداء الصلاة يؤدي إلى ترك الطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة فالصلاة باطلة، لما روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل) ، فرجع فصلى ثم جاء فسلم، فقال: (وعليك السلام فارجع فصل فإنك لم تصل) ، فقال في الثانية: أو في التي بعدها: علمني يا رسول الله، فقال: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) .
ولمعرفة الأركان والواجبات في الصلاة راجع الفتوى رقم:
12455 والفتوى رقم: 1280.
أما إذا كان استعجالك لا يؤدي إلى الإخلال بالأركان أو الواجبات، فإن أقل ما فيه أنه يؤدي إلى ترك الخشوع أو نقصانه، والخشوع سنة عند جمهور الفقهاء، وهو الراجح عندنا -والله أعلم- لكنه فرض عند بعض المالكية لا تبطل الصلاة بتركه، ومن أهل العلم من ذهب إلى بطلان الصلاة إذا تركه المصلي.
ولذلك فإننا ننصح السائل بالمحافظة على الخشوع في صلاته، خروجاً من خلاف من عد الخشوع فرضاً، ومن قال تبطل الصلاة بتركه، ولا يتأتي له ذلك إلا إذا أدى الصلاة بسكينة ووقار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/6801)
الطمأنينة من أركان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطمأنينة في الصلاة ركن لا تصح الصلاة إلا به، ودليل ذلك حديث المسيء في صلاته، وهو ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد وقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" ثلاثاً فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، فقال: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تطمئن قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها"
وهذا هو مذهب جمهور العلماء، وقال الحنفية: الطمأنينة مستحبة، وليست ركناً، وهم محجوجون بالحديث المذكور، وعليه، فإذا كانت السرعة تخل بالطمأنينة فإن الصلاة باطلة، وإن كانت لا تخل بالطمأنينة فالصلاة صحيحة، وحدُّ الطمأنينة أن تستقر الأعضاء على هيئة الركن قياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/6802)
حكم السرحان في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم السرحان فى الصلاة وهل عليه ذنب وكيف أتجنبه وهل على السرحان في الصلاة في الحرم في مكة ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لمن دخل في الصلاة أن يحضر قلبه وفكره فيها وفي تدبر ما يقرأ، لقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون: 1-2]
وقوله تعالى: (وقوموا لله قانتين) [البقرة: 238] .
أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه. قال صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلا" متفق عليه.
وإنما للمرء من صلاته ما عقل منها، فإذا اشتغل فكره بأمور الدنيا وأحاديث النفس نقص من أجر الصلاة بقدرذلك، فقد روى أبو داود في سننه عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها، حتى قال: إلا عشرها" وقال ابن عباس: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) والتفكر في أمور الدنيا وشواغلها أو بأي أمر خارج الصلاة لا يكون إلا من الغفلة، وهل تبطل الصلاة بذلك وتجب الإعادة؟ في ذلك تفصيل لأهل العلم:
فإن كانت الغفلة في الصلاة أقل من الحضور والغالب الحضور لم تجب الإعادة، وإن كان الثواب ناقصاً.
وأما إن غلبت الغفلة والتفكر في أمور الدنيا على حضور القلب فلأهل العلم قولان: أحدهما: لا تصح الصلاة في الباطن وإن صحت في الظاهر، لأن مقصود الصلاة لم يحصل فهو شبيه بصلاة المرائي فإنه بالاتفاق لا يبرأ بها في الباطن، وإليه ذهب الغزالي رحمه الله.
الثاني: تبرأ الذمة فلا تجب عليه الإعادة وإن كان لا أجر له فيها ولا ثواب، فهو بمنزلة الصائم الذي لم يدع قول الزور والعمل به فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، وهو الصحيح -إن شاء الله- فإن النصوص والآثار دلت على أن الأجر والثواب مشروط بالحضور، ولا تدل على وجوب الإعادة لا باطنا ولا ظاهراً.
ثم إنه لابد من ترك ما يشغل أو يشوش على الذهن حال الصلاة، ولذلك كره الفقهاء أن يصلي المرء بحضرة الطعام ونفسه تتوق إليه، أو مع مدافعة الأخبثين وهما: البول والغائط، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان" رواه مسلم. وإنما كرهت الصلاة حال وجود الطعام، أو مدافعة البول أو الغائط لما في ذلك من اشتغال القلب به، وذهاب كمال الخشوع، قال المناوي: (وألحق بحضور الطعام قرب حضوره والنفس تتوق إليه، وبمدافعة الأخبثين ما في معناهما من كل ما يشغل القلب، ويذهب كمال الخشوع) . كما نوصيك باتخاذ الأسباب المعينة على الخشوع وحضور القلب، من التفكر والتدبر فيما تقرؤه حال الصلاة من القرآن أو فيما تسمعه حال الصلاة مع الجماعة، قال تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) [ص:29] .
وقال: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) [محمد: 24] . ولا بد من استحضار عظمة الله سبحانه، وأنك واقف بين يديه سبحانه، قال الغزالي: (اعلم أن الخشوع ثمرة الإيمان ونتيجة اليقين الحاصل بجلال الله عز وجل، ومن رزق ذلك فإنه يكون خاشعاً في الصلاة وفي غير الصلاة ... فإن موجب الخشوع معرفة اطلاع الله تعالى على العبد، ومعرفة جلاله، ومعرفة تقصير العبد. فمن هذه المعارف يتولد الخشوع) إحياء علوم الدين الجزء الأول، صحفة 171. إضافة إلى أنك إذا حافظت على الصلوات في أوقاتها، وأحسنت لها الطهور، وعظمت قدر الصلاة في نفسك، وأقبلت عليها برغبة وحرص، وحافظت على أذكار الصباح والمساء واليوم والليلة، وتعوذت بالله من الشيطان الرجيم، ودعوت الله ورجوته أن يزرقك الخشوع، كنت من الخاشعين إن شاء الله، نسأل الله لك التوفيق. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1421(11/6803)
وجوب الطمأنينة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة مع كثرة الحركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى الله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يقبل على صلاته ويخشع فيها بقلبه وبدنه لقول الله تعالى: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون: 1، 2] .
وعليه أن يطمئن فيها وذلك من أهم أركانها، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول للذي أساء في صلاته ولم يطمئن فيها: "ارجع فصل فإنك لم تصل" كررها ثلاث مرات، وبعدها قال الرجل: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ... " إلى أن يقول: "ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" الحديث متفق عليه.
وفيه دليل على أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة لا تصح بدونه وأن من نقر صلاته فلا صلاة له، فعلى المسلم أن يهتم بصلاته ويحرص عليها، ويكره له العبث فيها بثيابه أو لحيته أو غير ذلك، وإذا كثر العبث وتوالى حرم وأبطل الصلاة، وليس للحركة في الصلاة والعبث فيها حد، وإنما المعتبر في ذلك كونه كثيراً في اعتقاد المصلي، فإذا تحرك المصلي حركة كثيرة في اعتقاده أو توالى عبثه فلا تصح صلاته وعليه أن يعيدها، أما إذا كانت الحركة قليلة أو لم تتوال فإن الصلاة لا تبطل بها، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح الباب لعائشة رضي الله عنها وهو يصلي، رواه الإمام أحمد والترمذي. وثبت عنه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه صلى ذات يوم بالناس وهو حامل أمامة بنت ابنته فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6804)
مسائل في تكبيرات الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أكبر للسجود أسجد بسرعة فأكمل كلمة أكبر وأنا قريبة جدا من السجود وأحيانا أكون ساجدة، فهل صلاتي صحيحة أم أعيدها؟ وأحيانا نطق كلمة ـ أكبر ـ لا يكون صحيحا فأحيانا يخرج حرف الراء لاما وأحيانا تخرج ـ الله وكبر ـ بدل أكبر وأكون قد سجدت أو استقريت للجلوس بين السجدتين أو التشهد، فهل أعيدها؟ وإذا كان علي أن أعيدها، فهل أعيد الله أكبر كاملة؟ أم فقط كلمة أكبر؟ مع العلم أنني على مذهب الشافعية الذين يرون أن التكبيرات سنة، فهل على هذا الأساس هذا الخطأ لا يؤثر في الصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع في تكبيرات الانتقال أن يؤتى بها أثناء الانتقال لا قبله ولا بعده، وأبطل كثير من الحنابلة صلاة من أتى ببعض التكبير في غير محله، لأنه أخل بواجب من واجبات الصلاة، فإن تكبيرات الانتقال واجبة عندهم، ورجح المرداوي تبعا لابن مفلح أن مثل هذا لا يبطل الصلاة، لأن الاحتراز منه يشق، قال المرداوي ـ رحمه الله ـ في الإنصاف: فائدة: قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والحاوي الكبير وغيرهم: ينبغي أن يكون تكبير الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء الانتقال وانتهاؤه مع انتهائه، فإن كمله في جزء منه أجزأه، لأنه لم يخرج به عن محله بلا نزاع، وإن شرع فيه قبله أو كمله بعده فوقع بعضه خارجا عنه فهو كتركه، لأنه لم يكمله في محله فأشبه من تمم قراءته راكعا أو أخذ في التشهد قبل قعوده وقالوا: هذا قياس المذهب وجزم به في المذهب كما لا يأتي بتكبيرة ركوع أو سجود فيه، ذكره القاضي وغيره وفاقا ويحتمل أن يعفى عن ذلك، لأن التحرز منه يعسر والسهو به يكثر ففي الإبطال به أو السجود له مشقة. قال ابن تميم: فيه وجهان أظهرهما الصحة وتابعه ابن مفلح في الحواشي. قلت: وهو الصواب. انتهى.
وبهذا تعلمين أنك إذا أتممت التكبير قبل أن تصلي إلى الركن فصلاتك صحيحة بالاتفاق، وإن أتيت ببعضه بعد الانتقال فصلاتك صحيحة على الراجح من قولي الحنابلة الموجبين للتكبير، وأما على قول الجمهور فالأمر واضح وذلك أن التكبيرعندهم مستحب، فمن تعمد تركه لم تبطل صلاته.
وأما إذا أخطأت في التكبير فإن أمكنك التدارك قبل الانتقال فعليك أن تأتي بالتكبير مرة أخرى، وإذا كنت قد استقررت جالسة أو راكعة أو ساجدة فقد فات محل التكبير ولا يشرع لك الإتيان به إذن، لأن محل التكبير أثناء الانتقال كما تقدم، ولا شيء عليك في هذه الحال عند الجمهور فإن تكبيرات الانتقال عندهم سنة، كما تقدم، فمن تركها عمدا لم تبطل صلاته فبالخطأ من باب أولى، وأما الحنابلة فإنهم نصوا على أن تعمد ترك التكبيرات يبطل الصلاة وأنها لا تبطل بتركها نسيانا أو جهلا ويجب جبر تركها بسجود السهو، قال في الروض المربع: أو تعمد المصلي ترك ركن أو واجب بطلت صلاته ولو تركه لشك في وجوبه وإن ترك الركن سهوا فيأتي وإن ترك الواجب سهوا أو جهلا سجد له وجوبا. انتهى.
ولم نر لهم كلاما في الخطأ والظاهر أنه ملحق بالجهل والنسيان، لقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5} .
ولقوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} .
قال الله في جوابها قد فعلت. أخرجه مسلم.
وقد يظهر أنك مصابة بشيء من الوسوسة فالذي ننصحك به إن كان الأمر كذلك أن تعرضي عن الوسواس جملة فلا تلتفتي إليه، وانظري الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(11/6805)
هل يبني على غلبة الظن من شك هل سبح في السجود أم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شككت مرة وأنا ساجدة بأنني لم أقل ـ سبحان ربي الأعلى ـ وعندما راودني الشك كنت قد شرعت في الدعاء وتأهبت للرفع من السجود، ومن ثم غلب على ظني أنني قلتها تلقائيا، خاصة وأنني كنت أفكر في أمر ما قبل أن أسجد ـ سهوت ـ فأخذت بغلبة الظن ورفعت من سجودي، فهل ما فعلته من الأخذ بالظن الغالب صحيح؟ وإذا كنت أحطأت فيما فعلت، فهل يجب علي القضاء أم لا؟ خاصة وأنني منذ بدأت الاهتمام بالفقه والسؤال وجدت كثيرا من الأخطاء التي توجب القضاء، مما سبب لي اكتئابا ووسواسا وحرجا شديدا، فقررت أن لا أقضي وآخذ بالرأي الذي يقول بعدم القضاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن العلماء اختلفوا في حكم تسبيحات الركوع والسجود، ومذهب الجمهور أنها سنة لا واجبة، فمن تعمد تركها فصلاته صحيحة، وذهب الحنابلة إلى وجوب التسبيح في الركوع والسجود فمن تعمد تركه بطلت صلاته، ومن تركه نسيانا أو جهلا فلا تبطل صلاته ويلزمه سجود السهو، قال النووي ـ رحمه الله ـ مبينا خلاف العلماء في المسألة: التسبيح وسائر الأذكار في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام كل ذلك سنة ليس بواجب فلو تركه لم يأثم وصلاته صحيحة سواء تركه عمدا أو سهوا لكن يكره تركه عمدا، هذا مذهبنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وجمهورالعلماء، قال الشيخ أبو حامد وهو قول عامة الفقهاء، قال صاحب الحاوي وهو مذهب الفقهاء كافة، وقال إسحاق بن راهويه التسبيح واجب إن تركه عمدا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل، وقال داود واجب مطلقا وأشار الخطابي في معالم السنن إلى اختياره، وقال أحمد التسبيح في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجبة فإن ترك شيئا منه عمدا بطلت صلاته، وإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو عنه وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور.انتهى.
وقول الجمهور هو الراجح المفتى به عندنا، كما بيناه في الفتوى رقم: 94786، وعلى هذا فلا شيء عليك وصلاتك صحيحة ـ إن شاء الله.
وأما على قول الحنابلة فقد كان يجب عليك إذا شككت في التسبيح قبل الرفع وأمكنك التدارك أن تأتي به، لأن من شك في الفعل فالأصل أنه لم يفعل، قال الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: هذه الواجبات إذا شك في وقوعها فإنه حينئذ يتدارك إذا أمكنه التدارك، وليس لك أن تعملي بغلبة الظن فإن المعتمد عند الحنابلة هو البناء على اليقين مطلقا، وعندهم رواية ثانية في شأن الإمام أنه يعمل بغلبة ظنه، قال المرداوي في الإنصاف: قال في المذهب يبنى المنفرد على اليقين رواية واحدة، وكذا الإمام في أصح الروايتين، وكذا في مسبوك الذهب.انتهى.
وإذا لم تفعلي ما وجب عليك من التدارك حيث أمكنك فحكمك حكم من ترك التسبيح عمدا فتلزمك الإعادة عندهم، وقد بينا لك أن الراجح عندنا هو قول الجمهور، لكنك إذا كنت موسوسة فإنك تعرضين عن الوسواس جملة فلا تلتفتين إليه ولا شيء عليك، وانظري الفتوى رقم: 51601، وأما ما ذكرته من الأخطاء السابقة فإنك لم تبينيها لنا حتى ننظر إن كانت مبطلة للصلاة وموجبة للإعادة أو لا، وعلى كل فإن كنت فعلت فيما مضى ما تبطل به صلاتك فالواجب عليك عند الجمهور قضاء تلك الصلوات، لأنها دين في ذمتك ودين الله أحق أن يقضى، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن من ترك شرطا أو ركنا من شروط الصلاة وأركانها فلا قضاء عليه إن كان جاهلا بالحكم، واحتج بما تمكنك مراجعته في الفتويين رقم: 109981، 98617، وقول الجمهور أحوط وأبرأ للذمة.
ثم اعلمي أن دراسة الفقه وتعلم أحكام الشرع لا تجلب الوسوسة والاكتئاب، بل هي سبب انشراح الصدر واطمئنان النفس، فإن المؤمن لا يطمئن قلبه بمثل العلم النافع الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يفعل ما افترضه عليه ربه تعالى، ويأتي ما يأتي ويذر ما يذر على بصيرة من أمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(11/6806)
حكم التسبيح والدعاء أثناء القراءة في الصلاة فرضا ونفلا
[السُّؤَالُ]
ـ[نعرف أن النبي كان إذا قرأ القرآن ومرت به آية رحمة سأل الله من فضله، وإذا مر بآية عذاب استعاذ منها.
وسؤالي هو: هل هي سنة أم واجب؟
كيف أسأل الله من فضله؟ وكيف أستعيذ من العذاب؟ ماذا أقول بالضبط؟
هل هو مخصص بقراءة القرآن خارج الصلاة، يعني في الورد اليومي للمسلم من القرآن؟ أم أيضا بداخل الصلاة؟ وهل إذا كنا نسأل ونستعيذ داخل الصلاة هل هناك فرق بين السنة والفرض يعني لا أقول السؤال والاستعاذة في الفرض وأقوله في النافلة؟.
أرجو عدم إهمال سؤالنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر النووي في المجموع أنه يسن الدعاء المذكور في الصلاة وخارجها، وسوى في ذلك بين الفرض والنفل كما قدمنا في الفتوى رقم: 61326، وقد ذكر النووي أيضا في التبيان أن هذا هو مذهب الجمهور، وأنه خالف أبو حنيفة الجمهور فقال: يكره في الصلاة والصواب قول الجماهير.
وذكر الشيخ الألباني في تمام المنة: أن تسبيح النبي صلى الله عليه وسلم إنما ورد في صلاة الليل كما في حديث مسلم عن حذيفة، فمقتضى الإتباع الصحيح الوقوف عند الوارد وعدم التوسع فيه بالقياس والرأي فإنه لو كان ذلك مشروعا في الفرائض أيضا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولو فعله لنقل بل لكان نقله أولى من نقل ذلك في النوافل. اهـ.
وما نقله النووي عن الجمهور خالفه المالكية مثل الأحناف، وفي فتاوى اللجنة الدائمة أن السنة هو ترك ذلك في الفرض لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(11/6807)
حكم وضع اليمين على اليسار مغطاة بالثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لوضع اليمين على اليسار في الصلاة، أحيانا أضع يدي اليمنى على اليسار وتكون يدي اليسار مغطاة بالثوب. فهل يجوز أم يجب ألا يكون بينهما حائل؟ أوسوس كثيرا في هذا الأمر، وأحيانا أعيد الصلاة من أجل هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يُعافيكِ من الوسواس، فإنه داءٌ متى تمكن من العبد أفسد عليه دنياه وآخرته، واعلمي أن علاج تلك الوساوس لا يكونُ إلا بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وانظري الفتوى رقم: 51601.
وعليكِ بالعلم النافع وسؤال أهله عنه، فإنك إذا تعلمت ما يبطل الصلاة، وما لا يبطلها سَهُل عليك أن تتجنبي هذه الوساوس التي منشؤها الجهل وقلة العلم، واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن وضع اليمين على الشمال في الصلاة ليس من واجباتها، فلو تركه الإنسان رأساً لم تبطل صلاته، إذ هو من السنن التي من فعلها أُثيب، ومن تركها فصلاته صحيحة ولا شيء عليه، وانظري الفتوى رقم: 102667.
فكيف إذاً يُقال بأن من وضع يمينه على شماله، وبينهما حائلٌ تبطل صلاته؟! هذا مما لا يقول به عالم.
فإعادتكِ الصلاة لهذا الأمر خطأٌ ظاهر، وأنت تقعين جاهلة بهذا فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نهى عن أن تصلى الصلاة في يوم مرتين. أخرجه أبو داود.
فلا حرج عليكِ إذاً في أن تضعي يمينك على شمالك وهي مغطاة بالثوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(11/6808)
ضوابط في المرور بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي في مصلى الشركة التي أعمل فيها، أضطر أحيانا أن أمشي وأمر من أمام فتيات يصلين لأنه يكون هناك متسع أمامهم لإقامة صلاتي، فهل يجوز ذلك علم بأننا لا نصلي جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعمد المرور أمام المصلي إثمٌ بلا شك، وقد بينا ذلك واضحاً في الفتوى رقم: 22255، فالذي ينبغي لكِ مناصحةُ أخواتكِ باتخاذ سترة إذا صلين ليتسنى لمن أراد المرور أن يمر من ورائها، فإن لم يتخذن السترة فيمكنُكِ إذا أردتِ المرور أن تمري من وراء موضع السترة لو فُرضَ وجودها أي بعد موضع السجود، ويرى بعضُ أهل العلم أن من أراد المرور بين يدي من لا يتخذُ سترة فإنه يُبعدُ بحيثُ يصيرُ غيرَ مارٍ أمامه عُرفا، وهذا ضابطٌ حسن وإليه أشار الشيخ ابن باز في حاشيته على فتح الباري.
ثم إن صلاتكن في جماعة خيرٌ لكن، فأصحُ الأقوال أن الجماعة مشروعةٌ للنساء يثبن عليها، وقد ثبتَ فعلها عن عائشةَ وأم سلمة.
فإذا لم تستطعن الصلاة في جماعة ولم يُمكنكِ المرور من وراء سترة من تُصلي أو من بعد موضع سجودها إن لم تكن قد اتخذت سُترة فلا تمري بين يديها بل انتظري حتى تفرغ من الصلاة ثم تأخذين مكانها أو تُصلين حيثُ شئتِ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المار بين يدي المصلي لو يعلم ما عليه لكان أن يقفَ أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(11/6809)
خلاف العلماء في القبض أو الإرسال بعد الرفع من الركوع محتمل لا مجال فيه للتبديع أو التضليل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل على قبض اليد في الصلاة عامة وبعد الركوع خاصة، وما هو وجه الاختلاف وهل هذا الاختلاف في القبض والإرسال كان من الصحابة رضوان الله عليهم أو بعدهم. وإن كانت الكيفيتان كلتاهما ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيتهما كانت أكثر استعمالا. أريد منكم التفصيل في هذا الموضوع من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجماهيرُ أهل العلم قالوا بمشروعية القبضِ في الصلاة وهو وضع اليمنى على اليسرى وإن اختلفوا في موضعه، هل هو تحت السرةِ أو فوقها أو فوق الصدر، ولم يقل بإرسال اليدين قبل الركوع إلا كثيرٌ من المالكية، واختلف النقل عن مالك في ذلك.
فقال ابن عبد البر وهو من كبار المالكية: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره. انتهى.
وقد أثبتت كراهة وضع اليمين على الشمال في الفريضة عن مالك بن القاسم في المدونة ووجهها كثير من المالكية أنه إنما منها على سبيل الاعتماد.
وأدلةُ مشروعية القبض كثيرة فمنها ما جاء عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجلُ اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. رواه البخاري.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنا معشر الأنبياء أُمرنا أن نؤخر سحورنا ونعجل فطرنا، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في صلاتنا.أخرجه ابن حبان في الصحيح.
وروى أحمد ومسلم عن وائل بن حجر رضي الله عنه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر، ثم التحف بثوبه، ثم وضع اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما وكبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه.
وفي رواية لأحمد وأبي داود: ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد.
وروى ابن خزيمة عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. صححه الألباني.
ولم يختلف العلماء في أن هذا القبض سنةٌ لا واجب فلا تبطل الصلاة بتركه، واختار الشوكاني الوجوب وهو محجوجٌ بالإجماع.
إذا علمتَ هذا فاعلم أن العلماء اختلفوا هل يُشرع هذا القبض بعد الرفع من الركوع أو لا؟ فمن نظر إلى عموم الأدلة وأنها لم تفرق بين قيامٍ وقيام قال بمشروعية القبض قبل الركوعِ وبعده، ومن لم يلتفت إلى هذا العموم وطلب دليلاً خاصاً على مشروعية القبض بعد الرفع من الركوع فلم يجد فقال بعدم مشروعية القبض بعد الرفع من الركوع.
وبالقول الأول وهو مشروعية القبض، قال جماعةٌ من العلماء من المتقدمين والمتأخرين، وظاهر كلام أبي محمد بن حزم في المحلى أنه يختار هذا القول، وبه قال جماعةٌ من الحنابلة واستحبه القاضي أبو يعلى، وظاهرُ نص أحمد كما في الإنصاف التخييرُ بين القبض وعدمه.
وأفتي الفقيه ابن حجر الهيتمي وهو من كبار الشافعية بمشروعية القبض بعد الرفع من الركوع.
جاء في الفتاوي الكبرى لابن حجر الهيتمي: سئل رحمه الله: هل يضع المصلي يديه حين يأتي بذكر الاعتدال كما يضعهما بعد التحرم أو يرسلهما؟ فأجاب بقوله: الذي دل عليه كلام النووي في شرح المهذب أنه يضع يديه في الاعتدال كما يضعهما بعد التحرم وعليه جريت في شرحي على الإرشاد وغيره. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. انتهى.
وانتصر لهذا القول العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع وقرره شيخه العلامة ابن باز في فتاواه. ونص كثيرٌ من العلماء كذلك على أن المشروع بعد الرفع من الركوع هو الإرسال، وبالجملة فالخلافُ في هذه المسألة واسع فليس فيها تبديع ولا تضليل، وانظر الفتوى رقم: 14840، والفتوى رقم: 74043.
ولا نعلمُ أثراً خاصاً عن أحد الصحابة في هذه المسألة، ولعل عمومات الأحاديث تدلُ على أن الذي كان يفعله صلى الله عليه وسلم هو القبض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/6810)
مذهب مالك في مواضع رفع اليدين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول المذهب المالكي في رفع اليدين حذو المنكبين عند التكبير للركوع والرفع منه وعند التكبير بعد القيام من التشهد الأوّل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي في المدونة عن مالك أنه لا يرى مشروعية رفع اليدين إلا عند تكبيرة الإحرام، ولكن ذكر الفقيه ابن رشد المالكي في بداية المجتهد وكذا الموفق في المغني رواية أخرى عن مالك موافقة لمذهب الجمهور وهي أنه يرفع يديه عند افتتاح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه، وذكرها شراح خليل.
جاء في الدسوقي من كتب المالكية: وفي التوضيح: الظاهر أنه يرفع يديه عند الإحرام والركوع والرفع منه والقيام من اثنتين لورود الأحاديث الصحيحة بذلك. انتهى.
وهذه الرواية هي اللائقة بالإمام مالك وبرتبته في العلم لموافقتها السنة الصريحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة بلا معارض صحيح، ومالك – رحمه الله – هو القائل: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر. يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فاعلم أخي وفقني الله وإياك أن رفع اليدين مشروع في هذه المواطن الأربعة عند افتتاح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأول، ودلائل ذلك مشهورة وهي مبينة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30564، 58492، 100889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(11/6811)
التكبير أثناء الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في حي جديد لم نتحصل على رخصة لبناء مسجد بعد, ولنا مصلى نؤدي فيه أوقات الصلاة وفي كل مرة يؤمنا واحد منا ووقع لنا خلاف في تكبيرة القيام للركعة الثالثة هل تكون والإمام جالس أو عند القيام أو عند الاعتدال وكذلك في رفع الأيدي. أفدونا في هذا وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنةُ التكبير أثناء الانتقال لا قبله ولا بعده، بل الحنابلةُ يبطلون صلاةَ من كبر قبل الانتقال من الركن أو بعد الانتقال إليه، ودليل سنية التكبير أثناء الانتقال حديث أبي هريرة المتفق عليه في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر حين يركع وحين يهوي للسجود. وفي حديث ابن عباس وهو في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفضٍ ورفع.
ومذهبُ مالكٍ – رحمه الله – كمذهب الجمهور أنه يكبر حين الانتقال؛ إلا إذا قام للركعة الثالثة فإنه يكبر إذا استتم قائماً، كذا ذكره النووي – رحمه الله – في شرح مسلم، والصحيح مذهب الجمهور وأنه يكبر حين الانتقال مطلقا.
والقول بأنه يكبر قبل الانتقال لا نعلم قائلاً به من العلماء المتقدمين، ومن أهل العلم من قال ببطلان صلاة فاعله، وأما رفع اليدين فالأمر فيه سهل، والذي رجحه العلامة العثيمين – رحمه الله – في شرحه لبلوغ المرام أنه لا يرفع يديه عند القيام للركعة الثالثة وهو جالس؛ بل إذا استتم قائماً، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام الرفعُ قبل التكبير وبعده ومعه، ولذا نقول إن الأمر في هذا واسع.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10502، 22735، 19200
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(11/6812)
أحاديث واردة في استفتاح الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم نص الأحاديث الواردة في استفتاحات الصلاة التسعة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأحاديث الواردة في استفتاح الصلاة ما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد. واللفظ لمسلم.
ومن ذلك ما في صحيح مسلم عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك.
وروى أبو داوود والترمذي عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. وهو صحيح كما ذكر الألباني.
وفي الترمذي أيضا عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيرا، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزة ونفخه ونفثه. وهو صحيح أيضا كما ذكر الألباني.
ورواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري أيضا ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثا ثم يقول: الله أكبر كبيرا ثلاثا أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ. وصححه الألباني أيضا.
وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض وعالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك على صراط مستقيم. والحديث صحيح كما ذكر الألباني وهذا وارد في قيام الليل.
ومما ورد في اسفتاح قيام الليل أيضا ما روى الدارمي عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يتهجد من الليل قال: اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك والجنة حق والنار حق والبعث حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أعلنت وما أسررت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك. والحديث صححه الألباني أيضا.
هذا طرف من الدعاء الوارد في الاستفتاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1429(11/6813)
الصلاة بالقبض والإرسال صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[فابتداء نسأل الله أن يبارك في مجهوداتكم وينفع بكم ... وهذا سؤال آخر من تونس وكما تعلمون في هذه البلاد لا يوجد لدينا لا علماء ولا دعاة ولا حتى طلاب علم إلا القليل النادر ولهذا انتشر الجهل بالدين بصفة كبيرة فالله المستعان، فسؤالي لكم فيما يتعلق بالصلاة وبالتحديد قبض اليدين، اليمنى على اليسرى فقد كنت تحدثت مع خالي في هذه المسألة (وهو على مذهب المالكية الذين يرون الإرسال في الصلاة) وبينت له السنة في هذه المسألة وأنه لم يثبت نص صحيح في أنه عليه السلام أرسل يديه في الصلاة فتعجب من قولي هذا وغضب وقال لي إنه خطير ما تقوله وهل إن كل علماء المالكية خاطؤون في صفة صلاتهم فطلبت منه دليلا صريحا في الإرسال من السنة وتحديته أن يأتي به [قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين] فباختصار عثرت على حديث في الطبراني الكبير: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بن عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بن الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الْخَصِيبِ بن جَحْدَرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بن نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا"كَانَ فِي صَلاتِهِ رَفَعَ يَدَيْهِ قُبَالَةَ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ أَرْسَلَهُمَا، ثُمَّ سَكَتَ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ يَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى يَسَارِهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ سَكَتَ، فَإِذَا خَتَمَ السُّورَةَ سَكَتَ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ قُبَالَةَ أُذُنَيْهِ، وَيُكَبِّرُ وَيَرْكَعُ، وَكُنَّا لا نَرْكَعُ حَتَّى نَرَاهُ رَاكِعًا، ثُمَّ يَسْتَوِي قَائِمًا مِنْ رُكُوعِهِ، حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ عُضْوٍ مَكَانَهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ قُبَالَةَ أُذُنَيْهِ، وَيُكَبِّرُ وَيَخِرُّ سَاجِدًا، وَكَانَ يُمَكِّنُ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ يَقُومُ كَأَنَّهُ السَّهْمُ لا يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلاتِهِ اعْتَمَدَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَيَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِذَا دَعَا، وَكَانَ إِذَا سَلَّمَ أَسْرَعَ الْقِيَامَ" وقد اتصلت بأحد إخواني طلاب العلم بالمدينة المنورة (اختصاص حديث) على أن يحقق لي هذا الحديث فأخبرني عند تحقيقه بأن الحديث موضوع وأحسن ما يقال فيه ضعيف جداً، فهل توافقون أخي في هذا الحكم على الحديث ونرجو منكم نصيحة وتذكرة للذين يخالفون سنة رسول الله وهم يعلمون يقينا أن آباءهم وأجدادهم جانبوا الصواب في بعض ما يتبعونهم فيه، والمعذرة على الإطالة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مسألة القبض وإرسال اليدين في الصلاة وهو السدل من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، والراجح القبض لقوة دليله، لكن القائلين بالقبض لا يرون بطلان الصلاة بالإرسال لأنه من سنن الصلاة ومستحباتها، وليس من الواجبات ولا الأركان، وكذلك القائلون بالسدل لا يرون بطلان الصلاة بالقبض من باب أولى.
وعليه.. فلا داعي للجدال في هذه المسألة ولا جدوى منه لا سيما مع من تربوا على مذهب لا يرى القبض في الصلاة ويتعصبون لذلك، هذا من باب النصيحة.
أما من حيث فصل القول في المسألة فقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 27904، والفتويين المحال عليهما فيها، ثم إن فقهاء المذهب المالكي غير متفقين على عدم استحباب القبض في الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 2591.
أما الحديث المذكور فقد تكلم عليه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، قال: وفيه الخصيب بن جحدر كذبه شعبة والقطان.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه الخصيب بن جحدر وهو كذاب.
وذكره ابن الملقن في خلاصة البدر المنير وقال: سنده ضعيف بسبب الخصيب بن جحدر فقد كذبه شعبة والقطان. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(11/6814)
واجبات وسنن الصلاة في مذهب الإمام مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة واجبات الصلاة وسننها في المذهب المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن واجبات الصلاة في المذهب المالكي وتسمى الفرائض والأركان أيضاً هي ما يلي:
1- النية (أي نية الصلاة المعينة) .
2- تكبيرة الإحرام.
3- القيام لها في الفرض.
4- الفاتحة على الإمام والفذ.
5- والقيام لها.
6- الركوع.
7- والرفع منه.
8- السجود على الجبهة.
9- الجلوس بين السجدتين.
10- السلام.
11- الجلوس للسلام.
12- الاعتدال.
13- الطمأنينة.
14- ترتيب الفرائض، وقد عد خليل في مختصره نية اقتداء المأموم من فرائض الصلاة.
أما السنن فهي كالتالي:
1- قراءة السورة بعد الفاتحة في الصبح والجمعة والأوليين من الرباعية والثلاثية.
2- والقيام لها.
3- الجهر فيما يجهر فيه.
4- السر فيما يسر فيه.
5- التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام أي كل تكبيرة سنة مستقلة إلا تكبيرة الإحرام فإنها ركن.
6- قول: سمع الله لمن حمده، حال الرفع من الركوع للإمام والمنفرد.
7- كل تشهد ولو كان في سجدتي السهو.
8- كل جلوس للتشهد.
9- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير.
10- السجود على صدور القدمين وعلى الكفين والركبتين.
11- رد المقتدي السلام على إمامه وعلى من على يساره إن كان على يساره أحد.
12- الزائد على الطمأنينة الواجبة.
13- الجهر بتسليمة التحليل فقط.
14- الإنصات للإمام فيما يجهر فيه.
15- السترة للإمام والفذ إن خشيا مروراً.
أما المستحبات فهي كثيرة ومن أراد الاطلاع عليها فلينظر كتب الفقه مثل مختصر خليل أو مختصر الأخضري أو رسالة ابن أبي زيد القيرواني أو غير ذلك من كتب المالكية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(11/6815)
حكم وضع النعل أمام المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وأمامي نعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من وضع النعل أمام المصلي إذا لم يترتب على ذلك أذية لغيره كما سبق في الفتوى رقم: 34249، كما يجوز وضعهما كسترة أمام المصلي إذا كانتا طاهرتين كما في الفتوى رقم: 29591، وعلى ذلك فإن الصلاة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(11/6816)
جلسة الاستراحة بين السنة والحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من الجلوس بعد السجدتين وبعدها النهوض للركعة الثانية أو الثالثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري قال: جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا , فقال: إني لأصلي بكم, وما أريد الصلاة , أصلي كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي , فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ فقال: مثل صلاة شيخنا هذا, وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض. ففي هذا الحديث وغيره أيضا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض للركعة الثانية والرابعة، وتسمى هذه الجلسة بجلسة الاستراحة.
وأما الجلوس بعد الركعة الثانية وقبل القيام إلى الثالثة فهو جلوس للتشهد الأوسط وهو مطلوب على وجه الاستنان أو الوجوب على خلاف بين أهل العلم، فإن لم يجلس له فإنه يجلس للاستراحة حينئذ كما نص عليه ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج، واختلف العلماء في هذه الجلسة هل هي سنة مطلقا أم للحاجة؟ والذين ذهبوا إلى سنيتها مطلقا جعلوا الحكمة منها التعبد كسائر أفعال الصلاة، والذين قالوا بمشروعيتها عند الحاجة جعلوا الحكمة منها التيسير على الضعيف لكبر أو مرض ونحو ذلك، وإلى القول الأول ذهب الشافعية وهو رواية عند الحنابلة اختارها الخلال كما في المغني لابن قدامة، ونصر هذا القول الإمام النووي رحمه الله في المجموع، وننقل لك كلامه وكلام الجمهور في هذه المسألة تتميما للفائدة فقال رحمه الله: مذهبنا الصحيح المشهور: أنها مستحبة كما سبق , وبه قال مالك بن الحويرث وأبو حميد وأبو قتادة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم, وأبو قلابة وغيره من التابعين, قال الترمذي: وبه قال أصحابنا وهو مذهب داود ورواية عن أحمد. وقال كثيرون أو الأكثرون: لا يستحب, بل إذا رفع رأسه من السجود نهض, حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي الزناد, ومالك والثوري وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق, قال: قال النعمان بن أبي عياش: أدركت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا , وقال أحمد بن حنبل: أكثر الأحاديث على هذا, واحتج لهم بحديث {المسيء صلاته} ولا ذكر لها فيه, وبحديث وائل بن حجر المذكور في الكتاب, وقال الطحاوي: ولأنه لا دلالة في حديث أبي حميد قال: ولأنها لو كانت مشروعة لسن لها ذكر كغيرها. واحتج أصحابنا بحديث مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي, فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا. رواه البخاري بهذا اللفظ , ورواه أيضا من طرق كثيرة بمعناه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث المسيء صلاته: اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا. رواه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ في كتاب السلام , وعن أبي حميد وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ثم هوى ساجدا ثم ثنى رجله وقعد حتى رجع كل عظم موضعه ثم نهض, وذكر الحديث فقالوا: صدقت. رواه أبو داود والترمذي, وقال: حديث حسن صحيح, وإسناد أبي داود إسناد صحيح على شرط مسلم, وقد سبق بيان الحديث بطوله في الركوع. والجواب عن حديث المسيء صلاته: أن النبي إنما علمه الواجبات دون المسنونات, وهذا معلوم سبق ذكره مرات, وأما حديث وائل فلو صح وجب حمله على موافقة غيره في إثبات جلسة الاستراحة ; لأنه ليس فيه تصريح بتركها, ولو كان صريحا لكان حديث مالك بن الحويرث وأبي حميد وأصحابه مقدما عليه لوجهين. (أحدهما) : صحة أسانيدها، والثاني: كثرة رواتها, ويحتمل حديث وائل أن يكون رأى النبي صلى الله عليه وسلم في وقت أو أوقات تبيينا للجواز , وواظب على ما رواه الأكثرون , ويؤيد هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث بعد أن قام يصلي معه ويتحفظ العلم منه عشرين يوما , وأراد الانصراف من عنده إلى أهله: اذهبوا إلى أهليكم ومروهم وكلموهم وصلوا كما رأيتموني أصلي. وهذا كله ثابت في صحيح البخاري من طرق , فقال له النبي: صلى الله عليه وسلم هذا وقد رآه يجلس الاستراحة, فلو لم يكن هذا هو المسنون لكل أحد لما أطلق صلى الله عليه وسلم قوله: صلوا كما رأيتموني أصلي. وبهذا يحصل الجواب عن فرق أبي إسحاق المروزي من القوي والضعيف, ويجاب به أيضا عن قول من لا معرفة له: ليس تأويل حديث وائل وغيره بأولى من عكسه. وأما قول الإمام أحمد بن حنبل: إن أكثر الأحاديث على هذا, ومعناه: أن أكثر الأحاديث ليس فيها ذكر الجلسة إثباتا ولا نفيا , ولا يجوز أن يحمل كلامه على أن مراده أن أكثر الأحاديث تنفيها ; لأن الموجود في كتب الحديث ليس كذلك, وهو أجلُّ من أن يقول شيئا على سبيل الإخبار عن الأحاديث , ونجد فيها خلافه , وإذا تقرر أن مراده أن أكثر الروايات ليس فيها إثباتها ولا نفيها لم يلزم رد سنة ثابتة من جهات عن جماعات من الصحابة. وأما قول الطحاوي: إنها ليست في حديث أبي حميد , فمن العجب الغريب فإنها مشهورة فيه في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما من كتب السنن والمسانيد للمتقدمين, وأما قوله: لو شرع لكان لها ذكر , فجوابه: أن ذكرها التكبير , فإن الصحيح أنه يمد حتى يستوعبها ويصل إلى القيام كما سبق, ولو لم يكن فيها ذكر لم يجز رد السنن الثابتة بهذا الاعتراض. والله أعلم.
واعتذر الجمهور عن الأحاديث المذكورة بما ذكره ابن دقيق العيد في شرح عمدة الاحكام فقال: وعذر الآخرين عنه: أنه يحمل على أنها بسبب الضعف للكبر, كما قال المغيرة بن حكيم إنه رأى عبد الله بن عمر يرجع من سجدتين من الصلاة على صدور قدميه. فلما انصرف ذكرت ذلك له , فقال: إنها ليست من سنة الصلاة. وإنما أفعل ذلك من أجل أني أشتكي، وفي حديث آخر غير هذا في فعل آخر لابن عمر أنه قال " إن رجلي لا تحملاني " والأفعال إذا كانت للجبلة أو ضرورة الخلقة لا تدخل في أنواع القرب المطلوبة. فإن تأيد هذا التأويل بقرينة تدل عليه, مثل أن يتبين أن أفعاله السابقة حالة الكبر والضعف لم يكن فيها هذه الجلسة, أو يقترن فعلها بحالة الكبر من غير أن يدل دليل على قصد القربة. فلا بأس بهذا التأويل. وقد ترجح في علم الأصول أن ما لم يكن من الأفعال مخصوصا بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا جاريا مجرى أفعال الجبلة, ولا ظهر أنه بيان لمجمل, ولا علم صفته من وجوب أو ندب أو غيره , فإما أن يظهر فيه قصد القربة أو لا , فإن ظهر فمندوب, وإلا فمباح. لكن لقائل أن يقول ما وقع في الصلاة , فالظاهر أنه من هيئتها , لا سيما الفعل الزائد الذي تقتضي الصلاة منعه. وهذا قوي إلا أن تقوم القرينة على أن ذلك الفعل كان بسبب الكبر أو الضعف يظهر بتلك القرينة أن ذلك أمر جبلي. فإن قوي ذلك باستمرار عمل السلف على ترك ذلك الجلوس , فهو زيادة في الرجحان.اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(11/6817)
أحكام مرور شخص بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أعمل إذا مر أحد أمامي وأنا أصلي سواء في صلاة الفرد أوالجماعة , وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يصلي منفردا أو إماما فهومأمور شرعا أن يتخذ سترة أمامه، فإذا مر بينه وبينها إنسان أو حيوان جاز له- بل يسن له- أن يدرأه ولا يتركه يمر أمامه، بل يدفعه بما لا تبطل به صلاته، وكذلك الحكم إذا لم تكن له سترة ومر شيء قريبا منه، وإن كان يصلي مأموما فما مر بينه وبين إمامه رده لئلا يمر أمامه، وما مر أمام الإمام فليس للمأموم دفعه لأن الإمام سترة للمأموم، بل يدفعه الإمام إن مر بينه وبين سترته، أو مر قريبا منه إذا لم تكن له سترة، قال في دقائق أولي النهى ممزوجا بنص المنتهى في الفقه الحنبلي: وَسُنَّ لِمُصَلٍّ (رَدُّ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ) كَبِيرٍ، أَوْ صَغِيرٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ بِلَا عُنْفٍ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، أَوْ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَرَجَعَ، فَمَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَمَضَتْ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هُنَّ أَغْلَبُ. رواه ابن ماجه انتهى،
وقال النووي في المجموع: وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: {إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، قَالَ أَصْحَابُنَا: " وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي دَفْعُ مَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، فَلَهُ مَنَعَهُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَسَالِم. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ {: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَفْظُ رِوَايَتِهِ: {إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلِيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ} . وَمَعْنَاهُ: أَيْ لِيَدْفَعْهُ. وَهَذَا فِي أول الْأَمْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى، وَلَجَّ، فَلِيُقَاتِلْهُ، أَيْ يُعَنِّفْهُ فِي دَفْعِهِ مِنْ الْمُرُورِ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ، أَيْ فِعْلُهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ، أَوْ الشَّيْطَانُ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ مَعَهُ شَيْطَانًا. وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي إذَا لَجَّ فِي الْمُرُورِ، وَأَبَى الرُّجُوعَ، أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ، وَيَجْتَهِدُ فِي رَدِّهِ، مَا لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ إلَى إفْسَادِ صَلَاتِهِ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ فِيهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَدْرَأُ مَا اسْتَطَاعَ، وَأَكْرَهُ الْقِتَالَ فِي الصَّلَاةِ. وَذَلِكَ لِمَا يُفْضِي إلَيْهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَفَسَادِ الصَّلَاةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَمَرَ بِرَدِّهِ وَدَفْعِهِ حِفْظًا لِلصَّلَاةِ عَمَّا يَنْقُصُهَا، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَا يُفْسِدُهَا وَيَقْطَعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَيُحْمَلُ لَفْظُ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى دَفْعٍ أَبْلَغَ مِنْ الدَّفْعِ الْأَوَّلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى.
ومن هذا يُعلَم أن دفع المار بين المصلي وبين سترته أو بين المأموم وإمامه جائز بل هو سنة أومستحب، وكذلك الحكم في حال عدم وجود السترة إن مر شيء أمام المصلي قريبا منه، لكن لو مر شيء أمام المصلي فرده فلم يرجع، أو لم يدفعه أصلا ومر بين يديه لم تبطل الصلاة، ولبيان حكم السترة وتحديدها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1998.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(11/6818)
محل دعاء الاستفتاح من صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي 4 ركعات قبل الظهر أقول دعاء الاستفتاح في الركعتين الأوليين السؤال هو هل أقول مرة أخرى دعاء الاستفتاح في الركعتين الثانيتين أم أقرأ مباشرة الفاتحة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة كما في الفتوى رقم: 11227.
وأما عن السؤال فإن كنت تصلي الأربع ركعات قبل الظهر بسلامين فيشرع لك أن تقرأ دعاء الاستفتاح في الصلاتين بعد تكبيرة الإحرام، تقرؤه في الصلاة الأولى بعد تكبيرة الإحرام وتقرأ في الصلاة الثانية بعد تكبيرة الإحرام. قال الرحيباني في مطالب أولى النهى وهو من كتب الحنابلة: تنبغي المحافظة على الإتيان بدعاء الاستفتاح في أول كل صلاة مفروضة أو منذورة وفي استفتاح أول راتبة كسنة فجر وظهر ... وفي أول ركعتي نفل كتراويح وضحى فيستفتح في أول ركعة منها. ولا يستفتح في كله أي النفل طلبا لليسر. اهـ
فعلم من هذا أن النفل يستفتح في أول ركعة فقط، وأما الراتبة كراتبة الظهر فيستفتح في كل صلاة أول ركعة منها. وأما إن كنت تصلي الأربع ركعات بتسليمة واحدة فإنك تستفتح مرة واحدة بعد تكبيرة الإحرام. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 27747 في مشروعية الاستفتاح بعد كل إحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(11/6819)
موضع السترة من المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[السترة التي يضعها المصلي بينه وبين المارة هل تكون أمامه أو عن يمينه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى إلى سترة فالمستحب في حقه أن ينحرف عنها يسيرا يمينا أو يسارا ولا يجعلها تلقاء وجهه، ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي أثناء كلامه على أحكام السترة: ويستحب أيضا أن ينحرف عنها يسيرا. انتهى.
وفي نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج وهو شافعي: ويسن له أن يميل السترة عن وجهه يمنة أو يسرة، ولا يجعلها بين عينيه. انتهى.
وأحكام السترة تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 29174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/6820)
محل وضع اليدين في الصلاة في القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوك أحتاج إلى إجابة عاجلة: انتشر بين الشباب في قريتنا أمر وهو وضع اليد على الصدر في الصلاة وتحريك الأصبع خلال التشهد في الصلاة.. المهم إمام مسجدنا لاحظ انتشار هذا الأمر بين الشباب والذين أتوا به طبعا بناء على اطلاعهم على الأحاديث النبوية الشريفة وآراء وفتاوى بعض العلماء بالنسبة لهذا الموضوع وهو كما تعلمون موضوع خلافي.. المهم الذي حدث هو أن إمام المسجد بدأ يحارب هذه الظاهرة بشدة فبدأ يخبر آباءهم بأن هذا الأمر يبطل الصلاة وخاصة تحريك الأصبع لكن الشباب لم يكفوا عن هذه الكيفية.. فبدأ هذا الإمام بالتنويه إلى هذا الأمر بعد كل صلاة وقبل كل صلاة أحيانا.. ولكن دون جدوى.. فبدأ ينظر بحقد إلى هؤلاء الشباب ووصل الأمر به إلى أن يقوم بتحريض بعض كبار السن على هؤلاء الشباب فبدأوا ينظرون إلى من يقوم بتحريك الأصبع ووضع يديه على صدره وكأنه يقوم بفعل ذنب عظيم والعياذ بالله ... فما رأيكم بهذا الموضوع.. أنا لا أريد منكم إلا أن تشرحوا لي ما هو التصرف الذي يجب أن نقوم به وخاصة أن معظم هؤلاء الشبان من أصحابنا أي أريد نصيحة أوجهها لهم تكون بمصلحة الجميع بما يخدم هذا الدين ... مع العلم بأن هذا الإمام يقوم بأمور كثيرة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مثل الاحتفال بالمولد النبوي حتى أنه يقوم على المنبر بإخبار الناس عن موعد إقامة الاحتفال بأحد المساجد ... وأمور كثيرة ... أفيدونا؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريك الأصبع في الصلاة, ووضع اليد اليمنى على اليسرى وتعيين محل وضعهما من المسائل الخلافية المشهورة بين أهل العلم، وقد قرروا أنه لا إنكار في مسائل الخلاف بضوابط معينة، قال السيوطي رحمه الله في الأشباه والنظائر:
القاعدة الخامسة والثلاثون: لا ينكر المختلف فيه -وإنما ينكر المجمع عليه- ويستثنى صور، ينكر فيها المختلف فيه:
إحداها: أن يكون ذلك المذهب بعيد المأخذ، بحيث ينقص. ومن ثم وجب الحد على المرتهن بوطئه المرهونة، ولم ينظر لخلاف عطاء.
الثانية: أن يترافع فيه الحاكم، فيحكم بعقيدته، ولهذا يحد الحنفي بشرب النبيذ، إذ لا يجوز للحاكم أن يحكم بخلاف معتقده.
الثالثة: أن يكون للمنكر فيه حق، كالزوج يمنع زوجته من شرب النبيذ، إذا كانت تعتقد إباحته، وكذلك الذمية على الصحيح. انتهى.
والمسائل التي نحن بصدد الحديث عنها من المسائل التي قوي فيها الخلاف فلا ينكر على المخالف فيها، وعليه.. فليس للإمام المذكور أن ينكر هذا الأمر فضلاً عن أن يحكم ببطلان صلاة من يحرك أصبعه في الصلاة أو يحرض عليه العامة ويوغر صدورهم عليه، كما لا ينبغي للشباب أن يوهموا الناس أن ما هم عليه هو السنة المحضة، وأن ما عليه الإمام ومن وافقه مخالفون لها, بل ينبغي أن يسود بين الجميع الحب والمودة، وأن الخلاف في مثل هذه المسائل لا يفسد الود ولا يفرق الكلمة.
وأما مهمتك فهي أن تنشر مواقف العلماء من المسائل المثارة, وتؤكد على أن لكل رأيه, ولا يحق له أن يسفه الآخرين, بل يعرض رأيه بأدب ويحترم الآراء الأخرى, ويمارس ما يراه صواباً, ولا يحق لأحد منعه ولا تسفيهه، وقد بينا كلام العلماء في تحريك الأصبع في الصلاة في الفتوى رقم: 30337.
وأما خلافهم في محل وضع اليدين في الصلاة في القيام الذي قبل الركوع فقد لخصه الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم فقال:
يجعلهما تحت صدره فوق سرته، هذا مذهبنا المشهور، وبه قال الجمهور، وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأبو إسحاق المروزي من أصحابنا: يجعلهما تحت سرته، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه روايتان كالمذهبين، وعن أحمد روايتان كالمذهبين، ورواية ثالثة أنه مخير بينهما ولا ترجيح، وبهذا قال الأوزاعي وابن المنذر، وعن مالك رحمه الله روايتان إحداهما يضعهما تحت صدره، والثانية يرسلهما ولا يضع إحداهما على الأخرى، وهذه رواية جمهور أصحابه وهي الأشهر عندهم، وهي مذهب الليث بن سعد، وعن مالك رحمه الله أيضاً استحباب الوضع في النفل، والإرسال في الفرض، وهو الذي رجحه البصريون من أصحابه، وحجة الجمهور في استحباب وضع اليمين على الشمال حديث وائل المذكور هنا، وحديث أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعيه في الصلاة. قال أبو حازم: ولا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
ودليل وضعهما فوق السرة حديث وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. رواه ابن خزيمة في صحيحه.
وأما حديث علي رضي الله عنه أنه قال: من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة ضعيف متفق على تضعيفه. رواه الدارقطني والبيهقي من رواية أبي شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي. وهو ضعيف بالاتفاق، قال العلماء: والحكمة في وضع إحداهما على الأخرى أنه أقرب إلى الخشوع ومنعهما من العبث. انتهى.
واعترض بعضهم كالشوكاني على ما احتجت به الشافعية لما ذهبت إليه وهو ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وصححه من حديث وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره، فقال: وهذا الحديث لا يدل على ما ذهبوا إليه لأنهم قالوا: إن الوضع يكون تحت الصدر كما تقدم. والحديث مصرح بأن الوضع على الصدر. انتهى.
إلا أن طائفة من الشافعية كشيخ الإسلام زكريا الأنصاري فإنه ذكر أن للحديث رواية بلفظ (تحت صدره) ، وجعلها مبينة للمراد بالوضع على الصدر أي أسفله فوق السرة وهذا نص كلامه في أسنى المطالب: روى ابن خزيمة في صحيحه عن وائل بن حجر: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. أي آخره فتكون اليد تحته بقرينة رواية تحت صدره. إلا أننا لم نقف على هذه الرواية في المصادر المطبوعة المتوفرة لدينا. فالله أعلم.
فهذه مذاهب العلماء في المسألة ويمكن إطلاع الإمام والشباب عليها عسى الله أن ينفعهم بها.
وأما الاحتفال بالمولد النبوي فبدعة محدثة وراجع في الكلام عنه الفتوى رقم: 8762، والفتوى رقم: 6064، فينبغي بيان هذا للإمام برفق ولين لعل الله عز وجل أن يهديه إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(11/6821)
البسملة في الصلاة.. جهر أم إسرار
[السُّؤَالُ]
ـ[اشرح رد أبي شامة عن التعارض في حديث البسملة الذي ذكره الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلم على الروايات المتعارضة عن أنس في شأن البسملة في الصلاة ابن عبد البر فأعلها بالاضطراب فإنه قال في كتاب الاستذكار: اختلف عليهم في لفظه اختلافا كثيرا مضطربا متدافعا، منهم من يقول: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، ومنهم من يذكر عثمان ومن لا يذكر، فكانوا لا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم، ومنهم من قال: فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وقال كثير منهم: كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وقال بعضهم: فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وقال بعضهم: كانوا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم. قال: وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم والذين لا يقرءونها.
وقد حاول أبو شامة ترجيح الأحاديث المثبتة بما رواه البخاري في صحيحه، وذكر أنه لم تختلف الروايات على قتادة في حديث البخاري، هذا بخلاف حديث مسلم فاختلف فيه عليه، وما لم يختلف فيه أولى عند الترجيح بحصول الضبط فيه، فذكر أبوشامة أنه روى البخاري في صحيحة من طريقين عن قتادة عن أنس قال: سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد ب بسم الله، ويمد بالرحمن: ويمد بالرحيم.
ثم أطنب أبو شامة في بيان صحة الحديث ودلالته على المراد بما في ذلك إثبات البسملة حال القراءة في الصلاة وخارج الصلاة فقال: وهذا إسناد لا شك في صحته، وقال الدارقطني بعد تخريجه: هذا حديث صحيح وكلهم ثقات. وقال الحازمي: هذا حديث صحيح لا يعرف له علة، وفيه دلالة على الجهر مطلقا وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة.
ثم قال أبو شامة موضحا كلام الحازمي: وتقرير هذا أن يقال: لو كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله: عن أي قراءتيه تسأل عن التي في الصلاة أم التي خارج الصلاة؟ فلما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف في ذلك، وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة في قراءته، ولولا ذلك كان أنس أجاب: الحمد لله رب العالمين أو غيرها من الآيات. قال: وهذا واضح.
قال: ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن إلا عن قراءته في الصلاة، فإن الراوي قتادة وهو راوي حديث أنس ذاك وقال فيه: نحن سألناه عنه. انتهى.
هذا.. وننبه إلى أن الشافعي والترمذي وابن عبد البر وابن خزيمة وابن حزم والنووي وابن حجر رجحوا إثبات البسملة، وحملوا أحاديث أنس على القراءة بها سرا وتابعهم الصنعاني والألباني.
قال الشافعي في رد حديث النفي الذي رواه مالك في الموطأ عن حميد عن أنس قال: صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الشافعي: خالفه سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي وعددٌ لقيتهم سبعة أو ثمانية مؤمنين مخالفين له، قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد، ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين. قال الشافعي: يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها، ولا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم.
وقال الترمذي في السنن عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين. قال الشافعي: إنما معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين معناه أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة،وليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون {بسم الله الرحمن الرحيم} وكان الشافعي يرى أن يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة.
وقال ابن عبد البر في كتاب الإنصاف في البسملة بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائي وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبي عروبة وأبي عوانة: فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب انتهى.
وقال ابن خزيمة في صحيحه: باب ذكر الدليل على أن أنساً إنما أراد بقوله: لم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، أي لم أسمع أحدا منهم يقرأ جهرا بسم الله الرحمن الرحيم، وأنهم كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة؛ لا كما توهم من لم يشتغل بطلب العلم من مظانه وطلب الرئاسة قبل تعلم العلم. أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا سلم بن جنادة القرشي نا وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم.
قال الألباني في تحقيق صحيح ابن خزيمة: إسناده صحيح، وما أعل به من الاضطراب فليس بشيء؛ إذ يمكن التوفيق بين وجوه الاختلاف لكن لا مجال لبيان ذلك هنا.
ثم ذكر ابن خزيمة رواية أخرى تصرح أنهم كانوا يسرون بها.
وقال ابن القيم في الزاد: وكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها. ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائما في كل يوم وليلة خمس مرات أبدا، حضرا وسفرا، ويخفى ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال حتى يحتاج إلى التشبث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلدا ضخما.
وقال الصنعاني في السبل: والأقرب أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها تارة جهرا وتارة يخفيها.
ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث الدارقطني والبيهقي: إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما قال الألباني في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(11/6822)
أحكام رفع اليدين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التشريع أثناء الركوع والقيام منه وفي السجود والقيام للركعة التالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مراد السائل بالتشريع رفع اليدين فإنه سنة عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة، وانظر الفتوى رقم: 30564، أما رفعهما عند السجود أو الرفع منه فليس سنة، وإن كان قد استحبه بعض العلماء ففي رواية عن الإمام أحمد أنه يستحب الرفع في كل خفض ورفع، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 31445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/6823)
الخشوع في الصلاة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من حساسية شديدة ومستمرة وعندما أكون أصلي أتأذى من سيلان أنفي فيشغلني ذلك عن الصلاة فهل صلاتي مقبولة عند الله لأنه يحدث هذا رغما عني. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا كانت الأخت السائلة تأتي بالصلاة كاملة بفرائضها وواجباتها وتجنبت ما يبطلها فإن صلاتها صحيحة ولا تبطل الصلاة بسيلان الأنف المذكور، غاية أمره أنه يشغل عن الخشوع والخشوع سنة لا تبطل الصلاة بتركه عند الجمهور كما سبق في الفتوى رقم: 4215، إضافة إلى أن الأمر المذكور خارج عن إرادة المصلي، أما قبول الصلاة فإنه أمر لا يعلمه إلا الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(11/6824)
من السنة الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الجهر بصلاة الظهر أوالعصر في صلاة الفرد مما يساعد على حفظ القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السر في هاتين الصلاتين سنة ولا ينبغي للمسلم أن يخالف سنة مجمعا عليها بين المسلمين، قال النووي: فالسنة الجهر في ركعتيي الصبح والمغرب والعشاء وفي صلاة الجمعة والإسرار في الظهر والعصر وثالثة المغرب والثالثة والرابعة من العشاء، وهذا كله بإجماع المسلمين. انتهى. وقال ابن قدامة في المغني: الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار لا خلاف في استحبابه، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن جهر في موضع الإسرار أوأسر في موضع الجهر ترك في ذلك السنة وصحت صلاته. انتهى. ومن هذا تعلم أن السنة هو الإسرار في هاتين الصلاتين سواء في ذلك المنفرد وغيره، فإن جهر فقد خالف السنة وصلاته صحيحة سواء قصد بذلك المساعدة على الحفظ أو لم يقصد شيا، وانظر الفتوى رقم: 16561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(11/6825)
التورك والافتراش من سنن الصلاة وكيفما جلس المصلي أجزأه
[السُّؤَالُ]
ـ[يصعب علي الجلوس بعد السجود في وضع التورك فهل هذا الوضع يجب على المرأة وهل إذا جلست مثل معظم الناس على ركبتي ومقدمة ساقي يكون خطأ، وأرى بعض النساء يجلسن علي الإليتين مع الفخذ الأيسر بينما يضعن كلتا ساقيهما على الأرض على الجانب الأيمن، فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 16453 كيفية الافتراش والتورك ومواضع سنيتهما، وأن الرجل والمرأة في ذلك سواء.
وهما لا يشترطان في صحة الصلاة بل كيفما جلس المصلي أجزأه، فيجوز الجلوس على الهيئة المذكورة في السؤال ولا سيما إذا كان ذلك للضرورة سواء في ذلك الرجل والمرأة، وكلاهما مطالب بهيئة الجلوس المسنونة في الصلاة، فإذا لم يأت بها المصلي صحت صلاته، وكذلك الجلسة التي ذكرت السائلة أنها ترى بعض النساء يجلسنها في الصلاة لا تؤثر في صحة الصلاة مع أن السنة في هيئة الجلوس في الصلاة هو ما أوضحناه في الفتوى المشار إليها أعلاه.
قال النووي رحمه الله تعالى: قال أصحابنا لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء بل كيف وجد أجزأه سواء تورك أو افترش أو مد رجليه أو نصب ركبتيه أو أحدهما أو غير ذلك لكن السنة التورك في آخر الصلاة والافتراش فيما سواه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(11/6826)
حكم تعمد الجهر بالقراءة في الظهر بقصد التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[نقيم ببريطانيا وبالقرب منا مجلس نقيم نحن النساء فيه الصلاة يوم الجمعة فهل ينبغي لإحدانا أن تؤمنا لصلاة الجمعة وهل تخطب بنا فنحن نصلي الظهر بمفردنا ثم تقوم امرأة من الحافظات فتصلي بنا صلاة تسابيح فأشرت عليها بالأمس لماذا لا تصلي بنا ظهر الجمعة جماعة مع العلم أني الوحيدة العربية بينهم ولكن أخاف المسؤولية لما عرضوا أن أصلي بهم ولا أزكى نفسى فأنا أحفظ بعض أجزاء من لقرآن ومنها البقرة وآل عمران ولم أذكر ذلك إلا لأضعكم في الصورة ولكن عند ما صلت بنا هذه الأخت وهي الحق لله تجيد القرآن (مع العلم بأنها ليست عربية) قرأت جهرا في الظهر وقالت لأنها تريد من الأخوات التعلم فهل يجوز ذلك. أفتوني بما يجب هل نصلي الجمعة أم فقط الظهر وهل يجوز لها الجهر من أجل مساعدة الباقين للتعلم جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لإحداكن أن تؤمكن في صلاة التسابيح؛ كما سبق في الفتوى رقم: 50888. وإمامة المرأة للنساء في الفريضة غير الجمعة محل خلاف بين أهل العلم والقول الراجح هو الجواز، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 5796. ولا تجزئ إمامة المرأة في صلاة الجمعة، وقد سبقت الفتوى بهذا مفصلة في الفتوى رقم: 60328.
ولا ينبغي تعمد الجهر بالقراءة في صلاة الظهر ولو كان ذلك بقصد التعليم لمخالفة ذلك لهديه صلى الله عليه وسلم. قال ابن قدامة في المغني: الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار لا خلاف في استحبابه، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف. فإن جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته. انتهى. وقال ابن القاسم من المالكية ببطلان الصلاة بسبب الجهر في غير محله عمدا، قال الباجي في المنتقى: وقد اختلف أصحابنا في الجهر والإسرار هل هما من واجبات الصلاة أو من هيآتها؟ فمذهب مالك رحمه الله وأكثر أصحابه يقتضي أنها من الهيآت، ومذهب ابن القاسم يقتضي أنها من الواجبات. فمن جهر فيما يسر فيه أو أسر فيما يجهر فيه قال مالك: يسجد لسهوه إلا أن يكون الشيء اليسير كقوله: الحمد الله رب العالمين. وقد روى أشهب عن مالك لا سجود عليه، ومن فعل ذلك عامدا قال ابن القاسم: يعيد الصلاة، وقال ابن نافع: لا يعيد وهو منبي على ما تقدم. انتهى.
وعليه؛ فيجوز لإحداكن أن تؤمكن في صلاة التسابيح وكذلك في صلاة الفريضة كالظهر على الراجح من كلام أهل العلم، والأولى أن تؤمكن من هي أكثر حفظا لكتاب الله تعالى سواء كانت من جنسية عربية أم لا. وراجعي الفتوى رقم: 28306. فمعيار الفضل عند الله تعالى بالتقوى والعمل الصالح فقط، قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات: 13} . ولا ينبغي لمن تؤمكن الجهر بالقراءة في صلاة الظهر ولو كان ذلك بغرض التعليم، فالأولى أن يكون ما تقوم به من تعليم للقراءة في حلقة خارج الصلاة، أما صلاة الجمعة فلا تجب عليكن أصلا ولكن إن صليتنها مع جماعة الرجال أجزأتكن عن صلاة الظهر، وأما إن صليتنها بمفردكن فإن ذلك لا يجوز ولا يجزئكن لأنه يشترط لصحتها حضور جمع من الرجال، كما أنه لا تجزئ أن تكون الإمامة فيها للمرأة، وبالتالي فلا تجزئكن صلاة الجمعة في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(11/6827)
اختلاف الروايات عن مالك حول القبض
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للإمام مالك هل كان يقوم بالقبض والتشريع أثناء الصلاة أم لا، وهل يجب اتباع إمامنا مالك في ما كان يقوم به، مع العلم بأن مذهبنا مالكي؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالروايات مختلفة عن مالك رحمه الله تعالى حول القبض، فروى ابن القاسم كراهته، وروى عنه أشهب جوازه من غير كراهة، بل قد روى عنه استحبابه، وهو الذي ذكره الإمام مالك في الموطأ، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2591، 20525، 27904.
ومن له القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها فعليه اتباع الدليل ولا يتقيد بمذهب معين، ومن عجز عن ذلك جاز له تقليد شخص معين من العلماء أو مذهب بعينه، لكن هل يلزمه أن يلتزم مذهباً معيناً أم لا؟ سبق أن بينا حكم هذه المسألة في فتاوى سابقة، وللتفصيل في هذا الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32653، 54510، 37186.
ولم نفهم مراد السائل بقوله التشريع أثناء الصلاة ولو بينه لنا لأجبناه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(11/6828)
مذاهب الفقهاء في موضع اليدين حال القيام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في العادة في تونس نصلي ولا نضع الأيدي على الصدر وأنا أضع يدي على الصدر والدي يأمرني أن لا أضع يدي على الصدر فماذا أفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع اليد اليمنى على اليسرى وعلى الصدر أي أسفله سنة من سنن الصلاة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مذهب الشافعية، ومذهب الحنفية والحنابلة أنه يضعهما تحت سرته، والمعتمد من مذهب المالكية إرسالهما وعدم القبض وذلك رواية عن مالك. والرواية الثانية عنه الضم ـ أي قبضهما ـ وتوضعان تحت الصدر وفوق السرة. وإرسال اليدين ليس محرما بل هو المطلوب عند المالكية على المشهور كما ذكرنا، ولو كان والدك يتضايق من الضم فطاعته مقدمة على فعل هذه السنة.
وننصحك بالتلطف معه في بيان الراجح من أقوال أهل العلم، وتذكره بالأحاديث الواردة في ذلك، ومنها حديث وائل بن حجر عند النسائي بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان قائما في الصلاة قبض يمينه على شماله. وفي رواية له أيضا ولأبي داود بإسناد صحيح عن وائل أنه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما كبر للإحرام وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد. وروى ابن خزيمة في صحيحه عن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. وروي عن طاووس مرسلا قال: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشدهما على صدره وهو في الصلاة. ذكره ابن عبد البر في التمهيد. يمكن أن تذكر لوالدك أن القبض ـ وضع اليد اليمنى على اليسرى ـ مروي عن مالك، وقد صحح تلك كثير من علماء المالكية. انظر الفتوى رقم: 2591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(11/6829)
حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على ردودكم ونصائحكم ووفقكم الله
أنا في التاسعة عشر من عمري تربيت أفضل تربية من أهلي والحمد لله، لكن هناك شيء لا يعجبني في أهلي وبالذات أبي وأمي وبعض أقاربي، فنحن ننتمي إلى مذهب بعيد عن المذاهب الأربعة المعروفة، مذهب فيه بعض الخرافات والأباطيل والحمد لله الذي هداني بالابتعاد عنه
في هذا المذهب لا يرفع المصلي يده \\\" أي وضع اليد اليمنى على اليسرى \\\" في الصلاة
وقد تأكدت من وجوب ذلك، لكن المشكلة عندما أصلي في المسجد فإن أبي إذا رآني قد وضعت يدي بهذا الشكل فإنه يغضب علي ويؤنبني، أحاول تفاديه بعض الأحيان والمشكلة الأكبر في المنزل عندما يقوم أحد من أهلي والذين اقتنعوا بوجوب ذلك برفع يدهم إلى صدورهم فإن أبي يغضب ويهددهم بالضرب بالخيزران!!
أريد أن تفتوني أولا بوجوب وضع اليدين على الصدر وهل أكون آثما إن أنزلتها حتى لا أغضب أبي؟
وكيف السبيل لإقناع أبي فأنا لا أريد أن تضيع مني حسنات صلاته بسبب تعلقه بأفكار غريبة، فلا مجال للمناقشة معه في مثل هذه الأمور حتى من إمام المسجد نفسه!
فأبي يقول أن كفار قريش كانوا يحضنون أصنامهم بطريقة تشبه طريقة وضعنا لأيدينا في الصلاة
ولم يقتنع بكلامي عندما أكدت له روايات الصحابة رضوان الله عليهم عن طريقة صلاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ناقشته مرة واحدة، ولا أستطيع فعلها مرة أخرى فلا أعلم ما العواقب
أرجوا أن تفيدوني جزاكم الله خيرا ووفقكم الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على الابتعاد عن المذهب الذي وصفته بكونه مشتملا على الخرافات والأباطيل وتمسكك بطريق الحق، نسأل الله لك التوفيق والثبات.
ثم نقول: إنه من الواجب عليك الإحسان إلى أبيك وبره وصحبته بالمعروف كما أمر الله تعالى في قوله في شأن الوالدين: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله. وهذا لفظ البخاري.
أما عن حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى في حال القيام للصلاة فإنه ليس بواجب، بل هو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تركها فصلاته صحيحة، وإن كان قد ترك الأفضل والأكمل.
وعليه، فلا حرج عليك في ترك هذه السنة وصلاتك صحيحة.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 4749، 13208، 2591.
وعليك نصح أبيك وغيره من أفراد الأسرة وغيرهم ممن هو مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة بالحكمة، لعل الله أن ينفع بنصحك فيكون ذلك في ميزان حسناتك. فقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(11/6830)
نسبة القول لعمر بأن الإسبال من المجوسية لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إسبال اليدين في الصلاة، وهل صحيح أن الامام مالك رضي الله عنه كان يرى أن الإسبال في الصلاة أفضل من وضع اليدين على الصدر؟ وما صحة قول البعض بأن الإسبال من المجوسية وأن عمر رضي الله عنه هو الذي أحدثها في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الإمام مالك فيما يتعلق بإرسال اليدين في الصلاة قد سبق تفصيله في الأجوبة ذوات الأرقام التالية: 2591، 4749، 55837، وكون الإرسال المذكور من المجوسية لم نقف عليه في كلام أهل العلم، ومن المعروف عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حرصه على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن ليفعل إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن الأحاديث الصحيحة قد تضافرت على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى حال قيامه في الصلاة. قال الترمذي رحمه الله: والعمل على هذا أي الضم عند أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وراجع الاجوبة التالية أرقامها: 20525، 33857، 37056، وعليه، فما نسب لعمر رضي الله عنه إفك مبين، وبهتان عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/6831)
قدر طول السترة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان شخص يصلي في المسجد وأراد شخص آخر المرور من أمامه. فهل يجوز وضع حقيبة صغيرة أمامه؟ وخاصة ما يعرف بحقيبة اليد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حدد العلماء قدر السترة بذراع أو قريب منه. قال ابن قدامة في المغني: وقدر السترة في طولها ذراع أو نحوه. قال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن آخرة الرحل كم مقدارها؟ قال: ذراع، كذلك قال عطاء ذراع، وبهذا قال الثوري وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد أنها قدر عظم الذراع، وهذا قول مالك والشافعي. والظاهر أن هذا على سبيل التقريب لا التحديد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدرها بآخرة الرحل، وآخرة الرحل تختلف في الطول والقصر، فتارة تكون ذراعا، وتارة تكون أقل منه، فما قارب الذراع أجزأ الاستتار به. والله أعلم. فأما قدرها في الغلظ والدقة فلا حد له نعلمه، فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة، وغليظة كالحائط، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالعنزة. انتهى.
وعليه، فإذا كان طول الحقيبة المذكورة ذراعا أو قريبا منه فالاستتار بها كاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/6832)
حالة نظر المصلي في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الركوع لا أدري هل أصوب بصري إلى موضع السجود أم لا.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمصلي أن يرمي ببصره قبالة وجهه حسب سمته بالطبع وموقعه من الصلاة، فإذا كان في الركوع فإن موقع بصره ما يقابل وجهه دون أن يرفع رأسه أويصوبه.. وهكذا في السجود والقيام، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم. وذهب بعض أهل العلم إلى أن نظر المصلي يكون إلى موضع سجوده دائما ... وهذا كله على جهة الاستحاب ما دام المصلي متوجها إلى القبلة، والمنهي عنه هو الالتفات والنظر إلى السماء وتغميض العينين..
ولمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 20001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(11/6833)
من أدلة إرسال اليدين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الاحاديث الدالة على الضم وهل هناك أحاديث تدل على الإسبال في الصلاة ولو ضعيفة أو بدون سند رجاء ذكرالأحاديث كاملة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 4749 خلاف العلماء في موضع وضع اليدين في الصلاة، وذكرنا أن المعتمد في مذهب المالكية إرسال اليدين واستدلوا على ذلك بما ذكره ابن القاسم في المدونة عن مالك وهو قوله: لا أعرف ذلك في الفريضة، وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه، ونقل ابن القيم استدلال بعضهم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التكفير، وهو وضع اليد على الصدر، ولا يصح الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/6834)
ما يجب على من مر من أمام المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبنا مرة إلى العمرة وفي مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة عندما كنا نمر كان هناك رجل يصلي خارج المسجد فلم نستطع ألا أن نمر أمامه هل يجوز هذا التصرف وإذا كان لا يجوز هل علينا كفارة؟ علما بأنه حدث هذا أكثر من مرة معنا؟
أرجو أن تفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المرور أمام المصلي المذكور من مسافة قريبة منه في عرف الناس عادة، فهذا فعل محرم، ولكن لا تترتب عليه كفارة، بل عليك الإكثار من التوبة والاستغفار وعدم العودة إلى مثل هذا الأمر.
أما إذا كان المرور من مسافة لا تعتبر قريبة في العرف عند أهل البلد، فلا شيء عليك إن شاء الله تعالى، وكون المسافة التي تترك للمصلي يرجع في قدرها للعرف هو القول الراجح، وراجعي فيها الفتوى رقم: 10700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/6835)
المستثنون من إثم المرور بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يكون الشخص في مسجد الرسول بالمدينة هل يجوز له أن يمر أمام المصلين لأن بعض الأشخاص يصلون خارج المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في أن المرور وراء السترة لا يضر، وأن المرور بين المصلي وسترته منهي عنه، فيأثم المار بين يديه، لقوله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه. قال أبو النصر راوي الحديث: لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراً أو سنة. متفق عليه.
وما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان.
هذا، وقد استثني من الإثم المرور بين يدي المصلي للطائف، أو لسد فرجة في صف، أو لغسل رعاف، أو ما شاكل ذلك. ولا يستثنى المسجد النبوي من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(11/6836)
قدر طول سترة المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو مقدار ارتفاع السترة بالسم عن الأرض]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق وأن بينا حكم السترة في الفتوى رقم: 10700 وذكرنا أنها لا تشترط لها مواصفات معينة في الفتوى رقم: 28857.
وأما حد ارتفاعها فقد حدد العلماء ذلك بنحو ذراع. قال ابن قدامة في المغني: وقدر السترة في طولها ذراع أو نحوه. قال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن آخرة الرحل كم مقدارها؟ قال: ذراع، كذا قال عطاء ذراع، وبهذا قال الثوري وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد أنها قدر عظم الذراع، وهذا قول مالك والشافعي. والظاهر أن هذا على سبيل التقريب لا التحديد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدرها بآخرة الرحل، وآخرة الرحل تختلف في الطول والقصر، فتارة تكون ذراعا، وتارة تكون أقل منه، فما قارب الذراع أجزأ الاستتار به. والله أعلم. فأما قدرها في الغلظ والدقة فلا حد له نعلمه، فإنه يجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة، وغليظة كالحائط، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالعنزة. انتهى. والعنزة عصا أقصر من الرمح لها سنان. من تحفة الأحوذي.
وبهذا يعلم أن تحديد ارتفاع السترة إما بالذراع أو أقل منه قليلا، والذراع شرعا 61،2 سم، وراجع الفتوى رقم: 26675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1425(11/6837)
تحقيق القول في وضع اليدين على الصدر في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو إيفاءنا بتخريج حديث وائل بن حجر الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وأبو داود الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره بالتحديد على صدره حيث تمسك به بعض المتشددين على إجبار المصلين على أن يضعوا أيديهم على الصدر وقال أحد طلاب العلم بأن الحديث المذكور ضعيف وإذا كان ذلك كذلك فلم التشدد، فنرجو تخريج هذا الحديث بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الأعظمي في تحقيقه لتعضده بطرق أخرى، وقد ذكر المباركفوري في شرح الترمذي أحاديث وضع اليدين على الصدر أو السرة وأطال في تخريجها والكلام عليها. وذكر في تخريج هذا الحديث أن ظاهر كلام ابن حجر في الفتح، يفيد أنه صحيح أو حسن لأن ابن حجر ذكر في مقدمة الفتح، أنه يذكر في شرح الحديث ما يتعلق به من الزيادات المروية في الكتب الأخرى بشرط كونها صحيحة أوحسنة، وقد ذكر ابن حجر هذا الحديث محتجا به ولم يضعفه واحتج له برواية البزار.
ثم قال المباركفوري: فالحاصل أن حديث وائل بن حجر صحيح قابل للاحتجاج والاستدلال به على وضع اليدين على الصدر، واحتج بما رواه الإمام أحمد في المسند عن هلب الطائي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته يضع هذه على صدره.
ووصف يحيى أحد الرواة اليمنى على اليسرى فوق المفصل، وقد حسَّن المباركفوري سند هذا الحديث، وذكر أن الاستدلال به على وضع اليدين على الصدر في الصلاة صحيح.
واحتج وله كذلك بما رواه أبو داود مرسلاً عن طاوس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة. وقد حسن سند هذا الحديث إلى طاوس، ثم ذكر احتجاج أبي حنيفة ومالك وأحمد بالمرسل، وذكر أن الشافعي يحتج به إذا عضد بمجيئه من طريق أخرى مسندة أو مرسلة، وذكر أنه عضد بحديث وائل وحديث هلب.
ويؤيد ما ذكره المباركفوري قول الشوكاني في نيل الأوطار أنه لا شيء في الباب أصح من حديث وائل، وقد صحح الألباني حديث طاوس في الإرواء وفي صحيح سنن أبي داود.
واعلم أن التشدد في إجبار المصلين عليه لا يليق لأن وضع اليدين على الصدر لا يعدو كونه مستحباً عند من قال به، وقد قال بعض أهل العلم بوضعهما على السرة، وقد ذكر ابن قدامة في المغني أن الأمر في ذلك واسع، وراجع الفتوى رقم: 36112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(11/6838)
من سنن الصلاة القولية والفعلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن ليبي وأعمل جاهدا على أن أخشى الله فى كل شىء وأحب أن أعمل أي سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم من منطلق حديث \"من سنة سنة حسنة ... \" فبالله عليكم اشرحوا لي السنة الأكثر استعمالا في الصلاة وخصوصا من مذهب الإمام مالك لكي لايحدث الاختلاف بيني وبين إخوانى فى ليبيا حيث إن المذهب المتبع في ليبيا هو مذهب الإمام مالك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيب السائل خيراً لحرصه على اتباع السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وأما عن سنن الصلاة، فإنها كثيرة ومنها القولية والفعلية.
فمن سنن الصلاة القولية:
1ـ دعاء الاستفتاح ـ وله صيغ كثيرة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها
" اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوبُ الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ". رواه البخاري ومسلم من حديث
أبي هريرة
2ـ أدعية الركوع ـ ومنها: " اللهم لك ركعتُ وبك آمنت، ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومُخّيِ وعَظمي وعصبي وما استقلت به قدمي ". وراه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم.
3ـ أدعية الرفع من الركوع ومنها قولك بعد ربنا ولك الحمد
" ملء السموات وملء والأرض وما بينهما وملء ماشئت من شيء بعدُ أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكُلّنَا لك عيد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجدُّ ". رواه مسلم.
4ـ أدعية السجود ومنها:
" اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذبك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". رواه أبو داود
وغيرها من السنن القولية.
وأما السنن الفعلية فهي كثيرة أيضاً منها:
1 ـ رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام وعند الرفع من الركوع لما روه مالك في الموطأ.
من حديث ابن عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك.
2ـ وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة ـ وقد بوب الإمام مالك في الموطأ باباً سماه " باب وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة".
وساق فيه حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: " كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ". وهذه السنن كلها ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم مع أن أهل المذهب المالكي يخالفون في بعضها.
ولمزيد من الفائدة حول أركان الصلاة وواجباتها وسننها انظر الفتوى رقم: 12455
ونحن ننصح السائل بالرجوع إلى كتاب: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، للعلامة المحدث محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى فإنه من أفضل ما أُلف في ذلك.
وقول السائل " لكي لا يحدث خلاف" هذا يُشكَرُ عليه لأن الخلاف شر كما قال ابن مسعود، وينبغي للمسلم أن يحرص على جمع الكلمة مع إخوانه المصلين، إلا أن هذا لا يعني أن نترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول الناس.
قال الشافعي رحمه الله: " أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد ". ا. هـ
نعم عليه أن يبين للناس أن هذا الأمر سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة والأسلوب المناسب.
وفي الأخير نلفت نظرك إلى أن قوله صلى الله عليه وسلم: " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ". رواه مسلم، المقصود من عمل سنة أو أتى بطريقة مرضية فاقتدى به غيره فله أجر هذه السنة وأجر من عمل بها، ونحن نرجو إن أحييت هذه السنن ونشرتها بين الناس أن يكتب الله لك أجر من عمل بها من المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1425(11/6839)
ما يفعله من نسي قراءة سورة بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[نسيت أن أقرأ سورة مع الفاتحة في صلاة الظهر فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 15056.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/6840)
من السنة البداءة بالأذكار عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
من مواطن الاستجابة للدعاء بعد الصلاة المتكوبة، وسؤالي هو: هل الدعاء مستجاب بعد أذكار ما بعد الصلاة أو قبلها بمعنى هل الأفضل بعد الصلاة المكتوبة أن أبدأ بالأذكار ومن ثم الدعاء أم العكس، مع العلم بأني أقرأ كافة الأذكار من أدعية وسور وأذكار بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن تبدأ بالأذكار المأثورة بعد الصلاة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يبدأ بها.
ففي صحيح مسلم وغيره عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام، قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار قال: تقول أستغفر الله، أستغفر الله.
وللتعرف على تفصيل الأذكار المأثورة بعد الصلاة ومشروعية الدعاء بعدها، راجع الفتوى رقم: 4817، والفتوى رقم: 11959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(11/6841)
الحكمة من وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يتم وضع اليدين على الصدر وقت الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع اليدين اليمنى على اليسرى في الصلاة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما روى مسلم في صحيحه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى وهو قائم يصلي.
والطريقة الصحيحة لوضع اليدين في الصلاة هي وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت الصدر وفوق السرة، ولمعرفة التفصيل في حكم هذه المسألة على المذاهب الأربعة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 36112، والفتوى رقم: 2591.
ويذكر العلماء أن الحكمة من ذلك المبالغة في الذل بين يدي الله عز وجل، وحفظ اليدين من العبث أثناء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/6842)
كيفية وضع اليدين في الصلاة حال القيام للرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الوضعية الصحيحة لليدين في الصلاة للمرأة والرجل وما الفرق على المذاهب الأربعة وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطريقة الصحيحة لوضع اليدين في الصلاة حال القيام هو وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت الصدر وفوق السرة، ولم يرد دليل على التفريق في هذا بين الرجل والمرأة، فالأصل تساويهما في الأحكام الشرعية ما لم يدل دليل على التخصيص، ولمعرفة التفصيل في حكم هذه المسألة عند المذاهب الأربعة يرجى الرجوع إلى الجوابين التاليين: 36112 / 2591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/6843)
هيئة وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أين أضع كلتا يدي في الجلسة بين السجدتين وكيف تكون هيئة وضع اليمنى على اليسرى فهل هناك هيئات مشروعة وما معنى الكف والساعد والرسغ والذراع والمرفق وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 8249 أن اليدين في الجلسة بين السجدتين توضعان على الفخذين قريباً من الركبتين بحيث تسامت رؤوسهما الركبة، ولا يضر في أصل السنة انعطاف رؤوس أصابعهما على ركبتيه، كما ذكر ذلك ابن حجر الهيتمي في المنهاج القويم.
وأما عن مكان وضع اليدين في القيام فانظر الفتوى رقم: 36112 وأما كيفية ذلك فيقول ابن حجر الهيتمي: في شرح المقدمة الحضرمية المسمى بالمنهاج القويم: وقبض بكف يده اليمنى وأصابعها كوع يده اليسرى وهو العظم الذي يلي إبهام اليد، وأول الساعد وبعض الرسغ وهو المفصل بين اليد والساعد. وحكمة ذلك أن يكونا فوق أشرف الأعضاء وهو القلب الذي هو محل النية والإخلاص والخشوع. ا. هـ
وفي كلام ابن حجر هذا بيان لكيفية القبض، وبيان لمعنى الكوع وأنه العظم الثالث الواصل بين الإبهام والرسغ، وفي كلامه أيضاً بيان لمعنى الرسغ.
وأما الذراع من الإنسان فهي من المرفق إلى أطراف الأصابع، وقال بعضهم: هي الساعد الجامع لعظمي الزند، والزند وصل طرف الذراع بالكف، وأما المرفق فمجتمع طرف الساعد والعضد أو هو آخر عظم الذراع المتصل بالعضد.
وأما الكف فهي اليد وهي من الرسغ إلى أطراف الأنامل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/6844)
تصافح شخصين أمام المصلي بمثابة المرور أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: في المسجد اثنان يتصافحان وبينهما ثالث قائم يصلي فتلتقي أيديهما في قبلته؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة الشخصين المذكورين أمام المصلي مع التقاء أيديهما في قبلته يعتبر بمثابة المرور أمامه ويأثمان بهذا الفعل، قال الشيخ الدسوقي في حاشيته: وكذا يأثم مناول آخر شيئاً بين يدي المصلي، وقوله أو يكلم آخر بأن يكلم من على أحد جانبي المصلى شخصاً بجانبه الآخر. انتهى.
وللوقوف على حكم المرور بين يدي المصلي، راجع الفتوى رقم: 22255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/6845)
ينبغي التكبير عند القيام لقضاء ما فاته مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يسلم الإمام ويقوم المسبوق لإتمام الركعة الثالثة هل يكبر أم تحسب تكبيرة القيام من السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك مع الإمام ركعتين من صلاة المغرب مثلا، وفاتته الركعة الأولى، وبعد سلام الإمام، قام لقضاء تلك الركعة، فينبغي التكبير عند القيام لقضائها لأنه كان بموضع يُشْرع فيه الجلوس، قال الشيخ الحطاب في "مواهب الجليل": قال في المدونة: ومن أدرك بعض صلاة الإمام فسلم الإمام، فإن كان في موضع جلوس له كمدرك ركعتين قام بتكبير. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/6846)
هل يقوم الخط أو السجادة مقام السترة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن الصلاة
1- متى يحتسب ثواب صلاة الجماعة؟ وهل لو دخلت المسجد ودخلت في الصلاة وفوجئت بأن الإمام في التشهد الأخير ثم وجدت جماعة أخرى سوف تبدأ
2- هل أقطع الصلاة وألتحق بها؟ أم أكمل الصلاة؟
3- وما حكم المرور أمام المصلي إذا كان يصلي على سجادة؟ وهل يختلف الحكم لو كان أثناء السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- فقد مضى بيان حكم ما يفعل الداخل للصلاة في المسجد جماعة وقد أدرك الإمام في التشهد الأخير، وذلك في الفتوى رقم: 1221.
2- فقد مضى بيان حكم قطع المسبوق صلاته للحوق بجماعة قائمة تصلي، وذلك في الفتوى رقم: 521.
3- فقد مضى بيان حكم السترة وتحديدها، وما يقطع الصلاة، وما لا يقطعه، وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 10700، 27581، 25509.
علما بأن بعض العلماء قد ذهب إلى اعتبار الخط بدلا من السترة عند عدم وجودها، وهو الذي نرجحه. قال ابن قدامة في "المغني": فإن لم يجد سترة خط خطا، وصلى إليه، وقام ذلك مقام السترة، نص عليه أحمد، وبه قال سعيد بن جبير والأوزاعي، وأنكر مالك الخط، وكذلك الليث بن سعد وأبو حنيفة، وقال الشافعي بالخط بالعراق، وقال بمصر لا يخط المصلي خطا، إلا أن يكون فيه سنة تتبع. اهـ.
والذي نراه هنا: أن آخر السجادة التي يصلي عليها المصلي، يقوم مقام الخط عند عدم السترة أو العجز عنه، لأنه في معناه، وفي معنى العصا إذا ألقيت بين يدي المصلي عند العجز عن نصبها، قال ابن قدامة: وإن كان معه عصا فلم يمكنه نصبها، فقال الأثرم: قلت لأحمد: الرجل يكون معه عصا، لم يقدر على غرزها، فألقاها بين يديه، أيلقيها طولا أم عرضا؟ قال: لا، بل عرضا، وكذلك قال سعيد بن جبير والأوزاعي، وكرهه النخعي، ولنا أن هذا في معنى الخط، فيقوم مقامه، وقد ثبت استحباب الخط بالحديث الذي رويناه. اهـ.
والحديث الذي استدل به الحنابلة ضعفه البعض، وصححه البعض الآخر، وعلق الإمام الشافعي العمل بالخط على ورود السنة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/6847)
الدعاء في الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء أثناء الركوع والسجود بـ اللهم أرحم والديّ كما ربياني ... وطلب الرزق والاستغفار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة للدعاء في الركوع فالمطلوب فيه من الدعاء ما يدل على تعظيم الله تعالى وتنزيهه امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم، والأدعية المأثورة في الركوع مذكورة في الفتوى رقم: 6434.
أما السجود فالمطلوب الإكثار فيه من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء.
ومن هديه صلى الله عليه وسلم كونه يحب الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، ففي سنن أبي داود وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك.
فعلى المسلم أن يبتهل إلى الله في الدنيا، ويسأله ما أهمه من أمور آخرته ودنياه حتى ولو كان حقيراً، ففي سنن الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع.
وحاصل الأمر أن الركوع ينبغي أن يكون الدعاء فيه مقتصراً على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به فيه، أما السجود فالمطلوب فيه الإكثار من الدعاء، ولو كان مشتملاً على طلب الرحمة للأبوين أو طلب المغفرة أو الرزق، أو غير ذلك مما يباح في الدعاء، وراجع الفتوى رقم: 20519، والفتوى رقم: 29968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/6848)
حكم تغطية الرأس في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم غطاء الرأس للإمام، وهل تغطية الرأس سنة واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تغطية الرأس في الصلاة مستحبة لمن كانت عادته التجمل بها وكمال الهيئة والزينة، ويتأكد ذلك في حق الإمام، قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] .
ومن لم تكن من كمال زينته أو عادته فلا تطلب منه، وما ورد عن ابن عمر مرفوعاً: صلاة بعمامة تعدل سبعين صلاة بلا عمامة.، أو ما ورد عن أنس: بعشرة آلاف حسنة.
فقد نقل صاحب كشف الخفاء عن الحافظ ابن حجر أنه موضوع لا أصل له، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
5362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(11/6849)
الأدلة على وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو تزويدي بجميع الأحاديث النبوية التي تحث على الكبت في الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود من السؤال هو السؤال عن حكم القبض، فالسنة هي وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة، لما رواه البخاري عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون-أي يأمرهم رسول الله- أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
وروى النسائي وحسن إسناده ابن حجر في الفتح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يدي اليسرى على يدي اليمنى فنزعها ووضع اليمنى على اليسرى.
وروى مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم "وضع يده اليمنى على اليسرى" أي في الصلاة، وفي ما ذكرنا كفاية لبيان السنة.
والاستقصاء في ذلك يخرج الفتوى عن وضعها إلى البحث، وليس ذلك من عملنا في قسم الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(11/6850)
السنة وضع اليدين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع اليد تحت السرة في الصلاة حرام أم لا، مع ذكر أدلة من السنة، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فوضع اليد تحت السرة في الصلاة ورد في حديث ضعيف رواه أبو داود وأحمد وغيرهما، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: إن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة. وبهذا الحديث أخذ أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه، ومذهب الشافعي ومن وافقه هو وضعهما فوق السرة وتحت الصدر. والثابت هو وضعهما على الصدر ودليله حديث وائل بن حجر رضي الله عنه. قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه. أما حديث عليٍّ رضي الله عنه المتقدم فهو ضعيف باتفاق أئمة الجرح والتعديل، كما ذكر النووي في شرح صحيح مسلم، وفي "المجموع شرح المهذب". فيتحصل من هذا أن السنة وضع اليدين على الصدر وليس تحت السرة. وأما وضعهما تحت السرة فلا يقال إنه محرم؛ لأن كلا الأمرين مروي، وأخذ به جماعة من أهل العلم، ولم يرد نهي عن ذلك، والأمر فيه واسع، كما قال ابن قدامة في المغني. وغاية ما في وضع اليدين ومكان وضعهما حال الصلاة الاستحباب، ولا إثم على من تركه. قال النووي في المجموع: فرع: في مذاهبهم في محل وضع اليدين: قد ذكرنا أن مذهبنا أن المستحب جعلهما تحت صدره فوق سرته، وبهذا قال سعيد بن جبير وداود. وقال أبو حنيفة والثوري وإسحاق: يجعلهما تحت السرة. وبه قال أبو إسحاق المروزي - من أصحابنا - كما سبق. وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة، والنخعي وأبي مجلز، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه روايتان: أحدهما تحت السرة، والثانية فوقها، وعن أحمد ثلاث روايات: هاتان، والثالثة يتخير بينهما ولا تفضيل. وقال ابن المنذر في غير الإشراف - أظنه في الأوسط -: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، وهو مخير بينهما. اهـ والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/6851)
حكم المسبوق بعد سلام الإمام من حيث السترة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تنتهي سترة المسبوقين بعد سلام الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا انصرف من الصلاة كان المسبوق في الصلاة في حكم المنفرد، من حيث السترة في الصلاة. قال مالك في المدونة: إذا كان الرجل خلف الإمام، وقد فاته شيء من صلاته، فسلَّم الإمام، وسارية عن يمينه أو عن يساره فلا بأس أن يتأخر إلى السارية عن يمينه أو عن يساره، إذا كان ذلك قريبًا يستتر بها. قال: وكذلك إذا كانت أمامه فيتقدم إليها ما لم يكن ذلك بعيدًا. قال: وكذلك إذا كان ذلك وراءه، فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلاً. قال: وإن كانت السارية بعيدة منه فليصل مكانه، وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(11/6852)
حكمة تحريك السبابة في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العلة في تحريك أصبع السبابة في التشهد؟ وكيف تكون الطريقة الصحيحة لها؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق الكلام عن كيفية الإشارة بالسبابة مع ذكر الراجح في الفتوى رقم: 30797 والفتوى رقم: 30337.
وأما حكمة التحريك فقيل:
1- إنها مقمعة للشيطان. روى ذلك مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم البيهقي بسند لا يصح. قال البيهقي: تفرد به محمد بن عمر الواقدي وليس بالقوي. وروي ذلك من قول مجاهد أخرج الأثر ابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه.
2- وقيل: علامة التوحيد. أخرج ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن سيرين وعن إبراهيم. ولا يبعد أن تكون للعلتين معًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(11/6853)
الجهر والإسرار.. حكمهما ومواضعهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجهر في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجهر بالقراءة في الصلاة يُسنُّ للإمام في مواضع الجهر كصلاة الصبح والجمعة والعيدين، والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، والتراويح والوتر في رمضان. ويُسرُّ في مواضع الإسرار: كصلاة الظهر والعصر. قال ابن قدامة في المغني: والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن جهر في موضع الإسرار أو أسرَّ في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته.
أما المأموم فلا يشرع له الجهر بلا خلافٍ؛ وذلك لأنه مأمور بالإنصات للإمام، والاستماع له، ولئلا يشوش على الإمام.
أما صلاة المنفرد، فالجمهور على أنه يُسنُّ له الجهر في صلاة الصبح، والأوليين من المغرب والعشاء. قال النووي في المجموع: المنفرد كالإمام في الحاجة إلى الجهر للتدبر، فسنَّ له الجهر كالإمام وأولى؛ لأنه أكثر تدبرًا لقراءته لعدم ارتباط غيره، وقدرته على إطاقة القراءة.
وهو مخير في صلاة الليل بين الجهر والإسرار، لحديث عائشة رضي الله عنها، أنها سُئِلتْ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع صوته من الليل إذا قرأ؟ قالت: نعم، ربما رفع، وربما خفض. رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.
لذا قال ابن القيم في زاد المعاد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بالقراءة في صلاة الليل تارة، ويجهر بها تارة.
لكن لا يشرع له الجهر إذا كان فيه أذىً لغيره من مصلٍّ أو قارئٍ؛ لما رواه مالك في الموطأ وغيره عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.
وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ألا إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذينَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة - أو قال - في الصلاة. قال ابن عبد البر في التمهيد: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان.
أما صلاة الظهر والعصر، وصلاة الضحى، والسنن الرواتب، وباقي نوافل النهار، فإن السنة فيها الإسرار.
قال الحسن البصري: صلاة النهار عجماء لا يرفع بها الصوت، إلا الجمعة والصبح، وما يرفع.
وقال النووي في المجموع: وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسرّ بها كلها باتفاق أصحابنا، ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح، وعن الجمهور الإسرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(11/6854)
التارك للالتفات في السلام تارك للسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على نبيه المصطفى ... وبعد: ودون إطالة
أقرب مسجد من بيتنا لا يسلم إمامه في آخر الصلاة عن يمينه وعن شماله ويقول إن السلام تلفظ فقط، وأخاف أن لا تقبل صلاتي، فما مشروعية هذا؟ وجزاكم الله ألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتفات المصلي إذا سلم عن يمينه في الأولى وعن يساره في الثانية من سنن الصلاة، لحديث عامر بن سعد عن أبيه قال: كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده. رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: وأما السنن (سنن الصلاة) فمنها هذه الخمس والثلاثون التي ذكرها، وبقي منها سنن لم يذكرها المصنف.، وذكر منها الالتفات من التسليمتين يميناً وشمالاً.
فبهذا يعلم السائل أن التارك للالتفات عند السلام تارك للسنة مع صحة صلاته، مع أن ترك سنن الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه بلا عذر لا ينبغي، فقد قال صلى الله عليه وسلم من رغب عن سنتي فليس مني رواه أحمد وكفى بهذا زاجرا عن التهاون بالسنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/6855)
وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة هو الثابت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
لدي سؤال يتعلق بمسألة فقهية خلافية، حيث أن من العلماء الأفاضل من يقول بالقبض في الصلاة، وهناك منهم من يقول بالسدل. فما دليل كل واحد منهم؟
ولماذا يقول الإمام مالك رحمه الله بالسدل وهو من أهل مدينة رسول الله، وهم الذين أخذوا صلاتهم عنه صلى الله عليه وسلم؟ مع العلم كذلك أن حديث القبض مذكور في موطأ الإمام مالك إلا أنه لم يأخذ به؟
فأنا لا أود من خلال معرفة الإجابة إثارة الجدال والخلاف حول مسائل فقهية أعتبرها أنا شخصيا ثانوية، خاصة وأننا في هذه الحقبة الزمنية ما أحوجنا إلى توحيد كلمتنا وصفوفنا لمواجهة تربصات الأعداء وإعادة مجد أمتنا الضائع.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي عليه جمهور أهل العلم القول بوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة، فقد ثبتت الأدلة القاطعة على ذلك من السنة، فقد جاء في صحيحي البخاري ومسلم وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان وسنن أبي داود والنسائي والترمذي والدارقطني ومسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك ورواه أشهب عن مالك.
وكذلك هو مذهب الإمام أحمد والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم من أهل العلم.
أما السدل فقد رواه ابن القاسم عن مالك، وقد نسب إلى ابن الزبير والحسن البصري والنخعي والليث بن سعد.
وبهذا تعلم أن الذي ينبغي أن يؤخذ به هو ما ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشروعية وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
وللتعرف على الأدلة مفصلة يرجع إلى الفتوى رقم:
2591
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(11/6856)
حكم الجهر في موضع الإسرار والعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الجهر بالقراءة أثناء الصلاة سواء للرجل أو المرأة في الصلاة عندما يصلي المرء بمفرده، في كل من الصلوات الخمس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المواضع التي يطالب المصلي بالجهر بالقراءة فيها هي الركعتان الأوليان من المغرب والعشاء وفي الصبح كلها، ويطلب السر في سوى ذلك من الصلاة المفروضة، والجهر في محله والسر في محله كل منهما سنة من سنن الصلاة.
فالشخص الذي يصلي منفرداً إذا جهر بالقراءة في موضع يطلب فيه السر يكون قد ترك السنة ويلزمه سجود البعدي عند المالكية، لكنه إذا ترك السجود صحت صلاته، وعند الحنابلة تكون صلاته صحيحة ولا شيء عليه، قال ابن قدامة في المغني: ويسر بالقراءة في الظهر والعصر، ويجهر بها في الأولين من المغرب والعشاء وفي الصبح كلها، والجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار لا خلاف في استحبابه، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف.
فإن جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته، إلا أنه إن نسي فجهر في موضع الإسرار ثم ذكر أثناء القراءة بنى على قراءته، وإن أسر في موضع الجهر ففيه روايتان:
أحداهما: يمضي في قراءته.
والثانية: يعود في قراءته على طريق الاختيار لا على طريق الوجوب. انتهى كلامه، ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم:
6520، والفتوى رقم: 16561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/6857)
يدعو المصلي في السجود بما شاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند الدعاء بأذكار الصباح أو المساء أقوم ببعض هذا الدعاء في السجود لأن العبد أقرب ما يكون لربه في السجود. فهل في ذلك شيء؟ وأيضا هل قراءة آية الكرسي وأواخر البقرة في السنة تجزئ عن قراءتها بعد المغرب أو الفجر؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج على المصلى في القراءة بما شاء بعد الفاتحة، والدعاء في السجود بما شاء، لما في الحديث: ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وفي لفظ آخر: ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وقال صلى الله عليه وسلم في الحض على الدعاء في السجود: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم.
ولكن الأولى بالمسلم أن لا يلتزم في الصلاة إلا بما ثبت في الهدي النبوي امتثالاً لحديث: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري.
وراجع الفتوى رقم: 5110، والفتوى رقم: 631.
في الالتزام بما لم يثبت في الهدي النبوي الالتزام به، ثم إنه ينبغي أن يعلم أن آية الكرسي مطلوبة بعد الصلاة كما في الحديث: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت. رواه النسائي في السنن الكبرى والطبراني بأسانيد صحح المنذري بعضها.
وعليه فالأولى قراءتها مع التسبيحات بعد الصلاة، وأما الآيتان من آخر البقرة فلم نجد في ما صح مطلوبيتهما بعد المغرب والفجر، وإنما ثبت الترغيب في قراءتهما ليلاً من غير تحديد وقت معين، كما في حديث الصحيحين: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.، وعلى هذا بوب المنذري فقال: الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء وذكر الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/6858)
هل يسدل يديه بعد تكبيرة الإحرام ثم يضعهما على صدره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إسدال اليدين بعد تكبيرة الإحرام ثم رفعها ووضعها على الصدر ثم قراءة الفاتحة وهل يخالف هذا الفعل قول الصحابي "كنا نأمر بوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة" كما ورد في الموطأ، هل يعني الوضع على الصدر بعد تكبيرة الاحرام مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإسدال اليدين بعد تكبيرة الإحرام ثم وضعهما بعد ذلك على الصدر لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد عنه ما في صحيح مسلم وغيره من حديث وائل بن حجر " أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى " والحديث الذي أشرت إليه هو في الموطأ وصحيح البخاري والمسند عن سهل بن سعد ولفظه " كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليدى اليمنى على ذرعاه اليسرى في الصلاة…" وليس في هذا الحديث ما يتعارض مع هذا الفعل الذي ذكرته؛ لأن وضع اليد اليمنى على اليسرى حاصل، وإنما المانع من ذلك الفعل عدم وروده كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/6859)
من سمع أثناء الصلاة اسم النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء باسم فرد معين أثناء الصلاة؟ كذلك لو سمعت أثناء الصلاة اسم النبي صلى الله عليه وسلم فهل أصلي عليه أم ماذا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الدعاء لشخص باسمه أو الدعاء عليه، كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال: "سمع الله لمن حمده في الركعة الأخيرة من صلاة العشاء قنت: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" رواه البخاري.
وفي صحيح البخاري أيضاً عن أنس بن مالك قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان".
ومن سمع أثناء الصلاة اسم النبي صلى الله عليه وسلم أو قرأ آية فيها اسمه صلى الله عليه وسلم ندب له الصلاة عليه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي". رواه أحمد والترمذي.
وإلى هذا ذهب الشافعية، ففي تحفة المحتاج نقلاً عن صاحب العباب: (لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم ندب له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير، كصلى الله عليه وسلم، لا اللهم صل على محمد للاختلاف في إبطال الصلاة بركن قولي، والظاهر أنه لا فرق بين أن يقرأ أو يسمع) . ا. هـ من تحفة المحتاج.
وتؤيد الندب عدة آثار عن السلف، ففي مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن قال: (إذا قال الرجل في الصلاة: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، فليصل عليه) .
وعن المغيرة قال: قلت لإبراهيم: أسمع الرجل وأنا أصلي يقول: إن الله وملائكته يصلون على النبي أأصل عليه؟ قال: نعم إن شئت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6860)
رفع السبابة في جميع التشهد هو الظاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز أود الاستفسار عن رفع السبابة (الأصبع الثانية من اليسار) عند التشهد والصلاة الإبراهيمية أهو من البداية إلى النهاية أم عند قول لا إله إلا الله محمد عبده ورسوله فقط أم عند قول لا إله إلا الله محمد عبده ورسوله إلى النهاية ساعدني أخي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في ابتداء رفع السبابة وانتهائه في التشهد.. فذهب بعض الحنفية إلى أنه يرفعها عند "لا إله إلا الله " قالوا: ليكون الرفع للنفي والوضع للإثبات، قال صاحب تبيين الحقائق: (وقال في الفتاوى: لا إشارة في الصلاة إلا عند الشهادة في التشهد، وهو حسن. انتهى.
وذهب المالكية إلى أنه يرفعها مع تحريكها من ابتداء التشهد إلى آخره، قال في حاشية الدسوقي: قوله: في جميع التشهد، أي من أوله وهو: التحيات لله، لآخره وهو: عبده ورسوله، وظاهر أنه لا يحركها بعد التشهد في حال الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الموافق لما ذكروه في علة تحريكها وهو أن يذكره أحوال الصلاة فلا يوقعه في سهو، أنه يحركها دائماً للسلام. انتهى.
وذهب الشافعية إلى أنه يرفعها عند قوله: "إلا الله" إلى القيام من التشهد الأول أو السلام بعد التشهد الثاني. كما ذكره صاحب كتاب نهاية المحتاج.
وذهب الحنابلة إلى أنه يرفعها عند ذكر الله تعالى، قال ابن مفلح في الفروع: ويشير بالسبابة في تشهده مراراً لتكرار التوحيد عند ذكر الله. انتهى.
ولا نعلم دليلاً صريحاً في هذه المسألة.. والظاهر رفعها في جميع التشهد كما يظهر من الأحاديث التي وردت في ذلك والتي قد سبق ذكرها بالفتوى رقم:
4443، فنحيل السائل عليها لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/6861)
مجموع الكبيرات في الصلوات الخمس هو أربع وتسعون تكبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدد تكبيرات الصلاة وأيضا هل تجب الصلاة فى المسجد مع أنني أصليها فى مواعيدها فى المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكبر المصلي اثنتين وعشرين تكبيرة في الصلاة الرباعية وسبعة عشرة تكبيرة في المغرب وإحدى عشرة تكبيرة في الفجر فمجموع التكبيرات في الصلوات الخمس أربع وتسعون تكبيرة.
وأما حكم الصلاة في المنزل فانظر خاتمة الفتوى رقم:
22809، وخلاصة القول فيها أن الجمهور يقولون إن الجماعة سنة ينال الأجر فاعلها ولا يأثم تاركها في بعض الأحيان.
وقال الحنابلة بو جوب الجماعة وإثم تاركها ولكل قول من المذهبين أدلته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/6862)
التأمبن في الصلاة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يقول السنية (آمين في الصلاة) ؟ وهل هذا يقطع الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتأمين في الصلاة سنة، ولا يقطع الصلاة وقد سبق تفصيل الكلام عليه في الفتوى رقم:
12241 فراجعها لزاماً، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/6863)
الصلاة إلى النعال - رؤية شرعية.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع الأحذية أمام المصلين حتى لا يمر أي أحد أمامهم حلال أم حرام أفيدونا؟ أثابكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج أن يضع نعليه إن كانتا طاهرتين كسترة، حتى لا يمر الناس بين يديه، وقد ذهب الشافعية والحنابلة ورواية عند الحنفية إلى مشروعية أن يخط المصلي خطاً بين يديه مستدلين بما في مسند أحمد وصحيحي ابن حبان وابن خزيمة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد شيئاً فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ولا يضره ما مر بين يديه.
قال الحافظ في تلخيص الحبير: وصححه أحمد وابن المديني فيما نقله ابن عبد البر في الاستذكار وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينه والشافعي والبغوي وغيرهم. انتهى.
قال الإمام الشوكاني في النيل 3/4: الحديث أخرجه ابن حبان وصححه البيهقي وصححه وحسنه الحافظ في البلوغ.
إذا ثبت هذا فوضع النعل الطاهرة وغيرها مما هو مرتفع عن سطح الأرض أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1423(11/6864)
أقوال أهل العلم في حكم السترة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام يصر على وضع سترة أمامه في الصلاة علما أنه هو يقف في المحراب ولا يوجد أدنى احتمال لمرور أحد بين يديه فأرجو توضيح حكم السترة وماهي المسافة التي ينبغي سترها أمام المصلي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن للمصلي إذا كان منفرداً أو إماماً أن يجعل أمامه سترة تمنع المرور بين يديه وتمكنه من الخشوع في أفعال الصلاة، وذلك لما رواه ابن ماجه عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، ولا يدع أحداً يمر بين يديه.
وهذا يشمل السفر والحضر، كما يشمل الفرض والنفل، قال العلماء: والحكمة في السترة كف البصر عما وراءها، ومنع من يجتاز بقربه.
والأمر في هذا الحديث للاستحباب، لا للوجوب، قال ابن عابدين: (صرح في المنية بكراهة تركها، وهي تنزيهية، والصارف للأمر عن حقيقته ما رواه أبو داود عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة) . ومثله ما ذكره البهوتي من الحنابلة قال: (وليس ذلك بواجب؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما) . فذكر الحديث السابق. ويستحب ذلك عند الحنفية والمالكية في المشهور، للإمام والمنفرد إذا ظن مروراً بين يديه، وإلا فلا تسن السترة لهما، قال في الهداية: (ولا بأس بترك السترة إن أمن المرور) .
وقال خليل المالكي في مختصره: إن خشيا مروراً -أي الإمام والمنفرد-.
قال الدسوقي: معلقا: (ولو بحيوان غير عاقل كهرة) انتهى. وأطلق الشافعية والحنابلة القول بسنية السترة ولو لم يخش ماراً.
قال النووي في المجموع: (السنة للمصلي أن يكون بين يديه سترة من جدار أو سارية أو غيرهما ويدنو منها) .
وقال ابن حجر الهيتمي: (وقد سئل عمن صلى على سطح ليس عليه حائط وبين السطح والجانب الذي إلى الشارع أقل من ثلاثة أذرع فهل يغني عن السترة؟:
الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة وكلام أصحابنا المتقدمين والمتأخرين أن ما ذكر لا يغني عن السترة ... وقربه من السطح المذكور لا يغني عن السترة وإن امتنع بسببه المرور بين يديه عادة، لبقاء مرور الشيطان بين يديه لأن ذلك لا يمنع منه) انتهى.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: (ويستحب إلى سترة ولو لم يخش ماراً) .
فهذا حاصل أقوال أهل العلم في حكم السترة، وبهذا تبين أن حرص الإمام على اتخاذ سترة في الصلاة ولو لم يوجد أدنى احتمال لمرور أحد بين يديه سائغ عند جماعة من أهل العلم؛ بل هو الراجح لما أشار إليه ابن حجر الهيتمي رحمه الله.
ولكن إذا كان وقوفه قريباً من جدار المحراب فهذا يغني عن نصب شيء آخر بين يديه، فقد نص أهل العلم على أن السنة للمصلي أن يكون بين يديه سترة من جدار أو سارية أو نحوه ... وأما المسافة التي تكون بين المصلي وسترته فقد اختلف العلماء في تحديدها على أقوال، فقيل: ثلاثة أذرع، وقيل: ستة أذرع، قال ابن قدامة في المغني (قال مهنا: سألت أبا عبد الله عن الرجل يصلي كم ينبغي أن يكون بينه وبين القبلة؟ قال: يدنو من القبلة ما استطاع، ثم قال بعد: إن ابن عمر قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة فكان بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع ... قال عطاء أقل ما يكفيك ثلاثة أذرع، وبه قال الشافعي) انتهى.
علماً بأنه ينبغي للإمام أن يتأخر قليلاً عن المحراب ليراه المصلون ولا سيما إذا كان في المسجد متسع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/6865)
السترة.. وتقدم المسبوق بعد انتهاء الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام المسجد يصر على وضع سترة أمامه وهو داخل المحراب ولا يوجد أدنى احتمال بمرور شخص أمامه فما حكم السترة في الصلاة وهل لها مواصفات معينة؟
ورأيت بعض المصلين عندما يكونون مسبوقين ويقفون في صف واحد بنهاية صلاة الإمام بعضهم يخرج للإمام والبعض للخلف ثم يكملون صلاتهم، فهل هنالك ما يدعو إلى ذلك ولماذا لم يتموا صلاتهم على هيئتهم الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي إذا كان يخشى المرور وترك السترة فإنه يأثم بذلك، ويأثم من يمر أمامه، وإذا كان لا يخشى المرور فلا حرج في ترك السترة، ولو وضعها لكان ذلك أحسن، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا.. فحكم السترة الوجوب على من خشي المرور، والاستحباب لمن لم يخش المرور. وقد تقدم ذلك في الفتوى رقم: 1998.
وليس للسترة مواصفات لازمة فتصح بأي شيء، فإذا وضع مثل مُؤْخرة الرحل حصل السنة، أو صلى إلى شخص أو جدار أمامه فكل ذلك تحصل به السنة.
أما تقدم المسبوق أو تأخره فإنه لا ينبغي لغير حاجة، فإذا كان لحاجة كأن يتقدم قليلاً مقدار الصف والصفين لسترةٍ خوفَ المرور فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 10780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/6866)
لا يقطع الصلاة شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بخصوص سترة المصلي هل هي واجبة أو من سنن الصلاة وهل تتأثر صلاة المصلي إذا مرَّ من أمامه شخص آخر وهل هناك اختلاف في الحكم بين الرجل والمرأة في ذلك؟ ولكم جزيل الشكر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن سترة المصلي سنة وليست واجبة، وذهب بعضهم إلى وجوبها.
ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم: 1998، ويستوي في هذا الحكم الرجل والمرأة.
وبخصوص تأثر الصلاة أو بطلانها بالمرور أمام المصلي فقد ذهب الجمهور إلى أن الصلاة لا يبطلها المرور أمام المصلي، سواء كان المار رجلاً أو امرأة أو حيواناً.
وذلك لأدلة منها: ما رواه أبو داود: لا يقطع الصلاة شيء، وادرأوا ما استطعتم.
وهذا مع اتفاقهم على أن من تعمد المرور أمام المصلي آثم، وكذلك المصلي إذا خشي المرور أمامه ولم يتخذ سترة فإنه آثم أيضاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه. رواه البخاري ومسلم.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة تبطل بمرور المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود أمام المصلي إذا لم تكن له سترة أو كانت له سترة فمرت بينها وبينه، وذلك لما رواه أحمد والنسائي وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم قائماً يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإن لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود ...
وتأول ذلك الجمهور بأنه نقص للأجر لشغل القلب بهذه الأشياء عن الصلاة، وليس المراد بطلانها بالكلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/6867)
رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يسن رفع اليدين للتكبير بعد القيام من كل تشهد الأوسط مثلا تعدد التشهد الأوسط (3 مرات) إذا لحقنا بصلاة المغرب جماعة أثناء التشهد الأوسط للجماعة؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رفع اليدين عند القيام من التشهد الأوسط سنة صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري وأبو داود عن نافع: أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه وإذا ركع رفع يديه وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر. رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح.
وقال صاحب عون المعبود: (والمراد بالسجدتين الركعتان بلا شك) . انتهى
وقال البخاري في جزء رفع اليدين: (ما زاده ابن عمر وعلي وأبو حميد في عشرة من الصحابة من الرفع عند القيام من الركعتين صحيح) . نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
ومما سبق يعلم أن من دخل مع الإمام في التشهد الأوسط من صلاة المغرب شرع له رفع اليدين عند القيام منه متابعة لإمامه، وكذلك إذا أتى بالتشهد الأوسط فيما يتمه لنفسه، وأما القيام بعد سلام الإمام فلا يشرع فيه رفع اليدين لأنه قيام بعد ركعة واحدة.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/6868)
حول القبض والسدل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
1-لماذا اختلف المسلمون في القبض والسدل؟
2-هل المدة التي قبض فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أطول؟ أم المدة التي سدل فيها أطول؟
وأيهما أسبق القبض أم السدل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاختلاف الواقع بين الفقهاء في المسائل الفرعية له أسباب كثيرة يصعب حصرها في فتوى لمستفت أو جواب لسائل، والاختلاف الحاصل بين العلماء في سدل اليدين أو قبضهما في الصلاة من جنس الاختلاف الجائز، وقد مضى بيان هذا الحكم مستوفى في الفتوى رقم: 2591 والفتوى رقم: 4749
والظاهر من سنة النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على القبض، ولم يرد عنه في السدل شيء يعتمد عليه، قال ابن عبد البر في التمهيد: لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافاً؛ إلا شيئاً روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه، وذلك قوله: وضع اليمين على الشمال من السنة. وعلى هذا جمهور التابعين، وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(11/6869)
سترة المصلي بين السنية والوجوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أضطر أن أصلي في مسجد الجامعة ولكن كل طالبة تصلي صلاتها وحدها المشكلة أنني عندما أصلي في أول صف وأريد الخروج لا أستطيع لأنني لا أستطيع المرورأمام المصليات ولا يوجد سترة وبالعكس عندما أصلي في آخر صف المصليات الأخريات يمررن من أمامي علما أنه لا يوجد سترة في المسجد أضعها أمامي ولا أستطيع أن أطلب من الفتيات أن لا يمرون من أمامي فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة اتخاذ السترة للإمام والمنفرد، وتجب إذا خشي المرور على الراجح من أقوال أهل العلم.
ولا يجوز المرور بين يدي المصلي.
ولو لم يجد مندوحة على الراجح من أقوال أهل العلم، إلا إذا كان ذلك في المسجد الحرام، أو المضطر.
وعلى هذا؛ فلا ينبغي لك المرور أمام المصليات ولا يجوز لهن المرور أمامك، إلا في حالة الاضطرار، أو كان المرور من بعيد بحيث تكون المسافة بينك وبين المصلي قدر الصف أو الصفين.
فإذا كان الأمر كذلك فلا حرج إن شاء الله تعالى.
ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم 10700
ولا وجه للتعلل بعدم وجود سترة في المسجد، فإنه يكفي في السترة أن تضعي حقيبة يدك ونحوها على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1423(11/6870)
المشروع في تكبيرات الانتقال أن تكون مقارنة له
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت عن بعض المشايخ أنهم قالوا تكبيرة الانتقال لا بد وأن يتم قولها قبل الانتقال نفسه في الصلاة أي أن المرء لا بد أن يتم من قول الله أكبر قبل أن يرتفع من سجوده مثلا؟ علما بأن ذلك يحدث خلافا كبيرا في صلاة الجماعة حيث يؤدي إلى انتقال بعض المصلين قبل انتقال الإمام نفسه وفي ذلك مخالفة كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشروع في تكبيرات الانتقال أن تكون مقارنة له فلا يبدأ بالتكبير قبل الانتقال ولا يتمه بعده لأن محله بين الركنين؛ لكن إن بدأ المصلي بالتكبير قبل الانتقال أو أكمله بعده فصلاته صحيحة ويجب على المأمومين متابعة الإمام، أما الإمام فلا يقال له لا تكبر حتى تصل إلى الركوع أو إلى السجود خشية مسابقة المأمومين لك، فإن هذا على خلاف السنة.
قال ابن قدامة في المغني: ويكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفعه، وانتهاؤه مع انتهائه. انتهى.
ويقول أيضاً: يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه من السجود، وانتهاؤه عند اعتداله قائماً ليكون مستوعباً بالتكبير جميع الركن المشروع فيه. وعلى هذا بقية التكبيرات إلا من جلس للاستراحة فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه ثم ينهض للقيام بغير تكبير. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(11/6871)
رفع اليدين عقب القيام من التشهد الأول.
[السُّؤَالُ]
ـ[من السنة رفع اليدين عند القيام للركعة الثالثة في الصلاة بعد التشهد الأوسط والسؤال هو: إذا لحقت بالصلاة جماعة كصلاة المغرب وكان المصلون في التشهد الأوسط وجلست معهم هل بعد القيام من هذا التشهد أرفع اليدين؟ أو بمعنى آخر هل بعد القيام من كل تشهد أوسط يتم رفع اليدين؟ أم أنني أرفع اليدين فقط بعد القيام من الركعة الثانية لي (وليست للإمام) سواء كان بها تشهد أوسط أم لا كأن لحقت بالجماعة مثلا في صلاة الظهر في الركعة الثانية وهي تعتبر الأولى لي ثم جلسوا للتشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأظهر أن المصلي إذا قام من التشهد الأوسط يرفع يديه، سواء كان قائماً إلى ثالثة أو لا.
قال المرداوي في الإنصاف نقلاً عن ابن رجب:
فأما رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول إذا قلنا باستحبابه فيحتمل أن يرفع إذا قام إلى الركعة المحكوم بأنها ثالثة، سواء قام عن تشهد أو غيره، ويحتمل أن يرفع إذا قام من تشهده الأول المعتد به، سواء كان عقيب الثانية أو لم يكن قال -أي ابن رجب- وهو أظهر. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/6872)
يشرع لمن صلى جالسا قبض يديه أثناء القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صلاة ركعتين بعد الوتر ذكرهما ابن القيم الجوزية وذكرهما كذلك الألباني في كتاب صفة صلاة النبي
في هذه الصلاة هل يكون القبض أثناء الجلسة الأولى للصلاة أم يكون القبض بعد الوقوف لإتمام القراءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن صلى قاعداً، فإنه يشرع له القبض (وضع اليمين على اليسرى) أثناء القراءة.
قال في نهاية المحتاج: (ويسن جعل يديه تحت صدره وفوق سرته في قيامه، أو بدله) . انتهى
والشاهد منه قوله: أو بدله، أي بدل القيام الذي هو الجلوس والخلاف في الموضع الذي توضع عليه اليدان مشهور.
واستحب بعض الفقهاء للمصلي جالساً أن يجلس متربعاً حال القراءة، وأن يفترش حال السجود، وعلل ابن قدامة ذلك بقوله: (ولنا أن القيام يخالف القعود، فينبغي أن تخالف هيئته في بدله هيئة غيره، كمخالفة القيام غيره، وهو مع هذا أبعد من السهو والاشتباه) . انتهى.
وما ذكره من التعليل يؤيد القول الذي اعتمدناه هنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1423(11/6873)
الثابت في الشرع هو الجهر بالقراءة في الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت في أحد المهرجانات وطرح فيها السؤال التالي: في أي حال تصلى صلاة الجمعة سراً؟
فهل هذا صحيح ولماذا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لا نعلم حالة اختيارية تصلى فيها الجمعة سراً، وذلك لأن الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة بعده هو الجهر بالقراءة في الجمعة.
قال الإمام الشافعي: (وحكاية من حكى السورتين اللتين قرأ بهما النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة تدل على أنه جهر بالقراءة، وأنه صلى الجمعة ركعتين، وذلك ما لا اختلاف فيه علمته) . انتهى
ومع هذا، فجمهور الفقهاء على أن الجهر في محله سنة أو مستحب وليس بواجب.
قال الشافعي أيضا: (وإن خافت بالقراءة في الجمعة أو غيرها مما يجهر فيه بالقراءة أو جهر بالقراءة ... كرهت ذلك له، ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه.) وذهب المالكية إلى أن من أسر في محل جهر أو جهر في محل سر سهواً سجد للسهو وذهب الحنفية إلى أن الجهر واجب على الإمام فيما يجهر فيه، فإن أسر لزمه سجود السهو
هذا بالنسبة للقراءة أثناء الصلاة.
أما الجهر في الخطبتين فهو ركن من أركانهما، لأن المقصود منهما إرشاد الناس ووعظهم، وهذا لا يحصل بالسر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/6874)
تكبيرات الصلاة ... جهر أم إسرار..وأقوال العلماء في حد الجهر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أكبر في بداية الصلاة أحياناً أشعر أنني لم أكبر وأعيد التكبيرة مرات عديدة مع أني أنطقها بصوت عال وما هو الحد الشرعي لتعلية الصوت حيث أجد بعض الناس لا ينطقونها بصوت والبعض ينطقونها بصوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب الجهر بتكبيرة الإحرام للإمام فقط، وهذا مذهب جمهور أهل العلم.
وأما المأموم والمنفرد فلا يشرع في حقهما إلا عند المالكية، فقد قالوا يندب الجهر بتكبيرة الإحرام لكل مصل.
أما غيرها من التكبير فالأفضل فيه الإسرار في حق غير الإمام، وإذا لم يسمع المأمومون تكبير الإمام استحب لبعض المأمومين أن يرفع صوته ليسمعهم، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم قاعداً وهو مريض، وأبوبكر إلى جنبه يقتدي به، والناس يقتدون بأبي بكر.
واختلف العلماء في حد أدنى الجهر، فقالت الشافعية: هو أن يسمع من يليه. وقالت الحنفية: أدناه سماع غيره ممن ليس بقربه كأهل الصف الأول، وأعلاه لا حد له. وقالت المالكية: أقله أن يسمع نفسه، ومن يليه وأعلاه لا حد له. وقالت الحنابلة: أدناه أن يسمع نفسه، وأدنى الجهر للإمام إسماع غيره ولو واحداً ممن ورئه.
وننبه الأخ السائل إلى أن ما يفعله يعتبر استجابة لداعي الوسواس فليجتنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/6875)
استحباب السترة للإمام والمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يصلي بنا في المسجد بدون سترة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسترة مستحبة على مذهب الجماهير للإمام والمنفرد في المسجد وفي غيره، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 11056 16685 10700 1998 20713
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(11/6876)
مخالفة السنة لا تؤدي إلى الخشوع بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندما أصلي بصوت عال نوعاً ما أستطيع أن أخشع وعندما أصلي وأقرأ في داخلي لا أستطيع أن أخشع فهل يجوز أن أصلي بصوت مرتفع في كل ركعة وكل صلاة؟ وشكرا لكم إخواني....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سبق حكم الجهر والسر في الصلاة، وتحديد مواضعه في الفتوى رقم:
16561.
وإذا عرف المسلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو في غيرها فما عليه إلا اتباعها، ولا يسعه الخروج عنها تحت أي مسوغ، فكل من السر والجهر في مكانه الشرعي لا بد أنه لحكمة ما شرعه الله تعالى لأجلها، إضافة إلى أن كلاً منهما أيضاً في محله عبادة، والعبادة توقيفية يقتصر فيها على ما يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصح إحداثها، ولا التغيير فيها.
لذا فإنا نقول للسائل: اجهر في أماكن الجهر من الصلاة في وقته، ولا تجهر فيما عدا ذلك وخذ بأسباب الخشوع المذكورة في الفتوى رقم:
3087.
وستجد الخشوع إن شاء الله، وعلى كلٍ فمخالفة السنة ليست من أسباب الخشوع الشرعي بلا شك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(11/6877)
تفترق واجبات الصلاة عن سننها
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إن سجود السهو يجب في حال الإخلال في سنن الصلاة وليس في أركان الصلاة. فماهي الأركان وماهي السنن؟. وإذا كانت كيفية الصلاة كلها أخدت عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف نميز بين ماهو ركن وما هو سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
12455 ذكر أركان الصلاة وواجباتها وسننها بالتفصيل، فلترجع إليها أيها السائل الكريم.
ولا فرق بين الواجب والسنة من حيث أن كلا منهما مأمور به مأجور عليه، ولكن تفترق السنة عن الواجب في كون الطلب ليس على وجه الإلزام، ولذلك لا يأثم تاركها بخلاف الواجب فإن الطلب به على وجب الالزام، وتاركه مع القدرة عليه آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(11/6878)
المسافة بين القدمين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد شيء في هيئات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسافة بين القدمين أثناء القيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على حديث يحدد المسافة بين قدميه الشريفتين.
ولكن نص بعض أهل العلم على استحباب الاعتماد على القدمين والاعتدال في القيام إلا للمراوحة من طول القيام..... وكرهوا الاعتماد على رجل واحدة واقتران الرجلين.
قال ابن مايابي الشنقيطي في فتح المنعم شرح زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم قال: ويكره رفع الرجل أو وضعها على أخرى، وإقرانها حتى يكون كالمقيد لأن ذلك من العبث، وينافي هيئة الصلاة وما فيها من الشغل الشاغل الوارد في الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعاً: "إن في الصلاة شغلاً".
وروى النسائي: أن عبد الله بن مسعود رأى رجلاً يصلي قد صف بين قدميه، فقال: (أخطأ السنة) ، ولو راوح بينهما كان أحب إلي. .
وعليه فاقتران الرجلين وهو صفهما مخالف للسنة.
والحاصل: أن المسافة بين القدمين أثناء القيام في الصلاة لا حد لها وإنما يقف المصلي معتدلاً معتمداً على رجليه غير قارن بينهما..ولا بأس بالمراوحة بينهما عند الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(11/6879)
الدليل على حرمة المرور بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أريد حديثا عن أنه لا يجوز المرور من أمام المصلين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرور بين يدي المصلي لا يجوز، ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان".
وفي الصحيحين عن عبد الله بن الحارث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه (يعني من الإثم) لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه".
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة على الفتوى رقم: 10700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(11/6880)
الصلاة معرضة للنقص بالمرور بين يدي المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم صلاة الرجل بدون سترة في الحالتين:
- لا يعلم بوجوبها؟
- يعلم بوجوبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قد بينا في فتوى سابقة برقم: 1998 حكم اتخاذ السترة للمصلي، فلتراجع.
والصلاة صحيحة بدون سترة، سواء علم المصلي بالوجوب أو لم يعلم، مر بين يديه أحد أو لم يمر على الصحيح من أقوال العلماء، ولكن الصلاة معرضة للنقص بالمرور بين يدي المصلي.
كما أن ثواب المصلي ينقص بقدر ما يتهاون به من سنن الصلاة، وينبغي للمسلم أن يجتهد في أن يصلي صلاة كاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/6881)
ألأحاديث الدالة على القبض في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام.
أرجو منكم إرسال الأحاديث النبوية الصحيحة التي تخص القبض في الصلاة. ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القبض -وهو وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة عند القيام- قد وردت فيه أحاديث كثيرة منها:
أولاً: في صحيح مسلم عن وائل بن حجر رضي الله عنه، أنه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى.
ثانياً: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
ثالثاً: وفي سنن أبي داود عن زرعة بن عبد الرحمن قال: سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: صف القدمين، ووضع اليد على اليد من السنة.
رابعاً: حديث ابن مسعود رضي الله عنه: أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى. رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/6882)
متى يكون رفع اليدين بعد التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: بعد الانتهاء من قراءة التشهد في الركعة الثانية, هل يرفع يديه المصلي وهو جالس ومن ثم يقوم ويكبر؟ أم أنه يقوم أولا ثم يرفع يديه ويكبر؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت رفع اليدين عند القيام إلى الركعة الثالثة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فقد روى البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما: كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: متى يكون الرفع؟ الجواب: يكون الرفع إذا قام، لأنه لفظ الحديث: إذا قام من الركعتين رفع يديه، فلا يرفع وهو جالس ثم ينهض، ومعلوم أن كلمة إذا قام ليس معناها حين ينهض، إذ أن بينهما فرقاً. ذكره في الشرح الممتع على زاد المستقنع 3/296-297. وهذا مذهب الشافعية رحمهم الله
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/6883)
أقسام سنن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي السنن المؤكدة في كل صلاة والنوافل؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنوافل هي ما سوى الفرائض، وهي في الصلاة تشمل: السنن الراتبة وغير الراتبة، والمؤكدة وغير المؤكدة. ولمعرفة الفرق بين المؤكدة وبين غيرها من النوافل انظر الفتوى رقم: 10648.
وإن كنت تقصد -في سؤالك- السنن التي في صفة الصلاة، سواء كانت فرضاً أو نفلاً، فاعلم أنها كثيرة وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: سنن أقوال، وسنن أفعال، وسنن هيئات، مع اختلاف بين العلماء في كثير منها، وفيما يلزم من تركها في الصلاة سهوا، وفي أمور كثيرة جداً تتعلق بها، فراجع لذلك كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(11/6884)
السترة ... حكمها وهل تكفي سترة واحدة للفرادى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في جماعة من الناس الذين يصلون معاً بمكان واحد (ولا يصلون بالجماعة) والسترة أمام الصف الأول فقط، هل كل واحد يحتاج إلى اتخاذ السترة أم سترة واحدة تكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاتخاذ المصلي للسترة مندوب عند جمهور الفقهاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وتركه، كما في رواية أبي داود عن الفضل "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى في صحراء ليس بين يديه سترة". وروى أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فليستتر لصلاته ولو بسهم، وذهب بعض العلماء إلى القول بوجوبها إذا كان المصلي في مكان يخشى فيه مرور الناس بين يديه، وإلى القول بالندب إذا كان في الصحراء، عملاً بكل حديث في موضعه.
والراجح هو القول الأول، وذلك في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم فسترته سترة إمامه لورود الأدلة على ذلك، وإذا كان الجماعة المذكورون في السؤال يصلون فرادى فلا تكفيهم سترة واحدة، بل لابد لكل واحد منهم من سترة تخصه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/6885)
حكم الجهر والإسرار في القراءة للإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقف المصلي الذي نسي أن يقرأ بصوت عال في صلاة المغرب مثلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يسن للإمام الجهر في الصلاة الجهرية كالفجر والمغرب والعشاء، والإسرار في السرية كالظهر والعصر، وذهبت الحنفية إلى وجوب جهر الإمام في الصلاة الجهرية وإسراره في الصلاة السرية، ومن خالف ذلك لزمه سجود السهو، ووافقهم المالكية في إلزامه بسجود السهو ولم يوافقوهم على تسمية السر والجهر واجباً. ولا سجود عليه للسهو عند الشافعية والحنابلة.
وأما المنفرد، فيسن له الجهر في الصلاة الجهرية عند المالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد وذهبت الحنفية وهو المعتمد عند الحنابلة إلى أنه يخير بين الجهر والإسرار.
وأما المأموم، فيكره له الجهر عند من أجاز له القراءة خلف إمامه، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، ودليل الكراهة ما رواه مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه بـ: (سبح اسم ربك الأعلى) فلما انصرف - سلم - قال: "أيكم قرأ أو أيكم القارئ؟، فقال رجل: أنا. فقال: قد ظننت أن بعضكم خالجنيها".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(11/6886)
موضع اليدين أثناء القيام في الصلاة (الذكر والأنثى)
[السُّؤَالُ]
ـ[-أين تكون وضع أيدي الأنثى أثناء قيامها بالصلاة ووضع أيدي الرجل أثناء الصلاة وهل هناك أحاديث أو أدلة بذلك وهل التقيد بأوضاع الأيدي أثناء الصلاة فرض للطرفين وماالحكمة من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وضع اليدين على الصدر أثناء القيام في الصلاة هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فرق فيه بين المرأة والرجل فهو سنة للجميع، وراجع الجواب رقم:
4749 والجواب رقم: 1450 وهو من قبيل السنن وليس من قبيل الواجبات، فلو أن أحداً صلى مرسلاً يديه فصلاته صحيحة، ولكنه ترك الأفضل في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/6887)
معنى القبض وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز ترك السنة في حالات
- رفع اٌلإزار
- القبض
-ترك اللحى
وذلك لوجود خطر على من يفعل ذلك من الناحية الأمنية هل يوجد عذر.
نريد دليلا من الكتاب أو السنة والحديث نريد فتوى بشأن عدم الاقتداء بالسنة في هذه الحالات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القبض -وهو وضع اليمين على الشمال في الصلاة أثناء القيام- سنة مؤكدة، إذا تركها المسلم لا يأثم بذلك، ولولم يكن في حالة إكراه، لكن يفوته أجر الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إن تركها غير مكره.
وأما حلق اللحية وإسبال الإزار فيحرم على المسلم فعل كل منهما اختياراً، لكن إذا علم أنه إذا أطلق لحيته، وقصر إزاره، فإن ذلك يلحق به ضرراً مجحفاً محققاً كالقتل أو التشريد أو التعذيب أو الحبس فلا بأس بترك ذلك.
ويراجع الجواب رقم:
3198
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1422(11/6888)
وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
س1: ما حكم عدم وضع اليدين في أثناء الصلاة تحت السرة أو فوقها أو على الصدر حيث أن هناك بعض المسلمين يتركون أيديهم كما هي في أثناء الصلاة مع الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فوضع اليد اليمنى على اليسرى ووضعهما تحت الصدر وفوق السرة سنة من سنن الصلاة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مذهب الشافعية، ومذهب الحنفية والحنابلة أنه يضعهما تحت سرته، والمعتمد من مذهب المالكية إرسالهما وعدم القبض وذلك رواية عن مالك. والرواية الثانية عنه الضم - أي قبضهما- وتوضعان تحت الصدر وفوق السرة.
وإرسال اليدين لا يبطل الصلاة، بل هو المعتمد والمشهور من مذهب المالكية كما ذكرنا، وراجع الفتوى رقم:
2591
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1422(11/6889)
وضع اليدين في الصلاة عند المالكية.
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس ينسبون بسط اليد في الصلاة وعدم وضع اليد اليمنى على اليسرى للإمام مالك رحمه الله فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلفت الرواية عن مالك رحمه الله في وضع اليدين اليمنى على اليسرى في الصلاة وإرسالهما، فروى ابن القاسم كراهته، وروي عنه أشهب: لا بأس به. في النافلة والفريضة وكذا قال أصحاب مالك المدنيون، وروى مطرف وابن الماجشون أن مالكاً استحسنه.
وهذا هو الذي ذكره مالك رحمه الله في الموطأ:
فقد روى عن سهل بن سعد أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذارعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك. والحديث رواه البخاري وغيره.
وقد نقلت هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث، ومن ذلك ما رواه مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر_ وصف همام (أحد رواة الحديث) _ حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يديه اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه".
قال ابن عبد البر في التمهيد:
"لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافاً إلا شيئا روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه وذلك قوله: وضع اليمين على الشمال من السنة، وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر".
وقال الزرقاني:
"قال ابن عبد البر: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول جمهور الصحابة والتابعين، وهو الذي ذكره مالك في الموطأ، ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه، وروي أيضا عنه إباحته في النافلة لطول القيام وكرهه في الفريضة، ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث تمسك معتمداً لقصد الراحة".
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"ولا وجه لكراهية من كره ذلك لأن الأشياء أصلها الإباحة ولم ينه الله عن ذلك ولا رسوله فلا معنى لمن كرهه، هذا لو لم يرو إباحته عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف وقد ثبت عنه ما ذكرنا، وكذلك لا وجه لتفرقة من فرق بين النافلة والفريضة ولو قال قائل إن ذلك في الفريضة دون النافلة، لأن أكثر ما كان يتنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ليلاً، ولو فعل ذلك في بيته لنقل ذلك عنه أزواجه ولم يأت عنهن في ذلك شيء، ومعلوم أن الذين رووا عنه أنه كان يضع يمينه على يساره في صلاته لم يكونوا ممن يبيت عنده ولا يلج بيته، وإنما حكوا عنه ما رأوا منه في صلاتهم خلفه في الفرائض والله أعلم".
وقال الباجي في المنتقى:
" وأما موضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فقد أسند عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق صحاح: رواه وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر ثم التحف في ثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى. وقد اختلف الرواة عن مالك في وضع اليمنى على اليسرى، فروى أشهب عن مالك أنه قال: لا بأس بذلك في النافلة والفريضة، وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه استحسنه. وروى العراقيون من أصحابنا عن مالك في ذلك روايتين: إحداهما الاستحسان، والثانية المنع.
وروى ابن القاسم عن مالك: لا بأس بذلك في النافلة وكرهه في الفريضة. وقال القاضي أبو محمد: ليس هذا من باب وضع اليمنى على اليسرى وإنما هو من باب الاعتماد، والذي قاله هو الصواب، فإن وضع اليمنى على اليسرى إنما اختلف فيه هل هو من هيئة الصلاة أم لا وليس فيه اعتماد. فيفرق فيه بين النافلة والفريضة.
ووجه استحسان وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة الحديث المتقدم، ومن جهة المعنى أن فيه ضرباً من الخشوع وهو مشروع في الصلاة.
ووجه الرواية الثانية أن هذا الوضع لم يمنعه مالك وإنما منع الوضع على سبيل الاعتماد، ومن حمل منع مالك على هذا الوضع اعتل بذلك لئلا يلحقه أهل الجهل بأفعال الصلاة المعتبرة في صحتها.
(مسألة) وفي أي موضع توضع اليدان، قال ابن حبيب: ليس لذلك موضع معروف، وقال القاضي أبو محمد: المذهب وضعهما تحت الصدر وفوق السرة، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: السنة وضعهما تحت السرة.
والدليل على ما ذهب إليه مالك أن ما تحت السرة محكوم بأنه من العورة فلم يكن محلاً لوضع اليمنى على اليسرى كالعجز" انتهى كلام الباجي.
ومما يجدر التنبه له بعد كل هذا أن هذه المسألة لا ينبغي أن تكون سببا للخلاف بين الناس وإنكار بعضهم على بعض، فالقبض سنة ثابتة ولكنه - ولله الحمد- ليس بفرض بحيث يأثم تاركه، فالخطب في شأنه يسير أما التنافر والتدابر من غير سبب شرعي وجيه، فإنه يعتبر من الإثم المبين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1422(11/6890)
سترة المصلي مندوبة، وقد تكون واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم "السترة" التي يضعها بعض المصلين أمامهم عند أداء الصلاة?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر باتخاذ السترة أمام المصلي ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما جاء في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم فليستتر لصلاته ولو بسهم". ومن ذلك أيضاً ما في سنن ابن ماجه قال: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها ولا يدع أحداً يمر بين يديه". وقد حمل جمهور الفقهاء هذا الأمر على الندب لا على الوجوب لتركه صلى الله عليه وسلم السترة في بعض الأحيان كما في سنن أبي داود من حديث الفضل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى في صحراء ليس بين يديه سترة. ومن أهل العلم من قال: إذا كان المصلي في مكان يخشى أن يمر فيه أحد من أمامه فيجب عليه أن يستتر وإن كان في الصحراء فهو مخير وهذا قول مالك وآخرين وهو قول وجيه جامع بين كل ما ورد من الأدلة في ذلك ثم إن الأمر بالسترة يستثنى منه من يصلي عند الكعبة فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى هنالك والناس يمرون بين يديه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(11/6891)
القبض في الصلاة سنة والسدل لم يصح فيه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لماذا يسدل البعض في الصلاة ... وماهو الأصل الإسدال أم وضع اليدين على الصدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن القبض سنة، ودليلهم على ذلك أن مسلماً روى في صحيحه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى وهو قائم يصلي، أما السدل فلم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فقد قال به المالكية وهو المشهور من مذهبهم ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 2591
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1422(11/6892)
حديث اختصام الملإ الأعلى بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأذكار التى يجب أن يقولها المسلم بعد الصلاة: هي التسبيح 33 مرة، والحمد والتكبير وقول لا اله الا الله عند تمام المائة، وقول اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وآية الكرسي، واللهم أعني على ذكرك واللهم أنت السلام، كافية حتى ينال اختصام الملإ الأعلى؟ أم يوجد شىء آخر؟
نرجو ذكر ما لو كان هناك شىء آخر يجب قوله حتى ينال اختصام الملإ الأعلى؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما أذكار ما بعد الصلاة فليس في حديث اختصام الملإ الأعلى منها إلا دعاء واحد، وهو الثابت في قوله في الحديث: يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. رواه الترمذي وأحمد، وصححه الألباني.
وقد سبق إيراد الأذكارالتي تقال بعد الصلوات في الفتويين رقم: 4817، ورقم: 42164.
ولا نعلم حديثا آخر في معنى حديث الملإ الأعلى فيه أعمال أخرى غير الدرجات والكفارات المذكورة في هذا الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/6893)
حكم زيادة كلمة (وتعاليت) في الذكر المسنون بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أصحاب موقع إسلام ويب أرجو الرد علي عاجلاً أنا أرى بعض البدع والأخطاء في الصلوات مثل قول تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام تعاليت زيادة بدعة وبعضهم يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام وعليك السلام وأرى أناسا كثيرين يخطئون وأنا قررت أن أعمل لوحة أعلقها في المسجد، ولكن لا أدري ماذا أكتب فيها أريد منكم أن تضعوا بعض الأخطاء والبدع المنتشرة لكي أضعها ولكي تحارب البدع، وأسأل الله لكم الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من كون زيادة (وتعاليت) غير مسنونة في الذكر المذكور كلام صحيح، فإن لفظ الحديث الذي أخرجه مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله أستغفر الله.
فالأولى والأفضل بلا شك لزوم الألفاظ الواردة، وعدم الزيادة على المأثور، ولكن ليس مجرد ذكر هذه اللفظة (وتعاليت) مما يعد من البدع فإن هذه اللفظة قد وردت في أحاديث أخرى كدعاء القنوت وغيره، قال الشيخ عبد الله بن جبرين: بعد السلام يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، قبل أن ينصرف ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يزيد فيها بعض العامة: تباركت وتعاليت. ما وردت هذه الكلمة، ولو كانت واردة في دعاء القنوت (تباركت ربنا وتعاليت) لكن الاقتصار على ما ورد أولى. انتهى.
وما أنكرته من قول بعض المصلين وعليك السلام، فأنت مصيب فيه كذلك.. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن مثل هذا القول، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، فإن الله عز وجل هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله. رواه النسائي وصححه الألباني..
وكونك تريد عمل لوحة تبين فيها للناس بعض المخالفات والبدع أمر حسن مشروع، لما فيه من نشر العلم والدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأما بيان المخالفات التي يقع فيها العامة في الصلاة فأمر يطول جداً، ولا تتسع له هذه الفتوى المختصرة، وبخاصة ونحن لسنا على دراية بطبيعة المخالفات التي ترتكب في هذا المسجد، فإن ذلك يختلف من مكان لآخر، وقد ألفت في هذا الباب مؤلفات كثيرة، مختصرة ومطولة، ومن أجمعها فيما نرى كتاب القول المبين في أخطاء المصلين للشيخ مشهور بن حسن السلمان، فيمكنك إذا راجعت هذا الكتاب أو غيره من الكتب المؤلفة في هذا الموضوع أن تقف على بعض المخالفات التي ينبغي تنبيه الناس عليها، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(11/6894)
حكم تقديم صلاة السنة النافلة على أذكار الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بعد صلاة الظهر تقديم صلاة السنة النافلة قبل أذكار الصلاة بسبب الارتباط بعملي في الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن أذكار الصلاة تقال عقب الفريضة وقبل النافلة البعدية، وانظر الفتوى رقم: 19745.
وإن كان بعض الفقهاء قد احتمل أن يكون الإتيان بالأذكار بعد الراتبة البعدية واقعا في محله؛ كما قال بعض فقهاء الشافعية.
والذي نرى لك أنك إذا كنت تشغل عن الإتيان بجميع الأذكار قبل فعل السنة فينبغي لك أن تأتي ببعضها ولو باليسير منها، لاسيما إن كنت ستصلي النافلة في الموضع الذي صليت فيه الفريضة، لئلا تقع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نهى عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم أو يخرج. وهذا في صحيح مسلم. وانظر الفتوى رقم: 22946.
فإن أتيت ببعض الأذكار قبل فعل النافلة خرجت من هذا النهي.
وعلى كل فما عجزت عن الإتيان به لشغلك جاز لك قضاؤه بعد النافلة، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر حين شغل عنها بقسمة المال، وأمر صلى الله عليه وسلم من فات حزبه بالليل أن يقضيه بالنهار، قال النووي رحمه الله: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عقب صلاة أو حالة من الأحوال ففاتته أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها، فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها. انتهى.
لكن لا ينبغي أن تجعل هذا عادة لازمة لك بحيث لا تقول الأذكار إلا بعد السنة، فإن هذا خلاف الأصل، وإنما يكون هذا إذا شغلت عن فعلها بعارض ما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(11/6895)
مناقشة من زعم بأن قراءة آية الكرسي وعدمها دبر الصلاة لا أثر له في دخول الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت في الحديث أن من قرأ دبر كل صلاة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت. الذي فهمته من الحديث أن الحائل من دخول الجنة هو الحياة بمعنى إذا مت دخلت الجنة لكن سألت أحد طلاب الشريعة وقال لا بد أن يعذب الشخص في النار عن ذنوبه ثم يدخل الجنة، فاذا كان كذلك فسواء قرأت الآية أو لم تقرأها لا بد أن تعذب بالنار، فأرجو توضيح المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه النسائي وابن السني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، واختلف في ضعفه وحسنه، وبالغ ابن الجوزي فذكره في الموضوعات ولا يوافق على هذا، بل الحديث حسن إن شاء الله، وقد صححه ابن حبان والمنذري وابن عبد الهادي وابن كثير، وهو فضيلة عظيمة لهذا الذكر، وينبغي أن يعض عليه المسلم بالنواجذ ولا يفرط فيه بحال، وما ذكرته عمن نسبته إلى طلب العلم الشرعي غلط ظاهر وذلك من وجوه:
أولها: قطعه بأن كل أحد من المسلمين لا بد من أن يعذب بالنار فهذا خلاف معتقد أهل السنة، فإن من زادت حسناتهم على سيئاتهم فمآلهم إلى الجنة، ومن زادت سيئاتهم على حسناتهم إذا كانوا من أهل التوحيد فهم تحت مشيئة الرب عز وجل إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48} ، فمن أهل الكبائر والذنوب من يدخلون الجنة برحمة الله عز وجل دون أن يعذبوا بالنار، ومنهم من يقضي ما عليه في النار ثم مآله إلى الجنة.
ثانيها: تحجيره رحمة الله الواسعة، وزعمه أن من فعل الطاعة رجاء ثوابها ومن لم يفعلها يستويان مثلاً عند الله، وقد نفى الله التسوية بين أهل طاعته وأهل معصيته.. فقال تعالى: أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ {الجاثية:21} ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ثالثها: قد بين العلماء أن نفي الأسباب أن تكون أسباباً قد تكون قدحا في العقل، كما أن تعطيل الأسباب قدح في الشرع، والاعتماد عليها قدح في التوحيد، وقول هذا القائل إن قراءة آية الكرسي وعدمها دبر الصلاة لا أثر له، نفي لما جعله الله سبباً لنيل رحمته التي وسعت كل شيء، وإذا تفضل الله على عباده بجعل عمل ما سبباً لثواب ما فلا يجوز للعباد أن يجترأوا بتعطيل ما جعله سبباً، ولكن عليهم أن يجتهدوا في التسابق إلى الطاعات والحرص على الخيرات، والأخذ بالأسباب الموجبة لرضى رب الأرض والسموات ...
لكن يجب التنبه إلى أمر مهم وهو أن حصول هذه الفضائل العظيمة كالذي وعد عليه في هذا الحديث وغيره من نصوص المغفرة والثواب الجزيل على الأعمال موقوفة على وجود المقتضي وانتفاء المانع، فإذا صادف هذا العمل محله ومقتضيه ولم يمنعه مانع من التأثير أثَّر أثره وأثمر ثمرته بإذن الله، فلا يجوز للعبد التفريط في الطاعات والاجتراء على السيئات بزعم أنه قرأ آية الكرسي دبر الصلاة مثلاً فلو مات دخل الجنة، فذلك يقال له: إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ {الأعراف:56} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(11/6896)
هل يشرع قراءة الفاتحة وآيتيتن من آل عمران دبر الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد فعلا حديث صحيح في فضل قراءة سورة الفاتحة وآيتين من آل عمران: قل اللهم مالك الملك, شهد الله أنه لا إله إلا هو وآية الكرسي دبر كل صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة فمشروعة لما رواه النسائي وغيره من حديثِ أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، لم يكن بينه وبين دخول الجنة إلا أن يموت.
وأما قراءة الفاتحة وآية: قل اللهم مالك الملك. وآية: شهد الله. دُبر الصلاة فلم نطلع على ما يدل على مشروعيته ذلك، لا في حديثٍ صحيح ولا حسن ولا ضعيف، فهذا في ظننا مما لا أصل له، والنووي على استيعابه وتقصيه لم يذكر في كتابه الأذكار شيئاً من ذلك.
فعليكَ أخي بالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا طرفاً صالحاً منه في الفتوى رقم: 42164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/6897)
حكم جهر الإمام والمأمومين بالأذكار بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عينت إماما في مسجد جديد في حينا (في حمص-سوريا) وكما هو معلوم لديكم في بلاد الشام بشكل عام هناك زيادات في العبادة لا يطمئن لها القلب منها زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان - ...
بالنسبة لي: الأذكار بعد الصلاة ينبغي علي كما في باقي المساجد أن أذكر الأذكار بصوت عال والتسبيحات أقول سبحان الله فيذكر المأموم سبحان الله 33 مرة وهكذا ... راجعت المسألة وجدت قول الشافعي رحمه الله: وأختار أن يذكر الإمام والمأموم بعد الانصراف من الصلاة ويسران إلا أن يكون إماما يجب أن يتعلم منه. والحقيقة أن الناس محتاجون لتعلم الأذكار المشروعة بعد الصلاة والتي أذكرها وأذكر بعدها بعضا من أذكار الصباح، أما بعد صلاة العصر فبعد الاستغفار....وأنتهي من لا إله إلا الله.....اللهم لا مانع لما أعطيت ... وأكمل سبحان الله والحمد لله والله اكبر بصوت منخفض ... وعندما تركت رفع الصوت بالذكر بعد الفجر لامني والدي وأخبرني بان الناس لا يذكرون ويقومون عندما ذكرت وحدك، وأخبرني شخص آخر بان الشيخ فلان عندنا الشيخ إسماعيل المجذوب جزاه الله خيرا لا نزكي على الله أحدا ولكن نحسبه من أقرب المشايخ إلى السنة وهو يذكر الأذكار بحيث يقرأ الناس بعده يقول سبحان الله فيذكرون سبحان الله العدد المسنون 33.... وكذلك قل هو الله أحد فيقرأ المأمون الإخلاص..وهكذا..
والمسألة الثانية: تركت دعاء القنوت مرة، فظنوني نسيت وسجد بعض المأمومين مع أني لم أسجد للسهو، وعدت أقنت باستمرار بعد الفجر، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من فعله فهو سنة ومن تركه فهو سنة
أرجو إفادتي من عندكم وتوجيه النصائح لي وجزاكم الله خيرا، ونتمنى لإخواننا المسلمين الخير في كل مكان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يشرع للإمام والمأمومين قراءة الأذكار المأثورة بعد فريضة الصلاة جهرا بصفة جماعية إلا في حالة ما إذا احتاج المأمومون لتعلم تلك الأذكار بناء على ما اختاره الإمام الشافعي كما تقدم في الفتوى رقم: 7444.
وبناء على ذلك؛ فإذا لاحظت أن المصلين معك يحتاجون كلهم أو بعضهم لتعلم تلك الأذكار فلك الجهر بها حتى تعلم أنهم قد تعلموها ثم تقتصر على الإسرار بها مع التلطف بجماعة المسجد ببيان حكم المسألة لهم حتى يقتنعوا بذلك، ولا يشعرون بالحرج والضيق من عدم الجهر المعتاد عندهم.
والقنوت في الصبح مشروع عند كثير من أهل العلم، وبالتالي فلا حرج عليك في المواظبة عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 64087.
وسجود بعض المأمومين ظنا منهم نسيانك للقنوت لا يبطل صلاتهم، ولعلهم مقلدون لمذهب الشافعية الذين يستحبون سجود السهو لترك القنوت، ويستحبونه للمأموم إذا تركه الإمام.
وصيغة الأذان توقيفية لا تشرع الزيادة عليها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا بغيرها. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 109572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(11/6898)
بيان الذكر المشروع بعد السلام من جميع الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد سلامه من كل صلاة يقبل بوجهه على المصلين مباشرة أم بعد الاستغفار, متى كان يفعل ذلك وهل كان يقرأ آية الكرسي والمعوذات الثلاث قبل سبحان الله 33 مرة.... أم كان يقول سبحان الله 33 مرة ... قبل آية الكرسي والمعوذات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أن استغفاره صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يتوجه إلى المصلين لأنه كان بعد السلام مباشرة، أما قراءة آية الكرسي والمعوذات والتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين فقد صح عنه أنه رغب في ذلك ولم يثبت أنه كان يواظب عليه، ولم نجد دليلاً على استحباب تقديم قراءة آية الكرسي والمعوذات على التسبيح وما بعده ولا عكس ذلك، وللمسلم أن يبدأ بأي ذلك أراد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستغفر ثلاثاً عندما يسلم من الصلاة، كما صح عنه أنه كان يقبل على الناس بوجهه عندما ينتهي من الصلاة أيضاً، والذي يظهر أنه كان يستغفر بعد السلام مباشرة أي قبل أن يقبل على المأمومين بوجهه، لكن لا مانع من تأخير الاستغفار إلى ما بعد الإقبال على الناس لأن ذلك كله مستحب.
ففي صحيح مسلم عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله أستغفر الله.
ورواه الترمذي بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر الله ثلاث مرات ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
قال في تحفة الأحوذي: قال النووي: المراد بالانصراف السلام. انتهى.
وفي صحيح البخاري: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه.
قال ابن حجر: فالمعنى إذا صلى صلاة ففرغ منها أقبل علينا لضرورة أنه لا يتحول عن القبلة قبل فراغ الصلاة. انتهى.
أما قراءة آية الكرسي والتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين فقد صح عنه أنه رغب في ذلك، لكن لم نطلع على ما يدل على تقديم التسبيح وما بعده على قراءة آية الكرسي والمعوذات ولا عكس ذلك، والظاهر أن الأمر في ذلك واسع.
وقد جاء في فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله في صدد بيان الذكر المشروع بعد السلام من جميع الصلوات الخمس: أن يقول بعد السلام: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وإن إكان إماما شرع له الانصراف إلى الناس ويعطيهم وجهه بعد قوله أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وللإمام عند الانصراف أن ينصرف عن يمينه أو عن شماله لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، ويستحب للمصلي أيضاً بعد كل صلاة من الصلوات الخمس بعد الذكر المذكور أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة. فتلك تسع وتسعون، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في ذلك وبيان أنه من أسباب المغفرة، ويشرع للمصلي أيضاً بعد كل صلاة من الصلوات الخمس أن يقرأ آية الكرسي بعد هذه الأذكار، وأن يقرأ قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس. ويشرع أن يكرر هذه السور الثلاث بعد المغرب وبعد الفجر وعند النوم ثلاث مرات، لورود الأحاديث الصحيحة في ذلك.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 42164، والفتوى رقم: 4817.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(11/6899)
حكم قول الأذكار بعد الصلاة دفعة واحدة وتكرارها 33 مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[التسبيح بعد الصلاة المشكلة أنني تعودت أن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر دفعة واحدة وأكررها 33 مرة، فهل يجوز ذلك أم أنه ضروري أن أقول سبحان الله 33 مرة ثم الحمد لله33 مرة وهكذا فأرجوا الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من الأذكار المأثورة بعد فريضة الصلاة التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد مثل ذلك، والتكبير مثل ذلك أيضاً، ويجوز جمع الكلمات الثلاث ثم تكرارها ثلاثاً وثلاثين، كما يجوز إفراد التحميد ثلاثاً وثلاثين، والتسبيح كذلك، والتكبير كذلك، وتمام المائة يكون بالتهليل على كلا الحالين، ولا تشرع المواظبة على زيادة لا إله إلا الله مع التحميد والتسبيح والتكبير بعد فريضة الصلاة لعدم ثبوت ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الذكر المأثور بعد فريضة الصلاة التسبيح ثلاثاً وثلاثين والحمد لله كذلك والتكبير مثل ذلك وتمام المائة يكون بالتهليل، ففي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد لله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. انتهى.
ويجوز جمع هذه ثم تكرارها ثلاثاً وثلاثين مرة، ويجوز إفراد التسبيح ثلاثاً وثلاثين وكذلك التحميد والتكبير، وأما تكرير لا إله إلا الله مع هذه الكلمات ثلاثاً وثلاثين بعد الفريضة فلم يثبت كونه من الأذكار المأثور بعد الصلاة، وبالتالي فينبغي ترك المواظبة عليه في هذا الوقت بخصوصه لعدم ما يدل على ذلك، والأذكار المأثورة بعد الصلاة سبق بيانها في الفتوى رقم: 42164، وراجعي في ذلك للفائدة الفتوى رقم: 66871، والفتوى رقم: 631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(11/6900)
الدعاء دبر الصلوات المكتوبات
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أرجو إفادتي هل الدعاء المستجاب دبر الصلوات المكتوبات المقصود به بعد الفراغ من الصلاة أم بعد التشهد وقبل السلام، وأرجو من فضيلتكم الدعاء لي فإني في كرب عظيم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المقصود بالدعاء دبر الصلوات المكتوبات هو الدعاء بعد السلام منها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالدعاء دبر الصلوات المكتوبات هو الدعاء بعدها، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: فإن قيل المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد قلنا قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة والمراد بعد السلام إجماعاً فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه، وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة قيل يا رسول الله: أي الدعاء أسمع، قال: جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات، وقال حسن وأخرج الطبري من رواية جعفر بن محمد الصادق قال: الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة كفضل المكتوبة على النافلة. انتهى.
ونسأل الله تعالى أن يزيل همك، ويفرج كربك، ويرزقك التوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(11/6901)
استحباب الأذكار بعد الصلوات في حالة الجمع أو غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجوز لنا في المسجد بعد جمع المغرب والعشاء، وهل نخرج مباشرة بعد سلام الإمام بدون الذكر عقب الصلاة وبعض الناس ينكرون على من يفعل ذلك. وأرجو جوابا. حياكم الله وجزاكم وأن يجعله في ميزان حسناتكم وأن يغفر الله لنا ولكم. وإن كان في خطابي هذا خطأ فاعفوا عني وبالله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإتيان بالأذكار بعد الصلاة مستحب، ولم نجد من فرق بين حالة الجمع وغيرها. وعلى هذا فلا ينبغي الإنكار على من أتى بها هنا، ولا على من لم يأت بها أيضا؛ لأنها غير واجبة. وقد كره فقهاء المذهب المالكي التنفل في المسجد بعد جمع المغرب والعشاء؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 95484.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(11/6902)
لا دعاء له أفضلية خاصة صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل دعاء بعد صلاة الصبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على أفضل دعاء يقال بعد صلاة الصبح خاصة، وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 2061، 94564، 11882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(11/6903)
حكم الإتيان بالأذكار بعد الصلاة في الطريق
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي مع الجماعة والحمد لله بعد الصلاة مباشرة أصلي النوافل وعند الخروج أسبح وأنا في الطريق إلى البيت، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأفضل في حقك بعد السلام الإتيان بالأذكار المأثورة مباشرة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 47896.
ثم بعد ذلك تصلي ما شئت من نوافل، لكن إن أخرت تلك وقمت بها أثناء مشيك فلك ثوابها إن شاء الله تعالى، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 96553، وتراجع فيه الفتوى رقم: 62393، والفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(11/6904)
الفصل اليسير بين الذكر بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أثناء ختام الصلاة (التسبيح والتحميد والتكبير 33 مرة) أن يقطعه الإنسان من أجل أن يتحدث مع شخص آخر فى أمر ما ثم يعاود من حيث توقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل اليسير بين الذكر بعد الصلاة لا يضر، كما لا يضر تأخيره القليل عن كونه بعد الصلاة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 49831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(11/6905)
حكم قيام المصلي من موضع صلاته بعد سلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المشايخ العلماء، يوجد هناك تصرف غريب من بعض المصلين بالمسجد وهو أنه ما يكاد أن يسلم الإمام من الصلاة المكتوبة يتحولون إلى أماكن بالخلف ومن ثم يجلسون يكملون أذكارا أدبار الصلاة المكتوبة الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل في ذلك مخالفة للحصول على الأجر الوارد بالحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث أو يقم اللهم اغفر له اللهم ارحمه. (صحيح) وأخرجه البخاري ومسلم صحيح أبو داود للألباني، وحجتهم أن المقصود البقاء بالمسجد وليس نفس المكان الذي صليت فيه هو مفهوم الحديث لديهم، فأفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام المصلي من مكان صلاته بعد سلامه مباشرة لأجل أن يأتي بالأذكار في مكان آخر من المسجد غير مطلوب، لكنه جائز. والظاهر أن الحديث المذكور لا يتناول هذه المسألة لأن العلماء أوردوه في باب انتظار الصلاة، وبينوا أن المراد بمصلاه الذي صلى فيه هو عموم المسجد لا المكان الخاص الذي أدى فيه الصلاة، بل إن في بعض روايات الحديث ما دام في المسجد؛ كما في رواية الترمذي وغيره، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم: والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه أو يحدث فيه. وفي رواية البخاري: ما دام في مصلاه، قال الحافظ: أي في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد، وكأنه خرج مخرج الغالب وإلا فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمراً على نية انتظار الصلاة كان كذلك. انتهى.
وقال في طرح النثريب: {الثالثة} ما المراد بمصلاه؟ هل المراد البقعة التي صلى فيها من المسجد حتى لو انتقل إلى بقعة أخرى في المسجد لم يكن له هذا الثواب المترتب عليه؟ أو المراد بمصلاه جميع المسجد الذي صلى فيه؟ يحتمل كلا من الأمرين، والاحتمال الثاني أظهر وأرجح بدليل رواية البخاري المذكورة في الأصل ما دام في المسجد، وكذا في رواية الترمذي. فهذا يدل على أن المراد بمصلاه جميع المسجد وهو واضح. ويؤيد الاحتمال الأول قوله في رواية مسلم وأبي داود وابن ماجه: ما دام في مجلسه الذي صلى فيه. انتهى.
وأما ما في مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، فقد قال العلماء: إ ن ذلك يحصل في بعض الأحيان وليس على الدوام، قال في تحفة الأحوذي عن شرح هذا الحديث: قوله: إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول ... إلخ. أي في بعض الأحيان، فإنه قد ثبت قعوده صلى الله عليه وسلم بعد السلام أزيد من هذا المقدار. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار عند شرح الحديث المتقدم: هذا الحديث ساقه المصنف ههنا للاستدلال به على مشروعية قيام الإمام من موضعه الذي صلى فيه بعد سلامه، وقد ذهب بعض المالكية إلى كراهة المقام للإمام في مكان صلاته بعد السلام، ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الرزاق من حديث أنس قال: صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم فكان ساعة يسلم يقوم. ثم صليت وراء أبي بكر فكان إذا سلم وثب فكأنما يقوم عن رضفة. ويؤيده أيضاً ما سيأتي في باب لبث الإمام: أنه كان يمكث صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً قبل أن يقوم لكي ينصرف النساء. فإنه يشعر بأن الإسراع بالقيام هو الأصل والمشروع. وقد عورض هذا بما تقدم من الأحاديث الدالة على استحباب الذكر بعد الصلاة. وأنت خبير بأنه لا ملازمة بين مشروعية الذكر بعد الصلاة والقعود في المكان الذي صلى المصلي تلك الصلاة فيه، لأن الامتثال يحصل بفعله بعدها سواء كان ماشياً أو قاعداً في محل آخر، نعم ما ورد مقيداً نحو قوله (وهو ثانٍ رجليه) وقوله (قبل أن ينصرف) كان معارضاً. انتهى.
وقد أشار الشوكاني إلى ما روى الترمذي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كتب له عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(11/6906)
الذكر والدعاء المذكور ليس من المأثور بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة هذا الدعاء دبر كل صلاة مكتوبة بعد الاستغفار والتسبيح, قراءة كل من الفا تحة, شهد الله أنه لا إله إلا هو.... العزيز الحكيم, قل اللهم مالك الملك ... إلى بغير حساب, الانشراح, آية الكرسي الإخلاص والمعوذتين: بسم الله يا الله يا واحد يا أحد يا أحد يا موجود يا جواد يا صمد يا باسط يا كرم يا وهاب يا ذا الطول والإحسان يا جميل يا تواب يا غني يا مغني يا فتاح يا رزاق يا عليم يا حي يا قيوم يا حسن يا رحيم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حنان يا منان يا رؤوف يا ديان انفحني منك بنفحة خير تغنيني بها عمن سواك برحمتك يا أرحم الراحمين، إن تستفتحو فقد جاءكم الفتح، إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.. إن ينصركم الله فلا غالب لكم، نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، اللهم يا غني يا حميد يا مبدئ يا معيد يا فعال لما يريد يا رحيم يا ودود يا ذا العرش المجيد اكفني بحلالك واغنني بفضلك عمن سواك وانصرني بما نصرت به الرسل ولا تشمت بي أحدا إنك على كل شيء قدير يا نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذكار المأثورة بعد الصلاة سبق بيانها في الفتوى رقم: 42164.
والفاتحة ليست من الأذكار المأثورة بعد الصلاة وبالتالي فلا تنبغي المداومة على قراءتها في هذا الوقت بعينه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31664، كما أن سورة الانشراح وآية (شهد الله) إلى آخرها وآية (قل اللهم مالك الملك) إلى آخرها ليست أذكارا مأثورة بعد الصلاة، وبالتالي فالمواظبة عليها في هذا الوقت داخلة في ضابط البدعة الإضافية، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17613.
ولا مانع أن تدعو بالدعاء الذي ذكرت لكن لا تواظب على الدعاء به بعد الصلاة المفروضة؛ وإن كان الأفضل في حقك الاقتصار على الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيها كفاية عن غيرها، كما أن في هذا الدعاء ملاحظات كدعاء الله بما ليس من أسمائه أو بما لا يتضمن مدحاً وثناءً كقولك: يا كرم أو يا موجود أو يا حسن، ومنها جمع هذه المقاطع من الآيات في هذا المقام من غير أن يفهم المراد بها، ومنها سؤال أن ينصرك الله بما نصر به الرسل فقد يكون في ذلك اعتداء في الدعاء، وفي الجملة فإننا ننصحك بأن تتعلم ما صح من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم ففيها الكفاية والغنية فقد جمعت خير الدنيا والآخرة بأحسن عبارة وأوجزها مع الأمن من الوقوع في المحذور، وراجع في هذه الأدعية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51531، 52405، 32655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(11/6907)
ثواب الأذكار المسنونة بعد الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك إخوة لنا في الله يحبوننا ونحبهم ولكننا نأخذ عليهم أنهم يخرجون من المسجد بعد الصلاة مباشرة دون أي معقبات فهل نستطيع أن ننكرعليهم وماذا نقول لهم؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإتيان بالأذكار المسنونة عقب الفريضة فيه خير وأجر عظيم، ومن لم يأت بها فإنه لا يأثم لأنها مستحبة وليست واجبة ولكن يفوته أجر كبير ويفوته اتباع السنة، ولا مانع من أن يذكر المتكاسل عنها أو التارك لها بما فيها من الفضل والثواب، وهذا من التواصي بالحق والترغيب في الطاعة ومن التعاون على البر والتقوى، وليكن التذكير بالحكمة والأسلوب الحسن من غير إنكار أو زجر فإنه لا إنكار في ترك مستحب؛ كما في الفتوى رقم: 51609، وقول السائل ماذا نقول لهم؟ بإمكانكم أن تذكروهم بما في تلك الأذكار من فضل مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت. رواه النسائي في السنن الكبرى وصححه الألباني، ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن: دبر كل صلاة مكتوبة ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة. رواه مسلم.
وكذلك بإمكانكم أن توزعوا على المصلين في المسجد قبل إقامة الصلاة بعض المطويات التي تبين فضل تلك الأذكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/6908)
من الأدعية المأثورة بعد الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاء (اللهم لا ما نع لما أعطيت ولا معطي لما منعت..ولا ينفع ذا الجد منك الجد) .. في أي الحالات أستطيع ترديد هذا الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء الذي ذكرت هو من الأدعية المأثورة بعد السلام من الصلاة المفروضة كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 4817.
وبالتالي، فمن السنة الدعاء به بعد الفريضة، وإن دعوت به في غير هذا الموطن من غير تحديد عدد معين ولا تخصيصه بوقت محدد ففي ذلك خير كثير إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(11/6909)
الأولى الاقتصار على إحدى الروايات الواردة في عدد الذكر بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن فضل من يحافظ على هذه التسبيحات سبحان الله والحمد لله والله أكبر عدد عشرة لكل منهن وذكر في الحديث والقليل من يحافظ عليهن..سؤالى أني من منذ أحافظ عليهن مع التسبيحات الثلاثة والثلاثين1=المائة المعروفة بعد كل صلاة هل يصح الإتيان بهن معا بعد كل صلاة؟ ويرجى عدم الإحالة فإني اطلعت على كل الفتاوى في الشبكة لديكم، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسبيح عشرا والتكبير عشرا والتحميد كذلك بعد الصلاة قد رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما، ولفظ أبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل، يسبح في دبر كل صلاة عشرا ويحمد عشرا ويكبر عشرا فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان. ويكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين ذلك مائة باللسان وألف في الميزان، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، قالوا: يا رسول الله كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟ قال: يأتي أحدكم يعني الشيطان في منامه فينومه قبل أن يقولها، ويأتيه في صلاته فيذكره حاجته قبل أن يقولها. ثم إن هذه الراوية هي إحدى الروايات الواردة في الذكر بعد الصلاة، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد هو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. رواه مسلم وغيره.
وعليه.. فلو اقتصر الأخ السائل على التسبيح عشرا والتكبير والتحميد كذلك لكان أتى بذكر وارد بعد الصلاة , ولو اقتصر على رواية ثلاث وثلاثين كان ذلك أحسن، قال الشوكاني بعد أن ذكر الروايات الواردة في الذكر بعد الصلاة: وكل ما ورد من هذه الأعداد فحسن إلا أنه ينبغي الأخذ بالزائد فالزائد انتهى
وقال الصنعاني في سبل السلام عند حديث: من سبح لله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر. رواه مسلم. قال: في رواية أخرى أن التكبير أربع وثلاثون وبه تتم المائة. فينبغي العمل بهذا تارة وبالتهليل أخرى ليكون قد عمل بالروايتين، وأما الجمع بينهما قال الشارح وسبقه غيره فليس بوجه لأنه لم يرد الجمع بينهما ولأنه يخرج العدد عن المائة. انتهى
ومن هذا يعلم أن الأولى الاقتصار على إحدى الروايات الواردة في عدد الذكر بعد الصلاة، والأولى منها ما كان أكثر، وهو إما التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين وتمام المائة لا إله إلا الله وحده.. إلى آخره، أو راوية إتمام المائة بالتكبيرة الرابعة والثلاثين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(11/6910)
قراءة الفاتحة وقل هو الله أحد والمعوذتين سبعا سبعا بعد الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة الفاتحة سبع مرات مع سورة الإخلاص والمعوذتين بعد صلاة الجمعة من مكفرات الذنوب وما هو الدليل من السنة وأرجو صالح الدعاء،
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما يدل على كون قراءة ما ذكرت سببا لتكفير الذنوب. بل غاية ما وقفنا عليه في هذا الموضوع هو ما ذكره الغزالي في الإحياء قائلا: فإذا فرغ من الجمعة قرأ الحمد لله سبع مرات قبل أن يتكلم، وقل هو الله أحد والمعوذتين سبعا سبعا، وروي عن بعض السلف أن من فعله عصم من الجمعة إلى الجمعة وكان حرزا له من الشيطان. انتهى.
ولا مجال للاجتهاد في مثل هذه المسألة، فلا تثبت إلا بنص صحيح من الكتاب أو السنة وهو ما لم نطلع عليه، والأصل في العبادات التوقف فلا يعبد الله إلا بما شرع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(11/6911)
حكم انصراف المأموم وقيامه قبل انتهاء الإمام من الأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله أحافظ على الأذكار المسنونة بعد الصلوات. وكما تعلمون فإن هذه الأذكار تأخذ مدة أطول بعد صلاتي الفجر والمغرب حيث يستحب قراءة المعوذتين وسورة الصمد ثلاث مرات وأيضا قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات صليت صلاة المغرب في إحدى الأيام إماما، وبعد انتهائي من الأذكار ومغادرة مصلاي استعتبني أحد الأشخاص لأنني أطلت في الجلوس بعد الصلاة وقال لي إنه كان يجب علي أن لا أطيل لأن بعض النّاس (وهو منهم) يرون أنه من المستحب عدم قيام المأموم بعد الانتهاء من الصلاة قبل قيام الإمام احتراما له. فهل هذا مشروع في الدين؟ وإذا كان كذلك فهل كان علي أن لا أطيل في الجلوس بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ندب إلى هذه الأذكار بعد الصلاة ورغب فيها، وهي مبينة في الفتوى رقم: 3934، ويستوي في ذلك الإمام وغيره. والسنة أن ينصرف الإمام بوجهه إلى المأمومين وأن لا يستمر الإمام مستقبل القبلة؛ لما ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والاكرام، قال المناوي في فيض القدير عن ابن حجر: أن المراد بالنفي نفي استمراره على هيئته قبل السلام إلا بقدر ما يقول ذلك، فقد ثبت أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه. انتهى.
وأما قيام المأموم قبل الإمام فقد ذكر بعض الفقهاء أنه مكروه أو خلاف الأولى يعني دون الكراهة. قال ابن قاسم الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر ناقلاً عن بعض فقهاء الشافعية وهو يذكر المستحبات، وأنه يمكث المأموم في مصلاه حتى يقوم الإمام من مصلاه إن أراده عقب الذكر والدعاء؛ إذ يكره للمأموم الانصراف قبل ذلك حيث لا عذر له. قال الكردي: وظاهر كلامه في الإيعاب أن انصرافه قبل الإمام خلاف الأولى لا الكراهة. انتهى.
وخلاصة القول أنه لا كراهة في قيامهم قبل قيام الإمام إن كان لهم عذر، وإن انصرفوا قبل إتمام الإمام أذكاره وقبل قيامه لغير عذر فقد خالفوا الأولى ـ على هذا القول ـ ولا يطالب الإمام بالقيام قبل إكمال أذكاره، وإنما المطلوب منه أن يغير حالته التي كان عليها قبل السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/6912)
هل الذكر بعد الصلاة يقال بعد صلاة السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أذكار ما بعد الصلاة تقال بعد صلاة الفرض والسنة أم فقط بعد صلاة الفرض، وإذا أنهيت جميع الصلوات الفرض والسنة ثم قلت الأذكار, هل في ذلك شيء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذكار الواردة بعد الصلاة تقال بعد الفريضة فقط، كما ذكر الحافظ ابن حجر أن العلماء حملوا الأحاديث الواردة في ذلك على الفرض، وإن كان ظاهرها يشمل الفرض والنفل، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 49831. أما الإتيان بها بعد السنة فليس فيه إثم لأنها غير واجبة أصلاً إلا أنه يخالف الظاهر من السنة، والصواب الإتيان بالأذكار بعد الفريضة ثم الإتيان بالراتبة بعد ذلك لئلا يفصل بين الفريضة والأذكار بصلاة الراتبة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19745، والفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(11/6913)
الاستغفار بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولنا رسول الله وآله وبعد:
فضيلة الشيخ هناك قضية شغلتني كثيرا وجعلتني أبحث كثيرا عن هذا الموضوع ولم أصل إلى من يقنعني وهو الذكر الذي يؤخذ بعد كل صلاة \"أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه\" إلا أن هناك من يقول إنه بدعة لم يفعلها رسول الله وذلك بدون دليل بالرغم أن هذا الذكر هو استغفار لله، فهل لكم فضيلة الشيخ أن تفتوني عن هذا الموضوع سواء كان بدعة أم لا وذلك بدلائل عن رسول الله وأرجو من الله أن يقنعني استفساركم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 4817 ذكر بعض الأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة، وهذه الصيغة المذكورة رغم أننا لم نجدها في الصيغ الواردة بعد الصلاة فإن ذلك لا يعني أن الإتيان بها بعد الصلاة بدعة، بل إنها صيغة استغفار صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعين لها وقتا في رواية صحيحة، بل قال: من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان فر من الزحف. رواه أبو داود والترمذي بهذا اللفظ وصححه الألباني.
وفي رواية أخرى للترمذي: من قال حين يأوي إلى فراشه.. إلى آخر الحديث. وضعفها الألباني.
وخلاصة القول أن هذا ذكر وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإتيان به بعد الصلاة ليس بدعة، بل إنه دعاء، والدعاء بعد الصلاة مرغب فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الدعاء أسمع، قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات. رواه النسائي وراه الترمذي أيضاً، وحسنه الألباني.
واعلم أن الدعاء مأمور به عموما وخصوصاً في أوقات الإجابة ومواطنها ومنها الصلاة قبل السلام وبعده، وأقل ما في هذا الحديث المذكور أن يكون صيغة دعاء واردة عنه صلى الله عليه وسلم، وما بعد السلام من الصلاة من أوقات الدعاء.
وننبه هنا إلى أن الاستغفار الوارد بعد السلام مباشرة هو: أستغفر الله (ثلاثاً) ، فالاقتصار عليه في ذلك المقام أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(11/6914)
الأذكار بعد الرغيبة قبل إقامة صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك من الفضائل الثابتة عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في فترة ما بعد رغيبة الفجر إلى إقامة صلاة الصبح من أذكار وأعمال.
والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم من الأعمال بعد صلاة ركعتي الفجر إلا الضجعة على الشق الأيمن بعد السلام منهما ـ لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع. رواه أبو داود والترمذي، ومذهب الشافعي أن الضجعة بعد السلام من ركعتي الفجر سنة. قال النووي: والصواب أن الاضطجاع بعد سنة الفجر سنة؛ لحديث أبي هريرة. انتهى. وهو الحديث المتقدم. وذهب مالك وأكثر الفقهاء إلى أنها غير سنة.
وأما الأذكار بعد الرغيبة قبل إقامة صلاة الصبح فقد ذكر ابن خزيمة في صحيحه دعاء طويلا، وفيه عن ابن عباس قال: بعثني العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته ممسيا وهو في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فلما صلى ركعتي الفجر قال: اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء، اللهم أعطني إيمانا صادقا، ويقينا ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء، اللهم أنزل بك حاجتي وإن قصر رأيي، وضعف عملي، وافتقرت إلى رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور، وياشافي الصدور، كما تجير بين البحور، أن تجيرني من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور، اللهم ما قصر عنه رأيي، وضعف عنه عملي، ولم تبلغه نيتي من خير وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليك فيه، وأسألك يارب العالمين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، حربا لأعدائك، سلما لأوليائك، نحب بحبك الناس، ونعادي بعداوتك من خالفك، اللهم هذا الدعاء وعليك الاستجابة " أو الإجابة " " شك ابن خلف" وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم ذا الحبل الشديد، والأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، الركع السجود الموفين بالعهود إنك رحيم ودود، وأنت تفعل ما تريد، سبحان الذي تعطف بالعز وقال به، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به، سبحان ذي الفضل الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان الذي أحصى كل شيء فعلمه، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي القدرة والكرم، اللهم اجعل لي نورا في قلبي، ونورا في قبري، ونورا في سمعي، ونورا في بصري، ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا في لحمي، ونورا في دمي، ونورا في عظامي، ونورا بين يدي، ونورا من خلفي، ونورا عن يميني، ونورا عن شمالي، ونورا من فوقي، ونورا من تحتي، اللهم زدني نورا، وأعطني نورا، واجعل لي نورا. قال الألباني: إسناده ضعيف.
ولكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فينبغي الإكثار من الدعاء في هذا الوقت. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 33330.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(11/6915)
الدعاء المأثور بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء مأثور عن الرسول يقال بعد الصلاة يساعد على رفعها وقبولها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء معين يدعى به بعد الصلاة يكون سببا لرفعها وقبولها. وعلى المرء أن يواظب على الأذكار والأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أهمها في الفتوى رقم: 4817 وفي ذلك خير كثير، ولن يضيع الله من عمل عملا صالحا مخلصا فيه موافقا لشرعه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/6916)
الأولى تقديم أذكار الصلاة على أذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم باذكار الصباح والمساء كل يوم فأما بالنسبة لأذكار الصباح فأقوم بها عند صلاة الصبح مباشرة بعد التسليم أستغفر الله 3 مرات ثم أذكر ما أعرف من أذكار وأنهي بالتسبيح والتحميد والتكبير 33 مرة، أما أذكار المساء فأقوم بها عند صلاة المغرب مباشرة بعد التسليم أستغفر الله 3 مرات وأذكر ما أعرف من أذكار المساء وأنهي كما في صلاة الصبح، أريد معرفة إن كانت هذه الطريقة التي أذكر فيها أذكار الصباح والمساء عند الصبح والمغرب في المسجد صحيحة أم لا، هل يستحب أذكار الصباح والمساء أن تذكر في البيت أم في المسجد هل يجوز النوم بعد أذكار الصباح، أحيطكم علما أنه لم يعد يصلني رقم سؤالي في بريدي الالكتروني فمن حسن الحظ أني أكتب الرقم في ورقة
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان وقت أذكار الصباح والمساء في الفتوى رقم: 14709 فتلراجع، ولمعرفة أذكار الصباح والمساء راجع الفتوى رقم: 11882، والفتوى رقم: 27148. كما يمكنك الرجوع إلى بعض كتب الأذكار مثل: الوابل الصيب أو الكلم الطيب.
أما بالنسبة لتقديم أذكار الصباح والمساء على أذكار الصلاة فالأولى تقديم أذكار الصلاة لأنها مقيدة بدبر الصلاة، ثم تأتي بعدها بأذكار الصباح أو المساء، ويجوز قراءتها في المسجد أو في المنزل؛ وإن كانت في المسجد أفضل، لا سيما أذكار الصباح لحديث أنس بن مالك أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة تامة تامة. رواه الترمذي وصححه الألباني. وحديث أبي هريرة في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه.
ولا بأس من النوم بعد قراءة أذكار الصباح؛ إلا أن الأفضل هو الانشغال بالذكر المطلق بعد أذكار الصباح أو بقراءة القرآن حتى الإشراق، ثم صلاة ركعتين لحديث أنس السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(11/6917)
الاستغفار بعد الفريضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل الاستغفار ثلاث مرات دبر كل صلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، أو الفريضة فقط، وإن كان دبر الفريضة فقط ما حكم من يلتزم الاستغفار دبر النافلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر والله أعلم أن الاستغفار ثلاثاً الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله عند انصرافه من الصلاة يعم الفريضة وغيرها، قال السندي في شرح سنن النسائي عند شرح حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا، وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام- قال ما معناه أن الاستغفار هنا تحقيراً لعمله وتعظيماً لجناب ربه، وكذلك ينبغي أن يكون حال العابد فينبغي أن يلاحظ عظمة جلال ربه وحقارة نفسه وعمله لربه فيزداد تضرعاً واستغفاراً. انتهى.
فهذا التعليل يدل على العموم، وعلى كل حال فإنه ولو كان خاصاً بالفريضة فإن من فعله بعد النوافل فقد أتى به أيضاً في محله وإن داوم على ذلك كان أفضل لأن أفضل العبادة أدومها ولو قل، لكن ينبغي أن لا يغفله بعد الفريضة لأن الدعاء بعد الفريضة مستجاب إن شاء الله تعالى، بدليل ما أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة: قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال جوف الليل ودبر الصلوات المكتوبات. .. والأمر في هذا واسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(11/6918)
من اعتاد ذكرا معينا بعد الصلاة أو غيرها لا ينبغي له تركه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم الفرد بانقطاعه عن بعض الأذكار: بمعنى لو أنني مثلاً كنت قد تعودت على ذكر معين أقوله سرا بعد الصلاة ونما إلى علمي بعد ذلك أن بهذا الذكر أذكار لم ترد في السنة، فهل آثم بتركي لهذه الأذكار، ما تقدم ذكره أقوله من باب النزول عن بعض الفضل مع المقدرة عليه.
... ... ... ... ... أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الله تعالى على الإكثار من ذكره، فقال جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {الأحزاب:41ـ42} ومن اعتاد ذكرا معينا يقوله بعد الصلاة أو غيرها فلا ينبغي له تركه، ولكن لو تركه لا إثم عليه لأن ما ليس بواجب لا يصير واجبا بالمداومة، ولكن تستحب المداومة عليه لما في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل. والذي ينبغي أن يزيد إليه بعض الأدعية الواردة، ولكن لو أبدله بما هو أفضل منه مما ورد به الشرع لعدم قدرته على المجيء بالجميع فلا حرج، والاقتصار على الوارد أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/6919)
تسن قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة.. جمعة أو غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[قراءة آية الكرسي بعد صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسن قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، سواء الجمعة وغيرها، لما رواه النسائي في السنن الكبرى والطبراني وصححه الألباني رحمه الله من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت.
ونلفت نظر السائل إلى أنه لا يشرع قراءتها جماعةً، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يقرؤونها جماعة، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/6920)
توضيح كلام (ابن عرفة) في التسبيح بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد، فقد سألتكم منذ مدة عن معقبات الصلاة، وقد أحلتموني على إجابات سابقة، ولكني أريد منكم إجابة
دقيقة من أشهر ما ذهب إليه المالكية، لأن بعض أئمة الصلوات الخمس يصرون عليها جماعة بدعوى أن ابن عرفة أكد عليها وأن المسبوق يتحمل مسؤوليته عن تأخره فيما قد يحصل من تشويش عليه.
أفيدونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة عن السؤال الذي أرسلته بخصوص معقبات الصلاة وهي برقم: 1000 و 16734.
وبينا في الفتوى الأولى أن قراءة معقبات الصلاة جماعة بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه من حديث عائشة.
والذي وجدناه في هذا الموضوع عن ابن عرفة رحمه الله هو أنه اختار أن تقال التسبيحات بعد السلام ـ سبحان الله والحمد لله والله أكبر ـ مجموعة هكذا، ولا تقال مفردة أي سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين.
ولعل إمام مسجدكم قرأ كلام ابن عرفة، وفهم من قوله (مجموعة) أي جماعة، وهذا فهم خاطئ ولا يدل عليه كلام ابن عرفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(11/6921)
الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام عقيب الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في معقبات الصلاة بصوت مرتفع وهل الصلاة على النبي واردة في هذه المعقبات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع الصوت بالأذكار المأثورة بعد الصلوات المكتوبات لابأس به بشرطين.
أولهما: أن لا يكون سببا للتشويش على الذاكرين أو المصلين.
ثانيهما: أن لا يكون بصورة جماعية لأن ذلك من البدع المحدثات في الدين، وللتفصيل في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 16734.
ولم نقف على مايدل على كون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار المأثورة بعد الصلاة المكتوبة، والعبادات مبناها على التوقيف، وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه النافع المسمى بجلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، ذكر مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فصل: الموطن الخامس والثلاثون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عقيب الصلوات، ذكره الحافظ أبو موسى وغيره ولم يذكروا في ذلك سوى حكاية ذكرها أبو موسى المديني من طريق عبد الغني بن سعيد. .) ثم ذكر قصة رؤيا منامية حدثت لأبي بكر بن مجاهد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الشبلي بين عينيه فلما سئل عن ذلك؟ قال: هذا يقرأ بعد صلاته [لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ] إلى آخر السورة ويقول ثلاث مرات صلى الله عليك يا محمد.
والرؤيا المنامية لا تبني عليها أحكام.
وإن كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي يعظم ثوابها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل مايقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.
وقال صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي. رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ الألباني.
فينبغي الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في عموم الأوقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/6922)
الفصل اليسير بين الصلاة والذكر بعدها لا يضر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن أذكار الصلاة هل بعد أن نتم الصلاة ثم نذكر أذكار الصلاه هل يشترط أن نمكث في نفس المكان ولا نتحرك ولا نتكلم مع أحد حتى نكمل لأني قرأت أن الملائكه تظل تستغفر إلى أن يقوم المصلي أو ينتقض وضوؤه
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكر المأثور بعد الصلاة المكتوبة ينبغي أن يكون متصلا بالصلاة أو بعد تأخر يسير أو بسبب نسيان ونحوه، ففي الحديث المتفق عليه في شأن الفقراء الذين اشتكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كون الأغنياء قد حصلوا على أجور كثيرة أكثر من أجورهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين. وفي رواية لمسلم دبر كل صلاة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح:
ومقتضى الحديث أن الذكر المذكور يقال عند الفراغ من الصلاة فلوتأخر ذلك عن الفراغ فإن كان يسيرا بحيث لا يعد معرضا أو كان ناسيا أو متشاغلا بما ورد أيضا بعد الصلاة كآية الكرسي فلا يضر.
وظاهر قوله صلاة يشمل الفرض والنفل لكن حمله أكثر العلماء على الفرض وقد وقع في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة وكأنهم حملوا المطلقات عليها وعلى هذا هل يكون التشاغل بعد المكتوبة بالراتبة بعدها فاصلابين المكتوبة والذكر أولا محل النظر. والله أعلم. انتهى.
وعليه فالفصل اليسيير بين الصلاة والذكر المأثور من كلام ونحوه من كل
مالا يعتبر إعراضا عنه لا يؤثر على ثواب الذكر المذكور.
كما أن الانصراف من مكان الصلاة لاتأثير له في ذلك فبإمكان الشخص أن يقول تلك الأذكار في حال مشيه. قال الحافظ ابن حجر في الفتح أيضا:
وأما الصلاة التي لا يتطوع بعدها فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور ولا يتعين له مكان بل إن شاءوا انصرفوا وذكروا وإن شاءوا مكثوا وذكروا.انتهى
ولا شك أن الأفضل في حق المسلم المكث في مصلاه حتى يأتي بتلك الأذكار وكلما تأخر مكثه هناك كان ذلك أعظم ثوابا له،
لقوله صلى الله عليه وسلم: الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه الذي صلى فيه مالم يحدث، تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه. متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(11/6923)
حكم الكلام بين أذكار عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الانتهاء من الصلاة المكتوبة عندما أبدأ بالأذكار وخاصة التسبيح لما له من أجر كبير وأيضا الدعاء بعده وأكون بالعمل وأثناء التسبيح رددت على التلفون من ثم أكملت تسبيحي وبدأت بالدعاء، فهل اذا تكلمت بالتلفون يعتبر التسبيح كأي تسبيح عادي وليس له أجر بعد الصلاة المكتوبة وأيضا الدعاء لأني تكلمت بالتلفون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للذكر والتسبيح والدعاء في كل وقت أجرا عظيما وثوابا جزيلا سواء كان ذلك عقب الصلاة أو في أى وقت آخر يشرع فيه ذكر الله تعالى، ولا ينقص الكلام الصادر أثناء الذكر من أجره وخصوصاً إذا كان لحاجة، وسواء كان الذكر هو الذكر الوارد عقب الصلاة أو غيره
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/6924)
الاستغفار فالتسبيح والتحميد والتكبير فالدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الصلاة هل التسبيح أولاً؟ أم الدعاء؟
لكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى أن يبدأ المصلي عند ما ينصرف من صلاته بالاستغفار ثلاثا، ففي صحيح مسلم: كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر ثلاثا، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وفي صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
ثم تأتي بالتسبيح والتحميد والتكبير الوارد بعد الصلاة، كما في الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، ثم بعد ذلك يدعو إن شاء.
ولمزيد من الفائدة، يرجى مراجعة الفتوى رقم: 583، والفتوى رقم: 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(11/6925)
رفع الصوت بالتكبير والذكر عند انقضاء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان بعد التسليم مباشرة يقول الله أكبر مرّّّّة واحدة ثم يأتي بالاذكار أو هذا الأمر بدعة؟ أفيدوني وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير، وقد ترجم عليه ابن خزيمة في صحيحه: باب (رفع الصوت بالتكبير والذكر عند انقضاء الصلاة) .
وعليه؛ فالتكبير بعد الصلاة سنة وليس بدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/6926)
من أي الأصابع يبدأ التسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[لما نسبح بعد الصلاة على الأنامل هل نبدأ باليمين أو باليسار ما هي السنة الظاهر أنه من اليسار من الأصبع الصغير ولاشك أن اليمين بركة، فهل هناك خلاف في هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نقف على كلام لأهل العلم في موضوع هل يكون البدء بالإبهام أم بالخنصر؟ لكن عموم الأحاديث التي تحث على التيامن تدل على أن الصواب هو أن من بدأ التسبيح بهما وبطناهما إلى السماء فإن البدء بالإبهام من اليمنى هو الأفضل، لأنه هو الذي في جهة اليمنى، ومع ذلك فإن الأمر في ذلك واسع.
وراجع الفتوى رقم: 25103.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/6927)
حكم قول مثل هذا الذكر دبر الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[قول لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله دبر كل صلاة مع أذكار الصلاة هل يعد ذلك بدعة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذكار التي تقال عقب الصلاة قد وردت بها السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي معروفة ومضمنة في كتب السنة، وكتب الأذكار، ككتاب الأذكار للإمام النووي، وكتاب الكلم الطيب لابن تيمية، وغيرهما من كتب الأذكار، فالأولى الاقتصار على ما وردت به السنة، ولو قيل أحيانا مثل هذا الذكر المذكور في السؤال فلا بأس، إلا أنه ينبغي أن لا يتخذ ذلك سنة حتى لا يضاهي المشروع، وتراجع الفتوى رقم: 4817، لمزيد من الفائدة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/6928)
رفع الصوت بالتكبير والذكر عند انقضاء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في ختم الصلاة بصوت مرتفع للإمام وبعض المصلين مما يشغل المصلين الذين لم ينتهوا من صلاتهم عن أداء الصلاة بخشوع؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير.، وقد ترجم عليه ابن خزيمة في صحيحه: باب (رفع الصوت بالتكبير والذكر عند انقضاء الصلاة) ، فعلى هذا فلا حرج في هذا الفعل من حيث الأصل، إلا أن هذا الجواز مشروط بعدم التشويش على المصلين، وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 16734، والفتوى رقم: 11503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/6929)
الأذكار المسنونة دبر كل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأذكار حسب السنة بعد صلاة الصبح؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
- فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلم من صلاة الفريضة قال: أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أخرجه مسلم.
2- وثبت أيضا أنه كان يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. أخرجه البخاري ومسلم.
3- وكان يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، قال ابن الزبير رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة. أخرجه مسلم.
4- ويقرأ آية الكرسي عقب كل صلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي عقب كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت. "صحيح الجامع".
5- وقال صلى الله عليه وسلم: من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد ثلاثا وثلاثين، وكبر ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. أخرجه مسلم.
6- عن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذات دبر كل صلاة. تخريج "الكلم الطيب" رقم: (112) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ: إني لأحبك، فلا تدعنّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. تخريج "الكلم الطيب" رقم: (114) .
وهذه الأذكار مسنونة دبر كل صلاة، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: وفي الفجر والمغرب يكرر قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات، هذا هو الأفضل. "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز "، وراجع الفتوى رقم: 11882، ورقم: 17574
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/6930)
أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بعد الصلاة برفع اليدين والصوت وقول اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة....... إلخ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء مع رفع اليدين بعد الصلوات المكتوبات وبعد الفراغ من الذكر المشروع يعتبر مشروعاً ولا ينكر على فاعله ولو داوم عليه، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5340، والفتوى رقم: 583.
ولكن خفض الصوت بالدعاء بحيث يكون بين المخافتة والجهر مذكور من آدابه، كما في الفتوى رقم: 23599.
وللداعي أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة وخصوصاً الجوامع من الدعاء، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي سنن أبي داود وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. والدعاء الذي ذكرت من جوامع الدعاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به كثيراً، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وزاد مسلم في روايته: وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه.
وعليه؛ فإن الإكثار من هذا الدعاء مطلوب اقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/6931)
الدعاء بعد الصلاة بين الاجتماع له والانفراد به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: هل ينبغي لي كإمام لمسجد راتب وأجبرت على أن أدعو عقب كل صلاة وإلا يستبدل بي غيري وقد يكون غيري ليس على عقيدة ومنهج سلفي ماذا أفعل؟ وهذه الحالة منتشرة في بعض المساجد فهل يجوز لي البقاء كإمام وقد يستفيد الغير مني وكذلك من الخطب؟ أم أترك وأقول أن الدين يتكفل به الله؟
أفيدونا جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صحت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأمر بملازمة بعض الأدعية بعد الصلوات، من ذلك حديث معاذ الذي أخرجه أبو داود في سننه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يا معاذ، لا تدعنّ في دبر كل صلاة، تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. وأوصى بذلك معاذ الصنابحي، وأوصى به الصنابحي أبا عبد الرحمن.
وقد سبق تفصيل هذا الموضوع في الفتوى رقم: 5340 فراجعها.
وهذا إن كان يراد منك القيام بالدعاء منفردًا. وأما إن كان الذي يراد منك عقب كل الصلوات هو الاجتماع للدعاء، فإن ذلك بدعة ولا يجوز فعله. فقد عرف الشاطبي المالكي البدعة بقوله: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى.. كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا، وما أشبه ذلك.
وبناء على ما تقدم، فإن كان الذي يراد منك هو مجرد الدعاء بعد الصلوات، فلا مانع من فعله، والاستمرار في الإمامة، إلا أنه يحسن أن تتركه من حين لآخر إن أمكن، خروجًا من الخلاف الذي جرى فيه. وإن كان المقصود الاجتماع للدعاء بعد كل الصلوات فلا يجوز لما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/6932)
لا تشرع قراءة الفاتحة دبر كل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقرأ الفاتحة بعد كل فريضة وهل المراد بالجهر في الذكر بعد الصلاة هو الذكر الجماعي، وما حكم هذا الأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يرد في ما نعلم دليل صحيح بمشروعية قراءة الفاتحة دبر الصلوات المكتوبة ولكن لو قرأها الشخص أحياناً فلا حرج في ذلك، أما المداومة على قراءتها واعتبار ذلك من السنة أو من الأذكار المطلوبة بعد الصلاة فبدعة.
وأما الجهر بالذكر بعد الصلاة فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 7444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/6933)
لا بأس بقراءة آية الكرسي دبر كل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكرتم في الفتوى رقم 28200 أن حديث: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت......) إسناده ضعيف.
وسؤالي هو: هل تصح قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة لأن الشيخ الألباني صححه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلك أن تقرأها دبر كل صلاة لأن حديثها قد صححه عدد من العلماء فصححه ابن حبان والمنذري والهيثمي وقال ابن كثير إسناده على شرط البخاري، ونقل المناوي رحمه الله عن ابن القيم قوله: روي من عدة طرق كلها ضعيفة، لكنها إذا انضم بعضها لبعض - مع تباين طرقها واختلاف مخرجيها- دل على أن له أصلاً.
ونقل عن الدمياطي: له طرق كثيرة إذا انضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة.
ومن هذا تعلم أن هناك علماء متقدمين، إضافة إلى الشيخ الألباني رحمه الله من المعاصرين قد صححوا هذا الحديث أو حسنوه، فلا حرج عليك إذن في العمل به، بل الظاهر -والله أعلم- أن قولهم أرجح من قول من ضعفوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/6934)
الأصل إسرار الذكر بعد الصلاة إلا لحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك بعض الأمور تحدث في المسجد عند صلاة الجماعة فهل عليها وزر أم أجر أم لا فرق في حدوثها أو عدم حدوثها مثلا
بعد الانتهاء من الصلاة يبدأ الذكر بصوت عالً ويبدأون سوية وينتهون سوية فما هو رأيكم أفيدوني من فضلكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أصل الجهر بالذكر في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير.
قال الحافظ ابن حجر: فيه دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة. انتهى
لكنه نقل بعد ذلك عن النووي أنه قال: حمل الشافعي هذا الحديث على أنهم جهروا به وقتاً يسيراً لأجل تعليم صفة الذكر؛ لا أنهم داوموا على الجهر به.
قال: والمختار أن المأموم والإمام يخفيان الذكر إلا إن احتيج إلى التعليم. انتهى
فما يفعله هؤلاء من الجهر بالذكر بصوت واحد لا شك في كونه مبتدعاً، إذ لم يثبت عن السلف فعله. هذا فيما يتعلق بالذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6935)
الدعاء والذكر بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
وجزاكم الله كل خير عما تقومون به من أجل هذا الدين السؤال: في حديث عن ابن مسعود أنه كان يعلم بنهاية الصلاة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بسماعه جهرا للدعاء. فهل يجوز الدعاء جهراً بعد الصلاة؟ وماهي الكيفية الشرعية لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور في السؤال مروي عن ابن عباس وليس عن ابن مسعود. ففي البخاري عن أبي معبد مولى ابن عباس أن ابن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
والحديث عام في الذكر ومنه الدعاء، وللإجابة على سؤالك انظر الفتاوى التالية أرقامها:
13351 -
5340 -
7444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(11/6936)
الأذكار التي يؤتى بها عقب الصلوات مقيدة بالمكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ذكر بعد صلاة النافلة؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذكار الواردة دبر الصلوات إنما هي بعد الصلوات المفروضة في قول أكثر العلماء.
قال الحافظ في الفتح في شرح قوله صلى الله عليه وسلم " دبر كل صلاة " من حديث التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلوات. قال رحمه الله: (وظاهر قوله كل صلاة يشمل الفرض والنفل، لكن حمله أكثر العلماء على الفرض، وقد وقع في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة، وكأنهم حملوا المطلقات عليها) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/6937)
يسن الإتيان بالأذكار المسنونة بعد الصلاة المقضية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الرحمن الرحيم، وصلى الله على نبيه الكريم
أما بعد أريد إجابتكم على هذا السؤال والذي يقول: رجل عليه القضاء هل يلزمه التسبيح بعد السلام مباشرة؟..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الترغيب الوارد في التسبيح والذكر بعد الصلاة لم يفرق فيه بين صلاة مقضية وصلاة مؤداة، بل إن لفظ (كل) الوارد في أغلب الأحاديث الواردة في ذلك يدل دلالة واضحة على عدم التفريق بينهما، لحديث مسلم: "معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة.. ثلاث وثلاثون تسبيحة ... "
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/6938)
كيف يعقد الإنسان تسبيحه بالأصابع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية استعمال اليد للأذكار وخصوصا بعد الصلاة هل التسبيح فقط بعقد الأنامل أو يجوز على عقد الأصابع ثلاثا وهل روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم كلاهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدّ التسبيح بالأصابع سنة قولية وفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم، لما روى أبو داود والترمذي عن يُسيرة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهنَّ أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهنَّ مسؤولات مستنطقات. هذا لفظ أبي داود وهو حديث صحيح.
وفي لفظ له ولـ الترمذي: واعقدن بالأنامل.
وروى أبو داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده. وفي زيادة له: بيمينه.
والحديث مخرج أيضاً في بقية السنن ومسند أحمد.
وأما كيفية استعمال الأصابع في عدِّ التسبيح، فالأمر فيها واسع، ولا نعلم حديثاً نقل فيه هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعقد بكل أصبع تسبيحة واحدة أو ثلاث تسبيحات بكل مفصل تسبيحة، وأي الكيفيتين فعل الإنسان أجزأه. قال ابن علان: (يحتمل أن المراد العقد بنفس الأنامل، أو بجملة الأصابع. والعقد بالمفاصل أن يضع إبهامه في كل ذِكر على مفصل، والعقد بالأصابع أن يعقدها ثم يفتحها) . وفي شرح المشكاة: (العقد هنا بما يتعارفه الناس) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(11/6939)
عدد مرات الاستغفار التي تقال في دبر الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمةالله تعالى وبركاته:
كم عدد الاستغفار الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام بعد صلاتي الفجر والمغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة من الأذكار والأدعية بعد الصلوات عموماً، وبعد صلاتي الفجر والمغرب خصوصاً.
فكان صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام. رواه البخاري ومسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه، قيل للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: يقول: أستغفر الله..... أستغفر الله ...
وكان يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد وغيره عن أبي هريرة ومعاذ رضي الله عنهما.
ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن معاذ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوماً ثم قال: يا معاذ: إني لأحبك، فقال له معاذ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله وأنا أحبك، قال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
والحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بأدعية كثيرة بعد الصلوات كلها ويستغفر الله ثلاث مرات بعد السلام مباشرة من صلاة الفجر وصلاة المغرب وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(11/6940)
بعض الأذكار المسنونة عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الدعاء الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عقب الصلاة المفروضة والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أدعية كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصلوات، منها: أنه كان يستغفر الله ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. رواه أصحاب السنن عن ثوبان رضي الله عنه.
ومنها أنه: أمر أن يسبح الله ثلاثًا وثلاثين، ويحمد الله ثلاثًا وثلاثين، ويكبِّر الله أربعًا وثلاثين. رواه البخاري ومسلم عن علي وأبي هريرة رضي الله عنهما.
وفي رواية: ويختم المائة بلا إله إلا الله.
ولمزيد من التفاصيل نحيل السائل الكريم إلى الفتاوى التالية أرقامها:
4817
3934
11959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(11/6941)
متى تقال الأذكار بعد السلام من الفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[الأذكار بعد الصلاة هل يجب أن أقولها قبل صلاة السنة أم بعد صلاة السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأذكار الصلاة ليست واجبة، وتقال بعد السلام من الصلاة، وقبل صلاة السنة الراتبة. كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة.
ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنت أعرف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير.
وفي صحيح مسلم عن ثوبان رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام. ومعنى انصرف من صلاته: سلم منها.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(11/6942)
الأفضل بعد الصلاة الإتيان بالأذكار المسنونة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الانتهاء من صلاة الفجر يجتمع قوم في المسجد في حلقة ثم يقرؤون القرآن (كل بمفرده) وهناك شيخ يصحح للمخطئ إلى أن تطلع الشمس ولا يقولون الأذكار الواردة عن الرسول باعتبار أن القرآن أفضل ذكر فما الحكم الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما يقوم به هؤلاء من تلاوة القرآن وتصحيح القراءة أمر في غاية الأهمية وفيه فضل كبير وأجر عظيم، إلا أن الأولى بهم أن يأتوا بأذكار الصلاة ثم بأذكار الصباح ثم تلاوة القرآن وتصحيح القراءة ليجمعوا بين هذه الأعمال الخيرية كلها، نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(11/6943)
شروط رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قراءة معقبات الصلاة بصوت مرتفع في المسجد والبعض من المصلين قد بدأ في صلاة النافلة وقراءة القرآن بصوت عالٍ في المسجد وبعض المصلين يؤدون تحية المسجد. الرجاء ذكر الأدلة الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع رفع الصوت بالذكر عقب الصلوات، وقد ورد في الصحيحين عن ابن عباس أنهم كانوا يفعلونه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكن بشرط ألا يصل الصوت إلى درجة التشويش على بعض المصلين أو الذاكرين، لما روى أبي داود وغيره من أنه صلى الله صلى الله عليه وسلم كان معتكفاً في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة - أو قال في الصلاة " والحديث صححه الألباني، كما يشترط لذلك ألا تكون القراءة للأذكار بصوت جماعي، حيث إن ذلك من المحدثات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(11/6944)
الدعاء بعد الصلاة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بعد صلاة الفريضة؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء بعد الفريضة لا حرج فيه، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به معاذ بن جبل أن لا يدع في دبر الصلاة المكتوبة أن يقول: "الله أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وأخرج الترمذي والنسائي وأحمد من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو دبر كل صلاة بالدعاء: "الله إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر." والحديث قال عنه الشيخ شعيب الأرنوطي إسناده قوي على شرط مسلم والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة.
وهي دالة دلالة صريحة على مشروعية الدعاء بعد الفريضة، لكن ما يفعله بعض الناس من التحليق للدعاء بعد الصلاة وتأمين المأمومين عليه، ونحو ذلك من الهيئات التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن السلف، يجب تجنبه والابتعاد عنه، لأن العبادة مبناها على التوقيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/6945)
الدعاء بعد الصلاة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم الدعاء بعد صلاة الفريضة؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء بعد الفريضة لا حرج فيه، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به معاذ بن جبل أن لا يدع في دبر الصلاة المكتوبة أن يقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وأخرج الترمذي والنسائي وأحمد من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو دبر كل صلاة بالدعاء: "الله إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر." والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة.
وهي دالة دلالة صريحة على مشروعية الدعاء بعد الفريضة، لكن ما يفعله بعض الناس من التحليق للدعاء بعد الصلاة وتأمين المأمومين عليه، ونحو ذلك من الهيئات التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن السلف، يجب تجنبه والابتعاد عنه، لأن العبادة مبناها على التوقيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/6946)
دعاء الإمام وتأمين المأمومين بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماحكم الصلاة في مسجد فيه قبر؟
2-ذهبت الى الهند وبكستان عندهم عادة بعد كل صلاة هو الدعاء بصوت عالي يعني الإمام يدعو والمصلون يقولون آمين. فما الحكم في ذلك؟
3-ماحكم الصلاة في البيت بالفانيلة والسروال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1-فإن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر لا تجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة" رواه ابن ماجه عن ابن عمر، وصححه السيوطي والألباني، وراجع الجواب رقم: 4527.
2-فإن الهيئة التي ذكر السائل - من دعاء الإمام، وقول المأمومين آمين بعد كلا صلاة - تعتبر من البدع التي يجب تجنبها، والابتعاد عنها، وجعل السنة النبوية الثابتة بدلها، فالدعاء عبادة، والعبادات مدارها على الاتباع.
والله أعلم.
3-فإن العورة التي يجب على الرجل سترها في الصلاة هي ما بين السرة والركبة، فإذا صلى الرجل في سروال يستر ما بين سرته وركبته، فصلاته صحيحة على قول الجمهور، وهنالك قول آخر بوجوب ستر أحد العاتقين، وهو قول قوي دليله قوله صلى الله عليه: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وعلى كل حال، فالرجل إذا صلى في سروال يستر ما بين سرته وركبته، وفانيلة على صدره، فصلاته صحيحة بلا خلاف، ولكن الأولى والأفضل له أن يؤدي الصلاة في أحسن ثيابه، وعلى أجلِّ هيئاته، لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] .
ولا شك أن المكان المخصص للصلاة من البيت داخل في عموم (كل مسجد) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/6947)
الجهر بالذكر بعد الصلاة المكتوبة للتعليم والإسرار هو الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقال الأذكار بعد الصلاة جهراً أم سراً جماعة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة المكتوبة مختلف فيه، فذهب بعض السلف إلى جوازه مستدلين بما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد مولى ابن عباس أن ابن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ابن عباس قال: (كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته) قال النووي في شرح مسلم (هذا دليل لما قاله بعض السلف أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة، وممن استحبه من المتأخرين ابن حزم الظاهري، ونقل ابن بطال وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير، وحمل الشافعي رحمه الله هذا الحديث على أنه جهر وقتاً يسيراً حتى يعلمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا دائماً. قال: فأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك، إلا أن يكون إماماً يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يعلم أنه قد تعلم منه، ثم يُسِرُّ، وحمل الحديث على هذا" انتهى
وما ذهب إليه الشافعي يبدو أنه هو الصواب لتوافر دواعي نقل مثل هذا، وحيث لم يروه غير ابن عباس رغم صغر سنه، فهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليه. ومع ذلك فمن جهر بالذكر فلا حرج عليه بشرط أن لا يكون الذكر جماعياً. ولبيان حكم الذكر الجماعي راجع الفتوى رقم 1000 وهذا نصها:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا كان قصدك بالذكر الجماعي بعد الصلاة هو: أن يردد الجماعة الذكر لفظا لفظا بأن يقول أحدهم: سبحان الله فيقولون سبحان الله أو الله أكبر فيقولون: الله أكبر ـ مثلاً… فالذكر على هذه الصورة لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولو كان خيرا ما فرطوا فيه، ولو فعلوه لوصل إلينا لتوفر دواعي نقله، فقد نقل من أفعالهم ما هو أخفى من هذا. إذن فهو حادث. وقد ثبت أن كل محدثة بدعة وأن كل بدعة ضلالة. فالواجب على السائل ـ وفقنا الله وإياه ـ أن يبتعد عن هذا النوع من الذكر وأن ينصح إخوانه بالابتعاد عنه، وبالالتزام بما ثبت في السنة المطهرة ففيها ما يغني عن هذا وأمثاله من البدع الكثيرة المنتشرة، وننصح السائل بالرجوع إلى كتاب الامام الشاطبي: الاعتصام. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1422(11/6948)
ما يقوله الإمام أول ما ينتهي من صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الذكر الذي يقال بعد السلام وقبل الاالتفات إلى المأمومين بالنسبة للإمام،
ماحكم وضع المبالغ في البنوك بدون فوائد
وبقصد الحفظ فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته، استغفر ثلاثاً، وقال: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام".
وعند ابن ماجه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم لم يقعد إلا بمقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام". قال بعض العلماء: الظاهر أن المراد: لم يقعد على هيئته إلا هذا المقدار، ثم ينصرف عن جهة القبلة.
وعلى هذا فإنه يسن للإمام أن لا يلتفت إلى المأمومين حتى يستغفر ثلاثاً، ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام. والله أعلم.
أما إجابة السؤال الثاني فقد تقدمت بالرقم 518.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6949)
حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع اليد بالدعاء بعد كل صلاة فريضه بعد الانتهاء من التسبيح؟ وهل ينكر على من يفعل ذلك بشكل دائم؟ وهل هناك خلاف بين أهل العلم في هذه المسأله؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء بعد الصلاة المفروضة مشروع لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة وقد بوب البخاري بذلك قال " باب الدعاء بعد الصلاة " قال الحافظ في الفتح أي المكتوبة، وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن الدعاء بعد الصلاة لايشرع، متمسكاً بالحديث الذي أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن الحارث عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يتثبت إلا قدر ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذ الجلال والإكرام. والجواب أن المراد بالنفي المذكور نفي استمراره جالساً على هيئته قبل السلام إلا بقدر أن يقول ما ذكر، فقد ثبت أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه. فيحتمل ما ورد من الدعاء بعد الصلاة على أنه كان يقوله بعد أن يقبل بوجهه على أصحابه.
ثم نقل الحافظ كلام ابن القيم في الهدي والذي فهم منه بعض أهل العلم أنه ينفي فيه مشروعية الدعاء بعد الصلاة مطلقاً، ثم ذكر الحافظ عقب ذلك أن دعوى نفي مشروعية الدعاء بعد الصلاة مطلقاً مردودة. وساق بعض ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كحديث معاذ بن جبل حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم " يا معاذ إني والله لأحبك فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.
وحديث زيد بن أرقم" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في دبر كل صلاة:"اللهم ربنا ورب كل شيء " الحديث أخرجه أبو داود والنسائي.
وحديث صهيب رفعه: كان يقول إذا انصرف من الصلاة:" اللهم أصلح لي ديني …" الحديث أخرجه النسائي وصححه ابن حبان.
ثم قال: فإن قيل المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد قلنا: قد ورد الأمر بالذكر دبر كل
صلاة، والمراد به بعد الصلاة إجماعاً فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه. وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة".
ثم ذكر الحافظ أن حاصل كلام ابن القيم يفيد أن ما نفاه من مشروعية الدعاء بعد الصلاة مقيد باستمرار استقبال المصلي القبلة وإيراده له بعد السلام. وأما إذا انتقل بوجهه أو قدم الأذكار المشروعة فلا يمتنع عنده الإتيان بالدعاء حينئذ. انتهى كلام الحافظ مختصراً.
وهو كما قال الحافظ فإن ابن القيم بعد ما نفى مشروعية الدعاء بعد الصلاة قال: " إلا أن هنا نكتة لطيفة وهو أن المصلي إذا فرغ من صلاته وذكر الله وهلله وسبحه وحمده وكبره بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة استحب له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ويدعو بما شاء. إلى آخره كلامه.
وبالجملة فإن الدعاء بعد الصلاة مشروع، إلا أنه كغيره من السنن لا بأس أن يفعل تارة ويترك تارة أخرى، لئلا يظنه الجاهل واجباً لا بد منه بعد الصلاة.
فإذا علمت مشروعية الدعاء بعد الصلاة على الصورة المتقدمة فأعلم أن الأصل أن يرفع الداعي يديه حال دعائه تضرعاً إلى ربه واستجداء لنواله وإظهاراً للذل والانكسار والفقر إليه سبحانه وتعالى.
ولا يخرج عن هذا الأصل ويترك إلا في الحالات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الدعاء فيها في ملأ من الناس ولم ينقل عنه أنه رفع يديه فيها كالدعاء أثناء الصلاة وفي خطبة الجمعة في غير الاستسقاء.
أما ما سوى ذلك من الدعاء فرفع اليدين فيه مشروع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث كثيرة منها حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين وغيرهما وفيه: " فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ ثم رفع يديه ثم قال "اللهم اغفر لعبيد أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه…" ومنها ما في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في قصة خالد وأمره لأصحابه أن يقتل كل واحد منهم أسيره فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك رفع يديه فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" مرتين.
وقد بوب البخاري أيضاً لهذه المسألة فقال: باب رفع الأيدي في الدعاء وأشار ضمن هذه الترجمة لهذين الحديثين وغيرهما. قال الحافظ في "الفتح" وفي الحديث الأول رد من قال لا يرفع كذا إلا في الاستسقاء , بل فيه وفي الذي بعده رد على من قال لا يرفع اليدين في الدعاء غير الاستسقاء أصلا , وتمسك بحديث أنس " لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء " وهو صحيح , لكن جمع بينه وبين أحاديث الباب وما في معناها بأن المنفي صفة خاصة لا أصل الرفع، وقد أشرت إلى ذلك في أبواب الاستسقاء , وحاصله أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه مثلا وفي الدعاء إلى حذو المنكبين , ولا يعكر على ذلك أنه ثبت في كل منهما "حتى يرى بياض إبطيه" بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره , وإما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء , قال المنذري: وبتقدير تعذر الجمع فجانب الإثبات أرجح. قلت: ولا سيما مع كثرة الأحاديث الواردة في ذلك , فإن فيه أحاديث كثيرة أفردها المنذري في حزء سرد منها النووي في " الأذكار " وفي " شرح المهذب " جملة. وعقد لها البخاري أيضا في " الأدب المفرد " بابا ذكر فيه حديث أبي هريرة " قدم الطفيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا عصت فادع الله عليها , فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: اللهم اهد دوسا " وهو في الصحيحين دون قوله " ورفع يديه " وحديث جابر " أن الطفيل بن عمرو هاجر " فذكر قصة الرجل الذي هاجر معه وفيه " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر ورفع يديه " وسنده صحيح , وأخرجه مسلم. وحديث عائشة أنها " رأت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعا يديه يقول: اللهم إنما أنا بشر " الحديث وهو صحيح الإسناد. ومن الأحاديث الصحيحة في ذلك ما أخرجه المصنف في " جزء رفع اليدين ": " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يدعو لعثمان " ولمسلم من حديث عبد الرحمن بن سمرة في قصة الكسوف " فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يدعو " وعنده في حديث عائشة في الكسوف أيضا " ثم رفع يديه يدعو " وفي حديثها عنده في دعائه لأهل البقيع " فرفع يديه ثلات مرات " الحديث. ومن حديث أبي هريرة الطويل في فتح مكة " فرفع يديه وجعل يدعو " وفي الصحيحين من حديث أبي حميد في قصة ابن اللتبية " ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه يقول: اللهم هل بلغت " ومن حديث عبد الله بن عمرو " أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قول إبراهيم وعيسى فرفع يديه وقال: اللهم أمتي " وفي حديث عمر " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل , فأنزل الله عليه يوما , ثم سرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا " الحديث أخرجه الترمذي واللفظ له والنسائي والحاكم , وفي حديث أسامة " كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو , فمالت به ناقته فسقط خطامها , فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى " أخرجه النسائي بسند جيد , وفي حديث قيس بن سعد عند أبي داود " ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وهو يقول: اللهم صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة " الحديث وسنده جيد. والأحاديث في ذلك كثيرة: وأما ما أخرجه مسلم من حديث عمارة بن رُوَيبة أنه " رأى بشر بن مروان يرفع يديه , فأنكر ذلك وقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يزيد على هذا يشير بالسبابة " فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال: السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة , ورده بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة , وهو ظاهر في سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها , وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه " إن ربكم حي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرا " أي خالية وسنده جيد.انتهى من الفتح بلفظه.
والحاصل بعد هذا كله أن الدعاء دبر الصلوات بعد الفراغ من الذكر المشروع مشروع ثابت، وأن رفع اليدين في الدعاء أيضاً مشروع ثابت، وعليه فمن دعا بعد كل صلاة ورفع يديه حال الدعاء لا ينكر عليه فعله، ولو داوم على ذلك، وما روي عن بعض أهل العلم من كراهة ذلك مرجوح بما تقدم من الأدلة وأقوال أهل العلم.
ومع ذلك فقد كره العلماء لمن يقتدي به العوام من إمام أو عالم أو نحوهما المداومة على بعض السنن التي قد يظن العوام أنها فرائض أو من تتممات الفرئض، ويدخل في ذلك مسألتنا هذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/6950)