سن تحمل المسئولية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السن الذى نسمح فيه للأطفال بالتصرف بحرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من بلغ الحلم أصبح مكلفاً إذا كان عاقلاً، وتوجه إليه الخطاب الشرعي، وأصبح مسؤولا عن تصرفاته في الدنيا والآخرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من بلغ الحلم من الأطفال يعامل معاملة الكبار، وتجري عليه أحكام الشرع كما تجري على غيره من البالغين، ويعامل على ذلك الأساس، ويسلم إليه ماله إذا كان عاقلا رشيدا.. قال الله تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء:6} وقال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ {النور:59}
أما قبل ذلك فإن القلم مرفوع عنه، وذلك لما رواه الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل.
ولا مانع شرعا أن تسند إليه بعض المهمات أو توكل إليه بعض الأعمال ويؤذن له في بعض التصرفات.. وخاصة التي يحسنها قبل البلوغ.
كما أنه من السنة أن يؤمر بالصلاة ويعود على أعمال الطاعة ويربى على الأخلاق عندما يعقل القربة.
هذا من الناحية الشرعية.
وأما من الناحية التربوية والتعامل العادي فإن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والبئات.. وقد قال بعض الحكماء- وينسب لعبد الملك بن مروان -: لاعب ولدك سبعاً، وأدبه سبعاً، واستصحبه سبعاً، فإن أفلح فألق حبله على غاربه.
هذا وبإمكانك أن تستشير قسم الاستشارات في الشبكة في هذا الموضوع.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 77492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(11/4928)
النهي عن ذكر أوصاف النساء أمام البالغ
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي وأخواتي أحيانآ يصفن النساء أمام أخي البالغ من العمر 15 سنه بحجة أنه صغير في السن؟
هل من نصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ذكر أوصاف النساء المتضمنة لمحاسنهن وصفاتهن وعوراتهن أمام الرجال غير أزواجهن، وقد أخرج الترمذي واب ن حبان وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها حتى كأنه ينظر إليها. وهذا لفظ ابن حبان.
قال الإمام النووي في شرحه لحديث مسلم في قصة المخنث الذي وصف امرأة عند النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بإخراجه ونفيه يقول النووي: كان لثلاثة معان:..... والثاني: وصفه النساء محاسنهن وعوراتهن بحضرة الرجال، وقد نهى أن تصف المرأة لزوجها فكيف إذا وصفها الرجل للرجال.
هذا وإن الولد إذا بلغ خمس عشرة سنة فقد بلغ مبلغ الرجال وصار مكلفا مخاطبا بما يخاطب به الرجال ويدرك الكثير مما يدركه الكبار في أمور النساء غالبا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1429(11/4929)
يسقط التكليف عن الذي أصبح لا يدرك أفعال العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي متقدمة في العمر وصار إدراكها محدودا ونحن نجد صعوبة في إقناعها بأي شيء وخاصة فيما يخص الصلوات وأوقاتها فهي تطلب منا إشعارها عند دخول الوقت ثم فجأة تقوم وتصلي وعندما تقول لها إن الوقت لم يدخل تقول بلى دخل، ثم إنها كلما نامت واستيقظت حتى في وسط النهار تقول سأصلي صلاة الصبح ... فهل جدتي في هذه الحالة مرفوع عنها القلم أم علينا بذل مزيد من الجهد لإقناعها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت جدتك يأتي عليها وقت تدرك فيه الأمور وتعقل أفعال الصلاة، فإن الواجب عليها أداء الصلوات المفروضة، وأما إن كان حالها الدائم ما ذكرت فإنها مرفوع عنها التكليف ولا عليكم تكرار إقناعها بما لا تقتنع به، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: (ولا يؤخر) المكلف (الصلاة إذا كان في عقله) المراد أنها لا تسقط عنه بوجه (وليصلها بقدر طاقته) .. قال في الجلاب: ولا تسقط عنه الصلاة ومعه شيء من عقله. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 37606، والفتوى رقم: 44056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1429(11/4930)
هل يجب إيقاظ الصغير لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل عمره عشر سنوات ونصف مازال يتبول لا إرادي عند النوم وهو يصلي فهل يكفي إزالة نجاسة البول من ملابسه وبطانيته بأن أغمر الماء عليها مرة واحدة خاصة وأنه يتبول بشكل يومي كما أني لا أوقظه في صلاة الفجر إلا عند موعد المدرسة ليستحم ثم يصلي خشية عليه من البرد وحتى لا يكره الصلاة إن أنا أيقظته باكراَ وما حكم البول الذي قد يصل إلى الموكت (السجاد) إن وصل عند تقلبه عن الفراش.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لسؤالك ثلاثة فروع الأول: يتعلق بتطهير الثياب والغطاء والفرش.. والواجب في ذلك مكاثرة هذه الأشياء بالماء حتى يذهب أثر النجاسة. وراجعي الفتوى رقم: 4121.
والثاني: يتعلق بإيقاظ ابنك لصلاة الفجر فالذي ينبغي على مذهب جمهور الفقهاء هو وجوب إيقاظه؛ وذلك لأنهم يرون أن أمره بالصلاة في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ للوجوب فيتبع ذلك في الحكم الأمر بما يلزم لفعل الصلاة من طهارة وإيقاع للصلاة في وقتها وإكمال أركانها وواجباتها وغير ذلك، فكل هذه الأمور يجب على الولي الإتيان بها لتعويد الصغير وتعليمه الصلاة، وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب ذلك على الولي، وإنما الأمر الوارد للاستحباب فقط، قال ابن حزم في المحلى: وَيُسْتَحَبُّ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أَنْ يُدَرَّبَ عَلَيْهَا، فَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ أُدِّبَ عَلَيْهَا. اهـ
وجاء في الموسوعة الفقهية: ينبغي لوليّ الصّغير أن يجنّبه المحرّمات، وأن يأمره بالصّلاة ونحوها ليعتادها، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصّلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، وفرّقوا بينهم في المضاجع» .اهـ
والذي نميل إلى رجحانه هو مذهب الجمهور؛ لأن الأصل في الأمر أنه للوجوب. لكن المقرر عند العلماء أن المشقة تجلب التيسير، وأن الحرج مرفوع وبالتالي فلا نرى مانعا من ترك إيقاظه لهذا الظرف خاصة، وأن الشارع الحكيم راعى نحو ذلك بعدم تكليف الأولياء بأمرهم بالصوم وما ذاك إلا لدفع المشقة عنهم؛ فلا تشقي على ولدك وهو غير مكلف واعملي بما هو أرفق به وبك أيضا.
قال في الفواكه الدواني (فقه مالكي) : الْحَدِيثُ قَاصِرٌ عَلَى الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الطَّهَارَةُ وَالصَّوْمُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمَأْمُورَاتِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْأَمْرِ بِهَا خَبَرٌ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِهَا لِأَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا وَوُجُوبِهَا أَيْضًا، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يُنْدَبُ بَلْ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا يَظْهَرُ أَمْرُهُمْ بِهِ لِمَشَقَّتِهِ، وَالْوَلِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ إلْزَامُ الصَّبِيِّ مَا عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ مَشَقَّةً وَلِذَا لَمْ يَأْمُرْ الشَّارِعُ الْوَلِيَّ بِهِ اهـ
والثالث: يتعلق بحالة ابنك هذه فعليك محاولة علاجه والذهاب لطبيب مختص لينظر في سبب التبول وهل هو عضوي أو نفسي، ولتعلمي أن هذه الحالة متكررة عند عدد غير قليل من الأطفال وفي مثل سنه، ولها علاجها إن شاء الله فخذي بأسباب الشفاء، ولا تنسي الدعاء فهو من أقوى هذه الأسباب. وراجعي الفتويين رقم: 18018، 32111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/4931)
فاقد العقل غير مكلف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أخ وقع في الحمام منذ سنتين وبدأ حاله يتغير تدريجياً وهو الآن يسير في الشارع يكلم نفسه ويضحك مع نفسه بدون سبب ولا ينام إلا قليلا وهو الآن في ضياع مستقبل وكلما أقول له صل لا يصلي وأنصحه وأعرفه أن ما به لا يزول إلا بالصلاة وذكر الله والتقرب منه فهو مسلوب الإرادة فقد قال لي إن الجني الذي به يقول له أنت مولود نصراني ووالداك أخذاك وأنت صغير وجعلاك مسلم فارجع للنصرانية دينك، فهم يدعونه إلى النصرانية لكن هو لا يصدقهم في قولهم ويعلم زيف معتقدتهم، فأنا خائف عليه الآن لأنه مسلوب الإرادة وكلما يكلم نفسه أقول له تكلم من، يقول هم الذين يتكلمون ولست أنا، وهم الذين يضحكون ولست أنا فأجعله يسمع الرقية الشرعية فلا يحدث شيء بل يضحك ويزداد كلاما غير مفهوم بل سمعت من خلال كلامه كلمة صليب فأقرأ عليه وأجعله يسمع وذهبت به إلى المشايخ إلى الكثير والكثير فلا يحدث شيء، وللأسف هو مسلوب الإرادة مشتت الفكر، فعندما أقول له الجأ إلى الله فهو الشافي فلا يعي، فهو وصل لي الجنون يذهب هنا وهناك يحدث نفسه ويضحك وهو ماش في الطرقات، فأنا لا أعرف ماذا أعمل معه مستقبلا، أنا أحس بالذنب تجاهه وأني مقصر لأن لا يُشفي مما هو فيه، والأطباء يقولون ليس فيه شيء وووو ولا شيء يحدث فهو حاله يزداد سوءا، فقل لي ماذا أفعل بعد هذا وهل أتركه هكذا يضيع أم ماذا أفعل، فهل لديكم أطباء يعالجون بالقرآن لكريم مثل هذه الحالات مع العلم أني ذهبت إلى الكثير من المشايخ ممن يعرفون بهذا المجال ومن أهل السنة والجماعة ويقرؤون بالرقية الثابته لا مبتدعون فأحسبهم كذلك ولا يحدث شيء، فهل تدلوني على شيخ يعرف بصبره وطول باله.......... فقد دلني أناس إلى رجل يعالج مثل هذه الحالات في التلفون تقول له اسم المريض واسم أمه (وهذه علامة الساحر) لكنه يعالج في التلفون دون مصلحة ولا مقابل مادي، وقد قال لي بعض الناس أنه كان لهم حالة مثل حالة أخي وشفيت في اليوم الثاني، والكثير أكد لي على سرعة العلاج بهذه الطريقة وأنا أعرف أنها طريقة محرمة ولكن أقول لنفسي نعم أنها محرمة، ولكن توجد قواعد شرعيه مثل (الضرورات تبيح المحظورات) وقد قسم العلماء الضرورات لخمس ومنها (العقل) فهل أنا على الصواب أم هذا سوء فهم مني، وقولوا لي ماذا أفعل فنحن نتألم من حاله وأكرر (هو مسلوب الإرادة) يعني لو قلت له صل وقل أذكار الصباح والمساء والجأ إلى الله فلا إرادة له (وأنا آسف لأني أطلت عليكم) أرجوأن تكونوا فهمتم قولي، وإذا لم يكن قد اتضح ما أُريد فذلك لضعف اللغة والبيان عندي.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن فاقد العقل ممن رفع عنهم القلم، ولا يجوز الذهاب إلى السحرة وأصحاب الشعوذة، وإنما يجب الاكتفاء بالرقية الشرعية وبالدعاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللرد على هذا السؤال تجدر الإشارة إلى ما يلي:
1- أن دخول الجن في جسد ابن آدم أمر معلوم، ففي الصحيحين من حديث صفية أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم..
قال ابن حجر الهيتمي: وبه يرد على من أنكر سلوكه في بدن الإنسان كالمعتزلة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة، وهو أمر مشهود محسوس لمن تدبره، يدخل في المصروع ويتكلم بكلام لا يعرفه. اهـ.
2- أن أخاك إذا كان فاقد العقل بسبب مس من الجن أو بأي سبب آخر، فإنه يكون ممن رفع عنهم القلم. فقد ثبت في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
وبالتالي فلا تقلق من كونه يرفض الصلاة أو لا يتمسك بمبادئ الدين ...
3- أن الذي يجوز للمسلم من الرقى هو ما أذن فيه الشرع، ولك أن تراجع في الرقية الشرعية فتوانا رقم: 4310.
4. أن العقل –كما بينت أنت- هو إحدى الضرورات التي أوجب الشرع حفظها، ولكن ذلك لا يعني الذهاب إلى السحرة وأصحاب الشعوذة ... ، وإنما يعني أن من واجب المرء أن يحفظ عقله، بأن لا يستعمل ما يغيب به العقل من مخدر أو مسكر أو مفتر ... علما بأن السحرة وأصحاب الشعوذة لا يستطيعون رد العقل إلى صاحبه إلا بإذن الله وتقديره، والله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته.
فعليكم أن تكتفوا بالرقية الشرعية، وأن لا تذهبوا إلى ذلك الذي تحسبون أن رقيته غير شرعية ...
وأديموا الدعاء لأخيكم فإن الشفاء عند الله، وقد وعد بإجابة الداعين. ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/4932)
هل التكليف مرفوع عن مرضى الوسواس القهري والاكتئاب
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث معناه أن القلم رفع عن ثلاث ومن بينهم المجنون حتي يفيق،
فأرجو توضيح معنى الجنون المقصود في الحديث وإذا كان المقصود به هو غياب العقل فهل ينطبق هذا على المريض النفسي، كالمصاب مثلا بالكآبة المرضية (الاكتئاب النفسي) أو الفصام أو الوسواس القهري، علما بأن المرض النفسي ثابت عند أهل العلم من الأطباء وليس مجرد أوهام كما يتصور البعض، وأنه يكون مصحوبا بما يعرف باضطراب التفكير والنظر للأمور بطريقة غير طبيعية (وذلك بناء علي قول الأطباء وبناء علي تجربتي الشخصية) ، وأنه ثابت بالدليل العلمي أن المرض النفسي في جميع الأحوال ناشئ عن أو على الأقل مصحوب باضطراب في كيمياء المخ أو ما يعرف بالناقلات العصبية في الدماغ أي أنه بالأساس عبارة عن مرض عضوي يعبر عن بعض قصور وخلل في المخ وفي غالب الأحوال لا يمكن التغلب على هذا الاضطراب إلا عن طريق العقاقير؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق.
فالقلم مرفوع عن المجنون إلى أن يفيق أو يعقل، لأنه قبل الإفاقة فاقد لعقله والعقل هو مناط التكليف، والمصاب بالاكتئاب النفسي أو الوسواس القهري أو غير ذلك من الأمراض النفسية إذا وصل به المرض إلى حد يغيب معه عقله، فإنه يكون وقت غياب عقله ممن رفع عنه القلم.
وأما إذا لم يغب عقله، ولكنه صار في حالة عجز عن القيام بالتكاليف أو بعضها على وجه مخصوص فإن أصل التكليف بالعبادة لا يسقط عنه، ولكنه يرخص له في أدائها على الوجه الذي يستسيغه كأن يصلي جالساً إذا كان لا يستطيع القيام في الصلاة، وقد يسقط عنه بعض العبادات إذا عجز عنه بالكلية، كما هو الحال في العجز عن الصيام، وحينئذ ينتقل إلى البدل إن كان للعبادة بدل مثل الفدية في الصيام لمن عجز عنه عجزاً لا يرجى زواله والأصل في هذا قول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(11/4933)
سقوط الصلاة عن المعتوه
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله خيرا ,,,
لي عمة تعيش معنا, عندها مرض عقلي, فهل تجب عليها الصلاة مع العلم أنها تستطيع التفريق بين الحلال والحرام , ولكنها أحيانا تصلي وأغلب الأحيان لا تصلي , مع العلم أنها حين تصلي تكون تضحك وإذا نادى أحد عليها تترك الصلاة وتذهب تجيبه مع إخبارنا لها أنه لا يجوز ترك الصلاة، وربما تتحدث مع نفسها أثناء الصلاة وربما تلتفت يمنة ويسرة وربما تصلي فقط دون أن تقرأ أي سورة فقط حركات الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
فحصول خلل في العقل واختلاط في التصرف يقال له العته، ويعامل صاحبه معاملة المجنون فتسقط عنه التكاليف الشرعية بما في ذلك الصلاة مادام كذلك لأن العقل هو مناط التكليف، والذي ظهر لنا من السؤال أن هذه المرأة اختلطت تصرفاتها فبعضها تشبه تصرفات العقلاء، وبعضها الآخر يشبه تصرفات المجانين، وعليه فلا تكليف عليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا ومن ضيعها خاب وخسر، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 512.
والذي يظهر من خلال ما كتبت أن تلك العمة بها عته وهو خلل في العقل كما عرفه بعض أهل العلم.
ففي كشف الأسرار شرح أصول البزدوي الحنفي: العته آفة توجب خللا في العقل فيصير صاحبه مختلط الكلام فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء وبعضه كلام المجانين وكذا سائر أموره. انتهى
والمعتوه ينسحب عليه حكم المجنون فتسقط عنه التكاليف الشرعية مادام كذلك.
ففي فتح القدير لابن الهمام الحنفي: قد أطبقت كلمة الفقهاء في كتب الفروع على إدراج العته في الجنون. انتهى.
وقال الإمام الشافعي في كتاب الأم: وإذا غلب الرجل على عقله بعارض جن أو عته، أو مرض ما كان المرض ارتفع عنه فرض الصلاة ما كان المرض بذهاب العقل عليه قائما ; لأنه منهي عن الصلاة حتى يعقل ما يقول وهو ممن لا يعقل ومغلوب بأمر لا ذنب له فيه بل يؤجر عليه ويكفر عنه به إن شاء الله تعالى. انتهى.
وبناء على ما تقدم فإن عمتك قد سقطت عنها التكاليف الشرعية بما في ذلك الصلاة لأن العقل هو مناط التكليف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(11/4934)
صلاة المريض بانفصام الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، أعاني منذ 7 سنوات من مرض انفصام الشخصية، وهو اضطراب عقلي، حيث أفقد قدراتي العقلية في أغلب الأحيان وأغيب مدة طويلة عن الواقع ولا أدرك ما حولي وأضحك وأتكلم لوحدي.... ويحدث هذا وأنا أصلي، فعندما أفيق، لا أتذكر كم ركعة صليت، ولا أعرف اٍن وجب علي اٍعادتها أم لا، لا أستطيع التركيز أثناء خطبة الجمعة ولا أثناء صلاة الجماعة نهائيا، بل حتى في حياتي الاجتماعية، مما يدفعني اٍلى ارتكاب أخطاء كثيرة وحتى إن أعدت الصلاة قد أخطئ ثانية، فهل صلاتي سواء الفردية أو الجماعية جائزة، وهل صيامي جائز خلال شهر رمضان، كما أن والدي يرفض مساعدتي ماديا قصد العلاج، فهل يأثم في ذلك، خاصة أن المرض يزداد مع المدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نسأل الله تعالى أن يعجل للأخ السائل بالشفاء وأن يجعل مرضه كفارة لذنوبه ورفعة لدرجاته، وأما عن الصلاة حال المرض، فهذا المرض إن كان لا يذهب بالعقل ولا يجعل صاحبه مجنوناً أو ملحقاً به كالمعتوه، فالصلاة واجبة عليه لا تسقط بحال، وإن كان يذهب بالعقل فإن صاحبه لا يكلف بالصلاة حال جنونه، ولا يجب عليه قضاء ما فاته أثناء جنونه سواء كثر زمن الجنون أم قل، وانظر تفصيل أقوال الفقهاء في الفتوى رقم: 26565.
وكذا بالنسبة للصوم لا يجب على من ذهب عقله بجنون ونحوه لأن من شروط صحة الصوم العقل، واختلف الفقهاء في قضاء الصوم للمجنون بعد إفاقته، والمفتى به عندنا هو أنه لا قضاء على المجنون لا ما مضى ولا ذلك اليوم الذي زال فيه عذره لعدم ورود دليل يلزمه بالقضاء، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 6674.
ونؤكد أن هذا إذا كان المرض الذي ذكره السائل يعد جنوناً، وأما إذا كان لا يعد جنوناً وكان المريض يعقل فتجب عليه الصلاة ولا تسقط عنه بحال، ويجب عليه الصوم إلا عند العجز ويقضي بعد شفائه.
وأما رفض الوالد علاج ولده فإن كان الولد فقيراً وعاجزاً عن تحصيل ثمن الدواء وكان الوالد غنياً فإنه يجب على الوالد نفقة علاج ولده ويأثم إن لم يقم بهذا الواجب، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 24720، والفتوى رقم: 58815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1428(11/4935)
مسائل في معاملة المجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخي الأكبر عمره 35 سنة مصاب بمرض عقلي مع أنه يعي بعض الأشياء وبصفة مختصرة سنه أكبر من عقله بكثير ويخضع للعلاج عند دكتور الأمراض العصبية نظراً لعصبيته وعنفه وفي الآونة الأخيرة أصبح أكثر حدة وصلابة وعنفا ولأنه يتمتع بصحة جيدة فلا يستطيع أحد التحكم فيه إلا بالقوة من طرف إخواني الأصغر منه إضافة إلى أبي.. سؤالي هو: أن الدكتور وصف له دواء يجعله في حالة خمول ولسانه ثقيل وحركته ثقيلة وكأنه مخدر ويكون هادئا والآن تعود على ذلك الدواء وأصبح لا ينفعه فقرر الأهل بمشورة الطبيب زيادة جرعات الدواء فخاف أبي أن يهلكه أو ينهش لحمه أو يؤدي إلى وفاته وبالتالي سيحاسب عند المولى عز وجل، مع العلم أن وجهه أصبح يميل إلى السواد وقل وزنه وظهرت فيه بعض الأعراض، وأريد أيضا أن أحيطكم علما بأن أبي يحثه على الصيام ويشجعه ويصوم معنا شهر رمضان كاملا بإرادته، فهل أبي يرتكب ذنبا بهذا أم لا وأمي تمنحه كل ما يشتهيه إلا شرب القهوة لأنها ممنوعة من طرف طبيبه وهو يجن إذا لم يشربها، أريد أن أعرف ما حكم الشرع في هذا، وهل يأثم أبي وأمي وهل يمكنهما وضعه في مصحة الأمراض العقلية أو مستشفى المجانين، مع العلم بأنهما رافضان للفكرة خوفا عليه من الضرب والإهانة التي قد يتعرض لها إضافة إلى أنه قد يموت هناك وقد أتعب والدي كثيراً حتى أصيب أبي بمرض السكر والضغط وأمي بارتفاع الضغط وضرب أخواي وتمزيق ملابسهما وتكسير أثاث البيت، فأرجوكم أجيبوني في أقرب وقت وماذا علي أو على أهله عمله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
زيادة جرعات الدواء للمجنون بعد موافقة الطبيب جائزة، والمجنون الذي يفيق في وقت الصيام يجب عليه الصوم، ولا يجوز إدخال المجنون في مستشفى الأمراض العقلية إذا ترتب على ذلك الضرب الشديد أو الإهانة وأحرى الموت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم الشفاء العاجل لأخيك، وإذا كان أهله قد استشاروا طبيباً ثقة في شأن زيادة جرعات دوائه وكان يرى المصلحة في ذلك فلا إثم عليهم في هذه الحالة؛ بل هذا هو المطلوب.
وبخصوص الصيام فهو واجب عليه إذا كان في وقت الصيام يتمتع بعقله، وقد أحسن والده في شأن تشجيعه على الصيام وحثه عليه، وإن كان وقت الصوم فاقداً للعقل فلا يشرع أمره بالصيام لأن العقل شرط في وجوب الصيام وصحته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26873.
ولا يجوز إدخال الشخص المذكور في مستشفى المجانين إذا حصل يقين أو غلبة ظن بكونه سيتعرض للأذى كالضرب والإهانة وأحرى الموت لحرمة السعي في أذية المسلم، وراجعي الفتوى رقم: 23670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(11/4936)
مجرد إدراك الطفل الفروق بين الأشياء ليس من علامات البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحكم ببلوغ الذكر بإدراكه ماهية الأشياء والفرق بين الشرك والإيمان حيث قرأت أن الحافظ ابن حجر قد استنبط هذا الحكم من قول الرسول في حادثة الغلام اليهودي حيث قال أشرف الخلق "الحمد الذي أنقذه بي من النار" مستدلا بلفظة غلام فما مدى صحة هذا الكلام، وهل علامات البلوغ تظل الثلاث علامات فقط عند الذكور؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذكر يحكم ببلوغه بواحد من ثلاثة أمور: الاحتلام، أو الإنبات، أو بلوغ خمس عشرة سنة قمرية، على الراجح، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 10024 فنرجو أن تطلع عليها.
وأما ما أشرت إليه عن الحافظ ابن حجر فإنه لم يقصد به أن الصبي يبلغ مبلغ الكبار إذا عقل ماهية الأشياء، وإنما يقصد به أن الصبي إذا عقل الكفر أنه يعرض عليه الإسلام وهذا ما صرح به في الفتح عند شرحه للحديث الذي أشرت إليه فعقب عليه بفوائد الحديث، فقال: وفيه عرض الإسلام على الصبي، وفيه أن الصبي إذا عقل الكفر ومات عليه أنه يعذب.
وهذا تصريح منه بأنه صبي وليس ببالغ، وهو إشارة منه إلى خلاف أهل العلم في مصير أولاد المشركين، وقد فصله فيما بعد في باب أولاد المشركين من كتاب الجنائز، فقد ذكر فيه هناك عشرة أقوال لأهل العلم مع ما يستدل به عليها.
والحاصل أن علامات البلوغ التي يكون بها الولد أهلاً للتكاليف الشرعية هي ما ذكرنا في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1428(11/4937)
حكم أداء الصلاة قبل النطق بالشهادتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن دخل الإسلام (جديدا) أن يصلي قبل أن ينطق الشهادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدخول في الإسلام من شروط الصلاة، والشخص القادر على النطق لا يصير مسلماً إلا إذا نطق بالشهادتين جازماً بهما، وعليه فمن أراد الدخول في الإسلام فلينطق بالشهادتين أولاً وليتطهر ثم يصلي إذا جاء وقت الصلاة بعد إسلامه أو أسلم أثناء الوقت، أما الصلاة قبل النطق بالشهادتين فلا عبرة بها، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17454، 68676، 31032.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(11/4938)
لا مؤاخذة على أفعال فاقد الوعي
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كبير في العمر ويعاني من ضمور في الدماغ، المشكلة هي أنه يسب الذات الإلهيه باستمرار،
أجمع الأطباء أنه فاقد للوعي، فهل عليه إثم، السؤال هو: ما هو الحل لإيقافه عن هذا الأمر؟ بوركتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقل هو مناط التكليف، ومتى فقد العقل فلا يؤاخذ الإنسان لأن القلم مرفوع عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.
وما دام الأطباء اتفقوا على فقد والدك لوعيه وعقله فلا شيء عليه، ولا يمكن كفه عما يقول لأنه لا يعقل، وإنما ينبغي الدعاء له بالعافية وأن يجنبه الله هذا القول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(11/4939)
أقل سن يمكن أن يبلغ فيها الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوى الرقم 79189 وما استشكل علي هو مدي صحة تأيدكم للربط بين شعر العانة كدليل بلوغ وسن مناسب للبلوغ وهو اثنا عشرة سنة فيما فوق طبقا للفتوى 78893 واثنا عشرة سنة هو مذهب الأحناف فهل هذا الأقرب للصواب علما بأن لدي الحنابلة والشافعية الحد الأدني للبلوغ 9 سنوات؟ أرجو التوضيح وأتمنى أن أكون أصبت في التعبير وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول الذي ذهبنا إليه واخترناه في الفتوى المشار إليها وهو أن أقل سن يمكن أن يبلغ فيها الصبي هو اثنا عشرة سنة هو مذهب الحنفية. وقد بينا في الفتوى رقم: 78977، اختلاف العلماء في ذلك وسببه.
والأمر فيه سعة فلو أخذ شخص بقول الشافعية والحنابلة فلا حرج عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1427(11/4940)
علامات البلوغ عند الأحناف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معجب بهذا الموقع وأتصفح موقع المسلم والإسلام اليوم طبقا لنصيحتكم من خلال الموقع ولدي استفساران: هل يأثم من يحلق اللحية فقد حدثني صديق عن كتاب اسمه "مقاصد الشريعة" للشيخ القرضاوي وأن به بعض الموضوعات التي يجب من خلالها مراعاة مقصد الشريعة في عدم حلق اللحية في زمن الصحابة وذلك لمخالفة المجوس وأيضا الإسبال لما فيه من الخيلاء والغرور فما مدى صحة ذلك وما رأيكم في الكتاب، هل نعلم أبناءنا أحكام البلوغ من سن 12 سنة أم قبل ولماذا اتخذت أحد فتاويكم منهج أبي حنيفة في ذلك، وهل لتلك الفتوي تتبع معاصرا، أم أن منهج أبي حنيفة هو الأقرب للصواب في أن الحد الأدني للبلوغ في الذكر هو 12 سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تذكر الفتوى التي استشكلت ما فيها ونرجو أن تراجع الأمر مرة أخرى، فإن المعروف عندنا وهو الموجود في أغلب الفتاوى هو أن أبا حنيفة رحمه الله يرى أن البلوغ بالنسبة لمن لم تظهر له إحدى العلامات كالاحتلام والشعر والحيض إنما يكون عند السنة الثامنة عشرة.
وأما تعليم الأبناء ما يلزمهم فعله بعد البلوغ وتعويدهم على العمل به فهو أمر ضروري جداً، ويبدأ به في الوقت الذي يمكن للولد أن يتفهم ما يقال له، وآكد الأمور الصلاة فيؤمر بها الصبي وتعلم له في السابعة من عمره ويضرب عليها في العاشرة، ويعود في العاشرة على عدم مخالطة الأولاد عند النوم، وراجع في الراجح في سن البلوغ وللتفصيل في أمر اللحية والإسبال، وللمزيد فيما ذكرنا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71215، 18947، 26639، 21266، 5943، 37052، 64755، 7762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(11/4941)
مذاهب العلماء في السن الأدنى لبلوغ الذكر والأنثى والخنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل من الشرع في أن الحد الأدنى للبلوغ هو 12 سنة في الذكر كما ورد في فتواكم 78498؟ وهل المقصود 12 سنة قمرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد دليل صحيح في تحديد أقل سن يمكن أن يبلغ فيه الصبي والصبية بإنزال مني أو حيض للفتاة ونحوهما، ومن ثم اختلف الفقهاء في تحديد ذلك، فعند المالكية والشافعية باستكمال تسع سنين قمرية بالتمام, وفي وجه آخر للشافعية: مضي نصف التاسعة، ذكره النووي في شرح المهذب.
وعند الحنفية: اثنتا عشرة سنة وهو الذي ذكرناه في الفتوى التي وقفت عليها.
وعند الحنابلة: عشر سنين. ويقبل إقرار الولي بأن الصبي بلغ بالاحتلام، إذا بلغ عشر سنين.
والسن الأدنى للبلوغ في الأنثى: تسع سنين قمرية عند الحنفية، والشافعية على الأظهر عندهم، وكذا الحنابلة لأنه أقل سن تحيض له المرأة، وفي رواية للشافعية: نصف التاسعة، وقيل: الدخول في التاسعة، ولأن هذا أقل سن لحيض الفتاة. والسن الأدنى للبلوغ في الخنثى: تسع سنين قمرية بالتمام، وقيل نصف التاسعة، وقيل: الدخول فيها.
وهذه التقديرات مرجعها إلى التتبع كما أشار إليه الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق، وهو الذي اعتمدوا عليه في تحديد اثني عشر سنة في الغلام وخالفهم غيرهم في ذلك لاختلاف التتبع من كل واحد منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(11/4942)
توضيح حول علامات البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني حريص على أن أقرأ جديد الأسبوع في هذا الموقع الأكثر من رائع ولقد قرأت الفتوى رقم 78480 واختلط علي بعض الأمور والتي أرغب في التأكد منها منكم وهي:
1- أن إطلاق اعتبار شعر العانة كدليل إنبات هو لدى المالكية والحنابلة أما الشافعية فمنهم من قال إنه لدى الكفار فقط وقد أوضح الإمام الشافعي نفسه في كتابه الأم أن علامات البلوغ هي 15 سنة والاحتلام.
2- كون طول الشعر سم أو سم نصف غير خشن مستبعد فهناك شعر في الجسم بنفس الطول ولكنه ضعيف ولا يعتبره إمامنا الحافظ ابن حجر دليل بلوغ حيث قوله " لا يعتد بالضعيف ولا الزغب "
3- الشعر عموما يخشن بعد الحلق فقد يكون السائل في هذه الفتوي لم يجر علي شعره الموسى
4- وهي أهم نقطة أن الشعر يمر بمراحل فهل إذا علم الشخص بتاريخ الاحتلام بالضبط ولم يعلم توقيت نبات الشعر الخشن بالضبط فهل يلتزم بمحاسبة نفسه منذ الاحتلام فقط؟
أرجوا أن تردوا على نقاطي وكم أتمني أن أدعم هذا الموقع ولكن لا أعلم كيف وأخيرا أكثر الله من أمثالكم وبارك الله في د/ عبد الله الفقيه وهذا الثناء لوجه الله ولا نزكي أحدا على الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما النقطة الأولى من سؤالك فقد ذكرنا فيها أن المعتبر في شعر العانة الذي يثبت به بلوغ المرء حد التكليف هو الخشونة التي يستحق معها أن يؤخذ بالموسى. وذكرنا كلام ابن قدامة في ذلك، وقلنا إن مثل هذا [أي اعتبار خشونة الشعر في الإنبات] يوجد في كتب المالكية والشافعية، فقد قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثالث في البلوغ، ويحصل في حق الغلام والجارية بأحد ثلاثة أشياء، وفي حق الجارية بشيئين يختصان بها؛ أما الثلاثة المشتركة بين الذكر والأنثى: فأولها خروج المني من قبله وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد ... إلى أن قال: وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل، أو فرج المرأة الذي استحق أخذه بالموسى، وأما الزغب الضعيف فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير. وبهذا قال مالك والشافعي في قول، وقال في الآخر: هو بلوغ في حق المشركين، وهل هو بلوغ في حق المسلمين؟ فيه قولان. اهـ
وليس معنى ما ذكرناه أن الشافعية مجمعون على أن الإنبات دليل على البلوغ، وإنما معناه أن المعتبر في الإنبات عند من يقول به منهم هو خشونة الشعر.
ثم إن استبعادنا لكون طول الشعر سم أو سم ونصفا دون أن يكون خشنا، ليس معناه نفي ذلك البتة، وإلا لما أجبنا بما أجبنا به، وإنما معناه أنه نادر.
ثم إنه إذا حصلت خشونة في شعر العانة سواء كان ذلك بسبب استعمال الموسى أم لا، فإن ذلك يعتبر دليلا عند من يقول به من أهل العلم بشرط أن يكون صاحبه في سن يحتمل فيها البلوغ، وهي اثنتا عشرة سنة فما فوق.
وحول النقطة الأخيرة، فإن الشخص إذا حصل له بعض أدلة التكليف، سواء كانت احتلاما أو إنباتا للشعر الخشن فعليه أن يلتزم بمحاسبة نفسه، وإذا شك في حصول دليل التكليف فعليه أن يأخذ نفسه بالاحتياط.
مع أن الأفضل له أن يمتثل أوامر الشرع ويبتعد عن منهياته قبل البلوغ؛ لأن كل ذلك سيكتب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/4943)
مدى اعتبار شعر العانة دليلا على البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لم يعتبر كل من الحنفية والشافعية نبات شعر العانة كدليل للبلوغ علما بأن هناك واقعة أكدت ذلك في التراث الإسلامي وأيهما يأتي أولا الاحتلام أم نبات شعر العانة المعتد به كعلامة للبلوغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشافعية لا يعتبرون نبات شعر العانة من علامات البلوغ في حق الطفل المسلم لأنه ربما لجأ إلى تعجيله بوسيلة ما للتخلص من الحجر عليه، فإنه ما دام صغيرا يمنع من التصرف في أمواله. ففي الغرر البهية ممزوجا بالبهجة الوردية على الفقه الشافعي:
ونبت أي وبنبات عانة خشنة يحتاج في إزالتها إلى حلق لطفلِ مَن كفر أو جهل إسلامه ولو أنثى؛ لخبر عطية القرظي قال: كنت من سبي بني قريظة فكانوا ينظرون من أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل، وكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت فجعلوني في السبي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وليس ذلك بلوغا بل أمارة عليه، ولهذا لو لم يحتلم وشهد عدلان بأن عمره دون خمس عشرة سنة لم يحكم ببلوغه بالنبات كما يعلم مما سيأتي، وإنما يكون أمارة في الخنثى إذا كان على فرجيه. قال الماوردي: أما طفل المسلمين فلا يحكم ببلوغه بذلك لسهولة مراجعة الآباء، والأقرباء من المسلمين بخلاف الكفار، ولأنه متهم في الإنبات فربما تعجله بدواء دفعا للحجر وتشوفا للولايات؛ بخلاف الكافر فإنه يفضي به إلى القتل أو ضرب الجزية، وهذا جرى على الأصل والغالب وإلا فالأنثى والخنثى والطفل الذي تعذرت مراجعة أقاربه المسلمين لموت أو غيره حكمهم كذلك. انتهى.
وجعلوا الحديث الوارد في الإنبات دليلا على البلوغ في الطفل الكافر دون المسلم.
وأما الحنفية فعللوا عدم اعتباره دليلا على البلوغ بكونه يختلف من بلد لآخر ومن بيئة لأخرى، وتأولوا الحديث بكون النبي صلى الله عليه وسلم علم عن طريق الوحي أن الإنبات في القوم المذكورين يكون عند البلوغ أو أراد تنفيذ حكم سعد فيهم. ففي المبسوط للسرخسي وهو حنفي:
وفيما ذكر من الأخبار في الأصل عن الزبير رضي الله عنه عمن شهد المشاهد قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة فقال: من كانت له عانة فاقتلوه، ومن لم تكن له عانة فخلوا عنه. فكنت ممن لا عانة له، فخلي عني. قلت: وما من أحد إلا وله عانة، فالعانة في اللغة الموضع الذي ينبت عليه الشعر، ولكن المراد: من نبت الشعر على ذلك الموضع منه. وجعل اسم الموضع كناية عنه، وبه يستدل مالك رحمه الله تعالى، فإنه يجعل نبات الشعر دليل البلوغ، ولسنا نقول به لاختلاف أحوال الناس فيه، فنبات الشعر في الهنود يسرع، وفي الأتراك يبطئ، وتأويل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف من طريق الوحي أن نبات الشعر في أولئك القوم يكون عند البلوغ، أو أراد تنفيذ حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، فإنه كان من حكمه بأن يقتل منهم من جرت عليه الموسى لعلمه أنه كان من المقاتلة فيهم. انتهى.
ونبات شعر العانة يأتي متزامنا مع بعض علامات البلوغ الأخرى كالاحتلام مثلا. قال ابن قدامة في المغني متحدثا عن الإنبات:
ولأنه أمر يلازم البلوغ غالبا فكان عَلَما عليه كالاحتلام. انتهى.
وقد يختلف الأمر هنا حسب الأشخاص والبيئات، فقد يوجد من الناس من يتقدم في حقه الإنبات عن الاحتلام، ومنهم من يتأخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(11/4944)
الحد الأدنى لسن البلوغ لدى الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء وصف شعر العانة الذي يعتبره الفقهاء علامة للبلوغ وصفا تفصيليا وما هو الحد الأدني من السن لظهوره في البلدان العربية والحد الأدني لسن بلوغ الذكر أيضا حيث إنني قرأت في موقعكم الموقر أن الحد الأدني لبلوغ الأنثى هو 9 سنوات فماذا عن الذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن شعر العانة الذي يثبت به بلوغ المرء حد التكليف هو ما كان منه خشنا نابتا حول ذكر الرجل أو فرج المرأة. قال ابن قدامة في المغني: وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل أو فرج المرأة، الذي استحق أخذه بالموسى، وأما الزغب الضعيف فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير. ولك أن تراجع لمزيد الفائدة في هذا فتوانا رقم: 9568.
وأما أدنى سن يحصل فيها البلوغ للذكر فهي اثنتا عشرة سنة. قال في فتح القدير: وأدنى المدة لذلك في حق الغلام اثنتا عشرة سنة، وفي حق الجارية تسع سنين ...
وأما ما سألت عنه من الحد الأدنى للبلوغ في خصوص البلدان العربية فلا نرى إلا أنها هي الحد الأدنى لسن البلوغ عموما؛ لأنا لم نجد دليلا يخصص البلدان العربية عن غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(11/4945)
صفة شعر العانة الذي يثبت به البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتد بشعر عانة ناعم طوله من سم أو سم ونصف كدليل للبلوغ أم يشترط الشعر الخشن؟ وما هو وصف شعر العانة الذي يعتد به في البلوغ لدى العلماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في شعر العانة الذي يثبت به بلوغ المرء حد التكليف هو الخشونة التي يستحق معها أن يؤخذ بالموسى. قال ابن قدامة في المغني: وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل أو فرج المرأة، الذي استحق أخذه بالموسى, وأما الزغب الضعيف فلا اعتبار به, فإنه يثبت في حق الصغير.
ومثل هذا في كتب المالكية والشافعية، وأما الحنفية فليس الإنبات عندهم دليلا على البلوغ.
وما ذكرته من طول الشعر بحيث يبلغ 1سم أو 1سم ونصف دون أن تكون فيه خشونة، هو -في الحقيقة- مستبعد، ومع ذلك فإذا وجد فالمعتبر هو الخشونة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/4946)
الإنبات إحدى علامات البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك قول لابن قدامة معناه أن نبات شعر العانة يتزامن مع إحدى علامات البلوغ الأخرى، فهل من الممكن أن يحتلم الإنسان ويظهر شعر العانة بعد الاحتلام بسنة وما هو معنى التزامن هنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابن قدامة في معرض حديثه عن الإنبات وأنه إحدى علامات البلوغ، قال: ولأنه خارج يلازمه البلوغ غالباً، ويستوي فيه الذكر والأنثى، فكان علما على البلوغ، كالاحتلام، ولأن الخارج ضربان: متصل ومنفصل، فلما كان من المنفصل ما يثبت به البلوغ كان كذلك المتصل..
ولم نقف في كلامه على كلمة يتزامن، ولو افترضنا أنه قالها، فإن معناها أن شعر العانة في الغالب تصحبه علامات أخرى للبلوغ، كالاحتلام والحيض ونحو ذلك، ثم إنه لا مانع من أن يحتلم الإنسان ويظهر شعر العانة بعد احتلامه بسنة، أو لا يظهر له شعر في العانة طيلة عمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/4947)
إنبات الشعر يلازم البلوغ غالبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أقل سن يبلغ فيه الصبي؟ وما هو سن ظهور الشعر الخشن حول العانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلامات البلوغ التي تدل عليه تقدم تقصيلها في الفتوى رقم: 10024، كما سبق في الفتوى رقم: 18947، بيان مذاهب أهل العلم حول السن التي يعتبر صاحبها بالغا سواء كان ذكرا أو أثنى، وقد ذكرنا أن الراجح أن سن البلوغ هي خمس عشرة سنة.
وبخصوص وقت ظهور شعر العانة الذي هو علامة على البلوغ فإنه غالبا يختلف من شخص إلى آخر ومن بيئة إلى غيرها، ولكن غالبا يظهر متزامنا مع بعض علامات البلوغ الأخرى كخروج المني أو بلوغ سن الخامسة عشر مثلا، قال ابن قدامة في المغني متحدثا عن إنبات الشعر: ولأنه أمر يلازم البلوغ غالبا فكان علما عليه. انتهى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1427(11/4948)
فاقد الإدراك لا صلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[من بلغ من الإعياء مبلغه ولا يعي ما يقول - هل يأخذ حكم السكران من عدم قرب الصلاة؟ أم يصلي على استطاعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أصابه إعياء أفقده الإدراك فلا صلاة عليه لأنه في حكم المغمى عليه، وعليه أن ينتظر حتى يفيق فيصلي، فإن أفاق بعد خروج الوقت فقد اختلف أهل العلم هل يجب عليه القضاء أم لا؟ والراجح أنه لا قضاء عليه. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 51679.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(11/4949)
لا تجب الصلاة على من اختلط عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن أبي فهو شيخ كبير ربما فوق السبعين أو أكثر به سلس البول وكان يهتم بالطهارة جدا ولكن الآن ومع تقدم العمر أصبح ينسى ولا يركز كثيراً وأحياناً يذهب للمسجد وهو لم يكمل وضوءه مثلا ينسى غسل رجليه أو تمتلئ يداه دائماً من البول أو ثوبه حينما يخرج من دورة المياه ويذهب للصلاة وحينما نقول له صل في البيت لايحسن الصلاة مثلا يصلي المغرب أربعاً وأمي الآن تساعده على الوضوء أي تغسل عضوا عضوا مما أتعبها كثيرا فماذا يجب علينا؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدكم قد وصل إلى سن الخرف بحيث اختلط عقله كما هو الظاهر، فلا تجب عليه الصلاة أصلاً، ولا الطهارة، وإذا فعل شيئاً من ذلك وظهر فيه الخلل فلا يؤاخذ عليه لسقوط التكليف عنه، لكن إذا كان يفيق من خرفه في أوقات الصلوات مدة تكفي لأداء الصلاة، وجب عليه أداؤها، لأن العقل مناط التكليف، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} والمرء مأمور بفعل ما في وسعه، والصلاة بالنسبة لحاضر العقل واجبة لوجود شروطها، وراجع الفتوى رقم: 6904، والواجب عليكم تجاه أبيكم هو الرفق به، وأن تعتنوا بنظافته وإصلاح شأنه كله، حسب استطاعتكم لأن ذلك من حقه ومن البر به، وكذلك زوجته، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37606، 49532، 9346.
والله تعالى يعينكم ويثيبكم خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(11/4950)
الخنثى المشكل تلزمه الأحكام الشرعية كلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام الجنس الثالث؟ وهل تجوز توبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك بالجنس الثالث الخنثى المشكل، وهو من له آلة ذكر وآلة أنثى ولم يظهر شيء من العلامات التي تميزه.. فإن الرجال يعاملونه على أساس أنه امرأة، والنساء يعاملونه معاملة الرجال، وله أن يعرض نفسه على الطبيب ويأخذ العلاج ليتبين حاله. وتلزمه الأحكام الشرعية من صلاة وصيام ونحو ذلك، ولو وقع في ذنب وجب عليه التوبة منه؛ إلا أنه يعمل بالأحوط فيغطي في صلاته كل بدنه إلا الوجه والكفين، ولا يختلي بامرأة لاحتمال كونه رجلاً، ولا برجل لاحتمال كونه امرأة، ولا يصلي بالناس.. إلى غير ذلك من الأحكام التي تخصه، لكنه في النهاية مكلف تلزمه العبادات كلها ومنها الصيام والتوبة من الذنوب.
وأما إن كان قصدك بالجنس الثالث المخنثين المتشبهين طوعا بالنساء؟ فهؤلاء ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه أحمد وأصحاب السنن عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. وعلى هؤلاء المتشبهين أن يتقوا الله ويتوبوا إليه ويقوموا بما أوجب الله عليهم من العبادات واجتناب المحرمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/4951)
المريض.. صلاته وطهوره
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عمل حادث مرور خطير فأدخل غرفة العمليات فطالت العملية ثم أخرج إلى غرفة الإنعاش ومن المعلوم أن الإنسان فى هذه الحالة يكون فاقدا للوعي وإن كان واعيا يكون فى حالة تعب شديد وألم فلم يصل فكيف يعمل، فهل سقطت الصلاة عنه أو يقضيها أو كيف يعمل، وفي طهوره هل يغسل الأجزاء السليمة ويتيمم للباقي أم يتيمم فقط، أرجو جوابا مفصلا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو الله تعالى الشفاء للشخص المذكور، ثم نقول ما دام هذا الشخص فاقدا لوعيه فقد سقطت عنه التكاليف الشرعية ولا يلزمه قضاء الصلوات التي فاتت عليه حال غيبوبة عقله.
أما في حالة الوعي والتمتع بالعقل فلا تسقط عنه الصلاة بحال من الأحوال لكن يلزمه أداؤها حسب استطاعته، فإن عجز عن الصلاة قائماً صلى جالساً، وإن عجز عن الجلوس صلى مضطجعاً، فإن لم يقدر إلا على الإشارة بطرف عينه فعل ذلك، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6855، 1176، 22545.
وبالنسبة للطهارة للصلاة فإن قدر الشخص المذكور على وضوء كامل وجب عليه ذلك، وإن تعذر عليه غسل بعض الأعضاء اكتفى بالمسح عليها مباشرة، فإن لم يمكنه المسح جعل عليها عصابة ومسح فوقها، فإن لم يمكنه المسح أيضا، غسل الصحيح من أعضاء وضوئه وتيمم للباقي، وراجع الفتوى رقم: 61672.
فإن لم يمكنه استعمال الماء لكونه خاف مرضاً أو زيادته أو تأخر شفاء اكتفى بالتيمم، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 12699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/4952)
هل التكليف مرفوع عن مريض الاكتئاب
[السُّؤَالُ]
ـ[1. هل مرض الاكتئاب المزمن الحاد مع الأمراض النفسية. هل هو من الذين رفع عنهم التكليف في دينهم هذا مع الاختصار وأطلب منكم الإيضاح بدليله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مرض الاكتئاب من الأمراض النفسية التي تعالج بتقوية الإيمان وكثرة الأذكار والأدعية..
وقد سبق بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 26806.
وما دام صاحبه يتمتع بعقله فإن التكاليف الشرعية لا تسقط عنه، فيؤديها حسب استطاعته، كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن 16} وقال صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. فالتكليف مناطه العقل ولا يسقط ما دام موجودا.
أما إذا وصل به الأمر إلى حد فقدان العقل فإن التكاليف تسقط عنه، وقد قال أهل العلم إن الله إذا سلب ما وهب ـ العقل ـ أسقط ما أوجب.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 44197، 50668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/4953)
ثواب الطاعة قبل البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يؤجر الطفل على الأعمال التي قام بها في صغره بعد البلوغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصبي يثاب على الأعمال التي قام بها قبل بلوغه لما رواه مسلم عن كريب: أن امرأة رفعت صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج، قال: نعم، ولك أجر.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر. رواه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بإسناد صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/4954)
البالغ العاقل مسؤول عن أعماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى أن تجيبوني على هذا السؤال: ما حكم من مات وهو مراهق (17) سنة، لقد سمعت من إحدى المؤمنات أن من مات وهو لم يتعد عشرين عاماً أن الله يرحمه من العذاب ... لأن المراهقين غير واعين أحياناً، لقد مات أخي هذا الشهر، كانت البراءة واضحة عليه منذ الصغر، لكن لسانه يزل أحياناً ببعض الكلمات، مثل اللعنة وسب أصحابه، هل يعاقب عليها؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن بلغ سبعة عشر سنة فقد بلغ سن التكليف وأصبح مكلفاً إذا كان عاقلاً، وتوجه إليه الخطاب الشرعي، وهو مسؤول عن ذلك يوم القيامة، والمرفوع عنه القلم إنما هو الصبي قبل بلوغه، فإذا بلغ زال العذر، وسيجازى على حسناته ويُسأل عن سيئاته.
وأما اللعن والسب فإنها من زلات اللسان الخطيرة وإذا كانت لمن لا يستحق ذلك فهي معصية كبيرة، وقد بينا حكم اللعن في الفتوى رقم: 10853.
ولكن الحسنات يذهبن السيئات، ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، إلا أنه ينبغي علينا معاشر الأحياء أن نعتبر ونستعد للموت ولا نتكلم أو نعمل إلا بما يسرنا لقاؤه غداً: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا {آل عمران:30} ، فالحياة قصيرة ولو طالت، والعاقل من اتخذها مطية إلى الآخرة وتزود فيها من الأعمال الصالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(11/4955)
ترتفع التكاليف بفقدان القدرة العقلية والبدنية
[السُّؤَالُ]
ـ[قريبي لا يصلي أبدا وهو في حالة غيبوبة والدماغ لديه ميت وابنته حامل في الشهر الثامن وتعلم أن الحامل صلاتها بسبعين صلاة وهي تريد أن تصلي صلاتها وصلاة والدها لكي تخفف عنه ويرتاح وهو منذ أسبوعين في الغيبوبة والأطباء يقولون لا يوجد أمل من شفائه وإذا عاش يعيش عاجزا والسؤال هل يمكن أن تقضي الصلاة عنه وماذا يمكن أن نفعل لنخفف عنه العذاب وهل يمكن أن يدفع شيئ أو ماذا أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذا الشخص لا يصلي منذ أصيب بتلك الغيبوبة فالجواب أن الشخص إذا صار في هذه الحالة ارتفعت عنه التكاليف لأنه فقد القدرة البدنية والعقلية معا فلا تجب عليه الصلاة في هذه الحالة، ولو قدر أنه شفي وعاش فلا يطالب بقضاء الصلوات التي مرت عليه وهو في غيببوبة.
ثم إن الصلاة عبادة بدنية محضة لا تدخلها النيابة كما سبق في الفتوى رقم: 38502، وبالتالي، فلا تشرع صلاة ابنته عنه إلا إذا صلت بعض النوافل وأحبت أن تهب ثوابها له، فقد أجاز ذلك بعض أهل العلم؛ كما سبق في الفتوى رقم: 8132.
وعليكم بالتضرع والالتجاء إلى الله تعالى أن يشفيه ويعافيه مما أصابه، وعليكم أن ترضوا بقضاء الله تعالى وقدره فإنه سبحانه وتعالى قال عن نفسه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء: 23} ثم إن المؤمن قد يصاب بالبلاء لتكفير خطاياه وسيئاته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من هم ولا حزن ولا وصب ولا نصب ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه مسلم. وقد يكون ذلك لرفع درجاته وزيادة حسناته؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري، هذا في جانب ما يعاني منه الشخص المذكور -عافانا الله وإياه- وأنتم لا تستطيعون أن ترفعوا عنه الألم ولا أن تدفعوا عنه الموت، والذي تستطيعونه هو الرفق به ما دام حيا والدعاء له، وإذا مات أن تحسنوا إليه وتستغفروا له وتتصدقوا عنه، فإن الصدقة تصل الميت، هذا، ولم نطلع على ما يفيد أن صلاة الحامل تعدل سبعين صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/4956)
لا ينبغي للمسلم قبل البلوغ أن يعود نفسه على التهاون بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة سني14سنة، أريد أن أعرف هل عندي ذنب أم لا هو أني أصلي وأقطع أو مثلا أثناء الموسم الدراسي أصلي الصبح والفجر والظهر ولا أصلي العصر والمغرب والعشاء وهذا الشيء يتكرر كل يوم والسبب هو كثرة الإنجازات والتمارين المدرسية فلا يسعني الوقت هل عندي إثم رغم أني لست بالغة أي لست مكلفة أريد جوابا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا علامات البلوغ بالنسبة للذكر والأنثى في الفتوى رقم: 10024 فإن لم تظهر عندك إحدى علامات البلوغ فإنك لا تأثمين بترك الصلاة لأن القلم ما زال مرفوعا عنك، ولا يعني هذا أنك لا تؤمرين بالصلاة قبل البلوغ. فقد جاء في الحديث كما رواه أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. قال الألباني: صحيح. ولكن هذا الأمر واجب على الآباء. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: قال الطيبي: جمع بين الأمر بالصلاة والفرق بينهم في المضاجع في الطفولة تأديبا لهم ومحافظة لأمر الله كله وتعليما لهم المعاشرة بين الخلق وأن لا يقفوا مواقف التهم فيجتنبوا المحارم. انتهى.
ولا ينبغي للمسلم قبل البلوغ أن يعود نفسه على التهاون بالصلاة فيعتاد ذلك بعد البلوغ، فإن كانت السائلة قد وصلت إلى هذه السن ولم تبلغ فإنها قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من البلوغ، وعليه، فإنه ينبغي لها أن تحافظ على الصلاة في أوقاتها ولا تقدم عليها شيئا، فإن الصلاة شأنها عظيم، وهي عماد الدين وهي أعظم وأهم وآكد من كل الدراسات والتمارين التي تقومين بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/4957)
لا تسقط الصلاة ما دام المرء بوعيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها المشايخ لي قريبة تبلغ من العمر حوالي 75 سنة ومريضة بالرعاش في جميع جسمها وهي لا تصلي الآن ولا في حالة صحتها، وقد طلبت منها بنت أختها أن تصلي الآن إلا أنها ادعت عدم الاستطاعة على ذلك، سؤالي: كيف نعالج معها هذه المشكلة نحن الأقارب، هل علينا إثم إذا لم نعاود المحاولة مرة أخرى في حثها على أداء الصلاة، هل نقاطعها أم ماذا نفعل؟ جزاكم الله الثواب والأجر، ورفع لكم الدرجات في الجنة إنه سميع مجيب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يجب عليكم تجاه هذه المرأة هو أن تبينوا لها أن الصلاة لا تسقط ما دام عقل الإنسان باقيا، فعليها أن تصلي بحسب استطاعتها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لعمران بن حصين لما مرض: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري وغيره.
وينبغي أن تبينوا لها أن الصلاة عماد الدين والركن الثاني من أركان الإسلام، وأن تاركها على خطر عظيم، وتداوموا مناصحتها برفق وحكمة، وتحسنوا إليها بالخدمة والكلمة الطيبة، ولا تهجروها إلا إذا كان الهجر رادعاً لها عن غيها وسببا في توبتها فلا بأس به بقدر الحاجة عسى الله تعالى أن يوفقها في آخر عمرها للخاتمة الطيبة، ونسأل الله سبحانه أن يكتب ثوابكم ويجعله في ميزان حسناتكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(11/4958)
بلوغ الصبي والصبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني عنده 12 عاما وسألني ما هو البلوغ ماذا أقول له؟.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبلوغ له علامات طبيعية ظاهرة، منها ما هو مشترك بين الذكر والأنثى، ومنها ما هو مختص بالأنثى. أما ما هو مشترك فهو: أولا: الاحتلام وهو: خروج المني من الرجل والمرأة في يقظة أو منام لوقت إمكانه، قال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم ْ {النور: 59} . ثانيا: الإنبات وهو: ظهور شعر العانة، وهو الذي يحتاج في إزالته إلى نحو الحلق، دون الزغب الصغير الذي ينبت للصغير. ثالثا: بلوغ سن خمس عشرة سنة قمرية، لخبر ابن عمر: عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني. متفق عليه. وأما ما هو مختص بالأنثى فهو علامتان: الأولى: الحيض للحديث: لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. الثانية: الحمل، لأن الله تعالى أجرى العادة أن الولد يخلق من ماء الرجل وماء المرأة، قال تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ*خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ {الطارق:5ـ6} . فإذا كان ابنك قد ظهرت عليه علامة من علامات البلوغ التي ذكرناها فهو بالغ وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(11/4959)
الخطاب بأمر الأولاد بالصلاة هل يشمل غير الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة من الأساتذة نصلي جماعة بساحة المدرسة ونترك التلاميذ بالأقسام لوحدهم دون مراقبة والوقت وقت عمل فهل هذا جائز أم هناك حل آخر؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمكنكم أداء الصلاة جماعة صحبة تلاميذ المدرسة فهذا عمل طيب وتثابون عليه إن شاء الله تعالى، لما يترتب عليه من حصول ثواب صلاة الجماعة للجميع إضافة إلى تعويد التلاميذ على الاهتمام بالصلاة، وهذا مقصد شرعي. فقد قال صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو دود وغيره. وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
وبعض أهل العلم كالشافعية يرى ن الخطاب هنا ليس خاصا بالأبوين بل يشمل غيرهم من الأجانب، لأنه من الأمر بالمعروف. ففي تحفة المحتاج شرح المنهاج في الفقه الشافعي: قال في شرح العباب: وإنما خوطبت به الأم مع وجود الأب وإن لم يكن لها ولاية، لأنه من الأمر بالمعروف، ولذا وجب ذلك على الأجانب أيضا على ما ذكره الزركشي. وعليه، فإنما خصوا الأبوين ومن يأتي بذلك لأنهم أخص من بقية الأجانب، وهل يجري ذلك في الضرب أيضا، فيه نظر ويستبعد جريانه. انتهى
وبالتالي، فعلى المعلم أو الأستاذ حث التلاميذ على الصلاة والمحافظة عليها جماعة في المسجد، وإن لم يمكنكم إخراج التلاميذ للصلاة فلا يجوز لكم تأخير الصلاة عن وقتها بحجة الانشغال بالدراسة.
وبالإمكان أن تنصحوا التلاميذ بضرورة الانضباط أثناء ذهابكم للصلاة إضافة إلى تكليف أحدهم بالإشراف عليهم نيابة عنكم.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(11/4960)
البلوغ المبكر للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[استكمال السؤال رقم (261286) ، إذا بلغ الطفل بلوغا مبكرا وهو في سن 11 سنة وسبعة أشهر وتوفي، وما رأى الفقه والسنة في الطفل الغريق بالنسبة لدرجة الشهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطفل إذا بلغ الحلم في سن مبكرة فإن الشرع يعامله معاملة البالغين إلا أن الحج لا يجب عليه إلا في حال وجود الاستطاعة المالية والبدنية، لقوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {آل عمران:97} .
وأما كون الغريق شهيداً فإنه قد ثبت في السنة، وراجع فيه الفتوى رقم: 34588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(11/4961)
مسائل فقهية تتعلق بالمجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو جدا أن ترسلوا لي كل ما يتعلّق بالمجنون (وغير العاقل) من أحكام فقهية؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المجنون من الثلاثة الذين رفع عنهم القلم، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل، وعن الصبي حتى يشب.
فالمجنون غير مكلف؛ لأن مناط التكليف العقل وهو فاقد له، هذا فيما يتعلق بحق الله تعالى، أما إذا تعلق الأمر بحقوق الناس فإن المجنون إذا أفسد شيئاً ضمنه على الراجح من أقوال أهل العلم، فإتلاف المال يكون في ماله، وإتلاف النفس يكون على عاقلته كالقتل الخطأ.
لأن العمد والخطأ والإكراه في أموال الناس سواء يجب ضمانه، وهو من خطاب الوضع فلا يشترط فيه التكليف، وأما ما يتعلق به بعد موته أو موت أحد أقاربه فإنه يرث ويورث وتجري عليه جميع أحكام هذا الباب من غسله وكفنه والصلاة عليه.... وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20350، 24469، 26565، 38109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1425(11/4962)
هل تجب الصلاة على المتخلف عقليا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة الكبيرة في السن لا تصلي أبداً وعندها قليل من التخلف العقلي والنفسي، ما العمل معها في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة التي لا تصلي أبداً لم تصل قبل أن تصاب بهذا المرض أي وقت صحتها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأهل السنن، وانظر الفتوى رقم: 30388.
وأما إن كانت تصلي ولكنها تركت الصلاة بعد إصابتها بهذا المرض فلا يخلو حالها من أحد أمرين:
1- أن يكون تخلفها العقلي قد ذهب بعلقها بحيث صارت مجنونة أو ملحقة بالمجنون كالمعتوه فالصلاة غير واجبة عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه أهل السنن واللفظ للنسائي.
2- أن يكون تخلفها العقلي لا يجعلها في صف المجانين والمعتوهين وإنما أحياناً وأحياناً فهي تفهم الخطاب وتحسن الجواب ويمكنها أداء الصلاة بالصفة الصحيحة فإن الصلاة لا تسقط عنها، والعمل معها أن تأمرها بالصلاة برفق وحكمة، وللفائدة نحيل السائل إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20109، 2419، 26565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/4963)
لا يؤاخذ من أدركه الخرف بما يحدث في صلاته من خلل
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي شيخ عمره 85 سنة, أصبح هذه الأيام يزيد في ركعات الصلاة ولا يريد إصلاح نفسه ادعاءا منه أنه هو الصحيح ونحن خاطئون, فهل علينا المواصلة علي نهيه عن هذا الصنيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طعن المرء في السن، وقد بقي معه إدراكه وعقله، فهو مأمور بالصلاة ولا تسقط عنه، وإنما لم تسقط الصلاة عن الشخص ما دام عنده عقله لأن العقل هو مناط التكليف، ومن كان من أهل التكليف وصلى منفرداً -كحال أبيك - فالعبرة بيقينه هو لا بيقين غيره، ولو كان في حقيقة الأمر مخطئاً فإن الله يتجاوز عنه، لاستفراغه الوسع في أداء المطلوب.
والأولى لكم أن تعينوه على أداء المطلوب ما دمتم على يقين من هذا الأمر بأن يحُمل والدكم إلى المسجد لأداء الصلاة جماعة إذا كان لا يشق عليه ذلك، فبصلاته جماعة يتقيد بالإمام.
هذا مادام الوالد عاقلاً لم يدركه الخرف فإن كان قد خرف أي اختلط عقله بالكبر فلا تجب عليه الصلاة ولا يؤاخذ بما يحصل في صلاته من خلل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/4964)
هل تجب الصلاة على مريض الزهايمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم عدم صلاة وصيام مريض الزهايمر علماً بأن هذا المرض يفقد المريض ذاكرته وفهمه للمحيط به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مريض الزهايمر إذا اشتد به الخرف حتى فقد عقله، فإنه يسقط عنه التكليف، فلا صلاة تجب عليه ولا صيام، وأما إن كان يعقل الأمور ويدرك ما يفعله، فإنه يؤدي الصلاة بالكيفية التي تمكنه، وإذا لم يكن مستطيعا الصيام فإنه يفطر ويطعم مسكينا عن كل يوم، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 37606، ورقم: 25520.
والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/4965)
تتأكد الصلاة في حق من قارب البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في سن 12 ولا أصلي وأريد أن أصلي، فماذا يكون الحكم علي جاوبني والنبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فغير البالغ لا تجب عليه الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يكشف عنه. كما في المسند وغيره.
والصبي وإن كان لا تجب عليه الصلاة إلا أنه يؤمر بها لسبع سنين، ويضرب عليها لعشر عند الامتناع، لما روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم وهم أبناء عشر.
والبلوغ يعرف بواحدة من علامات ثلاث في الذكر، وهي: الاحتلام أو نبات شعر العانة أو بلوغ خمسة عشر عاماً.
وإذا كنت أخي لم تبلغ فاعلم أن الصلاة في مرحلة سنك متأكدة لأنك قد قاربت البلوغ، فعليك من الآن فصاعداً المواظبة على الصلاة، حتى إذا ما بلغت وجدت نفسك معتاداً لأداء هذه الشعيرة العظيمة.
وننبه السائل إلى أنه لا يجوز الحلف بغير الله تعالى، فلا يجوز الإقسام بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بغيره من المخلوقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/4966)
صلاة من وصل إلى سن الخرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل كبير في السن (خرف) ، هل تجب عليه الصلاة، المشكلة أنه يدخن، وإذا منعناه من ذلك لا يأكل ولا يشرب ويعاند، أفيدونا؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدكم قد وصل إلى سن الخرف، بحيث اختلط عليه عقله، فلا تجب عليه الصلاة أصلاً، وإذا فعلها مع بعض الخلل فلا يؤاخذ عليه، لكن إذا كان والدكم يفيق من خرفه في أوقات الصلوات مدة تكفي لأداء الصلاة، وجب عليه أداؤها، لأن العقل مناط التكليف، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
والمرء مأمور بفعل ما في وسعه، والصلاة بالنسبة لحاضر العقل واجبة لوجود شروطها، وراجع الفتوى رقم: 6904
والواجب عليكم تجاه أبيكم أن تعينوه على فعل الصلاة، وأن تمنعوه من التدخين حتى يعتاد على تركه، والله تعالى يعينكم ويثيبكم خير الجزاء في الدنيا والآخرة, وليكن ذلك كله بالرفق والحكمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/4967)
إذا أصيب في عقله بسحر أو جنون
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن خالة قال فيه المشايخ إنه مسحور، فهو لا يصلي أبدا، ويسمع الغناء بشكل جنوني، فهل عليه إثم في ذلك ويعاقب؟ ولا يريد أن يتعالج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور مصابا في عقله بسحر أو جنون.. فإن القلم مرفوع عنه، فالتكليف مناطه العقل، ومن فضل الله تعالى على الإنسان أنه إذا سلب ما وهب (العقل) أسقط ما وجب من التكاليف.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل، وعن الصغير حتى يشب. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وعليكم أن تطلبوا له دواء، فإن الله تعالى لم ينزل داء إلا جعل له دواء.
فقد روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عباد الله: تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء..
وإن كان سليم العقل، فهو آثم إثما عظيما، بل رجح أهل العلم كفر تارك الصلاة، كما في الفتوى رقم: 6061.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى: 32361.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(11/4968)
الشخص الخرف غير مكلف حال خرفه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تقول سنة الله ورسوله في شيخ بلغ 86 سنة وقد أصيب بمرض الزهايمر (الخرف) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالخرف هو فساد العقل بسبب كبر السن، فإن الشيخ الكبير قد يعرض له اختلاط عقل يمنعه من التمييز ويخرجه عن أهلية التكليف، ولا يسمى جنونا، لأن الجنون يعرض من أمراض سوداوية، ويقبل العلاج، والخرف بخلاف ذلك، ولو برئ منه في بعض الأوقات برجوع عقله إليه تعلق به التكليف. والخرف والجنون أحكامهما واحدة، وبينهما تقارب، ويظهر أن الخرف رتبة متوسطة بين الإغماء والجنون، وهي إلى الإغماء أقرب. اهـ ملخصا من عون المعبود. وعليه، فالشخص الخرف غير مكلف حال خرفه، ولا تصح عباداته ولا تصرفاته ببيع ولا شراء، بل يمنع من ذلك، ولا يلام على ما يصدر منه من تصرفات غير سوية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/4969)
التكليف يكون من بدء حصول البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يعتبر سن البلوغ هو السن المعتبر في محاسبة الإنسان على أفعاله وأقواله؟ مع ملاحظة اختلاف الناس في البلوغ بحسب اختلاف مواقعهم فمتى يحاسب على الصلاة - الزكاة - الصيام - شتم الذات الإلهية- شتم الدين..... إلى غير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصل للمرء البلوغ بعلامة من علاماته المعروفة في الشريعة، صار مكلفاً من بدء حصول بلوغه، والمكلف تجري عليه لوازم التكاليف الشرعية من الأوامر والنواهي، فالأوامر كالصلاة والصيام والحج ونحوها، والنواهي كالكف عن الزنا وشرب الخمر وسائر المعاصي والفواحش الكبائر منها والصغائر، وقد بينا ذلك مع بيان علامات البلوغ في الذكر والأنثى في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18947، 10024، 33965، 26889.
ولمعرفة حكم سب الذات الإلهية راجع الفتوى رقم: 1327.
لكننا ننبه إلى أن الشرع أمر الأولياء بأن يدربوا أولادهم على فعل العبادات وترك المنكرات إذا بلغوا سن التمييز ليخف عليهم ذلك إذا بلغوا، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع ... رواه أحمد، وحسنه الأرناؤوط.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كخ كخ ليطرحها، ثم قال: أما علمت أنا لا نأكل الصدقة.
ومن المعلوم أن الحسن وقتئذ كان صبياً لم يبلغ الحلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(11/4970)
ليس للرشد سن محدد عند جمهور الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو سن الرشد للصبي والبنت في الشريعة الإسلامية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الحديث عن سن الرشد يجب أن يسبق ذلك الحديث عن سن البلوغ وأهلية المرء فيه، إذ لا يعتبر الرشد إلا بعد البلوغ.
فسن البلوغ هي خمس عشرة سنة، وقد يكون قبل ذلك إذا ظهرت أي من العلامات الأخرى التي سبق تفصيلها في الفتوى رقم:
10024.
وقد اتفق الفقهاء على أن البالغ يصبح مكلفاً بجميع التكاليف الشرعية، فيطالب بأركان الإيمان الستة، وبأركان الإسلام الخمسة وغيرها من الواجبات كما يطالب باجتناب المحظورات الشرعية.
كما ترتفع عنه الولاية التي كانت عليه، كالتأديب والتطبيب والتعليم، فيصح زواج الذكر وطلاقه، وتستأذن البكر، وتبقى الولاية الحالية عليه، فلا ترتفع عنه إلا ببلوغه الرشد، لقول الله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6] .
فعلقت الآية دفع المال إليهم على حصول شرطين: البلوغ والرشد.
فما هو الرشد وكيف يعرف ومتى يكون؟
الرشد هو: حسن التصرف في المال، والقدرة على استثماره واستغلاله استغلالاً حسنا.
وعكس الرشد: السفه، وهو: التبذير للمال وإنفاقه في غير حكمة، ويعرف الرشد بالاختبار، قال القرطبي في تفسيره: قال علماؤنا وغيرهم: لا بأس أن يدفع إليه شيئاً من ماله يبيح له التصرف فيه، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار.
والرشد قد يأتي مع البلوغ، وقد يتأخر عنه قليلاً أو كثيراً تبعاً لتربية الشخص واستعداده وتعقد الحياة الاجتماعية وبساطتها، فليس له سن عند جمهور الفقهاء.
فإذا بلغ الشخص رشيداً كملت أهليته، وارتفعت عنه الولاية المالية، فتسلم إليه أمواله باتفاق الفقهاء، وإذا بلغ غير رشيد لم تدفع إليه أمواله حتى يتحقق رشده، رعاية لمصلحته، ومحافظة على ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/4971)
إذا حصلت إحدى علامات البلوغ قبل الخامسة عشر حكم بالبلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا صبي أبلغ من العمر 14 سنه (سأتم الخامسة عشرة بعد شهر) أنا لا أعرف هل بلغت أم لا، أرجو توضيح ما هى علامات البلوغ، وعند أي سن؟ وأنكم ذكرتم فى إحدى فتاويكم أن البلوغ يكون من سن الـ15 وبعض أصدقاْئي بلغوا قبل هذه السن؟ شكراً. ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للبلوغ علامات عند الذكر والأنثى، ذكرناها في الفتوى رقم: 10024.
فإذا حصلت هذه العلامات في أي سن كانت علامة على البلوغ، والبلوغ علامة على التكليف، أما إذا تأخرت تلك العلامات، فإنه لا يُحكم ببلوغ المرء حتى يكون عمره خمسة عشر عاماً على الراجح من أقوال العلماء، وراجع هذا في الفتوى رقم:
18947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/4972)
يحكم بالبلوغ بظهور واحدة من علاماته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بلغت من العمر 15 سنة،، لكن المني لم يخرج مني بعد ولا حتى الاحتلام،، لكن شعر العانة خرج منذ فترة وإنني أقوم بحلقه ... وأنا وبكل صراحة أريد أن أحتلم!!!
فهل هذا يدل أنني بالغ؟؟ وماذا عساي أن أفعل؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا علامات البلوغ في الجواب رقم: 10024 وبالرجوع إليها يتبين لك أن نبات الشعر الخشن حول العانة إحدى العلامات التي يثبت بها البلوغ، ولو لم يحتلم من حصل له ذلك، والدليل على هذا ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حكَّم سعد بن معاذ في بني قريظة، فحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، أمر أن يكشف عن مؤتزرهم، فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذرية. " رواه الترمذي وغيره، وقال له: حسن صحيح.
والاحتلام عادة ما يكون من تلاعب الشيطان بالنائم، فلا وجه للحرص عليه والرغبة فيه، وليس لأحد أن يستدعي خروج المني في اليقظة، إذ هذا هو الاستمناء المحرم عند جمهور العلماء، لقوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (المؤمنون:6) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(11/4973)
صلاة المجنون ومن في حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،،،
فضيلة الشيخ أنا أعاني من انفصام عقلي "مرض نفسي" فهل علي صلاة؟
شكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المرض إن كان لا يذهب بالعقل ولا يجعل صاحبه مجنوناً أو ملحقاً به كالمعتوه، فالصلاة واجبة عليه لا تسقط بحال، وإن كان يذهب بالعقل، فإن صاحبه لا يكلف بالصلاة حال جنونه، ولا يجب عليه قضاء ما فاته أثناء جنونه سواء كثر زمن الجنون أم قل، هذا مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية.
وذهب الأحناف إلى أنه لو جن خمس صلوات قضاها، وإن جُن أكثر من ذلك فلا قضاء عليه نفياً للحرج، فإذا أفاق المجنون وقت الصلاة فلا يُصبح مدركاً للفرض إلا إذا بقي من الوقت مقدار ما يمكن فيه أداء الفرض، وهذا قول زُفر من الحنفية، وقال أكثر الحنفية وهو المختار عندهم: أنه يصير مدركاً إذا أدرك من الوقت ما يسع تكبيرة الإحرام، وهو قول الحنابلة وبعض الشافعية.
وقالت المالكية: يجب الفرض ويصير مدركاً، إذا بقي من الوقت مقدار ركعة مع زمن يسع الطهر، وهو قول بعض الشافعية أيضاً، عملاً بمفهوم الحديث: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح." ولعل هذا هو الراجح والأقوى من حيث الدليل، ونفياً للحرج والمشقة.
أما إذا أدرك جزءاً من وقت الصلاة كأن لم يصل العصر حتى بقي على غروب الشمس مقدار تكبيرة الإحرام، أو مقدار ركعة أو أكثر ثم جن، فقالت الحنابلة تلزمه صلاة العصر، بإدراك قدر تكبيرة من الوقت، ويقضيها إذا أفاق.
وقال الشافعي وإسحاق لا يجب القضاء إلا بمضي زمن يمكن فعلها فيه، والقول الأخير هو الراجح، لأنه لا يُدرك من الوقت ما يمكنه أن يصلي فيه، فلم يجب القضاء كما لو طرأ العذر قبل ذلك الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/4974)
يلزم التكليف بثبوت البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة حاضت وعمرها تسع سنين فهل تعد مكلفة، عليها أن تغطي شعرها وتحتجب من الأجانب وكل ما على النساء البالغات أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحيض إحدى علامات البلوغ المبينة في الفتوى رقم:
10024، وعليه فهذه الفتاة التي حاضت وعمرها تسع سنين قد ثبت بلوغها، ويلزمها ما يلزم البالغات من الصلاة والصوم والحجاب وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/4975)
أمر الأولاد بالصلاة مع اتلرغيب والتشجيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أولادي أعمارهم 9 و7 سنوات دائما أجعلهم يصلون في المسجد كل الفرائض والفجر أيضاً مشكلتي أنهم دائماً يتأففون وينزعجون كل ما أقول لهم هيا للصلاة أقصد أجبرهم للصلاة هل هذا غلط مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تقومين به من حث أبنائك على الصلاة وهم في هذا السن أمر مشروع محمود تؤجرين عليه ولك تأنيبهم وتعنيفهم على ذلك، ويكفي أن يقوموا بأداء الصلاة في البيت وإن أدوها في المسجد فحسن، ولا ينبغي لك ضربهم على تركها إلا أن يبلغوا عشر سنين.. وننصحك بترغيبهم وتحفيزهم على الصلاة بالمحفزات كما هو مبين في الفتوى رقم:
8140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/4976)
تنويع الأساليب مع الأولاد للمحافظة على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان أطفالي كباراً هل يجب أن أعاقبهم إن لم يستيقظوا لصلاة الفجر؟ ولكم مني كل التقدير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك هو نصحهم، وتذكيرهم، واتخاذ الأسباب المعينة على إيقاظهم من التزام النوم المبكر، والاستعانة بالساعة المنبهة ونحو ذلك.
وإن استمروا في التخلف عن صلاة الفجر، فاستعملي معهم أسلوب الترغيب تارة، والترهيب تارة أخرى، ولو أدى الأمر إلى حرمانهم من بعض رغباتهم، أو معاقبتهم بالزجر والهجر.
ونسأل الله أن يعينك ويوفقك ويصلح لك أبناءك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(11/4977)
قول أهل العلم في السن التي يحكم فيها بالبلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت أتحدث مع زوجتي عن أمور تربية البنات وبلوغهن , فقالت لي إن لها صديقة في الجامعة لم تبلغ ولم يأتها الحيض , فقلت لها بل هي بلغت سن الرشد - أي فوق الخمسة عشر سنة- فقالت لي زوجتي: لا سن الرشد للرجال فقط لكن النساء لا يحاسبن إلا بعد نزول الحيض؟؟؟
فاستغربت وأنكرت ذلك كثيرا إذ إن علمي غير ذلك.
فأرجو منكم بيان الحكم في هذا الأمر بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يظهر على الذكر أو الأنثى علامات البلوغ، كالاحتلام ونبات الشعر الخشن على العانة، والحيض والحمل للمرأة، حتى يصلا إلى سن الخامسة عشر، فإنه يحكم ببلوغهما، وهذا هو مذهب الجمهور من الشافعية والحنابلة وأبي يوسف ومحمد من الحنفية وهو رواية عن أبي حنيفة -رحم الله الجميع- ودليلهم في ذلك خبر ابن عمر رضي الله عنهما قال: عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق، وأنا بن خمس عشرة سنة، فأجازني. متفق عليه
قال ابن قدامة في المغني: (وأما السن فإن البلوغ به في الغلام والجارية بخمس عشرة سنة) . انتهى
وقال الشافعي في الأم: (ليس على الصبي حج حتى يبلغ الغلام الحلم، والجارية المحيض في أي سن بلغاها، أو استكملا خمس عشرة سنة) . انتهى
قال في كنز الدقائق: (ويفتى بالبلوغ فيهما -أي الذكر والأنثى- بخمس عشرة سنة، وهذا عند أبي يوسف ومحمد -يرحمهما الله- وهو قول الشافعي ورواية عن أبي حنيفة) . انتهى
وذهب المالكية إلى أن سن البلوغ عند عدم وجود باقي العلامات هو ثمانية عشر عاماً، قال خليل في مختصره: (والصبي لبلوغه بثماني عشرة، أوالحلم، أو الحيض أو الحمل أو الإنبات) . انتهى
وذهب أبو حنيفة في الرواية الأخرى إلى أن بلوغ الذكر والأنثى عند عدم وجود العلامات، هو ثماني عشرة سنة للغلام وسبع عشرة سنة للجارية، كما ذكره عنه صاحب كنز الدقائق.
والراجح هو القول الأول -كما ذكرنا- وعليه، فإن من بلغ هذا السن عاقلاً يكون مكلفاً مسؤولاً عن كل ما يصدر منه من أقوال وأفعال، والحكمة في ذلك، ذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر فقال: (والحكمة في تعليق التكليف بخمس عشرة سنة: أن عندها بلوغ النكاح وهيجان الشهوة والتوقان، وتتسع معها الشهوات في الأكل والتبسط ودواعي ذلك، ويدعوه إلى ارتكاب ما لا ينبغي، ولا يحجزه عن ذلك ويرد النفس عن جماحها إلا رابطة التقوى وتشديد المواثيق عليه والوعيد، وكان ذلك قد كمل عقله واشتد أسره وقوته، فاقتضت الحكمة الإلهية توجه التكليف إليه، لقوة الدواعي الشهوانية، والصوارف العقلية، واحتمال القوة للعقوبات علىالمخالفة) . انتهى.
وبهذا تعلم أن ما قالت لك زوجتك غير صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(11/4978)
هل تصح صلاة السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشارب الخمر أن يصلي اذا كان واعيا مايقول لكي لا يفوت فرض الصلاة عملاً بقول الله في (سورة النساء الآية 43) جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشرب الخمر من الكبائر العظيمة والآثام الجسيمة، وشارب الخمر شارب للرجس والإثم، والخمر أم الخبائث محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، ومما جاء من الوعيد فيها قوله صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال" قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله قال: " عرق أهل النار أو عصارة أهل النار" رواه مسلم.
وأما صلاة شاربها إن كان متوضأ ولم يفقد وعيه فصحيحة، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43] ، فإن علم ما يقول صحة صلاته.
ولكنه لا يثاب عليها، ودليل ذلك ما أخرجه الترمذي بسند حسن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين صباحاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(11/4979)
كيف يفعل من يصحو وينام فورا وتفوته الصلوات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قال صلى الله عليه وسلم:"لا تفريط في النوم"،وأحيانا أنام لفترات طويلة، وأصحو خلال نومي لمدة ثوان أعرف فيها الساعة، وأعود للنوم لعدة ساعات أخرى وأستيقظ وقد فاتتني صلاة أو أكثر، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تعزم على القيام لأداء الصلاة في وقتها مع الجماعة، وتتخذ الوسائل المناسبة لإيقاظك في الوقت المحدد بحيث تدرك الصلاة، وإذا استيقظت ففارق الفراش مباشرة، لئلا يعاودك النوم إن بقيت عليه، فإن بقيت عليه وأصابك النوم، فإنك تعتبر مفرطاً وآثماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(11/4980)
النوم عن الصلاة بعد اتخاذ الأسباب
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب ملتزم ولكنه متهاون في الصلاة فلا يكاد يمر يوم دون أن ينام عن صلاة أو صلاتين، وهو كثير النوم فما حكمه؟ علما بأنه لم يعمل بجد لكي يحل مشكلته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على كل مسلم أن يحافظ على أداء الصلاة في وقتها باستخدام الوسائل المنبهة، أو بأمر شخص آخر أن ينبهه، لقوله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) [البقرة:238] فمن علم من نفسه أنه لا يستيقظ في وقت الصلاة إذا نام، فلا يجوز له النوم بعد دخول الوقت لما في ذلك من التفريط. وإذا نام قبل دخول الوقت فعليه أن يتخذ الأسباب اللازمة لإيقاظه قبل خروج الوقت، وإلا كان مفرطاً ومضيعاً لصلاته، لكنه إذا اتخذ الأسباب اللازمة لإيقاظه، لا يعد مفرطاً، ولا آثماً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس في النوم تفريط" رواه الترمذي والنسائي وأبو داود، ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: " رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ ... " إلى آخر الحديث، وهو في سنن النسائي وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/4981)
من شك في تمام صلاته لزمه إعادتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو:
أني أجريت عملية لأصبعي الزائدة، وكان وقت العملية الساعة الواحدة تقريباً، وكان وقت صلاة الفجر الساعة الخامسة تقريباً، وقد أيقظني زوجي للصلاة، وكنت غير صاحية جيداً من التخدير، فدخلت في صلاتي وأنا شبه نائمة، فكنت أحس أني صليت ركعة وزوجي ناداني هل أكملت وأنا لم أحس أني صليت الركعة الثانية وسلمت.
فهل أعيد تلك الصلاة؟ أم ماذا عليّ؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تعيدي تلك الصلاة، لأنك سلمت وأنت شاكة في تمامها، فلم تبرأ ذمتك منها، لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق.
وكان عليك أصلاً أن لا تدخلي في الصلاة حتى يتم وعيك، لكي تعلمي ما تقولين، وما تفعلين في صلاتك.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) [النساء:43] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1422(11/4982)
وسائل معينة لترغيب الأولاد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد أرجو التفضل بإفادتي: كيف أرغِّب أولادي في الصلاة حتى يحبوها ويؤدوها بمفردهم دون أن يشعروا أنني أجبرهم عليها؟ علما ًبأن أولادي أعمارهم: تسع سنوات، وست سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأمر أبناءنا بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، وأن نضربهم عليها إذا كانوا أبناء عشر، وذلك فيما رواه أبو داود وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع".
وقال الله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) [طه:132] وترغيب الأولاد في الصلاة يكون باصطحابهم إلى المساجد، وتشجيعهم من الصغر على الوقوف بجانب والديهم في صلاة البيت أيضاً، وإحضار البرامج الكومبيوترية النافعة التي يتعلمون من خلالها الوضوء والصلاة، وإعطائهم الجوائز والمحفزات كلما اهتموا بصلاتهم وحافظوا عليها، والطفل - ولا شك- مولع بالخروج من المنزل، ولهذا يسره ويرضيه أن يصحبه والده أو أخوه إلى صلاة الجماعة، وهذا خير وسيلة لتعويد الطفل على الصلاة وتحبيبه فيها، مع ضرورة أن ينشأ على توقير الصلاة واحترامها، والسكون والطمأنينة وعدم العبث فيها. وينبغي للمؤمن أن يكثر من دعاء الله تعالى قائلاً (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً) [الفرقان:74] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1422(11/4983)
صلاة ضعيف الذاكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي والدي كبير في السن ولا يستطيع أن يصلي الا على الكرسي ولكنه في غالب الوقت عند السجود لايسجد الا سجدة واحدة وعندما نحاول أن نذكره أو نقول له إنه بقي عليك سجدة لايصدقنا مع العلم أنه كبير في السن وقد ضعفت ذاكرته وهو والحمد لله من المحافظين على الصلاة أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طعن المرء في السن، وقد بقي معه إدراكه وعقله، فهو مأمور بالصلاة ولا تسقط عنه، ويصلي على الهيئة التي يمكنه بها أداء الفرض: قائماً أو قاعداً أو على جنب، لقوله صلى الله عليه وسلم " صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"رواه الجماعة إلا مسلماً.
وإنما لم تسقط الصلاة عن الشخص ما دام عنده عقله لأن العقل هو مناط التكليف، ومن كان من أهل التكليف وصلى منفرداً -كحال أبيك - فالعبرة بيقينه هو لا بيقين غيره، ولو كان في حقيقة الأمر مخطئاً فإن الله يتجاوز عنه، لاستفراغه الوسع في أداء المطلوب.
والأولى لكم أن تعينوه على أداء المطلوب ما دمتم على يقين من هذا الأمر بأن يحُمل والدكم إلى المسجد لأداء الصلاة جماعة إذا كان لا يشق عليه ذلك، فبصلاته جماعة يتقيد بالإمام.
هذا مادام الوالد عاقلاً لم يدركه الخرف فإن كان قد خرف أي اختلط عقله بالكبر فلا تجب عليه الصلاة ولا يؤاخذ بما يحصل في صلاته من خلل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1421(11/4984)
فاقد الوعي لا يجري عليه القلم وتنفعه القربات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ فاقد الوعي نتيجة تعرضه لحادث مروري ولايستطيع أن يقوم بالعبادات التي شرعها الله على عباده وقد كان إنسانا يخاف الله وقد قمت بالذهاب به إلى جميع المستشفيات لعلاجه ولكن لم يطرأ على حالته أى تحسن ولايستطيع أن يفعل أى شيء إلا بمساعدة الآخرين.
وشكوانا الى الله عز وجل. ماذا أفعل تجاهه من أعمال لتكون في ميزان حسناته وأرجو أن تدلوني على الطريق الصحيحة والله يحفظكم ويرعاكم
ولقد قمت بأداء عمرة عنه فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبارك الله فيك، وجزاك خير الجزاء على اهتمامك ورعايتك لأخيك، ونسأل الله أن يعظم أجرك، وأن يشفي أخاك، إنه على كل شيء قدير.
أما حالة أخيك، فإن كان فاقداً للوعي كلياً، بحيث لا يعقل ما حوله، فقد ارتفع عنه التكليف، فلا يجب عليه شيء من الواجبات الشرعية.
وإن كان يفيق حيناً، ويغيب وعيه حيناً، فيجب عليه أن يأتي بما أوجب الله عليه، حال إفاقته، فلو أفاق يوماً مثلاً، فيلزمه أن يأتي بفرائض ذلك اليوم.
أما ما تريد أن تفعله من قربات، وتهديه ثوابه، فإن لك ذلك في الراجح من أقوال أهل العلم، والأولى أن تبدأ بما تعلق بذمته من الحقوق، فتؤدي عنه ما عليه من ديون، وتخرج عنه ما لزمه من زكاة، أو كفارات. ونوصيك بكثرة الدعاء والاستغفار له، وأما عمرتك التي فعلتها عنه، فنرجو الله أن تكون مقبولة، إذا كنت قد اعتمرت عن نفسك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1421(11/4985)
حكم من تفوته الصلاة بسبب الإغماء.
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي لدي شقيقة أصيبت منذ سنوات بالصرع والإغماء واليوم وقد عولجت بدواء فخف عنها الصداع ولكن أحيانا ترد لها حالتها السابقة فهي لا تصلي لشهر وبعد ذلك تأتي إلينا تطلب منا المساعدة في أداء صلاتها وأيضا تتأخر عن أداء الصلاة فنومها ثقيل ففي الصباح لا تقوم بل تجمع الصلوات فما حكم الدين فيها وهل تعاقب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المرأة إذا كانت تفوتها صلاة أو صلاتان وهي مغمى عليها فعليها أن تقضي ما فاتها لأن الإغماء في هذه الحالة شبيه بالنوم، وقد أغمي على عمار بن ياسر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فترة قليلة فقضيا وإن كانت يغمى عليها حتى يفوتها أكثر من ذلك فلا قضاء عليها، هذا هو الصحيح المشهور من مذهب أحمد.
وقد ذهب الإمام مالك والإمام الشافعي إلى سقوط القضاء عن المغمى عليه بدون تفصيل قياساً على المجنون.
أما في حالة رجوع عقل هذه الأخت لها مع ضعفها وعجزها عن أداء الصلاة أو عن ركن منها فيجب عليها أن تؤديها حسب استطاعتها ولا يجوز لها تأخيرها عن وقتها، لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه: " صل قائماً فإن لم تستطيع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري، وإن كان يشق عليها فعل كل صلاة في وقتها فلها أن تجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير تفعل ما هو الأيسر عليها، وأما ما تأخر من صلاتها عن وقته بسبب نومها فعليها قضاؤه قل أو كثر، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصليها إذا ذكرها". رواه النسائي والترمذي وصححه، وإذا كان تأخيرها الصلاة لعجز أو نوم أو جهل فنرجو من الله أن لا تعاقب، لأنه سبحانه وتعالى رفع الحرج عن المريض والنائم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4986)
الصلاة غير مفروضة على الصبي لكنه يؤمر بها.
[السُّؤَالُ]
ـ[أذا بدأت الصلاة من عمر 15 سنة كم سنة أقضي، من عمر 10 سنوات أم من سن البلوغ؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس عليك قضاء شيء من الصلوات إلا ما فاتك منها بعد بلوغك، لأنك قبل ذلك صبي مرفوع عنك القلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم " كما في المسند وغيره عن عمروعلي رضي الله عنهما.
وأمر الصبي بالصلاة لسبع وضربه عليها لعشر لا يعنى وجوبها عليه في تلك السن، وإنما ذلك ليتمرن على الصلاة ويتعود على المحافظة عليها، حتى إذا بلغ لم يجد صعوبة في أمر اعتاده قبل البلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4987)
النائم الذي يأخذ بالأسباب وفاتته الصلاة بسبب النوم لا إثم عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أواجه مشكلة كبيرة في صلاة الصبح لا أصليها في الوقت إلا بعض الأحيان؟ هل أصبحت كافراً، أعوذ بالله إذا أصبحت كافراً وهل يجب على الاغتسال للصلاة الأخرى مثل ما يجب على الكافر إذا أسلم؟
وأرجو منكم أن ترشدوني إلى الطريقة المساعدة في أداء الصلوات في وقتها.أما أنا فأضبط المنبه قبل النوم وأقرأ آية الكرسي والآيتين من آخر سورة البقرة وأدعو الله عز وجل أن يوقظني حتى أصلي الصبح في الوقت، إلا أني قد أصلي في الوقت وقد لا أصلي لكوني متعباً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعدم صلاتك للصبح في وقتها من غير عمد منك ولا تكاسل لا تصبح به كافراً قطعاً، بل إنك إن كنت قد أخذت بالأسباب اللازمة للاستيقاظ للصلاة ولم تفرط، فإنك لا تعد آثماً بتأخيرك للصلاة عن وقتها، لأن النائم مرفوع عنه القلم كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريقة التي نرشدك إليها فهي أن تستعين بالله وتسأله التوفيق وتأخذ بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كراهة السهر بعد العشاء كما في صحيح البخاري عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
ومما يعينك أيضاً على صلاة الصبح في وقتها أن توصي من يوقظك عن طريق الهاتف، أو بدق الباب عليك أو نحو ذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4988)
لا يؤاخذ من ترك الصلاة لجنون أصابه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا شيخ كبير عمره حوالي 70 سنة أصيب قبل فترة بمرض نفسي فأصبح عصبيَّاً.. شديد الخوف.. قلقا.. وأشياء لا نعرفها.. المهم قبل أكثر من أسبوعين ترك الصلاة وعندما سألناه عن ذلك يقول إنه نسي القرآن وإذا صلى يخاف ويقول باختصار إنه لايستطيع أن يصلي ولا ندري ماهو السبب، ... فماذا له، نستطيع أن نعمل له، خصوصا أنا إذا قمنا بنصحه يغضب علينا. وهل يحاسب؟ علما بأنه قبل مرضه كان يصلي والحمدلله ويقرأ القرآن وحتى أنه في رمضان كان يذهب للتراويح والتهجد ويسمع أشرطة دينية ويحب سماع وتلاوة القرآن وكان هادئ الطباع.. طيبا.. ... أرجو منكم الدعاء له وإجابة سؤالي وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
نسأل الله تعالى أن يشفي هذا الشيخ شفاء لا يغادر سقما وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين جميعا. وإذا كان هذا الشيخ قد فقد عقله فليس مؤاخذًا بتركه للصلاة لأن مناط التكليف هو العقل فإذا فقد سقط التكليف بالصلاة وغيرها. وقد ثبت في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4989)
لا تجب الصلاة على الصبي لكن يؤمر بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة لغير البالغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة لا تجب إلا على البالغ العاقل أما من لم يبلغ الحلم فلا تجب عليه لكن ينبغي لوليه أن يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين. فإن بلغ عشراً ولم يواظب على الصلاة فينبغي أن يضربه على تركها ضرباً غير مبرح لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. وهذا الأمر للأولياء على وجه الوجوب عند الجمهور.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4990)
من نوى الجمعة ظهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[مجموعة من الاشخاص يسألون فضيلتك: لم نكن نعلم أن صلاة الجمعة تسمى الجمعة، فكنا ننوى أحيانا ظهر الجمعة وأحيانا ظهر فقط،مع علمنا أنه ركعتين لأنه يوم الجمعة. حتى يكون السؤال واضحا كنا ننوي يوم الجمعة ظهرأو ظهر يوم الجمعة، مع علمنا أنه ركعتين لأن الخطبتين تحلان محل ركعتين ويتبقى ركعتين لذلك عند الشروع فى الصلاة إما ننوي الظهر وأحيانا ظهر الجمعة مع علمنا أنه ركعتين فقط. ما حكم من صلى سنوات بذلك خطأ فى التسمية لم يكن يعلم أنها تسمى الجمعة، وليس اسمها ظهرأو ظهر الجمعة؟
وما صحة من يصلى الظهر أربع ركعات بعد أن يصلي الجمعة بدعوى أن الجمعة صلاة مستقلة ليس لها صلة بالظهر وبالتالى يلزم فريضة أخرى تسمى الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو وجوب نية الجمعة، وأن من نوى الظهر لم يجزئه ذلك عن نية الجمعة، لأن الجمعة هي فريضة الوقت وهي صلاة بحيالها وليست ظهرا مقصورة على الصحيح.
قال النووي رحمه الله: ولا تصح الجمعة بنية مطلق الظهر، ولا تصح بنية الظهر المقصورة إن قلنا إنها صلاة بحيالها، وإن قلنا إنها ظهر مقصورة صحت. انتهى.
ولكن الذي يظهر أن هؤلاء الناس كانوا يقصدون الجمعة بصلاتهم وينوون صلاة متميزة عن صلاة الظهر في الأيام الأخرى، وإنما منعهم من عقد نية الجمعة جهلهم بأن هذه الصلاة تتميز باسم يخصها، ومن ثم فصلاتهم صحيحة إن شاء الله ولا يلزمهم قضاؤها، كمن نوى فرض الوقت ولم يعين الصلاة المؤداة فقد رجح كثير من العلماء أن هذا كاف ومجزئ في تحصيل النية الواجبة، كما بيناه في الفتوى رقم 124860.
وأما إعادة الظهر بعد الجمعة فمن الأمور المحدثة التي يجب تجنبها كما أوضحنا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 119759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(11/4991)
قطع نية العبادة بعد فعلها لا يؤثر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم سؤالاً عن قطع الصلاة، وقد أجبتموني جزاكم الله خيراً، ولكن لم أجد ما أريده في الإجابة على السؤال لأني كنت أقصد شيئاً آخر في السؤال، علماً بأنني أعرف علاج الوسواس بشكل عام، ولكن سؤالي بالتحديد عن التوهم بقطع الصلاة، هل لو أحسست بقطع الصلاة عند السلام مباشرة فهل تنقطع أم أكون قد أتممت الصلاة بسبب تمام أركانها وواجباتها؟ وكذلك لو أتممت الغسل وأحسست في النهاية أنني أقطعه. فهل ينقطع أم أكون قد أتممت الغسل لأن الماء وصل إلى جميع المواضع؟
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً وأعتذر على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أنك مبتلى بالوسوسة، ولذا فنحن ننصحك بما لعلنا نصحناك به من قبل وهو الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها.
وأما عن سؤالك، فاعلم أن الوهم لا عبرة به، فمن كثرت وساوسه فأحس أنه قطع العبادة فإنه لا يلتفت لهذا الوهم، وأما من نوى قطع العبادة، فإن كانت نيته تلك بعد الفراغ من العبادة أي بعد التسليم من الصلاة أو تعميم البدن بالماء في الغسل مثلاً، فإن قطعه العبادة لا أثر له في هذه الصورة لأنها قد تمت ووقعت موقعها، وأما إن قطعها قبل تمام العبادة، فإن كانت صلاة بطلت ويلزمه إعاداتها، وإن كانت طهارة لزمه استئناف النية لما بقي من أعضاء الطهارة، وهذا بعض كلام أهل العلم في توضيح ما ذكرناه.
قال السيوطي رحمه الله: نوى قطع الصلاة بعد الفراغ منها، لم تبطل بالإجماع وكذا سائر العبادات وفي الطهارة وجه لأن حكمها باق بعد الفراغ.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: قطع نية العبادة بعد فعلها لا يؤثر. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: الرابع: الوضوء لا يبطل بنية الخروج بعد الفراغ على المذهب ولا بالتردد فيه قطعاً.
ولا أثر للوساوس الطارقة للفكر بلا اختيار بأن وقع في فكره أنه لو تردد في الصلاة كيف يكون الحال فقد يقع مثله في الإيمان بالله تعالى.
وقال الشربيني أيضاً في مغني المحتاج: ولو نوى قطع الوضوء انقطعت النية فيعيدها للباقي. انتهى.
وأقوال العلماء في تقرير ما ذكرناه كثيرة جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/4992)
لا يضر سبق اللسان بغير نية القلب
[السُّؤَالُ]
ـ[سأدخل في صلاة الظهر وقلت سرا: اللهم إني نويت صلاة المغرب. فأخطأت في نطقها. فما حكم الصلاة؟ وماذا يترتّب على المأمومين علما أنّي كنت إماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة غير مشروع، ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، وانظر الفتوى رقم: 6445. ثم إن المعتبر هو نية القلب، فلو جرى على لسان المصلي لفظ بالنية غير الذي نواه بقلبه، فالعبرة بما نواه بقلبه، فإذا كنت أخطأت فتلفظت بنية غير التي انعقد عليها قلبك لم يؤثر ذلك في صحة الصلاة.
قال النووي في شرح المهذب: ولو نوى بقلبه صلاة الظهر وجرى على لسانه صلاة العصر انعقدت صلاة الظهر.
وجاء في منار السبيل: ولا يضر سبق لسانه بغير ما نوى لأن محل النية القلب. انتهى.
وبه تعلم أن صلاتك صحيحة، ولا يضر سبق لسانك بخلاف ما نويته بقلبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(11/4993)
نوى الظهر في قلبه سهوا عوضا عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص خرج إلى صلاة الجمعة وبعد انتهاء الخطيب من الخطبة وبعد أن كبر الإمام تكبيرة الإحرام نوى هذا الشخص أن يصلي الظهر في قلبه سهواً عوضاً عن الجمعة؟ ماذا يترتب على هذا الشخص وهل يشرع له قطع الصلاة ثم تجديد النية لتصبح الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النيةَ شرطٌ من شروط صحة الصلاة أو ركنٌ فيها، فلا تصح الصلاة إلا بها لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه. وراجع الفتوى رقم: 35685.
ويجبُ تعيين الصلاة المُراد فعلها. قال الشيرازي في المهذب: فإن كانت فريضة لزمه تعيين النية فينوي الظهر أو العصر لتتميز عن غيرها انتهى.
وعليه؛ ففرضُ من أراد فعل الجمعة نية الجمعة، فلو نوى غيرها لا تصحَ جُمعته، لفوات شرطها وهو النية.
قال النووي في المجموع: ولا تصح الجمعة بنية مطلق الظهر، ولا تصح بنية الظهر المقصورة إن قلنا: إنها صلاة بحيالها، وإن قلنا إنها ظهر مقصورة صحت. انتهى.
وقد كان الواجبُ على من نوى الظهر عوضا عن الجمعة ثم ذكر في أثناء الصلاة أن يقطع صلاته تلك، ويستأنفها بنية الجمعة لأن فرضه هو فعل الجمعة، ولا يمكن إلا بذلك، فإن لم يفعل لم تصح جمعته كما قدمنا، ولا يمكنه أن يحول النية في أثناء الصلاة،لأن من حول نيته من فريضة إلى فريضة أخرى لم تصح إحداهما.
قال ابن قدامة: وإذا أحرم بفريضة، ثم نوى نقلها إلى فريضة أخرى، بطلت الأولى، لأنه قطع نيتها، ولم تصح الثانية لأنه لم ينوها من أولها. انتهى.
ووجبَ عليه قضاء الظهر وإن كان قد أتمها ظُهراً، لأن من تلزمه الجمعة لا تصحُ منه صلاة الظهر إلا إذا فاتت الجمعة في قول الجمهور.
قال ابن قدامة في المغني: ومن صلى الظهر يوم الجمعة ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام أعادها بعد صلاته ظهرا يعني من وجبت عليه الجمعة إذا صلى الظهر قبل أن يصلي الإمام الجمعة، لم يصح، ويلزمه السعي إلى الجمعة إن ظن أنه يدركها لأنها المفروضة عليه، فإن أدركها معه صلاها، وإن فاتته فعليه صلاة الظهر، وإن ظن أنه لا يدركها انتظر حتى يتيقن أن الإمام قد صلى، ثم يصلي الظهر، وهذا قول مالك والثوري والشافعي في الجديد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(11/4994)
هل يمكن تدارك النية بعد فوات العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[خدمت فى الجيش فترة من الزمن، ولم أعقد النية فى تلك الفترة أن هذه الخدمة هي فى سبيل الله حيث لم يكن ذلك في اعتباري، والآن هل أستطيع تجديد هذه النية واحتساب هذه الفترة من خدمتي فى الجيش هي جهاد ورباط فى سبيل الله؟ وهل يقبل الله هذه النية المتأخرة، ويضع فترة الخدمة هذه فى ميزان حسناتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الانضمام إلى الجيش وأداء الخدمة العسكرية في الفتوى رقم: 47043.. ثم اعلم أن العمل إذا كان لا يتميز بصورته الظاهرة أنه قربة فلا بد لكي يثاب عليه من وجود نية التقرب مقرونة بأول العمل أو متقدمة عليه بالزمن اليسير، ولا يمكن تدارك النية بعد فواتها، ولكن يرجى لمن فاته تحصيل النية أن يثاب على تصحيحها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 76510.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/4995)
تعدد النوايا في العمل الواحد.. جائز من وجوه دون أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تعدد النوايا في العمل الواحد؟ وهل لها عدد محدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بتعدد النوايا والمقاصد في السؤال أن يعمل المسلم العمل يقصد به وجه الله وثناء الناس، أو غير ذلك، فهذا محبط للعمل على تفصيل كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13997.
وأما إن كان المقصود بتعدد النوايا هو أن يقوم بعمل وينوي به تحصيل أكثر من أجر بهذا العمل كمن يتصدق وينوي أن يكون بالصدقة في ظل عرش الرحمن، وأن يصل بها رحمه، وأن يكسو بها مسلما أو يطعم بها جائعا، وأن يتداوى بها، وأن يفرج بها عن مكروب حتى يفرج الله عنه كربات الدنيا والآخرة ... إلى آخر هذه النيات الحسنة، فهذه النوايا مما يثاب عليها المسلم، ويجوز تعددها في العمل الواحد، وليس لها عدد محدود ما دامت في حدود المشروع من النوايا.
بل إن النية الحسنة تجعل العمل المباح قربة يؤجر عليها المسلم، ففي قصة تحاور أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما في كيفية قراءتهما للقرآن، قال معاذ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. رواه البخاري ومسلم
قال النووي في شرح صحيح مسلم: مَعْنَاهُ: أَنِّي أَنَام بِنِيَّةِ الْقُوَّة وَإِجْمَاع النَّفْس لِلْعِبَادَةِ وَتَنْشِيطهَا لِلطَّاعَةِ, فَأَرْجُو فِي ذَلِكَ الْأَجْر كَمَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي, أَيْ: صَلَوَاتِي.
وقال ابن حجر في فتح الباري: وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَطْلُب الثَّوَاب فِي الرَّاحَة كَمَا يَطْلُبهُ فِي التَّعَب, لِأَنَّ الرَّاحَة إِذَا قُصِدَ بِهَا الْإِعَانَة عَلَى الْعِبَادَة حَصَّلَتْ الثَّوَاب.
وقال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: قال بعض السلف: إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية، وحتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي الخلاء، وكل ذلك مما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى، لأن كل ما هو سبب لبقاء البدن وفراغ القلب من مهمات الدين، فمن قصد من الأكل التقوى على العبادة، ومن النكاح تحصين دينه، وتطييب قلب أهله، والتوصل إلى ولد يعبد الله بعده، أثيب على ذلك كله.
ومن الكتب المفيدة في مسألة النية التي ننصح بقراءتها كتاب: مقاصد المكلفين للدكتور عمر الأشقر فهو مفيد جدا في بابه.
ولمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع راجع الفتاوى التالية: 98119، 11048، 97835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(11/4996)
هل يتصور عدم استحضار نية الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثير النسيان، وداما ما أنسى النية، وعرفت أن النية في الصلاة من الأركان، ولا أتذكر النية أحيانا إلا عندما أنهي الصلاة، أو أي عبادة أخرى. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية شرطٌ من شروط صحة الصلاة باتفاق العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه، ويجب على من أراد الصلاة أن ينوي الصلاة المعينة التي يريد فعلها بقلبه، مع التكبير أو قبله بزمن يسير، وقد بينا ما يلزمُ من أراد الدخول في الصلاة من النية في الفتوى رقم: 119040، فمن صلى صلاةً دون استحضار ما يجبُ عليه من نية فصلاته باطلة، ويجبُ عليه إعادتها لفوات شرط من شروطها وهو النية.
وأما إن كان الأمر مجرد وسوسة، فنصيحتنا لك ألا تلتفت إليها.
فقد نص شيخ الإسلام وغيره من العلماء على أن العبد لا يمكنه أن يعمل عملاً بلا نية، بل تكليف العباد أن يعملوا عملاً بلا نية تكليفٌ بما لا يطاق، وكونك تنسى النية إذا دخلت في الصلاة لا يكادُ يُتصور، والظاهر أنه نوعٌ من الوسوسة، فإن خروجك إلى المسجد وانتظارك الصلاة فيه ثم قيامك إذا أقيمت ووقوفك في الصف، وتكبيرك مع الإمام، ومتابعتك له، كل هذا دالٌ على وجود النية بلا شك، فحذار حذار من أن تسترسل مع الوسواس، وانظر الفتوى رقم: 95978.
ولعل مقصودك أنك لا تستشعر كمال الإخلاص، والاحتساب في الصلاة، واستحضار عظمة الله ونحو ذلك، وهذا وإن كان أمراً مهماً، وفواته ينقص أجر الصلاة بلا شك، ولكنه قدرٌ زائدٌ على النية الواجبة، وقد بينا القدر الواجب في النية في الصلاة والذي تصح الصلاةُ بفعله وتبطل بتركه في الفتوى السابق ذكرها أول الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/4997)
النية في الصلاة الحاضرة والمقضية والصيام والوضوء والغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأمور التي يجب أن أدخلها في النية في الأمور التالية: الصلاة، الصيام، الوضوء، الغسل، صلاة التعويض لمن تاب من ترك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسائلُ النية كثيرةٌ وقد أطال العلماء الكلام عليها في كتبهم، ونحنُ نختصرُ ما بسطوه مقتصرين على مقصود سؤالك.
أولاً: النيةُ في الوضوء والغسل، واجبةٌ عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله، والواجبُ على من أراد الوضوء أو الغسل أن ينويَ رفع الحدث أو التطهر لفعل الصلاة.
قال الشيرازي في المهذب: وصفة النية أن ينوي رفع الحدث أو الطهارة من الحدث، وأيهما نوى أجزأه ; لأنه نوى المقصود وهو رفع الحدث. انتهى.
ثانياً: النية للصلاة واجبةٌ إجماعاً، فينوي الدخول في الصلاة المكتوبة، وهل يلزمُ تعيينها أو لا؟ ، مذهبُ الجمهور لزوم ذلك فينوي الظهر أو العصر مثلاً، ورجح العلامة العثيمين أنه يكفيه أن ينوي فريضة الوقت، جاء في الدليل ممزوجاً بشرحه منار السبيل وهو من كتب الحنابلة: التاسع (أي من شروط الصلاة) النية ولا تسقط بحال لحديث عمر، ومحلها القلب وحقيقتها العزم على فعل الشيء وشرطها الإسلام والعقل والتمييز كسائر العبادة، وزمنها أول العبادات أو قبلها بيسير، والأفضل قرنها بالتكبير خروجا من خلاف من شرط ذلك، وشرط مع نية الصلاة تعيين ما يصليه من ظهر أو عصر أو جمعة أو وتر أو راتبة لتتميز عن غيرها وإلا أجزأته نية الصلاة إذا كانت نافلة مطلقة. انتهى.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 94062.
ثالثاً: اختلفَ العلماء في اشتراط نية الأداء والقضاء وكذا نية الفرضية، والمذهبُ عند الحنابلة عدمُ الاشتراط، وبه قالَ كثيرٌ من الشافعية.
قال في منار السبيل: ولا يشترط تعيين كون الصلاة حاضرة أو قضاء لأنه لا يختلف المذهب فيمن صلى في الغيم فبان بعد الوقت أن صلاته صحيحة وقد نواها أداء قاله في الكافي أو فرضا لأنه إذا نوى ظهرا ونحوها علم أنها فرض. انتهى.
وتأتي الإشارة إلى خلاف الشافعية في المسألة في كلام النووي الآتي نقله.
رابعاً: وأما النية في الصيام فواجبة كذلك، ولا تُجزئ إلا من الليل في الصيام الواجب عند الجمهور.
وقد بين النووي صفتها في المجموع فقال: قال الشافعي والأصحاب: لا يصح صوم رمضان ولا قضاء ولا كفارة ولا نذر ولا فدية حج ولا غير ذلك من الصيام الواجب إلا بتعيين النية، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات فهذا ظاهر في اشتراط التعيين، لأن أصل النية فهم اشتراطه من أول الحديث: إنما الأعمال بالنيات. واستدل الأصحاب بالقياس الذي ذكره المصنف، وهذا الذي ذكرناه من اشتراط تعيين النية هو المذهب والمنصوص. .. إلى أن قال: صفة النية الكاملة المجزئة بلا خلاف أن يقصد بقلبه صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى، فأما الصوم فلا بد منه، وكذا رمضان لا بد من تعيينه، وأما الأداء والفريضة ففيهما الخلاف السابق في الصلاة، وقد سبق موضحا بدليله، لكن الأصح هنا وهناك أن الأداء لا يشترط، وأما الفريضة فاختلفوا في الأصح هناك وهنا. انتهى بتصرف.
وقد بينا أن التلفظ بالنية لا يُشرع، وانظر الفتوى رقم: 11235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(11/4998)
ضوابط تحويل النية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في أول ركعة من ركعات سنة المغرب فجاء رجل وصلى بجانبي صلاة المغرب الآن أنا عندما أتى إلى جانبي بدأت بالجهر وكملت الصلاة ثلاث ركعات وليس ركعتان فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان ينبغي لك أن تمضيَ في صلاة الراتبة، فإذا فرغت من الركعتين وسلمت قام صاحبك فصلى الركعة التي بقيت عليه، وإذ قد غيرت نيتك من راتبة المغرب إلى تنفلٍ مطلقٍ بثلاث ركعات فإن الراتبة قد بطلت بذلك وصحت صلاتك نفلاً مطلقاً، فقد ضبط العلماء أمرَ تحويل النية في الصلاة، وبينوا أن تحويلها من معينٍ إلى معين يبطل الصلاتين، وكذا تحويلها من مطلقٍ إلى معين، وأما تحويلها من معينٍ إلى مطلق فجائز.
قال النوويُّ رحمه الله: قال الماوَرْدِيُّ: نقلُ الصلاة ِ إلى صلاةٍ أقسامٌ: أحدُها: نقلُ فرضٍ إلى فرض: فلا يحصلُ واحدٌ منهما، الثاني: نقلُ نفلٍ راتبٍ إلى نفلٍ راتبٍ؛ كَوِتْرٍ إلى سنةِ الفجر فلا يحصلُ واحدٌ منهما، الثالث: نقلُ نفلٍ إلى فرضٍ فلا يحصل واحدٌ منهما. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: تغيير النية إما أن يكون من معيَّن لمعيَّن، أو من مطلق لمعيَّن: فهذا لا يصح، وإذا كان من معيَّن لمطلق فلا بأس، مثال ذلك: من معيَّن لمعيَّن: أراد أن ينتقل من سنة الضحى إلى راتبة الفجر التي يريد أن يقضيها، كبَّر بنية أن يصلي ركعتي الضحى، ثم ذكر أنه لم يصل راتبة الفجر فحولها إلى راتبة الفجر: فهنا لا يصح؛ لأن راتبة الفجر ركعتان ينويهما من أول الصلاة، كذلك أيضاً رجل دخل في صلاة العصر، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصل الظهر فنواها الظهر: هذا أيضاً لا يصح؛ لأن المعين لا بد أن تكون نيته من أول الأمر، وأما من مطلق لمعيَّن: فمثل أن يكون شخص يصلي صلاة مطلقة - نوافل - ثم ذكر أنه لم يصل الفجر، أو لم يصل سنة الفجر فحوَّل هذه النية إلى صلاة الفجر أو إلى سنة الفجر: فهذا أيضاً لا يصح. أما الانتقال من معيَّن لمطلق: فمثل أن يبدأ الصلاة على أنها راتبة الفجر، وفي أثناء الصلاة تبين أنه قد صلاها، فهنا يتحول من النية الأولى إلى نية الصلاة فقط. ومثال آخر: إنسان شرع في صلاة فريضة وحده ثم حضر جماعة، فأراد أن يحول الفريضة إلى نافلة ليقتصر في ها على الركعتين ثم يصلي الفريضة مع الجماعة فهذا جائز؛ لأنه حوَّل من معين إلى مطلق.
هذه القاعدة: من معين لمعين: لا يصح. ومن مطلق لمعين: لا يصح. من معين لمطلق: يصح. انتهى.
وعلى هذا فما فعلته خلافُ الأولى، فقد كان ينبغي أن تمضي في صلاتك المعينة ولا تبطلها؛ إذ الصحيحُ من أقوال العلماء أن ائتمام المفترض بالمتنفل جائز.
وأما صلاتك فقد صحت نفلاً مطلقاً وصح ائتمام صاحبك بك، وأما الجهرُ والإسرار فالأمر فيه سهل إذ هو من السنن، والمشروع الجهر في نوافل الليل دون النهار، واعلم أن السنة أن تكون صلاة النوافل مثنى مثنى؛ كما بينا في الفتوى رقم: 10623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(11/4999)
من كان عازما على أن يصلي فريضة فنوى غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[1- إذا دخلت في صلاة الظهر جمعا فتبين لي أنها صلاة عصر فما هو حكم ذلك؟
2- ما الحكم إذا نويت صلاة الظهر وأنا عازم على قضاء صلاة العصر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح ولكن إن كان القصد أن شخصا أحرم بصلاة الظهر خلف من يظنه يصلي الظهر فتبين أنه يصلي العصر فالجواب أن الراجح صحة من صلى الظهر خلف إمام يصلي العصر وهذا هو مذهب الشافعية وبعض الحنابلة، وخالفهم المالكية والأحناف وبعض الحنابلة فاشترطوا اتفاق الصلاتين.
وبناء عليه؛ فصلاتك الظهر خلف إمام يصلي العصر صحيحة، فإن كنت نويت الظهر وهم يصلون العصر فلا حرج عليك.
وأما من كان عازما على أن يصلي فريضة ثم نوى غيرها فالمعتبر النية كما صرح به أهل العلم، ومن ذلك ما نص عليه شراح مختصر خليل عند شرح قوله: وإن تخالفا فالعقد.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24408، 40831، 63782، 104888.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/5000)
مسائل في النية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قيل لي عندما تنوي صلاة في أي وقت مثلاً صلاة الظهر أنوي صلاة الظهر في الوضوء وأنا لا أنوي ذلك بل نيتي لأداء الصلاة، فهل تصح لي الصلاة بدون أن أنوي الوقت أي الظهر أو العصر، فأرجوكم أرشدوني بهذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود من السؤال هو السؤال عنما ينويه المتوضئ وهل يشترط أن يعين الصلاة التي يتوضأ لها، فالجواب أنه لا يشترط ذلك بل متى نوى الوضوء للصلاة أو نوى رفع حدثه أو نوى الوضوء لفعل ما لا يفعل إلا بطهارة كمس المصحف فإن وضوءه صحيح، وله أن يصلي به ما شاء من النوافل والفرائض..
وأما إن كان السؤال عن النية في الصلاة، وهل يشترط تعيين الصلاة التي يصليها فنقول: إن النية لا تصح الصلاة بدونها، ومن المطلوب في النية تعيين الصلاة المأتي بها هل هي ظهر أم عصر أم غيرهما، كما نص عليه النووي في المجموع، والبابرتي في شرح الهداية، وخليل في المختصر، والدردير في شرح مختصر خليل.
ومحل النية وقت تكبيرة الإحرام، ولو أن شخصاً نوى وهو يتوضأ ثم دخل في الصلاة بعد الوضوء مباشرة فقد اختلف في صحة الصلاة والمعتمد صحتها، كما نص عليه الدردير وهذا هو مذهب الأحناف والحنابلة والمالكية في أحد القولين، ويرى الشافعية والمالكية في القول الآخر عدم الصحة، وأما تقدم النية على الصلاة بكثير فإنه تبطل الصلاة به اتفاقاً عند أهل العلم، وراجع شرح الهداية وفتاوى الهيتمي والمجموع للنووي والمغني لابن قدامة وشروح مختصر خليل، وطالع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62327، 52730، 22021، 93160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/5001)
حكم صلاة الظهر بنية العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على المسلم فعله إذا دخل في صلاة الظهر ولبس عليه الشيطان النية فنوى صلاة العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بد من نية ذات الصلاة التي سيؤديها المصلي، وإذا لم تعين أو نوى صلاة أخرى لم تصح الصلاة ووجب القطع واستئناف الصلاة من جديد، وكنا قد أوضحنا هذا في الفتوى رقم: 62327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(11/5002)
نوى الشفع فأوتر الإمام فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي مع الإمام التراويح فنويت في الركعتين اللتين تسبقان الوتر نويتهما شفعاً وعند الرفع من السجود الثاني من الركعة الثانية وجدت أن الإمام قام للثالثة – أي أن الإمام نوى الوتر – فقمت معه، فكان حالي أن فعلي وتراً ونيتي شفعاً وأنا أعلم أن ليس للمرء إلا ما نوى.
فما حكم حالتي؟ وهل أصلي الوتر أم لا؟ وماذا كان ينبغي أن أصنع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لمن نوى الشفع وراء إمامه ثم وصل الإمام الوتر بالشفع أن يتبعه في الوتر من غير إحداث نية، وإلا لم يصح الوتر لأن الوتر لا بد له من نية، وبإمكان من حصل له ذلك أن يحدث نية الوتر بقلبه ثم يتابعه أو يجلس عند قيام إمامه للثالثة وينوي المفارقة ويتشهد ويسلم ثم يوتر بعد ذلك ولو فات وقت الوتر قضاه استحبابا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل قد نوى الشفع وراء إمامه فما كان له أن يتابعه في الوتر من غير أن يحدث نية لذلك لأن الوتر لا بد له من نية، وما فعل لا يغني عنه، فإن لم يكن أوتر استحب له قضاء الوتر ولا يجب عليه، فقد ذكر بعض الفقهاء أن المأموم إذا نوى ركعتي الشفع خلف إمام نوى الشفع والوتر معاً فإن له الخيار بين أمرين:
أولهما: أن يحدث نية الزيادة بقلبه ويتابعه، وهو ما صرح به العدوي في حاشيته على شرح الخرشي حيث قال: اعلم أنه إن علم حين دخوله معه أنه يوصل وصل معه، ولكن ينوي بالأوليين الشفع وبالأخيرة الوتر ولو نوى الإمام بالثلاث الوتر ولا تضر هذه المخالفة..... وإن لم يعلم حين دخوله أنه يوصل ونوى خلفه الشفع فقط أحدث نية الوتر من غير نطق به عند فعل الإمام له قاله الفاكهاني. انتهى.
الثاني: أن يجلس عند قيام إمامه للثالثة وينوي المفارقة ويتشهد ويسلم، قال الصاوي في شأن الاقتداء بالواصل: ولا تبطل إن خالفه وسلم من ركعتين مراعاة لقول أشهب بذلك. . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(11/5003)
تجديد النية ضرورية لكل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الضروري تجديد النية في بداية كل ركعتين من صلاة القيام أو صلاة التهجد أم الاكتفاء بالنية في البداية فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من تجديد نية الصلاة عند الشروع في كل ركعتين من صلاة التراويح والتهجد بعد السلام مما قبلهما، لأن كل ركعتين بمثابة صلاة مستقلة عما بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(11/5004)
حكم الجمع بين نية صلاة الضحى والاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الجمع بين صلاة الضحى وصلاة الاستخارة في صلاة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من الجمع بين نيتي صلاة الضحى والاستخارة في صلاة واحدة، ويستحضر المصلي هنا نية الجميع عند ابتداء الصلاة، كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال كما في فتح الباري، وقال النووي في الأذكار: لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبه صلاة الظهر مثلاً أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ، كذا أطلق وفيه نظر، ويظهر أن يقال إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معاً أجزأ بخلاف ما إذا لم ينو ويفارق صلاة تحية المسجد لأن المراد بها شغل البقعة بالدعاء، والمراد بصلاة الاستخارة أن يقع الدعاء عقبها أو فيها ويبعد الإجزاء لمن عرض له الطلب بعد فراغ الصلاة لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/5005)
حكم احتساب الأجر للأعمال المستقبلية وبعد العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني جزاكم الله خيرا، هل يجوز للشخص أن يحتسب الأجر عند الله في أعمال الخير التي يعملها في حياته وذلك بعد انقضاء العمل ومضي مدة علية أم لا بد من احتساب الأجر قبل الشروع في العمل، وهل يجوز احتساب الأجر مرة واحدة لجميع الأعمال المستقبلية كأن نقول أحتسب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي سوف أفعلها في حياتي إن شاء الله، وهل يجوز ذلك أيضا للأعمال السابق فعلها في حياه الشخص بمعنى أن يقول الشخص أحتسب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي فعلتها في حياتي؟ جزاكم الله كل الخير.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأسئلة كلها تدور حول أمرين هما:
1. السؤال عما إذا كان يصح احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي سوف يفعلها المرء في حياته.
2. احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي كان الشخص قد فعلها من قبلُ.
وحول النقطة الأولى فالظاهر –والله أعلم- أن احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي سوف يفعلها المرء في حياته يصح، لكنه لا يكون مأجورا على جميع ما يصدر منه من الأعمال بمجرد تلك النية، إلا فيما لا يحتاج إلى نية التقرب كالتسبيح والأذان ونحو ذلك؛ لأن هذا النوع يثاب عليه الإنسان وإن لم ينو به القربة إذا خلا من النية الفاسدة.
وأما ما سوى هذا النوع، فإن كان عبادة تشترط لها النية فلا يصح إلا بنية عند الشروع فيه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
ومن المعلوم أن وقت النية أول العبادة. قال السيوطي في الأشباه والنظائر في وقت النية: الأصل أن وقتها أول العبادة. اهـ
وإن كان مما لا تتوقف صحته على نية مثل الإنفاق على العيال وقضاء الديون ونحو ذلك ... فالمصحح من أقوال أهل العلم أن فاعله لا يؤجر عليه إلا باستحضار النية له. قال صاحب المراقي:
وليس في الواجب من نوال * عند انتفاء قصد الامتثال
فيما له النية لا تشترط * وغير ما ذكرته فغلط
وحول النقطة الثانية، فليس من المتصور أن يصح احتساب الأجر عند الله في جميع أعمال الخير التي كان الشخص قد فعلها من قبلُ خالية عن الاحتساب، إذ لو كان ذلك ممكنا لما كان من داع إلى تحصيل نية الاحتساب قبل الشروع، طالما أن حصولها بعد الفعل يكفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(11/5006)
حكم تغيير النية في أثناء صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت صلاة الوتر ثلاث ركعات متصلة بتشهد واحد أخير وأثناء الصلاة بعد الركعة الثانية جلست للتشهد فغيرت نيتي السابقة وجعلتهما ركعتين ثم سلمت ثم أتيت بالركعة الثالثة وحدها فهل يجوز ذلك نسيانًا أو عمدًا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلا من الوصل والفصل في الوتر صحيح كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 47029، والمفضل منهما الفصل، ومع ذلك فالظاهر أن تغيير النية من أحدهما إلى الآخر لا يصح لحصول النقص أو الزيادة على غير ما نوى في الحالتين.
ففي فتاوى ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في الفقه الشافعي ما نصه:. وَأَمَّا غَيْرُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مِنْ الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا فَمَتَى نَوَى عَدَدًا مِنْهُ لَا يَجُوزُ نَقْصُهُ , وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ. انتهى.
وعلى هذا، فإذا تعمد من نوى الوصل السلام والتشهد من ركعتين ونوى تحويلهما إلى نفل مطلق وقصد ذلك قبل سلامه حسبت له الركعتان نفلا مطلقا، ثم يبتدئ الشفع والوتر بنية الفصل كما هو الأولى، أو بنية الوصل ويلتزم ما نوى، وإذا فعل ذلك سهوا فإنه يقوم إلى ما بقي من صلاته إن قرب الفصل؛ ثم يسجد للسهو لأنه زاد تشهدا وسلاما سهوا، وإن فعل ذلك وطال الفصل أعاد الصلاة كلها أي الشفع والوتر، ولبيان وقت قضاء الوتر يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 24168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/5007)
النية في الوضوء والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنقذوني فقد مد الوسواس جذوره في فأصبحت نفسيتي سيئة جداً، أرغب أن تجيبوني على هذه الأسئلة جزاكم الله خيراً لعل فيها حلا لما بي، وأنا عموما أعاني من الوسواس في كل عبادة يشترط فيها النية! عند الوضوء هل يكفي طريقة غسل يدي عند بداية الوضوء كناية عن النية للوضوء، علما بأني لا أغسل يدي بهذا الأسلوب ألا عندما أرغب في الوضوء أي أني إذا رغبت في غسل يدي لأن فيها وسخا مثلاً لا أغسلها كما أغسلها أثناء الوضوء وعموما لا أغسل يدي بهذا الأسلوب إلا أثناء الوضوء وهذا ينطبق أيضا على المضمضة، هل الاستغفار أو التحدث بين النية وتكبيرة الإحرام للصلاة يلزم إعادة النية، وهل يجب أن أستحضر نية الظهر مثلا إلى أن أدخل في الصلاة، أم يكفي أن أنوي صلاة الظهر مثلا قبل الصلاة بـ 5 دقائق مثلا، وإذا كانت 5 دقائق وقت طويل فما هو الوقت اليسير أي هل يكون قبل الصلاة بدقيقة أو دقيقتين مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم الأخ السائل أن النية محلها القلب ولا يحتاج استحضارها إلى كبير عناء ووسوسة بل هي مجرد قصد الإنسان للشيء وعلمه به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: فإن النية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله نواه بغير اختياره، وأما إذا لم يعلم الشيء فيمتنع أن يقصده..... انتهى.
وكل فعل يفعله الإنسان العاقل لا بد أن يكون له قصد بذلك الفعل ولذلك قال بعض العلماء لو كلف الإنسان أن يفعل شيئاً بلا قصد أي بلا نية لكان تكليفاً بما لا يطاق، فإذا أراد الأخ السائل الوضوء وتوضأ فقد حصلت النية بذلك، فلا ينبغي أن يسترسل مع الوسوسة فإنها شر مستطير تجعل الإنسان كأنه لا عقل له، وغسل اليدين في أول الوضوء سنة، كما بيناه في الفتوى رقم: 18024.
وكذلك إذا أراد صلاة الظهر مثلاً وعلم أنه سيصلي الظهر فقد وقعت النية بذلك، ولا يبطلها الاستغفار ولا الكلام لأن النية محلها القلب لا اللسان، والتحدث والاستغفار في اللسان لا في القلب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم في العادة أن من كبر في الصلاة لا بد أن يقصد الصلاة، وإذا علم أنه يصلي الظهر نوى الظهر فمتى علم ما يريد فعله نواه ضرورة. انتهى.
وقد نص الفقهاء على جواز تقديم النية على الصلاة بزمن يسير، ولم يقيدوا ذلك اليسير بدقائق محددة، بل المرد في ذلك للعرف، بل ذهب بعض العلماء إلى جواز تقديم النية عن الصلاة بزمن كثير بعد دخول الوقت ما لم يفسخها، فلو نوى بعد دخول الوقت وصلى في آخره صحت صلاته، وإن ذهل عنها أو عزبت عنه بين ذلك، لأن نيته مستصحبة الحكم. وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين كما في شرح الزاد، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 7578، حول علاج الوسوسة في الوضوء وغيره، وكذلك الفتوى رقم: 56647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/5008)
حكم الجمع بين سنتين راتبتين بنية واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أصلي سنة كأن أصلي سنة العشاء وأجمع في النية مع سنة العشاء سنتي الظهر والعصر وقضاء الحاجة وقيام الليل، وإن كان لا يجوز فما حكم جمع النية وما هي شروطها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يصح الجمع بين سنة العشاء وسنة الظهر أو العصر بنية واحدة، لأن كل واحدة من هذه السنن صلاة راتبة مقصودة لذاتها ولها وقت محدد، أما الجمع بين سنة العشاء وقيام الليل وصلاة الحاجة بنية واحدة في ركعتين فلا مانع منه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 93075.
وفي الموسوعة الفقهية: إن أشرك عبادتين في النية، فإن كان مبناهما على التداخل كغسلي الجمعة والجنابة، أو الجنابة والحيض، أو غسل الجمعة والعيد، أو كانت إحداهما غير مقصودة كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فلا يقدح ذلك في العبادة، لأن مبنى الطهارة على التداخل، والتحية وأمثالها غير مقصودة بذاتها، بل المقصود شغل المكان بالصلاة، فيندرج في غيره.
أما التشريك بين عبادتين مقصودتين بذاتها كالظهر وراتبته، فلا يصح تشريكهما في نية واحدة، لأنهما عبادتان مستقلتان لا تندرج إحداهما في الأخرى. انتهى.
ومن هذا يعلم أن جمع العبادتين بنية واحدة جائز بشرط أن تكون إحداهما غير مقصودة لذاتها كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، أما إذا كانتا مقصودتين لذاتهما مثل الراتبة مع الفرض أو راتبة أخرى فلا يصح جمعهما بنية واحدة، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 44125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/5009)
حكم قلب النية من نفل إلى فرض أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت متأخراً إلى صلاة العصر بسبب استيقاظي عند سماع الإقامة بدأت بصلاة ركعتين بنية تحية المسجد منتظراً أن يأتي أحد فأصلي معه العصر وإذ أناس يأتون فيصلون معي معتقدين أني أصلي العصر، لم أعرف ما أفعل، فغيرت النية إلى صلاة العصر وأكملت 4 ركعات، ثم بعد السلام صليت ركعتين بنية تحية المسجد، وبعد السلام سجدت سجدتي السهو، أشعر أني فعلت خطأ، فهل صلاتي مقبولة، وصلاة من كانوا خلفي، وما العمل الصحيح بمثل هذه الحالة، فهل يجب أن أعيد صلاة العصر، في حال التأخر عن صلاة الجماعة الأولى هل لصلاة الجماعة الثانية نفس الأجر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان عليك أن تقتصر على ركعتين فقط تحية المسجد ولو اقتدى بك من اقتدى بك، لأنك بدأتها ونويتها عند الإحرام ولم تنو الفريضة، وحيث أنك غيرت النية أثناء الصلاة من نفل إلى فرض فإن هذه الصلاة لا تجزئك عن صلاة العصر، ولا بد من إعادتها لأنه لا بد من نية الفرض عند البدء بالصلاة، ولا يصح الإتيان بها بعد الإحرام بصلاة أخرى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 62327.
أما صلاة الذين اقتدوا بك فهي صحيحة، ثم إنه لا ينبغي للمسلم أن يتكاسل ويتأخر عن الصلاة في الجماعة الأولى اتكالاً على أنه سيجد جماعة أخرى يصلي معها، ومع ذلك فلو تأخر ووجد جماعة فصلى معها فإنه يحصل على فضل الجماعة، لكن قد يكون دون فضل الصلاة الأولى، لا سيما إذا كان العدد في الجماعة الأولى أكثر، وقد سبق المزيد من هذا المعنى في الفتوى رقم: 35946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(11/5010)
مسائل في نية الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في الموقع بعض الفتاوى تقول بما معناه أن النية يجب أن لا تسبق الصلاة أو الغسل بفترة طويلة فما هو الحد التقريبي الذي يمكن أن نطلق عليه (فترة طويلة) ؟ وكيف أنوي بقلبي أني أريد أن أصلي (الفجر) دون تلفظ لأني لم أعرف كيف أفعل ذلك هل يكون ذلك عن طريق استحضار اسم الصلاة مثلا؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية ركن من أركان الصلاة لا تجزئ بدونها، والأفضل كون هذه النية مقارنة لتكبيرة الإحرام، لكنها إذا تقدمت بوقت يسير فلا بأس بذلك؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 22021.
والوقت اليسير هنا يرجع في معرفة قدره إلى العرف والعادة، قال النووي في المجموع وهو شافعي: واختار إمام الحرمين والغزالي في البسيط وغيره أنه لا يجب التدقيق المذكور في تحقيق مقارنة النية، وأنه تكفي المقارنة العرفية العامية بحيث يعد مستحضرا لصلاته غير غافل عنها، اقتداء بالأولين في تسامحهم في ذلك، وهذا الذي اختاراه هو المختار. والله أعلم. انتهى
وفي منح الجليل شرح مختصر خليل المالكي: وإن لم يطل الزمن بينهما وسبقت النية التكبير بيسير عرفا كنيته في محل قريب من المسجد وتكبيره في المسجد ناسيا لها (فخلاف) في تشهير الصحة وعدمها، فقال بالبطلان عبد الوهاب وابن الجلاب وابن أبي زيد واقتصر عليه ابن الحاجب، وقال بالصحة ابن رشد وابن عبد البر. وقال ابن عات: هو ظاهر المذهب. قال في التوضيح: وهو الظاهر. انتهى
والنية محلها القلب ولا تحتاج لكبير جه، د فيكفيك عند إرادة الصلاة استحضار نية أدائها بالتعيين من كونها فجرا أو ظهرا أو غيرهما، ولا يشرع التلفظ بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(11/5011)
التشريك في النية بين سنة العشاء وقيام الليل وقضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جمع النية في صلاة السنة كأن أصلي سنة العشاء مع قضاء الحاجة وقيام الليل في ركعتين فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح الجمع في صلاتين مقصودتين بنية واحدة كسنة العشاء وقيام الليل؛ لأن كلتيهما صلاة مقصودة لذاتها، ويدل على أن صلاة الليل مقصودة لذاتها أمور:
أولها: أنها لا تحصل بصلاة المغرب والعشاء ولا غيرهما من الصلوات المقصودة كالرواتب والوتر ولو كانت غير مقصودة لحصلت بذلك.
الثاني: أن العلماء ذكروا نحو ستة عشر صلاة غير مقصودة، ولم يذكروا منها صلاة الليل.
الثالث: أنها تقضى لمن اعتاد عدداً منها.
وعليه فلا يصلح أن يؤتى بسنة العشاء وقيام الليل بنية واحدة، بخلاف صلاة الحاجة فليست مقصودة لذاتها فيصح أن تؤدى مع سنة العشاء بنية واحدة كما نص على ذلك جماعة من أهل العلم، ومنهم الشرواني رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(11/5012)
حكم تغيير النية من نافلة مطلقة إلى وتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن أبدأ صلاتي بنية ركعتين قيام الليل مثلاً ويؤذن المؤذن فأنوي أثناء الصلاة على أنها وتر وأصليها، أي أن سؤالي هل يجوز تغيير النية أثناء القيام بالعمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تغيير النية من نافلة مطلقة إلى وتر فلا يصح، بل لا بد من نية الوتر عند تكبيرة الإحرام، ولا يجوز تغييرها بزيادة ولا نقص، وإنما يصح تغيير النية بزيادة أو نقص قبل الشروع في الزيادة أو النقص في نفل مطلق فقط، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 49390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/5013)
صفة النية في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي72 نية للدخول في صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يجب على المصلي من النية إذا قام إلى صلاة الفريضة هو أن ينوي الصلاة التي سيصليها بالتعيين من الظهر أو العصر وكونها فرضا، فإن كان مأموما نوى الاقتداء وإن كان إماما نوى الإمامة ندبا في غير الجمعة كما ذكر بعض الفقهاء ووجوبا في الجمعة، وكذلك يجب على الإمام أيضا أن ينوي الإمامة في صلاة الخوف والجمع بين مشتركتي الوقت في حال المطر، وفي حال الاستخلاف لأن المستخلف انتقل من المأمومية إلى الإمامة حسبما هو مفصل في كتب الفقه، على خلاف بين أهل العلم في بعض المسائل من حيث الوجوب وعدمه واستحب كثير من أهل العلم استحضار بعض الأمور في النية زيادة على ما ذكرنا، ولكن كل ذلك لا يبلغ العدد الذي ذكره السائل، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 76819، والفتاوى المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(11/5014)
التشريك في النية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم جزاكم الله عنا خير الجزاء
1- هل يجوز إشراك أكثر من نية في عمل واحد كمن ينوى صيام يوم الإثنين ويوم 13 من الشهر مثلا إذا وافق ذلك نفس اليوم أو ينوى صلاة ركعتي الضحى مع ركعتي تحية المسجد أرجو التوضيح مع ذكر آراء العلماء في ذلك؟ وذكر أمثلة لما يصح وما لا يصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة إشراك أكثر من نية في العبادة الواحدة تعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك. وخلاصة القول في الصورة التي ذكرت جواز التشريك. وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة في بيان ما يصح فيه تشريك النية وما لا يصح، فنحيل السائل إليها وهي برقم: 6579، وكذلك الفتوى رقم: 52845، والفتوى رقم: 41554، حول تشريك النية في الصوم خصوصا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(11/5015)
مسائل في النية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص عانيت ولازلت أعاني من مسالة (النية) سواء في الوضوء أو الصلاة أو الغسل! وحتى وقت قريب كنت أعتقد أن النية هي التحدث بالصلاة أو بالوضوء أو بالغسل في القلب قبل أدائها، وهذا اعتقاد خاطئ طبعا، ولكن عندما بحثت عن ماهية النية اكتشفت أنها تعني الإرادة أو قصد الصلاة، وأن محلها القلب وما فهمته من هذا أنه بمجرد الوقوف على السجادة قاصداً الصلاة أكون قد نويت الصلاة، فهل هذا صحيح، وهل يجب علي أيضا تحديد وقت الصلاة (الفجر- العصر ... ألخ) ، أم يكفيني معرفة الوقت بمجرد دخوله، لأن استحضارها وأنا واقف استعداد للصلاة يعني التلفظ بها والتلفظ بدعة كما هو معروف لدي، وإذا كانت النية هي بالطريقة التي ذكرت أنا فمن يستطيع الصلاة بدون نية، لأني لا أتصور شخصا يقف على السجادة ثم يكبر تكبيرة الإحرام ولا يكون قاصداً الصلاة!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كيفية النية في الصلاة هي كما ذكر الأخ السائل وهي أن يستحضر المصلي النية عند البدء بالصلاة، لكن يشترط تعيين الصلاة التي هو بصددها من ظهر أو عصر أوغيرهما، وكل ذلك بالقلب لا باللفظ،أي بأن يستحضر بقلبه أنها ظهر أو عصر مثلاً.
والأمر كما قال الأخ السائل أن الإنسان لا يفعل الفعل إلا بنية أي بقصد ما، ولذلك قال بعض أهل العلم لو كلف الناس أن يعملوا عملاً بلا نية لكان تكليفاً بما لا يطاق، فالإنسان لا يقدر على عمل دون أن يقصد به شيئاً، ولكن البحث هنا: ما هو هذا القصد؟ فما تشترك فيه العادة والعبادة كالغسل مثلاً لا بد من قصد العبادة ليخرجه ذلك القصد عن كونه عادة، فقد يغتسل الجنب في وقت الحر للتبرد ولا يستحضر غير ذلك عند الغسل، فهذا لا يقع غسلاً عن الجنابة لأنه لم ينو، وهكذا. وما لا تشترك فيه العادة والعبادة تأتي النية للتميز بينه وبين العبادة الأخرى المشابهة له؛ كالصلاة تقع فرضاً ونفلاً والنية هي التي تميز ذلك، وتقع ظهراً وعصراً والنية هي التي تميز ذلك وهكذا، ولبيان أحكام النية في الصلاة طالع الفتوى رقم: 52730، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 43991، والفتوى رقم: 22773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(11/5016)
موضع النية من العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[العمل أم النية أيهما يسبق الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النية تصحب بداية العمل أو تسبقه بقليل، ففي الصلاة -مثلا- ذكر أهل العلم أن النية ينبغي أن تقارن تكبيرة الإحرام، ويجوز أن تتقدمها بيسر عند بعضهم، وكذا في الطهارة يؤتى بالنية في بدايتها ويصح تقديمها بيسير, كما نص عليه ابن قدامة في المغني وخليل في المختصر وشراحه. وراجع الفتوى رقم: 59853، والفتوى رقم: 22021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(11/5017)
النية في صلاة الجمعة والسنن الرواتب والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما نص النية في صلاه الجمعة وصلاة السنن والنوافل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ الكريم يسأل عما يعبر به المصلي عن نيته في هذه الصلوات فإن النية محلها القلب, فينوي عند الجمعة أنه يؤدي فريضة الجمعة, وعند النوافل ينوي عند المعينة منها عين الصلاة التي سيصليها, وأما عند النوافل المطلقة فتكفي نية مطلق النفل أو الصلاة كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 21188. وقد كره العلماء التلفظ بالنية على الراجح من خلافهم في ذلك, كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27051، 22773، 11235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/5018)
لا تشترط نية الأداء أو القضاء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً أستيقظ متأخراً لصلاة الفجر ولا أعرف ميعاد الشروق وهل بلغ أم لا، فهل أصلي الفجر بنية الحاضر أم القضاء، هل يجب على المسلم إذا نوى أن يصلي أن يستحضر نية الحاضر أو القضاء أم يكفيه أن ينوي أن يصلي صلاة كذا فقط، وهل يجب أن يستحضر نية أن يصلي في جماعة أو منفرداً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أولاً بالمحافظة على صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة، ونذكرك بما رواه مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. فالذي يصلي الفجر هو في حماية الله ورعايته، ويحس بنشاط وطيب نفس، والذي يفرط فيها تائه يتخبطه الشيطان والهوى، ويكابد الكآبة والضيق.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى وجلاه في حديث آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب بكل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عنه عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وأما نية الأداء أو القضاء في الصلاة فلا تشترط، وكذا نية الانفراد إن كان يصلي وحده، أما إذا كان يصلي مع جماعة فلا بد من نية الاقتداء حتى يحصل له أجر الجماعة وتصح متابعته للإمام، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 10255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(11/5019)
مذاهب العلماء في اختلاف نية الإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[فتوى الشبكة رقم (69989) بتاريخ 16/11/1426هـ، السؤال غير واضح عليه نأمل توضيح السؤال، وأين نحن من صلاة معاذ الذي كان يصلي الفرض مع الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤم قومه عند عودته إليهم يصلي بهم إماما هو نفل وهم يصلون خلفه الفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال في الفتوى رقم: 69989 واضح، والجواب عليه زاده وضوحاً أكثر فعليك بالتأمل.
وأما الاعتراض على مذهب المالكية ومن وافقهم بحديث معاذ فهو اعتراض صحيح، وهو الذي استندنا إليه في فتاوينا في جواز صلاة المفترض خلف المتنفل، وصلاة من يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، وفي الفتوى المذكورة اقتصرنا على شرح السؤال للسائل وبيان حقيقة الجواب عليه من العلامة عليش.
ونقول: إن القائلين بمنع ذلك لهم أدلة واستندوا إليها وحاشاهم أن يقرروا ذلك هوى أو جهلاً، إلا أنه كلٌ يؤخذ من قوله ويرد. وأجابوا عن حديث معاذ بأنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم نفلا ثم يعود ويصلي بقومه الفرض، وقد رد الشافعي رحمه الله وغيره على هذا الجواب، وقد بين النووي رحمه الله في المجموع أدلة الفريقين فقال: مذاهب العلماء في اختلاف نية الإمام والمأموم، قد ذكرنا أن مذهبنا: جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب، قال: وبه أقول، وهو مذهب داود. وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض، ولا فرض خلف نفل، ولا خلف فرض آخر. قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك. وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يجوز الفرض خلف نفل آخر ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض، وروي عن مالك مثله، واحتج لمن منع بقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. رواه البخاري ومسلم من طرق. واحتج أصحابنا بحديث جابر: أن معاذا كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم. وعن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يطلع إلى قومه فيصليها لهم، هي له تطوع، ولهم مكتوبة العشاء. حديث صحيح رواه بهذا اللفظ الشافعي في الأم ومسنده. ثم قال: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من طريق واحد أثبت من هذا، ولا أوثق -يعني- رجالاً.
قال البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار: وكذلك رواه بهذه الزيادة أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج كرواية شيخ الشافعي عن ابن جريج بهذه الزيادة، وزيادة الثقة مقبولة، قال: والأصل أن ما كان موصولا بالحديث فهو منه، لا سيما إذا روي من وجهين؛ إلا أن تقوم دلالة على التمييز. قال: والظاهر أن قوله: هي له تطوع، ولهم مكتوبة من قول جابر، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بالله وأخشى له من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم. وحين حكى الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعل معاذ لم ينكر عليه إلا التطويل (فإن قالوا) لعل معاذاً كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نافلة وبقومه فريضة (فالجواب) من أوجه: (أحدها) : أن هذا مخالف لصريح الرواية. (الثاني) : الزيادة التي ذكرناها هي له تطوع، ولهم مكتوبة العشاء صريح في الفريضة، ولا يجوز حمله على تطوع (الثالث) : جواب الشافعي والخطابي وأصحابنا وخلائق من العلماء: أنه لا يجوز أن يظن بمعاذ مع كمال فقهه وعلو مرتبته أن يترك فعل فريضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مسجده، والجمع الكثير المشتمل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى كبار المهاجرين والأنصار، ويؤديها في موضع آخر ويستبدل بها نافلة، قال الشافعي: كيف يظن أن معاذاً يجعل صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - التي لعل صلاة واحدة معه أحب إليه من كل صلاة صلاها في عمره ليست معه، وفي الجمع الكثير - نافلة؟! (الرابع) : جواب الخطابي وغيره، ولا يجوز أن يظن بمعاذ أن يشتغل بعد إقامة الصلاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بنافلة مع قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. وعن جابر رضي الله عنه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع وذكر الحديث.... إلى أن قال: فنودي بالصلاة فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعتين ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان. رواه البخاري ومسلم، وعن أبي بكرة قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو، فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين. رواه أبو دواد والنسائي بإسناد حسن. واستدل الشافعي أيضاً بالقياس على صلاة المتم خلف القاصر، وأما الجواب عن حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به. فهو أن المراد ليؤتم به في الأفعال لا في النية، ولهذا قال صلى الله عيله وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا.... إلى آخره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1426(11/5020)
من عمل الخير بمقدوره وعجز عن إكماله ينال أجر عامله
[السُّؤَالُ]
ـ[1-المشكلة أنني في وقت الحيض_أعزكم الله_ أرى ألوانا مختلفة كدرة وصفرة وأضطر لقطع الصلاة والصوم ولكن بعد أيام ينزل مني لون الحيض المعتاد مما يضطرني إلى البقاء 10 أيام فما فوق بدون صلاة فهل أرد الأيام التي لم أصل فيها أم أحسبها حيضا للإشارة فهذه المشكلة منذ أن بلغت وذهبت إلى الطبيب ولكن لا جدوى فأنا في هذه الأيام لا أشك أنها الحيض بسبب المغص وأيضا في أيامها. أرجوكم أفيدوني. 2-نويت أن أصوم الأيام البيض ولكن لم أكمل بسبب العادة الشهرية, هل ثوابي من عند الله سبحانه بسبب النية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصفرة والكدرة في زمن الحيض يعتبران حيضاً؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6399، والفتوى رقم: 5800. ... ...
وعليه؛ فما تراه السائلة إذا كان يأتي في أيام الحيض فإنه يعتبر حيضاً بالإضافة إلى الأيام التي ترى فيها الدم ولو زاد ذلك بمجموعه على عشرة أيام ما لم يتجاوز خمسة عشر يوما، فإن زاد على خمسة عشر يوماً فهي استحاضة وليست حيضاً. ولمعرفة ما تفعله المستحاضة تراجع الفتوى رقم: 29962.
أما بخصوص نية الأخت السائلة صيام أيام البيض ولم تتمكن من إكمال ذلك بسبب العذر فظاهر الأحاديث يدل على أن النية يثاب عليها صاحبها؛ كما سبق في الفتوى رقم: 22111.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما سئل عن هذا الأمر أو الحديث وهو نية المرء أبلغ من عمله فأجاب: هذا الكلام قاله غير واحد وبعضهم يذكره مرفوعاً وبيانه من وجوه؛ أحدها: أن النية المجردة من العمل يثاب عليها، والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه إلى أن قال: الثاني: أن من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامله. انتهى
واستدل رحمه الله على هذا المعنى بأدلة وافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/5021)
من كان في راتبة المغرب فاقتدى به آخر فغير نيته للفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب على من صلى الفريضة خلف متنفل أدركه عند القيام للركعة الثانية في نافلة المغرب إلا أن المتنفل عندما أحس بدخول مأموم معه أتم عدد ركعات المغرب كاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح أن يصلي المفترض خلف المتنفل عند بعض أهل العلم ومنهم الشافعية رحمهم الله وهو الراجح؛ لحديث معاذ رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة. والحديث متفق عليه.
وعليه.. فيصح أن يصلي شخص فريضة المغرب خلف من يصلي راتبتها؛ إلا أنه لا يجوز لمن يصلي الراتبة أن يزيد فيها، بل لا بد أن يتمها كما نواها، فإن زاد على ما نواها فلا يجوز للمأموم أن يتابعه في تلك الزيادة ما دام يعلم أنها زيادة، فإن تابعه وهو عالم بذلك بطلت صلاته ويجب عليه إعادتها، وأما إن لم يدر المأموم ما إذا كان الإمام يصلي راتبة المغرب أو يعيد المغرب أو يتنفل فله متابعته لأنه غير عالم بأن ما أتى به زيادة مبطلة.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34805.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(11/5022)
حكم صلاة العشاء بنية المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل صلى العشاء بنية المغرب فصلى أربع ركعات هل تعتبر هذه الصلاة صلاة مغرب أم عشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل صلاة تجب لها نيتها المعينة فلا تصح صلاة بنية غيرها كما سبق في الفتوى رقم: 40831.
وعليه، فهذه الصلاة لا تقع مغرباً ولا عشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(11/5023)
من تذكر في أثناء الصلاة أنه أخطأ في النية
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ
رجل دخل في صلاة الظهر وراء الإمام بنية صلاة العصر وتذكر أنه أخطأ في النية بعد انتهائه من الركعة الأولى فماذا يفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أنك اقتديت بإمام في صلاة الظهر وأنت تريد أداء العصر فنويت الظهر أو لم تنو شيئاً فصلاة العصر في هذه الحالة باطلة، لأن النية شرط في صحة الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
هذا إضافة إلى أن النية يشترط أن تكون مقارنة للإحرام بالصلاة أوقبله بيسير، ومن تذكر في أثناء الصلاة أنه أخطأ في النية أو لم يأت بها أصلاً، فالواجب عليه أن يقطع صلاته ويستأنفها من جديد، فإن استمر عليها أو لم يتذكر إلا بعد الانتهاء منها، فتجب عليه إعادتها، وراجع الفتوى رقم: 40831، والفتوى رقم: 52730.
وإن كان المقصود أن ما حصل لك هو سرحان في الصلاة وجال بخاطرك أنك تصلي الظهر بعد أن نويت نية العصر في محلها، ففي هذه الحالة صلاتك صحيحة لأن استحضار النية في الصلاة كلها فيه مشقة غالباً، وليس بشرط في صحتها، وراجع الفتوى رقم: 9487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(11/5024)
حكم تغيير نية الصلاة من فريضة إلى نافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمأموم أن يغير نية الصلاة إن كان لم يدرك مع الجماعة الأولى إلا التشهد الأخير، أي يغيرها إلى أنها ركعتي السنة ويكمل الركعتين ويلتحق بالجماعة الأخرى ليصلي الفرض بعد أن بدّل نيته في الجماعة الأولى إلى أنها ركعتي السنة، علما بأنه أكمل الركعتين؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إدراك التشهد والسلام مع الإمام يحصل به فضل الجماعة، وعليه فما دام المأموم قد أدرك ذلك مع الإمام فلا يجوز له قطع الصلاة ولا تحويلها إلى نافلة في هذه الحالة، والواجب عليه هو أن يستمر في إكمال صلاته، وكنا قد أجبنا عن مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 521، والفتوى رقم: 10391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(11/5025)
كيف تتحقق النية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر قصدك في القيام بالوضوء والصلاة استحضارا للنية؟ أقصد أنني عندما أقوم للوضوء أو للصلاة لا أقول في نفسي: نويت الوضوء أو نويت أن أصلي العصر. فهل يعتبر كوني أقوم قاصدا الوضوء أوعندما أخرج من البيت إلى المسجد قد نويت الصلاة؟ أم أنه يجب علي أن أحدث نفسي قائلا: نويت أن أصلي صلاة.....
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الوضوء والصلاة النية وهي في الأصل قصد الشيء مقترنا بفعله، ومحلها القلب، فغسلك لوجهك بقصد الوضوء أو الصلاة -مثلاً- نية معتبرة شرعاً، ولا يشترط التلفظ بها، وأما تقديمها قبل الوضوء أو الصلاة فمحل خلاف بين العلماء، والراجح جواز التقديم اليسير كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 22021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(11/5026)
لا يصح تحويل صلاة المغرب إلى العشاء أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت أمي في سفر وأرادت أن تصلي صلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا فصلت المغرب ركعتين جهلا منها فأشير إليها أن تجعلها عشاء وتصلي بعدها المغرب فهل تعيد صلاتها؟ وهل تجعلها جمعا وقصرا؟ وهل الترتيب من أركان الصلاة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من صلى المغرب ركعتين سواء كان ناسيا أو جاهلا للحكم فإن صلاته باطلة، وتجب عليه إعادتها للإجماع على أن السفر لا يؤثر في صلاة المغرب والفجر، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه للرجل الذي أساء في صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل، ولا يصح قلب صلاة المغرب إلى العشاء أثناء الصلاة أو بعد السلام منها، ولمزيد من الفائدة عن هذا تراجع الفتوى رقم: 19102.
وعليه، فالذي يظهر أن والدتك صلت المغرب ثلاثا بعد صلاتها للركعتين اللتين جعلتهما صلاة العشاء كما يبدو من سؤالك، فإن كان الأمر كذلك فقد صحت صلاتها للمغرب ولا إعادة عليها لها، وإنما عليها قضاء صلاة العشاء تامة إن كانت قد أقامت، أو ركعتين إن كانت لا تزال على سفر، لأن صلاتها للعشاء لم تصح كما سبق.
وأما الترتيب بين الصلاتين المجموعتين ففيه خلاف، والراجح هو أنه إن جمع بينهما جمع تأخير فيجوز البداءة بما شاء منهما والأفضل الترتيب، وأما إذا جمع بينهما جمع تقديم فيشترط البداءة بالأولى، لأنه لا يدخل وقت الثانية إلا بعد صلاة الأولى في جمع التقديم، ويكون الوقت لها فقط، وإنما تفعل الثانية تبعا لها، ولا بد من تقديم المتبوع على تابعه، وراجعي الفتوى رقم: 14795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(11/5027)
من نوى صلاة معينة فلا يصح له تحويل النية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد صلاة الفجر انتظرت لشروق الشمس بالمسجد وحين حان وقت الصلاة قلت الله أكبر بنية صلاة الشروق وبعد قولي الله أكبر مباشرة تذكرت أني لم أصل سنة الفجر فهل يجوز لي أن أعتبر صلاتي التي أنا فيها سنة الفجر أم الأولى أن أكمل بنية الشروق من ثم أصلي نية الفجر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نوى الدخول في صلاة الإشراق لا يصح له أن يقلب نيته إلى صلاة فرض ولا نفل معين كراتبة الفجر، بل يتمها صلاة إشراق ثم يصلي ما شاء بعد ذلك.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 19102
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/5028)
لا يشرع التلفظ بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل بعثت إليكم بأكثر من ثلا ث رسائل وفي كل رسالة سؤال معين يفيدني في الحياة ومن أهم هذه الأسئلة كيف يتم نطق النية عند أدء صلاة فائتة أو صلاة مسافر (جمع الصلاة) أو إعادتها؟.
ملا حظة: أنا أسأل عن النية ولكن يكون الرد بتحويلي إلى أسئلة أخرى لا أستطيع العثور عليها. ما هو الحل برأيكم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهل العلم من يجعل التلفظ بالنية بدعة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد: وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئاً قبلها ولا تلفظ بالنية البتة، ولا قال أصلي لله كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماماً أو مأموماً، ولا قال أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا سند مرسل لفظة واحدة منها البتة، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة، وإنما غر بعض المتأخرين قول الشافعي رضي الله عنه في الصلاة إنها ليست كالصيام، ولا يدخل فيها أحد إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفظ المصلي بالنية، وإنما أراد الشافعي بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا ... إلى آخر ما أورده.
ومع هذا، فإن من أهل العلم من استحب التلفظ بالنية، ومنهم من استحبه للموسوس، ولكن المعتمد الكراهة مطلقاً، وراجع في هذا فتوانا رقم: 11235.
وعليه، فالأفضل للمصلي، سواء كان مؤدياً أو قاضياً حاضراً أو مسافراً أن لا ينطق بنية ما يريد، وإنما يكتفي بإرادة الصلاة، فإن النية محلها القلب، وليست مفتقرة إلى لفظ.
وبالنسبة لجمع الصلاة، فقد اختلف فيما إذا كان مفتقرا إلى نية أم لا؟ كما بيناه في فتوانا رقم: 10777.
وعلى القول بأنه لا يفتقر لنية فواضح، وعلى أنه مفتقر إليها، فيكفي أن يعزم الشخص على أنه سيجمع الصلاتين، ولا يحتاج ذلك إلى النطق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1425(11/5029)
هل يجب تعيين النية لصلاة التراويح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة بوضوح دون تحويلي على سؤال آخر لا علاقة له بالموضوع، صلاة التروايح هل لها نية أم كنية القيام أي مطلق نية الصلاة فقط، ونية صلاة سنة الجمعة في البيت بعد الصلاة هل ننوي الظهر أم الجمعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة التراويح من النفل المعين الذي يفتقر إلى التعيين، وعليه فينبغي عند البدء بها تعيينها، قال ابن قدامة في المغني: فأما النافلة فتنقسم إلى معينة كصلاة الكسوف والاستسقاء والتراويح والوتر والسنن الرواتب فتفتقر إلى التعيين أيضا وإلى مطلقة كصلاة الليل فيجزئه نية الصلاة لا غير لعدم التعيين فيها. انتهى. وذكر صاحب البحر الرائق وهو حنفي المذهب: أنه يجزئ في صلاة التراويح نية مطلق النفل، قال:ويكفيه مطلق النية للنفل والسنة والتراويح، أما في النفل فمتفق عليه لأن مطلق اسم الصلاة ينصرف إلى النفل وأما في السنة والتراويح فظاهر الرواية، قال وجعله في الهداية هو الصحيح. انتهى. وكذلك عند المالكية فلا يشترط نية تعيين الصلاة إلا إذا كانت فرضا أو سنة ـ وصلاة التراويح عندهم مستحبة ولا يعدونها من السنن، قال الشيخ أحمد الدردير وهو مالكي: وإنما يجب التعيين في الفرائض والسنن كالوتر والعيد وكذا الفجر دون غيرها من النوافل. انتهى. فإذا علمت هذا فاعلم أن الأحوط تعيين نية صلاة التراويح بناء على ما ذكر صاحب المغني. وأما راتبة الجمعة التي تصلى في المنزل بعد الجمعة فهي راتبة الجمعة ولا تصلى على أنها راتبة الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/5030)
النية لها دور كبير في تحصيل الأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أريد النوم وأضبط المنبه لأقوم لصلاة الفجر أحياناً أسمع المنبه ويغلبني النوم فهل علي إثم، وإذا لم أسمعه فهل تكتب لي أجر الصلاة الحاضرة والجماعة بنية أني نويت القيام لصلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا إثم عليك إذا لم تستيقظ من نومك ولو سمعت المنبه، لأنك ما زلت في حكم النائم، والنائم قد رفع عنه القلم، وإن كنت قد استيقظت إلا أن القيام قد ثقل عليك فتكاسلت عن الصلاة، فعليك أن تستغفر الله تعالى من تفريطك في الصلاة في وقتها في الجماعة، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 48928.
أما إذا لم تسمع المنبه أصلاً فلا إثم عليك أيضاً بعدما أخذت بالأسباب. أما حصول الأجر فلا مانع منه، لأن المسلم إذا نوى خيراً وفاته من غير تقصير كتب له أجر ذلك. قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند كلامه على حديث: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. قال: وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها، وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها. قال: وفي هذه الأحاديث تعقب على من زعم أن الأعذار المرخصة لترك الجماعة تسقط الكراهة والإثم خاصة من غير أن تكون محصلة للفضيلة، وبذلك جزم النووي قال: ويشهد لما قال حديث أبي هريرة رضي الله عنه: من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً. أخرجه أبو داود والحاكم، وإسناده قوي. وقال السبكي الكبير في الحلبيات: من كانت عادته أن يصلي جماعة فانفرد كتب له ثواب الجماعة، ومن لم تكن له عادة لكن أراد الجماعة فتعذر فانفرد كتب له ثواب قصده لا ثواب الجماعة. انتهى من فتح الباري.
ومن خلال هذا الحديث والذي قبله وكلام المحققين يظهر أن النية لها دور كبير في تحصيل الأجر إذا لم يكن التقصير من الشخص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/5031)
حول تغيير النية
[السُّؤَالُ]
ـ[سعادة الشيخ الفاضل: ما حكم وضع النية أو تغييرها بعد الشروع في العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يبين لنا السائل الكريم ماذا يقصد بتغيير النية، وفي أي عمل؟ هل يقصد تغيير النية في الصلاة مثلاً من فرض إلى فرض آخر؟ أم من فرض إلى نفلٍ؟ أم يقصد بتغيير النية من قصر إلى تمام أو العكس؟ أو من الصيام أو غير ذلك؟ وللفائدة نحيلك للفتوى رقم: 24456، والفتوى رقم: 19102، والفتوى رقم: 10777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/5032)
أحكام النية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد توضيحا حول النية بالصلاة هل تجوز بعد تكبيرة الإحرام وبشكل عام توضيح النية للصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النية من أركان الصلاة وشرط من شروطها، فلا تصح ولا تنعقد إلا بها، ولو كبر المصلي من دون نية الصلاة المعينة لم تنعقد صلاته؛ ولو أتى بالنية بعد تكبيرة الإحرام، إذ يشترط فيها أن تكون مع الإحرام أو قبله بيسير، قال صاحب المهذب: والنية فرض من فروض الصلاة، لقوله عليه السلام إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. ولأنها قربة محضة فلم تصح بدون نية، ومحل النية القلب، فإن نوى بقلبه دون لسانه أجزأه.
قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب، وقد نقل ابن المنذر في كتابه الإشراف وكتاب الإجماع: إجماع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بالنية، إلى أن قال: وإذا أحرم نوى صلاته في حال التكبيرة لا قبله ولا بعده. . والنية هي: القصد، فيحضر في ذهنه ذات الصلاة وما يجب التعرض له من صفاتها كالظهرية والفرضية وغيرهما، ثم يقصد هذه العلوم قصدا مقارناً لأول التكبير ويستصحبه حتى يفرغ التكبير، ولا يجب استصحاب النية بعد التكبير، ولكن يشترط أن لا يأتي بمناقضٍ لها، فلو نوى في أثناء صلاته الخروج بطلت صلاته.
وقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز أن تتقدم النية على التكبير بزمان يسير بحيث لا يعرض شاغل عن الصلاة. انتهى بتصرف. ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1425(11/5033)
يكفي استحضار نية القصر أو الجمع في القلب دون تلفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سافرت من بلد إلى آخر يحق لي أن أقصر وأن أجمع ماهي النية التي تقال في الجمع والقصر وماذا لو كنت أصلي الظهر أولاً وفي وقته ماذا أقول مع أنني سوف أصليه ركعتين فقط وبعده العصر والعكس صحيح
مأجورين وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للقصر والجمع، فيجوز للمسافر الذي يقطع مسافة القصر الجمع بين مشتركتي الوقت كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، إضافة إلى قصر الصلاة الرباعية.
ولمعرفة كيفية الجمع والقصر للمسافر، راجع الجوابين التاليين: 1359 / 14002.
ولا يطلب التلفظ بنية القصر أو نية الجمع بل يكفي استحضارها في القلب، وراجع لهذا أيضاً الفتوى رقم: 11235
وإذا أردت صلاة الظهر في وقتها قصراً فيكفيك استحضار نية القصر في قلبك من غير تلفظ، ثم إذا صليت العصر بعدها قصراً نويت أيضاً نية القصر، وإذا كنت تقصد أنك جمعتهما في وقت واحد فإنك تنوي أيضاً نية الجمع لهما من غير تلفظ أيضاً.
وإذا كان المقصود بقولك: والعكس صحيح.. كونك تريد تقديم العصر على الظهر، فهذا لا يجزئ لأنه خلاف هيئة الجمع الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي سبقت الإحالة إلى كيفيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/5034)
حكم التشريك بين عبادتين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: هل يجوز تحويل النية في العمل الواحد مثال (رجل دخل في الصلاة النافلة في المسجد على أنها تحية مسجد ثم تذكر أنه كان يريد أن يصلي ركعتي استخارة وغير ذلك) ، وماهو الدليل عليه من سنة النبي علية الصلاة والسلام، وهل يجوز أيضا في العمل الواحد عقد النية بعملين إبتغاء الأجر والثواب من رب الأرباب، مثل أن يعقد النية في أضحيته أن تكون أضحية وعقيقة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع أن تحول النية في تحية المسجد إلى صلاة استخارة أو تدخل فيه صلاة الاستخارة بعد ذلك، فتقوم تلك الركعتان مقام التحية وصلاة الاستخارة، وهذا يعرف عند الفقهاء بمسألة التشريك بين عبادتين، وهو جائز إذا كانت العبادتان متداخلتين كغسل الجنابة والجمعة، أو كانت إحداهما غير مقصودة لذاتها كتحية المسجد فإن المقصود منها شغل البقعة فقط، ولم نقف على دليل من السنة في هذه المسألة بعينها، ولكن قال الحافظ ابن حجر في الفتح ما يلي: قال النووي في الأذكار: لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلاً أو غيرها من النوافل المطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ، ويظهر أن يقال إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معاً أجزأ بخلاف ما إذا لم ينو. انتهى.
أما الجمع بين الأضحية والعقيقة في نية واحدة، حيث ينوي الشخص ذبح شاة بنية أن تكون أضحية وعقيقة عن مولود، فالجواب مفصل في الفتوى رقم: 885.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/5035)
تشريك النية،، بيانه وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن جمع النيات في العبادة الواحدة: كسنة الظهر وركعتي الضحى , مع ذكر الدليل والمصادر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذا النوع من الجمع يعرف عند الفقهاء بالتشريك، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 29631، والفتوى رقم: 6579. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/5036)
حكم من دخل العشاء بنية المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
صليت صلاة العشاء مع الإمام بنية المغرب نسيانا مني؟ تذكرت في وسط الصلاة هل علي شيء؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النية شرط لصحة الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وعليه، فمن دخل العشاء بنية المغرب فتحريمه غير صحيح، وعليه أن يقطع صلاته عند التذكر، ويحرم من جديد بنية صلاة العشاء، فإن لم يفعل ذلك واستمر، أو لم يتذكر إلا بعد انتهاء الصلاة، فعليه أن يعيد الصلاة، فإذا خرج الوقت فيلزمه القضاء.
هذا إذا كان قد صلى المغرب في وقتها وهو يريد أن يصلي العشاء، أما إذا كان قد دخل مع الإمام بنية المغرب، فإنه لا شيء في ذلك على الراجح من أقوال العلماء، وراجع الفتوى رقم: 376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/5037)
النية عمل قلبي لا قولي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا قد سألته عدة مرات ولم يتم إجابتي عليه بالشكل الذي أريده أو من الممكن عدم فهمي فسوف أعيد سؤالي هل لمن مصاب بمرض الوسواس في النية عند الصلاة ويقوم بإعادتها عدة مرات بأن يقولها مرة ويكون متأكدا منها ويصلي حتى ولو شك مرة أخرى لا يقطع الصلاة فأريد أن أعلم هل يصح ذلك أم لا.......وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من تأكد من استحضار النية حال شروعه في الصلاة فلا يضره الشك بعد ذلك، وعليه أن يلهو عن الوساوس ولا يسترسل فيها، ثم إن النية ليست قولا وإنما هي عمل قلبي.
وسبق بيان علاج الوسواس وكيفية التعامل معه في الطهارة والصلاة وغيرهما من العبادات، فراجع الجوابين رقم: 3086، ورقم: 10355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/5038)
النية في صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا أردت أن أصلي ركعتين من دون الفرض أو النافلة كيف أنوي للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما عن النية فنقول: النية ركن من أركان الصلاة أو شرط من شروطها، لا تصح الصلاة إلاَّ بها. ولكن ما هي هذه النية؟
الجواب: أن النية في الصلاة تختلف باختلاف الصلاة التي يراد أداؤها. فإن كانت فرضًا فالنية الواجبة هي: قصد فعل الصلاة لتمتاز عن بقية الأفعال، وقصد الفرضية بأن ينوي بأنها فرض. وقصد التعيين بأن يعيِّنها ظهرًا أو عصرًا ونحوه.
أما إن كانت نفلاً فلا تخلو من أحد احتمالين:
الأول: أن تكون من النوافل المؤقتة كالرواتب أو ذوات الأسباب كالكسوف، وفي هذا النوع من النوافل يجب قصد فعل الصلاة مع التعيين، أي كونها راتبة الفجر أو الظهر، أو كونها صلاة كسوف ونحو ذلك.
الثاني: أن تكون من النفل المطلق، وفي هذا النوع يجب قصد فعل الصلاة فقط.
والنية محلها القلب ولا يشرع التلفظ بها، إذ لا يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/5039)
يجوز الاقتداء مع اختلاف النية في الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إذا دخلت علي جماعة في المسجد يصلون، أأدخل معهم؟ سواء اذا كنت أدري أو لا أدري أي صلاة يصلون أو على سفر أو إقامة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اختلاف نية الإمام عن نية مأمومه لا يؤثر في صحة صلاة المأموم على الراجح من كلام أهل العلم في هذه المسألة. وعلى هذا فلا بأس في صلاة متنفل خلف مفترض أو العكس، أو صلاة من يصلي فريضة خلف من يصلي فريضة أخرى، ونحو ذلك. وكذا صلاة المقيم خلف المسافر أو العكس على تفصيل فيما يتعلق بالنية يراجع في الفتوى رقم: 24456.
ولمزيد من الفائدة فيما يخص اختلاف نية الإمام عن نية مأمومه تراجع الفتوى رقم: 3201 والفتوى رقم: 24408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/5040)
النية فرض من فرائض الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
السؤال: صليت العصر وأنا أحسب أنها الظهر ثم صليت المغرب والعشاء ثم بعد أسبوع تقريبا عرفت أني صليت العصر وأنا ناويها الظهر، فما الحكم في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نية الصلاة المعينة فرض من فرائض الصلاة. قال ابن رشد: من الفرائض المتفق عليها للصلاة النية.
ودليل ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنية، ولامرئٍ ما نوى. رواه البخاري ومسلم.
فلا تجزئ الصلاة إلا إذا عينها، فإن نوى بها غيرها فإنها لا تجزئ.
فعلى هذا.. فإن الواجب على السائل إعادة هذه الصلاة فوراً، ولا يجوز له تأخيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/5041)
التلفظ بنية الصلاة لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلى صلاة التهجد وماذا أقول عندما أريد أن أنويها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة حول كيفية صلاة التهجد في الفتوى رقم:
12273.
والنية محلها القلب، والتلفظ بها لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا في صلاة الليل ولا في غيرها من الصلوات، فتنوي بقلبك النفل المطلق، أو قيام الليل، ولا يلزمك غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(11/5042)
النية ... حكمها..محلها..وحكم نية الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على من يصلي إماما أن ينوي للصلاة؟ وماذا يقول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النية واجبة على كل مصل سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، وسواء كان مفترضاً أو متنفلاً، وسواء كانت الصلاة أداء أو قضاء،
أما ماذا يقوله من أراد أن ينوي عند الدخول في الصلاة؟ فلا يقول شيئاً سوى الله أكبر لأن النية محلها القلب، ولا يجوز التلفظ بها إذ هو بدعة، هذا إذا كان قصدك ما ذكرناه، وأما إن كنت تقصد هل يجب على الإمام أن ينوي نية الإمامة زيادة على نية الصلاة؟ فالجواب: لا، وإنما يستحب له ذلك، قال الإمام النووي في روضة الطالبين: (لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة، سواء اقتدى به الرجال أو النساء) . انتهى
وسواء في ذلك إن أحرم إماماً أو كان منفرداً أو مأموماً ثم صار إماماً.
فائدة: قال النووي في روضة الطالبين: (لكن هل تكون صلاته صلاة جماعة إذا لم ينوها؟ وجهان: أصحهما: لا ينالها، لأنه لم ينوها، وقال القاضي حسين: فيمن صلى منفرداً، فاقتدى به جمع ولم يعلم بهم، ينال فضيلة الجماعة، لأنهم نالوها بسببه، وهذا كالتوسط بين الوجهين) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(11/5043)
نية الصلاة واجبة بإجماع العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المصلي صلاة وقد تبين عدم حضور النية في أداء هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تصح بدونها، قال الخرقي: (ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها) . انتهى
والراجح من أقوال الفقهاء أنه لا بأس بتقديم النية على تكبيرة الإحرام بوقت يسير لكن مقارنتها للتكبير أفضل، وهو مذهب الحنفية والحنابلة والمالكية........
قال الكاساني في بدائع الصانع: (فإن تقديم النية على التحريمة جائز عندنا، إذا لم يوجد بينهما عمل يقطع أحدهما عن الآخر، والقران ليس بشرط) . انتهى
قال الشيخ الدردير في الشرح الكبير ممزوجاً بمختصر الشيخ خليل: (وبطلت الصلاة اتفاقاً (بسبقها) أي النية لتكبيرة الإحرام (إن كثر السبق كأن تأخرت عنها (وإلا) يكثر السبق بأن كان يسيراً بأن نوى في بيته القريب من المسجد وكبر في المسجد ذاهلاً عنها (فخلاف) في البطلان بناءً على اشتراط المقارنة وعدمه بناءً على عدم الاشتراط وينبغي اعتماد الأول هنا لوجوب اتصال أركان الصلاة من غير اغتفار تفرق يسير بخلاف الوضوء إلا أن المأخوذ من كلامهم اعتماد الصحة وقال ابن قدامة في المغني: (قال أصحابنا: يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وإن طال الفصل أو فسخ نيته بذلك، لم يجزه) . انتهى
وعليه، فإن كان هذا المصلي نوى الصلاة على الصفة المذكورة فصلاته صحيحة؛ ولو ذهل عن استصحاب النية في أثنائها وغاب عنه ذكرها، ما دم أتى بها في أولها، لأن النية لا تعتبر حقيقتها في أثناء العبادة.
أما إذا كان لم ينو الصلاة على الصفة التي ذكرناها، فصلاته غير صحيحة بإجماع العلماء كما سبق، ويجب عليه إعادتها، وعليه أن يعلم أن محل النية القلب وراجع الفتوى رقم:
11235.
وإننا لنخشى من أن يكون السائل قصد بعدم حضور النية هنا، عدم حضور الخشوع؟ ولذلك فإننا ننبه على أن الخشوع في الصلاة سنة على الراجح من أقوال العلماء، وتركه لا يبطل الصلاة، وإن كان أجرها ناقصاً، وراجع في هذا الفتوى رقم:
19893.
وإن بعض المصلين يحصل لهم كثير من الوساوس في صلاتهم بحيث يعتقد أحدهم أن كل صلواته أو أكثرها غير صحيح، فمرة يشك في النية، ومرة يشك في وضوئه ... وهكذا، والحل في هذه الحالة أن لا يلتفت إلى تلك الوساوس، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد بينا علاج هذه الوساوس بياناً شافياً في الفتوى رقم: 10355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(11/5044)
السنن التي يلزم لها تعيين النية والتي لا يلزم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي نية الصلاة الراتبة؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قسم العلماء النوافل إلى قسمين معينة ومطلقة:
فالمعينة كالوتر، والاستسقاء، وسنن الرواتب، فهذه لابد فيها من تعيين الصلاة بمعنى أن المصَلي يحدد هل هي صلاة راتبة أو استسقاء أو وتر.
أما النوافل المطلقة:
فيكفي فيها نية الصلاة فقط من غير تحديد.
وننبه السائل هنا أن النية إذا ذكرت فإن محلها القلب. وراجع الفتوى رقم:
6445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/5045)
مجرد الوضوء لا يعد نية مجزئة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النية شرط في صحة الصلاة وهل إذا توضأ الإنسان يعتبر قد نوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنية شرط من شروط صحة الصلاة باتفاق العلماء، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 10255
ومجرد الوضوء لا يعد نية مجزئة إلا إذا استحضر المتوضئ الصلاة التي يتوضأ لها منذ أن شرع في وضوئه حتى يكبر تكبيرة الإحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(11/5046)
النية هي الإرادة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أن أقول نويت أن أصلي صلاة الصبح مثلا في قلبي قبل الصلاة؟ وإذا لم أقل فهل صلاتي غير صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النية هي إرادة القلب، وليس قولاً نفسياً يقال بالقلب، فمن أراد أن يصلي صلاة الصبح مثلاً، فلتكفه هذه الإرادة ولا يشرع له التكلم بالنية.
وراجع الفتوى رقم:
6445
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5047)
هل يصح العدول عن نية الفرض إلى النفل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغير النية أثناء الصلاة من فرض إلى سنة للمصلي المنفرد؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الشخص إذا دخل الصلاة بنية الفرض وجب عليه إتمامها كذلك. غير أنه يشرع له العدول عن نية الفرض إلى نية النفل إن دعاه لذلك داع.
كمن دخل في صلاة ثم تذكر أنه لم يصل التي قبلها بعد أن عقد ركوعاً، فينتقل حينئذ من نية الفرض إلى نية النفل، ثم بعد ذلك يصلي فرائضه على الترتيب.
وإنما عدل هنا عن نية الفريضة خشية الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أن تصلى فريضة في يوم مرتين، والحديث رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/5048)
حكم تحويل النية من مأموم إلى منفرد أو من مأموم إلى إمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت لأصلي الظهر، ووجدت جماعة تصلي وكانت في التشهد، ثم نهض المصلون ولم ألحظ الإمام، وبدأت الصلاة، ثم اكتشفت أنها كانت الركعة الأخيرة وأن الإمام سلم، والمصلين يستكملون صلاة المسبوق، فصليت بمفردي، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل الصلاة على أنه مأموم ثم اكتشف أن إمامه قد انتهى من الصلاة فإنه يحول نيته إلى منفرد، ويواصل صلاته ولا شيء عليه، ويدل على جواز تحويل النية من مأموم إلى إمام أو العكس، أو من منفرد إلى إمام أو العكس ونحو ذلك أدلة منها:
1- حديث ابن عباس في الصحيحين في قصة صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، حيث دخل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة منفرداً، ثم صف ابن عباس بجواره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد غير نيته من منفرد إلى إمام
2- حديث سهل بن سعد في الصحيحين أنه لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم تقدم أبو بكر فصلى بالناس، فلماء جاء النبي صلى الله عليه وسلم تأخر أبو بكر، ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم غير نيته من مأموم إلى إمام، وغير أبو بكر نيته من إمام إلى مأموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(11/5049)
التلفظ بالنية في العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يتلفظ بالنية في الصلاة أى يقول اللهم إني نويت صلاة العصر مثلاً ثم يكبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في استحباب التلفظ بالنية على ثلاثة أقوال:
1/ فذهب جماعة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى استحباب التلفظ بها، واستدلوا لذلك بالمنقول من تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالتلبية لعمرته وحجه، وقاسوا عليها بقية العبادات، وبالمعقول وهو أن اجتماع عضوين، وهما: القلب واللسان في العبادة أولى من إعمال عضو واحد.
2/وذهبت جماعة من أصحاب مالك وأحمد إلى عدم استحباب التلفظ بالنية.
3/ وذهبت جماعة من المالكية إلى أن التلفظ بالنية خلاف الأولى، إلا الموسوس فيندب له اللفظ لإذهاب اللبس عن نفسه.
والراجح من هذه الأقوال هو القول الثاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا القول أصح، بل التلفظ بالنية نقص في العقل والدين: أما في الدين، فلأنه بدعة.
وأما في العقل: فلأن هذا بمنزلة من يريد أكل الطعام، فقال: أنوي بوضع يدي في هذا الإناء أنَّي آخذ منه لقمة فأضعها في فمي فأمضغها، ثم أبلعها لأشبع، فهذا حمق وجهل.
وذلك أن النية تتبع العلم، فمتى علم العبد ما يفعل كان قد نواه ضرورة، فلا يتصور مع وجود العلم به أن لا تحصل نية) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(11/5050)
هل تجب نية الأداء أو القضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ماهو حكم نية الأداء والقضاء في الصلاة وهل تبطل الصلاة بعدم التميز بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنية شرط في صحة الصلاة بالإجماع، لقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة:5] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه.
ومعنى النية: القصد، ومحلها القلب، والتلفظ بها بدعة.
وفائدة النية تمييز العبادات عن غيرها، وتمييز العبادات بعضها عن بعض. والصلاة إما مكتوبة، وإما نافلة.
فالمكتوبة يلزم فيها نية الصلاة بعينها: ظهراً، أو عصراً، أو غيرها.
والنافلة تنقسم إلى: معينة، كصلاة الكسوف والاستسقاء والتراويح والوتر والسنن الرواتب، فتفتقر إلى التعيين أيضاً.
وإلى مطلقة، كصلاة الليل، فيجزئه نية الصلاة لا غير، لعدم التعيين فيها.
واختلف الفقهاء في الصلاة المكتوبة، هل يشترط فيها نية الفرضية؟ وهل تشترط لمؤديها نية الأداء؟ ولقاضيها نية القضاء؟ ولمعيدها نية الإعادة؟ أو لا يشترط شيء من ذلك؟
والراجح الذي عليه أكثر الفقهاء أنه لا يشترط ذلك اكتفاء بالتعيين، فمن نام عن صلاة الظهر - مثلاً - حتى دخل وقت صلاة العصر، وأراد أن يقضي الظهر لزمه أن ينوي فعل صلاة الظهر، ولا يشترط أن ينوي ذلك قضاء، وإذا صلى العصر في وقتها لزمه نية فعل العصر، ولا يلزمه أن ينويها أداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(11/5051)
من كان يصلي العصر، وخطر بباله أنه يصلي الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي في بعض الأحيان مثلا العصر وأكون سرحانا بعض الشىء يجول بخاطري أنني أصلي الظهر ولكني أرجع وأنتبه وأقول لنفسي إنني أصلي العصر فهل تكون الصلاة باطلة باعتبار أن النية قد تكون قد تغيرت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جولان الخاطر في الصلاة، وعزوب النية، وعدم استحضارها لا يبطل الصلاة، وإنما الذي يبطلها هو قطع النية أو العزم عليه، وذلك أن استصحاب النية في كل جزء من أجزاء الصلاة متعذر جداً، وقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينُ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ لَهُ اذْكُرْ كَذَا وَاذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مِنْ قَبْلُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى".
وعلى هذا، فإذا كان تغيير النية - الذي ذكره السائل - لا يعدو كونه ذهولاً عنها، وعدم استحضارها وجولان النفس في غيرها، فهذا لا يبطل الصلاة كما قدمنا.
أما إذا كان معناه الانصراف بها (النية) عن الصلاة المعينة إلى غيرها، فهذا مبطل، لأنه هو قطع النية، وإذا كان يقصد أنه طرأ عليه الشك في أثناء الصلاة هل هي الظهر مثلاً، أو العصر؟ ثم عمل مع هذا الشك عملاً قبل أن يتبين له الحق، فهذا أيضا مبطل، لخلو جزء من صلاته من النية الجازمة، أما إذا لم يعمل عملاً أثناء شكه حتى تبين له الواقع، فهذا لا يضر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1422(11/5052)
التلفظ بالنية عند البدء بالصلاة غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم التلفظ بالنية عند البدء بالصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أبدع ما قيل في التلفظ بالنية ما سطره الإمام ابن القيم في (زاد المعاد) في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة حيث قال: " (وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال "الله أكبر" ولم يقل شيئاً قبلها ولا تلفظ بالنية ألبتة، ولا قال أصلي لله كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماماً أو مأموماً، ولا قال أداءً ولا قضاء، ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا سند مرسل لفظةً واحدة منها ألبتهَ، بل ولا عن أحدٍ من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة الأربعة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعي رضىِ الله عنه في الصلاة إنها ليست كالصيام، ولا يدخل فيها أحدَّ إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفظ المصلي بالنية، وإنما أراد الشافعي بالذكر: تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعي أمراً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة واحدٍة، ولا أحد من خلفائه وأصحابه، وهذا هديهم وسيرتهم، فإن أوجدنا أحد حرفاً واحداً عنهم في ذلك قبلناه، وقابلناه بالتسليم والقبول، ولا هدي أكمل من هديهم ولا سنه إلا ما تلقوه من صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم) " انتهى كلامه رحمه الله. والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1421(11/5053)
لا بأس في اختلاف النية بين الإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اختلاف نية الإمام عن المأموم فى الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلاف نية الإمام مع نية مأمومه محل خلاف بين أهل العلم والصحيح إن شاء الله أنها لا تضر كأن يكون الإمام متنفلاً والمأموم مفترضاً أو بالعكس. ودليل ذلك ما رواه مسلم عن جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلَ كَانَ يُصَلّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ الاَخِرَةَ. ثُمّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلّي بِهِمْ تِلْكَ الصّلاَةَ. فتكون نافلة لمعاذ رضي الله عنه وفريضة لقومه. وكل صلاتين لا يختلف فعلهما فالاقتداء فيهما صحيح فإن اختلف فعلهما كصلاة مكتوبة مع كسوف أو جنازة فصلاة المأموم باطلة على الصحيح، هذا ومن أهل العلم من اشترط في الاقتداء توافق الصلاة عيناً وصفة وزمناً ولو اتفقت الأفعال، ولكن الراجح ما أسلفناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5054)
من وجد الإمام قد شرع في صلاة التروايح ولم يصل العشاء صح الاقتداء به بنية فريضة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء قيام جماعة المسجد بصلاة التراويح دخلت مجموعة لم تصل العشاء بعد، فهل الأولى الدخول مع الجماعة بنية العشاء أو قيام جماعة أخرى؟ وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا دخلت جماعة من الناس إلى المسجد ولم تصل العشاء ووجدت الإمام قد شرع في صلاة التراويح فيصح لها أن تقتدي بالإمام بنية صلاة العشاء وصلاتهم صحيحة، ولهم أجر الجماعة، على الراجح من قولي العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5055)
العلامة الكونية التي يعرف بها دخول وقت العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: ما هي المدة الزمنية بين المغرب والعشاء؟ أي متى يخرج وقت صلاة المغرب؟ هل بعد ساعة إلا ربعا من بدء أذان المغرب أو أكثر من ذلك؟.
ثانياً: هل هناك خلاف بين المذاهب في هذه المسألة؟ وما هو الراجح؟.
ثالثاً: صلاة العشاء التي قد صليتها سابقا على أساس أن الزمن ساعة إلا ربعا بين المغرب والعشاء هل علي قضاؤها الآن؟ أم أن المسألة خلافية وفي الأمر سعة؟ حيث إن بعض المساجد عندنا يصلون العشاء بعد المغرب ب 45 دقيقة من أذان المغرب ويقولون إن هذا مذهب الشافعي.
فأرجو منكم الإجابة عن كل سؤال بشكل منفرد.
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الوقت الذي يفصل بين المغرب والعشاء محدداً بالدقائق، ولكن آخر وقت المغرب هو أول وقت العشاء وذلك بمغيب الشفق الأحمر على الراجح من أقوال العلماء، وهذا يختلف باختلاف الأزمان، فهذا عن سؤالك الأول.
وأما عن سؤالك الثاني: وهو المتعلق بخلاف العلماء في هذه المسألة: فأعلم أنهم اختلفوا في أول وقت العشاء وبماذا يدخل؟ فذهب الجمهور إلى أنه يدخل بسقوط الشفق الأول وهو الأحمر.
وذهب أبو حنيفة: إلى أنه لا يدخل إلا بمغيب الشفق الأبيض.
وقد فصل ابن قدامة القول في المسألة فقال ـ رحمه الله: لا خلاف في دخول وقت العشاء بغيبوبة الشفق، وإنما اختلفوا في الشفق ما هو؟ فمذهب إمامنا - يعني أحمد رحمه الله - أن الشفق الذي يخرج به وقت المغرب ويدخل به وقت العشاء هو الحمرة، وهذا قول ابن عمر وابن عباس وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والزهري والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وصاحبي أبي حنيفة.
وعن أنس وأبي هريرة: الشفق البياض، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وابن المنذر، لأن النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: صلاة العشاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر الثالثة. رواه أبو داود.
وروي عن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة حين يسود الأفق.
ولنا: ما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر بالصلاة نام النساء والصبيان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما ينتظرها أحد غيركم.
قال: ولا يصلي إلا بالمدينة وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق الأول إلى ثلث الليل. رواه البخاري.
والشفق الأول: هو الحمرة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق. رواه أبو داود.
وروى ثور الشفق: وفور الشفق: فورانه وسطوعه، وثوره: ثوران حمرته، وإنما يتناول هذه الحمرة، وآخر وقت المغرب وقت العشاء.
وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت العشاء. رواه الدارقطني. انتهى.
فهذا عن سؤالك الثاني.
وأما سؤالك الثالث: وهو عن قضاء تلك الصلوات التي صليتها على هذه الصفة، فإذا كنت صليت شيئاً من الصلوات قبل دخول وقت العشاء وسقوط الشفق الأحمر، فإن قضاءه واجب عليك، لأن هذه الصلوات ما زالت ديناً في ذمتك ودين الله أحق أن يقضى.
وأما ما صليته من الصلوات في وقت العشاء فليس عليك قضاؤه، بل قد برئت منه ذمتك، ويمكنك الرجوع إلى التقاويم الموثوقة لتتبين ما إذا كان ما فعلته من الصلاة بعد مضي هذا الوقت المعين موافقاً للصواب في نفس الأمر أو لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/5056)
الخلاف بين الهيئات الفلكية في تحديد وقت الفجر الصادق
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول وقت طلوع الفجر، في المدن لا نستطيع أن نرى الفجر الصادق وذلك لكثرة الأضواء والبنايات، ولكننا نعتمد على طريقة الحساب، وذلك بحساب زاوية الشمس تحت الأفق عند الفجر الصادق، وهناك عدة طرق تختلف فيما بينها في مقدار زاوية الشمس عند الفجر ومنها، طريقة المساحة المصرية 19.5- درجة، تقريبا الفجر قبل ساعة وثلث من شروق الشمس، طريقة أم القرى 19- درجة، الفجر بعد دقيقتين من طريقة المساحة المصرية الجمعية الإسلامية بأمريكا -الفجر قبل ساعة من الشروق، رابطة العالم الإسلامي -الفجر بعد تقريبا 8 دقائق من طريقة المساحة المصرية، جامعة كراتشي الإسلامية، وغيرها من الطرق سؤالي هو: بعض الناس عندنا يدعون بأن جميع الطرق أعلاه غير صحيحة في تحديد الفجر الصادق ما عدا طريقة الجمعية الإسلامية بأمريكا وهي بأن الفجر قبل ساعة من الشروق في جميع الأماكن ويقولون بأن كل المساجد (حتى أذان مسجدي الحرمين بالمملكة) تصلي الفجر بليل وقبل وقته وهم يتبعون هذا التوقيت في صلاة الفجر وكذلك في السحور، ويستندون إلى قول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بأنه توصل بالتتبع إلى أن الفجر يكون قبل الشروق بساعة. فهل ادعاؤهم صحيح؟ وهل صحيح أن الزمن بين الفجر الصادق والشروق مثل الزمن بين المغرب والعشاء، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا متخصصون في الأمور الحسابية، ولا يمكننا حسابياً بيان صحة الطرق المذكورة أو إبطالها، إلا أنا ننبه إلى أن الوقت قد يختلف من بلد إلى بلد، فالمناطق التي يطول فيها النهار قد لا تستوي مع المناطق التي يكون النهار فيها قصيراً.
واعلم أن الفقهاء ذكروا أن من لا يعرف وقت الصلاة يجوز له تقليد المؤذن العدل العارف بالأوقات، كما قال صاحب الكفاف:
وجاز في الصيام والصلاة * تقليد عدل عارف الأوقات.
وراجع في ذلك الفتويين: 33586، 118883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(11/5057)
حكم الاعتماد على التقاويم في تحديد أوقات الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[يكثر الحديث خاصة في رمضان حول مدى صحة التقاويم التي يتم بموجبها تحديد أوقات الصلاة، وخاصة الفجر والمغرب، والحديث عن وجود فروق بينها وبين الواقع فعليا، وأن من يتابع طلوع الفجر أو دخول المغرب بنفسه في البراري مثلا يلاحظ فرقا بعدة دقائق بين الواقع والتقويم، وفي هذا يكون ابتداء الصيام أو انتهاؤه أو دخول وقت كل صلاة مخالف للواقع، ويقول بهذا طلبة علم، وليس أشخاصا من عامة الناس، فما هو القول الفصل في الأمر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بمشاهدة العلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على الأوقات، وقد بيناها في الفتويين رقم: 18758، ورقم: 13740 , والذي نراه في مسألة تقاويم أوقات الصلوات هو أن التقاويم التي تم اعتمادها من قبل علماء ثقات يعمل بها ويعتمد عليها ما لم يظهر أنها مخالفة للعلامات الشرعية, وأما التقاويم المجهولة التي لا يعرف من أنشأها ولم تعتمد من قبل علماء ثقات فهذه قد يستأنس بها في معرفة وقت الصلاة تقريبيا ولكن لا يعتمد عليها كليا, وفي هذه الحال يتعين العمل باليقين أو غلبة الظن في دخول الوقت لمن لا يتمكن من معرفة الوقت بالعلامات الشرعية، لكونه جاهلا بها أو يعيش في مدينة يتعذر فيها التحقق من العلامات الشرعية لكثرة الأضواء، وابتداء الصيام وانتهاؤه كما هو معلوم مرتبط بطلوع الفجر الصادق وغروب الشمس, فمن تسحر وهو شاك في طلوع الفجر فصيامه صحيح، لأن الأصل بقاء الليل, ومن أفطر وهو شاك في غروب الشمس فسد صومه، لأن الأصل بقاء النهار، ولكن ينبغي الاحتياط في الإمساك والإفطار, قال ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: فالاحتياط أن الإنسان إذا حل وقت الفجر حسب التوقيت أن يمتنع عن الأكل والشرب، أما الصلاة فيحتاط لها بمعنى أنه لا يبادر بالصلاة ينتظر ـ والحمد لله ـ فانتظاره للصلاة من أجل أن يتحقق دخول الوقت لا يعد تأخيرا للصلاة عن أول وقتها، فيكون الاحتياط هنا من جهة الصوم أن تمسك حسب التقويم، ومن جهة الصلاة نقول الاحتياط أن تؤخر حتى يتبين لك الفجر. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/5058)
شروق الشمس هو آخر وقت صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يتم دائما تحديد موضوع الشروق؟ وهل الصلاة قبل الشروق تحسب كصلاة الفجر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحديد موعد الشروق أمر له أهمية كبيرة بلا شك، لأن شروق الشمس هو آخر وقت صلاة الصبح، فكان تحديد موعد الشروق معينا على معرفة آخر وقت الصلاة وهو أمر في غاية من الأهمية، وإن كان مرادك بالصلاة قبل شروق الشمس صلاة الفريضة، فإن صلاة الفجر قبل شروق الشمس تعد أداء، وإن كان فعلها في أول الوقت أولى لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقد أوضحنا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 121994.
وأما إن كان مرادك السؤال عن صلاة النافلة قبل شروق الشمس، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التنفل بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح.
ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(11/5059)
إشارات نبوية في كيفية صلاة وصيام أهل القطبين
[السُّؤَالُ]
ـ[شبهة من ملحد تقول: نعلم أنه في بعض مناطق الأرض كسيبيريا والقطب الشمالي لا تشرق عليها الشمس إلا مرة واحدة. فإذا كان الله هو منزل الشرائع التي تعتمد على الوقت كالصلوات والصيام..الخ فكيف لم ينبه أنبياءه على هذه المناطق إلا إذا كان لا يعرف عنها شيئا لأن منزل الشرائع ليس الله سبحانه وتعالى عما يصفون.
أعلم أن الحكم الشرعي هو اتباع أقرب بلد يوجد به ليل ونهار دائم، ولكن سؤالي ليس عن الحكم الشرعي ولكن عن جواب هذه الشبهة وهي أن الذي أنزل الشرائع تجاهل بعض الشعوب التي لا يوجد عندها ليل ونهار دائم أو نهار طويل جدا يصل إلى 22 ساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأمور الواضحة لكل ذي عقل أن الأحداث والأحوال والوقائع متجددة لا تنحصر، ولما كانت الشريعة حاكمة على كل ذلك وكان لابد أن يكون في أدلتها وفاء بهذا كله، كان من إعجازها أن تأتي نصوصها المحصورة في عددها بمعان غير محصورة في دلالتها. وقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فما بالنا بكتاب الله عز وجل.
قال ابن القيم: هذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها، وهو مبني على حرف واحد، وهو عموم رسالته صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يحوج أمته إلى أحد بعده، وإنما حاجتهم إلى من يبلغهم عنه ما جاء به، فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص: عموم بالنسبة إلى المرسل إليهم. وعموم بالنسبة إلى كل ما يحتاج من بعث إليه من أصول الدين وفروعه. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما العمليات وما يسميه ناس الفروع والشرع والفقه فهذا قد بينه الرسول أحسن بيان، فما شيء مما أمر الله به أو نهى عنه أو حلله أو حرمه إلا بين ذلك. اهـ.
فالسنة من جملة الوحي، فلا يصح أن يقال للحكم الشرعي الذي دلت عليه السنة: إنه لم يبينه الله تعالى، كما في قصة عبد الله بن مسعود عندما قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته! فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه؛ قال الله عز وجل: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. متفق عليه.
وأمر آخر لا بد من الانتباه إليه، وهو أن النصوص الشرعية تتفاوت دلالتها من حيث الوضوح، فبعض المسائل تحتاج لاجتهاد في الاستنباط، كما أشار إليه قوله تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ. {النساء: 83} .
ولذلك أمر الله تعالى بسؤال أهل العلم فقال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. {النحل: 43} .
وإذا علم هذا، فإنا نقول: قد جاءت الإشارة في السنة النبوية لكيفية تعامل أهل المناطق المسؤول عنها مع العبادات المرتبطة بسير الشمس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث أصحابه عن المسيح الدجال قالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، فقيل: يا رسول الله، اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره. رواه مسلم.
فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوما واحدا يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع الفجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعا وعشرين ساعة، لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه إلى كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13228.
وقد سبق لنا أيضا في الفتوى رقم: 77037 جواب شبهة مشابهة حول قوله تعالى: ثم أتموا الصيام إلى الليل. فراجعها لزاما. كما سبق في الفتوى رقم: 35321 بيان تضمن القرآن كل احتياجات البشر في دينهم ودنياهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(11/5060)
يريد تأخير صلاة الفجر بزعم أنها تضر بصحته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم من يؤخر صلاة الفجر عن وقتها إذا كان الاستيقاظ لها في وقتها يضره صحيا، أنا محافظ عليها ـ والحمد لله ـ وليست صعوبة الاستيقاظ هي مشكلتي وأنا أعلم يقينا أنها لا تعد من الأعذار المبيحة، ولكن عندما يقصر الليل في أوائل فصل الصيف أنهض لها ثم أنام وأحس في الصباح بعد النهوض بالثقل، خاصة في رأسي وأرجو أن تفتوني هنا، إذا ثبت لي أن الوضوء له تأثير في أنشاط البدن ومن ثم عرقلة دورة النوم فيما بعد، فهل يجوز لي أن أتيمم، وقد جربت أن لا أنام بعد الصلاة ـ وإن كان ذلك يعطي إحساسا بالانشراح ـ لكني أبقى ناقص نوم، وهذا النقص أجده في الحالة الأولى ـ وإن خفي ـ وهذا النقص يظهر في تصرفاتي اليومية وفي حالتي البدنية وحتى الفكرية.
وأريد أن أنبه إلى أمرين حتى لا يفتتن القراء بهذا السؤال، أولهما: أن هذه الحالة لا تخص جميع الناس، وقد قرأت في إحدى صفحات الأنترنت نجاح تجربة تعويد مجموعة من الأشخاص على حذف ساعة أوأكثر من نومهم نجاحها خلال عام، هذا مع مراعاة برنامج منتظم ولكن حالتي لا تسمح لي بانتظار ذلك الوقت، في الوقت الحاضر.
ثانيهما: أن الغازات التي يخرجها المعمل ببلدتنا من أهم أسباب الإعياء عند الساكنين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تأخير صلاة الفجر ولا غيرها من الصلوات عن وقتها المحدد لها شرعا من غير عذر شرعي، وما ذكره السائل ليس عذرا في ترك القيام لصلاة الفجر ولا للعدول عن الوضوء إلى التيمم، فاتق الله تعالى وحافظ على صلاة الفجر في وقتها وتوضأ للصلاة ولا تتيمم, فالوضوء لا يعرقل الدورة الدموية، كما يزعم بعض الناس، والاستيقاظ للفجر لا يضر بالبدن، ونرى أن ما ذكرته هو من وساوس الشيطان لكي يثبطك عن أجل العبادات وأعظمها بعد الشهادتين، فاحذر وحافظ على الصلاة واجعل نصب عينيك قول الله ـ تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور: 21} .
وانظر الفتوى رقم: 30208 عن أسباب التيمم، والفتويين رقم: 121994، ورقم: 110670، عن حكم تأخير صلاة الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(11/5061)
الصلاة قبل دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي صلاة الظهر قبل الوقت بخمس دقائق لعذر، وهو كالتالي: هنا في فرنسا وقت الظهر على الساعة الثانية بعد الزوال وفي هذه الساعة أبدأ العمل، لهذا أصلي قبل الثانية بخمس دقائق، فهل صلاتي صحيحة أم لا؟. أفيدونا يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك صلاة الظهر قبل دخول وقتها بحال، ووقت الظهر يبدأ بزوال الشمس، فمن صلى الظهر قبل هذا الوقت لم تصح صلاته ووجب عليه إعادتها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: الصلاة قبل وقتها لا تجزىء حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة ولو كبر للإحرام قبل الوقت فإنه لا تصح الصلاة، لأن الله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا.
يعني موقتاً محدداً فلا تصح الصلاة قبل وقتها وعلى هذا فيجب عليك إعادة الصلاة التي صليتها قبل الوقت بخمس دقائق. انتهى.
بل الصلاة قبل وقتها عمداً معصية لله عز وجل، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: والصلاة لا تصح قبل الوقت بإجماع المسلمين، فإن صلى قبل الوقت فإن كان معتمداً فصلاته باطلة، ولا يسلم من الإثم، وإن كان غير متعمد لظنه أن الوقت قد دخل، فليس بآثم، وتعتبر صلاته نفلاً، ولكن عليه الإعادة، لأن من شروط الصلاة الوقت. انتهى.
قال ابن رشد في بداية المجتهد: اتفقوا على أن أول وقت الظهر الذي لا تجوز قبله هو الزوال، إلا خلافاً شاذاً روي عن ابن عباس. انتهى.
وقال النووي في شرح المهذب: فأجمعت الأمة على أن أول وقت الظهر زوال الشمس، نقل الإجماع فيه خلائق ويدخل الوقت بالزوال الذي يظهر لنا، فلو شرع في تكبيرة الإحرام بالظهر قبل ظهور الزوال ثم ظهرعقبها أو في أثنائها لم تصح الظهر. انتهى.
وبهذا يتبين لك أن ما تفعله من صلاة الظهر قبل وقتها بخمس دقائق خطأ بين، وأن الواجب عليك أن تعيد كل الصلوات التي صليتها على هذه الصفة، والواجب عليك فيما يستقبل ألا تصلي الظهر إلا بعد دخول وقتها، وعليك أن تبحث عن الطريقة التي تمكنك من أداء الصلاة في وقتها، وقد أثنى الله على الصالحين من عباده بقوله تعالى: رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {النور:37} .
ولكن إن كان لك عذر يبيح الجمع بين الصلاتين جاز لك تأخير الظهر لتصليها مع العصر في وقتها، وقد بينا الحالات التي يجوز فيها الجمع بين الصلاتين في الفتوى رقم: 6846.
وأما إن لم تستطع أداء الصلاة في وقتها ولم تكن ممن يجوز له الجمع بين الصلاتين فعليك أن تترك هذا العمل وتبحث عن عمل آخر لا يتعارض مع أداء الصلاة في وقتها، وثق أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(11/5062)
أوقات الصلوات فرضا ونفلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة أوقات دخول الصلوات المفروضة، وأوقات خروجها إن كنت في مكان لا يوجد فيه مسجد، وليس لدي ساعة أو أي وسيلة اتصال؟ كما أريد معرفة النوافل وأوقاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن رحمة الله عز وجل بعباده أن يسر لهم ما فرض عليهم، ومن ذلك تيسيره لهم معرفة أوقات الصلاة، فقد رتب المواقيت على العلامات الكونية فيعرفها العالم والجاهل، ويستوي في إمكان امتثال أوامرها البدوي والحضري، فقد نصب الله تعالى عليها أدلة يمكن كل أحد معرفتها لئلا يكون لأحد عذر في إضاعة الصلاة وإخراجها عن وقتها، وقد بينا مواقيت الصلاة دخولا وخروجا في فتاوى كثيرة جدا.
وخلاصة ذلك أن وقت الظهر يبدأ بزوال الشمس عن كبد السماء، ويمتد إلى أن يصير ظل الرجل كطوله، إضافة إلى ظل الزوال، ويمتد وقت العصر إلى غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر. متفق عليه. ولكن ما بعد اصفرار الشمس هو وقت ضرورة للعصر لقوله صلى الله عليه وسلم: ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. أخرجه مسلم.
ويبدأ وقت المغرب بغروب الشمس ويمتد إلى غياب الشفق الأحمر على الراجح، وبغياب الشفق الأحمر يدخل وقت العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر الصادق، ولكن لا ينبغي تعمد تأخير العشاء إلى ما بعد نصف الليل؛ لأنه وقت ضرورة عند الحنابلة، وأما وقت الفجر فيبدأ بطلوع الفجر الصادق ويمتد إلى طلوع الشمس، ونحن نحيلك على جملة من الفتاوى يتبين لك بمراجعتها أدلة ما ذكرناه: 61939، 32380، 40996، 124150.
وأما عن أوقات النوافل، فاعلمي أن النوافل تنقسم إلى أقسام، فمنها الرواتب وتلك تتعلق بالفرائض فالسنن القبلية تفعل بعد دخول الوقت وقبل أداء الفريضة، والسنن البعدية تفعل بعد الفراغ من الفريضة، ومن السنن ما يتعلق بوقت معين كالضحى، والوتر، فتفعل هذه النوافل في وقتها، ومنها ما شرع لسبب فيفعل عند وجود سببه كتحية المسجد وسنة الوضوء، واختلف في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، ومذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام جواز فعل ذوات الأسباب في وقت النهي وهو القوي في الدليل، ومن النوافل ما لا سبب له وهو النفل المطلق، فهذا يفعل في كل وقت سوى أوقات النهي، وانظري لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 12940، 28916، 2116، 7392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(11/5063)
الصبح والفجر اسمان لمسمى واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر سيادتكم على هذه الخدمات الرائعة، ولكم جزيل الخير ـ إن شاء الله.
قرأت في كتب الفقه عن صلاة الصبح وصلاة الفجر فوجدت الموضوع صعبا، فما هي المواقيت المحددة لكل منها؟ وكيف أربطها بوقت الشروق؟ وماذا إن تأخرت عن موعد الصلاة أو صليتها في ميعاد الشروق أو قبل الشروق بقليل؟ أرجو منكم الشرح الوافي لكل ما يتعلق بهذه الصلاة وكيفية قضائها، لأنه عندما تفوتني هذه الصلاة أحس بالاكتئاب طيلة اليوم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين صلاة الصبح وصلاة الفجر، بل هما اسمان لمسمى واحد وهو: الصلاة المفروضة ما بين طلوع الفجر الصادق إلى أن تطلع الشمس، وانظري الفتوى رقم: 29471، ولهذه الصلاة المفروضة سنة قبلية مؤكدة وهي ركعتان وتسمى: بسنة الفجر، أو رغيبة الفجر، أو ركعتي الفجر، فالواجب عليك أن تحافظي على الصلاة المفروضة في وقتها، ولا يجوز لك تعمد تأخيرها حتى تطلع الشمس فإنه آخر وقتها، وتأخير الصلاة عمدا حتى يخرج وقتها من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ووقت صلاة الصبح حتى تطلع الشمس. أخرجه مسلم.
وأجمع المسلمون على أن وقت صلاة الصبح والتي هي صلاة الفجر ينتهي بطلوع الشمس، وبهذا تعلمين أن الموضوع ليس صعبا كما تصورت، فإذا صليت هذه الصلاة أي صلاة الفجر أو صلاة الصبح قبل أن تشرق الشمس فقد فعلت ما وجب عليك، وإذا أخرتها حتى تشرق الشمس، فإن كان ذلك لعذر كنوم أو نسيان فلا حرج عليك، ويجب عليك المبادرة بصلاتها وقت الاستيقاظ أوالذكر، وأما إن أخرتها لغيرعذر فقد أثمت إثما عظيما، وتجب عليك التوبة النصوح لله تعالى، كما يجب عليك قضاء تلك الصلاة التي تعمدت تفويتها في قول جماهير أهل العلم.
وأما كيفية قضائها إذا فاتت، فإنها تقضى على صفتها التي يشرع أداؤها عليها، لما في الصحيحين من قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الصبح فلم يوقظهم إلا حر الشمس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن ثم صلى ركعتين ثم أمره فأقام الصلاة وصلى بهم عليه الصلاة والسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/5064)
بداية وقت صلاة العشاء ونهايته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أذهب إلى عملي عند الساعة الرابعة صباحا، لذا اضطر للنوم باكرا حتى أتمكن من الاستيقاظ باكرا، فأصلي صلاة العشاء بعد ساعة من صلاة المغرب؛ لأني كنت قد سمعت أحد الأئمة يقول بأن دخول وقت صلاة العشاء يكون بعد ساعة من صلاة المغرب، فهل صلاتي صحيحة؟ مع العلم أن التوقيت الذي وجدته على النت يقول بأن صلاة العشاء يدخل وقتها بعد ساعة وأربعين دقيقة من صلاة المغرب، وقد حاولت النوم قليلا بعد صلاة المغرب بنية الاستيقاظ لصلاة العشاء ثم العودة إلى النوم فلم أنجح في الاستيقاظ.
سؤال ثان: متى ينتهى وقت صلاة العشاء؟ أفي منتصف الليل؟ أم بدخول وقت صلاة الصبح؟ وكيف نقيس منتصف الليل؟.
سؤال أخير: إذا لم أصل الشفع والوتر قبل نومي، إلى أي وقت يمكنني أداؤهما؟ هل يمكن أداؤهما بعد دخول وقت صلاة الفجر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن وقت العشاء ومتى ينتهي، فإن وقت صلاة العشاء يبدأ بمغيب الشفق الأحمر بعد الغروب، وينتهي بمنتصف الليل على الصحيح من أقوال الفقهاء، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد منتصف الليل بغير عذر، وأنظر الفتويين رقم: 1883، 118179.
وأما كيفية حساب نصف الليل فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 31162.
وأما القول بأن دخول وقت العشاء يكون بعد ساعة من صلاة المغرب، فيجب عليك أولا أن تتحقق من الوقت بنفسك، فإن عجزت وكان الذي أخبرك بذلك ثقة عارفا بالوقت ومتيقنا فيجوز لك أن تصلى العشاء بعد ساعة من صلاة المغرب لكن لا على سبيل الدوام، لأن الوقت يتغير بتغير الوقت فمقدار ما بين المغرب والعشاء يختلف باختلاف الفصول، فتارة يطول وتارة يقصر، وهو يتراوح ما بين ساعة وربع إلى ساعة ونصف.
والمعول عليه هو المشاهدة، فمتى زالت الحمرة من الأفق فقد انقضى وقت المغرب ودخل وقت العشاء، ولا حرج في الاعتماد على التقويم إن علمت دقته.
وأما أن تصلي بدون خبر ثقة متيقن أو على سبيل الدوام فهذا لا يجوز، ولا تصح صلاتك إن صليت بدون اجتهاد منك لمعرفة الوقت أو بدون خبر ثقة عارف بالوقت، ونحن نستبعد أن يكون الوقت ما بين المغرب والعشاء بمقدار ساعة، وكونك تذهب إلى العمل مبكرا لا يبيح فعل صلاة العشاء قبل وقتها.
وأما عن قضاء الوتر متى يكون، فانظر له الفتوى رقم: 14568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(11/5065)
النوم متأخرا بسبب العمل لا يبرر تضييع صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الفجر الساعة العاشرة صباحا؟ مع العلم أن عملي ينتهي آخر الليل عند الساعة الواحدة، وأكون متعبا وأنام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أولا أن تسعى للاستيقاظ لصلاة الفجر في وقتها، ونومك متأخرا لا يبرر لك التساهل في ذلك، وتأخير الصلاة عن وقتها من علامات النفاق لا سيما الفجر والعشاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم آخذ شعلا من نار، فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد. انتهى. متفق عليه.
فإذا بذلت جهدك للاستيقاظ للصلاة، ثم لم تقم، فيجب عليك أن تصليها عند الاستيقاظ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله يقول: أقم الصلاة لذكري. رواه مسلم.
وانظر الفتوى رقم: 124449، حول الأسباب المعينة على القيام لصلاة الفجر، والفتويين رقم: 2444، ورقم، 61474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1430(11/5066)
الواجب على المسلم أداء الصلاة في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا كنت نائما وجاء موعد الصلاة فيجب علي أن أقوم للصلاة، فإنني سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها حين يذكرها؟
أرجو الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة يتعين الحرص على أدائها في وقتها واستعمال الوسائل المساعدة في ذلك كالمنبه أو وصية من يوقظه، وإذا غلب النائم عن الاستيقاظ فلا إثم عليه لما في الحديثث: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. رواه مسلم والترمذي. واللفظ له.
وراجع الفتويين التاليتين: 119191، 96356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(11/5067)
الأسباب المعينة للقيام لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ: أنا فتاة أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، لدي مشكلة هي أني لا أستيقظ لصلاة الفجر، وحاولت الالتزام بها، ولكني أستيقظ بعض المرات، وأكثر الأحيان لا أستيقظ، وهكذا في بعض الصلوات إذا كنت نائمة وأنا والله العظيم أعرف عقوبة هذا، إني أخاف من الله لكني لا أستطيع القيام إلى الصلاة إذا كنت نائمة. فما الحل يا فضيلة الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم أن يأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة قبل نومه، ويحرص على ذلك، ويصدق النية، فإذا فعل ثم لم يقدر له الاستيقاظ وفاتته الصلاة فهو معذور لعدم تفريطه، وانظري الفتوى رقم: 119406.
وبه تعلمين أنك إذا أخذت بأسباب الاستيقاظ ثم غلبك النوم فلا إثم عليك إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من يفوت الصلاة حتى يدخل وقت التي تليها. أخرجه مسلم.
وأما إذا كنت تتهاونين في الأخذ بأسباب الاستيقاظ من ضبط منبه أو نحوه، أو توكيل من يوقظك للصلاة فيخشى عليك من الإثم في هذه الحال.
ونحن نسوق إليك بعض النصائح التي يرجى لك إن اتبعتها أن تستيقظي للصلاة بإذن الله.
فمن ذلك: أن تجتهدي في الدعاء، فإنه أمضى سلاح يستعين به العبد، ومتى اجتهدت في الدعاء والاستعانة بالله والتوكل عليه فإنه تعالى سيعينك ويوفقك لما فيه مرضاته.
ومن الأسباب المعينة على صلاة الفجر: الإخلاص لله تعالى كما أمر الله تعالى بإخلاص العمل له دون ما سواه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بشر هذه الأمة بالسناء، والدين، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب. رواه أحمد.
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية.
قال ابن القيم رحمه الله: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك.
ومنها: النوم على الجانب الأيمن: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه، ثم ليضطجع على شقه الأيمن، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. متفق عليه. وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن. متفق عليه.
وعن حفصة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن. رواه الطبراني، صحيح الجامع.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وفي اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلّق في الجانب الأيسر، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوماً، لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب وطلبه مستقره وميله إليه.
ومنها: النوم على طهارة: تقدم حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة. متفق عليه، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه. رواه أبو داود وأحمد. وجاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طهّروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره ملك، لا يتقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك، فإنه بات طاهراً. رواه الطبراني، قال المنذري: إسناد جيد.
ومنها: التبكير بالنوم: النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية، وخصلة حميدة، وعادة صحية. ومما جاء في فضله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها. رواه البخاري.
نقل الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض في قوله: وكان يكره النوم قبلها. قال: لأنه قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً، أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم قبل الصبح، أو عن وقتها المختار، أو عن قيام الليل.
وقال ابن رافع: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينِشّ الناس بدِرّته بعد العتمة ويقول: قوموا لعل الله يرزقكم صلاة.
ومما يتعلق بالنوم: اختيار الفراش المناسب، وذلك بعدم المبالغة في حشو الفراش، وتليينه وتنعيمه لأن ذلك من أسباب كثرة النوم والغفلة، ومجلبة للكسل والدّعة.
وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كانت وسادة النبي صلى الله عليه وسلم التي ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف. رواه أبو داود وأحمد.
ومنها: المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم: فإن هذه الأذكار حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان، ويعين على القيام.
ومن هذه الأذكار، ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفضه بداخلة إزاره، الخ الحديث المتقدم.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما يقرأ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه.
وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه. متفق عليه.
وعن أنس بن مالك رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له. رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقصة الشيطان معه قال له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. حتى تختمها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: صدقك وهو كذوب. متفق عليه.
وكذلك اجتناب الذنوب والمعاصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(11/5068)
وقت الاختيار ووقت الضرورة، وما ينبني عليهما من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: متى تعتبر الصلوات الخمس المفروضة قضاء وليست أداء عند المذاهب الأربعة؟ وهل كل صلاة في الوقت الضروري لمن لا عذر له تعتبر صلاة قضاء؟ بحثت كثيراً في مواضيع مواقيت الصلاة وقضاء الفوائت حيث يشملها توضيح للوقت الاختياري والوقت الضروري، ولكن لا أزال في حيرة من أمري بخصوص الوقت المحدد الذي تعتبر فيه الصلوات قضاء. أعلم مدى الاختلاف بين جمهور العلماء في هذا الخصوص والتعقيد الذي يشوب السؤال ولكني أتوق لمعرفة التفصيل في هذا الموضوع؟ شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الأئمة الأربعة على أن الصلاة المفعولة في وقتها أداء، وعلى أن الصلاة المفعولة بعد خروج وقتها قضاء، فإن كانت قد فاتت لعذر كنومٍ أو نسيان، فلا إثم على مفوتها، وإن كانت قد فاتت لغير عذر فعليه الإثم، والقضاءُ واجبٌ عليه، وكل هذا لا خلاف فيه عند الأئمة الأربعة، وإن كانوا قد اختلفوا في تحديد أوائل بعض أوقات الصلاة وأواخرها اختلافاً ليس هذا موضع بسطه.
واختلفوا كذلك فيما تُدرك به الصلاة، وتكونُ أداءً، فذهب الجمهور إلى أنه إن أدرك تكبيرة الإحرام في الوقت كانت الصلاة أداءً، وذهب مالك إلى أن الوقت لا يُدرك إلا بإدراك ركعة، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال ابن قدامة في المغني حاكياً هذا الخلاف: وهل يدرك الصلاة بإدراك ما دون ركعة؟ فيه روايتان: إحداهما لا يدركها بأقل من ذلك وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب مالك لظاهر الخبر الذي رويناه، فإن تخصيصه الإدراك بركعة يدل على أن الإدراك لا يحصل بأقل منها، ولأنه إدراك للصلاة فلا يحصل بأقل من ركعة كإدراك الجمعة، والثانية يدركها بإدراك جزء منها أي جزء كان. قال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه يكون مدركا لها بإدراكه، وقال أبو الخطاب: من أدرك من الصلاة مقدار تكبيرة الإحرام قبل أن يخرج فقد أدركها وهذا مذهب أبي حنيفة وللشافعي قولان كالمذهبين. انتهى.
ثم اعلم أن للعلماء اختلافاً في تحديد وقت الاختيار ووقت الضرورة، واختلافاً في أن من أخر الصلاة إلى وقت الضرورة لغير عُذر هل يأثمُ وتكون أداءً، أو يكونُ قد فعل مكروهاً؟
وحاصل مذهب المالكية، قد بينه الحطاب في مواهب الجليل بما عبارته: تقدم أن الوقت ينقسم إلى اختياري وضروري، ولما فرغ من بيان الوقت الاختياري شرع في بيان الوقت الضروري ومعنى كونه ضروريا أنه لا يجوز لغير أصحاب الضرورات تأخير الصلاة إليه ومن أخر إليه من غير عذر من الأعذار الآتية فهو آثم، ثم هذا هو الذي يأتي على ما مشى عليه المصنف وقيل: إن معنى كونه ضروريا أن الأداء فيه يختص بأصحاب الضرورات فمن صلى فيه من غير أهل الضرورات لا يكون مؤديا وهذا القول نقله ابن الحاجب وسيأتي في بيان ذلك، وذكر المصنف أن الضروري يدخل بعد خروج الوقت المختار المتقدم بيانه في جميع الصلوات فعلم من هذا أول الوقت الضروري، وذكر أن آخره يختلف بحسب الصلوات ففي الصبح بطلوع الشمس، وفي الظهرين لغروب الشمس، وفي العشاءين لطلوع الفجر، فعلى هذا يكون الوقت الضروري للصبح من الإسفار إلى طلوع الشمس، وللظهر من أول القامة الثانية أو بعد مضي أربع ركعات منها إلى الغروب، وللعصر من الاصفرار إلى الغروب، فما بعد الاصفرار ضروري للظهر والعصر وللمغرب من بعد مضي ما يسعها بعد تحصيل شروطها إلى طلوع الفجر، وللعشاء من بعد ثلث الليل الأول إلى طلوع الفجر، فما بعد الثلث الأول ضروري للمغرب والعشاء. انتهى.
وعند الحنابلة، أن الصلوات التي لها وقتٌ ضرورى هي: العصر، ووقت الضرورة فيها بعد الاصفرار، والعشاء، ووقت الضرورة فيها بعد ثلث الليل أو نصفه، فمن أخر الصلاة إلى وقت الضرورة من غير عذر، كان آثماً، وكانت صلاته أداءً، وأما المعذور فلا إثم عليه. قال المرداوي في الإنصاف: يحرم التأخير بلا عذر إلى وقت الضرورة على الصحيح من المذهب: وقاله أبو المعالي وغيره في العصر، وقيل لا يحرم مطلقا، قال في الفروع: ولعل مرادهم لا يكره أداؤها ويأتي في باب شروط الصلاة. انتهى.
وقال ابن قدامة: وجملة ذلك أن من أخر الصلاة ثم أدرك منها ركعة قبل غروب الشمس فهو مدرك لها ومؤد لها في وقتها سواء أخرها لعذر أو لغير عذر، إلا أنه يباح تأخيرها لعذر وضرورة كحائض تطهر أو كافر يسلم، أو صبي يبلغ، أو مجنون يفيق، أو نائم يستيقظ، أو مريض يبرأ وهذا معنى قوله مع الضرورة. انتهى.
وأما الشافعية فليس عندهم وقت ضرورة، فيجوزون صلاة العصر بعد الاصفرار مع الكراهة، ويجوزون صلاة العشاء بعد نصف الليل ما لم يطلع الفجر، وإنما تفوت الفضيلة عندهم بتأخيرها إلى هذا الوقت. قال النووي: قال القاضى حسين، والصيدلاني، وإمام الحرمين، والروياني وغيرهم للعصر خمسة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار، ووقت جواز بلا كراهة، ووقت جواز وكراهة، ووقت عذر. فالفضيلة من أول الوقت إلى أن يصير ظل الشخص مثله ونصف مثله، ووقت الاختيار إلى أن يصير مثلين، والجواز بلا كراهة إلى اصفرار الشمس، والجواز مع الكراهة حال الاصفرار حتى تغرب، والعذر وقت الظهر لمن جمع بسفر أو مطر. وقد نقل أبو عيسى الترمذي عن الشافعي وغيره من العلماء كراهة تأخير العصر، ودليل الكراهة حديث أنس قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا. رواه مسلم. انتهى.
وقال أيضا في شأن صلاة العشاء: فإذا ذهب وقت الاختيار بقي وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني، هذا هو المذهب نص عليه الشافعي وقطع به جمهور أصحابنا المتقدمين والمتأخرين. انتهى.
وعند الحنفية أن فعل الصلاة قبل خروج وقتها جائزٌ لا إثم فيه، وإن كان يُكره تأخيرها إلى آخر الوقت في مواطن بينها صاحب الدر المختار بقوله: (فإن أخرها -أي العشاء- إلى ما زاد على النصف) كره لتقليل الجماعة أما إليه فمباح (و) أخر (العصر إلى اصفرار ذكاء – أي الشمس-) فلو شرع فيه قبل التغير فمده إليه لا يكره (و) أخر (المغرب إلى اشتباك النجوم) أي كثرتها (كره) أي التأخير لا الفعل لأنه مأمور به (تحريما) إلا بعذر كسفر وكونه على أكل. انتهى.
وبهذا تعلم أن فعل الصلاة في وقت الضرورة، يكونُ أداءً، ولا إثم فيه إن كان التأخير لعذر، ويلحق الإثم من أخرها إليه إن كان تأخيره لغير عُذر عند بعض العلماء، ويُكره له التأخير على التفصيل المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(11/5069)
معرفة دخول وقت الصلاة وخروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نتبع الكتيب لمعرفة أوقات الصلاة في بريطانيا وفي الكتيب يوضع وقت شروق الشمس. فهل نلتزم به على أنه نهاية صلاة الفجر وخصوصا أن الجو غالبا غائم فلا أستطيع تحديد ما إذا انتهى وقت الصلاة أم لا. أم أعتبر نهاية الفجر قبل ذلك الوقت؟ أصابني التشتت.
سامحوني على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا وقت صلاة الصبح، وأنه من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس في الفتوى رقم: 56261.
ويكفي في معرفة دخول الوقت وخروجه خبر المسلم العدل إذا أخبر عن علم، قال ابن قدامة في المغني: ومن أخبره ثقة عن علم عمل به لأنه خبر ديني فقبل فيه قول الواحد كالرواية. انتهى.
فإذا كان القائمون على إعداد هذا الكتيب من المسلمين العدول، الذين يخبرون بعلمهم فلا حرج في اتباع خبرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(11/5070)
المرجع عند الفروق في وسائل تحديد مواقيت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي: إذا كان يوجد اختلاف في مواقيت الصلاة بين اليومية وأذان الساعة خاصة هذا الاختلاف يكون في صلاة العشاء والفجر، اختلاف كبير بحيث تكون الصلاة في اليومية العشاء 1 و24 د والفجر في 1 و51 د، والصلاة في الساعة المؤذنة العشاء في 11 و58 د والفجر في 3 و10 د أما بخصوص مواقيت الصلاة الأخرى فهي متشابهة وأنا متأكدة من هذه المواقيت وشكرا جزيلا، ونطلب من الله الهداية وتقبل صلواتنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اليومية وساعة الأذان وغيرهما مجرد وسائل لتوضيح دخول أوقات الصلاة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم وحددها بأمارات ثابتة يستوي في معرفتها عامة الناس القارئ منهم والأمي.. وإن اختلفت الأزمنة والأمكنة. فعلى المسلم إذا اختلفت عليه هذه الوسائل أو شك فيها الرجوع إلى ما بينه الشرع من أمارات كونية واضحة لمعرفة وقت أداء ما فرض الله تعالى عليه، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَقْتُ الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس، ووقت المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتاوى: 31723، 54171، 97824، 121949.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(11/5071)
عند دخول الوقت يشرع أداء السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في كندا، فأذان صلاة الصبح على الساعة 5 و 28 د. وصلاة الفجر على الساعة 3 و47 د. فهل أصلي صلاة الفجر ثم مباشرة صلاة الصبح؟ أو أنتظر حتى الساعة الخامسة؟ وما هو الفرق بين الصلاتين؟ وكيف أصليهما جهرا أو سرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أخي السائل أن الصلوات التي فرضها الله علينا خمس صلوات، وهي: صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء وصلاة الفجر. وهذه الأخيرة هي نفسها صلاة الصبح فصلاة الفجر وصلاة الصبح اسمان لصلاة واحدة، وصلاة الصبح والتي هي الفجر يدخل وقتها بطلوع الفجر وهو البياض المعترض في الأفق من الشمال إلى الجنوب، فإذا دخل الوقت شرع لك أن تصلي سنة الفجر، وهي ركعتان سنة مستحبة وليست هي الفريضة، تسر فيهما بالقراءة، فإذا انتهيت منها تصلي صلاة الفجر الفريضة، والتي هي صلاة الصبح، وهي ركعتان تجهر فيهما بالقراءة.
ولم يتبين لنا المقصود بالتوقيتين اللذين ذكرت أذانيهما، ولعل الأول هو الأذان الذي يكون عند سدس الليل الأخير أي قبل طلوع الفجر، والثاني هو الأذان لصلاة الفجر، والأصل أن الثاني هو الذي يكون عند دخول وقت صلاة الفجر. وعلى كل يمكنك مراجعة أقرب المراكز الإسلامية إليك للسؤال عن حقيقتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(11/5072)
من نام قبل العشاء ولم يستيقظ إلا عند أذان الفجر الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مكان يبعد قرابة الساعتين عن منزلي، في بعض الأحيان تفوتني صلاة العصر حيث أكون ما أزال في الطريق إلى منزلي. من جهة أخرى في بعض الأحيان أصل إلى البيت متعبة جدا فأنام قبل أذان العشاء وفي نيتي أن أستيقظ من أجل أداء صلاه العشاء، ولكن لا أستيقظ إلا عند الأذان الأول لصلاة الفجر. سؤالي هو هل يجوز لي أن أصلي العشاء حتى بعد الأذان الأول لصلاة الفجر؟ وهل أأثم على عدم أداء هذه الصلاة والصلاة التي فاتتني وأنا في الطريق؟ أرجو إفادتي والدعاء لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن تفويتك لصلاة العصر بلا عذر من نسيان أو نوم ولو أحياناً فإنه من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. متفق عليه، وقال: من فاتته صلاة العصر حبط عمله. رواه البخاري وابن ماجه.
واتفق المسلمون على أن ترك الصلاة عمداً حتى يخرجُ وقتها إثمٌ عظيمٌ، أعظم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس والعياذ بالله.
وليس ما ذكرته من التعلل بكونك في الطريق إلى البيت عُذراً يبيح لك ترك صلاة العصر حتى يخرج وقتها، بل الواجب عليكِ إذا دخل وقت الصلاة أن تبحثي عن أي مكان يُمكنك أن تصلي فيه، وإن كان لك عذر يبيح جمع التقديم، جاز لك الجمع فتقدمينها مع الظهر، وقد بينا الأعذار المبيحة للجمع بين الصلاتين في الفتوى رقم: 6846.
وأما أن تتهاوني في شأن الصلاة حتى يخرج وقتها بالكلية فهذا مما يُعرضك لوعيد الله وسخطه.
وأما بالنسبة لصلاة العشاء فإنا قد بينا حكم النوم قبل صلاة العشاء وأنه مكروه في الفتوى رقم: 96137.
وبينا أن النائم معذور، وإن خرج وقت الصلاة، لعدم تفريطه بنومه لا سيما إذا كان قد أخذ بأسباب الاستيقاظ وبينا أن الأخذ بأسباب الاستيقاظ لفعل الصلاة في وقتها مشروع إما استحباباً وإما وجوباً، وانظري لذلك الفتوى رقم: 119406.
وبينا وقت العشاء، وخلاف العلماء فيه، وأن تعمد تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل لغير عذر لا ينبغي، وانظري لذلك الفتوى رقم: 118179.
فإذا غلبك النوم حتى استيقظت عند أذان الفجر الأول، فأنت معذورة بذلك، وعليكِ أن تبادري بالوضوء، وفعل الصلاة قبل أذان الفجر الثاني الذي يخرج به وقت العشاء، ويدخل به وقت الصبح، فإن أذان الفجر الأول لا يخرجُ به وقت العشاء، لأنه يكون قبل تبين الفجر، وحكمته أن يرجع القائم ويوقظ النائم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم.متفق عليه.
لكن عليكِِ أن تحرصي على ألا تنامي حتى تُصلي العشاء، فإن غلبكِ النوم، فعليكِ أن تحرصي مستقبلا على الأخذ بأسباب الاستيقاظ قبل نصف الليل.
هذا وقد بينا حكم عمل المرأة، وأن الأولى لها القرار في البيت، إن لم تكن محتاجة إلى العمل، وانظري الفتوى رقم: 111703.
ثم إن كان عملك هذا يستلزم سفرك من غير محرم فلا يجوز لكِ البقاء فيه، ويجب تركه، والبحث عن غيره إن كنت محتاجة إلى عمل، فإن سفر المرأة بغير محرم لا يجوز، واستثنى بعض العلماء سفرها للحج الواجب والعمرة الواجبة مع الرفقة المأمونة، وانظري الفتوى رقم: 95137 ورقم: 96238.
ونسأل الله أن يهدينا وإياك سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/5073)
الحد المأذون به في تأخير صلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لطبيعة العمل تفوتني صلاة العشاء. فهل من المحبب تأخيرها ولأي وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن الصلاة في جماعة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين، إلا من عذر، فإن كان لك عذر يبيح ترك الجماعة كما لو استؤجرت على مال تخشى من ضياعه أو تلفه إذا صليت في جماعة، فإنه يرخص لك في تركها، وأما إن لم يكن لك عذر يبيح ترك الجماعة فلا يجوز لك تركها، بل تجب عليك المبادرة إليها. وانظر لذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 55588، 60743، 14106.
كما لا يجوز التهاون في صلاة العشاء في جماعة بحجة أن تأخيرها أفضل، فإن الواجب لا يترك لفعل مستحب، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: يجب على كل مسلم أن يصلي مع الجماعة صلاة العشاء وغيرها، ولا يجوز تأخيرها والاشتغال بالعمل، لأن أداءها في الجماعة أمر واجب، فلا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة إلا بعذر شرعي، كالمرض ونحوه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. انتهى.
وقد بينا الحال التي يُستحب فيها تأخير العشاء في الفتوى رقم: 58305.
ثم إذا فاتتك العشاء لعذر، فإن تأخيرها إلى ثلث الليل مستحب، وما بعد نصف الليل وقت ضرورة للعشاء لا تؤخر العشاء إليه إلا من عذر، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الواجب على المسلم أداء الصلوات الخمس في وقتها جماعة في المساجد مع المسلمين، أما وقت العشاء الاختياري فيبدأ من غياب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، كما أن الوقت الاضطراري يمتد إلى ما قبل الفجر. انتهى. وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 118179.
ودليل استحباب تأخير العشاء في حق المنفرد والجماعة إذا لم يشق على المأمومين إلى الوقت الذي ذكرنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل، أو نصفه. رواه الترمذي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة -أي: أخر صلاة العشاء حتى اشتدت ظلمة الليل- حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى فقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي. أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/5074)
لا حرج في تأخير صلاة الظهر ما لم يدخل وقت العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة جامعية، أضطر دائما للصلاة بالجامعة كصلاة الظهر بحكم جدولي، ولكن أحيانا تصعب علي الصلاه لأنه يجب أن أكون على طهارة كاملة، فيجب علي أن أغير ملابسي التي وصل إليها بعض من الأذى، وأريد أن أعرف ماذا علي لو أخرتها للصلاة بالمنزل حتى أكون على أتم طهارة واستعداد، علما بأني أذهب إلى المنزل الساعه 2 والنصف، ومتى آخر وقت لصلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فآخر وقت صلاة الظهر هو أن يصير ظل الشيء مثله إضافة إلى ظل الزوال، وهذا هو أول وقت العصر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر وقت العصر. أخرجه مسلم. وانظري الفتوى رقم: 55899.
فإذا كنت ترجعين إلى بيتك قبل دخول وقت العصر -كما هو الظاهر- فلا حرج عليك في تأخير صلاة الظهر حتى تصليها في البيت، وأما إذا كنتِ ترجعين إلى بيتك بعد دخول وقت العصر فلا يجوز لك أن تؤخريها حتى ترجعي، بل يلزمكِ أن تصليها على وقتها، ثم هذا الأذى الذي تذكرين أنه يصيب ثيابك، إن كنت تعنين به رطوبات الفرج، فالراجح عندنا طهارتها لكنها ناقضةٌ للوضوء، وانظري الفتوى رقم: 110928.
وأما إن كانت نجاسةً كبول أو دم استحاضة فلا بُد من تطهير الثياب منها، ثم الوضوء والصلاة، وإن كنتِ مصابة بالسلس أي بأن كان لا ينقطع عنك هذا الخارج وقتا يسع للطهارة والصلاة في وقت الصلاة، فإنك تتحفظين وتتوضئين بعد دخول الوقت، وتصلين الفرض وما شئت من النوافل، وانظري الفتوى رقم: 64873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(11/5075)
حكم تأخير صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الفجر متأخرة بعض الشيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مرادك بتأخير صلاة الفجر بعض الشيء تأخيرها حتى يخرج وقتها وذلك بطلوع الشمس، فإن تعمد ذلك كبيرة من أكبر الكبائر، بل هو أكبر من الزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين كما نقله ابن القيم في أول كتاب الصلاة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 52278.
وأما إن كان مرادك بتأخيرها تأخيرها في الوقت بحيث تفعلها قبل طلوع الشمس، ولكن بعد فوات أول الوقت فهذا خلاف السنة، فإن السنة في صلاة الصبح أن تصلى في أول وقتها بعد تبين طلوع الفجر الصادق، وهذا مذهب الجمهور خلافاً للحنفية، والأحاديث الدالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح في أول وقتها كثيرة، فمنها ما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس. وعد بعض أهل العلم وقت الإسفار وانتشار الضوء وقت ضرورة للصبح، وكره بعضهم تأخير الصلاة إليه من غير عذر، وبعضهم حرمها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 58709.
وإن كانت الصلاة في هذا الوقت أي قبل طلوع الشمس تقع أداء بلا خلاف، لقوله صلى الله عليه وسلم: ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس. أخرجه مسلم. وهذا كله بغض النظر عن حكم صلاة الجماعة فإنها واجبة على الأعيان في أرجح أقوال أهل العلم. فمن تعمد ترك الجماعة ممن لزمه شهودها من الرجال الأحرار البالغين كان آثماً بتعمد تركه لها ... وأما المعذور بنوم أو نسيان فلا إثم عليه، ووقت الصلاة في حقه حين يستيقظ أو يذكر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. متفق عليه.. مع ضرورة الأخذ بأسباب الاستيقاظ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 112479.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/5076)
يتعين العمل باليقين أو غلبة الظن في دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[في مدينة نيوكاسل في بريطانيا بعض المراكز الاسلاميه تختلف في طريقة حساب أوقات الصلاة، ففي مركز الجامعه مثلا الذي دائما أصلي فيه يتبع رابطة العالم الاسلامي لحساب أوقات الصلاة، بحيث يكون وقت دخول العشاء متأخرا، ومسجد آخر يتبع توقيت أم القرى وفيه يكون وقت دخول العشاء مبكرا، وبما أن هناك اختلافا في دخول وقت صلاة العشاء وهو أكثر من ساعة، فهل يجوز عندما أصلي العشاء في البيت أن أتبع تقويم أم القرى، وأصلي العشاء مبكرا حتى لا أتأخر في النوم؟ وهل عندما أصلي أنا وزوجتي الفجر والعشاء فهل نعتبر جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعلم أخي السائل أن الأصل في تحديد أوقات الصلاة بدءا وانتهاء إنما هو بالعلامات الشرعية التي وضعها الشارع، وقد بيناها في الفتوى رقم: 4538، وأما هذه التقاويم فلا ينبغي الاعتماد عليها كليا وجعلها هي الأصل.
جاء في الفتوى رقم: 4100 من فتاوى اللجنة الدائمة: التقويم من الأمور الاجتهادية فالذين يضعونه بشر يخطئون ويصيبون، ولا ينبغي أن تناط به أوقات الصلاة والصيام من جهة الابتداء أو الانتهاء، لأن ابتداء هذه الأوقات وانتهاءها جاء في القرآن والسنة فينبغي الاعتماد على ما دلت عليه الأدلة الشرعية. ولكن هذه التقاويم الفلكية قد يستفيد منها المؤذنون في أوقات الصلوات على سبيل التقريب ... انتهى.
فإن كان بإمكانك معرفة وقت العشاء بناء على العلامة الشرعية، فلا تصل قبل دخول وقتها، وانظر أي المركزين يصلي في الوقت وصل معهم.
وإن كنت لا تتمكن من تحديد دخول الوقت لكونك غير عالم بالعلامات الشرعية، أو لكونك تعيش في مدينة يتعذر فيها رؤية العلامة الشرعية لكثرة الأضواء فلا مناص من تأخير العشاء حتى يغلب على ظنك دخوله، إذ العمل باليقين أو غلبة الظن في دخول الوقت متعين هنا.
فتصلى مع الجماعة المتأخرة منهما، وأما هل تعتبر صلاتك مع زوجتك جماعة فالجواب نعم، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 41612، بعنوان هل تحصل فضيلة الجماعة بين الزوج وزوجته..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(11/5077)
الإشارة إلى مواقيت الصلاة في القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ذكر في القرآن الكريم تحديد لمواقيت الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103}
ووردت الإشارة إلى مواقيت الصلاة في القرآن، واستنبط ذلك بعض أهل العلم من بعض الآيات، فمن ذلك وقت صلاة الصبح والعصر، فقد قال الله عز وجل: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ {ق:39}
وثبت في الصحيح أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. ثم قرأ هذه الآية. فالآية على هذا الوجه من التفسير تدل على وقت الصبح والعصر بوضوح.
وقد قال عز وجل: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}
فسر جماعة من السلف طرفي النهار بالصبح والمغرب. حكاه ابن كثير عن ابن عباس والحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وفي الآية أقوال أخرى، وعلى هذا الوجه تكون الآية قد أشارت إلى وقت صلاة المغرب إشارة واضحة وأنه في آخر النهار متصلاً به، وذلك أن المغرب تجب بغروب الشمس.
وقد ذكر الله تعالى وقت الظهر والعشاء في قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا {الإسراء:78}
فأشارت الآية إلى الصلوات الخمس وأن أربعا منها متصلة، وهي من الظهر إلى العشاء، وبينت أول وقت الظهر وهو دلوك الشمس أي زوالها، وأشارت إلى وقت العشاء وأنه غسق الليل أي ظلمته.
قال ابن كثير: وقال هشيم عن مغيرة عن الشعبي عن ابن عباس: دلوكها زوالها. ورواه نافع عن ابن عمر, ورواه مالك في تفسيره عن الزهري عن ابن عمر, وقاله أبو برزة الأسلمي, وهو رواية أيضا عن ابن مسعود ومجاهد, وبه قال الحسن والضحاك, وأبو جعفر الباقر, وقتادة, واختاره ابن جرير ... فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلوات الخمس من قوله "لدلوك الشمس إلى غسق الليل" وهو ظلامه, وقيل: غروب الشمس, أُخِذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله: "وقرآن الفجر" يعني صلاة الفجر ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(11/5078)
حكم تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، حدث معي اليوم أن نمت عن صلاة العشاء وصحوت على أذان الفجر فقضيتها مع صلاة الفجر. مع العلم أني أحيانا أؤخر صلاة العشاء إلى ما قبل الفجر عندما أعود إلى البيت متأخرة ومتعبة، وأنا بفضل الله مواظبة على الصلوات المفروضة ولله الحمد. فماذا أفعل لأكفر عن ذنبي، وهل فاتتني الصلاة لكبيرة ارتكبتها دون أن أدري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحكِ به أيتها الأخت الفاضلة هو ترك ما تفعلينه أحياناً من صلاة العشاء بعد منتصف الليل، فإن بعض العلماء يرى أنها تكون قضاءً بعد منتصف الليل، وبعضهم يرى أنها تكون أداءً ولكن يأثم من يؤخرها إليه بغير عذر، والجمهور يرون أن تأخيرها إلى ما بعد منتصف الليل خلاف الأولى، وتكون الصلاة أداءً، وقد ذكرنا أقوالهم وأدلتهم مفصلة في الفتوى رقم: 118179.
ولم يكن ينبغي لكِ أن تنامي قبل صلاة العشاء، فإن النوم قبل صلاة العشاء مكروه، وانظري لبيان ذلك الفتوى رقم: 66741.
وأما عن قضائك العشاء مع الصبح فهذا هو الواجب عليك، ونرجو ألا يكون عليك إثمٌ إن شاء الله لأنكِ لم تتعمدي تأخيرها حتى خرج وقتها، بل غلبكِ عن تأخيرها النوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على الذي يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت التي تليها. أخرجه مسلم.
لكن إن كان نومكِ بعد دخول الوقت، وكان من عادتكِ أنكِ لا تستيقظين إلا بعد طلوع الفجر فقد أثمتِ بذلك لتعمدكِ تفويت الصلاة حتى خرج وقتها، وكان الواجب عليكِ أن تصلي قبل أن تنامي، وفي هذه الحال يجبُ عليكِ مع القضاء التوبة إلى الله عز وجل، وكذا إن كنتِ تنامين بعد دخول الوقت، ولا تستيقظين إلا بعد نصف الليل، فإنكِ تأثمين عند من يقول من الفقهاء إن تأخير العشاء إلى ما بعد نصف الليل لا يجوزُ بغير عذر، فعليكِ أن تحرصي فيما يُستقبل على فعل العشاء قبل خروج وقتها المختار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1430(11/5079)
أوقات الكراهة وأدلتها وحكمة النهي عن الصلاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أوقات الكراهة فى الصلاة بالإثبات النقلى والعقلى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا الكلام على أوقات النهي بالتفصيل في فتاوى كثيرة، وانظر الفتويين رقم: 34779، 44206.
ونحبُ أن ننبهكَ هنا إلى أن العقل لا مدخلَ له في هذا الباب، ولا سبيل له إلا إدراك علة النهي عن الصلاة في وقت دون وقت، لكن الشارع قد دلنا على حكمة النهي، كما في حديث عمرو بن عبسة عند مسلم، ويأتي ذكره.
ثم اعلم أن أوقات النهي ثلاثةٌ على سبيل الإجمال، وخمسةٌ على سبيل البسط، وهي على التفصيل:
1- من بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.
2- حين تطلع الشمس حتى ترتفع.
3- من بعد صلاة العصر، حتى تميل إلى الغروب.
4- حين تغرب الشمس.
5- حين يقومُ قائم الظهيرة، وتتوسط الشمس كبد السماء قبل الزوال.
ولا يرى المالكية كراهة الصلاة في هذا الوقت، واستثنى الشافعية من كراهة الصلاة في هذا الوقت يوم الجمعة، فإن الصلاة لا تكره فيه عندهم قبل الزوال، لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتنفلون قبل الجمعة، حتي يصعد الإمام المنبر، ولم يُنقل أنهم كانوا يكفون عن الصلاة قبل زوال الشمس.
وأدلةُ ما ذكرنا أحاديثُ كثيرة ثابتةٌ في الصحيحين وغيرهما، فمنها:
ما رواه البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ.
وعن ابْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ. متفقٌ عليه.
وروى البخاري عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ.
وروى مسلم عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ.
.وقد تضمن حديث عمرو بن عبسةَ عند مسلم حكمة النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، وأنها سدُ ذريعة الشرك، وسد باب التشبه بالمشركين ـ فإنهم يسجدون للشمس عند طلوع الشمس وعند غروبها- لأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان، وأما قبل الزوال حينُ يقوم قائم الظهيرة، فهو وقتٌ تسجر فيه جهنم، فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قلتُ: "يا رسول الله أخبرني عن الصلاة؛ قال: صلِّ صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلِّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصلِّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار.
قال الإمام ابن القيم وهو يعدد أصناف عباد الأصنام: فمنهم عبّاد الشمس، زعموا أنها ملك من الملائكة لها نفس وعقل، وهي أصل نور القمر والكواكب، وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها، وهي عندهم ملك الفلك فيستحق التعظيم والسجود والدعاء. ومن شريعتهم في عبادتها: أنهم اتخذوا لها صنماً بيده جوهرة على لون النار، وله بيت خاص قد بنوه باسمه، وجعلوا له الوقوف الكثيرة، من القرى والضياع، وله سدنة وقوَّام وحجبة يأتون البيت ويصلون فيه لها ثلاث كرات في اليوم، ويأتيه أصحاب العاهات، فيصومون لذلك الصنم ويصلون، ويدعون، ويستسقون به، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت الفلك، ولهذا يقارنها الشيطان في هذه الأوقات الثلاثة لتقع عبادتهم وسجودهم له، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تحري الصلاة في هذه الأوقات، قطعاً لمشابهة الكفار ظاهراً، وسداً لذريعة الشرك وعبادة الأصنام. انتهى.
وثمّ وقتٌ آخر اختلف العلماءُ هل هو منهيٌ عن الصلاة فيه أو لا، وهو ما سوى ركعتي الفجرِ بعد طلوع الفجر، وقد ذكرنا حكم هذه المسألة مفصلا في الفتوى رقم 116536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/5080)
حكم صلاة المغرب في آخر وقتها وتأخير العشاء إلى بعد منتصف الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تأخير الصلاة حرام؟ لأنني أؤخر صلاة المغرب عندما أذهب مع أمي لعمل جلسة على الذراع، هي تصلي لأنها تبقى على وضوء العصر، وأنا لا أبقى فأجلس معها إلى أن يذهب النور، ويأتي الظلام وأصلي قبل العشاء بـ10 أو 15 دقيقة تقريباً، فهل هذا حرام، وهل تأخير العشاء لبعد الساعة 3 مساء حرام، وهل أنا بذلك يطلق علي (ساهون) فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن إخراج الصلاة عن وقتها لا يجوز لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، وأما تأخير صلاة المغرب إلى آخر وقتها بحيث تُفعل قبل دخول وقت العشاء فجائز لا حرج فيه، وإن كان الأولى في صلاة المغرب أن تُفعل في أول وقتها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 8682.
وأما تأخيرك صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل فليس مما ينبغي، فقد ذهب الظاهرية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن وقت العشاء يخرج بنصف الليل، وتصير بعده قضاء، وذهبت طائفة من أهل العلم أن ما بعد نصف الليل وقت ضرورة للعشاء يأثم بتأخيرها إليه بلا عذر وتكون أداء، وأما مذهب الجمهور فهو جواز فعلها بعد نصف الليل، وإن كان خلاف الأولى والأفضل.. وانظري لذلك الفتوى رقم: 71957، وقد بينا معنى قوله تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5} ، وذلك في الفتوى رقم: 25784.. ونسأل الله ألا يجعلنا وإياك منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/5081)
حكم أداء العصر إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدي يؤذن للعصر الساعة الرابعة وخمس دقائق، لكني لاحظت بواسطة وضع عصا في الشمس بشكل عمودي أن ظل العصا يصير مثلها حوالي الثالثة وخمس دقائق. فهل يمكن أن أصلي العصر حسب الظل، وإذا صليت حسب الظل ما حكم صلاتي التي سبقت، وبالنسبة للظهر لو صليته قبل الساعة الرابعة وبعد الثالثة فما الحكم مع علمي أن صلاتي الظهر والعصر متتاليتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء: المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية إلى أن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله غير فيء الزوال، وهذا رواية عن أبي حنيفة أيضا. والمشهور عن أبي حنيفة: أن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه غير فيء الزوال. انتهى من الموسوعة.
وما ذهب إليه الجمهور من أن أول وقت العصر إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال هو الراجح، ويدل عليه أدلة كثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 28448، وبناء عليه، فلك أن تصلي العصر إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال، وعليك مراعاة ظل الزوال في الأيام التي يوجد فيها، ذلك بعدم اعتباره من ظل الشيء، أي لا بد أن يكون للشيء ظل مثله زائدا عن الظل الموجود أصلا وقت الزوال، وهو أقصر ظل للشيء.
وبهذا تعلمين أن أذان العصر في بلدك قد يكون تأخيره عن الساعة التي رأيت فيها ظل الشيء مثله هو مراعاة هذا القدر من الظل.
واعلمي أنه بدخول وقت العصر ينتهي وقت صلاة الظهر، فلا يجوز تعمد تأخير صلاة الظهر حتى يدخل وقت صلاة العصر، كما هو مذهب أكثر أهل العلم. ثم اعلمي أن وقت العصر يستمر إلى أن تصفر الشمس، ثم هو وقت ضرورة إلى غروبها، وعلى كل فصلاتك السابقة صحيحة إذا صليتها بعد دخول الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(11/5082)
تقديم الطعام على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسافر في بلاد غربية، وأحيانا نتأخر عن أداء الصلاة لضيق الوقت وعدم توفر المكان المناسب، عندما نعود للمنزل أنا وصاحبي نكون متعبين، ولكن أتوضأ مباشرة، هل يجب قضاء الصلاة مباشرة فور وصولنا أم بعد تناول الطعام وخاصة عندما نكون جائعين، وذلك يمكن أن يؤثر على الخشوع بالصلاة وعدم التركيز. وأيهما أفضل أداء الصلاة على وقتها منفردا، أم الصلاة مع صديقي جماعة، وإن تأخر في إقامتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تأخركم عن أداء الصلاة يؤدي إلى خروجِ وقتها بالكلية فهذا منكرٌ عظيم وذنبٌ من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من تعمد إخراج الصلاة عن وقتها، فيجبُ عليكم التوبة من هذا الذنب والحرصُ فيما يُستقبل على فعل الصلاة على وقتها؛ لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء 103}
وإذا كان لكم عذرٌ يُبيحُ الجمع جاز لكم الترخص بهذه الرخصة، وقد بينا الأعذار المبيحة للجمع في الفتوى رقم: 6846.
وأما إذا كان مُرادك بالتأخر بأداء الصلاة هو التأخر عن فعلها في أول الوقت فهذا لا إثمَ فيه؛ لأن أداء الصلاة في أول الوقت مُستحب وليس بواجب، ولكن الحرصُ على الصلاةِ في المسجد -إن وجد- في أول الوقت فيه خيرٌ عظيم.
وأما تقديمُ الطعام على الصلاة إذا كنتم مُحتاجين إليه، وكانت قلوبكم تتشوش بتركه فهو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قُدم العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم. متفقٌ عليه.
لكن شرطُ ذلك ألا يؤدي إلى تفويت الوقت، فإن الانشغال بالطعامِ عُذرٌ في ترك الجماعة، لا في إخراج الصلاة عن وقتها. قال في حاشية الروض: ولا يُرخص في غير ترك الجماعة، فأما الوقت فلا يرخص بذلك في تفويته عند جمهور أهل العلم ونص عليه أحمد وغيره. انتهى.
فإذا توضأتما والطعامُ حاضر فتناولا الطعام ما دام في الوقت مُتسعٌ لفعل الصلاة، فإذا خشيتما خروج الوقت فبادرا بفعل الصلاة.
وأما أيهما أولى الصلاةُ في أول الوقت منفرداً أو بعد خروج وقت الفضيلة في جماعة، فاعلم أن الصلاة في جماعةٍ ولو بعد فوات أول الوقت أولى. قال البُهوتي في الروضة: وتقدم الجماعة مطلقاً على أول الوقت. قال ابن قاسم في الحاشية: يعني سواء سُن تعجيل تلك الصلاة أو لا، كثرت الجماعة أو قلت. ذكره الموفق وغيره. وقال في الفروع: ذكره في كتب الخلاف وغيرهم، لأنها واجبة، وأول الوقت سنة، ولا تعارض بين واجبٍ ومسنون. انتهى.
أما إذا أدى انتظارك لصاحبك إلى خروج وقت الصلاة بالكلية فلا يجوز ذلك، ويجب عليك حينئذ أداء الصلاة في وقتها ولو منفردا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(11/5083)
الصلاة بعد خروج الوقت هي قضاء لا أداء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج يجامع زوجته وبعد الانتهاء من الجماع ينام ولا يقوم إلا عند أذان الفجر وعند ذلك يكونا لم يغتسلا حتى يصلوا الفجر ونظراً لعدم وجود سخان فهم يقومون بتسخين الماء وعند الانتظار حتى يتم تسخين الماء يغفون فينامون أو يتأخرون ولم ينتهوا إلا عند الساعة السادسة والنصف صباحاً وأحيانا السابعة فيغتسلون ويؤدون صلاة الفجر، فهل صلاتهم مقبولة أم لا، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التهاون في أداء الصلوات في أوقاتها من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} ، فلا يجوز للمسلم أن يتعمد تأخير الصلاة عن وقتها أو يتهاون في ذلك، ومعلوم أن وقت صلاة الفجر يخرج بطلوع الشمس، فالواجب على السائل وزوجته أن يتقيا الله عز وجل ويحرصا على أداء الصلاة في وقتها، وذلك بتحصيل شروطها التي من أهمها الاغتسال في وقت يتمكنان فيه من أدائها في وقتها، والصلاة التي صلياها بعد خروج الوقت فهي قضاء، وليست أداء. ونسأل الله أن يتقبلها، وننبه إلى أن النوم قبل الاغتسال من الجنابة لا حرج فيه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(11/5084)
حكم تأخير الصلاة وفعلها قبل وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[انا امرأة أعمل في مدرسة مختلطة ولكن ابتدائية، وفي المدرسة مدير وأستاذان وحارس، وأنا أصلي صلاة الصبح في وقتها أما صلاة الظهر فأكون في العمل، وأحيانا لا أتمكن من البقاء على وضوئي، فهل يجوز لي أن أخلع حجابي وأخلع حذائي والجوارب وقميصي لأتمكن من الوضوء، وماذا يجب أن أفعل إذا لم يكن عندي حصص فراغ تمكنني من أداء صلاة الظهر، مع العلم بأن دوامي ينتهي الساعة 2:45 وآذان العصر 2:15 تقريبا، وهل يمكن للإنسان إذا كان يريد الخروج أن يصلي الصلاة قبل أوانها لأنه لن يعود إلى بيته إلا بعد أذان الصلاة التالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخراج الصلاة عن وقتها كبيرة من الكبائر ولا يجوز لك تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 18839.
وليس العمل عذراً مانعاً من أداء الصلاة في الوقت، وكذلك فعل الصلاة قبل وقتها مما لا يجوز لمسلم أن يفعله، فقد قال الله عز وجل: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، إلا في رخصة الجمع بين الصلوات إذا وجد العذر المبيح للجمع، وانظري لذلك الفتوى رقم: 17324.
فإذا كنت تخافين ضرراً في معيشتك بترك هذه الوظيفة ولم تتمكني من أداء الصلاة في وقتها من غير ارتكاب لمحظور كشف العورة أمام الأجانب فلك الأخذ بالرخصة دفعاً للحرج والمشقة، والرخصة هنا بجمع صلاة الظهر مع العصر جمع تأخير.. وإن كان يمكنك أن تتوضئي بحيث لا يراك الرجال فهذا هو الواجب عليك لأداء الصلاة في وقتها، والظاهر أنك تتمكنين من هذا بلا مشقة وفي هذه الحال يمكنك أن تتخففي من ثيابك لأجل الوضوء إذا كنت تأمنين من اطلاع الأجنبي عليك حين تكشفين شيئاً من بدنك، ويمكنك الأخذ بما رخص الله فيه من الرخص لعباده كالمسح على الجوربين إذا لبستهما على طهارة، وكذا يمكنك المسح على الخمار في أصح قولي العلماء إذا لبسته على طهارة، وخاصة إذا كان يشق نزعه، وانظري الفتوى رقم: 20693، والفتوى رقم: 24947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/5085)
يجزء أداء الفريضة في أي جزء من أجزاء وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش فى أوربا وأنا أذهب إلى المدرسة لكى أدرس ولكن وقت الظهر أكون فى المدرسة ووقت العصر أيضا فماذا أفعل أصلى هناك على كرسي، ولكن حتى لا أعرف أين القبله فى المدرسة وأيام الظهر يؤذن وقت الخروج للمدرسة ممكن أصليه قبل أن يؤذن بخمس أو عشر دقائق حيث نحن هنا كل مسجد يصلى بفروق عن الآخر قد تصل إلى نصف ساعة فرق بين مسجد وآخر ولذلك نحن نصلي على برنامج إلى صلاتى على الكمبيوتر لكي نسمع الأذان، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الإقامة في بلاد المشركين في الفتوى رقم: 51334، وبينا ذلك أن الانشغال بالدراسة ليس عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها. وانظري لذلك الفتوى رقم: 47570.
ووقت صلاة الظهر يدخل بزوال الشمس عن وسط السماء باتفاق العلماء، فمتى دخل وقت الظهر جاز لك صلاتها، وإن لم يمكنك معرفة دخول الوقت فيكفيك تقليد ثقة عارف بالوقت، ويكفي في ذلك أذان المؤذن الثقة، وكذا استخدام برنامج الحاسوب إذا شهد له أهل العلم بالدقة وعدم الخلل، فضبط الوقت به خاصة في مثل ظروفكم مما لا بأس به إن شاء الله.
فإذا علمت هذا، فإن الصلاة قبل دخول الوقت لا تجوز بحال، وإذا كنت في المدرسة فيلزمك فعل الفريضة في أي جزء من أجزاء وقتها، وهذا ليس صعباً إذا حرصت عليه إن شاء الله، ويلزمك فعلها على وجهها الذي شرعها الله من القيام واستقبال القبلة وستر العورة وغير ذلك من شروطها وأركانها، ويمكنك تحديد جهة القبلة باستخدام (البوصلة) .. وبالجملة فعليك أن تتقي الله ما استطعت.
واعلمي أن الصلاة هي ركن الإسلام الأعظم، وهي أهم ما ينبغي للعبد أن يحرص على أدائه على وجهه كما أمره ربه، فإنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(11/5086)
البرد ليس عذرا لتأخير الصلاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[تأخير صلاة الفجر إلى طلوع الشمس في الجو البارد ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البرد ليس عذراً لتأخير الصلاة عن وقتها، بل الواجب هو أداء الصلاة في وقتها، وإذا كان عليه جنابة ولا يستطيع الغسل، لعدم وجود ما يسخن به الماء، وخشي الضرر باستعمال الماء البارد، فيكفيه التيمم، ولا يتوضأ لقيام التيمم مقام الغسل، وهو كاف لرفع الحدثين الأكبر والأصغر.
والدليل على مشروعية التيمم عند شدة البرودة مع الخوف من المرض أو الهلاك ما رواه أحمد وأبو داود عن عمرو بن العاص أنه لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً. والحديث صححه النووي وقواه ابن حجر.. وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 7418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/5087)
هل تجوز صلاة الصبح قبل وقتها لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقديم صلاة الصبح عن وقتها بنصف ساعة وذلك لضرورة قصوى كالدخول لإجراء عملية جراحية تدوم وقتا طويلا بحيث إن خرج من العملية سيؤديها قضاء، فأفيدونا حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، ومن صلى صلاة قبل دخول وقتها فعليه الإعادة.
وكما لا يجوز تقديم الصلاة عن وقتها فلا يجوز أيضاً تأخيرها حتى يخرج وقتها، ومن كان مريضاً عاقلاً صلى على حسب حاله، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، فإن كان لا يعقل كالمغمى عليه بالبنج ومضى عليه الوقت وهو كذلك فمن العلماء من أوجب القضاء عليه ومنهم من لم يوجبه، وسبق تفصيله في الفتوى رقم: 51679.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(11/5088)
تأخير الصلاة عن أول الوقت لأجل الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يؤذن الظهر الساعة 12:00 ونقوم بالصلاة جماعة في الشركة الساعة 1:30 بعد أن يعود الموظفون من جولتهم في الخارج، ويؤدن العصر الساعة 3:30 ونصلي جماعه الساعة 4:30.
هل يعتبر هذا من تأخير الصلاة عن وقتها؟
متى يكون خروج الصلاة عن وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن العبرة في دخول وقت الصلاة وخروجه هو بالعلامات الشرعية وليست العبرة بتوقيت الساعة، وقد سبق أن بينا أن وقت الظهر يبدأ بزوال الشمس وينتهي بصيرورة ظل الشيء مثله، وعندها يدخل وقت العصر ويمتد إلى قبيل اصفرار الشمس، وعندها ينتهي الوقت الاختياري للعصر ويبدأ الوقت الضروري إلى غروب الشمس، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى وقتها الضروري، وقد سبق أن فصلنا أوقات الصلوات الخمس في الفتوى رقم: 32380.
والذي يظهر لنا أنكم تصلون الظهر بعد دخول وقتها وقبل أذان العصر بساعتين فأنتم تصلونها في وقتها إن شاء الله، ولا حرج عليكم في تأخيرها عن أول الوقت، وكذا إذا كنتم تصلون العصر قبل اصفرار الشمس فلا حرج عليكم، ولا يجب أداؤها عند أول وقتها وإن كان هذا هو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(11/5089)
الوقت المعتبر في الإمساك والإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإفطار متعمدا قبل أذان المغرب والشرب بعد أذان الفجر وتأخير صلاة الفجر بعد الأذان ب 38 دقيقة رغم إمكانية سماع الأذان وقرب المسجد لكنه اعتقاد لدى هذه الجماعة ويحاولون إقناع الناس بأن هذا هو الصحيح. نرجوا منكم التوضيح وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في وقت إفطارالصائم هوالتحقق من غروب الشمس أوغلبة الظن بذلك، كما أن وقت الإمساك عن المفطرات هو طلوع الفجرالصادق يقينا أو غلبة ظن، ولا يشترط سماع الأذان، وبناء على ذلك فإن كان المؤذن يؤذن لغروب الشمس فإنه لا يجوز الإفطار قبل أذانه، إذ هذا الفعل معصية شنيعة وانتهاك لحرمة شهرالصيام، أما إن كان المؤذن يؤخر الأذان فإنه يجوز الفطر لمن ظن أو تيقن غروب الشمس، ومثل ذلك يقال في أذان الفجر فإن كان المؤذن يؤذن لطلوع الفجر لم يجز الشرب عند أذانه، أما إذا كان كان يقدم الأذان عن ذلك فلا بأس بالشرب ما لم يطلع الفجر، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 28451.
وتأخير صلاة الفجر بعد دخول وقتها ب 38 دقيقة جائز إذا لم يترتب عليه إخراجها عن وقتها المختار وهو الإسفار الذى تتميز فيه الوجوه بالبصرالمتوسط في مكان لا سقف فيه ولاغطاء، وإن كان التأخير المذكور يخرج الصلاة عن وقتها المختار بدون عذر وهذا مستبعد فتلك معصية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 32380.
وإن كانت الجماعة المذكورة تتخلف عن المسجد مع سماع الأذان فصلاتهم مجزئة وقد فاتهم خير كثير من ثواب الخطا إلى المسجد وحضور جماعة المسلمين ونحو ذلك مما لا ينبغي لعاقل التفريط فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 108061.
وإذا ثبت وجود جماعة يشجعون على الإفطار قبل غروب الشمس أو تناول المفطرات بعد طلوع الفجر ويتخلفون عن صلاة الجماعة فى المسجد ويعتقدون أنهم على صواب ويحاولون إقناع غيرهم بصحة ذلك فينبغي نصحهم بحكمة ورفق، وينبغي إبلاغ أمرهم لبعض أهل العلم المعروفين بالاستقامة وسلامة المنهج لينصحوهم ويقيموا عليهم الحجة ويبينوا للناس خطأ ماهم عليه، أما إذا كانوا يفطرون بعد الغروب وكان المؤذن يؤخر الأذان فإن الصواب معهم إذ السنة تعجيل الفطر ولكن ينبغي لهم التلطلف بالعامة من الناس وبيان الحكم الشرعي بالحكمة حتى لا يستنكرها الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(11/5090)
وقت إفطار الصائم مرتبط بغروب الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان في جواري مسجد وتأخر في الأذان وأسمع المساجد الأخرى تؤذن فماذا أفعل؟
هل أفطر أو أنتظر المسجد الذي بجواري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت إفطار الصائم مرتبط بغروب الشمس وليس بسماع الأذان، لكن له تقليد المؤذن العدل العارف بدخول الوقت فيفطر عند سماع أذانه، سواء كان ذلك المؤذن في مسجد قريب أو بعيد.
وعليه؛ فلا مانع من الإفطار اعتمادا على سماع الأذان من مسجد بعيد إذا كان الأذان صادرا من عدل عارف بالأوقات، ولا يلزمك انتظار سماع الأذان من المسجد الأقرب لك. وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 77101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(11/5091)
بدء وانتهاء وقت الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[في المنصورة -عاصمة الدقهلية- يؤذن لصلاة الفجر قبل القاهرة وكذلك يؤذن لصلاة المغرب قبل القاهرة مع أننا نتبع في صلاتنا وكذلك صيامنا التوقيت المحلى لمدينة القاهرة فهل يعد صيامنا صحيحا أم باطلا؛أرجو الإجابة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين الله عز وجل في كتابه وقت الصوم أتم بيان، فقال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة 187} فوقتُ الصوم يبدأ بطلوع الفجر الصادق وينتهي بتحقق غروب الشمس، ولا إشكالَ في الإمساكِ قبل تبين الفجر الصادق، ولا إشكال كذلك في أن ينتظرَ المسلم شيئاً بعدَ تبين غروب الشمس، والصوم صحيحٌ على كل حال، لكن تفوته بذلكَ سنة تأخير السحور وتعجيل الفطر.
أما إذا أكل المسلم أو شرب بعد تبين طلوع الفجر أو قبل حصول اليقين أو غلبة الظن بغروب الشمس فصومه غير صحيح، وعلى هذا فإذا كانت الشمسُ تغربُ عندكم قبل غروبها في القاهرة، وكان المؤذن ثقة عارفا بالوقت ويؤذن لغروبها، فالسنةُ لكم أن تعجلوا الفطر فتفطروا مع أذانه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يزالُ الناس بخيرٍ ما عجلوا الفطر. متفقٌ عليه من حديثِ سهل بن سعدٍ رضي الله عنه، وكذلك إذا كان الفجر عندكم يتبين قبل تبينه في القاهرة، فالواجبُ عليكم أن تُمسكوا مع أذان المؤذن إذا عُلمَ أنه يؤذن مع طلوع الفجر الصادق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(11/5092)
وقت صحة الشروع بالصلاة والإمساك
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع أذانات كثيرة بعيدة وآخذ فى الصلاة بالأذان الواضح دائماًُ، فهل أفعل نفس الشيء فى الإمساك فى الشهر المبارك أم حتى الأذان البعيد الذي لا أسمعه جيداً أعتبره إمساكا؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبرة بالشروع في الصلاة وبالإمساك في رمضان هي بدخول الوقت وليس بالأذان القريب أو الواضح، فمن كان من المؤذنين يؤذن عند دخول الوقت الشرعي وجب الإمساك عند سماع أذانه ولو كان بعيداً، ومن كان منهم يؤذن قبل دخول الوقت الشرعي لم يجب الإمساك بأذانه ولو كان قريباً، لأن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشارع دليلاً على تلك الأوقات، ويمكن الاستدلال على ذلك بما في التقاويم التي تصدر عن جهات موثوق بها إذا أورثت ظنا بدخول الوقت، ووقت الإمساك يبدأ من طلوع الفجر الصادق وهو البياض الممتد في الأفق من جهة شروق الشمس عادة.
وانظر الفتوى رقم: 32380 في بيان تحديد أوقات الصلوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(11/5093)
تغير مواقيت الصلاة حسب الأماكن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك مناطق في العالم لا تتغير فيها مواقيت الصلاة في العالم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مواقيت الصلاة ترتبط بحركة الشمس، وقد فصلنا القول في المواقيت الشرعية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18758، 40996.
ولا نتصور وجود مكان من العالم تشرق فيه الشمس وتغرب وهذه المواقيت فيه ثابتة، وقد اختلف العلماء في تقدير المواقيت في البلاد التي لا تكاد الشمس تغيب عنها، فقيل تقدر بحسب أقرب البلاد المعتدلة إليها، وقيل تقدر بميقات مكة والمدينة لأن فيهما نزل الشرع، وعلى كل فلو تصورنا وجود حياة في المناطق الاستوائية التي لا تغيب عنها الشمس أو في القارة القطبية التي لا تطلع عليها الشمس، فإن أهلها سيؤمرون بتقدير المواقيت باعتبار أقرب البلاد المعتدلة إليهم، أو باعتبار البلاد التي نزل فيها الشرع، وعلى كل فستختلف عندهم المواقيت لاختلافها في البلاد المقيس عليها، ثم إننا ننصحك أن تشتغل بما ينفعك وأن تحرص على تعلم أمر دينك دون الخوض في هذه الأبحاث التي هي قليلة الجدوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/5094)
حكم النوم مع عدم الأخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حاج في سن 60 لا يستيقظ لصلاة الفجر، لقد تكلمت معه قلت له إنها الصلاة الوسطى قال بأن إماما في المسجد حدثني إذا لم تقم في وقت الفجر فصل حين تستيقظ والآن ينام حتى العاشرة صباحا ويصلي, هل هذا الرجل على صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الشروعِ في الجواب على سؤالك نحبُ أن نعلمك أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس. متفقٌ عليه.
ولمسلمٍ وأحمد وأبي داود: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر.
وأما صلاة الصبح فهي ذاتُ فضلٍ عظيم وهي مع العشاء أثقل الصلاة على المنافقين، فالمداومة على تركها من علامات النفاق والعياذ بالله، ووقتُ الصبح ينتهي بطلوع الشمس بإجماع العلماء وليس لأحدٍ أن يتعمد تأخيرها حتى تطلع الشمس، فإن فعل فقد ارتكب إثماً عظيماً أعظمُ من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس، والنائم ينبغي أن يأخذ بأسباب الاستيقاظ فيوكل من يوقظه أو يعتمد علي مُنبهٍ أو نحوه، فإن لم يفعل وعلمَ أنه لا يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس فقد تعمد تضييعها، وأما إن أخذ بأسباب الاستيقاظ ثم لم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس فلا إثم عليه، وهذا هو الذي أُمرَ في الحديث بأن يصلي متى استيقظ، ولعل هذا الرجل حين استفتى هذا الإمام لم يوضح له صورة ما يحدث فأفتى المفتي على حسب السؤال وأجابه بمقتضي الحديث وهو أن النائم معذورٌ فيصلي متى استيقظ، ولكن هذا كما قلنا مقيدٌ بما إذا نوى الاستيقاظ وأخذ بأسبابه، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه ناموا عن صلاةِ الصبح مرةً حتى طلعت الشمس، لكنه صلى الله عليه وسلم كان قد أمر بلالاً أن يكلأ لهم الليل فغلبت بلالاً عينه فنام.
فالذي يفعله هذا الرجل تساهلٌ ظاهر، وتفريطٌ شنيع ويجبُ عليكَ أن تذكره بالله عز وجل وتذكر له النصوص الدالة على وجوبِ المحافظة على الصلوات في وقتها، وأنه إذ بلغ الستين فالواجبُ عليه أن يتزود لمعاده ويتأهب لآخرته فلم يبق في العمر مثلُ ما مضى، وأما هذه الصلاة التي يصليها فإن كانت قضاء صلاة الصبح فهذا واجبٌ عليه عند الجمهور ويجبُ عليه مع ذلك التوبة النصوح إن كان مفرطا، وإن كان يصليها بنيةٍ أخرى غير الصبح فلا تجزيه عن القضاء، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية وطائفةٌ من أهل العلم أن من ترك الصلاةَ عمداً حتى خرجَ وقتها فإنه لا ينفعه القضاء ولا يقبلُ منه إذا فعله، ولا يمكنه تداركُ ما فات إلا بالتوبةِ النصوح والإكثار من النوافل، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه رشدهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(11/5095)
علامة دخول وقت العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع حول صلاة العشاء.... البعض من أئمة المساجد هنا في مدينة هاملتون كندا يقيمون صلاة العشاء بعد دخول المغرب بساعة والبعض بعد ساعة و20 دقيقة علما أنه حسب جدول الأذان هو ساعة و30، 35 دقيقة فهل هذا من السنة أم من الاجتهادات، وما حكم من صلى في الأوقات المذكورة أعلاه، وهل تعتبر قبل دخول وقت العشاء أي الشفق الأحمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأوقات الصلوات لا تعرف إلا بواسطة العلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على تلك الأوقات، وليس لها ضابط آخر، ومسألة ضبطها بالساعات والدقائق على سبيل التقريب، ولا ينبغي الاعتماد عليه، وبالتالي فوقت صلاة العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر.
والفترة الزمنية بين المغرب والعشاء تختلف باختلاف الأزمنة فقد تكون ساعة وربعا أو ساعة ونصفا أو أقل كما سبق في الفتوى رقم: 9020.
والأفضل تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل الأول أو نصفه إذا لم تحصل مشقة بذلك مع وجود جماعة كما تقدم في الفتوى رقم: 58305.
ومن تحقق أو غلب على ظنه أن وقت صلاة العشاء قد حان في الوقت الذي ذكرت فصلاته صحيحة ومجزئة، ومن تحقق عدم دخول وقتها أوشك في ذلك فصلاته باطلة لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق.
وراجع الفتوى رقم: 64203 والفتوى رقم: 62676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(11/5096)
تحديد وقت أذان المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من يقول سوف يؤذن المغرب اليوم الساعة السادسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الشخص فيما ذكره من تحديد وقت أذان المغرب إذا كان معتمداً في ذلك على يقين أو غلبة ظن لمعرفته أوقات الصلاة ومتابعتها أو التعرف على توقيت موثوق به، ولا يجوز له الإقدام على هذا الخبر إذا تحقق من عدم موافقته للواقع لاشتمال ذلك على صريح الكذب المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(11/5097)
تقويم أوقات الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت في صفوف بعض الناس ظاهرة الغياب عن صلاة الصبح بدعوى أن وقت الأذان لا يوافق الوقت الحقيقي وأصبحوا يتكلمون أن الفجر الصادق والفجر الكاذب مع العلم أن الوقت مضبوط من طرف وزارة الأوقاف من عدة سنوات أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت صلاة الصبح يدخل بطلوع الفجر الصادق الذي ينتشر ضياؤه يمينا وشمالا، ولا عبرة بالفجر الكاذب الذي يظهر مستطيلا نحو السماء ثم يغيب ساعة ثم يظهر الفجر الصادق، وإذا كانت جماعة المصلين في مسجد واحد يعتري بعضهم شك في دخول وقت الصبح أو غيرها من الصلوات، فليحرصوا على جمع الكلمة وتأليف القلوب، وليبتعدوا عن الجدل والخصام، وليؤخروا الصلاة قليلا حتى يزول الشك عمن لم يتحقق دخول الوقت. ففضيلة المبادرة بالصلاة أول وقتها تكون بعد التحقق من دخول وقت الصلاة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8317 والفتوى رقم: 54368.
ومن غلب على ظنه دخول الوقت كفاه ذلك وأجزأته صلاته. قال المرداوي في الإنصاف: قوله (ومن شك في الوقت لم يصل حتى يغلب على ظنه دخوله) فإذا غلب على ظنه دخوله صلى على الصحيح من المذهب. انتهى
ومن لم يكن عارفا بعلامات دخول الوقت فله تقليد مؤذن عدل عارف بالأوقات، وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 35952.
ولا ينبغي التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد، لما في ذلك من الأجورالعظيمة التي لا ينبغي للعاقل التفريط فيها، والجمهورعلى عدم وجوبها. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 108061.
وأوقات الصلاة لا تعرف إلا بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على دخول أوقات تلك الصلوات، وبالتالي فإن التقويم الصادر من وزارة الأوقاف ونحوها لا يعتمد عليه ولا يكتفى به، بل يستأنس به فقط. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(11/5098)
حكم من دخل عليه العشاء وهو في صلاة المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام عالم يصلي المغرب بالطوال من السور حتى أن وقت العشاء يدخل ونحن في الركعة الأخيرة أحياناً فما الحكم، وصلاة السنة البعدية بعد دخول وقت العشاء هل تعتبر قضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهدي النبي صلى الله عليه وسلم هو أحسن الهدي، وقد كان الغالب من فعله في صلاة المغرب أن يخففها، واستحب أكثر العلماء أن يقرأ فيها بقصار المفصّل.
وفي الصحيحين عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فينصرف أحدنا، وإنه ليبصر مواقع نبله.
فهذا صريحٌ في أن الغالبَ من فعله صلى الله عليه وسلم كان تخفيفها، وقد صح أنه قرأ فيها بغير القصار فقرأ فيها بالأعراف، متفق عليه من حديثِ زيد بن ثابت رضي الله عنه، وقرأ فيها بالمرسلات متفق عليه من حديث ابن عباس عن أم الفضل، وقرأ فيها بالطور متفق عليه من حديث جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه، وقرأ فيها بالدخان كما في سنن النسائي، وبالقتال كما في صحيح ابن حبان.
فتفاوتت قراءته صلى الله عليه وسلم في المغرب، وكان تطويلها هو أقل أحواله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يُخرجها بهذا التطويل عن وقتها.
فعلى العبد أن يتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ففي ذلكَ الخير له في دنياه وآخرته، وفي تطويل الصلاة بهذه الصورة دائماً مجافاة لسنته صلى الله عليه وسلم، وفعلٌ لما أنكره على معاذ حين كان يُطّول بأصحابه وقد أمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يقرأ بهم: بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى ونحوها من السور، وهذا ثابتٌ في الصحيحين، فعليكم أن تناصحوا هذا الإمام وإذا كان منسوباً إلى العلم -كما تقولون- فإنه سيراجع السنة إن شاء الله.
وأما عن إدراك الصلاة بذلك فقد حصل إدراكها وإن خرج بعضها عن الوقت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة. متفق عليه.
لكن لا يجوزُ تعمد إخراج بعض الصلاة عن الوقت، وأما السنة فإنها إن فاتت لعذرٍ قضيت، ومن الأعذارِ الاشتغال بفعل المكتوبة، وفي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سنة الظهر بعد العصر حين شُغل عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(11/5099)
التقليد في دخول وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد منكم أن تفتونا في أمرنا ونرجو منكم سعة الصدر.
الفتوى بخصوص وقت صلاة العشاء.
نحن نعيش في شمال ولاية مينيسوتا الأمريكية تقع مدينتنا على خط عرض 45 درجة الشفق يغيب متأخرا في أشهر الصيف نحن نعتمد التقويم في مواعيد الصلاة بسبب طبيعة المدينة الجبلية التي تجعل من الصعب جدا الجزم بغياب الشفق بسبب كثافة الأشجار وبحسب التقاويم الحسابية فإن الصلاة تكون في أشهر الصيف حوالي الساعة الحادية عشرة والربع مساء مسجدنا يبعد وسطيا عن منازل معظمنا ما يعادل حوالي عشرة إلى عشرين دقيقة بالسيارة نصلي المغرب جماعة حوالي الساعة التاسعة والربع ولا يتسنى لأحد حضور العشاء جماعة بسبب تأخر الوقت المشكلة بدأت بأحد الأشخاص الذي يرى بأن الشفق قد غاب طالما لا نستطيع رؤيته بالعين المجردة بغض النظر عن الأشجار وبحسب كلامه فإن صلاة العشاء تبدأ بعد المغرب بقليل وهو لا يقصد بذلك جمع الصلاتين وبذلك لا نحتاج إلا إلى رحلة واحدة إلى المسجد من أجل الصلاتين.
هذا الكلام لا دليل على عدم صحته، لأنه لا دليل أن الشفق لم يغب إلا عن طريق التقاويم المعتمدة.
الكلام لاقى رواجا بسبب أن حضور جماعة العشاء يشكل مشقة من ناحية المسافة التي تعادل أربعين دقيقة ذهابا وإيابا وبسبب غلاء الوقود وبسبب أن أحدنا لن يعود إلى منزله حتى منتصف الليل.
وبسبب الشقاق الحاصل وبعد البحث استند رئيس مجلس المسجد إلى مقالة بهذا الخصوص واتخذ القرار التالي أن الجمع غير جائز في حالتنا بسبب استمرار الوضع ثلاثة أشهر أن صلاة الجماعة أهم من جميع الاعتبارات ووفقا لذلك فإننا نصلي المغرب في موعده ثم نصلي العشاء بعد ساعة من صلاة المغرب.
وسؤالنا هنا هو التالي:
هل فهم رئيس المجلس واستنناجه صحيح؟ وإن لم يكن صحيحا ما الفتوى في أمرنا؟
ثانيا: هل صلاة الجماعة واجبة في حالتي ومنزلي يبعد عشرين دقيقة عن المسجد باعتبار بعد المسافة علما أننا نحرص عليها دائما ولكني أسأل عن الوجوب.
ثالثا: بما أن التقويم يخالف ما اعتمدوه في المسجد وبما أنه لا دليل على غياب الشفق وخطأ التقويم وفي قلبي من التوقيت الجديد شيء فهل أصلي مع الجماعة العشاء أم أصليه وحدي في الوقت الذي لا شك فيه وأدع ما يريبني إلى ما لا يريبني.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}
فلا يجوزُ لأحدٍ أن يصلي الصلاة قبل وقتها إلا لمن أراد الجمع لعذرٍ يبيحه، ووقتُ العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، ويؤيد قول الجمهور حديث: الشفق الحمرة. روي مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أشبه كما قال ابن عبد الهادي، فلا يجوز لكَ أن تصليَ وأنت شاكٌ في دخول الوقت.
قال ابن قدامة: إذا شك في دخول الوقت، لم يصل حتى يتيقن دخوله، أو يغلب على ظنه ذلك. وقال أيضاً: ومن أخبره ثقة عن علم عمل به، لأنه خبر ديني فقبل فيه قول الواحد كالرواية، وإن أخبره عن اجتهاده لم يقلده واجتهد لنفسه حتى يغلب على ظنه. اهـ
فإذا كنت قادراً على معرفة الوقت بالاجتهاد وجب عليكَ تحري ذلك، وإلا فالواجب عليك أن تقلد من تثق به لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإذا لم يغلب على ظنك صدقُ هذا المخبر بدخول وقت العشاء لم يجز لكَ تقليده في ذلك ولا الصلاة بخبره، ووجب عليكَ أن تصلي عندما يغلب على ظنك دخول الوقت.
وحرصك على الجماعة أمرٌ تُحمدَ عليه وهي واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا تجب في المسجد عند أكثر العلماء، فإن استطعت أن تصلي جماعة ولو في بيتك لزمك ذلك، ومن يوجبها في المسجد إنما يوجبها في المسجد إذا كان يبلغك صوت المؤذن لو أذن فيه بغير مكبر الصوت، وهذا ما نظنه بعيدا في حالتك هذه، ولكن لا يخفى عليك ما في حضور المسجد من المنافع الدينوية والأخروية وعظم الأجر في الخطوات إليه. فثابر على ذلك وواظب عليه فأجرك على قدر نصبك، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك حرصاً على الطاعة وتحري الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(11/5100)
لا يلزم الخروج من حصة الدراسة ما دامت الصلاة تؤدى في الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة أدرس اللغة الاسبانية في إحدى المؤسسات ونلتقي مع الأذان في بداية الحصة أو في وسطها لا أعرف هل أقضيها في تلك الساعة أو أؤخرها حتى أكمل الدرس أنا أدرس 3 أيام في الأسبوع حصص ليلية من الساعة 7 مساء حتى الساعة 8 ليلا ولهذا يكون الأذان مع الساعة 7.30
سؤال 2 - مثل ما يقع لي في الدراسة يقع لي في ممارسة الرياضة لأننا عندنا حصص ملتزمون بها 3 مرات في الأسبوع والصلاة تكون في بداية الحصة أو في وسطها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله عز وجل: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}
فلا يجوز لمسلمٍ أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها بحال، والظاهر مما ذكرته في السؤال أن الوقت لا يفوتك بالكلية، وإنما تفوتك فضيلة أوله لأنك تخرجُ من الحصة على ما ذكرت بعد الأذان بنحوِ نصف ساعة، وعليه فلا حرج أن تمضيَ في هذه الدراسة، ولا يلزمك الخروج من هذه الحصة ما دمت ستصلي الصلاة في الوقت، واحرص على أن تصليها في المسجد إذا وجدت مسجداً لم تؤدَّ فيه الجماعة، فإن لم تجد فاحرص على أن تصليَ جماعةً مع بعض إخوانك الذين يدرسون معك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة. متفق عليه.
وإذا لم يكن عليكَ ضرر من ترك هذه الحصة في أثناءها فننصحكَ أن تخرج إلى المسجد لأداء الصلاة في أول وقتها مع الجماعة، وأما لعب الرياضة فليس من الضرورة بحيث تترك لأجله أداء الصلاة في الجماعة في أول الوقت. فعليكَ أن تحرص على فعل الجماعة في أول الوقت في المسجد ما أمكنك ذلك، فإن تعذر فاحرص على الجماعة مع بعض إخوانك في الوقت. وإياك ثم إياك أن تخرج الصلاة عن وقتها، فإن إثم ذلك أكبر من إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس باتفاق المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(11/5101)
أذان المؤذن الثقة يقوم مقام إخباره بدخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في باكستان من الأردن يا شيخ أوقات الصلاة عندي غير معروفة يعني أسمع أذان الظهر على سبيل المثال من خمسة مساجد في أوقات مختلفة كيف أعرف وأميز لأصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: َ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة بيانا لا يلتبس به الأمر على من عرف هذه المواقيت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس. رواه مسلم.
فإذا زالت الشمس عن وسط السماء ومالت جهة المغرب فقد دخل وقت الظهر، فإذا سهل عليكَ ضبط هذا فهو العلامة على دخول الوقت، وإن تعذر عليكَ معرفةُ دخول الوقت بالعلامات الشرعية فقلد ثقةً عدلاً عالماً بالمواقيت ويكون هذا كافياً لك، قال ابن قدامةَ في المغني: ومن أخبره ثقةٌ عن علمٍ عمل به لأنه خبر ديني فيقبل فيه قول الواحد كالرواية. انتهى
وسماع أذان المؤذن الثقة يقوم مقام إخباره بدخول الوقت فيجوز تقليده في ذلك. قال ابن قدامة: وإذا سمع الأذان من ثقة عالم بالوقت فله تقليده لأن الظاهر أنه لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، فجرى مجرى خبره. انتهى.
وإن كان المؤذن الأول يؤذن لدخول الوقت فلا يضر إن أذن غيره في وقت متأخر عنه فالأذان خلال الوقت جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/5102)
الفجر فجران فجر صادق وفجر كاذب
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح في وقت الغلس أو في الاصفرار، أما نحن ففي مسجدنا نصلي قبل الغلس بساعة والله يقول: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ومن شروط قبول الصلاة: دخول الوقت ونحن نصلي قبل الوقت، فماذا نفعل؟ حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولا: نبين للسائل ملحوظة وهو قوله في السؤال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح في وقت الغلس أو في الاصفرار.
فنقول له: (قوله في الغلس) نعم قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه: أنه كان يصلي الصبح بغلس. رواه البخاري ومسلم وأبو داود. وكذا من حديث أبي مسعود الأنصاري: أنه صلى الله عليه وسلم صلى الصبح مرة بغلس. رواه أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الخطابي وحسنه النووي والألباني في الإرواء.
أما قولك: (أو في الاصفرار) فإن كنت تقصد: الإسفار, فالصلاة فيه جائزة لكن الأفضل تقديمها في أول الوقت عند جمهور العلماء، ولم يثبت فيما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الفجر إلى الإسفار إلا مرة واحدة ثم عاد إلى التغليس حتى مات، روى ذلك أبو داود وحسنه النووي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر. تأوله الجمهور بأن المراد بالإسفار طلوع الفجر وهو ظهوره.
أما الإجابة عن سؤال السائل: فقد أجمعت الأمة على أن وقت الصبح يبدأ بطلوع الفجر الصادق -الفجر الثاني- ويمتد إلى طلوع الشمس. كما في المجموع للنووي.
والفجر فجران فجر صادق وفجر كاذب، فالفجر الكاذب يسمى الفجر الأول وعلامته أن يطلع مستطيلا كذنب السرحان -وهو الذئب- ثم يغيب، ثم يطلع الفجر الصادق وعلامته أن يكون معترضا بالأفق أي منتشرا ويزداد ضوؤه حتى تطلع الشمس.
ومن شروط صحة الصلاة دخول وقتها، ومن صلى ولم يتحقق دخول وقتها بعلم أو غلبة ظن لم تصح صلاته، فعلى السائل أن يتحرى الوقت ويصلي الصلاة بعد دخوله. وقد من الله علينا في هذه الأزمنة بسهولة معرفة أوقات الصلوات عن طريق الساعة المستخدمة لضبط الوقت.
وراجع للفائدة الفتوى ذات الأرقام التالية: 15043، 63988، 55960.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(11/5103)
حكم صلاة العشاء في الصيف بعد المغرب بساعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة العشاء بعد المغرب بساعة وذلك لتأخر صلاة العشاء في الصيف في حالة العمل والاستيقاظ باكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأوقات الصلوات الخمس لا تعرف إلا بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على أوقات تلك الصلوات، ووقت العشاء يبدأ من مغيب حمرة الشفق ولا يجزئ أداء صلاة العشاء قبل وقتها، هذا، وراجع الفتوى رقم: 64203، فقد اشتملت على كلام بعض أهل العلم في المسألة، وعليه، فإذا كان مرور ساعة بعد المغرب يتحقق به دخول وقت صلاة العشاء فأداؤها في هذا الوقت مجزئ وتكون صحيحة، وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/5104)
مدى صحة أداء الصلاة حسب التقويم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي أنا أدرس في الجامعة وفي يوم من الأيام ذهبت إلى الجامعة في وقت صلاة الظهر وصليت في الجامعة ولكن المشكلة أننا في الجامعة لا نسمع الأذان فرأيت وقت أذان الظهر في ذلك اليوم الساعة 12:19 وعندما بدأت الصلاة في الجامعة كانت الساعة 12:22، ولكن بعد أيام كنت في المنزل وسمعت الأذان كان الأذان بعد الوقت المحدد لأذان الظهر بخمس دقائق تقريبا، فهل تعتبر الصلاة التي صليتها في الجامعة قبل دخول وقت الصلاة، وهل يجب علي إعادة الصلاة مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت صلاة الظهر يبدأ من زوال الشمس من كبد السماء إلى جهة مغرب الشمس، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله من غير أن يعتد بالظل الذي كان للشخص عند الزوال، وإذا لم يستطع الإنسان ضبط هذه العلامة فليقلد عدلاً عارفاً بالأوقات سواء كان مؤذناً أو غيره، كما يكفي تقليد التقويم الزمني الموثوق به والموضوع من طرف العدول العارفين بأوقات الصلاة.
وبناء على ذلك.. فما دام التقويم المعتمد في الجامعة موضوعاً من طرف العدول الثقات العارفين بالأوقات فصلاتك صحيحة ومجزئة ولا تشرع إعادتها، فالمعتبر هو دخول وقت الصلاة بالعلامة الشرعية ولا يشترط سماع الأذان.
وبخصوص الأذان الذي سمعته وكان متأخراً عن تقويم الجامعة بخمس دقائق فقد يكون قد حصل متأخراً عن الوقت لتأخر المؤذن أو نسيانه أو لتقدم وقت الأذان مع مرور الأيام، وبالتالي فلا يعتبر دليلاً على أن صلاتك كانت قبل دخول الوقت إذا اعتمدت على تقويم موثوق به، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 96869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(11/5105)
حكم تأخير الصلوات الخمس وعدم أدائها في أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم القائمون على إدارة المسجد هنا في مدينة تايلر بولاية تكساس الأمريكية بتأخير الصلوات الخمس عن أوقاتها. فمثلا يؤخرون صلاة الصبح إلى قبل طلوع الشمس بنصف وثلاثة أرباع الساعة ونصلي الظهر صيفا وشتاء حوالي الساعة الثانية إلا ربعا بالرغم من أن ميعاده حسب الباحث الإسلامي الساعة الثانية عشرة والنصف. ونؤخر العصر حوالي ساعة أو ساعة ونصف ونؤخر العشاء حوالي ساعة او ساعة ونصف أحيانا.
الغريب أن هذه المواعيد تتغير شهريا وأحيانا أسبوعيا. ما حكم الإسلام في ذلك؟ نرجو توجيه النصيحة وسأقوم بتعليق هذه الفتوى في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع قد وضع لتحديد أوقات الصلاة علامات وأمارات كوني ة تسهل معرفتها وهي مفصلة في كتب الفقه. وقد بيناها في الفتوى رقم: 4538. فلتراجع.
أما التحديد بالساعة فإنه يختلف من بلد إلى آخر، ومن فصل من فصول السنة إلى آخر، فلا يمكن تحديد الأوقات بها إلا تبعا للعلامات الشرعية، ومن المعلوم أن لوقت كل صلاة بداية لا يجوز تقديمها عليها وله نهاية لا يجوز تأخيرها عنها إلا في حالات الجمع المعروفة، أما ما بين أول الوقت وآخره فلا مانع من إيقاع الصلاة في أي جزء منه، لكن يستحب أداء الصلوات في أول الوقت، إلا الظهر في شدة الحر، وإلا العشاء إذا لم يشق الأمر على المأمومين.
وعلى هذا فالظاهر أن أداء الصلاة في هذه الأوقات المذكورة لا يخالف السنة بالنسبة للظهر والعشاء أما الأوقات الأخرى فينبغي تعجيلها بعض الشيء.
ولمزيد التفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 32380، والفتوى رقم: 15043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(11/5106)
الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا يصلى الفجر بمرور 20 دقيقة بعد الأذان ومع اعتبار ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله بخصوص وقت الفجر الصادق فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا المقصود من السؤال ولا ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله عن الفجر الصادق وإن كان المقصود أن الصلاة تقام عندكم قبل طلوع الفجر الصادق، فمن المعلوم أن وقت صلاة الفجر أو الصبح من طلوع الفجر الصادق: وهو البياض المعترض في الأفق الذي لا يعقبه ظلمة إلى طلوع الشمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس. رواه مسلم.
فإذا كانت الصلاة عندكم تقام بعد دخول الفجر الصادق فلا إشكال، وإن كانت تقام قبل طلوعه فالصلاة غير صحيحة، لأن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت فيلزمكم أن تتحروا وقت دخول الفجر وتصلوا بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(11/5107)
أوقات الصلاة في السويد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أوقات الصلاة في السويد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بمواقيت الصلاة على وجه التحديد في السويد، وبإمكان الأخ السائل الاتصال بأحد المراكز الإسلامية هناك فهم أعلم بمواقيت الصلاة، كما يمكنه أن يدخل على ركن مواقيت الصلاة في موقعنا ويدخل اسم البلد الذي هو فيه وسيحصل على مواقيت تقريبية لأوقات الصلاة، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 61939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1429(11/5108)
حكم تأخير الصلاة إلى الليل بسبب الانشغال بالعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل في شركة للاتصالات طول اليوم من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الثامنة ليلاً ولا إمكانية لي للصلاة في العمل فأنا مضطرة لقضائها في الليل فهل علي إثم وأنا ضميري يؤنبني كثيراً ولا أعرف ماذا أفعل فأرجوكم دلوني على حل وأجركم على الله، علما بأني محتاجة للعمل نظراً لظروفي الصعبة جداً وأنا لست متزوجة؟ وشكراً وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر معتبر شرعاً يعد من كبائر الذنوب، والانشغال بالعمل ليس عذراً مبيحاً لتأخير الصلاة عن وقتها، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، قال المفسرون أي يؤخرونها عن وقتها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، قال ابن مسعود ومجاهد وجماعة: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها.
لذا فإن على السائلة أن تتوب إلى الله تعالى مما مضى وتلتزم بأداء صلاتها في وقتها وتبحث عن عمل تستطيع معه الصلاة في الوقت وإن صلت في مكان عام مكشوف ما دامت ساترة لعورتها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 28569.
فإن لم تجده وكانت محتاجة لهذا العمل ولم تستطع أداء كل صلاة في وقتها على ما بينا فلها أن تجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما تقديماً أو تأخيراً إلى أن تجد عملاً تتمكن معه من أداء كل صلاة في وقتها، وهذا بناء على القول بجواز الجمع من أجل المشقة والحاجة وهو قول الحنابلة.
فإن كانت جهة العمل تمنعها من ذلك مطلقاً فلتترك هذا العمل حفاظاً على ما فرض الله عليها ولن يضيعها الله فستجد أفضل منه ويبارك لها في رزقها، فإن الرزق بيد الله، فمن اتقى الله عز وجل رزقه من حيث لا يحتسب، وهيأ له السبل المعينة له على ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها وتستوعب، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم في الحلية وصححه الألباني ...
وقوله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وقال الألباني سنده صحيح على شرط مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(11/5109)
وقت سنة الفجر وصلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو ترتيب ركعتي الفجر مع صلاة الصبح حسب المواقيت التالية أقصد هل تصلي الفجر أولا أم الصبح قبل الأذان الأول - بعد الأذان الأول وقبل الأذان الثاني-، بعد الأذان الثاني وقبل طلوع الشمس،- بعد طلوع الشمس، وهل تسقط صلاة الفجر في وقت ما في النهار، وماذا يقال في دعاء القنوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الفجر هي صلاة الصبح وهي فرض ووقتها بعد طلوع الفجر الصادق، ولهذه الفريضة سنة قبلية ركعتان، ووقتها ما بين طلوع الفجر الصادق وصلاة الصبح، وتقدم على صلاة الفرض ولا تصح قبل طلوع الفجر الصادق، ومن أتى بها قبل ذلك لم تجزئه.. ومن المعلوم أن وقت الأذان الأخير هو طلوع الفجر الصادق وأن صلاة الصبح لا تصح قبل دخول وقتها الذي هو طلوع الفجر الصادق.
أما في حال ما إذا طلعت الشمس على من لم يصل الفجر وسنتها، فقد اختلف أهل العلم أيهما يقدم، والراجح تقديم ركعتي السنة على صلاة الفرض، أما من فاتته سنة الفجر فلم يصلها في وقتها، فيستحب له قضاؤها بعد الفريضة وله أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5060، ولبيان صيغة القنوت راجع في ذلك الفتوى رقم: 1628، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 76653، والفتوى رقم: 98449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(11/5110)
الوقت الأفضل في أداء صلاة الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير صلاة الظهر من باب الأفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن وقت الظهر ينتهي بدخول وقت العصر، وبالتالي فتأخير الظهر جائز إذا أديت قبل دخول وقت العصر، وإن كان الأفضل تعجيلها في أول الوقت، إلا في وقت شدة الحر أو وقت الغيم فالأفضل التأخير الذي لا يخرجها عن وقتها. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34086. والفتوى رقم: 55899.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(11/5111)
هل يصلي مع الناس إذا كانوا يؤخرون أذان الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[في الجزائر يؤذن الظهر على الساعة الواحدة وعشرين دقيقة طوال العام ولقد اكتشفت أن وقته الحقيقي وهو على الساعة الواحدة وهو متغير فما حكم تأخير ذلك وهل علي إثم إن صليته معهم ولم أصله في وقته وماذا أفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت الظهر فيه متسع والفرق الذي ذكرت غير كبير بالنسبة لوقت الظهر، والتأخير لذلك ليس تأخيرا عن أول الوقت، فإذا لم تجد جماعة يصلون في أول الوقت، فإن عليك أن تصلي مع الجماعة في الوقت الذي ذكرت. قال العلامة ابن مفلح رحمه الله في الفروع: ويقدم الجماعة مطلقا على أول الوقت. اهـ
أما إذا وجدت جماعة في أول الوقت ولو كانوا أقل فالأفضل الصلاة معهم لتحصيل الفضيلتين فضيلة الجماعة وفضيلة أول الوقت كما صرح به الفقهاء، وأنت بصلاتك مع الجماعة التي ذكرت تحصل على فضل الجماعة مع احتمال صلاتك قبل الوقت إذا لم تتيقن دخوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/5112)
محافظات البلد الواحد من حيث دخول أوقات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وقت الأذان يختلف من محافظة إلى محافظة أخرى ويجب على كل محافظة الالتزام بوقتها ولماذا ذلك، مع الرغم من أن معظم المساجد في أذان الفجر يؤذنون حسب توقيت القاهرة وهم ليسوا من القاهرة، وكيف تحديد وقت الأذان بالضبط ولو تأخر قليلا هل في ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأوقات الصلاة تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على تلك الأوقات، وبداية أوقات الصلوات الخمس تقدم بيانها في الفتوى رقم: 32380.
ومحافظات البلد الواحد إذا ثبت عدم اختلاف التوقيت بينها لقرب المسافة فلا مانع من اتحادها في أوقات الصلوات، وإذا كانت المسافة بينها متباعدة بحيث يترتب على ذلك اختلاف في بداية دخول الأوقات فيكون لكل محافظة وقتها الخاص بها، ولا تأخذ بتوقيت غيرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 77904.
ووقت أذان الفجر الدال على دخول وقتها يبدأ شرعاً من طلوع الفجر الصادق الذي ينتشر ضياؤه يميناً وشمالاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63988.
ويجوز تأخير الأذان عن دخول وقت الصلاة ما دام وقتها باقياً؛ كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 27701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/5113)
صلوا ثم سمعوا مناديا للصلاة فما حكمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كنا في عرس مع بعض جاراتي وعندما حل المغرب سمعنا مناديا من خارج القاعة بالميكرفون كأنه يقول: حان الآن موعد صلاة المغرب ,, فقمنا إلى الصلاة وعندما انتهينا من صلاة المغرب والسنة سمعنا مناديا آخر يقول حان الآن موعد صلاة المغرب ففوجئنا بذلك فطلبوا من بعض الأخوات إعادة الصلاة ولكننا لم نعدها فهل نعتبر بذلك آثمين؟؟ فإذا كان كذلك فما كفارة ذلك؟؟
وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدخول وقت صلاة المغرب يعرف بإحدى طريقتين:
أولهما: التحقق من غروب الشمس عن طريق المشاهدة والمعاينة.
ثانيهما: تقليد عدل عارف بدخول أوقات الصلاة.
وعليه، فإذا كان النداء الأول الذي سمعتموه صادرا من عدل عارف بالأوقات أو معتمدا على ثقة كمؤذن عارف بالأوقات أيضا فصلاتكن صحيحة ولا تشرع إعادتها. وإن تبين أن النداء الثاني هو الموافق لدخول الوقت لصدوره ممن يوثق به في دخول الأوقات وثبت كون النداء الأول قبل دخول الوقت فالصلاة باطلة تجب إعادتها. وراجعي الفتوى رقم: 18758، والفتوى رقم: 35952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1429(11/5114)
الصلاة قبل تحقق دخول الوقت في مذهب مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت العصر وبعد الانتهاء سمعت الأذان فهل صلاتى صحيحة أم وجب علي إعادتها (المذهب المالكي) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان السائل قد صلى قبل أن يتحقق من دخول الوقت لم تصح صلاته حتى ولو تبين أنه صلى في الوقت، فإن صلى بعد دخول الوقت متيقنا ذلك صحت صلاته، فإن وجد جماعة استحب له أن يعيد معها في الوقت لتحصيل فضل الجماعة، هذا في غير المغرب والعشاء. أما من صلى المغرب وحده أو صلى العشاء وحده وأوتر ثم وجد جماعة فلا تشرع له الإعادة في المذهب المالكي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت صليت قبل أن تتحقق من دخول وقت العصر لم تصح صلاتك لوقوعها قبل الوقت..ففي شرح الخرشي على مختصر خليل في الفقة المالكي عند قول خليل: وإن شك في دخول الوقت لم يجز ولو وقعت فيه. قال لما كان دخول الوقت شرطا في صحة الصلاة كوجوبها أشار المؤلف إلى أن الصلاة لا تجزئ من صلاها وهو شاك في دخول الوقت ولو تبين أنها وقعت فيه لتردد النية وعدم تيقن براءة الذمة مع حرمة ذلك قال ابن فرحون مراد الفقهاء بالشك حيث أطلقوه مطلق التردد. انتهى. فيشمل الظن والوهم على المذهب ولا بد من دخول الوقت بالتحقيق ولا يكفي غلبة الظن. انتهى بتصرف يسير.
وإن كنت صليت بعد دخول الوقت وأنت على يقين من ذلك، ثم أذن المؤذن بعد مضي بعض الوقت فسمعت أذانه صحت، ويستحب لك إعادتها في الجماعة مأموما إن كنت قد صليت وحدك. ففي مختصر خليل في الفقه المالكي وهو يذكر فضل الجماعة: وندب لمن لم يحصله كمصل بصبي لا امرأة أن يعيد مفوضا مأموما ولو مع واحد. انتهى
قال الخرشي في شرحه هنا: يعني أنه يستحب لمن لم يحصل فضل الجماعة بأن صلى منفردا في غير المساجد الثلاثة أو لم يدرك من صلاة الجماعة ركعة أو صلى معه صبي أن يطلب جماعة يعيد معها ما دام الوقت باقيا بخلاف من صلى معه امرأة فليس له الإعادة في جماعة لحصول فضلها له. وينوي بالمعادة فريضة ويفوض الأمر إلى الله في جعله أيهما شاء فرضه. انتهى.
علما بأن وقت العصر يبدأ من انتهاء وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وهذه الإعادة لا تستحب في صلاة المغرب ولا في العشاء بعد الوتر كما ذكر فقهاء المذهب المالكي. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 4538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/5115)
تحديد وقت السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الفجر يؤذن على الساعة الخامسة صباحاً، فمتى يبدأ وقت السحر "وقت الأفضلية"؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
وقت السحر هو قبيل الفجر أو يبدأ من الثلث الأخير من الليل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت السحر هو آخر الليل قبيل الفجر، وقيل يبدأ من الثلث الأخير من الليل، ويتعذر تحديد وقته بالدقائق فهو يختلف باختلاف البلاد والأزمنة.
وراجع الفتويين: 34779، 97091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/5116)
الصلاة بحضرة الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ نحن والحمد لله صلينا المغرب في المسجد وكان يوم اثنين وفي كل اثنين يوجد إفطار صائم في المسجد وبينما نحن نتناول الإفطار جاء أحد الإخوة لكي يصلي صلاة المغرب فرآنا نأكل فجلس معنا ليأكل فقال له أحد الإخوة هل صليت المغرب فقال لا فقال له قم فصل ثم تعال وكل وكان آنذاك باقي ساعة و10 دقائق على موعد صلاة العشاء فتوضأ الأخ وجاء وأكل، فسؤالي أيهما كان الأفضل أن يأكل أولاً ثم يصلي أم العكس؟ وجزاكم الله خيراً.. .. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم هنا ينظر فيه إلى حال الشخص المذكور فإن كانت نفسه تتوق للطعام ويحتاجه في الوقت الحالي بحيث لو قدم الصلاة تعلق قلبه بالطعام فإن الأفضل في حقه أن يبدأ بالطعام ثم يصلي، وإن كان لا يتوق إليه ولا يشغله التفكير فيه عن التركيز في الصلاة فإن البدء بالصلاة أفضل.
وكنا قد أوضحنا حكم هذه المسألة والتفصيل فيها في الفتوى رقم: 1925، والفتوى رقم: 29142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1429(11/5117)
وجود الظلام لا يتنافى مع طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ نحن في المغرب نؤذن اعتماداً على التقويم الفلكي وهو تقويم مطابق لما نجده في الشبكة العنكبوتية وهكذا نؤذن لصلاة الفجر في الساعة الخامسة ونصليها بعد 6 دقائق لكن نلاحظ أن السماء تكون مظلمة وأن الشمس لا تطلع في الوقت المحدد بالتقويم "أراقب من السطح وتوجد أمامي منازل مرتفعة حيث أشاهد اصفرارا شديداً قبل ظهور الشمس" وقد قرأت رسالة محمد تقي الدين الهلالي الحسيني المغربي عليه رحمة الله "الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكاذب" أكد فيها أن التوقيت المغربي خاطئ وأن الصلاة يجب أن تصلى عند الإشفاق فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت لنا فتاوى في بيان أوقات الصلوات الشرعية، انظر منها الفتوى رقم: 15043، والفتوى رقم: 13950.
ولتعلم أن أوقات الصلوات لا تحسب بتوقيت محدد من الساعات، وإنما تحسب في الأصل بما جعله الشارع علامة على وقتها، كما هو مبين في الفتويين المشار إليهما، وهذه التقاويم الموجودة بين المسلمين، وهي محددة بالساعات إنما هي تبع لتلك العلامات، فإذا تبين أن فيها خطأ في تحديد أوقات الصلوات لم يجز الاعتماد عليها ولا العمل بما فيها من الخطأ، فالمدار في صحة الصلاة على تحقق دخول الوقت، فمن تحققه صلى ومن لم يتحققه فلا تجوز صلاته ولا تجزئه، وما ذكره السائل من أن الصلاة التي يسأل عن صحتها وقعت في الظلام فنقول له: إن وجود الظلام لا يتنافى مع طلوع الفجر.
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فتشهد معه النساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس.
والغلس معناه الظلام، أو اختلاط ظلام الليل بضياء الصبح، فمعنى الحديث أن هؤلاء النسوة كن يصلين وريجعن إلى بيوتهن، والظلام ما زال موجوداً مانعاً من معرفتهن.
ولم نقف على كلام الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى في تخطئة التقويم المغربي، ولكن لو ثبت عند أهل العلم عندكم أن التقويم متقدم على دخول الفجر الصادق لم يجز العمل بذلك التقويم، وننصحكم بتحري وقت الفجر بالعين المجردة إن أمكن، أو تأخير أداء الصلاة عن وقت التقويم إلى أن تطمئنوا إلى أن الوقت دخل فعلاً، ولترفعوا الأمر إلى وزارة الأوقاف عندكم لتعيد النظر في التقويم من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(11/5118)
أداء الصلاة قبل دخول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغترب أدرس في اليمن وعندنا يوجد زيدية كثيرون، وهم يؤذنون للعشاء قبل أذان أهل السنة بحوالي ربع ساعة يعني بعد المغرب بثلاث أرباع الساعة تقريبا فهل يجوز أن أصلي معهم لأن مساجد الزيدية كثيرة هنا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الصلاة في هذه المساجد تقام قبل دخول وقت العشاء المعتبر شرعا عند أهل السنة فلا تجوز الصلاة مع هؤلاء لعدم جواز وإجزاء الصلاة قبل دخول وقتها، ومن فعل ذلك اعتبرت صلاته باطلة، وإن كانت الصلاة في هذه المساجد تؤخر حتى يدخل وقت العشاء فإن الصلاة لا تبطل بسبب تقديم الأذان عن الوقت، لكن ينبغي للأخ السائل أن يبحث عن جماعة تطمئن نفسه للصلاة معهم.
ولينظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3387، 47303، 7540.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(11/5119)
حكم تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يصلي الصلاة إلا في آخر وقتها أي لا يقوم لصلاة المغرب إلا قبل أذان العشاء بدقائق، مع العلم بأنه غير مشغول.... بل جالس خلف الكمبيوتر يطالع الأخبار فقط فما إثم هذا، حاولت مراراً وتكراراً أن أقول له إن الصلاة على وقتها ولكن دون جدوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري، ومن أخرها من غير عذر معتبر شرعاً فهو آثم تجب عليه التوبة إلى الله تعالى، والمحافظة على الصلاة في وقتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لغير عذر معتبر شرعاً كنوم أو نسيان أو غفلة أو جمع تأخير في الحالات التي يجوز فيها، ومن أخر الصلاة عن وقتها من غير عذر فقد أثم إثماً عظيماً، وتعرض للوعيد الذي توعد الله به الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها حيث يقول سبحانه وتعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، قال المفسرون: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها.
وعلى هذا فإن كان زوجك يؤخر المغرب حتى يخرج وقتها ويدخل وقت العشاء فإن عليه أن يتوب إلى الله تعالى من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها ويحافظ على صلاته في وقتها في الجماعة، فإن أفضل الأعمال أداء الصلاة لوقتها، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها. رواه البخاري ومسلم. أي الصلاة في أول وقتها والمبادرة بها.
وقد سبقت أجوبة مفصلة بخصوص التهاون بشأن الصلاة نحيلك على بعضها، وهي تحت الأرقام التالية: 1415، 1648.
ولبيان تحديد أوقات الصلاة بداية ونهاية يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 32380.
والذي ينبغي فعله تجاه هذا الرجل هو تقديم النصح له حسب الإمكان بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا ينبغي لزوجته أن تدخل معه في شجار يؤدي إلى تفكك الأسرة ونحو ذلك، ومن فعل ما في وسعه من نصح وإرشاد فقد أدى ما عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1428(11/5120)
وقت ركعتي الفجر يبدأ بعد تحقق طلوع الفجر الصادق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الوقت الذي تسبق فيه صلاة الفجر صلاة الصبح؟ ومتى نصلي الصبح وحده ولا نصلي الفجر حتى يحل وقت النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
وقت ركعتي الفجر يبدأ بعد تحقق طلوع الفجر الصادق ويستمر لغاية إقامة الصلاة ليس لها وقت محدد غير هذا، وقد ذكر بعض أهل العلم استحباب المبادرة إليهما بعد طلوع الفجر، ويقدم الفرض عليهما إذا ضاق الوقت أو أقيمت الصلاة قبل الإتيان بهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت ركعتي الفجر النافلة يبدأ من طلوع الفجر الصادق وهو وقت الأذان الثاني إلى إقامة الصلاة، وليس هناك وقت محدد لهما خلال هذا الوقت غير أن النووي ذكر استحباب المبادرة إلى الإتيان بهما مستدلا بما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما. ونص كلامه رحمه الله تعالى مشيرا إلى الحديث المذكور: فيه -يعني يؤخذ من الحديث- أن سنة الصبح لا يدخل وقتها إلا بطلوع الفجر، واستحباب تقديمها في أول طلوع الفجر وتخفيفها وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 80911، وإذا ضاق الوقت وخيف فواته فإن الفرض هنا يقدم على الإتيان بهما، وكذلك إذا أقيمت الصلاة قبل الإتيان بهما فإن المقدم هنا هو الدخول مع الإمام على الراجح كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6184، ولبيان وقت قضائهما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 95001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1428(11/5121)
من أخر الظهر إلى دخول وقت العصر دون عذر فهو آثم ويصليها قضاء عند الجمهور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الظهر والعصر يشتركان في الوقت بحيث إذا دخل وقت العصر وأنا لم أصل الظهر تؤدى صلاة الظهر دون أن أنوي أنها قضاء؟
أرجو التفصيل وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز تأخير صلاة الظهر عن وقتها الاختياري، ومن فعل ذلك من غير عذر أثم وكانت صلاته أداء عند المالكية ومن وافقهم، وقضاء عند جمهور العلماء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت الظهر المختار هو ما بين زوال الشمس من كبد السماء إلى جهة المغرب إلى أن يصير ظل كل شيء مثله من غير اعتبار ظل الزوال في الفترة التي يوجد فيها.
وعليه، فمن صلى الظهر في هذه الفترة فقد صلاها في وقتها باتفاق أهل العلم، ولا يجوز تأخيرها عن هذا الوقت لغير عذر معتبر شرعا كنوم أو نسيان أو غفلة، ومن فعل ذلك فقد أثم إثما عظيما تجب عليه التوبة إلى الله تعالى منه، وهل يمتد وقت الظهر حتى يشترك مع وقت العصر بحيث يكون من صلى الظهر في وقت العصر يعتبر مؤديا لها؟ ذهب المالكية ومن وافقهم إلى هذا القول، وذهب الجمهور إلى أن من فعل ذلك كانت قضاء، ولمعرفة كلام أهل العلم في هذه المسألة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 55899. والفتوى رقم: 10255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1428(11/5122)
حكم من استيقظ للصلاة ثم عاود النوم حتى خرج وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يدخل النائم عن صلاة الفجر وذلك بالاستيقاظ وإيقاف المنبه في من ذكرهم الرسول عليه السلام "رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم النائم حتى يستيقظ"مع تكرار هذا لعدة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان معنى السؤال هل إذا انتبه النائم وأوقف المنبه في وقت الصلاة، ثم واصل نومه حتى خرج الوقت هل ما زال معذورا بحكم النوم أم لا، فإن كان كذلك فالجواب أن الشخص الذي يحصل له هذا يعلم من نفسه هل انتبه من النوم حقيقة أم لا، ولا يحكم عليه الآخرون، وذلك لأن بعض الناس يتصرف أثناء النوم وكأنه غير نائم، فإن كان يعلم أنه لم ينتبه فهو داخل في معنى الحديث المذكور، وإن علم أنه انتبه لكنه رجع إلى النوم حتى خرج الوقت فإنه يأثم إن فعل ذلك في الوقت وعلم أو ظن أن النوم يستغرقه.
ففي المنثور في القواعد الفقهية للزركشي في المذهب الشافعي: وأما النوم بعد دخول الوقت فإنه يجوز إذا علم أنه ينتبه قبل خروجه. انتهى، وقال العدوي في حاشيته على الخرشي في الفقه المالكي: وأما النوم بعد دخول الوقت، فإن علم أو ظن أنه يبقى حتى يخرج الوقت فإنه لا يجوز انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(11/5123)
معنى الأثر: إن منا المخارج والمضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين في صحة هذا الأثر، وشيء من حال رجاله.. ومعنى بعض ألفاظه، فقد ورد في مصنف أبي شيبة 300/2 حديث 7251 تحقيق: الجمعة واللحيدان، ما نصه: حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال: جاء رجل فقال: إن منا المخارج والمضارب، فهل علينا حرج أن ننام قبل صلاة العشاء؟ قال: نعم وحرج وحرجان وثلاثة أحرج. فما هو صحة هذا الأثر؟ ومن هو سعيد بن يسار؟ وما معنى كلمة: إن منا المخارج والمضارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على كلام لأهل العلم حول الأثر المذكور هل هو صحيح أم ضعيف، لكن تشهد له بعض الآثار الواردة في الفتوى رقم: 98058.
والمخارج بصيغة اسم الفاعل هو الذي يقوم بعقد المخارجة وهي أن يتفق الشخص مع مملوكه على دفع مال معين في مدة محددة، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجبر المملوك على المخارجة، ومعناه أن يضرب عليه خراجاً معلوماً يؤديه، وما فضل للعبد، لأن ذلك عقد بينهما، فلا يجبر عليه كالكتابة، وإن طلب العبد ذلك، وأباه السيد، لم يجبر عليه أيضاً، لما ذكرنا. انتهى.
والمضارب أيضاً هو الذي يقوم بعقد المضاربة وهي دفع مال لمن يتاجر فيه مع نسبة معينة من الربح، وراجع الفتوى رقم: 5314.
وسعيد بن يسار هو أحد علماء التابعين قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: أبو الحباب سعيد بن يسار المدني مولى أم المؤمنين ميمونة وقيل بل مولى الحسن بن علي. حدث عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني وابن عباس وعبد الله بن عمر.. إلى أن قال: وكان من العلماء الأثبات توفي سنة ست عشرة ومائة، وقيل توفي سنة سبع عشرة ومائة بالمدينة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(11/5124)
لا يصح الاعتماد الكلي على التقويم خاصة إذا خالف العلامات التي جعلها الشرع لتحديد أوقات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الصلاة، هنا في فرنسا صلاة العشاء حوالي منتصف الليل (دقائق) لذلك أصليها قبل صلاة الفجر، ولكن المشكلة أنه لي برنامج محمل عندي في الكمبيوتر فيه توقيت الصلاة الذي يختلف عن توقيتكم فأنا أصلي العشاء على الساعة الثالثة ليلا ثم أقرأ القران قليلا وبعدها أي على الساعة الثالثة وأربعين دقيقة أصلي الفجر، ولكن عندما طلبت توقيت الصلاة على موقعكم وجدت أن الفجر يأتي على الساعة الثانية واثنتين وأربعين دقيقة، فهل يعني أن صلاتي للعشاء باطلة أرشدوني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل على الراجح من أقوال أهل العلم، وما بين منتصف الليل وطلوع الفجر وقت ضرورة، وعليه فلا مانع من تأخير صلاته إلى نصف الليل، وأما تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل فإنه لا يجوز إلا لضرورة، فعن أنس رضي الله عنه قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل. رواه البخاري. وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وقت العشاء إلى نصف الليل.
والوقت الذي يحدده التقويم لابتداء وقت الصلاة لا يصح الاعتماد عليه، وإنما يستفاد منه التقريب ثم يتحرى المصلي بعد ذلك هل دخل الوقت أم لا، وبما أنك لا تقدرين على ذلك فنحن نوصيك بالرجوع إلى الموثوق بهم من أهل العلم في المراكز الإسلامية الموجودة في بلدك وسؤالهم عن أوقات الصلاة فإنهم سيعينونك على ذلك إن شاء الله.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 50769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1428(11/5125)
من صلى قبل دخول الوقت فصلاته باطلة وعليه إعادتها بعد دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في مدينة شمالي أوروبا والليل قصير عندنا في الصيف. منذ قدومي وأنا أعتمد جدول مواقيت الصلاة الذي وُزّع علينا في المسجد لكن هذا العام اكتشفت مصادفة أن المسجد اعتمد جدولاً آخر. ما يهم في الأمر أن موعد صلاة الفجر في التوقيت الجديد هو 2:43 بينما 1:33 بعد منتصف الليل في التوقيت الذي لدي، ولا يوجد فرق كبير في أوقات باقي الصلوات. ولدى علمي بالأمر ذهلت حقاً لأني أصلي الفجر في بداية وقته أي أني أصلي قبل موعد الصلاة بناء على الجدول الجديد المعتمد، فاتصلت بصديق لي يصلي في مسجد آخر لأتبين الأمر فأخبرني أنهم لا يزالون يصلون الفجر الساعة 1:45 كما في السابق وأن لا حاجة أن أعيد صلاتي، لكني لم أكتف بذلك وحاولت أن أتبين الهالة البيضاء في السماء والتي تظهر عند الفجر فلم أر فرقاً في بياض الليل إن في أوله أو آخره.
سؤالي هو: أي التوقيتين أتبع لدى أداء صلاة الفجر علماً بأني أستيقظ طول الليل لأدرك الفجر فإن نمت أضعت المغرب أو العشاء أو الفجر أو كلها لذا أنام بعد الفجر وسأجد مشقة كبيرة لأداء الفجر الساعة 3:00 بناء على التوقيت الجديد. أيضاً هل أنا آثم لتركي صلاة الجماعة مع أني لا أجد من أصلي معه وأقرب مسجد يبعد عني 4,35 كم وأقضي حوالي الساعتين ذهاباً وإياباً إذا أديت صلاة واحدة في المسجد ولا سبيل للانتقال قرب المسجد لأني أكون في الجامعة معظم الوقت والجامعة تبعد نفس المسافة عن المسجد، علماً بأني أصلي الجمعة في المسجد.
بارك الله فيكم وجعل هذا في ميزان حسناتكم وجزاكم الله خير الثواب وثقل موازينكم يوم القيامة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول للأخ السائل أن عليه أن يعتمد على التقويم الذي يوافق العلامات التي نصبها الشرع لمعرفة دخول أوقات الصلاة فإن الله سبحانه وتعالى قد حدد لكل صلاة وقتاً تؤدى فيه، لا تقدم عليه ولا تؤخر عنه من غير عذر شرعي، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم وقت كل صلاة ابتداء وانتهاء، فمن صلى صلاة قبل دخول وقتها لم تجزئه وعليه إعادتها بعد دخول الوقت. إلا في الأحوال التي يجوز فيها تقديم العصر ليجمع مع الظهر أو تقديم العشاء ليجمع مع المغرب، ويحصل العلم أو غلب الظن بدخول الوقت بمعرفة الشخص نفسه علامات دخول وقت الصلاة وتأكده من دخولها أو بإخبار الثقة العدل من المسلمين بدخول الوقت، ثم إن وقت الصبح يبدأ بطلوع الفجر الصادق وهو البياض الذي ينتشر من جهة المشرق ويمتد يمينا وشمالا ويستمر وقتها لطلوع الشمس، فمن صلاها قبل طلوعه لم تصح صلاته سواء كان معتمدا على تقويم أم لا، ومن صلاها بعد طلوع الشمس متعمدا تأخيرها أثم وتصير صلاته قضاء، ومن صلاها بين ذلك كانت صلاته أداء، وإذا لم يكن أحد التقويمين يوافق ما نصبه الشرع لدخول الوقت فلا يجوز الاعتماد عليهما،فإن تبين أنه كان يعتمد على تقويم يخالف تحديد أوقات الصلاة المعتبرة شرعا بحيث يصلي قبل دخول الوقت فإن عليه أن يعيد صلاة الفجر طيلة الفترة التي مرت عليه وهو يصليها قبل وقتها، ونحن نوصي للأخ السائل بأن يتوجه بالسؤال إلى أهل العلم الموجودين في بلده عن وقت الصلاة فإنهم سيعينوه على ذلك، إذ نحن لا نستطيع أن نحكم أي الوقتين المذكورين هو وقت الصلاة، ولبيان كيفية قضاء فائتة الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107، ومن جهة أخرى فإذا كان المسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس بعيدا عنك ويشق عليك الذهاب إليه في كل الأوقات فحاول أن تبحث عمن تصلي معه جماعة في بيتك أو غيره ولا تأثم بعدم الذهاب إلى المسجد لبعده وحصول المشقة مع أن الصلاة فيه أفضل وأكثر أجرا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44649، 75413، 4538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(11/5126)
درجة أثر ابن عمر في النهي عن النوم قبل صلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين في صحة هذا الأثر ...
جاء ما نصه في مصنف أبي شيبة 301/2 بتحقيق: الجمعة واللحيدان:
حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي الهيثم المرادي عن ابن عمر أن رجلا سأله عن ذلك؟ فقال: «صل، ثم نم» ثم قال له ذلك ثلاثاً، فقال في الثالثة: «صل، ثم نم؛ فلا نامت عيناك» .
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأثر الذي ذكرته فيه أن رجلا سأل عبد الله بن عمر عن النوم قبل صلاة العشاء، فأمره عبد الله بالنوم بعد الصلاة، ولعل قوله فلا نامت عيناك يعنى إذا نمت قبل صلاة العشاء، ولم نطلع على كلام لأحد من أهل العلم على هذا الأثر تصحيحا أو تضعيفا، لكن هذا الإسناد فيه عنعنة الأعمش والانقطاع بين أبي الهيثم وابن عمر، ويشهد لهذا الأثر ما رواه الإمام مالك في الموطأ: عن نافع مولى عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ثم كتب أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله، والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة قبل غروب الشمس، والمغرب إذا غربت الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل، فمن نام فلا نامت عينه، فمن نام فلا نامت عينه، فمن نام فلا نامت عينه، والصبح والنجوم بادية مشتبكة.
قال الباجى في المنتقى: وقوله فمن نام فلا نامت عينه يريد من نام قبل صلاة العشاء لأن النوم قبلها ممنوع منه لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. انتهى
وفي شرح معنى الآثار للطحاوي: عن نافع، عن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب: إن وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل، ولا تؤخروه إلى ذلك، إلا من شغل، ولا تناموا قبلها، فمن نام قبلها، فلا نامت عيناه. قالها ثلاثا. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(11/5127)
الأصل في معرفة مواقيت العبادات العلامات الشرعية لا التقاويم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بلغنا عصر التطور والتحري وأصبح العلماء والحمد لله قادرين على تحديد كيفية الكثير من أمور الدين بيسر وسهولة، فمثلا حدد بعض العلماء وقت صلاة الضحى من الـ 6،45 وحتى الـ 12 أي ما يقارب الـ 6 ساعات، فهل تتفضلوا بتقدير أوقات الصلاة المفروضة صيفاً وشتاءً حيث حدد بالتقويم حسب مكة المكرمة وقت صلاة الفجر4،11 وعليه نرجو التكرم بتحديد ساعة الانتهاء من خروج وقتها وهكذا لبقية الصلوات بحيث نتمكن من معرفة وقت الخروج بالوقت المحدد شرعاً أي بعدد الساعات، أرجو أن يكون طلبي واضحاً فنحن معشر النساء لا نذهب للمسجد وأحياناً تؤخرنا متطلبات الحياة عن أداء الصلاة في وقتها الحاضر لذلك نرغب في معرفة خروج الوقت لمعرفة نوعية النية للصلاة إن كانت أداء أو قضاء، وهل يجب نوع النية قبل الصلاة لتأديتها.. كأن أنويها بالقلب بهذا اللفظ (نويت أن أصلي صلاة المغرب حاضر) وإن أخرتهاعن وقتها لأي ظرف أتلفظ بقلبي (نويت أن أصلي العصر قضاء) ، فهل هذا هو المفروض بالنية، من هذا المنطلق نحتاج لمعرفة المقدار الزمني بالساعات لأوقات الصلوات المفروضة وغيرها من النوافل؟ جزاكم الله خيرا..ً فأرجو إن يكون طلبي واضحاً جلياً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لمواقيت الصلاة وتحديدها بالساعات ابتداءً فبإمكان الأخت السائلة الرجوع إلى التقويم الذي تصدره الدولة التي هي فيها، فإذا كانت السائلة في السعودية كما يظهر من بيانات السؤال فلترجع إلى مواقيت الصلاة التي تصدرها وزارة الأوقاف أو دار الإفتاء، ولكننا ننبه إلى أن الأصل في تحديد أوقات الصلاة ابتداءً وانتهاء هو العلامات التي حددها الشارع لذلك، وأما هذه التقاويم فلا ينبغي الاعتماد عليها كلياً وجعلها هي الأصل، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة فقد جاء في الفتوى رقم (4100) من فتاوى اللجنة الدائمة: التقويم من الأمور الاجتهادية، فالذين يضعونه بشر يخطئون ويصيبون، ولا ينبغي أن تناط به أوقات الصلاة والصيام من جهة الابتداء أو الانتهاء، لأن ابتداء هذه الأوقات وانتهاءها جاء في القرآن والسنة فينبغي الاعتماد على ما دلت عليه الأدلة الشرعية، ولكن هذه التقاويم الفلكية قد يستفيد منها المؤذنون في أوقات الصلوات على سبيل التقريب. انتهى.
إذا تبين ذلك فإنه لا يمكن لنا إعطاء الأخت السائلة وقتاً محدداً بالساعات لانتهاء وقت الصلوات، وانظري الفتوى رقم: 4538 في بيان مواقيت الصلاة التي حددها الشارع ابتداء وانتهاء، وتقدير ذلك بالساعات ابتداء وانتهاء يختلف من بلد إلى بلد ومن فصل إلى فصل.
وأما عن النية فالواجب على المصلي أن ينوي عين الصلاة ظهراً أو عصراً، ولا يجب عليه أن ينوي القضاء أو الأداء أو الإعادة على الراجح، قال صاحب الروض: فيجب أن ينوي عين صلاة معينة فرضاً كانت كالظهر ... أو نفلاً كالوتر.. ولا يشترط في الفرض أن ينويه فرضاً.. ولا في الأداء ولا في القضاء نيتها لأن التعيين يغني عن ذلك.. ولا يشترط في النفل والإعادة نيتهن. انتهى مختصراً.
وننبه الأخت السائلة إلى أنه يحرم تأخير الصلاة عن وقتها المحدد لها شرعاً من غير عذر شرعي فالاشتغال بشؤون البيت ونحوه من متطلبات الحياة ليس عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(11/5128)
نهاية وقت المغرب الضروري الخاص بأصحاب الأعذار
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفتيتوني بالفتوى رقم 96833 عن صلاة العشاء وأنا أيضا أعدت معها صلاة المغرب لشكي بخروج وقتها بناء على أنكم قلتم أن حسابي لنصف الوقت بين المغرب والعشاء ليكون دليلا على انتهاء وقت صلاة المغرب خاطئ.. فهل فعلي صحيح ولا شيء في إعادتي لصلاة المغرب الرجاء الرد عاجلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد أديت صلاة المغرب بعد التحقق من غروب الشمس فهي صحيحة ولا تشرع لك إعادتها، لأن إعادة الصلاة بدون سبب شرعي لا تجوز، ولا حرج عليك إذا كانت الإعادة سهواً أو جهلاً، ووقت المغرب مستمر عند بعض أهل العلم إلى مغيب الشفق الأحمر أي إلى دخول وقت العشاء، ووقتها الضروري الخاص بأصحاب الأعذار ينتهي بطلوع الفجر، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 12092، والفتوى رقم: 79882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1428(11/5129)
وقت خروج صلاة الظهر والعصر والمغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أحسب موعد خروج وقت صلاة الظهر والعصر والمغرب لكي أصليها في آخر وقتها مع الصلاة التي تليها لأني أعاني من مرض السلس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى مواقيت الصلاة ابتداءً وانتهاءً، وذكرنا أن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله من غير ظل الزوال، وعندها يبدأ وقت العصر وينتهي إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه من غير ظل الزوال، ويمتد وقتها إلى غروب الشمس عند الضرورة، ووقت المغرب من مغيب قرص الشمس إلى غياب الشفق الأحمر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 29445، والفتوى رقم: 46843، والفتاوى المرتبطة بها.
وأخيراً نحيلك للمزيد من الفائدة إلى الفتوى رقم: 24945، حول حكم الجمع بين الصلاتين لمن به سلس البول، وكذا الفتوى رقم: 25280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/5130)
كيف تعرف أوقات الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[تبعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر" فأنا أعتمد على والدتي لتوقظني للصلاة ومثلا لو أن أذان العصر يكون في الساعة الثالثة وعشر دقائق فإن أمي قد لا توقظني إلا الساعة الرابعة وبعض الأحيان يغلبني النوم إلى الساعة الخامسة ولكن أذان المغرب لم يحن فالمغرب يؤذن في السادسة وواحد وثلاثين دقيقه أي أن الشمس لم تغب فهل أعتبر صليت صلاة العصر في وقتها فأنا خائفة من هذا الأمر، وهل بإمكانكم أن تحددوا لي الساعة والوقت بالضبط لشروق وغروب الشمس بما أن الوقت في السعودية ثابت فمثلا الفارق بين المغرب والعشاء ساعة ونصف فمتى يكون انتهى وقت المغرب (أي وقت مغيب الشفق) هل بعد45دقيقه وأيضا الشروق متى أستطيع أن أعرف أن الشمس أشرقت بعد كم من الوقت وكذلك الظهر أعلم أن وقتها إلى أن يكون ظل الشيء نفسه ولكن متى يكون هل بعد ساعة من الأذان مهما تقدم أو تأخر وقت الأذان , فأنا أظن أن مسألة الوقت هذه ثابتة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أوصيت والدتك لكي توقظك للصلاة ولم تقم بذلك فأنت معذورة، وبالتالي فإذا استيقظت في الوقت الضروري لصلاة العصر فأديها ولا إثم عليك في التأخير، وراجعي الفتوى رقم: 42111.
والوقت المختار والضروري للعصر سبق بيانهما في الفتوى رقم: 46409، والفتوى رقم: 78607.
وأوقات الصلاة لا تعرف معرفة ثابتة إلا بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على تلك الأوقات، فلهذا يتعذر علينا تحديد وقت الشروق أو الغروب بالدقائق نظراً لاختلاف الأزمنة في ذلك إضافة إلى اختلاف البلاد.
وشروق الشمس يعرف بظهور حاجب الشمس، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 58369.
ونهاية الوقت المختار لصلاة المغرب فيه خلاف بين أهل العلم هل هو قدر ما تؤدى فيه بعد تحصيل شروطها أم مستمر إلى مغيب الشفق؟ كما تقدم في الفتوى رقم: 12092. والمعتبر هو مغيب الشفق عند من يقول به، وليس ذلك محدودا بخمس وأربعين دقيقة.
وبداية الوقت المختار للظهر من زوال الشمس من وسط السماء وانتقال الظل باتجاه الشرق إلى أن يصير ظل كل شيء مثله كما سبق في الفتوى رقم: 32380، وليس من الأذان لأنه قد يتقدم خطأ أو جهلا وقد يتأخر، فإذا حصل يقين بدخول وقتها كفى ذلك ولا يشترط سماع الأذان حينئذ.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(11/5131)
وقت العشاء الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[- نحن نقيم بفيينا-النمسا يوجد وقتين لصلاة العشاء الأول هو ما يصدر عن المركز الإسلامي 22.29 والآخر وهو ما يصدر عن المساجد التركية وذلك بإضافة ساعة ونصف الساعة بعد أذان المغرب وهو 22.10 هل يجوز لي الصلاة في المسجد التركي القريب من منزلي. أفيدونا أفادكم الله الخميس الموافق 17.05.2007 وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت العشاء المعتبر شرعا يبدأ من مغيب الشفق الأحمر كما بيناه في الفتوى رقم: 18219، والفتوى رقم: 3196، فما كان من الوقتين الوقت الذي يصدره المركز الإسلامي والآخر الذي تصدره المساجد التركية موافقا لمغيب الشفق فإنه هو المعتبر شرعا لوقت العشاء، وما كان منها قبل دخول الوقت الشرعي لم يجز الاعتماد عليه ولا الصلاة بناء على وقته؛ لأنها حينئذ تكون صلاة قبل دخول وقتها وهي باطلة لافتقارها لشرط من شروط الصلاة وهو دخول الوقت.
وإذا لم يعلم الأخ السائل أي الوقتين موافقا للوقت الشرعي فليتحر بنفسه وقت مغيب الشفق، فإن لم يمكنه ذلك فليعمل بالوقت المتأخر منها احتياطا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(11/5132)
دخول الوقت من شروط صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نقيم بفيينا- النمسا يوجد وقتين لصلاة العشاء الأول هو ما يصدر عن المركز الإسلامى 22.29 والآخر وهو ما يصدر عن المساجد التركية وذلك بإضافة ساعة ونصف الساعة بعد أذان المغرب وهو 22.10 فهل تجوز لي الصلاة في المسجد التركي القريب من منزلي، أفيدونا أفادكم الله؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأوقات الصلوات الخمس لا تعرف إلا بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع علامة على دخول أوقات تلك الصلوات، وبناء عليه فبداية وقت صلاة العشاء تكون بمغيب الشفق الأحمر، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 64203.
وبالتالي فإذا كانت جماعة المسجد القريب من منزلك تصلي العشاء بعد دخول وقتها وهو مغيب الشفق فصلِّ معهم، وإن كانوا يعجلونها قبل وقتها فلا تجزئ صلاتك معهم لأن دخول الوقت من شروط صحة الصلاة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1742، والوقت الموجود بين المغرب والعشاء يختلف قدره حسب فصول السنة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 9020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/5133)
مذاهب العلماء في النوم قبل العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين.... أشار الأئمة الشافعية على أن كراهة النوم قبل العشاء كما في الحديث: كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، تعم سائر الصلوات وأن ذلك بعد دخول الوقت وليس قبله، وأن النوم جائزٌ قبل دخول وقت الصلاة بلا حرمة ولا كراهة وإن تيقن عدم تيقظه فيه، ذلك لأنه لم يخاطب بها، كذا الجمعة، وخالفهم في ذلك غيرهم كما لا يخفى عليكم ... ف أرجو تحقيق الحق في المسألة بما يزيل اللبس ويظهر الحق والصواب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلأئمة الشافعية رحمهم الله تعالى قولان في المقصود بكراهة النوم قبل العشاء:
الأول: وهو المشهور أنه يكره بعد دخول الوقت ما لم يغلبه النوم فلا كراهة، وإن ظن استغراق النوم لكل الوقت فيحرم عليه ما لم يغلب على أمره فينام بلا إرادة.
الثاني: أنه يكره من بعد صلاة المغرب ولو قبل دخول وقت العشاء موافقة للجمهور لقصر هذا الوقت، والأصح عندهم هو القول الأول وهو أنه لا يكره، قال الإمام الرملي رحمه الله في نهاية المحتاج: ويكره النوم قبلها أي صلاة العشاء لما فيه من خوف استمراره إلى خروج الوقت، ولأنه عليه الصلاة والسلام كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، ولهذا قال ابن الصلاح: إن هذه الكراهة تعم سائر الصلوات، وسياق كلامهم يشعر بتصوير المسألة بما بعد دخول الوقت، قال الإسنوي: وينبغي أن يكره أيضاً قبله وإن كان بعد فعل المغرب للمعنى السابق.... ومحل كراهة النوم قبلها إذا ظن تيقظه في الوقت وإلا حرم، كما قاله ابن الصلاح وغيره، فإن نام قبل دخول الوقت لم يحرم، وإن غلب على ظنه عدم تيقظه فيه لأنه لم يخاطب بها، ولو غلب عليه النوم بعد دخول الوقت وعزمه على الفعل وأزال تمييزه فلا حرمة فيه مطلقاً ولا كراهة.
وصرح المالكية والحنابلة بأنه يكره النوم ما بين المغرب والعشاء ولو وكل من يوقظه، وأما الحنفية فنفوا الكراهة عند توكيل من يوقظه، وتبقى هذه المسألة كغيرها من المسائل الخلافية بين أهل العلم ولا يفصل فيها عالم ولا عالمان ولا أكثر من ذلك لأن الخلاف فيها قد حصل واستقر ولا يمكن رفعه، وقول بعض العلماء ليس حجة على البقية ولا رافعاً لخلافهم السابق.
ونحن نميل إلى القول بكراهة النوم قبل العشاء مطلقاً؛ لظاهر الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. متفق عليه.
وأما النوم قبل وقت الصلاة في غير العشاء فالمذاهب الأربعة متفقة على عدم كراهته، ومن نام قبل الصلاة فعليه أن يعزم القيام للصلاة ويتخذ الوسائل التي توقظه ولا يهمل ذلك، وقد بينا هذا بدليله في الفتوى رقم: 42114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/5134)
حكم أمر الزوج زوجته الخروج معه ضمن وقت الصلاة المختار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يأمر زوجته بالخروج وقت الصلاة مما قد يؤخر صلاتها دون خروج وقت الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان خروج المرأة المذكورة لا يترتب عليه تأخير الصلاة عن وقتها المختار، فلا حرج على زوجها في الأمر بذلك إن كان خروجها مباحاً، وإن ترتب على الخروج تأخيرها إلى وقتها الضروري فلا يجوز له ذلك، ولا يجوز لها الاستجابة لأمره إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إلا إذا كان عدم خروجها تترتب عليه مفسدة معتبرة شرعاً كفوات أمر تشتد الحاجة إليه وتتضرر بفقده، فتكون حينئذ معذورة، والمعذور شرعاً يباح له تأخير الصلاة إلى الوقت الضروري، كما في الفتوى رقم: 46484.
والوقت المختار للصلوات الخمس تقدم بيانه في الفتوى رقم: 32380، وخروج المرأة من بيتها جائز بضوابط سبق ذكرها في الفتوى رقم: 25737، والفتوى رقم: 7996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(11/5135)
هل تترك دار القرآن لكونهن لا يصلين الظهر في أول وقته
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله من الله علي بتعلم تجويد القرآن ولكن عندما يؤذن الظهر لا نقوم للصلاة فوراً ولكن ننتظر تقريباً ساعة أو ساعة إلا ربعا حتى تنتهي المحاضرة ونصلي جماعة فهل بذلك ندخل في قول الله تعالى "الذين هم عن صلاتهم ساهون " فأنا أشعر بالإثم وطلبت أكثر من مرة منهم تغيير النظام والصلاة على وقتها. فهل أترك الدار، هن سيدات أحسبهم فاضلات ولكن هذا هو الشيء الوحيد الذي لا يعجبني في الدار، وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في صلاة الظهر وغيرها أن تؤدى في أول وقتها، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال؟ فقال: الصلاة لوقتها.... رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنهما.
وأخرج الترمذي وأحمد واللفظ له عن أم فروة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال الصلاة لأول وقتها.
والتأخير بقدر الطهارة وصلاة السنة والانتظار اليسير لتجمع المصلين لا يخرج الصلاة عن أول وقتها، وأما الوقت المذكور فهو طويل، والذي ننصح به الأخوات أن يصلين في أول الوقت ثم يواصلن تعلم القرآن.
ولا يعد تأخيرهن ممنوعا بحيث تشملهن الآية الكريمة وهي قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} لأن المراد بها الذين يؤخرونها حتى يخرج وقتها. قال ابن عباس وغيره من السلف في معنى ساهون: يؤخرونها عن وقتها.
ولقوله سبحانه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} قال ابن مسعود وغيره: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها.
وغاية ما يحصل من هؤلاء النسوة أنهن يفوتن على أنفسهن فضيلة، ويمكنك نصحهن فإن اقتنعن وإلا فلا تتركي الدار وتعلم القرآن وتعليمه لمجرد ذلك، ويمكنك أن تصلي أول الوقت لوحدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/5136)
الاعتماد على التقاويم في معرفة مواقيت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إننا باليمن طلبة، وكنا نصلي مع الناس العشاء بعد غروب الشمس بخمس وخمسين دقيقة تقريباً إلى أن جاءنا أحدالمشايخ فأخبرنا بأن هذا خطأ قديم في التقاويم عندنا وأن أقل ما يمكن أن يعتبر دخولا للوقت، ساعة وثمان دقائق لكنه لم يجزم به، فأصبح الناس يصلون هكذا.. ونحن في ريبة من ذلك فقد يكون أكثر من هذا الزمن، فهل لنا أن نصلي جماعة في البيت بعد ساعة ونصف تحققاً من دخول الوقت؟ مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في معرفة دخول وقت الصلاة سواء كانت العشاء أو غيرها هو ظهور العلامات التي نصبها الشرع والتي دل عليها الحديث المتفق عليه عن بريدة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال له: صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم. رواه البخاري ومسلم.
ففي اليوم الأول صلى الصلوات في أول الوقت، وفي اليوم الثاني أخرها إلى ما قبل خروج الوقت ثم صلاها قبل أن يخرج وقتها، وأخبر أن الصلاة بين هذين الوقتين، ووجدنا أهل العلم عند بيانهم لأوقات الصلاة وشرحهم للأحاديث الواردة في ذلك يعتمدون على هذه العلامات الحسية، وأما الحساب فلم نقف على من عده من طرق العلم بدخول وقت الصلاة من الأئمة المتقدمين وليس معنى ذلك أن الحساب لا قيمة له في أمور أخرى، فقد قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ {يونس:5} ، وقال تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ {الرحمن:5} ، وقال تعالى: فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ {الأنعام:96} ، وقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ {البقرة:189} ، فالحساب يعمل به في أمور أخرى غير وقت الصلاة.
والذي يتتبع أقوال أهل العلم في تقرير أوقات الصلاة يجدهم يعتمدون على العلامات التي نصبها الشرع ولا يذكرون الحساب بل بعضهم صرح بعدم اعتماده، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله في فتح الوهاب: والزوال ميل الشمس عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب في الظاهر لنا لا في نفس الأمر وذلك بزيادة ظل الشيء على ظله حالة الاستواء أو بحدوثه إن لم يبق عنده ظل.
ونقل الشيخ البجيرمي عن الإمام الشوبري في شرحه عليه قوله: فلو أوقع إحرامه قبل ظهوره لم تنعقد وإن تقدم علمه بذلك بنحو حساب ولا يشكل على دخول رمضان إذا اعتمد فيه على الحساب. وأجيب بأن الصوم احتياطا له فوجب بذلك ومقتضى الاحتياط هنا عدم الانعقاد وبأنهم هنا جعلوا دخول الوقت بالظهور فإذا لم يظهر فلا دخول وإن علم به بغير ظهور.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: ولو أخبر مخبر بوقت الصلاة وهو مجهول لم يقبل خبره، ولكن إذا تواطأ خبر أهل الحساب على ذلك فلا يكادون يخطئون، ومع هذا فلا يترتب على خبرهم علم شرعي، فإن صلاة الكسوف والخسوف لا تصلى إلا إذا شاهدنا ذلك، وإذا جوز الإنسان صدق المخبر بذلك أو غلب على ظنه، فنوى أن يصلي الكسوف والخسوف عند ذلك، واستعد ذلك الوقت لرؤية ذلك، كان هذا حثاً من باب المسارعة إلى طاعة الله تعالى وعبادته.
وعليه فالأصل أن على الناس أن يراعوا العلامات التي نصبها الشرع لوقت الصلاة ولو توافق ذلك مع تلك التقاويم فحسن. ولو قدر أنهم يعملون بالتقاويم دون اعتماد على العلامات الشرعية فعليهم أن يصححوا ذلك، والذي ينظر في الواقع يرى إقرار كثير من أهل العلم المعاصرين للتقاويم حتى استفاض اعتمادها والعمل بها بناء على تلك العلامات عبر علم الحساب، ومع هذا فالذي ينبغي هو أن يقتصر ذلك على المدن الكبيرة التي يتعذر فيها معرفة العلامات الشرعية بسبب الأضواء ونحوها مع وصيتنا لهم بالتحري والاحتياط قدر الإمكان، وعلى كل حال فقد كان الأليق بالشيخ المذكور أن لا يتكلم بما نسب إليه إلا بعد التأكد من صحته لأنه يدخل الحرج والمشقة على كثير من المسلمين بلا برهان ولا بينة.
وأما قولك: هل لنا أن نصلي جماعة في البيت بعد ساعة ونصف تحققاً من دخول الوقت؟ فالجواب: أنه لا ينبغي لكم فعل ذلك وتفويت الجماعة في المسجد لمجرد هذا الاحتمال الذي لا دليل عليه، ولو فعلتم ذلك وعلم بكم الآخرون لربما فعلوا مثلكم فتعطلت جماعة المسجد أو أساؤوا بكم الظن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1428(11/5137)
حكم صلاة العصر قبل المغرب بقليل
[السُّؤَالُ]
ـ[بدأت صلاة العصر قبل أذان المغرب بدقائق ومباشرة عند الأذان للمغرب دخل معي أخ في الصلاة فهل صلاتنا جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة صحيحة ويبقى النظر في كونها أداء أم قضاء، فإذا كنت أدركت منها ركعة أي صليت ركعة قبل أذان المغرب فهي أداء، وإذا أذن المغرب قبل أن تصلي منها ركعة فهي قضاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر. متفق عليه.
وينبغي أن يعلم أنه لا يجوز تأخير الصلاة إلى خروج وقتها من غير عذر شرعي، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى وقت الضرورة من غير عذر شرعي، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان أو على قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا. رواه مالك وأحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/5138)
حول علامات ومواقيت الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: من فضلك تجيب لنا على هذا السؤال من غير أن تحوله لفتوى أخرى، عندنا هنا في القاهرة مباني مرتفعة وبعض الجبال يصعب معها معرفة الوقت الشرعي لنهاية وقت المغرب وبداية وقت العشاء أي أنه يصعب معرفة وقت مغيب الشفق الأحمر فنعتمد على الحسابات الفلكية الرسمية. عندنا هنا فى الحسابات الفلكية أن العشاء حوالي ساعة ونصف من المغرب في الصيف وحوالي ساعة وثلث في الشتاء. أذهب للمسجد لصلاة المغرب قرب آخر وقت المغرب ثم أنتظر قليلا حتى أذان العشاء وأصلي العشاء جماعة. لكن بعض الناس قال لي إن وقت المغرب لا يستمر أبدا ساعة ونصفا، إنما الوقت أقل من ذلك بكثير. ووجدت بعض الناس يصلون العشاء قبل ذلك الوقت. رجعت للبحث على مواقع مواعيد الصلاة فوجدت في www.islamicfinder.org عند اختيار الدولة مصر مثلا نجد أنه يوجد أكثر من اختيار يعتمد على طريقة الحساب. بالنسبة لبداية وقت صلاة العشاء متغير حسب طريقة الحساب فمثلا: August 2006كلهم حسب الفقه الشافعى ومالك وأحمد: Cairo وقت العشاء 9:12 (الهيئة العامة المصرية للمساحة) وقت العشاء 8:32 طريقة الحساب المستخدمة: زاوية الشفق Fajr = 10 degrees & Isha = 10 degrees وقت العشاء 8:16 طريقة الحساب المستخدمة Fajr = 10 degrees & Isha = 30 minutes ISNA وقت العشاء 8.58 (الاتحاد الإسلامي بأمريكا الشمالية) المشكلة أن وقت العشاء المحسوب بطريقة الهيئة العامة المصرية للمساحة حسب الفقه الشافعي ومالك وأحمد وأبو حنيفة واحد. لكن كما تعلم أن مذهب أبي حنيفة في وقت دخول العشاء ليس مثل المذاهب الثلاثة الأخرى معنى ذلك أنه يوجد خطأ. هل ي مكن يا شيخنا تلقى نظرة على هذا الموقع وتقول لنا أي منهم الصحيح؟ هل نأخذ بأي واحد منهم؟ وأصحاب الأعذار الذين يتوضؤون لوقت كل صلاة هل يأخذون بأى منهم لأنها مسألة خلافية؟ قرأت فتوى لفضيلتكم رقم 64090 بعنوان الشفق الأحمر والأبيض وفيها أن ما بين غروب الشمس ومغيب الشفق الأحمر نصف سدس الليل. هل الصواب أن نعمل بها لأن ساعة ونصف مختلف فيها؟ هل صحيح أن الشفق الأحمر عبارة عن مجموعة من الغازات والأبخرة تظهر في الأفق ولا تختفي لكن تخفت تدريجيا مع دخول سواد الليل وتستمر في الوجود وعليه لايوجد وقت محدد بالضبط لمغييب الشفق الأحمر ويكون وقت المغرب والعشاء واحد كما جاء في الآية: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر. لذلك قال الإمام مالك وقت المغرب والعشاء إلى طلوع الفجر؟
وجزاكم الله خيرا على الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشارع دليلا على تلك الأوقات حسبما بينا في الفتوى رقم: 32380، ووقت المغرب يبدأ بغروب الشمس ويستمر إلى غياب الشفق الأحمر وبه يدخل وقت العشاء عند الجمهور، فلا تصح صلاة العشاء قبل غياب الشفق الأحمر، وأما عن الاعتماد على الحساب الفلكي في معرفة أوقات الصلاة فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 67701، فلتراجع.
ونسبة الأخ السائل الخطأ إلى التقويم المسوي بين المذاهب في بدء العشاء غير مستقيم، فإن أبا حنيفة في رواية عنه وصاحباه قد وافقا الجمهور في بدء وقت العشاء، فقد جاء في بدائع الصنائع في الفقه الحنفي: أما أول وقت العشاء فحين يغيب الشفق بلا خلاف بين أصحابنا؛ لما روي في خبر أبي هريرة رضي الله عنه: وأول وقت العشاء حين يغيب الشفق، واختلفوا في تفسير الشفق، فعند أبي حنيفة هو البياض وهو مذهب أبي بكر وعمر ومعاذ وعائشة رضي الله عنهم، وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي هو الحمرة وهو قول عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وهو رواية أسد بن عمرو عن أبي حنيفة. انتهى.
وأما ما ذكره السائل من الاعتماد على ما جاء في فتوى سابقة من أن ما بين غروب الشمس وغروب الشفق الأحمر نصف سدس الليل فإن ذلك كلام منقول عن الإمام النووي رحمه الله كما هو مبين في الفتوى، وهو ليس عاما في كل الأرض، وهو مع ذلك غير مقطوع به فلا يصح الاعتماد عليه، وصاحب السلس كغيره في معرفة دخول الوقت.
ثم إننا لا نعرف حقيقة الشفق ولا يتوقف على معرفة حقيقته حكم، ولكن الذي نعرفه هو أن الشارع جعل غيابه علامة على دخول وقت العشاء، والآية المشار إليها ليست نصا في تعيين أوقات الصلاة بالتفصيل، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة قولا وعملا، قال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير الآية المذكورة: وقد استدل بهذه الأية -أعني قوله-: إلى غسق الليل من قال إن صلاة الظهر يتمادى وقتها من الزوال إلى الغروب، روي ذلك عن الأوزاعي وأبي حنيفة، وجوزه مالك والشافعي في حال الضرورة، وقد وردت الأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعيين أوقات الصلوات، فيجب حمل مجمل هذه الآية على ما بينته السنة. انتهى.
وما ذكر عن مالك من قوله بامتداد وقت المغرب والعشاء إلى الفجر فإن المراد الوقت الضروري، أما في حال عدم الضرورة فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(11/5139)
توقيت الصلاة في (قطر) صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ربما في الأيام المقبلة سأذهب للعمل في قطر إن شاء الله وأريد أن أسأل عن أمرين
الأول: عن توقيت صلاة الفجر هل أذان الفجر هناك يوافق الفجر الحقيقي أم هناك فارق، وإن كان فبكم يقدر لأن هذا المشكل مطروح عندنا.
ثانيا: هل توجد حلق للعلم ودورات علمية لأني أحب طلب العلم الشرعي وقطر مشهورة في هذا المجال وخصوصا من طرف علماء أهل السنة والجماعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوقيت الصلاة في قطر توقيت معتبر صحيح -إن شاء الله- في صلاة الفجر وغيرها من الصلوات، ثم إنه على فرض وجود فارق بسيط فإنه لا يؤثر إن شاء الله، لأن الصلاة في المساجد تقام بعد خمس وعشرين دقيقة من الأذان، كما أن موجة التشكيك في مواقيت الصلاة لاسيما في البلاد الإسلامية لا ينبغي أن يلتفت لها إلا إذا صدرت من أهل العلم، ولا نعلم أن أحدا من العلماء هنا شكك في مواقيت الصلاة لا في الفجر ولا في غيرها، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 10384.
وأما الدورات والدروس فبإمكان الأخ بعد وصوله سالما إن شاء الله أن يتصل بإدارة الدعوة والإرشاد التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويحصل منهم على جداول الدورات العلمية والدروس المقامة في الدولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(11/5140)
المراد بموعد الفجر وما يترتب عليه من واجبات
[السُّؤَالُ]
ـ[نعيش خارج بلاد المسلمين ونقوم بالاعتماد على الحاسب الآلي أو النتائج المطبوعة لتحديد أوقات الصلاة. وفي أي نتيجة هناك موعدان موعد يسمى بالفجر والآخر يسمى بالشروق أي من هذين يعتبر صحيحا لأداء صلاة الفجر؟ وما هو المقصود بالزوال؟ وهل إذا صلينا ركعتين قبل الفجر ثم ركعتين بعد الفجر أهذا يغني عن صلاة الصبح أم لا؟ وهل صلاة الضحى تبدأ من وقت الشروق المذكور آنفا؟ ومتي ينتهي حيث إني لا أعلم ما هو الزوال؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الاعتماد في أوقات الصلاة إلا على العلامات المقررة شرعا لتحديد بداية وقت الصلاة ونهايته، أو على التقاويم التي تصدر عن هيئات إسلامية موثوق بها، ولا يعتمد على أي نتيجة أو تقويم غير ما ذكرنا.
ثم ليعلم السائل الكريم أن المراد بموعد الفجر وقت صلاة الصبح التي هي إحدى الصلوات الخمس المفروضة فيطلق عليها صلاة الفجر وصلاة الصبح، وهناك ركعتان تصليان قبل هذه الفريضة وهما سنة الفجر ويطلق عليهما الرغيبة، وسنة الفجر إذا طلع الفجر الصادق الذي هو بداية وقت صلاة الفجر، "الصبح" سن للمسلم أن يركع ركعتين خفيفتين، ثم يصلي فريضة الصبح. ولمزيد التوضيح راجع الفتوى رقم: 32449. ووقت هاتين الركعتين يبدأ بعد طلوع الفجر الصادق الذي هو وقت فريضة الصبح، فمن صلاهما قبل ذلك لم يكن آتيا بهما. هذا؛ ولا بد من أن يفرق المصلي بين هاتين الركعتين وبين صلاة فريضة الصبح بالنية لأن الفريضة لا بد لها من نية الفرضية، كما أن ركعتي سنة الفجر لهما نيتهما الخاصة، وهما سنة فقط كما تقدم، ويمتد وقت صلاة الصبح لغاية طلوع الشمس الذي هو المسمى بالشروق، ولبيان المراد بالشروق وبيان وقت صلاته والفرق بينها وبين صلاة الضحى راجع الفتوى رقم: 58369، والفتوى المحال عليها فيها، مع التنبيه على أن صلاة الشروق ليست فريضة وإنما هي مستحبة، ولبيان معنى الزوال راجع الفتوى رقم: 72447، كما يرجى الاطلاع على بيان وقت صلاة الضحى بدءا وانتهاء في الفتوى رقم: 28916، وللفائدة راجع الفتوى رفم: 73875.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/5141)
مذهب الشافعية في وقت الفضيلة ووقت الحرمة ووقت الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الأئمه الأربعة ثم الراجح في الفرق بين الوقت الاختياري والوقت الاضطراري للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلوات الخمس لها وقت بداية ووقت نهاية ووقت بينهما، ومن ذلك وقت الاختيار ووقت الضرورة، وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تحديد ذلك، وذكر أقوالهم جميعا يطول، ولذلك فإننا سنقتصر على ما ورد في مذهب الشافعية رحمهم الله تعالى ومن خلاله يتبين جليا وقت الاختيار ووقت الضرورة لكل صلاة بعينها والفرق بينهما، فنقول: لكل صلاة وقت فضيلة ووقت حرمة ووقت ضرورة.
فوقت الفضيلة هو أول الوقت إلى أن يمضي منه قدر ما يسع الاشتغال بأسبابها وما يطلب فيها ولأجلها كالطهارة والأذان واجتماع المصلين ونحو ذلك.
ووقت الاختيار يبتدئ بابتداء وقت الفضيلة أيضا ويختلف في انتهائه من فرض إلى آخر.. فينتهي في الظهر متى بقي ما لا يسع إلا الصلاة، وفي العصر بصيرورة ظل كل شيء مثليه، وفي المغرب بانتهاء وقت الفضيلة، وفي العشاء بانتهاء الثلث الأول من الليل، وفي الفجر بالإسفار.
وأما وقت الضرورة فهو آخر الوقت لمن زال عنه مانع من وجوب الصلاة؛ كجنون وقد بقي من الوقت ما يسع تكبيرة الإحرام فإن الصلاة تجب في الذمة ويلزم قضاؤها والتي قبلها أيضا إن كانت تجمع معها كالظهر والعصر والمغرب والعشاء بشروط معروفة عندهم.
واقتصرنا على مذهب الشافعية رحمهم الله لأن إيراد تفاصيل المذاهب الثلاثة الباقية يطول الفتوى ويشتت الذهن.
وليعلم أن اختلاف المذاهب في الفروع الفقهية رحمة فمن أخذ بواحد منها فهو على خير، وأما الترجيح بينها فهو أمر نسبي فقد يترجح عند فلان من العلماء ما لا يترجح عند غيره، وترجيحنا لمذهب لا يعني أنه الحق والصواب في حقيقة الأمر، أو الراجح في الواقع، كما أنه ليس كل أحد قادرا على الترجيح والموازنة بين الأدلة وكلام العلماء. وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 58450، 46484، 20221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1427(11/5142)
ليس العمل عذرا شرعيا في تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بأحد مكاتب الوزراء وبالتالي فإن كثيرا من الأحيان يوجد لديَّ ضغط عمل شديد فلا أستطيع أن أصلي فرض الصلاة في موعدها بل في أغلب الأحيان أصلي قضاء وأبرر ذلك لنفسي على أساس أن العمل عبادة ولكني أخاف أن أكون أعصي الله بذلك فأرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأخير الصلاة عن وقتها المحدد لها شرعا من غير عذر شرعي كبيرة من كبائر الذنوب. قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4 ـ 5} قال ابن عباس: الذين يؤخرونها عن وقتها.
وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} قال ابن مسعود في قوله تعالى: أَضَاعُوا الصَّلَاةَ. إضاعتها عن وقتها.
فإذا كانت الأخت السائلة تؤخر صلاتها حتى يخرج وقتها المبين في الفتوى رقم: 40996، والفتاوى المحال إليها. فالواجب عليها التوبة إلى الله تعالى من تأخير الصلاة عن وقتها، وليس العمل عذراً شرعياً في تأخير الصلاة إلى خروج وقتها، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم ولا زال الخيار من هذه الأمة يعملون ولم يكن عملهم عائقاً في إقامة الصلاة.
والقول بأن العمل عباده صحيح إذا كان العمل مباحاً وأحسن صاحبه نيته فيه، ولكن العبادات تتفاوت في الأهمية، ولا شيء أعظم من الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، فلا يجوز تقديم أي عمل عليها إلا بمسوغ شرعي، فاتقي الله أيتها الأخت السائلة وأدي الصلاة في وقتها، وستجدين البركة في عملك ورزقك. قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ {طه: 132} وانظري للأهمية الفتوى رقم: 10767، والفتوى رقم: 27851، وكلاهما حول تأخير الصلاة عن وقتها لأجل العمل، والفتوى رقم: 7550، والفتوى رقم: 19233، وكلاهما حول عمل المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(11/5143)
تحديد الأوقات يتم حسب الأمارات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[في المنطقة التّي أقطن يُؤذّن لصلاة الظهر في 12:17 نصليها في المسجد جماعة في 14:15 ونصلي صلاة العصر في 14:50
فهل هذا جائز؟ وجزاكم لله خيراً. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع قد جعل لأوقات الصلاة بداية ونهاية، ووضع لذلك علامات وأمارات مفصلة في كتب الفقه. ولبيان تحديد أوقات الصلاة عموما راجع الفتوى رقم: 32380، وفيما يخص ابتداء وقت الظهر ونهايته راجع الفتويين: 67388، 55899، ومن خلال هذه الفتاوى ستعلم أن وقت العصر يبدأ بعد نهاية وقت الظهر، وأما التحديد بالساعة فإنه يختلف من بلد إلى آخر، ومن فصل من فصول السنة إلى آخر، فلا يشرع تحديد الأوقات بها إلا تبعا للعلامات الشرعية. ويمكن الاستعانة بالتقاويم التي تشرف عليها هيئة علمية شرعية موثوق بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1426(11/5144)
صلاة وصيام من اشتبهت عليه الأيام والشهور
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يصلي المسجون في غرفة مظلمة تحت الأرض وهو مقيد ولا يعلم شيئا عن أوقات الصلاة ولا عن وقت دخول شهر رمضان؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا كان كان الشخص بهذه الحالة لا يعلم شيئاً عن علامة أوقات الصلاة والصيام، فإنه يتحرى ويجتهد فيصلي الصلوات الخمس مرتبة يقدر ما بين الصلاة والصلاة بورد كان يعتاده ونحوه، ثم يصلي على الحالة التي هو بها ولو بالإيماء، وهكذا الصوم فإنه يصوم بالاجتهاد والتحري أيضاً حتى يغلب على ظنه أنه أكمل يوما، ثم يداوم على ذلك حتى يكمل شهرا حسب ظنه واجتهاده، لأنه لا يستطيع غير هذا، وقد قال الله تعالى: وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {الؤمنون:62} ، وقال في المهذب في الفقه الشافعي: وإن اشتبهت الشهور على أسير لزمه أن يتحرى ويصوم، كما يلزمه أن يتحرى في وقت الصلاة وفي القبلة، فإن تحرى وصام فوافق الشهر أو ما بعده أجزأه، فإن وافق شهراً بالهلال ناقصاً وشهر رمضان الذي صامه الناس تاماً ففيه وجهان (أحدهما) يجزئه، وهو اختيار الشيخ أبي حامد الإسفراييني رحمه الله تعالى لأن الشهر يقع على ما بين الهلالين، ولهذا لو نذر صوم شهر فصام شهراً ناقصا بالأهلة أجزأه، (والثاني) أنه يجب عليه صوم يوم وهو اختيار شيخنا القاضي أبي الطيب وهو الصحيح عندي، لأنه فاته صوم ثلاثين وقد صام تسعة وعشرين يوما فلزمه صوم يوم. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: وإن اشتبهت الشهور على أسير لزمه أن يتحرى ويصوم، فإن وافق صومه شهراً قبل رمضان، فقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية في الصحيح من القولين والحنابلة إلى عدم الإجزاء، لأنه أدى العبادة قبل وجود سبب وجوبها، فلم نجزه كمن صلى قبل الوقت، ولأنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء فلم يعتد له بما فعله، كما لو تحرى في وقت الصلاة قبل الوقت. ويرى بعض الشافعية أنه يجزئه، وقد ضعفه النووي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(11/5145)
صيام من كان في سجن مظلم ولا يعلم بدخول وقت الصلاة والصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبابي في الله كيف يصلي المسجون في غرفة مظلمة تحت الأرض لا يعلم شيئا عن وقت الصلاة ولا عن وقت دخول شهر رمضان؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان في سجن مظلم أو نحوه ولا يدري بدخول وقت الصلاة والصوم فإنه يجتهد ويصلي ويصوم. قال النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: إذا اشتبه وقتها لغيم أو لحبس في موضع مظلم أو غيرهما لزمه الاجتهاد فيه، ويستدل بالدرس والأوراد والأعمال وشبهها، ويجتهد الأعمى كالبصير، لأنه يشارك البصير في هذه العلامات بخلاف القبلة، وإنما يجتهدان إذا لم يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن مشاهدة، فإن أخبر عن مشاهدة بأن قال: رأيت الفجر طالعاً أو الشفق غارباً، لم يجز الاجتهاد، ووجب العمل بخبره. وكذا لو أخبر ثقة عن أخبار عن مشاهدة وجب قبوله، فإن أخبر عن اجتهاد لم يجز للبصير القادر على الاجتهاد تقليده، لأن المجتهد لا يجوز له تقليد مجتهد، ويجوز للأعمى والبصير العاجز عن الاجتهاد تقليده على أصح الوجهين لضعف أهليته، وهذا ظاهر نص الشافعي رحمه الله، وقطع به القاضي أبو الطيب في تعليقه في تقليد الأعمى، وإذا وجب الاجتهاد فصلى بغير اجتهاد لزمه إعادة الصلاة وإن صادف الوقت، لتقصيره وتركه الاجتهاد الواجب.... وإذا لم تكن له دلالة أو كانت فلم يغلب على ظنه شيء لزمه الصبر حتى يظن دخول الوقت، والاحتياط أن يؤخر إلى أن يتيقنه أو يظنه، ويغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت. نص عليه الشافعي رحمه الله، واتفق الأصحاب عليه.
وأما الصوم فقد فصل حكمه أصحاب الموسوعة الفقهية فقالوا: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من اشتبهت عليه الشهور لا يسقط عنه صوم رمضان، بل يجب لبقاء التكليف وتوجه الخطاب. فإذا أخبره الثقات بدخول شهر الصوم عن مشاهدة أو علم وجب عليه العمل بخبرهم، وإن أخبروه عن اجتهاد منهم فلا يجب عليه العمل بذلك، بل يجتهد بنفسه في معرفة الشهر بما يغلب على ظنه، ويصوم مع النية ولا يقلد مجتهداً مثله. فإن صام المحبوس المشتبه عليه بغير تحر ولا اجتهاد ووافق الوقت لم يجزئه، وتلزمه إعادة الصوم لتقصيره وتركه الاجتهاد الواجب باتفاق الفقهاء، وإن اجتهد وصام فلا يخلو الأمر من خمسة أحوال:
الحال الأول: استمرار الإشكال وعدم انكشافه له، بحيث لا يعلم أن صومه صادف رمضان أو تقدم أو تأخر، فهذا يجزئه صومه ولا إعادة عليه في قول الحنفية والشافعية والحنابلة، والمعتمد عند المالكية، لأنه بذل وسعه ولا يكلف بغير ذلك، كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد، وقال ابن القاسم من المالكية: لا يجزئه الصوم، لاحتمال وقوعه قبل وقت رمضان.
الحال الثانية: أن يوافق صوم المحبوس شهر رمضان فيجزئه ذلك عند جمهور الفقهاء، قياساً على من اجتهد في القبلة ووافقها، وقال بعض المالكية: لا يجزئه لقيامه على الشك، لكن المعتمد الأول.
الحال الثالثة: إذا وافق صوم المحبوس ما بعد رمضان فيجزئه عند جماهير الفقهاء، إلا بعض المالكية كما تقدم آنفاً، واختلف القائلون بالإجزاء: هل يكون صومه أداء أو قضاء؟ وجهان، وقالوا: إن وافق بعض صومه أياما يحرم صومها كالعيدين والتشريق يقضيها.
الحال الربعة: وهي وجهان: الوجه الأول: إذا وافق صومه ما قبل رمضان وتبين له ذلك ولما يأت رمضان لزمه صومه إذا جاء بلا خلاف لتمكنه منه في وقته. الوجه الثاني: إذا وافق صومه ما قبل رمضان ولم يتبين له ذلك إلا بعد انقضائه ففي إجزائه قولان: القول الأول: لا يجزئه عن رمضان بل يجب عليه قضاؤه، وهذا مذهب المالكية والحنابلة، والمعتمد عند الشافعية. القول الثاني: يجزئه عن رمضان، كما لو اشتبه على الحجاج يوم عرفة فوقفوا قبله، وهو قول بعض الشافعية.
الحال الخامسة: أن يوافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض، فما وافق رمضان أو بعده أجزأه، وما وافق قبله لم يجزئه، ويراعى في ذلك أقوال الفقهاء المتقدمة. والمحبوس إذاصام تطوعاً أو نذراً فوافق رمضان لم يسقط عنه صومه في تلك السنة، لانعدام نية صوم الفريضة، وهو مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية. وقال الحنفية: إن ذلك يجزئه ويسقط عنه الصوم في تلك السنة، لأن شهر رمضان ظرف لا يسع غير صوم فريضة رمضان، فلا يزاحمها التطوع والنذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1426(11/5146)
الصلاة قبل دخول الوقت وبعد خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا إنسان ذو عاهة واضحة شبه تشنج في الأطراف أصلي ولكن صلاة الفجر لا أستطيع لأنني بحاجة إلي حوالي ساعة بعد النوم حتى أستطيع الحركة. هل أصليها قبل النوم أو بعده؟
بحاجة إلى دواء للنوم وبحاجة إلى دواء للحركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تؤدي صلاة الفجر في وقتها حسب قدرتك، فإذا استيقظت في الوقت فانتظر حتى تتمكن من الحركة وأداء الصلاة بشروطها وأركانها، فإن خشيت من خروج الوقت فصلها جالساً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً ولو بالإيماء برأسك واجعل سجودك أخفض من ركوعك، ولا يصح أن تصليها قبل الوقت ولا بعده لأن الله تعالى يقول: إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}
ونرشدك إلى اللجوء إلى الله تعالى والبحث عن دواء يزيل ما ألم بك من مرض ونسأل الله لك الشفاء العاجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/5147)
إدراك ركعة من المغرب قبل مغيب الشفق الأحمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أكمل صلاتي وأنا أسمع صوت المؤذن يرفع الأذان للصلاة القادمة، يعني أنا أصلي المغرب بالركعة الثانية سمعت أذان صلاة العشاء، هل أكمل صلاة المغرب وتحسب أداء وليس قضاء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تكمل الصلاة التي أنت فيها وأذن المؤذن لغيرها وأنت في أثنائها، ولا يجوز لك قطعها لأن الفريضة لا يجوز قطعها لمن دخل فيها إلا لمسوغ شرعي، وليس منه ما ذكر السائل، ومن أدرك من صلاة المغرب ركعة فأكثر قبل ذهاب الشفق الأحمر فقد أدرك صلاة المغرب وتكون أداء.
وأما إذا لم يدرك ركعة فتكون قضاء لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. أي أدرك أداءها لأن الأداء هو فعل الصلاة في الوقت الذي حدد لها شرعاً، ووقت صلاة المغرب ما بين غروب الشمس إلى ذهاب الشفق الأحمر، والمدرك لركعة كالمدرك للصلاة كلها، لأن الركعة هي معظم الصلاة وبقية الركعات كالتكرير لها أو شرع له جمعها مع العشاء لخوف أو سفر فصلاها مع العشاء فهي أداء.
وليعلم أنه إن أخر الصلاة حتى خرج وقتها أو لم يبق ما يسعها كلها لغير عذر فهو آثم، وإلا فلا إثم عليه، قال الشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي في التحفة: (ومن وقع بعض صلاته في الوقت) وبعضها خارجه (فالأصح أنه إن وقع) في الوقت منها (ركعة) كاملة بأن فرغ من السجدة الثانية (فالجميع أداء وإلا) يقع فيه منها ركعة كذلك (فقضاء) كلها سواء أخر لعذر أم لا لخبر الشيخين {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة} أي مؤداة، والفرق اشتمال الركعة على معظم أفعال الصلاة إذ غالب ما بعدها تكرير لها فجعل ما بعد الوقت تابعاً لها بخلاف ما دونها ولما كان في هذه التبعية ما فيها كان التحقيق عند الأصوليين أن ما في الوقت أداء مطلقاً وما بعده قضاء مطلقاً والحديث كما ترى ظاهر في رد هذا ولا خلاف في الإثم على الأقوال كلها، كما يعلم من كلام المجموع أن من قال بخلاف ذلك لا يعتد به وثواب القضاء دون ثواب الأداء خلافاً لمن زعم استواءهما على أنه يتعين فرضه في قضاء ما أخره لعذر وإلا فلا وجه له، ومر أن من أفسد صلاته في الوقت، ثم أعادها فيه كانت أداء لا قضاء خلافاً لكثيرين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(11/5148)
موقع مواقيت الصلاة على الشبكة العنكبوتية
[السُّؤَالُ]
ـ[فرض عليَ في عملي أن أسافر إلى كل من كوريا الجنوبية والصين وسوف أبقى هناك طيلة شهر رمضان المبارك وحسب معلوماتي لا يوجد في الأماكن التي سأتواجد بها مساجد، فهل يمكن تزويدي بأوقات الصلاة لهاتين الدولتين ومواعيد الإمساك والإفطار علما أن أكثر وقتي سيكون في سيؤل وبكين وشنغهاي وهل من نصيحة تقدمونها لي.
شكرا لكم مقدماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنك إذا كنت تستطيع معرفة وقت طلوع الفجر ووقت غروب الشمس بأمارات ذلك أن تعتمد عليه دون تقليد الحساب الفلكي، فقد جعل الله تعالى بداية الإمساك هي طلوع الفجر الصادق، كما في قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ {البقرة: 187} . وجعل لانتهاء الإمساك غاية وهي غروب الشمس وحلول الليل، كما قال: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة: 187} .
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهاء من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. متفق عليه.
وإن لم يراقب المرء بنفسه طلوع الفجر وغروب الشمس، فإن له الاعتماد على خبر الثقة، وأما بالنسبة لمن كان في مكان لا ينضبط فيه الزمن لطول النهار طولاً فاحشاً ونحوه، فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 13228.
وقد اعتنت المراكز الإسلامية بمسألة التقويم في العالم حلا لمشكلة الصيام والصلاة، ومما يمكن الرجوع إليه في ذلك تقويم رابطة العالم الإسلامي أو تقويم الأزهر أو تقويم جامعة كراتشي ونحوها من الجهات الموثوق بها، ويمكنك الدخول على موقع الباحث الإسلامي على العنوان التالي:
www.islamfinder.org/index.php?lang=arabic76k
وستجد بالموقع خاصية التقويم الهجري ومواقيت الصلاة بالدول التي ذكرتها، كما يدلك على المراكز الإسلامية المتواجدة في تلك الدول، وغير ذلك من الخدمات الجيدة في الموقع.
وننصحك أيها السائل الكريم بتقوى الله عز وجل والمحافظة على حدوده، فعمر المرء أيام ولا يدري متى تنقضي ويأتيه الموت: فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ {المنافقون: 10} .
فينبغي للعاقل أن يعد للأمر عدته ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب، سيما من كان في تلك البلاد التي يكثر فيها الفسوق والفجور ومحادة الله عز وجل، فالقابض فيها على دينه كالقابض على الجمر، ولذا فالأصل أنه لا يجوز السفر إلا لضرورة أو حاجة قريبة منها، وانظر الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/5149)
حكم النوم قبل أداء صلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم بفرنسا وهنا صلاة العشاء أحيانا تصل إلى وقت متأخر، وبحكم عملي أنهض مبكرا أصلي صلاة الفجر ولا أعود للنوم وأذهب للعمل ولهذا أجد صعوبة في انتظار صلاة العشاء ومع هذا أبذل مجهودا وأصليها ولكن أحيانا أغفو وأنهض لصلاتها سؤالي هل علي إثم إن نمت قبل الصلاة علما أني أكون متعبا؟
شكراً على الإجابة مسبقا علي إيميلي الخاص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك هو أداء الصلاة في وقتها، ولا يجوز تأخير العشاء حتى يخرج وقتها، وأما النوم قبلها فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهته، فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا أحد ألفاظ البخاري عن أبي برزة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس والعصر ويرجع الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية، ونسيت ما قال في المغرب، وكان لا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، ولا يحب النوم قبلها والحديث بعدها، ويصلي الصبح فينصرف الرجل فيعرف جليسه، وكان يقرأ في الركعتين أو إحداهما ما بين الستين إلى المائة.
قال الحافظ ابن حجر قال: الترمذي كره أهل العلم النوم قبل العشاء ورخص بعضهم فيه في رمضان خاصة. انتهى. ومن نقلت عنه الرخصة قيدت عنه في أكثر الروايات بما إذا كان له من يوقظه أو عرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم، وهذا جيد حيث قلنا إن علة النهي خشية خروج الوقت، وحمل الطحاوي الرخصة على ما قبل دخول وقت العشاء والكراهة على ما بعد دخوله. انتهى
وخلاصة القول أن النوم قبل العشاء مكروه عند أكثر أهل العلم، ولكن لا يأثم به فاعله إلا إذا كان بعد دخول الوقت، وعلم أنه لا يستيقظ في وقت الصلاة لما في ذلك من التفريط كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 10624.
فإن نام واتخذ الأسباب اللازمة لإيقاظه للصلاة في وقتها لم يأثم ولو لم ينتبه إلا بعد خروج الوقت لعدم التفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(11/5150)
الصلاة قبل دخول الوقت وبعد خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة لصلاة المغرب والعشاء، أعمل ليلا وعلي الخروج من منزلي قبل الصلاة أصلي قبل خروجي من بيتي لأنه لا يوجد مكان للصلاة في مكان عملي ولا بأي شكل أعيش في أوروبا وأعمل في مستشفى والأمر ليس بالصعب بل مستحيل لهذا أصلي قبل دخول موعد الصلاة وأجمع بين المغرب والعشاء أما الصبح فأنتظر عودتي إلى بيتي هل ما أقوم بعمله هذا حرام أم مسموح أرجو المساعدة في الإجابة لأني بالفعل محتارة ولا أعرف ما العمل والأمر شاق علي لو جمعت الصلاة كلها عند عودتي إلى البيت في الصباح يعني يكون علي صلاة المغرب والعشاء والصبح أيضا أيهما أفضل وما هو التصرف الصحيح؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تريدين بقولك وعلي الخروج من منزلي قبل الصلاة أصلي قبل خروجي من بيتي الخ أي أنك تصلين قبل دخول وقت المغرب فهذا لا يصح ولا يجوز شرعا، ومن فعل ذلك لم تجزئه صلاة المغرب ولا صلاة العشاء من باب أولى، وتعتبر هذه الصلوات في ذمته عليه قضاؤها، وإن كان المراد الصلاة بعد دخول وقت المغرب وجمع العشاء مع المغرب جمع تقديم فمذهب الجمهور أنه لا يجوز الجمع إلا في حالة الخوف أو السفر أو المطر أو المرض كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6846 وعليه، فلا يجوز للأخت السائلة أن تجمع بين المغرب والعشاء في هذه الحالة، وعليها أن تصلي المغرب في بيتها بعد دخول الوقت، فإذا جاء وقت العشاء صلتها ولو كانت في محل العمل، ولا يجوز لها تأخيرها إلى الفجر، فإن لم تكن تقدر على صلاة العشاء في الشغل ولم يبق لها إلا أن تجمعها مع المغرب أو تؤخرها إلى الفجر فالأولى هنا الجمع مع المغرب عملا بقول الحنابلة، وقد ذكرناه في الفتوى المحال عليها سابقا، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 17324.
وخلاصة القول أنه لا يجوز لك أن تصلي المغرب قبل وقتها كما لا يجوز لك أن تؤخري صلاتي المغرب والعشاء إلى الفجر أو إلى ما بعده، فإن كان يمكن بحال من الأحوال أن تصلي العشاء في مكان العمل فدعي جمعها مع المغرب، وإن لم يمكن ذلك فلك جمعها مع المغرب على قول بعض أهل العلم لأجل المشقة، ولا يجوز تأخير صلاة الفجر حتى تطلع الشمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(11/5151)
تأخير العشاء عن أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أفادكم الله، هل أرتكب إثما إذا أخرت الصلاة عن وقتها, علما بأنني جالسة وأتابع برنامجا دينيا في ذلك الوقت, وهذا البرنامج يعرض وقت آذان العشاء في ليبيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك بتأخيرها عن وقتها التأخير حتى يخرج جميع الوقت بحيث تكون قضاء، فهذا من أعظم المحرمات والوعيد فيه شديد، فقد فسر العلماء قوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، أقول: فسروا إضاعة الصلاة بتأخيرها عن أوقاتها. والله جل وعلا فرضها، وفرض أن تؤدى في وقتها، فقال: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
وأما إذا كان قصدك تأخيرها عن أول وقتها فلا حرج عليك في ذلك، وتكون قد فوت على نفسك فضيلة أول الوقت، ولا ينبغي لك أن تضيعي هذه الفضيلة لمجرد متابعة البرامج هذا في غير صلاة العشاء، أما العشاء فالأفضل تأخيرها إلى ثلث الليل، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1442، والفتوى رقم: 1883 فليرجع إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(11/5152)
لا يجزئ لمن في بلاد الغرب أن يصلي بتوقيت مكة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة العشاء تبدأ منتصف الليل وصلاة الفجر تبدأ الثالثة صباحا، وأنا أشتغل الساعة السادسة أو السابعة صباحا ويصعب علي أداء هاتين الصلاتين في وقتيهما. فهل يجوز أن أصلي حسب أوقات الصلوات في مكة؟ فإن كان لا يجوز ذلك فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد جعل لكل صلاة وقتا محدودا لا يجوز تقديمها عليه ولا تأخيرها عنه إلا في حالة الجمع.
قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وقت كل صلاة ابتداء وانتهاء، فمن صلى صلاة قبل دخول وقتها لم تجزئه، ومن أخر الصلاة عن وقتها في غير حالات الجمع المعروفة فقد عصى الله بتهاونه بالصلاة في وقتها.
وهذه الأوقات المحددة للصلاة تختلف من بلد إلى بلد لاسيما البلاد المتباعدة جدا، لذا، فلا يجوز لمن في الغرب ولا غيره من نواحي المعمورة أن يصلي بتوقيت مكة ولا غيرها لاختلاف الأوقات، فمثلا لو صلى في الغرب العشاء بتوقيت مكة فقد صلى العشاء نهارا وقت العصر أو قبله، وهذا لا قائل يقول به، إذ كل بلد له توقيته، فإن خفيت على أهله العلامات التي تعرف بها أوقات الصلاة اعتمد على توقيت أقرب البلاد إليه التي تظهر عندهم دلائل الوقت.
واعلم أن تعب العمل لا يبيح تقديم الصلاة عن وقتها، ثم إن الصلاة أهم من الشغل فلا يجوز للمسلم أن يجعل الشغل عذرا عن الصلاة، واحذر من أن تكون ممن تثقل عليهم هاتان الصلاتان صلاة العشاء وصلاة الفجر. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما أثقل الصلاة على المنافقين، فإذا جاء وقت الصلاة وأنت في الشغل فصل وإن لم يدخل الوقت إلا بعد رجوعك من الشغل وأردت النوم قبل دخول الوقت فاجعل منبها ينبهك للصلاة.
ولمزيد من الفائدة طالع الفتوى رقم: 50117، 59785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(11/5153)
لا تجزئ الصلاة قبل دخول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا علم الإنسان مواعيد الصلاة بالتحديد وعلم أن الأذان في المنطقة التي هو ساكن فيها يتأخر بما يقارب الساعة والنصف فهل يصلي في الوقت الذي يعلمه صحيحاً أم يصلي مع أهل تلك المنطقة حتى ولو لم يصل جماعة؟
أفتونا جزاكم الله عنا الجزاء الأوفى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلوات الخمس المفروضة لكل منها وقت محدد لا تجزئ قبل دخوله، قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} .
والمعتبر في معرفة أوقات الصلاة هو العلامات الكونية التي حددها الشرع لكل صلاة، وقد سبق بيان بداية كل أوقات الفرائض الخمس، وذلك في الفتوى رقم: 32380.
وعليه، فإذا كانت السائلة تستطيع بنفسها معرفة أوقات الصلاة فلتصل إذا تحققت من دخول وقت كل صلاة بغض النظر عن سؤال أي شخص.
فإذا عجزت عن معرفة دخول أوقات الصلاة، فتقلد مؤذناً عدلاً عارفاً بالأوقات، وإن أمكنها الصلاة ببيتها مع جماعة فهذا أفضل وأعظم أجراً عند الله تعالى، وصلاتها في بيتها خير لها من السعي إلى المسجد لأداء الصلاة فيه جماعة، كما في الفتوى رقم: 10306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(11/5154)
هل يصلي مع جماعة تؤخر الصلاة وتنقرها أم منفردا في وقتها مع الطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
فضيلة الشيخ، فى بعض العطل أسافر إلى البادية قصد الراحة، ألا أنه تصادفني أشياء لا أجد لها تفسيرا فقهيا، أود من فضيلة الشيخ أن يتكرم فيوضح لنا جانبا منها.
1- أن النداء للصلوات يتأخر كثيراً خاصة أذان صلاة المغرب (فماذا أفعل والحالة هذه) ، هل أصلي قبل أذان المسجد أم أنتظر إلى بزوغ الشفق حيث يكون الأذان، مع العلم بأن هذا التأخير موروث عن سلفهم.
2- أن الصلاة تؤدى بسرعة غير عادية بحيث تسلب المصلي جميع مقومات الطمأنينة الواجبة توفرها في الصلاة (فماذا أفعل) . أكتفي يا فضيلة الشيخ بهذين السؤالين على أمل طرح الباقي فى فرصة لاحقة؟ وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 20529، أن وقت دخول صلاة المغرب إذا غربت الشمس، وذكرنا أدلة ذلك، ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وأما نهاية وقتها المختار فهو غياب الشفق كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وفيه:.... ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق. رواه مسلم، والمقصود بالشفق هو الأحمر، كما بينا في الفتوى رقم: 13712.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم المالكية في قول يرى بعضهم أنه هو المشهور إلى أن مختار صلاة المغرب هو مقدار ما تؤدى فيه بشروطها من طهارة وستر عورة ونحوه، ودليلهم في ذلك أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم المغرب في نفس الوقت في اليومين الذين بين له فيهما أوقات الصلوات، والحديث عند النسائي وصححه الألباني.
قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وللمغرب غروب الشمس يقدر بفعلها بعد شروطها. قال في مواهب الجليل: هذا التضييق لوقت المغرب هو الذي حكاه أصحابنا العراقيون عن مالك أنه ليس لها إلا وقت واحد، وبه قال ابن المواز والشافعي. والتحقيق أن مختار الغرب يمتد إلى مغيب الشفق لما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو.. (المتقدم) قال الشوكاني: وهذا الحديث أولى من حديث جبريل عليه السلام لأنه كان بمكة في أول الأمر وهذا متأخر ومتضمن زيادة.
فمن صلى المغرب ما بين غروب الشمس إلى غياب الشفق فلا إثم عليه فقد أدرك المختار وإن فاتته فضيلة الصلاة لأول الوقت، كما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الأعمال قال: الصلاة لوقتها. متفق عليه، وفي رواية: الصلاة في أول وقتها. الترمذي والدارقطني والبيهقي وصححها الألباني.
وتأخير الأذان عن أول دخول الوقت لا ينبغي لأن المقصود به هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، ولكن ربما كان المؤذن موسوساً لا يؤذن حتى يتيقن غروب الشمس فلا حرج عليه في ذلك، وينبغي تنبيه الجماعة إلى فضيلة الصلاة لأول الوقت وعدم تأخيرها لغير حاجة من انتظار جماعة ونحوه.
كما لا ينبغي لك أن تصلي قبل الأذان وقبل صلاة الجماعة إن لم يؤخروا الصلاة عن وقتها المختار كما بيناه، وليس بزوغ الشفق الأحمر هو نهاية مختار المغرب وإنما غيابه ... وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة وحث على ذلك ورغب فيه، كما بينا في الفتوى رقم: 28664، والفتوى رقم: 27899، والفتوى رقم: 9680.
وأما الإسراع في الصلاة وعدم الطمأنينة والخشوع فيها فإن كان ذلك يؤدي إلى الإخلال بركن من أركانها فإنه يبطلها ولا تصح صلاة من يفعل ذلك، لحديث المسيء صلاته، فقد كان ينقرها نقراً فقال له صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثاً. ثم بين له كيفيتها وفيه: اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تستوي قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. متفق عليه، وانظره بتمامه في الفتوى رقم: 36724.
وقد بينا الحد الذي تحصل به الطمأنينة في الفتوى رقم: 63567 فراجعه، وينبغي لك أن تأمر تلك الجماعة بالمعروف وتدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة: قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
وقال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
فإذا دعوتهم بالحكمة وبينت لهم الصواب بأدلته وكلام أهل العلم ممن يحترمون أقوالهم من أئمة المالكية وغيرهم فلعلهم يستجيبون لك ويتركون تلك الأمور المخالفة لهدى الشارع الحكيم، وعلى كل فلا يجوز لك الاقتداء بإمام لا يأتي بالطمأنينة الواجبة، نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/5155)
لا تصح الصلاة قبل دخول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجد يصلي به الإمام صلاة العشاء قبل المواعيد بحجة أن العشاء في الصيف يكون قرب منتصف الليل وعلى الناس الذهاب إلى عملهم في المواعيد المحددة
علما بأننا نقيم في فرنسا وأوضح لكم أننا في بيوتنا نصلي في المواعيد المحددة عملا بقوله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وعلما بأن الصيف لا يستمر كثيرا
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر، فإذا كان الإمام يصلي بعد دخول وقت العشاء فصلاته صحيحة، إلا أنه ينبغي أن يراعي حال الجماعة فينتظر حضورهم لأجل حضور أكبر عدد من المصلين، ثم إنه لا اختلاف في موضوع وقت العشاء بين ليل الصيف وغيره، فعند مغيب الشفق الأحمر يدخل وقت العشاء وقبل ذلك لا تجوز الصلاة ولا الأذان، وسواء طال الليل أو قصر، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التالية أرقامهما: 64203، 50117.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(11/5156)
أول الوقت المختار للعشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في خارج المملكة العربية السعودية وأذان العشاء الساعة 11.15 دقيقة وفيه مسجد عندنا يصلي الساعة10.30 دقيقة مع أني قلت لهم ما زال يفصلنا عن الوقت ساعة إلا ربعا، كيف تصلون قبل الوقت قالوا إن الشفق غاب وانتهى، وإذا خرجنا نرى السماء زرقاء والشفق لم يغب، فما حكم الصلاة بهذا الوضع، علما بأن أكثر من 20 مصليا يصلون خلف هذا الإمام بحجة مذهبه كذا، مع أن المسجد الثاني يصلي في نفس الوقت فما رأي فضيلتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأوقات الصلاة تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على تلك الأوقات، وبناء على ذلك فإن الوقت المختار لصلاة العشاء يبدأ من مغيب حمرة الشفق، فإذا حصل يقين بذلك فقد دخل وقت العشاء، ففي المجموع للنووي نقلا عن الإمام الشافعي: الشفق الحمرة التي في المغرب فإذا ذهبت الحمرة ولم ير منها شيء فقد دخل وقتها، ومن افتتحها وقد بقي من الحمرة شيء أعادها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: أما وقت العشاء فهو مغيب الشفق الأحمر؛ لكن في البناء يحتاط حتى يغيب الأبيض فإنه قد تستتر الحمرة بالجدران، فإذا غاب البياض تيقن مغيب الأحمر، هذا مذهب الجمهور كمالك والشافعي وأحمد، وأما أبو حنيفة فالشفق عنده هو البياض. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يعني أن أول الوقت المختار للعشاء من غروب الحمرة الباقية من بقايا شعاع الشمس ممتد إلى ثلث الليل الأول على المشهور، وقيل إلى النصف، ولا ينظر إلى البياض الباقي في ناحية الغروب؛ خلافا لأبي حنيفة القائل بأن الشفق هو البياض. انتهى.
وعليه؛ فإذا كانت جماعة المسجد المذكور قد صلوا بعد مغيب الشفق فصلاتهم صحيحة، وما ذكرته من كون السماء زرقاء فهذا دليل على غياب الشفق الأحمر، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 9020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(11/5157)
الشفق الأحمر والأبيض.. تعريف وبيان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن هناك شفقان شفق أحمر وشفق أبيض،فما مدة كل منهما من بداية الغروب؟ وإذا كانت هناك مدة معينة لكل منهما هل تتغير هذه المدة من حين إلى حين أم ثابتة على مدار العام؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يتلخص من كلام جمهور الفقهاء أن الشفق الذي إذا غاب يدخل وقت العشاء الآخرة هو الشفق الأحمر، والشفق الأحمر يغيب أولاً ويبقى الأبيض، ولا عبرة به إلا في الأمكنة التي يستتر فيها الأفق. قال ابن قدامة في المغني: لا خلاف في دخول العشاء بمغيب الشفق، وإنما اختلفوا في الشفق ما هو، فمذهب إمامنا رحمه الله أن الشفق الذي يخرج به وقت المغرب ويدخل به وقت العشاء هو الحمرة، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، وذهب الحنفية إلى أن الشفق هو البياض. ثم قال ابن قدامة رحمه الله: إذا ثبت هذا فإنه إن كان في مكان يظهر له الأفق ويبين له مغيب الشفق فمتى ذهبت الحمرة وغابت دخل وقت العشاء، وإن كان في مكان يستتر عنه الأفق بالجدران والجبال استظهر حتى يغيب البياض ليستدل بغيبته على مغيب الحمرة فيعتبر غيبة البياض لدلالته على مغيب الحمرة لا لنفسه. انتهى.
وقد ذكر النووي ما بين المغرب والعشاء. قال: قيل إن ما بين المغرب والعشاء نصف سدس الليل، فإن طال الليل طال نصف السدس، وإن قصر قصر. قال: وقال صاحب التتمة: في بلاد المشرق نواح تقصر لياليهم فلا يغيب الشفق عندهم، فأول وقت العشاء عندهم أن يمضي من الزمان بعد غروب الشمس قدر يغيب الشفق في مثله في أقرب البلاد إليهم. انتهى.
فتبين من هذا أن مدة بقاء الشفق الأحمر تختلف باختلاف طول الليالي وقصرها
وأما الشفق الأبيض أو ما يسمى بالبياض فلم نجد من تعرض لمدته إلا ما نقل الحطاب عن عياض قال: روي عن الخليل بن أحمد أنه قال: رقبت البياض فوجدته يبقى إلى ثلث الليل، وفي مختصر ما ليس بالمختصر إلى نصف الليل، فلو رتب الحكم لزم تأخير العشاء إلى نصف الليل أو آخره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1426(11/5158)
أفضلية تعجيل صلاة الصبح بعد التحقق من دخول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[يؤذن الفجر عندنا في المغرب قبل طلوع الشمس بساعة وخمسة وأربعين دقيقة تقريبا ونصلي صلاة الفجر بعد الأذان بثلاثين دقيقة تقريبا يعني قبل طلوع الشمس بساعة وعشر دقائق هل صلاتنا موافقة للسنة؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الصبح لها وقت محدد شرعاً يبدأ من طلوع الفجر الصادق الذي هو البياض المنتشر في الأفق يميناً وشمالاً، ويمتد إلى طلوع الشمس فلا يجزئ أداؤها قبل هذا الوقت ولا يجوز تأخيرها عنه، وراجع الفتوى رقم: 55960.
والأدلة الصحيحة دالة على أفضلية تعجيل صلاة الصبح بعد التحقق من وقتها بحيث تؤدى بغلس كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم واستمر عليه فعله.
قال ابن قدامة في المغني: وأما صلاة الصبح فالتغليس بها أفضل وبهذا قال الشافعي وإسحاق وروي عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وأبي موسى وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ما يدل على ذلك.
قال ابن عبد البر: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون، ومحال أن يتركوا الأفضل ويأتون الدون، وهم النهاية في إتيان الفضائل. إلى أن قال: ولنا ما تقدم من حديث جابر وأبي برزة وقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. متفق عليه. وعن أبي مسعود الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ثم أسفر مرة ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله. رواه أبو داود. قال الخطابي: وهو صحيح الإسناد. انتهى
وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شارحاً الحديث المتفق عليه السابق: الغلس اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل. وفي هذا الحديث حجة لمن يرى التغليس في صلاة الفجر وتقديمها في أول الوقت، لا سيما ما روي من طول قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، وهذا مذهب مالك والشافعي، وخالف أبو حنيفة، ورأى أن الإسفار بها أفضل لحديث ورد فيه: أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر. انتهى
وعليه، فإذا كنتم تصلون الصبح بغلس بعد التحقق من وقتها الشرعي وهو طلوع الفجر الصادق، فقد أصبتم السنة التي استمر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى آخر حياته كما ذكرنا.
والضابط المعول عليه شرعاً في هذا هو ضياء الصبح وظلمة الليل، والساعة المستخدمة الآن لضبط الوقت إنما هي دليل على ذلك وعلامة عليه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 15043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(11/5159)
من نام قبل دخول وقت الصلاة وترتب على ذلك فواتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في مهنة التمريض وفي يوم الخميس يفرض علي العمل من الساعة 8:00 مساء إلى الساعة 10:00 صباحا فلا أستطيع الذهاب إلى صلاة الجمعة التي تقام الساعة 12:50 ظهراً فهل لي من رخصة في تركها علما بأني بذلت جهدي لكي أستيقظ فلم أفلح في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تنام قبل دخول قوت الجمعة، لعدم الخطاب بها حينئذ.
قال السيوطي في الأشباه والنظائر: ولو أراد أن ينام قبل الوقت وغلب على ظنه أن نومه يستغرق الوقت لم يمتنع عليه ذلك، لأن التكليف لم يتعلق به بعد، ويشهد له ما ورد في الحديث أن امرأة عابت على زوجها بأنه ينام حتى تطلع الشمس فلا يصلي الصبح إلا ذلك الوقت، فقال: إنا أهل بيت معروف لنا ذلك أي ينامون من الليل حتى تطلع الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظت فصل. انتهى
وهذا الحديث قد أخرجه أبو داود في سننه وابن حبان في صحيحه، وقد صححه الشيخ الألباني.
وقال الدردير في شرحه لمختصر خليل المالكي: ولا إثم على النائم قبل الوقت ولو علم استغراق الوقت، وأما لو دخل الوقت فلا يجوز بلا صلاة إن ظن الاستغراق. انتهى
وعليه، فلا إثم عليك في النوم قبل دخول وقت الجمعة ولو ترتب على ذلك فواتها، لكن ينبغي لك اتخاذ الوسائل المعينة على الاستيقاظ لها كوصية شخص بإيقاظك أو استخدام منبه، ونحو ذلك مما هو مذكور في الفتوى رقم: 24613.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 1579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/5160)
من صلى شاكا في دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشك في دخول الوقت من مبطلات الصلاة؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدخول وقت الصلاة شرط في صحتها، بحيث لا تجزئ إلا بعد التحقق من حصوله أو غلبة الظن بذلك.
قال ابن قدامة في المغني: إذا شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن دخوله أو يغلب على ظنه ذلك، مثل من هو ذو صنعة جرت عادته بعمل شيء مقدر إلى وقت الصلاة، أو قارئ جرت عادته بقراءة جزء فقرأه، وأشباه ذلك، فمتى فعل ذلك وغلب على ظنه دخول الوقت أبيحت له الصلاة. انتهى.
وقال بدر الدين الزركشي الشافعي في المنثور في القواعد: البحث الثالث: إذا أقدم شاكا في حصول الشرط ثم بان مصادفته هل يجزيه؟ هو على ضربين:
أحدهما: أن يكون مما تجب فيه النية أو بني على الاحتياط فلا يجزيه، كما لو صلى شاكا في دخول الوقت ثم بان دخوله، وكما لو توضأ بالإناء المشتبه من غير اجتهاد ثم تبين أن الذي توضأ به كان طاهرا لم تصح صلاته ولا وضوؤه. انتهى.
وفي حاشية ال دسوقي المالكي: حاصله أنه إذا تردد هل دخل وقت أو لا؟ على حد سواء أو ظن دخوله ظنا غير قوي، أو ظن عدم الدخول، أو توهم الدخول سواء حصل له ما ذكر قبل الدخول في الصلاة، أو طرأ له ذلك بعد الدخول فيها فإنها لا تجزيه؛ لتردد النية وعدم تيقن براءة الذمة، سواء تبين بعد فراغ الصلاة أنها وقعت قبله أو وقعت فيه أو لم يتبين شيء، اللهم إلا أن يكون ظنه بدخول الوقت قويا فإنها تجزئ إذا تبين أنها وقعت فيه كما ذكره صاحب الإرشاد وهو المعتمد خلافا لمن قال بعدم الإجزاء إذا ظن دخوله سواء كان الظن قويا أو لا، ولو تبين أنها وقعت فيه. انتهى.
وعليه، فلا تجزئ الصلاة إلا بعد التحقق من دخول وقتها أو حصول غلبة الظن بذلك. وبالتالي، فلا تجزئ مع حصول الشك في دخول وقتها؛ لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/5161)
حول أوقات الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو إدلائي بأوقات الصلوات بفرانكفورت بألمانيا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على الأوقات، وقد بيناها في الفتوى رقم: 18758، والفتوى رقم: 13740.
ولا عبرة بما يخالفها من التقاويم التي تصدرها بعض الجهات استناداً إلى الحساب فقد تخطئ، وإذا لم تتمكني من معرفة ذلك بنفسك واختلفت التقاويم فخذي بالتقويم الصادر في البلدة التي تسكنيها إن كان الواضعون له مسلمين موثوقاً بهم لأنهم أدرى غالباً من غيرهم، فإن لم يوجد فلا حرج أن تأخذي بأحد التقاويم التي تصدرها الجهات الموثوق بها كرابطة العالم الإسلامي أو الأزهر أو غيرها هذا ما نستطيع دلالتك عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/5162)
الأخذ بالأسباب للاستيقاظ للصلاة واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب نومي ثقيل جدا حيث إني أحيانا لا أعرف أي شيء يحدث أمامي وعندما أضع المنبه لصلاة الفجر لا أسمعه ومع كثرة الأيام تضايق أخي مني وهو لا يحب أن ينهض في صلاة الفجر لوقتها ومنع علي وضع المنبه لأنني لا أنهض ونتشاجر عليه كثيرا ولا أعرف ما أعمل فهل أضع المنبه ولا أسمع لأخي مع أنني دوما أحاول أجعله ينهض دون فائدة وهل آثم إذا لم أضع المنبه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى فرض على المسلمين الصلاة في أوقاتها فلا يجوز تأخيرها عنها لغير عذر مثل النوم أو الجمع في السفر ـ وقد ذكر المفسرون عند تفسير قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4ـ5} ، أن الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها داخلون في هذا الوعيد، فعليك أن تأخذ بالأسباب التي توقظك للصلاة، وهو أمر واجب لأنه من وسيلة الواجب كما أوضحنا دليل ذلك في فتوانا السابقة رقم: 46996، فإن تأخرت عن الصلاة بسبب النوم بعد الأخذ بالأسباب لم تأثم كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 10624. وعليك أن توضح لأخيك برفق أن الأمر يتعلق بفريضة الله ولا مساومة في التفريط فيها. وبالتالي فلا تطعه في ترك وضع المنبه، وقل له إنه مأمور مثلك بالصلاة في وقتها. وعليك أن تنبهه للصلاة إذا انتبهت قبله سواء استجاب لذلك أو لم يستجب. وطالع الفتوى رقم: 40249، والفتوى رقم: 17771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(11/5163)
الدراسة ليست من أعذار جواز تأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ ـ أنا أدرس في بريطانيا والدراسة تبدأ من الساعة التاسعة إلى الخامسة ولا يوجد مكان أستطيع أن أصلي فيه الظهر في وقته والعصر في وقته وصلاة المغرب تكون في الساعة الرابعة فعندما أعود إلى البيت أصلي الظهر والعصر والمغرب في وقت واحد فماهو حكم الدين في هذا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل الصلاة فريضة مؤقتة بوقت فقال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً {النساء: 103} . وبين رسوله صلى الله عليه وسلم تلك الأوقات، فلا يجوز للمسلم تأخيرها عنها ولا تقديمها عليها إلا لعذر مثل الجمع في السفر أو الجمع للمطر أو المرض. وقد ذكرنا كلام الفقهاء في أحوال الجمع بين الصلاتين في الفتوى رقم: 6846. ومن أخر الصلاة عن وقتها لغير عذر فقد عصى الله تعالى وخالف ما فرض عليه واتبع غير سبيل المؤمنين ـ ثم إن الدراسة ليست من أعذار جواز تأخير الصلاة عن وقتها. وكنا أجبنا على مثل هذا السؤال في الفتاوى التالية: 58251، 43440، 2007. فراجعها.
ثم إن عليك أن تتوب إلى الله مما مضى وتلتزم بالصلاة في وقتها ولا يتأتى عدم وجود مكان للصلاة، فيمكن أن تصلى ولو في الطريق ـ وفي أي مكان من المباني التي أنت فيها، فيجوز أن تصلي فيما عدا الحمامات، ولا يشترط أن تكون الصلاة في المسجد ولا في البيت فحيثما أدركت المسلم الصلاة صلى.. مادام المكان طاهراً، ففي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. وهذا بعض حديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(11/5164)
أداء الصلاة قبل وقتها.. بين الجواز والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة العصر قبل الأذان ببضع دقائق (10) مع العلم أنني أعمل بعيدا عن المنزل وأصل متأخرة إلى المنزل أي مع دخول وقت المغرب.
أشكركم،
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها وقت معلوم حدده االشارع ابتداء وانتهاء. ولا يجوز ولا يصح أن تؤدى الصلاة قبل وقتها إلا إذا كانت هي الأخيرة من مشتركتي الوقت ـ العصر ـ والعشاء، ويكون ذلك لعذر يقتضي التقديم كسفر أو مطر أو نحو ذلك، فيجوز عند وجود ذلك الجمع بين مشتركتي الوقت تقديما أو تأخيرا.
وبما أن السائلة لم تذكر عذرا يبيح لها الجمع، بل ولا ذكرت الجمع أصلا فلا يجوز لها ولا يصح منها أن تصلي العصر حتى تتحقق من دخول وقتها، فإذا تحققت ذلك أو ظنته ظنا قويا معتمدا على علامة تفيد ذلك جاز لها أن تصلي العصر ولو لم يؤذن المؤذن، أما إذا لم تتحقق أوتظن ظنا قويا دخول الوقت فلا يجوز لها أن تصلي، ولكن يمكن أن تصلي أثناء ذهابها إلى العمل أو في مكان العمل.
وينبغي للمسلم أن يحرص دائما على أداء فرائضه ويحافظ عليها ولايضيعها، ولا يجعل غيرها من الأعمال الدنيوية في الدرجة الأولى، فيستهين بها حفاظا على عمله ووظيفته ويجعلها هي الدرجة الثانية، ولتراجعي الفتوى رقم: 4724، والفتوى رقم: 6846.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(11/5165)
من صلى ظانا أنه في الوقت فبان أنه صلاها بعد خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أستيقظ أحيانا في الصباح ولا أدري إن كان الشروق قد حان أو لا. فيكون النهار قد طلع ولكن يوجد فيه بعض الظلمة. فأصلي الصبح حاضرا ثم أصليه مرة أخرى قضاء. فهل ما أفعل صحيح, أم أصليه مرة واحدة حاضرا؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 10624.أنه يجب على المسلم أن يحافظ على أداء الصلاة في وقتها، فإن كان لا يتسيقظ وجب عليه أن يتخذ الأسباب اللازمة لاستيقاظه للصلاة؛ وإلا كان مفرطا. وللمحافظة على الصلاة في وقتها وعدم جواز تأخيرها لغير ضرورة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 58709.
وأما بخصوص ما ذكره السائل فالظاهر أنه يصلي في الوقت أي قبل طلوع الشمس بدليل وجود الظملة، ولو صلى وهو يظن أنه في الوقت وتخلف ظنه فبان أنه صلاها بعد خروج الوقت فصلاته صحيحة، ولا يطالب بالقضاء، وكذلك لو صلى وهو يظن أن الشمس طلعت فبان أنها لم تطلع فصلاته صحيحة أيضا لأن نية الأداء تنوب عن نية القضاء وكذلك العكس، هذا في غير المتعمد، قال في منح الجليل ممزوجا بخليل وهو مالكي: أو لم ينو الأداء في التي حضر وقتها أو ضده أي القضاء في التي خرج وقتها فلا تبطل، والوقت يستلزم الأداء، وخروجه يستلزم القضاء، وتصح نية القضاء وعكسه إن اتحدت الصلاة ولم يتعمد بأن اعتقد بقاء الوقت فنوى الأداء وتبين خروجه، أو اعتقد خروج الوقت وتبين بقاؤه، فإن تعمد فلا تصح. انتهى.
وقال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ويصح القضاء بنية الأداء وعكسه إذا بان خلاف ظنه، ذكره الأصحاب. ولا يصح القضاء بنية الأداء وعكسه أي مع العلم ـ وذكره في الإنصاف، وقال ابن تميم: فلا إعادة وجها واحدا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/5166)
الوقت الضروري والاختياري للصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الوقت الضروري لصلاة الصبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقت الضروري للصبح يبدأ من نهاية الوقت المختار لها، والوقت الاختياري لها ينتهي عند الإسفار الأعلى، وهو الضوء الواضح الذي تتميز فيه الوجوه بالبصر المتوسط في محل لا سقف فيه ولا غطاء، وراجع الفتوى رقم: 32380.
وقد جرى اختلاف بين المالكية هل للصبح وقت ضروري أم لا؟
قال الدسوقي في حاشيته: ثم إن ما ذكره المصنف من أن المختار للصبح يمتد للإسفار الأعلى هو رواية ابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك في المدونة، قال ابن عبد السلام: وهو المشهور. وقيل يمتد اختياري الصبح لطلوع الشمس. وعليه؛ فلا ضروري لها وهو رواية ابن وهب في المدونة والأكثر وعزاه عياض لكافة العلماء وأئمة الفتوى، قال: وهو مشهور قول مالك. والحاصل أن كلا من القولين قد شُهّر؛ لكن ما مشى عليه المصنف أشهر وأقوى كما قال شيخنا. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(11/5167)
يؤخر الصلاة عن وقتها بسبب الدراسة ويغلب عليه الخوف من الله لشعوره بالتقصير في حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكر جهودكم على إقامة هذا الموقع لنصرة الإسلام والمسلمين، لدي سؤالان للإخوان المفتين:
يا إخون أنا طالب في الجامعة وعمري 19 عاماً وأدرس في إحدى الدول الغربية، ولكن أقضي إجازتي الآن في بلادي الأم، السؤال هو: أني أصلي الفروض الخمسة ولكن في بعض الأحيان أؤخر الصلاة لسبب ما، بعض الأوقات وقت دراستي في الجامعة لا أدرك الصلاة، سوف أوضح الأمر مثلاً عندما تكون لدي حصة في وقت الظهر فإني أؤخرها إلى صلاة العصر وأجمع بين الصلاتين، وفي بعض الأحيان أرجع من الجامعة منهكا حتى أني لا أستطيع فعل أي شيء أستلقي حتى آخذ فترة من الراحة ومن ثم أقوم وأجمع الصلوات التي فاتتني، ولكن أنا لست راضياً عن وضعي، للعلم أن نومي من النوع الثقيل جداً، ولكن لا أفرط في الصلاة بل أصلي الفروض الخمسة كلها يومياً (هل ارتكبت كبيرة من الكبائر، وهل الذي أعمله يؤدي ليوم من الأيام أن يكون مصيري النار والعياذ بالله) ؟
السؤال الثاني: أنني أصلي وأصوم 30 من رمضان وأصوم بعض الأيام من الأسبوع كالإثنين والخميس في بعض الأوقات وأقوم بعمل الخير وأتصدق بما أنعم الله علي من نعمة وأسعى جاهداً لكي أرفع اسم دولتي وحتى أخدمها وعمل الخير الذي يؤدي لرضا الله عز وجل، ولكن أنا في نظري أن هذا ليس كافياً لدخولي الجنة وأن كل هذا لا يوصلني للجنة، أعتقد أني مقصر في حق الله وأني لا أؤدي الواجبات كلها، إنني أوسوس وأخاف عذاب الله لا أتفاءل بالجنة، لا أعلم لماذا كل ما أريد أن أقنع نفسي أني أعمل الخير أفكر أني لا أقوم بواجبي اتجاه الله وأخشى الله وعذابه وعقابه وأنا في هذا الحال من عرفت أنه هناك إلهاً سوف يحاسبنا في يوم ما أريد أن أعيش حالة من الطمأنينة، ولكن لا أستطيع، تفكيري كله منصب بأني لم أقم بواجبي اتجاه الله بأكمل وجه وأن كل هذا ليس كافياً لدخولي الجنة، فماذا أفعل حتى أطمئن ولو بشكل بسيط، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها المختار هو من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وقوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، والدراسة في الجامعة أو غيرها ليست عذراً يبيح تأخير الصلاة عن وقتها، فعليك أيها الأخ الكريم أن تتوب إلى الله من هذا الإثم الشنيع، وتتجنب في المستقبل تأخير الصلوات عن وقتها، وإذا كانت ظروف الجامعة ومواقيت الدراسة بها لا تسمح بأداء الصلاة في أوقاتها فإن تركها يتوجب حينئذ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وما ذكرته من الوسوسة في أمر الآخرة واعتقاد التقصير في العبادة هو حافز على الاستزادة من أعمال البر، ولكن على المرء أن يجمع معه رجاء رحمة الله، كما قال الله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ {الزمر:9} .
والحاصل أن عليك أن تتوب من تفريطك في الصلاة وتأخيرها وتوازن بين الخوف والرجاء في اعتقادك وإحساسك، واعلم أن الذي أصابك من عدم الطمأنينة قد يكون سببه تأخير الصلاة، لأنه إعراض عن ذكر الله، والله تعالى يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(11/5168)
لا تنعقد الصلاة قبل التحقق من دخول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلا ة الصبح قبل الأذان في حالة السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لها وقت محدد لا تصح قبل دخوله، فقد قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً {النساء: 103} . ووقت صلاة الصبح يبدأ من طلوع الفجر الصادق الذي ينتشر ضياؤه يمينا وشمالا، فهذا هو الوقت الشرعي الذي بينه الله تعالى بقوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ {البقرة: 187} . ولا تصح بحال من الأحوال أن تؤدى قبله، وبالنسبة لمن ليس له معرفة بأوقات الصلاة يجوز له تقليد مؤذن عدل عارف بالوقت كما في الفتوى رقم: 35952.
وعليه فلا تصح صلاة الصبح قبل التحقق من دخول وقتها، وليس وقتها مرتبطا بالأذان، بل إذا تحقق الشخص من دخول الوقت صحت صلاته. وراجع الفتوى رقم: 24703، والفتوى رقم: 23811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(11/5169)
حكم تأخير الصلاة بسبب الجهل بالحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي ذهبت للمصيف وعمرها 28 عاما وهي تحافظ على صلواتها دائماً ولكن قلت لها بالمصيف عند رجوعنا نجمع الفروض لأنه يوجد اختلاف بمواعيد الصلاة لأننا دائما يكون موعد صلاة الظهر والعصر ونحن بالشاطئ فقالت لي وأنا مثلك وفعلاً لم تصل لمدة ستة أيام المصيف وعند رجوعنا انقلبت السيارة وتوفيت ابنتي بالحال. فهل تحاسب هي أم أنا على هذا وهل يصح لي تأدية الصلاة عنها أم لا وهل وقع الحادث هذا لتأخرنا على الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أداء الصلاة في وقتها، فإن عرف الوقت بيقين، وإلا اجتهد وعمل بغالب ظنه، ولا يلزمه قضاؤها، إلا إذا تبين له أنه صلاها قبل دخول وقتها.
ويحرم عليه تأخيرها لغير عذر شرعي كنوم أو نسيان. وعليه، فما حصل منكما خطأ سببه الجهل والإهمال، ومادام قد حصل ما حصل، فاستغفري الله تعالى وقومي بقضاء الصلوات التي تركتها، وأما ابنتك فلا يصح قضاء الصلوات عنها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 9656 ولكن ينبغي لك أن تدعي لها وتتصدقي عنها، ولا شك أنه يلحقك إثم بتسببك في تركها للصلاة، وكل منكما مسؤولة عما حصل، عفا الله عنا وعنكما.
وأما وقوع الحادث فقد يكون عقوبة على هذا الذنب، وقد يكون لغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/5170)
مواقيت الصلاة حسب (ساعة منبه الفجر)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة في برلين وعندي (ساعة منبه الفجر) وهي ساعة تبرمج حسب مفتاح البلد أظنكم تعرفونها، فهل بإمكاني الاعتماد عليها كليا في مواقيت الصلاة والصيام والإفطار، مع العلم بأنها تختلف أحياناً عن الرزنامة المحلية بفارق دقائق، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على تلك الأوقات، وعند عدم معرفة ذلك أو تعذره على الشخص فإن عليه الرجوع إلى التقاويم التي تصدرها الجهات الموثوق بها في بلده، ففيها تحديد الأوقات بالدقة، ولا يعتمد على الساعة ما دامت تخالف التقاويم المعروفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/5171)
دخول الوقت شرط في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أذن المؤذن 10 دقائق قبل الوقت وفطر الصائمون في أيام شوال فهل يعيدون الصيام- كذلك صلى الناس بذلك المسجد قبل الوقت بثلاث دقائق فهل الصلاة صحيحة ... شكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإفطار الصائم إنما يشرع بعد التأكد من غروب الشمس. قال تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة: 187} . وقال صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الليل أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم، وأشار إلى المشرق. متفق عليه.
كما أن صلاة المغرب لا يصح أداؤها قبل تيقن إقبال الليل، وعليه، فإذا ثبت فعلا فطر الصائمين قبل غروب الشمس فقد فسد صومهم، وإذا كان صيامهم لست من شوال فليقضوا إن أرادوا تحصيل ثواب الصيام المذكور، وراجع الفتوى رقم: 12726.
كما أن صلاة المغرب إذا أديت قبل غروب الشمس فعلا فإنها باطلة ويجب قضاؤها، لأن دخول الوقت شرط في صحة الصلاة.
وينبغي نصح القائمين على أمور المسجد المذكور وتنبيههم على ضرورة التقيد بالوقت المشروع، وبيان خطورة التقدم عليه، فإن امتثلوا فحسن، وإن لم يمتثلوا فعليكم البحث عن مسجد يلتزم بالوقت المشروع، وراجع الفتوى رقم: 11504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/5172)
وقت صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو وقت صلاة الفجر؟ هل بين الأذانين؟ أم بعد الأذان الثاني؟
جزاكم الله خيرا وتقبل صيامكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يؤذن للصبح بليل ليرجع القائم وينتبه النائم، وهذا هو الأذان الأول وهو لا يوجب صلاة ولا يحرم طعاماً، وإنما الذي يوجب الصلاة ويحرم الطعام وينقضي به الليل هو الأذان الثاني، ففي الصحيحين عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، ثم قال: وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت. وعليه؛ فوقت صلاة الفجر يكون بعد الأذان الثاني حين يطلع الفجر الصادق وهو البياض المعترض في الأفق الذي لا يعقبه ظلمة إلى طلوع الشمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(11/5173)
أقوال العلماء في نهاية وقت الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نام الشخص عن صلاة واستيقظ في وقت الأخرى كمن نام عن الظهر واستيقظ بعد العصر فهل يصبح وقت الظهر بالنسبة له إلى آخر وقت العصر فقط أم إلى آخر اليوم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نام عن صلاة الظهر ولم يستيقظ إلا بعد العصر فعليه المبادرة إلى أداء صلاة الظهر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
وقد اختلف أهل العلم في نهاية وقت الظهر فقال بعضهم: إذا صار ظل كل شيء مثله غير الظل الذي يكون له عند الزوال، وقيل هو مستمر إلى غروب الشمس، لكن إذا دخل وقت العصر سمي ذلك وقتا ضروريا للظهر، خاص بأصحاب الأعذار عند المالكية، لا يجوز التأخير إليه إلا عند الضرورة. قال الإمام النووي في المجموع: وأما آخر وقت الظهر فهو إذا صار ظل الشيء مثله غير الظل الذي يكون عند الزوال، وإذا خرج هذا دخل وقت العصر متصلا به، ولا اشتراك بينهما، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي والثوري والليث وأبو يوسف ومحمد وأحمد.
وقال عطاء وطاووس: إذا صار ظل الشيء مثله دخل وقت العصر، وما بعده وقت الظهر والعصر على سبيل الاشتراك حتى تغرب الشمس.
وقال إسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني وابن جرير: إذا صار ظله مثله فقدر أربع ركعات بعده وقت الظهر والعصر، ثم يتمحض الوقت للعصر.
وقال مالك: إذا صار ظله مثله فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر بالاشتراك، فإذا زاد على المثل زيادة بينة خرج وقت الظهر، وعن مالك رواية أن وقت الظهر يمتد إلى غروب الشمس.
وقال أبو حنيفة: يبقى وقت الظهر حتى يصير الظل مثلين، فإذا زاد على ذلك يسيرا كان أول وقت العصر. انتهى.
ووقت الظهر هنا يستوي فيه النائم وغيره، إلا أن الإثم ساقط عن النائم غير المفرط في الاستيقاظ إذا حصل التأخير بسبب النوم. لقوله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/5174)
كيف يصلي الراكب إذا خشي خروج وقت الفريضة ولا يستطيع النزول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصلي صلاة الصبح بعد طلوع الشمس خاصة أني سائق شاحنة وأنطلق من البيت قبل أذان الصبح بحوالي الساعة تقريبا ولا أستطيع أن أتوقف في الطريق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن الصلاة لا يجوز تقديمها عن وقتها ولا تأخيرها عنه، ومن قدمها عن وقتها، فإنها لا تجزئه اتفاقاً، مثل أن يصلي صلاة الصبح قبل طلوع الفجر. وأما تأخيرها عن وقتها الذي ينتهي عند طلوع الشمس، فإنه لا يجوز أيضاً، ولو كان الشخص مسافراً، ومن فعل ذلك ذاكراً، فقد أثم إثماً عظيماً.
فقد ذكر العلماء أن من أخر الصلاة عن وقتها المختار من غير ضرورة أنه مضيع لصلاته مفرط فيما أمره الله به من حفظها، وإن كان مؤدياً لها غير قاض، فإنه مع ذلك آثم، فما بالك بتأخيرها عن وقتها الضروري.
قال القرطبي رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} . روى الضحاك عن ابن عباس قال: هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثواباً، وإن تركها لم يخش عقاباً، وعنه أيضاً الذين يوخرونها عن أوقاتها، لذا، فإنا ننصح السائل الكريم أن يتوضأ عند استعداده لبدء السفر ليكون جاهزاً للصلاة، فإذا طلع الفجر أوقف شاحنته وصلى.
اللهم إلا أن يكون خائفاً على نفسه أو على ما عنده من الأموال، فيجوز له أن يصلي على الحالة التي هو بها، فإن أمكن استقبال القبلة والقيام والركوع والسجود استقبل القبلة وصلى على تلك الحالة، وإلا صلى حسب استطاعته، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 46043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/5175)
الاختلاف في التقاويم فيما يختص بأوقات الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين
أنا طالب أسكن بلدا أوربيا ومسجد البلدة التي أقطنها يبيع يومية فيها أوقات الصلاة لعام كامل‘ وهذه الأوقات تختلف عما يوجد في مواقع الإنترنت الإسلامية فيما يخص بلدتي، فهلا أرشدتموني!
أيهما أستعمل؟ علما بأن الاختلاف يصل أحيانا إلى ربع ساعة وأن الأوقات المعروضة على الإنترنت تلائم أوقات دراستي أكثر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على الأوقات، وقد بيناها في الفتوى رقم: 18758، والفتوى رقم: 13740.
ولا عبرة بما يخالفها من التقاويم التي تصدرها بعض الجهات استنادا إلى الحساب فقد تخطئ، وإذا لم تتمكن من معرفة ذلك بنفسك واختلفت التقاويم فخذ بالتقويم الصادر في البلدة التي تسكنها إن كان الواضعون له مسلمين موثوقا بهم لأنهم أدرى غالبا من غيرهم، فإن لم يوجد فلا حرج أن تأخذ بأحد التقاويم التي تصدرها الجهات الموثوق بها كرابطة العالم الإسلامي أو ألأزهر أو غيرها، وإذا أخذت بما يلائم وقت دراستك فلا بأس، فإن تلك الجهات لم تضع التقاويم إلا بخبرة، ولا يضر الاختلاف الواقع فيها ما لم يتبين أن أحدها يخالف العلامات الشرعية فلا يتبع حينئذ، وليس في وسعك إلا ذلك؛ والله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/5176)
وقت صلاة الفجر بدءا وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[- صلاة الفجر متى ينتهي وقتها أي تصبح قضاء أعني كم هي الفترة التي تعتبر فيها الصلاة فرضا وليست قضاء من أذان الفجر إلى كم من الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الله تعالى للصلوات المفروضة وقتا معلوما ابتداء وانتهاء، قال سبحانه: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} .
وقد حدد الشارع لذلك علامات منضبطة فصلاة الفجر يبدأ وقتها بطلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس، ولا يجوز للمسلم إخراجها عن وقتها من غير عذر شرعي كنوم أو نسيان، وتراجع الفتوى رقم: 3029، والفتوى رقم: 1840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(11/5177)
هل يضر الاختلاف في مواقيت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نعيش في الغرب ... ونواجه صعوبة في حساب وقت الصلاة وعمل تقويم لمواقيت الصلاة للسنة كاملة بسبب صعوبة فهم المراصد الفلكية في البلاد التي نعيش بها كيفية حساب وقت الصلاة في الإسلام لأنهم غير مسلمين ... وما يوجد من مواقيت عبر الإنترنت في مواقع إسلامية معروفة غير دقيقة وأوقاتها متباعدة ... فمثلا لو أخذنا توقيت شهر معين حسب طريقة رابطة العالم الإسلامي تجد الفرق مع جامعة كراتشي أو مع الأزهر....فما رأيكم بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على الأوقات، وقد بيناها في الفتوى رقم: 18758. ولكن إذا لم تتمكن من معرفة ذلك بنفسك فارجع إلى أقرب مركز إسلامي موثوق في بلدك لأنهم أعلم بالحال والواقع، فإن لم يكن عندكم مركز إسلامي فارجع إلى التقاويم التي تصدرها الجهات الموثوق بها كرابطة العالم الإسلامي أو الأزهر أو جامعة كراتشي أو غيرها فإنهم لم يضعوا تلك التقاويم إلا بخبرة ولا يضر الاختلاف الواقع فيها ما لم يتبين أن أحدها يخالف العلامات الشرعية فلا يتبع حينئذ، وليس في وسعك إلا ذلك والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1425(11/5178)
المبادرة إلى أداء الصلاة في أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[يبدأ أذان العصر الساعة 3.50 وبعد العودة من العمل أنام الساعة 3.15 مساءاً حتى الساعة 5.00، هل إذا صليت بعد ساعتين وربع من الأذان أكون آثمة بتأخيرها عن وقتها وهذا الأمر يحدث لي معظم الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن الصلاة يجب أن تؤدى في وقتها، لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، ولا عذر لأحد في تأخيرها عن وقتها عمداً حتى لا يبقى من وقتها ما يسعها. قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن من أخر الصلاة ثم أدرك منها ركعة قبل غروب الشمس فهو مدرك لها، ومؤد لها في وقتها، سواء أخرها لعذر أو لغير عذر، إلا أنه إنما يباح تأخيرها لعذر وضرورة كحائض تطهر، أو كافر يسلم، أو صبي يبلغ، أو مجنون يفيق، أو نائم يستيقظ، أو مريض يبرأ. انتهى.
وأما إذا حصل للإنسان عذر شرعي يمنعه من أداء الصلاة في وقتها كالنوم قبل دخول وقتها والنسيان والإكراه، وفي هذه الحالة لا يلزمه إلا قضاؤها بعد زوال العذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك. رواه مسلم.
وعن أبي قتادة قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة؟ فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
ويجب على المسلم أن لا يتهاون في أداء الصلاة فيتعذر بالعمل تارة، وبالتعب تارة أخرى، بل الواجب على كل مسلم المحافظة على كل صلاة في وقتها كما أمره الله تعالى، فقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238] .
والأولى بالمسلم المبادرة إلى أداء الصلاة في أول وقتها، لقوله تعالى: ... فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ... {البقرة: 148} ، ولما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة في وقتها. وهذا لفظ البخاري.
وعليه، فلا ينبغي لك تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري، وأما تأخيرها حتى لا يبقى من وقتها ما يسعها فلا يجوز إلا للضرورة كما قدمنا، ولمعرفة الوقت الاختياري والوقت الضروري راجعي الفتوى رقم: 46409، والفتوى رقم: 12957.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/5179)
التصرف السليم لمن يشك في صحة مواقيت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود من حضرتكم أن تجيبوا على هذا السؤال..
أنا حاليا متواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية.. ولاية ميتشيغان في ابسيلانتي (بقرب آن آربر) .. وأعاني من مشكلة معرفة أوقات الصلوات المفروضة بشكل خاص.. لا أدري لم أشك في صحة الأوقات.. أشعر أنها ليست صحيحة.. فمثلا: صلاة الفجر في تمام الساعة 4:34 << اليوم.. وقد صليتها تمام الساعة 5:15 نظرا لاعتمادي على لون السماء وكذا الحال في صلاة المغرب يكون وقتها ليس وقت غروب.. حاولت أن آخذ أوقاتها من مواقع الإنترنت وشككت أيضا في صحة الأوقات.. فوقت صلاتي الفجر والمغرب جعلاني أشك في صحة وقت صلوات الظهر والعصر والعشاء.. اسمحوا لي أقول هذا.. ولكن أين المتنبئ الدقيق؟؟ .. وكيف لي أن أعرف صحتها؟؟ أرجوا أن تعذروني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان يوجد في مدينتك التي تسكنين فيها مركز إسلامي فينبغي أن تصلي وتصومي على توقيتهم، لأنهم أعلم بالواقع والحال عندكم.
فإن لم يكن مركز إسلامي في مدينتك ولم تستطيعي معرفة الوقت بنفسك فالذي ننصحك به هو العمل بأحد المواقيت المقدمة من رابطة العالم الإسلامي أو الأزهر أو غيرهما، لأن واضعي هذه المواقيت وضعوها بخبرة واجتهاد، ولأنه ليس في وسعك إلا ذلك، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(11/5180)
مسألة حول تحديد أوقات الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقات الكراهة حسب التوقيت العادي وليس حسب الشمس لأني لا أعرف انحرافات الشمس، فأريد منكم مثلا بعد أذان العصر وقبل الظهر بعشر دقائق وهكذا وليس حسب الشمس وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أوقات النهي عن صلاة النافلة في الفتوى رقم: 34779.
وذكرنا هنالك الحديث الذي حدد تلك الأوقات، وبينا الحكمة من النهي عن الصلاة فيها، ونضيف هنا أن أوقات النهي منها ما لا يمكن ضبطه بالساعات أو الدقائق ولا يحتاج إلى ذلك وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وذلك لأن هذا الوقت قد يطول وقد ويقصر حسب الأزمنة وحسب الأمكنة، وهو أيضا بين علامتين واضحتين وهما طلوع الفجر وطلوع الشمس أو صلاة العصر وغروب الشمس.
أما بالنسبة لا رتفاع الشمس الذي ينتهي به وقت النهي فقد حدد بربع ساعة تقريبا، وقيام الشمس في كبد السماء المنهي عن الصلاة في وقته قد حدد أيضا بعشر دقائق قبل الظهر وهذا كله على وجه التقريب، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 49002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1425(11/5181)
حكم تأخير العشاء إلى ما قبل الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في كندا أذان المغرب عندنا حوالي الساعه 9.15 والعشاء حوالي الساعة11.10 ويوجد عندي والدتي ومريضه بالقلب، وهي لا تستطيع أن تنتظر حتى صلاة العشاء لتصليه فتقوم بجمع صلاة المغرب وصلاة العشاء مع بعضهما البعض، مع العلم بأنها مقيمه وليست على سفر ولكن لي صاحب قال لي إنه لماذا لا تصلي المغرب وبعدها تنام وعندما تفيق أي قبل صلاة الفجر بإمكانها أن تصلي العشاء ولكني قلت له إن انتهاء صلاة العشاء يكون في منتصف الليل أي لا يجوز الصلاة بعد الساعة 12,00 بعد منتصف الليل، فأرشدونا لما فيه الخير لها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمريض الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء عند المالكية والحنابلة وذهب إليه جماعة من فقهاء الشافعية، وقال النووي: هذا الوجه قوي جداً. واحتجوا أن الجمع لا يكون إلا لعذر، والمرض عذر، وقاسوه على السفر بجامع المشقة، بل إن المشقة في إفراد الوقت على المريض أشد منها على المسافر.
إلا أن المالكية يرون أن الجمع الجائز في المرض هو جمع التقديم فقط وعليه فلا حرج على أمك في الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء ولا يجوز لها تأخير صلاة العشاء حتى تستيقظ بعد منتصف الليل لأن آخر وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل على الراجح من أقوال أهل العلم، فعن أنس رضي الله عنه قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وقت العشاء إلى نصف الليل.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما ما بعد منتصف الليل إلى الفجر فهو وقت ضرورة لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لعذر.
وننبهك إلى أن منتصف الليل قد لا يكون الثانية عشرة وهو مختلف باختلاف الأزمنة والبلدان، وراجع الفتوى رقم: 40750.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/5182)
هل يجوز تقديم صلاة العشاء في البلاد التي يتأخر فيها مغيب الشفق
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في شمال غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وقد جرت العادة في مسجدنا أن تكون أوقات الصلاة وفق الجدول الذي يعد خصيصا لمواقيت الصلاة، وقد اختلف المصلون على وقت صلاة العشاء حيث إنه وفقا للجدول فإن صلاة العشاء تكون في الساعة 11.30 مساء مما يسبب مشقة على كثير من المصلين خاصة أولئك الذين يبدأون أعمالهم مبكرا فيتخلفون عن صلاة العشاء، وقد نسب أحد المصلين فتوى إلى أحد العلماء وتنص هذه الفتوى على أنه يجوز أن تصلى العشاء بعد ساعة ونصف الساعة من وقت صلاة المغرب. ونحن نسألكم أهل العلم هل يجوز أن نصلي العشاء بعد ساعة ونصف من صلاة المغرب حيث إن هذا ما يطلبه كثير من المصلين وهو سبب تخلفهم عن صلاة العشاء كل ليلة، مع العلم بأن وقت صلاة المغرب التاسعة والربع مساء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت صلاة العشاء يبدأ بمغيب الشفق الأحمر، فإن كان الشفق الأحمر له وقت ينتهي فيه، لزمكم أن تصلوا العشاء في وقتها، وقد جعل الله عز وجل لكل صلاة وقتاً تؤدى فيه فلا يجوز تقديمها ولا تأخيرها عليه إلا فيما أذن الشرع فيه، وقد قال تعالى: [إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً] (النساء: 103) ،
قال ابن عباس: إن للصلاة وقتاً كوقت الحج.
وأما إذا كان الشفق لا يغيب حتى طلوع الفجر من جهة المشرق كما هو حاصل في بعض البلاد القريبة من القطب الشمالي، فاقدروا للعشاء قدره على أقرب مدينة لكم يغيب فيها الشفق.
وانظر الفتوى رقم: 18918 والفتوى رقم: 32532.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/5183)
بيان مواقيت الصلاة كما ورد في الحديث الشريف
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تحين صلاة العصر بالنسبة لموقع الشمس، وهل هناك حديث شريف يدل على أوقات الصلاة بالنسبة لوقت وموقع الشمس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأول وقت العصر إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال، ويستمر إلى أن تصفر الشمس، وذلك لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وصلى بي جبريل العصر حين كان كل شيء مثل ظله. رواه أبو دواد.
ولحديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. رواه مسلم.
ثم هو بعد اصفرار الشمس وقت ضرورة عند بعض أهل العلم إلى غروبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك. رواه مسلم، ومن الأحاديث في بيان مواقيت الصلاة حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر، وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلاً، ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم. رواه النسائي.
فهذا الحديث فيه بيان لأوقات الصلاة، ولكن لا بد من جمعه مع الأحاديث الأخرى في بيان المواقيت كحديث عبد الله بن عمرو عند مسلم.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(11/5184)
من شرع في الصلاة ظانا دخول الوقت ثم سمع المؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[شرعت في صلاة الظهر ظانة أن الأذان قد رفع، لكن ما أن أتممت الركعة الثانية حتى سمعت الأذان، فهل أسلم وأبتدئ الصلاة من جديد، أم أنهي صلاتي الظهر هكذا، متجاهلة هذا الاختلاف الزمني البسيط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلم بدخول وقت الصلاة أو ظن ذلك ظناً غالباً شرط لصحة الصلاة، فعليك بالتحري في هذا الأمر، فإذا كنت لا تستطيعين الجزم بكونك صليت قبل دخول وقت الظهر أو بعده فلتسألي من يوثق به ممن له علم بأوقات الصلاة من إمام أو مؤذن، أو الاستعانة ببعض التقاويم الصادرة عن العدول الثقات والتي تشتمل على تفاصيل دقيقة لكافة أوقات الصلاة.
فإذا صليت بعد اليقين أو الظن الغالب بدخول الوقت وتبين كونك صليت بعد دخول وقت الظهر فالصلاة صحيحة، وإذا ظهر أنك صليت الركعتين المذكورتين قبل دخول الوقت فالواجب عليك إعادة الصلاة إذ لا تصح قبل دخول وقتها، وراجعي الفتوى رقم: 36081، والفتوى رقم: 4538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/5185)
الدليل على اتخاذ المنبه لمن يعلم أنه لا يستيقظ للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه في إحدى غزواته نام عن صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، ولم يرد عنه أنه أمر أحداً أن يجعل له من يوقظه للصلاة، فمن أين كان وضع المنبه أو غيره واجب، على من نام في وقت الإباحة، أرجو الإجابة بوضوح مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما قاله السائل من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه أنه أمر أحداً بأن يجعل له من يوقظه للصلاة غير صحيح، فقد روىمسلم في صحيحه وأبو داود في سننه ومالك في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلة حتى إذا أدركنا الكرى عرس وقال لبلال: اكلأ لنا الليل، قال: فغلبت بلالا عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى إذا ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بلال، فقال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فاقتادوا رواحلهم شيئاً ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بلالاً فأقام الصلاة وصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله قال: أقم الصلاة للذِّكْرَى. قال يونس وهو راوي الحديث: وكأن ابن شهاب يقرؤها كذلك.
ففي هذا الحديث دليل على اتخاذ المنبه خصوصاً إذا علم الشخص أنه لا يستيقظ عند وقت الصلاة، مع أن المنبه لا يجب اتخاذه على كل شخص وإنما يجب في حق من يعلم أنه لا يستيقظ للصلاة، فهو إذا من باب وسيلة الواجب واجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/5186)
تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري إلى الوقت الضروري
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي تأخير صلاة العصر إلى ما قبل غروب الشمس وذلك بسبب العمل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى بالمسلم المبادرة إلى أداء الصلاة في أول وقتها لقوله تعالى: فاستبقوا الخيرات، ولما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها. وهذا لفظ البخاري.
وعليه؛ فينبغي لك أنت ومن معك من الزملاء في العمل أداء الصلاة في وقتها جماعة، وعلى المسؤولين عن إدارة العمل مساعدتكم في ذلك وإتاحة الفرصة لكم.
فإن تعذر هذا مع اضطرارك للعمل اضطراراً ملجئاً فأنت معذور في تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري إلى الوقت الضروري الذي لا يباح التأخير إليه إلا في حق أصحاب الضرورات والأعذار، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن من أخر الصلاة ثم أدرك منها ركعة قبل غروب الشمس فهو مدرك لها، ومؤد لها في وقتها سواء أخرها لعذر أو لغير عذر؛ إلا أنه إنما يباح تأخيرها لعذر وضرورة كحائض تطْهر، أو كافر يسلم، أو صبي يبلغ، أو مجنون يفيق، أو نائم يستيقظ، أو مريض يبرأ. انتهى.
ويجب عليك أن تعلم أن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يحق لك البقاء إلا بقدر ما تجد عملاً بديلاً ولو كان بأجر أقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(11/5187)
لا حرج في الدخول بالصلاة عند بدء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإنسان المسلم يجب أن يبدأ في صلاة الفرض ظهرا أو عصرا أو أو......
عند سماع صوت الأذان مباشرة أي عند نطق المؤذن بكلمة الله أكبر وإذا فعل هل ذلك مكروه؟
وإن لم يكن يسمع الأذان إلا فيما ندر لبعد المسجد أو عدم تواجده؟ هل يستطيع أن يعتمد على مواقيت الصلاة فقط؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المؤذن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، ولذا، فلا حرج على المرء أن يبتدئ الصلاة عند ابتداء المؤذن بالأذان، ولكن الأولى والأفضل أن يجيب المؤذن بترديد الأذان.
ولا مانع من الاعتماد على المواقيت المدونة من قبل الجهات الموثوقة، وانظر الفتوى رقم: 24137، والفتوى رقم: 24046، والفتوى رقم: 1415، والفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/5188)
أوقات الكراهة وحكم صلاة النافلة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأوقات التي تكره فيها الصلاة؟
ماهي الأوقات التي تحرم فيها الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت النهي عن صلاة النافلة في عدة أوقات، ففي صحيح مسلم من رواية عقبة بن عامر: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم من رواية أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس.
فالحديث الأول يثبت ثلاثة أوقات للنهي:
1- وقت طلوع الشمس.
2- وقت استواء الشمس في كبد السماء قبل الزوال.
3- عند ميلان الشمس للغروب وقربها من حصوله.
أما الحديث الثاني، فقد أثبت وقتين أيضا هما:
1- بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس.
2- بعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس.
والنهي عن ابتداء صلاة النافلة في هذه الأوقات للتحريم عند الحنابلة والشافعية، باستثناء ذوات الأسباب، قال ابن قدامة في "المغني": ولا يبتدئ في هذه الأوقات صلاة يتطوع بها، لا أعلم خلافا في المذهب أنه لا يجوز أن يبتدئ صلاة تطوع غير ذات سبب، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي. انتهى.
وعند المالكية أوقات النهي على قسمين: أوقات حرمة وأوقات كراهة، فتحرم عندهم صلاة النافلة في الأوقات التالية:
وقت طلوع شمس، وقت غروبها، وقت خطبة الجمعة، حال إقامة صلاة فرض، عند توجه الإمام لخطبة الجمعة، عند ما يبقى من الوقت قدر ما تؤدى فيه صلاة الفريضة فقط عند ذكر صلاة فرض فائتة.
وتكره النافلة بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس قدر رمح، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. انظر الشرح الصغير للدردير.
أما صلاة الفريضة فلا يشملها وقت النهي، لأن المطلوب فعلها حينما يتذكرها الشخص في أي وقت، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (وَأٌقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي) متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/5189)
هل تصلي الفتاة في بيتها أم في مدرستها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في مدرسة مختلطه بنات وبنين، هل يجب علي أن أصلي صلاة الظهر في المدرسة، كل شيء متوفر من أي مكان، ما هو الأفضل الصلاة في البيت أم في المدرسة، أنا أعود إلى البيت في الساعة الثانية والنصف، قيل أن صلاة المرأة في البيت أفضل من غيره، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا إجوبة في الاختلاط وحكم الدراسة في المدارس المختلطة فراجعيها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18558، 20297، 5310.
أما بخصوص ما سألت عنه بشأن الصلاة.. فإنه ينظر فيه فإن كان عدم صلاتك في المدرسة يؤدي إلى خروج وقت الصلاة في الطريق قبل الوصول إلى البيت فلا شك أن الحكم أن تصلي في المدرسة ولا تؤخري الصلاة.
أما أن كان في الوقت متسع فالأمر واسع؛ إلا أن تأديتها في البيت أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/5190)
تقارب أوقات الصلوات لا يبيح الجمع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في ألمانيا وفي الشتاء تكون الصلوات متقاربة فلا أستطيع أن أصلي العصر والمغرب في الميعاد هل من الممكن أن أصلي العصر مع الظهر والمغرب مع العشاء أم أصليها بعد العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكر السائل ليس من الأعذار المبيحة للجمع فيجب عليه أن يصلي الصلوات في أوقاتها ولو تقاربت، وراجع التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34121، 18219، 18869، 19486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/5191)
أوقات الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تنتهي الأوقات المحدده لكل صلاة؟ هل يكون ذلك بدخول وقت الصلاة التالية لها؟؟
مثلا هل يمتد وقت صلاة العصر إلى أذان المغرب؟ ووقت صلاة العشاء إلى أذان الفجر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس كل صلاة ينتهي وقتها بدخول وقت الصلاة التي تليها، بل منها ما هو كذلك، ومنها ما ليس كذلك، ومنها ما هو مختلف فيه، ولكل صلاة وقت اختيار ووقت اضطرار، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى وقت الاضطرار، إلا لضرورة.
وراجع لوقت الاختيار لجميع الصلوات الفتوى رقم: 32380.
وراجع لمعرفة وقت الظهر الفتوى رقم: 13740 والفتوى رقم: 23774.
وراجع لمعرفة وقت العصر الفتوى رقم: 18185 والفتوى رقم: 28448.
وراجع لمعرفة وقت المغرب الفتوى رقم: 18758 والفتوى رقم: 20529.
وراجع لمعرفة وقت العشاء الفتوى رقم: 20221 والفتوى رقم: 26487.
وراجع لمعرفة وقت الفجر الفتوى رقم: 377 والفتوى رقم: 5163.
وراجع أيضا الفتوى رقم: 15043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/5192)
المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في صلاة المغرب يقيم المسجد الصلاة بعد الأذان بحوالي نصف ساعة لحضور الإمام والإمام يطيل في القراءة في الصلاة فتنتهي صلاة المغرب قبل أذان العشاء بحوالي نصف ساعة ... ما الحكم في ذلك؟ .. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الصلاة في أوقاتها من أفضل القُرُبات، وقد قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ [آل عمران: 133] .
أي: بادروا، قال الشوكاني في "فتح القدير": أي سارعوا إلى ما يوجب المغفرة من الطاعات. والصلاة في أول الوقت من المبادرة إلى الخيرات.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. الحديث أخرجه الشيخان.
قال ابن بطال عند هذا الحديث: فيه أن المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي فيها، لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب.
وعليه، فما يقوم به هذا الإمام من تأخير صلاة المغرب إلى نصف ساعة بعد الأذان وإطالة القراءة، أمر خلاف الأولى، لا سيما إذا كان ذلك يشق على المصلين، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء في أول وقتها شفقة على المأمومين، مع أنه رغَّب في تأخيرها، فكيف بصلاة المغرب؟! وقال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة. رواه البخاري.
ونلفت نظر السائل إلى أن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق الأحمر، فإذا صُلِّيَت المغرب قبل أذان العشاء، فقد وقعت في وقتها، ولكن لا ينبغي هذا التأخير لضيق الوقت بين المغرب والعشاء، وراجع الفتوى رقم: 9680، 15043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(11/5193)
حكم الدخول بالصلاة عند بدء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي الفجر أول ما أسمع الأذان؟ (علما بأن في منطقتنا أذان واحد للفجر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يمكنك الاعتماد في دخول الوقت على إحدى المسائل التالية:
1- التحقق من طلوع الفجر الصادق بالرؤية المباشرة إن أمكن ذلك.
2- سماع الأذان إذا كان واحدا، وثبتت عدالة المؤذن، وكان يؤذن لطلوع الفجر.
3- التقويم الموثوق به، الذي يحدد أوقات الصلاة، وصار هذا التقويم الآن ميسورا.
ولكن يجب عليك أن لا تدخلي في الصلاة إلا بعد التحقق من دخول الوقت، وراجعي الجوابين التاليين: 24703، 5163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/5194)
من التهاون بالصلاة تأخيرها عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها ربع ساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المحافظة على أداء الصلاة في وقتها من أفضل الأعمال الصالحة كما ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله.
وعليه؛ فإن المسلم مطالب بالمحافظة على أداء الصلاة في وقتها جماعة، وليحذر من التهاون بها، حتى لا يكون من الذين قال تعالى فيهم: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
ولا شك أن من التهاون بها وتضييعها تأخيرها عن وقتها الذي حدده الشرع لها أن تؤدى فيه، فتأخيرها عنه حتى يخرج وقتها بدون عذر شرعي معصية عظيمة، تجب على صاحبها المبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى وعدم العودة إلى ذلك، مع القضاء لتلك الصلاة فوراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك. متفق عليه، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1490، 4034، 5940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/5195)
ما بعد منتصف الليل إلى الفجر وقت ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا لا أستطيع تأدية صلاة العشاء وعندما أرجع الى البيت تكون الساعة 12.30 فهل هذا يعتبر تركاً للصلاة حتى يخرج وقتها متعمداً بحيث أكفر على قول الفقهاء الذين يقولون بكفر تارك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخيرك الصلاة إلى هذا الوقت لا يخرجها عن وقتها، لأن وقت العشاء يمتد من مغيب الشفق إلى وقت طلوع الفجر على الراجح من أقوال العلماء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 3196.
واحرص على أن تؤدي هذه الصلاة قبل منتصف الليل، لأن ما بعد منتصف الليل إلى الفجر وقت ضرورة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 1883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5196)
تأخير العشاء عن وقتها لا يبرره القيام للتهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع تأخير صلاة العشاء إلى ما قبل الفجر بساعة حتى أجبر نفسي على القيام للتهجد؟ ومع العلم بأن هذه الطريقة ناجحة معي ولله الحمد أنا مثابرة عليها ولا أقطعها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير العشاء إلى ما قبل الفجر بساعة يشتمل على النوم قبل العشاء. وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبلها، وقد أخرجه الترمذي في سننه، ثم قال: وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء. كما يلزم منه أيضا تأخير صلاة العشاء إلى وقتها الضروري، وقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 29696.
فالحاصل أن تأخير العشاء لا يبرره القيام للتهجد، فإن الله لا يتقرب إليه بشيء أحب إليه من الفروض، وعليك بالحرص على التهجد والاستيقاظ آخر الليل إن أمكنك، وإن تعسر عليك، فيجوز القيام أول الليل، لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة الليل آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(11/5197)
حكم من أخر الصلاة حتى خرج وقتها المختار
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان يؤذن للصلاة قبل خروجي مباشرة من المنزل أنا وزوجي, وعندما أقبل على الصلاة يقول لي: مازال أمامك وقت حتى الفرض القادم فأسرعي حتى لا نتأخر على الموعد وصلي عندما نصل. فما حكم الدين في طاعة الزوج في هذا الأمر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها معصية لله تعالى، ولا يجوز، وقد سبقت الإجابة عن ذلك في الفتوى رقم: 5589، فراجعيها.
والذي من الأوقات يصح فيه التأخير حتى يدخل وقت الذي يليه هو الظهر، لكون مختاره ينتهي بدخول مختار العصر، وكذا المغرب لأن القول بامتداد وقته المختار إلى ما قبل مغيب الشفق قول قوي. وأما سائر الصلوات الأخرى فإن مختارها ينتهي قبل دخول وقت التي تليها. ومن أخَّر الصلاة حتى خرج وقتها المختار فقد أَثِم إلا لعذرٍ: من نومٍ أو نسيان أو غفلة أو حيض، ونحوه.
وعليه فلا يجوز أن تطيعي زوجك في مثل هذا؛ لأنه: لاَ طَاعَةَ في مَعْصِيَةِ الله، إنّمَا الطّاعَةُ في المَعْرُوفِ. كما في الحديث الذي أخرجه الشيخان والنسائي وأبو داود وأحمد، من حديث عليٍّ رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(11/5198)
وقت الصلاة لا يختلف فيه الرجل والمرأة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أوقات الصلاة بالنسبة للمرأة التي لا تصلي في المسجد؟ هل يجب أن تصلي المرأة في وقت الإقامة أو أن لكل صلاة وقتها الخاص مثلا العصر قبل أن تصفر الشمس..وهكذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأوقات الصلاة للمرأة هي أوقات الصلاة للرجل، فلا فرق بينهما، إلا أن الرجل تجب عليه الجماعة دون المرأة. ويجوز للمرأة أن تصلي في أي لحظة من وقت الصلاة، والأفضل لها أن تصلي في أول الوقت مثلها مثل الرجل، ولا يجب على المرأة أن تصلي في وقت الإقامة، فلها أن تصلي في الوقت قبل الإقامة أو بعدها، وتعرف دخول الوقت بعلاماته إن كانت تعرفها، أو بالأذان إذا كان يؤذن في الوقت وهو الأصل، لأن المؤذن مؤتمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتويين التاليتين: 19351، 7679.
وقول السائل: أو أن لكل صلاة وقتها الخاص؟ جوابه: نعم، لكل صلاة وقتها الخاص، وهذا لا إشكال فيه. ولمعرفة وقت العصر راجع الفتويين التاليتين: 18185، 28448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/5199)
المدار على تحقق دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نسكن في منطقة فيها عدة مساجد، وكل مسجد يؤذن في وقت يختلف عن الآخر، فرضا أول مسجد يؤذن العصر الساعة الرابعة، والمسجد الآخر الساعة الرابعة وخمس دقائق، ومسجد ثالث الساعة الرابعة وخمس عشرة دقيقة، فهل يجوز أن نصلي بعد الأذان الأول أم ننتظر جميع المساجد؟ علما بأنه في مرات عديدة عندما نبدأ الصلاة يؤذن مسجد ثاني، فما هو أفضل توقيت لكي نصلي؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البدار بالصلاة بعد التحقق من دخول الوقت مرغب فيه، بدليل حديث أُمّ فَرْوَةَ قالت: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَيّ اْلأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قال: الصّلاَةُ في أَوّلِ وَقْتِهَا. رواه أحمد وأبو داود واللفظ لأبي داود وصححه الأرناؤوط والألباني، ورواه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه ووافقه الذهبي.
فإن لم تكن عندك خبرة بدخول الوقت فحاولي الاستعانة بالتقويم، ويجوز لك تقليد المؤذن العدل العارف بالوقت، لما في الحديث: المؤذنون أمناء. رواه ابن خزيمة وصححه الألباني.
وقال صاحب الكفاف:
وجاز في الصيام والصلاة ... تقليد عدل عارف الأوقات
وقال بعضهم:
وقلدنَّ العارف المؤذنا ... لقوله المؤذنون أُمَنا
ولا يلزمك انتظار المؤذن الثاني ولا الثالث، بل المدار على تحقق دخول الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/5200)
أولى الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.
أي الصلاتين هي الأولى الصبح أم الظهر؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الظهر هي أولى الصلوات، ولذلك كانت تسمى الأولى. روى أبو برزة الأسلمي، قال: كان يصلي بالهجير، التي تدعونها الأولى، حين تدحض الشمس ... الحديث أخرجه البخاري والنسائي وأحمد
وقال ابن حجر في فتح الباري: قيل سميت الأولى لأنها أول صلاة النهار، وقيل لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بين له الصلوات الخمس. (227) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(11/5201)
الانتظار قليلا بعد الأذان لا يعد تأخيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يجب الانتظار عشرين دقيقة بعد الأذان قبل صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه تستحب المبادرة بصلاة الصبح والعصر والمغرب في أول أوقاتها؛ لما ورد من حديث أم فروة قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها. رواه الترمذي وأبو داود.
ولكن انتظار عشرين دقيقة بعد طلوع الفجر ونحوها ليتوضأ المصلون ويصلوا نافلة الصبح، ويتموا استعدادهم، لا يعد تأخيرًا مع أنه ليس واجبًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/5202)
لا يشترط لمكان صلاة المرأة أن يكون مستورا
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تعمل وتصلي الظهر والعصر في البيت، وذلك لأن مكان العمل لا يوجد به مكان شرعي (مستور) للصلاة أو مكان مخصص للنساء للصلاة، فهل يجوز ذلك؟؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت ضوابط عمل المرأة في الفتوى رقم: 3859.
والمرأة أثناء عملها إذا دخل عليها وقت الصلاة تجب عليها المبادرة بالصلاة قبل خروج الوقت، ولا يجوز لها أن تجمع الصلاة مع الأخرى لا تقديمًا ولا تأخيرًا إلا لعذر شرعي يبيح ذلك ولا عذر هنا، إذ لا يشترط لمكان صلاة المرأة أن يكون مستورًا أو مخصصًا للصلاة، وإنما يشترط أن يكون مكانًا طاهرًا.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. متفق عليه.
ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(11/5203)
حكم النوم عن الصلاة بسبب تناول الدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 29 سنة، أعاني من مرض نفسي جعلني مجبرة على استعمال دواء منوم.
في أغلب الأحيان لا أستطيع القيام من النوم لأصلي صلاة الصبح في وقتها نظرا لمفعول الدواء.
ما حكم هذا؟ وهل أجازى على فعلي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من التفريط فيها، فقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
ولم يرخص الله عز وجل لمن كان في ساحة القتال ومواجهة العدو في أن يترك الصلاة، فدل هذا على أهميتها وعظم مكانتها.
وأعظم ما يعالج به المرض النفسي هو المحافظة على الواجبات، وأعظمها الصلاة، والبعد عن المحرمات.
كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل: 97] .
فإذا بذل الإنسان الأسباب الشرعية والقدرية مع التوكل على الله فسوف يشفى بإذن الله.
أما أن يؤخر الصلاة عن وقتها، فإن هذا لا يزيد المريض إلا ضيقا ومرضا.
فتجب المحافظة على الصلوات في أوقاتها والبعد عن التساهل في ذلك.
ومع هذا، نقول: إذا أمكن تناول الدواء بحيث لا يتعارض مفعوله مع أوقات الصلوات فلا شك أن هذا هو المتعين.
وإن لم يمكن وبذل الإنسان وسعه ومع ذلك غلبه النوم، فقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى. حديث صحيح رواه أحمد وابن حبان عن أبي قتادة مرفوعا.
نسأل الله سبحانه أن يعجل لك بالشفاء، وأن يشفي مرضى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/5204)
التكاليف -ومنها الصلاة- لا تخلو من نوع مشقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على الرسول الكريم، أنا سيدة أخرج لعملي في الرابعة والنصف صباحا، مما يحتم علي النوم باكرا، لكن في هذه الأيام وقت العشاء قريب من وقت الفجر يصعب علي انتظار العشاء إلى الساعة الحادية عشرة أو الحادية عشرة والنصف، والقيام في الساعة الرابعة لصلاة الفجر، فهل من رخصة في تأخير صلاة العشاء حتى الفجر أو جمعها مع المغرب؟ أم لا وجزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء: 103] أي فرضًا محدودًا لأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها في شيء من الأحوال إلا بعذر شرعي كسفر أو خوف أو مطر أو مشقة شديدة أو مرض شديد، ونحو ذلك من الأعذار المعتبرة شرعاً. أما تأخيرها أو تقديمها عن وقتها لأجل أنه يصعب عليك انتظارها فلا يجوز؛ لأن ذلك ليس بعذر شرعي. واعلمي أن الله جل وعلا قد عظم شأن أوقات الصلاة، كما دلت عليه الآية المتقدمة، وكما دل عليه قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة: والمحافظة عليها فعلها في الوقت لأن سبب نزول الآية تأخير الصلاة يوم الخندق دون تركها لأن السلف فسروها بذلك. ولذا فإن العاجز عن فعل بعض شروط الصلاة وواجباتها كالطهارة واستقبال القبلة وستر العورة والقيام والركوع، يصلي في الوقت على أي حال يستطيعه، ولو أمكنه فعلها بعد وقتها بتمام الشروط والواجبات، وهكذا الشأن في صلاة الخوف، بل حتى في حال القتال والمطاحنة فإنهم يصلون إيماءً مع إمكانهم أن يصلوها تامة بعد خروج الوقت؛ كل ذلك محافظة على وقت الصلاة. ولذا فإن عليك أن تحافظي على أداء صلاة العشاء في وقتها ولو لحقك بسبب ذلك بعض المشقة، فمن المعلوم أن التكليف لا يخلو من نوع مشقة يكون بها تكليفًا.
وراجعي الفتوى رقم: 18301، والفتوى رقم: 18219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/5205)
لا يجوز الجمع إذا أمكن تمييز وقت كل صلاة عن الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جالية إسلامية كبيرة نعيش في مدينة نيوكاسل الإنجليزية، في فترة الصيف وبالتحديد من منتصف شهر مايو وحتى منتصف اغسطس يتأخر دخول المغرب إلى الساعة العاشرة، ويقترب دخول الفجر من الساعة الواحدة والنصف ليلا، ونحن نجمع صلاتي المغرب والعشاء في هذه الفترة بناء على فتوى بنيت على أساس أن وقت العشاء في هذه الفترة غير محدد. أرجو منكم الرد بسرعة، حيث إن هناك جدلا في هذا الأمر، وذلك بتأييد الفتوى أو غير ذلك وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت العلامات الشرعية على أوقات الصلوات يمكن تمييزها فلا يجوز الجمع بين صلاتين واتخاذ ذلك عادة، وتفصيل الأمر وبيانه مذكور في الفتوى رقم: 18869، والفتوى رقم: 13228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/5206)
حكم تعجيل بعض المساجد الصلاة وتأخير البعض لها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
أنا أقطن في مدينة ليست بالكبيرة نسبيا، ولكن الغريب بالنسبة لي أنه يوجد وقتان لصلاة الظهر وآذانان أيضا، ما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في تعدد المساجد في المدينة، وإذا تعددت المساجد فلا حرج في تعجيل بعض المساجد الصلاة وتأخير البعض لها، ما دام ذلك في حدود الوقت الاختياري، فصلاة الظهر صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول حين زالت الشمس، ثم جاءه من الغد فصلى به حين صار ظل كل شيء مثله، ثم قال: الوقت ما بين هذين الوقتين، والحديث موجود بطوله في المستدرك وسنن النسائي وأبو داود والترمذي وصححه الأرنؤوط والألباني.
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، فالناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس ...
وفي اليوم الثاني قال: ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر ... ثم قال: الوقت بين هذين.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة الظهر حين يشتد الحر، وكان يأمر بذلك.
ففي حديث أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة. رواه البخاري
وفي الصحيحين من حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة.
وذكر ابن حجر في فتح الباري خلاف العلماء في غاية الإبراد، فقيل: حتى يصير الظل ذراعا بعد الزوال، وقيل: ربع القامة.
فإذا تقرر أن في الأمر سعة، فعلى المسلم أن يحسن الظن بأهل المساجد، وأن يحرص على الصلاة معهم وعلى وحدة صفهم، وألا يثير فيهم خلافا بسبب المسائل التي يحتملها الدليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/5207)
صلاة أهل البلاد التي لا يتمايز فيها الليل والنهار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن نقيم في السويد وفي هذا الشهر من السنة لا يوجد ظلام دامس أي يختلط المغرب والعشاء والفجر، وأكثر شيء العشاء والفجر أفتونا ماذا علينا أن نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
13228 أن ذكرنا حكم أوقات الصلوات في البلدان التي يطول فيها الليل أو النهار أو لا يتمايزان، وبينا هناك أن من كان يقيم في بلد يتمايز فيه الليل من النهار إلا أن نهاره يطول أو يقصر، أنه يجب أن يُصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً.
وأن من كان يقيم في بلاد لا يتمايز فيه الليل من النهار أن عليه أن يصلي الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدر لها أوقاتها، معتمداً في ذلك على أقرب بلد إليها تتمايز فيه الأوقات.
وعليه؛ فإذا كانت بعض الصلوات يتمايز وقتها، وبعضها لا يتمايز فتجب صلاة ما يتمايز في وقتها المحدد، وما لا يتمايز يقدر لها كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(11/5208)
كيفية التعرف على طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في طلوع الفجر هناك فجر كادب وفجر صادق، وكيف يمكنني التعرف على وقت طلوع الفجر وأنا في البيت؟.جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الحديث عن الفجر الصادق والفجر الكاذب في الفتاوي التالية:
23811،.
377، 30681. وتستطيع التعرف على طلوع الفجر وأنت في البيت بالطرق التالية:
الأولى: سماع الأذان من المؤذن الثقة.
الثانية: بمطالعة التقويم الموثوق به.
الثالثة: بإخبار الثقة عن مشاهدته للفجر الصادق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(11/5209)
الأفضل الصلاة في أول وفتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
السؤال:
كم من الوقت يلزمنا لنقوم للصلاة بعد الأذان؟ علما بأني أعيش في الولايات المتحدة ولا أسمع الأذان، وإنما لدي ورقة من المركز الإسلامي مدون بها أوقات الصلاة.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بن أهل العلم في مشروعية الصلاة بمجرد دخول وقتها، وبما أن السائلة امرأة، فالأفضل في حقها أن تصلي في بيتها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
10306،.
وعليه، فالأولى للسائلة الصلاة في أول وقتها، لما روى البخاري عن ابن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(11/5210)
حكم الجمع بدون سفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طبيب جرّاح في بلد أوروبي ويجب أن أقوم في الصباح الباكر من أجل الذهاب إلى العمل وموعد العشاء في منتصف الليل أرجو الإفادة في صلاة العشاء قبل الوقت المحدد؟
وأنا لكم من الشاكرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد:
ف ما دام أنك تقيم في بلد يتمايز فيه الليل والنهار بطلوع الفجر وغروب الشمس إلا أن ل يلها يطول ونهارها يقصر أو العكس، فإنه يجب عليك أن تصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً، لعموم قول الله عز وجل: إِنَّ الصَّلا ةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
ولا يجوز أن تصلي العشاء أو غيرها من الصلوات المفروضة قبل وقتها، فإن من المجمع علي هـ أن دخول الوقت شرط لصلحة الصلاة.
هـ ذا وأجاز بعض الفقهاء أن تجمع العشاء والمغرب أو الظهر والعصر إما تقديماً أو تأخير اً، إذا كان هناك عذر وحرج بشرط أن لا يتخذ هذا عادة دائمة، واستدلوا بحديث ابن عباس قال: جمع رس ول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، فقيل لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(11/5211)
صلاة العصر ليست بأقل خطرا من صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[تعذر الاستيقاظ لصلاة الفجر في معظم الأيام زيادة على ذلك، ما الحكم في صلاتي لصلاة العصر قضاء دائما وذلك بسبب العمل؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفقرة من سؤالك المتعلقة بصلاة الفجر سبقت الإجابة عنها مفصلة في الفتوى رقم: 2444 فلتراجعها.
وليست صلاة العصر بأقل خطرا من صلاة الفجر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح، وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون. متفق عليه.
وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. متفق عليه.
يعني الصبح والعصر.
وعن بريدة قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله. رواه البخاري: والصلاة هي عماد الدين، فمن حفظها وحافظ عليها، حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع رواه مالك في الموطإ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقال تعالى: وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
وقال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
وتأخير الصلاة عن وقتها من سمات المنافقين، روى أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تلك صلاة المنافقين، ثلاث مرات، يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقي، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بسبب العمل تحت أي ظرف، لا بحجة العمل ولا غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/5212)
عليك أن تصلي الصلوات في وقتها بغير تقديم أو تأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في بلد غربي، وصلاة العشاء في الساعة الحادية عشرة والمغرب في 9.30 فكيف أصلي؟؟ هل يصح أخذ توقيت السعودية؟؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تصلي الصلاة في أوقاتها، ولا يجوز لك تقديمها أو تأخيرها عن الأوقات التي بينها الشرع بغير عذر شرعي.
فالله تعالى يقول في محكم كتابه: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة بفعله وقوله، فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله ابن عمرو - رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس.
فأوقات الصلاة وإن كانت تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، لكنها مضبوطة بهذه الضوابط المذكورة، وما دامت هذه الضوابط وهذه الأمارات موجودة، فيجب على المسلم التقيد بها والالتزام بها، ولا ينظر إلى أي توقيت آخر.
ومن المعلوم أن توقيت بلاد الغرب يختلف تماما عن توقيت السعودية وعليه، فلا يجوز الأخذ به لمن كان هناك، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 12783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(11/5213)
حكم من جامع حتى خرج وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني أثابكم الله واقعت امرأة في بلد غير بلدي ولم أعرف وقت الصلاة فوقعت بالمرأة وقت صلاة الفجر ولم أدرك الوقت إلا بعد ما انتهيت تقبلني الله وإياكم من التائبين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن جامع زوجته ظاناً أن وقت الصلاة لم يدخل أو ظن بقاءه، ثم تبين له أن الوقت قد خرج، فإنه يصلي بعد خروج الوقت، ولا إثم عليه لعدم قصده وتعمده، فالإثم مرفوع عن المخطئ والناسي، كما في الحديث: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه.
لكن إن تضيق عليه الوقت فجامع، ثم خرج الوقت، فإنه يأثم لا بالجماع، لأنه مباح فعله في هذا الوقت، ولكن بالتسبب به للترك.
وعلى كلٍ، فإن كنت صليت تلك الصلاة، فقد سقطت عنك المطالبة بها، وإلا وجب عليك قضاؤها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/5214)
كيف تستدل على أوقات الصلاة بدون تقويم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان المسلمون الأوائل يعرفون مواقيت الصلاة وخاصة صلاة العشاء وصلاة الفجر، وهل كانت العملية تقديرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان المسلمون الأوائل يعرفون أوقات الصلاة بالنظر إلى الظل في الظهر والعصر، وبغروب الشمس في المغرب، وبغياب الشفق الأحمر في العشاء، وبطلوع الفجر الصادق في الفجر.
وبناء على ذلك وضع المعاصرون تقويم الصلوات بالتاريخ الميلادي، فاعتمد الناس التقويم مما أدى بكثير من الناس إلى الجهل بكيفية معرفة الأوقات بغير التقويم، فالله المستعان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/5215)
الوقت الاختياري للصلوات المفروضة حسب الدليل الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الوقت الاختياري لكل صلاة بالدقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليعلم السائل الكريم أن أوقات الصلوات إنما تعرف بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على تلك الأوقات. ولهذا يتعذر علينا تحديد ذلك بالساعات فضلاً عن الدقائق لاختلاف ظهور تلك العلامات من بلد لآخر، ويمكن السائل الرجوع إلى التقاويم التي تصدرها الجهات الموثوق بها في بلده، ففيها تحديد الأوقات بالساعة والدقيقة. وأما الوقت الاختياري للصلوات المفروضة حسب ما دل عليه الدليل الشرعي فهو كالآتي: الصبح: من طلوع الفجر الصادق إلى الإسفار أي انتشار ضوء الفجر ووضوح الرؤية، وهو مذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) . الظهر: من زوال الشمس من وسط السماء وانتقال الظل باتجاه الشرق إلى أن يصير ظل كل شيء مثله عند المالكية والشافعية ومن وافقهم. العصر: من الزيادة على مثل ظل الشيء عند الجمهور وصاحبي أبي حنيفة إلى بداية اصفرار الشمس عند المالكية وبعض الحنابلة، أو إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه عند الشافعية وبعض الحنابلة. المغرب: من غروب الشمس وينتهي وقت الاختيار عند المالكية وغيرهم بمقدار ما يصلي فيه الإنسان صلاة المغرب وأداء شروطها كالطهارة، وقيل يمتد وقت المغرب إلى ظهور الشفق. العشاء: من مغيب الشفق الأحمر عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة. والشفق الأحمر هو الحمرة التي تكون في الأفق بعد الغروب، وينتهي وقت الاختيار إلى ثلث الليل عند المالكية والحنابلة، وقيل إلى نصف الليل كما هو مذهب الشافعية. فهذه أوقات الاختيار التي لا يجوز تأخير الصلاة عنها إلا لمن كان له عذر كنائم استيقظ أو مريض شفي أو حائض طهرت. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(11/5216)
الحد الأخير لصلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحد الأخير لصلاة العشاء لمنتصف الليل وإذا كانت هكذا فهل تصلى بنية القضاء بعد منتصف الليل أم هي أصلا للفجر؟ وهل يشترط الوضوء لقراءة القرآن من المصحف؟ وهل تقرأ الحائض أو من كان جنباً القرآن لفظاً بدون مصحف مثل المعوذات؟ وما هي أقوال العلماء وما هو الراجح؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة العشاء كسائر الصلوات الأخرى لها وقت اختياري ووقت ضروري، والاختياري هو الذي يصلى في أي جزء منه من غير ضرورة، وأما الضروري فهو الذي لا يجوز التأخير إليه إلا لمن كان له عذر، والعشاء ينتهي وقتها الاختياري عند الثلث الأول أو نصف الليل، انظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 1883.
وإذا صليت بعد منتصف الليل وقبل طلوع الفجر فهي أداء لا قضاء، لأنه الوقت الضروري وهو من الوقت، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته. رواه البخاري وغيره.
وفي رواية لأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل طلوع الشمس فقد أدرك، ومن أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك.
وأما سؤالك عن اشتراط الوضوء لقراءة القرآن من المصحف، فقال جمهور العلماء إنه شرط، انظر الفتوى رقم: 1635.
وأما سؤالك عن الحائض، وهل تقرأ القرآن لفظاً دون مصحف، فالصحيح عند أهل العلم أن لها أن تقرأه، انظر الفتوى رقم: 4687.
وأما سؤالك عن الجنب، وهل له أن يقرأ القرآن، فقد نص العلماء على أن ذلك ليس له، انظر الفتوى رقم: 13587.
ورخص الإمام مالك في قراءته الآية ونحوها للتعوذ، قال مالك: لا يقرأ الجنب القرآن إلا الآية والآيتين عند أخذ مضجعه أو يتعوذ لارتياع ونحوه لا على جهة التلاوة.. التاج والإكليل لمختصر خليل ج1 ص 462.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/5217)
عليك أن تعمل بتقويم بلدك أو بالعلامات التي وضعها الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فسؤالي هو إذا تكرمتم بإعطائي الوقت لكل صلاة مفروضة حيث إننا نكون خلال هذا الوقت نصليها أداء دون قضاء لهذه الصلاة المفروضة أي أريد الوقت بالساعة أي بعد أن نصلي صلاة الفجر في المسجد جماعة بعدها كم بالدقائق نستطيع أن نصلي الصلاة دون أن يطلق عليها بأننا نقضيها؟
وجزاكم الله خيراً على اجتهادكم للرد على سؤالي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا فتاوى في بيان أوقات الصلوات الشرعية، انظر ذلك في الفتوى رقم: 15043، والفتوى رقم: 13950.
ولتعلم أن أوقات الصلوات لا تحسب بتوقيت محدد من الساعات، وإنما تحسب بما جعله الشارع علامة على وقتها، كما هو مبين في الفتويين المشار إليهما، وهذه التقاويم الموجودة بين المسلمين، وهي محددة بالساعات إنما هي تبعٌ لتلك العلامات.
وأما ما طلبه السائل من إعطائه تقويماً بالساعة لوقت كلا صلاة فمتعذر، لأن الوقت يختلف باختلاف البلدان، ونحن لا نعرف في أي بلد يوجد السائل، فعليه أن يعمل بتقويم بلده إن كان صدر عن جهة موثوق بها، أو بالعلامات التي جعلها الشرع وقتاً للصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/5218)
وفر لأمك الوسائل التي تعينها على أداء الفجر في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماذا أفعل مع أمي التي لا تصلي الصبح حاضراً إلا في شهر رمضان على الرغم من أنها تصلي باقي الصلوات؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى حدد لكل صلاة وقتاً معيناً يجب أداؤها فيه، ولا يجوز تأخيرها عنه إلا بعذر، ومن أخر الصلاة عن وقتها بدون عذر معتبر شرعاً، فقد ارتكب إثما عظيماً.
قال الله تعالى: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وصلاة الفجر لها خصوصية، ولهذا يتخلف عنها المنافقون، وضعاف الإيمان.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى البردين دخل الجنة رواه البخاري ومسلم.
والبردان هما: الصبح والعصر.
وقال صلى الله عليه وسلم: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها رواه مسلم.
ومعنى هذا أن من ضيع هاتين الصلاتين (الفجر والعصر) أو غيرهما من الصلوات دخل النار، والمنافقون الذين وصفهم الله تعالى بأنهم في الدرك الأسفل من النار يصلون، ولكنهم يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، ولا يهتمون بها، ويتكاسلون عن أدائها في الأوقات المحددة لها شرعاً.
قال الله تعالى: وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى [التوبة:54] .
وعلى هذا، فإننا نوصيك بأمك خيراً، وأن تهتم بها، وتجتهد عليها حتى تقوم لأداء صلاة الفجر في وقتها، وتوفر لها من الوسائل ما يعينها على ذلك.
ولكن يجب أن يكون ذلك بحكمة وهدوء ورفق ولين، وتبين لها الآيات والأحاديث التي ترغب في أداء الصلاة في وقتها، والأحاديث التي ترهب من تضييع الصلاة وتأخيرها عن وقتها، مع ملاحظة حقوق الأم، ووجوب برها.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 18863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/5219)
من اتخذ الأسباب وصدق في العزم ثم غلبه النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد:
إخواني أرجو منكم المساعدة لأني أحس بأني مقصر في حق الله تعالى وسؤالي هو:
إنني موظف في إحدى شركات سابك وعملي عبارة عن وردية ثمان ساعات.. وأنا أعزب حالياً فأنا أقوم بتوقيت المنبه على صلاة الفجر ولكن في بعض الأحيان لا أقوم إلا متأخراً.. مما يزعجني ولا أكون مرتاحاً طول اليوم؟ ومن ناحية أخرى وقت دوام الصباح أقوم الساعة الرابعة فجراً ثم أذهب إلى العمل الساعة السادسة حتى الساعة الثانية وعند خروجي من العمل أكون متعباً ومرهقأً فإن نمت لا أصحو لصلاة العصر ليس دائماً، وإن بقيت إلى بعد العصر ونمت لا أقوم لصلاة المغرب، مع العلم بأنني أقوم بتوقيت المنبه ... ؟ أفيدوني حفظكم الله ورعاكم وسدد إلى الخير خطاكم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على كل مسلم غير معذور أن يصلي كل فرض في وقته، ويجب عليه أن يتخذ من الأسباب ما يعينه على ذلك لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإذا اتخذ الأسباب وصدق في العزم ثم غلبه النوم فلا إثم عليه، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه قال: إنه لا تفريط في النوم وإنما التفريط في اليقظة. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي والنسائي عن أبي قتادة.
واعلم أنه إذا تضايق وقت الصلاة فلا يجوز لك أن تقصد إلى النوم لأن النوم في هذا الوقت الضيق سبب مفضٍ إلى ترك أداء الصلاة في وقتها، يقول الإمام الشوكاني شارحاً الحديث: إنه لا تفريط في النوم.... قال: ظاهر الحديث أنه لا تفريط في النوم سواء كان قبل دخول وقت الصلاة أو بعده، قيل: تضيقه، وقيل: إذا تعمد النوم قبل تضيِّق الوقت واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت كان آثماً، والظاهر أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم، لأنه فعله في وقت يباح فعله فيشمله الحديث، وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك فلا إشكال في العصيان بذلك، ولا شك في إثم من نام بعد تضيق الوقت لتعلق الخطاب، والنوم مانع من الامتثال والواجب إزالة المانع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(11/5220)
هل يلزم انتظار انتهاء الأذان للدخول في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة في البيت تصلي إذا سمعت الأذان أم عندما تسمع حي على الصلاة أم عندما ينتهي الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدخول الوقت شرط لصحة الصلاة، ويعلم دخول الوقت إما بمشاهدة علامته عياناً أو بأذان المؤذن الثقة أو بالتقاويم الموثوقة والمنتشرة بين الناس، فمن تحقق دخول الوقت ثم صلى صحت صلاته، ولا يلزم أن تنتظر المرأة المؤذن حتى ينتهي من أذانه لكي تصلي، ولكن تستحب لها متابعة الأذان كما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. فإذا فرغ المؤذن دعت بالدعاء الوارد عقب الأذان، ثم تصلي السنة الراتبة القبلية للفرض، ثم تصلي الفرض، ثم تأتي بأذكار الصلاة، فتصلي السنن البعدية إن وجدت، فهذا هو الأكمل والأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(11/5221)
الأفضل هو أداء الصلاة في أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أريد النوم وقد يدخل وقت الصلاة وأنا نائمة، فهل علي ضبط المنبه أم أنام وأصلي عندما أستيقظ، ومن المرجّح أنني لن أبقى نائمة حتى ينتهي وقت الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل هو أداء الصلاة في أول وقتها، وإذا كان تأخيرها بحيث يخرج وقتها أو يبقى منه وقت لا يسعها فإن التأخير حينئذ محرم، وكذا يحرم على الرجل أن يؤخرها بحيث لا يصليها مع الجماعة على رأي من يرى وجوب صلاة الجماعة، وهو الراجح، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10140 والفتوى رقم: 1840
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/5222)
الأفضل أن تصلى الصلاة في أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك إمام مسجد في المدينة التي أسكن فيها يؤخر إقامة الصلاة حيث لا يقيم الصلاة ألا بعد انتهاء جميع المساجد فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في ذلك ما لم يخرج بالصلاة عن وقتها المضروب لها شرعاً، والأولى أن تصلى الصلاة في أول وقتها، وانظر الفتوى رقم:
25877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/5223)
حكم تأخير الصلاة بعد دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجماعة بعد الأذان بساعة أو ساعتين؟
وجازاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المسلم في أن يؤخر الصلاة في جماعة ساعة أو ساعتين من بدء وقتها ما لم يخرج وقتها؛ لكن الأفضل هو المبادرة إلى أدائها في أول الوقت باستثناء صلاة العشاء فالأفضل تأخيرها على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/5224)
حكم تأخير العشاء عن الوقت المختار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو آخر موعد لتأخير صلاة العشاء؟ وهل تأخيرها عن هذا الموعد كراهية تحريم أم تنزيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لصلاة العشاء وقتين اختياريّاً وضروريّاً، يبدأ الاختياري من مغيب الشفق الأحمر إلى ثلث الليل وقبل النصف، وأما الضروري فيمتد إلى الفجر. ولا يمكن تحديد الوقت بالساعة؛ لأن غروب الشمس يختلف باختلاف فصول السنة، أما تأخيرها عن الوقت المختار فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز، ويأثم فاعله إلا لعذر من نومٍ أو نسيانٍ أو نحوهما.. مما يعني أن النهي نهي تحريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5225)
وقت راتبتي الظهر والعشاء.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الركعتان بعد العشاء (ما نسميهما بالشفع) تعتبران من الرواتب وهل تصليان مباشرة بعده أم يجوز تأخيرهما إلى ما بعد القيام، وكذلك بالنسبة للراتبة قبل الظهر هل يجوز أن نصليها قبل الأذان وكم هي المدة التي تسمح بذلك، أرجو الرد سريعا والله لا يضيع أجركم وبارك الله فيكم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبعد صلاة العشاء تسن صلاة ركعتين وهما من رواتب الصلاة المؤكدة كما هو مبين في الفتوى رقم:
2116، والفتوى رقم: 17250.
ويبدأ وقت الراتبة للظهر أو لغيرها من الصلوات من دخول وقت فريضتها، فيبدأ وقت راتبة الظهر مثلاً من دخول وقت فريضة الظهر، ولا علامة لذلك بالأذان مادام قد دخل فإذا صليت الراتبة القبلية أجزأتك ولولم يوذن المهم أن يكون وقت الفريضة قد دخل، ومن لا علم له بمواقيت الصلوات يلزمه التقيد بالأذان لأن المؤذن مؤتمن والأذان شرع لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة، وكذلك ينتهي وقت الراتبة البعدية بانتهاء وقت الفريضة، فمثلاً راتبة العشاء ينتهي وقتها بانتهاء وقت العشاء، وينتهي وقت الأداء لصلاة العشاء بمنتصف الليل كما هو مبين في الفتوى رقم:
1883.
وعليه فلك أن تصلي راتبة العشاء البعدية بعد العشاء مباشرة وهو الأولى وإن أخرتها إلى منتصف الليل فلا حرج سواء صليتها قبل القيام أو بعده إلا أن الأفضل تأخير القيام، أما صلاتها بعد منتصف الليل فلا يكون إلا لعذر لأنه وقت ضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1424(11/5226)
الشرع جعل لأوقات الصلاة علامات واضحة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فهل يعد لمواقيت الصلاة بالوقت فى الساعة، مثلا وقت العشاء ما لم ينته ثلث الليل الأول هل يجوز تقديره بأن يقال الليل عندنا 11 ساعة وهذا يعني أن وقت العشاء ما لم تمض أربع ساعات من الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع جعل لأوقات الصلوات علامات واضحة، سبق بيانها في الفتوى رقم:
4538.
وأما مقدار الليل فإنه يبدأ من غروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر الصادق، وعليه فإذا كانت الشمس تغرب عند تمام الساعة السادسة، ويطلع الفجر عند تمام الساعة الرابعة فيكون مقدار الليل هو عشر ساعات، ويكون نصفه الأول منتهياً بنهاية الحادية عشرة، وثلثه الأول ينتهي عند تمام التاسعة وعشرين دقيقة تقريباً، وبالنسبة لوقت العشاء فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 9020، والفتوى رقم: 1442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(11/5227)
يلزم الأخذ بمواقيت البلد المتواجد فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل ومقيم في إمارة العين ولكنني أسكن في مدينة البريمي الحدودية والواقعة بين إمارة العين وبين دولة عمان وهي تختلف معها دقيقتين في كل المواقيت السؤال هو عن مواقيت الصلاة أي المدينتين يجب علي أن أتبع التي أعمل وأقيم فيها رسميا أم التي أسكن بها فعلا؟ جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك الالتزام بمواقيت المدينة التي توجد بها، فمثلا إذا أردت الصلاة وأنت بالعمل اعتبرت توقيت المدينة التي تعمل بها، وكذا إن كنت في السكن اعتبرت توقيت المدينة التي تسكنها.
وما ذكرنا في الصلاة يكون في الإفطار والإمساك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/5228)
القول الراجح في أول وآخر وقت العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفارق في توقيت صلاة العصر بين المذهب الشافعي والمذهب الحنفي وأيهما أصح؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول وقت العصر عند الشافعية هو إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال، وآخره غروب الشمس على ما نص عليه الشافعي رحمه الله وقطع به جمهور أصحابه، وعند الأحناف أول وقت العصر إذا صار ظل الشيء مثليه ويستمر كذلك إلى غروب الشمس كما ذكر الكاساني في البدائع وغيره.
والصحيح أن أول وقت العصر إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال ويستمر إلى أن تصفر الشمس، ثم هو وقت ضرورة إلى غروبها، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وصلى بي جبريل العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى بي المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه) . رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح.
ولحديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس) .
ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فاته العصر حتى غربت الشمس فكأنما وُتِر أهله وماله) . أخرجه البخاري ومسلم، فجعل صلى الله عليه وسلم غروب الشمس غاية العصر.
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها) . أخرجه البخاري ومسلم.
وأما حديث جبريل الذي ذكر فيه آخر وقت العصر حين قال: ثم صلى بي المرة الآخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه. فإنما ذكر فيه وقت الاختيار لا وقت الجواز بدليل الأحاديث الصحيحة الأخرى، ولأن هذه الأحاديث متأخرة عن حديث جبريل فيكون العمل عليها ولأنها أصح منه؛ وإن كان هو صحيحاً، ولأن الحائض وغيرها من أهل الأعذار إذا زال عذرهم قبل الغروب بركعة لزمتهم العصر، ولو كان الوقت قد خرج لم يلزمهم ذلك.
والحاصل أن مجموع الأحاديث يدل على أن العصر له وقت اختيار وهو إلى مصير ظل الشيء مثليه، ووقت جواز وهو إلى اصفرار الشمس، ووقت اضطرار وهو إلى غروب الشمس. وأما ابتداؤه فهو من مصير ظل الشيء مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/5229)
إيقاع الصلاة معلق بدخول الوقت لا بالإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تكون صلاة الصبح مباشرة بعد الأذان أم أنه لا بد من الصلاة بعد إقامة الصلاة في المسجد أرجو الإجابة حيث إنني أصلي دائما بعد الانتهاء من الأذان الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المؤذن يؤذن بعد دخول الوقت ـ وهذا هو الأصل ـ فإنه لا بأس في الصلاة بعد الأذان مباشرة، أما إذا كان يؤذن قبل الوقت فإنه لايجوز أداء الصلاة إلابعد دخول الوقت، وراجع الفتاوى التالية: 19351 -
24046 -
19687.
أما قول السائلة: حيث أنني أصلي دائما بعد الانتهاء من الأذان الأول , فإذ كان قصدك الأذان الذي يكون قبل الفجر الصادق فإن ذلك لايجوز، وعليك أن تقضي تلك الصلوات, أما إذا كان المقصود به أذان الفجر الذي يكون بعد طلوع الفجر -وإنما سميته الأول بالنسبة للإقامة- فإن الصلاة صحيحة ولا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/5230)
هل تصلي المرأة في مكان عملها حيث يراها زملاؤها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد:
سألتني زميلة لي في العمل كيف السبيل للصلاة وأنا لا أجد مكاناً مناسباً؟ فتؤجل صلاة الظهر والعصر لتصليهما مع صلاة المغرب جميعا!!
فهل يجوز لها أن تصلي في الشركة على مرأى الناس؟ أم تصلي على مكتبها وهي جالسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فها هنا عدة أمور:
أولاً: بخصوص العمل المختلط نقول: لا يجوز للمرأة العمل في مكان يختلط فيه الرجال بالنساء إلا إذا كانت محتاجة حاجة ماسة إلى ذلك العمل، ولم تجد عملاً سالماً من الاختلاط فعندئذ يجوز لها العمل وفق الضوابط الشرعية، حيث يجب عليها لزوم الستر والحجاب الكامل، ويحرم عليها مصافحة الرجال، والخلوة بهم، وكل ما يؤدي بها إلى الافتتان بهم، وكما يجب عليها عدم التطيب والتزين عند خروجها.
ثانياً: أما بخصوص الصلاة، فلا يجوز للمرأة تأخير صلاتي الظهر والعصر لتصليهما مع المغرب بحجة أنه لا يمكنها أداء الصلاة في العمل، بل الواجب عليها أداء كل صلاة في وقتها، وعليها أن تبحث عن مكان مناسب تؤدي فيه الصلاة، فإن لم تجد فيمكنها الصلاة في مكتبها وعليها حينئذ الالتزام بالزي الشرعي الكامل ولا يضرها حينئذ رؤية الرجال لها ويمكنها أن تصلي خلف المكتب إن كان سيتحقق به بعض الستر.
ثالثاً: وبخصوص صلاتها على مكتبها وهي جالسة نقول: لا يجوز لها أن تصلي جالسة وهي تستطيع القيام، وما ذكرته من رؤية الرجال لها حال صلاتها لا يصلح عذراً لها في ترك القيام مع القدرة عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري من حديث عمران بن الحصين.
وأخيراً نوصي السائلة بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، ونسأل الله لها التوفيق للصالحات، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 12452 - والفتوى رقم: 8116 ففيهما مزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/5231)
عدم إمكان الخروج من العمل ليس عذرا لتأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير الصلاة بسبب العمل المتواصل للفتاة خصوصا أنها لا تستطيع الصلاة في مكان عملها ولا تستطيع أيضا الخروج من مقر عملها إلا بعد انتهاء العمل بأكمله خصوصا في وقت صلاه العصر والمغرب إذا صلت العصر فسوف يفوتها المغرب وإذا صلت المغرب يفوتها العصر فما حكم قضاء الصلاة خصوصا أن الأمر متكرر من سنوات.. مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها من الكبائر قال الله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون:5)
قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم: يؤخرونها عن وقتها.
وعدم إمكان الخروج من العمل ليس عذراً مبيحاً لهذا التأخير فعليك أن تتوبي إلى الله عز وجل مما فعلته في السنوات الماضية، وتحرصي على أداء الصلاة في وقتها، ولتعلمي أن الرزق بيد الله (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (الطلاق:3) وإن كان قد فاتك شيء من الصلوات فعليك أن تبادر بقضائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(11/5232)
من صلى أثناء الأذان لا إعادة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي قضاء الصلاة إذا صليتها أثناء الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على الرجل إذا سمع النداء للصلاة أن يجيب فيصلي مع الجماعة، لأن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجال -على الراجح من أقوال أهل العلم- إلا إذا كان الرجل صاحب عذر.
فإذا كان صاحب عذر، وصلى وقت الأذان منفرداً فلا إعادة عليه، إلا إذا وجد جماعة بعد ذلك فتستحب له الإعادة مع الجماعة.
وإذا كان المسلم من أصحاب الأعذار، فلا ينبغي له أن يبدأ الصلاة مباشرة عندما يسمع الأذان، لأن الأذان للإعلام بدخول الوقت، ويبدأ -غالباً- عند دخول أول جزء منه، وقد كره بعض أهل العلم مصادمة الوقت والبدء بالصلاة عند دخول الوقت مباشرة، فنقل الباجي عن الإمام مالك: أنه كره البدء بالصلاة مع بداية دخول الوقت، ولكن بعد ما يتمكن ويذهب بعضه. أي جزء منه.
وفي الصلاة أثناء الأذان تفويت لفضيلة حكاية الأذان والدعاء بعده بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن من صلى أثناء الأذان لا إعادة عليه -إن شاء الله تعالى- لأنه صلى بعد دخول الوقت،: والمؤذن مؤتمن. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/5233)
حول وقت المغرب وإلى أي مدى يصح أداؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
ماهوالوقت الذي يجب أن أصلي فيه صلاة المغرب.. فيما لو أني لم أدركها مع الجماعة ... وإذا صليتها بعد الأذان بنصف ساعة أو بساعة أو قبل أذان العشاء فهل تكون صلاة حاضرة أم قضاء.. وإذا كانت صلاة المغرب قبل صلاة العشاء سوف تؤخرني عن جماعة العشاء.. فهل أؤخر المغرب إلى ما بعد جماعة العشاء
والخلاصة ... ما هوالوقت الذي يجب أن لا أتجاوزه حتى تكون صلاتي للمغرب حاضرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. "وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق".... رواه أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الأرناؤوط إسناده صحيح.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:..... "فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق"..... رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: (هذا الحديث وما بعده صرائح في أن وقت المغرب يمتد إلى غروب الشفق) . انتهى
إذا عرفت هذا فاعلم أن المغرب لا ينتهي وقته إلا إذا دخل وقت العشاء، فإن كان لديك من العلم والخبرة ما يمكنك أن تميز وقت العشاء بعلامته التي جاءت في الحديثين السابقين فيكفيك ذلك، وإلا فإن أذان المؤذن العالم بالوقت للعشاء كاف للعلم بدخول وقتها، ثم إنه يجزئك أن تصليها في أول وقتها أو آخره ما لم يدخل وقت العشاء، لكنك تأثم بترك صلاة الجماعة من غير عذر شرعي.
وأفضل وقت لأدائها هو أول وقتها، لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله) ، قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: (قال ابن بطال: فيه أن البدار إلى الصلاة أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها، لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب) . انتهى
واعلم أنك إذا أدركت من المغرب ركعة قبل دخول وقت العشاء فقد أدركت المغرب بذلك، وتكون صليتها أداء وليس قضاء لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "وهو يقتضي أن تكون أداء". انتهى
ولا يجوز لك أن تصلي المغرب بعد العشاء ولو ضاق وقت المغرب عليك لأن الترتيب واجب ما لم يفض إلى تأخير الصلاة الحاضرة عن وقتها،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/5234)
لا يجوز تأخير صلاة العشاء عن نصف الليل إلا لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير صلاة العشاء من غير عذر خصوصا في بلاد الكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل على الراجح من أقوال أهل العلم، فعن أنس رضي الله عنه قال: (أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل) . رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقت العشاء إلى نصف الليل) .
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما بعد منتصف الليل إلى الفجر فهو وقت ضرورة لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لعذر.
وعلى ما تقدم فإنه لا يجوز تأخير صلاة العشاء عن نصف الليل ومن أخرها بلا عذر أثم بذلك، وعلى المسلم أن يصلي الفريضة في المسجد جماعة، ولا يجوز له ترك الجماعة إلا لعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر) رواه ابن ماجه وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/5235)
الأخذ بالأسباب لأداء صلاة الفجر في وقتها لازم
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي كثير السهر وبالتالي أنا أسهر بانتظار عودته أو ليعيدني إلى المنزل إن كنت بمنزل أهلي وأنا إن نمت متأخرة لا أستطيع القيام لصلاة الفجر وقد فشلت في إثنائه عن السهر وهو الآن ينتقدني في عدم قيامي للصلاة في وقتها وقد زاد الأمر سوءاً بإنجابي طفلين وأبقى طوال الأسبوع في محاولات تنظيم نومهم وتبوء كل محاولاتي بالفشل عندما أذهب لأهلي آخر الأسبوع فلا يرجعني إلا في منتصف الليل وأضف إلى ذلك فهو يطالبني بالاستيقاظ المبكر فما الحل؟ أفيدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في وقتها أهم ما يتقرب به العبد إلى الله بعد الإيمان بالله تبارك وتعالى، فقد فرض الله تعالى على المسلم أداء الصلاة في أوقات محددة، ولا يجوز له أن يتسبب في تعمد تأخيرها عن وقتها، قال الله تعالى: (فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة في وقتها." قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين." قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله." متفق عليه.
وبما أن مشكلة السائلة هي النوم عن صلاة الفجر، فإن عليها أن تتخذ الوسائل التي تعينها على القيام في الوقت، ومن أهم ذلك: النوم مبكراً، واتخاذ ساعة منبهة، ووصية الجيران بالاتصال بها.
وأهم من ذلك كله تقوية إيمانك والرغبة فيما عند الله تعالى من ثواب لمن أدى الصلوات في أوقاتها.. والرهبة مما أعد من عقاب لمن يفرط في الصلاة ويتكاسل عن أدائها في الوقت.
فالإنسان بطبيعته كسول عن كل ما فيه مشقة، وخاصة إذا كان من أعمال الطاعة، فإن الشيطان يثبطه عنها، فلا بد له من دافع خوف ورجاء، حتى يرفع همته، ويقوي عزمه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة." رواه البخاري ومسلم. والبردان: الصبح والعصر، وفيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ولو يلعمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً" فعليك أن تسددي وتقاربي وتتخذي الأسباب التي تساعدك على أداء الصلاة في وقتها، وإذا فعلت ذلك وحصل نوم بعد ذلك عن الصلاة فلا يكون عليك إثم، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(11/5236)
حكم من أحرم في صلاة الظهر وأذن العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي يا أخي هو إذا أذن أذان العصر مثلا وكنت قد بدأت بصلاة الظهر (قلت: الله أكبر وبدأت بسورة الفاتحة) هل أكمل صلاتي أم أقطعها كوننا دخلنا في موعد صلاة العصر؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أحرم في صلاة الظهر عند أذان العصر فلا مانع من إكمالها، بل إنه الواجب، إلا إذا أحرم الإمام بنفس الصلاة التي يريد أداءها فله في هذه الحالة إن كان يمكنه إكمال شفع والالتحاق بالإمام قبل فوات ركعة أن يفعل ذلك؛ وإلا قطع ودخل مع الإمام.
أما في هذه الحالة وهي ما إذا أحرم الشخص بصلاة الظهر -مثلاً- وأحرم الإمام أو غيره في صلاة العصر، فيجب التمادي في صلاة الظهر ولو دخل وقت صلاة العصر، بل ولو خرج وقتها، لكنه يجدر بنا تنبيه الأخ السائل إلى أن تأخير الفرض إلى هذا الحد من غير ضرورة يدخل فاعله في وعيد قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون:4-5] .
ويتناوله حديث الصحيحين: "تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس..".
فالواجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة بشروطها وأركانها وفي وقتها، لأنها أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن جاء بها على ما طلب منه نظر في أعماله، وإلا رد عليه عمله، وقال جل وعلا: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة:238] .
وفقنا الله وإياك لطاعته والإخلاص في عبادته إنه ولي ذلك والقادر عليه
آمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(11/5237)
عند دخول وقت الجمعة تشرع صلاة الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
في يوم الجمعة تكون الصلاة بالمسجد بعد أذان الظهر بنصف ساعة تقريباً ولكني أصلي بالبيت أحيانا عند سماع أذان الظهر مباشرة بمعنى قبل صلاة الجمعة بالمسجد فهل صلاتي صحيحة أم يجب أن أنتظر حتى يعود الرجال من صلاة الجمعة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من لا تجب عليه الجمعة يشرع له أن يصلي الظهر إذا تأكد من دخول وقتها، سواء كان ذلك قبل صلاة الرجال للجمعة أو في أثنائها، ولكن في بعض البلدان يؤذن للجمعة قبل وقت الظهر فلينتبه لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/5238)
فتاوى حول تأخير الصلاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا إنسان مقعد على كرسي متحرك بسبب حادث سير، ورغم ذلك فإني أعمل عملاً إدارياً، وأنا أصحو من النوم في الصباح حوالي الساعة الخامسة والنصف وأغتسل وأغير ملابسي إلى أن يكون الساعة السادسة والنصف أو السابعة وأصلي الفجر ذلك الوقت لكوني مهيأ ومغتسلا" للصلاة.
السؤال هو هل يجوز لي أن أصلي صلاة الفجر في هذا التوقيت لسبب عذري الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، وتعمد فعل ذلك من أكبر الآثام وأشنع المعاصي ويجب عليك فعل كل الوسائل المعينة لك على الصلاة كالنوم المبكر وتوقيت المنبه وغير ذلك وعليك المبادرة بالصلاة فور قيامك دون تشاغل بغيرها، وانظر الفتوى رقم: 7838 - والفتوى رقم:
17416 - والفتوى رقم:
19552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/5239)
لا بأس بتأخير العشاء والتراويح ساعتين إذا أمن المشقة على الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير صلاة العشاء والتراويح في شهر رمضان لمدة ساعة أو ساعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الوقت المختار لصلاة العشاء يبدأ من مغيب حمرة الشفق، واختلفوا في نهايته، فمنهم من قال إلى نهاية ثلث الليل الأول، ومنهم قال إلى نصفه، بل قال بعضهم بامتداده إلى ما قبيل الفجر، وقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت: (أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى، فقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) .
وبهذا يعلم جواز تأخير صلاة العشاء، إلا أنه ينبغي للإمام أن يراعي أحوال جماعته فإذا كان الأنسب في حقهم التقديم قدم، وإن كان العكس أخر لحديث جابر قال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي الظّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ. وَالْعَصْرَ، وَالشّمْسُ نَقِيّةٌ. وَالْمَغْرِبَ، إِذَا وَجَبَتْ وَالْعِشَاءَ، أَحْيَاناً يُؤَخّرُهَا وَأَحْيَاناً يُعْجّلُ. كَانَ إِذَا رَآهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَجّلَ. وَإِذَا رَآهُمْ قَدْ أَبْطَأُوا أَخّر"َ. رواه البخاري ومسلم.
ومما قدمنا يتبين للسائل عدم الحرج في تأخير العشاء والتروايح إلى الوقت الذي إشار إليه إذا لم يكن في ذلك مشقة على الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/5240)
متى تصلي المرأة الظهر يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الظهر يوم الجمعة بالنسبة للمرأة هل تكون بعد الأذان الأول أم الثاني؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة وغيرها ممن لا تجب عليه الجمعة صلاة الظهر بعد التيقن من دخول وقتها قبل صلاة الجمعة، قال ابن قدامة في المغني: فأما من لا تجب عليهم الجمعة كالمسافر والعبد والمرأة والمريض وسائر المعذورين فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام في قول أكثر أهل العلم.
وننبه هنا إلى أنه إذا كان الأذان الأول الذي أشار إليه السائل يتم بعد دخول وقت الظهر وهو زوال الشمس من كبد السماء فلا حرج في الصلاة حينئذ، أما إذا كان يتم قبل دخول وقت الظهر -وهذا ما يحصل في كثير من البلاد- فهذا لا تجوز صلاة الظهر بعده لمن ذكرنا لعدم دخول وقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/5241)
لا تؤدى الصلاة إلا بعد دخول وقتها.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
سؤالي هو: أحيانا أصلي الظهر في يوم الجمعة عند سماع أذان الظهر مباشرة أي لا أنتظر حتى ينتهي الرجال من صلاة الجمعة بالجامع فأصلي عند الواحدة والنصف مباشرة عند الأذان وليس الثانية والنصف بعد صلاة الجمعة بالجامع فهل صلاتي في هذا الوقت صحيحة أم يجب أن أصلي بعد صلاة الجمعة؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ارتباط بين الانتهاء من صلاة الجمعة في المسجد، وصلاة المرأة في بيتها، إذ المرأة ليست من أهل وجوب صلاة الجمعة، وأذان الجمعة الذي يكون عند زوال الشمس لأهل المسجد إيذان بدخول وقت صلاة الظهر في حقها، فتجوز لها الصلاة عند سماعه دون انتظار لانتهاء صلاة الجمعة في المسجد لكن يجب مراعاة فروق التوقيت بين المدن والدول، كما يجب التأكد من دخول وقت صلاة الظهر في البلد الذي تقيمين فيه، لأن بعض المذاهب كالحنابلة مثلاً يستجيزون البدء في صلاة الجمعة قبل دخول وقت الظهر، ويمكن التأكد من ذلك عن طريق النظر في الرزنامة "التقويم" أو سؤال أهل العلم عندكم، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 19687، والفتوى رقم: 8382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/5242)
دخول وقت الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وقت الفجر الصادق هو نفسه الوقت المحدد من قبل الفلكيين في التقويمات والجرائد أم كما قيل إن وقت الفجر الصادق بعد هذا التوقيت بحوالي 50 دقيقة بدليل أن الخيط الأبيض لم يظهر في السماء بعد ... من فضلكم اذكروا الأدلة نظرا لخطورة الأمر وعلاقته بالصلاة والصيام وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفجر الصادق هو النور الممتد في الأفق الذي لا يعقبه ظلام، ويختلف وقت دخوله من مكان إلى آخر، ولكل بلد حكمه.
ولاشك أن الشارع أناط الأحكام بتحقق دخول هذا الوقت لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (البقرة: من الآية187) ، فإذا كانت التقاويم الموجودة بين يدي الناس موافقة للواقع فيؤخذ بها، وإلا فلا، والعبرة بالرؤية، ولكن الرؤية اليوم لا تتاح لكل الناس، فمن أمكنه أن يرى طلوع الفجر عياناً أو بشهادة ثقة، فيلزمه العمل بذلك، وإن لم يمكنه، فإنه يعمل بالأذان والتقاويم، ويتحرى الصواب قدر استطاعته، ولا يكلف أكثر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/5243)
حكم المنع من الصلاة أوقات النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من شرع أوقات النهي؟ وماهي أوقاتها بالتفصيل؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق ذكر أوقات النهي عن الصلاة في الفتوى رقم:
7392.
ولعل الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات هي مخالفة الكفار في أوقات عبادتهم. قال صاحب الحجة البالغة: (لأنها أوقات صلاة المجوس وهم قوم حرفوا الدين جعلوا يعبدون الشمس من دون الله واستحوذ عليهم الشيطان، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: فإنها تطلع بين قرني شيطان.) ...
فوجب أن يميز بين ملة الإسلام وملة الكفر في أعظم الطاعات) ، ثم قال ما معناه: (إن هذا واضح في النهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها. أما الساعتان الأخريان وهما: بعد صلاة العصر إلى الغروب وبعد صلاة الصبح إلى الطلوع، فإنما نهي عن الصلاة فيهما لأنها تفتح باب الصلاة في الساعات الثلاث، فكأنه من باب سد الذريعة إلى الصلاة في الأوقات التي تكون فيها الشمس بين قرني شيطان
كما جاء في الأحاديث الصحيحة، قال صاحب الفتح: وفيه يعني كون الشمس تطلع بين قرني الشيطان إشارة إلى علة النهي عن الصلاة في الوقتين المذكورين، وزاد مسلم من حديث عمرو بن عبسة: وحينئذ يسجد لها الكفار. فالنهي حينئذ لترك مشابهة الكفار، وقد اعتبر ذلك الشرع في أشياء كثيرة) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/5244)
تقدير أوقات النهي عن الصلاة بالدقائق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد،
ما هي الأوقات المنهي عن الصلاة فيها (أود معرفة الوقت بالدقائق بعد طلوع الشمس وغروبها وكذا الزوال)
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن أوقات النهي في الفتوى رقم:
7392.
أما عن تحديد ذلك بالدقائق: فإن ما بين الفجر إلى طلوع الشمس وما بين العصر إلى غروبها يختلف باختلاف الفصول.
أما الأوقات الثلاثة الأخرى فإن قدر كل واحد منها هو ما بين عشر دقائق إلى ربع ساعة تقريباً، وأطولها ما قبل الغروب، ثم ما بعد الشروق، ثم وقت الزوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/5245)
حكم من صلى العشاء قبل وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[صحوت من النوم بعد تعب وإرهاق، ووجدت زوجتي تفرش لي السجادة ولم تخبرني بالوقت وتوضأت وصليت العشاء وبعد حوالي 45دقيقه، أذن العشاء، هل علي إعاده صلاة المغرب وشكرآ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاتك للعشاء كانت قبل وقتها، وهذا ما يجعلها باطلة لأن الصلاة لا تصح قبل وقتها؛ قال تعالى: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وإذا كنت قد أديت صلاة المغرب بعد دخول وقتها فهي صحيحة ولا يؤثر على صحتها فساد صلاة العشاء. أما إذا لم تكن صليتها فإن الواجب عليك أيضاً أن تصليها أولاً ثم تصلي العشاء.
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضاَ أن الصلاة لا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لعذر قاهر، وينبغي للشخص إذا أراد أن ينام أن يتخذ وسيلة تنبهه للصلاة ولكن إذا فاتته بعد ذلك في وقتها فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل. رواه أصحاب السنن عن علي رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/5246)
الأدلة على أن وقت المغرب إذا غربت الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نرد على بعض الأشخاص من مذاهب أخرى عن صلاة المغرب وهم يقولون إننا نصلي المغرب والشمس لم تغب بعد؟
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ابتداء دخول صلاة المغرب يكون بغروب الشمس، ومن أدلة ذلك:
أولاً: حديث سلمة بن الأكوع: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب) . رواه مسلم.
ثانياً: حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت أي سقطت الشمس وتوارت عن الأنظار) . الحديث رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: إذا وجبت أي غابت، وأصل الوجوب السقوط، والمراد سقوط قرص الشمس.
وفي المهذب للشيرازي: وأول وقت المغرب إذا غابت الشمس.
قال النووي في المجموع: وهذا لا خلاف فيه، نقل ابن المنذر وخلائق لا يحصون الإجماع فيه.
والحاصل أنه لا تجوز صلاة المغرب قبل غروب الشمس، ومن صلاها قبل ذلك لزمه إعادتها، وعامة المسلمين يصلونها بعد الغروب والحمد لله، ولا وجه لما قاله هذا المعترض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/5247)
وقت صلاة العشاء والمغرب وسنة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[متى ينتهي وقت الصلوات التالية (الرجاء تحديد الوقت بالساعة، مثلا بعد ساعة من الأذان) :
صلاة العشاء , صلاة الضحى , صلاة المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما وقت صلاة العشاء فيبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى ثلث الليل وقيل: نصف الليل، وهذا وقتها الاختياري، أما الضروري فيمتد إلى الفجر، ونقصد بوقتها الضروري الوقت الذي لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لعذر.
وكيفية معرفة ثلث الليل أو نصفه، أن تحسب بالساعات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ثم تقسمه على النصف أو الثلث.
أما وقت صلاة الضحى فيبدأ من ارتفاع الشمس بعد طلوعها بمقدار رمح في نظر المشاهد، إلى قبيل الزوال. وقدره البعض بعشر دقائق قبل الزوال، والزوال هو بداية وقت الظهر.
وأما وقت صلاة المغرب فيبدأ بغروب الشمس ويمتد إلى مغيب الشفق الأحمر حيث يدخل وقت العشاء، لحديث: وقت المغرب ما لم يغب الشفق. رواه مسلم.
ولا نستطيع أن نحدد ذلك بالساعة لأن ذلك يختلف باختلاف فصول السنة، والعبرة بالمشاهدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/5248)
كيف يتحقق المسافر بالطائرة من دخول وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سافر شخص بالطائرة لمسافة 8 ساعات وحانت صلاة الفجر أي توقيت أصلي بتوقيت الدولة المغادر منها أو الدولة التي أذهب إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المدار في صحة الصلاة على تحقق دخول الوقت، فمن تحقق دخول وقت الصلاة صلى، ومن لم يتحققه فلا تجوز صلاته ولا تجزئه، ويمكن في هذه الأزمان الاعتماد على التوقيت الذي حددته التقاويم في العصر الحديث، وهو يختلف من بلد لآخر، على حسب موقع كل منها على الأرض.
والمسافر بالطائرة لا يستطيع السير على هذه التقاويم، لأنه لا يوجد تقويم يحدد له وقت الصلاة في المكان الذي هو فيه في الطائرة بين السماء والأرض، ولذلك فإنه يجب عليه تحقق دخول أوقات الصلاة بالعلامات المعروفة.. فالمغرب يُعرف بغروب الشمس، والعشاء بغياب الشفق الأحمر، والفجر بطلوع الفجر وهو البياض المعترض في الأفق وأما صلاة الظهر والعصر فإنه يجتهد في تحديد وقتها ويمكنه الاستعانة بسؤال غيره من طاقم الطائرة فقد يكون عندهم أجهزة تمكنهم من معرفة الوقت بدقة، ومن اجتهد في معرفة الوقت وصلى، فلا إعادة عليه إلا إذا تبين له أنه أدى الصلاة قبل دخول وقتها، وأما إذا لم يتبين له شيء فقد برئت ذمته لأنه بذل ما في وسعه ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/5249)
مقدار الوقت بين الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مقدار الوقت الذي يجعل بين الأذان وإقامة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جعل الفقهاء الناس في تقديم الصلاة وتأخيرها على نوعين: منفرد وجماعة، فالمنفرد الأفضل في حقه أن يصلي عند أول دخول الوقت، لحديث أم فروة رضي الله عنها قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها. أخرجه أبو داود وابن خزيمة وصححه الألباني.
أما الجماعة فإنها تؤخر بقدر ما يجتمع الناس للصلاة عادة على ألا يؤدي ذلك إلى خروج الوقت الاختياري للصلاة، لحديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء أحياناً يؤخرها وأحياناً يعجلها.. إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر. رواه البخاري ومسلم، وفي قوله إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر: دليل واضح على مراعاة أحوال الجماعة في تقديم الصلاة وتأخيرها.
وقد جاء في السنة الأمر بتأخير الظهر عند اشتداد الحر، روى البخاري عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة.
والحاصل أن من كان منفرداً فالأفضل في حقه تقديم الصلاة، ومن كان ينتظر جماعة فليؤخر بقدر ما يجتمع المصلون..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/5250)
لا تصح صلاة قبل دخول وقتها الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن عندنا صلاة الصبح تصلى قبل دخول وقتها الشرعي بحوالي نصف ساعة، ولقد تكلمنا مع الإمام حول هذه المسألة، لكن لم يطرأ أي تغيير، من أجل هذا تركنا الصلاة في المسجد، وأصبحنا نصلي في بيوتنا عند دخول الوقت الشرعي - فبماذا تنصحوننا هل نبقى على هذه الحالة؟ وبالتالي نصبح من المفرطين في الجماعة ولا إثم علينا.
نريد منكم جوابا كافيا شافيا يبعد عنا كل الشبهات
وفي الأخير نرجو من الله أن يجعلكم في خدمة الإسلام والمسلمين وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن صلاة الفجر قبل الوقت في الفتوى رقم:
5163 والفتوى رقم:
10384.
والذي ننصحكم به إذا كان الأمر -كما ذكرتم- هو أن تنصحوا هذا الإمام برفق ولين وتبينوا له بالحجة والبرهان خطأ ما يصنع، فإن استجاب فذلك المطلوب، وإن لم يستجب فإن استطعتم عزله وتنصيب إمام مكانه بدون حدوث فتنة فذلك الواجب، وإلا فانتقلوا إلى مسجد آخر ينضبط بالتوقيت الشرعي، فإن لم تجدوا مسجداً آخر، فصلوا جماعة في أي مكان ترونه مناسباً ولو كان بيت أحدكم، فإن تعذر هذا كله فلا إثم عليكم في ترك صلاة الجماعة والصلاة على انفراد في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(11/5251)
يعيش في إيطاليا ويصلي الظهر قبل وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ظروف في إيطاليا، وأصلي الظهر والعصر في وقت واحد قبل وقت الظهر بساعة تقريباً، وأصلي المغرب والعشاء جمع تأخير فهل هذا جائز؟ وإلا أرشدوني.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى لما شرع الصلاة حدد لها أوقاتها قال تعالى: َإِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها تعمداً بحال.
كما لا يجوز جمع الصلاة لغير عذر من أعذار الجمع، ولا ندري ما هي الظروف التي يمر بها الأخ في إيطاليا حتى نستطيع أن نحكم عليها بأنها مبيحة للجمع أم لا، وعلى كل حال فصلاة الظهر والعصر قبل دخول وقت الظهر لا تجوز بأي حال، ولا تحت أي ظرف من الظروف، وكذلك صلاة المغرب والعشاء قبل الغروب، والصبح قبل طلوع الفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(11/5252)
بمجرد دخول الوقت الفعلي يمكن أداء العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[• هل يجوز في صلاة الفجر أن تؤدي المرأة الصلاة بمجرد سماع الأذان نظرا لعلمي على حسب ما يشاع بأن أذان صلاة الفجر في هذه الأيام يكون بالتحري والاجتهاد حسب التقاويم وأنه يكون قبل الوقت الفعلي وكذلك الحال بالنسبة للاستمرار في الأكل والشرب أثناء الأذان أيام الصيام؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعبرة في صلاة الفجر والإمساك والإفطار بطلوع الفجر وغروب الشمس، فإذا تيقن الشخص أن نتيجة التقاويم مخالفة للطلوع والغروب فلا اعتبار بها، أما مادام الأمر في حدود الشائعات فلا يلتفت إليه، لأن فتح هذا الباب فيه إرباك للمسلمين وتشويش على عباداتهم، وللفائدة انظر الفتوى رقم:
5163 والفتوى رقم:
10384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/5253)
لا تصلى الراتبة إلا بعد دخول وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في السنن الرواتب توجد أربع ركعات قبل الظهر فهل يجوز أن أصليها بعد شروق الشمس بثلث ساعة لأنني موظفة ولا أستطيع أن أصليها قبل الظهر بنصف أو بساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنن الرواتب تؤدى بعد دخول وقت الصلاة، لأنها مرتبطة بهذا الوقت المعين، وهذا هو الثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فاتته هذه السنة شرع له قضاؤها بعد صلاة الظهر، أو في أي وقت يمكن فعلها فيه ولو بعد صلاة العصر، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قضاء النافلة، ففي الصحيحين من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر؟ إنه أتاني ناسُُ من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان.
وفي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعده. قال الترمذي حديث حسن غريب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/5254)
صلاة العشاء في البلاد التي يتأخر فيها وقت العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[- سماحة الشيخ نحن نعيش في أمريكا في منطقه قرب كندا اسمها فارقو أوقات الصلاة فيها بعيدة فمثلا العشاء الساعه 11 ليلاً في الصيف وبما أن الليل قصير فإن هناك بعض الناس ممن يعملون من الصباح وحتى
المساء يعودون متعبين إلى بيوتهم وليس باستطاعتهم السهر لانتظار الصلاة فهل يجوز لهم الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم؟ وهل يجوز لنا إذا أردنا الخروج للتسوق أن نجمع جمع تقديم؟ علماً بأنه لا يوجد
مكان نصلي فيه عندما نخرج للتسوق ويستغرق التسوق منا وقتا لكي نتأكد من كل شيء.
وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة أهم أمر في حياة المسلم، والمحافظة على أدائها في وقتها من أكبر الواجبات، لذلك حث الله تعالى عليها في محكم كتابه في مواضع كثيرة، وحث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة، كل ذلك لا يخفى على أي مسلم.
وقد حدد الله تعالى لكل صلاة وقتاً معيناً، وفصل ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل الله أداء كل صلاة في وقتها المحدد لها فرضاً مفروضاً على المؤمنين، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء:103] .
فلا يجوز تقديم صلاة عن وقتها ولا تأخيرها عنه إلا في حالات وظروف دلت نصوص الوحي على جواز ذلك فيها، وليست الحالتان المذكورتان في السؤال مما جعله العلماء مشمولاً بتلك النصوص،
وبناء على ذلك، فيجب عليكم جميعاً أن تحافظوا على صلواتكم التي هي عماد دينكم، ومصدر سعادتكم في الدنيا والآخرة، ولا تضيعوها ولا يشغلكم عنها الجري وراء زهرة الدنيا الفانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(11/5255)
ما دام هناك شفق يغيب فلا تصلى العشاء قبل مغيبه.
[السُّؤَالُ]
ـ[في مواسم الصيف في بلجيكا لا يغيب الشفق تقريباً والنجمة بين العشاءين، فيكون الفرق بين العشاء والصبح 30 دقيقة فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جعل الله تعالى لكل صلاة وقتاً لأولها ووقتاً لآخرها، بعلامات قد حددت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند أحمد وسنن الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن للصلاة أولاً وآخراً".
فوقت صلاة العشاء من مغيب الشفق إلى ثلث الليل، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول. رواه البخاري. ...
أما الطول والقصر فلا تأثير له ما دامت هذه العلامات المحددة شرعاً موجودة.
وعليه، فإن على أهل البلد الذي لا يغيب فيه الشفق إلا آخر الليل ألا يصلوا العشاء إلا بعد مغيب الشفق، لأن الشارع جعل مغيب الشفق هو أول وقت العشاء، وما دام هناك شفق يغيب فلا أن تصلى العشاء قبل مغيبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(11/5256)
حقيقة تأخير الصلاة بحيث يحق الوعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر تأخير الصلاة نصف ساعة على الأقل بدون عذر إثما؟ وكم مدة من الوقت يجب أن يمر حتى نصلي بعد الأذان؟ حيث أنني أصلي غالبا بعد الأذان بربع ساعة أو نصف ساعة فهل يعتبر هذا تأخيرا للصلاة؟
وجزاكم الله عنا الف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أي العمل - أو أي الأعمال - أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله".
قال الحافظ في فتح الباري: قال ابن بطال: فيه أن البدار إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي فيه.
وتأخير الصلاة ما دام في وقت الصلاة لا يضر، فلو أدرك ركعة قبل خروج الوقت يكون قد أدرك الصلاة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح".
فتأخير الصلاة بعد الأذان بربع ساعة أو نصف ساعة وإلى ما قبل خروج الوقت لا إثم فيه، والتأخير الذي يكون صاحبه آثماً هو تأخير الصلاة حتى خروج وقتها، والذي قال الله تعالى عنه: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون:4-5] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/5257)
وقت المغرب: بدءا وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو وقت صلاة المغرب بحسابنا الآن،هل هو إلى وقت صلاة العشاء الذي في التقويم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت صلاة المغرب يبدأ من الغروب الكامل لقرص الشمس وينتهي بغيبوبة الشفق الأحمر على الراجح من أقوال أهل العلم. وبانتهاء وقت صلاة المغرب يبدأ وقت صلاة العشاء.
والمعول عليه في معرفة أوقات الصلوات ابتداء وانتهاء هو العلامات التي وضعها الشارع لذلك. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
13740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(11/5258)
يلزم تعويد الأبناء بأداء الصلاة في الأوقات المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفلان 13 و11 سنة سؤالي هو:
حكم بقاء الأطفال حتى العاشرة ليلا لصلاة المغرب والثانية عشرة ليلا لصلاة العشاء حيث عليهم الذهاب مبكراً للمدرسة؟ علما بأننا نقيم في هولاندا.
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوجب الله الصلاة على البالغين، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) [البقرة:43] .
وأما الأطفال فغير واجبة عليهم، ولكن يجب على أوليائهم أن يأمروهم بها إذا بلغو سبع سنين ويضربوهم عليها عند العشر، لما رواه أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع".
والحكمة من هذا هو تعويدهم على الصلاة فإذا ما كلفوا وجدوا أنفسهم معتادين لفعلها.
وبناءاً على هذا، فإن على هذا السائل أن يأمر هذين الطفلين بتأدية كل صلاة في وقتها ليتعودوا على أهمية أداء الصلاة في الأوقات التي شرعت فيها، خصوصاً أن هذين الطفلين قاربا سن البلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(11/5259)
يجب أداء الصلاة في وقتها إلا لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته زوجتي نرويجية مسلمة والحمد لله سؤالها هل ممكن أن تعجل بصلاة العشاء لأن صلاة العشاء هنا في النرويج متأخرة في التوقيت الصيف وخاصة عندما ترجع من الشغل مرهقة والذهاب إلى الشغل في الصباح الباكر.
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لزوجتك تقديم الصلاة بحيث تصليها قبل دخول وقتها لمجرد تعب العمل ونحوه، وعلى هذا اتفق أهل العلم، لأن الصلاة يجب أداؤها في وقتها ولا يجوز تأخيرها أو تقديمها إلا لعذر، كسفر أو خوف أو مطر أو مشقة أو حرج كمرض ونحو ذلك. وأما تقديمها يومياً لأجل تعب العمل فلا يجوز. كما سبق. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 4538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(11/5260)
السبب في كتابة ستة أوقات في التقاويم
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يكتب في النتائج والأجندات المكتبية ست صلوات وليس خمسة وهل صلاة الصبح هي الفجر أم الصبح أرجو من سيادتكم شرح وتوضيح صلاة الفجر وصلاة الصبح وأيهما الفريضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جعل الله تعالى للصلاة مكانة عظيمة لا تعدلها أية عبادة أخرى، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال صلى الله عليه وسلم: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله. وهي العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء وبدون واسطه. قال أنس فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ليلة أسري به خمسين ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وإن لك بهذه الخمس خمسين. رواه الترمذي وأحمد. ...
وقد أجمع المسلمون على وجوب الصلاة لقول الله تعالى أقيموا الصلاة وأتوا الزكاة، وأنها خمس صلوات فقط في اليوم والليلة، للحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن: قال أعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. وبهذا الحديث والإجماع يكون قد اتضح لك أخي السائل أنه لم يفرض غير هذه الصلوات الخمس في كل يوم وليلة، وأما ما يكتب في الأجندات والتقاويم من تحديد أوقات لست صلوات فبإضافة صلاة الشروق وذلك لزيادة الفائدة وبيان وقت حل النافلة لا غير ذلك. وأما سؤالك هل الصبح هي الفجر أم لا؟ فالجواب أن صلاة الفجر وصلاة الصبح اسمان مترادفان لمسمى واحد، ويسن قبلها ركعتان تسمى: سنة الفجر أو الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(11/5261)
وقت صلاة العشاء في بلجيكا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تجدوا لي حلا لمشكلة تعرض لكل الجاليات المسلمة القاطنة في بلجيكا بالخصوص. ألا وهي وقت أداء صلاة العشاءالتي تأتي في وقت متأخر من الليل الساعة.12.45]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة العشاء يبدأ بمغيب الشفق بلا خلاف بين العلماء. والشفق هو الحمرة على الراجح من أقوال أهل العلم. وأي بلاد تأخر فيها مغيب الشفق ولو إلى ما بعد منتصف الليل فيلزم المسلمين فيها أداء كل صلاة في وقتها الشرعي ما دامت علامته الشرعية بينة لهم.
ولا يجوز لأهل تلك البلاد الجمع بين المغرب والعشاء لهذا العذر، إذ لا عبرة بتأخر غياب الشفق أو قصر الليل في جمع الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(11/5262)
وقت العصر ما لم تصفر الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا امرأة من السعودية أريد أن أسأل سؤالا: من المعلوم أن أذان العصر لدينا الساعة الثالثة والربع فهل يجوز تأخير الصلاة إلى الساعة الرابعة والنصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمواقيت الصلاة ابتداءً وانتهاءً قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل لها علامات يتمكن كل أحد من الناس من معرفتها وإدراكها، المتعلم والجاهل والذكر والأنثى.
فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وقت الظهر مالم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ... " الحديث.
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم انتهاء وقت الاختيار لصلاة العصر اصفرار الشمس، فما دامت الشمس بيضاء نقية فالوقت باقٍ، فإذا اصفرت الشمس فقد انتهى وقت الاختيار، ولا يجوز تأخير العصر إلى تلك الساعة إلا لضرورة، ووقت الضرورة ينتهي بغروب الشمس.
وأما تحديد الساعات، فإنه يختلف من بلد إلى آخر، ومن فصل من فصول السنة إلى آخر، فلا يستطاع تحديد الأوقات بها، والواجب الاعتماد على العلامات الشرعية في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(11/5263)
يصلي العصر قبل وقتها لظروف العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في أحد المطاعم في بريطانيا وإني أبدأ العمل يومين في الأسبوع بحيث لا يتسنى لي أن أصلي العصر في الوقت. وفي عملي لا أستطيع الصلاة بحكم الظروف في بلاد الكفر وإنني أقدمه عن وقته بساعة هل يجوز لي هذ؟ اأفتوني جزاكم الله عن المسلمين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب أداء الصلوات في أوقاتها فإنهن فرائض جعل الله عز وجل حداً لأول أوقاتهن وآخره. فقال سبحانه: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى. رواه مسلم.
فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم تأخير الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى تفريطاً أي إضاعة، وذلك لا يجوز إلا في الحالات التي رخص فيها الشرع بالجمع بين الصلاتين كالسفر.
فإن كان الأخ السائل لا يقدر على أداء الصلوات في أوقاتهن في بلاد الكفر فالواجب عليه ترك البلاد والرجوع إلى البلاد التي يقدر على إقامة دينه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/5264)
العبرة بتوقيت البلد الذي أنت فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على الطائرة؟
- سافرت إلى أمريكا وخرجت الساعة العاشرة صباحا قبل الظهر بساعتين حيث إجراءات المطار أكثر من ساعة ونصف ثم الرحلة استمرت 12 ساعة متواصلة وحسب ساعتي تم أذان الظهر والعصر والمغرب والعشاء وعند وصولي إلى امريكا كانت الشمس ما زالت مشرقة فالتبس الأمر علي وكذلك حدث في العودة؟ أرجو إفادتي في كيفية أداء الصلاة في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك تأخير الظهر والعصر إلى قبل الغروب لأنك مسافر وستنزل قبل الغروب من نفس اليوم الذي سافرت فيه، فإذا نزلت فصل الظهر والعصر ثم إذا غربت الشمس صل المغرب ثم هكذا العشاء، ولا يصح أن تصلي الصلوات المذكورة على توقيت البلد الذي سافرت منه، فالعبرة بتوقيت البلد الذي أنت فيه، وبالنسبة للعودة فإن سافرت قبل صلاة الظهر مثلاً وبعد قليل سيقبل الليل طبعاً لأنه مغرب وأنت مشرق فصل الظهر والعصر قبل غروب الشمس في الطائرة على الحالة التي أمكنتك ولا يجوز لك تأخيرهما عن الغروب - وراجع الفتوى رقم:
13283 والفتوى رقم: 16427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(11/5265)
حكم من تدركه الصلاة ولا يمكنه ترك عمله ولا أداؤها أثناءه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نهاركم طيب ويومكم سعيد.
أود أن أسأل سؤالاً بخصوص الصلاة.
زوجى مهندس بحري، ومن طبيعة عمله أن يكون طوال العام في حالة سفر دائم بالسفينة، متوقفا أياماً معدودات في الموانئ وباقي الايام يقضيها في البحر مسافرا من ميناء لآخر وأقل مدة للسفر لاتقل عن عشرين يوماً فما حكم الشرع فى صلاته؟
هل يصلى صلاة المسافر؟ باعتبار أنه في حالة سفر.
أم يصلي الصلاة العادية المعروفة؟ باعتبار أن هذا السفر من طبيعة عمله وحالة دائمة وليس حالة مؤقتة أو طارئة.
وماذا عليه أن يفعل عندما يحين موعد الصلاة وهو يعمل خلال الوردية ولايستطيع ترك المحركات تعمل لوحدها حتى يصلى ولا يوجد من ينوب عنه؟
أرجوكم أفيدونى جزاكم الله عنه وعنى كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الرجل حكمه حكم المسافر كلما بدأ في رحلة تصل مسافتها إلى مسافة القصر المشهورة عند الفقهاء؛ ولو كان أكثر عمره مسافراً. وقد سبق أن أجبنا على هذا الحكم في الفتوى رقم:
12196.
أما بالنسبة لما يفعله حينما يحين وقت الصلاة وهو يعمل عملاً لا يمكن تركه ولا تأدية الصلاة أثناءه، فالحكم -والله تعالى أعلم- هو أنه إن كان يأمل انتهاء دوره من العمل قبل خروج الوقت أخر الصلاة إلى أخر وقتها من أجل أن يؤديها كاملة. وأما إذا كان العمل متواصلاً ولا يمكن بحال من الأحوال تركه فعليه أن يؤدي الصلاة على الحالة التي أمكنته، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، ولا يجوز له تركها ولا تأخيرها إلى أن يخرج وقتها، لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] ولأنها مادامت لا تسقط عن المجاهد والصفوف ملتحمة ورحى الموت تدور، فأحرى ألا تسقط عن غيره، وإذا كانت ورديته تبدأ بعد دخول وقت الظهر أو الغروب وكان يعرف أنه لا ينتهي من عمله إلا بعد الغروب أو عند الفجر فله أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(11/5266)
كيف تؤدى الصلوات الخمس من حيث الأداء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي حفظكم الله تعالى هو:
نحن هنا في الباكستان دائماً نؤخرالصلاة عن وقتها وهذا في جميع المساجد فمثلا صلاة العصر قبل الغروب بساعه فقط والفجر قرب طلوع الشمس فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا وأسكنكم فسيح جناته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمتم تصلون الصلوات الخمس في جماعة وفي وقتها المختار فلا شيء عليكم، إلا أن الأولى والأفضل أن تصلى الصلوات في أول وقتها، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها ... الحديث متفق عليه.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: على وقتها: في أول وقتها، ويستثنى من ذلك صلاة الظهر عند اشتداد الحر، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم. متفق عليه.
وصلاة العشاء فالأفضل أن تؤخر إلى آخر وقتها المختار وهو نصف الليل، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم "أي أخر صلاة العشاء" النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، حتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى فقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي رواه مسلم والنسائي.
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح في وقت الإسفار؛ ولكن أغلب أحواله وآخر أمره أنه كان يصليها بغلس، فعن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى صلاة الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات. رواه أبو داود والبيهقي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ "أي ملتحقات بأكسيتهن" ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْغَلَس. رواه الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(11/5267)
كيف يحسب التوقيت الغروبي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم حساب أوقات الصلاة بالتوقيت الغروبي وكيف يكون الغروب دائماً عند الساعة 12 علماً أن غروب الشمس يتغير يوميا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أوقات الصلوات لا تحسب بتوقيت محدد من الساعات، لأن المسألة تختلف من شهر إلى آخر، ومن بلد إلى آخر.
وإنما تحسب بالعلامات الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 13950، والفتوى رقم: 4538.
ومع ذلك يمكن معرفة الوقت لكل صلاة بالتوقيت الغروبي، وذلك بمقابلته بالتوقيت الزوالي، ومعرفة الفارق بينهما من الساعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(11/5268)
حكم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير الصلاة ساعة بعد الأذان تعمدا بسبب النوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل أداء الصلاة في أول وقتها، ويجوز تأخيرها إلى آخر وقتها خصوصاً عند الحاجة، إلا إذا كان هذا التأخير سيفوت على الرجل فضل الجماعة فإنه يحرم لأن صلاة الجماعة واجبة على الرجال. كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
1798
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(11/5269)
الأولى أن لا يبدأ المرء الصلاة حتى يفرغ المؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة الصلاة رأسا بعد أن يقول الموذن الله أكبر أعني قبل الانتهاء من الأذان وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يشرع لمن سمع المؤذن هو أن يقول مثلما يقول، إلا في قوله حي على الصلاة حي على الفلاح، فإنه يقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله) ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله له الوسيلة كما جاءت بذلك السنة، ثم بعد ذلك يصلي ركعتين أو ما فتح الله عليه به من النوافل، ثم يصلي الفريضة، هذا هو الأفضل، ولكن إذا صلى أحد أثناء الأذان فإنه قد خالف السنة، وقد سئل الإمام أحمد عن الرجل يقوم حين يسمع المؤذن مبادراً يركع، فقال يستحب أن يكون ركوعه بعدما يفرغ المؤذن، أو يقرب من الفراغ لأنه يقال: إن الشيطان ينفر حين يسمع الأذان فلا ينبغي أن يبادر بالقيام، هذا بالنسبة لمن كان في المسجد، أما من دخل المسجد فسمع المؤذن، فإنه يستحب له انتظاره ليفرغ، ويقول مثل ما يقول المؤذن جمعاً بين الفضيلتين، وإن لم يقل كقوله وافتتح الصلاة فلا بأس، نص عليه أحمد.
وبهذا يعلم أن ابتداء الصلاة أثناء الأذان الأولى تركه، وإن فعله الشخص فلا يأثم به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(11/5270)
الإعاقة ليست عذرا في تأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا السؤال خاص في حالتي الصحية
أنا شخص والحمد لله مقعد أي معاق حركيا ولهذا لا أستطيع أن أصلي صلاة الصبح في موعدها ولكني أصليها عندما أصحو من النوم وتكون الساعة التاسعة صباحا أو العاشرة. ولا أستطيع أن أصليها في موعدها لأن جسمي في أيام البرد لا يتحمل. وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أداء صلاة الفجر في وقتها، فإن عجزت عن استعمال الماء البارد لزمك تسخينه، إما بنفسك وإما بغيرك، فإن لم تتمكن من تسخينه وجب عليك التيمم وأداء الصلاة في وقتها، نسأل الله لنا ولك التوفيق والإعانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(11/5271)
الأوقات المستحبة لأداء الفرائض
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يستحسن أداء الصلاة؟ في أول الوقت أو وسطه أو آخره؟ وهل هناك استثناء؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاستحباب تقديم الصلاة في أول وقتها أو تأخيرها عن أول الوقت فيه تفصيل ذكره أهل العلم، وحاصله ما يلي:
1/ صلاة الظهر: والمستحب تعجيلها في أول وقتها، إلا في شدة الحر.
قال الترمذي رحمه الله: وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وذلك لما ثبت من حديث أبي برزة وجابر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت أحداً كان أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من أبي بكر، ولا من عمر. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وتأخيرها في شدة الحر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم" رواه الجماعة عن أبي هريرة.
2/ صلاة العصر: ويستحب تعجيلها بكل حال عند جمهور العلماء، لحديث رافع بن خديج: "كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، ثم يُنحر الجزور، فيقسم عشرة أجزاء، ثم يطبخ فيؤكل لحماً نضيجاً قبل مغيب الشمس" متفق عليه.
وفي الصحيحين أيضاً: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس حية".
3/ صلاة المغرب: ولا خلاف في استحباب تقديمها في غير حال العذر، لحديث رافع بن خديج: "كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله" متفق عليه.
وفي الصحيحين: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا وجبت الشمس" أي غربت.
4/ صلاة العشاء: ويستحب تأخيرها إلى آخر وقتها وهو ثلث الليل وقيل نصفه، إن لم يشق.
قال ابن قدامة: (وهو اختيار أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين.
وقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال: "إنه لوقتها، لولا أن أشق على أمتي".
وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحياناً وأحياناً، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا آخر، والصبح كانوا أو كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس".
5/ صلاة الصبح: والأفضل فيها التغليس عند جمهور العلماء خلافاً للحنفية، لحديث جابر السابق، قال ابن عبد البر رحمه الله: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون.
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح، فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يُعرفن من الغلس".
والغلس: هو بقايا ظلمة الليل.
وقولها: ما يعرفن: أي ما يعرفن أنساء هن أم رجال؟ وقيل: ما يُعرف أعيانهن.
قال النووي في شرح مسلم: (هذا ضعيف، لأن المتلفعة في النهار أيضاً لا يعرف عينها، فلا يبقى في الكلام فائدة) .
وتحصل من ذلك أن المستحب هو فعل الصلوات في أول الوقت، إلا الظهر في شدة الحر، وإلا العشاء إذا لم يشق الأمر على المأمومين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1423(11/5272)
لا عبرة بالتقويم لو كان مخالفا لوقت الأذان الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغربي ويؤذن لصلاة الصبح عندنا في الوقت الفلكي أذانا موحدا دون مراعاة اختلاف المطالع. فهل صلاتي منفردا في الوقت الشرعي هو الحل أم أنه يجب علي الالتزام بالصلاة مع الجماعة مع العلم أنهم يؤدون الصلاة قبل دخول الوقت الشرعي؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت ذا خبرة بمعرفة أوقات الصلاة، فلا تصل قبل دخول وقتها، إذ لا عبرة بالمكتوب على الأوراق إذا كان مخالفاً للحقيقة، لأن أداء الصلاة قبل دخول وقتها لا يجوز، ولأن دخول الوقت شرط من شروط صحة الصلاة، والمشروط ينعدم بانعدام شرطه، وما حصل من المسؤولين عن التقويم يجب عليهم تداركه، وذلك بمراعاة فروق التوقيت بين المناطق، فتحديد أوقات الصلوات أمانة وهم مسؤولون عنها، وأقل ما يبرئ ذمتهم من ذلك هو أن يكتبوا عبارة ينبهون فيها الناس على ضرورة مراعاة فروق التوقيت، فإن لم يفعلوا ذلك وجب على المسلمين مراعاة ذلك بأنفسهم.
وينبغي أن تنصح جماعة مسجدك باللطف في القول والفعل، حتى يؤخروا الصلاة إلى وقتها الشرعي، فالله تعالى يقول: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125] .
فإن لم يستجيبوا لك، فلا تصل الصلاة قبل وقتها، ولو أدى بك الأمر إلى أن تصليها في بيتك.
أما إذا كنت غير عارف بمواقيت الصلاة، وكان قولك بأن الفجر يؤذن له قبل وقته مبني على مجرد التخمين، أو السماع من الناس دون أن يكون لك فيه مستند صحيح، فعليك أن تلزم الجماعة، وألا تحدث فتنة في أمر أنت غير عالم به، فقد قال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1422(11/5273)
ثبات أذاني المغرب والعشاء لا مانع منه إذا كان حسب ضوابط الوقت الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[يلاحظ أن الفرق بين أذاني المغرب والعشاء في السعودية ثابت طول العام، ولا يتغير إلا في شهر رمضان حيث يؤخر أذان العشاء نصف ساعة، مع أن البلاد المجاورة يتغير فيها موعد العشاء ففي الشتاء يتقدم وفي الصيف يتأخر، فهل إذا صلى المرء صلاة المغرب شتاء قبل أذان العشاء بعشر دقائق يكون مدركا لها في الوقت، وهل إذا صلى المغرب في رمضان قبيل أذان العشاء المؤخر عن وقته المعتاد يكون مدركا لها، ولماذا يؤخر الأذان في رمضان ولا يؤذن في الوقت وتؤخر الإقامة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأوقات الصلاة بينها النبي صلى الله عليه وسلم وحددها بأمارات ثابتة، وإن اختلفت من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَقْتُ الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس، ووقت المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس".
فزوال الشمس وغروبها، وطلوع الفجر، يختلف من مكان إلى آخر، ولكل بلد حكمه بحسب هذه الضوابط، والأئمة والمؤذنون محمولون على العدالة، ومعرفة الأحكام، ويقلَدون في أوقات الصلاة وما يتبع ذلك من الصوم والفطر.
وهذه الضوابط التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم هي المعوَّل عليها في تحديد أوقات الصلوات - ابتداء وانتهاءً - لصلاحيتها لكل زمان ومكانٍ، ولتمكُّن كل أحد من معرفتها وإدراكها والاستدلال بها.
وأما ما سواها من تقاويم ونحوها، فإنما هي وسائل لتسهيل معرفة تلك الضوابط والعمل بمقتضاها.
والواجب على المسلم هو التعويل أساساً على الضوابط التي وضعها الشارع، ولا حرج في الاستدلال عليها بما يعين على معرفتها مما وضعته جهات مختصة موثوق بعلمها وأمانتها.
وأما الفرق الذي ذكره السائل الكريم أنه ثابت بين أذاني المغرب والعشاء، فلا مانع منه إذا كان ذلك مستنداً إلى تلك الضوابط المشار إليها - كما هو المظنون - إن شاء الله تعالى بالقائمين على الأمر هنالك، وخاصة أن الواقع لا يمنع أن يكون ذلك الفرق ثابتاً في البلاد التي ليلها ونهارها طبيعيان.
مع أننا لا نعتقد أن الفرق الزمني بين مغيب الشمس الذي هو أول دخول وقت المغرب، وبين مغيب الشفق الذي هو أول دخول وقت العشاء يصل إلى ساعة ونصف، بل نعتقد أنه أقل من ذلك.
وننبه هنا إلى أن تقديم أذان الصلاة عن أول دخول وقتها لا يجوز، كما أن تعمد تأخيره عن أول الوقت لا ينبغي، وخاصة إذا كان ذلك بصفة دائمة مستمرة، لأن الأذان شرع للإعلام بدخول أول الوقت، فإيقاعه في غير ذلك قد يترتب عليه تغرير بالعامة الذين يعتقدون أن دخول الوقت مرتبط بالأذان فقط، ويبنون على ذلك تصرفات قد توقعهم في ارتكاب ما لا يجوز، كتقديم الصلاة عن وقتها، أو تأخيرها عنه ظناً منه أنه ما زال باقياً، لعدم سماعهم لأذان الصلاة التي تليها.
وخاصة إذا كانت علامة دخول وقت الصلاة الثانية غير جلية للعامة، كما هي الحال بالنسبة للمغرب والعشاء والظهر والعصر، وكون الأذان لا ينبغي تأخيره عن أول دخول الوقت لا يعني أن الإقامة كذلك، بل السنة أن يكون بينهما وقت كافٍ للاستعداد للصلاة، واجتماع الجماعة، ونحو ذلك مما تقتضيه المصلحة، وتدعو إليه الحاجة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتد الحر، فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم".
وقد كان يؤخر صلاة العشاء إلى ثلث الليل ويقول: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا". والحديث في الصحيحين أيضاً.
وتأخير صلاة العشاء في رمضان تقتضيه حاجة الصائمين، ليأخذوا قسطاً من الراحة بعد الإفطار.
وبناءً على ما تقدم، فنقول للسائل الكريم: إنه إذا علم من طرف الجهات المختصة أن أذان العشاء في كل فصول السنة يؤذن به في أول دخول وقتها، فمعنى ذلك أن من صلى المغرب قبل الأذان ولو بعشر دقائق يعتبر مدركاً لها في وقتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر" متفق عليه.
وإما إذا علمت أن أذان العشاء يؤخر عن أول دخول وقتها، فلا يجوز تأخير صلاة المغرب إليه، بل الواجب على المرء أن يحتاط في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5274)
ينتهي وقت المغرب بغياب الشفق الأحمر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان وقت صلاة المغرب ينتهي بانتهاء الشفق الأحمر وفق مذهب الجمهور، فهذا يعني أن صلاة العشاء تبدأ من انتهاء الشفق، ولكننا نلاحظ أن صلاة العشاء يؤذن لها بعد وقت طويل من غياب الشفق، فما هو حكم هذا الوقت ما بين غياب الشفق، وبين أذان العشاء والذي قد يستغرق أكثر من ساعة، وهل يجوز أن يصلي المرء صلاة العشاء بعد غياب الشفق مباشرة، أي قبل أذان العشاء بوقت طويل؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر هو كما ذكرت من أن وقت صلاة المغرب ينتهي بغياب الشفق الأحمر، وأن وقت العشاء يبدأ من حين ينتهي وقت المغرب، لحديث جبريل المعروف، وعليه، فكل من صلى العشاء بعد تحقق غياب الشفق، فإن صلاته صحيحة لأنها في وقتها.
وتأخير الصلاة عن غياب الشفق هو الأفضل، ففي صحيح البخاري من حديث أبي برزة الأسلمي قال: "وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة"، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي برزة قال: "كان يؤخر العشاء الآخرة إلى ثلث الليل" وبهذا يعلم السائل أنه لا منافاة بين ما يلاحظ من تأخير صلاة العشاء، وبين ما هو متعارف من أن وقتها يبدأ من غياب الشفق، وهذا عن تأخير الصلاة نفسها.
أما الأذان لها فلا ينبغي أن يؤخر عن أول وقتها، لأن الأذان إعلام بدخول الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5275)
الصلاة الوسطى
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهي الصلاة الوسطى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة الوسطى هي صلاة العصر على الراجح من أقوال أهل العلم. وقد تقدم ذلك ضمن الجواب رقم: 4782
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5276)
فتوى ابن باز فيمن يؤخر الفجر حتى تطلع الشمس بسبب السهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مفهوم فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله
بكفر من تعمد تأخير صلاة الفجر عن وقتها؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما جاء عن الشيخ رحمه الله في هذا الموضوع فتوى له منشورة في موقعه على الانترنت، وهذا نصها:
وردتنا هذه الرسالة من خ. أ. خ. من الرياض جاء فيها: لي صديق يسكن بالقرب مني، والمسجد قريب منا جداً، وصديقي لا يذهب لصلاة الصبح، ويقضي وقت الليل في مشاهدة التلفاز، ولعب الورق، ويسهر حتى الساعات الأولى من الصباح، ولا يصلي الصبح إلا بعد طلوع الشمس، ولقد عاتبته كثيراً، وكان عذره أنه لا يسمع الأذان مع أن المسجد قريب منا جداً، وقد أبديت له رغبتي بأني سوف أوقظه لصلاة الصبح، وفعلا أذهب إليه وأوقظه، ولكنني لا أشاهده في المسجد ومن ثم آتي إليه بعد الصلاة وأجده نائماً فأعتب عليه ويعتذر بأعذار واهية، وكان يقول لي في بعض الأحيان: إنك مسؤول عني أمام الله يوم القيامة؟ لأنني جارك.
أرجو من سماحتكم أن تفيدوني في ذلك، وهل أنا ملزم فعلاً بإيقاظه للصلاة؟
ج: لا يجوز للمسلم أن يسهر سهراً يترتب عليه إضاعته لصلاة الفجر في الجماعة أو في وقتها، ولو كان ذلك في قراءة القرآن، أو طلب العلم، فكيف إذا كان سهره على التلفاز أو لعب الورق أو ما أشبه ذلك ... ؟
وهو بهذا العمل آثم ومستحق لعقوبة الله سبحانه، كما أنه مستحق للعقوبة من ولاة الأمر بما يردعه وأمثاله.
وتأخير الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس كفر أكبر إذا تعمد ذلك عند جمع من أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" رواه مسلم في صحيحه، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه بإسناد صحيح.
وفي الباب أحاديث أخرى وآثار تدل على كفر من أخر الصلاة عن وقتها عمداً وبلا عذر شرعي.
والواجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يستعين على ذلك بمن يوقظه لها من أهله أو إخوانه، أو بإيجاد ساعة يؤكدها على وقت الصلاة.
وعليه وعلى أمثاله ألا يسهر سهراً يسبب نومهم عن صلاة الفجر، ولو في أمر مباح أو مستحب، فكيف إذا كان السهر على ما هو محرم من الملاهي أو مشاهدة ما حرم الله في التلفاز أو غيره؟ أصلح الله حال الجميع.
وعليك أيها السائل أن تعينه على ذلك، وتنصحه كثيراً، فإن أصر على عمله القبيح، فارفع أمره إلى مركز الهيئة حتى تعاقبه بما يستحق، ولا يلزمك أن توقظه ما دام على فعله القبيح لا ينتفع بالإيقاظ ولا يأخذ بالأسباب.
نسأل الله للجميع الهداية والاستقامة على الحق) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5277)
العبرة بوقت الصلاة في المدينة التي تم السفر إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت من مدينة في أمريكا (مواقيت الصلاة: الفجر6:10 والشروق 8:00 والعشاء 18:40) الساعة 22 (العاشرة مساء) يوم 13 يناير بالطائرة ووصلت إلى مدينة في ألمانيا (الفجر 6:40 الشروق 8:10 الظهر 12:30) الساعة 12 ظهرا اليوم التالي 14 يناير وبعد انتهاء الإجراءات كانت الساعة 13:00 (الواحدة ظهرا) تقريبا. أي أنني ركبت الطائرة بعد صلاة العشاء ووصلت بعد صلاة الظهر (علما أن الرحلة استغرقت حوالي 8 ساعات) . السؤال هو كيف أصلي الفجر ليوم 14 يناير علما أن فرق التوقيت بين المدينتين هو 6 ساعات بمعنى إذا كانت الساعة 12 ظهرا في المدينة الأمريكية تكون الساعة السادسة مساء 18:00 في المدينة الألمانية. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت الفجر لمن هم في الطائرة هو ظهور الفجر الصادق، ولا عبرة بوقت الفجر في المدينة التي سافروا منها أو يسافرون إليها، فإذا طلع عليهم الفجر وجبت الصلاة عليهم، فإن كانوا سيصلون إلى مكان يتمكنون فيه من أداء الصلاة على الأرض قبل خروج الوقت: (قبل طلوع الشمس) فلينتظروا حتى يصلوا إليه، أما إذا خافوا فوات الوقت فعليهم أن يصلوا في الطائرة على حسب الحال التي يقدرون عليها.
وعليه، فإن كنت قد صليت الفجر في الطائرة في وقتها فذاك، وإن كنت لم تصلها في الطائرة فهذا يعد تهاوناً وتفريطاً منك، تجب عليك التوبة منه والاستغفار، ويجب قضاء الصلاة على الفور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/5278)
صلاة وصيام الساكنين قرب القطبين
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني عدد كثير من غير المسلمين عن حكم الصوم والصلاة بالنسبة للناس الذين يسكنون في قرين ليند حيث تطول الأيام كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهاهنا حالتان:
الحالة الأولى: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع الفجر وغروب الشمس، إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف، ويقصر في الشتاء، وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً، لعموم قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) [الإسراء:78] .
وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء:103] .
ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة؟ فقال له: "صل معنا هذين" يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله. قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم" رواه البخاري ومسلم.
ففي اليوم الأول صلى الصلوات في أول الوقت، وفي اليوم الثاني أخرها إلى ما قبل خروج الوقت، ثم صلاها قبل أن يخرج وقتها، وأخبر أن الصلاة بين هذين الوقت.
إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره، وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم.
وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم عن الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع، ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد.
وقد قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة:187] .
ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات، أو التجربة، أو إخبار طبيب أمين أن الصوم يفضي إلى إهلاكه، أو إحداث مرض به، أو زيادة أو بطء برئه، فله أن يفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء.
قال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة:185] .
وقال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] .
وقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78] .
الحالة الثانية: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، فهؤلاء عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها، وحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض.
وذلك لحديث طلحة بن عبيد الله قال: جاء رسول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل عليّ غيرهن؟ قال: "لا إلا أن تطوع" رواه البخاري ومسلم وأبو داود.
ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن المسيح الدجال قالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً، يومٌ كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم"، فقيل: يا رسول الله، اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره" رواه مسلم.
فلم يعتبر اليوم الذي كسنة، أو اليوم الذي كشهر ... يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بيَّن أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار، وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة.
وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع الفجر كل يوم، وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة، لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه إلى كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة، وبهذا التفصيل المذكور أفتت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية. والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/5279)
أداء الصلاة في الوقت الاختياري جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير صلاة العصر إلى الساعة الثالثة والنصف علماً بأنه يؤذن له الساعة الثالثة إلا ثلثاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة العصر لها وقتان: وقت اختيار، ووقت اضطرار، فوقتها الاختياري يبدأ إذا صار ظل كل شيء مثله، مضافاً إليه الظل الذي كان موجوداً عند زوال الشمس، ويستمر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، لحديث جابر رضي الله عنه الذي يتضمن تحديد مواقيت الصلاة وفيه: ثم جاءه العصر، فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله ... إلى أن يقول: ثم جاءه العصر - يعني من اليوم الثاني - فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، إلى أن قال له: ما بين هذين وقت ... إلى آخره" رواه الترمذي والنسائي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن وقت صلاة العصر الاختياري ينتهي باصفرار الشمس؛ لما روى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ووقت العصر ما لم تصفر الشمس".
والحديث يدل على أن ما بين الوقت المحدد ابتداء وانتهاء في الحديث وقت اختيار، ومعنى وقت الاختيار أن المكلف مخير في أداء الصلاة في أي جزء منه، ووقت العصر الاختياري - على القولين السابقين- لا شك أنه أوسع من خمسين دقيقة.
وعليه، فالتأخير المذكور في السؤال جائز إذا لم يؤد لأداء الصلاة في غير المسجد والجماعة.
وأما وقت صلاة العصر الاضطراري فيمتد إلى غروب الشمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1422(11/5280)
وجود المرأة في العمل لا يمنع من أداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة في مكان يمكن أن يوجد به رجال حيث أنني أعمل في مكتب وتجيء علي صلاة الظهر ثم صلاة العصر فأضطر أن أصليهما بعد وقت العصر صلاة الظهر قضاء ثم العصر حاضر، فهل لي أن أصلي الظهر حاضراً في المكتب حيث لا يوجد مكان يمكن غلقه علي ويمكن أن يراني زملائي الرجال وأنا أصلي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تصلي الصلاة لوقتها، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء:103] .
وروى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صل الصلاة لوقتها".
وكون بعض الرجال الأجانب يشاهدك وأنت تصلين لا يمنعك من الصلاة، بل عليك أن تتستري وتصلي، ولو نظر إليك رجال أجانب.
ولا يحل لك الجمع بين الصلاتين إلا لسبب، وهي باختصار أربعة:
السفر، الخوف، المطر، الحاجة.
وقد سبق تفصيل هذا في الفتويين:
6846، 4724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/5281)
تأكد من دخول الوقت أولا
[السُّؤَالُ]
ـ[تواجهني مشكلة شبه يومية وهي عندما أصحو لصلاة الفجر متأخرا نوعا ما أقوم أصلي ركعتي الفريضة وبعد الانتهاء منها أسمع إقامة الصلاة في المسجد ماذا أفعل؟ هل أذهب للمسجد للجماعة أم للنوم لأن الركعتين الماضيتين كانتا بنية الفرض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا استيقظت من النوم فلا تحدث نفسك بأنك استيقظت متأخراً، بل عليك أن تتأكد بالنظر إلى الساعة أو الفجر، ونحو ذلك، ثم بعد ذلك تحكم هل استيقظت متأخراً؟ أم لا؟ وبهذا تزول عنك المشكلة التي تواجهها إن شاء الله، فإذا تبين لك أن الناس قد صلوا فلا حرج عليك في أن تصلي في بيتك، وإن تبين لك أن الناس لم يصلوا فعليك أن تخرج لتصلي معهم، لأن صلاة الرجل غير المعذور في الجماعة واجبة على الراجح، وراجع الجواب رقم: 1415، والجواب رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/5282)
ليس في النوم تفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما أتأخر عن صلاة الفجر مع انني أضع منبها عند رأسي لكن دون فائده أقسم بالله أنني غير مقصرة في باقي الفروض ,وسبحان الله إنني أنتبه لصلاة الفجر وأنا حائض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من وجبت عليه الصلاة أن يؤديها في وقتها، لأن الله عز وجل يقول: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:104]
فلا يجوز تأخيرها عن وقتها لغير عذر، والنائم -إذا كان قد أخذ بالأسباب التي تعينه على الاستيقاظ للصلاة ولم يستيقظ- معذور، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها" رواه الترمذي وغيره.
فمن فاتته الصلاة بسبب النوم يجب عليه أن يصليها إذا استيقظ، كما نطق بذلك الحديث، ومن الأمور التي تعين على الاستيقاظ لصلاة الفجر، النوم المبكر، والإقلال من الطعام في العشاء، وقراءة أذكار النوم، ومنها آية الكرسي، والنوم على وضوء، والاستعانة بمنبه، أوإيقاظ مرافق في البيت ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/5283)
أقوال العلماء في وقت صلاة المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[حيث إن صلاة العشاء تؤخر في أيام رمضان عن الأيام الأخرى من السنة، فهل موعد صلاة المغرب ممتد حتى موعد صلاة العشاء بمواعيد رمضان أم بموعد دخول صلاة العشاء في الأيام العادية من السنة.
أثابكم الله عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت صلاة المغرب ثابت في جميع السنة على ما هو مقرر له، لا فرق في ذلك بين رمضان وغيره، فلا يجوز تأخيرها عن وقتها.
وهو يبدأ من غروب الشمس، واختلف العلماء إلى متى يمتد وقتها، فذهب مالك والشافعي في المشهور عنهما إلى أن لها وقتاً واحداً، وهو قدر ما تؤدى فيه بعد الغروب، لأن جبريل عليه السلام صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليومين لوقت واحد في بيان مواقيت الصلاة، والحديث رواه أبو داود.
وذهب أبو حنيفة وأحمد والثوري إلى أن وقتها يمتد إلى مغيب الشفق، ورجح النووي هذا القول فقال: (هذا القول هو الصحيح لأحاديث صحيحة منها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وقت المغرب ما لم يغب الشفق" وفي رواية: "وقت المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق".
وفي رواية: "وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق" رواه مسلم بهذه الألفاظ كلها) . انتهى.
والمراد بالشفق عند جمهور العلماء: الحمرة التي ترى بعد غروب الشمس في جهة الغروب، ولا شك أن تقديم صلاة المغرب في أول وقتها هو السنة، وعمل السلف الصالح شاهد لذلك، وفي الصحيحين عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب، فينصرف أحدنا، وإنه ليبصر مواقع نبله.
وعلى هذا، فلا ينبغي للمسلم أن يؤخرها عن أول وقتها بدون ضرورة لا في رمضان ولا في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1422(11/5284)
هل يجوز تقديم ركعتي الضحى قبل شروق الشمس للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أوقات النهي عن الصلاة؟
أعمل في رمضان من السابعة صباحا ولا أستطيع البقاء في المسجد حتى السادسة وأربعين دقيقة وقت شروق الشمس وذلك كي ألحق بعملي فهل علي من بأس إن صليت ركعتي النافلة المشار إليها في الحديث الشريف بأجر العمرة (المكوث في المسجد بعد صلاة الفجر) قبل الشروق بخمس أو عشر دقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأوقات النهي عن صلاة النافلة خمسة على سبيل التفصيل، كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف (تميل) الشمس للغروب حتى تغرب" رواه مسلم، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس.
فهذه الأوقات الخمسة لا يصلي المرء فيها صلاة النوافل المطلقة، أما ما له سبب كالكسوف أو تحية المجسد لمن دخله، ونحو ذلك، فالقول الراجح أنه يجوز فعلها في هذه الأوقات.
وإذا لم تستطع البقاء في المسجد بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس قيد رمح، وهو مقدار ربع ساعة بعد شروقها لتصلي ركعتين من أجل أن تحصل على أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة، فلا يجوز لك تقديم الركعتين قبل الشروق، لأن ذلك الوقت منهي عن الصلاة فيه كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/5285)
الصلاة قبل دخول الوقت لا تصح
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في الجزائر وخاصة نحن الشباب أصبحنا في مشكلة كبيرة ألا وهي أن صلاة الصبح أصبحت تصلى في جميع المساجد قبل دخول الوقت الفعلي ونحرم من أجر الجماعة؟ أفيدونا بسرعة جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دخول وقت الصلاة شرط من شروط صحتها، فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها، سواء صليت على انفراد أو صليت في جماعة، والمحافظة على شرط الصحة الذي هو دخول الوقت هنا أمر لازم، تتوقف عليه صحة الصلاة، فلا يقارن بالصلاة في الجماعة، لأن هذا الأخير ليس شرط صحة، بل هو أمر واجب، ولكن بعد التحقق من استكمال شروط الصحة، والتي على رأسها دخول الوقت.
والواجب عليكم هو نصح القائمين على أمر المساجد وإعلامهم بهذا الخطأ الكبير وهو أذانهم قبل الوقت، فإن استجابوا فالحمد لله، وإلا كان عليكم السعي في اتخاذ مسجد يتقيد بالوقت الشرعي، تتمكنون من صلاة الجماعة فيه..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1422(11/5286)
حكم تأخير الصلاة عن وقتها لأجل العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم الصلاة في غير وقتها للعمال المشتغلين في مصنع حفاظا على عدم التزاحم على السلعة وهل يجوز الجمع في الصلاة في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها يعد من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون) [الماعون:4،5] قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم من السلف: يؤخرونها عن وقتها. قال الله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً…) [مريم:59] قال ابن مسعود ومجاهد وجماعة: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها.
والانشغال بالعمل في المصنع وغيره ليس عذراً مبيحاً لتأخير الصلاة عن وقتها، ولا للجمع بين الصلاتين، لأن للجمع بين الصلاتين أسباباً محددة، نص عليها أهل العلم وهي: السفر، والخوف، والمطر، والمرض.
والواجب على المسلم أن يكون كمن قال الله تعالى فيهم: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال *رجال لا تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار..) [النور:36،37] .
وليعلم المرء أن الرزق بيد الله، وأن من اتقى الله عز وجل رزقه من حيث لا يحتسب، وهيأ له السبل المعينة له على ذلك، واسمع إلى قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [الجمعة:9،10،11]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1422(11/5287)
توقيت صلاة الفجر في مصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري وأود أن أستفسر عن توقيت صلاة الفجر في مصر فنسمع من يقول إن الصلاة لا بد أن تكون بعد أذان النتيجة بحوالي 15 دقيقة فهل هذه قاعدة عامة في جميع أنحاء السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المسألة قد ثار حولها جدل كبير في مصر بين مثبت وناف لوجود هذا الفارق بين وقت الأذان المعتمد على الرؤية المجردة للفجر الصادق، ووقته حسب التقويم الفلكي، ولا شك أن الحكم إنما أنيط بالرؤية العينية قال تعالى عن الصوم -وهو مؤقت- (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [البقرة: 187] فقد ربط جواز الأكل والشرب والمباشرة للنساء بتبين طلوع الفجر الصادق، ولا شك أن الخطاب للجميع، ولا يتاح معرفة ذلك لكل الناس إلا بطريق الرؤية دون غيرها، ومن هنا فإننا ننصحك بسؤال أهل العلم عندك، فإنهم أدرى بحقيقة الأمر من غيرهم. وعلى أية حال فإن صلاة الفجر تقام غالباً بعد وقت الأذان بما يقارب العشرين دقيقة، مما يكسبك الطمأنينة أن الصلاة تقع بعد دخول الوقت، وينبغي للنساء ومن يعذر بترك الجماعة مراعاة ذلك احتياطا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1422(11/5288)
حكم تأخير صلاة المغرب ساعة بعد أذانها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم عن شخص يقزم بصلاة المغرب بعد الاّذان بحوالي ساعة أو أي صلاة أخري فهل يحل له ذلك
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد أمر الله عباده بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها فقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) [البقرة: 38] ومن المحافظة عليها أداؤها في أوقاتها جماعة في المسجد مع المسلمين، حيث لا يجوز للرجل الصحيح السليم التخلف عن الجماعة بغير عذر، وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم وأكد على حضور الصلوات في جماعة، فقال صلى الله عليه وسلم: " لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم" رواه البخاري.
ومن هنا فلا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة إلا لعذر معتبر شرعا، كالمطر أو المرض الشديد ونحو ذلك.
ثم إنه لا يجوز تأخير صلاة المغرب حوالي ساعة، لضيق الوقت بينها وبين العشاء -كما هو معلوم- أما الصلوات الأخرى فيجوز تأخيرها إذا لم يخش خروج الوقت؛ لكن لا ينبغي أن تكون هذه عادة المسلم، ويكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم فضل الصلاة في أول وقتها على سائر الأعمال حينما سئل: أي الأعمال أفضل؟
فقال: " الصلاة لوقتها" رواه البخاري ومسلم. أي الصلاة في أول وقتها والمبادرة بها.
وقد سبقت أجوبة مفصلة بخصوص التهاون بشأن الصلاة نحيلك على بعضها وهي برقم:
1415 1648
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/5289)
حكم التزام ساعة وربع بين أذاني المغرب والعشاء طول العام
[السُّؤَالُ]
ـ[نسكن في بلدة سكانها جميعهم مسلمون فيها خمسة مساجد ... قسم من المساجد يرفع الأذان خاصة أذان العشاء حسب (توقيت الأقصى المبارك) وقسم آخر يرفع الاذان حسب (توقيت ساعة وربع بعد أذان المغرب) . وبالتالي يكون الفرق بين المساجد من 20إلى25دقيقة. الأمر الذي يؤدي إلى إزعاج ومتاهة وفتن بين الناس. وخاصة في المسجد القديم الذي يصر المؤذن على عدم الالتزام بتوقيت الأقصى مع بقية المساجد في البلدة بحجة أنه هكذا يؤذن طوال السنين. مع العلم أننا نعلم أن الوقت الشرعي لدخول أذان العشاء صحيح حسب توقيت هذا المؤذن. ولكن للترتيب وعدم الفتنه في المساجد ... انصحونا وأفتونا وسنوزع فتواكم على الخمسة مساجد في بلدنا طمره]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيدخل وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الأحمر، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " (ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل) " رواه مسلم.
وعند الترمذي من حديث أبي هريرة: " (وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق. وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل) ".
ومقدار ما بين المغرب والعشاء يختلف باختلاف الفصول: فتارة يطول وتارة يقصر، وهو يتراوح ما بين ساعة وربع إلى ساعة ونصف وثلاث دقائق تقريباً.
والمعول عليه هو المشاهدة، فمتى زالت الحمرة من الأفق فقد انقضى وقت المغرب، ودخل وقت العشاء.
ولا حرج في الاعتماد على التقويم إن علمت دقته.
كما لا حرج في اتباع توقيت الأقصى المبارك إن ثبت انضابطه أيضاً، وكنتم وأهل الأقصى تتفقون في وقت غروب الشمس. ولا ينبغي بناء وقت العشاء على مرور ساعة وربع بعد المغرب دائماً، لأن هذا يختلف باختلاف الفصول، كما تقدم.
والواجب على المسلمين الحرص على الجماعة والألفة وبذل النصيحة بالمعروف، وعدم التمسك بالعادات إن خالفت الشرع، أو أدى التمسك بها إلى تفرق الكلمة وحصول التنازع.
وليس لائقاً بالمسلمين - في بلد واحد- أن يكون وقت الأذان متفاوتاً بهذا المقدار (20إلى 25 دقيقة) ، مما يوجب الشك والاضطراب، لا سيما لمن يصلي في البيوت من النساء وأصحاب الأعذار.
بل ينبغي أن يتفق الجميع على الأذان في أول الوقت عملاً بالسنة وتحقيقاً للمقصود الأعظم من الأذان وهو الإعلام بدخول الوقت قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: (ويستحب أن يؤذن في أول الوقت ليعلم الناس فيأخذوا أهبتهم للصلاة وروى جابر بن سمرة قال: كان بلال لا يؤخر الأذان عن الوقت) اهـ.
والحاصل أنه ينبغي لأهل العلم والخبرة أن ينظروا في توقيت الأقصى المبارك، فإن وجدوه منضبطاً مع الوقت الصحيح، - مع اتفاقكم وأهل الأقصى في وقت الغروب- فليكن هو المعتمد في سائر المساجد.
وإلا فليجتهد المؤذنون في النظر إلى مغيب الحمرة، أو تقويم مقارب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(11/5290)
الشفق والأحكام الشرعية المترتبة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[الشفق حمرة أم بياض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشفق هو الحمرة التي تكون في الأفق من الغروب إلى العشاء الآخرة، وبغيابه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء. فعن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: " الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة " رواه البيهقي مرفوعاً، وعبد الرزاق موقوفاً.
وروى مسلم عن ابن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ووقت المغرب ما لم يغب الشفق". وفي تحفة الأحوذي (ولا شك في أن المذهب الراجح المختار هو أن الشفق الحمرة يدل عليه حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشفق الحمرة" رواه الدارقطني وصححه ابن خزيمة وغيره ووقفه على ابن عمر كذا في بلوغ المرام، قال محمد بن إسماعيل الأمير في سبل السلام البحث لغوي والمرجع فيه إلى أهل اللغة وابن عمر من أهل اللغة ومخ العرب فكلامه حجة وإن كان موقوفاً عليه) انتهى وقال النووي في شرح المهذب: (فمذهبنا أنه الحمرة وحكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وهو قول أبي ثور وداود، وقال أبو حنيفة وزفر والمزني هو البياض) اهـ.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(11/5291)
حكم تأخير صلاة المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطع الإنسان أن يصلي المغرب قبل صلاة العشاء بقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المراد تأخير المغرب إلى آخر جزء من وقتها الذي ينتهي بمغيب حمرة الشفق - في الراجح من أقوال أهل العلم - بحيث تؤدى الصلاة قبلها خروج وقتها فلا حرج في ذلك، وإن كان فيه فوات أجر الصلاة في أول الوقت.
وإذا كان المراد تأخير صلاة المغرب عن وقتها بحيث تؤدى بعد مغيب الشفق فإن ذلك لا يجوز إلا لعذر. وراجع الفتوى رقم a href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=5940 ">5940 6276
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(11/5292)
نزول الحيض أثناء الوقت لا يوجب قضاء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء تني آلام الدورة الشهرية قبل الظهر ولكن لم تنزل، وجاء الظهر ولم تنزل بعد، وأخرت الصلاة حتى الساعة الواحدة ظهراً وعندما ذهبت لأصلي وجدت الدورة قد نزلت هل علي ذنب في تأخير الصلاة بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام دم الحيض لم ينزل عليك إلا في وقت يجوز تأخير صلاة الظهر إليه فإن الصلاة قد سقط عنك قضاؤها، لأن العذر المسقط جاء في وقتها، ودليل ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: " قال صلى الله عليه وسلم: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" فدل هذا على أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك وقتها، فإذا حصل الحيض وقد بقي من الوقت مقدار ركعة كاملة فقد حصل العذر في وقتها وسقطت. وقد كان الواجب عليك أن تبادري بأداء الصلاة في أول الوقت إذا كنت تخشين مهاجمة الحيض، والآن لا يجب عليك إلا التوبة من التفريط في المبادرة، ولا يجب عليك قضاء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(11/5293)
لاتبادر إلى الصلاة قبل دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته نحن في المغرب يؤدون آذان الصبح قبل الوقت بحوالى عشرة أو عشرين دقيقة فماذا نفعل. هل نصلي في المسجد ونعدها نافلة ثم نعيدها في المنزل أو نصليها في دور القرآن جماعة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تأكدتم أن أهل المسجد يصلون قبل دخول الوقت فعليكم أن تبينوا ذلك لهم بالبرهان، وتنبهوهم إلى أن تأخيرهم للصلاة - حتى يتيقن الجميع دخول الوقت- متحتم، لما في ذلك من جمع كلمة المصلين، وتكثير عددهم، وقطع دواعي الخصومة. ونبهوهم أيضاً إلى أن أهل العلم نصوا على أن المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت إنما تطلب بعد التأكد من دخول الوقت. بحيث لا يبقى شك. فإن استجابوا لذلك فالزموا الجماعة واحرصوا عليها.
وإن لم يستجيبوا لذلك فلا تصلوا معهم ما دمتم على يقين أنهم يصلون قبل الوقت.
ثم إن لم تصلوا معهم فاحرصوا أن تصلوا في جماعة أخرى من جماعات المسلمين، أو صلوا أنتم جماعة في أحد بيوتكم، أو في دور القرآن التي ذكرت. واحذروا على كل حال مما يثير الفتنة، أو يزيد من الخصومات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1422(11/5294)
صلاة الفجر بعد النداء الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسال عن صلاة الصبح وصلاة الفجرهل صلاة الفجر تصلى عند الأذان الأول أم الثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يؤذن للصبح بليل ليستيقظ النائم، وينتبه قائم الليل، وهذا هو الأذان الأول، وهو لا يوجب صلاةً، ولا يحرم طعاماً، وإنما الذي يوجب الصلاة، ويحرم الطعام على الصائم هو الأذان الثاني، والدليل على ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، وكان رجلاً أعمى لا ينادي، حتى يقال له: أصبحت أصبحت") متفق عليه.
وننبه السائل إلى أنه لا فرق بين صلاة الفجر وصلاة الصبح فهما اسمان لصلاة واحدة ولا تصح صلاتهما إلا بعد الأذان الثاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(11/5295)
حكم من أخر الصلاة حتى خرج وقتها ... بعذر أو بغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الوقت المفروض لصلاة الفجر وما حكم عدم صلاة الفجر في وقتها وهل يجوز الصلاة قضاء إما لتكاسل أو لكبر السن أو عدم الاستيقاظ مبكرا للسهر في شغل أو عمل أو لمرض لا يستطيع معه الفرد الاستيقاظ في الميعاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن وقت صلاة الفجر (الصبح) يبدأ بطلوع الفجر الصادق (الثاني) وينتهي بطلوع الشمس.
قال الإمام ابن رشد رحمه الله: واتفقوا على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق، وآخره طلوع الشمس، إلا ما روي عن ابن القاسم وعن بعض أصحاب الشافعي من أن آخر وقتها الإسفار.
بداية المجتهد (1/192) .
وقال الإمام ابن قدامة: وجملته أن وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر الثاني إجماعاً، وقد دلت عليه أخبار المواقيت، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق، لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك ... فأما الفجر الأول فهو البياض المستدق صعداً من غير اعتراض، فلا يتعلق به حكم، ويسمى الفجر الكاذب. المغني (1/395) .
ومما يدل على أن آخر وقت الصبح طلوع الشمس: قوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" رواه البخاري ومسلم.
أي: أدرك الصبح في وقته، أما إذا طلعت الشمس، فقد خرج وقت الأداء، ودخل وقت القضاء.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس" رواه مسلم.
ولا يجوز للمسلم تأخير الصلاة عن وقتها، ومن تعمد ذلك فهو مرتكب لكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب يجب عليه التوبة منها. أما من يؤخر صلاة الفجر، أو غيرها لعذر، ولم تكن هذه عادته، ولم يتعمد ذلك، فهو معذور، وعذره يقدر بقدره، ولا يأثم بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك" رواه مسلم.
وعندئذ لا يلزمه إلا قضاء هذه الصلاة بعد زوال العذر، ولا يعد التكاسل عذراً شرعياً لتأخير الصلاة عن وقتها، وكذلك السهر لغير ضرورة. أما كبر السن، فينبغي أن يكون دافعاً إلى للمبادرة إلى الخيرات لأنه يعني أن هذا الشخص ربما كان في لحظاته الأخيرة، ففرص اكتساب الخيرات بالنسبة له قد بدأت تضيق.
وعلى كل فعلى المسلم أن يتقي الله ما استطاع، وأن يحرص على أداء الصلاة في أوقاتها، قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 26] .
وقد سبق بيان بعض الأحكام المتعلقة بالصلاة وتأخيرها نحيلك عليه للإفادة وذلك برقم 5163، 1840، 5940
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1422(11/5296)
هل يجوز للمرأة تأخيرالصلاة لأجل حفلة عرسها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للعروس في عرسها ألا تصلي حتى نهاية العرس أم توقف العرس وتذهب لتصلي
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منزلة الصلاة في الإسلام لا تعدلها منزلة أي عبادة أخرى فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا عليه، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي آخر وصية وصَّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقته الدنيا، وقد بلغ من عناية الإسلام بها أنه أمر بالمحافظة عليها في الحضر والسفر والأمن والخوف وقد شدَّد الله سبحانه وتعالى النكير على من يفرط فيها وهدَّد الذين يضيُّعونها فقال سبحانه وتعالى (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) وليعلم أن الصلاة لا تسقط بحال ما دام المسلم عنده عقله ويجب عليه أن يؤديها كيف كان وحيث كان على قدر استطاعته من قيام أو جلوس أو اضطجاع. والعرس ليس عذراً ضرورة يبيح تأخير الصلاة عن وقتها ولا يسقط استحباب حضور الجماعة والأعياد فإسقاطه الصلاة رأساً غير معقول لما تقدم من أن الصلاة لا تسقط بحال ولا تدخلها الأعذار.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1422(11/5297)
وقت أداء صلاة الظهر يوم الجمعة للمرأة ومن في حكمها ما بين الظهر والعصر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي متى تكو ن صلاة المرأة في يوم الجمعة هل هي وقت الخطبة أم بعدها؟
وجزكم الله خير ا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت صلاة الظهريبدأ من زوال الشمس عن كبد السماء إلى جهة الغرب، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، من غير أن يعتد بالظل الذي كان للشخص عند الزوال.
وهذا هو التحديد الشرعي الذي جاء به الوحي من الله تعالى لوقت صلاة الظهر،
ومن لم تجب عليه الجمعة، كالمرأة ونحوها، وأدى صلاة الظهر في أي جزء من هذا الوقت، فهو مصيب وفعله ذلك جائز، سواء كان ذلك أثناء خطبة الجمعة، أو بعدها.
قال ابن قدامة في المغني (فأما من لا تجب عليهم الجمعة كالمسافر والعبد والمرأة والمريض وسائر المعذورين فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام في قول أكثر أهل العلم) .
ولكن إذا كانت المرأة قريبة المكان من المسجد الذي تقام فيه الجمعة، أو كانت لديها وسيلة ما لسماع الخطبة، فلا بأس أن تستمع للخطبة لتستفيد منها، ثم تصلي الظهر بعد ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1422(11/5298)
أوقات النهي عن صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء الإفادة ما هي الأوقات التي لا تجوز فيها صلاة (حيث أنني أصلي أحياناً صلاة الظهر وأذان العصر يؤذن) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة على المؤمنين في أوقات معلومة، قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء: 103] .
ولا يجوز تأخيرها حتى يخرج وقتها، وإنما يعذر بالتأخير النائم -غير المفرط- والناسي، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " (من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها) " رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ: " (فإن ذلك وقتها) "، وفي حديث أبي قتادة: " (أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك، فليصلها حين ينتبه لها) " رواه مسلم.
فمن فاتته صلاة حتى خرج وقتها، فليصلها حين يذكرها مباشرة، ولو كان ذلك في أوقات النهي، لما سبق من الأحاديث، إلا أن يخشى أن يخرج وقت الصلاة الحاضرة، فيصلي الحاضرة، ثم بعد ذلك يصلي الصلاة الفائتة.
أما أوقات النهي فمنها ما هو متفق عليه بين العلماء، ومنها ما هو مختلف فيه. قال ابن رشد - رحمه الله -: (اتفق العلماء على أن ثلاثة من الأوقات منهي عن الصلاة فيها، وهي: وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ومن لدن تُصلى صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.
واختلفوا في وقتين: في وقت الزوال، وفي الصلاة بعد العصر.
فذهب مالك وأصحابه إلى أن الأوقات المنهي عنها هي أربعة:
الطلوع، والغروب، وبعد الصبح، وبعد العصر. وأجاز الصلاة عند الزوال.
وذهب الشافعي إلى أن هذه الأوقات خمسة كلها منهي عنها، إلا وقت الزوال يوم الجمعة، فإنه أجاز فيه الصلاة، واستثنى قوم من ذلك الصلاة بعد العصر) . بداية المجتهد (1/199) .
أما الحنابلة فقد جعلوا أوقات النهي خمسة كالشافعي.
والمنقول عن أحمد رحمه الله أنها ثلاثة (المغني لابن قدامة 1/753) .
والراجح أن أوقات النهي خمسة، لثبوت النهي عن الصلاة فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك:
- حديث عقبة بن عامر الجهني حيث قال: " (ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيّهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيّف الشمس للغروب حتى تغرب") رواه مسلم.
ومعنى تضيّف: تميل مصفرة، وتقرب من الغروب.
فهذا الحديث أثبت ثلاثة أوقات للنهي وهي:
1- وقت طلوع الشمس.
2- وقت استواء الشمس قبل (الزوال) .
3- وقت تضيف الشمس للغروب حتى تغرب الشمس.
- حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " (لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس) " رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث أثبت وقتين آخرين من أوقات النهي وهما:
1- بعد صلاة العصر حتى الغروب.
2-وبعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس.
- حديث عمرو بن عبسة قال: قلت: يا نبي الله أخبرني عن الصلاة، فقال: " (صلّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء، فصلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار) " رواه أحمد، ومسلم.
فهذا الحديث جامع لأوقات النهي مع ذكر الحكمة من النهي حال طلوع الشمس وغروبها، والحديث مشتمل على معان عظيمة، وأحكام كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.
وعلى أية حال، فلا يجوز التنفل المطلق في أوقات النهي، ما عدا ذوات الأسباب، كتحية المسجد، وركعتي الطواف، وقضاء الفرائض، فإنها مستثناة من النهي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/5299)
حكم تأخيرالصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها بدون عمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... وبعد:
فقد اتفق العلماء على أن الصلاة يجب أن تؤدى في وقتها، لقول الله تعالى: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً " ولا عذر لأحد في تأخيرها عن وقتها عمداً بخلاف ما إذا حصل للإنسان عذر شرعي يمنعه من أداء الصلاة في وقتها كالنوم والنسيان والإكراه، وفي هذه الحالة لا يلزمه إلا قضاؤها بعد زوال العذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " رواه مسلم.
وعَنْ أبي قَتَادَةَ قال: "ذَكَرُوا لِلنّبيّ صلى الله عليه وسلم نَوْمَهُمْ عَنِ الصّلاَةِ"؟
فَقَالَ: إِنّهُ لَيْسَ فِي النّوْمِ تَفْرِيط، إِنّمَا التّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عنها فَلْيُصَلّهَا إذَا ذَكَرَهَا". رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. ويجب على المسلم أن لا يتهاون في أداء الصلاة فيتعذر بالعمل تارة، وبالتعب تارة أخرى، بل الواجب على كل مسلم المحافظة على كل صلاة في وقتها كما أمره الله تعالى فقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) [البقرة:238] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5300)
دخول الوقت شرط في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن وقت صلاة الصبح يكون بظهور الغلس أو الإسفار وفي مدينتنا الوقت لا تنطبق عليه هذه الصفات السابقة الذكر حيث تكون الصلاة قبل هذا الوقت أي في الظلام أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دخول وقت الصلاة شرط لصحتها: لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء: 103] .
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المواقيت بياناً واضحاً لا لبس بعده. ففي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه بيان وقت كل صلاة، وجاء فيه أن وقت الصبح من طلوع الفجر. والحديث ثابت في صحيح مسلم، وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال له: " (قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس، إلى أن قال: ثم جاءه الفجر حين برق الفجر أو قال سطع الفجر) " رواه أحمد والنسائي والترمذي. فعلى من لم يتحقق دخول الوقت أن ينتظر تحققه ليوقع الصلاة في وقتها، فإن منعه مانع من تحقق دخوله كضباب أو سحاب أو أنوار فلا مانع من أن يستند إلى آلة التوقيت الموثوق بانضباطها، وبما أن السائل ذكر أن الصلاة التي يسأل عن صحتها وقعت في الظلام فنقول له: إن وجود الظلام لا يتنافى مع طلوع الفجر، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فتشهد معه النساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس، والغلس معناه الظلام، أو اختلاط ظلام الليل بضياء الصبح، فمعنى الحديث أن هؤلاء النسوة كن يصلين ويرجعن إلى بيوتهن، والظلام ما زال موجوداً مانعا من معرفتهن. وأما تأخير الصلاة إلى الإسفار كما أشار إليه السائل فإن الحديث الوارد فيه معناه عند الجمهور الأمر بتحقق طلوع الفجر حتى لا تقع الصلاة في أعقاب الليل، أو معناه طول القراءة في الصلاة حتى لا تنتهي إلا عند الإسفار، وليس معناه تأخير إقامتها إلى الإسفار، على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وفي الأخير نقول: إن المدار في صحة الصلاة على تحقق دخول الوقت، فمن تحققه صلى، ومن لم يتحققه فلا تجوز صلاته ولا تجزئه. ويمكن في هذه الأزمان الاعتماد على التقويم الذي يحدد أوقات الصلوات. ووقت طلوع الشمس وغروبها وهو دقيق إلى حدٍ كبير، فيمكن ضبط الوقت به، وإيقاع صلاة الفجر قبل طلوع الشمس بوقت كاف يتحقق معه طلوع الفجر، ولا يترتب عليه تأخير الصلاة عن وقتها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5301)
لا تجزئ الصلاة إن كانت قبل دخول الوقت.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة من صلى قبل حلول ميعاد الصلاة، ثم سمع بعد ذلك اذان نفس الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد حدد الله تعالى لكل صلاة وقتاً تؤدى فيه، لا تقدم عليه ولا تؤخر عنه بغير عذر، كالتأكد من دخول الوقت، والتحقق من غروب الشمس.
قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء: 103] وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وقت كل صلاة ابتداء وانتهاء، فمن صلى صلاة قبل دخول وقتها لم تجزئه وعليه إعادتها بعد دخول الوقت.
والوقت المقصود هنا هو الوقت الذي حدده الشارع، فوقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله من غير ظل الزوال، ووقت صلاة العصر من حين انتهاء وقت صلاة الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه من غير ظل الزوال، ويمتد وقتها إلى غروب الشمس في حال الضرورة، ووقت صلاة المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب حمرة الشفق، ووقت صلاة العشاء من مغيب الشفق، إلى مضي ثلث الليل، ويمتد وقتها إلى طلوع الفجر الصادق في حال الضرورة، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.
وهكذا حدد الشارع مواقيت الصلوات فإن عرفتها بهذا فبها ونعمت، وإلا فارجع إلى أهل الخبرة، أو إلى مؤذن مسجد الحي أو إمامه، أو إلى أحد التقاويم الموثوق بها.
وننبهك إلى أن العبرة تكون بدخول الوقت الفعلي للصلاة، لا بالأذان فقط، فلو تأخر الآذان عن الوقت فلا يؤثر ذلك على صحة صلاة من صلى قبل الآذان ما دام قد صلى بعد دخول الوقت، كما ننبه إلى أن من قدم الصلاة على وقتها، فإن ذمته لا تبرأ منها، بل يجب عليه أداؤها في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1422(11/5302)
يحرم تأخير الصلاة عن وقتها عند وجود التفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[دائماً أصلي صلاة الفجر بعد وقتها أي بعد شروق الشمس بسبب النوم فهل تكون الصلاة مقبولة في هذا الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يصح أن تكون عادتك صلاة الفجر بعد خروج وقتها لأن من شروط صحة الصلاة إيقاعها في وقتها قال الله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء103] وإذا كان يحدث هذا بتفريط منك فإنك آثم حيث لم تتخذ الأسباب اللازمة لاستيقاظك من النوم مبكراً، واتخاذ آلة منبهة أو إعلام أحد الحاضرين، أو من يستيقظ للصلاة في وقتها بأن ينبهك للصلاة.
فعليك الانتهاء عن هذا التفريط وتلك العادة السيئة قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) [مريم:59] قال ابن عباس أضاعوها أي أخروها عن وقتها، وأما إذا غلبك النوم بعد اتخاذ الأسباب اللازمة فصل عند استيقاظك ولا شيء عليك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أما أنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الأخرى" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5303)
الفرق بين صلاة الصبح وصلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المقصود بصلاة الفجر وصلاة الضحى وصلاة الصبح وما الفرق بينها؟ وهل هناك دعاء في صلاة الفجر كدعاء صلاة الوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الفجر وصلاة الصبح اسمان لصلاة واحدة وهي: إحدى الصلوات الخمس التي افترضها الله على العباد، وهي: ركعتان جهريتان، ووقتها يبدأ من طلوع الفجر وهذا هو وقت الفضيلة ووقتها الاختياري إلى الإسفار ويخرج وقتها بطلوع الشمس.
وقد ذهب الشافعية والمالكية إلى مشروعية القنوت في صلاة الفجر وموضعه عند الشافعية بعد الرفع من الركوع الثاني، وعند المالكية بعد الانتهاء من القراءة وقبل الركوع، فإن نسيه وركع قنت بعد الرفع من الركوع، مستدلين بحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "ما زال يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا" وهو في السنن الكبرى للبيهقي ومصنف عبد الرزاق ومسند أحمد.
وذهب غيرهم إلى عدم مشروعية القنوت في صلاة الفجر لعدم صحة الحديث الوارد في ذلك عندهم.
وأما صلاة الضحى فهي ركعتان، ويجوز أن يصليهاالمرء أربعاً أو ستاً أو ثمان وهو الأفضل كل ركعتين بسلام ندباً ويبدأ وقتها من ارتفاع الشمس كالرمح إلى قبيل الزوال وهي سنة. وهي صلاة الأوابين التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال" رواه مسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1422(11/5304)
اجتهدوا في معرفة أوقات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة: نحن نلاقي أكبر مشكلة في المهجر وهي تتعلق بمواقيت الصلاة فالتخبط يلحق بنا في المهجر ووصل الاختلاف إلى أعلى مستواه فنحن في رمضان (كمثال حي) يصل لنا ميقات مطبوع (إمساكية) في أمريكا كل منها مختلفة تماماً عن الأخرى فكيف نصلي؟ وكيف نمسك؟ وكيف نفطر؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
ينبغي لكم أن تجتهدوا أنتم في الوصول إلى معرفة أوقات الصلاة والصيام والإفطار بأنفسكم حسب الوسائل المتاحة لكم ولتستعينوا بمراكز الأرصاد الموجودة في البلد الذي تقيمون فيه فإن توصلتم بذلك إلى معرفة أوقات العبادات فذلك المطلوب وإن لم تستطيعوا فاعتمدوا على أوثق التقاويم الإسلامية التي تأتيكم هنالك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5305)
وقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت لكم في إجابة سابقة أن وقت صلاة العشاء من حمرة الشمس عند المغيب (المغرب) وحتى قبل صلاة الفجر فهل يمكن إقامة صلاة العشاء قبل الأذان بنصف ساعة كمثال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق كما هو مبين في الإجابة رقم 1166 والإجابة رقم 3985 فراجعهما جزاك الله خيراً. ومتى دخل وقت العشاء جاز أن تصلى، سواء أذن أم لم يؤذن لها بعد. واعلم أن الوقت المحدد لأذان العشاء خاصة في أغلب التقاويم الموجودة متأخر عن أول دخول وقتها، ولعلهم راعوا في ذلك أن صلاة العشاء مطلوب تأخيرها، فأخروا أذانها لذلك. ثم إنه إذا كان الشخص في مكان تقام فيه الجماعة فعليه أن ينتظرها بالصلاة ولا يصلي قبل ذلك
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5306)
يدخل وقت العشاء بمغيب الشفق ويستمر إلى الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[متى ينتهي وقت صلاة العشاء؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيدخل وقت العشاء بمغيب الشفق، ويبقى إلى الفجر، والاختيار أن لا تؤخر عن ثلث الليل الأول، ومن أهل العلم من قال لا يجوز تأخيرها عن منتصف الليل وهو قول وجيه. وكل الصلوات إنما تكمن الأفضلية بأدائها أول الوقت جماعة مع المسلمين للأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك ولمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها بهذه الكيفية. وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله - أي الأعمال أفضل؟ قال (الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله) ، قال حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5307)
من أدرك ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكون الإنسان قد أدى صلاة الفجر في موعدها إذا صلاها قبل الإشراق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة الفجر يبتدئ بطلوع الفجر الصادق وهو المنتشر ضوؤه معترضاً بالأفق ويمتد حتى تشرق الشمس، ويحرم على العبد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، وننبه السائل إلى أن صلاة الجماعة واجبة على المكلف الذكر لقوله صلى الله عليه وسلم: " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر". رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
فلا يجوز التخلف عنها إلا لعذر كالمرض والمطر ونحوهما من الأعذار التي ذكر أهل العلم أنها تبيح ترك الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5308)
أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أولادي يصلون بعض الفروض في أوقاتها والبعض الآخر يتأخرون في أدائه. وأحيانا لا يصلون بعض الفروض إلا إذا تم تذكيرهم بها ما حكم هذا العمل؟ وماهي النصيحة التى تسدونها إليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
... فجزاك الله خيراً وبارك فيك على هذا العمل وعلى هذه التربية الطيبة منك. وبمثل هذا نوصي أولياء الأمور من آباء وأمهات ومن يقوم بشؤون الطلاب والشباب أن يناصحوا من تحتهم ومن ولاهم الله عليهم بالمحافظة على الصلاة وتعظيم شأنها في النفوس وتبيين أهميتها في حياة المسلم حيث إنها ركن الإسلام الثاني بعد الشهادتين وتاركها إلى الزيغ والكفر أقرب منه للإسلام، نسأل الله الثبات على الدين.
والنصيحة التي نوجهها لهؤلاء الشباب: أن يتقوا الله ويحذروا عقاب الله وليعلموا أن الله سبحانه قد فرض عليهم هذه الشعيرة وأنه سيحاسبهم عليها إذا فرطوا فيها كما قال صلى الله عليه وسلم " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر " رواه أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه، ثم ليعلم هؤلاء الشباب أن الله لما أنعم عليهم بالنعم الكثيرة كنعمة العافية ونعمة البصر والسمع وغير ذلك من النعم، فإن عليهم أن يشكروا هذه النعم، وشكر النعم يتم بأداء ما افترضه الله عليهم، وعليهم أن يعلموا أنهم إذا كانوا يريدون أن يحشروا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع صحابته الكرام، فليحافظوا على هذه الصلوات في أوقاتها وكذلك يذكر هؤلاء الشباب بالجنة والنار وعذاب القبر ونعيمه… قال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) . [البقرة:238] . نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5309)
من أتى بالصلاة خارج وقتها يعد قاضيا لا مؤديا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تأدية صلاة الفجر بعد انتهاء وقتها وبعد الصحو من النوم مباشرةً يعتبر وكأنه تأدية للفرض بوقته ولا يعتبر قضاءً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أتى بالصلاة خارج وقتها يعتبر قاضيا ولا يعتبر مؤديا لكن إن كان التأخير لعذر فإن الإثم منتف وإن كان لغير عذر فإن المؤخر مرتكب ذنبا عظيما وقد توعده الله عليه وعيدا شديدا قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً) [مريم:59،60] ومن الأعذار التي ذكرها أهل العلم النوم غير المتعمد فمن نام وقد أوصى من يوقظه فلم يفعل حتى فات الوقت أو كان من عادته هو أن يستيقظ فلم يستيقظ أو تعطل منبه الساعة فإنه لا إثم عليه.
والله اعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5310)
حكم الصلاة بحضرة الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير الصلاة إلى ما بعد الانتهاء من الطعام ظهرا وذلك لأداء الصلاة بجسم أقوى علما بأني أعمل من الساعة السابعة صباحا وحتى الثالثة بعد الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طول الدوام وتأخره ليس عذراً يسوغ تأخير الصلاة عن وقتها مع الجماعة إن وجدت بل الواجب على كل مسلم أن يبادر بأداء الصلاة في وقتها مع إخوانه المسلمين في بيوت الله عز وجل فإن لم يجد جماعة صلى وحده ولا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بحجة طول الدوام والاشتغال عنها بالعمل، أما عن تأخيرها إلى ما بعد الانتهاء من الطعام إذا تزامنت معه فالحكم في ذلك أنه إذا وضع الطعام وأقيمت صلاة الجماعة فإن على المرء أن يأكل وإن تأخر عن صلاة الجماعة إن تاقت نفسه للأكل لقوله صلى الله عليه وسلم: " (إذا وضع الطعام وحضرت الصلاة فابدؤوا بالطعام) " متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: " (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) ". رواه مسلم. ما لم يتخذ ذلك عادة له دائمة، ومن استعداد لمسلم لصلاته واعتنائه بها أن يوفق بين وقت الصلاة ووقت الطعام فلا يأتي به في وقت يفوت عليه الصلاة. والعبرة في ذلك بوضع الطعام وتوقان النفس إليه. وإذا ضاق الوقت عن الصلاة بحيث لم يبق دون خروج وقتها إلا القدر الذي تؤدى فيه فلا يجوز له أن يشتغل بشيء سوى الصلاة لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:103] وتأخيرها عن وقتها إضاعة لها والله جل وعلا يقول: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً". [مريم:59_60] وينبغي للمسلم أن يحافظ على الصلاة أولَ وقتها لما روى البخاري ومسلم أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت ثم أي. قال: ثم بر الوالدين. قلت: ثم أي. قال: ثم الجهاد في سبيل الله". متفق عليه.
هذا والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5311)
يجوز تأخير صلاة العشاء إلى شطر الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للمرأة هل يجوز لها أن تصلي صلاة العشاء بعد الساعة الثانية عشر مساء أي بعد منتصف الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فالوقت المختار لصلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق الأحمر ويمتد إلى ثلث الليل، لأن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى عند مغيب الشفق وفي المرة الثانية عند ثلث الليل وقال: " الوقت ما بين هذين ". رواه أصحاب السنن.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل ". متفق عليه.
وقيل يمتد إلى نصف الليل، فعن أنس رضي الله عنه قال: " (أخّر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل) ". رواه البخاري، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وقت العشاء إلى نصف الليل". وما بعد منتصف الليل إلى الفجر فهو وقت ضرورة لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لعذر.
ولعل الراجح والأفضل أن تؤخر إلى ثلث الليل أو إلى منتصفه لمن لا يشق عليه تأخيرها إليه أو يخاف نسيانها أو فوت الصلاة في الجماعة أو يخاف أن ينام قبلها لما تقدم ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأمرت بهذه الصلاة أن تؤخر إلى شطر الليل ". رواه أبو داود والنسائي.
وننبه السائلة الكريمة: إلى أنه من الخطأ اعتقاد أن منتصف الليل هو الثانية عشر: بل حساب الليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وما بين هذين الوقتين هو الليل ولمعرفة نصفه تحسب عدد الساعات بين الوقتين وتقسم على اثنين فيخرج منه وقت نصف الليل، فقد يكون في كثير من الأزمنة قبل الثانية عشرة.والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(11/5312)
إذا ضاق الوقت تبدأ بالفريضة ثم الراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أؤدي الراتبة قبل الفريضة إذا ضاق وقت الفريضة في صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الأمر كما يقول السائل فعليه أن يبدأ بالفريضة حتى لا يخرج وقتها قبل أدائها ثم إن بقي وقت صلى الراتبة وإلا صلاها بعد طلوع الشمس لما روى الترمذي والحاكم وابن حبان وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يصلّ ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس". ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال: "صلاة الصبح ركعتان؟ فقال الرجل إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن فسكت" [رواه الترمذي، وأبو داود وابن ماجه] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5313)
حكم تأخير الصلاة عن وقتها بلا لعذر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أتأخر عن أداء الصلاة في وقتها بسبب كسلي الفظيع، لا أعرف ماذا أفعل. وأنا لم أترك الصلوات تفوتني طبعا أقضيها في الليل كلها. هل صلاة القضاء هذه مقبولة أم لا يجوز؟ وجزاكم الله خيرا ونشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمة الجليلة وإن شاء الله تكون في ميزان أعمالكم يوم القيامة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن السائل إذا اتخذ ذلك عادة له وداوم على ذلك فإن إثمه كبير وذنبه عظيم، فإن الله أمر عباده المؤمنين بعبادته، ولأجل ذلك خلقهم وحدد لهم أنواع العبادة وأوقاتها، وبين ذلك كله صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم بتفصيل وبيان بقوله وفعله وتقريره، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " صلوا كما رأيتموني أصلي". [رواه البخاري] ، فمخالفة سنته واتخاذ طريقة على مجرد الهوى والكسل يكون نوعاً من الاستهزاء والعياذ بالله. فعلى السائل التوبة إلى الله تعالى سريعاً، وعدم الرجوع إلى هذه الفعلة، وبهذه الحالة يكون السائل تاركاً للصلاة في جميع الأوقات بلا عذر مبيح. وقد أفتى جماعة من السلف بتكفير من ترك فريضة متعمداً حتى خرج وقتها، عياذاً بالله من ذلك، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5314)
الأفضل في صلاة العشاء تأخيرها إلى ثلث الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أنه يجوز للإنسان أن يؤخر صلاة العشاء، فإلى متى يكون ذلك؟ أم أنه كلام لا أساس له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت صلاة العشاء يدخل من غياب الشفق، والشفق هو الحمرة التي تصحب مغيب الشمس. والله جل وعلا يقول (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون) . [الروم: 17-18] ، قال بعض المفسرين: إن المراد بالتسبيح الصلاة: أي صلوا حين تمسون أي حين تدخلون في وقت المساء والمراد به المغرب والعشاء وحين تصبحون المراد به صلاة الصبح وعشياً والمراد به صلاة العصر وحين تظهرون - صلاة الظهر. وقد صلى جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم وعلمه أوقات الصلوات كلها. والصلاة أول الوقت أفضل إلاّ العشاء، فإن الأفضل تأخيرها عن أول الوقت إن لم يشق كأن لم توجد جماعة في ذلك الوقت أو خشي نسيانها أو شق على جماعة المسلمين أن يجتمعوا لها عند تأخيرها وهذا قول أكثر أهل العلم. وقد قال صلى الله عليه وسلم " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ". [رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح] . وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: " ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأمرت بهذه الصلاة -العشاء- أن تؤخر إلى شطر الليل " رواه النسائي. قال ابن بطال: ولا يصلح ذلك الآن للأئمة لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتخفيف وقال إن فيهم الضعيف وذا الحاجة فترك التطويل عليهم في الانتظار أولى، وقال ابن حجر رحمه الله: فعلى هذا من وجد به قوةً على تأخيرها ولم يغلبه النوم ولم يشق على أحد من المأمومين فالتأخير في حقه أفضل، وينبغي التنبه إلى أن الجماعة واجبة إلا لعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من سمع النداء فلم يأته فلاصة له إلا من عذر" رواه ابن حبان وعليه فمن لم يكن من أهل الأعذار في ترك الجماعة ليس له تأخير العشاء بحيث يصليها منفرداً
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(11/5315)
يجوز تأخير صلاة العشاء إلى شطر الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة تأخير صلاة العشاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فيجوز للمرأة أن تؤخر صلاة العشاء عن أول وقتها إلى ثلث الليل أو نصفه ـ ما لم تخش فوات الوقت ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: " ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأمرت بهذه الصلاة ـ العشاء ـ أن توخر إلى شطر الليل ". [رواه النسائي وصححه الألباني] . وإن خشيت أن تشغل بشيء عن الصلاة فلتبادر إليها في أول وقتها.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5316)
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر معتبر شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير الصلاة بدون سبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك تأخيرها عن وقتها بحيث تكون قضاءً فهذا من أعظم المحرمات والوعيد فيه شديد، فقد فسر العلماء قوله تعالى (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) . [مريم: 59] . أقول: فسروا إضاعة الصلاة بتأخيرها عن أوقاتها. والله جل وعلا فرضها، وفرض أن تؤدى في وقتها فقال: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) . [النساء: 103] .
وأما إذا كان قصدك تأخيرها عن أول وقتها فلا حرج عليك في ذلك وتكون قد فوت على نفسك فضيلة أول الوقت.
هذا إذا كنت معذوراً في ترك الجماعة وإلا فإن الجماعة واجبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر " رواه ابن حبان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5317)
وقت صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو وقت صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة الفجر أو الصبح من طلوع الفجر الصادق: وهو البياض المعترض في الأفق. الذي لا يعقبه ظلمة إلى طلوع الشمس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس". [رواه مسلم] .
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5318)
حكم تقبيل عورة الرضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت منذ أشهر ولدا وأقيم حاليا عند أبي لأن، زوجي يعمل بالخارج في أمركا وتزورني حماتي أحيانا وفي يوم ما عند مجيئها كنت أغير حفاظات ولدي الرضيع فدخلت علي وكانت تداعب ولدي وتقبله ومن جملة ما فعلت تقبليه في أعضائه التناسلية وقد دهشت وذهلت وكرهت فعلها هذا جدا واعتبرته قبيحا وبصراحة كرهتها ولم أعد أريد زيارتها ولا رؤيتها خوفا من أن تعيد فعلها هذا، ولم أعد أثق بها وأخاف من ترك ابني الرضيع وحده معها، فهل ما قامت به حماتي حرام أم حلال؟ وإن كان حراما فهل فيه كفارة؟ وإن كان جائزا شرعا، فهل يحق لي أن أنهاها عن فعله، لأنني أبغض هذا الفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل غير المميز ـ كالمذكور في السؤال ـ لا حكم لعورته، فلا يحرم مسها ولا النظر إليها. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 112826، ورقم: 49463.
وعلى ذلك، فما فعلته حماتك ليس حراما ولا يدعو إلى كراهتها أو الخوف على أطفالك منها.
وإن كنت تكرهين هذا الفعل في نفسك فيمكنك أن تطلبي منها عدم فعله أمامك، مع مراعاة الأدب وانتقاء الكلمات واستعمال الأسلوب المناسب لمخاطبتك والدة زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/5319)
مذاهب العلماء في كشف المرأة لقدميها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع إظهار القدمين خارج البيت ـ إذا كانتا مصابتين بالفطريات ـ أو أثناء الصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في وجوب ستر القدمين على المرأة في الصلاة وخارجها، فذهب الجمهور إلى وجوب سترهما بجورب أو ثوب، وهو الراجح ـ إن شاء الله تعالى ـ وذلك، لما رواه أبو دواد عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار؟ فقال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها. والحديث تكلم أهل العلم في سنده.
وروى مالك في الموطإ أن امرأة سألت عروة بن الزبير: أفأصلي في درع وخمار؟ فقال: نعم إذا كان الدرع سابغا.
وذهب الحنفية إلى أنه لا يجب عليها سترهما، واختاره ابن تيمية وصوبه المرداوي من الحنابلة.
واتفقوا على أن كشفهما لا يبطل الصلاة، ولكن تستحب منه الإعادة في الوقت، وسبق بيان ذك بالتفصيل في الفتويين رقم: 4523، ورقم: 94788، فنرجو أن تطلعي عليهما.
ولذلك، فإن للمرأة المسلمة إذا كانت تحتاج إلى إظهار القدمين أو تتضرر بتغطيتهما أن تقلد السادة الأحناف ومن وافقهم من أهل العلم في عدم وجوب سترهما.
والذي ننصح به السائلة الكريمة أن تستر قدميها خارج البيت وفي الصلاة خروجا من الخلاف إذا أمكن ذلك بما لا تتضرر به كإرخاء ثوبها شبرا أو شبرين، ولا يتعين أن يكون الساتر ملاصقا للرجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/5320)
لا يشترط للإمامة لباس معين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة جماعة في المسجد بدون لبس عباءة مع الدليل؟.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يسأل عن حكم الإمامة بدون لبس عباءة، فاعلم أنه يشترط لصحة الصلاة - سواء كان المصلي إماماً أو مأموماً أو منفرداً- ستر العورة، وهي ما يجب تغطيته، ويقبح ظهوره ويستحي منه، قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31} . أي: عند كل صلاة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة الحائض: أي بالغ، إلا بخمار. رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا. انتهى.
فإذا توفر هذا الشرط، فإنه لا يشترط للإمامة لبس العباءة بعد ذلك ولا يشترط لها لباس معين والمهم هو ستر العورة، ولم يرد ـ فيما نعلم ـ ما يدل أيضاً على استحباب تميز الإمام عن المأمومين في اللباس في الصلاة، وانظر للفائدة الفتويين رقم: 11404، ورقم: 37471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(11/5321)
هل تعاد الصلوات التي صليت في ثوب يصف البشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت في ثوب شفاف يكشف لون البشرة صلوات كثيرة لا أتذكرعددها، فهل علي إعادتها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى في ثوب يصف لون ما تحته ممّا يجب ستره في الصلاة وهو ما بين السرة والركبة في حق الرجل وجميع بدن المرأة سوى وجهها وكفيها فصلاته باطلة، لأنه أخل بشرط من شروط صحتها وهو سترالعورة، قال النووي ـ رحمه الله: قال أصحابنا يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفى ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها. انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: والواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك، وإن كان يستر لونها ويصف الخلقة جازت الصلاة. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 125543.
وعند المالكية في هذه المسألة خلاف قد أوضحناه في الفتوى رقم: 100783، وبناء على ما تقدم فإنه يلزمك إعادة الصلوات التي صليتها في ثوب يصف لون ما يجب ستره في الصلاة، وهذا قول الجمهور، فإن تلك الصلوات وقعت غير صحيحة ولا مسقطة للفرض وهي دين في ذمتك فيجب عليك قضاؤها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
فإن عجزت عن معرفة عدد تلك الصلوات فإنك تتحرى وتقضي من الصلوات ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، فإن هذا هو ما تقدر عليه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/5322)
يحرم كشف العورة للطبيب بدون ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت للعمل بشركة بإحدى الدول العربية وكان من ضمن الأوراق المطلوبة لإتمام السفر شهادة كشف طبي من إحدى المستشفيات بدولتي ـ والتي تعمل بالوكالة عن نظام العمل بهذه الدولة العربية ـ وعند تقدمي لإجراء الكشف الطبي، كان من إحدى هذه الكشوف أن طلب الطبيب كشف العورتين الأمامية والخلفية ورؤيتهما ف رفضت عمل ذلك ـ مع العلم أنني سليم ـ ولم أسافر، وسؤالي هو: هل يجوز كشف العورة الأمامية والخلفية من أجل العمل والسفر للخارج؟ ـ وبهذه الصورة التي أرى أنها مهينة وغير إنسانية.
إذا كان لا يجوز ذلك، فنرجو مناشدة المسئولين في هذه الدول الإسلامية بإلغاء هذه الخطوة الطبية، مع إيجاد البديل لها الذي يحفظ حق نظام العمل لدى هذه الدول، مع حفظ كرامة الفرد المسلم، أما إذا كان يجوز فنرجو من سيادتكم إيضاح ذلك تفصيليا استجلاء للحق ومحوا للجهل وسوء الفهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نسمع عن دولة إسلامية أنها تشترط للعمل بها كشفا طبيا يستدعي كشف السوأتين، وأما عن الحكم في المسألة، فإن الله تعالى أوجب حفظ العورات من أن ينظر إليها، لما في الحديث: احفظ عورتك إلا من زوجتك. رواه أصحاب السنن وحسنه الألباني.
وقال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
وبناء عليه، فإنه يحرم طاعة الطبيب في التعري أمامه إلا إذا كانت هناك ضرورة ملجئة تستدعي السفر، فتقدر الضرورة بقدرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/5323)
متى يجوز إظهار العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إظهار العورة أثناء السباحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إظهار العورة لأحد في السباحة ولا في غيرها إلا بين الزوجين، أو لضرورة العلاج بالنسبة للمريض مع الطبيب. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: قلت يا رسول الله فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها. قلت: فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيى منه. رواه الإمام أحمد وغيره.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى الآتية أرقامها: 27550، 36137، 36105. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/5324)
صفة اللباس للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماصحة بأنه عند الصلاة يجب ارتداء جلباب بدلا من بنطلون وقميص.
أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجوب ارتداء نوع معين من اللباس عند الصلاة غير صحيح، وإنما الواجب الذي تصحّ به الصلاة لبس ما يستر العورة أياً كان نوع اللباس، مع التنبيه على أنّ الأولى بالمسلم أن يكون في صلاته على هيئة حسنة وفي أحسن ثيابه، وانظر الفتويين: 55496، 4186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/5325)
ضوابط اللباس الساتر للعورة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ماذا يعني ستر العورة في الصلاة؟ هل هو سترالعورة حتى لا يراها من حولي؟ إن كنت ألبس قميصا مثلا يغطي كامل بدني ـ حتى مابين الركبة والكعب ـ ولكن ما ألبسه تحت القميص لا يستر العورة، بحيث إذا نظر إلي من أسفل القميص كانت العورة مكشوفة ولكن ما عدا ذلك لا أحد ممن حولي من المصلين يستطيع رؤية العورة أي ما بين السرة والركبة.
هل ستر العورة أثناء الصلاة متحقق بذلك؟ أم أنه يتوجب سترا مطلقا؟ أي لا يكفي أن لا يراها من حولي بل يجب أن لا ترى من أي زاوية حتى بالنظر من الأسفل؟ هذا الأمر يقلقني بسبب الحر الشديد الذي يضطرني أحيانا لتخفيف ما ألبسه تحت القميص للتخفيف من شعوري بالحر أثناء الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بستر العورة تغطيتها بحيث لا ترى بشرتها، قال ابن قدامة في المغني: من كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه أجزأه، وجملة ذلك أن ستر العورة عن النظر بما لا يصف البشرة واجب وشرط لصحة الصلاة. انتهى.
وقال أيضا: فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك وإن كان يستر لونها ويصف الخلقة جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرز منه وإن كان الساتر صفيفا.انتهى.
وليس المقصود أن لا ترى من أسفل كما ذكر السائل وإنما المقصود أن لا يراها من بجانبك، وإلا فقد كان السلف يلبسون الأزر ونحوها مما ترى فيه العورة من أسفله.
وننبه إلى أن بعض المصلين من الرجال بحجة التخفف من اللباس في الحر يلبسون تبانا قصيرا شفافا تحت القميص فإذا سجد أو ركع يرى من وراء القميص لون بشرته، فهذا تبطل به الصلاة لما ذكرنا، فينبغي الحذر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(11/5326)
حكم الصلاة بثوب يبين لون الجلد من ورائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض من الناس نراهم يلبسون سراويل قصيرة فوق الركبة، ويلبسون فوق السروال طبعا الثوب لكن يتضح جزء من الفخذين رغم أنهم لابسون ثيابا فوق السروال فأرى بعضا من الناس ينكرون عليهم ذلك لأن من شروط الصلاة ستر العورة، وهناك بعض من الناس أيضا وهم لابسون السراويل سواء طويلة أو قصيرة وفوقها طبعا الثوب فعندما يركعون أو يسجدون يتضح شيئا من الخلف بين السراول والفنيلة مما جعلني أركز على أن تكون الفنيله تحت السروال، طبعا فوقهم الثوب حتى لا يتضح شيء عند الركوع أو السجود، فأخشى أن يؤثر هذا على صحة الصلاة. فهل هذا يؤثر على صحة الصلاة؟ وأرجو توضيح الحكم في كلتا الحالتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ستر العورة شرط في صحة الصلاة كما بيناه في عدة فتاوى كالفتوى رقم: 52500. وعورة الرجل ما بين السرة والركبة، فمن لبس ثوبا أو سروالا يشف ما وراءه بحيث يُرى لون البشرة لم تصح صلاته.
قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني: والواجب الستر بما يستر لون البشرة فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه لأن الستر لا يحصل بذلك. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 37063. عن حكم من تعرى ظهره أو شيء من عورته في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/5327)
حكم انكشاف شيء من العورة أثناء الصلاة بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كانت زوجتي تصلي صلاة العصر وهي في الركعة الثالثة صعد ابني الصغير فوق ظهرها، فمزق ثوبها من ناحية الظهر، ولكنها واصلت صلاتها وثوبها ممزق، فهل تقبل الصلاة أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في ـ الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في حرمة النظر إلى العورة ووجوب سترها في الصلاة وخارجها، ولكن الحنفية والمالكية قسموها في الصلاة والنظر إليها إلى: مغلظة، ومخففة. فالمغلظة عند الحنفية هي السوأتان، وهما القبل والدبر، بالنسبة للرجل والمرأة على السواء، وقال المالكية: إن العورة المغلظة تختلف باختلاف النوع، فعورة الرجل المغلظة هي السوأتان في الصلاة، أما المرأة فهي ما عدا صدرها وأطرافها، وهي الذراعان والرجلان والعنق، وعند المالكية إذا صلى مكشوف العورة المغلظة فإنه يعيد الصلاة في الوقت وبعد الوقت، ولم يرد في كتب الشافعية والحنابلة هذا التقسيم للعورة. اهـ.
وجاء في موضع آخر من الموسوعة: ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا بسترها، وقد اتفق الفقهاء على بطلان صلاة من كشف عورته فيها قصدا، واختلفوا فيما لو انكشفت بلا قصد متى تبطل صلاته. اهـ.
والراجح في ذلك ـ إن شاء الله ـ هو مذهب الحنابلة، وهو أنه لا يضر انكشاف يسير من العورة بلا قصد، ولو كان زمن الانكشاف طويلا، وكذا لا تبطل الصلاة إن انكشف من العورة شيء كثير في زمن قصير، وتبطل لو فحش وطال الزمن، ولو بلا قصد، قال مرعي بن يوسف الحنبلي في ـ دليل الطالب: في فصل ما يبطل الصلاة: يبطلها كشف العورة عمدا، لا إن كشفها ريح فسترها في الحال أولا وكان المكشوف لا يفحش في النظر. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ـ شرح العمدة: يعفى عن يسير العورة قدرا أو زمانا، فلو انكشف منها يسير ـ وهو ما لا يفحش في النظر ـ في جميع الصلاة، أو كشفت الريح عورته فأعادها بسرعة، أو انحل مئزره فربطه لم تبطل صلاته، وسواء في ذلك العورة المغلظة والمخففة. اهـ.
وقال البعلي في ـ كشف المخدرات: من انكشف بعض عورته وهو في الصلاة وفحش الانكشاف إن طال الزمن ولو بلا قصد أعاد الصلاة، لا إن انكشف يسير منها لا يفحش في النظر بلا قصد ولو في زمن طويل، ولا إن انكشف كثير منها في زمن قصير. اهـ.
والقدر اليسير الذي يعفى عنه يحدده العرف لا غير، قال المرداوي في ـ الإنصاف: قَدْرُ الْيَسِيرِ ما عُدَّ يَسِيرًا عُرْفًا، على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْيَسِيرُ من الْعَوْرَةِ ما كان قَدْرَ رَأْسِ الْخِنْصَرِ. وَجُزِمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ، قال ابن تَمِيمٍ: وَلَا وَجْهَ له، وهو كما قال. اهـ.
وقال ابن تيمية: حد اليسير ما لا يفحش في النظر في عرف الناس وعادتهم إذ ليس له حد في اللغة ولا في الشرع، وإن كان يفحش من الفرجين ما لا يفحش من غيرهما. اهـ.
فالصلاة تبطل عند الكشف عن غير قصد إذا تحقق أمران: الأول أن يكون المنكشف كثيرا أو فاحشا في العرف، والثاني أن يطول الزمن.
وعلى ذلك فلو علمت زوجتك بتمزق ثوبها وظهور شيء من عورتها وصلت بعد ذلك ركعة كاملة فقد طال الزمن، فينظر فإن كان الذي ظهر شيئا يسيرا عرفا، فلا تبطل صلاتها، وإلا بطلت ووجبت عليها الإعادة. والأولى إعادتها على كل حال، احتياطا وخروجا من خلاف الشافعية والمالكية، وكذا الحنفية لو كان المنكشف قدر ربع العضو.
وقد سبق ذكر هذه المسألة في الفتاوى التالية أرقامها، فتراجع لتمام الفائدة: 37063، 23223، 75212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(11/5328)
لباس المرأة وعورتها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لبس المرأة عند تادية الصلاة، هل يجب أن تغطى الوجه والكفين؟ وأيضا أسفل القدمين؟ أرجو الرد باللغة الإنجليزية لأن هذه الفتوى سألنى إياها صديق هندي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى باللغة الإنجليزية في بيان لباس المرأة وعورتها في الصلاة وبينا أنه لا يجب على المرأة تغطية وجهها وكفيها في الصلاة ويلزمها تغطية قدميها فانظر الفتوى رقم:86822، والفتوى رقم: 86325. وكلاهما في صفحة موقعنا الإنجليزي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(11/5329)
حكم صلاة المرأة إذا كان ما تحت ذقنها مكشوفا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن تغطي ما تحت الذقن وهي في الصلاة إذا كانت تصلي وحدها ولا يراها الأجانب؟ أقصد الموضع ما بين الرقبة والذقن، النساء غالبا يصلين ولا يسترن ذلك الموضع. وهل فعلهن ذلك يبطل الصلاة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوجه هو ما تحصلُ به المواجهة، وقد بين العلماء حد الوجه الذي يجبُ استيعابه في الوضوء، ويُشرع للمرأة كشفه في الصلاة، قال الشيرازي: ثم يغسل وجهه وذلك فرض لقوله تعالى: فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ. والوجه ما بين منابت شعر الرأس إلى الذقن ومنتهى اللحيين طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً. انتهى.. وقال النووي في المجموع معلقاً: هذا الذي ذكره المصنف في حد الوجه هو الصواب الذي عليه الأصحاب ونص عليه الشافعي رحمه الله في الأم. انتهى. وقال أيضاً: والوجه عند العرب ما حصلت به المواجهة. انتهى.
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع": ولم يذكر في ظاهر الرواية حد الوجه، وذكر في غير رواية الأصول أنه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن، وإلى شحمتي الأذنين، وهذا تحديد صحيح، لأنه تحديد الشيء بما ينبئ عنه اللفظ لغة، لأن الوجه اسم لما يواجه الإنسان، أو ما يواجه إليه في العادة، والمواجهة تقع بهذا المحدود. انتهى..
وبهذا كله يتبين أن أسفل الذقن ليس من الوجه، ولا يجوزُ للمرأة كشفه في الصلاة، لأنه ليس مما تحصلُ به المواجهة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 119152، وقد بينا وجوب ستر ما بين الرقبة والذقن في حق المرأة في الصلاة في الفتوى رقم: 33711.
ومن كانت تُصلي كاشفة عن شيء من العورة الواجب سترها في الصلاة، فالواجبُ تعليمها ومناصحتها، وأن يُبين لها كلام أهل العلم في المسألة، وأما ما مضى من صلوات فلا تلزمُ إعادتها لمن كان جاهلا بالحكم الشرعي، فقد سئلت اللجنة الدائمة: منذ فترة كنت أصلي بدون حجاب، لأنني كنت لا أعلم بوجوب الحجاب في الصلاة فهل تجب إعادة تلك الصلاة مع أنها كانت فترة طويلة (6 سنوات) تقريباً أو أكثر من النوافل والسنن؟ فأجابت اللجنة: إذا كان الواقع ما ذكر من جهلك بما يجب ستره في الصلاة فلا إعادة عليك لصلاة المدة الماضية، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، ويشرع لك الإكثار من الأعمال الصالحة، لقول الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى. وما جاء في معناها من الآيات، مع العلم بأن الوجه يشرع للمرأة كشفه في الصلاة إذا لم يكن لديها من يجب التحجب عنه. انتهى.
وأما هل تبطلُ صلاة من صلت، وهي كاشفة لهذا الجزء، فالواجبُ أن يعلم أن ستر العورة شرطٌ في صحة الصلاة، واختلف العلماء فيما إذا انكشف شيء يسير من العورة في أثناء الصلاة، فذهب الشافعية إلى بطلان الصلاة بذلك، وذهب الجمهور إلى العفو عما ينكشف من العورة من الشيء اليسير، قال ابن قدامة رحمه الله: فإن انكشف من العورة يسير. لم تبطل صلاته نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: تبطل لأنه حكم تعلق بالعورة فاستوى قليله وكثيره، كالنظر ولنا: ما روى أبو داود بإسناده عن أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: انطلق أبي وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة، وقال: يؤمكم أقرؤكم فكنت أقرأهم فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم. فاشتروا لي قميصاً عمانياً، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به. ورواه أبو داود والنسائي أيضاً، عن عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي. وهذا ينتشر ولم ينكر، ولا بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره ولا أحد من أصحابه، ولأن ما صحت الصلاة مع كثيره حال العذر، فرق بين قليله وكثيره في غير حال العذر، كالمشي؛ ولأن الاحتراز من اليسير يشق، فعفي عنه كيسير الدم. إذا ثبت هذا فإن حد الكثير ما فحش في النظر. انتهى.
ورجحَ شيخُ الإسلام قول الجمهور وهو أن الصلاةَ لا تبطل بانكشافِ شيءٍ يسير من العورة، قال رحمه الله: إذا انكشف شيء يسير من شعرها وبدنها لم يكن عليها الإعادة، عند أكثر العلماء وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، وإن انكشف شيء كثير، أعادت الصلاة في الوقت، عند عامة العلماء ـ الأئمة الأربعة، وغيرهم. انتهى.. والظاهر أن انكشاف هذا الجزء لا تبطلُ به الصلاة، لأنه يسير غير فاحش في النظر، وإن كان الذي ينبغي الحرصُ على ستره خروجاً من خلاف من أبطل الصلاة بانكشاف الشيء اليسير فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/5330)
طلب الأخ من أخته إعطاءه الملابس الداخلية.. رؤية شرعية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لا يخرج هذا الفعل -وهو أنني أطلب من أختي أن تحضر لي الغيار الداخلي وأنا أستحم- عن الأخلاق الحميدة, أم أنه قد يؤدي إلى الرذيلة؟ وهل إذا طلبت مني أن أحضر لها أيضاً ملابسها أوافق أم لا؟
آسف جداً، ولكن أرجوكم اعذروني فأحب أن أسألكم في كل شئ.
شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي هو الابتعاد عن كل ما يثير الغرائز الكامنة لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه مثيرات الشهوات، والبعد عن كل ما يجعل للشيطان على الإنسان سبيلا بالإغواء، فالنفوس ضعيفة والنفس أمارة بالسوء، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأغلق باب الشيطان، وجهز ملابسك قبل دخول الحمام للاغتسال، وكذا فلتفعل أختك، أو تطلب من والدتها أو أختها أن تعطيها ملابسها؛ حتى لا تقع بعض المحاذير التي نسمع عنها ولم تعد خافية على أحد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالابتعاد عن مواطن الفتن فقال: مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ. رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني.
ففي الحديث: البعد عن الفتنة، وسد الطريق إليها، وعدم تعريض النفس للفتن ثقة بها لأن نفسه قد تخذله فيقع فيما لا تحمد عقباه، ولا شك أن لحظة الاستحمام يكون الإنسان فيها متجردا من ملابسه، وهذا مما قد يؤدي إلى إثارة الفتنة وإشعال نار الغريزة، مما قد يؤدي إلى الوقوع في الزنا وهو كبيرة من أعظم الكبائر وأقبحها، وهو مع المحارم أشد، وقد ذكرنا حدود ما يظهره كل من الرجل والمرأة أمام المحارم في الفتويين: 21428، 21786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(11/5331)
تنشر ملابسها الداخلية ولا تجدها
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي 6 سنوات أقوم بنشر ملابسي الداخلية، وعند إحضارها لا أجدها حتى في النهار مع العلم بأنها حصلت معي أكثر من 10 مرات هل هذا يعني سحر؟ مع العلم بأن عمري الآن 30 سنة ولم يتقدم لي أحد لخطبتي، ولا ينقصني شيء من شكل وخلق وطيبة وسمعة. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تنظري في سبب ما حصل هل يمكن أن يكون بسبب الرياح، أوأنها خطفها سارق، فإن كان المكان مغلقا ولم يكن تأثير الهواء محتملا، فإن الأمر غير طبيعي، ويتعين اللجوء إلى الله تعالى والتحصن بالتحصينات والإكثار من الدعاء ساعات الإجابة، وعليك بالالتزام بالطاعات والبعد عن المعاصي، ويشرع أن ترقي نفسك بالرقية الشرعية أو تبحثي عن أحد الرقاة المعروفين بالاستقامة وسلامة المعتقد ليرقيك، فالرقية تشرع للمصاب ولغيره، ويحسن أن تعرضي نفسك للزواج على بعض من يرتضى من الرجال من ناحية الدين والأخلاق فيمكن أن تعرضي نفسك عليه بواسطة أحد محارمك أو إحدى محارمه مع الإكثار من الدعاء والحرص على تيسير الأمور. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33860، 80694، 32981، 69805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(11/5332)
حكم وضع التحاميل للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شرائي لوالدتي المناشف، والحفاظات النسائية، ووضعي لها التحاميل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما شراؤك لحاجاتها الخاصة كالحفاظات النسائية ونحوها فلا حرج فيه، ويجب عليك ذلك برا بها إن أمرتك به.
وأما وضع التحاميل لها فلا يجوز إلا عند الضرورة، لما فيها من لمس العورة المغلظة أو رؤيتها، فلا يجوز ذلك ما لم تكن هنالك ضرورة إليه مثل ألا تستطيع فعل ذلك بنفسها، ولا تجد امرأة تتولى ذلك، وكانت بحاجة إليها للعلاج ونحوه، فإن كانت هناك ضرورة جاز، ويلزم الاقتصار على محلها من لمس أو نظر.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 65073، 599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(11/5333)
توضيح حول المذهب الحنفي في قدم المرأة هل هو عورة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[كل الشكر لكم على إتاحة هذه الفرصة لمراسلتكم.. وبعد: فإن الله شرع الاختلاف بين المسلمين في الفقه، وهذا ما لا يستطيع إنكاره أحد منذ حادثة صلاة العصر في غزوة بني قريظة وإلى قيام الساعة، وإن على كل من المختلفين أن لا ينكر أحدهما على الآخر اجتهاده ما دام له أصل شرعي واضح، وفهم واطلاع على كل أدلة المسألة، بخصوص ثلاث فتاوى منشورة حول "قدم المرأة وأنها عورة"، فقد ذكر المفتي في جوابه: أن أبا حنيفة يقول إنهما ليسا من العورة لأنهما يظهران غالبا كالوجه واليدين، وهذا الكلام خطأ لأن أبا حنيفة لم يؤثر عنه هذا القول بهذا التعليل هكذا أبداً، كما أن هذا القول متناقض مع نفسه، لأننا حتى نستطيع أن نثبت أن الوجه والكفين ليسا بعورة يجب علينا أن ننصص أن كل ما سواهما عورة حسب الدليل "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (الوجه والكفين) " فمن أراد أن يعتبر القدم ليست عورة يجب عليه أن يرد هذه الرواية المشهورة القوية ويعتبرها خطأ، وعندها عليه أن يأتي بدليل آخر يعتمد عليه في تحديد عورة المرأة واستثناء الوجه والكف والقدم وهذا غير موجود أبداً، وإنما المذكور عند فقهاء الأحناف أنفسهم في مذهبهم (وليس عن الإمام) ما يفيد أن القدمين ليستا عورة في الصلاة، وعورة خارجها (أي أمام الرجال) ، وهذا القول هو الصحيح كما نقل ذلك الدكتور العلامة وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته، أما تأصيل مسألة قدم المرأة في المذهب الحنفي، فإن كبار فقهاء الأحناف قد ذكروا أنها مستثناة في شروط الصلاة، وليست مستثناة في عورة النظر لأنهم أخذوا برواية ابن عباس التي تنصص أن كل ما سوى الوجه والكفين عورة أو بلفظ آخر "الكحل والخاتم" (الكتاب"للقدوري"، مبسوط الشيباني "محمد الشيباني"، المبسوط "للسرخسي"، الجوهرة النيرة "للزبيدي"، الاختيار لتعليل المختار "للموصلي"، الفتاوى الهندية، البحر الرائق " لابن نجيم"، المحيط البرهاني، البريقة المحمودية، تنوير الأبصار وجامع البحار "للغزي"، وغيرها) . مع وجود رواية شاذة عن الحسن بن زياد خلاف ظاهر الرواية تسمح بكشف القدمين حتى خارج الصلاة للبلوى في عصرهم عند المشي وعدم توفر الخف للجميع، وهذه الرواية الشاذة المخالفة للأدلة لا يفتى بها، ولا يليق حتى الإشارة إليها لأنها ضعيفة جداً ومخالفة للرواية القوية ومخالفة للأدلة الشرعية من جهة، ولما تسببه من إيذاء للمجتمع وفتنة لأن القدمين العاريتين للأنثى صار فيها فتنة وإغراء في هذا العصر كما هو معروف، وليس في تغطيتها أي بلوى لأن الأحذية والجوارب أصبحت رخيصة جداً في هذا العصر ومتوفرة للجميع، فأرجو منكم تصحيح ذلك في الفتوى المنشورة على الموقع، ويسعدني أن أناقش المسألة معكم أكثر إن رغبتم في ذلك عبر بريدي الإلكتروني، كما أنه عندي رسالة حول تحقيق وتفصيل مسألة قدم المرأة في المذهب الحنفي، أحب أن أرسلها لكم إن كنتم تريدون المزيد من التفاصيل، وذلك من أجل خدمة العلم، أشكركم مرة أخرى وأسأل الله أن يبارك في مساعيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أولاً: فإننا بداية نشكر السائل الكريم لتواصله معنا وحرصه على نصحنا وإبداء ملاحظاته حول الفتاوى المنشورة على موقعنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا في ميزان حسناته يوم يلقاه.. والذي يظهر من بيانات سؤاله أنه هنا في قطر فإن كان الأمر كذلك وأراد التواصل معنا مباشرة فحياه الله.
ثانياً: لعل المفتي اعتمد في نسبة القول المذكور على محققي كبار أئمة الفقه كالنووي وابن قدامة وابن رشد وغيرهم، قال النووي في المجموع: وقال أبو حنيفة والثوري والمزني قدماها أيضاً ليسا بعورة.. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ... وقال أبو حنيفة القدمان ليسا من العورة لأنهما يظهران غالباً فهما كالوجه.. انتهى ... وهذا النقل مذكور في الفتوى رقم: 99905 فاطلع عليها.
ثالثاً: القول بأن قدمي المرأة ليساً بعورة عند الحنفية في الصلاة هذا هو المعتمد كما قال ابن عابدين في حاشيته: ... تقدم أيضاً في شروط الصلاة أن القدمين ليسا عورة على المعتمد.. انتهى..
وأما خارج الصلاة فقد اختلفوا أيضاً ولم يتفقوا على كونهما من العورة، قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق:.. واستثنى المصنف القدم للابتلاء في إبدائه خصوصاً الفقيرات وفيه اختلاف الرواية عن أبي حنيفة والمشايخ فصحح في الهداية وشرح الجامع الصغير لقاضي خان أنه ليس بعورة واختاره في المحيط وصحح الأقطع وقاضي خان في فتاواه على أنه عورة واختاره الاسبيجابي والرغياني وصحح صاحب الاختيار أنه ليس بعورة في الصلاة وعورة خارجها ورجح في شرح المنية كونه عورة مطلقاً بأحاديث منها ما رواه أبو داود والحاكم عن أم سلمة أنها سألت النبي أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار فقال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها.. انتهى.
وهذا النقل ظاهر في أن هناك رواية عن أبي حنيفة نفسه أنهما ليساً بعورة لأنه قال: وفيه اختلاف الرواية عن أبي حنيفة. وهذا يؤيد ما نقله ابن قدامة والنووي وغيره.
رابعاً: المفتى به عندنا والمرجح أن قدمي المرأة عورة في الصلاة وخارجها، وانظر الفتوى رقم: 5777.
خامساً وأخيراً: لا تلازم عند الحنفية بين القول بأن قدم المرأة ليس بعورة وبين جواز النظر إليه، قال ابن نجيم: واعلم أنه لا ملازمة بين كونه ليس بعورة وجواز النظر إليه فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة مع انتفاء العورة ولذا حرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ولا عورة.. انتهى..
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 50794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(11/5334)
حكم صلاة المرأة إذا انكشف جزء من شعرها أو رقبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من الوسوسة في أمور الدين والحمد لله على كل حال
سؤالي هو ما حكم ظهور جزء بسيط من الرقبة والشعر في الصلاة بالنسبة للنساء.. فهذا يصعب التحرز منه؟ فمثلا عندما أصلي أكون متأكدة تماما من ستر شعري ورقبتي كل مع الصلاة والحركة تبدأ الطرحة بالانفكاك أي أنها لا تصبح على حدود الوجه تماما كما كانت بل تتسع قليلا خصوصا من الأسفل بحيث لو وقفت أمام المرآة لظهر جزء يسير من الرقبة والشعر.. وهذا يجعلني أضع طرحتين أو أفتش بشكل دوري خلال الصلاة لو طلع شيء حتى استره وهذا يشغلني عن الصلاة ... دوما عندما تبدأ الطرحة بالانفكاك اجمعها بحيث تصبح على حدود وجهي والباقي أضعه تحت ذقني لكن مع السجود أو الركوع تنفك هذه التجميعه لأني أحرك رقبتي فأعيد تجميعها من جديد ... وفي بعض الأحيان أكون سأسجد أو اركع فأقول في نفسي هذا الظهور على بال ما اسجد أو اركع قليل لذلك لا اجمع ... فما الحكم؟ وفي بعض الأحيان خصوصا في الركعات الأخيرة وتكون الطرحة اتسعت فأظل اجمع مع كل سجدة أو ركعة لكن قد أنسى فيظل جزء يسير ظاهر ... علما بأني لا أعيد لف الطرحة من جديد كما كانت بداية الصلاة خوفا أن يظهر جزء كبير خلال إعادة اللف لذلك ألجأ لتجميع المتسع أسفل الذقن وفي بعض الأحيان يروح عن بالي إعادة لف الطرحة أو استصعب ذلك وهذا الأمر يتكرر معي دائما بحيث أني أعيد صلاتي.. فهل يعفى عن هذا القليل وهل ظهور العورة وقتا واستتارها وقتا لا يضر بالصلاة مع العلم اني اعرف أنها تظهر ولكن ليست متعمدة بناءا على ما روي عن الشاب الذي أمّ بالرسول وصحابه وكلما سجد ظهرت عورته ولم يأمره الرسول عليه الصلاة والسلام بإعادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للوسوسة نسألُ الله أن يعافيكِ منها، واعلمي أنكِ إن شككت في ظهور شيءٍ من بدنك في الصلاة فالأصلُ عدمُ انكشاف هذا الشيء، وإذا كان ذلك وسواساً فلا تلتفتي إليه وانظري الفتوى رقم: 112502.
وأما إذا انكشفَ شيءٌ يسيرٌ من العورة في الصلاة فبادرَ المكلفُ بستره في الحال فالصلاة صحيحةٌ بالاتفاق.
قال الشيرازي في المهذب: وإن كشفت الريح الثوب عن العورة ثم رده لم تبطل صلاته. انتهى
وأما إذا انكشفَ شيءٌ يسيرٌ من العورة ولم يستره المكلف أو لم يبادر بستره، ففيه خلاف مشهور ومذهب الجمهور صحةُ الصلاةِ والحالُ هذه.
قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني: فَإِنْ انْكَشَفَ مِنْ الْعَوْرَةِ يَسِيرٌ. لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَبْطُلُ لأَنَّهُ حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِالْعَوْرَةِ , فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ, كَالنَّظَرِ. وَلَنَا: مَا رَوَى أَبُو دَاوُد, بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ , فَعَلَّمَهُمْ الصَّلاةَ, وَقَالَ: يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ. فَكُنْت أَقْرَأَهُمْ فَقَدَّمُونِي, فَكُنْت أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَفْرَاءُ صَغِيرَةٌ, وَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ انْكَشَفَتْ عَنِّي, فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ. فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا , فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الإِسْلامِ فَرَحِي بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد, , وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا , عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ , قَالَ: {فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ , فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ فِيهَا خَرَجَتْ اسْتِي} . وَهَذَا يَنْتَشِرُ وَلَمْ يُنْكَرْ , وَلا بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَهُ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ; وَلأَنَّ مَا صَحَّتْ الصَّلاةُ مَعَ كَثِيرِهِ حَالَ الْعُذْرِ , فُرِّقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الْعُذْرِ , كَالْمَشْيِ , وَلأَنَّ الاحْتِرَازَ مِنْ الْيَسِيرِ يَشُقُّ , فَعُفِيَ عَنْهُ كَيَسِيرِ الدَّمِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ حَدَّ الْكَثِيرِ مَا فَحُشَ فِي النَّظَرِ. انتهى.
ورجحَ شيخُ الإسلام قول الجمهور وهو أن الصلاةَ لا تبطل بانكشافِ شيءٍ يسير من العورة، قال رحمه الله: إذا انكشف شيء يسير من شعرها وبدنها لم يكن عليها الإعادة، عند أكثر العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد.وإن انكشف شيء كثير، أعادت الصلاة في الوقت، عند عامة العلماء ـ الأئمة الأربعة، وغيرهم ـ والله أعلم. انتهى.
وعلى هذا فننصحكِ بأن تُشدي عليكِ ثيابكِ شداً وثيقاً بحيثُ لا تنحلُ في أثناء الصلاة فتستغني بذلك عن الحركة الكثيرة التي قد تشغلك عن الخشوع في الصلاة.
فإذا فعلت ذلك فلا تلتفتي لما يعرض لك من الوسوسة والشك في انكشاف شيء من العورة فالأصل أنه لم ينكشف وإنما يريد الشيطان أن يوقعك في الحرج والضيق فأعرضي عن تلك الوساوس جملة ولو قدر أن انكشف شيء من ذلك.
فإذا بادرتِ بستر ما ظهر من شعركِ أو رقبتك فصلاتكِ صحيحةٌ بلا شك، وإذا قصرت في ذلك أو لم تعلمي به حتى انقضت الصلاة، فصلاتك صحيحةٌ عند الجمهور، ولا تلزمكِ إعادتها وهو الذي نفتيكِ به، حتى يمن الله عليكِ بالشفاء من الوسوسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(11/5335)
صفة ثياب الصلاة للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عادتنا في بلادنا أن تكون أطقم الصلاة للنساء بلون أبيض والذي قد يشف ما تحته فهل تجوز الصلاة فيها. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الثيابُ البيض تُلبسُ فوق الجلد مباشرةً بحيثُ تصف لون البشرة، فالصلاة فيها باطلة تجبُ إعادتها.
قال ابن قدامة رحمه الله: الواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفاً يبين لون الجلد من ورائه، فيُعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك. انتهى من المغني.
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يُشاهَد من ورائه سوادُ البشرة أو بياضُها. انتهى.
وأما إذا كانت هذه الثياب تُلبس فوق ثيابٍ أخرى صفيقةٍ سابغة فتحكي لون تلك الثياب التي تحتها، فالصلاة فيها صحيحة لا حرج فيها، لأن المقصود من الستر حاصل. وانظري الفتوى رقم: 47581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/5336)
ستر المرأة شعرها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بقص شعري بشكل قصير جداً جداً وذلك لأنني قد مررت بحالة نفسية سيئة وأهملت فيه كثيراً فأصبح بحالة سيئة.. المشكلة هنا هي أنني عندما أرتدي الإسدال للصلاة تخترق شعيرات رأسي الصغير قماش الطرحة فخفت أن تكون صلاتي باطلة هكذا لأن هناك بعض الشعيرات الظاهرة فقمت بلف طرحة أخرى فوق طرحة الإسدال (فأنا أصبحت أصلي هكذا بطرحتين) ، فهل ما قمت به هو الصحيح، علما بأن الصلاة بالطرحتين أصبحت تخنقني وتثقل علي وتقلل خشوعي في الصلاة ... أمي تقول لي إن ما قد فعلته هو من الوسواس فأنا مصابة بالوسواس القهرى منذ 5 سنوات تقريبا ... فهل يمكنني أن أصلي فقط بطرحة الإسدال حتى مع وجود شعيرات ظاهرة من رأسي؟ آسفة جداً للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك مما تعانيه وأن يجنبك كل مكروه، واعلمي أن أنفع علاج للوساوس هو عدم الالتفات إليها لأن تتبعها سبب لرسوخها وتمكنها، ثم إذا كان ظهور بعض شعرات رأسك من الثوب الذي فوقه ليس بواقع حقيقة وإنما تخيل ووسوسة فلا تلتفتي إلى هذا الأمر وصلاتك مجزئة بالثوب الواحد الذي تغطي به رأسك، وأعرضي عن تلك الوساوس والشكوك.
وإن تحققت من كون بعض شعرات الرأس بادية من ذلك الثوب فأنت على صواب في اتخاذ ثوب آخر يترتب عليه كمال الستر، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 10696.
وعلاج الوسواس القهري سبق بيانه في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/5337)
حكم اطلاع الابن على عورة أبيه المشلول للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رؤية عورة والدي الذي به شلل نصفي إثر جلطة دماغية وعاجز عن إدخال نفسه للحمام والاستنجاء رغم أن والدتي حية ولكن ليس لها القدرة على تقديم هذه الخدمة له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمكن تنظيف والدكم من غير كشف لعورته أي من تحت ساتر لم يجز لكم النظر لعورته بقاء على الأصل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل. رواه مسلم والترمذي. ويمكن لكم حمل والدكم ثم تتولى الوالدة الكريمة تنظيفه، وإن تعذر ذلك تماما ولم يمكن تطهيره بغير رؤية عورته جاز ذلك للضرورة، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} وانظر لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 35457 والفتوى رقم: 102125.
وختاما نسأل الله أن يشفي والدكم، ويحسن خاتمتنا وخاتمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(11/5338)
حكم نوم الأخ مع إخوته بالتبان (الشورت القصير)
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 5 ذكور وبنتان (إخوة) , بعض من إخوتي (الذكور) ينامون دون قميص ويلبسون تبانا (شورت) بسبب الحرارة بحيث هذا الأخير (التبان) يكون لا يغطي السرة ولا الركبتين بمعنى لا يستر عورة الرجل، فهل هذا أمر عادي بما أننا إخوة أم أنه العكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة الرجل عند جمهور العلماء هي ما بين السرة والركبة لما أخرجه أحمد في مسنده عن جرهد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه كشف عن فخذه، فقال: غط فخذك فإن الفخذ من العورة. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع..
وذهب الإمام أحمد في الرواية الثانية عنه، وابن أبي ذئب وداود إلى أن العورة هي الفرجان فقط، لما روى أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى أني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم.
وما ذهب إليه الجمهور من أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة أحوط، قال البخاري: حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط. صحيح البخاري كتاب الصلاة: باب ما يذكر في الفخذ.
ولا يجوز للرجل أن يكشف عن عورته أمام الأقارب نساء أو رجالاً محارم أو غيرهم، ففي الحديث عن بهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن جدي قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، فقال الرجل يكون مع الرجل قال إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل، قلت والرجل يكون خالياً قال: فالله أحق أن يستحيا. رواه الترمذي وحسنه الألباني في الإرواء ...
ومما سبق يعلم أنه ينبغي لهؤلاء الإخوة أن يتقوا الله ويحرصوا على ارتداء ما يستر عوراتهم ويتحلوا بالحياء الذي هو من صفات المؤمنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(11/5339)
صلاة المرأة في الثياب الساترة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أرتدي اللباس الداخلي إلا في أوقات الدورة الشهرية، فهل هذا يقلل من أجري في الصلاة علماً بأنني أستر كامل جسدي عند الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا صلت المرأة ساترة ما يجب عليها ستره من صلاتها فلا إثم عليها ويزداد ثواب صلاتها كلما بالغت في التستر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 4523 بيان ما يجب ستره على المرأة في الصلاة وإذا كنت تسترين كامل الجسد في صلاتك فهي مجزئة لكن يزداد ثواب صلاتك بارتداء الملابس الداخلية وبالتستر أكثر، قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثاني: في الفضيلة، وهو أن يصلي في ثوبين أو أكثر، فإنه إذاً أبلغ في الستر. لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا أوسع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تبان وقميص.
وروى أبو داود عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر: إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به، ولا يشتمل اشتمال اليهود. قال التميمي: الثوب الواحد يجزئ، والثوبان أحسن، والأربع أكمل، قميص وسراويل وعمامة وإزار. انتهى. وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 17530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/5340)
صلاة المرأة في حلة رياضية أو حلة للنوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لزوجتي أن تصلي بتريننج سوت أو بيجاما مثلا أم هل لا بد من إسدال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تصلي المرأة إلا فيما يستر بدنها كله باستثناء وجهها وكفيها، فلها إبداؤهما في الصلاة، وما سوى ذلك يجب عليها ستره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(11/5341)
حكم تعليق قمصان خاصة بالصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من المصلين لا يهتمون بستر عورتهم في الصلاة وقد تنكشف عورتهم أثناء الركوع أو أثناء السجود، وكثير منهم يلبس بنطالا ضيقا يصف عورته وخاصة أثناء الركوع وأثناء السجود. هل يعتبر تعليق قمصان خاصة بالصلاة - يرتديها المصلون أثناء الصلاة - على الحائط بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا العمل لا يعتبر بدعة بل هو من التعاون على البر والتقوى، ولبيان أدنى لباس تصح به الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 98021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(11/5342)
تهافت القول بجواز إبداء المرأة أعضاء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 2156418 جزاكم الله خيراً على الإجابة عن هذا الكم الهائل من الأسئلة وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.. وأرجو منكم سعة الصدر، أما عن جوابكم فلي عليه تعقيب:
1- القول بأن الاجتماع كان قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم، فهو قول يحتاج لدليل التاريخ.
2- وجود قول بجواز إبداء أعضاء الوضوء وبعض الأحاديث الضعيفة في استثناء الذراع -هذا لا يعني الاحتجاج بها وإنما وجودها علامة على وجود قائل بها- يبطل القول بأن الإجماع وقع على قولين وهما الحجاب الكامل، واستثناء الوجه والكفين، والقدمين كذلك عند الأحناف ... هذا إن صح القول بأنه لا يجوز إحداث قول ثالث، وهنا القول الثالث موجود أصلا لذا القاعدة خارج محل النزاع، ف أرجو الإجابة على النقطتين السابقتين؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأن الاجتماع كان قبل نزول الحجاب، وأنه بعده يختص بالزوجات والمحارم، ليس من قولنا نحن، وإنما هو قول الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري، إذ قال رحمه الله: والأولى في الجواب أن يقال: لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم..
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الدليل لا يلزم أن يكون بتحديد التاريخ، ولو كان الأمر كذلك لما وجد الدليل لكثير من الأحكام الشرعية، وأما الدليل هنا فإنه معلوم من أن الأمر بالشيء نهي عن ضده.
يقول صاحب مراقي السعود:
والأمر ذو النفس بما تعينا * ووقته مضيق تضمنا
نهيا عن الموجود من أضداد * أو هو نفس النهي عن أنداد
فإذا عُلم أن الله تعالى قال في كتابه العزيز: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:59} ، وقال جل من قائل: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:30-31} .
نقول: إذا علم هذا عُرف أن اجتماع الرجال مع النساء الأجنبيات للوضوء من إناء واحد لم يعد مشروعاً لاستحالة الجمع بين إبقاء جميع الأعضاء الواجب سترها مستورة عن أعين من لا تجوز له رؤيتها، وبين ما يقتضيه الوضوء من انكشاف الأعضاء المغسولة والممسوحة.
وأما قولك بأنه يوجد قول بجواز إبداء أعضاء الوضوء، وأنه توجد أحاديث ضعيفة باستثناء الذراع، وأن هذا يبطل القول بأن الإجماع وقع على قولين وهما: الحجاب الكامل، أو استثناء الوجه والكفين، أو مع القدمين عند الأحناف، فجوابه: أولاً: أن مجرد وجود قول في مسألة لا ينفي كونها مما قد أجمع عليه، فليس كل قول يعتبر مانعاً لانعقاد الإجماع، وإنما المعتبر أقوال المجتهدين من أهل العلم.
قال في مراقي السعود معرفاً للإجماع:
وهو الاتفاق من مجتهدي * الأمة من بعد وفاة أحمد.
كما أن أصحاب الابتداع ممن يُكَفرون ببدعهم لا يعتبرون في الإجماع، قال:
وكل من ببدعة يكفر * من أهل الأهواء فلا يعتبر.
ثانياً: أنه لا يليق بمن هو مثل السائل الكريم -والظاهر أنه طالب علم- أن يستدل على عدم انعقاد الإجماع بالأحاديث التي يصرح هو نفسه بأنها ضعيفة.
ثالثاً: أننا لم نعرف من أين أخذت ما أخذته على إجابتنا على السؤال الذي بينت رقمه، لأنه -في الحقيقة- لم يرد في جوابنا شيء مما ذكرته في موضوع الإجماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(11/5343)
حرمة النظر إلى أفخاذ الرجال وإظهارها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل مدرب كرة قدم بأحد النوادي، النادي يعطي اللاعبين زيا رياضيا للتدريب لا يغطي كل العورة (ظهور الفخذين) ، طلبت من المسؤول باإيجاد زي رياضي يغطي كل العورة، فقال لي بأنه لا يمكن للاعب أن يلعب إلا بهذا الزي حسب قانون اتحاد كرة القدم، فهل في هذه الحالة يكون عملي محرما وأنا أنظر إلى عورات اللاعبين وكيف يجب أن أتصرف، هل أتابع بتوجيه نصائحي إلى اللاعبين بستر العورة أم أخرج من هذا العمل؟ وجزاكم الله كل خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف في الفخذ هل هي عورة أم لا، والراجح أنها عورة؛ لحديث أبي داود: لا تكشف فخذك، ولا تنظر فخذ حي ولا ميت.
وبناء عليه.. فإنه يتعين عليك السعي في إقناع إدارة النادي بإيجاد ملابس تستر أفخاذ اللاعبين، وحاول كذلك إقناع اللاعبين بالحكم الشرعي، وبين لهم أن النجاة من سخط الله والوقوع في عذابه هي أهم ما يكسبه المسلم في الدنيا والآخرة، فإن لم يتيسر إقناعهم وعدولهم عما هم عليه فلا شك أن الأولى بك أن تترك العمل معهم، وثق بصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم: إ نك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه الألباني.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15390، 1969، 37145، 15373، 95821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(11/5344)
كراهية التعري لغير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التعري والتجرد من كل الثياب لا يجوز حتى في الخلاء أم يجوز فقط في الخلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعري من كل الثياب عند قضاء الحاجة ليس بحرام، ولكن قرر العلماء أن التعري مطلقاً من غير حاجة إليه مكروه، لأنه ينافي الحياء من الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن حيدة رضي الله عنه: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال معاوية: يا رسول الله: فإن كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس.. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني وعلقه البخاري.
ولذا فالأولى لقاضي الحاجة أن لا يتعرى تماماً من غير حاجة، وإنما يكشف عن عورته بقدر ما يتمكن معه من قضاء حاجته. وانظر لذلك الفتوى رقم: 36137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(11/5345)
حكم الصلاة بثوب شفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[نزلت للجامع لكي أصلي صلاة التهجد ثم رجعت للمنزل ثم نزلت للفجر وبعد عودتي للبيت تبين لي أن الجلباب الذي كنت أرتديه (وكنت أرتدي تحته بنطالا حفيفا) يبين حدود الملابس الداخلية، سؤالي ما هو تعريف اللباس الشفاف في الفقة مع العلم بأني لا أعرف هل هذا اللباس يبين لون الجلد أم لا لأنني لا أعرف المدى المقصود من كونه يبين لون الجلد (يعني هل يكون اللبس الشفاف كعباءة شيوخ السعودية التي تيبن ما تحته بدقة أم كونه يبين لون الجلد كأني أراه عيانا أم ماذا؟) ، وما حكم صلواتي التالي صليتها بهذا اللباس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشفاف من اللباس هو الذي يصف بشرة ما تحته ولا يسترها سواء في بادئ الرأي أو عند التأمل.
وفي حاشية الدسوقي المالكي مفصلاً حكم الصلاة فيه قال: والحاصل أن ستر العورة في الصلاة بالثوب الشفاف فيه ثلاثة طرق فقيل إنه كالعدم ويعيد أبداً كانت العورة تظهر منه للمتأمل أو لغيره، وقيل بصحة الصلاة مطلقاً، وقيل بالتفصيل بين ما تظهر منه العورة عند التأمل وما تظهر منه عند عدم التأمل فتصح في الأول دون الثاني.
وخلاصة القول أن صلاتك باللباس المذكور صحيحة ما دام ساتراً للعورة لا يظهر شيئاً من لون البشرة، ولا عبرة بشفوف الجلباب ما دام تحته غيره مما يستر العورة.
ولمعرفة حدود العورة الواجب سترها وضابط الساتر شرعاً انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32227، 4044، 15390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(11/5346)
مذاهب العلماء في قدمي المرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة شاهدت محاضرة دينية في التلفزيون توجب لبس المرأة للجوارب في رجليها أثناء الصلاة ونحن في العراق نصلي في بيوتنا ولم نسمع في لبس الجوارب أثناء الصلاة للمرأة وهي تصلي في بيتها ولبسنا عند الصلاة طويل ويصل لحد كعب الرجل؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قدما المرأة الحرة عورة في الصلاة وفي غيرها عند الجمهور فيجب سترهما بالجوارب أوغيرها، ويرى أبو حنيفة أنهما ليسا عورة، وعلى قوله لا يجب سترهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قدمي المرأة الحرة عورة في الصلاة وفي غيرها عند جمهور الفقهاء فيجب سترهما في الصلاة سواء صلت المرأة في بيتها أم خارجه، لكن لا يشترط سترهما بالجوارب، فإن سترتهما بما ترخيه من ملابسها كفاها ذلك، ويرى أبو حنيفة أنهما ليسا عورة لأنهما يظهران غالباً فهما مثل الوجه.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها أعادت الصلاة، لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة، ولا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم، وأنه ليس لها كشف ما عدا وجهها وكفيها، وفي الكفين روايتان. واختلف أهل العلم فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه، وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر رأسها إذا صلت، وعلى أنها إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الإعادة.
وقال أبو حنيفة: القدمان ليسا من العورة، لأنهما يظهران غالباً، فهما كالوجه، وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة، لأن ابن عباس قال في قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها. قال: الوجه والكفين. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب. ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء.. إلى أن قال: والدليل على وجوب تغطية القدمين ما روت أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: نعم، إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود، وقال: وقفه جماعة على أم سلمة، ووقفه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وروى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الله إلى من جر ذيله خيلاء، فقالت أم سلمة: كيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبراً، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعاً، لا يزدن عليها. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجب كشفه في الصلاة كالساقين. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 14754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(11/5347)
حكم الصلاة بقميص قصير الكمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم الإجابة عن سؤال حيرني عن القميص القصير الكمين الذي أرتديه للصلاة، علما بأن القميص الذي أرتديه خال من الصور (سادا) ، فأردت أن أسأل عن رأي الشرع في هذا القميص بالنسبة إلى الصلاة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
جواز الصلاة في القميص القصير الكمين إذا كان معه إزار أو سروال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب للمسلم إذا أراد القيام إلى الصلاة أن يلبس أحسن ثيابه امتثالاً لأمر الله عز وجل: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31} ، ومع ذلك فيجوز له أن يصلي بما تيسر من الثياب ما دام ساتراً طاهراً ... ولذلك فلا بأس بالصلاة في القميص إذا كان قصير الكمين ومعه ما يستر العورة، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 42671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(11/5348)
أدنى لباس تصح به الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحدود الدنيا للباس الرجل الجائز للصلاة، أو بمعنى آخر هل تجوز الصلاة بلباس (الشباح) مع شورت يغطي الركبة للرجل، وخاصة أنني سمعت أحد المشايخ يقول (ما تخجل أن تلبسه أمام الناس لا يجوز الصلاة به حتى لو كان ساترا للعورة, لأن الله أحق أن تخجل منه, وإن صليت به فصلاتك باطلة) ؟ ولكم الأجر والثواب إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحدود الدنيا لما يجوز أن يصلي فيه الرجل من اللباس هو أن يلبس ما يستر ما بين سرته وركبته ويكون غير شفاف أي لا يظهر منه ما تحته، والدليل على ذلك ما روى الإمام أحمد وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته. وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني. وقال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: ومن كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبته، أجزأه ذلك. وجملة ذلك أن ستر العورة عن النظر بما لا يصف البشرة واجب، وشرط لصحة الصلاة. وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي ... إلى أن قال: والواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفاً يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك. انتهى.
فإن كان لا يظهر ما تحته إلا أنه يصف حجم الأعضاء فإنه مكروه عند الجمهور، وما ذكر الشيخ المذكور جزاه الله خيراً، فالظاهر أنه من باب الآداب والمراقبة، أما من جهة الحكم فإن الصلاة تصح وتجوز بما يتحرج منه أمام الناس، لكن الأدب مع الله يقتضي أن يكون الإنسان في صلاته في هيئة حسنة، وقد قال الله سبحانه: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/5349)
حكم كشف المرأة شعرها أمام غير المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف شعرها أمام امرأة أجنبية غير مسلمة، وهل صحيح أن إحدى نساء الرسول صلى الله عليه وسلم كانت لها واصفة يهودية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المسلمة يجوز لها كشف شعر رأسها بحضرة الكافرة عند الشافعية والحنابلة، وهو الراجح خلافاً للمالكية والحنفية، هذا إذا كانت كلا المرأتين حرة، أما إذا كانت الكافرة مملوكة للمسلمة جاز لها أن ترى منها ما تراه المرأة من مثلها وهو كل بدنها ما عدا ما بين السرة والركبة، وكون إحدى أمهات المؤمنين كانت لها واصفة يهودية فإن كان المقصود بالواصفة الخادمة، فالجواب أن عائشة كانت تأتيها يهودية تخدمها، كما في المسند وأصل الحديث في الصحيحين، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 31009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(11/5350)
حكم إظهار المرأة ثديها أمام محارمها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة جدي عندما ترضع طفلها لا تخفي عني ثديها، فهل مشاهدتها في هذه الحالة حرام أم هي من محارمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن زوجة الجد من المحارم، وليس في هذا خلاف بين العلماء، ولكن هذا لا يبيح لها أن تظهر شيئاً من عورتها أمام محارمها، والثدي من العورة التي يجب على المرأة أن تسترها أمام محارمها، وانظر الفتوى رقم: 599 في بيان عورة المرأة أمام محارمها، وكذا الفتوى رقم: 284، وانظر تفصيل أقوال الفقهاء في تحديد عورة المرأة أمام محارمها في الفتوى رقم: 68091، والفتوى رقم: 94465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(11/5351)
وجوب تغطيية المرأة أذنيها ظاهرهما وباطنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إظهار الأذنين مع الوجه عند المرأة، مع العلم بأن هناك نصا نبويا يشير على أن الأذنين من الوجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذن ليست من الوجه في باب العورة بلا خلاف حسبما اطلعنا عليه، فيجب على المرأة ستر أذنيها، قال الزيلعي في تبيين الحقائق: وأذن المرأة عورة، وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: حدثنا معتمر عن هشام عن الحسن قال: إذا بلغت المرأة الحيض ولم تغط أذنها ورأسها لم تقبل لها صلاة.
وفي مشكل الآثار للطحاوي عند مناقشة الكلام في الأذنين هل هما من الرأس أم من الوجه في الوضوء؟ قال: وأما من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم لا يختلفون أن المحرمة ليس لها أن تغطي وجهها، ولها أن تغطي رأسها، وكل قد أجمع أن لها أن تغطي أذنيها ظاهرهما وباطنهما، ودل ذلك أن حكمهما حكم الرأس في المسح لا حكم الوجه. انتهى.
وأما الحديث المشار إليه فلعله ما يستدل به بعض أهل العلم على كون الأذنين من الوجه فيجب غسلهما وهو حديث عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد قال في سجوده: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين. رواه ابن ماجه وصححه الألبا ن ي، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي، قلت: حديث عائشة هذا ليس بنص على أن الأذنين من الوجه، ولم أقف على حديث صريح يدل على كون الأذنين من الوجه، ثم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم غسل الأذنين؛ وإنما الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو مسح الأذنين فقط، فالقول الراجح المعول عليه هو أن الأذنين من الرأس لأحاديث الباب، ويدل عليه حديث الصنابحي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه. وذكر الحديث وفيه: فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه. رواه مالك والنسائي وابن ماجه، قال ابن تيمية في المنتقى: فقوله: تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه دليل على أن الأذنين داخلتان في مسماه ومن جملته. انتهى.
وعلى كل فهذا الحديث إنما يذكر في باب الوضوء والغسل لا في باب ستر العورة، وقد ذكرنا أن الراجح هو وجوب تغطية الوجه كله، كما في الفتوى رقم: 1111، والفتوى رقم: 5224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(11/5352)
صفة لباس المرأة لدى الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة بدون لباس داخلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المرأة الحرة ستر جميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه والكفين، سواء كانت هناك ملابس داخلية أم لا، بشرط أن يكون ما تلبسه ساتراً فضفاضاً لا تبدو منه بشرة ولا يصف عضواً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(11/5353)
حكم وضع المرآة داخل الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أو الضرر الناتج عن تركيب مرآة بداخل الحمام خلف الباب حيث إنني ملاحظ هذه الظاهرة منتشرة بين الشباب المتزوجين حديثا؟ وفقكم الله ورعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا هذا السؤال، فإن كان قصد السائل هو أن وضع المرآة في المكان المذكور يترتب عليه ضرر، فإن حكم الضرر هو الإزالة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
وإن كان قصدك هوالسؤال عن حكم وضع المرآة بداخل الحمام للحاجة، فالجواب هو أنه لا مانع من ذلك شرعاً، ولكن يكره إذا كان للنظر للعورة بدون حاجة، فقد نص أهل العلم على أنه يكره للمسلم النظر إلى عورة نفسه بدون حاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(11/5354)
صلاة المرأة العجوز مكشوفة القدمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة- الكبيرة في السن - مكشوفة القدمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 14754، أن قدمي المرأة عورة عند جمهور أهل العلم وأنها إذا انكشفت قدماها أثناء الصلاة فستَرتْهما بسرعة فلا إعادة عليها.
وإذا صلت مكشوفة القدمين فتطالب بإعادة تلك الصلاة ما دام وقتها باقيا.
وأوقات الصلوات الخمس تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 40996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/5355)
السوأة.. معناها.. وحكم إظهارها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم السوأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسوأة تطلق على العورة المغلظة أي القبل والدبر، وهي عورة يجب سترها في الخلوة وعند وجود الآخرين؛ لما رواه أصحاب السنن وأحمد واللفظ له عن بهز قال: حدثني أبي عن جدي قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها، قلت: فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه. حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن بهز فذكر مثله قال: فالله عز وجل أحق أن يستحيا منه، ووضع يده على فرجه.
قال الشمس الرملي في نهاية المحتاج: ويجب سترها في غير الصلاة أيضاً، لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: لا تمشوا عراة. وقوله: الله أحق أن يستحيا منه. قال الزركشي: والعورة التي يجب سترها في الخلوة السوأتان فقط من الرجل، وما بين السرة والركبة من المرأة نبه عليه الإمام، وإطلاقهم محمول عليه. انتهى.
وظاهر أن الخنثى كالمرأة، وفائدة الستر في الخلوة مع أن الله تعالى لا يحجبه شيء فيرى المستور كما يرى المكشوف أنه يرى الأول متأدباً والثاني تاركاً للأدب، فإن دعت حاجة إلى كشفها لاغتسال أو نحوه جاز بل صرح صاحب الذخائر بجواز كشفها في الخلوة لأدنى غرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/5356)
كشف شيء من شعر المرأة لا يعتبر من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إرسال نص إن وجد على حرمة إظهار المرأة لشعرها حيث إنني سمعت أنه إذا ظهر من المرأة ثلاث شعرات فكأنها زنت. وما هي الدلائل على وجوب حجاب المرأة؟ وهل يجوز أن تخرج المرأة بما يسمى إشارب محجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشعر المرأة من العورة التي يجب عليها سترها، ودليله عموم الأدلة الآمرة بستر المرأة عورتها، ومنها الشعر بالإجماع، وإنما اختلف في الوجه والكفين؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50794.
ومن الأدلة قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ {الأحزاب: 59} وقوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {النور:31} ) وانظر لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية: 5561، 3350.
وكشف شيء من شعر الرأس ولو شعرات قليله معصية، لكنه لا يبلغ حد الزنا، ولم نقف على ما يدل على ذلك.
أما عن الإيشارب فسبق بيانه في الفتوى رقم: 62879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1428(11/5357)
من لم يمكنه الاغتسال أو الوضوء إلا بكشف عورته أمام الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للمرأة التي تريد الحج، عند الوضوء وفي حالة وجود أشخاص رجال أجانب كيف تصنع بالنسبة لغسل اليدين ومسح الرأس والقدمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عند المرأة رجال أجانب وتريد أن تتطهر فإن عليها أن تستتر عن نظرهم بابتعاد أو حائل، أو تطلب منهم الابتعاد عن مكانها وغض أبصارهم ونحو ذلك، ثم تتطهر كما أمرها الله، فإن لم يمكنها ذلك فإنها تتيمم في وجهها وكفيها وتصلي، وليس لها أن تكشف عن عورتها أمامهم من أجل الطهارة سواء كانت غسلا أو وضوءا، وسواء كان الحاضرون عندها رجالا أو نساء واحتاجت لكشف ما لا يجوز كشفه أمام النساء، وكذلك الرجل مع الرجال؛ بل تعدل إلى التيمم.
وفرق الحنفية بين صورتين:
الأولى: أن يكون رجل بين رجال وامرأة بين نساء.
الثانية: أن يكون رجل بين نساء أو امرأة بين رجال.
فلم يسقطوا الطهارة في الصورة الأولى وأسقطوها في الثانية. ففي الموسوعة الفقهية: فإذا لم يمكنه الاغتسال إلا بكشف عورته أمام واحد من هؤلاء، فقد صرح الحنفية بأن كشف العورة حينئذ لا يُسقط وجوب الغسل عليه - إن كان رجلا بين رجال، أو امرأة بين نساء – لأمرين:
الأول: نظر الجنس إلى الجنس أخف من النظر إلى الجنس الآخر.
والثاني: أن الغسل فرض فلا يترك لكشف العورة.
أما إن كانت امرأة بين رجال، أو رجل بين نساء، أو خنثى بين رجال أو نساء، أو هما معا، فلا يجوز لهؤلاء الكشف عن عوراتهم للغسل، بل يتيممون، لكن شارح منية المصلي- من الحنفية- لم يسلم بهذا التفصيل؛ لأن ترك المنهي عنه مقدم على فعل المأمور، وللغسل خلف وهو التيمم.
وعموم كلام الحنابلة في تحريم كشف العورة عند الاغتسال بحضور من يحرم نظره إليها يُشعر بأنهم يخالفون الحنفية.
والذي يؤخذ من كلام المالكية والشافعية أنه لو ترتب على القيام بالطهارة المائية كشف العورة فإنه يصار إلى التيمم؛ لأن ستر العورة لا بدل له؛ ولأنه واجب للصلاة والصيانة عن العيون، ويباح فعل المحظور من أجله، كاستتار الرجل بالحرير إذا تعين، أما الطهارة المائية فلها بدل، ولا يباح فعل المحظور من أجلها. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(11/5358)
حكم لمس ورؤية الرجل ثدي أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من رأى ولمس ورضع من ثديي أمه وهو في 21 من عمره؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحدود عورة المرأة مع محارمها من الرجال الذين من جملتهم الابن والأب ونحوهما هي جميع بدنها ما عدا أطرافها كالرأس والذراعين والقدمين، ولا يجوز لهم النظر إلى ما سوى ذلك.
وهذا إذا لم تخش الفتنة، فإن خشي المحرم الفتنة على نفسه أو على من هي محرم له حرم عليه النظر إليها وتمكينها من النظر إليه إن خشيت عليها الفتنة. ويجب التنبه إلى أن المحرمية لا تحل ما حرمه الله من التلذذ، بل التلذذ بالمحارم أشنع من التلذذ بالأجنبيات.
وقد علمت من ذلك أن الثدي خارج عما يجوز للذكر رؤيته من محرمه، وإذا لم تجز رؤية الثدي من المحرم فمن باب أولى أن لا يجوز لمسه أو الرضع منه.
فعلى من فعل مثل ذلك مع أمه أن يتوب إلى الله منه ولا يعود إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/5359)
حدود عورة الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أكشف عن تحت الصرة قليلا إذا ذهبت للشاطئ، علما أني ألبس إلى أسفل الركبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة الرجل في حال وجود غيره ما بين سرته وركبته، وأما عورته خاليا فالسوأتان فقط. وعليه.. فلو كنت على الشاطئ وحدك فلا مانع من أن تكشف شيئا أسفل من سرتك، وأما إذا كان عندك غيرك فلا يجوز، قال الرملي في نهاية المحتاج: قال الزركشي: والعورة التي يجب سترها في الخلوة السوأتان فقط من الرجل، وما بين السرة والركبة من المرأة نبه عليه الإمام , وإطلاقهم محمول عليه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/5360)
مسائل في عورة الرجل والمرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى العورة التي لو كشفت فى الصلاة بطلت بالنسبة للرجل والمرأة، أرجو التفصيل خاصة في حق المرأة مع ذكر آراء العلماء في ذلك؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عورة المرأة الحرة في الصلاة جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين اتفاقاً، واختلفوا في القدمين، والصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء أنهما عورة، لحديث أم سلمة رضي الله عنها: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي.
وقرر هذا جماعة ومنهم ابن قدامة في المغني حيث قال: وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين. انتهى.
وأما عورة الرجل في الصلاة فما بين السرة والركبة، كما بيناه في الفتوى رقم: 52500.
وما انكشف منها بغير قصد فقد اختلفوا فيه فذهب الشافعية إلى أنه إن لم يستر حالاً فإن صلاته تبطل، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: فإن انكشف شيء من عورة المصلي لم تصح صلاته سواء أكثر المنكشف أم قل، ولو كان أدنى جزء، وهذا إذا لم يسترها في الحال.
ويرى الحنابلة أنه يعفى عن اليسير دون الكثير، قال ابن قدامة في المغني: فإن انكشف من العورة يسير. لم تبطل صلاته. نص عليه أحمد. والمرجع عندهم في قدر اليسير إلى العرف.
قال ابن قدامة رحمه الله: واليسير ما لا يفحش، والمرجع في ذلك إلى العادة، إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها، فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة ... فرجع فيه إلى العرف، كالكثير من العمل في الصلاة.
ويرى الحنفية أن الصلاة تبطل لو انكشف ربع عضو قدر أداء ركن، ويدخل في أداء الركن سنته أيضاً، وهذا قول أبي يوسف، واعتبر محمد أداء الركن حقيقة. قال ابن عابدين: والأول المختار للاحتياط. وعليه؛ لو انكشف ربع عضو -أقل من أداء ركن- فلا يفسد باتفاق الحنفية. قال ابن عابدين: لأن الانكشاف الكثير في الزمان القليل عفو كالانكشاف القليل في الزمن الكثير. وأما إذا أدى مع الانكشاف ركنا فإنها تفسد باتفاق الحنفية، وهذا كله في الانكشاف الحادث في أثناء الصلاة، أما المقارن لابتدائها فإنه يمنع انعقادها مطلقاً اتفاقاً بعد أن يكون المكشوف ربع العضو. انتهى ملخصا من الموسوعة الفقهية.
والأحوط هو ما ذهب إليه الشافعية رحمهم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(11/5361)
حكم ظهور قدم المرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تغطية قدم النساء في المذهب الشافعي؟
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقدما المرأة الحرة لهما حالتان عند السادة الشافعية رحمهم الله:
الأولى: في الصلاة، وهما عورة في المعتمد والمشهور، وفي قول أو وجه أنهما ليسا بعورة كمذهب الحنفية -رحمهم الله- وصوبه المرداوي من الحنابلة.
قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في مغني المحتاج: وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين ظهرهما وبطنهما من رؤوس الأصابع إلى الكوعين؛ لقوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا {النور: 31} قال ابن عباس وعائشة رضي الله تعالى عنهم: هو الوجه والكفان، وفي قول أو وجه أن باطن قدميها ليس بعورة. وقال المزني: ليس القدمان عورة.
الحالة الثانية: عند الأجانب وهما عورة، ويجب سترهما قولا واحدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(11/5362)
ضوابط تبديل الملابس أمام المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أبدل ملابسي الخارجية أمام خالتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك بشرطين:
الشرط الأول: أن لا يظهر شيء من عورتك، وعورة الرجل عند محارمه من السرة إلى الركبة.
الشرط الثاني: أن تُؤمن الفتنة من الجانبين، فإذا تحقق هذان الشرطان جاز لك أن تبدل ملابسك أمام خالتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1427(11/5363)
مذاهب الفقهاء في ظهور العورة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بجلباب ممزق من دون أن أدري واحتمال كبير جدا أن يكون قد ظهر القسم الأعلى من فخدي.
الكشف كان حول كف اليد صليت صلاتين على هذه الحال, فهل تجب علي إعادة تلك الصلوات مع العلم أني كنت أصلي منفردا ولم أعد الصلوات لأن وقتها قد خرج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تأكدت أنك صليت وفخذك مكشوف بقدر كف اليد فإن عليك أن تقضي الصلاة لأن القدر المكشوف كبير, وقد قال ابن قدامة في المغني: فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته، نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: تبطل لأنه حكم معلق بالعورة فاستوى قليله وكثيره كالنظر. ولنا ما روى أبو داود بإسناده عن أبي أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: انطلق أبي وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة وقال: يؤمكم أقرؤكم، فكنت أقرأهم فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم، فاشتروا لي قميصا عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به. وروى أبو داود والنسائي عن عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي، وهذا ينتشر ولم ينكر ولا بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره ولا أحد من أصحابه. اهـ
وقد عرف ابن قدامة اليسير هنا بقوله: واليسير ما لا يفحش والمرجع في ذلك إلى العادة؛ إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة. انتهى.
علما بأن من أهل العلم من لا يبطل صلاة الرجل إلا بظهور عورته المغلظة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(11/5364)
يكره كشف العورة أثناء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الوضوء عند الغسل أي عراة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فستر العورة عند الوضوء ليس بشرط في صحته, لكن بعض أهل العلم كالمالكية ذكروا أن كشف العورة من مكروهات الوضوء كما تقدم: 36137، وعليه فيجزئ الوضوء حال كشف العورة وإن كان الأفضل تحاشي ذلك، وراجع الفتوى رقم: 10516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(11/5365)
لا يجوز للأم النظر إلى عورة الابن الكبير أو لمسها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تدخل على ابنها في حمام البيت لتدلك له ظهره وعورته مكشوفة ليست العورة المغلظة مكشوفة وإنما مثلا السرة والفخذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة الرجل ما بين السرة والركبة، وجب عليه أن يسترها عن الناس، إلا الزوجة أو الأمة، لما رواه أبو داود والترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: فإن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس. ولما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غط فخذك، فإن الفخذ عورة.
وعليه فلا يجوز للأم النظر إلى عورة الابن أو لمسها، وهي ما بين السرة والركبة، إلا إذا كان طفلا صغيرا فلا حرج في ذلك، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 7541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(11/5366)
حدود عورة الرجل والمرأة داخل الصلاة وخارجها عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن المذهب المالكي حيث قرأت أن العورة فقط السوأتان فهل هذا صحيح؟ الرجاء الإجابة عليه بشكل محدد حول المذهب الذي ذكرت وأن لا يتم الإجابة بمحور عام لا أستفيد عندها من سؤالي بشيء.
مع الشكر لسعة صدركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم العورة ينقسم إلى قسمين: عورة يجب سترها في الصلاة، وعورة يحرم النظر إليها وكذلك مسها، والأولى تنقسم أيضاً إلى قسمين: مغلظة ومخففة.
فعورة الرجل المغلظة عند المالكية بالنسبة للصلاة هي سوأتاه فقط، أي الذكر والأنثيان من المقدم وما بين الإليتين من المؤخر، أما إليتاه فمن العورة المخففة، والفرق بينهما أن الصلاة تعاد لكشف المخففة في الوقت فقط، وتعاد أبدا عند كشف السوأتين -إن وجد ما يسترهما به وتذكر- مع أنه يجب على الرجل ستر العورة المخففة وهي ما بين سرته وركبته، وعورة المرأة المغلظة في الصلاة جميع بدنها ما عدا الصدر والأطراف، فالبطن وما حاذاه من الظهر وما بين السرة والركبة عورة مغلظة فتعيد الصلاة أبداً أي تبطل إن ظهر شيء من العورة المغلظة أثناء الصلاة، وعليها إعادتها أبداً إن وجدت ما تستتر به وتذكرت، وأما الصدر وما قابله من الظهر والأطراف من رأس ويدين ورجلين فهذا من العورة المخففة في الصلاة وتعاد الصلاة لكشفها في الوقت أي تستحب لها إعادتها ما دام الوقت باقياً مع أنه يجب عليها ستر عورتها المخففة في الصلاة وهي ما عدا الوجه والكفين مع وجوب ستر المغلظة من باب أولى.
قال في منح الجليل شرح مختصر خليل عند قوله: هل ستر عورته بكثيف، وإن بإعارة أو طلب أو نجس وحده كحرير وهو مقدم شرط إن ذكر وقدر وإن بخلوة للصلاة خلاف، مبينا ما يترتب على القولين أي فتبطل بتركه مع الذكر والقدرة أو واجب غير شرط لها وليس مقيدا بالذكر والقدرة فتصح صلاة تاركه ذاكراً قادراً ويأثم ويعيدها في الوقت كالناسي أو العاجز بلا إثم فيه (خلاف) شهر الأول ابن عطاء الله قائلاً هو المعروف من المذهب والثاني ابن العربي، لكن الراجح الأول قال: والخلاف في ستر العورة المغلظة، وأما ستر المخففة فليس شرطا اتفاقاً. انتهى
هكذا حكم العورة بالنسبة للصلاة، أما بالنسبة للنظر فالعورة من الرجل مع الرجل أو المرأة المحرم هي ما بين السرة والركبة، وبالنسبة له مع المرأة الأجنبية فجميع بدنه عورة عليها ما عدا الوجه والأطراف، وبالنسبة للمرأة البالغة مع المرأة المسلمة فإن عورتها ما بين السرة والركبة، فلا يجوز لها أن تنظر ما بين سرتها وركبتها أو أن تمسه.
وعورة المرأة البالغة مع الرجل الأجنبي جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، فإن خيفت الفتنة كانا من العورة، وعورة المرأة المسلمة مع الكافرة جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وعورة المرأة مع الرجل المحرم جميع بدنها ما عدا الرأس واليدين والرجلين وهي الأطراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(11/5367)
الأفضل للمسلم أداء الصلاة في أحسن هيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال/هل يجوز للرجل الصلاة مرتديا تي شيرت يكشف عن ذراعيه علما أنه يصلي داخل المنزل وبمشاهدة زوجتة أم هذا حرام وعليه أن يرتدي كماً كاملا عند الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح صلاة الرجل وهو مكشوف الذراعين لأنهما ليسا بعورة بالنسبة له، وللمزيد يرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 15390 والفتوى رقم: 9906.
ولكن الأفضل للمسلم أن يؤدي الصلاة في أحسن هيئته وفي أجمل ملابسه لقوله تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف: 31} ولقوله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30}
والواجب على الرجل المستطيع أداء الصلاة المفروضة جماعة في المسجد خصوصا إذا كان يسمع النداء ولا يجوز له التخلف عنها إلا لعذر من الأعذار التي سبق ذكرها في الفتوى رقم: 49024.
وإن لم يمكنه أداء الصلاة في المسجد لعدمه أو لوجود عذر مبيح للتخلف فليصل في المنزل صحبة زوجته حيث يحصل له ثواب صلاة الجماعة، ويرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 57230
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(11/5368)
حكم اطلاع الابن على عورة أمه المسنة لضرورة التنظيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل في ال 65 من عمري أرعى أمي المسنة التي تجاوزت ال 85 وهي لا تعي أي شيء بسبب السن وأنا الذي أقضي لها كل شؤونها وعلي أن أغسلها بنفسي وإلى الدخول معها إلى دورة المياه ... وطبعا تكشف عورتها علي ولا سبيل لأحد غيري أن يفعل ذلك فهل في هذا حرمانية؟ مع العلم أنني لو لم أفعل ذلك لن تعي هي لفعله وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عدم جواز الاطلاع على عورة البالغ إلا الزوجين ما لم تدع لذلك صرورة ملحة مثل العلاج وغيره من الحالات الضرورية التي لا مناص منها، مثل حالة هذا الأخ كما ذكر فإن الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها، فإن كان يستطيع أن يؤجر امرأة تقوم بهذا الأمر فلا شك أن هذا أولى، وإن كان لا يستطيع فعليه أن يتولى أمرها لكن بشرط غض البصر قدر المستطاع، وعدم مباشرة العورة بالمس، بأن يضع خرقة أو نحوها ثم يزيل الأذى وأن لا يحدث بما قد يطلع عليه من عيب أو سوء، وإذا وجد امرأة تقوم بشأنها سواء كانت زوجته أو إحدى قريباتها أو امرأة أجنبية حرم عليه هذا الأمر إذ لا ضرورة تلجئه إليه. وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتاوى التالية أرقامها: 35457، 22342، 38011. فالرجاء مطالعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(11/5369)
حكم كشف المسلمة لرأسها أمام أمها الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة أخي أسلمت وأمها نصرانية. هل يجوز لها كشف شعرها أمام أمها؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نهنئ هذه الأخت على دخولها في الإسلام، ونسأل الله تعالى لها الثبات عليه.
وبخصوص كشفها لرأسها أمام أمها فهو جائز على ما ذهب إليه بعض أهل العلم، بل ذهب بعضهم وهو الصحيح من مذهب الحنابلة أن عورة المسلمة مع الكافرة ماعدا ما بين السرة والركبة، وراجعي أقوال الفقهاء في الفتوى رقم: 31009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(11/5370)
فتاوى في عورة المرأة أمام بنات جنسها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مدرسة ابتدائية وجميع العاملين سيدات ولا يوجد رجال أبدا،هل يجوز أن أخلع الحجاب داخل المدرسة علما بأنه يوجد بيننا مدرسات نصرانيات وتوجد مدرسة تدين بالديانة البهائية
أفيدوني وجزاكم الله عني خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجعي في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 31009، 635، 28692، 1265.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(11/5371)
السرة والركبة من الرجل ليستا من العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرات في كتاب فقه السنة لسيد سابق حول حد عورة الرجل فأثار ذلك في نفسي إحباطا لوجود دليللين صحيحين متعاكسين ... فما تعليقكم على ذلك وهل يجب تغطيةالسرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدليلان المذكوران قد سبق ذكرهما مع بيان وجه الجمع بينهما إضافة إلى مذهب الجمهور، وذلك في الفتوى رقم: 37145 والسرة بالنسبة للرجل ليست بعورة فلا يجب سترها.
قال ابن قدامة في المغني وليست سرته وركبتاه من عورته نص عليه أحمد في مواضع، وهذا قال به مالك والشافعي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(11/5372)
حكم كشف المرأة لعورتها أمام الصبي المميز قبل المراهقة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة في العشرين من عمرها ولها ابن خال في السادسة من عمره هل يجوز أن يدخل عليها الخلاء وهي تغتسل بحجة قضاء حاجته فيرى عورتها؟
أرجو ارسال الرد مع نص الآيات والأحاديث المذكور فيها هذا الموضوع للأهمية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت قد وضعت ثيابها جميعاً فهي عارية البدن بما في ذلك السوأة فلا يجوز دخوله عليها ولا رؤيته لعورتها لا خلاف في ذلك بين العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. أخرجه أصحاب السنن.
والولد في مثل تلك السن وإن كانت لا تثور شهوته إلا أن الصور ترسخ في ذهنه، فربما يعبر عما يراه ويحكي عما شاهده، فيغري الفساق وضعفة الإيمان بذلك، كما أن ظهور المرأة عارية أمامه ينافي الحياء والتربية التي ينبغي تعويد الطفل عليها.
وقد أمر سبحانه وتعالى باستذان الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم في أوقات مظنة كشف العورة، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ {النور: 58} .
إذن فكشف العورة أمام الطفل المميز الذي لا تثور شهوته ولكنه قد ينقل ما يراه لا خلاف بين أهل العلم في عدم جوازه، وأما محل الخلاف فهو في جواز إبداء الزينة أمامه لقوله تعالى: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ {النور: 31} .
قال مجاهد: هم الذين لا يدرون ما النساء من الصغر. أخرجه البيهقي.
وقال ابن كثير: يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوارتهن من كلامهن الرخيم وتعطفهن في المشية وحركاتهن وسكناتهن.
وقال الكاساني: إذا كان الطفل صغيراً لا يعرف العورة من غير العورة فلا بأس من إبداء الزينة له.
وقال النووي: نزل الإمام (الشافعي) أمر الصبي ثلاث درجات، إحداها: أن لا يبلغ أن يحكي ما يرى فهذا حضوره كغيبته، والثانية: يبلغه ولا يكون فيه ثوارن شهوة وتشوف فكالمحرم.
وفي المقنع: أن للصبي غير ذي الشهوة النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يرى إلا ما يظهر غالباً، قال في بدائع الصنائع: ذلك لأن الآية في سورة النور نهت عن الاطلاع على العورات وتضمنت الإذن بالدخول في غير تلك الأوقات، مما يدل على عدم كشف المرأة لهم إلا ما يبدو منها غالباً بحيث يظهر ذلك منها في الأوقات المأذون فيها، ولأنه ربما يحكي ما يرى من بطن أو ثدي أو ظهر للآخرين فيغريهم بها.
وخلاصة القول أن الصبي في مرحلة الإدراك والتمييز قبل المراهقة وثوران الشهوة لا يجوز له أن يرى من المرأة ما بين السرة والركبة، وهل يرى منها ما عدا ذلك؟ خلاف، والصحيح أنه لا يرى إلا ما يراه المحارم كالأطراف من شعر وعنق ومعصم وساق سدا لذريعة الفساد، وما قد يحصل فيما لو رأى ونقل أو اختزن ذلك في ذاكرته، فتحركت شهوته فيما بعد.
ومن هنا، فإنه لا يجوز للمرأة أن تمكن الولد وهو ابن ست فما فوقها أن يلج عليها الحمام وهي بادية العورة عارية الجسد، وإن كان لا يشتهي فقد تشتهي هي، كما قال ابن العربي، كما ينبغي عليها خارج الحمام أن تنظر لحال الطفل، وما يلزمها من التستر عنه، فالأطفال متفاوتون نباهة وإدراكاً وتمييزاً للأمور، بل ومعرفة واكتسابا لها، وليس حكم ابن ثلاث سنين كحكم ابن سبع أو ثمان، فكلما كبر الطفل واتسع عنده الإدراك ينبغي أن يزاد في مقدار التستر عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(11/5373)
حكم تصوير الأعضاء التناسلية لغرض التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز موافقة الطبيب طوعا أن يصور بعض الأجزاء التناسلية في الجسم لأغراض علمية وتعليمية دون ذكر لا من بعيد ولا من قريب أية إشارة إلى هوية المتطوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يستر عورته ولا يكشفها إلا لضرورة أو حاجة ... امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: احفظ عورتك إلا من زوجتك ... رواه الترمذي.
وكشف العورة وتصويرها هنا لا يدخل في الضرورة ولا الحاجة ... وإن كان الواجب الكفائي والمصلحة العامة لتعليم الطب تقتضي إجراء التجارب في مثل هذه الحالة ... فإنه بالإمكان الاكتفاء بأجسام الحيوانات وتصوير أعضائها التناسلية، كما يمكن تحقيق ذلك الغرض برسم تفصيلي لما تدعو له الحاجة من ذلك فقط، ولبيان حكم تشريح جسم الإنسان والحيوان لأغراض طبية نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 39997، والفتوى رقم: 6777.
ولهذا فلا ضرورة ولا حاجة هنا تدعو أن يكشف المسلم عن عورته فضلا أن يسمح بتصويرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(11/5374)
حكم انكشاف الفخذ في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بثياب بها ثقوب على مستوى الفخد ?
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما تحت الثقوب من الفخذ مستورا بثوب آخر فالصلاة فيه صحيحة لوجود ما يستر تلك الثقوب. أما إذا كانت الثقوب المذكورة ليس فوقها ما يسترها فإن انكشفت سهوا وكانت يسيرة في عرف البلد فإنها لا تبطل الصلاة، وكذلك إذا كانت غير يسيرة مع غير العمد وانكشفت زمنا قليلا فالصلاة فيه صحيحة أيضا كما سبق في الفتوى رقم: 23223.
واليسير من العورة عرفه ابن قدامة في المغني بقوله: واليسير ما لا يفحش، والمرجع في ذلك إلى العادة؛ إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة. انتهى.
وإذا كان المنكشف من الفخذ في غير الحالتين السابقتين فالصلاة باطلة لأن كشف الفخذ مبطل للصلاة عند جمهور أهل العلم غير المالكية، ففي الموسوعة الفقهية: فإذا كشف الرجل فخذه بطلت صلاته عند الجمهور إلا المالكية فيقولون بعدم البطلان بكشف الفخذ أو الفخذين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/5375)
ما يجوز وما لا يجوز ظهوره من بدن المرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في بعض الجرائد أنه لا يوجد نص صريح يمنع المرأة من إمامة الرجال في الصلاة وكذلك أنه يجوز للمرأة أن تصلي بقميص نومها ??? وأرجو منكم الاطلاع على ذلك والتعقيب عليه لعلنا لم نفهم.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن تؤم المرأة الرجل وقد فصلنا ذلك وذكرنا كلام أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 60328.
وأما عورة الحرة في الصلاة فقد اتفق الفقهاء على أنها ما عدا الوجه والكفين، فيحرم أن تصلي وشيء من بدنها سوى الوجه والكفين مكشوف، واختلفوا في القدمين فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنهما عورة؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي. وقرر هذا جماعة ومنهم ابن قدامة في المغني حيث قال: وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين. انتهى.
وذهب بعضهم إلى أنه لا يجب سترهما، فالخلاف بين الفقهاء محصور في القدمين، أما مازاد على ذلك فاتفقوا على وجوب ستره وحرمة كشفه إلا خلافا شاذا ضعيفا لا عبرة به عن بعض المالكية أن الستر للعورة في الصلاة مستحب وليس بواجب، وقد قال عنه الدردير في الشرح الكبير وهو عمدة في المذهب المالكي. (والقول بالسنية أو الندب ضعيف)
وعليه؛ فالقول بأنه يجوز أن تصلي المرأة ورأسها أو ساقها ونحو ذلك مكشوف قول باطل، ولا يحل لمسلمة الأخذ به، وقد قدمنا حديث أم سلمة، ومن أدلة المسألة أيضاً ما رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد وغيرهم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار. والحائض المقصود بها المرأة البالغ، قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم.
وهذا من حيث حرمة الكشف عمدا، أما صحة الصلاة مع الإثم فشيء آخر، فعند المالكية قول معتبر أن ستر العورة واجب وليس بشرط، فتصح صلاة من أقدم على ذلك مع الإثم، وقد فصل ذلك النفرواي فقال: اعلم أنه جرى خلاف في ستر العورة في الصلاة، فقيل: واجب شرط مع الذكر والقدرة. وقيل: واجب غير شرط مع الذكر والقدرة أيضا، وينبني عليهما لو صلى مكشوف العورة عامدا قادرا على الستر فعلى الشرطية يعيد الفرض لبطلانه، وعلى نفي الشرطية يعيد في الوقت مع القدرة والعلم، لكن يأثم مع القدرة والعلم دون العجز والنسيان. اهـ.
ومن انكشفت عورته عن غير عمد فقد صرح جماعة أنه يعفى عن اليسير، وصرح آخرون بأنه يعفى عن الربع، وقيل غير ذلك، وهذا -كما قلنا- فيما يتعلق بإعادة الصلاة لا بحرمة الإقدام على الكشف، وإن كنا نحن نختار قول القائلين باشتراط ذلك لصحة الصلاة، ولكن حكينا هذا الخلاف ليعلم ما هو محل الخلاف المعتبر عند فقهاء الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(11/5376)
لا حرج على المرأة في الصلاة بثوب أبيض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن يكون لباسها الخاص بالصلاة لونه أبيض علما أنه لن يراه غير محارمها أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في أن يكون ثوب المرأة الذي تصلي فيه أبيض أو غير أبيض، وإنما يشترط أن يكون ساترا جميع بدنها ماعدا الوجه والكفين، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 4523، 39789.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/5377)
يكره للشخص النظر إلى عورته لغير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النظر إلى القضيب مرات عدة للتأكد من عدم نزول المذي له سبب في نزوله؟ لأني أشعر بأن كثيرا ما ينزل مني المذي بسبب ذلك..
أفيدوني أفادكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد نظر الرجل إلى ذكره ليس سبباً معتاداً لنزول المذي، ولكن لو كان نظر بعض الرجال إلى ذكره يثير شهوته ويتسبب في نزول المذي فلا ينبغي له النظر إليه لغير حاجة، فقد نص الفقهاء على أنه يكره للشخص أن ينظر إلى عورته مطلقاً لغير ضرورة أو حاجة، كما بيناه في الفتوى رقم: 51504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/5378)
مدى أثر ظهور شيء من العورة على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نصلي العصر وكان الإمام يرتدي قميصا وبنطلونا وكان قميصه قصيراً ولم يكن يرتدي أسفله شيئا فأثناء سجوده ينكشف جزء من ظهره وبعد انتهاء الصلاة حدثت مشكلة حيث طالب البعض بإعادة الصلاة لأنها باطلة على هذا النحو بينما رفض البعض ذلك فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجزء الذي انكشف من الظهر غير مواز ولا مقابل لما تحت السرة، فإنه ليس بعورة، وبالتالي فلا يبطل الصلاة انكشافه، وكذلك إذا كان مقابلا لما تحت السرة، فإنه لا يبطل الصلاة عند المالكية والحنفية، لأنه يعتبر من العورة المخففة.
ففي التاج والإكليل للمواق: الباجي: عورة الرجل ما بين سرته وركبتيه؛ السوأتان مثقلها، وإلى سرته وركبتيه مخففها، وصحح عياض ... إلى أن قال: وقال أبو حنيفة: المغلظة القبل والدبر، والمخففة سائر ذلك. الباجي: وليس ببعيد عندي هذا، ويؤيده قول مالك: من صلى وفخذه مكشوفة فلا إعادة عليه. انتهى
وعلى مذهب من يرى عدم التفريق بين العورة المغلظة وغيرها، فإذا كان الجزء الذي انكشف يسيراً، وهذا هو الغالب في مثل الحالة، فإنه لا تبطل الصلاة بانكشافه.
قال ابن قدامة في المغني: فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: تبطل لأنه حكم معلق بالعورة فاستوى قليله وكثيره كالنظر، ولنا ما روى أبو داود بإسناده عن أبي أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: انطلق أبي وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة، وقال: يؤمكم أقرؤكم، فكنت أقرأهم فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم! فاشتروا لي قميصاً عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به.
وروى أبو داود والنسائي عن عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق، فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي. وهذا ينتشر ولم ينكر ولا بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره ولا أحد من أصحابه.
وقد عرف ابن قدامة اليسير هنا بقوله: واليسير ما لا يفحش والمرجع في ذلك إلى العادة؛ إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة. انتهى
إلى أن قال أيضاً: وقال التميمي في كتابه: إن بدت عورته وقتا واستترت وقتا فلا إعادة عليه؛ لحديث عمرو بن سلمة. انتهى
والغالب أن الذي ينكشف في مثل هذه الحالة أن يكون غير فاحش عادة.
أما المأمومون فصلاتهم صحيحة ولو مع النظر إلى ما انكشف من العورة؛ بدليل عدم إعادة الجماعة التي اقتدت بالصحابي الذي تقدمت قصته إضافة إلى ما ذكره الدسوقي المالكي في حاشيته حيث قال: والمعتمد ما قاله التونسي من عدم البطلان مطلقاً نظر لعورة نفسه أو إمامه أو لعورة غيرهما، سواء تعمد النظر أو لا، كان عالماً بأنه في صلاة أم لا. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(11/5379)
وجه المرأة وكفيها في الصلاة والحج
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا المرأة المنتقبة مأمورة بإظهار وجهها وكفيها في الصلاة وفي الحج؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة ليست مأمورة -حسبما نعلم- بكشف الوجه واليدين في الصلاة والحج، وإنما تكلم أهل العلم على عورة المرأة في الصلاة، فذكر الجمهور أنهما ليسا عورة في الصلاة، ورجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.
وتكلموا على منع لبسها الثياب المفصلة على الوجه والكفين في الحج، وذلك مثل النقاب والبرقع والققازين، ولكن لم يمنعوا من سترها يديها عند برد أو غيره، ولا من سترها وجهها عند مخالطة الأجانب بإلقاء طرف الجلباب على الوجه، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها. رواه أحمد وأبو داود. وراجعي للزيادة في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 7088، 4523، 14252، 44063، 40252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/5380)
حكم الصلاه بالبنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بالبنطلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة تصح بالبنطلون إذا كان ساترا للعورة غير شفاف يكشف البشرة. وإن كان الأفضل أن يلبس المسلم أجمل ثيابه عند الصلاة كما قال سبحانه وتعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف: 31} . وقد سبقت الإجابة بتفصيل أكثر على حكم الصلاة بالبنطلون في الفتوى رقم: 4186، نرجو الرجوع إليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(11/5381)
الصلاة بقميص يكشف الكتف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما هي حدود العورة في الصلاة، وهل يجوز الصلاة بقميص كرة السلة، بحيث يكون الكتف مكشوفاً نوعاً ما؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العورة في الصلاة مبينة في الفتوى رقم: 10696، والصلاة بما يسمى بقميص كرة السلة جائزة ولو كان الكتف مكشوفاً ما دام أن المصلي يستر ما بين السرة والركبة، وإن كان الأولى لبس الثوب العادي أو ما يقوم مقامه، لأنه أبلغ في الستر وأجمل، لأن الأولى أن يلبس المصلي حال الصلاة أحسن ثيابه وأجملها، لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/5382)
الأذن في المرأة من العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المسافرة مع زوجها أن تكشف أذنها عند التصوير إذ كان هذا شرطا أساسيا للدولة المعنية، علما بأن نية السفر للدراسة الأكاديمية، والعمل والدولة ليست إسلامية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كشف المرأة للمصور الأجنبي عن أذنها محرم لأن الأذن عورة يجب سترها عن غير الزوج والمحارم، ففي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الأذن في المرأة من العورة، ولا يجوز إظهارها للأجنبي.
وإذا أمكن أن يصورها الزوج أو المحرم فإن ذلك متعين، إلا أن نظر الأجنبي للعورة المصورة حرمه كثير من أهل العلم المعاصرين، فقد أفتى به الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، وقد سبق أن بينا حرمة النظر إلى الصور العارية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1256، 1935، 2862، 50182.
فإذا تقرر هذا فليعلم أنه يتعين التنبه إلى عدة نقاط تتعلق بالسؤال:
1- لا يجوز اقتراف المحرم طلبا للحصول على كسب مادي ما لم تلجئ الضرورة أو الحاجة الشديدة إليه لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، وقد يبتلى مقترف المعاصي بالحرمان مما يطلبه، لما في الحديث: إ ن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وحسنه الهيثمي والأرناؤوط والألباني، وفي الحديث: ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه البزار وصححه الألباني.
2- أن السفر لبلاد الكفر لمن لا يستطيع التمسك بدينه فيه كثير من المخاطر، وقد بيناها في الفتوى رقم: 2007.
3- أنه تحرم على المرأة طاعة زوجها فيما حرمه الله؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وصححه غير واحد.
4- أن الله تعالى فتح للمسلم كثيراً من أبواب الرزق، فعليه أن يبتعد عن الرضوخ للشروط التي توقعه في الإثم، ويبحث عن وسيلة للحصول على مراده غير تلك الوسيلة، فيمكن للباحث عن العمل أو الدراسة أن يطلب تخصصا آخر في دولة لا تشترط عليه هذه الشروط.
5- أنه يتعين على الأمة الإسلامية أن تتعاون على إنشاء مؤسسات تعليمية واقتصادية لتغني أبناءها عن الهجرة لبلاد غير المسلمين التي تفسد دينهم وأخلاقهم وتوقعهم في الآثام والأمراض الفتاكة.
6- أن على المسلم أن يستعين بالله في جميع أموره ويجعل الأعمال الصالحة سببا لقضاء حاجاته، وليوقن بوعد الله تعالى الذي وعد به المؤمنين المتقين، قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {المؤمنون:1} ، وقال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {البقرة:189} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(11/5383)
حكم كشف العورة للتدليك لإزالة الترهل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما وأعرف أن عورة المرأة للمرأة المسلمة هي من السرة إلى الركبة ولكن مايؤرقني كثيرا هو حاجتي للتدليك وبخاصة عند البطن والأفخاذ نظرا للترهل، فهل يمكنني عمل ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة المرأة بالنسبة للمرأة المسلمة هي ما بين السرة والركبة كما ذكرت، فلا يجوز كشفها أو لمسها إلا للزوج، أو الطبيب إذا احتيج إلى علاج شيء منها.
وأما التدليك لإزالة الترهل أو للتزين ونحوه فليس مبيحا لأن ترى المرأة من المرأة ما بين السرة والركبة، لأنه ليس من الضرورات التي تباح لها المحظورات.
فإذا كنت محتاجة لمثل هذا التدليك فافعليه لنفسك أو ليفعله لك زوجك إن كان، وإلا فاتركيه.
وراجع الفتوى رقم: 18716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(11/5384)
حكم الصلاة في سروال ممزق قليلا بين الفخذين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت وأنا في الشغل وكنت أرتدي سروالا ممزقا قليلا ما بين الفخدين حيث نرى بعضا من السروال الداخلي هل صلاتي كانت صحيحة بهذا السروال أو عليا الإعادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا في الفتوى رقم: 50108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/5385)
حكم صلاة المرأة دون ستر لقدميها
[السُّؤَالُ]
ـ[والصلاة والسلام على رسول الله، لقد سبق أن طرحت هذا السؤال ولكن إلى هذه الساعة لم يصلني أي جواب ورأيت أن أكرر نفس السؤال لعلي ألقى الإجابة:
والسؤال هو كالتالي: هل يجوز للمرأة أن تصلي بدون جوارب، أم أنه ضروي ارتداء الجوارب، وهل صلاة المرأة بدون جوارب صحيحة أم باطلة؟
السؤال الثاني وأستسمح على الإطالة هو: أن سيدة حلفت فهل يجوز لزوجها أن يصوم بدلاً عنها لتكفير هذا الحلف أم لا، مع العلم بأن السيدة تعاني من مرض ولا تستطيع الصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم ستر المرأة لقدميها أثناء الصلاة، وحكم ما لو صلت بدون أن تستر قدميها في الفتوى رقم: 433، والفتوى رقم: 4523.
ومن لزمته كفارة يمين ولم يجد ما يكفر به من الإطعام لزمه صيام ثلاثة أيام ولا يصح أن يصوم عنه غيره، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن ينوب عنه في الصيام بإذنه ولا بغير إذنه لأنه عبادة بدنية فلا تدخلها النيابة. انتهى، لكن لزوج هذه المرأة أن يطعم عنها عشرة مساكين أو يكسوهم وبذلك تكون قد كفرت عن يمينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/5386)
من انكشف شيء من عورته حال صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت وأنا في الشغل وكنت أرتدي سروالا ممزقا قليلا ما بين الفخذين حيث نرى بعضا من السروال الداخلي هل صلاتي كانت صحيحة بهذا السروال أو علي الإعادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ستر ما بين السرة والركبتين واجب مشترط لصحة الصلاة بالنسبة للرجال، قال ابن قدامة في المغني: من كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه أجزأه ذلك، وجملة ذلك أن ستر العورة عن النظر بما لا يصف البشرة واجب وشرط لصحة الصلاة. انتهى 1/236.
فإذا انكشف شيء من ذلك وقتا يسيراً من غير قصد فلا بطلان فيه، وعلى المصلي أن يبادر إلى تغطيته، وإن كان متعمداً تعريته أو طال الوقت بطلت صلاته.
قال ابن قدامة في المغني أيضا: فإن انكشفت عورته من غير عمد فسترها في الحال من غير تطاول الزمان لم تبطل لأنه يسير ... وقال الهيتمي في كتابه: إن بدت عورته وقتا واستترت وقتا، فلا إعادة عليه لحديث عمرو بن سلمة، ولم يشترط اليسير ولا بد من اشتراطه. 1/238.
وعليه؛ فإن كان تمزق السراويل قد أبدى شيئا من العورة حال الصلاة فالصلاة باطلة ويجب إعادتها، وأما إن كان هناك سراويل داخلي كما ذكر السائل يحول دون كشف العورة فالصلاة صحيحة ولا إعادة عليه حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/5387)
حكم نظر المرأة إلى عورتها للتعرف على غشاء البكارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أنظر إلى العورة لكي أعرف مكان الغشاء لأنني مقبلة على الزواج بإذن الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز كشف العورة في الخلوة لغير حاجة، فقد روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث معاوية بن حيدة القشيري قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك، فقال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل، قلت: والرجل يكون خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيى منه.
وما ذكرتيه في السؤال ليس حاجة تبيح كشف العورة ولا ننصحك بهذا الفعل، لأن أقل ما فيه أنه عبث يتنزه المسلم عنه، وقد يجلب عليك ضرراً بزوال بكارتك إن حاولت التأكد بإدخال إصبعك في فرجك، ويوقفك مواقف التهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(11/5388)
حكم صلاة المرأة مكشوفة الرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي تصلي في الشارع لأن وقتها جاء ولكنها غير متحجبة لا مغطية رأسها ولا يديها بل متبرجة وسافرة فهل صلاتها تبطل لو بحضرة الأجانب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة المرأة وهي مكشوفة الرأس لا تصح سواء كانت في بيتها أو خارجه، ولكن إذا ضاق وقت الصلاة عليها ولم تجد اللباس الشرعي فإنها تصلي على حالها لحرمة الوقت ثم تعيد الصلاة وهي متسترة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/5389)
لا حرج على من ظهرت عورته أمام آخر بدون قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي يرى رجل غريب عورتها دون أن تكون منتبهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة وكذا الرجل يجب عليهما ستر عورتهما حتى لا يراها أحد لا تحل له رؤيتها، فإن حدث أن رأى أحد عورة المرأة أو الرجل بدون قصد أو انتباه فلا يأثم بذلك ولا يؤاخذ، ففي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، قال الله: قد فعلت.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/5390)
حكم لبس البنطال والصلاة فيه للرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس البنطال والصلاة فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لبس البنطال والصلاة فيه ولو لم يكن فوقه شيء، هذا إن كان فضفاضا صفيقا، وراجع الفتوى رقم: 4186.
وهذا بالنسبة للرجال، وأما لبسه للنساء فراجع فيه الفتوى رقم: 4032.
والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1425(11/5391)
حكم دخول الحمام للعلاج والاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في العلاج بالحمام الذي ظهر في الفترة الأخيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالحمام البيت المبني الذي يدخله الناس للاغتسال والعلاج فدخوله مباح بالضوابط الشرعية، قال ابن قدامة في المغني: فأما دخوله فإن كان الداخل رجلاً يسلم من النظر إلى العورات ونظر الناس إلى عورته فلا بأس بدخوله، فإنه يروى أن ابن عباس دخل حماماً بالجحفة، ويروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى عن خالد بن الوليد أنه دخل الحمام، وكان الحسن وابن سيرين يدخلان الحمام، رواه الخلال، وإن خشي أن لا يسلم من ذلك كُره له ذلك، لأنه لا يأمن وقوعه في المحظور، فإنّ كشف العورة ومشاهدتها حرام بدليل ما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: يا رسول الله فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه الناس.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة.
وقال عليه السلام: لا تمشوا عراة. رواهما مسلم.
قال أحمد: إن علمت أن كل من في الحمام عليه إزار فادخله، وإلا فلا تدخل.
وقال سعيد بن جبير: دخول الحمام بغير إزار حرام. انتهى.
هذا بالنسبة للرجال، أما بالنسبة للنساء فقد قال ابن قدامة أيضاً: فأما النساء فليس لهن دخوله مع ما ذكرنا من الستر إلا لعذر من حيض أو نفاس أو مرض أو حاجة إلى الغسل، ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها لتعذر ذلك عليها أو خوفها من مرض أو ضرر فيباح لها ذلك إذا غضت بصرها وسترت عورتها، وأما عدم العذر فلا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(11/5392)
حكم صلاة المرأة في ثوب يحجم جسمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين في حكم صلاة المرأة، وتكون أعضاؤها مجسمة (مثل الرأس والذراعين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره للمرأة أن تصلي في ثوب يستر عورتها بأن يستر لون البشرة ولكنه يحجم العورة، كما في الفتوى رقم: 32227، ومع هذه الكراهة فالصلاة صحيحة إن لم يكن هناك مبطل آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(11/5393)
عورة المرأة المسلمة من الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني في مسألتي وهي: أنا أعمل في بلد أجنبي، وقد جلبت لزوجتي خادمة لتساعدها في أمور المنزل، ولكن هذه الخادمة لا تدين بأي ديانة سماوية، فهي لا تعتنق أي دين ولصعوبة أن توجد خادمة مسلمة ومما سمعته أن حرمة المرأة الكافرة على المسلمة هي حرمة الرجل الأجنبي على المسلمة، فهل يدخل هذا بباب الخلوة للمرأة الكافرة مع المسلمة، وعدم تركها وحدها مع المرأة المسلمة، أفيدوني في هذا؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم في المرأة الكافرة هو أن عورة المرأة المسلمة من الكافرة كعورتها من المسلمة، فليس على المرأة المسلمة أن تحتجب منها بل هي كالمسلمة يجوز أن ترى ما فوق السرة وما تحت الركبة، وذلك لما ثبت أن اليهوديات والوثنيات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة كنَّ يدخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر أنهن كن يحتجبن عنهن، ولو كان هذا واقعاً منهن أو من غيرهن لنقل، لأن الصحابة لم يتركوا شيئاً إلا نقلوه رضي الله عنهم، وهذا هو المذهب الراجح.
وبخصوص جلبها للعمل عندكم فإن تيسر ولو بمشقة محتملة ترك هذه الخادمة والمجيء بغيرها من المسلمات لكان الأفضل، لأن الكافر لا يؤتمن على بيت مسلم ولا أولاده ولا حرماته، وكذلك إن استطعتم دعوتها إلى دين الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والاستعانة بمركز أو مكاتب التعريف بالإسلام فعسى الله أن يكتب الأجر على أيديكم ما دامت لا تدين بشيء، ثم إن ما صدَّرنا به هذه الفتوى هو الذي نراه راجحاً، ويليه في الرجحان إن لم يكن مساوياً له القول بأن الكافرة ترى من المسلمة ما يبدو عند المهنة، وراجع الفتوى رقم: 31009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/5394)
عورة الحرة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن عورة المرأة في الصلاة , وهل هناك دليل صحيح في ذلك, وما رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ذلك , وأتمنى أن تخبروني عن موقع يفيدني في هذا. وجزاكم الله خيرا..
... ولكم تحياتي
... ... ... ... ... ... اخوكم/ هتان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان الراجح في عورة المرأة الحرة في الصلاة إذا لم تكن بمحضر الرجال، وذلك في الفتاوى رقم: 10696، ورقم: 14252، ورقم: 40252.
ويرى الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- ما يراه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- من أن الوجه والكفين والقدمين بالنسبة للمرأة لا يوجد فيها دليل واضح يدل على وجوب تغطيتها، لأن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كن في بيوت يلبسن القمص وليس لكل امرأة ثوبان، ولهذا إذا أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فأنا أقلد شيخ الإسلام في هذه المسألة. ا. هـ من الشرح
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(11/5395)
حكم الصلاة بثياب السباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بروب السباحة (فوطة السباحة) ؟؟؟
وجزاكم الله خيرا.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا اللباس المذكور ساترا لجميع العورة وغير شفاف، وطاهرا في نفسه، فلا مانع من الصلاة فيه، وإلا فلا يجوز لاشتراط ستر العورة والطهارة للصلاة، وعورة المرأة في الصلاة كل جسمها إلا وجهها وكفيها، وراجعي الفتوى رقم: 11502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/5396)
ستر عورة المرأة أمام الأجانب عنها واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندنا في الكلية دكتور يدرس مادة باطنة عملي، وهو دكتور من مجموعة من الدكاترة الذين يدرسون نفس المادة، وهو شذ عنهم بطريقة إعطاء المادة بحيت انتقى الشابات صغيرات السن وكشف العورات بطريقة غير مناسبة أمام الطلبة، علما بأن الطلبة يدرسون في مجال الأسنان وهذا الأمر لا يهمنا باعتراف الاطباء،
فما رأيكم في ذلك؟ وما موقف الطلبة من هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على إدارة الكلية ومدرسيها وطلابها إنكار المنكر والسعي في تغييره، وليس الأمر بالمعروف وإنكار المنكر أمراً يتطوعون به، بل هو فريضة شرعية، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
ويحرم على الطالبات أن يكشفن شيئاً من عوراتهن أمام أي أجنبي، فيجب عليهن الامتناع عن تنفيذ أمر هذا المدرس بكشف عوراتهن، وينبغي رفع أمر هذا المدرس إلى الإدارة لتغيير المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1424(11/5397)
حدود عورة المرأة أمام الطفل الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة أن تتبرج أمام طفلها المتبنى، علما بأنها لم ترضعه من حليبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن حكم التبني، وذلك في الفتوى رقم: 16816، والفتوى رقم: 7818.
أما عن سؤالك، فإن المتبنى أجنبي عن المرأة التي تتبناه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 39532، فيأخذ حكم الأجنبي في صغره وفي كبره.
فإذا كان قد بلغ أو قارب فتحتجب منه كما تحتجب من الأجنبي البالغ، وراجع الفتوى رقم: 18585.
وإذا كان دون سن التمييز فلا عورة لها معه، وإن كان مميزاً ولا شهوة له، فعورتها معه ما بين السرة والركبة، وإذا كان مميزاً يعرف النساء وله شهوة، فعورتها معه كعورتها مع ذوي المحارم، فينظر إلى الوجه والرقبة واليد والقدم والرأس والساق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/5398)
تالي القرآن أولى بالستر والحياء من الله والملائكة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حدود ستر العورة عند تلاوة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حد عورة المرأة إذا كانت مع نساء مسلمات هي ما بين السرة والركبة ومع غير المسلمات جميع البدن ما عدا ما يظهر عند المهنة غالباً، ومع رجال أجانب جميع البدن، ومع محارمها فهي غير الوجه والرأس واليدين والرجلين.
وعورة الرجل مع الرجل أو مع محارمه من النساء ما بين السرة والركبة.
وقد سبق أن بينا جميع ذلك فراجعه في الفتويين رقم: 1969 ورقم:
284
وعورة الرجل مع الأجنبية مثل عورة المرأة مع محارمها، قال خليل: وترى من الأجنبي ما يراه من محرمه.
ويندب ستر العورة إذا كان الإنسان بخلوة حياء من الله والملائكة. وحدود العورة عند تلاوة القرآن لا تختلف عنها في غير ذلك، إلا أن تالي القرآن أقرب إلى الله فهو -إذن- أولى بالستر وبالحياء من الله والملائكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/5399)
قدما المرأة الحرة البالغة من العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرِجل من العورة أم لا؟ هل يجب أن أغطيها أم ليست عورة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الجواب عن هذا السؤال ضمن الفتوى رقم: 21027، والفتوى رقم: 5777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/5400)
صلاة المرأة باللباس الداخلي
[السُّؤَالُ]
ـ[العبادات ما حكم الصلاة في اللباس الداخلي بالنسبة للمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المرأة في الصلاة بالملابس الداخلية إذا لبست فوقها ما يلزم المرأة لبسه في الصلاة، وهو ما يغطي جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين.
بشرط أن تكون تلك الملابس طاهرة، أما إذا علمت نجاستها فلا تجوز الصلاة فيها سواء كانت داخلية أو خارجية، لأن من شروط صحة الصلاة طهارة الثوب، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 29756.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/5401)
مذاهب العلماء في كفي المرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصلي بدون تغطية كفيها وهل هناك دليل؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور الفقهاء على أن الكفين ليستا عورة في الصلاة، وذهب الحنابلة إلى أنهما عورة في الصلاة في إحدى الروايتين عن أحمد، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 4523، ورقم: 17979.
ودليل الجمهور على أنهما ليستا عورة في الصلاة، لخصه الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب -وهو شافعي- بقوله: (وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي) ولو خارجها (جميع بدنها إلا الوجه، والكفين) ظهراً وبطناً إلى الكوعين، لقوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور: 31] .
قال ابن عباس وغيره: ما ظهر منها: وجهها وكفاها، وإنما لم يكونا عورة، لأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما، وإنما حرم النظر إليهما، لأنهما مظنة الفتنة، ومثلهما في ذلك ما عدا ما بين سرة وركبة. اهـ.
أما مذهب الحنابلة، فدليله، قوله صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
علما بأن كثيرا من العلماء فرقوا بين عورة الصلاة وعورة النظر، فلا يعني جواز إظهار بعض الأعضاء في الصلاة أنه يجوز إظهارها في خارج الصلاة أمام الأجانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/5402)
حكم لبس المرأة الفساتين القصيرة أمام النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عورة المرأة على المرأة، وإذا كانت من السرة إلى الركبة فلم يفتي بعض المشايخ بعدم جواز لبس الفساتين القصيرة التي تغطي العورة أمام النساء، مع ذكر الدليل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا عورة المرأة أمام المرأة في الفتويين ذات الرقمين التاليين:
1265، 284 فليرجع إليهما.
وأما قول السائلة "إذا كانت من السرة إلى الركبة فلم يفتي بعض المشايخ بعدم جواز لبس الفساتين القصيرة التي تغطي العورة أمام النساء".
فالجواب: إن الأمر المحرم أو الذي يفتي العالم بتحريمه قد يتعلق به أكثر من سبب من أسباب التحريم، فإن كان بعض العلماء أفتى بتحريم لبس القصير من الفساتين أمام النساء، فقد يكون ذلك لوجود سبب آخر غير موضوع تغطية العورة، مثل أن يكون الفستان ضيقاً يصف حجم العورة، أو يكون فيه تشبه بالكافرات والفاجرات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود عن ابن عمر.
أو غير ذلك من الأسباب التي يطلع عليها المفتي أو العالم من خلال السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/5403)
عورة الرجل أمام أطفاله الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عورة الرجل للرجل؟
وما هي عورة الرجل أمام أطفاله الصغار ذكورا وإناثا ... وهل تختلف مع تقدمهم فى السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
21786 بيان عورة الرجل أمام الرجل، فتراجع هناك، وهي نفسها أمام أولاده الصغار والكبار ذكوراً وإناثاً، مع استثناء الأطفال الذين لا يعقلون معنى العورة، فهؤلاء لا حرج على الأب في إظهار شيء من عورته أمامهم، لأنهم من الصغر بحيث لا يعقلون معنى العورة، وإن كان الأولى أن لا يظهر شيء من عورته أمامهم ليعتادوا على عدم رؤية العورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/5404)
يباح للرجل أن يدلك رجلا بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التدليك (المساج) حرام إذا قام به رجل مثلي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للرجل أن يدلك رجلاً مثله، إذا لم يترتب على ذلك كشف ولا مس العورة، وراجع للزيادة في الموضوع الفتوى رقم: 18716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/5405)
لباس المرأة أمام النساء والمحارم.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تلبس المرأة نصف كم أمام النساء ومحارمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة ذلك، وراجع الفتوى رقم: 1265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(11/5406)
حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط
[السُّؤَالُ]
ـ[قال البخاري: حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط,,,, فما هو حديث أنس وما هو حديث
جرهد؟؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحديث جرهد أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وغيرهم، وفيه أن جرهد من أصحاب الصفة قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة، فقال: أما علمت أن الفخذ عورة.
وأما حديث أنس، فرواه البخاري ومسلم وفيه: ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ... ورواه النسائي والبيهقي
فحديث أنس أقوى سندا كما قال البخاري، وحديث جرهد أحوط، وبحديث جرهد أخذ جماهير الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم.
وذهب أهل الظاهر إلى أن عورة الرجل هي الفرجان فقط. والراجح مذهب الجمهور، وحمل الجمهور حديث أنس على أن الإزار انكشف بنفسه، لا أن النبي صلى الله عليه وسلم تعمد كشفه، بل انكشف لإجراء الفرس، وتدل على ذلك رواية مسلم، وفيها (وانحسر الإزار ... ) وانظر الفتوى رقم: 15390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/5407)
حكم ظهور شيء من العورة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من تعرى ظهره أثناء السجود في الصلاة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ستر ما بين السرة والركبتين وما يحاذيه من الظهر واجب مشترط لصحة الصلاة بالنسبة للرجال، وأما النساء فعورةٌ كلُّهن ما عدا الوجه والكفين، فإذا انكشف شيء من ذلك وقتا يسيراً من غير قصد فلا بطلان فيه، وعلى المصلي أن يبادر إلى تغطيته، وإن كان متعمداً تعريته أو طال الوقت بطلت صلاته. قال ابن قدامة في المغني: من كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه أجزأه، وجملة ذلك أن ستر العورة عن النظر بما لا يصف البشرة واجب وشرط لصحة الصلاة. 1/236. وقال: فإن انكشفت عورته من غير عمد فسترها في الحال من غير تطاول الزمان لم تبطل لأنه يسير ... وقال التميمي: في كتابه إن بدت عورته وقتا واستترت وقتا، فلا إعادة عليه لحديث عمرو بن سلمة، ولم يشترط اليسير ولا بد من اشتراطه. 1/238. وقال: فإن انكشف من المرأة شيء يسير من غير الوجه والكفين، فلا أعلم فيها قولاً صحيحاً صريحاً ... ولأنه يشق التحرز من اليسير فعفي عنه قياساً على يسير عورة الرجل. 1/250. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(11/5408)
هل يجب قضاء الصلاة لمن صلى مكشوف العورة جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً
سؤالي هو أني في مرحلة من عمري اعتقدت أن ستر العورة يكون إذا كان هنالك غير المحارم، وعليه كنت أصلي من دون أن أستر ما يجب ستره في الصلاة، إلا إذا كان هنالك شخص من غير المحارم، أرجو إفادتي ماذا أفعل في تلك الصلوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه يعذر بالجهل والنسيان في حق الله تعالى في المنهيات دون المأمورات، راجعي في هذا الفتوى رقم:
23134.
ولا شك أن ستر العورة من المأمورات، فعلى هذا فالواجب عليك قضاء تلك الصلوات، وتحري قضاء ما تبرأ به ذمتك إذا لم تستطيعي معرفة عدد هذه الصلوات على وجه التحديد.
ثم إن الواجب عليك التفقه في أمور دينك قبل الإقدام على الفعل، إذ أن تعلم المسلم ما تصح به عبادته واجب عليه، وراجعي الفتوى رقم: 15589 لمزيد من الفائدة.
ولمعرفة ما يجب ستره في الصلاة راجعي الفتوى رقم: 4523، ومنها تعلمين أنه إذا كان المكشوف من جسدك في الصلاة الوجه أو اليدان أو القدمان، فصلاتك صحيحة ولا إعادة والحالة هذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/5409)
شعر المرأة ليس عورة بالنسبة لأخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأخت أن تظهر أمام أخيها مكشوفة الشعر والذراعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شعر المرأة ليس عورة بالنسبة لأخيها، وكذلك ذراعاها، فلا مانع من كشف ذلك أمامه، ولكن بشرط أن لا تخشى الفتنة، فإن خشيت الفتنة حرم عليها أن تكشف له عن أي شيء من بدنها، ويحرم عليه هو أن يرى أي شيء من ذلك، وقد سبقت الإجابة عن هذا في الفتوى رقم: 599 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(11/5410)
حكم إظهار العورة للمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي: هل يجوز إظهار العورة أثناء الوضوء وأنا منفرد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كشف العورة مكروه إن كان الفاعل منفردا، وأما لو كان بحضرة من يطلع عليه غير الزوجة والأمة التامة الملك له، وليس بينه وبينها رضاع، فهو حرام، روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث معاوية بن حيدة القشيري قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك، فقال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل، قلت: والرجل يكون خاليا؟ قال: فالله أحق أن يستحيى منه. وقال الدسوقي عند ذكر مكروهات الوضوء: قوله وكشف العورة: أي مع عدم من يطلع عليها، وأما كشفها مع وجود من يطلع عليها غير الزوجة والأمة فهو حرام لا مكروه فقط. (1 168) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(11/5411)
يجب ستر العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
كنت أسال هل يجب أن أرتدي مايوه (لبس البحر) بعد ركبتي في أن هذا مستحيل لأن هذا غير موجود فلو هذا ذنب ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بيَّنَّا اللباس الشرعي حال السباحة للرجل والمرأة في الفتوى رقم: 5736 فلتراجع.
فإن كان قد حصل كشف للعورة فعلى السائل التوبة والاستغفار وعدم العود إلى ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/5412)
حكم تغطية قدمي المرأة في الصلاة وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم خلاف الفقهاء في حكم تغطية الوجه والكفين فما هو الحال مع القدمين؟ ما حكم تغطيتهما وهل هناك خلاف بين العلماء في حكم تغطيتهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم تغطية القدمين في الصلاة وفي غيرها في الفتوى رقم: 24370، والفتوى رقم: 433.
وأما عن خلاف العلماء في ذلك، فراجع الفتوى رقم: 4523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/5413)
الفرج يطلق على ذكر الرجل ودبره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيرا على هذاالموقع، وبعد: فهل فرج الرجل ذكره فقط أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مالك وإسحاق بن راهويه والطبراني في معجمه الكبير والطحاوي في شرح معاني الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه. فدل هذا الحديث على أن الفرج يطلق على قبل الإنسان ودبره.
قال الإمام بن عبد البر: وفي قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه، دليل على أن القبل يسمى فرجا، وأن الدبر أيضا يسمى فرجا.
وظاهر كلام علماء اللغة يدل أيضا على أن الفرج يعم القبل والدبر جميعا، وإليك شيء من النقول عنهم في هذا الصدد:
قال الخليل بن أحمد في كتابه "العين":
الفرج: اسم يجمع سوءات الرجال والنساء، والقبلان وما حواليهما كله فرج، وكذلك من الدواب ونحوها من الخلق.
وكل فرجة بين شيئين فهو فرج، قال:
إلا كميتا كالقناة وضابئا ... بالفرج بين لبانه ويديه
جعل ما بين يديه فرجا.
وكذلك فروج الجبال والثغور ... ورجل أفرج وامرأة فرجاء: أي عظيم الإليتين.
وقال الفيروز أبادي في القاموس المحيط: الفرج: العورة ... والأفرج الذي لا تلتقي أليتاه لعظمهما، والذي لا يزال ينكشف فرجه.
وقال الراغب الأصفهاني في كتابه "المفردات في غريب القرآن":
الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط، والفرج: ما بين الرجلين، وكني به عن السوأة، وكثر حتى صار كالصريح فيه.
قال تعالى: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا [الأنبياء: 91] .
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المؤمنون:5] .
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ [النور: 31] .
وبهذا تعلم أن الفرج يطلق على ذكر الرجل ودبره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/5414)
حدود العورة أمام غير الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يمكنني لبس تبان (short) فوق الركبة بقليل في المنزل؟
جازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بيَّنَّا في الفتوى رقم: 19890 أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، وأن السرة والركبة ليستا من العورة، فيجب على المكلف ستر هذه العورة إلاَّ من زوجته أو ما ملكت يمينه. أما إذا كان الإنسان خاليًّا فيجب عليه ستر العورة المغلظة إلاَّ لحاجة، وقد مضى بيان هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 13719. فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/5415)
لا بأس مع أخذ الحيطة والحذر
[السُّؤَالُ]
ـ[نظراً لشدة حرارة الجو في هذا الفصل وعدم تحمل الجسم لها هل يجوز للفتاة أن تلبس أثناء نومها وفي مخدعها ثوب نوم خفيفاً؟ علماً بأنها لوحدها بالغرفة ولا يدخل عليها أحد أم هنالك شروط تجب مراعاتها في هذا الثوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحفظ العورة عن الناس أمر أوجبه الشرع إلا بين الزوجين.
أما إذا كان الإنسان في مكان لا يراه فيه أحد كحال السائلة، فإن من معالي الأخلاق أن تستر عورتها على سبيل الاستحباب، حياءً من الله عز وجل، وإكرامًا للحفظة الكاتبين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 20031.
وعلى هذا، فإن كانت السائلة تأمن من أن يطلع أحد عليها، فإنه لا حرج عليها إن شاء الله تعالى في الاقتصار على هذه الملابس، أو أن تضع ثيابها.
أما إذا لم تأمن، فلا يجوز لها لبسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(11/5416)
تستر المرأة في الصلاة ما بين الرقبة والذقن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المنطقة ما بين الذقن والرقبة عورة ويجب إخفاؤها في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما بين الرقبة والذقن عورة كجميع بدن المرأة يجب ستره في الصلاة إلا الوجه والكفين، وإذا انكشف شيء من أطرافها في الصلاة تستحب لها الإعادة في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(11/5417)
حكم النوم بالملابس الداخلية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من ينام بالملابس الداخلية؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يستر عورته عمن لا يحل له النظر إليها وهم من عدا الزوجة، فإن كان نومك بهذه الملابس لا يترتب عليه انكشاف العورة فلا بأس أن تنام بهذه الملا بس، وإن كان يترتب عليه كشف العورة أمام من لا يحل له النظر إليها فلا يجوز لك ذلك، فقد قرر أهل العلم أن الوسيلة إلى المحرم محرمة، فمتى كان نومك بهذه الملابس وسيلة لانكشاف عورتك أمام من لا تحل له رؤيتها حرم، وإن كان نومك بهذه الهيئة يترتب عليه كشف العورة أمام زوجتك فقط فلا بأس أن تنام بهذه الملابس، وإن كان الأولى أن تتستر ولو كنت خالياً، فقد سئل صلى الله عليه وسلم: يارسول الله، عوارتنا ما نأتى منها وما نذر، فقال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يم ينك قال: قلت: يارسول الله، فإذا كان القوم بعضهم من بعض، قال: إن استعطت ألا يراها أحد فلا يرينها، قال: فإن كان أحدنا خالياً، قال: فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيى منه. رواه أحمد بسند حسن.
وراجع للأهمية الفتوى رقم:
20550
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(11/5418)
حكم ظهور عورة الرضيعة أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي طفلة عمرها سنة ونصف وبعض من الأوقات عندما أغير حفاظتها أو أخلع ملابسها تركض من بين يدي وتذهب إلى أبيها أو إلى الضيوف وهم من الرجال وهي عريانة أو شبه عريانة أو فقط بالحفاظة فلا أدري هل يجوز ذلك؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله تعالى- عليك إذا خرجت هذه البنت الصغيرة التي هي في سن الرضاع إلى أبيها أو غيره من الرجال عارية لأنها لا عورة لها في هذه السن.
ولهذا أجاز العلماء أن يغسل الرجال البنت الرضيعة وما قاربها ممن لا تميل لها النفس بشهوة، قال خليل في مختصره -وهو مالكي-: ورجل كرضيعة -أي يجوز غسله لها-.
والحاصل أنه لا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى- وإن كان الأفضل والأولى أن تحافظي على ستر عورتها بل وجميع بدنها حتى تتعود على ذلك وتتربى على التستر والحياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/5419)
تجوز الصلاة بالبنطلون للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بالبنطالون للرجال؟ وقد سمعت من شاب أن الشيخ الألباني قال لا يجوز لأنه تجسيد للعورة، فهل هذا صحيح (أنا من مصر والزي المصري هو البنطلون) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للرجل أن يصلي بالبنطلون وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 3889.
أما بخصوص وجود فتوى للشيخ الألباني بخلاف ما ذكرنا فهذا ما لم نطلع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1424(11/5420)
يجب على المرأة أن تستر ما يجب ستره أمام أبنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ولي أخ وأخت أمي دائما ترتدي في المنزل ملابس إما شفافة جداً وإما كأنها لا تلبس شيئا وإما لا تلبس شيئا فعلاً وأنا أعلم أننا لا يجب ألا نرى منها إلا ذراعها وجزء من رجلها وقد قلت لها ذلك من قبل لكنها ردت: إذا لم آخذ راحتي في منزلي فأين آخذها.
فهل علينا نحن أبناءها من وزر؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا بيان ما يجوز للمرأة كشفه من جسدها أمام النساء والمحارم بمن فيهم أبناؤها في الفتوى رقم: 284، والفتوى رقم: 20445.
وعلى هذا، فالواجب على هذه المرأة أن تكف عن هذه المعصية، وتتوب إلى الله تعالى مما سبق.
أما بالنسبة لأبنائها، فعليهم نصحها وإرشادها بالتوقف عن هذا الفعل الذي يحرمه الشرع وتأباه الأخلاق السوية، وليكونوا في نصحهم لها ملتزمين بالأدب واللين، لأنها رغم فعلها هذا المشين تظل أمهم، ولها عليهم حق الاحترام والتوقير والبر، فإن أصرت أمهم على معصيتها، فيحرم عليهم النظر إلى شيء مما هو ممنوع عليهم النظر إليه منها، ولينصرفوا عنها ما دامت على تلك الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/5421)
حكم الصلاة في البنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من مصر فهل يجوز الصلاه بالبنطلون للرجال، مع العلم بأن شخصاً قال لي إن الشيخ الألباني (رحمه الله) قال لا يجوز وما مدى صحة هذه الفتوى؟ وجزاكم الله جيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم الصلاة في البنطلون في الفتوى رقم: 4186 فليرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(11/5422)
ليس للزوج أن يرى من أم زوجته إلا ما يرى من محارمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الحدود الشرعية في لباس (أم الزوجة) للكشف على زوج البنت؟ بمعنى ذهبت إلى أحد الأفراح ووجدت (أم الزوجة) شبه عارية فما حكم جواز عدم حجابها أمامه!؟ أرجو الإفادة؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحدود الشرعية لعورة أم الزوجة هي نفس الحدود التي حدها الشارع للمحارم كلها، فهي أحد المحارم، قال الله تعالى:.....وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23] .
وقد ورد ما تجوز رؤيته للمحرم من محرمه في الفتوى رقم: 599، والفتوى رقم: 21428.
وعليه فإذا كانت أم الزوجة شبه عارية وجب على زوج ابنتها أن يغض عنها بصره وينصرف عن ذلك المكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/5423)
القول الصحيح في نظر الكافرة من المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أسكن في بريطانيا ولي جارة من بولندا نصرانية وتزورني وأنا أكون في حجابي وهي تسألني هل أغطي شعري عن النساء أيضا فقلت لها لا، ورأيت في عينها استغرابا لماذا إذن أغطي شعري عنها، فماذا أقول لها؟ وهل يجوز أن أكشف شعري أمامها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرؤية الكافرة من المسلمة الوجه والكفين جائزة باتفاق أهل المذاهب الأربعة، وزاد الشافعية في الصحيح المعتمد عندهم جواز أن ترى الكافرة من المسلمة ما يبدو عند المهنة. وما يبدو عند المهنة هو الوجه والرأس واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة.
وأما مذهب الحنابلة فهو أوسع المذاهب حيث ذهبوا إلى أن عورة المسلمة أمام الكافرة كعورة المسلمة أمام المسلمة من السرة إلى الركبة.
وإليك بعض النقول المختصرة من أقوال المذاهب الفقهية:
قال الحصكفي الحنفي في الدر المختار: والذمية كالرجل الأجنبي. وقد سبق أن بين أن الرجل الأجنبي يجوز له النظر إلى الوجه والكفين من المرأة إن أمنت الفتنة.
وقال الدسوقي المالكي: وأما الحرة الكافرة.. فعورة الحرة المسلمة معها على المعتمد ما عدا الوجه والكفين.
وجاء في حاشيتي قليوبي وعميرة وهما شافعيان: يجوز أن ترى الذمية من المسلمة ما يبدو عند المهنة وهو المعتمد، فيقيد به كلام المصنف.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وأما الكافرة مع المسلمة فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم المسلمة مع المسلمة.
والراجح من هذه الأقوال يدور بين أن يكون القول بأن الكافرة لا يجوز أن ترى من المسلمة إلا ما يبدو عند المهنة، وقول الحنا بلة المتقدم، هذا وقد قال ابن حجر الهيتمي: الأصح تحريم نظر ذمية وكل كافرة ولو حربية إلى ما لا يبدو في المهنة من مسلمة غير سيدتها ومحرمها لمفهوم قوله تعالى: أَوْ نِسَائِهِنّ، ولأنها قد تصفها لكافر يفتنها، وصح عن عمر رضي الله تعالى عنه منعها من دخول حمام معها، ودخول الذميات على أمهات المؤمنين الوارد في الأحاديث الصحيحة، دليل لما صححاه من حل نظرها منها ما يبدو في المهنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(11/5424)
الأفضل للمرأة تغطية كفيها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس القفازين في الصلاة وما الدليل؟ ملاحظة: على المذهب الشافعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الرجل والمرأة في تغطية كفيهما في الصلاة بقفازين أو غيرهما، والأولى للمرأة تغطيتها مراعاة لقول من أوجب عليها ذلك وهم الحنابلة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 27447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(11/5425)
حكم الصلاة بالبنطال
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تجوز الصلاة بالسروال [بالنطلون] ؟ وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز صلاة الرجل بالسروال ما دام ساتراً للعورة ولا يصفها ولا يشف عنها، وإن كانت صلاته في إزار أو في القميص أفضل من السراويل.
وانظر الفتوى رقم:
3882، والفتوى رقم: 4186.
وكذلك تجوز صلاة المرأة بالبنطال إلا أنه يجب عليها ستر جميع جسمها إلا وجهها وكفيها، كما هو مبين في الفتوى رقم:
19368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/5426)
حكم إظهار العروس مفاتنها أمام النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... وبعد..
قرأت فتواكم عن حدود عورة المرأة بالنسبة للمرأة وللمحارم وللأجانب.. وسؤالي هو في حالة الأعراس وحفلات الزواج.. بما يخص العروس هل يجوز لها إظهار الصدر والظهر بطريقة ملفتة في حدود عورة المرأة للمرأة.. مع العلم أن جميع من في الحفلة نساء ويشاهدونها.. وماذا إذا كان هناك نساء لسن مسلمات كالخادمات في القصر.. وماذا إذا منع الزوج من لبس مثل هذا ... وأيضا ما حكم دخول العريس مع العروس في تلك الليلة أمام النساء بعد أن يتحجبن، أسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الحفلات والأعراس التي يحضرها الصالحات والفاسقات، والمؤمنات والكافرات، ويخشى فيها الفتنة ويحصل فيها من الفساد الشيء الكثير، يجب على المسلمة -عروسًا كانت أو مدعوة- أن تستر جميع جسدها إلا الوجه والكفين وما يبدو عند المهنة من الذراعين والرجلين والرقبة؛ لقول الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِن [النور:31] .
والمراد بنسائهنَّ: النساء المسلمات التقيات الصالحات.
هذا ويجوز للزوج بل قد يجب أن يمنع زوجته من التكشف بهذه الصورة المذكورة في السؤال، وفي مثل هذه التجمعات منعاً للفتنة وقياما بواجب الغيرة.
وأما مرور العروس مع عروسه أمام النساء فلا مانع منه إذا أمنت الفتنة والتزمت آداب الإسلام من غض البصر وتستر النساء بالحجاب الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/5427)
حد اللباس الشرعي أمام المحارم الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تلبس المرأة أمام محارمها فستانا من غير كمٍ وإذا وضعت بما يسمى الشال هل عليها شيء وما الحد الشرعي للبس المرأة أمام محارمها نشكر لكم تفضلكم على إجابتنا وجعله الله لكم في ميزان أعمالكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 20445 حد اللباس الشرعي الذي يجب على المرأة ارتداؤه أمام محارمها من الرجال. وعليه؛ فلا حرج في لبس الفستان أو الشال أو غيرهما إذا كان يغطي ما يجب على المرأة تغطيته أمام محارمها من الرجال. وأما عورة المرأة مع النساء المسلمات فهي ما بين السرة والركبة.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/5428)
عورة الصغار في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ...
هل يجوز لصغار السن أن يصلوا في ثوب أعلى من الركبة وإذا كان يجوز ماهي أقصى سن يسمح لهم بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشروط التي نص عليها الفقهاء للصلاة قسمان: شروط وجوب , وشروط صحة.
وقد تقدم بيانها على سبيل الإجمال في الفتوى رقم:
1742 فلتراجع.
ومن جملة الشروط ستر العورة مع القدرة، ويجب ولو كان الشخص في خلوة أو ظلمة بشيء لا يصف البشرة؛ إلا أنها تخفف عن الصغير على التفصيل الآتي: فعورة الذكر الذي بلغ عشر سنين وعورة الحرة المميزة أي التي بلغت سبع سنين هي ما بين السرة والركبة. وعورة ابن السبع إلى عشر الفرجان، وما دون السبع ليس لعورته حكم, لأن حكم الطفولية ينجر على المولود إلى أن يتم له سبع سنين فينتقل حكمها إلى حكم التمييز.
والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها إلا وجهها، وشرط في فرض الرجل البالغ ستر جميع أحد عاتقيه مع ستر العورة بشيء من اللباس. انتهى نقله بتصرف من نيل المآرب1/124-125
فلو صلى صغير أو صغيرة لهما سبع سنين بثوب لا يغطي إلا ما بين السرة والركبة صحت صلاتهما، والذي يدل على هذا ما رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار. وصححه الألباني.
قال ابن قدامة في المغني 1/ 359: يدل على صحة صلاة غير الحائض بغير الخمار.
وأما ما دون السبع فلو صلى بشيء فوق الركبة وتحت السرة أو بدون ثوب صحت، فإنه تصح صلاته لأن عورته ليس لها حكم, وإن كان الستر لها أفضل تعليما وتأديبا, وليُعلم أن ما ذكرناه من أحكام العورة هنا هو مذهب الحنابلة وهو أولى الأقوال بالصواب في هذه المسألة، وراجع الفتوى رقم:
20767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/5429)
حدود علاقة المرأة مع عمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مدى علاقتي مع عمي وحدودها الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالعم الذي هو صنو الأب تجب صلته وتوقيره واحترامه، ومن جهة أخرى فهو من المحارم له ما للمحارم وعليه ما عليهم، فتجوز مصافحته والخلوة به والسفر معه، وللمرأة أن تبدي له ما تبدي لمحارمها، وهو ما يظهر في المهنة غالباً كوجهها وكفيها وذارعيها ونحو ذلك على أن تكون ثيابها صفيقة ليست شفافة تصف عورتها ولا ضيقة. وهذا كله بشرط أمن الفتنة، وعدم وجود الريبة من الطرفين، أو من أحدهما، وإلا حرم كل ما ذكر، ووجب سد كل ما يجلب الفتنة، ويدعو إلى الريبة.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20445، والفتوى رقم: 21428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(11/5430)
حكم الصلاة بالنقاب والقفازين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بالنقاب أو القفازين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة المرأة منتقبة مكروهة، قال خليل في مختصره: وهو يعد مكروهات الصلاة (وانتقاب المرأة) .
وقال صاحب التاج والإكليل: (يكرهان -أي انتقابها وتلثمها- وتسدل على وجهها إن خشيت رؤية رجل "أي أجنبي) .
وقال الخطيب الشربيني: (وأن يصلي الرجل متلثماً والمرأة منتقبة) -أي يكره ذلك-، ونص النووي في المجموع: أنها كراهة تنزيهية لا تمنع صحة الصلاة.
وقال البهوتي في كشاف القناع: (ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع بلا حاجة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام ولأن ستر الوجه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف ويغطي الفم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عنه، فإن كان لحاجة كحضور أجانب فلا كراهة) . انتهى
وأما تغطية الكفين بالقفازين ونحوهما فيجب عليها تغطيتهما عند جماعة من أهل العلم كالحنابلة، ويجوز عند غيرهم كشفهما وهو الصحيح، والحاصل أن المرأة يكره لها أن تصلي منتقبة إلا إذا احتاجت إلى تغطية وجهها لوجود رجال أجانب ونحوه.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
4523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(11/5431)
حكم ظهور المرأة بملابس ضيقة أمام إخوتها ومحارمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس الثياب الضيقة والقصيرة أمام أهلي وإخوتي ومحارمي؟ أم هناك شروط لمثل هذا الملبس أمام المحارم، مثلا أن لا يكون ضيقا وأن يكون ساتراً ما بين الصدر والركبة؟ أفتوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف أمام محارمها ما لا يظهر منها غالباً ولا أن تظهر أمامهم في ملابس ضيقة كما هو مبين في الفتوى رقم:
21428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(11/5432)
الأفضل للمرأة تغطية ثديها أمام المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن ترضع طفلها أمام إخوانها أوأبيها أو أمها أوأختها أو أمام حريم أو أم زوجها؟ وجزاكم الله خيرالجزاء، ورجاء إرسال الجواب بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
لا حرج على المرأة أن ترضع ولدها أمام محارمها وأمام النساء، لكن الأفضل أن تغطي ثديها حال الإرضاع لئلا يُرى زيادة في الاحتشام، وخروجاً من خلاف من لم يبح للرجل أن ينظر من محارمه إلا إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والوجه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/5433)
حكم النظر إلى عورة الولد عند ختانه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز الإباحة (أمام الناس) بختان المولود؟
جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم ختان الصبي -ذكراً كان أو أنثى- قبل بلوغه سبع سنين، جاز أن ينظر إليه عند الختان وغيره، لأنه لا حكم لعورته، وقد سبق بيان ذلك بضوابطه في الفتوى رقم:
16445.
أما إذا كان المختون بالغاً، فلا يجوز النظر إلى عورته إلا من الخاتن ومن يعاونه عند الاحتياج لذلك، قال عز الدين بن عبد السلام: (يجوز النظر لإقامة شعائر الدين كالختان) . انتهى
وقال السرخسي: (فلا بأس بالنظر إلى العورة لأجل الضرورة، فمن ذلك أن الخاتن ينظر إلى ذلك الموضع، والخاتنه كذلك تنظر) . انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(11/5434)
حدود عورة المرأة أمام المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ملتزمة والحمدلله ديناً وخلقاً وسلوكاً، يسّر الله لي عملا داخل سكن طالبات جامعيات (مشرفة) ولباس الطالبات داخل السكن غير مستور بتاتا، ماحكم عملي في هذا المكان؟ وما هو حد عورة المرأة مع المرأة وأشكركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
نسأل الله للأخت السائلة الثبات والصدق في القول والعمل، واعلمي أن عملك كمشرفة فرصة عظيمة للدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو مسؤولية تسألين عنها أمام الله تعالى. فأحسني استغلال هذا العمل في دعوة هؤلاء الطالبات إلى الالتزام بأوامر الله والقيام بفرائضه والتمسك بالعفة والآداب والصيانة، واعلمي أن هؤلاء الطالبات اللاتي لا يتسترن ويبدين ما لا يجوز لهن اداؤه إنما يفعلن ذلك لفرط جهلن وغفلتهن عن الله تعالى فعظيهن وذكريهن بالله وعلميهن ما يجب عليهن تعلمه من أمور دينهن إن كان ذلك في استطاعتك وسينالك من ذلك أجر عظيم إن شاء الله تعالى.
أما سؤالك ما هو حد العورة من المرأة للمرأة فانظري الجواب عن ذلك في الفتوى رقم:
284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/5435)
الحد المسموح أن يراه الولد من جسم أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يرى جسد أمه وعمره 18 عاما وهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للابن أن يرى من جسد أمه إلا ما يراه المحارم من الأطراف؛ كالرأس واليدين والقدمين والساقين..
ويحرم عليه أن ينظر إلى ما عدا ذلك، ويجب عليها هي أن تستر عن ولدها وسائر محارمها ما لا يحل النظر إليه من جسدها، وإذا خافت الفتنة فعليها أن تستر جميع بدنها.
ولعل سبب نظر هذا الولد الذي وصل إلى هذه المرحلة من العمر إلى جسد أمه هو: إهمال التربية الصحيحة التي أرشدنا إليها ديننا الحنيف، فينبغي أن يتربى الأولاد على الاستئذان وغض البصر والحياء.
قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (النور: من الآية58) وقال تعالى (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (النور: من الآية59) ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
19886
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1423(11/5436)
لا يشترط لصحة الوضوء ستر العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
احييكم إخوتي في الإسلام على هذا الموقع الرائع وأتمنى لكم من الله عز وجل التوفيق والسداد
السؤال: هل يجوز للرجل أن يتوضأ أمام زوجته وأولاده وهو يرتدي الملابس الداخلية فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط لصحة الوضوء ستر العورة أو لباس خاص وراجع الفتوى رقم 2461 ولمعرفة حكم إبداء الرجل عورته أمام أبنائه انظر الفتوى رقم 18691
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/5437)
وجوب تغطية المحرم لعورته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استخدام غطاء من قماش قطن لستر العورة وغير مخيط أثناء الإحرام جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمحرم يجب عليه ستر عورته كما يجب ذلك على غيره وليكن الستر بقماش من قطن أو غيره، ولكن يجب عليه أن يسترها بغير مخيط من قطن أو غيره -والمخيط هو ما صنع على قدر العضو لا ما كان فيه خيط- لما ثبت في الحديث الصحيح أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " لا يلبس القُمص ولا العمائم ولا السراويلات والبرانس؛ إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئاً مسه زعفران ولا ورس، ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين" رواه البخاري.
وألحق العلماء بالأشياء المذكورة ما في معناها مثل: الجُبَّة والدُّراعة ونحو ذلك مما صنع على قدر العضو، وهذا للذكور دون الإناث.
وأما الإناث فيجوز لهن لبس المخيط بالإجماع، وإنما يمنعن من لبس النقاب والقفازين فقط للحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1423(11/5438)
الله أحق أن يستحيا منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله....
أود أن أسأل عن حكم المرأة..التي تتبرج تبرجا كاملا في بيتها قبل الصلاة وتصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود من السؤال أن المرأة تتعرى في بيتها عند انفرادها بلا حاجة إلى التعري، فهذا السلوك منهيٌّ عنه لما رواه الترمذي وغيره عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولُ الله عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قالَ: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مما مَلَكَتْ يَمينُكَ"، فَقَالَ: الرّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرّجُلِ؟ قالَ: "إن اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ"، قلت: فالرّجُلُ يَكُونُ خَالِياً؟ قالَ: "فَالله أَحقّ أَنْ يستحيا مِنْهُ". أي فاستر عورتك ولو كنت وحدك، وذلك طاعة له وطلبًا لما يحبه منك ويرضاه.
فظاهر الحديث كما يقول الشوكاني وابن حجر، يدل على عدم جواز التعري مطلقًا، وهذا الحكم يشمل الرجل والمرأة، بل هو في حق المرأة أشد؛ لأنها مأمورة بالتستر أكثر من الرجل، وما يعتبر من بدنها عورة أكبر مما يعتبر من بدن الرجل.
أما صلاتها فصحيحه ما دامت قد التزمت بشروطها، وقامت بأركانها، ولا يؤثر على صحتها تعريها قبلها أو بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/5439)
عورة الرجل ... وتغطية النبي رجله لما دخل عثمان
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب يقول إن العورة من السرة إلى نصف الفخذ محتجا بالحديث الذي فيما معناه، أن الرسول كان جالسا ذات يوم وكاشفا عن فخذه
فدخل عليه أبو بكر ثم عمر- رضي الله عنهما- ((فلم يرفع الرسول- صلى الله عليه وسلم- ثوبه)) فلما دخل عثمان رفعه000الحديث فما صحة هذا القول؟ وهل قريبي يثاب على اجتهاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور رواه مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبوبكر فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له هو كذلك، فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبوبكر فلم تهش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة".
وليس في هذا الحديث حجة على جواز كشف الفخذين.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: (ولا حجة فيه، لأنه مشكوك في المكشوف هل هو الساقان أم الفخذان؟. انتهى
وقد وردت الأدلة الصحيحة الصريحة بأن الفخذ من العورة، وهي مذكورة في الفتوى رقم:
15390، والفتوى رقم:
21786، فيمكنكم مراجعتهما، وبهذا تعلم أن عورة الرجل ليست إلى نصف الفخذ كما زعم قريبك، واعلم أن الاجتهاد لا يصح من أي أحد إلا لمن بلغ مرتبته، وهي مرتبة لا تنال إلا بجد واجتهاد وسعة علم وكثرة اطلاع والإحاطة بعدة فنون من العلم بينها العلماء وتجدها مسطرة في كتب الأصول فلا يقال لأحد أنه مثاب على اجتهاده إلا إذا كان قد حصل آلة الاجتهاد وشهد له أهل العلم بذلك، وحينئذ نقول له إذا اجتهد فأصاب له أجران وإذا اجتهد فأخطأ يقال له أجر، قال الخطابي (وهذا فيمن كان جامعاً لآلة الاجتهاد عارفاً بالأصول عالماً بوجوه القياس فأما من لم يكن محلاً للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل يخاف عليه الوزر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/5440)
لا يجوز للولد أن يغسل ظهر أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي دخلت إلى الحمام في البيت كي تغتسل وعمرها 75 سنة ولكن أرادت من يعينها على غسل ظهرها
فهل يجوز لابنها أن يغسل لها ظهرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العورة بالنسبة للمرأة مع محارمها هي ما بين الصدر والركبتين على قول كثير من أهل العلم، ولا يجوز لأحد من محارمها أن ينظر ولا أن يلمس ما بين الصدر والركبتين من محرمه، ولو كانت أمه.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى الأطفال بالاستئذان إذا بلغوا الحلم حتى لا ينظروا إلى عورات آبائهم وأمهاتهم، قال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النور:59] . قال القرطبي في تفسيره: (قال الزهري: يستأذن الرجل على أمه، وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية) .
والاستئذان إنما شرع من أجل النظر.
وعلى هذا.. فلا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمام ولدها، ولا يجوز له أن يغسل لها ظهرها ولا يغير من الحكم كونها امرأة عجوزاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/5441)
حكم صلاة المرأة في مكان يراها فيه الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة في مكان يمر منه الرجال وينظرون إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المرأة أن تصلي في أستر مكان تجده، لما في سنن أبي داود وصحيح ابن خزيمة والمستدرك عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها". وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله تعالى أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة".
فإن صلت في غير ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين، وكانت ساترة ما يجب عليها ستره فصلاتها صحيحة، ولا إعادة عليها، ولو رآها الرجال أثناء صلاتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5442)
حكم انكشاف شيء من العورة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد...... عندما أصلي وأنتهي من صلاتي وأكتشف مثلا أن الرقبة كانت ظاهرة بسبب شق في الخمار الذي أرتديه للصلاة فهل علي إعادة الصلاة مرة أخرى أو تعتبر صلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فانكشاف الرقبة أو جزء منها دون علم منك لا يبطل الصلاة؛ لأن الرقبة ليست من العورة المغلظة، قال صاحب زاد المستقنع وهو حنبلي: (ومن انكشف بعض عورته وفحش أو صلى في ثوب محرم عليه أو نجس أعاد) .
قال الشيخ ابن عثيمين - في الشرع الممتع على زاد المستنقع- عند شرحه لهذا الكلام: (إذا كان - أي كشف العورة - غير عمد وكان يسيراً فالصلاة لا تبطل) انتهى. ثم قال رحمه الله ثانياً (إذا كان غير عمد وكان فاحشاً لكن الزمن قليل، فظاهر كلام المؤلف أنها تبطل والصحيح أنها لا تبطل) انتهى
وعند المالكية أن انكشاف أطراف الحرة في الصلاة لا يبطلها، واستحبوا لها الإعادة في الوقت، قال صاحب مختصر خليل: (وأعادت لكشف أطرافها وصدرها بوقت) .
فالحاصل أن من انكشفت رقبتها في الصلاة بغير عمد فصلاتها صحيحة ولا إعادة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(11/5443)
الاطلاع على عورة المريض جائز بقدر الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيراً على الخدمات التي تقدمونها لنا فشكرا جزيلا لكم
أما بعد:
إن لي خالا عجوزا مريضا يحتاج للعناية والرعاية الفائقتين فهل يجوز لي (أو لزوجة ابنه أو الخادمة) أن أبدل ثيابه وبالتالي أطلع على عورته فهو يبللها في كل حين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من عجز عن تبديل ثيابه بنفسه جاز له أن يستعين بغيره، وإن أدى ذلك إلى انكشاف عورته لأن الضرورات تبيح المحظورات، أما من الذي يتولى ذلك على الترتيب؟ فجوابه في الفتوى رقم:
14580 فلتراجع.
وعلى من يقوم بهذا الأمر أن يتقي الله تبارك وتعالى، فلا ينظر إلى العورة ما استطاع، ولا يمسها إلا بحائل، وعليه أن يكون أميناً فلا يخبر أحداً بما قد يطلع عليه من عيب أو سوءٍ، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 11377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/5444)
فتاوى في عورة المرأة أمام بنات جنسها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم حضور حفلات الزفاف التي تحييها الطقاقة؟ وماهي عورة المرأة بالنسبة للنساء؟ وهل ينطبق الحكم على الأم والشقيقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالطقاقة ضرب الدف، فإنه لا بأس في حضور هذا الزفاف.
أما إذا كان المقصود بها غير الدف من الآلات الموسيقية، فإنه لا يجوز الحضور، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 131، والفتوى رقم: 11319.
أما عورة المرأة بالنسبة للنساء، فقد تقدم الكلام عنها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 284، 1265، 7254، 8703.
وما ذكرناه فيها ينطبق على الأم والشقيقات وغيرهن من النساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(11/5445)
اغتسال الزوجين معا والنظر إلى العورة حال قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث أن أدخل إلى الحمام برفقة زوجتي, حيث تمدني وأمدها بالماء. وعند الشروع في الوضوء الأكبر قد تمرر ييدها على ظهري. ما حكم الشرع في ذلك؟ هل التستر في التبول واجب أيضا على الزوج أو الزوجة؟
جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الزوجين أن يغتسلا في مكان واحد من دون ساتر بينهما لأنه يجوز لكل منهما النظر إلى عورة الآخر، لقوله صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. رواه الترمذي وابن ماجه من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه.
وبهذا الحديث تعلم جواز النظر إلى العورة حالة البول أو غيره وإن كان النظر إليها حالة البول أو الغائط أمراً مستهجناً طبعاً.
أما بشأن التدليك الذي أشرت إليه فإنه لا يؤثر في الغسل إذا لم يحصل بسببه خروج مني، ولا يؤثر أيضاً على الوضوء على الراجح من أقوال أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم:
637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(11/5446)
لا يجب كشف كفي المرأة في الصلاة بل يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي وأنا ساترة لجميع جسدي ما عدا وجهي فهل يجب علي كشف كفي عندالتشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على جواز كشف المرأة يديها في الصلاة، سواء عند التشهد أو عند غيره.
وليس ذلك بواجب، فلو صلت المرأة ساترة وجهها وكفيها صحت صلاتها ولا إثم عليها، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 4523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/5447)
تصح الصلاة بهذه الألبسة إذا كانت مستوفية الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بثوب النوم؟ أو الملابس الرياضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من الصلاة بالملابس المذكورة ما دامت ساترة للعورة، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وعورة المرأة في الصلاة جميع بدنها إلا وجهها وكفيها، ويجب أن يكون اللباس غير شفاف، وذلك بأن لا تظهر البشرة من تحته، وراجع الفتوى رقم:
10696 والفتوى رقم: 3889،
ويكره أن يكون ضيقاً.
والأفضل أن يتزين المصلي بأحسن ما عنده من اللباس، قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] .
وقال صلى الله عليه وسلم: من أنعم الله عز وجل عليه نعمة، فإن الله -عز وجل- يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه. رواه أحمد في المسند، وصححه الأرناؤوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/5448)
ضوابط سباحة المرأة بمحضر النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمارس السباحه في حمام مغلق للسيدات فهل يجوز ممارسة هذه الرياضة في وجودأجنبيات معنا وهل يجوز لبس لباس البحر أو ما يسمى مايوه المحجبات؟ أفادكم الله وجزاكم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة المسلمة لا يجوز لها الاغتسال أو السباحة أمام النساء المسلمات إلا إذا سترت عورتها، وهي ما بين السرة والركبة، وتسترها بلباس لا يشف عنها ولا يصفها، مع مراعاة الضوابط الشرعية لسباحة المرأة المسلمة، والمبينة في الفتوى رقم:
6063.
أما في حال وجود نساء غير مسلمات فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف أمامهن إلا ما يظهر منها في المهنة -غالباً- كوجهها وكفيها وذراعيها ونحو ذلك، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمنع نساء أهل الكتاب من دخول الحمامات مع نساء المسلمين، وانظري الفتوى رقم: 284
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(11/5449)
لا يجوز للرجل إظهار ما بين السرة والركبة إلا لمن حدده الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لباس سروال قصير فوق الركبة أمام الأم والأخت وبناتها حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم أن يستر عورته عن جميع الخلق؛ إلا الزوجة أوأمته التي تحل له. وعورة الرجل أمام محارمه هي ما بين سرته وركبتيه.
لما رواه أبو داود والترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: فإن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس. ولما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غط فخذك، فإن الفخذ عورة.
ومما تقدم يتبين لنا أنه يجب على المسلم أن يستر ما بين سرته وركبته، وليست السرة والركبة داخلتين في حد العورة، هذا ما ذهب إليه الجمهور وأيدته الأدلة.
فعلى السائل الكريم أن يلبس سروالاً أو غيره يستر حد العورة المذكور أمام أمه وأخواته وبنات أخواته والناس كلهم؛ إلا الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(11/5450)
يحصل الستر بالبنطلون وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن لا تلبس البنطلون في الصلاة بدون عذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ستر العورة شرط في صحة الصلاة. وعورة المرأة في الصلاة هي كل جسمها إلا الوجه والكفين على الراجح من أقوال الفقهاء، كما تقدم في الفتوى رقم:
4523
ولا يلزم أن يكون هذا الستر ببنطلون، بل بأي شيء تم الستر، فقد حصل المطلوب، وكذا لا يلزم أن تلبس المرأة تحت الساتر بنطلوناً، فإن فعلت ذلك فهو أبلغ في الستر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(11/5451)
ستر القدمين في الصلاة واجب على المرأة في كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في الحرم للسيدات أثناء الحج بدون شراب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب على المرأة لبس الجورب بذاته أثناء الصلاة لكن الذي يجب عليها هو تغطية قدميها سواء كان ذلك بجورب أو كان بغيره وسواء كان في الحرم أو في بيتها، وانظر الفتوى رقم:
6758 والفتوى رقم:
8116 والفتوى رقم:
433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(11/5452)
تصح صلاة المرأة بأي لباس يحقق الستر الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
عندما أكون في بيتي أخفف من ملابسي وأحيانا أقوم بلبس قميص النوم ولا يوجد بالمنزل غيري وزوجي فقط وقد يأتي وقت الصلاة والقميص نظيف فأقوم بالوضوء للصلاة بهذا القميص القصير أحيانا والخفيف دائما ثم ألبس الثوب السوداني للصلاة (أنا من السودان) من فوق هذا القميص فهل وضوئي وصلاتي صحيحان وجزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في الوضوء للمرأة دون لبس الحجاب الساتر، إذ ليس من شروط صحة الوضوء لبس الحجاب، ولأنه يجوز لها الاغتسال عارية والوضوء أثناءه، فلأن يجوز مع لبس القميص القصير أولى.
هذا فيما يتعلق بالوضوء.
أما الصلاة فإنه يجب على المرأة ستر جميع البدن ما عدا الوجه والكفين في الصلاة.
وعليه؛ فإذا كنت تسترين بهذا الثوب جميع بدنك ما عدا وجهك وكفيك فإن صلاتك صحيحة، ولمزيد من الفائدة في هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم:
4523 والجواب رقم: 433
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(11/5453)
حدود وضوابط ما يجوز أن تظهره المرأة أمام المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرام لبس الأخت أمام أخيها ثوبا قصيرا يظهر ركبتيها وهل يجوز إظهار الفخذ؟ وهل يجوز لبس البنطلون الذي يجسم العورة المغلظة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المرأة كشف الفخذ أو جزءٍ منه أمام أحد محارمها..هذا باتفاق فقهاء المسلمين، وإنما اختلفوا فيما فوق السرة، وتحت الركبة، والراجح أنه يجوز لها كشف ما يظهر منها غالباً كالوجه والرأس واليدين والرجلين، أما صدرها وثدياها وبطنها وظهرها فلا يجوز لها كشفه أمامهم.
قال ابن قدامة في المغني (ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما) انتهى
هذا إذا كان النظر بغير شهوة وكان الناظر يأمن على نفسه وعلى محرمه الفتنة، أما إذا كان يخاف الشهوة على نفسه أو عليها فلا يحل له النظر؛ لأن النظر بشهوة نوع من الزنا، والزنا بذوات المحارم أغلظ من الزنا بغيرهن.
وما حرم عليها كشفه لمحارمها حرم عليها إظهاره وتجسيمه بالملابس الضيقة أو الشفافة، لأن المرأة يجب عليها ستر عورتها بما لا يشف ولا يصف من الثياب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(11/5454)
حكم كشف المرأة وجهها في الصلاة داخل الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا شيخ هل يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ويديها حين أداء الحج أو العمرة، لدي سؤال آخر هل تكشف المرأة وجهها في الصلاة إذا كانت في الحرم حيث أن أكثر الأماكن للنساء في الحرم مكشوفة؟ وشكرا لك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع للمرأة المحرمة أن تكشف وجهها وكفيها، إذا لم يكن ذلك بحضرة الرجال الأجانب، وفي حالة وجود رجال أجانب فإنها تسدل على وجهها، وتغطي كفيها من ثوبها أو غيره مما لم يكن ما تغطي به مفصلاً على قدر الوجه أو الكف، إذا أن المرأة المحرمة يحرم عليها لبس النقاب والقفازين، وتفصيل ذلك وأدلته في الفتوى رقم:
7088 والفتوى رقم:
4351.
ولا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها في الصلاة في مكان ينظر إليها الرجال الأجانب فيه، وإن كان ذلك بالحرم، إذ أن الواقع -كما ذكرت من السؤال- أن الأماكن المخصصة للنساء مكشوفة، بحيث يسهل نظر الرجال إليهن، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
4523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/5455)
حكم مشاهدة البرامج الدينية بملابس غير محتشمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة متزوجة وأعيش مع زوجي وحدنا في البيت ولهذا أكون دائما شبه عارية في البيت حتى وأنا أشاهد التلفاز يعني المسلسلات العربية وبعض البرامج الدينية وأنتم أدرى مني به أن أكثر البرامج فيها رجال فما الحكم به أني عارية وأنا أشاهد هؤلاء الرجال، علي فكرة لا أحساس ولا شعور تجاههم وأخيرا هل أتستر وأتحجب وأنا أشاهد أو لا ضرورة وشكرا جزيلا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم مشاهدة المسلسلات في الفتوى رقم:
1791.
ولا فرق في منع مشاهدتها بين الرجل والمرأة كما لا فرق أيضاً في حرمه مشاهدتها بين من يجد الإحساس والشعور بما يظهر في تلك المسلسلات من مغريات ومثيرات وبين غيره، أما تعري المرأة في بيتها أمام زوجها فلا حرج فيه، ولو أثناء مشاهدة المسلسلات المحرمة، وراجعي الفتوى رقم:
1886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(11/5456)
حكم كشف المرأة كعبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن المرأة إذا رأى رجل كعب رجلها فهي زانية, أرجو أن تفيدوني وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المرأة المسلمة أن تستر عورتها عن الرجال الأجانب، وعورتها بحضرة الأجانب جميع بدنها، وقد اختلف العلماء في الوجه والكفين فمنهم من قال: إنهما من العورة وأوجب سترهما، ومنهم قال: ليسا بعورة ولكن يجب سترهما إذا خيف بكشفهما الفتنة. وزاد الأحناف القدم وقالوا: إنها ليست من العورة والجمهور على خلاف ذلك، وتراجع الفتوى رقم:
4470.
وإذا ظهر شيء من جسمها ولم تكن تقصد ذلك، ونظر إليها أجنبي فإن الذنب عليه هو وليس عليها لأنها غير عامدة، والله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] .
أما إذا تعمدت ذلك فلا شك في إثمها لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة استعطرت ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية. رواه أبو داود والترمذي.
فهنا تكون مشاركة في الإثم، بل إنها التي تولت كبره لأنها التي تسببت في نظر الأجانب إليها بعدم تسترها.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق الفرج ذلك أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
والحاصل أن القول بأن المرأة إذا رأى رجل كعبها فهي زانية، غير صحيح لأنها يمكن أن يراها وهي لا تقصد ذلك، ولا ترضى به، ولم تتسبب فيه أما إذا كشفته، وقصدت ذلك فلا شك أن هذا حرام وعليها إثمه ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(11/5457)
تستر العورة إلا عمن أذن الشرع له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تظهر عورة الرجل على أهل بيته (الأب - الأم - الإخوة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حد العورة بالنسبة للرجل ما بين السرة إلى الركبة، فيجب على المسلم سترها إلا عن زوجته.
ولتفصيل ذلك والأدلة عليه نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 12312، والفتوى رقم: 1969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/5458)
الله أحق أن يستحيا منه من الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كشف ما فوق الركبة أو لبس الملابس الداخلية فقط بشكل دائم إذا لم يوجد سوى الزوجين في المنزل وهل هذا يذهب الملائكة وخاصة في حر الصيف وهل يجوز قراءة القرآن غيبا بهذا الوضع أفيدونا جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يكشف أحد الزوجين عورته بحضرة الآخر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك. رواه الترمذي. ...
إلا أن الأولى هو الستر حتى ولو كان الإنسان وحده وذلك استحياء من الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الله أحق أن يستحيا منه من الناس. رواه البخاري.
وكذلك إكراماً للملائكة الكرام الحافظين الذين لا يفارقون الإنسان إلا في حالتين نص عليهما في هذا الحديث، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم. رواه الترمذي.
وقد ذكر أهل العلم أن هناك ملائكة غير الحفظة، مهمتهم التطواف بالبيوت يدعون لأصحابها بالرحمة والتبريك والاستغفار، وهؤلاء هم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. رواه مسلم.
وبهذا يعلم السائل أن الحالة التي أنت عليها وزوجتك لا تمنع من دخول الملائكة؛ وإن كان الأحسن الاستحياء والتستر، وذلك مراعاة لما ذكره الطبري وابن كثير في البداية نقلاً عن ابن إسحاق: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر زوجته خديجة رضي الله عنها بمجيء جبريل له قالت: إذا جاءك صاحبك فأخبرني، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم أخبر خديجة فحسرت فألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرها ثم قالت: هل تراه؟ قال: لا. قالت: يابن عم، اثبت وأبشر، فوالله إنه لملك ما هذا شيطان.
أما فيما يتعلق بقراءة القرآن على الهيئة التي ذكرت فلا شيء فيها، وذلك لما علم من جواز قراءة القرآن في جميع الأحوال ما لم يكن القارئ جنبا فيمنع، أو بمكان مستقذر فتكره كالحمامات وبيوت الخلاء ونحوها.
وما عدا هذا فلا حرج، لما في سنن النسائي وأبي داود ومسند أحمد عن علي رضي الله عنه قال: لم يكن يحجبه -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن القرآن شيء، ليس الجنابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/5459)
العورة أمام القريب وغيره سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي العورة أمام الأب والخال والعم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعورة الرجل مع الرجل هي ما بين السرة والركبة سواء أكان قريبا له أم لا. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/5460)
لا حرج في ستر قدمي المرأة بالجوربين أو بأي ساتر
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما الحكم في لبس الجوارب أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليك جمهور أهل العلم أنه يجب على المرأة ستر قدميها أثناء الصلاة، سواء كان ذلك بذيل ثوبها، أم كان بالجوربين.
ولا يجب ذلك على الرجل، وإنما قلنا بوجوب ذلك على المرأة، لما روى أبو داود في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها. ورواه الحاكم، وصححه وأقره الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/5461)
أقوال العلماء في تحديد نظر الرجل من محارمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الذي يجوز للرجل أن يراه من ابنته البالغة؟ وهل يجوز له أن يقبلها في فمها أو يحضنها؟
أرجو ذكر أقوال العلماء في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في تحديد ما يجوز أن يراه الرجل من محارمه من النساء، سواء كان أباً أو غيره.
فذهب الحنفية إلى جواز نظره إلى الرأس والوجه والصدر والساق والعضد، ويحرم عليه النظر إلى ما بين سرتها وركبتها وظهرها وبطنها، وعرَّفوا البطن بأنه ما لان من المقدم، والظهر ما يقابله من المؤخر.
فقد نقل في رد المحتار عن الرحمتي قوله: (الظهر ما قابل البطن من تحت الصدر إلى السرة أي: فما حاذى الصدر يسمى من الظهر الذي هو عورة) . ا. هـ
وذهب المالكية -كما في منح الجليل-: إلى أنه لا يجوز له النظر إلى جميع جسدها غير الوجه والأطراف من عنق ورأس وذراع وقدم، لا ظهر وصدر وثدي وساق، ويجوز لمس وجهها وأطرافها إن لم يخش اللذة.
وذهب الشافعية: إلى أنه يجوز له النظر إلى جميع بدنها، ما عدا ما بين السرة والركبة، وقيل: ما يبدو في المهنة فقط.
قال الخطيب الشربيني في شرحه على المنهاج: (ولا ينظر الفحل من محرمه الأنثى من نسب أو رضاع أو مصاهرة ما بين سرة وركبة منها. أي يحرم نظر ذلك إجماعاً، ويحل بغير شهوة نظر ما سواه -أي المذكور- وهو ما عدا ما بين السرة والركبة، لأن المحرمية معنى يوجب حرمة المناكحة، فكانا كالرجلين والمرأتين، فيجوز النظر إلى السرة والركبة، لأنهما ليسا بعورة بالنسبة لنظر المحرم، فهذه العبارة أولى من عبارة ابن المقري تبعاً لغيره بما فوق السرة وتحت الركبة، وقيل: إنما يحل نظر ما يبدو منها في المهنة فقط، لأن غيره لا ضرورة إلى النظر إليه، والمراد بما يبدو في المهنة: الوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة) . والمهنة هي: الخدمة.
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يجوز للرجل النظر إلى محارمه من النساء، إلا ما يظهر من المرأة غالباً.
قال ابن قدامة في المغني: (ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستتر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما) . ا. هـ
وقد سبقت لنا فتوى بترجيح مذهب الحنابلة في هذه المسألة وهي برقم: 599.
ولا ينبغي للأب أن يقبل ابنته البالغة في فمها أو يحتضنها، لأن فعل هذا مما يثير الشهوة، وينبغي ألا يفعل مطلقاً.
أما مع خشية الفتنة، فيحرم التقبيل ولو كان في غير الفم، وكذا الحضن، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/5462)
كيف يستر الرجال والنساء عوراتهم عن أعين الجن
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان يجب على المرأة الالتزام وهو واجب طبعاً فهل عليها أن تلتزم على الجان علماً بأننا لا نراهم وهم موجودون في كل مكان أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجن خلق من خلق الله تعالى، خلقهم الله لحكمة أرادها، وهي نفس الحكمة التي خلق من أجلها الإنس، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذريات:56] .
وقد جعل الله تعالى لهم من الصفات ما يتمكنون به من سرعة التنقل واجتياز الحواجز، ورؤية الإنس دون أن يروهم، قال تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27] .
ولهذا لم يأمرنا الله تعالى بإخفاء عوراتنا عنهم، لما في ذلك من العسر والمشقة، ولم يكلفنا بسترها إلا عن بني آدم، وقد سبق بيان حدود العورة بين بني آدم رجالاً ونساءً في الفتوى رقم:
1265 والفتوى رقم:
2951 والفتوى رقم:
1969 والفتوى رقم:
4470.
ومع هذا فقد جاء في الشرع ما يدلنا على الأدب العالي والخلق الرفيع، على سبيل الندب والاستحباب، في كيفية التعامل مع الجن من ناحية العورة، ففي سنن الترمذي عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم، إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله. وهذا عام في الرجال والنساء، والحديث صححه الألباني رحمه الله.
وسئل الإمام مالك -رحمه الله- عن غسل الرجل عرياناً في الفضاء؟ فقال: لا بأس به.
وقرر العلماء أن التعري مطلقاً من غير حاجة إليه مكروه، لأنه ينافي الحياء من الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن حيدة رضي الله عنه: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال معاوية يا رسول الله، فإن كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه، color=maroon>الألباني وعلقه البخاري، وراجع الفتوى رقم:
7605
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/5463)
الركبة ليست من العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أرتدي (شورت) يظهر جزءاً من عورتي -الركبة- أمام رجال مثلي (في التمرين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء -وهو الراجح- إلى أن عورة الرجل من سرته إلى ركبته، وليست السرة والركبة داخلتين في العورة، ويشترط ألا يكون اللباس ضيقاً بحيث يصف أعضاء العورة، وألا يكون شفافاً بحيث تبدو بشرة العورة من تحته دون تأمل الناظر.
وبناءً على ما سبق فإن (الشورت) الذي تلبسه مباح إذا لم يظهر منه إلا الركبة -كما ذكرت- لأنها ليست من العورة على الراجح، مع مراعاة الشروط التي ذكرناها، ولمعرفة المزيد عن ذلك راجع الفتوى رقم:
12312 والفتوى رقم: 1969 والفتوى رقم:
4044 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/5464)
رؤية الأولاد أمهم عارية ... نظرة تأديبية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للابن أن يرى أمه عارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأبناء يختلف حكم نظرهم إلى عورات أمهاتهم باختلاف عقلهم وسنهم، فإن كانوا يعقلون معنى كشف وظهور العورة، فإنه ينبغي أن لا تظهر أمامهم سوى ما يجوز كشفه أمام المحارم البالغين، وهي الأطراف، كالرأس والذراعين والقدمين تربية وتأديباً لهم.
وأما إن كانوا لا يعقلون معنى العورات، فلا حرج في ظهور بعض جسدها أمامهم، قال القرطبي: (وهو الصحيح.)
وذهب بعض العلماء إلى عدم الجواز، وهو أحوط، لئلا يعتاد على رؤية العورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/5465)
ستر قدمي المرأة واجب في الصلاة في المسجد وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للمرأة هل لبس الجوارب داخل المسجد يعتبر سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المرأة ستر قدميها في الصلاة عند جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، لما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار؟ فقال: "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها".
ولا يتعين الستر بالجوارب، بل يكفي أن تستر قدميها بثوبها، وهو المراد بالدرع في الحديث السابق.
ولا فرق في ذلك بين كون المرأة تصلي في بيتها أو في المسجد، وأما الوجه والكفان فلا شيء في كشفهما في الصلاة عند جمهور العلماء، إلا أن تصلي في حضرة رجال أجانب، فيجب عليها الستر على الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/5466)
الأولى بالمرأة أن تصلي مستورة عن رؤية الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في صلاة الأم (أو امرأة في البيت) أو إحدى الأخوات (البنات) أمامي هل الصلاة تكون صحيحه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المرأة في أن تصلي بحضرة زوجها أو أحد محارمها أو رجل أجنبي عنها ما دامت ساترة ما يجب عليها ستره في الصلاة، وصلاتها صحيحة ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء؛ إلا أن الأولى بها أن تصلي في مكان يسترها عن رؤية الرجال لاسيما الأجانب عنها، فهو أحسن ستراً وأفضل أجراً.
فقد روى أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها".
والمراد ببيتها: بيتها الداخلا ني. والمراد بحجرتها: صحن الدار وهو ما تكون البيوت إليه. والمراد بمخدعها: البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير. أفاد كل ذلك صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(11/5467)
حكم صلاة المرأة في السروال
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل تجوز الصلاة في حجاب السروال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الصلاة بكل ثوب طاهر يستر العورة لا يصف ولا يشف، وعورة المرأة في الصلاة كل جسمها إلا وجهها وكفيها، فإذا كانت السراويل المذكورة كذلك فلا بأس في أن تصلي فيها المرأة، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 14252، والفتوى رقم: 10696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(11/5468)
الحكمة من ستر بدن المرأة في الصلاة وأمام الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا المرأة عندما تصلي تلبس الغطاء الكامل والرجل لا يلبس ولماذا لا نصبح نحن النساء مثلهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تبارك وتعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] . وقال: يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا [الأعراف:27] .
فأخذ الزينة للصلاة وستر العورة عند أدائها مطلوب من جميع المسلمين -رجالاً كانوا أو نساء- والذي خلقهم وأمرهم بذلك أمرهم لحكمة واضحة لا تخفى على ذي بصيرة، فالذي يريد أن يقف بين يدي الكبير المتعال لابد أن يستعد لذلك بالنظافة والطهارة والستر.
وجسم المرأة يختلف عن جسم الرجل وإن كانت خلقت منه وخلق منها -ولهذا فرض الله تعالى عليها ستر بدنها في الصلاة وأمام الأجانب لحكمة لا تخفى على عاقل، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن [الأحزاب:59] .
وقد حاول شذاذ من أبناء البشر أن يتمردوا على الفطرة ويرفضوا هذه الحقيقة، ولا يقبلوا فرقا بين الرجل والمرأة.. فتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، ولكنهم اصطدموا بالواقع فلم يتحقق شيء مما أرادوا ولن يتحقق،لأن الرجل غير المرأة والمرأة غير الرجل، ولكليهما أحكام تخصه في الفرعيات وإن كان النداء العام يتوجه إليهما على السواء، فهما سواء في التكاليف العامة وفي الأجر والوزر، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] .
والحاصل أن الله فرض على المسلم (رجلاً أو امرأة) ستر عورته، وحدد عورة الرجل والمرأة لحكمة لا تخفى وأمرهما بأخذ الزينة واللباس عند الصلاة.. وهو سبحانه الخالق: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] . أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر [الأعراف:54] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(11/5469)
عورة الأم أمام أولادها -مميزين وغير مميزين-
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عورة المرأة أمام أولادها وأمام النساء؟ ما هو المسموح لبسه وما هو الممنوع.؟؟
أرجو التفصيل , والأولاد في جميع مراحل العمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولاد إذا كانوا غير مميزين فلا يجب على المرأة الاستتار منهم في شيء، وإن كانوا مميزين غير ذوي شهوة فتستر عنهم ما فوق السرة وتحت الركبة، وإن كانوا مميزين ذوي شهوة فحكمهم حكم المحارم الرجال، كما هو مبين في الفتوى رقم:
599.
أما عن لباس المرأة بين النساء فتنظر الفتوى رقم:
1265 والفتوى رقم:
7254 والفتوى رقم:
13914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/5470)
شروط جواز تدليك المرأة للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقوم امرأة بعمل تدليك للجسم (مساج) لي علماً بأنني أرتدي مايوه قطعتين يغطي
الصدر والعورة المغلظة فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك كشف ما بين السرة والركبة لأي امرأة سواء كان ذلك للتدليك أو التزيين أو غيره، لأن مثل هذه الأمور ليست من الضرورة التي تبيح كشف العورة، فإن عورة المرأة أمام المرأة هي ما بين السرة والركبة، إلا أن تكون المرأة كافرة أو مسلمة فاسقة فلا يجوز لك كشف شيء من جسدك أمامها، سوى الوجه والكفين. كما هو مبين في الفتوى رقم:
7254.
وعليه، فإذا أردت أن تدلكك امرأة فعليك لبس ما يستر عورتك، وبشرط أن تكون من تدلكك مسلمة مأمونة غير فاسقة، وأن يكون ذلك في بيتك لا في صالونات التجميل ولا في الحمامات إلا لضرورة، إذ لا يجوز لك نزع ثيابك لمثل هذا الأمر في غير بيت زوجك، كما هو مبين في الفتوى رقم:
3379 والفتوى رقم:
10387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/5471)
التكشف أمام الطفل المميز حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع ابني أن يراني عاريا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل أو المرأة التكشف أمام ولدهما ولو كان طفلاً، ما دام قد بلغ سنا يميز فيها بين الشخص المتعري والشخص المتستر.
ولذا أمر الله سبحانه وتعالى الأطفال المميزين أن لا يدخلوا على أهليهم في أوقات معينة إلا بإذن، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) [النور:58] .
لأن هذه الأوقات مظنة كشف العورات، ولذا ذهب الحنفية والمالكية إلى وجوب استئذان الأطفال في هذه الأوقات، أما في غيرها فلا حرج في دخولهم بغير إذن، لما في ذلك من الحرج في الاستئذان عند كل دخول وخروج، والصغير من الطوافين الذين يكثر دخولهم وخروجهم.
فإذا بلغ الطفل الحلم، فيجب عليه الاستئذان في كل وقت كالكبير، لقوله سبحانه: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [النور:59] .
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/5472)
هل يجوز الاطلاع للتأكد من سلامة غشاء البكارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن للمرأة التاكد من بقاء البكارة أو إزالتها إذا كانت قد تعرضت للوقوع في الفاحشة من أحد أقربائها وهي في العاشرة من العمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النظر إلى العورة محرم شرعاً، فقد جاء الأمر من الشارع بغض البصر، وحفظ العورة عن غير الأزواج، ومن المعروف أن التأكد من وجود البكارة أو عدمها لا يمكن إلا بواسطة الإطلاع على العورة المغلظة، لذا فإنا نرى أنه لا يجوز للمرأة أن تمكِّن أي أحد من الاطلاع على عورتها ولو كان امرأة.
ويجب على السائلة أن تتوب إلى الله تعالى مما حصل منها إذا كان ذلك باختيارها وبعد بلوغها، وذلك بالندم على ما بدر منها، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، والتزام ما أقر به الشرع في التعامل مع المحارم ومع غير المحارم، وراجعي الفتوى رقم: 5047، والفتوى رقم: 15102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(11/5473)
كشف رسغ المرأة في الصلاة لا يختلف عن الكف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كشف الرسغين في الصلاة أم أنهما عورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عورة المرأة أثناء الصلاة هي جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وحد الكف هو ما بين رؤس الأصابع إلى الكوع، وانظر أسنى المطالب على روض الطالب لمؤلفه زكريا بن محمد الأنصاري الجزء الأول ففيه بيان هذا الحد للكف.
وعليه، فكشف الرسغ لا يختلف عن كشف الكف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(11/5474)
حدود عورة الأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن عورة المرأة الأمة أي العبدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تبارك وتعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف:26] .
وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31] ، قال القرطبي: وهو خطاب عام لجميع العالم، لأن العبرة للعموم لا للسبب.
ومن آداب الإسلام وأخلاقه الراقية أنه يعوِّد أتباعه على ستر ما يستقبح كشفه، ولهذا اشترط الستر لأعظم ركن من أركانه بعد الشهادتين وهو الصلاة، وأمر بالزينة في كل وقت من حياة المسلم، وخاصة أوقات العبادة. واستنكر على الذين يحرمون زينة الله على العباد، فقال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) [الأعراف:32] .
وقد حدد العلماء عورة كل من الرجل والمرأة، وما يجب ستره وما يستحب من ذلك، فعورة الرجل والأمة (المملوكة) من السرة إلى الركبة، لما رواه الدارقطني والبيهقي عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته". وفي سنن أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً: "وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة، فإنما تحت السرة إلى الركبة من العورة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(11/5475)
حدود جواز حلاقة المرأة لبنات جنسها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلاقة المرأة للمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمرأة أن تحلق للمرأة في الموضع الذي يحل لها النظر إليه من المرأة وهو ما عدا ما بين السرة والركبة، وما يباح النظر إليه يباح لمسه، لأن النظر واللمس فيما ليس بعورة سواء.
ويشترط في هذا اللمس والنظر أن يكونا بدون شهوة وأن تؤمن الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/5476)
يباح لكل من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جلوس الزوجين بدون ملابس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد، تختلف فيه أيدينا، فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي، قالت: وهما جنبان ...
قال الحافظ في (الفتح 1/290) : (استدل به الداوودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء، فقال: سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة) .
قال ابن عروة الحنبلي في (الكواكب) : (ومباح لكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه ولمسه حتى الفرج.. لهذا الحديث، ولأن الفرج يحل له الاستمتاع به فجاز النظر إليه ولمسه كبقية البدن) .
وترجم البخاري في صحيحه: باب من اغتسل عرياناً وحده في الخلوة، ومن تستر فالستر أفضل، ثم ساق حديث أبي هريرة رضي الله عنه في اغتسال كل من موسى وأيوب عليهما السلام في الخلاء عريانين.
أما حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك" قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: "إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها" قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: "الله أحق أن يستحيا منه" رواه أصحاب السنن بسند حسن.
فهذا الحديث قال عنه المناوي: (حمله الشافعية على الندب، قال: لأن الله تعالى لا يغيب عنه شيء من خلقه عراة أو غير عراة) .
وذكر الحافظ في الفتح نحو هذا الكلام (1/307) .
أما ما روي من حديث عائشة في سنن ابن ماجه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، ولا يتجرد تجرد العيرين"، فهو حديث ضعيف أعله البوصيري بوجود الأحوص بن حكيم في إسناده وهو ضعيف، وضعف الراوي عنه وهو الوليد بن القاسم الهمداني ضعفه ابن معين، ولهذا جزم العراقي في تخريج الإحياء بضعف سنده.
ذكر ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب آداب الزفاف (ص 108-111) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/5477)
فالله أحق أن يستحيا منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجلوس بالشورت في البيت إن أبي يمنعني بحجة أن الملائكة تستحي من النساء العاريات فلا تدخل المنزل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الحديث الذي رواه الترمذي وصححه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مما مَلَكَتْ يَمينُكَ"، فَقَالَ:-أي الراوي- الرّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرّجُلِ؟ قالَ: "إن اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ"، قلت: فالرّجُلُ يَكُونُ خَالِياً، قالَ: "فَالله أَحقّ أَنْ يستحيا مِنْهُ".
وفي مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة".
ففي هذين الحديثين ما يدل على طلب ستر العورة في جميع الأوقات؛ إلا في وقت قضاء الحاجة وعند اتيان الرجل زوجته. وكذلك يدلان على أن ستر العورة واجب عن جميع الأشخاص إلا عن الزوجة والزوج وما احتيج إليه كالطبيب.
وعورة المسلمة بالنسبة لمحارمها ما عدا الوجه والأطراف كالرأس والعنق والساق، وأمَّا ما يستر غالباً كالصدر والظهر والفخذ فلا يجوز لها أن تبديه لهم ولا يجوز لهم النظر إليه.
والواجب في بيوت المسلمين أن تبنى على التستر والحياء والحشمة، وأن ينأى بها عن السير في فلك الغربيين المستغربين، وقد أحسن والدك إذ منعك من الجلوس على تلك الحال، وأما الملائكة المطهرون "غير الحفظة" فلا يحضرون إلا الأماكن الطاهرة، ولا يكونون إلا مع المؤمنين المتقين القائمين بأمر الله المحافظين على حدوده وأوامره.
والملائكة من الحفظة وغيرهم عباد مكرمون على المسلم أن يكرمهم ويستحي منهم فلا يتعرى أمامهم، روى الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله قال: إياكم والتعري! فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(11/5478)
هل أسفل الذقن وفوق الرقبة من عورة المرأة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تصنف المنطقة أسفل الذقن وفوق الرقبة (التي لا يغطيها عادة غطاء الرأس وحده) وهل هي عورة؟ وهل يجب سدل الحجاب على الصدر مع العلم أن منطقة الصدر تكون مغطاة بالجلباب الذي لا يصف هذه المنطقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجسد المرأة يجب أن يغطى جميعاً عن الرجال الأجانب، قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:59] .
ولم يختلف أهل العلم اختلافاً معتبراً إلا في الوجه والكفين، مع أن الراجح هو وجوب تغطيتهما، وهذه المنطقة المسؤول عنها ليست من الوجه فعلى هذا تجب تغطيتها عند الجميع.
وراجع الفتوى رقم:
3884 5521 6745
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(11/5479)
حكم النظر إلى عورة الطفل -ذكرا أو أنثى-
[السُّؤَالُ]
ـ[وهل يجوز للأب النظر إلى عورة طفلته الرضيعة في حالة تغيير ملابسها شكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطفل - ذكرا كان أو أنثى - لا حكم لعورته إلا إذا بلغ سبع سنين، فيجوز للوالد وغيره النظر إلى جميع بدنه بما في ذلك السوأتان، كما يجوز مس ذلك أيضاً ما دام لم يبلغ السبع، ولكن ذلك مقيد بما إذا لم يأنس الناظر أو اللامس من نفسه ميلا غير طبيعي إلى الطفل فمن أنس من نفسه ميلا غير طبيعي وجب عليه الابتعاد عن النظر واللمس؛ بل يجب عليه الابتعاد من الخلوة بهذا الصبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(11/5480)
عورة الرجل عند أهل المذاهب الأربعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الفخد على المذاهب الاربعة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فعورة الرجل هي ما بين السرة والركبة عند الشافعية والحنابلة والحنفية والمالكية في المشهور عندهم.
والسرة والركبة ليستا عندهم من العورة؛ إلا الحنفية فإن الركبة عورة عندهم.
وبهذا يعلم أن الفخذ عورة عند جمهور أهل المذاهب الأربعة، وهو الصحيح لما أخرجه أحمد في مسنده عن جرهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " رآه قد كشف عن فخذه، فقال: "غط فخذك فإن الفخذ من العورة " وروى الدارقطني وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي" لا تكشف فخذك، ولا تنظر فخذ حي ولا ميت " وهذان الحديثان صريحان في أن الفخذ عورة، علماً بأن سند الحديثين لا يخلو من ضعف لكنهما مع غيرهما مما جاء في هذا الباب يقوي بعضها بعضاً قال الألباني رحمه الله في إرواء الغليل: (فإن بعضها يقوي بعضاً لأنه ليس فيها متهم، بل عللها تدور بين الاضطراب والجهالة والضعف المحتمل، فمثلها مما يطمئن القلب لصحة الحديث المروي بها، لا سيما وقد صحح بعضها الحاكم ووافقه الذهبي وحسن بعضها الترمذي وعلقها البخاري.
انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(11/5481)
تعويد الأولاد على الستر من الصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي تبلغ من العمر 4 سنوات وزوجي يعترض على نزولها حمام السباحة مع أني ألبسها لبس ما يعرف بالمايوه الشرعي فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك بطاعة زوجك، وتنفيذ أمره الذي ليس فيه مخالفة لما شرع الله، واعلمي أن الصبية والصبي دون سبع سنين لا حكم لعورتهما قال الإمام أبو داود: قلت لـ أحمد: (الصبي يستر كما يستر الكبير؟ أعني الصبي الميت في الغسل. قال: أي شيء يستر منه وليست عورته بعورة، ويغسله النساء) . ونص على ذلك صاحب الروضة من الشافعية.
ولا شك أن من أساليب التربية الإسلامية الصحيحة أن يعود الأب والأم ولدهما على ستر العورة من الصغر، حتى إذا بلغ كان معتاداً على الستر.
وكذلك ينبغي تعويد البنت من صغرها على عدم الاختلاط بالذكور في أماكن لعبهم ولهوهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/5482)
أقوال العلماء في صلاة من انكشف قدماها
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجب على المرأة تغطية رجليها عند الصلاة؟
وإذا انكشف جزء بسيط دون قصد فهل صلاتها جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا أن القدمين من العورة، وهذا مذهب جمهور العلماء، ومنهم الشافعية، والمالكية، والحنابلة، وانظر الفتوى رقم:
5777
وعلى هذا القول، فإن انكشف شيء من القدمين فتداركته بستره فصلاتها صحيحة، فإن تراخت ولم تبادر فيلزمها إعادة الصلاة ما دام الوقت باقياً. أما أبو حنيفة فيرى أن القدمين ليستا من العورة، وعلى رأيه فلا إشكال، ولكن قول الجمهور هو الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(11/5483)
أولى الناس بتغيير ملابس المشلول وتغسيله
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد خالص شكري وامتناني للقائمين على هذا الموقع المبارك، أرجو الإجابة عن السؤال التالي:
يوجد عندنا في البيت ولد معوق (جسميا وعقليا) يبلغ من العمر ما يقارب 12 عاما (لكن جسمه في حجم من له 7 سنوات) ، وقد ظهرت عليه علامات البلوغ، لكنه مشلول عن الحركة تماما، والذي يقوم بالاعتناء به هي الخادمة، فهي التي تغسله وتكسيه ملابسه وما شابه ذلك، أي أنها تطلع على عورته باستمرار، فماالحكم في ذلك؟ وهل لأحد من أخواته أوإخوانه أو والديه القيام بهذا العمل؟ مع العلم أنه يصعب جلب خادم (رجل) يخدمه في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كشف العورة لا يجوز إلا عند الضرورة، أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وغسل المشلول وتغيير ملابسه ينزل منزلة الضرورة، ويقوم بذلك أحد والديه لكمال شفقتهما، وهذا هو الأولى، فإن عجزا فأحد إخوانه، فإن عجزوا أو امتنعوا فالخادم، فإن لم يتمكن أهله من إحضار خادم له، فالخادمة. والقاعدة في هذا قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن:16] ومن قام بغسله فعليه أن يغض بصره ما استطاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(11/5484)
حكم صلاة المرأة في الثياب القصيرة والضيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة في العمل حيث:
يراها زملاؤها وهي ساجدة وراكعة، 2- تلبس ملابس قصيرة وضيقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عورة المرأة خارج الصلاة وداخلها بحضور الأجانب هي: كل جسمها، على الراجح من أقوال العلماء، أما عورتها أثناء الصلاة بغير حضور الأجانب فهي كل جسمها، إلا الوجه والكفين، على الراجح من أقوال العلماء أيضاً، وإنما يحصل الستر لعورة المرأة بما يعتبر ساتراً شرعاً، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6745
وعليه، فإنه لا يجوز للمرأة أن تظهر بالثياب الضيقة أمام الأجانب، سواء كانت في الصلاة أو خارجها، وكما أن المرأة تأثم إذا أظهرت ما أوجب الله عليها ستره وتغطيته، فإنها تأثم إذا صلَّت كذلك، وتبطل صلاتها، لأن ستر العورة من شروط صحة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1422(11/5485)
حكم كشف العورة لغرض الصيانة من الدنس
[السُّؤَالُ]
ـ[أمس ذبحت شاة بيدي ولخشيتي تلوث ثوبي بالدم كشفت ساقي فهل يجوز للمرأة كشف ساقها وهي تذبح إن لم يكن يراها أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصواب من أقوال أهل العلم وجوب ستر العورة حال الخلوة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود: فالله أحق أن يستحيى منه.
وعورة المرأة حال الخلوة ما بين السرة والركبة، قال زكريا الأنصاري الشافعي وهو يتحدث عن عورة المرأة في كتابه شرح روض الطالب: وفي الخلوة في غير الصلاة ما بين السرة والركبة. ا. هـ
وما فعلته الأخت السائلة ليس فيه كشف للعورة على هذا، على أنا نقول إن عرضت حاجة لكشف العورة حال الخلوة جاز، وبهذا صرح كثير من أهل العلم بل صرحوا بجواز كشفها لما هو دون الحاجة، قال صاحب روض الطالب: قال صاحب الذخائر: يجوز كشف العورة في الخلوة لأدنى غرض، ولا يشترط حصول الحاجة، قال: ومن الأغراض كشف العورة للتبريد، وصيانة الثوب من الأدناس والغبار عند كنس البيت وغيره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/5486)
أخذ عينة البول ممكن بدون كشف العورة أمام الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحه الشيخ أنا موظف في الخطوط الجوية السعودية لقد قامت إدارة الصيانة الفنية التي أنا أحد منسوبيها بإخضاع كل الفنيين الحاصلين على شهادات قيادة الطائرات على فحص طبي شامل سنويا
ومن ضمن هذا الفحص إجراء تحليل بول -أكرمكم الله- ولكي تؤخذ هذه العينة يقوم أحد منسوبي المستشفى الطبي بالدخول مع الموظف داخل الحمام ويطلب من الموظف التبول أمامه دون خجل أو حياء من الله ويقول إنه يجب أن يرى البول يخرج من ذكر الموظف لكي يتأكد من ذلك............فهل هذا العمل جزاكم الله خيرا يجوز من الناحية الشرعية أم لا أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير.
أخوكم أبو عبد الله من السعودية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأحد أن يكشف عن عورته إلا لزوجته أو أمته، إلا أنه يستثنى من ذلك الضرورة، وليس ما ذكره السائل من الضرورة، لأنه يمكن أن يحصل التأكد بطريقة أخرى غير كشف العورة والنظر إليها، وذلك كأن يخصص لمن أرادوا فحص بوله مكاناً لا يوجد فيه أي وسيلة لإمكان الغش، ويفتشوا الشخص قبل دخوله إليه، كما أنه يمكن أن يراقبه الطبيب وهو يبول دون أن يطلع على عورته بأن يكون الطبيب وراءه مثلاً.
وعلى العموم، فالوسائل التي يستطيعون بها التأكد من عدم الغش كثيرة، ولا ندري لماذا يصر هذا الطبيب على أن يرى عورات الرجال، فحاولوا أن تنصحوه وتخبروه أن هذا لا يجوز، فإن استجاب وإلا فارفعوا الأمر إلى المسئولين عن هذا الأمر، وبينوا لهم الوجه الشرعي، فإن لم يستجيبوا لكم -وهو أمر مستبعد في مثل بلدكم هذا- فارفعوا الأمر إلى المشايخ والعلماء ليتولوا خطابهم فيه ونصحهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(11/5487)
عورة الأم أمام أبنائها الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي عورة الأم أمام أبنائها الصغار, وأمام
أبنائهاالبالغين؟.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عورة الأم أمام أبنائها الصغار تختلف باختلاف عقلهم وسنهم، فإن كانوا يعقلون معنى الكشف وظهور العورة، فإنه ينبغي على الأم ألا تُظهر شيئاً من بدنها أمامهم سوى الأطراف التي يجوز للمحارم البالغين رؤيتها، وهذا من باب التربية والتدريب لهم.
وأما إن كانوا لا يعقلون معنى العورات، فإنه لا شيء على الأم في ظهور بعض جسدها أمامهم، لأنه لا تكليف عليهم، قال القرطبي: (وهو الصحيح) وقال بعض العلماء: لا يجوز، وهو أحوط، ليعتاد الطفل على عدم رؤية العورات.
أما عن عورة الأم مع محارمها البالغين فراجع الفتوى رقم:
599
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(11/5488)
حكم النظر إلى فخذ الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم مشاهدة من يلعبون بسراويل قصيرة (التبان) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن ينظر إلى فخذ رجل بالغٍ حياً كان أو ميتاً، وكذلك إن لم يكن بالغاً إن كان ممن يشتهى، لما رواه أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين السرة والركبة عورة" ولما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي أو ميت."
وعليه، فيحرم النظر إلى من يلعبون بسراويل قصيرة تكشف عن أفخاذهم، لما في ذلك من النظر إلى عورتهم المحرم النظر إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/5489)
ليس العلاج لمن ارتكب ذنبا أن يرتكب آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أريد أن أوجه سؤالاً إلى حضرة المفتي وهو هل يجوز للفتاة المسلمة أن تصلي وهي لا ترتدي الحجاب مع العلم أن لديها ظروفاً تمنعها من ذلك أرجو الإجابة على البريد الالكتروني وعلى الموقع نفسه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة البالغة لا تصح صلاتها إلا بستر عورتها، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل صلاة حائض إلا بخمار" رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.
والمراد بالحائض هنا: التي بلغت سن المحيض.
وقد سبق بيان حد العورة من المرأة في الصلاة في الجواب رقم: 4523 وليس للمرأة أن تصلي بغير ذلك إلا إذا لم تجد ما تستر به العورة فتصلي بحسب حالها، وتبتعد عن نظر الأجانب، لأن الله عز وجل يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن:16] هذا إذا كان سؤال الأخت عن حكم لبس الحجاب في الصلاة، وإما إن كان مرادها السؤال عن صلاة المرأة التي لا تلتزم بالحجاب الإسلامي في سائر أوقاتها: هل يجوز لها أن تصلي؟ أم أن ارتكابها لتلك المعصية يحول بينها وبين الصلاة؟
فالجواب أن الصلاة فريضة، بل هي آكد الفرائض العملية بعد التوحيد، وقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم حداً بين الكفر والإيمان، فلا يجوز لمسلم ولا مسلمة التهاون بالصلاة أو تركها، مهما كثرت ذنوبه.
بل الواجب الحرص على أداء هذه الصلاة في وقتها بشروطها وأركانها، والحرص على الخشوع فيها لعلها أن تكون كفارة لبعض الذنوب، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر" وليس العلاج لمن ارتكب ذنباً أن يرتكب آخر، أو يترك فريضة، وإنما الواجب التوبة والمسارعة إليها قبل الممات، فإن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، كما نطق بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1422(11/5490)
حكم كشف الرجل عما فوق سرته وتحت ركبته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعرية الرجل لنصفه العلوي أو لبس لباس بحر أو شورت أمام أحد حتى ولو في بيته حرام؟ وهل عورة الرجل هي منطقة الفرج فقط أم ما بين سرته حتى ركبتيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كشف الرجل عما فوق سرته، وتحت ركبته أمام الآخرين في بيته، أو عمله، أو غيرهما جائز، لأن عورة الرجل هي ما بين سرته وركبته، هذا على القول الراجح من أقوال العلماء، والدليل عليه ما رواه أحمد وأبو داود والدارقطني بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين السرة والركبة عورة".
وروى أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت".
هذا مع أن كشف الرجل عما جرت العادة بستره مما فوق سرته، وتحت ركبته في اجتماعات الناس، أو مساجدهم، ونحو ذلك، قد يكون من خوارم المروءة التي تسقط بها العدالة، وإن كان فاعلها غير مرتكب إثماً، وهو يختلف باختلاف الأشخاص والبلدان، فقد يكون الكشف في حق شخص من خوارم المروءة، ولا يكون كذلك في حق شخص آخر.
وقد يكون من خوارم المروءة في بلد دون بلد آخر وهكذا، فينبغي للمرء مراعاة هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(11/5491)
الصلاة بالملابس القصيرة تحت اللباس السابغ جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة إذا لبست المرأة الملابس الضيقة أو القصيرة تحت ما يسمى بوشاح الصلاة وهو ثوب ساتر وفضفاض لا يصف ما تحته؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الصلاة بكل ثوب طاهر يستر العورة ولا يشف عما تحته، وعورة المرأة في الصلاة كل جسمها إلا وجهها وكفيها، فإذا كان الوشاح المذكور كذلك، فلا بأس بأن تصلي فيه، ولا يضر كون الملابس التي تحته ضيقة أو قصيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/5492)
حكم وضع العباءة على الكتف للمصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع العباءة علىالكتف أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ستر المصلي -رجلاً كان أو امرأة- ما يجب ستره من جسده أثناء الصلاة فلا حرج عليه في وضع العباءة على كتفه أثناء الصلاة، بشرط أن يكون قد أدخل يديه في أكمامها، أما إذا وضعها دون إدخال اليدين فهذا من السدل المنهي عنه، والذي صرح بعض أهل العلم بكراهته، كما أخرجه الترمذي، وأبو دود، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة. انتهى.
قال أبو عبيدة في غريبه: "السدل إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، فإن ضمه فليس بسدل" وقال صاحب النهاية: "هو أن يلتحف بثوبه، ويدخل يديه من داخل، فيركع ويسجد وهو كذلك."
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1422(11/5493)
مس عورة المشلول للقيام بحوائجه لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شاب مشلول شللاً كاملاً لا يستطيع معه الحركة، ويشكل عليه نظافة جسمه من البراز وما شابه وحيث إن أخاه الأكبر هو الذي يقوم بتنظيفه ومساعدته على ذلك إذا كان موجوداً ولكن في حال غياب أخاه الأكبر لا يسمح لأحد بأن بنظفه حيث إن (أمه وأخته) تحاولان إقناعه بأن تقوما هم بتنظيفه ولكنه يرفض بحجة أن ذلك لا يجوز لهما.
السؤال: هل فعلا لا يجوز لأمه مساعدته في تنظيف نفسه وهو على الحالة المذكورة (مشلول) وحتى أخته وما هي الوسيلة التي نستطيع بها تنظيفه من فضلاته وأوساخه حتى يكون نظيفا في نفسه أولا وأيضا لأجل الصلاة، حتى لا تسبب هذه الأوساخ له أمراض أخري وخاصة أن أخاه غير متواجد دائماً
أرجو منكم مأجورين إفتائي عاجلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن عورة الرجل لا يجوز أن ينظر إليها أخوه ولا أمه ولا أخته، لقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله السائل: عوراتنا ما نأتي منها، وما نذر، فقال صلى الله عليه وسلم: "احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك" رواه أبو داود وهذا في حالة الاختيار.
أما في حالة الاضطرار، وهي ما إذا كان الشخص على حالة لا يستطيع معها أن ينظف نفسه من الأذى، ويطهرها من القاذورات الملازمة للإنسان - نسأل الله لنا وللجميع العافية - فعندئذ لا حرج على أي واحد من المذكورين، أو من غيرهم في القيام بإزالة الأذى، وتطهير بدن هذا المشلول، حتى ولو أدى ذلك إلى النظر إلى العورة، ليتمكن من أداء عباداته على طهارة، وحتى ينظف مظهره، وتطيب رائحته، فلا يتأذى هو ولا يُؤذى غيره به، والحاصل أن نظافة هذا الشاب وإزالة الأذى عنه مشروعة لأمه ولأخته تؤجران عليها، وعليهما أن يتجنبا اللمس بلا حائل، والنظر إلى العورة ما استطاعا إلى ذلك سبيلاً، ويجب على الشاب نفسه أن يسمح لهما أو لغيرهما بالقيام بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1422(11/5494)
حكم صلاة من انكشف شيء من رجلها
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أنه إذا ظهرت أو بانت الرجل في الصلاة بطلت صلاة المرأة ويجب إعادتها؟
هل هذا صحيح وماذا يجب على من كانت لا تعلم من قبل، وأثناء صلاتها بان شيء من رجلها هل عليها كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يتعلق بستر الكفين والقدمين في الصلاة سبق بيانه في الفتوى رقم: 4523.
وأما كشف ما زاد على القدمين من الرجل، فإن كنت تعلمين أن ستره من شروط الصلاة، فلم تستريه فصلاتك باطلة يجب عليك إعادتها، وإن كنت لا تعلمين بأن ستره من شروط الصلاة فصلاتك صحيحة، ولا إعادة عليك.
وإن علمت أن ستره من شروط الصلاة، ولكن انكشف دون علم منك، فصلاتك صحيحة، ولا إعادة عليك، وقد روى أبو داود عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: "انطلق أبي وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة، وقال: "يؤمكم أقرؤكم، فكنت أقرأهم لما كنت أحفظ فقدموني، فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صفراء صغيرة، فكنت إذا سجدت تكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم، فاشتروا لي قميصاً عمانياً، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به".
ولم يرد أنه أعاد شيئاً من صلاته تلك.
قال ابن قدامة في المغني: (وهذا ينتشر ولم ينكر، ولا بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره، ولا أحد من أصحابه) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1422(11/5495)
حكم الصلاة باللباس الإفرنجي
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أرتدي اللباس الإفرنجي وأصلي بالناس عندما يغيب الإمام فما الحكم الشرعي إزاء الصلاة في هذا اللباس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي ينبغي للإنسان هو أن يتهيأ للصلاة في أحسن ثيابه، وأجمل وأكمل هيئاته، لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [لأعراف:31] .
فكلما كان استعداد الإنسان روحيا ومظهريا لأداء صلاته أوفى وأكمل، كان أجره أكثر وأعظم، ومع ذلك فاللباس الإفرنجي -البنطلون والقميص القصير- تجوز الصلاة فيهما إذا كان ستر العورة الواجب حاصلا بهما، ولم يكونا محددين للعورة تحديداً واضحاً، فإن حدداها أو أحدهما بسبب الاستدارة الشديدة بكل عضو كرهت الصلاة فيهما.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(11/5496)
عورة الرجل والمرأة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هناك من يصلي أمامي في بيته بالشورت (فوق الركبة) ومع ذلك أنهاه ولا يستمع ما أقول له لأقنعه، الرجاء سرعة الرد حتى أستطيع إقناعه ولكم الثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العورة المطلوب سترها في الصلاة تختلف بالنسبة للرجل والمرأة، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وعورة المرأة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، وعليه، فإذا كان هذا المصلي بالشورت رجلا فإن صلاته صحيحة إذا كان ساترا لما بين السرة والركبة، كما في الجواب رقم:
3889 ولكنها ناقصة الأجر.
وأما إذا كان المصلي امرأة فإن صلاتها باطلة بالاتفاق، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" قال الشوكاني في نيل الأوطار: رواه الخمسة إلا النسائي، وقال أيضاً: والحديث استدل به على وجوب ستر المرأة لرأسها. وقال ابن قدامة في المغني: (أجمع أهل العلم أن المرأة تخمر رأسها إذا صلت، فإن صلت وجميع رأسها مكشوف، فقد أجمع أهل العلم على وجوب إعادة الصلاة) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1422(11/5497)
الصلاة بلباس التمريض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بلباس العمل (مأزر الممرض) مع العلم أنه إجباري طيلة المداومة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الصلاة بكل ثوب طاهر ساتر للعورة، ولكن يستحب أن يكون الثوب جميلاً نظيفاً، لأن المصلي يقابل به الله، وقد قال تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف:31] وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له" رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1422(11/5498)
لا حرج في لبس الجوارب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لبس الجورب في الصلاة بالنسبة للرجال والنساء مع التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لبس الجوارب في الصلاة جائز للرجال والنساء جميعاً، ولا يشترط لذلك أية شروط إذا كان القصد منه اتقاء البرد أو الحر أو لأجل المرض، ونحو ذلك.
أما لبس الجوارب للمسح عليها والاجتزاء بذلك عن غسل القدمين، فهو رخصة كذلك للرجال والنساء على حد السواء، يجوز الأخذ بها بشروط وضوابط مذكورة في الجواب رقم: 5345.
وراجع أيضاً الجوابين رقم: 8116، 6758
فإن فيهما مزيد فائدة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1422(11/5499)
حكم صلاة عاري الصدر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في البيت، وخاصة لما تكثر الحرارة في فصل الصيف، والصدر غير مستور أو عار للرجل وحده أو في صلاة جماعة مع الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الرجل للصلاة في جماعة، ليس حالة اختيارية إن وافقت هوى الشخص فعلها وإن لم توافقه تركها، وإنما هو أمر واجب عيني على الرجال البالغين القادرين، فلا يجوز التكاسل عنه، ولا التهاون في شأنه.
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أعمى، فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: "تسمع النداء بالصلاة؟ " قال نعم. قال "فأجب "، فإذا لم تكن لهذا الأعمى الذي لم يكن له قائد رخصة وعذر يتخلف به عن الجماعة، فلا شك أن غيره أولى، وعلى هذا فالصلاة في البيت للرجال القادرين لا تجوز على الراجح من أقوال العلماء.
ووجود الحر ليس عذرا من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة مادام في حدود الطاقة.
أما صلاة الرجل عاريا صدره، فهي صحيحة على قول الجمهور، لقوله صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: "إذا كان الثوب واسعا فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقا فاتزر به." رواه مسلم
ومعناه أن المصلي إذا كان ثوبه واسعاً فليخالف بين طرفيه، بأن يجعل منه شيئا على عاتقه، وأما إن كان ضيقا لا يصح فيه ذلك فليجعله إزارًا، ومعلوم أن من صلى بإزار فقط أنه صلى عاري الصدر، مع أن الأولى والأفضل للإنسان أن يصلي في أجمل أثوابه، وعلى أحسن هيئاته، لقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف: 31] بل إن من العلماء من يقول بوجوب جعل شيء من الثوب على أحد العاتقين، وبأن: إن صلاة من صلى بثوب ليس على عاتقه منه شيء لا تصح إذا كان قادرا على ذلك، بأن كان ثوبه واسعا، أو كان له ثوب آخر. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(11/5500)
الصلاة في السروال والقميص صحيحة، ولكن ...
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماحكم الصلاة في مسجد فيه قبر؟
2-ذهبت الى الهند وبكستان عندهم عادة بعد كل صلاة هو الدعاء بصوت عالي يعني الامام يدعي والمصلون يقولون آمين. فما الحكم في ذلك؟
3-ماحكم الصلاة في البيت بالفانيلة والسروال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1-فإن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر لا تجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة" رواه ابن ماجه عن ابن عمر، وصححه السيوطي والألباني، وراجع الجواب رقم: 4527.
2-فإن الهيئة التي ذكر السائل - من دعاء الإمام، وقول المأمومين آمين بعد كلا صلاة - تعتبر من البدع التي يجب تجنبها، والابتعاد عنها، وجعل السنة النبوية الثابتة بدلها، فالدعاء عبادة، والعبادات مدارها على الاتباع.
والله أعلم.
3-فإن العورة التي يجب على الرجل سترها في الصلاة هي ما بين السرة والركبة، فإذا صلى الرجل في سروال يستر ما بين سرته وركبته، فصلاته صحيحة على قول الجمهور، وهنالك قول آخر بوجوب ستر أحد العاتقين، وهو قول قوي دليله قوله صلى الله عليه: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وعلى كل حال، فالرجل إذا صلى في سروال يستر ما بين سرته وركبته، وفانيلة على صدره، فصلاته صحيحة بلا خلاف، ولكن الأولى والأفضل له أن يؤدي الصلاة في أحسن ثيابه، وعلى أجلِّ هيئاته، لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] .
ولا شك أن المكان المخصص للصلاة من البيت داخل في عموم (كل مسجد) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/5501)
حكم سباحة المرأة في المكان المخصص لها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الذهاب إلى البحر المخصص للنساء فقط مع العلم أنه قد توجد نساء لا يلتزمن بالحدود الشرعية لستر العورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف في حرمة ذهاب الرجال إلى الأماكن المخصصة لاستحمام النساء، وسباحتهن لما في ذلك من الاطلاع عليهن في أوضاع قد لا يليق ببعضهن شرعاً أن يطلع على بعض، ناهيك أن يطلع عليهن الرجال.
وأما المرأة فلا يجوز لها الذهاب إلى تلك الأماكن إذا كان فيها كشف للعورات، أو وجد فيها نساء كافرات، أو نحو ذلك من المحظورات. وعورة المرأة المسلمة مع النساء الكافرات جميع بدنها، أما مع المسلمات فهي ما بين السرة والركبة، مع أن الأولى لها التستر أكثر من ذلك، وكذلك فالأولى لها ترك الذهاب إلى مثل تلك الأماكن العامة صوناً لها ولعرضها. ولتمام الفائدة يراجع الفتوى رقم 284
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(11/5502)
إبراز فخذ المرأة أمام أخرى لإزالة الشعر لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عقدت قراني وسيتم زواجي بعد أسبوعين من الآن، أود أن أسأل عن شيء واحد.. أنا طبعاً لابد أن أنزع شعر الجسم خصوصاً لأول ليلة.. فهل يجوز لي أن أبرز فخذي للتي تزيل الشعر فقط في هذه الليلة لأنها ليلة خاصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عورة المرأة المسلمة مع امرأة مسلمة مثلها هي: ما بين السرة والركبة. فما بينهما يحرم النظر إليه قطعاً، وما حرم النظر إليه، فيحرم لمسه من باب أولى إلا لضرورة، كعلاج لا يتم إلا بذلك.
ومن المعلوم أن إزالة شعر الفخذ بالنسبة للمرأة ليس مطلوباً شرعاً أصلاً، وغاية ما فيه أنه جائز، والمطلوب منها إزالته من شعر: هو شعر الإبط بالنتف، فإن لم تقدر على نتفه أو تأذت بذلك حلقته، وتزيل شعر العانة، وهو الشعر الخشن النابت حول الفرج، والأولى أن يزال بالحلق، ولا يحق لمثل المرأة المذكورة في السؤال - ولا غيرها - إزالته عنها، وراجعي الأجوبة: 7254، 113، 1368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1422(11/5503)
حكم التعري أمام الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم سؤالى هو ما حكم وضع الحيوانات مثلا (الطيور) في الحمامات أعزكم الله، أي إننى أخشى أن ... وباعتقادي بأن الطيور تشاهد وتفهم؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما بعد: فقد جاء في الموسوعة الفقهية- الجزء الثالث ما نصه: [وإن الشرع إنما قرر وجوب ستر العورة عن المخلوقين من بني آدم دون سواهم…] فيستفاد من هذا أن الاستتار عن الحيوانات في الحمامات أو في الفضاء ليس واجباً، فلا يأثم من اغتسل أو قضى حاجته عرياناً بحضور حيوان: طيراً أو غيره.
وقد سئل الإمام مالك عن غسل الرجل عرياناً في الفضاء؟ فقال: لا بأس به. ولكن يكره التعري مطلقاً من غير حاجة، لا لأجل الحيوان؛ بل حياء من الله، لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن حيدة رضي الله عنه: " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك. قال معاوية: قلت: يا رسول الله، فإن كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس"رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي وحسنه، وأحمد، وعلقه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1422(11/5504)
عورة الصغير والصغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام. ماهي حدود عورة الطفل قبل بلوغه الحلم أرجو سوق الأدلة
ولكم الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حدود عورة الصغير والصغيرة لم يرد فيهما أدلة صريحة من الكتاب أو السنة، ولكن يستأنس بقوله تعالى: (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) [النور:31] وحديث: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ... " وعلى هذا فلعل الأقرب إلى الصواب في هذا ما قال به الحنابلة في حد عورة الطفل وهو: أن الصغير الذي عمره أقل من سبع سنين لا عورة معتبرة له. ومن زاد عمره عن السبع حتى عشر سنين، إن كان ذكراً فعورته العورة المغلظة: القبل والدبر، وإن كان أنثى فعورتها ما بين السرة والركبة في الصلاة، وأما خارج الصلاة فعورتها مع المحارم ما بين السرة والركبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/5505)
حكم ستر قدمي المرأة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يفترض على المرأة التي في الصلاة أن تغطي قدميها.
بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القدمين من العورة بالنسبة للمرأة الحرة البالغة، سواء كانت في الصلاة أو غيرها، لما روى أبو داود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار فقال " إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها" وكذلك إذا كانت خارج الصلاة وكانت بحضرة من لا يحل لهم النظر إليها، لما رواه النسائي والترمذي وصححه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً"، قالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه"، يستوي في هذا الحكم المعتدات وغيرهن، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5506)
حكم ستر المرأة وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أريد ان أعرف ما هو الحكم في أن تظهر كفاي ووجهي وقدمي في الصلاه. هل تكون صلاتي غير جائزه؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على وجوب ستر المرأة بدنها في الصلاة، إلا وجهها وكفيها وقديها، أما وجهها فيجوز لها على الراجح كشفه ما لم تكن بحضرة أجنبي عنها، قال ابن قدامة في المغني: (اختلف أهل العلم فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه) .
وأما الكفان: فجمهور أهل العلم على أن لها كشفهما في الصلاة وذهب الحنابلة إلى أنهما عورة فيجب سترهما في الصلاة وخارجها وعن أحمد رواية ثانية: أنهما ليسا من العورة: اختارها المجد وشيخ الإسلام، وصوبها المرداوي في الإنصاف.
وأما القدمان، فاختلف الفقهاء رحمهم الله هل يجب على المرأة سترهما في الصلاة أم لا؟ فذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يجب عليها ستر قدميها بجورب أو ثوب أو إزار ونحو ذلك. وذهب الحنفية إلى أنه لا يجب عليها ستر القدمين واختاره ابن تيمية وصوبه المرداوي من الحنابلة.
وحجة الجمهور ما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار فقال: " إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها"، ومع أن الراجح ستر القدمين والكفين فقد نص أهل العلم على أن كشف ذلك أو بعضه لا يبطل الصلاة ولو كان الكشف متعمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/5507)
حكم لبس البنطلون في الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[أَود أن اسأَل عن حكم لبس البنطلون الفضفاض في الصلاة؟؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبنطلون الفضفاض إذا كان يستر ما بين السرة والركبة وكان صفيقاً غير شفاف صحت الصلاة فيه.
والأفضل أن يكون فوقه قميص يستر ما بين السرة والركبة، وينزل إلى نصف الساق أو إلى الكعب، لأن ذلك أكمل في الستر، والصلاة في الإزار الساتر أفضل من الصلاة في السراويل، إذا لم يكن فوقها قميص ساتر لأن الإزار أكمل في الستر من السراويل، هذا بالنسبة للرجل أما المرأة فقد بينا حكم لبسها للبنطلون في الصلاة وفي غيرها في الفتوى رقم: 22896. والذي ينبغي للإنسان هو أن يتهيأ للصلاة ويتجمل لها ويكون على أحسن هيئة لقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف:31] وكلما كان المرء أكمل في هيئته وزينته كلما كان أجره أكثر وأعظم.
والله الموفق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5508)
لبس الشورت والصلاة به
[السُّؤَالُ]
ـ[حين كانت حركة الإخوان في شبابها وعلى رأسها الشيخ حسن البنا رحمه الله أنشأوا فصيلة الكشافة وكانوا يصلون (بشورت) اللباس الكشفي، فهل تجوز الصلاة بهذا الشورت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم الصلاة بلباس الكشافة (الشورت) إن كان ساتراً لما بين السرة والركبة، وكان واسعا، صفيقاً لا يصف العورة فالصلاة به جائزة، وإن كان الأولى لبس ثوب أو ما يقوم مقامه، لأنه أبلغ في الستر، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء". والأولى أن يلبس المصلي حال الصلاة أحسن ثيابه وأجملها، لقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف: 31] ، قال ابن عباس المراد بالزينة الثياب. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1422(11/5509)
حكم الصلاة بالشورت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة بالشورت صحيحة (بنطلون قصير) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فعورة الرجل في الصلاة ما بين سرته وركبته… فإذا كان هذا البنطال ساتراً لما بين السرة والركبة فتجوز الصلاة به وإلا فلا. كما يشترط في هذا البنطال فوق ذلك أن لا يكون شفافاً يظهر ما تحته فإن هذا يحرم ارتداؤه والدليل على ذلك: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غطِّ فخذك فإن فخذ الرجل من عورته" وهو صحيح. وإذاكان لا يظهر ما تحته إلا أنه يظهر حجمه فإنه مكروه عند الجمهور.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5510)
من توضأ وهو عريان فوضوؤه صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الوضوء والإنسان عار تماماً في الحمام (في خلوة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى وآله وصحبه وسلم أما بعد:
فوضوء الشخص وهو عارٍ في الحمام ولا أحد معه جائز وصحيح لكن الأفضل تركه لأن خلع الملابس لا ينبغي أن يكون إلا في وقت الحاجة إليه كما يكون في أثناء الغسل فقد روى الترمذي وأبو داود وأحمد عن معاوية بن حيدة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولُ الله عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قالَ: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مما مَلَكَتْ يَمينُكَ"، فَقَالَ: الرّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرّجُلِ؟ قالَ: "إن اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ"، قلت: فالرّجُلُ يَكُونُ خَالِياً، قالَ: "فَالله أَحقّ أَنْ يستحيا مِنْهُ". قال الترمذي حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5511)
يستحب للرجل ستر رأسه في الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بدون وضع غطاء أو طاقية على رأس الرجل؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرأس بالنسبة للذكور ليس بعورة لا في الصلاة ولا في غيرها سواء كانوا بالغين أو غير بالغين، لكن ستره بما يناسبه مما جرت به العادة ولا مخالفة فيه للشرع يعتبر من باب الزينة فيستحسن ستره في الصلاة عملاً بقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)
[الأعراف:31]
ويتأكد ذلك بالنسبة للإمام لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5512)
حكم الصلاة بلباس الكشافة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حين كانت حركة الإخوان في شبابها وعلى رأسها الشيخ حسن البنارحمه الله أنشؤوا فصيلة الكشافة وكانوا يصلون (بشورط) اللباس الكشفي، فهل تجوز لنا الصلاة (بالشورط) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة بلباس الكشافة (الشورط) إن كان ساتراً لما بين السرة والركبة وكان صفيقاً ولا يصف العورة فالصلاة به جائزة مع الكراهة؛ لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه شيء. والأولى أن يلبس المصلي حالة الصلاة أحسن ثيابه وأجملها، لقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف: 31] قال ابن عباس: المراد بالزينة الثياب. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5513)
عورة المرأة بين المحارم والنساء المسلمات وغير المسلمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... السادة الشبكة الإسلامية ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... بداية أشكركم على الجهد الجليل الذي تبذلونه من أجل خدمة الإسلام والمسلمين.
1- ماهي عورة المرأة وسط مجتمع نسائي مسلم، بمعنى ماالذي يجب عليها ستره؟ حيث إن بعض النساء يقلن إن عورة المرأة من المرأة من السرة إلى الركبة، والملاحظ أن بعض النساء يلبسن ملابس تكشف عن الساقين إلى حد الركبتين، كما تكشف عن الصدر والثديين كما تكشف عن يديها إلى حد الإبطين؟ وهي عورتها وسط محارمها من الرجال كالعم والأخ والخال وغيرهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
... ... ... ... الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه وبعد: ... 1- فان عورة المرأة مع مثيلاتها كعورة الرجل مع الرجل- فيجوز لها أن تكشف أمام النساء المسلمات عن رأسها وساقها وصدرها وغير ذلك ما عدا ما بين السرة والركبة، وأما أمام النساء الكافرات فلا تكشف إلا الوجه والكفين وما يبدو عند المهنة وقصر بعض أهل العلم الجواز على الوجه والكفين فقط، كما يرى آخرون أنها مثل المسلملة.
وأما عورة المرأة أمام المحارم، فيجوز أن تكشف أمامهم ما يبدو عند المهنة- أى عندما تقوم بأداء أعمالها في البيت مثل الساقين والذراعين والرقبة والنازل من الشعر.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1422(11/5514)
وجوب ستر المرأة يديها في العمل أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كشف اليدين أثناء العمل أمام الرجال حرام ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المرأة ستر عورتها في حضور أجنبي عنها، واتفق الفقهاء على أن عورة المرأة أمام الرجال جميع بدنها إلا الوجه والكفين، واختلفوا في الوجه والكفين، فمنهم من قال: إنها من العورة وأوجب سترهما عند خوف الفتنة، وعليه فالواجب على المرأة ستر يديها أمام الرجال، سواء كانت في العمل أو غيره. ولا شك أن من أسباب الفتنة تهاون كثير من النساء في قضية الستر حتى إن بعضهن يكشفن عن الذراع والساق والشعر، مما لا خلاف بين الأمة في وجوب ستره إلا عند الضرورة ككشف شيء من العورة للتداوي عند عدم وجود طبيبة من النساء. والمرأة المؤمنة يمنعها الحياء والإيمان من إبداء شيء من جسدها أمام غير محارمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5515)
على المرأة ستر قدميها أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الضروري تغطية القدمين أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن على المرأة ستر قدميها أثناء الصلاة لما روى أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار، قال: " إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها". [رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي] .ولا يلزم من تغطية القدمين أن تلبس المرأة الجوارب فإذا كان الثوب أو الدرع سابغاً بحيث يغطي قدميها فقد أتت بالمأمور، وإن كان الثوب غير سابغ بحيث لا يغطي قدميها لبست الجوارب لتغطيتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1421(11/5516)
حدود العورة للمرأة المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حدود عورة المرأة المسلمة وسط مجتمع نسائي مسلم؟ وما حدودها في وسط مجتمع نسائي؟ وما حدودها فيما بين محارمها من الرجال كالأخ والعم والخال وغيرهم؟ بمعنى ما الذي يجب عليها ستره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.. أما بعد
فإن عورة المرأة المسلمة إذا كانت بين نساء مسلمات هي ما بين السرة والركبة، وإن كانت بين نساء كافرات فالواجب ستر جميع الجسد إلا الوجه والكفين وما يبدو عند المهنة غالبا لأن الله تعالى يقول: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن) [النور:31] . والمراد بـ (نسائهن) النساء المسلمات ولو جاز نظر المرأة الكافرة للمسلمة لما بقى للتخصيص فائدة. وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بمنع الكتابيات من دخول الحمام مع المسلمات. وأما عورتها بالنسبة لمحارمها: فهي غير الوجه والرأس واليدين والرجلين فيحرم عليها كشف الصدر والثديين ونحو ذلك. ويحرم على محارمها رؤية ذلك منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/5517)
لا يجوز الصلاة على فراش أو في ثوب إذا تيقن نجاسته
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة أيام دخلت لدورة المياه لقضاء الحاجة، ومكثت ساعة حتى تيقنت من عدم خروج البول، وقد تبلل ثوبي (ماء طاهر) أثناء الاستنجاء، ثم بعد 10 دقائق وجدت على فتحة الذكر قطرة بول صغيرة، ولكني لم أغسل الثياب ولم أستنج مرة أخرى، لأني أخاف أن يغضب أهلي علي، والقول أني موسوس، ونمت على السرير والثياب مبلولة، وأظن أن النجاسة لامست السرير، ولكني لم أغسله لأني قد قمت بغسله قبل أيام من الحادثة، ومن الصعب أن أطلب من والدتي أن تغسله مرة أخرى، وأحيانا أثناء النوم أعرق فهل تنتقل النجاسة إلى ثياب النوم؟ وما حكم الصلاة بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحب أن ننبهك أولا إلى أن تطهير الفراش مما أصابه من النجاسة غير واجب إلا أن تريد الصلاة عليه، فيلزمك تطهيره حينئذ، وكذا الثياب المتنجسة لا يلزم تطهيرها إلا لإرادة الصلاة. فما تلبسه من ثياب النوم لا يلزمك تطهيره ما دمت لا تصلي فيه، فإذا أردت الصلاة فيه لزمك حينئذ غسل الموضع الذي أصابته النجاسة من هذا الثوب لا غسل جميع الثوب، وانظر الفتوى رقم: 122734.
ثم إنك قد تكون مصابا بشيء من الوسوسة، ومن ثم فنحن ننصحك بطرح الوساوس والإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وانظر الفتوى رقم: 51601.
واعلم أنه لا ينبغي طول المكث في محل قضاء الحاجة، بل الذي ينبغي سدا لباب الوسوسة أن تقوم بقضاء حاجتك بصورة طبيعية، فإذا فرغت انصرفت ولم تطل المكث لغير حاجة، وإذا استنجيت فلا تعد للتفتيش هل خرج منك شيء أم لا، فإن هذا باب يفتحه الشيطان عليك ليوقعك في الحرج والضيق، والله عز وجل لم يكلفك بذلك ولا يرضاه منك، فاتق الله وأعرض عن وساوس الشيطان، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 124212.
وإذا كنت متيقنا من أنك وجدت تلك القطرة من البول، ولم يكن ذلك مجرد وسوسة، فقد كان الواجب عليك أن تستبرئ منها وتعيد الوضوء، وإذ لم تفعل فالواجب عليك إعادة الصلوات التي صليتها قبل تطهير هذه القطرة من البول؛ لأنك والحال هذه صليت متلبسا بالنجاسة عالما بها عامدا، وحياؤك من أهلك ليس بعذر مقبول في ترك شرط من شروط صحة الصلاة، فإن اجتناب النجاسة من شروط صحة الصلاة مع العلم والقدرة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111752.
وأما ثيابك وفراشك فإذا لم تتيقن أن النجاسة قد وصلت إلى شيء منها فلا يلزمك تطهيره لأن الأصل عدم وصولها فيبنى عليه، وانظر الفتوى رقم: 117063.
وأما ما تيقنت من وصول النجاسة إليه، فالواجب عليك غسل الموضع الذي وصلت إليه النجاسة، ولا يلزمك غسل جميع الثوب أو الفراش، وهذا أمر يسير ليس فيه كبير عناء بحمد الله، ولا يسوغ الحياء من الناس في ترك ما هو واجب شرعي.
وأما صلاتك بهذه الثياب إذا لم تعلم نجاستها فهي صحيحة، فإذا تيقنت من وصول النجاسة إليها لم تجز لك الصلاة فيها إلا بعد تطهيرها على ما أشرنا إليه، ومسألة انتقال النجاسة من جسم لآخر فقد بينا حكمها وخلاف العلماء فيها وراجع لذلك الفتويين: 117811، 116329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(11/5518)
من علم بوجود نجاسة في ثوب فأراد أحد استعماله، هل يلزمه إعلامه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا قد تسقط قطرات بول على سجادة خاصة بعد الاستحمام وقد يكون عدد القطرات واحدة أواثنتين ويصعب علي غسلها، وأحيانا تنتقل قطرة إلى المنشفة، مع العلم أنه أحيانا يستعملها غيري ولا أخبرهم بذلك خوفا من أن يقولوا لي أنت موسوس، فما حكم صلاتي؟ مع العلم أنني أمشي على السجادة مبلول القدمين، فما حكم صلاتي؟ وهل علي إثم، لأنني لا أقول لغيري عن المنشفة؟ مع العلم أنني أغسله ولكني لا أستطيع ذلك دائما، مع العلم أنني أتأكد أن البول انقطع، حيث أعصره مرتين أو ثلاثا على مدار دقيقتين، ولكن أحيانا وخاصة بعد الاستحمام واستعمال المنشفة والمشي على السجادة أجد قطرات البول.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الصلاة طهارة المكان ـ الذي يباشره المصلي بمواضع سجوده ـ من النجاسة, فإذا تحققت أن السجادة نجسة فإن كانت النجاسة في المكان الذي تصلي عليه مباشرة فصلاتك لا تصح, وإن كانت النجاسة بطرف السجادة وليس في المكان الذي تصلي عليه مباشرة فصلاتك صحيحة، قال صاحب الروض: وإن كانت النجاسة بطرف مصلى متصل به صحت الصلاة على الطاهر ولو تحرك النجس بحركته. اهـ.
قال النجدي في حاشيته: ... وفاقا، لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا مصل عليها، وإنما اتصل مصلاه بها، أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة. اهـ.
وإذا تحقق وجود النجاسة في المنشفة فينبغي لك تنبيه من يريد استعمالها لكي لا تصيبه النجاسة، لأن هذا من النصيحة, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. رواه مسلم.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن من علم أن الماء نجس وجب عليه أن يخبر من يريد استعماله، قال المرداوي في الإنصاف: لو علم نجاسة ماء فأراد جاهل به استعماله، هل يلزمه إعلامه؟ قدمه في الرعاية. اهـ.
وعلى هذا القول يلزمك أن تخبر من أراد استعمال المنشفة إذا تحققت أنها تنجست، فإن لم تفعل أثمت.
ولا نخفي الأخ السائل أننا نلمس من سؤاله أنه مبتلى بالوسوسة، ولذا فإننا نحيله على بعض الفتاوى في علاجها، فانظر الفتوى التالية أرقمها: 3086 , 61424 , 80002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(11/5519)
لا تصح الصلاة إلا بالطهارة بالماء أو التيمم على حسب القدرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلم أعاني من حساسية مفرطة تجاه البرد والماء، فهل يجوز لي ـ جزاكم الله خيراـ أن أصلي بلا وضوء في أوقات البرودة فقط؟.
وشكرا لكم، ودمتم في خدمة الاسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الواجب على كل مسلم هو أن يصلي بطهارة صحيحة، وعليه، فإن أمكنك الوضوء ولو بتسخين الماء أو بغسل الأعضاء شيئا فشيئا وستر كل عضو بعد غسله بحيث تأمن الضرر وجب عليك ذلك ولم يجز لك ترك الوضوء، وإذا كنت تخشى حصول الضرر ولا سبيل لك إلى دفعه بشيء ممّا ذكرناه أو نحوه لم يجز لك ترك الطهارة بالمرة، وإنما تنتقل من الوضوء إلى التيمم فتضرب الصعيد ضربة تمسح بها وجهك وكفيك، وهذا مذهب جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوا عضوا كلما غسل شيئا ستره لزمه ذلك، وإن لم يقدر تيمم وصلى في قول أكثرأهل العلم. وقال عطاء والحسن: يغتسل وإن مات لم يجعل الله له عذرا، ومقتضى قول ابن مسعود أنه لا يتيمم فإنه قال: لو رخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا برد عليه الماء أن يتيمم ويدعه، ولنا قول الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم. وقوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.
وروى أبو داود وأبو بكر الخلال بإسنادهما عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله عز وجل يقول: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا، وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز لأنه لا يقر على الخطإ، ولأنه خائف على نفسه فأبيح له التيمم كالجريح والمريض وكما لو خاف على نفسه عطشا أو لصا أو سبعا في طلب الماء. انتهى.
وهذا من يسر الشريعة وتخفيفها عن المكلفين ورفعها الحرج عنهم، مصداق قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج 78} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(11/5520)
الشك في انتقاض الطهارة لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[تنتابني الوسوسة كثيرا في الصلاة فيما يخص المذي ونزوله مع أني محافظ على الصلاة وأذهب البها مبكراً
ولله الحمد. ساعدوني حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج الوسوسة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 51601.
واعلم أن الشك في انتقاض الطهارة لا أثر له، فاليقين صحتها فيستصحب الأصل وهو بقاء الطهارة ولا يزول اليقين بالشك، وقد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه.
فإذا شككت وأنت في الصلاة في خروج المذي منك فامض في صلاتك ولا تلتفت إلى هذا الشك ولا إلى تلك الوسوسة، وكذا إذا كنت خارج الصلاة وشككت في انتقاض طهارتك فإنك لا تلتفت إلى هذا الشك في قول الجمهور، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 119441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/5521)
لا تبطل الصلاة بمجرد الشك في الحدث
[السُّؤَالُ]
ـ[مرت علي فترة من الوسوسة كنت فيها أكثر من إعادة الصلوات، لكن بفضل الله تخلصت من هذه الوسوسة، لكني تذكرت أني قلت بالماضي سأعيد قضاء صلوات ثلاثة أيام، وكنت أذكر أن السبب هو نزول المني، أما الآن فأنا أشك هل نزل المني في ذلك الوقت. هل تلزمني إعادة صلوات الثلاثة أيام احتياطا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي عافاك من هذا الداء العضال، ونسأل الله تعالى أن يتم عليك نعمة العافية، والذي يتعين على الموسوس ليتخلص من داء الوسوسة أن يعرض عن هذه الوساوس فلا يلتفت إليها ولا يعيرها اهتماماً، وقد بينا ذلك في فتاوى كثيرة انظر منها الفتوى رقم: 51601.
وما دمت شاكاً في خروج المني- والظاهر أن هذا من جملة ما كنت تعاني منه من الوساوس- فلا يلزمك قضاء شيء من الصلوات، لأن الأصل براءة ذمتك وأنك أديت العبادة بطهارة، فما لم يحصل اليقين بخلاف ذلك فلا يلزمك شيء. وننصحك بأن لا تسترسل مع هذه الوساوس مرة أخرى بل أغلق بابها تماماً، وأعرض عنها إعراضاً كلياً حتى تتعافى من هذا الداء معافاة تامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(11/5522)
الصلاة بالثياب التي تصيبها النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من وجود بعض البقع على الملابس الداخلية، وحيث إنني وجدت بعض الآلآم وذهبت إلى الطبيب فصرف لي أدوية لعلاج احتقان البروستاتا، فهل هذه البقع تأخذ حكم البول وعلي أن أغير الملابس أو أغسلها كلما وجدت ذلك؟ وكذلك هل آخذ حكم من به سلس البول وأتوضأ عند دخول الوقت لكل صلاة أم ماذا أفعل؟ أجد مشقة شديدة في هذا الأمر، أرجو ياشيخ الإجابة على سؤالي وتوضيح الأمر لي، حيث إنني على سفر قريب لخارج المملكة، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وفي علمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه البقع تخرج من السبيل ومن ثم فالواجب عليك تطهير ثيابك إذا رأيت فيها هذه البقع، لقوله تعالى: وثيابك فطهر {المدثر: 3} .
واجتناب النجاسة في الصلاة شرط مع العلم والقدرة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111752، فإذا عجزت عن إزالتها فلا شيء عليك، وعليك بوضع منديل أو نحوه على العضو تحرزا من انتشار النجاسة في الثياب إذا كان هذا لا يضر بك، وأما عن وضوئك لكل صلاة فإذا كنت معذورا بالسلس بحيث لا تجد وقتا في أثناء وقت الصلاة يتسع لفعل الطهارة والصلاة دون أن يخرج منك شيء بطهارة صحيحة، فالواجب عليك هو الواجب على المعذور بالسلس ونحوه وهو التحفظ ما أمكن من انتشار النجاسة بشد خرقة ونحوها على الذكر ثم الوضوء لكل صلاة فتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، وقد بينا ضابط العذر بالسلس في الفتوى رقم: 119395، وأما إذا كنت تستطيع الصلاة بطهارة صحيحة -كما هو الظاهر- فهذا هو الواجب عليك ولا يكون لك حكم صاحب السلس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(11/5523)
لا يحكم بنجاسة شيء ما بمجرد الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت لبسا جديدا من أحد المحلات، وعندما رجعت للبيت لاحظت عليه بقعا بنية تميل للاحمرار، ولا أدري ما أصل هذه البقع أي إذا كانت دما أو شيئا آخر، فهل يجوز لي لبسه بعد غسله سواء زالت البقع أم لا؟ والصلاة فيه كذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الأشياء كلها هو الطهارة، ما لم يحصل اليقين بخلاف ذلك، ولا يحكم بنجاسة شيء من الثياب ولا غيرها بمجرد الشك، قال الشيخ ابن عثيمين: الإنسان بملابسه الأصل فيه أن يكون طاهراً ما لم يتيقن ورود النجاسة على بدنه أو ثيابه، وهذا الأصل يشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم حين شكى إليه الرجل أنه يجد الشيء في صلاته يعني الحدث فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
فإذا كان الشخص لا يجزم بهذا الأمر فالأصل الطهارة، وقد يغلب على الظن تلوث الثياب بالنجاسة ولكن ما دام الشخص لم يتيقن فالأصل بقاء الطهارة. انتهى.
فإذا علمت هذا فلا حرج عليك في أن تلبسي هذا الثوب وأن تصلي فيه وصلاتك صحيحة، ولو لم تغسلي الثوب، ولو بقيت هذه البقع فيه ولم تزل، ما دمت غير جازمة بتلوثه بالنجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(11/5524)
لا يلزم تبديل الملابس المتنجسة للصلاة بل يكفي غسلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بنزول نقطة بول أوأكثر بعد التبول ـ أعزكم الله ـ وتترك لونا، مما يجعلني أشك في طهارتي، علما أن ذلك لا يصاحبني دائما، فهل أبدل الملابس بعد ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تيقنت أوغلب على ظنك أنه قد نزلت منك قطرة بول أو أن اللون المتغير في الملابس هو من أثر البول فإنه لا يلزمك تبديل الملابس التي تنجست بالبول، وإنما يكفيك أن تستنجي ثانية وتغسل موضع النجاسة من الثوب، وتتوضأ وتصلي فيها بعد ذلك، وأما إذا كان مجرد شك فالأصل عدم خروج القطرات بعد الانتهاء من البول والاستنجاء، والأصل أيضا طهارة الملابس، ولا ينقض هذا الأصل لمجرد الشك، وقد يكون التغير في لون الملابس من أثر العرق ونحو ذلك، وانظر للأهمية التفصيل في الفتوى رقم: 17221، عن من يخرج منه بعد التبول نقطة ودي أو بول فكيف يطهر ثوبه، والفتوى رقم: 52081، عن مذاهب العلماء في المعفو عنه من النجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(11/5525)
اليقين لا يزول بالشك
[السُّؤَالُ]
ـ[قد حدث لي أني أثناء صلاة المغرب أن شعرت وكأن نقطة بول خرجت مني، فقلت إنها وسوسة ولم أخرج من الصلاة، وصعدت إلى المنزل، وحاولت أن أرى إن كان خرج شيء أم لا؟ فلم أجد شيئا، ولكن قبل صلاة العشاء دخلت الخلاء فوجدت أثرا شككت بأغلب الظن أنه قد يكون ما شعرت به في صلاة المغرب، فطهرت ثيابي بأن وضعت يدي تحت الماء ثم جعلت تسقط قطرات من الماء على ثيابي حتى ابتلت كلها وحتى أني لم أعد أرى هذا الموضع النجس- جاهلا بأن هذه ليست الطريقة الصحيحة لغسل الثياب- ثم صليت المغرب قضاء محتسبا وراجيا ألا يحرمني الله ثواب الجماعة، وبعدها صليت العشاء، ثم صعدت إلى المنزل فوجدت أنه مازال هناك أثر لهذه القطرة من البول، فقلت إني قد طهرت ثيابي وأن هذا الأثر الباقي من يسير النجاسات التي يعفى عنه ولم أعد الصلاة على الرغم من أن وقتها لم يخرج. فهل هذا صحيح أم أن علي أن أعيد الصلاة؟
ثم إني كثيرا أجد على ثيابي من ناحية الدبر لون أصفر بسيط - وليس لون غائط أو عين نجسة - وذلك على الرغم من أني أتطهر جيدا وأصبحت أستخدم الصابون حتى أتأكد من تمام التطهر، وأقول في نفسي إن هذه الصفرة البسيطة جدا لا تؤثر على صحة طهارة ثوبي بشيء. فهل هذا صحيح؟
وأرجو الإجابة بألفاظ بسيطة فإني لست من طلبة العلم، وهناك الكثير من الأسئلة على هذا الموقع المبارك أجد أجوبتها صعبة الفهم فيرجى الأخذ في الاعتبار أن هناك من يدخل الموقع ولا يفهم الكثير من ألفاظ أهل العلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك حرصك على صحة عبادتك من وضوء وصلاة، ثم اعلم أخي الكريم أن اليقين لا يزول بالشك، وأن الأصل صحة العبادة حتى يثبت ما يبطلها.
وبناء على ذلك، فإذا شككت أثناء الصلاة هل نزلت منك قطرة بول أم لا؟ فصلاتك صحيحة، ولا يشرع لك قطعها، وكذلك الحال بالنسبة للوضوء، ولا يلزمك تفتيش الثوب ولا النظر في العضو إذا لم تتحقق من نزول البول، كما لا يلزمك غسل العضو ولا المكان الذي التصق به إذا لم يحصل لك يقين بوجود نجاسة، كما سبق بيانه في الفتويين: 110612، 60609.
أما إذا تيقنت نزول شيء من البول، فيجب عليك التطهر وإعادة الوضوء، وتطهير ما أصابه البول من ثوبك، وطريقة تطهيره أن يغسل بالماء الطهور حتى ينفصل الماء طهورا غير متغير بالنجاسة، ولا بد من زوال طعم النجاسة ولونها وريحها، إلا إذا عسر زوال اللون والريح، فيعفى عنهما للمشقة، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 45586، 12598، 14732.
أما بالنسبة للقدر الذي يعفى عنه من النجاسات، فهذا محل خلاف بين أهل العلم كمَّاً ونوعا، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتويين: 17221، 50760. كما سبق أن ذكرنا أقوال أهل العلم في صلاة من صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة، مفصلة في الفتوى رقم: 6115.
والظاهر من حال السائل الكريم أنه لم يتيقن نزول قطرة البول، فإنه قال:- حاولت أن أرى إن كان خرج شيء أم لا فلم أجد شيئا- ثم لما دخل الدخلاء بعد ذلك يقول:-وجدت أثرا شككت بأغلب الظن أنه قد يكون ما شعرت به في صلاة المغرب- وهذا هو الشك بعينه، ولا سيما وقد طال الوقت.
وعلى ذلك فصلاة المغرب كانت صحيحة، ولم يكن يجب عليك إعادتها، وهذا الأثر من البول الذي أسقطت عليه قطرات من الماء لتطهيره إنما هو موضع شك وليس ببول يقينا. وقد سبق أن نبهنا على أن الشك في نزول قطرات من البول لا عبرة به ولا حكم له، في الفتوى رقم: 98127.
وكذلك مسألة اللون الأصفر المسؤول عنه لا عبرة به، فهو ـ كما في السؤال ـ ليس بلون غائط ولا عين نجسة، هذا مع كون السائل يحسن التطهر ويستخدم الصابون ليتأكد من تمام التطهر. فحكم السائل على ذلك بأنه لا يؤثر على صحة طهارة الثوب حكم صحيح، وقد يكون ذلك من أثر العرق.
هذا بخلاف ما إذا تيقن المرء من كون هذا اللون الأصفر من أثر الغائط، فيجب غسله، وراجع في ذلك الفتويين: 70665، 29644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(11/5526)
حكم من وجد مذيا في ثيابه بعد الانتهاء من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 35 سنة، خاطب فتاة وأفكر فيها دائما بحكم سني، وعندما أنتهي من الصلاة أجد أنه قد خرج مني شيء، وهذا يحدث معي دائما. فما حكم الشرع في ذلك؟ أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السائل الذي يخرج منك، والذي تجده بعد الصلاة هو المذي، فإن من صفته أنه يخرج عند التفكير أو الملاعبة، ولا يشعر بخروجه غالبا، وهو نجس باتفاق العلماء، ويجب غسله من البدن وغسل الثياب منه عند الجمهور، وعند الحنابلة أنه يكتفي بنضح الثوب منه، وهو ناقض للوضوء إجماعا لحديث علي رضي الله عنه: كنت رجلا مذاء، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فقال: اغسل ذكرك وتوضأ. متفق عليه. وانظر لبيان كيفية تطهير المذي الفتوى رقم: 50657.
وعليه فإذا وجدت المذي في ثيابك بعد الصلاة فقد وجب عليك إعادة الوضوء والصلاة؛ لما تقدم من أن المذي ناقض للوضوء، فإن كان المذي يخرج منك دائما، فإن كنت تجد في أثناء وقت الصلاة وقتا تعلم أنه لا يخرج منك فيه شيء لزمك أن تنتظر إلى هذا الوقت، فتتوضأ وتصلي بطهارة صحيحة، فإنك حينئذ لست مصابا بالسلس، وانظر الفتوى رقم: 119395 لمعرفة ضابط الإصابة بالسلس، وأما إن كان خروج المذي يغلب عليك بحيث لا تجد في أثناء وقت الصلاة وقتا يتسع لفعل الطهارة والصلاة، فحكمك في هذه الحال حكم المصاب بالسلس، فتتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت، وبعد أن تتحفظ بشد خرقة ونحوها على الموضع وتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل.
قال ابن قدامة رحمه الله: والمبتلى بسلس البول، وكثرة المذي، فلا ينقطع، كالمستحاضة، يتوضأ لكل صلاة، بعد أن يغسل فرجه. وجملته أن المستحاضة، ومن به سلس البول أو المذي وأشباههم ممن يستمر منه الحدث ولا يمكنه حفظ طهارته، عليه الوضوء لكل صلاة بعد غسل محل الحدث، وشدّه والتحرّز من خروج الحدث بما يمكنه. انتهى.
وقبل أن نختم هذا الجواب نتقدم بنصيحة نوجهها إليك، وهي أن تحرص على دفع تلك الخواطر الخبيثة التي تفسد القلب وتبعد عن الله تعالى، وعليك أن تشغل نفسك بما ينفعك من العلم النافع والعمل الصالح، وجاهد نفسك على إبدال تلك الأفكار بضدها، واعلم أن الله سيعينك ويوفقك إذا صدقت اللجوء إليه وتوكلت عليه، فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. {العنكبوت:69} . ونسأل الله أن يهدينا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(11/5527)
حكم من وجد على بدنه نجاسة بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت نجاسة في دبري هي أقل بكثير من حبة الشعير، مع العلم أنني لم أجد أثرا في الثوب أو رائحة وذلك كله أثناء دخولي للحمام للتبول. أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه النجاسة التي وجدتها في دبرك لا تخلو من أحد حالين، فإما أن تكون بقيت في الدبر بعد الاستنجاء ولم تكن أزلتها ومن ثم فالواجب عليك إزالتها، ولا يلزمك إعادة ما صليته من صلوات مع وجود هذه النجاسة، لأن اجتناب النجاسة وإن كان من شروط صحة الصلاة لكن الراجح أنه شرط مع العلم والقدرة، فمن كان في بدنه أو ثوبه نجاسة يجهل وجودها أو يعجز عن إزالتها فصلاته صحيحة على الراجح وانظر الفتوى رقم: 111752. ولكن ههنا أمر مهم لا بد من التنبيه عليه وهو أن من يشترط تقدم الاستنجاء على الوضوء يقول ببطلان وضوئك في هذه الحال، لأنه تقدم على الاستنجاء وهذا المشهور من مذهب الحنابلة، وإن كان الراجح مذهب الجمهور وهو أنه ليس من شرط صحة الوضوء أن يتقدمه استنجاء أو استجمار.
قال في حاشية الروض المربع: لا يصح وضوء قبل الاستنجاء بماء أو حجر ونحوه إذا كان على المخرج نجاسة اختاره الأكثر، وقال الشيخ هذا الأشهر، لأنه طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها، ولا يصح تيمم لأنه لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة، ولا تباح مع قيام المانع، وظاهره سواء كان التيمم عن حدث أصغر أو أكبر أو نجاسة، وعنه يصح الوضوء وفاقا، وجزم به في الوجيز قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين، واختاره الموفق والشارح وغيرهما وصححه في النظم والتصحيح وغيرهما وكذا التيمم قياسا على الوضوء. انتهى.
والاحتمال الثاني هو أن تكون هذه النجاسة قد خرجت بعد وضوئك، ومن ثم فقد بطل هذا الوضوء، لأنه ينتقض بكل خارج من السبيلين ولو قل، وعليه فقد كان الواجب عليك أن تتوضأ بعد دخول وقت الصلاة بعد أن تزيل تلك النجاسة وتصلي، وما صليته من صلوات قبل إزالة تلك النجاسة وإعادة الوضوء فالواجب عليك إعادتها لأنها وقعت باطلة لافتقادها شرط الطهارة، فإن شككت ولم تدر أي ذلك كان فحكمك حكم من تيقن الطهارة والحدث وشك أيهما أسبق، فتعمل بضد حالك التي كنت عليها قبلهما إن علمته، فإن جهلته فالأصل الحدث لا الوضوء.
قال في الروض المربع: فإن تيقنهما. أي تيقن الطهارة والحدث وجهل السابق منهما فهو بضد حاله قبلهما إن علمها، فإن كان قبلهما متطهرا فهو الآن محدث، وإن كان محدثا فهو الآن متطهر، لأنه قد تيقن زوال تلك الحالة إلى ضدها وشك في بقاء ضدها وهو الأصل، وإن لم يعلم حاله قبلهما تطهر.
هذا عن حكم هذه النجاسة في البدن، وأما ثوبك فلا يجب عليك تطهيره ما دمت لم تر فيه أثرا للنجاسة ولم يغلب على ظنك تنجسه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(11/5528)
صلاة من لم يتحرز من البول في بدنه وثيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 24 عامًا، منذ أن كنت صغيرا حتى فترة قريبة كنت لا أستنجي من البول، مع علمي أنه يوجب العذاب في القبر، لكني الآن منّ الله علي وأصبحت أقوم بالاستنجاء بعد خروج البول. وسؤالي: هل هناك ما يجب علي فعله ككفارة أو صدقة حتى يغفر الله لي ما مضى من عمر كنت لا أستنجي خلاله من البول أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة من هذا الذنب العظيم، والذي عده كثير من أهل العلم من الكبائر كما ذكرنا أقوالهم وما استدلوا به من نصوص السنة في الفتوى رقم: 121754
وإذا كنت قد تبت وصدقت في التوبة فإن الله تعالى يقبل توبتك، ويقيل عثرتك طالما استوفت التوبة شروطها من الندم، والإقلاع، والعزم على عدم العودة إلى الذنب، وانظر الفتوى رقم: 5450. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى: 25} .
ولا يجب عليك شيء سوى التوبة الصادقة وإن أكثرت من الحسنات الماحية من الصدقة أو غيرها فحسن فقد قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. {هود:114} .
ولكن اعلم أن ما صليته من صلوات في هذه الفترة وأنت متلبس بالنجاسة التي كنت عالما بوجوب إزالتها قد وقع غير صحيح ولا مسقط للفرض.
والواجب عليك أن تحسب هذه الصلوات ثم تقضيها جميعا حسب طاقتك فإنها دين في ذمتك لا تبرأ إلا بفعلها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه، وإنما قلنا بأن صلاتك لم تقع صحيحة لأن اجتناب النجاسة شرط من شروط صحة الصلاة.
قال النووي رحمه الله: ومذهبنا أن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلاة، فإن علمها لم تصح صلاته بلا خلاف. وإن نسيها أو جهلها فالمذهب أنه لا تصح صلاته وفيه خلاف. انتهى.
وقد كنت عالما بوجود النجاسة كما يظهر من سؤالك فلزمك إعادتها.
قال الذهبي: ثم إن من لم يتحرز من البول في بدنه وثيابه فصلاته غيرُ مقبولة. انتهى.
وإن عجزت عن معرفة عددها فاعمل بالتحري واقض من الصلوات ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك فإن هذا هو ما تقدر عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(11/5529)
الجهل بالنجاسة لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحرص دائما على الطهارة، إلا أني في بعض الأحيان بعد أن أصلي أجد على ثيابي الداخلية آثار براز بسيطة، ولا أدري ربما ذلك لأني لم أتطهر جيدا، وذلك يعني أني صليت وببدني نجاسة دون أن أدري. فما حكم الصلاة في ذلك؟
كما أني أواجه معاناة شديدة في أمر دخولي للخلاء خاصة خارج المنزل، لأني أخاف النجاسة، وأخاف أن أصاب بها، فأريد أن أعرف كيف أستطيع أن أدخل إلى الخلاء في أي مكان دون أن أستغرق وقتا طويلا ودون معاناة، مع توضيح ما يمكن فعله إذا أصاب الثياب نجاسة مثل البول وأنا خارج المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وجدت في ثوبك أثر غائطٍ بعد الفراغ من الصلاة، وكان هذا الأثر ناشئاً عن نجاسة موجودة في المحل كنت جاهلاً بوجودها، فإن صلاتك صحيحة في أصح قولي العلماء، ولا تلزمك إعادتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إ ن النجاسة إنما يثبت حكمها مع العلم فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها أو جهلها ابتداء، لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ثم خلعهما في أثناء الصلاة لما أخبره جبريل أن بهما أذى ومضى في صلاته ولم يستأنفها مع كون ذلك موجودا في أول الصلاة، لكن لم يعلم به فتكلفه للخلع في أثنائها مع أنه لولا الحاجة لكان عبثا أو مكروها. يدل على أنه مأمور به من اجتناب النجاسة مع العلم ومظنة تدل على العفو عنها في حال عدم العلم بها. انتهى
وقد بينا في الفتوى رقم: 111752 أن اجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة، وأما إذا كنت فرطت، وقصرت في الاستنجاء حتى بقيت هذه النجاسة في المحل، وانتشرت في الثياب، فالواجبُ عليك متى رأيتها أن تزيلها من بدنك وثوبك، وتعيد تلك الصلاة، وإذا كانت هذه النجاسة اليسيرة قد خرجت منك بعد الوضوء، فقد انتقض وضوؤك بخروجها، ولزمكَ إعادة الوضوء والصلاة، ثم الواجبُ عليك متى رأيت هذه النجاسة أن تغسلها من ثوبك وبدنك، فإن اجتناب النجاسة شرطٌ لصحة الصلاة كما تقدم.
وأما دخولك الخلاء خارج منزلك، فهو أمرٌ عادي، وعليك أن تترك الوسواس، وتعلم أن الأصل عدم إصابة شيء من النجاسة لثيابك، فإذا تيقنت أن شيئاً من النجاسة أصاب ثوبك، فإنك تغسل الموضع الذي أصابته النجاسة من ثوبك حتى تزيل تلك النجاسة منه. وانظر الفتوى رقم: 17221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(11/5530)
لا تصلي المرأة أثناء حيضها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال عن الطمث وكيفية غسل الجنابة، وعن الصلاة إذا كان الطمث مستمراً لأكثر من يوم؟ أدامكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كيفية غسل الجنابة، فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لأم سلمة حين قالت له: إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للجنابة، فقال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين الماء على سائر جسدك فتطهرين. أخرجه مسلم.
فلا يجب على المرأة أن تنقض شعرها في غسل الجنابة، بل يكفيها أن تفيض الماء على رأسها، ثم تعمم بدنها بالماء، وقد بينا كيفية غسل الجنابة المجزئة والكاملة، وذلك في الفتوى رقم: 6133، والفتوى رقم: 51426.
وأما الغسل قبل انقضاء الحيض فإنه لا يُجزئ، وإنما تغتسل المرأة إذا انقطع الدم، ورأت الطهر بعلامته، وهي الجفوف أو القصة البيضاء؛ لما رواه مالك في الموطأ والبخاري معلقاً أن النساء كن يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة فتقول لهن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة. فإذا اغتسلت المرأة ثم استمر معها الدم لأكثر من يوم فعليها أن تنتظر، ولا يجوز لها أن تصلي والحال هذه، فإذا رأت الطهر اغتسلت وصلت. وانظري الفتوى رقم: 50783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(11/5531)
من صلى جنبا جاهلا بوجوب الاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حدث معي في سنه 2004 تقريبا أمر، وهو: أخرجت سائلاً لزجا مع شهوة، ولكني حينها لم أكن أعرف شيئا يسمى الجنابة ولا شيئا من هذا القبيل، إلا أنني تذكرت هذا الموقف في سنه 2008 تقريبا، وفي هذه السنه كنت أعرف كل شيء وبذلك بدأت الاستحمام.
السؤال هو: ما هو حكم صلاتي في الفترة ما بين سنه 2004 و 2008 وماذا يجب علي أن أفعل إن كانت الصلاة باطله لا سمح الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطهارة شرط من شروط صحة الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور. أخرجه أبو داود وغيره.
والواجب على من خرج منه المني أن يغتسل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء. أخرجه مسلم. والظاهر أن هذا السائل الذي خرج منك أولاً هو المني، وقد بينا قبل ما يتميز به المني عن المذي، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 4036.
وقد كان الواجب عليك أن تغتسل وتصلي، وإذ لم تفعل فصلاتك في تلك المدة باطلة تجبُ عليك إعادتها عند جمهور العلماء، لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط، وانظر لذلك الفتوى رقم: 36178.
وذهب بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلا أن من ترك شرطاً من شروط الصلاة جاهلاً بوجوبه لم تلزمه الإعادة، وقد ذكرنا بعض كلامه وما احتج به، وذلك في الفتوى رقم: 109981.
والمفتى به عندنا هو القول الأول، وهو وجوب إعادة تلك الصلوات لأنها دين في ذمتك، ودين الله أحق أن يقضى، ثم هذا القول أحوط وأبرأ للذمة.
فعليك أن تقضي صلاة تلك السنين التي صليتها قبل أن تغتسل بنية رفع الحدث، فإن غسلك بغير تلك النية لا أثر له في رفع الحدث عند الجمهور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.. متفق عليه. وقد بينا قضاء الصلوات الفائتة، وأن ذلك يكون حسب الطاقة والاستطاعة بما لا يضر ببدنك أو معاشك، وانظر لذلك الفتويين: 28140، 58935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(11/5532)
حكم صلاة من يجد في ثوبه شيئا من الإفرازات النجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا إذا جلست فترة يصبح على سروالي أو الإزار لون أصفر، خطوط خفيفة أو غيره، فماذا أفعل بالرغم من أني الآن أتوضأ لكل صلاة وأغسل الفرج والدبر لأن هذه الخطوط مكانها من الدبر هي ليست سائلا ولا ريحا ولكن أجد خطوطا صفراء أو يميل لون السروال إلى اللون الأصفر فماذا علي أن أفعل؟ وأنا حتى لو أني توضأت لصلاة المغرب أجد غالبا هذا الاصفرار عند صلاة العشاء حتى في التراويح أحيانا، وأنا أقدم أحيانا للصلاة فهل صلاتي صحيحة، بانتظار إجابتك بأسرع وقت ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي تراه في سروايلك من الإفرازات نجس لأنك قلت إنه خارج من الدبر، وما دام يخرج منك بصفة مستمرة -على ما يظهر من سؤالك- فحكمه حكم المصاب بالسلس فتستبرئ من النجاسة استبراء تاما وتشد خرقة على المحل لئلا تنتشر النجاسة في الثياب وتتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي الفرض وما شئت من النوافل كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 23889، وتفعل مثل ذلك عند دخول وقت كل صلاة.
وأما عن صلاتك فيما مضى، فما توضأت له منها بعد دخول الوقت فقد وقع صحيحا، وأما النجاسة في الثياب فلا تؤثر في صحة الصلاة لجهلك بالحكم.
وما توضأت له منها قبل دخول الوقت فباطل في قول الجمهور، فيلزمك أن تتحرى وتعيد تلك الصلوات، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا قضاء عليك، لأن من ترك ركنا أو شرطا من أركان الصلاة وشروطها جاهلا بحكمه فلا قضاء عليه، واستدل على ذلك بحديث المسيء صلاته وغيره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة ما مضى من صلوات، وقول الجمهور أحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(11/5533)
مسائل فيمن طبيعة عمله تستوجب ملامسة النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيعة العمل تستوجب فحص السائل المنوي والبول والبراز تحت المجهر مع العلم بأني أرتدي جوانتي في يدي، فهل هذا ينقض الوضوء، وإذا لامست ثيابي دون أن أشعر وأعلم وبدون أثر، هل تكون الثياب نجسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجحُ من قولي العلماء أن المني طاهر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 63403.
وقد بينا أن ملامسة النجاسة لا تنقض الوضوء، وذلك في الفتوى رقم: 115116.
وإذا لامست النجاسة ثيابك وجب عليك تطهيرها إذا أردت الصلاة، لقوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر:4} ، فإذا لم تعلم أن النجاسة أصابت ثيابك فلا شيء عليك لأن الأصل عدم إصابتها لثوبك، وقد بينا ما يمكنك فعله لتفادي كثرة ملامسة النجاسة وذلك في الفتوى رقم: 41870، وانظر أيضاً الفتوى رقم: 111752.
وإذا مس القفاز المتنجس ثيابك الطاهرة وكلاهما جاف فلا تنتقل النجاسة منه إليها لأن الجاف لا ينجس الجاف إذا لاقاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(11/5534)
تحريم الصلاة حال الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للعروسين الصلاة وهما على جنابة 3 ليال بعد ليلة الدخلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القلب ليعتصر أسى لما يرى من انتشار بعض الجهالات والأقوال الباطلة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإن تجويز الصلاة مع وجود الجنابة مع اعتقاد حل ذلك كفر بالإجماع، لكن من اعتقد ذلك جاهلاً لم يكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه، بل ذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى إلى أن من صلى من غير طهارة شرعية فإنه كافر وإن لم يستحل، لتلاعبه واستهانته بالدين، قال النووي في المجموع: إن كان عالماً بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصية عظيمة، ولا يكفر عندنا بذلك، إلا أن يستحله، وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه. دليلنا: أنه معصية فأشبهت الزنا وأشباهه. انتهى.
وقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ {النساء:43} ، وقال تعالى: وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ.. {المائدة:6} ، ودلت نصوص السنة بكثرة على وجوب الاغتسال على من كان جنباً، وأجمع على ذلك المسلمون، لكن الجنب إذا عدم الماء أو عجز عن استعماله فإنه يتيمم، وإذا صلى جنباً جاهلاً بالحكم أو بالجنابة فالصلاة في ذمته لا تسقط عنه حتى يقضيها.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34026، 43699، 19649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1430(11/5535)
حكم صلاة من وضع في بدنه أو ثوبه عطورا كحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التعطر بعطر فيه الكحول ورشه سواء على الملابس أو على الجسم وكذلك مزيل العرق الذي يحتوى على الكحول يؤثر على صحة الصلاة في الجسم أو على طهارة الملابس المرشوش عليها؟
أرجو الإفادة مع الشكر وإن كان رشه على الجسم يبطل الصلاة فما حكم من صلى فترات بذلك؟ وهل يعيدها أم يعذر بعدم علمه الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعطورُ المشتملة على الكحول المعروف علمياً بالإيثانول نجسةٌ، وقد بينا هذه المسألة ودليلها في الفتوى رقم: 112455.
واجتناب النجاسة شرطٌ من شروط صحة الصلاة عند الجمهور، ومن ثَم فمن صلى متلبساً بوضعِ هذه العطور المشتملة على هذا الكحول في ثوبه أو بدنه فصلاته باطلة، بل يجبُ عليه إذا أراد الصلاة أن يزيلَ هذه النجاسة فيغسلها من ثوبه وبدنه. وراجع الفتوى رقم: 6358.
وأما ما مضى من صلوات فإنه لا تلزمُ إعادتها، فالصحيحُ من أقوال أهل العلم أن اجتناب النجاسة شرطٌ مع العلم والقدرة، ودليلُ ذلكَ حديثُ أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال لهم لم خلعتم؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا، فقالَ إن جبريلَ أتاني فأعلمني أن فيهما قذرا. رواه أبو داود وغيره، ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على ما مضى من صلاته، ولم يستأنف صلاةً جديدة، فدلَ بوضوح على أن عدم العلم بالنجاسة لا يؤثر في صحة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/5536)
حكم من لم يتطهر من النجاسة شهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لم يتطهر من النجاسة شهرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه النجاسة حسية، بأن كان على بدن هذا الإنسان أو ثوبه الذي يُصلي فيه عينٌ من الأعيان النجسة كالبولِ والعذرة والدم الكثير وتركَ إزالتها شهرا، فإن كان عالماً بالحكم عامداً للترك، فقد أثمَ إثماً عظيماً لتعمده الإخلالَ بشرطٍ من شروط الصلاة وهو اجتناب النجاسة، وعليه قضاء تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحال لأن ذمته لم تبرأ منها، وأما إن كان جاهلاً بالحكم أو بالنجاسة أو ناسياً لوجودها فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} وقال الله في جوابها (قد فعلت) أخرجه مسلم، وفي وجوبِ قضاء تلك الصلوات قولان أصحهما عدم الوجوب وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيمية.
وأما إن كان مقصود السائل بهذه النجاسة التي ترك إزالتها كالحدثِ الأصغر أو الأكبر فإن من تركَ رفع هذا الحدث عالماً عامداً فقد أثمَ إثماً عظيماً، وأتى كبيرةً من أكبر الكبائر لأن ذلك الفعلَ يلزمُ منه تضييع صلاة شهر، وإذا كان تركُ الصلاة الواحدة أعظمُ من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين كما قال ابن القيم فكيفَ بترك صلاة شهر.
فعلى من فعلَ هذا التوبة النصوح، وأن يُبادرَ برفع حدثه بالوضوء أو الغسل، ثم يقضي ما فات من صلوات في تلك المدة.
وأما إن كان تركه ذلك عن نسيانٍ أو جهل كأن نسيَ أنه كان على جنابة، ثم تذكرَ بعد شهر فلا إثم عليه في هذه الحال للدليل المذكور سابقاً، ولقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5} ، ويلزمه قضاءُ الصلوات التي صلاها بغير طهارة في تلك المدة لأنها وقعت غير صحيحةٍ في نفس الأمر فلم تكن مُسقطةً للفرض، ولم تزل ذمته مشغولةً بها فلا يبرأ إلا بفعلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/5537)
حكم الصلاة في الحمامات العمومية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للعامل في الحمامات العمومية الصلاة في مكان عمله أي الحمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد النهي عن الصلاة في الحمامات وهو مكان الاستحمام، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الارض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. رواه الترمذي.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبع مواطن، وذكر منها الحمام.رواه الترمذي.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: والأصح أن سبب النهي كونه مأوى الشياطين فتكره كراهة تنزيه وتصح الصلاة.
وعليه، فالصلاة في الحمام إذا كان طاهرا صحيحة مع الكراهة إذا لم تكن هناك حاجة، أما مع الحاجة فإن الكراهة تزول حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(11/5538)
حكم الصلاة بالحزام الجلدي
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الصلاة بالحزام الجلدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الحزام الجلدي مما يُباح اتخاذه بأن كان طاهر العين من غير جلود السباع والنمار، إذ صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسها، فلا حرج في لبسه والصلاة فيه، فإن كل ما جاز لبسه جازت الصلاة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(11/5539)
الثوب الجديد طاهر استصحابا للأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب غسل الثوب الجديد قبل الصلاة به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثوب إذا كان طاهرا لا يجب غسله سواء كان جديدا أو قديما، والأصل في الأشياء الطهارة حتى تعلم نجاستها، والثوب الجديد طاهر بحسب هذا الأصل، وعليه فلا يجب غسله، ويجوز الصلاة فيه ولو لم يغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/5540)
حكم صلاة عامل النظافة في ملابسه المتنجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى أوروبا وفى النظافة بالتحديد ونقوم بتنظيف المنازل والحمامات أجلكم الله، وطبعاً لا تخلو الملابس من النجاسه أجلكم الله، وتدخل علينا أوقات الصلاة، فهل يجوز أن أصلي بهذه الملابس؟ أو الأفضل أن أصلي عندما أعود إلى البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم اجتناب النجاسة في الصلاة فقيل: هو سنة وقيل: واجب لا تبطل الصلاة بتركه، وهذا ما رجحه الشوكاني، وقيل: هو شرط وهو قول أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة إلا أن بعضهم يقيد ذلك بالعلم، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. انتهى.
والصحيح أن اجتناب النجاسة في البدن والثوب شرط مع العلم والقدرة، فأما كونه شرطاً فلقوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر:4} ، ولحديث ابن عباس في الصحيحين في قصة اللذين يعذبان في قبرهما وفيه: أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله. ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بأن تحُتَّ دم الحيض من ثوبها ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه. متفق عليه.
وأما اشتراط القدرة فلأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وقد صلى عمر رضي الله عنه وجرحه يثعب دماً، أخرجه البخاري. وأما اشتراط العلم فلحديث أبي سعيد في السنن وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه الذين بهما قذر في أثناء الصلاة ولم يقطعها.
إذا علمت هذا فالواجب عليك أن تصلي في ثياب طاهرة، وننصحك أن تصطحب معك إلى مكان عملك ثياباً طاهرة تجعلها خاصة بالصلاة، فإن تعذر عليك ذلك فاجتهد في إزالة تلك النجاسة من ثيابك حين يجيء وقت الصلاة، فإن تعذر أيضاً فلا تصل في الثوب النجس، ولكن انتظر حتى ترجع إلى بيتك فتصلي في ثيابٍ طاهرة إذا كان وقت الصلاة لا يفوت، فإذا خشيت أن يفوت وقت الصلاة وكنت عاجزاً عن إزالة النجاسة من ثوبك فصل حسب حالك، واختلف هل تجب عليك الإعادة أم لا، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26802، 74274، 6115، 44652، 58066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(11/5541)
حكم الصلاة على أرض البيت حيث توطأ بالأحذية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على بلاط (أرضية) البيت علما بأننا نمشي عليها بنعالنا وأحذيتنا حيث إن أبي قال لي كيف تصلي على الأرضية ونحن ندخل الحمام (المرحاض) ونمشي عليها فما حكم الصلاة عليها أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاةُ جائزةٌ على كل ما لم تعلم نجاسته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: وجعلت ليَ الأرض مسجداً وطهورا. متفق عليه، فحيثُ أدركتك الصلاة فصلِ، سواء في ذلك البلاط وغيره، وليس كونكم تمشون عليه بالنعال موجباً لترك الصلاة عليه، ما لم تُتَحقق نجاسةُ تلك النعال، والمراحيض الموجودة في البيوت الآن الأصلُ في أرضها الطهارة -والله أعلم- إذِ النجاسةُ في مكانها المعلوم، فإذا تيقنت أو غلب على ظنك أن أسفل النعل الذي يُمشى به على البلاط قد تعلقت به نجاسة فلا تصلِ عليه حتى تريقَ عليه الماء، وتراجع الفتوى رقم: 57301 ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(11/5542)
خرج منه المني واقتصرعلى غسل فرجه جاهلا ثم توضأ وصلى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من خرج منه المني فغسل فرجه فتوضأ ثم صلى لعدم علمه بوجوب الاغتسال وتكرر هذا لمدة 5 سنوات هل يجب إعادتها أي الصلوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن خرج منه مني واقتصرعلى غسل فرجه جاهلا ثم توضأ وصلى فقد ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا، وقد اختلف أهل العلم في وجوب قضاء ما فاته من الصلاة.. فذهب بعضهم إلى عدم القضاء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال بعضهم بوجوب قضائها وهذا هو المفتى به عندنا كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 109981.
وبناء على وجوب الإعادة فعلى الشخص المذكور إعادة جميع الصلوات التي مضت عليه بدون اغتسال، وإذا لم يضبط عددها فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة الذمة، وكيفية قضاء الفوائت االكثيرة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(11/5543)
صلت بدون الغسل من الدورة بسبب مرضها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا صليت لمدة ثلاثة أيام دون الاغتسال من الدورة بسبب أنني كنت مصابة بمرض جدري الماء (العنقز) ثم بعد الثلاثة أيام اغتسلت بماء السدر وصليت هل علي ذنب أو أعيد صلاتي التي صليتها بلا طهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تيقنت أو غلب على ظنك حصول الضرر أو زيادة المرض أو تأخر برئه، بسبب الاغتسال بناء على إفادة طبيبة أو خبرة وتجربة فتيممت وصليت، فإنه لا حرج عليك في ترك الاغتسال هذه الأيام. أما إذا لم تكوني قد تيممت أو لم يكن لديك يقين أو غلبة ظن بحصول الضرر أو زيادة المرض بالاغتسال فيجب عليك مع التوبة إلى الله إعادة ما صليت من الصلوات بغير طهر.
وهذا ننبه إلى ضرورة استشارة أهل الخبرة والتجربة في هذا المجال، وعدم اللجوء للتيمم إلا بعد القيام بوسائل السلامة لتفادي ضرر الماء كالتدفئة والادهان وتسخين الماء والتحفظ من الرياح الباردة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7418، 13359، 45925، 46839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/5544)
الصلاة بملابس أصابها دم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت تعمل في مصحة وفي عملها هي معرضة لأن يتسخ ثوبها بالدماء وليس لها مكان لتغيير ملابسها، ومهما حاولت أن تتقي هذه الدماء فبدون جدوى، فهل تصلي بتلك الثياب أو تقوم بتأخيرها أو ما الحل علما بأنها مضطرة للعمل وليس باختيارها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الصلاة طهارة البدن والثوب والمكان من النجاسة كما هو معلوم، والدم ينقسم إلى أقسام اتفق العلماء على نجاسة بعضها واختلفوا في البعض الآخر، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 3978.
والدم إذا أصاب الثوب وجب تطهيره ولا تصح الصلاة به، ولا نتصور وجود مصحة لا يوجد فيها مكان يمكن أن يستبدل العامل فيه ملابسه، فالحمامات من الضروريات في الأماكن العامة والمستشفيات ونحوها ولا يتصور خلو المصحة منها، وبإمكان أختك أن تستبدل ملابس عملها في الحمامات النسائية بملابس طاهرة تصح فيها الصلاة، فلا يجوز التهاون بهذا، ولا تؤخر الصلاة عن وقتها، ولا تصلي بتلك الملابس إذا تلوثت بدم ما دامت تجد غيرها، فإن لم تجد غير هذه الثياب النجسة أو افترضنا - وهو أمر مستبعد للغاية- عدم وجود مكان للتغيير فإنها تصلي بملابسها المتنجسة ولا تؤخر الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(11/5545)
صلى محدثا وتذكر أثناء الصلاة أو بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت وكنت أعتقد أنني على وضوء ولكن بعد انتهاء الصلاة تذكرت أنني فقدت الوضوء هل صلاتي جائزة وما الواجب عمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك غير صحيحة والواجب عليك إعادتها لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة، فمن صلى محدثاً ثم تبين له أثناء الصلاة أو بعدها أنه على غير طهارة وجب عليه أن يتطهر ويعيد الصلاة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: من نسي طهارة الحدث وصلى ناسياً فعليه أن يعيد الصلاة بطهارة بلا نزاع، حتى لو كان الناسي إماماً كان عليه أن يعيد الصلاة، ولا إعادة على المأمومين إذا لم يعلموا عند جمهور العلماء.. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(11/5546)
هل يلزم التارك لشرط من شروط الصلاة جهلا الإعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على من لا تعلم أن الاحتلام يوجب الغسل قضاء الصلاة، أو التي اغتسلت ثم تذكرت أن بها طلاء أظافر، فهل عليها أن تقضي الصلاة علما بأن ذلك كان منذ سنوات، وما هي الحالات التي توجب قضاء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
فمن صلت جنبا فقد تركت شرطا من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة، وقد اختلف العلماء فيمن ترك شرطا جهلا بالحكم.. فمنهم من أوجب عليه إعادة الصلاة وهو المفتى به عندنا، ومنهم من لم يوجب عليه إعادة الصلاة إلا صلاة الوقت. وأما نسيان طلاء الأظافر عند الغسل فإن كان ثخينا يمنع وصول الماء فتلزمها إعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل، وإن كان الطلاء لا يمنع وصول الماء لم يلزمها إعادة تلك الصلوات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهاهنا مسألتان: الأولى، حكم صلاتها جنبا جاهلة وجوب الطهارة عليها من الاحتلام.
الثانية: حكم غسلها للجنابة إلا موضعا من بدنها نسيانا وليس جهلا، فنقول وبالله التوفيق:
أما المسألة الأولى، فإن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، والفقهاء مختلفون فيمن ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا بحكمه هل تلزمه إعادة ما مضى من الصلوات أم لا؟ فمن العلماء من قال الشروط تسقط؛ كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله تعالى: لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ.. فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد، ونظيره أن يمس ذكره ويصلي ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر، والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء.. انتهى. مختصرا من الفتاوى الكبرى.
ومثله ما ذكر في الفتوى رقم: 104802.
والقول الآخر أن الشروط لا تسقط بالجهل كما لا تسقط بالنسيان. قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ولا تسقط الشروط عمدا أو سهوا أو جهلا.. ومثله في نهاية المحتاج للرملي الشافعي:.. لأن الشروط لا تسقط بالجهل ولا النسيان.
وعلى هذا، فمن صلى جنبا عن احتلام جاهلا بوجوب الغسل عليه فإن في وجوب قضاء الصلوات عليه قولان، والمفتى به عندنا وجوب الإعادة كما في الفتوى رقم: 19776، فإن كانت كثيرة لا يعلم عددها على وجه اليقين فإنه يقضي ما يغلب على ظنه براءة ذمته به، وانظر الفتوى رقم: 58935.
وأما المسألة الثانية: فإن كان الطلاء ثخينا بحيث يمنع وصول الماء إلى الأظافر فيلزمها إعادة الصلوات التي صلتها بذلك الغسل الناقص، وإن كان لا يمنع وصول الماء فالغسل صحيح ولا تعيد الصلوات التي صلتها بذلك الغسل، وانظر الفتوى رقم: 67559، والفتوى رقم: 14937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(11/5547)
حكم الصلاة في مكان يشرب فيه الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[فطنت أن الفتاة التي تسكن معي تشرب الخمر وأصبحت تصر على تناوله في البيت فهل يصح أن تؤدى الصلاة في نفس البيت خاصة وأن والدي كثيرا ما يأتي لزيارتي ويقضي في بعض الأحيان كامل اليوم وبذلك يكون من المحتم أن يؤدي صلاته في نفس المنزل، وفي هذه الحالة هل أكون قد ارتكبت ذنبا على فرض أن المنزل ليس طاهرا وأني لم أخبره بأن الفتاة تناولت الخمر في البيت.
أرجو منكم الرد، أنا قد اتخذت قراري بأن أنتقل للسكن في منزل آخر ولكني حائرة بخصوص أني ربما قد اقترفت ذنبا في حق أبي وفي حق نفسي....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شرب الخمر من كبائر الذنوب، والواجب على من رأى من يشرب الخمر أن ينصحه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ولا يجوز له السكوت، لا سيما إذا كان مسؤولا عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ... متفق عليه.
كما لا يجوز له مجالسته حال شربه، بل ينهاه ثم يبتعد عنه خشية أن ينزل مقت الله على الجميع. وإذا رأى أن هجر أمثال هؤلاء قد ينفع في زجرهم فليهجرهم.
أما عن حكم الصلاة في المكان الذي يشرب فيه الخمر فالصلاة صحيحة إذا استكملت الشروط والأركان، ولم يتلبس بالخمرة حال أداء الصلاة في ثوبه أو بدنه أو مكان صلاته، هذا على القول بنجاسة الخمر، وهو مذهب جمهور العلماء.
وإن من الملاحظ أن الأخت سألت عن حكم صلاة والدها ولم تسأل عن صلاتها هي.. فهل معنى ذلك أنها لا تصلي؟ فإذا كانت لا تصلي فعليها أن تقيم الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأن تحرص كل الحرص على أدائها في وقتها، بشروطها وأركانها، وأن تتوب إلى الله من ترك الصلاة فإنها من أكبر من الكبائر، وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم كفرا، ففي الحديث: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. وقد عده بعض أهل العلم تركها تكاسلا من المكفرات المخرجة من الدين، أما تركها مع الجحود لوجوبها فهو كفر بالإجماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(11/5548)
واجب من صلى بثياب نجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأوقات ينزل مني دم من الخلف وأنا في مكان العمل ولا يكون لي مجال لتبديل ملابسي ويأتي وقت صلاة الظهر، فهل صلاتي مقبولة أم لها حكم شرعي آخر، علما بأن دوامي متصل من 9 إلى 5 مساء وفي تلك الفترة لا أذهب إلى البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الطهارة من الخبث شرط في صحة الصلاة، لذلك إذا لم تستطع تبديل ملابسك فعليك أن تغسل مكان النجس منها وتصلي على طهارة، ولا يجوز لك أن تصلي قبل أن تبدل ملابسك أو تغسل الموضع المصاب بالنجس، فإن فعلت ذلك عالماً بالنجاسة لم تصح صلاتك، وعليك إعادتها لأنها صليت بنجاسة تستطيع الطهارة منها، عالماً بها.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك مثل هذا جاهلاً بحكمه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة، هذا إذا كان بالإمكان التحرز من الدم بغسله أو تبديل الملابس المصابة به، فإن لم يمكن ذلك وتعذر تغيير الملابس أو غسلها فإن من أهل العلم من يرى أنه يُعفى عن كل ما يعسر التحرز منه من النجاسات في الصلاة ودخول المسجد، وانظر الفتوى رقم: 52081، والفتوى رقم: 106682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(11/5549)
الواجب في حق من لا يلازمه الحدث
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
أنا رجل عندي مشكلة تتعلق بالطهارة، حيث ينزل مني بعد التبول بعض قطرات من البول لمدة نصف ساعة مثلا تزيد أو تنقص، ثم تنقطع قطرات البول تماماً.
أحيانا أضطر للتبول قبل الصلاة مباشرة وأضطر للحاق بالجماعة في المسجد وأنا في فترة النصف ساعة التي تنزل فيها قطرات البول، وأجد حرجاً شديدا في الصلاة والحال هذه ولا أدري هل صلاتي صحيحة أم أعيد الصلاة بعد ساعة مثلا عندما تتوقف قطرات البول عن النزول..
أرجو أن تفيدوني ماذا أفعل ...
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحيث إن هذه القطرات لا تلازمك في جميع وقت الصلاة بل تنقطع عنك وقتا يمكنك فيه أن تتوضأ وتصلي الصلاة قبل خروج وقتها، فإن الواجب أن تنتظر ذلك الوقت فتتوضأ فيه وتصلي ولو أدى ذلك إلى فعلها منفردا دون جماعة، ولا يجوز دخول الصلاة والبول يقطر منك، ولا يصح الوضوء أصلا، والصلاة بتلك الطريقة باطلة وتجب إعادتها، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 96549، ورقم: 75317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1429(11/5550)
مذاهب العلماء في صلاةمن أخل بشرط الطهارة جاهلا أو ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي ما المقصود بالخارج من الدبر ينقض الوضوء هل المقصود أن يصل إلى منطقة الملابس الداخلية أم الخارج من فتحة الدبر مباشرة لأني أعاني من اضطرابات في البطن تسمى القولون العصبي وكثير ما يخرج من فتحة الدبر بعد غسل المنطقة القليل من الغائط وأحيانا كثير وهو بصفة شبه يوميه وأحيانا في أكثر من فرض فهل المقصود هو الخارج من السبيلين ما يمس الملابس الداخلية أم ما يخرج من فتحة الدبر مباشرة وإذا كان كذلك ما يلزمني في الصلوات هل يجب الإعادة؟ علما بأني لا اعلم عدد الصلوات قبل قراءة نواقض الوضوء وقد أشكل علي فهمه فأرجو منكم المساعدة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يعتبر خروج الغائط ونحوه من الباطن إلى ظاهر المخرج ناقضا للوضوء ولو لم ينتشر أو يسيل ولو لم يصل إلى الملابس، وإذا لم يكن ذلك ملازما كل الوقت أو جله فليس له حكم السلس عند الجمهور، ويجب قضاء الصلوات التي أديت بوضوء منتقض بالخارج المذكور ولو جهل أنه ناقض لأن الجهل لا يعذر به فيما يتعلق بالإخلال بطهارة الحدث عند الجمهور، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن من فعل مثل هذا جاهلا بالحكم لا تجب عليه إعادة ما مضى؛ بل تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل فقط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد خروج الغائط ونحوه من الدبر ناقض للوضوء، والمراد بالخروج وصوله إلى ظاهر المخرج ولو لم يحصل سيلان ولا انتشار ولو لم يصل إلى الملابس، ففي بدائع الصنائع في الفقه الحنفي: إذا ظهر شيء من البول والغائط على رأس المخرج انتقضت الطهارة لوجود الحدث وهو خروج النجس، وهو انتقاله من الباطن إلى الظاهر لأن رأس المخرج عضو ظاهر، وإنما انتقلت النجاسة إليه من موضع آخر فإن موضع البول المثانة وموضع الغائط موضع في البطن يقال له قولون، وسواء كان الخارج قليلا أو كثيرا سال عن رأس المخرج أو لم يسل. انتهى.
والخارج من السبيل إن لم يصل إلى حد السلس بحيث لا ينقطع وقتا يتسع للطهارة والصلاة فإنه ناقض، إن حصل بعد الوضوء نقضه، وإن حصل في الصلاة أبطلها، ويجب قضاء الصلوات التي كنت تصليها بوضوء منتقض بالخارج المذكور ولو كنت تجهل أنه ناقض لأن الجهل لا يعذر به فيما يتعلق بالإخلال بطهارة الحدث. قال في كشاف القناع: والشرط ما يتوقف عليه صحة مشروطه إن لم يكن عذر، فمتى أخل بشرط لغير عذر لم تنعقد صلاته ولو ناسيا أو جاهلا. انتهى. فإن لم تعلم عددها عملت على التحري والاجتهاد حتى يغلب على ظنك قضاء جميع ما فات من الصلوات.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك مثل هذا جاهلا بحكمه أنه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة فقال في مجموع الفتاوى: وأما من لم يعلم الوجوب فإذا علمه صلى الوقت وما بعدها ولا إعادة عليه؛ كما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي المسيء في صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل. قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني ما يجزيني في صلاتي فعلمه وقد أمره بإعادة صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة مع قوله لا أحسن غير هذا، وكذلك لم يأمر عمر وعمار بقضاء الصلاة، وعمر لما أجنب لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة، ولم يأمر أبا ذر بما تركه من الصلاة وهو جنب، ولم يأمر المستحاضة أن تقضي ما تركت مع قولها إني أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة. انتهى.
وأما إذا وصل الخارج إلى حد السلس أي كان لا ينقطع وقتا يكفي للطهارة والصلاة في وقت الصلاة فإنه يتطهر بعد دخول الوقت بعد التحفظ من انتشار النجاسة ويصلي ولا يضره ما خرج أثناء صلاته، وراجع للمزيد حول طهارة وصلاة صاحب السلس الفتاوى التالية أرقامها: 23889، 8777، 15594، 16039، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 31107، والفتوى رقم: 64873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(11/5551)
حكم صلاة من لعق الكلب بدنه وهو يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترب كلب من رجل يصلي ولحس رجله مع هذا أتم الرجل صلاته وصلاته صحيحة فكيف ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
جمهور أهل العلم على نجاسة لعاب الكلب، وبالتالي فإذا لعق الكلب قَدَم شخص أثناء صلاته فقد بطلت عند الجمهور، ووجب عليه إعادتها إن أتمها عمداً عالماً بالبطلان. وإن أتمها جهلاً فلا إعادة عليه عند بعض أهل العلم، وإن كان الاحتياط إعادتها خروجاً من خلاف أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم نجاسة ريق الكلب، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 47336.
وبناء عليه، فإذا كان الرجل المذكور قد أصابه الكلب ببعض ريقه ونحوه فقد بطلت صلاته، وعليه قطعها واستئنافها من جديد، وإن أتمها عمداً مع علمه ببطلانها فالواجب إعادتها. أما إن أتمها جهلاً فبعض أهل العلم يرى صحتها وهذا المذهب هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن كان الاحتياط في حق ذلك الرجل إعادة تلك الصلاة خروجاً من خلاف أهل العلم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 68553، والفتوى رقم: 6115.
هذا كله بناء على أن لعاب الكلب نجس، أما من يقول بطهارته فالصلاة صحيحة عنده بكل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/5552)
حكم الصلاة على كيس من النايلون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة على الكيس من النايلون وما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأكياس مثل سائل الأشياء الطاهرة ولا مانع من الصلاة عليها ما دامت كذلك، وشأنها في ذلك شأن كل فرش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/5553)
لا تصح الصلاة في الثياب المتلطخة بالخمر لنجاستها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعلم هل تلطخ الثياب بخمرة ينجس الثياب بحيث لا تمكن الصلاة فيها أم لا؟ وأثابكم الله على ما تفعلون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخمر نجسة، ولا تصح الصلاة بالثياب المصابة بها، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97325، 45199، 23146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(11/5554)
من صلى وعلى ثيابه أثر المذي جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من سلس المذي وأقوم بنضح الماء على ملابسي عند كل صلاة مع التخرق بخرقة ثم أتوضأ وأصلي وهكذا في كل صلاة..... ومنذ فترة قرأت أنه لو كانت هناك رطوبة نجسة فإنها تنجس ما تلمسه، فهل يعني هذا أنه لو أصابني مذي في ملابسي قبل الوضوء والصلاة (أي قبل نضح الماء والطهارة) فان الرطوبة الناتجة عنه تنجس ملابسي الخارجية وبالتالي يجب علي تغيير هذه الملابس قبل الوضوء والدخول في الصلاة، أم أن رطوبة المذي لا يمكنها الوصول إلى ملابسي بسهولة.... أفتونا مأجورين فأنا في حيرة، مع ذكر ما يلزمني عن الصلوات السابقة إن كنت على خطأ مع العلم بأنني لست ممن يتركون السؤال في أمور الدين أي أنني لم أقصد التهاون في هذا الأمر............... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المذي نجس وناقض للوضوء ويجب من خروجه غسل الذكر فقط على الراجح، ومن أهل العلم من قال بلزوم غسل الأنثيين، ومن فعل ذلك احتياطا فقد أحسن، وراجع الفتوى رقم: 9170، مع غسل ما أصابه من البدن والثوب.
وإذا كثر خروج المذي بحيث صار له حكم السلس فقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 56252.
وإذا كنت صاحب سلس مذي وتحققت من إصابة رطوبة المذي لثوبك فيجب الغسل عند بعض أهل العلم، وقال بعضهم يجزئ فيه النضح، وبالتالي فالأولى أن يغسل من الثوب ما أصابته رطوبة المذي خروجا من خلاف أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 12356، ولا يلزم نزع ذلك الثوب أو غيره، وإن لم تتحقق من إصابة ثوبك بتلك الرطوبة فلا يلزمك غسل.
ومن صلى بالنجاسة ناسيا أو جاهلا فلا إعادة عليه على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وراجع الفتوى رقم: 101000.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(11/5555)
مذاهب العلماء في الصلاة على سجادة تحتها ثوب نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة التي يصلها المصلي فوق سجاد من تحته حصير منجس بالبول وهو يعلم ذلك ويظن أنه جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجزئ الصلاة على سجادة تحتها حصير متنجس مع الكراهة عند بعض أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجزئ الصلاة على سجادة تحتها حصير متنجس مع الكراهة عند الحنابلة والشافعية.
قال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: من المدونة قال مالك: لا بأس أن يصلي المريض على فراش نجس إذا بسط عليه ثوبا طاهرا كثيفا، قال بعضهم: بل ذلك جائز للصحيح لأن بينه وبين النجاسة حائلا طاهرا كالحصير إذا كان بموضعه. انتهى
وقال النووي في المجموع وهو شافعي: فرع: قال أصحابنا: يكره أن يصلي في مزبلة وغيرها من النجاسات فوق حائل طاهر لأنه في معنى المقبرة. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: قوله: وإن طين الأرض النجسة، أو بسط عليها شيئاً طاهرا، صحت صلاته عليها مع الكراهة. وهذا المذهب، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد. قال الشارح: هذا أولى وصححه في المذهب والناظم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(11/5556)
حكم من وجد في ثوبه نجاسة بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أدائي لصلاة الفجر والضحى وقراءة القرآن تفاجأت بأن ملابسي الداخلية ملوثة دون علمي المسبق بهذه النجاسة، فهل يصح ما قمت به وهل يجب علي إعادتها، وهل يجوز مسحها بالماء في حالة عدم القدرة على تغييرها خصوصا في أوقات الدوام والعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من وجد في ثوبه نجساً بعد أن صلى لم تجب عليه الإعادة إن أمكن اعتبار النجس طارئاً بعد الصلاة لأن الحدث يضاف إلى أقرب وقت، وإن لم يمكن اعتباره طارئاً بعد الصلاة لقرينة دلت على ذلك، فقد اختلف أهل العلم في حكم إعادته لصلاة الفرض التي صلاها بتلك النجاسة، ولا يلزم تغيير الملابس المتغيرة بل يكفي غسلها بالماء حتى تطهر، ولا يكفي مجرد المسح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب إعادة الصلاة هنا إذا كان من الممكن أن يكون النجس قد حصل بعد أدائها على طهارة من الحدث لاحتمال حدوث النجاسة، وأما إذا لم يمكن اعتباره طارئاً بعد الصلاة لقرينة دلت على ذلك فقد اختلف أهل العلم في وجوب الإعادة عليه وعدمه، وتراجع لذلك الفتوى رقم: 7931.
أما صلاة الضحى فلا تجب أصلاً ولا يطالب بإعادتها، ولا يجب تغيير هذه الملابس بل يكفي غسل مكان النجاسة بالماء حتى تزول عينها ويزول لونها وريحها إن أمكن ذلك أيضاً، ولا يكفي في إزالة النجس مجرد المسح، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 53875.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(11/5557)
حكم الصلاة في ثوب أصابه دم البراغيث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في منطقة ريفية حيث يكثر الباعوض مما يجعل ملابسنا ملطخة بدم هذه الحشرات، فهل تجوز الصلاة بهذه الملابس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدم البعوض والبراغيث ونحوهما طاهر عند بعض أهل العلم، وبعضهم يقول بوجوب غسله إذا انتشر وكثر، وبالتالي فإذا تلطخ الثوب به فمن الاحتياط في الدين عدم الصلاة به إلا بعد غسله خروجاً من خلاف أهل العلم، ففي المغني لابن قدامة: ودم ما لا نفس له سائلة، كالبق، والبراغيث، والذباب، ونحوه، فيه روايتان، إحداهما: أنه طاهر، وممن رخص في دم البراغيث عطاء وطاووس والحسن، والشعبي والحاكم وحبيب بن أبي ثابت وحماد والشافعي وإسحاق، ولأنه لو كان نجساً لنجس الماء اليسير إذا مات فيه، فإنه إذا مكث في الماء لا يسلم من خروج فضلة منه فيه، ولأنه ليس بدم مسفوح، وإنما حرم الله الدم المسفوح. والرواية الثانية عن أحمد قال في دم البراغيث إذا كثر: إني لأفزع منه، وقال النخعي: اغسل ما استطعت، وقال مالك في دم البراغيث: إذا كثر وانتشر فإني أرى أن يغسل، والأول أظهر، وقول أحمد: إني لأفزع منه. ليس بصريح في نجاسته، وإنما هو دليل على توقفه فيه، وليس المنسوب إلى البراغيث دما إنما هو بولها في الظاهر، وبول هذه الحشرات ليس بنجس. انتهى.
وفي المجموع للنووي: ولو كان دم البراغيث في ثوب في كمه وصلى به أو بسطه وصلى عليه، فإن كان كثيراً لم تصح صلاته، وإن كان قليلاً فوجهان. انتهى.
وفي المدونة للإمام مالك: فقيل لمالك: فدم البراغيث؟ قال: إن كثر ذلك وانتشر فأرى أن يغسل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(11/5558)
حكم الصلاة على فراش أصابه عطر فيه كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت من فتوى لكم أن الخمر نجس لكونها تحتوي على الكحول وليس كونها هي نجسة، ولكن المسجد الذي أصلي فيه يقوم الأخوات الفاضلات بتعطير سجاد المسجد بالمسك المضاف إليه الكحول لأن المسك الخام عبارة عن زيت ولا يمكن توزيعه على المساحة الكبيرة، وإمام المسجد لم يعترض بل بالعكس نحن كنا نخشع في رمضان ولا نشعر أن صلاتنا باطلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 23147، أن العطور المشتملة على كحول نجسة ولا تصح الصلاة بها، وبالتالي فلعل الأخوات اللواتي يقمن بتعطير فراش المسجد بتلك العطور لا يعلمن بما تشتمل عليه من نجاسة وكذلك الحال بالنسبة للإمام، ومن صلى على الفراش المذكور جاهلا بتلك النجاسة أو ناسيا لها فصلاته صحيحة، ومن صلى عليه متعمدا عالما بالنجاسة فصلاته باطلة، وراجعي الفتوى رقم: 67038.
ويتعين نصح الأخوات المذكورات بضرورة الكف عما يقمن به.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(11/5559)
حكم من اغتسل من الجنابة ثم صلى مباشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اغتسلت من الجنابة ثم صليت مباشرة هل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن اغتسل وصلى بعد ذلك مباشرة فصلاته صحيحة ما لم يأت بناقض من نواقض الوضوء قبل الصلاة.
وننبه إلى أن أهل العلم اختلفوا فيمن اغتسل من الجنابة ولم ينو الوضوء هل يجزئه ذلك أم لا؟
والراجح من أقوالهم أنه يجزئه كما بيناه في الفتوى رقم: 8365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(11/5560)
حكم الصلاة على أوراق شجر سقي بماء نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتنا عن حكم الصلاة على نبات (النجيل) الذي يروى بماء المجاري. سواء كان جافاً أورطبا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرض التي تسقى بماء المجاري أرض نجسة، وإذا أصابت النجاسة ظاهر هذا النبات أي أوراقه ونحو ذلك فإنه متنجس لا تصح الصلاة عليه رطبا كان أو يابسا، وكذا إن لم تصب منه النجاسة ذلك لكنها على الأرض والنبات لا يحول بين المصلي وبين مباشرة النجاسة، أما إذا لم تصب النجاسة ما يظهر من النبات -أعني ما يلاقيه بدن المصلي لو صلى عليه- وكان هذا النبات حائلا بين المصلي وبين الأرض المتنجسة فإن الصلاة عليه صحيحة لأنه طاهر، وإن كان قد سقي بنجس، وهذا الاحتمال يفيد في هذا النوع من النبات الذي سأل عنه السائل.
ففي المجموع للنووي الشافعي: قال المتولي: وكذا الشجرة إذا سقيت ماء نجسا فأغصانها وأوراقها طاهرة كلها لأن الجميع فرع الشجرة ونماؤها. انتهى.
وفي التاج والإكيل للمواق المالكي: ابن يونس: القمح النجس يزرع فينبت هو طاهر، وكذلك الماء النجس يسقى به شجر أو بقل فالثمرة والبقل طاهرت ان. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1428(11/5561)
حكم من صلى وفي ثوبه نجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في الصلاة وأنا أرتدي ملابس فيها شيء من البول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطهارة من الخبث شرط من شروط صحة الصلاة، وعليه فلا يجوز للمسلم أن يصلي وفي ثوبه نجاسة عالماً بها، سواء كانت بولا أو غيره، فإن فعل ذلك لم تصح صلاته وعليه إعادتها.
أما إذا صلى بالنجاسة غير عالم بها ثم اطلع عليها بعد الانتهاء من الصلاة ففي ذلك خلاف بين الفقهاء، يراجع له الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/5562)
لا يجوز للمحدث قبل الطهارة الشروع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا حضرت الصلاة أصليها ثم أغتسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على الصلاة إلا بعد الغسل من الجنابة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/5563)
هل تصح صلاة من نوى بوضوئه استباحة فعل ندبت له الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع الوضوء؟ وهل هناك وضوء تصح الصلاة به وآخر لا تصح الصلاة به؟.
مثلا: أنا أحب أن أكون على طهارة دائما أتوضأ عند انتقاض الوضوء أحيانا يكون قبل الصلاة بكثير.
فهل يجب إحضار نية الصلاة عند كل وضوء أم تكفي نية رفع الحدث؟ . جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوء ينقسم إلى قسمين:
- الوضوء الواجب الذي هو شرط في صحة الصلاة.
- الوضوء المسنون أو المستحب، وهذا يكون لعدة أمور نبَّه عليها بعض أهل العلم.
ففي المجموع للنووي: وقد ذكر المحاملي في اللباب أنواع الوضوء المسنون فجعلها عشرة، وزاد فيها غيره فبلغ مجموعها خمسة وعشرين نوعا، منها: تجديد الوضوء، والوضوء في الغسل، والوضوء عند النوم، والوضوء للجنب عند الأكل أو الشرب، والوضوء من حمل الميت، وعند الغضب، وعند الغيبة، وعند قراءة القرآن، وعند قراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم وروايته، ودراسة العلم، وعند الأذان وإقامة الصلاة أي لمجرد الإقامة، أما الصلاة فالوضوء شرط في صحتها -كما هو معلوم- وللخطبة في غير الجمعة، وكذا للجمعة إذا لم نوجب فيها الطهارة، ولزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وللوقوف بعرفات، وللسعي بين الصفا والمروة، والوضوء من الفصد والحجامة والقيء وأكل لحم الجزور للخروج من خلاف العلماء في وجوبه. وكذا يندب الوضوء لكل نوم أو لمس أو مس اختلف في النقض به وقلنا لا ينقض، وكذا في مس الرجل والمرأة الخنثى، ومسه أحد فرجيه ونحو ذلك. ورأيت في فتاوى ابن الصباغ أنه يستحب لمن قص شاربه الوضوء ولعله أراد الخروج من خلاف من أوجب طهارة ما ظهر بالقطع فيعيد الوضوء للترتيب والموالاة. والله أعلم. انتهى
وإذا توضأ لما يستحب له الوضوء لا يجزئه أن يصلي به الفريضة عند المالكية وأكثر الشافعية، قال الحطاب في مواهب الجليل وهومالكي: يعني أن المتوضئ إذا نوى استباحة فعل ندبت له الطهارة فإنه لا يرتفع الحدث، ولا يستبيح بذلك شيئا مما منعه الحدث. قال المازري: لأن الفعل الذي قصد إليه يصح فعله مع بقاء الحدث فلم يتضمن القصد إليه القصد برفع الحدث كما تضمنه القصد إلى ما تجب الطهارة فيه. انتهى.
وقال في التوضيح: قاعدة هذا أن من نوى ما لا يصح إلا بطهارة كالصلاة ومس المصحف والطواف فيجوز أن يفعل بذلك الطهر غيره، ومن نوى شيئا لا يشترط فيه الطهارة كالنوم وقراءة القرآن ظاهرا وتعليم العلم فلا يجوز أن يفعل بذلك الوضوء غيره على المشهور. انتهى.
وفي المهذب للشيرازي وهوشافعي: قال المصنف - رحمه الله تعالى - وإن نوى الطهارة لقراءة القرآن أو الجلوس في المسجد وغير ذلك مما يستحب له الطهارة ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يجزيه؛ لأنه يستباح من غير طهارة فأشبه ما إذا توضأ للبس الثوب. والثاني: يجزيه لأنه يستحب له أن لا يفعل ذلك وهو محدث فإذا نوى الطهارة بذلك تضمنت نيته رفع الحدث.
قال شارحه النووي في المجموع: (الشرح) : هذان الوجهان مشهوران ودليلهما ما ذكره، وأصحهما عند الأكثرين أنه لا يصح، ممن صححه الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي والقاضي أبو الطيب في كتابه شرح الفروع والبغوي والروياني في كتابه الكافي والرافعي وغيرهم، وبه قطع البغوي في شرح السنة وجماعة من أصحاب المختصرات، قال الشيخ أبو حامد: وهو قول عامة أصحابنا، وصحح جماعة الصحة منهم ابن الحداد والفوراني والشيخ أبو محمد في الفروق وولده إمام الحرمين في كتابه مختصر النهاية. انتهى
ويستحب للسلم دائما أن يكون على طهارة، وبالتالي فيجوز له الوضوء قبل دخول وقت الصلاة. قال النووي في المجموع أيضا: يستحب المحافظة على الدوام على طهارة وعلى المبيت على طهارة وفيهما أحاديث مشهورة
وقال أيضا: أجمع العلماء على جواز الوضوء قبل دخول وقت الصلاة، نقل الإجماع فيه ابن المنذر في كتابه الإجماع وآخرون، وهذا في غير المستحاضة ومن في معناها، فإنه لا يصح وضوؤها إلا بعد دخول الوقت. والله أعلم. انتهى
ويكفيك عند الوضوء نية رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو أداء الفرض، ففي التاج والإكليل للمواق: ابن شاس: كيفية النية أن ينوي بها رفع الحدث، أو ما لا يستباح إلا بطهارة، أو أداء فرض الوضوء. انتهى. ولا يلزمك استحضار نية الصلاة عند كل وضوء.
والخلاصة أن من نوى رفع الحدث عند الوضوء سواء كان ذلك الوضوء واجبا أو كان مستحبا فإنه يصلي به ويطوف، ومن لم ينو رفع الحدث وإنما نوى الفعل كقراءة القرآن -مثلا- ونحوها ففيه التفصيل السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(11/5564)
من أسرار اشتراط الطهارة للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة العبادة الوحيدة التي اشترط الله فيها الطهارة وأنا أعرف أن الحكم الشرعي لا يعلل ولكن لا مانع من وجود حكمة من ذلك. وقبل يوم رأيت سؤالا في مقرر دراسي يطرح ما الحكمة من ذلك فاجتهدت رأيي إلا أنني أحب أن أسمع منكم. وجزاكم ربي عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالطهارة للصلاة ولبس أحسن الثياب، فقال تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ.... وَقَاْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ. ونحن مأمورون بالتسليم لحكم الله، ولا مانع من التعرف على العلل، وقد بين الإمام الكاساني رحمه الله تعالى شيئا منها فقال: فَدَلَّتْ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْحَقِيقِيَّةَ عَنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، وَالْحُكْمِيَّةَ شَرْطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ، وَالْمَعْقُولُ كَذَا يَقْتَضِي مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّلَاةَ خِدْمَةُ الرَّبِّ وَتَعْظِيمُهُ - جَلَّ جَلَالُهُ - وَعَمَّ نَوَالُهُ -، وَخِدْمَةُ الرَّبِّ وَتَعْظِيمُهُ بِكُلِّ الْمُمْكِنِ فَرْضٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ - تَعَالَى - بِبَدَنٍ طَاهِرٍ وَثَوْبٍ طَاهِرٍ عَلَى مَكَان طَاهِرٍ يَكُونُ أَبْلَغَ فِي التَّعْظِيمِ وَأَكْمَلَ فِي الْخِدْمَةِ مِنْ الْقِيَامِ بِبَدَنٍ نَجِسٍ وَثَوْبٍ نَجِسٍ وَعَلَى مَكَان نَجِسٍ، كَمَا فِي خِدْمَةِ الْمَمْلُوكِ فِي الشَّاهِدِ، وَكَذَلِكَ الْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَجَاسَةً مَرْئِيَّةً فَهِيَ نَجَاسَةٌ مَعْنَوِيَّةٌ تُوجِبُ اسْتِقْذَارَ مَا حَلَّ بِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَافِحَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رضي الله عنه امْتَنَعَ وَقَالَ: إنِّي جُنُبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَانَ قِيَامُهُ مُخِلًّا بِالتَّعْظِيمِ؟ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ نَجَاسَةٌ رَأْسًا فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ الدَّرَنِ وَالْوَسَخِ ; لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ بَادِيَةٌ عَادَةً فَيَتَّصِلُ بِهَا الدَّرَنُ وَالْوَسَخُ، فَيَجِبُ غَسْلُهَا تَطْهِيرًا لَهَا مِنْ الْوَسَخِ، وَالدَّرَنِ فَتَتَحَقَّقُ الزِّينَةُ وَالنَّظَافَةُ، فَيَكُونُ أَقْرَبَ إلَى التَّعْظِيمِ وَأَكْمَلَ فِي الْخِدْمَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُلُوكِ لِلْخِدْمَةِ فِي الشَّاهِدِ أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ لِلتَّنْظِيفِ وَالتَّزْيِينِ، وَيَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ تَعْظِيمًا لِلْمَلِكِ. وَلِهَذَا كَانَ الْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَأَنْظَفِهَا الَّتِي أَعَدَّهَا لِزِيَارَةِ الْعُظَمَاءِ، وَلِمَحَافِلِ النَّاسِ، وَكَانَتْ الصَّلَاةُ مُتَعَمِّمًا أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، لِمَا أَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الِاحْتِرَامِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَمْرٌ بِغَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ تَذْكِيرًا لِتَطْهِيرِ الْبَاطِنِ مِنْ الْغِشِّ وَالْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَسُوءِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَآثِمِ، فَأَمَرَ لَا لِإِزَالَةِ الْحَدَثِ تَطْهِيرًا ; لِأَنَّ قِيَامَ الْحَدَثِ لَا يُنَافِي الْعِبَادَةَ وَالْخِدْمَةَ فِي الْجُمْلَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ؟ وَأَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْعِبَادَاتِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا سَبَبِ مَأْثَمٍ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي فِي بَاطِنِهِ أَسْبَابُ الْمَآثِمِ، فَأَمَرَ بِغَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ دَلَالَةً وَتَنْبِيهًا عَلَى تَطْهِيرِ الْبَاطِنِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَتَطْهِيرُ النَّفَسِ عَنْهَا وَاجِبٌ بِالسَّمْعِ وَالْعَقْلِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ وَجَبَ غَسْلُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ شُكْرًا لِنِعْمَةٍ وَرَاءَ النِّعْمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهَا الصَّلَاةُ، وَهِيَ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ وَسَائِلُ إلَى اسْتِيفَاءِ نِعَمٍ عَظِيمَةٍ، بَلْ بِهَا تُنَالُ جُلُّ نِعَمِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَالْيَدُ بِهَا يَتَنَاوَلُ وَيَقْبِضُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالرِّجْلُ يَمْشِي بِهَا إلَى مَقَاصِدِهِ، وَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ مَحَلُّ الْحَوَاسِّ وَمَجْمَعُهَا الَّتِي بِهَا يُعْرَفُ عِظَمُ نِعَمِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالْأُذُنِ، الَّتِي بِهَا الْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَالسَّمْعُ، الَّتِي بِهَا يَكُونُ التَّلَذُّذُ وَالتَّشَهِّي وَالْوُصُولُ إلَى جَمِيعِ النِّعَمِ، فَأَمَرَ بِغَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ شُكْرًا لِمَا يُتَوَسَّلُ بِهَا إلَى هَذِهِ النِّعَمِ.
وَالرَّابِعُ: أَمَرَ بِغَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ تَكْفِيرًا لِمَا ارْتَكَبَ بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْإِجْرَامِ، إذْ بِهَا يَرْتَكِبُ جُلَّ الْمَآثِمِ مِنْ أَخْذِ الْحَرَامِ، وَالْمَشْيِ إلَى الْحَرَامِ، وَالنَّظَرِ إلَى الْحَرَامِ، وَأَكْلِ الْحَرَامِ، وَسَمَاعِ الْحَرَامِ مِنْ اللَّغْوِ وَالْكَذِبِ، فَأَمَرَ بِغَسْلِهَا تَكْفِيرًا لِهَذِهِ الذُّنُوبِ. وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ بِكَوْنِ الْوُضُوءِ تَكْفِيرًا لِلْمَآثِمِ فَكَانَتْ مُؤَيِّدَةً لِمَا قُلْنَا.
وأما قول الأخ: العبادة الوحيدة التي اشترط فيها الله الطهارة فهذه مسألة محل خلاف بين العلماء، أعني هل هناك عبادات أخرى تشترط لها لطهارة أم لا؟
فمن أهل العلم من يرى اشتراط الطهارة لصحة الطواف، ومنهم من يوجب الطهارة لمس المصحف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(11/5565)
صلاة المرضع التي يبول عليها صبيها ويضرها تبديل ثيابها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفل سنه عشرة شهور، وكلما أرضعه يبول على ملابسي، وعند أداء الصلاة أبدل ملابسي بأخرى طاهرة للصلاة، وعندي مرض يلازمني، وقد أشار علي الأطباء بعدم تغيير الملابس خوف اشتداد المرض، ويقولون: الدين يسر لا عسر، فأرشدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المسلم أن يحافظ على طهارة بدنه وثوبه ومكانه الذي يصلي فيه قدر المستطاع، ولو كان ذلك بتبديل الملابس؛ لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، لكن إذا كانت الأخت السائلة تتضرر حقيقة بتبديل ملابسها فلها أن تصلي بملابسها التي ترضع فيها الصبي بعد أن تحترز من بوله وغائطه بأن تضع بينها وبينه خرقة أو ثوباً حال إرضاعها له وملابسته لها، فإن فعلت ذلك فإنه يعفى عما أصابها بعد ذلك لمشقة الاحتراز منه كما هو مذهب المالكية، قال في منح الجليل عند قول خليل: (وعفي عما يعسر كحدث مستنكح وبلل باسور في يد إن كثر الرد أو ثوب وثوب مرضعة تجتهد) ، أي تبذل جهدها في إبعاد بوله وعذرته عن بدنها وثوبها وغلبها بشيء منهما فيعفى عنه ولو رأته كما يفهم من التوضيح والجواهر وابن عبد السلام وابن هارون وابن ناجي وقال ابن فرحون: لا يعفى عما رأته فإن لم تجتهد فلا يعفى عما أصابها منهما ولو قل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(11/5566)
هل يأثم الشخص بتأخير الصلاة عن وقتها لأجل الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[انتابني القيء والإسهال ست مرات تقريبا في ليلة شاتية، كانت أخراها قبل أذان الفجر، ووجدت كذلك بللا، فأخرت صلاة الفجر خوفا من تضاعف المرض والبرد، هذا ما فعلت على عكس ما أفعل كل مرة من الاغتسال ولو بماء بارد لأداء الصلاة، ولكن في هذه المرة اجتمع علي ثلاثتهم، فهل علي أثم، وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعني أنك احتلمت في هذه الليلة التي انتابك فيها القيء والإسهال فيجب عليك قبل صلاة الفجر أن تغتسل للجنابة، فإن خشيت زيادة المرض باستعمال الماء البارد فخذ الأسباب اللازمة للسلامة من ضرره مثل أن تسخنه، فإن لم يمكن تسخين الماء وخشيت على نفسك الضرر، فتيمم وصل على الحالة التي أنت فيها ولا تؤخر الصلاة عن وقتها، هذا إذا كان المراد من قولك (ووجدت بللاً) أنك احتلمت، فإن لم يكن ذلك هو القصد ولم تتلبس بجنابة، فعليك أن تغسل ما أصابك من النجس وتتوضأ ولا تطالب بغسل، ولا تؤخر الصلاة عن وقتها على كل حال ما دمت تستطيع أن تصلي، وانظر الفتوى رقم: 70919 هذا هو الواجب.
والظاهر أنك لا تأثم بتأخير الصلاة عن وقتها لأجل الطهارة إن كنت تظن أن ذلك هو الصواب، لكن بعد أن علمت الحكم الشرعي فلا تعد لتأخيرها عن وقتها.
وخلاصة القول: أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، فإن استطاع الطهارة بالماء تطهر وإلا تيمم على نحو ما تقدم، وإن استطاع غسل بعض بدنه وخشي الضرر من غسل الباقي غسل ما لا يتضرر بغسله، وتيمم للباقي كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 77526، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19904، والفتوى رقم: 18112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(11/5567)
صلاة المرضع التي يبول عليها صبيها ويضرها تبديل ثيابها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفل سنه عشرة شهور، وكلما أرضعه يبول على ملابسي، وعند أداء الصلاة أبدل ملابسي بأخرى طاهرة للصلاة، وعندي مرض يلازمني، وقد أشار علي الأطباء بعدم تغيير الملابس خوف اشتداد المرض، ويقولون: الدين يسر لا عسر، فأرشدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المسلم أن يحافظ على طهارة بدنه وثوبه ومكانه الذي يصلي فيه قدر المستطاع، ولو كان ذلك بتبديل الملابس؛ لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، لكن إذا كانت الأخت السائلة تتضرر حقيقة بتبديل ملابسها فلها أن تصلي بملابسها التي ترضع فيها الصبي بعد أن تحترز من بوله وغائطه بأن تضع بينها وبينه خرقة أو ثوباً حال إرضاعها له وملابسته لها، فإن فعلت ذلك فإنه يعفى عما أصابها بعد ذلك لمشقة الاحتراز منه كما هو مذهب المالكية، قال في منح الجليل عند قول خليل: (وعفي عما يعسر كحدث مستنكح وبلل باسور في يد إن كثر الرد أو ثوب وثوب مرضعة تجتهد) ، أي تبذل جهدها في إبعاد بوله وعذرته عن بدنها وثوبها وغلبها بشيء منهما فيعفى عنه ولو رأته كما يفهم من التوضيح والجواهر وابن عبد السلام وابن هارون وابن ناجي وقال ابن فرحون: لا يعفى عما رأته فإن لم تجتهد فلا يعفى عما أصابها منهما ولو قل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(11/5568)
هل يأثم الشخص بتأخير الصلاة عن وقتها لأجل الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[انتابني القيء والإسهال ست مرات تقريبا في ليلة شاتية، كانت أخراها قبل أذان الفجر، ووجدت كذلك بللا، فأخرت صلاة الفجر خوفا من تضاعف المرض والبرد، هذا ما فعلت على عكس ما أفعل كل مرة من الاغتسال ولو بماء بارد لأداء الصلاة، ولكن في هذه المرة اجتمع علي ثلاثتهم، فهل علي أثم، وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعني أنك احتلمت في هذه الليلة التي انتابك فيها القيء والإسهال فيجب عليك قبل صلاة الفجر أن تغتسل للجنابة، فإن خشيت زيادة المرض باستعمال الماء البارد فخذ الأسباب اللازمة للسلامة من ضرره مثل أن تسخنه، فإن لم يمكن تسخين الماء وخشيت على نفسك الضرر، فتيمم وصل على الحالة التي أنت فيها ولا تؤخر الصلاة عن وقتها، هذا إذا كان المراد من قولك (ووجدت بللاً) أنك احتلمت، فإن لم يكن ذلك هو القصد ولم تتلبس بجنابة، فعليك أن تغسل ما أصابك من النجس وتتوضأ ولا تطالب بغسل، ولا تؤخر الصلاة عن وقتها على كل حال ما دمت تستطيع أن تصلي، وانظر الفتوى رقم: 70919 هذا هو الواجب.
والظاهر أنك لا تأثم بتأخير الصلاة عن وقتها لأجل الطهارة إن كنت تظن أن ذلك هو الصواب، لكن بعد أن علمت الحكم الشرعي فلا تعد لتأخيرها عن وقتها.
وخلاصة القول: أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، فإن استطاع الطهارة بالماء تطهر وإلا تيمم على نحو ما تقدم، وإن استطاع غسل بعض بدنه وخشي الضرر من غسل الباقي غسل ما لا يتضرر بغسله، وتيمم للباقي كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 77526، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19904، والفتوى رقم: 18112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(11/5569)
لا يضر وجود نجاسة بحائل بين المصلي ومكان الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت على السرير واكتشفت أن تحت السرير يوجد تغوط قطط, فهل صلواتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على السرير جائزة وصحيحة كما تقدم في الفتوى رقم: 49354، ووجود بول القطط تحت سريرك لا يؤثر على صحة صلاتك؛ بل المطلوب طهارة ثوب المصلي وما يحمله أثناء الصلاة وما تلامسه أعضاؤه، ولا يضره وجود نجاسة بقربه أو حوله أو تحته وقد حال حائل بينه وبينها كسقف وسرير ونحو ذلك، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 76299، والفتوى رقم: 74265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/5570)
حكم استمرار الإمام في الصلاة بعد تيقنه الحدث
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال:
صلى رجل صلاة الظهر بالناس إماما وفي الركعة الثانية تذكر على وجه اليقين أنه لم يكن متوضئا عندما دخل الصلاة، ورأى أن يكمل الصلاة بالناس إماما، معتقدا بحسب علمه أن صلاتهم صحيحة برغم بطلان صلاته كإمام، وعندما أتم الصلاة خرج وتوضأ وأعاد الصلاة منفردا.
ما صحة ما قام به الإمام وإذا لم يكن صحيحا فماذا يترتب عليه؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استمرار الإمام المذكور في الصلاة بعد أن تيقن أنه محدث أمر محرم، وكان عليه أن يقطع ولا يستمر على صلاة باطلة، وكان الأفضل أن يستخلف أحدا من المأمومين في هذه الحالة ليكمل بالناس، فإن لم يستخلف استخلف الناس من يتم بهم أو أتموا أفذاذا، كل ذلك جائز، وانظر الفتوى رقم: 34669، فعلى هذا الإمام أن يسارع بالتوبة إلى الله مما فعل، واما صلاة المأمومين فصحيحة لأنهم ليسوا على علم بحال الإمام كما هو الظاهر، وانظر الفتوى رقم: 30828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(11/5571)
الصلاة بثوب لمسه الكلب أو شمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إن شاء الله مسافرة إلى بلد غربي برفقة زوجي حيث يدرس، سؤالي هوأن الغرب أصبحوا يستخدمون الكلاب البوليسية المدربة لتفتيش الحقائب والأفراد في المطارات، فيستقدمون الكلب ليقوم بالشم فهل تصبح ثيابي التي علي والتي في الحقيبة نجسة بمجرد شم الكلب لها ولا يجوز لي الصلاة فيها مع العلم أنه قد لا يسيل لعاب الكلب عليها فقط يشمها؟ وإذا كانت نجسة وخفت ذهاب وقت الصلاة قبل الوصول للبيت هل أصلي بها؟ وهل علي غسل كل الأغراض التي بالحقيبة 7 مرات؟ وهل يمكنني حمل داخل الحقيبة كيس مغلق جيدا داخله كتب إسلامية وأشرطة قرآن وأناشيد إسلامية ومصحف حيث إني أريد إحضارها معي وانا أخاف أن لا أحضرها وتفوتني الفائدة منها حيث إني غير متأكدة 100 % أنه سوف تفتش الحقيبة التي أسفل الطائرة بشم الكلاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 23234، حكم شم الكلب للملابس وما يترتب على ذلك، ومن خلال هذه الفتوى يعلم أنه إذا نزل بلل من أنف الكلب في حال شمه للثوب فإنه يتنجس ويجب غسله على نحو ما ذكرنا، وفي حالة إصابة الملابس بلعاب الكلب أو ما يسيل من أنفه ولم تستطع الأخت السائلة تغيير ملابسها أو تطهيرها وخافت خروج الوقت صلت، فإذا وجدت ملابس طاهرة بعد ذلك أعادت الصلاة. وإذا لم ينزل شيء من أنفه فلا تتنجس الملابس ولا غيرها بمجرد شمه. وإذا كان لا يعلم أن الحقيبة التي فيها المصحف وما معه من الكتب سوف تتعرض لملامسة الكلاب وشمها فلا حرج في السفر بها، وإذا لاحظتم أنهم سيفتشونها باستخدام الكلام فأخرجوا المصاحف منها والكتب الدينية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(11/5572)
حكم ملامسة مؤخرة طفلة لقدم أمها وهي تصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفتوني إن كان ملامسة مؤخرة طفلة لا ترتدي ما يسترها لقدم أمها أثناء الصلاة يبطل الصلاة أم لا.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد ملامسة مؤخرة طفلة لقدم أمها وهي تصلي لا يبطل صلاتها؛ إلا إذا كان على مؤخرة الطفلة نجاسة رطبة أو يابسة وأصابت النجاسة قدم الأم ولم تزلها فورا فتبطل صلاتها لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من النجاسة، أما إذا لم يكن على مؤخرة الطفلة نجاسة فلا تبطل صلاة الأم بمجرد الملاقاة.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 58555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(11/5573)
النية بعد العمل.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أعطيت مالا لفقراء ثم تذكرت أني كنت أستطيع أن أنوي ذلك العمل صدقة هل يجوز لي أن أنوي بذلك متأخرا؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الصدقة قربة لأنها تمليك بلا عوض لأجل ثواب الآخرة فلا بد فيها من النية، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
ومن المعلوم أن وقت النية أول العبادة.
قال السيوطي في الأشباه والنظائر في وقت النية: الأصل أن وقتها أول العبادة. اهـ
وقد قسم العلماء ما يثاب عليه الإنسان ثلاثة أقسام:
الأول: ما يتميز بصورته الله تعالى كالتسبيح والأذان ونحو ذلك فهذا يثاب عليه الإنسان مهما قصد إليه وإن لم ينو به القربة إذا خلا من النية الفاسدة.
الثاني: ما لا يتميز بصورته أنه لله فهذا لا يثاب عليه إلا بنيتين:
الأولى: نية إيجاد الفعل.
الثانية: نية التقرب إلى الله.
ومن هذا دفع المال إلى الغير إن لم يكن بنية التقرب إلى الله ولم يكن واجبا كأداء الحقوق لم يؤجر عليه ولا يمكن تدارك النية بعد الدفع، ولكن نرجو أن لا يعدم شيئا في الأجر وهو أجر تصحيح النية.
الثالث: ما شرع للمصالح الدنيوية ولا تعلق له بالمصالح الأخروية إلا تبعا؛ كأداء الحقوق الواجبة وتعلم الصنائع الدنيوية، فهذا لا يؤجر عليه أيضا إلى إذا نوى به التقرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1427(11/5574)
حكم صلاة من يلامس الكلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضراتكم أن تذكروا حكم مصاحبة الكلاب واللمس من جميع الأعضاء بما فيه الفرج، وبعد فترة تزوج الرجل ولم يقم بعملية الطهارة من غسيل سبع مرات إحداهن بالتراب، والآن أصبح له أولاد ويريد أن يعرف ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا حكم اقتناء الكلاب الجائز والممنوع وكيفية التعامل معها وذلك في الفتوى رقم: 23541. فالرجاء مراجعتها, فإذا كان الشخص المذكور يلامس أماكن البلل منها مثل اللعاب أو البول أو العرق، فيجب عليه أن يغسل مواضع بدنه التي كانت تلامس ذلك سبع مرات إحداهن بالتراب أو الصابون, ويتوب إلى الله تعالى من اقتناء الكلاب ومصاحبتها إذا لم يكن يتخذها على وجه شرعي، وإذا كان يصلي بهذه النجاسة مع جهلها، أو كان يرى أن الكلب مثل غيره من الحيوانات، كما هو مذهب الإمام مالك فلا يطالب بإعادة الصلاة وتجب عليه الإعادة في المذهب الشافعي ومن وافقه، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: ومذهبنا أن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلاة، فإن علمها لم تصح صلاته بلا خلاف، وإن نسيها أو جهلها فالمذهب أنه لا تصح صلاته، وفيه خلاف نذكره حيث ذكره المصنف في أواخر الباب، وسواء صلاة الفرض والنفل وصلاة الجنازة وسجود التلاوة والشكر، فإزالة النجاسة شرط لجميعها، هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف، وعن مالك في إزالة النجاسة ثلاث روايات أصحها وأشهرها أنه إن صلى عالماً بها لم تصح صلاته، وإن كان جاهلا أو ناسياً صحت، وهو قول قديم عن الشافعي (والثانية) لا تصح الصلاة علم أو جهل أونسي (والثالثة) تصح الصلاة مع النجاسة، وإن كان عالماً متعمداً، وإزالتها سنة. انتهى.
وبقاء النجاسة على بدن هذا الرجل لا أثر له على زواجه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4993، 7931، 31107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(11/5575)
حكم صلاة من لم يعرف كيفية الاغتسال وآدابه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت عمري 14 سنة بالغة منذ سنتين أو سنتين ونصف منذ6 شهور عرفت كيفية الاغتسال وآدابه (لم يخبرني أحد بكيفية الاغتسال من قبل) فهل صلواتي التي صليتها غير مقبولة؟ وهل صيامي الذي صمته غير مقبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمجزئ من الغسل هو تعميم الماء على ظاهر الجسد، فإذا كنت تقومين بذلك بنية فهو كاف ولا حرج عليك، وقد سبق في الفتوى رقم: 6133، بيان كيفية الغسل المجزئ والغسل الكامل، وإذا كنت لا تأتين بالغسل المجزئ فالواجب عليك قضاء جميع الصلوات المفروضة التي أديتها بعد الإخلال بغسل الجنابة، فإن كنت ضابطة لعدد تلك الصلوات فالأمر واضح، وإن لم تضبطي العدد فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة.
أما الصوم فلا يؤثر عليه عدم الغسل وبالتالي فهو صحيح إذا سلم مما يبطله، وراجعي الفتوى رقم: 53358، مع التنبيه على أن العبادات لا تجب أصلا إلا على من قد بلغ، والبلوغ له علامات تشمل الرجل والمرأة وأخرى تختص بالمرأة وهذه العلامات سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 10024، ومن الواجب على المسلم والمسلمة تعلم أحكام فروض العين كالطهارة والصلاة ونحوها، وكل ما كان التفقه أكثر كان ذلك أقرب إلى مرضاة الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. متفق عليه، وراجعي الفتوى رقم: 59220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(11/5576)
صلاة من أصابته نجاسة ولم يستطع غسلها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي هذا السؤال ويرجى إفادتنا جملة وتفصيلا فيه وبالسرعة الممكنة نحن ذوو معتقلين ونذهب لزيارة أبنائنا في السجون وهناك في الحمامات لا يوجد مياه للتغسيل والوضوء وإن كان فبكمية قليلة جدا وثيابنا تتسخ أحيانا بالمياه المسكوبة على الأرضية في السجن والحمام فهل يجوز لنا الصلاة بثياب نجسة وبوضوء غير جيد؟ هل يجوز لنا أن نؤخر صلاة الظهر والعصر حتى نعود للبيت فنتوضأ فتكون صلاتنا أحل وأطهر أم تجب الصلاة في وقتها وبتيمم بغض النظر عن النظافة التامة؟ أفيدونا بارك الله فيكم. وجزاكم كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يعجل بالفرج عن المسجونين, وأن يقر أعين أهلهم بخروجهم إنه نعم المولى ونعم النصير.
وأما بخصوص الطهارة والصلاة فإن الذاهب إلى هذا المكان الذي لا يوجد فيه الماء ينبغي أن يتطهر ويصطحب معه شيئا من الماء, ويتوقى النجاسة بقدر الإمكان برفع ثوبه عن الأرض ونحو ذلك، فإذا فعل ما يمكنه وأصابته نجاسة ولم يستطع غسلها ولا الاستغناء عن الثوب النجس فإنه يصلي به لحرمة الوقت ويعيد الصلاة متى تمكن من غسل ثوبه النجس أو تغييره بغيره, وكذا لو أحدث ولم يجد ماء يتوضأ به فإنه يتيمم ويصلي أيضا ولا يعيد الصلاة لأن هذا المكان يغلب فيه عدم وجود الماء كما يظهر, وليس له أن يؤخر الصلاة ليجمعها مع غيرها إذا رجع إلى بيته ليصليها بطهارة مائية أو ثوب طاهر.
هذا وننبه إلى أن الأصل في الأشياء الطهارة ولا ينتقل عنها إلا بيقين أو غلبة ظن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/5577)
وجود نجاسة في جدار قبلة المصلي لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة في الشبكة الإسلامية:
لدينا في الدائرة التي نعمل بها مصلى والبناء منحرف عن القبلة، الجدار الذي يكون مقابل القبلة تقريبا خلفه مغاسل وماء المغاسل بدأ يظهر أثره على الجدار الفاصل، فما حكم الصلاة في المصلى وبماذا تشيرون علينا أن نفعل في هذة الحالة0أفتونا وجزاكم الله خيرا0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطهارة المشروطة في مكان المصلي إنما هي في المكان الذي يلامسه ببدنه أو لباسه عند قيامه أو جلوسه وسجوده وبقية أعمال صلاته، أما النجاسة التي لا يلامسها بأن كانت أمامه أوخلفه -مثلا- فلا تؤثر على صلاته. ولا يصح أن تنحرفوا عن القبلة بسبب وجود أثر النجاسة في جدار القبلة حذرا من استقباله، بل عليكم أن تستقبلوا القبلة وصلاتكم صحيحة ولو كان أثر ماء النجاسة ظاهرا في جدار القبلة.
وأما نصيحتنا لكم فهي أن ترمموا الجدار المذكور بمادة تستر نزَّ النجاسة، وتحول بينها وبين التسرب إلى الجهة التي أنتم فيها، أو تغيروا إلى مصلى آخر أنظف وأبعد عن النجاسة.
وأما عن حكم الانحراف عن القبلة فإن كان انحرافا يسيرا بحيث يبقى المصلي مستقبلا لجهة الكعبة فإن هذا الانحراف لا يضر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما. وأما إن كان الانحراف أكبر من ذلك فلا تصح الصلاة، إذ استقبال القبلة شرط لصحتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/5578)
حكم الصلاة على الفراش الذي أصابته فضلات الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المساجد في بلادي تعيش فيها بعض طيور الحمام التي تتسبب في توسيخ الفرش وتضع في صحن المسجد فضلاتها. ويضطر المصلون للصلاة عليها يوم الجمعة نظرا لكثرتهم وهي وسخة. فما حكم ذلك؟ وهل هذه الفضلات نجسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمام هو من الطير المباح اللحم، وبالتالي ففضلاته طاهرة عند كثير من أهل العلم. ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي: وبول ما يؤكل لحمه وروثه طاهران؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، والنجس لا يباح شربه، ولو أبيح للضرورة لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي في مرابض الغنم وأمر بالصلاة فيها، وطاف على بعيره. انتهى.
وهذا القول هو الراجح من كلام أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 2258.
وبناء على ما تقدم فالفراش الذي أصابته فضلات الحمام باق على طهارته والصلاة عليه مجزئة، والأولى صيانة هذه الفرش من هذه الفضلات خروجا من خلاف أهل العلم في نجاستها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(11/5579)
الصلاة في ثوب به قطرات مني
[السُّؤَالُ]
ـ[أديت صلاة الجمعة ثم سافرت لأزور أقاربي وصلت بعد صلاة المغرب وعند الوضوء وجدت أن الثوب فيه نجاسة وهي (قطرات مني قديمة) ولم أكن أعلم ذلك ظنا أن كل ملابسي نظيفة، ماهو الحكم في صلاة الجمعة؟ وكيف أصلح ما فات إن كان عليَّ قضاؤها وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الثوب المذكور لا ينام فيه غيرك فالواجب عليك في هذه الحالة أن تغتسل غسل الجنابة وتعيد الصلوات التي مضت عليك بعد آخر نومة نمتها في ذلك الثوب إلا إذا ترجح عندك بعلامة أن المني المذكور نزل قبل آخر نومة فتعيد الصلوات بعد النومة التي ترجح عندك نزول المني فيها، قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فإن رأى في ثوبه منيا، وكان مما لا ينام فيه غيره، فعليه الغسل، لأن عمر وعثمان اغتسلا حين رأياه في ثوبهما، ولأنه لا يحتمل أن يكون إلا منه، ويعيد الصلاة من أحدث نومة نامها فيه إلا إن يرى أمارة تدل على أنه قبلها فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير المالكي: وحاصله أنه إذا رأى منيا في ثوب نومه ولم يتذكر احتلاما ولم يدر وقت حصوله فإنه يجب عليه الغسل وإعادة الصلاة من آخر نومة نامها فيها سواء كان طريا أو يابسا على المشهور وقيل إن كان طريا فمن آخر نومة وإن كان يا بسا فمن أول نومة. انتهى.
وتصلي الظهر بدلا عن الجمعة وكذلك تعيد صلاة المغرب إذا كنت قد صليتها، وغسل المني من ثوبك مستحب على الراجح وهو الأولى خروجا من خلاف أهل العلم القائلين بنجاسته، وراجع الفتوى رقم: 17253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(11/5580)
حكم إزالة النجاسة في المذهب المالكي
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب فقه للمذهب المالكي أن ((الطهارة في الصلاة من النجاسات غير المعفو عنها؛ واجبة وشرط في صحتها مع الذكر والقدرة ساقطة مع العجز والنسيان، وهذا القول هو المشهور، وهناك قول ثان غير مشهور وهو أن إزالة النجاسة عن بدن المصلي وثوبه ومكانه سنة لا واجب، وعليه فلو صلى شخص في مكان فيه نجاسة متعمدا فصلاته باطلة ويعيدها أبدا على القول المشهور، وهي صحيحة على القول الثاني لكن يعيدها استحبابا في الوقت)) فما قولكم في هذا، وهل هو مطابق للفقه المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره الأخ السائل من الخلاف في حكم إزالة النجاسة هل هو واجب أو سنة؟ موافق لما هو مقرر في الفقه المالكي، فعلى القول بالوجوب فمن صلى بالنجاسة عامداً أعاد أبداً، ومن صلى بها ناسياً أو عاجزاً أعاد في الوقت وهذا القول مشهور؛ وهو وجوب إزالة النجاسة بشرط الذكر والقدرة، أما على القول بالسنية فقد اختلف الفقهاء فيمن صلى بها عامداً، فالقرطبي يرى أنه يعيد في الوقت مثل حالة العجز والنسيان، وابن رشد يرى أنه يعيد أبداً، قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني عند قول المؤلف: وطهارة البقعة للصلاة واجبة وكذلك طهارة الثوب، فقيل إن ذلك فيهما واجب وجوب الفرائض، وقيل وجوب السنن المؤكدة، وعليه فإن صلى بثوب نجس أو في بقعة متنجسة بطلت صلاته ويعيدها أبداً مع العمد ولو جاهلاً وفي الوقت مع العجز والنسيان، وهذا القول ظاهر المدونة وصدر به خليل وصرح غير واحد بمشهوريته واقتصر عليه ابن القصار،،،،، إلى أن قال (وقيل) المراد بالوجوب فيهما (وجوب السنن المؤكدة) أي الطلب المتأكد لا أنه يأثم بتركه، ويكون عبر بالوجوب مجازاً لاشتراك الفرض والسنة في مطلق الطلب، وهذا القول شهره ابن رشد لأنه قول ابن القاسم، ورواه عن مالك. انتهى
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي بعد أن ذكر الخلاف في هذه المسألة (وبعد هذا فاعلم أن ابن رشد له طريقة والقرطبي له طريقة, فالقرطبي يقول على القول بالسنية يعيد المصلي بالنجاسة في الوقت فقط سواء كان ذاكراً أم لا, قادراً على الإزالة أو عاجزاً، وابن رشد يقول على القول بالسنية يعيد العامد القادر أبداً وجوباً, والعاجز والناسي في الوقت، فمن قال: إن الخلاف لفظي فقد نظر لطريقة ابن رشد، ومن قال: إنه حقيقي فقد نظر لطريقة القرطبي) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(11/5581)
حكم من صلى وعلى ثوبه أثر نجاسة بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا عند دخول التواليت أجد أن اللباس الداخلي قد تغير لونه (أصفر) عند مكان الدبر, هل يعتبر هذا التغير نجاسة؟ وهل تصح صلاتي السابقة؟ أم يجب عليَّ إعادتها؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يغلب على الظن أن ما يراه الأخ السائل من أثر الصفرة عند مكان الدبر من ملابسه أنه من أثر الغائط، وإذا كان الأمر كذلك فهي نجاسة تجب إزالتها قال الخرشي المالكي: أما لو كان الظن غالباً فإنه يجب الغسل. وانظر الفتوى رقم: 14732، حول كيفية تطهير النجاسة.
وإن غلب على ظنك أن الأثر الذي تراه عرق ونحوه ولا أثر لرائحة النجاسة فيه فلا يلزمك شيء، والأحوط والأبرأ للذمة غسله قبل الصلاة، وأما إعادة الصلاة فبناءً على ما رجحناه من أنه نجاسة إن كنت لم تعلم بوجود تلك النجاسة إلا بعد الصلاة فلا تجب عليك إعادتها، والصلاة صحيحة مجزئة، وأما إن كنت تعلم وجودها مع غلبة ظنك أنها نجاسة وصليت قبل إزالتها فتجب عليك الإعادة، وانظر كلام أهل العلم في صلاة من صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1426(11/5582)
صلاة من لعق الكلب ثيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام ... جزاكم الله عني كل خير، سؤالي هو: أنني أعمل عند شخص لديه كلب وفي بعض الأيام يأتي بكلبه إلى العمل، ولكن هذا الكلب كثير الحركة وأنا أحاول أن أتجنبه بكل ما أستطيع، ولكن أحيانا يقوم بمفاجأتي بلعق ثياتي أو بالوثب علي وبالتالي تصيب ثيابي النجاسة، ولكن رغم ذلك أصلي لأنني لا أستطيع تبديل ثيابي لأن منزلي يبعد حوالي 20 كم عن عملي وليس لي وقت استراحة كي أقوم بتبديل ثيابي، علما بأنني مقيم في ألمانيا، وهي ألمانية لذلك لا يمكنني التكلم بخصوص الكلب لأنها لا يمكن أن تقبل الفكرة لأنها تعتبر الكلب مثل ابنها، وأنا أحاول أن أبحث عن مكان آخر فهل صلاتي صحيحة أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الكلب المذكور قد لعق ثيابك فقد تنجس ذلك الموضع الذي أصابه بريقه ويجب غسله سبعا إحداهن بالتراب أو ما يقوم مقامه من صابون أوأشنان، وكذلك إذا شم ثيابك وعلق بها شيء من رطوبة أنفه، أو أصابك بشيء من بوله أو رجيعه، وراجع الفتوى رقم: 23234.
ولا يلزم تبديل ثوبك بل يكفي غسل ما أصابته النجاسة فقط، وبالتالي فبإمكانك تطهير ما تنجس من الثوب وأنت في مكان عملك ثم تصلي به، فإن عجزت عن غسله وكان عندك ثوب آخر طاهر يستر العورة فانزع الثوب المتنجس وصل بالثوب الطاهر.
فإن لم يكن لك إلا الثوب المتنجس ولم تقدر على تطهير النجاسة وخشيت خروج وقت الصلاة فصل في ثوبك المتنجس ولا إعادة عليك عند الحنفية خلافا للحنابلة القائلين بوجوب الإعادة مطلقاً، وعند المالكية تستحب الإعادة ما دام وقت تلك الصلاة باقيا، وراجع مذاهب أهل العلم هنا في الفتوى رقم: 44652.
وإذا صليت بالثوب المتنجس عالما مع القدرة على تطهيره أو وجود ثوب طاهر فصلاتك باطلة تجب إعادتها مطلقا، وراجع الفتوى رقم: 6115، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 8203.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/5583)
حكم صلاة من يلبس جلد الهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا جزاكم الله خيراً، السؤال: هل يجوز الصلاة بلبس القط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد من سؤالك عن الصلاة بلبس القط أي جلد الهر، فقد سبق الكلام على حكم جلده في الفتوى رقم: 172، والفتوى رقم: 33232، والفتوى رقم: 48329.
وإن كان المراد من السؤال غير ذلك فوضح لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/5584)
إزالة النجاسة من شروط الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل حضراتكم عن سؤال محرج، لكن لا إحراج في الدين، أنا فتاة أبلغ من العمر20 سنة عندما أنام وأستيقظ في الصباح أجد آثار بول، ولكن لا يوجد أي بلل فأصلي بهذا الوضع لأن هذا الموضوع يحدث لي كل يوم عندما أنام سواء في الظهيرة أم بالليل، فهل صلاتي جائزة، علما بأنني أصلي على هذا الوضع منذ فترة وماذا أفعل لأتخلص من هذا، وهل يجب الغسل في ذلك؟ وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا السؤال تمام الاتضاح، ولكن إن كانت الحالة كما ذكرت من وجود آثار بول يابس فيجب عليك غسله ولا يلزم منه الغسل ما دام غير مني، هذا إذا تحققت من آثار بول، أما إذا كانت مجرد شكوك أو أوهام فلا تلتفتي إلى ذلك، ولبيان تفصيل العلماء في حكم ما يخرج من فرج المرأة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 54853.
ثم إنه يجب على السائلة أن تقضي الصلوات التي صلتها متلبسة بالنجاسة عالمة بها لأن إزالة النجاسة من شروط الصلاة، فإن كانت تغسل مكان النجاسة فلا قضاء عليها، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(11/5585)
يجب نزع كل ما به نجاسة قبل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعاني من الإفرازات الطبيعية (الودي) وأضع فوطة صحية لليوم الواحد وأتوضأ لكل صلاة ولكن الفوطة يكون بها أثر من الإفرازات، وأنا أمسحها بمنديل وبالماء لرفع ما أستطيع من نجاسة ويبقى أثر النجاسه في الفوطة بالداخل فهل ما أفعله كاف أم علي تغيير الفوطة لكل صلاة، وهذا مكلف ماديا, فماذا أفعل تفصيلا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالودي له صفات معروفة تميزة عن غيره من الإفرازات، فهو ماء أبيض غليظ تشوبه كدرة يخرج عقب البول أو بعده، وهو ناقض للوضوء ونجس أيضاً، والإفرازات أيضا ناقضة للوضوء؛ لكن إن كانت خارجة من مخرج البول فهي نجسة، وإن خرجت من الرحم فهي طاهرة، وراجعي الفتوى رقم: 28779.
فإن كان الخارج المذكور لا يستغرق خروجه كل الوقت بحيث يتوقف وقتا يكفي للطهارة والصلاة فهو غير سلس، وبالتالي فالواجب انتظار انقطاعه حتى تتوضئي وتصلي، وإذا كان الخروج مستمرا كل الوقت فهو بمثابة السلس، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 53191.
والفوطة التي تتحفظين بها يجب نزعها عند كل صلاة مفروضة واستبدالها بشيء طاهر أو غسلها إن كان الخارج نجسا، ولا بد من غسلها في هذه الحالة حتى تزول أوصاف النجاسة من لون وريح ونحوها، إلا إذا عسر زوال الريح واللون بعد بذل الجهد في إزالتهما فيعفى عنهما للمشقة، وراجعي الفتوى رقم: 57848، والفتوى رقم: 58521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/5586)
حكم صلاة النافلة بثوب نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بإمكاني أن أصلي النافلة وقراءة القرآن عندما يكون بثوبي نجاسة وكنت بللتها بقليل من الماء؟
مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الثوب المذكور قد قمت بتطهيره تطهيراً معتبراً شرعاً كغسله بالماء حتى ينفصل الماء عن محل الغسل غير متغير بالنجاسة، فإنه يعتبر طاهراً تصح أن ترتديه في صلاة النافلة وغيرها.
أما إن كان الثوب لم يُطهر تطهيراً معتبراً، فإنه باق على نجاسته لا تصح به الصلاة فريضة كانت أو نافلة، إذ لا فرق بينهما في اشتراط طهارة الثوب، وراجع الفتوى رقم: 45586.
ونجاسة الثوب ليست مانعاً من تلاوة القرآن، وإنما تستحب لها الطهارة فقط لأن من الآداب التي ينبغي لقارئ القرآن الاتصاف بها طهارة ثوبه وبدنه، وراجع بقية تلك الآداب في الفتوى رقم: 24437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(11/5587)
مذاهب العلماء في صلاة من لم يجد سوى ثوب نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بثوب أصابه بعض النجاسة وتعذر تغييره بحكم المكان الموجود فيه وعدم وجود بديل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت ثيابك متنجسة بنجاسة غير معفو عنها، ولم يكن من بينها طاهر ساتر للعورة، ولم تجد بديلاً طاهراً ساتراً وضاق الوقت عن غسل ما يستر العورة، فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة.
قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد إلا ثوباً نجساً قال أحمد: يصلي فيه، ولا يصلي عرياناً، وهو قول مالك والمزني.
وقال الشافعي وأبو ثور: يصلي عرياناً ولا يعيد، لأنها سترة نجسة فلم تجز له الصلاة فيها، كما لو قدر على غيرها.
وقال أبو حنيفة: إن كان جميعه نجسا فهو مخير في الفعلين، لأنه لا بد من ترك واجب في كلا الفعلين وفعل واجب فاستويا. انتهى
ولنا أن الستر آكد من إزالة النجاسة. انتهى
وفي المجموع للنووي: فإن لم يقدر إلا على ثوب عليه نجاسة لا يعفى عنها ولم يقدر على غسله فطريقان أحدهما: يصلي عرياناً، وأشهرهما على قولين: أصحهما يجب عليه أن يصلي عرياناً.
والثاني: يجب أن يصلي فيه ودليلهما في الكتاب، فإن قلنا يصلي عرياناً فلا إعادة، وإن قلنا يصلي فيه وجبت الإعادة. انتهى
وفي مطالب أولى النهي ممزوجاً بغاية المنتهى وهو حنبلي: ويصلي في ثوب نجس لعدم غيره مع عجز عن تطهيره في الوقت، لأن الستر آكد من إزالة النجاسة لوجوبه في الصلاة وخارجها وتعلق حق الآدمي به، ويعيد من صلى في ثوب نجس لعدم لأنه قادر على كل من حالتي الصلاة عرياناً، والصلاة في الثوب النجس على تقدير ترك الحالة الأخرى. انتهى
وعليه، فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم، فمن قائل أن عليك الصلاة بالثوب النجس وإعادة تلك الصلاة. ومن قائل: تصلي عرياناً ولا إعادة عليك، والذي نراه راجحاً من الخلاف هو القول الأول، وهو أن عليك الصلاة في الثوب النجس، وأعد الصلاة متى ما وجدت ثوباً طاهراً أو قدرت على تطهير ثوبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(11/5588)
أقوال العلماء فيمن صلى وعلى ثيابه نجاسة لم يعلمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز غسل الملابس الداخلية التي قد أصابها نوع من النجاسة مع الملابس الأخرى وفي نفس الحوض؟ وما هو حكم الصلاة بمثل هذه الملابس مع عدم العلم بوجود تلك النجاسة على الثياب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم غسل الملابس التي أصابتها نجاسة مع الملابس الطاهرة في الفتوى رقم: 12598.أما الصلاة بالملابس التي أصابها نوع من النجاسة مع عدم العلم بذلك ففي وجوب الإعادة على من قام بها خلاف بين العلماء راجع الفتوى رقم: 7931. والراجح أن صلاته صحيحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره وأحمد في أقوى الروايتين. وسواء كان علمها ثم نسيها أو جهلها ابتداء؛ لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ثم خلعهما في أثناء الصلاة لما أخبره جبريل أن بهما أذى، ومضى في صلاته ولم يستأنفها مع كون ذلك موجوداً في أول الصلاة لكن لم يعلم به، فتكلفه للخلع في أثنائها -مع أنه لولا الحاجة لكان عبثا أو مكروها- يدل على أنه مأمور به من اجتناب النجاسة مع العلم، ومظنة تدل على العفو عنها في حال عدم العلم بها. اهـ.
وننبه السائل إلى أن الشافعية ومن وافقهم فرقوا بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء خلافا للمالكية كما حكاه ابن عبد البر في التمهيد وغيره، والأحوط لك أن تصب الماء على الملابس المتنجسة حتى تزيل عين النجاسة ثم تغسلها مع باقي الملابس كيف شئت بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(11/5589)
صلاة من لم يجد إلا ثوبا نجسا
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ولكم الشكر على هذا الموقع ذي الفائدة العظيمة لجميع المسلمين بإذن الله سؤالي هو أني قبل الصلاة أتحقق من ملابسي الداخلية ولكن بعد الصلاة أتحقق منها مجددا وفي معظم الأحيان أجد بقعة من الماء في منطقة الفرج أي أنها خرجت أثناء الصلاة فهل هو ينقض للوضوء وهل وجب علي إعادة الصلوات؟
سؤالي الثاني هو أني في يوم من الأيام تغلقت في وجهي جميع الأبواب فقد كنت في منزل في قرية بعيدة فملابسي الداخلية كانت كلها غير نظيفة وملابسي أصابها نجس والكهرباء مقطوعة والمياه باردة وقد كنت أنوي كل النية أن أصلي وعلى كل حال أنا لم أصل أية صلاة في ذلك اليوم فهل سقطت تلك الصلاة عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وجدته في ملابسك إن لم تتحقق من كونه خارجا من أحد السبيلين كالمذي -مثلا- فلا تلتفت إليه، وكذا لو تحققت من كونه كذلك مع حصول احتمال كونه قد نزل بعد الصلاة فيعتبر غير مؤثر على صحة الصلاة، لأن الأصل عدم خروجه حتى يتحقق من ذلك، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 47406.
وإذا أصبت بوسوسة في شأن خروج ناقض بعد الاستنجاء فيستحب لك نضح الفرج والسراويل لقطع تلك الوساوس. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوساوس عنه. قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.
وإذا كان ما ذكرت ملازما لجل الوقت فيعتبر سلسا، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 12198.
ثم إن برودة الماء ونجاسة ثيابك ليسا مبررين لترك الصلاة، بل الواجب عليك الوضوء أو الغسل إن وجب عليك إذا لم تخش باستعمال الماء مرضا أو زيادته أو تأخر الشفاء. وإن خشيت ضررا محققا باستعمال الماء انتقلت للتيمم لأنه بدل عنه في حالة العجز أو عدمه. قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ {النساء: 43} .
وبالنسبة لثيابك فإن كان من بينها ثوب طاهر ساتر للعورة فصلِّ به مع نزع البقية المتنجسة.
وإن كانت كلها متنجسة ولم تجد ثوبا طاهرا وقدرت على غسل ما تستر به عورتك فافعل.
وإن لم يمكن ذلك فاختلف أهل العلم هل تصلي بالثياب المتنجسة أو تصلي عريانا وتعيد الصلاة بعد ذلك؟ قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد إلا ثوبا نجسا قال أحمد: يصلي فيه ولا يصلي عريانا، وهو قول مالك والمزني. وقال الشافعي وأبو ثور: يصلي عريانا ولا يعيد، لأنها سترة نجسة، فلم تجز له الصلاة فيها كما لو قدر على غيرها.
وقال أبو حنيفة: إن كان جميعه نجسا فهو مخير في الفعلين؛ لأنه لا بد من ترك واجب في كلا الفعلين وفعل واجب، فاستويا، ولنا أن الستر آكد من النجاسة. انتهى.
وفي المجموع للنووي: فإن لم يقدر إلا على ثوب عليه نجاسة لا يعفى عنها ولم يقدر على غسله فطريقان: أحدهما: يصلي عريانا، وأشهرهما على قولين أصحهما يجب عليه أن يصلي عريانا، والثاني: يجب أن يصلي فيه، ودليلهما في الكتاب
فإن قلنا يصلي عريانا فلا إعادة، وإن قلنا يصلي فيه وجبت الإعادة. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى: ويصلي في ثوب نجس لعدم غيره مع عجز عن تطهيره في الوقت، لأن الستر آكد من إزالة النجاسة لوجوبه في الصلاة وخارجها وتعلق حق الآدمي به، ويعيد من صلى في ثوب نجس لعَدَمٍ لأنه قادر على كل من حالتي الصلاة عريانا والصلاة في الثوب النجس على تقدير ترك الحالة الأولى الأخرى. انتهى.
وعلى كل حال، فما ذكرت غير مسقط لما تركته من صلوات، فالواجب عليك المبادرة بالقضاء إضافة إلى الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة إلى مثل هذا الأمر. وراجع الفتوى رقم: 11267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(11/5590)
حكم الصلاة على السجاد الذي يوطأ بالأحذية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية والاحترام أرجو توضيح مسألة الصلاة على سجاد المؤسسات الحكومية علماً بأننا نمشي عليه بأحذيتنا ولا يعلم هل عليه من نجاسة أم لا.
أرجو الرد على هذا السؤال بوضوح دون ابتعاث إجابة سابقة
جزاكم الله عنا ألف خير
وحتى تعم الفائدة أرجوالتطرق لهذا الموضوع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد المعروفة عند الفقهاء أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يحصل اليقين بنجاستها. قال النووي في شرحه لصحيح مسلم بعد ذكره لحديث الرجل الذي يشك في حصول الحدث في الصلاة: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
هذا إضافة إلى أن النعل وإن كان الغالب عليها النجاسة، إلا أنها من الأشياء التي يُغلَّب فيها النادر وهو الطهارة على الغالب وهو النجاسة تفاديا للمشقة والحرج. قال القرافي في أنوار البروق ذاكرا الأمثلة لقاعدة ما يغلب فيه النادر على الغالب: الخامس: النعل الغالب عليها مصادفة النجاسات، لاسيما نعل مشى بها سنة وجلس بها في مواضع قضاء الحاجة سنة ونحوها، فالغالب النجاسة والنادر سلامتها من النجاسة، ومع ذلك ألغى الشرع حكم الغالب وأثبت حكم النادر، فجاءت السنة بالصلاة في النعال حتى قال بعضهم: إن قلع النعال في الصلاة بدعة، كل ذلك رحمة وتوسعة على العباد. انتهى.
وعليه، فلا بأس بالصلاة على السجاد المذكور ما لم تتحقق نجاسته، لأن الأصل في الأشياء الطهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/5591)
مسألة حمل الطفل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أهل الخير, لقد أرسلت من قبل أقل من شهر تقريبا سؤالا يخص صلاة التراويح وهل يجوز الخروج وإكمال صلاة التراويح بعد الرجوع, وهل يجب أداء صلاة التراويح بوضوء واحد, فرضا حملت طفلا وكانت ملابسه قد تنجست فيجب علي إعادة الوضوء, وإعادة صلاة التراويح كلها؟
لقد أرسلتم لي رقم السؤال ولكن مع الأسف قد حذفت رسالتكم لدي ولم أحفظ رقم السؤال, لذلك أرجو منكم إعادة إرساله لي.
ولكم جزيل الشكر والتقدير ونقدر لكم ما تبذلوه من جهد, كتبها الله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على سؤالك المذكور في الفتوى رقم: 56085.
لكن ذكرت في سؤالك الأخير مسألة حمل الطفل في الصلاة، والجواب عليها أن الفعل المذكور لا يبطل الوضوء، وإنما يبطل صلاة التراويح كلها إذا كنت قد حملته أثناءها جميعا بشرط أن تكوني عالمة بنجاسة ثيابه تلك.
أما إن لم تكوني على علم بنجاستها فصلاتك صحيحة.
وراجعي الفتوى رقم: 15694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/5592)
حكم صلاة من لم يجد إلا ثوبا نجسا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أتبول أشعر أحيانا بأن بضعة من النقاط سقطت على سروالي الطويل.. فكيف يتم تطهيره.. وكذلك أيضا أحيانا تخرج نقطة أو اثنان من البول أو المذي أو الودي في سروالي القصير الداخلي.. فكيف يتم تطهير الملابس.. وهل بمسح تلك النقطة من سروالي الداخلي بيدي اليمنى ثلاثا وقولي الشهادة ثلاث مرات أكون قد طهرتها ... ومسحي على مجمل سروالي الطويل ثلاث لعدم معرفتي بأماكن سقوط النقط البسيطة عليه والاستشهاد ثلاثا أكون طهرته؟ وماذا عن الوضع في حالة ندرة الملابس أو عدم وجود ملابس بديلة في ذلك الوقت نتيجة لتنظيفها في الغسالة أو تجفيفها في الشمس.. أرجو الإفادة وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تطهر النجاسة من الثوب أو البدن أو غيرهما إلا بالماء المطهر عند جمهور أهل العلم، ولا يكفي غسلها بالمائعات ولا مسحها بالجامدات، ولا أصل لقول الشهادة عند مسح النجاسة فيما نعلم، وإذا جهل الشخص موضعها من الثوب لزمه غسله كله، واختلف أهل العلم هل يعفى عن يسير النجاسة كنقطة بول ونحوها، وقد سبقت لنا فتوى برقم: 50760 حول هذه المسألة، ورجحنا أنه لا يعفى عن شيء من النجاسة إلا ما عسر على الشخص التنزه منه فإنه يعفى عنه، وأما ما لا يعسر الاحتراز عنه فإن على الشخص أن يطهره قبل الصلاة، فإن لم يجد ماء يطهره به أو لم يستطع غسله فإنه يصلي فيه في الحال، وعليه أن يعيد الصلاة إن وجد ثوباً طاهراً عند بعض أهل العلم، قال ابن قدامة في المقنع: ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً صلى فيه وأعاد على المنصوص.
فإن لم يعد فلا حرج عليه، لأن ذلك قول لكثير من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(11/5593)
طهارة الهرة وطهارة سؤرها بخلاف بولها وروثها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن الصلاة في أماكن نجسة ببول القطط نحن لدينا بالبيت قطط نربيها بعض الأحيان أخي الصغير يدخلها غرفتي أو هي من نفسها تدخل غرفتي واكتشفت أن القطط قد تبولت، إما على فراش سريري أو على سجادة غرفتي وأنا أصلي بغرفتي فقط، وأعلم بأنه لا تجوز الصلاة بمكان نجس، ولكن القطط لا تتبول في مكان محدد بل تبول في كل مكان مرة، وأنا لآ أعلم ماذا أفعل، أبلل مكاناً بماء وأنظفه بسفنجه مع صابون أم فقط أغسله بماء وأصلي بمكان آخر لم تتبول فيه والأمكان التي تجلس بها القطة ولكنها لا تنجسها القطة هل تصح الصلاة فيها وبعض الأماكن تبولت بها القطة وربما لم أرها تتبول فيها، فماذا أفعل كيف سأعلم أن هذا مكان نجس أرجو إفادتي فأنا لا أحب الصلاة إلا بغرفتي وخصوصاً أني أصلي صلاة قيام الليل فلذلك لا أحب الصلاة بمكان آخر غير غرفتي فأعطوني الحل على كل سؤال سألته أرجوكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية القطط في المنزل جائزة إذا كان ذلك لغرض معتبر شرعاً، مثل أن تكون تربيتها لدفع ضرر بعض الدواب كالفئران ونحوها، ويجب على من رباها أن يطعمها ما يكفيها أو يتركها تأكل من خشاش الأرض، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. رواه البخاري.
وهي طاهرة وكذا سؤرها، والنجس إنما هو بولها وروثها وما سال من دمها، لما ثبت في الموطأ والمسند والسنن أن أبا قتادة دخل على كبشة بنت كعب بن مالك وهي زوجة ابنه: فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت: كبشة فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي، فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين أو الطوافات.
فهذا الحديث يدل على طهارة الهرة وطهارة سؤرها بلا كراهة، وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبو يوسف من الحنفية، وقال أبو حنيفة ومحمد: طاهر مكروه، ذكره البدر العيني في شرحه لسنن أبي داود.
وأما بولها وروثها فنجسان عند جمهور العلماء.
وعليه؛ فالصلاة صحيحة في المكان الذي جلست فيه، وغير صحيحة في المكان الذي بالت فيه أو راثت قبل تطهيره بالماء، ويكفي في طهارة الأرض التي أصابها بول القطط صب الماء عليها وغمرها به. أما السجادة ونحوها فلا بد من غسلها ولا يكفي مجرد صب الماء عليها، ولا يشترط غسلها بالصابون ونحوه بل يكفي الماء.
واعلمي أن الأصل في الأماكن الطهارة، فإذا شككت في مكان ما هل بالت فيه أو لا؟ جاز لك الصلاة فيه ما لم تتيقني بولها فيه، والأحوط أن تصلي في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/5594)
حكم صلاة من اغتسل وبه جراحة لم يمسها الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[اغتسلت من دون أن تمس يدي الماء لأن بها جرحاً بليغاً ونصحني الطبيب بعدم بلها بالماء، هل صلاتي بعد الغسل صحيحة أم هل يجب علي قضاؤها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تمسحي على محل الجرح من يدك مسحاً خفيفاً لا يضرك وتغسلي الصحيح منها وبقية جسدك، فإن كنت لا تستطيعين المسح عليه مباشرة فكان عليك أن تضعي عليه لصقة واقية وتمسحي على اللصقة، ويأخذ حكم الجبيرة، وقد تقدم الكلام عن الجبيرة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1176، 18295، 19672.
فإن لم يمكنك وضع لصقة أو عصابة فعليك غسل الصحيح من جسدك، وقد اختلف العلماء في هذه الحالة فمنهم من أوجب التيمم عن هذا العضو الذي لم يتم غسله، ومنهم من لم يوجب ذلك.
وعليه؛ فصلاتك بعد هذا الغسل على قول من يرى وجوب التيمم غير صحيحة لأن طهارتك ناقصة وعليك إعادتها، وعلى قول من لا يرى وجوب التيمم فالصلاة صحيحة ولا إعادة عليك، فعليك أن تقضي الصلاة خروجاً من الخلاف وإبراءً للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(11/5595)
كمال النظافة ليس شرطا لصحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عامل بناء حينما أعمل في المباني وتأتي أوقات الصلوات لا أتوقف عن العمل بل أواصله ولا أصلي الصلاة في وقتها بل بعد خروج الوقت ودخول أوقات الصلوات الأخرى والسبب في ذلك أنني أعرق كثيراً جداً، ولا أريد أن أقابل الله عز وجل وأنا على تلك الحال التي أخجل أن أقابل بها بشراً فضلاً عن أن أقابل بها الله عز وجل فهل علي إثم وماذا يلزمني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها؛ لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103] ، بل إن تأخير الصلاة عن وقتها من أعظم المحرمات وجاء فيه الوعيد الشديد، فقد فسر العلماء قوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] : فسروا إضاعة الصلاة بتأخيرها عن أوقاتها.
وكونك تعرق كثيراً ولا تريد أن تقابل الله عز وجل وأنت على تلك الحال ليس عذراً مقبولاً لتأخير الصلاة حتى يخرج وقتها؛ لأن المطلوب لصحة الصلاة هو الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، والطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان الذي تصلي فيه، وليس شرطا لصحتها كمال النظافة، فإن لم يتيسر لك تنظيف جسمك، ولبس ملابس نظيفة؛ كما قال الله تعالى: خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] ، فالواجب عليك أن تصلي على تلك الحال ولا تترك الصلاة حتى يخرج وقتها، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 16338.
ولمعرفة شروط الصلاة نحيلك على الفتوى رقم: 1742، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، وأن يملأ قلوبنا من محبته وتعظيمه وإجلاله على الوجه الذي يرضيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(11/5596)
يترتب على عدم صحة الوضوء عدم صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قام رجل بأداء الصلاة لفترة كبيرة وهو جاهل بركن من أركان الصلاة، مثلاً فقد ركن من أركان الطهارة هل يقوم بإعادة الصلوات أم ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطهارة شرط لصحة الصلاة فإذا كان وضوء الشخص غير صحيح كأن يكون -مثلاً- لم يغسل اليدين أو لم يمسح الرأس ونحو ذلك فصلاته بهذا الوضوء غير صحيحة وعليه إعادتها، كما بيناه في الفتوى رقم: 19776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/5597)
رأى عليه نجاسة بعد الصلاة ولا يدري متى وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت أثراً لمذي أو بقع لقطرات من المذي في الملابس الداخلية ولا أعلم متى كان خروج هذه القطرات قبل أو أثناء أو بعد الصلوات فما علي فعله في هذه الحالة، في بعض الأحيان أشك وأنا على وضوء في خروج شيء من المذي أذهب لأتحقق ولا أجد شيئاً ومرة أخرى أجد، ماذا علي فعله في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصلى متى وجد في ثوبه نجاسة ولم يدر هل كانت قبل أو بعد أو أثناء الصلاة، فإن صلاته صحيحة على الراجح خلافا ل لشافعي، لكن يستحب له أن يعيد صلاته ما دام في الوقت عند المالكية، وأما الحنابلة فقد قال في الشرح الكبير ما معناه: إن الشخص إذا صلى وعليه نجاسة لا يعلم بها حتى فرغ من صلاته ففيه روايتان إحداهما: لا تفسد صلاته وهو قول ابن عمر وعطاء وسعيد ابن المسيب ومجاهد وإسحاق وابن المنذر، والرواية الثانية: يعيد وهو قول الشافعي لأنها طهارة مشترطة للصلاة فلم تسقط بالجهل كطهارة الحدث، وقال ربيعة ومالك يعيد ما دام في الوقت وقال في المدونة قال ابن وهب: وقد قال ربيعة وابن شهاب فيمن صلى بثوب غير طاهر أنه يعيد ما كان في الوقت أي ما دام الوقت لم يخرج.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع على زاد المستقنع عند قول المؤلف: ومن رأى عليه نجاسة بعد صلاته وجهل كونها فيها لم يعد أي لأنه لا يدري أصابته وهو في الصلاة أم بعد أن صلى فلا إعادة عليه لوجهين، أحدهما: أن صلاته قد انقضت من غير تيقن المفسد والأصل عدمه وصحة الصلاة، الوجه الثاني: أنه لا يدري أحصلت تلك النجاسة قبل سلامه أو بعده والأصل عدم الحصول فلا إعادة ثم ذكر الصور التي تلزم فيها الإعادة وقال كل هذه الحالات عليه الإعادة فيها إلا إذا جهل هل كانت قبل الصلاة أو بعد الصلاة فلا إعادة عليه وهذه هي مسألة السائل لأنه لا يدري هل نزل عليه قبل أو أثناء أو بعد الصلاة فلا إعادة عليه.
وأما الشك في خروج المذي وحكم غسله، فليراجع لهما الفتوى رقم: 15086.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/5598)
النعل من المسائل التي يقدم فيها النادر على الغالب
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت إحدى الصلوات في نعلي ولم أقلبهما للتأكد من عدم وجد نجاسة جهلا مني فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة بالنعال من الأمور المستحبة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى:
أما الصلاة في النعل ونحوه مثل الجمجم والمداس والزربول وغير ذلك فلا يكره، بل هو مستحب، لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في نعليه، وفي السنن عنه أنه قال: إن اليهود لا يصلون في نعالهم، فخالفوهم. فأمر بالصلاة في النعال مخالفة لليهود.
وإذا عُلِمت طهارتها لم تكره الصلاة فيها باتفاق المسلمين، وأما إذا تيقن نجاستها فلا يصلي فيها حتى تطهر.
لكن الصحيح أنه إذا دلَّك النعل بالأرض طهر بذلك، كما جاءت به السنة، سواء كانت النجاسة عذرة أو غير عذرة، فإن أسفل النعل محل تكرر ملاقاة النجاسة له، فهو بمنزلة السبيلين، فلما كان إزالته عنها بالحجارة ثابتا بالسنة المتواترة فكذلك هذا.
وإذا شك في نجاسة الخف لم تكره الصلاة فيه، ولو تيقن بعد الصلاة أنه كان نجسا فلا إعادة عليه على الصحيح، وكذلك غيره كالبدن والثياب والأرض. انتهى.
وعليه، فصلاتك هذه صحيحة من باب أولى، لأنك لم تتيقن بعدها بوجود نجاسة في أسفل النعل.
هذا إضافة إلى أن النعل من المسائل التي يقدم فيها النادر على الغالب، فالغالب نجاستها لتكرر ملاقاتها للنجاسة، لكن غُلِّب فيها النادر وهو الطهارة على الغالب وهو النجاسة. قال القرافي في أنوار البروق في أنواع الفروق أثناء سرده للمسائل التي يقدم فيها النادر على الغالب:
الخامس: النعال الغالب عليها مصادفة النجاسات، لا سيما نعل مُشِي بها سنةً وجُلِس بها في مواضع قضاء الحاجة سنة ونحوها، فالغالب النجاسة والنادر سلامتها من النجاسة، ومع ذلك ألغى الشرع حكم الغالب وأثبت حكم النادر، فجاءت السنة بالصلاة في النعال حتى قال بعضهم: إن قلع النعال في الصلاة بدعة، كل ذلك رحمة وتوسعة على العباد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(11/5599)
حكم الصلاة في غرفة ينام فيها الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما حكم الوضوء من الإناء الذي ولغ فيه الكلب، فمتى يجوز ومتى لا يجوز وكذلك حكم الصلاة بالثوب الذي أصابه شيء من باطن الكلب وكذا الأرض حكم الصلاة فيها. فمتى يجوز في كل هذه الحالات ومتى لا يجوز وما حكم من صلى بها متعمدا وكذلك ناسيا وأخيرا حكم الصلاة في الغرفة التي ينام فيها الكلب فلا ندري أفيها شئ من ريقه أو لا وإذا لم يكن شيء ومتأكدين فهل يجوز الصلاة فيها أم لا يجوز لعدم وجود الملائكة ونحو ذلك؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإناء الذي ولغ فيه الكلب يجب إراقة ما فيه، إلا إذا كان الماء قد بلغ القلتين، ويجب غسله سبعا إحداهن بالتراب، لقوله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب. متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
ولا يجوز الوضوء من هذا الإناء قبل إراقة الماء الذي فيه وغسله سبعا، أما بعد الغسل المطلوب، فيجوز الوضوء منه.
ثم إن كان المقصود بقولك باطن الكلب جسده وشعره، فما أصاب الأرض والثوب منهما فلا ينجس أيا منهما عند من يرى طهارة الشعر والجسد منه كالمالكية والحنفية، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الفتوى رقم: 8203.
وبالتالي، فتكون الصلاة صحيحة في ذلك الثوب، وعلى تلك البقعة من الأرض، ولا إعادة على المصلي حينئذ على القول بالطهارة.
وبالنسبة للغرفة التي ينام فيها الكلب، فإذا كان من المحقق سلامتها من بوله وريقه ونحوهما مما هو نجس، فالصلاة فيها صحيحة.
وللمزيد من هذا الموضوع وعن حكم من صلى بالنجاسة عامدا أو جاهلا، راجع الفتوى رقم: 27392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/5600)
مذاهب العلماء فيمن لم يجد سوى ثوب نجس للصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة بملابس غير نظيفة:
أنا فتاة وكنت خارج المنزل فحان وقت الصلاة ولكن ملابسي كان بها آثار بول أو ما شابهه فماذا أفعل؟ وهل تجوز الصلاة بتلك الملابس أم لا؟ وماذا أفعل إذا أوشك وقت الصلاة التالية أن يحين؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت على ثوبك نجاسة ولم تستطيعي غسلها أو تغييره بثوب آخر وخشيت خروج وقت الصلاة فلا حرج عليك في الصلاة بالثوب النجس، وهذا مذهب الحنفية فقد صرحوا به كما في بدائع الصنائع للكاساني حيث قال: فإن كان ربعه -أي الثوب- طاهراً لم يجزه أن يصلي عرياناً بل يجب عليه أن يصلي في ذلك الثوب لأن الربع فما فوقه في حكم الكمال.... وإن كان كله نجساً أو الطاهر منه أقل من الربع فهو بالخيار في قول أبي حنيفة وأبي يوسف إن شاء صلى عرياناً وإن شاء مع الثوب لكن الصلاة في الثوب أفضل، قال محمد لا تجزئه إلا مع الثوب. انتهى.
ولا إعادة عليه عندهم. وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يصلي فيه، إلا أن المالكية قالوا يعيد في الوقت إذا تمكن من تطهيره أو حصل على غيره، قال النفراوي: وكذلك يعيد في الوقت من صلى فريضة بثوب نجس أو متنجس مع عدم القدرة على إزالتها واتساع الوقت وكانت تلك النجاسة غير معفو عنها.
أما الحنابلة فذهبوا إلى أنه يصلي فيه ولا يصلي عرياناً وعليه الإعادة مطلقاً، قال ابن قدامة المقدسي في المقنع: ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً صلى فيه وأعاد على المنصوص.
قال المرداوي في الإنصاف: هذا هو المذهب.
وقال: وقيل لا تصح فيه مطلقاً بل يصلي عرياناً.... "وحيث قلنا يصلي عرياناً فإنه لا يعيد على الصحيح وهذا هو مذهب الشافعية، قال الشافعي في الأم: ولو أصابت ثوبه نجاسة ولم يجد ماء لغسله صلى عرياناً ولا يعيد، ولم يكن له أن يصلي في ثوب نجس بحال.... انتهى.
والخلاصة هي أن الأحوط أن تصلي فيه ثم تعيدين الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(11/5601)
ملابسها بها آثار بول وحان وقت الصلاة وهي خارج المنزل فماذا تفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة وكنت خارج المنزل فحان وقت الصلاة ولكن ملابسي كان بها آثار بول أو ما شابه فماذا أفعل؟
وهل تجوز الصلاة بتلك الملابس أم لا؟ وماذا أفعل إذا أوشك وقت الصلاة التالية أن يحين؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمكنك تطهير ملابسك التي أصابتها النجاسة أو تبديلها بملابس أخرى طاهرة، وجب ذلك ولا تصح الصلاة بدون تطهيرها.
وإذا لم يمكنك تطهير هذه الملابس ولم توجد ثياب بديلة، وخشيت خروج وقت الصلاة فصلي على حسب حالك ولا إعادة عليك، وإن لم تخشيْ خروج الوقت فأخري الصلاة حتى تتمكني من تطهير ملابسك، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 41142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1424(11/5602)
حكم الصلاة في ثياب مسها كلب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز لي الصلاة في ثياب لمسها كلب؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 4993 أن الراجح من أقوال أهل العلم نجاسة الكلب بجميع أجزائه.
وعليه؛ فإذا مسَّ الكلب الثياب مع وجود بلل في أحدهما فإنها تتنجس ولا يجوز الصلاة فيها حتى تطهر، جاء في الأشباه والنظائر: النجس إذا لاقى شيئاً طاهراً وهما جافان لا ينجسه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/5603)
حكم صلاة من صبغ شعره بمتنجس
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت السؤال: عن حكم صبغ المرأة شعرها بغير الأسود علما بأن الصبغه تحتوي على مواد كحولية فهل تجوز الصلاة بهذه الصبغة، أرجو التكرم بالإجابة بأسرع وقت؟ ولكم مني جزيل الشكر، وبارك الله فيكم.
واقبلو خالص تحياتي
اختكم في الله فتاة الإسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عندنا أن الكحول نجس، والنجس إذا خالط غيره من المواد الصبغية أو غيرها تنجست، كما سبق في الفتوى رقم: 254
وعليه فإنه لا يجوز للمرأة ولا للرجل أن يصبغ بما يحتوي على مواد كحولية لأن الإنسان مأمور بالطهارة، وباجتناب النجاسة، ويتأكد الأمر باجتناب النجاسة إذا كانت مما تتعسر إزالة إثره كالأصباغ ونحوها.
هذا بالنسبة للإقدام على الصبغ بالمتنجس ابتداء، أما صلاة من صبغ أو تحنى بمتنجس فصحيحة بشرط أن يغسل المحل حتى تنفصل عنه الغسالة غير متغيرة، قال صاحب مواهب الجليل: -وهو أحد علماء المالكية ومعتمديهم- ممثلاً لما يطهر بالغسل مع بقاء اللون: كما إذا صبغ بمتنجس وغسل وبقي لون الصبغ.
وقال في حاشية عميرة في الفقه الشافعي: ولا بد من صفاء غسالة ثوب صبغ بنجس، ويكفي غمر ما صبغ بمتنجس في ماء كثير أو صب ماء قليل عليه كذلك فيطهر هو وصبغه.
وننبه السائلة الكريمة إلى أن هذا الموقع تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر وليس للشيخ سلمان -حفظه الله- أي مشاركة فيه أو إشراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/5604)
حكم صلاة طبيب المسالك البولية في ثيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم سؤالي الأسبوع الماضي وأرسلتم إلي إيميل لا يحتوي على رقم السؤال، وإليكم السؤال مرة أخرى: هل تجوز لي الصلاة في الثوب النجس؟ علما بأني طبيب مسالك بولية، وقد أجري بعض العمليات في زمن يزيد علي 10 ساعات ولا أستطيع تغيير ملابسي أثناء العملية نظرا للتعقيم
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يصح لك أن تصلي بثوب نجس، والواجب عليك أن تفعل من الأسباب ما ييسر لك أداء الصلاة على وجهها الشرعي، ويمكنك أخي أن تعدَّ لنفسك ثوبا خاصا بالصلاة، أو أن تلبس ثوبين وتخلع المتنجس عند إرادة الصلاة، وخلع الثوب المعقم ووضعه في علاقة، ثم لبسه بعد الصلاة لا يتصور العجز عنه.
ولكن إن كان ذلك متعذرا معجوزا عنه، فيجب عليك أن تصلي في الوقت على حالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/5605)
جواز الصلاة بالنعال ولكن ...
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة بالحذاء الطاهر النظيف جائزة أم مكروهة؟ وما الموقف الشرعي منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت السنة القولية والعملية للنبي صلى الله عليه وسلم على جواز الصلاة بالنعال إذا كانت طاهرة، ولمعرفة الأدلة راجع الفتوى رقم: 7832 وكذلك الفتوى رقم: 5210
ولكن تكره اليوم الصلاة بالنعال نظراً لفرش المساجد، ولم يكن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مفروشاً، وإنما كانوا يصلون بالنعال على التراب والحصى، ولا شك أن الصلاة بالنعال تتسبب في اتساخ الفرش ومضايقة المصلين، وكل ما يؤذي المصلين ويشوش عليهم فهو منهي عنه في الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1424(11/5606)
لا تجوز الصلاة في مبارك الإبل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة فى الكوناسة (مرعى وسوق الإبل) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مَبَارك الإبل، ثبت ذلك في حديث صحيح، سبق ذكره في الفتوى رقم: 14033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/5607)
فتاوى مختارة حول الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلا م عليكم ورحمة الله وبر كاته. أريد أن ترشدوني إلى موقع أو ترسلوا لي كتابا عبر الإنترنت حول آداب الطهارة والغسل بارك الله لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا فتاوى كثيرة في كيفية إزالة النجاسة وصفة الغسل، فيمكن للسائل الرجوع إلى الأرقام التالية: 6133، 20217، 32956، 3490، 7115، 1239،أو الدخول على بنك الفتوى بالشبكة وإدخال كلمة "غسل" أو "طهارة" أو "وضوء"، وسيجد ما يكفيه في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
وأما بخصوص طلبه، فلا تمكننا تلبيته، ولا علم لنا بموقع متخصص في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/5608)
حكم الصلاة بالعطور الكحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الذهاب إلى المسجد بعطر فيه الكحول أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال العلماء أن العطور المخلوطة بالكحول نجسة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 254.
وعلى هذا، فلا يجوز استعمال هذا النوع من العطور مطلقا، وخاصة لمن أراد الصلاة، لأنه من المعلوم أن من شروط صحتها السلامة من النجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/5609)
حكم صلاة من بال عليه طفل صغير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أم وهي تصلي جلس ابنها الصغير في حجرها وهي تقرأ التشهد فتبول عليها، هل تكمل الصلاة أم تعيد هذه الصلاة؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبول الطفل نجس سواء طعم أو لم يطعم، ولكن بول الذي لم يطعم ينضح وإذا طعم غُسل، وعلى هذا فإن الواجب في حق هذه الأم التي أصاب ثوبها بول ابنها أثناء الصلاة أن تفعل الآتي إن أمكنها: أن تخلع الثوب الذي أصابته النجاسة خلعته واستمرت في الصلاة إن بقي عليها من الثياب الطاهرة ما ستر عورتها في الصلاة، ولم يصل البول إلى جسدها، وإن لم يمكنها ذلك أو مسها البول قطعت الصلاة حتى تزيل النجاسة، ثم تستأنف الصلاة من جديد، لأن سقوط النجاسة واستقرارها على المصلي من مبطلات الصلاة.
هذا، وإذا كان الطفل لم يطعم فيكفيها نضح الماء على موضع البول، وراجع في حكم بول الطفل الفتوى رقم: 24814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(11/5610)
كلما عطست نزل منها قطرات بول
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة كلما عطست نزل منها نقاط بول، ماذا يلزمها حتى تصلي على طهارة في اللباس والبدن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على هذه المرأة عند إرادة الصلاة أن تطهر ما أصابه البول من ثوبها وبدنها، ولا تصح صلاتها مع وجود النجاسة في ثوبها أو بدنها إلا في حالة العجز عن الإزالة، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 3251 والفتوى رقم: 18820
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/5611)
هذه المقولة مقولة باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الثوب يفقد طهارته خلال 3 أيام إذا كان مرتديه لا يصلي مع العلم أنه لم تلمسه نجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة، والنجاسة عارضة، فكل حي طاهر، ما لم يأت نص على نجاسته، ولم يأت دليل على نجاسة بدن من لا يصلي حتى ينجس الثوب يلبسه إياه، سواء ليوم أو ثلاثة أيام، وعليه، فهذه المقولة مقولة باطلة لا يلتفت إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(11/5612)
شرح عبارة "ارتفاع الحدث حقيقة أو حكما.."
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
شيخنا الفاضل ما شرح هذا التعريف الاصطلاحي بدقة وتوسع {هو ارتفاع الحدث حقيقة أو حكماً وما في معناه وزوال الخبث} مع التوسع في معنى {وما في معناه} ؟
وبالله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشرح التعريف كما ذكر العلماء كما يلي، فقولهم (ارتفاع الحدث) أي زوال الوصف المانع من الصلاة والطواف ومس المصحف ونحو ذلك، وهذا الوصف المانع هو الحدث، والحدث هو معنى يقوم بالبدن، وهو على قسمين:
الأول: حدث أصغر يوجب وضوءاً.
الثاني: حدث أكبر يوجب غسلاً.
والحدث ليس نجاسة فلا تبطل الصلاة بحمل محدث.
قولهم: (حقيقة) أي كزوال الحدث عن المحدث حدثاً أصغر بعد الوضوء.
قولهم: (أو حكماًَ) وهذا في حق دائم الحدث فحدثه ارتفع حكماً لا حقيقة.
قولهم: (وما في معناه) أي في معنى ارتفاع الحدث كالحاصل بغسل الميت، لأنه تعبدي لا عن حدث، وكذا غسل يدي القائم من نوم الليل، وما يحصل بالوضوء والغسل المستحبين.
قولهم: (وزوال الخبث) والخبث هو النجس.
وتمكنك أخي مراجعة كتب الفقه عند الحديث في باب الطهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/5613)
لا يضر ما دام محل الصلاة سالما من النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية والسلام أما بعد:
فأنا أحيانا أصلي بالبيت، ولي طفل في عامه الأول يحوم حولي ثم يأتي ويجلس على سجادة الصلاة، وأحيانا يكون غير نظيف أي أن الحفاظة التي يرتديها تكون أحياناً ملوثة بالبول أو البراز حتى أنني أشم رائحتها عندما اقترب منه في سجودي، فهل ذلك يضر بصلاتي؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاتك على الصفة التي ذكرت صحيحة، ولا يضرها جلوس الطفل على السجادة التي تصلي عليها، وأقصى ما يبلغه الحال الذي ذكرت أن الطفل يمكن أن ينجس جزءاً من السجادة، وذلك لا يضرك ما دام محل صلاتك سالماً من النجاسة, قال ابن قدامة في المغني: وإذا صلى على منديل طرفه نجس.... وما يصلي عليه طاهر فصلاته صحيحة، سواء تحرك النجس بحركته أو لم يتحرك، لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا بمصلٍّ عليها، وإنما اتصل مصلاه بها..... 1/402
وفي الأخير ننبه السائل إلى وجوب صلاة الجماعة على الرجال القادرين عليها، ومنع التخلف عنها لغير المعذور، ويراجع في ذلك الفتوى رقم:
1415، والفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(11/5614)
يجب إعادة تلك الصلوات التي صليت من غير غسل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد:
لقد أصابتني جنابه في الليل وعندما قمت للصلاة لم ألاحظ أني مصاب بالجنابة، وكان ذلك في الشتاء، فصليت الصبح وباقي الصلوات على هذا الحال إلى صلاة العشاء، وبينما كنت أذاكر لاحظت وجود الجنابة فقمت واغتسلت وأعدت صلاه العشاء فقط، وسبب عدم ملاحظتي للجنابة سابقا وجود ملابس ثقيلة، فماذا علي أن أفعل؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شروط الصلاة التي لا تصح إلا بها: الغسل من الجنابة لمن قدر عليه، وذلك لقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] .
وعلى هذا فالواجب عليك إعادة تلك الصلوات التي صليت من غير غسل. وما ذكرته من كونك لم تعلم بموجب الغسل إلا بعد مضي أوقات فلا أثر له في الحكم. وانظر الفتويين التاليتين: 2932، 3480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(11/5615)