هل تبقى مع زوجها المتهاون في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقكم الله لما فيه خير لهذه الأمة وجزاكم عنا خير الجزاء ... من خلال تصفحي لبعض الفتاوى بالموقع أردت أن أستفسر عن فتوى المرأة التي زوجها لا يصلي والتي بعد محاولات منها لإصلاحه فشلت عليها أن تطلب الطلاق ولكن لا يخفى عليكم تركيبة مجتمعنا الحالي ونظرته للمرأة المطلقة إضافة إلى أن المرأة إذا كانت لا تشتغل فمن يقوم بإعالتها وإذا كان لها أولاد فقد صار من الصعب تحمل الإنسان لأخيه الإنسان مع الظروف الاقتصادية الحالية والصعبة لمعظم الناس فهل إذا ما استمرت بالعيش معه على ما يرضي الله وطبعا منحته حقه الشرعي في الفراش، فهل عليها إثم في ذلك، أود التوضيح بالتفصيل في هذه الحالة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليها في إعطائه حقه الشرعي في الفراش بل يجب عليها ذلك ما دامت معه، لكن عليها نصحه ووعظه وعدم اليأس والقنوط من صلاحه.. ومع إصراره على التهاون بالصلاة فالأولى لها مفارقته ولا يلزمها ذلك، وإن كان لها أولاد فنفقتهم عليه لا عليها، وسيعوضها الله خيراً مما فقدته، فمن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه، وما يخشى من ضرر الطلاق غالباً أشد منه ضرر البقاء تحت من يتهاون بالصلاة ويفرط فيها؛ إذ أن الأب أسوة وقدوة فسيتأثر به الأبناء ويتربون على سلوكه كما قد يؤثر على الزوجة نفسها، ومع كون هذا هو الأولى من وجهة نظرنا فإن للأخت السائلة أن تقارن بين مفاسد بقائها ومفاسد مفارقته وتستشير العقلاء من أهلها وتستخير الله تعالى، وهذا كله إنما هو في المتهاون بالصلاة التارك لها كسلاً، وأما الحاجد لوجوبها فهو كافر لا يجوز للمسلمة البقاء معه، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48514، 34460، 104694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(11/4321)
أبوه اختلط عقله حتى ترك الصلاة وفرط في الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي عمره الآن مائة عام منذ حوالي ثلاث سنوات أصبح يقطع في الصلاة وأحياناً يصلي بدون وضوء، علماً بأنه طوال حياته يصلي والآن ترك الصلاة بحجة أنه لا صلاة عليه بحكم عمره، علماً بأنه يمشي وصحته جيدة بحمد الله وفضله، فما الحكم الشرعي فيه وهل تسقط الصلاة عنه، والدي أيضاً لا يقوم بغسل يديه من الغائط أو يستبرئ من البول وإذا حاولنا إجبارة على غسل يديه أو نصحناه أن يصلي فإنه يسب الذات الإلهية ويترك الأكل ويكره كل واحد مرب للحية، فهل يجوز أن نغلط عليه من أجل أن يغسل يديه ويصلي حتى ولو سب الذات الإلهية أو ترك الأكل، وهل أنا مجبور أن أتناول الطعام معه عندما يكون على يديه الغائط وهل أكون مذنبا وعاقا لوالدي في هذه الحالة، وما هو الحل علماً بأن النفس البشرية تعاف وهو يرفض أن يغسل يديه، وهل تكون هذه الأفعال من عمل الجن والسحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من حال هذا الرجل أنه قد اختلط عقله بسبب الكبر، ووصل إلى درجة سقوط التكليف عنه ولا يؤاخذ بما يصدر منه من كلام ولا بما يحصل في صلاته من خلل أو ترك، ولا يلام على ما ليس مكلفاً به ولو كان يتمتع بصحة البدن لأن العقل هو مناط التكليف، ومتى فقد فلا يؤاخذ الإنسان لأن القلم مرفوع عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.
ولا يجوز إجباره على الأشياء التي لا يريدها بل ينبغي محاولة إقناعه بالنظافة وغسل اليدين لا سيما عند الأكل حسب الاستطاعة، كل ذلك بلطف، ولا يجب عليك بل ولا يجوز لك أن تأكل معه في حال تلبسه بالنجس ولا يعتبر ذلك عقوقاً لأن البر إنما يكون في المعروف، وعليك التحلي بالصبر في معاملة والدك الذي وصل إلى هذه الدرجة من الكبر وفقد الوعي، ولا يحملنك تصرفه وأخلاقه على الإساءة إليه فإن ذلك عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر والعياذ بالله تعالى.
وإذا كان قد بقي معه إدراكه وعقله فهو مكلف ومحاسب على ما يصدر منه ومأمور بالصلاة والطهارة ولا تسقط عنه ولو كان كبير السن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/4322)
علاج من لا يصلي أبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[لو شخص ظل فترة كبيرة لم يصل ونوى الالتزام فهل يصلي ما فاته أم يبدأ من جديد، وما علاج من لا يصلي أبداً وإذا صلى لا يواظب وإذا واظب لا يخشع وهذه مشكلته الكبرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ترك الصلاة ثم تاب فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن ترك الصلاة بالكلية كفر أكبر مخرج من الملة، حتى ولو كان التارك مقراً بوجوبها، لقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم من حديث بريدة رضي الله عنه، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وبناء على هذا القول فمن كان تاركاً للصلاة ثم تاب فإنه لا قضاء عليه في ما مضى من الصلوات، وذهب آخرون وهم الجمهور إلى أن ترك الصلاة كسلاً بغير جحود ليس كفرا مخرجاً من الملة، وأن على تاركها قضاء ما فاته من الصلوات، ومن هؤلاء من يقول بعدم وجوب القضاء عليه وانظر الفتوى رقم: 31107 في كيفية القضاء.
وأما علاج من لا يصلي أبداً.. فالعلاج الأول لتارك الصلاة بالكلية هو النصح، وانظر الفتوى رقم: 5317 حول أقوال الفقهاء في استتابة تارك الصلاة، وهل يقتل حداً أم كفراً. والفتوى رقم: 41361 حول الوسائل المعينة على المحافظة على الصلاة لمن ابتلي بالتقصير فيها، علماً بأن فقد الخشوع في الصلاة مع أنه ينقص أجرها لا يسوغ تركها، فالمكلف مطلوب منه أن يصلي وأن يخشع في صلاة حسب استطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(11/4323)
كيف ترغب الشخص بالطهارة وأداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستطيع أن أجعل أخي يتطهر ويصلي ويخشع بصلاته؟؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظرفيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيّعها خاب وخسر.
وقد ثبت الوعيد الشديد في شأن تركها أو التهاون بها قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً {مريم:59} .
وتاركها عمدا كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا أو تهاونا قد اختلف أهل العلم هل يكفر بذلك أم لا؟ والجمهور على عدم كفره، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 512، 1145، 78185.
فذكري أخاك بخطورة ترك الصلاة أو التهاون بها وخوفيه عقوبة الله تعالى وسخطه وأن الموت قد يفجأه وهو مقيم على حالته تلك فيندم حين لا ينفع الندم.
كما أن المحافظة على الطهارة هي الأخرى أمر في غاية الأهمية لأن وجودها شرط في الصلاة فهي مفتاحها؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
فنبهيه على أن الصلاة لا تجزئ بدون طهارة من وضوء وغسل جنابة مع طهارة الثوب والبدن وكل ما يتعلق بالمصلي أثناء صلاته، وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 93961.
والخشوع هو ثمرة الصلاة وفائدتها فبدونه تكون الصلاة مجرد حركات، فعلى المصلي أثناءها استحضار عظمة الله تعالى والخوف منه مع ملاحظة أن تلك الصلاة قد تكون آخر صلاة يؤديها فهذا مما يعين على حصوله، فاشرحي هذا لأخيك ورغبيه فيه، وبالرغم من أهمية الخشوع وكونه روح الصلاة وفائدتها فإن الصلاة صحيحة بدونه عند الجمهور؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 65622.
كما يتعين نصح أخيك بضرورة قضاء جميع الصلوات التي تركها ويكون القضاء فورا بحسب الاستطاعة، وإن لم يكن ضابطا لعدد الفوائت فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة ذمته، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 61320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(11/4324)
الفرق بين الزوجة الكتابية والمسلمة التاركة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الزوج الذي زوجته لا تصلي وتصر على ذلك وجب عيله تركها فما حكم من يتزوج من مسيحية لا تعرف الصلاة يوما؟ أرجو أن تفيدوني وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الله للرجل المسلم الزواج من المرأة الكتابية يهودية كانت أو نصرانية بشرط كونها محصنة بعيدة عن ارتكاب الفاحشة.
قال تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}
وعليه؛ فإذا كانت المرأة المسيحية محصنة لا ترتكب الفواحش جاز للرجل المسلم الزواج منها، وإن كان الأفضل الابتعاد عن ذلك نظرا لبعض المحاذير المترتبة على هذا الأمر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5315.
والزوجة المصرة على ترك الصلاة بعد استنفاد جميع الوسائل المفيدة تجب مفارقتها بناء على القول بكفر تارك الصلاة كسلا وهو المرجح عندنا إذا كانت تتركها بالكلية؛ كما سبق في الفتوى رقم: 17277.
والفرق بينها وبين الكتابية هنا أن الكتابية باقية على دينها، والمسلمة التاركة الصلاة مرتدة عن دينها ـ على القول بكفرها ـ والمرتد أشد من الكافرالأصلي، وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 46408.
علما بأن الذي عليه جمهور أهل العلم عدم كفر تارك الصلاة إذا كان غير جاحد لوجوبها؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 94161.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(11/4325)
هل يدخل الجنة من يفعل الخير ويترك الصلاة أحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[لو واحد يفعل الخير ويصلي فرضا ويترك فرضا، فهل يدخل الجنة بعمله الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا المقصود من السؤال على وجه اليقين، وإن كان المقصود أن من ترك الصلاة أحياناً ويعمل أعمالاً صالحة فهل يدخل الجنة.. فالجواب: أن ترك الصلاة شأنه خطير، وقد يؤدي بالتارك إلى الكفر والعياذ بالله، وإذا مات الإنسان على الكفر فلن ينفعه ما عمله من الصالحات في الدنيا، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال، فلا يجوز ترك الصلاة بحال ولو فرضاً واحدا، ومن ترك بعض الصلوات واتكأ على بعض الصالحات الأخرى في دخول الجنة فهو أحمق وقد يكون مستدرجاً والعياذ بالله، وقد قال الله تعالى: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99} ، وإذا كان الله تعالى قد توعد من يؤخر الصلاة عن وقتها بالويل، كما قال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، فكيف يكون وعيد من ترك بعض الفروض ثم يغتر ويطمئنه الشيطان ببعض أفعال الخير ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعلى كل فمن مات قبل أن يتوب وهولا يشرك بالله تعالى شيئا فهو في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/4326)
تارك الصلاة كسلا هل يكفر عنه سعيه على الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وكان لا يحافظ على الصلاة فأحياناً يصلي وأحيانا ً أخرى لا يصلي ويتهاون فيها تكاسلا ً, وعند موته وعظنا أحد الصالحين موعظة على قبره يذكر من وعيد الله الموت هو نهاية كل إنسان فيجب أن يعمل كل إنسان لهذا اليوم وأثناء الموعظة قال الواعظ " إن هناك من الذنوب من لا يكفرها إلا السعى على الرزق " لأن هذا الرجل كان يسعى فى طلب الرزق لكونه له أبناء فى مراحل التعليم المختلفة واثنان منهم يتلقون العلم الشرعي والدخل قليل ولا يكاد يكفيه وكان عمله شاقا جدا ً ومتعب ومرهق، لذا نرجو بيان التالى:
1- ما مدى صحة هذا القول "إن هناك من الذنوب لا يكفرها إلا السعى على الرزق؟ "
2- على الرغم من كونه كان يتهاون في أداء الصلاة ورزقه الله بأولاد صالحين ,فهل يشفعون له يوم القيامة؟
3-ما هي أفضل الأعمال التي نهبها لهذا الانسان حتى يتجاوز الله عنه ويعفو عنه؟
4- مات هذا الانسان بداء البطن"الاستسقاء " , فهل يأخذ أجر الشهيد كما أخبرنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
5- مات هذا الانسان في شهر رمضان فهل يشفع فيه هذا الشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تكفير الكسب للذنوب قد روي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، قالوا: فما يكفرها يا رسول الله؟ قال: الهموم في طلب المعيشة. رواه الطبراني في الأوسط, والديلمي في مسند الفردوس, وأبو نعيم في الحلية بألفاظ مختلفة متقاربة. وقال الألباني: إنه موضوع.
وروى الطبراني في الأوسط مرفوعا: من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له. قال فيه الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه رجال لم أعرفهم. وقد ضعفه الألباني.
وأما كونه مات بداء البطن فهذا هو المبطون الذي جاء في الحديث أنه شهيد، فقد ورد في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله.
والمراد أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة عليهم، قال ابن قدامة في المغني: فأما الشهيد بغير قتل كالمبطون والغريق وصاحب الهدم والنفساء فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، لا نعلم فيه خلافا. انتهى.
وأما كونه كان لا يصلي فالصلاة شأنها خطير فهي عمود الإسلام، وأول ما سيحاسب عليه المرء من أعماله، وقد اختلف أهل العلم في حكم تاركها كسلا، فمنهم من ذهب إلى أنه كافر كفرا أكبر ومنهم من ذهب إلى أنه كافر كفرا أصغر غير مخرج عن الملة، فعلى القول بعدم كفره كفرا ينقل عن الملة فنرجو منفعة الولد الصالح له وقبول شفاعته لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به. رواه مسلم.
وقد ثبت أن الله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض ففي حديث الشفاعة الطويل: فيقول الله عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة.... رواه مسلم.
وقال البغوي في التفسير عند قوله تعالى: آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً {النساء:11} أي لا تعلمون أنهم أنفع لكم في الدين والدنيا فمنكم من يظن أن الأب أنفع له، وأنا العالم بمن هو أنفع لكم، وقد دبرت أمركم على ما فيه المصلحة فاتبعوه.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أطوعكم لله عز وجل من الآباء والأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة، والله تعالى يشفع المؤمنين بعضهم في بعض، فإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة رفع إليه ولده وإن كان الولد أرفع درجة رفع إليه والده لتقر بذلك أعينهم. اهـ.
وأما ما يهدى له فأعظمه الدعاء والاستغفار له والتصدق والحج والعمرة إن تيسرا وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وفي الصحيحين أن رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها -أي ماتت بغتة- وأظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل أتصدق عنها؟ قال: نعم.
وعن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني وحسنه الشيخ الألباني.
وروى مسلم في صحيحه عن أم الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على أثر الموت في رمضان وحكم التفريط في الصلاة: 28530، 98124، 103984، 6061، 62008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1429(11/4327)
سبب كون الصلاة عماد الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا كانت الصلاة هي عماد الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الصلاة لها مكانة عظيمة فى الإسلام فهي الركن الثانى منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وسميت بعماد الدين لأهميتها ولما تشتمل عليه من مزيد التواضع لله تعالى بالركوع والسجود حيث يلصق المسلم أشرف أعضائه بالأرض تواضعا وتعظيما لخالقه جل وعلا.
قال المناوى فى فيض القدير: (الصلاة عماد الدين) قال الغزالي: فيها أسرار لأجلها كانت عمادا، منها ما فيها من التواضع بالمثول قائما بالركوع والسجود وهي خدمة الله في الأرض، والملوك لا تخدم بالكسل والتهاون بل بالجد والتذلل، فلذلك كانت عماد الدين وعلم الإيمان يكثر بقوته ويقل بضعفه، ولذا كان سعيد بن المسيب دائم الإقبال على الصلاة حتى قيل فيه لو قيل له إن جهنم لتسعر لك وحدك ما قدر على أن يزيد عمله شيئا. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/4328)
الفرق بين ترك الصلاة والتهاون فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين تارك الصلاة والمتهاون في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فمن حافظ عليها فاز ونجا ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في شأن تركها أو التهاون بها، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ {الذاريات:11} ، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، فتارك الصلاة هو الذي لم يؤدها والمتهاون بها قد يكون أيضاً تاركاً لها تهاوناً واستخفافاً، وقد يقتصر تهاونه بها على تأخيرها عن وقتها أو عدم إتقان شروطها أو واجباتها أو عدم الخشوع فيها، وتارك الصلاة جاحداً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها تهاوناً أو تكاسلاً مع إقراره بوجوبها قيل بكفره أيضاً وقيل لا يكفر بذلك وهو مذهب الجمهور.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 78185، والفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/4329)
يصلي ويترك ولا يتوضأ حين يكون الماء باردا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إرشادي ... أنا عمري 28 سنه ودائماً أصلي وأترك وأتعاجز عن صلاة الفجر وأتعاجز عن الوضوء في الشتاء لأني أداوم في مكان لا يوجد فيه إلا الماء البارد وهذا أحد الأسباب التي تجعلني أترك الصلاة وأنا الآن أريد أن أرجع وأتوب ولكن أتعاجز، فأرجو منكم أن ترشدوني علماً أن النت لا يلهيني لأني اشتركت بالنت قبل أقل من شهر وهذا لا تعتبروه سببا، أرجو منكم أن تنصحوني بكلام يفيد ويهدي، الله يوفقكم؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الصلاة شأنها في الإسلام عظيم وأن المحافظة عليها بشروطها من طهارة وغيرها فرض على كل مسلم، ولا شك أن من يصلي ويترك ليس محافظاً على الصلاة بل هو مضيع ومفرط ومتعرض لسخط الله تعالى وعقابه بتركه ما فرض عليه، لذا فإن نصحنا المبذول للأخ السائل أن لا يعود إلى ما كان عليه من التهاون بها، وليتذكر أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت أفلح وأنجح وإن فسدت خاب وخسر، كما جاء بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فاتق الله تعالى يا أخي وتب إليه توبة صادقة لا تعود بعدها لتضييع صلاتك.
كما أن عليك أن تقوم بقضاء ما فات عليك من الصلوات التي تركتها، فإن لم تعلم عددها فافض ما يغلب على ظنك أنه عدد ما فات عليك وبذلك تبرأ ذمتك وتتم توبتك إن شاء الله تعالى، وإذا كنت في بعض الأحيان لا تجد الماء للطهارة أو وجدته وكنت تخاف من ضرره ثم تيممت فإنه لا قضاء عليك في مثل هذه الحالات لأن فرضك التيمم حينئذ ...
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 31107، والفتوى رقم: 3275.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/4330)
هل يأثم الوكيل إذا أخرج الطلاب قبل الصلاة فلم يصلوا
[السُّؤَالُ]
ـ[ياشيخ أنا وكيل مدرسة هناك بعض الأيام تنتهي الحصص المقررة قبل الصلاة ب 15دقيقة وأنا أخرجهم قبل الصلاة، السؤال هل علي إثم من الطلاب الذين لا يصلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قمت بما أوجبه الله عليه من الأمر بالمعروف فأمرت من لا يصلي من الطلاب بأداء الصلاة فنرجو أنه لا إثم عليك بعد ذلك لأنك قد أديت ما عليك ولا يحاسب الله عبده على ذنوب غيره، وقد قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} ، وانظر الفتوى رقم: 1145 حول حكم تارك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(11/4331)
من كان يصلي وترك الصلاة هل يحبط عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت مواظبا على الصلوات الخمس وأعمال الخير لكنني أخطأت وارتكبت ذنبا كبيرا (تركت الصلاة) .والآن أطلب من الله عز وجل أن يتجاوز عنا جميعا، ترك الصلاة هذا كان سحابة عابرة وربما هذه هي المشكلة التي يعاني منها الشباب كثيرا، ما أريد معرفته هو هل الأعمال التي كنت أفعلها (أعمال الخير) قبل ترك الصلاة هل يتقبلها الله عزوجل ويجعلها في ميزان الحسنات عند التوبة، وبصفة عامة هل أعمال الخير التي يعملها العبد الخارج عن طاعة الله عز وجل تقبل منه عند التوبة والرجوع إليه سبحانه وتعالى..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اختلف أهل العلم في كفر تارك الصلاة، وفيما إذا كان مجرد الكفر محبطا للعمل، أم أن الذي يحبط العمل هو الموت على الكفر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم قد اختلفوا فيما إذا كان ترك الصلاة يعد كفرا أم لا، والمرجح عندنا أنه ليس كفرا ما لم تترك بالكلية، كما بينا في الفتوى رقم: 17277.
وعلى أنه كفر فقد اختلفوا أيضا فيما إذا كان مجرد الكفر محبطا للعمل أم أن المحبط للعمل هو الموت على الكفر. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 9643.
وعلى أية حال فمن واجبك أن تتوب إلى الله مما حصل منك من ترك الصلاة، ولا تعود إلى ذلك.
واعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما ورد بذلك الحديث الشريف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(11/4332)
تارك الجمعة إذا مات هل يحجب عن الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المسلم الذي لا يصلي إلا الجمعة يدخل الجنة؟ وهل إذا دخل النار يخرج منها بعد تطهيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
تارك الصلاة المنكر لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، أما تاركها كسلا قد اختلف أهل العلم هل يكفر بذلك أم لا؟ والجمهور على عدم كفره. وعلى كل فإنه على خطر عظيم، فإذا مات على شهادة التوحيد فعلى مذهب الجمهور لا يخلد في النار بل يمكث فيها ما شاء الله ثم يكون مصيره الجنة. وعلى القول بكفره فإنه مخلد في النار ولا يدخل الجنة أبدا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة فى الإسلام فهي الركن الثانى منه بعد الشهادتين، وهي أول ماينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب. وقد ثبت الوعيد الشديد فى شأن تضييعها أوالتهاون بها حيث قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5،4} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم59} .
وتاركها مع إنكار وجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا اختلفت فيه كلمة العلماء، فمنهم من قال بكفره وهو الذي تشهد ظواهر الأدلة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1846.
وهذا مذهب كثير من أهل العلم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 78185 والفتوى رقم: 1145.
وعليه، فإذا مات على ترك الصلاة فإنه لايدخل الجنة ولايخرج من النارعلى القول بكفره.
وعلى مذهب الجمهور فإذا مات على شهادة التوحيد فإنه لايخلد فى النار، بل يمكث فيها ما شاء الله، ثم يكون مصيره إلى الجنة. وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 41760
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(11/4333)
نصائح نافعة للمحافظة على الصلاة المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على ما تقدمونة من نفع للمسلمين ...
سؤالي كيف يمكنني أن أتوب، أنا عندي غيرة شديدة على ديني ولكني لا أستطيع المداومة على التوبة فكلما بدأت الصلاة لا يمر وقت قصير إلا وأتركها، وقد رأيت في منامي رسول الله ولكن منذ سنين طويلة رأيته من ظهره ولم أر وجها، وعندما جريت وراءه لأرى وجها لم يلتفت إلي وانتهى حلمي ولم أر وجها ومنذ شهر كنت مسافرا إلى السعودية في عمل، وقلت علي أن أعتمر ولكن السفر تأجل إلى وقت غير معلوم هل يرجع ذلك إلى ذنوبي وعدم توبتي إلى الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك الصلاة من أعظم كبائر الذنوب، بل إن من العلماء من يرى كفر تارك الصلاة ولو تركها تكاسلا، وراجع الفتوى رقم: 10943، والفتوى رقم: 6061.
ولعل من إرادة الخير بك أن يريك ما ذكرته من المنام، فينبغي أن يكون زاجرا لك ومخوفا.
فعليك بالمبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى، وإنما يكون ذلك بفعل كل صلاة في وقتها والندم على ما فرطت فيه من صلوات سابقة والإكثار من فعل النوافل والاستغفار وفعل الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات.
ويرى جمهور الفقهاء أن من الواجب عليك أن تقضي ما فاتك من صلوات وإن كثرت، وراجع الفتوى رقم: 512.
وأما قولك لا أستطيع أن أداوم على التوبة فذلك غير صحيح بل أنت تستطيع إن أردت وعزمت لأن الله كلفنا بذلك ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فاحذر من كيد الشيطان وتخذيله.
ومما يعينك على المحافظة على الصلوات ما يلي:
الذهاب إلى المسجد وأداء الصلاة في جماعة مع إخوانك المسلمين ففي ذلك تشجيع كبير لك على أداء الطاعة.
مرافقة الصالحين الأخيار الذين يحبون الصلاة ويحثون عليها، والبعد عن مرافقة الأشرار التاركين للصلاة.
تذكر فضائل الصلاة وعظمتها وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة وعظم ذنب تاركها وسوء عاقبته يعينك على المحافظة على الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 25809.
وبالنسبة لتأجيل السفر للعمرة لأجل غير معلوم قد يكون ذلك بسبب ذنوبك فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، والتوفيق لأداء الطاعات وتقوى الله من أعظم الرزق وعكس ذلك من خذلان الله وعدم رضاه. قال تعالى: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ {البقرة:212} ، وقال تعالى: وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ {التوبة:46} ، وقال تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى {الليل:5-7} ولكن لا تيأس من رحمة الله تعالى فإنه البر الرحيم سبحانه وهو كما قال سبحانه عن نفسه: يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ، وقد أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه يفرح بتوبة عبده، وإنما يفرح سبحانه فرح الكريم الذي يريد إكرام من جاءه وأقبل عليه.
فبادر بارك الله فيك إلى التوبة والإقلاع عن ذنوبك وأنت لا تزال في زمن الإمهال.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/4334)
وجوب أمر الأولاد بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم كثير الشكر أود أن أسألكم، عندي ابن وله 14 سنة عندما أقول له يصلي يصرخ زوجي في وجهي كثيرا ونتخاصم كثيرا لأن ابني عندما كان له 7 سنوات علمته كيف يصلي وبدأ يكبر ولم يتعاون معي زوجي فيه لأنه رباه بأن لا يسمع مني، وعلما أن زوجي يصلي ويقراْ القرآن كثيرا ومع ذلك عندما أقول لابني صل يصرخ في المنزل ويكثر المشاكل كثيرا وأنا أتعذب في ضميري ولا أنام في الليل، ساعدوني أرجوكم كيف أتعامل مع هذا الوضع، وطلبت زوجي كثيرا بأن يقول لابني يصلي ولا يسمع مني ماذا أفعل لا يسمع مني زوجي أبدا ويقول لي خلي ابني على ما يهوى، ولكن ديننا لا يسمح بهذا، ساعدوني، أرجوكم ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فمن واجب الوالدين أن يأمرا ولدهما بالصلاة، فعلى السائلة أن تستمر في أمر ولدها بالصلاة، وليكن ذلك بالطريقة المناسبة، ولا يكون عليها إثم بعد ذلك، وعليها أن تبين لزوجها وجوب أمر الولد بالصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمر الولد بالصلاة واجب على الوالدين، كما سبق في الفتوى رقم: 28789، فكيف لا يأمر أب ابنه بالصلاة، وهو يعلم مكانتها ومنزلتها في الإسلام، بل وينهى من يأمره بها، هذا لا يتصور إلا من جاهل جهلا عظيما بالإسلام وبالقرآن، ففي القرآن قول الله عز وجل على لسان لقمان الحكيم: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ {لقمان:17} ، وقوله عن إسماعيل عليه السلام: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {مريم:55} ، وقوله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى. {طه:132} .
ولكن لعله يعترض على طريقتك في أمر الولد بالصلاة، فكوني رفيقة بولدك عند أمره بالصلاة، وانظري لأسلوب لقمان عليه السلام حيث عرف الابن أولا بالله عز وجل، ثم أمره بإقام الصلاة لهذا الإله العظيم، حيث قال قبل أن يأمره بالصلاة: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌا. {لقمان:16} .
وعلى كل حال فأنت إذا قمت بما عليك من أمر ولدك بالصلاة لا يكون عليك إثم، وتذكري أن الهادي هو الله عز وجل وما عليك سوى التذكير، فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر، فلا تتوقفي عن أمر ابنك بالصلاة بالطريقة المناسبة.
ولك أن تناقشي زوجك وتبيني له وجوب أمر الولد بالصلاة، وليكن نقاشا علميا هاديا بعيدا عن الانفعال والشجار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(11/4335)
نصائح لمن تظن أنها لا تستطيع الصلاة ولا الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 19 أنا أعيش في حالات، فأنا لا أصلي وأسمع الأغاني وأحب الدراسة كثيرا ولكن بسبب حالتي النفسية لم أستطع الإكمال، أنا أريد أن أصلي وأكمل الدراسة لكن أحس أن بداخلي ما يمنعني ولا أدري ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك بتقوى الله أولاً في السر والعلانية وإخلاص النية في طلب العلم وفي أمورك كلها، وأن تتذكري الهدف الذي من أجله تدرسين، وتفرغي قلبك من الشواغل والأفكار التي يمكن أن تشغلك عن الدراسة، وأن تتذكري فضل العلم وأهميته في هذه الحياة وما بعدها، واجعلي السلف الصالح قدوتك في طلب العلم وفي غيره، واطلعي على سيرهم وعلو همتهم في طلب العلم ...
كما نوصيك بالمحافظة على الدعاء في أوقات الإجابة، وعلى الأدعية المأثورة، وخاصة أذكار الصباح والمساء، ويمكن أن تستشيري الإخوة في قسم الاستشارات النفسية في الموضوع ليفيدوك أكثر.
واعلمي أن ترك الصلاة أمر خطير، فهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان؛ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة. أخرجه مسلم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة.
وقد ثبت النهي الشديد عن تضييعها والتهاون بها، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، واعلمي أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى كفر تاركها تكاسلا.
وبإمكانك أن تطلعي على الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع وللتفصيل في مسألة الغناء: 66001، 62008، 18640، 74911، 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/4336)
ينصح برفق بضرورة الالتزام بصلاته إن لم يكن قد خرف
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كان رجلا ملتزما ويصلي ويقرأ القرآن, فجأة انقلب رأسا على عقب وترك الصلاة والقرآن وعمره الآن قارب 70 أنا جدا قلقة على خاتمته, وأحاول أنا وإخوتي نصحه ولكن لا يقتنع بما نقول, أنا دائما أدعو له بالهداية وحسن الخاتمة, انصحوني ماذا أعمل؟. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحق للأخت السائلة أن تخاف وتقلق على والدها الذي ترك الصلاة والقرآن بعد أن بلغ هذا السن، ونحن نسأل الله تعالى أن يرده إلى رشده والالتزام بصلاته وأن يختم لنا وله بالحسنى، والذي ننصحها به هي وإخوتها هو أن يستمروا في الدعاء له، وفي محاولة إقناعه برفق بضرورة الرجوع إلى الله تعالى والالتزام بصلاته كما كان من قبل، وليطلعوه على كلام أهل العلم في حكم تارك الصلاة، وهذا كله إذا كان لا يزال عاقلا، أما إذا كان قد ذهب عقله وأصيب بخرف فإنه لا تكليف عليه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 37606، فلتراجع.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 103984، 76012، 61320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(11/4337)
تذكير الزوج بالصلاة والصبر على سخرية أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يصلي ودائما أقول له متى ستصلي وأقول له عندما يحدث لأحد أولادنا شيء تتذكر وتصلي انصحوني ماذا أفعل؟
وحماتي وأولادها يقولون الحق عليك ويسخرون مني وأنا أقول لهم الله يهدي من يشاء ومتى يشاء.
أريد معرفة عندما يسخرون مني القصد حماتي وأولادها ومن أولادي لا أجيبهم وأسكت لأنني دائما أوكل أمري إلى الله وأنا على ثقة أن الله يأخذ لي حقي ويبين بالنهاية أنني على حق هل هذا صحيح أم لا؟ ولأنني لا أجيبهم يقولون إنني هبلة ولا أعرف الكلام ودائما يبينون إلى زوجي أنني هبلة ولا أعرف الكلام وزوجاتهم وكنائنها الأخريات أحسن مني أريد أن تجيبوني بأسرع وقت ممكن لأنني على وشك الانهيار ولأنني حامل ولا أريد أن يتأثر الجنين أكثر من ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك أمرين:
الأمر الأول: كون زوجك لا يصلي.
الأمر الثاني: ما يحدث تجاهك وتجاه أولادك من بعض أهل زوجك من سخرية ونحوها.
فأما بالنسبة للأمر الأول فلا شك أن ترك الصلاة أمر خطير، ويكفي في الدلالة على ذلك أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى كفر تاركها وخروجه من الملة ولو تركها تكاسلا، وراجعي الفتوى رقم: 1145. وقد أحسنت بمناصحة زوجك بهذا الأمر، ويمكنك الاستعانة عليه ببعض الفضلاء ومن له تأثير عليه من أهلك أو أهله أو غيرهم، ولا تنسي أن تكثري من دعاء الله تعالى له بالتوبة والصلاح. وحسنا فعل عندما يصلي في وقت الشدة، وبدلا من أن تذكري له الكلام الذي ذكرت، والذي ربما استفزه إذا اعتبره نوعا من الانتقاد، فالأولى استغلال مثل هذا الظرف لتذكيره بوجوب المحافظة على الصلاة في كل وقت، وتذكيره أيضا بأن حسن الصلة بالله عند الرخاء سبب في كشف البلاء عند وروده، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: " تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " رواه الإمام أحمد في المسند.
وأما الأمر الثاني: وهو سخرية بعض أهل زوجك منك ومن أولادك، فإن حدث منهم ذلك فإنهم مسيئون، وحسنا فعلت بالإعراض عن جهلهم، فقد ذكر الله تعالى في صفات عباد الرحمن: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [الفرقان: 63] .
قال الحسن البصري معلقا: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا ". ومع هذا فإن ظهرت لك المصلحة في الرد عليهم فيمكنك الرد عليهم، فقد قال مجاهد في الآية السابقة نفسها: معنى سلاما سداداً. أي يقول للجاهل كلاماً يدفعه به برفق ولين. والواجب على زوجك أن يدفع عنك أذاهم، وبكل حال فاصبري واحتسبي الأجر والمثوبة عند الله تعالى واستعيني على ذلك بالتسلي بحال رسوله صلى الله عليه وسلم ودعاة هذه الأمة فيما لا قوة من الأذى في سبيل تمسكهم بهذا الدين والدعوة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/4338)
حكم ترك استخدام منبه للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ضبط المنبه على ميعاد الذهاب للعمل وليس على موعد صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من نام قبل دخول وقت الصلاة فلا يجب عليه اتخاذ منبه أو وسيلة للاستيقاظ، وإن كان الأولى له فعل ذلك. ومن يتخذ منبها للاستيقاظ للعمل ويتركه في جانب الصلاة فهذا دليل على تهاونه بالصلاة واستهتاره بها، فإن كان كذلك فهو على خطر عظيم إن لم يبادر بالتوبة إلى الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر.
وقد ثبت الوعيد الشديد في تضييعها أو التهاون بها، ومن ذلك قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4،5}
وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. {مريم:59}
فالواجب على المسلم والمسلمة المحافظة على الصلاة، ومن ذلك المواظبة على أدائها في وقتها وعدم النوم عنها خصوصا صلاة الفجر التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. رواه الإمام مسلم وغيره.
وإذا نام الشخص المذكور قبل دخول وقت الفريضة فلا يجب عليه اتخاذ منبه أو وسيلة للاستيقاظ، وإن كان الأولى فعل ذلك. وراجع الفتوى رقم: 63842. والفتوى رقم: 28211.
وكون الشخص يترك اتخاذ منبه حتى ينام عن صلاة الصبح، ثم يتخذه للنهوض للعمل يدل على التهاون بالصلاة وعدم المبالاة، ومن كان كذلك فهو على خطر عظيم إن لم يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وعليه أن يراقب الله تعالى ويخشى عقوبته ويبنغي نصحه وتخويفه من المداومة على هذا الفعل المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(11/4339)
هل يذكر المصاب بالخرف بالصلاة إذا نسيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي امرأة تبلغ من العمر 79 عاما وهي أمية لا تعرف القراءة والكتابة فهي لا تعرف الصلاة علما بأنني حاولت أن أعلمها الصلاة سابقا ولكن لم تتعلم فحاليا تصلي ولكن صلاتها خاطئة لا تعرف إلا سورة الفاتحة والسور القصار تغلط بها حتى التحيات لا تعرفها بشكل صحيح وعندما تصلي أكثر صلاتها حاليا بدون وضوء علما أنها مصابة بالزهايمر أي أنها حتى أسماؤنا نحن أولادها تغلط بها وتسمينا بأسماء أختها أو بأسماء غير أسمائنا وحتى نسيت أسماء المأكولات فهل نطلب منها أن تصلي أم إذا لم تصل لا نذكرها بها وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت والدتكم قد بلغ بها ما ذكرت في السؤال مرحلة الخرف المستمر فإنه لا تجب عليها الصلاة ولا غيرها من العبادات، وذلك لزوال التكليف عنها، ولا يجب عليكم تذكيرها بوقت الصلاة، وأما إذا كانت يغيب عقلها أحيانا وتعقل أحيانا اخرى فيجب عليها أداء الصلاة حال صحوتها.
وكونها لا تحسن قراءة غير الفاتحة لا يؤثر على صحة صلاتها، ففرض القراءة في الصلاة هو الفاتحة فقط وما عداها من السور قراءتها سنة وليس بفرض. وأما التشهد الأول فهو واجب والتشهد الأخير فرض فينبغي تعليمها التشهد، فإن تعسر ذلك لكبر سنها فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وتصلي على حسب استطاعتها. وانظري للفائدة الفتوى رقم: 44056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(11/4340)
بقاء الزوجة مع زوج لا يصلي ولا يصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجي لا يصلي ولا يصوم ولي منه أولاد وحاولت نصحه بشتى الوسائل ولم يستجب وعندما أخبرت أهلي قالوا لي انصحيه وهم لا يريدون أن أطلق منه لأسباب منها الأولاد بحيث لا أملك دخلا ماديا لكي أصرف عليهم وغيرها، سؤالي: هل يجوز أن أعيش معه وهو لا يصلي ولا يصوم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم بقاء الزوجة مع زوج لا يصلي ينبني على الحكم على تارك الصلاة نفسه هل هو كافر؟ وبالتالي لا يجوز لها البقاء معه، أم هو مسلم عاص؟ فيجوز لها البقاء معه، وحتى على القول بأن تارك الصلاة كسلاً لا يكفر فإنه لا خير في البقاء معه لا سيما إذا انضم إلى ترك الصلاة ترك الصوم والعياذ بالله، وعلى كل الأقوال يجب استتابة تارك الصلاة وتارك الصوم من قبل القضاء الشرعي، فإن تاب وإلا قتل، والمفتى به عندنا أن تارك الصلاة تركاً كلياً كافر لا يحل لزوجته البقاء معه، ولا أن تمكنه من نفسها. وانظري للمزيد من التفصيل في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44620، 61538، 67950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(11/4341)
حكم إطعام تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا سؤالي:
أناس لا يصلون منهم لا يصلي إلا الجمعة ومنهم لا يصلي إلا على هواه فهل أطعمهم من طعامي فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "ولا يأكل طعامك إلا تقي " حيث نقيم مع بعض في غرفة مشاركة وأني أريد أن أعمل بالحديث الذي ينصحنا " بإطعام الطعام" فماذا أفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
ترك الصلاة معصية شنيعة، بل يعتبر كفرا مخرجا عن ملة الإسلام عند بعض أهل العلم، ولا تجوز مساكنة تارك الصلاة إلا لضرورة، ولا بأس بإطعامه من غير مخالطة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك الصلاة معصية شنيعة من أكبر الذنوب والمعاصي، بل يعتبر كفرا مخرجا عن ملة الإسلام عند بعض أهل العلم. وبالتالي فمن اتصف بتركها فالواجب نصحه وتذكيره بخطورة ما هو مقيم عليه، ولا تجوز مساكنته مع القدرة على تغيير هذا المنكر أو البعد عنه إلا لضرورة، كما سبق في الفتوى رقم: 30285.
وبخصوص إطعام تارك الصلاة ونحوه من أصحاب المعاصي فهو جائز، والأمر بإطعام التقي الوارد في الحديث يدل على النهي عن مخالطة غيره بالمؤاكلة مثلا، لما قد يترتب على ذلك من ضرر، ولا يعني عدم الإحسان إليه بالإطعام وغيره. وراجع معنى الحديث مفصلا في الفتوى رقم: 73705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(11/4342)
المريض النفسي هل يسقط عنه الصلاة والصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي رحمها الله فجأة فى سن 67 وكانت تعالج من مرض نفسي منذ شبابها وهي فى العشرينيات; كانت تمر بحالات من الهياج والهذيان والتهيؤات لم يحد منها بعد الكثير من محاولات العلاج ومنها علاج المس إلا أدوية تجعلها تنام كثيراً وتكون شبة مغيبة وطوال فترة مرضها لم تكن تصلي إلا نادراً وإذا صلت (يكون ذلك تحت تأثير العلاج) ، تكون صلاتها غير صحيحة فلا تلتزم بالملبس أو القبلة وأحيانا حتى الوضوء وكثيراً تصلي جالسة مع قدرتها على القيام وكنا ننبهها ونذكرها بالصلاة ولكنها لم تكن تستجيب كثيراً وكنا نرجع ذلك لحالتها النفسية وكذلك الحال للصيام وكانت تقرأ القرآن كثيراً ولم يكن عليها زكاة وحجت مرتين مع والدي فى أثناء مرضها، السؤال الآن: وبعد وفاتها هل كانت مكلفة، وإن كانت فماذا علينا أن نفعل من أجلها وهل علينا وزر لعدم إجبارها على العبادات، وأدعو الله العلي القدير ألا تكون كذلك وأن يرحمها ويغفر لها، وأخيراً هل المرض النفسي من الأمراض التي يؤجر عليها المرء أم أنه كما سمعت مرة ضعف فى الإيمان، ادعو الله معي ألا تكون من المحاسبين على أعمالهم؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العاقل تلزمه الصلاة مع شروطها حسب طاقته كما يلزم الصوم إذا استطاع، ويجب حض الوالد على أداء ما أوجب الله عليه مع التزام الأدب معه، كما أن المبتلي يثيبه الله على جميع الأمراض، وليس عليكم شيء بعد وفاتها في مسألة تضييع الصلاة، وأما الصوم فيشرع على الراجح الصوم عمن فرط فيه مع وجوبه عليه، ولكنه لا يجب وننصحكم بالاستغفار للأم والتصدق عنها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة تلزم من كان عاقلاً حسبما يستطيع، كما يلزم الإتيان بشروطها وكذلك الصوم إن كان مستطيعاً فبالنظر واستشارة الأطباء النفسانيين يعلم هل كانت الأم عاقلة أم لا، والعاقل مكلف حسب طاقته، وأما غير العاقل فقد رفع عنه القلم، وكان يلزمكم في حال كونها عاقلة أن تواظبوا بلطف على حضها على إقامة الصلاة بشروطها وأداء الصوم إن كانت مستطيعة، وأما إذا توفيت فعليكم بالترحم عليها والاستغفار لها والتصدق عنها حسب طاقتكم.
وأما المرض فيثاب صاحبه عليه لعموم الحديث: ما يصيب المؤمن نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته. رواه مسلم. وأما كون المرض النفسي من ضعف الإيمان فلا نعلم ما يفيد صحته ... ونسأل الله أن يرحم الوالدة ويرزقكم حسن العزاء، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية لمعرفة حكم الصوم عن الميت وللمزيد فيما تقدم: 24558، 48664، 69795، 39035، 76640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(11/4343)
الصلاة عون للمسلم على جميع أموره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب جزائري وعمري 20 سنة سأطرح عليكم مشكلتي (مصيبتي) وأدعو الله أن ينجيني منها، وبداية هذه المصيبة كانت عند بلوغي (13 -14سنة) فمرة أخذت بعض الكتب الدينية وبدأت أتصفحها ولكن كانت يداي نجستين بالإضافة إلى أنه يوجد سور من القرآن الكريم معلقة على جدران غرف البيت ولكنني لمستها أيضا ويداي نجستان وإلى الآن لم أنظفها أي منذ 6 أو7 سنوات, فقلت عن نفسي أنني كافر لكنني تبت إلى الله ونويت الدخول في الإسلام من جديد ونطقت الشهادتين, ولكنني الآن شاك في صحة إسلامي لأنني لم أنظف الكتب وتلك السور المعلقة "إلى الآن" لأنني تكاسلت عن ذلك بالإضافة أن لدي وسواس الطهارة وهذا الشك في صحة إسلامي جعلني أترك الصلاة، فأدعو الله أن يغفر لي وأن ينجيني من هذه المصيبة وأن يجعلكم سببا في حل هذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة ليس حلاً لأي مشكلة، وكيف يكون كذلك والصلاة عون للمسلم على جميع أموره، فقد أمرنا الله بالاستعانة بها في قوله: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45} ، وما حصل منك فهو خطأ عظيم لمنافاته تعظيم شعائر الله، ولكنه لا يبلغ الردة إن لم يكن على سبيل الاحتقار، وأما الوساوس فعلاجها بالإعراض عنها بالكلية كما نص عليه الهيثمي. فأعرض عنها وأعمر وقتك بتعلم العلم وسماع القرآن وبالرياضة ومطالعة سير السلف، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 102773، 58741، 51601، 75046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1429(11/4344)
ترك الصلاة من أكبر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم الرد على هذا السؤال.. لي أخ لا يصلي منذ زمن بعيد ولكن أخلاقه عالية جدا ورفيعة وأشعر بأنه له قلب يؤنبه والله أعلم.. البارحة حلمت فيه بأنه قد صلى بعد أن استحم وكان يصلي والمنشفة حول جسده.. فما معنى هذا الحلم وهل هو رؤيا؟ علما بأنها ليست المرة الأولى التي أحلم به بأنه يصلي ولكن ليس بعد أن استحمى فهذا الحلم قد تكرر قبل ذلك.. أفتوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يجب على أختنا السائلة أن تبادر بنصح أخيها وتحذيره من ترك الصلاة، فإن الصلاة شأنها عظيم، وتركها من أكبر الذنوب حتى عده كثير من العلماء كفرا مخرجا من الملة والعياذ بالله، فالواجب عليك أختي السائلة أن تبذلي قصارى جهدك في نصح أخيك لعلك أن تكوني سببا في نجاته.
وأما عن تعبير الرؤيا فنرجو أن توجه السائلة الكريمة سؤالها إلى أهل الاختصاص بتعبير الرؤيا، لأن هذا الموقع ليس من اختصاصه الإجابة على هذا النوع من الأسئلة، وإنما يجيب على الأسئلة الشرعية وما تعلق بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(11/4345)
الترهيب من التهاون في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحتم أردت أن تهدوا نصيحة إلى إخواني في الله (الدعاة) نحن مجموعة من الشباب نعيش في السكن الجامعي ونتعاون مع بعضنا البعض للنهوض لصلاة الفجر ولكن للأسف هناك عدد قليل (نسأل الله لهم الهداية والرشاد) لا يستيقظون لصلاة الفجر ليس هذا فقط، بل إن لهم دافعية أقوى للنهوض للدوام الدراسي أقوى من أن ينهضوا للصلوات، على سبيل المثال: إذا كان لديه دوام الساعة 5 عصراً فإنه يقول لصديقه أيقظني في هذا الوقت في حين أن صلاة العصر تقام في الساعة 4.30! وأيضا لصلاة الفجر عندما ننصحهم بالنهوض يأتون لك بعدة أعذار وللأسف فهم (كثيرو السهر- ثقيلو النوم- كل منهم يغلق الباب فلا تستطيع الدخول عليه لإيقاظه) فأتمنى منكم أن تسدوا نصيحة لنا ولهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزي الأخ السائل خيراً وأن يضاعف له أجر حرصه على صلاته وصلاة إخوانه وزملائه، ونصيحتنا لهؤلاء الشباب هي أن عليهم أن يتقوا الله تعالى ويحافظوا على الصلاة في وقتها جماعة في المسجد، وليعلموا أن النوم على نية تأخير الصلاة عن وقتها يعتبر تهاوناً بها، وقد توعد الله الذين يتهاونون بالصلاة بالعذاب والويل، فليخافوا الله تعالى وليجعلوا الصلاة أهم أعمالهم فلا يؤخروها عن وقتها من غير عذر معتبر. ومن فعل ذلك فقد ارتكب إثماً تجب منه التوبة إلى الله تعالى. وليطالعوا الفتويين التاليتين: 70270، 71175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/4346)
الصلاة والحجاب أهم ما ينبغي التحلي بهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 26 سنه من الأردن ولم أصل في حياتي إلا مرتين لمدة لا تتجاوز الشهرين وقطعت مشكلتي أني أعيش بمجتمع لا أخلاقي لا يلتزم بالحجاب كما أن أهلي تركوا لي حرية الخيار في الحجاب أنهيت دراستي الجامعية بتفوق ومرضية لوالدي لكني أتكاسل في أداء الصلاة وقراءة القرآن والمشكلة الأكبر أني خطبت ابن عمتي وهو من مواليد أميركا ولا يعلم عن الدين شيئا ولا يصلي وخائفة أن ينتهي بي العمر ولم أرض ربي فما العمل أرجوكم المساعدة حياتي باختصار مليئة بالمغامرات الطائشة وأدخن بشكل كبير لا أقرب الشرب ولكني وبصراحة مرت علي فترة كنت دائما لي علاقات مع الشباب وأنا جميلة وأعوذ بالله من كلمة انا أحب الخير وأتصدق بشكل كبير وأصلح ذات البين لكني لا أصلي ولا ألبس الحجاب كما أن لبسي فيه إغراء فما الحل لكي ألتزم بالدين منذ أن خطبت قطعت علاقتي بكل الشباب والآن أنا خائفة لأني سأعيش في بلد كافر بعد أقل من أربعة شهور الرجاء النصيحة ولكم الأجر كيف لي أن أتبع الهدى وأترك الضلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ترك الصلاة معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن تركت الصلاة سنين كثيرة فالواجب عليها المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، والمواظبة على الصلاة مع قضاء جميع الصلوات التي لم تؤدها بعد ظهور أول علامة من علامات البلوغ.
ومما يتعين عليها أيضا الالتزام به ارتداء الحجاب الكامل، والبعد عن الملابس التي تدعو للإغراء والفتنة، إضافة إلى الإقلاع عن التدخين، والعلاقات المحرمة مع الشباب. ومما يعين على ذلك اتخاذها للصحبة الصالحة من النساء، والتفقه في أمور الدين، والاستماع للأشرطة المفيدة والنافعة
ويحرم عليها الزواج ممن لا يصلي ويجهل أمور الدين ويقيم في بلاد الكفر، وسيترتب على هذا الزواج إقامتها هي معه أيضا في تلك البلاد ولا يخفى ما في ذلك من المخاطر والمفاسد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت النهي الشديد عن تضييعها أو التهاون بها، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5،4} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. {مريم:59}
وبناء على ذلك فإن ما عليه السائلة من ترك الصلاة دائما معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب؛ بل تعتبر كفرا مخرجا عن ملة الإسلام عند كثيرأهل العلم. فالواجب المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والمواظبة على الصلاة، كما يجب عند جمهور العلماء قضاء جميع الصلوات المفروضة التي لم تؤدها ابتداء من ظهور أول علامة من علامات البلوغ، وهذه العلامات سبق بيانها في الفتوى رقم 10024. كما تقدم في الفتوى رقم: 61320، تفصيل كيفية قضاء فوائت الصلاة الكثيرة.
كما يجب أيضا الالتزام بالحجاب والبعد عن الملابس التي تدعو إلى الإغراء لما يترتب على ذلك من جلب الفتنة لشباب المسلمين والابتعاد عن كل علاقة محرمة أو مشبوهة، وراجعي الفتوى رقم: 5413.
والتدخين حرام لما يترتب عليه من أضراره الكثيرة، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 1819.
ولا ننصح الأخت السائلة بالزواج من ابن عمتها الذي لا يصلي ويجهل دين الإسلام، وقد ولد في بلاد الكفر ويقيم فيها، وسيترتب على الزواج أيضا إقامتها هي معه فى تلك البلاد، ولا يخفى ما في ذلك من مخاطر وأضرار. وراجعي الفتوى رقم: 25448 والفتوى رقم: 2007
وعليه، فالحل الوحيد للأخت السائلة محافظتها على الصلاة، وارتداؤها للحجاب، وبعدها عن كل المحرمات، سواء منها المذكورة في السؤال وغير المذكورة، إضافة إلى التزامها بالواجبات وتعلم أمور دينها، ومما يعين على ذلك صحبة بعض النساء المستقيمات والملتزمات بأمور دينهن والاستماع إلى الأشرطة النافعة والمفيدة.
ولتبادر إلى الاستقامة على أوامر الله تعالى مخافة أن يفاجئها الموت وهي مصرة على المعاصي والمنكرات فتندم حيث لا ينفعها الندم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 29982، 47379، 55581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(11/4347)
يذهب إلى أماكن الفواحش فيترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثلاثين من العمر فهل أصلي رغم أني أذهب إلي بيوت الدعارة مرة كل شهر أو شهرين لقد حاولت الانقطاع عن ذلك، لكني لم أستطع تركت الصلاة رغما عني لأني أرى أني أنافق الله أصلي وأرتكب كبيرة من الكبائر، فهل إذا صليت صلاتي صحيحة أم لا، وهل أصلي رغم أني أفعل هذا أم لا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا من أكبر الكبائر وأعظم الفواحش، نهى الله سبحانه وتعالى عن قربانها فكيف بممارستها، ثم إن فعل المعصية ليس عذراً لترك الصلاة، ولا يمنع من صحتها إذا توفرت فيها شروط الصحة، بل إن ترك الصلاة أعظم من ذلك كله فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وتاركها جحوداً لوجوبها كافر بإجماع المسلمين، أما من تركها وهو مقر بوجوبها فقد اختلف في كفره بين أهل العلم.
لذا، فإن على السائل أن يخاف الله تعالى ويتقيه ويتوب إليه ويؤدي الصلاة التي فرض الله عليه ويقضي ما فات منها، كما يجب عليه أن يتوقف عن الذهاب إلى تلك الأماكن القذرة، ويبتعد عما حرم الله عليه، ويتوب مما مضى، ويعزم على ألا يعود إلى هذه المحرمات أبداً، وليعلم أن ممارس هذه الفاحشة قد يعاقبه الله في الدنيا قبل الآخرة ويصاب بمرض عضال لا يرجى برؤه ولا ينفع معه حيلة ولا دواء، وبذلك يكون قد تسبب في هلاك نفسه في الدنيا وفي عذابها في الآخرة. وللمزيد من الفائدة فيما يتعلق بالموضوع يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93467، 6061، 14737، 31107، 57951.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(11/4348)
زوجة المقصر في الصلاة.. مصاحبة أم متاركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من سنتين من ابن عمتي وقبل الزواج كنت أتمنى الزواج منه جداً ولكني اكتشفت أنه مقصر إلى حد ما في الصلاة ففى بعض الأيام يجمع صلاتين كما أنه يستمع أحيانا إلى الأغاني وهو ما أرفضه لأنني على قدر من التدين ولله الحمد ولدي ابنة وأخاف أن يظل هكذا فتتأثر به وعندما أكلمه يقول لي لحظة ضعف كما أحس أنه يتضايق من كثرة النصيحة وأنا مازلت أحبه وأرغب أن يكون زوجى فى الجنة بإذن الله وأحيانا أقرر فى الانفصال عنه وأنا أدعو الله أن يقر عينى به، فماذا أفعل فأنا أبكي كثيراً لأني خائفة عليه أن يموت وهو يسمع أغاني، هو لا يسمعها كثيراً دلوني هل أطلب الطلاق أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تأخير الصلاة عن وقتها من أعظم المحرمات، وإذا لم يفد النصح في زوجك فالذي ننصح به هو طلب الطلاق منه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن تأخير الصلاة عن وقتها بحيث تكون قضاء من أعظم المحرمات والوعيد فيه شديد، فقد فسر العلماء قوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، أقول: فسروا إضاعة الصلاة بتأخيرها عن أوقاتها، والله جل وعلا فرض الصلاة، وفرض أن تؤدى في وقتها، فقال: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، كما أن استماع الأغاني التي فيها موسيقى أو تدعو إلى الخنا لا يجوز.
فالواجب أن تواصلي في بذل النصح لزوجك وتذكيره بالله تعالى، وبعاقبة ما هو عليه، فإن أفاد ذلك فالحمد لله، وإن لم يرعو عما هو عليه فإن الذي ننصح به هو أنك إذا توصلت إلى قناعة أنه لن يرعوي عن غيه وخشيت أن يؤثر برقة دينه عليك أو على ابنتك فإن الأفضل هو طلب الطلاق منه، لأن مقياس المسلمة لرفض الشخص أو قبوله زوجاً هو الدين والخلق، فقد قال عليه الصلاة والسلام: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي. ومؤخر الصلاة عن وقتها أبعد ما يكون عن وصفه بأنه مرضي دينا وخلقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(11/4349)
تحقيق المقال في حكم تارك الصلاة تكاسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكرتم في الفتوى رقم 68656 القول بعدم كفر تارك الصلاة تكاسلا، ومن ضمن الفتوى هذا الكلام، ولأن ذلك إجماع المسلمين، فإنا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله، والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فُرِّق بين زوجين لترك الصلاة من أحدهما، مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافرا لثبتت هذه الأحكام كلها، ولا نعلم بين المسلمين خلافا في أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها، ولو كان مرتدا لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام. وأما الأحاديث المتقدمة -الدالة على كفر تارك الصلاة- فهي على سبيل التغليظ، والتشبيه له بالكفار، لا على الحقيقة، كقوله عليه السلام: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. وقوله: كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق. وقوله: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. وقوله: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد. قال: ومن قال: مطرنا بنوء الكواكب، فهو كافر بالله، مؤمن بالكواكب. وقوله: من حلف بغير الله فقد أشرك. وقوله: شارب الخمر كعابد وثن. وأشباه هذا مما أريد به التشديد في الوعيد، وهو أصوب القولين. انتهى.
وكان هذا بإفتاء اللجنة العلمية بإشراف الدكتور الفقيه، ولكن في فتوى أخرى في الموقع برقم 6061ذكرتم: وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "من لم يصل فهو كافر" رواه ابن عبد البر في التمهيد (4/226) والمنذري في الترغيب والترهيب (1/439) . ولا يخفى أن هذه العقوبة لمن ترك الصلاة بالكلية،
فماهو القول الصحيح عندكم؟
كفر تاركها بالكلية أو كفر تارك بعضها؟
وكأنني أراكم قلتم في الفتوى الأولى بعدم ردته، وفي الفتوى الثانية أنه يقتل ردة!!
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء مجمعون على أن من ترك الصلاة جحوداً وإنكاراً لها يعتبر كافرا خارجا عن الملة والعياذ بالله تعالى، أما من تركها مع إيمانه بها، واعتقاده بفرضيتها، ولكنه يتركها تكاسلاً، أو تشاغلاً عنها، فقد اختلف في حكمه فذهب أكثر العلماء إلى أنه فاسق مرتكب كبيرة، ومن أدلة هذا القول ما ذكر في الفتوى الأولى المذكورة في السؤال، والفتوى رقم: 17277، والفتوى رقم: 98124. وأصحاب هذا القول لا يفرقون بين من ترك صلاة أو أكثر من حيث الحكم عليه حسب اطلاعنا، فهو عندهم فاسق وليس كافرا ما دام مقرا بوجوب الصلاة، ومن العلماء من يرى أن تارك الصلاة متعمدا يعتبر كافرا ولوكان مقرا بوجوبها أخذا بظاهر الأحاديث الصريحة في كفر تارك الصلاة، وإلى هذا القول ذهب الإمام أحمد ومن وافقه ولكن هل يعتبر كافرا بترك صلاة أو أكثر، اختلفت الروايات عن الإمام في ذلك، فقيل يقتل بترك صلاة واحدة إذا ضاق وقت التي بعدها ولم يصل، وقيل لا يقتل إلا إذا ترك ثلاثا وضاق وقت الرابعة.
قال ابن قدامة في المغني بعد أن بسط الكلام في حكم تارك الصلاة وما اتفق عليه العلماء من ذلك وما اختلفوا فيه: إذا ثبت هذا فظاهر كلام الخرقي أنه يجب قتله بترك صلاة واحدة، وهي إحدى الروايتين عن أحمد؛ لأنه تارك للصلاة، فلزم قتله، كتارك ثلاث، ولأن الأخبار تتناول تارك صلاة واحدة، لكن لا يثبت الوجوب حتى يضيق وقت التي بعدها؛ لأن الأولى لا يعلم تركها إلا بفوات وقتها، فتصير فائتة لا يجب القتل بفواتها، فإذا ضاق وقتها علم أنه يريد تركها، فوجب قتله.
والثانية: لا يجب قتله حتى يترك ثلاث صلوات، ويضيق وقت الرابعة عن فعلها؛ لأنه قد يترك الصلاة والصلاتين لشبهة، فإذا تكرر ذلك ثلاثا تحقق أنه تارك لها رغبة عنها، ويعتبر أن يضيق وقت الرابعة عن فعلها؛ لما ذكرنا.
وقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية بأن من يترك الصلاة أحيانا ويصلي أحيانا داخل في الوعيد يعني أنه غير كافر، قال في الفتاوى الكبرى: لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة من حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. انتهى.
أما نحن فإننا في هذه الفتوى الخاصة بهذه المسألة نذكر الخلاف فيها غالبا مع بيان أدلة الفريقين وفي بعض الأحيان يلاحظ الميل إلى أحد القولين إما اعتبارا بحال السائل وإما لأسباب أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(11/4350)
هل يقبل الدعاء والذكر من تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقبل الدعاء ممن لا يصلي؟ وهل يؤجر على تسبيح وذكر اسم لله والصلاة على رسول لله صلى لله عليه وسلم ممن لا يصلي أيضا؟ فأفيدونا جزاكم لله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من كان لا يصلي جحودا لوجوب الصلاة وإنكاراً لها فهو كافر لا يقبل الله له طاعة، سواء كانت صلاة أو تسبيحاً أو غير ذلك. وأما الدعاء فقد يستجاب له، ومن كان معترفاً بوجوب الصلاة مقراً بها إلا أنه يتركها كسلاً وتهاوناً فقد اختلف أهل العلم في الحكم عليه؛ فمنهم من قال بكفره، ومنهم من قال بفسقه، فعلى القول الأول حكمه حكم من تركها جحوداً لا يقبل منه أي طاعة حتى يتوب إلى الله تعالى، وعلى القول الثاني يكون من جملة المسلمين تصح منه الطاعة ويؤجر عليها إن شاء الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على من لا يصلي بالانتفاع بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم الانتفاع بذلك يتفرع عن الحكم على تارك الصلاة. وتفصيل ذلك أنه إن كان لا يصلي جحوداً لها، فهو كافر والعياذ بالله تعالى بإجماع عامة المسلمين، والكافر لا يتنفع بأي عبادة ولا قربة لأنه خارج عن الإسلام، ولا مانع من قبول دعائه استدراجاً كما حصل لإبليس، كما قال بعض أهل العلم، وقيل لا يقبل دعاؤه.
وإن كان لا يصلي تكاسلاً مع إقراره بوجوبها فقد اختلف في الحكم عليه؛ فذهب جمهور العلماء إلى أنه غير كافر لكنه فاسق مرتكب كبيرة حتى يتوب إلى الله تعالى، وعلى هذا القول فلا مانع من انتفاعه بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه مسلم.
وأما الدعاء فإنه يستجاب للمسلم كما قد يستجاب للكافر، إلا أن دعاء المسلم أحرى بالاستجابة، كما أن دعاءه عبادة يثاب عليها. وأما الكافر فلا يقبل منه باعتباره عبادة، ولا يثاب عليه، وإن استجيب له فإنما يقع ذلك استدراجاً أو من باب رحمة الله بعموم خلقه، وذهب الإمام أحمد في المشهور من مذهبه إلى أن تارك الصلاة يعتبر كافراً ولو كان مقراً بوجوبها، وعلى هذا القول فلا ينتفع بشيء من القرب والعبادة إلا إذا تاب ورجع من الردة، وكنا قد أوضحنا بعض التفاصيل فيما يتعلق بهذا الموضوع في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6840، 6061، 62328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(11/4351)
النهي عن التقاعس عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حاولت أن أنام وأتقاعس عن الفجر أنام وأحلم بالصلاه فما معنى ذلك..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يقصد التقاعس عن الصلاة في وقتها سواء فعل ذلك بالنوم أو فعله بوسيلة أخرى، فإن نام بعد دخول الوقت وعلم أو ظن أن النوم يستغرقه فهو آثم متهاون بالصلاة، والمتهاون بالصلاة متوعد بالعذاب، نسأل الله السلامة والعافية.
ثم إن تعبير الرؤيا وتفسير الأحلام ليس من اختصاصنا، لكن من الطبيعي أن يحلم الشخص بالأمر الذي كان يفكر فيه، وقد يكون هذا الحلم من الشيطان ليطمئن الشخص بما يوهمه به من أنه أدى الصلاة حتى يسترسل في النوم ويهمل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(11/4352)
المسلم يؤدي الصلاة ابتغاء وجه الله فحسب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم أو عقاب من يصلي فقط عند رؤية أبويه وعندما لا يكونان في المنزل أو هما مسافران يقطع الصلاة فهل هذا يسمى شركا، وهل هذا الإنسان يسمى كافرا في هذه الحالة، وهل عندما لا يصلي مسلم بغير عذر شرعي يسمى كافرا، أعني يعمل وعندما يأتي من عمله ويكون وقت الصلاة لا يقوم لها رغم أن الله أعطاه الصحة والخير، فهل هذا الإنسان يسمى كافرا في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يجب عليه أن يحافظ على الصلاة في كل أحواله، وأن يعمل ذلك ابتغاء وجه الله لا مراعاة لخاطر الوالد ولا غيره، فقد قال الله تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، والراجح في من يترك الصلاة أحياناً ويصليها أحياناً أنه غير كافر كفراً يخرج من الملة ويخلد في النار، وهذا هو مذهب الجمهور، وللحنابلة قول رجحه بعض أهل العلم يرى تكفير تارك الصلاة مطلقاً.
وراجع في خطر ترك الصلاة وبيان أهميتها وخطر مراعاة الناس في الأعمال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62008، 68656، 10992، 6061، 4307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(11/4353)
كيفية نصح الوالد والبنت الصغيرة إذا تركا الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً وأثابكم أجراً ووفقكم ربي لما فيه الخير والصلاح وتقبل منكم صالح الأعمال بإذنه ... حفظكم الرحمن، لدي سؤالان:
الأول: أنا لي أخت في التاسعة من عمرها وكنت أبتغي فيها الأجر بأن أجعلها تتعود على الصلاة فكانت ما شاء الله من سن السابعة وهي تحاول الصلاة إلى أن تعلمتها ولله الحمد وظلت تصلي إلى أن وصلت سن التاسعة فبدأت بالتبلد ولسبب عدم وجودي في المنزل فإني لا ألاحظها دوما في الصلاة (أي مراقبتها) , وحفظكم الرحمن لقد حاولت معها بكل الطرق أن أحببها في الصلاة, فقد كنت أنصحها وأرغبها فيها من قول طيب بأن الله سيحبكِ ويوفقكِ وما إلى ذلك.. واستخدمت أيضا طريقة أخرى طيبه وجدتها في إحدى المنتديات بحيث قمت بعمل شجرة بها أوراق كل ما تصلي تلون الأوراق بالأخضر وفي نهاية الشهر أكافئها بهدية لأنها أدت فروض الصلاة، ولكنها لا فائدة فيها فكانت تكذب علي بأنها صلت فقط لكي تلونها وتحصل على المكافأة، فاستخدمت معها أسلوب الشدة في المحادثه والترغيم على الصلاة إلا أنني أيضا لم أجد نتيجة يرجى لها.. فأفيدوني جزاكم الله خيراً فإنني أحب لها أن تنشأ على طاعة الله؟
وسؤالي الآخر بارك الله فيكم.. والدي لا يصلي والمشكلة أن أبي كان إنسانا ملتزما ومتدينا لكن سبحان الله تغير فجأة, ولا أدري ماذا أفعل فالجميع حاول معه وتحدث معه بشأن هذا الموضوع ولكنه يكتفي بقفله, وأنا أدعو الله أن يهديه ... فأفيدوني أسكنكم الله جنة الفردوس بإذنه.. كيف أتصرف معه فأنا أيضا أحب والدي ولا أتمنى أن يتوفاه الله وهو على غير صلاة فأنا أخاف عليه من عقاب الله؟ وأنتظر ردكم وفقكم الله وأحسن إليكم وسامحوني فقد أطلت في سؤالي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لأختك ذات التسع سنوات فأمرها أهون من أمر أبيك، لأنها ما زالت في سن التعليم التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ... الحديث رواه أحمد وأبو داود.
فاستمري في نصحها وترغيبها، واستعيني على ذلك بما يمكن من الوسائل الدعوية كأشرطة الدروس والوعظ التي تناسب سنها، وكذا ترهيبها من النار التي أعدها الله لمن عصى أمره ونحو ذلك.
وأما عن والدك فلا شك أن ترك والدك للصلاة طامة وكبيرة من كبائر الذنوب، بل صار بتركه للصلاة مختلفاً في إسلامه عند أهل العلم، والذي ننصحك به هو الاجتهاد في الدعاء له، لا سيما في أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة وعند نزول المطر ونحو ذلك، واستمري في نصحه وتذكيره بالله تعالى وبأليم عقابه - برفق ولين ويما يليق بمقام الوالد - وذكريه بجهنم والعياذ بالله، فلعله يرتدع ويفيق من غفلته.
وانظري للأهمية الفتوى رقم: 76012، والفتوى رقم: 5202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1428(11/4354)
لا حاجة إلى إذن من المسؤول لأداء الصلاة أثناء الوظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة في وقت العمل من دون علم المسؤول دون حدوث إعاقات في العمل أو غير ذلك وبموافقة الزملاء الذين أعمل معهم بأن يشغلوا مكاني حتى الرجوع للعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم ترك الصلاة بأي وجه ولا تحت أي ضغط من ضغوط العمل والوظيفة؛ لأن الصلاة فريضة فرضها الله على كل مسلم ومسلمة، وهي عماد الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ضيعها، فعلى الموظف المسلم إذا جاء وقت الصلاة أن يوقف العمل حتى يؤديها سواء علم المسؤول بذلك أم لا، ولا يعتبر هذا خيانة لأن المسؤول ليس له شرعاً أن يشترط على الموظف ترك الصلاة، وإذا اشترط ذلك فهو شرط باطل، ولتنظر الفتوى رقم: 21838.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(11/4355)
خطوات أمر الأولاد بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ ابني عمره عشر سنوات و3 أشهر بدأت أضغط عليه في الصلاة حتى أني أهدده بالضرب ولم يعد هناك أي مجال للتهاون وأقول له إنك أصبحت ملزما بها ولست مخيرا والحمد لله أنه يقوم بها غير أنه في الفترة الأخيرة يحاول الهرب من أدائها خاصة الفجر فهو يقوم وهو يتمتم ويبكي ويصرخ ويتأفف مما أخافني وأخشى أن تؤدي طريقتي هذه إلى كره ولدي للصلاة والعبادات، وأصبح يكره السنن بسبب التدريس الخاطئ في مدارسنا حين يقولون إن السنن ليست ملزمة وتحرم فقط أجرها وهو يقول لي إنه لا يرغب في هذا الأجر وأنا أقول له (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ، وهكذا صراع دائم بيننا من أجل الصلاة حتى الوتر ... كيف أفعل معه لأحببه في الصلاة، وكيف أقنعه بالسنن وهل هذا هو الوقت المناسب لأداء الفجر في وقته، وأخشى كثيراً إن سايرته في موضوع السنن أن يكبر عليها ... وأخشى أن يترك الفجر في وقته لأنه لم يعتد النهوض لأدائها وهو صغير ... وآخر ما أخشاه هو أن ينظر إلي كأني من كوكب آخر وأني أبالغ في الدين فلا يعد يرجع إلي في الأمور الأخرى، انصحوني فقد جربت الهدايا والمدح والتشجيع حتى وصلت إلى الضغط والإصرار على أن ينفذ ما أراه مناسبا بحسب علمي حيث وأني أيضاً مطلقة، سوف أري ابني هذا الإيميل ليقرأه بعد أن أحذف ما لا يجب عليه أن يقرأه كنصيحة لي أنا الأم؟ أثابكم الله خير الجزاء وأنار لكم القلوب والدروب.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن على الأخت السائلة أن تأمر طفلها بالالتزام بالصلاة في وقتها، ولا سيما صلاة الفجر، وتأمره بذلك بما تراه مفيداً من ترغيب وترهيب، فإن أفاد فذلك المطلوب وإلا فإن لها أن تلجأ إلى التأديب بالضرب الخفيف إن كان ذلك يفيد فيه، فإن علمت أنه لا فائدة منه لم يشرع أيضاً. هذا مع استعمال الرفق في جميع الأمور لأنه لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه، ولا يؤدب على ترك الوتر والسنن بل يؤمر بذلك ويرغب فيه فقط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشارع الحكيم قد أمر أولياء أمور الصغار بإحسان تربية أبنائهم وتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة وأداء العبادات وذلك بتعويدهم على الصلاة عندما يبلغ أحدهم سن السابعة من عمره فما فوق، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة: أي بأن يعلموهم ما تحتاج إليه الصلاة من شروط وأركان، وأن يأمروهم بفعلها بعد التعليم. انتهى.
فهذا الحديث يؤكد على أولياء الطفل أن يأمروه بالصلاة حتى يعتاد عليها، ولا سيما إذا بلغ العشر، وذلك لأنه إذا لم يعتد على الصلاة قبل البلوغ فإنه يخشى من تكاسله عنها عندما يبلغ ويكون مكلفاً، والذي ننصح به لمعالجة هذا الأمر، أمور منها: تحبيب الصلاة إلى الطفل، وذكر فضلها ومكانتها في الإسلام، وكذلك ذكر فضائل السنن كالوتر والرواتب، ثم تعويده على النوم مبكراً حتى يأخذ حاجته من النوم ليأتي بصلاة الفجر، وإذا لم ينفع معه أسلوب الترغيب والأمر ونحو ذلك فليضرب ضرباً غير مبرح فيما يتعلق بصلاة الفرض، وهذا الضرب كما ذكر الفقهاء مشروع إذا كانت له فائدة لأن من الصبيان من لا ينفع معه الضرب ومنهم من يفيد معه، فإن لم يفد لم يشرع ففي حاشية الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند كلامه على أمر الصبي بالصلاة ما نصه: وإذا دخل في عشر سنين ولم يمتثل بالقول ضرب ضرباً خفيفاً مؤلماً حيث علم إفادته، والصواب اعتبار الضرب بحال الصبيان. انتهى.
قال العدوي معلقاً هنا: إذا علم أن الضرب لا يفيد، فإنه لا يفعله؛ إذ الوسيلة إذا لم يترتب عليها مقصدها لا تشرع. انتهى.
ومع هذا فلا ينبغي اللجوء إلى التأديب إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى مع التزام الرفق في جميع ما ذكر، ففي الحديث: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. رواه ابن حبان. وإذا لم يلتزم الطفل بالسنن كالوتر فإنه لا يؤدب على ذلك؛ لأن الأمر بالتأديب وارد في صلاة الفرض، لكن يرغب فيها فإذا بلغ فسيكون لأمره بها وترغيبه فيها تأثير إن شاء الله تعالى ولو لم يلتزم بها في الوقت الحالي، وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 77492، والفتوى رقم: 24777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(11/4356)
أداء الصلاة خفية عن عين صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمؤسسة أستطيع أنا أصلي ولكن بدون أن يعلم صاحب المؤسسة هذا من جهة ومن جهة أخرى الوقت الذي أستغرقه في الصلاة يعطيني عليه أجرا، فهل أصلي وأسرق الوقت وبالتالي هي سرقة بعض الوقت لصلاة بما أنه لا يسمح لي، مع الذكر أنني أعني صلاة الظهر والعصر، أم لا أصلي وبالتالي أجمعهم مع صلاة المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يوفق الأخت السائلة ويثبتها على طاعته، كما نشكرها على اهتمامها بصلاتها ونقول لها: لا يجوز لك ترك الصلاة بأي وجه ولا تحت أي ضغط من ضغوط العمل والحرص على الوظيفة؛ لأن الصلاة فريضة فرضها الله على كل مسلم ومسلمة وهي عماد الدين ولا حظ في الإسلام لمن ضيعها.
وعليك أن تصلي كل صلاة في وقتها سواء كان ذلك خفية أم لا، ولا يعتبر هذا سرقة لأن صاحب العمل ليس له شرعاً أن يشترط عليك ترك الصلاة، وإذا اشترط ذلك فهو شرط باطل، وإذا أصر على عدم السماح بالصلاة في الوقت ولم تستطيعي أن تؤديها بغير علم منه، فعليك أن تبحثي عن شغل يمكنك معه أداء الصلاة.
ولتنظري الفتوى رقم: 21838، والفتوى رقم: 4724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(11/4357)
لا ينبغي أن يكون العمل حائلا بين العبد وأداء صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين وتم القبول وكتب كتابي والحمد لله
أنا فتاة متحجبة ومن أسرة متدينة أحفظ نصف القرآن الكريم والحمد لله وأجاهد لأتمم الحفظ قبل حفل عرسي أن شاء الله وأسألكم الدعاء.
مشكلتي والتي لا أعرف ما سببها وهي الصلاة فأنا دائما أغفل عن أداء الصلاة في أوقاتها وفي أغلب الأحيان أنساها أو أجمع كل الفروض حتى آخر الليل وأصليها وهذا سببه العمل والتوقيت المستمر له أي من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء أنا جدا قلقة من هذا الموضوع فأنا أريد أن أكون الفتاة المسلمة المتدينة التي تؤدي فروضها كما أمرها ربها فأرجو أن تخبروني هل علي شيء وماذا أفعل فيما فاتني من فروض؟
وسؤالي الثاني:
أنا أقوم الليل باستمرار وغالبا قبل صلاة الفجر أصلي وكذلك أحفظ ما تيسر لي من كتاب الله وأقرأ وردي ومع العلم أنني مواظبة على هذا الأمر ووعدت نفسي بأن أواظب عليها طول عمري وكذا زوجي إن شاء الله فهل في يوم عرسي أي ليلة الزفاف هل يجب علي إيقاظ زوجي للصلاة أم لا حرج؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
يجب عليك أداء الصلوات في أوقاتها المحددة لها شرعا، وإن كان العمل يؤدي إلى تركها أو تأخيرها عن وقتها فيجب عليك تركه، وأما ما فاتك منها فيجب عليك قضاؤه والاحتياط فيما شككت فيه، واما إيقاظ زوجك لقيام الليل فهو مستحب فحسب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك عنايتك بأمر الدين واهتمامك بما يرضي عنك رب العالمين، ونقول لك فيما سألت عنه من تهاونك بشأن الصلاة والغفلة عنها أن ذلك أمر خطير، فالصلاة هي عماد الدين، والتساهل في أدائها والتكاسل عنها من سيما المنافقين، ونعيذك بالله أن تكوني من أولئك، فالصلاة أمرها خطير وشأنها عظيم، ولا حظ في الإسلام لمن ضيعها، فتوبي إلى الله عز وجل مما كان منك من تفريط وتقصير فيها، وأصلحي أمرك معها فيما بقي.
وإذا كان العمل هو سبب ذلك فلا يجوز لك البقاء فيه فاتركيه ولا تبيعي آخرتك بدنياك، وإن لم تكوني بحاجة إلى العمل فالأولى تركه مطلقا سيما إن كان مختلطا وهو غالب الأعمال في هذا الزمان.
وأما ما فاتك من الصلاة فيما سبق فيجب عليك قضاؤه، وإن لم تكوني تعرفين قدره فعليك أن تحتاطي لذلك فتصلي حتى تتيقني أنك قضيت ما فاتك.
وأما هل يجب عليك إيقاظ زوجك ليلة الزفاف فلا يجب عليك ذلك لكن إن فعلت فهو حسن؛ لما رواه أبو داود وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
فينبغي لك ذلك سيما وأنها ليلة البداية فلتبدأ حياتكما الزوجية بطاعة الله عز وجل وقيام الليل ونعما هو.
ولكن ننبهك إلى أن المحافظة على الفرائض أولى وأوجب من المحافظة على االنوافل، وفي الحديث: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5589، 10767، 100924، 9812، 17417، 24366، 522، 5181، 6659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1428(11/4358)
سبيل المحافظة على الصلوات في أوقاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 24عاما مسلم أحب ربي وديني، كنت أثابر على الصلاة منذ صغري، ولكنني انقطعت عنها عندما أصبحت في سن المراهقة، والآن أصلي ثم أنقطع لفترة طويلة، ولا أعرف لماذا وفي النوم أحلم دائما بأن هناك أفعى صفراء اللون تنام بجانبي على السرير ثم أحاول قتلها بكل ما أملك من قوة ولكنها لا تموت ثم بعد ذلك أستيقظ من نومي خائفا ومرعوبا، فماذا يتوجب علي أن أفعل؟ كي أواظب على الصلاة دون انقطاع لتزول عني هذه الأحلام المخيفة؟ وما هو التفسير الصحيح لهذا الحلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المواظبة على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة هو آكد الواجبات بعد شهادة التوحيد، فالصلاة هي أول ما يسأل عنه العبد من الأعمال، فإن صلحت صلح سائر عمله وفاز ونجح، وإن فسدت فسد سائر الأعمال وخاب وخسر، وهي عون للعبد على قضاء الحاجات، وعلى قمع النفس عن المعاصي والمنكرات، فاعزم عزما صادقا على المواظبة عليها، واستعن بصحبة الأخيار، وكثرة المطالعة في كتب الترغيب والرقائق.
وطالع للمزيد في موضوعها وفي موضوع الحلم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 96477، 77285، 65968، 62008، 47422، 46846، 8170، 11014، 64867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(11/4359)
هل تارك الصلاة كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دليل على أن تارك الصلاة غير كافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة إن كان جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم، وإن كان تركه لها تكاسلاً فكفره محل خلاف بين أهل العلم، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 6061.
والجمهور الذين لم يكفروا تارك الصلاة كسلاً استدلوا بأدلة عامة في الحكم بإسلام من قال لا إله إلا الله، وأن من دخل في الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين، وقد ذكرنا طرفاً من أدلتهم في الفتوى رقم: 17277 فانظرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(11/4360)
التهاون في الصلاة وتركها حتى يخرج وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نقرأ أنه من ترك صلاة الصبح.. فهل المقصود تركها تماما أي لا يصليها حتى كقضاء.. أم يقصد بها ترك وقتها كصلاة الفجر؟ ولكم جزيل الشكر والامتنان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ترك الصلاة بغير عذر حتى خرج وقتها فقد فعل ذنباً عظيماً وإن كان ينوي صلاتها بعد الوقت، ومن تركها حتى خرج وقتها وجب عليه أن يصليها قضاء عند جمهور أهل العلم، كما يجب أن يتوب من ذنبه، وإذا كان المراد بقول السائل (من ترك صلاة الصبح....) الكلام الذي يظنه بعض الناس حديثاً، وهو: من ترك صلاة الصبح فليس في وجهه نور ... إلى آخره، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 53669 أننا لم نطلع عليه في كتب السنة وإن كان المراد حديثاً آخر فالرجاء إرساله كاملاً لنتمكن من الحكم عليه وبيان معناه، لأننا لم نجد حديثاً بلفظ من ترك صلاة الصبح، ثم إن التهاون في أمر الصلاة أمر خطير، سواء كان بتأخيرها عن وقتها عمداً أو بتركها كلية أو بترك صلاة واحدة ونحو ذلك، وقد يفضي بصاحبه إلى الكفر والعياذ بالله.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1195، 36666، 97589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(11/4361)
يترك الصلاة لكنه يتظاهر بفعلها إرضاء لوالديه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يذهب إلى المسجد ويتظاهر بأنه يصلي فيركع ويسجد ويتظاهر بأنه يصلي ويكون مع الجماعة في ذلك وهو لا يصلي بل يفعل ذلك لإرضاء والده، فهل يكون كافراً في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من يتظاهر بالصلاة إرضاء لوالده إن كان جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم، وإن كان يتركها كسلاً فليس بكافر عند الجمهور، لكنه على خطر عظيم فليبادر بالمحافظة عليها مع قضاء ما فات منها حسب الاستطاعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم فمن حافظ عليها فاز، ومن ضيعها خاب وخسر، وتاركها جاحداً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا ليس بكافر عند الجمهور.
وبناء عليه، فهذا الشخص الذي يتظاهر بالصلاة إرضاء لوالده من الأجدر به أن يراقب الله تعالى، ويخشى عقوبته ويسعى في رضاه والتقرب إليه بهذه العبادة العظيمة، وليحذر من أن يفجأه الموت وهو على هذه الحالة فيندم حين لا ينفع الندم، فالتظاهر بالصلاة من غير نية لا يجوز، كما تقدم في الفتوى رقم: 24106.
ومن جحد وجوب الصلاة فهو كافر بإجماع أهل العلم، وإن تركها كسلاً فليس بكافر عند الجمهور، لكنه على خطر عظيم. ويجب عليه أن يبادر بالمحافظة عليها مع قضاء ما فاته منها حسب قدرته. وليراجع في ذلك الفتوى رقم: 61320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(11/4362)
أهم قضية بعد الشهادتين الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نهرتني والدتي في أحد الأيام عندما كنت في الحادية عشرة كي أقوم إلى صلاتي ... وقد تأثرت بأسلوبها كثيراً فلم أعد أرغب بالصلاة ... وبما أن الوالد لم يكن يصلي تركت الصلاة حتى جيل الرابعة عشرة حينما أكمل أبي منهاج أمي.. حيث أصبح يصلي ويرغمنا على الصلاة ... وبصراحة ذلك ما يبعدني عن الصلاة ... وبذلك بنيت حياتي على عدم وجود الصلاة فيها.. لكنني أصوم والحمد لله ... لكن ذلك لا يكفي.. حيث إنني مبتعد كل الابتعاد عن الصلاة.. وقد اقتربت منذ سنة إلى "العادة الشيطانية" (الاستمناء) ومشاهدة الإباحية ... حيث إنني الآن في الثامنة عشرة من عمري ... سؤالي هو: أشعر بأنه لا يمكنني أن أصلي أبداً وأني قد خرجت من رحمة الله وبأنني ذاهب إلى النار ... لأنني كنت أجرب أن أعود إلى الصلاة تارة وأتركها تارة ... فهل يمكنني أن أصلي وهل هي مجرد وساوس ... وهل بسبب تركي للصلاة وذنوبي الأخرى أعيش معيشة ضنكا، ف أفيدونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للسائل: إن أمر الصلاة بالنسبة للمسلم ليس من السهولة بحيث يقول: هل يمكنني أن أصلي أم لا؟ فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد اتفق العلماء على أن من تركها جحوداً بها، وإنكاراً لها فهو كافر خارج عن الملة بالإجماع، أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده بفرضيتها، ولكنه تركها تكاسلاً أو تشاغلاً عنها، فقد اختلف فيه فقيل كافر والعياذ بالله تعالى، وقيل غير كافر لكنه فاسق مرتكب لكبيرة، كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 97589.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وتلتزم بالصلاة في وقتها وفي جماعة إن وجدت، واعلم أن ترك الصلاة وممارسة المحرمات من أسباب العيش معيشة ضنكاً، ولا علاج لذلك إلا في الرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه مع الالتزام بالصلاة واجتناب تلك الممارسات المحرمة، وإلا فلن تصير أمورك إلا إلى أسوأ والعياذ بالله تعالى، ثم إن الصلاة لا تجب قبل البلوغ وما فات منها بعد البلوغ يجب قضاؤه إن علم عدده، فإن لم يعلم عدد ما فات منها قضى ما يغلب على ظنه أنه العدد الذي فات عليه، وبذلك تبرأ الذمة إن شاء الله تعالى، وليقض على حسب استطاعته، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 61320، والفتوى رقم: 31107.
ولبيان علامات البلوغ يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10024، وانظر الفتوى رقم: 6061، كما يجب عليه أن يتوقف عن العادة السرية، ويتوب إلى الله تعالى منها ولينظر في ذلك الفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(11/4363)
تتأخر عن صلاة الفجر بسبب انتظار زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج يتأخر كثيرا في السهر خارج البيت ولا يعجبه أن يعود ويجد زوجته نائمة وهذا السهر يؤدي إلى عدم صلاته للفجر وتأخر الزوجة للاستيقاظ لصلاة الفجر فهل يجوز للزوجة أن تنام عن زوجها وذلك لنتائج هذا السهر من باب أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في وقتها أهم ما يتقرب به العبد إلى الله بعد الإيمان بالله تبارك وتعالى، فقد فرض الله تعالى على المسلم أداء الصلاة في أوقات محددة. قال الله تعالى: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً {النساء: من الآية103} وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة في وقتها. قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. متفق عليه.
وبناء على ذلك، فإن كان السهر لانتظار الزوج هو السبب في تأخرك عن الاستيقاظ لصلاة الفجر فلا حرج عليك أن تنامي حتى تستطيعي القيام لصلاة الفجر في وقتها، ولكننا نود أن ننبهك إلى أنه يمكنك النوم قبل مجيء الزوج واخذ قسط من الراحة حتى قبيل موعد حضوره بوقت قليل ثم القيام للاستعداد لمقابلته وانتظار وصوله، كما أن هناك وسائل آخرى تعينك على القيام لصلاة الفجر كاستخدام المنبه أو توصية أحد الأشخاص من الأهل لإيقاظك لصلاة الفجر، وفي هذه الحالة يمكنك الجمع بين طاعة الله تبارك وتعالى وطاعة زوجك وإدخال السرور عليه في انتظاره حتى وصوله.
وأهم من ذلك كله نصح زوجك بأسلوب طيب رقيق بأن يحافظ على صلاة الفجر، وأن تذكريه بثواب من أدى الصلوات في أوقاتها، وبالعقاب الذي توعد الله به من يفرط في الصلاة ويتكاسل عن أدائها في الوقت، وأن تذكريه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى البردين دخل الجنة. رواه البخاري ومسلم، والبردان: الصبح والعصر، وقوله صلى الله عليه وسلم: ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا. فالإنسان بطبيعته كسول عن كل ما فيه مشقة وخاصة إذا كان من أعمال الطاعة، فإن الشيطان يثبطه عنها، فلا بد له من دافع خوف ورجاء حتى يرفع همته ويقوي عزمه.
فعليك أن تسددي وتقاربي وتتخذي الأسباب التي تساعدك على أداء الصلاة في وقتها، وإذا فعلت ذلك وحصل نوم بعد ذلك عن الصلاة فلا يكون عليك إثم؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/4364)
لا ينبغي للمسلمة قبول تارك الصلاة زوجا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن استشير سيادتكم في أمر هام.
أنا فتاه أبلغ من العمر 27 عاماً نشأت في أسرة ملتزمة، متدينة وطيبة ومستوى اجتماعي ممتاز وكلنا جامعيون، تقدم لي أحد الأشخاص هو من أسرة محترمة ومتعلم وذو أخلاق ولكن يا سيدي من وجهة نظري لديه عيب خطير ألا وهو عدم الصلاة وعند سؤاله لماذا لا تصلى كان جوابه أنه نوع من الكسل، وبالتأكيد أن هذا الأمر سيحدث فيما بعد وذلك بالإضافة إلى جهله بأمور كثيرة في الدين، وعنده لبس في أشياء كثيرة بين الحرام والحلال.
وعندما عرض علي الزواج فقلت له إنني لا أقبل بمن لا يقيم حدود الله وفروضه وإنني من حقي أن أخاف على نفسي وأولادي وأن أتزوج بشخص يتقي الله وأشعر معه بالأمان فكان رده إنني ربما أكون سبباً في هدايته وأن أمورا كثيرة ربما تتغير بعد ارتباطه بي.
سيدي الفاضل أعرف أنني يجب أن أصلي الاستخارة ولكني أريد رأي الدين من خلالكم في هذا الأمر وماذا يجب علي أن أفعل تجاهه؟ وإن حدث وصدق في كلامه فهل تصح وتقبل عند الله تعالى لأنه فعلها من أجل زواجه مني وليس لله تعالى؟ وهل إن رفضته من أجل هذا يكون ذلك بطراً وأعاقب عليه؟
أرجو من فضيلتكم النصيحة والإرشاد وجزاكم الله كل الخير
ملحوظه: أرجو الرد في أقرب وقت ممكن وعدم إهمال الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يحق للمرأة رفض الزواج من تارك الصلاة، وننصح بذلك ونؤكد عليه حتى يتوب إلى الله تعالى ويحافظ على الصلاة، ولا يجب عليها الزواج منه ولو بعد توبته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق تركها أو التهاون بها، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} وقال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً {مريم:59}
وتارك الصلاة إن كان جاحدا لوجوبها فهو كافر بالإجماع، وتاركها كسلا قد اختلف أهل العلم هل يكفر بذلك أم لا؟ وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 1145.
ولا ينبغي للمسلمة القبول بالزواج من رجل لا يصلي، بل لا يجوز ذلك ولا يصح الزواج به على القول بكفره وراجعي الفتوى رقم: 38981.
لكن إذا تاب الرجل المذكور توبة صادقة وأصبح يواظب على الصلاة فتوبته مقبولة إن شاء الله تعالى، ولا مانع من القبول به زوجا خصوصا إذا كان الزواج قد يكون معينا على هدايته واستقامته، وراجعي الفتوى: 54243، والفتوى رقم: 17087.
ولا يجب عليك الزواج منه ولا إثم في رفضه، وراجعي الفتوى رقم: 66440.
والاستخارة ليست بواجبة بل هي مستحبة في الأمور المباحة. وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 4823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(11/4365)
كيف تتصرف الزوجة مع زوج تارك للصلاة والصيام ويشرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يصلي ولا يصوم يشرب الخمر ادعى لأمي أنه يؤمن بالله، فكيف يمكن التعامل معه وما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من ترك الصلاة والصيام جحوداً لوجوبهما فإنه يعتبر كافراً بإجماع العلماء والعياذ بالله تعالى، ومن تركهما تكاسلاً مع إقراره بوجوبهما فقد اختلف في كفره في مسألة الصلاة، والجمهور على أنه فاسق مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر، وكذلك شرب الخمر فهو كبيرة من كبائر الذنوب، ومن استحلها اعتبر كافراً أيضاً والعياذ بالله تعالى، وللمزيد من التفصيل تراجع الفتوى رقم: 98124.
ولمعرفة الكيفية التي تتعامل بها المرأة مع زوجها التارك للصلاة تراجع الفتوى رقم: 24167، والفتوى رقم: 1358.
ومع هذا كله فإن معاملة الوالد بإحسان لا تسقط عن ولده بسبب عصيانه، بل عليه أن ينصحه بلطف ولين وشفقة ويحذره من عقاب الله تعالى ما أمكن ذلك من غير أن يغضبه، ولبيان كيفية التعامل مع الوالد الذي يرتكب هذه المنكرات يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61774، والفتوى رقم: 65636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(11/4366)
حكم تارك الصلاة والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة وجود شخص مسلم وموحد بالله عز وجل ومؤمن بكتبه ورسله وملائكته ومسلم بأنه الخالق الباري، ولكن لا يصلي ولا يصوم، فهل يثبت عند السؤال في عذاب القبر؟ جنبنا الله وإياكم، وجزاكم عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشخص المذكور إذا كان يترك الصلاة والصيام جحوداً لوجوبهما ومات على ذلك فإنه يعتبر كافراً بإجماع العلماء والعياذ بالله تعالى، ومن مات كافراً فإنه لا يثبت عند السؤال ولا يوفق بل يضله الله تعالى كما دل على ذلك الكتاب والسنة، أما إن كان يتركهما تكاسلاً فقد اختلف في كفره في مسألة الصلاة، والجمهور على أنه فاسق مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر، فإن مات على ذلك فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له وثبته عند السؤال وإن شاء عاقبه وأضله عن إجابة سؤال الملكين، فإن من عصاة المسلمين من يتلكأ عند السؤال فلا يوفق للإجابة الصحيحة فيضرب والعياذ بالله تعالى، وإليك التفصيل في حكم تارك الصلاة والصيام في كلام أهل العلم وفيما سنحيل عليه من الفتاوى السابقة.
قال النووي في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلاً مع اعتقاده وجوبها فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حداً ولا يكفر، وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف، وقالت طائفة: يكفر ويجرى عليه أحكام المرتدين في كل شيء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وبه قال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو أصح الروايتين عن أحمد وبه قال منصور الفقيه من أصحابنا كما سبق. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة والمزني لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.. إلى أن قال: ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويورثون عنه، ولو كان كافراً لم يغفر له ولم يرث ولم يورث، وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث جابر وبريدة ورواية شقيق فهو أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه، وهو وجوب القتل. وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده التي ذكرناها، وأما قياسهم فمتروك بالنصوص التي ذكرناها، والجواب عما احتج به أبو حنيفة أنه عام مخصوص بما ذكرناه، وقياسهم لا يقبل مع النصوص، فهذا مختصر ما يتعلق بالمسألة. والله أعلم. انتهى.
وبالنسبة لسؤال الكافر فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح بعد ذكر الخلاف في سؤال الكافر ونقل ما روى عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين قال: إنما يفتن رجلان مؤمن ومنافق وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ولا يعرفه، قال: وهذا موقوف والأحاديث الناصة على أن الكافر يسأل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة فهي أولى بالقبول. انتهى.
وقال القرطبي في كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة: ومن الناس يعتاص عليه أن يقول الكعبة قبلتي لقلة تحريه في صلاته أو فساد في وضوئه أو التفات في صلاته أو اختلال في ركوعه وسجوده. انتهى.
وللفائدة في الموضوع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27799، والفتوى رقم: 41760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(11/4367)
عذاب تارك الصلاة في القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد عذاب قبر لتارك الصلاة، أريد الاستشهاد بآية أو حديث؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تارك الصلاة جاحداً لوجوبها ومات على ذلك فهو كافر بإجماع أهل العلم، والكافر معذب في قبره، قال تعالى في شآن آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا {غافر:46} ، وإن كان تاركاً للصلاة كسلاً فليس بكافر عند جمهور أهل العلم خلافاً للحنابلة، وترك الصلاة أو تضييعها من أسباب عذاب القبر، والمحافظة عليها سبب للنجاة منه، ففي صحيح ابن حبان وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة ما قبلي مدخل، ثم يؤتي من قبل رجليه فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس ما قبلي مدخل، فيقال له اجلس فيجلس وقد مثلت له الشمس وقد أدنيت للغروب فيقال له أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه، وماذا تشهد به عليه، فيقول: دعوني حتى أصلي فيقولون إنك ستفعل أخبرني عما نسألك عنه أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه وماذا تشهد عليه، قال: فيقول: محمد أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال له: هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسروراً، ثم يفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو عصيته فيزداد غبطة وسروراً، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً وينور له فيه ويعاد الجسد لما بدأ منه فتجعل نسمته في النسم الطيب وهي طير يعلق في شجر الجنة، قال فذلك قوله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إلى آخر الآية، قال: وإن الكافر إذا أتي من قبل رأسه لم يوجد شيء ثم أتي عن يمينه فلا يوجد شيء ثم أتي عن شماله فلا يوجد شيء ثم أتي من قبل رجليه فلا يوجد شيء، فيقال له: اجلس فيجلس خائفاً مرعوباً، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه وماذا تشهد به عليه، فيقول أي رجل، فيقال الذي كان فيكم فلا يهتدي لاسمه حتى يقال له محمد فيقول ما أدري سمعت الناس قالوا قولاً فقلت كما قال الناس، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له: هذا مقعدك من النار وما أعد الله لك فيها فيزداد حسرة وثبوراً، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له: ذلك مقعدك من الجنة وما أعد الله لك فيه لو أطعته فيزداد حسرة وثبوراً ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله فإن له معيشة ضنكاً ونحشرة يوم القيامة أعمى. وحسنه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/4368)
كيف لا يغضب الله من يترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ 23 من عمري لا أقوم بواجباتي الدينية، مع العلم بأنني أتابع البرامج الدينية وأحب الاستماع للقرآن الكريم، لا أقوم بما يغضب الله وأسعى إلى إرضاء والدتي، أنام الليل وأنا عاقد العزم على الصلاة، أقوم في اليوم الموالي كما لم يكن، كل ليلة هكذا حينما أخلو بنفسي أقول إن هذا هو النفاق بعينه، فهل هو كذلك، وما الطريقة الناجعة للالتزام الفوري، في انتظار ردكم؟ لكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم قيامك بالواجبات الدينية سبب لغضب الله تعالى ونقمته، وبالتالي لا يحق لك وصف نفسك بعدم القيام بما يغضب الله تعالى مع تفريطك في أوامره الواجبة، وإذا كنت محافظاً على الصلاة كلها باستثناء صلاة الفجر التي تنام عنها فاتخذ الأسباب المعينة على الاستيقاظ كاستعمال منبه مثلاً أو وصية والدتك بإيقاظك، فإذا لم تستيقظ بعد اتخاذ الأسباب فلا إثم عليك، وعليك أن تصلي بعد أن تستيقظ.
وإذا كنت تاركاً للصلاة ثم تعقد العزم على المحافظة عليها ولا تقوم بذلك فهذه معصية شنيعة، فتارك الصلاة جاحداً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، أما تاركها كسلا فالجمهور يعدون ذلك كبيرة شنيعة ولا يكفرونه، والحنابلة يكفرونه، وساء عملا يدور بين الكبيرة والكفر، وتجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والمحافظة على الصلوات مع قضاء جميع الصلوات التي تركتها، وإن لم تضبط عددها فواصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة.
وما تشعر به هو من قبيل ضعف المراقبة أو النقص في التوجه إلى الله تعالى، وهذا قل أن يسلم منه أحد، فالنفاق أمر وجودي له علامات وليس مجرد شعور أو إحساس، وبكل حال فالإحساس بالمشكلة هو بداية طريق الحل فأنت إذاً خير من غيرك، فاعقد العزم واعلم أن الوسائل المعينة على الاستقامة على أوامر الله تعالى والالتزام بها كثيرة. منها: الإكثار من ذكر الله تعالى، والبعد عن المعاصي، وكثرة الدعاء، والبحث عن الرفقة الصالحة، والبعد عن رفقاء السوء، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 2444، 61320، 76713، 15219، 21743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(11/4369)
تارك الصلاة الحديث العهد بالإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجزى الزوجة على صبرها على زوجها الذي لا يصلي أم تأثم؟ وهل عليها أن تحدد له مدة معينة مع العلم أنها مستعدة للصبر عليه إلى أن يهديه الله تعالى طمعا في مزيد من الأجر؟ ثم هل هناك فرق في الحكم في هذا الأمر بين الزوج الذي ولد لأبوين مسلمين في بلد إسلامي وبين من هو حديث عهد بالإسلام ويعيش في بيئة غير إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تارك الصلاة لا يخلو من أن يتركها جحودا لوجوبها وهذا كفر باتفاق العلماء، أو يتركها تكاسلا عنها مع إقراره بوجوبها وهذا محل خلاف، والجمهور على أنه لا يكفر، والحنابلة يقولون بكفره.
وعليه.. فإذا كان الرجل المذكور يترك الصلاة جحودا لوجوبها فلا يجوز للأخت السائلة البقاء تحته ولا انتظاره لأنه خرج عن الملة بسبب تركه الصلاة على وجه الجحود والإنكار، والزوج إذا ارتد لا يحل لزوجته البقاء معه كزوجة وذلك لاتفاق العلماء، على أن تارك الصلاة جحودا لوجوبها يعتبر كافرا والعياذ بالله تعالى؛ إلا أن يكون جاهلا لحكمها وهو ممن يتأتى في حقه جهل حكمها مثل حديث العهد بالإسلام أو الناشئ في البادية بعيدا عن العلماء، لكن هذا الذي يعذر بالجهل هنا لا يترك لحاله بل يعلم ويبين له حكم الصلاة، فإن أقر وصلى وإلا لم يعذر بالجهل بعد العلم بالحكم، ولا فرق في هذا بين من ولد لأبوين مسلمين وغيره، وفي حالة عدم كفر الزوج فإن للزوجة أن تبقى معه ولها في إصلاحه الأجر الكثير.
ولمزيد من التفصيل نقول: قال ابن قدامة في المغني: و َجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَخْلُو ; إمَّا أَنْ يَكُونَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا، أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَالْحَدِيثِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ، عُرِّفَ وُجُوبَهَا، وَعُلِّمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَالنَّاشِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، لَمْ يُعْذَرْ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ادِّعَاءُ الْجَهْلِ، وَحُكِمَ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، فَلَا يَخْفَى وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ، فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا تَكْذِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَهَذَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ، فِي الِاسْتِتَابَةِ وَالْقَتْلِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. انتهى.
ولبيان ما يترتب على ارتداد الزوج وتفصيل أقوال الفقهاء في ذلك تراجع الفتوى رقم: 23647، وأما إن كان يتركها تكاسلا مع الإيمان بها فقد اختلف أهل العلم في حكمه فمنهم من ذهب إلى أنه كافر والعياذ بالله تعالى، وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفر بل هو فاسق مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر،، واستدلوا على عدم كفره بأدلة تقدم ذكرها في الفتوى رقم: 68656،، وعلى هذا القول فللأخت السائلة أن تصبر على زوجها وتستمر في نصحه وأمره بتقوى الله تعالى وأداء الصلاة التي هي أهم العبادات بعد الشهادتين، وتبين له مكانة الصلاة في الإسلام حتى يهديه الله تعالى. ولمزيد التفصيل فيما يتعلق بترك الصلاة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1145، 4510، 65785.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(11/4370)
قارب النجاة في الدنيا والآخرة باتباع طريق الهدى
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يصلي ومشغول في عمله وحاولت معه ما يقرب من عشر سنوات بشتى الطرق من لين ونصح وبعض الشدة، والنتيجة أنه أحيانا قليلة يصلي الصبح أو الجمعة مثل خمس مرات في السنة ولا يتكلم في الدين ولا ينصح أولادي للدين، أنا قلبي يميل للدين وسألته أن نقترب معا ولكن قال ادعي لي أن يهديني الله وإذا اتجهت وحدي أحس بالنفور ناحيته لعدم اهتمامه بالدين إطلاقا، فهل لي أن أفعل مثله وأبتعد قليلا حتى تمشي حياتنا وأكتفي بالصلاة ولا أخوض ولا أحاول تنمية ثقافتي الدينية لأنها تضايقه ولا تناسب أسلوب حياتي معه وستكون السبب في هدم بيتي، فهل لي ذلك آم أنا مطالبة بكل شيء وحدي دون زوجي وأيضا مطالبة أن أعطيه حقه كاملا وهو لا يعطي الله حقا، وكيف لي تربية أولادي وحدي بمبدأ الدين وعند تطبيقهم لا يرون أباهم يهتم، فهل أترك الدين مثله، ولم لا وهو زوجي قدوة لي أم أستمر وحدي وأشعر أن زوجي شيء والدين شيء، كيف أمارس عقيدتي فى هذا التناقض وهو قد شارف على الخمسين ولا أستطيع تغييره أكثر من عشر سنوات محاولات ومداولات وأنا في أول الثلاثين...... حياتنا بلا راحة ولا بركة أريد حلا عمليا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك أيتها الأخت السائلة على الحق وأن يجزيك خيراً على حرصك على استقامة زوجك وتربية أولادك على النهج القويم، لكننا نقول: لا يجوز لك أن تتبعي طريق زوجك في الابتعاد عن الدين وترك الصلاة ونحو ذلك مما يتنافى مع الإسلام مهما كلف ذلك فإن طاعةالله فوق كل طاعة، وترك الصلاة كسلا من أشنع الذنوب وأكبر المعاصي إلا أن صاحبه لا يخرج من الملة عند جمهور العلماء، وعلى ذلك فداومي على نصح زوجك.
ولمزيد من التفصيل نقول: ما أوجبه الله سبحانه وتعالى مثل الصلاة والطهارة ومعرفة أحكامهما وغير ذلك من الفرائض مثل ستر سائر البدن باللباس الساتر الذي لا يصف ولا يشف بالنسبة للمرأة المسلمة لا يجوز التهاون فيه، ولا يترك لطاعة أحد كائناً من كان.
أما ما عدا الواجبات مثل زيادة الثقافة في الدين والتوسع في ذلك مما ليس واجباً وجوباً عينياً فيمكنك أن تأخذي نصيبك منه من غير أن تصطدمي بزوجك، ولتتجنبي الخوض معه فيما لا فائدة فيه، ومثل هذا الزوج ليس قدوة؛ بل عليك أن توجهيه لأداء الصلاة بلطف، فإن استجاب للنصح وتاب وصلى فبها ونعمت، وإلا فقد سبق أن أوضحنا في فتاوى سابقة حكم من ترك الصلاة تكاسلاً وبينا أن مذهب جمهور العلماء أنه لا يكفر كفراً مخرجاً من الملة، ومن أهل العلم من يقول بأنه يكفر كفراً مخرجاً من الملة فراجعي الفتوى رقم: 68656، والفتوى رقم: 78185.
وعلى مذهب الجمهور فإنه لا حرج في أن تبقي مع زوجك وتديمي النصح له لعل الله أن يهديه، كما أن عليك أن تستمري في تربية أولادك التربية الصالحة حسب اسطاعتك، ولو كان الزوج مقصراً في ذلك فإن ذلك لا يعفيك من تلك المسؤولية بل إنها تتضاعف عليك، فاستعيني بالله تعالى وأنت مأجورة على ذلك إن شاء الله، وبإمكانك أن تطلعي زوجك على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1145، 65785، 25790، 5143. ومن خلال مطالعة هذه الفتاوى سيعلم خطورة ترك الصلاة والتخلف عن الجمعة من غير عذر معتبر شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(11/4371)
التفريط في الصلاة وما يفعل بالفوائت المتراكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.... والصلاة والسلام على نبي الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لقد دخلت فترة لم أستطع أن أصلي فيها بعض الصلوات المفروضة لعذر شرعي فكان نظام يومي أني أنام الصباح وأستيقظ في الساعة إالثانية عشر ليلاً (منتصف الليل) لطبيعة عملي.. فكنت لا أستطيع أن أقوم للصلاة وأؤديها لعذر شرعي ... فتفوتني الصلوات المكتوبة الظهر- العصر- المغرب- والعشاء- إلا الفجر طبعا ... وكنت أكتب هذه الصلوات المتراكمة علي بورقة لكي أؤديها في وقت محدد يعني إذا تغير نظام عملي ... فتراكمت هذه الصلوات في الورقة وأصبحت كثيرة جداً جداً لا يستطيع أن يؤديها المرء إلا في شهرين أو أكثر ... وأنا طبيعة عملي وانشغالي لا تسمح لي أصلا, وللأسف بعض الصلوات الأخرى لم أكتبها أبداً بالورقة وهي كثيرة ولا أتذكرها، سؤالي هنا: شيخنا ماذا أفعل بالصلوات التي سجلتها بالورقة مع العلم بأنها كثيرة جداً جداً لا يستطيع المرء أن يؤديها إلا في وقت طويل (وأنا طيبعة عملي لا تسمح أبداً) ... وماذا أفعل بالصلوات التي لم أسجلها والتي لا أتذكرها، وهل أستمر على هذا الشيء ... أرجو من سماحتكم الجواب عن هذا السؤال جوابا كافيا ولا تحيلوني إلى فتوى أخرى أو موضوع آخر.. وأتمنى الجواب علي في أقرب وقت ممكن, داعيا من الله أن يثيبكم وينصركم ويزيدكم علما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة فريضة على كل مسلم وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ففي سنن الترمذي وسنن النسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. وقد حدد الله تعالى لها أوقاتاً معينة يجب على المسلم أداؤها فيها، قال تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، فلا يجوز ولا يجزئ تقديمها عن الوقت المحدد لها ولا يجوز التفريط فيها وتأخيرها عن وقتها تحت أي ظرف من الظروف إلا لعذر مثل أن يدخل وقت الصلاة والشخص نائم فإذا استيقظ صلاها، نعم في الحالات التي رخص الشارع فيها بالجمع كالسفر والمرض أو نحو ذلك يجوز تقديم الصلاة عن وقتها وتأخيرها عنه بسبب العذر وهذا في الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء.
فعلى الأخ السائل أن يعلم خطورة الأمر وأن ترك الصلاة ليس بالأمر الهين، فإن من أهل العلم من يرى أن تارك الصلاة كسلاً يعتبر كافراً والعياذ بالله تعالى، وقد قال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، والمراد بإضاعتها تأخيرها عن وقتها، فكيف بمن تركها كلياً، وقال سبحانه: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ... {الماعون:4-5} ، أي يؤخرونها عن وقتها، وقال صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. رواه البخاري. وفي رواية: فقد حبط عمله.
فعليك أخي السائل أن تلتزم بأداء الصلاة في وقتها وأن تتوب إلى الله تعالى من التفريط الذي حصل في الماضي وتقضي الصلوات التي تركتها سواء في ذلك التي سجلتها والتي لم تسجلها لأن مذهب جمهور العلماء وجوب قضاء الصلاة سواء تركت عمداً أو سهواً، فإن لم تعلم عدد الصلوات التي فاتتك فلتجتهد في قضاء ما يغلب على ظنك أنه عدد ما فاتك منها وبذلك تبرأ ذمتك إن شاء الله تعالى، ولا يشترط أن تقضي في اليوم عدداً معيناً بل يكفيك أن تأتي بما تستطيع، قال ابن قدامة في المغني: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله، أما في بدنه فأن يضعف أو يخاف المرض، وأما في المال فأن ينقطع عن التصرف في ماله، بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا، فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح، في الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع.
ويقتصر على قضاء الفرائض، ولا يصلي بينها نوافل، ولا سننها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق، فأمر بلالاً فأقام فصلى الظهر ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء، ولم يذكر أنه صلى بينهما سنة، ولأن المفروضة أهم فالاشتغال بها أولى، إلا أن تكون الصلوات يسيرة، فلا بأس بقضاء سننها الرواتب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة الفجر فقضى سنتها قبلها. انتهى. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 75453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(11/4372)
النوم على نية تأخير الصلاة عن وقتها فإن هذا من التهاون بها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في ساعات الليل حتى الصباح وذلك في ترميم الشوارع, وينام بعد ذلك إلى ما بعد العصر فيقضي الظهر ويتأخر عن صلاة العصر وذلك لأنه يكون متعباً جداً ويغلب عليه النوم رغم أنني أوقظه, وحتى لا يستطيع أن يذهب إلى صلاة الجمعة، فهل هذا جائز وما العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على كل مسلم أن يعلم أن الصلاة أهم من العمل بمعنى أنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها بحجة الشغل أو تعمد النوم حتى يخرج وقتها، فإن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد من أعماله يوم القيامة فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر.
وقد جعل الله لها أوقاتاً محددة لا يجوز تأخيرها عنها إلا في حالات الجمع ونحوها من الأعذار الشرعية، مثل أن يدخل وقتها والشخص نائم مثلاً، وقد ثبت الوعيد الشديد من الله تعالى في حق من يتهاون بها ويضيعها، حيث قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، ومن المحافظة على الصلاة أداؤها في أول وقتها، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها. فإذا كان زوجك يتعمد النوم من الصباح إلى ما بعد العصر فقد عصى الله تعالى بتعمد تأخير الظهر عن وقتها وربما يؤخر العصر أيضاً، والواجب عليه في هذه الحالة إذا كان يعلم أنه لا ينتبه إذا نام أن يتخذ وسيلة تنبهه للصلاة في الوقت، فإذا قُدِّر أن غلبه النوم ولم ينتبه إلا بعد خروج الوقت فلا إثم عليه في هذه الحالة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر. رواه أصحاب السنن وهذه رواية أبي داود. وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني وغيره. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس في النوم تفريط؛ إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
أما أن ينام على نية تأخير الصلاة عن وقتها فإن هذا من التهاون بالصلاة الذي توعد الله أهله بالعذاب، فليتق الله تعالى وليجعل الصلاة أهم أعماله، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 96139.
وكذلك الحكم بالنسبة لحضور الجمعة فلا يجوز له التخلف عنها ولا عن الصلاة في الجماعة إلا لعذر يبيح ذلك، وهذه الأعذار مبينة في الفتوى رقم: 60743، فإن غلبه النوم حتى فاتته صلاة الجمعة فلا إثم عليه بدليل ما تقدم من الأحاديث الدالة على أن النائم معذور، لكن لا يجوز أن ينام على نية عدم الانتباه لها لأن ذلك بمنزلة التخلف عنها عمداً، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 49904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(11/4373)
الانشغال بالعمل ليس عذرا يبيح تأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تفوتني الصلاة بسبب العمل الكثير فكيف أتفادى هذه المشكلة وأصلي في مواعيدها، فمشكلتي لو فاتني وقت لم أصله، وأصلي الذي بعده، مثلاً يفوتني الظهر ويأتي موعد العصر أصلي العصر حاضراً ولا أصلي الظهر، لأنني أكون عنده في العمل، فما العمل بالله عليكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها يعد من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5} ، قال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهم من السلف: يؤخرونها عن وقتها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ... قال ابن مسعود ومجاهد وجماعة: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها.
وإذا قدر أن شخصاً ضعف ووقع في المعصية فأخرها عن وقتها وجبت عليه التوبة من ذلك الذنب، ووجب عليه قضاؤها، ولا تبرأ ذمته إلا بذلك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 53135.
وأما الانشغال بالعمل فليس عذراً مبيحاً لتأخير الصلاة عن وقتها أو إضاعتها، والواجب على المسلم أن يكون كمن قال الله تعالى فيهم: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {النور:36-37} ، والرزق بيد الله فمن اتقى الله عز وجل رزقه من حيث لا يحتسب، وهيأ له السبل المعينة له على ذلك، واسمع إلى قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {الجمعة:9-10-11} .
فاتقي الله تعالى، وقومي بحصر ما فاتك من الصلوات واقضيها، وحافظي على الصلاة في وقتها في المستقبل، فالدنيا دار غرور والدار الباقية الأبدية التي فيها السعادة للمسلم هي الآخرة، فلا يخدعنك الشيطان والنفس فتكوني من الهالكين، ووقت الصلاة قصير. وإذا كان العمل الذي تزاولينه لا يمكنك من الصلاة فاستبدليه بغيره وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ورزقها وتستوعب، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم في الحلية وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/4374)
الحكمة من فرض الصلاة على العباد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا فرضت علينا الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة فريضة قديمة وعبادة عظيمة لم تفرض علينا نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، بل فرضت على من قبلنا من الأنبياء، قال تعالى حاكياً عن نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء {إبراهيم:40} ، وقال تعالى في وصف إسماعيل: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {مريم:55} ، وقال عن عيسى: وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا {مريم:31} .
وأما الجواب عن لماذا فرضت، فهو أن المتيقن أنها إنما فرضت لحكمة عظيمة ومصلحة عظيمة لمن فرضت عليهم وكذا كل عبادة، لكن هذه الحكمة قد لا تظهر لنا، فالله عز وجل منزه عن العبث فلا يلزم عباده بأي أمر إلا ومن ورائه حكمة جليلة ومصلحة عظيمة. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 41780، والفتوى رقم: 45178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/4375)
ما يلزم المضيف إذا لم يبادر ضيوفه إلى الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان عندي ضيوف وجاء وقت الصلاة ولم يبادر أحد منهم بطلب الذهاب إلى المسجد للصلاة لقلة التزامهم، ولم أبادر أنا أيضا بطلب الذهاب إلى الصلاة أو الصلاة في البيت معا لحرجي ولأنهم في بيتي. فهل أذنبت وما الذي علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تدعو ضيوفك للخروج معك للصلاة في المسجد وبذلك تكسب أجر الذهاب إلى المسجد والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف، وكونهم غير ملتزمين يؤكد عليك تنبيههم على أهمية حضور الصلاة في المسجد، وليس حياؤك منهم هنا من الحياء المحمود.
وحيث لم يمكنك الذهاب إلى المسجد للحرج الذي أصابك فقد كان عليك أن تجتهد في تحصيل فضل الجماعة في البيت فتأمر من معك بالصلاة في الوقت جماعة وبذلك تحصلون على فضل الجماعة.
قال ابن قدامة في المغني وهو يذكر حكم الصلاة في الجماعة،: وَيَجُوزُ فِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ وَالصَّحْرَاءِ، وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّ حُضُورَ الْمَسْجِدِ وَاجِبٌ إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ ; لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَيِّبَةً وَطَهُورًا وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.انتهى أما تأخير الصلاة عن وقتها فلا يجوزإلا من عذر، وليس وجود الضيوف عذرا معتبرا شرعا، لذا فإذا كنت أخرت الصلاة حتى خرج وقتها لذلك العذر، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى وتصليها إذا كنت لم تصلها، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51969، 38269، 80602.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1428(11/4376)
المتهاون في الصلاة على خطر كبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن مشكلة أخي الذي يبلغ من العمر السابعة والثلاثين ولا يصلي علما بأن العائلة كلها تقريبا تصلي وهو متزوج وله ابنة لم تتجاوز السابعة وتصلي ولا يشعر بالخجل من ذلك أبداً وعندما نسأله لماذا لا يصلي يقول لنا ومن قال لكم بأني لا أصلي، لا يحق لكم الحكم علي! نسأله أين تصلي فيغضب ويعصب علينا لكي نغلق الموضوع فهو ينزعج كثيرا ويتغير وجهه إذا فاتحناه بالموضوع في الماضي كان يصلي نادرا (في المناسبات) عيد أو جمعة أحيانا! ولكن من بضع سنين لم أره يركع لله ركعة واحدة! والعياذ بالله ابنته تفهم أكثر منه سبحان الله وتصلي برغبتها من غير إجبار من أمها وهو -هداه الله- لا يستحي والمسجد لا يبعد كثيرا عن بيته يجلس أمام التلفاز ويسمع الأذان من الخارج ولا يتحرك من مكانه وكأنه لم يسمع شيئا، وهو وللأسف شخص ذكي ويميز الحرام من الحلال وقد عرض عليه عمل فيه شبهة فلم يقبل منه لأنه كما قال يخاف الله! نحن ننصحه دائما وأبدا وكلما قمنا للصلاة ندعوه ليصلي فيتجاهلنا تماما، فما الحل.. جزاكم الله خيراً.
وهل يعتبر شخص مثله مسلما وهل يهديه الله بعد هذا العمر (وقد فات نصف عمره تقريبا) ، علما بأن زوجته حائرة لا تعرف إن كان عليها الطلاق منه وهو فوق هذا كذاب وقد عذب زوجته كثيراً فقد تزوج عليها بالسر امرأة أجنبية وعلمت زوجته بالصدفة وكادت أن تطلب الطلاق، ولكنه أخبرنا بأنه طلقها ولم تعد له بها صلة نهائيا، ولكن في الحقيقة لا أحد من الأسرة أصبح يصدقه وأصبح عارا على عائلته والكل من الأقارب والأصدقاء أصبح لا يصدقه ولا يأتمنه ولا (يطيقونه) ، فماذا أستطيع أن أفعل مع أخي الكبير الذي يفترض بأن يكون قدوة لي خصوصا وأني أخته الصغرى، أحيانا نحس بأنه مختل عقليا! أو ملبوس بجني أو ما شابه!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وتارك الصلاة منكراً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا لا يكون كافراً بذلك عند الجمهور، كما في الفتوى رقم: 512.
وعليه، فالظاهر أن أخاك يترك الصلاة كسلا، وليس بجاحد لوجوبها، وبالتالي فليس بكافر عند الجمهور، فلا يحكم عليه بطلاق زوجته ولا تحرم عليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1061. فينصح بضرورة المحافظة على الصلاة في وقتها جماعة في المسجد، إضافة إلى الإقلاع عن الكذب، وتعذيب زوجته والإضرار بها، فهذا كله معصية وإثم. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 46051، والفتوى رقم: 56314.
وينبغي لك الاستعانة بمن له تأثير عليه كصديقه المستقيم أو إمام مسجد حيه، مع استغلال الأوقات المناسبة لتقبل الموعظة، كوفاة قريب ونحو ذلك، مع الاجتهاد في الدعاء له بالهداية خصوصاً في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل أو أثناء السجود ونحوهما، فقد يهديه الله تعالى للرجوع إلى طريق الحق والصواب، فالقلوب بيد الله تعالى يصرفها كيف يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/4377)
الأعمال الصالحة التي كان يفعلها العبد قبل تركه للصلاة هل يذهب ثوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت مقيما للصلاة.. وفي فترة من الفترات أصبحت تاركا للصلاة لا أصلي وأفعل الذنوب كبيرها وصغيرها.. والآن تبت ولله الحمد.. ولكن السؤال هل الحسنات التي كنت أقوم بها قبل تركي للصلاة محيت ... لأني أعلم بأن من ترك الصلاة كافر ... وهل يقبل الله توبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن ضيعها خاب وخسر، ومن حافظ عليها فاز ونجا، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، ومن ترك الصلاة جاحداً لوجوبها كفر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلا لا يكون كافراً بذلك عند جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية خلافاً للحنابلة، كما تقدم في الفتوى رقم: 1145.
وعليه.. فبناءً على مذهب الجمهور فإن تارك الصلاة كسلا لا يكفر بذلك، وبالتالي فلا يترتب على ذلك بطلان ثواب ما عمله من طاعات قبل تركها، ويجب عليه قضاء جميع الصلوات التي تركها، وإن لم يكن ضابطاً لعددها فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة الذمة، وكيفية قضاء هذه الفوائت قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320.
وبناءً على القول بكفر تارك الصلاة فلا يجب عليه قضاء ما فاته من صلوات، ويبطل ثواب أعماله الصالحة التي عملها قبل ردته عن الإسلام عند المالكية والحنفية والحنابلة في رواية خلافاً للشافعية، كما تقدم في الفتوى رقم: 37185.
واعلم أن الله تعالى يقبل توبة عبده ويفرح بها، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ، وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110} ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
فأحسن توبتك بإكمال أركانها وذلك بالندم على ما فات وترك الذنب في الحال والعزم على عدم العود إليه في المستقبل، ثم أحسن بالله الظن فظن به أنه سيغفر ذنبك ويمحوه، فإنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه، فاستقم على توبتك وأكثر من الأعمال الصالحة وابتعد عن رفقاء السوء، وشروط التوبة الصادقة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5450، والفتوى رقم: 54210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(11/4378)
الصلاة عمود الدين وأساسه
[السُّؤَالُ]
ـ[منح الله أختي الصلاة، ولكن تمر أيام وينتابها كسل وفي نفس الوقت تكون في تأنيب نفسها لماذا لم أصلي، في حين آخر تواظب وحتى تصلي قيام الليل وتقرأ القرآن، كيف يمكنها أن تتغلب على الشيطان، زوج أختي لا يصلي، مع العلم بأنه مواظب على عمل الخير والحمد لله يحظى بمحبة الجميع يصوم ويزكي، ولكن لا يصلي زوجته تحدثه على ذلك فيقول لها ليس كل شيء الصلاة يكفي عدم المس بالآخرين، مع العلم بأنه يحث زوجته على أن تصلي في الوقت ولا يرغب أن تؤجل صلاتها لأي سبب، فأرجو المساعدة والدعاء له ولعامة المسلمين بالهدايه والتقوى؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة عمود الدين، ولا حظ في الإسلام لمن تركها، وهي صلة بين العبد وربه، فمن قطعها فقد قطع الصلة بينه وبين ربه وخالقه، ومن قطع هذه الصلة فقد خسر خسراناً مبيناً. والواجب على من ابتلي بترك الصلاة أو التقصير فيها أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة نصوحا، وأن يتذكر أن ترك الصلاة سبب الويل والعذاب والنكد في الدنيا وفي الآخرة، وسبب لتسلط الشيطان الرجيم على العبد، وأهم الوسائل التي تعين المسلم والمسلمة على المحافظة على الصلاة هي:
1- مصاحبة الصالحين فإنهم يعينون المرء على الخير ويبعدونه عن الشر.
2- حضور دروس العلم والمواعظ في بيوت الله حتى يخشع القلب، وسماع الأشرطة الدينية النافعة، وقراءة الكتيبات والمطويات التي تتحدث عن الصلاة ونحوها.
3- الابتعاد عن كل ما يشغل ويلهي عن الصلاة.
4- التزام الدعاء بصدق في التوفيق للمحافظة والمداومة على الصلاة في أوقاتها.
5- الإكثار من الذكر والاستغفار والتسبيح وقراءة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
6- تذكر العقوبة التي تترتب على ترك الصلاة وهي غضب الله والعقاب بجهنم وبئس القرار.
وزوج أختك الذي لا يصلي على خطر عظيم. وقوله: ليس كل شيء الصلاة، مغالطة من الشيطان ليصده عن الله تعالى وعن الصلاة، ولا شك أن الدين لا ينحصر في الصلاة، ولكنها عموده وأساسه؛ كما أن التعامل الحسن مع الخلق أصل في الدين، ولكنه ليس هو كل شيء أيضاً. ونحن مأمورون بأخذ الدين كله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً {البقرة:208} ، أي خذوا الإسلام من جميع جوانبه، وقد توعد الله تعالى بني إسرائيل على أخذهم لبعض ما أمروا به وتركهم للبعض الآخر، فقال: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {البقرة:85} ، والواجب نصحه وتذكيره عسى الله أن يهديه ويشرح صدره للحق؛ إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/4379)
من الأمور المفضية إلى التقصير في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا أكثر الناس لا يصلون، وإنما يصلي أقلهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع القول بأن أكثر المسلمين لا يصلون بالكلية، ولكن هناك من المسلمين من لا يصلي بالكلية، وهناك من يفوت بعض الصلوات، وسبب ذلك ضعف الإيمان وتسلط الهوى والشيطان، وعدم بذل بعض الدعاة جهدهم في توعية الناس بأهمية الصلاة، وأنها عمود الدين والصلة بين العبد وربه، وأنها مفتاح الخيرات والبركات، وقد ذكرنا عدة أسباب في الفتوى رقم: 70270، فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/4380)
المحافظة على الصلاة والحياء من صلاة الجمعة على كرسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة في الثلاثين من عمري تزوجت لأول مرة وأنا صغيرة من شاب لا يصلي حاولت نصحه ولكن لم ينتصح بل أمرني بخلع الحجاب ومجاراته في لهوه فرفضت وأصررت على رفضي حتى طلقت منه بعد 6 سنوات ولله الحمد. تزوجت للمرة الثانية من رجل طيب بار بوالديه والكل يحبه بسبب أخلاقه وشهامته. المشكلة هي أنه أيضا متقطع في صلاته ولكنه يحاول أن يظهر دائماً بأنه من المصلين. وكثيراً من المرات التي يصلي فيها مع جماعة يختارونه ليكون إماما لهم. وأنا لا أريد أن أفضحه بل أريد له الهداية ولكن لا أملك الشجاعة لأصارحه في الموضوع لأنه سينكر بالتأكيد بما أنه يصلي من حين لآخر. وما زاد المشكلة انه أجرى عملية في ركبته وأصبح لا يذهب لصلاة الجمعة ويتحجج بخجله من أن يصلي على كرسي. وانا أخاف أن يقتدي أبناؤه به رغم أنه دائما يوبخهم إذا أضاعوا الصلاة رغم أن ذلك هو ما يفعله هو. لا أدري ماذا أفعل، أنا إنسانه طيبة أراعي الله سبحانه ودائما أقول بأن هذا هو ابتلاء من الله ليختبرني وليس غضبا منه علي. فهل آثم لما أنا فيه من صراع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يثبتك على دينك والتزامك، وأن يصلح لك زوجك، وأن يجزيك خيراً على ما تقومين به من نصح لزوجك وإرشاد له، ولا يجوز للمسلم بحال من الأحوال أن يتخلف عن صلاة الجمعة إلا إذا كان معذوراً بعذر مما سبق ذكره في الفتوى رقم: 32811، والفتوى رقم 58014.
ولا ندري والله كيف يكون الحياء مانعاً من أداء ما فرض الله، فإن الحياء الشرعي هو الذي يمنع الإنسان عن التقصير في حق الله وحق عباده، وأي عيب في أن يصلي الإنسان على الكرسي وهو مريض عاجز، فينبغي أن تحذري زوجك من التفريط في الجمعة، فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9} ، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين، رواه مسلم.
واعلمي أختنا الكريمة أن محاولة ظهور زوجك بأنه من المحافظين على الصلاة دليل على وجود الخير فيه، فاجتهدي في نصحه وتذكيره بالكلمة الطيبة اللينة.
وأما قولك: (وأنا لا أريد أن أفضحه، بل أريد له الهداية، ولكن لا أملك الشجاعة لأصارحه في الموضوع، لأنه سينكر بالتأكيد) ، فإن كنت تقصدين فضيحته بأن تنشري بين الناس أنه لا يصلي بانتظام فهذا لا يجوز لك، وليس في هذا أي مصلحة شرعية، بل الواجب نصحه وتذكيره كما سبق.
وأكثري من الدعاء لزوجك وأولادك بالخير والهداية والصلاح، واعلمي أن الله لن يخيبك ولن يضيع مسعاك، ولا شك أن الحياة كلها ابتلاء، فعليك بالصبر والتحمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(11/4381)
الزوج التارك للصلاة.. بقاء أو فراق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة أكملت اليوم شهرا من زواجي، تعرضت للاعتداء من أقرب الناس فعشت عمري خائفة دوما ولا أرد بوجه أحد فقط أفعل ما أُؤمر به بلا جدال، وها أنا الآن أعيش الخوف مع زوجي وهو قريبي لم أكن أريده وقد أجبرني أهلي لكونه قريبا ويبقى أحسن من الغريب ولأني لا رأي لي وافقت وتعبت كثيرا وحاولت الهروب من الواقع ولكن بلا جدوى والآن أهلي نادمون على ذلك..
إنني لا أعترض فالذي مضى مضى ولكن ما يضايقني الآن أنه لا يصلي علما بأنني لفت انتباه أهلي وعمتي أي أمه وبلا جدوى مما يعذبني كثيرا حتى بعد الممارسة لا يهرع للحمام كما أفعل بل لا يهتم بذلك وعندما أقول له يجيب بنعم ولأني أخاف منه لا ألح عليه وأيضا فهو لا يصل أهلي ولا يحب زيارتهم وهو ابن عمتي حتى عندما مرضت والدتي لم يتصل بها حتى ولم يقل لي دعينا نذهب لزيارة حماتي أو زوجة خالي على الأقل ومما يحز بنفسي أن الجميع يخاف أن يحدثه لأنه عصبي ويخافون على مشاعره وعندما تكلمت أمي مرة وصفها بأم المشاكل ولم يحترمها أبدا مع ذلك هي بادرته بالحديث من أجلي لأنني أحبها ولا أحب أن تكون متضايقة من زوجي إنني لا أشعر أبدا أنني زوجة فهو ينام طوال اليوم وأجلس لوحدي نعم لم يضربني ولم يسبني قط ولكن عدم صلاته تقتلني لأنني ولله الحمد ملتزمة
ربما ستقولون لي إن الحل أن أكون قوية فأجيب بأنني خائفة كثيرا جدا بل يعيش في داخلي ذعر من زوجي ومن غضب أمي ولم أعد أعرف كيف أعيش في هذه الدنيا أعيش جسداً بلا روح.. فلا أعرف ما الحل أرجوكم ساعدوني فلقد تحطمت نفسيتي ولم أعد أحتمل أكثر من ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليك بالخير والصلاح، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يصلح لك زوجك، أو يمن عليك بزوج صالح غيره.
والذي نوصيك به أولا هو ضبط النفس وعدم التضجر مما أنت فيه، فإن التضجر يبطل أجرك في ذلك.
واعلمي أن قضاء الله خير للمؤمن على كل حال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له رواه مسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يُصِب منه. رواه البخاري. وليعلم العبد أن ما أصابه من بلاء يكون مصحوبا بالجزاء العظيم والأجر الجزيل مع التسليم لله تعالى بما قضى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه وكذلك حسنه السيوطي.
وفيما يتعلق بموضوع زوجك، فإن كان لا يصلي إطلاقا، فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه كافر، خارج من الملة، والعياذ بالله. وإن كان يصلي أحيانا ويتركها أحيانا، فالذي نراه فيه أنه ليس بكافرا ولكنه فاسق فسقا كبيرا. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 17277.
ثم على تقدير كفره، فإنك لست زوجة له، ولا يجوز أن ترضي بمعاشرته لك معاشرة الأزواج، ولا يجوز أن تطيعي في ذلك أباً ولا غيره.
وعلى التقدير الثاني، فإن ما وصفته به من الأخلاق السيئة يجعلك محقة في طلب الطلاق منه، ولو أدى الأمر إلى وقوفك أمام القضاء في ذلك. ولكن الأحسن أن يكون كل ذلك بواسطة أهلك، حتى تبقى العلاقة قوية بينك وبين أسرتك.
ولا شك في أن أهلك قد أخطؤوا في إكراههم لك على الزواج منه، ونسأل الله أن يتجاوز عنهم، وأن يمن عليك بما فيه الخير لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(11/4382)
ترك الصلاة من أعظم الأدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني لا أقدر أن أعتمد على نفسي في اتخاذ القرارات وأنا شخصية مترددة جدا وقلقة جداً ولا أضع ثقتي في أحد بسرعة فماذا أفعل وكثيرا لما أحزن أدعو ربي أن أرى في المنام ماذا أفعل لكي أعالج مشكلة ما، ولكني نادراً ما أحلم وأنا أسأل الله حاجات كثيرة ولم يستجب منها إلا القليل، فلماذا وأنا لا أصلي ولأني نويت أكثر من مرة وفشلت، فهل سيكون هذا هو السبب، ولكني مازلت أحاول وأنا أرجو من الشبكة أن تجيب على أسئلتي غداً أو بعد غد بالكثير، فأرجوكم استجيبوا لدعوتي من فضلكم وذلك للضرورة القصوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخطر الأمراض الذي يتعين عليك القلق والخوف الشديد من الإخفاق بسببه في الدنيا والآخرة هو ترك الصلاة، فكيف يصلح حال عبد فوت الفرصة على نفسه وضيع الصلاة، ضيع فرصة الاتصال بربه والإعانة على تحقيق مطالبه وعرض نفسه لسخط الله تعالى والحشر مع أخبث الكفار فرعون وهامان وقارون، بل إن تارك الصلاة قال كثير من أهل العلم بكفره وأن على السلطان المسلم أن يقتله كفراً، وقال بعض من لم يكفره بأنه يقتل حداً، فعليك بالبدار بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى مما سبق وأن تحرصي على المواظبة على الصلاة قبل أن يبغتك الموت، وأكثري الدعاء في الصلاة وغيرها يحقق الله لك جميع طموحاتك، فقد قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ {البقرة:45} ، وفي الحديث: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. رواه مسلم.
وعليك بالاستخارة فيما ترددت في فعله وتركه من الأمور واستشارة أهلك ومن تثقين في دينهن وعقلهن من صديقاتك، فإذا عزمت فتوكلي على الله وسليه العون وتحقيق نجاح أمرك، وأما الرؤى والأحلام فإنه لا يعتمد عليها، وراجعي في الترغيب في الصلاة وبيان خطورة تركها وأهمية الدعاء وما يساعد على الثقة في النفس الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70989، 6061، 73109، 75584، 32655، 8581، 42002، 45162، 68656، 71836، 1145، 32981، 75802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/4383)
ارتكاب المعصية لا يبرر ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الانقطاع عن الصلاة لعدة مرات بسبب المعصية مع المجاهدة للتخلص منها. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة أعظم معصية بعد الشرك بالله تعالى، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن مجرد ترك الصلاة كفر -والعياذ بالله تعالى- أي ولو لم يكن جاحدا لوجوبها، أما الجاحد فهو كافر باتفاق المسلمين، فإذا علم هذا فإن على من ارتكب هذه المخالفات من ترك الصلاة والإصرار على المعصية أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، ويلتزم الصلاة في الوقت، ويقلع عن المعصية، ويندم على فعلها، ويعزم على أن لا يعود إليها أبدا، فإن من تاب تاب الله عليه. وليراجع الفتوى رقم: 61486. لبيان ما يعين على التخلص من الإصرار على المعصية. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24031، 65488، 1145.
وخلاصة القول أن المسلم لو ارتكب أي معصية فإن ذلك لا يبرر ترك الصلاة، فإن تركها كان تركها أعظم وأشد إثما من ارتكاب المعصية، وبذلك يزداد إثما على إثمه. والواجب هو التوبة كما قدمنا، ثم قضاء ما ترك من الصلاة ولو تركها عمدا على قول الجمهور، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 53135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/4384)
حكم تارك الصلاة كسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أمر خطير جداً أنا متحير فيه أرجو جواباً شافياً مدعما بالأدلة، الآن أنا علمت من علماء كبار أن تارك الصلاة كسلا كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة، هل معنى ذلك أنى كنت كافرا عندما كنت لا أصلى، وأنا الحمد لله أصلى الآن الأمر جد خطير معنى ذلك أن إخوتى كفار كفرا أكبر ولهم أحكام الكفار كالنصارى واليهود وغير المسلمين الأمر جد خطير ولو كان ذلك صحيحا لصار أناس كثير ممن أعرفهم كفارا ولا يحق أن أبدأهم السلام ولا أخالطهم ولا أكل معهم ماذا أفعل أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في تارك الصلاة كسلا مع الإقرار بوجوبها هل يخرج من الملة أم لا؟ والذي عليه الجمهور أنه ليس بكافر، وذهب الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه أنه يكفر مطلقاً، والمعتمد عند أصحابه من رواياته أنه لا يكفر إلا إذا دعي من قبل الإمام أو نائبه فأبى أن يصلي فإنه يقتل كافراً، والغالب من حال الناس اليوم أنهم لا يدعون من قبل الأئمة إلى الصلاة فلا يحكم بكفرهم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 60955.
وبهذا يتبين أن تارك الصلاة لا يحكم يكفره قبل أن يدعي إليها، لكنه وإن لم يكفر فهو على خطر عظيم، فينبغي أن تنصح وترشد من يتركها، لا سيما إخوانك عسى الله أن يهديهم على يديك، كما وفقك للهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/4385)
الترهيب من إضاعة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير صلاة الفجر إلى بعد طلوع الشمس رغم أنني أجد من يوقظني في وقتها، هل يجوز لي أن أصليها بعد طلوع الشمس أو لا أصليها بحجة أن الوقت من الأوقات المنهي عنها في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وعليه فالواجب المحافظة على أداء الصلوات في وقتها خصوصاً صلاة الفجر التي تقدم الترغيب في المحافظة عليها، وذلك في الفتوى رقم: 2444، والفتوى رقم: 16965.
وإذا كنت تجدين من يوقظك لصلاة الفجر ثم تنامين عنها فأنت آثمة، ويجب عليك اتخاذ الأسباب المعينة على المحافظة عليها في وقتها، وراجعي الفتوى رقم: 26280.
وإذا استيقظت بعد خروج وقتها بأن طلعت الشمس فيجب عليك قضاؤها، وينبغي أن تقضي معها راتبتها، فبعد الطهارة تؤدين سنة الفجر ثم الفريضة بعد ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 5060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/4386)
ماذا يفعل من كان محافظا على الصلاة ثم تركها
[السُّؤَالُ]
ـ[درست في روسيا وكنت من الملتزمين، وبعد إنهاء دراستي رجعت إلى بلدي وفجأة تركت الصلاة والعبادة وما زال الصراع بداخلي كل يوم أسمع القرآن والخطب وبدون فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، حيث قال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5} ، ومن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم، ومن تركها كسلا فقد اختلف أهل العلم هل يحكم بكفره أم لا؟
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، والمحافظة على أداء الصلوات إضافة إلى قضاء جميع الصلوات التي تركتها إذا كنت ضابطاً لعددها، وإن جهلت العدد فواصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة. وراجع التفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 512، 68656، 61320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(11/4387)
أحكام تارك الصلاة بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[إن مات وهو تارك للصلاة، فكيف يدفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 68656 نرجو الاطلاع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها، وخلاصة ما فيها أن أهل العلم قد اختلفوا في حكم من ترك الصلاة تهاوناً بها وتكاسلا عن أدائها مع اعتقاده بوجوبها، فالجمهور ومنهم أصحاب المذاهب الثلاثة ورواية عن الإمام أحمد على أن كفره أصغر غير مخرج من الملة، وعليه فإنه إذا مات يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويرث ويورث، كغيره من عصاة المسلمين.
وذهب بعض المحققين إلى أنه كافر كفراً أكبر فهو كغيره من الكفار لا يغسل ولا يكفن، بل يلف في شيء إذا مات ويوارى التراب -احتراماً لآدميته- من غير توجيه إلى القبلة. قال مالك في المدونة: إذا مات الكافر بين المسلمين يلفونه في شيء ويوارونه.
وأما الجاحد لوجوبها فهو كافر بالإجماع يُفعل به ما يُفعل بالكافر إذا مات كما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(11/4388)
هل يكفن تارك الصلاة إذا مات
[السُّؤَالُ]
ـ[إن مات وهو تارك للصلاة، فهل يكفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من ترك الصلاة جحوداً لفرضها فإنه كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة باتفاق أهل العلم، فإذا مات على تلك الحالة ولم يتب منها فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث، ولا يورث، وماله يصرف في مصالح المسلمين العامة أو في بيت مالهم إن كان لهم بيت مال منتظم، وعند دفنه يلف في شيء ويوارى التراب ودون توجيه إلى القبلة. قال مالك في المدونة: إذا مات كافر بين المسلمين فإنهم يلفونه في شيء ويوارونه. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35522.
أما من تركها تهاوناً بها وتكاسلاً عن أدائها مع الإقرار بوجوبها فقد اختلف أهل العلم في حكمه؛ فذهب بعضهم إلى أن كفره كفر أكبر ويجري عليه حكم الكافر المذكور آنفاً، وذهب الجمهور ومنهم أصحاب المذاهب الثلاثة وهو رواية عند الحنابلة عن الإمام أحمد إلى أن كفره كفر أصغر لا يخرج من الملة، فإذا مات جرى عليه ما يجري على عصاة المسلمين فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.. وانظر تفصيل القولين وأدلة الفريقين في الفتوى رقم: 68656 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1428(11/4389)
هل يغسل تارك الصلاة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[إن مات وهو تارك للصلاة فهل يغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على تارك الصلاة وما يترتب على ذلك من أحكام يترتب على كيفية تركه لها، فإن كان تركه لها جحوداً لوجوبها فقد أجمع أهل العلم على كفره كفر أكبر مخرجاً من الملة، وفي هذه الحالة لا يغسل ولا يصلى عليه ... لقول الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة:113} ، ولقوله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ {التوبة:84} .
وأما إذا كان تركه لها تكاسلاً أو تهاوناً وهو مقر بوجوبها فقد اختلف أهل العلم في الحكم عليه فذهب بعضهم إلى أنه كافر كفرا أكبر لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، بل يوارى التراب كما يفعل بالكفار، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه كفره كفر أصغر فهو كغيره من الفساق وعصاة المسلمين يغسل ويكفن ويصلى عليه. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 17254، والفتوى رقم: 6061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/4390)
المتهاون في الصلاة على خطر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا الفاضل لي صاحب يصلي شهر رمضان فقط أي من 1 إلى 30 رمضان ثم يتوقف لمدة 11شهراً ثم يصلي في رمضان فقلت له إنك غلطان ... منذ ذلك الحين لم يصل هل أنا آثم؟ أفيدوني يا أخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة مع الإقرار بوجوبها على خطر عظيم لتواتر نصوص الكتاب والسنة الآمرة بإقامتها والحض عليها، والتحذير من الإخلال بها، وذم من تركها أو تهاون في أمرها، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى الصلاة عماد الإسلام الذي إن أقامه العبد فقد أقام الإسلام، وإن هدمه هدم الإسلام، كما ثبت في سنن الترمذي من حديث معاذ بن جبل المشهور أنه صلى الله عليه وسلم قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة. رواه الترمذي وصححه.
وأيضا فقد استفاض عن رسول الله الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد لتارك الصلاة، فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
وثبت عنه أيضاً أنه قال: بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة. متفق عليه، وكون صاحبك يصلي في رمضان فقط لا يكفيه، بل لا بد من المحافظة على الصلوات المفرضة في أوقاتها، ونسأل الله تعالى أن يهديه ويتوب عليه، ونوصيك بنصحه وتذكيره بالنصوص التي أشرنا إليها سابقاً عسى الله أن يهديه على يديك.
وأما تركه للصلاة في رمضان بسبب قولك له إنك غلطان فزيادة جرم منه، ولا شيء عليك في قولك المذكور؛ لأنك تقصد فيما يظهر أنه غلطان في الاقتصار على الصلاة في رمضان فقط، ولا تقصد أنه غلطان بالصلاة في رمضان بحيث تطالبه بأن يصلي الجميع أو يترك الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(11/4391)
تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر ذنب عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا طالب أدرس في الهند والآن لي 11 شهرا ولم أصل الصبح إلا شهرا واحدا وهذا ليس عمدا مني بل من التوقيت أخبروني ماهي الكفارة؟ أو ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا عذر للمسلم في ترك الصلاة المفروضة ما دام عاقلا، لذا فإذا كنت تعني أنك لم تصل الصبح في هذه الفترة نهائيا فعليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة من هذا الذنب العظيم، وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة ليغفر الله لك، كما يجب عليك قضاء تلك الصلوات التي فاتتك، ولا كفارة لما حصل إلا التوبة والقضاء. ولبيان كيفية القضاء راجع الفتوى رقم: 31107.
وإن كنت تعني أنك لم تصلها في الوقت ولكن صليت بعد خروجه فعليك التوبة إلى الله تعالى من تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر، فإن تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر إثم عظيم وكبيرة من الكبائر جاء فيها الترهيب الشديد في القرآن والسنة كما في قوله تعالى: مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} وقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4 ـ 5} وانظر الفتوى رقم: 1840، والفتوى رقم: 5317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1428(11/4392)
هل يترك الدراسة التي تقتضي تضييع الصلاة ويتعرض فيها للسب والإهانة
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم أنا طالب بكلية الشرطة وأحيانا كثيرة تضيع منا أوقات الصلاة بحجة الطوابير أو ما إلى ذلك وأنا غير مستريح للوضع بها وفكرت كثيرا في الاستقالة ولكن أهلي يعارضون وأني ألاقى فيها إهانة بالغة لي حيث يتم شتمنا بألفاظ مثل (يا أبو شخة ويا زبال وما إلى ذلك بحجة تعويدنا على تحمل الضغط النفسي علينا في المواقف الصعبة) . فأرجوكم دلوني ماذا أفعل؟
مع العلم أني لو خرجت منها فلن يصبح لي أي وظيفة؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
إنسان معذب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهون عليك أمرك، وأن يفرج عنك كربك، وأن يحفظ لك دينك، وأن يزيدك حرصا على الخير، وإن كان الحال على ما ذكرت من أن الالتحاق بهذه الكلية والدراسة فيها يترتب عليه تضييع الصلاة وإخراجها عن وقتها من غير سبب يبيح ذلك، إضافة إلى وجود السب وبذاءة اللسان وهو منكر آخر فلا يجوز لك الاستمرار في هذه الدراسة، بل يجب عليك تركها، فالسلامة في الدين لا يعدلها شيء وما ذكرت من عدم رضا أهلك بتركك لها فلا عبرة به، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله، وينبغي أن تجتهد في إقناعهم بالحسنى.
وأما بخصوص الوظيفة فإن أمر الأرزاق بيد الله تعالى، ومن أسباب نيل رزقه العمل بطاعته واجتناب معصيته قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2 ـ 3} ثم ما يدريك أن يكون استمرارك في هذه الدراسة مع التلبس بما يسخط الله تعالى سببا في الحرمان من الرزق وبركته، فقد يحرم المرء الرزق بالذنب يصيبه فيخسر دنياه وأخراه، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 1195، 10767.
ونوصيك بالاجتهاد وعدم اليأس في البحث عن مؤسسة أخرى للدراسة فيها، ولعلك توفق إلى ما هو أفضل مما تركت، وههنا أمر نود التنبيه عليه وهو البحث قدر الإمكان عن سبيل لمناصحة القائمين على إدارة هذه الكلية ولعلكم لا تعدمون أحدا من الخيرين من ذوي الجاه وممن يرجى أن يقبل قوله فيوجههم إلى الخير فتكفون الشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(11/4393)
تارك الصلاة هل هو مسلم عاص أم هو كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نقول عن إنسان لا يصلي مؤمن عاص أو كافر؟
شكرا وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وراجع للتفصيل في الكلام على تارك الصلاة الفتاوى التالية أرقامها: 52614، 71811، 68656، 59526، 72981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(11/4394)
لا خير في هذا الزوج وأمثاله
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال ما حكم أن تهجر الزوجة زوجها والسبب هو أنه دائم الشتم على أهلها ويتلفظ بألفاظ لا تليق بالمسلم واعترف لزوجته أنه كان يزني قبل أن يتزوج منها وهو لا يصلي ولا يصوم هل يجوز لها أن تهجره؟ وكم المدة المسموح أن تهجره فيها؟ وبارك الله فيكم. ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل سيئ، وأسوأ ما فيه ترك الصلاة، الصلاة التي من تركها جحودا كفر وارتد، وفرق بينه وبين زوجته، ومن تركها تكاسلا مع الإقرار بوجوبها استتيب، فإن تاب وإلا قتل، وانظري الفتوى رقم: 1061.
كما أن ترك الصيام جحودا كفر وردة، وتركه تكاسلا من أكبر الكبائر، فهذا الرجل قد هدم أركان الدين وضيع عمود الإسلام مع سوء خلقه، وقلة حيائه.
فمثل هذا لا خير في البقاء معه.
ولذلك على الأخت أن تناصح هذا الرجل في أمر الصلاة والصيام وغيرهما فإن صلى وصام فذلك المطلوب، وإلا رفعت أمرها إلى المحكمة لتفرق بينهما حسبما تراه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(11/4395)
الخطوات المتبعة في حض من بلغ قبل أقرانه بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بنتي حاضت وهي صغيرة وهي متهاونة في الصلاة فلا تصلي إلا إذا كلمتها وإذا نسيتها فهي تترك الفرض فأقوم بضربها وهكذا كل يوم وكل فرض لا بد أن أذكرها وإذا غفلت عنها تركت الفرض علما أنني مواظبة على صلاتي وأحذرها من العذاب ولكن لا يتغير النظام اليومي فهل علي ذنب؟ وماذا أفعل؟ وهل أستمر في ضربها؟
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الوالدين أمر الصبي بالصلاة لتمام سبع إذا كان مميزا، ويستحب لهما أمره بها قبل تمام السبع إذا كان مميزا، ويجب عليهما ضربه إذا لم تنفع معه الأساليب الأخرى إذا دخل في سن العاشرة؛ لأنه بلغ السن التي يمكن أن يبلغ فيها باحتلام أو تحيض الفتاة، فإذا بلغ بعلامة من علامات البلوغ توجه الخطاب إليه بالصلاة وعوقب عليها وسقط الوجوب عن الوالدين، إلا أنه يبقى عليهما أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بما يكون سببا لصلاحه وهدايته، وإذا كان الضرب يحقق ذلك الغرض فهو المطلوب، وإذا كان الضرب يزيد في عتوه وغيه فليكن أسلوب الترغيب والنصح والإرشاد هو المطلوب.
وعليه.. فإن حاضت ابنتك بعد استكمال تسع سنين فالواجب عليها أن تصلي، ومهمتك هو العمل على ما يصلحها فرغبيها ورهبيها واضربيها، كل ذلك بحكمة لأن الهدف هو إصلاحها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(11/4396)
ما يجب على من فرط في الصلاة والصيام فترة طويلة
[السُّؤَالُ]
ـ[عرفت بأن أبي عندما كان شابا (هذا يعود إلى 30 سنة مضت) كان بعيدا عن الطريق لم يكن يصلي ولا يعرف كثيرا عن الدين لأنه ليس متعلما وأبوه كذلك.. تزوج أمي بعد سنوات اضطر للذهاب إلى الخارج للعمل وكان يعود إليهم مرة في السنة لمدة 5 سنوات. في خلالها تعرف على امرأة غربية ثم سكن معها في نفس البيت وكان يزني بها (رب اغفر لأبي) حتى إنها دفعته كي يفعلا ذلك خلال يوم من أيام رمضان. كان يخبر أمي بكل شيء. لا أعرف لماذا وكيف لكنه قرر أن يبتعد عن تلك المرأة وأن يأخذ أمي وإخوتي للعيش معه بعد كل هذا الضلال. وأخبر أمي بأنه بأمس الحاجة إلى زوجته وأبنائه وأنه لن يتخلى عنهم أبدا. تاب بعدها وأصبح يصلي ويصوم ويذهب إلى المسجد والحمد لله ذهب إلى الحج وأمي وقفت دائما بجانبه. مرات ذكرته أمي بما كان عليه وأنه يجب أن يستفسر إن وجبت عليه كفارة ذاك اليوم من رمضان كي يلقى ربه وهو راض تماما عنه لكنه يرفض حتى معرفة حكم الشرع في هذه المسألة ويقول بأنه طوى صفحات الماضي وأنه بدأ حياة جديدة. أنا قلقة جدا عليه, أرجو أن تخبروني هل أبي في الطريق الصحيح أم عليه شيء؟
أفيدوني جزاكم الله عنا خيرا. أسألكم الدعاء لأبي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى على هداية أبيك لطريق الحق والاستقامة، ونسأله تعالى أن يشرح صدره للحق ويثبته على الطريق المستقيم، ثم إن الإجابة على سؤالك تقتضي التنبيه على عدة أمور:
1ـ الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، وتاركها جاحدا لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها تكاسلا قد اختلف أهل العلم هل يحكم بكفره أم لا؟ وراجعي الفتوى رقم: 512، والفتوى رقم: 1195، فإذا كان والدك تاركا للصلاة تكاسلا فيجب عليه قضاء جميع الصلوات التي تركها ابتداء من وصوله مرحلة البلوغ، وقد تقدم في الفتوى رقم: 18947، تفصيل علامات البلوغ، وهذا بناء على أن تارك الصلاة كسلا لا يحكم بكفره، وكيفية قضاء هذه الفوائت تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320.
2ـ يجب عليه أيضا قضاء ما أفطره من أيام رمضان في تلك المدة التي مضت عليه بعد البلوغ، وإن حصل منه جماع عمدا في نهار رمضان فتجب عليه كفارة كبرى، وهذه الكفارة تتكرر بسبب الجماع عمدا في كل يوم، وراجعي التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 69432، 11100، 3247.
3ـ حرمة ما أقدم عليه من فاحشة الزنى التي هي من كبائر الذنوب، وقد نهى الله تعالى عنها في قوله: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32} هذا إضافة إلى حرمة الخلوة بالمرأة الأجنبية وراجعي الفتوى رقم: 1929، والفتوى رقم: 4822، فعليك نصح الأب المذكور بحكمة ولطف مع بيان ما هو مطالب به من قضاء خلال فترته السابقة، وبيان سعة رحمة الله تعالى وعفوه ومغفرته لمن تاب إليه وأناب بصدق وإخلاص، وإن أمكن إطلاعه على هذه الفتوى وغيرها من الفتاوى الموجودة في هذا الموقع فهذا أحسن، مع الاجتهاد في الدعاء له دائما بالتوفيق إلى طريق الاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1427(11/4397)
لا تسقط الصلاة بوجود العقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يصلي ولا يصوم منذ حوالي العشر سنوات، كان في الماضي من الصالحين وبارا بوالديه قبل أن يتوفيا، وفي فترة أصيب بحالة من الوسواس القهري وبقي في المستشفى وخرج منها معافى ورجعت نفس الحالة عدم التحدث مع أحد من إخوانة الذين يحاولون معالجته بشتى الطرق لكن لافائدة من ذلك ونحن فقط خمس بنات ليس لدينا القدرة على التحدث معة لأنه عصبي جدا ولكن يعاملنا معاملة جيدة ولا يرفض لنا طلبا ولقد زادت حالته النفسية بعد وفاة اثنتين من أخواتي البنات (ولقد أخبرت أحدا من الدجلة أن أخوة لقد قتلهم) وحدثت مشاكل كثيرة بينهم ولا يتحدثون مع بعض فقط السلام ونحن ندعو له بالشفاء وأن يهديه الله إلى الطريق الصحيح، وأبي يدعونا إلى الصلاة ويقول هو مريض نسأله ما به لايجيب أبي كثير التفكير والتحدث مع نفسه، وأمي تحاول معه لكن لا جدوى.أبي يرفض أيضا أن نذهب إلى أداء الفرائض الدينية من العمرة والحج لماذا لا أعلم؟.كذلك جاء ولد عمي وتقدم للزواج من أختي، أبي رفض وقال أختي مريضة وهذا صحيح؟ هل يجوز إخراج صدقة لأن أبي لا يصوم وهو كثير التدخين؟ هل أبي في حكم الكافر كونه تاركا للصلاة؟
أسال الله الهداية والمغفرة من كل ذنب.أتمنى سرعة الرد وأشكركم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن والدك -نسأل الله له الشفاء- يحتاج إلى علاج بأربعة أمور إن أمكنت، وإلا فالمقدور عليه منها ولا تكلفون فوق ذلك:
الأولى: عرضه على طبيب نفسي.
الثانية: عرضه على شخص موثوق يعالج بالقرآن الكريم والسنة النبوية.
الثالثة: عرضه على شخص صالح ينصحه ويرشده بالتي هي أحسن عسى الله تعالى أن يمن عليه بالشفاء والتوبة مما ألم به.
الرابعة: الإكثار من الدعاء له بالشفاء.
وما دام عقله معه فلا تسقط عنه الصلاة ولا الصيام إذا قدر عليه، ولا يجزئ عنه الإطعام مع القدرة عليه، وإنما يجزئ مع العجز المستمر ولا بد من إذنه لأنه المطالب به، والذي عليه أكثر أهل العلم أن تارك الصلاة على خطر عظيم وذنب كبير، ولكنه لا يزال في دائرة الإسلام.
وأما ولايته على بناته وهو بهذه الحالة فغير صالحة، بل لو تقدم كفء في الخلق والدين إلى إحدى بناته وامتنع من زواجه فإن الأمر يرفع إلى القاضي ليفصل في الموضوع ويولي من يصلح للولاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/4398)
تفصيل حول حكم تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدلة على أن تارك الصلاة ليس كافرا وخاصة ما جاء في أقوال الشيخ الألباني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ترك الصلاة منكرا لوجوبها، فهو كافر خارج عن دائرة الإسلام باتفاق العلماء.
ومن تركها تهاونا وكسلا، فقد اختلف فيه العلماء، فذهب الجمهور إلى أنه لا يكفر كفرا مخرجا عن الإسلام. وقال البعض إنه يكفر كفرا مخرجا عن الإسلام.
والذي يترجح عندنا -والله أعلم- هو أن من ترك الصلاة بالكلية فإنه كافر، لأن هذا هو الذي يصدق عليه أنه تارك للصلاة، أما من يصلي أحيانا ويتردد أحيانا، فلا يكفر؛ وإن كان على خطر عظيم. وذلك لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ومن أدلة جمهور أهل العلم على أن تارك الصلاة ليس كافرا كفرا مخرجا عن الإسلام قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء:48] ، فعموم الآية دال على أن تارك الصلاة داخل تحت المشيئة.
ومنها حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(11/4399)
تارك الصلاة هل يتجاوز الصراط يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يموت الإنسان وتقوم القيامة ويحاسب الناس تارك الصلاة كيف يكون حسابه على الصراط كما نعلم أم في النار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم تارك الصلاة وعقوبته في الدينا والآخرة في الفتوى رقم: 6061، نرجو أن تطلع عليها.
وتارك الصلاة بالكلية منكرا أو متعمدا من أهل النار، ولا شك لأنه كافر والكفار والمنافقون في جهنم كما قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً {النساء: 140}
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم
وقد توعد الله عز وجل الذين يتهاونون بالصلاة بالويل فقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، والويل واد في جهنم لمن يؤخر الصلاة أو يتهاون بها كما قال أهل التفسير.
وتارك الصلاة لن يتجاوز الصراط بل قد لا يصل إليه لأن المراحل التي قبله من أهوال القيامة والحساب كافية لإدانته.
ولأن الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وغيره.
ولمعرفة مراحل البعث وترتيب مواقف القيامة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 9505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1427(11/4400)
هل تسقط الصلاة عمن لا يحسن الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جارتي امرأة عجوز 80 عاما تخدم الجميع الصحيح والمريض طيبة جدا، ولكنها لا تصلي لأنها لا تحفظ شيئا من القرآن ولا حتى آية واحدة، وتقول أريد أن أصلي ولكن لا أدري ماذا أقول أثناء الصلاة، وهل يتقبل الله مني بعد هذا السن؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذه المرأة أن تصلي، ولا تسقط عنها الصلاة لمجرد كونها لا تحسن قراءة الفاتحة بل عليها أن تتعلم، فإن لم يمكنها ذلك فإنها تأتم بمن يصلي بها إن أمكن أيضا، فإن لم يمكن فإنها تصلي وتذكر الله تعالى بدلا عن القراءة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 70452، وعلى جيرانها أن ينصحوها ويعاونوها على أداء الصلاة لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1427(11/4401)
لم يصل قط ويريد الزواج.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقبل على الزواج ولم أصل قبل، وأنا نادم على هذا الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 6061.
وبينا في تلك الفتوى أدلة القائلين بكفر تارك الصلاة، ومن بين تلك الأدلة قوله -صلى الله عليه وسلم-: إن بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ـ ترك الصلاة. أخرجه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من ترك الصلاة فقد كفر. رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والمنذري في الترغيب والترهيب. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: من لم يصل فهو كافر. رواه ابن عبد البر في التمهيد (4/226) والمنذري في الترغيب والترهيب (1/439) .
والراجح من أقوال أهل العلم أن تارك الصلاة بالكلية يعتبر كافرا، والعياذ بالله، وهذا إذا كان يعتقد وجوبها، وأما لو كان لا يراها واجبة، فإنه كافر بالإجماع.
وعليه، فإذا كنت باقيا على هذا الإثم الكبير، فليس لك أن تتزوج من مسلمة، وذلك لأن الزواج يعطي ولاية للرجل على المرأة. والله جل وعلا يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141} وقال تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة: 221} .
وإن كنت نادما على ما كان منك من ترك الصلاة، وتائبا إلى الله عازما على أن لا تعود إلى مثل هذا، فإن الله تعالى يقبل التوبة من جميع الذنوب. قال الباري جل ذكره: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} . وروى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. حسنه ابن حجر. وحينئذ فلك أن تتزوج بمن تريد.
وإذا قمت بقضاء جميع الصلوات التي كنت قد تركتها فذلك أبرأ لدينك، مراعاة لمن يقول بعدم كفر تارك الصلاة.
وإن شق عليك ذلك، فإن من يقول بكفر تارك الصلاة لا يرى عليه القضاء إذا تاب؛ لأنه كمن دخل في الإسلام لأول مرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(11/4402)
هل يسوغ المرض ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص عندما يجد أحدا يسمع القرآن الكريم يقول له أطفئ التلفاز لا تسمع اذهب إلى الجامع وهو مقصر مع أولاده وزوجته ولا يؤدي الصلاة في أوقاتها ولا يصلي العشاء بأربعة أيام يقول إنه مريض ولكنه بكامل قواه العقلية وصحة جيدة أرجو أن تقولوا لي ما حكم الدين؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الشخص الذي قلت إنه عندما يجد أحدا يسمع القرآن الكريم يقول له أطفئ التلفاز أو اذهب إلى الجامع، وقلت إنه مقصر مع أولاده وزوجته، وأنه لا يؤدى الصلاة فى أوقاتها وقد ترك صلاة العشاء أربعة أيام يقول إنه مريض ولكنه بكامل قواه العقلية ...
فهذا الشخص قد وقع في مخالفات كثيرة وآثام شنيعة، والعياذ بالله.
ويمكنك أن تراجع في حكم المتهاون بالصلاة والتارك لها بالكلية فتوانا رقم: 63561، والمرض مهما بلغ من الشدة لا يسوغ ترك الصلاة مادام الإنسان معه عقله وليصل حسب استطاعته.
فعليكم أن تنصحوه بالتوبة من هذه الآثام قبل فوات الأوان، فيندم حين لا ينفعه الندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(11/4403)
هل تكفر الولادة كبائر الذنوب والتقصير في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن المرأة في حالة الولادة تُغفر لها جميع خطاياها مهما كانت كبيرة، ومهما كان التقصير في حق الله، كالتقصير في الصلاة، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل ما يصيب المسلم من الآلام والأمراض البدنية والنفسية يكفر الله تعالى عنه به من خطاياه وذنوبه. ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكه يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
وفي مسند عبد بن حميد وكتاب العيال لابن أبي الدنيا وأحكام النساء لابن الجوزي عن ابن عمر مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إن للمرأة في حملها إلى وضعها إلى فصالها من الأجر كالمتشحط في دمه في سبيل الله، فإن هلكت فيما بين ذلك فلها أجر شهيد. وقد حسن الحديث بعض أهل العلم، وهذا في صغائر الذنوب، أما الكبائر فلا بد لها من توبة خاصة بها، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
ومعلوم أن ترك الصلاة والتهاون بها من أكبر الكبائر، ولذلك فإذا كان قصد السائلة بالتقصير في الصلاة الترك بالكلية، فإن ذلك لا تكفره الأعمال الصالحة أو المصائب والآلام التي تصيب الإنسان مهما عظمت، بل ذهب بعض أهل العلم إلى أن تارك الصلاة تهاوناً أوكسلاً كافر كفراً أكبر مخرجا من الملة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وغيره. وقد سبق بيان أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 6061 نرجو الاطلاع عليها.
وأما إن كان القصد بالتقصير فيها تأخيرها عن وقتها الاختياري وما أشبه ذلك مما ليس بترك لها بالكلية فنرجو أن يكون ذلك مما يكفر بما يصيب من الأمراض والآلام. وللمزيد من الفائدة عن الولادة وما يتعلق بها نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 13605، والفتوى رقم: 51839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(11/4404)
أداء الصلاة ممن يجالس الفساق وله ظروف غير ملائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن للشخص أن يقوم بأداء الصلاة داخل أناس يمارسون الجنس كلما أتيحت الفرصة مع العلم أن ظروفه ليست ملائمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أخي السائل أهمية إقامة الصلاة ومكانتها في ديننا، إذ هي ركن من أركانه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من أعماله، ولا تسقط عن المكلف بحال من الأحوال ما دام الإنسان له عقل، وعليه فيجب عليك أخي أن تؤدي الصلاة في وقتها في أي مكان كنت ومع من كنت، ولو كنت مع قوم كفرة ملحدين، أيضا أضف إلى ذلك وجوب أمرك بها لمن هم معك من المسلمين المتهاونين في أدائها، ووجوب نهيهم عن المنكرات التي يمارسونها حسب استطاعتك، ولا يجوز لك بحال من الأحوال ولا تحت أي مسوغ تركها بحجة أنك مع من وصفتهم بأنهم يمارسون.... أو أن الظروف غير ملائمة ولا بغير ذلك. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 3830، والفتوى رقم: 9163، والفتوى رقم: 1048، والفتوى رقم: 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(11/4405)
حضور عرس الأخ الذي لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي أخ لا يصلي ويريد الزواج، فهل أحضر في زواجه؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من حضورك زواج أخيك الذي لا يصلي إذا لم يكن لعدم حضورك فائدة في ردعه عن هذا الذنب العظيم، لكن تجب مناصحته ودعوته إلى الحق وبيان عظم شأن الصلاة له، وتحذيره من تركها والعقوبة المترتبة على ذلك في الدنيا والآخرة، ولتطلعه على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6061، 12700، 19423، ولا ينبغي لك هجره ولا عدم حضور مناسبته هذه إلا إذا غلب على الظن أن ذلك قد يكون سببا في رجوعه وتوبته إلى الله تعالى ومعاودته للصلاة، ولعل الله يهديه بمخالطتك وداوم نصحك له، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 66842، والفتوى رقم: 5263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1427(11/4406)
خطورة التهاون في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متهاونة جدا في صلاتي وخائفة كثيرا من المستقبل وما تخبئه الأيام القادمة، فماذا أفعل؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نحيلك على الفتوى رقم: 1195، لمعرفة خطر تهاونك في الصلاة، ونذكرك بأن الطمأنينة في القرب من الله عز وجل، وإنما يأتي الخوف والقلق من البعد عنه سبحانه، قال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ {الرعد:28} .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1427(11/4407)
هل يبطل الجهاد بترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشخص الذي جاهد في الماضي ولا يصلي.... لكنه الآن بدأ يصلي (فهل يحسب جهاده السابق)
وأرجو الرد منكم بأسرع وقت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أمر الصلاة عظيم وتركها خطير، بل لا حظ في الإسلام لمن تركها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل والكفر ترك الصلاة رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، رواه أصحاب السنن، ولهذه الأدلة قال بعض أهل العلم بكفر تارك الصلاة وهو الذي رجحه المحققون من أهل العلم، وذهب جمهورهم إلى أن هذا كفر دون كفر أو أنها في الجاحد لوجوبها ... وعلى كل حال فإن من تاب التوبة النصوح بكمال شروطها قبل الله تعالى توبته وكتب له ما عمل من أعمال خير في فترة ما قبل ردته وبدل سيئاته حسنات كما قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ {الفرقان:70} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام عندما سأله عن أعمال الخير التي كان يتقرب بها في الجاهلية قال له: أسلمت على ما سلف من خير. متفق عليه. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 6044 / 6839 / 7152 / 23310 / 54721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(11/4408)
هل يترك الصلاة من يستعمل الدواء ليعيش عيشا طبيعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي تعاني من نوع من البسيكوز وأخشى عليها من عقاب الله، علما بأنها لا تصلي هل تحاسب إذ إنها تتناول دواء يساعدها على العيش شبه الطبيعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما ما تعاني منه ابنة الأخت السائلة فلا نعلمه على وجه التحديد، فينبغي إعطاء توضيحات أكثر عنه لنتمكن من الإجابة على السؤال، لكنه إن كان مرضا يؤدي إلى فقدان العقل, ففي حالة الإصابة به لا تكليف عليها وليست مخاطبة بالصلاة, وإن لم يكن له تأثير على العقل، فلا يجوز للمسلم أن يترك الصلاة ما دام يتمتع بدرايته, ويجب عليه أن يصلي على الحالة التي يستطيعها، قائماً فإن لم يستطع القيام صلى قاعداً وهكذا، كما أسلفنا في الفتوى رقم: 35803.
ولبيان حكم تارك الصلاة وعقوبة تاركها في الدنيا والآخرة، يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 3146، والفتوى رقم: 6061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(11/4409)
الدعاء لمن مات وكان تاركا للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قد تستغربون من سؤالي ولكن والله هذا الأمر يقلقني وأفكر به، تزوجت من حوالي 20 عاما وعشت لسنين مع أهل زوجي وكان والداه رحمهما الله معنا أحببت أبا زوجي الله يرحمه كثيرا والله قد تصل درجة حبي له كمحبتي لوالدي أطال الله بعمره، والد زوجي طيب جدا ونادرا ما يتحدث ويحترمني كثيرا ويحبني كابنته لذلك أحببته كثيرا وكنت حقا أحترم وجوده وكنت أقول لزوجي ربي يرعاه إن الذين مثل والدك الطيب انقرضوا، المشكلة أنه رحمه الله لم يكن يصلي للأسف الآن وبعد أن توفي لا يفارق ذهني أنه ممكن أن يتعذب لأجل هذه ووالله أبكيه لمجرد أفكر بهذه ولما يأتي ذكره أبكيه أكثر من زوجي وهو ابنه ألم يعلمنا ديننا أن الله يغفر كل ذنب إلا الإشراك؟ هل سيغفر الله ذنبه لأنه كان موحدا ومسلما ولطيب أخلاقه؟
هل ممكن أفعل شيئا ليغفر الله ذنبه غير الدعاء له بالرحمة والمغفرة؟ أجيبوني غفر الله لكم ذنبكم وذنبنا؟
وجزاكم الله خيرا عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل المذكور كان يترك الصلاة جحودا لوجوبها فلا يجوز الاستغفار له لاتفاق أهل العلم على كفر تارك الصلاة جحودا. وأما إن كان مقرا بوجوبها إلا أنه يتكاسل عنها فالكثير من أهل العلم لا يرى أنه كافر، وعليه فيجوز الاستغفار له والتصدق عنه ويلحقه أجر ذلك، ويرى بعضهم أنه كافر ولو كان مقرا بوجوبها وعلى هذا القول فلا يجوز الاستغفار لتارك الصلاة ولو كان مقرا بوجوبها، قال النووي في المجموع: فرع في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلا مع اعتقاده وجوبها فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حدا ولا يكفر، وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف، وقالت طائفة: يكفر ويجرى عليه أحكام المرتدين في كل شيء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وبه قال ابن المبارك. انتهى
والذي نرى أنه لا حرج في الدعاء له لاحتمال كونه مسلما، وللمزيد يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 11326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(11/4410)
كيف تجعل من الصلاة قرة عين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشريعة في من يرغم نفسه على الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه, ويحفظنا وإياهم مما يسخطه سبحانه وتعالى. وإن من المعلوم أن المسلم مكلف بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها كما أنه مكلف بأداء الفرائض الأخرى، ولا شك أن التكاليف توجد فيها مشقة على النفس؛ لذلك فإن المكلف مطلوب منه أن يروض نفسه على امتثال أمر الله تعالى حتى يصير أداء الصلاة عنده سهلا, بل إنه إذا دام على الخشوع في الصلاة، وتدبر ما يقرأ أثناءها خف عنه ذلك التكاسل وحببت إليه الصلاة حتى تصير قرة عينه، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {البقرة:45-46} .
وأما بالنسبة لإجزاء صلاة من هذه صفته فإن كان يأتي بها على الوجه الصحيح فإنها تجزئه أي لا يطالب بالإعادة ولو كان لا يخف لها. هذا, وليعلم الأخ السائل أن الصلاة أمرها عظيم عند الله تعالى، ومكانتها كبيرة في الدين لا يخفى ذلك على أي مسلم. قال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ {238: البقرة} وقال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً {النساء: 103} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً. {مريم:59} وقال صلى الله عليه وسلم: ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة. كما في السنن وصحيح ابن حبان. وقال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تترك صلاة مكتوبة، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة. إلى غير ذلك من الأحاديث في تعظيم شأن الصلاة وتوعد تاركها والمتهاون والمتساهل في أمرها. فعلى من ابتلي بهذه الدرجة من الفتور عنها أن يحذر من أن يتصف بصفات المنافقين, فإن من صفاتهم الكسل عند القيام إلى الصلاة. قال تعالى في شأنهم: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً {النساء: 142} وعليه أن يتدبر هذه الآيات ويتفحص تلك الأحاديث وهو موقن مصدق، وليكثر من التضرع إلى الله تعالى أن يلهمه رشده، ويعينه على نفسه ويوفقه للقيام بما افترض عليه.
كما ننصحه بالإكثار من قراءة فضائل الأعمال من كتاب رياض الصالحين وغيره وخصوصا باب الصلاة والمحافظة عليها. ومما يعين على الاهتمام بالصلاة مجالسة الصالحين وصحبتهم فإنها تعين على فعل الخيرات وترك المنكرات, وليراجع الفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/4411)
لا عذر في ترك الصلاة لمن يرتكب الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[فإن القانون الوضعي في بلدي لا يسمح بتعدد الزوجات مما يتسبب في إفساد عبادة البعض كما يلي:
أ - التوقف عن أداء الصلاة بدعوى انه لا يمكن الجمع بينها والزنا لأن ذلك يجعل حسابه عسيرا فهو يرى نفسه منافقا ولأن صلاته ستكون عليه وليس له.
ب - تطليق زوجته الأولى مما يجعله عرضة للإحساس بأنه ظلمها ومن ثمة ينفذ الشيطان ومن باب التقوى والنفس اللوامة فيصير يجلد نفسه ومع أول مشكل مع زوجته الثانية يتراءى له أن ذلك من سوء عمله إلى آخره.
ج - يتزوج سرا بثانية وهنا الطامة الكبرى:
أولا - يصعب وجود الولي الذي يقبل تزويج ابنته سرا وله الحق في ذلك ولأسباب متعددة منها الشرعي والإجتماعي والنفسي.
ثانيا - إن تم اجتيازالعائق الأول بسلامِ يطفو على السطح مشكل إعلإم الزوجة الأولى من عدمه وهنا لابد من التذكير أن عقد الزواج الأول تم حسب ما تنص عليه مجلة الأحوال الشخصية بما معناه وكأن ميثاقا وعهدا أدرجا ضمنا في بال الزوجة أن بعلها لن يتزوج غيرها ما دامت هي زوجته وهنا يجب أن لا ننسى غلظ المواثيق ومسؤولية العهود.
ثالثا - الخوف من الحاكم والسجن وما يتبع ذلك من متاعب.
وفي الختام أرجوالنظر بدقة لأن الوضع خطير للغاية، وهكذا أحملكم المسؤولية أمام الله أني بريء من تهمة أني علمت ولم أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد أباح التعدد لحكم ومصالح كثيرة، وسبق بيان بعض منها في الفتوى رقم: 71992.
وحكم التعدد الإباحة في الأصل، إلا أنه قد يعرض له ما يجعله واجبا، أو مستحبا، أو حراما، أو مكروها، كما في الزواج بالأولى وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 3011
وحيث كان التعدد في حق الرجل واجبا وسدت أبوابه ولم يتمكن من الزواج لأي سبب كان فلا إثم عليه في تركه، ولا يعذر بالوقوع في الزنا، حتى ولو لم يكن له زوجة، قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:33} .
ولا عذر له في ترك الصلاة، مهما ارتكب من الذنوب والمعاصي، وعلى الرغم من عظم ذنب الزنا وكبر إثمه، فلم يقل أحد بأن صلاة الزاني غير صحيحة، وما تحدثه به نفسه من عدم قبول صلاته، وأنه لا يمكنه الجمع بينها وبين الزنا، إنما هو من تلبيس الشيطان، ليوقعه فيما هو أشد من الزنا وهو ترك الصلاة، وتراجع الفتوى رقم: 1145
فعلى من أسرف على نفسه بالمعاصي أن يتوب إلى الله منها وأن يلجأ إلى الله ليخلصه منها، ويستعين على ذلك بالصلاة، فإن الصلاة تنهاه عن هذه المعاصي. قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45} .
أما الزواج سرا فلا حرج فيه، إذ إشهاره سنة وليس بواجب، وتراجع الفتوى رقم: 22465.
ولا يشترط إعلام الزوجة الأولى بالزواج بالثانية، وتراجع الفتوى رقم: 16459.
كما أن طلاق الزوجة لمسوغ يقتضيه لا يعد ظلما لها بل إن الطلاق قد يجب في بعض الحالات، وتراجع الفتوى رقم: 12962.
ولكن إذا اشترطت الزوجة في العقد أن لا يتزوج عليها زوجها ووافق على ذلك فهل يلزمه الوفاء بذلك الشرط أم لا يلزمه؟ وقع الخلاف فيه، والصحيح أنه لازم، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 32542.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/4412)
لا يجزئ عن الصلاة غيرها من الأعمال الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من فضيلتكم أن تجيبوني على سؤالي: إذا ما كنت أصلي وكنت أقول هذا الدعاء: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت وأعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. فهل هذا الدعاء يدخلني الجنة إذا ما كنت أصلي وكنت أعمل أعمال خير ولا أؤذي أحداً، ولكني لا أصلي، أرجو الرد على سؤالي؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فهمنا من السؤال أنك كنت تاركه للصلاة ثم تبت بعد ذلك، وعليه فنقول: لقد كنت على خطر عظيم والحمد لله الذي منَّ عليك بالتوبة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتك على ذلك حتى الممات، والواجب عليك الآن هو الاجتهاد في حصر الصلوات التي لم تصليها والقيام بقضائها، كما هو مذهب جمهور أهل العلم، وذهب بعض العلماء إلى أن لا يجب عليك قضاء ما فاتك، وعليك أن تكثري من النوافل، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.
أما إذا كنت لم تتوبي من ذلك الذنب فاعلمي أنك على ذنب كبير، فالصلاة ثاني أركان الإسلام وهي الحد بين المسلمين والكافرين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. فتوبي إلى الله قبل أن تندمي حين لا ينفع الندم، واعلمي أنه لا يجزئ عن الصلاة غيرها من الأعمال سواء كانت استغفاراً أو إنفاقاً أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/4413)
الطريق السديد في هداية تارك الصلاة والمرأة المتبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما أحسن الطرق لهداية تارك الصلاة وامرأة متبرجة وفاعل المنكرات؟
شكرا وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة على خطر عظيم لأن الصلاة عماد الدين، وهي الصلة بين العبد وربه، وكان يوصي بها المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو في آخر لحظات حياته وما ذلك إلا لأهميتها، وكذلك عمر كان يقول بعدما طعن: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. فمن تركها فقد قطع الصلة بينه وبين الله، وتسلط عليه الشيطان الرجيم، وركبته الهموم والغموم.
ويوم القيامة أول ما يحاسب عليه العبد صلاته فإن صلحت صلح سائر عمله, وإن فسدت فسد سائر عمله, فبالصلاة تحصل السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.
والطريق السديد في هداية تارك الصلاة أن ينصح ويذكر بالله تعالى وبالآيات القرآنية المخوفة من ترك الصلاة كقوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا {مريم: 59 ـ 60} وبأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومنها ما في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة, وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف. وينبغي تنبيه هذا الإنسان إلى ثمار الصلاة في الدنيا والآخرة. فلعل من ذكر بمثل هذه المعاني يتوب إلى الله ويحافظ عليها، ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
وأما المرأة المتبرجة فيقال لها: اعلمي أن واجب المسلمة التي أعلنت الاستسلام لحكم الله وخضعت لشرعه ورضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، هو التزام أمر الله والوقوف عند حدوده ومن ذلك الحجاب, والحجاب هو عنوان الحياء ورمز العفة، إذا خلعته المرأة وفرطت فيه فقد جعلت نفسها سلعة رخيصة وعرضة لعبث العابثين وفتنة وبلاء على المؤمنين، وهي قبل ذلك وبعده عصت أمر رب العالمين حيث قال تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 59}
ولا أدري كيف تتبرج مسلمة وهي تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة, لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها, وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. أخرجه أحمد ومسلم.
ومعنى كاسيات عاريات: أنهن لابسات ثيابا رقاقا تصف مفاتنهن ومحاسنهن. وقيل معناه: أنهن يسترن بعض بدنهن ويظهرن بعضه، وقيل معناه: أنهن كاسيات من الثياب عاريات من لباس التقوى والعفاف، وعلى كل المعاني فهذا هو التبرج وتلك صفات المتبرجات، وهذا الوعيد الشديد كاف لمن تؤمن بالله واليوم الآخر في الزجر عن التبرج وإظهار الزينة لمن لا يحل له أن يراها.
وهكذا كل مرتكب للمنكر سواء كان ترك الصلاة أو تبرج امرأة أو غير ذلك ينبغي أن يذكر بالله وبوعده ووعيده لا سيما في خصوص المنكر الذي يرتكبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(11/4414)
ترك الصلاة وممارسة الفجور أثناء السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم عن المسلمين كل خير لإدارة هذا الموقع الطيب: سؤالي شريكي كثير السفر وغالبا ما أكون معه أيضا وهو من الملتزمين فيحافظ على صلاة الفجر جماعة ويحاول الالتزام قدر الاستطاعة إلا خلال السفر:
1 - ينقطع عن الصلاة.
2 - يحضر بنات الهوى (مقابل أجر) إلى الفندق وعند استنكاري ذلك أجاب أنه يداعبهم فقط (مع الإنزال) ولا يزني مخافة من الله فقط علما أنه متزوج أفيدونا بالتفصيل عن هذا السلوك والحكم والعلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك وله التوفيق والهداية وأن يعيننا على طاعته ويبعدنا عن معصيته إنه سميع مجيب.
وإجابة لسؤالك نقول إن التهاون بالصلاة كتركها هو من أخطر الذنوب وأكبرها فهي عماد الدين من حفظها فقد حفظ الدين ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد جعل بعض العلماء تركها تهاونا وكسلا من الكفر عياذا بالله، وقد تقدم بيان حكم تاركها والمتهاون بها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6061 // 1195 // 3830، وما يفعله خلال سفره من المعاصي المحرمة من مداعبة البغايا وتأجيرهن لذلك كل ذلك من الزنى المحرم وإن لم يصل إلى حد الإيلاج والفاحشة وهو من البكر قبيح فكيف بالمحصن، فعليه أن يكف عن ذلك كله فقد روى الطبراني والبيهقي من حديث معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري رجاله ثقات، وإن كان تركه للفاحشة الكبرى خوفا من الله أمر طيب, ولكن عليه أن يمتثل أمر الله كله, فقد أمره بعدم قربان الزنى في قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32} وعدم قربانه إنما يكون بترك مقدماته وما يؤدي إليه ومن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فليترك هذا السلوك السيء في سفره كما يتركه في حضره، وإذا أراد السفر فليذهب معه بزوجته أو يصوم ليكسر حدة شهوته, فالله يراقبه في سفره كما هو معه في حضره, وسيسأل يوم القيامة عن ماله فيم أنفقه ويا خيبته إن كان جوابه أنفقته في الحرام.
وعلاج هذا كله أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ويستشعر مراقبته له في كل مكان وزمان، وعليك أن تديم نصحه ودعوته فإن أجابك واستقام فذالك وإلا فدعه حتى لا يجرك إلى فعله فالصاحب ساحب وقد قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف: 28} وانظر الفتوى رقم: 26326، وما أحيل إليه خلالها من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(11/4415)
سكنى الفتاة مع أخرى لا تصلي وتستمع إلى الموسيقى
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي تسكن مع فتاة لا تصلي وتستمع دائما إلى الموسيقى مما يزعجها بما أنه حرام فهي تسأل هل من الأولي لها أن تظل معها فتدعوها للصلاة وترك هذه التصرفات أم من الواجب عليها ترك المنزل والبحث عن منزل آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وتاركها على خطر عظيم، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن تاركها كافر، سواء تركها جحداً أو كسلاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أصحاب السنن.
وأما سماع الموسيقى فحرام، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 6110.
وعليه فالواجب على الفتاة المذكورة أن تتوب إلى الله وتؤدي الصلاة وتبتعد عن سماع الموسيقى التي هي مزمار الشيطان، وينبغي لصديقتها أن تجتهد في نصحها وإرشادها فإن استجابت وإلا فإننا ننصحها بترك السكنى معها في منزل واحد خوفاً من أن تلحقها العقوبة جراء المعصية، ولئلا تطمئن نفسها إلى هذا المنكر، فإن النفوس تطمئن وترضى بما تعودت عليه، ولا يمنعها الانتقال عنها من معاودة نصحها كلما أتيحت لها الفرصة، وإذا كانت مضطرة إلى السكن معها لعدم توفر سكن تأمن فيه على دينها، ولم يكن في إمكانها أن تنفرد بسكن خاص، فلا مانع من البقاء معها نظراً للضرورة، مع العزم على مفارقتها متى أتيح لها ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(11/4416)
كيف تنصح المرأة زوجها المضيع لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أقنع زوجي ليصلي الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أعظم إحسان الزوجة إلى زوجها حرصها على إعانته على طاعة الله تعالى واجتناب معصيتة، وهذا من شأن المؤمنات، فنسأل الله أن يثيبك خيراً، وأن يعينك فيما تنشدين من إقناع زوجك ليصلي الفجر، فإن عون الله تعالى أهم ما يستجلب به المرغوب ويستدفع به المرهوب، فنوصيك بأمور:
أولاً: بالاستعانة بالله تعالى.
ثانياً: ينبغي تذكيره بالله تعالى وبالموت والحساب، مع تحري الأسلوب الطيب فإن ضعف الإيمان سبب في التكاسل عن الطاعات، وزيادة الإيمان سبب في النشاط في الطاعات، وراجعي الفتوى رقم: 6342، والفتوى رقم: 5904.
ثالثاً: تذكيره بأهمية صلاة الفجر وأدائها في وقتها إن كان يؤخرها عن وقتها، وأهمية المحافظة عليها في جماعة إن كان مفرطاً في أدائها في جماعة وتراجع الفتوى رقم: 23962.
رابعاً: تخويفه بالنصوص التي وردت في التفريط في الصلوات ولا سيما صلاة الفجر وأن ذلك من علامة النفاق، وتراجع الفتوى رقم: 10673، والفتوى رقم: 5940.
خامساً: أنه ينبغي التنويع في أساليب النصح ووسائله فإن ذلك أدعى للاستجابة وقبول النصح، وتراجع الفتوى رقم: 23701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1426(11/4417)
لا تسقط الصلاة عمن يعي تصرفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ...
قصتي يا فضيلة الشيخ:
أنا شاب أبلغ من العمر 21 عاماً ووالدي (حفظه الله) يبلغ من العمر قرابة 98 عاماً وأنا أصغر الذكور والابن المتواجد دائما بالمنزل ... ففي الآونة الأخيرة أصبح والدي كثير النسيان وصار كثير السؤال عن الإبل والغنم والمال علما بأن الإبل آخر عهده بها منذ حوالي 40 عاماً والغنم حوالي 10سنوات.. وأصبح يتثاقل عن أداء الصلاة في المنزل لأنه لا يستطيع الذهاب إلى المسجد واستدار وقت نومه ففي الليل سهر ونشاط وحيوية وفي النهار نوم وخمول (فوالدي منذ أن عرفته لم تكن المادة همه ومراده فقد كان يقوم الليل دائما وكثير الصدقة للفقراء والمساكين ويحبني جداً ويمدحني دائماً حتى انه اختار اسمي مثل اسم جدي (رحمه الله) ...
وأصبح والدي (حفظه الله) كثير السب والشتم واللعن لي بلا سبب ويتهمني بأشياء لا أعرفها وعندما أسأله عنها يقول لي أنت تعرفها فأصبحت أتلاشى وجودي معه وأتهرب عنه ليهدأ قليلا وعندما آتيه يزداد علي فوالدي يريد الخروج من المنزل في الليل لذا أقوم بتقفيل الأبواب.. علما بأني أهتم بوالدي وأساعده على النهوض للدورة وأذكره بالصلاة....
ولكن لدي تساؤلات عديدة أود أن أطرحها لفضيلتكم وأناشدكم بالله أن تجيبوني عليها ليشفى ما بصدري من هموم..
- هل على والدي حرج في الصلاة أو عذر.... وهل أقوم بالصلاة معه وأترك صلاة الجماعة في المسجد؟
- كيف أقوم بإرضاء والدي وأنال بره..... وهل يؤخذ على كلامه وسبه ولعنه؟
- وأريد منكم دعاء أريد أن أكرره في صلاتي لوالدّي (حفظهما الله) ؟
وآسف للإطالة ... وادعوا لي بالثبات وتحقيق سعادة الوالدين والفوز بالجنة..
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على بر والدك وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
واعلم أن العقل مناط التكليف فمن كان يعي تصرفاته فهو مكلف شرعا فيجب عليه أداء الفرائض واجتناب المحرمات فلا تسقط عنه الصلاة أو غيرها من الفرائض ويؤاخذ بما يصدر عنه من منكرات كالسب واللعن وغيرهما وتراجع الفتوى رقم: 52394، والفتوى رقم: 68045، فإن كان والدك يعقل تصرفاته فتجب عليه المحافظة على الصلاة، وينبغي أن ينصح بأسلوب طيب إن وقع منه شيء من التفريط فيها أو صدرت عنه ألفاظ تخالف الشرع.
وأما صلاة الجماعة فيمكنك أن تقوم بأدائها في المسجد مع جماعة المسلمين ثم ترجع لتصلي مع أبيك فتجمع بين المصلحتين، وإن كان ذلك متعذرا وكنت في حاجة للتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد لأداء الصلاة مع أبيك فلا حرج في ذلك إن شاء الله خاصة وأن بعض أهل العلم قد ذكروا أن من الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة الخوف على الأهل من ولد ووالد وزوج إن كان يقوم بتمريض أحدهم.
وأما السبيل لكسبك رضا الوالد فمن وجوه عدة ومنها: بره والإحسان إليه وطاعته في المعروف والصبر على ما قد يصدر منه من أذى والإكثار من دعاء الله تعالى أن ييسر لك رضاه عنك، ولمعرفة أفضل ما يدعى به للوالدين راجع الفتوى رقم: 2433.
وأما بخصوص إغلاق الباب عن الوالد ومنعه من الخروج ليلا فإن كان ذلك خشية وقوع شيء من الضرر عليه فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(11/4418)
أسباب العزوف عن أداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيل الشكر على الإجابات المقنعة التي تقدمونها.وأدعو الله أن يجزيكم عليها.
لي سؤال:
ما أسباب عزوف الشباب عن الصلاة بكونها عماد ديننا الحنيف؟
جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أسباب التهاون بالصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين ضعف الإيمان بالله تعالى، والاستخفاف بأوامره ونواهيه، والابتعاد عن منهجه مع الجهل أو التجاهل لعقوبته، ومن أسباب التهاون بالصلاة الجهل بالمنافع الدنيوية والأخروية المترتبة على الصلاة، والجهل بمنزلة الصلاة في الدين. نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعاً، شبابا كانوا أو غير شباب وأن يوفقنا وإياهم لما يحبه ويرضاه، ويحفظنا جميعا من كل ما يجر إلى سخطه سبحانه وتعالى، فالصلاة أمرها عظيم عند الله تعالى، ومكانتها كبيرة في الدين لا يخفى ذلك على أي مسلم. قال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ {البقرة: 238} وقال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء 103} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} وقال صلى الله عليه وسلام: ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة. كما في السنن وصحيح ابن حبان. وقال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تترك صلاة مكتوبة، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة. إلى غير ذلك من الأحاديث في تعظيم شأن الصلاة وتوعد تاركها والمتهاون والمتساهل في أمرها.
فعلى كل من يتهاون في شأن الصلاة أن يتدبر هذه الآيات ويتفحص هذه الأحاديث وهو موقن مصدق لعله يتعظ ويخاف عقوبة الباري سبحانه وتعالى فيحافظ على صلاته. ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفسق والتهاون بالصلاة ترك الصلاة في المساجد، والبعد عن سماع الدروس الخطب والمواعظ المفيدة، ومصاحبة الأشرار واتباع الهوى، والإعجاب بغير المسلمين الصالحين والتخلق بصفاتهم والافتتان بهيئاتهم وهذا كله من ضعف الإيمان، لذا فلا بد من البعد عن رفقاء السوء ومجالس السوء. فإن الإنسان يتأثر بجليسه وصاحبه ولا محالة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(11/4419)
أداء العمرة صحبة الزوج التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على الإجابة عن سؤالي وهو أن زوجي لم يصم ولم يصل وقرأت الإجابة بتمعن ولكني أرى إذا أخذت بهذا الحكم فإن بيتنا سوف يتدمر وتتشتت الأسرة وأنا وأولادي نعيش حياه غير آمنه ويمكن أولادي لا يسامحونني على هذا التصرف برغم أن زوجي لم يصل إلا أننا نرجع إليه في كثير من الأمور التي نريد شرحها بالأمور الدينية وعنده أخلاق وحسن تعامل مع الأسرة وباقي الناس فأنا في حيرة من أمري ماذا أفعل ساعدوني أن يبقى بيتنا قائما ولا ينهدم فأنا وأسرتي لا ينغص علينا إلا هذا الموضوع وهل إذا ذهبنا إلى العمرة يتغير عليه شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة بالتفصيل على مثل هذه الحالة في عدة فتاوى سابقة من بينها الفتوى رقم: 58752، والفتوى رقم: 4510،
فاجتهدي في نصح زوجك والدعاء له بالتوفيق إلى طريق الاستقامة خصوصاً في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء مع الاستعانة بالله تعالى ثم بمن له تأثير على الزوج كبعض أصدقائه أو بعض المقربين أو إمام مسجد حيه فلعله يجد من ينصحه ويرشده. ولا بأس بنصحه بالذهاب إلى العمرة بصحبتك واجتهدي في الدعاء له بالتوفيق أثناء تلك العبادة العظيمة فقد ثبت الترغيب في أدائها وتكرارها مع الحج. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 43195، والفتوى رقم: 47895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(11/4420)
الأدلة على عدم كفر تارك الصلاة كسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أسئلة خاصة بي أتمنى من الله أن تساعدوني بالإجابة عليها بعد أن قضى الله سبحانه وتعالى أمر مقتل زوجي على يد جندي أمريكي في بغداد أثناء ذهابه إلى مقر عمله صباح يوم الإثنين 5 /9 /2005، حيث يعمل طبيبا اختصاصه أمراض القلب والعلاج بالقسطرة.
خلاصة عن حياة زوجي:
- من مواليد 1956
- كان متميزا في كل مراحل دراسته
- أكمل دراسة الطب في بغداد عام 1978
- أكمل اختصاص الباطنية وأمراض القلب بتفوق عام 1989
- أكمل اختصاص القسطرة بتفوق عام 2002
- كان متفانيا ومخلصا في عمله تجاه كافة مرضاه
- كان مخلصا لي ولأولاده بشكل كنت أحسد عليه
- لم يعرف الكذب ولا النفاق ولا المراءاة.
- يحترمه كافة أقاربه وأصدقائه والعاملين معه
- مشكلته الوحيدة لم يواظب على الصلاة إلا في رمضان ويتناول أحيانا المسكرات وهذه مشكلتي التي كانت معه، أسئلتي:
- هل مات شهيداً أم لا؟
- أنا أعمل طبيبة باختصاص الأمراض النسائية ومسؤولة عن إعالة أبنائي بعد وفاة زوجي (ولدان وبنت) وهم طلاب أكبرهم 18 سنة وأصغرهم 13 سنة، ما هو حكم التزامي العدة الشرعية، وهل بإمكاني الاستمرار بعملي لأن انقطاعي يسبب لي مشاكل في عملي، أنتظر الإجابة والنصح؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصلاة أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، وقد ورد الوعيد الشديد والزجر الأكيد في حق تاركها، وانظري الفتوى رقم: 6061.
وأما من تركها تكاسلا مع إيمانه بوجوبها فمختلف في حكمه هل هو كافر أم مسلم؟ على قولين ذكرناهما في كثير من الفتاوى:
القول الأول: هو الذي ذ كرناه أدلته في الفتوى رقم: 1846، والفتوى رقم: 27293، والفتوى رقم: 67907.
القول الثاني: أنه لا يكفر بل هو فاسق مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر، وهذا القول هو قول جمهور الفقهاء، وقد استدلوا على عدم كفره بأدلة أتى على معظمها الإمام ابن قدامة المقدسي في المغني قال رحمه الله تعالى: والرواية الثانية -عن أحمد-، يقتل حدا، مع الحكم بإسلامه، كالزاني المحصن، وهذا اختيار أبي عبد الله بن بطة، وأنكر قول من قال: إنه يكفر. وذكر أن المذهب -أي مذهب أحمد- على هذا، لم يجد في المذهب خلافا فيه.
وهذا قول أكثر الفقهاء، وقول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وروي عن حذيفة أنه قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى معهم من الإسلام إلا قول لا إله إلا الله. فقيل له: وما ينفعهم؟ قال: تنجيهم من النار، لا أبا لك.
وعن والان، قال: انتهيت إلى داري، فوجدت شاة مذبوحة، فقلت: من ذبحها؟ قالوا: غلامك. قلت: والله إن غلامي لا يصلي، فقال النسوة: نحن علمناه يسمي، فرجعت إلى ابن مسعود فسألته عن ذلك، فأمرني بأكلها.
والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله.
وعن أبي ذر، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما من عبد قال لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة.
وعن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من عمل.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة. متفق على هذه الأحاديث كلها، ومثلها كثير.
وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة، فمن جاء بهن، لم يضيع منهن شيئاً استخفافا بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. ولو كان كافرا لم يدخله في المشيئة.
وقال الخلال في (جامعه) : ... عن أبي شميلة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء فاستقبله رهط من الأنصار يحملون جنازة على باب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قالوا: مملوك لآل فلان، كان من أمره، قال: أكان يشهد أن لا إله إلا الله؟ قالوا: نعم، ولكنه كان وكان. فقال لهم: أما كان يصلي؟ فقالوا: قد كان يصلي ويدع. فقال لهم: ارجعوا به، فغسلوه وكفنوه، وصلوا عليه، وادفنوه، والذي نفسي بيده، لقد كادت الملائكة تحول بيني وبينه. وروى بإسناده عن عطاء عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا على من قال لا إله إلا الله.
ولأن ذلك إجماع المسلمين، فإنا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله، والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فُرِّق بين زوجين لترك الصلاة من أحدهما، مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافرا لثبتت هذه الأحكام كلها، ولا نعلم بين المسلمين خلافا في أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها، ولو كان مرتدا لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام. وأما الأحاديث المتقدمة -الدالة على كفر تارك الصلاة- فهي على سبيل التغليظ، والتشبيه له بالكفار، لا على الحقيقة، كقوله عليه السلام: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. وقوله: كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق. وقوله: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. وقوله: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد. قال: ومن قال: مطرنا بنوء الكواكب، فهو كافر بالله، مؤمن بالكواكب. وقوله: من حلف بغير الله فقد أشرك. وقوله: شارب الخمر كعابد وثن. وأشباه هذا مما أريد به التشديد في الوعيد، وهو أصوب القولين. انتهى.
فنرجو الله تعالى لزوجك أن يكون شهيداً، فالشهيد هو المسلم الذي يقتل على يد الكفار ولو كان مرتكبا للمعاصي، وأما شرب الخمر فكبيرة من كبائر الذنوب ولا يكفر شارب الخمر اتفاقا بين العلماء، وأما بشأن خروجك للعمل في أثناء عدة الوفاة فلا مانع من ذلك، وانظري الفتوى رقم: 11576، والفتوى رقم: 53594.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/4421)
واجب زوجة تارك الصلاة وشارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني امرأة متزوجة منذ 14 سنة ولي من الأبناء 3 الحمد لله، ومشكلتي هو أن زوجي يسكر دائما وخارج البيت ولا يصلي ويعود إلى البيت في الساعات المتأخرة من الليل ويهددني دائما بالزواج من امرأة أخرى فكيف له أن يوفق بين الزوجتين والشيء الغريب هو أنه لا تأشيرة لإقامتي في البحرين وكلما ذهبت إلى إدارة الجوازات يقولون لي إن شاء الله خيرا وتضيع أوراقي في الوزارة أو جهاز الكمبيوتر يتعطل لا أدري ما السبب؟ أفيدوني أفادكم الله ببعض آيات الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذا الزوج قد جمع كثيرا من الشرور وعظائم الأمور وكبائر الذنوب، ومن ذلك تركه للصلاة وشربه للخمر، فإن ترك الصلاة بالكلية كفر على القول الراجح من أقوال أهل العلم؛ لما أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. وانظري الفتوى رقم: 5629، لمعرفة ما تفعله الزوجة في هذه الحالة.
وأما إن كان يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا أخرى تكاسلا فقد اختلف العلماء في حكم من هذا حاله.. فمنهم من قال هو كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة أيضا، ومنهم من قال: بل هو كافر كفرا أصغر وواقع في كبيرة من أعظم الكبائر، وانظري الفتوييين: 6061، 6840، وانظري حكم الإسلام في شرب الخمر وبيان خطرها على متعاطيها في الفتوى رقم: 54706.
هذا، وإن الواجب عليك بذل الجهد في نصحه وتذكيره بالله العظيم وبعاقبة ما هو عليه، فقد يثوب إلى رشده ويرجع عن غيه ويتوب إلى الله تعالى، وأما إن لم يتحسن حاله فننصحك بعدم البقاء معه وارفعي أمرك إلى المحكمة لترفع الضرر عنك إن رفض تطليقك؛ وإلا فإن في بقائك معه خطر على نفسك وعلى أولادك، والله يعوضك خيرا منه. قال تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}
وراجعي الفتاوى: 4510، 27061. وبالنسبة لتهديده لك بالزواج من ثانية فانظري الفتوى رقم: 45842.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/4422)
كفرتارك الصلاة وحكم مصاحبته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ بارك الله فيكم، سؤالى هو: طالما أن رأي جمهور العلماء هو عدم تكفير تارك الصلاة، فلماذا لم نأخذ برأي الجمهور وأخذنا بحكم تكفير تارك الصلاة وهو رأي الإمام أحمد، فأنا أعلم أن جميع علمائنا يعملون بالأخذ برأي الجمهور فلماذا لم نأخذ به في هذه المسألة، وهل لو قلنا بكفر تارك الصلاة وأنا أعرف فلانا من الناس بأنه تارك للصلاة ونصحته أكثر من مرة فهل لو حدثت نفسي بأن هذا الشخص تارك للصلاة فإن حكمه فى الدين أنه كافر بدون النطق بها له أو لغيره، ولكن فقط شيء مستقر في نفسي، وهل مسألة تارك الصلاة مسألة ولاء وبراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخذ بالقول بكفر تارك الصلاة أو غيره من أقوال أهل العلم في المسائل التي فيها خلاف سببه الترجيح بين الأدلة الواردة في الموضوع، ولهذا رجحنا القول بكفر تارك الصلاة تركاً كلياً لرجحان الأدلة الواردة في القول بكفره، كما هو مبين في عدة فتاوى، منها الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 51257.
ولا يلزم في ذلك الحكم على شخص بعينه بأنه كافر أو مرتد ... فإن الحكم على المعين بالكفر لا بد فيه من توفر الشروط وانتفاء الموانع وإقامة الحجة ... ولا يجوز للمسلم صحبة تارك الصلاة والمصادقة معه، وما دام تاركاً للصلاة فإن عليه هجرانه ومقاطعته.. قال الأخضري المالكي في مقدمته: ولا يحل له صحبة فاسق ولا مجالسته لغير ضرورة. وأحرى إذا قلنا بكفره، ولا يخالطه إلا إذا كان ذلك بقصد دعوته وأمره بالمعروف ونهيه عن هذا المنكر العظيم. ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 24833، والفتوى رقم: 59055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(11/4423)
من أخلاق تارك الصلاة الذميمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخو زوجتي إنسان عاصٍ لا يصلي لله ولا يثق بأحد وكل شخص يعمل عنده ويتركه يقول عنه إنه حرامي وأنا قد عملت عنده وتركته فأصبح يهاجمني في كل مكان رغم أني أثبت للجميع عكس ذلك بعد أن أنهيت كل شيء من مدير شركته وقد ختم على ذلك وأرسلته إلى أخي زوجتي ولكنه لم يصدق فهو يهاجمني ويشوه سمعتي وأنا لا أريد من زوجتي أن تزوره أو يزورها بتاتا فإذا خالفت أمري فماذا أفعل؟ إني أخاف على أولادي منه ومن تصرفاته على سلوك أبنائي فهم صغار وأخاف أن يتعلموا منه الدخان والكذب وأشياء أخرى؟
فأفيدوني:جزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل على الحال المذكور من كونه لا يصلي ويظن بالناس سوءا من غير بينه ويسعى في تشويه سمعتهم فهو على منكرات عظام فالواجب نصحه، وأن يبين له خطورة ترك الصلاة، وأن من أهل العلم من ذهب إلى كفر تاركها ولم لم يكن جاحداً لوجوبها، وتراجع الفتوى رقم: 6061، وينبغي أن يذكر بأن الأصل حسن الظن بالمسلمين، وعدم جواز اتهامهم في أعراضهم من غير بينة، وتراجع الفتوى رقم: 66142، فإن انتهى هذا الرجل فالحمد لله، وإلا فينبغي أن يهجر إن غلب على الظن أن ينفعه الهجر وتراجع الفتوى رقم: 14139، ويجوز للرجل منع زوجته وأولاده من زيارة أخي زوجته أو زيارته هو لأخته وأولادها إن خشي الزوج عليهم منه ضرراً وتراجع الفتوى رقم: 22026، ويجب على زوجته طاعته في عدم زيارة أخيها فإن خالفت أمره فهي امرأة ناشز. وتراجع الفتوى رقم: 17322.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(11/4424)
لا يحل تعمد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مسلم أقيم بإيطاليا إقامة غير قانونية أي ليست لدي شهادة إقامة، إذا فأنا مضطر للعمل في السوق السوداء حيث تحد كثيرا الحريات وكنتيجة لذلك فأنا لا أستطيع إقامة الصلاة في وقتها وأضطر أن آتي بها آناء الليل كلها فما حكم الشرع في ذلك؟ متزوج ولي أبناء في بلدي كم يمنحني الشرع من مدة الغياب عنهم؟ وبم تنصحوني إخوتي الأعزاء؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تصلي الصلاة لوقتها ولا يجوز لك تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها؛ لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: صل الصلاة لوقتها. رواه مسلم، فتأخيرك لصلاة النهار إلى الليل لا يجوز، فقد أجمع المسلمون على أنه لا يحل تعمد تأخير صلاة الليل إلى النهار ولا صلاة النهار إلى الليل، فاتق الله أخي الفاضل، وحافظ على أداء كل صلاة في وقتها، فإن لم تتمكن من ذلك بسبب إقامتك في بلاد الكفار وجب عليك الرجوع إلى بلاد الإسلام فالهجرة في هذه الحالة واجبة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1486، وأما المدة التي لا يجوز للرجل أن يغيبها عن زوجته إلا بموافقتها فهي ستة أشهر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/4425)
المحافظة على الصلاة والرضا بما قضاه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله بطفلة تعاني من مشاكل ذهنية وحركية وحالتها في تحسن والحمد لله ولكني ابتعدت عن الله كثيرا بعد هذا الموقف فأنا لا أصلي ولكني أراعي الله في كل أعمالي حاولت كثيرا أن أصلي أو أقرأ القرآن ولكني فشلت ويبدو أن الشيطان تمكن مني فماذا أفعل؟ أنا ممزقة نفسيا لشعوري بالتقصير ولكني لا أستطيع أن أغير من نفسي بالرغم من الضغوط التي يمارسها زوجى وأهلي بأن أواظب على الصلاة والدعاء لابنتي موضحين أن دعوة الأم مستجابة أكثر من غيرها ولكن بلا أي استجابة مني لدرجة أني أغادر المكان عندما يبدؤون بفتح هذا الموضوع!!!
أرجو المشورة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم المؤمن التسليم لقضاء الله وقدره في كل شيء، وليحذر كل الحذر من التسخط وإظهار الجزع من القضاء والقدر، فإن الشر كل الشر في ذلك، كما أن الخير كل الخير فيما اختاره الله وقضاه، فقد روى مسلم عن صهيب بن سنان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
كما أن في المصائب ابتلاء وامتحانا من الله لعباده ليظهر صدق الصادقين بإيمانهم، ويظهر زيف وكذب المدعين للإيمان.
ففوضي أمرك وأمر ابنتك إلى الله ولا تقولي إلا خيراً.
واحذري من التهاون في الصلاة فإن ذلك من صفات المنافقين، قال تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا {النساء: 142} .
واعلمي أن تارك الصلاة تكاسلاً عن أدائها قد اختلف العلماء في حكمه هل هو كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة أو كافر كفراً أصغر ومرتكب لكبيرة عظيمة؟ فهل ترضين أن يختلف العلماء في أمرك هل أنت كافرة أم لا؟ وانظري الفتوى رقم: 6061.
فالواجب عليك المسارعة بالتوبة وإقامة الصلاة على وقتها من قبل أن يدهمك الموت ولا ينفعك الندم حينئذ، وأيقني أن قولك بأنك كلما حاولت الصلاة وقراءة القرآن فشلت أيقني أن ذلك لن ينفعك لأنه مجرد تغرير وتلبيس من الشيطان ولا تستسلمي له، فقد قال تعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا {النساء: 76} .
ولا تيأسي من إمكانية تغيير نفسك وإصلاحها، واعلمي أن تزكيتك لنفسك هو سبب فلاحك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا {الشمس: 7-10} .
ولكن تزكية النفس ومخالفة هواها يحتاج إلى مجاهدة ومغالبة، وإذا اطلع الله على صدقك واجتهادك في إصلاح نفسك، فإنه سبحانه سيعينك ويتولاك، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت: 69} .
وهذه بعض التدابير المعينة على تزكية نفسك وإصلاحها:
- الدعاء مع رجاء الإجابة، فاسألي الله بذل وإلحاح أن يشرح صدرك ويلهمك رشدك وأن يصرف عنك شر الشيطان وشر نفسك وأن يقوي إيمانك ويختم لك به، وتحري أوقات الإجابة فإنها أرجى في القبول، كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وأثناء السجود، وأخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة، وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه، ونحو ذلك.
- قراءة القرآن بتدبر، فقد قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} .
قال العلماء: الشفاء يعم شفاء القلوب وشفاء الأبدان.
- المحافظة على ذكر الله، وخصوصا الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء وبعد الصلاة وعند النوم ونحو ذلك، وتجدينها وغيرها في (حصن المسلم) للقحطاني.
- استماع الأشرطة الإسلامية التي ترقق القلوب ويكثر فيها الوعظ والتذكير بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، كأشرطة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، وتجدينها على موقع طريق الإسلام:
www.islamway.com
- اتخذي رفقة صالحة من الأخوات الفضليات المتمسكات بالدين، فإن صحبتهن من أعظم أسباب الاستقامة على أمر الله تعالى، فتعاوني معهن على الخير وطلب العلم النافع، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
ولمزيد فائدة طالعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 1208، 16610، 12744، 21743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/4426)
الصلاة صفتها وحكم تاركها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت من تاركي الصلاة ومنذ صغري والآن الحمد لله أصلي ولكن مشكلتي إنني لا أعرف جميع أركان الصلاة فمثلاً
عند قراءة الفاتحة والسورة التي تليها هل يجب أن أبدأ بالبسملة وأنهي بِ <صدق الله العظيم >، وهل أن <التحيات لله والصلوات.....>
آية أو دعاء. وإذا توافر لديك الوقت أرجو أن تذكر لي كيف تقوم حضرتك بالصلاة من <أللهم رب هذه الدعوة.....> والى <السلام > وعسى الله أن يجزيكم خير جزاء، ورحم الله ممول الموقع داعياً من الله أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي ردك إلى الصواب بعد ترك الصلاة ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقك لأداء فرائضه في المستقبل وقضاء ما فات عليك منها بعد البلوغ.
ثم اعلم أن الصلاة شأنها عظيم، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، ومن تركها جحودا فهو كافر بإجماع الأمة، ومن تركها تكاسلا فهو مختلف في كفره كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5259، والفتوى رقم: 6061.
ومذهب جمهور الفقهاء وجوب قضاء ما فات من الصلوات سواء فات عمدا أو نسيانا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 53135، ولكيفية القضاء راجع الفتوى رقم: 61320
واعلم أن البسملة محلها قبل الفاتحة، أما قول صدق الله العظيم فليس مما يشرع في الصلاة، لذا، فلا يقولها المصلي في صلاته، وأما في خارج الصلاة فيمكن أن يقولها بعد انتهاء القراءة، ولبيان كيفية الصلاة طالع الفتوى رقم: 6188، ففيها صفة الصلاة من التكبير إلى التسليم، كما يرجى مراجعة الفتوى رقم: 12455، لبيان أركان الصلاة، واعلم أن المسلم لا بد أن يهتم بصلاته ويتفقه في أحكامها بحيث يعلم ما يفسدها وما لا يفسدها، ثم إن دعاء اللهم رب هذه الدعوة التامة إلى آخره محله إذا سمعت مؤذنا فيستحب لك حكاية الأذان وبعد الانتهاء من الأذان وحكايته يستحب هذا الدعاء وليس هو من الأدعية التي تقال في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(11/4427)
الصلاة آكد الفرائض ولا يغني عنها أي عمل آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق كلما أدعوه للصلاة يقول لي أنا أتصدق وأعمل الخير، وهذا كاف ولا داعي للصلاة!!! فماذا تقولون له؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لك جزاك الله خيرا على نصيحتك لصديقك الذي لا يصلي، وعليك أن تحاول معه بما استعطت من وسائل الإقناع مع الترغيب فيما عند الله والترهيب من عقابه واستعمال الرفق في ذلك، وقل له إن الصلاة هي عماد الدين وهي الركن الثاني من أركانه بعد الشهادتين، وأن من أنكر وجوبها فهو كافر بإجماع الأمة، ومن تركها تهاونا وكسلاً مع إقراره بوجوبها فقد اختلف في كفره كما سبق مفصلا في الفتاوى التالية أرقامها: 6061، 1145، 1846، 5259. ولتطلعه على هذه الفتاوى المشار إليها لعله يتذكر فيخاف الله تعالى. وليعلم أنه مهما فعل من الصدقة أو أفعال الخير فإن ذلك لا يغني عن الصلاة المفروضة، فالصلاة هي أول ما يحاسب عليه من الأعمال، فقد روى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إ ن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.. إلى آخر الحديث وفي الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.. إلى آخر الحديث. فعليه أن يتقي الله في نفسه ويمتثل أمر الله تعالى بأداء ما افترض عليه من الفرائض، وفي مقدمتها الصلاة، وبعد ذلك يتصدق ويفعل ما يشاء من الخير، ولقد أمر الله تعالى بإقامة الصلاة والمحافظة عليها في كثير من آيات القرآن الكريم كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك ويحض عليه ويوصي بها حتى في آخر لحظة من حياته بقوله: الصلاة وما ملكت أيمانكم. رواه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(11/4428)
ترك الصلاة من أعظم الذنوب بل سماه الشرع كفرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي زوجان نتحلى بالأخلاق الحميدة ونخاف الله إلا أننا نقصر في أهم الأمور فنحن لا نصلي ونتعذب نفسيا من هذا وأتعذب كثيرا حين أسمع المؤذن ينادي الصلاة خير من النوم وقد أرغمت نفسي على الصلاة مرارا ولكني أستمر أياما معدودة ثم أنقطع عنها فما الحكم وما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها السائلة أن الذنب الذي تسألين عنه ليس أمراً هيناً، ولا من صغائر الذنوب، لأن الصلاة أمرها عظيم، وشأنها جليل، وتركها من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وإثم تركها أعظم من إثم قتل النفس والزنا، وأكبر من إثم شرب الخمر والسرقة وأكل الربا، وهذا بإجماع المسلمين، فلم يخالف في ذلك أحد منهم، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم تركها كفراً في أحديث عديدة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي والألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم في صحيحه، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بلفظ: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة. وصححه الترمذي والألباني.
فليخش الإنسان على نفسه من هذا الوعيد الشديد، واعلمي أن صلاح صلاتك يعني صلاح أعمالك الأخرى، وفسادها يعني فسادها أيضاً، لأن أول ما يحاسب عليه المرء صلاته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإذا صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ترك الصلاة يحبط أعمال العبد، فعن بريدة رضي الله عنه قال: بكروا بالصلاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر حبط عمله. رواه البخاري في صحيحه.
فتأملي هذه الأحاديث لتعلمي عظيم الخسارة التي تلحق تارك الصلاة، فبادري إلى التوبة النصوح قبل أن يباغتك الموت فتندمي ندماً ما بعده ندم، وأكثري من الدعاء، والتضرع إلى الله تعالى، واسأليه عز وجل أن يقيك شر نفسك ويعينك عليها، ويوفقك للقيام بما افترض عليك، وأن يحبب لك الصلاة ويعينك على ذلك، وحافظي بعد الصلاة على قول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وادعي لزوجك بمثل ذلك وأطلعيه على هذه الفتوى، وذكرا بعضكما البعض وتواصيا بعدم ترك الصلاة، واعلما أن سلعة الله غالية، وسلعة الله الجنة، وأن دخول الجنة يحتاج منا إلى صبر على طاعة الله تعالى، وحمل النفس على ما تكره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات. رواه مسلم في صحيحه.
وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 5629.
نسأل الله لنا ولك ولزوجك الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(11/4429)
ليس الانشغال بأعمال المنزل أو انقطاع المياه عذرا لترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحتم لي، أنا أصلي وأترك لانشغالي بأعمال المنزل وكذلك انقطاع الماء بكثرة لدينا وعدم وجوده لأتطهر وأغتسل فما العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ترك الصلاة في أي وقت من الأوقات للانشغال بالعمل، ولا لانقطاع الماء، ولا لأي سبب آخر، لأن الصلاة هي عماد الدين، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، ولك أن تراجعي فيها وفي عقوبة تاركها في الدنيا والآخرة فتوانا: 16061 فالصلاة لا تمنع من القيام بجميع الأعمال المنزلية، لأن أداءها لا يأخذ وقتا طويلا، وإذا لم يجد المرء ما يتطهر به لها من الماء، فله أن يؤديها بالتيمم، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ {المائدة: 6} . وقوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم يجد الماء. رواه مسلم. وقوله فيما رواه البزار وأصله عند أصحاب السنن: الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليتق الله، وليمسه بشرته. وعليك أن تطلبي الماء من جيرانك إذا انقطع عنك ولا يجوز لك التيمم مع إمكان وجود الماء بالهبة أو بالشراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(11/4430)
التهاون بالصلاة انشغالا بالأولاد والبيت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: إني أم لولد واحد وموظفة في إحدى الدوائر عند عودتي إلى البيت أشتغل عن الصلاة بعنايتي بالطفل وأعمال البيت فصلاتي ليست مستمرة أحيانا ما رأيكم في ذلك
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الاشتغال عن الصلاة بأمر البيت ولا أمر الطفل ولا غير ذلك من الأمور حتى تخرج وقتها، فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} فإذا حضر وقتها فليصلها المسلم ولا عذر في تأخيرها عن وقتها إلا لنوم أو نسيان أو جمع حيث جاز الجمع، ومن فرط في ذلك فهو عاص لله سبحانه وتعالى وآثم فقد قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} والتعليل بأمر البيت أو الصبي لا معنى له فكيف لا يمنعك ذلك من حظوظ نفسك وعملك الدنيوي، ويمنعك من عبادة الله عز وجل التي خلقك لأجلها.
ثم إن الصبي يمكن حمله أثناء الصلاة ويمكن إلهاؤه بالألعاب وغيرها حتى تؤدي الصلاة، فالحذر من التهاون بالصلاة فلا حظ في الإسلام لمن تركها، كما قال عمر رضي الله عنه. وقد حكم بعض العلماء بكفر المتهاون بها، وما ذلك إلا لعظم شأنها فيجب عليك الحرص على أدائها في وقتها بشروطها من طهارة وستر عورة وغيرها، وانظر الفتوى رقم: 1195 والفتوى رقم: 21147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(11/4431)
نكاح المسلم الفاسق صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عقدت قراني منذ أربع سنوات وبعد حوالي سنة من عقد القران التزمت.. ولم أكن قبل الالتزام أهتم أن يكون خطيبي يصلي أم لا.. وأما بعد أن هداني الله تعالى حاولت أن أدعوه.. وهو يستجيب لي دائما ولكنه ينسى ويعود إلى حاله لأني لا أراه إلا بعد كل فترة طويلة.. وطوال هذه السنين وهو ينفق علي من كل شيء مع أني لازلت في بيت أهلي.. وأنا لم أيأس بعد من دعوته في كل مرة وهو يتقبل مني، ولكن يعود بعد فترة وجيزة أكثر ما يؤلمني هو الصلاة التي يضيعها وأخاف أن يكون زواجي منه باطلا.. وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أتركه لسببين أولهما أنه يستجيب للدعوة وأخاف إن تركته يضيع والثاني أنه أنفق علي الكثير طوال هذه السنين مما لا أستطيع رده.. أرجو منكم النصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الزوج مسلماً فالنكاح صحيح، وعدم الفسق -والتهاون في الصلاة من الفسق- ليس شرطاً في صحة النكاح، وإن كان الأفضل صاحب الدين والخلق، كما حث على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتراجع الفتوى رقم: 64854.
فما ننصح به الأخت هو أن تستمر في نصح زوجها، وتذكيره والحرص على هدايته، ولتتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. ونسأل الله أن يوفق الأخت فيما تسعى إليه من هداية زوجها، وأن يهديه لها، وأن يجمع بينهما على طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/4432)
هذه الأعذار ليست كافية لترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وأصلي كل الأوقات والآن مهاجر إلي بلاد الغرب وأنا في طريق سفري مخاطر من جراء السفر لأن السفر تهريب (مشي على الأقدام لمدة 7 أو 10 أيام، مرات لمدة 9 ساعات متواصلة وفي بعض الأحيان لا يوجد ماء والتعب والعطش والنجاسة في حالة الاحتلام والتبرز والتبول السريع) عموما السؤال هو: مرات عديدة لا أصلي تكاد تصل لخمسة أيام ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السفر وقلة الماء أو عدم الماء ووجود الجنابة أو النجاسة لا يبيح كل ذلك ترك الصلاة، وكان الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، فإن وجدت الماء تطهرت، وإن لم تجده تيممت وصليت، والآن يجب عليك قضاء صلاة هذه الأيام التي تركت الصلاة فيها، ولمزيد من الفائدة في ذلك طالع الفتوى رقم: 35136، والفتوى رقم: 25764، والفتوى رقم: 35545.
وعلى الأخ السائل أن يعلم أنه لا يجوز السفر إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع إقامة شعائر دينه ولا يأمن على نفسه الفتنة، أضف إلى ذلك إن كانت الهجرة بطريق غير قانونية لما قد يترتب عليها من مخاطر، ومن إذلال المسلم نفسه، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 9262.
فإذا علمت أن هذا النوع من السفر غير مباح فعليك أن تتوقف عنه وتطلب رزق الله في بلاد المسلمين، وعليك أن تقضي الصلوات التي فاتت عليك تامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/4433)
المضيع للصلاة لا يوصف بالصلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتوجب علي طاعة زوجي كما كانت زوجات السلف الصالحين يطعن أزواجهن في غير معصية الله على الرغم من أنه لا يصلي، علماً بأنه إنسان صالح جداً جداً جداً، وماذا أفعل معه لكي يصلي لقد استنفدت كل الطرق ولكن لا فائدة، أفيدوني أجلكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواجب على الزوجة أن تطيع زوجها بالمعروف، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة منها، ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
ومنها: ما رواه أحمد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت.
ومنها: ما رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
ولكن الزوج إذا كان لا يصلي مطلقاً فقد تقدم في فتاوى سابقة أن من أهل العلم من حكم بكفره كفراً أكبر مخرجاً من الملة، فلا يجوز لك البقاء معه على هذا القول، ومنهم من لم يحكم بكفره بل اعتبره عاصياً مرتكبا لكبيرة من أكبر الكبائر، وحملوا ما جاء في وصفه بالكفر بأنه الكفر الأصغر، وتجدين ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 1061.
ولا شك في أن فراقه خير على كلا القولين، وذلك أن من كان مضيعاً للصلاة فلا خير فيه، وهو لما سواها أضيع، أما إذا كان يصلي أحياناً ويترك أحياناً فهو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب وليس بكافر، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 15494.
وليس واردا قولك إنه إنسان صالح جداً جداً جداً مع تركه للصلاة، بل إنك لو وصفته بأنه إنسان فاسد جداً جداً جداً، لكان ذلك أقرب إلى وصفه، وننصحك بعدم اليأس منه حيث قررت البقاء معه، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، والهداية بيد الله، فأكثري من دعاء الله سبحانه له بالهداية، واستمري في نصحه ودعوته فلعل الله أن يهديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(11/4434)
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا من عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي المغرب وتذكرت أني لم أصل العصر لانشغالي بالعمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التهاون في أداء الصلاة وتركها وتأخيرها عن وقتها لأجل العمل كبيرة من الكبائر وسمة من سيما المنافقين الذين لا يأتون الصلوات إلا وهم كسالى، ولا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا لعذر شرعي من نوم أو نسيان أو مرض ...
ومن تذكر فائتة وقد شرع في حاضرة، فالصحيح من كلام أهل العلم أنه يتم الحاضرة ثم يعيد الفائتة، كما بينا في الفتوى رقم: 27665.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(11/4435)
أعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن ترك الصلاة هو أعظم ذنب بعد الشرك، وهو أعظم من القتل والسرقة وعقوق الوالدين والزنا وأخذ الأموال، ولهذا يقتل لا أدري حداً أو كفراً، أرجو الإجابة في أسرع وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من أعماله، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وترك الصلاة ذنب عظيم وهدم لركن أساسي من أركان الإسلام، وللتعرف على خطورة هذه المعصية الشنيعة راجعي الفتوى رقم: 512، والفتوى رقم: 1145.
وقد ذكرنا في هاتين الفتويين قولين لأهل العلم في حكم تارك الصلاة تكاسلاً مع إقراره بوجوبها هل هو كافر أم لا؟ فعلى القول بأنه كافر فذنبه أعظم الذنوب بلا شك فهو أعظم من القتل والزنا.... وعلى القول بأنه غير كافر فذنبه عظيم أيضاً، كما أن الذنوب الأخرى التي ذكرت في السؤال عظيمة يتعدى ضررها ويتسع خطرها، وإن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى هو قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ويليه الزنا بدليل ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: قلت له: إن ذلك لعظيم، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني حليلة جارك.
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: أما أحكام هذا الحديث ففيه أن أكبر المعاصي الشرك وهو ظاهر لا خفاء فيه، وأن القتل بغير حق يليه وكذلك قال أصحابنا: أكبر الكبائر بعد الشرك القتل وكذا نص عليه الشافعي رضي الله عنه في كتاب الشهادات من مختصر المزني.
وأما ما سواهما من الزنا واللواط وعقوق الوالدين والسحر وقذف المحصنات والفرار يوم الزحف وأكل الربا وغير ذلك من الكبائر فلها تفاصيل وأحكام تعرف بها مراتبها ويختلف أمرها باختلاف الأحوال والمفاسد المرتبة عليه.
وعلى هذا يقال في كل واحدة منها هي من أكبر الكبائر وإن جاء في موضع أنها أكبر الكبائر كان المراد من أكبر الكبائر كما تقدم في فضائل الأعمال. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى للرحيباني وهو حنبلي: قد جعل الله القتل بإزاء الشرك، ويقرب منه الزنى واللواطة فإن هذا يفسد الأديان وهذا يفسد الأبدان وهذا يفسد الأنساب، قال الإمام أحمد: لا أعلم بعد القتل ذنباً أعظم من الزنى واحتج بحديث عبد الله بن مسعود (وهو الحديث السابق في الصحيحين) ... إلى أن قال: والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر من كل نوع أعلاه ليطابق جوابه سؤال السائل فإنه سأله عن أعظم الذنب فأجابه بما تضمن ذكر أعظم أنواعها وما هو أعظم كل نوع.
فأعظم أنواع الشرك أن يجعل العبد لله نداً، وأعظم أنواع القتل أن يقتل ولده خشية أن يشاركه في طعامه وشرابه، وأعظم أنواع الزنى أن يزني بحليلة جاره، فإن مفسدة الزنا تضاعف بتضاعف ما انتهكه من الحق. انتهى.
وكون تارك الصلاة يقتل حداً على القول بعدم كفره ليس بدليل على أنه أعظم من هذه المعاصي، فإن القاتل عمداً يقتل قصاصاً، والزاني المحصن يرجم بالشروط المطلوبة، وآخذ الأموال على وجه الحرابة من عقوبته القتل، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49522، 26483، 13010.
وعلى كل فإن ارتكاب المعصية أياً كانت تلك المعصية خطر عظيم لأن مرتكبها إما أن يكون مغروراً مستهتراً، وإما أن يكون مجترئاً على الله تعالى، وكل منهما معرض لغضب الله تعالى ومقته وأليم عقابه، وقد قيل لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/4436)
طريقة التعامل مع الزوجة المقصرة بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي قبل الزواج كانت متبرجة ولا تصلي.. بعد الزواج بدأت معها بداية طيبة حتى تحجبت وأنا لا أقسو عليها في طلب العبادات من صلاة وزكاة وصوم بل أحاول أن أكون طيبا معها وأبين لها بأسلوب ترهيب وترغيب.. وهي تصلي الآن صلاة متقطعة ... فهل علي أن أداوم على هذا أم أقسو عليها، علما بأنها إنسانة طيبة ومطيعة وتقوم بواجباتها الزوجية على أتم وجه.. الرجاء النصح من جانبكم؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تدوم معها على ذلك، وتدعوها بالحكمة والموعظة الحسنة وتقول لها قولاً ليناً لعلها تتذكر أو تخشى، وترغبها في الخير وتحذرها من الشر، وقد ذكرت أنها طيبة مطيعة والحمد لله، ولكن أمر الصلاة خطير فليست كغيرها من الأمور فلا بد أن تلتزم بأدائها، ولا ينبغي التساهل في ذلك، فقد ذكر بعض أهل العلم كفر تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً، كما بينا في الفتوى رقم: 46408، والفتوى رقم: 10370.
فلا تتساهل معها في شأن الصلاة ولْتقسُ عليها إذا لم تستجب، وقد قيل:
فقسى ليزدجروا ومن يك راحما فليقس أحيانا على من يرحم
وفي كتاب الله أن موسى لما غضب على قومه لعبادتهم للعجل: وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ {الأعراف:150} .
فشأن الصلاة خطير ولا ينبغي التساهل في أدائها، فإن التزمت بأدائها فلتدم معها على ما أنت عليه، ولتجد منك القدوة الصالحة والأسوة الحسنة فأنت خليلها والمرء على دين خليله، كما في الحديث عند أبي داود والترمذي، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 20946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1426(11/4437)
الخلل من بعض المصلين لا من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدة صديقة لي لا تصلي فهي تقول إن أغلبية المصلين يصلون ولكن أفعالهم لا تتوافق مع الإسلام فمنهم المنحرف ومنهم ومنهم إلخ، وهي تقول إن الأعمال بالنيات فهي لا تصلي ولكن تحب الخير للناس جدا، وأنا أشهد على حسن سلوك والدة صديقتي.
أما والدها فهو يصلي ولكن قد يفوته بعضها لكنه ليس على رأي زوجته، فما يفوته فهو بسبب العمل والانشغال في الحياة، والسؤال من صديقتي هو هل يؤثر عدم صلاة الأم على ابنتها؟ أعني لو دعت الابنة بشيء ما ربها فهل من الممكن أن يرد الله دعوتها عقابا لأمها التي لا تصلي بتاتا أي هل من الممكن أن لا تحيا الفتاة حياة سعيدة بسبب ذنب لو أسميناه ذنبا ولم تقترفه هي بل والدتها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يمن على والدي صديقتك بالتوبة والمحافظة على الصلاة، وليعلما أن الصلاة صلة بين العبد وربه، وقطعها قطع للصلة معه، وأنها سبب رئيسي لاجتناب الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45} إلا أن كثيرا من المصلين لا ينتفعون بصلاتهم ولا تكون سببا لفلاحهم لأنهم لا يؤدونها بخضوع وخشوع وطمأنينه، فالخلل منهم لا من الصلاة، ولذلك قال الله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون: 1-2} ونقول لأمها خاصة: إن كل مسلم مطالب بالصلاة ولا عذر له عند الله في كون كثير من المصلين يخالفون أوامر الله جل جلاله، بل عليه أن يصلي ويقوم بما أمره الله ويصلح نفسه وغيره لا أن يفسد بحجة أن غيره فاسد، ويجعل الصلاة هي سبب فسادهم، فهذا عذر أقبح من ذنب كما يقال.
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا. رواه الترمذي وحسنه. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 62008.
وأما قولك: هل يؤثر عدم صلاة الأم على ابنتها؟
فالجواب أنه لا يؤثر عليها لا في رد دعائها ولا في شقائها؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وقوله: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ.
وينبغي لهذه الفتاة أن تحسن إلى أمها وتشفق عليها وتسعى جاهدة إلى إنقاذها مما هي فيه، فذلك من أعظم البر بها والإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(11/4438)
موقف الزوج من الزوجة التاركة للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نفعنا الله بعلمكم وموقعكم المبارك، سؤالي هو: لي زوجة لي منها أبناء لا تصلي تكاسلا، وغالبا تصلي بعد أن أخرج من طوري من كثرة الغضب، وحاولت نصحها وتبيان حتمية الصلاة ولكن لا حياة لمن تنادي، فهل أنا آثم لكونها لا تصلي غالب الأيام، أم أنا أديت ما علي وعلي الصبر والمواصلة للنصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم فإن حافظ عليها فاز ونجا وإن ضيعها فقد خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} .
وبخصوص زوجتك فينبغي لك مواصلة نصحها وبيان خطورة ترك الصلاة أو التهاون بها مع استعمال الحكمة والرفق في ذلك، وما دمت قد قمت بما يلزمك من النصح فلا إثم عليك، فإذا تحققت من عدم إفادة النصيحة وإصرارها على ترك الصلاة فينبغي لك أن تفارقها لأنها لا يمكن أن تقيم معها بيتاً مسلماً يتعاون فيه الزوجان على طاعة الله تعالى، ولأنها قد تؤثر على أولادك منها، فينشئوا على ترك الصلاة، هذا على القول بأن تارك الصلاة تهاوناً بها وكسلا غير كافر، أما على القول بأنه كافر فالواجب مفارقتها على كل حال، وراجع الفتوى رقم: 29567، والفتوى رقم: 10370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/4439)
المتهاون بالصلاة والتارك لها بالكلية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لا تصلي مع العلم بأنها تصوم وتتصدق وتبر والديها وكل صفاتها طيبة والحمد الله ولكن عندما أطالبها وأنصحها بالصلاة ترد علي بأنها سوف تصلي إن شاء الله حين ترى نفسها قادرة على الالتزام بالصلاة في مواعيدها , لأنها لا تريد أن تصلي ولا تلتزم بالصلاة في وقتها ولقد تعبت من نصحها وهي تجاوبني نفس الجواب فهي تعتقد أن إثم وعقوبة الذي لا يؤدي الصلاة في أوقاتها أكبر من عقوبة تارك الصلاة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة من عظائم الذنوب، بل ذهب كثير من أهل العلم إلى أن من تركها تكاسلا فهو كافر ولو كان يعمل أعمالا صالحة، لذلك يجب على الأخ السائل أن يأمر زوجته بالصلاة بجدية ويعظها ويبين لها أنه لا يمكن له العيش معها ما لم تصل، فإن امتثلت وصلت فالحمد لله، وعليها أن تتوب إلى الله من هذه الكبيرة التي كانت تصر عليها، وإن أصرت على ترك الصلاة فليطلقها، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 20353 وكنا قد ذكرنا كلام أهل العلم في حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 6840.
ثم إن دعوى أن تارك الصلاة بالكلية أحسن حالا من المتهاون بها دعوى باطلة، فالذي يصلي بعض الأوقات خير ممن يضيع الصلاة بالكلية، وإن كان كلاهما على خطر عظيم، لكن المتهاون ببعضها قد يموت وهو على صلاة أو يموت بعد صلاة، وهذه الصلاة تحسب له بخلاف تاركها أصلا.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10370 والفتوى رقم: 46813
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(11/4440)
التائب من ترك الصلاة هل يتدرج في أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال يحيرني وهو
إذا أنا كنت لا أصلي أبدا وأحببت أن ألتزم بالصلاة فهل أبدأ بالتدرج حتى أعود نفسي
أو أضغط على نفسي مرة واحدة وأبدأ أصلي الخمس كلها في المسجد مع العلم أني حاولت أكثر من 100 أن أصليها مرة واحدة وفشلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخ الكريم أن يعلم أن الصلاة هي عماد الدين، والمفرط فيها على خطر عظيم، فمن العلماء من يقول بكفر تاركها مطلقا، ومنهم من فرق بين من يتركها جحودا ومن يتركها تكاسلا، فالجاحد لها كافر بالإجماع وغير الجاحد الذي يتركها تكاسلا وتهاونا مختلف في كفره، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 1145.
إذا علمت هذا فإن الواجب عليك هو أن تتوب إلى الله تعالى من التهاون في فريضة الصلاة، وتلتزم بأداء الصلاة في أوقاتها ولا توخر الالتزام بها فإنها فرضت عليك مذ بلغت، وتركك لها كان عصيانا، واليوم بعد أن من الله عليك بمراجعة نفسك وتشوقت للقيام بما فرض الله عليك فإياك والتسويف، فإن ذلك من الشيطان ليصدك عن الصلاة، وليس لك عذر عند الله تعالى إذا مت وأنت غير ملتزم بصلاتك بحجة تعويد نفسك عليها تدريجيا مع معرفتك بوجوبها، والصلوات الخمس ليست عملا شاقا بحيث يحتاج إلى كل هذا التدريب والمطلوب منك عزيمة صادقة وعدم الركون إلى وسوسة الشيطان الذي يزين قبيح الفعال، فلو عزمت على ذلك عزيمة صادقة لرأيت الأمر سهلا إن شاء الله، وإذا دار الأمر بين أن تتدرج في الالتزام بالصلاة أو تتركها إطلاقا فلا شك أن التدرج هنا أولى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية: 61318، 21894، 37920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/4441)
المحافظة على الصلاة والرضا بقضاء الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي المفتي أود أن أشكركم على هذه الصفحات المليئة بالعبر والحكم والتشويق وجزاكم الله ألف خير.
سؤالي هو أني سيدة ابلغ من العمر 22 عاما تحجبت منذ عام تقريبا ومشكلتي هي أني أقطع في الصلاة كثيرا فكيف أستطيع محاربة شيطاني والمواظبة على الصلاة؟
وسؤالي الثاني هو أني غير قادرة على الإنجاب وأنا متزوجة منذ 3 سنين وزوجي لا يتحمل يريد طفلا فكيف أقنعه بالصبر مع العلم أن عمره 34 عاما ويقول بأنه كبر وتزداد مشاكلنا والسبب الرئيسي هو الناس فمجال عمله يلتقي بكثير من المعارف الذين يسألونه كل يوم (شو صار ومتى وإذا زوجتك ما بتقد اتركها) (مع العلم أني قمت بالفحوصات وتبين أني لا أستطيع إلا بعمليات أطفال الأنابيب والتي هي مكلفة لنا لأن زوجي موظف) فكيف أواجه الناس وأجعلهم يتركونني بحالي؟
أرجو منكم الرد ومساعدتي.
أنا متأسفة جدا على الرسالة الطويلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. {البينة: 5} .
والصلاة هي عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة. أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة.
هذا الحكم بالنسبة لمن يتركها ولا يؤديها، أما من يؤديها لكن يتكاسل في أدائها ويؤخرها عن وقتها، فقد توعده الله بالويل فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. {الماعون: 5} . والويل هو واد في جهنم، نسأل الله العافية.
وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. [البقرة: 238] وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف.
فشمري –أيتها الأخت الكريمة- وتذكري هذا الخير الكثير في الصلاة، وما يقابله من الشر في تركها أو التهاون بأمرها، فذلك أكبر حافز على المواظبة عليها.
وفيما يتعلق بموضوع الإنجاب، فلك أن تبيني لزوجك أن كل شيء بيد الله تعالى، يقسم حسب حكمته ومشيئته، ومن ذلك الولد، فهو يهب لمن يشاء ذكورا، ويهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء ذكورا وإناثا، ويجعل من يشاء عقيما، وله في كل هذا الحكمة البالغة، فمن حرم الأولاد فعليه أن يعلم أن ذلك بتقدير من الله تعالى فيتلقاه بالصبر والرضا.
لكن لا ييأس من الرب الشكور، وله أسوة في زكريا عليه السلام، فلم يمنعه كبر سنه ووهن عظمه، وعقر امرأته من أن يتوجه إلى ربه قائلا: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا {مريم:4}
فاستجاب له ربه قائلا: يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا [مريم:7] .
هذا مع الإكثار من الاستغفار والذكر، وبذل الأسباب المادية بطلب العلاج ومقابلة أهل الاختصاص من الأطباء.
وبيني لأولئك الذين يريدون الإفساد بينك وبين زوجك أنهم بذلك يرتكبون ذنبا كبيرا، وأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(11/4442)
هل يلعن تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت شريطا عن تارك الصلاة أنه كافر، ملعون، فاسق، عاص فهل لكل حالة حكم؟ ومتى يطبع ويختم على قلبه.؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تارك الصلاة كسلا وتهاونا على قولين مشهورين:
الأول: أنه كافر كفرا أصغر غير مخرج من الملة، وهو قول جمهور الفقهاء.
والثاني: أنه كافر كفرا أكبر، ولكن لا يحكم عليه به إلا بعد دعوته من قبل الحاكم أو نائبه، وهو رواية عن أحمد، وهو المعتمد عند أصحابه، كما نص عليه المرداوي في الإنصاف والسفاريني في غذاء الألباب، وفي رواية عن أحمد أنه كافر مطلقا، وبها أخذ جماعة من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا هو الذي تدل عليه ظواهر النصوص، وراجع الفتوى رقم: 17277.
والقائلون بعدم كفره يعدونه عاصيا فاسقا.
وأما لعن تارك الصلاة فلم نقف على حديث صحيح فيه، ولكن يجوز لعنه عموما، فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى وهذا نص السؤال وجوابه:
سئل عن مسلم تارك للصلاة ويصلي الجمعة فهل تجب عليه اللعنة؟
فأجاب: الحمد لله، هذا استوجب العقوبة باتفاق المسلمين والواجب عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز، وأما لعنة المعين فالأولى تركها لأنه يمكن أن يتوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/4443)
سيصلي في المستقبل!!!
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قريب لي متزوج من امرأة أجنبية وهو يقول إنها قد أسلمت مع العلم أنها لا تصلي ولا تصوم ولا تفعل شيئا من فرائض الإسلام على الإطلاق فهل هي مسلمة وقريبي يسكن في دولة أوروبية وله ولدان عمر الأول 12 والثاني 9 سنوات وهو لم يقم بتعليمهم اللغة العربية ولم يعلمهم أي شيء عن الإسلام فهل يحاسب عنهم لأنه أبوهم وهو يعرف أن الدين الإسلامي هو الدين الصحيح لأنهم إن كبروا فهم لا يعرفون لغة القرآن ولا أحكام أو فرائض الإسلام وهذا القريب لي لا يصلي ولا يصوم ويقول إن قلبه طيب وهو يساعد المساكين وهو يريد أن يصلي في المستقبل ويقول الله يهدينا ويقول إن قبل صلاته يجب أن يكون علاقته بعائلته جيدة وأن يبتعد عن أعمال المحرمات ومن ثم يريد أن يصلي ويبدأ صفحة جديدة في الحياة مع العلم أنني أناقشه وأدعوه بشكل دائم إلى الصلاة ومنذ 7 سنوات ولكنه يؤجلها حتى الآن فما هو الحل مع العلم أنني أعمل المستحيل على أن أرجعه إلى الطريق الصحيح ولكن دون جدوى فما حكم هذا الإنسان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العيش في بلاد الكفر يكتنفه كثير من المخاطر على دين المرء ودين أبنائه، ويزداد الأمر سوءاً إذا تزوج من أهل تلك البلاد من غير المسلمين، وقد سبق لنا فتاوى في التحذير من هذا الأمر نحيل على بعضها: 2007، 41449، 8328
أما عن سؤال الأخ عن هذه المرأة وهل هي مسلمة في حين أنها لا تصلي ولا تصوم ولا تفعل شيئا من فرائض الاسلام؟ فالجواب أن مجرد النطق بالشهادتين مع التولي عن العمل وعدم الانقياد لأحكام الإسلام لا يصير به الإنسان مسلما، ويراجع تفصيل ذلك في الفتاوى التالية: 12517، 54607. ولا شك أن هذا الأب مسؤل عن أبنائه وعن تعليمهم ما يجب عليهم من أحكام دينهم من صلاة وصيام وطهارة، وتراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 34081، 30149، 27510.
وهذا الرجل على خطر عظيم بتركه للصلاة والصيام لأنهما أركان الإسلام ودعائمه التي يقوم عليها، فلا إسلام بلا صلاة. وقوله: إنه سيصلي في المستقبل، وأنه لا بد قبل أن يصلي من ترك المحرمات وأن تكون علاقته بعائلته جيدة، فهذا تسويف وأعذار يلقيها الشيطان على الإنسان ليصده بها عن الصلاة حتى يفوته الوقت ويهجم عليه الموت وهو على هذه الحال.
وأما الأخ السائل فنشكره على اجتهاده في دعوة هذا الرجل وإصراره على هدايته، ونقول له: استمر في دعوته ولا تيأس، فإنه إن كتب الله عز وجل له الهداية على يديك فسوف تنال أجرا عظيما، وربما أثر على زوجته وأبنائه فيكون كل هؤلاء في ميزان حسناتك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لأن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه م سلم. وقال صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. رواه مسلم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/4444)
نصيحة غالية لمن ضيع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال بسيط جدا ولكنه مهم جدا. أنا متزوج منذ 12 سنة ورزقنا الله بنتين وابنا، ومشكلتي أن زوجتي لا تصلي إلا في رمضان وحتى لو صلت لا تحترم الأوقات، هي تستطيع أن تقعد أمام التلفاز مدة طويلة وتتفرج ولا تبالي. استعملت معها جميع الوسائل إلا الضرب.
أما المشكلة الثانية أنه عندما كنت أعلم بناتنا الصلاة سألتني بنتي الصغيرة 6سنوات، لماذا أنت تصلي وماما لا تصلي. وسؤالي ماذا أفعل؟ والجواب سوف يكون لها إن شاء الله حتى تقرأه هي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا من أجل العبادة، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56} . والصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {البينة:5} كما أن الصلاة عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة. أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. وقد توعد الله من يؤخرها عن وقتها، بالويل فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4ـ5} . والويل هو واد في جهنم، نسأل الله العافية. وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238} ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم. فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة!! ثم نقول لهذه الأخت المسلمة: لم لا تحافظين على الصلاة؟ ألا تخافين من الله؟ ألا تخشين الموت؟ أما تعلمين أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وأبو داود، وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟ ألا تعرفين أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء. رواه البخاري ومسلم، والغرة بياض الوجه، والتحجيل: بياض في اليدين والرجلين. كيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود ِ {الفتح: 29} . وينبغي أن تعلم هذه الزوجة أن الصلاة راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: أرحنا بها يا بلال. وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدق بنا المصائب، وتدلهم بنا الخطوب والأحزان أن نفزع إلى الصلاة " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ". رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه، وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة، فكيف يتركها بعض الناس، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153} . وينبغي أن تتدبر هذين الحديثين وما فيهما من الفوائد والعبر الحديث الأول: رواه مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله. فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. والذي يصلي الفجر هو في حماية الله ورعايته ويحس بنشاط وطيب نفس، والذي يفرط فيها تائه يتخبطه الشيطان والهوى، ويكابد الكآبة والضيق. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى وجلاه في الحديث الثاني وهوقوله عليه الصلاة والسلام: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب بكل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عنه عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. متفق عليه وهذا لفظ البخاري. فنصيحتنا لهذه الزوجة: أن تتقي الله وتحافظ على صلاتها، لأن الصلاة من أركان الإسلام الخمسة: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. رواه البخاري ومسلم.فعلى هذه المرأة المسلمة: أن تتخلص من عادة ترك الصلاة، وتستعين بالله وتسأله الإعانة، وتستعيذ به من الكسل والعجز، وأن تؤدي صلاتها بطمأنينة وخشوع في أوقاتها، لتكوني من الذين قال الله فيهم: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:2} . وعليها بالابتعاد عن كل ما يشغلها ويلهيها عن الصلاة، وعليها بدعاء رب العالمين بصدق أن يوفقها للمحافظة والمداومة على الصلاة في أوقاتها، وعليها بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار والدعاء أن يشرح الله صدرها للصلاة. وعلى هذه المرأة أن تعلم أنها مسؤولة مثل الزوج عن تربية الأبناء وأمرهم بالصلاة، وتربيتهم على الأخلاق الفاضلة، وتحذيرهم من مساوئ الأخلاق. وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب أمر الأولاد بالصلاة والصوم إذا أطاقوه وكذا غيرهما من الواجبات، فكيف تقوم هذه المرأة بهذا الواجب وهي تاركة للصلاة أو متهاونة فيها، ولو قدر أنها تأمر أولادها بالصلاة بلسانها فهي تصدهم عنها بفعلها، وتأثر الأولاد بفعل والديهما أعظم من تأثرهم بأقوالهما. ولتعلم أن نشوء الأولاد على ترك الصلاة مصيبة تجرهم إلى الانحرف وترك بقية العبادات مما يدعوهم إلى العقوق وإهمال الوالدين وعدم الرعاية لهما عند كبرهما وحاجتهما إلى الرعاية والمعونة. فاتقي الله أيتها المرأة المسلمة واعلمي أن الدنيا دار ممر لا دار مقر، والحياة الحقيقية هي الحياة الأخروية (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) والنعيم الحق إنما يكون في الآخرة لا في الدنيا لأن نعيم الدنيا يزول، ويخلفه عذاب لا يزول إلا لمن اتقى الله في الدنيا فإنه ينعم فيها وفي الآخرة. نسأل الله تعالى أن يوفق هذه المرأة للمحافظة على الصلاة وحسن التربية والرعاية لأولاها وأن يكون هذا البيت بيتا صالحا وعامرا بطاعة الله والمودة والألفة بين أفراده إنه سبحانه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(11/4445)
الصلاة فرض على المسلم أينما حل وارتحل
[السُّؤَالُ]
ـ[سألتكم سابقا عن قضاء الصلوات
فأنا بدأت أصلي في الثانية والعشرين , وقد أجبتموني أنه يجب علي قضاء كل ما فاتني.
ولكن قرأت في فتاوى سابقة أنه من لم يكن يعلم أهمية الصلاة أو أنها واجبة عليها لا يجب عليه القضاء.
فأنا أعيش في بلد مسلم ولكن للأسف فالقليلون هنا يصلون , وأنا لم أكن أعلم أن عدم الصلاة يعد كفرا , وقد كنت أبحث عمن من يعلمني الصلاة ولم أجد, وكانت نيتي أن أصلي عندما أكبر ويصبح لي منزل أعيش فيه لوحدي
فالصلاة هنا صعبة جدا ... معظم أهل هذا البلد ليسوا من السنة , وأهل السنة قليلون ويعيشون في مناطق بعيدة عني, حتى أن كل أصدقائي تركوني بعدما عرفوا أني أصلي, وأينما ذهبت تسمع الناس يسبون الله والعياذ بالله , قد تقولون إني أبالغ ولكن صدقوني, حتى أني في صالة الإنترنت هنا من حيث أكتب إليكم توجد صالة ألعاب..ولا تمضي 5 دقائق دون أن تسمع أحدهم يسب ويلعن الله فهل مخالطة هؤلاء يعد كفرا
وأمي أيضا كانت تصلي حتى أتت إلى هذا البلد وهي لم تصل منذ 25 عاما.
وقد عادت إلى الصلاة بفضل الله وبعدما طبعت لها الكثير من الفتاوى المتعلقة بتارك الصلاة من هذا الموقع فهل يجب عليها القضاء.
عذرا على الإطالة.
ولله الحمد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شأن الصلاة عظيم، وتركها من أعظم الكبائر لأنها عماد الدين، إذ هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأمرها ليس أمرا سهلا بحيث يجامل المسلم بها غيره من الناس بحيث إن رآهم يصلون صلى وإن تركوا الصلاة أو كانوا كافرين تركها، فهذا ليس من أعمال المسلمين، فالمسلم يصلي ويصوم ويأتي بالفرائض وجوبا ويجتنب النواهي أينما حل وارتحل، لا يصده عن ذلك كفر الكافرين ولا فسق الفاسقين؛ لأنه يسعى لإرضاء الله سبحانه، وقد فرض الله على المسلم هذه الفرائض فلا بد أن يأتي بها. وكل مسلم نشأ في بلد الإسلام يعلم فرض الصلاة ولا يسعه جهل ذلك ولا يعذر بذلك، لأنه إما يعلم ويتجاهل أو لا يعلم، لكنه فرط في تعلم ذلك لإمكان التعلم في بلاد الإسلام وحتى لو ذهب المرء إلى بلد من غير بلاد المسلمين فلا يعذر بذلك أيضا، والواجب عليه أن يسأل عن الصلاة وأحكامهما أو يستصحب كتبا توضح ذلك له. واعلم أن العلماء اتفقوا على كفر تارك الصلاة جحودا لها، واختلفوا في كفر تاركها تهاونا.
فالأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي يرون أنه غير كافر، والواجب عليه التوبة ثم القضاء. والإمام أحمد يرى أنه كافر والواجب عليه التوبة، ولا قضاء عليه إلا أنه كفر بتركه الصلاة. وكنا قد أوضحنا تفاصيل هذا في الفتاوى التالية: 5317، 5259، 4307.
والذي ننصحك به أنت وأمك أن تتوبا إلى الله تعالى من التهاون بالصلاة، وتقضيا ما فاتكما من الصلاة حسب المستطاع بأن يقضي كل واحد منكما ما استطاع في اليوم والليلة، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 21849، والفتوى رقم: 26275، والفتوى رقم: 29671، واعلم أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفار إذا لم يقدر المسلم على إقامة شعائر دينه إلا لضرورة، ولذلك راجع الفتوى رقم: 44524، والفتوى رقم: 45909 ففي هذه الفتوى الأخيرة المشار إليها نصيحة موجهة إلى المسلمين المقيمين في بلاد الكفر.
واعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يدخل هذه الأماكن التي يسمع فيها هذا الكلام وخصوصا إذا كان لغير ضرورة، ومن سمع هذا الكلام ولم يرض به فإنه غير كافر، ولا تجوز مخالطة هؤلاء الذين يسبون الله ولا الجلوس معهم في حال خوضهم في هذا الكفر. قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء: 140} فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم والرضا بالكفر كفر، فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر، سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/4446)
إمساك المرأة التي لا تصلي خير أم الفراق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ 14عاما ولم نكن أنا وزوجتي نصلي حتى من الله علي وهداني منذ ما يقرب من 4 سنوات ولكن زوجتي على حالها حتى الآن على الرغم من المحاولات المتعددة معها بجميع الطرق التي لا تنفر ولكن لم يأذن الله بعد، في الوقت الحاضر تعرفت زوجتي على أصدقاء لها يساعدونها على عدم الطاعة والخروج، خاصة في فترة الصباح دون استئذاني أو إخباري بخروجها من المنزل ويساعدون أولادي على الابتعاد عن الله وترك الصلاة على الرغم من تحذيري لها والتدخل من أبيها وأخيها ولكن والدتها تقف معها في أي حال، صليت صلاة الاستخارة أكثر من مرة لطلاقها ولكن يكون رد الفعل أن أصبر عسى الله أن يهديها ويصلح حالها فتصلح حال الأولاد وأن أتحمل فهو خير من تركها والأولاد فيزدادوا ضلالاً، السؤال: بعد كل هذه الفترة التي تقرب من 4 سنوات أو أكثر فقد فاض الكيل بي وأفكر جدياً في الطلاق عسى الله أن يبدلني خيراً منها، فهل علي إثم إن طلقتها وزاد ضلالها وضلال أولادي معها خاصة وأن الأولاد في سن المراهقة البنت 12 سنة والولد 10 سنوات، أم الصبر والتحمل على كره أفضل، عسى الله أن يهدي الأولاد عندما يرونني أذهب للمسجد في الصلاة وأحفظ القرآن فيعملوا مثلي ولو بعد فترة وإن طالت، أم أن الطلاق في مثل هذه الحالة أفضل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الزوجة على خطر عظيم بسبب تركها للصلاة، وقد بينا كيفية التعامل معها في الفتوى رقم: 10370، كما أنها تعتبر ناشزاً لخروجها عن طاعة زوجها وعدم امتثال أمره لها بالصلاة وخروجها من بيته بغير إذنه، وللتعامل مع الزوجة الناشز أسلوب مبين في الفتوى رقم: 17322.
فنوصي السائل باتباعه معها لعله أن ينفع معها ويعيدها إلى صوابها، فإن لم يُجْدِ هذا التعامل نفعا فالطلاق في هذه الحالة هو السبيل الوحيد، ولا يأثم الزوج إن طلقها بعد ذلك، بل من العلماء من ذهب إلى وجوب طلاقها وفراقها في حالة إصرارها على ترك الصلاة.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عمن له زوجة لا تصلي هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة؟ وإذا لم تفعل هل يجب عليه أن يفارقها أم لا؟ فأجاب رحمه الله: نعم عليه أن يأمرها بالصلاة ويجب عليه ذلك، بل يجب عليه أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره إذا لم يقم غيره بذلك، وقد قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. وقال عليه الصلاة والسلام: علموهم وأدبوهم.
وينبغي مع ذلك أن يحضها على ذلك بالرغبة كما يحضها على ما يحتاج إليها، فإن أصرت على ترك الصلاة فعليه أن يطلقها، وذلك واجب على الصحيح، وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلي باتفاق المسلمين. انتهى، مجموع الفتاوى 32/277.
أما الأولاد إن خشي عليهم من الفساد ببقائهم معها، فيمكنه رفع دعوى إلى المحكمة الشرعية يطلب فيها إسقاط حق الأم في الحضانة لعدم عدالتها وفسقها فإن من شروط الحضانة عدالة الحاضن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(11/4447)
لا تجعل الصلاة هي المشكلة بل اجعلها حلا للمشكلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي, سنة أولى, أدرس في جامعة غير مدارة على منهج الإسلام ولا تأخذ بعين الاعتبار أوقات الصلاة والعبادات.. والصوم. أحافظ على صلواتي الخمس, بما في ذلك صلاة الصبح, تعليمي عادة يبدأ في الصباح..8..9 صباحا. أنهي تدريسي ومراجعتي للمادة في ساعات متأخرة في منتصف الليل..12 ... 1 ليلا. وأشكو عادة من التعب والإرهاق من قلة النوم, عندما أضع رأسي على الوسادة , أعرف أنني سأنهض لصلاة الصبح, وأحيانا من كثرة انشغالي في المواضيع التعليمية المرهقة لا أستطيع النوم وأبقى على يقظة حتى الصلاة أصلي وأذهب للنوم, وأنهض ثانية بعد ساعتين أو 3 فقط, وأنتم تعرفون أن هذا لا يكفي لإنسان لأن يدير حياته بشكل سليم بهذا العدد القليل من ساعات النوم , فما بالكم بصعوبات التعليم وإرهاقه زيادة على ذلك, أحيانا أسابيع كاملة لا أستطيع الدراسة من قلة النوم,,, ولا التركيز ... باختصار, مشكلتي مع صلاة الفجر , والتي أنا جدا متمسك بها من قبل دخولي الجامعة وحتى الآن, لا أعرف كيف سأعبر لكم عن سؤالي , لكن أتساءل, إذا لم أنهض, للصلاة, وأكسب ساعات نوم جدا مهمة , سأواصل تعليمي بتركيز ونشاط وعدم التشاؤم والتفكير الزائد ... وعندما أجلس مع نفسي في أوقات التعب والإرهاق وصداع الرأس, أتساءل, ما العمل, أرجئ الصلاة لساعات الصبح المتأخرة, لا أستطيع أكثر من ذلك, فإن هذا فوق طاقتي بكثير ... ولكن أهاب الله وأقول الصلاة أهم, ومن جهه أخرى أقول لكن الصلاة في الفجر تأثر بشكل \"سلبي\" إن صح القول على تعاملاتي ودراستي في الغد.....من فضلكم أنقذوني, هذه المشكلة دامت لسنة, وأنا مرهق جدا؟ وأرجوكم أن تأخذوا كل شيء بالاعتبار,, وأن تفيدوني, أفادني وإياكم الله!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن أعظم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة هو تحقيق مرضاة الله وطاعته، ولزوم الاستقامة في الأقوال والأفعال، والبعد عن المحرمات والآثام، وكم من مستقيم ثابت على الطاعات ومن أهمها المحافظة على صلاة الفجر حصل في وقت يسير أضعاف ما يحصله غيره في وقت أطول، وهذا مشاهد ومعروف، وهو ثمرة من ثمرات الطاعة، فإن الله مع المتقين والمحسنين والصالحين، ومن كان الله معه فهو مسدد موفق، يبارك له في وقته وفي فهمه، وتدبرأخي الكريم هذا الحديث الذي رواه مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله. فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جنهم. فالذي يصلي الفجر هو في حماية الله ورعايته ويحس بنشاط وطيب نفس، والذي يفرط فيها تائه يتخبطه الشيطان والهوى ويكابد الكآبة والضيق، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى وجلاه بقوله عليه الصلاة والسلام: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس؛ وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وعليه.. فلا تفرط في صلاة الفجر وتؤخرها بل ينبغي أن تبادر إلى القيام بها محتسبا ما عند الله من الرضى والثواب، والوقت الذي يمكنك أن تصليها فيه وقت قليل ولكن الشيطان حريص في أن يجعل سبب المشكلة هي الصلاة.
وننصحك أن تعطي كل ذي حق حقه، فلنفسك عليك حق ولا بد أن تعطيها إياه ومنه النوم الكافي الذي يجعلك تسير أمورك تسييرا صحيحا، ولا تقلل منه إقلالا يؤدي بك إلى الضرر والانقطاع، وحاول أن تنهي المذاكرة بأقرب وقت ممكن وتحرص على المذاكرة في أوقات أخرى حسب الإمكان في غير الليل، وقبل كل شيء استعن بالله وتوكل عليه وفوض أمرك إليه فمن توكل على الله فهو حسبه أي كافيه وحافظه وناصره، فلا تجعل الصلاة هي المشكلة بل اجعلها هي الحل للمشكلة. نسأل الله جل وعلا أن يثبتك على طاعته ويبارك لك في وقتك وعلمك وعملك إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/4448)
معاشرة الزوج التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة التي لا يصلي زوجها هل يكون معاشرته لها زنا، وإذا كان له منها أولاد فما هو مصيرهم أهم أولاده أم ينتسبون للأم، وهل حكم هذا الزنا مثله كمثل معاشرة الزانية، وإن كانت المرأة لا ترضى بالمعاشرة ولكن الزوج يغتصبها رغما عنها، فما هو الحكم بالنسبه لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 1061.
وعليه، فإن كان زوج هذه المرأة ترك الصلاة جحوداً فهذا يعد مرتدا لا يجوز لها أن تمكنه من نفسها بل ولا يصح نكاحه، إلا أنه إن كان هذا طارئاً عليه ثم تاب منه ورجع وهي في العدة رجع إليها من غير حاجة إلى عقد جديد على الراجح من أقوال أهل العلم، كما بينا في الفتوى رقم: 12447.
أما إن كان تركه للصلاة تكاسلاً فهذا يعتبر فاسقاً لا كافراً عند الجمهور من أهل العلم، وبالتالي فهي زوجته شرعاً، لا يجوز لها الامتناع عن فراشه متى طلب منها ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/4449)
من الناس من ينكر فريضة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر فما هو معنى الكفر فمعظم أو جميع العلماء يقولون من تركها عمدا أي ناكرا لفريضة الصلاة يكون كافرا فأنا أقول لهم جميعا إنه لا يوجد مسلم يترك الصلاة ناكرا لها وإنما يتركها متكاسلا والذي ينكرها يكون غير مسلم أي ليس هو المقصود في الحديث والشهادة هي أقوى من فريضة الصلاة فما رأيكم في هذا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن من أنكر وجوب الصلاة فهو كافر خارج من ملة الإسلام ولو صلى، لأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة، وقد يوجد من الناس من ينكرها، فالقول بأنه لا يوجد غير صحيح، وأما من تركها كسلا وتهاونا فقد اختلفوا في تكفيره وعقوبته، فذهب أكثرهم إلى عدم كفره وحملوا الأحاديث التي حكمت بكفره على الكفر الأصغر، وأطلقت عليه للترهيب من ترك الصلاة، ولأنه قد وردت نصوص أخرى تدل على عدم تكفيره، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6061 فارجع إليها
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/4450)
لا تسقط الصلاة بانشغال ولا مرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أم لطفلين عمري 38 سنة كنت مواظبة على تأدية فرائض الصلاة، لكنني أحسست مؤخراً بتعب شديد وذلك من كثرة المشاكل، ابني الصغير رضيع وأنا موظفة ليست لي مساعدة، زوجي إنسان قبيح لا يساعدني، أشتغل خارج البيت وداخله، عند دخولي للمنزل أطبخ ثم الأولاد ثم باقي الأشغال عندئذ أصاب بإعياء شديد فأذهب للنوم مباشرة لا يبقى لي وقت للصلاة ولا لزوجي، حالتي الصحية تضعف وجمالي اندثر حتى فرائضي لا أؤديها، أنا في دوامة من المشاكل، كل صباح أتوضأ للصلاة أصلي فرضا وأترك آخر، اليوم أرجو من الله أن يرشدني لطريق الصواب وأن لا أتهاون في تأدية فرائضي، سؤالي هو: ما هي الكفارة من عدم تأدية الصلاة 20 يوماً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 3859 ذكر الضوابط التي يجوز للمرأة أن تعمل وتشتغل خارج بيتها ما دامت ملتزمة بها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 8528.
ثم إن على زوج الأخت السائلة أن يساعدها فإذا لم يستطع القيام بوظيفتها عليه أن يعينها في أمور البيت وليس في ذلك عيب عليه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكرم الناس يعين أهله ويساعد زوجاته في العمل إن احتجن إلى ذلك، ففي البخاري عن الأسو د قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته، قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. وقد قال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.
والمسلم مأمور بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وليس من المروءة أن ينظر الرجل إلى زوجته وهي لا تعرف ما الذي تقدم وما الذي تؤخر من كثرة الأشغال ومع ذلك لا يساعدها، إما بخادم إن استطاع أو بيده إن لم يستطع إخدامها، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 17182.
لكن هذا كله لا يجوز أن يكون شاغلاً عن الصلاة، فكل الأعمال مهما كانت أهميتها فهي من بعد الصلاة لأن الصلاة عماد الدين وركن من أركان الإسلام، ولا تسقط بانشغال ولا مرض، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا في حالات الجمع في السفر أو في أوقات العذر، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 6846، والفتوى رقم: 24105.
ثم إن على الأخت السائلة أن تتوب إلى الله تعالى من تركها الصلاة كسلاً، وعليها أن تقضي ما فات عليها منها، ولتعلم أن من ترك الصلاة جحوداً فهو كافر بالإجماع ومن تركها تكاسلاً فقد قيل بكفره، فالأمر ليس سهلاً ولا كفارة لها إلا التوبة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/4451)
سماع الأذان في غير وقته
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع دائما صوت الأذان في غير وقته وطبعا لا يؤذن فعلا (وبصراحة أنا لا أقوم بفرائضي تجاه رب العباد) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم مقصود السائل، لكن إن كان مقصوده أنه يخيل إليه أنه يسمع الأذان في غير وقته فليس عندنا تفسير لذلك، وإن كان مقصوده أنه يسمع فعلا ثم لا يحضر الصلاة فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 10673 أن الذي يسمع النداء للصلاة ولم يتهيأ ولم يحضر الصلاة مع الجماعة يعتبر مقصرا في واجبه مفرطا فيما أمر به لأن الصلاة في الجماعة أمر واجب على الرجل المستطيع، هذا إذا كان يصلي وحده، فإن كان لا يصلي أصلا فهذه أكبر من أختها، إذ ترك الصلاة من عظائم الذنوب، وتارك الصلاة تكاسلا مختلف في كفره بين العلماء، وأما تاركها جحودا فهو كافر بإجماع المسلمين كما بينا في الفتوى رقم: 1145، فعلى السائل هدانا الله وإياه أن يتق الله ويمتثل أمر ربه بأداء ما فرض عليه من الصلاة وغيرها من الفرائض كالصيام والزكاة والحج لأن هذه هي أركان الإسلام بعد الشهادتين، فمن فرط فيها فهو على خطر عظيم وعليه أن يبادر بقضاء ما فرط فيه من الفرائض من الصلوات وغيرها وليطالع الفتوى رقم: 512، وإذا سمع الأذان فعليه أن يبادر ويتهيأ للصلاة ويحضر الجماعة ولا يهمه تأخير الأذان عن بداية الوقت، فما دام الجماعة يصلون في الوقت فعليه أن يحضر ويصلي معهم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(11/4452)
لا حرج من الصلاة في السفينة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن صيادو سمك في الجزائر نخرج إلى البحر في الصباح الباكر لنصطاد ونكون بعيدا عن الأرض بحوالي ثلاثين كلم وبعض الأحيان خمسة إلى ستة وثلاثين كيلو عن الأرض فنمضي طوال اليوم في البحر حتى إلى ما بعد المغرب نصل إلى مدينتنا فنلتحق أحيانا بصلاة العشاء في المسجد إذن لا نصلي إلا الصبح والعشاء في المسجد فما حكم عملنا هذا لأننا نصلي باقي الصلوات في السفينة هل هذا جائز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم قد حان عليكم وقت الصلاة وأنتم داخل سفينة في البحر فالواجب عليكم أداء الصلاة في وقتها داخل السفينة ولو مضت عليكم عدة صلوات على هذه الحال، وراجع الفتوى رقم: 14038.
ولا حرج عليكم في عدم صلاتها في المسجد، والمسافة التي ذكرت إذاً هي كل ما بين مدينتكم وبين آخر نقطة تصلون إليها فليست مسافة قصر، وبالتالي فلا يحق لكم قصر الصلاة الرباعية ولا الجمع بين مشتركتي الوقت، وراجع الفتوى رقم: 12195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(11/4453)
هل يتبرأ الأب من أولاده التاركين للصلاة ولا ينفق عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص ملتزم وأصلي جميع الفرائض ولله الحمد إلا أن أبنائي الكبار مع الأسف لا يصلون بالرغم من أنني أدعوهم بالرفق والنصيحة والموعظة الحسنة إلا أن جميع محاولاتي لم تأت بشيء! وأنا متضايق جدا من تصرفهم وأفكر بترك المنزل والعيش لوحدي! سؤالي::هل يجوز لي أن أتبرأ من أولادي؟ أو أطردهم من المسكن؟ أو أوقف المصروف عنهم؟ س: هل علي ذنب بفعلهم طبقا للحديث الشريف \" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيتة \"
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب أن يأمر أبناءه بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين، وأن يضربهم عليها وهم أبناء عشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولا دكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم وهم أبناء عشر. رواه أبو داود وغيره. فإذا أدى الوالد هذا الواجب فقد برأ من الاثم سواء صلى الأبناء أم لم يصلوا، وعلى الوالد أن يُديم النصح والتوجيه والإرشاد، وأن يستخدم من الوسائل المشروعة ما يكون حاملاً لأبنائه على أداء الصلوات في أوقاتها، وهذه الوسائل تختلف في حصول ثمرتها باختلاف الأحوال، فمن الأبناء من يجدي معه منع المال عنه، ومنهم من لا يصلحه إلا الهجر ... وهكذا.
أما التبرؤ من أبنائك أو طردهم من البيت فلا يعد هذا حلاً للمشكلة مع مخالفته لمقصود إصلاحهم فضلا عن معارضته للشرع، فأبناؤك تجب نفقتهم عليك، ومن النفقة توفير المسكن الملائم لهم.
وإننا لنوصيك بأن تداوم على نصحهم والدعاء لهم، وأن تستعين على ذلك بأهل الخير والصلاح من علماء بلدك وأئمتها. وعليك أن تسلط عليهم الرفقاء الصالحين، وأن تحول بينهم وبين وسائل الفساد من قنوات فضائية وإنترنت..وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(11/4454)
موقف المسلمة من الزوج التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو تفضلتم أردت أن أعرف كيف أجعل زوجى يصلي، عجزت معه لكن دون فائدة مع أنه إنسان طيب ويحب عمل الخير وكل الصفات الصالحة فيه لكنه لا يصلي دائما، يعدني خلاص من غد، أرجوكم أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم الأمور وأهمها في حياة المسلم محافظته على الصلاة فهي دليل إيمانه وتقواه وخوفه من الله، فمتى ما كان الشخص محافظاً على صلاته ومهتماً بأدائها أول الوقت كان على ما سواها من الفرائض أشد محافظة، ومتى ما كان مضيعاً لها كان لما سواها أشد تضييعاً؛ فينبغي تذكير هذا الزوج بالتي هي أحسن بأنّ عليه مسؤوليات كبيرة وأن الله سبحانه سيسأله عنها، فكما أمره أن يهتم بأمر أسرته من زوجةٍ وأولاد فيوفر لهم حاجياتهم المتعلقة بمنفعة أبدانهم كذلك يجب عليه أن يهتم بما يعود بالنفع على أرواحهم وقلوبهم وهذا إنما يتم بمتابعتهم وسؤالهم عن الصلاة وعن الأخلاق الحسنة وتجنب الأخلاق السيئة إلى غير ذلك، فكيف سيتابعهم في أمرٍ هو مقصرٌ فيه.
وهذا الزوج ينبغي أن يعلم أنه قدوة لأسرته في الخير وفي الشر على السواء، فالحلال عند أولاده ما يفعله، والحرام مالا يفعله ... ففي الخير سيثيبه الله على كل عمل عملوه خيراً لأنه دلهم عليه، وكما إذا دلهم على شر ففعلوه فإن عليه من الإثم بقدر ما يفعلونه؛ وهو بتركه الصلاة قد يتأثر أولاده منه في المستقبل تأثيراً سلبياً فلا يحافظون على صلاة ولا يرجون لله وقارا.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. متفق عليه.. ولا تنسي هذا الزوج من الدعاء له بالهداية والصلاح.
وقد أحسنت في تذكير زوجك بأهمية هذا الركن العظيم من أركان الإسلام وخاصة مع تفشي هذا الأمر ألا وهو التهاون في الصلاة وكأن كثيراً من المسلمين لا يقرؤون أو لا يسمعون الآيات والأحاديث المحذرة من هذا الفعل القبيح، فالله عز وجل قد توعد الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها فقال جل شأنه: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيَّا * إلا من تاب [مريم: 59،60] . والغي: وادٍ في جهنم، عافانا الله من ذلك.
وقال سبحانه: فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون [الماعون:4، 5] . فهذا في الذين يؤخرونها عن أوقاتها فكيف بتاركها، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.
فهذا الزوج يحذر من التهاون في الصلاة فإن عاد وتاب إلى الله فبها ونعمت، وإلا فمن كان لدين الله مضيعاً فهو لما سواه أشد تضييعاً. ونخشى مع الأيام أن يؤثر عليك فتصبحين مثله مضيعة للصلاة أو متهاونة فيها نسأل الله السلامة والعافية فإذا لم يتب ولم يستجب للنصائح فمحافظتك على دينك أولى من البقاء مع مثل هذا الرجل، ولكننا نؤكد أنه ينبغي عليك أن تناصحيه وتستمري بالنصيحة والدعاء له، فإذا يئست من عودته إلى صوابه فلك الأخذ بوسائل التخلص من الاستمرار معه على الزوجية، فهدديه بالرفع إلى المحاكم إن لم يفارقك فإن فارق فبها ونعمت، وإلا فارفعي شأنك إلى المحاكم الشرعية ولن يضيعك الله تعالى، وعيك أن تعلمي أن هذا العلاج بمثابة الكي، وآخر الدواء الكي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/4455)
لا تغني الأعمال الصالحة عن الصلاة المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي طفلة تبلغ من العمر 7 شهور، وأنا حامل الآن ومرهقة جداً ولا وقت لي للقيام بالصلاة وخلافه كما أريد، فهل هناك أعمال بسيطة ولكن أجرها كبير عند الله أفيدوني أفادكم الله لأن ضميري يؤنبني جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العيد يوم القيامة من أعماله، ولا يجوز للمسلم التهاون في أمر الصلاة ولا التفريط فيها ولا تركها ما دام معه عقله.
وعليه فما ذكرت من إرهاق وغيره ليس عذراً شرعياً لترك الصلاة إضافة إلى أن الصلاة لا يقوم مقامها غيرها من الأعمال الصالحة، فالواجب عليك أداء الصلوات المفروضة في أوقاتها إضافة إلى تحصيل ما تترتب صحتها عليه من طهارة وغيرها، وإذا كانت لديك مشقة واضحة في أداء كل صلاة في وقتها فمن أهل العلم كالحنابلة من قال بإباحة الجمع بين المغرب مع العشاء والظهر مع العصر في وقت الأولى منهما، ويسمى جمع تقديم أو في وقت الثانية ويسمى جمع تأخير، وراجعي الفتوى رقم: 17324.
ومن الطاعات التي يعظم ثوابها مع يسرها ذكر الله تعالى بمختلف أنواعه، وراجعي الفتوى رقم: 37130.
وللفائدة راجعي أيضاً الفتوى رقم: 22343، والفتوى رقم: 52394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/4456)
لا مانع من الصدقة عن تارك الصلاة كسلا والاستغفار له
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ سنوات، ولكنه لم يكن يصلي إلا قليلاً في اليوم كان يصلي المغرب وأحياناً لا يصليه وتوفي في منتصف شهر رمضان، ما هو مصير والدي، وماذا أستطيع أن أفعل له؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تارك الصلاة المتكاسل عنها والمتهاون في شأنها على خطر عظيم، وقد سبق أن ذكرنا حكمه مفصلاً في الفتوى رقم: 17277.
وما دام لم يكن هناك إجماع على كفره، فإنا نرجو له الرحمة والمغفرة من واسع الرحمة، كما أننا نرى أنه لا مانع من القيام بالصدقة عنه والاستغفار له وسؤال الله له مغفرة الذنوب والتجاوز عن الزلات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(11/4457)
الصلاة لها دور عظيم في استقامة العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج وعندي ولله الحمد ولد ولقد التزمت في الصلاة منذ أكثر من سنة والحمد لله ولكني لازلت أقع في ذنوب كثيرة للأسف، فأريد أن أعرف ما هي مستحبات الصلاة وسننها بالتفصيل لو سمحت، لأنني أعتقد أنني إذا طبقتها بشكل صحيح وتوكلت على الله فإنها سوف تنهاني عن الفحشاء والمنكر؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك أولاً على التزامك بأداء الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من أعماله.
وإذا كنت قبل ذلك تترك بعض الصلوات تكاسلاً فالواجب عليك المبادرة إلى قضائها حسبما تستطيع نظراً لخطورة التهاون بأمرها، ونحيلك إلى الفتوى رقم: 31107.
ولا شك أن الصلاة لها دور عظيم في استقامة المسلم على أوامر الله تعالى، قال القرطبي في تفسيره: ثم أخبر حكما منه بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة والصلاة تشغل كل بدن المصلي فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه وادكر أنه واقف بين يديه وأنه مطلع عليه ويراه صلحت لذلك نفسه وتذللت وخامرها ارتقاب الله تعالى وظهرت على جوارحه هيبتها ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة. انتهى، وللتعرف على صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، راجع الفتوى رقم: 6188، والفتوى رقم: 8249.
وبخصوص سنن الصلاة ومستحباتها فإن التفصيل فيها يطول لوجود الخلاف فيها بين الفقهاء حيث يعتبر البعض سنة ما هو مستحب عند غيره، ويمكن الرجوع في هذا إلى الفتوى رقم: 12455.
ثم إن معرفة السنن من المستحبات لا تترتب عليه صحة الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 58217.
ثم من الواجب عليك الإقلاع عن جميع ما تمارسه من معاصي ومخالفات شرعية وأن لا تتهاون في شأنها بحجة كونها يتم تكفيرها بالصلاة، وراجع الفتوى رقم: 37983.
وللتعرف على الأسباب المعينة على الاستقامة على أوامر الله تعالى، راجع الفتوى رقم: 17666، والفتوى رقم: 1208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(11/4458)
ترك الصلاة لأجل التلبس بالمعصية والكبيرة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار شديد أنا أعمل في صالة قمار كمراقب على طريقة سير اللعب مع الزبائن. وأنا منذ فترة أشعر بالضيق والهم بسبب هذا العمل، وللعلم فليس لي مورد رزق آخر بجانب أنني مديون بأموال كثيرة ويتطلب سدادها حوالي العام ونصف العام. ولكني أدعو الله دائما بأن يرزقني رزقا حلالا. وأيضا فانا لا أواظب على الصلاة بسبب شعوري بالضيق من عملي وفي نفس الوقت لاعتقادي بأنني أنافق الله في صلاتي. فكيف أصلي وفي نفس الوقت عملي كله حرام. أنا أكثر من دعاء لله بأن يرزقني بعمل حلال ومال حلال والمشكلة الآن ماذا أفعل وليس لي عمل آخر بجانب صعوبة الحصول على عمل آخر نظرا للظروف الاقتصادية وأيضا قلة الأعمال الشاغرة وأايضا مديوناتي التي تزيد على 25000 جنيه. أرجو أن تدلوني على الطريق الصحيح وأايضا أن تدلوني على ماذا يجب أن أفعله في عملي: هل أتركة وأنا مديون أم ماذا؟ وماذا عن الصلاة هل لو أديت الفروض كاملة ستقبل مني أم ماذا؟ ملحوظة: لقد تركت هذا العمل لمدة سنتين 2000 إلى 2002 ولكن والله كل ما وجدته من عمل لا أستطيع أن أسدد ديوني من خلال المرتب الضئيل جدا وغير ذلك أفديوني؟ زادت علي لأنني لم أكن أسددها. واضطررت إلى العودة مرة أخرى إلى هذا العمل الحرام كي أستطيع أن أسدد الديون وأيضا لأن هذا كان هو المتوفر أمامي بالله عليكم دلوني على الطريق الصحيح والذي يشرعه الله سبحانه وتعالى ولكم أطيب التحيات وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ السائل أن تضييعك للصلاة أعظم إثماً وأكبر جرماً من العمل في صالة القمار هذه -على أنه هو الآخر ذنب كبير- ذلك أن تارك الصلاة متردد بين الكفر والفسق العظيم، وفي الحديث: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. وراجع أقوال العلماء في حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 1145.
وأما العمل في صالة القمار فلا شك في حرمته ولكن لا يرقى إلى الكفر، وننبهك إلى شيء مهم وهو أن المسلم وإن تلبس بمعصية أو كبيرة لا يحل له ترك الصلاة لصدور ذلك منه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: إن فلاناً يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق، فقال: سينهاه. رواه أحمد باسناد صحيح. ولا يغرنك ما اشتهر على ألسنة الناس من قولهم: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.. فإنه حديث لا يصح، وقد حكم عليه المحدث الألباني أنه حديث باطل كما في السلسلة الضعيفة له. نعم من شأن الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45} . لكن من صلى وارتكب فاحشة فقد خلط عملاً صالحا وآخر سيئاً، فإذا غلبت سيئاته حسناته هلك إلا أن يشاء الله.
واعلم أن الذي يحبط الحسنات هو الشرك، كما قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ {الزمر: 65} . فالذي يجب عليك فعله الآن هو المحافظة التامة على صلاتك فإنها إن صلحت صلح سائر العمل وان فسدت فسد سائر العمل، ثم عليك ترك العمل في هذه الصالة، وأما دينك فإنه لا يجب عليك الاكتساب من الحرام كي تسدده.
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، واسمع إلى ربك يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2ـ 3} . والمهم أن تصدق النية وأن تعمل بالأسباب، وادع الله موقناً وانتظر الفرج ولا تستعجل في الإجابة، وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم مالم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(11/4459)
حكم ترك صلاة واحدة تكاسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قال بعض العلماء مثل الشيخ ابن باز أن من أخر صلاة عمدا حتى أدركته الصلاة التي تليها فإنه يعد في حكم تارك الصلاة وهو كافر، ولا يجب عليه قضاء تلك الصلاة، هل يعني أن هذا الكافر يجب عليه الغسل والنطق بالشهادتين من جديد، أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة كسلاً لا جحوداً مختلف فيه بين أهل العلم هل يكفر بتركه للصلاة أم لا، وانظر أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 10759، والفتوى رقم: 12700.
ومن قال بكفره أجرى عليه أحكام المرتدين، ومن ذلك أن من ارتد عن الإسلام ثم رجع إليه يجب عليه النطق بالشهادتين وإذا كان كفره بإنكار معلوم من الدين بالضرورة لزمه مع النطق بالشهادتين الإقرار بما أنكره، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله: لا بد في إسلام المرتد وغيره من الكفار من الشهادتين، ولو ضمنا على ما يأتي مطلقاً عن التقييد بكونه غير مقر بإحداهما إذ المقر بإحداهما لم يقر بها ليأتي بالأخرى فإن كان كفره بإنكار شيء آخر مما لا ينافي الإقرار بهما أو بإحداهما ببادئ الرأي كمن خصص رسالة محمد بالعرب أو جحد فرضا أو تحريما فيلزمه مع الشهادتين الإقرار بما أنكر بأن يقر الأول بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق أو يبرأ من كل دين يخالف الإسلام ويرجع الثاني عما اعتقده.
وأما الغسل عند الإسلام أو عند الرجوع إليه فمحل خلاف بين أهل العلم، فذهب المالكية في قول عندهم والحنابلة إلى وجوب الغسل على الكافر الأصلي، والمرتد إذا أسلم، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن ثمامة بن أثال رضي الله عنه أسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل. متفق عليه.
وعن قيس بن عاصم: أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر. رواه النسائي وغيره بإسناد صحيح، وروى ابن هشام في السيرة، والطبري في تاريخه: أن سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، حين أرادا الإسلام، سألا مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة، كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قالا: نغتسل، ونشهد شهادة الحق. ووهذا القول أحوط.
وذهب الحنفية والشافعية إلى استحبابه لا وجوبه، لعدم استفاضة النقل بالأمر به مع كثرة الداخلين في الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(11/4460)
مسائل في الزكاة وعلاج الكبر ونصيحة تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أرجو من الله ثم من فضيلتكم أن تفتوني في أمر قد حيرني كثيرا وهو أن لي إخوة أيتاما يتلقون مساعدات من كافل يتيم ووالدتي تدخر لهم هذا المبلغ لمستقبلهم أو لدراستهم كما تقول فهم ما زالوا صغارا وأمي وصية عليهم. فضيلة الشيخ السؤال هو هل تجب على هذا المبلغ الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول علماً بأن هذا المبلغ لا يظل على حاله حتى يحول عليه الحول بل يزيد شهريا أو كل ثلاثة أشهر أي أنه ليس ثابتا؟ أفيدوني أفادكم الله وشكراً. فضيلة الشيخ أرجو من الله ثم من فضيلتكم أن تفتوني في أمر قد حيرني كثيرا وهو أن إذا كان هناك مبلغ قد بلغ النصاب وتجب عليه الزكاة فهل أدفع هذه الزكاة من خارج المبلغ أم من المبلغ نفسه علماً بأن هذا سينقص من قيمة المبلغ ويقلصه وأن هذه أموال أيتام؟ فأفيدوني أفادكم الله. فضيلة الشيخ أرجو من الله ثم من فضيلتكم افتائي في أمرين يؤرقاني كثيرا: فضيلة الشيخ الأمر الأول: أن لي أخا أصغر مني سنا في مرحلة عمرية حرجة (15 سنة) يتيم الأب مشكلته أنه لا يصلي إلا غصبا وإن صلى فلإرضاء أمي لا أكثر رغم أنه لا يهتم لكلامها كثيرا فهو يرى أنه أصبح رجلا وليس من حق أحد أن يملي عليه ما يفعله أو يقول له إن هذا صواب وهذا خطأ وليس لديه من يوجهه من الرجال فليس له أخ أكبر منه وبعيد جدا عن أخواله وأعمامه فنحن نقيم في الخليج سؤالي الآن هل نحن مأثومون ومسؤولون عن صلاته علما بأننا نوجهه تارة ونغضب عليه تارة وما هو الحل؟ الأمر الثاني: أني كنت بعيدة عن قرب لله سنين عديدة والآن هداني الله والحمدلله وأسأل الله الثبات ولكن دائما في شك دائم هل قبل الله توبتي، كذلك وفي أحيان كثيرة أجد في قلبي نوعا من الكبرياء الاعتزاز بالنفس لست ناسيا فضل الله ولكن رغم ذلك أحس أني متكبرة واستغفر الله كثيرا.. السؤال: كيف أستطيع أن أتخلص من التكبر والاعتزاز بالنفس، أنا أعلم أن التكبر ذنب عظيم وأن العزيز من كان ذليلا لله سبحانه مستشعرا بصغر حجمه فكيف أصل إلى هذه المرتبة؟
سامحوني على الاطالة وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخراج الزكاة من مال اليتيم واجب عند الجمهور إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 38213، 4369، 6407، 24733. وإذا كان مال الصبي يزيد زيادة ليست من ربح المال الأصلي فإن هذه الزيادة يستقبل بها حول جديد وذلك مثل المساعدات التي تأتيه شهريا والصدقات والهدايا التي تعطى له، قال خليل في مختصره: واستقبل بفائدة تجددت لا عن مال ثم إن الزكاة تدفع من مال الصبي نفسه لقول الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا {التوبة: 103} . ولحديث الصحيحين: أعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. وراجعي في علاج الكبر الفتوى رقم: 19854، 54512. وراجعي في قبول التوبة الفتاوى التالية أرقامها: 1909، 8371، 9394، 26255، 28384، 37432. وأما علاج حال هذا الأخ فإن عليكم أن تسعوا في نصحه حسب المستطاع واستعمال ما أمكن من الوسائل في هدايته. وحضوه على الصلاة وبينوا له خطورة تركها، وابحثوا له عن صحبة صالحة تجره إلى الخير وتدله عليه، وبينوا له أن التواصي بالحق والصبر والتناصح بين المسلمين واجب شرعي ولا يقدح في المنصوح. وإذا استطعتم أن تنقلوه إلى بيئة طيبة تساعده على الاستقامة فإن هذا متعين كما أمر العالم قاتل المائة نفس بالذهاب إلى أرض بها عباد صالحون ليعبد الله معهم وأن لا يرجع إلى أرض السوء التي كان بها. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 31768، 41016، 11739. وراجعي في العرض الموضوعي بمركز الفتوى موضوع وجوب الصلاة وحكم تاركها فقد بينا في كثير من الفتاوى هناك خطورة ترك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(11/4461)
حكم نسخ الدروس من كراسة شخص لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في كلية وفي بعض الأحيان لا أحضر بعض الحصص فهل يجوز أن أستنسخ هذه الحصص من كراس شخص لا يصلي وهم كثير في بلدنا لأني لا أعرف مصدر ماله حلال أم حرام أم يجب أن أستنسخها من شخص يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في أن تستعين بمن لا يصلي في ما سألت عنه، وينبغي لك أن تعامل هؤلاء باللين والرحمة والدعوة عسى الله أن يهديهم على يديك، وتذكر قول الله جل وعلا مخاطبا موسى وهرون عليهما السلام حين أرسلهما إلى فرعون، قال تعالى: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه: 44} . وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أرسله لفتح خيبر: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/4462)
يصومان ولا يصليان
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي وأبي يصومان ولا يصليان؟؟؟؟
فما حكم ذلك؟؟
وماذا أقدر أن أفعل لهم؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم من يصوم ولا يصلي، في الفتوى رقم: 11973، هذا، واعلمي أنه يجب عليك النصح لأبيك وأخيك بالتوبة من ترك هذه الشعيرة العظيمة، وتخويفهما عقوبة الله تعالى إذا هما تماديا على تركها، لأنه سبحانه قد توعد المضيع للصلاة بالغي، وهو واد في جهنم، فقال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ {مريم: 59-60} .
ومما يساعدك على إقناعهما هو جلب بعض الأشرطة المؤثرة والكتيبات التي تتناول أهمية الصلاة والخطر الجسيم الذي ينتظر تارك الصلاة إذا لم يتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/4463)
أسرار الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أسرار الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد بأسرار الصلاة فوائدها والحكم من تشريعها، فإذا كان الأمر كذلك فنقول إن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد من أعماله، فإن كانت على الوجه المطلوب شرعا فقد فاز وربح، وإن كانت مضيعة فقد خاب وخسر خسرانا مبينا والدليل على أهميتها أنها عمود الدين، وأنها فرضت من فوق سبع سموات بخلاف غيرها من أركان الإسلام. ومن فوائدها: 1ـ سبب للبعد عن الفواحش والمنكرات قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45} .
2ـ سبب لتكفير الذنوب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر. رواه مسلم وغيره. 3ـ تجلب الراحة والسكينة في القلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها. رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني. 4ـ أنها صلة بين العبد وربه حيث يقف بين يديه مناجيا ومخاطبا. 5ـ إظهار العبودية لله تعالى وتفويض الأمر إليه. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الأجوبة التالية أرقامها: 8602، 28759، 4307، 8139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(11/4464)
هل يثاب التائب من ترك الصلاة على ما قدم من قربات أثناء تركه لها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله عنا كل خير، أما بعد: أنا للأسف لا أصلي بعض العلماء يقولون بأنني كافر إذا لا أحتاج أن أصوم وأن جميع الأفعال الطيبة لا أجر لها إذا لا أحتاج أن أتصدق وأن أزكي، ولكني ومع ذلك أصوم عسى أن أبدأ أصلي ويبدل الله سيئاتي حسنات، هل إذا تبت هل الأعمال الطيبة التي فعلتها قبل الصلاة هل تحسب لي حسنات، أنا لا أصلي عن كسل أعرف بأن الصلاة عظيمة وهي صلة بين العبد والرب، ولكن لا أعرف ماذا يمنعني هل الكسل، الشيطان، النفس ... أرجوكم أغيثوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم الذنوب وأقبح المعاصي ترك الصلاة التي هي عماد الدين، والتي هي الفارق بين الإيمان والكفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وهذا لا يعني أن تارك الصلاة غير مطالب بالصيام والزكاة وبقية أركان الإسلام، بل هو مطالب أولاً بالصلاة وكذلك بالصيام والزكاة تبعاً، فالواجب عليك أيها السائل التوبة إلى الله عز وجل من هذا الذنب العظيم، والإسراع في التوبة قبل حلول الأجل فتكون من الذين قال الله فيهم: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا {الأحزاب:66} ، فإذا تبت إلى الله عز وجل توبة صادقة فنرجو أن يكتب الله لك أجر ما عملته من خير قبل صلاتك، وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن الكافر إذا أسلم ومات على الإسلام فإنه يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر، واستدلوا على ذلك بما رواه مسلم عن حكيم بن حزام أنه قال لرسول صلى الله عليه وسلم: أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم أفيها أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما أسلفت من خير.
وبحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله تعالى له كل حسنة زلفها ومحا عنه كل سيئة زلفها.... الحديث. قال النووي ذكره الدارقطني في غريب حديث مالك ورواه عنه من تسع طرق، وانظر الفتوى رقم: 6061 في عقوبة ترك الصلاة واختلاف العلماء فيه، والفتوى رقم: 1145، وانظر كذلك الفتوى رقم: 24955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(11/4465)
هل يقبل الله العبادات وأعمال الخير من تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يتقبل أي عمل كصوم وصدقة وفعل الخير واجتناب المنكرات وغيرها دون إقامة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على كفر من ترك الصلاة جاحداً لوجوبها أو مستحلاً لتركها.
أما من ترك الصلاة كلياً متكاسلاً، فقد اختلف فيه أهل العلم والراجح أنه كافر خارج عن ملة الإسلام، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 6061.
وعلى القول الراجح، فإن تارك الصلاة لا ينفعه عمله ما دام مصراً على ترك الصلاة، لأن الإسلام شرط من شروط صحة الأداء.
ولكن إن تاب وأصلح وأقام الصلاة كتب له ما عمل من خير حال ردته لحديث حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاق وصلة رحم فهل فيها أجر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما سلف من خير. متفق عليه.
قال الحافظ: ليس المراد به صحة التقرب منه في حال كفره وإنما تأويله إن الكافر إذا فعل ذلك انتفع به إذا أسلم. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(11/4466)
شبهات وجوابها حول الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حيران هل أعوض الصلاة الفائته أخاف أن يحاسبني الله على 10 سنوات قضيتها بدون صلاة، أنا لست كافراً لأني أشهد بالله وأصوم رمضان لكني تركتها عن كسل فقط، الفقهاء يقولون بأنه يجب على كل إنسان أن يصلي مهما كانت الظروف إلا في سفر أو نوم فهنا يمكن جمع الصلاة أليس العمل من المشقة مثل السفر، فالذي يجب في نظري أن نفهم محور الموضوع قبل أن نطبقه حرفياً بأنني في ذهني الإنسان الذي يريد أن يتوب من قتل 99 إنسان فذهب إلى شيخ فسأله فأكمل الـ 100 بقتله هو أيضاً أنا بعض الأحيان أريد أن أصلي ولكن عندما أستشير الفقهاء يقولون بأنني لا يجب جمع صلاة العصر والمغرب ولو لضرورة مثل العمل والدراسة وهذا ينقص من نشاطي للبدء بالصلاة أليست الضرورة تبيح المحظور.. أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيراً لا أريد أن أتهجم عليكم لكن فقط أريد أن أفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين وقد ثبت الوعيد الشديد على تضييعها فقد قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وقال صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي والنسائي وصححه الشيخ الألباني.
فتارك الصلاة كسلا مع إقراره بوجوبها كافر على الراجح من الأقوال، وهو عند جمهور العلماء قد ارتكب معصية شنيعة ووقع في خطر عظيم ولكنه ليس بكافر، وراجع تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 512.
وعلى قول الجمهور يجب قضاء جميع الصلوات خلال الفترة التي لم تؤد فيها الصلاة ويكون القضاء فوراً بحسب طاقة الشخص، وراجع الفتوى رقم: 31107.
والسفر من الأسباب المبيحة لجمع مشتركتي الوقت كالظهرمع العصر والمغرب مع العشاء، أما العصر مع المغرب فلا يجوز جمعهما لعدم اشتراكهما في الوقت، بل الواجب أداء كل واحدة منهما في وقتها والانشغال بالعمل قد يبيح الجمع بين الصلاتين إذا لم يتخذ عادة مستمرة، وراجع فيه الفتوى رقم: 2160، وفيما يتعلق بالنوم عن الصلاة راجع الفتوى رقم: 42114.
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة الصادقة والمحافظة على الصلاة في وقتها جماعة إن أمكن ذلك، واعلم أن العمل ليس مبرراً للتهاون في أداء الصلاة في وقتها فلا خير في عمل مشغل عن الصلاة فإذا استقمت على أوامر الله تعالى ومن أهمها الصلاة فسيكفيك الله تعالى ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك.
وعليك أن تعلم أن الله يتقبل توبة العاصين مهما عظمت جرائمهم ومهما كثرت ذنوبهم إذا أخلصوا النية في ذلك واستكملوا شروط التوبة ومن الأمثلة على ذلك ما أشرت إليه من قصة الرجل الذي قتل مائة نفس ثم قبل الله توبته لما علم منه الصدق في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 33975، والفتوى رقم: 17160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/4467)
زوجها لا يصلي ولا يصوم ويريد وطئها في غير موضع الحرث
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يصلي ولا يصوم ودائماً يطلب مني أن يأتيني من الدبر فماذا أفعل، وهل أستطيع الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جريمة ترك الصلاة والصيام هي أعظم من كل جريمة بعد الشرك بالله عز وجل، فمن ترك الصلاة والصيام لا يستغرب منه أي فعل بعد ذلك، فعليك نصح زوجك بالصلاة التي هي عمود الدين، وهي العهد الذي بيننا وبينهم أي الكفار، فمن تركها فقد كفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وعليك نصحه أيضاً بالصيام الركن الرابع من أركان الإسلام، ولا يجوز لك أن تطيعيه فيما يطلب منك من إتيانك في الدبر، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وبيني له أن الوطء في الدبر محرم، بل كبيرة من الكبائر، وذكريه بهذه الأحاديث التي تبين خطورة هذا الأمر لعله يرعوي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود والنسائي، وصححه السيوطي والألباني.
وروى الترمذي والنسائي: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في دبرها. وحسنه الألباني.
فإن تاب من ترك الصلاة والصيام، ومن فعل الفاحشة، فلله الحمد، وإن أصر على هذا الفعل، فاطلبي الطلاق منه، ولا تكثري عليه التأسف، فإن أصر على رفض الطلاق، فيمكن أن ترفعي الأمر إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/4468)
صلاة المتبرجة صحيحة إذا استوفت شروطها وأركانها
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أصلي ولا ألبس الحجاب في الحياة اليومية، كالجامعة والعمل، فهل صلاتي مقبولة أم باطلة، هل يحاسب الإنسان على صلاته على حدة مثلا كأن يسرق المرء فيحاسب على صلاته على حدة وعلى عمله على حدة أو أن تخرج البنت بدون حجاب إلى الشارع، علما بأنها تقوم بفريضة الصلاة، فهل تحاسب على لباسها على حدة وعلى صلاتها على حدة، الرجاء الإجابة في القريب العاجل؟ ودمتم في رعاية الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة عمود الدين وأعظم أركان الإسلام العملية، كما لا يخفى على مسلم، وإذا أتى بها الإنسان بشروطها وأركانها صحت، وليس من شروط صحتها كون مؤديها ليس صاحب معصية.
وعليه، فخلعك للحجاب معصية، لأن ارتداءه فريضة، وهو رمز عفة المرأة وشرفها، كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 5413، وصلاتك إن كانت مستوفية وتامة الأركان فهي صحيحة، ومن شروط صحة الصلاة سترة العورة وعورة المرأة في الصلاة مبينة في الفتوى رقم: 10696.
وعلى كل حالٍ، فإننا ندعوك بكل صدق وإخلاص، ومن منطلق النصح والشفقة إلى أن تبادري لارتداء الحجاب، لأن الموت آت والأجل محدود، وحتى لا تندمي حين لا ينفع الندم، واعلمي أن الإنسان يثاب على طاعته، ويعاقب إن لم يعف الله عنه على سيئاته كل على حدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/4469)
نصيحة تارك الصلاة وربطه بالصالحين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابن أخت يبلغ من العمر 35 عاماً يسكن بعيدا عنا اكتشفت في إحدى المناسبات العائلية عندما حان موعد الصلاة أنه لم يصل مع الجماعة عند سؤالي له اكتشفت بأنه لم يصل قط منذ ميلاده حسب قوله كما أفاد بأنه لم يلمس المصحف الشريف ولم يقرأه بل أنه يحفظ القران من إذاعة القران الكريم بعد حديثي معه صلى معنا صلاة المغرب أخشى بعد فراقنا أن لا يؤدي فرائض الصلاة، أرجو تفسير هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشاب يعتبر عاصياً، وعلى خطر عظيم، لأنه تارك لعمود الدين وهي الصلاة، وكونه لا يصلي وقد حفظ القرآن عبر الإذاعة هذا أمر غريب لا نستطيع تفسيره تفسيراً دقيقاً، ولذا فلابد من الجلوس معه ودراسة حاله، وبذلك ستتبين حقيقة أمره إن شاء الله.
ونوصيك بمتابعته وتفقد حاله ونصحه وربطه بالصالحين ليعينوه على تعلم ما يجب عليه ويثبتوه على الاستقامة بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/4470)
نصيحة حول ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد نصيحة شديدة إلى عائلة لا يصلي منها أي شخص الأب والزوجة وكذلك الأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 52998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/4471)
علاج نافع لترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
زوجتي سيدة متدينة وتصلي وتقرأ القرآن الكريم ولكن يا سيدي في بعض الأوقات تنتابها حالات خوف ورهبة شديدة عند سماع الأذان أو القرأن وتظل لفترات طويلة تتجاوز الأشهر لا تصلي ولا تقرأ القرآن وإذا قمت بالضغط عليها للصلاة فإنها تجاهد نفسها وتصلي ولكن بعد الصلاة تنتابها حالة اكتئاب وفي بعض الأحيان بكاء، وهي لم تصل منذ رمضان الماضي إلى الآن مع أنها في خلال رمضان الماضي قامت بالعبادات والنوافل على أكمل وجه، فهل هي محتاجة إلى العلاج بالقرآن بسبب مس من الشيطان أو إلى رقية شرعية، مع العلم يا سيدي أنها تبكي بشدة بسبب عدم قدرتها على أداء الصلاة وتخاف من عقاب الله وتتمنى لو تقدر على القيام بالعبادات كاملة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد يكون ما أصاب هذه المرأة مرضا نفسيا، وقد يكون سحرا أو مسا من الشيطان أو عينا، ولا بأس بالبحث عن تشخيص المرض وعلاجه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء الهرم. أخرجه أحمد وأصحاب السنن.
وأول ما يجب على هذه المرأة وهو أنفع علاج على الإطلاق هو مجاهدة نفسها على المحافظة على أمر الله تعالى، وآكد ذلك الصلاة في وقتها، فإن المحافظة عليها جالبة لكل خير ودافعة لكل ضر، وإن تضييعها جالب لكل شر مانع من كل خير، والصلاة لا تسقط عن المسلم مادام عنده من عقله ما يميز به بين الليل والنهار، والضار والنافع.
وننصح بالذهاب إلى الطبيب النفسي الثقة العارف بعلاج هذا المرض، أو إلى من عرف بمعالجة السحر أو المس والعين بالطرق الشرعية.
وينبغي لهذه المرأة أن تكثر من تلاوة القرآن، وخاصة المعوذتين، وآية الكرسي، والفاتحة، وتلاوة سورة البقرة، وآل عمران في البيت، فإن قراءة سورتي البقرة وآل عمران تطردان الشيطان من البيت قطعا، وإذا لم تستطع ذلك بنفسها فيمكنها الاستعانة بك أو بامرأة صالحة تقرأ لها، أو برجل من محارمها، أو باستخدام جهاز التسجيل بنية إخراج الشيطان.
كما ينبغي المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، فإنها تعصم المسلم من الشيطان، فلا بد منها، ولا ينفع علاج بدونها.
ونقول لهذه المرأة إذا التزمت بأوامر الله تعالى وبأذكار الصباح والمساء وكثرة ذكرالله وتلاوة القرآن وأكثرت التضرع والالتجاء لرب العالمين أن يصرف عنك الشيطان وأن يتم عليك صلاتك وإيمانك، فلن يرد الله دعاءك ولن يخيب رجاءك بإذن الله أبدا، ولا تيأسي من رحمة الله ولطفه بك، فإنه أرحم الراحمين. إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {يوسف: 100} وربما كان ما يحدث بسبب بعض المعاصي أو المنكرات في البيت، فلا بد من التخلص منها، والتوبة وكثرة الاستغفار، ولا بأس بالاستعانة ببعض الأخوات المسلمات لتذكيرك بالله، وحضور الصلاة المفروضة في أحد المساجد في جماعة، واحذري من السحرة والدجالين، نسأل الله أن يعافيك ويشفيك. ولا بأس أن تعرضي نفسك على طبيب نفسي ثقة عارف بعلاج ما أصابك إن كان مرضا نفسيا، ولا بأس كذلك أن ترقي نفسك أو تبحثي عن من يرقيك الرقية الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(11/4472)
لا تترك الصلاة المفروضة لا قبل العمرة ولا بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق عدم الالتزام بالصلاة بعد المجيء من العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل لأحد أن يترك بعض الصلوات المفروضة لا قبل الذهاب إلى العمرة ولا بعد المجيء منها إلا أن من من الله عليه بأداء العمرة وهي من الطاعات العظيمة لا ينبغي له أن يعود منها كما كان قبل ذلك مفرطا في بعض الصلوات، بل ينبغي أن يستمر على المحافظة على الصلاة والحسنات التي حصل عليها في عمرته لبيت الله الحرام وأن يقضي الصلوات التي تركها من قبل. وقد اتفق أهل الإسلام على أن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، لم يمنعه من أدائها مانع شرعي كالجنون والإغماء وكالحيض والنفاس عند المرأة، ونحوها من الموانع الشرعية المعتبرة، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم. وأجمع كل من يعتد به من أهل الإسلام على أن من جحد وجوبها فهو كافر مرتد، لثبوت ذلك بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع. وأما من تركها تكاسلا، بحيث لا يصليها مطلقا، فجمهور الأئمة من المالكية والشافيعة والحنابلة على أنه يستتاب ثلاثة أيام كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل. ويقتل عند المالكية والشافعية حدا لا كفرا، وفيه نظر، لأن، هذا ليس من المواضع المنصوص عليها في القتل حدا، في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. فآل أمره إلى الكفر ومفارقة الجماعة، وأما عند الحنابلة فإنه يقتل كفرا، وهو الأظهر، لمعاضدة الأدلة الصحيحة له، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم ومثل حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. بل إذا كان ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها من غير عذر محبطا للعمل، كما في الحديث المخرج في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله. فكيف بمن ترك صلوات كثيرة؟، وقال عبد الله بن شقيق البجلي، وهو من فضلاء التابعين: لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(11/4473)
مسائل حول ترك الصلاة والزواج والانتماء لأهل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير، أما بعد:
عندي عدة أسئلة من فضلكم عندي عدة ذنوب منها منسية وأخرى أتذكرها منذ عدة سنين هل إذا تبت توبة شاملة عن كل ذنوبي هل يغفر الله لي ذنوبي التي أتذكرها فقط أم كلهم، هل من دعاء أقوله ثم يغفر الله لي كل ذنوبي من أصغرها إلى أكبرها والمتذكرة والمنسية، هل لكل ذنب توبة خاصة، هل إذا تبت هل الملائكة تنسى خطاياي، أنا شاب بالغ ومازلت عند أبي ولدي مال هل أزكي، هل يمكنني إعطاء الزكاة لأبي، أنا لا أصلي هل أسترجع الصلاة الفائته منذ 10 سنوات، أنا عندي 23 سنة وأتوب بصفة عامة عن كل ذنوبي، العلماء يقولون بأن تارك الصلاة كافر وإذا عاد يصلي ما قبل إلا الصوم فيجب عليه القضاء أليس هناك انتقاد بينهما الحمد لله من جهة الصوم لا ينقضي أي يوم، هل إذا لم أتمكن من طلب المسامحة من شخص لكي تكمل التوبة أخرج صدقة له لمغفرتي يوم الحساب أو أخرج صدقة عامة تشمل كل من له حق علي، اكتشفت بوثائق تثبت والحمد لله بأني من آل البيت وأنا لا أصلي هل أنتمي إليهم مهما كان ذلك، هل عذاب آل البيت العصاة يضاعف لهم العذاب ضعفين، هل يمكنني إعلان هذا للناس أم أصمت نظراً لسلوكي الغير لائق، هل يمكن الجمع بين صلاة العصر والمغرب لضرورة مثل كسب المال أو الدراسة، هل الريح تنجس الثياب الداخلية، إذا لم أستطع أن أغير ثيابي غير الطاهرة لمشكلة ما وأتى وقت الصلاة هل أصلي بهما، هل لمس الشرائط القرآنية بدون وضوء أو طهارة وسماع القرآن جائز، أريد أن أتزوج من بنت ذات حسب ونسب جيد وذات دين ليست متشددة وهي التي تشجعني على الصلاة وأنا أشكرها على هذا وهي لا تعرف بأنني أريد أن أتزوجها، إنها بنت خالتي إنها بكل صراحة من البنات التي لا يوجد الكثير منهن وكلما أدرسها أزداد إعجاباً، وهناك مشكلتان، الأولى جمالها الخارجي متوسط ولكن جمالها الداخلي ينسني ذلك، والثاني والأهم من كل شيء ويحيرني هو الزواج من القرابة بكل ما يحتويه من كلمة أي الأمراض الوراثية إلى آخره، هل يجوز لي الزواج منها، وإذا كان الفحص الطبي يقبل هل يمكن أيضاً نظراً أن الطب لا يمكن له الإحاطة بكل الجوانب، أريحوا بالي جزاكم الله خيراً، والله لا إنها إنسانة من خير الناس الذين أعرفهم وهي تملك الدنيا في قلبها بل في يديها وهي لن تطمع بالزواج مني من أجل مصلحتها مثل الأخريات ووالداي يحبونها كثيراً ويريدان أن أتزوجها وهي صبورة ويمكنها أن تهتم بأمي بعد أن أتزوجها إن شاء الله وتحب أمي كثيراً وتوصيني دائماً أن أهتم بها لأنها مريضة، باختصار هي فتاة رائعة ولكن المشكلة هي القرابة، أرجو أن تدعو لي بالتوفيق في حياتي الدنيا والآخرة وأن تدعو لأمي بالشفاء ولجميع المسلمين ... أعتذر عن أخطائي لا أتقن اللغة وأعتذر عن أسئلتي الكثيرة، وجزاكم الله كل خير، أريد في الأخير أن أنبهكم بأنني لا أستطيع قراءة العربية في بريدي الإلكتروني هل يمكنكم إرسال صورة حيث تجد الإجابة ثم ترسل إلى البريد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننبه السائل أولاً إلى خطورة ترك الصلاة وذلك أن ترك الصلاة خطر عظيم وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن تاركها كسلاً كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه النسائي، وانظر الفتوى رقم: 1846، والفتوى رقم: 2175 وفيها الجواب عن سؤالك هل تقضي صلاة السنوات الماضية.
فإذا كنت لا تصلي فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من ذلك، ويجب عليك أن تصلي لقوله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ [البقرة:43] ، ولقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103] ، فاتق الله عز وجل وبادر إلى التوبة فإن التوبة واجبة وهي تجب ما قبلها.
واعلم أن العبد إذا تاب إلى ربه توبه صادقة نصوحاً فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته ويفرح بها، ويمحو بها جميع سيئاته بل يبدل الله سبحانه وتعالى سيئاته حسنات، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53] ، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25] ، وقال الله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان:70] ، ولمعرفة شروط التوبة الصادقة نحيلك إلى الفتوى رقم: 24611، والفتوى رقم: 42083، وانظر الفتوى رقم: 41414 فإنها مهمة، والفتوى رقم: 36627 في كيفية الاستحلال ممن له عليك حق.
وأما عن دعاء معين للاستغفار فقد روى البخاري في صحيحه من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة. فعليك بهذا الدعاء والإكثار منه.
وسؤالك عن انتمائك لأهل البيت إن كنت لا تصلي، نعم تنسب إليهم، فالكفر لا يبطل النسب ولكن نسبك إليهم لا ينفعك يوم القيامة إذا مت مصراً على ترك الصلاة، قال الله تعالى عن تاركي الصلاة: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48] .
وأما هل يضاعف العذاب للعصاة من أهل البيت، فقد ذكر أهل العلم في تفسير قوله تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب:30] ، أشاروا إلى أن زيادة الفضل توجب زيادة قبح الذنب من الفاضل، قال الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره "فتح القدير" عند تفسير هذه الآية: وقد ثبت في الشريعة في غير موضع أن تضاعف الشرف وارتفاع الدرجات يوجب لصاحبه إذا عصى تضاعف العقوبات. انتهى.
وقال البيضاوي في تفسيره: فإن زيادة قبحه -أي الذنب- تتبع زيادة فضل المذنب والنعمة عليه ولذلك جعل حد الحر ضعفي حد العبد، وعوتب الأنبياء بما لا يعاتب به غيرهم. انتهى.
وأما السؤال عن زكاة المال، فإن الزكاة في النقود إنما تجب بشرطين:
الأول: أن تبلغ النقود النصاب وهو ما يعادل 85 جراماً من الذهب.
الثاني: أن يحول على النصاب الحول، وانظر الفتوى رقم: 165، والفتوى رقم: 3032.
وأما هل تعطي الزكاة لأبيك، فإذا كان أبوك فقيراً فإنه يجب عليك أن تنفق عليه من مالك، ولا يجوز إعطاؤه من الزكاة لأنه من الذين تجب عليك نفقتهم ومن وجبت له النفقة لا يعطى من زكاة مال المنفق.
وأما السؤال عن الريح وهل تنجس الثياب، فالريح ليست نجسة فلا تنجس الثياب إلا إذا خرج معها خارج كغائط ونحوه، وأما الريح فليس نجسة ولا يجب غسل المحل منها.
وأما عن شرائط القرآن وسماع القرآن، فإنه لا تجب الطهارة للمس شرائط القرآن ولا لسماعه، وانظر الفتوى رقم: 2224.
وأما عن الزواج ببنت خالتك فإذا كانت ابنة خالتك ذات دين فلا تترد في الزواج منها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
مع العلم بأنه استحب بعض أهل العلم نكاح الأجنبية التي ليس لها قرابة لأمرين:
الأول: لأن ولدها يكون أنجب ذا فطنة وحذق.
الثاني: لأنه لا يأمن طلاقها، فإذا طلقها -أي القريبة- أفضى ذلك إلى قطيعة الرحم، وأما ما يثار حولها طبياً فراجع كلام أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 8019، والفتوى رقم: 33807.
ونحن ننصحك بالاستخارة والإقدام على الزواج منها إن كانت ذات دين، وأما عن الجمع بين العصر والمغرب فإنه لا يجوز الجمع بينهما لا للضرورة ولا لغيرها، وانظر الفتوى رقم: 2160، والفتوى رقم: 47057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1425(11/4474)
حكم الحج والتصدق عن تارك الصلاة سوى الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لا يصلي إلا الجمعة هل يجوز لأبنائه الحج عنه أو التصدق أو الدعاء له أفيدونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل الإسلام على أن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، لم يمنعه من أدائها مانع شرعي، كالحيض والنفاس عند المرأة، وكالجنون الإغماء ونحوها من الموانع الشرعية المعتبرة، وهي عبادة بدنية محضة، لاتقبل النيابة.
والصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
وأجمع كل من يعتد به من أهل الإسلام على أن من جحد وجوبها فهو كافر مرتد، لثبوت ذلك بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع.
وأما من تركها تكاسلا، بحيث لا يصليها مطلقا، فجمهور الأئمة من المالكية والشافعية والحنابلة أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ويقتل عند المالكية والشافعية حدا لا كفرا، أما عند الحنابلة فإنه يقتل كفرا بعد استتابته من قبل الحاكم أو نائبه على المعتمد، قال السفاريني في غذاء الألباب: واعلم أن المعتمد من المذهب كفر تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يتضايق وقت الثانية عنها ولو كسلا وتهاونا بشرط الدعاية من إمام أو نائبه.
وظاهر الأدلة الصحيحة تؤيد هذا القول منها قوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. ومثل حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. وحيث قلنا بعدم كفر تارك الصلاة تهاونا فلا بأس بالحج عنه إن عجز عنه أو مات وكذلك التصدق عنه والدعاء له، وإذا كان الرجل لا يزال حيا فعليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة، وأن يكثر من فعل النوافل والطاعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(11/4475)
حكم من عقد نكاحه حال كونه تاركا للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عقدت قراني وقد كنت أترك الصلاة تهاونا وتكاسلا والآن تبت إلى الله وأصبحت أحافظ عليها، فهل العقد صحيح أم لا أفيدوني جزاكم الله خيرا. ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تارك الصلاة لا يخلو من أن يكون جاحدا لها أو غير جاحد، فإن كان جاحدا لها فإنه كافر بلا نزاع بين العلماء لا يصح عقده على مسلمة، وإن وقع عقده عليها فلا عبرة به شرعا، والواجب التفريق بينهما، فإن رجع إلى الإسلام عقد عليها من جديد إن شاء.
قال الله تعالى: [وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا] (النساء: 141) .
وأما إن كان مقرا بوجوب الصلاة وفرضيتها ولكنه يتكاسل عن أدائها وإقامتها فهذا عند الجمهور آثم مرتكب لكبيرة عظيمة يطلب منه الحاكم أن يصلي وإلا قتل حداً، وفي هذه الحال يصح عقده على المسلمة لأنه فاسق وليس كافرا عند الجمهور.
وذهب بعض العلماء إلى أنه كافر أيضا مثل من جحدها.
قال النووي في المجموع شرح المهذب: فرع في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلا مع اعتقاد وجوبها، فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حدا ولا يكفر، وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف، وقالت طائفة: يكفر ويجري عليه أحكام المرتدين في كل شيء. انتهى.
وبناء على مذهب الجمهور فإن عقد نكاح الأخ السائل في الفترة التي كان يترك الصلاة فيها تهاونا وتكاسلا يعتبر عقدا صحيحا، والواجب عليه كثرة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، والمحافظة على الصلاة لأنها عماد الدين وعمود الإسلام.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 1061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(11/4476)
منزلة الصلاة وثمراتها، وأهميه بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو المساعدة والنصيحة بنفس الوقت إخواني في الله لدي سؤالان جزاكم الله خيراً، ورحم والدينا ووالديكم، إخواننا المسلمين:
أمي هداها الله من المتهاونات في الصلاة، أمي الله يهديها من النساء اللاتي يحببن الغيبة بين الناس حتى على بيتها لم يسلم من الغيبة ودائماً أذكرها بالله عز وجل وأذكرها بالقبر والمواعظ، فما العمل إخواني في الله أريد النصيحة لي تجاهها، أسأل الله رب العرش العظيم أن يهدي أمي وأمهات المسلمين جميعاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على هداية أمك، فإن للوالدين وللأم على وجه الخصوص حقا تجاه أبنائهم من البر والإحسان، ونذكرك قبل أن نبين لك ما عليك فعله ببعض ما ورد في حق الأم وطاعتها والإحسان إليها ومن ذلك حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، وحسن إسناده الألباني، ورواه ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة بلفظ آخر، وفيه قال: ويحك؛ أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: ويحك؛ الزم رجلها فثم الجنة. قال السندي في شرح سنن ابن ماجه: قال السخاوي: إن التواضع للأمهات سبب لدخول الجنة، قلت: ويحتمل أن المعنى أن الجنة أي نصيبك منها لا يصل إليك إلا من جهتها، فإن الشيء إذا صار تحت رجلي أحد فقد تمكن منه، واستولى عليه بحيث لا يصل إلى آخر إلا من جهته. انتهى.
ومن هنا تعلم أن الإحسان إلى الأم، وبذل الوسع في إرضائها من آكد الأسباب التي توصل إلى الجنة، وهذا الحكم يشمل جميع الأمهات حتى وإن كن فاسقات، بل قد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين وإن كانا مشركين فقال سبحانه: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] ، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وفهم من ذكر (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) إَثَر قوله (وإن جاهداك على أن تشرك بي..) أن الأمر بمعاشرتهما بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف، كالإحسان إليهما وصلتهما. انتهى.
فإذا كان البر واجباً للأم على شركها فكيف وهي مؤمنة مسلمة؟!.
وما ذكرنا لا يمنع من نصح والدتك ونهيها عن التهاون في الصلاة بل إن ذلك من البر، فلا شك أن الصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، وهي عماد الدين، وأن من يتهاون في أدائها ويؤخرها عن وقتها قد توعده الله بالويل، فقال: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] ، والويل كما قال بعض المفسرين هو: واد في جهنم، نسأل الله العافية.
وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخل الجنة. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم.
فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة؟!!
فعليك أن تجلس مع أمك وتناقشها بلطف ولين وتذكرها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وأبو داود.
وذكرها بأن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء. رواه البخاري ومسلم، والغرة بياض الوجه، والتحجيل: بياض في اليدين والرجلين.
فكيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُود ِ [الفتح:29] .
وذكرها أن الصلاة راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: أرحنا بها يا بلال.
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحل بنا المصائب، ونصاب بالهموم والأحزان أن نفزع إلى الصلاة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه، وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] .
وينبغي أن تبين لها كذلك أن النميمة والغيبة من أقبح الذنوب وأشدها تحريماً، لما فيها من انتهاك ما حرم الله والوقوع في أعراض الناس، وقد قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12] ، وقال تعالى في شأن النميمة وذمها: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ* هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ [القلم:10-11] ، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قتات. والقتات النمام. وانظر الفتوى رقم: 28503.
وقل لها برفق وحنان أن التوبة واجبة من كل ذنب، وإذا تاب العبد تاب الله تعالى عليه وغفر ذنوبه، وعلمها بأدب وتواضع أن للتوبة شروطا لتكون مقبولة عند الله عز وجل، وهذه الشروط هي: أن يقلع العبد عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعقد العزم ألا يعود إليها في ما بقي من عمره. وإذا كانت المعصية بحق آدمي فإنها تزيد على الثلاثة المذكورة شرطاً رابعاً، وهو أن يبرأ من حق صاحبها ويتحلل منه، إن أمكن ذلك ولم يؤد إلى مفسدة أعظم، فإذا كان طلب السماح من صاحب الحق يؤدي إلى زيادة البغضاء والشقاق، فعلى المرء حينئذ طلب السماح من أخيه في الجملة، ولا يبين له أنه حمل عنه نميمة أو اغتابه، لئلا يوغر ذلك صدره ويؤدي إلى فساد أكبر. وقال بعض أهل العلم عليه أن يذكره بالخير في الأماكن والمجالس التي ذكره فيها بما لا ينبغي ويستغفر له بكثرة.
ونسأل الله أن يعينك ويوفقك وأن ويصلح أمك ويسلك بنا وبك سبل الرشاد إنه على ما يشاء قدير، وينبغي أن تستعين بما يؤثر عليها فيما تنصحها فيه من أشرطه وعظية ونحوها، والخلاصة كن رفيقاً في نصحك لأمك وإذا غضبت فاسكت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/4477)
زوجها تارك للصلاة ونصحته فلم ينتصح
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتيتموني أفادكم الله في أمر زوجي الذي لا يصلي بأنني يجب أن أنصحه أولا، ولقد فعلت ذلك طيلة 8 سنوات ولم أحصل إلا على وعود لم تنفذ حيث يصلي يوم على عقلي ثم ينقطع، وإذا لم يستجب للنصح فيجب علي أن أمنع نفسي منه ولكني ما أن أفعل ذلك حتى يثور ويقول كيف أحرم ما أحل الله ويعلو صوته، وتكون فضيحة وسط الجيران وأنا غير معتادة على ذلك، فأنا شديدة الحساسية وأبكي لأي سبب وأحرج من أن يسمع أحد صوته ويسأل عن السبب، فماذا أقول، علما بأنه يترتب عليه أن يأخذ حقه مني وأنا كارهة وهو يمعن في طلب ذلك إذلالاً فكيف أتصرف أفيدوني بسرعة الرد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة ذنب عظيم، بل ربما يكون مخرجاً عن الملة والعياذ بالله تعالى إذا كان ناشئاً عن التكاسل، وهو مخرج عنها باتفاق العلماء إن كان حجودا لها وتكذيباً بها، لذلك فلا بد لمن ابتليت بشخص لا يصلي أن تتحرك لأجل أن يصلي زوجها، وذلك بالنصح له أولاً كما فعلت السائلة جزاها الله خيراً، وهدانا وهدى زوجها لإقامة الصلاة التي هي عماد الدين، أما إذا لم ينفع النصح فعليك أن تتصرفي حسبما هو مذكور، في الفتوى رقم: 4510.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/4478)
من إعراض العبد عن الله تركه للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة هي صلة العبد بربه فمن تركها فقد ترك صلته بربه، فهل يترك الرب صلته بعبده رغم أن هذا العبد ترك صلته به وهل يعتبر الرزق بكل أنواعه مثلا صلة الله بعبده، وإن كان هذا الأخير تاركا لصلته به أو كان كافراً به حتى والعياذ بالله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة صلة بين العبد وربه، وهي عماد الدين وثاني أركانه العظام، وبها يتميز المسلم عن الكافر، وتاركها على خطر عظيم، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الل هـ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. وروى الترمذي وقال حسن صحيح، عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.
بل ذهب جمع من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة كافر ولو كان تركه لها تهاونا مع إقراره بفرضيتها، فكيف يجرؤ المسلم أن يعرض نفسه لهذا الحكم الخطير، الذي عاقبته الخلود في جهنم؟ أم كيف يرضى الإنسان أن يقطع الصلة بينه وبين ربه؟ فلا يبالي الله تعالى بأي واد هلك، فقد قال الله تعالى: نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67] ، ولا شك أن الله تعالى يعرض عن العبد ويكله إلى نفسه إذا العبد أعرض عنه، ومن إعراض العبد عن الله تركه للصلاة.
وقد روى ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: من جعل الهموم هما واحداً هم آخرته كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك.
أما الرزق فقد يرزق الله تعالى الكافر والفاسق استدراجاً له لا حبا له، ولذلك أنكر الله على من جعل المال علامة على كرامة الله للعبد وعدمه على إهانته له فقال الله تعالى: فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ [الفجر:15-16] ، وفي مسند أحمد عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ [الأنعام:44] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(11/4479)
زوجها يتهاون في الصلاة كثيرا ولا تعرف السبيل إلى إصلاحه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وزوجي يتهاون في الصلاة كثيرا، ودائما ألاحظ أنه إذا نزل منه المني بدون جماع يؤخر غسله ويترتب على ذلك تأخير صلاته لأكثر من فرض، وأحياناً فروض اليوم بأكمله، وعندما يغتسل يصلي الفرض الذي يصادف وقت غسله وأحيانا يكون أداء هذا الفرض متأخرا عن وقته. وإذا ذكرته بالصلاة يقول بأنه سيصلي ولكنه لا يصلي، وأناالآن في آخر فترة النفاس. ما واجبنا تجاهه عند طهارتي هل أرضى بالجماع ... وما الواجب علي فعله كي أرضي ربي؟ علما بأنني عندما كنت ألح عليه لكي يصلي بدأت بيننا المشاكل ويقول أنا لست كافرا وأعرف ماذا أفعل. والآن لا أستطيع إلا أن أذكره بالصلاة وهو يتقبل مني التذكير ولكن أحيانا يصلي وأحيانا لا يصلي ... وهو يعتقد بأن من ترك الصلاة 40 يوما يعتبر كافرا، أي أنه لم يصل لدرجة 40 يوم وبالتالي فهو على حق.. هذا تفكيره ولا أعرف كيف أصلح من شأنه..
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لزوجك الهداية والمواظبة على أداء الصلاة ثم إننا نقول لهذا الأخ أما تعلم أن ترك الصلاة كبيرة من أشد الكبائر لأنها عماد الدين، وتضييعها تضييع للدين وإحباط لجميع الأعمال، فهى أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فلا الصوم ولا الحج ولا غيرهما بنافع صاحبه مادام مضيعا للصلاة.
ونظراً لاهمية الصلاة توعد القرآن المضيعين لها المؤخرين لها عن وقتها فأحرى أولئك الذين يتركونها بالكلية بقوله: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. وقوله: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب. ولا شك أن كل مسلم مؤمن بالموت وسكراته والقبر وعذابه والبعث والنشور والحساب والعقاب ويقرع سمعه هذا الوعيد من جبار السموات والأرض لابد أن يخاف ويقبل على إقامة الصلاة في وقتها ويتدارك نفسه بالتوبة مما فات قبل أن يدخل سقر فيكون كمن قال الله تعالى عنهم: ماسلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين.. .
أما أنت أيتها الأخت الفاضلة فعليك بالنصح لزوجك وإحضار الأشرطة الوعظية التي تتحدث عن ترك الصلاة وأحوال القيامة فإن تاب زوجك واستقام فاحمدي ربك على ذلك. وإن أصر على المعصية فسلطي عليه من له تأثير عليه فإن لم يفد ذلك فنرى أن تطلبي منه الطلاق إذ لاخير في زوج مضيع لهذا الركن العظيم وثقي أن ربك سيعوضك خيرا منه وأفضل إن شاء الله تعالى، وقبل أن يحصل ذلك فالواجب عليك طاعته بالمعروف، ومن ذلك طاعته في الفراش.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/4480)
الأحكام المترتبة على من مات تاركا للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلآة والسلآم على رسول الله وبعد, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال: رجل جاهل أمّي لآ يقرأ ولآ يكتب, وفي بلده الذي عاش ومات فيه يعتمد المذهب المالكي الذي لآ يكفر تارك الصلآة؛ مات هذا الرجل وهو لا يصلي؛ ماهي الأحكام الشرعية المترتبة على هذا الرجل. بارك الله في سعيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا رجحان كفر تارك الصلاة مع أن جمهور أهل العلم يقولون بعدم كفره إن لم يكن ينكر وجوبها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 5259.
وأما الأحكام المترتبة عليه، فهي بحسب ما يحكم به قاضي البلدة التي هو فيها، فإذا كان القاضي مالكيا، كما هو مصرح به في السؤال، فإنه سيحكم بإسلامه، وإن فعل فلا يجوز لقاض آخر أن ينقض ذلك الحكم، لأن حكم القاضي إذا كان مستندا إلى دليل قوي يصيِّر الشيء المختلف فيه كالمتفق عليه، ففي الدرديري عند قول خليل: ورفع الخلاف لا أحل حراما. قال: فإذا حكم بفسخ عقد أو صحته لكونه يرى ذلك لم يجز لقاض غيره ولا له نقضه، ولا يجوز لمفت علم بحكمه أن يفتي بخلافه، وهذا في الخلاف المعتبر بين العلماء ... (4 /156) وقال السبكي في فتاويه: إن حكم الحاكم في المجتهدات لا ينقض إلا إذا خالف النص أو الإجماع أو القياس الجلي أو القواعد الكلية..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(11/4481)
لا خير في امرأة تضيع فرائض الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم وأقوم بواجباتي الدينية، ولكن زوجتي لا تريد الصلاة ولا تلبس اللباس الإسلامي، هل يجوز لي أن أجامع زوجتي وهي كافرة رغم كون أهلها مسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن تارك الصلاة جحوداً مرتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، واختلفوا فيمن تركها كسلاً مع إقراره بوجوبها فالجمهور منهم على أنه لا يكفر وإن كان فاعل ذلك في أقصى مراتب الفسق والعصيان لله عز وجل، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 1145.
وبناء على هذا فإن كانت زوجتك تركت الصلاة عن جحود لها فهذه مرتدة تعامل معاملة المرتدين، ومن جملتها أنها تحرم على زوجها، وذلك لفسخ النكاح بالردة، فإن عادت إلى الإسلام وهي لا تزال في العدة فلزوجها ارتجاعها بدون عقد وصداق، قال ابن عابدين في رد المحتار: وفسخ النكاح بالردة.
أما إن كانت مقرة بوجوب الصلاة إلا أنها تركتها تكاسلاً، فعلى مذهب الجمهور هي مسلمة عاصية يجوز لك مضاجعتها، وعلى العموم فإن كانت هذه المرأة مسلمة فلا مانع من مجامعتها، لكن يجب عليك أن تأمرها بإقامة الصلاة والالتزام بلبس الحجاب بحضرة الرجال الأجانب فإن قبلت فبها ونعمت، وإن أبت إلا البقاء على فسقها فالأولى طلاقها إذ لا خير في امرأة تضيع فرائض الإسلام خاصة إن من أهل العلم من يقول بتكفير تارك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(11/4482)
الترغيب في الصلاة والترهيب من تركها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو تزويدي ببعض الأحاديث في الترغيب في الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني بعد الشهادتين، والأحاديث الدالة على الترغيب فيها كثيرة، نقتصر منها على ما يلي:
1- ... ... في سنن أبي داود من حديث علي رضي الله عنه قال: كان آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم. صححه الشيخ الألباني، ومعناه في سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد.
2- ... ... في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: يا معاذ: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة.
3- ... ... في سنن الترمذي وسنن النسائي بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
4- ... ... في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة.
5- ... ... في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف. حسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
والحديث أيضا في سنن الدارمي، وحسن إسناده الشيخ حسين أسد.
أما الترهيب من تركها أو التهاون في أدائها فيكفي منه قول الله عز وجل:
[فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (الماعون: 4-5) وقوله: [فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا] (مريم: 59) .
وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 28664.
والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/4483)
ترك الصلاة متعللا بأن الله تعالى لم يهده
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الزملاء لا يصلي وعندما طلبنا منه أن يصلي قال عندما
يهديني الله سأصلي وعندما تناقشت معه في موضوع الهداية
استدل بالاية (من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياًمرشدا) والآيه (إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)
إذن ماذا أقول في هذه الحالة هل الإنسان مسير أم مخير في العبادات وكيف نفسر هذه الآيات السابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهداية هدايتان، وقد سبق تفصيل أمرهما في الفتوى رقم: 16759، والفتوى رقم: 30758، وما احتج به زميلك لا يعتبر عذراً مقبولاً، بل هو حجة داحضة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: ولهذا كل ما في الوجود واقع بمشيئة الله وقدره كما تقع سائر الأعمال، لكن لا عذر لأحد بالقدر، بل القدر يؤمن به، وليس لأحد أن يحتج على الله بالقدر، بل لله الحجة البالغة، ومن احتج بالقدر على ركوب المعاصي فحجته داحضة، ومن اعتذر به فعذره غير مقبول كالذين قالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا، والذين قالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم كما قال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ*أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (الزمر:56-57) . انتهى.
والآية الأولى وردت في شأن أصحاب الكهف، وقد قال ابن كثير مفسراً لها: أي هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم، فإنه من هداه الله اهتدى، ومن أضله فلا هادي له. انتهى.
وقال أيضاً في تفسير الآية الثانية: يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إنك يا محمد لا تهدي من أحببت أي ليس عليك ذلك، إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (البقرة: من الآية272) ، وقال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (يوسف:103) ، وهذه الآية أخص من هذا كله، فإنه قال: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (القصص: من الآية56) أي هو أعلم بمن يستحق الهداية من الغواية. انتهى.
ويظهر من هذا أنه لا حجة في الآيتين على الاستمرار في المعاصي احتجاجاً بالقدر كما يرشد له كلام شيخ الإسلام السابق.
ثم ينبغي لك نصح زميلك المذكور، فإن غلب على ظنك عدم الإفادة من نصحه فلا خير لك في صحبته نظراً للمخاطر المترتبة على مجالسة رفقاء السوء، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة.
وللتعرف على خطورة ترك الصلاة يرجع إلى الفتوى رقم: 6061، وجواب سؤال هل الإنسان مسير أم مخير تقدم مفصلاً في الجوابين التاليين: 8653 / 4054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/4484)
زوجها لا يصلي ويعاني من أزمة نفسية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا يصلي وهو به اكتئاب فهل هناك دعاء خاص أدعو له به حتى يصلي، وهل هناك أدعية غير أدعية تفريج الكرب،مثل قراءة سور معينة من القران الكريم لأسال الله بها الهداية له وتفرج همه فهو يعيش أزمة نفسية حادة؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الزوج الذي لا يصلي مشكلة كبيرة وعبء ثقيل على زوجته المسلمة الصالحة، نسأل الله تعالى أن يهدي زوجك ويشفيه.
وإن عليك ن توجهي هذا الزوج وتنصحيه بهدوء ورفق ولين مع مراعاة ظروفه الصحية وتحري الأوقات المناسبة، لعل الله تعالى أن يهدي قلبه ويصلح حاله على يديك فتنالي بذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. رواه البخاري ومسلم. فهذا أقل الواجبات نحوه.
ومما يعينك على ذلك هو اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه بالدعاء وخاصة في أوقات الإجابة، ولتعلمي أن القرآن العظيم كله شفاء ورحمة… كما قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ] (يونس:57) .
فلك أن تقرأي عليه ما تيسر من القرآن وخاصة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين.
وقد روى الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله عز وجل، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.
فجربي هذه الصلاة وهذا الدعاء وكرريهما.
واستعيني بالله تعالى، فإنه خير مستعان، وداومي على الأدعية والأذكار وأداء الفرائض، وسييسر الله تعالى أمرك.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفوائد في السؤالين التالية أرقامهما: 4510، 6061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(11/4485)
كثرة النوم عن الصلاة دليل على التفريط وعدم المبالاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لدي سؤال: أنا أشتغل في مكتب نت من الساعة 12 ليلاً حتى الساعة 1 ظهراً، تقريباً وأعود إلى البيت أصلي الظهر ثم أتعدى ثم أنام الساعة 3 ظهراً ثم أصحو من النوم الساعة 9 ليلاً، أصلي العصر ثم أصلي المغرب ثم أتعشى وأصلي العشاء وأذهب إلى الشغل وهكذا حياتي، السؤال هو: أن صلاتي العصر والمغرب مع بعض هل هناك إثم علي أم لا، إذا كان هناك إثم ما هو الحل، حاولت أن أستيقظ فلم أستطع، وأنا قلق جداً من هذا الموضوع وأريد حلاً لهذه المشكلة لدي؟ وبارك الله فيكم وزادكم من علمه، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها المحدد لها شرعاً لقول الله تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وقال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103] .
وتوعد الله سبحانه الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها من غير عذر شرعي فقال: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
فالواجب الحذر من التهاون في الصلاة ومن كل ما يؤدي لذلك، وبذل الوسع في أداء الصلاة في وقتها، ومن علم من نفسه غلبة النوم عليه فلا يجوز له النوم بعد دخول الوقت وقبل أداء الصلاة حتى يؤديها، وإذا نام قبل دخول الوقت لزمه أن يتخذ الأسباب للاستيقاظ كاتخاذ المنبه أو أن يأمر أحداً أن يوقظه للصلاة ونحو ذلك، وإذا بذل الأسباب ولم يستيقظ فلا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ ... الحديث. رواه النسائي وغيره.
وإذا استيقظ وجبت عليه الصلاة فور استيقاظه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. رواه مسلم.
ونلفت نظر السائل إلى أن كثرة النوم عن الصلاة تدل على التفريط وعدم المبالاة، فمن كانت عادته النوم عن الصلاة يومياً أو بصفة غالبة فليتق الله عز وجل، وليعلم أنه سيقف بين يديه للحساب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإذا صلحت صلح سائر عمله وإذا فسدت فسد سائر عمله. رواه الطبراني في الأوسط.
وأما بشأن عملك في مقهى الإنترنت (مكتب نت) فنرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43595، 29782، 15474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/4486)
الترغيب في الصلاة، وغض البصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو تزويدي بأحاديث وآيات ومواعظ في الترغيب في الصلاة والترهيب من تركها وفي عدم النظر إلى المحرمات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة من أعظم شعائر الإسلام وأجلِّ العبادات، فهي عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. أخرجه مسلم. وقد أمر الله جل وعلا بالمحافظة عليها، فقال: [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ] (البقرة:238) . وقال: [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ] (البينة:5) .
وقال صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن، كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. رواه النسائي وأبو داود. وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. وهي من آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند مفارقة الدنيا في قوله: الصلاة وما ملكت أيمانكم. رواه النسائي والبيهقي وأحمد، فعلى كل من يتهاون في شأن الصلاة أن يتقي الله في نفسه ولا يعرضها لعقاب الله، وليعلم أن الله فرض عليه هذه الفريضة وأنه سيحاسبه عليها إذا فرط فيها، وقد اتفق علماء الإسلام على كفر تاركها جحودا لها، واختلفوا فيمن تركها تكاسلا، فبعضهم يقول: إنه كافر، والبعض يفسقه ويحكم بقتله -والعياذ بالله-، حسب اختلافهم في ذلك، وللمزيد من الفائدة في هذا الموضوع يرجى مراجعة الفتوى رقم: 4307.
وأما النظر إلى المحرمات، فإن الله تعالى أمر المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم عن النظر إلى ما لا يحل لهم النظر إليه، فقال في كتابه العزيز في سورة النور: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ] (النور: 30-31) .
فيجب على المسلم أن يمتثل أمر الله في هذه الآية ويغض بصره عما لا يحل له النظر إليه، قال القرطبي عند تفسير هذه الآية الكريمة: النظر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، وغضه واجب عن كل المحرمات وعن كل ما تخشى منه الفتنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي: لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الثانية. رواه أحمد.
قال ابن القيم في كتابه "الداء والدواء ": فأما اللحظات فهي رائد الشهوة ورسولها وحفظها أصل حفظ الفرج، فمن أطلق بصره فقد أورد نفسه موارد المهلكات، إلى أن قال: وفي هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده، ومن منافع غض البصر أنه امتثال لأمر الله تعالى، ثانيا: أنه يورث القلب أنسا بالله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده عن الله، ومن آفات إطلاق البصر أنه يورث الحسرات، فيرى من يرسل بصره ما ليس قادرا عليه، ولا يستطيع أن يصبر عنه، وهذا من أعظم العذاب.
قال الشاعر في هذا المعنى وأحسن:
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/4487)
لا شر أقبح من ترك الصلاة والتهاون بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي فيما يؤرقني ويؤثر في حياتي، لي صديق حميم لي، دائم الخلاف معي حول أمور الدين أنه يريد أن يشككني في كثير مما أنا مقتنع به وأنا في حيرة من أمري، نتوقف الآن مع الصلاة هل من يعلم أن الصلاة عماد الدين ولا يؤديها هو تاركها تكاسلا، أم عمداً، فأنا اعتقد أن من يقول إن شاء الله سوف أصلي غدا أو من أول الأسبوع القادم، أو الأغرب من ذلك من يقول أنها ليست مهمة ورأي أخر يقول أنه طالما لا أوذي أحداً وأعمل الخير فسيغفر لي ربي عدم صلاتي، هل كل هذه الآراء والأجوبة تعتبر تكاسلاً أم عمداً لكن صاحبها يريد الخروج من الإحراج الذي يسببه له السائل، ودائماً يستشهد بمناظرة الإمامين الشافعي وابن حنبل ويقول يوجد فارق بين تارك الصلاة عمداً أي جحوداً أي قوله لن أصلي ويعتبر من يتحجج بالحجج السابقة ليس بتارك للصلاة ولن يدخل من باب سقر أستحلفك بالله أن تجيبني لأن هذا الأمر قد يدمر فكري كله لأنه يتهمني دائماً بالتشدد، وأن الدين ليس فيه كل هذا التشدد.
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننبهك على ما يلي:
أولاً: ينبغي لك الابتعاد عن صحبة من وصفت حاله وقطع المحاورة معه بعد نصحه وعدم ظهور فائدة ذلك، فقد يترتب على صحبته ما لا تحمد عقباه، بل عليك بصحبة الصالحين الذين يدلون على الخير، وتستفيد ما ينفعك في دينك من مجالستهم وصحبتهم فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة مجالسة أصحاب الشر والفساد حيث قال: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما أن تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ثانياً: الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد من أعمال، وتارك الصلاة جاحداً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها تعمداً كسلاً كافر عند بعض أهل العلم كالحنابلة، وعند المالكية والشافعية إذا خرج وقت الصلاة ولم يصل يقتل بعد الاستتابة.
وعند الحنفية يحبس حتى يصلي أو يموت، وللمزيد من التفصيل والفائدة عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 512.
ثالثاً: مناظرة الإمام أحمد والشافعي إن صحت لا حجة فيها على إباحة ترك الصلاة لاتفاق الإمامين على أن تارك الصلاة جاحداً لوجوبها كافر، وتاركها كسلا كافر عند الإمام أحمد، وعند الإمام الشافعي يقتل إذا خرج وقت الصلاة ولم يؤدها.
رابعاً: من قال أن الصلاة ليست مهمة فإن كان ذلك بقصد الاستهزاء والسخرية فهذا كفر مخرج من الملة والعياذ بالله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 21800.
وإن كان التلفظ بتلك العبارة نسياناً أو خطأ فعلى المتكلم المذكور المبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى والاستغفار.
خامساً: الصلاة هي رأس كل خير وبركة وتاركها لا يجوز وصفه بأنه يعمل الخير فلا شر أقبح من تركها والتهاون بها.
سادساً: من يؤمل الفوز بمغفرة الله تعالى مع إقامته على أقبح المعاصي قد استحوذ الشيطان عليه وصار يمنيه الأماني الكاذبة فإن المراتب العلية عند الله تعالى إنما تنال باتخاذ أسبابها من الاجتهاد في العمل الصالح الذي يرضى الله تعالى، فقد قال الله تعالى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72] ، وقال الله تعالى: لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا [النساء:123] .
سابعاً: ترك الصلاة من الأسباب المؤدية إلى الشقاوة والعياذ بالله تعالى، فقد قال الله تعالى حكاية عن أهل النار: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ [المدثر] .
ثامناً: وردت كلمة الدين يسر في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحداً إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب، إلى أن قال: وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل. انتهى.
وعليه فمعنى هذه العبارة ليس التحلل من فعل فرائض الله تعالى أو التهاون بها، وإنما المقصود النهي عما يؤدي إلى الملل والانقطاع أو ترك الأفضل.
تاسعاً: الاتهام بالتشدد صار الآن من العبارات الشائعة التي تطلق على من تمسك بدين الله تعالى ولم يجار أهل المنكر على ما هم عليه من منكر أو إعراض عن شرع الله تعالى والإعراض عنه فلا ينبغي الأصغاء لمثل هذه العبارات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/4488)
من ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وزوجي لا يصلي وطالما أذكره أو أقول له صلي، يقول طالما أنت تأمريني بالصلاة لن أصلي، ومن ناحية الأخلاق فهو سيء للغاية إنه يشتم ويلعن وينادي كل من لا يعجبه بزان وألفاظ أخرى قبيحة جداً، والمشكلة الأخرى أنه لا يريد أحدا أن ينصحه، ولدينا 3 أطفال وبنتين عمرهما 7-8 أعوام فعندما أناديها إلى الصلاة يقول لا تصلي إذا لم تكن لديك رغبة في الصلاة ويشجع الأطفال لسماع الموسيقى والأغاني ويعلمهم الكذب ورؤية المحرمات، وأنا بصراحة أعيش في جحيم ولا أعلم ماذا أفعل وخاصة أني أعيش في بلد غير مسلم، ولا يوجد أي أحد لمساعدتي، أفيدوني؟ وعفواً على الإطالة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لهذا الرجل الهداية، ثم اعلمي أيتها الأخت الفاضلة أنك طالما قد بذلت النصح لزوجك هذا ولم يزده ذلك إلا تمادياً على معاصيه، فالحل هو أن تطلبي منه الطلاق لأنه يخشى على الأولاد من أن يتبعوا طريقته في ترك الصلاة والاستماع إلى المحرمات، ولأن من ضيع الصلاة فهو لما سواها أشد تضييعاً، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5629، 1358، 11530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(11/4489)
لا يؤسف على فراق مضيع للصلاة وآكل للربا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت متزوجة من شخص يعصي الله عز وجل فهولا يصلي ويتعامل بالربا ويزني والعياذ بالله ويكره الالتزام والملتحين وهو طلقها وتزوج وهي الأخرى تزوجت ثم طلق هو زوجته الثانية وأختي طلقت من زوجها الثاني ثم رجعت له ثم طلقها مرة أخرى ثم راجعها وهو الآن يزعم أن الطلاق الأول لا يحسب لأنه هي الأخرى تزوجت غيره وفي هذه الحالة يقول إنه لا يحسب الطلاق ويقول إنه سأل أحد الشيوخ وأفتى له بهذه الفتوى نرجو ردكم في أسرع وقت أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الرجل أن يتدارك نفسه بتوبة نصوح قبل أن تأتيه المنية وهو مصر على فعل هذه الموبقات، وعلى كل من له قدرة على نصحه أن يفعل، أخذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
فإن تاب فالأمر واضح، وإن تمادى في عصيانه، فالحق أنه لا يؤسف على فراق من هو مضيع للصلاة وآكل للربا، بل تركه أولى، وراجع الفتوى رقم: 16706.
أما بخصوص انهدام الطلاق وعدمه بزواج المرأة من رجل ثان، والحال أن ذلك دون الثلاث، فالجمهور من العلماء على أنه لا ينهدم، وانظر الفتوى رقم: 1755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/4490)
تاخير صلاة الصبح عمدا معصية عظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد أن تفيدونا من ترك الصلاة متعمدا ما حكمه خاصة صلاة الفجر من نام عليه وهو يسمع الأذان؟ شكرا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة متعمدا جاحدا لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها متعمدا تكاسلا قد اختلف أهل العلم في حكمه هل يعتبر كافرا خارجا عن ملة الإسلام أم لا؟ وهل يكفر بترك فريضة واحدة أم بالترك الكلي؟
ويرجع للتفصيل في هذه المسألة إلى الفتوى رقم: 1145.
وبالنسبة لمن تعمد تأخير صلاة الصبح مع قدرته على أدائها في وقتها، فقد ارتكب معصية عظيمة، وفاته خير كثير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله. رواه مسلم وغيره.
كما روى مسلم أيضا في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم.
كما يعتبر هذا التأخير دليلا واضحا على سيطرة الشيطان على الشخص المذكور، ففي الحديث المتفق عليه وهو:
ذُكِر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام حتى أصبح، قال: ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه، أو قال: في أذنه.
ومما يزيد الأمر خطورة كون الرجل المذكور يسمع النداء للصلاة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه.
وللمزيد عن هذا الموضوع، راجع الجوابين التاليين: 13561، 4034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/4491)
لا خير في البقاء مع زوج لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة تقدم شاب لخطبتي وعندما سألت أمه هل يصلي أجابت نعم فبعد عقد القران بمدة 7 أشهر اكتشفت عدة أشياء جعلتني أنفر منه وبدأت فكرة الانفصال على بالي وهي أن لا يصلي بل يقطع كثيرا في الصلاة، أنا أعمل وأهلي في حاجة للنقود فأشترط عليه أن أعطيهم مبلغا من المال لكنه رفض لأنه يظن أنه مبلغ كبير ويريدني أن أنفق معه على البيت وحتى إيجار البيت، وأنا قد لا أوفق بين العمل ومنزلي فيمكن بعد فترة أن أتركه لكنه بطلبه هذا لا يجعلني أقدر عن التخلي عن العمل فأخشى على نفسي أن لا أحتمل هذه الحياة فأرجوكم دلوني ماذا أفعل جزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على أمرين:
الأمر الأول: ترك زوجك للصلاة والتهاون بها، وهذا الأمر عظيم، فعليك بنصحه وتذكيره بالله واليوم الآخر، ونهيه عن هذا المنكر، ويمكن أن تهدي له بعض الأشرطة التي تتحدث عن أهمية الصلاة والتحذير من التهاون في تركها، فإن استجاب وتاب وأناب، فالحمد لله، وإلا، فلا خير لك في البقاء مع رجل لا يصلي، فاطلبي الطلاق منه، وسيخلف الله عليك بخير إن شاء الله.
والأمر الثاني: ما يتعلق بعملك وراتبك، حيث إن راتبك حق لك، فلك أن تتصرفي فيه كما تشائين، ومن ذلك إعطاء أهلك، ولا يجوز لزوجك أن يأخذ منه شيئا إلا بموافقة منك وطيب نفس، ويجب عليه أن يدفع هو النفقة وأجرة البيت وغير ذلك من احتياجات البيت، ولكن للزوج أن يمنع زوجته من العمل ما لم تشترط عليه ذلك عند العقد، وله أن يتفق معها على السماح لها بالعمل مقابل شيء من الراتب، وعلى العموم، فإننا ننصحك باستخارة الله سبحانه وتعالى، واستشارة من تثقين فيه من أهلك أو غيرهم ليشيروا عليك بما ينفعك في التعامل مع هذا الزوج.
نسأل الله أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/4492)
تترك الصلاة بسبب الجنابة اليومية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة لست مواظبة على الصلاة، وذلك بسبب الاغتسال تقريباً كل يوم، المرجو أن تجدوا لي حلا لهذه المشكلة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني من أركانه وقد أمر الله تعالى بالمحافظة عليها حيث قال الله تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وقد ثبت الوعيد الشديد في من يضيعها ويتهاون بها، فقد قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] ، وقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:5] .
ثم إنه من الواجب عليك اتخاذ الوسائل الممكنة للقيام بغسل الجنابة وأداء الصلاة في وقتها، وفي هذا المجال ننصح بالمسائل التالية:
1- تدفئة المال حتى تزول برودته.
2- الاغتسال في مكان دافئ.
3- المكث داخل مكان الغسل حتى جفاف البدن.
4- الادهان بعد الغسل.
5- عدم التعرض للهواء البارد بعد الغسل.
فإذا اجتمعت هذه المسألة فلن يحصل ضرر بسبب استعمال الماء إن شاء الله تعالى، ومما يجب التنبيه عليه الحذر من وساوس الشيطان، فإنه قد يوسوس لك بحصول المرض بسبب الغسل وليس الأمر كذلك، وهذا من مكأيد الشيطان لإفساد أهم العبادات الواجبة على المسلم وهي الصلاة.
لكن إذا ثبت كون الغسل بالماء مع استعمال الوسائل المتقدمة يحصل لك بسببه مرض أو زيادته أو تأخر الشفاء فحينئذ يباح لك التيمم، والصلاة لا تسقط ما دام العقل موجودا إلا في حالتين الحيض أو النفاس، ودليل هذا ما رواه أبو داود وأحمد في المسند عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً.، وراجعي الفتوى رقم: 29006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/4493)
حكم ترك الصلاة بسبب المساحيق على الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن تترك الصلاة من أجل أننا نضع المساحيق على الوجه للتجميل نعلم أنه خطأ، ولكن هل نترك الصلاة لذلك خاصة في الجامعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك الصلاة كبيرة من أكبر الكبائر ومن العلماء من قال بكفر تارك الصلاة، وهو الأقوى دليلاً، روى أصحاب السنن من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.، والأحاديث في الباب كثيرة، وراجعي الفتوى رقم: 1145.
فلا يجوز إذاً تركها بحال من الأحوال، ولا تأخيرها عن وقتها إلا لعذر معتبر شرعاً.
أما المساحيق التي ذكرت فإن كانت توضع بعد الوضوء فلا حرج فيها بالنسبة للصلاة، فيمكن أن يصلى بها ما لم ينتقض الوضوء، وإذا انتقض وجبت إعادته.
ثم اعلمي أن الدراسة في الجامعة لا تجوز إن كانت محل اختلاط بين الرجال والنساء على الوضع الشائع الآن، وإذا احتاجت المرأة إليها ولم تجد جامعة لا يوجد فيها اختلاط، فإنه تباح لها الدراسة، ولكن مع تجنب كل ما يثير الفتنة، فلا بد حينئذ من الابتعاد عن المساحيق، وكل ما فيه تجميل، وراجعي حكم تعلم المرأة في الجامعة وضوابط خروجها في الفتوى رقم: 18934.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/4494)
أسباب معينة على القيام لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن القيام لصلاة الفجر كيف الثبات عليه؟ ما هي الطرق التي يجب اتباعها للحفاظ عليها.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الصلاة في وقتها أهم ما يتقرب به العبد إلى الله عز وجل بعد الإيمان به تبارك وتعالى، لحديث ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ فقال: الصلاة في وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. متفق عليه.
وإذا علم ذلك، فالواجب على الشخص اتخاذ الأسباب الموصلة إلى ذلك، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومما يعين على القيام لصلاة الفجر استحضار الأجر العظيم على ذلك، ويكفي فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى البردين دخل الجنة. رواه البخاري ومسلم. والبردان: الصبح والعصر.
وقال فيهما صلى الله عليه وسلم: لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا.
ومما يعين على ذلك أيضا: النوم مبكرا، والاستعانة بنوم القيلولة، واتخاذ ساعة منبهة أو وصيته من يوقظه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/4495)
مصير مضيع الصلاة الغي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 17 سنة، محجبة من جديد، وبدأت الصلاة منذ شهرين فقط بعد أن سمعت دروساً كثيرة للأستاذ عمرو خالد والحمد لله، يوجد لدي مشكلة إنني لا أصلي الصلاة في وقتها، وعند مجيئي للصلاة أقول لنفسي بما أنني متأخرة عن الصلاة فلا تقبل مني، فمن المستحسن أن لا أصلي، أحياناً أتغلب على الشيطان وأكمل صلاتي وأحيناً لا، ماذا أفعل؟ مع أنني أعرف أن ما أفعله خطأ شنيع، هل تأخري عن الصلاة كأنني لا أصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعينك على نفسك وأن يثبت قلبك على دينه وطاعته، واعلمي أن الصلاة عمود الدين، وإخراجها عن وقتها ذنب عظيم توعد الله صاحبه بالعذاب، كما قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (مريم:59) .
فهل تحبين أن تكوني من هؤلاء الذين يتوعدهم الله بالعذاب! لا شك أنك لا تحبين ذلك، ولا تحبين أن يغضب الله عليك، وإلا لما أقدمت على الحجاب والصلاة، فإنك لم تفعلي ذلك إلا استجابة لأمر الله تعالى الذي أمر بهما، فالواجب عليك إكمال هذا الطريق الذي يوصلك إلى رضوان الله وجنته، بأن تحافظي على صلاتك في وقتها، كما قال الله: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (النساء: 103) .
أي مفروضة في أوقات معينة، وإذا فرض أن غلبك الشيطان فأخرت الصلاة حتى خرج وقتها، فالواجب عليك المبادرة إلى قضائها ولو خرج الوقت، إذ هي دين في ذمتك وجب عليك سداده، والدين لا يسقط بالتقادم وفي الحديث: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/4496)
هل على الزوجة ذنب تجاه زوجها الذي كان لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جدة تبلغ من العمر خمسين عاما سمعت قبل فترة بسيطة في المذياع أن الرجل إذا لم يكن يصلي فإن زوجته تحرم عليه, فأصابها القلق لأن جدي (زوجها البالغ من العمر ستين عاما) في بداية زواجهما لم يكن يصلي بالرغم من أنه كان كريم الأخلاق, سخيا يفرج كرب المهموم بقدر استطاعته, وبعد سنين عاد إلى ربه وأصبح يصلي ويحافظ على الصلاة هل على جدتي أي ذنب أو عليها كفارة لأنها عاشت معه عندما كان لا يصلي مع العلم بأنها لم تعرف حكم ذلك إلا في هذه الأيام قبل فترة بسيطة
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان جدك قد ترك الصلاة مدة من الزمن تكاسلا وغير جاحد لوجوبها فإنه لا يكفر بذلك عند كثير من أهل العلم ومن بينهم الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبو حنيفة، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 1145.
وما دام قد حسنت توبته وصار يحافظ على صلاته، فإن الله يتقبل توبة من تاب ويمحو ما سلف.
فقد قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ (الشورى: 25) .
وقال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم ٌ (المائدة:39) ... ... ... ... ... ... ...
وفي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
وعلى جدتك أن تتوب إلى الله من تقصيرها في نصحه إن كانت تعلم حكم ترك الصلاة وكانت قد قصرت في نصحه، ولا كفارة عليها في ذلك، فإن كانت قد نصحته أو كانت لا تعلم حكم ترك الصلاة فليس عليها شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(11/4497)
الصفات الحسنة لا تفيد شيئا مع ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ببلد أجنبي، زوجي لا يقيم الصلاة ويشرب الخمر لكنه إنسان رائع، لا يغش لا يكذب لا يأكل حق أحد، كل من يتعامل معه يحبه، أحاول التأثير عليه لا يستجيب ويقول عندما أعود إلى الوطن، كان لديه رفيقات قبل الزواج وأشعر بأنه نادم جدا ووهو يشعر بأن الله لن يغفر له ماذا أفعل معه؟ كيف أتعامل معه؟ وعندما يسكر ويغضب مني يرمي يمين الطلاق، هل أطلق بسكره وهو فاقد العقل والسيطرة؟ وأحيانا يطلقني وهو عاقل حتى لا أعرف هل أنا شرعا زوجته أم لا، إذا تركته سوف يعود إلى الضياع ولن يعود إلى الوطن لأنب قريبته لي سنة واحدة معه واحبن كثيرا كثيرا لكن لا أريد أن أنجب أطفال زنى، ماذا أفعل أغيثوني، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن زوجك لا يقيم الصلاة ويشرب الخمر، وهو يطلقك في حالة ما إذا كان في سكر، ويطلقك في حالات الصحو.
فأما طلاقه لك في حالات الصحو، فلا خلاف في وقوعه، وأما طلاقه حالة السكر، فإنه محل خلاف بين أهل العلم، والجمهور على أنه واقع، وقال البعض إنه لا يقع، وهو المرجح، وراجعي الفتوى رقم: 23154.
ثم إن كونه لا يصلي سبب لبينونتك منه، لأن ترك الصلاة بالكلية كفر على القول الراجح، لما أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
وبناء على كل ذلك، فإنك لست زوجة لهذا الرجل، ولا يحل لك أن تمكنيه من نفسك، ولا خير لك في البقاء معه ما دام على هذه الصفات، ولو كان إنسانا رائعا كما زعمت، ولا يغش ولا يكذب ولا يأكل حق أحد، وكل من يتعامل معه يحبه، فهذه الصفات الحسنة لا تفيد شيئا إلى جانب ترك الصلاة وشرب الخمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/4498)
زوجها يترك الصلاة بعد الجنابة فماذا تفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[انا امرأة متزوجة ولدي ثلاث بنات.. زوجي يقطع الصلاة بسب الكسل وخاصة بسبب غسل الجنابة أي أنه يبقى دونه مدة يومين وأحيانا ثلاثة وإن كان ليس على جنابة فإنه يؤدي الصلاة على أكمل وجه وبالتالي فأصبحت أنا تلقائيا ودون إرادتي غالبا ما أرفض حقه في الفراش وذلك لأنه يؤدي به إلى ترك الصلاة فسؤالي هو هل يجوز لي رفض ما يطلبه مني في ذلك لأنني أحاول تجنيبه ترك الصلاة أم إذا رفضت أكون آثمة؟؟ وماذا علي أن أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للمسلم إذا أصابته جنابة أن يتعمد ترك الاغتسال منها، حتى يخرج وقت الصلاة، إذ التهاون في أداء الصلاة وإخراجها عن وقتها بلا عذر كبيرة من الكبائر، بل ذهب جمع من أهل العلم إلى تكفير من أخر فريضة عن وقتها بلا عذر، وانظري الفتوى رقم: 10759، وعلى هذا فالذي ننصح به أن تبيني لزوجك خطورة تركه للصلاة، ويمكنك الاستعانة -في هذا الصدد- ببعض أهل الخير والصلاح، ليبين له ذلك، وأطلعيه على هذه الفتوى والفتاوى التالية أرقامها: 1145 / 1846 / 15037، وثابري على نصحه ووعظه وإرشاده، والدعاء بهدايته، أما امتناعك عن حقه في الفراش فليس حلاً ولا يجوز، وراجعي الفتوى رقم: 14349، والفتوى رقم: 9572، فإن أصر على ترك الصلاة بعد الجنابة فلا خير لك في البقاء معه، ولا تمكنيه من نفسك حتى يتوب إلى الله تعالى، ويعزم على فعل الصلوات في أوقاتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/4499)
تاركة للصلاة وتدعي أن الله لن يعذبها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جارة من بلاد مسلمة لا تصلي وتنكر العذاب.
وتقول إذا كان الله عادلا إذا هو لن يعذبني لأنه لم يسألني عندما خلقني هل أريد أن أخلق أم لا
فبماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة كفر أكبر مخرج من الملة، لقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وغيره.
وكذلك إنكار ما أخبر الله به عز وجل في كتابه أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم بعد العلم وبدون تأويل كفر، لأنه في الحقيقة تكذيب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وعذاب الآخرة في جهنم للكفار والعصاة مما عُلِم من دين الإسلام بالضرورة.
ولا يشك مسلم في أن الله عز وجل حكم عدل وأنه لا يظلم الناس شيئا، وأنه أعلم سبحانه أين يضع فضله، وهو سبحانه وتعالى يتصرف في ملكه كيف يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وليس لهذه المرأة أن تعترض على الله بأنه لم يستشرها قبل خلقها، لأنها ملك لله عز وجل وصاحب الملك يتصرف في ملكه كيف يشاء ولا يستشير أحدا.
ثم إن الذي يستشير الخلق إنما يستشيرهم ليظهر له الحق الذي قد يخفى عليه، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فكلام هذه المرأة كفر بالله عز وجل واعتراض على حكمه وحكمته.
ونحن ننصحك إن كنت على علم أن تدعيها إلى الله عز وجل، وأن تبيني لها أنها إذا ماتت على هذه الحالة من ترك الصلاة وإنكار العذاب ونحو ذلك، فإنها على خطر عظيم.
وإن لم تكوني على علم، فننصحك بالابتعاد عنها وهجرها، إذ لا خير في صحبتها، وانظري الفتوى رقم: 21755، ورقم: 1846.
والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(11/4500)
من أسباب الصعوبة التي يجدها البعض في المحافظة على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل أنا شاب أتبرع كثيراً من مالي القليل ولكني أجاهد نفسي في المحافظة على الصلاة وأجد صعوبة حقيقية في المحافظة عليها كما أني أدخن الشيشة في بعض الأحيان. لذلك يصيبني إحباط من عدم قبول الله للتبرعات التي أدفعها. شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بأن تتقي الله عز وجل، وتحافظ على صلاتك فإنها عماد الدين، وهي الفارق بين الكفر والإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
ولعل الصعوبة التي تجدها في المحافظة على الصلاة ناشئة عن انشغالك باللهو الباطل والصحبة السيئة فعليك أن تبادر إلى الخلاص من العوائق التي تعيقك فإنه لا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة.
وأما بشأن ما تنفق من مال في وجوه الخير فهو شيء حسن، والله تعالى لا يضيع عمل عامل، ولا ينقصه شيئاً من عمله ولو كان مثقال حبة من خردل، قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (الزلزلة:7-8) نسأل الله عز وجل أن يوفقك للمحافظة على الصلاة، وأن يشرح قلبك بالإيمان، وراجع الفتوى رقم: 1671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(11/4501)
نفور النفس من تعلم أحكام الشرع ليس عذرا في تركها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جارتنا امرأة عجوز عمرها حوالي 70 سنة، جاهلة تماما في أمور دينها ولا تصلي حاولوا تعليمها الصلاة ولكنها تقول قلبي أعمى لا أفهم شيئا, علما بأنها طيبة جدا، وتخدم الجميع الصغير والمريض، وكل من يلجأ إليها, هل يجب عليها تعلم الصلاة؟ وهل يتقبل الله منها الحج وهي لا تفهم شيئا؟ أو يفضل الحج عنها..وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة عاقلة تعي ما تقول أو تسمع، فإنها ولا شك مكلفة بفرائض الإسلام، ولا يسقط عنها شيء منها إلا لعذر، وليس مجرد نفور النفس من تعلم أحكام الشرع عذرا في تركها، علما بأن تعلم أحكام الصلاة أمر مقدور عليه في الجملة، فيجب عليها تعلم ما تقدر على تعلمه، وتصلي على تلك الحال، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد بينا حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 1145، ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى رقم: 25916.
علما بأن مساعدة هذه المرأة للناس لا تنفعها في الآخرة شيئا، بناء على أن تارك الصلاة كافر وهو الراجح، والكافر ليس له ثواب أخروي على ما يقدمه في هذه الدنيا، وقد قالت عائشة يا رسول الله: ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه قال: لا ينفعه، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. رواه مسلم.
أما عن حج هذه المرأة، فإنه لا يصح منها فعله ولا التوكيل في فعله، بسبب تركها الصلاة، وذلك بناء على ما رجحناه من كفر تارك الصلاة، أما إذا صلت، فإنه يجب عليها الحج إن كانت مستطيعة، فإن استطاعت بمالها فقط دون بدنها، أنابت من يحج عنها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 2204.
والله نسأل لنا ولها الهداية والتوفيق والتوبة من كل الذنوب والمعاصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(11/4502)
الصلاة لا يجوز تركها بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[قريبتي (يرحمها الله) كانت مريضة ولا تتحكم في خروج الريح، في البداية استمرت في الصلاة مع خروج الريح وقبل وفاتها انقطعت عن الصلاة لهذا السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتاوى في حكم صلاة من به سلس البول أو لا يتحكم في خروج الريح، وهي برقم: 8777 ورقم:
32885
وأما ما حصل من قريبتك هذه من أنها قطعت الصلاة لأجل ذلك فهو خطأ فادح إذ أن الصلاة من أعظم أركان الدين، وهي فرق بين الكفر والإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
فلا يجوز تركها بحال، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن كانت به بواسير: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فصل على جنب. رواه البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
ولعل ترك قريبتك للصلاة كان لأجل جهلها بوجوب الصلاة حتى على من كان به سلس، نسأل الله عز وجل أن يعذرها بجهلها وأن يغفر لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/4503)
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها من أجل الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بفرنسا مغربي الجنسية عمري 18 سنة أود من فضيلتكم أن تنيروني حتى أصبح مؤمنا جيداً وأنتم تعلمون أن هذه بلاد كفر مع العلم بأنني أصلي الصلوات الخمس ولكن ليس في وقتها لأن الدرس يدوم من 8 إلى 5 مساء من الاثنين إلى الجمعة، فماذا أعمل مع العلم بأني لم أجد دراسة بديلة؟ والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -بارك الله فيك وزادك حرصاً على الخير- أن دين المرء هو رأس ماله في هذه الحياة، فالواجب على المسلم المحافظة عليه والحرص على اجتناب كل ما من شأنه أن يضيع على المرء دينه، وإن أول ما ننصحك به هو عدم البقاء في بلاد الكفر بلا ضرورة لذلك أو مصلحة راجحة، كالدعوة إلى الله تعالى والعلاج ونحو ذلك.
وأما مجرد الدراسة فليست مسوغاً لبقاء المسلم هناك، وأنت تعلم تمام العلم أن تلك البلاد تنتشر فيها فتن الشبهات والشهوات، مما يصعب على المرء طلب النجاة والسلامة منه إلا من عصم الله تعالى.
ثم إننا نرشدك إلى أن تحرص على تلاوة كتاب الله تعالى وملازمة المساجد والمراكز والجمعيات الإسلامية، ما دمت هنالك، بالإضافة إلى مصاحبة الأخيار الذين يعينونك إذا ذكرت، ويذكِّرونك إذا نسيت.
وبخصوص الصلاة فلا يجوز لك تأخير الصلاة عن وقتها من أجل الدراسة، لأن ذلك من كبائر الذنوب، وإذا تعذرت المواصلة في الدراسة والمحافظة على الصلاة فيجب عليك ترك الدراسة، وهذا كله في ما إذا كان هنالك مسوغ لبقائك في تلك البلاد، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26130، 20969، 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/4504)
تارك الصلاة في قول جمهور أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري، وبصراحة أنا لا أصلي، يعني متكاسل جداً في الصلاة، وزوجتي وأهلي ينصحوني ويطلبون مني المثابرة على الصلاة، وزوجتي تقول لي إنه لا يجوز لي المعيشة معها، فما الحكم في ذلك، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما نصحك به أهلك وزوجتك هو الحق والصواب، والواجب عليك الانصياع لذلك، والانقياد لأمر الله تعالى بإقامة الصلاة والمداومة عليها قبل أن يفجأك الموت وأنت على هذا الحال، لاسيما أن جمهوراً كبيراً من أهل العلم قد ذهبوا إلى أن تارك الصلاة كافر، وقد مضى بيان حكم بقاء الزوجة في عصمة زوج لا يصلي في الفتوى رقم: 17508.
ولذا فإننا ننصح الأخ السائل بالعودة إلى الله تعالى والمداومة على فعل الفرائض، مع الإكثار من النوافل تعويضاً لما ترك من صلوات، والأحوط أن يقضي ما فاته من فروض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(11/4505)
من الحكم التي شرعت من أجلها الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من مشروعية الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما يجب التنبه إليه أولا أن أحكام الله تعالى كلها مبنية على حكم جليلة، سواء علمنا ذلك أو جهلناه، ومن الحكم التي شرعت من أجلها الصلاة ما ذكرناه في الفتوى رقم: 11085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/4506)
تارك الصلاة هل يخلد في النار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إن تارك الصلاة كافر كما قال سيد المرسلين، فهل يعني ذلك أن من يمت وهو لا يقوم بهذه الفريضة يدخل جهنم خالداً فيها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول بتخليد تارك الصلاة مبني على نوع الترك وعلى اختلاف العلماء في نوع كفره، فأما تاركها جحودا، فهو كافر كفرا أكبر باتفاق العلماء، وهذا يخلد في النار بلا شك، وأما تاركها تكاسلا، فكفره أصغر غير مخرج من الملة على قول جمهور الفقهاء، وفي رواية عن أحمد أن كفره مخرج من الملة، وهذا هو الذي تدل عليه ظواهر النصوص، وراجع الفتوى رقم: 17277، وقول الجمهور أنه لا يخلد في النار مبني على أن كفره غير مخرج من الملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/4507)
ليس من شأن المسلم التهاون في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في المتسامح في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بالتسامح في الصلاة التهاون فيها، فسبق بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 1195، وإن كان قصدك غير ذلك فبينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/4508)
من الوسائل المعينة على المحافظة على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي لكن كيف لا أتوقف عنها؟ كيف أتصرف لكي لا أتوقف عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك دوام التوفيق والقيام بحقه، والمداومة على فعل الخيرات وترك المنكرات، ونوصيك بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، واتخاذ الوسائل المعينة على ذلك، ومما يعين على ذلك صحبة الصالحين، ومجالسة العلماء، والاستماع إلى نصائحهم، والمداومة على تذكر الآخرة، وتجديد التوبة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4510 / 15037 / 11160 / 10624 / 17091 / 1195 / 18863
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/4509)
الخلاف في تكفير تارك الصلاة كسلا حاصل منذ القدم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدي صحة الحديث
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول (خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) حيث إني قرأت رسالة للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين تؤكد أن تارك الصلاة كافر خارج من الملة، فكيف هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلاف في تكفير تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً خلاف قديم ولا يزال قائماً إلى اليوم، والذي عليه الصحابة والتابعون وجمهور السلف هو تكفير تارك الصلاة، والمشهور عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية عدم التكفير، والحديث المذكور حديث أخرجه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي.
لكنه ضعيف بهذا اللفظ، ومن صححه إنما صححه باعتبار غيره، كما قال الألباني رحمه الله في تخريج السنة لابن أبي عاصم: "حديث صحيح وإسناده ضعيف، ورجاله موثقون غير أبي رفيع، وقيل: رفيع المخدجي، وهو مجهول لم يوثقه غير ابن حبان، لكنه لم ينفرد به، كما حققته في صحيح أبي داود 1276". انتهى.
والذي عند أبي داود هو بلفظ: خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه.
وواضح أن قوله: "ومن لم يفعل" ليست كقوله "ومن لم يأت بهن"، والمراد أن من لم يحسن الوضوء والصلاة في الوقت، وإتمام الركوع والخشوع، فهذا هو الذي تحت المشيئة، فلا معارضة بين هذا الحديث وبين أحاديث تكفير تارك الصلاة.
وحمله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على من لم يحافظ على الصلاة في أوقاتها، لكنه لا يترك الصلاة، قال:.... وذلك ترك المحافظة عليها لا تركها، وإذا عرف الفرق بين الأمرين فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أدخل تحت المشيئة من لم يحافظ عليها لا من ترك، ومعنى المحافظة يقتضي أنهم صلوا ولم يحافظوا عليها ولا يتناول من لم يحافظ، فإنه لو تناول ذلك قتلوا كفاراً مرتدين بلا ريب. انتهى، من مجموع الفتاوى 7/615، وانظر الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 17277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(11/4510)
يجوز دخول تارك الصلاة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى في دخول تارك الصلاة المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز دخول تارك الصلاة المسجد، بل الأولى أن نرغبه ونشجعه على دخوله، ونرغبه في أداء الصلاة ونبين له أهميتها وفضائلها، وخطورة تركها وحكم تاركها.
ولا يمنع من ذلك القول بكفر تارك الصلاة، لأن الراجح جواز دخول الكفار لما سوى المسجد الحرام من المساجد.
ويدل لذلك ما في الصحيحين عن ربط ثمامة بن أثال الحنفي بسارية من سواري المسجد النبوي وهو مشرك، وراجع في ذلك وفي حكم تارك الصلاة، الفتوى رقم: 4041، والفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4511)
فتاوي في حكم تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الشيخ ابن عثيمين لما سئل عن رجل يترك الصلاة ويصلي الجمعة قال ليس بكافر وهو الصحيح من كلامه لأن الرسول قال الصلاة ولم يقل صلاة فكانت لمن تركها مطلقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بحثنا في فتاوى الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وفي رسالته في حكم تارك الصلاة فلم يتيسر لنا الحصول على فتوى له بخصوص المسؤول عنه، ولعل ذلك مما سمع عنه سماعاً -إن صح ذلك عنه-، وراجع في حكم تارك الصلاة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15494، 16042، 17277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(11/4512)
تركت الصيام والصلاة سنوات عديدة فماذا عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة متزوجة وعمري 28 وأصبحت ملتزمة منذ سنة تقريبا وكنت لا أصوم رمضان دائما منذ البلوغ، فما يجب علي فعله لقضاء هذه السنوات من الدين في الصيام والصلاة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا أولا نحمد الله سبحانه وتعالى على هدايتك واستقامتك، ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على طاعته.
وأما ترك الصلاة والصيام في تلك الفترة، فقد دلت الأدلة على أن ترك الصلاة كفر أكبر مخرج من الملة.
روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.
وقال صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي وابن ماجه.
فتارك الصلاة كافر كفرا مخرجا من الملة عند طائفة من أهل العلم، وهذا القول هو الذي أفتت به الشبكة الإسلامية، ورقم الفتوى: 1846.
وإذا كان الأمر كذلك، وكنتِ تاركة للصلاة تركا نهائيا، فلا قضاء عليك لما فاتك من الصلاة والصيام، وعليك أن تكثري من نوفل الصلاة والصيام، وأن تحرصي على التوبة النصوح.
وأما إن كنت غير تاركة للصلاة تركا نهائيا، وإنما أحيانا وأحيانا، ومع ذلك لم تصومي، فيجب عليك قضاء الصيام لجميع السنوات الماضية التي لم تصوميها منذ البلوغ إضافة إلى إطعام مسكين لكل يوم لأجل التأخير، إذ أن من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر بلا عذر، وجب عليه القضاء مع الكفارة، وهي إطعام مسكين لكل يوم، ويجزئ من ذلك مد، وهو يساوي 750 غراما من الأرز أو غيره.
وعليه، فتكون الكفارة عن كل شهر 22 كيلو ونصف الكيلو من الأرز أو غيره، مع القضاء، ويجوز دفع هذه الكفارة لمسكين واحد أو عدة مساكين.
وأما قضاء الصلاة في هذه الحالة، فجمهور العلماء على وجوبه، واختار بعضهم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عدم القضاء، والأحوط العمل بقول الجمهور، فتتحري الصلوات التي فاتتك وتقضيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/4513)
تارك الصلاة ليس أهلا للشفاعة والاستغفار والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل أهل المتوفى إذ توفي وهو تارك الصلاة؟ هل إذا فعلوا شيئا يخفف عنه عقاب القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من توفي وهو تارك للصلاة جاحد لها بعد البلاغ، فهو كافر مرتد عن الإسلام إجماعاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر، والشرك ترك الصلاة. رواه مسلم في صحيحه.
وبناء عليه فإنه ليس أهلاً للشفاعة والاستغفار والدعاء، قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، فاستأذنته في زيارتها فأذن لي. رواه مسلم.
أما من تركها وهو مقر لها، عامداً أو كسلا وتهاونا، ومات من غير توبة، فهو كافر مرتد عن الإسلام في أصح قولي العلماء، وعليه جمهور السلف، ويدل على ذلك إطلاق الأحاديث السابقة، فإنها لم تقيد الترك بكونه عن حجود، وعن شقيق بن عبد الله قال: كان أصحاب محمد لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي بإسناد صحيح، بل الإجماع منعقد بين الصحابة على كفر تارك الصلاة، كما حكاه إسحاق بن راهويه وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما.
وبناء عليه فإنه ليس أهلاً للشفاعة والاستغفار والدعاء، ومن العلماء من يرى: أن من تركها عمداً أو كسلا غير جاحد لها، فهو كافر كفراً عملياً لا يخرجه من الإسلام، ولو مات من غير توبة، ويرى أنه أهل للشفاعة والاستغفار والدعاء، وهذا رأي مرجوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/4514)
يحرم العمل الذي يعطل عن أداء الصلاة في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في امرأة يطلبها زوجها ليجامعها أكثر من مرة في اليوم وهي لا تمانع في ذلك، إلا أنه بعد كل جماع يتقاعس عن الغسل ويؤجله مما يؤدي ذلك إلى تأجيل صلاته لأكثر من فرض، وما يمنعه من الغسل هو النوم فهو بعد الجماع يستغرق في النوم فينام عن الصلاة ولا يحب أن أوقظه، هل أستمر في إيقاظه أم أنني أكون آثمة إذا لم أوقظه، علماً بأنه يتضايق كثيراً إذا أيقظته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على الامتثال لأمر الزوج وعدم عصيانه، والحرص على مصلحته الدينية والدنيوية، والواجب على زوجك أن يتخذ الأسباب والوسائل التي تعينه على أداء الفرائض التي هي رأس مال العبد فيما بينه وبين ربه، ويحرم على المرء أن يعمل أي عمل يعطله عن أداء الصلاة في وقتها وهو يعلم، لا سيما إذا صار ذلك عادة له، فإذا كان سبب تركه لها بالنوم عنها هو ما ذكرت، وجب عليه أن يترك من هذا الأمر القدر الذي يمكنه من الاستيقاظ لأداء الصلاة في وقتها، كما تجب عليه التوبة مما سبق من تفريط في أداء الصلاة في وقتها، وذلك بالندم على ما حصل والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، والواجب عليك أن تداومي على نصح زوجك وإيقاظه للصلاة في وقتها، إذا لم يترتب على ذلك ضرر أكبر، وقد بينا بعض الأحكام المتصلة بهذا الشأن في الفتويين التاليتين: 17771، 34460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/4515)
شأن الصلاة في الإسلام عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[كل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر مضان الكريم
أريد أن أعرف ما حكم الدين فى كوني لا أحسن الصلاة رغم أني من قبل كنت أؤديها بإتقان ولكن لا أدري ما الذي حدث لي على وجه التحديد وإني تعبة جدا من هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أختي الكريمة أن شأن الصلاة في الإسلام عظيم، وأن التهاون بها يعد من الموبقات المهلكات، نسأل الله العافية، وراجعي لزاماً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35341، 30633، 29210، 28759، 25809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/4516)
يكفل يتيما ويصلي أحيانا هل له أجر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال هو: أني كافل يتيم ولا أصلي إلا بعض الأوقات، هل يحتسب أجر لي أم لا؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن ثواب كافل اليتيم، وذلك في الفتوى رقم: 33985.
وتقدم الكلام عن عدم الانتظام في أداء الصلاة، وذلك في الفتوى رقم: 12448.
وتقدم الكلام عن قبول الأعمال الصالحة من تارك الصلاة في الفتوى رقم: 6839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(11/4517)
هل تجوز معاملة تارك الصلاة في أمور الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل لا يصلي، هل يجوز لي إذا طلب مني مالاً أن أعطيه، مع العلم بأنه محتاج إلى هذا المال، أرجو عرض هذا السؤال على أحد كبار العلماء في المملكة العربية السعودية؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتارك الصلاة كافر عند جمهور كبير من علماء المسلمين، والواجب على الناس دعوته إلى الصلاة وحثه عليها وإعانته على القيام بها، والواجب على ولي أمر المسلمين استتابته ودعوته، فإن أبى قتل، وعلى كل الأحوال، فإن التعامل معه في أمور الدنيا جائز، كالبيع والشراء والإقراض والهبة ونحو ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعامل بهذه الأمور مع الكفار، ولعل ذلك يكون ألين لقلبه وأقرب لاستمالته، فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، وقد استمال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلوب الكثيرين بعطائه ومنحه، وراجع الفتويين التاليتين: 26786، 7033.
علماً بأن موقعنا هذا يتبع وزارة الأوقاف القطرية، ولا علاقة له إدارياً بهيئة كبار العلماء بالسعودية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/4518)
مرض المجاري البولية لا يمنع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مرض في المجاري البولية لذلك لا أصلي من أجل الطهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن الصلاة لا تسقط عن العبد المكلف ما دام عنده عقل يدرك به، ولكنه لا يكلف بأكثر من طاقته فيؤديها على الحالة التي يستطيع، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
وما ذكرته من مرضك الذي يؤثر على طهارتك، ليس مانعاً لك من أداء الصلاة بإجماع المسلمين، بل تصلي ولو كنت متلبساً بنجاسة مادمت عاجزاً عن إزالتها ومفارقتها، بل تصلي بلا طهور من ماء أو تراب إذا عدما أو لم تقدر على استعمالهما، فاتق الله وتنبه إلى تفريطك العظيم في حق الله تعالى بتركك الصلاة.
وما كنا نظن أن يبلغ جهل المسلمين بدينهم أن يترك أحدهم الصلاة بسبب ما ذكرته، فالله المستعان، وراجع للأهمية كيفية طهارة من به سلس بول وغيره من أمراض المسالك البولية، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21822، 3224، 11680، 23608، 24945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/4519)
لا عذر لأحد في ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن أصلي الفرائض في مكان عملي وكل وقتي أعمل بالقذارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن الصلاة لا عذر لأحدٍ في تركها إلا بزوال العقل، فلم يُعذر المريض ولا المجاهد في المعركة وسط القتال، وإذا كانت كل عملك في القذارة والنجاسة، فهذا لا يمنعك من أن تتطهر إذا حان وقت الصلاة فتغسل جسمك وثيابك أو تلبس ثياباً أخرى نظيفة طاهرة وتصلي ما فرض الله عليك، والأمر سهل فلا يوسوس لك الشيطان ويأتيك من هذا الباب ليوقعك في كبيرة من الكبائر وهي ترك الصلاة، بل هي الفرق بين المسلم والكافر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي والنسائي وأحمد وغيرهم، وقال: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
فاحرص أخي على تأدية الصلاة في وقتها بشرطها وهو الطهارة، طهارة البدن والثياب.
وننبه الأخ السائل إلى أنه ليس كل ما يستقذر نجساً، فالنجاسات معدودة كالخارج من السبيلين غير المني، والدم والقيء، والخمر عند الجمهور، والميتة والكلب والخنزير، فكان ينبغي أن يبين ما هي القذارة الواردة في سؤاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/4520)
عقد نكاح تارك الصلاة بين البطلان والصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم من تزوج وهو لا يصلي وهل عقد الزواج يكون باطلاً بحكم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفر تارك الصلاة فمن ذلك الحديث الذي أشار له السائل الكريم وهو حديث صحيح رواه أحمد وأصحاب السنن ومنها ما في صحيح مسلم وغيره: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.
فمن قال بأن كفر تارك الصلاة كفر أكبر مخرج من الملة، كما ذهب إليه جمهور السلف من الصحابة والتابعين فالنكاح باطل لأنه من المعلوم أنه لا يجوز للمسلمة أن تتزوج كافراً؛ كما قال الله تعالى: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221] .
ومن قال بأن كفر تارك الصلاة كفر دون كفر وليس كفراً مخرجاً من الملة كما ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء فإن عقد النكاح صحيح.
ولا شك أن ترك الصلاة أعظم كبيرة بعد الشرك بالله تعالى ولا يجوز للمسلم أن يقدم على الزواج بمن هو تارك للصلاة، وعلى من تزوج وهو تارك للصلاة أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يجدد عقد النكاح، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1358.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/4521)
يقيم في بيت واحد مع أخيه التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخ متزوج ولديه 5 أطفال تاركً للصلاة وزوجته أيضا تاركة للصلاة فما الحكم حيث إننا نعيش معهم في بيت واحد فهل لنا ذنب في ذلك؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك الصلاة منكر عظيم، والراجح من أقوال أهل العلم أن تارك الصلاة كافر، لقوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم عن جابر بن عبد الله، فالواجب في حقك أن تنصح أخاك بالمعروف، وأن تبين له خطر ترك الصلاة، وأنه ليس بينه وبين جهنم إلا خروج الروح والعياذ بالله.
قال تعالى: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها [طه:132] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ (التحريم: 6)
فإن أصر على ترك الصلاة فالواجب عليك أن تفارقه في السكن، إذا كنت مستطيعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله. رواه أبو داود من حديث سمرة بن جندب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(11/4522)
ما يترتب على من حلف أن يستمر في الصلاة ولم يلتزم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
مشكلتي هي أني عندما كنت صغيرة ولم أبلغ بعد لقد أمسكت القرآن الكريم وحلفت أن أصلي دائماً دون أن أقطع فرضا واعتقدت نفسي أنه عندما أحلف سوف أبقى ملتزمة في الصلاة، ولكن لم ألتزم بالصلاة كنت ألتزم يوما، يومين، والباقي لا، أما الآن فأنا كبرت وأصبح عمري 20 سنة وأصبحت أصلي منذ شهرين تقريباً، والحمد لله، فماذا أفعل؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة واجبة في أصل الشرع، بل هي الركن الثالث من أركان الدين، وتاركها على خطر عظيم، ومن حلف على أن يلتزم بالصلاة، فإن الأمر يزداد توكيدا وتوثيقا، لا سيما إذا كان حلفه على المصحف، ولا يجوز له أن يحنث في يمينه، فإن حنث، فتجب عليه أولاً التوبة من ترك الصلاة، ويجب عليه ثانيا القضاء لما فاته من الصلوات، وتجب عليه ثالثا الكفارة، لحنثه في اليمين.
وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 3146، 29769، 35058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/4523)
التمارين الرياضية لاتبيح التخلف عن الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[نتمرن بعد صلاة المغرب إلى بعد صلاة العشاء بنصف ساعة فتفوتنا صلاة الجماعة، ثم نصلي العشاء جماعة، لأننا عند صلاة العشاء نكون أوشكنا على نهاية التمرين؟ وكذلك في المباريات تكون صلاة العشاء في وسط المباراة؟ أفيدونا أفادكم الله. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي عماد الدين، والصلة بين العبد وربه، ويكفي في الدلالة على أهميتها كونها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأنها فرضت ليلة الإسراء، فعبادة بهذه المكانة العظيمة وبهذه المنزلة الشريفة لهي أجدر بأن تجد من المسلم الاهتمام بها والحرص عليها، وأداء هذه الصلاة في جماعة واجب على الراجح من أقوال أهل العلم، فيحرم على المسلم التخلف عنها لغير عذر معتبر شرعا.
وعلى هذا، فإن ما يقع منكم من تخلف عن هذه الصلوات بسبب أداء التمارين أو المباريات، أمر لا يجوز، لأن التمارين الرياضية والمباريات ليست من الأعذار المبيحة للتخلف.
ثم إن أداءكم الصلاة جماعة بعد نهاية التمرين أمر حسن، لكن يفوت عليكم أجرا عظيما، حيث إن الأصل أداء هذه الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين.
روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى. فننصحكم بالحرص على المحافظة على الصلاة جماعة في المسجد، وأن لا يشغلكم هذا اللهو واللعب عن أداء هذه الشعيرة العظيمة، ثم إن شرط جواز الألعاب الرياضية أن لا تصد عن ذكر الله أو عن الصلاة.
ولمزيد من الفائدة، نحيلك على الفتوى رقم: 17261.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/4524)
يفكرفي ترك الصلاة نهائيا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال أنا أصلي في البيت وصلاة الفجر تروح علي كل يوم، فالبعض ينصحونني أن أترك الصلاة نهائيا أحسن فهل صلاتي صحيحة؟ علما بأني كسول جدا، فهل أقطع الصلاة نهائيا؟ وبماذا تنصحونني أن أعمل من أجل أن أتغلب على الكسل والخمول الذي أنا فيه وجزاكم الله خيرا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم يا أخي أن التكاسل عن الصلاة والتهاون في أدائها أمر خطير، رتب الله عز وجل عليه الوعيد الشديد في قوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] . وقوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
وهذا الوعيد كما هو واضح موجه لمن وصفهم الله تعالى بأنهم مصلون ولكنهم يضيعون الصلاة ويتهاونون بأدائها.
لذا، فيجب على المسلم أن يؤدي صلاته كما أمره الله تعالى وكما كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه يؤدونها، والصلاة في الجماعة واجب عيني على الرجال الذين لا عذر لهم في التخلف عنها كما سبق في الفتوى رقم: 2531 والفتوى رقم: 4034، كما يجب على المسلم اتخاذ الإجراءات اللازمة لأداء الصلاة في وقتها، وقد سبق أن ذكرنا توضيح ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 1415، 1798، 28211، 2444.
أما أن يترك المسلم الصلاة نهائيا أو يفكر في ذلك فهذه جرأة عظيمة، فترك الصلاة نهائيا تكاسلا أمر خطير، بل عده بعض أهل العلم كفرا مخرجا من الملة، وكون الشخص يتكاسل في أداء بعض الصلوات أو يتخلف عن الجماعة لا يبرر له ترك الصلاة، بل الواجب على المقصر أن يسعى ويأخذ بالأسباب التي تعينه على تفادي تقصيره وجبر خلله، أما أن يعالج التقصير أو ينصح بما هو أعظم منه وأخطر فهذا خطأ عظيم.
نرجو الله عز وجل أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه وأن يعيننا على طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(11/4525)
ترك الصلاة لا يختلف حكمه من بلد إلى آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تارك الصلاة فى مجثمع يحكمه العلمانيون وما العمل للتوبة والابتعاد عن المجتمع الفاسد، وللتذكير فإن المساجد في الجزائر تغلق عند انتهاء كل صلاة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يتعلق بترك الصلاة قد جاء مفصلاً في الفتوى رقم:
1145.
ولا فرق فيه بين أن يكون في بلد علماني أو غيره.
أما التوبة فإن الله تعالى حث عليها وأمر بها حيث قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحريم:8] .
وقال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.
وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
فعلى المسلم المبادرة إلى التوبة بالبعد عن المعاصي والعزم على عدم العودة إليها، وأن يكثر من صحبة أهل الخير من أهل العلم والاستقامة للاستفادة من علمهم حتى يعبد الله على بصيرة، ويحذر من رفقاء السوء فإن الإنسان يتأثر بمن يخالطه ويصاحبه ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة.
وفي سنن الترمذي وأبي داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه الترمذي وأبو داود وأحمد.
أما ما يتعلق بالمساجد فإن الأصل فيها أن تكون ميسرة لمن يريد عمارتها بأنواع الذكر من صلاة وتلاوة قرآن وغير ذلك، فقد شهد الله تعالى بالإيمان لمن يعمرها بذكره حيث قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة:18] .
كما أنها مكان للاعتكاف حيث قال الله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] .
بل ينبغي أن تكون مكاناً لكل ما من شأنه أن يعود بمصلحة عامة للمسلمين، كما هو الشأن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا كانت هناك مصلحة شرعية تدعو إلى إغلاقها، كالخوف من سرقة محتوياتها فلا بأس بذلك كما هو مذكور في الفتوى رقم: 3895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/4526)
حب الصلاة يبعث على الفرح بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب الصلاة ولكن عندما أصلي أحس بضيق ثم أترك الصلاة لفترة، ثم أعود إليها ثانية، فماذا أفعل وما حكم الإسلام في مثل هذه الحالة
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شأن الصلاة عظيم، فقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم حدًّا بين الإسلام والكفر، فقال صلى الله عليه وسلم: العهد - أي الحد - الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر حبط عمله. رواه أحمد
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من ترك فريضة واحدة من غير عذر فقد كفر. فعلى المسلم أن يحذر من التهاون بالصلاة، وعليه أداؤها في وقتها، وحب الصلاة ينبغي أن يكون باعثًا على المحافظة عليها والإحسان فيها، أم حبها مع التهاون بها فإنه لا يغني عن صاحبه شيئًا. وعلى المسلم أن يعلم بأن الشيطان قد قعد له في طرق الخير كلها، يريد صده عنه وإيقاعه في الكفر إن قدر، ولعل ما يجده السائل من ضيق من هذا القبيل، فعليه أن يجاهد نفسه والشيطان، ويكثر من التضرع والدعاء لله سبحانه وتعالى، وسيتغير الحال إن شاء الله، وستعود الصلاة سببًا لفرح النفس وانشراح الصدر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:: وجعلت قرة عيني في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(11/4527)
الحد الفاصل بين الإيمان والكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يدخن ولا يصلي الصلوات في وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتدخين حرام لما فيه من الضرر الذي شهد به الأطباء المختصون، ومن القواعد الشرعية العظيمة أنه لا ضرر ولا ضرار، فما كان مضرا فهو حرام، ومن كان قد وقع في هذه المعصية، فعليه أن يبادر بالتوبة والإقلاع.
وأما تأخير الصلاة عن وقتها، فهذا منكر عظيم توعد الله عز وجل صاحبه بالويل، فقد قال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الذين يؤخرونها عن وقتها. وأخبر الله سبحانه بأن الصلاة فريضة مؤقتة فقال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء: 103] .
فمن أخرها حتى خرج وقتها فقد أتى إثما عظيما، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر حبط عمله. رواه أحمد وغيره.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك صلاة واحدة فقد كفر، مستدلين بهذا الحديث، فعلى المسلم أن يحذر من التهاون بالصلاة، فإنها الحد بين الإيمان والكفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(11/4528)
الشيطان حريص على تفويت صلاة الصبح على العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولله الحمد أصلي جميع فروضي في وقتها ولكن في بعض الأحيان لا أقوم لصلاة الفجر!! وإني مستاءة لذلك فهل عدم استيقاظي لأداء صلاة الفجر عقوبة من الله؟ مع العلم بأني أقول الأذكار التي توقظ للصلاة (آخر ثلاث آيات من سورة الكهف) وما الحل أثابكم الله؟ فهو أمر يزعجني كثيراً ولا أريد التقصير في أداء الصلاة ولا أريد أن يغضب الله علي.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنهنئك على محافظتك على الصلوات في أوقاتها؛ لأن ذلك من أفضل الأعمال، كما في الحديث المتفق عليه، كما أن شعورك بالتقصير والبحث عمَّا يجنب سخط الله تعالى دليل على أن في القلب طموحًا إلى الخير، نسأل الله تعالى لك التوفيق إلى الحق والثبات عليه.
أما بخصوص عدم قيامك لصلاة الصبح، فإنه راجع إلى كيد الشيطان وتثبيطه للمسلم عن طاعة الله تعالى، حتى يفوته الثواب الجزيل المترتب على فعل هذه الفريضة العظيمة في وقتها؛ ففي الحديث المتفق عليه: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتّى أَصْبَحَ قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ.
وجاء في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يَعْقِدُ الشّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانِ كلّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ الله انْحَلّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضّأَ انْحَلّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلّى انْحَلّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطاً طَيّبَ النّفْسِ وَإِلاّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النّفْسِ كَسْلاَنً.
وللمزيد من التفصيل في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتويين التاليتين: 28211، 2444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(11/4529)
أعظم ذنب بعد الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية ترك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولا حظ في الإسلام لمن تركها، ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة.
وقد أجمع المسلمون على أن من تركها جاحدًا لوجوبها فإنه مرتد، وذلك لثبوت الأدلة القطعية على وجوبها، وعلم ذلك عند المسلمين جميعًا بالضرورة من الدين.
وأما من تركها متكاسلاً مع إقراره بوجوبها، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن كفره غير مخرج له من الملة، ولكنه ارتكب أعظم ذنب بعد الشرك، ولهذا فإنه يقتل حدًّا.
والفرق بينه وبين من جحد وجوبها أن ذلك يقتل كفرًا ولا تجري عليه أحكام الإسلام. أما من قُتل حدًّا فتجري عليه أحكام الإسلام فيغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويورث ماله.
وذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة تهاونًا بها وتكاسلاً عنها أنه كافر كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، يفرق بينه وبين زوجته، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وما تركه من مال يوضع في بيت مال المسلمين، لا حق لورثته فيه. وهو القول الراجح إن شاء الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر. رواه أحمد وأصحاب السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(11/4530)
المحافظة على الصلاة أداؤها في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا محمد،،،
أنا عندي سؤل يخص والدتي (أمي) وهو عندما تقوم بوضع الحناء على الرأس أي على شعرها ذلك اليوم لا تصلي حتى تزيلها وتقول لي سأصليهم قضاء، هل هذا صحيح أو خطأ؟ علما بأن عمرها 76سنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله، فإن كانت تامة ينظر في بقية أعماله. لهذا تجب على المسلم المحافظة عليها، ومن المحافظة عليها أداؤها في وقتها؛ لأن ذلك من أفضل الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله. متفق عليه.
وعليه فإن ما تقوم به هذه المرأة مخالف لشرع الله تعالى، ويجب عليها أداء الصلاة في وقتها، كما تجب عليها إزالة الحناء التي على رأسها، إذا كانت حائلاً تمنع وصول الماء إلى الشعر عند الوضوء. أما إذا كانت الحناء خفيفة لا تمنع وصول الماء إلى شعرها فيمكن المسح عليها، كما هو مذكور في الفتوى رقم: 31330
ولا يجوز لها تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها وتصير فائتة تقضى، فإن ذلك تفريط في الصلاة وتضييع لها، وقد بين الله تعالى الوعيد المترتب على ذلك حين قال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5] .
وتتأكد المحافظة على الصلاة في حق هذه الأم مادامت قد وصلت إلى هذه المرحلة من العمر، فنرجو الله تعالى لها التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1424(11/4531)
كي لا تتهاون بشأن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي رغبة كبيرة في الصلاة ولكن لا أقدر بم أستعين حتى يتسنى لي ذلك؟
والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في ما يعين على الالتزام بأداء الصلاة والبعد عن التهاون في أمرها وخطورة تضييعها الفتوى رقم: 3830، والفتوى رقم: 1195.
وأكثر من مطالعة أحاديث الترغيب والترهيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/4532)
كيف يقنع والده بالصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يصلي، كيف أقنعة بالصلاة؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في كيفية تعامل الشخص مع والديه وأقاربه الذين لا يصلون وطريقة نصحهم بالصلاة؛ فراجع مثلاً الفتاوى التالية: 17871، 16394 31712.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/4533)
تارك الصلاة معرض عن ذكر الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدى صديق لا يصلي وأريد أن أنصحه بالصلاة مع العلم بأنه لا ينكر وجوبها ولكنه لا يصلي ويقول أنه لا يستطيع أن يخدع الله إما أن يصلي ويترك كل المنكرات من سماع الأشرطة والنظر إلى المحرم والتدخين والغيبة والنميمة أو أنه لا يصلى وبما أنه يحب أن يكون من المدخنين والذين يتفرجون على التلفزيون أطلب منكم إرسال كلمات حتى يقرأها فتؤثر فيه فقدموا له النصيحة وأكون شاكراً لو بعثتم لي بما تنصحون به صديقي فربما تكون هدايته على أيديكم وجزاكم الله عنا كل الخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم وليعلم صديقك أن تارك الصلاة الذي لا ينكر وجوبها قد اختلف أهل العلم فيه، فمنهم من رأى كفره؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصريحة في تكفيره، فقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
ومن العلماء من يرى أنه يقتل حدًّا لا كفرًا، ولا خلاف بينهم في كفر من ينكر وجوبها. وانظر كل ذلك في الفتوى رقم: 6061.
واعلم أن تارك الصلاة مُعرِض عن ذكر الله تعالى، وقد توعد الله فاعل ذلك بضيق العيش، ثم يحشر يوم القيامة أعمى والعياذ بالله. قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124] .
وإذا واصل صديقك فعل المنكرات من سماع الأشرطة التي لا تباح والنظر إلى المحرامات والتدخين والغيبة والنميمة، مع ترك الصلاة فكيف سيلقى ربه تعالى يوم القيامة؟ وقد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الكلام سيكون مع الله مباشرة، قال: ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ... متفق عليه عن عدي بن حاتم.
ثم إذا لم تكن لصديقك القدرة على تحمل دقيقة واحدة من نار الدنيا، فكيف به إذا لبث أحقابًا في نار وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحد أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذاباً متفق عليه من حديث النعمان بن بشير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/4534)
كيف تأخذ بيد طفلك وترغبه بأهمية الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لدي ابن 12 سنة يصلي فقط يوم الجمعة الظهر وباقي اليوم لا يصلي أردت فقط تبسيط حكم تارك الصلاة له حتى يتعظ جزاكم الله الف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في أن غير البالغ ليس مخاطبًا بالصلاة على سبيل الوجوب، إلا أنه يؤمر بها لسبع ويضرب عليها لعشر. كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 28789، والفتوى رقم: 28577.
وعلى هذا، فالذي ننصح به في حالة هذا الولد أنه يؤخذ أولاً باللين والإرشاد، وذلك بالتبصير بأهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام، فإذا لم يفد ذلك معه كان لابد من ضربه على الصلاة؛ لأنه أصبح في مرحلة قريبة جدًّا من البلوغ، فإذا لم يتعود على إقامتها قبل ذلك فربما أثر ذلك على أدائه لها في المستقبل، عندما يحين وقت وجوبها عليه، وهذا هو السر في الأمر بها قبل البلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(11/4535)
شأن الصلاة عظيم فشمر لها.
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتدت على أداء الصلاة في جماعة بفضل الله، ولكن المشكلة عندي أنني إن لم أؤدها في جماعة في كثير من الأحيان أنساها معتقدا أنني أديتها، فماذا أفعل؟ وما الوزر الواقع عليّ؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة شأنها عظيم، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإذا كان هذا شأنها فيلزم أن تكون محل اهتمام العبد، وأن تكون همته مشمرة إلى أدائها على أكمل وجه، والتقرب إلى الله بذلك. فإذا ثبت هذا فإن عليك أن تجتهد في تحري أداء الصلاة في وقتها، وفي جماعة مع المسلمين، إذ أن صلاة الجماعة واجبة لا يجوز التخلف عنها إلا من عذر على الراجح من أقوال الفقهاء، فإن حدث منك نسيان للصلاة فإنك غير مؤاخذ على ذلك من حيث الإثم، إلا أنه يلزمك أداؤها متى ما ذكرت.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية:
7960، 1546، 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/4536)
الكفر لا يقبل معه عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان المتوفى تاركاً للصلاة والصيام ولكنه دائما يخرج صدقة، فما واجبي تجاهه، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم تارك الصلاة وبعض الأحكام المتعلقة به في الفتوى رقم:
32878.
وعلى القول بكفره فلا تنفعه الصدقة ولا غيرها من الأعمال الصالحة، لأن الكفر لا يقبل معه عمل، ولا يجوز لك الدعاء له ولا الاستغفار له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/4537)
تأنيب الضمير يزول بالتوبة وإقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
السؤال:
بدأت أصلي من بداية هذه السنة لكن المشكلة أني أنقطع عن الصلاة وأحس بتأنيب الضمير فأرجع للصلاة وكررت هذا عدة مرات ولا أعرف السبب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تحس به من تأنيب الضمير سيصحبه قلق وخوف وضيق وحياة تعسة ما لم تبادر بالتوبة وتواظب على الصلاة، وكل ذلك يسببه ترك الصلاة وما في معناه من الإعراض عن ذكر الله، قال تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإنه له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) [طه: 124] . واعلم أن ترك الصلاة من أشد المنكرات وسبب في عذاب الله، قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) [مريم: 59] وقال: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) [الماعون: 5] وانظر عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة في الفتوى رقم: 6061
وعليك بالابتعاد عن قرناء السوء والبيئات السيئة، وعد إلى الله بعزم وإخلاص، ونرجو الله أن يوفقنا وإياك لطاعته والتمسك بدينه.
وراجع الجواب رقم 5646
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/4538)
لا تترك الصلاة ولتصل بما يتيسر لها
[السُّؤَالُ]
ـ[مسيحية أسلمت وتؤخر الصلاة إلى وقت متأخر من اليوم، وقد لا تستطيع ذلك خوفاً من أن تعرف أسرتها، فهل تحاسب على ترك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو أداء كل صلاة في وقتها، كما قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابا ً مَوْقُوتاً. [النساء:103] .
فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر، فعلى هذا فمهما أمكنت هذه الأخت الصلاة في وقتها فإنها يلزمها ذلك، وإن لم يتيسر لها ذلك جاز لها الجمع بين الظهر والعصر ف ي وقت إحداهما، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما، فإن خشيت خروج وقت الصلاة التي لا تجمع مع ما بعدها كالعصر مع المغرب مثلاً فإنها حينئذ تصلي المغرب على الحال الذي ي تيسر لها، ولا يجوز لها إخراج الصلاة عن وقتها، أما ترك الصلاة بالكلية فلا يجوز بل هو كفر كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم:
1145
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(11/4539)
تارك الصلاة لا يزوج ممن تصلي ولا ممن لا تصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز عقد قران (زواج) بين مسلم ومسلمة أحدهما أو كلاهما لا يصلي أي تارك الصلاة عن كسل ومعصية لا جحودا لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في تارك الصلاة كسلاً هل يكفر أم لا، وقد سبق تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 1145.
ومن خلالها يتبين القول بتكفير تارك الصلاة مطلقا.
ولذا، فلا يجوز أن يُزوَّج لا ممن يصلي ولا ممن لا يصلي، لأن تارك الصلاة لا يقر على تركها، ولا يبقى يعيش حرا طليقاً ينكح ويتولى المناصب ونحو ذلك، بل إما أن يقتل ردة أو حدا، أو يحبس حتى يقوم بما فرض عليه، وهذا هو القول الذي تدعمه الأدلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/4540)
بادر بالصلاة قبل أن يفجأك الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتى أبلغ من العمر 14عاماً وأمارس العادة السرية على شكل مستمر وأريد أن لا أمارسها ثانية ولا أصلي لكن أقول عندما أذهب إلى بلدي سأصلي لأن المسجد في جوارنا وكل وقت بوقته والله يشهد؟
والسلام عليكم ورحمة الله
والصلاة والسلام على رسول الله
وإليكم جزيل الشكر وأرجو أن ترسلوا الإجابة بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم ممارسة العادة السرية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2179، 2392، 3239، 7170.
وبينا طريق الخلاص منها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1087، 106، 22083.
واعلم -وفقك الله- أن الصلاة أعظم فرائض الإسلام بعد الشهادتين وقد أمر الله بالمحافظة عليها فقال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] .
وتوعد الله جل جلاله على تضييعها بقوله: إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر] .
ولا يدري الإنسان متى يموت فهو في كل لحظة من لحظات حياته معرض لأن ينزل به ملك الموت فينتقل من الدينا إلى الآخرة ومن العمل إلى الحساب، فبأي لسان يجيب ربه إذا سأله عن ترك الصلاة، قال بعض السلف: يا ابن آدم: أي شيء يعز عليك من دينك إذا هانت عليك الصلاة وهي أول ما تحاسب عليه.
يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة..... رواه أحمد.
فبادر إلى التوبة قبل فوات الآوان، قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100] .
وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1145، 3830، 12744، 28748.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/4541)
تفريط في الصلاة اشتغالا بالنظر المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب جلس أمام جهاز الكمبيوتر يتابع الصفحات المحرمة على الإنترنت من بعد العصر إلى ما بعد منتصف الليل حتى أنزل ونام دون أن يغتسل إلى ما بعد طلوع الشمس أي فاتته صلاة المغرب والعشاء والصبح
هل يعتبر كافراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها من أخطر الذنوب، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
وقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:5] .
فعلى هذا الشاب أن يتوب إلى الله تعالى من تأخير الصلاة عن وقتها، ويغتسل، ويقضي الصلوات التي فاتته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم الصلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني.
وراجع في حكم تعمد التفريط في الصلاة ممن هو مقر بوجوبها غير مواظب على تركها الفتوى رقم: 17277.
وراجع في نظر الصفحات المحرمة في الإنترنت الفتوى رقم: 19075، والفتوى رقم: 6617.
هذا.. وينبغي لطلاب العلم أن ينشطوا في تقوية صلة الشباب بالله وإشغالهم وتوظيف طاقاتهم في ما يرضي الله، كما ينبغي للشباب المبادرة بالزواج والإكثار من صوم النفل والارتباط بالمساجد ومجالس العلم وأهل الخير وغض البصر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
وقال: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(11/4542)
كيف يصنع تارك الصلاة إذا تاب وأراد أن يعود
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا إنسان تارك الصلاة ومبتعد كل البعد عن الدين الإسلامي وأريد أن أسلم وأريد السؤال عن الخطوات التي أصبح بعدها مسلماً مؤمناً بإذن الله مع العلم أني نويت الإسلام أكثر من مرة ولم أستطع لأني أعود بعد ذالك إلى المعاصي.
هذا والله أعلم وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 6061 وبينا حكم تدارك الصلوات الفائتة المتروكة عمداً في الفتوى رقم: 3146 وبينا الطرق والوسائل المعينة للحفاظ على الصلوات تحت الفتوى رقم: 11160 والفتوى رقم: 4307 وبينا كيفية الاستقامة والثبات ونبذ الفتور والكسل في الفتاوى التالية أرقامها: 1208 15219 10943
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/4543)
ترك الصلاة أعظم جرما من اقتراف الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت في التلفاز فتوى أن المرأة التي تزني علنا وتصلي أفضل من المرأة المحصنة التي لا تصلي؟
الرجاء الإيضاح؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا من كبائر الذنوب، ومن الفواحش الشنيعة، والرذائل القبيحة لا يقترفها ويصر عليها إلا من لا يؤمن حق الإيمان بوعيد الله تعالى وعذابه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم.
وهذه الجريمة والفاحشة قد أعد الله لمقترفها العذاب الأليم في الدنيا، وفي حياة البرزخ، وفي الآخرة، ولمعرفة قبح وجرم وحرمة هذه الرذيلة انظر الفتوى رقم:
14737.
لكن لا ريب ولا شك أن تارك الصلاة أعظم جرماً وأكبر مقتاً عند الله من إتيان الزنا.. وترك الصلاة إن لم يبلغ بصاحبه حد الكفر فلا أقل من أن يكون هو من أكبر الفاسقين، وأعظم المجرمين توعده الله بأشد العقوبات، وحكم عليه كثير من أهل العلم بالردة عن الإسلام والخروج من الملة كما هو مبين في الفتوى رقم:
6061.
لكن هذا القول لا يبرر اقتراف الزنا لأن المؤمن لا ينظر إلى تفاوت الذنوب في القبح وإنما ينظر إلى عظمة من عصى وشدة عذابه، والذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل، والزنا مما يصيب المقاتل وله عواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
وقد يدخل صاحبه النار، ويجلب له غضب الجبار، وإن كان من المصلين كما أن المصلي لا يقترف هذه الجريمة إلا نتيجة ضعف قيامه بحقوق الصلاة، لأن من أدى الصلاة على وجهها وقام بها حق القيام زجرته عن الفاحشة، ونهته عن المنكر، قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] .
فعلى المسلم إن كان يخاف الله ويرجو لقاءه أن يتوب إلى الله من ترك الصلاة، ومن جريمة الزنا، وينقذ نفسه من هذا المستنقع الآسن الذي يجلب عليه سخط الله وعقوبته في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4544)
هل يصلى على من مات ولم يكن يصلي إلا الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم هل تجوز الصلاة على من مات وهو لا يصلي إلا الجمعة إذا اخذنا بفتوى من قال بكفر تارك الصلاة جاحداً أو تكاسلا ولو صلاة واحدة؟ وهل تجوز الصلاة على المخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة أو عقد النكاح له؟ وما هو الحل إذا كنت أريد أن أتزوج من فتاة ولي أمرها لا يصلي ومن يتولى العقد حينئذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تارك الصلاة جحوداً لها كافر كفراً مخرجاً من الملة بإجماع العلماء، ولا يصلى عليه، ولا يورث، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
أما تاركها تكاسلاً، فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه كافر كفراً مخرجاً من الملة إن تركها تركاً كلياً، وأنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل على أنه مرتد، وراجع الفتوى رقم: 6061.
واعلم أن بعض أهل العلم يرون أن من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها، فإنه بذلك يكفر كفراً مخرجاً من الملة، ولتفصيل ذلك راجع الفتوى رقم: 10759.
وعلى هذا القول، فإن مات على ذلك فلا يصلى عليه، لكونه مات مرتداً على غير ملة الإسلام، وأعلم أن هذا الرجل الذي حكيت عنه أنه لا يصلي إلا الجمعة هو في حكم تارك الصلاة بالكلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/4545)
حكم الصلاة الفائته
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلوات الفائتة هل لها قضاء؟ إن كان، كيف ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ضياع هذه الفوائت بسبب نوم أو إغماء فالواجب قضاؤها لقول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه: 14] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها. رواه مالك في الموطأ.
أما إن كان ضياعها ناشئاً عن التكاسل والتهاون بها فإن من أهل العلم من يقول بكفر فاعل ذلك، فإن تاب لم يلزمه قضاء ما فات وإنما عليه أن يجدد إيمانه ويكثر من فعل الطاعات، لكن لو قضاها احتياطاً فذلك أولى خروجاً من خلاف من يقول بعدم كفره وبوجوب القضاء عليه، أما بالنسبة لكيفية القضاء فراجع فيه الفتوى رقم: 512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/4546)
حكم مساكنة تاركي الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا كنت اصلي واهلي لايصلون فما افعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منزلة الصلاة في الإسلام عظيمة وشأنها كبير فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين ولا حظ في السلام لمن تركها.
ويجب عليك أن تنصح هؤلاء الأهل وتذكرهم بوجوب الصلاة وأهميتها، وخطورة تركها وما يترتب على ذلك من العقاب في الدنيا والآخرة.
فإذا استجابوا لك فبها ونعمت وإلا فلا تجوز لك مسا كنتهم إلا لضرورة، وقد نظم ذلك بعض الفضلاء فقال: والاختلاط معهم (يعني تاركي الصلاة) في المنزل* دون ضرورة من المنحظل.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم عن تارك الصلاة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 5629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/4547)
حكم الصدقة والحج عن تارك الصلاة جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نعيش في النقب 48 وتوفي والدي عام 1981 ولم يكن يصلي ليس جحودا وإنما جهلاً ولم يكن في منطقتنا مساجد أو دعاة وعدد المصلين لا يتجاوز أفرادا وكان والدي يصوم ويتصدق فهل الصدقة عنه والحج والدعاء ينفعه؟
أفيدوني رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنظراً لكون هذا الوالد كان لا يصلي جهلاً لا جحوداً فلا مانع من التصدق والحج عنه والدعاء له، لكونه معذوراً بالجهل.
فقد ذكر ابن قدامة في المغني والنووي في المجموع: أن تارك الصلاة إن كان ممن لا يعرف الوجوب كحديث الإسلام والناشئ بغير دار الإسلام أو بادية بعيدة عن الأمصار لا يحكم بكفره.
وبناء على هذا، فهو معذور بجهله، ولا يدخل في الخلاف في كفر تارك الصلاة.
وعليه، فلا بأس أن يحج عنه ولده، ولا بأس بالصدقة عنه والدعاء له، ونرجو الله أن ينفعه بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
هذا ونهيب بطلاب العلم أن ينشطوا في تعليم الناس كليات الدين ومسائله الأساسية حسب طاقتهم، وأن يستخدموا ما تيسر من الوسائل في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/4548)
على المرء أن يأمر امرأته بالصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
سؤالي هو أنني لا أطيق النظر في زوجتي وأكره القرب منها والجماع معها إلا خوفا من الله وأني لا أشعر بالراحة والطمأنينة وطعم وحلاوة العيش معها، إنها ترتدي الحجاب ولكن لا تصلي وأحيانا تصوم رمضان وهي جنب وتشاهد المسلسلات الغربية، إنها اتخذت الحجاب لستر بعض عيوبها كشعرها الجاف وجبهتها الكبيرة وهيئة جسدها وهذه العيوب لم تظهرها لي وقت قدومي لخطبتها، إنني أعاملها معاملة سيئة لا ترضي الله دون أن أشعر بنتيجة ما ذكرته سابقا فبما تنصحوني به؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأسرة المسلمة لا تتوحد أركانها ولا ترسخ جذورها إلا إذا بنيت على الدين ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:" تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"" متفق عليه، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه قال:" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات. رواه الترمذي والبيقهي والطبراني في الكبير والأوسط، وحسنه الألباني. في إرواء الغليل، فإذا أردت وفقك الله أن تقضي على مابينك وبين زوجتك من خلاف فليكن اهتمامك منصباً على إقامة حياتكما وفق كتاب الله وسنة رسوله، ولتأمر زوجتك بالصلاة، كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] .
واستعمل في ذلك الترغيب تارة والترهيب تارة واستعن بالله ثم بأهل الخير والصلاح لنصيحتها، فإن ظهرت منها استقامة فالحمد لله، وإلا فينبغي فراقها لأن مثل هذه المرأة لا يمكن أن تقيم بيتاً مسلماً يتعاون فيه الزوجان على طاعة الله والوقوف عند حدوده، وتربية أولادهما تربية إسلامية، علماً بأنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير تارك الصلاة وخروجه من الملة، وما ذكرت من عيوبها الخَلقية، فغض عنه الطرف إذا استقامت، ولو كرهت هذه العيوب قال تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا ً [النساء: 19] .
وإذا كنت لا تستطيع تحصين فرجها بسبب عيوبها التي ذكرت فيمكنك أن تتزوج ثانية مع تحقيق العدل بينهما وإذا كنت لا تستطيع الزواج من أخرى أو تخشى من عدم تحقيق العدل، فلك أن تطلقها وتتزوج ممن أحببت، لكننا نوصي بعدم الاستعجال في اتخاذ القرار بطلاقها فربما أمكن إصلاح العشرة بينكما وأهم الوسائل في ذلك أن تستقيم هي على الدين وأن تبذل الوسع في التودد والتزين في حال حضورك وأن تغض أنت طرفك عن عيوبها ما امكنك ذلك ولا تلجأ إلى الطلاق إلا إذا سدت كل السبل أمامك فأبغض الحلال إلى الله الطلاق كما في الحديث الذي رواه أبو داود ولاسيما إذا كان بينكما أولاد، وانظر الفتوى رقم:
5291، لمعرفة الطريقة الشرعية لحل الخلاف بين الزوجين، وانظر الفتوى رقم: 20264، لمعرفة حكم مشاهدة المسلسلات، وبها تعلم أنه يجب عليك ألا تمكنها من رؤية هذه المسلسلات لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
ولكن ليكن ذلك أولا باستعمال الحكمة والموعظة الحسنه والرفق واللين ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1423(11/4549)
لا شيء على الزوجة إذا أيقظت زوجها للصلاة فلم يستيقظ.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود معرفة إذا كان علي إثم إذا لم أوقظ زوجي لصلاة الفجر، مع أنني أحاول جاهدة لمدة 15 دقيقة ولكنه لا يستيقظ بسهولة أبداً وأنا أريد أن أعود إلى النوم (مع العلم بأنني أحاول بكافة الوسائل ولكن لا فائدة) ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على اهتمامك بأمر بيتك وزوجك، ووفقك الله للمزيد، ولتعلمي أنه لا شيء عليك مادمت تقومين بإيقاظه بالسبل المتاحة لك، ولو لم يستيقظ، لكن لابد من تنبيه هذا الزوج إلى خطورة ما هو عليه من التفريط في صلاة هي من أهم الصلوات، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا. رواه البخاري ومسلم.
والمرء لكي يحصل ما يريد لابد أن يسعى إليه، فعلى الزوج أن يتخذ الأسباب والاحتياطات المعينة على أداء جميع الصلوات في أوقاتها، وذلك لا يتم له في صلاة الفجر إلا بعدة أمور، منها:
1- النوم مبكرًا.
2- استخدام آلات التنبيه.
3- أن ينام وهو صادق النية في العزم على أداء صلاة الفجر في وقتها.
4- أن ينام على وضوء.
5- أن يحافظ على أذكار ما قبل النوم كالتسبيح ونحوه.
كما يجب على الزوج أن يتوب مما حصل منه من تفريط في الماضي، وذلك بالمحافظة عليها في جماعة، والعزم على عدم تركها أبدًا في المستقبل.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى رقم: 3645، 13561، 23701، 17771.
والله نسأل لنا ولكم التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(11/4550)
كيف تنبعث همة المسلم للمحافظة على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يمكن أن أحافظ على الصلاة دون انقطاع؟ هل هناك أدعية من أجل الثبات والاستمرار دون انقطاع؟
ولكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يعين المسلم على المحافظة على الصلاة، أن يعلم أهمية هذه الفريضة العظيمة، وأنها عمود الإسلام، وأنها هي الفارق بين الرجل وبين الشرك والكفر، كما قال صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
وقال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه ... رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة. رواه الترمذي.
وقال: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله. رواه الطبراني في الأوسط.
ورحم الله الحسن البصري إذ يقول: وأي شأن يعز عليك من دينك يا ابن آدم، وقد هانت عليك الصلاة وأنت أول ما تحاسب عليه.
ولهذا جعل الله تركها وعدم المحافظة عليها، صفة من صفات المجرمين، والمنافقين، فقال سبحانه: إلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:39 - 43] .
وقال جل جلاله في المنافقين: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء:142] .
فبمعرفة مثل هذه الآيات والأحاديث، وما تدل عليه، من أهمية الصلاة، تنبعث همة المسلم للمحافظة على الصلاة دون انقطاع، ولتدع بما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/4551)
من أخذ بأسباب الاستيقاظ للفجر فلم يستيقظ
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي تبلغ من العمر 12 سنة ولم تبلغ ولكن علامات البلوغ ظهرت، هل عليها قضاء ما أفطرت في رمضان، وخاصة بها مرض لا يعلمه إلا الله، لم يستطع طبيب تشخيصه في (البطن) وبعض المشايخ يقول عين وهذا منذ كان عمرها سنتين، وكذلك الصلاة بعض الأحيان يشتد الألم عليها في الليل فلا تنام إلا متأخرة هل نوقظها لصلاة الفجر وهي تتبول أيضا في السرير وفي بعض الأوقات تكون جيدة ومن يراها لا يصدق أنها تعاني من شيء أرشدونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه البنت قد بلغت بأن ظهرت عليها إحدى علامات البلوغ وهي المبينة في الفتوى رقم: 10024.
فإنه يجب عليها قضاء ما أفطرت من رمضان بسبب العذر، وإن أفطرت بغير عذر فعليها مع القضاء التوبة والاستغفار.
وبالنسبة لصلاة الفجر فالواجب عليها أن تصلي الفجر في وقته كسائر الصلوات الأخرى التي أمر الله المكلفين أن يؤدوها في أوقاتها المحددة، قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتا [النساء:103] .
ولا يجوز لها تعمد تأخيرها عن وقتها لكن إن أخذت بأسباب الاستيقاظ فلم تستيقظ إلا بعد خروج الوقت فلا إثم عليها لحديث: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم الصلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
هذا وننصح السائل أن يبذل وسعه في علاجها، ولا ييأس فإن الله تعالى لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء، نسأل الله تعالى لها الشفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/4552)
الصلاة عمود الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[في الواقع أنا فتاة أبلغ من العمر 16 عاما في البداية كنت مواظبة على الصلاة ولكن منذ 4 سنوات تركتها تركا كليا ولم أمسك القرآن منذ ذلك الحين مع إصرار والدتي لي ونصحها المستمر لكن بطريقة ما وبفضل الله ثم خالتي أردت أن أتوب وأعود من جديد علما بأنني تركت الصلاة لأني قرأت العديد من الكتب عن الصلاة ولكن كلها مختلف عن الآخر من ناحية الكيفية حتى أصبحت مشوشة كليا عن كيفية الصلاة ولم أعد أعرف كيف أصلي، فأرجو إعلامي بكيفية الصلاة المفروضة كاملة لعلني أهتدي؟ *جزاكم الله خيراً..*]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت المسلمة أن ما سألت عنه عظيم، فالصلاة فسطاط الإسلام وعمود الدين، والتهاون بها جرم عظيم وإثم مبين، إن سلم صاحبه من الكفر فلا يسلم من أن يكون من أكبر الفاسقين وأعظم المجرمين كما هو مبين في الفتوى رقم:
6061.
وحيث إن الله قد منَّ عليك بالتوبة، وتفضل عليك بالهداية، فلا يلزمك قضاء ما فاتك من صلوات لكن عليك بالاجتهاد في أداء الفرائض، والإكثار من النوافل، والمسارعة في الخيرات، والمداومة على الذكر والاستغفار لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لك ذنبك فهو القائل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
وأما الصلوات المفروضة على المسلم في كل يوم وليلة فهي خمس (الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء أربع ركعات والصبح ركعتان. وأما أوقاتها فمبينة في الفتوى رقم: 4538، ولمعرفة كيفية أدائها انظري الفتوى رقم: 6188، والفتوى رقم: 8249، ولمعرفة نوافل الصلاة ورواتبها انظري الفتوى رقم: 2116.
وإذا أردت معرفة أداء الصلاة بالصور فانظري الموقع:WWW.shdaan.net.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/4553)
تفويت صلاة العصر أعظم من تفويت غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يقضي من فاتته صلاة العصر لعذر شرعي وأذن المغرب قبل أن يصلي العصر؟ هل يصلي العصر أولا أم يصلي المغرب في جماعة ومن ثم يصلي العصر قضاء؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها من غير نوم ولا نسيان إثم كبير وجرم عظيم لأن فعل الصلاة في وقتها فرض من أوكد فرائض الصلاة.
وجاء النهي الشرعي عن تأخير الصلاة عن وقتها وبالأخص صلاة العصر، ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. وفيهما أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله.
قال شيخ الإسلام: تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهي التي فرضت على من كان قبلنا فضيعوها. انتهى.
فمن كان مستيقظاً ذاكراً للصلاة حرم عليه تأخيرها بحال، فليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر؛ لكن العذر يبيح له شيئين: يبيح له ترك ما يعجز عنه، ويبيح له الجمع بين الصلاتين، بل حتى حال القتال لا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلم يجوزوا تأخير الصلاة حال القتال بل أوجبوا عليه الصلاة في الوقت، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه، وعن أحمد رواية أخرى أنه يخير حال القتال بين الصلاة وبين التأخير، ومذهب أبي حنيفة يشتغل بالقتال ويصلي بعد الوقت. وأما تأخير الصلاة لغير الجهاد كصناعة أو زراعة أو صيد أو عمل من الأعمال ونحو ذلك فلا يجوزه أحد من العلماء ... وإنما يعذر بالتأخير النائم والناسي ... فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك؛ بل يصلي في الوقت بحسب حاله فإن كان محدثاً وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد، وكذلك العريان يصلي في الوقت عرياناً ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه، وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت بحسب حاله وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت.... انتهى
وعليه فمن فوت الصلاة متعمداً فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر، وعليه القضاء عند جمهور العلماء، والذي فاتته صلاة العصر حتى حضرت صلاة المغرب فإنه يصلي العصر أولاً ثم المغرب، وإن كانت جماعة المغرب قد قامت فينوي مع الجماعة صلاة العصر فإذا سلموا من المغرب قام وأكمل الرابعة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18730، ثم يصلي المغرب بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/4554)
وجود الحمل لا يسقط الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
أخي العزيز هل يمكن للمرأة الصلاة وهي حامل؟ وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل ذكر أو أنثى، ويشترط في وجوب أداء الصلاة بالنسبة للمرأة طهارتها من الحيض والنفاس، أما في حال الحيض والنفاس فلا تجب عليها الصلاة، بل لا تصح منها، وليس عليها قضاؤها إذا طهرت.
أما كونها حاملاً فإن هذا لا يسقط عنها الصلاة بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/4555)
أمر الأولياء أبناءهم بالصلاة على سبيل الوجوب أم الندب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني يبلغ من العمر 7 سنين، هل واجب علي إيقاظه لصلاة الفجر، وخاصة أنه يتبول على نفسه بالليل والنهار، أدعوا الله لي ولابني بالشفاء، وهو ضعيف الذاكرة، لا يحفظ جيداً القرآن ولا الأدعية ونجد في تحفيظه مشقة، وما هو العمر المناسب للطفل كي يذهب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي ابنك وأن يجعله من أهل العلم المحققين.
أما بخصوص الصلاة فالحق أنها ليست واجبة عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث وذكر منهم: الصبي حتى يحتلم. رواه أصحاب السنن.
إلا أن الآباء مخاطبون بأمر أبنائهم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود. و.....
وقد اختلف العلماء، هل أمر الشارع الحكيم للآباء بأمر أبنائهم بإقامة الصلاة، هل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ فعلى الأول يكون الآباء مؤاخذين في ترك ذلك، وعلى الثاني فلا مؤاخذة.
قال الشوكاني في نيل الأوطار بعد أن ساق الحديث الأخير: (والحديث يدل على وجوب أمر الصبيان بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين، وضربهم إذا بلغوا عشراً) .
وبالوجوب قال الحنفية والشافعية والحنابلة. وحمله المالكية على الندب.
قال العدوي المالكي في حاشيته: (والأمر في الحديث محمول على الندب على المشهور، فإن لم يفعل الولي ذلك فلا شيء عليه؛ لأنه إنما ترك مستحباً) .
أما بالنسبة لأخذ الأطفال للمسجد، فإن بلغو السابعة فإنه يذهب بهم من أجل تمرينهم على الصلاة وتربيتهم على أدائها جماعة في المسجد. وأما من هم دون ذلك فلا يذهب بهم إلى المسجد إلا إذا أمنَ أذاهم للمصلين وإساءتهم إلى المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(11/4556)
الصلاة راحة نفسية وسكينة وطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقطع في الصلاة كثيراً ويصيبني الاكتئاب وأحس نفسي مريضة نفسياً ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أن ترك الصلاة إثم عظيم يصل بصاحبه إلى الكفر كما في الحديث: إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة.
ونقول للسائلة: لم لا تصلي؟ ألا تخافي من الله؟ ألا تخشين أن تموتي وأنت تاركة للصلاة؟ ماذا يكون جوابكِ لربكِ عندما يسألكِ عن الصلاة؟
ثم اعلمي أن الصلاة واجبة عليك ما دمتِ تقدرين على أدائها لو بالإشارة ولا يغني عنك أمام الله هذه الوساوس والأحاسيس الشيطانية التي تجدينها وتحول بنيك وبين الصلاة، فاستعيني بالله وأدِّ ما فرض الله عليك، ففي الصلاة شفاء مما تجدين، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] . وقال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حانت الصلاة يقول لبلال رضي الله عنه: يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالصلاة راحة نفسية وسكينة وطمأنينة لا يجدها القلب في غيرها. نسأل الله لك الهداية والرشاد.
فالواجب، عليك -أختي السائله- أن تسارعي إلى التوبة من قطع الصلاة لئلا يفاجئكِ الموت وأنتِ تاركة للصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/4557)
ترك الصلاة قطع للصلة بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من عدم المواصلة في الصلاة (متقطع) مع أني أقوم بإخراج الصدقات ومساعدة الناس كثيراً وبالنسبة لزوجتي فإنني عندما أقدمت على الزواج منها وتزوجتها انقطعت عن الصلاة علما أنها كانت تحافظ على صلاتها قبل الزواج، فما هي النصيحة بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة من أعظم فرائض الدين، وهي الصلة بين العبد وربه، والركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، يتميز بها المسلم عن الكافر. روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.
لذلك فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة ولو كان متهاوناً في أدائها مع إقراره بفرضيتها أنه يكفر بذلك كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام، فكيف يجرؤ المسلم أن يعرض نفسه لهذا الحكم الخطير، الذي عاقبته الخلود في جهنم؟ أم كيف يرضى الإنسان أن يقطع الصلة بينه وبين ربه؟!! فلعله بذلك يُوكَل إلى نفسه فلا يبالي الله تعالى بأي واد هلك.
فالواجب على السائل أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه الندم، كما أن الواجب عليه تعليم زوجته ونصحها وتوجيهها، وليكن ذلك بأن يكون أولاً قدوة حسنة لها، فلعلها تكون قد اقتدت به في التفريط في الصلاة، فإذا أصلح حاله بالمحافظة على الصلاة أصلحت حالها كذلك، وليضع نصب عينيه قول الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132] .
وليتذكر قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ [التحريم:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/4558)
الصحبة الصالحة خير معين على لزوم الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمارس العادة السرية كثيراً ولا أستطيع الابتعاد عنها ماذا أفعل؟ على الرغم من أنني كنت أصلي ولكن انقطعت عنها منذ فترة قصيرة وأحاول جاهداً أن أعود لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الشاب المسلم أن يستعلي على هذا النوع من الأعمال القبيحة التي تضر بجسمه وبنفسيته وقبل ذلك بدينه وأخلاقه، وعليه أن يعالج نفسه بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم الشباب، حيث يقول: يا معشر الشاب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
ولمزيد من التفصيل عن العادة السرية نحيلك إلى الفتوى رقم:
2179.
وأما ترك الصلاة فإنه الطامة الكبرى والمصيبة العظمى بالنسبة للمسلم، فلا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، كما جاء عن عمر رضي الله عنه.
ولهذا ننصح السائل الكريم بالتوبة فورًا والتوجه إلى أداء الصلاة وصحبة الصالحين والاستماع إلى الدروس والمواعظ التي تنفعه في دينه ودنياه.
كما ننصحه بالابتعاد عن أصحاب السوء وأهل المعاصي ولو كانوا أقرب الناس إليه، فإن الصاحب ساحب والقرين بالمقارن يقتدي كما يقولون.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة. رواه البخاري ومسلم.
ولمزيد من التفاصيل عن خطورة ترك الصلاة وحكم تاركها نحيلك إلى الفتوى رقم:
1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/4559)
الأطفال ... وصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني يبلغ من العمر 10 ونصف سنة وعندما أوقظه لصلاة الفجر يصلي وهو نائم وخاصة في السجود فهل علي شيء أو والده وبماذا تنصحونا جزاكم الله عني وعن جميع المسلمين الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الشرع الحكيم الآباء بتربية أبنائهم تربية إسلامية صحيحة بما في ذلك تعويدهم على إقامة الصلاة عندما يكونون في سن السابعة من أعمارهم فما فوق، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.
وعلى هذا.. فليعلم أولياء هذا الطفل أن أمرهم له بالصلاة متأكد حتى يعتاد عليها؛ لأنه قارب البلوغ، وإذا لم يعتد على الصلاة وهو في هذه السن من العمر فإنه يخشى من تكاسله عنها عندما يبلغ ويكون مكلفاً، وهذه مسألة في غاية الخطورة.
والذي ننصح به لمعالجة هذا الأمر أمور منها: تحبيب الصلاة إلى الطفل، وذكر فضلها ومكانتها في الإسلام، ثم تعويده على النوم مبكراً حتى يأخذ حاجته من النوم قبل الصلاة، وإذا لم ينفع هذا معه فلا بأس بضربه ضرباً غير مبرح.
فإذا أفادت هذه الجهود بإقامة الطفل للصلاة فالأمر واضح؛ وإلا فعلى الأبوين تكرير المحاولات، وذلك لعظم المسؤولية الملقاة على عواتقهما، ولا إثم عليهما بعد ذلك عند من يعتبر خطاب الأولياء لأطفالهم بالصلاة أمراً واجباً للحديث السابق. أما من حمل الأمر في الحديث على الاستحباب فالإثم منتفٍ أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/4560)
هل يؤاخذ من تفوته صلاة الفجر دائما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنام عن صلاة الصبح دائما، ً رغم محاولات النهوض لصلاة الفجر، دون جدوى، فهل أنا منافقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا شك في وجوب المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها التي شرعت لها، وأن من أخرها من غير عذر كان آثماً يستحق العقوبة من الله جل وعلا على ارتكابه هذه المعصية، قال تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) [الإسراء:78] .
ولتعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الله تعالى لما أمر بالمحافظة على الصلوات عموماً وخص الصلاة الوسطى بالعناية أكثر، قال سبحانه وتعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) [البقرة:238] .
ومن أهل العلم من جعلها صلاة الصبح.
وعلى هذا، فإنا ننصحك باتخاذ الوسائل المعينة على صلاتها في وقتها، وذلك باللجوء إلى الله تعالى في أوقات استجابة الدعاء بتيسير الحصول على ذلك، ثم النوم مبكراً، واتخاذ منبه، وتوصية الأهل بإيقاظك.
فإذا وفقك الله تعالى، وأفلحت هذه الأسباب أو بعضها فحسن، وإلا فلتعلمي أن الإثم منتف إن شاء الله تعالى، وذلك من رحمته سبحانه بعباده، حيث قال سبحانه: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث، وذكر منهم: النائم حتى يستيقظ" رواه النسائي.
وبهذا الحديث تعلمين عدم المؤاخذة -إن شاء الله تعالى- على فوات الصلاة بسبب النوم ما دمت قد بذلت كل ما في وسعك، لكن عليك ألا تيأسي من تكرار المحاولة كل ليلة حتى يفتح الله ويمنَّ عليك بالصلاة في وقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/4561)
التعامل مع البنت البالغة التي لا تصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي عمرها 18 سنة، وتتاقعس عن الصلاة، فهل أضربها، وليكن بعلمك أني كلمتها كثيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تتابعي النصيحة لابنتك ولا تيأسي، فإن المداومة وطول النصح والتوجيه، والوعظ بالتي هي أحسن لها أثر ولو بعد حين، وبإمكانك أن تستخدمي معها بعض الوسائل الأخرى، مثل: عدم مباسطتها وحرمانها من عاطفتك، وقطع المساعدات المالية عنها، ولك أن تضربيها إن كان ذلك يجدي، ولكن الأسلوب الأنفع بإذن الله هو النصح والترغيب والترهيب والوعظ ببيان ما يترتب على المحافظة على الصلاة من الثواب عند الله تعالى، وما يترتب على تركها من العقاب، ولمعرفة حكم تارك الصلاة، وبيان عقوبته في الدنيا والآخرة ونحيلك على الفتوى رقم: 6061 - والفتوى رقم: 15037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1423(11/4562)
ترك الصلاة على قسمين
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو تارك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك الصلاة على قسمين أولهما: أن يتركها بالكلية فلا يصلي الصلوات الخمس ولا الجمعة ولا غير ذلك، والثاني: أن يصلي بعضاً ويترك بعضاً، أو يصلي أحياناً، ويترك أحياناً. وقد سبقت لنا فتاوى في حكم تارك الصلاة وهي بالأرقام التالية: 5259 512 1145
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(11/4563)
الجنابة ليست من أعذار ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من ترك الصلاة لعذر أي يعني على جنابه؟ صفه الغسل من الجنابه؟ ماحكم الصلاة في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتأخير الصلاة حتى يخرج وقتها من غير عذر شرعي كبيرة من الكبائر يجب التوبة منها والاستغفار من هذا الإثم العظيم، وعلى من أجنب أن يبادر إلى الاغتسال لأداء الصلاة قبل خروج وقتها، فإن لم يفعل مع القدرة فهو آثم، وانظر في حكم تأخير الصلاة بسبب الجنابة الفتوى رقم:
19335.
وفي صفة غسل الجنابة الفتوى رقم:
3791، وفي حكم الصلاة في البيت الفتوى رقم:
5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(11/4564)
القضاء أحوط لتارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[مند فترة عدة أشهر، وأنا على جنابة، ولم أغتسل، ولم أصل طيلة هذه الفترة، فكيف أغتسل عن جميع الجنابات، وكيف أقضي الصلوات الفوائت، ولا أعرف عددها، وكيف أتوب، وأنا على أبواب شهر رمضان جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب عدد من محققي العلماء وقبلهم جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تارك الصلاة كافر كفراً يخرجه من الملة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: بين المرء والكفر والشرك ترك الصلاة. أخرجه مسلم عن جابر وغيره.
والكافر عمله حابط، وعلى تارك الصلاة أن يتوب إلى الله من كفره بتركها، وليس عليه قضاء الفوائت من الصلوات.
فاحمد الله تعالى أن ألهمك رشدك، ووفقك إلى التفكير في التوبة، وبادر بأداء الصلوات في أوقاتها، وأكثر من النوافل، رجاء أن يتجاوز الله عنك، وإن قضيت ما عليك من الصلوات كان أحوط، وأبرأ للذمة، وانظر الفتوى رقم:
512 6061
وأما بخصوص الاغتسال فيكفيك أن تغتسل الآن من الجنابة وتبدأ الصلاة فتصلي كل وقت في وقته المقدر شرعاً، وعليك بالمبادرة بالغسل كلما حدثت لك جنابة، ولا تجعل ذلك عائقاً لك عن الصلاة في وقتها، إذ أن الجنابة وكثرتها ليست عذراً في ترك الصلاة أو في تأخيرها عن وقتها، ولتتق الله ولتستقم قبل أن يفجأك الموت هادم اللذات ومفرق الجماعات، وفقك الله لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(11/4565)
كثيرا ما ينسى فعل الصلاة في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص دائما أنسى الصلاة في أوقاتها، ودائما ما أكون متعباً ومريضاً، سؤالي ما حكم من صلى الظهر والعصر جمعا، وأيضا المغرب والعشاء في كل مرة تفوتة صلاة عن وقتها، وما عدد ركعات صلاة الجمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها فالصلاة عمود الإسلام، وهي الفارق بين الإسلام والكفر، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.
ولا تسقط عن المسلم بحال ما دام يعي ويعقل، وإذا كان مريضاً صلى على قدر استطاعته قائماً أو جالساً أو قاعداً أو على جنب أو مستلقياً؛ لما رواه البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب.
وأما التكاسل عن أدائها فهو صفة من صفات أهل النفاق، قال الله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:142] .
وقد توعد الله هؤلاء بالويل، فقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:5] .
وهم الذين يؤخرون صلاتهم إلى آخر وقتها، أو يصلونها بعد انقضاء وقتها، وقد جاء في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق.. يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله إلا قليلاً.
فينبغي للمسلم أن يكون متعلقاً بالصلاة فإذا حضر وقتها قام إليها بجد ونشاط ورغبة في مناجاة ربه ومولاه.
وأما نسيان الصلاة بغير تعمد كنوم أوغفلة.. فهذا قد يقع أحياناً، فمن أصابه شيء من ذلك لزمته الصلاة إذا ذكر أو قام من نومه؛ لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة له إلا ذلك. رواه مسلم.
وأما الجمع بين الصلاتين فيكون بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً، وأما الفجر فتصلى في وقتها فلا تقدم ولا تؤخر. فيجمع بين الصلاتين للعذر كالسفر والمطر، وجوز الحنابلة وبعض الشافعية الجمع للمريض الذي يشق عليه تأدية كل صلاة في وقتها؛ لما رواه مسلم عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته.
وكذا من فاتته صلاة بعذر كنوم أو نسيان فلم يتذكر أو يَصْحُ إلا في وقت الصلاة الثانية فليصلِّ الأولى في وقت الثانية ولا حرج عليه في ذلك للحديث السابق.
وأما عدد ركعات الجمع فهي نفسها عدد ركعات الصلاة كاملة، فتصلي الظهر أربعاً والعصر أربعاً والمغرب ثلاثاً والعشاء أربعاً، ما لم يكن ذلك في السفر، فتقصر الرباعية إلى ركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/4566)
الصلاة الخاشعة تبعد عنك وسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت الصلاه لأني كل مرة أقف أمام الله، ينشغل فكري بأحد أعمال الشيطان، فما العمل أسعفوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي ركن الدين الثاني بعد الشهادتين، وهي عمود الدين.. ولذلك فإن بعض العلماء كفر تاركها، سواء كان ذلك جحودا لوجوبها أو كسلاً عنها، وفي صحيح الإمام مسلم: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة.
وأخرج أصحاب السنن: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
فعليك بالمبادرة بالتوبة النصوح، والإنابة إلى الله تعالى، لأنك لو مت على هذه الحال، كنت من الخاسرين، لأن مفتاح النظر في جميع أعمال العبد كلها هو الصلاة.
وإياك واليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى، فإن الله تعالى يقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وانظر فيما يتعلق بانشغال فكرك بأعمال الشيطان الفتوى رقم: 1406.
ثم إن عليك المبادرة إلى قضاء ما في ذمتك من الفرائض دون تراخ.
واعلم أن تركك الصلاة ليس هو الحل لإزالة ما ينتابك من الأفكار بل أنت بذلك تعين الشيطان على نفسك، وتمكنه من زمامك، ولذا فالواجب عليك سرعة المبادرة إلى فعل الصلاة ومجاهدة نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/4567)
الأكل من طعام من لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ لا يصلي، هل يجوز الأكل من الأشياءالتي يحضرها إلى البيت؟ والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الأكل من طعام من لا يصلي.. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل من طعام المشركين، كما قبل ضيافة امرأة يهودية؛ كما في صحيح البخاري وغيره.
ولكن يجب نصحه بالمحافظة على الصلاة والحذر من تركها، لقوله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". رواه أحمد والترمذي والنسائي من حديث بريدة رضي الله عنها، ولقوله صلى الله عليه وسلم (بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم. لكن إن نصحته فاستمر على ترك الصلاة، ورأيت أن هجره سيدعوه إلى أداء الصلاة، فاهجره وأعرض عن طعامه وزيارته، لعل الله أن يهديه ويصلح حاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/4568)
لا خير في عمل يشغل عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في أمريكا أعمل عملاً لا يوجد فيه وقت وأنا مقصر في الصلاة، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة ركن عظيم من أركان الإسلام من تركها فهو كافر، وقد توعد الله تاركيها والمتكاسلين عنها والمفرطين فيها بأليم العقاب وشديد العذاب، فقال عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] . والغي واد في جهنم
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون4-5] .
وشرع الله تعالى الصلاة في جماعة، لتكون دافعاً للمسلم على أدائها في أول وقتها، والحرص على القيام بها، ولا تسقط الصلاة عن المسلم بحال من الأحوال سواء كان مسافراً أم مقيماً، صحيحاً أم مريضاً.
وبناء على هذا؛ فالواجب على الأخ السائل الحرص على الصلاة في أوقاتها والمداومة على ذلك، قال الله عز وجل: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] . واليقين هو الموت.
أما بالنسبة للعمل الذي يشغلك عن الصلاة فلا خير فيه، والواجب عليك تركه والبحث عن غيره لتتمكن فيه من أداء الصلاة في أوقاتها.
والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(11/4569)
زحمة العمل لا تسوغ التهاون في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 20عاما وكنت فيما سبق لا أستمع إلى الأغاني والآن اشتغلت في إنترنت ولا أستطيع أن أجلس إلا إذا سمعت الأغاني وأتهاون بالصلاة لأنه في وقت الصلاة يكون هنالك زحمة في الشغل والعشاء لا أصليه إلا في منتصف الليل؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم أخي الكريم أن سماع الأغاني من المحرمات كما هو موضح في الفتوى رقم: 978 فعليك أن تتوب إلى الله من سماعها، وتقلع عن ذلك، ومن وجد وقت فراغ فليستثمره في ذكر وقراءة قرآن أو طاعة، فالمسلم مسؤول عن كل لحظة من حياته.
وأما تضييع الصلاة والتهاون في أدائها فإنه يعد من كبائر الذنوب، وقد توعد الله سبحانه وتعالى من يسهو عن صلاته ويؤخرها بقوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون] .
وجعل ذلك من صفات المنافقين قال تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142] .
فيجب عليك أن تؤدي الصلاة في وقتها، ومع جماعة المسجد، إلا لعذر، وما ذكرته من زحمة العمل ليس عذراً شرعياً.
ومثل هذا العمل الذي أصابك بفتور في دينك وحملك على سماع الحرام والتفريط في فرائض الله لا خير فيه، فإن صلح حالك واستقام أمرك فلا حرج عليك في البقاء بهذا العمل إذا التزمت بالشروط الشرعية للعمل في مقاهي الإنترنت والمبينة في الفتوى رقم: 3024، والفتوى رقم: 6075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/4570)
لا بأس بمساعدة الولد ماليا وإن كان لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل يعمل فيه ولدي مسئولاً مباشرا عنه، المحل بحاجة إلى تحسينات تتكلف مبلغا من المال. وابني مؤتمن على المال نشيط يخاف الله ولا يتعاطى المحرمات ولا يرتكب المعاصي (على حد علمي) وسمعته وسمعتنا بين الناس ولله الحمد حسنة، وكل ما في المحل حلال ولكنه لا يصلي لا إنكارا لوجوبها بل كسلا وتراخيا والسؤال يا سيدي هل يجوز لي شرعا أن أعطيه المال اللازم لعمل التحسيبنات اللازمة للمحل على أمل أن يتحسن ويبدأ في تحقيق الربح حيث المحل بالوضع الحالي لا يدر ربحا بل ويحقق خسائر. فهل يجوز لي شرعا أن أدعمه بالمال اللازم وأنا على علم بأنه لا يصلي؟
بارك الله فيكم وتقبلوا خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك إن أعطيت ولدك الذي لا يصلي مالاً على سبيل المساعدة حتى تتحسن تجارته، وتعود عليه بالربح بإذن الله تعالى ما دمت يغلب على ظنك أن ذلك ينفعه وليس فيه إضاعة للمال، ولتجعل من ذلك مطية لنصيحته ودعوته إلى الله لكي يعود إليه، ويصل نفسه به، بالصلاة له تعالى، وذكِّره بأنه على خطر عظيم بتركه للصلاة التي هي عماد الدين، والتي من تركها فقد هدم الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ضيعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة."
بل إن تركه للصلاة قد يكون سبباً لما يعيش فيه من ضنك وحرمان من الرزق، فعن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه." رواه أحمد وابن ماجه، وقال الألباني: حسن؛ دون: " وإن الرجل...."
ونوصيك بكثرة الدعاء لولدك بالهداية ونسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليه وعليك وسائر المسلمين بالهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/4571)
حكم تأخير الصلاة من أجل الدرس الخصوصي
[السُّؤَالُ]
ـ[تفوتنا الصلاة ونحن بالدرس الخصوصي، ماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بفوات الصلاة من أجل الدرس الخصوصي، هو تأخيرها حتى يخرج وقتها فهذا حرام، بل كبيرة من الكبائر، فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وهو من إضاعة الصلاة التي توعد الله عليها بقوله سبحانه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها. وكذلك جاء عن جماعة من السلف في تفسير قول تعالى من سورة الماعون: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
أن معناه الذين يتهاونون فيها ويؤخرونها عن وقتها، فإن كان الأمر كذلك فعليكم بالتوبة إلى الله تعالى وعدم التهاون فيها.
وإن كان المقصود بفوات الصلاة فوات صلاة الجماعة عليكم، فإن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان على الراجح من أقوال العلماء، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وذهب الشافعية إلى أنها فرض كفاية، وذهب والمالكية إلى أنها سنة مؤكدة، والراجح أنها فرض عين على الرجال العاقلين البالغين الأحرار القادرين عليها من غير حرج، وذلك لأدلة كثيرة منها قول الله تعالى في سورة النساء آية 102 (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ... ) الآية وفي سورة البقرة: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِين [البقرة:43] .
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم. أخرجه البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والترمذي والنسائي.
ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في ترك صلاة الجماعة للأعمى الذي ليس له قائد يقوده للمسجد كما هو في صحيح مسلم وسنن أبي داود، فدل على وجوبها، فعليكم أن تتقوا الله وتتوبوا من تأخير الصلاة، وتختاروا للدرس وقتاً لا يتعارض مع وقت صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/4572)
حكم ترك الصلاة بعد التعرض لعاهة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي خالة تبلغ من العمر التسعين عاما العقل عندها سليم جدا ولكنها لا تذكر الله ولا تصلي لا تعرف إلا الشتائم مع العلم أنها كانت تذكر الله وتصلي قبل أن تتعرض إلى إصابة في رجلها ما تقول في هذا؟ أرشدوني ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان تلك المرأة سليمة العقل -كما ذكرتم- وهي تاركة للصلاة فإنها على خطر عظيم، فالراجح والذي يدعمه الدليل هو أن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة والعياذ بالله، فيجب عليكم توجيهها ونصحها بالمبادرة إلى التوبة قبل أن تموت على هذه الحالة السيئة، ولمزيد الفائدة عن حكم تارك الصلاة يراجع الجواب رقم:
1145 والجواب رقم: 5259
وبما أن ترك الصلاة وسوء الخلق طارئ على هذه المرأة بعد تعرضها لإصابة في الرجل فنرجو أن يكون هذا الترك ناشئاً عن فقدان وعي ونحوه، وعلى كل حال فيجب عليكم مواصلة نصحها وإرشادها.
نسأل الله عز وجل حسن الخاتمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/4573)
كيف تواظب على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمته وبركاته
أنا شاب أريد أن أبقى على دوام الصلاة، فأنا لا أصلي باستمرار، أريد أن أصلي على طول، فأنا عندما كنت ألتزم الصلاة فترة أسبوع، أو اثنين، بعدها أرجع إلى ما كنت عليه، لا أصلي، فأرجو أن تفيدوني، لماذا يحصل معي هذا، فأنا أريد وبشدة أن أداوم على الصلاة، وأريد الحل منكم فأنا لم أدر لماذا يحصل هذا معي، ومرة أخرى أريد الشفاء في الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك الصلاة أمر خطير فالصلاة ليست أمراً اختيارياً يفعله الإنسان إذا أراده وسهل عليه، ويتركه إذا لم يوافق هواه، إن ترك الصلاة كفر أكبر على ما رجحه جماعة من أهل العلم.
ولا شك أن من بقلبه مثقال ذرة من إيمان إذا عرف أن الأمر يدور بين الكفر الموجب للخلود في النار وبين كونه كبيرة من أكبر الكبائر يقتل صاحبها، وصدق بذلك سوف يبادر بالتوبة منه والإقلاع عنه، فعليك أخي بمراقبة الله عز وجل، والخشية من عقابه، والبعد عن التعرض للوعيد الذي لا تقدر على تحمله، ولعلاج الكسل والخمول يراجع الفتوى رقم:
10943.
ولمعرفة مزيد عن حكم تارك الصلاة يراجع الفتوى رقم 6061.ومما يعينك على المحافظة على الصلوات ما يلي:
1- الذهاب إلى المسجد وأداء الصلاة فيه جماعة مع إخوانك المسلمين ففي ذلك تشجيع كبير لك على أداء الطاعة.
2- مرافقة الصالحين الأخيار الذين يحبون الصلاة ويحثونك عليها. والبعد عن مرافقة الأشرار التاركين للصلاة.
3- تغيير المسكن والبئية إذا كانت لا تعينك على أداء الصلوات في أوقاتها، والبحث عن مسكن قريب من المسجد ما أمكن.
4- تذكر فضائل الصلاة وعظمتها وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وعظم ذنب تاركها وسوء عاقبته يعينك على المحافظة على الصلاة ونسأل الله لك التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/4574)
ارتكاب المعاصي كـ (الاستمناء) لا يسوغ ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة لمن يفعل العادة السرية بصفة مستمرة افادكم الله من علمه ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الاستمناء وهو ما يسمى بالعادة السرية في الجواب رقم: 7170 فليرجع إليه.
وأما عن حكم الصلاة فإن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل لا تسقط بحال، وقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم حداً بين الإسلام والكفر، فقال صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم.
فلا يجوز التهاون بالصلاة تحت أي عذر كان من مرض أو سفر أو خوف، وأما ارتكاب المعاصي كالاستمناء أو غيره فإنه ليس عذراً يسوغ ترك الصلاة، بل يجب على العصاة المبادرة إلى إقامة الصلوات والمحافظة عليها في جماعة المسلمين، ويجب عليهم ألا يزيدوا إلى المعصية معصية أكبر منها.
ومن استمنى ثم أراد الصلاة فعليه أن يغتسل غسل الجنابة أولاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/4575)
تأخير الصلاة أو تقديمها لا يصح إلا في حالات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا أحمد طالب في سويسرا
أخرج كل يوم من المنزل الساعة 7 صباحا، وأعود حوالي الساعة 6 مساءً،. فلا يمكنني أن أؤدي فريضة الصلاة حتى أعود إلى المنزل، علما أنني أدرس بعيدا عن المنزل. فماذا تقولون في هذا وهل يمكنني أن أصلي صلاة الفجر قبل الوقت؟ وأخيرا هل يجب عليًّ أن أصلي كل الصلوات قبل الإفطار أو العكس؟.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن الله قد أمر عباده بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها فقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] .
وقال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء: من الآية103] .
وجعل المحافظة عليها صفة لازمة للمؤمنين، فقال عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:9] .
وتوعد من لم يحافظ عليها في أوقاتها فقال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5] .
وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه عن مصعب بن سعد قال: قلت لأبي: أرأيت قول الله: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ أينا لا يسهو، وأيُّنا لا يحدث نفسه؟ قال: إنه ليس ذلك، إنه إضاعة الوقت.
واتفق العلماء على أن المحافظة على الصلاة في أوقاتها أعظم فرائض الإسلام بعد الشهادتين، فيجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها ولا تقدمها ولا تؤخرها عن وقتها، فإذا لم تجد مسجداً فصلِّها في أي مكان،
قال صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ. متفق عليه.
واعلم أخي بأن شأن الصلاة عظيم، فهي أول ما يحاسب عليه المرء من عمله يوم القيامة، أخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بها فقال: إن بين الرجل وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة. أخرجه مسلم.
ولهذا يجب الاعتناء الكامل بها وعدم تأخيرها عن وقتها، إلا في حالة يجوز فيها الجمع بين الصلاتين لعذر كمرض أو سفر، فيجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، ويجمع بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وما عدا ذلك فيجب أن يؤدى في وقته ولا يجوز تأخيره أو تقديمه، ولا علاقة لذلك بكونه قبل الإفطار أو بعده، ولا تجوز صلاة الفجر ولا غيرها من الصلوات قبل وقتها، وعليك المبادرة بالتوبة من تأخير الصلوات، ومتى فاتتك صلاة لنوم أو نسيان فعليك المبادرة بالقضاء على الفور بمجرد الاستيقاظ أو التذكر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(11/4576)
تارك الصلاة بالكلية أو أحيانا كلاهما على خطر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصلي الواحد، ولكن، ينقطع لأيام ثم يرجع إلى الصلاة؟؟ وهل صحيح أن الذي لا يصلي أفضل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المسلم ترك الصلاة لبعض الأيام أو الأوقات أو في مرة واحدة، وهذا من كبائر الذنوب، ومن العلماء من عدّه كفراً مثل ترك الصلاة بالكلية، فإذا كان الله تعالى قد توعد الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ويتهاونون فيها بالويل والهلاك، فما الظن بمن تركها لعدة أيام؟ قال سبحانه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5] . وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
فالواجب على المسلم المحافظة على الصلوات كما قال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] .
ولا يقال: إن الذي لا يصلي أصلاً أفضل ممن يصلي بعض الأحيان، ولكنهما جميعاً على خطر عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(11/4577)
إطلاق الكفر على تارك الصلاة هل يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تكفير تارك الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم تارك الصلاة في الفتاوى التالية: 1145 5259 6061
أما بالنسبة لتكفير تارك الصلاة المعين فإنه لا بد فيه من توفر الشروط وانتفاء الموانع، وراجع لزاماً الفتوى رقم 721
والفتوى رقم 12800
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/4578)
وسائل مساعدة للاستيقاظ لأداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أضبط المنبه لكي أصلي صلاة الفجر وعندما يرن المنبه أقوم بغلقه ما هو العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك هو أنك تقوم بإغلاق المنبه قبل أن يتم استيقاظك، وبالتالي فإنك تعود إلى النوم وتفوتك الصلاة، فينبغي ألاّ تضع المنبه قريباً منك، وفي متناول يدك حتى تغلقه، وأنت لم تستكمل انتباهك من النوم، فإذا وضعته بعيداً فلا يمكن أن تغلقه إلا إذا قمت إليه، وهنا يحصل المقصود وهو الاستيقاظ الكامل، وبإمكانك أن تستخدم منبهين إذا كان نومك ثقيلاً، أو توصي بعض إخوانك المحافظين على صلاة الفجر بالاتصال بك على الهاتف.
أو توصي المؤذن أو الإمام في مسجدكم أو غير ذلك من الوسائل، وإذا كنت تقصد غير ذلك، فالرجاء بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/4579)
من مات وهو لا يصلي هل عليه كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تبلغ 82 سنة وهي ملازمة الفراش لمرضها ولا تصلي ولم تكن تصلي منذ فتره طويلة قبل مرضها رغم محاولاتي معها وكانت تقول إن الصلاة صلة بين العبد وربه وهو يعلم مدى حبي له أنا أخشى عليها من الحساب خاصة وأنها الآن في حالة عدم إدراك كامل بسبب المرض فهل يوجد كفارة أو ماذا أستطيع أن أفعل لها وقد تركت مبلغاً من المال كصدقة جارية بعد وفاتها فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ترك والدتك للصلاة حال صحتها وقدرتها عليها كبيرة من أعظم الكبائر، بل كفرٌ عند طائفة من أهل العلم، لحديث: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".
أما الآن، وقد بلغت من المرض حداً جعلها تفقد عقلها، فإن الصلاة لا تجب عليها في هذه الحالة.
يقول الإمام النووي في المجموع: وأما من زال عقله بجنون أو أغماء أو مرض فلا (أي فلا تجب عليه الصلاة) ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة" فنص على المجنون، وقسنا عليه كل من زال عقله بسبب مباح، وإذا أفاق فلا قضاء عليه بلا خلاف، سواءٌ قل زمن الجنون والإغماء أو كثر. الجزء الثالث من المجموع.
وأما هل هناك كفارة؟ ففي مثل هذه الحالة لا كفارة، فإنه من مات وعليه صلاة لم يفعلها عنه وليه، ولا تسقط بالفدية.
وعليك، بكثرة الاستغفار لها والتصدق عنها، وما تركته من مال كصدقة جارية يجب صرفه إلى الجهة التي أوصت به لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/4580)
بذل الوسع مع الزوجة المتهاونة بالصلاة وإلا فيتعين الكي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم: عندي زوجة متهاونة في الصلاة ونصحتها وهددتها بأني سأتزوج دون فائدة ماذا أفعل أرجو أن تجيبوا علي بالذي ينفعني في ديني ويهديها إن شاء الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجعل الله تعالى الرجل قيماً على المرأة فقال (الرجال قوامون على النساء) يقول الجصاص في تفسير الآية: تضمن قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء) قيامهم عليهن بالتأديب والحفظ والصيانة ا. هـ
واعلم أن أمر زوجتك بالمعروف، وعلى رأسه الصلاة، واجب عيني عليك. يقول النووي وهو يتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ثم إنه قد يتعين.. كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف شرح مسلم 1/51.
فإذا بذلت وسعك في النصيحة لها ثم أبت إلا الإصرار على تضييع حق الله تعالى، فاهجرها في المضجع، ثم اضربها ضرباً غير مبرح، فإن لم ينفع شيء من ذلك فمفارقتها خير من معاشرتها، يقول ابن مسعود: لأن ألقى الله تعالى وصداقها (الزوجة) بذمتي خير من أعاشر امرأة لا تصلي.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/4581)
السهر للدراسة لا يبرر التأخير عن صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنام على الساعة 12 ليلا عند الدراسة لكثرة واجباتي وأستيقظ عند الساعة 7. فهل يجب علي أن أعدل المنبه للنهوض لأصلي صلاة الصبح وإن وجب فهل تجب علي صلاة الصبح في جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سهرك لا يسوغ لك ترك صلاة الفجر أو تأخيرها عن وقتها بل إن ذلك من عظائم الذنوب، وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
18863
17771
2531.
فيجب عليك الأخذ بالأسباب المعينة على قيامك لصلاة الفجر مثل المنبه وإخبار من يوقظك والنوم المبكر ونحو ذلك، وصلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال العلماء سواء في ذلك صلاة الفجر أو غيرها، بل إن التخلف عن صلاة الفجر في جماعة يعد من صفات المنافقين، وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
5153
15661
13864
12634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(11/4582)
هل يجوز ترك الصلاة خوفا من الرياء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يأمرني أن أصلي وأنا عندما أريد أن أصلي أرى والدي يراقبني فأترك الصلاة خوفاً من الرياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تترك الصلاة بحجة أنك تخاف من الرياء، واعلم أن ذلك من وسوسة الشيطان يريد أن يصدك عن طاعة الله، فأرغم أنفه، وحافظ على صلاتك، وإن رآك أبوك أو غيره، واعلم كذلك أنه كما أن العمل لأجل الناس ممنوع، فكذلك ترك العمل لأجلهم، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: (ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/4583)
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من صلى من النساء متأخرا بسبب السهر في الليل (كصلاة الظهر مثلا يؤذن الساعة,12,15 وتصلى الساعة الثانية بعد الظهر) وجزاكم الله خيرا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الصلاة أن تؤدى في وقتها، لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء: من الآية103) ولا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لعذر، ومن هذه الأعذار النوم، فمن نام عن صلاة فإنه يجب عليه أن يصليها إذا استيقظ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه: " أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى. فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه ".
وينبغي للمسلم اتخاذ الأسباب التي تعينه على الاستيقاظ لأداء الصلاة في وقتها، ومن ذلك: عدم تعمد أو اعتياد السهر.
واستعمال وسائل التنبيه إلى غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(11/4584)
تراعى المصلحة في هجر تارك عماد الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم العيش مع من لا يصلي في بيت واحد مع العلم أنني بذلت جهدي بالنصيحه والدعاء له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي عماد الدين، وأفضل ركن بعد الشهادتين، وترك الصلاة إثم عظيم، وذنب كبير، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى خروج تارك الصلاة من الملة، ومذهب جمهور أهل العلم عدم خروجه من الملة، وعلى كلا القولين فهو عاص آثم، فلا تجوز مخالطته أو مساكنته في بيت واحد، ما دام لم ينفعه النصح، إذا كنت ترجو أن ينفعه الهجر، أما إن كان يغلب على ظنك أن الهجر يزيده عناداً، فالأولى السكن معه ومواصلة بذل النصح له. وللمزيد راجع الفتوى بالرقم 7376
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/4585)
لا خير في عمل يشغل عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[مصلي يعمل في مصنع، عند مسلم، منع صاحب المصنع أن تؤدى الصلاة في أوقات العمل.
السؤال: هل على العامل أن يصلي ويخالف قوانين صاحب العمل؟ مع العلم أنه إذا خالف سيطرد؟
والعمل قليل في البلاد. ولكم مني كل التقدير. وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مما يثير العجب والدهشة، أن يوجد في المسلمين من يمنع غيره من الصلاة، بحجة تأثيرها على العمل، وهو يعلم أن الصلاة فريضة لا تسقط عن المسلم بحال، وأن تاركها كافر عند كثير من العلماء، وأنها طاعة من الطاعات التي تجلب الأرزاق، وتطرد الفقر، والعيلة، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] .
وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف:96] .
وقال تعالى عن أهل الكتاب: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [المائدة:66] .
وقد ذم الله تعالى الناهين عن الصلاة بقوله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى*عَبْداً إِذَا صَلَّى [العلق:9] .
وذم المنافقين والناهين عن الطاعات عموماً فقال: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوف [التوبة:67] .
وأي منكر أعظم من الأمر بترك الصلاة والنهي عن فعلها.
ولذلك فإننا نوصي صاحب هذا المصنع بدعوة عماله إلى الصلاة، وبها يعم عليه وعليهم الخير إن شاء الله تعالى.
ونقول للسائل: إذا كان هذا الرجل يمنعك من الصلاة تماماً حتى يخرج وقتها فلا خير في هذا العمل، ويجب عليك أن تتركه وتبحث عن غيره، أما إذا كان يترك لك فرصة للصلاة في محل العمل، ولو لم يكن ذلك في أول وقت الصلاة، فيمكنك الاستمرار معه في العمل، لكن ينبغي لك أن تبحث عن عمل آخر، تتمكن فيه من أداء الصلاة في جماعة، لأن المداومة على ترك الصلاة في جماعة، فيها خطر على إيمان المرء لا سيما مع القول بوجوب الصلاة في جماعة للقادر عليها وهو الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(11/4586)
السلوك الأمثل في التعامل مع الابن التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني الكبير (أولى جامعة) تارك للصلاة ونصحته مرراً ولكن لا جدوى، ما العمل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تتابع النصيحة لهذا الابن -نسأل الله له الهداية ولك التوفيق- ولا تيأس فإن المداومة وطول النصح والتوجيه والوعظ بالتي هي أحسن.. بتبيين ما يترتب على المحافظة على الصلاة من الثواب عند الله تعالى، وما يترتب على تركها من العقاب.... كل ذلك من أعمال الخير، ومن أمور الدعوة التي هي أفضل الأعمال وأعظم القربات عند الله تعالى.. وهذا بالنسبة لعامة الناس، فما بالك بالولد وفلذة الكبد، لا شك أن الأمر أشد تأكيداً وأعظم أجراً....
وقد قال صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم. رواه البخاري ومسلم.
وبإمكانك أن تستخدم معه بعض الوسائل الأخرى، مثل: عدم مباسطته وحرمانه من عاطفتك الأبوية..... ومن قطع المساعدات المادية...... إذا كان ذلك يجدي.
ولكن الأسلوب الأهم هو النصح والترغيب والترهيب والوعظ.
ولتبيين حكم تارك الصلاة، وبيان عقوبته في الدنيا والآخرة نحيلك إلى الفتوى رقم:
6061 والفتوى رقم: 15037
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(11/4587)
ذبيحة من لا يصلي ... هل تعتبر حلالا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد:-
من العلم أن ذبيحة الذي لا يصلي ترد عليه، وفي الدول الإسلامية والعربية يشرف على الذبائح نسبة من الذباحين غير المصلين وهناك المصلون كما هو الحال عندنا (تركيا) ، وندخل السوق (سوبر ماركت) يكون اللحوم مخلطة بين ذبائح غير المصلين وغيرهم من المسلمين كما هو الحال بتقسيم الأيدي لوحدها والأرجل والصدور والظهور....الخ, فما حكم الأكل من هذه اللحوم؟ وهل هي شبهة؟ وإذا كانت شبهة فما الحكم؟ رغم أنني في ورطة وحيرة من ذلك، وأصبح لي ما يقرب ستة اشهر لا أتناول اللحوم أفيدونا مأجورين وجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك الصلاة -كسلاً وتهاوناً- كفر على الراجح من قولي العلماء، لكن الأصل هو حل ذبيحة كل من ينتمي إلى الإسلام حتى يثبت له حكم الكفر عيناً. فمن علم أنه تارك للصلاة، وأقيمت عليه الحجة واستمر على الترك، فهذا هو الذي لا تحل ذبيحته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4588)
أمور تعين على أداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عمري 13 سنة أريد أن أقول إن أبي لا يصلي ولا أخي ولا أنا ولا أختي الكبيرة فماذا علي أن أفعل لكي يهديني الله ويهديهم؟
أفيدونا أفادكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي عمود الإسلام، وأهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت فقد أفلح ونجا، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
وترك الصلاة كفر، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".
وأكثر أهل العلم على وجوب قتل تارك الصلاة، وذهب بعضهم إلى خروجه عن دائرة الإسلام.
إذا ثبت هذا فنقول: إن مما يعين على أداء الصلاة:
أولاً: استحضار المعاني السابقة من أهمية الصلاة ومنزلتها من الدين، وخطورة تركها.
ثانياً: تذكركم نعم الله تعالى عليكم، فهو الذي خلق فسوى، وقّدر فهدى، فالواجب مقابلة ذلك بالشكر، ومن أعظم الشكر خضوع هذه الجوارح بالذكر والركوع والسجود لرب العالمين.
ثالثاً: الخوف من الله تعالى، والبعد عن سوء عاقبة ترك الصلاة، وهو دخول نار جهنم بالخلود فيها أبداً عند بعض أهل العلم.
رابعاً: صدق الرغبة، وسؤال الله تعالى الهداية.
نسأل الله تعالى أن يوفقكم للثبات على الدين، وطاعة رب العالمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(11/4589)
التائب من ترك الصلاة وانتهاك حرمة رمضان بالجماع ماذا يلزمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب التزمت منذ 10 أشهر ولله الحمد سؤالي أنني قبل التزامي جامعت زوجتي في نهار رمضان مع العلم أنني كنت لا أصلي قبل الالتزام إلا إذا حضرت الصلاة وأنا مع ناس يصلون أصلي مجاملة لهم بل ربما يصل الأمر أن أصلي بلا وضوء بل قد أصلي وعلي الحدث الأكبر , وقد سألت أحد المشايخ هل علي كفارة فقال إن علي التوبة فقط لأني كنت في حكم الكافر بتركي للصلاة إلا أنني لم أزال غير مطمئن فأرجو إفادتي بجواب لذلك
هذا والله يحفظكم ويرعاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك الصلاة على قسمين: ترك جحود وصاحبه كافر مرتد بإجماع المسلمين ولا حظ له في الإسلام.
والثاني: أن يكون تركها ترك تكاسل عن أدائها ولكنه مقر بوجوبها.. فهذا فاسق فسقا أعلى ومرتكب لكبيرة عظيمة من أعظم الكبائر.... ويؤمر تاركها بالصلاة فإذا لم يؤدها في الوقت قتل بالسيف حداً لا كفرا.
وهذا مذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الكبار.....
وقال بعض أهل العلم إنه كافر كفرا أكبر مخرجاً من الملة.
ومع أن الجمهور يقولون بعدم كفره كفراً مخرجاً من الملة إلا أنهم يعتبرون ذنبه فوق جميع الذنوب التي لم تصل إلى درجة الكفر.
وبناء على قول الجمهور من عدم كفر تارك الصلاة.... فإن عليك أن تقضي ما فاتك من الصلوات، وعليك كذلك كفارة عن انتهاك حرمة رمضان والجماع في نهاره، والكفارة هنا: صيام شهرين متتابعين، أو عتق رقبة (مملوك) أو إطعام ستين مسكيناً وهو الأفضل عند بعض أهل العلم.
وعليك قبل ذلك وبعده أن تتوجه إلى الله تعالى بالتوبة النصوح وأن تكثر من أعمال البر وأن تجتنب أصدقاء السوء وتستبدلهم بالصحبة الطيبة، فكل ذلك مما يعينك على الخير والاستقامة.
واعلم أخي الكريم أن التوبة تجُّبُ ما قبلها؛ بل تبدل السيئات حسنات. قال الله تعالى في شأن عباد الرحمن: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/4590)
موقف الزوج من زوجته المتهاونة بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شخينا الجليل. أنا شخص متزوج من مدة لا تقل عن عشرة أعوام، ومشكلتي باختصار أن زوجتي لا تقوم بواجب الصلاة، وقد نصحتها مرارا وتكراراً وقد وصل الأمر للمشاكل والتهديد بالطلاق، فتقوم بالصلاة لمدة قصيرة ثم تعود لترك الصلاة مجددا متحججة بعدم قناعتها بالصلاة, علما بوجود 3 أطفال بيننا.
أرجو منكم إبداء الرأي في ذلك، وما هو الواجب القيام به من طرفي تحديدًا. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بالصلاة وينصحها ويبالغ في نصيحتها، فإن لم تصل فعليه أن يطلقها، وطلاقها في هذه الحالة واجب على الصحيح) .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: (عمن له زوجة لا تصلي هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة؟ وإذا لم تفعل هل يجب عليه أن يفارقها أم لا؟
فأجاب -رحمه الله-: نعم عليه أن يأمرها بالصلاة ويجب عليه ذلك؛ بل يجب عليه أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره إذا لم يقم غيره بذلك، وقد قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] .
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] .
وقال عليه الصلاة والسلام: علموهم وأدبوهم.
وينبغي مع ذلك أن يحضها على ذلك بالرغبة كما يحضها على ما يحتاج إليها، فإن أصرت على ترك الصلاة فعليه أن يطلقها، وذلك واجب على الصحيح، وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلي باتفاق المسلمين) . انتهى مجموع الفتاوى 32/277
وإذا كان المراد بقولك: (متحججة بعدم قناعتها بالصلاة) أنها لا تقر بوجوبها، أو تمتنع عن أدائها إباء واستنكاراً فهي كافرة باتفاق العلماء،، ولا يجوز إبقاؤها تحتك لقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(11/4591)
طرد تارك الصلاة من البيت يخضع للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يترك الصلاة عمدا؟ وهل يجب طرده من البيت أو الاستراحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قد سبققت لنا فتويان وهما برقم: 5259، وبرقم: 6061 فيهما تفصيل حكم تارك الصلاة، وأما طرده من البيت أو الاستراحة ونحو ذلك فهو تابع للمصلحة، فإن كان في طرده ردع له وزجر عن ترك الصلاة يجعله يتوب ويؤدي الصلاة طرد، وإن كان طرده يزيد في عتوه وشره فلا يطرد.
ولكن ينصح ويذكر بالله تعالى، وبعقابه لتارك الصلاة في الدنيا والآخرة، عسى الله أن يهديه إلى سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/4592)
هل للعروس أن تترك الصلاة لمدة ثلاثة أيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة على وشك الزواج، وقد سمعت أنه يجوز للعروس عدم الصلاة لمدة ثلاثة أيام، وكذلك عدم الغسل، للاحتفاظ بزينتها، هل هذا صحيح أم لا، وماذا يجب فعله في هذه الفترة، حيث إنني أود المحافظة على رضا الله، وخاصة في بداية حياتي الجديدة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك الصلاة كبيرة من الكبائر، بل ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن من ترك صلاة واحدة متعمداً حتى خرج وقتها فإنه يكفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة. رواه مسلم.
فلا يحل لمسلم أن يترك الصلاة على أي حال من أحواله سواء العروس أو غيرها، وما ذكرت السائلة من أنه يجوز للعروس ترك الصلاة لمدة ثلاثة أيام، لم يقل به أحد من المسلمين، بل الواجب أن تشكر نعمة الله عليها بالزواج بالإكثار من شكره وطاعته، وكذلك يجب عليها إذا أجنبت أو حاضت أن تغتسل الغسل الشرعي، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/4593)
المحافظة على الصلاة في وقتها أولا..وأذكار الصبح والمساء وقتها واسع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال هو: في بعض الأيام تفوت علي صلاة الفجر ولكني عندما أستيقظ من النوم حوالي الساعة التاسعة أقوم بقضائها، وبعدها أٌقرأ أذكار الصباح، هل يجوز ذلك؟ حيث إنني سمعت أن أذكار الصباح تقال عند الفجر..أرجو إفادتي حول هذا الموضوع ... وتحياتي وشكري لفضيلتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تبارك وتعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] . فالواجب على المسلم أن يصلي الصلوات المكتوبة في أوقاتها المقدرة شرعاً.
وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس بأنه لن يلج النار، جاء في صحيح مسلم عن أبي بكر بن عمارة عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فقال رجل: آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، قال: وأنا أشهد أني سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته أذناي ووعاه قلبي.
وأخرج مالك في موطئه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات افترضهن الله عز وجل، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.
فعلى المسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها كما حدده الله سبحانه وتعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز التفريط في الصلاة وإهمالها والتهاون بها حتى يخرج وقتها المحدد شرعاً.
والمنافقون الذين قال الله تعالى عنهم: إنهم في الدرك الأسفل من النار.. يصلون ولكنهم متهاونون بالصلاة متكاسلون عنها، فإذا كان النوم يغلبك فإن عليك أن تستخدم المنبه "فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، وأما أذكار الصباح والمساء فوقتها واسع، ويبدأ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ويمتد إلى الزوال، ويبدأ وقت أذكار المساء من صلاة العصر إلى المغرب ويمتد إلى منتصف الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/4594)
لا خير في عمل يشغل عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل بالليل من الساعة العاشرة إلى الساعة السادسة صباحا فتفوته صلاة الصبح فماذا يفعل علما بأنه لا يستطيع أداءها أثناء العمل وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لهذا الرجل أن يؤخر الصلاة عن وقتها، بسبب هذا العمل فإن الله تعالى أمرنا بالمحافظة على الصلاة في الحضر والسفر والأمن والخوف والسلم والحرب فقال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ*فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً [البقرة:239] .
أي صلوا في حال الخوف والحرب مشاة أو راكبين ولو أدى ذلك إلى صلاة بغير ركوع ولا سجود ولا استقبال قبلة؛ بل ولو بالإشارة والإيماء إذا اشتد الأمر وبلغت الضرورة هذا المبلغ.
فإذا كان الأمر كذلك في حالة الحرب والجهاد، فكيف بحالة السلم والأمن؟! فالواجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يؤدي الصلاة في أوقاتها.
وإذا كان هذا العمل سبباً في تفويت الصلاة فيجب عليه تركه والبحث عن عمل آخر يحفظ له آخرته مع دنياه، فلا خير في عمل يشغل عن الصلاة قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] . وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(11/4595)
التأخر في العمل لا يبرر التهاون بصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، وزوجي لا يصلي صلاة الفجر، وذلك بسبب عمله لوقت متأخر من الليل، حيث حاولت بكل جهدي أن أقوم بايقاظه لصلاة الفجر، ولكن دون جدوى حيث إنه من النوع ذوي النوم الثقيل، وهو يعمل في التجارة ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمهما عمل الإنسان لساعة متأخرة من الليل فلا يسعه أبداً ترك صلاة الفجر، وإنما يحمله على ترك صلاة الفجر قلة التقوى وعدم تقديره لخطورة ما يفعله على دينه.
فعلى الأخت السائلة أن تُذَكرِّ زوجها بالله، وتُعْلِمَه أنه بتركه لصلاة الفجر، بل وبإصراره على ذلك قد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر وهو على خطر عظيم، فعليه أن يتعاطى الأسباب التي تعينه على المحافظة على صلاة الفجر في وقتها من ضبط الساعة (المنبه) على وقت الصلاة، ومن عدم تأخير النوم قدر طاقته، وليستحضر الخوف من عقاب ربه، فإذا أيقظته زوجته للصلاة فمهما كان نومه ثقيلاً فعليه أن ينتبه ملبياً نداء ربه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1423(11/4596)
حكم بقاء الزوجة تحت زوجها التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا والحمد لله قد تبت والتزمت منذ 3 أشهر، وكان زوجي مسافراً وقد أخبرته وتقبل الموضوع، ولكن المشكلة أنه لا يصلي وقد تناقشنا كثيراً، وأنا قد سمعت أنه يجب علي أن أترك المنزل إن هو لم يصلي وأن أفارقه في الجماع، أما سؤالي فهو: أنني بصراحة عندي أبناء ولا أريد أن أتركهم وكذلك فإن حالة أهلي المادية لا تسمح، فإني أريد أن أعرف ماذا علي أن أفعل في هذه الحالة؟ وهل أنا مذنبة إذا رفضت الجماع معه علما بأنني إذا عاندته ورفضت زاد عناده في عدم الصلاة فماذا عساي أن أعمل؟ وكذلك أريد أن أعرف أنا أعلم أنه يبذر الأموال وينفقها في غير مكانها الصحيح (ونحن ولله الحمد حالتنا من المتوسط وما فوق) فهل أستطيع أن أسأل من ورائه أو ماذا أستطيع أن أفعل؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث أصر زوجك على ترك الصلاة فلا يجوز لك البقاء معه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 4510، والفتوى رقم: 5629.
وإنجابك منه وظروف أهلك المادية لا يسوغان بقاءك في عصمته على حاله المذكور، فعليك أولاً بنصحه، فإن تاب وأقام الصلاة فذلك المطلوب ولله الحمد، وإلا فامنعي نفسك منه واذهبي إلى أهلك، فإن صلى ورجع إلى رشده رجعت إليه، وإلا فارفعي أمرك إلى المحكمة الشرعية ولن يضيعك الله، ومن ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً منه.
ويجوز للزوجة أن تسأل عن نفقات زوجها من غير علمه إذا علمت منه إسرافاً وتبذيراً، ولكن ينبغي لها أن تسعى في أن يكون السؤال بطريقة لا تثير بينهما ريبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(11/4597)
كيفية التعامل مع الأخ غير المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا أبي وأخي هداهما الله لا يصليان فماذا يجب أن يكون موقفي أنا وأمي منهما مع العلم أنهما لا يقبلان النصيحة ولا يقتنعان بوجوب الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم تارك الصلاة في فتوى سابقة برقم: 1846، كما سبق بيان كيفية تعامل الأبناء مع أبيهم، والمرأة مع زوجها التارك للصلاة في الفتوى رقم: 9654 فليراجع.
وأما الأخ، فإنه ينصح، وإن أمكن إعطاؤه بعض الكتيبات أو الأشرطة التي فيها بيان حكم تارك الصلاة، أو جمعه ببعض أهل العلم الذين يقيمون عليه الحجة في ذلك--إن أمكن فالواجب فعله، لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإن أصر على ما هو عليه، فينبغي أن يهجر ويترك لعله يرجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(11/4598)
اختيار شيخ الإسلام فيمن ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم تارك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لمسألة حكم تارك الصلاة، ففيها تفصيل فإن تارك الصلاة على قسمين:
الأول: من ترك الصلاة منكراً لوجوبها، فهذا كافر خارج عن دائرة الإسلام يقتل ردة باتفاق العلماء.
الثاني: من ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً، وهذا قد اختلف فيه العلماء على قولين:
القول الأول: أنه لا يكفر كفراً مخرجاً عن الإسلام، وهو مذهب أكثر العلماء.
القول الثاني: أنه يكفر كفرأ مخرجاً عن الإسلام، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد.
من أدلة القول الأول:
1- قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:47] ، فعموم الآية دال على أن تارك الصلاة داخل تحت المشيئة.
2- حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله.
ومن أدلة القول الثاني:
1- قوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] فدلت الآية على أن تارك الصلاة ليس بأخ في الدين فيكون كافراً، وخرجت الزكاة عن هذا الحكم ببعض النصوص.
2- الحديث الذي رواه أحمد والترمذي عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
والذي يترجح عندنا - والله أعلم- هو أن من ترك الصلاة بالكلية فإنه كافر، لأن هذا هو الذي يصدق عليه أنه تارك للصلاة، أما من يصلي أحياناً فلا يكفر؛ وإن كان على خطر عظيم.
لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من آتى بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة. رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(11/4599)
يؤخر صلاة المغرب لأجل لعب كرة القدم
[السُّؤَالُ]
ـ[ألعب كرة القدم من بعد العصر إلى أذان المغرب في بعض الأحيان أصلي بعد الانتهاء من لعب الكرة وفي بعض الأحيان في المنزل بعد عشر ساعة من انتهاء الصلاة في المسجد وفي بعض الأحيان أصليها مع صلاة العشاء , هل علي شيء في ذلك أفيدوني مأجورين؟ وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم لكل مسلم أن الله افترض على عباده فرائض وأمرهم بالمحافظة عليها ونهاهم عن إضاعتها، وحدَّ لهم حدوداً وأمرهم أن لا يعتدوها. وكان أعظم ما افترض عليهم بعد الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم إقامة الصلاة والمحافظة عليها.
وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة الآمرة بإقامتها والمحافظة عليها والمحذرة من الإخلال بها. وأجمعت الأمة على عظيم خطرها وجلالة شأنها وذم من تركها أو تهاون في أمرها. وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم عماد الدين ففي الترمذي من حديث معاذ بن جبل قال صلى الله عليه وسلم: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة. وجعلها صلى الله عليه وسلم الفرقان بين الإسلام والكفر حيث قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي.
وحيث إنك تفرط في أدائها في جماعة بل وتؤخرها أحياناً حتى يخرج وقتها فإنك اقترفت جرماً عظيماً وخطيئة كبيرة في سبيل اللهو واللعب، وهذا استخفاف منك بأوامر الشرع وفرائضه حيث قدمت لهوك ولعبك عليها، فهدمت بذلك عمود الدين وضيعت علامة الإيمان، فعليك بالمبادرة إلى التوبة النصوح والمحافظة على الصلاة في وقتها وأدائها جماعة في المسجد قبل أن يهجم عليك الموت، فيمضي العمر وتفوت الفرصة وتندم ولات حين مندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(11/4600)
كيف تؤدى الصلاة في مثل هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل وأدرس في نفس الوقت وأواجه مشكلة في الصلاة حيث أني أصلي الظهر قبل أن أتوجه إلى الجامعة ولكن للأسف الشديد لا يوجد في الجامعة مكان للصلاة فيه ويحين وقت الصلاة وأنا فيها بالإضافة إلى أن وقت صلاة المغرب يحين وأنا ما زلت في الجامعة والعشاء يؤذن قبل أن أصل البيت (وأنا في الطريق) فبيتي يبعد عن مكان عملي ودراستي مسافة 50 كيلو متراً والذي نعاني منه في بلادنا عدم تخصيص مرافق خاصة للسيدات في كل الجامعات والمعاهد للوضوء أو مصليات للصلاة فماذا أفعل حتى لا تفوتني الصلاة؟
شاكرين لكم تعاونكم وحفظكم الله للإسلام والمسلمين وفقنا الله وإياكم.
أختكم في الله إيناس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي فذكر منها: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل"> رواه الشيخان.
فإذا حضرت الصلاة، فابحثي عن مكان طاهر وصلي فيه، ولو كان في موقع عملك، وإياك أن تؤخري الصلاة عن وقتها، فإن من أخر صلاة حتى خرج وقتها بغير عذر شرعي فهو في حكم التارك، ولكن إذا خفت من خروج الوقت فأديها على الحالة التي أمكنتك، ولو اقتضى ذلك أن تؤديها بالتيمم إن لم تجدي ماء تتوضئين به، وعليك أن تعلمي أن تأخير الصلاة بحيث يخرج وقتها لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف، إلا في حال الجمع بين الصلاتين وفق ضوابط محددة.
وراجعي الفتاوى التالية: 12452، 1535، 3323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(11/4601)
عدم المحافظة على الصلاة يكون بفعلها في غير وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في عمل دوامي فيه ليلأ من الساعة الثانية عشرة حتى منتصف النهار مما يجبرني على النوم من بعد صلاة الظهر حتى بعد صلاة العشاء
هل يجوز لي ذالك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن عبادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات افترضهن الله، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه. وفي رواية: فمن حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني والنووي والعراقي.
فهذا الوعد الكريم إنما هو لمن حافظ على الصلوات في أوقاتها متمثلاً قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وعدم المحافظة عليها يكون بفعلها في غير وقتها، وبالتكاسل عنها وعدم الحرص على إكمال شروطها وأركانها.
فأنت -أيها الأخ- أمام عهد من الله بجنة عرضها السماوات والأرض بشرط محافظتك على هذه الصلوات في أوقاتها المعلومة، مع الإتيان بهن على أكمل وجه مستطاع.
فيجب عليك أن تتخذ من الوسائل ما يعينك على الاستيقاظ من نومك لكي تصلي في الوقت والجماعة.
ويكفيك نوم ساعات من بعد صلاة الظهر إلى العصر، وبعد العصر كذلك إن شئت.
وتذكر دائماً قول الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ أَوّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلاَتُهُ فَإِنْ وُجِدَتْ تَامّةً كُتِبَتْ تَامّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لَهُ مِنْ تَطَوّعٍ يُكَمّلُ لَهُ مَا ضَيّعَ مِنْ فَرِيضَةٍ مِنْ تَطَوّعِهِ ثُمّ سَائِرُ الأَعْمَالِ تَجْرِي عَلَى حَسَبِ ذَلِك. رواه النسائي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/4602)
أولاد تارك الصلاة هل ينسبون إليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر أبناء من لايقيم الصلاة أبناء زنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تارك الصلاة تركاً مطلقاً كافر كفراً مخرجاً من الملة على الراجح من أقوال أهل العلم، لكن أولاده لا يكونون أولاد زناً، بل ينسبون إليه ويلحقون به مادام دخل بأمهم بطريق مشروعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية "فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين؛ وإن كان ذلك النكاح باطلاً في نفس الأمر باتفاق المسلمين، سواء كان الناكح كافراً أو مسلماً. واليهودي إذا تزوج بنت أخيه كان ولده منها يلحقه نسبه ويرثه باتفاق المسلمين؛ وإن كان ذلك النكاح باطلاً باتفاق المسلمين، ومن استحله كان كافراً تجب استتابته، ... إلى أن قال رحمه الله "ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده أو مختلفاً في فساده أو ملكها ملكاً فاسداً متفقا على فساده أو مختلفاً في فساده أو وطئها يعتقدها زوجته الحرة أو أمته المملوكة، فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين" انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/4603)
من لم يأت بالصلوات فليس له عهد عند الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من التزم بالصلوات الخمس لكن لم يلتزم بمواعيد الصلاة، مثلاً: يؤخر صلاة الظهر حتى وقت العصر لأسباب بسيطة مثل وجوده باجتماع، أو في رحلة، أو زيارة خاصة.
نعلم أنه يأثم لكن السؤال هو: هل تسقط عنه الفريضة، ويأثم على تأخيره؟ أم يكون حكمه كحكم تارك الصلاة ولا معنى لقضائه للصلاة الفائتة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها إلى دخول وقت الصلاة الأخرى لغير سبب شرعي هو التفريط. وانظر الجواب رقم: 5589.
وهو أيضاً إضاعة الصلاة المتوعد عليه في قوله عز وجل: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) . وراجع الجواب رقم: 4034.
أما الصلاة، فلا تسقط عنه، بل يجب عليه قضاؤها على قول جمهور أهل العلم، كالشأن في تارك الصلاة.
ثم اعلم أن الذي يؤخر الصلاة عن وقتها، أو يأتي بها مرة ويتركها مرة هو في مشيئة الله تعالى داخل في الوعيد الوارد في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عهد عند الله إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(11/4604)
نصيحة لتارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعلم ماذا يمنعني أن أصلي بالرغم من أنني محبوب من الكثير من الملتزمين بها ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وتاركها على خطر عظيم، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة كافر، سواء تركها جحداً أو كسلاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" رواه مسلم.
وقوله: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه أصحاب السنن، فبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى قبل أن يفاجئك الأجل، واعلم أن أول ما يحاسب العبد عليه صلاته، فإن صحت فقد أفلح ونجح، وإلا خاب وخسر، وعياذا بالله من ذلك، وانظر الجواب رقم: 6061، وجواب رقم: 6840، ورقم: 11160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1423(11/4605)
الصلاة في السفينة ممكنة ولا مبرر لتأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في البحر،ووقت عملي معظمه بعد صلاة العصر مباشرة، إلى غاية صلاة الصبح ولا أجد وقتا لأصلي المغرب، والعشاء، فماذا أفعل في هذه الحالة؟ أجيبونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي من مبانيه العظام، فلا يسوغ لمسلم تركها تحت أي ظرف من الظروف، كما لا يجوز له أيضاً تأخيرها عن وقتها الذي حدده الشارع لها،
وبالنسبة للحالة المذكورة في السؤال فالأمر هين، فالماء ميسور، والصلاة في البواخر غالباً ممكنة، وما دام الأمر كذلك فلا مبرر لتأخير الصلاة ولا للجمع، ما لم تكن مسافراً سفراً تقصر له الصلاة، فيجوز لك جمعها حينئذ جمع تقديم، أو جمع تأخير وقد روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة فقال: كيف أصلي في السفينة؟ قال: صل فيها قائماً إلا أن تخاف الغرق) والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(11/4606)
حكم من لا يصلي على الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم تأخير صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، أي الساعة الحادية عشرة صباحاً، وما حكم تقطيع الصلاة أي الصلاة؟ يوماً ويترك يوماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشارع قد حدد للصلاة المفروضة وقتاً معلوماً، وبين بدايته ونهايته، فمن أداها قبله لم تصح منه، ولم تجزه. أما من أخرها عنه متعمداً كسلاً وفسقاً فإنه بذلك يعد تاركاً لها، وقد أتى منكراً عظيماً عند جميع العلماء، ولكن هل يكفر بذلك أو لا يكفر؟ في ذلك اختلاف بين العلماء، والقائلون بعدم كفره أكثر، ودليل القائلين بكفره أظهر، لذا فإنا نقول: إن الذي يؤخر الصلاة عن وقتها متعمداً، أو يتركها في بعض الأحيان مع إقراره بوجوبها آثم إثما كبيراً، ومرتكب كبيرة من أكبر الكبائر إن لم يكن كافراً، فتجب عليه التوبة من هذا الذنب فوراً قبل أن يموت مضيعاً لصلاته متهاوناً في أدائها، فالصلاة هي عمود الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ومن آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وكم في القرآن الكريم من الأمر بإقامتها، والمحافظة عليها، والوعيد والتهديد لمضيعيها الساهين عنها، المتكاسلين عن أدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/4607)
حكم صيام من لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[من يصوم ولا يصلي.
... ماحكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن مرتبة الصلاة في الدين فوق مرتبة الصوم، بل إن كثيراً من أهل العلم قالوا بكفر تاركها كسلاً وأجمع الجميع على كفر تاركها حجوداً لأجوبها.
وراجع الجواب رقم: 7152، والجواب رقم: 6061
والجواب رقم: 1145
ومع كل هذا لا نقول لمن لم يصل لا تصم، ولكننا نقول للصائم صل، فإن الصلاة أولى بأن يحافظ عليها من أي شيء آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/4608)
حكم صيام من لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[من يصوم ولا يصلي ما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن مرتبة الصلاة في الدين فوق مرتبة الصوم، بل إن كثيراً من أهل العلم قالوا بكفر تاركها كسلاً، وأجمع الجميع على كفر تاركها جحوداً لوجوبها.
وراجع الفتوى رقم: 7152 والفتوى رقم: 1145 ومع كل هذا لا نقول لمن لم يصل لا تصم، ولكننا نقول للصائم صل، فإن الصلاة أولى بأن يحافظ عليها من أي شيء آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/4609)
من تجب عليه الصلاة ومن لا تجب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[على من تجب الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل ذكر أو أنثى. فلا تجب على الكافر حال كفره وجوب مطالبة بأدائها. بدليل كونه لا يؤمر بقضائها إذا أسلم، ولعدم صحتها منه لو فعلها حال كفره.
ولا تجب على غير البالغ، وهو الصبي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يكشف عنه" كما في المسند وسنن أبي داود. والمراد بالمصاب: المجنون، كما في بعض الروايات، ولكن على ولي الصبي أن يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، ويضربه على تركها إذا بلغ عشر سنين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع."، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
وقد حمل جمهور العلماء هذا الأمر على الوجوب، فيجب على الولي أن يأمر الصبي بالصلاة، ليتمرن عليها ويتعود على المحافظة عليها، ولا يعني ذلك وجوبها على الصبي. وحمل المالكية الأمر على الندب فقط.
ولا تجب الصلاة كذلك على غير العاقل، وهو المجنون، للحديث المتقدم، وأما من زال عقله بغير الجنون كالإغماء، أو استعمال الدواء المخدر، كالبنج، أو شرب المسكر، فقد اختلف أهل العلم في وجوب الصلاة عليه: فمنهم من يرى أنها واجبة عليه، بمعنى أنه يجب عليه قضاؤها إذا أفاق، ومنهم من فرق بين ما كان للعبد فيه كسب كاستعمال الدواء المخدر، وشرب المسكر، وبين ما لم يكن للعبد فيه كسب كالإغماء، والفزع الشديد، فأوجب عليه الصلاة في الحالة الأولى، ولم يوجبها عليه في الحالة الثانية، ومنهم من فرق بين ما كان بسبب محرم كشرب المسكر أو المخدر عمداً لغير حاجة، وبين ما كان بسبب مباح كشرب الدواء المخدر عند الحاجة، أو بأمر خارج عن كسب العبد كالإغماء ونحوه، فأوجب الصلاة عليه في الحالة الأولى لتعديه. ولم يوجبها عليه فيما سوى ذلك.
والذي نرى ترجيحه هو الرأي الأول وذلك لأمرين:
الأول: أن الحديث إنما نص على المجنون فقط، فبقي غيره على ما كان عليه من الوجوب.
الثاني: أن الجنون هو الذي تطول مدته عادة، فناسب حكمة الشرع أن لا يكون واجبا عليه شيء، إذ لو وجب عليه للزمه قضاؤه فيكون في ذلك حرج ومشقة كبيرة في ما إذا طال أمد الجنون، والله تعالى يقول: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78]
وهذا بخلاف زوال العقل بالإغماء ونحوه، فإنه يكون غالباً في وقت محدود.
هذا بالإضافة إلى أن زوال العقل بالجنون المطبق زوال حقيقي، بينما زواله بغيره من إغماء ونحوه زوال مؤقت، شبيه بالنوم، ولذلك كان كل من النائم والساهي مطالباً وجوباً بقضاء الصلاة، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" وفي صحيح البخاري طرف منه.
وننبه السائل -الكريم- إلى أنه يشترط في وجوب أداء الصلاة بالنسبة للمرأة طهارتها من الحيض والنفاس، أما في حال الحيض والنفاس فلا تجب عليها الصلاة، بل ولا تصح منها، وليس عليها قضاؤها إذا طهرت، لما في الصحيحين أن امرأة سألت أم المؤمنين عائشة رضي تعالى الله عنها فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت أحرورية أنت؟ قالت: لست بحرورية، ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. وهذا لفظ مسلم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1422(11/4610)
الدعاء والصدقة عن تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: لي قريب متوفى منذ مدة، وكان رحمه الله مدمن خمر، ولم يكن يصلي، فهل يجوز لي أن أصلي عنه وأدعو له وأتصدق له؟ مع العلم أن (تارك الصلاة لا يدخل الجنة) وقد قال الله في كتابه العزيز: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وهو لا يصلي، إما أن يكون تركه للصلاة جحوداً وإنكاراً لوجوبها، وإما أن يكون تهاوناً وتكاسلاً، مع اعتقاده وإقراره بفرضيتها. وقد اتفق الفقهاء على كفر تارك الصلاة جحوداً لها وأنه مرتد. واختلفوا فيمن أقرَّ بوجوبها ثم تركها تكاسلاً، فذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب الإمامان مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر، ولكن يقتل حداً ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة. ومع ذلك فلا نعلم أحداً من العلماء قال بقضاء الصلاة عن تارك الصلاة، لأن الأصل أن لا يصلي أحد عن أحد قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم:39] (وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد) انظر تفسير القرطبي (17/ 112) طبعة دار الحديث.، لكن من قال بعدم تكفيره جوز الدعاء له والصدقة عنه…إلخ.
أما القائلون بتكفيره فلم يجوزوا الدعاء له والصدقة عنه، لقوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة:113]
وللأحاديث المثبتة كفر تارك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(11/4611)
المشكلات الأسرية لا تبرر ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 19 سنة أهتم بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، لكن مشكلتي هي أنني أسكن مع أخي في بيته، وزوجته تكره ذلك، سبق لها أن أخذت أموالاً مني فأخبرته فأصبحت أنا مثل الشيطان بين أخي وزوجته سببت لهم مشاكل وقد انقطع بينهما الكلام، وبدأت أترك الصلاة وآخذ أموالاً بدون أن يعلم أخي من متجره فبلغ المال1000درهم الآن يجب علي أن تخلص من ذلك أفكر في مغادرة المنزل هل أسلم له ماله أم لا؟ علماً أنني أعمل معه تقريباً عاماً بأكمله ولم يسلم لي قطعة نقدية، ولم يحسب لي شهراً ولا أسبوعاً ولا يوماً،! هذا هو السبب الحقيقي في ذلك كما أني لا أعرف هل مثل هذا في الشريعة الإسلامية يعد سرقة؟.
والرسول صلى الله عليه وسلم قال من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أولاً أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وتقلع فوراً عما ذكرت أنك بدأت فيه من ترك الصلاة، فإن ترك الصلاة ذنب عظيم جداً، فما بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي.
وفي الحديث أيضاً: " بين الكفر والإيمان ترك الصلاة" أخرجه الترمذي، وفي الحديث أيضاً العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"
أخرجه الإمام أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وغيرهما.
إلى غير ذلك من نصوص الوحي المحذرة من ترك الصلاة والتهاون بشأنها، فتب إلى الله تعالى، وحافظ على الصلوات كما أمرك ربك، فإنك إن حافظت عليها حلت مشاكلك وسعدت في أخراك ودنياك، وكانت منهاة لك عن الفحشاء والمنكر.
ثم إن عليك أن تصارح أخاك فتخبره بما أخذت وتطالبه بحقك، مع مراعاة ما بينكما من رحم، وليكن ذلك في حوض المودة والتسامح، واحرص غاية الحرص على أن لا يؤثر ذلك على واجب الأخوة بينكما وأواصر الرحم، فإن ذلك أغلى من الدنيا بأكملها، وننبهك إلى أن الكلام الأخير الذي ذكرت أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس ثابت النسبة إليه؛ وإن كان صحيحاً من حيث المعنى وإنما الثابت أنه من كلام ابن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم كما قال ابن كثير في تفسيره ... للآية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1422(11/4612)
نصائح لتارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ تارك للصلاة.. فبدأت بنصحه فبدأ يصلي ولكن ليس كل الفروض وليس مع الجماعة. وكل مرة أنصحه بالصلاة ويقول لي إن شاء الله.. وأحس أنه يجاملني في القول وأنا أعلم ما لتارك الصلاة من عقاب ومن قتل إذا لم يتب.. وعقوبته القتل إذا لم يرجع ولكننا في زمان لا نستطيع تطبيق القوانين الإسلامية.. ولا نستطيع عمل أي شئ.. فأرجوكم ماذا أفعل.. وهل أستمر في نصيحته لعله يتعظ.. وللعلم بأنه متزوج ولديه أطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أعظم الأمور وأهمها في حياة المسلم محافظته على الصلاة، فهي دليل إيمانه وتقواه وخوفه من الله. فمتى ما كان الشخص محافظاً على صلاته ومهتما بها وبأدائها أول الوقت وفي الجماعة، كان على ما سواها من الفرائض أشد محافظة، ومتى ما كان مضيعاً لها، كان لما سواها أشد تضييعاً، فينبغي تذكير هذا الأخ بالتي هي أحسن، وبأن عليه مسؤوليات كبيرة، وأن أولاده أمانة في عنقه، فكما أنه يهتم بأمرهم ويوفر لهم حاجياتهم المتعلقة بمنفعة أبدانهم، كذلك يجب عليه أن يهتم بما يعود بالنفع على أرواحهم وقلوبهم، وهذا إنما يتم بمتابعتهم، وسؤالهم عن الصلاة، وعن الأخلاق الحسنة، وتجنب الأخلاق السيئة، إلى غير ذلك، فكيف سيتابعهم في أمر هو مقصر فيه؟ وهذا الأخ ينبغي أن يعلم أنه مسؤول. ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وحكم الصلاة وتاركها سبق في الفتوى رقم: 1195 ورقم: 3830
وأما تعاملك معه فيجب أن يكون بالرفق الذي يحبه الله، ومداومة النصح، ويمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 7376 بهذا الشأن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/4613)
التجول في السوق ليس عذرا في تأخير الصلاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا وزوجي إلى السوق، ثم أذن لصلاة المغرب، وقلت له نعود إلى البيت كي نصلي، فقال: إذا انتهينا نصلي، ثم دخلنا إلى مجمع تجاري وطلبت منه أن أصلي في المصلى فلم يقبل وصرخ في وجهي ولم أستطع أن أصلي في مكاني لأنه يجب علي أن أتوضأ وأنا مقهورة جداً لأن زوجي عصبي، وإذا لم أسمع كلامه سوف يصرخ علي أمام الناس، وفاتتني الصلاة فما حكم ما فعلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله زوجك إثم عظيم يدخل، في قوله تعالى: (أرأيت الذي ينهى* عبداً إذا صلى) [العلق: 9،10] وأما أنت فكان الواجب عليك أن تذهبي إلى الصلاة، ولو لم يرض زوجك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعليك الآن قضاء تلك الصلاة، وإذا أردت الذهاب مع زوجك إلى السوق مرة أخرى، فليكن في وقت ليس فيه صلاة، فإذا ذهبتم في وقت فيه صلاة فاشترطي عليه ألا يمنعك من أداء الصلاة، فإن أبى فلا تذهبي معه إلى السوق، وذكريه بالله.
نسأل الله أن يصلح لك زوجك وأن يصلح ذات بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1422(11/4614)
حكم من يترك الصلاة بعض الأحيان متعمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا مات الإنسان وهو متهاون في الصلاة أي أنه لا يصلي بعض الفروض ويستمر ثلاثة أيام بدون صلاه ولا يذهب إلى المسجد يخلد في النار أبد الآبدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد رجحنا في فتوانا برقم: 1145، وفتوانا رقم: 6061، كفر من ترك الصلاة متعمداً مع علمه بوجوبها، وبينا أن هذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه فحكمه في الآخرة كحكم الكافرين من حيث الخلود في النار، وامتناع الشفاعة في حقه.
وقد اختلف القائلون بكفر تارك الصلاة فيمن يصلي أياماً، ويترك أياماً، فنقل عن بعضهم أنه لا يكفر إلا بالترك المطلق، والمشهور عن أكثرهم أنه يكفر بترك صلاة واحدة، إذا خرج وقتها، وضاق وقت الصلاة التي بعدها عن فعلها.
قال الإمام إسحاق بن راهويه: (قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمداً كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر (.
قال: (وذهاب الوقت أن يؤخر الظهر إلى غروب الشمس، والمغرب إلى طلوع الفجر) .
وقال الإمام محمد بن نصر المروزي: (ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتل من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك) .
وقد حكى ابن حزم هذا القول عن سبعة عشر صحابياً، ولا شك أن الصحابة هم أعلم الناس بالأدلة ومقاصدها، ومراد النبي صلى الله عليه وسلم منها، فلزوم فهمهم وإجماعهم متعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1422(11/4615)
طريقة التعامل مع الزوجة التاركة للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كانت امرأتي لا تصلي وأقول لها لا يجوز ترك الصلاة وأقول لها عن الأحاديث التي تحض على الصلاة
ولكن تقول لي سوف أصلي وعندما أسألها هل صليت؟ تقول لي نسيت، وظللت على هذا الحال سنة ونصفا هل يجوز أن تظل زوجتي؟ وما الحكم في هذا الموضوع؟
وجزاكم الله كل خير عني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المرأة على خطر عظيم بسبب تركها للصلاة، ولا يفيدها قولها بأنها سوف تصلي، والواجب إلزامها بالصلاة، فإن استقامت وصلت، فذلك خير، وإن أبت، فلا يجوز إبقاؤها زوجة لك، لعموم قوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة:10] .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة" رواه مسلم.
ولاتفاق الصحابة على أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
ومن هنا، فالواجب رفع أمرها إلى المحاكم الشرعية - إن وجدت - لإيقاع العقاب الرادع عليها، حيث لا يجوز التهاون معها بخصوص الصلاة، فمن ضيع الصلاة، فهو لما سواها أضيع، وعلى القول بأن ترك الصلاة كسلاً ليس مخرجاً من الملة، فلا أقل من أن يحكم عليها بأنها ناشز، ومخالفة لزوجها الذي يأمرها بالصلاة فتستحق التأديب على ذلك حتى تصلي، قال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(11/4616)
واجب الأبناء تجاه والدهم التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أب لا يعرف الصلاة ونصحته زوجته ولكن دون جدوى، وسألت أهل العلم وأفتوها بأن من لا يصلي حكمه كافر، لكن سؤالي الآن وأنا أعرف أن من لا يصلي مرتد ويقتل مرتدا ولكن كيف يقام هذا الحكم؟ هل يذهب أبناؤه إلى المحكمة مثلاً ويخبرون بكفره أم ماذا يفعلون؟
الرجاء التوضيح المفصل في هذه المسألة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الأب تاركاً للصلاة منكراً لوجوبها، فهو كافر قطعاً بإجماع المسلمين، لأنه في الحقيقة مكذب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومنكر لما علم من الدين بالضرورة.
أما إن كان مقرا بوجوب الصلاة، ولكنه تارك لها كسلاً وتهاوناً، فقد اختلف فيه هل هو كافر، أو فاسق فسقاً عظيماً؟ والراجح الذي تؤيده الأدلة الكثيرة أنه كافر، وتفصيل ذلك في الجواب رقم: 1145،
وعلى كل حالٍ، فالواجب على أبنائه أن ينصحوه ويخوفوه الله تعالى، ويبنوا له عظم قدر الصلاة في الدين وأهميتها في حياة المسلم، وخطر تركها أو التكاسل عن أدائها.
فإن تاب ورجع فالحمد لله رب العالمين، وإن لم ينفعه النصح، فعليهم أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة الشرعية لتتخذ قرارها في شأن زوجته، لأنه في حالة الحكم بكفره، فإن الزوجة تبين منه مباشرة، وعلى ذلك، فعليها الآن أن لا تمكنه من نفسها حتى يتضح الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/4617)
قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حكم تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صحيح أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان لا يقول بكفر تارك الصلاة تكاسلاً كما هى الفتوى الآن عند هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية؟ وإن كان صحيحاً أين أجده فى كتب الشيخ؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقفنا على كلام للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يفيد أنه لا يكفر من أقر بالأركان الأربعة، وتركها تهاونا، وذلك في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/102) .
وله كلام آخر يجعل الخلاف في من دعي إلى الصلاة فأبى مع الإقرار بوجوبها ... هل يقتل كفراً أو حداً؟ متفرعا على الخلاف بين السلف والجهمية القائلين: بأن الإنسان يصير مسلماً بالمعرفة فقط، وإن لم ينطق بالشهادتين (الدرر السنية 1/111) .
ومعلوم أن مذهب الحنابلة تكفير تارك الصلاة إذا دعي إليها فأبى، وقد كان الشيخ - رحمه الله - متبعاً لمذهبهم، إلا فيما خالفه الدليل. ولا ينبغي أن يُنسب إليه قول في هذه المسألة إلا بعد الرجوع إلى رسائله ومؤلفاته، لا سيما والثابت المشهور عن أبنائه تكفير تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً، كما في الدرر السنية (4/200) .
وقد تقدم بيان خلاف العلماء في هذه المسألة تحت الفتوى رقم:
1145
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(11/4618)
هل يصلي عن الميت التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا ميت عزيز علينا، ونحن نعلم أنه لم يكن يصلي!
فهل يجوز لأهله أن يصلوا له في كل فرض مرتين مرة لهم ومرة له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وهو لا يصلي إما أن يكون تركه للصلاة جحوداً وإنكاراً لوجوبها، وإما أن يكون تهاوناً وتكاسلاً، مع اعتقاده وإقراره بفرضيتها.
وقد اتفق الفقهاء على كفر تارك الصلاة جحوداً لها وأنه مرتد.
واختلفوا فيمن أقرَّ بوجوبها ثم تركها تكاسلاً، فذهب أبو حنيفة -رحمه الله- إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر، ولكن يقتل حداً ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يكفر ويقتل ردة. ومع ذلك فلا نعلم أحداً من العلماء قال بقضاء الصلاة عن تارك الصلاة، لأن الأصل أن لا يصلي أحد عن أحد، قال الإمام القرطبي عند قول الله تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم:39] (وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(11/4619)
واجبك نحو صديقك تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أحد زملائنا هداه الله مقصر كثيرا في
الصلاة، وكلما أكلمه يحتج بأنه على جنابة،
السؤال: هل تجوزمخالطته، والتحدث معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تبين لزميلك بالرفق وبالحسنى خطر ترك الصلاة وأنه كفر على الراجح من أقوال أهل العلم، وأن عليه أن يغتسل إن كان جنباً حتى يؤدي الصلاة المفروضة عليه، وتستعين على ذلك بالفتاوى الموجودة في هذا المركز، والتي تبين عظم ترك الصلاة وغيرها من الفتاوى والكتب والمنشورات المتناولة لذلك، لعل الله أنْ يهديه على يديك. وأما مخالطته وأمثاله بمسكن ومطعم ونحوه فلا حرج فيها، بل نراها أفضل من هجره في هذه الأيام، لأن هجرك له ربما لا يؤدي ثمرته التي من أجلها شرع، وهو زجر المهجور عن ذنبه، ولعل الله يهديه بمخالطتك، وداوم نصحك له أما إذا كان هجرك سيؤدي إلى زجره، أو كانت مخالطتك له ستؤثر على دينك فعندئذ يلزمك هجره وعدم مخالطته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/4620)
الاستغفار لتارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سافرت إلى خارج بلدي وبعد سنوات توفت والدتي، أخي قال لي إنها كانت تارة تصلي وأخرى تاركة، فهل يجوز لي الدعاء والتصدق لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن تارك الصلاة تكاسلاً على قسمين:
الأول: من تركها مطلقاً فهذا كافر خارج من الملة.
الثاني: من كان يتركها حيناً ويصلي أحياناً فهذا مسلم عاص مستحق للوعيد. وانظر فتوانا في ذلك برقم: 5259.
وعليه فإن كانت والدتك على الحال الثانية كما أخبرك بذلك أخوك، فينبغي لك أن تجتهد في الدعاء والاستغفار لها، علَّ الله أن يغفر لها، ويتغمدها برحمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/4621)
تارك الصلاة هل ينفعه ذكره الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت تحب ذكر الله ولكنها لا تصلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق أهل الإسلام على وجوب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل، لم يمنعه من أدائها مانع شرعي من حيض أونفاس، أو جنون أوغماء، ونحو ذلك مما هو عذر شرعي.
وأجمع أهل العلم على كفر من تركها جاحداً لوجوبها، أو مستحلاً لتركها لثبوت ذلك بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع، وأما من تركها تكاسلاً فجمهور الأئمة على أنه يستتاب ثلاثة أيام كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل حدا عند المالكية والشافعية، لا كفراً، بخلاف الحنابلة، فإنه يقتل عندهم كفراً، وما ذهبوا إليه أظهر لمعاضدة الأدلة له. كقوله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم.
والأحاديث التي تنحو نحوه كثيرة جداً، وعلى كل حال فهم متفقون على أن الصلاة هي عماد الدين، وأهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأن من تركها تكاسلاً يقتل، وعلى ما ذهب إليه الحنابلة، وشهد له الدليل من كفر تارك الصلاة، وارتداده عن الإسلام فإنه لا ينفعه أي عمل آخر مهما كانت أهميته، ما دام مصراً على ترك الصلاة، فقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله"، وإذا كان ترك صلاة واحدة محبطاً للعمل، فكيف بمن ترك صلوات كثيرة.
لذا فإنا نقول لمن يحب الذكر مع تركه للصلاة: حبك للذكر لا ينفعك هو ولا غيره من الطاعات، ما لم تجدد إيمانك، وتأتي بالصلاة التي هي أول ما ستسأل عنه يوم القيامة، وتتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، فيما تستقبل من عمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(11/4622)
الصلاة التي كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بجميع الأنبياء في مسجد الأقصى ثم عرج به وعندئذ فرض الله خمس صلوات. فما هي الصلاة التي صلاها قبل وجوب الصلوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن: من بين الصلوات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها قيام الليل، الذي أمره به المولى عز وجل في قوله: (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً) [المزمل: 1-2] .
فكان صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل من غير تحديد.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة، إلا ما وقع به الأمر من صلاة الليل من غير تحديد.
وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي.. انتهى.
وفي حديث الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قيام الليل بلا خلاف، وأنه صلى ركعتين في بيت المقدس، تبين ذلك من رواية الإمام أحمد والإمام مسلم، وركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، كما قال الحربي، وكل هذا كان قبل فرض الصلوات الخمس.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(11/4623)
من كفر منكر الصلاة فقد أصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسلم الذي يكفر أخاه بترك الصلاة جاحدا لوجوبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك الصلاة جاحداً لوجوبها فهو كافر خارج عن ملة الإسلام باتفاق علماء المسلمين، لأنه مكذب لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنكر لما علم من الدين بالضرورة.
وعلى هذا فمن كفَّر شخصاً بتركه للصلاة جحوداً لوجوبها فقد أصاب، وعليه أن يبين له خطر ما وقع فيه من الارتداد عن الإسلام، وما يعرض نفسه له من العقاب العاجل والآجل. نسأل الله السلامة.
وليدعوه إلى الرجوع إلى الله تعالى، والتوبة النصوح، وكثرة الاستغفار، والأعمال الصالحات، ومصاحبة الأخيار من عباد الله المؤمنين.
وليكن خطابه له بحكمة وموعظة حسنة يوحي بالشفقة عليه، والنصح الصادق له، ولا يكن مطبوعاً بطابع الشماتة والتعنيف. لعل الله سبحانه وتعالى يرزق هذا الشخص الإنابة والهداية على يد هذا الأخ المسلم، ففي ذلك خير كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1421(11/4624)
حكم عقد النكاح على من تترك الصلاة أحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك فتاة لا تحافظ على الصلاة مرات تصلي ومرات تتركها. وكلما نصحها أهلها صلت، ثم تعود مرة أخرى إلى تركها، ثم إذا نصحوها وذكروها بالله سبحانه وتعالى تبكي وتقول أريد أن أصلي ولكن شيئاً ما يمنعني لا أعلم ما هو، بعد ذلك خطبها رجل ملتزم ففرحت كثيراً، ولقد كانت تريد أن تتزوج من رجل ملتزم حتى يغير من حالها، وأخذت تصلي وتدعو الله أن يوفقها في هذا الزواج. وبالفعل تزوجت ذلك الرجل واستمرت بالصلاة لكن هذه الأيام أصبحت تصلي بعض الأوقات وبعضها تتركها وعندما نصحتها قالت بأنها سوف تتوب توبة صادقة ...
سؤالي: هل زواجها صحيح؟ وخاصه أن زوجها لايعلم بذلك، وهي لا تريده أن يعلم، لأنها - حسب قولها - سوف تحافظ على الصلاة ولن تتركها أبدا بإذن الله؟
أرجوا الرد بسرعة وجزاكم الله ألف خير على هذا الموقع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما عقد نكاحهاً فعقد صحيح لوقوعه حال كونها تصلي، ثم ليعلم أن في تركها الصلاة أحياناً خطراً عظيماً، فقد اختلف العلماء القائلون بكفر تارك الصلاة، هل يكفر من يصلي أحياناً ويترك أحياناً؟ على قولين.
فيجب مناصحة تلك المرأة، وحثها على المحافظة على الصلاة، والدعاء لها بالثبات، ولا ينقضي العجب من زوجها الملتزم الذي لا يعرف حال أهله في أهم أمور الدين وهي: الصلاة، فقد كان من الواجب عليه أن يسعى في إنقاذها من النار، امتثالاً لقوله تعالى (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً …) [التحريم: 6] بل إن العلماء نصوا على أن المحافظ على الصلاة إذا كان يدع أهله يضيعونها، سيحشر يوم القيامة في زمرة المضيعين للصلاة، وليس في زمرة المحافظين عليها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1421(11/4625)
هل كانت الصلاة مفروضة في بدء الدعوة الإسلامية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فرضت على المسلمين في الثلاث السنين الأولى من الدعوة السرية وقبل فرض الصلوات الخمسة صلاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الحافظ ابن حجر: (فائدة: ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة إلا ما وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة، ثم نسخت بقوله تعالى (فاقرؤا ما تيسر منه) فصار قيام بعض الليل فرضاً، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس) أ. هـ من فتح الباري.
ويشهد لما ذهب إليه الإمام الشافعي من فرضية قيام بعض الليل ما رواه مسلم أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت للسائل ألست تقرأ (يا أيها المزمل؟) قلت (السائل) : بلى! قالت: "إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة (المزمل) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، وأمسك الله عز وجل خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة".
والخلاف بين عائشة رضي الله عنها والشافعي هو في الناسخ، هل هو آخر السورة كما ذهبت عائشة؟ أم هي الصلوات الخمس كما قال الإمام الشافعي؟ وهو خلاف لا يضر طالما اتفقا على أن وجوب قيام الليل منسوخ. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(11/4626)
صلاة ضعيف الذاكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-عندي والدي كبير في السن ولا يستطيع أن يصلي إلا على الكرسي ولكنه في غالب الوقت عند السجود لايسجد الا سجدة واحدة، وعندما نحاول أن نذكره أو نقول له إنه بقي عليك سجدة فإنه لا يصدقنا مع العلم أنه كبير في السن وقد ضعفت ذاكرته وهو والحمد لله من المحافظين على الصلاة أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طعن المرء في السن، وقد بقي معه إدراكه وعقله، فهو مأمور بالصلاة ولا تسقط عنه، ويصلي على الهيئة التي يمكنه بها أداء الفرض: قائماً أو قاعداً أو على جنب، لقوله صلى الله عليه وسلم " صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"رواه الجماعة إلا مسلماً.
وإنما لم تسقط الصلاة عن الشخص ما دام عنده عقله لأن العقل هو مناط التكليف، ومن كان من أهل التكليف وصلى منفرداً، كحال أبيك، فالعبرة بيقينه هو لا بيقين غيره، ولو كان في حقيقة الأمر مخطئاً فإن الله يتجاوز عنه، لاستفراغه الوسع في أداء المطلوب.
والأولى لكم أن تعينوه على أداء المطلوب ما دمتم على يقين من هذا الأمر- بأن يحُمل والداكم إلى المسجد لأداء الصلاة جماعة إذا كان لا يشق عليه ذلك فبصلاته جماعة يتقيد بالإمام.
وإن كان والداكم قد اعتراه ما يعتري بعض الناس في كبرهم، فأصبح لا يدرك، فلا صلاة عليه، ويُترك يصلي على حاله، فإنه غير مؤاخذ على ذلك، وإذا كان يدرك أحياناً ولا يدرك أخرى، فهو مطالب بالأداء حال إدراكه دون الحال الذي لا يدرك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1421(11/4627)
هل يقبل صيام تارك الصلاة كسلا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقبل صيام الذي لايصلي؟ وهل يقبل صيام الذي يصلي في رمضان فقط ثم قطع الصلاة بعد رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أعظم المصائب التي ابتلى بها كثير من الناس ترك الصلاة، وقد أخرج مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله: (إن أهم أموركم عندي الصلاة، من حفظها أو حافظ عليها، حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع) . وكيف يهنأ من يترك الصلاة! والصلاة عماد الدين، وهي الفارقة ببن الكفر والإيمان، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن بين الرجل وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة " أخرجه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" رواه أحمد، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحة، والحاكم. وقال عمر بن لخطاب - رضي الله عنه-:" لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقال عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة ". وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال" من ترك الصلاة فقد كفر " رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والمنذري في الترغيب والترهيب (1/439) ولاريب أن العلماء متفقون على كفر من ترك الصلاة جحوداً لها. واختلفوا فيمن أقر بوجوبها ثم تركها تكاسلاً فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لايكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعية إلى أنه لايكفر، ولكن يقتل حداً مالم يصل. والمشهورمن مذهب أحمد أنه يكفر ويقتل ردة، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وهو الذي تدل عليه النصوص الصحيحة، وحكى عليه إسحاق بن راهويه الإجماع، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب.
ويترتب على ما تقدم، الحكم بقبول صيام من لا يصلي من عدمه. فمن قال بأن تارك الصلاة تكاسلاً لايكفر، قال بأن الصيام صحيح ومقبول، سواء صام رمضان مصلياً ثم ترك الصلاة بعد رمضان، أو كان لا يصلي أصلاً.
ومن قال بأنه كافر مرتد قال بحبوط عمله، ورأى أنه لا ينفعه صيام ولا غيره مع تركه للصلاة، ومن هنا فإننا ننصح السائل وغيره ممن لا يصلي بالصلاة والمحافظة عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر "رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود، والنسائي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1421(11/4628)
عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أصلي ما العقوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الصلاة عماد الدين، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الكفر ـ أو الشرك ـ ترك الصلاة" أخرجه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من ترك الصلاة فقد كفر" رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والمنذري في الترغيب والترهيب. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "من لم يصل فهو كافر" رواه ابن عبد البر في التمهيد (4/226) والمنذري في الترغيب والترهيب (1/439) . ولا يخفى أن هذه العقوبة لمن ترك الصلاة بالكلية، أما من يصليها لكنه يتكاسل في أدائها، ويؤخرها عن وقتها، فقد توعده الله بالويل فقال: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) [الماعون: 5] .
والويل هو: واد في جهنم ـ نسأل الله العافية ـ وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) [البقرة: 238] . فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة!!.
ونقول للسائل: لم لا تصلي؟ ألا تخاف من الله؟ ألا تخشى الموت؟.
أما تعلم أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود والنسائي.
وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟
ألا تعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء" رواه البخاري ومسلم و (الغرة) : بياض الوجه، و (التحجيل) : بياض في اليدين والرجلين.
كيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة، وليس عنده هذه العلامة، وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) [الفتح: 29] .
وقد تكلم العلماء باستفاضة عن عقوبة تارك الصلاة، كما في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي.
كما أن ترك الصلاة من المعاصي العظيمة، ومن عقوبات المعاصي أنها: تنسي العبد نفسه، كما قال الإمام ابن القيم: فإذا نسي نفسه أهملها وأفسدها، وقال أيضا: ومن عقوباتها أنها: تزيل النعم الحاضرة وتقطع النعم الواصلة، فتزيل الحاصل وتمنع الواصل، فإن نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.. ومن عقوبة المعاصي أيضاً: سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله، وعند خلقه، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد تكون له منزلة عنده، فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده. ومن العقوبات التي تلحق تارك الصلاة: سوء الخاتمة، والمعيشة الضنك، لعموم قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) [طه: 124] . وينظر كلامه رحمه الله في كتابه: الداء والدواء.
ولا ريب أن الفقهاء قد اتفقوا على أن من ترك الصلاة جحوداً بها، وإنكاراً لها فهو كافر خارج عن الملة بالإجماع، أما من تركها مع إيمانه بها، واعتقاده بفرضيتها، ولكنه تركها تكاسلاً، أو تشاغلاً عنها، فقد صرحت الأحاديث بكفره، ومن العلماء من أخذ بهذه الأحاديث فكفَّر تارك الصلاة، وأباح دمه، كما هو مذهب الإمام أحمد، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحكى عليه إسحاق بن راهوية إجماع أهل العلم، وقال محمد بن نصر المروزي: هو قول جمهور أهل الحديث (جامع العلوم والحكم 1/147) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ومن العلماء من رأى أن تارك الصلاة يقتل حداً لا كفراً، وبذلك قال الإمامان: مالك والشافعي رحمهما الله. ومنهم من رأى أنه يحبس حتى يصلي، وهو الإمام أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ والراجح أن تارك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل على أنه مرتد، لما تقدم من الأحاديث، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد" رواه الترمذي وصححه. قال ابن تيمية: ومتى وقع عمود الفسطاط وقع جميعه، ولم ينتفع به. وقال (ولأن هذا إجماع الصحابة) رضي الله عنهم. انتهى من شرح العمدة.
وختاما ننصح السائل بالرجوع إلى الله والحرص على الصلاة. نسأل الله له التوفيق. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/4629)
لا يجوز لمسلمة البقاء مع زوج تارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تعامل الزوجة زوجها الذي لا يصلي وقد حثته كثيرا على الصلاة دون جدوى؟ هل معاشرة ذلك الزوج حرام؟ أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة أعظم دعائم الإسلام بعد الشهادتين وأهمها، وهي عنوان صدق الإيمان وأبرز علاماته. ومن تركها منكراً لوجوبها فقد خرج عن ملة الإسلام باتفاق الأمة، لإنكاره ما هو ثابت بالكتاب والسنة، وما عرف من الدين بالضرورة، ومن تركها تهاوناً وكسلاً مع إقراره بوجوبها فقد كفر على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" وفي رواية "ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة" والحديث في السنن وصحيح ابن حبان وغير ذلك. ولقوله صلى الله عليه وسلم "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " كما في المسند وصحيح ابن حبان والسنن. وبهذا تعلمين خطورة ما ارتكبه هذا الزوج، وأنه يجب عليك أن تحثيه حثاً جاداً على الإقلاع عن هذا الذنب العظيم، وتبيني له ما لعله يجهله من أن فعله هذا كفر كما تقرر بالأدلة السابقة، وأعلميه أن العصمة بينكما منحلة شرعاً إذا لم يقلع عن هذا الذنب، وذلك لأن المسلمة لا يجوز أن تبقى في عصمة كافر، لقوله تعالى: (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) فإن استجاب لنصحك وفاء إلى رشده فذلك المرجو، وإلا فامنعي نفسك منه، وارفعي أمرك إلى ولي أمرك، فإن نفع ذلك فبها، وإلا فارفعي أمرك إلى المحاكم الشرعية، ولا يجوز لك البقاء معه في حالة إصراره على ترك الصلاة وتضييعه لها، فإن المرء إذا ضيع حق الله تعالى ولم يخش عقابه، فهو لما سوى ذلك أشد تضيعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4630)
ترك الصلاة سنة.. ثم تاب.. هل يجب عليه القضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم ترك الصلاه أكثر من سنة ثم تاب فهل عليه القضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق أهل الإسلام على أن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، لم يمنعه من أدائها مانع شرعي، كالحيض والنفاس عند المرأة، وكالجنون والإغماء ونحوها من الموانع الشرعية المعتبرة. وهي عبادة بدنية محضة،لا تقبل النيابة. وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم. وأجمع كل من يعتد به من أهل الإسلام على أن من جحد وجوبها فهو كافر مرتد، لثبوت ذلك بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع.
وأما من تركها تكاسلاً، بحيث لايصليها مطلقا، فجمهور الأئمة من المالكية والشافعية والحنابلة على أنه يستتاب ثلاثة أيام كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل. ويقتل عند المالكية والشافعية حدا لا كفراً، وفيه نظر، لأن هذا ليس من المواضع المنصوص عليها في القتل حدا، في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لايحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) ، فآل أمره إلى الكفر ومفارقة الجماعة، أو القتل تعزيراً، ويكفي ذ لك زاجرا. أما عند الحنابلة فإنه يقتل كفراً، وهو الأظهر، لمعاضدة الأدلة الصحيحة له، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل والكفر ترك الصلاة" رواه مسلم ومثل حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. بل إذا كان ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها من غير عذر محبطا للعمل، كما في الحديث المخرج في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) فكيف بمن ترك صلوات كثيرة؟!
وقال عبد الله بن شقيق البجلي، وهو من فضلاء التابعين: (لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة) .
وحيث قلنا بهذا ـ أي بكفر تارك الصلاة تهاونا وإن لم يجحد وجوبها ـ فإن من كانت حاله مثل ما ذكرت فعليه أن يجدد إيمانه، وأن يتوب إلى الله توبة صادقة، وأن يكثر من فعل النوافل والطاعات، ولا يجب عليه قضاء ماترك من صلاة أو صيام، ولا كفارة سوى التوبة النصوح والندم، والاستقامة مابقي.
على أنه إن كانت الصلوات وأشهر الصوم المتروكات، مما يطيق قضاءها، ولو في زمن متطاول فقضاها ـ احتياطا وخروجا من خلاف من لم ير كفره ـ كان أسلم لعاقبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1422(11/4631)
من ترك صلاة العصر بلا عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صليت صلاة العصر أمس، ولم أقضها، حتى بعد المغرب، ولم يكن عندي أي سبب للتأخير، وعرفت اليوم بأن من لا يصلي صلاة العصر تبطل أعماله كلها، وضميري يؤنبني على ذلك، وإن شاء الله لا يتكرر هذا الفعل في المستقبل، فهل هذا يعني بأن أعمالي الحسنة قد ضاعت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون أو يتكاسل في أداء أي صلاة من الصلوات المكتوبات.
خصوصاً إذا كانت صلاة العصر التي خصها الله تعالى بالأمر بالمحافظة على أدائها بعد أن أمر بالمحافظة على جميع الصلوات تشريفا لها واهتماماً بها كما قال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) [البقرة: 238] .
والعصر هي الصلاة الوسطى في القول الصحيح من أقوال العلماء. وورد من الترهيب في التكاسل والتهاون في أدائها ما لم يرد في غيرها، من ذلك ما في صحيح البخاري، من قوله صلى الله عليه وسلم: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله".
أما حبوط العمل الصالح بسبب تركها الذي هو موضوع السؤال فهو صريح قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري: "من ترك صلاة العصر حبط عمله" واختلف العلماء في معنى هذا الحبوط فذهب الإمام أحمد إلى أنه على ظاهره واستدل بالحديث على كفر تارك الصلاة، وأما الجمهور القائلون بعدم كفر تارك الصلاة فحملوا الحبوط على من تركها مستحلاً لتركها مستهزئا بها. أو على أن المراد به نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل وكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة أي لا يحصل له أجر من صلى العصر، وهناك تأويلات أخرى للحديث المذكور ذكرها صاحب فتح البارى.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(11/4632)
إبداء النصح لزوجك وحثه على الصلاة واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل أحبه ويحبني والحمد لله. أنجبت منه 3 أولاد والمشكلة أنه لا يصلي، أو لا يحافظ على الصلاة يصلي يوما ويترك الصلاة يوما، ولقد حذرته من أن الله لن يغفر له وأن مكانه جهنم ولكن دون جدوى فما هو الحل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن من أعظم الأمور وأهمها في حياة المسلم محافظته على الصلاة فهي دليل إيمانه وتقواه وخوفه من الله. فمتى ما كان الشخص محافظاً على صلاته ومهتماً بها وبأدائها أول الوقت كان على ما سواها من الفرائض أشد محافظة ومتى ما كان مضيعاً لها كان لما سواها أشد تضييعاً فينبغي تذكير هذا الزوج بالتي هي أحسن بأنّ عليه مسؤوليات كبيرة وأن الله سبحانه سيسأله عنها فكما أمره أن يهتم بأمر أسرته من زوجةٍ وأولاد فيوفر لهم حاجياتهم المتعلقة بمنفعة أبدانهم كذلك يجب عليه أن يهتم بما يعود بالنفع على أرواحهم وقلوبهم وهذا إنما يتم بمتابعتهم وسؤالهم عن الصلاة وعن الأخلاق الحسنة وتجنب الأخلاق السيئة إلى غير ذلك، فكيف سيتابعهم في أمرٍ هو مقصرٌ فيه وهذا الزوج ينبغي أن يعلم أنه قدوة لأسرته في الخير وفي الشرعلى السواء،فالحلال عند أولاده ما يفعله والحرام مالا يفعله … ففي الخير سيثيبه الله على كل عمل عملوه خيراً لأنه دلهم عليه وكما إذا دلهم على شر ففعلوه فإن عليه من الإثم بقدر ما يفعلونه ـ وهو بتركه الصلاة قد يتأثر أولاده منه في المستقبل تأثيراً سلبياً فلا يحافظون على صلاة ولا يرجون لله وقارا. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو قال قال عليه الصلاة والسلام: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت" رواه أحمد وهو صحيح. وهل هناك تضييعاً أشد من تضييع أخلاقهم ودينهم عفا الله عن الجميع. ولا تنسي هذا الزوج من الدعاء له ولأولاده بالهداية والصلاح. على أنه يجدر التنبيه أن في سؤالك خطأ ولعله زلة قلم وهو أن قولك "إن الله لن يغفر له" "وأن مكانه جهنم" فهذا أمر لا يجوز القطع به لأننا لا نستطيع أن نحكم على شخص أن الله لا يغفر له أو أنه من أهل النار ما دام مسلماً. ولكن لعل هذا زلة قلم ما كنت تقصدينها ولكنك أحسنت في تذكير زوجك بأهمية هذا الركن العظيم من أركان الإسلام وخاصة مع تفشي هذا الأمر ألا وهو التهاون في الصلاة وكأن كثيراً من المسلمين لا يقرؤون أو لا يسمعون الآيات والأحاديث المحذرة من فعل هذا الأمر. فالله عز وجل قد توعد الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها فقال جل شأنه: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيَّا * إلا من تاب) . [مريم: 59،60] والغي: وادٍ في جهنم. عافانا الله من ذلك. وقال سبحانه: (فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون) [الماعون:4ـ 5] . فهذا في الذين يؤخرونها عن أوقاتها فكيف بتاركها وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". فهذا الزوج يحذر من التهاون في الصلاة فإن عاد وتاب إلى الله فبها ونعمت وإلا فمن كان لدين الله مضيعاً فهو لما سواه أشد تضييعاً. ونخشى مع الأيام أن يؤثر عليك فتصبحين مثله مضيعة للصلاة أو متهاونة فيها نسأل الله السلامة والعافية فإذا لم يتب ولم يستجب للنصائح فمحافظتك على دينك أولى من البقاء مع مثل هذا الرجل ولكننا نؤكد أنه ينبغي عليك أن تناصحيه وتستمري بالنصيحة والدعاء له. فإذ يئست من عودته إلى صوابه فلك الأخذ في وسائل التخلص من الاستمرار معه على الزوجية فهدديه بالرفع إلى المحاكم إن لم يفارقك فإن فارق فبها ونعمت وإلا فارفعي شأنك إلى المحاكم الشرعية ولن يضيعك الله تعالى، وعيك أن تعلمي أن هذا العلاج بمثابة الكي وآخر الدواء الكي.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(11/4633)
ترك الصلاة في شهر العسل أو في غيره كبيرة من الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليك ورحمة الله وبركاتة
هل يمكن ترك الصلاة خلال شهر العسل، لأن الجماع يحدث أكثر من مرة في اليوم؟ وهل يعتبر تركها في هذه الأيام حراماً أم يمكن أن يسامحنا الله؟ ...
أرجو الإجابة بسرعة.
وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك الصلاة كبيرة من الكبائر سواء كان ذلك خلال شهر العسل أم في غيره من الأوقات، لأن ذلك من أعظم الجرائم وأشد الذنوب، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم والترمذي وأبو داود وغيرهم.
وشأن المؤمن أن يكون دائماً على صلة بالله، فإذا أنعم الله عليه بالزواج فينبغي أن تزداد طاعته وعبادته لله شكراً لهذه النعمة والصلاة لا يرخص بتركها أبداً حتى في حالة جهاد العدو، قال تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة......ميلة واحدة)
واعلم أن تارك الصلاة يجب قتله عند جمهور العلماء، واختلفوا في كفره على قولين، فكيف يرضى عاقل لنفسه هذا المصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4634)
مما يعين على الالتزام بأداء الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا غير منتظم في صلاتي وأشعر بضيق شديد عند تركي لها، ماذا أفعل لكي أنتظم في صلاتي؟ مع العلم أنه توجد مؤثرات وملهيات كثيرة من إعلام وفضائيات وغير ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعاً، وأن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى ويحفظنا وإياك مما يسخطه سبحانه وتعالى، واعلم أن الصلاة أمرها عظيم عند الله تعالى، ومكانتها كبيرة في الدين لا يخفى ذلك على أي مسلم.
قال تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) [238 البقرة] وقال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء 103] وقال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً …) [مريم:59] وقال صلى الله عليه وسلام::" ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة " كما في السنن وصحيح ابن حبان.
وقال: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولا تترك صلاة مكتوبة، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة" إلى غير ذلك من الأحاديث في تعظيم شأن الصلاة وتوعد تاركها والمتهاون والمتساهل في أمرها.
فعليك أخي الكريم -أن تتدبر الآيات وتتفحص تلك الأحاديث وأنت موقن مصدق، وداوم على التضرع إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك، ويعينك على نفسك ويوفقك للقيام بما افترضه عليك، والابتعاد عما يسخطه.
وابتعد كل البعد عن رفقاء السوء ومجالس السوء. فإن الإنسان يتأثر بجليسه وصاحبه ولا محالة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى.
وابتعد أخي الكريم عن وسائل الإعلام والفضائيات فإن فيها شراً كثيراً وملهاة عن ذكر الله تعالى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4635)
حكم من ترك الصلاة أعواما متكاسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في سن الثامنة من عمري تعلمت الكثير عن الواجبات الاسلامية والتزمت بأداء الصلاة وقتا طويلاً ثم عند سن المراهقة تكاسلت عنها وتذبذبت بين مصلي وتارك لفترات طويلة حتى سن 24 سنة عدت مرة أخرى وصليت اضافة لمرور بعض الرمضانات كنت اصوم فيها بدون صلاة ولكن بعد سن الـ 24 لم تفتني حتى الآن صلاة واحدة واستفتيت عن صلواتي السابقات فمنهم من قال لي باعادتهاومنهم من قال بأن الفترة السابقة كنت كافرا ولا يلزمني شيء افتوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: إن الصلاة من أعظم فرائض الإسلام فإنها عمود الإسلام كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي أحمد وأهل السنن عن بريدة بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ". وتارك الصلاة إما أن يتركها جحوداً لها ولوجوبها فهذا كافر بإجماع أهل العلم، وإما أن يتركها تهاوناً وكسلاً مع إقراره بها وبوجوبها فهذا اختلف في كفره أهل العلم إلى قولين أحدهما أنه كافر لقوله صلى الله عليه وسلم: " من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله " رواه أحمد. وغير ذلك من النصوص. وعلى هذا لا يطالب بإعادة الصلاة وعليك أن تندم على هذه الكبيرة وتكثر من النوافل والطاعات المقربة إلى الله تعالى. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4636)
ترك الصلاة كفر أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تارك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك الصلاة جاحداً لوجوبها كفر باتفاق المسلمين. لثبوت وجوبها بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين. فمن جحد وجوبها فقد جحد ركناً من أركان الإسلام. ويستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً. ومن تركها كسلاً وتهاوناً مع إقراره بوجوبها فإنه يستتاب أيضاً فإن تاب وإلا قتل. واختلف أهل العلم في حكمه هل هو كافر أم لا؟. والذي ترجح من حيث الدليل أنه كافر لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". وكما في سنن النسائي وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة". إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في أن الحاجز الذي بين العبد والكفر هو الصلاة فمن تركها فقد كسر ذلك الحاجز ودخل في الكفر.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4637)
لا يجوز ترك صلاة من الصلوات المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترك صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:103] . أي مفروضة في أوقات معينة، لا يجوز إخراجها عنها، فمن أخرجها عن الوقت بغير عذرٍ شرعيٍ، كان مضيعاً لها.
ويقول الله تعالى في حق المضيع لصلاته: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً) [مريم:59] . والمراد بإضاعتها تأخيرها عن وقتها، فكيف بمن تركها كلياً. وقال أيضا: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون……) [الماعون:5،6] . أي يؤخرها عن وقتها المؤقت. وقال صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" [رواه البخاري] وفي رواية: "فقد حبط عمله". وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم " [رواه مسلم في صحيحه عن جندب رضي الله عنه] . والتارك لصلاة أو صلاتين في حكم تارك الصلاة والعياذ بالله. فننصح الأخ السائل أن لا يتهاون بالصلاة فإن ذلك من علامات النفاق، والمنافق مخلد في النار والعياذ بالله.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4638)
لا يجوز أبدا التهاون في أمر الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: إني شاب مسلم، أعاني من عدم انتظام الصلاة ولكني والله يعلم أود وأحب أن أواظب عليها فأصلي لأسبوع أو أكثر ثم أنقطع عن الصلاة ولا أعلم لماذا؟ مع العلم بأني أؤدي الفرائض الأخرى وأنا حريص عليها، وإني أعتقد ان سبب عدم انتظامي في الصلاة هو أنني (أتعاجز) من الوضوء؟ فما رأيكم؟ وما السبيل للمواظبة على الصلاة "عماد الدين"؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي السائل وفقك الله لكل خير: اعلم أن الأمر الذي سألت عنه أمر عظيم يتعلق بركن من أركان الإسلام ألا وهو الصلاة.. والذي يظهر من سؤالك أنك تداوم عليها أحيانا وتقطعها أحيانا أخرى وأمر الصلاة عظيم فلا يجوز لمسلم أن يتهاون في مثل هذا الركن العظيم ولتعلم بارك الله فيك أن الصلاة هي العهد الذي بيننا وبين المشركين من تركها فقد كفر وقد أمر بها الأنبياء والرسل قبلنا على اختلاف قد يكون في الهيئة" وكذلك الملائكة أمرت بها، فأمر مثل هذا يؤمر به الرسل وتؤمر به الملائكة وتؤمر به أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويأتي الوعيد الشديد في كتاب الله لمن تهاون فيها أنه من المنافقين وفي السنة أن الصحابة يقولون: ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة" العشاء والفجر" إلا منافق معلوم النفاق. وقد كان السلف يحافظون على هذه الشعيرة العظيمة حتى إنهم كانوا يتواصون بالمحافظة على تكبيرة الإحرام ويعزي بعضهم بعضا إذا فاتت أحدهم الصلاة. ولم يكن الترك الكلي للصلاة موجودا عندهم لأهمية وعظم الصلاة في نفوسهم. وإذا نزلت بأحدهم حاجة توضأ ودخل محرابه يناجي ربه ليقضي له حاجته فلم يكونوا ليقطعوا هذا الأمر الذي بينهم وبين الله. ولكن للأسف لما ضعف الإيمان في قلوبنا وذهب خوف الله من نفوسنا وتمنينا أماني ولم نعمل كانت هذه حالنا وأصابنا الضيق والنكد في الدنيا وعدم التوفيق للخير نسأل الله العافية. فوصيتي لك أخي الكريم: تقوى الله ومراقبته ولتعلم أن الله هو الذي أمرك بالمحافظة على الصلاة وأن تركك لها ترك لأوامر الله فلتحاسب نفسك ولتتب إلى الله ولتستغفر لما مضى لعل الله أن يغفر لك ويعينك قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وآمن عمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا) [مريم:59،60]
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1422(11/4639)
التفصيل في حكم تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تارك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد اتفق العلماء على كفر من ترك الصلاة جحودا لها. واختلفوا فيمن أقر بوجوبها ثم تركها تكاسلا. فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يكفر، وأنه يحبس حتى يصلي. وذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولكن يقتل حدا ما لم يصل. والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحكى عليه إسحاق الإجماع، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب وغيره، ومن الأدلة على ذلك ما راوه الجماعة إلا البخاري والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" وما رواه أحمد من حديث أم أيمن مرفوعا" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله" وما رواه أصحاب السنن من حديث بريدة بن الحصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة. وقال الإمام محمد بن نصر المروزي سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.
وقال الإمام ابن حزم: روينا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - وعن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة، والتابعين رضي الله عنهم، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها، فإنه كافر ومرتد، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك، وبه يقول عبد الملك بن حبيب الأندلسي وغيره. انظر (الفصل (3/274) لابن حزم، والمحلى (2/326) ونقله الآجري في الشريعة، وابن عبد البر في التمهيد (4/225) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1421(11/4640)
معاملة الزوجة لزوجها إن كان تاركا للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تعامل الزوجة زوجها الذى لا يصلى وقد حثته كثيرا على الصلاة دون جدوى؟ هل معاشرة ذلك الزوج حرام؟ أرجو الافادة. 26-7-1999]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن تارك الصلاة على قسمين: إما جاحد لها ولا يقر بفرضيتها فهذا كافر مرتد عن دينه يجب على زوجته أن تفارقه ولا يجوز لها أن تبقى في عصمته لأنه غير مسلم ولا يجوز للمرأة المسلمة أن يعاشرها رجل مرتد أو كافر بحال من الأحوال، قال تعالى في كتابه الكريم:" ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً". وإما أن يكون هذا التارك مقرا بوجوب الصلاة وفرضيتها ولكنه يتكاسل عن أدائها وإقامتها كما أمره الله تعالى ويعترف بالقصور والذنب والخطيئة ولكنه يسوِّف. فهذا عند الجمهور مسلم آثم مرتكب لجريمة كبيرة وعظيمة يقتل عليها بقطع رقبته إن لم يرجع إلى الصلاة وأدائها وإقامتها. وفي هذه الحالة وهي حالة معترف بوجوب الصلاة ولكنه تارك لها كسلا وجهلا فإن الزوجة لا تبين منه، بل تبقى معه ولكنها تحاول إرجاعه إلى الحق وتبذل كل ما في وسعها لتنبيهه على عظمة الصلاة ومكانتها في الإسلام. وجعل العلماء ذنب تارك الصلاة دون الشرك، وفوق جميع الذنوب وعلى المرأة أن تبقى متمسكة بدينها وعقيدتها حفاظاً على أولادها حتى لا يقعوا في شباك هذا الزوج الأثيم البعيد عن الله تعالى، وقد ذهب بعض الأئمة إلى كفر تارك الصلاة مطلقاً ما دام ترك الصلاة، سواء كان جاحداً أو متكاسلاً ولهذا القول أدلة قوية تؤيد هـ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم " فمن تركها فقد كفر" وفي حديث آخر" بين المسلم والكافر ترك الصلاة" رواه البخاري. وعلى كل حال فإن لم يُجْدِ معه النصح والتذكير وأصر على ترك الصلاة فعليك أن تسعي في سبيل الحصول على الطلاق منه. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(11/4641)
الصفات المطلوبة في المؤذن وخطيب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أوصاف الخطيب والمؤذن ومن الأحق بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصفات التي ينبغي توافرها في المؤذن منها ما هي شروط، ومنها ما هي مستحبات، فالشروط ثلاثة:
كونه ذكراً مسلماً عاقلاً، وبعض الفقهاء يشترط العدالة.
ويسن كونه صيتاً أميناً عالماً بالوقت، فالأولى بالأذان من توافرت فيه الصفات المذكورة، إلا أن يكون للمسجد مؤذن راتب فهو حينئذ أحق من غيره، ولو كان غيره أفضل منه في الصوت ونحوه، وانظر التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 62281.
وأما صفات الخطيب فهي قسمان: صفات جبلية وصفات كسبية، فالأولى كطلاقة اللسان، وفصاحة المنطق، وثبات الجنان والصوت الجهوري، واللسان المبين السليم من عيوب الكلام كالفأفاة والتأتأة.
والثانية كالدربة والمران وسعة العلم وحسن الإلقاء ونحو ذلك من المهارات التي تكتسب بكثرة التمرين، والخطيب الناجح هو الذي يستشعر الإخلاص والمسؤولية والحرص على هداية الناس في خطبه والذي يوافق قوله فعله، وظاهره باطنه ويتمثل اللين والرفق والتلطف مع الناس، فهذا شيء من الصفات التي ينبغي أن تكون في الخطيب، ومن كان حظه منها أوفر كان بالخطابة أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(11/4642)
الجمع بين الأذان والإقامة والإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مسجد صغير في قريتنا الصغيرة، فهل يجوز للمؤذن أن يؤذن ويقيم الصلاة ويؤم المصلين في نفس الوقت، علماً بأن هناك من يحفظ ويجيد الأذان وغيرها من أعمال إقامة الصلاة، وفي حالة عدم وجود من يتقدم لأداء هذه الأعمال هل يجوز للمؤذن إقامة الصلاة وإمامة المصلين، وما هي أفضل الحالات الواردة عن السلف الصالح في هذه الحالة؟ مع بالغ احترامي وتقديري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإمام أن يتولى الأذان والإقامة والإمامة، قال الحطاب في مواهب الجليل: ومن استأجر رجلا على أن يؤذن لهم ويقيم ويصلي بهم جاز، وكأن الأجر إنما وقع على الأذان والإقامة والقيام بالمسجد لا على الصلاة. انتهى.
كما يجوز تولي الأذان والإمامة فقط، قال الإمام النووي في المجموع: أجمع المسلمون على جواز كون المؤذن إماماً واستحبابه، قال صاحب الحاوي: في كل واحد من الأذان والإمامة فضل. انتهى.
وعليه فالذي يتمكن من الجمع بين الثلاثة فهو أفضل، وأما عدم قيام النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده بذلك كله فلانشغالهم بما هو أهم من الأذان والإقامة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 69878.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1427(11/4643)
سبب عدم تولي النبي صلى الله عليه وسلم الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: لماذا لم يكن الرسول يؤذن؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان فيه أجر عظيم إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يؤذن لانشغاله صلى الله عليه وسلم عنه بأمور أعظم وأهم، وقد أشار إلى ذلك جماعة من أهل العلم ونقلوا التصريح عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعلة تركه هو له، قال العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني: ولم يتوله النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه، لضيق وقتهم عنه، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: لولا الخلافة لأذنت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1427(11/4644)
عواء الكلب عند الأذان ودرجة حديث (مساجدهم يومئذ عامرة..)
[السُّؤَالُ]
ـ[1) هناك كلب بجوار المسجد عندما يسمع الأذان يقوم ينبح طوال فترة الأذان فإذا تم الأذان سكت الكلب ما تفسير ذلك؟.
2) سيأتي يوم على أمتي تكون فيه المساجد عامرة والقلوب خاوية مامدى صحة هذا الحديث؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يفر عند سماع صوت المؤذن وله ضراط فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل, حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى. متفق عليه. فقد يكون عواؤه لرؤيتها وهي تنفر وقد يكون هو شيطان ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكلب الأسود شيطان. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيرا، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة. وقال أيضا: والجن يتصورون في صورة الإنس والبهائم؛ فيتصورون في صورة الحيات والعقارب وغيرها، وفي صورة الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير, وفي صورة الطير وفي صورة بني آدم، كما أتى الشيطان قريشا في صورة سراقة بن مالك لما أرادوا الخروج إلى بدر، وكما روي أنه تصور في صورة شيخ نجدي لما اجتمعوا بدار الندوة. اهـ
وأما الحديث المذكور فقد رواه الطبراني في معجمه الكبير والأوسط عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: يا ابن مسعود إن من أعلام الساعة وأشراطها أن تزخرف المساجد وأن تخرب القلوب. وجاء بلفظ: مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى. رواه ابن عدي الجرجاني في الكامل في الضعفاء، والحاكم في تاريخه، والبيهقي في الشعب، والداني في السنن الواردة في الفتن, وقال فيه الألباني: ضعيف جدا كما في السلسلة الضعيفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(11/4645)
الجمع بين الأذان والإقامة والإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يقوم بالأذان والإقامة والإمامة أو بالإقامة والإمامة في نفس الوقت وما حكم صلاة المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإمام أن يتولى الأذان والإقامة والإمامة. قال الحطاب في مواهب الجليل: ومن استأجر رجلا على أن يؤذن لهم ويقيم ويصلي بهم جاز، وكان الأجر إنما وقع على الأذان والإقامة والقيام بالمسجد لا على الصلاة.انتهى.
كما يجوز تولي الأذان والإمامة فقط. قال الإمام النووي في المجموع: أجمع المسلمون على جواز كون المؤذن إماما واستحبابه، قال صاحب الحاوي: في كل واحد من الأذان والإمامة فضل.انتهى.
كما يجوز أيضا الجمع بين الإقامة والإمامة لجواز تولي الإقامة غير المؤذن كما سبق في الفتوى رقم: 43666. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 50641.
وصلاة كل من الإمام والمأمومين صحيحة في هذه الحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/4646)
(الصلاة خير من النوم) من السنن المأثورة في أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[في أذان الفجر القول الصلاة خير من النوم هل هي سنة حسنة اعتمدت في خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة خير من النوم من السنن المأثورة في أذان الصبح، وقد أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي سنن أبي داود وغيره وصححه الشيخ الألباني قال صلى الله عليه وسلم: فإن كان في صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم. وراجع المزيد في الفتويين التاليتين: 50394، 24503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(11/4647)
لم يرد تحديد بالدقائق لفترة ما بين الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحي الذي أسكن فيه ثلاثة مساجد واحد يجعل بين الاذان والإقامة 10 دقائق أو7 والثاني 15 دقيقة والثالث 20 أو25 وأرى أن الأول لم يتبع الحديث القائل فيه الرسول لبلال اجعل بين أذانك وإقامتك مدة لكي ينتهي المتوضئ من وضوئه وصاحب الحاجة من حاجته أو كما قال الرسول، والثالث لم يؤد الصلاة في الوقت المسن لها وهو التعجيل بها وأيضا يؤدى ذلك إلى التكاسل في القيام اعتمادا على التأخير والثاني أرى أنه الوسط جمع بين الوقت الكافي والتعجيل والتيسير هل ما أراه صحيحا أم لا أرجو الافادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التحديد بالدقائق بين الأذان والإقامة أمر جديد ولم يرد تحديد لفترة ما بين الأذان والأقامة، وإنما الضابط في ذلك استعداد الناس واجتماعهم بشرط عدم خروج الوقت، ولذلك راجع الفتوى رقم: 19687، مع مراعاة الأوقات التي يستحب تأخير الإقامة فيها مثل صلاة الظهر في شدة الحر ومثل العشاء في مساجد الجماعات التي لا تجتمع إلا بعد الأذان بفترة، وانظر الفتوى رقم: 46474، ولعل أهل كل مسجد من هذه المساجد لهم حالتهم الخاصة وعلى كل حال فإن الأمر فيه سعة مادام كل يصلي في الوقت المختار، وعلى كل مسلم أن يحسن الظن بأهل المسجد وأن يحرص على وحدة صفهم وألا يثير الخلاف في الأمور التي يسوغ فيها الاختلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/4648)
سبب قول السامع لا حول ولا قوة إلا بالله عند الحيعلتين
[السُّؤَالُ]
ـ[س1: لماذا نقول (لاحول ولا قوة إلا بالله) حين نسمع المؤذن يقول (حي على الصلاة , حي على الفلاح) ؟
س2: ماذا أقول حين أسمع المؤذن يقول (الصلاة خير من النوم) ؟
وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته أن السامع للأذان يقول عند قول المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله لا حول ولا قوة إلا بالله. من ذلك ما في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: ثم قال حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند حديث: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. قال: وظاهر قوله مثل أنه يقول مثل قوله في جميع الكلمات، لكن حديث عمر أيضاً وحديث معاوية يدلان على أنه يستثنى من ذلك حي على الصلاة فيقول بدلها لا حول ولا قوة إلا بالله، وحي على الفلاح فيقول بدلها لا حول ولا قوة إلا بالله، كذلك استدل به ابن خزيمة وهو المشهور عند الجمهور. انتهى
وحديث عمر قد تقدم، وأما حديث معاوية فهو في البخاري والنسائي أيضاً، وفيه أنه رضي الله عنه قال: عند قول المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل ذلك.
وقد بين الإمام ابن حجر العلة في قول ذلك بقوله: إن الأذكار الزائدة على الحيعلتين يشترك السامع والمؤذن في ثوابها، وأما الحيعلة فمقصودها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يحصل من المؤذن فعوض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة بثواب الحوقلة ... ثم ذكر ابن حجر وجها آخر يبين السبب في قول لا حول ولا قوة إلا بالله عند سماع الحيعلتين قال: وقال الطيبي معنى الحيعلتين هلم بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلاً والفوز بالنعيم آجلاً فناسب أن يقول هذا أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته.
وأما ما يقال عند قول المؤذن الصلاة خير من النوم، فراجع له الفتوى رقم: 38343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/4649)
هل يؤذن ويقيم للصلاة الفائتة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من فاتته صلاة ويريد أن يقضيها في البيت أو يصلي وقتها في البيت هل يجب عليه أن يؤذن ويقيم لتلك الصلاة؟
جزاكم الله خيراً وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذان والإقامة سنتان خارجتان عن ماهية الصلاة.
فإذا فاتت المصلي الصلاة في الجماعة، وأراد أن يصلي وحده أو مع غيره، فقد اختلف أهل العلم هل يؤذن أم لا؟
ولعل الراجح من أقوالهم إن شاء الله تعالى أنه لا يؤذن، وإنما يقيم ويصلي، لأن من الحِكَم التي شرع لها الأذان الإعلام بدخول الوقت وقد فات، وطلب الجماعة والمفروض أن الناس قد صلوا، ورفع شعار الإسلام وقد رفعته الجماعة التي صلت من قبل.
وعلى ذلك، فإن عليك أن تقيم الصلاة فقط ثم تصلي، سواء كانت الصلاة أداء أو قضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/4650)
هل هناك مؤذن في السماء.....
[السُّؤَالُ]
ـ[أحييكم بتحية الإسلام نحن نعلم أن أول مؤذن بالإسلام هو بلال بن رباح ولكن سمعت أن هناك مؤذنا بالسماء ومن هو إن وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته أن بلال بن رباح رضي الله عنه هو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فنعم.
وأما عن المؤذن الذي بالسماء فلا نعلم خبرًا ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/4651)
حكم الأذان والإقامة لمن فاتته الجماعة الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا حضر أحد للمسجد وأراد أن يصلي مثلا المغرب ووجد أن الصلاة قد فاتته هل يجب عليه الأذان لوحده أم يقيم فقط ويصلي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذان مسنون لكل صلاة مفروضة منفرداً كان المصلي أو في جماعة، والإقامة آكد منه، فمن دخل مسجداً قد صلي فيه، فإن شاء أذن وأقام، نصّ عليه أحمد لما روى الأثرم وسعيد بن منصور عن أنس أنه دخل مسجداً قد صلوا فيه، فأمر رجلاً فأذن وأقام، فصلى بهم جماعة.
وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة، فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناسٌ أذنوا وأقاموا، فإن أذانهم وإقامتهم تجزئ عمن جاء بعدهم، وهذا قول الحسن والشعبي والنخعي.
إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن، فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به ليغُرِّ الناس بالأذان في غير محله. انظر: المغني لابن قدامة الجزء الأول: باب الأذان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/4652)
يشرع لمن صلى وحده أن يؤذن ويقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في بلغاريا، ولا يوجد مسجد قريب مني ولا أسمع الأذان، فهل أصلي بدون أذان في بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المسجد بعيداً عنك بحيث لا تسمع الأذان منه فلا تجب عليك الجماعة في المسجد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر" رواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما. أي أن من لم يسمع النداء لا يلزمه الإجابة، لكن عليك أن تصلي جماعة في بيتك أو مع جيرانك إن كانوا مسلمين، ويشرع أن تؤذن وتقيم ولو كنت وحدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(11/4653)
الأذان ثلاث مرات للجمعة محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تكرار الأّذان ثلات مرات يوم الجمعة بعد وقوف الإمام على المنبر لخطبة الجمعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتكرير الأذان ثلاث مرات يوم الجمعة أمر محدث، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " رواه أبو داود. ويقول عليه الصلاة والسلام: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " روه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(11/4654)
حكم تخفيض صوت أذان لأجل عدم إزعاج غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن من عرب فلسطين 48 داخل الخط الأخضر ونعيش في قرية صغيرة مجاورة وقريبة جداً من مدينة يهودية وعندنا مشكلة معهم وهي: أنهم يطلبون منا أن نخفض قليلاً صوت أذان الفجر، لأنهم نيام ويزعجهم قوة صوت الأذان، وأما بالنسبة لباقي الأوقات فلا بأس, فهل نوافق على طلبهم هذا؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اضطررتم للاستجابة لهذا الطلب فلا بأس عليكم، في أن تخفضوا قليلاً من صوت مكبرات الصوت، وأما إن أمكنكم إبقاء الأمر على ما هو عليه فلا تغيروه، فإن رفع الصوت بالأذان مطلب شرعي يحصل به مقصود الأذان ولا سيما في صلاة الصبح، كي يستيقظ المسلمون للصلاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(11/4655)
ثواب من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من ردد خلف المؤذن كان له مثل أجره؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الطبراني عن معاوية أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره. وهذا الحديث ضعفه الألباني ـ رحمه الله. وقال الهيثمي: رواه الطبراني من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو ضعيف فيهم. وقال المنذري: متنه حسن وشواهده كثيرة. فيض القدير.
وعلى فرض صحة الحديث لا يلزم تساويهما في الأجر من كل وجه
قال المناوي في شرحه: أي: فله أجر كما للمؤذن أجر، ولا يلزم منه تساويهما في الكم والكيف. فيض القدير.
وقال إ سحق بن راهويه في مسنده: يعني مثل أجرالكلمات التي تكلم بها المؤذن، ويفضله المؤذن بما صار مؤذنا، فله مثل أجر من سمعه من رطب ويابس، وهو كالمتشخط في دمه، وهو أول من يُكسى، وأشباه ذلك خص بها المؤذن.
وقد وردت أحاديث أخرى صحيحة في فضل إجابة المؤذن وما يقال بعده، فقد روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله، من قلبه دخل الجنة.
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال: يا رسول الله، إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه. رواه أبوداود وأحمد، وصححه الألباني.
وانظر الفتوى رقم: 3606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(11/4656)
أبو بكر لم يزد في صيغة الأذان شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة ما قيل عن أبي بكر أنه قد أضاف ـ الله أكبرـ عند نهاية الأذان؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أكمل الله لهذه الأمة هذا الدين وأتمه لها بفضله ورحمته، فليس لأحد أن يزيد فيه ولا ينقص منه ـ لا أبو بكر ولا غيره ـ وانظر الفتوى رقم: 119941، ولا علم لنا بصحة ما ذكرته عن أبي بكرـ رضي الله عنه ـ والأذان إنما أريه عبد الله بن زيد وأقر النبي صلى الله عليه وسلم رؤياه وقال: إنها رؤيا حق، وليس لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ذكر في الأحاديث التي ذكرت فيها كيفية الأذان وسبب مشروعيته، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس يجمع للصلاة الناس، وهو له كاره لموافقته النصارى، طاف بي من الليل طائف وأنا نائم، رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، قال: فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس، قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قال: فقلت: بلى، قال: تقول الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: ثم استأخر غير بعيد، قال: ثم تقول: إذا أقمت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بما رأيت قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله، ثم أمر بالتأذين، فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك، ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(11/4657)
حول أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الفجر يبدأ بنحو ثلث ساعة من الأذان الحالي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح وعلى أية حال، فمن السنة أن يكون للفجر أذانان أحدهما: قبل الوقت لإيقاظ النائم ونحو ذلك، ولا يلزم أن يكون قبل الفجر بثلث ساعة، بل يدخل وقته من سدس الليل الأخير وينتهي قبل طلوع الفجر، وهذا الأذان لا يحرم به السحورعلى الصائم ولا تجب به الصلاة.
أما الثاني: فيكون عند طلوع الفجر الصادق فيدخل عنده وقت صلاة الفجر، ويجب الإمساك عن المفطرات بالنسبة للصائم ولا يكون قبل دخول الوقت، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 101337 ورقم: 8046
وراجع في حكم الاعتماد على التقاويم في تحديد أوقات الصلوات الفتوى رقم: 126606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(11/4658)
التثويب سنة في أذان الفجر ولو كان أهل المكان مستيقظين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في المطار آخر الليل، وحينما يؤذن الفجر يقول: الصلاة خير من النوم، وكل العاملين مستيقظين، فما حكم هذه العبارة؟ وهل يمكن عدم قولها حسب ما وصف؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن التثويب في صلاة الصبح وهو قول ـ الصلاة خير من النوم ـ مسنون، لدلالة الأحاديث الصحيحة عليه، وانظر الفتوى رقم: 54947.
ثم إن التثويب في أذان الصبح سنة، فلو تركه المؤذن صح أذانه، قال النووي ـ رحمه الله: والمذهب أنه مشروع فعلى هذا هو سنة لو تركه صح الاذان وفاته الفضيلة، هكذا قطع به الأصحاب، وقال إمام الحرمين في اشتراطه احتمال. انتهى.
ثم اعلم أن الحكمة من مشروعية التثويب في صلاة الصبح أنه وقت يكون الناس فيه نائمين ـ غالبا ـ فاحتاجوا إلى التنبيه بهذه الكلمة ليكون أدعى إلى انتباههم واستيقاظهم.
قال ابن قدامة ـ رحمه الله: ولأن صلاة الفجر وقت ينام فيه عامة الناس ويقومون إلى الصلاة عن نوم، فاختصت بالتثويب لاختصاصها بالحاجة إليه. انتهى.
ولا يعني هذا أن الناس إذا كانوا مستيقظين لم يشرع التثويب، فإن أدلة السنة ليس فيها تخصيص مشروعية التثويب بحال نوم الناس، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أو التابعين التفريق بين الحالين، ولم يقل بمشروعية التثويب في حال دون حال أحد من العلماء الذاهبين إلى مشروعية التثويب في الصبح ـ فيما نعلم ـ والسنة أولى ما اتبع، وقد تنتفي الحكمة ويثبت الحكم إذا كانت حكمة التشريع أغلبية، ومن ثم فالمشروع لكل مؤذن لصلاة الصبح أن يثوب قائلا: الصلاة خير من النوم ـ سواء كان الناس نائمين، أو بعضهم مستيقظا وبعضهم نائم، أو كانوا كلهم مستيقظين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/4659)
أداء الأذان على كيفية الإقامة حدرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأذان بكلمات قصيرة مثل الإقامة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في الأذان هي الترسل والتمهل ليكون أبلغ في الإسماع ودعاء الغائبين، لكن الترسل في الأذان مستحب وليس بواجب، وعليه فلو حدر الأذان كما يحدر الإقامة صح أذانه ما دام قد أدى كلمات الأذان على وجهها.
قال ابن قدامة في المغني شارحاً لقول الخرقي: ويترسل في الأذان ويحدر الاقامة: الترسل والتمهل والتأني من قولهم جاء فلان على رسله، والحدر ضد ذلك وهو الإسراع وقطع التطويل وهذا من آداب الآذان ومستحباته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر. رواه أبو داود والترمذي، وقال: هو حديث غريب. وروى أبو عبيد بإسناده عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لمؤذن بيت المقدس: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم، ولأن هذا معنى يحصل به الفرق بين الأذان والإقامة فاستحب كالإفراد، ولأن الأذان إعلام الغائبين والتثبيت فيه أبلغ في الإعلام، والإقامة إعلام الحاضرين فلا حاجة إلى التثبت فيها. انتهى بتصرف.
وقال الشيرازي في المهذب: والمستحب أن يترسل في الأذان ويدرج الإقامة لما روى عن ابن الزبير مؤذن بيت المقدس أن عمر رضي الله عنه قال: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم. ولأن الأذان للغائبين فكان الترسل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين فكان الإدراج فيه أشبه.
قال شارحه النووي رحمه الله: هذا الحكم الذي ذكره متفق عليه، وهكذا نص عليه الشافعي في الأم قال: وكيف ما أتى بالأذان والإقامة أجزأ، غير أن الاختيار ما وصفت. هذا نصه واتفق أصحابنا على أنه يجزيه كيف أتى به. انتهى.
وبه تعلم أن أداء الأذان على كيفية الإقامة حدراً مجزئ غير أنه خلاف الأفضل.
هذا إن كان السؤال عن الترسل أو الحدر كما هو الظاهر، أما إن كان السؤال عن الأذان بألفاظ كألفاظ الإقامة أي بإفراد الألفاظ فهذا غير مشروع ولا يصح لحديث أنس في الصحيحين: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(11/4660)
كراهة التلحين والتطريب في الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الضوابط الشرعية للأذان؟ إذ إننا نسمع مؤذنا يلحن في الأذان حتى يكون أشبه بالموال ـ مع فرق التشبيه ـ وهذا يكون وقعه على أذن المؤمن مؤلم، والمصيبة الأكبر أن البعض صار يعتقد أن الأذان الصحيح هو كذلك، وإنني لم أجد أي محاولة من وزارة الأوقاف لتوعية المؤذنين بكيفية الأذان الصحيح بعيدا عن التلحين والمطمطة المزينة باللحن، أرجوكم توسعوا في الإجابة وسامحوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضابط صحة الأذان هو أن يستوفي شروطه التي بينها أهل العلم، فيأتي به المؤذن من غير زيادة ولا نقصان ولا إتيان بما يحيل المعنى، وإن كان الأذان ملحنا صح مع الكراهة، إلا أن يخرجه التلحين إلى حد يحيل المعنى فحيئذ يبطل ولا يصح، قال في الروض المربع مبينا ضوابط صحة الأذان: ولا يصح الأذان إلا مرتبا كأركان الصلاة متواليا عرفا لأنه لا يمكن المقصود منه إلا بذلك فإن نكسه لم يعتد به، ولا يصح الأذان إلا من واحد ذكر عدل ولو ظاهرا، فلو أذن واحد بعضه وكمله آخر أو أذنت امرأة أو خنثى أو ظاهر الفسق لم يعتد به، ويصح الأذان ولو كان ملحنا أي مطربا به، أو كان ملحونا لحنا لا يحيل المعنى، ويكرهان ومن ذي لثغة فاحشة وبطل إن أحيل المعنى. اهـ
وأما التطريب في الأذان والتلحين فيه فقد نص العلماء من مختلف المذاهب على كراهته وليس هو من تحسين الصوت المأمور به في الأذان، فإنه ينافى الخشوع والوقار والهيبة اللائقة بالأذان، ولكن إذا وقع الأذان ملحنا صح ما لم يخرج به التلحين إلى حد يحيل المعنى كما سبق، ونحن نسوق إليك زيادة على ما تقدم طرفا من كلام أهل العلم في بيان كراهة التلحين والتطريب الذي يجعل الأذان أشبه بالغناء.
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس: ومن ذلك التلحين في الأذان وقد كرهه مالك بن أنس وغيره من العلماء كراهية شديدة لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مشابهة الغناء، ومنه أنهم يخلطون أذان الفجر بالتذكير والتسبيح والمواعظ، ويجعلون الأذان وسطا فيختلط، وقد كره العلماء كل ما يضاف إلى الأذان، وقد رأينا من يقوم بالليل كثيرا على المنارة فيعظ ويذكر، ومنهم من يقرأ سورا من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم. وكل ذلك من المنكرات. انتهى
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وَمِنْهَا تَرْكُ التَّلْحِينِ في الْأَذَانِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا جاء إلَى ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما فقال إنِّي أُحِبُّكَ في اللَّهِ تَعَالَى فقال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما إنِّي أَبْغَضُكَ في اللَّهِ تَعَالَى
فقال لِمَ قال لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُغَنِّي في أَذَانِكَ يَعْنِي التَّلْحِينَ. انتهى.
وقال في مواهب الجليل وهو أحد كتب المالكية المعتمدة: فتحصل من هذا أنه يستحب في المؤذن أن يكون حسن الصوت ومرتفع الصوت، وأن يرجع صوته ويكره الصوت الغليظ الفظيع والتطريب والتحزين إن لم يتفاحش وإلا حرم. انتهى.
وقال الإمام أبو طالب المكي رحمه الله في كتابه: ومما أحدثوه التلحين في الأذان وهو من البغي فيه والاعتداء. انتهى.
ولمزيد الفائدة والإطلاع على كلام أهل العلم في المسألة انظر الفتوى رقم: 35591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(11/4661)
مدى صحة القول بأن الأذان لا ينقطع عن الكرة الأرضية
[السُّؤَالُ]
ـ[يحفظكم الله أريد التأكد من صحة هذه الدراسة..؟!
((الأذان لا ينقطع عن الكرة الأرضية (24) ساعة))
لقد توصل باحث في علوم الرياضيات بدولة الإمارات العربية المتحدة لمعادلة حسابية عبقرية، تؤكد إعجاز الخالق عز وجل في إعلاء نداء الحق ' صوت الأذان ' طوال 24 ساعة يومياً، وقال الباحث في دراسته: إن الأذان الذي هو دعاء الإسلام إلى عبادة الصلاة، لا ينقطع عن الكرة الأرضية كلها أبداً على مدار الساعة , فما إن ينتهي في منطقة حتى ينطلق في الأخرى!!! وشرح الباحث ' عبد الحميد الفاضل ' فكرته بشرحه كيف أن الكرة الأرضية تنقسم إلى 360 خطاً، تحدد الزمن في كل منطقة منها , يفصل كل خط عن الخط الذي
يليه أربع دقائق بالضبط , والأصل في الأذان أن ينطلق في موعده المحدد , ويفترض أن يؤديه المؤذن أداء حسنا يستمر أربع دقائق من الزمن. ولتقريب الصورة أكثر فإذا افترضنا أن الأذان انطلق الآن في المنطقة الواقعة عند خط الطول واحد , واستمر أربع دقائق , وانتهت الأربع دقائق فإنه سينطلق في المنطقة الواقعة عند الخط اثنين , وعندما ينتهي سينطلق في الخط الثالث ثم الرابع وهكذا لا ينقطع الأذان طوال اليوم الكامل من حياة أرضنا , ويمكن التأكد بعملية حسابية صغيرة: 4×360 (خط طول) = 1440 دقيقة 1440 / 60 (دقيقة) = 24 ساعة.
فسبحان الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان لا ينقطع عن الكرة الأرضية تقديرا، أما في الواقع فلا يتحقق ذلك؛ لأن هناك أماكن يندر وجود البشر فيها أو ينعدم، سواء المسلمون وغيرهم، مثل المحيطات والبلاد غير المأهولة.
كما أنه ليس بالضرورة أن يوجد مسلمون في كل مكان يوجد فيه بعض البشر.
وكذلك افتراض أن كل مؤذن يستغرق أذانه أربع دقائق غير واقعي أيضا؛ لأن كثير من المؤذنين لا يستغرق أذانهم هذه الفترة.
فهذا القول، وإن كان منتشرا بكثرة في منتديات الإنترنت، لكن عند التأمل فيه يظهر ضعف مأخذ قائله.
وقد نقل عن الشيخ عبد الرحمن السحيم أنه سئل عن صحة ذلك فقال: لا أعلم صِحّته، ولا أظنه يصحّ؛ لأنه عمل دراسته على تقدير كون وقت أداء الأذان (4 دقائق) ، وهذا أطول ما يكون الأذان! والأذان عادة يكون من دقيقة إلى دقيقة ونصف. والقول بأن الأذان لا ينقطع عن الكرة الأرضية يحتاج له إلى دراسة أوقات الأذان في العالم حسب توقيت كل بلد، وليس حسب خطوط الطول والعرض فحسب. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(11/4662)
حكم أذان وإمامة من يتعاطى الحشيشة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إننا نعمل في الصحراء ونصلي جماعة، لكن المؤذن يتكيف الكيف هو الحشيش، يؤذن وبعض الأحيان يصلي بالجماعة. هل يجوز له أن يؤذن؟ وهل يجوز لنا أن نصلي وراءه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في تحريم الحشيشة وأن تعاطيها من كبائر الذنوب لما فيها من الإسكار والضرر المحقق، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 24171، وما أحيل عليها فيها.
وأما أذان هذا الرجل فلا شك في كراهته، وأنه لا يجوزُ الاعتماد على خبره في دخول الوقت، لأنه فاسقٌ بتعاطيه للحشيشة، وإن كان أذانه يصح عند الجمهور خلافاً للحنابلة في وجه، قال ابن قدامة في الشرح الكبير:
ذكر أصحابنا في صحة أذان الفاسق وجهين: أحدهما: لا يصح لما ذكرنا في الصبي ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفهم بالأمانة، والفاسق غير أمين. والثاني: يصح لأنه ذكر تصح صلاته فصح أذانه كالعدل. وهذا قول الشافعي وهذا الخلاف فيمن هو ظاهر الفسق. فأما مستور الحال فيصح أذانه بغير خلاف علمناه. انتهى. وانظر لتفصيل أقوال العلماء في المسألة الفتوى رقم: 98947.
وأما الصلاة خلفه فهي مكروهةٌ كذلك، ولكنها صحيحةٌ على الراجح، إن كان يأتي بشروط الصلاة وأركانها على وجهها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها: فقيل: لا تصح. كقول مالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنهما. وقيل: بل تصح. كقول أبي حنيفة، والشافعي، والرواية الأخرى عنهما، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته. انتهى. وانظر الفتويين رقم: 115770، 101196.
وبه تعلم أنه لا ينبغي لكم تولية هذا الرجل منصب الأذان والإمامة، وينبغي أن تبحثوا عن عدل غيره يؤذنُ، ويصلي بكم، وهذا الحكم المتقدمُ فيما إذا كان هذا الرجل يؤذن ويؤم حال إفاقته، وأما إذا كان يؤذن ويؤم حال سكره بتعاطيه للحشيشة، فليس أذانه صحيحاً وكذا صلاته لا تصح، لأن من شروط صحة العبادة العقل، وهو منتفٍ هنا بالسكر، قال النووي في الروضة: ولا يصح أذان السكران على الصحيح ويصح أذان من هو في أول النشوة. انتهى. وانظر لبيان حكم الصلاة خلف السكران الفتوى رقم: 59470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(11/4663)
الدعاء المسنون بعد الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: بعد أن يؤذن المؤذن أذان الإقامة (في أي صلاة) نسمع الإمام يقول (اللهم رب هذه الدعوة التامة ثم يقول بعد ذلك استووا هدانا وهداكم الله - ويقول بعض المأمومين بعد هذه العبارة أثابنا وأثابكم الله -، ويقول الإمام أيضا استووا ولا تختلفوا فتختلف وجوهكم، حاذوا بين والمناكب سدوا الفرج والخلل ولا تدعوا فرجا للشيطان، وبعضهم يزيد صلوا صلاة مودع، ويقول أيضا اللهم ارحم وقوفنا بين يديك ولا تخزنا يوم العرض عليك، ثم بعد ذلك يكبر تكبيرة الإحرام فهل فيما سبق شيء مما ورد عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وهل يجوز الدعاء أو التذكير بتلك العبارات أو غيرها بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لقول الإمام: اللهم رب هذه الدعوة التامة بعد الإقامة فهو مشروعٌ للإمام وغيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيام ة. رواه البخاري، والإقامة أحد الأذانين، ومن ثم نص كثيرٌ من العلماء على مشروعية هذا الذكر بعدها كما هو مشروعٌ بعد الأذان.
قال ابن حجر المكي: لم أر من قال بندب الصلاة والسلام أول الإقامة وإنما الذي ذكره أئمتنا أنهما سنتان عقب الإقامة كالأذان، ثم بعدهما: اللهم رب هذه الدعوة التامة. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة: وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سَمِعتُم المؤذِّن فقُولُوا مِثْلَ ما يَقُول. وهذا يعم الأذان والإقامة؛ لأن كلاً منهما يسمى أذاناً. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم: (لا إله إلا الله) ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ... إلخ كما يقول بعد الأذان، ولا نعلم دليلاً يصح يدل على استحباب ذكر شيء من الأدعية بين انتهاء الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام سوى ما ذكر. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 109360.
وأما أمر الإمام بتسوية الصفوف بقوله:استووا، ونحوها من العبارات، فهو مشروع وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، والأولى التزامُ ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم، مثل قوله: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم. رواه مسلم، وقوله: استووا وتراصوا.أخرجه أحمد.
وعلى الإمام أن يأمر بما يقتضيه الحال تحقيقاً لمصلحة تسوية الصف. ق ال الشيخ العثيمين: يقول ما يناسب الحال إذا رآهم لم يستووا قال: استووا، وإذا رآهم لم يتراصوا قال: تراصوا، وإذا رآهم لم يكملوا الصف الأول فالأول قال: أكملوا الصف الأول فالأول؛ لأن هذا القول ليس متعبداً به بذاته، ولكنه يقال إذا دعت الحاجة إليه. انتهى.
وأما قول الإمام: صلوا صلاة مودع، فقد بينا حكمه، وأنه لا بأس به، لكن لا تشرع المواظبة عليه. وانظر الفتوى رقم: 20594.
وكذا دعاؤه: اللهم ارحم وقوفنا بين يديك..إلخ، فليس ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تشرع المواظبة عليه، وانظر الفتوى رقم: 43753.
وكذا قول الإمام: هداكم الله، وجواب المأمومين له: أثابنا وأثابكم الله، فلا نعلم له أصلاً في السنة، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثمّ فالأولى ترك هذا، والاقتصار على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الله عز وجل: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {آل عمران:31}
قال ابن قدامة في المغني: قيل لأحمد: قبل التكبير يقول شيئا؟ قال: لا، يعني ليس قبله دعاء مسنون إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولأن الدعاء يكون بعد العبادة لقول الله تعالى: {فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب} انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(11/4664)
الأدلة على أن إجابة المؤذن مستحبة لا واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكرتم في الفتوى رقم:120861. القرينة التي تصرف الأمر بترديد الأذان من الوجوب إلى الاستحباب، وذكرتم ما تعقب به ابن حجر هذه القرينة. فهل هناك قرائن أخرى غير متعقبة؟ وإن لم يكن فلماذا لا يقال بالوجوب كما هو ظاهر الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على العلم وتحريك للدليل، ثم اعلم أن ترديد الأذان من الوظائف المهمة التي لا ينبغي الإخلال بها، والاختلاف في وجوبه مما يحدو بالحريص على الخير إلى المحافظة عليه.
والصحيح الذي نختاره أن متابعة المؤذن مُستحبةٌ لا واجبة، وهذا قول الجماهير.
قال النووي في المجموع:
مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة وبه قال جمهور العلماء، وحكى الطحاوي خلافا لبعض السلف في إيجابها وحكاه القاضى عياض. انتهى.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول. أمرُ استحباب لا إيجاب، وليست القرينة التي ذكرناها في الفتوى المحال عليها، هي وحدها الصارفة لهذا الأمر من الوجوب إلى الندب، وإن كانت قويةً صالحة لصرفه بمفردها، بل هناك قرائنُ أخرى احتج بها العلماءُ على أن متابعة المؤذن مستحبة.
قال العلامة العثيمين في الشرح الممتع:
وقوله: يُسَنُّ لسامعه متابعتُه سِرًّا، صريحٌ بأنه لو ترك الإجابة عمداً فلا إثم عليه، وهذا هو الصَّحيح. وقال بعض أهل الظَّاهر: إن المتابعة واجبة، وإنه يجب على من سمع المؤذِّن أن يقول مثلَ ما يقول.
واستدلُّوا بالأمر: إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول. والأصل في الأمر الوجوب، ولكن الجمهور على خلاف ذلك.
واستدلَّ الجمهور بأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم سمع مؤذِّناً يؤذِّن فقال: على الفِطرة، ولم يُنقل أنه أجابه أو تابعه، ولو كانت المُتابعة واجبة لفعلها الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام ولنُقِلَتْ إلينا.
وعندي دليلٌ أصرحُ من ذلك، وهو قولُ النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام لمالك بن الحُويرث ومن معه: إذا حضرت الصَّلاةُ فليؤذِّنْ لكم أحدُكم، ثم لِيَؤمَّكُم أكبرُكم، فهذا يدلُّ على أنَّ المتابعة لا تجب. ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم؛ وتدعو الحاجةُ إلى بيان كلّ ما يُحتاج إليه، وهؤلاء وَفْدٌ قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في متابعة الأذان، فلمَّا ترك النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم التنبيه على ذلك مع دُعاءِ الحاجة إليه؛ وكون هؤلاء وفداً لَبِثُوا عنده عشرين يوماً؛ ثم غادروا؛ يدلُّ على أنَّ الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأرجح. انتهى.
ويدل على الاستحباب أيضاً عمل السلف، فقد روى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره: أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يُصَلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة: جلسنا نتحدث. فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد. قال ابن شهاب: فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام. انتهى.
فهذا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يتحدثُ الناس بحضرته، والمؤذنُ يؤذن وفي المسجد جمعٌ من أكابر الصحابة، ثم لا يقع من أمر منهم نكيرٌ على من يترك متابعة المؤذن، قال الألباني رحمه الله في تمام المنة:
هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن، لجريان العمل في عهد عمر على التحدث في أثناء الأذان، وسكوت عمر عليه، وكثيرا ما سئلت عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبت بهذا. انتهى.
فظهرَ لك بما ذكرناه قوة القول بأن إجابة المؤذن مستحبةٌ لا واجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(11/4665)
مستند من احتج على عدم وجوب قول السامع مثل ما يقول المؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سألت فى السؤال رقم2226282 قائلا: إذا كان الأمر للوجوب فلم لا يقولون بوجوب ترديد الأذان لقول النبى: فقولوا مثل ما يقول. وقد أحلت إلى إجابات أسئلة أخرى مفادها أن الأمر يقتضى الوجوب إلا بقرينة وأن ترديد الأذان سنة عند الجمهور، ولكن فضيلتكم لم تذكروا القرينة فأرجو بيانها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 11516، خلاف أهل العلم في المسألة فقد ذهب الحنفية والظاهرية وابن وهب من المالكية إلى الوجوب، وذهب الجمهور للاستحباب ورجح الطحاوي مذهب الجمهور كما قال العيني في شرح صحيح البخاري.
وقد ذكر ابن حجر والزرقاني أن الجمهور احتجوا على عدم الوجوب بما في صحيح مسلم من حديث أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار، فسمع رجلا يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: خرجت من النار. انتهى.
فلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم غير ما قال المؤذن علم أن الأمر في قوله: فقولوا مثل ما يقول ليس للوجوب. وتعقبه ابن حجر بأنه ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ما قال، فيجوز أن يكون قاله ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة ونقل القول الزائد، ويحتمل أن هذا كان قبل صدور الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/4666)
الأذان لصلاة الجماعة في غير المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان الصحابة إذا ما صلوا في مسجد صلاة الجماعة لسبب أو آخر يؤذنون في بيوتهم قبل الصلاة المفروضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الأذان مشروعٌ في حق كل أحد، فهو مستحبٌ للمنفرد، وللجماعةِ إذا كان قد أذن في البلد، وهو فرض كفايةٍ يأثم المسلمون جميعاً إذا تركوه وانظر الفتوى رقم: 20674، ورقم: 21135.
وليس فعل الأذان مرتبطاً بالمسجد، بل إذا صلى الناس جماعةً ولو في غير المسجد شُرع لهم الأذان ودليل هذا ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث: إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم.، وفي رواية في الصحيحين: أذنا ثم أقيما.
بل هو مشروعٌ في حق المنفرد، وإن كان يصلي نائياً عن الناس لما ثبت في الصحيح من قول أبي سعيد لمالك ابن صعصعة: إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة.
مع العلم بأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يتخلفون عن المسجد إلا لعذر لا يتمكنون معه من الصلاة في المسجد، ففي صحيح مسلم وغيره عن ابن مسعود أنه قال: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(11/4667)
هل زاد بلال في أذان الفجر (الصلاة خير من النوم) من نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[بلال رضي الله عنه زاد على الأذان بقوله: الصلاة خير من النوم، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم فعله. هل كان لبلال أو لأحد من الصحابة أن يزيد أو ينقص في أي عبادة، وهم يعلمون أن فيها التوقيف، علما أن الاذان سنة، ولكنه من شعائر المسلمين. جزاكم الله خيرا.
أسال هل هناك تقعيد فقهي للمسالة أم خصوصية لبلال في هذا؟ وهل ثبت على أحد الصحابة في غير هذا الموضع أنه زاد أحد على عبادة وأقرها النبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي أشرت إليه، وفيه زيادة بلال لفظ: الصلاة خيرٌ من النوم. لفظه:
أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فأقرت في تأذين الفجر فثبت الأمر على ذلك. صححه الألباني في صحيح ابن ماجه، وورد ما يدل على أن تعليمَ بلال التثويب كان ابتداء من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الصنعاني: روى الترمذي، وابن ماجه، وأحمد من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: لا تثوبنَّ في شيء من الصلاة، إلا في صلاة الفجر. إلا أن فيه ضعيفاً، وفيه انقطاع أيضاً. انتهى.
وأياً ما كان الأمر فليس في الحديثِ ما يفيدُ أن بلالاً زاد في الأذان ما لم يرد به توقيف من الشارع، وإنما غايةُ ما وقع أنه قال هذه اللفظة رداً على من أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم نائم، ولم يرد بها التأذين أصلاً، وإنما شُرع التأذين بها في صلاة الصبح من حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً بذلك، فمشروعيتها إنما ابتدأت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها، لا من فعل بلال.
ونظيرُ ذلك من بعض الوجوه، أن عمر قال لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم {عسى ربه إن طلقكن. .الآية} فنزل القرآن بموافقة قوله، ولم يكن قوله قرآناً حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم.
وبه تعلم أن الحلال هو ما أحله الله ورسوله، والحرام هو ما حرمه الله ورسوله، والدين هو ما شرعه الله ورسوله، وليس لأحدٍ أن يزيد أو ينقص في هذا الدين الذي كمله الله عز وجل، لا بلالٌ ولا غيره.
ولو قُدرَ أن بعض الصحابة قال قولاً أو فعل فعلاً باجتهادٍ منه في زمن التشريع، ثم أقره النبي صلى الله عليه وسلم عليه، فلا يكون قول القائل أو فعله تشريع، وإنما التشريعُ في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم، ويكونُ في ذلك منقبةً لذلك الصحابي إذ وافق ما هو الصواب في نفس الأمر بقوله أو فعله، كما ثبت في صحيح البخاري وغيره: أن رجلاً قال: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال: مَن المتكلم؟ قال: أنا. قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول. ورواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه.
واعلم أنه ليس لأحدٍ أن يزيد في العبادات ما ليس منها، بزعم أنه يمكن أن يكون صواباً في نفس الأمر، لأن الدين قد كمل والشرع قد تم، فلا مجال للاستدراك عليه، ولأن الذي كان يقر وينكر قد استأثر الله به فتوفاه صلوات الله وسلامه عليه، فمن أين يُعلم أن هذا الاجتهاد موافقٌ أو مخالف، وقد انسد هذا الباب فوجب الامتناع وترك الإحداث في الدين، فكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/4668)
حكم وصل التكبيرات في الأذان وصلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط أن تكون التكبيرات متصلة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك من السؤال وصل تكبيرات العيد، فليس هذا من السنة،بل المأثور عن الصحابة يقتضي أنه يفصل بين تكبيرات العيد، وقد فصّلنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 113149.
وإن كان مقصودك السؤال عن تكبيرات الأذان أي هل يصل أو يفصل بين كل تكبيرتين؟
فاعلم أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة، وصحح النووي في شرح مسلم أنه يصل بين كل تكبيرتين, وانتصر جمع من المحققين لمشروعية الوقوف على كل تكبيرة، لأن الأصل في كل جملة تأسيس معنى جديد لا توكيد ما قبلها, وممن رجح هذا القول بقوة الشيخ بكر أبو زيد –رحمه الله- في كتابه النافع: تصحيح الدعاء، والظاهر –إن شاء الله- أن الأمر واسع، وأن من فعل هذا فلا حرج، ومن فعل هذا فلا حرج.
قال في حاشية الروض: فيكون التكبير في أوله أربع جمل، والتكبير في آخره جملتين، فيقف على كل تكبيرة، لأن التكبيرة الثانية إنشاء ثاني لا توكيد فيقول: الله أكبر, ويقف, وكذلك التكبيرات الباقية, قال النخعي: شيئان مجزومان لا يعربان: الأذان والإقامة. وقال الشيخ: -أي شيخ الإسلام ابن تيمية-:ومن الناس من يجعل التكبيرات الأربع جملتين يعرب التكبيرة الأولى في الموضعين، وهو صحيح عند جميع سلف الأمة، وعامة خلفها، سواء ربع في أوله أو ثناه.
وإن كان مقصودك غير هذا فبينه لنتمكن من الجواب عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1430(11/4669)
متابعة المؤذن مع كونه بعيدا وصوته غير واضح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال رقم 2220304 المتعلق بتكرار الأذان وراء المؤذن، فجزاكم الله خيراً على إجابتكم، ولقد أفدتموني كثيراً، ولكني أردت مع ذلك الإجابة على السؤال التالي: في حالة كان صوت المؤذن بعيداً وغير واضح، هل يصح لي أن أكرر وحدي؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمتابعة المؤذن تسن لسامعه كما دل على ذلك حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ... رواه البخاري وغيره، ولا نعلم مانعاً يمنع من متابعته إذا كان صوته بعيداً وغير واضح، فيجتهد سامعه في السماع والمتابعة، وله الأجر إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(11/4670)
حكم أذان الطفل المميز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يقوم طفل بأداء الأذان للصلاة على الرغم من وجود من هو أفضل منه، علما أنه لا يملك صوتا جميلا، أهله يقولون تشجيعا له، وأنا أحيانا والله لا أرغب بالذهاب إلى المسجد بسبب هذا الطفل؟
ولكم جزيل الشكر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن يؤذن الطفل، ما دام مميزا، إذا لم يكن للمسجد مؤذن راتب، فإن كان للمسجد مؤذن راتب فلا يجوز لأحد أن يؤذن بغير إذنه، وراجع الفتوى رقم: 15783.
وإن كان الكبير البالغ أولى من الصغير كما أن الأندى صوتا أولى بالأذان من غيره.
ومع هذا فنقول للأخ السائل لا ينبغي أن تدع الشيطان يحول بينك وبين الأجر المرتب على الذهاب إلى المسجد بهذه الحجة، كما أن صلاة الجماعة واجبة على القول الصحيح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(11/4671)
حكم إغلاق برنامج الأذان الموجود على الجوال أثناء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك برامج يتم تحويلها على الجوال مثل برنامج الأذان. فهل يجوز إغلاق الجوال أثناء عمل هذه البرامج أم يجب تركه حتى ينتهي الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا من إغلاق برنامج الأذان الموجود على الجوال أثناء الأذان، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 66681، والفتوى رقم: 105158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(11/4672)
رد شبهة أن استعمال مكبرات الصوت في الأذان بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف رأي الدين في مكبرات صوت المساجد إذا تسببت في إزعاج من هم قريبون من المسجد، بعض المراجع تقول إن مكبرات الصوت بدعة، وبعضها تقول إنه أداة قيمة لتوصيل صوت المؤذن لمن هم بعيدون عن المسجد، فما هو الرأي الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على استحباب رفع الصوت بالأذان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤذن يغفر له مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس. رواه الخمسة إلا الترمذي.
وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا يشهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
وإنما شرع رفع الصوت بالأذان لما فيه من إظهار شعار الإسلام وإعلاء كلمة التوحيد ودعوة الناس إلى الصلاة، وكل وسيلة يتحقق بها هذا المقصود وتحصل بها المبالغة في الإسماع فهي مشروعة مندوب إلى استعمالها لما فيها من تحقق مقصود الشرع المطهر، واستعمال مكبرات الصوت من هذا الباب، فإنها من أعظم نعم الله على عباده، وقد حصل بها خير كثير من تنبيه الناس وإعلامهم بحضور الصلاة ورفع شعار الإسلام وكلمة التوحيد.
وما زعمته من أن صوت المكبرات يزعج بعض الناس كلام فاسد، فإن القلوب الحية المؤمنة تفرح بذكر الله ولا تنزعج، ثم إن زمن النداء يسير فلا يكاد يحصل به إيذاء لمشتغل بشغلٍ، أو مريض أو نحوه كما يلبس بذلك بعض من قل دينه وخف يقينه ممن يريد ألا يظهر شعار الإسلام في بلاد المسلمين لا حقق الله لهم مطلباً.
ولو فرضنا أن صوت الأذان بالمكبر يزعج قليلاً من الناس فهذه مفسدة يسيرة جداً بجانب المصلحة الراجحة العظيمة الحاصلة من وراء استعمالها، فلا شك بعد هذا في مشروعية استعمالها، ولا نعلم أحداً من أهل العلم المعتبرين المشهود لهم بالصلاح والاستقامة على السنة أنكر هذه المكبرات، بل عامتهم في مختلف بلاد الإسلام يستحسنها ويقرها، والقول بأن استعمالها بدعة مع أن قائله مجهول لا نعلمه من أهل العلم فهو قول باطل مردود، لأن الفعل إنما يصدق عليه وصف البدعة إذا وجد المقتضي لفعله وانتفى المانع وتركه النبي صلى الله عليه وسلم، كما حرر ذلك شيخ الإسلام في الاقتضاء والشاطبي في الاعتصام، ولا شك أن المكبرات لا يتحقق فيها هذا الوصف، فيمتنع بعد هذا وصف استعمال المكبرات بأنه بدعة، ثم إن غالب من يردد هذه الدعاوي هم أذناب الغرب الذين يريدون لبلادنا أن تنسلخ من هويتها، ومن جملة ذلك أن يزول من أرجائها صوت الأذان الذي هو من أعظم شعائر الدين، وأكبر الروابط بين حاضرنا الأليم وماضينا المشرق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(11/4673)
حكم الأذان جالسا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأذان جالسا في المسجد بدعوى العجز؟ بالرغم من وجود القادر على القيام بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن يؤذن المؤذن جالسا إذا لم يقدر على القيام، فالقيام ليس شرطا للأذان، وإنما يستحب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(11/4674)
حكاية الأذان إذا تعدد المؤذنون
[السُّؤَالُ]
ـ[عند سماعى أذانات كثيرة أخذت بالأذان الأخير وليس عن قصد بل هو المسموع لدي بطريقة واضحة وأكرر معه مع العلم بأننى على وشك إكمال الستين من العمر والسمع وسط وهل في رمضان إن شاء الله آخذ بالتكبيرة الأخيرة أم عند السمع الخفيف الآتي من بعيد وأمسك؟ بالله عليكم أفيدوني. وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكاية الأذان سنة مرغب فيها ويثاب المسلم عليها، وإذا تعدد المؤذنون، قال بعض أهل العلم: يقتصر السامع على حكاية الأذان الأول لما فيه من امتثال الأمر بحكاية الأذان الوارد في الحديث الصحيح، وقالوا الأمر لا يقتضي التكرار.
وقال بعضهم: إذا تعدد المؤذنون يحكي السامع الجميع على الترتيب، وليس هذا على سبيل الوجوب بل الاستحباب.
وبناء على ما تقدم فلا إثم عليك في حكاية الأذان الأخير، وعدم حكاية ما قبله، سواء كان ذلك لعدم التمكن من سماعه جيدا أو لسبب آخر، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 101073.
وبخصوص رمضان فإن الإفطار مرتبط بغروب الشمس، والإمساك عن المفطرات مرتبط بطلوع الفجر الصادق، وليس أي منهما مرتبط بسماع الأذان، لكن إذا كان المؤذن عدلا عارفا بالأوقات جاز تقليده في تحديد وقت الفطر والسحور، وبالتالي فلك الفطر والإمساك عند سماع الأذان الذي يغلب على ظنك أن صاحبه يؤذن عند دخول الوقت، ولو عملت بالأحوط بأن أمسكت عند أذان الأول منهم، وأفطرت عند أذان الأخير فهذا حسن، وراجعي الفتوى رقم: 26098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(11/4675)
الأذان عبر مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 2195149 والذي له جواب الفتوى رقم 111304 ... أريد أن أضيف وفقكم الله أني أقيم في بلد غربي بحيث يمنع تماما استعمال مكبر الصوت في الأذان وعلى حسب قول أهل الرأي: فرض كفاية فأقل ما يتأدى به الفرض أن ينتشر الأذان في جميع أهل ذلك المكان, فإن كانت قرية صغيرة بحيث إذا أذن واحد سمعوا كلهم سقط الفرض بواحد, وإن كان بلدا كبيرا وجب أن يؤذن في كل موضع واحد بحيث ينتشر الأذان في جميعهم, فإن أذن واحد فحسب سقط الحرج عن الناحية التي سمعوه دون غيرهم.´´..... فإذا كنا لا نسمع الأذان بتاتا فمالعمل إذا؟ وهل يجوز أن تكون هناك إقامة للصلاة دون النداء إليها؟
وهل يجوز القياس على هذا الحديث ونفهم منه أنه يجب على الفرد إذا صلى في بيته وحده الأذان؟
( ... يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني , فقد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة..)
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 65: رواه أبو داود في صلاة السفر رقم (1203) , والنسائي في الأذان (1 / 108) وابن حبان (260) من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حدثه عن “عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد مصري صحيح, رجاله كلهم ثقات, وأبو عشانة اسمه حي بن يؤمن وهو ثقة.
وفي الحديث من الفقه استحباب الأذان لمن يصلي وحده, وبذلك ترجم له النسائي , وقد جاء الأمر به وبالإقامة أيضا في بعض طرق حديث المسيء صلاته, فلا ينبغي التساهل بهما.
أفيدوني جازاكم الله خيرا على هذه الخدمة وجعلها في ميزان حسناتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من كونِكَ مقيماً في بلدٍ غربي ويُمنع هناك استخدام مكبرات الصوت فننصحك أولاً -إن كان عندك قدرة- بالانتقال إلي دارِ الإسلام حيثُ دين الله قائم وشعائر الإسلام ظاهرة، وأما إذا كنت عاجزاً عن ذلك فاعلم أن ما ذكرناه في الفتوي المشار إليها ونقلناه عن أهل العلم إنما هو مقيدٌ بالقدرة، فإن التكاليف تسقط بالعجز، قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} .
وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استطعتم {التغابن:16} .
فقاعدة الشرع أن من عجز عن شيءٍ سقط عنه، فإذا كنتم عاجزين عن إظهار الأذان فلا حرج عليكم وافعلوا ما تقدرون عليه من رفع الصوت بالأذان داخل المساجد بحيثُ لا يحصل لكم ضرر.
وأما ما ذكرته عن وجوبِ الأذان على من صلى في بيته فلم يقل به أحدٌ من أهل العلم فيما نعلم، والذين أوجبوا الأذان إنما أوجبوه علي الجماعة. لحديث: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما. رواه البخاري.
والحديثُ الذي ذكرته لا يدلُ علي الوجوب وإنما فيه فضيلةُ أذان المنفرد ومثوبةُ فاعله، وقد نصَّ الشيخُ الألباني في الكلام الذي ذكرته عنه علي الاستحباب فلا إشكال، وأما الاكتفاء بالإقامة فهو جائزٌ للمنفرد وجائزٌ كذلك عند من لا يوجب الأذان لكن تفوتُ به الفضيلة، وإذا كنتم لا تسمعون النداء بتاتاً كما تقول فعليكم أن تتحروا أوقات الصلاة وتحرصوا على إتيان المساجد للصلاة فيها في جماعة، وهذه المساجد يوجد فيها بفضل الله من يؤذنون بداخلها ويقيمون الصلاة ويفعلون ما يقدرون عليه، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للثبات على دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(11/4676)
الأذان داخل المسجد بدون مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأذان في المسجد دون مكبر للصوت، أنا مقيم في بلد أجنبي وكما تعلمون يمنع إشهار الأذان فهل يجوز للمصلين أن يؤذنوا داخل المسجد دون مكبر للصوت، وما حكم ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلمين عبر العصور كانوا يؤذنون من غيرِ مكبرٍ للصوت، فلو أمكن استعمال مكبر الصوت في الأذان فهو حسن لأنه يحصل به المقصود من الإعلام، لكنه ليس شرطاً في صحةِ الأذان، ورفعُ الصوت في الآذان مستحب فقد صح أنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري، لكن الأذان يحصل ولو بإسماع واحد فقط من الجماعة، قال النووي في المجموع: فإن كان يؤذن لجماعة استحب أن يرفع صوته ما أمكنه بحيث لا يلحقه ضرر , فإن أسر به لم يصح ... وموضع الخلاف إذا سمع نفسه فحسب فإن لم يسمع نفسه فليس ذلك بأذان ولا كلام , وإن أسمع بعض الناس دون بعض حصل الأذان قطعا , قال صاحب الحاوي: لو أسمع واحدا من الجماعة أجزأه، لأن الجماعة تحصل بهما. انتهى بتصرف يسير.
فاتقوا الله ما استطعتم، واجتهدوا في تحقيق السنة برفع الصوت في الأذان بما لا يلحقكم معه ضرر، زادكم الله حرصاً على الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(11/4677)
حكم مسح الرأس عندما ينتهي المؤذن من الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
ألاحظ دائما عندما ينتهي المؤذن من الأذان يقوم بعض الأشخاص بمسح أيديهم من مؤخرة رؤوسهم إلى الأمام، فهل لهذا الفعل أصل شرعي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فالمستحب عند سماع الأذان أن يقول السامع ما قال المؤذن، فإذا انتهى صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله له الوسيلة، أما ما يقوم به البعض من مسح الرأس في ذلك الوقت فلم نجد له دليلاً يعتمد عليه ومثل هذا لا يتعبد به إلا إذا دلت عليه السنة المطهرة لأنه لا مجال للاجتهاد ولا للرأي فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع عند سماع الأذان أن يقول السامع ما قال المؤذن، فإذا انتهى صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله له الوسيلة، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة.
وروى البخاري عن جابر بن عبد الل هـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة.
وروى مسلم والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً غفر له ذنبه.
أما ما يقوم به البعض من مسح الرأس في ذلك الوقت فلم نجد له دليلاً يعتمد عليه، ومثل هذا لا يتعبد به إلا إذا دلت عليه السنة المطهرة لأنه لا مجال للاجتهاد ولا للرأي فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/4678)
حكم قول الله أعلى وأجل عند ترديد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أنه عندما نسمع الأذان فإننا نتبعه لكن عندما يقول المؤذن الله أكبر هل نقول نحن أجل وأعلى وأعظم أم نقول فقط الله أكبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سمع الأذان فإنه يقول مثل ما يقوله المؤذن امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. متفق عليه.
وعليه فعند ما يقول المؤذن الله أكبر فليقل من يسمعه الله أكبر ولا يقل بدلها الله أعلى أو أجل أو ما في معنى ذلك.
وترديد الأذان خلف المؤذن سنة عند الجمهور كما تقدم في الفتوى رقم: 11516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/4679)
حكم سؤال الوسيلة بعد الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعلم هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل كل صلاة مفروضة دعاء (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ... ) ، لأن هناك بعض أئمة المساجد يقولونها والبعض لا يقولونها, فما هو دليل كل من هذين الفريقين وأيّ الأدلّة أقوى وأرجح وأصحّ وموافق للسنّة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء الذي سألت عنه مشروع ومرغب فيه عند سماع النداء، ففي صحيح البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة. والإقامة تعتبر نداء، وبالتالي يشرع بعدها الدعاء المشروع بعد الأذان، هذا ظاهر ما عليه جمهور العلماء، كما تقدم في الفتوى رقم: 9391، وراجع في ذلك أيضاً الفتوى رقم: 33388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(11/4680)
سماع الأذان عبر التلفاز لا يقوم مقام الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي بعض الفروض في المنزل وأسمع الأذان من التلفاز، فهل يجوز إقامة الصلاة وأصلي وأعتبر الأذان في التلفاز أذانا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان يوجد بجوار الأخ السائل مسجد فليذهب للصلاة فيه مع الجماعة، وإن لم يكن بجواره مسجد أو فاتته الصلاة فيه في بعض الأحيان فليحاول الحصول على جماعة ليصلي معها سواء وجدها في بيته أو غيره، وفي هذه الحالة لا يطالب بالأذان كما يطالب به في المسجد، ولو أذن استحب له ذلك ولا يجب عليه.
وسماع الأذان عبر التلفاز لا يقوم مقام الأذان المستحب؛ إلا أنه من حيث الإعلام بدخول الوقت فإنه يحصل به إذا كان مضبوطاً على ذلك وفي نفس البلد الذي فيه الشخص ... وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46571، 31085، 72173، 76738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(11/4681)
حكم قول ظهر الحق وزهق الباطل بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة قول ظهر الحق وزهق الباطل بعد سماع الأذان، فأفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة لسامع الأذان أن يقوم بحكايته بحيث يتابع المؤذن فيما يقول ثم بعد الأذان يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول الدعاء المأثور في هذا المقام، والذي تقدم ذكره في الفتوى رقم: 9391.
ولا نعلم دليلاً يفيد استحباب قول ظهر الحق وزهق الباطل بعد سماع الأذان، فلا تنبغي المداومة على قولها في هذا الوقت بعينه مخافة الوقوع في البدعة الإضافية، وراجع لذلك الفتوى رقم: 74823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/4682)
حكم تشغيل القرآن أثناء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تشغيل القرآن أثناء الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا ينبغي تشغيل شريط فيه تلاوة قرآن أثناء الأذان، بل ينبغي إغلاقه إذا كان هناك من يستمع للأذان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي تشغيل شريط مشتمل على قرآن أثناء الأذان بل ينبغي إغلاقه إذا كان هناك من يقوم بحكاية الأذان لئلا تفوته متابعة المؤذن المأمور بها في الحديث الصحيح، وراجع الفتوى: 27123.
مع التنبيه على أن الجهر بتلاوة القرآن في المسجد غير مشروع إذا ترتب عليه التشويش على المصلين وأذيتهم كما سبق في الفتوى رقم: 11503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/4683)
الأحق بالأذان في المسجد الذي لا مؤذن له
[السُّؤَالُ]
ـ[المسجد الذي عندنا ليس له مؤذن معين من قبل الأوقاف فأذهب مبكرا إلى المسجد لكي أؤذن قبل أي أحد ولكن يأتي بعض الناس قبل 5 و10دقائق أيضا ليؤذنوا، ومنهم من هو كبير في السن وأكون قبلهم وصوتي لا بأس به، فعندما أتقدم للأذان وهم موجودون أشعر أنهم يكرهون ذلك، وإذا لم أقم يذهبون هم ليؤذنوا دون الاعتذار لي، فما هي نصيحتكم لي لو تكرمتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المسجد ليس له مؤذن مرتب من طرف الجهة المسؤولة عن المساجد، فليس هناك أحد أحق بالأذان من غيره، ولا مانع من أن يؤذن فيه أكثر من واحد إلا في صلاة المغرب، فقد ذكر بعض الفقهاء أنه لا يشرع لها إلا أذان واحد نظرا لضيق الوقت، وليس لأحد أن يمنع غيره من الأذان، ولا يطالب من أذن من جماعة المسجد بالاعتذار للشخص الذي غالبا يسبق للأذان لأن لذلك الشخص أن يؤذن هو أيضا.
والذي ينبغي هو التسابق إلى الأذان في أول الوقت احتسابا للأجر عند الله تعالى لا رياء ولا سمعة، ولو اتفق الجماعة على شخص واحد يصير مؤذنا كان ذلك أولى لتكون المسؤولية على شخص واحد يلتزم بها، ولو فعلوا ذلك فليختاروا أنداهم صوتا مع مراعاة الأمانة والدين.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 62281.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(11/4684)
حكم الأذان بمصلى العمل بعد دخول الوقت بزمن
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عمال في شركة وليس لنا مسجد ولا إمام عندما يكون وقت صلاة يتقدم أحد منا يصلي بنا في أحد الأيام وقت المغرب سمعت الآذان فتوجهت إلى مكان الصلاة ثم جلست أنتظر لقيام صلاة الجماعة فإذا بأحد الإخوة قام يؤذن فقلت له يا أخي قد أذن في البلاد كلها فقال الأذان سنة فقلت له أفلا يكفي الأذان الرسمي للبلاد.؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا وخاصة في صلاة المغرب الوقت ضيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان بالنسبة لكم مستحب ولا يغني عنه الأذان في الأماكن الأخرى، وهو مشروع ما دام الوقت باقيا، وعلى هذا فما قام به الأخ المذكور كان صوابا لا سيما وأنتم جماعة تحتاجون التنبيه على الصلاة ليستعد للصلاة من كان غافلا أو مشغولا.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 31085، والفتوى رقم: 95032.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/4685)
ضابط لتمييز الأذان الصحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مؤذن وعنده عدة أخطاء بدل أن يقول الله أكبر يقول (الله اكبار) وبدل أشهد أن لا إله إلا الله يقول (اشد ان لا الها الا الله) وبدل أشهد أن محمدا رسول الله يقول (اشد ان محمد رصول الله) وبدل أن يقول حيى على الصلاة يقول (حيى على السلاة) عدى أخطاء التفخيم والترقيق في غير المواضع، ما حكم هذا الأذان، أرجو أن تبعثو الجواب على البريد الإلكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن جمهور الفقهاء على أن اللحن في الأذان إن كان يغير المعنى فهو مبطل للأذان، وإن كان لا يغير المعنى فهو مكروه، فيمكنك مراجعة الفتوى رقم: 36609.
وفي بعض مما ذكرت من كلمات هذا الأذان نوع من اللحن يغير المعنى ككلمة " أكبار" وكلمة "أشد" فيبطل الأذان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(11/4686)
الأذانان يوم الجمعة وحكم قراءة القرآن أثناء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مرة يؤذن المؤذن يوم الجمعة وإذا كنت أقرأ القرآن يوم الجمعة والمؤذن يؤذن فهل أكمل أم أختم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللجمعة أذانان أحدهما كان على عهده صلى الله عليه وسلم، والثاني زاده عثمان كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 18313، وما زاد على الأذانين كما يفعل في بعض بلاد المغرب حيث يؤذنون ثلاث مرات فهذا بدعة في الدين، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: فتوهم كثير من أهل الأمصار أن الأذان لصلاة الجمعة ثلاث مرات ... وهو بدعة، قال ابن العربي في العارضة: وأما المغرب أي بلاد المغرب فيؤذن ثلاثة من المؤذنين لجهل المفتين في الرسالة. انظري لذلك الفتوى رقم: 15296، وأما قراءة القرآن حال الأذان فانظري فيه الفتوى رقم: 27123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(11/4687)
أول من أحدث المنارة بالمسجد للأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي منطقة لأول مرة وضعت فيها المنارة للأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر ابن أبي العز في شرح الطحاوية أن أول من أحدث المنارة بالمسجد للأذان هو سلمة بن خلف الصحابي، وكان أميرا على مصر في زمن معاوية.
والفقهاء قد نصوا على استحباب ارتفاع المؤذن، واستدلوا لذلك بما روى أبو داود في السنن أن بلالا كان يجلس على أرفع بيت قريب من المسجد، وبوب عليه أبو داود بقوله: باب الأذان فوق المنارة. وروى ابن سعد بسند فيه الواقدي رواية في حديث بلال أصرح في قضية المنارة فروى عن النوار قالت: كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد، وقد رفع له شيء فوق ظهره، وقد ذكر الألباني في الإرواء أن هذه الرواية أصرح في المنارة من حديث أبي داود.
وروى ابن أبي شيبة بسنده عن عبد الله بن شقيق قال: من السنة الأذان في المنارة والإقامة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(11/4688)
متابعة المؤذن بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ.. ما الصارف للأمر الوارد بالترديد خلف المؤذن لمن سمعه للقاعدة " أن الأمر يدل على الوجوب حتى يرد ما يصرفه عن الوجوب للاستحباب"؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إجابة المؤذن سنة عند الجمهور، وذهب الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب من المالكية إلى وجوبها فحملوا الأمر في الحديث على الوجوب، واستدل الجمهور على أن الأمر في الحديث ليس للوجوب وأن إجابة المؤذن سنة بما رواه الإمام مسلم في صحيحه من أنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذناً فلم يقل مثل ما يقول. قال في عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي عند شرح الحديث الذي فيه الأمر بقول مثل ما يقوله المؤذن: واستدل به على وجوب إجابة المؤذن حكاه الطحاوي عن قوم من السلف وبه قال الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب. واستدل الجمهور بحديث أخرجه مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذناً فلما كبر قال على الفطرة، فلما تشهد قال خرج من النار، قال: فلما قال عليه الصلاة والسلام غير ما قال المؤذن علمنا أن الأمر بذلك للاستحباب وتعقب بأنه ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ما قال فيجوز أن يكون قاله ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة ونقل القول الزائد، وبأنه يحتمل أن يكون ذلك وقع قبل صدور الأمر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(11/4689)
مسائل حول الأذانين لصلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي استفسار من حضراتكم.. وهو لماذا صلاة الصبح فيها أذانان أي الأذان الأول والأذان الثاني، ما الحكمة في ذلك؟ وهل تجوز الصلاة بعد الأذان الأول الذي يسبق الأذان الثاني بحوالي نصف ساعة وعند الصوم في شهر رمضان أو النوافل من الصوم فهل يتم الإمساك بعد الأذان الأول أو الأذان الثاني.
وبخصوص صلاة الفجر أيضا فأنا أصلي بعد سماعي الأذان القريب من بيتي حيث إن أصوات الأذان تصل بتتابع مرات أبدأ بالصلاة وأسمع جامعا بدأ بالأذان فما حكم صلاتي؟
ولكم جزيل شكري وتقديري لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفجر له أذانان كما ذكرت الأخت السائلة، ولكل واحد منهما حكمة شرع لأجلها، فالأذان الأول يكون بالليل قبل دخول وقت الفجر، وهذا لا يجب عنده الإمساك للصيام، ولا تصلى به الفريضة، والحكمة التي شرع لأجلها الأذان الأول بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا يمنعن أحدكم أو أحد منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو ينادي بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم.... رواه البخاري ومسلم.
والمعنى أي يرد القائم أي المتهجد إلى راحته ليقوم إلى صلاة الصبح نشيطا أو يكون له حاجة إلى الصيام فيتسحر ويوقظ النائم ليتأهب لها بالغسل ونحوه، وبما أن هذا الأذان قبل طلوع الفجر فلا تصح الصلاة المفروضة بعده ولا يلزم الإمساك حتى يطلع الفجر الصادق.
وأما الأذان الثاني فقد شرع لأجل الإعلام بدخول وقت الفجر, وعنده يجب الإمساك عن سائر المفطرات للصائم، ويدخل وقت أداء فريضة الصبح.
وأما على أي أذان تصلين، فالصلاة يبدأ وقتها بدخول الفجر، فإذا كان المؤذنون يؤذنون الأذان الثاني على الوقت تماما فلك أن تصلي بعد سماع الأول منهم، وصلاتك صحيحة، ولعل الأحوط أن تؤخري الصلاة حتى يمضي وقت بعد الأذان.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 75687، والفتوى رقم: 13950 , والفتوى رقم: 10384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(11/4690)
متابعة المؤذن إذا تعدد المؤذنون
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الأذان أسمع أكثر من مؤذن فلا أستطيع قول مثل ما يقول لتداخل أصوات الأذان بعضه ببعض، فما الحل حتى لا أحرم من شفاعة النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكاية الأذان إذا تعدد المؤذنون، فمنهم من قال: يُكتفى بحكاية الأذان الأول، لأن الحاكي بذلك امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحكاية الأذان، كما في الصحيحين من قوله: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. وقالوا: إن الأمر لا يقتضي التكرار، ومنهم من قال: يحكى النداء الأول والثاني، وأكثر لعموم الحديث، ولأنه ذكر يثاب عليه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع عند قول المؤلف يسن لسامعه حكايته سراً قال: وهذا يشمل النداء الأول والثاني، بحيث لو كان المؤذنون يختلفون فنقول يجيب الأول ويجيب الثاني لعموم الحديث، ثم هو ذكر يثاب الإنسان عليه.
وهذا الخلاف كما رأيت هو فيما إذا تفاوت المؤذنون وأما لو أذنوا دفعة واحدة ولو اختلطت أصواتهم ولم تتمايز فإنه يكتفى بحكاية أذان واحد فقط، ثم ننبهك -أيتها الأخت الكريمة إلى أن كتابة صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تكون كاملة ولا يستغنى عنها بـ (ص) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(11/4691)
هل الأذان فرض عين على كل مسلم مرة في العمر
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الأذان فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولكن سمعنا من أحد الإخوة أنه فرض على كل مسلم مرة واحدة في العمر هل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان من فروض الكفاية في البلد كما ذكر أهل العلم، وفرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولا نعلم أحداً من أهل العلم قال إن الأذان فرض عين في العمر مرة واحدة، وللمزيد من الفائدة وفيما يتعلق بالأذان تراجع الفتوى رقم: 64725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(11/4692)
أذان الفاسق.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في بلدتنا مطرب يغني في الحفلات الماجنة وتراه في المسجد يؤذن للصلاة ومع العلم أن الإمام يعرف سلوكياته هذه.
فهل يجوز له أن يؤذن أم لا مع العلم أنه ليس إطارا بالمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
من صفات المؤذن كونه عدلا عارفا بالأوقات، وأذان الفاسق مكروه ومجزئ عند أكثر أهل العلم من حيث أداء الأذان؛ لا من حيث الاكتفاء بخبره عند دخول الوقت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المؤذن المذكور يقوم بالغناء في الحفلات الماجنة فهوفاسق، وأذان الفاسق مكروه ومجزئ عند أكثر أهل العلم، قال النووي في المجموع وهو شافعي: ينبغي أن يكون المؤذن عدلا ذا صيانة في دينه ومروءته لما ذكره المصنف، فإن كان فاسقا صح أذانه وهو مكروه، واتفق أصحابنا على أنه مكروه، وممن نص عليه البندنيجي وابن الصباغ والروياني وصاحب العدة وغيرهم، قال أصحابنا: وإنما يصح أذانه في تحصيل وظيفة الأذان، ولا يجوز تقليده وقبول خبره في دخول الوقت; لأن خبره غير مقبول. انتهى
وفى الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي: ويكره أذان الفاسق ولا يعاد. هكذا في الذخيرة. انتهى
قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وأما صفات الكمال فهي أن يكون عدلا عارفا بالأوقات إلى آخرها. فيحمل كلام ابن عرفة على أن المراد أن ذلك واجب ابتداء، وكلام الفاكهاني على أنه لو أذن غير العدل وغير العارف بالأوقات صح أذانه; لأن ابن عرفة لما عد شروط المؤذن لم يذكر ذلك فيها، وأما ما ذكره في الذخيرة عن الجواهر من عده ذلك في شروط المؤذن، وكذلك صاحب العمدة يشترط في المؤذن معرفة الأوقات وكذلك ذكر صاحب المدخل أنه يشترط أن يكون عدلا عارفا بالأوقات سالما من اللحن فيه، فيحمل ذلك على أنه يجب فيه ابتداء. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وهل يشترط العدالة والبلوغ للاعتداد به؟ على روايتين في الصبي، ووجهين في الفاسق: إحداهما: يشترط ذلك، ولا يعتد بأذان صبي ولا فاسق ; لأنه مشروع للإعلام، ولا يحصل الإعلام بقولهما، لأنهما ممن لا يقبل خبره ولا روايته. ولأنه قد روي: {ليؤذن لكم خياركم} . والثانية: يعتد بأذانه. وهو قول عطاء والشعبي، وابن أبي ليلى، والشافعي. وروى ابن المنذر بإسناده عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس قال: كان عمومتي يأمرونني أن أؤذن لهم وأنا غلام ولم أحتلم وأنس بن مالك شاهد لم ينكر ذلك. وهذا مما يظهر ولا يخفى، ولم ينكر، فيكون إجماعا، ولأنه ذكر تصح صلاته، فاعتد بأذانه، كالعدل البالغ. ولا خلاف في الاعتداد بأذان من هو مستور الحال، وإنما الخلاف فيمن هو ظاهر الفسق. انتهى.
وعليه.. فينبغي للقائمين على شؤون المسجد ترتيب مؤذن متصف بالاستقامة والعدالة ولا يمكنوا الشخص المذكور من الأذان ما لم يترتب على منعه مفسدة أعظم.
وعلى الإمام والجماعة نصحه بحكمة ورفق بضرورة المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى مما يمارسه من حضور تلك الحفلات والغناء فيها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(11/4693)
رفع الصوت بقراءة القرآن في المساجد قبيل الأذان من المحدثات
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأحباب أنا شاب من فلسطين بجوارنا مسجد طوال حياتي وأنا أستمع لقراءة القرآن قبل رفع الأذان ولكن الجديد على الموضوع أن المؤذن توقف عن تشغيل القرآن قبل رفع الأذان وأصبح يرفع الأذان فجأة بدون قراءة مسبقة للقرآن وأصبح يقول إن قراءة القرآن قبل الأذان بدعة.
فما الدليل الشرعي في ذلك، نرجو الرد بتفصيل للضرورة لأن الناس في جوار المسجد أصبحوا يتذمرون لعدم فتح القرآن قبل موعد الأذان.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
رفع الصوت بالقرآن قبل الأذان ليس من السنة ولا من عمل السلف الصالح، ولا ينبغي للمسلم أن يهتم بأمور ليس لها أصل في الدين بحيث لو افتقدها احتج على ذلك، فإن الخير كله في اتباع السنة، والشر كله في مخالفتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان هو الذكر الوحيد الذي يطالب برفع الصوت به عند دخول الوقت لأجل الإعلام به، أما ما عداه فلا يطالب به لذلك، سواء كان قراءة أو غيرها، هذا هو الأصل، وعليه فإن الإتيان بالأذان من غير أن تسبقه قراءة هو الأصل، وهو الموافق للسنة، بل إن أهل العلم ذكروا أن القراءة في ذلك الوقت من المحدثات إذ لا دليل عليها، وليست من عمل السلف الصالح وهم الصحابة والتابعون، وكنا قد أوضحنا حكم هذه المسألة في الفتوى رقم: 59025، والفتوى رقم: 74806.
وإذا علم أن رفع الصوت بالقرآن قبل الأذان ليس من السنة فإنه لا داعي لتذمر من بجوار المسجد أو غيرهم بسبب تركه في ذلك الوقت بالتحديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1428(11/4694)
من أحكام الأذان قبل الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل: هنا في المغرب يصلون الفجر قبل الوقت المحدد غير أن هناك مسجدا يتأخر عن أداء الصلاة مدة 30 دقيقة (فنرجو من الله أن يكون دخل وقت الصبح فنصليه في وقته) ، لكن المشكلة هو أن هذا المسجد يؤذن مع باقي المساجد حسب التوقيت الفلكي المفروض عليهم أي قبل الوقت المحدد، فما حكم هذا الأذان، وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان قبل الوقت لا يصح لأن من شروط صحته أن يكون بعد دخول الوقت ويحرم باتفاق الفقهاء، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: فلا يجوز ولا يصح قبله إجماعاً. انتهى. ومن أذن قبل الوقت فعليه أن يعيد الأذان عند دخول الوقت، ولا يستثنى من ذلك إلا أذان الفجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. متفق عليه، قال مالك رحمه الله: لا ينادى لشيء من الصلوات قبل وقتها؛ إلا الصبح وحدها. انتهى، وقال ابن قدامة في المغني: الأذان قبل الوقت في غير الفجر لا يجزئ، وهذا لا نعلم فيه خلافاً.
والأذان الأول للفجر لا يغني عن الأذان الثاني؛ بل السنة الإتيان بهما أو الاقتصار على الثاني لأنه هو الذي يعلم بدخول الوقت، وليعلم أن الأذان ليس شرطاً في صحة الصلاة، فلو أذن قبل الوقت ثم صلى في الوقت صحت الصلاة، ولكن يأثم من أذن قبل الوقت.
وعليه؛ فمن يؤذن قبل الفجر على أنه الأذان الثاني يكون آثماً لأنه يترتب على ذلك صلاة بعض الناس قبل الوقت، ونحن لا ندري ما هي عمدة الأخ السائل في تخطئة المؤذنين فهل ذلك معتمد على مراقبة طلوع الفجر، فإن كان الأمر كذلك فينبغي مناصحة المؤذنين وطرح المسألة على من يوجد في البلد من أهل العلم ليسعوا في تغيير الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(11/4695)
الأذان بعد دخول الوقت بربع ساعة
[السُّؤَالُ]
ـ[تأخر المسؤول عن المسجد عن فتح المسجد لصلاة الظهر مدة ربع ساعة بعد الأذان فعندما فتح المسجد اختلف الناس هل يؤذن أم يقيم الصلاة مباشرة أيهما أصح؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت، ولذلك ينبغي أن يؤتى به بعد التأكد من دخول الوقت مباشرة، لكنه مع ذلك جائز ما دام الوقت باقيا، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 27701.
وعليه، فإن الصواب هنا مع الذين طالبوا بالأذان، وخصوصاً أن وقت الظهر فيه متسع، وما مضى منه غير كثير حسبما جاء في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/4696)
استحباب إجابة المؤذن والدعاء بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في إحدى الدول الأوروبية ولا نسمع الأذان إلا من خلال التلفزيون، وعندنا في البيت ساعة للأذان يعني نسمع الآذان من خلال هذه الساعة بتوقيت هذا البلد الذي نعيش فيه، سؤالي هو عندما نسمع الآذان في التلفزيون لا بد أن ندعو بهذه الدعاء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة وإلى آخرالدعاء ... أرجوكم ردوا علي ومن قبل سألتكم سؤالا قبل أكثر من ثلاثة أسابيع ولم أحصل على رد منكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إجابة المؤذن وقول الدعاء الوارد (اللهم رب هذه الدعوة التامة ... إلخ) بعد الأذان هذا كله مستحب يثاب عليه قائله وليس واجباً يأثم بتركه، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 3606.
وأما هل يقال هذا الدعاء بعد سماع الآذان من المذياع أو التلفزيون فقد أجبنا على ذلك في الفتوى رقم: 76738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/4697)
الأذان في البيت لمن فاتته الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في النرويج ولنا مسجد صغير والمشكلة أن الأذان يقام ولا يسمع بالخارج، فهل يجب علينا الأذان في المنزل أم الاكتفاء بالإقامة مع دخول وقت الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تذهب إلى المسجد لتصلي مع الجماعة ولو لم تسمع النداء، لأن الصلاة في الجماعة فرض على الرجل المستطيع، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود وصححه ابن حبان وغيره.
فإذا فاتتك الصلاة في المسجد في بعض الأحيان فصل في بيتك، ولو أذنت استحب ذلك، لكنه غير واجب. وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46571، 31085، 72173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/4698)
حكم أذان المؤذن وهو جالس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمؤذن أن يؤذن وهو جالس أمام المذياع إذا كانت صحته لا تساعده على الوقوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن يؤذن المؤذن قائماً ويكره جلوسه لغير عذر، أما مع العذر فلا يكره قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني: وينبغي أن يؤذن قائماً، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن السنة أن يؤذن قائماً. وفي حديث أبي قتادة الذي رويناه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال قم فأذن. وكان مؤذنو رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنون قياماً، وإن كان له عذر فلا بأس أن يؤذن قاعداً، قال الحسن العبدي: رأيت أبا زيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت رجله أصيبت في سبيل الله، يؤذن قاعدا رواه الأثرم. فإن أذن قاعدا لغير عذر فقد كرهه أهل العلم، ويصح. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/4699)
تعدد المؤذنين في وقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم 17 تشرين الأول 2006 على الفضائية السورية رأيت شيئاً غريبا, أذان لصلاة المغرب 12 مؤذن في وقت واحد (فرقة الإنشاد) ، فهل هذا مشروع أم لا أفتوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجاز بعض أهل العلم أذان عدد من الناس في وقت واحد، ففي مواهب الجليل عند قول خليل: وترتبهم إلا المغرب وجمعهم كل على أذانه. قال الحطاب: يعني أنه إذا تعدد المؤذنون فيجوز أن يترتبوا واحداً بعد واحد إلا في المغرب كما تقدم ويجوز أن يجتمعوا في الأذان دفعة واحدة في المغرب وغيرها وظاهر كلام المصنف أن ترتبهم وجمعهم سواء، وقال صاحب المدخل: السنة الترتيب، ونصه: والسنة المتقدمة في الأذان أن يؤذنوا واحداً بعد واحد فإن كان المؤذنون جماعة فيؤذنون واحداً بعد واحد في الصلوات التي أوقاتها ممتدة، فيؤذنون في الظهر من العشرة إلى خمسة عشر، وفي العصر من الثلاثة إلى الخمسة، وفي العشاء كذلك وفي الصبح يؤذن لها على المشهور من سدس الليل الآخر إلى طلوع الفجر، وفي كل ذلك يؤذن واحد بعد واحد، والمغرب لا يؤذن لها إلا واحد ليس إلا، فإن كثر المؤذنون فزادوا على عدد ما ذكر وكانوا يبتغون بذلك الثواب وخافوا أن يفوتهم الوقت، ولم يسعهم الجميع إن أذنوا واحداً بعد واحد فمن سبق منهم كان أولى فإن استووا فيه فإنهم يؤذنون الجميع، قال علماؤنا: ومن شرط ذلك أن يؤذن كل واحد منهم لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره وكذلك الحكم في مذهب الشافعي.
وقال في التجريد لنفع العبيد وهو من كتب الشافعية: (ولجماعة جهر) بحيث يسمعون لأن ترك كل منهما يخل بالإعلام ويكفي سماع واحد منهم ولا يضر في الولاء تخلل يسير سكوت أو كلام. (و) شرط فيهما. (عدم بناء غير) على أذانه أو إقامته لأن ذلك يوقع في لبس.
وعليه فلا حرج فيما ذكرته من تعدد المؤذنين في وقت واحد، لكن انفراد المؤذن أو ترتب المؤذنين إذا اتسع الوقت أولى من الأذان دفعة واحدة، لما يمكن أن يترتب عليه من التخليط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(11/4700)
تثنية التكبير في الأذان سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل خطيبا بمسجد القرية وهي مالكية المذهب ولذلك التكبير في الأذان تكبيرتين فقط وليس أربع تكبيرات وتكبيرتين منفصلتين وبعد الأذان يصلي المؤذن على الرسول بلفظ الصلاة والسلام عليك يا سيدى يا رسول الله وهكذا. فما رأيكم بارك الله فيكم مع توضيح رأي المالكية؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتثنية التكبير في الأذان سنة ثابتة؛ لحديث أبي محذورة عند مسلم وهو الذي أخذ به مالك وفيه: أن نبي الله علمه هذا الأذان: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله.
وأما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الأذان فمشروعان في الأصل، والسنة الإتيان بهما امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم، ولكن لا على الكيفية المذكورة في السؤال والمشتهرة في بعض البلاد، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 31516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(11/4701)
هل يجيب المؤذن في التلفاز أو المذياع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسمع الأذان أحياناً من التلفزيون ولم يدخل وقت الصلاة والأذان عندنا، ولكن من التلفزيون فهل يجوز أن أردد بعد الأذان من التلفزيون، وهل أدعو بعد الأذان ولي الأجر في هذا كله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأذان المذكور في وقته وكان السامع لم يصل تلك الصلاة التي أذن لها فإنه مطالب بحكايته والدعاء بعده على وجه السنية والاستحباب لدخوله في عموم أمر النبي صلى الله عليه بحكاية الأذان، فقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى عن الأذان في المذياع أو التلفاز هل يُجاب؟ فأجاب قائلاً: الأذان لا يخلو من حالين: الحال الأول: أن يكون على الهواء أي أن الأذان كان لوقت الصلاة من المؤذن فهذا يجاب لعموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن. إلا أن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إذا كان قد أدى الصلاة التي يؤذن لها فلا يجيب. ولكن لو أخذ أحد بعموم الحديث وقال إنه ذكر وما دام الحديث عاماً فلا مانع من أن أذكر الله عز وجل فهو على خير.
الحال الثاني: إذا كان الأذان مسجلاً وليس أذاناً على الوقت فإنه لا يجيبه لأن هذا ليس أذاناً حقيقياً ... وإنما هو شيء مسموع لأذان سابق. انتهى بتصرف قليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(11/4702)
ليس لكل حديث سبب ورود
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو سبب ورود حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه شيخا المحدِّثين البخاري ومسلم رحمهما الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذَا سَمِعْتُمُ اْلْمُؤَذِّنَ فَقُولُواْ مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّواْ عَلَيَّ ثُمَّ سَلُواْ اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَاْ هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِلَةَ حَلَّتْ لَهُ الْشَّفَاعَةُ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرواية الحديث التي ذكرتها رواها الإمام مسلم في صحيحه، وبعضها في صحيح البخاري، والحديث أيضا رواه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم. وبعد رجوعنا لشروح كتب السنة هذه لم نقف على ذكر سبب معين لورود هذا الحديث، وليس ذلك بغريب، فليس من الضروري أن يكون كل حديث ورد بسبب حادثة أو موقف معين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(11/4703)
قول المؤذن في الأذان نشهد أن لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت مؤذنا فى أحد المساجد يقول نشهد أن لا إله إلا الله بدلا من أشهد أن لا إله إلا الله فما حكم ذلك من السنة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الأذان بألفاظ مخصوصة وجرى عليه العمل ومن ذلك أن الشهادة وردت بلفظ (أشهد) وليست بـ (نشهد) فتغييرها لا ينبغي وإن كان لا يبطل الأذان لأنه لا يغير المعنى. وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن اللحن الذي لا يغير المعنى لا يضر ففي الموسوعة الفقهية: اللحن الذي يغير المعنى في الأذان كمد همزة الله أكبر أو بائه يبطل الأذان, فإن لم يغير المعنى فهو مكروه وهذا عند الجمهور وهو مكروه عند الحنفية قال ابن عابدين: اللحن الذي يغير الكلمات لا يحل فعله. اهـ
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(11/4704)
من منعه عن إجابة المؤذن مانع كتب الله له الأجر تاما
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وهي أنني كلما أسمع صوت الأذان يؤذن تصبح عندي رغبة أن أدخل الحمام ولا أستطيع أن أمسك نفسي أبدا, وفي أحيان أخرى أكون في الحمام في الدقيقة التي أدخل فيها الحمام يصادف أن الأذان يؤذن ودائما أشعر بالحزن لأني أسمع الأذان وأنا في الحمام وأشعر أني أفعل شيئا حراما أفيدوني أفادكم الله ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أذن المؤذن فالسنة أن يردد السامع ألفاظ الأذان ولا يدخل الخلاء إن أمكن ذلك إلا بعد تمام الترديد والإتيان بالدعاء المشروع وهو: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت شفاعتي يوم القيامة. متفق عليه.
وروى مسلم والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله, رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا, غفر له ذنبه.
فإذا أراد دخول الخلاء حال الأذان أو أذن وهو في الخلاء فإنه لا يردده بلسانه بل يردده في قلبه، فإن كان لا يقدر على تأخير الدخول حتى ينتهي من الترديد مع المؤذن فإنه يكتب له الأجر لأنه منعه من الترديد مانع, ومن منعه عن العمل الذي اعتاده مانع كتب الله له الأجر تاما؛ لما رواه أحمد عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا مرض أو سافر كتب له من الأجر كما كان يعمل مقيما صحيحاـ قال محمد بن يزيد ـ كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا.
وقد حكى الدسوقي الإجماع على عدم كراهة الذكر بالقلب في الكنيف حيث قال ما نصه: واحترز الشارح بقوله باللسان عن الذكر بقلبه وهو في الكنيف فإنه لا يكره إجماعا.
وعليه، فلا داعي للحزن والقلق إن كان الحزن لفوات الترديد مع المؤذن, أما سماع الاذان في الحمام فلا إثم فيه حتى تظن الأخت السائلة أنها فعلت حراما.
وأما عن المشكلة التي ذكرتها فننصحها برقية نفسها, ولا بأس بأن تعرض نفسهاعلى الثقات ممن يحسنون الرقية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(11/4705)
في حال تعدد الأذان هل يطالب السامع بإجابة الجميع
[السُّؤَالُ]
ـ[يؤذن عندنا يوم الجمعة ثلاث مرات متتابعة وغير مفصولة بوقت، فهل نردد وراء كل أذان ونصلي على رسول الله وندعو له بالوسيلة والدرجة الرفيعة أم تجزئ مرة واحدة؟
يقرأ قبل الأذان والخطبة حزب من القرآن بطريقة جماعية وصوت مزعج لا نستطيع معه قراءة قرآن ولا ذكر، وكثيرا ما نتأخر عن الذهاب إلى المسجد لهذا السبب، مع علمنا يسن التبكير إلى المسجد يوم الجمعة، فما هي نصيحتكم؟ وغفر الله لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم 66585 أن الأذان ثلاث مرات يوم الجمعة في المسجد الواحد بدعة ولا ينبغي أن يزاد فيها على أذانين. وأما ما عداها من الصلوات فقد استحب بعض أهل العلم تعدد الأذان له. وانظر الفتوى رقم 63074.
وأما حكم الصلاة في ذلك المسجد الذي تقام فيه تلك البدعة، فالأولى لمن وجد غيره ولم يمكنه تغيير تلك البدعة ألا يذهب إليه هجرًا لأصحاب البدعة، وإن لم يجد غيره صلى فيه ولا إثم عليه في ذلك، وينبغي أن يبين لهم الصواب ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة. والصلاة من أحسن ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساؤوا فلا تسيء معهم، كما قال عثمان رضي الله عنه.
ثم إن حكاية الأذان الأول سنة وكذلك الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وتشرع حكاية الثاني والثالث كما ذكر النووي. انظر الفتوى رقم 13086. وعند المالكية في حال تعدد الأذان لا يطالب السامع إلا بحكاية الأول.
وعلى هذا.. فلكم أن تكتفوا بحكاية الأول فقط مع الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكم أن تحكوا كل أذان على حدة مع الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
أما القراءة في المسجد على الهيئة المذكورة مع وجود المصلين فقد اشتملت على محظورين:
أولهما: رفع الصوت في المسجد مما يؤدي إلى التشويش على المصلين، وهذا لا يجوز ولو كان بالقرآن.
الثاني: قراءة القرآن في الجهر جماعة من غير تداول بين أفراد الحلقة. وانظر الفتوى رقم 23961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(11/4706)
لماذا لم يتول النبي الأذان بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتول الأذان بنفسه لأنه كان مشغولا بما لا يقوم به غيره من مصالح المسلمين وأمورهم العامة؛ بخلاف الأذان ورعاية وقته فإنه يستطيع أن يقوم بذلك غيره. ومثل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك خلفاؤه فقد كانوا لا يتولون وظيفة الأذان لانشغالهم بالأمور العامة. ففي الموسوعة الفقهية في معرض ذكر الخلاف في أفضلية الأذان على الإمامة أو العكس وعرض حجج القائلين بأن الإمامة أفضل: قَالُوا: كَوْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُمْ بِمُهِمَّةِ الْأَذَانِ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ يَعُودُ السَّبَبُ فِيهِ لِضِيقِ وَقْتِهِمْ عَنْهُ, لِانْشِغَالِهِمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا يَقُومُ بِهَا غَيْرُهُمْ, فَلَمْ يَتَفَرَّغُوا لِلْأَذَانِ, وَمُرَاعَاةِ أَوْقَاتِهِ, قَالَ الْمَوَّاقُ: إنَّمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ, وَلَمْ يُعَجِّلُوا لَحِقَتْهُمْ الْعُقُوبَةُ, لقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63} وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْت. وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْأَذَانُ أَفْضَلُ أَمْ الْإِقَامَةُ أَفْضَلُ؟ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ وَنَحْوُهُ لِلْبَرْزَلِيِّ، وَزَادَ فَقَالَ لِلِاحْتِجَاجِ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَجِّلُوا لَحِقَتْهُمْ الْعُقُوبَةُ; لقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ، وَأَمَّا الْخُلَفَاءُ فَمَنَعَهُمْ عَنْهُ الِاشْتِغَالُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ عُمَرُ: لَوْلَا الْخِلَافَةُ لأذنت. انتهى. وقدأخرج الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن، وقد ضعف الحافظ ابن حجر في فتح الباري رواية الأذان هذه فقال: ومما كثر السؤال عنه هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه؟ وقد وقع عند السهيلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في سفر وصلى بأصحابه وهم على رواحلهم، السماء من فوقهم والبلة من أسفلهم. أخرجه الترمذي من طريق تدور على عمر بن الرماح يرفعه إلى أبي هريرة اهـ. وليس هو من حديث أبي هريرة وإنما هو من حديث يعلى بن مرة، وكذا جزم النووي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن مرة في السفر وعزاه للترمذي وقواه. ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي ولفظه: فأمر بلالا فأذن. فعرف أن في رواية الترمذي اختصارا؟، وأن معنى قوله أذن أمر بلالا به، كما يقال أعطى الخليفة العالم الفلاني ألفا؛ وإنما باشر العطاء غيره ونسب للخليفة لكونه آمرا به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(11/4707)
رفع الصوت عند قول المؤذن لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: عندما يقيم المؤذن للصلاة نسمع بعض الإخوة يقول لا إله إلا الله بصوت مرتفع، فما كان من الإمام ألا أن اعترض بقوله إن هذا ليس من الإسلام ولم يثبت عن الرسول صلي الله عليه وسلم ولا الصحابة ذلك، احتراما مني للإمام لم أجادله في هذا الموضوع، وكلي أمل أن تفتوني مأجورين حول هذا الموضوع حتى تتضح الأمور، لأن الإمام قد تحدث أكثر من مرة، ويلوم من يقول لا إله إلا الله....... فهل فعلا من غير المستحب أن يقول الإنسان لا إله إلا الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يقول السامع للإقامة مثل ما يقول المقيم إلا في حي على الصلاة وحي على الفلاح فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وفي قول المقيم: قد قامت الصلاة، يقول أقامها الله وأدامها، وقد فصلنا هذا في الفتوى رقم: 49319.
وعليه فقول بعض الناس لا إله إلا الله عند الإقامة مشروع لا مانع منه ولا يحق للإمام الاعتراض على من يقول ذلك إلا إذا كان رفع الصوت يشوش على الناس، فينبغي أن ينبه إلى أنه ينبغي خفض الصوت بالترديد حتى لا يشوش على الآخرين، ونوصي الجميع بالتأكد من معرفة الأحكام قبل إصدارها، فإن ذلك خطر عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(11/4708)
الأذان الأول قبل صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام مسجد في مصر وقد وجدت بحثا ً للشيخ علي الكليب في موضوع ميقات الفجر الصادق وهذا البحث قد نشر في مجلة الأزهر عام 1982 وقد أقره الشيخ ياسر برهامي وعلى هذا فقد بدأت في تطبيق الأذان الثاني للفجر في مسجدي، مع العلم أن العادة في مصر قد جرت على نداء أذان واحد أو أذانان أحدهما قبل الوقت المحدد عندنا في النتائج والثاني في الوقت المحدد في النتائج (ذلك بالطبع في مساجد الأهالي (العامة) أو مساجد الأوقاف وهي بالطبع غير ملتزمة بالسنة ولا تعرفها) ،وبعدما سألت أهل السنة عندنا في الإسكندرية وهم جماعة الدعوة السلفية وعلى وجه الخصوص فضيلة الشيخ ياسر برهامي قال لى بأن أؤذن الأذان الثاني بعد الميعاد المحدد في النتائج وحسب الوقت المحدد في البحث المذكور وقد بدأت بتطبيق هذا في مسجدي إلا أن العوام بدأو في الاعتراض وبدأوا بتحريض المؤذن على ترك هذا الأمر وأنه سيحدث بلبلة وخاصة في رمضان وقد ترك المؤذن بالفعل الأذان الثاني استجابة لهم قائلا ً بأنه لا توجد فتاوى بخصوص النتائج المصرية وأنه غير مقتنع برأي الجماعة السلفية هنا في الإسكندرية وأن ذلك سيحدث بلبلة للناس في رمضان مع العلم أن الشيخ ياسر برهامي قد أفتانى بأذان الأذان الثانى في الميكروفون الداخلي في رمضان منعا ً لإثارة الناس الذين بالتالى قد يبلغون سلطات الأمن وعندئذ تتدخل مباحث أمن الدولة في الأمر، والمطلوب فتوى في ذلك الأمر وحبذا فتاوى لمواقع أخرى وعلماء آخرين حتى نقنع العوام وما هو دوري كإمام راتب للمسجد وهل أتحمل ما يفعلوه على الرغم من نصحي إياهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان الأول قبل صلاة الفجر سنة، ليستيقظ من يريد أن يقوم الليل، وهو أذان لا يوجب الصلاة، ولا يحرم طعاما على صائم، فقد أخرج الشيخان من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
وكره بعض أهل العلم الأذان قبل الفجر في رمضان لئلا يلتبس الأمر على الصائمين. قال ابن قدامة في المغني: ويكره الأذان قبل الفجر في شهر رمضان نص عليه أحمد، في رواية الجماعة، لئلا يغتر الناس فيتركوا سحورهم. وقال طائفة بكراهة الاذان قبل الفجر،إلا لمن له مؤذنان يخصص أحدهما للأذان قبل الفجر والأخر للأذان بعده. ففي المغني: وقال طائفة من أهل الحديث: إذا كان له مؤذنان، يؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر، والآخر بعده، فلا بأس لأن الأذان قبل الفجر يفوت المقصود من الإعلام بالوقت، فلم يجز: كبقية الصلوات، إلا أن يكون له مؤذنان يحصل إعلام الوقت بأحدهما.
وانطلاقا من هذه النصوص فإذا كان تطبيق أذانين للفجر سيحدث بلبلة وخاصة في رمضان -كما قال مؤذنك- أو أنه سيؤدي إلى إثارة فتنة أو تدخل سلطات الأمن ونحو ذلك.. فالذي نراه صوابا هو ترك هذا الأذان اعتمادا على ما ذكرناه من النصوص وسدا لباب الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(11/4709)
لا يسقط الأذان بفوات بعض الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[س/ تأخر قيم المسجد عن أذان صلاة الظهر بنحو 11 دقيقة أي قبل 4 دقائق من إقامة الصلاة فهل يؤذن للصلاة أم يكفيه أن ينتظر 4 دقائق ويقيم الصلاة؟ أي ما حكم فوات وقت الأذان ببضع دقائق؟ وما مشروعية الأذان في مثل هذا الوقت؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان مطلوب في هذه الحالة لأن وقت الظهر فيه سعة، ولا يسقط الطلب بالأذان بفوات بعض الوقت، والصواب أن يؤذن للصلاة فإذا جاء وقت الإقامة أقيمت الصلاة.
قال الحطاب في مواهب الجليل شرح مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف في باب الأذان: في فرض وقتي، قال: وفهم من قول المصنف وقتي أن الأذان مطلوب ولو صليت الصلاة في آخر الوقت، وانظر هل يشمل الوقت الضروري، أو يختص بالمختار؟ صرح صاحب الطراز بأنه إنما يتعلق بالوقت المختار. قال: وفي مسائل الشيخ إبراهيم بن هلال من المتأخرين: لا بأس بالأذان ما لم يخرج الوقت المستحب، وأول الوقت أولى. انتهى
ومن هذا يعلم أن الأذان بعد فوات أول الوقت مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/4710)
منع موظف المسجد غيره من الأذان والإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل يقيم الصلاة ويؤم الناس ويؤذن، علما بأنه يمنع غيره من الآذان والإقامة بدعوى أنهم غير موظفين في المسجد، وعلماً بأننا من تونس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور قد عين مؤذناً من قبل الوزارة التي تلي أمر المساجد أو الناظر على المسجد أو ارتضاه الناس مؤذناً لهم فهو الأولى بالآذان والإقامة وله منع غيره من ذلك، لأن هذه مهمته، وأما إن لم يكن كذلك فلا حق له في منع غيره بل يقدم في الأذان في هذه الحالة من سبق إليه، فإذا اتفق اجتماع اثنين في آن واحد ولم يسمح أحدهما للآخر بالأذان فإنه يقرع بينهما لما في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا.... أي اقترعوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(11/4711)
يستحب لمن كان وحده أن يؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مكان ناء نوعا ما لا يمكن سماع الأذان فيه تماما، هل يجب الأذان عند كل صلاة من قبلي أنا وإذا كان يجب هل يمكن أن يكون بصوت خافت أي أسمعه وحدي فقط،؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لا تسمع النداء ولا تستطيع الذهاب إلى أقرب مسجد بسبب شغلك، فإنك لا تأثم بصلاتك في مكان العمل وحدك، وإن كان معك غيرك فصلوا جماعة، أما الأذان فإنه يستحب لك سواء رفعت صوتك أو لم ترفعه إلا أن رفع الصوت أكثر أجراً، فقد ثبت أنه لا يسمع صوت المؤذن شيء إلا شهد له يوم القيامة، وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتويين التاليتين: 63804، 31085.
وسواء كنت وحدك أو معك غيرك، لا يجب عليك الأذان ولكنه سنة أو مستحب، ولو لم تؤذن فإن صلاتك صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/4712)
حكم تغيير التلفاز أثناء الاذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير قناة التلفاز أثناء إذاعة الأذان، وهل يجوز الصلاة إذا كان أذان التلفاز قد أذن ولكن المسجد لم يؤذن بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز تغيير التلفاز أثناء الأذان وإن كان الأفضل تركه حتى يكمل ويحكيه لأن حكاية الأذان سنة، أما الصلاة بعد هذا الأذان فإن كان الشخص في نفس المنطقة التي يؤذن فيها في التلفاز أو في منطقة تتحد معها في توقيت الأذان فإنها جائزة لأنه إعلام بدخول الوقت من قبل مؤذن موظف على رعاية الوقت وبأذانه تجوز الصلاة والفطر، ولو لم يؤذن مؤذن المسجد لأنه قد يتأخر، أما إن تباعدت البلدة التي يؤذن فيها بالتلفاز عن بلدة الشخص المستمع وكان أذان التلفاز قبل دخول الوقت فإنه لا يجوز للمستمع أن يصلي قبل دخول الوقت في المكان الذي هو فيه.
وننبه إلى أنه لا يجوز للرجل المستطيع أن يصلي منفرداً وهو يقدر على الصلاة في الجماعة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(11/4713)
الأذان داخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد:
أرجو منكم تمام الكلام في كتاب المدخل: وكراهية الأذان داخل المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف في كتاب المدخل لابن الحاج على الجملة التي ذكرتها وقد ننقل لك مجمل ما ذكره في باب موضع الأذان والنهي عن الأذان داخل المسجد، قال في باب الأذان فيما ابتدع ولم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أولى أن تتبع، فقد بان أن فعل ذلك في المسجد بين يدي الخطيب بدعة، وأن أذانهم جماعة أيضاً بدعة أخرى فتمسك بعض الناس بهاتين البدعتين، وهما مما أحدثه هشام بن عبد الملك كما تقدم، ثم تطاول الأمر على ذلك حتى صار بين الناس كأنه سنة معمول بها، فزادوا على الثلاثة المؤذنين أكثر من ثلاثة وثلاثة كما هو مشاهد، فهذه بدعة ثالثة ثم أحدثوا الدكة التي يصعدون عليها ويؤذنون، فهذه بدعة رابعة، وكل ذلك ليس له أصل في الشرع.
هذا ما هو من طريق النقل، وأما ما هو من طريق المعنى، فلأن الأذان إنما هو نداء إلى الصلاة ومن هو في المسجد لا معنى لندائه، إذ هو حاضر ومن هو خارج المسجد لا يسمع النداء إذا كان النداء في المسجد، هذا وجه. الثاني: أن الدكة التي أحدثوها ضيقة من غير حظير فقد تلتوي رجل أحدهم أو يعثر فيقع فتنكسر، وقد جرى ذلك فيكون مسؤولاً عن نفسه مع وجود ألمه. الثالث: أنه لا معنى لها إذ المراد إنما هو إسماع الحاضرين، وهم لو أذنوا في الأرض لأسمعوا من في المسجد وإنما هي عوائد وقع الاستئناس بها فصار المنكر لها كأنه يأتي ببدعة على زعمهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون على قلب الحقائق، لأنهم يعتقدون أن ما هم عليه هو الصواب والأفضل، ولو فعل ذلك مع اعتقادهم أنه بدعة لكان أخف أن يرجى لأحدهم أن يتوب.
ثم قال: فصل في النهي عن الأذان في المسجد وقد تقدم أن للأذان ثلاثة مواضع: المنار، وعلى سطح المسجد، وعلى بابه، وإذا كان ذلك كذلك فيمنع من الأذان في جوف المسجد لوجوه: أحدها: أنه لم يكن من فعل من مضى اللهم إلا أن يكون للجمع بين الصلاتين فذلك جائز في جوفه، وأما الإقامة فلا تكون إلا في المسجد. الثاني: أن الأذان إنما هو نداء للناس ليأتوا إلى المسجد ومن كان فيه فلا فائدة لندائه لأن ذلك تحصيل حاصل ومن كان في بيته فإنه لا يسمعه من المسجد غالباً. الثالث: أن الأذان في المسجد فيه تشويش على من هو فيه يتنفل أو يذكر أو يفعل غير ذلك من العبادات التي بني المسجد لأجلها وما كان بهذه المثابة فيمنع لقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار. ثم انظر رحمنا الله تعالى وإياك إلى هذه البدعة كيف جرت أيضاً إلى بدع آخر، ألا ترى أنهم لما أن أحدثوا الأذان في المسجد اقتدى العوام بهم فصار كل من خطر له أن يؤذن قام وأذن في موضعه والغالب على بعض العوام أنهم لا يحسنون النطق بألفاظ الأذان فيزيدون فيه وينقصون ويكثر التخليط حتى إن بعض الصبيان الصغار ليؤذنون فيجمعون بين تغيير الأذان وبين التشويش على من في المسجد من المتعبدين كما تقدم بيانه وشيء يجمع هذه المفاسد فيتعين أن يجنب بيت الله منه. هذا هو مجمل ما ذكره ابن الحاج في مدخله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/4714)
وضع السبابة في الأذن عند الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع السبابة فى الأذن عند الأذان، وهل ورد عن النبي حديث على أنه قام فأذن، وما هي الشروط التي إذا توافرت فى امرأة تكون هي المرأة التي قال عنها النبي (فاظفر بذات الدين تربت يداك) ؟ وشكراً، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع السبابه في الأذن عند الآذان مستحب لما أخرجه الترمذي من حديث وهب بن عبد الله قال: رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه.. . قال أبو عيسى: حديث أبي جحيفه حديث حسن صحيح وعليه العمل عند أهل العلم يستحبون أن يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان وقال بعض أهل العلم وفي الإقامة أيضاً يدخل أصبعيه في أذنيه وهو قول الأوزاعي. والحديث صححه الألباني رحمه الله.
وبوب البخاري في صحيحه فقال باب: ( ... ويذكر عن بلال أنه جعل أصبعيه في أذنيه وكان ابن عمر لا يجعل أصبعيه في أذنيه..) .
فوضعهما في الأذنين عند الآذان مستحب لما فيه من زيادة رفع الصوت المأمور به في الآذان، والمستحب هو وضع الأصبعين في كلتا الأذنين لا وضع الأصبع في واحدة وترك الثانية، وأول من ترك إحدى إصبعيه في أذنيه ابن الأصم كما في المصنف لابن أبي شيبه، وروى صاحب مصباح الزجاجة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل أصبعيه في أذنيه وقال إنه أرفع لصوتك. ولكن سنده ضعيف كما قال.
والصحيح إنما هو فعل بلال لذلك أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أمره بذلك كما ذكرنا من حديث وهب بن عبد الله فهو مستحب يؤجر من فعله تقربا ولا يأثم من تركه.
وأما هل أذن صلى الله عليه وسلم فلم ينقل ذلك ولم نقف عليه فيما اطلعنا عليه من دواوين السنة وكتب أهل العلم.
وأما سمات الزوجة الصالحة ذات الدين التي ينبغي أن يظفر بها المرء فقد بيناها في الفتوى رقم: 18781، والفتوى رقم: 33362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(11/4715)
الأذان الثاني هو الذي يكون بعد دخول وقت صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أنه لاتجوز صلاة الفجر إلا بعد الأذان الثاني ولم أفهم معنى هذا الكلام أرجو منكم التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما معنى الأذان الثاني لصلاة الفجر، فهو الأذان الذي يكون عند طلوع الفجر الصادق، فإن من السنة أن يؤذن لصلاة الفجر بأذانين اثنين، فقد قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم. متفق عليه.
وزاد البخاري في آخره: وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا يؤذن حتى يقول له الناس: أصبحت.
وهذا الأذان الثاني الذي يكون عند طلوع الفجر الصادق هو الذي تصلى بعده الفجر، أما صلاتها قبله فلا تجوز، لأن صلاتها حينئذ تكون قبل دخول الوقت، ولكن لو افترض أن المؤذن آخره عن طلوع الفجر وأديت الصلاة بعد الفجر فإنها صحيحة ولو سبقت الأذان فالمراد على وقوع الصلاة في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(11/4716)
هل يصلي مع جماعة تؤخر الصلاة وتنقرها أم منفردا في وقتها مع الطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
فضيلة الشيخ، فى بعض العطل أسافر إلى البادية قصد الراحة، ألا أنه تصادفني أشياء لا أجد لها تفسيرا فقهيا، أود من فضيلة الشيخ أن يتكرم فيوضح لنا جانبا منها.
1- أن النداء للصلوات يتأخر كثيراً خاصة أذان صلاة المغرب (فماذا أفعل والحالة هذه) ، هل أصلي قبل أذان المسجد أم أنتظر إلى بزوغ الشفق حيث يكون الأذان، مع العلم بأن هذا التأخير موروث عن سلفهم.
2- أن الصلاة تؤدى بسرعة غير عادية بحيث تسلب المصلي جميع مقومات الطمأنينة الواجبة توفرها في الصلاة (فماذا أفعل) . أكتفي يا فضيلة الشيخ بهذين السؤالين على أمل طرح الباقي فى فرصة لاحقة؟ وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 20529، أن وقت دخول صلاة المغرب إذا غربت الشمس، وذكرنا أدلة ذلك، ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وأما نهاية وقتها المختار فهو غياب الشفق كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وفيه:.... ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق. رواه مسلم، والمقصود بالشفق هو الأحمر، كما بينا في الفتوى رقم: 13712.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم المالكية في قول يرى بعضهم أنه هو المشهور إلى أن مختار صلاة المغرب هو مقدار ما تؤدى فيه بشروطها من طهارة وستر عورة ونحوه، ودليلهم في ذلك أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم المغرب في نفس الوقت في اليومين الذين بين له فيهما أوقات الصلوات، والحديث عند النسائي وصححه الألباني.
قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وللمغرب غروب الشمس يقدر بفعلها بعد شروطها. قال في مواهب الجليل: هذا التضييق لوقت المغرب هو الذي حكاه أصحابنا العراقيون عن مالك أنه ليس لها إلا وقت واحد، وبه قال ابن المواز والشافعي. والتحقيق أن مختار الغرب يمتد إلى مغيب الشفق لما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو.. (المتقدم) قال الشوكاني: وهذا الحديث أولى من حديث جبريل عليه السلام لأنه كان بمكة في أول الأمر وهذا متأخر ومتضمن زيادة.
فمن صلى المغرب ما بين غروب الشمس إلى غياب الشفق فلا إثم عليه فقد أدرك المختار وإن فاتته فضيلة الصلاة لأول الوقت، كما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الأعمال قال: الصلاة لوقتها. متفق عليه، وفي رواية: الصلاة في أول وقتها. الترمذي والدارقطني والبيهقي وصححها الألباني.
وتأخير الأذان عن أول دخول الوقت لا ينبغي لأن المقصود به هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، ولكن ربما كان المؤذن موسوساً لا يؤذن حتى يتيقن غروب الشمس فلا حرج عليه في ذلك، وينبغي تنبيه الجماعة إلى فضيلة الصلاة لأول الوقت وعدم تأخيرها لغير حاجة من انتظار جماعة ونحوه.
كما لا ينبغي لك أن تصلي قبل الأذان وقبل صلاة الجماعة إن لم يؤخروا الصلاة عن وقتها المختار كما بيناه، وليس بزوغ الشفق الأحمر هو نهاية مختار المغرب وإنما غيابه ... وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة وحث على ذلك ورغب فيه، كما بينا في الفتوى رقم: 28664، والفتوى رقم: 27899، والفتوى رقم: 9680.
وأما الإسراع في الصلاة وعدم الطمأنينة والخشوع فيها فإن كان ذلك يؤدي إلى الإخلال بركن من أركانها فإنه يبطلها ولا تصح صلاة من يفعل ذلك، لحديث المسيء صلاته، فقد كان ينقرها نقراً فقال له صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثاً. ثم بين له كيفيتها وفيه: اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تستوي قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. متفق عليه، وانظره بتمامه في الفتوى رقم: 36724.
وقد بينا الحد الذي تحصل به الطمأنينة في الفتوى رقم: 63567 فراجعه، وينبغي لك أن تأمر تلك الجماعة بالمعروف وتدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة: قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
وقال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
فإذا دعوتهم بالحكمة وبينت لهم الصواب بأدلته وكلام أهل العلم ممن يحترمون أقوالهم من أئمة المالكية وغيرهم فلعلهم يستجيبون لك ويتركون تلك الأمور المخالفة لهدى الشارع الحكيم، وعلى كل فلا يجوز لك الاقتداء بإمام لا يأتي بالطمأنينة الواجبة، نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/4717)
هل يجب الأذان بعد انتهاء المؤذنين من الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت لصلاة الفجر في المسجد بعد الآذان بفترة وجيزة وكانت المساجد الأخرى قد انتهت من الآذان، هل يجب أن اؤذن أم أصلي الفجر مباشرة علما بأنه قد دخل أناس آخرون بعدي للصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن لك إذا دخلت المسجد ولم يكن قد أذن فيه للصلاة أن تؤذن ولو كانت المساجد قد أذنت، قال الدسوقي عند قول خليل في مختصره: "سن الأذان لجماعة طلبت غيرها" للصلاة بكل مسجد ولو تلاحقت أو بعضها فوق بعض وبكل موضع جرت العادة فيه بالإجتماع. وينبغي أن يكون الأذن في أول الوقت إعلاما بدخوله، ويجوز مطلقا ما دام الوقت كما في المبدع، ويجوز تكراره لما في الصحيحين من حديث سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم.
وأما وجوبه فإنه لا يكون إلا على الحي كله كما قال الشافعي: فهو فرض كفاية لأنه شعيرة من شعائر الإسلام التي يجب إظهارها. وأما حكمه في كل مسجد ولكل جماعة طلبت غيرها وللمنفرد فهو سنة كما ذكرنا. فمن فعله فقد فعل السنة ومن تركه فقد ترك السنة، ولا ينبغي تركه إلا إذا ضاق الوقت عنه بحيث لم يمكن أداؤه وتدارك فعل الصلاة في الوقت، بل إن الجماعة إذا نامت عن الصلاة حتى طلعت الشمس فإنها يشرع لها الأذان. ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الصبح هو وأصحابه ولم يستيقظوا حتى طلعت الشمس وكانوا في غزاة ساروا حتى ارتفعت، ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 4320، والفتوى رقم: 27701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(11/4718)
ضم الراء من كلمة أكبر الأولى في الأذان هي الأفصح
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول صيغة الأذان: عند قول المؤذن \"الله أكبر الله أكبر\" مع الوصل بماذا نشكل حرف الراء (بالفتحة أم بالضمة) ؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤذن ينبغي له الترسل في الأذان ويجمع بين كل تكبيرتين بصوت، وفي هذه الحالة فالأفصح ضم الراء من كلمة أكبر الأولى في حالة الوصل لأنها خبر للمبتدأ السابق وهو الله تعالى، قال الشربيني الخطيب في مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج وهو شافعي: وترتيله أي الأذان أي التأني فيه فيجمع بين كل تكبيرتين بصوت ويفرد باقي كلماته للأمر بذلك، كما أخرجه الحاكم لأن الأذان للغائبين فكان الترتيل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين فكان الإدراج فيها أنسب، قال الهروي: عوام الناس يقولون أكبر بضم الراء إذا وصل، وكان المبرد يفتح الراء من أكبر الأولى ويسكن الثانية.
قال المبرد: لأن الأذان سمع موقوفاً فكان الأصل إسكانها؛ لكن لما وقعت قبل فتحة همزة الله الثانية فتحت كقوله تعالى: ألم الله، آل عمران وجرى على كلام المبرد ابن المقري
والأول كما قال شيخنا هو القياس، وما علل به المبرد ممنوع، إذ الوقف ليس على أكبر الأول وليس هو مثل ميم ألم كما لا يخفى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/4719)
معنى حديث (التكبير جزم)
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفيدوني بهذا الكلام: (والتاذين على هذه الصفة ... الخ) وهو في الضعيفة للألباني رحمه الله 1/101 تحت الحديث التكبير جزم (71) .
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الألباني في السلسلة الضعيفة هذا الحديث بلفظ: التكبير جزم وقال معلقاً عليه: لا أصل له كما قال الحافظ ابن حجر والسخاوي وكذا السيوطي وله رسالة خاصة في الحديث في كتابه الحاوي للفتاوي، وقد بين فيها أنه من قول إبراهيم النخعي، وأن معنى قوله جزم لا يمد، ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب بل يسكن آخره، ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها فليراجعها من شاء، ثم إن الحديث مع كونه لا أصل له مرفوعاً، وإنما هو من قول إبراهيم، فإنما يريد به التكبير في الصلاة كما يستفاد من كلام السيوطي في الرسالة المشار إليها، فلا علاقة له بالأذان كما توهم بعضهم، فإن هناك طائفة من المنتسبين للسنة في مصر وغيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة (الله أكبر، الله أكبر) عملاً بهذا الحديث والتأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلاً في السنة، بل ظاهر الحديث الصحيح خلافه، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر الحديث، ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين، وأن السامع يجيبه كذلك، وفي شرح صحيح مسلم للنووي ما يؤيد هذا. انتهى
ويتضح من هذا أن الألباني رحمه الله ينكر الأذان بهذه الصفة وهي الجزم في كل تكبيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/4720)
استحباب الأذان في مكان العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[مجموعة من الرجال يصلون جماعة في العمل، فهل يشترط الأذان والإقامة قبل الصلاة أم الإقامة وحدها تكفي وتصح الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان بالنسبة لهذه الجماعة مستحب لأجل إعلام أفراد المجموعة بدخول وقت الصلاة، ولأجل تنبيههم إلى الاستعداد لها بالطهارة، ولما في الأذان من الأجر العظيم، قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح الحديث الذي رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه: أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال: أبو سعيد سمعته من رسوله الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: واستدل به الرافعي للقول الصائر إلى استحباب أذان المنفرد وهو الراجح عند الشافعية بناء على أن الأذان حق الوقت. انتهى.
وقال القاضي عياض: مضمن الإعلام في الأذان دخول الوقت والدعاء للجماعة ومكان صلاتها وإظهار شعائر الإسلام. انتهى.
ومحل الشاهد من الحديث ومن كلام الحافظ والقاضي عياض هنا إنه إذا كان المنفرد مأموراً بالأذان فالجماعة أولى، لكن الأذان لا يوصف بأنه شرط في الصلاة بل هو سنة أو مستحب، ولا تبطل الصلاة بتركه، وقد ذكر بعض الفقهاء أن الجماعة إذا لم تكن تنتظر الزيادة لا تطالب بالأذان، لكن الأكثر على استحباب الأذان حتى للمنفرد الذي يصلي وحده. وبإمكانك مطالعة الفتوى رقم: 46571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(11/4721)
تعدد الأذان في المسجد الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المساجد تؤذن أربع أذانات، فما حكم الإسلام في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعدد الأذان في المسجد الواحد أمر جائز كما نص على ذلك أهل العلم، قال الشيخ زكريا الأنصاري في الغرر البهية وهو شافعي المذهب: ويسن الاقتصار على اثنين ويجوز الزيادة لكن السنة ألا يزاد على أربعة كذا قاله الرافعي وقال النووي والأصح ضبطه بالحاجة ورؤية الإمام المصلحة، فإن رءاها في الزيادة على أربعة فعل، وإن رأى الاقتصار على اثنين لم يزد والشفع أولى من الوتر، لأنه صلى الله عليه وسلم كان له مؤذنان. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته على الدردير شرح مختصر خليل المالكي عند قول خليل و (جاز) تعدده، قال: أي جاز تعدد المؤذن في مسجد أو غيره كمركب أو محرس وذلك بأن يكون شخصان أو أكثر كل واحد مؤذن بجانب من المسجد أو من غيره من الأمكنة المعدة للصلاة. انتهى.
فلعل أهل هذه المساجد اعتمدوا على كلام الفقهاء في جواز تعدد الأذان في المسجد الواحد، هذا في غير الجمعة، وأما الجمعة فلا ينبغي أن يزاد فيها على أذانين، وللفائدة طالع الفتوى رقم: 15296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(11/4722)
حكم خفض الصوت بالشهادتين الأوليين ثم ترجيعهما
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدي عندما يكبر المؤذن في الأذان الله أكبر مرتين يقول بصوت خافت أشهد أن لا إله إلا الله مر تين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين وهو ما يسمى بالترجيع
تم يقول جهرا أشهد أن لا إله إلا الله.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 6251 صيغ الأذان الواردة، وفيها أن هذه الصيغة التي ذكرتها هي التي أخذ بها مالك بن أنس، وهي المعروفة الآن في البلاد التي يعمل أهلها بالمذهب المالكي مثل بلاد المغرب العربي عامة، وبعض الدول الإفريقية. ويذكر الفقهاء المالكيون في باب الأذان استحباب خفض الصوت عند الشهادتين الأوليين، ثم ترجيعهما بأرفع من صوته. قال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي: سن الأذان لجماعة طلبت غيرها في فرض وقتي ولو جمعة وهو مثنى ولو الصلاة خير من النوم مرجع الشهادتين بأرفع من صوته أولا. قال الشيخ أحمد الدردير شارح المختصر بأرفع من صوته بهما أولا عقب التكبير المرتفع لخفضه صوته بهما دون التكبير لكن بشرط الإسماع وإلا لم يكن آتيا بالسنة، ويكون صوته في الترجيع مساويا للصوت في التكبير. انتهى.
وإذا علمت هذا، فاعلم أن هذه صيغة من صيغ الأذان الصحيحة، وأن خفض الصوت بالشهادتين الأوليين يستحب عند المالكية لكن لا يبالغ في خفض الصوت، بل لا بد من الإسماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(11/4723)
الأولى بالأذان وما يستحب في حق المؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مؤذن بمسجد دخل علي رجل وقال لي إنه يريد أن يؤذن وقال لي أيضا إنه له الحق أن يؤذن بدلا مني بدليلين شرعيين فما الحكم في ذلك ومن هو الأحق بالأذان وهل هناك شروط للمؤذن؟ وماذا لو تكررت هذه الحادثة بحيث أن كل يوم يأتي من يقول إنه الأحق بالأذان بحيث كل يوم يؤذن لكل صلاة رجل أوأكثر.
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشروط المؤذن ثلاثة وهي كونه: مسلما ذكرا عاقلا، ففي دقائق أولي النهي ممزوجا بشرح المنتهى وهو حنبلي: وشرط ـ بالبناء للمجهول ـ في المؤذن كونه مسلما فلا يعتد بأذان كافر لعدم النية، وكونه ذكرا فلا يعتد بأذان أنثى وخنثى. إلى أن قال: كونه عاقلا فلا يصح من مجنون كسائر العبادات. انتهى. ومن المستحب في حق المؤذن كونه حسن الصوت متصفا بالأمانة والعلم بأوقات الصلاة غير أعمى، فيقدم المؤذن المتصف بهذه الصفات على غيره ممن هو خال منها أو من بعضها. ففي الإنصاف للمرداوي: فإن تشاحَّ فيه اثنان قدم أكملهما في هذه الخصال وهي: الصوت والأمانة والعلم بالوقت والبصر، فإن استويا في ذلك أقرع بينهم، وعنه: يقدم من يرضاه الجيران. انتهى. هذا عن شروط المؤذن ومن هو الأولى بالأذان.
وإذا كان المؤذن مرتبا من طرف المشرف على أمور المسجد فهو الأحق بالأذان من غيره إذا كان حاضرا. قال ابن قدامة في المغني: ولا يؤذن قبل المؤذن الراتب إلا أن يتخلف ويخاف فوات وقت التأذين فيؤذن غيره؛ كما روي عن زياد بن الحارث الصدائي أنه أذن للنبي صلى الله عليه وسلم حين غاب بلال، وقد ذكرنا حديثه، وأذن رجل حين غاب أبو محذورة قبله، فأما مع حضوره فلا يسبق بالأذان، فإن مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن غيرهم يسبقهم بالأذان. انتهى.
ويجوز أن يتولى الأذان أكثر من مؤذن واحد في المسجد الواحد، ففي إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد الشافعي: في الحديث دليل على جواز اتخاذ مؤذنين في المسجد الواحد، وقد استحبه أصحاب الشافعي. وأما الاقتصار على مؤذن واحد فغير مكروه. إلى أن قال: وفيه دليل على أنه إذا تعدد المؤذن فالمستحب أن يترتبوا واحدا بعد واحد إذا اتسع الوقت لذلك، كما في أذان بلال وابن أم مكتوم رضي الله عنهما فإنها وقعا مترتبين؛ لكن في صلاة يتسع وقت أدائها كصلاة الفجر، وأما في صلاة المغرب فلم ينقل فيها مؤذنان. انتهى. وفي التاج والإكليل وهو مالكي: من المدونة: لا بأس باتخاذ مؤذنين وثلاثة وأربعة بمسجد واحد من مساجد القبائل. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 54647. والخلاصة أنه إذا كنت مرتبا من طرف إدارة المساجد أو جماعة المسجد فأنت أحق بالأذن من غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/4724)
تحديد أوقات الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في فرنسا في مدينة تروة Troyes وهي تقع على خط عرض 48,3 وخط طول 4,0833. توقيت الصلاة الذي يتبع في الجامع يعتمد على حساب 12 درجة, بينما كل المواقع على الانترنت تعطي توقيتا آخر معتمدة على 18 أو 17 درجة, وهذا الفرق يحصل خاصة في حساب الفجر والعشاء. الطريقة الأكثر اعتمادا هي Muslim World League وتعتمد على: Angle of the sun under the Horizon (Fajr) : 18 Angle of the sun under the Horizon (Isha) : 17 وتدخل أوروبا ضمن المناطق التي تتبع لهذه الطريقة. إذا اعتمدنا 12 درجة في حساب التوقيت في 22/04/2005 نجد: Fajr: 5h21 Zhur: 13h47.Asr: 17h35، Maghreb: 20h46 Icha: 22h03، بينما إذا اعتمدنا 18 درجة في حساب التوقيت في 22/04/2005 نجد:
Fajr: 4h40
Zhur: 13h43
Asr: 17h35
Maghreb: 20h44
Icha: 22h38. نحن نعتمد حاليا التوقيت الذي وجدناه على كل صفحات الإنترنت والذي يعتمد على 18 أو 17 درجة وليس التوقيت الذي يتبع في الجامع والذي يعتمد على حساب 12 درجة. هل علينا أن نتبع ما يتبع في الجامع مع العلم أننا لم نجد ما يبرر استعمال ال 12 درجة في الحساب?
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعول عليه شرعا في تحديد أوقات الصلاة إنما هي العلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على تلك الأوقات والتي بيناها في الفتوى رقم: 13740. وهذه الضوابط الشرعية لتحديد أوقات الصلاة صالحة لكل زمان ومكان، وما سواها من تقاويم وحسابات فلكية إنما هي وسائل لتسهيل معرفة تلك الضوابط. فإذا أمكنكم معرفة أوقات الصلوات حسب الضوابط الشرعية المعروفة فالواجب عليكم العمل بها واتباعها، ولكم أن تأخذوا بخبر ثقة عدل عارف بالوقت من إمام أومؤذن. والأصل في الأئمة والمؤذنين المنتصبين في المساجد كونهم محمولين على العدالة مالم يثبت خلاف ذلك. وعليه، فإذا كان الجامع الذي عندكم فيه إمام أو مؤذن عدل عارف بأوقات الصلاة فقلدوه فيها، أما إن كان يؤذن عن اجتهاد لا عن علم بالوقت فقد نص أهل العلم على عدم جواز تقليده لمن كان قادراً على الاجتهاد. أما من عجز عن الاجتهاد فله تقليده، قال العلامة الرملي في نهاية المحتاج: ومن قدر على الاجتهاد لم يقلد مجتهداً، لأن المجتهد لا يقلد مجتهداً، نعم لأعمى البصر والبصيرة تقليد بصير ثقة عارف، وأذان العدل العارف بالمواقيت في الصحو كالإخبار عن علم. اهـ. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 56261. والفتوى رقم: 32412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(11/4725)
النطق الصحيح لشهادة التوحيد في الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
هل في الأذان نقول أشهد أنّ لا لإله إلاّ الله [بوضع فتحة وشدّة على نون أنّ كما في أشهد أنّ محمد رسول الله] أم نقول أشهد أن لا لإله إلاّ الله [دون وضع شدّة على نون أن] .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنطق الصحيح لهذه الكلمة هو أن تكون بفتح الهمزة وتسكين النون مدغمة في اللام بعدها، فتنطق ألا إله إلا الله.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 48953 والفتوى رقم: 51616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(11/4726)
لا يهجر الأذان بسبب استهزاء الكافرين
[السُّؤَالُ]
ـ[صوت العويل هذا نسمعه في إستانبول وسمعه الصرب من المساجد التي بناها الأغنياء من الأعراب فأجّجوا الكراهية ضد المسلمين خمس مرات باليوم فلا يكادون نسيانهم عند الفجر يتذكرونهم عند الظهر ألخ ... الخوف الآن على تركيا الأوروبية، والتي تود أن تجامع أوروبا فقبل سنة أو سنتين احتفل الأتراك بمرور خمسمائة ألف عام على \"إفتتاح\" إستانبول (القسطنطينية) على أنغام جعير المآذن وهم ساكنو النفس على بقائهم فيها متناسين أن العرب كانوا في الأندلس لثمانمائة عام، صوت الجعير هذا بإشراف الدولة التركية -نفس الدولة التي تحارب الحجاب وبينما معظم المساجد \"عدا يوم الجمعة\" خاوية تقريباً- المقصد هو أن صوت الأذان بالمكبرات لم يُرَوِّج للدين الإسلامي ولا لمصلحة المسلمين ولم يزداد عدد المصلين! بل من هم يعيشون بين المسلمين ازدادوا كرهاً واشمئزازاً من مجاورة المسلمين الجائرين! في حين نحن نعلم أن الرسول نهى أصحابه عن شتم آلهة المشركين لكي لا يشتموا الله، فكيف بالقائمين على أمر المسلمين اليوم يُقَرِّعون أسماع غير المسلمين بمكبرات الصوت المصنوعة في بلاد غير إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان شعيرة من شعائر الإسلام ومطلوب من المسلمين رفعه وإسماعه لأكبر عدد من الناس والجماد لأنها تشهد يوم القيامة لمن سمعته يؤذن، وليس فيه سب للكفرة، ولا يجوز هجر هذه الشعيرة لمجرد أن الكفار ربما سخروا منها، فقد قال الله تعالى: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ {المائدة:58} ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: قوله: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا. قال: كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: حرق الكذاب، فدخلت خادمة ليلة من الليالي بنار وهو نائم وأهله نيام فسقطت شرارة فأحرقت البيت فاحترق هو وأهله. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وذكر محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة....أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال فأمره أن يؤذن، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد: لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه، وقال الحارث بن هشام: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته، فقال أبو سفيان: لا أقول شيئاً لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد علمت الذي قلتم ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب نشهد أنك رسول الله! ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك. وقال الإمام أحمد حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج أخبرنا عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره -وكان يتيما في حجر أبي محذورة- قال: قلت لأبي محذورة: يا عم إني خارج إلى الشام وأخشى أن أسأل عن تأذينك، فأخبرني أن أبا محذورة قال له: نعم خرجت في نفر وكنا في بعض طريق حنين مقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون، فصرخنا نحكيه ونستهزئ به، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، فقال رسول الله: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني وقال: قم فأذن، فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله، ولا مما يأمرني به فقمت بين يدي رسول الله فألقى علي رسول الله التأذين هو بنفسه. انتهى.
والشاهد أنه وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من كان يتأذى بالأذان، وربما استهزأ به، ومع ذلك لم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رفع الصوت بالتأذين، ونحن تبع له عليه الصلاة والسلام، ولو استجاب المسلمون لمطالب أعدائهم فإنهم سيتركون دينهم كله لأن أعداء الله لا يرضون من المسلمين إلا ترك دينهم واتباع ملتهم العوجاء، كما قال الله تعالى: وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ {البقرة:120}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/4727)
أذان المرأة للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[رأي الدين في إمامة الدكتورة أمينة ودود للمصلين (رجال ونساء) في أمريكا حيث كان الأذان بصوت فتاة، مع العلم أنها غير محجبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم إمامة المرأة للرجال في الفتوى رقم: 60328.
وأما الأذان فيشترط في المؤذن للرجال أن يكون رجلا عند جمهور أهل العلم، فلا يصح ولا يعتد بأذان المرأة لو أذنت للرجال، لأن الناس مطالبون بسماع الأذان، وقد يفتتن بعضهم بصوتها فيكون مطالباً بما قد يوقعه في الفتنة، وهذا مخالف لمقاصد الشرع. وقد استحب كثير من الفقهاء ومنهم الشافعية النظر إلى المؤذن حالة الأذان، فلو جوزنا لها الأذان لكان السامع مأموراً بالنظر إليها وهو حرام، وهذا مخالف لمقصود الشارع -كما سبق- ومدعاة للفتنة.
واعتبر الحنفية الذكورة من السنن، وكرهوا أذان المرأة، واستحب الإمام أبو حنيفة إعادة الأذان لو أذنت، ففي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: لو أذنت للقوم أجزأ، ولا يعاد، لحصول المقصود، وأجاز بعض الشافعية أذانها لجماعة النساء دون رفع صوتها.
وأما ظهورها أمام الرجال الأجانب كاشفة الرأس فحرام عند جميع العلماء، وكذا صلاتها كاشفة الرأس باطلة عندهم جميعاً؛ إلا إذا كانت أمة مملوكة فعورتها عند الأجانب وفي الصلاة كالرجل ما بين السرة والركبة. والحاصل أن ما جرى في هذه الحادثة لم تراع فيه حدود الشرع وكلام أهل الاختصاص من أئمة الإسلام. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(11/4728)
تأخير الأذان للتأكد من دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تعمد تأخير الأذان 3 أو 4 دقائق لكي يتم التأكد أن الوقت قد دخل، وإن كان غير جائز، فهل يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: مازال قوم يؤخرون الصلاة حتى يؤخرهم الله.؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الإقدام على الأذان إلا بعد دخول الوقت إلا أذان الفجر، فإن كان التأخير المذكور بعد التحقق من دخول الوقت، فلا بأس به لأنه تأخير قليل والأولى المبادرة إلى الأذان بعد دخول الوقت، وكنا قد بسطنا الكلام على تأخير الأذان ومنع تقدمه على الوقت في الفتوى رقم: 50050، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27701.
وأما الحديث الذي أشار إليه السائل فإنه لفظه كما في صحيح مسلم من رواية أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابة تأخراً فقال: تقدموا، وائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، فإنه لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله تعالى. وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 57169 أن المراد بالتأخير هنا هو التأخر عن الصف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/4729)
سماع الأناشيد الإسلامية وترديد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سماع الأناشيد الإسلامية عندما يؤذن المؤذن للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسماع الأناشيد الإسلامية جائز وترديد الأذان خلف المؤذن مستحب وفيه فضيلة عظيمة، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة. رواه البخاري وغيره.
وفي مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة. فلا ينبغي للإنسان أن ينشغل بسماع الأناشيد ويضيع هذا الفضل بسماع شيء مباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(11/4730)
صلاة الصبح في زمنه صلى الله عليه وسلم لها أذانان
[السُّؤَالُ]
ـ[كم أذان لصلاة الفجر وما ورد على زمان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكيف ورد أن ينادى للصلاة بالأذان وليس بأي طريقة مثل إشعال نار أو ما شابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصفة الأذان الكاملة وابتداء مشروعيته قد تقدم كل منهما في الفتوى رقم: 6251.
وصلاة الصبح في زمنه صلى الله عليه وسلم لها أذانان بدليل ما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، ثم قال: وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت. وراجع الفتوى رقم: 8194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(11/4731)
من صلى منفردا بغير أذان ولا إقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة المنفرد بلا أذان ولا إقامة وإذا كان المؤذن إلى غير جهة الكعبة فهل يأثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب لمن صلى منفرداً أن يؤذن ويقيم للصلاة؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6950. وعليه، فمن صلى منفرداً بغير أذان ولا إقامة فصلاته صحيحة ولا شيء فيها.
أما استقبال الكعبة حال الأذان فمستحب فقط وليس بواجب، فلو انحرف المؤذن عن القبلة صح أذانه. وقد سبق الكلام عن شروط الأذان ومستحباته في الفتوى رقم: 4320. وكذلك يستحب للمؤذن أن يلوي عنقه يمنة ويسرة عند الحيعلتين راجع الفتوى رقم: 6055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1425(11/4732)
تفطير الصائمين والتشاح في الأذان والإيثار به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتحقق أجر إفطار الصائم ولو بتمرة في المسجد أم لا بد من إشباعه، وهل يجوز أن تقول للشخص الذي ستفطره في المسجد لا بد أن تفطر على هذه التمرات، وما صحة ما يعتقده بعض الناس من أن أجر الإفطار يكون على أول لقمة أكلها الصائم وما الحكم إذا اشتجر ناس على الأذان فمن يقدم، وهل يجوز الإيثار فيه ويتحصل لك أجر الأذان ولو لم تؤذن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فطر صائماً ولو على شربة ماء، فله مثل أجره، ومن أشبعه سقاه الله تعالى من حوض نبيه، فعن سلمان الفارسي: من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء: قلنا: يا رسول الله، ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء، ومن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه البيهقي وابن خزيمة في صحيحه، وأبو الشيخ وابن حبان في الثواب باختصار عنهما.
وفي رواية لأبي الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطر صائماً في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها وصافحه جبريل ليلة القدر، ومن صافحه جبريل عليه السلام يرق قلبه وتكثر دموعه. قال: فقلت: يا رسول الله، من لم يكن عنده؟ قال: فقبضة من طعام. قلت: أفرأيت إن لم يكن عنده؟ قال: فشربة من ماء.
وإذا أراد الشخص الحصول على أجر تفطير الصائم فلا بد أن يكون أول ما يتناوله الصائم من طعامه أو شرابه حتى يصدق عليه أنه فطره، وهذا بين واضح.
وإذا تشاح أناس على الأذان، ولم يكن مؤذن راتب، فيقدم من توفرت فيه الخصال المعتبرة في التأذين. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وإذا تشاح نفسان في الأذان قدم أحدهما في الخصال المعتبرة في التأذين، فيقدم من كان أعلى صوتاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد: ألقه على بلال، فإنه أندى صوتاً منك.
وقدم أبا محذورة لصوته، وكذلك يقدم من كان أبلغ في معرفة الوقت، وأشد محافظة عليه، ومن يرتضيه الجيران، لأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن هو أعف النظر، فإن تساويا من جميع الجهات أقرع بينهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. متفق عليه، ولما تشاح الناس في الأذان يوم القادسية أقرع بينهم سعد. انتهى.
وأما الإيثار بالأذان فمكروه، لأنه قربة والإيثار فيها مكروه عند بعض أهل العلم. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب. قال تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ {الحشر:9} ، قال الشيخ عز الدين: لا إيثار في القربات، فلا إيثار بماء الطهارة، ولا بستر العورة ولا بالصف الأول، لأن الغرض بالعبادات: التعظيم والإجلال، فمن آثر به، فقد ترك إجلال الإله وتعظيمه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(11/4733)
تقطع القراءة لإجابة المؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأفضل عند سماع الأذان أن أكمل قراءة الكتاب الذي كنت أقرؤه قبل سماع الأذان أو أن أتوقف لسماع الأذان مع العلم أن الأذان لا يسمع بشكل جيد، أسمع كلمة ولا أسمع ثلاث ولو أننا لا نعرف ما الذي يقال في الأذان لما عرفت ما الذي يقال
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن سامع الأذان إذا كان يتلو القرآن يقطع التلاوة حتى يحكي الأذان.
قال الناظم:
يحكي الأذان قارئ القرآن * أي يقطع القرآن للأذان
ولا غرابة إذ المفضول * تقديمه لسبب معقول
وإذا ثبت هذا في كتاب الله فلا شك أن غيره من الكتب من باب أولى.
وراجعي في حكم حكاية الأذان الفتوى رقم: 11516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/4734)
هل ورد في الأذان عبارة (حي على خير العمل)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن عمر بن الخطاب حذف حي على خير العمل من الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أحداً من الصحابة أن يقول في أذانه (حي على خير العمل) ولكن صح عن بعض الصحابة أنه كان يقولها في أذانه، ولم نقف على نقل صحيح أنه كان يؤذَن بها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وأن عمر بن الخطاب هو الذي أمر بحذفها إلا ما نقله الشوكاني عن بعض أهل البيت حيث قال رحمه الله في نيل الأوطار: وقد ذهب العترة إلى إثباته -حي على خير العمل- وأنه بعد قول المؤذن: حي على الفلاح قالوا: يقول مرتين: حي على خير العمل، ونسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي وهو خلاف ما في كتب الشافعية فإنا لم نجد في شيء منها هذه المقالة؛ بل خلاف ما في كتب أهل البيت، قال في الانتصار: إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك يعني في أن حي على خير العمل ليس من ألفاظ الأذان، وقد أنكر هذه الرواية الإمام عز الدين في شرح البحر وغيره ممن له اطلاع على كتب الشافعية، احتج القائلون بذلك بما في كتب أهل البيت كأمالي أحمد بن عيسى، والتجريد والأحكام، وجامع آل محمد من إثبات ذلك مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمن عمر، وهكذا قال الحسن بن يحيى، روي ذلك عنه في جامع آل محمد.
وبما أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنه كان يؤذن بحي على خير العمل أحياناً، وروى فيها عن علي بن الحسين أنه قال: هو الأذان الأول، وروى المحب الطبري في أحكامه عن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك، قال المحب الطبري: رواه ابن حزم ورواه سعيد بن منصور في سننه عن أبي أمامة بن سهل البدري، ولم يرو ذلك من طريق غير أهل البيت مرفوعاً، وقول بعضهم: وقد صحح ابن حزم والبيهقي والمحب الطبري وسعيد بن منصور ثبوت ذلك عن علي بن الحسين وابن عمر وأبي أمامة بن سهل موقوفاً ومرفوعاً ليس بصحيح؛ اللهم إلا أن يريد بقوله مرفوعاً قول علي بن الحسين هو الأذان الأول، ولم يثبت عن ابن عمر وأبي أمامة الرفع في شيء من كتب الحديث.
وأجاب الجمهور عن أدلة إثباته بأن الأحاديث الواردة بذكر ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما من دواوين الحديث ليس في شيء منها ما يدل على ثبوت ذلك، قالوا: وإذا صح ما روي من أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها، وقد أورد البيهقي حديثاً في نسخ ذلك، ولكنه من طريق لا يثبت النسخ بمثلها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/4735)
الصحيح (أشهد أن محمدا رسول الله) بالنصب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يوجد أخطاء عند بعض الناس في الأذان للصلاة
فمنهم من يقول أشهد أن محمدا رسول الله ومنهم من يقول أشهد أن محمد رسول الله فما هو الصحيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح في الأذان أن يقال: أشهد أن محمدا رسول الله. بنصب محمد، لأنه اسم إن، ورفع رسول لأنه خبرها. وما عدا هذه الصيغة فخطأ ينبغي تنبيه المؤذن عليه حتى يصلحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/4736)
مؤذنو الرسول صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم مؤذنوا الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى ابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي في السنن، وابن سعد في الطبقات عن عائشة قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين، بلال، وأبو محذورة، وعمروابن أم مكتوم. وقال البيهقي إنه خبر صحيح. وكان له مؤذن رابع وهو سعد القرظ كان يؤذن بقباء، كما في حديث الحاكم وقد ذكر هؤلاء ابن القيم في الزاد، وابن تيمية في منهاج السنة، وابن حجر في الفتح، والكتاني في نظم المتناثر، والذهبي في السير، والشرواني في شرح المنهاج. والحق كما قال ابن حجر في الفتح: أن المؤذن الراتب هو بلال، أما ابن أم مكتوم فكان يؤذن في الفجر وأما سعد القرظ فكان مؤذنا بقباء وأما أبو محذورة فكان بمكة. وقد روى أحمد وأبو داود وأبو الشيخ والبيهقي أن عبد الله بن زيد أقام مرة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في سنده مقالا، فقد ضعفه ابن حجر في البلوغ والشوكاني في النيل والألباني والأرناؤوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/4737)
هل يجوز إعادة الأذان إذا لم يسمع لسبب ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعادة الأذان مرتين، كأن ينتبه المؤذن بعد الأذان أن مكبرات الصوت لم تكن تعمل عندما أذن، أو أن التيار الكهربائي كان مقطوعاً، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من إعادة الأذان إذا لم يسمع الناس الأذان، ولم يحصل منه الإعلام بدخول الوقت، بل قد يكون مطلوباً لأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت، وللتعبد أيضاً، فإذا أذن المؤذن ولم يسمع الناس حصل التعبد ولم تحصل العلة الأخرى التي هي الإعلام بدخول الوقت.
والمعروف أن تعدد المؤذنين أمر جائز. قال الخرشي شارح مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله وتعدده يعني أنه يجوز تعدد المؤذن في المكان الواحد مسجداً ومركباً قال: ويدخل في كلامه تعدده من مؤذن واحد مرات في المسجد قاله بعضهم لكن نص سند على كراهته. قال العدوي في حاشيته معلقاً على قول الخرشي لكن نص سند على كراهته: قال بعضهم: وانظر لو كان المسجد واسعاً وأذن في بعض جهاته والظاهر جوازه في جهة أخرى. انتهى.
والمراد بالاستشهاد بهذا النص الاستئناس به على جواز تعدد الأذان من شخص واحد من غير عذر، فكيف إذا كان يقصد إبلاغ الناس بالوقت، حيث فاتهم ذلك بالأذان الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(11/4738)
حكم ترك المؤذن (أن) من (أشهد أن لا إله إلا الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لدينا مؤذن يقول في الأذان \"أشهد لا إله إلا الله\" وينسى \"أن\" فهل هذا من مبطلات الصلاة أم أن الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك المؤذن لفظة (أن) من قوله (أشهد أن لا إله إلا الله) لحن لا يغير المعنى فهو مكروه، وإنما الذي يحرم ولا يعتد بالأذان مع وجوده هو الذي يغير المعنى قال الحصكفي (ولا لحن فيه) أي تغني يغير كلماته فإنه لا يحل فعله وسماعه)
قال ابن عابدين معلقا عليه وكلاهما من الحنفية (قوله: يغير كلماته) أي بزيادة حركة أو حرف أو مد أو غيرها في الأوائل والأواخر،
وقال النفراوي من المالكية (فيتخلص أن المعتمد فقها أن عدم اللحن في الأذان مستحب، فلا يبطل بنصب المرفوع ولا برفع المنصوب، لأن المعتمد صحة الصلاة باللحن في الفاتحة، فكيف بالأذان) ويقصد رحمه الله اللحن غير المخل كما هو واضح من تمثيله وتشبيهه.
وقال ابن حجر الهيتمي من الشافعية (ويكره أذان فاسق وصبي وأعمى، لأنهم مظنة الخطأ، والتمطيط، والتغني فيه ما لم يتغير به المعنى وإلا حرم، بل كثير منه كفر فليتنبه لذلك)
وقال الرحيباني من الحنابلة (ويبطل) الأذان (إن أحيل معنى) باللحن أو اللثغة) ا. هـ، وإذا أخل بالمعنى لم يعتد بالأذان، ولكن الصلاة صحيحة على رأي الفقهاء جميعا القائل منهم بأن الأذان فرض كفاية، والقائل منهم بأنه سنة.
وعليه؛ فلو أن قوما صلوا بغير أذان صحت صلاتهم وأثموا، لمخالفتهم السنة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/4739)
الأذان قبل دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أعمل لو أذنت قبل الآذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الأذان أن يكون بعد دخول الوقت، فلا يصح الأذان قبل دخول الوقت وَيَحرُم باتفاق الفقهاء، ومن أذن قبل الوقت فعليه أن يعيد الأذان عند دخول الوقت، ولا يستثنى من ذلك إلا أذان الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ". متفق عليه.
قال مالك رحمه الله: لا ينادى لشيء من الصلوات قبل وقتها إلا الصبح وحدها. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني: الأذان قبل الوقت في غير الفجر لا يجزئ، وهذا لا نعلم فيه خلافاً.
وعليه؛ فإذا أذنت قبل الوقت في غير الفجر فليزمك أن تعيد الأذان.
ولمعرفة شروط صحة الأذان مستوفاةً نحيلك إلى الفتوى رقم: 4320.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(11/4740)
ترتيب ألفاظ الأذان واجب، والطهارة مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أعمل لو قدمت أو أخرت في بعض ألفاظ الأذان وهل الطهارة شرط للأذان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان يشترط في صحته أن يكون مرتبا، لأنه صلى الله عليه وسلم علمه للمؤذن أبي محذورة كذلك، قال ابن قدامة في المغني: ولا يصح الأذان إلا مرتبا لأن المقصود منه يختل بعدم الترتيب وهو الإعلام، فإنه إذا لم يكن مرتبا لم يعلم أنه أذان، ولأنه شرع في الأصل مرتبا، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة مرتبا. انتهى.
وفي المهذب في الفقه الشافعي: ويجب أن يرتب الأذان لأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك أذان. انتهى.
وفي المجموع للنووي شرح المهذب: اتفقوا على اشتراط الترتيب في الأذان، لما ذكره، فإن نكسه فما وقع في موضعه صحيح فله أن يبني عليه، فإن أتى بالنصف الثاني من الأذان ثم بالنصف الأول فالنصف الثاني باطل والأول صحيح لوقوعه في محله، فله أن يبني عليه فيأتي بالنصف الثاني، ولو استأنف الأذان كان أولى ليقع متواليا، ولو ترك بعض كلماته أتى بالمتروك وما بعده، ولو استأنف كان أولى. انتهى.
وعليه، فما قدمت من ألفاظ الأذان أو أخرته عن محله فهو باطل لا يعتد به، وتبني على ما أتيت به على الترتيب الصحيح، والأفضل في حقك استئناف الأذان من جديد حتى يحصل متواليا كله.
والطهارة ليست بشرط في صحة الأذان ولكنها مستحبة، قال في المهذب: والمستحب أن يكون على طهارة، لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حق وسنة أن لا يؤذن لكم أحد إلا وهو طاهر، ولأنه إذا لم يكن على طهارة انصرف لأجل الطهارة فيجيئ من يريد الصلاة فلا يجد أحدا فينصرف. انتهى
وفي المجموع للنووي: يستحب أن يؤذن على طهارة، فإن أذن وهو محدث أو جنب أو أقام الصلاة وهو محدث أو جنب صح أذانه وإقامته، لكنه مكروه. انتهى.
وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وتستحب الطهارة في الأذان ويصح بدونها، والكراهة في الجنب، وفي الإقامة أشد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(11/4741)
التثويب.. تعريفه.. وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التثويب وما هو حكمه في صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتثويب في صلاة الفجر قد عرفه وبين حكمه ابن قدامة في المغني قائلا: وجملته أنه يسن أن يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتين، بعد قوله: حي على الفلاح، ويسمى التثويب، وبذلك قال ابن عمر والحسن البصري وابن سيرين والزهري ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور والشافعي في الصحيح عنه. وقال أبو حنيفة: التثويب بين الأذان والإقامة في الفجر أن يقول: حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين. ولنا ما روى النسائي بإسناده عن أبي محذورة قال: قلت: يا رسول الله، علمني سنة الأذان، فذكره إلى أن قال بعد قوله حي على الفلاح: فإن كان في صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. انتهى.
وعليه؛ فالتثويب هو قول المؤذن بعد حي على الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين، وهو سنة في أذان الصبح. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 24503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/4742)
حكم التحدث مع المؤذن أثناء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز مقاطعة المؤذن والتحدث إليه أثناء الأذان لأمر ما (ضروري) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحدثك مع المؤذن يترتب عليه صدور الكلام منه وهذا لا بأس به عند بعض أهل العلم ومنهم من قيد ذلك بوجود مصلحة ومنهم من كرهه مطلقاً، قال الإمام الشافعي في الأم: ولا أحب الكلام في الأذان بما ليست فيه منفعة للناس وإن تكلم لم يعد أذاناً. وقال أيضاً: وأحب المؤذن أن لا يتكلم حتى يفرغ من أذانه فإن تكلم بين ظهراني أذانه فلا يعيد ما أذن به قبل الكلام كان ذلك الكلام ما شاء. انتهى.
وفي المصنف لابن أبي شيبة: عن الحسن وحجاج عن عطاء أنهما كانا لا يريان بأساً أن يتكلم المؤذن في أذانه. وقال أيضاً: كان قتادة لا يرى بذلك بأساً وربما فعله فتكلم في أذانه. انتهى.
ثم حكى ابن أبي شيبة الكراهة عن المزني وابن سيرين والشعبي، وعند المالكية يكره السلام على المؤذن لما يترتب عليه من رده فيحصل انقطاع في الأذان فكيف بالكلام بغير السلام، قال المواق في التاج والإكليل: ومن المدونة أكره السلام على الملبي حتى يفرغ من تلبيته وكذلك المؤذن في أذانه. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: يريد أنه يكره السلام على الملبي والموذن لأن ذلك ذريعة إلى رده. انتهى.
وعليه فلا ينبغي أن تتكلم مع المؤذن إن ترتب عليه رد المؤذن عليك فإن كانت هناك حاجة فلا كراهة بشرط أن يكون الكلام على قدر الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/4743)
حكم الأذان لمجرد الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يؤذن فقط للذكر، أي أنه يريد أن يذكر الله وأحب أن يؤذن والوقت ليس وقت الأذان، أي أنه يؤذن ليس للصلاة إنما للذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع الأذان لغير دخول الوقت أو لغير الصلاة لأن الأذان إنما شرع لهذين الأمرين، إلا إذا كان قصدك التدريب على الأذان والتعود عليه فلا حرج عليك حينئذ، وراجع الفتوى رقم: 47671.
وذكر الله تعالى ثوابه عظيم وأنواعه كثيرة منها: تلاوة القرآن، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
ومنها: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. متفق عليه.
ومنها: الباقيات الصالحات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت. رواه مسلم وغيره.
وهذه أمثلة فقط لبعض أنواع الذكر وهي كثيرة، فبإمكانك الإقبال عليها وستجد الأجور الكثيرة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/4744)
توحيد الأذان في البلد الواحد.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم توحيد الأذان في البلد الواحد، مع ذكر الدليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوحيد الأذان في المصر الواحد لا حرج فيه إذا كان ابتداء دخول وقت الصلاة فيه متحداً، أما إذا كان ابتداء دخول وقت الصلاة فيه يختلف كالدولة الواسعة المترامية الأطراف، فلا يجوز ذلك لأنه قد يؤدي إلى بعض المحظورات كالتأذين في بعض الأماكن قبل الوقت وذلك لا يجوز باتفاق إلا في أذان الفجر -كما سيأتي- لما يترتب عليه من المفاسد كإفطار الصائم قبل الغروب أو أداء بعض الناس للصلاة قبل دخول الوقت ظنا منهم أن الوقت قد دخل، وكذلك قد يؤدي تأخير الأذان أول دخول الوقت إلى أن يتسحر المتسحر بعد طلوع الفجر.
وإليك كلام أهل العلم في حكم تقديم الأذان وتأخيره، أما حكم تقديمه فقد اتفق الفقهاء على حرمة الأذان قبل دخول الوقت إلا أذان الفجر عند أكثر أهل العلم لورود الدليل بذلك، قال الإمام النووي في المجموع: أما غيرها -أي الفجر- فلا يصح الأذان لها قبل وقتها بإجماع المسلمين، نقل الإجماع فيه ابن جرير وغيره.
وقال ابن قدامة في المغني: الأذان قبل الوقت في غير الفجر لا يجزئ، وهذا لا نعلم فيه خلافا، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من السنة أن يؤذن للصلوات بعد دخول وقتها، إلا الفجر، ولأن الأذان شرع للإعلام بالوقت، فلا يشرع قبل الوقت، لئلا يذهب مقصوده.
وأذان صلاة الفجر يجوز تقديمه عند جماهير أهل العلم قال ابن قدامة في المغني: يشرع الأذان للفجر قبل وقتها، وهو قول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، ومنعه الثوري، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن.
وينبغي لمن يقدم أذان الفجر على وقته أن يراعي ما ذكره ابن قدامة بقوله: وينبغي لمن يؤذن قبل الوقت أن يجعل أذانه في وقت واحد في الليالي كلها، ليعلم الناس ذلك من عادته، فيعرفوا الوقت بأذانه، ولا يؤذن في الوقت تارة وقبله أخرى، فيلتبس على الناس ويغتروا بأذانه، فربما صلى بعض من سمعه الصبح بناء على أذانه قبل وقتها، وربما امتنع المتسحر من سحوره، والمتنفل من صلاته، بناء على أذانه، ومن علم حاله لا يستفيد بأذانه فائدة، لتردده بين الاحتمالين، ولا يقدم الأذان كثيراً تارة ويؤخره أخرى، فلا يعلم الوقت بأذانه، فتقل فائدته.
واختلفوا في قدر الزمن الذي يمكن أن يقدم فيه، فذهب الشافعية والحنابلة وأبو يوسف، إلى أنه في النصف الثاني من الليل، وعند المالكية في السدس الأخير، ويسن الأذان ثانيا عند دخول الوقت لقول النبي صلى الله وسلم: إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. وعند الحنفية -غير أبي يوسف - لا يجوز الأذان لصلاة الفجر إلا عند دخول الوقت، ولا فرق بينها وبين غيرها من الصلوات، لما روى شداد مولى عياض بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر.
وأما تأخيره إلى أثناء الوقت ليدخل الوقت في كل البلد ليؤذن الجميع في وقت واحد فلا ينبغي؛ لأن السنة تقديم الأذان في أول الوقت لمواظبة بلال رضي الله عنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، لكن يجوز تأخيره إلى ما قبل خروج وقت الصلاة إذا دعت إلى ذلك حاجة، ولم يكن تأخيره سبباً في اللبس على من يسمع الأذان، قال الأنصاري في أسنى المطالب: فيؤذن للصلاة إذا دخل الوقت، وهو مشروع لها إلى خروجه. انتهى.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وسن أذان أول الوقت ليصلي المتعجل، وظاهره أنه يجوز مطلقاً ما دام الوقت.
فهذا كلام أهل العلم في المسألة، وبهذا تبين أن تأخير الأذان عن أول وقته لا ينبغي، ولذا لا ينبغي تأخير الأذان في بعض الأماكن في البلد حتى يدخل وقت الأذان في أماكن أخرى من أجل توحيد الأذان، بل الذي ينبغي هو التأذين في كل ناحية اتفق دخول وقت الصلاة فيها عند أول الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/4745)
الأذان الثاني من الصبح دليل على دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وقت أذان الفجر والصبح هو فعلا يدل على وقت دخول الصلاة فى مختلف الدول العربية والجزائر خصوصا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أن يكون للفجر أذانان، والشأن في الأذان الثاني منهما أن يكون بعد دخول وقت صلاة الصبح كما سبق في الفتوى رقم: 8046
وعليه فالأصل أن الأذان الثاني دليل على دخول الوقت في أي بلد من بلاد المسلمين إلا أن حصول ذلك في الواقع يترتب على ثقة المؤذنيين ومعرفتهم بدخول الوقت والعلامات التي يستدلون بها على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/4746)
حكم مد ما بين اللام والهاء في (الله أكبر) و (أشهد أن لا إله إلا الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد فإني أتساءل عن جواز مد ما بين اللام والهاء في (الله أكبر) و (أشهد أن لا إله إلا الله)
كما يفعل الكثير من المؤذنين.
وإذا كانت الإجابة بنعم فما مقدار هذا المد؟
وهل يجوز التغني بالأذان كما يفعل الكثير من المؤذنين اليوم؟
... ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمد المشروع فيما بين اللام والهاء من كلمة الله أكبر، وكلمة لا إله إلا الله هو المد الطبيعي فقط وقدره ألف واحدة؛ لعدم وجود سبب من أسباب المد الثلاثة المعروفة عند علماء القراءات، وهذه الأسباب الثلاثة جمعها الناظم في قوله:
... ... ... ثلاثة تجب منها المَدَّه ... الهمزه والسكون ثم الشَدَّه
والزيادة على المد القصير في هاتين الكلمتين يعتبر من اللحن والتطريب في الأذان لأنه زيادة غير مشروعة، قال في حاشية تبيين الحقائق وهو حنفي: وكذا لا يزيد ولا ينقص من كيفيات الحروف كالحركات والسكنات والمدات وغير ذلك لتحسين الصوت، فأما مجرد تحسين الصوت بلا تغيير فإنه حسن.اهـ
قال ابن الحاج في المدخل وهو مالكي: إن في الترجيع والتطريب همز ما ليس بمهموز ومد ما ليس بممدود فترجع الألف الواحدة ألفات كثيرة فيؤدي ذلك إلى زيادة. انتهى
ومن الجدير التنبيه عليه أن المؤذن إذا وقف على حرف ساكن كوقوفه على جملة أشهد أن لا إله إلا الله فيشرع حينئذ المد الطويل لوجود سببه وهو السكون، وهذا المد قد يصل عند بعض القراء إلى ست ألفات كحمزة ونافع من رواية ورش.
والتغني بالأذان والتطريب فيه بزيادة الألحان مكروه عند جمهور أهل العلم
ولايترتب عليه بطلان الأذان إذا لم يغير المعنى فإن كان مغيراً للمعنى فهو حرام، وراجع الفتوى رقم: 35591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/4747)
الأذان بطهارة أكمل وأكثر ثوابا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمؤذن أن يؤذن من غير وضوء وإذا كان غير واجب هل يقلل من أجره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق فتوى برقم: 16550 في حكم الأذان بغير طهارة وأقوال العلماء حول هذه المسألة فالرجاء الاطلاع عليها.
ولا شك أن الأذان بطهارة أكمل وأكثر ثواباً من الأذان بغير طهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(11/4748)
حكم الأذان في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من عنده النية في أداء الأذان عند وقت الصلاة وأنا عادة كل ما يأتي وقت الصلاة أقوم بالأذان في المنزل أو غرفتي وأحاول أن أرتله كما كنت أسمعه في المسجد النبوي ومكة المكرمة عندما كنت هناك؟ ....وشكرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترتيل الأذان وترديده في المنزل أو الغرفة أو أي مكان لغير الإعلان بدخول الوقت أو لغير الصلاة غير مشروع، قال ابن رشد بعد أن ذكر اختلاف أهل العلم في حكم الأذان: فسبب الخلاف هو: تردده بين أن يكون قولاً من أقاويل الصلاة المختصة بها أو يكون المقصود به هو الاجتماع.
فالأذان إذن إنما شرع لأحد هذين الأمرين. أما أن يقوم الشخص بالأذان على الكيفية المعروفة وهو لا يريد به الصلاة ولا الإعلام بدخول الوقت فهذا غير معروف، اللهم إلا أن يكون بقصد تدريب نفسه وتعويد صوته على الأذان، هذا إن كنت تقصد الأذان لغير صلاة، أما إن كنت تؤذن للصلاة وكنت معذوراً عن حضور الجماعة فإنه يسن لك أن ترتل الأذان، وترفع به صوتك، ولو حاكيت أذان الحرم لا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(11/4749)
الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة على محمد وآله وصحبه إلى يوم الدين.. وبعد: نحن طلبة مسلمون في بلاد أوروبية، المسجد بعيد عن مكان إقامتنا ونظراً لأهمية صلاة الجماعة، نقوم بالأذان والصلاة في طرقات البيت، لاسيما صلاة الجمعة، ولكن أحياناً نجتمع للصلاة بعد دخول وقت الصلاة بأكثر من ساعة (صلاة الظهر وصلاة العصر) ، فهل يجوز لنا أن نؤذن للصلاة أو يجب الاكتفاء بالإقامة، مع العلم أن البعض يقول إن الغاية من الأذان هي جمع المصلين، ويرى البعض الآخر أن الغرض من الأذان الإعلان عن دخول وقت الصلاة، ونحن نخاف الابتداع فأرشدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليكم أن تؤذنوا للصلوات التي تجتمعون لأدائها، لأن الأذان شرع لإظهار شعائر الإسلام والإعلام بدخول الوقت والدعاء إلى الجماعة، وهو سنة مؤكدة لكل جماعة لاسيما إذا لم يكن بجوارها مسجد آخر يؤذن فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم. متفق عليه، قال النووي في شرح صحيح مسلم: ذكر العلماء في حكمة الأذان خمسة أشياء، إظهار شعائر الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة ومكانها، والدعاء إلى الجماعة.
فالأذان بالنسبة لكم مطلوب لاسيما وأنتم في بلد يحتاج المسلمون فيه إلى المحافظة على شعائر الإسلام الظاهرة، والأذان منها كما لا يخفى، قال في المغني: يكره ترك الأذان للصلوات الخمس لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت صلاته بأذان وإقامة والأئمة بعده.
مع أنكم لو صليتم بدون أذان فإن صلاتكم صحيحة باتفاق الفقهاء، قال ابن عبد البر بعدما ساق قول مالك: إنما يجب النداء في مساجد الجماعات التي تجمع فيها للصلاة، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة اختلاف استحباب، وما أعلم أحد أفسد صلاة ممن لم يؤذن إذا أقام، بل الصلاة مجزية عند جميعهم إذا صليت بإقامة وكذلك عند الجمهور ولو لم يقيموا وقد أساءوا.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/4750)
يجيب السامع المؤذنين ولو كثروا
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ الآن لو أنا ماشي وسمعت أكثر من أذان معاً، هذا المسجد يؤذن والآخر يؤذن، فهل أتابع جميعهم وأردد ما قالوا ... وأيضاً يا شيخ أنا أريد أن أعرف ضوابط البدعة متى يكون هذا العمل بدعة، وأيضاً ما هو حكم القاعدة التي تقرأ عليها القرآن من خشب هل هذه بدعة، وهل كل شيء لم يكن يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو بدعة، أم أنه داخل تحت المصالح المرسلة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم اختلفوا في حكاية الأذان إذا تعدد المؤذنون، فمنهم من قال: يكتفي بحكاية الأذان الأول؛ لأنه بذلك امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحكاية الأذان، كما في الصحيحين من قوله: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، وقالوا: إن الأمر لا يقتضي التكرار، ومنهم من قال: يجيب النداء الأول والثاني، وأكثر، لعموم الحديث، ولأنه ذكر يثاب عليه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في (الشرح الممتع على زاد المستقنع) عند قول المؤلف يسن لسامعه حكايته سرًا قال: وهذا يشمل النداء الأول والثاني، يحيث لو كان المؤذنون يختلفون فنقول يجيب الأول ويجيب الثاني لعموم الحديث، ثم هو ذكر يثاب الإنسان عليه.
وقال شيخ الإسلام في الاختيارات ص39: ويجيب ثانيًا وأكثر.
وقال الشيخ محمد عليش في فتح الجليل على شرح مختصر خليل عند قول المؤلف وحكايته لسامعه ما نصه: وإذا أذن جماعة واحد عقب واحد فاختار اللخمي تكرير الحكاية وقيل يكفيه حكاية الأول.
والذي يترجح لدينا هو أن السامع عليه أن يحكي الأذان إذا سمعه، سواء كان ثانيًا وأكثر، فإن أذن المؤذنون دفعة واحدة فيكتفي بحكاية واحدة، إذ لا يستطيع غير ذلك، مع العلم أن حكاية الأذان سنة من فعلها أجر عليها ومن تركها لم يأثم.
وبالنسبة للسؤال الثاني فإن أهل العلم قرروا أن العبادة توفيقية فلا يعبد الله إلا بما شرع في كتابه أو على لسان رسوله، فكل أمر مما يتعبد به لم يرد به نص من الشرع، ففعله والتقرب إلى الله به من البدع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه مسلم.
قال الشاطبي في الاعتصام معرفًا للبدعة: فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى، ثم قال في بيان هذا التعريف قوله في الحد تضاهي الشرعية يعني أنها تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون في الحقيقة كذلك. انتهى كلام الشاطبي.
ومن ضوابط البدع عند العلماء قولهم: كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي وعدم المانع من فعله، ففعله الآن بدعة، وهذا يخرج صلاة التراويح وجمع القرآن لأنه لم يستمر في صلاة التراويح خشية أن تفرض، وأما جمع القرآن فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لعدم وجود المقتضي لذلك، فلما كثر الناس واتسعت الفتوح وخاف الصحابة من ذهاب القرآن جمعوه. أما قاعدة الخشب فليست داخلة في معنى البدعة، إذ لم يقصد بوضعها التعبد وإنما هي وسيلة لتهيئة المصحف، فلا حرج فيها إذا، لأن "الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل دليل على تحريمها، كما أن الأصل في الأشياء التي ينتفع بها الحل، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/4751)
الأذان بدل نغمة الهاتف.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي تلفون نقال وضعت به بدل الموسيقى الأذان فقالت لي صديقتي لا يجوز لأن للأذان أوقات معينه فلا يجوز كلما رن الهاتف يطلع الأذان بدل الموسيقى فهل هذا صحيح رغم أن هدفي هو عدم سماع الموسيقى من الهاتف لأن الهواتف الجديدة فيها جميعها موسيقى ماذا أفعل أفيدوني ولكم جزيل الشكر
الله يجزيكم كل خير إن شاء الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير، وأن يجزيك خيراً على حرصك على تجنب الحرام، وبخصوص وضع الأذان في الهاتف بدلاً من نغمة الموسيقى فهو أمر حسن لا حرج فيه إن شاء الله، ولكن ينبغي التنبه على خفض الصوت لئلا يلتبس الأمر على الناس فيظنون دخول وقت الصلاة، وقد نص بعض فقهاء الشافعية على بعض الحالات التي يؤذن لها غير الصلاة، ففي تحفة المحتاج: قد يسن الأذان لغير الصلاة كما في أذان المولود، والمهموم والمصروع والغضبان، ومن ساء خلقه.... إلخ.
وراجعي لمزيد من الفائدة الفتويين: 32003. 37799
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/4752)
يستحب لمن كان وحده أن يؤذن هو لا جهاز الكمبيوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس خارج دولتي ولا يوجد عندي مسجد وقد أدخلت برنامجاً في جهاز الكومبيوتر إذا دخل وقت الأذان أذن من الجهاز، وبعد انتهاء الأذان أقيم للصلاة ثم أصلي لكن جاءت فترة خفت قلت يمكن لازم أؤذن وليس الجهاز ما أدري هل يكفي أذان الجهاز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، وهو ليس بشرط لصحتها، فإذا دخل وقت الصلاة، فتجوز لك إقامة الصلاة وأداء الصلاة ولو لم تسمع الأذان من هذا الجهاز، ويستحب في حقك أن تؤذن بنفسك عند دخول وقت الصلاة، روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 31985.
وننبهك إلى محاولة التعرف على بعض من هم قريبون منك، فتؤدون الصلاة جماعة، وتتعاونون على الخير والبر والتقوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/4753)
الحكمة من تولية النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بلالا يوم الفتح
[السُّؤَالُ]
ـ[لمادا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال يوم فتح مكة قم للأذان ولم يقم هو بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يقم بذلك صلى الله عليه وسلم لعدة حِكَم فيما يظهر لنا والعلم عند الله تعالى، أولا: لأن سنته جرت ألا يتولى الإمام الأذان.
ثانيا: لأن في ذلك إغاظة للمشركين، إذ يرون بلالا الذي كانوا يتفننون في إيصال ألوان الأذى إليه على إسلامه، يصعد أمامهم على ظهر الكعبة لينادي بالأذان –الذي هو شعار الإسلام- وهو في أعز ما يكون، بينما هم في أذل ما يكون، ويؤيد هذا ما ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" من طريق يونس بن بكر وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا عام الفتح فأذن على الكعبة ليغيظ به المشركين.
ثالثا: لأن في ذلك تكريما لبلال الذي صبر على الأذى في سبيل الله، ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" عن ابن أبي مليكة قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن يوم الفتح فوق الكعبة، فقال رجل من قريش للحارث بن هشام: ألا ترى إلى هذا العبد أين صعد؟! فقال: دعه، فإن يكن الله يكرهه فسيغيره، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 29498.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(11/4754)
حكاية الأذان تشرع لسامعه
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لما أمشي على المسجد قبيل المغرب أسمع أكثر من أذان فمع من أردد وإذا انتهى الأول وسمعت الثاني أو واحد جديد هل أردد معه وإذا نسيت أو شردت في التفكير وظهر لي أن المؤذن وصل لنصف الأذان هل أعيد بسرعة من أول وأتمم معه أو أتمم معه بدون إعادة وهل يجوز التكلم لحاجة والأذان شغال أم لا بد من الإنصات وبعده الكلام وإذا تكلمت لحاجة وانتهى الأذان هل أردد من جديد لوحدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا سمعت عدة مؤذنين فتشرع لك حكاية الأول منهم، فإذا فرغت منه وسمعت الثاني شرعت حكاية أذانه أيضاً وهكذا ...
وللتفصيل في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 13086.
وإذا سمعت بعض الأذان وفاتك أوله تحكي ما سمعت فقط، لأن الظاهر أن حكاية الأذان إنما تطلب في حق سامعه، كما يدل له قوله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. رواه مسلم.
وعند سماعك الأذان تشرع في حكايته ولا تشتغل بالكلام، وإذا اشتغلت بالكلام مع سماعك له حتى انتهى أو تكلمت في أثنائه لحاجة حتى سبقك المؤذن فتقوم بحكايته من جديد، إذا لم يمض وقت طويل بين نهاية الأذان والبداية في حكايتك له، قال الإمام النووي في المجموع: لو سمع المؤذن ولم يتابعه حتى فرغ لم أر لأصحابنا تعرضاً له لأنه هل يستحب تدارك المتابعة، والظاهر أنه يتدارك على القرب، ولا يتدارك بعد طول الفصل. انتهى.
وننبه أخيراً إلى أن حكاية الأذان سنة وليست بواجبة عند جمهور أهل العلم. قال الإمام النووي أيضاً في المجموع: مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة، وبه قال جمهور العلماء، وحكى الطحاوي خلافاً لبعض السلف في إيجابها وحكاه القاضي عياض. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/4755)
\"المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة \"
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يؤذن لصلاة الفجر وبعض الأوقات الأخرى ما هو فضل الأذان والحرص على صلاة الفجر حيث يأتي إلى المسجد قبل الفجر بساعة تقريبا ويصلي أربع ركعات بنية القيام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان عبادة عظيمة الثواب عند الله تعالى لكونه سبباً للتنبيه ومدعاة لحضور الناس إلى الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين.
والأحاديث النبوية الصحيحة كثيرة في فضل الأذان، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً.
وفي صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد الخدري: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: فقيل معناه أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى لأن المتشوف يُطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب. انتهى.
أما الحرص على المحافظة على صلاة الصبح خصوصاً في الجماعة فمن الأحاديث التي تدل على الترغيب فيه قوله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم.
وحضورها دائماً دليل على السلامة من النفاق، ففي صحيح البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم ثم آمر رجلاً يؤم الناس ثم آخذ شُعلاً من نار فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعدُ.
وفيما يتعلق بفضل قيام الليل نحيلك إلى الفتوى رقم: 2115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/4756)
متابعة المؤذن الذي يلحن في الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[مؤذن يلحن في الأذان هل تجوز متابعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان اللحن في الأذان مما يغير المعنى، فإن الأذان يبطل بذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 36609.
وعليه، فلا تشرع متابعة المؤذن فيه، لأن أذانه بما فيه من لحن يحيل المعنى غير مشروع، ولا تتحقق به شعيرة الأذان، وإن كان اللحن لا يحيل المعنى، فإن الأذان صحيح، وتشرع متابعة المؤذن فيه، لكن مع النطق بألفاظه صحيحة بدون لحن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/4757)
فإجابة المؤذن مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا" يؤذن وأنا أتحدث في الهاتف أو مع مجموعة من الأشخاص فلا نسكت لكي نسمع الأذان بل نكمل حديثنا فهل علينا إثم أنا أود أن أردد ولكن أستحي أن أقول لهم ذلك لأنني أحيانا لا أكون متعودة على هؤلاء الأشخاص وماذا نقول عندما يقول في أذان الفجر (الصلاة خير من النوم) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإجابة المؤذن مستحبة على الراجح من أقوال العلماء، فلا إثم في تركها، ومن العلماء من أوجب ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 11516، فينبغي على المرء ألا يغفل عن ذلك، وأن يقطع حديثه ليردد ما يقوله المؤذن، ولا ينبغي الحياء من فعل ذلك، بل تنبغي المبادرة إليه وتعليمه الجالسين، وإذا رآك الجالسون ترددين فسيستحون ويرددون أيضا، وأما سؤالك: ماذا نقول عند قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر؟ فجوابه: أنه يقول مثل قوله، الصلاة خير من النوم، وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه يقول: "صدقت وبررت" وراجعي الفتوى رقم: 38343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/4758)
لا يردد المصلي الأذان أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لسلام عليكم:
هناك بعض المصلين يستمرون في قراءة القرآن أثناء الأذان، فهل في هذا العمل الذي هو خير من إثم؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إجابة المؤذن سنة عند جمهور العلماء، وذهب الأحناف وأهل الظاهر إلى وجوبها، فأبقوا الأمر الذي في حديث الشيخين: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. على ظاهره، وعلى كل، فلا ينبغي لمن سمع النداء إلا أن يقول مثل ما يقوله المؤذن، ولو كان أثناء تلاوة القرآن، إلا أن يكون في صلاة، وأما إذا كان في صلاة -كما فهمنا من السؤال- فإنه لا يحكي الأذان عند جمهور أهل العلم، لحديث البخاري: إن في الصلاة لشغلا. وذهب المالكية إلى أنه يحكيه إن كان في النافلة لا في الفريضة، قال خليل: وحكايته لسامعه لمنتهى الشهادتين مثنى ولو متنفلا، لا مفترضا.
والخلاصة أن المصلي إذا تابع صلاته وهو يسمع الأذان ليس آثما، بل الذي فعله هو الصحيح عند جمهور العلماء، ولكن يستحب له أن يخفض صوته بالتلاوة لئلا يشوش على المؤذن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/4759)
العام الذي شرع فيه الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي عام هجري شرع الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة النبوية، قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب: وعبد الله بن زيد هذا هو: أبو محمد عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري، شهد العقبة وبدراً، وكانت رؤياه الأذان في السنة الأولى من الهجرة بعد بناء النبي صلى الله عليه وسلم مسجده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/4760)
لا يوصف أذان الحرم المدني بالكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إعطائي إجابة واضحة
هل الأذان الذي نسمعه في الحرم النبوي مكروه أم لا وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يمكن وصف أذان الحرم المدني بالكراهة.
فقد نص أهل العلم على أن على المؤذن أن يترسل ويتمهل في الأذان، ويرفع به صوته رفعاً معتاداً ويحسنه، ويدرج الإقامة ويحدرها.
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن زيد أن يلقي الأذان على بلال -رضي الله عنهما- لأنه أندى صوتاً. والحديث رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وكان بلال يصعد على سطح دار بجانب المسجد أعلى منه ليرفع من فوقها الأذان. رواه أبو داود، وهذا يدل على استحباب رفع الصوت بالأذان وتحسينه به، على ألا يخرج ذلك عن حد الوقار والخشوع.. أو يصل إلى التغني والتطريب به، أو مد حروفه التي لا تستحق المد، أو إشباع حركاته حتى تتولد منها حروف أخرى، فهذا وما أشبهه لا ينبغي.
وقد نص أهل العلم على كراهة التكلف في الأذان وتمطيط حروفه والتطريب فيه.
فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه: أن مؤذنا أذن فطرب في أذانه فقال له عمر بن عبد العزيز أذن أذانا سمحاً وإلا فاعتزلنا
وقال صاحب كفاف المبتدي وهو مالكي المذهب:
وكرهوا التطريب والتحزين ما لم يتفاحشا وإلا حرما
وكرهوا الإسراف في أمداده حتى يطول المد عن معتاده
وكرهوا تمطيطه وبطحا حروفه وطلبوه سمحا
وقال صاحب أسنى المطالب وهو شافعي المذهب: ويكره تمطيطه أي تمديده والتغني به.
والأمر في تحديد التفاحش في الأذان والتكلف فيه يرجع إلى أهل المعرفة وأصحاب الطبائع السليمة، أو ما يخرجه عن كونه ذكراً أو عن حد الوقار.. كما قال عبد الباقي وهو أحد أئمة المالكية.
وعلى هذا فلا يمكن وصف أذان الحرم المدني بالكراهة، لأنه لم يصل إلى الحد الذي ذكرنا -من وجهة نظرنا على الأقل-، ينضاف إلى هذا أنه يتردد على مسامع أهل العلم والمعرفة من أنحاء العالم الإسلامي ولم نر من أنكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/4761)
تلحين الأذان مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأذان فى الحرم النبوي يوجد فيه تلحين؟ وهل هو منهي عنه؟ وبارك الله فيكم وعليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التلحين بالأذان مكروه عند جمهور العلماء، وإذا غير المعنى أو تفاحش حرم.
وقد مضى تفصيل القول في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35591، 35974، 37029.
هذا عن حكم تلحين الأذان في مطلقه، ويتأكد النهي عنه في الحرم، لأن من أهل العلم من نص على أن كلا من الطاعة والمعصية تعظم حسب الزمان والمكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(11/4762)
الأذان المسجل لا يكون بديلا عن الأذان المباشر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين في حكم الأذان بواسطة المسجل.. أي أن الأذان يكون مسجلا على شريط، وفي وقت الأذان يشغل هذا الشريط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا فتوى برقم:
31985 فيها أن استبدال الأذان المباشر بالأذان المسجل في شريط لا يصح، ولذا فلا يجزئ التأذين بهذه الطريقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(11/4763)
ما يقال عند قول المؤذن (الصلاة خير من النوم)
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نقول عند قول المؤذن (الصلاة خير من النوم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مذهب الحنابلة والشافعية والأحناف أن المجيب يقول عند قول المؤذن (الصلاة خير من النوم) : صدقت وبررت، ذكر ذلك النووي في المجموع، فقال رحمه الله: (ويقول إذا سمع المؤذن الصلاة خير من النوم: صدقت وبررت، هذا هو المشهور، وحكى الرافعي وجها أن يقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصلاة خير من النوم) . ا. هـ
وقال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: (وكذا إذا قال المؤذن الصلاة خير من النوم: لا يعيد السامع لما قلنا، ولكنه يقول: صدقت وبررت أو ما يؤجر عليه) . اهـ
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: (الخامس: أن يقول عند التثويب: صدقت وبررت فقط، على الصحيح من المذهب، وقيل يجمع بينهما) . ا. هـ
على أن العلماء مختلفون في هل يجيب عند التثويب أو لا يجيب؟ قال في سبل السلام: (وهل يجيب عند الترجيع أو لا يجيب، وعند التثويب فيه خلاف، وقيل في جواب التثويب صدقت وبررت، وهذا استحسان من قائله، وإلا فليس فيه سنة تعتمد) .انتهى.
وعليه؛ فإذا قال المجيب صدقت وبررت عند سماع المؤذن يقول الصلاة خير من النوم فحسن، وإن حاكاه فقال: "الصلاة خير من النوم" فحسن أيضاً، وهو ظاهر حديث: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن". متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/4764)
أغلاط تبطل الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم لفظ [حي على الصلاح] [خيال الصلاخ] و [حي على الفلاح] [خيال الفلاخ] في الأذان ومهما فسرنا له الفرق بالمعنى لا يغير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذان من أعظم شعائر الإسلام، أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بنا قوما، لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر: فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم، قال الإمام الخطابي: فيه أن الأذان شعار الإسلام..
وإذا كان الأذان بهذه المنزلة، فلا شك أن المحافظة على ألفاظه الشرعية وصيانتها عن التحريف والتبديل من المحافظة على شعائر الإسلام، ولذا ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الخطأ في ألفاظ الأذان أو أدائه بما يغير المعنى يبطل الأذان.
قال صاحب الروض المربع -من الحنابلة-: وبطل إن أحيل المعنى، قال ابن القاسم في حاشيته: أي بطل الأذان إن أحيل معناه باللحن أو اللثغة أو اللكنة..
وقال صاحب تحفة الحبيب- من الشافعية-: تنبيه: ليحذر من أغلاط تبطل الأذان، بل يكفر متعمد بعضها، كمد باء أكبر وهمزته وهمزة أشهد وألف الله. ومن عدم النطق بهاء الصلاة، وغير ذلك، ويحرم بلحنه إن تغير معنى.
ومعلوم أن الخطأ الذي يقع فيه هذا المؤذن مما يغير المعنى، وعليه فإذا كان هذا المؤذن لا يستطيع أن يأتي بالأذان على الصفة الشرعية، خاليًّا من الخطأ الذي يغير المعنى، فإنه يتعين تغييره واستبداله بمن يستطيع ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/4765)
أقوال العلماء في تلحين الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التلحين في الأذان على طريقة عبد الباسط عبد الصمد؟
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره تلحين الأذان عند جمهور العلماء، ولا يبطل الأذان ما لم يُغير المعنى، فإن غير المعنى أو تفاحش، حرُم، وبهذا قال المالكية والشافعية والحنابلة.
قال في مجمع الأنهر -وهو حنفي-: ويكره التلحين، والمراد به التطريب. اهـ
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير -وهو مالكي-: من غير تطريب، وإلا كره لمنافاته الخشوع والوقار، والكراهة على بابها ما لم يتفاحش التطريب، وإلا حرم، كذا قالوا، ولعل مرادهم بالحرمة البطلان. اهـ
وقال الرملي في نهاية المحتاج وهو شافعي: ويكره تمطيط الأذان، أي تمديده والتغني به، أي التطريب. اهـ
وقال العلامة الشبراملسي معلقا على ذلك: قال حج: ما لم يتغير به المعنى، وإلا حرم، بل كثير منه كفر فلينتبه لذلك. اهـ
وقال المرداوي -حنبلي- في الإنصاف عن الأذان الملحن: يعتد به مع الكراهة وبقاء المعنى، وهو المذهب.
وبناء على ذلك، فإن المؤذن ينبغي له الالتزام بعدم التلحين في الأذان، وذلك لما ذكرنا من أقوال الفقهاء في كراهة ذلك، ولقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أذن أذانا سمحا وإلا فاعتزلنا، رواه البخاري.
قال ابن حجر في فتح الباري: والظاهر أنه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع، لا أنه نهاه عن رفع الصوت. اهـ
وراجع الفتوى رقم: 34034، والفتوى رقم: 34556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(11/4766)
كيف يجاب المؤذن في قوله: الصلاة خير من النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[إجابة المؤذن هي أن يقول السامع مثل ما يقول المؤذن، إلا في الحيعلتين (حي على الصلاة، حي على الفلاح) فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ماذا يجب أن أقول عند أذان الفجر الثاني حينما يقول المؤذن (الصلاة خير من النوم) ؟؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قال المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم، فالصحيح أن يقول السامع مثل ما يقول المؤذن الصلاة خير من النوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/4767)
السنة الترسل في الأذان والحدر في الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام
ما هي آداب ومشروعية ومكروهات الآذان والإقامة (رفع الصوت إلي أي مدى) ؟ وأيضا ما هو الفرق بين رفع الصوت في الآذان والإقامة؟
هذا وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان بعض ما يتعلق بالأذان من أحكام وآداب، وذلك في الفتوى رقم: 4320.
وأما الفرق بين الأذان والإقامة من حيث الصوت، فإن السنة رفع الصوت بالأذان مع الترسل والتأني فيه، لأن مقصود الأذان إعلام الغائبين، والإقامة بصوت أقل ارتفاعاً مع الحدر والإسراع فيها، إذ أن مقصود الإقامة إعلام الحاضرين.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/4768)
يؤذن في مسجد ويصلي في آخر.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. لدي صديق يؤذن لصلاة الفجر في مسجد أسفل العمارة التي يسكن أمامها ثم يذهب للصلاة في جامع آخر كبير بعيد عن بيته بعض الشيء، فهو يحب أن يصلي هناك لاتساع المسجد، ولأن صوت الإمام عذب عند قراءة القرأن، فهو يسأل هل ما يفعله مباح أم ماذا؟
أرجو أن يوفقكم الله بإجابة السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السائل يريد حكم الصلاة في المسجد البعيد مع وجود المسجد القريب، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 25905،.
وإذا كان يريد حكم أذان الشخص في مسجد ثم صلاته في مسجد آخر، فإنه مكروه على الراجح من أقوال أهل العلم، ففي حاشية قليوبي وعميرة: ويكره خروج المؤذن قبل الصلاة لغير عذر.
وراجع الفتوى رقم:
31856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/4769)
تستحب مراعاة أحكام التجويد في الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تطبق أحكام التجويد على الأذان كما تطبق على تلاوة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهناك من أحكام التجويد عند القرَّاء ما توجبه اللغة العربية في مخارج الحروف، وحركات الإعراب، والخطأ فيها يُسمى عند القرَّاء باللحن الظاهر أو الجلي، فهذه تجب مراعاتها في الأذان؛ إذ في تركها خروج عن العربية، وإخلال باللفظ، وقد اشترط الفقهاء في صحة الأذان أن يكون باللغة العربية.
أما أحكام التجويد التي لا توجبها اللغة العربية كالغنّة والإدغام، والتي يُسمى الخطأ فيها عند القرَّاء باللحن الخفي، فيستحب تطبيقها في الأذان من غير إيجاب؛ إذ في مراعاتها تحسين الصوت، وقد اتفق الفقهاء على استحباب تحسين الصوت في الأذان؛ لأنه يجذب الناس إليه ويحببه إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/4770)
السنة أن يكون لصلاة الصبح أذانان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف وقت صلاة الفجر والصبح بالتحديد، ولماذا يقتصر الأذان على صلاة الصبح فقط، أرجو إجابة مطولة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الصبح وصلاة الفجر اسمان لمسمى واحد وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم:
29471.
وليعلم أن السنة أن يكون لهذه الصلاة أذانان، الأول منهما يكون قبل دخول وقتها، والثاني يكون عند دخول الوقت، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
6593.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/4771)
ترديد الأذان سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكركم على إجابتكم على سؤالي
1-ما حكم من لا يردد وراء الأذان؟
2- عمري 16 سنة ولا اصلي الفجر في المسجد أقوم متاخراً، فهل يجوز أن أصلي في البيت أم لا؟
3- أصلي معظم أوقاتي في البيت فهل يجوز هذا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترديد الأذان سنة ولا ينبغي للإنسان تركه عند القدرة عليه، كما لا ينبغي الاشتغال عنه بمندوب يمكن تداركه بعد ذلك، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم 11516
ويجب على المسلم أن يؤدي الصلوات المفروضة في أوقاتها جماعة ولا يجوز تأخيرها بغير عذر، وعليه أن يتخذ الوسائل المناسبة التي توقظه لصلاة الفجر، وقد سبقت لنا عدة فتاوى في هذا، منها فتوى 2531 وفتوى رقم 23962
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/4772)
هل يصح أذان مكشوف العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط ستر العورة في الأذان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط لصحة أذان المؤذن أن يكون ساتر العورة حين أذانه، قال الإمام زكرياء الأنصاري -رحمه الله- في أسنى المطالب: (ويجزئ الجنب) أذانه وإقامته (وإن كان في المسجد ومك شوف العورة) ولا يؤثر في الإجزاء ارتكابه المحرم، لأن المراد حصول الإعلام، وقد حصل والتحريم لمعنى آخر وهو حرمة المسجد وكشف العورة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1424(11/4773)
محل مشروعية التبليغ عن الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التبليغ (ترديد المؤذن التكبير مع الإمام في الصلاة) ؟ علما بأن صوت الإمام مسموع بواسطة مكبرات الصوت أما المؤذن فيكبر بدون مكبرات الصوت.
أفتونا أعانكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا كان يستطيع أن يرفع صوته بحيث يُسْمِع المأمومين، فإن التبليغ عنه حينئذ لا دَاعي له، وإنما يُشرع التبليغ إذا كان الإمام لا يستطيع إبلاغ المأمومين بسبب ضعف في الصوت أو كثرة المصلين معه، فحينئذ ينبغي أن يتخذ من يبلغ عنه التكبير وغيره إلى المصلين.
ودليل ذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يُسمع الناس تكبيره رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
ولمسلم والنسائي قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وأبو بكر خلفه، فإذا كبَّر كبر أبو بكر يسمعنا.
ومما ذكرنا يعلم أنه لا داعي للمبلغ في الحالة المذكورة في السؤال ما دام صوت الإمام واصلاً إلى المصلين عبر المكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(11/4774)
حكم النداء لغير الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النداء لقيام الليل جماعة، كالأذان فيقول المنادي: "صلاة القيام أثابكم الله" حتى يسمعه الناس ويأتون للمصلى أو المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الأذان الذي يؤذن به للصلوات الخمس خاص بها، ولا يؤذن به لغيرها كالجنازة والتراويح والعيدين والكسوف ونحو ذلك، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: شهدت الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة. رواه مسلم.
لكن وردت السنة بصيغة للنداء لصلاة الكسوف، وهي: الصلاة جامعة، فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إن الصلاة جامعة.
وقد قصر الحنفية والمالكية هذا النص على مورده، فيكره عندهم أن يُقال مثل هذا في العيد أو التراويح أو غيرها، لعدم ورود نص بذلك، والعبادات الأصل فيها التوقيف، قال ابن سعدي في القواعد:
وليس مشروعاً من الأمور ... غير الذي في شرعنا مذكور
قال خليل في مختصره: ولا ينادى: الصلاة جامعة -يعني في العيد-. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى أنه يُشرع النداء لصلاة العيد والكسوف والاستسقاء (الصلاة جامعة) قال الحجاوي في الإقناع: وينادى لعيد وكسوف واستسقاء (الصلاة جامعة) أو الصلاة. انتهى.
أما الجنازة والتراويح فلا يشرع لهما النداء عندهم، قال الحجاوي في الإقناع: ولا ينادى على الجنازة والتراويح. انتهى.
وقال في كشاف القناع: لأنه محدث. انتهى.
أما الشافعية فهم أكثر المذاهب توسعاً في هذا، فقد قالوا بمشروعية النداء لكل الصلوات التي يُشرع أداؤها في جماعة ما عدا الجنازة والصلاة المنذورة، قال في أسنى المطالب مع روض الطالب: وينادى لجماعة صلاة العيدين والكسوفين والاستسقاء والتراويح والوتر حيث يسن جماعة في ما يظهر (الصلاة جامعة) لوروده في الصحيحين في كسوف الشمس، وقيس به الباقي. انتهى.
والراجح من هذا -والله أعلم- عدم جواز النداء في الصلوات إلا ما ورد النص به، فصلاة الفريضة لها الأذان، وصلاة الكسوف لها (الصلاة جامعة) ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(11/4775)
أذان الكمبيوتر لا يستعاض به عن الأذان الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
عندي جهاز كمبيوتر فيه برنامج هذا البرنامج فيه أذان مسجل ومبرمج حسب التوقيت الصحيح لأوقات الأذان فيؤذن في كل وقت للأذان فهل هذا الأذان كاف؟ أم أن هذا لايعد أذاناً لأنه من جماد؟ مع العلم بأننا نعيش في بلد غير مسلم والمسجد يبعد عني قليلاً.
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد أن هذا الأذان المسجل يذكرك بوقت الصلاة، فلا بأس.
أما إن قصدت أنه أذان شرعي يُعرف به دخول الوقت، ويؤذن به لجميع الناس، ويكون بديلاً للمؤذن فلا يصح، وليس هو الأذان المطلوب شرعاً، بل هو صدى تأذين.
والأذان عبادة يترتب عليها أجر عظيم، كما في الحديث: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهمو عليه متفق عليه.
وهذه العبادة لا تتأتى من جماد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/4776)
الحالات المبيحة للخروج من المسجد بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الخروج من فناء المسجد بعد الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخروج من المسجد بعد الأذان بدون صلاة لا يجوز إلا لعذر وأما إذا كان لعذر فلا حرج.
جاء في الفروع لابن مفلح: ولا يجوز الخروج من مسجد بعد أذان بلا عذر أو نية الرجوع.... ولمن كان صلى الخروج. وعند الحنفية: لايجوز بعد الأخذ في الإقامة لظهر وعشاء لأنه يتهم.
وجاء في الفواكه الدواني: ويحرم الخروج من المسجد بعد الإقامة للمتطهر إلا أن يكون قد صلى تلك الصلاة، وهي مما لا يعاد، وأما الخروج بعد الأذان فمكروه؛ إلا أن يريد الرجوع إليه فإن خرج راغباً عن الصلاة جملة فهو منافق ويخشى عليه من المصيبة كما وقع لبعض الناس. اهـ.
وجاء في نيل الأوطار بعد إيراد حديث أبي هريرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي رواه أحمد.
وحديث أبي هريرة أيضاً أن رجلاً خرج من المسجد بعدما أذن فيه، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم رواه الجماعة إلا البخاري.
قال: والحديثان يدلان على تحريم الخروج من المسجد -بعد سماع الأذان- لغير الوضوء وقضاء الحاجة، وماتدعوالضرورة إليه حتى يصلي فيه تلك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(11/4777)
حكم تأخير الأذان لأجل الإبراد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن جماعة في مسجد نصلي صلاة الظهر في فصل الصيف في غير وقتها الأول أخذاً بسنة الإبراد (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ... ) الحديث
بقي الخلاف بيننا في الأذان فهناك من قال: ما دمنا أخرنا الصلاة فلا بد أن نؤخر الأذان إلى قبيل وقت الصلاة، وهناك من قال الأذان يبقى في وقته أي عند دخول الوقت وتؤخر الصلاة فقط للإبراد، فلا يؤخران معا، فما هو الصواب في المسألة بارك الله فيكم؟ ولكم منا جزيل الشكر.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى أن يكون الأذان في أول وقت الصلاة ليعلم الناس بدخول الوقت فيصلي المتعجل والنساء في البيوت، وإذا تأخر الأذان إلى آخر الوقت قد يحدث ذلك تلبيساً على من يسمعه فيظن بقاء الوقت بعده بزمن، وقد يصلي بعد خروج الوقت، ولهذا قلنا بأن الأولى الأذان في أول الوقت، ولا نرى حاجة في ما ذكر في السؤال حتى يؤخر الأذان، وينظر للمزيد من الفائدة في الفتوى رقم:
27701.
هذا وقد ورد في حديث الإبراد المذكور أن المؤذن أراد أن يؤذن، وفي رواية يقيم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبرد فأبرد.
ولا يقال هنا إن الحديث يدل على خلاف ما تقدم، يوضح ذلك قول الحافظ ابن حجر عند شرحه للحديث: ويجمع بينهما (بين الروايتين) بإن إقامته كانت لا تتخلف عن الأذان لمحافظته صلى الله عليه وسلم على الصلاة في أول الوقت، فرواية فأراد بلال أن يقيم أي يؤذن ثم يقيم، ورواية فأراد أن يؤذن أي ثم يقيم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/4778)
الأذان في غير المسجد مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأذان في البيت؟ أي من يصلي في البيت هل يجب عليه الأذان في البيت وبصوت عالٍ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن الأذان في غير المسجد مستحب وليس واجباً، وسوءا في ذلك من يصلي في بيته أو في باديته ومرعى غنمه، وسواء فيه أيضاً الرجل والمرأة إلا في رفع الصوت، وانظر الفتويين التاليتين: 6950، 21135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/4779)
أذان الجمعة بين الماضي والحاضر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أذان الجمعة في داخل المسجد يوم الجمعة؟ قال بعض الإخوة لا يجوز ذلك بناء على أن الأذان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان عند باب المسجد أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل ثبت شيء في ذلك في عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الطبراني في المعجم الكبير عن الزهري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: ثم ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد لم يكن يؤذن له غيره، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة أذن على باب المسجد، فإذا نزل أقام الصلاة، ثم كان أبو بكر رضي الله عنه كذلك، ثم كان عمر رضي الله عنه كذلك حتى إذا كان عثمان كثر الناس فأمر بالنداء الأول بالسوق على دار له يقال لها الزوراء، فكان يؤذن له عليها، فإذا جلس عثمان رضي الله عنه على المنبر أذن مؤذنه الأول، فإذا نزل أقام الصلاة.
وقد دل هذا الحديث على تفصيل الأذان الواقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء من بعده، ويؤخذ منه أن الأذان للإعلام، وأن عثمان أحدث الأذان الثاني وهو الأذان الذي يفعل أولاً وجعله في السوق لتنبيه الناس.
ولا ينبغي التأذين في المسجد في حال فعله دون مكبر الصوت، فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى القول بأنه بدعة، قال عليش في منح الجليل شرح مختصر خليل: وفعله في المسجد بدعة مضيعة لثمرته من إسماع الناس الخارجين عن المسجد ليسعوا إلى ذكر الله ويذروا البيع وكل ما يشغلهم عنه، والحاضرون في المسجد لا حاجة لهم بالأذان، فالصواب فعله في محل الأذان المعتاد للإسماع لمن ليس في الجامع كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم، وعليه عمل أهل المغرب إلى الآن. وكلام عليش هذا متجه فيما إذا لم يوجد مكبر الصوت كما تقدم.
أما في هذه الأزمنة فقد أصبحت مكبرات الصوت تغني عن الخروج خارج المساجد، فلا حرج في التأذين فيها دون الأذان خارج المسجد أو على بابه لأن الغرض قد تحقق بهذه المكبرات، وأما من لم تكن لديهم مكبرات صوت في مسجدهم فالأفضل لهم أن يفعلوا ما كان يفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/4780)
مذاهب الفقهاء في أذان المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للمرأة أن تؤذن للصلاة إن لم يوجد غيرها لأداء الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأن النساء لا يجب عليهنَّ أذان ولا إقامة عند عامة أهل العلم. قال ابن قدمة: ولا أعلم فيه خلافا.
فإذا أحبت المرأة أن تؤذن لنفسها أو لجماعة من النساء معها جاز، ولا ترفع صوتها فوق ما تسمع نفسها وصواحبها. وانظري الفتوى رقم: 9120
ولكن لا يشرع لها أن تؤذِّن لدعوة الناس إلى صلاة الجماعة باتفاق العلماء، وأقوالهم في ذلك تدور بين التحريم والكراهة.
قال الكاساني الحنفي: (فيكره أذان المرأة باتفاق الروايات؛ لأنها إن رفعت صوتها فقد ارتكبت معصية، وإن خفضت فقد تركت سنة الجهر) .
وأما المالكية فنقل صاحب مواهب الجليل عن صاحب الطراز: أن ظاهر المذهب كراهة التأذين للمرأة، ونقل عن صاحب القوانين أن أذانهنَّ حرام، وعن ابن فرحون أن الأذان ممنوع في حقهن.
وفي الفواكة الدواني: (فأذانها بحضرة الرجال حرام، وقيل مكروه) .
وقال الشافعي في الأم: (ولا تؤذن امرأة، ولو أذنت لرجال لم يجز عنهم أذانها) .
وقال في المغني: ولا يعتد بأذان المرأة؛ لأنها ليست ممن يشرع له الأذان.
والراجح من أقوال أهل العلم حرمة تأذين المرأة للرجال؛ لأن ذلك من المحدثات التي لا تعرف عن السلف، ولما في ذلك من التعرض للفتنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". متفق عليه.
وقد اختلف العلماء، هل إذا أذنت المرأة كما يؤذن الرجال هل يصح أذانها أم لا؟ على قولين:
القول الأول: لا يصح أذانها، وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة. قال الخرشي في شرح مختصر خليل: (ولا يصح من امرأة) .، ونحوه في الفواكه الدواني، وقال في المجموع: (فإذا أذنت للرجال لم يعتد بأذانها) .
وقال في الإنصاف: (لا يعتد بأذان امرأة) .
القول الثاني: صحة هذا الأذان مع الكراهة، وهو مذهب الحنفية. قال في المبسوط: (وقال الكاساني: ولو أذنت للقوم أجزأهم حتى لا تعاد لحصول المقصود) . يعني أن المقصود الإعلام وقد حصل، وهو قول بعض الحنابلة، كما في الفروع، وهو وجه عند الشافعية، كما في المجموع، وبعض المالكية، كما في الفواكه الدواني وقد تقدم، وعند الحنفية: إذا أذنت المرأة استحب أن يعاد الأذان.
والصحيح الذي لا ينبغي العدول عنه هو مذهب الجمهور وهو عدم أذان النساء للرجال لأن ذلك من المحدثات، ولم يكن في السلف، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة؛ ولأن المؤذن يستحب له أن يشهر نفسه ويؤذن على المكان العالي ويرفع صوته، والمرأة منهية عن ذلك كله لما في ذلك من تعرضها وتعرض الرجال للفتنة بها، ولهذا جعل النبي عليه الصلاة والسلام: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء". متفق عليه. وأمرت النساء بالقرار في البيوت.
ومما تقدم تعلم عدم صحة أذان المرأة للرجال ولو لم يوجد غيرها لأداء الأذان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/4781)
ما سوى التثويب من أذكار أمر محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك بعض الأمور تحدث في المسجد عند صلاة الجماعة فهل عليها وزر أم أجر أم لا فرق في حدوثها أو عدم حدوثها مثلا عند صلاة الفجر فقط يبدأ الأذان بالأذكار سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويدمج معها الأذان ثم يقوم بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) في يوم الخميس فقط وتقرأ الفاتحة على روحه (صلى الله عليه وسلم) وعند بدء الصلاة والقراءة مثلا كلمة (الظالمين) يقرأها الإمام ب (الزالمين) أو كلمة (ثم) يقرأها (سم) وذلك بسبب اللغة الكوردية علما أنه إذا انتبه وأراد النطق الصحيح فإنه يستطيع ولكن يحسب أنه يجوز له القراءة إذا خرجت أحرف القرآن بهذه الصورة وهل أستطيع أن أتحدث عن ذلك معهم إذا كانوا مخطئين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التثويب في أذان الفجر إنما يكون بقول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" مرتين بعد قوله: "حي على الفلاح" كما ثبتت بذلك السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 24503.
وما سوى ذلك من أذكار فهو أمر محدث وليس من السنة في شيء، نقل الترمذي في سننه عن إسحاق بن راهويه أنه قال: التثويب المكروه هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح. انتهى
ثم قال الترمذي عقبه: وهذا الذي قال إسحاق هو التثويب الذي كرهه أهل العلم والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى
ولفظ الكراهة عند السلف قد يعني كراهة التحريم. فعلى هذا فإن هذه الأذكار التي تقال قبل الأذان أو بعده فهي أذكار مبتدعة لا يجوز فعلها.
أما حكم اللحن في الصلاة فقد سبق بيانه في الفتوى رقم:
23898.
والواجب على السائل وغيره القيام بواجب النصيحة لمن يقعون في هذه الأخطاء، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة دون تعنيف، فلعل الله تعالى يسوق إليهم الخير على يديه، والدال على الخير كفاعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/4782)
حول أذان المرأة وإقامتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلت المرأة وحدها أو مع نساء هل تجهر في الإقامة وفي الصلاة الجهرية كالرجل أم تسر؟ وإذا صلت مع زوجها هل تقيم له الصلاة أم يقيم هو ويؤمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في أذان المرأة وإقامتها إن صلت مع نساء، فقيل: ليس عليهنَّ أذان ولا إقامة، وذلك لما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة.
ولأن الأذان في الأصل للإعلام ولا يشرع لها ذلك، كما أنه يندب فيه رفع الصوت ولا يشرع لها ذلك، ومن لا يشرع في حقه الأذان لا تشرع في حقه الإقامة، كغير المصلي وكمن أدرك بعض صلاة الجماعة.
وقال الشافعي وإسحاق: (إن أذنَّ وأقمن فلا بأس) .
وروي عن أحمد: (إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز، لأن عائشة رضي الله عنها: كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقف وسطهنَّ.) رواه البيهقي.
وبناء على ما ذكرنا فإنه لا بأس أن تؤذن المرأة وتقيم، سواء كانت مع نساء أو وحدها، والأحسن أن يكون ذلك سرًّا، قال خليل في مختصره: (وإن أقامت المرأة سرًّا فحسن) انتهى
أما إن صلَّت مع زوجها فهو الذي يقيم الصلاة؛ لأن ذلك من شأنه وليس من شأنها، قال الخطيب الشربيني: (فلا يصح أذان امرأة وخنثى لرجال وخناثى، كما لا تصح إمامتها لهم) .
أما جهرها في الصلاة فهو موضح في الفتوى رقم:
6545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/4783)
أربع فوائد للأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأذان إعلام بدخول الوقت أم للصلاة؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأذان في اللغة: الإعلام، ومنه قوله تعالى: وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ.. [التوبة:3]
والأذان إعلام بدخول وقت الصلاة ودعاء إلى الجماعة، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت والدعاء إلى الجماعة وإظهار شعائر الإسلام.
وقال النووي في شرح مسلم: (ذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة ومكانها، والدعاء إلى الجماعة) ، اهـ
ومما يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ، فَيَتَحَيّنُونَ الصّلَوَاتِ، وَلَيْسَ يُنادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلّمُوا يَوْماً فِي ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتّخِذُوا نَاقُوساً مِثْلَ نَاقُوسِ النّصَارَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَرْناً مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِي بِالصّلاَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا بِلاَلُ قُمْ. فَنَادِ بِالصّلاَةِ.
وثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر.. فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم.
فهذا يدل على أن الأذان من شعائر الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/4784)
مدى مشروعية الأذان الثاني يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مشروعية الأذان الثاني يوم الجمعة؟ وما هو الدليل الفاصل في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذان الثاني هو الذي يرفع عند صعود الإمام المنبر، وسمي بذلك باعتبار الأذان الأول الذي سنه عثمان رضي الله عنه لما كثر الناس وبعدت منازلهم عن المسجد النبوي.
وهذا الأذان الثاني هو ثابت في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. قال السائب بن يزيد رضي الله عنه: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. رواه البخاري.
قال ابن قدامة في المغني: وأما مشروعية الأذان الأول عقب صعود الإمام فلا خلاف فيه. انتهى
وقد سماه أولاً باعتبار أن الإقامة أذان ثانٍ، للإفادة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم:
18313 - والفتوى رقم: 18715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/4785)
حكم تأخير الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يؤخر التأذين للصلاة بسبب وجود درس ديني ريثما ينتهي الدرس ثم يؤذن للصلاة وتقام الصلاة مباشرة بعد ذلك أي بعد التأذين مباشرة فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى تقديم الأذان في أول الوقت لمواظبة بلال رضي الله عنه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، لكن يجوز تأخيره إلى ما قبل خروج وقت الصلاة إذا دعت إلى ذلك حاجة، ولم يكن تأخيره سبباً في اللبس على من يسمع الأذان، قال الأنصاري في أسنى المطالب: فيؤذن للصلاة إذا دخل الوقت، وهو مشروع لها إلى خروجه. انتهى.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النُّهى: وسن أذان أول الوقت ليصلي المتعجل، وظاهره أنه يجوز مطلقاً ما دام الوقت. انتهى
والحاصل أن الأولى لكم تقديم الأذان في أول الوقت، وقطع الدرس لأجل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/4786)
إجابة المؤذن أم متابعة الذكر والقراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من كان يسمع القرآن ثم أذن المؤذن هل يستمع إلى القرآن أم إلى الأذان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أذن المؤذن وأنت تقرأ القرآن أو تذكر الله أو تطالع كتاباً فإنك تقطع ذلك كله وتتابع المؤذن؛ لما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن " ولأن الأذان عبادة موقتة يفوت وقتها، وقراءة القرآن أو الذكر لا يفوت. وهذه قرينة جعلت المفضول وهو إجابة المؤذن أولى من الفاضل وهو قراءة القرآن، بل ذهب بعض أهل العلم كالحنفية إلى وجوب إجابة المؤذن لظاهر حديث أبي سعيد المذكور، والراجح استحباب ذلك على ما ذهب إليه الجمهور، لما رواه مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذناً فلما كبر قال: "على الفطرة، فلما تشهد قال: خرج من النار". فلما قال صلى الله عليه وسلم غير ما قال المؤذن علم أن الأمر للاستحباب، واستدل على الاستحباب أيضاً بغير هذا الحديث. وهذا كله إذا كنت في غير الصلاة. فأما إذا أذن المؤذن وأنت في صلاة فإنك تتم صلاتك ولا تتابع المؤذن عند جمهور العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلاً" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/4787)
الأذان الثالث يوم الجمعة سنة عثمانية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي يتعلق بالبدع. لدينا في المغرب يقوم الناس بعد كل صلاة بالصلاة على النبي جماعة وجهرا , هل هده تعتبر بدعة يجب تجنبها. وهل أيضا الثلاثة الأذان ثلاث مرات للصلاة يوم الجمعة هل هي أيضا بدعة ?
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذكر الجماعي بعد الصلاة سواء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو بغيرها من الأذكار والبدع المحدثة التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا عن الأئمة المهتدين، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وإذا كان الأمر كذلك فالواجب على المسلم تجنب البدع والتغيير منها، فكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار!
أما الأذان يوم الجمعة فالذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان هو الأذان الذي يكون عقب صعود الخطيب على المنبر.
فلما كثر المسلمون وانشغلوا بالأسواق والتجارة، أشار الخليفة عثمان رضي الله عنه على الصحابة بزيادة أذان للإعلام بدخول وقت الصلاة، وكان ذلك الأذان بالسوق بموضع يقال له " الزوراء" وهذا الأذان مسنون لإجماع الصحابة عليه في زمن عثمان رضي الله عنه، وسمي هذا الأذان أذاناً ثالثاً.
بالإضافة إلى الأذان الثاني والإقامة إذ الإقامة أذان لأنها إعلام بحضور فعل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/4788)
في أي أذاني الفجر يكون التثويب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس شاب وأنا القائم بالأذان في أحد المساجد التي تقوم على السنة فنحن نتحرى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أدق أمورنا وكنا قد قرأنا كتاب الشيخ الألباني عليه رحمة الله (تمام المنة) والذي أتى فيه الشيخ بالأدلة القاطعة على أن التثويب في أذان الفجر هو في الأذان الأول وأن التثويب في الأذان الثاني بدعة يجب تركها وكنا قد اتبعنا ذلك لفترة ما يقرب من عام إلى أن بدأت تظهر بعض المشاكل مع بعض المساجد الأخرى في المنطقة والتي تصر على التثويب في الأذان الثاني على الجاري عليه في مساجد الدولة وإذاعة القرآن الكريم والحرمين الشريفين أفيدونا بالله عليكم كيف نخرج من مشكلتنا ونحن نريد ألا نثير فتنة بين المسلمين وأيضاً لن ندع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القول: بأن التثويب في الأذان الثاني من أذاني الفجر بدعة قول غير مُسَّلَم لقائله، بل هو خطأ من القول، فإنه ليس في النصوص ما يدل على أن التثويب يكون في الأذان الذي يكون في آخر الليل قبل طلوع الفجر، وهو المعروف بالأذان الأول، بل الوارد في سنن النسائي وأبي داود ومسند أحمد وغيرها من داووين السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أذنت بالأول من الصبح، فقل: الصلاة خير من النوم".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (ومعلوم أن الأذان الذي في آخر الليل ليس لصلاة الصبح، وإنما هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليوقظ النائم ويرجع القائم".
أما صلاة الصبح، فلا يؤذن لها إلاًّ بعد طلوع الصبح، فإن أذن لها قبل طلوع الصبح فليس أذاناً لها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم".
ومعلوم أن الصلاة لا تحضر إلا بعد دخول الوقت، فيبقى الإشكال في قوله: "إذا أذنت الأول"، فنقول: لا إشكال، لأن الأذان هو الإعلام في اللغة، والإقامة إعلام، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة"، والمراد بالأذانين: الأذان والإقامة.
وفي صحيح البخاري قال: زاد عثمان الأذان الثالث في صلاة الجمعة، ومعلوم أن الجمعة فيها أذانان وإقامة، وسماه أذاناً ثالثاً، وبهذا يزول الإشكال، فيكون التثويب في أذان صلاة الصبح. انتهى كلامه رحمه الله.
وقد صرح فقهاء الشافعية بأن المعتمد في مذهبهم جواز التثويب في الأذانين، وهو ظاهر كلام الحنابلة والمالكية، فكيف يقال بعد هذا كله إن التثويب في الأذان لصلاة الصبح بدعة؟!.
وعليه، فإننا ننصح الأخ السائل وإخوانه بأن يلتزموا التثويب في الأذان الذي يؤذن للصلاة، وإن سماه الناس الأذان الثاني، لموافقته للأدلة كما رأيت في توجيه الشيخ ابن عثيمين لها، وحفظاً على وحدة كلمة المسلمين في المسجد، وهو مقصود شرعي ينبغي مراعاته في غير معصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(11/4789)
هل تؤذن المرأة وتقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة أن تؤذن للصلاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب على النساء أذان ولا إقامة عند جمهور أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، لكن هل يسن لهن ذلك؟ الجواب: نعم، فقد روى ابن المنذر وابن أبي شيبة أن عائشة كانت تؤذن وتقيم. وقال الإمام الشافعي -رحمه الله- إذا أذنَّ وأقَمن فلا بأس، والأولى لهن أن يؤذن ويقمن بدون رفع صوت، والجواز مقيد بعدم حصول الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(11/4790)
مقام الأذان يشرف ولا يدنس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
مؤذن في أحد المساجد بمجرد الانتهاء من صلاة الفجر يجمع الزجاجات الفارغة للخمر بقصد بيعها ما حكم الشرع فيه وفي أذانه وإقامته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان يبيع الزجاجات الفارغة لمن سيستخدمها في الحرام فذاك أمر لا يجوز، وقد تقدمت التفاصيل عن ذلك في الفتوى رقم: 13720.
وإن كان بيعها لمن لا يستخدمها في الحرام فلا يحرم ولكن الأولى له عدم فعل ذلك براءة لنفسه من الشبهة، وعلى افتراض بيعه زجاجات الخمر الفارغة لمن يستخدمها في الحرام، فذلك لا يؤثر على صحة الأذان والإقامة ممن يعمل ذلك، ولكن جدير بهذا الشخص أن تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر، قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. [العنكبوت:45]
وإن استطعتم أن تجعلوا مكانه مؤذناً آخر فافعلوا، فإن مقام الأذان فيه تشريف وتكريم، ومن هذا حاله لا يستحق ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(11/4791)
حكم الأذان والإقامة للمنفرد وللجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هو جائز أو مفروض بأن يؤذن الشخص قبل الصلاة بحيث أنه لم يسمع الأذان وهو في بلدة كافرة حيث إن بعض الأشخاص قالوا إن الأذان ليس فرضاً وإنما مستحب ولا يشترط أن يؤذن الشخص قبل الصلاة حتى لو لم يسمع الأذان وهذا في كلا الحالتين إما فردا أو جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن الأذان والإقامة في حق المنفرد مستحبان، لعموم فضل الأذان والإقامة، فإذا صلى بدون أذان أو إقامة فصلاته صحيحة، وراجع الفتوى رقم: 6950.
أما الأذان في المسجد للجماعة، فالراجح أنه فرض كفاية إذا فعله البعض سقط عن الآخرين، وإذا تركه الجميع أثموا جميعاً، ولمعرفة حكم ذلك بالتفصيل راجع الفتوى رقم: 6056.
وينبغي أن تسعى أنت ومن معك لبناء مسجد قريب من منطقة سكنكم لإقامة شعيرة الأذان وصلاة الجماعة، ففي سنن أبي داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية" وحسنه الألباني.
قال زائدة بعد رواية هذا الحديث: قال السائب: يعني بالجماعة الصلاة في جماعة. ا. هـ
ونحب أن ننبه السائل إلى أنه إذا وُجد مسجد قريب منه لا يؤذن فيه، ولا يوجد أحد غيره يقوم بالأذان، فإن الأذان يكون في حقه واجباً، ونوصيه كذلك بالحفاظ على صلاة الجماعة، والمداومة عليها، فإن فيها خيراً كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/4792)
الأذان والإقامة مستحبان للمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
هل يجوز أن يؤذن المصلي إذا دخل في مسجد وأراد الصلاة المفروضة علما أنها قد فاتته صلاة الجماعة
أفتونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب لك إن صليت منفرداً أن تؤذن وتقيم ولو كنت في مسجد قد أديت فيه صلاة الجماعة، لكن الأولى أن لا تجهر بالأذان إن كنت في مسجد، وإن صليت بغير أذان ولا إقامة صحت صلاتك. وانظر الفتوى رقم:
6950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/4793)
أذان واحد أم نداءان يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في صلاة الجمعة يؤذن أذانان أم واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخرج البخاري وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء، ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد.
قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك، لكونه كان خليفة مطاع الأمر، لكن ذكر الفاكهاني أن أول من أحدث الأذان الأول بمكة الحجاج وبالبصرة زياد، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على المنبر، فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان، فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه. ا. هـ.
وقد وجه ذلك الشيخ الألباني -رحمه الله- في رسالته الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة الجامعة على أساس أن العلة التي من أجلها زاد عثمان الأذان الأول هي: كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد النبوي، وقد زالت هذه العلة الآن حسبما ذكر الشيخ -رحمه الله- نظراً لكثرة الجوامع وانتشار مكبرات الصوت، إلا أن الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- قال في فتاويه: الأذان الأول سنة الخلفاء الراشدين، فقد أمر به عثمان رضي الله عنه في خلافته لما كثر الناس وتباعدت أماكنهم، فصاروا بحاجة إلى من ينبههم لقرب صلاة الجمعة، فصار سنة إلى يومنا هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين. وعثمان من الخلفاء الراشدين وقد فعل هذا وأقره الموجودون في خلافته من المهاجرين والأنصار، فصار سنة ثابته. والذي نراه أن الأمر واسع فمن أذن أذانا واحداً فهو بذلك متأسٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتدٍ بأبي بكر وعمر، ومن أذن أذانين فهو بذلك مقتد بالخليفة الراشد عثمان بن عفان ومن وافقه من المهاجرين والأنصار. ا. هـ.
تنبيه: المراد بالنداء الثالث في الحديث المتقدم هو الأذان الأول، والنداء الثاني هو الأذان الثاني وقد صعد الإمام على المنبر، وهنالك نداء آخر وهو الإقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(11/4794)
أقوال العلماء في الأذان والإقامة على غير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد أن يؤذن على غير وضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يكره أن يؤذن المؤذن على غير طهارة، فإن أذن على غير طهارة صح أذانه وأجزأ، سواء كان محدثا حدثا أصغر، أو كان جنباً.
ودليل الكراهة قوله - صلى الله عليه وسلم - "إني كرهت أن أذكر الله إلاَّ على طهر" رواه أبو داود، قاله صلى الله عليه وسلم لمن سلَّم عليه وهو يبول، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه بذلك.
ومن أهل العلم من رأى الإجزاء بلا كراهة، ومنهم من لم يصحح الأذان إلاَّ بالطهارة، ومنهم من فرق بين الأذان والإقامة، ومنهم من فرق بين الحدث الأصغر والجنابة، والصحيح ما صدرنا به في أول الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(11/4795)
لفظ أن في جملة: (أشهد أن لا إله إلا الله) مخفف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأذان موقوف (وقفي) ، وهل النون في: أشهد أن لا إله إلا الله مشددة أم ساكنه، وما رأيكم فيمن خالف الأذان المتعارف عليه وهو بتسكين النون بحيث يقوم بتشديد النون في هذا الموضع ويقارنها بالنون التي تليها في أشهد أن محمدا رسول الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأذان توقيفي كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9844.
وأما لفظ أن في جملة: (أشهد أن لا إله إلا الله) فهي مخففة، ولا يصح تشديدها، لأن اسمها مضمر وخبرها جملة، وفي هذه الحالة لا تكون إلا مخففة، كما قال ابن مالك في ألفيته:
وإن تخفف أن فاسمها استكن ... ... ... ... والخبر جعل جملة من بعد أن
وأما قياسها على أن في جملة (أشهد أن محمداً رسول الله) فقياس فاسد، لأن اسمها ظاهر، وخبرها ليس جملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(11/4796)
أذان الصبي غير البالغ ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ألاحظ في بعض المساجد الصغيرة والمقامة أسفل العمارات السكنية، أن من يرفع أذان الصلاة في أغلب الأوقات أطفال في سن الثامنة حتى الثالثة عشر وفي البعض الآخر يرفع الأذان أي شخص من العابرين على المسجد وذلك لعدم وجود إمام مقيم أو حارس للمسجد، فما صحة ذلك وشرعيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ….
أما بعد:
فيجوز أن يكون المؤذن صبياً مميزاً غير بالغ عند الحنفية والشافعية والحنابلة وهو الصواب، ودليله أن عبد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك كان يؤذن وهو غلام لم يحتلم، وكان ذلك دون إنكار من جده أنس بن مالك رضي الله عنه ولا من غيره، قال ابن قدامة رحمه الله: وهذا مما يظهر ولا يخفى، ولم ينكر فيكون إجماعاً.
وذهب المالكية إلى أنه لا يصح من صبي مميز إلاَّ أن يعتمد فيه أو في دخول الوقت على بالغ.
ووجود مؤذن وإمام راتبين لا شك أنه هو الأفضل، لكن إذا لم يوجد أحد منهما فلا مانع أن يؤذن أي مسلم ممن لم يقم به مانع من الأذان.
وعليه، فهذا العمل الذي ذكرت لا حرج فيه؛ وإن كان الأولى أن يرتب لكل مسجد مؤذن تتوفر فيه الشروط المطلوبة في المؤذن، ثم إننا ننبه إلى أمر مهم وهو أن مذهب المالكية في هذه المسألة -وإن قل القائلون به من غيرهم - مذهب له حظ كبير من النظر، فإن أذان المؤذن يعتمد عليه الناس في صومهم وصلاتهم فلا ينبغي أن يوكل إلى غير بالغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/4797)
سماع أكثر من أذان لوقت واحد ... هل تطلب إجابة كل مؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[1- بسم الله الرحمن الرحيم
انتشار الفضائيات الآن جعلنا نستمع إلى أكثر من أذان وخطب الجمعة في جميع البلدان العربية فعند سماعنا إلى الأذان هل نقول (اللهم رب هذه الدعوة.....) وعند انتهاء من خطب الجمعة التي نسمعها ونشاهدها عند الدعاء هل نقول آمين ونمد أيدينا في الدعاء.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترديد الأذان خلف المؤذن سنة مؤكدة، لورود الأمر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلّى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي" رواه مسلم.
هذا من حيث الأصل، أما ما ذكره الإمام النووي في المجموع، حيث قال: (فيه خلاف للسلف حكاه القاضي عياض في شرح صحيح مسلم، ولم أر فيه شيئاً لأصحابنا، والمسألة محتملة، والمختار أن يقال: المتابعة سنة متأكدة، يكره تركها، لصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها، وهذا يختص بالأول، لأن الأمر لا يقتضي التكرار وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة، فلا يختص) ا. هـ
ومعنى كلام الإمام النووي: أن ترديد الأذان الأول سنة مؤكدة، وترديد ما بعده مشروع، وله فضيلة الترديد وثوابه، لعموم الأمر به في كل أذان، لكنه ليس سنة مؤكدة، وكذلك يُشرع لك التأمين خلف من يدعو في أي مكان ما دمت تسمعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1422(11/4798)
حكم إجابة المؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مدرسة فى مدرسة للبنات، وفي معظم الأوقات عند شرحي للدرس أجد الأذان يقام. فهل أستكمل الدرس أثناء الأذان أم أصمت إلى أن ينتهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك وسؤالك.
أما إجابة المؤذن فهي أن يقول السامع مثل ما يقول المؤذن، إلا في الحيعلتين (حي على الصلاة، حي على الفلاح) فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وإجابة المؤذن سنة عند الجمهور، وذهب الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب من المالكية إلى وجوب إجابة المؤذن، فأبقوا الأمر في حديث الصحيحين "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" أقول: أبقوه على ظاهره. وعلى كلٍ فلا ينبغي لعاقل أن يفرط في العمل بمقتضى ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولو ترجح عنده أن الأمر أمر إرشاد لا أمر إيجاب. وقد قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور:63] هذا بالإضافة إلى أن توقف المدرسة أمام طالباتها عن إلقاء الدرس أثناء الأذان لتتفرغ لحكايته سيكون له بالغ الأثر في تعويدهن على الاعتناء بهذه السنة، وغيرها من السنن، فيكون للمعلمة أجر ما عملن به من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1422(11/4799)
متابعة أكثر من مؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي أن أردد الأذان وراء كل أذان أسمعه أم أكتفي بواحد أم أنتظر إلى أن يفرغوا من الأذان ومن ثم أردد الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سمع أذاناً بعد أذان فالسنة متابعة المؤذن الأول ويكره تركه، وإن تابع كل مؤذن فأجر الفضيلة حاصل له إن شاء الله تعالى.
قال النووي رحمه الله في هذه المسألة: (فيه خلاف للسلف حكاه القاضي عياض في شرح صحيح مسلم، ولم أر فيه شيئاً لأصحابنا (الشافعية) والمسألة محتملة، والمختار أن يقال: المتابعة سنة متأكدة يكره تركها لصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها، وهذا يختص بالأول لأن الأمر لا يقتضي التكرار، وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة فلا يختص، والله أعلم) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1422(11/4800)
كلمات الأذان توقيفية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إدخال كلمة حي علي خير العمل في الآذان بعد كلمة حي علي الفلاح هل هي بدعة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذان عبادة، والعبادات توقيفية، فلا يقال إن هذا العمل مشروع يتعبد به إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، فإذا لم يرد دليل على مشروعية هذا العمل فلا يصلح أن يكون عبادة، وإنما يكون حينئذ بدعة مردودة. إذا تقرر هذا فليعلم أن زيادة (حي على خير العمل) لم يرد بها دليل صحيح يرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/4801)
المصلى لا يأخذ حكم المسجد من حيث بعض الاحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في مقر عملنا مصلى نصلي فيه الظهر والعصر ونحن لا نؤذن حالياً لهذه الصلوات، فهل فعلنا هذا صحيح أم أنه يجب علينا الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فالراجح من أقوال العلماء أن الأذان في المساجد من فروض الكفاية التي يأثم الجميع بتركها وتعطيلها، ويرتفع الإثم بحصولها ولو من واحد.
وبما أن -المصلّى-لا تنسحب عليه كل أحكام المساجد التي في القرى والمدن، فإن الأذان لمن يصلي فيه ليس واجبا، وإنما هو مشروع ومستحب، لأن الأذان يشرع للمسلم إذا حضرت الصلاة في أي مكان من الأرض، سواء داخل البلدة أو خارجها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه: " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم " رواه البخاري.
وعليه، فالسنة أن يؤذن أحدكم كلما دخل وقت الصلاة، ولكن الأذان لا أثر له في صحة الصلاة، سواء في ذلك حالة الوجوب أو الاستحباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(11/4802)
الأذان الأول للفجر والجمعة والترديد خلفه سنة ...
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأذان الأول في صلاة الفجر؟ وكذلك في الجمعة وهل يعتبر ذلك له حكم الأذان من حيث الفضل والترديد خلف المؤذن أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالأذان الأول قبل صلاة الفجر سنة، ليستيقظ من يريد أن يقوم الليل، وهو أذان لا يوجب صلاة، ولا يحرم طعاماً على صائم، فقد أخرج الشيخان من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ بلالً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ".
وأما الأذان الأول قبل صلاة الجمعة، فقد أحدثه عثمان رضي الله عنه في خلافته، لمّا كثر ساكنو المدينة وتباعدت منازلهم عن المسجد فأمر بذلك الأذان لاعلام الناس باقتراب وقت الجمعة ليستعدوا لحضورها ووافقه الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، ولم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصاحبين.
وإنّ ترديد السامع خلف المؤذن ودعاءه عند هذين الأذانين الأولين - قبل الفجر والجمعة - له نفس الفضل والثواب الذي لأذان الفريضة، لعموم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ…" أخرجه مسلم وغيره فقوله: " المؤذن" جنس معرف بـ "أل" فهو يعم جميع من يؤذن أذانا مشروعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(11/4803)
لا بأس بالأذان والإقامة داخل المسجد بواسطة مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاذان والإقامة في مكبر الصوت داخل المسجد وما هو الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن زيد رضي الله عنه "فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتاً منك" رواه أبو داود وغيره، وقد روي (أن بلالاً كان يؤذن على سطح امرأة من بني النجار، بيتها من أطول بيت حول المسجد) رواه أبو داود أيضاً، وحسنه الحافظ في الدراية. ففي هذين الحديثين وما جاء في معناهما دليل على طلب رفع الصوت بالأذان لأنه أبلغ في الإعلام المقصود منه. ومكبر الصوت لا يعدو كونه وسيلة إبلاغ وإسماع تزيد صوت المؤذن قوة وحسنا، والقوة والحسن في صوت المؤذن وصفان مطلوبان في الأذان، فكل ما من شأنه أن يزيد منهما فهو مطلوب شرعاً. وعليه فلا حرج في الأذان عبر مكبر الصوت، كما لا حرج أيضاً في الأذان داخل المسجد عند وجود مكبر الصوت داخله، وذلك لأن أذان المؤذنين خارج المسجد في العصور الأولى كان بقصد إيقاعها على السطوح والمنارات طلباً لإطالة الصوت وتقويته، فمتى ما وجدنا ما يؤدي تلك المهمة داخل المسجد فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
والإقامة في هذا مثل الأذان لأنه قد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أنها كانت تسمع خارج المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1421(11/4804)
هل للمرأة أن تؤذن وتقيم لنفسها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرء أن يؤذن أذان الإقامة في كل فرض يؤديه مفردا؟ وهل هذا ينطبق على النساء؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الأذان والإقامة في حق كل من المنفرد ومن يصلي الفائتة، وفي حق الفائتة، وفي حق النساء، والراجح ـ والله أعلم ـ الاستحباب في حق هؤلاء جميعاً لعموم فضل الأذان، ولأنه ذكر لله، ولما رواه أبو يعلى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي عثمان قال: (مربنا أنس بن مالك في مسجد بني ثعلبة فقال أصليتم قال: قلنا نعم وذاك صلاة الصبح فأمر رجلاً فأذن وأقام ثم صلى بأصحابه) .
وروى عبد الرزاق والبيهقي عن أبي عثمان قال: رأيت أنس بن مالك قد دخل مسجداً قد صلي فيه فأذن، وأقام.
وروى ابن أبي شيبة عن قتادة أنه قال: لا يأتيك من شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله إلا خيراً.
قال ابن المنذر: يؤذن ويقيم أحب إلي، وإن اقتصر على أذان أهل المسجد فصلى، فلا إعادة عليه، ولا أحب أن يفوته فضل الأذان. انتهى.
وقد روى مالك وغيره عن أبي سعيد الخدري أنه قال لأبي صعصعة: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك، فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس ولا شيء إلا يشهد لك يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن الأولى لمن صلى منفرداً في المسجد أن لا يجهر بالأذان.
قال ابن قدامة: (وإن أذن فالمستحب أن يخفي ذلك، ولا يجهر به ليغر الناس بالأذان في غير محله.
وإن صلى وهو في بادية كالراعي ونحوه، أو وهو مسافر، فإنه يستحب له الأذان والإقامة عند عامة أهل العلم قال ابن قدامة: ويشرع الأذان في السفر للراعي وأشباهه في قول أكثر أهل العلم) . انتهى.
قال ابن المنذر: أحب إليّ أن يؤذن ويقيم إذا صلى وحده، ويجزئه إن أقام وإن لم يؤذن، ولو صلى بغير أذان ولا إقامة لم تجب عليه الإعادة، وإنما أحببت الأذان والإقامة للمصلي وحده، لحديث أبي سعيد الخدري.. لفضيلة الأذان، لئلا يظن ظان أن الأذان لاجتماع الناس لا غير، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مالك بن الحويرث وابن عمه بالأذان، ولا جماعة معهما لأذانهما وإقامتهما. انتهى.
وقال ابن عبد البر: وقد أجمعوا على أنه جائز للمسافر الأذان، وأنه محمود عليه مأجور فيه. انتهى.
وأما الأذان والإقامة للنساء، فلا يجب عليهن أذان، ولا إقامة عند عامة أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، بل قال ابن قدامة: لا أعلم فيه خلافاً. وهل يسن لهن ذلك؟.
قال أحمد بن حنبل: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز.
وقال الشافعية: إن الإقامة في حق النساء مندوبة لا الأذان على المشهور
والأولى لهن أن يؤذنّ، ويقمن بدون رفع صوت.
فقد روى ابن المنذر وابن أبي شيبه: أن عائشة كانت تؤذن وتقيم.
ورويا أيضا أن ابن عمر سئل: هل على النساء أذان؟ فغضب وقال: أنا أنهى عن ذكر الله؟!
قال ابن المنذر: الأذان ذكر من ذكر الله، فلا بأس أن تؤذن المرأة وتقيم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1421(11/4805)
يستحب لمن صلى منفردا أن يؤذن ويقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرء أن يؤذن ويقيم لكل فرض يؤديه منفردا؟ وهل هذا ينطبق على النساء؟ أفيدونا أفادكما الله.
... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الأذان والإقامة حسب حال المصلي، والراجح ـ والله أعلم ـ أنه يستحب له إذا صلى وحده أن يؤذن ويقيم، لعموم فضل الأذان، ولأنه ذكر لله، ولما في مسند أبي يعلى عن الجعد أبي عثمان قال: أتانا أنس بن مالك في مسجد بني ثعلبة فقال: قد صليتم؟ وذلك صلاة الغداة. فقلنا: نعم. فقال لرجل: أذن، وأقام ثم صلى في جماعة.
وروى عبد الرزاق والبيهقي عن أبي عثمان قال: رأيت أنس بن مالك قد دخل مسجداً قد صلي فيه فأذن، وأقام.
وروى ابن أبي شيبة عن قتادة أنه قال: لا يأتيك من شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله إلا خيراً.
قال ابن المنذر: يؤذن ويقيم أحب إلي، وإن اقتصر على أذان أهل المسجد فصلى، فلا إعادة عليه، ولا أحب أن يفوته فضل الأذان. انتهى.
وقد روى مالك وغيره عن أبي سعيد الخدري أنه قال لأبي صعصعة: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك، فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس ولا شيء إلا يشهد لك يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن الأولى لمن صلى منفرداً في المسجد أن لا يجهر بالأذان.
قال ابن قدامة: (وإن أذن فالمستحب أن يخفي ذلك، ولا يجهر به ليغر الناس بالأذان في غير محله.
وإن صلى وهو في بادية كالراعي ونحوه، أو وهو مسافر، فإنه يستحب له الأذان والإقامة عند عامة أهل العلم قال ابن قدامة: ويشرع الأذان في السفر للراعي وأشباهه في قول أكثر أهل العلم) . انتهى.
قال ابن المنذر: أحب إليّ أن يؤذن ويقيم إذا صلى وحده، ويجزئه إن أقام وإن لم يؤذن، ولو صلى بغير أذان ولا إقامة لم تجب عليه الإعادة، وإنما أحببت الأذان والإقامة للمصلي وحده، لحديث أبي سعيد الخدري.. لفضيلة الأذان، لئلا يظن ظان أن الأذان لاجتماع الناس لا غير، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مالك بن الحويرث وابن عمه بالأذان، ولا جماعة معهما لأذانهما وإقامتهما. انتهى.
وقال ابن عبد البر: وقد أجمعوا على أنه جائز للمسافر الأذان، وأنه محمود عليه مأجور فيه. انتهى.
وأما الأذان والإقامة للنساء، فليس عليهن أذان، ولا إقامة عند عامة أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، بل قال ابن قدامة: لا أعلم فيه خلافاً. وهل يسن لهن ذلك؟.
قال أحمد بن حنبل: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز.
وقال الشافعي: إن أذنّ وأقمن فلا بأس.
والأولى لهن أن يؤذنّ، ويقمن بدون رفع صوت.
فقد روى ابن المنذر وابن أبي شيبه: أن عائشة كانت تؤذن وتقيم.
ورويا أيضا أن ابن عمر سئل: هل على النساء أذان؟ فغضب وقال: أنا أنهى عن ذكر الله؟!
قال ابن المنذر: الأذان ذكر من ذكر الله، فلا بأس أن تؤذن المرأة وتقيم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1421(11/4806)
أذان أهل السنة هو الصحيح الكامل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن أذان أهل السنة ناقص؟ وماهي الصيغ الشرعية للأذان؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل السنة يعتمدون في آذانهم على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد، وأبي محذورة رضي الله عنهما، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الآذان، كما أقر عبد الله بن زيد على أذانه وأذن به في حياته واستمر عمل المسلمين على ذلك بعد وفاته.
وأذان عبد الله بن زيد خمس عشرة جملة وبه أخذ أبو حنيفة وأحمد.
وأذان أبي محذورة سبع عشرة جملة يكبر مرتين في أوله مع ترجيع الشهادتين، وبه أخذ مالك.
وأخذ الشافعي أيضاً بأذان أبي محذورة، لكن جعل التكبير في أوله أربعاً، على ما صحت به الروايات أيضاً.
وكل ما جاءت به السنة فهو حق، ولا حرج في الأذان به، بل ينبغي أن يؤذن به جميعاً، تارة بهذا وتارة بهذا، إن لم يحصل بذلك خلاف وفتنة.
وإليك أذان عبد الله بن زيد رضي الله عنه: روى أحمد وأبو داود وابن ماجه "عن عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد ".
وأما أذان أبي محذورة الذي أخذ به مالك: فهو ما رواه مسلم عن أبي محذورة أن نبي الله علمه هذا الأذان " الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، مرتين حي على الفلاح، مرتين، زاد إسحق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ".
وأخذ الشافعي بما رواه أبوداود والنسائي وابن ماجه عن أبي محذورة قال: قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسي وقال تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بها صوتك ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ".
وبهذا يعلم أن أذان أهل السنة كامل تام، مبني على الأحاديث النبوية الصحيحة، ولا عبرة بمن خالف ذلك، فزاد وابتدع، والله اعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1421(11/4807)
أذنوا في مسجدكم بالتناوب أو رتبوا مؤذنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في الغرب للأسف. وأحيانا آتي إلى المسجد في وقت الصلاة إلا أنه لا يوجد أحد يوذن. فأقوم بالآذان بنفسي، وسؤالي: هل يجوز عدم الآذان في المسجد؟ حيث إنه لا يوجد مؤذن راتب في مسجدنا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا ينبغي ترك الأذان في المسجد لعدم وجود مؤذن راتب فيه، لأن الراجح من أقوال العلماء أن الأذان في المسجد فرض كفاية إن لم يقم به من تحصل به الكفاية أثم الجميع، ويتأكد ذلك إذا لم يكن بجواره مساجد أخر يؤذن فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: " إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم" رواه السبعة
ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً بالأذان في المدينة، وأمر أبا محذورة بالأذان في مكة، وأمرهما بالإقامة. ولم يزل صلى الله عليه وسلم يؤدي الصلوات الخمس بأذان وإقامة، فدل على فرضيتهما.
ولذلك ننصح أن تجتهد مع إخوانك المسلمين في نفس البلد في إيجاد مؤذن للمسجد حتى تخرجوا من الإثم، ولو استدعى الأمر إلى تفريغ شخص من المسلمين للأذان مقابل أن تبذلوا له أجرة على تفرغه، أو يتم التأذين بالتناوب، كل شخص يؤذن في الوقت الذي يتلاءم مع عمله، لا سيما وأنتم في بلد من بلدان الغرب يحتاج المسلمون فيه إلى المحافظة على شعائر الإسلام الظاهرة، والآذان منها، كما لايخفى. وفقكم الله لما يحب ويرضاه. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4808)
حكم الالتفات يمنة ويسرة حال الأذان ومتى يكون.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في الغرب للأسف. وأحيانا آتي إلى المسجد في وقت الصلاة إلا أنه لا يوجد أحد يوذن. فأقوم بالآذان بنفسي. لكني رأيت البعض يلتفت عن يمينه ثم يساره عندما يقول حي على الصلاة وحي على الفلاح. أنا لا أفعل هذا. فهل يجب علي الالتفات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الالتفات من المؤذن حال الأذان يمنة ويسرة عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح ليس بواجب، وإنما هو من السنة فيلتفت برأسه فقط دون بقية بدنه، بل يبقى مستقبلاً به القبلة، لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: " رأيت بلالاً يؤذن وأتتبع فاه هنها وههنا وإصبعاه في أذنيه" رواه أحمد والترمذي.
وفي راوية لأبي داود: " لوى عنقه لما بلغ (حي على الصلاة) يميناً وشمالاً ولم يستدر. وهذا والله أعلم ليبلغ الصوت من كان عن يمينه وشماله ووراءه. وإذا كان الإنسان يؤذن في مكبر الصوت فإن السماعات الناقلة للصوت تقوم مقام الالتفات في إبلاغ الصوت، لكن لو التفت عن يمينه وعن شماله يسيرا بحيث لا يضعف صوته في المساعات محافظة على السنة في ذلك كان حسنا. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4809)
الأفضل أن تؤذن وأنت على طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أبدا الصلاة. هل أتوضأ ثم أؤذن بصوت منخفض ثم أقيم ثم أصلي. هل هذا صحيح.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يلزمك أن تصلي في جماعة في المسجد متى أمكنك ذلك، فإذا سمعت الأذان في مسجد بقربك وجب عليك أن تسعى إلى الصلاة، وأن تؤديها في المسجد حيث ينادى بها، فإن لم تسمع النداء أو لم يكن بقربك مسجد، فالسنة أن تؤذن بصوت مرتفع وأنت مترسل متأن، وتقيم بصوت أقل ارتفاعاً من صوت الأذان وتكون حدراً -أي أسرع من الأذان- ثم تكبر، وتدخل في صلاتك. هذا ولا يشرع الأذان والإقامة لغير المكتوبات الخمس عند جمهور العلماء من السلف والخلف، كما قال النووي رحمه الله، والأفضل أن تقدم الطهارة ليكون أذانك وأنت على طهارة تامة، فإن أذنت بلا وضوء صح أذانك.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4810)
حكم وشروط صحة الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ما هي احكام الاذان؟ وهل يجوز الرد على اي مؤذن اذا كان يراعي هذه الاحكام ام لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... الأذان: هو الإعلان بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة وهو سنة مؤكدة على الرجال وقيل فرض كفاية في الصلوات الخمس المؤداة والجمعة دون غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) متفق عليه. ويشترط لصحة الأذان شروط: 1. دخول الوقت: فلا يصح الأذان ويحرم باتفاق الفقهاء قبل دخول الوقت فإن فعل أعاد في الوقت إلا أنه يجوز أذان الفجر قبل وقت الفجر لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم) متفق عليه. 2. أن يكون باللغة العربية. 3. رفع الصوت به بحيث يسمع بعض الجماعة أو يسمع نفسه إن كان منفرداً. 4. الترتيب والمولاة بين ألفاظ الأذان. 5. أن يكون المؤذن مسلماً عاقلاً مميزاً ذكراً فلا يصح أذان الكافر أو المجنون أو غير المميز كما لا يصح أذان النساء. ويكره أذان الفاسق ويشترط للأذان النية كذلك والمرأة لا أذان عليها. ولا يشترط للأذان الطهارة أو استقبال القبلة أو القيام أو عدم الكلام في أثنائه، ولكن يستحب ذلك. ويسن أن يتولى الأذان من يتولى الإقامة فإن أقام غير المؤذن جاز والذي يصلى فوائت فإنه يؤذن للأولى ويقيم لكل صلاة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق. ويستحب لمن سمع الأذان وكان الأذان في الوقت أن يردده وكذلك الإقامة فيقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وفي الإقامة (قد قامت الصلاة) يقول أقامها الله وأدامها وفي التنويب (الصلاة خير من النوم) يقول صدقت وبررت. ثم يصلى على النبي صلى اله عليه وسلم ثم يسأل الوسيلة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليَّ فإن من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنه منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة) رواه الجماعة إلا البخاري. ويستحب كذلك أن يقول حين يسمع الأذان ما ورد في حديث مسلم الذي يرويه عن سعد بن أبي وقاص قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال حين يسمع النداء: وأنا اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً رسول الله رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً غفر له ذنبه) هذا والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4811)
معنى الدعاء الوارد بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما معنى الدعاء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة.... وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي المسند وصحيح البخاري وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة".
والمراد بالدعوة التامة دعوة التوحيد التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل ولا يخالطها شرك. لأن ألفاظ الأذان تشتمل عليها.
والصلاة القائمة هي الصلاة المعهودة المدعو إليها.
والوسيلة هنا هي المنزلة العلية في الجنة وقد جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو وفيه "ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة".
والفضيلة هي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق.
والمقام المحمود هو المقام الذي يحمده الناس عليه يوم القيامة. وهو الشفاعة كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً [الاسراء:79] سئل عنها قال هي الشفاعة وفي صحيح مسلم عن أنس إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون ءادم فيقولون له اشفع لذريتك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم إلى أن يأتوا عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد فأوتى فأقول أنا لها وقد قال تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً [الإسراء:] وعسى من الله إيجاب.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4812)
ليس من السنة قراءة الفاتحة بعد الأذان.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة الفاتحة بعد الأذان مباشرة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشروع عند سماع الأذان أن يقول السامع ما قال المؤذن، فإذا انتهى صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وسأل الله له الوسيلة.
فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة".
وروى البخاري عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: "اللهم ربّ هذه الدعوة التامّة والصلاة القائمة، آتِ محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة ".
وروى مسلم والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، غفر له ذنبه ".
وهل يقول هذا عند سماعه قول المؤذن: " أشهد أن لا إله إلا الله " أم عند قوله آخر الأذان: " لا إله إلا الله"؟
قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: وهو يحتمل أن يكون المراد به حين يسمع الأول أو الأخير، وهو قول آخر الأذان: لا إله إلا الله، وهو أنسب … ولأن قوله بهذه الشهادة أثناء الأذان ربما يفوت الإجابة في بعض الكلمات الآتية، كذا في المرقاة. انتهى.
وأما قراءة الفاتحة بعد الأذان، فلا نعلم لها أصلاً في الشرع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ ". متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4813)
قول المؤذن في الفجر (الصلاة خير من النوم) سنه نبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول المؤذن في أذان الفجر الثاني (الصلاة خير من النوم) سنة أم بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقول المؤذن في أذان الفجر: " الصلاة خير من النوم" سنة وليس بدعة، ففي المسند وسنن أبي داود عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني الأذان، فعلمه وقال: فإن كان صلاة الصبح قلتَ: " الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله" وإنما شرع هذا القول في أذان الفجر خاصة لأن هذا الوقت وقت سكون ودعة، ويخشى على من نام فيه فوات صلاة الفجر فجاء الترغيب من الشارع بقوله: ((الصلاة خير من النوم)) تذكيراً بأهمية وعظمة الصلاة، وأنها خير وأفضل من النوم، ومن ثم فلايجوز التخلف عنها أوتركها لأجل النوم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(11/4814)
يؤذن في ليل رمضان الأذان الأول تنبيها على قرب وقت الإمساك
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا هناك أذانان خلال شهر رمضان هل من الضروري أذان الإمساك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع الأذان الأول لصلاة الصبح في جميع الشهور وليس في رمضان فقط لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ". ويكون الأذان الأول قبل طلوع الفجر، والثاني مع طلوع الفجر وهو الذي تجوز عنده الصلاة (صلاة الصبح) ويلزم به الإمساك، وإذا كان أهل البلد لا يشتهر عندهم إلا أذان واحد فقط، فينبغي أن يقتصر عليه حتى لا يلبس على الصائمين في إمساكهم وصلاتهم، هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4815)
لا يطالب المؤذن بغير الدعاء بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المؤذن متابعة الأذان (بمعنى أن يجيب نفسه) . أم ذلك مقتصر على من يسمع الأذان؟ ... ... ... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن لسامع الأذان أن يردد الألفاظ التي يقولها المؤذن باستثناء لفظين هما: حي على الصلاة، حي على الفلاح فيبدلهما بـ (لا حول ولا قوة إلا بالله) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول" [رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] . واستثناء الحيعلتين ثابت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكل هذا إنما هو في حق السامع دون المؤذن فليس مطالباً بغير الدعاء بعد الأذان.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4816)
ليس من ذكر مسنون قبل إقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف: ما الذي يستحسن قوله قبل إقامة للصلاة؟ فهل أستعيذ من الشيطان الرجيم؟ أم أستغفر الله؟ وهل أبسمل أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ـ فيما نعلم ـ ذكر معين يقال قبل الإقامة ـ لا الاستعاذة ولا البسملة ولا غير ذلك ـ ولذا فالمشروع لمن أراد إقامة الصلاة هو أن يأتي بألفاظ الإقامة المعروفة دون زيادة عليها، فأحسن الهدي هدي م حمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/4817)
حكم دعاء الوسيلة بعد الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مساجد مدينتنا يقوم كل إمام بعد إقامة الصلاة بدعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامة آتي سيدنا محمدا الوسيلة والدرجة العالية الرفيعة، فهل هذا جائز أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 9391 أن سؤال الوسيلة والفضيلة للرسول صلى الله عليه وسلم سنة بعد الأذان والإقامة كليهما، ولكن ننبه هنا على أمرين:
الأول: أن ملازمة الإمام لرفع صوته بهذا الدعاء بعد أن يصطف المأمومون ليس من السنة.
والثاني: أن لفظ الرواية الصحيحة ليس كما جاء في السؤال، فهنا بعض الزيادات، كقوله: والدرجة العالية الرفيعة، قال ابن حجر في ـ التلخيص الحبير: ليس في شيء من طرقه ذكرـ الدرجة الرفيعة. اهـ.
وقال السخاوي في ـ المقاصد الحسنة: حديث ـ الدرجة الرفيعة ـ المدرج فيما يقال بعد الأذان، لم أره في شيء من الروايات. اهـ.
وقال الألباني: لفظة: الدرجة الرفيعة ليس لها أصل، وذكرها هنا مع كونها ليس لها أصل في الحديث هو من تحصيل الحاصل، لأنه جاء في الحديث الآخر: إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول، ثم صلوا علي، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي يوم القيامة. إذاً: حين تقول: آت محمداً الوسيلة والفضيلة، ما هي؟ هي الدرجة الرفيعة في الجنة، فإذاً هذا حشوٌ في الكلام مع مخالفة النص. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35197.
وكذلك لفظ:سيدنا، وإن كان صحيحا من حيث المعنى إلا أنه لم يرد في الرواية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1430(11/4818)
حكم دعاء الوسيلة بعد الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد القول الفصل في هذه المسألة: الدعاء الذي يقوله بعض أئمة المساجد بعد إقامة الصلاة وقبل الصلوات المفروضة وهو اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة....الخ..
وهناك بعض الأئمة لا يقولون هذا الدعاء، مثل أئمة الحرمين وغيرهم.
السؤال: ما أدلة الذين يقولون، والذين لا يقولون؟ وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل كل صلاة يقول هذا الدعاء أم لا؟ الذي نعرفه أن الوارد عنه أنه كان فقط يأمرهم بتسوية الصفوف وسد الخلل ... والذين يقولون هذا الدعاء استنبطوا من حديث /ما بين كل أذانين صلاة/ فاعتبروا الإقامة كالأذان وهذا اجتهاد منهم، فهل هذا الاجتهاد المستنبط من حديث يقدم هنا أم فعل النبي صلى الله عليه وسلم والثابت عنه أنه لم يقل هذا الدعاء؟ وما القول الراجح في هذا الأمر، والمؤيد بالأدلة الصريحة الواضحة، أن يقول إمام المسجد هذا الدعاء أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الشروع في جواب مسألتك نحبُ أن ننبهك على قاعدة مهمة، وهي أن السنة لا يلزمُ في ثبوتها أن يتوارد عليها القول والفعل، بل من السنن ما ثبت بقوله صلى الله عليه وسلم دون فعله، ومنها ما ثبت بفعله دون قوله، ومنها ما ثبت بالقول والفعل معاً، ومن السنن ما يثبتُ بإقراره صلى الله عليه وسلم لفاعلها، كما هو مبسوط مبين في كتب الأصول. ومن السنن الثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم الذكر المسؤول عنه عقب الأذان ففي البخاري: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة. رواه البخاري.
وقد اختلف الفقهاء في سنية هذا الدعاء عقب الإقامة بناء على اختلاف فهمهم لحديث (بين كل أذانين صلاة) متفق عليه، فقال كثيرٌ منهم: إنه سمى الإقامة أذاناً فدل على أنه يُشرع فيه من ترديدها والذكر بعدها، ومنه الدعاء المسؤول عنه ما هو مشروعٌ عقب الأذان،
قال ابن حجر الهيتمي: لم أر من قال بندب الصلاة والسلام أول الإقامة وإنما الذي ذكره أئمتنا أنهما سنتان عقب الإقامة كالأذان ثم بعدهما: اللهم رب هذه الدعوة التامة. انتهى
وقال الخطيب الشربيني: (و) يسن (لكل) من مؤذن وسامع ومستمع قال شيخنا ومقيم ولم أره لغيره (أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم) ويسلم أيضا لما مر من أنه يكره إفرادها عنه (بعد فراغه) من الأذان أو الإقامة على ما مر لقوله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا (ثم) يقول (اللهم) أصله يا الله حذفت منه يا وعوض عنه الميم ولهذا لا يجوز الجمع بينهما (رب هذه الدعوة) بفتح الدال أي الأذان أو الإقامة على ما مر (التامة. انتهى.
وقال جماعةٌ من أهل العلم إنه إنما سمى الإقامة أذاناً على جهة التغليب، كما يُقال للشمس والقمر القمران، وللتمر والماء الأسودان ونظائر ذلك، وليس يلزم من هذا أن تكون للإقامة أحكام الأذان من ترديدها والذكر بعدها، بل هذا يفتقر إلى دليل يخصه، وإذ لا دليل ثمّ فيبقى الأصل وهو عدم المشروعية، لأن مبنى العبادات على التوقيف، وممن رجح هذا القول العلامة العثيمين رحمه الله.
قال رحمه الله: والقول الراجح: أنه لا يقول شيئاً، ولا يتابع المقيم، ولا يدعو بدعاء الأذان. انتهى.
ورجح هذا القول أيضاً العلامة بكر أبو زيد رحمه الله في كتابه النافع تصحيح الدعاء، فالمسألة كما رأيت كغيرها من مسائل العلم التي يسوغ فيها الخلافُ بين العلماء، ومن ترجح له أحد القولين عمل به، ومن لم يترجح له شيءٌ قلد من يثق به من العلماء، والمفتى به عندنا هو مشروعية قول هذا الذكر بعد الإقامة وانظر الفتوى رقم: 9391.
وقد رجح هذا القول أيضاً جمعً من العلماء المعاصرين.
فقد جاء في فتاوى اللجنة: السنة أن المستمع للإقامة يقول كما يقول المقيم؛ لأنها أذان ثان فتجاب كما يجاب الأذان، ويقول المستمع عند قول المقيم: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) لا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول عند قوله: (قد قامت الصلاة) مثل قوله، ولا يقول: أقامها الله وأدامها؛ لأن الحديث في ذلك ضعيف، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وهذا يعم الأذان والإقامة، لأن كلا منهما يسمى أذانا. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم (لا إله إلا الله) ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ... إلخ كما يقول بعد الأذان. انتهى.
وقال الألباني في الثمر المستطاب: وعلى من يسمع الإقامة مثل ما على من يسمع الأذان من الإجابة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الوسيلة له كما سبق بيانه في المسألة من الأذان وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول. . .) الحديث ولأن الإقامة أذان لغة وكذلك شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين كل آذانين صلاة) يعني أذانا وإقامة)
قال الحافظ في شرح الحديث: أي أذان وإقامة. قال: وتوارد الشراح على أن هذا من باب التغليب كقولهم: القمرين للشمس والقمر ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان لأنها إعلام بحضور فعل الصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت ولا مانع من حمل قوله: (أذانين) على ظاهره) . وعلى هذا جرى الإمام ابن حزم فإنه فهم من قوله عليه السلام: (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم. . .) الحديث وقد مضى فهم منه أن الإقامة داخلة في هذا الأمر بدليل الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه " انتهى.
ثم ننبه على أن هذا الذكر وإن كان مشروعاً لكنه لا يُجهر به فالأصل في الذكر والدعاء الإسرار والمخافتة، قال تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية {الأعراف:55}
قال ابن تيمية: وأما سوى التأذين ... من تسبيح وتشييد، ورفع الصوت بدعاء ونحو ذلك ... ليس بمسنون عند الأئمة، بل قد ذكر طائفة من أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد أن هذا من جملة البدع المكروهة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(11/4819)
قيام المأموم قبل الإقامة وحكم ترديد ألفاظها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم التوضيح في هذه المسألة ألا وهي:
عند إقامة الصلاة وقبل أن يبدأ المؤذن في الإقامة أو وهو مهم بالذهاب إلى المكان المخصص له بالوقوف وإقامة الصلاة يجد الناس كلهم واقفين في الصفوف هل هذا جائز؟
لأني سمعت من ناس كبار في السن أنه لا يجوز الوقوف قبل الإقامة، وعند الإقامة يجب أن تقول كما يقول المقيم إلا عندما يقول قد قامت الصلاة فيقول المصلي أقامها الله وأدامها، ويجب الذهاب إلى الصف بسكينة ووقار. هل هذا صحيح؟
ثانيا: ماهو الواجب على الإمام فعله قبل الدخول في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مذاهب العلماء في الوقت الذي يُستحب القيام فيه للصلاة في الفتوى رقم: 20796، ولم يقل أحدٌ من أهل العلم فيما نعلم بمشروعية القيام قبل أن يشرع المؤذن في الإقامة، وأما القول بتحريمه فلا يظهر، والظاهرُ أنه خلاف الأولى والأفضل. وانظر الفتوى رقم: 79232.
وأما ترديد الإقامة فقد اختلف العلماء في مشروعيته، فذهب الجمهور إلى أنه مشروع لعموم الأمر بقول مثل ما يقول المؤذن، والإقامة أذان، وذهب جماعةٌ من العلماء إلى أن ترديد الإقامة لا يُشرع ورجحه العلامة العثيمين لأن تسمية الإقامة أذاناً إنما هي من باب التغليب، وأما الحديث الوارد في ترديد الإقامة وقول أقامها الله وأدامها عند قول المقيم (قد قامت الصلاة) فقد أخرجه أبو داود وضعفه الألباني، وبهذا تعلم أن القول بوجوب ترديد الإقامة ليس بشيء، بل غاية ما يُقال إن ترديدها مشروعٌ مندوبٌ إليه، وفي المسألة خلافٌ كما عرفت.
وأما إتيان الصف بالسكينة والوقار فهو أمرٌ حسن مندوبٌ إليه ندباً أكيداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. أخرجه مسلم، وحمل العلماء هذا الأمر على الاستحباب.
قال النووي: فيه الندب الأكيد إلى إتيان الصلاة بسكينة ووقار، والنهي عن إتيانها سعياً سواء فيه صلاة الجمعة وغيرها، سواء خاف فوت تكبيرة الإحرام أم لا. انتهى.
وأما الذي يُشرع للإمام قبل الشروع في الصلاة فهو أن يسويَ الصفوف ويأمر المصلين بذلك، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، وذهب بعض العلماء إلى وجوب تسوية الصفوف، وهو قولٌ قوي جداً، وإن كان الجمهور على خلافه. وانظر الفتوى رقم: 10847، ورقم: 105008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(11/4820)
الإمام الراتب أملك بالإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن يقيم الصلاة غير الإمام إن كانت الجماعة فيها الإمام وشخص معه فقط أوبضعة أشخاص. وشكرا جزيلا مسبقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن يتولى الإقامة غير الإمام، ومن الأفضل أن يكون المؤذن هو من يتولاها، ولكن إذا أقام غيره فلا حرج في ذلك، والأمر واسع، والإمام الراتب أملك بالإقامة فلا يقيم أحد الصلاة بحضوره إلا بإذنه، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 34433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(11/4821)
الإقامة أذان فيشرع عندها ما يشرع عند الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشرع قول: " وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً" عقب تشهد المؤذن حين أدائه الإقامة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذكر الذي أشار إليه السائل ورد عند سماع الأذان، ونص الحديث كما روى الترمذي وأبو داود غيرهما عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا غفر له ذنبه. قال الشيخ الألباني: صحيح، والإقامة أيضا أذان فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة، يعني بين الأذان والإقامة. وقد ورد بالترديد عند سماع الإقامة بخصوصها حديث ضعيف، فقد روى أبو داود عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن بلالا أخذ في الإقامة فلما قال قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها. وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر رضي الله عنه في الأذان. قال الشيخ الألباني: ضعيف. ولكن وحتى لو لم يصح هذا لبقي العموم السابق شاملا للإقامة كما بينا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 14767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/4822)
الإقامة تشرع للصلوات المفروضة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[الفجر سنة والصبح فرض، لماذا يؤذن للسنة ولا يؤذن للفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان الذي يكون بعد طلوع الفجر إنما شرع للإعلام بدخول وقت الفجر مثل أذان الظهر والعصر وغيرهما من سائر الأوقات، فإذا دخل وقت الفجر ترتب على ذلك أحكام منها: إمساك الصائم، ومنها: جواز الصلاة المفروضة، ولكن السنة أن يصلي قبل هذه الفريضة ركعتين نافلة، والإقامة إنما تشرع عند القيام للفريضة في صلاة الفجر وغيرها من الصلوات، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 8046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(11/4823)
القول المسنون عند سماع الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند سماع الاقامة للصلاة:
هل قول: أقامها الله ورسوله....عند سماع الإقامة للصلاة صحيح أم خطأ، وإذا كان بها حديث للرسول صلى الله عليه وسلم فما هو إن أمكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن لمن يسمع الإقامة أن يقول عند قول المقيم (قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة) ، أن يقول: أقامها الله وأدامها؛ لما رواه أبو داود ولفظه: عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها، وأما زيادة ورسوله فغير واردة بالحديث السابق.
وبهذا أخذ الفقهاء قال الإمام الحصكفي - رحمه الله- من الحنفية في الدر المختار: ويجيب الإقامة - ندبا إجماعا -كالأذان- ويقول عند قد قامت الصلاة: أقامها الله وأدامها.
وقال الشمس الرملي من الشافعية في نهاية المحتاج: ويجيب سامع الإقامة بمثل ما سمعه؛ إلا في كلمتي الإقامة فإنه يقول: أقامها الله وأدامها، وجعلني من صالح أهلها.
وقال ابن قدامة من الحنابلة في المغني: ويستحب أن يقول في الإقامة مثل ما يقول، ويقول عند كلمة الإقامة: أقامها الله وأدامها؛ لما روى أبو دواد بإسناده عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في شرح العمدة: قال أصحابنا: ويستحب إذا سمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول المؤذن لما تقدم، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قال: أقامها الله وأدامها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(11/4824)
تحديد الوقت بين أذان الفجر والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الوقت الصحيح الذي يقام فيه لصلاة الفجر، فهل بعد 30 دقيقة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا من السؤال أن السائل يعني تحديد الوقت بين أذان الفجر والإقامة، وعليه نقول ليس هناك وقت محدد لذلك إلا أن تعجيل الصلاة بعد التحقق من دخول وقتها مستحب كما يستحب التغليس بصلاة الفجر خاصة، وللمزيد من الفائدة في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63988، 23811، 67024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1427(11/4825)
مذهب جمهور العلماء في حكم الكلام بعد إقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تنهى عن الحديث ولو بكلمة واحدة ما بين إقامة الصلاة وتكبيرة الإحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال هو إننا لا نعلم حديثاً صحيحاً في هذا المعنى، وقد سبق لنا بيان جواز الكلام بعد إقامة الصلاة قبل الإحرام، لكن الأولى تركه إلا لحاجة، وأن ذلك هو مذهب جمهور العلماء، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 57339.
بل إن سؤال الله تعالى الوسيلة والفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم أمر مطلوب ومرغب فيه بعد الأذان وبعد الإقامة، كما بينا في الفتوى رقم: 9391 فراجعها.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20569، 60574، 51900، 62245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(11/4826)
الضابط في المدة بين الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ف ي مسجد الحيً حدث خلاف بين إمام المسجد (متطوع وليس راتبا) وعدد من المصلين في صلاة الفجر حيث يرى إمام المسجد أن تقام صلاة الفجر بعد مرور 25 دقيقة على الأقل من التوقيت المدون بالتقويم حتى يتأكد من دخول وقت الفجر الصادق. وعدد من المصًلين لا يريدون أن تزيد الفترة بين الأذان والإقامة عن 20 دقيقة حتى يتمكنوا من الخروج لأعمالهم مبكرين، فما هو الرأي الصائب في هذه المسألة؟ تحقيق الحرص والاحتياط حسب ما يرى الإمام أم تحقيق مصلحة المصًلين ومراعاة أحوالهم لتجنب الفرقة والنفور؟
وما هي أقل مدة زمنية بالدقائق بعد الأذان (حسب التقويم) يمكن بعدها إقامة صلاة الفجر؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حد للمدة التي تكون بين الأذان والإقامة فقد تكون ثلث ساعة وقد تكون أقل أو أكثر، والضابط أن تكون كافية لتهيؤ الناس للصلاة واجتماعهم لأداء الصلاة، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ل بلال: يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر في إقامتك، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني.
ويقدر ذلك إمام المسجد الراتب أو من ارتضاه الناس إماما بالتشاور معهم أو على الأقل أهل الرأي منهم، ويكون ذلك حسب اجتماع المصلين كما سبق، فإن كانوا يجتمعون خلال عشرين دقيقة فلا حاجة إلى التأخير فوق ذلك بعد التحقق من دخول الوقت، لما في ذلك من المشقة على الناس وتأخيرهم عن حوائجهم، ولأن تقديم الصلاة في أول وقتها أفضل كما هو معلوم، وفي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، أي في صلاة العشاء.
ولا ينبغي للإمام أن يؤخر إقامة الصلاة بحيث يشق على الناس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به. خرجه الإمام مسلم في الصحيح. فننصحك بنصح الإمام المذكور وأنه لو أم الناس وهم يكرهونه لهذا الغرض وهو مشقته عليهم فإن صلاته لا تجاوز أذنيه، ففي سنن ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون ... قال الحافظ العراقي: إسناده حسن.
نسأل الله عز وجل أن يصلح الحال والمآل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/4827)
شفع الإقامة لا يؤثر في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موجود في بلد غير بلدي لأغراض الدراسة وفي هذا البلد لاحظت أن إقامة الصلاة في جميع المساجد هي نفس صيغة الأذان، وعندما أحاول تعريفهم بالإقامة الصحيحة يقولون لي إن كل الناس في هذا البلد يتبعون المذهب الحنفي، وأنا حسب علمي أن الإقامة غير مختلف عليها في جميع المذاهب، هذا الأمر جعلني أتشكك في صحة صلاتي، فهل أترك الصلاة في المسجد وأصلي بمفردي أم ماذا أفعل؟ مع العلم بأنهم يعرفون صيغة الإقامة الصحيحة ولكنهم لا يقبلونها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيغة الإقامة عند الأحناف تطابق صيغة الأذان إلا أنها تزيد عليه قد قامت الصلاة مرتين.
قال ابن الهمام في فيض القدير وهو حنفي: والإقامة مثل الأذان، إلا أنه يزيد فيها بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين. انتهى.
وعليه، فأهل البلد الذي أنت فيه يتبعون في ذلك أحد المذاهب الأربعة المشهورة، ولا حرج عليهم في ذلك إن شاء الله، ولا يؤثر ذلك على صحة صلاتك ولو لم يأتوا بالإقامة أصلا، لأنها سنة منفصلة عن الصلاة، ولمزيد من التفصيل طالع الفتوى رقم: 5431 ولا تترك الصلاة في المسجد، فالأمر سهل لا يزيد على اختلاف الأئمة في صيغة الإقامة، وكل له دليله، وهو مأجور على كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/4828)
الكلام بعد إقامة الصلاة وقبل الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلوات التي تسبقها السنة مثل الفجر والظهر هل نبدأ بإقامة الصلاة ثم نصلي السنة ثم نصلي الفرض مبتدئا بقول الله أكبر أم نترك الإقامة قبل الفرض فقط؟ وإذا اضطررت لفعل شيء ما بين صلاة السنة والفرض بسبب أولادي الصغار هل هذا مكروه وفيه أيضا لا أكرر الإقامة؟ وهل تكرير الإقامة يبطل الصلاة؟ وما هو حكم قطع الصلاة لعذر لأمنع ضررا قد يتسبب فيه صغيري وما هي آداب فعل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنن والرواتب القبلية تصلى بعد الأذان وقبل الإقامة، ويستحب عدم الفصل بصلاة أو كلام لغير حاجة بين الإقامة وصلاة الفرض، فإن تكلم لم يضر ذلك صلاته ولا تعاد الإقامة. قال النووي في المجموع: مذهبنا ومذهب الجمهور من أهل الحجاز وغيرهم جواز الكلام بعد إقامة الصلاة قبل الإحرام لكن الأولى تركه إلا لحاجة، وكرهه أبو حنيفة وغيره من الكوفيين. اهـ. وأما الفصل بين السنة الراتبة والفريضة بكلام ونحوه فلا مانع منه ولا كراهة فيه لاسيما إذا كان لحاجة كإصلاح شأن طفل أو غير ذلك من الحوائج. وأما تكرير الإقامة لغير فصل مضر فلا ينبغي؛ ولكن لا يبطل الصلاة، وأما قطع الصلاة لعذر كإنقاذ طفل من ضرر أو أعمى ونحو ذلك فواجب ويستأنف صلاته من جديد، وليس للخروج من الصلاة لهذا الغرض آداب معينة نعرفها، بل ينصرف من صلاته باتجاه ما ترك الصلاة لأجله. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 50969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/4829)
تستحب الإقامة لدى الجمع بين مشتركتي الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله
إقامة الصلاة فرض أو سنة وحكمها في صلاة الجماعة والفرد؟ وفي صلاة القصر عندما يجمع المصلي صلاة المغرب وصلاة العشاء تلزم إقامتان أو إقامة واحدة تكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة سنة في حق الجماعة والمنفرد، كما سبق في الفتوى رقم: 8767، والفتوى رقم: 58151.
وعند الجمع بين مشتركتي الوقت تستحب الإقامة لكل منهما.
قال ابن قدامة في المغني: فإن جمع بين صلاتين في وقت واحد استحب أن يؤذن للأولى ويقيم للثانية، وإن جمع بينهما في وقت الثانية فهما كالفأئتتين لا يتأكد الأذان لهما، لأن الأولى منهما تصلى في غير وقتها والثانية مسبوقة بصلاة قبلها، وإن جمع بينهما بإقامة واحدة فلا بأس. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(11/4830)
الكلام بين الإقامة والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من المكن أن يتكلم الشخص بعد إقامة الصلاة؟ وهل من الممكن إعادتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما الكلام بين الإقامة والصلاة فالأولى تركه، إلا لحاجة كالأمر بتسوية الصفوف ونحو ذلك. قال الإمام النووي يرحمه الله تعالى: مذهبنا ومذهب الجمهور من أهل الحجاز وغيرهم جواز الكلام بعد إقامة الصلاة قبل الإحرام، لكن الأولى تركه إلا لحاجة.
ولا تعاد إقامة الصلاة مرة أخرى لحدوث كلام ونحوه بينها وبين الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/4831)
مسائل حول إقامة الصلاة وحكم تأخيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[انتظار المصلي لتحية المسجد حتي ينتهي منها ثم نقيم الصلاة سنة، كذلك هل تأخير الإقامة من أجل أن يؤدي كل المصلين السنن الغير موكدة والمؤكدة مع اختلاف كل منا في وقت صلاته، سنة عن النبي، كذلك انتظار أشخاص بعينهم غير الإمام سنة إمام أحد المساجد يتأخر فلا يأتي إلا بعد 25 دقيقة من الأذان بلا أي عذر هل هذا سنة، هل انتظار الجماعة في كل صلاة سنة، هذه حجج المؤخر للإقامة أرجو الإجابة على كل حجة على حدة وعدم إهمال إحداها، أليس كل هذا التأخير يؤدي إلى المشقة على بعض المصلين والبعض الآخر تسبب له أن يعتبر أن المتبعين للسنة يشددون على الناس وللبعض الآخر إهمال القيام إلى الصلاة اعتماداً على التأخير أتمنى أن تعتنوا بهذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل المبادرة بأداء الصلاة في أول وقتها إلا ما دل الدليل على تأخيره، فقد قال تعالى: فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ....
وقد ثبت في الحديث المتفق عليه أن الصلاة لأول وقتها من أفضل الأعمال، وتستثنى صلاة العشاء والظهر -في شدة الحر- من ذلك التعجيل.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: أول الوقت أعجب إلي إلا في صلاتين: صلاة العشاء وصلاة الظهر يبرد بها في الحر. رواه الأثرم، وهكذا كان يصلي النبي صلى الله عليه وسل م. انتهى، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 46474.
وانتظار المصلين لأداء تحية المسجد أو النوافل الراتبة أو غيرها لا بأس به، ما لم يترتب على ذلك مشقة تحصل لمن ينتظرون الصلاة، فإن فعل الرواتب قبل الصلاة لا ينافي التعجيل، قال عليش في منح الجليل وهو مالكي: والمراد بتقديمها فعلها أول وقتها عقب النفل المطلوب قبلها من ركعتي فجر وورد بشروطه وأربع قبل ظهر وعصر أفاده الحطاب. انتهى.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح: أن انتظار من تكثر بهم الجماعة أفضل من التقديم ما لم يكن التأخير فاحشاً يشق على الحاضرين.
وقال ابن قدامة في المغني: وإنما يستحب تأخيرها للمنفرد والجماعة راضين بالتأخير فأما مع المشقة على المأمومين أو بعضهم فلا يستحب، بل يكره نص عليه أحمد. انتهى.
وتأخر الإمام المدة التي ذكرت لا بأس به نظراً للأمر بتأخير الإقامة قدر ما يفرغ الشخص من حاجاته من أكل وشرب وقضاء حاجة، قال البهوتي في كشاف القناع: ويسن أن يؤخر الإقامة بعد الأذان بقدر ما يفرغ الإنسان من حاجته أي بوله وغائطه، وبقدر وضوئه وصلاة ركعتين وليفرغ الآكل من أكله ونحوه أي كالشارب من شربه لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمقتضي إذا دخل لقضاء حاجته. رواه أبو داود والترمذي. انتهى.
وانتظار أشخاص بعينهم غير الإمام لم نقف على ما يدل على مشروعيته، والذي نراه أنهم إذا كانوا من أهل العلم والفضل أو من يحرصون عادة على صلاة الجماعة، فالأولى انتظارهم انتظاراً لا تحصل به مشقة على باقي المصلين.
وننبه أخيراً إلى أنه ينبغي للإمام والمؤذن وجماعة المسجد الاحترام المتبادل والتعاون على الخير والتزام التسامح واجتناب كل ما يؤدي إلى الخلاف وإيقاع الفرقة والشحناء بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/4832)
حكم مشي المؤذن أثناء الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[وما حكم التحرك أثناء إقامة الصلاة لمقيمها في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على استحباب وقوف المقيم حال كونه يقيم الصلاة وكرهوا مشيه وعليه فالسنة للمقيم ألا يتحرك حال الإقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/4833)
الأدعية بعد الإقامة لا يجب منها شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية التي يجب أن يقرأها الفرد بعد الإقامة للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأدعية بعد الإقامة لا يجب منها شيء على المصلي، وله أن يدعو بما شاء في ذلك الوقت، وإن كنت تعني هل ورد شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فراجع الفتوى رقم: 20569 ورقم: 9391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(11/4834)
مشروعية الإقامة ومكروهاتها وآدابها وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام ما هي آداب ومشروعية ومكروهات الإقامة وأحكامها وأسلوبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لمشروعية الإقامة فهي سنة مؤكدة وليست بواجبة، قال ابن قدامة في المغني: من صلى بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد. انتهى
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها المسيء صلاته حين أمره بما تترتب عليه صحة صلاته، وحول ألفاظ الإقامة والخلاف فيها بين أهل العلم راجع الفتوى رقم: 5431.
ومن مكروهات الإقامة:
1- فعلها على غير طهارة، ففي المجموع للنووي: يستحب أن يؤذن على طهارة، فإن أذن وهو محدث أو جنب أو أقام الصلاة وهو محدث أو جنب صح أذانه وإقامته لكنه مكروه. انتهى
2- الكلام أثناءها، قال الشافعي في الأم: ما كرهت له من الكلام في الأذان كنت له في الإقامة أكره قال: فإن تكلم في الأذان والإقامة أو سكت فيهما سكوتاً طويلاً أحببت أن يستأنف ولم أوجبه. انتهى
ومن آدابها:
1- الإسراع فيها، قال ابن قدامة في المغني: ويترسل في الأذان ويحدر في الإقامة. الترسل: التمهل والتأني. من قولهم: جاء فلان على رسله. والحدر: ضد ذلك وهو الإسراع وقطع التطويل، وهذا من آداب الأذان ومستحباته لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر. انتهى
2- الطهارة: لكراهة أدائها على غير طهارة.
3- حسن الهيئة: حيث يكون المؤذن والمقيم كل منهما نظيف البدن نظيف الثوب حسن السمت، قال الخرشي وهو مالكي: ويستحب للمؤذن والمقيم حسن الهيئة فلا يفعلان في ثياب من شعر. انتهى
4- أن يتولاها من تولى الأذان، قال ابن قدامة في المغني: وينبغي أن يتولى الإقامة من تولى الأذان وبهذا قال الشافعي ... إلى أن قال ابن قدامة: ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث زيادة بن الحارث الصدائي: إن أخاً صداء أذن ومن أذن فهو يقيم. انتهى
5- أداؤها في الموضع الذي أدى فيه الأذان، قال ابن قدامة في المغني أيضاً: ويستحب أن يقيم في موضع أذانه قال أحمد أحب إلي أن يقيم في مكانه. انتهى
ومن الأحكام المتعلقة بها:
1- الإمام هو الأملك بها، قال ابن قدامة في المغني: ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالاً كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي أنه قال: فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم أقيم. وروى أبو حفص بإسناده عن علي قال: المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة. انتهى
2- كونها تسقط عن المرأة، ففي المدونة وقال مالك: ليس على النساء أذان ولا إقامة قال: وإن أقامت المرأة فحسن ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(11/4835)
ما يسن قوله عند قول المقيم (قد قامت الصلاة)
[السُّؤَالُ]
ـ[عند إقامة الصلاة وعقب انتهاء المؤذن من قوله لا إله إلا الله يقول الإمام أقامها الله وأدامها وجعلنا من صالح أهلها ثم يقول للمصلين استقيموا إلى الصلاة يرحمكم الله وأقبلوا على الله بقلوب خاشعة وصلوا صلاة مودع واعترض بعض المصلين على قوله كله والمذكور واصفين ذلك بأنه من البدع ويجب الكف عنها، فما فتواكم فى هذا أفادكم الله، هل فعلا قول الإمام أقامها الله وأدامها من البدع، أيضا قبل تكبيرة الإحرام يقول الإمام اللهم أحسن وقوفنا بين يديك ولا تخزنا يوم العرض عليك ثم يكبر، مع العلم بأنه يقولها بصوت خافت إلا أن بعض المصلين فى الصف الأول يسمعونها، فهل هذا أيضا من البدع أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن لمن يسمع الإقامة سواء كان إماما أو مأموما أن يقول عند قول المقيم (قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة) ، أن يقول أقامها الله وأدامها وجعلني من أهلها، قال الحصكفي من الحنفية في الدر المختار: ويجيب الإقامة - ندبا إجماعا -كالأذان- ويقول عند قد قامت الصلاة: أقامها الله وأدامها.
وقال الشمس الرملي من الشافعية في نهاية المحتاج: ويجيب سامع الإقامة بمثل ما سمعه إلا في كلمتي الإقامة فإنه يقول: أقامها الله وأدامها وجعلني من صالحي أهلها.
وقال ابن قدامة من الحنابلة في المغني: ويستحب أن يقول في الإقامة مثل ما يقول، ويقول عند كلمة الإقامة: أقامها الله وأدامها؛ لما روى أبو دواد بإسناده عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن بلالاً أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها.
وقال شيخ الإسلام في شرح عمدة الأحكام: قال أصحابنا ويستحب إذا سمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول المؤذن لما تقدم، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قال: أقامها الله وأدامها. وبهذا تبين خطأ من قال بأن ذلك بدعة.
وأما حث الإمام للمأمومين على الاستواء للصلاة والخشوع فيها بقول: استووا أقبلوا على الله بقلوب خاشعة ونحو ذلك فمشروع وليس من البدع في شيء؛ لما رواه مسلم عن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم، قال ابن مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافاً.
وأما الدعاء قبل تكبيرة الإحرام فإن كان المقصود به دعاء الاستفتاح فهو محل خلاف بين أهل العلم، فالجمهور على أن الاستفتاح عقب تكبيرة الإحرام, وذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن الاستفتاح قبلها.
أما إن كان المقصود به دعاءً زائداً على الاستفتاح بحيث يستفتح قبل التكبير فالأولى ترك هذا الدعاء، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: قيل لأحمد: قبل التكبير يقول شيئاً؟ قال: لا، يعني ليس قبله دعاء مسنون إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولأن الدعاء يكون بعد العبادة؛ لقول الله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ [الشرح:7-8] . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/4836)
الإمام أملك بالإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[في كثير من المساجد في المملكة العربية السعودية وبعد الأذان ينتظر المصلون كثيراً أكثر مما يجب وذلك بسبب تأخر الإمام (لأنه لم يأت من منزله بعد) مما يجعل المصلين يلتفتون حولهم ترقب دخول الإمام، أليس من الأجدر أن يأتي الإمام مبكراً للصلاة، وبخاصة إنني مرة أتيت متأخراً بعد الأذان وأنا في طريقي للمسجد رأيت الإمام يعدو مسرعا لكي يصلي إماماً بالناس، حتى أصبحنا ننتظر الإمام ولا ننتظر الصلاة، فما رأيكم في ذلك ورأي الدين حيث إن الإمام يجب أن يكون قدوة ويلتزم الصلاة وأن لا يأتي للصلاة مسرعا ليصلي إماماً ويراعي أعمال المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا خرج للصلاة تقام الصلاة، وربما تأخر حتى يؤذنونه بالصلاة ففي الصحيحين: إن المؤذن كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم. ففيه إعلام المؤذن للإمام بالصلاة وإقامتها، وفيهما قول عمر: الصلاة يا رسول الله، رقد النساء والصبيان.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالاً كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي، أنه قال: فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم أقيم؟ . وروى أبو حفص، بإسناده عن علي قال: المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة. انتهى.
قال النووي في المجموع قال أصحابنا: وقت الأذان منوط بنظر المؤذن لا يحتاج فيه إلى مراجعة الإمام، ووقت الإقامة منوط بالإمام فلا يقيم المؤذن إلا بإشارته، فلو أقام بغير إذنه فقد قال إمام الحرمين: في الاعتداد به تردد للأصحاب، ولم يبين الراجح، والظاهر ترجيح الاعتداد. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: ووقت إقامة مفوض لإمام، فإن أراد المؤذن إقامة الصلاة فبإذنه -أي الإمام (يقيم) تأدباً، قال في الجامع: وينبغي للمؤذن أن لا يقيم حتى يحضر الإمام ويأذن له في الإقامة، نص عليه في رواية علي بن سعيد وقد سأله عن حديث علي الإمام أملك بالإقامة، فقال: الإمام يقع له الأمر، أو تكون له الحاجة، فإذا أمر المؤذن أن يقيم أقام. انتهى.
غير أنه ينبغي للإمام أن لا يشق على المصلين بالتأخر في الخروج إليهم، وأن يبادر إلى الصلاة ويكون قدوة للآخرين، ويلتزم بآداب المشي إلى المسجد من السكينة والوقار، فقد روى مالك وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة. وهذه رواية مسلم، والأمر بإتيان الصلاة بسكينة يشمل الإمام والمأموم.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(11/4837)
إقامة الصلاة بمكبر الصوت أمر مطلوب شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة الصلاة بدون استعمال مكبر الصوت بدعوى أن المصلين يجب أن يسعوا إلى المسجد مبكرين عقب الأذان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستخدام مكبرات الصوت في المسجد بالنسبة للأذان والإقامة والصلاة أمر جائز، بل قد يكون مطلوبا شرعا، لأنه وسيلة لتحقيق أمور مقصودة شرعا، ومن ذلك رفع الصوت بالأذان، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: إذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد رضي الله عنه: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
وكذلك تتحقق منه فائدة تذكير الناس بالصلاة والاستماع التام لتلاوة القرآن وصوت التكبير من الإمام وغير ذلك من المصالح الشرعية.
ولا ينبغي ترك استعمال مكبر الصوت بدعوى أن المصلين يجب أن يسعوا إلى المسجد مبكرين عقب الأذان، لأن في ذلك تفويتا لمصلحة شرعية، وهي التذكير بوقت إقامة الصلاة، إلا أنه من السنة أن تكون الإقامة أخفض من الأذان، لأن الإقامة للحاضرين والأذان للغائبين، قال في الفتاوى الهندية: (ومن السنة أن يأتي بالأذان والإقامة جهرا رافعا بهما صوته، إلا أن الإقامة أخفض منه، هكذا في النهاية والبدائع) وهي من كتب الأحناف، وقال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: (ويستحب ترتيل الأذان) أي التأني فيه (وإدراج الإقامة) أي الإسراع بها للأمر بهما فيما رواه الترمذي والحاكم وصححه، ولأن الأذان للغائبين، فالترتيل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين فالإدراج فيها أشبه، (ويستحب الخفض بها) لذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/4838)
المؤذن أولى بالإقامة من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[المؤذن, يؤذن ثم يقيم الصلاة! عند الجمع بين صلاتي الظهر والعصر, أو المغرب والعشاء (بعذر طبعا) ، هل يجوز أن يقيم الإمام الصلاة بين الصلاتين بدلا من الرجوع إلى المؤذن للإقامة، علما بأنه يستعمل الميكرفون- للتسميع نظراً لاتساع المسجد؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى أن يتولى إقامة الصلاة من أذّن لها، قال صاحب كشاف القناع: فلا يستحب أن يقيم غير من أذن.
والأصل في هذا حديث يزيد بن الحرث الصدائي حين أذن، قال: فأراد بلال أن يقيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يقيم أخو صداء فإن من أذن فهو يقيم. رواه أحمد وأبو داود.
لكن إن أقام غير المؤذن الصلاة فلا بأس؛ وإن كان ذلك خلاف الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/4839)
الإقامة لمن نسي ركعة.. وجوب أم سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعد أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بوب النسائي - رحمه الله - في سننه باب الإقامة لمن نسي ركعة وأورد حديث معاوية بن خديج، وأمر بلالاً فأقام الصلاة، وهو حديث صحيح، وهو في صحيح النسائي.
السؤال: ماذا يفيد الأمر هنا الوجوب أم الاستحباب؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الأمر لا يفيد الوجوب ويدل لصرفه عن الوجوب ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم من إكماله صلى الله عليه وسلم ما بقي من صلاته دون الأمر بالإقامة؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ من اثْنَتَيْنِ، فقال له ذو اليديْنِ: أَقُصِرَتْ الصلاةُ أمْ نسيتَ يَا رَسولَ الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدَق ذو اليديْنِ؟ فقال الناسُ: نعم، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصلّى اثْنَتَيْنِ أخرَيَيْنِ، ثم سلّمَ ثم كبرَ فسجدَ مثلَ سجودهِ أو أطوَلَ، ثم كبّر فرفعَ ثم سجد مثل سجودهِ أو أطولَ. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وروى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلّى الْعَصْرَ فَسَلّمَ فِي ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ. ثُمّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ. وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ. وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرّ رِدَاءَهُ حَتّى انْتَهَىَ إِلَى النّاسِ. فَقَالَ: أَصَدَقَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَصَلّى رَكْعَةً. ثُمّ سَلّمَ. ثُمّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. ثُمّ سَلّمَ. رواه مسلم.
وراجع في عدم وجوب الإقامة للصلوات كلها الفتويين التاليتين:
8767، 5431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/4840)
حكم زيادة (إنك لا تخلف الميعاد.. الدرجة الرفيعة) بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بعد الإقامة قول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة التي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. أم أنه يجب عدم ذكر إنك لا تخلف الميعاد؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع للمسلم إذا سمع النداء أن يقول مثل ما يقول المؤذن، ويذكر بعد ذلك الأذكار التي أشار إليها السائل الكريم، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، كما في صحيح البخاري وغيره.
وينبغي أن يقول ذلك بعد الأذان وبعد الإقامة، ولا بأس أن يقتصر على رواية البخاري، أو يزيد عليها إنك لا تخلف الميعاد. فقد جاءت في رواية أخرى للبيهقي.
وأما الدرجة الرفيعة فقد نقل المباركفوري في تحفة الأحوذي عن القاري في المرقاة، قال: وأما زيادة (الدرجة الرفيعة) المشهورة على الألسنة فقال البخاري: لم أره في شيء من كتب الروايات.
وعليه فينبغي للمسلم أن يقتصر على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحَّ به النقل.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 9391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/4841)
المستحب أن يقيم المؤذن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد سؤالكم عما إذا قام أحد وأذن للصلاة وقام شخص ثان وأقام الصلاة، فهل يجوز هذا أم لا؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخرج الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث زياد بن الحارث الصدائي قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن في صلاة الفجر فأذنت، فأراد بلال أن يقيم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن، ومن أذن فهو يقيم.
لكن هذا الحديث ضعيف، ولذلك اختلف العلماء في مضمونه، فرأى بعضهم أن المؤذن أولى بالإقامة محتجين بالحديث السابق، ورأى البعض الآخر أن الحديث ضعيف وأن لا فرق بين المؤذن وغيره. قال في تحفة الأحوذي: ... واختلفوا في الأولوية فذهب أكثرهم إلى أنه لا فرق وأن الأمر متسع، وممن رأى ذلك مالك وأكثر أهل الحجاز، وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور. وذهب البعض إلى أن من أذن فهو يقيم ...
ويعضد الحديث المذكور حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: مهلاً يا بلال فإنما يقيم من أذن. أخرجه الطبراني والعقيلي وأبو الشيخ. ورجح ابن قدامة أن المستحب أن يقيم المؤذن، وجائز أن يقيم غيره. قال في "المغني": ... وما ذكروه يدل على الجواز، وهذا على الاستحباب. اهـ (1/249) .
والحاصل أن المؤذن إذا أقام غيره فلا مانع، ولكنه أولى بالإقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/4842)
حول أذان المرأة وإقامتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلت المرأة وحدها أو مع نساء هل تجهر في الإقامة وفي الصلاة الجهرية كالرجل أم تسر؟ وإذا صلت مع زوجها هل تقيم له الصلاة أم يقيم هو ويؤمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في أذان المرأة وإقامتها إن صلت مع نساء، فقيل: ليس عليهنَّ أذان ولا إقامة، وذلك لما رواه البيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: (ليس على النساء أذان ولا إقامة) .
ولأن الأذان في الأصل للإعلام ولا يشرع لها ذلك، كما أنه يندب فيه رفع الصوت ولا يشرع لها ذلك، ومن لا يشرع في حقه الأذان لا تشرع في حقه الإقامة، كغير المصلي وكمن أدرك بعض صلاة الجماعة.
وقال الشافعي وإسحاق: إن أذنَّ وأقمن فلا بأس.
وروي عن أحمد: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز، لأن عائشة رضي الله عنها: (كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقف وسطهنَّ) . رواه البيهقي.
وبناء على ما ذكرنا فإنه لا بأس أن تؤذن المرأة وتقيم، سواء كانت مع نساء أو وحدها، والأحسن أن يكون ذلك سرًّا، قال خليل في مختصره: (وإن أقامت المرأة سرًّا فحسن) انتهى
أما إن صلَّت مع زوجها فهو الذي يقيم الصلاة؛ لأن ذلك من شأنه وليس من شأنها، قال الخطيب الشربيني: (فلا يصح أذان امرأة وخنثى لرجال وخناثى، كما لا تصح إمامتها لهم) .
أما جهرها في الصلاة فهو موضح في الفتوى رقم:
6545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4843)
وقت استحباب قيام الناس للصلاة عند الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي ألفاظ الإقامة يقوم المصلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وقت استحباب قيام الناس للصلاة عند الإقامة، فذهب الشافعي: إلى أنهم يقومون حين يُنتهى من الإقامة.
وقال أبو حنيفة: حين يقول: حي على الصلاة. وقال الحنابلة: حين يقول: قد قامت الصلاة.
وأجاب مالك عندما سئل عن ذلك؟ أنه لم يسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة حدًا محدودًا، إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف.
فيكون ما ذهب إليه الإمام مالك هو الأقرب إلى الصواب؛ لأنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، والسلف كان فعلهم في ذلك مختلفا، فمنهم من يقوم في بداية الإقامة، ومنهم من يقوم حين يقول المقيم: قد قامت الصلاة. إلى غير ذلك.
لكن هذا إذا كان الإمام موجودًا، أما إذا لم يكن موجودًا وأقيمت الصلاة فلا يقوموا حتى يروه، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
قال ابن قدامة في المغني: فإن أقيمت والإمام في غير المسجد ولم يعلموا قربه لم يقوموا، لما روى أبو قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني. متفق عليه
زاد البخاري " قد خرجت"
وخرج عليّ رضي الله عنه والناس ينتظرونه للصلاة فقال: (مالي أراكم سامدين) !. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(11/4844)
سؤال الوسيلة والفضيلة للرسول صلى الله عليه وسلم سنة بعد الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاء الوسيلة والفضيلة للرسول عليه الصلاة والسلام، هل يقرأ بعد الأذان أم بعد الإقامة؟ أم يقرأ بعد الاثنين. وما الحكم على المذاهب الأربعة. أفيدونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سؤال الله تعالى الوسيلة والفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد النداء أمر مطلوب ومرغب فيه، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يسمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة" رواه البخاري وغيره.
وفي مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة".
فهذه الأحاديث تدل على مشروعية طلب الوسيلة بعد الأذان، وبعد الإقامة، لأن كلاً منهما يسمى نداء، ويسمى أذاناً.
وأما بالنسبة لرأي المذاهب فإنهم لا يختلفون في طلبها بعد الأذان، لصراحة الأحاديث الواردة في ذلك وكثرتها.
وأما بعد الإقامة، فالظاهر من كلام الأحناف، والشافعية، والحنابلة أن كل ما طلب من سامع الأذان، فهو مطلوب من سامع الإقامة.
قال صاحب شرح فتح القدير ج/1 ص 217، وهو حنفي المذهب: (وفي التحفة: ينبغي أن لا يتكلم ولا يشتغل بشيء حال الأذان أو الإقامة. وفي النهاية: تجب عليهم الإجابة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أربع من الجفاء: ومن جملتها: ومن سمع الأذان أو الإقامة ولم يجب) .
وقال صاحب المهذب وهو شافعي: ويستحب لمن سمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول.. انظر: المجموع ج 3/ ص 130.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: (لم أر من قال بندب الصلاة والسلام أول الإقامة وإنما الذي ذكره أئمتنا أنهما سنتان عقب الإقامة كالأذان، ثم بعدهما: اللهم رب هذه الدعوة التامة ... الخ) .
وقال ابن قدامة وهو حنبلي: (ويستحب أن يقول في الإقامة مثل ما يقول) . انظر: المغني ج/1 ص 440.
فعبارات هؤلاء الأعلام تدل على أنهم لم يفرقوا بين الأذان والإقامة، وأن على من سمع الإقامة مثل ما على من سمع الأذان، بما في ذلك طلب الوسيلة.
وأما المالكية: فلم نر لهم نصاً في الموضوع، فيما يتعلق بالإقامة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1422(11/4845)
هل تقيم المرأة للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الإقامة للمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس على النساء أذان، ولا إقامة على سبيل الوجوب عند عامة أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة، بل قال ابن قدامة: لا أعلم فيه خلافاً، وهل يسن لهن ذلك؟
قال أحمد بن حنبل: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز.
وقال الشافعي: إن أذن وأقمن، فلا بأس.
والأولى لهن أن يؤذنّ، ويقمن بدون رفع صوت.
فقد روى ابن المنذر وابن أبي شيبه: أن عائشة كانت تؤذن وتقيم.
ورويا أيضا أن ابن عمر سئل: هل على النساء أذان؟ فغضب، وقال: أنا أنهى عن ذكر الله؟!
قال ابن المنذر: الأذان ذكر من ذكر الله، فلا بأس أن تؤذن المرأة وتقيم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(11/4846)
دليل سنية إقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الإقامة قبل كل صلاة.. مع الدليل أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإقامة لا تجب، بل هي سنة مؤكدة، وهذا مذهب المالكية، والراجح عند الشافعية، والأصح عند الحنفية، والدليل عليه حديث الأعرابي المسيء في صلاته الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وابن مسعود وغيرهما رضي الله عنهما، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يعلمه صلاته وما تصح به، ولم يذكر الأذان والإقامة، مع أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء، واستقبال القبلة، وأركان الصلاة. كما روي أن عبد الله بن مسعود صلى بعلقمة والأسود بغير أذان ولا إقامة مكتفياً بأذان الحي وإقامتهم. ولكن لا ينبغي ترك الإقامة مدة أو مطلقاً لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، فقد حث عليها صلى الله عليه وسلم، ولو كان المصلي يصلي منفرداً، فقد روى النسائي وأبو داود والطبراني من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية الجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة". قال الحافظ المنذري: رجال إسناده ثقات.
ومعنى (شظية الجبل) : قطعة مرتفعة في رأس الجبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1422(11/4847)
الأذان والإقامة يختصان بالفرائض فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ذكرالإقامة في صلاة النافلة مثل الشفع والوتر وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يشرع الأذان ولا الإقامة لغير الصلوات الخمس والجمعة، فلا أذان ولا إقامة للسنن الرواتب والنوافل المقيدة أو المطلقة، مثل: الشفع والوتر، وصلاة العيدين والكسوف والاستسقاء.
ودليل ذلك ما أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(11/4848)
الإقامة سنة مؤكدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفرد أن يؤدي الصلاة المفروضة بدون إقامة الصلاة؟ وما هي الإقامة وهل تجوز الصلاة بدونها؟ أرجو من فضيلتكم إجابه شاملة. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، بألفاظ معلومة مأثورة على صفة مخصوصة يحصل بها الإعلام، والإقامة تشترك مع الأذان في أنها إعلام، ولكنهما يفترقان من حيث أن الإعلام في الإقامة للحاضرين المتأهبين لافتتاح الصلاة، والأذان للغائبين ليتأهبوا للصلاة.
أما عن كيفية الإقامة، فقد اتفقت المذاهب على أن ألفاظ الإقامة هي نفس ألفاظ الأذان في الجملة بزيادة " قد قامت الصلاة " بعد "حي على الفلاح ".
وكذلك اتفقوا على أن الترتيب بين ألفاظها هو نفس ترتيب ألفاظ الأذان، إلاّ أنهم اختلفوا في تكرار وإفراد ألفاظها على الوجه الآتي:
الله أكبر: تقال في بدء الإقامة مرتين عند المذاهب الثلاثة وأربع مرات عند الحنفية.
أشهد أن لا إله إلا الله: تقال مرة عند المذاهب الثلاثة ومرتين عند الحنفية.
أشهد أن محمد رسول الله، وحي على الصلاة، وحي على الفلاح، كمثل الشهادة الأولى.
قد قامت الصلاة: تقال مرتين عند الثلاثة ومرة عند المالكية على المشهور.
الله أكبر: تقال مرتين على المذاهب الأربعة.
لا إله إلا الله: تقال مرة واحدة على المذاهب الأربعة.
احتج الجمهور بما روي عن أنس رضي الله عنه قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة"، متفق عليه. ودليل الأحناف في تشفيع الإقامة حديث عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله: رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى.) أخرجه أبو داود وحسنه ابن عبد البر كما في فتح الباري، وأما إفراد لفظ "قد قامت الصلاة" عند المالكية فدليلهم عليه عموم حديث أنس السابق: " أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ".
أما عن حكم الصلاة بدون إقامة، فالصحيح إن شاء الله - أن الإقامة سنة مؤكدة وأن الصلاة تصح بدونها، ولكن هذا لا يعني جواز تركها بدون كراهة، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يسع المسلم تركها، وإذا تركها فقد أساء، لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، والدليل على أنها سنة وأن الصلاة تصح بدونها حديث المسيء في صلاته لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول له افعل كذا وكذا ولم يذكر الأذان ولا الإقامة، مع أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء واستقبال القبلة وأركان الصلاة ولو كانت واجبة لذكرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1422(11/4849)
حكم الوقوف على وسادة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيجوز للمصلي أن يقف على وسادة أثناء الصلاة لتعبٍ في قدميه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام المصلي على وسادة أو نحوها في الصلاة مما لا بأس به ما دام يكون مستقراً في جميعها، قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالصلاة على الحصير والبسط من الصوف والشعر والوبر، والثياب من القطن والكتان وسائرالطاهرات، وصلى عمر على عبقري، وابن عباس على طنفسة، وزيد بن ثابت وجابر على حصير، وعلي وابن عباس وابن مسعود وأنس على المنسوج وهو قول عوام أهل العلم. انتهى.
وقال النووي في المجموع: شرط الفريضة المكتوبة أن يكون مصلياً مستقبل القبلة مستقراً في جميعها فلو استقبل القبلة وأتم الأركان في هودج أو سرير أو نحوهما على ظهر دابة واقفة ففي صحة فريضة وجهان أصحهما تصح وبه قطع الأكثرون. انتهى باختصار.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه صلى على طنفسة، وعن أبي وائل أنه صلى على طنفسة، وعن الحسن قال: لا بأس بالصلاة على الطنفسة، وعنه أنه كان يصلي على طنفسة قدماه وركبتاه عليها، ويداه ووجهه على الأرض، وعن عطاء أنه صلى على بساط أبيض، وعن سعيد بن جبير أنه صلى على بساط أيضاً، وعن مرة الهمداني أنه صلى على لبد، وكذا عن قيس بن عباد، وإلى جواز الصلاة على الطنافس ذهب جمهور العلماء والفقهاء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(11/4850)
لا يجوز للمراة أن تصلي الفرض جالسة أو تؤخره حتى يخرج وقته لوجود أجانب في المكان
[السُّؤَالُ]
ـ[عند خروجي مع زوجي لمنتزه ما ويحضر وقت الصلاة فهو يمنعني من الصلاة حتى لا أركع وأسجد أمام الرجال فهل أطيعه، هو يريدني أن أصليها قضاء في المنزل لكنني أصليها جالسة في السيارة علما أنني سمعت من أحد المشايخ أن صلاة الفرض لا يجوز الجلوس فيها عند المقدرة.أرجو إفادتي......... جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمرأة تأخير الصلاة بحيث يخرج وقتها ولا الصلاة جالسة بسبب وجود رجال في المكان الذي تصلي فيه، ومن أدت الصلاة جالسة لهذا السبب وجب عليها القضاء، كمالا يجوز لزوجها منعها من الصلاة للسبب المذكور أيضا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تأخير الصلاة إلى الرجوع إلى المنزل لا يؤدي لخروجها عن وقتها فلا مانع منه، ولا تعتبر قضاء ما دام الوقت باقيا، وإن كان التأخير يؤدي إلى خروج الوقت فلا يجوز لزوجك أن يمنعك من الصلاة في وقتها، ولا تجوز طاعته في ذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والسبب المذكور ليس عذرا يبيح تأخير الصلاة عن وقتها، وكذلك لا يجوز لك أن تصلي جالسة ولو كان بالمكان بعض الرجال، ويجب قضاء الصلوات التي أديتها جالسة، هذا مع أنه ينبغي تفادي الصلاة أمام الرجال ما أمكن ولو بالصلاة خلف السيارة مثلا أو التأخر عنهم أو باختيار الأماكن التي لا يوجدون فيها لأن في ذلك مزيد الستر ومرضاة الزوج مع الحرص على مراعاة الحشمة في اللباس على كل حال، ولبيان تحديد أوقات الصلاة بداية ونهاية يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 32380.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1428(11/4851)
صلاة وطواف المتلبس بالنجاسة جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أديت الصلاة وبعدها اكتشفت أن في الملابس الداخلية يوجد أثر براز، فهل أعيد الصلاة، وكذلك بعد الفراغ من طواف الإفاضة وجدت أثر براز في الغيار الداخلي فقمت بدمج النية في طواف الوادع بالإفاضة، فهل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الطهارة من الخبث شرط في صحة الصلاة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن من صلى وهو متلبس بنجاسة لا يعفى عنها غير عالم بها أصلاً أو علم بها ونسي إزالتها حتى فرغ من الصلاة أن صلاته صحيحة، وهذا ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ويرى المالكية أنه تستحب له الإعادة إذا اطلع عليها قبل خروج الوقت، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها، أو جهلها ابتداء. انتهى.
وقال النووي في المجموع في الفقه الشافعي، فرع (في مذاهب العلماء فيمن صلى بنجاسة نسيها أو جهلها) : ذكرنا أن الأصح في مذهبنا وجوب الإعادة وبه قال أبو قلابة وأحمد، وقال جمهور العلماء: لا إعادة عليه، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب وطاوس وعطاء وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ويحيى الأنصاري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور، قال ابن المنذر وبه أقول، وهو مذهب ربيعة ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار. انتهى.
وإذا كانت إعادة الصلاة غير لازمة في حال الاطلاع على النجس بعد الفراغ منها فالطواف من باب أولى لأن اشتراط الطهارة لصحة الصلاة محل اتفاق بين أهل العلم بخلاف الطواف، فإن من أهل العلم من لا يرى اشتراط الطهارة له، ففي المدونة في الفقه المالكي: قلت: أرأيت من طاف بالبيت وفي ثوبه نجاسة أو جسده الطواف الواجب أيعيد أم لا؟ قال: لا أرى أن يعيد، وهو بمنزلة من قد صلى بنجاسة فذكر بعد مضي الوقت، قال: وبلغني ذلك عمن أثق به. انتهى.
وبهذا يتبين للسائل الكريم أنه لا تجب عليه الإعادة في المسألتين، وأما من طاف حين الوداع طوافاً واحداً بنية الوداع والإفاضة فطوافه صحيح مجزئ عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(11/4852)
مسائل في بعض الفروق بين النافلة والفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق في الأداء بين صلاة السنة والفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل تساوي الفريضة والنافلة في شروط الصلاة من طهارة حدث وخبث وستر عورة وغير ذلك من الأحكام؛ إلا أن هناك بعض المسائل التي يختلف الحكم فيها بينهما منها:
1- القيام فإنه ركن في الفريضة غير واجب في النافلة.
2- استقبال القبلة فإنه من شروط صحة الصلاة المفروضة, وفي النافلة يرخص للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة أن يصلي على دابته حيثما توجهت به، وراجع الفتوى رقم: 46307..
3- سجود السهو فإن المالكية خصوصا عندهم مسائل يفرقون فيها بين سجود السهو في الفريضة والنافلة، راجع تفصيلها في الفتوى رقم: 32687.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 23237، والفتوى رقم: 1742.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/4853)
من احتلم ولم يشعر وصلى عدة صلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا خاصا بالاحتلام عند الشاب، احتملت وأنا نائم ولكن لم أشعر بأي شيء نهائيا حتى بعد قيامي من النوم لم أشعر بوجود ماء ربما لأن الاحتلام حدث قبل قيامي بعدة ساعات وقضيت يومي بصورة عادية جدا حتى في الصلاة ولم أكتشف ذلك إلا في نهاية اليوم بالصدفة حوالي الساعة الثامنة مساء
فأرجو منكم المساعدة ماذا أفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الاحتلام المذكور ترتب عليه خروج مني فقد وجب عليك الغسل ثم تعيد جميع الصلوات التي مضت عليك بعد آخر نومة نمتها؛ إلا إذا ترجح عندك بعلامة أن المني قد خرج قبل ذلك فتعيد ابتداء من النومة التي ترجح عندك حصول الاحتلام فيها، ومثل هذه الحالة سبقت الإجابة عليها في الفتوى رقم: 71815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/4854)
الحكمة من فرض الصلاة في مواقيتها المعلومة
[السُّؤَالُ]
ـ[طرحت على نفسي سؤالا وهو: ما الحكمة من اختيار الله عز وجل أوقات الصلاة الحالية في هذا التوقيت بالذات؟ وهذا السؤال حيرني لذا أستفسر منكم؟
جزاكم الله خيرا عن هاته الحكمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد خلق عباده ليعبدوه قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات: 56} قال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي لا لاحتياجي إليهم، وقد أمر عباده بإقامة الصلاة وبين النبي صلى الله عليه وسلم تحديد أوقاتها على ماهو معروف، فيجب على المسلم أن يمتثل أمر الله تعالى ويستسلم له، فإن لله الحجة البالغة، والحكمة العظيمة في شرعه وقدره، والله سبحانه كما قال عن نفسه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء: 23} فإذا جاء أمر الله أو خبره فما على المؤمن إلا أن يقول: سمعنا وأطعنا وصدقنا، سواء علم الحكمة أو لم يعلمها. وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 45178، أن أكثر أهل العلم على أن تحديد الصلوات في الأوقات المعينة لها أمر تعبدي أي أمر أمرنا الله به ولم يظهر لنا علته، ومنهم من علله، فالرجاء مراجعتها.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ما يفيد أن من الحكمة في الأمر بالصلاة وقتاً بعد وقت تذكير العبد بربه لئلا يطول عليه الأمد فينسى فقال: ثم لما كان العبد خارج الصلاة مهملاً جوارحه قد أسامها في مراتع الشهوات والحظوظ أمر بالعبودية والإقبال بجميع جوارحه وحواسه وقواه لربه عزوجل واقفاً بين يديه مقبلاً بكله عليه معرضاً عمن سواه متنصلاً من إعراضه عنه وجنايته على حقه ولما كان هذا طبعه (ودأبه) أمر أن يجدد هذا الركوع إليه والإقبال عليه وقتاً بعد وقت لئلا يطول عليه الأمد فينسى ربه وينقطع عنه بالكلية، وكانت الصلاة من أعظم نعم الله عليه وأفضل هداياه التي ساقها إليه. انتهى بتصرف.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 20981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(11/4855)
عدم الخشوع ليس مبررا لترك الصلاة أو قطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كما هو معلوم والله أعلم، بأن من لم يخشع في صلاته تقول له الصلاة بعد ما ينتهي ضيعك الله كما ضيعتني، وأنا قليل الخشوع في الصلاة والعياذ بالله، وفي صلوات السنن أحتار (هل أصلي أم لا أصليها) فأخشى أن أصليها ولا أخشع، فتدعو علي الصلاة بالضياع، وأخشى أن لا أصلي السنن فتذهب عني (فضل صلوات السنن) حتى أني في بعض صلوات سنني، إذا رأيت نفسي لم أخشع أقطع صلاتي في نصفها، حتى لا أبيت في ضياع من دعاء الصلاة لي, وبقطعي لها يبطل الدعاء علي كما أظن، فما رأيكم فيما أفعل وما الحل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم الخشوع في الصلاة سواء كانت فرضاً أو نفلاً ليس عذراً لتركها ولا قطعها، فالواجب في الفريضة أن يصليها ويحاول ما استطاع أن يخشع فيها باستحضار الخوف من الله تعالى أثناءها، وعندما يقوم إليها ويتذكر عند تكبيرة الإحرام عظمة الله والوقوف بين يديه، ويتذكر كذلك أن هذه الصلاة قد تكون آخر صلاة يصليها في الدنيا فهذا مما يعين على الخشوع.
فالخشوع رغم أنه هو روح الصلاة ولبها إلا أنه ليس شرطاً لصحتها عند جمهور العلماء، فلا تبطل الصلاة بعدم وجوده فيها، ومعنى ذلك أنه لا يطالب من لم يخشع فيها بالإعادة، ولكن ثوابها ينقص وقد يذهب، وقد أوضحنا معنى الخشوع وما يترتب على عدم حصوله في الفتوى رقم: 4215.
وأما النافلة فليست واجبة إلا أن عدم الخشوع فيها أيضاً ليس مبرراً لتركها ولا قطعها، ولبيان حكم قطع الصلاة راجع الفتوى رقم: 11131، والفتوى رقم: 39122، والفتوى رقم: 62683.
وما ورد من أن الصلاة تقول ضيعك الله إلى آخر الحديث على فرض صحته، فإنه ليس بسبب ترك الخشوع بل بسبب تأخير الصلاة عن وقتها وعدم إسباغ الوضوء وعدم إتمام القيام والخشوع والركوع والسجود، ونص الحديث كما في معجم الطبراني الأوسط عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الصلاة لوقتها وأسبغ وضوءها وأتم لها قيامها وخشوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرة تقول حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها فلم يسبغ وضوءها ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها خرجت وهي سوداء مظلمة تقول ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق ثم ضرب بها وجهه. وعلى كل حال فإن عدم الخشوع لا يعالج بترك الصلاة ولا قطعها بل بمحاولة استجلابه بما ذكرنا والاستعانة بالله تعالى عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(11/4856)
الصلاة المنسية وقتها حين تذكرها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام الشخص بجمع صلاتين (الظهر والعصر) ولا أقصد هنا صلاة الجمع في السفر، بل أعني كأن نسيها هل له أن لا يكرر الجمع بين الصلاتين مرة أخرى إلا بعد مرور خمسة عشر يوما أو في ذلك مدة محددة، وهل ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أو عن بعض الآثار؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من نسي صلاة أن يصليها فور تذكرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 1558.
وعليه؛ فإذا نسي صلاة الظهر -مثلاً- وتذكرها عند أول وقت العصر، فإنه يصليها ثم يصلي العصر، ولا يسمى ذلك جمعا، لأن هذا هو وقتها الشرعي، وفيما لو تذكرها بعد صلاة العصر، فيجب عليه أن يصليها فور تذكرها، ولا ينتظر صلاة المغرب ليصليها معها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها.
وأما تحديد ذلك بمدة معينة، فلم يرد فيه شيء حسب علمنا، وأما الجمع الشرعي فإنه يجوز متى ما وجد سببه مثل: السفر والمطر والخوف والمرض، على تفصيل في مواطنه وأسبابه، ولا ارتباط له بمدة محددة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/4857)
الصلاة في ثوب به نجاسة وحكم القنوت في الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الأوقات أصلي في ثوب أصابته نجاسة لأنني استفدت من بعض الأقوال بأن إزالة النجاسة من الثوب ليست واجبة، وأن ثوبي يتعرض للمذي كثيرا،فما حكم الصلوات التي صليتها. س2:-بحثت عن أحاديث في القنوت فوجدت حديثا في موقع الدرر السنية وهو حسن (أن النبي صلي الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو عليهم ثم ترك فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتي فارق الدنيا) وفي مجموع الفتاوي لابن تيمية (أنه لم يزل يقنت حتي فارق الدنيا) وكثر الكلام في هذه المسألة ويتبين من الأحاديث أن الرسول داوم علي القنوت الذي قبل الركوع في صلاة الصبح، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الصلاة الطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان، فمن صلى في ثوب به نجاسة عالما بها قادرا على إزالتها، فلا تصح صلاته لفقد شرط الطهارة، وعليه إعادة تلك الصلوات التي صلاها على غير طهارة ما لم تكن النجاسة يسيرة يعسر الاحتراز منها، فإنه يعفى عنها. وسبق في الفتوى رقم: 53344، بيان أقوال العلماء في ما يعفى عنه من النجاسة فنحيل عليها، أما الحديث الوارد في السؤال عن القنوت فقد رواه أحمد عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف، وقال عنه الألباني في السلسلة الضعيفة " منكر " وسبق في الفتوى رقم: 3394 حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح، وراجع كلام ابن القيم في زاد المعاد وتوفيقه بين الأحاديث الواردة في ترك القنوت وملازمته في الفجر فهو كلام نفيس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/4858)
الانشغال بالحسابات لا يسوغ تأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أخر صلاة العصر إلى صلاة المغرب وكان سبب التأخير أنه كان معه حسابات، هل تقبل صلاته أم لا تقبل إذا صلاها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاشتغال هذا الشخص بشأن الحسابات المذكورة ليس بعذر شرعي يسوغ له تأخير صلاة العصر حتى خروج وقتها، فالواجب عليه المبادرة إلى الإكثار من الاستفغار، فقد وقع في معصية عظيمة، وعليه أن يحرص على عدم العودة إلى مثل هذا الأمر، وراجع تفاصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 29005.
ثم إذا قام بقضائها مع حصول شروطها وأركانها مع الإخلاص لله تعالى، فهي مقبولة إن شاء الله تعالى، قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {المائدة:27} . قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة، وأما المتقي الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة، عُلِم ذلك بإخبار الله تعالى لا أن ذلك يجب على الله تعالى عقلاً، وقال عدي بن ثابت وغيره: قربان متقي هذه الأمة الصلاة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/4859)
وقت صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في بلادنا يؤذن ويقام الصلاة الصبح والسماء مظلمة وكل النجوم ساطعة لأنهم يعتمدون على الأوقات الفلكية، فهل هذا صحيح، لأني قد علمت مؤخراً أن أول وقت صلاة الصبح هو طلوع الفجر الصادق الذي لا يكون إلا بظهور شيء من الإحمرار من جهة المشرق، وهل أقوم بقضاء الصلوات التي صليتها في الوقت الخاطئ أي قبل ظهور الاحمرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دخول وقت الصلاة شرط لصحتها، لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم المواقيت بياناً واضحاً لا لبس بعده، ففي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بيان وقت كل صلاة وجاء فيه أن وقت الصبح من طلوع الفجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس.رواه مسلم.
وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال له: قم فصله فصلي الظهر حين زالت الشمس ... ثم جاءه الفجر حين برق الفجر أو قال سطع الفجر. رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني.
والمقصود بطلوع الفجر هو ظهور الفجر الصادق المعترض بالأفق ولا يعقبه ظلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا يعني معترضاً. رواه مسلم عن سمرة.
قال ابن رشد: واتفقوا أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس إلا ما روى عن ابن القاسم عن بعض الشافعية أن آخره الإسفار. انتهى.
ووجود الظلام لا يتنافى مع طلوع الفجر، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فتشهد معه النساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس. والغلس هو الظلام أو اختلاط ظلام الليل بضياء الصبح، فالمدار في صحة الصلاة هو تحقق دخول الوقت.
واعلم أن الأصل في معرفة أوقات الصلاة هو معرفة العلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلاً على الأوقات.
أما تأخير الصلاة لحين ظهور الحمرة، ففيه كراهة. قال النووي: ويكره تأخير الصبح لغير عذر إلى طلوع الحمرة يعني الحمرة التي قبيل طلوع الشمس. انتهى.
وعليه، فوقت صلاة الصبح يبدأ بطلوع الفجر الصادق، وقد سبق بيانه، وليس بظهور الحمرة، وينتهي بطلوع الشمس، وليس عليك قضاء شيء من الصلوات الماضية إذا كنت قد صليتها بعد طلوع الفجر الذي بيناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/4860)
لا تصح الصلاة إلا بدخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هناك بعض الناس يصلون صلاة الصبح في المسجد بنية النافلة وبعد وقت محدد يصلونها (الصبح) في منازلهم, عندما سألتهم قالوا إننا صلينا والوقت لم يحن بعد، أرجو منكم الشرح, وهل يكون قيام صلاة الصبح والنجوم لم تختف أم بعد اختفائها، وما هو وقت الصلاة بالضبط؟
2- من فضلكم دلوني على كتب كيفية ترقيع الصلاة في الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة -ومنها وقت صلاة الفجر- بياناً واضحاً لا لبس فيه وذلك في أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.... ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس. ومنها حديث جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمه جبريل عند البيت مرتين.... قال: فجاءه جبريل حين برق الفجر أو قال سطع الفجر. رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني. وفي رواية: ثم أسفر في الفجر حتى لا أرى في السماء نجماً. والمقصود بطلوع الفجر هو ظهور الفجر الصادق المعترض بالأفق ولا يعقبه ظلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا يعني معترضاً. رواه مسلم عن سمرة، ورواه أحمد والترمذي بلفظ: ولكن الفجر المستطير في الأفق.
قال ابن رشد: واتفقوا أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس إلا ما روي عن ابن القاسم وعن بعض الشافعية أن آخره الإسفار. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر إجماعاً.... وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ويسمى الفجر الصادق.. فأما الفجر الأول فهو البياض المستدق صعداً من غير اعتراض فلا يتعلق به حكم ويسمى الفجر الكاذب. انتهى.
ومن خلال ما تقدم يعلم أن صحة الصلاة لا تتم إلا بدخول الوقت ومن صلى ولم يتحقق دخول الوقت أو يغلب ذلك على ظنه فلا تجوز صلاته ولا تجزئه ولا يصح الاقتداء به لا في فريضة ولا في نافلة، ويمكن الاعتماد على التقاويم الموجودة بين أيدي الناس عندكم إن كانت موافقة للواقع وإلا فالعبرة بالرؤية، ولكن الرؤية اليوم لا تتاح لجميع الناس فمن أمكنه أن يرى طلوع الفجر عياناً أو يثبت عنده بشهادة ثقة لزمه ذلك، وإن لم يمكنه فإنه يعمل بالآذان والتقاويم ويتحرى الصواب قدر استطاعته، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وقال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، كما يمكنك الرجوع لعلماء بلدك فإنهم أعلم بصحة المواقيت عندكم.
أما قولك هل يكون قيام صلاة الصبح والنجوم لم تختف أم بعد اختفائها؟ فالجواب: أن أول وقت صلاة الفجر عند إدبار النجوم للأفول ولكن يبقى أثرها حتى تختفي عند الإسفار، أما الكتب التي ننصحك بقراءتها فمنها: كتاب صلاة الجماعة للسدلان، وكتاب صلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنة للدكتور سعيد بن وهف القحطاني، وكتاب أهمية صلاة الجماعة للدكتور فضل إلهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/4861)
صلاة المعاق وأجر من تزوجت معافا
[السُّؤَالُ]
ـ[1- زوجي معاق أي أنه لا يسمع ولا يتكلم منذ صغره فقد تعلم ودرس في فرنسا وهو يتقن إلى حد ما اللغة الفرنسية. يقوم بأداء الصلاة بدون قراءة القرآن حتى وإن كانت سورة الفاتحة ويعتمد فقط على النية. هل صلاته صحيحة؟ وإن كانت غير ذلك ماهي الطريقة الصحيحة بالنسبة إليه؟
2- هل لي أجر عند الله عندما أكون متزوجة من زوج له إعاقة ما؟ وشكراً وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على هذا الشخص أن يتعلم ما أوجب الله عليه ما دام يمكنه ذلك وينبغي لأقاربه أن يحاولوا بالتعاون مع زوجته أن يعلموه أحكام الطهارة والصلاة عملياً ويحفظوه الفاتحة والتشهد وغير ذلك مما لا بد منه في الصلاة وكذا سائر العبادات الواجبة حسب القدرة وينبغي أن يأخذوه إلى المسجد للصلاة مع الجماعة لأن الصلاة لا تسقط عنه ما دام عاقلاً، ويمكنه تعلمها وفعلها وما عجز عنه فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها وأما قولك: هل لي أجر عندما أكون متزوجة من زوج له إعاقة ما؟
فالجواب أنه لم يرد في ذلك ثواب مخصوص فيما نعلم ولكن لو صبرت على الزوج المعاق وقمت بما يحتاجه وأديت حقه على الوجه المطلوب ابتغاء مرضات الله تعالى الذي أمر بالإحسان إلى الزوج وطاعته فلك بذلك أجر أكثر مما لو لم يكن الزوج معاقاً فالأجر على قدر المشقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/4862)
الصلاة في الثوب الذي يحدد العورة ويجسدها
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الإمام الألباني إن الصلاة في البنطلون أو السروال باطلة وذلك لأن من شروط صحة الصلاة ستر العورة ومن ستر العورة أن لا يكون اللباس مجسما، والحال أن الذي يصلي في بنطلون عندما يركع أو يسجد ينحسر ثوبه عن مؤخرته ويحجمها وبالتالي يعتبر كمن يصلي كاشف العورة، فما هو قولكم مع العلم بأنها ظاهرة منتشرة في كامل العالم الإسلامي، والرجاء ذكر أسماء العلماء المتقدمين والمتأخرين ممن يؤيدون هذا القول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة المحفوظة على صحة صلاة من صلى بثوب يحجم العورة دون أن يصفها، قال الحصكفي رحمه الله في الدر المختار وهو حنفي: ولا يضر التصاقه وتشكله. قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته عليه: قوله ولا يضر التصاقه. أي بالإلية مثلاً، وقوله وتشكله، من عطف المسبب على السبب وعبارة شرح المنية: أما لو كان غليظاً لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئياً فنيبغي أن لا يمنع جواز الصلاة لحصول الستر. انتهى.
وقال النفراوي رحمه الله في الفواكه الدواني وهو مالكي: وأما الستر بغير الكثيف وهو ما يصف العورة أي يحددها من كونها صغيرة أو كبيرة أو يشف ويرى من لونها فهو مكروه، ويعيد في الوقت على المعتمد بل كراهة لبس الواصف في الصلاة وغيرها.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى وهو شافعي: قال أصحابنا: يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها، ولا يكفي أيضاً الغليظ المهلهل النسج الذي يظهر العورة من خلاله، فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر، وحكى الدارمي وصاحب البيان وجها أنه لا يصح إذا وصف الحجم، وهو غلط ظاهر.
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني: والواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفاً يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك، وإن كان يستر لونها، ويصف الخلقة، جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرز منه، وإن كان الساتر صفيقاً. وعليه، فقول الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له ببطلان صلاته –إن صح عنه- اجتهاد منه لا يوافقه عليه غيره من أهل العلم خصوصا أهل التحقيق منهم والرسوخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/4863)
وقت الصلاة الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله
[السُّؤَالُ]
ـ[كم المدة التي تخرج الصلاه عن وقتها المستحب الذى صلاها الرسول فيها بحيث لا أتجاوزها كإمام أريد حسابها عن طريق حركات الشمس والفلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لكل صلاة وقتا يجوز أن تؤدى في أوله وآخره ووسطه، وهو ما يعرف بالوقت المختار، وهذا الوقت بينه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله، وبالتالي، فإن من صلى في أي جزء منه فقد وافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله، هذا مع أن الأوقات تختلف، فمنها ما تستحب الصلاة في أوله، ومنها ما يستحب فيه تأخير الصلاة عن أوله، إما لشدة الحر، مثل صلاة الظهر، أو لأجل حضور الجماعات، مثل صلاة العشاء في مساجد الجماعات، وكنا قد أوضحنا تفصيل هذا المعنى بأدلته في الفتوى رقم: 15043، والفتوى رقم: 25877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/4864)
الاشتغال بالعمل لا يسوغ تأخير الصلاة عن وفتها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت في إحدى المرات بتأخير زميلتي في العمل عن أداء صلاة الظهر لبعض الوقت وذلك لظروف العمل ودون قصد مني؟ أرجو أن تدلوني ماذا أفعل إن كان في ذلك إثم؟؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان التأخير المذكور الذي كنت سببا فيه لم يؤد إلى خروج وقت صلاة الظهر فلا إثم فيه، وإن كان قد أدى إلى خروج الوقت، وقد صدر منكم بدون عمد ولا إصرار فلا إثم عليك، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني. لكن ينبغي أن لا تعودي إلى مثل هذا الأمر وأن تحثي غيرك على المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها. مع التذكير أن الانشغال بالعمل ليس بعذر مبيح لتأخير الصلاة عن وقتها. وراجعي الفتوى رقم: 107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(11/4865)
من صلى وهو يعلم أنه جنب فقد أساء إساءة عظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحبم، والصلاة والسلام على رسول الله:
في إحدى الليالي استمنيت بسبب رؤيتي لأفلام خليعة، وخفت أن تعلم زوجتي بأنني على جنابة، فقلت لها سأتوضأ وأصلي الوتر، فموهت أنني توضأت ثم ذهبت إلى غرفتي لأموه لها بأنني صليت، ولكنها تبعتني إلى الغرفة فكبرت تكبيرة الإحرام دون أن أنوي صلاة وأتيت بحركات الصلاة دون الأقوال إلا السلام، ولأنني أعلم أن بعض العلماء يكفر من صلى بغير وضوء عامدا فخفت خوفا شديدا وتبت من هذا الفعل، فهل يعتبر ما فعلت كفرا، أفتوني عاجلا لو تكرمتم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة المباشرة على سؤالك ننبهك إلى أن النظر إلى الأفلام الخليعة محرم ويجر إلى مفاسد ومنها ما وقعت فيه من الاستمناء المحرم، كما فصلناه في الفتوى رقم: 51769.
وأما من صلى وهو يعلم أنه جنب، فقد أساء إساءة عظيمة، ويجب عليه التوبة والاستغفار، وإعادة هذه الصلاة بعد الطهارة إن كانت صلاة مفروضة لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، قال تعالى: وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ {المائدة:6} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور. رواه مسلم.
والواجب على المسلم أن لا يترك الطهارة والاغتسال من الجنابة بسبب الحرج من الناس، لأن الحرج من الناس ليس عذراً لأداء الصلاة مع الجنابة، بل قد نص بعض العلماء على أن من تعمد الصلاة بغير وضوء فإنه كافر ولذا فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل وما فعلته عبث وسوء أدب وليس بكفر وعلى أية حال لا تعد إلى فعل ذلك مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(11/4866)
انكشاف ضفيرة المرأة بغير عمد لا يبطل صلاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت سألت من قبل عن الحكم في الصلاة التي قد تكتشف المرأة بعد أدائها ظهور ضفيرة شعرها وهل تجب إعادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانكشاف شيء من ضفير المرأة في الصلاة دون علم منها لا يبطل صلاتها، لأن الضفيرة ليست من العورة المغلظة، قال صاحب "زاد المستقنع" وهو حنبلي: ومن انكشف بعض عورته أو صلى في ثوب محرم عليه أو نجس أعاد.
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" عند شرحه لهذا الكلام: إذا كان أ-ي كشف العورة غير- عمد وكان يسيرا فالصلاة لا تبطل. انتهى. ثم قال رحمه الله: ثانيا: إذا كان غير عمد وكان فاحشا لكن الزمن قليل، فظاهر كلام المؤلف أنها تبطل، والصحيح أنها لا تبطل. انتهى.
فالحاصل أن من انكشف طرف ضفيرتها في الصلاة بغير عمد لا تبطل صلاتها ولا إعادة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(11/4867)
حكم من يصلي وهو محدث حدثا أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي وهو على جنابة وهو يعلم أنه حرام هل يكفر ولكن ليس كل مرة في بعض الأحيان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة عن حكم من صلى على غير طهارة بأن كان محدثاً حدثاً أكبر أو حدثاً أصغر في الفتاوى التالية: 8333 / 21633 / 34773، فنرجو الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/4868)
هل تصلي المرأة بثياب تظهر ما تحتها من ملابس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسالكم هل يجوز أن أصلي في ثياب ليست شفافة كثيراً، بل تظهر ما ألبس وأحياناً عند يدي أو ساقي فهل يجوز أن أصلي بما أن الثياب قد غطت جسدي كله أم أنه لا يجوز ويجب أن تكون الثياب سميكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط في صحة صلاة المرأة أن تستر جميع بدنها إلا الوجه والكفين، ويشترط في اللباس أن يكون ساتراً للون البشرة، وعلى هذا فنقول للأخت السائلة أن ظهور الساق في الصلاة يفسد صلاة المرأة الحرة فعليها أن تعيد صلاتها إلا إذا انكشف بغير عمد منها ثم بادرت إلى ستره فصلاتها صحيحة.
وإذا كانت تعني أن هناك ملابس ثابتة على الساق وأخرى فضفاضة فانكشفت الملابس العامة وبقيت الملابس الثابتة وهي ساترة للون البشرة فإن هذا لا يبطل الصلاة، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 651، والفتوى رقم: 8116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/4869)
الانشغال بالدراسة ليس عذرا مبيحا لتأخير الصلاة ولا لجمعها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طالبة في المرحلة الثانوية، أنتهي من دوامي الساعة 2.00 ظهراً ولا يتسنى لي وقت لأصلي صلاة الظهر في المدرسة.لكني أصليها في البيت رغم انقضاء وقتها، سؤالي هل أستطيع أن أصليها جمعاً مع صلاة العصر، علماً بأنه عند أذان العصر أكون متواجدة في البيت. أم أصليها قصراً وذلك بقصر صلاة الظهر ركعتين وصلاة العصر أصليها في وقتها أربع ركعات، أم لديكم حل آخر أفيدوني جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 4-5] ، قال ابن عباس وغيره من السلف في معنى ساهون: يؤخرونها عن وقتها، ولقوله سبحانه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) (مريم:59) قال ابن مسعود وغيره: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها.
والانشغال بالدراسة الثانوية أو غيرها ليس عذراً مبيحاً لتأخير الصلاة عن وقتها، ولا لجمعها مع صلاة أخرى، فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله وأن تؤدي الصلاة في وقتها، وذلك بأن تحرصي على أن تكوني على طهارة فإذا جاء وقت الصلاة فاستأذني بضع دقائق وصلي في أقرب مكان طاهر، فإن الله سبحانه وتعالى خص هذه الأمة بأن جعل الأرض كلها لها مسجداً وطهوراً، ففي أي مكان أدركت المسلم الصلاة فليصلها، ولكن لو تعذر عليك كل هذا وكان في أدائك للصلاة في وقتها ضرر، فلا حرج عليك حينئذ من الجمع بين صلاتي الظهر والعصر للحاجة لما ثبت في البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم: جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر وفي رواية لمسلم: من غير خوف ولا مطر. ولكن يجب عليك صلاة الظهر أربعاً والعصر أربعاً لأنه لا يجوز القصر إلا في السفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/4870)
الأوقات الشرعية لكل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[مواقيت الصلاة وأنا أسكن في هانتسفيل الباما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك الاستعانة بأقرب المراكز الإسلامية لديكم، وانظري في الفتوى رقم: 40996 فستجدي الأوقات الشرعية لكل صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/4871)
وقت العصر الاختياري والاضطراري
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة العصر وقتها (أي صلاة حاضرة) قبل المغرب بقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة العصر ينتهي وقتها الاختياري باصفرار الشمس، فما دامت الشمس بيضاء نقية فالوقت باق، فإذا اصفرت الشمس فقد انتهى وقت الاختيار، ولا يجوز تأخير العصر إلى تلك الساعة على الراجح من أقوال العلماء كما هو مذهب الحنابلة إلا للضرورة، ووقت الضرورة ينتهي بغروب الشمس، ومن صلاها بعد اصفرار الشمس وقبل الغروب وقعت أداء وأثم إن كان التأخير لغير عذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/4872)
من الحكم في توقيت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحكمة الإلهية من \"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة هي عقد الصلة بين العبد وربه، بما فيها من لذة المناجاة للخالق وإظهار العبودية له، وتفويض الأمر إليه، والتماس الأمن والسكينة والنجاة في رحابه، وهي طريق الفوز والفلاح وتكفير السيئات، قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] .
ومن الحكم في توقيتها: أنها تدرب المرء على حب النظام، والتزام التنظيم في الأعمال وشؤون الحياة واحترام الوقت وتقديره، وبها يتعود على حصر الذهن في المفيد النافع، وكمال الانقياد إلى الله، وغير ذلك، وأكثر أهل العلم على أن تحديد الصلوات في الأوقات المعينة لها أمر تعبدي -أي أمر أمرنا الله به ولم يظهر لنا علته- ومنهم من علله.
قال البيجوري في حاشيته على شرح ابن قاسم الغزي: وأكثر العلماء على أن اختصاص الصلوات الخمس بأوقاتها تعبدي، وأبدى بعضهم له حكمة وهي تذكر الإنسان بها نشأته فكماله في البطن وتهيؤه للخروج منها كطلوع الفجر الذي هو مقدمة لطلوع الشمس، فوجب الصبح حينئذ تذكيراً لذلك، وولادته كطلوع الشمس، ومنشؤه كارتفاعها، وشبابه كوقوفها عند الاستواء، وكهولته كميلها، فوجبت الظهر حينئذ تذكيراً لذلك، وشيخوخته كقربها للغروب، فوجبت العصر حينئذ تذكيراً لذلك، وموته كغروبها، فوجبت المغرب تذكيراً لذلك، وفناء جسمه كانمحاق أثر الشمس بمغيب الشفق الأحمر، فوجبت العشاء حينئذ تذكيراً لذلك.، ولا شك أن ما أسلفناه أولاً أقرب إلى أن يكون حكمة مما ذكره البيجوري هنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/4873)
الوقت المحدد بين الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[فإنه في مسجدنا يؤذن لصلاة الصبح أول الوقت
ولكن سرعان ما تقام الصلاة (بعد7 دقائق من الأذان (
فهل هذا يجوز علما بأنه يؤذن مرة واحدة
وهل هناك وقت محدد يكون بين أذان الصبح والإقامة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد تحديد بين الأذان والإقامة لصلاة الفجر، وإنما مدار ذلك على اجتماع الناس وتمام الاستعداد لها، ويشترط أن لا يؤدي ذلك إلى خروج الوقت المختار، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 19687.
ثم ما ذكرته من أن المسجد يؤذن فيه أذان واحد للصبح هو مذهب الثوري وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن، انظر "المغني" (1/246) .
والذي عليه جمهور أهل العلم أن الصبح يشرع له أذانان أحدهما قبل دخول وقتها ليستيقظ النائم ويستعد المصلون، ويؤيده الحديث الشريف المتفق عليه: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/4874)
دخول الوقت شرط في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد مشقة في تأدية صلاتي الظهر والعصر في وقتهما وأنا خارج المنزل عندما أكون في الجامعة..فنظرا لضيق الوقت بين المحاضرات أضطر إلى التعجل في الصلاة وإهمال السنن وذلك بسبب الوقت الذي يستغرقه الوضوء حيت إنني أعاني من بعض الإفرازات التي تجعلني أتوضأ لكل صلاة ... وسؤالي هو: هل يجوز لي أن أتوضأ قبل الخروج من المنزل وأصلي بهذا الوضوء؟؟ أم أنتظر حتى أعود للبيت وأصلي بعد خروج الوقت؟؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإفرازات التي تخرج من أحد المخرجين إذا كثرت صارت سلساً، والسلس إذا لازم المرء جل الزمن فإنه لا ينقض الطهارة عند المالكية، وهو ناقض عند جمهور أهل العلم، وحكم المصاب به -عند الجمهور- أن يتوضأ بعد دخول الوقت ويصلي الفريضة، وما شاء من النوافل، ولا يضره ما يخرج منه، ولو كان في الصلاة ثم إذا حضر وقت الفريضة الثانية توضأ لها، وهكذا.. ثم ما ذكرته من طول الوقت الذي يستغرقه الوضوء لا يلزم، لأن ذلك يؤدي إلى تمكن الوسوسة من القلب، فلتأخذي حفاظة أو خرقة وتعصبيها على المحل، ولا تلتفتي إلى ما يحدث بعد ذلك، ثم إن دخول الوقت شرط في صحة الصلاة فهي لا تصح قبله، وأما الصلاة بعد الوقت فإنما تباح للضرورة، ونعتقد أنك إذا اتبعت ما ذكرناه من النصائح فقد لا يستغرق لك الوضوء وقتاً طويلاً، وبالتالي تصلين الصلوات في أوقاتها، دون إهمال سننها.
واعلمي أن تعمد ترك السنن إن كنت تعنين به الصلوات المسنونة الرواتب وما شاكلها من النوافل، فلا مانع من التخفيف منها أو تركها في الأوقات الضيقة، وإن كنت تقصدين سنن الصلاة الداخلة فيها، نحو السورة بعد الفاتحة مثلاً فإن ذلك لا ينبغي، لأنها وإن كان الجمهور على أن تعمد تركها لا يبطل الصلاة، فإن من العلماء من يرى عكس ذلك، قال خليل: وهل بتعمد ترك سنة أو لا ولا سجود؟ خلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/4875)
زوجته لا تصلي الفجر في وقته فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأكارم جزاكم الله الف خير عنا وعن الإسلام خيرا
زوجتي لا تصلي الفجر في ميقاته وحاولت معها كثيرا ولكن بدون فائدة وهي تصلي باقي الأوقات في وقتها فماذا أعمل ---------- وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على قيام زوجتك بصلاتها في وقتها، فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح لك زوجتك وأن يقر عينك بها.
والذي عليك أن تعمله هو أن توقظها لصلاة الفجر في وقتها، وتذكرها بالله وباليوم الآخر وبخطورة التهاون بالصلاة وتأخيرها عن وقتها، وبما أعده الله من العذاب للمتهاونين بالصلاة، ويمكن أن تهدي لها بعض الكتب والأشرطة التي تتحدث عن هذا الموضوع، وكذا يمكن أن تصطحبها لحضور بعض المحاضرات والندوات التي تتحدث عن الموضوع، وحاول أيضاً أن تربطها بنساء صالحات، وإن أمكن بداعيات يكن عوناً لها على كل خير، ومن ذلك الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 22799.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/4876)
أداء الصلوات في وقتها واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله
أنا حرمت من صلاة الفجر بإختلاف مع بعض ألإخوان وهم أميون على أوقات الصلاة، أنا عندي بديل من عدة مراكز إسلامية في أوروبا ولكن هم ثلاثة رجال لم يستعرفون بها، والعدد الكبير من المسلمين لم يأتِ إلى المسجد ويقومون بصلاة الفجر في بيوتهم، وما حكم هذا؟ وجزاكم الله خيراً، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهم من السؤال أنه حصل خلاف بينك وبين بعض الإخوة حول مقدار انتظار الإقامة بعد الأذان وبالأخص صلاة الفجر، فإن كان الأمر كذلك فننصحكم أولاً بالتشاور والتحاور ومحاولة الوصول إلى شيء يتفق عليه الجميع بشرط عدم إخراج الصلاة عن وقتها.
فإن لم تتفقوا وكان هؤلاء الإخوة يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يصلونها في آخر الوقت وهذا شق عليكم، فارفعوا أمركم إلى مدير المركز الإسلامي وبينوا له وجهة نظركم، وإلا فلك أن تصلي في أي مركز إسلامي آخر يناسب وقته وقتك ولا تتخلف عن صلاة الجماعة فإنها واجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم، فإن فرض أن المراكز الإسلامية كلها تؤخر الصلاة عن وقتها وهذا بعيد، فصلِّ أنت الصلاة في وقتها، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها، قال: قلت: فما تأمرني، قال: صلِّ الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلِّّ فإنها لك نافلة.
وروى مسلم أيضاً عن ابن مسعود موقوفاً وهو في حكم المرفوع: ستكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شرق الموتى فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبعة.
وإذا كان المقصود من السؤال غير الذي فهم فنرجو إيضاحه لأنه غير واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/4877)
الصلاة في الثوب الذي أتى به أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في الثوب الذى أتيت فيه أهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الصلاة في الثوب إذا كان طاهراً لم يصبه شيء أصلاً، أو أصابته نجاسة وطهر منها.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 1789 والفتوى رقم:
13101
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/4878)
يحرس ليلا وينام نهارا فتفوته الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخ الكريم أعمل كحارس أمن ليلي، وأظل مستيقظا طوال الليل وأنام طوال النهار وتفوتني صلاتا الظهر والعصر وأصليهما عند المغرب سويا، فهل علي وزر في ذلك؟ وشكر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها المحدد لها شرعاً لقول الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وقال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وتوعد سبحانه وتعالى الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها من غير عذر شرعي فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] ، وقال أيضاً: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
فالواجب الحذر من التهاون في الصلاة ومن كل ما يؤدي له، وبذل الوسع في أداء الصلاة على وقتها، ومن علم من نفسه غلبة النوم عليه، فلا يجوز له النوم بعد دخول الوقت وقبل أداء الصلاة حتى يؤديها، وإذا نام قبل دخول الوقت لزمه أن يتخذ الأسباب اللازمة للاستيقاظ، كاتخاذ المنبه أو أن يأمر أحداً أن يوقظه للصلاة ونحو ذلك، وإذا بذل الأسباب ولم يستيقظ فلا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط. رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ..... الحديث رواه النسائي وغيره.
وإذا استيقظ وجبت عليه الصلاة فور استيقاظه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. رواه مسلم.
ونلفت نظر السائل إلى أن كثرة النوم عن الصلاة يدل على التفريط وعدم المبالاة، فمن كانت عادته النوم عن الصلاة يومياً أو بصفة غالبة فليتق الله عز وجل، وليعلم أنه سيقف بين يديه للحساب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله. رواه الطبراني في الأوسط، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19552، 10624، 1558، 4034، 8688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/4879)
الاستيقاظ لصلاة الفجر يكون بالمنبهات الداخلية والخارجية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كان هناك دعاء يدعو به الإنسان كل ليلة ليعينه الله على الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر، وقد كنت أدعو به كل ليلة فيما قبل، وكان شديد الفعالية، لدرجة أنني كنت أحيانا أسمع طرقا بجانبي لكي أستيقظ، ولكنني للأسف نسيت هذا الدعاء، فهل يمكن من فضلكم تذكيري به؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بحثنا في ما أتيح لنا البحث فيه من كتب السنة فلم نقف على الدعاء الذي سألت عنه.
والذي يظهر لنا في مسألة الاستيقاظ أن المرء إذا كانت له منبهات داخلية وخارجية سيستيقظ لأداء صلاة الفجر، بل ولقيام الليل، فأما المنبهات الداخلية، فهي استحضار ما ورد من الترغيب في قيام الليل وفي صلاة الصبح في الجماعة، واليقين بصدق ذلك، ومما ورد في ذلك قول الله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله. أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود وأحمد عن عثمان بن عفان، وقوله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله ... الحديث. أخرجه مسلم وغيره عن جندب بن عبد الله.
وأما المنبهات الخارجية: فهي باتخاذ الساعات المنبهة، وبرمجة الهاتف على التنبيه، ووصية أهل البيت وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/4880)
حكم منع الأستاذ الطلبة من الصلاة في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في أستاذ يؤخر الطلاب عن صلاة الظهر بحجة أنه وقت للدراسة، علما بأننا نصل للمنزل مع وقت العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمفترض أصلاً في كل مسؤول وأحرى الأساتذة أن يكونوا قدوة طبية في الخير والحث عليه، أما أن كانوا غير ذلك فهذا في غاية الخطورة، هذا من حيث العموم، أما بالنسبة للمسألة المسؤول عنها ففيها تفصيل، وهو إن كان الوقت المختار لا يزال متسعاً لأداء هذه الصلاة، وكانت الإدارة حددت موعداً معيناً لذلك، فما قام به هذا الأستاذ من التأخير ومنعكم من الخروج أمر مشروع، وليس للطلبة مخالفته في ذلك.
أما إن كان التأخير يؤدي إلى خروج وقت الصلاة فيحرم على الأستاذ منعكم من الخروج للصلاة، ويحرم على الطلبة البالغين موافقته عليه ولا يجوز بأي حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/4881)
الأمر بالصلاة يقتضي الأمر بتحصيل شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف ولدا يبلغ من العمر 13 عاما ولكنه مريض يستطيع التحرك ولا يستطيع المشي، فإذا قام بمفرده بعمل البول في الحمام، فإنه يرتدي ملابسه دون أن يتطهر منه لأنه لا يعرف، وأهله أيضا لا يطهرونه من البول خاصة، فماذا يجب فعله؟ وجزاكم الله خيرا وأعلى ذكركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصبي لا تجب عليه التكاليف الشرعية حتى يبلغ، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وبالتالي، فالولد هنا لا إثم عليه لعدم بلوغه، إضافة إلى عجزه بسبب الإعاقة، ويتوجه الخطاب هنا إلى ولي أمره الذي يجب عليه أمره بالصلاة إذا بلغ عشر سنين، والأمر بالصلاة يقتضي الأمر بتحصيل شروطها التي من بينها طهارة الخبث، وهي إزالة النجاسة عن البدن والثوب والمكان.
وللمزيد من التفصيل يرجع إلى الفتوى رقم: 18597.
وعليه، فإن ولي أمر الصبي المذكور يجب عليه الحرص على طهارة البدن والثياب ومكان الصلاة بالنسبة للولد، لأن هذا شرط في صحة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/4882)
لا تصلى الصلاة قبل وقتها إلا عند الجمع للعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة ويلزمني الحضور قبل صلاة العصر، ولا يسمحون لي أن أصلي في الوقت، هل يجوز لي أن أصلي قبل عشر دقائق من وقت الأذان، أريد الإجابة بالعربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تقديم الصلاة على وقتها، إلا في الحالات التي رخص فيها الشارع في الجمع بين الصلاتين للعذر، كالمرض والسفر والحرج الشديد كمن يخشى فساد ماله أو مال غيره بترك الجمع، فيجمع الظهر والعصر في وقت إحداهما، ويجمع المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وما عدا ذلك فلا يجوز تقديمه ولا تأخيره.
فإن كنت مضطراً لهذه الوظيفة، بحيث إنك إن تركتها لا تجد ما تأكله أو ما تشربه ونحو ذلك، جاز لك الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر، حتى تجد عملاً آخر تستطيع فيه أن تؤدي الصلاة في وقتها، فإن وجدته وجب عليك ترك هذا العمل الذي تمنع فيه من أداء الصلاة في وقتها، وإن كنت غير مضطر لهذه الوظيفة فلا يجوز أن تجمع العصر مع الظهر، ويجب عليك أداؤها في وقتها ولو ترتب على ذلك تركك لهذه الوظيفة، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 25459، والفتوى رقم: 17324.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/4883)
الصلاة بالبنطلون الواسع صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بالبنطلون مع العلم بأنه ليس ضيقاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في الصلاة في البنطلون إذا كان ساتراً للعورة، وراجع لمزيد من الفائدة الفتويين رقم:
3889 / 32227
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/4884)
صلاة غير المختون صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أود أن أسألكم سؤالا وأنا في حيرة من أمري ...
هل تجوز صلاة غير المختون (غير المطهر)
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة غير المختون صحيحة إذا أزال النجاسة التي تعلق بموضع الختان، أما إذا لم يستطع إزالتها، فصلاته غير صحيحة ما دام قادرا على الاختتان، إلا إذا كان عاجزا عنه فصلاته صحيحة، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ويلزمه الختان متى استطاع، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "عن مسلم بالغ عاقل يصوم ويصلي وهو غير مختون وليس مطهرا هل يجوز ذلك؟ ومن ترك الختان كيف حكمه؟
فأجاب: إذا لم يكن عليه ضرر الختان، فعليه أن يختتن، فإن ذلك مشروع مؤكد للمسلمين باتفاق الأئمة، وهو واجب عند الشافعي وأحمد في المشهور عنه، وقد اختتن إبراهيم الخليل عليه السلام بعد الثمانين من عمره، ويرجع في الضرر إلى الأطباء الثقات، وإذا كان يضره في الصيف أخره إلى زمان الخريف. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/4885)
ويل لمن تهاون في الصلاة حتى يخرج وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الوقت بدقة الذي يتم فيه الدخول تحت قوله تعالى:
فوبل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون.
وقوله تعالى: فخلف من بعدهم......إلى قوله فسوف
يلقون غيا. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلمعرفة مواقيت الصلوات الخمس، راجع الفتوى رقم: 29445، والفتوى رقم: 32380، وكل من تهاون في أداء صلاة حتى يخرج وقتها من غير عذر، شمله الوعيد المذكور في الآيات المشار إليها في السؤال، كما نص على ذلك جماعة من أهل التفسير من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/4886)
الصلاة الفائتة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك صلاة تسمى الفائتة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة إذا فات وقتها المحدد لها شرعا ولم تصلَّ فيه، سميت فائتة، مثال ذلك: من نسي الظهر حتى غربت الشمس أو العشاء حتى طلع الفجر الصادق.
هذا إذا كان المقصود بالفائتة ما ذكرنا، أما إن كنت تعني بها صلاة بعينها، فهذه لا توجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/4887)
يعمل في مكان لا يوجد فيه محل طاهر للصلاة فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
سؤالي هو: أنني أعمل في دوام ليلي بوظيفة حارس ولمدة 12 ساعة يوميا من 7 إلى 7 والمكان الذي أعمل فيه بارد جدا ومتسخ ولا يوجد مكان طاهر للصلاة، فهل يجوز أن أصلي على الكرسي أو على مقعد السيارة والإيماء بالركوع والسجود؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد أن مكان الحراسة متسخ ولا يوجد فيه مكان نظيف يصلح للصلاة فهذا ليس بعذر لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها، وبالإمكان بسط ثوب نظيف للصلاة عليه تفادياً لما قد يلحق ثيابك من درن.
وإن كان المقصود أن المكان المذكور تعمه النجاسة فإن أمكن تطهير مكان للصلاة بغسله بالماء مثلاً أو بسط ثوب طاهر على المكان النجس وتصلي عليه وجب ذلك عليك.
قال المواق في التاج والإكليل: من المدونة قال مالك: لا بأس أن يصلي المريض على فراش نجس إذا بسط عليه ثوباً طاهراً كثيفاً, قال بعضهم بل ذلك جائز للصحيح لأن بينه وبين النجاسة حائلاً طاهراً كالحصير إذا كان بموضعه نجاسة. انتهى، ولا شك أن هذا الأمر ميسور في الغالب.
فإن عجزت عن هذا كله تصلي حسب استطاعتك بحيث تصلي قائماً على الأرض تركع وتومئ للسجود فإذا قدرت على أداء الصلاة في مكان طاهر تعيد ما صليته بهذه الطريقة احتياطاً وخروجاً من الخلاف، وبالتالي ينطبق عليك حكم المحبوس في مكان نجس، ففي المهذب: وإن حبس في حش ولم يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن النجاسة وتجنبها في قعوده وأومأ في السجود إلى الحد الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ولا يسجد على الأرض لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء ولا تجزئ مع النجاسة وإذا قدر ففيه قولان، قال في القديم لا يعيد لأنه صلى على حسب حاله فهو كالمريض، وقال في الاملاء بعيد لأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه. انتهى.
وقال النووي في المجموع شرح المهذب: هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا أبا حنيفة فقال لا يحب أن يصلي فيه دليلنا حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم قياساً على المريض العاجز عن بعض الأركان. إلى أن قال النووي: وهذه الإعادة واجبة على الجديد الأصح ومستحبة على القديم. انتهى.
هذا وننبه السائل إلى أنه يجب عليه اصطحاب فرش طاهر يصلي عليه في هذا المكان الذي لا يوجد فيه موضع طاهر للصلاة، وإن لم يكن هذا ممكناً وجب عليه البحث عن وظيفة أخرى لا يترتب عليها تضييع الصلاة، فلا خير في عمل يؤدى إلى التهاون بالصلاة، وراجع الفتوى رقم: 9812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/4888)
علم جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تم تحديد وقت صلاة العشاء في بداية الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأحاديث الصحيحة على تحديد مواقيت الصلوات الخمس، وأجمع المسلمون على ذلك، وأصرح ما جاء فيها ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم، وصلى في المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين.
ومن هذا يتضح أن وقت العشاء الاختياري يبدأ من مغيب الشفق إلى ثلث الليل عند كثير من أهل العلم، وعند بعضهم يمتد إلى منتصف الليل، ومعلوم أن هذا كان من أول يوم فرضت فيه الصلاة بعد ليلة الإسراء، بدليل إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعليمه له مواقيت الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/4889)
للصلاة وقت محدد ابتداء وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كل ما في وسعي لأصلي الصلوات في وقتها لكن مشكلتي هي أن عملي يبدأ في5.30 وهذا موعد صلاة الفجر، كما أنني أعمل في مكان من الصعب علي الصلاة فيه، وأنا أقسم على هذا، لهذا علي أن أصلي عندما أرجع إلى البيت وذلك في 10-11 تقريباً فأصليها قضاء، لكنني استيقظ مبكراً حتى أصلي قيام الليل دائماً، فهل من الممكن لي أن أقدم صلاة الفجر، أعني هل يمكن أن أصليها قبل الذهاب من البيت، أم هل أتابع ما كنت أطبق عادة؟ أرجوكم أريد معرفة الحكم؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين، والمحافظة عليها في وقتها من أوجب الواجبات، ودخول الوقت من آكد شروط الصلاة، لذلك أوجب الله تعالى أداء الصلاة في وقتها حال القتال والتحام الصفين، ولم يشرع للناس أداءها بعد خروج وقتها، فإذا كان هذا في تلك الحال ففي غيرها أولى، إذا ثبت هذا، فنقول لك أيتها الأخت السائلة احرصي على أن تصلي الصلاة في وقتها ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فإن تعذر الجمع بين الاستمرار في هذا العمل والمحافظة على الصلاة في وقتها، فالواجب عليك ترك هذا العمل، إذ لا خير ولا بركة في عمل يمنعك من أداء الصلاة في وقتها، ولا يجوز لك بحال تأخير الصلاة حتى ترجعي إلى البيت، لأن ذلك يدخلك في الوعيد الذي تضمنه قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
وكذا لا يجوز لك تقديم الصلاة قبل وقتها، إذ أن للصلاة وقتاً محدداً ابتداء وانتهاء، قال الله سبحانه: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
فصلاة الفجر يبدأ وقتها بطلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس، وننبهك في ختام هذا الجواب إلى أمرين:
الأول: أن خروج المرأة للعمل قلما يخلو من ارتكاب لأمور محظورة، من مخالطة للرجال على وجه تترتب عليه فتنة ونحو ذلك من محاذير، فإن كان الأمر كذلك لم يجز لك الاستمرار في هذا العمل إلا لضرورة.
الثاني: أنك إن كنت أصلاً من أهل ديار الإسلام، فلا تجوز لك الإقامة في بلاد الكفر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ما لم تكن هناك ضرورة فتجوز الإقامة مع الحذر من أسباب الفتنة، ولمزيد من الفائدة نحيلك على الفتوى رقم: 9812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/4890)
حكم صلاة المرأة مكشوفة الوجه أمام الرجال الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة المرأة أمام الرجال ووجهها مكشوف صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عورة المرأة بحضور الرجال الأجانب هي جميع بدنها، بدليل ما رواه أبو داود وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، والحديث صحيح كما في مشكاة المصابيح.
وعليه؛ فإن المرأة يحرم عليها أن تصلي مكشوفة الوجه أمام الرجال الأجانب، لكن الراجح من كلام أهل العلم صحة صلاتها.
قال ابن قدامة في المغني: واختلف أهل العلم فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه. انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: اختلفت عبارة أصحابنا في وجه الحرة في الصلاة، فقال بعضهم ليس بعورة، وقال بعضهم عورة وإنما رخص في كشفه في الصلاة للحاجة، والتحقيق أنه ليس بعورة في الصلاة وهو عورة في باب النظر إذ لم يجز النظر إليه. انتهى.
وراجع الأجوبة التالية:
14252 / 21151 / 21191 / 4523
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(11/4891)
أيقظ أمك للصلاة قامت أو لم تقم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله..
أمي تملك صيدلية؛ وترجع في الساعة الثانية ليلا؛ والفجر عادة يؤذن في الساعة الرابعة والنصف، في بعض الأيام كنت أوقظها فتقوم تصلي؛ وفي أيام أخرى إذا أيقظتها قالت: إنك إذا أيقظتني لا أستطع أن أقوم وأكون يقظة فلا أصلي يدركني الذنب، فماذا أفعل؟
والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك على فعل الخير ويثبتك عليه، ثم إنه ينبغي لك نصح أمك بحكمة ورفق، مبيناً لها أهمية المحافظة على أداء الصلاة في وقتها وخطورة التهاون بها، وأن المداومة في العمل لا تبرر التفريط في فعل الصلاة في وقتها، كما ينبغي إيقاظها للصلاة دائماً سواء ظننت منها الاستجابة أم لا، بدليل ما يلي:
1- ما ثبت في سنن أبي داود من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، فكان لا يمر برجل إلا ناداه بالصلاة أو حركه برجله.
2- قال مصطفى الرحيباني الحنبلي في كتابه مطالب أولي النهي: ويلزم مستيقظاً إعلام نائم بدخولها أي الصلاة مع ضيقه أي الوقت، وظاهره ولو نام قبل دخوله ويتجه، وإنما يلزم إعلام نائم إن ظن أنه يصلي، أما إذا علم أن إعلامه لا يفيد فالأولى تركه، وهذا مبني على أن الأمر بالمعروف لا يجب إلا إذا ظن امتثال المأمور، وهو قول لبعضهم، والمذهب وجوبه أفاد أو لم يفد، لقول الله تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ.، وراجع الفتوى رقم: 17771، والفتوى رقم: 34460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/4892)
زوجته تتهاون في صلاة الفجر وتصليها بعد وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله: إنني أحبكم في الله، وبارك الله فيكم ونفع الله بكم وبأمثالكم الأمة.
سؤالي عن تقصير زوجتي في صلاة الفجر، فهي كثيرا ما تصلي بعد الشمس، ونصحتها وتندم ويتغلب عليها الشيطان ثانية، فماذا علي؟
بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جعل الله عز وجل للصلوات أوقاتا معلومة لا يجوز إيقاعها قبلها ولا بعدها إلا لعذر شرعي، فيجب على كل مسلم المحافظة عليها، وقد قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء: 103] .
وتوعد سبحانه وتعالى الذين يؤخرونها عن وقتها فقال: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً*إِلَّا مَنْ تَابَ ... [مريم: 60] .
فيجب على زوجتك التوبة إلى الله عز وجل من هذا الذنب والمحافظة على أداء صلاة الفجر في وقتها إذا كان تأخير الصلاة عن تفريط منها.
فإذا أصرت على التهاون وتأخير الصلاة، فهي ناشز عاصية لربها ولزوجها.
وقد قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء: 34] .
فعليك أولا بأن تَعِظها وتُخوِّفها من عقاب الله عز وجل، فإن لم ينفع فيها الوعظ، فاهجرها في المضجع، بأن تنام معها على فراش واحد موليا لها ظهرك، فإن لم ينفع معها الهجر، فلك أن تضربها ضربا غير مبرح، وامنعها من النوم وقت الفجر، واجبُرها على الاستيقاظ وأداء الصلاة في وقتها، فإذا اتبعت ذلك، فإن حالها سينصلح بإذن الله تعالى.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتاوى التالية: 5940، 4034، 10370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/4893)
حكم لبس المرأة الشرشف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصلي في ما يسمى بالشرشف أو الجلال لأنني سمعت أنه لا يجوز تخصيص ثوب للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الشرشف يغطي جميع بدنك وليس شفافاً بحيث تظهر البشرة من تحته، فهذا لا حرج في لبسه أثناء الصلاة، وكذا الحكم أيضاً في الجلال.
أما إن كان بغير المواصفات التي ذكرنا، فالصلاة فيه لا تصح، لأن ستر العورة شرط لصحة الصلاة، وانظري الفتوى رقم: 21460.
أما بخصوص تخصيص ثوب للصلاة فلا حرج فيه، بل ربما كان ذلك مستحباً في حق المرأة المرضع ومن في حكمها، قال الخرشي وهو في المذهب المالكي: وندب للمرضع ومن ألحق بها ثوب للصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/4894)
لاتقبل صلاة إلا بطهارة كاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة، يداعبني زوجي فينزل مني المني، ولم أكن أعرف أنه يجب اغتسال المرأة منه، وبقيت على هذه الفترة وكنت أصلي وأؤدي العبادات حتى في شهر رمضان، فماذا علي فعله؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، فلا تقبل صلاة إلا بطهارة كاملة، فإن كان ما يخرج منك عند الملاعبة منيا، فقد تلبست بالجنابة، والواجب عليك حينئذ هو الطهارة الكبرى، بغسل جميع البدن، وكل صلاة صليتها بدون غسل، فهي باطلة، تجب عليك إعادتها، وكذلك العبادات التي تشترط لصحتها الطهارة، مثل الطواف في الحج أو العمرة.
وإن كان ذلك (خروج المني) في نهار رمضان وفي حالة الصوم، فيجب عليك قضاء أيام الصوم التي خرج منك فيها المني بالملاعبة.
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الكفارة.
هذا إذا علمت أن الخارج مني.
أما إذا كان الخارج مذيا، فالواجب حينئذ هو غسل الفرج والوضوء فقط، فلا يجب الغسل من المذي، وعلى ذلك، فتكون كل العبادات التي فعلتها بالوضوء من المذي صحيحة -إن شاء الله تعالى- إلا أنه إذا كان ذلك يحدث في النهار وأنت صائمة، فيجب عليك القضاء.
ولمعرفة الفرق بين المذي والمني، فإن مني الرجل أبيض خاثر، فيه لزوجة..
ومني المرأة أصفر رقيق، والمني لا يخرج عادة إلا عند الشهوة الكبرى، وله تدفق عند النزول.
وأما المذي، فليس كذلك، فيخرج عند الشهوة الصغرى، بالملاعبة أو التذكار، وهو سائل رقيق يميل إلى البياض.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 19776، 32329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(11/4895)
أهمية المحافظة على الصلوات في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي الأدلة، من القرآن والسنة، ومن أقوال كبار العلماء والأئمة على أن أداء صلاة الصبح واجب قبل طلوع الشمس؟ أرجو الإجابة على شكل مقال مختصر لكي أقوم -إن شاء الله- بتوزيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى أداء الصلوات في وقتها وتوعد بالعذاب من يضيعها ويؤخرها عن وقتها من غير عذر، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النساء:103] .
وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
وقد فسر ابن عباس إضاعة الصلاة بتأخيرها عن وقتها، وقال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
وقد فسر سعد بن أبي وقاص السهو عن الصلاة بإضاعة الوقت في اللهو حتى يخرج وقت الصلاة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان وقت صلاة الصبح: ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس. رواه مسلم.
وقال: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(11/4896)
يحب على المقيم أن يصلي الصلوات في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مكان بعيد، وأحيانا كثيرة أصل للبيت بعد
أذان العصر فلا أصليها بأول وقتها، فهل يجوز لي أن أجمعها مع صلاة الظهر؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المقيم أن يصلي الصلوات في أوقاتها المحددة لها، لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء: 103] .
قال ابن عباس وابن مسعود: إن للصلاة وقتا كوقت الحج، أي زمن معين تصلى فيه.
وعليه، فيجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها.
وكونك لا تستطيع أن تصلي العصر في أول الوقت، لا يبيح لك الجمع إذا كنت تستطيع أن تصليها في وسط الوقت أو آخره.
إلا إذا كانت المسافة بين مكان العمل وبين البيت مسافة سفر، فعندها يجوز لك الجمع بين الظهر والعصر لأجل السفر، ويجوز لك القصر أيضا.
أما إذا لم تكن المسافة مسافة سفر، وكنت تستطيع أن تصلي العصر في وقتها، فلا يجوز لك الجمع.
ولمعرفة المسافة المعتبرة للسفر، راجع الفتوى رقم: 1535 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(11/4897)
الصلاة عبادة بدنية محضة لا تدخلها النيابة
[السُّؤَالُ]
ـ[كما توضح لك فأنا أسكن بالقدس الشريف، فهل يجوز لي أن أصلي لشخص لا يستطيع الصلاة فيه لأنه بعيد عنه (عن المسجد الأقصى) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يصلي أحد عن أحد، ذلك أن الصلاة من العبادات البدنية المحضة التي لا تدخلها النيابة، وعليه، فلا يصلح أن تصلي لهذا الشخص الذي لا يتمكن من الصلاة في الأقصى لبعده عنه.
وإن كان المراد أنك تصلي نافلة ثم تهبي ثوابها لهذا الشخص، فهذا أجازه جماعة من أهل العلم.
وراجعي المسألة في الفتوى رقم: 8132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/4898)
الجمع بين نية صلاة الضحى وتحية المسجد وسنة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا دخلت المسجد بعد الوضوء وكان وقت الضحى، فهل أصلي سنة الوضوء وتحية المسجد وركعتي الضحى بنية واحدة أو كل نية بركعتين، يعني هل جمعه بركعتين جائز، أفتوني في ذلك ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أن تصلي ركعتين وتنوي بهما سنة الوضوء وتحية المسجد وركعتي الضحى، وذلك لأن سنة الوضوء وتحية المسجد غير مقصودتين بذاتهما، وإنما المقصود هو إيقاع ركعتين أياً كانت، أما الضحى فهي مقصودة بذاتها، ولذا فلا بد من تخصيصها بالنية، وراجع الفتوى رقم: 29631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/4899)
كان يصلي العشاء أحيانا وأحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل صحيح أنه كلما أخرنا صلاة العشاء كان أفضل، أي أن النبي كان يصليها متأخرا ثم ينام؟ وإذا كان نعم فلماذا إذن يصليها الناس في المساجد بعد الأذان بقليل كباقي الصلوات؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت عدة أحاديث تدل على استحباب تأخير صلاة العشاء، منها ما رواه أحمد ومسلم والنسائي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء الآخرة.
وروى أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بالعتمة "أي أخر صلاة العشاء إلى وقت العتمة وهو ثلث الليل الأول"، فنادى عمر نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما ينتظرها غيركم، ولم تصل يومئذٍ إلا بالمدينة، ثم قال: صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل. رواه النسائي.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن تأخير صلاة العشاء كان من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لولا المشقة لأمر به أمته.
ولكن ينبغي أن يُعْلَمَ أنه إذا ترتبت على التأخير مشقة على المصلين، أو ترتب عليه ترك صلاة الجماعة فإنه لا يشرع التأخير حينئذ بل يكره، وصلاتها في أول وقتها مع الجماعة أفضل.
قال ابن قدامة في المغني: وإنما يستحب تأخيرها للمنفرد ولجماعة راضين بالتأخير، فأما مع المشقة على المأمومين أو بعضهم فلا يستحب بل يكره. انتهى.
وقال ابن تيمية في شرح العمدة: وما في التأخير من الفضيلة إنما يقصد لو لم يَفُتْ ما هو أفضل منه. انتهى.
وينبغي أن يعلم كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يؤخرها دائماً، بل كان أحياناً يصليها في أول وقتها مراعاة للمأمومين، كما قال أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: والعشاء أحياناً وأحياناً إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخرها. رواه البخاري.
وبهذا يعلم السائل جواب قوله: فلماذا إذن يصليها الناس في المساجد بعد الأذان بقليل كباقي الصلوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/4900)
لا خير في عمل يشغل عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حق الفرد يأتي قبل حق الله سبحانه وتعالى في العبادة -أي حين دخول وقت الصلاة- مثلا لو جاء وقت صلاة المغرب وأنا عندي عمل لا أتركه حتى لو جاء وقت صلاة العشاء -حيث يوجود زميل لي في العمل قال إن معه فتوى من رئيس مستشارين في وزارة الأوقاف أخبره بأن حق صاحب العمل عليه قبل حق الله سبحانه وتعالى، أي أن يؤدي الصلوات بعد ذلك في وقت غير العمل، حتى لو فات وقت الصلاة فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلاة أثناء الخدمة إذا حان وقتها فرض، ولا يجوز عقد الإجارة على تأخير الصلاة حتى ينقضي وقت العمل، فوقت الصلاة مستثنى من وقت الإجارة، وإذا كان رب العمل يأبى ذلك حرم العمل معه، وعلى العامل حينئذ أن يبحث عن عمل آخر، فلا خير في عمل يشغل عن الصلاة، ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم:
32624 والأجوبة المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(11/4901)
حكم الصلاة في منزل بني بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ قام بأخذ قرض من المصرف وأتت جميع الدفعات وهي عليها فوائد مصرفية أي تعتبر ربا فما الحل مع العلم بأن المنزل قد تم بناؤه وقد وردني أن الصلاة به حرام هل هذا صحيح؟ وهل من كفارة على ذلك المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما قام به أخوك من الاقتراض بالفائدة ربا، فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى، ولكم أن تراجعوا الفتويين التاليتين:
1986، 6933، ففيها أدلة التحذير من الربا، وبيان ما يفعله من عليه قرض ربوي انقضى أو لا يزال مستمرا.
أما الصلاة في هذا المنزل الذي بني بقرض ربوي، فللعلماء في مثل هذه المسألة قولان:
الأول: صحة الصلاة مع الإثم، وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء، وهو الراجح.
والثاني: هو عدم صحة الصلاة، وهو قول الإمام أحمد.
فإن كان أخوكم هذا قد تخلص من الربا أو تاب منه، فالصلاة صحيحة، ولا إثم عليكم، إذ أنه لا يطالب شرعا بهدم هذا المنزل، لأنه من الإفساد في الأرض، وإن لم يفعل ذلك فالإثم عليه، وصلاتكم صحيحة -إن شاء الله-.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/4902)
حكم صلاة المرأة التي انكشف شيء من شعرها أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
سؤالي هو: أنه إذا ظهر شيء من شعر المرأة في الصلاة وهي شعرت بذلك، هل يجب أن تدخله وهي تصلي أم تقطع الصلاة أم تكمل الصلاة؟ وأشكركم على هذا الموقع المميز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن انكشاف شيء من شعر المرأة في الصلاة لا يمنع صحة الصلاة إذا بادرت إلى ستره بسرعة، قال ابن قدامة في المغني: فإذا انكشفت عورته من غير عمد فسترها في الحال من غير تطاول الزمان لم تبطل لأنه يسير من الزمان. انتهى.
وشعر رأس المرأة جزء من عورتها لا يجوز لها كشفه في الصلاة وذهب المالكية إلى أنه يستحب للمرأة إعادة الصلاة في الوقت إذا ظهر رأسها أو أطرافها، قال الدردير ممزوجا بنص خليل بن إسحاق: وأعادت الحرة الصلاة لكشف صدرها وأطرافها من عنق ورأس وذراع وظهر قدم كلا أو بعضاً، ومثل الصدر ما حاذاه من الظهر في ما يظهربوقت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(11/4903)
تأخير العشاء عن أول وقتها جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبدأ عملي مبكرا جداً فأستيقظ الساعة الثالثة صباحاً وبالطبع أنام مبكراً هل يجوز لي أن أوخر صلاة العشاء إلى هذا الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تصل الصلاة المفروضة جماعة مع المسلمين في مساجدهم، قال تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى لهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم رواه مسلم موقوفاً. ومن كان له عذر شرعي كمرض وخوف على النفس أو المال، ونحو ذلك من الأعذار، جاز له أن يصلي منفرداً.
وأما تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها، فجائز لمن كان سيصلي جماعة وإلا صلاها في أول وقتها مع الجماعة، ووقت العشاء يبدأ بمغيب الشفق الأحمر، ويمتد إلى ثلث الليل وقيل إلى نصفه، وأما بعد نصف الليل فهو وقت ضرورة لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لعذر، وحساب الليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ولمعرفة نصفه أو ثلثه يحسب عدد الساعات بين الوقتين، ويُقسم على اثنين لمعرفة النصف أو على ثلاثة لمعرفة الثلث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/4904)
لا بأس بالصلاة ما دام العشب طاهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة على العشب المبتل بماء طاهر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تحققت طهارة المكان، فلا بأس بالصلاة فيه، ولا ضرر من وجود البلل المذكور، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد قال: فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته.
أما إذا عُلم يقيناً أن هذا الماء نجس، أو وقع على موضع نجس فلا تجوز الصلاة فيه، لتخلف أحد شروط صحة الصلاة وهو طهارة البقعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(11/4905)
حكم انكشاف عورة الإمام أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل انكشاف جزء من عورة الإمام أثناء الصلاة يفسد صلاة المأمومين؟ بارك الله فيكم.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن انكشاف عورة الإمام لا يفسد صلاة المأمومين، وتبطل صلاة الإمام إذا انكشفت عورته المغلظة، ويستحب له أن يستخلف على المصلين من يُتِمَّ بهم الصلاة، وإذا لم يفعل فيستحب للمأمومين أن يقدموا من يتم بهم الصلاة، وإذا صلوا فرادى فصلاتهم صحيحة إن شاء الله تعالى.
أما إذا كان ما انكشف من عورته ليس من العورة المغلظة، فإنه يستره ويتمادى في صلاته، وهي صحيحة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/4906)
يشرع للمسلم أن يؤدي الصلاة في أي مكان طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إمرأة تعمل في أحد المستشفيات في قسم الحاسوب، حسب أقوالها المكان الوحيد في قسمها الذي تستطيع إقامة الصلاة فيه، هو عبارة عن مكان أو شبه غرفة صغيرة، فيه مغسلة ومكان مهيأ لتحضير المشروبات كالشاي أثناء العمل، وقسم من الغرفة فيها مرحاض، وليس هناك حائل بين المرحاض والمكان الآخر من الغرفة الذي فيه المغسلة، كما أن المرحاض في جهة القبلة.
هل تجوز إقامة الصلاة في مثل هذا المكان؟
أرجو الإفادة مع الدليل الشرعي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الطهارة الكاملة شرط في صحة الصلاة، الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وطهارة البدن والثوب والمكان من الخبث، وذلك لأدلة معروفة لعل السائل الكريم لا يحتاج لذكرها.
فإذا كان المكان الذي ذكره السائل الكريم طاهراً فلا مانع شرعاً أن تصلي فيه هذه الموظفة، وكذلك لا مانع من الصلاة داخل المطبخ أو مكان إعداد المشروبات أو الممر إذا وضعت فيه سترة خشية المرور، وكون المرحاض في اتجاه القبلة لا يؤثر على صحة الصلاة.
ولا ينبغي للموظفة أن تضيع الصلاة حتى يخرج وقتها بحجة أنه ليس هناك مسجد أو مكان مخصص للصلاة، فأي مكان طاهر داخل المكتب أو خارجه يشرع للمسلم أن يؤدي فيه الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(11/4907)
الله أحق أن يستحيا منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من صلى وهو على جنابة؟ وصلى لأنه معتاد على الصلاة مع الجماعة وهو في العمل فصلى خجلاً من أن يسأل من زملائه لم لا تصلي ويقول لهم إنه على جنابة علما أنه لم يمكنه الطهارة قبل الخروج للعمل وهل يجوز أن يقف معهم في الصلاة فلا يكبر تكبيرة الإحرام ويكون بذلك لم يصل؟ أم أنه يبطل صلاة الآخرين ويحمل إثمهم؟ وما عليه أن يفعل في هذه الحالة؟
أرجو اجابتي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي يناجي ربه، ولا يجوز للمسلم أن يقف بين يدي الله تعالى لمناجاته وهو على غير طهارة كاملة.
فإذا كان الشخص يستحي من الناس أو يخاف منهم، فإن عليه أن يستحي ويخاف من الله تعالى:
وكل ما استحييت منه بالورى فالله بالحياء كان أجدرا
وهذا دليل على نقص الإيمان وضعف الشخصية، وهو من صفات المنافقين الذين قال الله تعالى عنهم: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) [النساء:108] .
ويقول تعالى: (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ) [التوبة:62] .
وعلى من أصابته جنابة أو غيرها من الأحداث أن يتطهر، وهذا شيء عادي لا يخلو منه إنسان طبيعي، ولا يجوز للجنب أن يدخل المسجد ويقف مع المصلين، ولكنه إذا فعل ذلك لم تبطل صلاتهم، لأنه لا علاقة له بهم، والله تعالى يقول: (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام:164] .
ولمزيد من الفائدة نحيلك إلى الفتوى رقم: 8333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(11/4908)
النافلة التي ليس لها سبب لا تصلى في أوقات النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[1- إذا انتهى أحدنا إلى الصف وقد تم هل يجذب إليه رجلاً يقيمه إلى جنبه أم يصلي لوحده في الصف؟
2- هل تجوز الصلاة في وقت الغروب أو الشروق إذا كانت صلاة فريضة أو نافلة أم تؤجل إلى حين آخر؟
3- ما حكم النذر؟ ومن نذر شيئا ولم يستطع أن يوفي به فما عليه أن يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عليه قضاء فريضة فيجب عليه الإسراع بقضائها في أي وقت كما سبق في الفتوى رقم: 5251.
أما النافلة التي ليس لها سبب فلا تصلى في أوقات النهي والتي منها وقت شروق الشمس وغروبها وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
7392.
أما حكم النذر فقد سبق في الفتوى رقم:
5526، كما سبق حكم من نذر نذراً وعجز عن الوفاء به في الفتوى رقم: 3274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/4909)
الحياء من الناس لا يسوغ الصلاة بغير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله عنا كل الخير
ما حكم من صلى وهو عليه جنابة؟ وصلى لأنه معتاد على الصلاة مع الجماعة وهو في العمل فصلى خجلاً من أن يسأل من زملائه لم لا تصلي ويقول لهم إنه عليه جنابه، علماً بأنه لم تمكنه الطهارة قبل الخروج للعمل.
وهل يجوز أن يقف معهم بالصلاة فلا يكبر تكبيرة الإحرام ويكون بذلك لم يصلي أم أنه يبطل صلاة الآخرين ويحمل إثمهم؟ وماذا عليه أن يفعل في هذه الحالة؟ أرجو إجابتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإن الإنسان إذا كان جنباً وصلى قبل الغسل فقد ارتكب معصية عظيمة، وعليه أن يتوب منها إلى الله تعالى لأن صلاته باطلة لفقد أحد شروطها وهو الطهارة، والحياء من الناس لا يسوغ تركه لهذا الغسل وليس هذا من الحياء المشروع.
وبخصوص دخوله في الصف وتظاهره بأنه يصلي حياء فإن كان هذا في المسجد فالصحيح أن ذلك لا يجوز لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب. رواه ابن ماجة، لكن الجنب إذا مس غيره في الصلاة فذلك لا يبطلها لأن الجنابة أمر معنوي فعلى هذا الشخص أن يبادر إلى أداء الغسل وقضاء تلك الصلوات التي مضت عليه بعد الجنابة.
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم:
8333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/4910)
مات بعد الأذان ولم يصل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.....
ما حكم من مات وعليه صلاة، أي أنه مات وكان قد رفع الأذان ولم يصل أي أنه تجاهل الصلاة لسبب معين ولم يؤدها في وقتها ثم مات قبل أن يؤديها؟ مع الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الرجل قد مات، وهو لم يتمكن من أداء الصلاة فنرجو أن لا يؤاخذه الله بها، أما إذا تمكن من أدائها فقصر في ذلك حتى مات، فإنه مؤاخذ بذلك لكن لا يقضيها وليه عنه لأن الصلاة من العبادات التي لا تجزئ فيها النيابة.
كما هو مبين في الفتوى رقم:
9656.
وعلى وليه أن يكثر له من الاستغفار والدعاء والصدقة لعل الله يغفر له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(11/4911)
هل يجبر المعتوه ومن في حكمه على التكاليف الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت مريضة بالصرع ولديها تأخر في نمو العقل وكانت تصلي ولله الحمد وعمرها يقارب 22 عاما ولكن منذ سنة واحدة إذا طلبنا منها أن تصلي ترفض وتقول لا أستطيع الصلاة ولا حتى الصوم فنحن في حيرة من ذلك فماذا نفعل هل نجبرها على الصلاة علما أنها كانت تصلي بمجرد سماع الأذان أما الآن فهي لا تعرف ترتيب بعض إخوتها في السن فهي تقول فلان أكبر من فلان والعكس صحيح ونعلمها الصحيح وسرعان ما تنسى فأسأل الله العزيز الحكيم أن يشفيها ويشفي جميع مرضى المسلمين والمسلمات أفتونا في ذلك ولكم جزيل الشكر والعرفان وجزاكم الله خيراً........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العقل هو أساس التكليف، فمن كان مجنوناً أو معتوهاً، لا تصح تصرفاته شرعاً ولا تترتب عليه آثارها.
والذي يظهر من حال هذه الأخت أنها في حالة أشبه بحال المعتوه، وإذا كان الأمر كذلك فإنها غير مكلفة، فلا تجبر على الصلاة ولا على شيء من التكاليف الشرعية.
قال ابن قدامة في المغني: (والمجنون غير مكلف، ولا يلزمه قضاء ما ترك حال جنونه، إلا أن يفيق وقت الصلاة، فيصير كالصبي يبلغ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن.
ولأن مدته تطول غالباً فوجوب القضاء عليه يشق، فعفي عنه) . انتهى كلامه.
فنسأل الله تعالى لهذه الأخت الشفاء، وعليكم طلب العلاج لها، لا سيما الرقية الشرعية، والدعاء لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(11/4912)
المعذور وصلاته وإمامته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال في الطهارة.. أرجو إفادتي: عندما أدخل الخلاء لقضاء الحاجة والوضوء للصلاة وبعد فترة وبعد دخولي بالصلاة (مع العلم أني أصلي بالناس - دائمًا-) أشعر في أثناء الصلاة بنزول شيء من (الفرج) ، وهذا الشيء تعودت عليه وأعلم ما هو.. هو المني، ولكن طالما استحييت أن أخرج من الصلاة كثيراوأنا إمام المسجد.. وهذا بدون شهوة أو التفكير فيه.. ولم أجد خدرًا فيه أو شهوة في قُبلي..وهذا الأمر يضايقني كثيرًا ويصعب عليَّ أن أخرج من الصلاة وأعيد وضوئي وصلاتي؟
أفيدوني أثابكم الله..وجزاكم الله خيرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شروط صحة الصلاة الطهارة، لقوله - صلى الله عليه وسلم- "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" رواه مسلم.
والإجماع منعقد على ذلك، ولا يجوز لأحد أن يصلي بغير طهارة، وإن كان معذوراً -كالمصاب بسلس البول- فإن عليه أن يتطهر ثم يصلي على حاله.
والسائل إن كان مصاباً بمرض بحيث يؤدي ذلك إلى نزول المني منه بشكل دائم بدون انقطاع ولم يستطع التداوي منه فعليه أن يتوضأ، والأولى له أن يلف على ذكره خرقة حتى لا ينزل المني على الثياب -خروجاً من خلاف بعض أهل العلم في نجاسة المني- وهذا إذا تأكد بأن الخارج مني، أما إذا كان مذياً، فإنه نجس يجب عليه أن يتحرز من أن يقع على بدنه أو ثيابه فيلف الخرقة وجوباً، ولا يكون صاحبه إماماً لغير شخص معذور مثله، أما إذا كان نزول هذا النازل غير مستمر، بأن كان ينزل في وقت دون آخر فعليه أن يتحين وقت انقطاعه ثم يتوضأ ويصلي.
وما أشار إليه السائل من أنه يستحي أن ينصرف من الصلاة وهو إمام، فإن هذا الحياء حرام، وصاحبه مذموم غير محمود، وعليه التوبة والاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1423(11/4913)
هل يصلى المغرب في الطائرة والشمس مشرقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على الطائرة أو السيارة إذا كانت الرحلة طويلة علما أنني مررت بهذا الموقف حيث سافرت من فلسطين بالطائرة الساعة العاشرة صباحا أي قبل أذان الظهربساعتين تقريبا وكانت الرحلة مباشرة إلى أمريكا حيث استغرقت 12 ساعة متواصلة فما كان مني إلا أنني صليت الظهر والعصر وأنا جالس على كرسي الطائرة؟ هذا من جانب ومن الجانب الآخر أنه بعد مرور ست ساعات من الطيران على ساعتي حسب توقيت بلدي حان أذان المغرب ولكن نتيجة للسفر غربا كانت الشمس مشرقة وكذلك حان وقت العشاء والشمس مشرقة، فلم أدر ما أعمل أأصلي حسب توقيت بلدي المغرب والعشاء أم ماذا علما أنني وصلت المطار في أمريكا والشمس ما زالت بازغة وكذلك حصل في العودة حيث خرجت ليلا من أمريكيا ووصلت إلي بلدي عصرا، فما حكم الصلوات في مثل هذه الحالة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلمعرفة حكم الصلاة في الطائرة، وكيفية ذلك راجع الفتوى رقم:
381
-واعلم أنه لا يجوز لك أن تصلي المغرب أو العشاء في الطائرة ما دامت الشمس طالعة، ولو دخل وقتهما في بلدك على حسب الساعة، ولكن عليك أن تنتظر حتى تغرب الشمس، لأن دخول وقت صلاة المغرب بمغيب الشمس ولا يتعلق ذلك بساعة معينة، وكذلك الحال بالنسبة لصلاة الظهر والعصر، فما دامت هناك شمس تطلع وتغرب وشفق وزوال خلال أربع وعشرين ساعة فيلزم التقيد بالعلامات التي وضعها الشارع أمارة على دخول أوقات الصلوات الخمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(11/4914)
شروط الصلاة قسمان: شرط وجوب وشرط صحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كم هي شروط الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فشروط الصلاة قسمان: شروط وجوب وشروط صحة. فأما شروط الوجوب فالإسلام والبلوغ والعقل والخلو من الموانع كالحيض. فتجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل خال من الموانع (كالحيض والنفاس بالنسبة للأنثى) . وأما شروط الصحة فهي: 1. دخول الوقت: لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً) [النساء: 103] . 2. الطهارة من الحدثين: الأصغر والأكبر، بالوضوء والغسل أو التيمم لقوله تعالى: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) [المائدة: 6] . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" رواه الجماعة إلا البخاري. 3. الطهارة عن الخبث (النجاسة الحقيقية) ويشترط ذلك للثوب والبدن والبقعة التي يصلى فيها، قال تعالى: (وثيابك فطهر) [المدثر: 4] . 4. ستر العورة لقوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف: 31] قال ابن عباس: الثياب في الصلاة. ولقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه الخمسة إلا النسائي والحاكم، والخمار ما يغطي به رأس المرأة. 5. استقبال القبلة لقوله تعالى: (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) [البقرة: 150] . وهذا بالنسبة للفريضة وأما النافلة فإن للراكب أن يتجه فيها حيث اتجه به مركوبه ولو خالف جهة القبلة 6. النية: هي شرط من شروط صحة الصلاة عند جمهور أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/4915)
أحكام إيقاظ البالغ وغير البالغ لأجل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا كان والداي لا يريدان مني أن أكرر نصيحة الأمر بالصلاة لأخي الصغير وهو عمره 8 سنين، ولا يريدان مني أن أوقظه لصلاة الفجر، ولا يريدان مني أن أوقظ إخواني البالغين لصلاتي العصر والفجر، فإذا فعلت ذلك يغضبان علي. فهل يكفي أن أوقظ إخواني البالغين مرة لكل صلاة لأني أكرر النصح والتذكير لهم؟ ويقولان لي لا تكرري علينا النصح كثيرا لأن الدين ليس بالقوة، وإذا عملنا عمل خير نعمله لوجه الله وليس لأجلك. فما الحكم فضيلة الشيخ أثابكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وضربه عليها إذا بلغ عشرا، وذلك فيما رواه أبو داود وأحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.
وعليه؛ فلا بد من أمرهم بالصلاة إذا بلغوا سن السابعة، وترغيبهم فيها بكل سبيل، كما بيناه في الفتوى رقم: 8140.
أما بالنسبة لحال أخيك الذي لم يبلغ العاشرة فهذا ينبغي الرفق به في أمر الصلاة خصوصا صلاة الفجر - لشدتها ومشقتها على من كان في مثل سنه - فإنه لم تجب عليه الصلاة بعد، بل ولم يبلغ السن التي يضرب فيها على الصلاة.
وقد سأل سائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال: لي ولد عمره حوالي تسع سنوات هل أوقظه لصلاة الفجر؟ فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا كان للإنسان أولاد ذكور أو إناث بلغوا عشر سنين فليوقظهم وما دون ذلك إن أيقظهم ليصلوا في الوقت فهذا هو الأفضل، وإلا فلا إثم عليه، ولكن الاختيار أن يوقظهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. انتهى.
أما بخصوص إيقاظ البالغين للصلاة فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والراجح أنه يجب إيقاظهم إذا خيف خروج وقت الصلاة.
جاء في تصحيح الفروع للمرداوي: لو دخل وقت صلاة على نائم هل يجب إعلامه أو لا يجب. أو يجب إن ضاق الوقت؟ جزم به في التمهيد وهو الصواب؛ لأن النائم كالناسي، والقول بوجوب إعلامه بدخول الوقت مطلقا ضعيف جدا. انتهى.
وعلى ذلك فالواجب عليك هو أن توقظي إخوتك إن خفت خروج وقت الصلاة على أن يكون هذا بأسلوب رفيق لين، فإن خفت حصول مفسدة من جراء تكرر نصحك لهم، وكان خوفك مستندا إلى يقين جازم أو ظن غالب بحصول المفسدة، فلا حرج عليك حينئذ في تركهم؛ لأن من شروط وجوب إنكار المنكر وجود القدرة وغلبة المصلحة، كما بيناه في الفتوى رقم: 124424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(11/4916)
مريض الفصام.. والتكاليف الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي مريض بالفصام ويأخذ العلاج وحالته مستقرة ـ نوعا ما ـ تحت العلاج ولا يمكنه البقاء بدون دواء ومن الممكن أن تسوء حالته في أي وقت وهو يسأل، لأنه أحيانا لا يجد الرغبة في الصلاة فيصليها مرة ويتركها أخرى، ف هل يحاسب على ذلك، لأن الوسواس يضغط عليه بأن الله لن يرحمه ومصيره النار؟ وأحيانا يكفر ويسب ويبكي ويستغفر وحاله هكذا، فهل يعتبر ـ شرعا ـ مجنونا؟ أم عاقلا؟ وهل القلم مرفوع عنه؟ أريد فتوى خاصة، لأنني لا أستطيع أن أفتيه ليرتاح نفسيا وأغضب خالقي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافي أخاك ويشفيه، والذي نعلمه عن طبيعة هذا المرض أن له تأثيرا في العقل، وأن صاحبه قد تأتي عليه أوقات لا يستطيع فيها السيطرة ولا التحكم في أفعاله وسلوكه، وتصدر عنه أشياء رغما عنه، ولا شك أن من هذه حالة أنه لا يؤاخذ بأفعاله، ولا شيء عليه فيها وهو في حكم المكره أو المجنون والمعتوه، وفي هذه الحال لا يكلف بالصلاة، ولا يجب عليه قضاء ما فاته حال إصابته ـ سواء طال الزمن أم قصر ـ وإذا كان يفيق أحياناً ويدرك في وقت إفاقته جزءاً من وقت الصلاة فيجب عليه القضاء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 116732، وما أحيل عليه فيها.
ولكن تقدير حالة الأخ المسئول عنه، وهل وصلت إلى هذه الدرجة يرجع فيها إلى الأطباء المتخصصين، فإن المرض يتفاوت وأثره يختلف بحسب الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(11/4917)
العقل الإرادة من مقومات التكليف الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والله أريد أن أعرف شيئا متعلقا بمدى مسؤولية المسحور الذي وقع تحت تأثير السحر وخاصة إذا كان السحر من النوع القوى التدميري كأن يكون سحر تخيل أو غيره من الأسحار القوية، أريد أن أعرف مدى مسؤوليته في ما يقع منه من ذنوب ومعاصي كالسب والشتم وأنت تعرف أن الشياطين يجعلون المسحور يفعل أشياء كفرية والعياذ بالله، أنا قرأت في منتدى الشبكة الإسلامية أن كل ما يصدر من المسحور وهو في غير وعيه لا يحاسب عليه أو إذا كان يعي ما يقول ولكنه لا يستطيع أن يتحكم في نفسه ولا إرادة له فهو غير مكلف ولا يأثم بما يصدر عنه من معاصي، وعلى الجانب الآخر قد قرأت للجنة الدائمة للفتوى عن مدى مسؤولية الممسوس أو المسحور فيما يصدر منه من ذنوب فقد قالوا الآتي: فإذا كان به من المس بحيث صار به في حد من لا يعقل، أو لا يدرك ما يقول ويفعل، فهو معذور، وقد رفع عنه القلم حتى يفيق؛ لأنه يشبه المجنون، وقد روى أبو داود (4398) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ) . صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3513) وغيره. وأما إذا كان به مع المس بعض عقله، بحيث أنه يدرك بعض الإدراك، ويفهم بعض الفهم، فهو مسؤول عما يقول ويفعل بحسب إدراكه وفهمه، وعلى من يلي أمره مراعاة ذلك، والحرص على العناية به وتذكيره.
سؤالي رقم 1: هنا يا شيخ أين الصواب في ذلك لأني احترت والله وأريد أن أعرف فقد ذكرتم أنه ولو كان الإنسان مدركا ولكن لا يستطيع أن يتحكم في نفسه ولا إرادة له فلا تكليف عليه، وعلى النقيض الآخر رأي اللجنة الدائمة في أنه إذا كان معه بعض من العقل وشيء من الإدراك فإنه مكلف ويؤاخذ بما فعل. فأريد أن أعرف أيهما الصواب هل رأيكم في المنتدى أم رأي اللجنة الدائمة في مسألة إذا كان معه شيء من العقل والإدراك فإنه يكلف ويحاسب أم رأي فضيلتكم في المنتدى إذا كان معه إدراك ولكنه لا يستطيع أن يتحكم في نفسه ولا إرادة له فإنه غير مكلف. فأيهم الصواب في الاثنين؟
سؤالي رقم 2: كذلك أريد أن أعرف حكم من صار في حالة تشبه المعتوه وهو من اختل عقله وإدراكه بسب السحر الذي أثر عليه وصار يخرف بالكلام مثل المجانين مثل الذين يحاورون أنفسهم ويسبون وكأنه مثل الواقع تحت تأثير المخدر وذلك بسبب تأثير السحر عليه، ووجد نفسه مدفوع بالكلام ولا يستطيع التحكم في نفسه ولا إرادته وإن كان معه شيء من الإحساس ولكن هذا الإحساس كأنه مثل مخدر واقع تحت تأثير البنج أو المخدر فهل هذا الشخص مكلف أم لا؟
سؤالي رقم 3: هل أنا ملزم بفتوى واحدة أم يجب علي البحث وأخذ الفتوى من أكثر من مفت علما أنه يمكن أن أجد اختلافا في الفتوى بين المشايخ؟ فأيهما الصواب في حالة إذا كان هناك اختلاف في الفتاوى وما هو المفترض أن آخذ به؟
سؤالي 4: ما هو تعريف المذهول وهل يؤاخذ شرعا أيضا؟ وهل أيضا من أصابه ذهول بسبب السحر هل هو مؤاخذ أيضا أم لا؟
أنا آسف على الإطالة أرجو من فضيلتكم الإجابة لي عن الثلاثة أسئلة وخاصة السؤال الثاني للأهمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تعارض بين الفتويين، لأن التكليف الشرعي لا بد أن يتوفر لصاحبه العقل والإرادة، فإذا فقد العقل لم يكلف، وإذا كان مكرها لم يكلف، فمن كان غير مدرك لم يكلف لفقده العقل، ومن كان لا يستطيع التحكم في نفسه وهو مدرك لما يقع منه ليس عليه شيء لأنه مكره ففي الحديث: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وبهذا تعلم أيضا أن من ذكرت في السؤال الثاني لا تكليف عليه.
واعلم أن من سأل عالما يثق بدينه وعلمه وأفتاه في أمر ما لا يجب عليه أن يسأل غيره، ويسعه تقليد الأول والعمل بفتواه.
وأما المذهول في اللغة العربية فمعناه الشيء المتروك، أو المنسي كذا قال صاحب اللسان. واسم الفاعل منه ذاهل ولا نعلم تعريفا علميا للذاهل ولا للمذهول، وأما المؤاخذة في الذهول الواقع بسبب السحر فالحكم فيها أن ما يقع منه بإكراه أو عن عدم إدراك لا يؤاخذ به.
وحكمه حكم الناسي والناسي غير مكلف، لما في الحديث السابق: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان....
وما فعله مدركا مختارا فهو مؤاخذ به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/4918)
هل يعتبر البالغ المتأخر في نمو العقل مكلفا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في أسرتنا فتاة عمرها 15 سنة، ومنذ الولادة تم تشخيص حالتها بأن عقلها متأخر النمو عن عمرها الحقيقي، والحمد لله كبرت وتتكلم وتمشي وتفهم الكلام لكنها متأخرة دراسيا بحيث يصعب عليها إخراج الحروف كمن في عمرها، وبطئية التعلم والفهم في المدرسة على الرغم من أنها تتصرف تصرفات جيدة في بيتنا.
ولقد بلغت السنة الماضية وأجبرناها على الصوم في رمضان ولكنا تعبت وغير مقتنعة بالصوم، وأفطرت أياما بعذر شرعي، وأفطرت أيام أخرى لأنها كانت مريضة وتقريبا أفطرت بحدود أسبوعين وهي لا تواظب على صلواتها، فقط إذا قلنا لها صلي صلت وإذا لم نقل لها التهت باللعب ولم تهتم بها. كيف وضعها هل هي محاسبة ومكلفة وماذا يجب علينا كأهل أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف الواجب على الأهل أن يحسنوا تربية أولادهم، قال تعالى: يَ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم:6} .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ... متفق عليه.
ومن أعظم ما يجب على الأهل نحو أولادهم تعليمهم الصلاة وأمرهم بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود وصححه الألباني.
أمّا عن هذه الفتاة متأخرة النموّ فهي مكلّفة ومسؤولة ما دامت بالغة عاقلة، وعليكم أن تجتهدوا في تعليمها ما يلزمها من أحكام الشرع وتأمروها بما يجب عليها من العبادات، وتصبروا على ذلك وتستعملوا معها الرفق والأسلوب الذي يلائمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(11/4919)
معنى قول الشافعي: من غلب على عقله.. لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد استفتيتكم في أسئلة سابقة عن مشكلتي وهي الوسواس في الطلاق، وأخبرتموني أن أتجاهل هذه الوساوس وقلتم لمزيد من الاطلاع انظر الفتاوى المرفقة ومن بينها الفتوى 102665 والتي فيها: قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: ... ومن غلب على عقله بفطرة خلقة، أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية، لم يلزمه الطلاق، ولا الصلاة، ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون، والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله. انتهى. فما معنى لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية فأنا والله دائم الوسوسة، وتكثر الوسوسة في أماكن الاختلاط كالأسواق عندما أنزل أشتري بعض المستلزمات، وقد يقع الإنسان في ذنب النظر الحرام نتيجة خروج النساء متبرجات، أو عند مشاهدة التلفاز مثلا، فالوسوسة ملازمة لي حتى وإن كنت جالسا في البيت، أو أثناء العمل، ومرة أتتني وأنا نعسان بين النوم واليقظة فلا أدري أقلت امرأتي كذا، أو قلت لو فعلت كذا فأنت كذا، لا أعلم لأني نعسان لم أكن في كامل وعيي، دائما يأتي في نفسي لو فعلت كذا تصبح امرأتي كذا بالخير أو الشر بسبب ومن غير سبب، فقد أوسوس إذا لم أصل العشاء في جماعة تصبح امرأتي كذا، لو قابلتك سيارة من هذا الطريق تصبح امرأتي كذا، ولشدة الوسوسة علي وكثرتها أصبحت أغلق فمي بالأوقات الطويلة وأضغط على لساني مخافة التلفظ، وفي مرة تذكرت معصية أو كنت قد وقعت في ذنب فوسوست في نفسي لو فعلت هذا الذنب ولا أذكر هل قلت سأطلق زوجتي أو تصبح زوجتي كذا-ليس حلفا بالطلاق أو تهديدا بالطلاق لعدم الوقوع في الذنب بل وسوسة من الوساوس التي تأتيني دائما- ولكني وقتها أذكر أني لم أتلفظ ولكني خفت من وسوستي بهذه المعصية، مع علمي وقتها أني لم أتلفظ، والذي جعلني أعتقد أني لم أتلفظ أني حدثت نفسي مخاطبا إياها أنت لم تتلفظ ولكن عندك شك في أنك تلفظت، فهذا الشك يجعلك ترهب وتخاف أن تقع في الذنب فلا تقترب من هذا الذنب حتى لا يحدث طلاق، وبالأمس تذكرت هذا الذنب وقلت في نفسي أني لم أتلفظ بها وأنها وسوسة، فوقعت في هذا الذنب وأظلمت الدنيا في وجهي. هل وقع طلاق أم لا؟ وكما أخبرتكم أنها كانت وسوسة والله ولا نية عندي للطلاق، وأقول لأني الآن أصبحت أشك هل تلفظت أم لا؟ فوالله إن كنت تلفظت فاللفظ مني بغير إرادة أو لم أستطيع أن أطبق فمي لحظتها، أو غلبت الوسوسة لساني من غير إرادة، وأنا بعد ما كنت جيد الذاكرة في هذه الوسوسة بدأ يلتبس علي الأمر. فهل أنا جلبت على نفسي الطلاق بالمعصية؟ فكما أخبرتكم أني دائم الوسوسة في الطلاق حتى إنها تأتيبي كثيرا أثناء الصلاة، فاليوم وأنا جالس في العمل وفجأة جاء لفظ صريح الطلاق-أنت كذا- فأهملت الوسوسة لبرهة أو أهملتها للحظات ولم أعرها اهتماما، ولم أخف منها كما أخاف من الوسوسة كعادتي، وقلت هذه وسوسة وقلت لو نطقت فأنت معذور لغلبة الوسوسة على نفسي، وقول بعض أهل العلم لي الذين سألتهم أني موسوس ولا طلاق لي بطمأنية، وأن الموسوس لا يقع طلاقه، وبعد فترة جلست أسترجعها وأحسست أني تلفظت وقتها ولكني لم أسمع صوتا ولم أحس أن لساني تحرك بها، ولكن كان لها صدى في نفسي كبيرا لأني وقتها لم أكن مطبقا على لساني أو كان فمي مفتوحا، والغالب على ظني وأتيقن منه بنسبة كبيرة أني ما تلفظت وفي نفس الوقت أخشى أن أكون قد تلفظت. فهل وقع مني طلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يعجل لك العافية والشفاء من هذا الداء الوبيل، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ومكره.
واعلم أيها السائل الكريم أن كل ما ذكرت ليس من الطلاق في شيء بل ولا يعتبر شبهة طلاق، بل ما هو إلا وساوس بالصدر بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة.
والواجب عليك هو أن تعرض عن هذا كله، وتستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم، وننصحك بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي مسلم متدين، فقد جربت العقاقير الطبية في علاج الوساوس فكان لها أثر كبير وفائدة عظيمة بفضل الله سبحانه.
وأما قول الشافعي رحمه الله تعالى:.... لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية. فليس معناه ما ذهبت إليه، بل معناه أنه لم يكن سببا في تغييب عقله بتناول محرم من خمر ونحوه، لأن من فعل ذلك وأدخل السكر على نفسه بمحرم فعند ذلك يلزمه الطلاق، والحدود كلها، والفرائض على مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.
جاء في كتاب الأم: قال الشافعي رحمه الله: ومن شرب خمرا أو نبيذا فأسكره فطلق لزمه الطلاق، والحدود كلها، والفرائض، ولا تسقط المعصية بشرب الخمر، والمعصية بالسكر من النبيذ عنه فرضا ولا طلاقا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(11/4920)
بلغت من العمر 15 سنة، ولم ترشد
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 15 سنة، ولم أرشد. هل المفروض أن أصوم رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا علامات بلوغ الذكر والأنثى، وذكرنا أنها إما خروج المني، أو إنبات الشعر الخشن حول القبل، أو بلوغ السن وهو خمس عشرة سنة هجرية، وتزيد المرأة علامة رابعة هي الحيض، وانظري لذلك الفتويين رقم: 10024، 26889.
فأي هذه العلامات وجد أولاً فقد صار بها العبد بالغاً وجرى عليه قلم التكليف، فإذا كان قصدك بكونك لم ترشدي أنك لم تحيضي فبلوغك السن هو علامة البلوغ في حقك، وإذا كنت قد بلغت قبل ذلك بإنبات الشعر الخشن حول القبل، أو بخروج المني، فأنت مكلفة من ذلك الوقت الذي وجدت فيه تلك العلامة، ومن ثم فيجب عليك أن تصومي رمضان، لأنك الآن مكلفة بلا شك.
وإذا كان مقصودك بكونك لم ترشدي الرشد الذي هو ضد السفه فهذا ليس من علامات البلوغ بل قد يكون العبد بالغاً كبير السن وهو لا يحسن التصرف في أمر الأموال، فلا يسمى رشيداً وإن كان مكلفاً بلا شك. وإن كان مقصودك سوى هذا فبينيه لتتسنى لنا إجابتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(11/4921)
الصلاة ساقطة عن المختل عقليا
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سبع سنوات أصابت أبي حالة نفسية، مما أصابه بمرض في المعدة جعله لا يتذكر أغلب الأمور ولا يتكلم مع عائلته فلا أدري هل ابي عاقل أم به جنون؟ أم أصابه مرض الزهايمر؟ أعاذنا الله منه، فذهبنا به إلى الأطباء ولكن الفحوصات تثبت أنه غير مصاب بمرض، فذهبنا به إلى قراء القرآن فلم ينفع معه ذلك. فأبي يكون دائما جالسا نأتي إليه بالطعام والشراب، وعندما يكون نائما غالبا ما يتبول أو يقضي حاجته فوق نفسه، ولايذهب الى الحمام بنفسه، ولايقول لأحد أن يساعده بأن يوصله إلى الحمام، فالمشكلة ليست هنا، بل المشكلة الأخطر من هذه أن ابي لا يصلي فقبل سنة سألت أبي يوما هل يا أبي تصلي الصلوات المفروضة قال لا، فقلت لماذا لا تصليها؟ فسكت ولم ينطق بحرف، فعزمت أن أعلمه الصلاة ففي الفجر أيقظت أبي من نومه، وذهبت به إلى الحمام لكي يتوضا، فعلمته كيف يتوضا ثم أجلسته فوق الكرسي، فعلمته كيف يصلي بأن أقول له قل الله أكبر فيقول الله أكبر إلى أن ينتهي من صلاته، فكنت أعلمه لمدة شهر، وبعد الشهر تركته على حاله، ولكنه لم يصل فبكيت على ذلك، لأن أبي كان قبل 7 سنوات سباقا إلى المسجد ليصلي صلاته، فماذا أفعل؟ هل أصلي الصلوات التي لم يصلها أبي قبل سبع سنوات، والتي بعدها حتى أموت؟ اغيثوني قبل أن يعذب أبي في النار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يشفي أباك مما أصابه وأن يقر عينيك به.
وإذا كان أبوك قد اختل عقله بجنون أو عته أو نحو ذلك ـ كما يظهر من السؤال ـ فقد رفع عنه التكليف بالصلاة وغيرها؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل. رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه الألباني.
وننبهك يا أخي الكريم إلى أن الأصل في العبادات عدم إجزاء النيابة والتوكيل فيها، فلا يخرج من هذا الأصل إلا ما ورد النص من الشارع على مشروعية النيابة فيه. وصلاة الفرض لم يرد فيها دليل يبيح النيابة فيها. قال الإمام القرطبي عند قول الله تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم:39} : وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام: 9656، 101022، 57599، 42099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/4922)
مدى مسؤولية المجنون الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم البالغ الفاقد عقله؟ هل يحاسب عن ما سلف؟ أم لا يحاسب بعد الفقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففاقد عقله كالمجنون، يحاسب على ما مضى منه من أفعال حينما كان عاقلا، وأما بعد فقده العقل فهو غير مكلف؛ إذ من شروط التكليف: العقل، فهو مرفوع عنه القلم فلا يكتب عليه إثم.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَجْنُونَةِ بَنِي فُلاَنٍ قَدْ زَنَتْ، أَمَرَ عُمَرُ بِرَجْمِهَا، فَرَدَّهَا عَلِيٌّ، وَقَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَرْجُمُ هَذِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَخَلَّى عَنْهَا. رواه الإمام أحمد وأبوداود والحاكم في المستدرك –واللفظ له- وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: وأجمع العلماء أن ما جناه المجنون في حال جنونه هدر، وأنه لا قود عليه فيما يجني، فإن كان يفيق أحيانا ويغيب أحيانا فما جناه في حال إفاقته فعليه فيه ما على غيره من البالغين غير المجانين. وأجمع العلماء أن الغلام والنائم لا يسقط عنهما ما أتلفا من الأموال وإنما يسقط عنهم الإثم، وأما الأموال فتضمن بالخطأ كما تضمن بالعمد، والمجنون عند أكثر العلماء مثلهما. انتهى
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: هل الله يحاسب المجنون على كلامه وأفعاله؟ فأجابت بما يلي: المجنون مرفوع عنه قلم التكليف؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاثة: وذكر المجنون حتى يفيق. وأما ما يقع منه من إتلافات فإنها مضمونة عليه لأصحابها. وبالله التوفيق. انتهى
وقد سبق بيان أن فاقد العقل غير مكلف مع تفصيل في ذلك في الفتويين التاليتين: 50000، 104267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(11/4923)
مدى مسؤولية المعتوه عن تصرفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت أن أرسل هذه الرسالة بناء على طلب صديق لي، لهذا الشخص عم تكاد تقول عنه مجنون حيث تم تقييم عقله بنسبة 50% من الجنون وفي أحد الأيام اعتدى عمه على أخيه الصغير (اعتدى العم على ابن أخيه) جنسيا وهو الآن في حيرة من أمره حيث إن له جدة عجوزا كبيرة بالسن وبها من الأمراض ما لا يعلمه إلا الله
فأراد أن يبلغ عن الجريمة ولكن يخاف على الجدة من ردة فعلها فمن الممكن أن يحدث لها مكروه، فما هي فتوى الشريعة الإسلامية هل هناك حد على هذا المجنون أو ماذا يفعل فهو الآن يخاف على أبنائه الصغار وأبناء العائلة من عمه، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص على الحالة التي ذكرت من تخلف العقل فهو معتوه بناء على تعريف العته عند الفقهاء والذي هو نوع من أنواع الجنون، ففي كتاب التشريع الجنائي للأستاذ عبد القادر عودة: العته: يعرف الفقهاء المعتوه بأنه: من كان قليل الفهم، مختلط الكلام، فاسد التدبير سواء كان ذلك ناشئاً من أصل الخلقة أو لمرض طرأ عليه، ويفهم من هذا التعريف أن العته أقل درجات الجنون، ويمكن القول بأن الجنون يؤدي إلى زوال العقل أو اختلاله، أما العته فيؤدي إلى إضعافه ضعفاً تتفاوت درجاته، ولكن إدراك المعتوه أياً كان لا يصل إلى درجة الإدراك في الراشدين العاديين. وأكثر الفقهاء يسلمون أن العته نوع من الجنون وبأن درجات الإدراك تتفاوت في المعتوهين ولكنها لا تخرج عن حالة الصبي المميز. انتهى.
وإذا ثبت كون الشخص المذكور معتوهاً فلا عقوبة عليه ولا فائدة في التبليغ عنه لارتفاع التكليف عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل. رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ الألباني.
وعلى افتراض أنه مكتمل العقل وقام بفعل اللواط بصورة كاملة وثبت ذلك بأربعة شهود يرون الفعل بشكل واضح لا لبس فيه ولامراء، فلا يجب التبليغ عنه ولا رفعه لولي الأمر بل يطلب ستره ووعظه بحكمة ورفق وتحذيره من الوقوع في مثل هذا.
قال الحطاب في مواهب الجليل: وقال ابن العربي في مسالكه: المشهود به إن كان حقاً لله ولا يستدام فيه التحريم كالزنا وشرب الخمور. زاد أصبغ: والسرقة. فترك الشهادة له جائزة، ولو علم بذلك الإمام فقد قال ابن القاسم: يكتمها ولا يشهد. وقال ابن القاسم في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فتعلقوا به ورفعوا للسلطان وشهدوا عليه: لا تقبل شهادتهم ويحدون لأنهم قذفة. ابن رشد: إنما لم تجز شهادتهم لأن تعلقهم به ورفعهم إياه لا يجب عليهم بل هو مكروه لهم لأن الإنسان مأمور بالستر على نفسه وعلى غيره. قال صلى الله عليه وسلم: من أصاب من مثل هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله. قال في التمهيد: في هذا الحديث دليل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك أيضاً في غيره. وقال ابن العربي: إذا رأيته على معصية فعظه فيما بينك وبينه ولا تفضحه. انتهى.
لكن ينبغي لصديقك الحرص على حماية عياله والاحتياط في ذلك ما أمكن بإسكان عمه في مسكن خاص خارج بيت العائلة ومراقبة تصرفاته حسب الاستطاعة وتحذير العيال من الاقتراب منه مطلقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(11/4924)
هل تجب الصلاة على من هو في حالة أقرب للإغماء
[السُّؤَالُ]
ـ[المريض الذي لا يستطيع الحركة وله مرض مزمن وهو في حالة أقرب للإغماء, هل فهل عليه صلاة؟ وكيف يؤديها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لا تسقط عن المسلم بحال طالما كان حاضر العقل، فإذا فقد عقله بجنونٍ أو إغماء سقطت الصلاة عنه، واختلف العلماء في وجوب القضاء على المغمى عليه إذا أفاق، والراجح أنه لا يلزمه.
فإذا كان المريضُ حاضر العقل فإنه يصلي على حسب حاله، فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: لعمران بن حصين: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري.
فهذا المريض الذي لا يستطيع الحركة إذا كان حاضر العقل فإنه يصلي على جنبه بحيث يكون وجهه وصدره إلى القبلة يومئ برأسه بالركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنب صلى مستلقياً على ظهره ورجلاه جهة القبلة، وقد ورد الأمر بالصلاة مستلقيا في بعض روايات حديث عمران خارج الصحيح -عزاه المجد في المنتقى والحافظ في التلخيص إلى النسائيّ - ويومئ بطرفه إن عجز عن الإيماء برأسه، فإن لم يجد من يوجهه إلى القبلة فكيف ما أمكن، فإن عجز صلى حسب حاله ولو بترديد الأذكار بلسانه، فإن عجز فبإمرارها على قلبه، هذا هو الصحيح من قوليّ العلماء، وبعضهم يرى أنه إن عجز عن الصلاة مضطجعاً سقطت عنه الصلاة ولم يلزمه شيء وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ووجه ما رجحناه قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} وقوله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. {البقرة: 286} . قال ابن قدامةَ في المغني: وإن لم يقدر على الإيماء برأسه, أومأ بطرفه ونوى بقلبه, ولا تسقط الصلاة عنه ما دام عقله ثابتا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(11/4925)
نبات شعر الإبط هل يعتبر علامة على البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 14 سنة، وقريباً سوف أصبح في 15، أنا إلى الآن ما بلغت لكن ظهرت لي العلامات من فترة قرابة 3 شهور إلا الإبط لم يظهر به شيء، فما هو الحل ومتى أبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلامات البلوغ بالنسبة للذكر ثلاثة وهي:
-الاحتلام وهو خروج المني في النوم أو في اليقظة.
- إنبات الشعر الخشن حول القبل.
- بلوغ خمس عشرة سنة عند كثير من أهل العلم، وقال بعضهم ثمانية عشرة.
وعليه فإذا كانت العلامات التي لاحظتها منذ ثلاثة أشهر من بينها إنبات الشعر الخشن حول القبل أو خروج المني يقظة فقد بلغت، ولا يحق لك القول بكونك لم تبلغ ولا التساؤل متى تبلغ، فالبلوغ معتبر بوجود علامة واحدة من علاماته ولا يطالب الشخص بتحصيله لعجزه عن ذلك.
وراجع تفصيل علامات البلوغ في الفتوى رقم: 78893، والفتوى رقم: 18947.
وأما نبات شعر الإبط فلا يعتبر علامة على البلوغ، ففي أسنى المطالب ممزوجاً بروض الطالب الشافعي: (لا) إنبات (شعر الإبط واللحية) فليس دليلاً للبلوغ (لندورهما دون خمس عشرة) ولأن إنباتهما لو دل على البلوغ لما كشفوا العانة في وقعة بني قريظة لما فيه من كشف العورة مع الاستغناء عنه والترجيح فيهما مع التعليل بما قال من زيادته وفي معناهما الشارب وثقل الصوت ونهود الثدي ونتو طرف الحلقوم وانفراق الأرنبة وغيرها. انتهى ...
وفي دقائق أولي النهى الحنبلي: ولا بلوغ بغير ما ذكر كغلظ صوت وفرق أنف ونهود ثدي وشعر إبط. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/4926)
يسقط التكليف على من اختلط عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يبلغ من العمر 90 سنة أصبحت ذاكرته ضعيفة لكن جسده في حالة جيدة ففي أغلب الأحيان يخيل اليه أنه قد أدى فرائض الصلاة الخمس مع العلم أنه لم يؤدها وعندما تذكره الوالدة يسرّ بأنه قد أدّاها مع العلم أنه كان قبل أن تضعف ذاكرته يحرص عليها كل الحرص فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من حال هذا الرجل أنه قد اختلط عقله وخرف بسبب الكبر، وإذا كان كذلك فإن التلكيف قد سقط عنه ولا يؤاخذ بما يحصل في صلاته من خلل أو ترك، ولا يلام على ما ليس مكلفا به. وإذا كان لا يزال بعقله فإنه مكلف بالصلاة. والعبرة بيقينه فإن كان متيقنا أنه قد صلى فلا شيء عليه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45850، 38495.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1429(11/4927)