التيمم عند انقطاع المياه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش فى منطقة دائما تنقطع بها المياه ليلا ولا تأتى ألا صباحا وأحيانا ظهرا.... فهل يصح إذا كنت جنبا أن أتيمم وأصلى الفجر وأنا جنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 12353، أن من تعذر عليه وجود الماء وخاف خروج وقت الصلاة أنه يتيمم ويصلي.
ثم إن الواجب على فاقد الماء أن يطلبه قبل الصلاة ولو بالشراء بطلبه من الجيران أو من مظان وجوده، فإن وجده اغتسل وإلا تيمم. وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 12699، والفتوى رقم: 6921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(11/2373)
حكم التيمم بسبب عدم نظافة الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مكان يبعد عن مقر إقامتي، وأحب أن أصلي الظهر قبل السفر للعودة، لكني أعاني من كثرة الإفرازات المهبلية، وحينما أريد الوضوء يصعب علي لعدم نظافة الحمام، ولعدم ارتياحي للوضوء فيه، مع العلم بأن الماء موجود، فهل يجوز لي التيمم، فهذه الوضعية تجعلني أؤخر الصلاة إلى حين العودة، علما بأنني غالبا ما أكون في البيت قبل أذان العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الإفرازات ناقضة للوضوء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 32321.
وأما التيمم فإنه لا يجوز إلا لفاقد الماء أو العاجز عن استعماله، وكلا الأمرين منتف في حقك، فلا يجوز لك التيمم، بل يتعين عليك الوضوء، وقد سبق تفصيل القول في ذلك في الفتوى رقم: 5537.
ويجوز لك تأخير الصلاة إلى حين العودة بشرط أن تتمكني من أدائها قبل خروج وقتها، لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(11/2374)
حكم من يصيبه الضرر بسبب غسل رجليه في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي سيدة مسنة وقد أخبرها الطبيب بأنه إذا مس الماء قدمها لا بد من تنشيفه فورا لما يسببه لها من ألم شديد وأمراض فامتنعت عن غسل قدميها في الوضوء لأنها بسبب مرضها لا تصل يدها لقدمها فلا تستطيع تنشيفها إلا إذا وجد أحد معها وهو ما لا يتوافر لها وخاصة عند صلاة الفجر (فهي تعيش مع جدي وحدهما ونظرا لمرضه هو الآخر لا يستطيع الاستيقاظ للصلاة دائما حيث أنهما مسنان) ، فما هو الحل هل تترك الوضوء وتتيمم، أم تترك غسل قدمها عند الوضوء، أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج، ولم يكلفنا ما لا نطيق. وعليه، فإن على جدتك أن تغسل وجهها ويديها إلى المرفقين وتمسح على رأسها ثم تتيمم لأجل ترك غسل رجليها، هذا بناء على ما ذكرت من تضررها بغسلها دون المبادرة إلى التنشيف بإخبار الطبيب وهي لا تستطيع ذلك ولم تجد من يقوم به، فإذا وجدت من يقوم بذلك وجب عليها الوضوء كاملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/2375)
تيمم الجنب لمس المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع الجنب ولأنه مريض ولا يستطيع أن يغتسل أن يلمس المصحف الشريف؛ مع العلم أنه يتيمم للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للجنب العاجز عن الاغتسال من الجنابة أن يمس المصحف بعد أن يتيمم، قال ابن قدامة في المغني: يجوز التيمم لكل ما يتطهر له من نافلة أو مس مصحف أو قراءة قرآن أو سجود تلاوة أو شكر أو لبث في مسجد. قال أحمد: يتيمم ويقرأ جزأه يعني الجنب، وبذلك قال عطاء ومكحول والزهري وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والشافعي والثوري وأصحاب الرأي.انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(11/2376)
الجنب إذا خاف من استخدام الماء زيادة مرض
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لقد كنت مريضاً (زكام وارتفاع في درجة الحرارة) وخرجت من الجنابة وكان الاستحمام يزيد من المرض فهل يجوز لي أن أتوضأ وأصلي الفرض من دون الاستحمام؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان محدثاً حدثاً أكبر -وهو ما يوجب الغسل- وجب عليه رفعه بالاغتسال، فإن خاف من استخدام الماء زيادة مرض أو تأخر شفاء -ولو غلب على الظن- جاز له التيمم، قال تعالى: وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا {النساء: 43} .
وقال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة: 185} .
وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} .
وأخرج أحمد وأبو داود عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي من رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم: أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم. حسنه الألباني، وراجع الفتويين: 15978، 55270.
وأما الوضوء، فلا يجزئ، بل البدل عن الغسل هو التيمم في هذه الحالة، ومتى زال العذر عنك وجب الغسل لرفع الجنابة.
وننبه السائل إلى أنه إن كان يقدر على غسل بعض جسده وجب عليه غسل ما يقدر عليه من بدنه بدون ضرر، ويتيمم للباقي، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتو منه ما استطعتم. متفق عليه.
قال النووي في المجموع: إذا كانت العلة المرخصة في التيمم مانعة من استعمال الماء في جميع أعضاء الطهارة تيمم عن الجميع، فإن منعت بعضاً دون بعض غسل الممكن، ويتيمم عن الباقي. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1425(11/2377)
ما يلزم المريض العاجز عن الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي كبيرة في السن ومريضة وهي حالياً تعالج في أمريكا، بالنسبة للصلاة هل تقصر طوال فترة علاجها، وبالنسبة للوضوء لا تستطيع، هل يجوز أن تتيمم، وكيف طريقة التيمم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت والدتك نوت إقامة أربعة أيام فما فوقها في المكان الذي نزلت فيه، فلا يجوز لها القصر ويجب عليها الإتمام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19718.
أما بالنسبة للوضوء فإن كان بالإمكان أن تتوضأ ولم يترتب على ذلك ضرر عليها، فعليها أن تتوضأ ولو بمساعدة الآخرين، وإن كانت لا تستطيع الوضوء فلها أن تتيمم وتصلي على حسب حالها، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} ، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} .
قال ابن تيمية: فالمريض يصلي على حسب حاله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب. وسقط عنه ما يعجز عنه من قيام وقعود أو تكميل الركوع والسجود، ويفعل ما يقدر عليه. فإن قدر على الطهارة بالماء تطهر، وإذا عجز عن ذلك لعدم الماء أو خوف الضرر باستعماله تيمم وصلى، ولا إعادة عليه لما يتركه من القيام والقعود باتفاق العلماء، وكذلك لا إعادة إذا صلى بالتيمم باتفاقهم. انتهى.
أما بالنسبة إلى كيفية التيمم، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 12499.
وننبه السائل إلى أنه يجوز للمريض جمع الصلاة تقديماً وتأخيراً وإن كان مقيماً، لأن المريض له الجمع بين الصلوات إن احتاج إليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8154.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(11/2378)
الخطوات الواجب اتباعها لمن لا يستطيع غسل وجهه بالماء
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة قامت بإجراء عملية تقشير لوجهها وهي الآن لا تستطيع تقريب الماء من وجهها لما في ذلك من خطر على جلدها، فهل تستطيع أن تتيمم إذا أرادت الصلاة أم ماذا تفعل؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو وجوب غسل الوجه عند الوضوء، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ {المائدة:6} ، فلا يتم الوضوء ولا يجزئ إلا بغسل الوجه فلا يجوز تركه إلا لعذر، لكن إن تأكد -أو غلب على الظن- كون غسل الوجه فيه خطر على الجلد وفيه مضرة محققة، وذلك بتقرير من طبيب متخصص، أو من خلال التجربة، فلا حرج -إن شاء الله- في الانتقال إلى المسح بدلاً من الغسل مسحاً مباشراً بالماء، فإن كان رأيت أن ذلك يؤثر عليه، فلتجعلي عليه عصابة ولتمسحي عليها، فإذا لم يمكن هذا فلا حرج في الانتقال إلى التيمم، فإنه يجوز العدول عن الطهارة المائية إلى التيمم عند فقد الماء أو خوف الضرر باستعمال الماء مثل تلف نفس أو عضو أو فوات منفعة عضو من الأعضاء، أو تأخر برء أو زيادة مرض أو نحوه.
ومن قواعد الشريعة الأساسية قاعدة: رفع الحرج، وأن المشقة تجلب التيسير، وقد قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال سبحانه: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185} ، ونحيل الأخت السائلة على الفتوى رقم: 22216 لمعرفة حكم تقشير الوجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(11/2379)
أقوال أهل العلم في حكم إمامة المتيمم بالمتوضئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد: صليت اليوم الجمعة في مسجد قام إمامه فخطب فلما انتهى أخذ المؤذن يقيم الصلاة فجلس الإمام وتيمم ثم قام فصلى بالناس، فما حكم هذه الصلاة، مع العلم بأننا لم نرى للإمام عذراً واضحاً، فالماء موجود بكثرة والحمد لله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فقد الماء هو العذر الوحيد المبيح للتيمم، بل من خاف باستعمال الماء المرض أو تأخر الشفاء جاز له التيمم، كما قال الله تعالى: وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدً اطيباً {النساء:43} ، فلعل إمامكم كان مريضاً يخشى زيادة المرض أو تأخر الشفاء باستعمال الماء، فالصلاة صحيحة. وقد اختلف أهل العلم في حكم إمامة المتيمم بالمتوضئ. فذهب المالكية والحنابلة وأبو حنيفة وأبو يوسف إلى جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم، إلا أن المالكية قالوا بالكراهة، وصرح الحنابلة بأن إمامة المتوضئ أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/2380)
لا تصح صلاة الجنب فاقد الماء بغير تيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: من هو الشيخ المجيب.
ثانيا: كنت في الرياض قبل شهر تقريبا من الآن وكنت ساكنا عند أخي في شقة وبعد وصولي بيوم أو يومين انقطع الماء عن الشقة وكنت ياشيخ الله يجزيك خيرا قد أديت صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد ثم نمت بعد الصلاة فلم أصح إلا الساعة الحادية عشر إلا ثلث تقريبا فلم صحيت وجدت نفسي محتلما (يعني على جنابة) فذهبت لأغتسل فلم أجد ماء قد انقطع عن الشقة التي نسكنها ولايوجد ماء إلا ماء الشرب وهو قليل فلما حانت صلاة الظهر أديت الصلاة مع الجماعة في المسجد بالوضوء ولم أغتسل لعدم وجود الماء ثم لا زال منقطعا عنا ثم حانت صلاة العصر فأديتها بالوضوء مع الجماعة في المسجد ولم أغتسل لعدم وجود الماء ثم لما أتت الساعة تقريبا السادسة مساء من عصر ذلك اليوم ذهبت إلى مدينتي شقراء وحانت صلاة المغرب ونحن في الطريق فصليتها أنا ومن معي جماعة ثم وصلنا بحمد الله إلى مدينتنا شقراء مع أذان العشاء ثم اغتسلت وتوضأت وصليت العشاء مع الجماعة في المسجد.
* السؤال ياشيخ هو: هل الصلوات-الظهر، العصر) -التي أديتها صحيحة أم لا؟ أفتوني جزاكم الله خير الجزاء.
ثالثا: ياشيخ الله يجزاك خير هل علي في تأخري عن سؤال أهل العلم عن هذه المسألة شيء أما لا علما أن هذه المسألة حصلت قبل شهر تقريبا ولم أسأل إلا الآن؟
... شاكرين ومقدرين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلوات التي صليتها بالوضوء وأنت على جنابة غير صحيحة، ويلزمك إعادتها لأمور.
1ـ أن الجنب إذا لم يجد ماءً فإنه يتيمم للصلاة ولا يتوضأ، ودليل ذلك قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً {المائدة: 6} ، وروى البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم، فقال يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم؟! فقال: يارسول الله أصابتني جنابة ولا ماء؟ فقال عليك بالصعيد فإنه يكفيك. والأدلة على ذلك كثيرة. وبما أنك صليت من غير أن تتيمم. فصلاتك غير صحيحة ويلزمك إعادتها. 2 ـ أنه لا يتصور عدم وجود الماء قرب بيت أخيك لا سيما وأنه يسكن في الرياض، وكون الماء انقطع عن شقة أخيك لا يعني أنه يجوز لك أن تتيمم بمجرد انقطاعه عن شقة أخيك، بل لابد من البحث عن الماء في مكان قريب منك لقوله: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً. وكان عليك أن تغتسل من ماء المسجد إذا كان به ماء، وكان الواجب عليك أيضا أن تسأل أهل العلم في وقتها وليس بعد شهر. ولمعرفة شروط صحة التيمم نحيلك للفتوى رقم: 12699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(11/2381)
مسائل في طهارة وصلاة المعوق حركيا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شخص معوق حركيا حالته الصحية كالآتي:
يستعمل أنبوبا بلاستيكيا =طبي= لصرف البول من المثانة عافاكم الله، عادة ما يكون بوله مختلطا بالصديد وأحيانا بالدم، كما أنه يعاني من تسرب هذه الأخلاط حيث تبله وثيابه وإعاقته على مستوى الرجلين فقط ولله الحمد يستفيكم شيخنا الجليل عن الاتي:
حكم صلاة الجمعة والوضوء وهل يبقى على استعمال التيمم دائما ثم ما هو حكم صلاة العيدين.. حالته هذه لها سنوات
ولم تتغير فمرضه مزمن هذا المريض يسأل التيسير إن لم يكن إثما جزاكم الله خيرا
إن لم يكن هناك حرج المريض يسأل الاستفاضة في الإجابة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نسأل الله لهذا الأخ الشفاء ورفعة الدرجات، وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يرد الله به خيرا يصب منه. رواه البخاري. والمعنى: يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها.
وأما عن السؤال، فلا يجوز التيمم إلا لمن لم يستطع استعمال الماء بسبب مرض يزيده استعمال الماء أو يؤخر البرء منه، أو كان يخاف حدوث ضرر محقق أو مظنون ظنا قويا بسبب استعمال الماء، أو لفقد الماء، أو عدم من يناوله الماء إذا عجز عن تناوله بنفسه.
فمن كان حاله كذلك جاز له التيمم، وإلا، وجب عليه استعمال الماء للوضوء، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا {النساء: 43} .
وأما عن خروج البول من الأنبوب فإن كان خروجه مستمرا بحيث لا يخلو الأنبوب من البول فهذا له حكم سلس البول، ومن كان مصابا به لزمه الوضوء لكل صلاة مكتوبة على قول جمهور العلماء، وأجاز بعض العلماء لصاحب السلس أن يجمع بين الظهر والعصر، وكذلك بين المغرب والعشاء قياسا على المستحاضة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لحمنة حين استفتته في الاستحاضة: وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تصلي الظهر والعصر جميعا، ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي. رواه أحمد والترمذي وصححه وأبو داود.
هذا إذا كان خروج البول عن طريق الأنبوب مستمرا، وأما إن كان غير مستمر بحيث ينقطع خروجه فليس له حكم سلس البول، وعليه أن يصلي الصلوات بعد انقطاعه ما لم يخش خروج الوقت، وليس له الجمع بين الصلاتين.
وينبغي للأخ السائل أن يتحفظ جيدا ويحتاط من تسرب البول بحسب الإمكان، فإن أصابت النجاسة بدنه أو ثيابه أو مكان صلاته، فإن كان عنده من يعينه على إزالتها تعين ذلك، وإن لم يكن، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، كما قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} .
وأما عن صلاة الجمعة والجماعة والعيدين فإذا كان الواقع ما ذكر من أنه معوق عن الحركة فلا حرج عليك في التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة والعيدين، وقد نص العلماء على أن المريض يعذر في التخلف عن الصلاة، قال صاحب الزاد: ويعذر بترك جمعة وجماعة مريض. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تخلف عن المسجد في مرض موته، وقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. متفق عليه.
ولمزيد من الفائدة، نحيل السائل الكريم إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16762، 34332، 9346، 23889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/2382)
يتيمم إذا خشي خروج الوقت قبل تحصيل الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ياشيخ كنا أنا وأبي وصاحب أبي في منطقة صحراوية بعيدة ونحن نمشي فيها أذن أذان المغرب وكان يوجد مسجد على بعد كيلو ومساكننا تبعد عنا 50 كيلو قمنا نصلي أنا وأبي أما صاحب أبي فقال إنه لم يتنزه من بوله فما الحل لهذه الحالة؟ أيصلي بتيمم أم لا؟ وصلاته تفوته
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التيمم شرع عند فقد الماء أو خوف المرض باستعماله.
قال الله تعالى: [وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا] (النساء: 43) . فإن كان صاحب أبيك واجدا الماء فإنه يلزمه الوضوء، وإن لم يجد الماء وكان قادرا على تحصيله قبل خروج وقت الصلاة من المسجد الذي سمعتم أذانه أو غيره فإنه يؤخر الصلاة لذلك.
قال صاحب الزاد: والصلاة آخر الوقت لراجي الماء أولى. اهـ.
وأما إن خشي خروج الوقت قبل تحصيل الماء فإنه يتيمم للصلاة ولا حرج عليه.
وأما عن الاستنجاء فإن الإنسان مخير عند قضاء الحاجة بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة، ولا يجب تعين الاستنجاء بالماء، بل هو مخير ما لم يتجاوز الخارج مكان خروجه.
ولمزيد من الفائدة حول موضوع التيمم والاستجمار نحيل السائل إلى الفتاوى: 6921، و 2167، و 32839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(11/2383)
من يضرة استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مصاب بالحساسية فعند استعمال الماء يؤلمنى رأسي وأمرض أحيانا وأصاب بالدوخة أحيانا أخرى هل يجوز جمع الصلوات كالظهر والعصر ثم المغرب والعشاء حتى أتمكن من الوضوء وأباعد بين الوضوء والآخر حتى لا أمرض أم أتيمم لكل صلاة وأصليها عاديا كل صلاة في وقتها دون الجمع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل الكريم لم يبين لنا هل استعمال الماء في عضو معين يؤلمه أم استعمال الماء مطلقا.
إلا أننا نقول: إذا كان استعمال الماء في عضو معين يؤلمك وكان غسل هذا العضو فرضا فإنه يكفيك أن تتيمم لهذا العضو وتغسل بقية الأعضاء، فمثلاً لو كان مسح الرأس يؤلمك فإنك تغسل بقية الأعضاء وتتيمم لمسح الرأس وتصلي كل صلاة لوقتها من غير جمع.
وأما إن كان استعمال الماء مطلقا يضرك فإنه يسقط عنك الوضوء ويلزمك التيمم وتصلي كل صلاة لوقتها.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 27838، والفتوى رقم: 45795.
وإذا كان بإمكانك أن تتوضأ مرة للظهر والعصر أو المغرب والعشاء بدون مشقة في الوضوء -كما يفهم من السؤال- فلك أن تؤخر الظهر لآخر وقتها وتقدم العصر لأول وقتها فتصليهما معا بوضوء واحد، وكذلك المغرب والعشاء، وهذا ما يسمى بالجمع الصوري.
أما تأخير الظهر والمغرب حتى يخرج وقتهما أو تقديم العصر أو العشاء عن وقتهما فلا يصح في مثل حالتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/2384)
حكم صلاة من اغتسل وبه جراحة لم يمسها الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[اغتسلت من دون أن تمس يدي الماء لأن بها جرحاً بليغاً ونصحني الطبيب بعدم بلها بالماء، هل صلاتي بعد الغسل صحيحة أم هل يجب علي قضاؤها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تمسحي على محل الجرح من يدك مسحاً خفيفاً لا يضرك وتغسلي الصحيح منها وبقية جسدك، فإن كنت لا تستطيعين المسح عليه مباشرة فكان عليك أن تضعي عليه لصقة واقية وتمسحي على اللصقة، ويأخذ حكم الجبيرة، وقد تقدم الكلام عن الجبيرة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1176، 18295، 19672.
فإن لم يمكنك وضع لصقة أو عصابة فعليك غسل الصحيح من جسدك، وقد اختلف العلماء في هذه الحالة فمنهم من أوجب التيمم عن هذا العضو الذي لم يتم غسله، ومنهم من لم يوجب ذلك.
وعليه؛ فصلاتك بعد هذا الغسل على قول من يرى وجوب التيمم غير صحيحة لأن طهارتك ناقصة وعليك إعادتها، وعلى قول من لا يرى وجوب التيمم فالصلاة صحيحة ولا إعادة عليك، فعليك أن تقضي الصلاة خروجاً من الخلاف وإبراءً للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(11/2385)
يشرع اليمم إذا شقت الطهارة بالماء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عمري48 سنة مريضة بالروماتيزم وهو ألم يصيب العظام ويزداد هذا الألم عندما أستعمل الماء للوضوء أو الغسل فهل يجوز لي التيمم، عندي مشكلة أخرى في الصلاة وهي أني في كل الأوقات يبطل الوضوء عندي بسبب خروج ريح وهذا يسبب لي الإحراج فهل يجوز التيمم في هذه الحالة
وشكرا مسبقا على مساعدتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الطهارة بالماء لرفع الحدث الأكبر أو الأصغر تشق عليك وتتضررين بذلك فلا حرج عليك في الطهارة بالتراب، لقول الله جل وعلا في آية التيمم: [مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (المائدة: 6) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين يسر. رواه البخاري عن أبي هريرة، ومن هذه الأدلة وغيرها تقررت قاعدة شرعية وهي: المشقة تجلب التيسير. ولكن متى استطاع الشخص الطهارة بالماء لزمه ذلك ولو لبعض البدن ثم التيمم عن الباقي، سواء كان ذلك في حدث أكبر أو أصغر، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتوى رقم: 49022.
وأما خروج الريح فإن كان مستمرا بحيث لا يأتي عليك وقت يمكنك الصلاة فيه بطهارة فحكمك حكم المريض بسلس البول، تتطهرين وتتوضئين للصلاة بعد دخول وقتها، ثم تصلين الفريضة وما شئت من النوافل.
وإن كان خروج الريح يتوقف زمنا يمكنك أداء الصلاة فيه فأخري الصلاة إلى ذلك الوقت، وهذا ما لم تخافي خروج وقت الصلاة، فإن خفت خروجه فصلي ولو أحدثت في أثناء الصلاة أو أثناء الطهارة وصلاتك صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/2386)
أنواع المشاق في العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب معوق حركيا أعاني من مرض الحساسية فعندما أتوضأ يصيبنى وجع في رأسي وأحيانا أصاب بالدوخة والإنفلونزا فأصبحت أتيمم للصلاة وقراءة القرآن
سؤالي هل إذا كنت جنبا يجب علي أن أغتسل لرفعها ثم أتيمم للصلوات المقبلة بعد دالك أم يكفيني التيمم حتى ولو لم أرفع الجنابة هل صلاتي وقراءة القرآن صحيحة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تتضرر بالغسل لرفع الجنابة ويصيبك بذلك المرض ـ وأنت أعلم بنفسك ـ فالواجب عليك غسل ما استطعت من جسدك ثم التيمم عن الباقي، ومثل ذلك في الوضوء من الحدث الأصغر، يجب عليك غسل ما تستطيع من الأعضاء والتيمم عن الباقي، فإذا فعلت ما وصفنا في الغسل أو الوضوء فلك حينئذ أن تصلي وتفعل كل ما يشترط لفعله الطهارة إلا أن عليك الغسل لرفع الجنابة متى قدرت على ذلك، لأن من المعلوم أنه لا يصح ولا يجوز رفع الحدث الأكبر ولا الحدث الأصغر إلا بالماء ولا يعدل عنه إلى التيمم إلا عند فقد الماء أو عند العجز عن استعماله لمرض ونحوه، وضابط المرض الذي يبيح التيمم هو الذي يخاف معه تلف نفس، أو عضو، أو منفعة، أو حدوث مرض مخوف، أو بطء البرء، أو شين فاحش في عضو ظاهر، فليس مجرد حصول أدنى مشقة بالغسل أو بالوضوء يبيح التيمم، ولذلك فقد قسم العلماء المشاق إلى قسمين، قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في الأشباه والنظائر (المشاق على قسمين:
1ـ مشقة لا تنفك عنها العبادة غالبا، كمشقة البرد في الوضوء والغسل.
ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها. ومشقة ألم الحدود، ورجم الزناة، وقتل الجناة، فلا أثر لهذه في إسقاط العبادات في كل الأوقات. ومن استثنى من ذلك جواز التيمم للخوف من شدة البرد فلم يصب، لأن المراد أن يخاف من شدة البرد حصول مرض من الأمراض التي تبيح التيمم، وهذا أمر ينفك عنه الاغتسال في الغالب، أما ألم البرد الذي لايخاف معه المرض المذكور، فلا يبيح التيمم بحال وهو الذي لا يبيح الانتقال إلى التيمم.
2ـ وأما المشقة التي تنفك عنها العبادات غالبا فعلى مراتب:
الأولى: مشقة عظيمة فادحة: كمشقة الخوف على النفوس، والأطراف ومنافع الأعضاء فهي موجبة للتخفيف والترخيص قطعاً لأن حفظ النفوس والأطراف لإقامة مصالح الدين أولى من تعريضها للفوات في عبادة، أو عبادات يفوت بها أمثالها.
الثانية: مشقة خفيفة لا وقع لها كأدنى وجع في إصبع، وأدنى صداع في الرأس أو سوء مزاج خفيف، فهذه لا أثر لها، ولا التفات إليها، لأن تحصيل مصالح العبادات أولى من دفع مثل هذه المفسدة التي لاأثر له ا.
الثالثة: متوسطة بين هاتين المرتبتين. فما دنا من المرتبة العليا، أوجب التخفيف أو من الدنيا لم يوجبه كحمى خفيفة ووجع الضرس اليسير، وما تردد في إلحاقه بأيهما اختلف فيه ولا ضبط لهذه المراتب، إلابالتقرب, أي التقريب وقد أشار الشيخ عز الدين إلى أن الأولى في ضبط مشاق العبادات: أن تضبط مشقة كل عبادة بأدنى المشاق المعتبرة في تخفيف تلك العبادة فإن كانت مثلها، أو أزيد، ثبتت الرخصة، ولذلك اعتبر في مشقة المرض المبيح للفطر في الصوم: أن يكون كزيادة مشقة الصوم في السفر عليه في الحضر، وفي إباحة محظورات الإحرام: أن يحصل تركها، مثل مشقة القمل الوارد فيه الرخصة. وأما أصل الحج فلا يكتفى في تركه بذلك، بل لا بد من مشقة لا يحتمل مثلها، كالخوف على النفس، والمال وعدم الزاد والراحلة. وفي إباحة ترك القيام إلى القعود: أن يحصل به ما يشوش الخشوع، وإلى الاضطجاع أشق لأنه مناف لتعظيم العبادات بخلاف القعود، فإنه مباح بلا عذركما في التشهد فلم يشترط فيه العجز بالكلية. وكذلك اكتفى في إباحة النظر إلى الوجه والكفين بأصل الحاجة، واشترط في سائر الأعضاء تأكدها، وضبطه الإمام بالقدر الذي يجوز الانتقال معه إلى التيمم، ويشترط في السوأتين مزيد التأكيد، وضبطه الغزالي بما لا يعد التكشف بسببه هتكا للمروءة، ويعذر فيه في العاددة.
زالله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/2387)
حكم التيمم بغير التراب
[السُّؤَالُ]
ـ[السجين الذي لا يجد الماء ولا التراب، هل يجوز له أن يتمسح بالجدران ليتيمم أم أن الصعيد يعني التراب فقط ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسجين داخل السجن إذا عدم الماء عليه بذل جهده في تحصيله بطلبه من القائمين على السجن أو بوسيلة أخرى مشروعة، فإن لم يجده بعد بذل الجهد فيحق له حينئذ التيمم لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء:43] .
والصعيد اختلف في معناه أهل العلم، فعند الحنابلة والشافعية هو التراب فقط، وعند المالكية والحنفية هو كل ما كان من جنس الأرض، قال ابن قدامة في المغني: وقال مالك وأبو حنيفة يجوز بكل حال ما كان من جنس الأرض كالنورة والزرنيخ والحجارة وقال الأوزاعي الرمل من الصعيد.
وقال حماد بن أبي سليمان: لا بأس أن يتيمم بالرخام لما روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً. انتهى.
وعليه فيجوز التيمم على الجدار إذا كان من جنس الأرض عند المالكية والحنفية، فإذا لم يكن الجدار من جنس الأرض مثلا أو لم يجد ما يتيمم عليه صلى على حاله لعجزه، وليس عليه إعادة تلك الصلوات التي صلاها بلا ماء ولا تراب لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(11/2388)
مذاهب العلماء فيمن استيقظ جنبا ولم يجد وقتا للغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[قال أحد الإخوة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الفجر وكان جنباً وذلك بسبب أنه لم يكن هناك وقت للغسل فتوضأ وضوء الصلاة وصلى وبعد الصلاة اغتسل ما حقيقة هذا الحديث جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سمعته لا يستند إلى دليل شرعي، لأنه لو صح فعلا لكان دليلا قاطعا في هذه المسألة يجب اتباعه ولم يخف على أهل العلم.
فالواقع أن إجماع أهل العلم على خلاف ما ذُكِر لك، فعند الحنابلة والشافعية والحنفية وجوب استعمال الماء في هذه الحالة وإن أدى ذلك إلى الصلاة بعد خروج وقتها، وعند المالكية: وجوب التيمم محافظة على وقت الصلاة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى ردا على سؤال متعلق بهذا الموضوع: هذه المسألة فيها قولان للعلماء فأكثرهم كأبي حنيفة والشافعية وأحمد يأمرونه بطلب الماء وإن صلى بعد طلوع الشمس، ومالك يأمره أن يصلي للوقت بالتيمم، لأن الوقت مقدم على غيره من واجبات الصلاة، بدليل أنه إن استيقظ أول الوقت وعلم أنه لا يجد الماء إلا بعد الوقت، فإنه يصلي بالتيمم في الوقت بإجماع المسلمين، ولا يصلي بعد خروج الوقت بالغسل. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 6229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/2389)
مذاهب العلماء في المقصود بالصعيد الطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت لكم سؤالاً وتم إعطاؤه رقم 232236
لكنني لم أفهم الإجابة أرجو من سيادتكم التوضيح أكثر
بارك الله فيكم والسؤال هو:
تعاني والدتي من مرض جلدي اسمه الصدفيه حيث يلتهب الجلد بمجرد لمس الماء وتتكون قروح والتهابات شديدة ومؤلمة فاستشارت ماذا تفعل لكي تتوضأ وتصلي؟ فأشير إليها بأن تحضر حجرا وتغسله جيدا وتمسح منه على وجهها ويديها وتجعله وسيلة للوضوء والتطهر وهي تفعل ذلك منذ حوالي عشر سنوات فهل هذا صحيح أرجو الإفادة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت والدتك قد خشيت على نفسها الضرر من استعمال الماء فإنه يجوز لها أن تتيمم مع وجود الماء، لأنه في حكم المعدوم، لعدم القدرة على استعماله، فيجوز لها أن تتيمم لكل ما يتطهر له من صلاة مفروضة أو نافلة أو مس مصحف، أو قراءة قرآن، لأن التيمم يستباح به ما يستباح بطهارة الماء.
والتيمم يكون بالصعيد الطيب، وقد اختلف العلماء في المقصود به، فذهب الحنفية إلى أنه التراب، وما كان من جنسه كالرمل والزرنيخ والنورة، وذهب المالكية إلى أنه ما صعد أي ظهر على الأرض من أجزائها من تراب ورمل وحجر، وخصه الشافعي وأحمد بالتراب، لما روى مسلم عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء.
وعن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وجعل لي التراب طهوراً. رواه أحمد والبيهقي وحسنه الحافظ ابن حجر.
وعليه؛ فإذا كان هذا الحجر عليه تراب عالق به فتيممها صحيح بالاتفاق، وإلا فتيممها غير صحيح عند الجمهور، وعليها إعادة الصلوات التي صلتها بهذا التيمم.
وعلى قول المالكية صلاتها صحيحة، فإن كان من استشارته من أهل العلم وأفتاها بهذا فلا شيء عليها إن شاء الله فيما مضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/2390)
عادم هل يصلي بالتيمم أول الوقت أم آخره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل إذا انقطع الماء لفترة وجيزة حوالي ساعة هل يصح التيمم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الذي عدم الماء له ثلاث حالات فصلها الشيخ الحطاب في مواهب الجليل وهي باختصار كما يلي: العادمون للماء ثلاثة أضرب: أحدهما: أن يعلم أنه لا يقدر على الماء في الوقت أو يغلب على ظنه فيستحب له التيمم والصلاة في أول الوقت ليجوز فضيلة أول الوقت إذا فاتت فضيلة الماء.
الثاني: أن يشك في الأمر فيتيمم في وسط الوقت ومعنى ذلك أن يتيمم من الوقت في آخر ما يقع عليه اسم أول الوقت لأنه يؤخر الصلاة رجاء إدراك فضيلة الماء ما لم يخف فضيلة أول الوقت فإذا خاف فواتها تيمم وصلى لئلا تفوته الفضيلتان.
الثالث: أن يعلم أنه قادر على الماء في آخر الوقت أو يغلب ذلك على ظنه فإنه يؤخر الصلاة إلى أن يدرك الماء في آخره لأن فضيلة الوقت مختلف فيها وفضيلة الماء متفق عليها وفضيلة أول الوقت يجوز تركها بغير ضرورة وفضيلة الماء لا يجوز تركها إلا لضرورة. انتهى.
وقال بعض أهل العلم بوجوب التأخير إذا تيقن الشخص وجود الماء في آخر الوقت في منزله الذي هو فيه أول الوقت، قال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: ومن تيقن الماء أي وجوده آخر الوقت فانتظاره أفضل من تعجيل التيمم، لأن الوضوء هو الأصل والأكمل ولأن فضيلة الصلاة ولو آخر الوقت أبلغ منها بالتيمم أوله ولأن تأخيرها إلى آخر الوقت جائز مع القدرة على أدائها أوله ولا يجوز التيمم مع القدرة على الوضوء.
قال الماوردي: ومحله إذا تيقنه في غير منزله الذي هو فيه أول الوقت وإلا وجب التأخير لأن المنزل كله محل الطلب فلا وجه لمن أطلق استحباب التأخير من أصحابنا. انتهى.
ويجب على الشخص بذل جهده في تحصيل الماء إذ لا يسمى عادماً للماء إلا بعد بذل الجهد في ذلك، وللتفصيل في هذا الموضوع يرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 14885.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/2391)
لا يلجأ إلى التيمم مادام استعمال الماء ممكنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وعندما آتي أهلي في الليل في الأوقات يكون الجو بارداً ويأتي الفجر وحتى أؤدي الفرض في وقته أضطر إلى التيمم هل يجوز، أفتوني وأثابكم الله؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك التيمم بمجرد أن الجو بارد ما دام استعمال الماء ممكناً بواسطة تدفئته ونحو ذلك، لأن وسيلة الواجب واجبة كما ذكر العلماء فإن كنت تتيقن أو يغلب على ظنك أن استعمالك الماء في ذلك الوقت بأي وسيلة يضر بك بأن يسبب لك مرضاً أو يزيده جاز لك التيمم بدليل ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أنه لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت أن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب، قال: قلت: نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، فتيممت ثم صليت فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً.
فالواجب أداء الصلاة في وقتها بالطهارة فإن منع مانع شرعي مثل العجز عن استعمال الماء تيمم وصلى وصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/2392)
لا تستطيع الاستنشاق فكانت تتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تعاني من التهابات في الجيوب الأنفية ولحمية في الأنف وتعاني من حساسية في الصدر، وعند الاستنشاق في الوضوء تعاني من آلام تبدأ في الأنف وتنتقل إلى رأسها وكتفيها وتنتشر إلى جسدها (مع العلم بأنها تعاني من الروماتيزم) .. وقد كانت منذ مدة تتيمم باجتهاد منها وتقدير شخصي، وجاءتها خلال المدة الماضية امرأة أخبرتها بأن الاستنشاق سنة ويمكن تجاوزه وإسباغ باقي الوضوء، فهل يجوز لها فعل ذلك، أو ما الواجب في مثل حالتها. أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضمضة والاستنشاق اختلف أهل العلم فيهما فمنهم من ذهب إلى وجوبهما، ومنهم من ذهب إلى استحبابهما، راجع الفتوى رقم: 2941، والفتوى رقم: 10543.
وأما بشأن لجوئها إلى التيمم في الفترة السابقة باجتهاد منها فالأصل في الطهارة أن تكون بالماء، ولا يلجأ إلى التيمم إلا بشروط ذكرت في الفتوى رقم: 12699.
وعلى كلا القولين القول بوجوب الاستنشاق والقول باستحبابه فلا يجوز لها ترك الماء واللجوء إلى التيمم، لأنه على قول من يقول بأن الاستنشاق مستحب فكان عليها أن تغسل بقية الأعضاء الواجبة، وعلى قول من يقول بأنه واجب فكان عليها أن تتيمم عن هذا العضو الذي لا يمكنها غسله وتغسل بقية الأعضاء، لما رواه أبو داود عن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب -شك موسى- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده.
وعليه؛ فصلاتها في هذه الفترة غير صحيحة، وعليها أن تقضيها، وراجع الجواب رقم: 12700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/2393)
لا يجوز التيمم إلا إذا غلب على الظن حصول الضرر بالغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[إني رجل متزوج وحريص جدا على صلاتي لكن مشكلتي هي أني لدي غريزة شديدة حيث حوالي كل يوم أجامع زوجتي لذا يتطلب الاغتسال كل يوم لكي أصلي والمشكل هنا هو برودة الطقس (الخوف من المرض) والعجز على الاغتسال كل يوم مما يسبب لي بعض التهاون في الصلاة.
هل بجوز لي التيمم أم لا لكي أؤدي صلاتي في وقتها؟ يعني هل يتقبلها الله سبحانه وتعالى
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، وكل من صلى على غير طهارة فإن صلاته باطلة، لقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيِكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا] (النساء: 43) .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور. رواه مسلم وغيره.
وإذا كانت الطهارة شرطا في صحة الصلاة، فلا يجوز للمسلم أن يقدم على الصلاة وهو جنب تحت أي ظرف من الظروف، ما دام واجدا للماء، ولا يخشى أن يترتب على استعماله له ضرر محقق أو غالب على الظن، وعليه، فلا يجوز لك التيمم إلا إذا غلب على ظنك حصول الضرر بالغسل، فلك في هذه الحالة أن تتيمم وتصلي، وعليك الغسل متى تمكنت منه بلا ضرر، ولا يحل لك التهاون بالصلاة بسبب عدم القدرة على الغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/2394)
الحالات التي يصح فيها التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التيمم يجزئ في بعض الحالات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 12699، والفتوى رقم: 12828 الحالات التي يصح فيها التيمم فتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/2395)
من خاف خروج وقت الصلاة قبل إمكان الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة وكنت خارج المنزل وحان وقت الصلاة ولم أكن على وضوء، وليس هناك مكان مناسب لأتوضأ فيه. فماذا أفعل وأنا لا أستطيع الرجوع إلى المنزل قبل موعد الصلاة التالية؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حان وقت الصلاة وأنت خارج المنزل فعليك بذل الجهد في وسيلة للوضوء وأداء الصلاة في وقتها، ولا يشترط للوضوء مكان فسيح متسع، بل كل ما أمكن ولو داخل الحمام، لأن الوضوء داخله جائز إلا أن الأفضل تركه، وراجعي الفتوى رقم: 14269.
فإذن تعذر عليك وجود مكان للوضوء وكان رجوعك للمنزل مع بقاء قدر من وقت تلك الصلاة، فيباح لك جمعها مع التي بعدها إذا كانت مما يصح جمعها كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، وللتعرف على الحكم الشرعي للجمع بين الصلاتين راجعي الفتوى رقم: 2160.
وإن خفت خروج وقت الصلاة قبل إمكان الوضوء فعليك التيمم لها وأداؤها في وقتها، لأن التيمم بدل عن الوضوء لقوله تعالى:
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ (المائدة: من الآية6) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/2396)
التيمم من الجنابة.. بين الإجزاء وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت في رحلة مع الزملاء وعندما قمت لصلاة الفجر وجدت أنني قد احتلمت ولا يوجد معنا ماء كافٍ والبرد شديد فتيممت وصليت الفجر، وعند الظهر ذهبنا لقرية تبعد30 كم ولم أغتسل (لا يوجد مكان أغتسل فيه) ، ورجعنا للمكان وصليت من الظهر إلى العشاء من اليوم التالي حتى رجعت للبيت، فما حكم صلاتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قادراً على استعمال الماء بعد تدفئته والاغتسال بين شجرات -مثلاً- ولا تجد ضرراً في ذلك، فإن ما أقدمت عليه من ترك الماء يعد تفريطاً في شرط من شروط صحة الصلاة، وهو الطهارة من الجنابة، لقول الله تعالى: وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ [المائدة:6] .
أما إن كنت ترى أن استعمالك الماء بأي وسيلة يسبب لك ضرراً، فإنه والحالة هذه يكون ما فعلته صحيحاً إن شاء الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 30748، والفتوى رقم: 12353.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/2397)
شرط جواز التيمم على الحجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما شروط الصعيد في التيمم: قدره, حجمه, هل يجوز التيمم بحجر مسته النار, بحجر لا يتعرض لأ شعة الشمس. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان شروط التيمم ومعنى الصعيد في الفتوى رقم: 10469، فليرجع إليها.
أما بخصوص التيمم على الحجر، فإنه يجوز التيمم عليه عند المالكية والحنفية، لكن بشرط عدم حرقه حرقا يخرجه عن مسمى الحجر إلى مسمى آخر، فإن حرق حرقا يخرجه عن مسمى الحجر عرفا لم يجز التيمم عليه.
قال الخرشي وهو مالكي، عند قول خليل بن إسحاق: ولمريض حائط لبن أو حجر. يعني أن للمريض وكذلك الصحيح إذا فقد الماء أن يتيمم على حائط لبن أو حجر لم يغيره الحرق فيصير جيرا أو جبسا أو آجرا أو يكون به حائل يمنع من مباشرته. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(11/2398)
لا أثر للكلام على صحة التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مضطرة للتيمم حتى تقرأ القرآن من المصحف الشريف، بعد التيم تأمرني أحيانا بشيء، فهل هذا الكلام يبطل التيمم؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكلام لا يبطل التيمم، وإنما يبطل التيمم بنواقض الوضوء، أو بقدرة العاجز عن استعمال الماء على استعمال الماء، أو بوجود الماء بعد أن تيمم بسبب فقده، وراجع الفتوى رقم: 37000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/2399)
حكم التيمم على الجدار المطلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم التيمم على الجدار المطلي أو المصبوغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التيمم على الجدار المطلي إذا لم يكن عليه تراب عالق به، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 10469، والفتوى رقم: 13477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/2400)
صلاة الجنب متيمما خشية الضرر من الاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبحت على جنابة وخشيت أن أغتسل لأني سأتعرض لمرض شديد، تيممت وصليت الفجر في الوقت، خرجت بعدها إلى عملي، صليت باقي أوقات النهار بالتيمم، بعد رجوعي إلى البيت في المساء اغتسلت وأتممت الصلوات الباقية.
هل الصلوات مقبولة. وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من أجنب أن يتطهر بالماء، فإن لم يجد الماء أو لم يستطع استعماله كأن يخاف الضرر أو المرض، فإنه يتيمم حتى يزول عذره لقوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا (المائدة: من الآية6) ، والمعجوز عنه في حكم المفقود، فإذا زال عذره وجب التطهر بالماء.
وعليه؛ فإذا كان يمكنك أن تسخن الماء قبل خروج وقت الفجر وتغتسل به بدون أن يكون عليك في ذلك ضرر فلم تفعل وصليت جنباً، فعليك أن تعيد صلاة الفجر لأنك صليتها بغير طهارة ولم يكن لك عذر، وهكذا بقية الصلوات التي صليتها بلا غسل.
أما إن كنت لم تتمكن من تسخين الماء في الوقت، وخشيت أن يخرج الوقت فصليت بالتيمم فقد سقط عنك الفرض، ولا تلزمك الإعادة كما هو الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 6229، وبالنسبة لبقية الصلوات فإنك صليتها بغير طهارة بدون عذر، فوجبت عليك إعادتها، كما تجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من هذا التفريط الظاهر في شروط الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/2401)
المحافظة على الطهارة أولى من المحافظة على الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التيمم في وجود الماء خوفاً من انتهاء وقت الصلاة؟ وإذا يجوز ذلك فما الحالات التي يجوز فيها ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن من خاف خروج وقت الصلاة باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل قدمه على التيمم، لأنهم يرون أن المحافظة على الطهارة أولى من المحافظة على الوقت، وخالف المالكية في ذلك حيث اعتبروا الوقت أولى بالمراعاة من الطهارة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6229
ومن المسائل التي يقدم فيها التيمم على الطهارة المائية مسألة عدم وجود ماء كاف في الوضوء أو الغسل، قال صاحب مواهب الجليل: "شرط جواز التيمم عدم الماء الكافي للطهارة، ودخل في ذلك ثلاث صور:
الأولى: عدم الماء بالكلية.
الثانية: وجود ما لا يكفي للوضوء في حق المحدث الحدث الأصغر، وما لا يكفي للوضوء ولا للغسل في حق المحدث الحدث الأكبر.
الثالثة: وجود ما لا يكفي للوضوء دون الغسل في حق المحدث الحدث الأكبر."
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/2402)
هل يباح التيمم لمن يشق عليه الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تشتكي من استخدام المياه للوضوء في الفجر، هي ليس لديها مرض معين ولكنها لا تطيق استخدام المياه فور الاستيقاظ، فهل يجوز لها التيمم في الفجر؟ وما هي أيسر الطرق الصحيحة للتيمم؟ وهل يجوز المسح على الجوارب في الوضوء داخل البيت للتيسير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى بين ما يبيح التيمم وهو المرض أو عدم الماء، حيث قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً الآية [النساء: 43] .
فإذا كانت أمك ليس بها مرض مانع من استعمال الماء، وإنما يشق على نفسها استعمال الماء في الوضوء لصلاة الفجر، فلا يباح لها التيمم، والوضوء واجب عليها، والوضوء في هذه الحالة أكثر ثوابا لها، فلتجاهد نفسها على فعله، لما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء عل المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.
ولتراجعي الفتوى رقم: 32626.
والذي ننصح به اتخاذ الوسائل المعينة على استعمال الماء في الوضوء دون أن يترتب على ذلك ضرر، ومن هذه الوسائل:
- الوضوء داخل البيت.
- تدفئة الماء.
- تنشيف الأعضاء بعد الوضوء.
- المكث داخل البيت برهة من الزمن.
- استعمال الادهان في حق أعضاء الوضوء.
ويجوز لبس الجوربين والمسح عليهما بعد الوضوء داخل البيت أو خارجه.
ولمعرفة الحكم الشرعي للمسح على الخفين أوالجوربين يُرْجَع إلى الجوابين التاليين: 5345، 5799.
وللتعرف على التفصيل في الطريقة الصحيحة للتيمم، راجعي الفتوى رقم: 12499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/2403)
التيمم لضيق الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أخي في الإسلام إنّي قمت صباح يوم الجمعة على جنابة ولم يتسنّ لي الغسل نظرا لضيق الوقت، وأخرج من العمل قبل صلاة الجمعة بقليل، فهل أتيمّم للقيام بالصلاة؟
أم ماذا أفعل؟
وجزاكم لله كلّ خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم هذا السؤال، وتقدمت الإجابة عليه في الفتوى رقم: 41440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/2404)
لا يتيمم الجنب خوفا من خروج الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أخى في الإسلام إنّي قمت صباح يوم الجمعة على جنابة، ولم يتسنّ لي الغسل نظرا لضيق الوقت وأخرج من العمل قبل صلاة الجمعة بقليل، فهل أتيمّم للقيام بالصلاة أم ماذا أفعل؟ وجزاكم الله كلّ خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب في حق الجنب هو الاغتسال، ولا يجزئ عنه تيمم ولا غيره إلا إذا لم يجد ماء، أو كان يحصل له الضرر باستعمال الماء، قال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [المائدة:6] .
وأما من يخاف فوات الوقت باستعمال الماء ففيه اختلاف بين أهل العلم، لكن المرجح أنه لا يتيمم، بل يغتسل وإن خرج الوقت، قال ابن قدامة في المغني: وإذا كان الماء موجوداً إلا أنه إذا اشتغل بتحصيله واستعماله فات الوقت لم يبح له التيمم سواء كان حاضراً أو مسافراً في قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي، وعن الأوزاعي والثوري له التيمم رواه عنهما الوليد بن مسلم، قال الوليد: فذكرت ذلك لمالك وابن أبي ذئب وسعيد بن عبد العزيز، فقالوا يغتسل وإن طلعت الشمس، وذلك لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا..... [النساء:43] . 1/166.
وبناء على ما تقدم فإن الواجب في حالتك هذه أن تغتسل، ولا يصح لك التيمم، وإن كنت صليت الجمعة بالتيمم فعليك أن تعيدها ظهراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/2405)
الحياء لا يسوغ العدول عن الغسل إلى التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[احتلم (وجد ماء) ولم يجد ماء وتيمم ثم ذهب للدراسة ولم يجد مكاناً يغتسل فيه خوف الإحراج (رمضان) وكان مشغولاً واعتقاداً منه أن التيمم يكفي ولم يغتسل، أفتونا مأجورين......؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك تأخير الغسل من الجنابة إذا خشيت خروج الوقت لمجرد الاستحياء من ذلك، فالاستحياء ليس عذراً شرعياً للعدول عن الغسل إلى التيمم، ولذا فإن الواجب عليك هو إعادة الصلوات التي أديتها بالتيمم مع القدرة على الغسل، علماً بأن صيامك صحيح ولا شيء عليك فيه، وراجع الفتويين التاليتين: 8721، 30636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(11/2406)
صلى بالتيمم ثم وجد الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلي بتيمم ثم وجد الماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من لم يجد الماء ثم تيمم وصلى ثم وجد الماء وقد خرج وقت الصلاة فلا إعادة عليه إجماعاً، حكى الإجماع ابن قدامة في المغني، أما إن كان الوقت باقياً فهل يعيد أم لا؟ الراجح عدم الإعادة وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي، وذهبت طائفة أخرى من الفقهاء إلى أنه يعيد الصلاة، ولو أعاد نال الأجر مرتين، كما ورد في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح: أن رجلين خرجا في سفر فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيباً فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر، ثم أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا له ذلك، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك، وقال للذي أعاد: لك الأجر مرتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(11/2407)
من قصر في طلب الماء وتيمم فعليه أن يعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحيه والسلام
سؤالي هو: كنت في سفر مع أصحابي وأدركتنا صلاة العصر فتيممنا وصلينا العصر بدون أن نجتهد في البحث عن الماء وبعد انتهائنا من الصلاة مشينا تقريبا 3 كيلو متر بالسيارة ووجدنا استراحة بها ماء ومسجد، فهل يجب علينا أن نعيد الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليكم أن تتوبوا إلى الله وتعيدوا الصلاة لتقصيركم في طلب الماء، وراجع الفتوى رقم: 24411.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(11/2408)
يتيمم عن الباقي من أعضاء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا انقطع الماء قبل إكمال الوضوء كيف أكمله بالتيمم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا انقطع الماء قبل إكمال الوضوء فلا يخلو: إن كان يجد ماء آخر فعليه أن يكمل الوضوء به إن كان الفصل يسيراً.
فإن طال الفصل وجفت الأعضاء، فالأحوط له أن يعيد الوضوء من بدايته، لأن من العلماء من ذهب إلى أن الموالاة فرض من فروض الوضوء.
وإن كان لا يجد ماءً غيره، فإنه يتيمم عن الباقي من أعضاء الوضوء، فيكون جامعاً بين الوضوء والتيمم، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، وهو الأحوط، قال صاحب الزاد: (ومن وجد ماء يكفي بعض طهره تيمم بعد استعماله) . وصفة التيمم أن يضرب الصعيد ضربة واحدة بيديه مفرجتي الأصابع، يمسح وجهه بباطنهما وكفيه براحتيه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/2409)
حكم التيمم لمن يجمع بين الظهر والعصر للسفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التيمم لصلاتي الظهر والعصر إذا كانتا جمعا للمسافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز التيمم لصلاة الظهر والعصر لمن كان مسافراً ولم يجد الماء، كما يجوز أن يصلي المتيمم أكثر من صلاة بالتيمم الواحد، فرضاً أو نفلاً على خلاف بين أهل العلم في ذلك، يرجع إليه في الفتوى رقم: 12699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/2410)
هل يبطل التيمم بخروج وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيما أفتى به ابن تيمية فيتيمم قبل الوقت كما يتوضأ قبل الوقت، ويصلي به ما شاء من فروض ونوافل، كما يصلي بالماء، ولا يبطل بخروج الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن التيمم يصح قبل دخول وقت الصلاة، كما أن التيمم لا يبطل بخروج وقت الصلاة عنده، وهو في ذلك موافق للإمام أبي حنيفة ورواية عن أحمد، كما وافق ابن حزم رحمه الله، وقد صوبت هذا القول اللجنة الدائمة في الفتوى رقم (4548) ، كما صوبه العلامة الشيخ ابن عثيمين في شرحه الممتع لزاد المستقنع، واستدل له هناك بأربعة أدلة:
أولها: قوله تعالى بعد أن ذكر الطهارة بالماء والتراب: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6] ، إذاً فطهارة التيمم طهارة تامة.
ثانيها: قوله صلى الله عليه وسلم: وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً. والطهور -بالفتح- ما يتطهر به، وهذا يدل على أن التيمم مطهر ليس مبيحاً.
ثالثها: قوله صلى الله عليه وسلم: الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين.
رابعها: أنه بدل عن طهارة الماء، والبدل له حكم المبدل منه، وعلى كل فإن هذا القول له حظ كبير من النظر، ولتراجع هذه المسألة في المغني لابن قدامة 1/164، وفتاوى ابن تيمية رحمه الله 21/436.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/2411)
الممنوع من استعمال الماء كفاقده
[السُّؤَالُ]
ـ[يمنع في المبيتات الجامعية (حيث أقطن) الاستحمام أكثر من مرة في الأسبوع وهو ما يمنعني من الاغتسال في حالة الاحتلام هل يمكنني التيمم؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرفع الجنابة لا يجزئ فيه غير الماء عند القدرة عليه، ولا يجوز للجنب التيمم إلا عند فقده أو العجز عن استعماله. وقد بينا ذلك وافيًّا في الفتاوى التالية: 12353، 35545، 8721.
وبناء على هذا، فإن الواجب على السائل ألا يصلي وهو جنب حتى يغتسل، فإن تعذر عليه الاغتسال في المكان الذي يقيم فيه، بحث عن الماء ليغتسل به في مكان غيره قدر طاقته، فإن لم يستطع تيمم وصلَّى ولا شيء عليه. قال تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [النساء:43] .
والممنوع من استعمال الماء كفاقده، وإننا لنوصي الأخ السائل بأن يتقي الله في عبادة ربه، وأن يؤديها على الوجه اللائق، دون تفريط، فقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/2412)
الخوف من إزعاج الجيران هل يبيح التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وجزاكم الله عنا ألف خير.
سؤالي هو: هل يجوز للمسلم إن أصبح عن غير طهارة أن يصلي الفجر بالتيمم من دون غسل خوفا من إزعاج الجيران؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأعذار المبيحة للتيمم هي المرض الذي يمنع من الطهارة، أو انعدام الماء.
قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّبا [المائدة: 6] .
وليس إزعاج الجيران عذرا يبيح ذلك، بل الواجب أن يطلب منهم الماء، إلا إذا كان على يقين من كونهم لا يعطونه.
قال خليل: كرفقة قليلة أو حوله من كثيرة إن جهل بخلهم به. وقال الديرديري: بأن اعتقد أو ظن أو شك أو توهم إعطاءهم، وإن لم يطلب وتيمم في المسألتين أعاد أبدا إن اعتقد أو ظن الإعطاء، وفي الوقت إن شك، وإن توهمه لم يعد، وهذا إن تبين وجود الماء أو لم يتبين شيء، فإن تبين عدمه فلا إعادة مطلقا، ومفهوم جهل بخلهم أنه لو تحقق بخلهم لم يلزمه طلب" (1 246،247) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(11/2413)
حكم التيمم بالتراب العالق بكراسي الطائرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام:
أفتونا جزاكم الله خيرا عن التيمم ونحن على متن الطائرة, جالسون على المقاعد، ونمسح على المقعد الذي أمامنا, هل تيممنا للصلاة صحيح, علما بأن المسافة من جاكرتا إلى جدة حوالي عشر ساعات, فخوفا من فوات الوقت نتيمم.
شيخنا الكريم: هنا أحد الأئمة يقول بأن على كراسي الطائرة لا يوجد عليها تراب معلق, فقد شفط الغبار أو التراب المعلق بالمكانس الكهربائية أو الشفاطات، حيث لا يبقى أي أثر للتراب ولا الغبار, لذا لا تصح الصلاة بذلك التيمم، لأن التيمم غير صحيح.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنكم إذا عدمتم الماء في الطائرة وكانت المقاعد التي ذكرت عليها غبار، وهذا أمر نادر في الغالب، لكن على افتراض وجود غبار، فإنه يصح التيمم عليه.
قال ابن قدامة في المغني: وإن ضرب بيديه على لبد أو ثوب أو جوالق أو برذعة فعلق بيديه غبار فتيمم به جاز، نص أحمد على ذلك كله، وكلام أحمد يدل على اعتبار التراب حيث كان، فعلى هذا لو ضرب بيده على صخرة أو حائط أو حيوان أو أي شيء فصار على يديه غبار جاز له التيمم به، وإن لم يكن فيه غبار فلا يجوز. اهـ
وقال السرخسي في المسبوط: وأبو حنيفة، ومحمد رحمهما الله تعالى احتجا بحديث عمر رضي الله عنه، فإنه كان مع أصحابه في سفر، فنظروا بالخابية، فأمرهم أن ينفضوا لبودهم وسروجهم ويتيمموا بغبارها، ولأن الغبار تراب، فإن من نفض ثوبه يتأذى جاره من التراب إلا أنه دقيق. اهـ
فإذا كانت المقاعد ليس عليها غبار ولم تجدوا صعيدا آخر وخشيتم فوات الصلاة جازت لكم الصلاة بدون طهارة نظرا للضرورة كما هو مذكور في الفتوى رقم: 34360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/2414)
يجزئ التيمم عن الغسل والوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يعمل الإنسان إذا أصابه (الودي ـ المذي ـ المني) في مكان لا يتوفر فيه الماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وجب عليه الاغتسال لخروج المني، أو لزمه الوضوء لانتقاضه بخروج الودي أو المذي، وحان وقت الصلاة، ولم يجد ماء بعد البحث والتفتيش عنه ولو بالشراء، إلا أن يكون بثمن زائد على ثمنه المعتاد، فإنه يتيمم ويصلي، وإن رجا وجود الماء آخر الوقت المختار فالأولى له تأخير الصلاة إليه.
وإن أصاب الودي أو المذي ثيابه لم يلزمه التيمم له على الراجح من قولي العلماء، وهو قول الجمهور، خلافًا للحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
والدليل على إجزاء التيمم عن الغسل والوضوء قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء:43] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء، ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمس بشرتك. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/2415)
من أصابته جنابة ولم يكن لديه ماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الإنسان إذا أصابته الجنابة وهو في الصحراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإنسان إذا أصابته جنابة ولم يكن له من الماء شيء أو كان عنده منه ما لا يستغني عنه في شربه وأكله ونحو ذلك من حاجته، فإنه يتيمم سواء كان في الصحراء أو في المدينة، إذ العبرة بقلة الماء. قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [النساء:43] .
وروى الشيخان وأحمد من حديث عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى بالناس يومًا فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم. قال: ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء. قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/2416)
من كان بجسده جراحات تمنعه من استيعاب الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حدث لي حادث ودخلت بعده المستشفى، وكنت على جنابة بعد دخولي المستشفى وحان وقت صلاة الظهر وكان صعبا علي أن أستحم وأمرر الماء على كل جسدي، المهم دخلت الحمام وحاولت أن أوصل بيدي الماء إلى ما استطعت من أماكن من الجسم، ولكن هناك أماكن كان يستحيل أن أوصل إليها الماء لظروف الحادث، وبقيت أماكن بدون أن يصلها الماء ثم صليت، هل عملي هذا صحيح أم خطأ؟ هل هذا يدخل في إطار قول الله عز وجل فاتقوا الله ما استطعتم؟ هل أعيد صلاتي أم هي صحيحة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك إعادة الصلاة التي صليتها بهذا الغسل؛ لتركك التيمم عن المواضع التي استحال وصول الماء إليها، والتيمم في الاستطاعة غالبًا فلا يسقط.
قال الزركشي في المنثور من القواعد: ولو كان بجسده جراحات تمنعه من استيعاب الماء، فالمذهب غسل الصحيح والتيمم عن الجريح.
وقال النووي في الروضة: فيجب غسل الصحيح، والتيمم عن الجريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(11/2417)
من لم يجد ماء كافيا للوضوء، ومن لم يجده
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يصلي المسلم في حالة يتعذر فيها الجمع وعدم استيفاء الشروط مثل استقبال القبلة والوضوء أو التيمم كالمسافر في الطائرة لعدة ساعات متواصلة. فمثلا حان وقت صلاة الفجر ولا يوجد ماء كاف للوضوء ولا مجال للتيمم ولو صلى لا يمكنه استقبال القبلة، والفقهاء لا يجيزون صلاة الفرض بدون استقبال القبلة وإن كانوا يجيزون النوافل.
فالسؤال هل يصلي بقدر المستطاع حيث لا يكلف الله نفسا إلا وسعها؟ أم يصلي بعد انتهاء سفره قضاء؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم الصلاة في الطائرة قد جاء مفصلاً في الفتوى رقم:
381، والفتوى رقم: 1173.
أما بالنسبة لمن لم يجد ماء كافيًّا لوضوئه.. فإن قصد أن الماء الذي وجده قليلاً لا يكفي لغسل أعضاء الوضوء كلها فيجب استعماله؛ لأن ذلك هو ما يستطيعه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: فَلَكَ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ الطَّاقَةِ , وَعَلَى وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِمَا دَخَلَ تَحْتَ الِاسْتِطَاعَةِ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدُ خُرُوجِ بَعْضِهِ عَنْ الِاسْتِطَاعَةِ مُوجِبًا لَلْعَفْوِ عَنْ جَمِيعِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِي لِبَعْضِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ.
وإن كان المقصود أنه لم يجد ماء فإن وجد صعيدًا كتراب أو حجارة وجب استعماله؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة:6] فإن لم يجد الصعيد أيضًا فإنه يصلي بدون طهارة نظرًا لضرورته. ودليل ذلك ما أخرجه الشيخان عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسًا في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم. فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على هؤلاء ما فعلوا ولم يثبت أنه أمرهم بالإعادة، فدل ذلك على صحة ما فعلوا؛ لأن التيمم في ذلك لم يكن قد شرع، والطهارة المشروعة حينئذ هي الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/2418)
ما يلزم المعاق الذي لا يستطيع الطهارة بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد 3 أشقاء معوقين، والإعاقة في الأطراف، حيث يحركونها بصعوبة شديدة ولا يمكنهم الوضوء إلا بمساعدة غيرهم، وهم لا يريدون أن يحملوا من حولهم عبئا زائدا، فهل يجوز لهم التيمم؟ وهل التيمم لا بد أن يكون بالتراب حيث هناك فتوى بأنه يمكن التيمم على أي صعيد طاهر، فيمكن الضرب بالكفين على وسادة مثلا والتيمم، فهل يصح ذلك خاصة وأن التراب يلتصق بالوجه ويسبب أحيانا حساسية، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
سبق الجواب عن حكم تيمم المعاق برقم: 16762.
ونضيف هنا أن العلماء نصوا على أن العاجز عن استعمال الماء لإعاقة كقطع اليد -مثلاً- أو شلل، يجب عليه أن ينيب غيره ليوضئه أو ييممه إذا كان الماء يضرُّ به. فإذا لم يجد من يساعده مجانًا استأجر من يقوم بذلك إذا كان عنده ما يؤجره به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/2419)
لا يتيمم إلا عند فقد الماء أو العجز عن استعماله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يتيمم لكل موجب للغسل كما يغتسل لكل موجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من قام به موجب من موجبات الغسل وجب عليه أن يغتسل ولا يجزئه التيمم بدل الغسل، ولا يجوز له إلا في حالة العجز عن استعمال الماء أو فقده، وعندئذ يصير له التيمم بديلاً عن الغسل فيستبيح به الصلاة ومس المصحف وغيرهما مما شرطت له الطهارة، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/2420)
هل يعيد من صلى بتيمم ولم يستطع الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع ... وبعد:
فهل يجب القضاء على من وجب عليه الغسل ولم يستطع أن يغتسل إلا بعد مدة وكان يتيمم بدل الغسل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان لدى هذا الشخص عذر شرعي يمنعه من الاغتسال فصلى بالتيمم، فقد تقدم في الفتوى رقم:
12354 أنه لا تلزمه إعادة ما صلاهُ بالتيمم.
أما إذا لم يكن لديه عذر شرعي كاعتذاره بالحياء أو البرد الخفيف مثلاً، فيجب عليه أن يتوب إلى الله، ومن توبته أن يعيد الصلوات التي صلاها بتيمم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/2421)
ما يشرع قوله بعد التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.... أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل للتيمم ذكر كما للوضوء؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم من حيث الدليل ما يدل على أن هنالك ذكراً يشرع قوله بعد التيمم، إلا أن فقهاء الشافعية قد نصوا على أنه يسن النطق بالشهادتين، وذكروا ذلك ضمن سنن التيمم، قال النووي في المجموع في معرض كلامه عن سنن التيمم: الحادية عشرة: ينبغي أن يستحب بعده النطق بالشهادتين كما سبق في الوضوء والغسل. انتهى.
وكذا ذكر الخطيب الشربيني في كتابه مغني المحتاج: ويعني بالنطق بالشهادتين ذكر الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. رواه مسلم عن عقبة بن عامر الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم نجد من نص على ذلك غير الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/2422)
كم فرضا أصلي بالتيمم الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل بتيمم واحد يمكن أن نصلي ما شئنا من الصلوات ما دام لم ينقضه أي ناقض من نواقض الوضوء التي هي نفسها نواقض التيمم، ونرى عندنا أنهم يقولون إنه بتيمم واحد يمكنني صلاة فرض واحد، وفي ما يخص النفل فإنه يكون بعد الفرض مباشرة دون أي ذكر أو كلام وإذا كان دون ذلك أعدنا التيمم، فهل ما ذكرنا لكم ثابت وله أصل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز أن يصلى بتيمم واحد فرضان، ولا أن يصلي بتيمم النافلة فريضة، ويجوز في النافلة أن يصلى بتيمم واحد أكثر من نافلة، وبتيمم الفريضة ما شاء المرء من النوافل، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
12699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(11/2423)
التيمم للصلاة هو فرضك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة على رسول الله
أنا سيدة كنت مريضة وأمرني الطبيب بعدم الاغتسال لمدة 3 أيام وقد طهرت بعد حيضتى فهل يجوز لي التيمم للغسل من الجنابة؟ علماً بأني أستطيع الوضوء فهل أتوضأ للصلاة وأتيمم للغسل؟ أم ماذا أفتوونا في أمرنا هذا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحب هـ أما بعد:
فمن كان لا يستطيع استعمال الماء لمرض ونحوه أو لم يجده، فالواجب في حقه هو التيمم، ولا فرق بين أن تكون عليه جنابة أو حيض أو غيرهما، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَو ْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّس َاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [المائدة:6] .
وبهذا تعلم السائلة أن التيمم للصلاة هو فرضها وليس الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(11/2424)
هل يصح أداء أكثر من فرض بالتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل بتيمم واحد يمكن أن نصلي ما شئنا من الصلوات ما دام لم ينقضه أي ناقض من نواقض الوضوء التي هي نفسها نواقض التيمم، ونرى عندنا أنهم يقولون إنه بتيمم واحد يمكننا صلاة فرض واحد، وفيما يخص النفل فإنه يكون بعد الفرض مباشرة دون أي ذكر أو كلام وإذا كان دون ذلك أعدنا التيمم، فهل ما ذكرنا لكم ثابت وله أصل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي أن للتيمم نواقض زائدة على نواقض الوضوء، ومن ذلك رؤية الماء، وخروج وقت الصلاة عند الجمهور، وزوال العذر المبيح للتيمم.
وأما ما يباح به التيمم فقد ذهب الجماهير من الأئمة وأهل العلم إلى أن المتيمم لا يصلي بالتيمم إلا فرضاً واحد ونوافل، على تفصيل في النوافل يراجع في مكانه من كتب الفقه، وقد اشترط المالكية رضي الله عنهم اتصال التيمم بالفرض، قال الدردير في الشرح الكبير: ويشترط اتصاله -أي التيمم- بالفرض أو النفل واتصال بعضها ببعض، لا إن طال أو خرج من المسجد، ويسير الفصل عفوٌ، منه آية الكرسي والمعقبات وأن لا يكثر في نفسه جداً بالعرف. انتهى.
وذهب الحنفية إلى جواز أن يصلي بالتيمم ما شاء من الفرائض والنوافل.
وعموماً فلقول الجمهور وزنه وقوته، وهو مبني على قواعد وأصول.. فلعل من ببلادك أيها الأخ الكريم يكونون على مذهب مالك أو الشافعي أو أحمد، وكل هؤلاء لا يجيزون أن يصلى بالتيمم أكثر من فرض، وانظر الفتوى رقم: 12699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/2425)
يباح التيمم لمن يتضرر من استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
عندي مرض مزمن سبب لي إعاقة حركية مما يجعلني أفقد في بعض الأحيان التوازن، كذلك استعمال الماء يسبب لي بعض المشاكل الجلدية في الوجه بالإضافة إلى ذلك لا أستطيع التحكم في الوضوء بسب خروج الريح، هل يجوز لي أن أتيمم لقضاء الفوائت وقيام الليل والنوافل وقراءة القرآن وأن أتوضأ فقط للفريضة لأن إعادة الوضوء لكل الصلوات شاقة علي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا خاف المريض على نفسه الضرر بسبب استعماله الماء، أو من جهة التحرك بحيث لا يتضرر باستعمال الماء لكنه إذا تحرك للوضوء شق عليه وتضرر به، وليس هناك أحد يوضئه، فإنه يجوز له التيمم، لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [النساء:43] .
والمعجوز عنه في حكم المفقود، وهذا شخص يعجز عن استعمال الماء، ويجوز له أن يتيمم لكل ما يتطهر له من صلاة مفروضة أو نافلة أو مس مصحف أو قراءة قرآن، لأن التيمم يستباح به ما يستباح بطهارة الماء، وأما حكم عدم التحكم في الريح فانظر جوابه في الفتوى رقم: 8777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(11/2426)
للمتيمم أن يصلي بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
السؤال الأول: هل يستطيع المصلي أن يصلي عدة صلوات مفروضة بتيمم واحد؟ أم يجدد لكل صلاة تيمما؟
السؤال الثاني: ترتب على إمام سجود قبلي ودخل معه مسبوق في الصلاة، في هذه الحالة هل يسجد المسبوق مع الإمام السجود القبلي سواء أدرك معه ركعة أو أكثر أم لم يدرك معه ركعة كاملة؟
السؤال الثالث: دخل رجل المسجد فصلى تحية المسجد ثم أذن المؤذن للصلاة غير أن هذا الرجل كان على أهبة السفر بحيث لو بقي ينتظر الصلاة مع الإمام تفوته سيارة النقل هل يجوز له أن يصلي الصلاة منفردا ثم يخرج؟ أو يؤخرها حتى يصل إلى المكان المقصود في سفره؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب على السؤال الأول في الفتوى رقم: 12699، وسبق جواب السؤال الثاني في الفتوى رقم: 12121.
ولا فرق في وجوب متابعته لإمامه في سجود السهود بين أن يدرك معه ركعة أم لا على قول بعض أهل العلم.
وأما السؤال الثالث: فإنه لا حرج على من خاف فوات الرفقة أن يترك الجماعة، ويؤدي الصلاة منفرداً.
قال ابن عابدين في حاشيته عند قول المصنف: فلا تجب على مريض ... وإرادة سفرٍ. أي: وأقيمت الصلاة ويخشى أن تفوته القافلة. ا. هـ
وقال محمد الشربيني الخطيب في شرحه على متن أبي شجاع: ورخص ترك الجماعة بعذر عام أو خاص كمشقة مطر ... (ومن تخلف عن رفقة ... ) .
وقال البهوتي في كشاف القناع وهو يعدد رخص ترك الجماعة: أو خاف فواتَ رفقةٍ مسافرٌ سفراً مباحاً منشئاً للسفر أو مستديماً له، لأن عليه في ذلك ضرراً. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/2427)
متى ينتقل المريض إلى التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مريضة ولها ما يقارب ثلاث سنوات طريحة الفراش ولا تستطع الوضوء في كل وقت فهل يجوز لها التيمم؟ علماً بأنه بعد كل أسبوعين يتم تسبيحها بالماء وأن في ذلك مشقة عليها.
نرجو التوجيه في ذلك.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المريضة إن كان الطبيب لم يخبرها بأن استعمال الماء يضرُّ بها، فإن استطاعت أن تقوم هي بالوضوء دائماً أو في بعض الأوقات وجب عليها ذلك، فإن عجزت قامت إحدى النسوة من أقاربها أو غيرهم بمباشرة الوضوء لها، فإذا لم يوجد من يقوم بذلك إلا بأجرة وجب دفع الأجرة إن قدرت عليها.
قال الحطاب في مواهب الجليل: وإن وجد الأقطع من يوضئه لزمه ذلك ولو بأجرة؛ كما يلزمه شراء الماء للوضوء، فإن لم يجد وقدر على لمس الماء من غير تدلك وجب عليه ذلك، فيأتي بما قدر عليه من الوضوء ويسقط ما عجز عنه.
وفي تحفة الحبيب على شرح الخطيب للبجيرمي: ولو عجز عن الوضوء لقطع يده -مثلاً- عليه أن يُحَصِّل من يوضئه ولو بأجرة مِثْلٍ، فإن تعذر عليه ذلك تيمم وصلى.
وكونها يتم تسبيحها بالماء في كل أسبوعين هذا ربما يكون دليلاً على ان استعمال الماء لا يضرُّ بها، وحصول المشقة إذا لم يترتب حدوث مرض ونحوه لا يبيح الانتقال إلى التيمم، لكن إن أخبرها الطبيب بأن استعمال الماء دائماً في الوضوء يضرُّ بها، فحينئذ يباح لها التيمم فتقوم هي به، فإن عجزت ينوب عنها غيرها فيه، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 19666، والفتوى رقم: 11315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/2428)
من عجز عن استعمال الماء فهو كعادمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من سماحتكم العفو إن زدت على سؤال واحد.
كنت في مدينة أخرى غير التي أقيم فيها ووقعت علي جنابة وأدركتني صلاة العصر فإن لم أصلها فاتتني لأنني لن أعود قبل العشاء، والماء متوافر ولكن المكان غير متوافر فأنا غريب فما العمل؟ والحمامات العامة لا تصلح للاغتسال، كما أنني لا أستطيع العودة إلى بيتي لأن المدينة بعيدة.. فقد أشرتم في أجوبتكم كلها إلى الماء ولكن لماذا لم تشيروا إلى المكان؟؟ وما بالكم إذا كان الذي حصل حصل مع امرأة؟؟ أرجو الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالضابط في جواز التيمم من الحدث الأكبر أو الأصغر هو عدم وجود الماء، أو العجز عن استعماله لبرد أو مرض، أو عدم وجود مكان يتمكن فيه الشخص من الاغتسال كما هو حال الأخ السائل، وكل إنسان أدرى بنفسه هل هو عاجز أم لا.
ومن عجز عن استعمال الماء كلية تيمم وصلى الصلاة في وقتها ولا يجوز له تأخيرها حتى يخرج وقتها بحجة عدم وجود الماء فإن الله تبارك وتعالى يقول: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6] .
ومن عجز عن استعمال الماء فهو كعادمه في العدول إلى التيمم، ومن قدر على استعمال الماء في بعض أعضائه غسل ما استطاع وتيمم عن الباقي، لأن المقدور عليه لا يسقط بما عجز عنه.
وإذا كانت الجنابة التي أصابتك بسبب وقوعك على امرأة لا تحل لك فقد ارتكبت إثماً عظيماً، والواجب عليك التوبة والاستغفار من ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(11/2429)
حكم من عجز عن استعمال الماء لبرودته ولم يتمكن من تسخينه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله..
أخي في الله جزاك الله خيراً ... أنا طالب في الجامعة، غدوت إلى مسجد الجامعة أنتظر صلاة الظهر وما زال يبعد وقتها قرابة الساعتين.. قرأت القرآن فغالبني النعاس فنمت على غير هيئة المتمكن _والله أعلم_ فشعرت بشيء من البلل حينما قمت لأتوضأ فعرفت أني قد أحتلمت.. والماء الموجود في الجامعة لا يمكن الاغتسال به لبرودته ... ولا أستطيع الذهاب إلى البيت لما تلزمه الجامعة من دوام.. فخرجت صلاة الظهر وكذلك العصر حتى غدوت إلى البيت فاغتسلت.. هل في عملي شيء؟ هل أنا مقصر؟ أم أن ما فعلته بحكم الضرورات؟ وبم تنصحني؟ جزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت لم تتمكن من الاغتسال بالماء الذي في الجامعة لبرودته ولم تتمكن من تسخينه، ولم تتمكن من الخروج إلى البيت، فالواجب عليك أن تتيمم ثم تصلي كل صلاة في وقتها هذا على قول جمهور العلماء، أماعند الشافعية فالوجب عليك والحالة هذه أن تتوضأ وتغسل ما استطعت من بدنك، ثم تتيمم وتصلي كل صلاة في وقتها، وهذا الذي نختاره لك لأنه هو الأحوط، علما بأنه يحرم عليك تأخيرالصلاة حتى يخرج وقتها للعجز عن استعمال الماء، وما دمت قد أخرت الصلاة حتى خرج وقتها فالواجب عليك قضاؤها مع التوبة والاستغفار، وذلك بعد أن تغتسل من الجنابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/2430)
يتيمم من يضره الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
السؤال: يوجد مريض قام بعملية جراحية في فخذه ولا يستطيع الركوع أثناء الصلاة وبعد العملية وقعت له جنابة ولا يستطيع الغسل الأكبر منها فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان بالجنب جرح في غير أعضاء الوضوء لزمه غسل جميع بدنه الصحيح والتيمم عن العضو الجريح، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور قال الإمام النووي في المجموع: (إذا كان جنباً والجراحة في غير أعضاء الوضوء فغسل الصحيح وتيمم للجريح ثم أحدث قبل أن يصلي فريضة لزمه الوضوء ولا يلزمه إعادة التيمم، لأن تيممه عن غير أعضاء الوضوء فلا يؤثر فيه الحدث، ولو صلى فريضة ثم أحدث توضأ للنافلة ولا يتيمم، وكذا حكم الفرائض) انتهى.
والدليل على ذلك ما رواه أبو داود والبيهقي من حديث جابر قال: " خرجنا في سفر فأصاب رجل منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: "قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/2431)
هل يصح التيمم بأوراق الأشجار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن التيمم بأوراق الأشجار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما يجوز التيمم به وما لا يجوز به، وممن حكى الخلاف ابن قدامة في المغني حيث قال رحمه الله: وجملة ذلك أنه لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد؛ لأن الله تعالى قال: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة:6] .
قال ابن عباس: الصعيد تراب الحرث، وقيل في قوله تعالى: فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً [الكهف:40] يعني تراباً أملس. والطيب الطاهر، وبهذا قال الشافعي وأحمد وإسحاق، وأبو يوسف وداود.
وقال مالك، وأبو حنيفة: يجوز بكل حال ما كان من جنس الأرض، كالنورة والزرنيخ والحجارة، وقال الأوزاعي: الرمل من الصعيد. انتهى
وإذا تقرر لك ما سبق فاعلم -أخي السائل- أنه لا يجوز لك التيمم بأوراق الشجر على جميع الأقوال السابقة لكونها ليست تراباً ولا رملاً ولا من جنس الأرض، وحكى شيخ الإسلام بن تيمية عن بعض أهل العلم أن التيمم (يجوز بالأرض وبما اتصل بها حتى الشجر) لكن الذي عليه عامة العلماء أنه لا يجوز التيمم بها ولا بأوراقها إلا إذا كان عليها تراب يعلق بيدك إذا مسحت عليه فيجوز لك التيمم به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/2432)
قول أهل العلم فيمن تضرر بمسح أذنيه بالماء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
جزاكم الله كل خير على الجهود المباركه إن شاء الله
أنا عندي مشكلة أثناء الوضوء وهي مسح الأذنين بالماء لأنه يسبب لي آلاما مستمرة وعندي حساسية شديدة من دخول الماء في الأذن حتى لو القليل جدا منها هل هناك حل؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد إلى أن مسح الأذنين في الوضوء ليس بفرض، وإنما هو سنة.
وعلى هذا، فلا حرج على السائلة في ترك المسح على أذنيها في الوضوء إذا ثبت لديها حصول ضرر بذلك، لقول الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78] .
وذهب الحنابلة في المعتمد من مذهبهم إلى وجوب مسح الأذنين، ويشهد لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الأذنان من الرأس" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وعليه، فإن تضررت بالمسح عليهما لزمك التيمم عنهما، وذلك أن تغسلي ما صح من أعضاء الوضوء، ثم تيممي بدلاً عن مسح الاذنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2433)
تنتفي استباحة التيمم بزوال العذر
[السُّؤَالُ]
ـ[التيمم بدل الاغتسال من الجنابة بسبب المرض فهل علَيَّ الاغتسال بعد أن يزول المرض بعد يوم أو أسبوع أم إن التيمم يكفي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التيمم يستباح به ما يستباح بالماء عند فقدانه، أو عدم القدرة على استعماله إن وجد. قال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْه [المائدة: من الآية6] وقال صلى الله عليه وسلم: الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته. رواه أصحاب السنن عن أبي ذر.
لكن متى ما زال عذره إن كانت عليه جنابة وجب عليه الغسل لرفع الجنابة، وإن لم يكن عليه جنابة فعليه الوضوء فقط.
والحاصل أن على السائل الكريم أن يغتسل من الجنابة إذا زال عذره وقدر على استعمال الماء، ولا عبرة بطول الزمن أو قصره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/2434)
لا ينتقل للتيمم إلا بعد استنفاد الوسع
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مصابة بمرض وهي لا تتحمل الوضوء بالماء البارد ولا الماء الدافىء.
هل يمكن لها أن تتيمم ?
... ... ... ... شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى زوجتك أن تبذل ما بوسعها لاستعمال الماء وذلك باتخاذ الوسائل المعينة على هذا مثل التوضؤ في مكان دافئ محكم الإغلاق، ثم تنشيف الأعضاء وتدهينها ونحو هذا.
فإذا رأت أن كل هذا لا يحول دون ضرر يحصل بها بسبب استعمال الماء، فلا حرج عليها حينئذ في التيمم، لقول الله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) (المائدة: من الآية6) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(11/2435)
من أجنب ولم يجد الماء تيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا نمت في ظهر رمضان واحتلمت وخرج المني ولا يوجد ماء في المنطقة التي أنا فيها ماذا أفعل أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن احتلم في رمضان أو في غيره ووجد أثر المني بعد استيقاظه من النوم فقد وجب عليه الغسل من الجنابة، فإذا جاء وقت الصلاة، ولم يجد الماء فعليه أن يتمم ويصلي، ولا يلزمه إعادة الصلاة عند وجود الماء.
وانظر الفتوى رقم:
6229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/2436)
طهارة من يضع الدواء على بشرته بصفة مستمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أعالج من مرض جلدي يستلزم وجود الدواء على البشرة في الوجه والرأس طيلة 24 ساعة وذلك لزمن طويل أي لعدة شهور فكيف التعامل مع الوضوء؟
أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غسل ما يجب غسله، أو مسح ما يجب مسحه في الوضوء فرض متعين على كل من يستطيع ذلك، لا من كان عاجزاً عنه لمرض ونحوه.
وعليه، فإذا كان الماء يبطل مفعول الدواء، وبالتالي يزداد المرض أو يتأخر برؤه، وأمكنك المسح على الدواء، فامسح عليه، ثم أكمل وضوءك، وإذا كان المسح عليه مباشرة يفسد الدواء، فاجعل عليه جبيرة، ثم امسح عليها، وأكمل وضوءك.
وإذا لم يمكن المسح مباشرة أو على جبيرة، فاغسل الصحيح من أعضائك ثم تيمم للباقي، بعد الوضوء على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ودليل هذا كله قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: وقال العلماء رحمهم الله تعالى: إن الجرح إما أن يكون مكشوفاً أو مستوراً، فإن كان مكشوفاً، فالواجب غسله بالماء، فإن تعذر فالمسح للجرح، فإن تعذر المسح فالتيمم، وهذا على الترتيب، وإن كان مستوراً بما يسوغ ستره به، فليس فيه إلا المسح فقط، فإن ضره المسح مع كونه مستوراً، فيعدل إلى التيمم كما لو كان مكشوفا. هذا ما ذكره الفقهاء في هذه المسألة) انتهى من الشرح الممتع على زاد المستقنع في باب المسح على الخفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(11/2437)
حكم التيمم بالغبار العالق بجسم السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أخي الكريم كنت خارج البيت قبل المغرب بساعات وكنت في سيارة فوصلنا إلى المكان الذي نريده فكان موعد صلاة المغرب فكان السائق متوضئا وأنا لم أكن متوضئا وليس هناك دورات مياه قريبة فقال السائق تعال صل فقلت لست متوضئا فقال تيمم من التراب الذي على السيارة فتيممت من هذا التراب وهوشيء بسيط من التراب لايذكر فهل صلاتي إن شاء الله صحيحة؟؟؟ وماذا علي أن أفعل إذا التيمم غير صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدركته الصلاة في مكان ولم يجد الماء للطهارة فإنه يجتهد في طلب الماء، فإذا لم يجد فإنه يتيمم ويصلي وكيفية الاجتهاد في طلب الماء مبينة في الفتوى رقم: 14885 فإذا كنت قد اجتهدت في طلب الماء فلم تجده وصليت بالتيمم فإن صلاتك صحيحة، أما إذا لم تجتهد في طلب الماء فإن عليك إعادة الصلاة.
ومن كان التيمم في حقه مشروعاً فله أن يتيمم بالغبار العالق بالسيارة ونحوها ولو لم يكن التراب كثيراً أما إن لم يكن بها تراب عالق فلا يجزئه التيمم بالمسح عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/2438)
صلاة فاقد الطهورين
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام كنت ذاهباً أنا وصديقي، فدخل علينا وقت صلاة المغرب أما صديقي فكان على وضوء وأما أنا فذهبت لكي أتوضأ، ولكن وجدت الماء مقطوعاً، فقامت الصلاة فقلت لصديقي سوف أبقى هنا إلى أن تنتهي الصلاة، لأنني لم أجد شيئاً أتيمم به، فقال لي أدخل وصل أهم شيء النية، لأنه إذا لم أدخل يكون قد فاتني المغرب، فدخلت وصليت، فبعدها علمت أن عذابها شديد، ولكنني كنت لا أعلم أرجو الفتوى منكم وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز انتقال من الوضوء إلى التيمم إلا عند المرض الذي يؤثر عليه استعمال الماء، أو عند عدم الماء، لقول الله تعالى: ( ... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [النساء:43] .
ولا يكون الشخص في حكم العادم للماء إلا إذا طلبه، وبذل وسعه في تحصيله، فإذا طلبه ولم يجده انتقل إلى الصعيد، وهو ما صعد على وجه الأرض من أجزائها تراباً كان أو حجراً، ثم إذا لم يجد الصعيد، وخشي خروج الوقت، فإنه يصلي على حاله، لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة للقادر عليها الواجد لوسيلتها، فالعجز عنها لا يبيح ترك الصلاة، وليس عليه أن يعيد تلك الصلاة التي صلاها بلا ماء أو تراب، لقول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] .
فإن صلى بلا طلب أعاد الصلاة في الوقت وبعده.
وكذا لو قصر في الطلب المأمور به، -وهو أن يطلبه بقربه، ويسأل عنه عن يمينه وشماله وورائه وأمامه- لزمه أن يعيد الصلاة ما دام الوقت باقياً، فإذا خرج الوقت لم يُعد.
جاء في شرح مختصر خليل: (ويعيد المقصر في الوقت وصحت إن لم يُعد.. فإن لم يطلبه وتيمم وصلى أعاد أبداً) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/2439)
طهارة من برجله علة تتأثر بالماء
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله.
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته.
أنا شاب أقيم بالنرويج ولي مرض بين أصابع رجلي، الأصبع الصغير والتي تليها وذهبت إلى طبيب وأعطاني دواء لمدة ثلاثة أشهر ولكن الله لم يكتب الشفاء بذلك الدواء. فسألت الطبيب بأن الماء يِؤثر على رجلي كلٌما استعملته كثيرا مشيرا إلى الوضوء فقال لي: استعمله مرة أو مرتين في الأسبوع.ففعلت ولكن كنت ولازلت لما أتوضأ، أتوضأ حتى أذني وأتوقف ثم أتيمم لرجلي. هل ما أفعله صحيح؟ علما بأن الذي أفعله أخذته من فتوى داعية في بلاد ما. شيخي الفاضل ومرٌات أمسح على الجوارب لنفس السبب وفي الحضر وليس في السفر. أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دين الله تعالى يسر، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، كما قال سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
وهذا من لطف الله بعباده حيث لم يوجب عليهم إلا ما هو في استطاعتهم، فإذا كان الله قد أوجب الماء في حال الصحة والقدرة فإنه أباح التيمم في حال حصول المرض، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6] .
وعلى هذا فإن كنت قد تيقنت وجود ضرر بغسلك العضو المذكور أو غلب ذلك على ظنك فحاول أن تجعل مكان الغسل مسحاً مباشراً بالماء فهذا خير من التيمم، فإن رأيت أن ذلك يؤثر عليك فاجعل عليه عصابة وامسح عليها، فإذا لم تستطع هذا فلا حرج في الانتقال إلى التيمم.
وأما ما سألت عنه من المسح علىالجوارب فهو جائز ولو لم تكن مريضاً وسواء كنت مسافراً أو حاضراً لكن بشرط أن تكون طاهرة، وتغطي جميع محل الوضوء، وأن تكون غليظة بحيث لا تظهر البشرة من تحتها، وأن تلبسها على طهارة كاملة، وأن لا تزيد مدة المسح على يوم وليلة بالنسبة للمقيم، وثلاثة أيام بالنسبة للمسافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/2440)
ينتقل المريض إلى البدل الذي لا يشق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مريض بالمستشفى ولايستطيع أن يستنجي من البول لأنه يوجد بالذكر كيس لحمل البول ولا يستطيع النهوض من السرير فهل يجوز له التيمم فقط؟ وما نصيحتكم أن يفعل في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد جعل مناط التكليف الاستطاعة، فقال سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [الطلاق:7] .
ومن القواعد الفقهية المقررة شرعاً أن المشقة تجلب التيسير، وأنه إذا ضاق الأمر اتسع.
فإذا كان حال والدك على ما ذكرت، فإن كان بالإمكان أن يتوضأ، ولم يترتب على ذلك ضرر عليه، فإن عليه أن يتوضأ ويصلي ولو بمساعدة من يعينه على ذلك، وإن كان لا يستطيع الوضوء، فإنه ينتقل إلى البدل الذي هو التيمم، ولا يلزمه إزالة هذه النجاسة لمشقة الاحتراز منها، ويصلي على الحال التي أمكنته
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/2441)
البديل الشرعي لمن لا يستطيع استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار لوالدي فهو رجل مسن وهو مواظب على الصلاة ولكنه أصيب فى حادث حريق منذ ستة عشر يوما بالضبط نتج عنه حرق شديد فى ذراعيه ووجهه وحذره الأطباء من الاقتراب من الماء ولذلك أوقف الصلاة منذ ذلك اليوم ولكن المدة ستطول عن ذلك فهل يصح له التيمم؟ ومنذ أن أوقف الصلاة هو يرى في المنام حلماً يخاف منه وهو أنه يرى جملاً أبيض جامحا وهائجاً وحوله مجموعة من الناس الطيبين يطاردونه وهو يجري منهم إلى أن يختبىء منهم.. فهل لديكم تفسير لذلك أفيدونا أفادكم الله وسدد خطاكم لأن والدي خائف جدا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم إذا عجز عن استعمال الماء لمرض أو نحوه، فإنه يلجأ إلى التيمم، إلى أن يزول عنه ذلك العارض ولا يجوز له ترك الصلاة، إذ أن الصلاة يجب أداؤها ما لم يفقد الإنسان وعيه، فلا يسقطها خوف ولا مرض ولا غيرهما، وكان الواجب عليكم سؤال أهل العلم، وليس انتظار هذه الفترة كلها بلا صلاة، فإن ترك الصلاة من أعظم الذنوب ففي المسند وسنن الترمذي وسنن النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
والواجب عليه الآن قضاء هذه الصلوات، وأن يستغفر الله جل وعلا من تركه للصلاة هذه المدة.
أما ما رآه في المنام من أمر مفزع فلعله أن يكون نذيراً له من سوء عاقبة التفريط في أمر الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/2442)
ما يلزم فعله لمن خاف خروج الوقت ولم يستطع استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في مقتبل العمر وعند احتلامي بالليل تواجهني بعض الصعوبات فعند استيقاظي من النوم لصلاة الفجر أجد دورة المياة مزدحمة من عائلتنا الكبيرة ولا أجد فرصة للاغتسال وأوجله إلى طلوع الشمس فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه الجمهور من أهل العلم أن من استيقظ ولزمه الغسل وضاق الوقت عن الاغتسال والصلاة فإنه يلزم الاغتسال ولو خرج وقت الصلاة، كما سبق بيانه في الجواب رقم 7419 والجواب رقم 6229
وعليه فإنه يلزمك أن تجتهد وسعك في الاغتسال والصلاة من أول الوقت فإذا خرج الوقت ولم تتمكن من الطهارة إلا بعد خروجه فلا حرج عليك، قال تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/2443)
ييمم العضو المريض بعد الفراغ من الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي عدم غسل أو مسح الوجه وعدم استنشاق أثناء الوضوء (أو التيمم) إذا كان غسل الوجه والاستنشاق يسببان لي التهاب الجيوب الأنفية بصورة مستمرة وأحتاج لمعالجتها بالإبر دائماً لأنني أعيش في بلد بارد جداً وليس لدينا الإمكانات المادية للتدفئة بشكل كاف؟
أفيدوني وفقكم الله.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن رحمة الله بعباده أنه لم يجعل عليهم في الدين حرجاً، وأنه يريد بهم اليسر كما أخبر بذلك سبحانه وتعالى في قوله: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة:185] ، وجعل مدار التكليف بالعبادات على الاستطاعة كما في قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة:] وقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
ومن ذلك أنه سبحانه شرع التيمم لمن عجز عن استعمال الماء، كأن كان الماء يضر به: إما بزيادة المرض أو تأخر البرء، ومن تعذر عليه استخدام الطهورين صلى على حاله.
وبناء على ما تقدم، فإذا كان الواقع هو ما ذكر في السؤال، وكان الضرر متحققاً بالتجربة أو بشهادة الثقة من الأطباء، فللسائلة عمل الآتي:
أن تغسل ما لا يتضرر بالغسل من أعضاء الوضوء، ثم تتيمم للوجه، فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن المريض يؤخر التيمم للعضو المريض بعد الفراغ من الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(11/2444)
وصف الإعاقة المبيح للتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة معوقة أجلس على كرسي متحرك ومصابة بمرض في الأطراف يحد من حركتي وأضطر للتيمم حتى لا أشق على من حولي وأتيمم بأن أضرب بكفيَّ على أي سطح أمامي كمنضدة مثلا وأمسح وجهي وكفي على اعتبار أن هناك رأيا يقول إن الصعيد الطيب أي مكان طاهر فهل ذلك صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله عز وجل للسائلة الشفاء، وأن يعوضها مما فقدته أجزل الثواب وأرفع الدرجات.
وبخصوص السؤال فأقول: لا يجوز التيمم إلا لمن لم يستطع استعمال الماء بسبب مرض يزيده استعمال الماء، أو يؤخر البرء منه، أو لخوف حدوث ضرر محقق أو مظنون ظناً قوياً بسبب استعماله، أو لفقد الماء، أو عدم من يناوله له مع عجزه عن تناوله بنفسه، لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [النساء:43] .
وعليه، فمن تحقق فيه وصف من هذه الأوصاف جاز له التيمم، ولكن التيمم لا يصح إلا على الصعيد وهو: ما صعد على وجه الأرض من أجزائها، أو هو التراب المنبت على خلاف بين العلماء في معنى الصعيد الذي يجوز التيمم عليه. وعلى كل حال فالمنضدة لا يجوز التيمم عليها بحال من الأحوال.
وفي الأخير ننبه السائلة إلى أن الإعاقة أو العجز عن بعض الحركات ليس عذراً يبيح التيمم ما دام هناك من يساعد على تهيئة الماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(11/2445)
تعذر التطهر بالماء لمن طهرت من الحيض ينقلها للتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة التي طهرت من الحيض أن تتيمم لأنها مريضة ولا تستطيع الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز الانتقال إلى الطهارة بالتيمم، إلا عند تعذر الطهارة المائية، لعدم وجود الماء أو لعدم القدرة على استعماله لمرض يؤثر استعمال الماء على صاحبه.
فإذا كانت هذه المرأة مريضة بحيث إنها لو اغتسلت لزادها ذلك مرضاً، أو لأخر من شفائها، فإنه لا بأس عليها في أن تتيمم.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 7418، والفتوى رقم: 11315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/2446)
المريض الذي يضره الغسل يتوضأ للحدث الأصغر ويتيمم للأكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة عملت عملية جراحية في البطن ومنعت من استخدام الماء للغسل فقط فانقطعت عن الصلاة مدة شهرين تقريبا ولما عادت للغسل بدأت بقضاء ما عليها من صلاة فكانت تصلي بعد كل صلاة حاضرة صلاة تقضيها وهي إلى الآن ما زالت تصلي القضاء فما رأيكم بهذا مع العلم أنها لم تمنع من استخدام الماء إلا في الغسل فقط وهي لم تغتسل
فقد تكون حائضاً فهل ما عملته صحيح أم خطأ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة هي أهم أركان الإسلام التي بني عليها بعد الشهادتين، وهي من الأمور التي لا تسقط عن الإنسان تحت أي ظرف من الظروف ما دام عنده عقل، ولكن الله عز وجل من رحمته بنا ولطفه لم يكلفنا فيها ولا في غيرها إلا بما نطيق، فمن عجز عن ركن من أركانها أو شرط من شروطها أداها على نحو ما تيسر له.
ولهذا فإن ما عملته هذه المرأة غير مشروع، وهو تركها للصلاة من أجل منعها من استخدام الماء للغسل، بل كان الواجب عليها في هذه الفترة أن تتوضأ إذا لم تكن محدثة حدثاً أكبر من جنابة أو حيض أو نحوهما، إذ الواجب على من لم يكن محدثاً حدثاً أكبر هو الوضوء وليس الغسل. أما إذا كانت محدثة حدثاً أكبر أو كان الوضوء يضر بها فعليها أن تتيمم وتصلي ولا تترك الصلاة، لأن الله تعالى يقول (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [النساء:43] ، أما وقد حصل ما حصل فيجب عليها قضاء ما تركته من الصلوات في الفترة المذكورة في غير زمن الدورة الشهرية، ويجب عليها القضاء فوراً بقدر الاستطاعة، وإذا كانت لا يشق بها أن تقضي خمس صلوات بعد كل صلاة حاضرة فبها ونعمت وإلا فعلت ما تستطيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(11/2447)
من خاف فوات الجمعة إذا تطهر بالماء يصليها بالتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أفتونا جزاكم الله خيراً ما هو حكم الشرع في رجل ذهب ليصلي الجمعة وكان ينتظر أن يتوضأ عند الوصول إلى المسجد إلا أنه ذهب إلى مسجد لا يعرفه واقتربت الصلاة ولم يعرف مكان بيت الوضوء فصلى بالتيمم السؤال: هل يعيد الصلاة أم أن صلاته صحيحة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن لم يجد ماء وخشي فوت صلاة الجمعة، فإنه يتيمم ويصليها ولا يفوتها، ولا إعادة عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما إذا خاف فوات الجنازة أو العيد أو الجمعة، ففي التيمم نزاع، والأظهر أنه يصليها بالتيمم ولا يفوتها ... .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(11/2448)
لا يباح التيمم لعادم الماء إلا بعد طلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ولله الحمد خرجت مع صحبة صالحة وأدركتنا صلاة الظهر وقالوا لنا تيمموا رغم أن البحر لم يكن يبعد إلا نصف كيلو متر واحتجوا علينا وقالوا أنتم تخالفون سنة النبي وهي التيمم ونحن نقول لهم إن البحر قريب ويقولون لنا تيمموا تيمموا فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما كان يجوز لكم أن تتيمموا ما دام ماء البحر قريباً منكم بهذه الدرجة مع قدرتكم على الوصول إليه، وصلاتكم بذلك التيمم غير صحيحة، إذ يشترط لصحة تيمم عادم الماء أن يكون قد طلب الماء فلم يجده، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، ولأن الله يقول: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [النساء:43] .
ولا يكون الشخص غير واجد للماء حقيقة إلا عندما يبذل ما في وسعه عرفاً في سبيل تحصيله فيعجز عن ذلك.
وصفة طلب الماء كما قال ابن قدامة الحنبلي: أن يطلب في رحله، ثم إن رأى خضرة أو شيئاً يدل على الماء قصده فاستبرأه، وإن كان بقربه ربوة أو شيء قائم أتاه وطلب عنده، وإن لم يكن نظر أمامه ووراءه وعن يمينه ويساره، وإن كانت له رفقة يُدَلٌّ عليهم طلب منهم، وإن وجد من له خبرة بالمكان سأله عن مياهه، فإن لم يجد فهو عادم، وإن دل على ماء لزمه قصده إن كان قريباً، ما لم يخف على نفسه أو ماله أو يخشى فوات رفقته ولم يفت الوقت، وهذا مذهب الشافعي ... فإن طلب الماء قبل الوقت فعليه إعادة الطلب بعده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1423(11/2449)
الجنب غير القادر على استعمال الماء يتيمم لكل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-مسألة التيمم
كنت على جنابة وخفت استعمال الماء فتيممت لصلاة الفجر وعند الظهر أردت التيمم فقيل لي توضأ لأنك قد أزلت الجنابة بالتيمم لأنه بدل الغسل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الجنب أن يغتسل من الجنابة، ويفعل كل ما في وسعه من الوسائل المؤدية إلى ذلك، والمسهلة له، كتسخين الماء إن كان بارداً، فإن تعذر عليه ذلك، وخاف إن استخدم الماء تلف نفسه، أو عضو من أعضائه، أو زيادة مرض أو تأخر شفاء، فيجوز له عند ذلك التيمم لكل صلاة، ومتى قدر على الاغتسال وجب عليه، ولا يجزئه الوضوء عن الغسل أبداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(11/2450)
شرط صحة التيمم بالحائط
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز التيمم باستخدام الحائط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجد بالحائط تراب عالق به صح التيمم بالمسح عليه، أما إن لم يكن به تراب عالق فلا يجزئ التيمم إلا بالتراب. وانظر الجواب رقم:
10469
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2451)
أحكام تتعلق بالجنب الذي لا يستطيع استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا احتلم شخص ولسبب المرض أو لسبب آخر لا يستطيع الغسل ولكن يستطيع الوضوء فماذا عليه أن يفعل؟ هل يتوضأ أو يتيمم (مع وجود الماء) لأجل الصلاة؟
هل يجوز له الصلاة وهل له أن يقضي الصلاة بعد زوال المشكلة (المرض)
وهل يجوز له أن يؤم الناس في الصلاة؟
وفي هذه الحالة هل يجوز له قراءة القرآن والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وهل يجوز له دخول المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان عليه حدث أكبر وهو لا يستطيع الغسل لعذر من مرض أو غيره فإنه يتيمم ولا يتوضأ، لأن الوضوء لا يرفع الحدث الأكبر. فإذا صلى بهذا التيمم فلا قضاء عليه، ولا بأس في أن يؤم الناس لقصة عمرو بن العاص لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت -إن اغتسلت- أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: "يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " قال: قلت: يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت -إن اغتسلت- أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً. رواه أحمد وأبو داود.
ولا بأس أيضاً في أن يدخل المسجد للصلاة أو غيرها، ولكن لا يدخله قبل أن يتيمم.
ولا بأس أيضاً أن يقرأ القرآن مادام متيمماً وله أن يذكر الله ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتيمم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/2452)
أحكام تتعلق بالجنب الذي لا يستطيع استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا احتلم شخص ولسبب المرض أو لسبب آخر لا يستطيع الغسل ولكن يستطيع الوضوء فماذا عليه أن يفعل؟ هل يتوضأ أو يتيمم (مع وجود الماء) لأجل الصلاة؟
1-هل يجوز له الصلاة وهل له أن يقضي الصلاة بعد زوال المشكلة (المرض)
2-هل يجوز له أن يؤم الناس في الصلاة؟
3-في هذه الحالة هل يجوز له قراءة القرآن والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
4-هل يجوز له دخول المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان عليه حدث أكبر وهو لا يستطيع الغسل لعذر من مرض أو غيره فإنه يتيمم ولا يتوضأ، لأن الوضوء لا يرفع الحدث الأكبر. فإذا صلى بهذا التيمم فلا قضاء عليه، ولا بأس في أن يؤم الناس لقصة عمرو بن العاص لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت -إن اغتسلت- أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: "يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " قال: قلت: يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت -إن اغتسلت- أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً. رواه أحمد وأبو داود.
ولا بأس أيضاً في أن يدخل المسجد للصلاة أو غيرها، ولكن لا يدخله قبل أن يتيمم.
ولا بأس أيضاً أن يقرأ القرآن ويذكر الله ويصلي على رسول صلى الله عليه وسلم. بل إن هذه الثلاثة الأخيرة تجوز للجنب وإن لم يتيمم، أما قراءة القرآن فتجوز على الراجح من أقوال العلماء، ولكن بدون مس، وأما الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا نعلم في جوازهما للجنب خلافاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/2453)
طهارة المستمني إذا لم يقدر على الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم من يمارس العادة السرية في الشرع وهو غير متزوج ولا يريد أن يلامس الأجنبية.
2- ما حكم طهارته إذا كان لا يستطيع الاغتسال كل مرة بسبب شح المياه أو صعوبة إيجاده وتكاليفه وهل يكفيه التيمم لصلاته تلك.
وإذا صادف أن توفي أخ له مسلم بجنبه ودخل عليه وحضر تغسيله والصلاة عليه ودفنه هل هو آثم أم لا وما الحكم أغيثونا جزاكم الله خيرا فأنا متدين جدا ولكن الشيطان في هذه القضية لازال يهزمني وأيضا من أسرة متدينة فماذا أعمل وما حكمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المسلم الإقدام على هذه المعصية كما هو مبين في الفتوى رقم 7170
لكن من تجاسر على هذه المعصية ثم لم يجد الماء أو لم يستطع استعماله لمرض أو خوف مرض محقق، فإنه يجوز له التيمم لصلاته، لعموم قوله تعالى: (وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) [المائدة:6] وأما تغسيله الميت أو حضور دفنه فلا حرج فيه، إذ الطهارة لا تشترط لغسل الميت ولا لدفنه، وإنما تشرط للصلاة عليه.
وفي الأخير: ننبه الأخ السائل إلى أن الاستمرار في الذنوب والإصرار عليها يصيرها كبيرة إذا كانت في الأصل صغيرة، فيجب عليه أن يكف عن هذه الممارسات،
وأن لا يستجيب للنفس والشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/2454)
لا حد لمدة التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[- في ما يخص التيمم: كم مرة يجوز التيمم في حال عدم وجود الماء أو الخوف من المرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البزار -وأصله عند أصحاب السنن- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصعيد الطيب وضوء المؤمن إن لم يجد الماء عشر سنين، فإن وجده فليتق الله، وليمسه بشرته" فما دام العذر المبيح للتيمم موجوداً وهو فقدان الماء، أو تعذر استعماله، فإنه يباح التيمم، ولو طالت المدة، فإذا تيمم صلى به مشاء من الصلوات المفروضة والنافلة ولا يعيد التيمم لكل فريضة ما لم يحدث أو يقدر على استعمال الماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(11/2455)
حكم التيمم وأدلة مشروعيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التيمم وما هي شروطه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتيمم مشروع في السفر والحضر بشروط كما سيأتي، وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع:
- فمن الكتاب قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً) [النساء:43] .
- ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه.
- وقد أجمع المسلمون على أن التيمم مشروع بدلاً عن الوضوء والغسل لكن في أحوال خاصة وبشروط معينة، ويراجع الفتوى رقم: 12699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(11/2456)
طلب الماء والغسل ... أو التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مسافرا إلى خارج المملكة وهي بلد باردة جدا ومعي أحد زملائي يسكن في غرفة بالدور الثاني هو وزوجته وقد جامع زوجته وعند أذان الفجر لم يجد في حمامه ماء حارا للإغتسال بينما هو متوفر عندي فقام بالوضوء العادي والصلاة وبرر عمله ذلك بخشيته من خروج الوقت لصلاة الفجر إن هو انتظر تسخين الماء ولم يكن يريد إزعاجي أو إحراج نفسه فهل عمله صحيح؟؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله صاحبك غير صحيح من جهات ثلاث:
الأولى: أنه كان بإمكانه أن يأخذ الماء من عندك، وتسويغه لفعله بالخوف من إزعاجك ليس عذراً شرعياً، لأن هذا مما لا يستحي المسلم منه، ولأن ذلك الوقت وقت أداء الصلاة فليس فيه إزعاج لك.
الجهة الثانية: هي أنه وإن ضاق الوقت عن الاغتسال والصلاة، فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يلزمه الغسل، وإن خرج وقت الصلاة، وانظر جواب رقم:
href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=6229 ">6229
الجهة الثالثة: أنه توضأ بدلاً عن الغسل، وهذا فاسد، فإن من عجز عن الغسل لعذر شرعي لزمه التيمم بالتراب لا الوضوء بالماء.
لكنه يعذر بجهله للحكم فلا يأثم، ويلزمه -وكذلك زوجته- إن كانت فعلت فعلته قضاء تلك الصلاة إذ أنهما أدياها بغير طهارة معتبرة شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(11/2457)
الكيفية الصحيحة للتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهي كيفية التيمم الصحيحة علما أن هناك من قال
عليك أن تضرب ضربة للوجه وضربة لليدين وتمسح يديك حتى المر فقين؟
وهل جاء في هذه الكيفية حد يث
صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهب الحنفية والشافعية إلى أن الواجب في التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين وذهبوا إلى أن الواجب في اليدين هو مسحهما إلى المرفقين، وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الواجب ضربة واحدة والفرض في مسح اليدين إلى الكوعين والزيادة إلى المرفقين سنة والزيادة على الضرب سنة عند المالكية.
فالكيفية الصحيحة للتيمم هي ضربة واحدة للوجه والكفين، قال الإمام البخاري رحمه الله: (باب التيمم للوجه والكفين) وروى بسنده عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قال عمار لعمر: تمعكت -تقلبت في التراب- فأتيت النبي صلى الله عليه سلم فقال: "يكفيك الوجه والكفين"
قال الحافظ ابن حجر قوله (باب التيمم للوجه والكفين) أي هو الواجب المجزئ، وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه، فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر المرفقين في السنن، وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط، فأما رواية المرفقين، وكذا نصف الذراع ففيهما مقال، وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به، ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد) وبهذا البيان من الحافظ ظهر أن الاقتصار في التيمم على الوجه والكفين هو الراجح.
وأما كونه ضربة واحدة فلما رواه البخاري أيضاً عن عمار رضي الله عنه قال: (…… بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد، كما تمرغ الدابة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا" فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بها وجهه) وفي رواية: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما يكفيك هكذا" ومسح وجهه وكفيه واحدة)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1422(11/2458)
من تعذر عليه الاغتسال من الجنابة لعدم وجود الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني صاحبي عن الاغتسال عند الفجر مع عدم وجود المغاسل في الحي الجامعي، فماذا يجب عليه في هذه الحالة: هل يتيمم ويصلي أو ينتظر حتى طلوع النهار فيذهب إلى إحدى المغاسل الخاصة. فقلت له إني سأسأل لك عن هذا الأمر "الشبكة الإسلامية" عسى أن تنقذنا نحن الطلبة الواقعين في هذه المشكلة من هذه الحيرة.
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وجب عليه الاغتسال وتعذر عليه القيام به لعدم وجود الماء أو لعدم قدرته على استعماله لشدة البرد أو لكونه مريضاً، فيجب عليه أن يتيمم ويصلي الصلاة لوقتها، ولا يؤخرها حتى يخرج، ولا يلزمه إعادتها إذا وجد الماء، أو قدر على استعماله، وذلك على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) [المائدة:6] ويجب على المسلم أينما يكون -ولو كان طالباً في الحي الجامعي- أن يسعى إلى توفير ما تحتاجه عبادته من الماء، ومن ذلك ما يغتسل به غسل الجنابة فهو معرض في كل نومة ينامها لأن يجنب، فعليكم أن تحتاطوا لأنفسكم، ولا تهملوا هذا الأمر.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/2459)
التيمم لقراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة القرآن بدون وضوء؟ لأنني لا أستطيع البقاء على الوضوء لمدة طويلة بعد الصلاة وفي هذه الحالة هل يجوز التيمم من أجل تلاوة القرآن الكريم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم قراءة القارئ للقرآن وهو على غير وضوء قد فصلناه في الجواب رقم:
8599
وأما مسألة التيمم ففي حالة وجوب الوضوء فإن التيمم لا يجزئ عنه.
وأما في حالة عدم وجوبه، كأن يكون القارئ يقرأ القرآن عن ظهر قلب، فإن بعض أهل العلم أجاز للقارئ حينئذ أن يتيمم استحباباً، مستدلين بما أخرجه البخاري عن أبي جهيم الأنصاري قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر حمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام) ولا شك أن قراءة القرآن أولى من السلام بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/2460)
العاجز عن استعمال الماء لمرض أو غيره يتيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق قام بإجراء عملية جراحية وكان عليه الحدث الأ كبر قبل العملية وبعد إجراء العملية لم يتمكن من الغسل بسبب العملية واستمرت الحالة لمدة أسبوع. فكيف يتم رفع الحدث؟ وكيف يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى لطفاً منه بعباده وتسهيلاً عليهم جعل التيمم بديلاً عن الماء لكل من قام به مانع يمنعه من استعمال الماء، فيستبيح بالتيمم الصلاة، ومس القرآن ونحو ذلك، وسواء كان المانع من استعمال الماء وعدمه المرض الذي لا يقدر صاحبه على استعمال الماء معه أو غير ذلك، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً) [النساء:43] وعلى هذا فمن أجريت له عملية جراحية ولم يتمكن من الغسل إذا كان حدثه أكبر، أو الوضوء إن كان أصغر، فحكمه التيمم للآية السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(11/2461)
التضرر من استعمال الماء يبيح التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العلمين:
ما حكم رجل يسطيع أن يستخدم الوضوء ولكن بعد فترة من الزمن يسبب له مشكلة في الرأس وهو يتيمم دائما علماً أن هذه المشكلة تأتي بين الحين والآخر من سبب الوضوء والبرد ما حكم ذلك؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأحد أن يتيمم للصلاة إلا إذا عدم الماء، أو كان استعماله يسبب له ضرراً أكيداً أو غالباً على الظن.
وإذا كان الماء البارد يسبب له ضرراً لزمه تسخينه إن تمكن، ومن كان استعمال الماء يسبب له ضرراً في وقت دون وقت، فإنه يجوز له التيمم في الوقت الذي يحدث فيه الضرر دون غيره.
وقول السائل إن الوضوء يسبب له مشكلة في الرأس لم يتضح لنا مراده منه، لأن الرأس حقه المسح وليس الغسل، فلعله يوضح لنا مراده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/2462)
حكم التيمم على الحجر وما شابهه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مريضا بالتهابات في الصدر ودخلت المستشفى لمدة أسبوع وبعد 3 أيام من دخولي أصبحت وعلي جنابة بسبب الاحتلام ولكني خشيت من الغسل فوضعي الصحي كان لا يزال سيئا فجلب لي صديقي صخرة لأستعملها للتيمم وقد تيممت في البداية تيمما ليحل محل الغسل وذلك بعد إزالة النجاسة عن بدني وثوبي وبعد ذلك قمت بالتيمم لكل صلاة؟ فهل ما قمت به صحيح أرجو توضيحا جزاكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد خشيت على نفسك الضرر من الاغتسال لرفع الجنابة، فإنه يجوز لك أن تتيمم مع وجود الماء، لأنه في حكم المعدوم، لعدم القدرة على استعماله، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة شديدة البرودة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقلت: ذكرت قول الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء:29] فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً.
وهذا إقرار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حجة، فإنه لا يقر على باطل. والتيمم يكون بالصعيد الطيب، وقد اختلف العلماء في المقصود به، فذهب الحنفية إلى أنه التراب، وما كان من جنسه كالرمل والزرنيخ والنورة، وذهب المالكية إلى أنه ما صعد أي ظهر على الأرض من أجزائها من تراب ورمل وحجر.
وخصه الشافعي وأحمد بالتراب، لما رواه مسلم عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء".
وروى أحمد والبيهقي -وحسن إسناده الحافظ ابن حجر- عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وجعل التراب لي طهوراً" وهذا هو الراجح. والله أعلم.
وعلى هذا، فلو كانت هذه الصخرة عليها تراب عالق بها فتيممك صحيح بالاتفاق، وإلا فتيممك غير صحيح على قول بعض الأئمة، فيجب عليك إعادة الصلوات التي صليتها بذلك التيمم على رأيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1422(11/2463)
إحضار التراب للمريض بالمستشفى لأجل التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي في المستشفى ولا تستطيع أن تتوضأ ولا يوجد تراب في المستشفى فكيف تستطيع أن تصلي إذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عجز عن استعمال الماء فله أن يتيمم بعد دخول وقت الفرض أو النفل الذي يريد أداءه، وعدم وجود التراب داخل المستشفى ليس عذراً، بل يمكن إحضار تراب في إناء أو كيس ويبقى عند المريض ليتيمم به، فإن كان المريض عاجزاً عن إحضار تراب ونحوه، ولم يجد من يحضره له وخاف خروج الوقت صلى على حالته، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما أ، يترك الصلاة لكونه لا يستطيع استعمال الماء، ولا يجد ما يتيمم به، فهذا خطأ فادح.
وانظر الفتوى رقم: 24412 والفتوى رقم: 24411
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1422(11/2464)
مذهب عمر رضي الله عنه في التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
يرجى شرح حديث التيمم الذي دار بين عمر وعمار، وهل صحيح أن عمر خالف ظاهر القرآّن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان مشهوراً من مذهب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن الجنب لا يطهره إلا الماء، ولا يستبيح بالتيمم صلاة.
قال أبو عمر:" هذا معروف مشهور عند أهل العلم عن ابن مسعود وعمر، لا يجهله إلا من لا عناية له بالآثار، وبأقاويل السلف.".
روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبزى قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت. فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما كان يكفيك هكذا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه"
وفي رواية مسلم فقال عمر: اتق الله يا عمار. قال: إن شئت لم أحدث به. قال الإمام النووي:" معناه قال عمر لعمار: اتق الله فيما ترويه وتثبت، فلعلك نسيت أو اشتبه عليك الأمر. وأما قول عمار إن شئت لم أحدث به، فمعناه -والله أعلم- إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحديث راجحة على مصلحة تحديثي به أمسكت. فإن طاعتك واجبة علي في غير المعصية، وأصل تبليغ هذه السنة وأداء العلم قد حصل، فإذا أمسك بعد هذا لا يكون داخلاً فيمن كتم العلم" ا. هـ
أما القول إن عمر خالف بهذا المذهب ظاهر القرآن، فالجواب أنه كان متأولاً في ذلك، إذ كان يعتقد أن الجنب لا يدخل في المعنى المراد بقوله تعالى (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً) فكان يذهب إلى أن الملامسة ما دون الجماع، وكان مجتهداً في ذلك، ولم تبلغه الأحاديث الخاصة في ذلك السالمة من المعارضة، مثل حديث أبي ذر. وفي ذلك كما يقول ابن كثير:" ما يدلك على أن أخبار الآحاد العدول من علم الخاصة قد يخفى على الجليل من العلماء منها الشيء)
فليس فيما ذهب إليه عمر ما يحط من قدره، طالما أنه قال على سبيل الاجتهاد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر" متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1422(11/2465)
كثير الأحتلام هل يجوز له التيمم للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
مشكلتي أنني أحتلم كثيرا- ربما مريض- ولا يسمح لي الوقت بالغسل دائما فأجمع الصلاة متأخرا أو أتركها.
فهل يجوز الصلاة بالتيمم رغم أني لم أغتسل بعد؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعدد خروج المني ليس من الأعذار التي يشرع لها التيمم، سواء أكان ذلك في النوم، أم كان في اليقظة، وكثرة الاحتلام لا تسقط وجوب الاغتسال من الجنابة، ولا تبيح تأخير الصلاة عن وقتها، ولا جمع صلاتين فأكثر في وقت واحد.
وقد نقل النووي الإجماع على أن خروج المني موجب للغسل، وإن لم يكن خارجاً عن إيلاج، ومستند هذا الإجماع حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الماء من الماء" رواه مسلم، ومعناه - كما حكاه النووي -: يجب الغسل بالماء، من إنزال الماء الدافق وهو المني، واشترط أكثر الفقهاء لإيجاب الغسل بسبب خروج المني في اليقظة كونه عن شهوة، أما في حال الاحتلام فلم يعتبروا إلا خروج المني فقط. وبهذا تعلم أنه لا يجوز لك جمع صلاة مع أخرى، ولا أن تصلي بالتيمم بسبب العذر المذكور في السؤال.
وإن كنت قد صليت بعض الصلوات بالتيمم، فالظاهر أن عليك إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1422(11/2466)
تحصيل فضيلة الجماعة لا تجيز التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل على غير وضوء دخل إلى المسجد فوجد إماما يقيم الصلاة ولم يكن هناك ماء في المسجد، هل يتيمم ويدخل في الصلاة أو يذهب إلى بيته ليتوضأ وتفوته الصلاة مع وجود الماء في بيته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فضل تحصيل الجماعة ليس من الأسباب المبيحة للتيمم، وعليه فيجب على من دخل المسجد وهو محدث أن يخرج لطلب الماء، ولا يتيمم إلا إذا خاف بطلبه أو استعماله خروج الوقت، فإذا لم يجد الماء أو وجد منه ما لا يكفيه للطهارة المطلوبة جاز له حينئذ التيمم، لقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه..) والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(11/2467)
كيف يتطهر من استيقظ جنبا، مع شدة البرد وضيق الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:-
السؤال: ماهو الحكم إذا كان الإنسان عليه جنابة في البرية وهو في مخيم وكان الجو بارداً ولديه ماء واستيقظ قبل طلوع الشمس بربع ساعه تقريبا وعنده استطاعة على الوضوء فقط ويعجز عن الاغتسال لبرودة الجو فهل له أن يتيمم بحيث يتوضأ لبعض الأعضاء أو يكفيه التيمم فقط؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استيقظ جنباً قبل طلوع الشمس، وعجز عن الاغتسال لبرودة الماء، فهذا لا يخلو من حالين:
الأول: أن يوجد معه ما يسخن به الماء، فيلزمه ذلك ولو أدى إلى خروج الوقت على الراجح من قولي العلماء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6229.
لأنه إنما خوطب بالصلاة عند استيقاظه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها" رواه أصحاب السنن.
وإذا كان إنما أمر بها بعد الانتباه من النوم فعليه أن يفعلها بحسب ما يمكن من الطهارة المعتادة، فيكون فعلها بعد طلوع الشمس فعلاً في الوقت الذي أمر الله بالصلاة فيه.
ولأنه واجد للماء فلا يعدل عنه إلى التيمم.
الحال الثاني: أن لا يوجد معه ما يسخن به الماء، وخشي الضرر باستعمال الماء البارد، فيكفيه التيمم، ولا يحتاج معه إلى الوضوء، لقيام التيمم مقام الغسل، وهو كاف لرفع الحدثين الأكبر والأصغر.
والدليل على مشروعية التيمم عند شدة البرودة، ما رواه أحمد وأبو داود عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلِكَ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: " ياعمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً".
والحديث صححه النووي والألباني، وقواه ابن حجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(11/2468)
استيقظ جنبا وكان الجو باردا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهو الحكم إذا إنسان كان عليه جنابة في البرية، وهو في مخيم، وكان الجو بارداً ولديه ماء، واستيقظ قبل طلوع الشمس بربع ساعه تقريبا، وعند استطاعه على الوضو فقط، ويعجز عن الاغتسال لبرودة الجو، فهل له أن يتيمم بحيث يتوضا لبعض الأعضاء؟ أو يكفيه التيمم فقط ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استيقظ جنباً قبل طلوع الشمس، وعجز عن الاغتسال لبرودة الماء، فهذا لا يخلو من حالين:
الأول: أن يوجد معه ما يسخن به الماء، فيلزمه ذلك ولو أدى إلى خروج الوقت على الراجح من قولي العلماء، لأنه إنما خوطب بالصلاة عند استيقاظه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها" رواه أصحاب السنن.
وإذا كان إنما أمر بها بعد الانتباه من النوم، فعليه أن يفعلها بحسب ما يمكن من الطهارة المعتادة، فيكون فعلها بعد طلوع الشمس فعلاً في الوقت الذي أمر الله بالصلاة فيه.
ولأنه واجد للماء فلا يعدل عنه إلى التيمم
الحال الثاني: أن لا يوجد معه ما يسخن به الماء، وخشي الضرر باستعمال الماء البارد، فكيفيه التيمم، ولا يحتاج معه إلى الوضوء، لقيام التيمم مقام الغسل، وهو كاف لرفع الحدثين الأكبر والأصغر.
والدليل على مشروعية التيمم عند شدة البرودة، ما رواه أحمد وأبو داود عن عمرو بن العاصي أنه لما بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلِكَ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: " ياعمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) [النساء:] فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئاً".
والحديث صححه النووي وقواه ابن حجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(11/2469)
طهارة فاقد الماء التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان إنسان في مكان يفتقد فيه الماء وأخرج ريحا أو أصدر صوتا ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن لم يكن على طهارة، ولم يجد الماء فإنه يكفيه أن يتيمم، لقوله تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) [النساء: 43] وقوله صلى الله عليه وسلم "وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم يجد الماء" رواه مسلم، وقوله فيما رواه البزار وأصله عند أصحاب السنن: "الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليتق الله، وليمسه بشرته". فتحصل من هذين الحدثين وغيرهما، أن من لم يجد الماء فإن الصعيد يقوم له مقامه ويحل محله. ويلزم فاقد الماء قبل أن يتيمم أن يطلب الماء ولو بالشراء إلا أن يكون بثمن لا يقدر عليه أو بزيادة على ثمنه المعتاد تجحف بماله فلا يلزمه شراؤه لكنه متى ما وجد الماء لزمه استعماله، ولا يصح له استعمال الصعيد مع وجود الماء، إذا لم تكن عليه مشقه زائدة في طلبه أو شرائه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(11/2470)
نسي أن يتوضأ ولم يستطع الوصول إلى الماء لأداء الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت في المسجد الحرام بمكة المكرمة وكنت في يوم الجمعة وكنت متواجدا في المسعى أنتظر أحد أفراد عائلتي لينتهي من سعيه مع العلم أنني كنت قد انتهيت من عمرتي وحللت الإحرام، وقد أنساني الشيطان الوضوء للجمعة وقد تذكرته عندما خطب الإمام ولم أجد سبيلا للخروج من مكاني لأني كنت في وسط المسعى والناس تحيطني من كل جانب فنويت الوضوء وصليت مع الناس لأنني لم أجد سبيلا لا للوضوء ولا للتيمم، أفيدوني أفادكم الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عجز عن الوصول إلى الماء، جاز له التيمم بالتراب، أو بالغبار الواقع على الجدران، باتفاق المذاهب الأربعة، فإن لم يكن على الجدار غبار، جاز له التيمم بالمسح على الجدار وبكل ما على وجه الأرض مما هو من جنسها عند أبي حنيفة ومالك، خلافاً للشافعي وأحمد وأبي يوسف من الحنفية، حيث خص التيمم بالتراب ذي الغبار الذي يعلق باليد، والراجح هو المذهب الأول لقوله تعالى: (فتيمموا صعيداً طيباً) [النساء: 43] ، والصعيد: كل ما تصاعد على وجه الأرض.
وأما تقييد هذا النص العام بالتراب كما جاء في الحديث: "وجعلت تربتها لنا طهوراً" رواه مسلم عن حذيفة فإنه مردود، بأن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق حكم العام لا يقتضي تخصيصه.
وأما صلاة الجمعة فمن لم يتمكن من أدائها إلا بالتيمم ففيه خلاف بين العلماء، والراجح مشروعية أدائها بالتيمم، فكان عليك أن تمسح بالبلاط وتتيمم وتصلى فإن لم تقدر على استعمال الماء ولا المسح بالصعيد فإنك تصلي بلا ماء ولا تيمم عند جمهور العلماء ولا إعادة عليك على الراجح، وما دمت قد صليت بلا ماء ولا تيمم وكان بإمكانك أن تمسح وتتيمم فإن صلاتك لا تصح لكن لجهلك بالحكم فلا يلزمك إعادتها مادام قد خرج وقتها لأن التكليف الشرعي مشروط بإمكان العلم والقدرة على الفعل وهذا القول الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1421(11/2471)
حكم عادم الماء ومن استيقظ جنبا آخر الوقت وعجز عن استعمال الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام المسلم من نومه في وقت صلاة الفجر ووجد نفسه محتلما ًوكان الجو باردا والماء باردا بحيث لا يستطيع الاغتسال به لضرره الشديد وإذا أراد تسخينه فات وقت الصلاة أو أنه كان في مكان لا يوجد به ماء فماذا يفعل هل ينتظر لحين تسخين الماء وقضاء الصلاة بعد وقتها أم يتيمم؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في المسألة الأولى حيث خاف الشخص باستعماله الماء البارد هلاكاً أو أذى شديداً فذهب مالك إلى أنه يقدم تدارك الوقت فيتيمم ويصلي، لأن الوقت مقدم على غيره من واجبات الصلاة الحاضرة بدليل أنه إن استيقظ أول الوقت، وعلم أنه لا يجد الماء إلا بعد خروج الوقت، فإنه يتيمم ويصلي في الوقت بإجماع المسلمين، ولا ينتظر وجود الماء.
وذهب الجمهور إلى أنه يقدم الطهارة ولو أدى ذلك إلى خروج الوقت. وفرقوا بين هذه الصورة وبين الصورة التي قاس عليها المالكية بأنه إنما خوطب بالصلاة عند استيقاظه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فيصلها إذا ذكرها" رواه الأربعة.
وإذا كان إنما أُمر بها بعد الانتباه فعليه أن يفعلها بحسب ما يمكن من الطهارة المعتادة، فيكون فعلها بعد طلوع الشمس فعلاً في الوقت الذي أمر الله بالصلاة فيه.
واستدل الجمهور أيضا بعموم قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) [المائدة: 6] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإن وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير" رواه الترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة المصرحة بأن التيمم لا يجوز مع وجود الماء والقدرة على استعماله، وهذا واجد للماء قادر على استعماله فليس التراب طهوراً له كمن لم يخف فوات الوقت. وهذا القول هو الراجح.
وأما بالنسبة لعادم الماء، فإن كان في حَضَر فعليه التيمم والصلاة وهو الراجح كما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وذهب أبو حنيفة في رواية عنه أنه لا يصلي لأن الله تعالى شرط السفر لجواز التيمم فلا يجوز لغيره. وإذا صلى بالتيمم ثم قدر على الماء وعلى استخدامه فهل يعيد الصلاة؟ فذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه إلى أنه يعيد لأنه عذر نادر فلا يسقط به الفرض، وذهب الإمام مالك إلى أنه لا يعيد لأنه أتى بما أمر به فخرج من عهدته، ولأنه صلى بالتيمم المشروع على الوجه المشروع فأشبه المريض والمسافر، وهذا القول هو الراجح.
وإذا كان عادم الماء مسافراً مسافة يقع عليها اسم السفر جاز له التيمم، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وقيل لا يباح التيمم إلا في السفر الطويل الموجب للقصر والراجح الأول.
وإذا صلى المسافر بتيممه ثم وجد الماء فهل يعيد الصلاة؟ فإن كان وجده بعد خروج الوقت فلا إعادة عليه بإجماع العلماء، وإن وجده في الوقت لم يلزمه إعادة أيضاً، سواء يئس من وجود الماء في الوقت أو غلب على ظنه وجوده فيه، وهو مذهب الأئمة الأربعة وجمهور السلف والخلف.
وقال عطاء وطاووس والقاسم بن محمد والزهري وابن سيرين وربيعة يعيد الصلاة. والراجح مذهب الجمهور، وإن كان العلماء قد اتفقوا على أن عادم الماء بعد طلبه المعتبر يجوز له التيمم، ولا فرق في الجواز بين أن يتيقن وجود الماء في آخر الوقت أو لا يتيقنه، لكنهم اختلفوا في أفضلية تقديم التيمم في أول الوقت أو تأخيره. فذهب أحمد إلى أن الأولى له أن يؤخر التيمم بكل حال.
وذهب مالك إلى أنه يستحب التأخير إن رجا وجود الماء، وإن يئس من وجوده استحب تقديمه، وإن شك خُيِّر، وذهب الشافعي إلى أن الصلاة بالتيمم أفضل إلا إذا تيقن وجود الماء في آخر الوقت، لأنه لا ينبغي ترك فضيلة أول الوقت ـ وهي متحققة ـ لأمر مظنون. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2472)
لمجرد أن مكان العمل لا يسمح بالوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[المكان الذي أعمل فيه موقعه لا يسمح لي بالوضوء فهل صلاتي جائزة بالتيمم وماهي الكيفية الصحيحة للتيمم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالطهارة شرط لصحة الصلاة، والوضوء هو الطهارة الشرعية، لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم …..) [المائدة:6] والتيمم شرع بديلاً من الماء في حالة فقده أو العجز عن استعماله.
وما ذكره السائل من أنه لا يسمح له باستعمال الماء في الوضوء ليس من مبيحات التيمم التي جاءت في الآية المتقدمة ولا في معناها.
ولا يصح أن تعد هذه ضرورة تبيح الانتقال من الأصل إلى البدل منه، لا في الوضوء، ولا في الغسل. فما دام الماء موجوداً، وليس هناك مانع من استعماله من مرض أو برد شديد فيجب استعمال الماء، ولا نرى عذراً في تركه.
وعلى السائل أن يبين وجه العجز عن استخدام الماء في الوضوء في عمله حتى نتمكن من إجابته بخصوص مسألته.
فإذا كان في مقر العمل مكان لقضاء الحاجة - ونحسب أنه لا بد أن يوجد هذا في كل مقر عمل - وكان به حوض غسل اليدين ونحوها فيمكنك أن تتوضأ في هذا المكان ولا حرج في ذلك، لا سيما مع عدم وجود البديل، وتسمي الله في سرك عند البدء في الوضوء.
وإذا لم يوجد ذلك حاول أن تذهب إلى عملك متوضئا إذا تعذر عليك الخروج للطهارة، ولا يجوز لك التيمم لأنك تقدر على تحصيل الماء واستعماله، وإذا كنت امرأة فيجب عليك مطالبة المسؤولين بتخصيص دورة مياه خاصة، وإذا ضاقت الحال فعليك الاجتهاد في البحث عن عمل بديل ملائم ليس فيه اختلاط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2473)
لا يباح التيمم مع وجود الماء إلا بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم العلماء الأفاضل أتقدم لكم بسؤالي راجياً الإجابة:
في بعض الأوقات أكون على جنابة ولكني أكون غير قادر على الاغتسال، ويدخل وقت الصلاة فقد أكون في مكان عملي أو أكون عند صديق في بيته فهل يجوز الوضوء بدون غسل جميع البدن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الجنب إذا أراد الصلاة أن يغسل جميع بدنه، لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء: 43] إلا إذا كان فاقداً الماء، أو مريضاً مرضاً لا يقدر معه على استعمال الماء، فحينئذ يكون فرضه التيمم لقوله تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً) [النساء: 43] أما الوضوء فلا يجزئ عن الغسل بحال من الأحوال، لا في حال القدرة على استعمال الماء، ولا في حال العجز عنه.
وكون السائل في مكان عمله أو عند صديقه مع وجود الماء ليس من مبيحات التيمم التي جاءت في الآية المتقدمة ولا في معناها.
فالحاصل أن الواجب في مثل حال السائل هو الغسل، ولا يجزئ عنه غيره من تيمم أو وضوء، ولو صلى بدون ذلك الغسل فإنه بمثابة من لم يصل أصلاً، فهو تارك للصلاة، ولا يخفى حكم تاركها، فإن من أهل العلم من ذهب إلى تكفيره وإخراجه من ملة الإسلام، وألينهم فيه رأياً من أفتى بقتله حداً لا كفراً، أو حبسه حتى يصلي. وهذا كله إذا تركها تكاسلاً لا إنكاراً للوجوب، فإن أنكرها كفر إجماعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1422(11/2474)
لا عبرة بالشك لمن لم يتحقق بوجود البول في ملابسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لدي مشكلة في زيادة الوزن، وبسببه أعرق كثيراً، وأنا نائم ولكن لدي مشكلة هي عندما أستيقظ من النوم في الليل أشم رائحة البول في ملابسي الداخلية دون وجود لأثر البول سواء رائحة أو بلل غير أنه يكون رطبا فاختلط علي الأمر هل هو عرق أم بول أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تتحقق من وجود البول فإنه لا عبرة بالشك الذي ينتابك, والقاعدة الفقهية المعروفة: اليقين لا يزول بالشك. فالأصل هو طهارة الملابس, وهذا الأصل لا يزول بمجرد الشك في وجود البول, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شك في خروج الريح في الصلاة: ... لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا.. متفق عليه. فإن وجدت بللا في ملابسك بعد الاستيقاظ وشككت هل هو بول أو عرق فإنك تعملُ بالقرائن، فما رجحته القرائن عملت به، ورائحة البول قوية ولا تخفى ولا يمكن أن تشتبه برائحة العرق, وما لم تكن قرينة ولم يترجح عندك شيء فالأصل طهارة الملابس لما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(11/2475)
مسائل حول استعمال العطور المشتملة على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت فضيلتك عن طهارة الكحول منذ مدة وكان رد فضيلتك بنجاستها حتى إننى استطردت وسألت فضيلتك عن قول الشيخ العثيمين: أن الأصل الطهارة ولا بد من دليل على نجاستها، فكان رد فضيلتك أن الشيخ قال في الآخر لا داعي لاستخدامها إلا لضرورة أو نحو ذلك.
زوجتي رفضت هذا الكلام واتصلت بأستاذ فقه مقارن بجامعة الأزهر، فقال لها: الكحول يشتعل والعطور لا تشتعل وبالتالى: هي ليست نجسة وأنا لا أعلم ماذا قصد؟ هل هي معالجة أو مختلطة أوماذا؟ ما رأى فضيلتك في ذلك، حيث إن هذه العطور تستعمل وأنا أجد مشقة في تطهير الفراش أوأي شيء تلامسه، فرذاذ هذه العطور كثير ولا أطهر ما أصابه للمشقة. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العطور المشتملة على الكحول الذي هو الخمر نجسة في قول جماهير العلماء ما لم يستحل الكحول إلى عين أخرى تغاير صفتها صفة الخمر، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 56545، ورقم: 104680، والقول بنجاسة الخمر هو قول الأئمة الأربعة وأهل الظاهر ولم يخالف في ذلك إلا طائفة قليلة من العلماء، والقول بنجاستها ـ فضلا عن كونه قول الجماهيرـ هو القول الذي يعضده الدليل، كما أوضحنا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 112455.
وأما ما ذكره هذا الشيخ من كون العطور لا تشتعل، فإن أراد به أن الاشتعال هو مناط تنجيس الكحول فهو غلط، فإن المواد المشتعلة كالبنزين ونحوه الأصل فيها الطهارة، وإن أراد به أن الكحول الموجود في هذه العطور قد فقد صفاته وتحول إلى عين أخرى، فنحن نوافق على أن النجاسات تطهر بالاستحالة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 45155،
ولا يكون ذلك إلا إذا تحول الخمر إلى عين أخرى مغايرة للخمر، وانظر لمعرفة معنى الاستحالة وبيان المرجع فيها الفتوى رقم: 113514، وأما زوجتك هداها الله فالأصل أنها لا يلزمها اتباع مذهبك وليس لك حملها على ما تراه أنت، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 39636، ولكن إذا كان يترتب عليك أنت ضرر من استعمالها لهذه العطور فالظاهر أن عليها أن تطيعك وبخاصة وهي إنما تتطيب من أجلك أنت فعليها أن تطيعك إذا كان مقصودها هو إرضاؤك، وعليك أن تذكرها وتناصحها وتبين لها أن القول الراجح هو نجاسة الخمر، وهو على أقل تقدير شبهة لا يليق بالحريص على دينه أن يوقع نفسه فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه.
فإن لم تنتصح جاز لك أن تجبرها على الامتناع من وضع هذه العطور، وفيما لم يُختلف فيه غُنية ـ بإذن الله ـ ويجب عليها طاعتك فيما تأمرها به من الامتناع عن وضعها، لأن في وضعها لهذه العطور إضرارا بك، وقد نص العلماء على أن للزوج منع زوجته ممّا يضر به كأكل الثوم والبصل فكيف إذا كان الضرر شرعيا دينيا لا حسيا، إنه لا شك أولى وأحرى أن تلزمها الطاعة في الامتناع عنه، قال الغزالي في الوسيط: ولا شك في أن للزوج منعها من تعاطي أكل الثوم وما يتأذى برائحته الكريهة. انتهى.
وقال ابن عابدين في حاشيته: فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعَهَا عَمَّا يُوجِبُ خَلَلًا فِي حَقِّهِ. انتهى.
ونصوا كذلك على أن للزوج أن يمنع زوجته من لبس النجس من الثياب، لئلا يتضرر بالتنجس به عند مخالطتها، قال في الحاوي: فَأَمَّا الثِّيَابُ، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ لِبْسِ مَا كَانَ نَجِسًا، لِأَنَّهُ قَدْ يُنَجِّسُهَا وَيَتَنَجَّسُ بِهَا، وَهُوَ أدْوَمُ مِنْ نَجَاسَةِ الْخِنْزِيرِ، وَالتَّحَرُّزُ مِنْهُ أَشَقُّ، فَلِذَلِكَ مُنِعَتْ مِنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا.
كما نصوا على أن للزوج إجبار زوجته الكتابية على غسل فمها من الخمر وإن كانت لا تعتقد هي تحريمه، لئلا يصاب به الزوج، وأما أنت فما دمت تعتقد نجاسة العطور المشتملة على الكحول فإنه يجب عليك تجنبها وإزالتها إذا أصابت بدنك أو ثيابك، وإذا تعمدت الصلاة دون تطهيرها، فإن صلاتك تقع باطلة، لأن اجتناب النجاسة شرط من شروط صحة الصلاة عند الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/2476)
أنواع الخارج من السبيلين وحكمه من حيث النجاسة أو الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل خارج من السبيلين نجس؟ وكيف نميز بين ما حكم بنجاسته لملاقاته البول وبين غيره؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قرر طوائف من أهل العلم أن الأصل فيما خرج من السبلين النجاسة، واستثنيت من ذلك أمور، وهي ما دل الدليل على طهارتها.
قال ابن قدامة في المغني: ما خرج من السبيلين كالبول، والغائط، والمذي، والودي، والدم وغيره. فهذا لا نعلم في نجاسته خلافا إلا أشياء يسيرة نذكرها إن شاء الله تعالى. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند سياق حجة المنجسين لرطوبات الفرج: وعلَّلُوا: بأن جميع ما خرج من السَّبيل، فالأصل فيه النَّجاسة إِلا ما قام الدَّليل على طهارته. انتهى.
وأما ما يُستثنى من هذا الأصل فأشياء منها:
أولاً: ما لم يكن مائعاً كالدود ونحوه، وإنما يُحكم بنجاسته إذا خرج متلوثاً بشيءٍ من النجاسة كالبول والغائط.
قال الحطاب في مواهب الجليل: كل مائع خرج من أحد السبيلين نجس وذلك كالبول، والغائط، والمذي، والودي، والمني، ودم الحيض والنفاس، والاستحاضة وغير ذلك من أنواع البلل.
فدخل في كلامه كل بلل يخرج منهما كالهادي الخارج قبل الولادة، وخرج بقوله: مائع. ما ليس بمائع كالدود والحصى. قال المازري في شرحه: فإنهما طاهران في أنفسهما وإنما يكتسبان النجاسة بما يعلق بهما من بول أو غائط. انتهى.
وحكمه بنجاسة المني هو مذهبُ المالكية، ويأتي الكلامُ فيه.
ثانياً الريح: فإنها طاهرة، قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: كريح الدبر فإنها طاهرة واكتسابها ريح النجاسة لا يضر. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 45171.
ثالثاً المني: فإنه طاهر على الراجح من أقوال العلماء لقيام الدليل على طهارته كما فصلنا القول فيه في الفتويين رقم: 63403، 1789.
واحتجاجُ من قال بنجاسته بأنه خارجٌ من السبيلين، منقوض بما ذكره النووي في شرح المهذب وعبارته: وأجاب أصحابنا عن القياس على البول والدم بأن المني أصل الآدمي المكرم فهو بالطين أشبه بخلافهما، وعن قولهم يخرج من مخرج البول بالمنع، قالوا: بل ممرهما مختلف. قال القاضي أبو الطيب: وقد شق ذكر الرجل بالروم فوجد كذلك، فلا ننجسه بالشك. قال الشيخ أبو حامد: ولو ثبت أنه يخرج من مخرج البول لم يلزم منه النجاسة لأن ملاقاة النجاسة في الباطن لا تؤثر وإنما تؤثر ملاقاتها في الظاهر. انتهى.
وبكلام النووي المتقدم تعلم أن مجرد ملاقاة النجاسة في مقرها ليس موجباً للتنجيس، وأن المعتبر في ذلك هو الأصل الذي قدمناه من نجاسة كل خارج من السبيل، إلا ما قام الدليل على طهارته، لكن لو خرج المني فصادف رأس الذكر وهو متنجس بالبول تنجس المني لذلك.
قال ابن قدامة: ومن أمنى وعلى فرجه نجاسة نجس منيه لإصابته النجاسة ولم يعف عن يسيره لذلك. انتهى.
رابعا: رطوبات الفرج، فإن الراجح طهارتها، وقد فصلنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 110928.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(11/2477)
حكم استعمال الحليب المخلوط بإنزيمات من الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في شرب حليب خاص-حالات مرضية محددة للأطفال- دخلت في تصنيعه إنزيمات من الخنزير. وقد تم إزالة آثار الخنزير منه تماما. 100%. مع ملاحظة وجود البدائل لهذا الحليب.
فهل هذا الحليب نجس أم لا؟ يرجى الإفاده مع اختلاف المذاهب إن وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في التداوي بالمحرمات والنجاسات الحرمة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا، وَلا تَتَدَاووا بِحَرَامٍ. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَدَاوَى بِحَرَامٍ لَمْ يَجْعَلِ الله فِيهِ شِفَاءً. رواه أبو نعيم في الطب، كما في السلسلة الصحيحة للألباني.
وما استعملت في تصنيعه مادة محرمة من حيوان لم يذك أصلا، أو من حيوان نجس كالخنزير كالأنزيمات المذكورة، فإنه لا يجوز استعماله، لأنه بامتزاج تلك المادة النجسة به صار نجساً إلا في حالين:
الأولى: أن تكون العين النجسة قد تغيرت عينها بالاستحالة قبل إضافتها إلى المادة المراد تصنيعها، لأننا نقول: إن المادة المضافة هي عين أخرى غير نجسة.
الثانية: أن تضاف العين النجسة إلى المادة المراد تصنيعها، ثم تستحيل هذه المادة المزيج شيئاً آخر.
فالمادة المزيج من النجس والطاهر إذا استحالت عيناً أخرى فحكمها حكم ما استحالت إليه.
وقد ذكرنا حكم استعمال النجس إذا تحول عن أصله بالتفصيل في الفتويين رقم: 6783، 18817 فلتراجعا.
وذكرنا حكم التداوي بالمحرمات والنجاسات في الفتوى رقم: 6104.
ومع ما ذكرناه من طهارة هذه الأشياء بالاستحالة إلا أننا ننبه إلى أن الأولى إذا كانت هناك بدائل أخرى لا شبهة فيها أن يترك المشكوك فيه إلى الحلال الطيب لقوله صلى الله عليه وسلم: الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَدْرِي كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَمِنْ الْحَلَالِ هِيَ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتِبْرَاءً لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ فَقَدْ سَلِمَ، وَمَنْ وَاقَعَ شَيْئًا مِنْهَا يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَ الْحَرَامَ كَمَا أَنَّهُ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. رواه البخاري ومسلم والترمذي- واللفظ له- وقال: حسن صحيح.
وننبه كذلك على أنه ليس للمسلم أن يتولى معالجة شيء من أجزاء الخنزير بتحويلها بقصد الاستعمال، وإنما الجواز المذكور في كلامنا السابق يتوجه إلى حكم استعمال ما هو مصنوع وموجود بالفعل، ولا يعني الجواز تعمد صنع ذلك؛ لأننا مأمورون باجتناب الخنزير ومشتقاته، هذا هو حكم المسألة ولكنه إذا لم يوجد بديل مباح فينظر حينها إلى مدى الحاجة إلى ذلك، وتوزن بميزان الشرع، ويرجح ما تقتضيه الأدلة الشرعية، ويراجع في هذا المعنى الفتوى رقم: 98073 ففيها مزيد فائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(11/2478)
مذاهب العلماء في الثوب الرطب إذا لامسته النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لمس الثوب الطاهر الرطب المعصور أي أنه خارج من الغسالة لا يقطر ماء إذا لمس ثوبا آخر نجسا جافا فهل تنتقل النجاسة إلى الثوب الطاهر الرطب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب المالكية والحنفية أن الرطب لا يتنجس بملاقاة الجاف النجس، ووافقهم الحنابلة إذا كانت الرطب غير مبلل، كما في الفتوى رقم 62420.
وأما الشافعية فيرون نجاسته مطلقا. قال النووي في المنهاج: (و) يحل للآدمي (لبس الثوب النجس) .. (في غير الصلاة ونحوها) ..إن كان جافا وبدنه كذلك.. وأما مع رطوبة فلا ; لأن المذهب تحريم تنجيس البدن من غير ضرورة) انتهى.
قال في تحفة الحبيب شارحا: قوله في المتن (ولبس الثوب النجس أي المتنجس إلخ) ويستثنى من ذلك ما لو كان الوقت صائفا بحيث يعرق فيتنجس بدنه ويحتاج إلى غسله للصلاة مع تعذر الماء.. والفرق بين ما أفهمه ذلك من الجواز حيث لم يتعذر الماء مثلا، والمنع إذا كان بدنه مترطبا بغير العرق كما أفاده قول الشارح إن كان جافا إلخ شدة الابتلاء بالعرق، كما وافق على ذلك م ر وعلى الجواز مع وجود العرق في الحال إذا لم يتعذر الماء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(11/2479)
حكم استعمال مستحضرات التجميل المصنوعة من دهن الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا على كل هذه الخدمات المتميزة والتي إن شاء الله هي في ميزان حسناتكم سؤالي هو أنني قرأت في الانترنت أن بعض مستحضرات التجميل مصنوعة من دهن الخنزير والعياذ بالله فكيف نعرف ذلك وما حكم من يستعملها جاهلا وهل هي حرام؟ وفقكم الله وسدد خطاكم وأعانكم في إصلاح شأن هذه الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت اشتمال هذه المستحضرات على دهن خنزير أو أي مادة منه فلا يجوز استعمالها ولا بيعها؛ فإنها نجسة. لكن لا بد في إطلاق التحريم من التحقق من ذلك أو غلبة الظن به، ولا يمكن الاعتماد فيه على مجرد الشائعات التي يتناقلها الناس، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 31415، 9513.
كما سبق في الفتوى رقم: 21392 بيان شروط جواز استخدام المواد التجميلية، ومن تلك الشروط: ألا يضاف إلى تركيبتها الصناعية أشياء نجسة، ويمكن لمزيد الفائدة مراجعة الفتوى رقم: 72214.
ومن استخدم ذلك جاهلا فلا إثم عليه. وأما عن كيفية معرفة ذلك فمِنْ أهل الخبرة والاختصاص الموثوقين، ومن الاستفاضة والاشتهار الذي لا يمكن تواطؤ أهله على الكذب والإرجاف. وعلى أية حال فالورع والاحتياط في مثل هذه الأمور مطلوب، وفي غير ما أشيع عنه ذلك من هذه المواد كفاية وغنية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(11/2480)
حكم استعمال مواد لغسيل الملابس من مكوناتها الأنزيمات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صابون بودرة لغسيل الملابس من مكوناته الأنزيمات ولا أعرف نوعها أي مصدرها فهل يجوز استخدامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز استعمال الصابون أو غيره مما خلط بالإنزيمات المستخرجة من لحم الحيوان إذا لم يعلم أو يغلب على الظن أنها من حيوان مباح قد ذكي ذكاة شرعية، لأن الأصل في اللحوم الحرمة، إلا إذا كانت قد عولجت معالجة حولتها إلى عين أخرى ثم خلطت بالصابون ... فإنها تطهر بذلك -على الراجح- ويجوز استعمالها كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 43137.
ومن باب أحرى يجوز استعمالها إذا علم أو غلب على الظن أنها من حيوان مباح مذكى، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 252، والفتوى رقم: 33739 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(11/2481)
الدجاج الذي يوضع في الماء قبل تطهيره من الدم المسفوح
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال متعلق بالأطعمة أرجو من مشايخنا توضيح الرأي الشرعي جزاهم الله كل خير....
السؤال: فيما يخص الدجاج وطريقة ذبحه ونزع الريش منه سواء في بلاد الكفر أو غيرها من بلاد المسلمين، هناك أخت من فرنسا تقول بأن عملية نزع الريش للدجاج بعد ذبح الدجاجة تكون بواسطة وضع الدجاجة في الماء الساخن وهذا يؤدي إلى نجاسة الدجاجة، ولقد استدلت بهذا الحديث وأقوال العلماء حوله، حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فأرة وقعت في السمن فماتت فقال ألقوها وما حولها وكلوه.
لذلك ترجوا من مشايخنا توضيح الأمر بكل تفصيل لنزع اللبس القائم، وجزاهم الله كل خير، وأطال الله في عمرهم، وفي الأخير أرجو من المسؤول عن قسم الفتاوى إرسال نسخة من الإجابة إلى بريدي الإلكتروني جزاه الله خيرا، ومأجور إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان الدجاج يوضع في الماء قبل تطهيره من الدم المسفوح فإنه يعتبر نجسا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور صحيح، وهو في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد وغيرهما.
وقد استدل به أهل العلم على نجاسة الطاهر إذا خالطته النجاسة- كما هو واضح منه-قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وما ماتت فيه فأرة من سمن أو زيت أو عسل ذائب طرح ولم يؤكل، ولا بأس أن يستصبح بالزيت وشبهه في غير المساجد، وليتحفظ منه، وإن كان جامدا طرحت وما حولها وأكل ما بقي.
وقد قال ابن رشد في بداية المجتهد إن هذا الحديث هو الأصل عند أهل العلم في حكم النجاسة تخالط الحلال ثم قال: وللعلماء في النجاسة تخالط المطعومات الحلال مذهبان:
أحدهما: من يَعتبر في التحريم المخالطة فقط؛ وإن لم يتغير للطعام لون ولا رائحة ولا طعم من قبل النجاسة التي خالطته، وهو المشهور والذي عليه الجمهور.
والثاني: مذهب من يعتبر في ذلك التغير، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك.
وعلى هذا فإذا كان الدجاج يوضع في الماء قبل تطهيره من الدم المسفوح دم الذبح فإن الماء سيتنجس وبالتالي يتنجس الدجاج قطعا باتفاقهم كما ذكر ابن رشد.
وإذا كان الماء شديد الحرارة فإن النجاسة ستسري في أجزائه ولا تفيد فيه الطهارة بعد ذلك؛ قال العلامة خليل في المختصر: ولا يطهر زيت خولط ولحم طبخ وزيتون ملح وبيض صلق بنجس..
أما إذا كان الدجاج يُطهّر من النجاسة قبل وضعه في الماء فإنه لا يتصور تنجسه من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(11/2482)
هل تنجس الرجل المبتلة بالمشي على موضع جاف كان بركة مائية ترده الكلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[تنتشر في بعض الشوارع بعض البرك المائية، وتقوم الكلاب بالشرب منها، فهل إذا جفت المياه ومشى شخص برجل مبلولة في مواضع البرك المائية التي جفت تتنجس رجله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المستنقعات الموجودة في الشوارع يعفى عما يصيب الثوب والبدن منها ولو كان بعضها نجسا ما لم يتحقق الإنسان أن ما أصابه هو عين النجاسة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 96403.
وبناء على ذلك فإن القدم المبلولة لا تتنجس بوطئها على مكان تلك المستنقعات الجافة إلا إذا تحقق الشخص من وطئه على مكان النجاسة بعينها وهذا غير متحقق هنا، وعليه فمشيه برجل مبلولة على تلك الأرض لا يضر.
مع التنبيه إلى أن شرب الكلاب من بركة الماء لا ينجسها إذا كانت قلتين فأكثر، ومقدار القلتين مائة وستون ليترا ونصف الليتر من الماء تقريبا كما تقدم بيانه في: 16107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(11/2483)
هل تنتقل النجاسة الحكمية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تنتقل النجاسة؟ أنا يدي فيها نجاسة واستخدمت أغراضا خاصة من مشط ودهن العود وعلبة فازلين وزيت زيتون, وزيت الزيتون تم ترجبعه في الصحن, هل أستطيع استخدام تلك الأغراض مرة أخرى؟
وأيضا كنت لابسة بجامة وكان في فخذي نجاسة من بول ونسيت أن أغسلها وتم دخولي الحمام وخروجي وأدائي للصلاة, وبعد ذلك تذكرت وغيرت الملابس لكني لم أمسح الأرض ولا شبشب الحمام؛ لأني أتوقع أنه وصل إلى القدم عن طريق الجلسة, هل لا بد أن أغسل الأرض وشببش الحمام لأنه وصل إلى قدمي هل تنتقل النجاسة هكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي أن يعلم أن هناك فرقا بين وجود عين النجاسة ووجود حكم النجاسة، فإن وجدت عين النجاسة فإنها تنجس ما يرد عليها،
وإن وجد حكم النجاسة وهي الصورة المسؤول عنها وهي: في حالة ما إذا زال عين النجاسة بمائع ولكن بقي حكمها فإن أهل العلم من المالكية وغيرهم قد نصوا على أن حكم النجاسة لا ينتقل.
قال خليل من المالكية في مختصره: ولو زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس ملاقى محلها....
بل قد ذهب بعض أهل العلم كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة ورواية عن أحمد وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن النجاسة لو كانت موجودة ثم أزيلت سواء بفعل فاعل أم لا؟
فلا يتعين الماء، فإذا زالت النجاسة بأي شيء زال حكمها.
وبذلك تكون الخلاصة أنه إذا أزيلت عين النجاسة من اليد ومس بها شيء من مشط وزيت ونحوه، فإن النجاسة في هذه الحالة لا تنتقل.
وأما ظنك أن الأرض والنعل قد تنجستا فهذا غير صحيح إذ الأصل في الأشياء الطهارة ولا ينجس شيء بالشك، فإن لم يتحقق أن هذه النعال نجسة وتم المشي بها على السجادة فإنها لا تنجس بمجرد الشك.
هذا وننصح الأخت السائلة بأن التدقيق في مثل هذه الأمور لم يكلفنا به الشرع فهو من مداخل الشيطان على العبد لكي يلبس عليه دينه ويجعله دائما في حيرة ويهتم بأمور توصله إلى التنطع والشك وتوصله إلى مرض الوسوسة.
فعليك أيها الأخت الكريمة أن تتجنبي مثل هذه الأمور، وتعلمي أن تركك لهذه الأمور ليس تقصيرا منك في حق الله، بل هو الواجب عليك لأن مثل هذه الأمور توصل بصاحبها إلى الوسوسة التي تجعل العبد في حيرة دائماً من أمر دينه وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فينبغي عليك أن تتركي مثل هذا الأمر.
وراجعي الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 29899، والفتوى رقم: 62420، والفتوى رقم: 64064، والفتوى رقم: 40332، والفتوى رقم: 30363.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/2484)
حكم استعمال المواد المشتملة على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول المواد التي تحتوي على كحول وأقوال العلماء انها نجسة وفي الحقيقة أجد صعوبة في التعامل مع هذا الموضوع، فمثلا الحذاء يحتوي على غراء فيه كحول وبالتالي الحذاء نجس وهناك بعض أنواع السجاد التي تلصق على الأرض بغراء يحتوي على كحول وبالتالي لا يجوز الصلاة عليها، والهاتف المحمول هناك بعض أجزائه ملصقة بغراء يحتوي على كحول وساعة اليد كذلك والعطور تحتوي على كحول ومواد لتطهير الجراح تحتوي على كحول ... إلخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأشياء التي تحتوي على مواد كحولية تعتبر نجسة لأن من المعروف أن الكحول مسكر، والمسكر نجس قليله وكثيره على الراجح، وعلى هذا فإذا ثبت أن الحذاء مشتمل على مواد تحتوي على بعض الكحول فهو متنجس، فلا تجوز فيه الصلاة لأنه من حمل النجاسة، لكن لا مانع من استخدامه في غير ذلك لأن الغراء شأنه أن يكون في الداخل، وكذلك إذا ثبت أن الغراء الذي يلصق به سجاد يحتوي على كحول فإن الغراء يعتبر نجسا لكن لا مانع من الصلاة فوق السجاد لأن ظاهره لا يتنجس بنجاسة باطنه لقوة الحاجز بينهما، وهكذا الحكم في الهاتف وساعة اليد إذا ثبت أن غراءهما يحتوي على الكحول فلا يجوز لحاملهما الصلاة قبل أن يخلع الساعة ويضع الهاتف، أما ما يتعلق بمواد تطهير الجراح فقد يجوز من باب الضرورات تبيح المحظورات كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28553، مع التنبيه على أن المواد الكحولية أو المسكرة إذا استحالت استحالة كاملة إلى ما لا يسكر فالراجح عد م نجاستها، وعليه فما خالطها بعد الاستحالة فإنه طاهر، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 23147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/2485)
حكم المتنجس الجاف إذا وقع عليه ماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشيء إذا وقع عليه بول وجف ولا أثر له ثم وقع عليه بلل ماء هل لمسه وهو مبلل فيه حرج في موضوع الطهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيء الذي وقع عليه بول هو باق على نجاسته ولو كان البول قد جفَّ ولم يُر له أثر، فإن حكم النجاسة باقٍ ولا يزول إلا بتطهيره بالماء الطهور، وعليه فالموضع الذي أصابه البول وجفَّ ثم صار له بلل بوقوع الماء عليه فيتنجس كل ما لامس ذلك البلل من ثوب أو بدن أو غيرهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 37187، والفتوى رقم: 40332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/2486)
أثر ملاقاة النجس للطاهر وأحواله
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للطهارة فقد كنت موسوسة جدا والحمد لله وبفضله ومن ثم بمساعدتكم خرجت من هذه الحالة تقريبا وذلك بعد الإجابة عن أسئلتي وجزاكم الله خيرا، ولكن قرأت فتاوى في موقعكم عن هذا الموضوع ومنها فتوى رقم 72364 عن الطفل الذي يلمس بوله ثم يلمس ثوبها الطاهر فلا ينجسه، أرجو شرح ذلك باختصار وببساطة حتى أفهم ذلك، وأيضا ما أردت السؤال عنه أنه إذا التقى الطاهر الرطب بالنجس الجاف لا ينجسه، واذا التقى النجس الرطب بالطاهر الجاف لا ينجسه (هذا ما فهمته من الفتاوى) وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالفتوى التي أشرت إليها أن يد الطفل إذا لمست بولا وجفت النجاسة في يده أنه إذا مس الثوب وهو جاف فلا تؤثر فيه النجاسة، ولذا ذكرنا القاعدة وهي أن النجس إذا لاقى شيئا طاهرا وهما جافان لا ينجسه.
ففهم أنه إذا كانا رطبين أو كان أحدهما رطبا أثرت النجاسة، وبهذا يتضح أن ما فهمت من الفتاوى ليس صحيحا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(11/2487)
وجود نجاسة في جزء من السجاد هل يؤثر على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت في المسجد وكان هناك على الزرابي بقع من نجاسة (غائط) لا أدري أهي لطفل صغير أم هي لقط. انتبهنا لها قبل الصلاة فابتعدنا عنها قدر متر تقريبا وصلينا؛ فهل الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجود هذه البقع على الزرابي لا يؤثر على صحة صلاة من يصلي عليها ما دام المكان الذي يصلي عليه منها طاهرا، لأن طهارة المكان المشترط في الصلاة هو الذي يلامسه المصلي لاما كان حوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(11/2488)
هل تنجس القدم بوطء حصى الطريق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت سؤالا وكان السؤال والجواب على الشكل التالي ... وفقكم الله لما هو خير الأمة الإسلامية، سؤالي هو: أنا أعيش الآن في الهند، عندما أخرج من البيت (مثلا للجامعة أو لقضاء حوائج البيت) أكون لابسا في قدمي كلاش أو شحاطة ومن دون جرابات, ويدخل في حذائي بعض الحصى الصغير, وعند عودتي إلى البيت أقوم بغسل حذائي وقدمي وأسفل بنطالي لاعتقادي أن هذه الحصى نجسة ويصعب علي التحري عنها (إن كانت نجسة أو لا) ، فسؤالي هو عن النجاسة هل ما أقوم به من عمل صحيح (حيث إنه يصعب علي التحري منها، ومع العلم بأن الهند أغلب مجاريرهم فوق الأرض ويبولون في الشارع, على قارعة الطريق) ، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً، لأن هذا الموضوع يؤرقني كثيراً.
الجواب هو: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك ما تقوم به من غسل للحذاء أو القدم أو أسفل البنطال لأن الحصى الصغيرة التي ذكرتها تشك في نجاستها والأصل في الأشياء الطهارة حتى تثبت نجاستها، وحتى لو افترضنا نجاستها فهي جافة والنجاسة الجافة إذا لاقت موضعا جافا أيضاً لا تنجسه، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 94368.
وعليه فلا يشرع لك ما تقوم به من غسل الأشياء التي ذكرتها، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 47340، والفتوى رقم: 34305.
والله أعلم.
وسؤلي هو: أنني لم أجد ضالتي حيث إنني أسكن في الهند والهند حارة جداً وتكون قدمي وأنا لابس حذائي (الكلاش أو الصندل) عرقانة، فماذا أفعل، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجزئية التي سألت عنها مرة أخرى موجود جوابها في الجواب السابق وهو قولنا (فلا يلزمك ما تقوم به من غسل للحذاء أو القدم أو أسفل البنطال، لأن الحصى الصغيرة التي ذكرتها تشك في نجاستها والأصل في الأشياء الطهارة حتى تثبت نجاستها) ، ولم تثبت لك نجاستها، ونحن نرى أن شكك في نجاسة الحصى في الطرقات قد يكون نوعاً من استدراج الشيطان لك ليدخلك في دوامة الوساوس والشكوك لتلقى ما تلقى بعد ذلك من العنت والمشقة، فينبغي أن تنتبه لهذا.
وأما ما زدناه من الافتراض فهو في حالة ما إذا تيقنت نجاستها ولكن لاقت رجلك وهي جافة، وما دمت قد ذكرت أن رجلك تكون مبلولة بالعرق فإن هذا الافتراض غير وارد في حقك وتقتصر على الأصل السابق وهو الحكم بطهارة هذه الحصى حتى تعلم نجاستها، فإن علمت نجاستها لزمك غسل قدمك قبل الصلاة إلا إذا كان ما لاقى رجلك يسيراً عرفاً فهو معفو عنه للمشقة والعسر، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: ويعفى عن قليل طين الشوارع النجس لعسر تجنبه بخلاف كثيره كدم الأجنبي قال الزركشي: وقضية إطلاقهم العفو عنه ولو اختلط بنجاسة كلب أو نحوه وهو المتجه لا سيما في موضع يكثر فيه الكلاب، لأن الشوارع معدن النجاسات والقليل ما لا ينسب صاحبه إلى سقطة أي على شيء من بدنه أو كبوة. على وجهه أو قلة تحفظ وهو ما يتعذر الاحتراز منه غالباً ويختلف بالوقت وبموضعه من الثوب والبدن، وخرج بالنجس غيره فطاهر، وإن ظن نجاسته عملا بالأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/2489)
حكم بيع العطور المشتملة على كحول واستعمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أولاً أن أشكركم على الفتوى المرسلة إلي بخصوص صلاة الجماعة في وقت العمل لأني كنت في حيرة من أمري والآن عندي أمر حيرني أيضا وهو بشأن كل الصلوات التي صليتها مع استعمال العطور البخاخ لأني بصراحة قرأت جميع الفتاوى في موقعكم الكريم بخصوص العطور وعندي لكم ثلاث أسئلة:
الأول: هل جميع الصلوات التي صليتها وأنا أضع العطر المشكوك في أمره غير مقبولة
الثاني: أنا كنت مرتاح البال من ناحية عملي أنه حلال لأني أعمل في بيع العطور والعود والبخور، ولكن بعدما قرأت الفتاوى التي على الشبكة المتعلقة بحرمة إستعمال العطور المشتملة على كحول أصبحت أشك في صحة عملي بما أني أبيعها للناس وأحمل أوزارهم
الثالث: أليس الأصل في الطيب هو الحل وليس الحرمة، فأرجو الإفادة والتوضيح وأن لا تحيلوني لفتاوى أخرى وأطلب منكم أن تزودوني إذا كان أحد العلماء أفتى بجواز هذا الأمر، وما دليله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الطيب بجميع أشكاله الطهارة، لكنه إذا خلط بشيء من المسكرات قبل أن يستحيل عن صفة الإسكار فإنه يصير نجساً لأن المسكر نجس قليله وكثيره عند الجمهور، وهذا ما أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 94303.
ولكن ما دمت لم تعلم أن العطور التي تستعملها وتشتريها وتبيعها مخلوطة بالكحول قبل أن يستحيل عن صفة الإسكار فلا حرج عليك في استعماله ولا بيعه ولا داعي للشكوك، فإذا تحققت من أن بعضه أو نوعية منه ممزوجة بشيء من الكحول قبل أن يستحيل، فلا يجوز شراء ذلك ولا بيعه ولا استعماله، وعليك أن تكف عن بيعه واستعماله، وما مضى من الاستعمال والبيع قبل أن تعلم بتحريمه لا شيء عليك فيه إن شاء الله تعالى، كما أنك لا تطالب بقضاء ما مضى من الصلوات التي كنت تصليها وأنت متلبس ببعض هذه العطورات ولو افترضنا نجاستها، وانظر الفتوى رقم: 23147، والفتوى رقم: 45280.
هذا كله بناء على نجاسة الخمر وهو قول الجمهور، أما على القول بعدم نجاستها فلا حرج في استعمال هذه العطورات في الملابس ولا يحرم شراؤها ولا بيعها، وهذا القول مال إليه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وأيده واستدل له، فقد قال في الشرح الممتع على الزاد المستقنع بعد أن ذكر أن جمهور العلماء على نجاسة الخمر وهو اختيار شيخ الإسلام وذكر أدلتهم، قال: والصحيح أنها ليست بنجسة والدليل على ذلك ما يلي:
1- حديث أنس رضي الله عنه أن الخمر لما حرمت خرج الناس وأراقوها في الأسواق، وأسواق المسلمين لا يجوز أن تكون مكاناً للنجاسة.
2- ما رواه مسلم: أن رجلا جاء براوية خمر فأهداها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أما علمت أنها حرمت. فساره رجل أن بعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. ففك الرجل الراوية ثم أراقها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل له اغسلها وهذا بعد التحريم.
3- أن الأصل الطهارة حتى يقوم دليل النجاسة ولا دليل. إلى أن قال: فإن قيل كيف تخالف الجمهور قلنا: الدلالة بالكتاب، والسنة، والإجماع، إذا ثبت، ولا إجماع هنا. انتهى بحذف قليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(11/2490)
حكم عجن الخبز بماء نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء قيامي بعملية خبز العيش تبين لي أن بوعاء الماء فأراً ميتاً، وقد استعملت هذا الماء في خبز العيش، فهل يعتبر الخبز بهذا الحالة نجساً يحرم تناوله أم حلالاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماء الذي ماتت فيه الفأرة نجس ولا يجوز عجن الخبز به وأكله للناس، وأما إطعامه لبهيمة فلا مانع منه، والدليل على نجاسته هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت، فقال: إن كان جامدا فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي، وإن كان مائعاً فلا تأكلوه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(11/2491)
ملامسة الرجل للمكان المتنجس
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أتوضأ في البيت للصلاة فهل بالضرورة أن أخرج من الحمام بعد الوضوء فوق سجاد طاهر يوضع لي عند باب الحمام، أم أنه يمكن وضع قدمي على أي مكان جاف وإن كان هذا المكان الجاف قد تنجس من قبل وجف بعد النجاسة، وهذه المسألة يصر عليها أغلب الناس في اليمن، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المتوضئ لا يطالب بوضع فراش عند باب الحمام ليطأ عليه, بل يتوضأ ويخرج ويطأ على المكان المتاح له كيفما كانت حاله ما لم يكن متنجساً، فإن كان متننجساً توقاه بنعل أو نحوها, ولو فرض أنه وطئ مكانا قبل جفاف رجله فإنها تتنجس، لكنها تطهر بملامسة أي شيء بعد ذلك. وقد سئل الإمام مالك عن الرجل يتوضأ ثم يطأ الموضع القذر الجاف قال: لا بأس بذلك, قد وسع الله تعالى على هذه الأمة ثم تلا: ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ... وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 37853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(11/2492)
ملامسة الجسد لروث الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بالإفادة عن (روث الكلب الجاف) أعزكم الله هل يبقى نجسا أم يمكن غسله والتوضؤ والصلاة بشكل عادي بعد ملامسته للجسد أو الملابس؟ جزاكم الله خير الجزاء عنا جميعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فروث الكلب نجس نجاسة مغلظة سواء كان رطباً أو جافاً إلا أنه لا ينجس غيره إذا لاقاه إلا إذا كانا أو أحدهما رطباً عند التلاقي، أما إذا كانا جافين فلا يتنجس ما لاقاه لأن ملاقاة الجاف للجاف لا ينجسه بلا خلاف.
وعند التنجيس فإنه يغسل الثوب أو البدن ونحوهما سبع مرات أولاهن بالتراب ثم الوضوء والصلاة بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/2493)
حكم اقتناء حقيبة اليد المصنوعة من جلد الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى الإجابة على سؤالي بالتفصيل..
في أثناء سفري لإحدى الدول الآسيوية أردت أن أشتري حقيبة يد كانت متوفرة هنا ولكن تفاجأت عندما قالت لي البائعة إنها مصنعة من جلد الخنزيز.. فهل حرام استخدام أي شي يدخل في صناعته شي من الخنزير كجلده مثلا؟
وماذا أفعل بالحقائب التي اشتريتها ولم أكن أعرف أنها مصنعة من جلد الخنزير؟
وهل يأثم الذي لم يقل للشاري إنها جلد خنزيز ولم يكتب عليها أنها مصنعة من جلد الخنزيز؟؟
وشكرا لكم على الجهود المبذولة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أنه يجوز الانتفاع بجلد الخنزير إذا أصلح ودبغ على الراجح من أقوال أهل العلم كما في الفتوى رقم: 30124
وعليه، فلا حرج عليك في اقتناء حقيبة مصنعة من جلده وإن تورعت عنها فذلك الأولى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/2494)
التمثال ليس نجسا بمجرده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العاملين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعين.
أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي الطويل.
منذ عدة سنوات كان يعمل عندنا في البيت رجل وهو مسيحي وعندما ترك العمل في بيتنا جلب لنا على سبيل الهدية تماثيل منها تمثال للنبي عيسى عليه الصلاة والسلام وقد احتفظ أهلي بهذه التماثيل ووضعوها في البيت ومنذ صغري وأنا متضايق من هذه التماثيل وأشعر أنه لا ينبغي لنا نحن المسلمين أن توضع هذه التماثيل في بيوتنا وعندما وصلت بي الغيرة على ديني قمت بتحطيم هذه التماثيل وتهشيمها وإلقائها خارج البيت وذلك ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، المشكلة التي أعاني منها وهي ربما ليست جديدة عليكم هي مشكلة الوسواس (إذا كان ما يراودني هو وسواس) حيث إنني عندما كسرت أحد تلك التماثيل قمت برميه على الأرض التي كانت عليها سجادة وقد تحطم التمثال فعلا على السجادة وتناثرت أجزاؤه على السجادة وبعد ذلك قمت بجمعها والإلقاء بها في الخارج وفي سلة النفايات وكان ذلك منذ حوالي ثلاث سنوات، مشكلتي إنني أدوس كل يوم بحذائي على هذه السجادة طبعا لأن هذ السجادة هي في غرفتي ولابد من المرور فوقها لكي أصل إلى باب الغرفة ويوم أمس بعد أن خرجت من البيت وذهبت إلى أصدقائي لملاقاتهم وأمضيت الأمسية معهم عدت إلى البيت وأنا في طريق عودتي أمسكت بشخص كاد أن يقع علي دون أن ينتبه وأثناء ارتباكي من تلك الحادثة شعرت أن كعب حذائي (أي أقصد أرضية الحذاء إن صح التعبير التي تلامس الأرض عند المشي) لاحظت أن كعب حذائي قد داس على الجزء الأسفل من بنطلوني واتسخ البنطلون وطبعا تعرفون بأن حذائي يمر يوميا على المكان الذي حطمت عليه التمثال المشار إليه أعلاه هل يكون بنطلوني قد أصابته نجاسة ولا أقصد نجاسة مادية بل نجاسة معنوية إن صح التعبير حيث إن الحذاء الذي يدوس يوميا على مكان التمثال قد أصاب البنطلون بنجاسة ذلك التمثال من حيث كونه نجسا لأنه لايصح لنا نحن المسلمين أن يكون عندنا مثل هذه التماثيل لا أدري هل أتخلص من ذلك البنطلون أم أغسله وإذا غسلته هل سوف تنتقل تلك النجاسة إلى كل أجزائه بعد أن كانت قد أصابت جزءا منه وبالتالي تعلمون أن البنطلون يكون في تماس مع الملابس الأخرى كالقميص والملابس الداخلية وبالتالي سوف ينجسها؟ وهل يجوز لي غسل البنطلون وأن يوضع معه في الغسالة ملابس أخرى مثل القمصان مثلا من دون أن تتأثر بنجاسة ذلك البنطلون؟ هل إذا لبسته حتى بعد غسله أكون قد دخلت في باب الشرك والعياذ بالله؟ لأنه كون قد مسه كعب الحذاء الذي يدوس على المكان الذي وقع عليه التمثال أعلاه بعد تحطمه؟ هل يعد ارتداء ذلك البنطلون من باب الشرك والعياذ بالله؟ هل أتخلص منه؟
جزاكم الله خيراً أرجو منكم إجابة مفصلة على كل النقاط التي ذكرتها لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك وأن يسدد خطاك، وأن يجزيك على غيرتك وإنكارك للمنكر، ولقد أصبت في تحطميك للتمثال، ففي صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
وهذا التمثال ليس نجساً لكونه تمثالاً، فلا داعي لهذا كله، فالسجادة التي كسر التمثال عليها لم تتنجس والأحذية لم تتنجس بسببه أيضاً، وكذلك البنطلون من باب أولى ولا معنى للنجاسة الشركية هنا، فالتمثال لا يجوز اتخاذه لكنه جماد لا يوصف بالشرك، ويجب تغيير صورته وطمسها وقد فعلت، والنجاسة المعنوية ليست لها أحكام النجاسة الحسية من حيث كيفية التطهير وانتقال النجاسة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/2495)
رطوبة المرأة وغسل الملابس المصابة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير للإجابة على سؤالي، ولكن الإجابة لم أجد فيها حلا لمشكلتي وهي أني أجد رطوبة في ثيابي الداخلية وهي ليست بمذي أو ودي لأنها لا لون لها ولا حتى رائحة بل هي مثل العرق وهذه الرطوبة تلامس ملابسي الخارجية سؤالي هل بهذه الملامسة يجب علي تبديل الثوب الداخلي والخارجي أنا أحيانا أبدل ثيابي خمس مرات كل يوم وهذا ليس طبيعيا في المرة الماضية أجبتم بأنه يجب علي الوضوء لكل صلاة ولكني أنا أتوضأ لكل صلاة برطوبة أو بدونها مشكلتي ليست بالوضوء وأجبتم أيضا أن هناك رطوبة فرج نجسة ورطوبة طاهرة أنا لا أعرف كيف التفريق بينهما وأريد أن أعرف هل صحيح بأن رطوبة الفرج طاهرة وأنا لا أسأل عن رطوبة المذي أو الودي أو المني فقط عن الرطوبة التي هي أشبه بالماء أنا أجد هذه الرطوبة منذ أن أصبحت حاملا ودائما أجدها في خلف ملابسي الداخلية وخاصة عند خروج الريح أنا آسفه لسؤالي ولكن أريد المعرفة لكي يطمئن قلبي،وأحس أن صلاتي ووضوئي صحيحة، لا يوجد لدي مشكله في الجواب حتى لو قلت لي إنه يجب علي تبديل ثيابي الداخلية والخارجية خمسين مرة، المهم الإحساس بقبول وضوئي وطهارتي.
وجزاكم الله كل خير وآسفة مرة أخرى لأني أطلت بالسؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة نود أن نوضح للأخت السائلة مسألة الوضوء لكل صلاة، فنقول إن الشخص إذا كانت حالته عادية بالنسبة للخارج من السبيلين فلا يلزمه الوضوء لكل صلاة ما دام لم ينتقض وضوؤه، ويمكن أن يصلي بذلك الوضوء ما شاء من الصلوات كما يجوز له أن يتوضأ قبل الوقت، فإذا دخل الوقت صلى، أما إن كان مصاباً بسلس وهو كل خارج من السبيلين لازم كل الوقت أو أكثره، فهذا يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ولا ينتقض وضوؤه بالسلس الذي يعاني منه ولو حدث أثناء الصلاة.
وعليه، فإن الرطوبة التي تعاني منها السائلة إن كانت تلازم كل الوقت أو أكثره، فإن لها حكم السلس فتغسلها عند القيام للصلاة وتغسل أو تبدل الملابس المصابة بها بما في ذلك الملابس الخارجية، فإن لم تصب الملابس الخارجية الرطوبة فلا تتنجس بمجرد ملامسة الملابس الداخلية.
وعليه، فلا داعي لغسلها أو تبديلها هذا إن كانت الرطوبة تتوقف بحيث يمكن أن تصلي وهي متوقفة، فإن كانت لا تتوقف فلا يجب تغيير الملابس ولا غسلها لوجود المشقة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 16039، والفتوى رقم: 12198.
وقد قسم الفقهاء الرطوبة الخارجة من فرج المرأة إلى قسمين قسم نجس وهو الخارج من مخرج البول وقسم مختلف في نجاسته وهو الخارج من مكان خروج الولد، وقد سبق توضيح هذا الموضوع في الفتويين التاليتين: 15179، 15667.
ولا شك أن الأحوط هو التعامل مع هذه الرطوبة باعتبار أنها غير طاهرة ولا سيما إذا تعذر التفريق بين التي هي نجسة بالاتفاق وبين المختلف فيها، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 3224، 54853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/2496)
ملاقاة الطاهر الجاف للنجس الجاف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل صحيح أن النجس الجاف لا يؤثر على الطاهر الجاف وأن الطاهر الرطب لا يتأثر بالنجس الجاف وهنا أقصد نجاسة البول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطاهر الجاف إذا لاقى نجساً جافاً فإنه لا يتنجس، وقد اشتهر عند أهل العلم أن النجس إذا لاقى شيئاً طاهراً وهما جافان لا ينجسه، وراجع الفتوى رقم: 29899.
والطاهر الرطب إذا لاقى متنجساً قد زالت عنه عين النجاسة فإنه لا يكون نجساً عند المالكية، كما في الفتوى رقم: 45775.
وكذلك الحكم أيضاً عند الحنفية، ففي مجمع الأنهر على الفقه الحنفي: كما لو وضع الثوب حال كونه رطباً على مطين بطين نجس جاف بتشديد الفاء من جف لأن الجفاف يجذب رطوبة الثوب فلا يتنجس، وأما إذا كان رطباً فيتنجس. انتهى.
وعند الشافعية يتنجس الرطب الطاهر بملاقاته لمتنجس جاف ففي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي أثناء كلامه على لبس الثوب المتنجس: ويستثنى من ذلك ما لو كان الوقت صائفا بحيث يعرق فيتنجس بدنه ويحتاج إلى غسله للصلاة مع تعذر الماء. انتهى.
وعند الحنابلة إذا كان الطاهر به بلل ينجس إذا لاقى متنجساً ولا ينجس إذا كانت به رطوبة بدون بلل، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع للبهوتي: فلو قطع به أي السيف المتنجس ونحوه بعد مسحه قبل غسله مما فيه بلل كبطيخ ونحوه نجسه لملاقاة البلل للنجاسة، فإن كان ما قطعه به رطباً لا بلل فيه كجبن ونحوه فلا بأس كما لو قطع به يابساً لعدم تعدي النجاسة إليه. انتهى.
والطاهر الرطب إذا لاقى عين نجاسة فإنه يصير متنجساً بمجرد ملاقاتها، ففي مغني المحتاج ممزوجاً بالمنهاج للشربيني الشافعي: وما نجس من جامد ولو بعضا من صيد أو غيره بملاقاة شيء من كلب سواء في ذلك لعابه وبوله وسائر رطوباته وأجزائه الجافة إذا لاقت رطباً غسل سبعاً. انتهى.
والخلاصة أن الطاهر الجاف إذا لاقى نجساً جافاً لا ينجسه، والطاهر الرطب إذا لاقى متنجساً فإنه لا يكون متنجساً عند المالكية والحنفية ويكون متنجساً عند الشافعية، وعند الحنابلة يكون متنجساً إذا كان به بلل لا إن كان رطباً فقط من غير بلل، أما إذا لاقى الرطب الطاهر عين نجاسة فإنه يكون متنجساً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/2497)
طهارة الثياب والماء هي الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في بلد أوروبي ويوجد الكثير من الكلاب في المحلات والشوارع وفي كل مكان سؤالي هل إذا اشتريت الثياب يحب غسلها قبل لبسها وإذا كان يوجد الماء على الأرض ولم أتأكد إذا كان بسبب كلب ودعست على الماء هل أتنجس؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك غسل ما تشتريه من ثياب لأن الأصل في الأشياء الطهارة، ولا يخرج شيء منها عن هذا الأصل إلا بتيقن، وأنت لم تتيقن من إصابة الثوب بنجاسة الكلب، كما أن الماء الذي ذكر محمول على الطهارة ما لم تتحقق من نجاسته، وبالتالي، فما أصابك منه لا يلزمك غسله، لأن الأصل طهارته، وراجع الفتوى رقم: 37187 والفتوى رقم: 35919 وراجع في حكم الهجرة إلى بلد الكفر الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/2498)
لا يحكم على شيء بالنجاسة إلا بأمر محقق
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيعة عملي تفرض علي لبس البنطال طوال النهار ولمدة تصل إلى 12 ساعة وأحيانا يحصل أن أجد على ملابسي الداخلية آثارا خفيفة ناتجة عن احتكاك الجلد والتعرق ولكن لها رائحة البراز، وهذا يشككني دائما في طهارة ثيابي ووضوئي ويلبس علي. والسؤال هو: هل الطهارة تتعلق فقط بالملابس الخارجية فقط أم هي تشمل الملابس الداخلية أيضا؟ هل ينبغي علي أن أتوضا للصلاة فقط؟ أم هل ينبغي علي أن أمتنع عن الصلاة حتى أبدل ثيابي بثياب طاهرة جديدة؟ 2- ما حكم صلواتي السابقة وهل ينبغي علي القضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما عثرت عليه في ثيابك إذا لم تتحقق من كونه بولا أوغائطا أو نحوهما من كل نجس كالدم أو القيح فلا يلزمك غسله بل هو طاهر، كما لا يترتب عليه نقض للوضوء لأن الأصل في الأشياء الطهارة، ولا يحكم على شيء منها بالنجاسة إلا بأمر محقق.
وعليك أن تحذر من الاسترسال في الوسوسة والشكوك لما في ذلك من الضرر على المسلم في دينه ودنياه. وعليه؛ فإذا لم تتحقق من نجاسة ما وجدت في ثيابك الداخلية فلا ينتقض وضوؤك، ولا يلزمك خلع تلك الثياب ولا استبدالها بغيرها، كما لا يجوز لك تأخير الصلاة حتى خروج وقتها بناء على هذا الوهم، ولا يلزمك قضاء الصلوات السابقة في هذه الحالة. وراجع الفتوى رقم: 55751.
ويشترط لصحة الصلاة طهارة جميع الثياب التي يرتديها المصلي سواء كانت داخلية أو خارجية، وراجع الفتوى رقم: 6115، ولمعرفة نواقض الوضوء راجع الفتوى رقم: 1795، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 14657. والفتوى رقم: 27760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/2499)
الإفرازات النازلة من المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي أستفسار على فتويين واحدة قرأتها في كتاب والأخرى سمعتها في التلفزيون، الفتوى الأولى تقول إن المرأة إذا كانت عندها إفرازات فإن هذه الإفرازات نجسة وعليها أن تلتجم لكي لا تلامس بدنها أو ثيابها وعليها الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت، والفتوى الثانية تقول إذا خرج سائل أبيض من المرأة فهو غير نجس ولا ينقض الوضوء، أما إذا كان هذا السائل أصفر فهو نجس، السؤال الأول: ما الفرق بين الفتويين.. هل لأن الإفرازات كميتها كبيرة والسائل كميته أقل لذلك اختلفت الفتوى؟
السؤال الثاني: إذا خرج من المرأة سائل أبيض فهو طاهر على ضوء الفتوى التي سمعتها، فهل على المرأة أن تلتجم، مع العلم إن هذا السائل لا يتعدى الملابس الداخلية؟
السؤال الثالث: هل يجوز للمرأة في كلتا الحالتين السابقتين أن تصلي بغيرها من النساء؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الإفرازات النازلة من المرأة هل هي طاهرة مطلقاً أم فيها تفصيل؟ والراجح عندنا طهارة النازلة من مخرج الولد مطلقا، ونجاسة الخارجة من مخرج البول، وكلتاهما ناقضة للوضوء، وقد ذكرنا مذاهب أهل العلم مفصلة في الفتوى رقم: 51282.
والقائلون بنجاستها لا بد عندهم من غسل ما أصابته من ثوب أو بدن قبل الصلاة، ولها أن تصلي بغيرها من النساء. ولو كانت هذه الإفرازات مستمرة بحيث لا تتوقف لمدة يمكنها فيها الطهارة والصلاة، فإن حكمها حكم الاستحاضة من حيث نقض الوضوء فلا بد أن تتوضأ لكل صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(11/2500)
القطرات المتنائرة من الماء المصبوب على شيء نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[يتناثر الماء عند صب الماء على الملابس النجسة كما هو الحال عندما تغسل الأم ملابس الأطفال أو عندما يُصب الماء على أرض أو شيء لتطهيره، فما حكم قطرات الماء المتناثره أثناء التطهير من النجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا علمت هذه المرأة أن القطرات التي انتقلت إلى ثوبها أو بدنها -عند صب الماء على الثياب النجسة- قد اختلطت بالنجاسة ثم انفصلت عنها إليها فهي نجسة، ولا بد من غسل ما أصابته من ثوب أو بدن ما لم تكن قطرة أو رذاذا فيعفى عنه لقلته، أو كان الموضع الذي انفصلت عنه القطرات لا نجاسة فيه، أو كانت فيه نجاسة ولكن قد سبق صب المال عليها قبل تطاير القطرات حتى طهر المحل، ففي هذه الحالة لا يلزم غسل ما أصابته من ثوب أو بدن، قال الإمام النووي في المنهاج: وكذا في قول نجس لا يدركه طرف -أي معفو عنه- قلت: -والقول للنووي- ذا القول أظهر. والله أعلم. انتهى.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج قوله: وكذا في قول نجس لا يدركه طرف، أي لا يشاهد بالبصر لقلته لا لموافقة لون ما اتصل به، كنقطة بول وخمر، وما تعلق بنحو رجل ذبابة عند الوقوع في النجاسات -وقوله- قلت: ذا القول أظهر، أي من مقابله وهو التنجيس لعسر الاحتراز عنه، فأشبه دم البراغيث. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(11/2501)
حكم الغسالة والمغسلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو (موضوع الطهارة عند استخدام صنبور المياه عند غسل قطعة من الملابس مثلاً نجسة من البول أو من دم الحيض في المغسلة) هل يعني أن المغسلة نجسة وعلينا تطهيرها أم أن الماء النازل من الصنبور عند غسل ما نريد تطهيره يزيل الماء النجس وبالتالي المغسلة لا يشترط تطهيرها بعد ذلك، ويجوز لنا التؤضؤ عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصب الماء على الثوب يطهره إذا لم يبق للنجاسة لون ولا طعم ولا رائحة، وأما الماء المنفصل في المغسلة بعد مروره على النجاسة فيسمى غُسالة، وقد اتفق الفقهاء على أن هذه الغسالة إذا تغيرت بالنجاسة فإنها نجسة فيتنجس المحل الذي تصيبه ويطهر كما يطهر المحل المتنجس، أما إذا لم تتغير الغسالة فقد اختلف الفقهاء في ذلك:
- فقال المالكية: هي طاهرة مطلقاً.
- وقال الشافعية والحنابلة: إن كانت الغسالة قلتين فأكثر فطاهرة، وإن كانت دون القلتين فقال الشافعية: حكمها حكم المحل الذي انفصلت عنه، فإن كان نجسا فنجسة، وإن كان طاهراً فطاهرة غير مطهرة، وكذلك الحنابلة، لكن وفقاً لمذهبهم في أن النجاسة تغسل سبعاً فما انفصل قبل السابعة فنجس وما انفصل بعد السابعة فطاهر. والراجح أن حكم الغسالة هو حكم المحل الذي انفصلت عنه، فإن انفصل عن المحل المغسول وهو مازال نجساً فهي نجسة وما وقعت عليه يتنجس، وإن انفصلت عن المحل المغسول وهو طاهر فهي طاهرة ولا يتنجس وما وقعت عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(11/2502)
النخامة طاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ابتلاع النخامة حرام؟ أرجو بيان ذلك بالأدلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النخامة تعد من الطاهرات وإن كانت مستقذرة طبعا، قال خليل المالكي في المختصر عطفا على الأشياء الطاهرة: والحي ودمعه وعرقه ولعابه ... . فإذا كان ابتلاعها بعد إمكان طرحها عمدا لغير الصائم فإن ذلك مستقذر بالطبع وليس بحرام.. وإن كان الشخص صائما وابتلعها بعد إمكان الطرح فإن ذلك لا يجوز، وصومه فاسد على الراجح كما قال النووي في المجموع: وإن ردها إلى فضاء الفم أو ارتدت إليه ثم ابتلعها أفطر على المذهب، وبه قطع الجمهور. وإن ابتلعها من غير قصد أو لم يستطع التخلص منها فابتلعها فلا شيء عليه وصومه صحيح. ولمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 24697، 34157، 43292.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(11/2503)
حكم استعمال الكريمات المحتوية على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لا يجوز لشخص أن يصلي وهو يضع عطرا كحوليا أو يغلب عليه الكحول، فهل ينطبق مثل هذا الحكم علي من تضع كريما يكون الكحول احدي مكوناته لترطيب البشرة وعلاج التقشفات؟ برجاء العلم أنه غالبا لا يوجد كريم يخلو من الكحول، والله أعلم.
برجاء تخصيص الإجابة علي حكم وضع هذا الكريم علي الإطلاق؟ وحكم الصلاة، هل يستلزم إعادة الوضوء وغسل الأعضاء التي وضع عليها الكريم؟ أم يجوز الصلاة به؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجح عند أهل العلم أن العطور والكريمات التي تحتوي على كحول تعتبر نجسة، ولا يجوز استعمالها في الثوب ولا في البدن، لأنه استعمال للنجاسة، ولو قدر أن أحدا استعملها فيلزمه إزالتها قبل الصلاة، ولا يلزمه الوضوء إذا كان حين وضعها على طهارة ولم ينتقض وضوؤه بالنواقض المعروفة.
وهذا كله ما لم تكن قد استحالت أثناء التصنيع استحالة تامة إلى ما لا يسكر، فإنها بذلك تطهر، وراجعي الفتوى رقم: 254.
وعليه، فإذا غلب على ظنك أن نوعا من العطور أو الكريمات يحوي مادة الكحول فالواجب تركه، وإن لم يغلب ذلك على ظنك فلا بأس باستعماله، لأن الأصل في الأشياء الإباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/2504)
كيفية التعامل مع الطفل الذي لا يتوقى النجاسات
[السُّؤَالُ]
ـ[يعيش بيننا طفل لا يتوقى النجاسة بحيث يلمس بيده أشياء كثيرة في البيت ويلمس أبداننا وثيابنا ويشق علينا التحرز منه، هل يجب غسل ما لمسه الطفل أم نعتبره من الطوافين علينا مثل الهرة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يد الطفل طاهرة ولو كان لا يتوقى النجاسة ما لم يتحقق من نجاستها، ولا يجب غسل ما لمسه بيده، إذ الأصل الطهارة، ولا يزول اليقين بمجرد الشك، ولكن إذا كانت في يده نجاسة محققة، فيجب غسل ما لمسه بها وقياسه على الهرة غير صحيح، لأن الهرة إذا تحققنا أنها باشرت النجاسة ولم تغب عنا بحيث يحتمل أنها ولغت في ماءٍ، فإنه يحكم بنجاسة سؤرها.
قال النووي في المجموع: وما يستدل به القائل بالطهارة مطلقاً من عسر الاحتراز عنها لا يسلم، فإن العسر إنما هو في الاحتراز من مطلق الولوغ لا من الولوغ بعد نجاسةٍ متيقنةٍ. انتهى.
فإذا باشر الطفل النجاسة بيده وعلقت بها ثم لمس ثيابكم أو أبدانكم وجب تطهير ما لمسته تلك النجاسة إذا كانت رطبة أو ما لامسها رطباً، ولا تصح الصلاة قبل إزالتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(11/2505)
هل يلزم غسل اليد من غبار النجاسة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في صحيح البخاري قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع عبد الله يقول
أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال هذا ركس
سؤالي هو لمادا لم يغسل الرسول صلى الله عليه وسلم يده الشريفة عند ملامسته الروثة التي هي نجس ولمادا لم يامر الصحابي بدلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يثبت غسله صلى الله عليه وسلم بيده ولا أمره للصحابي المذكور بالغسل أيضا بسبب مس الروثة مع تصريحه بأنها نجسة، ولعل ذلك راجع إلى عدم لزوم الغسل لتصريح بعض أهل العلم بالعفو عن غبار النجاسة.
ففي الأشباه والنظائر للإمام السيوطي:
ما يعفى عنه من النجاسة أقسام:
أحدها ما يعفى عنه من الماء والثوب، وهو ما لا يدركه الطرف، وغبار النجس الجاف، إلى أن قال: ومثل الثوب البدن. انتهى.
وقال البهوتي في دقائق أولي النهى:
ويعفى أيضا عن دخان نجاسة وغبارها وبخارها ما لم تظهر له أي الدخان والغبار والبخار صفة في الشيء الطاهر، لأنه يشق التحرز منه، وقال جماعة ما لم يتكاثف. انتهى.
وفي المنثور في القواعد للزركشي:
المعفو عنه أقسام: وذكر منها: وغبار النجاسة اليابسة. انتهى.
وفي الأشباه والنظائر للسيوطي أيضا:
النجس إذا لاقى شيئا طاهرا وهما جافان لا ينجسه. انتهى.
وعليه، فغسل اليد من غبار النجاسة المذكورة غير لازم للعفو عن ذلك الغبار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/2506)
لا فرق بين كلب الحراسة وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي استفسار عن الكلاب هل هي نجسة ام لآ, وهل هناك فرق بين الكلب المربى في المزرعة والكلاب البرية. إذا لمسني كلب في المزرعة, هل يفسد وضوئي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلب نجس كله، ولا فرق بين كلب الحراسة وغيره، وقد فصلنا هذا في الفتوى رقم: 4993. إلا أن مس الكلب لبدن الشخص أو ثوبه لا ينقض وضوءه، وإنما يجب عليه غسل ما مسه إن كان مبلولا سبع غسلات، إحداهن بالتراب كما في الفتوى المحال عليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(11/2507)
لا توصف الرائحة بالنجاسة أو الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال هو: أن الإنسان قد يصدر من سرته رائحة كريهة، فهل هذه الرائحة تعتبر نجسه، وما حكمها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرائحة ليست جسما من الأجسام ولا ذاتا من الذوات حتى توصف بالنجاسة أو الطهارة، وبالتالي فلا شيء عليك فيما يتعلق بهذه الرائحة، ولكن ينبغي أن تواظب على النظافة، فإن الإسلام يحث عليها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
هذا إضافة إلى الإكثار من استعمال الطيب اقتداء به صلى الله عليه وسلم فكان يحبه ويحث على استعماله فقد قال صلى الله عليه وسلم: حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة. رواه أحمد والنسائي، وقال الألباني: حسن صحيح.
كما قال صلى الله عليه وسلم: من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل. رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وصححه الألباني، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 29061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(11/2508)
حكم استعمال ثياب الكفار وآنيتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأكل في أواني الكفار والمشركين مع ذكر الأدلة الشرعية وأقوال جمهور العلماء وهل ملابس الكفار المستعملة في معناها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصل ابن قدامة في المغني القول فيما يتعلق باستعمال أواني المشركين وثيابهم حيث قال: والمشركون على ضربين أهل الكتاب وغيرهم، فأهل الكتاب يباح أكل طعامهم وشرابهم والأكل في آنيتهم ما لم يتحقق نجاستها. قال ابن عقيل: لا تختلف الرواية في أنه لا يحرم استعمال أوانيهم، وذلك لقوله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ [المائدة: 5] .
وروي عن عبد الله بن المغفل قال: أصبت جرابا من شحم يوم خيبر قال فالتزمته فقلت: والله لا أعطي أحداً من هذا شيئاً قال فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسماً. ورواه مسلم وأخرجه البخاري بمعناه، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم: أضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة. رواه الإمام أحمد في المسند وكتاب الزهد وتوضأ عمر من جرة نصرانية، وهل يكره له استعمال أوانيهم على روايتين إحداهما: لا يكره لما ذكرنا.
والثانية: يكره لما روى أبو ثعلبة الخشبي قال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في أوانيهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها. متفق عليه.
وأقل أحوال النهي الكراهة ولأنهم لا يتورعون عن النجاسة ولا تسلم آنيتهم من أطعمتهم وأدنى ما يؤثر ذلك الكراهة.
وأما ثيابهم فما لم يستعملوه منها أو علا منها كالعمامة والطيلسان والثوب الفوقاني فهو طاهر لا بأس بلبسه وما لاقى عوراتهم كالسراويل والثوب السفلاني فقال أحمد: أحب إلى أن يعيد. يعني من صلى فيه فيحتمل وجهين أحدهما وجوب الإعادة وهو قول القاضي وكره أبو حنيفة والشافعي الأزر والسراويلات لأنهم لا يتعبدون بترك النجاسة ولا يتحرزون منها، فالظاهر نجاسة ما ولي مخرجها.
والثاني: لا يجب، وهو قول أبي الخطاب لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك.
الضرب الثاني غير أهل الكتاب وهم المجوس وعبدة الأوثان ونحوهم، فحكم ثيابهم حكم ثياب أهل الذمة، وأما أوانيهم فقال القاضي: لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم لأن أوانيهم لا تخلوا من أطعمتهم وذبائحهم فلا تخلوا أوانيهم من وضعها فيها، وقال أبو الخطاب: حكمهم حكم أهل الكتاب وثيابهم وأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال ما لم يتيقن نجاستها، وهو مذهب الشافعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضؤوا من مزادة مشركة. متفق عليه.
ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك، فظاهر كلام أحمد رحمه الله تعالى مثل قول القاضي، فإنه قال في المجوس: لا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة، لأن الظاهر نجاسة آنيتهم المستعملة في أطعمتهم فأشبهت السراويلات من ثيابهم. انتهى
وعند المالكية لا تجوز الصلاة في ثوب الكافر كتابياً أو غيره إلا إذا حصل يقين بطهارتها أو غلب ذلك على الظن، قال خليل في مختصره: ولا يصلى بلباس كافر.
قال الدسوقي في حاشيته: لا يجوز حتى لذلك الكافر إذا أسلم أن يصلي في ذلك اللباس حتى يغسله، كما رواه أشهب عن مالك ثم إن محل الحرمة إذا جزم بعدم الطهارة أو ظن عدمها أو شك في الطهارة أما لو تحققت طهارته أو ظنت فإنها تجوز الصلاة فيها. انتهى
وعلى القول بنجاسة ثياب الكفار، سواء كانوا كتابيين أو غيرهم يجوز الانتفاع بها بلبسها والنوم فيها في غير وقت مظنة حصول العرق فيها. قال الخرشي في شرحه لمتخصر خليل: والمعنى أن الشيء المتنجس وهو ما كان ظاهراً في الأصل وأصابته نجاسة كالثوب المتنجس والزيت ونحوه تقع فيه فأرة أو نجاسة يجوز الانتفاع به في غير مسجد وغير أكل آدمي كبير أو صغير عاقل أو مجنون مسلم أو كافر، وإنما قدرنا أكل آدمي إذ لا يصح نفي كل منافع الآدمي لجواز استصباحه بالزيت وعمله صابونا وعلفه الطعام المتنجس للدواب والعسل المتنجس للنحل، وهو من منافعه ولبسه الثوب المتنجس ونومه فيه ما لم يكن وقتاً يعرق فيه قاله في المدونة. انتهى
وحاصل الأمر أن ما يتعلق بالآنية فيفرق فيها بين أهل الكتاب وغيره، فآنية أهل الكتاب طاهرة ما لم تتحقق نجاستها وقيل بكراهتها لعدم تورعهم عن النجاسة.
أما المجوس وعبدة الأوثان فظاهر كلام الإمام أحمد أنها نجسة لا تستعمل لأن ذبائحهم ميتة وقال الشافعي بطهارتها.
وبالنسبة للثياب فيستوي فيها الكتابي وغيره فما كان منها غير مستعمل أو كان بعيداً عن العورة فهو طاهر تباح فيه الصلاة عند غير المالكية إذا لم تتحقق طهارته أو يغلب ذلك على الظن، وما كان ملامساً للعورة فعند أحمد يعيد من صلى فيه وحمل ذلك على وجوب الإعادة وعدمه وبالكراهية قال الشافعي وأبو حنيفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(11/2509)
الفرق بين المذي والإفرازات المهبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
جازاكم الله خيرا على الاهتمام بسؤالي والإجابة عليه وبارك الله فيكم
السؤال: وجدت في الفتوة التي تلقيتها كإجابة عن سؤالي ما يلي: هذه الإفرازات إن كانت تخرج من الرحم فليست بنجسة ولا يلزم منها تبديل الثياب، وإن كانت تنتقض بها الطهارة لأنه لا يلزم أن يكون الناقض نجساً. وأما إن كانت تخرج من المثانة فهي نجسة وعليها أن تغسل ما أصاب ثوبها. ثم قرأت في الخلاصة الفقهية أن المذي الذي يخرج من ذكر الرجل أو قرج المرأة بسبب تعب او بسبب نظرة أو لمسة يعتبر من النجاسات أرجو إيضاح هذا الأمر لأني أحيانا في مقر عملي ينزل مني ماء بسب كثر الحركة وصعود المرج فماذا أفعل إذا أردت الوضوء للصلاة هل يجب ان أخلع اللباس الداخلي او امسحها بالماء لأطهرها؟ أرجو الإيضاح تعالى وجازاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين مذي المرأة وإفرازات المهبل هو أن المذي ماء رقيق يخرج عند ثوران الشهوة، ويخرج من مجرى البول.
أما ماء المهبل فهو ماء لزج يسيل ولا علاقة بينه وبين الشهوة. فلا تعارض بين ما في الفتوى التي ذكرت من طهارة السائل الخارج من الرحم وبين ما قرأت من أن المذي نجس
فما خرج منك من إفرازات فحكمها ما ذكر في الفتوى المشار اليها في السؤال وما خرج من المذي فهو نجس يجب تطهير ما أصابه من البدن والثياب ويلزم منه غسل الفرج وخروجه ناقض للوضوء فقط.
وانظري الفتوى رقم: 28755.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/2510)
هل يتأكد من نجاسة النعل قبل دخوله إلى حكام المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب التأكد من نجاسة أو عدم نجاسة الشباشب التي توضع في المساجد ليدخل بها الناس الحمامات في المسجد سواء من أعلى أو أسفل الشبشب أم لا يجب ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلم أنه يحترز من النجاسات وإذا أصابه شئ منها فإنه يبادر إلى غسله وإزالته، هذا هو الأصل في المسلم.
وكذلك ذكر العلماء أن النعل التي تستخدم لقضاء الحاجة الغالب فيها النجاسة، والنادر سلامتها منها، ومع ذلك ألغى الشارع حكم الغالب واعتبر حكم النادر، قال القرافي في الفروق: والأمدسة التي يجلس بها في المراحيض الغالب عليها وجود النجاسة من حيث الجملة، وإن كنا لا نشاهد عينها، والنادر سلامتها منها ومع ذلك ألغى الشارع حكم الغالب وأثبت حكم النادر توسعة ورحمة بالعباد، فيصلى به من غير غسل. أ. هـ
وقال أيضاً: الخامس. النعال الغالب عليها مصادفة النجاسات لا سيما نعل بها سنة وجلس بها في مواضع الحاجة سنة ونحوها فالغالب النجاسة والنادر سلامتها من النجاسة ومع ذلك ألغى الشارع حكم الغالب وأثبت حكم النادر فجاءت السنة بالصلاة في النعال حتى قال: بعضهم إن قلع النعال للصلاة بدعة. أهـ
وعليه فلا يجب عليك أن تتأكد من نجاسة أو طهارة النعال لما ذكرنا، فإذا أردت الصلاة به أو إدخاله المسجد فيستحب لك النظر فيها، وانظر في الفتوى رقم: 49254 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(11/2511)
الدباغة مطهر للجلود كلها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الخف المصنوع من الجلد الذي تمّ شِراؤهُ من بلاد غير المسلمين لغرض المسح عليه علماً بأني لا أعلم من أي جلد حيوان صُنع هذا الخف (بقر أو غنم أو خنزير أو غيره) ولا أعلم هل ذُبح هذا الحيوان أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد: فإذا كان الخف المصنوع من الجلد مستوردا من بلاد أغلب سكانها مسلمون أو كتابيون لم يعرف عنهم أنهم لا يذكون الذكاة الشرعية فإنه, يحمل على أنه من حيوان مذكى لأن ذلك هو الأصل والغالب
إما إذا كان مستورداً من بلاد أكثر أهلها مجوس أو وثنيون فإنه يحمل على أنه مصنوع من جلد ميتة وجلد الميتة موضع خلاف بين أهل العلم هل يطهر بالدباغ أم لا.
فعن الشافعية طهارة جلود الميتة بالدباغ ماعدا جلد الكلب والخنزير
ففي المهذب:
كل حيوان نجس طهر جلده بالدباغ ما عدا الكلب والخنزير لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما إهاب دبغ فقد طهر وعند الحنفية كذلك إلا جلد الإنسان والخنزير قال الكاساني في بدائع الصنائع:
فالدباغ تطهير للجلود كلها إلاجلد الانسان والخنزير كذا ذكر الكرخي انتهى
وعند الحنابلة المشهور النجاسة ولو بعد الدبغ قال ابن قدامة في المغني: لايختلف المذهب في نجاسة جلد الميتة قبل الدبغ ولا نعلم أحدا خالف فيه وأما بعد الدبغ فالمشهور في المذهب أنه نجس أيضا ً انتهى
وعند المالكية نجاسته كذلك إلا أنه يرخص في استعماله فيما يتعلق بالماء الطهور والأشياء اليابسة قال خليل في مختصره متحدثا عن جلد الميتة.
ورخص فيه مطلقا إلا من خنزير بعد دبغه في يابس وماء.انتهى
وذهب بعض أهل العلم منهم داود الظاهري إلى أن جميع الجلود تطهر بالدباغ
وقوى هذا المذهب الشوكاني، وهو الذي نفتي به، وعليه فنقول إذا كان الخف المذكور من حيوان ذكاه مسلمون أو كتابيون فهو طاهر يباح المسح عليه إن كان من حيوان مأكول، وإذا كان مما ذبحه مجوس أو من لا دين لهم فيحمل على أنه من ميتة والأولى تركه مراعاة لمن قال من أهل العلم بعدم طهارة جلد الميتة بعد الدباغ وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 172 , 30124
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(11/2512)
حكم ماء الاستنجاء إذا دخل الفرج ثم خرج منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم,
إذا استنجى الإنسان من البول أو غيره بالماء فدخل هذا الماء إلى الذكر ثم خرج منه.. فهل يعتبر هذا الماء بعد ما خرج نجساً وناقضاً للوضوء؟
وهل صحيح أن الأفضل أن ينضح الإنسان على فرجه ماءً، بعد الاستنجاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد: فإذا حصل فعلا دخول الماء إلى الذكر ثم خرج منه، فإن الماء المذكور يعتبر نجساً وناقضاً للوضوء قال ابن قدامة في المغني: وإن قطر في إحليله دهنا ثم عاد فخرج نقض الوضوء لأنه خارج من السبيل ولا يخلو من بلة نجسة تصحبه فينتقض بها الوضوء كما لو خرجت منفردة انتهى
لكن على المسلم الحذر من الاسترسال في الوساوس، فقد يخيل إليه دخول الماء إلى المحل ولم يقع ذلك، فقد يكون الأمر مجرد بقاء بعد الاستنجاء في المحل وهو طاهر، ونضح الفرج والسراويل بالماء مستحب في حق من لديه وساوس في شأن الطهارة لقطع تلك الوساوس، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوساوس عنه قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني أحدثت بعده قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله تعالى انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(11/2513)
الإسكار هو سبب تحريم العطور الكحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص تحريم العطور التى بها كحول؛ أرجو إفادتى بالأحاديث النبوية الشريفة وإسنادها وهل ورد ذكر كلمة (خول) اى كحل؛ فى هذه الأحاديث.
أرجو إفادتى وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبب تحريم العطور التي بها الكحول الإسكار في مادة الكحول، وقد حرم الشرع كل مسكر، وانظر الفتاوى التالية برقم: 4521، ورقم: 2599.
ولا نعلم ورود كلمة خول في الأحاديث النبوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/2514)
النجاسة المخففة والمغلظة وكيفية تطهيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ قالوا إن كيفية طهارة النجاسة ينقسم إلى ثلاثة أقسام منها المخففة وقالوا فيها المذي وذيل المرأة ونحو ذلك.. ثم المغلظة وذكروا فيها الكلب ثم النجاسة المخففة وقالوا هي كبقية النجاسات من بول وغائط ودم ... فأريد أن اعرف أيش كبقية النجاسات؟ وماذا يعني لو نجاسته متوسطة كيف يطهر؟ وهل هناك تقسيم أفضل من هذا أفهمه أكثر وأحسن؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على سؤالك في الفتوى رقم: 45586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(11/2515)
حكم استعمال البخور المشتمل على عطور كحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً
أسأل عن الحكم فى بخور عبارة عن حطب ولكن أضيفت له عطور ومن ضمن هذه العطور عطر يحتوى على الكحول، وقد كنت أبخر به المنزل ومنزلي مفروش بالموكيت هل الدخان الطالع من البخور يعتبر نجسا؟ أم تحول عن حالته؟ وما حكم أرضية المنزل (الموكيت) ، هل يعتبر نجس نسبه لأن الدخان يلامس هذه الأرضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الإجابة عن حكم العطور التي تحتوي على كحول فنحيلك للاطلاع عليها على الفتوى رقم: 254.
والراجح عدم جواز استعمال هذه العطور بسبب نجاستها ما لم تستحل استحالة، كاملة فإن استحالت إلى ما لا يسكر فالراجح عدم نجاستها، وهي هنا قد استحالت إلى دخان، والدخان عبارة عن أجزاء هوائية ونارية وليس فيه شيء من وصف النجاسة.
وعليه فلا يتنجس الفرش من تبخير البيت بهذا البخور على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/2516)
مخالطة الكلاب تؤدي إلى كثير من الأضرار
[السُّؤَالُ]
ـ[يسألني الكثير هنا في كندا وخاصة النصرانيين منهم عن الحكمة في تحريم تربية الكلاب داخل البيوت، ولماذا يجب علينا نحن المسلمين الاغتسال إذا لامس لعاب الكلب أجسامنا، كل ما أعرفه هو أن لعاب الكلب نجس لكن لماذا، الرجاء أريد تفسيراً علمياً لهذا السؤال، لأنهم هنا يتهموننا بعدم حب الحيوانات بسبب ابتعادنا عن الكلاب عندما تحاول الاقتراب منا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب. رواه مسلم وغيره.
ولغ الكلب في الإناء: إذا شرب منه بطرف لسانه، ثبت علمياً أن الكلب ناقل لبعض الأمراض الخطيرة، إذ تعيش في أمعائه دودة تدعى المكورة تخرج بيوضها مع برازه وعندما يلحس دبره بلسانه تنتقل هذه البيوض إليه، ثم تنتقل منه إلى الأواني والصحون وأيدي أصحابه، ومنها تدخل إلى معدتهم فأمعائهم، فتنحل قشرة البيوض وتخرج منها الأجنة التي تتسرب إلى الدم والبلغم، وتنتقل بهما إلى جميع أنحاء الجسم، وبخاصة إلى الكبد لأنه المصفاة الرئيسية في الجسم.... ثم تنمو في العضو الذي تدخل إليه وتشكل كيساً مملوء بالأجنة الأبناء، وبسائل صافٍ كماء الينبوع، وقد يكبر الكيس حتى تصبح بحجم رأس الجنين، ويسمى المرض داء الكيسة المائية وتكون أعراضه على حسب العضو الذي تتبعض فيه، وأخطرها ما كان في الدماغ أو في عضلة القلب، ولم يكن له علاج سوى العملية الجراحية ...
وثمة داء آخر خطير ينقله الكلب وهو داء الكلب الذي تسببه حمة راشحة يصاب بها الكلب أولاً، ثم تنتقل منه إلى الإنسان عن طريق لعاب الكلب بالعض أو بلحسه جرحاً في جسم الإنسان ...
إذن فمنافع الكلب تخص بعض البشر، أما ضرره فيعم الجميع، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم رخص في كلب الصيد والحرث والماشية نظراً للحاجة إليها، وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن داء الكيسة المائية معروفاً بالطبع، ولم يعرف أن مصدره الكلاب، أما داء الكلب فكانوا يسمون الكلب المصاب به: الكلب العقور.
وقام العلماء في العصر الحديث بتحليل تراب المقابر ليعرفوا ما فيه من الجراثيم، وكانوا يتوقعون أن يجدوا فيه كثيراً من الجراثيم الضارة، وذلك لأن كثيراً من البشر يموتون بالأمراض الانتانية الجرثومية، ولكنهم لم يجدوا في التراب أثراً لتلك الجراثيم المؤذية، فاستنتجوا من ذلك أن للتراب خاصية قتل الجراثيم الضارة، ولولا ذلك لانتشر خطرها واستفحل أمرها وقد سبقهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى تقرير هذه الحقيقة بهذه الأحاديث النبوية الشريفة.
هذا ولعل هنا كثير من الأضرار التي تترتب على مخالطة الكلاب لبني آدم، منها ما هو معلوم ومنها ما لم نعلمه بعد، والحكمة الأساسية في ذلك هو نهي الشرع الحكيم عن اتخاذها لغير الزرع والماشية، لأننا نعبد الله تعالى بالأمر والنهي، ولا يمنع ذلك من وجود حكم أخرى غيرهما، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14735، 5693، 4993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/2517)
هل تنجس اليد المبلولة بملاقاة النجاسة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرآت سؤالاً على هذا الرابط ولم أجد في الجواب ما يشفي الغليل، فأنا أعاني من نفس ما يعاني منه كاتب هذا السؤال لكن مع فرق أني لا أعمل العادة السرية، مشكلتي هي في النجاسة حيث إن البول عندي لا ينقطع عندي بعد التبول إلا بعد مرور مدة من الزمن قد تصل إلى ربع ساعة تقريباً، وهذا يضطرني إلى تبديل ملابسي كلما دخلت لقضاء الحاجة ولبس ملابسة خاصة بقضاء الحاجة ثم أعود وأغتسل وألبس ملابسي التي أصلي بها، وكوني أجلس في المنزل بالملابس التي ألبسها بعقد قضاء الحاجة وهي نجسة فهذا يجعلني أشعر أن كل شيء بالبيت يتنجس كنتيجة، لهذا أرجو الإجابة بشيء من التفصيل، فالجواب السابق لم يقنعني ومما زاد الطين بلة أني سمعت فتوى لشيخ يقول إنك إن كانت يدلك مبلولة ولامست بها نجاسة جافه فإن يدك تتنجس، أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي بك ليس هو سلس البول، وانظر الفتوى رقم: 38550.
وعليه فليس لك أن تترخص بما يترخص به صاحب سلس البول، وأما الوساوس الواردة عليك بنجاسة فراش البيت وأثاثه فلا مكان لها بل عليك أن تصرف النظر عنها، فالأصل في الأشياء الطهارة ولا ينتقل عن الأصل إلا بيقين، وانظر الفتوى رقم: 16039، والفتوى رقم: 20810.
وما قاله الشيخ من أن ملامسة النجاسة الجافة بيد مبلولة تنجس اليد ليس محل اتفاق، فقد قال صاحب الميسر عند قول خليل: ولو زال عين النجاسة ... لم يتنجس ملاقي محلها، قال: لأنه لم يبق إلا الحكم وهو لا ينتقل، ولذا لو جف البول حتى لم يبق له أثر ولاقى محله طعام مبلول لم ينجس لأن البول لا عين له، كما في الحطاب ... ذكر أن من استجمر ثم عرق المحل لم يضر ثوبه لأنه أثر معفو عنه. 1/51.
وقال صاحب الكفاف في شرحه: يكره النوم في ثوب نجس يعرق فيه، والأصح العفو عن محل الاستجمار، انظر الحطاب.
وقد ذكر الحطاب قولين في المسألة وقال إن الأكثرين على عدم التنجيس، وانظره في 1/165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/2518)
أثر عمر في التجاوز عن يسير النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أورد الدكتور حسن أبو غدة في مؤلفه قطوف من فقه العبادات ص27 أثرا في العفو عن النجاسات فقد ذكر أن عمر بن الخطاب سئل عن قليل النجاسة في الثوب فقال رضي الله عنه إذا كان مثل ظفري هدا لا يمنع الصلاة حتى تكون أكثر منه ثم قال الدكتور: وكان ظفره رضي الله عنه قدر الدرهم وقيل كان قدر مقعر الكف لأنه رضي الله عنه جسيم البدن
أسألكم عن صحة هذا الأثر وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبه المؤلف المذكور لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكره أبو بكر الكاساني الحنفي في كتابه: "بدائع الصنائع" في الفقه الحنفي، وا لسرخسي والطحاوي رحمهم الله، ولم نقف عليه مسندا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/2519)
لا ينجس المكان الذي فيه آنية الخمر إلا بوقوعها عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم في أسئلتي في موضوع تحاشي نجاسة الخمر، ولكنني والله وحده يعلم ما أعانيه من وساوس ومن ما يحدث لي.
سؤالي هو: ذهبت بصحبة أبي إلى بيت صديق له وهو مسيحي. وقد ألح ذلك الشخص علينا بالدخول إلى بيته فلما دخلت وجدت داخل بيته وبالقرب من الأريكة أو المقعد الذي جلست عليه , وجدت والعياذ بالله (بار) أي المكان أو الرفوف التي توضع عليها قناني الخمر والعياذ بالله.
السؤال: عندما خرجنا من بيته وجلسنا في سيارتنا, هل كانت ملابسي قد تنجست بنجاسة ذلك المكان، وبالتالي هل لو جلست في مكان آخر بعد السيارة , هل يكون ذلك المكان قد تنجس من قبل ملابسي تلك؟
أي هل تنتقل نجاسة مثل تلك الأماكن من مكان إلى مكان إلى مكان وهكذا؟
جزاكم الله عنا كل الخير وغفر لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى القول بنجاسة الخمر كما هو مذهب جمهور العلماء وهو مبين في الفتوى رقم: 23146، فإن المكان الذي توضع فيه دنان الخمر وآنيته لا ينجس إلا بوقوع الخمر عليه، فإذا لم يقع منه شيء فهو باق على طهارته، وكذا ملابسك لا تنجس إلا إذا علق بها شيء من النجاسة خمراً أو غيره، واعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة، وهذا الذي تعاني منه مجرد وساوس خطرة يجب عليك السعي للخلاص منها، وإلا ذهبت بك بعيداً عن الشرع والعقل معاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/2520)
كل متولد من النجس نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما هو الدليل على أن الصراصير المتولدة من الطاهر طاهرة والتي تتولد من النجس نجس فهل هناك دليل على ذلك، وأيضا ما معنى تتولد وهل هذا الحكم لكل النفوس التي لا دم لها سائل؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن طهارة الصراصير ونجاستها في الفتوى رقم: 41446.
وأما عن الدليل على ما ذكره السائل فهو أنه كما أن الشيء المتولَّد منه طاهر كالخشب مثلاً فإن المخلوق من الطاهر يكون طاهراً، وإذا كان نجساً فإن المخلوق من النجس يكون نجساً، فولد الإنسان طاهر وولد الكلب والخنزير نجس، والحكم السابق ليس خاصاً بالصراصير، بل كل متولد من النجاسة فهو نجس، وكل متولد من الطاهر فهو طاهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/2521)
الريح ليس بنجس ولا تجوز كتابة القرآن بالدم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل الريح من الإعيان الطاهرة أو النجسة مع الدليل في ذلك، وكذلك لو كان هناك لباس داخلي مبتلا بالماء ثم أخرج الرجل الريح هل يتنجس بذلك اللباس، وأيضاً لو وضع يده على دفعة الريح هل شم نجاسة، ويا شيخ الآن لو الراجح في دم الآدمي الغير خارج من السبيلين طاهر فماذا لا يجوز كتابة القرآن به فهو نفس الحبر الأزرق وإن كان هناك حرج، فماذا لو وضعنا لونا إضافيا على الدم ليغير لونه إلى أسود ويكتب به القرآن، فما المانع لو كان طاهراً أن يكتب به القرآن وماذا يحكم على من يفتي بذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالريح من فساء أو ضراط ليست من النجاسات، ودليل ذلك هو البراءة الأصلية حيث إن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يأتي الدليل الذي يدل على النجاسة، ولم يرد ما يدل على ذلك مع أن ذلك مما تعم به البلوى.
وعليه فإذا لاقت الريح ثوباً أو بدناً جافاً أو رطباً فليس في ذلك شيء ولا يلزم من ذلك شيء، وأما عن الدم الخارج من الآدمي فإن الجمهور على نجاسته لأنه داخل في عموم قوله تعالى: أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145] ، وذهب بعضهم إلى أنه ليس بنجس، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3978.
فعلى قول الجمهور وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه فإنه لا تجوز كتابة القرآن بالدم، بل إن ذلك من كبائر الذنوب بل قد يكون كفراً والعياذ بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/2522)
حكم استخدام روث الحيوانات كوقود للطهي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام روث الحيوانات كوقود لطهي الطعام وبخاصة لنضج الخبز علما ان الخبز يتعرض للدخان المتصاعد نتيجة إشعال الروث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بذلك على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأن هذه الأرواث إذا كانت أرواثا لما يؤكل لحمه، فهي طاهرة، ولا إشكال في استعمالها حينئذ كوقود، لأن الدخان المتصاعد منها دخان متصاعد من طاهر، وإن كانت نجسة، فإنها تستحيل إلى دخان ورماد باستعمالها كوقود، وهذه الاستحالة مطهرة على الصحيح من قولي أهل العلم، وعلى هذا، فالدخان المتصاعد منها طاهر، لا ينجس ما لاقاه من الخبز، قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: (1/231) : وأما دخان النجاسة: فهذا مبني على أصل، وهو: أن العين النجسة الخبيثة إذا استحالت حتى صارت طيبة كغيرها من الأعيان الطيبة، مثل أن يصير ما يقع في الملاحة من دم وميتة وخنزير، ملحا طيبا كغيرها من الملح، أو يصير الوقود رمادا، وخرسفا، وقصرملا، ونحو ذلك، ففيه للعلماء قولان:
أحدهما: لا يطهر كقول الشافعي، وهو أحد القولين في مذهب مالك وهو المشهور عن أصحاب أحمد، وإحدى الروايتين عنه، والرواية الأخرى: أنه طاهر، وهذا مذهب أبي حنيفة، ومالك في أحد القولين، وإحدى الروايتين عن أحمد.
ومذهب أهل الظاهر وغيرهم: أنها تطهر، وهذا هو الصواب المقطوع به، فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم، لا لفظا ولا معنى، فليست محرمة ولا في معنى المحرم، فلا وجه لتحريمها، بل تتناولها نصوص الحل، فإنها من الطيبات، وهي أيضا في معنى ما اتفق على حله، فالنص والقياس يقتضي تحليلها.
وأيضا فقد اتفقوا كلهم على الخمر إذا صارت خلا بفعل الله تعالى، صارت حلالا طيبا، واستحالة هذه الأعيان أعظم من استحالة الخمر، والذين فرقوا بينهما قالوا: الخمر نجست بالاستحالة، فطهرت بالاستحالة، بخلاف الدم والميتة ولحم الخنزير.
وهذا الفرق ضعيف، فإن جميع النجاسات نجست أيضا بالاستحالة، فإن الدم مستحيل عن أعيان طاهرة، وكذلك العذرة، والبول، والحيوان النجس، مستحيل عن مادة طاهرة مخلوقة.
فإذا عرف هذا، فعلى أصح القولين: فالدخان والبخار المستحيل عن النجاسة طاهر، لأنه أجزاء هوائية، ونارية ومائية، وليس فيه شيء من وصف الخبث.
وعلى القول الآخر، فلا بد أن يعفى من ذلك عما يشق الاحتراز منه، كما يعفى عما يشق الاحتراز منه على أصح القولين، ومن حكم بنجاسة ذلك ولم يعف عما يشق الاحتراز منه، فقوله أضعف الأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/2523)
حكم استخدام الكريمات المختلطة بمادة اليوريا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: جزاكم الله خيراً، هناك مرهم تستخدمه النساء لإزالة علامات تمدد الجلد في منطقة البطن أثناء الحمل ومكتوب على المرهم أن من مكوناته مادة اليوريا, فهل يعتبر المرهم نجساً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اليوريا مادة تخرج مع البول، ولكن منها ما هو طبيعي وهذا نجس، فلا يجوز استخدام ما خالطه من الكريمات، ما لم تكن مادته قد استحالت بالتصنيع إلى شيء آخر قبل أن تخلط بما خلطت به، لأنها حنيئذ تصبح طاهرة، فيجوز حينئذ استخدام ما خالطته، ومنها ما هو صناعي، وهذا لا يحكم عليه بالنجاسة، فلا تحرم الكريمات التي خالطته، وتراجع الفتوى رقم: 44692، والفتوى رقم: 6783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/2524)
الفرق بين القيء والقلس
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
يا شيخ ما معنى القيء وأيضاً القلس وما حكم كل واحد منهما مع تفصيل المذاهب والراجح بالحجة المبينة وما حكم قيء مأكول اللحم وغير مأكول اللحم وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقيء لغة مصدر قاء، يقال: قاء الرجل ما أكله قيئا، ثم أطلق المصدر على الطعام المقذوف.
واصطلاحا هو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة.
قال في معجم لغة الفقهاء: القيء ما قذفته المعدة بما فيها عن طريق الفم. اهـ.
والقلس لغة: القذف وبابه ضرب، قال الخليل: القلس ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقيء، فإن عاد فهو القيء.
قال في المنتقى: القلس ماء أو طعام يسير يخرج من الفم، فالصلة بينهما أن القلس دون القيء.
وأما حكم القيء من حيث النجاسة ونقض الوضوء به، فينظر في الفتوى رقم: 11378، والفتوى رقم: 33258 ففيهما تجد أقوال أهل العلم مفصلة.
والخلاف في القيء هو نفس الخلاف في القلس.
قال الشوكاني بعد ذكره خلاف العلماء في القيء قال: والخلاف في القلس مثله. اهـ.
وأما حكم قيء غير الآدمي فنجس أيضا، قال النووي في المجموع: وهذا الذي ذكره من نجاسة القيء متفق عليه (عند الشافعية) ، سواء فيه قيء الآدمي وغيره من الحيوانات، صرح به البغوي وغيره، وسواء خرج متغيرا أو غير متغير.
وقال صاحب التتمة: إن خرج غير متغير فهو طاهر، وهو الذي جزم به المتولي وهو مذهب مالك، والصحيح الأول، وبه قطع الجماهير اهـ.
وأما ما أكله الآدمي ثم قاءه، فإن كان نجسا قبل الأكل فلم يزدد باستقراره في المعدة إلا نجاسة، وإن كان طاهرا ثم خرج متغيرا، فهو نجس اتفاقا، وإن خرج غير متغير، ففيه الخلاف المتقدم.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/2525)
حكم استخدام الحوامل الكريمات المشتملة على اليوريا
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك نوع من الكريمات تستخدمه الحوامل بداعي أنه يساعد على إخفاء تشققات البشرة في منطقة البطن الناتجة عن تمدد الجلد مع الحمل , ومكتوب عليه أن من مكوناته مادة اليوريا (البولينا) فهل يجوز استخدامه , وهل هو نجس أم لا؟ ٌ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
... ... فإن الأصل في الأشياء إباحة الانتفاع بها، ويدل لذلك قول الله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً (البقرة: 29)
وبناء عليه، فإنه لا حرج على النساء في استعمال ما شئن من الكريمات ما لم يكن ضارا أو نجسا وبالسؤال عن مادة اليوريا تبين أن منها ما هو صناعي وهذا غير نجس ومنها ما هو طبيعي هو نجس، إلا أنه إن عولج وخولط بغيره حتى لم يبق للنجاسة أثر من لون أو طعم أو رائحة، فلا حرج في استعمال الكريم حينئذ، وكذا لو استحالت إلى مادة أخرى طاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/2526)
رماد النجس ودخانه طاهران
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
هل المادة البيضاء الدهنية التي تخرج من حب الشباب بصفة عامة عند عصرها تعتبر نجاسة..، وهل رماد الورق المحروق وبه نجاسة مع ورق آخر طاهر يعتبر نجاسة ودخانه، وكيف يمكن الهرب من الدخان وعدم استنشاقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المادة البيضاء عبارة عن قيح وهو نجس، ولكنه يعفى عنها إن خرجت بنفسها وبلا تسبب من الإنسان لصعوبة الاحتراز عنها، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 32457.
وبخصوص رماد النجس فهو طاهر على الراجح من كلام أهل العلم، لأن النجاسة قد تحولت عن أصلها إلى مادة أخرى، وقد سبق أن فصلنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 25587.
وكذا الأمر فيما يتعلق بدخان النجس، إذا اجتمعت منه نداوة على جسم فقطرّ ماء فهو طاهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/2527)
فضلات الطيور المأكولة طاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل فضلات الطيور كالعصافير نجسة أم لا؟ وفي الصلاة هل عند نسيان سبحان ربي الأعلى وسبحان ربي العظيم في كل من السجود والركوع هل الصلاة صحيحة أم توجب سجود السهو؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بول وروث ما يؤكل لحمه من الحيوانات والطيور طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 2258.
وبخصوص تسبيح الركوع والسجود فهو سنة عند جمهور الفقهاء، وذهب الحنابلة إلى أنه يجب مرة واحدة في الركوع والسجود، فتبطل الصلاة بتركه عمداً ولا تبطل بتركه سهواً، ويسجد فيه للسهو، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 36، والفتوى رقم: 12455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/2528)
حكم الإفرازات التي تخرج بعد الغائط
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أجد إفرازا لونه أصفر حول فتحة الشرج ساعات بعد التبرز والتنظيف، هل هذا ينقض الوضوء؟ وإذا قمت بالصلاة به دون علم ثم وجدته بعد الصلاة، فهل يبطل الصلاة وعليّ إعادتها، وإنني لا أجد أي أثر لهذا الإفراز على ملابسي الداخلية فهل لا بد لي من تغييرها كل مرة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يخرج من الدبر من إفرازات تنقض الوضوء، ولا بد من الاستنجاء منها لنجاستها، إلا إذا كان نزولها مستمراً على الصفة التي بيناها في الفتوى رقم: 23889، فإنها تعتبر سلساً، وقد سبق حكمه في الفتوى المذكورة وكذا في الفتوى رقم: 32236.
أما تغيير الملابس فلا يلزم إلا إذا أصابها شيء من هذه الإفرازات، فعند ذلك تُغير أو تُغسل ما مسته النجاسة منها، لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان.
أما حكم الصلاة لمن وجد أثر النجاسة بعدها، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(11/2529)
حكم استعمال صابون يحتوي على دهن الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال صابون يحتوي على دهن الخنزير بعد معالجته كيميائيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا عولج شحم الخنزير حتى استحال إلى عين أخرى ثم وضع في مادة الصابون فلا حرج في ذلك، لأن الاستحالة مطهرة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 25587.
وأما إذا وضع شحم الخنزير في مادة الصابون قبل استحالته فإن هذا الصابون يكون نجساً، ولا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا استعماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/2530)
يخرج من صرته مادة شمعية فما حكمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
تخرج من صرتي مادة شمعية كريهة الرائحة باستمرار رغم تنظيفي الدائم لها وطبعا تلتصق بملابسي الداخلية الملاصقة للبطن فهل هذه المادة تبطل الوضوء أو الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المادة عبارة عن قيح وصديد متجمد، فقد تقدم تفصيل الكلام في حكم ذلك في الفتوى رقم: 13549.
وإن كانت هذه المادة غير ذلك فنرجو أن تراجع طبيباً ليوضح لك حقيقة هذه المادة ومن أين تخرج، واكتب لنا بذلك ليتسنى لنا جواب سؤالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/2531)
الفواكه والخضراوات المتعفنة على أصل الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الفواكة والخضر المتعفنة طاهرة أم نجسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الأعيان الطهارة إلا ما دل الدليل على أنه نجس فيحكم حينئذٍ بنجاسته، ولا يعلم دليل يدل على نجاسة الفواكه والخضر المتغيرة، فهي على الأصل أي الطهارة، وكون الشيء مستقذراً في النفس لا يدل على نجاسته كالمخاط مثلاً.
وقد أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة خياط بالمدينة يهودي دعاه على خبز شعير وإهالة سنخة والحديث في البخاري من حديث أنس.
والإهالة الدهن الذي يؤتدم به سواء كان زيتاً أو سمناً أو شحماً أفاده الحافظ في الفتح، وقوله سنخة: أي متغيرة اللون والطعم لقدمها، وهذا يدل على طهارة ما تغير من الطعام.
وقال أنس في قصة غزوة الخندق: ُيْؤَتْوَن -أي الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة- بملء كفي من الشعير فيصنع لهم بإهالة سنخة توضع بين يدي القوم والقوم جياع وهي بشعة في الحلق ولها ريح منتن. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(11/2532)
لا يشرع الاغتسال من مس لحم الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل لحم الخنزير نجس أم لا؟ بمعنى إذا لمس أحد لحم الخنزير هل وجب عليه الغسل كرجز الشيطان في المنام؟
جزاكم الله ألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلحم الخنزير نجس لقول الله تعالى: أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام: 145] ، والرجس هو النجس.
ومن لمس بيده لحم خنزير وجب عليه غسل يده فقط لإزالة النجاسة منها، ولا يجب عليه غسل كل بدنه، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 37855.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/2533)
اليد الجافة إذا لامست نجاسة جافة فلا تنجس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا وجد البول على البنطال فهو نجس، ولكن إذا نشفت النجاسة ولمست بيدي مكانها فهل أصبحت يدي نجسة؟ وهل كل ما ألمسه بعد ذلك يصبح نجساً؟ هذا الأمر حصل معي والآن أشك في أن كل شيء لامسته أصبح نجسا، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البول إذا أصاب ثوبك ثم جف بعد ذلك ولمسته بيدك جافة، فإنها لا تكون نجسة بذلك اللمس، وكل ما لمسته بها أيضاً لا ينجس.
ففي الأشباه والنظائر: النجس إذا لاقى شيئاً طاهراً وهما جافان لا ينجسه. انتهى.
أما إذا كانت يدك بها بلل ولمست بها موضع النجس، فما أصاب ذلك الموضع فهو نجس، قال الدسوقي في حاشيته: تنبيه ليس من زوال النجاسة جفاف البول بالثوب، وحينئذ إذا لاقى محلا مبلولاً نجسه. انتهى.
وعليك بالإعراض عن الشكوك التي تعتريك في هذا الأمر فإنها من كيد الشيطان، والتمادي في هذه الوساوس والشكوك أضراره كثيرة على الإنسان، وتنبغي لك المسارعة بغسل موضع النجاسة قطعاً لدابر هذه الشكوك، وراجع الفتويين التاليتين: 29899، 30363.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/2534)
دم الاستحاضة نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دم الاستحاضة طاهر أم نجس، وما دليل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدم المسفوح نجس عند جمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، ويدخل في ذلك دم الاستحاضة، لأنه يشبه الدم المسفوح في سيلانه، ولأنه يخرج من أحد السبيلين، وقد مضى بيان خلاف العلماء في ذلك مع ذكر أدلته في الفتوى رقم: 3978.
وقد ذكر الكاساني في بدائع الصنائع أنواع النجاسات، وذكر منها دم الاستحاضة، فقال: ودم الحيض والنفاس ودم الاستحاضة، لأنها كلها أنجاس. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/2535)
المصافحة باليد قد تؤدي إلى انتقال النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قمت بمصافحة شخص يمسك بالكلاب ولم يتطهر، فهل أنا أيضا غير طاهر ويجب علي الاغتسال أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان بيد من صافحته شيء من الرطوبة النجسة، فإنها تنتقل إلى يدك أنت أيضا، وكذلك إذا كانت يدك رطبة، فإنها تتنجس ولو كانت النجاسة على يد الشخص المذكور قد يبست، لأن رطوبة يدك تستثيرها، بما يؤدي إلى انتقالها إلى يدك.
ولمعرفة ما ينجس وما لا ينجس من الكلب، راجع الفتوى رقم: 4993، وفي حالة تنجس يدك، يجب غسلها سبعا إحداهن بالتراب.
ولمعرفة بعض الأحكام عن انتقال النجاسة الرطبة والجافة، راجع الفتاوى التالية: 23234، 36980، 29899.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(11/2536)
الأصل في الأعيان الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تنازع الفقهاء في الروث الذي يصيب الثوب أو البدن ولا يعرف أهو لحمار أم لفرس فمنهم من يحكم بنجاسته على اعتبار أن الأصل في الأرواث النجاسة، ومنهم من يحكم بطهارته لأن الأصل في الأعيان الطهارة فأي الرأين أقوى ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقائلون بنجاسة روث ما لا يؤكل لحمه دون غيره وهم الأكثر قد اختلفوا في مسألة إصابة الثوب أو البدن ونحو ذلك بروث يشك فيه هل هو روث ما لا يؤكل أو روث ما يؤكل على قولين:
الأول: الحكم بنجاسته.
الثاني: الحكم بطهارته.
والذي نختاره القول الثاني، لأن الأصل في الأعيان الطهارة، وقد بين هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: إذا شك في الروثة هل هي من روث ما يؤكل لحمه أو من روث ما لا يؤكل لحمه، ففيها قولان للعلماء هما وجهان في مذهب أحمد أحدهما يحكم بنجاستها لأن الأصل في الأرواث النجاسة.
والثاني: وهو الأصح يحكم بطهارتها، لأن الأصل في الأعيان الطهارة، ودعوى أن الأصل في الأرواث النجاسة ممنوع، فلم يدل على ذلك لا نص ولا إجماع، ومن ادعى أصلاً بلا نص ولا إجماع فقد أبطل، وإذا لم يكن معه إلا القياس فروث ما يؤكل لحمه طاهر، فكيف يدعي أن الأصل نجاسة الأرواث. ا. هـ وفي القواعد لابن رجب: ونص أحمد في رواية محمد بن أبي حرب في رجل وطئ على روث لا يدري لحمار أو برذون فرخص فيه إذا لم يعرفه. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(11/2537)
وطأ أرضا غمرتهامياه المجاري ثم جفت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنه أحيانا تفيض مياه المجاري فتملأ الأرض ثم تجف أو تكون الأرض رطبة، فلا أدخل المسجد أو البيت حتى يعلق من الأتربة والأحجار شيء بين قدمي ونعلي، فما الواجب علي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمجاري في الغالب مياهها نجسة، فإذا طفت حتى أغرقت أماكن من الأرض، فإنها تنجسها، وما انتقل من هذه الأرض إلى الأقدام أو الثياب يتنجس أيضاً إذا كانت رطبة، أما إذا يبست فإنها لا تنجس ما انتقلت إليه إلا إذا كان العضو الذي انتقلت إليه رطباً أيضاً، فالواجب على المرء عند انتقالها إليه يابسة أن ينحيها عن نفسه دون اشتراط الغسل بالماء، أما عند انتقالها إليه رطبة، فالواجب هو غسل العضو الذي أصابته، وراجع الفتوى رقم: 35514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/2538)
لا يجوز استعمال معجون الأسنان المشتمل على دهن الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هل يجوز استعمال معجون الاسنان والصابون الذي فيه دهن خنزير؟
وجزاكم الله خيرا على هذا البرنامج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخنزير نجس ويحرم أكله تحريماً قطعياً دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فمن الأدلة على تحريمه من كتاب الله تعالى، قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [المائدة:3] .
وقوله تعالى أيضاً: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [الأنعام:145] .
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه. رواه مسلم.
وهذا التنفير لمجرد اللمس، فكيف يكون التهديد والوعيد الشديد على أكله والتغذي به.
وهذا التحريم لجميع أجزاء الخنزير من لحم وشحم وغيرها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا هو حرام.
وعليه فنقول إن معجون الأسنان أو الصابون أو غيرهما إذا ثبت اشتمال أحدهما على دهن الخنزير أو أي مادة منه فإنه نجس لا يجوز استعماله ولا بيعه.
لكن لا بد في إطلاق التحريم من التحقق من ذلك أو غلبة الظن به، ولا يمكن الاعتماد فيه على مجرد الشائعات التي يتناقلها الناس، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع. رواه مسلم.
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1424(11/2539)
حكم استعمال العطور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في مس العطور الحديثة عموماً وخاصة التي تحتوي في تركيبها على الكحول الأبيض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحكم على هذه العطورات بالإباحة أو التحريم يرجع إلى أصل المواد المكونة لها، فإن كانت طاهرة فهي مباحة ما لم يترتب على استعمالها ضرر.
وإن كانت مركبة من مواد نجسة كلحم الخنزير أو شحمه أو الخمر، أو نحو ذلك من النجاسات، فإن الحكم حينئذ المنع، ومحل هذا إذا لم تستحل هذا الأعيان استحالة تامة عن وضعها السابق، وتتحول إلى أعيان أخرى تجعلها طاهرة.
قال ابن القيم في اعلام الموقعين: ومن الممتنع بقاء الخبيث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجوداً وعدماً، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتتة والدم ولحم الخنزير والخمر لايتناول الزروع والثمار والرماد والملح والتراب والخل لا لفظا ولا معنى ولانصا ولا قياساً.
والحاصل أن هذه العطورات الحديثة طاهرة، لكن بشرط عدم مخالطة نجاسة لها لم تستحل، وانظر الفتوى رقم: 254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/2540)
إذا زالت عين النجاسة من اليد ومس بها شيء لم يتنجس ذلك الشيء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أواجه مشكلة وهذه المشكلة أتعبتني جداً وهي النجاسة فهل تنتقل النجاسة ومشكلتي كالتالي:
لنفترض أن شخصاً يداه نجستان ورطبتان ولمس مشطاً ثم لمس هذا المشط شخص آخر يداه رطبتان ثم لمس هذا الشخص الآخر شريطاً ويداه رطبتان فهل تنتقل النجاسة إلي هذا الشريط وهل يحكم على هذا الشريط أنه نجس بأنه لمس هذا الشريط شخص أصبحت يداه نجستين مع العلم أن يديه رطبتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم تكن بيدي الشخص الأول ذات النجاسة كالبول ونحوه فإنه لا يتنجس ما مسه بهما من مشط أو غيره، وذلك لأن عين النجاسة إذا زالت عن المحل لم يبق إلا حكمها والحكم لا ينتقل، هكذا قال المالكية، قال في مختصر خليل: إن زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس ملاقي محلها. انتهى.
وهناك قول عند بعض أهل العلم وهو أن زوال النجاسة بأي شيء يطهر محلها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله، بعد أن ذكر اختلاف العلماء في هذا الموضوع: ما معناه أن النجاسة من باب ترك المنهي عنه وحينئذ إذا ازال الخبث بأي طريق كان حصل المقصود لكن إن زال بفعل العبد ونيته أثيب على ذلك وإن عدم بغير فعله ولا نيته زالت المفسدة إلى آخر كلامه. انتهى.
والخلاصة أن النجاسة إذا زالت عينها من اليد ومس بها شيء لم يتنجس ذلك الشيء لأن النجاسة زالت فطهر محلها عند شيخ الإسلام ومن وافقه، وأما عند المالكية فيبقى حكمها بمعنى أن صاحب اليدين لا يصح أن يصلي بهما ولا أن يمس بهما مصحفاً حتى يغسلهما لأنهما نجستان حكماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/2541)
الراجح طهارة شعر الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شعر الكلب طاهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فشعر الكلب مختلف بين أهل العلم في طهارته وعدمها، والراجح طهارته، وذلك لأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل على نجاستها، ولا دليل على نجاسة شعر الكلب، فيبقى على الأصل.
ولا يمكن إلحاقه بريق الكلب على القول بنجاسته، لأن الريق متحلل من باطن الكلب بخلاف الشعر، فإنه نابت على ظاهره، والفقهاء يفرقون بين هذا وذاك، وهذا التفصيل هو الذي ذهب إليه الأحناف واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الصواب إن شاء الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2542)
حكم الانتفاع بزيت وقعت فيه دجاجة فماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في دجاجة وقعت في كمية كبيرة من زيت الزيتون فماتت. هل يجوز أكلها وبيعها?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الدجاجة فإنها ميتة ولا يجوز أكلها، وأما الزيت فإن كان مائعا غير جامد فإنه يتنجس بموت الدجاجة فيه ولا يجوز أكله ولا بيعه، وإن كان جامدا جاز الانتفاع منه بما لم يماسس جسم الدجاجة، وذلك لما رواه أبوداود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الفأرة تقع في السمن؟ قال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه.
وجاء في منتهى الإرادات وهو حنبلي المذهب: وإن مات حيوان ينجس بموت أو وقع ميتا في دقيق ونحو كسمن جامد ألقي الميت وما حوله من دقيق ونحوه لملاقاته النجس واستعمل الباقي، وإن اختلط النجس بغيره ولم ينضبط حرم الكل تغليبا للحظر وكذا لو كان مائعا للخبر.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يتنجس إلا إذا تغير، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى: 43507.
وإذا حكم بنجاسته جاز الانتفاع به في غير الصلاة والأكل والشرب، قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وينتفع بمتنجس لا نجس في غير مسجد وآدمي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/2543)
مذهب ابن حزم في سؤر الكلب والخنزير وبولهما وبول الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[نقل بعضهم عن ابن حزم أنه يقول إن سؤر الكلب نجس أما سؤر الخنزير فهو طاهر هل يصح هذا النقل عنه؟ وأنه يقول أن بول الخنزير والكلب والبقرة وكل الحيوانات طاهر؟ فهل يصح هذا عنه؟ وهل يستساغ مثل هذا الرأي أن ينشر بين الناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل ما ذكرته عن أبي محمدٍ بن حزم – رحمه الله- غلطٌ عليه، أما بالنسبة لسؤر الخنزير وما لا يؤكل لحمه فهو يقول بطهارته لكنه يقيد ذلك بما إذا لم يظهر للعابه أثرٌ في الماء، ومفهومه أنه إذا ظهر للعابه أثرٌ في الماء فهو نجس، فهو إذاً يقول بنجاسة لعاب الخنزير -لا كما يوهمه ظاهر السؤال- وهذه عبارته من المحلى جـ1 صـ 132: وسؤر كل كافر أو كافرة وسؤر كل ما يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه من خنزير أو سبع أو حمار أهلي أو دجاج مُخلّي أو غير مخلي – إذا لم يظهر هنالك للعاب ما لا يؤكل لحمه أثر – فهو طاهرٌ حلال، حاشا ما ولغ فيه الكلب فقط.
وأما المسألة الثانية وهو ما زعمه الناقل من أن ابن حزم يقول بطهارة الأبوال والأرواث كلها من مأكول اللحم وغيره فمن أقبح الغلط عليه؛ بل هو عكس مذهبه تماماً، فأبو محمد – رحمه الله – يرى نجاسة جميع الأبوال والأرواث من مأكول اللحم وغيره وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وهو وإن كان مرجوحاً في الدليل - والراجح التفريق بين المأكولِ وغيره - لكننا لسنا بصددِ تقرير المسألة وبيان الأدلة فيها، وإنما مقصودنا ما تعلق به السؤال من بيان مذهب ابن حزم وإليك عبارته من المحلى جـ 1 صـ 168: والبول كله من كل حيوان -إنسان أو غير إنسان-مما يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه نحو ما ذكرنا كذلك، أو من طائر يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه، فكل ذلك حرامٌ أكله وشربه إلا لضرورة التداوي أو إكراه أو جوع أو عطش فقط، وفرض اجتنابه في الطهارة والصلاة إلا ما لا يمكن التحفظ منه إلا بحرج فهو معفوٌ عنه كونيم الذباب ونجو البراغيث. ثم أطنب في شرح هذه العبارة وأشبع القول في الرد على المفرقين بين المأكول وغيره بما تحسن مراجعته.
إذا علمت هذا فلا يجوز نشر مثل هذا الكلام لما تضمنه من الغلط على أهل العلم، وبهذا الصدد فنحن نحذر من التسرع في نسبة الأقوال إلى غير قائليها بل لا بد من التثبت قبل النقل، وابن حزم ذو باعٍ عريضٍ في العلم كما شهد له بذلك فحول العلماء كالذهبي وغيره، نعم: عنده أغلاطٌ وقعت له بسبب جموده على الظاهر ليس هذا موضع بيانها، وبعض الناس كلما اشتهى قولاً ولم يجد قائلاً به نسبه إلى ابن حزم، ومنشأ ذلك أنه توهم أن القول الذي اشتهاه هو ظاهر النصوص وابن حزم هو إمام أهل الظاهر فيكون هذا القول المشتهى قولاً له، وهذه أوهامٌ قبيحة، بل الواجب التثبت قبل نسبة القول إلى قائله كائناً من كان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(11/2544)
حكم الأحذية المصنوعة في بلاد الكفر من جلد حيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأحذية المصنوعة في الصين نجسة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأحذية المصنوعة من جلد حيوان ومستوردة من دولة أكثر أهلها غير مسلمين ولا كتابيين طاهرةٌ، بناء على القول الراجح من كون جلد الميتة يطهر بالدباغ ولو كان جلد خنزير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الأحذية مصنوعة من جلد حيوان ومستوردة من دولة أكثر أهلها غير مسلمين ولا كتابيين فهي محمولة على أنها مصنوعة من جلد ميتة، والراجح طهارة جلد الميتة بالدبغ مطلقاً، ولو كان جلد خنزير، وعليه فالأحذية المذكورة طاهرة على القول الراجح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 48329، والفتوى رقم: 23484.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(11/2545)
الطهارة من مس الكلاب الصغيرة وحكم تربيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقتني كلبا صغيرا في بيتي واعتني به وعندما آتي لكي أصلي أستحم وأتوضأ وأصلى ما هو الحكم في هذا الموقف؟ وكيف أستطيع أن أربي الكلب ولا أخالف الدين لأني متعلق به بشدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اقتناء الكلب لا يجوز إلا لصيد أو حراسة، والأصل هو البعد عن مس الكلاب لقول جهور أهل العلم بنجاستها.
وصلاتك بعد الطهارة على كل صحيحة إن شاء الله، وننصحك بترك تربية صغار الكلاب والاشتغال بما ينفعك في دنياك وآخرتك من تعلم علم نافع أو عمل مثمر، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 13695، 14735، 23541، 57545، 25532، 21635.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1429(11/2546)
حكم عرق الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن النجاسة معفو عنها إذا كانت الرطوبة من العرق، فهل هذا صحيح في أي مذهب من المذاهب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا وجه السؤال بالتحديد، وما إذا كان السائل يسأل عن حكم العرق أو عن حكم ملامسة البدن الذي به عرق لنجاسة في مكان آخر، فإذا كان المقصود الاحتمال الأول فالجواب أن العرق من جميع الحيوانات طاهر حتى من الكلب والخنزير عند المالكية، قال خليل في مختصره وهو يعد الطاهرات: والحي وعرقه ... ولو أكل نجساً. وكذا عند الشافعية باستثناء الكلب والخنزير وما تولد عنهما، جاء في المجموع: ومذهبنا ... فسؤر الجميع وعرقه طاهر غير مكروه؛ إلا الكلب والخنزير وفرع أحدهما. اهـ
أما عن الاحتمال الثاني فتراجع في ذلك الفتوى رقم: 27760 ففيها حكم انتقال النجاسة بالرطوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(11/2547)
حكم استعمال عطر العنبر المستخرج من الحوت
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن مادة العنبر تأتي من جوف حوت العنبر، فهل يجوز استعمال العطر المستخرج منها، أعني هل هي طاهرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل طهارة ميتة البحر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته. أخرجه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه.
وجاء في خصوص العنبر ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن جابر رضي الله عنه: أن سرية من الصحابة قد وجدت الدابة البحرية التي تعرف باسم العنبر، فقال أبو عبيدة -أمير السرية- ميتة، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا ... إلى قوله: فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا، قال: فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله. فإذا تقررت طهارة ميتة العنبر ثبت أن كل ما يستخرج منه طاهر، وبالتالي فإن العطر المذكور يكون طاهراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(11/2548)
حكم ما أصاب الثياب أو البدن من خرء الوزغ
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أريد أن أعرف قذر الوزغ (غائط) أهو نجس أم لا، لو كان في رجلي قذر الوزغ حين أصلي هل تصح صلاتي وعلي إعادة الصلاة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم على خرء الوزغ بالنجاسة أو الطهارة ينبني على الحكم على الوزغ نفسه هل هو مما له نفس سائلة فيحكم بنجاسة خرئه لأنه مما لا يؤكل، أو مما ليس له نفس سائلة فيحكم بطهارة خرئه؟ فعلى القول بأنه مما لا نفس له سائلة كما هو المفتى به عندنا، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 38414 فإن خرأه طاهر.
قال ابن قدامة في المغني: النوع الثاني: ما لا نفس له سائلة، فهو طاهر بجميع أجزائه وفضلاته.
وعلى القول بأن له نفسا سائلة فإن خرأه نجس لأنه مما لا يؤكل، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: والصحيح من المذهب: أن الوزغ لها نفس سائلة. نص عليه كالحية ... انتهى.
ولا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة غسل ما أصاب الثياب أو البدن من خرء الوزغ لمن علمه حتى تصح صلاته على جميع الأقوال، مع أن كثيراً من الفقهاء قال بالعفو عن يسير النجاسة من الحيوان الذي يصعب التحرز منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(11/2549)
أقوال العلماء في شعر الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنزل في منزل والدَيّ سنوياً كلما عدت من المغترب لقضاء العطلة الصيفية. لكن المشكلة تكمن في أن الطابق الأسفل من هذا المنزل مخصّص لأختي التي تملك كلبة. وعلى الرغم من أن هذه الكلبة قلّما تدخل إلى الجزء العلوي من المنزل فإن الساقط من شعرها كثيراً ما تحمله الريح إلى بقية المنزل ليقع على الأثاث وليلتصق أحياناً بالثياب. ثم إن هذه الكلبة تسرح وتمرح يومياً في حديقة المنزل وقد تلِغ (تشرب) أحياناً في مسبحه (أو ما يدعوه البعض بـ "حمام أو بركة السباحة") .
فما حكم صلاة من قد يسبح في هذا المسبح، أو من قد تلامس شعراتٍ من هذه الكلبة ثيابه أو مناشفه المبلّلة. وإذا كان قد مضى على ذلك أسابيع طويلة فهل يسقط التطهّر من أثر الكلب بحكم التقادم نتيجة الوضوء والاغتسال المتكرّرين.
أعتذر للإطالة وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يتنجس الماء لوقوع النجاسة فيه إذا كان أكثر من قلتين ولم تغيره النجاسة، والمسبح أو بركة السباحة غالبا تكون أكثر من القلتين؛ ولذا فلا يضر ولوغ الكلب فيه. كما لا تتنجس الملابس بملامسة شعر الكلب إن كان كلاهما يابسا على القول بأنها نجسة، وكذا إن كان أحدهما رطبا، بناء على القول بطهارة شعور الكلاب وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من خلاف الفقهاء في ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: أما الكلب فللعلماء فيه ثلاثة أقوال معروفة. أحدهما: إنه نجس كله حتى شعره، كقول الشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه. والثاني: إنه طاهر حتى ريقه، كقول مالك في المشهور عنه. والثالث: إن ريقه نجس وإن شعره طاهر وهذا مذهب أبي حنيفة المشهور عنه، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، وله في الشعور النابتة على محل نجس ثلاث روايات: إحداها: إن جميعها طاهر حتى شعر الكلب والخنزير، وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز، والثانية: إن جميعها نجس كقول الشافعي، والثالثة: إن شعر الميتة إن كانت طاهرة في الحياة كان طاهرا كالشاة والفأرة، وشعر ما هو نجس في حال الحياة نجس كالكلب والخنزير، وهي المنصورة عند أكثر أصحابه. والقول الراجح هو: طهارة الشعور كلها: الكلب، والخنزير، وغيرهما بخلاف الريق. وعلى هذا، فإذا كان شعر الكلب رطبا، وأصاب ثوب الإنسان، فلا شيء عليه، كما هو مذهب جمهور الفقهاء أبي حنيفة، ومالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنه؛ وذلك لأن الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليل. انتهى. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 46317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(11/2550)
حكم ما مسه الكلب من غير الآنية
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي ثلاثة أعوام قام كلب عن طريق الخطأ بلعق وجهي بما في ذلك فمي حيث كنت نائما ولم أكن أعلم أن الواجب أن أغسل وجهي سبع مرات إحداهن بالتراب وظننت أن ذلك ينطبق على الآنية فقط وقمت بغسل وجهي بالماء مرة واحدة وبعد 3 سنوات، علمت الحكم فماذا علي أن أفعل؟ شاكراً ومقدراً جهودكم وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن الحكم عام في غسل كل ما أصابه لعاب الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب، وراجع الفتوى رقم: 95633.
وقد ذهب فقهاء المالكية إلى طهارة لعاب الكلب، وأن غسل إناء الماء من ولوغه لمجرد التعبد، وأنه خاص بأواني الماء، فالمسألة محل خلاف، وما كنت تظنه قد قال به بعض أهل العلم.
وعليه؛ فلا يلزمك إعادة شيء من الصلوات الماضية، وعليك مراعاة هذا الحكم في المستقبل بناء على ما ذكرنا من أن الراجح هو العموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(11/2551)
وجود كلب في إحدى شقق العمارة لا يمنع الملائكة من دخول بقية الشقق
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بعمارة شقق للتأجير إذا كان أحد ساكني الشقة عنده كلب هل ذلك يمنع دخول الملائكة من العمارة كلها أم من الشقة الذى يوجد بها الكلب، علما بأن الكلب ليس للحراسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان اقتناء الكلب المذكور ليس للحراسة ونحوها من الأمور المباحة فهو محرم، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 23541.
وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، وبناء على ذلك فوجود كلب في شقة معينة لا يعني عدم دخول الملائكة للبيوت الموجودة في تلك العمارة كلها لأنها مؤلفة من عدة شقق وبيوت ولا يطلق عليها بيت، وبالتالي فالعقوبة بالحرمان من دخول الملائكة مقتصرة على من اقتنى الكلب في شقته فقط، هذا الذي نراه. والعلم عند الله تعالى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 33332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1428(11/2552)
الحياة سبب في طهارة كل حي
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ الجزيري بعض النقاط أرجو من فضيلتكم توضيحها وتوضيح مدى صحتها. 1-جاء عن المالكية في باب النجاسات قاعدة أن كل حي وما رشح منه فهو طاهر. فما هو دليلهم على صحة هذه القاعدة خاصة عند وجود حيوانات مثل الكلب والخنزير. 2- أيضا جاء عن الحنفية في حلق الرأس أنه لابأس بحلق وسط الرأس وترك الباقي. أرجو توضيح معنى الجملة ومدى التوفيق بينها وبين معنى القزع.3- جاء عن الحنفية في باب مبطلات الصلاة قولهم يبطل طروء ناقض من نواقض الوضوء إذا كان قبل القعود الأخير بمقدار التشهد أما إذا طرأ بعده فلا تبطل على الراجح. أرجو توضيح معنى العبارة مع التمثيل بمثال وخاصة أن هذه العبارة وردت في أكثر من مكان في الكتاب في فقه الحنفية.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب المالكية إلى أن كل حي طاهر، لأن الموت لما كان سببا في نجاسة كل ميت كانت الحياة سببا في طهارة كل حي، فلعاب الحي وعرقه ورشحه ودمعه طاهر مثله، ولأنه لم يرد الدليل بالحكم على ذلك بالنجاسة، والأصل في الأشياء الطهارة، وأما الأبوال والأرواث ففصلوا فيها بين ما لا يؤكل لحمه وبين ما يؤكل لحمه، فحكموا بنجاسة بول وروث ما لا يؤكل لحمه لورود الدليل على نجاسته، أما بول وروث ما يؤكل لحمه فحكموا بطهارته لورود الدليل على طهارته. ففي المدونة: وقال مالك: إن أهل العلم لا يرون على من أصابه شيء من أبوال البقر والإبل والغنم وإن أصاب ثوبه فلا يغسله، ويرون على من أصابه شيء من أبوال الدواب: الخيل والبغال والحمير أن يغسله، والذي فرّق بين ذلك أن تلك تُشرب ألبانها وتؤكل لحومها، وأن هذه لا تشرب ألبانها ولا تؤكل لحومها. وقد سألت بعض أهل العلم عن هذا فقالوا لي هذا. وفي شرح مختصر خليل للخرشي قال: بول الحيوان المباح الأكل وروثه طاهران؛ إلا أن يكون مما يستعمل النجاسات بالمشاهدة أكلا أو شربا فبوله وروثه نجسان مدة ظن بقاء النجاسة في جوفه.
وأما ما يتعلق بحلق الرأس فقد قال ابن عابدين في حاشيته وفي الذخيرة: ولا بأس أن يحلق وسط رأسه ويرسل شعره من غير أن يفتله، وإن فتله فذلك مكروه، لأنه يصير مشبها ببعض الكفرة والمجوس في ديارنا يرسلون الشعر من غير فتل، ولكن لا يحلقون وسط الرأس بل يجزون الناصية.. ويكره القزع وهو أن يحلق البعض ويترك البعض قطعا مقدار ثلاثة أصابع. فكلامه يدل على أن حلق وسط الرأس بأقل من ثلاثة أصابع لا بأس به، وأن القزع المنهي عنه لا يتحقق إلا بحلق مقدار ثلاثة أصابع فما فوق، وبهذا يظهر التوفيق بين كلام الحنفية رحمهم الله تعالى وبين القزع المنهي عنه.
وأما ما يتعلق بصحة صلاة من قعد قدر أقل التشهد وهو إلى عبده ورسوله ثم أحدث فهو مبني على أن الجلوس للتشهد عند الحنفية شرط وقيل ركن لصحة الصلاة، فإذا جلس المقدار المطلوب فقد تمت صلاته، وأما قراءة التشهد فواجب ويجبر تركه بسجود السهو ولا يبطل الصلاة، وكذلك السلام عندهم ليس بشرط للخروج من الصلاة كما بيناه في الفتوى رقم: 52508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/2553)
شعر القط طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في منزلي قطة يسقط شعرها أحيانا في الطعام أو الشراب فهل أكل هذا الطعام أو شرب هذا الشراب حرام حيث قد يغطس ويصعب رؤيته وإخراجه وهل أكل شعر القطة حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقطط ليست نجسة، فقد روى أصحاب السنن عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت زوجة لابن أبي قتادة أن أبا قتادة دخل عليها ثم ذكرت كلمة معناها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟! فقلت نعم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات.
وعليه، فما يسقط من شعرها طاهر لا يضر سقوطه في الطعام والشراب، ولكن ينبغي للمرء أن يزيل منه ما أمكنت إزالته حفاظا على الصحة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(11/2554)
كيفية غسل الملابس من سؤر الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرجمن الرحيم
من المعروف أنه إذا ولغ الكلب فى الإناء فإن الإنسان يريق ما في الإناء ثم يغسله بالتراب فما حكم هذا الماء الذى يريقه الإنسان؟ هل وهو يريقه إذا أصاب شيئا من ملابسه عليه أن يغسل هذه الملابس بالتراب أم لا؟ ثم ماذا يفعل إذا كان يغسل الإناء وأصاب جسده أو ملابسه بعضا من الماء الذى يغسل به بعد وقوعه على الإناء النجس هل عليه أن يغسل جسده وملابسه بالتراب أم ماذا يفعل؟
أرجو منكم الإجابة على هذه المسألة الدقيقة فكم تقلقني وتصيبي بالشك.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماء الذي ولغ فيه الكلب نجس عند الحنابلة والشافعية، وما أصاب من ثوب أو بدن يجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب، ويعتبر طاهراً عند أهل العلم كمالك والأوزاعي وداود، وبالتالي فلا يلزم غسل ما أصاب من الثوب أو البدن.
قال ابن قدامة في المغني: فالنجس نوعان: أحدهما: ما هو نجس رواية واحدة وهو الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما، فهذا نجس عينه وسؤره وجميع ما خرج منه. روي ذلك عن عروة، وهو مذهب الشافعي وأبي عبيد، وهو قول أبي حنيفة في السؤر خاصة، وقال مالك والأوزاعي وداود سؤرهما طاهر يتوضأ به ويشرب وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله، وقال الزهري يتوضأ به إذا لم يجد غيره ... إلى أن قال ابن قدامة: ولنا ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً. متفق عليه. ولمسلم: فليرقه ثم ليغسله سبع مرات ولو كان سؤره طاهراً لم تجز إراقته ولا وجب غسله. انتهى
وما أصاب الثوب أو البدن أثناء غسل الإناء فلا يلزم غسله عند غير الحنابلة.
أما الحنابلة فلهم وجهان في هذه المسألة فصلهما ابن قدامة في المغني بقوله: وإذا غسل محل النجاسة فأصاب ماء بعض الغسلات محلاً آخر قبل تمام السبع ففيه وجهان: أحدهما: يجب غسله سبعاً وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار ابن حامد لأنها نجاسة فلا يراعي فيها حكم المحل الذي انفصلت عنه كنجاسة الأرض ومحل الاستنجاء، وظاهر قول الخرقي أنه يجب غسلها بالتراب، وإن كان المحل الذي انفصلت عنه قد غسل بالتراب لأنها نجاسة أصابت غير الأرض فأشبهت الأولى. والثاني: يجب غسله من الأولى ستاً ومن الثانية خمساً ومن الثالثة أربعاً كذلك إلى آخره، لأنها نجاسة تطهر في محلها بدون السبع فطهرت في مثله كالنجاسة على الأرض، ولأن المنفصل بعض المتصل والمتصل يطهر بذلك فكذلك المنفصل، وتفارق المنفصل عن الأرض ومحل الاستنجاء، لأن العلة في خفتها المحل وقد زالت عنه فزال التخفيف، والعلة في تخفيفها هاهنا قصور حكمها بما مر عليها من الغسل وهذا لازم لها حسبما كانت، ثم إن كانت قد انفصلت عن محل غسل بالتراب غسل محلها بغير تراب، وإن كانت الأولى بغير تراب غسلت هذه بالتراب، وهذا اختيار القاضي وهو أصح إن شاء الله تعالى. انتهى
وحاصل المسألة أن الماء الذي ولغ فيه كلب نجس تجب إراقته وغسله سبعاً إحداهن بالتراب، وكل ما أصابه ذلك الماء فهو نجس يجب غسله سبعاً أيضاً. هذا مذهب الحنابلة والشافعية. ولا يلزم الغسل عند المالكية، لأن سؤر الكلب طاهر عندهم.
وما يصيب البدن أو الثوب من ماء غسلات الإناء السبع، فيجب غسله عند الحنابلة ولهم وجهان في ذلك:
الأول: يجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب، وإن كان الإناء سبق غسله بالتراب.
الوجه الثاني: إن الإصابة إذا كانت من الغسلة الأولى يغسل المصاب ستاً، ومن الثانية خمساً وهكذا إلى آخر بقية الغسلات، وراجع الفتوى رقم: 46300.
وبذلك يتبين لك أن المسألة فيها خلاف كبير، والأخذ بقول من استحب الغسل أحوط مع أن الأخذ بغيره سائغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/2555)
ذكر الكلب في شأن قصة أصحاب الكهف لا يدل على طهارته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت هذا السؤال من قبل ولكن لا أجد الأجابة عليه ... أن زوجي يطعن في نجاسة الكلب ويستدل بقصة أصحاب الكهف ومصاحبتهم للكلب لكني أعلم جيدا بنجاسته ولكن لا أعلم كيف أرد عليه فارجوكم أفيدوني بشأن نجاسته بالأدلة الكافية والرد علية بشأن قصة أصحاب الكهف..... أفيدونى جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنجاسة الكلب محل خلاف بين أهل العلم، وجمهورهم على نجاسة جميع أجزائه، قال ابن قدامة في المغني: فالنجس نوعان: أحدهما: ما هو نجس رواية واحدة وهو الكلب والخنزير وما تولد منهما أومن أحدهما فهذا نجس عينه وسؤره وجميع ما خرج منه، روي ذلك عن عروة وهو مذهب الشافعي وأبي عبيد وهو قول أبي حنيفة في السؤر خاصة، وقال مالك والأوزاعي وداود: سؤرهما طاهر يتوضأ به ويشرب، وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله. انتهى
وللمزيد من التفصيل في هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم: 4993
وذكر الكلب في شأن قصة أصحاب الكهف لا دليل فيه على طهارته، فإن الكلب المذكور لم يكن يخالطهم بل كان يحرسهم خارج الباب ولم يكن داخل الكهف لأن الملائكة لا تدخل مكانا فيه كلب أو صورة،
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: قال ابن جريج: يحرس عليهم الباب وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، كما ورد في الصحيح
قال الإمام القرطبي في تفسيره: أكثر المفسرين أنه كلب حقيقة وكان لصيد أحدهم أو لزرعه أوغنمه على ما قال مقاتل. انتهى.
على أننا لو سلمنا بمخالطة الكلب لأهل الكهف واستنتجنا طهارته عندهم، يبقى أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا فيما ورد في شرعنا حكمه، ونجاسة الكلب في شرعنا معلومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(11/2556)
ملامسة الكلب للحاجة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل بخصوص اقتناء كلب في منزلي.
لقد اشترى والدي لي كلبا للحراسة فعلي أن أدربه على بعض الأمور (مثال: أن يجلس - أن يهجم - أن يهدأ - أن يأتي حين استدعيه - وغيرها) . ولا يستطيع أحد أن يدربه بدلاً عني لأن الكلب يجب أن يدرب على يدي صاحبه وإلا فلن يطيعه.
فسؤالي هو: هل يصلح أن ألمس كلبي وأطعمه بيدي حتى يدري علي (وهذا ضروري جداً ليعرف الكلب صاحبه) ؟؟
وهل هذا صحيح بأنه من لمس كلب فلا يقبل منه الصلاة أربعين يوما!!؟ وإذا كان صحيح فهل علي التوقف عن الصلاة لهذه المدة لأنها ليست مقبولة؟؟ وما عساني أن أفعل فقد اشترينا كلبا بثمن بهيظ (وقد حضرنا كل الوسائل لتنظيفه تماماً) للحراسة ويجب أن اتصل به باللمس ولا يمكن أن أتجنبه لأن الكلب يجب أن يعرف صاحبه ويدرب تحت يديه؟؟
أتمنى أن لا تتأخروا في الإجابة
مع خالص تحياتي
وبارك الله فيكم جميعاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على الأثر الذي قلت فيه إن من لمس كلبا لا تقبل له صلاة أربعين يوما، ولعله حديث موضوع، لأن الكلب يؤذن في اتخاذه لبعض المصالح كما سنبينه، ولا يتصور أن يرد هذا الوعيد الشديد في فعل أمر مباح.
واعلم أنه لو افترض صحة الحديث فإن عدم قبول الصلاة لا يبيح للمرء تركها، لأن أداءها يبرئ ذمته منها، وليس يلزم من إبراء الذمة حصول الثواب، ففي سنن النسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوما. قال في تحفة الأحوذي: والمعنى لم يكن له ثواب وإن برئت الذمة، وسقط القضاء بأداء أركانه مع شرائطه، كذا قالوا. وقال النووي: إن لكل طاعة اعتبارين: أحدهما سقوط القضاء عن المؤمن، وثانيهما: ترتيب حصول الثواب، فعبر عن عدم ترتيب الثواب بعدم قبول الصلاة.
وأما اقتناء الكلب للحراسة فهو مباح، ولا مانع من ملامسته حينئذ إذا دعت الحاجة، ولكن يحسن أن يكون لك ثوب خاص تلبسه عندما تحتاج لملامسته، وراجع في الموضوع الفتوى رقم: 5693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(11/2557)
أقوال الفقهاء في نجاسة الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على الموقع وإلى الأمام
أنا ساكن عند عائلة مسيحية وعندهم كلب ما حكم لمسه
الموقع ممتاز لكن لا يوجد به خاتمة القرآن ولا بد من نشر الموقع في الإنترنت وفقكم الله وجعلكم في جنات الفردوس وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في نجاسة الكلب على ثلاثة أقوال:
الأول: نجاسة الكلب كله: (شعره، جسمه، لعابه) وهو قول الشافعية والحنابلة.
الثاني: الطهارة مطلقا، وهو مذهب المالكية.
الثالث: نجاسة اللحم والريق (اللعاب والسؤر) وطهارة الشعر والجلد، وهو مذهب الحنفية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الراجح، لأن الأصل في الأشياء الطهارة، فإذا جاء نص بنجاسة شيء حكمنا بنجاسته، ولا نخصص إلا بنص مخصص، فيبقى شعر الكلب وجلده على الأصل في الطهارة.
وأما لحم الكلب وريقه فنجس، للحديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعا، وعفروه الثامنة بالتراب) ، فدل على نجاسة باطنه.
وراجع الفتاوى التالية: 35919، 8203، 2686، 15410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(11/2558)
العاصي ليس بنجس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين. قبل أيام كنت في إحدى المناطق التجارية حيث ألتقي بمجموعة من الأصدقاء وبعض من أصحاب المحال التجارية هناك هم أصدقاء لي أيضا. وقد عرفت منهم بأن إحدى البيوت المجاروة يسكن في شاب صغير نوعا ما ولكن حسب ما يقال عنه هناك وحسب ما أراه عليه من تصرفات ومن طريقة مشيته بأنه والعياذ بالله (شاذ جنسيا) ويمارس هذه الفاحشة. وأنه قد دخل على صيدلية في المنطقة التجارية التي كنت فيها واشترى منهم بعض الأشياء. ثم دخل صديق آخر لي إلى الصيدلية ولكنه لم يعلم بدخول ذلك الشاب إليها واشترى صديقي أيضا بعض الأدوية من الصيدلية ثم قام وعلى سبيل المزاح معي بضربي ضربة خفيفة على ذراعي الأيسر حيث كنت أرتدي قميصا طويل الأكمام. هل أصاب قميصي أي نجاسة كون أن صديقي ربما قد وضع يده في مكان ما في الصيدلية كان قد لمسه ذلك الشاب؟ أعني هل يعد ما لمسه ذلك الشاب نجسا كون نجاسته تأتي من أفعاله؟ ماذا يجب علي؟ هل أتخلص من ذلك القميص؟ وهل إذا ارتديته أكون فعلت فعلا من أفعال قوم لوط والعياذ بالله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشاب لم يصر نجسا بمعصيته، فجسمه وما يتصل به طاهر، ما لم توجد نجاسة.
وعليه، فلا شيء عليك في كل ما ذكرت، لأن الأصل في الأشياء الطهارة، وما دام لمس صديقك لك لم يصحبه انتقال نجاسة حسية من يده إلى قميصك، وراجع في هذا الفتويين رقم: 37209، ورقم: 39773، ويبدو لنا من حال الأخ السائل أنه يوسوس في مسائل الطهارة، والحل في ذك أن يرجع إلى أحكام الشريعة فيها، مع الإكثار من الاستغفار وذكر الله تعالى والتوكل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/2559)
هل يجب غسل ما أصاب الصيد من الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ إذا أردنا أن نغسل ما أصاب ثوبي من عذرة وبول الكلب، هل يلزمني أن أقيسه على الريق فيكون سبع مرات أولاهن بالتراب، وماذا لو أرسلت كلبي وجاء بالصيد فمتى أغسل الفريسة سبع مرات، أولاهن بالتراب ومتى لا أغسله، وهل أغسل فم الكلب قبل أن أرسله، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يصيب ثوبك من نجاسة الكلب -بولاً أو عذرة- فيجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب عند الحنابلة والشافعية، خلافاً للمالكية، قال ابن قدامة في المغني: النجاسة تنقسم إلى قسمين: إحداهما نجاسة الكلب والخنزير والمتولد منهما، فهذا لا يختلف المذهب أنه يجب غسلها سبعاً إحداها بالتراب، وهو قول الشافعي. انتهى.
وقال الإمام النووي في المجموع: واعلم أنه لا فرق عندنا بين ولوغ الكلب وغيره من أجزائه، فإذا أصاب بوله أو روثه أو دمه أو عرقه أو شعره أو لعابه أو عضو من أعضائه شيئاً طاهراً في حال رطوبة أحدهما وجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب. انتهى.
أما ما أصاب الصيد من الكلب فلا يجب غسله على الراجح من كلام أهل العلم، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى حيث قال: وأيضاً فإن لعاب الكلب إذا أصاب الصيد لم يجب غسله في أظهر قولي العلماء، وهو أحد الروايتين عن أحمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحداً بغسل ذلك، فقد عفا عن الكلب في موضع الحاجة، وأمر بغسله في غير موضع الحاجة، فدل على أن الشارع راعى مصلحة الخلق وحاجتهم. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 10633.
أما غسل فم الكلب قبل إرساله على الصيد فلا فائدة فيه، لأن نجاسة الكلب نجاسة عينية لا تطهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/2560)
حكم الصراصير والمحال التي تمر عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الصرصور نجاسة يا شيخ، وأقصد بذلك النوعين صرصور الخشب الذي يتولد في الخشب وينتشر والآخر الذي يعيش في المصارف الصحية، وسؤالي هو: ما حكم الأشياء التي يركض عليها، مثل البسط والأحذية والأواني والأثاث، حيث تأتي فترات موسمية ينتشر بطريقة مزعجة، ويصبح من الصعب تنظيف كل شيء يركض عليه، فما حكم كل شيء يمر عليه، وهل وقوفي على تلك الأمكنة ينجس قدمي، إنه يركض في كل مكان تقريبا وبدون تحديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصراصير التي تتولد من الطاهرت كالخشب ونحوه طاهرة حية وميتة، وما تولد من النجاسات كصرصار الحش والبالوعة فهي نجسة حية أو ميتة، ولكن مرور هذه الصراصير على الأرض أو البسط ونحو ذلك لا ينجسها، على الصحيح من أقوال أهل العلم، لمشقة الاحتراز من تلك الصراصير، وعظم الحرج في تطهير ما تمر عليه، وقد قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] ، وقوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185] .
فالحرج والعسر مرفوعان عنا، ومحل هذا ما لم تترك هذه الصراصير المتولدة من النجاسات أثراً للنجاسة في المحال التي تمر عليها، فإن تركت أثراً للنجاسة وجب تطهيره، لعدم العسر والحرج في تطهيره لندرة وقوع ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/2561)
المؤمن ليس بنجس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر عضو الرجل أو المرأة نجساً بحيث إنه إذا لامس أي شيء من ملابس أو غيرها نجسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعضو الرجل أو المرأة ليس بنجس قطعاً كما هو الحال في بقية البدن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن لا ينجس. رواه البخاري ومسلم، وإذا لا مس العضو شيئاً من ملبس أو غيره فإنه لا ينجسه قطعاً، إلا إذا كانت على العضو نجاسة من بول أو غيره وانتقلت إلى المحل الملموس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/2562)
حكم تناول طعام وقعت فيه سحلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم سقطت سحلية (حشرة من الزواحف) أعزك الله في جرة الجبن التي تخزن لعام كامل ووجدت ميتة، فهل يؤكل الجبن، علماً بأنه مغطى بالماء، وكيف يطهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسحلية نوع من الوزغ وهي مما لا نفس له سائلة، فإذا وقعت في ماء أو مائع فلا ينجس، قال الرملي في النهاية: ويستثنى من النجس ميته لا دم لها سائل عن موضع جرحها، إما بأن لا يكون لها دم أصلاً، أو لها دم لا يجري كالوزغ والزنبور والخنفساء والذباب، فلا تنجس مائعاً. انتهى.
وقال النووي في المجموع: وأما الوزغ فقطع الجمهور بأنه لا نفس له سائلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/2563)
إجراء التجارب على لحم الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي أعمل ضمن مجموعة لإعداد بحث علمي، حول تأثير الأملاح في تجفيف اللحوم وبالتحديد لحم الخنزير وهذا يتطلب إجراء تجارب على لحم الخنزير، فهل يجوز إجراء هذه التجارب؟ علما بأنه ليس لدي خيار آخر لكي أكمل متطلبات الدراسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخنزير نجس لقول الله تعالى: أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145] .
والتلطخ بالنجاسة عمداً لغير حاجة حرام، نص على ذلك الفقهاء كالشافعية والحنابلة، وعليه فإذا كان هذا البحث مفيداً للأمة وكان لا بد من إجراء التجارب على لحم الخنزير دون غيره من اللحوم الطاهرة فإنه لا بأس بذلك، أما إذا لم تكن ثمة حاجة لهذا البحث، أو كانت لكن يمكن إجراء والتجارب على غير الخنزير من اللحوم الطاهرة، فإن ذلك لا يجوز إلا إن ألْجِئْتَ إلى ذلك، وإن أمكن إجراء التجارب من غير التلطخ بنجاسة الخنزير كوضع حائل ونحوه فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/2564)
ما مسه الكلب أو أكل منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هنا في البلدان الاسكندنافية يربون الكلاب في البيوت بشكل كبير، والمشكلة لنا هنا نحن نصافحهم ونستعمل بعض الأشياء التي يستعملونها، ونلمس الكثير من الأماكن التي يلمسونها باليد في الحافلات وفي أماكن أخرى، ونؤجر بعض البيوت ولا ندري من كان يعيش فيها، هل كان عندهم كلب أم لا؟ في المقاهي يستعملون نفس الأدوات ولكن تغسل، والسؤال: ماذا نفعل؟ وما هو حكم الشرع؟ وشكراًً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 8203 ترجيح طهارة شعر الكلب وجلده، وأنه لا ينجس منه إلا لعابه ولحمه، وما يتبع ذلك من بوله وعذرته.
وعليه فإذا مسست الكلب، أو ما مسه الكلب، لم يضرك ذلك، وما كان من الأمتعة أو الأدوات قد أصابه الكلب بلعابه، ثم جف، فلمسك له لا ينجسك، إلا أن يكون بلل بيدك؛ إذ النجاسة لا تنتقل إلا مع وجود البلل في أحدهما. على أن من العلماء من يرى أن عين النجاسة إذا زالت، وبقي حكمها في المحل، فإنه لا ينتقل إلى غيره ولو وجد البلل، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27760.
ويجب تطهير ما أصابه لعاب الكلب بغسله سبع غسلات، إحداها بالتراب، أو ما يقوم مقامه من الصابون ونحوه. والأصل في الأشياء والأعيان الطهارة، فمن تيقن أن إناء أو غيره أصابته النجاسة لم يجز له الأكل والشرب منه حتى يطهر، وإذا حصل الشك وكان الغالب في المقهى أو المطعم إصابة الأواني بالنجاسة، وعدم تطهيرها الطهارة اللازمة، وجب اجتناب الأكل فيه، عملاً بالغالب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/2565)
أكل النعام لروثه لا يؤثر في إباحة أكله
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا تأكلوا لحوم الحيونات الجلالة) فهل أكل لحم النعام حلال أم حرام وكذلك الاتجار فيه؟ وحيث أنني أعمل طبيبا بيطريا وأربي النعام رأيته يأكل الروث (روثه هو وروث باقي النعام بعد جفافه تقريبا في اليوم التالي) علما بأنه يأكل برسيماً وعلفاً فهل لحم هذا النعام حلال ومكسبه هذا حلال؟
ونسال الله العليم لنا ولكم الهداية وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيباح أكل النعام، لعموم قوله تعالى: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] .
وقوله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ [الأعراف:157] .
والنعامة مستطابة، وقد قضت فيها الصحابة ببدنة فدل ذلك على أنها صيد مأكول.
وإذا تقرر هذا، فإن أكل النعام لروثه لا يؤثر في إباحة أكله، ولا يصير بذلك جلالة، لأن روث ما يؤكل لحمه طاهر وليس بنجس، وقد قررنا ذلك في الفتوى رقم: 10703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(11/2566)
الجلود على أربعة أقسام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الانتفاع بجلد الثعلب والهرة وما شابههما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجلود على أربعة أقسام:
الأول: جلد الإنسان وهو طاهر حال حياته وموته، ولكن لا يحل الانتفاع به لحرمته.
الثاني: جلد المذكاة ذكاة شرعية من مأكول اللحم، فهذا طاهر في حياتها وبعد تذكيتها فيحل الانتفاع به دون دبغ ومنه جلد الثعلب لأنه مأكول اللحم كما سبق في الفتوى رقم: 9960.
الثالث: جلد الميتة مما تحله الذكاة كالشاة وما لا تحله الذكاة، وهو طاهر في الحياة كالحمار الأهلي والهر على الصحيح من أقوال أهل العلم، فهذا لا يجوز الانتفاع به إلا بعد دبغه لأنه نجس لما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا دبغ الإهاب فقد طهر. وفي لفظ للترمذي: أيما إهاب دبغ فقد طهر.، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، قالوا جلود الميتة إذا دبغت فقد طهرت.
الرابع: جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما فهو نجس لا يحل الانتفاع به لأنه نجس في حال الحياة فكذا بعد الموت، فكما أن الحياة لا تدفع عنه النجاسة فكذا الدباغ.
هكذا قال الذين استثنوهما وظاهر عموم الحديثين السابقين أنهما يطهران بالدباغ، لأن "أيما" من أقوى صيغ العموم فلا يخرج من هذا العموم إلا بدليل، وراجع الفتوى رقم: 172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/2567)
حكم غسل البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لما لا يغسل بيض الدجاج قبل طهيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في غسل بيض الدجاج قبل طهيه من أجل النظافة واجتناب ما قد يستقذر، لكن هذا الغسل لا يجب لأن الرطوبة التي تنزل على بيض الدجاج طاهرة عند جمهور العلماء وخصوصاً ما كان علفه طاهرا لأنها رطوبة فرج حيوان طاهر مأكول اللحم، قال ابن فرحون في مسائل ابن قداح: (يؤمر بغسل البيض قبل كسره فإن لم يغسل فلا شيء عليه) . انتهى، من مواهب الجليل في شرح مختصر خليل وهو مالكي.
وإنما أمروا بغسله لاحتمال أن يكون البيض من دجاج أكثر علفه نجاسة وهو يسمى عند الفقهاء بالجلاّلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1423(11/2568)
حكم بلل الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي بالقرب من البحر وفي التشهد الأخير أتى كلب مستأنس أبيض كان يمشي على الماء ووقف في موضع سجودي وأنتفض فشعرت بالماء على ثيابي هل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في نجاسة الكلب، كما هو مبين في الفتوى رقم: 8203. والراجح نجاسته ظاهراً وباطناً.
وعليه، فما أصابك من بلله فهو نجس، فكان عليك قطع صلاتك، وغسل ما أصاب بدنك وثيابك من بلله، لكن بما أنك قد أنهيت صلاتك وأنت جاهل بالحكم فلا تلزمك أعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(11/2569)
طريقة غسل ما أصابه الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[ميتة الكلب هل تكون نجسة مغلظة يجب على من أصابته الغسل سبع مرات وإحداها بالتراب؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكلب نجس على الراجح من أقوال أهل العلم، ونجاسته مغلظة يجب غسلها سبعاً على الراجح من أقوالهم أيضاً، وهو بعد موته أشد نجاسة منه قبل الموت، فما أصاب منه من رطوبة ثوباً أو بدناً أو غيره، فإنه يغسل سبعاً إحداها بالتراب.
أو ما يقوم مقام التراب من الصابون ونحوه.
وراجع للتفاصيل الفتاوى التالية أرقامها: 4993، 8203، 15786، 9571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(11/2570)
غسل اللحم بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن كيفية غسل اللحوم بكافة أنواعها (كلحوم الغنم وما يماثلها واللحوم البيضاء كالدجاج والأسماك) فقد علمنا أن غسل اللحوم يؤدي إلى جعلها نجسة وهل هذا ينطبق على جميع أنواع اللحوم؟
ولكم جزيل الشكر......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غسل اللحوم المباحة بكافة أنواعها مباح وغسلها لا يؤدي إلى نجاستها؛ بل يؤدي إلى طهارتها إن كان قد علق بها شيء من الدم المسفوح.
لكن إن كان غسل اللحوم لظن الغاسل أن الدم المتبقى في العروق مما يجب إزالته فهذا الغسل محدَث مخالف لما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، حيث كانوا لا يغسلون اللحم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى 21/ 523: أكل الشوى والشريح جائز سواء غسل اللحم أو لم يغسل، بل إن غسل اللحم بدعة، فما زال الصحابة رضوان الله عليهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يأخذون اللحم فيطبخونه ويأكلونه بغير غسل، وكانوا يرون الدم في القدر خطوطاً وذلك أن الله إنما حرم عليهم الدم المسفوح أي المصبوب المهراق، فأما ما يبقى في العروق فلم يحرمه ولكن حرم عليهم أن يتبعوا العروق كما تفعل اليهود. انتهى المراد منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/2571)
حكم أكل خروف رضع من كلبة
[السُّؤَالُ]
ـ[رضع خروف صغير ماتت أمه من كلبة في المنزل وظل يرضع منها حتى كبر فهل يجوز أكل لحمه بعد ذبحه؟؟؟؟ أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن حكم هذا الخروف هو حكم الجلالَّة، وقد اختلف في حكم لحمها فمن العلماء من ذهب إلى كراهة أكلها إذا كان لحمها متغيراً نتناً كما هو مذهب الأحناف، وقالوا في الجدي أو الخروف ونحوه يرتضع بلبن كلبة أو خنزيرة حتى كبر لا يكره أكله لأن لحمه لا يتغير بذلك، كما في بدائع الصنائع للكاساني الحنفي.
بينما يذهب الحنابلة إلى أن هذا الخروف إذا حبس أربعين يوماً وشرب طاهراً فإنه يحل أكله.
والشافعية يقولون في السخلة المرباة بلبن كلبة أو نحوها كخنزيرة وحمارة: أن حكمها حكم الجلالّة فيحرم أكل لحمها إذا تغير على قول، ويكره على قول آخر.
أما إذا لم يظهر منها تغير بريح أو نتن فلا كراهة عندهم، وإن كانت لا تأكل إلا النجاسة.
وخلاصة المسألة أن العبرة بتغير اللحم ونتنه، فإذا ذبح هذا الخروف ووجد متغيراً فيكره أكله، وإن لم يوجد متغيراً فيجوز، وعلى ذلك فالذي ننصح به ألا يذبح الآن بل يترك فترة بحيث يغلب على الظن أنه لم يبق للبن الكلبة أثر ثم يذبح، فإذا ذبح وكان لحمه كلحم غيره من الخراف فلا بأس بأكله وإن وجدت به رائحة نتنة لم يؤكل.
والله أعلم..
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(11/2572)
حكم السوائل الجنينية ومشيمة الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
أنا طبيب بيطري وأعلم أن الأحكام التي تتعلق بي أو بمهنتي هي من المفروض أن تكون معلومة من الدين بالضرورة ولكن للأسف لم أجد من يجيبني جوابا شافيا حتى الآن فمثلا هناك السوائل الجنينية والأغشية الجنينية للحيوانات المختلفة ما حكمها من حيث الطهارة من عدمها؟ وكذلك السوائل الالتهابية الناتجة عن الالتهابات المختلفة "إلتهابات الرحم والجهاز التناسلي مثلا"؟
وجزاكم الله عنا كل خير وجعله في ميزان حسناتكم..آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا أولاً نشكر السائل الكريم على حرصه وانتباهه للاستفسار عن حكم ما أشكل عليه من أمر دينه، لأن الله عز وجل أمر من لا يعلم أن يسأل من يعلم، حتى يكون على بصيرة من أمره الذي سيقدم عليه، فقال جل من قائل: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل:43] .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول -كما في سنن أبي داود من حديث جابر رضي الله عنه-: "ألا سألوا إذ لم يعلموا! فإنما شفاء العي السؤال".
وقالت عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.
أما بالنسبة للسوائل والأغشية الجنينية: فالظاهر لنا طهارتهما إذا كانا من حيوان مأكول اللحم بشرط خلوها من الدم، وهذا هو مذهب الإمام مالك، والدليل هو ما اتفق عليه الشيخان من أنه صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها.
وعليه، فنقول للسائل: ما كان من السوائل والأغشية العالقة بالجنين خالياً من الدم فهو طاهر إذا كان من حيوان مأكول اللحم، أما ما كان من حيوان غير مأكول اللحم كالحمير ونحوها، فإنه نجس.
وكذلك ما يسمى بالسلا أو المشيمة، فإنها نجسة من كل حيوان، لأنها مما أبين من حي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ألا فما قطع من حي فهو ميت" رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(11/2573)
الهر طاهر وبوله نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[-أثناء الصلاة يأتي القط أو الهر ويستلقي في وسط السجاد أثناء صلاتي فهل صلاتي جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الهر طاهر. ففي الموطأ والمسند والسنن أن أبا قتادة دخل على كبشة بنت كعب بن مالك وهي زوجة ابنه، فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني أنظر إليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقالت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين أو الطوافات." فالحديث صريح في طهارة الهر كما هو واضح. وإذا كان طاهراً فلا يؤثر استلقاؤه على فراش المصلي، ولا ملامسته له على صحة صلاته. ولكن يجب التحرز من بوله لأنه نجس عند الجمهور. ولمزيد من الفائدة
راجع الفتوى 2024
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1422(11/2574)
أقوال الفقهاء في حكم الكلب من حيث النجاسة أو الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمس الكلب وإن لم يكن مبلولا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفقهاء اختلفوا في نجاسة الكلب على ثلاثة أقوال:
الأول: نجاسة الكلب كله: (شعره، وجسمه، ولعابه) وهو قول الشافعية والحنابلة.
الثاني: الطهارة مطلقاً، وهو مذهب المالكية.
الثالث: نجاسة اللحم والريق (اللعاب والسؤر) ، وطهارة الشعر والجلد، وهو قول الأحناف، وابن تيمية.
والذي نميل إليه، قول الأحناف، وابن تيمية، لأن الأصل في الأشياء الطهارة، إلا إذا ورد نص بالنجاسة، فيبقى شعر الكلب وجلده على الأصل في الطهارة، أما لحم الكلب وريقه فنجس، لورود الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعاً، وعفروه الثامنة بالتراب" فدل هذا على نجاسة الباطن (اللحم، والريق) .
وعليه فمس الكلب يجوز إذا لم يصبك من ريقه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(11/2575)
الصلاة في الثوب الذي أصابه بول الخروف صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[مالحكم في رجل حمل خروفاً فبال على ثيابه ولم يتذكر إلا وهو يصلي مع ذكر الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فضلات الحيوان الذي يؤكل لحمه طاهرة على الراجح من أقوال أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يتداووا بشرب أبوال الإبل وألبانها كما في الصحيحين وغيرهما. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في مرابض الغنم كما في الصحيحين وأجاب بنعم للذي سأله هل يصلي في مرابض الغنم كما في مسلم ولا شك أن مرابض الغنم لا تخلو من بولها وبعرها. وعلى هذا فبول الخروف طاهر تجوز الصلاة في ثوب أصابه منه شيء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2576)
هل اللحوم المذبوحة بطريقة غير إسلامية تعتبر نجسة عند ملامستها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اللحوم المذبوحة بطريقة غير إسلامية تعتبر نجسة عند ملامستها ويجب الطهارة من نجاستها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الذبائح إذا لم تستوف الشروط الشرعية فهي ميتة، والميتة نجسةٌ إجماعاً فإذا تعلق ببدنكَ أو ثوبكَ شيءٌ من آثارِ هذه الميتة وجب عليكَ إزالته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(11/2577)
سوائل ميتة العجل نجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في أحد المختبرات وفي بعض الأحيان تأتينا عجول ميته نقوم بتشريحها للتعرف على سبب الوفاة
وقد يصيب الملابس منها شيء أثناء التشريح، فما حكم ما أصاب منها من سوائل الجسم أو دم أو بول أو براز؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ميتة العجل من الميتات التي اتفق على نجاستها، ودمها وما يخرج منها من فضلات نجسة، فإذا أصاب الملابس شيء منها تنجس، ووجب تطهيرها عند إرادة الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء في الجملة على نجاسة الميتة، كما جاء في الموسوعة الفقهية: ( ... ومما اتفق الفقهاء على نجاسته الدم المسفوح والميتة ... ) . انتهى، وجاء فيها أيضاً في عد الخبائث المتفق عليها: (.. ميتة الحيوان ذي الدم الذي ليس بمائي ... ) أي الذي يعيش في البر.
وإنما اختلفوا في بعض الميتات كميتة الآدمي، وفي بعض أعضاء الميتة كعظمها ونحوه مما لا تدخله الروح، وقد ذكرنا أقوال الفقهاء فيها في الفتوى رقم: 43818، والفتوى رقم: 43477.
وميتة العجل من جملة الميتات المتفق على نجاستها، ودمها وما يخرج منها من سوائل كالدم والبول والروث نجسة أيضاً، ولذا فإذا أصاب الملابس شيء منها فقد صارت الثياب متنجسة ووجب تطهيرها عند إرادة الصلاة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 67002 في بيان أقوال العلماء في ما يعفى عنه من النجاسات، وكذا الفتوى رقم: 75699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/2578)
حكم صعق الحيوانات بالكهرباء لتشريحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة ... ويقوم عندنا بعض العمال بصعق الحيوانات بالكهرباء ... لتشريحها وجعلها كمجال للتدريب العملي ومعرفة أعضائها أو لاستخراج الأعضاء والكشف عليها كتدريب للطلبة ونحو ذلك.... فهل هذا حلال أم حرام؟ ... نرجو الإفادة حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تشريح الحيوانات للأغراض التعليمية، وجعلها كمجال للتدريب العملي، لما في ذلك من الفوائد التي تعود على العلم بالرقي والازدهار.
وأما ما ذكرته من صعق الحيوانات بالكهرباء فلا نراه مباحا إذا أمكن غيره، وذلك لسببين:
1. أنه قد يشتمل على تعذيب للحيوان، والله تعالى قد أمر بالإحسان في طريقة القتل، فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ". [رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه] .
2. أن القتل عن طريق الصعق يجعل تلك الحيوان ميتة، والذي عليه جمهور العلماء هو حرمة الانتفاع بالميتة بأي وجه من وجوه الانتفاع، وذلك لعموم قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ... ) {المائدة:3} . وإذا كان بعض أهل العلم قد ذهب إلى جواز الانتفاع بالميتة في بعض الحالات، فإن تذكيتها الذكاة الشرعية أولى للخروج من الخلاف.
وهذا كله على تقدير إمكان إجراء التجارب عليها في حالة تذكيتها ذكاة شرعية، وأما إذا لم يكن ذلك ممكنا فلا حرج في قتلها بالطريقة التي تمكن من الانتفاع بها فيما أريد الانتفاع بها فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/2579)
حكم الانتفاع بعصب الميتة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى عصب الميتة وهل هو مقصود بعينه أم يقاس عليه باقي أجزاء الميتة ثم كيف الجمع بين النهي عن الانتفاع بالعصب وبين حديث إنما حرم أكلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعصب الميتة هو أطناب مفاصلها، واختلف فيه هل هو نجس أو طاهر قال صاحب تحفة الأحوذي: قال في شرح مواهب الرحمن: وعصب الميتة نجس في الصحيح من الرواية لأن فيه حياة بدليل تألمه بالقطع وقيل طاهر فإنه عظم غير متصل. ا. هـ وجاء في المجموع: فرع مذاهب العلماء في شعر الميتة وعظمها وعصبها، فمذهبنا أن الشعر والصوف والوبر والريش والعصب والعظم والقرن والسن والظلف نجسة، وفي الشعر خلاف ضعيف سبق وفي العظم خلاف أضعف منه، وأما العصب فنجس بلا خلاف (أي عندهم) وجاء في العناية شرح الهداية: وشعر الميتة وعظمها وعصبها طاهر.. وقال الشافعي نجس. ا. هـ
في المحلى لابن حزم: ولا يحل بيع الميتة ولا الانتفاع بعصبها ولا شحمها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه: أما عظم الميتة وقرنها وظفرها، وما هو من جنس ذلك كالحافر ونحوه وشعرها وريشها ووبرها، ففي هذين النوعين للعلماء ثلاثة أقوال:
أحدها: نجاسة الجميع كقول الشافعي في المشهور وذلك رواية عن أحمد.
والثاني: أن العظام ونحوها نجسة والشعور ونحوها طاهرة، وهذا هو المشهور من مذهب مالك وأحمد.
والثالث: أن الجميع طاهر كقول أبي حنيفة وهو قول في مذهب مالك وأحمد، وهذا القول هو الصواب. ا. هـ
وأما حديث النهي عن الميتة فالمقصود به الانتفاع الذي يراد به الأكل لا غير ذلك، ويدل عليه حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجده شاة ميتة أعطتهما مولاة لميمونة من الصدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا انتفعتم بجلدها قالوا إنها ميتة، قال: إنما حرم أكلها.
قال الطحاوي: فدل ذلك على أن الذي حرم من الشاة بموتها هو الذي يراد منها للأكل لا غير ذلك من جلودها وعصبها. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(11/2580)
لم تمنع الشريعة قتل الذباب
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحتم لدي عتاب عليكم شديد، أين مصر لم أجد مصر بين البلدان لماذا
المهم سؤالي هو: أنا أهوى صيد الذباب ليس بيدي أو بالطريقة المعتادة بل بالضرب يعني بقطعة خشبية صغيرة وأبدأ بضرب الذباب وهو طائر، هل يمكنني أن أعرف هل هذا حرام لأنه به أذى للذباب أما ماذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعلوم أن الذباب سبب رئيسي في نقل الأمراض بل هومن أكثر الحشرات إيذاءً فهو بهذا الاعتبار مؤذٍ، وما كان كذلك فإن الشريعة أباحت قتله دفعاً للضررة.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء. رواه البخاري.
قال في عون المعبود: والحديث دليل ظاهر على جواز قتله دفعاً لضرره. انتهى، هذا ولا يخفى أن الغمس أشد في القتل من مجرد الضرب، ومع ذلك لم يمنع منه الشرع، وإن كنا ننصحك بأن تشغل وقتك بما هو نافع لك في دينك ودنياك بدلاً من إضاعة الوقت في صيده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(11/2581)
هل ينتفع بإهاب الميتة وعصبها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الانتفاع بالإهاب والعصب فما المقصود بالعصب، وهل المقصود هو العصب فقط أم يشمل باقي أجزاء الميتة ثم كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وحديث إنما حرم من الميتة أكلها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الدال على منع الانتفاع بالإهاب والعصب رواه أحمد والنسائي والترمذي وغيرهم، ولفظ الترمذي: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني رحمه الله.
والمعصب كما قال ابن منظر في اللسان: عصب الإنسان والدابة، والأعصاب أطناب المفاصل التي تلائم بينها وتشدها. ا. هـ
ولمعرفة حكم جلد الميتة راجع الفتوى رقم: 172، والعلماء متفقون على نجاسة جميع الميتة في الجملة، لكنهم اختلفوا في نجاسة لبنها وعظمها وسنها وعصبها وقرنها وظفرها وشعرها، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11745، 14375، 35836، 11431.
أما عن الجمع بين الحديث المذكور أعلاه وبين حديث: إنما حرم أكلها، الذي رواه البخاري، فقد سلك العلماء فيه طرقاً، فمنهم من أسقط الحديث الناهي عن الانتفاع بالميتة، ومن هؤلاء أحمد بن حنبل رحمه الله، قال الترمذي: كان أحمد يذهب إليه ويقول: هذا آخر الأمر، ثم تركه لما اضطربوا في إسناده. ا. هـ
ومنهم من قدم عليه الأحاديث الصحيحة لأنها أقوى منه سنداً، قال ابن حجر في الفتح: وأقوى ما تمسك به من لم يأخذ بظاهره معارضة الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماع، وهذا عن كتابة، وأنها أصح مخارج. ا. هـ
ومنهم من ذهب إلى الجمع بين الحديثين، قال ابن حجر في الفتح: وأقوى من ذلك الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يسمى إهاباً، إنما يسمى قربة وغير ذلك، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل، وهذه طريقة ابن شاهين وابن عبد البر والبيهقي. ا. هـ
وكلام ابن حجر الأخير هو الأوجه نظراً لصحة الحديثين، وإعمال الأدلة المتعارضة في الظاهر أولى من إهمال بعضها، فالقاعدة أن "إعمال الكلام أولى من إهماله".ا. هـ
من المنثور في القواعد الزركشية، وزاد ابن نجيم في النظائر: متى أمكن فإن لم يمكن أهمل. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/2582)
حكم الانتفاع بعسل سقطت فيه فأرة ميتة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أهتم بتربية العسل وذات مرة تركت الإناء مفتوحا فسقط فيه فأر ميت أكل عليه الدهر وشرب من السقف، فسؤالي هو: هل يجوز أكل هذا العسل؟ مع العلم بأن الفأر قد مات قبل سقوطه في العسل بمدة طويلة.
أفيدونا حفظكم الله في هذه المسألة، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان العسل جامداً فألق الفأر وما حوله، مما يغلب على ظنك أن الفأر قد أصابه، ثم انتفع بالبقية، وإذا كان مائعاً فلا تنتفع به بل أرقه، وهذا هو قول الجمهور، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن العسل يمكن الانتفاع به والحالة هذه ما لم يتغير، وقول الجمهور أولى وأحوط، وقد سبق بيان حكم العسل إذا سقطت فيه فأرة بأدلته في الفتوى رقم: 9298 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/2583)
هل تؤكل ميتة الإنسان عند الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت هناك مجموعة ضائعة في الصحراء وانتهى الماء والأكل، ومرت أيام دون أكل ولا ماء وتوفي منهم واحد من المجموعة، هل يجوز أن يأكل من هذا الميت لسد الحاجة من الجوع والظمأ، أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على حرمة قتل الآدمي أو إتلاف عضو منه لأجل أكله لمن اضطر إلى ذلك، أما إن وجد ميتاً وكان الإنسان لا يجد طعاماً غيره، جاز أكله عند الشافعي وبعض الحنفية، ومنعه الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: فهل وإن لم يجد إلا آدمياً محقون الدم لم يبح قتله إجماعاً ولا إتلاف عضو منه مسلما كان أو كافراً. إلى أن قال: وإن وجد معصوماً ميتا لم يبح أكله في قول أصحابنا، وقال الشافعي وبعض الحنفية يباح، وهو أولى لأن حرمة الحي أعظم. انتهى
وهو أيضا وجه عند المالكية، قال خليل: وصحح أكله.
وعلى هذا فمن اضطر اضطراراً شديد إلى أكل لحم ميتة إنسان جاز له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/2584)
الميتة حرمها الله لما فيها من الضرر بالدين والبدن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحكمة من تحريم أكل الميتة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل أخبر في كتابه الكريم بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، والشريعة الإسلامية من قواعدها العامة: لا ضرر ولا ضرار.
فكل ما يضر حرمته الشريعة رحمةً من الله عز وجل بعباده، والميتة لم يحرمها الله عز وجل إلاَّ لما فيها من الضرر، وذلك لما فيها من الدم المحتقن، فهي ضارة للدين والبدن، ولذلك حرمها الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(11/2585)
حكم قيء الطيور والحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أهوى تربية طيور الحمام، فأحيانا عندما أمسك بعض طيور الحمام أو فرخها سيما بعد أن تكون أكلت أكلها أو بعد شربها للماء تتقيأ يعني (تستفرغ من فمها (منقارها) شيئا مما أكلته أو شربته على ثوبي أو بدني. فهل هذا الأكل الذي استفرغته من فمها (منقارها) مما أكلته أو شربته يعتبر نجسا كقيء الإنسان أم طاهرا أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيء الطيور والحيوانات التي يباح أكلها طاهر، وليس كقيء الإنسان، سواء تغير عن حالة الطعام أم لا كما سبق بيانه بالأدلة في الفتوى رقم: 46332. ولكن يستحب غسله وإزالته من باب النظافة.
وقد سبق بيان جواز تربية الحمام بشروطه في الفتويين: 47156، 55380. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(11/2586)
لا علاقة بين بول الكلب أمام البيت ووجود النجاسة داخله
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك كلب أسود دائم التبول أمام حديقة بيتنا ولقد أخبرتني أمي بأن هذا معناه أن نجاسة ما حدثت بالبيت، فهل هذا صحيح وما تفسيركم لهذا السلوك من الكلب وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا من باب الخرافات التي لا أصل لها، فلا علاقة بين بول الكلب أمام البيت ووجود النجاسة داخله. ولعل الكلب المذكور قد تعود على هذا الأمر، فإن بعض الحيوانات قد يتعود على بعض التصرفات وتلازمه دائما. وبول الكلب وكل أجزائه نجسة، وانظر الفتوى رقم: 4993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(11/2587)
حكم قيء الكلب والخنزير وقيء ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم يا شيخنا الحبيب.. الآن قلنا إن الراجح ـ وهو الصحيح ـ في القيء هو عدم النجاسة فهذا الحكم للآدمي فهل يدخل في هذا حكم مأكول اللحم كذلك وما حكم قيء مالا يؤكل لحمه وكذلك الكلب والخنزير وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقيء بالنسبة للآدمي يعتبر طاهرا على الراجح إذا لم يتغير عن حالة الطعام، ويكون نجسا في حال تغيره، قال الشيخ المواق في "التاج والإكليل": القيء قيآن: ما خرج بمنزلة الطعام، فهو طاهر، وما تغير عن حال الطعام فهو نجس. انتهى.
أما الحيوان الذي يباح أكله، فقيؤه طاهر، سواء تغير عن حالة الطعام أم لا، لأنه لو تغير عن حالة الطعام لن يعدو أن يكون بمنزلة رجيعه وهو طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال ابن قدامة في "المغني" ذاكراً الدليل على الطهارة:
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل، والنجس لا يباح شربه. انتهى.
وقيء ما لا يؤكل لحمه إن تغير عن الطعام وأشبه روث الحيوان الخارج منه فهو نجس، قال ابن قدامة في "المغني": القيء ونحوه فحكمه حكم بوله، لأنه طعام مستحيل فأشبه الروث. انتهى.
وبالنسبة للكلب والخنزير، فما يخرج منهما من قيء فهو نجس، قال ابن قدامة في "المغني" أيضا: ولا فرق بين النجاسة من ولوغ الكلب أو يده أو رجله أو شعره أو غير ذلك من أجزائه، لأن حكم كل جزء من أجزاء الحيوان حكم بقية أجزائه على ما قررناه، وحكم الخنزير حكم الكلب، لأن النص وقع في الكلب، والخنزير وشر منه وأغلظ لأن الله تعالى نص على تحريمه، وأجمع المسلمون على ذلك، وحرم اقتناؤه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/2588)
أقوال العلماء في حكم استحالة النجاسات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر مخلفات الإنسان (المجاري) بعد التخليص الحراري في المصانع الخاصه نجسة مع العلم أنها تحول إلى أسمدة في أكياس خاصة وتباع في الأسواق وهل تسميد حديقة البيت فيه ضرر أو تعتبر أرضية البيت نجسة غير صالحة للصلاة أي الحديقه ألخ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إني أحبكم في الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على طهارة الخمر إذا صارت خلا بنفسها من غير فعل فاعل. أما غير الخمر من النجاسات فهو محل خلاف بينهم في طهارتها بالاستحالة، حيث ذهب الحنفية وبعض من المالكية والظاهرية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الاستحالة مطهرة للنجس، وذهب الشافعية وهو ظاهر مذهب الحنابلة إلى أن النجاسة لا تطهر بالاستحالة.
وحجة أهل القول الأول: أن الطهارة والنجاسة متعلقة بحقائق الأعيان فإذا انتفت هذه الحقائق انتفى الحكم معها، ولأن استحالة الأعيان أعظم من استحالة الخمر فاستحالتها تطهر من باب أولى.
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: ومن الممتنع بقاء حكم الخبيث وقد زال اسمه ووصفه والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجوداً أو عدما، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا يتناول الزروع والثمار والرماد والملح والخل لا لفظاً ولا معنى ولا نصا ولا قياساً.
ولعل ما ذهب إليه أصحاب هذا القول هو الراجح.
ومن هذا يعلم السائل طهارة تلك النجاسة بعد معالجتها ومن ثم تحويلها من أصلها النجس إلى مواد أخرى كالأسمدة.
أما ما سألت عنه من حدوث ضرر مترتب على تسميد المنزل بهذه المواد المعالجة؟ فهذا يرجع فيه إلى أصحاب الاختصاص فإن أثبتوا عدم وجود ضرر على الساكنين فهذا لا حرج فيه وإلا فيحرم.
وأما بالنسبة للصلاة على الأرضية التي فيها شيء من هذه الأسمدة فلا شيء في ذلك على القول الذي رجحناه لأنها طاهرة كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/2589)
أحكام القيح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشخص الذي لديه ـ كيس شعر ـ ودائما يخرج منه قيح وغيره يصح أن يؤم الناس؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في القيح هل هو نجس أو لا؟ والمعتمد في المذاهب الأربعة نجاسته، قال ابن نجيم من الحنفية: وَأَشَارَ بِالْبَوْلِ إلَى أَنَّ كُلَّ ما يَخْرُجُ من بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِمَّا يُوجِبُ خُرُوجُهُ الْوُضُوءَ أو الْغُسْلَ فَهُوَ مُغَلَّظٌ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ إذَا مَلَأَ الْفَمَ، أَمَّا ما دُونَهُ فَطَاهِرٌ على الصحيح. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني من الشافعية في عد النجاسات: والصفرة والكدرة ليستا بدم وهما نجسان ـ وقيح ـ لأنه دم مستحيل لا يخالطه دم وصديد: وهو ماء رقيق يخالطه دم، وماء قروح، ونفاطات إن تغيرت رائحته. انتهى.
وجاء في الشرح الكبير للدردير من المالكية: ومن النجس مني ومذي وودي ـ ولو من مباح الأكل ـ في الثلاثة للاستقذار والاستحالة إلى فساد، ولأن أصلها دم وقيح بفتح القاف مدة لا يخالطها دم وصديد وهو: ماء الجرح الرقيق المختلط بدم قبل أن تغلظ المدة، وقيل: بل ولو غلظت، ومثل ذلك في النجاسة ما يسيل من موضع حك البثرات وما يرشح من الجلد إذا كشط وما يسيل من نفط النار. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف مبينا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وأنه يرى عدم نجاسة القيح والصديد على خلاف المعتمد في المذهب: اعلم أن الدم وما تولد منه ينقسم أقساما: دم الآدمي وما تولد منه من القيح والصديد ـ سواء كان منه أو من غيره ـ غير دم الحيض والنفاس وما خرج من السبيلين.
الثاني: دم الحيوان المأكول لحمه، وظاهر كلام المصنف العفو عنه، والصحيح من المذهب في هذين القسمين العفو عن يسيره وعليه جماهير الأصحاب، وعنه لا يعفى عنه فيهما، وقيل: لا يعفى عنه إلا إذا كان من دم نفسه وهو احتمال في التلخيص، وقال الشيخ تقي الدين: ولا يجب غسل الثوب والجسد من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته حكى جده عن بعض أهل العلم طهارته.
فإذا علمت هذا وعلمت أن مذهب الجماهيرهو نجاسة القيح، فاعلم أن هذا القيح إن كان يخرج من السبيل فهو ناقض للوضوء، وإن كان يخرج من غير السبيلين ففي نقضه للوضوء خلاف بين أهل العلم والراجح عدم انتقاض الوضوء به، فالمفتى به عندنا: أن خروج النجاسة من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، وانظر الفتوى رقم: 1795، والواجب على هذا الشخص الذي يخرج منه القيح دائما إن كان خروجه من أحد السبيلين أن يتوضأ بعد دخول الوقت ويصلي بوضوئه ذاك الفرض وما شاء من النوافل وحكمه حكم دائم الحدث، إلا إن كان خروج هذا القيح ينقطع زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة فعليه حينئذ أن يؤخر الصلاة لهذا الوقت فيتطهر ويتوضأ ويصلي، وقد بينا الضابط الذي تعرف به الإصابة بالسلس ونحوه في الفتوى رقم: 119395، وإن كان هذا القيح يخرج من غيرالسبيلين فعليه أن يجتهد في إزالة النجاسة قبل الدخول في الصلاة وما تعذرت إزالته فمعفو عنه، لأن اجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111752.
وأما إمامته فصحيحة على الراجح، لأن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 18067، 117876، 127660، وما أحيل عليه فيها، والأحوط أن يجتنب الإمامة خروجا من خلاف من يقول من العلماء إنه لا يصح أن يكون إماما إلا بمثله، ومن يقول بكراهة إمامته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(11/2590)
لعق الدم تأباه الفطرة السليمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم لعق دم الإنسان؟ في حالة ما إذا جرح شخص هل يجوز أن يتذوقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دم الإنسان وغيره من الدم المسفوح يعتبر من النجاسات الغليظة، والمحرمات الكبيرة، فقد قرنه الله تعالى بالميتة ولحم الخنزير فقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ. {المائدة:3} . وقال تعالى: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا. {الأنعام:145} .
ولعق الدم تأباه الفطرة السليمة والعقل الصحيح، وكرامة الإنسان الذي شرفه الله تعالى على سائر مخلوقاته، ولذلك فهو من شأن الحيوانات المفترسة والسباع المتوحشة فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بها.
ومجرد الرغبة في التذوق والتعرف على الطعم لا يسوغ ما ذكر في السؤال، ويخشى على من فعل ذلك أن تنحرف فطرته فتخرج عن السيطرة ويتحول إلى حيوان مفترس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(11/2591)
حكم الدم اليسير إذا لاقى الثوب المبتل أو الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان عندما تجرح يدي أو وجهي بجرح طفيف يخرج دم قليل فأعتبره من الدم المعفو عنه. سؤالي: ماذا لو لمس ذلك الدم شيئاً مبللاً أو أصاب الماء ذلك الدم، فهل كل ما يلمسه الدم اليسير يعتبر طاهرا ومعفوا عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعفو عن يسير الدم هو قول الأئمة الأربعة وغيرهم، وإن اختلف ضبطهم لهذا اليسير، فمنهم من ضبطه بالعرف كالشافعية والحنابلة، ومنهم من ضبطه بمقدار الدرهم كالمالكية والحنفية، وانظر تفصيل أقوالهم في الفتوى رقم: 75699.
وإذا لاقى الدم شيئاً مبتلاً كثوب أو نحوه تنجس به هذا المبتل عند كثير من العلماء، لكنه إن كان يسيراً عفى عنه، كما تقدم وراجع في ذلك الفتوى رقم: 69126.
وإذا لاقى الدم الماء، وكان الماء كثيراً فوق القلتين، ولم يتغير به فهو طهور ولا ينجسه ما أصابه من الدم، وأما إذا كان يسيراً دون القلتين ففي هذه المسألة خلاف مشهور بين العلماء، ومذهب الشافعية والحنابلة أن ما دون القلتين ينجس بملاقاة النجاسة، ومذهب المالكية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وهذا القول له حظ من النظر قوي، والقول الأول أحوط وهو المفتى به عندنا، وانظر لذلك الفتويين: 61576، 102798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/2592)
صلاة من لا يعلم هل أصاب ثوبه دم أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[تحدث لي العديد من الحوادث الصغيرة التي تجعل بيدي جروحا صغيرة ولأن البرد شديد عندنا فهذه الجروح تمكث بعض الوقت لتبرأ....وبما أنها في يدي وهي صغيرة فلا أشعر بها في بعض الأحيان إلا أنها تخرج الدم والقيح فماذا أفعل لو لمست ملابسي التي سأصلي بها دون قصد ولم أجد شيئا مرئيا، وكذلك عندما يكون الثوب داكنا لا أعلم هل أصابه شيء أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن الفقهاء متفقون في الجملة على العفو عن يسير النحاسة التي تخرج من الآدمي من غير السبيلين وتصيب الثوب أو البدن كما فصلناه في الفتوى رقم: 60028، والفتوى رقم: 18639، والفتوى رقم: 111398.
فلا حرج عليك في الدم اليسير الذي يسيل من جروح يديك، ولو فرض أن الدم والقيح كثير فإن دم الآدمي نجس في قول جمهور أهل العلم، فتغسل ما أصاب ثيابك وبدنك منهما، ولو لم تعلم بوجودهما إلا بعد الصلاة فصلاتك صحيحة ولا تلزمك إعادتها، وإذا شككت في إصابتها ثيابك ولم تتأكد فلا يلزمك شيء، والأصل أن ثيابك طاهرة، واليقين لا يزول بالشك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/2593)
المجروح إذا جهل هل وصل الدم إلى ثوبه أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يجد أحد في جسده جرحا، ولا يعلم متى جُرح، وليس متأكدا أن وصل الدم إلى ثيابه أم لا، فهل يغير ثيابه أم لا يغيرها إلا إذا رأى الدم بعينه؟ فأرجو إفادتي بفتواكم، وبارك الله جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وجد بجسمه جرحاً، ثم لم يتحقق من أن الدم أصاب الثوب فالأصل أنه لم يصبه، فإذا رأى في ثوبه دماً لا يلزمه تغيير الثوب، بل إن كان هذا الدم كثيراً فإنه يغسله حتى يزيله، وإن بقي له أثر يسير عفي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لخولة بنت يسار حين سألته عن غسل دم الحيض: يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره. رواه أحمد وأبو داود.
وإن كان يسيراً فإنه يعفى عنه، وقد بينا حكم صلاة من صلى وفي بدنه أو ثوبه دم في الفتوى رقم: 18639.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(11/2594)
القيح شرعا وحكم المادة التي تخرج من حب الشباب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف القيح شرعا؟ وهل الحب الذي يخرج في الوجه ويشبه حب الشباب عندما تخرج منه مادة صفراء هي التي تسمى قيحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقيح كما في كتب اللغة: ما خرج من الجرح.
والقيح: المدة الخالصة التي لا يخالطها دم، وقيل هو الصديد الذي كأنه الماء وفيه شكلة دم.
ولا يخرج استعمال الفقهاء عن المعنى اللغوي.
والمادة الصفراء التي تخرج من حب الشباب تدخل في مسمى القيح، وحكم القيح والصديد حكم الدم عند جمهور الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/2595)
مذاهب الفقهاء في غسل موضع الحجامة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا احتجم الإنسان لا يستطيع أن يغسل مواضع الحجامة إلا بعد مرور أربعة وعشرين ساعة ومن موضع الحجامة يخرج دم فهل يعتبر الإنسان نجسا ولا تقبل له صلاة ولا يكتفي بالوضوء مع العلم من يقوم بعمل الحجامة ينظف المكان بمطهر طبي بعد الانتهاء أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدم الخارج من موضع الحجامة إن كان يسيرا فيعفى عنه ولا يلزم غسله عند أصحاب المذاهب الأربعة، وحد اليسير عند المالكية والحنفية قدر مساحة درهم بغلي، وهو الدائرة السوداء التي تكون في باطن ذراع البغل، ويرجع في قدره عند الحنابلة والشافعية إلى ما تعارف عليه الناس عادة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18639 والفتوى رقم: 50288.
وإن كان الدم المذكور كثيرا فيعفى عنه عند الشافعية، ففي فتوحات الوهاب ممزوجا بمنهج الطلاب الشافعي: (و) عفي عن (دم نحو براغيث ودماميل) كقمل وجروح (ودم فصد وحجم بمحلهما وونيم ذباب) أي: روثه وإن كثر ذلك ولو بانتشار عرق لعموم البلوى بذلك. انتهى.
وعند المالكية يكتفي بمسح الدم المذكور ويصلي، ولا يلزمه غسل موضع الحجامة حتى يستطيع ذلك، ففي حاشية الدسوقي المالكي: يعفى عن أثر دم موضع الحجامة أو الفصادة إذا كان ذلك الموضع مسح عنه الدم لتضرره أي المحتجم من وصول الماء لذلك المحل، ويستمر العفو إلى أن يبرأ ذلك الموضع، ثم إن محل العفو إذا كان أثر الدم الخارج أكثر من درهم؛ وإلا فلا يعتبر في العفو مسح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(11/2596)
حكم ما أصاب الثياب أو البدن من دم الفم
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تنظيف أسناني بالفرشاة فإنه ينزل دم من فمي دائما هل هذا الدم نجس إذا أصاب ثوبي أو بدني؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
الدم النازل من الفم يعفى عنه إن كان في حدود اليسير المعفو عنه، وإن زاد على ذلك فتترتب عليه نجاسة ما أصابه من ثوب أو بدن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدم النازل من فمك إن كان داخلا في حدود يسير الدم المعفو عنه فلا تترتب عليه نجاسة ثوبك أو بدنك إذا وقع عليه، ويسير الدم المعفو عنه حدده بعض أهل العلم بكونه قدر مساحة درهم بغلي وهو المساحة السوداء التي تكون داخل ذراع البغل. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 97095.
بينما حدَّده بعض أهل العلم باليسير المتعارف عليه عند الناس عادة كما تقدم في الفتوى رقم: 18639.
وإذا كان الدم النازل زائدا عن القدر اليسير المعفو عنه فتترتب عليه نجاسة الثوب أو البدن إذا أصابهما
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(11/2597)
حكم شرب دم الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرب دم الإنسان وهل هو حلال أم حرام، وإذا خرج في الصلاة فهل ينقض الوضوء؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز شرب الدم ولا تناوله بأي وسيلة وهو معدود من المحرمات الغليظة، قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ... {المائدة:3} ، وأما خروجه من بدن المصلي أثناء الصلاة فإن كان أقل من درهم فإنه معفو عنه رفعاً للحرج، وإن كان أكثر من درهم فإنه يعتبر نجساً تبطل به الصلاة دون الوضوء على الراجح من أقوال أهل العلم، وذلك لما رواه أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه. أخرجه الدارقطني. وانظر للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80160، 3978، 9003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(11/2598)
إحالة على فتوى مفصلة في بيان حكم الدم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى سؤال يحتاج إلى إجابة شافية لي نقل لي أحد طلبة العلم المجتهدين قولاً فى عدم نجاسة الدم نقلا عن اثنين من العلماء الأعلام المعاصرين وقام بالانتصار لهذا الرأي بناء على الأدلة التالية: لا يوجد دليل على نجاسة الدم فى الكتاب إلا آية سورة المائدة (قل لا أجد فيما أوحي....) الآية يقول فإنه رجس أو فسق الضمير يعود على أقرب مذكور وهو لحم الخنزير (وهذا معرف فى اللغة) ، فى السنة حديث المستحاضة وفيه قال أن هذا خاص بدم الحيض وهو لا يقاس على غيره كما أن معلوم نجاسته طبعا وفطرة، حكم نجاسة الدم هو من أقوال الفقهاء وليس عليه دليل شرعي كما سبق، أقوال الصحابة أفعالهم دلت على خلاف ذلك كما يلي:
أ- صلاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين طعن وجرحه يثعب دما
ب- قصة الصحابي الذي كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة وكان عليه الحراسة فوقف يصلى وضرب بثلاثة أسهم وسأل جرحه دما ولم يقطع صلاته (يقول الزمن زمن نزول وحى فأما أنه رآه رسول الله فأقره- لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة- وإن لم يكن رآه فأن الله رآه وهو لا يقر عباده على منكر- قال الزمن زمن نزول وحي مستشهدا بقوله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم يعنى أن الله لن يقر عباده على خطأ)
جـ- قول الحسن مازال أصحاب رسول الله يصلون فى جراحاتهم.
د-هناك أثر عن ابن مسعود أنه نحر جزورا له ثم صلى العصر وثيابه ملطخه ولم يغير ثيابه.
هـ- أن الصحابة كانو يصلون مع النبى وسيوفهم تقطر دما دل كل هذا على أنه مستقر عند الصحابه رضوان الله عليهم أجمعين طهارة الدم
5- وحيث إن الأصل الطهارة الأصلية وأن النجاسة حكم يحتاج إلى دليل (ولا دليل بل الدليل يخالف الحكم) فإن الراجح هو عدم نجاسة الدم، والسؤال الآن: ما مدى صحة هذا الكلام، وما معنى الإجماع فى المسألة حيث إنه كما تعلمت فى دروس الفقه الإجماع لدى الفقهاء على نجاسة الدم، وهل يجوز خرق الإجماع، وهل هذه الأدلة خفيت على علماء المسلمين فلم تكتشف إلا فى القرن الأخير، فأفيدونا أفادكم الله على أحر من الجمر أنتظر الإجابة وبرجاء إرسال نسخة من الإجابة على البريد الخاص بي لتكون مرجع لي فى هذه المسألة معززة باسم فضيلة المفتي جزاكم الله عنا كل الخير وعظم أجركم وغفر ذنبكم ونفع بكم.... آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة في بيان حكم الدم وأقوال الفقهاء في ذلك وهي برقم: 3978 فنحيل الأخ السائل إليها.
وأما قول السائل.. ما معنى الإجماع في المسألة ... إلخ فجوابه أن الفقهاء أجمعوا على نجاسة بعض الدماء كالدم المسفوح، واختلفوا في نجاسة بعضها، ولم يجمعوا على نجاسة كل دم، فارجع إلى الفتوى المشار إليها ونرجو أن تجد ضالتك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/2599)
حكم الدم المتبقي في العروق
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث معي موقف وهو: يوم السبت الماضي قام زوجي بتتبيل اللحم وتركناه لفترة. بعد ذلك جذبتني طريقة التتبيل لدرجة أني لم أرد أرميه فقمت بفصل اللحم عن مائه بإضافة الصوس له. لم أنتبه أن الماء هو الدم بعدها بيوم وعند قراءتي لآيه من آيات القرآن بها تحريم ما معناه أكل الدم. فهل صحيح يرتبط ما فعلته بالآية، وهل علي إثم ذلك، وللعلم أنه كان في نهار رمضان فهل صيامنا صحيح أم لا وهل علي كفارة؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدم المحرم أكله هو الدم المسفوح أي الجاري عند الذبح، وأما الدم الذي يبقى في العروق فلا يحرم، فقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عن الدم المسفوح: يريد ما خرج من الأنعام وهي أحياء وما يخرج من الأوداج عند الذبح، فلا يدخل فيه الدم الجامد كالكبد والطحال لجمودهما، ولا الدم المختلط باللحم في المذبح، ولا ما يبقى في العروق من أجزاء الدم فإن ذلك ليس بسائل. وفي المطالب العالية أن عائشة رضي الله عنها قالت: إن البرمة لتكون في مائها الصفرة ثم لا يحرمها ذلك. أخرجه الطبري في تفسيره وغيره.
وعليه؛ فلا حرج فيما صنعت ولا إثم.
وأما الصوم فلا يفسد بذلك على أي تقدير كان، إذ المفطرات محصورة لك أن تراجعيها في العرض الموضوعي لمركز الفتوى في فقه العبادات ثم تضغطين على الصيام، ثم مفسدات الصوم، فستجدين فتاوى عديدة فيها بيان المفطرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1427(11/2600)
حكم ابتلاع الدم الخارج من الفم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ابتلاع الدم الذي يخرج من فمي؟ أحيانا لا أنتبه إليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم ابتلاع الدم الذي يخرج من فمه أو غيره إذا كان يستطيع دفعه وطرحه لأن الدم نجس وحرام كما هو معلوم، أما إذا لم ينتبه أو لم يستطع طرحه فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، والخطأ والنسيان معفو عنهما، وعليه أن يطهر فمه بعد ما أصابه من النجاسة.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتويين: 12594، 40590
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(11/2601)
حكم نزول الدم إثر عملية ولادة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت كريمة أحياناً تنزف دما من أثر عملية ولادة طفل ميت، وذلك بسبب وجود جرح، وعندما تريد الصلاة تتوضأ ولكن تشك في طهارتها، ملاحظة: النزيف ليس بكثير فربما بضع نقاط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه السيدة التي سألت عن حالتها ذكرت أنها قد أجريت لها عملية لاستخراج جنين ميت، فإن كانت قد طهرت من دم النفاس وصارت تنزل منها نقاط يسيرة بسبب جرح فهذه النقاط لا تعتبر نفاساً ولا حيضاً فلا تمنع الصلاة ولا غيرها، وأما من حيث الطهارة فيعفى عن هذه النقاط إذاكان مجموعها يسيراً، كما سبق بيانه ذلك في الفتوى رقم: 18639، والفتوى رقم: 46561.
وإن زادت تلك النقاط عن القدر الذي يعفى عنه فالواجب غسلها عند إرادة الصلاة لأن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلاة، ومن صلى بالنجاسة عامداً فصلاته باطلة تجب إعادتها، ومن صلى بها ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه عند بعض أهل العلم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1427(11/2602)
حكم الصلاة بملابس فيها دم من الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا هل تجوز الصلاة بملابس فيها دم من الغنم أو البقر أو شيء من الحلال أو من الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الصلاة الطهارة من النجاسة، والدم المسفوح نجس سواء كان من إنسان أو من بهيمة مأكولة كالغنم والبقر، أو غير مأكولة كالبغل والحمار الأهلي، ولا يعفى إلا عن اليسير منه، وقد بينا قدر اليسير في الفتوى رقم: 18639.
وكذلك يعفى عن الدم الذي يجري في عروق اللحم المذكى ذكاة شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(11/2603)
هل يعفى عن الدم المتجمع في تشققات القدم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال هو: يوجد في أسفل قدميّ تشققات، يخرج منها دم في بعض الأحيان، ولا أعلم هل أزيل الدم الذي يتكثف في هذه التشققات أم أتركها.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدم الذي يكون في قدمك بسبب التشقق إن كان يسيرا فإنه يعفى عنه ولا يجب عليك غسله.
واليسير المعفو عنه من الدم اختلف أهل العلم في تحديده، فعند الحنفية والمالكية قدره مساحة درهم بغلي، وهي البقعة المميزة التي تكون في باطن ذراع البغل. وعند الحنابلة والشافعية يرجع في تحديد اليسير إلى ما هو متعارف عليه عند الناس. وللتفصيل في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 18639.
وإذا كان الدم كثيرا فيجب عليك غسله لأن طهارة الخبث شرط في صحة الصلاة، كما يجب عليك إيصال الماء إلى باطن تلك التشققات إذا أمكن وصول الماء إليها، قال الحطاب في مواهب الجليل: قال الباجي في المنتقى: ولو كان أثر الجرح ظاهرا لوجب إيصال الماء إليه وغسله كموضع القطع من الكوع وأصابع القدم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/2604)
أقوال العلماء في حكم دم وبول النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل ذكرتم لنا دليل طهارة بول ودم النبي صلى الله عليه وسلم سنداً ومتنا، وأيضاً كيف لي أن أعرف أن هذا الحديث إنما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحكم عليه بالخصوصية، فهل هناك ضوابط لذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه حكم على البول بالنجاسة ومن ذلك أمره بصب ذنوب من الماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد. والحديث متفق عليه، وقوله عن صاحب القبرين اللذين مر بهما وهما يعذبان: أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله ... متفق عليه، وفي رواية: لا يستنزه، وفي رواية: لا يستبرئ.
والجميع بمعنى واحد، واتفق العلماء على نجاسة بول الآدمي وأما بول النبي صلى الله عليه وسلم فهو مستثنى عند القائلين بطهارته للأدلة التي ذكرنا في الفتوى التي قرأتها.
ومثل بول الآدمي دمه فهو نجس عند جماهير أهل العلم، وذهبت طائفة إلى طهارته، كما بيناه في الفتوى رقم: 3978، وعليه فالقائلون بنجاسة الدم تستثني طائفة منهم دم النبي صلى الله عليه وسلم وتحكم بطهارته وطائفة أخرى تجعله كغيره نجساً، وأما الذين قالوا بطهارة دم الآدمي فلا إشكال في مذهبهم في هذه المسألة، إذ دم النبي صلى الله عليه وسلم عندهم طاهر كغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/2605)
دم الخنزير وغير ماكول اللحم نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[فعن أبي سعيد رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بغلام وهو يسلخ شاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تنح حتى أريك فأدخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها حتى توارت إلى الإبط مضى فصلى للناس ولم يتوضأ} صحيح سنن أبي داود 170، يا شيخ فهل هذا الحديث دليل على أن دم مأكول اللحم طاهر لظاهر النص وأيضا ما هو حكم دم غير مأكول اللحم وما هو الدليل على ذلك وهل يدخل في ذلك الكلب والخنزير مع الدليل.. وما معنى الدحس ولماذا أدخل النبي يده بين الجلد واللحم؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث في سنن أبي داود، ومعنى فدحس بها: الدحس إدخال اليد بين جلد الشاة وصفاقها لسلخها، كما في "عون المعبود" شرح سنن أبي داود.
ومعنى لم يتوضأ: قال الخطابي: ومعنى الوضوء في هذا الحديث غسل اليد، كما في "عون المعبود".
ولا مانع من أن يفهم من الحديث طهارة دم مأكول اللحم بعد ذكاته على افتراض إصابة دم ليده صلى الله عليه وسلم، لكن تفصيل حكم هذه المسألة مذكور في كتب أهل العلم.
فبالنسبة للدم المسفوح وهو الذي خرج عند الذكاة، فهو نجس، لقوله تعالى: أَوْ دَماً مَسْفُوحاً (الأنعام: 145) .
أما غيره مما يوجد في أعضاء الشاة، فهو طاهر، قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل: ودم لم يسفح وهو الذي لم يجر بعد موجب خروجه بذكاة شرعية، وهو الباقي في العروق، وكذا ما يوجد في قلب الشاة بعد ذبحها.
وأما ما يوجد في بطنها فهو من المسفوح، فيكون نجسا، وكذا الباقي محل الذبح، لأنه من بقية الجاري. انتهى.
وبالنسبة لدم ما لا يؤكل لحمه، فبخصوص الخنزير فإن تحريمه قد نصت عليه الآية، ويدخل في ذلك دمه، والآية هي قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ (الأنعام: 145) .
أما غير الخنزير مما لا يؤكل لحمه، فدمه نجس، قال ابن قدامة في "المغني": وإذا ذبح ما لا يؤكل لحمه كان جلده نجسا، وهذا قول الشافعي.. إلى أن قال: ابن قدامة أيضا: ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش جلود السباع وركوب النمور، وهو عام في المذكى وغيره، ولأنه ذبح لا يطهر اللحم، فلم يطهر الجلد. انتهى.
أما سبب إدخاله صلى الله عليه وسلم يده لسلخ تلك الشاة، فذلك عائد إلى حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وحرصه على فعل الخير من إعانة مسلم وقد يكون لاحظ عجز الغلام عن السلخ، أو حصول مشقة عليه في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/2606)
دم النبي صلى الله عليه وسلم وبوله طاهران
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته كانوا لما يحتجمون يمصون الدم ثم يقذفونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأمر أمته بذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18622، ولا يوجد دليل يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يشربون دم الحجامة، بل الذي نقطع به أنهم كانو يقذفون ذلك ولا يبتلعونه لأنه نجس لقول الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً (الأنعام: من الآية145) .
ولا يعارض هذا ما روي أن بعض الصحابة شربوا دم النبي صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن الزبير كما روى ذلك البيهقي، وذلك لأن دم النبي صلى الله عليه وسلم وبوله طاهران، كما صرح بذلك بعض أهل العلم ومنهم النووي في المجموع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/2607)
مدى أثر يسير الدم على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بيسير الدم أو كثيره من الحيوانات المأكولة اللحم وغير المأكولةاللحم ومنها الكلب والخنزير، بالأدلة والترجيح بين الأقوال؟ وبارك الله في كل شيء لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص العلماء على أن الدم المسفوح حرام نجس لا يؤكل ولا ينتفع به، ولم يفرقوا في ذلك بين مأكول اللحم من غيره، ولا يستثنى من هذا الدم إلا الدم الموجود داخل اللحم بعد الذكاة الشرعية، واختلفوا في العفو عن يسيره، وفي حد هذا اليسير، وأكثرهم على العفو عن اليسير لصعوبة التحرز منه وعملاً بقاعدة رفع الحرج، وقد سبق أن فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 3978.
وعلى هذا فلا تصح صلاة من صلى وعلى ثوبه أو بدنه دم، ما لم يكن هذا الدم يسيراً فلا تبطل به الصلاة، وتراجع الفتوى رقم: 18639 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/2608)
فتاوى حول دم السمك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل على أن دم السمك طاهر وهل أيضا طاهر المسفوح منه، وكذلك متى يكون دم السمك نجس وأين كذلك أجد مرجع ورقم ما قالته عائشة رضي الله عنها قالت {كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر} ، وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للحكم الشرعي في دم السمك فراجع التفصيل في الجوابين التاليين: 42742 / 11092.
أما مرجع ما سألت عنه فقد ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، كما هو مذكور في الجواب رقم: 23097.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/2609)
حكم بقاء أثر لون الدم على الثوب بعد غسله
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمرة التي تبقى على الثوب بعد غسل الدم عنه هل تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يؤثر بقاء أثر لون الدم على الثوب بعد غسله إذا شقت إزالة اللون، قال الإمام النووي: ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زواله.
وقال المرداوي في الإنصاف: لا يضر بقاء لون أو ريح أو هما على الصحيح من المذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/2610)
حكم ابتلاع الشخص دمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أمص الدم الذي ينزف من شفتي مع علمي بذلك
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جمهور أهل العلم على نجاسة ما يسيل من دم، وقال البعض بطهارة ذلك غير الخارج من السبيلين، معتمدين على أدلة قد تكون أقوى من أدلة الجمهور، وقد تقدم لنا تفصيل ذلك، ويمكنك مراجعته في الفتوى رقم: 3978 وعلى ما ذهب إليه الجمهور، فإن كنت تمصين هذا الدم وتتفلينه، فلا حرج في ذلك إذا لم يمكن مسحه وإزالته بشيء آخر وتعذر الاحتراز منه، ويعفى عما تزدردينه منه عن طريق الخطأ أو الغلبة أو المشقة.
قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] .
وإن كنت إنما تمصينه وتبتلعينه، فإن ذلك لا يجوز على كل الأقوال، لقول الله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ [البقرة: 173] ، وهو هنا داخل في هذا العموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/2611)
حكم دم السمك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دم السمك، أرجو التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب الحنفية -وهو الأصح عند الحنابلة وهو وجه عند الشافعية- أن دم السمك طاهر، قال الحصكفي: وعفي دم سمك ولعاب بغل وحمار، والمذهب طهارتها. انتهى.
قال ابن عابدين في الحاشية: والمذهب أن دم السمك طاهر لأنه دم صورة لا حقيقة.... انتهى.
وقال ابن مفلح في الفروع: ودم السمك طاهر في الأصح ...
وذهب المالكية والشافعية في الأصح وهو قول عند الحنابلة إلى أنه نجس لعموم قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ [المائدة:3] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أحل لنا ميتتان ودمان ... وأما الدمان فالكبد والطحال. رواه أحمد وغيره.
فلم يستثن من الدماء إلا الكبد والطحال، قال الباجي في شرحه على الموطأ: دم السمك نجس، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة: هو طاهر.... انتهى.
وقال النووي في المجموع: وأما الوجهان في دم السمك فمشهوران.... والأصح النجاسة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/2612)
لا يبطل الصيام بخروج الدم إلا أن يكون حيضا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مقدار الدم الذي يبطل الصيام أو الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تعني بالدم الذي يبطل الصيام أو الصلاة، ما يخرج من غير الفرج كالرعاف ونحوه، فإنه ليس فيه شيء يبطل الصيام، كما سبق أن بيناه في فتاوى سابقة، ويمكن أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 11933، والفتوى رقم: 5761.
وأما الصلاة ففي بطلانها بالدم الخارج تفصيل، يمكن أن تراجع فيه الفتوى رقم: 9749،
والفتوى رقم: 25225.
وإن كنت إنما تسأل عن دم الحيض وعن أقل ما يعتبر منه حيضاً، فإن في ذلك اختلافاً بين العلماء، فمالك لا يرى حدا لأقله، قال صاحب المنتقى: فأما أقل الحيض فقال أصحابنا عن مالك لا حد له. 1/123.
وعند الشافعي وأحمد يوم وليلة أو يوم فقط، قال في المجموع شرح المهذب: وأقل الحيض يوم وليلة وقال في موضع آخر يوم. 2/402.
وعند الأحناف أقله ثلاثة أيام، قال صاحب تبيين الحقائق: وأقل الحيض ثلاثة أيام ... 1/55.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/2613)
شرطان للعفو عن الدم الخارج من الدماميل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة في ظهري، وهي وجود حبوب تسمى بالدمامل، وهي كثيرة، وعند الجلوس أو النوم أو غيرها تنجرح وتنزف دما فتطبع على الملابس الداخلية بقع الدم..فأصبحت كل ملابسي بها بقع دم.
فماذا يجب علي فعله؟
هل غسلها يكفي لطهارتها؟؟؟؟ أم علي رميها وكل يوم أشتري فنيلة جديدة؟؟؟
وإذا صليت وأنا لا أعلم هل هي طاهرة أم لا، فماذا يجب علي؟؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدم الخارج من الدماميل منك لا من أجنبي ولم يكن بفعلك، يعفى عن قليله وكثيره، ولا حرج عليك أن تصلي في هذه الملابس على ما فيها من الدم، وهذا ما تجده واضحًا في الفتوى رقم: 32363 والفتوى رقم: 18639.
ويشترط لما سبق من العفو شرطان:
الأول: أن لا يكون بفعله، فلو قتل براغيث فتلوث به وكثر لم يعف عنه.
الثاني: أن لا يتفاحش بالإهمال، فإن للناس عادة في غسل الثياب، فلو تركه سنة -مثلاً- وهو متراكم لم يعف عنه.
ذكر الشرطين السيوطي في الأشباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(11/2614)
يعفى عما أصاب البدن والثوب من نجاسة ملازمة له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة بثوب عليه دم، علما بأن هذا الدم يخرج من ظهري يوميا بسبب حبوب الشباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أنه يعفى للإنسان عما أصاب ثوبه وبدنه من نجاسة ملازمة له، ومن ذلك ما سألت عنه وهو أثر القيح أو الدم ونحوهما في الثوب من مخلفات ما يعرف بحب الشباب، وذلك للمشقة في غسله دائماً قال الخرشي عند قول خليل: وأثر دُمّل لم يُنْكَأْ، يعني أنه يعفى عن أثر الدمل الذي به والجرب ونحوهما من دم وصديد وماء سائل من نفط نار يصيب الثوب أو الجسد لعسر الاحتراز منه إذا مَصَل بنفسه، وأما إن قشر حال سيلانه فلا يعفى عن أثره لأنه أدخله على نفسه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/2615)
الدم المسفوح حرمه الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك رأي علمي يعضد تحريم الدم المسفوح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأعظم أمر يعضد الإيمان بتحليل الحلال وتحريم الحرام، هو مطلق التسليم لله تعالى، وذلك لا يتأتى إلا برسوخ وحدانيته في قلب المؤمن، فهو سبحانه واحد في ذاته وصفاته وخلقه وأمره، قال عز وجل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْر [الأعراف:54] ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة:208] .
والأصل عند المسلم في علل الأوامر والنواهي هو النصوص الشرعية، وما اقترن بها من العلل المنصوصة، أما ما يتبين للناس بعد ذلك من حكم فما هو إلا زيادة بيان، وليس النص الآمر أو الناهي في حاجة إليها، ولو كان النص في حاجة إليها لتوقف الإيمان به حتى تثبت كل الحكم التي يتوصل إليها بين وقت وآخر، ومع هذا فإننا نوقن أن كل ما شرعه الله حكمة كله وخير كله، وسواء كان في باب الأمر أو في باب النهي.
ومن الحكم التي أثبت الطب الحديث أن الله حرم الدم لأجلها:
1- أن للدم أكثر من مجال في الجريان، فهو يحمل الفضلات إلى الكلى والرئى، ويتم تنقية هذا الدم بهما، والأوعية الدموية بها لونان من الدم: دم فاسد، ودم صالح، فإذا أخذنا هذا الدم فإنه يكون مختلطاً بعضه ببعض، والنوع الذي لم تخرج منه الشوائب في الكلى والرئة يُسمى الدم المسفوح، والذي جاء القرآن بتحريمه.
2- كذلك أثبت الطب أن الدم المسفوح يحمل سمومًا وفضلات من أنسجة البدن كالبولة Urea، وحمض البول Uric Acid، وغاز الكربون وغيرها، وهذا إذا تناوله الإنسان تسبب له في ارتفاع نسبة البولة في دمه، مما يؤدي إلى اعتلال دماغي خطير.
3- الدم وسط صالح لنمو وتكاثر كثير من الجراثيم.
4- أن الدم لا يحتوي إلا على القليل من المواد الغذائية المختلطة بعناصر شديدة السمية، وهو عسر الهضم جدًّا.
5- يؤدي تناول الدم عن طريق الفم إلى ارتفاع اليوريا في دم الإنسان، مما قد يؤثر على المخ ويسبب الغيبوبة المفاجئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/2616)
هل يجوز للجزار أن يصلي في ثوب مهنته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدم من حيث النجاسة أو الطهارة
بمعنى آخر هل يجوز للجزار الصلاة في نفس الملابس التي يذبح بها مع وجود بعض الدم عليها.
وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدم نجس في قول عامة أهل العلم، قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره: قوله تعالى: "والدم" اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس، لا يؤكل ولا ينتفع به قال ابن خويز منداد وأما الدم فمحرم ما لم تعم به البلوى، ومعفو عما تعم به البلوى، والذي تعم به البلوى هو الدم في اللحم وعروقه، ويسيره في البدن يصلى فيه." انتهى.
لكن ينبغي أن تعلم أن الدم الذي يخرج من الذبائح سائلاً متدفقاً هو الذي ينجس ما أصاب من الثوب، أو البدن ونحوهما، لقوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً [المائدة:145] قال الدكتور وهبة الزحيلي في التفسير المنير: والدم المسفوح: أي الدم المهراق السائل الذي يجري ويتدفق في عروق المذبوح، وهذا يدل على أن المحرم من الدم ما كان سائلاً، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد ما خرج من الأنعام وهي أحياء، وما يخرج من الأوداج عند الذبح، فلا يدخل فيه الدم الجامد كالكبد والطحال لجمودهما، ولا الدم المختلط باللحم في المذبح، ولا ما يبقى في العروق من أجزاء الدم، فإن ذلك ليس بسائل. انتهى.
ومما سبق تعلم أخي السائل أنه إذا أصاب ثوبك دم سائل كثير بسبب الذبح فلا يجوز لك أن تصلي فيه إلا بعد غسل ما أصابه من النجاسة، أما إذا كان الدم الذي أصاب الثوب مما اختلط بلحم الذبيحة وعروقها فأصاب ثوبك فلا ينجسه وتجوز الصلاة فيه، والذي ننصحك به هو أن تتخذ ثوباً طاهراً تلبسه كلما أردت الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/2617)
لا بأس بالاستمرار في الصلاة لمن به قرحة وإن سالت دما
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا أجيبوني على سؤالى
أنا شاب مصاب بداء يقول الأطباء إنه مرض مزمن ولدي قرحة في ساقي وينتج عنها خروج بعض الدم مصحوبا بمادة بيضاء تشبه الماء أجدها على الشاش الذي يغطي القرحة أريد أن أعلم ما إذا كانت هذه المادة التي تخرج من ساقي وتشوه الشاش تبطل الصلاة وتنقض الوضوء؟ أفيدوني جازاكم الله عني خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللعلماء ثلاثة مذاهب في هذه المسألة، فذهب الحنفية إلى أن الدم والصديد ونحوه ناقض للوضوء إذا سال من موضع من مواضع الوضوء، وذهب الحنابلة إلى أنه ناقض للوضوء إذا كان كثيراً فاحشاً، وذهب المالكية والشافعية إلى أنه ليس بناقض، وهذا هو القول الراجح إن شاء الله، وذلك لأدلة منها: أن عباد بن بشر رضي الله عنه أصيب بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته. أخرجه البخاري تعليقاً وأبو داود وابن خزيمة.
ويبعد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بهذه الواقعة المشهورة، وكذلك صلى عمر رضي الله عنه، وجرحه يثعب دماً، ولم يزل المسلمون يصلون في جراحاتهم.
فليس عليك بأس إن شاء الله أن تستمر في صلاتك إذا سالت تلك القرحة، خاصة أنها مزمنة فأشبهت حالات السلس والاستحاضة، نسأل الله لك ولمرضى المسلمين الشفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(11/2618)
لا تجوز الصلاة في ثوب ملوث بدم نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة بثوب ملوث بالدم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الدم وأنواعه النجسة والمعفى عنها وأقوال أهل العلم في الجواب رقم 3978 وإذا تقرر أن الدم الذي أصابك هو دم نجس غير معفو عنه فإنه يجب عليك غسل الثوب وما أصاب بدنك منه، لقوله تعالى (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر:4) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/2619)
أجوبة تتعلق في أحكام خروج الدم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خروج الدم من الفم بدون أن يسيل يبطل الوضوء؟ أفتونا آجركم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال العلماء أن خروج الدم من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، سواء أكان قليلاً أم كان كثيراً، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 4101 9003 3978 1795 2957
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/2620)
إجابات حول أثر الدم ونحوه على الوضوء والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم وجود دم أو قيح على الملابس أو الجسم بالنسبة للطهارة والوضوء والصلاة (كالدم والقيح من كيس الشعر في منطقة العصعص) ؟ أفيدوني أفادكم الله......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم خروج الدم من غير السبيلين بالنسبة للوضوء برقم:
9003، والقيح والدم حكمهما واحد.
كما سبق أيضاً حكم الدم واختلاف العلماء في نجاسته وطهارته في الفتوى رقم:
3978.
وأما بالنسبة لحكم صلاة من صلى وفي ملابسه دم أو قيح على القول بنجاستها، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(11/2621)
حكم صلاة من صلى وعلى ثوبه أو بدنه دم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في ثوب وقع عليه دم شخص آخر بسبب جرح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تصح صلاة من صلى وعلى ثوبه أو بدنه دم لأنه نجس سواء كان الدم منه أو من غيره، إلا أنه يعفى عن اليسير من ذلك عند جمهور العلماء.
وقد اختلفوا في حد اليسير، وأكثرهم حده بقدر الدرهم فما دون. ففي العناية شرح الهداية في المذهب الحنفي: (وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار جازت الصلاة معه، وإن زاد لم تجز) .
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: (ودون درهم من دم مطلقاً. يعني أنه يعفى عما كان دون الدرهم من الدم مطلقاً، سواء كان دم حيض أو ميتة أو خنزير أو غير ذلك) . انتهى. والمراد بالدرهم عندهم: الدرهم البغلي وهو الدائرة السوداء التي تكون في باطن ذراع البغل.
وحد الشافعية القليل بالعرف فقد سئل الرملي عن الدم المعفو عنه من الفصد والحجامة والدماميل والقروح، هل هو ما دام على محله وإن كثر وسال أو إذا سال يكون أجنبياً وحينئذ فالدم الأجنبي الذي يعفى عن قليله فقط؟ فأجاب: (بأنه يعفى عن الدم المذكور في محله، فإن كثر وسال منه فإن جاوز محله أو حصل بفعله عفي عن قليله عرفاً دون كثيره، كما يعفى عن قليله من غيره من كل حيوان طاهر. وهذا هو الراجح، وعليه يحمل اختلاف الترجيح فيه الواقع في كلام الرافعي والنووي) . انتهى
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: (الأظهر العفو عن قليل دم الأجنبي من نفسه كأن انفصل منه ثم عاد إليه، ومن غير نحو الكلب لأن جنس الدم يتطرق إليه العفو فيقع القليل منه في محل المسامحة.
قال في الأم: والقليل ما تعافاه الناس أي عدوه عفواً، وعن القديم يعفى عما دون الكف. أما دم نحو الكلب فلا يعفى عن شيء منه لغلظه. كما صرح به في البيان ونقله عنه في المجموع وأقره) . انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: (وظاهر مذهب أحمد أن اليسير مالا يفحش في القلب) . وقال أيضاً: (قال الخلال: الذي استقر عليه قوله يعني أحمد في الفاحش أنه على قدر ما يستفحشه كل إنسان في نفسه) . وقال أيضاً: (ولنا أنه لا حد له في الشرع فرجع فيه إلى العرف كالتفرق والإحراز ... ) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(11/2622)
مذاهب العلماء وأدلتهم في الدم هل هو نجس أم طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الراجح في الدم؟ هل هو طاهر أم نجس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدم ينقسم إلى أقسام اتفق العلماء على حكم بعضها واختلفوا في حكم البعض الآخر فالدم المسفوح عند المالكية نجس سواء كان من سمك أو آدمي أو غيرهما مع العفو عن يسيره ولو خرج من السبيلين، ودليلهم على نجاسته عموم قوله تعالى (أو دماً مسفوحاً) [الأنعام:145] وحديث أسماء المتفق عليه قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ. كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: "تَحُتّهُ. ثُمّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ. ثُمّ تَنْضِحُهُ. ثُمّ تُصَلّي فِيهِ". ولا فرق بين دم الحيض وغيره، ودليل العفو عن اليسير من الدماء عندهم هو رفع الحرج والإصر الكائن في التحرز من قليل الدم وقد قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج: 78] وما تبقى في عروق المذكاة أو عظامها من الدم فهو طاهر لقول عائشة رضي الله عنها: كنا نطبخ البرمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلوها الصفرة من الدم فنأكل ولا ننكره. هكذا أورد القرطبي هذا الأثر وقد أخرجه الطبري في تفسيره من طريقين عن القاسم عن عائشة بنحوه وليس فيه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الدم المصبوب في جوف الذبيحة مما ليس في عروقها فألحقوه بالدم المسفوح كما ألحقوا دم القلب بدم العروق على المشهور في هذين الأخيرين هذا هو حكم الدم عند المالكية وهو قريب من مذهب الأحناف إلا أن الأحناف يقولون بطهارة دم البراغيث والبق ونحوهما مما ليست له نفس سائلة.
أما الحنابلة فالدم عندهم ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
-طاهر.
- نجس لا يعفى عن شيء منه.
- نجس يعفى عن يسيره.
فالطاهر هو دم البعوض والذباب ونحو ذلك مما لا يسيل ودم عروق المذكاة ودم الشهيد الذي لم ينفصل عنه لأمره صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء في دمائهم أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه. والدم النجس الذي لا يعفى عن شيء منه هو كل دم خرج من حيوان نجس أو خرج من السبيلين من الآدمي فلو أصاب الإنسان منه قدر رأس إبرة لزمه غسله، وأما الدم الذي يعفى عن يسيره فهو دم الآدمي أو غيره من الحيوانات الطاهرة هذا هو مشهور المذهب.
أما الشافعية فإن الدم المسفوح عندهم نجس سواء كان من آدمي أو غيره إلا أنه يعفى عندهم عن يسيره كما يعفى عن دم الجروح ولو كان كثيراً شريطة أن يكون من الإنسان نفسه وأن لا يكون بفعله وتعمده وأن لا يتجاوز محله المعتاد وصوله إليه. ويعفى أيضاً عندهم عن دم البراغيث والقمل ونحوهما مما ليست له نفس سائلة فيعفى عنه في الثوب والبدن لعسر التحرز منه عادة، هذا هو ملخص مذاهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى في الدم.
فقد اتفقوا في الجملة على نجاسة الدم المسفوح، كما اتفقوا على العفو عما يصعب التحرز منه من الدماء إلا ما تقدم عن الحنابلة من عدم العفو عن أي شيء مما خرج من سبيلي الآدمي أو من الحيوان النجس، وذهب بعض أهل العلم إلى طهارة دم الآدمي غير الخارج من السبيلين لعدة أمور منها:
أولاً: أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل النجاسة ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الدم إلا دم الحيض مع كثرة ما يصيب الإنسان من جروح ورعاف وحجامة وغير ذلك ولو كان نجساً لبين ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم لدعاء الحاجة إلى بيانه.
ثانياً: أن المسلمين ما زالوا يصلون في جراحاتهم في القتال وقد يسيل منهم الدم الكثير، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بغسله، ولم يرد أنهم كانوا يتحرزون منه تحرزهم من النجاسات.
ثالثاً: أن ميتة الآدمي طاهرة وأجزاؤها طاهرة، فلو قطعت يده لكانت طاهرة مع أنها تحمل دماً وربما كان كثيراً، وإذا كانت ميتة الآدمي طاهرة، أو جزؤه الذي هو ركن في بنيته، فإن الدم من باب أولى. والدليل على طهارة ميتة الآدمي…. قوله صلى الله عليه وسلم: " إن المؤمن لا ينجس". الحديث متفق عليه.
وأما قياسه على دم الحيض فإنه لا يتم لما بينهما من الفروق، والراجح قول الجمهور القائلين بنجاسة الدم للأدلة التي ذكرناها في بداية جوابنا، ومن أراد المزيد في هذا البحث فليرجع إلى: " الشرح الممتع على زاد المستقنع" لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العيثمين رحمه الله، وغيره من كتب الفقه التي تناولت المسألة بالتفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(11/2623)
الأدلة على حرمة المسكرات لا تعارض بمثل ما ذكر في السؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نرد على من يحتج بهذا الكلام في شرب المسكرات فيقول أبو حنيفة إن الذي لا يسكر حلال وأما ما أسكر فهو حرام يحد شاربه، ووجه قوله هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فأدناه من فيه فقطب فرده، فقال رجل: يا رسول الله أحرام هو؟ فرد الشراب ثم دعا بماء فصبه عليه مرتين أو ثلاثا بالماء، وفي رواية عن عبد الملك بن نافع قال: سألت ابن عمر فقلت: إن أهلنا ينبذون نبيذا في سقاء لو أنهكته لأخذ في، فقال ابن عمر: إنما البغي على من أراد البغي، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الركن وأتاه رجل بقدح من نبيذ - ثم ذكر مثل الحديث السابق، إلا أنه قال: فاكسروها بالماء. فهذا الحديث يلوح أن النبيذ المذكور كان من الشدة بحيث لو أكثر منه لأسكر فلم يحرمه النبي صلى الله عليه وسلم بل كسر شدتها بالماء مرتين أو ثلاثا. ولو لم يكن يخاف من الإكثار منه الإسكار لما رده النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان مسكرا بالفعل لما دعا به ثانيا، ولما سكت عن تحريمه ولم يكسر شدته بالماء، لأن المسكر لا يحل بإلقاء الماء عليه. فإن قيل إن الحديث ضعيف لأن في إسناده عبد الملك بن نافع - ويقال فيه عبد الملك بن أخي القعقاع أيضا - وهو مجهول كما في التقريب. قلت: في قول الحافظ هذا اعتساف عن طريق الانصاف، وعدول عن الحق والصواب، فإن الحافظ نفسه قد أقر في تهذيبه أن عبد الملك روى عنه إسماعيل بن أبى خالد، وأبو اسحاق الشيباني، والعوام بن حوشب، وحصين بن عبد الرحمن، وقرة العجلى، وليث بن أبي سليم - فهؤلاء ستة،
أربعة منهم ثقات أثبات، وواحد أعني قرة العجلى ذكره ابن حبان في الثقات. وقال: يخطئ، وواحد صدوق كما في التقريب، فكيف استنجاز الحافظ أن يقول في من روى عنه ستة-لا سيما كهؤلاء- أنه مجهول، أليس هذا إسقاطا للراوي لئلا ينهدم مذهبه؟ وكذلك كل من جرحه فقد جرحه كيلا يسقط قوله - واستثنى منهم البخاري فقد صانه عن المجازفة توقية، ومتانته في الكلام على الرجال إلا ما شاء الله، فلم يزد على قوله روى عن ابن عمر في النبيذ لا يتابع عليه. وقلده العقيلى وهو جرح غير مفسر عند الألباني (الصحيحة هـ / 203) . وأعود فاقول إنه من روى عنه اثنان انتفت عنه جهالة عينه فلا يسمى مجهولا بل مستورا، كما صرح به الحافظ في شرح نخبة الفكر. وقال الذهبي في الميزان: إن من كان من المشائخ روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه فحديثه صحيح. ومن هنا يتبين جهل ابن حزم حيث قال في عبد الملك إنه مجهول، وقال: روى من طريق أسباط وهو ضعيف، والحال أن أسباط ثقة ولم يتفرد به، وقال في العوام إنه ضعيف وهو ثقة، ثبت، وقال في ليث: إنه ضعيف. وكذب فإن الليث صدوق، وانتفت شبهة تدليسه واختلاطه بمتابعة الشيباني وغيره. وأقول بعد ذلك: هب أن الحديث ضعيف فله شاهد من حديث أبي مسعود أخرجه الطحاوي والنسائي. وأما تضعيف ابن حزم إياه بيحيى بن يمان، وعبد العزيز بن أبان فمردود عليه بأن يحيى من رجال مسلم وهو صدوق عابد يخطئ كثيرا فهو إن لم يصلح للاحتجاج به فلا مانع من الاستشهاد به. ونظيره حنظلة السدوسى، قال الألباني: إنهم ضعفوه ولكنهم لم يتهموه بل ذكر القطان وغيره أنه اختلط فمثله يسشهد به (الصحيحة رقم 160) . ونظيره يزيد الرقاشى، قال الألباني: إنه ضعيف، لكنه ليس شديد الضعف فيصلح الاستشهاد به. (رقم 124) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام لا حجة فيه، وتناول المسكرات حرام بنصوص الوحي من القرآن والسنة القطعية الثبوت الدالة على تحريمه، وبإجماع الأمة، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة، فمن النصوص الواردة في تحريمه ما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام. وفي المسند والسنن: ما أسكر كثيره فقليله حرام. وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه: أن رجلا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن- فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو مسكر هو؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، إن على الله عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال عرق أهل النار أو عصارة أهل النار.
وهذه النصوص الواضحة لا تجوز معارضتها بما ذكر. ولا يصح الاحتجاج بهذا الكلام على شرب المسكرات، فقد قال العلماء قديما وحديثا إن هذا الحديث لا يصح، وممن قال بذلك النسائي والبيهقي والدارقطني.. وهم من رواته، وممن قال بعدم صحته حديثا المحدث محمد ناصر الدين الألباني وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(11/2624)
حكم استعمال الأدوية ومواد التجميل المحتوية على نسبة من الكحول أو البول
[السُّؤَالُ]
ـ[اسمحوا لي أن أعرض على فضيلتكم السؤال التالي: هناك بعض الأدوية الأساسيّة أو الثانويّة أو مواد التجميل كمراهم الحماية من أشعة الشمس تحتوي في تركيبتها على مواد مسكرة مثل الكحول- الإيثانول- أو مواد سامة تكون عنصرا أساسيّا في البول كاليوريا أو الميثانول. فهل هذه الأدوية نجسة أو طاهرة؟ وهل يجوز استعمالها عزيمة أو رخصة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان أن الكحول المسكر نجس، وأنه لا يجوز استخدام ما خلط به من الأدوية ومواد التنظيف والتجميل وغير ذلك، كما في الفتاوى: 102938، 63154، 66049.
والمواد التي ذكر السائل أنها عنصر أساس في البول إن كان المقصود أنها مستخلصة من البول فإنها تأخذ حكم البول فيحكم بنجاستها وعدم جواز استعمالها إن كانت مستخلصة من بول غير مأكول اللحم، وإن كانت من بول مأكول اللحم فهي طاهرة، لأن بول مأكول اللحم طاهر في قول كثير من الفقهاء كما بيناه في الفتوى رقم: 2258.
هذا، ومما يجدر التنبه له أننا حيث حكمنا بالنجاسة فإننا نشترط لذلك ألا يكون قد استحال النجس إلى مادة أخرى خلال عملية التنصيع، وأحرى إذا استحال قبل الإضافة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(11/2625)
علة تحريم العطور الكحولية للقائلين به النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار من حضرتكم حول استخدام العطور التي بها نسبة كحول: قد قرأت كثيرا حول الموضوع وطالعت رأي الشيخ ابن العثيمين والشيخ ابن باز ولم أستطع التوصل إلى حل حيث إنه وبحسب الموقع الذي طالعت به آراءهم كان يختلف الحكم.
ولكن لا أخفيكم أنه لا أنفك أفكر أننا وبهذا التحريم إن صح أصبحنا محاصرين في أبسط الأشياء، ومن خلال نقاشي مع أفراد أسرتي كان رأيهم مثلا أن معظم الآراء أصبحت تنصب في نقطة واحدة وهي التحريم لكل شيء تقريبا، وهذا برأيهم يقود إلى النفور بعض الشيء أو النكد بمعنى آخر.
حيث إنني فتاة أحرص على الالتزام بديني ومن ذلك ألا أستخدم هذه العطور في الخارج، ولكني أحب استخدامها داخل المنزل ولا أجد أن استخدامها يسكرني أو يسبب لي أي شعور غريب، وللأسف فإن معظم المنتجات التجميلية والكريمات والشامبوهات تحتوي على نسبة من الكحول. فما الحل؟ أرجوكم أفيدونا برأيكم وجزاكم الله كل خير عنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن علة تحريم العطور الكحولية عند القائلين بتحريمها وهم أهل المذاهب الأربعة ليس لأن المتعطر بها يسكر، وإنما النجاسة لأن الكحول مسكر، والمسكر نجس، لقول الله تعالى في الخمر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ. [المائدة:90] . ثم إن القول بأن تحريم العطور الكحولية يعني بتحريم كل شيء هذا غير صحيح، ويدل على جهل قائله بالشريعة وبالواقع أيضا، فما أكثر العطور الطيبة الخالية من المواد الكحولية، ولكن بعض الناس هداهم الله يضيقون ذرعا بتحريم ما يوافق هواهم مما دل الشرع على تحريمه ثم يقولون كل شيء حرام، والحقيقة أن السبب في ذلك هو كثرة وقوعهم في المحرمات، وليس السبب أن الشرع حرم كل شيء، فلو قال لهم قائل إن الربا حرام، وتضييع الصلوات حرام، والغناء حرام، وحلق اللحية حرام، والتبرج حرام. فسيضيقون ذرعا بذلك لأنهم يقعون في تلك المعاصي، لا لأن كل شيء حرام، ولو كانوا بعيدين عنها لما قالوا ذلك، فنسأل الله أن يهدي إخواننا المسلمين في كل مكان.
وأما عن العطور المحتوية عن الكحول فقد سبق لنا أن بينا ما نراه صوابا في حكمها في الفتويين: 123433، 112455. فلا حاجة بنا إلى إعادة الكلام فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(11/2626)
العطور ومزيلات رائحة العرق المحتوية على الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العطور ومزيلات رائحة العرق التي تحتوي على الكحول؟ وهل يجوز استخدامها أم أنها تنقض الوضوء؟ وإذا استعملها المسلم فما الواجب عليه عمله لكي يكون طاهرا للصلاة وقراءة القرآن إن كان لا يجوز استعمالها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم استعمال العطور، ومزيلات العرق ونحوها، مما يشتمل على الكحول الذي من شأنه الإسكار، وذكرنا أن ذلك لا يجوز، لأن الكحول خمر، والخمر نجسة عند الجماهير، اللهم إلا إذا كانت الكحول قد استحالت إلى مادة أخرى قبل أن تخلط بالعطور فحينئذ يجوز الاستعمال، وانظر لذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 112455، 108518، 104680.
واستعمال هذه العطور المشتملة على كحول ليس من نواقض الوضوء، فإن ملامسة النجاسة لا تنقض الوضوء، وانظر الفتوى رقم: 115116.
وأما ما يفعله من وضع العطور النجسة على بدنه أو ثوبه إذا أراد الصلاة فهو أن يغسل تلك النجاسة حتى يزيلها بالماء من بدنه وثوبه، لأن إزالة النجاسة شرط من شروط صحة الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 116913.
واعلم أن اجتناب النجاسة ليس شرطا في صحة قراءة القرآن، وإن كان اجتنابها عند القراءة أولى وأكمل في الثواب بلا شك، وانظر الفتوى رقم: 74305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(11/2627)
حكم استعمال الكحول في التطهير
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة لصناعة الأجهزة الطبية، وأستخدم دائما الكحول فى تطهير يدي، فما الحكم فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكحول هو المادة المسكرة في الخمر، والخمر نجسة عند جماهير أهل العلم، وذهب آخرون إلى أنها طاهرة، والكحول يلحق بالخمر في ذلك. وعلى قول جمهور العلماء فلا يجوز استعمالها، ويجب اجتنابها، وقد فصلنا هذا الحكم في فتاوى كثيرة وانظر الفتوى رقم: 94919 والفتوى رقم: 112455.
وتسمية الكحول مطهراً مخالف لما دلت عليه نصوص الشرع، والحقائق الشرعية مقدمة على ما عداها، فإن النجس لا يكون مطهراً بحال.
فالواجب عليك اجتناب استعمال هذا الكحول في التطهير، والعدول إلى البدائل الأخرى وهي متوفرة بحمد الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(11/2628)
حكم استعمال عطر لا تعلم محتوياته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنكم قد ذكرتم في الفتوى رقم 97325 بطلان الصلاة لشخص تطيب بطيب يحتوي نسبة من الكحول. طيب ما الذي يدرينا عن وجود الكحول في الطيب أو مستحضرات التجميل وهم لا يكتبون محتواها في كثير من الأحيان؟ أيضا، الكحول مادة متطايرة ولا تبقى على الثياب مدة طويلة، فهل تصح الصلاة عند التأكد أن الثوب جاف تماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعروف أن كل منتج من العطور وغيرها يكتب على علبته مكوناته، ومن ذلك نسبة الكحول فيه إن وجدت، وإلا كتب أنه خال من الكحول، وإذا افترض وجود شيء من هذه العطور لم يكتب عليه ذلك، ولم نعلم وجود الكحول فيه فلا حرج من استعماله لأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت ناقل صحيح ينقل عن هذا الأصل، وأما عن جفاف الثوب من العطر المحتوي على الكحول فلا يكون ذلك مطهرا له، بل لا بد من غسله بالماء. وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 36980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/2629)
حكم العطور المحتوية على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت فتوى للشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بأن العطورالمحتوية على كحول طاهرة ويجوز استعمالها فى الملابس، وبالتالي الملابس لا تتنجس وتصح الصلاة فيها. ما مدى صحة هذا الكلام بالنسبة للمذاهب الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العطور المحتوية على الكحول، إن كان هذا الكحول هو المعروف طبياً (بالإيثانول) فلا شكَ في أنه خمر، ولا خلافَ بين الأئمة الأربعة في أن الخمر نجسة، وإنما قال بطهارتها طائفةٌ قليلةٌ من أهل العلم ك ربيعةَ شيخ مالك والمُزني صاحب الشافعي، والقولُ بنجاستها هو الصواب فإن الله تعالي قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} .
ووصفُ الخمر بأنها رجس دليلٌ على نجاستها، فإن قيل: إنها قرنت بالميسرِ والأنصاب والأزلام وهي طاهرة فدل على أن الرجس في الآية هو الرجس المعنوي، قلنا: خرجت هذه الثلاثة بالإجماع فبقيت الخمرُ على الأصل، فإن قيل: فلم يأمر النبي صلي الله عليه وسلمَ بغسل الأواني من أثر الخمر ولا بغسل الأرض من أثرها وقد أمر بإراقتها في سكك المدينة حين حرمت، قلنا: لا يلزمُ أن يرد الأمر بغسلها في كل حديث، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه الأمر بغسل الأواني من أثر الخمر، فقد سأله أبو ثعلبة: إنّا نكونُ بأرضِ قومٍ أهل كتاب وهم يأكلون في آنيتهم الخنزيرَ ويشربون فيها الخمر، أفنأكلُ في آنيتهم، فقال: لا إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها. وأصله في البخاري.
فدلَ بوضوح على أن المستقر عند الصحابة نجاسةُ الخمر وإلا لما سألوا عن أثرها المشكوك فيه، ودل أمر النبي صلي الله عليه وسلم بغسلها على نجاستها، فهذا الحديث مع وصف الخمر في الآية بأنها رجس كافٍ جداً في الدلالة علي صحة مذهب جماهير العلماء القائلين بنجاسة الخمر، وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن أن تُتَّخذ الخمر خلاً. رواه مسلم.
فنهى عن تعمدِ تحويلها إلى عينٍ أخرى ليمكن الانتفاع بها وليست حينئذٍ خمرا، فكيفَ يجوزُ الانتفاع بها وهي لم تزل خمراً حساً ومعنى.
وقد انتصرَ العلامة الشنقيطي في أضواء البيان في الكلامِ على آية المائدة للقولِ بنجاسة الخمر فأجاد وأفاد رحمه الله، فدل جميعُ ما سقناه على نجاسة الخمر وعدمِ جواز الانتفاع بها لا في العطور ولا غيرها.
وليس معني هذا أننا نقدحُ في أحدٍ من أهل العلم أو ننتقصُ منه، ولكن الدليل هو العَلَم الذي يجبُ أن يشمر إليه كل مسلم، والمجتهد المخالف معذور، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المصيب من المجتهدين يؤجرُ أجرين، والمخطئ يؤجرُ أجراً واحدا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(11/2630)
الخمر والكحول والخل المتخذ من الخمر وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[تابعت الفتاوى الخاصة بحكم الخل وأصله، وأنا مقيم حديثا بفرنسا ويوجد هنا نوعان من الخل، خل من الكحول وخل من الخمر! فهل هناك فارق بين الكحول والخمر، وما هي طبيعة الخل الذي كان يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد سمعت من أحد الأشخاص أنه صلى الله عليه وسلم كان يضع فيه ما يطهره؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين عن عائشة: كل مسكر خمر وكل خمر حرام. وفي البخاري: الخمر ما خامر العقل. من حديث ابن عمر وهو في مسلم كذلك، فهذا ضابط شرعي شامل لأنواع الخمر مهما اختلفت أصولها أو أسماؤها والكحول مسكر فهو خمر ولا فرق.
والخل المتخذ من الخمر هو ما تخلل بنفسه بدون تخليل مصطنع، لما جاء في حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلا، فقال: لا.
وهذا مذهب الجمهور من الشافعية والحنابلة ورواية للمالكية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20249.
أما الخل الذي كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال صاحب تحفة الأحوذي: وأما حديث نعم الإدام الخل فالمراد بالخل الخل الذي لم يتخذ من الخمر جمعاً بين الأحاديث. وكلامه يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخذ الخل لا من الخمر.
أما حديث خير خلكم خل خمركم. فرواه البيهقي في المعرفة عن جابر مرفوعاً، وقال رواه المغيرة بن زياد وليس بالقوي وعلى احتمال صحته فأهل الحجاز يسمون خل العنب خل الخمر. انتهى.
أما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع في الخل ما يطهره فهذا لا نعلمه ولا نقله أهل الحديث والفقه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل الوارد في حديث أنس السابق النهي عن التخليل حتى نهى عن تخليله لليتامى مع حاجتهم لبيعه والنهي عن إتلاف مال اليتيم، فلو كان ثم إذن فيه لأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم لليتامى فيدل على حرمة تخليل الخمر أو تطهيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/2631)
هل الملعونون في الخمر ملعونون في السجائر كذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يقول بأن السبعة الملعونين في شرب الخمر لعنوا أيضاً في السجائر وأن الخمر في حرمة السجائر فهل هذا صحيح؟ وما هي عقوبة المدخنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب على السؤال نريد أولا أن ننبه إلى أن الملعونين في الخمر هم عشرة كما في الحديث الشريف وليسوا سبعة.
وفيما يخص موضوع السؤال فلا شك أن التدخين محرم لما يترتب عليه من الضرر على الصحة ولأنه من الخبائث بالإضافة إلى المفاسد الأخرى مثل إهدار المال وحرقه في غير حق شرعي إلا أن اللعن الذي ورد إنما ورد في الخمر وليس في السجائر، وتحريم التدخين ثابت بأدلة صحيحة ولكنها غير صريحة، وأما الخمر فثبت تحريمها بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وأدلتها في كل ذلك صريحة، وقد ثبت فيها الحد في الدنيا مع ما توعد به شاربها في الآخرة.
ويفترق التدخين عن الخمر بوجوب الحد في الأخير وليس هناك حد في التدخين مع أنه محرم.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين التاليتين: 51605، 32268.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/2632)
حكم استعمال معجون الأسنان المحتوي على مادة كحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة تنبهت إلى أن معجون الأسنان الذي أستعمله يحتوي على مادة تسمى سوربيتول، وعلى حد علمي فإن هذه المادة هي نوع من الكحول، بحثت في الأسواق عن معجون أسنان لا تدخل هذه المادة في مكوناته فلم أجد، فهل يجوز استعمال هذا المعجون والحال كذلك، خاصة وأنه يستحيل أن يستعمل المرء معجون الأسنان دون أن يدخل شيء ولو يسيرا منه إلى جوفه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز استعمال ما كانت الكحول داخلة في تركيبته، ما لم يعلم أن الكحول قد استحالت قبل الخلط إلى ما لا يسكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكحول هي المادة المسكرة في الخمر، ولا يجوز استعمال أي نوع منها، لأنها إذا خالطت أي شيء قبل استحالتها فإنه يتنجس بها، وقد ذكرنا في فتاوى كثيرة أن المواد التي تحتوي على كحول ولم تتحول قبل الخلط تعتبر نجسة ولا يجوز استعمالها.
وأما إذا كانت الكحول قد استحالت استحالة تامة -أي تحولت- إلى ما لا يسكر وذلك قبل خلطها بغيرها، فإنها بذلك تطهر، لأن اسم الخمر لم يعد يطلق عليها لزوال وصف الإسكار عنها، وعليه فإذا كان من المحقق أو الغالب على الظن أن المعجون المذكور يحتوي في تركيبه على كحول فإنه لا يجوز استعماله ما لم يعلم أن مادة الكحول قد استحالت قبل خلطها إلى ما لا يسكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1429(11/2633)
السنة التي حرمت فيها الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[متى كان تحريم الخمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبتت حرمة الخمر بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، وقد حرمت نهائياً في المدينة سنة ثلاث للهجرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن الخمر حرمت سنة ثلاث بعد أحد باتفاق الناس. انتهى.
لكن تحريم الخمر كان بتدرج، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 21211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(11/2634)
خلط الخمر باللحم ونحوه
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً كثيراً لكم على راحة المؤمنين أنا في حيرة شديدة من أمري وأرجو أن تجيبوني بأقرب وقت ممكن البارحة اكتشفت أن زوجي يضع قليلا من زجاجة فيها مشروب كحولي على صلصة مع ماء لنقع اللحوم قبل شويها على الرغم أنه لا يشرب، أكلنا نحن وأصدقاء وأقارب لنا دون علم فأفيدوني أرجوكم فقناعة زوجي من زمان أن الكحول في الماء وعلى النار يتبخر ومقتنع أنه حلال أنا لا أقدر أن أواجهه فهو عصبي لأبعد الحدود وحياتنا ستتحول إلى جحيم وأنا أشعر أن واجبي الديني أن أخبر صديقه، لكن أخاف أن نخسرهم وقريب زوجي أخاف أن يخبره انصحوني فأنا أتعذب، وهل يجوز وضع مشروب مع النقع أنا أبداً لا أبالغ عن طبع زوجي حتى ولدي يقول لي إياك أن تخبريه أنك عرفتي فقد يطلقك وابني صغير لا توجد لديه الجرأة لإخباره ومشكورين فأرجو أن تجيبوني بأقرب وقت لأنه عندنا المزيد من المشروب قبل أن يستعمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عليك أن تستعيني بالله تعالى وتنصحي زوجك بطريقة ودية وتبيني له الحكم الشرعي، وتوجهي إليه بعض إخوانه وأصدقائه المأمونين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخمر حرام بالإجماع -كما هو معلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم- وهي نجسة نجاسة عينية في قول أكثر أهل العلم، بل حكى بعضهم الإجماع على نجاستها، ولذلك لا يجوز للمسلم استعمالها أو الانتفاع بها أو خلطها بالطعام أو بغيره، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 78826، والفتوى رقم: 23146 نرجو أن تطلعي عليهما.
وبخصوص زوجك فإن عليك نصيحته بهدوء ورفق ولين وبيان الحكم الشرعي له بطريقة هادئة، فالظاهر من معطيات سؤالك أنه متأول ويظن أن الكحول تطهر بالنار، وهو خطأ ينبغي تنبيهه عليه بطريق النصح والمودة.. واستعيني عليه وعلى كل أمورك بالله تعالى وبدعائه وخاصة في أوقات الإجابة، وإذا لم تستطيعي الحديث معه في هذا الموضوع فانظري بعض أصدقائه وأقاربه ممن تتوفر فيهم صفة النصح والصلاح والأمانة والكتمان ... وحمليه المسؤولية حتى يقوم بنصح أخيه وبيان الحكم الشرعي له في هذه المسألة بالطريقة التي يراها مناسبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(11/2635)
حكم من دفع ثمن مشروب عن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[لمناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة بي قام الأساتذة المشرفون بدعوة أحد الأساتذة المختصين الأجانب وفي الغد طلب مني اصطحابه من النزل إلى المطار. المشكلة هي أنه طلب مني في الفندق أن أدفع فاتورة لمشروب (خمر) كان الأستاذ الأجنبي قد تناوله ووجدت نفسي مجبرة على ذلك. ومنذ ذلك الحين وأنا قلقة حيال ما قمت به. هل هو حرام؟ وإن كان فما الذي يجب علي؟ وهل أطلب من المشرفين تعويض المبلغ لي؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلا صة الفتوى:
الظاهر أنه لا إثم عليك ولا حرج إن شاء الله، لأن ما دفعت كان قضاء لدين قد استقر في ذمة الأستاذ.. ولا يحق لك تعويضه من المشرفين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد دفعت قضاء لدين قد استقر في ذمة الأستاذ –وهو ما يبدو من السؤال– فلا حرج عليك إن شاء الله، بغض النظر عما تحمله فيه، حلالا كان أو حراما.
وإن كنت قد دفعت ثمن المشروب قبل أن يكون دينا على الأستاذ فهذا حرام لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وعليك بالمبادرة بالتوبة النصوح إلى الله تعالى. فقد قال الله عزوجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}
وقد روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له. صححه الألباني.
وبخصوص المبلغ الذي دفعت فليس لك حق شرعي في الرجوع به على المشرفين ما داموا لم يأمروك بالدفع أو يطلبوه منك فلا علاقة لهم به.
كما ننبهك إلى أنه ما كان يجوز لك اصطحاب الأستاذ المذكور إلى المطار وخاصة إذا كانت تحصل بذلك الخلوة المحرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(11/2636)
حكم استخدام الكريمات المصنوعة من الكحول المركب
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا يضعون الكحول المركبة (ليست كحول شرب) في بعض مواد الشعر وكريمات للوجه، فهل يجوز استخدام هذه الكريمات أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كانت الكحول قد استحالت خلال التصنيع فالمركبات المذكورة طاهرة وإلا فلا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الكحول قد استحالت عند التصنيع إلى ما لا يسكر، فإنها تطهر بذلك ويجوز استعمالها على كل حال، وأما إن كانت لم تستحل فإن الراجح من أقوال أهل العلم نجاستها، وعليه فلا يجوز استعمال ما خالطته، وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 56545 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(11/2637)
التوبة من حمل الكحول وتقديمه لمن يشربه
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام المدرسية إحدى المدرسات طلبت مني أن أعطي قنينة من الكحول (علما بأني أعيش في إحدى الدول الغربية) ، إلى امرأة كانت ضيفة في المدرسة وعندما طلبت مني أن أعطيها الكحول أصبحت تحت ضغط ولست أدرى ماذا أفعل فقمت بإعطاء المرأة قنينة الكحول وهذا حدث السنة الماضية وإلى الآن عندما أذكر هذا الموقف أحزن جداً وأقول لنفسي إني قد أغضبت الله سبحانه وتعالى فماذا أفعل لكي أكفر عن هذا الفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عليك المبادرة إلى التوبة وعقد العزم على عدم العودة لمثل هذه المخالفة الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وصححه الألباني.
ولذلك فإن عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى مما فعلت من تقديم أم الخبائث إلى المرأة وتعقد العزم على ألا تعود لمثل ذلك فيما بقي من عمرك، فإن تبت على هذا النحو فأبشر فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(11/2638)
الشراب المسكر حرام وإن لم يسكر قليله
[السُّؤَالُ]
ـ[طرح أحد الإخوة من المسلمين الألمان قضية مهمة تتعلق بمشروبي القهوة أو المشروبات التي تحمل مادة الكوفائين ومشروب الكوكا، وقد كان الرجل من مدمني المخدرات قبل إسلامه، فقال إن مادة الكافيين مصنفة في ألمانيا تحت قائمة المخدرات، وكذلك بالنسبة لمادة الكوكا، وأكد أنه سبق له في يوم من الأيام أن أصيب بسكرة شبيهة بسكرة المخدر بعد أن تناول كمية تعادل ليترين ونصف في يوم حار، فهل يمكن اعتبار القهوة والكوكا من المخدر الممنوع بناء على القاعدة ما أسكر كثيره فقليله حرام، أم أن للقهوة والشاي والكوكا أحكاما تختلف عن حكم المسكرات التي في الخمر، هل للمخدر اعتبار آخر غير اعتبار المسكر كون فعله في العقل يختلف اختلافا تاما عن فعل المواد الكحولية المسكرة، من حيث تحفيزها لعمل الدماغ وتنشيطها أحيانا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا ثبتت صفة الإسكار لطعام معين أو شراب فإنه يعتبر محرماً، لا فرق بين كثيره وقليله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس المهم في معرفة ما إذا كان الشراب محرماً أم لا أن يكون مصنفاً تحت قائمة المخدرات، وخصوصاً إذا كان التصنيف في بلد غير مسلم، ولكن المهم في ذلك هو أن يثبت أن هذا الشراب مسكر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. رواه الترمذي وحسنه من حديث جابر.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل ما أسكر حرم، وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام. وفي رواية: الحسوة منه حرام.
وجمهور أهل العلم على أن أي طعام أو شراب حصل الإسكار بشرب كمية منه فإنه يصير محرماً، لا فرق بين كثيره المسكر وقليله الذي لا يسكر، وخالف في هذا الحنفية وهم محجوجون بالأحاديث السابقة، وهي صحيحة، قال ابن قدامة في المغني: الفصل الأول: أن كل مسكر حرام، قليله وكثيره، وهو خمر حكمه حكم عصير العنب في تحريمه ووجوب الحد على شاربه، وروي تحريم ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وأبي بن كعب وأنس وعائشة رضي الله عنهم وبه قال عطاء وطاووس ومجاهد والقاسم وقتادة وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد وإسحاق، وقال أبو حنيفة في عصير العنب إذا طبخ فذهب ثلثاه ونقيع التمر والزبيب إذا طبخ وإن لم يذهب ثلثاه ونبيذ الحنطة والذرة والشعير ونحو ذلك نقيعاً كان أو مطبوخاً كل ذلك حلال إلا ما بلغ السكر ... انتهى.
وينبغي الانتباه إلى أن الإسكار قد يتزامن مع تناول مشروب معين، ويكون له سبب غير ذلك المشروب.. فهذا ليس داخلاً تحت ما ذكر، وقد يكون منه ما ذكره ذلك الشخص من أنه أصيب بسكرة شبيهة بسكرة المخدر بعد أن تناول كمية من تلك المشروبات تعادل ليترين ونصف في يوم حار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(11/2639)
أم الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أم الفواحش؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أم الفواحش هي الخمر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أم الفواحش -أعاذنا الله منها- هي الخمر كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته. رواه الدارقطني في سننه والطبراني في معاجمه، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(11/2640)
هل على مدخن الحشيش غسل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق كان يشرب الخمر ويزني ويدخن الحشيش، الآن الحمد لله قد تاب إلى الله وتوقف نهائيا عن الزني وشرب الخمر بعد أن تزوج ويصلي جميع الأوقات، ولكن لم يترك الحشيش نهائيا حيث بداً بالتقليل منه إلى أن أصبح يدخنه بعد صلاة العشاء فقط وبكمية قليلة فقط ولا يدخن إلا بعد صلاة العشاء.
السؤال هو: هل على مدخن الحشيش غسل الطهارة مثل شارب الخمر؟ وبارك الله فيكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على صديقك أن يحمد الله تعالى أن وفقه لترك هذه الموبقات الكبيرة والتوبة منها، فقد رجح أهل العلم قبول توبة من تاب من بعض المعاصي فيما تاب منه، كما قال شيخ الإسلام في الفتاوى، وعليه أن يبادر بالتوبة من الحشيشة وتدخينها فإنها نجسة ومحرمة لا يجوز تناولها في أي وقت من الأوقات، وقد سبق بيان تحريمها وأضرارها واختلاف أهل العلم في نجاستها في الفتوى رقم: 24171 وما أحيل عليه فيها، فنرجو أن تطلع عليها.
ولذلك فإن على من يتناولها أو يمسها أن يطهر ما مسته من جسده على القول بنجاستها كما يجب على من مسته الخمر أن يطهر ما مسته، أما ما لم تمسه الحشيشة أو الخمر من جسده فلا يلزم غسله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(11/2641)
حكم شرب واستعمال الماء الذي خالطته خمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الماء الذي خالطه خمر، هل يجوز الشرب والتوضؤ به والاغتسال كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخمر نجسة نجاسة عينية عند أكثر أهل العلم، بل حكى بعض أهل العلم الإجماع على نجاستها، وبالتالي فإذا خالطت الماء وغيرت لونه أو طعمه أو ريحه فهو نجس لا يجزئ به الوضوء ولا الغسل ولا يجوز شربه، وكذلك الحكم أيضاً إذا لم يتغير الماء، لكنه كان قليلاً دون القلتين عند جمهور أهل العلم، وإذا كان قلتين فأكثر ولم يتغير فتجزئ به الطهارة ويجوز استعماله للشرب ونحوه، وراجع الفتوى رقم: 61576، والفتوى رقم: 23146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(11/2642)
حكم استعمال العطورات المحتوية على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال العطورات التي فيها كحول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم استعمال العطورات التي تحتوي على الكحول، فذهب بعضهم إلى جواز استعمالها وذهب آخرون إلى المنع وهو الراجح، كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/2643)
اعتراضان وجوابهما حول نجاسة الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سألتكم عن حكم الكحول هل هو نجس أم طاهر فقلتم إنها نجسة قياسا على الخمرة، ولكني وجدت في أحد المواقع فتوى تقول بأن الخمرة ليست نجسة بدليل حادثتين وقعتا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأولى عندما حرمت الخمرة لأول مرة عندها سكب المسلمون ما لديهم من الخمرة في شوارع المدينة ولم ينههم النبي عن ذلك رغم أنه كان ينهاهم عن التبول في الشوارع، والثانية عندما جاء أحد المسلمين يهدي إلى النبي خمراً ولم يكن يعلم أنها حرمت فأمره بسكبها على الأرض ولم يأمره بغسل الإناء فما صحة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخمر نجسة في قول جمهور العلماء واستدلوا لذلك بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} ، وكما رواه أحمد وأبو داود واللفظ له عن أبي ثعلبة رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها -أي اغسلوها- بالماء وكلوا واشربوا.
وقد ناقش الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب الاستدلال على نجاسة الخمر بهذا النوع من الاستدلال، ثم قال رحمه الله: وأقرب ما يقال ما ذكره الغزالي أنه يحكم بنجاستها تغليظاً وزجراً عنها قياساً على الكلب وما ولغ فيه.
والصحابة الكرام رضي الله عنهم لما علموا حرمتها أراقوها حتى سالت في الطرقات، ولا دليل على طهارتها من مجرد إراقتهم لها في الطرقات، فربما علموا بالحرمة ولم يعلموا بالنجاسة لأنه لا يلزم من الحرمة النجاسة، وربما أراقوها على جوانب الطرقات وعبر الراوي بالطرقات لقربهما، أو أراقوها حول الطريق ولكثرتها سالت في الطرقات إلى غير ذلك من الاحتمالات التي ترد على الاستدلال بهذا العمل، وكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بإراقتها كان في الحائط أي البستان وليس في الطريق، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو ينش فقال اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر.
والاستدلال بكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابي الذي أهدى إليه الخمر جاهلاً بتحريمها وحديثه في صحيح مسلم استدلال غير سالم من الاعتراض لأنه معلوم للصحابة وجوب غسل آنية الخمر، وذلك لأنه تقرر لديهم وجوب غسل النجاسات عموماً وغسل ما أصابته الخمر خصوصاً، كما سبق. والخلاصة أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم ولكل دليله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(11/2644)
حكم استعمال الكحول المعالج
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد المواقع العلمية أن الكحول المعالج denatured أو denat هو عبارة عن كحول إيثيلي مضاف إليه مادة سامة بحيث تمنع الذين يشربونه للسكر من شربه, فإذا شربه ربما أو سوف يصاب بالعمى، فهل ذلك الكحول يجوز استخدامه في العطور؟
سؤال آخر: العطور التي تحتوي على كحول إيثيلي ولكن نسبته قليلة بحيث إذا شرب مهما كثرت الكمية التي شربت لا يسكر، فهل يجوز استخدام العطور التي على هذه الصفة؟ أرجو بالله عليكم الإجابة دون الإحالة إلى فتاوى أخرى، وعن السؤال الأول خاصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكحول هي المادة المسكرة في الخمر، ولا يجوز استعمالها لأنها إذا خالطت أي شيء قبل استحالتها فإنه يتنجس بها، وقد ذكرنا في فتاوى كثيرة أن المواد التي تحتوي على كحول ولم تتحول قبل الخلط تعتبر نجسة ولا يجوز استعمالها، وإن كان بحيث لو شربه شارب أصيب بالعمى كما ذكر السائل.
أما إذا كانت الكحول قد استحالت أثناء تصنيعها استحالة تامة إلى ما لا يسكر وذلك قبل خلطها بغيرها، فإنها بذلك تطهر، لأن اسم الخمر لم يعد يطلق عليها لزوال وصف الإسكار عنها.
وما ذكرناه في هذه المسألة يكفي جواباً عن سؤالك الثاني، لأن الكحول إذا خالطت أي شيء قبل استحالتها ولو كانت النسبة المستعملة منها قليلة جداً، فإن ذلك الشيء يتنجس، لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 74229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(11/2645)
حكم تناول الأطعمة إذا تحول فيها الكحول الإيثيلي إلى ما لا يسكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل بخصوص الفتوى رقم 66049 حيث أفاد الشيخ بتحريم الكحول الإيثيلي تحريماً قاطعاً حتى لو تبخر قبل الاستعمال فالخميرة التي تستعمل في العجين لإنتاج الخبز تعمل على تحويل السكر الموجود في العجين إلى كحول إيثيلي وغاز ثاني أكسيد الكربون، فإذا كنا سنلتزم بهذه الفتوى فإن الخبز الذي نأكله سوف يكون محرماً علينا، كما أن الخل والذي ثبت أن أكله حلال يصنع بتحويل السكر إلى كحول إيثيلي ومن ثم يتحول الكحول إلى حامض الأستيك، فهل هذا معقول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل ما للكحول الإيثيلي من أضرار بالغة على الصحة، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 64420.
والذي ذكرناه في الفتوى التي أشرت إلى رقمها هو أنه بما أن الكحول هو المادة المسكرة في الخمر، فلا يجوز استعمالها في تنظيف المعدات أو صناعة الأدوية أو غير ذلك, سواء بقيت الكحول أو تبخرت، أي أنها إذا خالطت الأدوية قبل استحالتها فإنها تتنجس بها ولا يجوز استعمالها بعد ذلك, ولو تبخرت الكحول بعد إضافتها إلى الأدوية.
وذكرنا في فتاوى كثيرة جداً أن المواد التي تحتوي على كحول ولم تتحول قبل الخلط تعتبر نجسة ولا يجوز استعمالها، أما إذا كانت الكحول قد استحالت أثناء تصنيعها هي استحالة تامة إلى ما لا يسكر وذلك قبل خلطها بغيرها، فإنها بذلك تطهر، لأن اسم الخمر لم يعد يطلق عليها لزوال وصف الإسكار، ولا يخرج عن هذا الحكم خبز ولا خل ولا غيرهما من الأطعمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(11/2646)
خمر الدنيا وخمر الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي آية في القرآن الكريم ذكر الخمر في الجنة، الذي لا أفهمه، أليس كلمة الخمر هي من التخمير وكل أنواع الشراب التي تجعل من يشربها يفقد التركيز لأنها تحتوي على الخمر، فلماذا حرمه الله علينا بالدنيا وحلله سبحانه وتعالى بالآخرة، أنا أعلم أن الله ذكر الخمر في الجنة لا يؤذي أو يفقدنا عقلنا، ولكن مع هذا أتساءل لماذا قيل الخمر، فكنا نعلم الخمر هو من التخمير، فأرجو توضيح هذا لي لأني أحتاج لتفسير أكثر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى ذكر خمر الجنة ومن ذلك قوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ {محمد:15} .
واعلمي أن الله تعالى حكيم في تدبيره وتشريعه وقد حرم الخمر في الدنيا لما فيها من الضرر على العقل والجسم, وأباحها في الآخرة وجعلها لذة للشاربين منزهة عن قاذورات خمر الدنيا وأذاها وما فيها من الأضرار، فنفى عنها صداع الرأس ووجع البطن وإزالة العقل بالكلية، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 4295.
واعلمي أنه أنما سميت الخمر خمراً لأنها تركت فاختمرت أي تغير ريحها, وقيل سميت بذلك لمخامرتها العقل أي مخالطته، وقيل لأنها تغطي العقل أي تستره, يقال اختمرت المرأة لبست الخمار, والتخمير التغطية يقال خمر إناءك، قال صاحب القاموس: سميت خمراً لأنها تخمر العقل وتستره، أو لأنها تركت حتى أدركت واختمرت، أو لأنها تخامر العقل، أي: تخالطه. وراجعي كتب المعاجم كلسان العرب والنهاية وكتب التفسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(11/2647)
استعمال الكحول في تنظيف المعدات وتحضير الأدوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مصنع لإنتاج الأدوية ونستخدم الكحول في عمليات تنظيف المعدات، كما يستخدم أحياناً في تحضير بعض الأدوية، ولكن بطريقة بحيث لا يظهر بالمنتج النهائي، حيث يتم تبخيره، فما حكم ذلك، علما بأن أيا من الأدوية المنتجة لا يسكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن المادة المسكرة في الخمر والتي هي علة تحريمها ونجاستها هي الكحول أو بالتعبير الكيميائي الإيثانول أو إيثيل ألكهول =C2H5OH.
ومن طرائف المعرفة ما ذكره الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله من أن كلمة كحول أصلها عربي قرآني وهي محرفة عن كلمة (الغول) المذكورة في القرآن: لَا فِيهَا - أي خمر الجنة - غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ {الصافات:47} ، وفي عصر النهضة الأوروبية تُرجمت الكتب العربية وخاصة الطبية ولما لم يكن في حروفهم حرف الغين نطقوا الغول (الكول) ثم نطقها الأتراك (الكحول) .
وعليه فبما أن الكحول هو المادة المسكرة في الخمر، فلا يجوز استعمالها في تنظيف المعدات أو صناعة الأدوية أو غير ذلك سواء بقي الكحول أو تبخر، فقد قال الله تعالى في الخمر: رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوه ُ {المائدة:90} ، والأمر بالاجتناب من أشد صيغ التنفير والتحريم في القرآن الكريم، وهي تفيد تحريم كافة أوجه الاستعمال، قال القاضي ابن العربي: يريد أبعدوه واجعلوه ناحية وهذا أمر باجتنابها والأمر على الوجوب لاسيما وقد علق به الفلاح.
ومحل ما تقدم من عدم جواز استعمال الكحول هو عند عدم الضرورة إلى استعماله، وإلا جاز، فقد قال تعالى: ِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119} ، وراجع الفتوى رقم: 17866، والفتوى رقم: 254.
ولعل من المفيد أن نختم هذه الفتوى بذكر هاتين الحادثتين:
أما الأولى: فقد جرت مع السيدة عائشة رضي الله عنها حينما جاءتها مجموعة من النسوة من حمص للزيارة وقالت امرأة منهن: لي بنات أمشطهن بهذا الشراب، فقالت عائشة: بأي الشراب؟ قالت: الخمر، فقالت لها: أفكنت طيبة النفس أن تمشطي بدم خنزير؟! قالت: لا. فقالت لها السيدة عائشة رضي الله عنها: فإنه مثله. أخرجها الحاكم في المستدرك 4/289، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الحافظ الذهبي على ذلك.
وأما الثانية: فهي ما رواه الإمام ابن جرير الطبري في تاريخه 2/491، 492 من أن: عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن خالد بن الوليد دخل الحمام فتدلك بمادة معجونة بخمر، فكتب إليه: بلغني أنك تدلكت بخمر، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنه كما حرم ظاهر الإثم وباطنه، وقد حرم مس الخمر إلا أن تُغسل كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس، وإن فعلتم فلا تعودوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(11/2648)
حكم دراسة أنواع الخمور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى مجال المطاعم مطلوب مني أذاكر وأدرس الخمور من أجل الترقية والحصول على درجة وظيفية أعلى /هل هذا حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرب الخمر من كبائر الذنوب، وحرمته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وعليه فلا تجوز هذه الدراسة ولو كان ذلك لمجرد الحصول على ترقية، لما في ذلك من إقرار شرب الخمر وترك إنكاره، فضلا عن أن دراسة أنواع الخمور وسيلة إلى العمل في مجال تقديمها، والقاعدة الشرعية أن للوسائل حكم المقاصد، وأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود والحاكم. وراجع للأهمية الفتويين: 62388، 61866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(11/2649)
حكم النظر إلى أماكن بيع الخمور
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلفنا أنا وأصدقاء لي حول هذه المسألة، وأرجو المساعدة: ماحكم مشاهدة محل لبيع المشروبات الروحية دون قصد أو شهوة، وهل في ذلك إثم إذا نظر إليه وهو يعلم أنه محل بيع مشروبات، مع العلم أن هذا المحل لا يحتوي على أناس يشربون بداخله.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم قد حرموا التفرج على المنكرات، لأن ذلك يدل على الرضا بها. قال في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: وما هو حرام في نفسه يحرم التفرج عليه لأنه رضا به. انتهى. وأما مجرد النظر إلى المحل الذي تباع فيه هذه المشروبات، فلا نرى به بأسا ما لم ينته الأمر إلى تفرج وإعجاب ورضا بذلك المنكر، إذ أن القاعدة المقررة عند أهل العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت موجب التحريم، ولم يرد دليل في تحريم مجرد النظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/2650)
خل التفاح إذا خلط بالكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن خل التفاح في الولايات المتحدة، هناك جماعة في أمريكا تقوم على تبيان الطعام المباح من المحرم للمستهلك المسلم (www.muslimconsumergroup.com) لقد قالوا بإباحة خل التفاح وفي نفس الوقت قالوا إنّه قد يحتوي على كميّات ضئيلة من الكحول، أذكر أنّي قرأت فتوى في موقعكم تجيزون بها استعمال الخل المحتوي على كميات قليلة من الكحول ولكنني لم أجدها، ولكن وجدت الفتوى رقم: 54401 والتي أفتيتم فيها بعدم جواز ذلك.
الرجاء الإيضاح مع العلم بأنّه حسب ما فهمت فإن خل التفاح في أمريكا يصنع بتحويل عصير التفاح إلى كحول ومن ثمّ إلى خل وذلك من دون إضافة مواد لتحفيز هذه العملية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز الانتفاع بخل التفاح، كغيره من أنواع الخل الأخرى ما لم يكن مخلوطاً بمحرم كالكحول.
وأما إذا اشتمل الخل على الكحول أو غيره من المسكرات قبل أن يستحيل إلى مادة أخرى ويزول عنه وصف الإسكار، فإنه يصير حراماً سواء سكر منه الشخص أو لا، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} ، ولما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. فيجب اجتناب كل مسكر، قليلاً كان أو كثيراً، وراجع الفتوى رقم: 35836.
واعلم أن المفتى به في موقعنا هو هذا الذي ذكرناه لك الآن، وإذا كنت قرأت ما يخالفه فلعله في غير هذا الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1426(11/2651)
علاج المخدرات في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية علاج المخدرات في المنظور الاسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام قد عالج قضية الخمر التي هي أساس المخدرات بل أساس كل خبيث من خلال أمرين:
الأول: النهي عن تناولها وتحريم تعاطيها فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة: 90-91}
وقال صلى الله عليه وسلم: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة. رواه مسلم.
الأمر الثاني: تشديد عقوبة متناولها وإقامة الحد عليه ردعا له ولغيره ممن قد تسول له نفسه تعاطيه. فعن أنس رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، ثم جلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود، قال: فجلد عمر ثمانين. رواه مسلم. وأصله في البخاري.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 1994، 26500، 8001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/2652)
العطور ومستحضرات التجميل المحتوية على الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المنتجات تحتوي على الكحول {cetyl Alcohol} مثل العطور ومستحظرات التجميل فهل يجوز استعمال مثل هذه المنتجات؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(11/2653)
حكم استخدام الكحول في حفظ العسل من الفساد
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص ينتج غذاء ملكات النحل ولكي يحفظ الإنتاج يضع فوق الكمية طبقة من الكحول لتمنع وصول الهواء لهذا النوع من العسل حتى يحافظ عليه من الفساد , وعند الاستخدام يقوم بسكب هذه الكمية من الكحول ويستخدم ما تحتها, فهل يجوز استخدام الكحول في هذه الحالة.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا، هو حرام، قال رسول صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه. وهذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث الواردة في هذا الموضوع تدل على أن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم الانتفاع به. وعلى ذلك، فلا يجوز استعمال المحرم من الخمر وغيره. وكل ما أصابه الخمر فهو نجس إلا إذا كان الخمر متحجرا جامدا وزال إسكاره أو تخلل فإنه حينئذ يطهر ويجوز استعماله لزوال إسكاره، فإن الحكم يدور مع العلة وجودا أو عدما كما يقول أهل العلم، قال العلامة خليل المالكي في المختصر عاطفا على الأشياء الطاهرة" وخمر تحجر أو خلل " فإذا كانت الكحول التي تستخدم قد زالت عنها صفة الإسكار فإنها طاهرة ويجوز استعمالها واستخدامها في الحفظ. وإن كانت باقية على الإسكار فهي نجس حرام لا يجوز استعماله. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 12750، 18972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(11/2654)
مجالسة شاربي الخمر قد تؤدي بالجليس إلى معاقرتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش في الغرب لوحدي بغرض الدراسة وهنا كل الطلاب وحتى الناس يحبون البيرة ويشربونها ولا يفارقونها ليل نهار ولي أصدقاء غربيون يشربون البيرة وأحيانا يأتون إلى غرفتي وهم يحملون البيرة ويشربونها في غرفتي وليس هذا فقط وإنما أيضا هناك بعض أصدقائي المسلمين من يفعل هذا وسمعت أنه إذا شرب الخمر في بيت أحد فلن يتقبل الله صلاة من يسكن هذا البيت لأربعين يوما فهل هذا صحيح وهل حرام علي أن أدخل أصدقائي إلى غرفتي إن شربوا؟ وإن كان كذلك فكيف يجب علي أن أتصرف مع أصدقائي الغربيين والمسلمين لو حاولت إقناعهم ورفضوا الفكرة؟ علما بأنهم دائما يدعونني إلى الشراب ولكني أرفض تماما هذه الفكرة
أفيدوني أرجوكم وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيها الأخ السائل هو اجتناب صحبة السوء التي تدل على الشر وتعين عليه، فإن صحبة السوء تجر إلى ما هي عليه، وتجلب على المرء من البلايا والشرور ما الله تعالى به عليم.
كما يجب عليك نهي هؤلاء الناس عن شرب الخمور، لقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ {آل عمران 110} .
ومن النهي عن هذا المنكر أن تمنعهم من شرب الخمور في بيتك من باب أولى، فإن أبوا إلا الشرب في بيتك فلا تسمح لهم بالدخول فيه على تلك الحال براءة إلى الله تعالى من فعلهم، وفرارا من مجالستهم أو الظهور بمظهر الراضي بفعلهم، وقد رأيت ايها الأخ السائل كيف يدعونك إلى الشرب معهم لتكون مثلهم، كما قال عز وجل: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً {النساء: 89} . ويوشك المرء أن يقع في المحظور ما دام يحوم حوله أو يقترب منه، ولذا أمر الشرع باجتناب مواطن المعاصي وأسباب الخطر.
أما عن عدم قبول الصلاة أربعين يوما لمن حصل في بيته شرب الخمر فلا نعلم في ذلك حديثا ولا أثرا، والحديث الوارد بشأن عدم قبول الصلاة أربعين صباحا يختص بشارب الخمر نفسه، كما رواه الترمذي وحسنه، وانظر الفتوى رقم: 24603 وللفائدة راجع الفتاوى التالية: 6500، 51811، 38544، 21242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(11/2655)
قليل المسكر وكثيره حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في فرنسا وأسأل إن كان حمض الكحول حلالا أم لا؟ لا أقول الكحول وإنما حمض الكحول وبارك الله فيكم
THANK YOU TO SEND ME THE ANSWER TO MY EMAIL]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا علم لنا بحقيقة هذه المادة حتى نحكم عليها حكما جازما، ولكننا ننبهك إلى أن أي شيء يحتوي على ما يؤدي للإسكار محرم شرعا، سواء أسكر فعلا أم لم يسكر، ويدل لذلك حديث: ما أسكر كثيره فقليله حرام. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 14065 والفتوى رقم: 17866 والفتوى رقم: 35816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/2656)
أضرار الخمر وكيفية الإقلاع عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم الإسلام في شرب الخمر وعقابه؟ وما هي الأضرار الناتجة عن شرب الخمر حيث أنا أدمنت الخمور وأريد الوسيلة لكي أقلع عنها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شرب الخمر من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، فقد نهى الله عز وجل عن تناول الخمر في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، وإن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا يا رسول الله: وما طينة الخبال؟! قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. رواه مسلم.
فالخمر حرام بالكتاب والسنة والإجماع ... وذلك مما ينبغي أن يعلمه كل مسلم من دينه بالضرورة، وتناوله يؤدي إلى كثير من الأضرار الحسية والمعنوية، ويكفي من ضرره أنه يذهب العقل الذي شرف الله تعالى به الإنسان.
ومن أضراره أنه يتلف الكبد..
ومن فضل الله تعالى وحكمة هذه الشريعة أنها لم تحرم إلا الأشياء المضرة ظاهرا أو باطنا، فالشريعة جاءت لمصلحة العباد ونفعهم ودفع الضرر عنهم.
فعليك أخي الكريم أن تبادر إلى التوبة النصوح وتقلع فورا عن تناول أم الخبائث، وأعظم وسيلة للإقلاع هي الصدق مع الله تعالى، وقوة العزيمة والانشغال عن هذه الكبيرة بما ينفع، واستبدالها بالطيبات من الرزق التي أباح الله تعالى لعباده.
ولتعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن من صدقت توبته بدل الله سيئاته حسنات. قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} .
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/2657)
حكم الخل المتخذ من الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا تخللت الخمر بطريقة صناعية وبقي فيها نسبه أقل من 3% مثلا من الكحول يجوز أكلها خلطها مع مواد أخرى، وهل في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت الخل تتحول حتى تعود خالية من الكحول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على طهارة الخمر إذا صارت خلا بنفسها من غير فعل فاعل، وأما إذا تخللت بفعل فاعل فلا تطهر على الراجح، ولا يجوز استعمالها لما في صحيح مسلم عن أنس: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلاً، قال: لا.
وفي المسند وغيره من حديث أنس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي حجره يتيم، وكان عنده خمر حين حرمت الخمر، فقال: يا رسول الله، أصنعها خلا؟ قال: لا، فصبها حتى سال الوادي.
وروى أحمد عن أنس: أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً؟ فقال: أهرقها، فقال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: لا.
وروى الحاكم والبيهقي من حديث أنس أيضاً قال: كان في حجر أبي طلحة يتامى، فاشترى لهم خمراً، فلما أنزل الله تحريم الخمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: أأجعله خلا؟ قال: فأهرقه.
قال ابن القيم بعد ذكر هذه الأحاديث: وفي الباب عن أبي الزبير عن جابر، وصح ذلك عن عمر بن الخطاب، ولا يعلم لهم في الصحابة مخالف فردت - أي الأحاديث المذكورة سابقاً - بحديث مجمل لا يثبت، وهو ما رواه الفرج بن فضالة عن أم سلمة أنها كانت لها شاة تحلبها، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعلت بشاتك؟ فقلت: ماتت. قال: أفلا انتفعتم بإهابها؟ قلت: إنها ميتة. قال: فإن دباغها يحل كما يحل الخمر. قال الحاكم: تفرد به الفرج بن فضالة عن يحيى، والفرج ممن لا يحتج بحديثه، ولم يصح تحليل خل الخمر من وجه، وقد فسر رواية الفرج فقال: يعني أن الخمر إذا تغيرت فصارت خلا حلت، فعلى هذا التفسير الذي فسره راوي الحديث يرتفع الخلاف، وقد قال الدارقطني: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عن فرج بن فضالة، ويقول: حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث مقلوبة منكرة، وقال البخاري: الفرج بن فضالة منكر الحديث. وردت بحديث واه من رواية مغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر يرفعه: خير خلكم خل خمركم. ومغيرة هذا يقال له أبو هشام المكفوف صاحب مناكير عندهم، ويقال: إنه حدث عن عطاء بن أبي رباح وأبي الزبير بجملة من المناكير، وقد حدث عن عبادة بن نسي بحديث غريب موضوع، فكيف يعارض بمثل هذه الرواية الأحاديث الصحيحة المحفوظة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن تخليل الخمر؟ ولم يزل أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينكرون ذلك، قال الحاكم: سمعت أبا الحسن علي بن عيسى الحيري يقول: سمعت محمد بن إسحاق يقول: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: قدمت المدينة أيام مالك، فتقدمت إلى قاض، فقلت: عندك خل خمر؟ فقال: سبحان الله! في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال؟ ثم قدمت بعد موت مالك، فذكرت ذلك لهم، فلم ينكر علي. وأما ما روي عن علي من اصطباغه بخل الخمر، وعن عائشة أنه لا بأس به، فهو خل الخمر الذي تخللت بنفسها لا باتخاذها. انتهى ملخصاً من إعلام الموقعين لابن القيم، وهذا فيما إذا تخللت تخللا تاماً. أما إذا بقيت نسبة ولو يسيرة فتبقى على نجاستها وتحريمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/2658)
تحريم الخمر في السنة النبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[متى بدأ استعمال كلمة تحريم الخمر، وهل ثبت استعمالها عند رسول الله عليه الصلاة والسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استعمال كلمة تحريم الخمر بدأ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترة المدنية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى حرم الخمر. رواه مسلم وأبو داود.
وثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس وعمر استعمال كلمة تحريم الخمر، وراجع لمزيد فائدة بعض الأحاديث في تحريمها في الفتاوى التالية أرقامها: 8724، 1108، 7740، 14736، 21211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/2659)
شرب الخمر محرم في رمضان وقبله وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شارب الخمر قبل شهر رمضان بأربعين يوما، ويقال إن شرب الخمر خلال هذه الفترة لا يؤثر على الصيام، كم الفترة المحدودة بالضبط، نرجو من فضيلتكم تفسيرا واسعا في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تناول الخمر كبيرة من كبائر الذنوب في كل وقت من الأوقات في رمضان وقبله وبعده، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها. رواه أحمد وأصحاب السنن.
ومن تناول الخمر قبل رمضان أو بعده يصح صومه إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه، فإذا كان عاصياً بفعله فإن عبادته صحيحة، وبإمكانك أن تطلع على المزيد في الفتوى رقم: 1108، والفتوى رقم: 12543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/2660)
حكم استعمال العطور المكتوب عليها خالية من الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على رحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعين سؤالي هو: هل يعد استخدام العطور الرجالية من الماركات العالمية مخالفاً للشريعة الإسلامية كون أن هذه العطور تحوي (حسب ما يكتب عليها) أن من مكوناتها مادة الكحول، ولو كان ذلك، فهل يجوز استعمال العطور وإن كانت من نفس الماركة أو من نفس الجهة المصنعة ولكن مكتوب عليها Alcohol Free أو أنها خالية من الكحول، أي هل يجوز استخدام هذه العطور المكتوب عليها خالية من الكحول، وهل تعد طاهرة في حالة وضعها على الجسم ولا تعتبر نجسة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم العطور التي تحتوي على كحول، هل يجوز استعمالها أم لا يجوز؟ ومنشأ الخلاف أمران:
الأول: هل الكحول الموجود في العطور مسكر أم لا؟ وبعبارة أخرى: هل هذه العطور قد خلطت بما لو شرب لأسكر طربا أم لا؟.
الثاني: هل الخمر نجسة أم لا.
والراجح في ذلك أن الكحول الموجود في العطور مسكر، وأنه من جنس ما هو موجود في الخمر، وأن الخمر نجسة، وكذلك كل مسكر مائع، وهو قول الجمهور، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} .
وعلى هذا فالراجح في العطور التي فيها كحول عدم جواز الاستعمال ولو أضيف إليها ما يمنع شربها، لأن عدم جواز الاستعمال يرجع إلى نجاستها، وهي باقية، وهذا ما لم تستحل استحالة كاملة أثناء التصنيع، فإن استحالت إلى ما لا يسكر فالراجح عدم النجاسة.
وأما العطور التي كتب عليها أنها خالية من الكحول فإن الأصل عدم وجود الكحول فيها وللشخص استعمالها حتى يثبت أن فيها كحولا وأن ما كتب عليها تلبيس على الناس وترويج كاذب للسلعة، وفي هذه الحالة يجب الابتعاد عنها ولا أثر لوجود تلك العبارة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/2661)
المائعات المسكرة نجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أفتيتموني مشكورين على عدم جواز استعمال العطور التي تحتوي على الكحول لأن الكحول من المسكرات وكل مسكر حسب جمهور العلماء نجس ومن وضعه على ثوبه قبل الصلاة صلاته باطلة لأن الصلاة تستوجب طهارة الثياب، إن كان الكحول نجسا إذا فلا يجوز استعماله حتي فى ميدان الطب خاصة أنه توجد مواد لها نفس الفاعلية فى التطهير (Dakin) وليست مسكرة، وإذا حدث وقام الإنسان بعملية جراحية فليس له حق اختيار المواد المستعملة, والكحول أحيانا تدخل إلى الجرح فكيف التخلص منها حتى يتطهر الإنسان ويؤدى صلاته طاهرا، أليس من المفارقات أن يستعمل المرء نجسا لتطهير الجروح فكيف بالنجس أن يطهر،
وأخيرا فى بلادنا العديد من الشبان المعدومي الحال والذين أخذ منهم الشيطان مأخذا لا يقدرون على ثمن الخمرة فهم يستعملون المادة اللاصقة فيضعونها فى كيس من البلاستيك ثم يستنشقونها فيسكرون وهذا اللصق له تأثير كبير على العقل فهل نستطيع القول بأن اللصق نجاسة ولا يجوز استعماله ومن أصاب منه قليلا فى يده فلا يصلي حتى يزبلها مع العلم أن نزعها من اليد شاق، وكذلك بالنسبة إلى عصير النخلة الذى نسميه فى بلادنا \"اللاقمى\" وهو ما ينزل من وسط النخلة بعد إحداث ثقب فيها, وهو مشروب لذيذ إلا أنه بعد مضي 3 أيام يصبح مسكرا فهل يصبح له نفس حكم الخمر من حيث النجاسة ومن تلطخ ثوبه بقليل من هذا العصير بعد أن أصبح مسكرا عليه أن يطهرها قبل أن يصلي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأشياء المذكورة قبل أن تتحول إلى مسكر فهي طاهرة، وأما إذا تحولت إلى مسكر فهي نجسة، ويجب على المسلم أن يطهر منها جسده وثوبه ومكان صلاته.
وأما ما كان منها جامداً فهو طاهر حسا ولو أسكر، وعلى هذا فعصير النخل طاهر ما لم يصل إلى حد الإسكار، فإذا أسكر فهو نجس: وكل مسكر حرام. متفق عليه.
وأما ما يستعمله الأطباء في العمليات الجراحية فإذا لم يوجد غيره من الأشياء الطاهرة التي تقوم مقامه فإن ذلك يعتبر من باب الضرورات التي تبيح المحظورات، وكذا الحال إذا لم يكن للمرء خيار في استعماله ككونه يخضع لعلاج لا يؤخذ معه رأيه في نوع الدواء المستخدم في العلاج إذا كان مضطرا للعلاج كمن يخضع لعملية جراحية، وعلى المسلم أن يطهر المكان الذي أصابته الكحول إن استطاع.
والحاصل أن المائعات المسكرة تعتبر خمراً وهي نجس تجب إزالته، وما كان منها جامداً غير سائل فهو طاهر حسا، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 47204، 254، 2599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(11/2662)
حكم السكنى مع مدمن خمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم مؤمن بالله ورسوله وأطبق سنة رسوله الكريم، معي شاب مسلم لكنه يشرب الخمر ونحن نعيش في بيت واحد وهو يستخدم كل الأغراض الخاصة بالأكل والشرب ويجلب المشروب معه إلى البيت ويستخدم أدوات المطبخ مثل الكوب أو القدح لشرب المنكر، ماذا يجب علي أن أفعل في مثل هذا الأمر وأنا أعيش في لندن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أول ما يجب عليك فعله هو أن تنهى صديقك هذا عن تعاطي الخمر قياماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
فمره أولاً أن يكف عن تعاطي الخمر التي هي أم الخبائث، وذكره بالله عز وجل وبشديد عقابه وبأنه مسلم فعليه أن ينقاد لأمر الله عز وجل ونهيه، فإن أصر على شربها ولم ينفع فيه وعظ ولا تذكير، فإننا ننصحك بمفارقته والبحث عن مسكن آخر، فإن تعذر ذلك ولم يكن لك بد من المقام معه فنرجو أن لا يكون عليك إثم إن شاء الله، إلا أنه يحرم عليك أن تجلس معه على المائدة حال شربه للخمر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر. رواه الطبراني، وعند الترمذي والنسائي: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر.
وأما استعماله لأدوات الطبخ أو الشرب في شرب الخمر، فإن كنت قادراً على أن تستقل بأدوات خاصة بك وتمنعه من استخدامها في الحرام فهذا أولى، وإن لم تكن قادراً على ذلك فلا بأس من استعمالها بعد غسلها، ودليل ذلك ما رواه أبو داود في صحيحه عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال صلى الله عليه وسلم: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا -أي في غيرها- وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها -أي اغسلوها- بالماء وكلوا واشربوا. والحديث رواه البخاري بلفظ: فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها. ومن المناسب أن نحيلك إلى الفتوى رقم: 45909، والفتوى رقم: 51334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(11/2663)
ما يلزم من جلس مع قوم يحتسون الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب من سيادتكم التكرم بإعلامي بما ينص عليه القرآن وسنة رسول الله في سؤالي التالي: هل المصلي الجالس مع أناس يشربون الخمر يجب عليه الوضوء إذا حان وقت الصلاة أو يجب عليه الاغتسال، علما بأنه يجالسهم ويحاول دعوتهم لدين الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الفتوى في حرمة الجلوس مع من يشربون الخمر وذلك في الفتوى رقم: 4387.
وإذا كان الجلوس لغرض نصح الجالسين وبيان خطورة ماهم مقدمون عليه فليكن في وقت لا يتناولون فيه الخمر. أما حال احتسائهم للخمر فلا يجوز الجلوس معهم لأن هذا داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر. صححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. وراجع الفتوى رقم: 43422. والجلوس المذكور لا يجب على صاحبه الاغتسال مطلقا ولا الوضوء، وللتعرف على مبطلات الوضوء ونواقضه راجع الفتوى رقم: 1795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1425(11/2664)
حكم العطور الكحولية والكحول الصناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا طلب إفتاء أتقدم به لسماحتكم بشأن استخدام العطور الكحولية والمتاجرة فيها حيث إنني أتاجر في العطور الزيتية منذ سنوات وأحذر التعامل في العطور الكحولية بناء على فتويين الأولى أفتاها لي فضيلة الدكتور محمد عبد المقصود عفيفي واستدل بحديث: \"ما أسكر كثيرة فقليله حرام\"، ومنه سمعت في شريط قصة مضمونها أن أحد الصحابة جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن رجلاً من المسلمين مات وترك أطفالاً كلهم قصر وأن تركته بأكملها عبارة عن خمر فهل يجوز بيعها والإنفاق عليهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بل أهرقها، فقال الصحابي: فهل يجوز استخدامها في الإنارة أو دهان السفن وما شابه من الاستخدامات الخارجية فكان الرد ثانية أن أهرقها فهذا في حق الأيتام فكيف في حق التعطر ... الفتوى الثانية لفضيلة الشيخ عبد الرحيم الطحان حيث سمعته يصيح في أحد الشرائط لأن يضع الإنسان على جلده بول حمار خير له من أن يضع عطوراً كحولية ... إلا أنني وجدت كثيراً ممن أتوسم فيهم الصلاح ومن أقاربي الذين أحتك بهم وأعلم من هم جيدا يستخدم تلك العطور، ومنهم أحد طلبة الشيخ الطحان شخصياً ويؤكدون لي أن المسألة لا تتعدى باب الورع الذي لا يقوم عليه دليل التحريم وسمعت من غيرهم من أهل المهنة أن الكحول الموجود حاليا صناعي وليس طبيعيا فما معنى ذلك، أأمل أن أجد عندكم شفاء لحيرتي حيث إنني أشعر الآن أنني أضعت سنوات الحظر هباء لمجال مرابحة عائلة ألا وهو مجال العطور الكحولية مع تأكيدي الشديد على حرصي ألا أدخل على نفسي أو عيالي مالا محرما أو مشبوها؟ وجزاكم الله خيراً على حسن اهتمامكم ونفع بكم أهل الصلاح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العطور الكحولية موضع خلاف بين العلماء، نظراً لخلافهم في حكم الخمر من حيث نجاستها، فمن قال إنها نجسة حكم بعدم جواز استخدامها، ومن قال بعدم نجاستها أباح استخدامها، وقد بينا ذلك بوضوح في الفتوى رقم: 254، والفتوى رقم: 32243.
أما بالنسبة للكحول الصناعي، فإنه لا يختلف حكمه عما ذكرناه في الفتويين المشار إليهما إن كان مسكراً، أما إن كان غير مسكر فشأنه شأن سائر المباحات، ويمكن معرفة ذلك بمراجعة المختصين، ولا نظن أن ذلك عليك عسير إن كنت ممن يعملون في تجارة العطور كما ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(11/2665)
كان يشرب الخمر فيخيل إليه أنه يجامع
[السُّؤَالُ]
ـ[من فترة كنت عاصيا وأشرب الخمر ومهملا في حق ربي والحمد لله أنا الآن تبت وأعمل كل أركان وفرائض الإسلام والله أعلم.
سؤالي هو أنني عندما كنت أشرب الخمر كنت أحس بأنني أجامع أحدا (من أتخيل) والغريب أنني كنت أفرغ على الفراش كأنني مع فتاة أو مع كل من تخيلته.
هل أنا جامعت جنا؟
إذا نعم هل هو بداخلي؟
كيف بي أن أنزع هذه التفكير من دماغي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يثبتك على التوبة من الخمر ومن سائر المحرمات، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، أما ما كنت تراه حال سكرك فإنما هو تخيل ووساوس شيطانية، فإن الخمر مفسدة للعقل مغطية له، تري صاحبها الأمر على خلاف ما هو عليه، وصدق من قال في وصفها: تجعل الديك حمارا وبياض العين أحمر، وهي أم الخبائث، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخمر أم الخبائث، فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوما، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية. رواه الطبراني في الأوسط.
وقد أوضح عثمان بن عفان رضي الله عنه ذلك فقال: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، فإنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد فعلقته امرأة بغية فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: إنا ندعوك للشهادة فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت إني والله ما دعوتك للشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تشرب من هذه الخمرة كأسا أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذه الخمرة كأسا، فسقته كأسا قال: زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه. رواه النسائي وصححه الألباني. فجنب نفسك الوساوس والأوهام، وأقبل على ذكر الله، وأكثر من طاعته، نسأل الله أن يثبتنا وإياك.
والله أعلم. ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(11/2666)
لديهم شركة عطور يستخدمون الكحول في تصنيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل في موقع الشبكة الإسلامية، تحية مباركة وبعد:
لقد من الله علي بدخول شركة مع أحد الإخوة وكان المشروع هو التجارة في العطور، وسؤالي ينقسم إلى شقين أولاً من ناحية الشركة: فهذا الأخ دخل هذه الشركة بالمحل ونصف رأس المال، وأنا بالمجهود ونصف رأس المال الآخر، فهل هذه الشركة جائزة؟
ثانياً: طبيعة العمل في العطور يستلزم منا أن نستخدم الكحول لعمل ما يسمى بالتركيبات، فهل استخدام الكحول في هذا جائز أم لا، علما بأني أعلم أن هذه مسألة خلافية بين العلماء، ولكني أريد أن أعرف حكم استخدام الكحول في هذا العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على مسألتين:
المسألة الأولى: حكم الشركة مع صاحبك على أن منه المحل ونصف رأس المال، ومنك الجهد ونصف رأس المال، وهذه الشركة قد اشتملت على أمر فيه خلاف كبير بين أهل العلم: وهو شركة الأعمال حيث إنك مشارك بعملك مع رأس المال، وأكثر من أجاز شركة الأعمال اشترطوا أن يكون العمل من كل الشركاء، وقد أجاز طائفة من الحنابلة أن يكون العمل من أحد الشركاء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35493، والفتوى رقم: 35162.
وعليه فالأفضل لكم هو اعتبار محل صاحبك وعملك خارجاً عن الشركة ويكون لصاحبك أجرة معلومة مقابل المحل، ولك أجرة معلومة مقابل العمل، وتقتسمان بعد ذلك ما حصد من ربح.
والمسألة الثانية: هي مسألة الكحول التي في العطور، والكحول يعد من المسكرات المائعة وهي نجسة في المذاهب الأربعة، وهناك رواية عن أبي حنيفة وهو مذهب الظاهرية أن المسكرات غير نجسة سواء كانت مائعة أو جامدة، فعلى مذهب الجمهور لا يجوز لكم العمل في صناعة العطور التي تحتوي على الكحول، لكن هذا بشرط ألا تكون الكحول قد عولجت كيميائياً حيث صارت غير مسكرة في قليلها وفي كثيرها، فإذا عولجت العلاج المذكور فإنها تطهر على مذهب من يرى أن الاستحالة مطهرة، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 254، والفتوى رقم: 6783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(11/2667)
توضيح حول نجاسة الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أستخدام بعض البخاخات لعلاج تساقط الشعر, والمشكل أن بها نسبة من الكحول وقد وجدت أنكم تقولون بنجاسته ولكن في الحقيقة ليس هناك دليل على نجاستها سوى قوله تعالى (إنما الخمر....رجس من عمل الشيطان) ومعلوم أن الرجس النجس ومنه نجاسة حسية ومنه معنوية وهي تحمل على المعنيين ما لم يأت دليل يحملها على أحد المعنيين وقد جاء الدليل في الميسر والأنصاب والأزلام على أنها نجاسة معنوية ألا وهم الإجماع على ذلك, ولكن هناك دليل على ذلك في الخمر أيضا ألا وهو حديث أبي هريرة أن رسول الله كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته فإذا هو ينش فقال:اضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لم يؤمن بالله واليوم الآخر ... وغيره من الأحاديث التي أمر فيها بإهراق الخمر ولم يأمر بغسل الآنية التي كانت بها كما أمر في القدور التي كانت فيها لحوم الحمر الإنسية أن تكسر أو تغسل, وكذلك فإنه من المتقرر في الأصول أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز....وهذا قول العثيمين وغيره فما ردكم على هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر الفقهاء بل حكي إجماعاً إلى أن الخمر نجسة، والدليل على ذلك الآية الكريمة: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (المائدة: من الآية90) ، أي نجس وهو شامل للنجاسة الحسية والمعنوية، لأن الراجح عند الأصوليين أن اللفظ يحمل على جميع معانيه إذا أمكن، وهو ممكن هنا فالخمر نجسة حساً ومعنى، فنجاستها حساً حقيقية ونجاستها معنى مجاز كنجاسة الأزلام فإنها نجاسة مجازية، واستعمال اللفظ المشترك في معنييه قال به المحققون من متقدمي الأصوليين ومتأخريهم، وممن نص على ذلك من المتقدمين الإمام الشافعي وغيره، وهو ما اعتمده صاحب المراقي حيث قال:
إطلاقه في معنييه مثلا مجازا أو ضداً أجاز النبلا
وأما الاستدلال على عدم نجاسة الخمر بالحديث المذكور في السؤال وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا هريرة بغسل الإناء الذي صب منه الخمر، فاستدلال غير صحيح لأنه معلوم للصحابة وجوب غسل آنية الخمر وذلك لأنه تقرر لديهم وجوب غسل النجاسات عموماً وغسل ما أصابته الخمر خصوصاً، فقد روى أحمد وأبو داود واللفظ له عن أبي ثعلبة رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها -أي اغسلوها- بالماء وكلوا واشربوا.
وعليه؛ فلا يصح الاستدلال على عدم نجاسة الخمر بعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بغسل الإناء الذي صب منه الخمر بحجة أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لأن وجوب الغسل كان معلوماً فلا داعي لبيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/2668)
الذي لا يحل بيعه ولا تملكه لا ضمان فيه.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قبل توبتي بسنوات كنت شارباً للخمر وفي بلدنا يوجد بارات وخمارات وملاهي ليلية ... إلخ فكنت أذهب وأسهر في هذه الأماكن القذرة وكنت أخرج من المحل دون دفع الحساب عن الخمر الذي كنت أشربه وكثيرا ما كنت أعمل هذا بحيث أهرب من الخمارة والبار والملهى دون دفع الحساب لقناعتي أن الحرام ذاهب بالحرام
أما الآن الحمد الله فأنا تائب وبعيد عن هذا منذ فترة طويلة لكن هل يبقى في ذمتي حق لأصحاب هذه الخمارات والملاهي لأني لم أدفع الحساب لهم وهل يجب علي أن أعيد لهم شيئاً من المال أم لا حق لهم علي أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في ذمتك حق لأصحاب هذه الخمارات، لأن الخمر ليست بمال، ولا قيمة لها، فهي كالدم والميتة وسائر النجاسات، وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعها وأمر بإراقتها، فما لا يحل بيعه ولا تملكه لا ضمان فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/2669)
التخلل قد يطهر الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله.. وبعد: يا شيخنا الفاضل إذا وقعت النجاسة في الخمر، ثم تخللت الخمر، فهل تزول النجاسة معها أو لا؟ وأيضا لو تشارطت أنا وزوجتي على شيء وقمت أنا بفعله مدة ثم أصبحت لا أريد أن أفعله، فكيف لي أن أبطل الشرط؟ هل هناك من الأعمال التي توقف أي شرط؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتخلل يطهر به الخمر على تفصيل عند العلماء ذكرناه في الفتوى رقم: 25587، والفتوى رقم: 6783.
وأما العين النجسة الموجودة في الخمر فلا تطهر بتخلل الخمر، إلا أن تستحيل هذه العين النجسة إلى شيء آخر أو حقيقة أخرى، وانظر معنى الاستحالة وحكمها في الفتوى رقم: 29334، والفتوى رقم: 2861.
وأما سؤالك عن الشرط وإبطاله فلم يتضح لنا المراد بالشرط هل تقصد به النذر، أم غيره؟
فإن قصدت به النذر، فالنذر أنواع ولكل نوع حكم، وتمكنك مراجعة هذه الأحكام في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15534، 1125، 2343، 17466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/2670)
أدلة تحريم الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[الاَيه التي حرم فيها الخمر والتفسير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا أدلة تحريم الخمر في الفتوى رقم: 14736، فتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(11/2671)
حكم تجهيز الخمر في المختبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجومن سماحتكم الجواب عن هذا السؤال....
ما حكم تجهيز الخمر في المختبر؟ علما بأنني طالب, فإذا لم أفعل فإنني معرض لدرجات متدنية..... وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي أن صناعة الخمر والمساهمة فيها من أعظم المحرمات التي استوجب صاحبها اللعن، ففي الترمذي وأبي داود وابن ماجه وصححه الألباني عن أنس بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له.
وبهذا تتضح لك خطورة تجهيز الخمر والمشاركة فيها، وما ذكرته بشأن تدني الدرجات ليس مبررا شرعيا لفعل ما هو محرم.
نعم يجوز ذلك إذا احتيج إليه في تركيب بعض الأدوية واقتصر فيه على قدر الحاجة.
قال نصري راشد قاسم في كتابه "المستخلص من النجس وحكمه" ما نصه: أما إذا توقف تركيب بعض الأدوية على خلطه بشيء من الكحول، وقال المختص في تركيب الأدوية إنه لا بد من الكحول لخلطها مع هذا الدواء، ولم يوجد دواء غيره يقوم مقامه، فقد يكون التداوي به والحالة هذه جائزا أو يكون ضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/2672)
شرب الخمر من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من يشرب الخمر ليلة شهر شعبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشرب الخمر من كبائر الذنوب، وتشتد الحرمة ويعظم الإثم إذا شربها الإنسان في زمان له مزية وفضيلة، كرمضان أو ليلة النصف من شعبان ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/2673)
من أعان على شرب الخمر بوجه من الوجوه فهو آثم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يطلب مني أن أكتب رسالة موجهة إلى من يهمه الأمر، بحيث يتسنى لصاحبها أن يخرج رخصة تناول أو ابتياع الخمر في بعض الأحيان كنت أكتب الموضوع رخصة مشروبات روحية، وفي بعض الأحيان فقط لمن يهمه الأمر، مع العلم بأنني كنت العربي الوحيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الخمر حرام، وأن تسميتها بأسماء موهمة كمشروبات روحية ونحو ذلك لا يغير الحكم، وليس تحريم الخمر مقصوراً على شربها بحيث لا يأثم إلا شاربها، بل كل من أعان عليها بوجه من الوجوه أثم، ولهذا جاء في الحديث: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه. رواه أبو داود.
وهؤلاء المذكورون في الحديث كمثال لمن أعان على هذه المعصية، وأنت بكتابتك رسالة بهذا الخصوص تعين شاربها وبائعها على ذلك، فهو تعاون على الإثم ولا يحل، لقول الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وعليك ترك ذلك والتوبة إلى الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(11/2674)
الشراب الذي لا يحتوي على مسكر لا حرج في تعاطيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد:
هل شرب الجعة التي من غير كحول ومن غير مواد تخمير حرام أم حلال، مع العلم بأنه لا تتوافر لدي نية التلذذ أو توهم أني بصدد معاقرة الخمر، وعلما بأنه مهما أكثرت من الكمية لا يكون هناك مفعول سكر؟ وجزاكم الله خيراً لما تقدمونه من إنارة للبصيرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فإنه لا بأس في تعاطي هذا الشراب، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24585، 33081، 18058.
لكن قد روى أصحاب السنن عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن "الجعة" قال في بدائع الصنائع: الجعة اسم لنبيذ الحنطة والشعير إذا صار مسكراً. انتهى.
فإذا كان الشراب المذكور في السؤال لا يسكر كما قال السائل فلا ينبغي أن يسمى "الجعة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/2675)
الإثم ينال من أوقعك في شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما كنت فتاة صغيرة في الصف السادس تزوجت أمي من رجل لا يخاف الله وأصبح يدخل المشروبات الكحولية إلى البيت وبالأخص في احتفالات رأس السنة وهذا ما جعلني أعرف طعم هذه المشروبات فقد تذوقتها عدة مرات وعندما كبرت وعلمت بأن هذا حرام حلفت بأن لا أقترب منها أبدا وأحاول جهدي أن أزرع كرهها منذ الصغر في أولادي وأن من لا يتذوقه في الدنيا يسقيه الله من خمر الجنة وهذا طعمه أحلى وبيني وبين نفسي أتحسر على نفسي فقد كان عمي هو الذي يعرض علينا الشراب وعندما كبرت علمت بأنه إثم ولكن ليس لي ذنب فيه واستغفرت ربي كثيرا وعاهدته على أن لا أتذوقه أبدا فهل هذا ذنبي أم ذنب عمي؟ مع العلم بأني كنت في سن صغيرة لا تميز ولم أربَ على الدين الصحيح.
أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان حدث منك ما ذكرت قبل البلوغ، فأنت غير مؤاخذة، لأن القلم مرفوع عن ثلاث، ومنهم: الصغير حتى يبلغ. والحديث رواه أبو داود.
ولا شك أن الإثم على زوج أمك، وعليك أن تحذري من الآن فصاعدًا من هذا الرجل، لأن من يقارف الخمر أم الخبائث لا يُؤمَن منه.
وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية، حيث إن لها تعلقاً ببعض ما ورد في سؤالك:
18336، 8735، 26883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/2676)
حكم بيع الخمر للكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
سؤالي هو: ما حكم بيع الخمر لغير المسلمين في غير بلاد المسلمين؟ مثل أمريكا وغيرها من البلدان وما العقوبة على بيع الخمر لغير المسلم في غير بلد مسلم؟ أفيدونا أفادكم الله؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى حرمة التعامل مع الكفار في كل أمر محرم شرعاً، سواء أكان ذلك في دار الإسلام أو في دار الكفر.
ومن المعلوم أن الخمر محرمة على المسلم شربا وبيعا وشراء وغير ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود.
كما أن في بيع الخمر ولو لغير المسلمين نوعاً من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2677)
من شروط وتمام توبة بائع الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[التوبة لبائع الخمر مع مواد غدائية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للتوبة شروطاً فصلها العلماء، فانظرها في الفتوى رقم: 5450.
أما التوبة من بيع الخمر مع المواد الغذائية، فإنها لا تكتمل إلا بإخراج الأموال المحرمة عن التجارة، أي ثمن الخمر، بأن يحسب التائب أمواله فينظر إلى نسبة الخمور فيها، فيخرج مقابل ذلك.. يعطيه للفقراء أو يضعه في المصالح العامة للمسلمين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الخمر وعن أكل ثمن الحرام، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(11/2678)
حكم الحشيشة وتأثيرها على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تدخين الحشيش يأخذ نفس حكم شرب الخمر؟ وما مدى تأثيره على الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم تعاطي الحشيش، وذلك في الفتوى رقم:
24171 وما أحيل عليه فيها من الفتاوى.
وأما عن مدى تأثيره على الصلاة، فإن له تأثيراً واضحاً على الصلاة وغيرها حيث إن شاربه يسكر حتى لا يعي ما يقول وما يفعل.
وإذا كان السائل يقصد تأثيره على الصلاة من حيث النجاسة، فالجواب أن المسكر النجس إنما هو المسكر المائع والحشيش مسكر غير مائع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(11/2679)
حكم لمس أواني الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لمس قارورة الخمر وهي فارغة بحكم أنني أشتغل في بيت أجنبيات لا يصمن؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت قارورة الخمر فارغة وليس بها أثر خمر مائع، فليس في لمسها شيء، وإن كان بها أثر يعلق باليد أو المكان أو الملابس فهل تعتبر نجسة أم لا؟ قولان للعلماء: فذهب جمهور الفقهاء إلى أن عين الخمر نجسة وهو الراجح، وانظر الفتوى رقم:
23146.
وننصح السائلة بترك العمل مع هؤلاء الكافرات اللائي لا يصمن، وعدم خدمتهن، فلا ينبغي لمسلمة تؤمن بالله ورسوله وتصوم رمضان أن تذل نفسها بخدمة هؤلاء، والله سبحانه سيبدلك عملاً خيراً من هذا إن اتقيته، كما وعد في قوله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/2680)
حكم التستر على من يتكرر منه شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة نعمل بقصر.. بعض من زملائنا يشربون الخمر في غرفة بعيدة منا هل إذا سترنا عليهم يكون إثم علينا ونحن لا نريد قطع أرزاقهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليكم أولاً نصح هؤلاء وتخويفهم بالله تعالى، وبيان سوء فعلتهم التي يقدمون عليها، فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] .
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن. رواه البخاري.
ثم عليكم هجرهم ومقاطعتهم حتى يقلعوا عما هم فيه ويتوبوا، فإن لم يفعلوا وأصروا على فعلهم القبيح، فلا مانع من فضحهم، وإخبار أهل البيت الذي يعملون فيه، فإن من تكررت منه المعصية، ولم يصغ إلى قول الناصح لا ينبغي التستر عليه لأن التستر عليه عون له على الفساد وانتهاك المحرمات، ويغري غيره على أن يفعل مثله، على أن محل طلب الستر على العاصي إنما يكون في معصية انقضت وانتهت، وأما معصية قائمة ومتكررة -كما هو موضوع السؤال- فيجب على من رآه عليها أن يبادر إلى الإنكار عليه ومنعه منها إن قدر عليه، أو رفعه إلى من يقدر على منعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/2681)
صلاة متعاطي المخدرات كصلاة شارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
س1- شخص كان يبيع التبغ في محل مواد غدائية وبعد فترة تركه فماذا يفعل بالأموال التي اكتسبها منه؟
أفيدونا أفادكم الله
س2- ماهو حكم التدخين وما حكم بائعه؟
س3- ماحكم من يتعاطى المخدرات وهل هو في حكم الخمر أم لا؟ أي بمعنى أنه لا تقبل منه صلاة إلا بعد أربعين يوماً؟
افيدونا افادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم شرب الدخان وبيعه وشراؤه على القول الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
1671
والمال المكتسب من بيع الدخان مال خبيث لا يملكه البائع، وهكذا كل مال حصل عليه الشخص مقابل بيع عين محرمة كالخمر والخنزير والميتة والدم ونحو ذلك، أو حصل عليه مقابل منفعة محرمة كمهر البغي وحلوان الكاهن وأجرة المغنية، ونحو ذلك.
ويجب عليه التخلص من هذا المال بصرفه في المشاريع الخيرية والمصالح العامة، ولا يرده لصاحبه -المشتري- زجراً له ولأمثاله عن بذل المال في مقابل الأعيان والمنافع المحرمة، ولئلا يجمع له بين الانتفاع بالعين المحرمة، أو استيفاء المنفعة المحرمة، وبين إرجاع المال إليه، وهذا قول للإمام أحمد وغيره، نصره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى وجوب إرجاع ماله إليه، لأنه لم يخرج عن ملكيته بهذا العقد الباطل، وكونه انتفع بالعين المحرمة، أو استوفى المنفعة المحرمة لا يخرج ذلك ماله عن ملكه، ولكنه ذنب يجب عليه أن يستغفر منه ويتوب، والقول الأول هو الأوفق بمقاصد الشريعة ومصالحها.
وعليه، فالواجب صرف هذا المال في مصالح المسلمين العامة.
والمخدرات محرمة ومانعة من قبول صلاة متناولها أربعين صباحاً، لأتها تخمر العقل بمعنى أنها تغطيه.
وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: والخمر ما خامر العقل.
وهذا تعريف منه للخمر في الشرع لا في اللغة، لأن بعض العلماء كالكرماني قال: هذا تعريف بحسب اللغة، وأما بحسب العرف هو ما يخامر العقل من عصير العنب خاصة.
قال الحافظ بن حجر: "وفيه نظر -أي كلام الكرماني- لأن عمر ليس في مقام تعريف اللغة، بل هو في مقام تعريف الحكم الشرعي، فكأنه قال: الخمر الذي وقع تحريمه على لسان الشرع هو ما خامر العقل." انتهى.
وقد ورد تعليق عدم قبول الصلاة على تناول الخمر، كما روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تالله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال. قيل يا أبا عبد الرحمن وما نهر الخبال؟ قال نهر من صديد أهل النار" قال الترمذي حديث حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/2682)
وعيد شارب الخمر محمول على المبالغة في الزجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أشرب الخمر غفر الله لي ولكم في المناسبات وعلى فترات متباعدة جدا، بعد آخر مرة شربتها علمت لأول مرة عن موضوع الأربع مرات ومن ثم لا تقبل مني صلاة أبدا، هل هذا صحيح؟، وان كانت لا تقبل لمدة أربعين يوما فهل أصلي خلال هذه الفترة؟ بعد أن علمت ذلك شربتها مرة واحدة، فهل أنا خارج عن الملة؟ أم ستحسب لي المرة الثانية، حيث إنني نويت التوبة الصادقة بإذن الله، حتى لو أخبرتموني أنه لن تقبل لي صلاة. أفيدوني الله جزاكم الخير بأسرع وقت ممكن. فلي صديق سوء لا يصدق حديث المرات الأربع ولا أعرف كيف أواجهه. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشرب الخمر من الكبائر التي يجب على المسلم اجتنابها، والتنزه عنها لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] .
وقوله: فَاجْتَنِبُوهُ أي اتركوه، وارفضوه هو، وكل ما يتوصل به إليه.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يقبل الله لَهُ صَلاَة أرْبَعِينَ صَبَاحاً، فإنْ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ، فإنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلْ الله لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فإنْ تَابَ تابَ الله عَلَيهِ فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صبحاً فإن تاب تاب الله عليه. فإنْ عَادَ الرابعة لَمْ يَقْبَل الله لَهُ صَلاَةُ أرْبَعِينَ صَبَاحاً، فإنْ تَابَ لَمْ يَتُبْ الله عَلَيْهِ وسقَاهُ مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ. قِيلَ يا أبَا عَبْدِ الرحمَنِ ومَا نَهْرُ الْخَبَالِ؟ قالَ: نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ أهْلِ النّارِ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وصححه الألباني.
فالحديث صحيح لا شك في ذلك.. لكن معناه كما قال صاحب تحفة الأحوذي شرح الترمذي: لم يكن له ثواب وإن برئت ذمته وسقط عنه القضاء بأداء فرضه بأركانه مع شرائطه.
وقال النووي: إن لكل طاعة اعتبارين: أحدهما: سقوط القضاء عن المؤدي. وثاينهما: ترتيب حصول الثواب فعبر عن عدم ترتيب الثواب بعدم قبول الصلاة. انتهى
وقوله "فإن عاد الرابعة" أي رجع الرجعة الرابعة "فإن تاب لم يتب الله عليه" هذا مبالغة في الوعيد والزجر الشديد، وإلا فقد ورد (ما أصر من استغفر ... ) فظهر أن الحديث محمول على المبالغة في التنفير من شرب الخمر، وإلا فكل من ارتكب ذنباً ثم تاب منه تاب الله عليه، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وروى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب: أن رجلاً كان يدعى حماراً وكان يكثر شرب الخمر، وكان كلما أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ضربه. فقال رجل لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله.
فدل الحديث على أن إدمان شرب الخمر لا يحبط عمله، ولا إيمانه، وفي الحديث: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة وإن زنا وسرق. رواه مسلم.
وخلاصة الجواب أننا نقول للأخ إن شربك للخمر كبيرة عظيمة يجب عليك أن تتوب منها توبة نصوحاً، ومع شربك لها فإنك لا تزال مسلماً ما دمت لم تستحله، ولا تسقط عنك الصلاة بحال، لا في الأربعين يوماً ولا في غيرها من الأيام، فاتق الله ودع ما أنت فيه قبل أن يدهمك الموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(11/2683)
الخمر بين نجاسة عينها وطهارتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الخمر والعطور التي تحتوي على الكحول هل هي نجسة نجاسة مادية؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخمر نجسة نجاسة عينية في قول أكثر أهل العلم، بل حكى بعضهم الإجماع على نجاستها، كما قال ابن مفلح في المبدع شرح المقنع: وهي نجسة إجماعًا، لكن خالف فيها الليث وربيعة وداود، وحكاه القرطبي عن المزني، فقالوا بطهارتها، واحتج بعضهم للنجاسة بأنها لو كانت طاهرة، لفات الامتنان بكون شراب الجنة طهورًا، لقوله تعالى: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً [الإنسان:21] . أي طاهرًا.
وعلله في الشرح أنه: يحرم تناولها من غير ضرر، أشبه الدم. انتهى.
وقال النووي في المجموع - وهو شافعي: الخمر نجسة عندنا وعند مالك وأبي حنيفة وأحمد وسائر العلماء؛ إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب وغيره عن ربيعة شيخ مالك وداود قالا: هي طاهرة وإن كانت محرمة كالسم الذي هو نبات، وكالحشيش المسكر. ونقل الشيخ أبو حامد الإجماع على نجاستها. انتهى.
ومما سبق تعلم أخي السائل أن الخمر نجسة على الراجح، وكذلك الأمر بالنسبة للعطور التي تحتوي على الكحول، وأن نجاستها عينية "مادية"، ومن لازم ذلك أنه لا يجوز التعطر بما فيه كحول لما يترتب عليه من مباشرة النجاسة، والنجاسة ينبغي على العبد أن يحترز منها ويتجنب مباشرتها.
قال الصنعاني في سبل السلام: فكل نجس محرم ولا عكس، وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملابستها على كل حال. انتهى
ولمزيد فائدة حول استعمال العطور المشتملة على كحول راجع الفتوى رقم:
254، ولمزيد فائدة حول حكم الخمر والكحول إذا تحولت عن أصلها راجع الفتوى رقم:
16722، والفتوى رقم:
6783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(11/2684)
حكم وضع طعام في ثلاجة تحتوي خمرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في سويسرا وأسكن مع طلاب نصارى كل شيء مشترك في الشقة ولديهم الخمر في الثلاجة. هل يجوز لي وضع أغراضي في نفس الثلاجة؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنصيحتنا لك أخي السائل أن تبحث عن سكن آخر لأن مساكنة الكفار تنطوي على خطر عظيم على دين المرء وراجع الفتوى رقم:
10327، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
9896، والفتوى رقم:
1234، والفتوى رقم:
4277، فإذا اضطررت إلى مساكنتهم فالواجب عليك ألا ترضى بما هم عليه من الباطل، وأن تنكر عليهم ما هم فيه من منكر، وراجع الفتوى رقم: 17092، والفتوى رقم: 15554، والفتوى رقم: 1048.
ثم اعلم أنه لا حرج عليك في وضع أغراضك في تلك الثلاجة المشتملة على الخمور ما دمت مضطرا إليها، ولا تستطيع إلى إراقتها سبيلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/2685)
من تناول الخمر خطأ فهو معذور
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من شرب الخمر ولم يعلم أنها خمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شرب الخمر جاهلاً أنها خمر، ولم يكن ذلك بتفريط منه، فإنه معذور لا إثم عليه، لأنه تناول الخمر خطأ، وقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت هذه الآية: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284] .
قال دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيءٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا، قال فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] . قال -أي الله تعالى- قد فعلت.
فرفع الله عز وجل عنا المؤاخذة بالخطأ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه الطبراني بهذا اللفظ وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/2686)
لا يستوي في الإثم من قارف الذنب مرة والملازم له
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو من هو مدمن الخمر الذي حرمت عليه الجنة؟ هل هو من احتسى الخمر كم مرة في حياته أو هو من لا يقدر أن يترك الخمر لغاية آخر عمره؟ وهل جزاء من احتسى الخمر كم مرة في حياته نفس جزاء الذي لا يقدر أن يترك الخمر.. ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمدمن الخمر هو من لازم شربها، ولا تصح دعوى أحد أنه لا يقدر على ترك الخمر، فإن الله عز وجل لا يكلفنا إلا ما نستطيعه، قال سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم. رواه مسلم.
فانظر كيف فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الأوامر والنواهي، فاشترط الاستطاعة في فعل المأمور به، ولم يذكر الاستطاعة في ترك المنهي عنه، لأن الترك مستطاع مقدور عليه لكل أحد غير مكره، ولكنه يحتاج إلى نوع مجاهدة للنفس لردعها عن غيها.
ولا شك أن الذنب يكبر ويعظم بالإصرار عليه، فلا يستوي في القبح من شرب الخمر مرة ومن لازمها حياته، وكلاهما عاصٍ لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - تجب عليه التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(11/2687)
تحريم الخمر تم على عدة مراحل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف حرمت الكحول في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبتت حرمة الخمر بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة.
وقد حرمت نهائياً في المدينة سنة ثلاث للهجرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن الخمر حرمت سنة ثلاث بعد أحد باتفاق الناس. انتهى
لكن تحريم الخمر كان بتدرج، وبمناسبة حوادث متعددة، فإن الناس قبل تحريمها كانوا مولعين بشربها، فأول ما نزل صريحاً في التنفير منها وتحريمها، قول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [البقرة:219] .
فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعضهم، وقالوا: نأخذ منفعتها، ونترك إثمها، فنزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] .
فتركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعضهم في غير أوقات الصلاة حتى نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] .
فصارت حراماً عليهم، حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئاً أشد من الخمر.
وقد أكد تحريم الخمر والميسر بوجوه من التأكيد:
-منها: تصدير الجملة بإنما.
-ومنها: أنه سبحانه وتعالى قرنهما بعبادة الأصنام.
-ومنها: أنه جعلهما رجساً.
-ومنها: أنه جعلهما من عمل الشيطان، والشيطان لا يأتي منه إلا الشر البحت.
-ومنها: أنه أمر باجتنابهما.
ومنها: أنه جعل الاجتناب من الفلاح، وإذا كان الاجتناب فلاحاً كان الارتكاب خيبة وممحقة.
-ومنها: أنه ذكر ما ينتج عنهما من الوبال، وهو وقوع التعادي والتباغض من أصحاب الخمر والقمار وما يؤديان إليه من الصد عن ذكر الله، وعن مراعاة أوقات الصلاة، وقوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:91] .
من أبلغ ما ينهى به، كأنه قيل: قد تُلِي عليكم ما فيهما من أنواع الصوارف والموانع، فهل أنتم مع هذه الصوارف منتهون؟ أم أنتم على ما كنتم عليه، كأن لم توعظوا ولم تزجروا.
وأما السنة: فقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الخمر قليلها وكثيرها من ذلك:
ما رواه مسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن.
وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فقال: يا محمد: إن الله لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها.
وضرر الخمر على الفرد في دينه وجسمه وعقله ونفسه وماله مما لا ريب فيه، وكذلك ضررها على المجتمع والأسرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(11/2688)
شرب الخمر ليلة الزفاف ينافي شكر النعمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجين شرب الخمر سويا ليلة الزفاف وحدهما قبل الجماع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخمر أم الخبائث، وشربها من أكبر الكبائر، فيجب اجتنابها والبعد عنها، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة:90-91] .
وقد وردت أحاديث كثيرة في ذم شارب الخمر وعقابه، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسكر حرام، إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار" رواه مسلم وغيره.
وشارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوماً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً" رواه الترمذي وأبو داود والنسائي.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة".
والأحاديث في ذم الخمر، وتشديد حرمتها كثيرة، فعلى المسلم أن يبتعد عنها في أوقات حياته كلها، وخاصة ليلة زفافه وفرحه، فلا يفتح حياته الزوجية بأم الخبائث، فهذا ليس من أسباب السعادة الزوجية، بل ربما يؤدي إلى التعاسة والشقاء لأن هذا يتنافى مع شكر نعمة الحلال التي يسره الله لهما.
وبعض الناس -نسأل الله العافية- يرتكب المعاصي والمحرمات عند مناسباته وأفراحه، وهذا خطأ بيِّن، وغلط فاحش، فإن هذه المناسبات لا تبيح ما حرم الله تعالى، فينبغي أن تكون مناسبة لتطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح أن الشرع رخص فيها بالفرح، والإعلان، وضرب الدفوف، ولكن هذا لا يبيح ما حرم الله تعالى.
ونصيحتنا للسائل الكريم هي أن يتقي الله تعالى، ولا يفتتح حياته الزوجية بما حرم الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/2689)
دفع ثمن الخمر مستوجب للعن.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دفع ثمن الخمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخمر هي أم الخبائث، وشربها والعون عليه كل ذلك من كبائر الذنوب، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 1108.
فلا يجوز بيعها ولا شراؤها ولو لم يشربها البائع أو المشتري، ومن فعل ذلك فإنه ملعون، فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمرة عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له.
وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره من هذا الذنب العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/2690)
حكم شرب البيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك في أوربا مشروب (بيرة) ومكتوبٌ عليها إنها أي البيرة خالية من الكحول، فهل يجوز للمسلم شرب هذا المشروب؟ أفيدونا جزاكما الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه أمابعد:
فإذا تحقق المسلم من خلو هذا المشروب من الكحول فلا جناح عليه في شربه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1422(11/2691)
بعض أنواع النجاسات.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل النجاسات تستوجب الغسل أم لا؟ مثال شرب الخمر أو فضلات الحيوان. نشكر لكم هذا الجهد وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإزالة النجاسة والتطهر منها أمر مشروع مرغب فيه في جميع الأحوال. ويجب على المصلي إزالة النجاسة من بدنه وثوبه والبقعة التي يصلي عليها، لقوله تعالى: (وثيابك فطهر) [المدثر:4] .
ولما روى أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال لهم: "لم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاً، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإذا رأى خبثاً فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما".
ومن النجاسات: البول والغائط والدم المسفوح والقيح والصديد ولعاب الكلب والخنزير، وروث وبول ما لا يؤكل لحمه وغير ذلك، مما تجد تفصيله وذكر المتفق عليه والمختلف فيه، في كتب الفقه.
والخمر نجسة عند جماهير أهل العلم، وشربها كبيرة من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها ومعتصرها وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها" [رواه أبو داود] .
وأما ما يخرج من الحيوان من البول والروث فهو نوعان:
طاهر: وهو الخارج من الحيوان المأكول اللحم كبهيمة الأنعام، الإبل والبقر والغنم، وهذا على الراجح من قولي العلماء، لما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أن رهطاً من عُكْل أو عُرْينة قدموا المدينة فاجتووا المدينة، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلقاح، وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها. واجتووا المدينة، أي: (استوخموها) ، واللقاح: النوق ذوات اللبن.
والنوع الثاني: نجس: وهو بول وروث ما لا يؤكل لحمه كالسباع، والهر والفأر. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(11/2692)
توزيع الخمر في المطاعم التي تبيعها فعل موجب لللعنة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قريب يعمل في إسرائيل في مطعم وليس لديه وسيلة أخرى للرزق سواها ويضطر للعمل بالبار الخاص بالمطعم فيوزع الخمور. ما الحكم الشرعي لذلك؟ مع العلم أنه يصلي ويقوم بكافة الفرائض الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
هذا العمل الذي يقوم به قريبك لا يجوز شرعا لأنه بتوزيعه الخمر على رواد المطعم يكون ساقيا لهم وحاملا لها إليهم، وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني جبريل فقال يا محمد إن الله عز وجل قد لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها) . فهو بعمله هذا يتعرض للعنة الله تعالى كلما حملها وقدمها لهم، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة وليعلم أن الله تعالى ضمن لكل نفس رزقها فلن تموت نفس حتى تستوفيه وإنه سبحانه متكلف ضامن لمن اتقاه أن يرزقه من حيث لا يحتسب قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) سورة الطلاق. فعليه أن يتقى الله تعالى وسيجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يدرى ولا يشعر.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2693)
هل للمذي رائحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في رحلة إلى مدينة دبي، وأثناء هذه الرحلة أثيرت شهوتي قليلاً ثم بعد أن انتهيت وكنت في الطريق، كنت أغفو قليلاً وأستيقظ، مع العلم بأنه لم يكن نوما متواصلا، بل متقطعاً ثم بعد ذلك استيقظت، ولم أر مناما، وبعد عودتي إلى المنزل رأيت سائلا لزجا أبيض وهو نفس السائل الذي ينزل منيا عادة، وأنا أجزم بأنه مذي، لأن له مواصفات المذي، فهل للمذي رائحة؟ لأنني لست متأكدة إن كان نزل أثناء رحلتي أو عند غفوتي وله رائحة غريبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تجزمين بأنه مذي، لكون صفته هي صفة المذي فهو مذي يجب الوضوء منه وتطهير البدن والثوب، وقد بينا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075.
وبينا حكم من شك فيما خرج منه، هل هو مني أو مذي؟ وأنه يتخير بينهما على ما اختاره بعض أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 64005.
ولم يتعرض العلماء ـ حسب اطلاعنا ـ لرائحة المذي وما إذا كان له رائحة أو لا، ولكنهم بينوا صفة المذي وأنه سائل أبيض رقيق يخرج عند فتور الشهوة بلا شهوة ولا يعقب خروجه فتور بالبدن وقد لا يشعر بخروجه وهو في النساء أكثر منه في الرجال، فإذا كان السائل الذي رأيته بهذه الصفة فهو المذي ـ سواء كانت له رائحة أو لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/2694)
المني قد تتغير بعض صفاته لعارض ما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا احتلمت يا شيخ وأثناء ذهابي للاغتسال رأيت أنه مادة تشبه المني ولكن تختلف في اللون ولونها أصفر. ما هي هذه المادة؟ وما أسبابها؟ وهل لها أضرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من احتلم فوجد بللا فإن تحقق أنه مني لزمه الغسل وإن تحقق أنه مذي يلزمه الوضوء وتطهير البدن والثوب، وإن شك هل هو مني أو مذي ففيه تفصيل معروف بيناه في الفتوى رقم: 120723. فإذا كنت قد وجدت في هذا السائل صفات المني فالظاهر أنه المني الموجب للغسل ولا يضر تخلف بعض صفاته فإنها قد تتخلف لعارض.
قال النووي: فمني الرجل في حال صحته أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفعة بعد دفعة، ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، ثم إذا خرج يعقبه فتور ورائحته كرائحة طلع النخل قريبة من راحة العجين، وإذا يبس كانت رائحته كرائحة البيض. هذه صفاته وقد يفقد بعضها مع أنه مني موجب للغسل بأن يرق ويصفر لمرض أو يخرج بغير شهوة ولا لذة لاسترخاء وعائه أو يحمر لكثرة الجماع ويصير كماء اللحم وربما خرج دما عبيطا ويكون طاهرا موجبا للغسل. انتهى.
وبه يتبين لك أن الظاهر كون هذا السائل الذي رأيته هو المني الموجب للغسل وإنما تخلفت بعض صفاته لعارض. وأما عن سبب ذلك وهل له أضرار أو لا؟ وكيفية علاجه على فرض كونه خرج متغير لعلة فيمكنك أن تراجع في هذا قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1430(11/2695)
صفة مني المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستشيركم وأرجو أن أجد الجواب الكافي لديكم، لأنني أصبت بالوسواس والشك فيما ينزل مني ولا أستطيع التفريق بين المذي والمني، وهذا ماجعلني دائمة الشكوك والاغتسال شبه اليومي، وهذا سبب لي الإحراج فأريد أن أعرف عندما أشعر بالشهوة وينزل مني سائل لزج شفاف مختلط بشيء أبيض اللون غزير فهل عندما أراه أعتبره منيا وأغتسل؟ علما بأنني أغير ملابسي بشكل مستمر حتى إنني من شدته خصصت لبسا للصلاة، وأخاف أن يقطع صيامي أيضا عندما ينزل، فهل الذي ينزل مني هو مني أو مذي؟ أريد شيئا قاطعا أستطيع أن أميز به بين المذي والمني، وكيف أعرف أنني أنزلت؟ وأيضا لدي سؤال آخر: فمنذ كنت صغيرة كنت أمارس العادة السرية في رمضان وكان عندي شك في أنها محرمة ولم أكن على يقين بذلك، فهل تلزمني إعادة صومي؟ فأحيانا أمارسها بالليل ولا أغتسل، فهل أيضا يلزمني إعادة صومي؟ وكنت عندما يجرح فمي أمتص الدم النازل منه ولم أكن على يقين أنه يفطر، بل كنت أشك في ذلك، فهل يلزمني إعادة صومي؟.
فأفيدوني، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني يمكن تمييزه عن المذي بسهولة ويسر إذ أن المذي شفاف ولزج ويخرج عند التفكير في الشهوة أو رؤية ما يثيرها، لكن لا يشعر الإنسان بلذة عند خروجه، وقد يخرج من غير أن يشعر به صاحبه، وأما المني بالنسبة للمرأة فإنه أصفر ورقيق، كما في الحديث: إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر. رواه مسلم. ويخرج بلذة، وانظري الفتوى رقم: 110007، عن كيفية التمييز بين المني والمذي وعن حكم من لم يستطع التمييز بين المني والمذي ماذا عليه؟.
وكون السائلة دائمة الشكوك كما ذكرت قد يدل على أنها مبتلاة بالوسوسة، فإن كانت تشك هل خرج منها شيء أم لا؟ فلا تلتفت إلى تلك الشكوك، والأصل صحة الصوم والطهارة ولا يزول هذا الأصل بمجرد الشك، ودين الله يسر لا عسر فيه.
وأما امتصاص الدم فإنه أمر محرم، لأن شرب الدم حرام، ومن امتص الدم وهو صائم فقد فسد صومه ويلزمه إعادة ذلك اليوم إلا أن يكون جاهلاً بالحكم الشرعي، فإنه يعذر لجهله عند كثير من الفقهاء وانظري لذلك الفتوى رقم: 79032، بعنوان: هل يفطر من أتى بمفطر جاهلاً؟.
وأما ممارسة العادة السرية، فإنها تفسد صومك إذا كنت قد فعلتها نهاراً وخرج منك المني وكنت عالمة بحرمتها، ولا يبطل الصيام بممارسة تلك العادة السيئة ليلا ولو لم تغتسلي، لكن يجب عليك الاغتسال لتصلي على طهارة، فإن لم تغتسلي وصليت على غير طهارة فصلاتك باطلة، وانظري الفتوى رقم: 113612، عن حكم الاستمناء في رمضان، وهل تلزم منه الكفارة؟ وانظري الفتوى رقم: 108903، عن حكم من استمنى في رمضان جاهلاً كونه يفسد الصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(11/2696)
ما يفعل من شك بين المذي والمني والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة وغير متزوجة, منذ سنه تقريبا وأنا أعاني من الوسواس بكثرة في الطهارة فأنا كثيرة الغازات وكثيرا ما أعيد طهارتي, وفي الصلاة أيضا بحيث أعيدها أكثر من مرّه وأسجد للسهو كثيرا, وكثيرة الشك بعباداتي بشكل عام, والآن يلتبس علي الأمر بنزول المني والمذي والودي والاحتلام ونحوهم رغم قراءتي عنهم للتفريق بينهم, فأنا سابقا لا أعلم عنهم شيئا , وبعد أن أخذت فكرة عنهم أصبحت أغتسل باليوم أكثر من مرتين لجهلي عنهم رغم بحثي عن الفقه بهم.....
فسبب نزولهم اعتقادي تفكير مجرد تفكير فقط فأنا لست ممن يمارسون عادات لأنزلهم (ولله الحمد) وإنما هو تفكير بأمور معينه قد ينزل تلك الأنواع من الرطوبات وهكذا. ما الحل؟ وهل إذا صحوت من النوم ووجدت رطوبة على ملابسي الداخلية رغم أنني لم أر في منامي ما ينزلها هل يعتبر ذلك من الاحتلام لأنه قد يحدث عندي بكثرة بجانب وساوسي وأنا أجهل التفريق بينهم رغم بحثي الدائم عن ما يجعلني أفرق بينهم فأنا جدا مهمومة من هذا الأمر الذي قد لا يجعلني أعيش حياتي براحة والذي يكلفني فوق طاقتي بالتفكير والجهد
وجزيتم خيرا ودعواتكم لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تعرضي عن الوساوس جملة فلا تلتفتي إلى شيء منها. فإن شككت هل أحدثت أو لا؟ فالأصل أن طهارتك باقية، وإن شككت هل زدت في صلاتك أو نقصت فلا تلتفتي إلى الشك وامضي في صلاتك، وهكذا فافعلي في كل ما يعرض لك من الوساوس حتى يمن الله عليك بالعافية من هذا الداء العضال.
وأما عن شكك فيما يخرج منك من الإفرازات فعليك أن تجتهدي في التعلم لضبط أنواع هذه الإفرازات وصفات كل منها وهي بحمد الله واضحة، وقد بينا أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها في الفتوى رقم: 110928 وبينا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075. فإذا لم تستطيعي التمييز لنوع الخارج منك وشككت هل هذا الخارج مذي أو مني؟ فإنك تتخيرين بينهما وهذا هو مذهب الشافعي، ولا شك في كونه أوفق بالموسوس، وانظري الفتوى رقم: 64005 وعليه؛ فإنه لا غسل عليك إن اخترت جعل هذا الخارج المشكوك فيه مذيا وإنما يلزمك تطهير الثوب والبدن من المذي والوضوء، وإن شككت بين ثلاثة المذي والمني والودي فأولى ألا يجب عليك الغسل، وانظري الفتوى رقم: 66855. وإذا استيقظت فوجدت بللا فإن تيقنت أنه مني وجب عليك الغسل، وإن شككت هل هو مني أو مذي؟ فإنك تتخيرين في جعله منيا أم مذيا كما هو مذهب الشافعية، وعند الحنابلة تفصيل آخر فانظريه في الفتوى رقم: 118140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(11/2697)
أحوال السائل الذي يجده المستيقظ من نومه وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ 19 عاما، أحيانا عندما أستيقظ وأنا نازلة من الفراش أحس بأشياء تنزل منى فأجد شيئا مائلا للصفرة خفيفا ولكنه ليس لزجا. فهل علي غسل؟ وأود أن أسأل أيضا هل لابد من اجتماع شروط المني الثلاث للاعتراف بكونه منيا أم ممكن شرط أو اثنان بمعنى أن المني ماء أصفر لزج ودافق والفتور عند خروجه طيب لو نزل شيء دافق ولكنه غير لزج فهل يأخذ حكم المني أرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاشتراط خروج المني دفقا بلذة وكونه يعقبه فتور لأجل الغسل هذا بالنسبة للمستيقظ, وأما النائم فإذا استيقظ ووجد بللا فلا يخلو من واحد من ثلاثة أمور ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع وفي مجموع الفتاوى.
قال رحمه الله في مجموع الفتاوى: إذا استيقظ الإنسان فوجد بللا، فلا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يتيقن أنه مني، فيجب عليه حينئذ الاغتسال سواء ذكر احتلاما أم لم يذكر.
الحال الثانية: أن يتيقن أنه ليس بمني، فلا يجب عليه الغسل في هذه الحال، ولكن يجب عليه أن يغسل ما أصابه، لأن حكمه حكم البول.
الحال الثالثة: أن يجهل هل هو مني أم لا؟ ففيه تفصيل:
أولا: إن ذكر أنه احتلم في منامه، فإنه يجعله منيا ويغتسل، لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، هل عليها غسل؟ قال: (نعم إذا هي رأت الماء) . فدل هذا على وجوب الغسل على من احتلم ووجد الماء.
ثانيا: إذا لم ير شيئا في منامه، فإن كان قد سبق نومه تفكير في الجماع جعله مذيا.
وإن لم يسبق نومه تفكير فهذا محل خلاف:
قيل: يجب عليه الغسل احتياطا.
وقيل: لا يجب وهو الصحيح لأن الأصل براءة الذمة. اهـ
والقول بعدم وجوب الغسل عند الشك هو قول أكثر أهل العلم.
قال صديق حسن خان رحمه الله في الروضة الندية: ... والمراد من البلل المني فإن رأى بللا ولم يتيقن أنه مني لم يجب الغسل عند أكثر أهل العلم.. اهـ
وبناء عليه تنظر الأخت السائلة في حالها على التفصيل السابق, وانظري للأهمية الفتويين: 27564، 51191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(11/2698)
الفرق بين مني المرأة ومذيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على أسئلتي بأسرع وقت ممكن نظرا لما أعانيه من وسوسة وشك بأمري مما أثقل علي وزاد عزلتي وهمي: أنا لدي عجز عن التفريق بين المذي والمني رغم اطلاعي على فوارقهما أرجوكم أريد الفرق القاطع بينهما لتزول حيرتي عندما أحس بالشهوة ينزل معي سائل شفاف فيه ماده بيضاء وهو لزج لا أدري هل هذا مني أم مذي؟ مما أدى إلى اغتسالي بشكل يومي وهذا أحرجني كثيرا، وأيضا عند ما أحتلم أحس بالشهوة فقط لكن لا أرى أنني أجامع أحدا أو أفرغ رغبتي مجرد شهوة وعندما أستيقظ أرى ماء معه مادة بيضاء. هل هنا يلزمني الغسل؟ أنا عندما كنت صغيرة كنت أمارس العادة السرية في نهار رمضان، وكنت أشك أنها تنقض الصيام ليس لدي يقين، وأحيانا كنت أمارسها بالليل في شهر رمضان ولا أغتسل وكان عندي شك أيضا أنها تنقض الصيام. فما حكم صيامي وصلاتي في هذه الحالات هل تلزمني الإعادة وصيام الشهور التي مارستها فيها علما أنها ليس قليلة فكنت أعمل هكذا أربعة رمضانات ومشقة لي أن أعيد صيامهن. أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوضحنا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075. هذا ومني المرأة رقيق أصفر وله خاصيتان يعرف بهما ويمتاز بهما عن المذي فإذا وجدت إحداهما تبين أن هذا الخارج مني وهما رائحته المشبهة لرائحة مني الرجل ومني الرجل له رائحة تشبه رائحة طلع النخل أو رائحة العجين، والثانية خروجه بشهوة أي تحصل لذة عند خروجه وفتور الشهوة بعد خروجه.
قال النووي رحمه الله في شرحه المبارك على صحيح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يَبْيضّ لفَضْل قُوَّتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية التلذذ بخروجه وفتور قوتها عقب خروجه. انتهى.
وأما المذي فيبين النووي صفته قائلا: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر منه في الرجال.
وبهذا البيان الواضح يرتفع اللبس ويزول الإشكال، وإذا حصل شك فيما إذا كان الخارج منيا أو مذيا فقد اختلف العلماء في ذلك، والمفتى به عندنا وهو الأرفق بالنسبة لمن كان في مثل حالتك هو قول الشافعية وأنه يتخير بينهما فيجعل لهذا الخارج حكم أيهما شاء، وانظري الفتوى رقم: 64005.
وأما ما ترينه عند استيقاظك من أثر الاحتلام فالأصل كونه منيا فيجب الغسل منه.
وأما الأيام التي وقع منك الاستمناء فيها في نهار رمضان جاهلة أنه مفطر ففي وجوب قضائها عليك خلاف بين أهل العلم والأحوط بلا شك أن تجتهدي في قضائها. وقد سئلت اللجنة الدائمة عمن استمنى في نهار رمضان وهو جاهل أن هذا حرام ولا يعلم عدد الأيام التي فعل فيها هذا المحرم؟ فأجابت: يجب قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب العادة السرية لأنها مفسدة للصيام، واجتهد في معرفة الأيام التي أفطرتها. انتهى.
وإن كان القول بعدم لزوم القضاء لك قولا قويا له اتجاه، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟ فأجاب: الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: العلم، والذكر، والإرادة. انتهى.
ولا قضاء عليك للأيام التي استمنيت فيها ليلا وإن كنت لم تغتسلي لأن ذلك ليس من المفطرات.
وأما الصلوات التي صليتها بعد الاستمناء دون غسل فيجب عليك قضاؤها في قول الجمهور ومذهب شيخ الإسلام هو عدم لزوم القضاء لك والأحوط الأخذ بقول الجمهور، وانظري لتفصيل القول في هذه المسألة الفتويين: 109981، 125226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(11/2699)
شاهد امرأة في مسلسل ثم نام فاحتلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم الجمعة كنت خارجا من المسجد ثم ذهبت إلى المجلس لكي أرى المسلسلات العربية، ثم نظرت إلى المسلسل وكانت هناك فتاة في المسلسل تلبس حجابا، ثم غيرت المسلسل، ثم نمت واحتلمت. هل السبب من المسلسل والمكان الذي احتلمت عليه نجس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنسان لا يؤاخذ بما يكون منه أثناء النوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو دواد وصححه الألباني.
لكن إذا احتلم الإنسان وجب عليه الغسل، أما الموضع الذي عليه أثر الاحتلام فالراجح عندنا أنه غير نجس لأن المني طاهر، وانظر الفتوى رقم: 1789.
وننبه السائل إلى وجوب غض البصر عن المحرمات وتقوى الله في السر والعلن، ولمعرفة حكم مشاهدة المسلسلات راجع الفتوى رقم: 1791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(11/2700)
كيفية تطهير البدن والثوب من الودي والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الودي والمذي وكيف يتم تطهير البدن والثوب حسب حالتي التي سأذكرها: عندما أتبول أحاول إخراج كل البول والودي ولكن عند الخروج أحس بخروج شيء وأرى بللا، وحتى حين أكون جالسا أحس بخروج شيء وأرى بقع صغيرة فأضطر إلى أن أغير ملابسي الداخلية كل مرة وهذا يشق علي كثيرا وذلك يكون أحيانا عند تذكر شيء أو بلا سبب. فأرجو الرد مع التفصيل ولكم الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوضحنا الفرق بين المني والمذي والودي في الفتوى رقم: 34363. وأوضحنا كيفية تطهير المذي من البدن والثوب في الفتوى رقم: 50657. ولمعرفة حكم الودي وما يجب لخروجه راجع الفتوى رقم: 125887. وما أحيل عليه فيها، والذي ننصحك به إن لم تكن مصابا بالوسوسة هو أن تتحفظ بوضع قطنة أو نحوها على الموضع منعا لانتشار النجاسة في الثياب فإذا خرج شيء من ذلك أزلت تلك القطنة وطهرت المحل وتوضأت، فإن كان خروج هذه القطرات قد وصل إلى حد السلس بحيث لا تجد وقتا يتسع لفعل الطهارة والصلاة تعلم أن هذه القطرات لا تخرج فيه فحكمك حكم المصاب بالسلس فتتحفظ وتتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت، ولمعرفة ضابط الإصابة بالسلس انظر الفتوى رقم: 119395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(11/2701)
ما يجب على من يخرج منه قطرة من الودي بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني محتاج مساعدتكم: أنا يوميا ينزل مني مادة بيضاء على شكل نقطة صغيرة يعني على كبر فتحة القضيب صغيرة بالمرة، أنا احترت هل هو مني أو ودي وهو أغلب الأحيان لا يخرج مني بالحالة بل إذا نترنت القضيب أو إذا حضر إلى البول وتبولت تخرج هذه المادة ثم يخرج عقبها البول وهكذا هي الحال يوميا. أن أريدكم وأرجو منكم أن تساعدوني ما هذه المادة هل هي ودي أو مني؟ وهل ينفع أن أضع قطعة قطن على فتحة القضيب تحسبا لخروجه يعني يمكن يخرج بدون نتر أضع القطتة لمنعه من الخروج؟ وهل يجب تغيير القطنة إذا يصح؟ ألف شكر لكم أحبتي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا السائل الذي تذكره هو الودي، فإن العلماء ذكروا في صفته أنه يشبه المني في ثخانته والودي يوجب الاستنجاء، وتطهير الثوب والبدن مما أصابه منه لأنه نجس إجماعا، وكذا يجب الوضوء منه إجماعا.
قال النووي رحمه الله: وأما الودي فماء أبيض كدر ثخين يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة ولا رائحة له، ويخرج عقيب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة وعند حمل شيء ثقيل، ويخرج قطرة أو قطرتين ونحوهما. وأجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي. انتهى.
وعلى فرض كون هذا الخارج منيا فإنه لا يوجب الغسل عند جمهور العلماء لكونه خارجا لغير شهوة.
قال ابن قدامة رحمه الله: فإن خرج شبيه المني لمرض أو برد لا عن شهوة فلا غسل فيه، وهذا قول أبي حنيفة ومالك، وقال الشافعي: يجب به الغسل لقوله عليه السلام: إذا رأت الماء. وقوله: الماء من الماء. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المني الموجب للغسل بكونه أبيض غليظا. وقال لعلي: إذا فضخت الماء فاغتسل. رواه أبو داود والفضخ خروجه على وجه الشدة. وقال إبراهيم الحربي: خروجه بالعجلة. وقوله إذا رأت الماء يعني الاحتلام، وإنما يخرج في الاحتلام بالشهوة. انتهى. بتصرف.
وانظر الفتوى رقم: 122135. ولمعرفة الفرق بين المذي والمني والودي انظر الفتوى رقم: 34363.
وأما ما ذكرته من وضع القطنة فلا بأس به لتقليل انتشار النجاسة أو منع وصولها إلى الثياب لكن متى علمت خروج هذا السائل منك وجب عليك نزع هذه القطنة والاستنجاء ثم الوضوء لما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(11/2702)
حكم رطوبة الفرج والفرق بينها وبين المني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا غفوت بعد صلاة العصر لفترة من الوقت ـ تقريبا ساعة إلا ربعاـ وبعد ذلك رأيت ماء واشتبه علي، هل هو مني أم غير ذلك؟ وهل يُعتبر احتلاما؟ مع أن الوقت الذي غفوت فيه كان قصيراً، وقد كان الماء يسيرا جدا ًنقطة واحدة وغليظة ولونه بين الأبيض والأصفر، علماً بأن لدي إفرازات كثيرة ومستمرة وهذا يُشكل علي كثيراً فلم أعد أميز بين ما يوجب الغسل، وبين ما لا يجب منه الغسل؟ علما بأنني لم أغتسل وأتممت صيامي، فهل علي شيء في ذلك؟ وأنا أشكو من الوسواس القهري، وكثيرا ما أغتسل عند رؤية الماء وهذا أرهقني كثيرا وأتعب نفسيتي، خاصةً وأن لدي إفرازات كثيرة فلم أعد أفرق بين نزول الماء لشهوة، أو بدون شهوة، أواحتلام.
أرجو التوجيه في ذلك.
أفيدوني جزيتم خيرا، والرجاء سرعة الرد للأهمية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت مصابة بالوسواس، فالذي ننصحك به أيتها الأخت الفاضلة هو أن تعرضي عن هذه الوساوس فلا تلتفتي إليها، بل ألقيها وراء ظهرك فإن استرسالك مع الوساوس من أعظم ما يجلب عليك الضرر في دينك ودنياك، وانظري الفتوى رقم: 51601.
فإذا شككت في خروج المني الموجب للغسل ولم يحصل لك اليقين الجازم بخروجه فلا تلتفتي إلى هذا الشك واعملي بالأصل وهو أنه لا يجب عليك الغسل، وبهذا تستريحين من هذا العناء، نسأل الله لك العافية وانظري الفتوى رقم: 69561.
هذا والظاهر أن ما يخرج منك هو إفرازات عادية وليس بمني، فقد نص العلماء على أن مني المرأة رقيق أصفر يخرج بلذة ورائحته كرائحة طلع النخل، قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما، إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه وفتورشهوتها عقب خروجه. انتهى.
ولمعرفة الفرق بين المني وغيره من الإفرازات كالمذي أو رطوبات الفرج، راجعي الفتويين رقم: 13523 ورقم: 45075، وأما هذه الإفرازات الكثيرة التي ذكرتها فهي المعروفة برطوبات الفرج وهي طاهرة على الراجح، ولكنها ناقضة للوضوء، وللمبتلاة بسلس هذه الإفرازات حكم المستحاضة وصاحب السلس فتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئها ذاك الفرض وما شاءت من النوافل ولمعرفة أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها راجعي الفتوى رقم: 110928.
وبما بيناه لك تعلمين أنه لا غسل عليك حتى تتيقني خروج المني، وأما صيامك فصحيح بكل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(11/2703)
ما يلزم المرء إذا خرج منه المني بغير شهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في 20 من عمري أعاني من مشكلة وهي: أنني أستحلم هذه المُدة كثيراً، وعانيت منها مرتين وأنا أصلي في قيام الليل، الأولى: كانت وأنا أتوضأ وأنوي الصلاة، والأخرى: كانت وأنا أصلي في الركعة الثانية من صلاة الليل، فماذا أفعل؟ وهل إذا حدث معي هذا الشيء ولم أنتبه يعتبر صيامي فاسدا؟ علما بأن هذه المشكلة جديدة وقد بدأت معِي معَ بداية رمضان هذا العام، وتكثر في الليل عندما أصلي صلاة الليل فقط ولا تحدث معي باقي اليوم.
وفي انتظار الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خرج منك المني لغير شهوة كما نفهمه من سؤالك، فلا يجب عليك الغسل في قول الجمهور، وإنما يجب عليك الوضوء، لأن المني الموجب للغسل عند الجمهورهو ما خرج على وجه الشهوة، وما ليس كذلك فليس فيه إلا الوضوء، لأنه خارج من السبيل، قال ابن قدامة مبينا حكم خروج المني لغير شهوة: فإن خرج شبيه المني لمرض أو برد لاعن شهوة فلا غسل فيه، وهذا قول أبي حنيفة ومالك، وقال الشافعي: يجب به الغسل ويحتمله كلام الخرقي، لقوله عليه السلام: إذا رأت الماء.
وقوله: الماء من الماء.
ولأنه مني خارج فأوجب الغسل كما لو خرج حال الاغماء، ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المني الموجب للغسل بكونه أبيض غليظا وقال لعلي: إذا فضخت الماء فاغتسل. رواه أبو داود.
والفضخ: خروجه على وجه الشدة.
وقال إبراهيم الحربي: خروجه بالعجلة.
وقوله إذا رأت الماء يعني الاحتلام، وإنما يخرج في الاحتلام بالشهوة والحديث الآخر منسوخ. انتهى.
وبه تعلم أن الواجب عليك إذا خرج منك هذا المني لغيرشهوة أن تتوضأ فحسب، ولو اغتسلت احتياطا كان أولى للخروج من الخلاف، ولا أثرلهذا المني الخارج منك على صحة صومك، لأنه بغيراختيار منك فلم يكن عليك حرج، وقد قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1430(11/2704)
حكم الإفرازات التي تخرج من المرأة عند الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعتذر للجراءة في السؤال ولكن للحاجة وهو: إذا كانت الفتاة تريد أن تتنظف بعد قضاء الحاجة فوجهت الشطاف على العضو لتنظفه فأحست بشهوة فحاولت أن تتنظف بسرعة بيدها مع الشطاف ولكن نزل منها سائل شفاف أثناء ذلك مع وجود الشهوة. فما حكم السائل إذا كان به شهوة مع أنه شفاف؟ وماذا تفعل إذا طالت مدة الشهوة أثناء التشطيف ولا تريد أن تنقطع ودخل وقت الصلاة؟ وهل عندما استخدمت يدها للتنظيف أثناء وجود الشهوة ونزل السائل الشفاف يعتبر أنها قامت بالعادة السرية؟ وإذا نزل معها سائل آخر في نفس الحالة لونه أبيض مع شفاف يعني ليس شفاف خالص فما حكم هذه السوائل الشفافة الخالصة والشفافة المختلطة بألوان أخرى. أفتونا جزاكم الله خيرا ونعتذر للجرأة ولكن لشدة الاضطرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الفتاة أن تبتعد عن أسباب إثارة الشهوة وأن تجاهد نفسها في دفع الشهوة إذا وجدت مستعينة في ذلك بالله عز وجل، وأما بخصوص هذه المسألة فالذي يظهر أن السائل الذي خرج من هذه الفتاة عند ثوران الشهوة هو المذي، وهو نجس يجب الاستنجاء منه وغسل ما يصيب البدن والثوب منه والوضوء فقط، ولا يجب عليها أن تغتسل إلا إذا خرج منها المني الموجب للغسل، وقد بينا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075.
وإذا كانت هذه الإفرازات التي رأتها تلك الفتاة هي المعروفة عند العلماء برطوبات الفرج فهي طاهرة على الراجح ولكنها ناقضة للوضوء، وسواء في هذا إن كانت هذه الإفرازات شفافة أو مختلطة بألوان أخرى وراجعي الفتوى رقم: 110928. لمعرفة أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها.
وإذا لم تكن هذه الفتاة قد تعمدت استفراغ شهوتها بيدها وإنما أرادت أن تعجل بالاستنجاء فليس عليها إثم وليس لها حكم من ارتكب العادة السرية، وإذا دخل وقت الصلاة وهذه الشهوة لم تزل موجودة فعلى الفتاة أن تجاهد نفسها بقطع أسباب تلك الشهوة إذا خشيت خروج وقت الصلاة قبل أن تؤديها وذلك بالفكر فيما يعود عليها بالنفع في دينها ودنياها حتى تقبل على صلاتها بقلب خاشع ونفس مطمئنة، فإذا خشيت خروج وقت الصلاة فإنها تصلي حسب حالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/2705)
ما يلزم المرأة إذا خرج منها المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال لكني محرجة منه ولكن لا حياء في تعلم أمور الدين سؤالي هو: اذا أحست الفتاة بشهوة-عذرا- وأتاها الشيطان بتخيلات مخلة بالآداب ولكنها تعوذت بالله منها وشغلت نفسها بأمور أخرى ولكنها مازالت تحس وأثناء الإحساس نزل سائل شفاف منها ولكن الشهوة مازالت مستمرة فما حكمه؟ وإذا كانت الشهوة مازالت مستمرة ولكن الفتاة قامت من مكان جلوسها وذهبت لأمها في غرفتها لأنها تريد أن تشغل نفسها ولكنها نامت على السرير ووضعت رجليها فوق بعضهما وهي لا تقصد بذلك عمل العادة السرية ولكن أرادت أن تنام على الشق الأيمن وعندما وضعت رجلاها على بعضهما فهل إذا نزل منها شيء يجب عليها الغسل لأن الفتاة كان بها شهوة سواء شفاف أو أبيض؟ وهل ما فعلته يعتبر من العادة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لهذه الفتاة حرصها على مجاهدة شهوتها، ثم اعلمي أن الغسل لا يجب بخروج شيء من المكلف سوى المني، والظاهر أن السائل الذي رأته هذه الفتاة هو المذي، وقد بينا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075.
وإذا كان الذي رأته هذه الفتاة هو المذي- كما هو الظاهر- فإنه لا يجب عليها سوى أن تطهر ما أصاب المذي من بدنها وثوبها وتستنجي منه إذ هو نجس اتفاقا، وعليها أن تتوضأ إذا أرادت الصلاة لأن المذي من نواقض الوضوء، فإن كان الذي خرج منها هو المني فعليها الغسل، وليس عليها إثم إن شاء الله فيما ذكرت لأنها لم تتعمد استفراغ الشهوة بطريق غير مشروعة، وليس ما فعلته من الاستمناء المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(11/2706)
أنواع الإفرازات الخارجة من المرأة وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة تعاني من خروج شيء من المنطقة الحساسة لونه أبيض مثل الزلال ولزج. فما هو على الرغم أنها غير متزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها، وذلك في الفتوى رقم: 110928 فراجعيها للأهمية.
وإن كان هذا الذي تراه صديقتك يخرج من غير شهوة أو عند ثورانها فهو من الإفرازات المعروفة عند العلماء برطوبات فرج المرأة، والراجح عندنا أنها طاهرة ولكنها ناقضة للوضوء لكونها تخرج من السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(11/2707)
حكم الخارج عقب البول
[السُّؤَالُ]
ـ[ففي فترة ما عندما أقوم بعملية الإخراج أحيانا يكون عندي نوع بسيط من الإمساك أو شيء شبيه بالإمساك، المهم اضطر لأشد على نفسي قليلا لكي أستطيع الإخراج ولكن ألاحظ بعد الانتهاء من الإخراج بظهور نقطة أعتقد أنها من السائل المنوي عند فتحة البول، ولكن أستغرب، لماذا تخرج؟ يعني عفوا لا يوجد أي سبب لخروجها ـ لا شهوة ـ لا سمح الله ـ ولا أي شيء آخر.
فسؤالي: إذا حدث معي هذا الشيء في نهار رمضان، هل يكون صيامي باطلا؟ وإذا حدثت قبل الصلاة هذه الحالة، فهل يجب الاستحمام؟ أم الاغتسال العادي؟ وبشكل عام إذا خرج سائل منوي دون جماع أوعادة سرية ـ لا سمح الله ـ أو أي شهوة بمفرده، هل يكون الصيام باطلا؟ وهل يجب الاستحمام قبل الصلاة؟.
وبارك الله فيكم.
تحياتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القطرة الشبيهة بالمني والتي تخرج منك عقب البول قد يكون هو السائل المعروف عند العلماء بالودي، وقد يكون منيا، فإذا كان وديا، فالودي نجس يجب الاستنجاء منه ولا يوجب الغسل وإنما يوجب الوضوء، لأن حكمه حكم البول، ولا يبطل الصوم بخروجه عند أحد من أهل العلم، فعليك إذا خرجت منك هذه القطرة أن تغسل فرجك، وإذا أردت الصلاة تتوضأ وضوءك للصلاة ولا يلزمك غير ذلك، وانظر للفائدة الفتويين رقم: 123793، ورقم: 119047، وإذا كان منيا وقد خرج بهذه الصورة المذكورة، فقد تقدم حكمه في الفتوى رقم: 24341.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(11/2708)
اشتداد الشهوة والانتصاب ليسا شرطا في خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أنظر لزوجتي أو في العمل إذا نظرت لبعض النساء لضرورة العمل حيث إن العمل مختلط معظمه فى بلادنا، أو تذكرت بعض أمور النساء شعرت بحركة وخروج شيء. علمت أن ذلك ربما هو مذي وطهارته غسل الذكر كله ونضح الملابس. ولكن فى العمل لا يصلح الاستنجاء بهذه الطريقة. ذهبت لدار الإفتاء لمناقشة فكرة الأخذ برأي الإمام مالك حيث إن الخارج متكرر كل يوم مرة على الأقل، وبالتالي يمكن الأخذ برأي عدم الاستنجاء من هذا الشيء المتكرر فقال لي الشيخ إن هذه مجرد حركة لا يلزم منها استنجاء لأن المذى حتى يخرج لابد من شرطين الأول شهوة كبرى، والثاني انتصاب. ومجرد النظر أو التذكر لا يصنع هذا، وبالتالي ليس علي استنجاء وضوء وأصلي مباشرة. هل ما قاله الشيخ صحيح أم أنه أفتى خطأ عندما علم صعوبة الاستنجاء بالغسل والنضح وستكون الملابس مبللة أمام الناس مما يعرض الشخص للقيل والقال أي هل ما قاله صحيح من عدم خروج المذى بهذه البساطة أم خدعني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تتيقن من خروج المذي بل كان ذلك مجرد شك لم يلزمك الوضوء ولا تطهير المحل والثياب، فإن الأصل الطهارة وهي متيقنة فلا يزول هذا اليقين بالشك، وقد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه. وانظر الفتويين: 119441، 68700.
ومن ثم فإنه لا يلزمك شيء إلا إذا حصل عندك اليقين بخروج المذي.
وأما عن الأخذ بقول المالكية في الطهارة من الأحداث التي تعسر إزالتها، فلا شك في أنهم يقولون بالعفو عما يصيب البدن أو الثوب من الحدث المستنكح، بولاً كان أو مذيا أو غائطا أو غيرها، والحدث المستنكح هو الذي يأتي كل يوم ولو مرة، فلا يجب عندهم غسله ولا يسن. ولكننا قد ناقشنا هذا القول وبينا ما نراه راجحا في المسألة في الفتوى رقم: 114820. وما ذكره هذا الشيخ من أن المذي لا يكون إلا مع الانتصاب والشهوة الكبرى ليس بمسلم، إذ الذي يخرج عند الشهوة الكبرى هو المني وليس المذي، كما أن العلماء قد بينوا صفة المذي وسبب خروجه بيانا مفصلا.
قال النووي رحمه الله: واما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق، ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ويشترك الرجل والمرأة فيه. انتهى.
وقال في حاشية الروض في تعريف المذي: وهو ماء رقيق أبيض لزج، يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع، أو إرادته، أو نظر أو غير ذلك، عند فتور الشهوة بلا شهوة، وربما لا يحس بخروجه، ويخرج عند مبادئ الشهوة، ويشترك الرجل والمرأة فيه. انتهى.
فدل قوله ويخرج عند مبادئ الشهوة أن اشتداد الشهوة ليس شرطا في خروجه وكذا الانتصاب بل متى حصل اليقين بخروج المذي لزم التطهر منه والوضوء، كما أن ما ذكرته من المشقة في تطهير المذي ليس بمسلم أيضا، فإن الشرع قد خفف في حكمه فاكتفي فيه بنضح الثياب كما هو مذهب أحمد رحمه الله، وانظر الفتوى رقم: 50657. والنضح هو الرش، فلا يكون له الأثر البادي الذي يحدث معه ما ذكرته من القيل والقال، ولو فرض وقوع ذلك فإن الواجب على المسلم أن يستجيب لشرع الله تعالى ويحرص على امتثال أوامر الشرع، ما قدر على ذلك، وليس الخوف من القيل والقال عذرا يبيح ترك الطهارة الواجبة، هذا وقد بينا حكم الاختلاط في العمل بين الجنسين المشروع والممنوع في الفتوى رقم: 61092. وانظر أيضا الفتوى رقم: 122942.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1430(11/2709)
السائل اللزج الشفاف الذي يخرج عقب هيجان الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إجابتي عن سؤالي بكل وضوح وبكل بساطة أحيانا عندما تنتابني شهوة قوية وعند الانتصاب أجد بضع قطرات من سائل أبيض لزج يشبه كثيراً المني فوق عضوي، فهل هذا السائل مني؟ وهل نزوله ينقض الغسل والصيام؟ أم ينقض الوضوء فقط؟ الرجاء إخوتي إجابتي بكل وضوح وبساطة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل اللزج الشفاف الذي يخرج عند التفكير في الشهوة أو عقب هيجان الشهوة يسمى مذياً، وحكمه أنه نجس كالبول ويجب منه غسل الذكر كاملاً وغسل ما أصابه من الثياب وهو ناقض للوضوء ولا يوجب الغسل، ولا يبطل الصيام بخروجه ـ ولو بالنظر ـ على الصحيح من أقوال الفقهاء، هذا باختصار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/2710)
وجود المني على الأشياء لا ينجسها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: كنت في طريق العودة من رحلة إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة وأنا مسافر في الحافلة فنمت قليلا، ولما أفقت دخلت إلى المرحاض لقضاء الحاجة، فوجدت على فتحة الفرج الذكري كمية صغيرة من سائل المني وقد لمسته بيدي للتأكد وعندما رفعت الثياب للخروج من المرحاض لمست بيدي ـ المتسختان ـ عليهما سائل المني والحزام وـ البلوزة ـ والسروال، وأكملت السفر في الحافلة وسألت الأكبر مني سنا، كيف سأعانق الأقارب؟ فقالوا لي لا توجد مشكلة، عانقهم، ولكن حيرني أمر آخروهو: أن الملابس التي أرتديها لامست الحقائب، والحزام لامس المنشفة التي أتنشف بها، فهل هذا يضر بصلاتي بعد أن صليت وأنا أستعمل المنشفة التي لامسها الحزام؟ وهل ينتقل المني من غرض لآخر فيجعله نجسا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني طاهر وليس بنجس على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا خلافهم في هذه المسألة ورجحنا القول بالطهارة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 63403، ومن ثم فإنه لم يتنجس شيء من الأغراض التي لمستها بيدك وعليها المني، ولم يتنجس شيء ممّا لامس تلك الأغراض، لأن المني طاهر كما قدمنا، وأما على القول بنجاسته، فقد سبق أن بينا الأحوال التي تنتقل فيها النجاسة من جسم متنجس إلى آخر طاهر، فانظرها في الفتوى رقم: 117811، واعلم أن المني وإن كان طاهراعلى الراجح لكنه موجب للغسل إجماعا، لقوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. أخرجه مسلم.
فإذا كنت لم تغتسل بعد رؤيتك لذلك المني الذي خرج منك في النوم، فإن عليك الاغتسال وقضاء كل الصلوات التي صليتها وأنت جنب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(11/2711)
الودي الخارج بعد البول حكمه حكم البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة وهي: عندما أذهب إلى قضاء حاجتي وأنا أتبرز فإنه يخرج من بعد البول بعض القطرات من المني، فما الحكم الفقهي في ذلك من ناحية الغسل؟ فهل علي أن أغتسل لذلك بالوضوء الأكبر؟ وجزاكم الله خيراعلى خدمتكم لنا وأعانكم الله على ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه القطرات الشبيهة بالمني والتي تخرج عقب البول هي المعروفة عند العلماء بالودي، والودي نجس حكمه حكم البول يجب تطهير البدن والثياب منه ولا يجب منه إلا الوضوء، فليس هو موجبا للغسل قال ابن قدامة: فأما الودي فهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول كدرا فليس فيه وفي بقية الخوارج إلا الوضوء، وروى الأثرم بإسناده عن ابن عباس قال: المني، والودي، والمذي، أما المني: ففيه الغسل، وأما المذي والودي ففيهما إسباغ الوضوء. انتهى.
وانظر للفائدة الفتويين رقم: 121499، ورقم: 103038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/2712)
لا غسل من المذي ورطوبة الفرج والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[نزول المني باستمرار: أنا فتاه في السادسة عشر من عمري وأرى كثيرا سائلا أبيض ينزل مني ويكون نزوله مستمرا في اليوم حتى أثناء النوم، ولا أغتتسل كثيرا لأنه ينزل كل ساعة، فقط أغير اللباس ولا أغتسل منه، لأنه من الصعب أن أغتسل كل فترة وليس كل يوم. وأنا أصلي أحيانا أحس بنزوله ولكن لا أغتسل إلا كل يوم فقط. هل واجب علي أن أغتسل منه كل ما رأيت المني أم أكتفي بالغسل مرة واحدة فقط وتغيير ملابسي؟ وماذا أفعل إذا رأيت نزول مني عند صيامي؟ هل يبطل أم أكتفي بالغسل والوضوء فقط؟ أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى رقم: 110928. الإفرازات التي تخرج من المرأة وحكم كل واحد منها.
والسائل الذي أشارت إليه السائلة ليس منيا -فيما نظن- وإنما هو مذي، أو رطوبة فرج، أو ودي. وكلها لا توجب الغسل، ولا يبطل الصيام بخروجها، وانظري الفتوى المشار إليها آنفا. وحتى لو فرض أن الخارج المشار إليه مني فإن الاحتلام إذا حصل ولم يخرج معه مني فلا يوجب الغسل؛ بل إن المني إذا خرج يقظة بغير شهوة فلا يوجب الغسل أيضا، كما فصلناه في الفتويين: 41812، 116887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/2713)
تتحدد نوعية الطهارة بحسب نوع السائل الخارج من الفرج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوى رقم: 294135 ولم أقصد بالرعشة حالة العلاقة الجنسية وإنما رعشة تحصل لزوجتي إذا لمستها في أي جزء من جسمها وحتى لو كان بقصد أو بدون قصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبمراجعة سؤالك السابق والذي ذكرت فيه أنك داعبت زوجتك مرة فأحست برعشة وشعرت بشيء خرج من جميع أعضائها، وبينا لك في الفتاوى التي أحلناك عليها أن الغسل لا يجب إلا إذا تحققت المرأة من خروج المني لقوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. أخرجه مسلم. وكذا إذا حصل الجماع ولو لم يكن إنزال وجب الغسل، وأما إن خرج من المرأة سائل سوى المني، فإن كان مذيا فإنه نجس ناقض للوضوء فيجب تطهير البدن والثوب منه وكذا إن كان وديا، وإن كان سائلا آخر سوى المذي والودي فهو المعروف عند العلماء برطوبات الفرج وهي طاهرة على الراجح ولكنها ناقضة للوضوء، وانظر لمعرفة الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكم كل منها الفتوى رقم: 110928. وأما إذا لم تتحقق من خروج شيء نتيجة لهذه الرعشة فلا يجب عليها شيء، وننصحك بعرض هذه المشكلة على قسم الاستشارات بموقعنا فستجد عندهم ما يفيدك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(11/2714)
المذي نجس وينقض الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السائل الذي يخرج من الفتاة عند مداعبة زوجها لها؟ وهل يجب الغسل بعده؟ مع العلم أنه يخرج في أوقات كثيرة باليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل المشار إليه يكون مذيا في الغالب، وهو سائل لزج يخرج في بداية الشهوة، وهو أيضا نجس وناقض للوضوء ولا يوجب الغسل، بل يجب منه الاستنجاء بالماء إذا خرج من المرأة، وغسل الذكر كاملا إذا خرج من الرجل.
وانظري الفتوى رقم: 110928. عن أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وما يلزم منها، وكذا الفتوى رقم: 6542.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1430(11/2715)
الودي.. صفته.. وما يلزم من خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نزول مادة تشبه المني من وقت لآخر؟ وأيضا نزول قطرات من البول بعد عملية التبول بصورة متقطعة من وقت لآخر؟ علما بأنني احرص على أداء الصلاة في المسجد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا السائل المشبه المني هو الودي, فإن العلماء ذكروا في صفته، أنه يشبه المني في ثخانته، والودي يوجب الاستنجاء، وتطهير الثوب والبدن مما أصابه منه لأنه نجس إجماعا، وكذا يجب الوضوء منه إجماعا.
قال النووي رحمه الله: وأما الودي فماء أبيض كدر ثخين، يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة، ولا رائحة له ويخرج عقيب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة، وعند حمل شيء ثقيل، ويخرج قطرة أو قطرتين ونحوهما. وأجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي.
وعلى فرض كون هذا السائل منيا فلا يجب منه إلا الوضوء لأنه مني خارج لغير شهوة فلم يوجب الغسل، وهذا قول الجمهور, وانظر الفتوى رقم: 20848.
ولمعرفة الفرق بين المني والمذي والودي انظر الفتوى رقم: 34363.
كما أن هذه القطرات من البول نجسة كذلك موجبة للاستنجاء والوضوء، والظاهر أنها ليست سلسا كما يفهم من سؤالك، وعليه فالذي ننصحك به هو أن تقضي حاجتك قبل الصلاة بزمن يتسع لاستفراغ هذه القطرات وتوقف خروجها من المحل، ثم تتطهر بعد ذلك الطهارة الواجبة وتذهب إلى المسجد، فإن لم تتوقف هذه القطرات إلا بعد فوات الجماعة فلا إثم عليك ولا تلزمك الجماعة في هذه الحال، بل تنتظر حتى يتوقف نزول هذه القطرات ثم تصلي فإن الصلاة بطهارة صحيحة مقدمة على فعل الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 114190. وهكذا فافعل ما دمت تجد في أثناء وقت الصلاة وقتا يتسع لفعل الطهارة والصلاة من غير أن يخرج منك شيء، وأما إذا كنت لا تجد في أثناء وقت الصلاة وقتا يتسع لفعلها بطهارة صحيحة لدوام خروج البول أو هذا السائل الذي سألت عنه فأنت في هذه الحال مصاب بالسلس، ويلزمك التوضؤ بعد دخول الوقت، فتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، وتتحفظ بشد خرقة على الموضع حتى لا تنتشر النجاسة في الثياب، ولا حرج عليك في الذهاب إلى المسجد إذا أمنت تلويثه وفعلت ما يلزمك من التطهر.
قال ابن قدامة في المغني: فأما المستحاضة، ومن به سلس البول. فلهم اللبث في المسجد، والعبور إذا أمنوا تلويث المسجد، لما روي عن عائشة أن امرأة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكفت معه وهي مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي. رواه البخاري. ولأنه حدث لا يمنع الصلاة فلم يمنع اللبث كخروج الدم اليسير من أنفه، فإن خاف تلويث المسجد فليس له العبور فإن المسجد يصان عن هذا كما يصان عن البول فيه. انتهى.
وننصحك بالتداوي عملا بوصيته صلى الله عليه وسلم وأمره بذلك. نسأل الله لك العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(11/2716)
ما يلزم من وجد في ثوبه مذيا بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا في الغسل قبل الجمعة تحدث معي بعض الإثارة الجنسية، فأذهب إلى الصلاة وأنا خائف من خروج المذي لأنه يبطل الوضوء، وأحيانا بعد أن أعود من الصلاة أجد نقطة صغيرة لا أحس بها مطلقا، فلا أعلم ما هو حكم صلاتي أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وجدته من البلل بعد الصلاة إن تيقنت أو غلب على ظنك أنه خرج بعد الوضوء فإنه يلزمك إعادة الوضوء والصلاة، وإن شككت هل خرج ذلك بعد الوضوء أم قبله فلا يلزمك إعادة الصلاة، لأن الأصل الطهارة واليقين لا يزول بالشك كما في الفتوى رقم: 95329. ولا يلزمك إعادة الصلاة لأجل النجاسة لأن من صلى بنجاسة، وهو يجهلها لم يلزمه إعادة الصلاة على الصحيح من أقوال الفقهاء كما بيناه في الفتوى رقم: 108655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/2717)
نضح الماء على مكان المني أو المذي هل يطهر الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث مرة أن استمنيت في ثوبي، ثم بعد أن اغتسلت نضحت الماء على الموضع من الثوب الذي رجحت أن المذي والمني لم يتعدياه، وصليت في الثوب فهل يكفي ذلك لتطهير الثوب مع أن المذي والمني كلاهما لزج ولا يغسل إلا بصعوبة. وما حكم صلواتي هذه؟ وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن الاستمناء محرم فتجب عليك التوبة إلى الله عز وجل منه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 7170.
ثم أعلم أيضاً أن العلماء اختلفوا في المني هل هو طاهر أو نجس، والراجح عندنا طهارته، وانظر الفتوى رقم: 63403.
وعليه؛ فغسل المني من الثوب غير واجب، والصلاة مع وجوده صحيحة على الراجح، وإن كان الأولى غسله طلباً لكمال النظافة وخروجاً من الخلاف..
وأما المذي فهو نجس بلا خلاف كما ذكرنا في فتاوى سابقة، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 121680.
وقد اختلف أهل العلم في كيفية تطهيره فذهب الجمهور إلى وجوب غسله، وذهب أحمد رحمه الله في أحد أقواله أنه يكتفي فيه بالنضح لعموم البلوى ومشقة الاحتراز، فخفف فيه لذلك، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد رجحناه وذكرنا دليل رجحانه في الفتوى رقم: 50657.
وعلى هذا فما فعلته من نضح الموضع الذي غلب على ظنك أنه قد أصابته النجاسة من ثوبك يجزئك وتكون صلاتك صحيحة، ولكن إذا أردت الاحتياط والخروج من خلاف العلماء الذين أوجبوا غسل المذي بإعادة تلك الصلوات فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/2718)
نضح الماء على مكان المني أو المذي هل يطهر الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث مرة أن استمنيت في ثوبي، ثم بعد أن اغتسلت نضحت الماء على الموضع من الثوب الذي رجحت أن المذي والمني لم يتعدياه، وصليت في الثوب فهل يكفي ذلك لتطهير الثوب مع أن المذي والمني كلاهما لزج ولا يغسل إلا بصعوبة. وما حكم صلواتي هذه؟ وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن الاستمناء محرم فتجب عليك التوبة إلى الله عز وجل منه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 7170.
ثم أعلم أيضاً أن العلماء اختلفوا في المني هل هو طاهر أو نجس، والراجح عندنا طهارته، وانظر الفتوى رقم: 63403.
وعليه؛ فغسل المني من الثوب غير واجب، والصلاة مع وجوده صحيحة على الراجح، وإن كان الأولى غسله طلباً لكمال النظافة وخروجاً من الخلاف..
وأما المذي فهو نجس بلا خلاف كما ذكرنا في فتاوى سابقة، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 121680.
وقد اختلف أهل العلم في كيفية تطهيره فذهب الجمهور إلى وجوب غسله، وذهب أحمد رحمه الله في أحد أقواله أنه يكتفي فيه بالنضح لعموم البلوى ومشقة الاحتراز، فخفف فيه لذلك، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد رجحناه وذكرنا دليل رجحانه في الفتوى رقم: 50657.
وعلى هذا فما فعلته من نضح الموضع الذي غلب على ظنك أنه قد أصابته النجاسة من ثوبك يجزئك وتكون صلاتك صحيحة، ولكن إذا أردت الاحتياط والخروج من خلاف العلماء الذين أوجبوا غسل المذي بإعادة تلك الصلوات فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/2719)
أحكام متعلقة بالمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[مااسم السائل الذي يسيل من المثانة ويكون كالصمغ؟ ولماذا يسيل؟ وما الحل؟ وماكيفية البعد عن النظر إلي المحرمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يعني ذلك السائل -المذي- وهو سائل شفاف لزج يخرج عند التفكير في الشهوة وهيجاتها، وحكمه كالبول ناقض للوضوء، ونجس يجب الاستنجاء منه، وغسل ما أصابه من الثياب. وانظر أنواع ما يخرج من الذكر وحكم كل نوع في الفتويين رقم: 35657، 9170.
وأما كيفية البعد عن النظر إلى المحرمات فذلك يكون باستشعار مراقبة الله تعالى للعبد ومعيته، وأنه تعالى مطلع على كل حركة وسكون، والتفاتة ونظرة ينظرها العبد، كما قال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ. {غافر:19} .
وقال ابن عباس في تفسير خائنة الأعين: هو الرجل يكون جالسا مع القوم فتمر المرأة فيسارقها النظر إليها، وعنه: هو الرجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره، فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر، فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره، وقد علم عز وجل منه أنه يود لو نظر إلى عورتها. وقال مجاهد: هي مسارقة نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه.
وانظر الفتويين رقم: 40783، 78760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(11/2720)
الاحتلام في اليقظة.. هل يوجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 29 سنة غير متزوجة، أسال عن الاحتلام ماهو؟ وهل هو يجب الغسل إذا حدث الاحتلام في اليقظة؟ مع العلم أنني كنت أفكر وأتخيل أشياء عن العلاقة الزوجية، ثم حدثت لي إثارة ونزل منيّ. ماذا أفعل هل أصلي بوضوء أم أغتسل أولاً؟ وما حكم الاحتلام والتفكير في هذه المسائل؟ مع العلم أنني أكثر من الصلاة وقراءة القرآن والاستغفار، لكن أحيانا ينشغل فكري بهذه الامور.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خرج المني من الرجل أو المرأة في النوم أو اليقظة، فقد وجب الغسل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سليم حين سألته هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء.متفق عليه.
فإذا تحققتِ أن الذي خرج منكِ هو المني، ومني المرأة -كما يقول أهل العلم- رقيقٌ أصفر، فالغسلُ واجبٌ عليك، لكن تجدر ملاحظة أن غالب ما يخرجُ عند التفكير في أمر الجماع هو المذي، فإذا كان الذي يخرجُ منكِ هو المذي فيجبُ عليكِ تطهيرُ بدنك وثيابك منه، ثم الوضوء. ولمعرفة الفرق بين المني والمذي الخارج من المرأة انظري الفتوى رقم: 45075. وانظري للفائدة الفتوى رقم: 110928.
وأما عن حكم التفكير وما يعرض من الخواطر، فإنه لا يأثم به الإنسان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم. متفق عليه.
ولكن على العاقل أن يُعرض عن هذه الخواطر، وأن يشتغل بالفكر فيما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه، فإن الاسترسال مع الأفكار والخواطر السيئة قد يكون ذريعة إلى الشر، وعليكِ بالاجتهاد في الدعاء بأن يصرف الله عنكِ السوء، وأن يرزقكِ الهدى والتقى، والعفاف والغنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(11/2721)
يجب من خروج الودي ما يجب من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن استفسر عن أمر وهو أني عندما أستيقظ في الصباح أذهب إلى المرحاض بعد البول تنزل مني مادة لاصقة تتغسل بدون احتلام، وذلك بعد كل عملية تنصيب وبدون شيء مني. فهل أتطهر دائما، وعلما أني أدرس من 8 إلى 12 ومن 2 إلى 5 وهذا يغلبني على أداء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السائل الذي يخرجُ منك بعد البول يظهر لنا أنه المعروف عند العلماء بالودي، وهو نجس يجبُ منه ما يجبُ من البول، فتغسل ذكركَ وتتوضأ، وتغسل ما أصاب بدنكَ وثيابكَ منه، وانظر الفتوى رقم: 119047، والفتوى رقم: 103038.
وأما إن كان هذا السائل يخرجُ منك عند الشهوة وانتصاب الذكر فهذا هو المذي، وهو نجس أيضاً يجبُ غسل الذكر منه والوضوء وغسل ما أصاب البدن، وأما ما أصاب الثيابُ منه ففيه قولان، فقيلَ يجبُ غسله، وقيلَ يُكتفى فيه بالنضح. وانظر الفتوى رقم: 50657.
ولمعرفة الفرق بين المذي والودي والمني راجع الفتوى رقم: 80856.
وإذا علمت أنه لا يجبُ عليكَ إلا الاستنجاء وتطهير المحل والوضوء وهو إن كان الخارجُ ودياً أو مذياً، ولا يجبُ عليكَ الغسل، فليس هناكَ إشكالٌ بحمد الله في التطهر وأداء الصلاة.
ولا يجوز لك التعلل بطول وقت الدراسة للتخفف من الطهارة والصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(11/2722)
احتلم ولم يجد بللا عندما قام ثم وجد أثره بعد عدة أيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت أنزع ملابسي وجدت أثرا للمني في ملابسي فتدكرت أني احتلمت أثناء النوم في الأيام الماضية لكن بعد الاستيقاظ لم أجد أي أثر للمني (وقد أكون لم أنتبه إليه) فلم أغتسل وكما قلت بعد عدة أيام وجدت أثر المني في قميصي وهو جاف. وسؤالي هل يجب علي أن أعيد كل الصلوات الفائتة أي قبل أن أحتلم أثناء النوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرُ أن هذا المني الذي رأيته كان من أثر ذلك الاحتلام، وقد نص الفقهاء على أن من وجد في ثوبه منياً اغتسل وأعاد الصلوات التي صلاها بعد آخر نومة نامها في هذا الثوب، إلا أن تدل أمارة على أن الاحتلامَ كان قبل ذلك، فيعيد من الوقت الذي دلت عليه الأمارة،
قال ابن قدامة في المغنى: فإن رأى في ثوبه منيا، وكان مما لا ينام فيه غيره، فعليه الغسل؛ لأن عمر وعثمان اغتسلا حين رأياه في ثوبهما؛ ولأنه لا يحتمل أن يكون إلا منه، ويعيد الصلاة من أحدث نومة نامها فيه، إلا أن يرى أمارة تدل على أنه قبلها، فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها. انتهى.
وعليه فالواجبُ عليك أن تعيد تلك الصلوات التي صليتها بعد ذلك الاحتلام، وقبل الغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/2723)
ما يفعل إذا خرج منه شيء ولم يتحقق هل هو مذي أو مني
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في ما يخص الاحتلام، فأنا عندي حالة خاصة، وهي أنني لا أحتلم كما هو معروف، فالمحتلم يرى بللا واضحا وملموسا، لكني لا أجد شيئا في معظم الأحيان، وعندما أرى ذكري وأتحسس فتحته أجد قطرة عالقة فيه وأغلب الظن أنها مذي، وتتكرر معي هذه الحالة أحيانا أياما متوالية، أو أني أرى في لباسي قطرة بحجم صغير جدا كحبة العدس أو أقل منها، ولا يظهر لي أنها مني بل هي مذي، فأفيدونا بالتفصيل لهذه الحالات؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الفرق بين المني والمذي في فتاوى كثيرة وانظر الفتوى رقم: 56944، وإذا كنت لا ترى المني بعد الاحتلام فلا غسل عليك، لأن الغسل إنما يجب من خروج المني لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء. أخرجه مسلم. وأما ما تراه في ذكرك أو ثيابك من القطرات المذكورة، فإن تحققت أنه مذي لوجود علاماته، فالواجب عليك أن تغسل ذكرك وما أصابه المذي من بدنك وتتوضأ وضوءك للصلاة، ويجب عليك غسل ما أصابه المذي من ثوبك في قول الجمهور، وعند أحمد أن النضح يكفي في تطهير الثوب، وقول الجمهور أحوط، وعليك أن تتوضأ من خروج المذي فإنه من نواقض الوضوء بالاتفاق، وللمزيد من الفائدة حول كيفية تطهير المذي راجع في ذلك الفتوى رقم: 111493.
وأما إن تحققت أنه مني، فالواجب عليك الاغتسال، ولا يجب عليك غسل ما أصاب ثيابك من المني لأن الراجح طهارته، وإن غلب على ظنك أحد الاحتمالين أعملت حكمه إقامة للظن مقام اليقين، وإن شككت أعملت الحكمين جميعاً، فغسلت ذكرك وطهرت ثيابك وتوضأت مرتباً إعمالاً لحكم المذي، واغتسلت إعمالاً لحكم المني في قول الحنابلة، وعند الشافعية أنك تتخير بينهما، وانظر لذلك الفتوى رقم: 104809.
قال في مطالب أولي النهى: وإن أفاق نائم فوجد بللاً ببدنه أو ثوبه أو فراشه.. فإن تحقق أنه مني اغتسل وجوباً، ولو لم يذكر احتلاماً، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافاً. ولا يغسل ما أصابه لطهارة المني. ويعرف المني بريح كريح عجين وريح طلع نخل حال كونه رطباً، أو ريح بياض بيض حال كونه جافاً، وإن تحقق أنه غير مني طهر ما أصابه فقط من بدن وثوب، لأنه نجس. وإن اشتبه عليه ذلك البلل بأن لم يدر أمني أو مذي؟ وتقدم نومه سبب من برد أو نظر أو فكر أو ملاعبة أو انتشار طهر ما أصابه لرجحان كونه مذياً بقيام سببه، إقامة للظن مقام اليقين كما لو وجد في نومه حلماً، فإنا نوجب الغسل لرجحان كونه منياً بقيام سببه.. وإلا يتقدم نومه سبب ووجد بللا في ثوبه أو بدنه أو فراشه اغتسل وجوباً وتوضأ مرتباً متوالياً وطهر ما أصابه أيضاً، قال في شرح الإقناع: احتياطاً، ثم قال: وليس هذا من باب الإيجاب بالشك، وإنما هو من باب الاحتياط في الخروج من عهدة الواجب، كمن نسي صلاة من يوم وجهلها، لأنه في المثال لا يخرج عن كونه منياً أو مذياً، ولا سبب لأحد الأمرين يرجح به، فلم يخرج من عهدة الوجوب إلا بما ذكر. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(11/2724)
هل يحرم منع المني من الخروج وهل يلزم الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[قليل الاستحلام، وعندما يحدث هذا وأنا نائم أمسك نفسي عنه، وأستيقظ من نومي حتى لا ينزل شيء، كان هذا وأنا عندي 16 عاما (كنت أخجل أن تراني أمي هكذا) هذا وأنا صغير، وأصبح الموضوع مستمرا معي وأنا الآن 30 عاما (لست متزوجا) فأنا أمسك نفسي عنه وأنا نائم لا أعرف لماذ الآن.
هل هذا حرام؟ ما هي أضراره؟ هل هو مرض يجب علاجه وكيف أصف لي علاجا؟
في بعض الأوقات ينزل سائل وأنا مستيقظ مع النظر إلى شيء مثير. أسال الله أن يتوب علي منه، لا ينزل بشهوة. ما حكم هذا السائل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا يحرم قبض العضو حتى لا يخرج المني، اللهم إلا أن يكون ذلك على وجه الاستمتاع، ولكن الأولى ترك هذا القبض لئلا يكون فيه ضرر، وإذا قبض الشخص ذكره حتى لا يخرج منه المني، فلا غسل عليه سواء كان ذلك في اليقظة أو النوم، فإن الغسل لا يجب إلا بخروج المني، وقيل بوجوبه بانتقال المني كما عند أحمد في المشهور عنه، وانظر الفتوى رقم: 74964.
ثم إنك تذكر أن هذا يحدث حال النوم، وهي حال لا يؤاخذ فيها العبد، لما رواه أبو داود وغيره عنه صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: وذكر منهم: النائم حتى يستيقظ. وبه تعلم أنه لا إثم عليك فيما ذكرته بحال. وأما كون ما ذكرته مرضا يحتاج إلى علاج أو كونه مضرا، فنحن نحيلك على قسم الاستشارات بموقعنا فستجد هناك جوابا شافيا إن شاء الله.
وأما هذا السائل الأبيض الذي يخرج منك، فالظاهر أنه المذي، وهو نجس يجب غسل ما أصاب البدن منه والوضوء إجماعا، وأما ما يصيب الثياب منه ففيه خلاف للعلماء، والجمهور على أنه لا بد فيه من الغسل، وذهب بعضهم أنه يكتفى فيه بالنضح لورود السنة به، ولمشقة الاحتراز، وهذا قول أحمد رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(11/2725)
حكم السائل الذي ينزل عند التفكير في الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقرأ قصص الجماع، وأي موضوع يتعلق بالجماع يثير شهوتي، وأنا والله أحاول أن أبتعد لكني لم أقدر، وكنت بعد قراءتي للقصص أتوجه للعادة السرية، لكني بعد ممارستي لها أشعر بألم شديد وأندم، والآن أنا تبت إلى الله، وعندما يهيئ الشيطان لي الفرصة لممارسة العادة السرية أقوم مسرعه وأتوضأ وأصلي ركعتين، وأدعو في سجودي الله أن يعصمني من هذه العادة السيئة.
والآن أريد حلا، أتخيل أحدا ما يجامعني أو أفكر بأمور الجماع، وعندما أفكر بالجماع ينزل سائل أبيض هل لي أن أغتسل أم أتوضأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتك على التوبة النصوح، وأن يرزقك زوجا صالحا، ونصيحتنا لك أن تلزمي ذكر الله عز وجل فإنه خير عاصم من وسوسة الشيطان الرجيم، وابتعدي كل الابتعاد عن قراءة هذه القصص المثيرة للشهوة واستعيضي عنها بقراءة ما ينفعك من الكتب الدينية أو العلمية.
وعليك بمصاحبة الصالحات والحرص على طرد هذه الأفكار الشيطانية، وعدم فتح الباب لها ولا الاسترسال معها.
وأما هذا السائل الأبيض الذي ترينه عند التفكير وثوران الشهوة فالغالب أنه مذي، وهو نجس يجب عليك الاستنجاء منه، وتطهير ما يصيب ثيابك أو بدنك منه، ولا يلزمك الغسل منه وإنما يجب عليك الوضوء فقط.
ولمعرفة الفرق بين المذي والمني راجعي الفتوى رقم: 2148.
والله أعلم. ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/2726)
الشك في خروج المذي أو في إصابته الملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[يأتيني بعض الأحيان شك بأنه قد خرج مني (مذي) فأقوم وأتفقد الملابس (وذكري) - أعزكم الله - فلا أجد شيئا في بعض الأحيان، وفي البعض الآخر أجد، السؤال: إذا وجدت مذيا فإني أفعل الآتي: أقوم وأغير ملابسي جميعاً التي كنت ألبسها، لأنه لا أدري أين وقع المذي، وأقوم وأتوضأ (مرتين مرة للطهارة والثانية للصلاة) ، فما حكم ما أفعله، وكيف أدري أين وقع المذي، وماذا أفعل إذا كنت خارجا بحيث لا أستطيع تبديل الملابس، وكيف أعرف بأنه قد خرج مني مذي في نومي، علماً بأن أهم شيء عندي طهارتي؛ لأني لا أريد أن أقابل الله جل جلاله إلا في أحسن طهور، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أن السائل الكريم مبتلى بالوسوسة في الطهارة، وإننا ننصحه بعد تقوى الله تعالى أن يطرد تلك الوساوس عنه، فمن أصابه مذي في ملابسه فإنه لا يلزمه أن يغير تلك الملابس، ويكفيه أن يغسل محل النجاسة، وإن شك في خروج المذي فإن الأصل أنه لم يخرج، وإن شك في إصابة المذي لموضع من ملابسه فلا عبرة بذلك الشك والمكان في الأصل طاهر، وهذا اليقين لا يزول بمجرد الشك.. وهذا الذي يلزمك.
وأما أن تتوضأ وضوءين فذلك غير مطلوب منك شرعاً.
وانظر الفتوى رقم: 68700، حول الشك في خروج المذي والوسوسة في الطهارة، وانظر للأهمية أيضاً الفتوى رقم: 56051 حول الفروق المعتبرة بين المذي والمني والودي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/2727)
حكم السائل الذي يخرج بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الحكم إذا نظر الرجل بشهوة فلم يخرج شيء وبعد ساعتين، أو أكثر، ذهب للاستنجاء فخرج ماء أبيض ثخين كالمني تماما بعد البول، وخروجه في هذه الحالة ليس فيه شهوة، هل يجب عليه الغسل أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يغلب على الظن أن الماء الذي خرج بعد البول ودي وليس منيا، والودي: ماء أبيض خاثر يخرج عقب البول عادة ولا علاقة له بالشهوة، وحكمه حكم البول سواء، فهو نجس يجب الاستنجاء منه، ولا يوجب الغسل فإذا لم يجزم السائل بكون الخارج منيا فإنه لا يجب عليه الغسل، لأن الأصل عدم الوجوب، ولا يزول هذا الأصل بمجرد الشك.
قال ابن مفلح في المقنع: وإن وجده يقظة وشك فيه توضأ، ولا يلزمه غسل ثوبه وبدنه. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 64005، حول من شك في الخارج منه هل مذي أو مني، والفتوى رقم: 35657، في الفروق بين المني والمذي والودي وما يلزم من كل واحد منها.
وننبه السائل إلى وجوب غض البصر عما حرم الله تعالى امتثالا لقوله عز وجل: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}
وانظر للأهمية الفتوى رقم: 78760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(11/2728)
من اشتبه في الخارج منه فلم يدر هل هو مني أو مذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني أفادكم الله، أنا تركت العادة السرية منذ فترة، لكن أثارتني فكرة فوددت أن أعملها، لكن قبل فوات الأوان تركت القضيب لكن قذف وظلت الشهوة، ولم أرتعش ولم تحصل لي أي أعراض، فهل ضررت نفسي وحصل ووجب علي الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح تماما، ونقول لك إجمالا: إنه ليس من شك في أنك بعودتك إلى هذا الفعل السيء تلحق الضرر بنفسك وتنساق وراء خطوات الشيطان.
والتوبة النصوح من شروطها العزم على عدم معاودة الذنب، فعليك أيها الأخ الكريم أن تحقق هذه التوبة، وأن لا تعود إلى هذا الفعل القبيح مرة أخرى، فإن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، واعلم أنك إذا صدقت في الاستعانة به واللجوء إليه، فإنه سيعينك ويسددك ويوفقك للتوبة النصوح، نسأل الله أن يتوب علينا وعليك.
وأما هذا الذي خرج منك فإن كان منيا فقد وجب عليك الغسل باتفاق العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. أخرجه مسلم. وإن كان مذيا فالواجب عليك أن تغسل ذكرك وتتوضأ، وتنضح ما أصاب ثيابك منه، وعند الشافعية يجب غسل الثياب ولا يكتفى بالنضح. وقد بيّنّا الفرق بين المني والمذي في الفتوى رقم: 80856.
وإن شككت فإنك تتخير عند الشافعية، فإن جعلته مذيا فإنك تغسل ذكرك وأنثييك وتطهر ثيابك وتتوضأ، وإن جعلته منيا فإنك تغتسل، ولا يلزمك تطهير الثياب؛ لأن الراجح طهارة المني.
ويرى الحنابلة أنك متى شككت أعملت الحكمين جميعا، فتغسل ذكرك وأنثييك وتنضح ثوبك وتتوضأ مرتبا إعمالا لحكم المذي، وتغتسل كذلك إعمالا لحكم المني، قال في مطالب أولي النهى: وإن أفاق نائم فوجد بللا ببدنه أو ثوبه أو فراشه ... فإن تحقق أنه مني اغتسل وجوبا، ولو لم يذكر احتلاما، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا. ولا يغسل ما أصابه لطهارة المني. ويعرف المني بريح كريح عجين وريح طلع نخل حال كونه رطبا، أو ريح بياض بيض حال كونه جافا، وإن تحقق أنه غير مني طهر ما أصابه فقط من بدن وثوب؛ لأنه نجس. وإن اشتبه عليه ذلك البلل بأن لم يدر أمني أو مذي؟ وتقدم نومه سبب من برد أو نظر أو فكر أو ملاعبة أو انتشار طهر ما أصابه لرجحان كونه مذيا بقيام سببه، إقامة للظن مقام اليقين، كما لو وجد في نومه حلما، فإنا نوجب الغسل لرجحان كونه منيا بقيام سببه.
وإلا يتقدم نومه سبب ووجد بللا في ثوبه أو بدنه أو فراشه اغتسل وجوبا وتوضأ مرتبا متواليا وطهر ما أصابه أيضا. قال في شرح الإقناع: احتياطا، ثم قال: وليس هذا من باب الإيجاب بالشك، وإنما هو من باب الاحتياط في الخروج من عهدة الواجب، كمن نسي صلاة من يوم وجهلها؛ لأنه في المثال لا يخرج عن كونه منيا أو مذيا، ولا سبب لأحد الأمرين يرجح به، فلم يخرج من عهدة الوجوب إلا بما ذكر. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(11/2729)
احتلم فاغتسل وصلى ثم وجد قطرات في ثوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل احتلم ثم قام فاغتسل وصلى العصر ولكن عند وضوئه للمغرب وجد قطرات في ثوبه هو لا يدري أتكون منيا أو مذيا ويعتقد أنها نزلت منه بعد الغسل فما حكم صلاته العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن من خرج منه المني بعد اغتساله لزمه إعادة الغسل، وذلك في الفتوى رقم: 114549.
وأما من شك هل الخارج منه هو المذي أو المني فإنه يلزمه حكمهما عند الحنابلة، فيغسل ذكره ويتوضأ مرتبا على فرض كونه مذيا، ويغسل جميع بدنه على فرض كونه منيا، وعند الشافعية أنه يتخير في جعله أيهما فيلتزم بحكمه.
قال في مطالب أولى النهى: وألا يتقدم نومه سبب ووجد بللا في ثوبه أو بدنه أو فراشه اغتسل وجوبا وتوضأ مرتبا متواليا وطهر ما أصابه أيضا.
قال في شرح الإقناع: احتياطا ثم قال: وليس هذا من باب الإيجاب بالشك؟ وإنما هو من باب الاحتياط في الخروج من عهدة الواجب؟ كمن نسي صلاة من يوم وجهلها؟ لأنه في المثال لا يخرج عن كونه منيا أو مذيا؟ ولا سبب لأحد الأمرين يرجح؟ فلم يخرج من عهدة الواجب إلا بما ذكر. انتهى بتصرف.
وقال الخطيب الشربيني في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: فإن احتمل كون الخارج منيا أو غيره كودي أو مذي تخير بينهما على المعتمد.
وننبه هنا إلى أنك إن علمت أن هذه القطرات خرجت منك بعد ما صليت العصر فلا تجب عليك إعادة الصلاة، وإنما يجب عليك الغسل أو الوضوء على التفصيل المتقدم.
وعلى هذا فإن كانت هذا القطرات قد خرجت بعد اغتساله يقينا، ولم يدر هل هي مذي أم مني فعليه أن ينضح مكانها ويغسل ذكره ويتوضأ مرتبا، ويغتسل إعمالا لحكم كل من المذي والمني عند الحنابلة وهو الأحوط.
وعند الشافعية يتخير فإن جعله مذيا غسل محله من الثوب وغسل ذكره وتوضأ، وإن جعله منيا اغتسل فحسب، إذ المني طاهر فلا يلزم تطهير الثوب منه، وعليه إعادة الصلاة على كل حال، لأننا إن قلنا هو مذي فهو ناقض للوضوء، وإن قلنا هو مني فهو موجب للغسل، والذي نرى هو العمل بقول الحنابلة لكونه أحوط وأبرأ للذمة.
وأما إن كان شاكا في هذه القطرات هل خرجت منه قبل الغسل أو بعده، فالأصل أنه لم يخرج منه شيء بعد اغتساله، فيكفيه العمل بهذا الأصل ولا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(11/2730)
خرج منه مني يسير فتوضأ ولم يغتسل ثم صلى
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل الصلاة دخلت في شهوة، فأذن المؤذن فذهبت لكي أتوضأ للصلاة، فما رأيت إلا وقد خرج مع المذي نسبة قليلة من المني، وأنا في مكان عملي. فماذا أفعل أتوضأ وأصلي، أو أغتسل؟ مع العلم أني توضأت وصليت. فما الحكم في ذلك؟ مع العلم أني ليس لدي أي معلومة عن هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد رأيتَ المنيَ وتحققت من خروجه، فقد كان الواجبُ عليكَ أن تغتسل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الماءُ من الماء. أخرجه مسلم، ولا فرق في هذا بين كون المني الذي رأيته قليلاً أو كثيراً. وانظر الفتوى رقم: 24014.
وما دمت قد صليت وحالك ما ذُكر فصلاتك هذه غير مجزئة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبلُ الله صلاة بغير طهور. أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
والواجبُ عليكَ إعادةُ تلك الصلاة لأنها دينٌ في ذمتك فلا تبرأُ إلا بفعلها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدينُ الله أحق أن يقضى. متفقٌ عليه.
وكونك جاهلاً بالحكم لا يمنع وجوب الإعادة، وإن كان يفيدُ في عدم لحوق الإثم بك. وننصحك بالاجتهاد في تعلم العلم الشرعي، ومعرفة ما يجبُ عليكَ من أمور دينك؛ لئلا تقع في مثل هذه الأخطاء. وللفائدة راجع الفتوى: 4036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(11/2731)
علاج الضيق من خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أواجه تعبا في نفسيتي بسبب خروج المذي فأثناء القيام من النوم أجد أن حصل هذا الشيء. هل يوجد علاج أو توضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي الضيق بسبب خروج هذا الخارج منك، فهذا أمرٌ كتبه الله عليك ولست مسئولاً عن حدوثه، فإذا فعلت ما أمرك الله به من التطهر بالاغتسال إن كان الخارج منياً، وبإزالة الخارج والوضوء إن كان الخارج مذياً فلا تبعة عليك، وإذا كان هذا الأمر يضايقك فاستعن بالله واجتهد في دعائه أن يرفعه عنك، كما يمكنك كذلك مراجعة الأطباء إن كان لهذا الأمر سبب عضوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(11/2732)
استيقظ من نومه فوجد بللا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يخرج مني مذي أثناء النوم هل يكتفى بالوضوء فقط، أم اغتسال كامل الجسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الفرق بين المني والمذي في الفتوى رقم: 35657، فلا يجبُ عليك الغسلُ إلا إذا خرج منك المني، فإن تحققت أن الذي خرج منك أثناء النوم المني فالواجب عليك الغسل، وإن تحققت أنه مذي فالواجبُ عليكَ أن تطهر ما أصابه من بدنك وثوبك وتغسل ذكرك وتتوضأ، وإن شككت فإنك تعملُ بالقرائن، فما رجحته القرائن عملت به، وما لم تكن قرينة فأنت مخيرٌ عند الشافعية في جعله أيهما، وهو المُفتى به عندنا.
وعند الحنابلة تفصيل. قال في مطالب أولي النهى: وإن أفاق نائم فوجد بللا ببدنه أو ثوبه أو فراشه ... فإن تحقق أنه مني اغتسل وجوبا، ولو لم يذكر احتلاما. قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، ولا يغسل ما أصابه؛ لطهارة المني، ويعرف المني بريح كريح عجين وريح طلع نخل حال كونه رطبا، أو ريح بياض بيض حال كونه جافا، وإن تحقق أنه غير مني طهر ما أصابه فقط من بدن وثوب؛ لأنه نجس. وإن اشتبه عليه ذلك البلل بأن لم يدر أمني أو مذي؟ وتقدم نومه سبب من برد أو نظر أو فكر أو ملاعبة أو انتشار طهَّر ما أصابه لرجحان كونه مذيا بقيام سببه، إقامة للظن مقام اليقين، كما لو وجد في نومه حلما فإنا نوجب الغسل لرجحان كونه منيا بقيام سببه. وإلا يتقدم نومه سبب، ووجد بللا في ثوبه أو بدنه أو فراشه اغتسل وجوبا وتوضأ مرتبا متواليا وطهر ما أصابه أيضا. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(11/2733)
أسباب عدم الاحتلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب غير متزوج، وإني والحمد لله ملتزم بالدين وملتزم بآداب النوم وكثير الذكر، وبعيد عن المنكرات والملذات، وهذا من فضل ربي. سؤالي هو أني لا أحتلم مع أني كبير بالعمر، وفي الماضي عندما كنت في معصية كبيرة، وكنت أفعل المنكرات في ذلك الوقت كنت أحتلم، وشيء اعتيادي، لكني الآن لا أحتلم، هل يعتبر هذا نتيجة التزامي بالدين والتزامي بآداب النوم، أم يعتبر عدم الاحتلام مرض، أو ضعف في الجهاز التناسلي لدي.أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد يكون هذا الذي ذكره السائل الكريم عن نفسه من عدم الاحتلام بسبب التزامه فعلا، وذلك أن الاحتلام من الشيطان غالبا.
فلتحمد الله على عافيته، ولا تحزن نفسك بالوسوسة، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 51665، أنه ليس لوجود الاحتلام أو عدمه علاقة بقدرة الإنسان على الزواج أو عدمه.
فاشغل نفسك ـ رحمك ـ بما ينفعها وسل الله من فضله، وأن يرزقك زوجة صالحة تعينك على أمر دينك ودنياك، وأن يرزقك ذرية طيبة، إنه سميع الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(11/2734)
أحكام رطوبات فرج المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو ألا أتجاوز حدود الحياء بسؤالي ولكنني متضايقة جدا، أنا فتاة غير متزوجة وأعاني من كثرة نزول الإفرازات وألاحظ بأنني بعد الطهر بأسبوع ينزل مني مذي كثير أنا في الحقيقة مصابة بالوسواس ولا أخرج من وسواس إلا ويبتليني الشيطان بآخر أقوى منه، وبالتالي لا أعرف أهذا إفراز عادي ولكن قوامه يتغير أم أنه في الحقيقة مذي مع أنني لا أفكر بالزواج لهذه الدرجة فأرجوكم ثم أرجوكم أجيبوني وأثلجوا صدري فأنا أعاني وأمضي نصف ساعة بالتنظيف وكثيرا ما أضطر لتنظيف هذا الشيء لكل صلاة على حدة وحتى بين صلاتي المغرب والعشاء لا أستطيع تداركه فينزل أسوة بالإفرازات التي تنزل كثيرا مع العلم أنه لم يصل لدرجة السلس ولكن خلال هذه الفترة ينزل المذي بدلا من الإفرازات ويكون مختلطا بها ولكنه يغلب عليها وأنا أدعو الله أن يعافيني منه ولا يبتليني بأكبر منه وأبكي وأتضرع إلى الله ولكن أرجوكم هل هذا الشيء مذي أم إفرازات عادية؟ أي إن كان إفرازات فهل أقيس في نفسي متى ينزل مني المذي في الحالات العادية وفي هذه الفترة لا أغسل إلا ما تأكدت بأنه مذي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك من الوسواس فإنه داء خطير تجب مقاومته، وعلاجه بأن تعرضي عنه وتستعيذي بالله منه، وما دمت تعلمين أن الشيطان هو الذي يأتيك بهذه الوساوس فالعجب في استسلامك له وانقيادك لوسوسته، فعليك أن تطرحي هذه الوساوس وتعرضي عنها إعراضا كليا فلا تلتفي إليها.
وأما هذه الإفرازات فالأصل أنها إفرازات عادية، وهي المعروفة عند العلماء برطوبات فرج المرأة، وهي ناقضة للوضوء عند عامة العلماء، وفي نجاستها قولان، والراجح عندنا طهارتها، فلا يلزم غسل الثياب منها، وإن كان فعل ذلك أحوط، وما لم تكن هذه الإفرازات مصحوبة بقرينة ظاهرة تدل على أنها مذي فالأصل أنها ليست كذلك، وقد بينا أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وعلاماتها وأحكامها في الفتوى رقم: 110928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(11/2735)
تفكر في زوجها فيخرج سائل أبيض فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: خاص بالغسل والعادة السرية مكتوب كتابي وفرحي إن شاء الله قريب
في بعض الأوقات تحصل لي إثارة وأفكر في الموضوع وأتخيل زوجي، (أحس بعدها بخبط في المهبل) من غير أن ألمس نفسي أو أي شيء، في بعض الأوقات ينزل مني سائل أبيض وسائل لزج ليس له لون تقريبا، وأوقات لا ينزل مني شيء، أريد أن أعرف هل هذه هي العادة السرية مع العلم أني لا أعمل شيئا أبدا غير أني أتخيل وأفكر ومجرد الخبط الذي أحسه، وأريد أن أعرف هل يجب علي الغسل، أم يجب الوضوء فقط؟ أرجو إفادتي قريبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت الأخت ليس هو ما يسميه الناس بالعادة السرية، ولمعرفة العادة السرية تراجع الفتوى رقم: 27844. وأما السائل الذي يخرج في الغالب بسبب التفكير في أمور الجماع فهو المذي وهو سائل لزج لا لون له، وهو نجس يجب غسله ويجب منه الوضوء.
أما إذا كان الخارج عبارة عن سائل أبيض يخرج بشهوة ويعقبه فتور فهو المني وحكمه أنه يجب منه غسل جميع البدن.
وننصح الأخت بعدم الاسترسال في هذه الخواطر وشغل نفسها بما يفيد، لما في ذلك الاسترسال من تعريض النفس للمثيرات والوساوس الشيطانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(11/2736)
الإفرازات التي تخرج عند ثوران الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشعر أثناء الحديث مع صديقتي عن طريق الهاتف فقط -حتى أني لا أعرف شكلها- بنزول شيء مني ولا أعرف في ذلك الوقت ما هو، بصراحة أخاف أن تكون علاقة محرمة فلم أكلمها منذ تقريبا شهرين..حتى أثناء قراءتي عن المني والمذي هنا أو عندما يضع شخص يده علي أحس بقشعريرة بداخلي وأحيانا نزول شيء مني، السؤال هل نزول المني أو غيره في ذلك الوقت وأنا لا أعرف إن كان مما يوجب الغسل أو لا، هل علي ذنب أو إعادة للصلاة.
الحمدلله وجدت الإجابة هنا عن الفرق بين المني أو المذي، أنا كنت أسأل من حولي ولكن لم أجد ما وجدت هنا والحمدلله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنخشى أن يكون ما تذكرينه من تلبيس الشيطان عليكِ وإرادته أن يفتح عليكِ باب الوسوسة، فإن الأسوياء من البشر لا يكادُ يعرضُ لهم هذا الذي تذكرينه، وقد تكون هذه الإفرازات إفرازات طبيعية لا علاقة لها بالمذي ولا بالمني، فإن صاحبتها قرائن ظاهرة تدلُ على أنها من أحدهما كالتفكيرِ وثوران الشهوة مثلا، ووجدت فيها العلامات الدالة على أنها مذيٌ أو مني ألحقتها بما دلت القرائن على أنها منه، وما دمتِ والحمد لله قد تعرفتِ على الفرق بين أنواع هذه الإفرازات من خلال موقعنا فنسأل الله أن يكون قد زال عنكِ الإشكال في ذلك، ونحيلكِ لمزيد البيان على الفتوى رقم: 110928.
وفي حال تبين أن ما نزل منك مني أو مذي فإنه يلزمك التطهر قبل الصلاة فإن صليت من غير طهارة لزمك إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(11/2737)
حكم السائل الذي يخرج بعد الاغتسال من الاحتلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السائل الذي يخرج بعد الاغتسال من الاحتلام فهل هو بقايا المني، وهل هو طاهر أم نجس، فإذا قمت بلمس المكان الذي جف عليه المني هل أتنجس وأعيد الوضوء أم ماذا لأني في يوم مارست العادة السرية ثم اغتسلت وفي أثناء نومي شعرت بخروج سائل فلم أستطع للقيام مرة أخرى فاستمررت في نومي وأنا خائف أن يكون هذا السائل الذي خرج اخترق الملابس الداخلية وظهر على الملابس الخارجية فبالتالي جاء على البطانية ولا أعلم ماذا أفعل إن كان جاء على البطانية لأني لن أستيطع معرفة مكانه عليها فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى حرمة الاستمناء -العادة السرية- وانظر في ذلك الفتوى رقم: 101801.
وأما عن السائل الذي خرج منك عند النوم فإن شككت في كونه منياً أو مذياً فلك أن تتخير في جعله أحدهما، وترتب عليه أحكام ذلك على ما رجحه كثير من أهل العلم، فإن جعلته منياً فقد اختلف العلماء في حكمه وهل هو طاهر أو نجس، بعد اتفاقهم على أنه يوجب الغسل، والراجح طهارته وهو قول الشافعي وأحمد والجمهور، وانظر لذلك الفتوى رقم: 63403.
وعليه فلا حرج عليك في مس موضعه بعد جفافه ولا في النوم في هذا الفراش وإن أصابه منه، وأما إن تيقنت أن هذا الخارج منك حال النوم مذي بأن وجدت فيه علامات المذي أو اخترت أن تجعله مذياً في حال الشك فلا يجب عليك الاغتسال منه، وإنما يجب عليك الوضوء مع غسل الذكر والمحل الذي تيقنت أنه أصابه المذي من بدنك وثيابك وفراشك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 51103.
وأما السائل الذي يخرج بعد الاغتسال من الجنابة فإن كانت فيه علامات المني فهو مني، وإن كانت فيه علامات المذي فهو المذي، وإن شككت فعلى ما بينا قبل، والقول بوجوب الغسل من المني الخارج بعد الاغتسال هو أحوط الأقوال، وبه قال الشافعي وجماعة من العلماء، قال النووي في شرح المهذب: إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه مني -على القرب- بعد غسله لزمه الغسل ثانياً، سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المني أو بعد بوله، هذا مذهبنا نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب، وبه قال الليث وأحمد في رواية عنه، قال مالك وسفيان الثوري وأبو يوسف وإسحاق بن راهوية: لا غسل مطلقاً وهي أشهر الروايات وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعطاء والزهري وغيرهم رضي الله عنهم. انتهى ... والقول بعدم وجوب الغسل هنا له قوة واتجاه، وقد رجحناه في الفتوى رقم: 8405 وما ذكرناه هنا أحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(11/2738)
أحكام السائل الذي يخرج عند ثوران الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أجلس مع خطيبتي أو أتحدث معها فى التليفون أحس بسائل ينزل من عضوي الذكري فما حكم هذا، وما تأثيره على الوضوء، مع العلم بأن محادثتي معها سواء فى التليفون أو فى بيتها لا تخرج عن الشرع من طرح أفكار عن المستقبل وقد يكون أكثر حديثنا عن أحاديث ومواقف عن النبى صلى الله عليه وسلم وزوجاته وأصحابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخاطبُ أجنبي عن خطيبته لا يجوز له الحديث معها إلا بضوابطه الشرعية، وهي وجود الحاجة وأمن الفتنة، وعدم الخضوع منها بالقول، فإذا انتفت هذه الضوابط أو بعضها كان الحديث بين الخاطبين محرماً، وانظر لذلك الفتوى رقم: 112168، والفتوى رقم: 57111.
والظاهر أنك تتعدى حدود الله في حديثك مع مخطوبتك، فالذي ننصحك به هو التوبة النصوح، وأن تصبر وتستعف حتى يمن الله عليك بالزواج، واحذر تلبيس الشيطان عليك وعليها بأنكما إنما تتحدثان في الدين فإنها ذريعة يفتحها لكما، وقد يتحدث الرجل مع المرأة في الدين وليس مقصودهما إلا أن يلتذ أحدهما بحديث الآخر، والله مطلع على قصد كل عبد ونيته، فأغلق باب هذا الحديث ما دامت الحاجة غير داعية إليه، وما دام مثيراً لشهوتك، ولا تسر خلف هذا الوهم الذي صوره لك الشيطان وهو أنكما لا تتجاوزان الشرع.
وأما السائل الذي يخرج منك عند حديثك معها فهو المذي، وحكمه أنه نجس إجماعاً ويجب غسله وغسل ما أصاب البدن منه، والأحوط أن تغسل منه الذكر والأنثيين (الخصيتين) ، ويجب الوضوء منه إجماعاً، وأما ما أصاب الثياب منه فيجب غسله عند الشافعي، ويكفي فيه النضح عند أحمد رحمه الله، وانظر لذلك الفتوى رقم: 111493.
وقد يتمادى بك ثوران الشهوة فيؤدي ذلك إلى خروج المني وهو ماء يخرج بتدفق، وحينئذ فالواجب عليك الغسل بالإجماع، ولمعرفة الفرق بين المذي والمني انظر الفتوى رقم: 110928..
ونسأل الله أن يمن علينا وعليك بالهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(11/2739)
تفكرت في الزواج فشعرت برطوبة ولم تغتسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري34 سنة جاءني خطيب في رمضان كنت ليلا أفكر في الزواج فأحسست بعدها برطوبة استغفرت الله بعدها ثم نمت واستيقظت وتناولت السحور وتوضأت وصليت هل صيامي الأيام الموالية صحيح أم كان علي الاغتسال ومع العلم أني لا أعرف طبيعة هذه الرطوبة لكني لم أحس برعشة وارتخاء كما يقال بل كنت طبيعية فهل يصح صيامي في كل الحالات؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيامكِ صحيحٌ على كل حال أياً كان نوع هذه الإفرازات، فإنها وإن كانت منياً مع بُعد هذا الاحتمال فإن خروجها كان بالليل، ثم إن خروج المني بالفكر لا يفسد الصوم كما نص على ذلك العلماء لحديث: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم. متفقٌ عليه. وانظري الفتوى رقم: 55918.
كما أن الطهارةَ من الجنابة ليست شرطاً في صحة الصوم، وإن كانت شرطاً في صحة الصلاة بالاتفاق، والذي يظهر أن هذه الرطوبات إما أنها رطوبات عادية أو مذي، ولمعرفة ما يلزمكِ تُجاه هذه الإفرازات انظري الفتوى رقم: 110928.
وحتى إن وجد احتمال أن تكون منياً فإن الغسلَ لا يجبُ بالشك في سببه، خاصة مع وجود القرائن الظاهرة الدالة على أنه ليس بمني، وقد نص كثير من أهل العلم على أن من شك في الخارج منه هل هو مني أو مذي تخير بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/2740)
هل يجب التأكد من حصول الجنابة بعد النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب يوميا عندما أستيقظ أن أنظر إن كان قد نزل مني المني ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على العبد هو ما أوجبه الله تعالى في كتابه أو أوجبه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، ولا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة يوجب على المرء أن يفتش نفسه عند الاستيقاظ من النوم هل هو جنب أم لا، وانظر الفتوى رقم: 104976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(11/2741)
يخرج منها سائل شفاف إذا تحدثت مع أجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[بودي طرح سؤال قد يبدو محرجا لكنه منطقي ولا حرج في الدين، أنا فتاة تبلغ من العمر 26 سنة ككل النساء حلمي أن أكون مع زوج صالح محافظة على ديني، لكن وفي وقتنا الحالي تغيرت وللأسف طرق التعارف فأصبحت الفتاة تتعرف بطرق مختلفة وهذا ما يحدث معي فقد تعرفت على شاب 36 سنة أحببته ولا أود أن أخسره لكن مشكلتي أنني كلما تحدثث معه لاحظت خروج سائل شفاف من ملابسي سواء تحدثنا في مواضيع عادية أو لا مع العلم أنه يتصل بي عدة مرات في اليوم فهل علي أن أغتسل في كل مرة أحدثه أي عدة مرات في اليوم أم علي فقط تغيير ملابسي مع العلم أنه تم إفتائي بأنه يجب علي فقط تغيير الملابس ليس الغسل لكن خوفا على ديني أريد التأكد، أرجو من سيادتكم إجابتي عن هدا السؤال بكل التفاصيل علما أنني في العادة أي جميع الأيام أجد مادة بيضاء في ملابسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أنه لا حرج شرعا في أن تبحث المرأة عن رجل صالح ليتزوجها إن كان ذلك في حدود الأدب والشرع كما هو مبين بالفتوى رقم: 7682.
ولكن لا يجوز أن تكون هذه المرأة على علاقة مع هذا الرجل قبل أن يعقد له عليها، لأنه قبل العقد أجنبي عنها، فلا يجوز أن تكون بينهما محادثة إلا للحاجة، وبقدر هذه الحاجة فيجب عليك التنبه لهذا، ثم إن كان هذا راغبا في الزواج منك فليأت الأمر من بابه فيخطبك من وليك.
ونوصيك بعدم التعجل إلى الموافقة على الزواج منه حتى تستشيري من هم أعرف به، فإن تبين أنه صاحب دين وخلق فاستخيري الله تعالى في الزواج منه، وانظري الفتوى رقم: 19333. وللفائدة راجعي الفتوى: 10103، والفتوى رقم: 57691.
وأما بخصوص هذا السائل الذي يخرج عند محادثتك هذا الشاب فإن كان منيا فيجب منه الغسل وإن كان مذيا فلا يجب منه الغسل ويكفي غسله من الثوب، ولمعرفة الفرق بين المني والمذي راجعي الفتوى رقم: 4036.
وأما السائل الأبيض الذي ذكرت فإن كان من إفرازات الفرج فإنها ناقضة للوضوء ولكنها طاهرة على الراجح من أقوال العلماء،وراجعي الفتوى رقم: 6542.
وإن كثر خروجها فحكمك معها حكم المستحاضة بالوضوء لكل صلاة كما بينا بالفتوى رقم: 110928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(11/2742)
ما يلزم المرأة إذا استيقظت وشكت في أنها احتلمت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت سؤالا عن الاحتلام ومختصره أني بعد الحلم وجدت رعشة في فرجي ولكن عندما مسحته لم أجد سوى ترطيب بسيط لونه شفاف لم يكن واضحا لونه هل هو أصفر أم أبيض ولكنه شفاف مائل للبياض وليس له رائحة، ولكن بعدها ذهبت للتبول فشممت رائحة المني كالتي تخرج من زوجي، إضافة: وعندما مسحت لم أتبين سوى البول ولا أعرف إن نزل سائل أم لا. فهل هذا احتلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الذي رأيته احتلام موجب للغسل، فقد رأيت مادة مائلة للبياض مع وجود رائحة تشبه رائحة مني الرجل، وهاتان صفتان من صفات مني المرأة، إضافة إلى أن من شك في الخارج بعد النوم هل هو مني أم غيره فيعتبره منياً عند المالكية، خلافاً للمشهور عند الشافعية فإنه يخير عندهم بين جعله منياً فيغتسل أو مذياً فلا غسل عليه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 51191، والفتوى رقم: 95237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(11/2743)
كيفية الطهارة من المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تطلعوني عن كيفية الطهارة الصحيحة من المذي وأيضا كيف سأعرف أن المذي نزل مني أو لا؟
كيف سأخرج الوسواس الذي في داخلي مع العلم بأنني أجلس في الحمام نصف ساعة للطهارة من المذي؟
ثانيا: هل ضروري عند الطهارة من المذي غسل السرة وما تحتها وغسل ما بين العضو الذكري وأيضا غسل الشعر النامي على الذكر أم غير مهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي هو السائل الأبيض اللزج الذي يخرجُ عند فتور الشهوة بلا شهوة، ولا يعقب خروجه فتور في البدن ولا يُشعر بخروجه غالباً، ويخرج عند الملاعبة أو التفكير في أمر الجماع، فإذا غلب على ظنك أنه قد خرج منك المذي لوجود قرينة دالة على خروجه فتحقق حينئذ من الأمر.
وتلزمك حينئذ الطهارة منه إذا تحققت أنه قد خرج منك مذي فعلاً، وأعرض عن الوساوس ولا تلتفت إليها، فالأمر أيسر بكثير مما تظن، فدينُ الله مبني على اليسر ورفع الحرج، والمذي نجس يجب الوضوء منه بإجماع العلماء، ويجبُ غسل ما أصاب البدن منه، وأما ما تحت السرة وما فوق الذكر فلا يجب غسله ما لم يصبه المذي.
وأما الثياب فالأكثر على وجوب غسل ما أصابه المذي منها، وذهب أحمد رحمه الله في رواية عنه إلى أنه يكتفي في الثياب بالنضح، ودليله حديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقي من المذي شدة وعناء وكنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وهل يُكتفى بغسل موضع المذي من الذكر فقط أم يجب غسل الذكر والأنثيين (الخصيتين) ؟ أكثر العلماء على الأول، والقول الثاني أحوط وهو رواية عن أحمد، فعن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: فيه الوضوء. أخرجاه، ولمسلم: يغسل ذكره ويتوضأ. ولأحمد وأبي داود: يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ. وحمل بعض العلماء الأمر بغسل الأنثيين على الاستحباب للجمع بين الأدلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(11/2744)
أنواع الإفرازات الخارجة من فرج المرأة وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أود الاستفسار عن السوائل عند المرأة فهي أحيانا إفرازات عادية وأحيانا مذيا وأحيانا منيا وبعد البول ودياً
أنا عندما أتوضأ وأرى بقعة صغيرة بيضاء هنا فهل انتقض الوضوء أم هي إفرازات عادية، وأنا غالباً ما أجدها فأزيلها فما أراه قليل الكمية كالمذي لكن لونه أبيض وهذا لون المني لكن أسباب المني لا تنطبق علي من جماع واحتلام بإنزال المني بفكر أو نظرة شهوة أو إيجاده بعد النوم، فهل أفرق بالأسباب أم الصفات، وهل العبرة بما يوجد في الملابس الداخلية أم بما هو في الفرج حتى ولو لم يظهر على الملابس ومنه عندما أتوضأ ثم أجد بقعة بيضاء لا سبب لها كالشهوة هنا أعيد الوضوء أم هي عادية نستطيع حتى أن لا نزيلها وما هي أسباب المذي لأني أعرف أنه يستوجب الوضوء؟ وجزاكم الله خيراً كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإفرازات الخارجة من فرج المرأة على أقسام، فمنها: المذي وهو كما عرفه العلماء سائل أبيض رقيق يخرج عند الشهوة ولا يعقب خروجه فتور، ولا يكاد يشعر به غالباً وهو عند النساء أكثر منه عند الرجال، ويخرج عادة عند الملاعبة أو التفكير في أمر الجماع، وهو نجس اتفاقاً، ويجب الوضوء منه اتفاقاً، ويجب غسل ما أصاب البدن والثياب منه..
ومنها: الودي وهو سائل ثخين يخرج عقب البول وهو نجس يجب الوضوء منه اتفاقاً، ومنها المني: وهو سائل أبيض يخرج عند اشتداد الشهوة، وهو يخرج من الرجال والنساء؛ لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سألته عن غسل المرأة إذا احتلمت: إذا رأت الماء وجب الغسل. واختلف العلماء هل هو نجس أو طاهر؟ والراجح طهارته، ويجب الغسل منه اتفاقاً.
ومنها: ما يخرج من فرج المرأة لا لسبب وهو المعروف عند الفقهاء برطوبات فرج المرأة، واختلف العلماء هل هي نجسة أو طاهرة؟ فذهب الحنفية إلى طهارتها، ونقل ابن عابدين في حاشيته اتفاقهم عليه، وهو كذلك الصحيح عند الشافعية واختاره جماعة من كبارهم منهم البغوي والرافعي والنووي كما في المجموع، وهو كذلك الصحيح عند الحنابلة، قال المرداوي في الإنصاف: وفي رطوبة فرج المرأة روايتان: إحداهما هو طاهر وهو الصحيح من المذهب مطلقاً. انتهى بتصرف يسير.
وعليه؛ فلا يجب غسل ما أصاب البدن ولا الثياب منها، وأما الوضوء فإنه ينتقض بخروجها، والظاهر أن ما ترينه من الإفرازات ليس مذياً ولا منياً بل هو من هذه الرطوبات التي ذكرنا أنها طاهرة ولكنها ناقضة للوضوء، وليس لهذه الإفرازات حكم إلا إذا خرجت من الفرج سواء أوصلت إلى الملابس أم لا، وإذا كانت المرأة مبتلاة بكثرة خروج هذه الإفرازات فيلزمها ما يلزم المستحاضة من الوضوء لكل صلاة، ولا تفتحي على نفسك باب الشك والوسوسة، فإذا لم تتيقني أنه قد خرج منك مني أو مذي فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(11/2745)
استحباب غسل المكان الذي أصابه المني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا لمس السائل المنوي يدي أو جسمي دون أن يكون هناك جماع مباشر هل يجب علي الاغتسال للصلاة والطهارة؟ أم يكفي غسل المكان الذي جاء عليه المني من الجسم؟
شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المني قد خرج منك بشهوة فإنه يجب عليك أن تغتسل ولو لم تجامع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا فضخت الماء فاغتسل. رواه أبو داود وصححه الألباني.
قال الإمام ابن قدامة في المغني: خروج المني الدافق بشهوة يوجب الغسل من الرجل أو المرأة في يقظة أو في نوم، وهو قول عامة الفقهاء. قاله الترمذي، ولا نعلم فيه خلافا. انتهى.
أما إذا لم يخرج منك المني أو خرج منك بغير شهوة كأن يخرج لمرض ونحوه فإنه يستحب لك أن تغسل ما اصاب جسدك منه، ولا يلزمك ذلك بناء على ما صححه كثير من أهل العلم من القول بطهارة المني، وعلى القول بنجاسته إنما يجب عليك أن تغسل ما أصاب جسدك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(11/2746)
كيفية التمييز بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرمله منذ فترة غير طويلة.. ومن حبي لزوجي رحمه الله أتذكر ما كنا نقوم به، وخصوصا ممارسة الجنس سويا.. مع العلم لا أحاول أبداً أن أمارس العادة السرية فتثار شهوتي.. فينزل مني سائل أبيض بلون الماء تماما فهل يتوجب علي الغسل، وتثار شهوتي أحيانا عند الحديث عن شيء متعلق بالجنس..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ينبغي للسائلة أن تبتعد عن مثل هذا التفكير وتشتغل بما هو أسمى من ذلك، وإذا كان السائل الذي تراه عند الإثارة يتصف بصفات المني فإنه يوجب الغسل، وإلا فهو مذي لا يجب منه الغسل بل يجب منه الوضوء مع غسله والاستنجاء منه، ويعرف مني المرأة بأنه أصفر رقيق وقد يبيض أيضاً ويعرف بالرائحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجبر مصيبتك في زوجك ويخلفك خيراً منه، ثم إنه ينبغي للأخت السائلة أن ترباً بنفسها وتبتعد عن الاسترسال في هذا النوع من التفكير حسب الإمكان، ولتشتغل بما ينفعها في الدنيا والآخرة، ولتتجنب كل ما يؤدي إلى ذلك التفكير أو يسببه مثل الفراغ ومشاهدة ما يثير الغريزة، وعليها أن تكثر من الصيام لتخفيف الشهوة؛ كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيما يتعلق بالغسل فإنه لا يجب بمجرد حصول الشهوة ولا بكل ما يخرج أيضاً، وعليه فإذا كان السائل الذي ترينه عند الإثارة يتصف بصفات المني فإنه يوجب الغسل؛ وإلا فإنه مذي لا يجب منه الغسل بل يجب منه الوضوء مع غسله والاستنجاء منه، ويعرف مني المرأة بأنه أصفر رقيق وقد يبيض أيضاً ويعرف بالرائحة.
قال النووي في المجموع: وأما مني المرأة فأصفر رقيق، قال المتولي: وقد يبيض لفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه، ولا يُعرف إلا بذلك، وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل. انتهى بتصرف.
وعليه؛ فإذا تميز لك المني باللون أو الرائحة، وجب عليك الغسل، وإذا دار الاحتمال بين أن يكون السائل منياً أو مذياً اعتبر منياً فيجب منه الغسل، ومن أهل العلم من يخير من شك في كون الخارج منياً أو مذياً بين أن يعتبره منياً فيغتسل أو مذياً فيتوضأ منه ويغسله، وإن كان رجلاً غسل ذكره.
وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 107360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(11/2747)
مخرج الودي وما يلزم من خروجه من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[تخرج مني إفرازات من العضو الذكري بدون شهوة أخبرني الطبيب أنها إفرازات من البروستاتا وهي تخرج غير مرتبطة بوقت وقد تخرج مني بعد البول ولكن بفترة وهي تختلف عن الودي الذي أعرفه ويخرج مني أحيانا فالودي كما أعرفه ويخرج مني بعد البول هو سائل أبيض ثخين يشبه المني ولا يعقبه فتور؟ وهل إذا خرجت بعد البول بفترة أعاملها كالودي وهذا يشق علي فيما أصاب الثياب فكيف أعامل هذا الإفراز وهل يجب علي غسل الذكر والأنثيين وكيف بما أصاب ثيابي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج السائل المشار إليه ناقض للوضوء، لأن كل خارج من السبيلين ناقض للوضوء كما نص على ذلك الفقهاء، وكل ما يخرج من ذكر الرجل يعتبر نجسا غير المني كما بيناه في الفتوى رقم: 101556.
فتعامل السائل المشار إليه معاملة البول والودي من حيث انتقاض الوضوء بخروجه وغسل ما أصاب الثياب منه لا سيما وأن مخرج ذلك السائل هو عين مخرج الودي، فإن الودي يخرج من البروستاتا كما أخبرنا بذلك الطبيب، ولا يلزمك غسل الذكر والأنثيين لأن هذا السائل ليس بمذي ولا يتفق مع المذي في صفة الخروج ولا في مصدر الخروج، فالمذي يخرج عند ثوران الشهوة، وهو يخرج من غدد في مسلك الذكر وليس من البروستاتا، فإلحاق السائل المشار إليه بالودي أولى من إلحاقه بالمذي فإن جاوز خروجه طور الاعتياد ولازم أكثر الوقت عومل معاملة السلس فتتوضأ منه لكل صلاة عند دخول وقتها، وتصلي بذلك الوضوء ما شئت من النوافل تبعا لذلك، هذا هو الراجح من اقوال أهل العلم في التعامل مع سلس البول وما في معناه، ومنهم من لم ينقض به الوضوء إن لازم أكثر الزمن كالمالكية، وعلى مذهبهم فلك أن تصلي بوضوء واحد أكثر من فرض ولا يعد هذا السائل ناقضا للوضوء، وأما ما يصيب ثيابك فعليك أن تغسل المحل جيدا دون مبالغة ثم تعصب عليه خرقة أو نحوها وتحترس حسب ما يمكنك، ولا يضرك إن رشح على ثيابك ما دمت قد أحسنت الغسل والعصابة، فإذا دخل وقت الصلاة الأخرى غسلت ما أصاب ثيابك منه، وهذا رأي طائفة من أهل العلم وهو أقرب للصواب إن شاء الله تعالى، وإن شق عليك تبديل الثياب أو غسل ما أصابك كل وقت فصل على حالك بعد الوضوء عند دخول الوقت، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1429(11/2748)
تصحو من نومها وتجد ملابسها مبللة بمادة بيضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على إفادتكم لنا بكل ما هو مفيد لصلاح ديننا وسؤالي هو: أنا مخطوبة وأحب خطيبي كثيراً ودائماً مشتاقة إليه وأرغب أن يكون معي، وعندما يكون معي أشعر بسعادة غامرة وأقول له كلام الحب والغرام وكذلك هو، وكثيراً ما أجد عندما أصحو من نومي أنني مبللة وتخرج مني مادة بيضاء لها رائحة وكذلك عندما يكلمني أو أكون معه، فهل يجب علي الإغتسال إذا وجدت هذه المادة وإذا خرجت مني وأنا صائمة هل تفسد صيامي، وهل لها تأثير على غشاء البكارة، فأرجو إفادتي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عقد النكاح الشرعي قد حصل فلك الخلوة بخطيبك ومعاملته كزوج، وإذا كانت الخطبة قد حصلت من غير عقد شرعي فهذا الخطيب أجنبي منك لا تجوز الخلوة معه ولا تبادل العبارات الغرامية، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 8156.
والمادة البيضاء التي تلاحظينها تعتبر منيا موجباً للاغتسال إذا كانت لها رائحة كرائحة العجين أو طلع النخل مع الإحساس باللذة وفتور الشهوة بعد الخروج، وإن لم تتصف بهذه الصفات فتكون مذياً وهو ناقض للوضوء ونجس يجب غسل ما أصابه من ثوب أو بدن، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 34363، والفتوى رقم: 100639.
وما تجدينه من بلل بعد النوم موجب للاغتسال إذا كان تنطبق عليه صفات المني، ولا غسل إذا وجدت فيه صفات المذي، وإن شككت هل هو مني أم مذي فقد وجب عليك الاغتسال، وإن كان الشك دائراً بين ثلاثة أمور: هل هو مني أم مذي أم إفرازات فلا غسل عليك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 70631.
وإذا خرجت تلك المادة البيضاء أثناء الصوم بسبب محادثة الخطيب فإن كانت منياً فالصوم باطل ويجب قضاء ذلك اليوم، وإن كانت مذياً فيبطل الصوم أيضاً عند بعض أهل العلم كالمالكية والحنابلة، وراجعي التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 80741..
وأما تأثير الخارج المذكور على غشاء البكارة من عدمه فيرجع فيه إلى سؤال طبيب مختص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(11/2749)
حكم من يجد المذي بعد انتهائه من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندما أنتهي من الصلاة أجد مذيا خفيفا نازلا مني هل أقوم بإعادة الصلاة أم تنتهي الصلاة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن المذي نجس، وخروجه ناقض للوضوء، وأنه يخرج بإثارة الشهوة في الغالب، ومن وجد مذيا بعد انتهائه من الصلاة فلا يخلو الحال من احتمالين:
الأول: احتمال كون خروجه بعد الصلاة، فإذا احتمل أن يكون قد خرج بعد الصلاة لم يجب إعادة الصلاة لأن الأصل أن المصلي تطهر وصلى بطهارة صحيحة فلا ينتقض هذا الأصل بمجرد الشك في خروج المذي أثناء الصلاة.
قال النووي في المجموع: فإذا سلم من صلاته ثم رأى عليه نجاسة يجوز أنها كانت في الصلاة، ويجوز أنها حدثت بعدها فصلاته صحيحة بلا خلاف. قال الشافعي والأصحاب: ويستحب إعادتها احتياطا.
الثاني: أن يعلم أنه قد خرج أثناء الصلاة – أو قبلها ولم يتوضأ ولم يستنج عقب خروجه – لوقوع الشخص مثلا في إثارة فإنه يعيد الصلاة حينئذ،
قال النووي في المجموع: وإن علم أنها كانت في الصلاة فإن كان لم يعلمها قبل ذلك فقولان؛ الجديد: الأصح بطلان صلاته ... انتهى
وهذا من حيث النجاسة، وأما من حيث انتقاض الوضوء فإنه إن علم بخروج المذي قبل الصلاة أو أثناء الصلاة فالصلاة باطلة قولا واحد ويلزمه إعادتها. وانظر الفتوى رقم: 104525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/2750)
صفة وحكم الماء الذي يعقب البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة وقد ابتليت بالعادة السرية (أبعدها الله عنكم) منذ أن كنت 18 سنة.
ولكن ولله الحمد تركت هذي العادة منذ قرابة الخمسة أشهر ولله الحمد. ولكن لاحظت شيئا بعد تركها
هو أنني كلما نمت ثم استيقظت ثم تبولت ألاحظ بعد التبول خروج سائل يشبه المذي. ولا أعلم هل هو مذي أو لا. وهذه الحالة لا تحدث لي إلا بعد التبول الذي يسبقه نوم وليس في أي وقت أتبول فيه.
والمشكلة الأكبر إني ألاحظ خروج هذا السائل بعد قرابة 10 دقائق من عملية التبول.
والله يا إخوان لقد تعبت من هذا الشيء. والسبب أني كنت مداوما على الصلاة في المسجد مع الجماعة ولكن بسبب حالتي هذه فإني أنتظر بعد التبول قرابة الـ 10 دقائق لأقوم وأغتسل. وهذه العملية تأخذ قرابة الـ 15 دقيقه فبسببها تفوتني كثير من صلوات الجماعة. فأجلس حزينا طول اليوم والله أحيانا أبكي بسبب فوات صلاة الجماعة علي خصوصا صلاة الفجر.
وأنا آسف على الاطالة وسؤالي هل هذا السائل يعتبر أمرا عاديا وليس نجسا ويمكنني الصلاة بعد التبول؟ أو الافضل أني أراجع طبيبا للكشف علي؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخارج الذي يلزم منه الغسل هو المني فقط، وهو الماء الغليظ الذي يخرج دفقا ويعقبه فتور، أو الذي يجد المرء أثره في ثيابه عند انتباهه من النوم، وهو ما يسمى بالاحتلام، وأما غير المني كالمذي والودي فإنه لا يجب الاغتسال منه، وإنما يكفي غسل الفرج وما أصابه والوضوء بعده.
والسائل الذي ذكره الأخ تنطبق عليه صفات الودي وهو ماء أبيض خاثر يخرج عقب البول، وحكمه حكم البول سواء، فهو نجس وناقض للوضوء، وإذا كان يستمر نزوله عقب البول عشر دقائق كما ذكرت، فانتظر حتى ينقطع خروجه، ثم توضأ، وستلحق الجماعة في المسجد إن شاء الله، فلا تقلق، وهون عليك، واحذر أن تفتح على نفسك باب الوسوسة فتوقعها في الحرج والمشقة.
وانظري الفتوى رقم: 34363.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/2751)
الصفات المميزة للمني والمذي عند الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكنني أن أعرف أن الذي يخرج مني أو مذي وكيف يخرج المني فهل يخرج بالتفكير بشهوة أو بغيرها، سؤال آخر عندما أستيقظ من النوم أجد شيئا على الذكر لا أعلم ما هو وهو غالبا ما يحصل لي تقريبا كل يوم فتذهب صلاة الفجر عني في المسجد وأحيانا تأتيني أفكار تلقائية، مع العلم بأني أدافعها ولا أعلم ما هو الذي خرج، فهل هو مني وأحيانا يخرج مني سائل ليس كالمني ليس له رائحة أو غليظ بسبب التفكير، سائل لزج له لون شفاف لكنه يختلف عن المذي قليلا من حيث أنه لزج، وعندما أراه أجده شفافا وعند ملامسته خوفا من أن يكون مني ولا أعلم أنه يكون لزجا أتفحصه فيتغير ليصبح أبيض كالصابون لكن من غير رائحة، وعندما أحتلم أنهض وأجد شيئا خرج لكن أيضا يشبه المني ولم يخرج لي مني إلا زلة من الشيطان فخرج باليد وجدته غليظا له رائحة كريهة وياليتني لم أفعله وتعوذت من الشيطان ليبقى السجل نظيفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصفات المميزة للمني والمذي بالنسبة للرجل قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 56944، والفتوى رقم: 22308.
والمني قد يخرج بشهوة أي يحصل التلذذ بخروجه وقد يخرج بغير شهوة كأن يخرج لمرض ونحوه، لكن خروجه بغير شهوة لا يترتب عليه وجوب غسل جميع الجسد عند جمهور أهل العلم خلافاً للشافعية، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 12920.
والفرق بين المني والمذي من حيث الشهوة أن المني يخرج بشهوة أي يحصل التلذذ بخروجه، أما المذي فإنه يخرج عند حصول الشهوة لكنه لا يتلذذ بخروجه بل قد لا يحس به ولا يعقبه فتور بخلاف المني، وإن لاحظت بللاً عند استيقاظك من النوم ولم يتضح لك هل هو مني أو مذي فاعتبره منياً ويجب عليك منه غسل الجنابة هذا مذهب الحنابلة والمالكية وهو الأحوط، وأما عند الشافعية فلك الاختيار في اعتباره منياً فتغتسل أو مذياً فلا غسل عليك، وتكتفي بغسل ما أصابه من الثوب والبدن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18112، والفتوى رقم: 107850.
والسائل الذي قد يخرج أحياناً بسبب التفكير وهو غليظ أبيض فإنه يعتبر منياً موجباً لغسل الجنابة، وما قد تجده بعد النوم متصفاً بكونه غليظاً وله رائحة كريهة فالظاهر أنه مني أيضاً موجب لغسل الجنابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(11/2752)
حكم أكل المني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يأكل منيه؟ (حيواناته المنوية) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أكل المني لا يجوز لنجاسته - عند جمهور أهل العلم - ولقذارته واستخباثه عند آخرين.
والله تعالى يقول في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ {الأعراف:157}
ومن يفعل ذلك يجب عليه الإقلاع عنه والمبادرة بالتوبة النصوح إلى الله تعالى.
وللتفصيل وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 21508، 22228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(11/2753)
حكم السائل النازل لمن قضت شهوتها بالجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الجماع بيني وبين زوجي وبعد الغسل فإن مني زوجي يستمر في النزول من فرجي لمدة يومين فكيف لي أن أفرق بين مني زوجي في هذه الحالة وبين منيي أنا هذا عندما أستيقظ من النوم لأن لكليهما نفس الرائحة ولا يكون غليظا ولكن ينزل كأي إفرازات أخرى وهل نزوله على سروالي لا ينجسه بعد أن دخل فرجي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كانت السائلة تجد المني بمواصفاته بعد استيقاظها من نومها فيجب عليها الغسل لأنه منيها وليس مني زوجها؛ لأنه لا يحكم بأن المني النازل من المرأة مني الزوج إلا إذا جومعت ولم تقض شهوة بذلك الجماع؛ كأن جومعت وهي نائمة أو هي مكرهة أو صغيرة، أما إذا قضت شهوة بالجماع فإن المني النازل يحكم عليه بأنه منيها، أو مختلط من منيها ومني الزوج، وفي كلا الحالين يجب عليها الغسل.
وإن كانت ما ترى مجرد إفرازات وليست منيا فلا يجب منها الغسل. وقد اختلف في حكمها من حيث الطهارة من عدمها، فمن الفقهاء من يرى نجاستها إطلاقا فيجب منها الاستنجاء وتطهير الملابس، ومنهم من يفرق بين الخارج من الرحم والخارج من مخرج البول، فيعتبر الأول طاهرا، والآخر نجسا، والاحتياط الأخذ بالقول بنجاستها خروجا من خلاف أهل العلم، وهي ناقضة للوضوء على القولين.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 100479، 76388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(11/2754)
الماء النازل من المرأة بعد لقاء خطيبها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الماء الذي ينزل مني بعد لقاء خطيبي، فهل أغتسل منه أم أتشطف وأتوضأ، فأرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماء الخارج إذا انطبقت عليه صفات المني فهو موجب للاغتسال وهو طاهر في نفسه على القول الراجح، فلا يجب غسل الثياب التي أصابها، وإن كان الاحتياط غسل ما أصابه من ثوب أو بدن أو غيرهما كما تقدم في الفتوى رقم: 1789.
وإذا كان مذياً فهو ناقض للوضوء إضافة إلى كونه نجساً، وصفات مني المرأة ومذيها تقدم بيانها في الفتوى رقم: 51191.
وإذا كان لقاءُ الخطيب المذكور قد حصل بعد العقد الشرعي المكتمل الأركان والشروط فهو مباح، وإن كان العقد الشرعي لم يحصل بعد فلا يجوز لأنه أجنبي عن المخطوبة لا تجوز له الخلوة بها ولا لمسها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(11/2755)
يشك في الخارج منه هل هو مني أو مذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في سن 22 وأدرس في الجامعة ولكن لدي مشكلة تؤرق علي حياتي وأعاني منها كثيرا وهي المذي الذي أراه في لباسي صباح كل يوم مع العلم أني ذهبت إلى الطبيب وأجريت عملية الدوالي وقال لي سوف تشفى بعد فترة ولكن ها أنا بعد مرور 3 سنوات من العملية ولا زلت أشكو من نفس الشيء ولكن المشكلة هي أنني أصبت بالوسواس ولم أعد أميز من أن هذا السائل مذي أم مني وهذه المشكلة جعلتني أغتسل كلما أردت الذهاب إلى صلاة الفجر مما جعل عندي شيء من المعاناة والخجل من أهل البيت وهذا يمنعني من الذهاب إلى صلاة الفجر أحيانا ليت الأمر قصر علي هذا ولكنني لدي شهوة عالية مما جعل الأمر يتطور إلى أن أصبح المذي ينزل عند أي إثارة لي في أي وقت كان حتى إنني أذهب إلى الجامعة وأنا على وضوء وهناك أحس بنزوله فلا أستطيع أن أعيد الوضوء وأؤجل صلاة الظهر إلى عودتي إلى المنزل وقد يكون بعد العصر سامحوني إن كان سؤالي طويلا ولكنني أحببت أن أشرح الموضوع بالتفصيل كي تجاوبوني عليه بدقة لأنه أمر أهمني وأثقل كاهلي
فما العمل أفيدوني جزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني والمذي لكل منهما علامات تميزه عن الآخر، وقد بيناها في فتاوى سابقة فراجع الفتوى رقم: 56944، وإذا شككت هل الخارج منك مني أو مذي فلك أن تتخير نص فقهاء الشافعية على أن من شك في الخارج منه هل هو مذي أو مني فإنه يخير في جعله منيا فيغتسل، أو مذيا فيتوضأ ويغسل ما أصاب بدنه أو ثوبه منه.
فإذا كان الأمر كذلك فاطرد عنك الوسواس لكيلا يتمادى بك لما هو شر من ذلك، ولا داعي للقلق، فإن الذي تجده من نزول المذي موجود عند كثير من الشباب، وكان من قبل عند بعض الصحابة وعلاجه يسير، فعن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: فيه الوضوء. متفق عليه. وفي رواية أخرى لمسلم: يغسل ذكره ويتوضأ. أي لما يريد أداءه بوضوء.
ثم إننا ننبهك على أنه لا يجوز لك تأخير الصلاة عن وقتها بسبب هذا الخارج، بل يلزمك التطهر منه والوضوء وأداء الصلاة قبل أن يخرج وقتها، سواء كنت في الجامعة أو غيرها، ولا معنى لقولك لا أستطيع أن أعيد الوضوء، فإذا كان الماء موجودا ولو بشرائه بثمن المثل وأنت واجد للثمن لزمك الوضوء، فإن لم تجده لزمك التيمم وأداء الصلاة في وقتها، كما لا ينبغي لك أن تتخلف عن صلاة الفجر لهذا السبب حتى وإن لزمك الغسل في بعض الأحيان.
وللفائدة راجع الفتاوى رقم: 19559، 4036، 29316، 64005، 2860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/2756)
تثور شهوته ويمذي حين يتصفح فتاوى الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أتصفح الفتاوى الخاصة بالحياة الزوجية تثار شهوتي ويتدفق المذي من شدة الشهوة، مع العلم بأنني أستفيد من هذه المواضيع وأيضاً أتصفح مواقع أخرى تتحدث فى نفس المواضيع التي هى في حدود الشرع وأنا بعيد عن زوجتي فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فلا حرج عليك في تصفح هذه المواقع وقراءة مثل هذه المواضيع إن كان ذلك بقصد التعلم ولم يكن ذلك بقصد إثارة الشهوة، ولا حرج عليك أيضاً فيما يترتب على ذلك من خروج المذي، وينبغي أن تحذر الاسترسال في التفكير في هذه الأمور عند قراءة هذه الفتاوى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير وتعلم العلم النافع، ولا حرج عليك في تصفح كل موقع من هذه المواقع النافعة إن كان ذلك بقصد تعلم العلم الشرعي ولم يكن ذلك بقصد إثارة الشهوة، وينبغي أن تحذر الاسترسال في التفكير في هذه الأمور عند قراءة هذه الفتاوى، وما خرج منك مع عدم الاسترسال في التفكير فلا حرج عليك فيه، ولمعرفة ما يترتب على خروج المذي راجع الفتوى رقم: 945.
وإن أمكنك أن تقيم زوجتك معك حيث تقيم فأفعل ففي ذلك إعفاف لنفسك ولزوجتك، وإن لم يكن بالإمكان إقامتها معك فعليك بالصوم فإنه يكبح جماح الشهوة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(11/2757)
القطع الصفراء اللزجة التي تخرج مع السائل المنوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك قطع صفراء لزجة تخرج مع السائل المنوي ماهي هذه القطع؟
وهل يجوز الاستمناء باليد أو غيرها لفحص السائل المنوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه القطع جزء من ذلك السائل المنوي، فمن المعلوم أن مني المرأة رقيق أصفر؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر. رواه مسلم.
فإذا كان الشخص الذي يخرج منه ذلك السائل امرأة فهذا لا إشكال في كونه منيا، وأما إن كان رجلا فقد يكون ذلك الاصفرار دليلا على المرض، وقد قال الإمام النووي في شرح مسلم: قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين ... إلى أن قال وهو يتكلم عن تغير أوصافه في بعض الأحيان:..... وذلك بأن يمرض فيصير منيه رقيقا أصفر. وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها. انتهى.
وأما الاستمناء فإن كان المقصود استمناء الرجل بيد غير زوجته كاستمنائه بيد نفسه فهذا حرام، ولو لغرض الفحص الطبي؛ إلا إن تعين الاستمناء بألا توجد طريقة مباحة للحصول على المني كالاستمناء بيد الزوجة، وكان الباعث على الاستمناء هو حاجة التداوي. وأما بيد زوجته فهذا جائز ولو لغير الفحص الطبي. وانظر الفتوى رقم: 78987.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(11/2758)
حكم من يشك في كون الخارج منه منيا أو مذيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم في الصباح فأجد شيئا يسيرا من سائل جاف على ملابسي الداخلية أعتبره في أغلب الأحيان مذيا لا منيا وأتعلل بأنني كثير المذي وأعبر للصلاة هكذا وأنا أحس بالضيق والضجر من هذا الأمر ومن فعلي أنا على حد السواء..
أرجو أن تهتموا بأسئلتي رغم كثرتها..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دارالاحتمال بين أن يكون السائل الذي تجده عند الاستيقاظ منيا أو مذيا ففي هذه الحالة يعتبر منيا فيجب منه الغسل، ومن أهل العلم من يخير من شك في كون الخارج منيا أو مذيا بين أن يجعله منيا فيغتسل، أو مذيا فيغسل ذكره ويتوضأ وهذا مذهب الشافعية، وهو الأرفق بالنسبة للموسوس.
وإذا كان الاحتمال مترددا بين ثلاثة فأكثر مني ومذي وبول فلا غسل، لأن موجب الغسل ثابت باحتمال واحد وعدمه ثابت باحتمالين.
وللفائدة تراجع الفتوى: 18112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/2759)
المؤمن لا ينجس
[السُّؤَالُ]
ـ[لست أدري أحس دائما أني نجس خاصة وأن عندي سلس المذي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي للمسلم أن يعتبر نفسه نجسا على الإطلاق لأن المؤمن لا ينجس، لكن لو تلبس بنجس تطهر منه، فإن كان مذيا غسل ذكره وتوضأ عند الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/2760)
التطهر من السائل الخارج بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما أنا أستنجي في الحمام مننت دون أن ألوث ثيابي أو جسدي فهل علي أن أغتسل أو تبديل ثيابي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كان معنى السؤال أن المني خرج أثناء الاستنجاء فإن كان خروجه بدون شهوة ولا لذة ولا دفق فلا يوجب الغسل عند جمهور أهل العلم، ويرى الشافعية ومن وافقهم أنه يوجب الغسل، وإن خرج بشهوة وجب الغسل بلا خلاف.
هذا مع التنبيه على أن الذي يخرج بعد البول غالبا وبدون شهوة هو ما يعرف بالودي، ولا يجب منه غسل بل هو كالبول، فيجب تطهير البدن والملابس منه لأنه نجس، وإذا كانت الملابس لم تصب بشيء فلا داعي لغسلها ولا تبديلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1429(11/2761)
يحتلم فيستيقظ ولا يجد بللا فهل يلزمه أن يفحص نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أستيقظ من النوم بعد الاحتلام لا أجد أثرا للمني على الثياب، ولكن عندما أقوم بفحص القضيب كأني أجد شيئا يسيرا جدا داخل فتحته، فلا أستطيع أن أفرق هل هو مذي أو مني علما بأنه نقطة صغيرة أقل من حبة العدس فماذا يجب علي في هذه الحال, علما أني أعاني الوساوس مما يجعلني أغتسل احتياطا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلست مطالبا بهذا النوع من الفحص الذي ذكرت بل هو من الوسوسة. فيجب عليك الكف عن مثل هذا في المستقبل، وحسبما يظهر لنا من حالتك وتعبيرك أن هذا الذي تجده لم يخرج إلى الخارج، فإن الخارج من ذكر الرجل هو ما يبلغ خارج الحشفة كما صرح به الفقهاء، وقولك كأني أجد شيئا يسيرا، كل ذلك يؤكد أنه لا يجب عليك غسل، بل لو تأكدت من خروج شيء ولم تعرف هل هو مني أو مذي فلا يجب عليك غسل، فهذا هو الذي نفتي به مثلك.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 64005، والفتوى رقم: 9170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(11/2762)
المسح على الخفين لمن خرج منه المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف أن الوضوء يكفي للطهارة عند خروج المذي، ولكن في هذا الوضوء المخصص للطهارة هل يجوز فيه المسح على الخف، وهل يمكن الصلاة بهذا الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر كما علمت وهو أن خروج المذي لا يوجب غسلاً، ولكن ينقض الوضوء. وعليه؛ فيجب على من خرج منه مذي أو غيره من نواقض الوضوء أن يتوضأ، ولكن لا يجب عليه ذلك الوضوء إلا عند إرادة الصلاة أو ما في حكمها لما يشترط له الطهارة من الحدث.. ومن أهل العلم من أوجب على من خرج منه مذي أن يغسل ذكره في الاستنجاء من المذي ولا يكفيه الحجارة أو ما يقوم مقامها، ووضوء من خرج منه مذي لا فرق بينه وبين غيره، فيجوز فيه المسح على الخف لمن أراد ذلك.. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 58938، والفتوى رقم: 50657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/2763)
حكم البلل الذي يطرأ بعد مداعبة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تتوجب الطهارة الكبري على من قبل امرأة أجنبية وإذا وجد نقطة من الشماخ داخل الملابس الداخلية فهل هده جنابة تستوجب الطهارة الكبرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فوجود بلل في الثياب بعد مداعبة النساء في الغالب يعتبر من المذي، وهو ناقض للوضوء ويجب منه غسل الذكر وتطهير الثياب. وعليك أن تعلم أن تقبيل الأجنبية ذنب تجب التوبة منه ولا يؤمن معه أن يجر إلى الوقوع في ما وراء ذلك إلى أن يصل الأمر إلى الفاحشة الكبرى وهي من أقبح الذنوب وأشنعها. نسأل الله السلامة والعافية.
وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4066، 42311، 2054، 637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/2764)
مسائل في الشك بين خروج المذي والمني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خاطب فتاة وأحيانا أفكر فيها وقد أتكلم معها وقد تثار شهوتي وقد ينزل مني المذي وقد لا ينزل حيث
أن المذي قد لا يشعر الإنسان بخروجه، فهل كلما أثيرت شهوتي أو كلما فكرت فيها أنظر على الفرج لكي
أعرف هل نزل مني المذي أم لا؟ وكيف أعرف أن المذي خرج؟
وهل لو شعرت بحركة في الفرج أو رطوبة يكون هذا من علامات المذي؟
وإذا لم أشعر أكون طاهرا؟ وكيف لا أفكر في خطيبتي؟ وهل يمكن أن أعتبر نفسي طاهرا ولا أنظر إلى الفرج وأتوضأ وأصلي مباشرة؟ ولو اعتبرت نفسي طاهرا وصليت بدون أن أنظر إلى الفرج هل صلاتي تكون صحيحة؟ وهل لو نظرت إلى الفرج بعد الصلاة وتبين لي أن به نقطة مذي أعيد الصلاة أم لا؟
وهناك شيء آخر أود الاستفسار عنه:
يوميا كلما أستيقظ من النوم أنظر على اللباس الداخلي لكي أرى هل عليه بقعه أم لا فلو وجدت بقعه قلت أن هذه البقعة منيا واغتسلت من الجنابة فهل ما أفعله هذا من التفتيش اليومي على اللباس الداخلي صحيح؟ وهل يشترط أن أشعر بالتدفق للماء وأنا نائم لكي أحكم على هذه البقعة؟ أنها مني؟ فهذه البقعة قد تكون بول أو مذي أو ودي وليست منيا فكيف أتأكد من أنها مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن السؤال ننبه السائل إلى أن الخطيبة ما لم يعقد عليها تعتبر أجنبية مثل غيرها من النساء الأجنبيات، لا يجوز الاختلاء بها ولا سفورها أمامه ولا الحديث معها إلا لحاجة فليتق الله تعالى وليتوقف عن الحديث معها والتفكير فيها المؤدي إلى ثوران شهوة إلى أن يتم العقد.
ثم إنه لا يطالب بالنظر إلى العضو إلا إذا تحقق خروج شيء، فإذا تحقق منه وكان مذيا غسله وغسل ذكره وتوضأ إذا أراد الصلاة، وإذا لم يتحقق من خروج شيء فلا يلفت إلى ما يخيل إليه الشيطان ولا عبرة بحركة العضو؛ لكن لو أحسست برطوبة بعد ثوران الشهوة فلتتحقق من ذلك إذ قد يكون عرقا أو غيره، وإذا لم تحس بنزول شيء فلك أن تتوضأ وتصلي من غير أن تنظر، ولو نظرت ووجدت المذي بعد الصلاة فلتعتبره طارئا بعدها إن أمكن ذلك، ولا تطالب بإعادتها لأن الحدث يضاف إلى أقرب وقت، وإن لم يمكن اعتباره طارئا بعدها بأن كان جافا وقد أنهيت الصلاة قبل وقت قصير لا يمكن أن يجف بعده عادة اعتبر خارجا قبلها، فيجب غسله من ثوبه وما أصاب من بدنه ويغسل ذكره، وقد اختلف أهل العلم في وجوب الإعادة في هذه الحالة من عدمها وراجع لذلك الفتوى رقم: 7931.
ثم إن عليك أن تشغل فكرك بما يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك. أما التفكر فيما يثير الشهوة فلا يزيدك إلا حسرة وضيقا وقلقا. وقد ذكر بعض العلماء أن الفكر في محاسن الأجنبيات محرم فليجتنب ذلك، ثم إنك لا تطالب بالبحث والتفتيش في الملابس؛ بل إن ذلك تنطع في الدين واسترسال مع الوسوسة وهما أمران يجب الكف عنهما، فإذا وجدت بعد النوم في الملابس ما تعتقده منيا وجب عليك الغسل، وكذ إن شككت في كونه منيا أو مذيا عند بعض أهل العلم وجب عليك الغسل، ولا يشترط الشعور بتدفق المني ولا بخروجه أثناء النوم بل إن الغسل يجب بوجوده، ومن أهل العلم من يخير من شك في كون الخارج منيا أو مذيا بين أن يجعله منياً فيغتسل، أو مذياً فيغسل ذكره ويتوضأ، وهذا مذهب الشافعية وهو الأرفق بالنسبة للموسوس وإذا كان الاحتمال متردداً بين ثلاثة فأكثر: مني، ومذي، وبول -مثلاً- فلا غسل، لأن موجب الغسل ثابت باحتمال واحد، وعدمه ثابت باحتمالين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18112،
مع التنبيه على أن مجرد الاحتلام من غير خروج مني لا يوجب الغسل باتفاق أهل العلم. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 46818، ولبيان الفرق المني والمذي راجع الفتوى رقم: 56944.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/2765)
إذا نظر إلى امرأته أمنى فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وكل ما أنظر إلى زوجتي بعد مدة أرى أن المني قد نزل مني، فماذا أفعل هل أبقى في الحمام أغتسل طوال اليوم أم لا أنظر إلى زوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لا تطالب بعدم النظر إلى ما أحل الله لك ولو ترتب على ذلك خروج المني، وما دام لا يخرج إلا عند النظر فمعنى ذلك أنه لا يعتبر سلساً معتبراً شرعاً، فالسلس الذي يرفع حكم الناقض عند من يقول به مقيد بما إذا لم يمكن رفعه بزواج ونحوه، والنظر يمكن التحكم فيه عادة، وعلى هذا فإذا أردت السلامة من الغسل فلك أن تتجنب ما يسببه، وإن نظرت ونزل المني وجب عليك ما يجب على الجنب حتى تغتسل، فيجب عليك الامتناع عن الصلاة ومس المصحف وغير ذلك مما تشترط له الطهارة من الحدث الأكبر قبل الاغتسال، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 75637، والفتوى رقم: 41812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(11/2766)
الودي يخرج في الغالب بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب يخرج مني منذ سنوات سائل أبيض عند الغائط، ليس فيه رائحة المني، لا بدفق، ولا يعقبه فتور، وحكمت عليه حكم الودي، وقد قرأت الفرق بين المني والودي والمذي، ولكن قلقت لما قرأت الفتوى رقم41896 حول أحكام المبتلى بسلس المني، فهل حكمي صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا السائل يخرج من الذكر فالظاهر أنه ودي، والودي هو سائل أبيض خاثر يخرج بعد البول غالباً، وأحياناً يخرج قبله، وحكمه أنه نجس يجب منه ما يجب من البول وهو الوضوء، وليس الغسل ولا يعتبر سلساً إذا لم يلازم خروجه كل الوقت أو جله، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 19559، والفتوى رقم: 22308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(11/2767)
حكم خروج المني في اليقظة بدون شهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أحتلم ولكن يخرج مني سائل يشبه المني وهذا دون شهوة وفي أي وقت كان، أسألكم أجاركم الله هل تجب الطهارة الكبرى في هذه الحال.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا يجب الغسل من هذا السائل لأنه إذا كان منيا فإن خروج المني في اليقظة بدون شهوة لا يوجب الغسل على قول الجمهور، وهو الراجح، خلافا للشافعية الذين يرون وجوب الغسل من المني، سواء خرج بشهوة أو بدون شهوة، وإن كان غير مني لم يجب منه الغسل من باب أولى، لكنه ينقض الوضوء على كل حال، ويغسل ما أصاب منه البدن والثياب استحبابا إن كان منيا بناء على القول الراجح من أن المني طاهر، ووجوبا إن كان غير مني، وهذا هو الاحتياط هنا.
ولبيان الفرق بين المني وغيره وما يترتب على خروج ذلك. تراجع الفتوى رقم: 34363، والفتوى رقم: 35657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(11/2768)
هل يأثم من أمنى ثم قام فجلست مكانه امرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت جالسا فخرج مني الماء الدافق بكميات كبيرة فلما قمت وذهبت جاءت أنثى وجلست مكاني فهل علي وزر؟ وما الواجب علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما نزل منك لم يتجاوز ملابسك أي لم يصل منه شيء إلى المكان الذي كنت جالسا فيه فلا حرج في أن تجلس امرأة أو غيرها في ذلك المكان. وإن كان المكان الذي كنت جالسا فيه قد أصيب بالمني فقد كان عليك أن تنصح تلك المرأة بعدم الجلوس في ذلك المكان لأنه مكان مستقذر ولئلا يصيبها منه شيء أيضا إن كان ذلك يحصل عادة.
أما من ناحية الإثم فالظاهر أنه لا إثم عليك في عدم تنبيهك على هذا الأمر؛ لأنه ليس فيه ضرر محقق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(11/2769)
الشك في إصابة البدن بالمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت فى يوم من الأيام أصابني مذي وكنت قد خلعت ملابسي للدخول إلى الاغتسال فأحسست أن هناك شيئا قد نزل على قدمي، ولكني لم أكن متأكدا فوسوس لي الشيطان أن هناك أيضا ما تناثر على الأرض أردت أن أحارب الشيطان حتى لا يوقعني فى الوسواس مع أني كان بإمكاني تطهير ذلك، ولكني لم أتيقن فقلت لن أفعل شيئا، وقد قرأت لفضيلتكم أن هناك من النجاسة ما يعفى عنه وهو ما كان قدرا معينا ولرأي بعض العلماء أنه لا يجب تطهيره فأردت أن أعمل بهذا لأني لست متأكدا وأيضا أكون قد أخذت بأحد الآراء وكنت أعيش مع أصحابي فى ذلك السكن وقد أحرجت أن أفعل شيئاً في المكان الذي شككت أن به مذياً وجاء أصدقائي وأنبتني نفسي فى أن ذلك ضرر للمسلم، ولكني كنت أشك ولم أتيقن ولكن أردت منه أن يلبس علي لأنه من الممكن أن يكون وقع على قدمي فقط وأيضا لست متأكدا.
فما رأي فضيلتكم في ذلك خاصة وأنه يلبس علي كثيرا في أمور مشابهة، فأرجو الرأي الصواب في ذلك حتى أقيس عليه بقية أموري؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المذي نجس وناقض للوضوء، ومن شك في إصابة المذي لبدنه أو لمكان معين من الأرض فلا يلزمه غسله لأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يثبت عكسها، فاحذر من أن يجرك الشيطان إلى الوسواس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي نجس وناقض للوضوء ويترتب على خروجه وجوب غسل الذكر فقط على الراجح، وقال بعض أهل العلم بوجوب غسل الأنثيين أيضاً، فمن فعل ذلك فقد أحسن، وراجع الفتوى رقم: 9170.
وما نزل على قدمك إذا لم تتحقق من كونه مذياً فلا يلزمك غسله، كما لا تتنجس الأرض بمجرد الشك في إصابتها بمذي ونحوه من النجاسات فالأصل طهارتها حتى تثبت النجاسة، وراجع الفتوى رقم: 49637.
وبالتالي فلا حرج عليك أنت وزملاؤك في استغلال ذلك المكان المشكوك في نجاسته والانتفاع به، وما يعفى عنه من النجاسة مختلف فيه بين أهل العلم، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 50760.
وننصحك بالكف عما تجده من وساوس وشكوك فأهم علاج لها هو الالتفات إليها لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وتمكنها، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/2770)
صفات مني الرجل والمرأة والعوارض التي تطرأ عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فأيهما سبق كان الشبه) .
السؤال في هذا الحديث تحديد تام فهل الاختلاف عن هذا التحديد في الحياة دليل على وجود خلل ما؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
ماء الرجل غليظ أبيض يخرج بشهوة وتدفق مع حصول فتور بعده -هذا في الغالب- ومع اعتدال المزاج، وقد تتغير بعض هذه الصفات لمرض فيصير أصفر رقيقا، أو لكثرة جماع فيكون أحمر. وماء المرأة أصفر رقيق، وقد يتحول أبيض لفضل قوتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه ولفظه: إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه.
وقد اشتمل الحديث على صفات مني الرجل والمرأة التي يتصفان بها غالبا، وفي حال اعتدال المزاج، وقد تتغير بعض تلك الصفات لمرض ونحوه من العوارض التي ذكرها الإمام النووي في صحيح مسلم قائلا:
هذا أصل عظيم في بيان صفة المني وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، وإذا خرج استعقب خروجه فتورا ورائحة كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، وقيل تشبه رائحته رائحة الفصيل، وقيل إذا يبس كان رائحته كرائحة البول، فهذه صفاته وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يستقل بكونه منيا، وذلك بأن يمرض فيصير منيه رقيقا أصفر، أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة، أو يستكثر من الجماع فيحمر ويصير كماء اللحم وربما خرج دما غبيطا، وإذا خرج المني أحمر فهو طاهر موجب للغسل كما لو كان أبيض. ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيا ثلاث: أحدها: الخروج بشهوة مع الفتور عقبه. والثانية: الرائحة التي شبه الطلع كما سبق. الثالث: الخروج بزريق ودفق ودفعات. وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيا، وغلب على الظن كونه ليس منيا، هذا كله في مني الرجل. وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما: إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل. والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. قالوا: ويجب الغسل بخروج المني بأي صفة وحال كان. والله أعلم. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(11/2771)
خروج المني بغير لذة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان عندما أذهب للحمام تخرج بعض نقاط وكتل من المني، لا أعرف إذا كان هذا أمرا طبيا يحتاج إلى علاج، وهل يسبب الجنابة وتجب الطهارة منه لأنه يشكل عندي شكا في أمور الطهارة. أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
خروج المني بلذة يوجب غسل الجنابة، فإن خرج بدون لذة فقد اختلف الفقهاء هل يوجب الغسل أم لا، والقول بعدم وجوب الغسل هو قول الأكثرين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان خروج المني تصاحبه لذة فإنه أمر معتاد ويجب منه الغسل، أما إذا لم تصاحبه لذة فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 43064 أن الراجح أنه لا يوجب الغسل، وانظر الفتوى رقم: 14256 لبيان خلاف الفقهاء في المسألة، هذا ما يتعلق بالحكم الشرعي، أما ما يتعلق بالجانب الطبي فالمرجع فيه إلى الأطباء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/2772)
مواصفات مذي المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا امرأة متزوجة لكني مصابة بالوسوسة وأشعر بشهوة دائما وأحس بنزول شيء مني، لكن لا أعرف هل هي مني أم مذي أم إفرازات مهبلية فكنت أخفف على نفسي كما قلتم فلو شككت في ثلاثة أمور أعتبر شيئا منهم وأبني على حكمه لكن قلتم في فتوى إن المذي يخرج من مكان البول والمني من المهبل ثم ذكرتم في فتوى أخرى أن المني والمذي يخرجان من مكان واحد فأريد أن أعرف بالضبط هل المني والمذي يخرجان من مكان واحد عند المرأة أم المذي من فتحه البول لأني عندما أشعر بشهوة أجد إفرازات عند المهبل وممكن أن تكون إفرازات مهبلية وهل المني لزج (يلزق) مثل المذي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا شكت المرأة في حدث خارج هل هو مني أم مذي أم إفرازات مهبلية فلا يلزمها غسل الجنابة، ومني المرأة أصفر رقيق وقد يكون أبيض لفضل قوتها، ويعرف بالتلذذ عند خروجه وفتور الشهوة عقب خروجه، وكون رائحته كرائحة العجين أو ذكر النخل، أما مذيها فهو أبيض لزج يخرج عند شهوة بدون شهوة ولا يعقبه فتور وربما لا تشعر بخروجه، والمني والمذي يخرجان من مخرج واحد وهو مخرج الولد بالنسبة للمرأة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه، ثم إذا شككت في الخارج هل هو مني أم مذي أم إفرازات مهبلية فلا يجب عليك غسل الجنابة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18112.
ومني المرأة يتميز عن المذي بكونه رقيقاً أصفر وقد يكون أبيض لفضل قوتها وله خاصيتان يعرف بهما:
أولهما: التلذذ بخروجه وفتور الشهوة عقب خروجه.
ثانيهما: أن رائحته كرائحة العجين أو الطلع الذي هو ذكر النخل.
ويتميز مذي المرأة بكونه أبيض رقيقا لزجا يخرج عند الشهوة بدون شهوة ولا يعقبه فتور، وربما لا يشعر بخروجه، وهو في النساء أكثر من الرجال، والمني والمذي يخرجان من مخرج واحد وهو مخرج الولد بالنسبة للمرأة، والخارج عند ثوران الشهوة يغلب أن يكون مذياً الذي من صفاته كونه لزجاً، وهذه صفة تخصه دون المني. وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12356، 58570، 51191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/2773)
مسائل في إفرازات المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاني زوجتي من كثرة الإفرازات المهبلية وتقول إنها لم تحتلم قط فهل يجوز لها الصلاة دون غسل الجنابة علما أن بعد مداعبتي لها تخرج نفس الإفرازات التي تخرج منها دون المداعبة فما حكم صلاتها وهل الإفرازات تؤثر على طهارتها الكبرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجده هذه المرأة من إفرازات لا تصاحبها شهوة ولا يخالطها دم فلا يجب منه غسل لأن الظاهر أنها إفرازات عادية وليست منيا. وقد بينا صفات مني المرأة في الفتوى رقم: 67493، فلتراجع.
وهذه الإفرازات تنقض الوضوء، وقد اختلف الفقهاء في طهارتها من عدمها؛ فمنهم من يرى نجاستها إطلاقا، ومنهم من يفرق بين الخارج من الرحم والخارج من مخرج البول، فيعتبر الأول طاهرا والآخر نجسا كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 51282.
ومحل كونها تنقض الوضوء ما لم تصل إلى حد السلس؛ وإلا فإن لصاحب السلس حكما خاصا به في الطهارة للصلاة، ولبيان ذلك كله تراجع الفتوى رقم: 93433.
أما ما تجده مصاحبا للشهوة فإن كان منيا لزم منه الغسل، وإن كان مذيا لم يجب منه الغسل؛ لكن يجب منه تطهير الثياب والبدن، كما ينقض الوضوء أيضا. ولبيان مواصفات المني والمذي يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 67493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/2774)
الإفرازات المهبلية هل توجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[تشكو زوجتي من كثرة إفرازاتها المهبلية وتقول إنها لم تغتسل قط غسل الجنابة الا بعد انتهاء دورات حيضها وأنها لم تحتلم يوما قط وحتى أثناء مداعبتي لها فما مشكلتها وكيف نفرق بين إفرازاتها المهبلية العادية وإفرازاتها بعد المداعبة وهل يجب عليها غسل الجنابة بعد كل إفراز حتى بدون المداعبة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإفرزات المهبلية الخارجة من الرحم طهارتُها محل خلاف بين أهل العلم، والاحتياط الأخذ بالقول بنجاستها خروجا من خلاف أهل العلم وهي ناقضة للوضوء ولا توجب غسل الجنابة.
ولهذا الغسل موجبات منها ما يختص وجوبه بالمرأة كانقطاع دم الحيض والنفاس، ومنها ما يشمل الرجل والمرأة كخروج المني يقظة أو مناما وهو ما يسمى بالاحتلام إضافة إلى الجماع مع مغيب الحشفة وهي رأس الذكر، والإفرازات الخارجة عند المداعبة إن كانت على صفة المني فهي موجبة للغسل وإن كانت على صفة المذي فهي نجسة وناقضة للوضوء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإفرازات المهبلية وهي الخارجة من الرحم محل خلاف في بين أهل العلم فهي طاهرة عند البعض نجسة عند البعض الآخر، والاحتياط الأخذ بالقول بنجاستها وغسل ما أصابته من ثوب أو بدن خروجا من خلاف أهل العلم وهي ناقضة للوضوء وراجع الفتوى: 15179.
وهذه الإفرازات لا توجب غسل الجنابة، لكن يجدر تنبيه زوجتك على أن انقطاع دم الحيض ليس هو السبب الوحيد للغسل فهناك أسباب أخرى كالجماع مع مغيب الحشفة وهي رأس الذكر وخروج المني يقظة أو في النوم إضافة إلى انقطاع دم النفاس، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 26425.
والإفرازات الخارجة بعد المداعبة إن كانت على صفة المني فهي موجبة للغسل وإن كانت مذيا فهي نجسة وناقضة للوضوء، والفرق بين المني والمذي والإفرازات المهبلية بالنسبة للمرأة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 6542.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(11/2775)
الاحتلام واستدعاء خروج المني يقظة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفتوى في الاستحلام بذكر مع العلم أنه كان يستحلم بالنساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك الاحتلام وهو ما يكون من المرء أثناء نومه فهذا لا يؤاخذ المرء عليه ولا يأثم إن حصل منه كما بينا في الفتوى رقم: 94807.
واما إن كنت تقصد أنه يفعل ذلك أثناء يقظته عن طريق التفكر في أي شيء يثير شهوته ليفرغها فهذا من الاستمناء وذريعة إلى الوقوع في الفاحشة، وهو لا يجوز كما بينا في الفتوى رقم: 8993، والفتوى رقم: 910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(11/2776)
حكم مس المذي باليد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن استخدام المذي اللزج لإدخال القضيب عند الجماع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هو الأمر الطبيعي، فهذا أوضح من أن يسأل عنه، وقد تكون هذه من حكمة خروج المذي عند المداعبة للزوجة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن من السنة أن يداعب الرجل زوجته قبل الجماع إيناساً وتلطيفاً واستنهاضاً لشهوتها، وإن كنت تقصد استخدام اليد في وضعه فلا ينبغي استخدامها في ذلك لما فيه من ملابسة النجاسة لغير حاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(11/2777)
مسائل في نجاسة المذي وكيفية تطهير ما أصابه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن اسأل عن الفتوى رقم 50657 بعنوان كيفية تطهير المذي: ذكرتم فى الفتوى أن المذي يلزم بسببه غسل الذكر والوضوء، وقيل يجب منه غسل الذكر والأنثيين والوضوء. الملابس تكون ملاصقة للذكر وبالتالى خروج المذى يصيب الملابس معنى ذلك لا يوجد خلاف أن الصحيح هو وجوب غسل الذكر كله والأنثيين والمنطقة المحيطة من الفخذين ونضح الملابس، بالنسبة لي توجد مشقة كبيرة لأني أبول كثيراً حوالي عشر مرات فى اليوم وبعد ذلك تخرج قطرات صغيرة من البول بشكل شبه مستمر (سلس البول) معنى ذلك يجب غسل الذكر حوالي عشر مرات، غسل الذكر يؤدي إلى سقوط بعض قطرات الماء المتنجس على الملابس ونزع الملابس فيه مشقة ويؤدي إلى تنجيسها لأرضية الحمام وخروج المذي أيضا يحتاج لطهارة الملابس أيضا، لطهارة البول والمذي قبل الوضوء أنا أستعمل المناديل الجافة للطهارة أمسح رأس القضيب ولو سقطت بعض نقط البول على كيس الخصيتين أمسحهم أيضا بنفس المنديل ولا أغسل الأنثيين ولا أنضح الثوب بالماء لأن الماء يجعل الملابس رطبة لا أرتاح فيها أو الرطوبة قد تؤدي إلى خروج البول كذلك لا أرش الملابس بالماء (لا أنضح الملابس بالماء) لأن الملابس الداخلية تمتص النجاسة وتمنع نشرها ورش الملابس بالماء ينشر النجاسة كذلك إذا رأى الناس شخصا نضح ثوبه سوف يعتقدون أنه بال على نفسه، أنا صليت سنوات طويلة بهذه الطريقة هل يصح هذا درءاً للمشقة، إذا كان لا يصح هل يمكن العمل بأحد الرأيين الموجودين بالفتوى رقم:70865، حكم إزالة النجاسة في المذهب المالكي: 70865، يعيد الصلاة فقط في الوقت من صلى بالنجاسة ولا يعيد إذا خرج الوقت وبالتالي يمكن الأخذ بهذا القول ولا إعادة مطلوبة مني، وهل يكفى الاستنجاء بهذه الطريقة فى الصلوات القادمة إن شاء الله درءاً للمشقة، المذي لا يمكن الاحتراز منه أثناء المشي في الشارع أو مشاهدة التلفزيون يوجد نساء النظر إليهم ولو عن غير قصد يمكن أن يخرج المذي أو أثناءالنوم يمكن أن يخرج المذي قد يشعر وأحيانا لا يشعر الشخص بخروج مذي، طهارة المذي والبول لشخص يبول كثيراً وصاحب سلس بول شاق ويضيع وقتا كثيرا لا يمكن يا شيخ أن نقضي معظم الوقت في الطهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المذي نجس ويجب غسل ما أصابه من الذكر أو غيره، ولا يلزم غسل ما زاد على ذلك، ويكفي مسح محل البول بالمنديل ونحوه، ولا يجب الغسل بالماء إذا لم ينتشر البول بحيث يعم أكثر الحشفة، ولا يجزئ في نجاسة المذي المسح؛ بل لا بد من الغسل بالماء ومثله البول إذا انتشر بحيث يعم أكثر الحشفة أو يصيب ما عداها، ومن صلى بالنجاسة ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه بناء على ما رجحه بعض أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي نجس ويجب الاستنجاء منه كما يجب غسل ما أصابه من الذكر أو الأنثيين والثياب، ولا يجب غسل جميع الذكر وغسل الأنثيين لمجرد خروج المذي على القول الراجح، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 49490.
ولا يلزم غسل ما زاد على ما أصابه المذي من ثوب أو بدن كالمنطقة المحيطة بالفخذين إذا لم تصبها النجاسة، والنضح واجب عند المالكية في حالة الشك في نجاسة الثوب، ولا يشرع بعد طهارة النجاسة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47661، وإذا كان نزول قطرات البول يتوقف وقتاً يتسع للوضوء والصلاة فهذا ليس بسلس، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66094، وبعد البول يكفي مسح المحل بالمناديل ونحوها إذا لم ينتشر البول كثيراً بحيث يعم أكثر الحشفة، وراجع لذلك الفتوى رقم: 72999.
والماء المتساقط من غسل الذكر للاستنجاء طاهر، وراجع الفتوى رقم: 34305.
ووضع الثياب على أرضية الحمام لا ينجسها إلا إذا وضعت على النجاسة، وإذا كان البول على رأس القضيب فقط فيجزئ فيه المسح بما يزيل النجاسة ولا يتعين الماء، أما ما يسقط من البول على الأنثيين أو غيرهما من البدن فلا يجزئ فيه المسح؛ بل لا بد من الغسل بالماء، وراجع الفتوى رقم: 76869.
وعليه.. فإذا كنت فيما مضى تصلي من غير غسل نجاسة المذي أو البول جاهلاً أو ناسياً فلك الأخذ بما تضمنته الفتوى المذكورة، بل عدم الإعادة مطلقاً قال به طائفة من أهل العلم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع لذلك الفتوى رقم: 67038.
ولا تجزئك طريقة الاستنجاء السابقة التي ذكرتها لاشتمالها على الاكتفاء بمسح نجاسة المذي أو البول المتساقط على الخصيتين أو غيرهما، فعليك تعلم أحكام إزالة النجاسة لارتباط صحة الصلاة بها، فتعلم فروض العين واجب على المسلم العاقل المكلف، وراجع الفتوى رقم: 59220.
ومن الجدير التنبيه عليه عدم تتبع الوساوس والاسترسال فيها لأن ذلك سبب لتمكنها، فأفضل علاج لها هو عدم الالتفات إليها، وراجع فيه الفتوى رقم: 97291، والواجب على المسلم غض بصره عن كل ما يحرم النظر إليه سواء كان في التليفزيون أو غيره، وراجع الفتوى رقم: 26418، والفتوى رقم: 26644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1428(11/2778)
خروج الودي يوجب الاستنجاء والوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي سائل يلازم ذكري لزج وشفاف ويخرج قبل البول وبعده أكرمكم الله عندما يضغط علي البول ويخرج أيضا عند الانتهاء من البول ويخرج أيضا تقريبا دائما بعد الانتهاء من صلاة الفجر ومرات عندما أصلي الفجر أجده قد خرج، فهل يجب علي أن أعيد الصلاة أم لا، مع العلم بأنه لدي مشقة في الوضوء والصلاة بسبب الوسواس وأنا عندما أبول أكرمكم الله أنتظر حوالي 25 دقيقة كي أتطهر من البول وذلك أن البول يستمر في الخروج بعد مدة من بولي بقطرات صغيرة وتقريبا يخرج معه ذلك السائل، فأرجو الإجابة الشافية والوافية الموافقة لحالتي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الحاصل أن خروج الودي يوجب الاستنجاء والوضوء، وإن اطلع عليه بعد الصلاة اعتبر خارجاً بعدها إن أمكن ذلك ولا تجب الإعادة، لأن الحدث يضاف إلى أقرب وقت ممكن، فإن لم يمكن اعتباره خارجاً بعد الصلاة لقرينة دلت على ذلك وجبت الإعادة، ومثل الودي في ذلك كل خارج من السبيلين إلا الريح ففيه الوضوء ولا يستنجى منه، والمني ففيه الغسل ولا يجب الاستنجاء منه، ومن ناحية أخرى فلا تنبغي المبالغة في الاستبراء بحيث يصل الأمر إلى حد الوسوسة، فإن علم الشخص أو ظن أنه لم يبق شيء في المجرى يخاف خروجه استنجى ونضح فرجه وسراويله قطعاً للوسوسة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو من مواصفات ما يجده الأخ السائل قبل البول وبعده وفي أوقات أخرى أنه ودي يجب منه الاستنجاء والوضوء فقط، فإن اطلع عليه بعد الصلاة بوقت يمكن أن يحمل فيه على أنه خرج بعدها وجب حمله على ذلك واعتباره خارجاً بعد الصلاة، لأن الحدث يضاف إلى أقرب وقت ممكن، وبالتالي فلا تجب إعادة الصلاة وإنما يجب الاستنجاء كما تقدم، وأما إذا لم يمكن حمله على ذلك لوجود قرينة تدل على أنه خرج قبل الصلاة أو أثناءها بأن اطلع عليه بعد الصلاة مباشرة ناشفاً مثلاً فتجب الإعادة بعد الاستنجاء والوضوء، هذا كله إذا كان نزول هذا السائل أمراً محققاً أو مظنوناً ظناً قوياً، أما إن كان مجرد شكوك ووساوس فلا يلتفت إليه، ويجب الإعراض عنه والالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به من شره، وفيما يتعلق بالاستبراء والبطء فيه فإن ذلك يختلف من شخص لآخر، لكن لا ينبغي أن يبالغ الشخص في الاستبراء بحيث يصير موسوساً، فإذا ظن أو تيقن أن البول مثلاً انقطع ولم يبق شيء متهيئ للخروج فيكفيه ذلك وإن شاء فلينضح فرجه وسراويله بالماء لقطع الطريق على الوسوسة.
قال النووي في المجموع: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس، والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شيء يخاف خروجه، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكرره، ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا، وينبغي لكل أحد ألا ينتهي إلى حد الوسوسة. انتهى كلامه.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19559، والفتوى رقم: 38074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(11/2779)
لا بد من غسل الملابس بالماء من البول ولا يكفي مسحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكلة وهي بعد البول تخرج مني قطرات إما من البول أو سائل أبيض ربما مني لذا أجد صعوبة ومشقة في إعادة الوضوء فمثلا أبقى برهة من الزمن أراقب نزول البول فمثلا عندما أكتشف نزول البول بعد الوضوء لا أقوم بإبدال ملبسي الداخلي فقط أمسحه بالماء، دلوني جزاكم الله أنا أخاف أن يكون وضوئي غير كامل، علما بأن الحالة تلازمني منذ سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في السؤال غموضاً وعلى كل حال فإذا كان نزول هذه القطرات متيقناً وكانت من البول وجب غسلها وغسل ما أصابته من الملابس والبدن، وكذلك الحكم إن كانت من الودي واحتماله هنا أقوى من كونها مذياً أو منياً بدليل أن الودي هو الذي يخرج بعد البول غالباً، وهو ماء أبيض خاثر ولا علاقة له بالشهوة، وحكمه حكم البول. وإن كانت من المذي وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند الشهوة فيجب منه غسل الذكر كله، إضافة إلى ما يجب من البول والودي والجميع ناقض للوضوء ولا يوجب الغسل، وإن كان منياً وهو احتمال مستبعد وجب غسل جميع البدن، ومن صفته أنه يخرج غالباً بشهوة وتلذذ، وقد يخرج بتدفق وقوة، وبعد خروجه يشعر صاحبه باسترخاء وفتور، وله رائحة كرائحة طلع النخل أو العجين.
وننبه هنا إلى وجوب غسل أو تغيير الملابس المصابة بالبول أو غيره إذا لم يكن منياً ولا يكفي مجرد المسح، فإن كان منياً فإن المني طاهر على الراجح ولا يجب غسله لكن يستحب فقط، فإن لم يغير الملابس المصابة بالبول وما في حكمه وصلى بها قبل غسلها عالماً بطلت الصلاة ووجبت إعادتها، أما إذا كان نزول هذه القطرات مشكوكاً فيه أو كان مجرد وساوس فلا عبرة به ولا حكم له، ويجب الإعراض عن تلك الوساوس، كما أن من علاج ذلك أيضاً نضح الفرج وما يحاذيه من السراويل بالماء بعد انتهاء الاستنجاء، وللمزيد من التفصيل والفائدة فيما يتعلق بجوانب هذه المسألة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3861، 64005، 41896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(11/2780)
ما ينزل بالعادة السرية هو المني الموجب للغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[في سؤال سابق لي عن موضوع الطهارة والغسل أجابني إخواني مستشارو الشبكة أن المادة التي تنزل نتيجة الإثارة والأفكار الجنسية تدعى المذي، وبأنها لا توجب الغسل وإنما غسل العضو بالإضافة إلى الوضوء، وأن هذه المادة لزجة وذات لون زجاجي أبيض شفاف، وهي تختلف عن تلك المادة التي تنزل بسبب العادة السرية، والتي تكون ذات لون أصفر وتوجب الغسل، ولكن الذي لفت نظري بالموضوع أنني وللأسف أحيانا أخطئ وأرتكب معصية العادة السرية، وبالرغم من حدوث رعشة وارتخاء للجسم بعدها إلا أن المادة التي تنزل هي نفس مادة المذي -أي مادة مخاطية ذات لون أبيض شفاف- ولا أذكر بحياتي أنني شاهدت غير هذا، فما سبب هذا، مع العلم بأنني أعاني من مرض بالرحم وهو أنه طفولي ولا يحوي بطانة بداخله، فهل يمكن أن يكون هذا هو السبب الذي يمنع نزول المني ذي اللون الأصفر الذي يأتي منه الولد أم لا علاقة بين الأمرين، وهل عدم وجود هذا المني لدي يعني عدم قدرتي على الإنجاب، وهل في هذه الحالة يجب علي الغسل بعد العادة السرية بالرغم من اختلاف المادة! ف أرجو منكم الإفادة والتفصيل؛ لأنني قلقة جداً بشأن الطهارة، وبشأن غياب هذه المادة لدي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المني هو ما يخرج غالباً بلذة ويعقبه الارتخاء، وبالنسبة للمرأة يكون أصفر وقد يكون أبيض أيضاً، وعليه فما تجده السائلة عند الممارسة المذكورة مصاحباً للرعشة والارتخاء بعد ذلك فالظاهر أنه مني يجب عليها بسببه الغسل، وإليك التفصيل في ذلك من كلام الفقهاء.
قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: وأما مني المرأة فأصفر رقيق، قال المتولي: وقد يبيض لفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه ولا يعرف إلا بذلك، وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل فعلى هذا له خاصيتان ... إلى أن قال: وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويشترك الرجل والمرأة فيه، قال إمام الحرمين ... وهو أغلب فيهن من الرجال. انتهى بتصرف يسير.
ومن جهة أخرى فلتعلمي أن ممارسة العادة السرية أمر محرم شرعاً واعتداء وتعد لما أحل الله تعالى، قال الله تعالى في وصف المؤمنين المفلحين: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:5-6-7} ، فبين الله تعالى أن من صفات المؤمنين المفلحين حفظهم لفروجهم إلا على زوجاتهم أو ما ملكت أيمانهم، وأن من لم يحفظ فرجه عما سوى ذلك فقد اعتدى وهو ملوم عند الله تعالى، فلذلك يحرم على كل مسلم ومسلمة فعل هذه العادة الخبيثة الضارة، ومن فعل ذلك فعليه أن يتوب إلى الله تعالى، أما ما يتعلق بمرض الرحم والقدرة على الإنجاب أو عدمه فيسأل عنه أهل الاختصاص، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 80856، والفتوى رقم: 3239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(11/2781)
علاج الوسوسة في الإعراض عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج منذ عام مشكلتي هي الشعور الدائم بأن كل شيء أمسكه هو نجس ومصاب بالمني، لقد ضاقت بي الدنيا، فكل شيء أمسكه في يدي أتركه بعدها لأغسل يدي جيداً، فبعد الجماع مع زوجتي أشعر بأن السرير نجس ومفاتيح الإضاءة نجسة وأي شيء ألمسه هو نجس على الرغم من أنني أغسل يدي مباشرة، هل يوجد علاج لحالتي، وهل فعلا كل شيء يصبح نجسا بعد الجماع وكيف أتخلص من هذا الشعور المؤلم، أرجو الرد على نفس البريد وليس بالرقم لأنني لا أعرف طريقة الرقم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفراش لا يتنجس بمجرد حصول الجماع عليه، وكذلك لا يتنجس كل ما تلمسه اليد في هذه الحالة إلا إذا كانت على اليد نجاسة كالمذي أو البول ونحوهما ولمست شيئاً قبل جفافها أو بعد جفافها وكان الملموس رطباً تصل إليه النجاسة بملاقاة اليد، أما إذا لم تكن اليد مصابة بنجس أصلاً أو كانت مصابة بما لا يعتبر نجساً كالمني فلا يتنجس ما مسته، لأن المني طاهر على الراجح، ولا يؤمر بغسله إلا من قبيل الاستحباب والنظافة، ومجرد حصول الجماع لا ينجس الجسم، ومن اعتبر ذلك وأصر على موقفه من اعتبار كل ما تلمسه يده بعد الجماع نجساً بعد أن اطلع على ما ذكر في هذه الفتوى وغيرها مما سنحيل عليه إن شاء الله، فهو متنطع في الدين أو مصاب بالوسوسة، وعليه أن يعرض عن كل ما يخيل إليه من أن كذا وكذا نجس ونحو ذلك مما يخالف الواقع فإن علاج الوسوسة في الإعراض عنها، ولمزيد من الفائدة فيما يتعلق بهذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 51103، والفتوى رقم: 3745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(11/2782)
لا يضر بقاء أثر المني في الثياب بعد الغسل أو الفرك
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يزال المني عن الملابس وكما تعلمون فهو لزج جداً ولقد قرأت أنه من السنة أن يغسل بالماء وهو رطب وأن يفرك وهو ناشف، ولكن هاتان الطريقتان لا تكفيان لإزالته من الملابس فكيف ذلك، مع العلم بأنه يترك أثراً أبيض على الملابس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المني طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم، لكن يستحب غسله إذا كان رطباً وفركه إذا كان يابساً، ومع ذلك فلو لم يزل أثره بالفرك فلا مانع من غسله حتى يذهب بل ينبغي ذلك لأجل الخروج من الخلاف.
أما غسله في حال رطوبته فمن الواضح أنه يذهب الأثر كله، وعلى كل حال فلا يضر بقاء أثر المني سواء كان رطباً أو يابساً بناء على القول بطهارته كما هو الراجح.. ولمزيد من التفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 30210، والفتوى رقم: 17253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(11/2783)
أحكام المبتلى بنزول المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من نزول المني بسرعة فبمجرد أن أذكر رجلا أو أي شيء عن الزواج وغيره ينزل مني المني، فهل يعني هذا أن أجلس في الحمام ليلا نهارا لأغتسل من المني، وصارت هذه الحالة مستمرة منذ علمت أنه يجب الغسل من المني بمجرد نزوله فأصبح هذا الأمر أشبه بعقدة لي في حياتي، وهل المذي يبطل الوضوء فأنا منذ علمت أنه يبطل الوضوء وأنا أفكر فيه بكثرة لدرجة أنني من شدة خوفي من أن ينزل علي أثناء الصلاة فإنه ينزل علي في الصلاة فأفتوني ماذا أفعل فقد وصل بي الأمر إلى أن أكره الصلاة وأبتعد عن قراءة القرآن خوفا من أن يكون عملي باطل ببطلان الوضوء، فأرجوكم أوضحوا لي الأمر، مع العلم بأنني غير متزوجة؟ وجزاكم الله عني وعن المسلمات خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن هناك فروقاً بين المني والمذي، ولا بد أن تهتمي بمعرفة الفروق بينهما لتميزي أحدهما عن الآخر، لأن لكل واحد منهما حكم يختلف عن الآخر، وقد بينا الفوارق بينهما في الفتوى رقم: 50236 فراجعيها.
وإذا تبين لك أنه مني فهو طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم ولكنه موجب للغسل فلا تصح الصلاة قبل الغسل منه، ولكن لو استمر نزوله بحيث لا ينقطع زمناً يكفي للطهارة والصلاة فلا تتمكنين من الصلاة دون أن ينزل منك فإنه يكون سلس مني، وقد بينا حكم التعامل معه في هذه الحالة في الفتوى رقم: 41812.
وإذا تبين لك أنه مذي فهو نجس يجب غسل ما أصابه من الثوب أو البدن والوضوء قبل الصلاة لأنه ناقض للوضوء، ولكن لو استمر معك بحيث لا تتمكنين من الصلاة دون أن ينزل منك فإنك تتطهرين وتصلين ولا يضرك نزوله أثناء الصلاة، ولمزيد الفائدة عن هذا راجعي الفتوى رقم: 12356.
وأخيراً ننصحك بالتسليم لقدر الله تعالى والصبر عليه، ونذكرك بأن بعد العسر يسراً، وأن في الصبر على المكروه خيراً كثيراً، فقد روى البيهقي في القضاء والقدر عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: اعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(11/2784)
من خرج منه ما يشبه المني والمذي ولم يتميز له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة شابة أريد أن أسألكم عن توضيح أحكام المني والودي والمذي. منذ فترة بدأت بالغسل تقريبا كل يوم مرتين أو أكثر وهذا لأني أرى سائلا أصفر رقيقا، وأحيانا يكون لونه قريبا من اللون البني وله رائحة ولكنها ليست قوية جدا وأحيانا لا أعلم هل هو خرج بشهوة أو بدون شهوة ولو كان قد خرج بشهوة لكان بمجرد فكر أو نظر لا أستطيع التحكم فيه وهو دائما يخرج مني حتى من دون أي شهوة لدرجة أني أشك أنه مني، ولقد سمعت أن الودي أصفر اللون فكيف أعلم الفرق؟ وهل هناك فرق بين الشهوة التي تحدث المني وغيرها لأنني أخاف أن الذي يحصل معي ليس بشهوة بل وساوس شيطان يريد أن يكرهني في الصلاة، وما هو معنى فتور الشهوة وكل هذا مع العلم أنني لا أمارس ما يسمى بالعادة السرية أو أي شيء مثل ذلك، أرجو أن تجيبوني بكل تفصيل لأن هذا الأمر قد شق علي كثيرا وبدأت أقضي الكثير من يومي في الحمام وأسرف في الماء وصرت أزعج أهلي كثيرا ولكنني أخاف من أن تكون صلاتي باطلة من غير غسل. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخت السائلة أن تعلم أن الغسل لا يجب عليها بسبب خروج السائل المذكور إلا في حال ما إذا تحققت أنه مني، فإن حصل الشك في كونه منيا أو مذيا فلها أن تأخذ بحكم كونه منيا فتغتسل، أو تأخذ بحكم كونه مذيا فتغسله ولا تطالب بغسل الجنابة، وهذا هو الأرفق بالنسبة للسائلة إذ الظاهر أنها لا تخلو من وسوسة، قال في المهذب في الفقه الشافعي: إِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْمَنِيَّ وَالْمَذْيَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيه: قال النووي في المجموع بعد أن ذكر الخلاف في هذه المسألة: وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِ حُكْمِ الْمَنِيِّ أَوْ الْمَذْيِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْمُصَنِّفِينَ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ فُضَلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ ; لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا مُعَارِضَ لِهَذَا الْأَصْلِ. انتهى.
وقد ذكر أهل العلم أن المني يعرف بأمرين:
أحدهما: أن رائحته تشبه رائحة طلع النخل، الأمر الثاني: وجود اللذة عند خروجه وحصول فتور واسترخاء عقب خروجه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما؛ إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل. والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى.
وأما المذي فقد عرفه الإمام النووي في المجموع بقوله: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى.
والفتور هو الاسترخاء بعد انتهاء اللذة الكبرى التي تصاحب خروج المني غالبا، وعلى هذا فإن كان ما ترينه لا يتصف بصفات المني فلا يجب منه الغسل، وإذا لم يكن منيا فمعنى ذلك أنه مذي أو ودي أو إفرازات، ولا يجب من ذلك كله بالنسبة للمرأة إلا غسل النجاسة والوضوء فقط، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93433، 71749، 41812،
هذا وننصح الأخت السائلة بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال فيها فإن ذلك من عمل الشيطان وعاقبته وخيمة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1428(11/2785)
حكم ما يخرج من ذكر الرجل عند رؤية المناظر المثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد عندي مشكلة هي: أنني عندما أصعد إلى الباص وعندما تجلس فتاة بقربي أو عندما أرى بعض اللقطات على التلفاز مثلا في فيلم أجنبي أو عربي تعرفون الأفلام يكون فيها بعض اللقطات الإباحية مثلا يقبل الرجل المرأة وإلى غير ذلك كل هذا لا أعرف لماذا وكيف يخرج المني من عضوي أو من ذكري ويخرج القليل مثل قطرات البول وعندما أرى مثلا هذه الفتاة تعرفون كيف هو لبس البنات في عالمنا العربي كله إغراء فعندما أراها أشتهيها من أول نظرة وبعدها لا أعير لها أي أهمية، ولكن لا أعرف لماذا المني يخرج من عضوي بدون لمس ذكري أصلاً، صحيح أنا اشتهيها ولكن بعدها لا أعير لها أي أهمية فعندما أرجع للبيت وأريد الصلاة هل في هذه الحالة يجب علي أن أغتسل، أنا أصلي مباشرة بدون غسل لأني أفسرها مع نفسي أقول إنني لم ألمس ذكري أبداً وهذه حالة لا إرادية، فأريد جوابا من عندكم هل هذه الحالة تبطل صلاتي ويجب علي أن أغتسل أم لا؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أخي الكريم أن تحرص على غض البصر وتجنب ما يثير الفتنة، لأن الله تعالى يقول: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} ، ولكن لو حصل ذلك فجأة أو ضرورة فهو معفو عنه لعدم القصد، ولعسر التحرز، وفي صحيح مسلم عن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. وإنما الإثم على من تعمد النظر إلى المحرم أولا، أو استدام النظر إليه. ففي سنن الترمذي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي لا تتبع النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. معنى الحديث: لا تتبع النظرة الأولى نظرة أخرى لأن النظرة الثانية عن قصد واختيار، فهي لذلك محرمة.
وأما ما ينزل عند رؤية تلك المناظر فإما أن يكون منياً، وإما أن يكون مذياً ولا تصح الصلاة إلا بعد الطهارة منهما سواء حصل مس للذكر أم لا فالعبرة بالخارج وليس بمس الذكر، وتختلف طهارة كل واحد عن الآخر، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 22308 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(11/2786)
مسائل في صلاة من خرج منه المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الواجب التبول وبكمية كبيرة بعد مجامعة الزوجة وخروج المني أو بعد الاستحلام، كما أنني لدي شهوة قوية ويخرج مني سائل أبيض شفاف أحيانا لا أشعر به وبعد الصلاة يتبين لي أنه خرج مني شيء معين، فهل أعيد صلاتي أو أشك في ذلك أحيانا أثناء الصلاة، فهل أقطع صلاتي للتأكد من ذلك، وإذا مس الثياب شيئ من هذا السائل، فهل لي أن أنثر عليها الماء عشوائيا أم من الواجب غسل الجزء الذي مسه السائل أم ألبس ثيابا أخرى، أفتوني؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الجنب أن يبول بعد الجماع أو الاحتلام لأنه مخاطب بغسل ما على المخرج من الظاهر ولا يطالب باستخراج ما في الباطن بتبول، وإنما يكفيه أن يغسل مكان الأذى، سواء بال بعد الجنابة أم لا، وللفائدة يراجع ذلك في الفتوى رقم: 8405.
أما السائل الأبيض الذي يخرج بعد الشهوة ولا يشعر به في بعض الأحيان فالظاهر أنه مذي فيجب غسله وغسل الموضع الذي أصابه لأنه نجس، كما يجب غسل الذكر، والوضوء قبل مباشرة ما تشترط له الطهارة من الحدث كالصلاة، فإذا تحقق خروجه أثناء الصلاة بطلت ولزم غسله وغسل الذكر منه وإعادة الوضوء وابتداء الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 12356.
أما إذا وجد بعد انتهاء الصلاة فإن أمكن أن يكون قد خرج بعدها حمل على ذلك ولا تجب إعادتها؛ لأن القاعدة الشرعية تقول (الحدث يضاف إلى أقرب أوقاته) ، وإن لم يمكن ذلك تبين بطلان الصلاة ويلزم إعادتها، ثم إنه لا يجوز قطع الصلاة لأجل التأكد مما شك في خروجه بعد تيقن الطهارة عند غير المالكية على تفصيل عندهم في ذلك، هذا كله إذا كان خروج السائل المذكور متقطعاً، فإن استمر خروجه بحيث لا ينقطع وقتاً يسع الطهارة والصلاة فقد صار سلساً، وقد أوضحنا كيفية طهارة وصلاة صاحب السلس في الفتوى رقم: 58660.
وما يصيب الثياب من هذا السائل أو غيره من النجاسات يجب غسله فإن علم موضعه غسل ذلك الموضع دون سائر الثوب، وإن التبس موضع الإصابة من الثوب وجب غسله كله إذا أريد لباسه في الصلاة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 64477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(11/2787)
خروج المذي لايوجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أصبح جنباً ويجب علي الاغتسال إذا رأيت شيئاً مغرياً وتسبب في إثارتي دون أن ألمس أعضائي الجنسية، مع العلم أنه عند ذهابي إلى الحمام ينزل شيء سائل قبل البول بدون وجود دفق أو لذة، ولكن بسبب اللذة التي كانت أثناء مشاهدتي للأمر المغري، فهل يجب علي الاغتسال أم يكفيني من ذلك الوضوء؟ وتفضلوا بقبول الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 34363 بيان العلامات المميزة لكل من المني والمذي والودي فراجعها، وما ذكرته من كون الخارج لم يخرج بدفق ولا لذة؛ بل بسبب اللذة فهذه صفات منطبقة على المذي، وهو لا يوجب غسل جميع الجسد، لكنه نجس يجب غسل الموضع الذي أصابه من الثوب إضافة إلى كونه ناقضاً للوضوء وموجباً لغسل الذكر فقط، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 9170.
مع التنبيه على ضرورة غض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 43020، والفتوى رقم: 26446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(11/2788)
حكم الإفرازات التي تأتي بعد الطهر وتشبه المني
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لسؤالي السابق رقم (2139929) الذي تساءلتُ فيه عن حكم الإفرازات التي تأتي في منتصف الدورة الشهرية (أي في فترة التبويض كما يسميها الأطباء) ، فإن هذه الإفرازات لا تشبه الحيض إنما تشبه المني في كثرتها وتدفقها وأنا في حيرة من أمري هل في كل مرة أعتبرها منيا فأغتسل، خصوصا بعد استيقاظي من النوم حيث أجد هذه الإفرازات التي تشبه المني لمدة ثلاثة أيام أو أكثر أو أقل، علما بأنها عادة عندي في منتصف كل دورة شهرية، وإن كان يجب علي الاغتسال بعد استيقاظي في هذه الأيام هل أعيد الصلوات التي لم أغتسل لها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قلنا لك في الفتوى السابقة ما نصه: وأما الغسل من الإفرازات فلا يجب لأنها ليست منياً، وقد بينا صفات مني المرأة في الفتوى رقم: 58570، وعليه فإذا استيقظت من النوم ووجدت الخارج منك يتصف بصفات المني فيلزمك الغسل وإلا فلا.
وقولك في سؤالك الجديد عن الإفرازات (تشبه المني) ، يعني أنها تتصف بصفاته التي ذكرناها عن مني المرأة وما دام الأمر كذلك فما رأيت منها بعد الاستيقاظ أو عند اللذة، فعليك بالاغتسال بعد خروجه لأنه مني ولو كثر خروجه، وعليك إعادة الصلوات التي تبين لك أنك صليتها بغير طهارة.
ونؤكد في هذه الفتوى ما فهمناه من الفتوى السابقة وهو أن الإفرازات هذه تأتيك بعد الطهر من الحيض وكان جوابنا مبنياً على هذا الفهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(11/2789)
من مميزات مني المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يقبلني زوجي أحياناً أشعر بالتعب وقد علمت أنني إذا وجدت سائلا بعد هذا التعب فتحديد وجوب الغسل من عدمه يعتمد علي لونه فإن كان أبيض لزجا فهو مذي وإن كان أبيض مصفرا كاللون العاجي فهو مني يوجب الغسل. أرجو منكم إعطائي مثالا للون العاجي المقصود فالكثير من الإفرازات تشبهه وأنا في حيرة من أمري وتعبت نفسيا. وشكراًً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل الخارج منيا فقد وجب الغسل، ومن مميزات مني المرأة كونه أصفر رقيقا، وقد يكون أبيض، وتشعر المرأة بعد خروجه بفتور في شهوتها، ورائحته تشبه رائحة العجين أو طلع النخل؛ كما هو الحال بالنسبة لرائحة مني الرجل، فهذه هي العلامات التي ذكر أهل العلم للمني. وهذا المني طاهر على الراجح وإن كان الأولى غسله؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 1789.
وإن كان الخارج أبيض رقيقا فذلك مذي وهو نجس وناقض للوضوء. وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 80856
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/2790)
مني المرأة إذا توافرت فيه الرائحة دون اللون
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن "مني" المرأة أبيض مصفر ورائحته كالبيض الفاسد، هل لا بد أن تجتمع صفة الرائحة مع اللون لنعلم أنه مني أم يكفي أحدهما وحده؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني من المرأة يتميز بصفات، منها: أن لونه أصفر مع كونه رقيقاً، الإحساس بالشهوة واللذة وقت خروجه، والفتور للشهوة بعد خروجه، وله رائحة كرائحة طلع النخل عندما يكون رطباً، ويكفي في عده منياً حصول علامة من هذه العلامات ولا يشترط جميعها، قال الجلال المحلي رحمه الله في شرح المنهاج: ويعرف بتدفقه أولذة ... بخروجه وإن لم يتدفق لقلته مع فتور الذكر عقب ذلك ... أو ريح عجين رطباً أو بياض بيض جافاً وإن لم يتدفق أو يلتذ به، كأن خرج ما بقي منه بعد الغسل فإن فقدت الصفات المذكورة في الخارج فلا غسل به والمرأة كرجل في أن جنابتها تحصل بما ذكر، وفي أن منيها يعرف بالصفات المذكورة، وقال الإمام الغزالي: لا يعرف منيها إلا بالتلذذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1428(11/2791)
الفرق بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بشيء من الضعف بعد أن يقبلني زوجي ولكن استمتاعي بقبلاته والرغبة في الاستمرار فيها لا يتوقف بعد هذا الضعف أو التعب، فهل إذا وجدت سائلا أبيض بعدها فهذا يعتير منيا أم مذيا، رجاء الإجابة دون إحالتي إلي فتاوي سابقة، أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل الذي ينزل في مثل هذه الحالة غالباً هو المذي وليس المني، وبالتالي فلا يجب منه الغسل وإنما يجب منه غسل الفرج فقط، وهو ناقض للوضوء أيضاً، وقد أوضح أهل العلم الفرق بين المني والمذي وصفات كل واحد منهما، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: وأما مني المرأة فأصفر رقيق، قال المتولي: وقد يبيض لفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه ولا يعرف إلا بذلك، وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل فعلى هذا له خاصيتان ... إلى أن قال: وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه ويشترك الرجل والمرأة فيه، قال إمام الحرمين: وهو أغلب فيهن من الرجال. انتهى بتصرف يسير.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني في الفقه المالكي: وهو أي المذي ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة المعتادة. انتهى.
وبهذا يعرف أن العلامة الفارقة التي يتميز بها المني هو كونه يخرج بتلذذ أي يشعر الإنسان بلذة لخروجه ثم يعقب ذلك فتور للشهوة، أما المذي فإنه يخرج حال اللذة، ولكن لا يتلذذ الشخص بخروجه، وأما اللون فالغالب أن المني من المرأة أصفر كما حكى النووي، ولكنه قد يكون أبيض عند بعض النساء، ومن شك هل الخارج منه مني أو مذي فله أن يتخير بينهما، فإذا جعله منياً وجب عليه الاغتسال وإن جعله مذياً وجب عليه غسله من ثيابه وبدنه ووجب عليه الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(11/2792)
حكم من وجد المذي بعد أداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 17 سنة أعاني من الوسواس في الصلاة حدث معي ذات يوم أن شعرت بأني قد أنزلت (مذيا) ، والمعروف أنه يذهب الوضوء وأنا أشعر به أحيانا فأتفحص نفسي فلا أجد شيئا، وبعد هذا الشعور لم أشأ أن أتفحص نفسي وذهبت لصلاة الجمعة وصليت وأكملت كل صلوات ذلك اليوم بهذا الوضوء وحدث أن أصبت بإثارة وشهوة بعد صلاة العشاء وذهبت إلى الحمام لأجد أن هناك آثار مذي على لباسي وأدركت أنه من المحتمل أنه نزل قبل صلاة الجمعة أو الآن لأني في بداية تبولي نزلت بعض قطرات المذي مني، فماذا أفعل هل أعيد كل الصلوات وأبني على أنه نزل قبل الجمعة أم أبني على أنه نزل بعد العشاء وليس علي شيء، أفيدوني، وماذا أفعل في المستقبل في حالات مشابهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يعافيك من الوسواس، وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 51601 وتأملها ففيه علاج مرضك بإذن الله تعالى.
وأما بخصوص ما سألت عنه فنقول: الأصل المتيقن هو عدم نزول المذي، ولا يلزمك الوضوء إلا إذا تيقنت من نزول المذي ووجدته على ثوبك أو بدنك فيلزمك حينئذ غسل الموضع الذي أصابه لأنه نجس باتفاق أهل العلم رحمهم الله تعالى، والوضوء قبل مباشرة ما تشترط له الطهارة من الحدث كالصلاة.
وأما ما حصل لك يوم الجمعة فإنه لا يلزمك إعادة صلوات ذلك اليوم لأمرين:
الأول: أنك أصبت بالإثارة التي تسبب نزول المذي بعد صلاة العشاء.
الثاني: أن القاعدة الشرعية تقول (الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن) ، وأقرب زمن لنزول المذي هو بعد العشاء، لا سيما مع العلم بحصول الإثارة التي هي سبب نزوله بعد صلاة العشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1428(11/2793)
السائل الذي ينزل بدون أن يشعر به المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تشعر الفتاة بالضرورة بنزول المني منها؟ أي أنها إذا وجدت سائلا أبيض ولم تكن قد شعرت بنزوله أثناء تقبيل زوجها لها فهذا يكون مذيا، أرجو الإجابة علي سؤالي في أقرب وقت، كما أرجو ألا تحيلوني إلى فتاوي سابقة لأني قرأتها ولم أجد الإجابة الواضحة علي سؤالي؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المني هو السائل الذي يخرج عند الشهوة الكبرى بتدفق ويعقبه فتور، ولا يمكن عادة أن يخرج بدون شعور إلا إذا كان الشخص نائماً فربما خرج من غير شعور، ويجب منه الغسل، لقوله تعالى: وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ {المائدة:6} ، وهو بالنسبة للمرأة أصفر رقيق، وقد يكون أبيض.
أما المذي فيمكن أن يخرج من غير شعور، وهو كما وصفه أهل العلم ماء أبيض رقيق لزج شفاف يخرج عند الشهوة الصغرى لا بدفق، ولا يأتي بعده فتور، وربما لا يحس الإنسان بخروجه، والواجب غسله والوضوء منه ولا يجب منه الغسل، لحديث علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: فيه الوضوء. متفق عليه، واللفظ للبخاري، قال النووي في المجموع: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى.
وعلى هذا فإذا وجدت الفتاة أو غيرها ما ذكر في السؤال عند حصول الشهوة الصغرى فإنه يعتبر مذياً يجب غسله، وينقض الوضوء سواء خرج بعد الشهوة أو أثناءها ولو لم تشعر بخروجه، وننبه هنا إلى أن الشهوة الصغرى التي تسبب خروج المذي هي التي تنشأ غالباً عن مقدمات الجماع أو النظر أو التفكر فيما يثير الغريزة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1428(11/2794)
يكفي وضوء واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن الطهارة من المذي يكفيها الوضوء فقط دون الغسل.. لكن سؤالي: أنه في حال كان قد نزل قطرات من المذي ثم أردت القيام للصلاة (هل أتوضأ وضوءاً متتابعاً الأول للطهارة من المذي والثاني وضوء عادي) أم يكفي وضوء واحد للطهارة وللصلاة، فأرجو إرشادي للفعل الصحيح؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي ناقض للوضوء باتفاق أهل العلم رحمهم الله تعالى وقولهم: المذي يوجب الوضوء.
أي عند إرادة مزاولة ما تشترط له الطهارة من الحدث الأصغر كالصلاة ومس المصحف، فإذا توضأ من خرج منه المذي بهذه النية أي بنية فعل ما لا يفعل إلا بطهارة كالصلاة ومس المصحف أو بنية رفع الحدث، فقد ارتفع حدثه ولا يطالب بوضوء ثان، فإن صلى بهذا الوضوء ثم أراد أن يصلي صلاة أخرى يستحب تجديد الوضوء ولا يجب. وراجع للمزيد الفائدة الفتوى رقم: 48862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(11/2795)
حكم من يخرج من المني عندما يتوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أعاني من مشكلة تحول دون أدائي للفرائض ودون ممارسة حياة طبيعية فالرجاء إسداء النصيحة. مشكلتي تتمثل في أنني يحصل لي خروج للمني عندما أتوتر. والتوتر يصاحبني عند قضاء أغلب شؤوني. بما في ذلك الصلاة والوضوء. وقد بلغت بي الحالة إلى أنه عندما تأتيني كوابيس يخرج المني على أثرها من شدة التوتر. في هذه الكوبيس أكرر الوضوء والصلاة عدة مرات وكل مرة أنقض الوضوء. عند تكرر هذه العملية عدة مرات أتوتر ثم أستيقظ وقد أمنيت (مع العلم أني في اليقظة أنقض الوضوء كثيرا) . هذه الكوابيس تهز من ثقتي في نفسي وتشككني حتى في قدرتي على الزواج وتنفرني من الصلاة. هل ما يصيبني وسوسة من الشيطان وهل من نصيحة لتجاوز هذا المشكل؟
شكرا وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحققت نزول المني في اليقظة بشهوة أو خرج في النوم فقد وجب عليك الغسل، سواء نجم ذلك عن توتر أو غيره ما لم يصل نزوله في اليقظة إلى حد السلس، فإن وصل إلى حده بأن لازم كل الوقت أو جله فإنه يعتبر سلسا، وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 41896 كلام أهل العلم فيما يفعل من ابتلي بسلس المني بغض النظر عن كونه بشهوة أم لا، أما خروجه من غير السلس في اليقظة بدون لذة فلا يجب منه الغسل عند جماهير العلماء، ولكن ينقض الوضوء، ويرى الشافعية ومن وافقهم أنه يوجب الغسل إذ لا يشترطون لإيجاب الغسل بسبب خروج المني حصول اللذة.
ثم إن الغالب أن الكوابيس إنما تأتي في حال النوم وقد سبق علاجها في الفتوى رقم: 4179، والفتوى رقم: 11014، أما إتيانها في اليقظة فهو أمر غير عادي فإن حصل ذلك فيمكن طردها وعلاجها بما ذكر في الفتويين المشار إليهما، ولو عرض الأخ السائل نفسه على شخص من أهل الثقة والصلاح الذين يرقون بالكتاب والسنة فلا بأس بذلك لعل الله يجعل شفاءه على يده، كما ننصحه بعدم الانصياع للوسوسة والتخيلات التي تجعله يكرر الوضوء والصلاة أكثر من مرة لسبب قد لا يكون ناقضا، فإن الاسترسال معها والانصياع لها لا يزيدها إلا تفاقما وتمكناً، وبالالتجاء إلى الله تعالى والإعراض عنها مع ملازمة أذكار الصباح والمساء وقراءة المعوذتين يحصل الشفاء بإذن الله تعالى.
وخلاصة القول أنه إذا لم يكن مصابا بالسلس وتوضأ ثم صلى فلا داعي لإعادة الوضوء والصلاة مرة أخرى ما لم ينتقض الوضوء قبل الصلاة أو أثناءها بأمر محقق، بل إن الإعادة هنا من التنطع في الدين. وإن كان مصابا بالسلس وهو استمرار الحدث على الشخص جل الوقت أو كله بحيث لا يتمكن من ضبط طهارته فقد سبق في الفتوى رقم: 9346، والفتوى رقم: 12198، بيان كيفية طهارة وصلاة صاحب السلس.
وليعلم أنه ليس هناك شيء يبرر ترك الصلاة ولا النفور منها ما دام المرء يتمتع بعقله، فليثق بالله تعالى وليتوكل عليه وليكثر من ذكره ومن الأعمال الصالحة مما يزيد في إيمانه ويبعده عن التوتر والوسواس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(11/2796)
توضيح مسألة قياس المصاب بسلس المذي على المستحاضة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لماذا قاس الفقهاء أحكام السلس على أحكام الاستحاضة، فهل قاس الصحابة سلس البول أو الريح على ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمستحاضة؟ أم أنهم عملوا بأن السلس من الأمور المسكوت عنها رحمة من الله وبالتالي السلس غير ناقض وهو أحد آراء الإمام مالك بأن السلس عموما غير ناقض ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية، الوحيد من الصحابة الذى سأل عن السلس كما عرفت هو علي بن أبى طالب عندما طلب من فاطمة أن تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن المذي قال صلى الله عليه وسلم يغسل ذكره ويتوضأ ولم يقل لوقت كل صلاة أي لم يقس الرسول صلى الله عليه وسلم أحكام المذي على الاستحاضة لماذا لا يكون الرأي الراجح أن السلس مسكوت عنه رحمة بالأمة وما يخرج طبيعيا هو فقط الناقض للطهارة؟ وجزاكم الله خيرا على الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي أمره علي رضي الله عنه أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المذي هو المقداد وليس فاطمة رضي الله عنها، ففي الصحيحين وغيرهما عن علي قال: كنت رجلا مذاء فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: توضأ واغسل ذكرك. وهذا الرجل هو المقداد كما صرحت بذلك بعض روايات الحديث.
ثم إن معنى الحديث المذكور هو الأمر بالوضوء وغسل الذكر من خروج المذي، وليس الغسل كما كان علي رضي الله عنه يظن، ففي بعض روايات الحديث عنه رضي الله عنه أنه قال: كنت رجلاً مذاء فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، إذا رأيت المذي.. إلى آخر الحديث.
وقد أوضح أهل العلم أنه إذا كثر خروج المذي بحيث يصل إلى حد السلس فإنه يصير مثل غيره من الأحداث، قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد عند كلامه على حديث علي الآنف الذكر: هذا حديث مجتمع على صحته لا يختلف أهل العلم فيه ولا في القول به، والمذي عند جميعهم يوجب الوضوء ما لم يكن خارجاً عن علة أبردة وزمانة، فإن كان كذلك فهو أيضاً كالبول عند جميعهم، فإن كان سلساً لا ينقطع فحكمه كحكم سلس البول عند جميعهم أيضاً؛ إلا أن طائفة توجب الوضوء على من كانت هذه حاله لكل صلاة قياساً على الاستحاضة عندهم، وطائفة تستحبه ولا توجبه. انتهى.
ولا يلزم من كون الرجل مذاء أن يصل إلى حالة السلس، فالسلس هو الحدث الملازم الوقت كله أو أكثره أو نحو ذلك مما يشق معه إعطاء حكم الحدث الأصلي من الطهارة أو الوضوء أو نحوهما لهذا الحدث الملازم، فحالة علي رضي الله عنه لم تصل إلى درجة السلس الذي تكلم فيه أهل العلم؛ إذ لو كانت كذلك لما اختلفوا في حكم السلس، لأن الحديث نص في مسألة علي، ولا يسوغ مع النص اختلاف، فالسلس إذاً شيء آخر، وإنما قاس الفقهاء صاحبه على المستحاضة لاتحادهما في نفس العلة والحكم، فكلاهما متصف بنجاسة متصلة خارجة من السبيلين لعلةٍ، والمستحاضة منصوص على حكمها، إذاً فلا فرق بينهما، وهذا ما يسمى بالقياس، وهو أصل من أصول الفقه معمول به في الكثير من المسائل المعللة عند العلماء من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا، وما ألحق بأصل نص الشارع على حكمه لا يعتبر في حكم المسكوت عنه الذي لم نكلف بالبحث عن حكمه، لأنه في حكم المنصوص عليه عند من يرى القياس من أهل العلم وهم الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(11/2797)
ما يلزم من لم يميز بين السائل الخارج من ذكره
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أصبت بشيء لا أعرفه إن كان مرضا أو لا فأحيانا أجد شيئا كسائل أبيض في ملابسي الداخلية ومن ثم أقوم بتنظيفه وبعد ذلك أصلي وأحيانا بعد الصلاة أجده وثم أقوم بتنظيفه. فسألت إمام المسجد فقال لي إنك مصاب بمرض السيلان فلا بأس بهذا وثم قراءة آية من القران الكريم (ليس على المريض حرج) صدق الله العظيم. فما قولكم بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السائل النازل من الذكر يحتمل أن يكون منيا، ويحتمل أن يكون مذيا، ويحتمل أن يكون وديا، ولكل واحد من هذه الثلاثة أوصاف يعرف بها. وقد بيناها في الفتوى رقم: 35657.
وإن لم تميز بينها فلك أن تختار واحدا منها وتقوم بما يترتب عليه من أحكام:
فإن اخترت أنه مذي أو ودي فعليك غسل الذكر وما أصابه من ثوبك وبدنك والوضوء؛ فإن كان خروجه مستمرا بحيث لا يأتي عليك وقت معين ينقطع عنك فيه لفترة تتمكن فيها من الطهارة والصلاة قبل خروج وقتها، فإن حكمك حينئذ حكم من به سلس البول - وقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 5186.
وإن اخترت أنه مني فعليك الغسل، فإن استمر خروجه بحيث صار سلسا فقد بينا أحكام الطهارة منه في الفتوى رقم 41896.
ولك أن تختار ما يدفع عنك المشقة والحرج من هذه الأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(11/2798)
ما يفعل من يخرج منه سائل لم يميز ما هو
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ مدة أشتكي من سيلان سائل لزج من العضو الذكري، هذا الشيء يقلقني جدا حتى أني انقطعت عن الصلاة بسبب الشك في طهارتي طوال اليوم، وصل بي الأمر أني أقوم بالاغتسال الأكبر لعدة مرات في اليوم،
أرجو أن تعطوني توضيحات، هذا الشيء يقلقني جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السائل النازل من الذكر يحتمل أن يكون منيا ويحتمل أن يكون مذيا ويحتمل أن يكون وديا، ولكل واحد من هذه الثلاثة أوصاف يعرف بها، وقد بيناها في الفتوى رقم: 35657.
وإن لم تميز بينها فلك أن تختار واحدا منها وتقوم بما يترتب عليه من أحكام، وعليه فإن اخترت أنه مذي أو ودي فعليك غسل الذكر وما أصابه من ثوبك وبدنك والوضوء، فإن كان خروجه مستمرا بحيث لا يأتي وقت معين ينقطع عنك فيه لفترة تتمكن فيها من الطهارة والصلاة قبل خروج وقتها، فإن حكمك حينئذ حكم من به سلس البول - وقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 5186.
وإن اخترت أنه مني فعليك الغسل، فإن استمر خروجه بحيث صار سلسا فقد بينا أحكام الطهارة منه في الفتوى رقم: 41896.
ولك أن تأخذ بما يدفع عنك المشقة والحرج من هذه الأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/2799)
هل يغتسل كلما استيقظ ووجد رطوبة في ملابسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل لدي وسواس حيث إنني كل يوم عندما أقوم من النوم أجد رطوبة في ملابسي ولا أدري هل هي عرق أم مني، ولهذا أغتسل كل يوم ... سؤالي هو: كيف أعرف أن الذي على ملابسي مني أو غير مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للسائل الكريم إياك أن تسترسل مع الوساوس فإن أفضل علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها؛ لأن تتبعها والاسترسال فيها سبب لتمكنها. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 51601.
وعلى كل حال فما دام الشك هنا دائراً بين أن تكون الرطوبة التي تجدها بعد النوم منياً أو عرقاً أو غيرهما فلا يجب عليك الغسل. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 18112، ولبيان الفرق بين المني والمذي وما يترتب عليهما من الأحكام راجع الفتوى رقم: 35657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(11/2800)
قد تحصل الشهوة ولا يخرج مذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن المذي حيث سمعت من أصدقائي أنه ينزل عندما تكون مع خطيبتك مع أنني خاطب ومقبل على الزواج ولا أشعر بنزول المذي، فهل هناك مشكلة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المذي هو السائل الذي يخرج غالباً عند الشهوة، ويمكن أن تحصل الشهوة ولا يخرج مذي، وليس في هذا مشكلة، إلا أننا ننبه الأخ السائل إلى أن الخطيبة التي لم يعقد عليها لا تزال أجنبية لا تجوز الخلوة بها ولا النظر إليها، لذا فعليه أن يتقي الله تعالى ويتعامل معها في حدود الضوابط الشرعية، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 31276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(11/2801)
نزول المني بعد الصلاة هل يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نزل المني من المرأة بعد الصلاة بساعتين تقريباً فهل تعاد الصلاة أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يتقدم على الصلاة سبب لخروج المني من جماع ونحوه فلا أثر لخروج المني أو غيره من الأحداث على الصلاة التي أديت قبله، وهذا أمر واضح. أما إذا كان سبب خروج المني من جماع ونحوه قد تقدم على الصلاة، فالجواب أن من نزل منه مني فاغتسل وصلى فصلاته صحيحة ولا نعلم قائلاً بوجوب قضاء الصلاة، وإنما اختلف الفقهاء في إعادة الغسل عليه إذا نزل منه مني عن قرب، والراجح أنه يجب عليه أن يعيد الغسل مرة أخرى وقد ذكر الإمام النووي رحمه الله مذاهب العلماء في هذا، فقال: إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه مني -على القرب- بعد غسله لزمه الغسل ثانياً، سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المني أو بعد بوله، هذا مذهبنا نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب، وبه قال الليث وأحمد في رواية عنه.
قال مالك وسفيان الثوري وأبو يوسف وإسحاق بن راهوية: لا غسل مطلقاً، وهي أشهر الروايات، وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعطاء والزهري وغيرهم رضي الله عنهم، وقال أبو حنيفة: إن كان ما بال قبل الغسل ثم خرج المني فلا غسل عليه لأنه بقية المني الذي اغتسل عنه وإلا فيجب الغسل، ثانياً: وهو رواية ثالثة عن أحمد وأبي حنيفة عكس هذا، إن كان بال لم يغتسل، لأنه مني عن غير شهوة وإلا وجب الغسل لأنه عن شهوة. دليلنا عن الجميع قوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. ولم يفرق ولأنه نوع حدث فنقض مطلقاً كالبول والجماع وسائر الأحداث. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(11/2802)
ما يفعله من أحس برطوبة ثم وجد في ثوبه مذيا
[السُّؤَالُ]
ـ[- قبل أن أصلي جماعة مع أحد الأشخاص في مسجد أحسست برطوبة وشككت في خروج مذي أو مني, ولكني لم أخرج من المسجد للتاكد من ذلك, لأنه كثيرا ما يحصل معي مثل هذا وعندما أحاول التأكد لا أجد شيئا, إضافة إلى أني كنت قبل ذلك في الحمام فقلت لعلها من أثر الماء الذي أستخدمته في الاستنجاء, وبعد أن أديت الصلاة وذهبت إلى البيت أردت أن أتأكد فوجدت بقع مذي على ملابسي الداخلية فما حكم صلاتي مع العلم أن البيت لا يبعد إلا مسافة دقيقة أو دقيقتين بالسيارة كما أني رجل مذاء؟
2- يوجد في مسجدنا دورة مياه فيها أماكن للوضوء وأماكن لقضاء الحاجة والبعض هداه الله يدخل دورة المياه حافي القدمين ويتوضأ ثم يدخل المسجد بقدميه فما الحكم في هذا؟ وما حكم صلاتي في هذا المسجد خصوصا أني لا استطيع تمييز الأماكن التي وطأها هؤلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نحذر الأخ السائل من الانجرار وراء وسوسة الشيطان في وسائل الطهارة، وذلك بأن يخيل له الشيطان أنه خرج منه شيء ولم يخرج أو أنه بقي عليه شيء بعد اكتمال الاستنجاء، فهذا كله من وسوسة الشيطان، وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 46818،ماذا يعمل من أصيب بهذا النوع من الوساوس فليراجعها، ولكن ما دام في هذه المسألة قد وجد في ثوبه أثر المذي بعد فترة وجيزة من حصول التردد في الرطوبة المذكورة فإن هذا يدل على أن الرطوبة التي أحس بها كانت مذيا وقد صلى متلبسا به، وعليه أن يغسل ما أصابه من المذي من بدنه وثوبه ويغسل ذكره ويتوضأ ويعيد الصلاة لأنه تبين أنه صلى بغير وضوء وليراجع الفتوى رقم: 49490، أما بخصوص السؤال الثاني فإن أرجل هؤلاء الذين يتوضؤون ويخرجون إلى المسجد حفاة لها حكم الطهارة، والأماكن التي يطؤونها من المسجد باقية على طهارتها، بل إن اعتبارها غير طاهرة للسبب المذكور من التنطع في الدين، فمن القواعد المعروفة عند الفقهاء أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يحصل اليقين بنجاستها. قال النووي في شرحه لصحيح مسلم بعد ذكره لحديث الرجل الذي يشك في حصول الحدث في الصلاة: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(11/2803)
احكام الاحتلام والجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن المعنى الدقيق للاحتلام، وما هو السن الطبيعي لحدوثه سواء للفتاة أو الشاب وهل تكرار حدوثه يدل علي شيء ما في الفتاة -أي إن هذه الفتاة لديها رغبة- وهل الاحتلام يحدث بإرادة من الشخص أم بغير علمه وإرادته، وما معنى القول إذا رأى الشخص شيئاً في منامه هل تقصدون بالرؤيا أي التخيل من قبل الشخصي وإذا كان هذا هو معنى الرؤيا الخيال الجنسي، فما الفرق بين الاحتلام والعاده السيئة حيث إنني قرأت رسالة لأخت تصغرني بثلاث سنوات كانت تود إرسالها لمفتي وهذا نصها.. تقول فيها منذ أن علمت بالجنابة والاحتلام وأنا تقريبا أغتسل كل يوم حيث إنني إذا رأيت شيئا أشعر، وكأنني أنزل ثم أغتسل وكذلك الاحتلام لو رأيت شيئاً لا أعلم ما الذي تقصده بقولها إذا رأيت شيئاً، ولو كان تافها أغتسل فور ما أستيقظ وأحيانا أغتسل بعد الاستيقاظ من النوم ولو لم أر شيئاً مخافه أن أكون رأيت شيئاً ونسيته حيث إنه قيل لي إذا رأيتِ الماء في الملابس الداخلية يجب عليك الاغتسال، سؤالها تقول متى يجب علي الاغتسال، وكيف أتجنب حدوث الاحتلام في النوم؟
انتهت رسالتها..
علما بأن أختي هذه محافظه نوعا ما ونحن عائلة لا تقتني القنوات الفضائية وليس لديها أي محفزات لحدوث الاحتلام، فسؤالي ما الفرق بين الاحتلام والعادة السيئة، وما الذي يدل عليه حدوثه بكثرة لدى الفتاة، وهل خروج الماء من الفتاة بدون احتلام هكذا في أي وقت حيث يكون طبيعيا في الفتاة خروج الماء منها هكذا في أي وقت يوجب عليها الغسل أم تكتفي بالوضوء فقط للصلاة، وهل يجب على الفتاة كلما استيقظت من النوم أن ترى في ملابسها، إذا كان فيها شيء من الماء أم لا، وهل إذا رأت الماء تغتسل أم تكتفي بالوضوء العادي للصلاة، وإذا استيقظت من النوم ورأت الماء فقط في الفرج دون الملابس الداخلية وهي لا تعلم هل هي احتلمت أم لا، فهل يجب عليها الاغتسال حيث إن لدى بعض النساء عاده خروج ما يسمى بالإفرازات هكذا في أي وقت، فهل مشاهدة المرأة لها أثناء قيامها من النوم لهذه الإفرازات يدل على أنها احتلمت، وما هي الجنابة، وما الفرق بين الغسل والاغتسال وما الطريقة الصحيحية للاغتسال، أريد جوابا شافيا لجميع أسئلتي؟ وجزاكم الله خيراً، وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللجنابة سببان:
السبب الأول: الجماع وهو أن يلتقي الختانان وتغيب حشفة الذكر في الفرج ولو لم يحدث إنزال وبذلك يصير كل من الرجل والمرأة جنباً.
السبب الثاني: نزول المني باحتلام أو غيره، والاحتلام هو أن يرى النائم كأنه يباشر أو يجامع، فإذا استيقظ ورأى الماء (المني) في ثيابه فيجب عليه الغسل، وإذا لم ير شيئاً فلا شيء عليه.
ودليل الحالة الأولى ما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل. وفي لفظ مسلم: ولو لم ينزل. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة وجب الغسل.
وأما دليل الحالة الثانية، فما رواه البخاري عن أم سلمة: أن أم سليم قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: نعم، إذا رأت الماء، فضحكت أم سلمة، فقالت: تحتلم المرأة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبم يشبه الولد. وفي سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وجدت المرأة في المنام ما يجد الرجل فلتغتسل.
وأما سن الاحتلام المعتبرة فهي تسع سنين قمرية فما فوقها للذكر والأنثى، وما حصل قبل ذلك فلا يعتبر منياً يترتب عليه ما يترتب على المني المعتبر من الغسل ونحو ذلك، وأما تكرر نزول المني للفتاة فقد يكون لقوتها وشدة غريزتها، وقد يكون لمرض ألمَّ بها، وقد ينزل المني بغير إرادة الشخص كما في الاحتلام أو النظر إلى ما يثير الشهوة، وقد لا ينزل إلا بإرادة منه.
والمقصود برؤيا الاحتلام هو تخيل المرأة أنها تجامع وينزل المني منها ولو قليلاً، ويجب عليها الاغتسال عند إرادة مزاولة ما لا تجوز مزاولته إلا بالطهارة كالصلاة وقراءة القرآن ومس المصحف ونحو ذلك، ولا يجب الغسل فوراً.
وأما إذا رأت المرأة أنها جومعت ولم تر بعد الاستيقاظ منياً فلا غسل عليها ولو اغتسلت احتياطاً فلا مانع منه.
وأما تجنب الاحتلام في النوم فليس في مقدور الإنسان؛ إلا أنه قد يخفف عنه إذا حافظ على الأذكار واستحضر معانيها وتجنب النظر إلى المثيرات وسأل الله أن يجنبه الشيطان لأن الاحتلام تلاعب من الشيطان بالنائم ولذلك كان الأنبياء لا يحتلمون.
وأما العادة السيئة فهي حك الفرج باليد ونحوها حتى ينزل المني وهذا يقع عادة في اليقظة، وقد يحصل الحك في النوم فينزل فيكون محتلماً لأن العبرة في الاحتلام بنزول المني، وليس كل نازل من فرج المرأة منياً، بل قد يكون منياً وقد يكون مذياً وقد تكون إفرازات، وقد بينا الفرق بين المني والمذي والإفرازات في الفتوى رقم: 58570.
ومتى عرفت المرأة أن النازل منها مني وجب عليها الغسل، ومتى علمت أنه مذي وجب عليها غسل ما أصابها منه والوضوء قبل ممارسة ما يشترط له الوضوء كالصلاة، وأما الإفرازات ففيها تفصيل بيناه في الفتوى رقم: 15179.
ولا يجب على الفتاة كلما استيقظت أن تنظر في ثيابها هل فيها مني أم لا؟ لأن الأصل عدم وجود المني، ولكن إذا أحست به أو رأته حسب المعتاد وجب عليها الغسل، وخروج المني إلى ظاهر الفرج موجب للغسل ولو لم يصل إلى الملابس الداخلية، وليس مجرد رؤية الإفرازات دليل على احتلام المرأة بل لا بد من وجود المني.
وأما لفظ الغسل فقد ورد بضم العين وفتحها وكسرها، وقد بين الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات الفرق بينها فقال: الغَسل بالفتح مصدر غسل الشيء غسلا، والغِسل بالكسر ما يغسل به الرأس من سدر وخطمي ونحوهما، والغُسل بالضم اسم للاغتسال، واسم للماء الذي يغتسل به. فالغسل بضم الغين هو اسم للاغتسال الذي هو عملية صب الماء على البدن.
وللغسل صفتان:
الأولى: صفة كاملة وهي أن يسمي الله تعالى في أوله فيقول: بسم الله، وإن زاد الرحمن الرحيم جاز، وينوي الغسل من الجنابة أو الغسل لاستباحة ما لا يستباح إلا بالغسل كالصلاة والقراءة والمكث في المسجد، ومحل النية القلب، ويغسل كفيه ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، ثم يغسل ما على فرجه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يدخل أصابعه العشر في الماء فيغرف غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ويمر يديه على ما قدر عليه من بدنه، ثم يتحول من مكانه ثم يغسل قدميه، لأن عائشة وميمونة رضي الله عنهما وصفتا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك.
الثانية: صفة مجزئة وهي أن ينوي ويفيض الماء على البشرة الظاهرة وما عليها من الشعر حتى يصل الماء إلى ما تحته، وما زاد على ذلك مما سبق فسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(11/2804)
الإفرازات التي تخرج من المرأة عند البول
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكورين على هذه الفرصة التي من خلالها تحلون المشاكل. أنا فتاة عمري 22 سنة مند فترة طويلة أعاني من إفرازات عند التبول لزجة وبعض المرات لونها بني لكن ليس دائما يكون لونها بنيا وفي بعض الحالات أشعر بأني متبللة أريد معرفة هل هذه حالة طبيعية أم لا دون أن أنسى لقد كنت أمارس العادة السرية وهل لها أثر لكن الآن تبت واستغفرت الله أن يسامحني فلقد تأثرت نفسيتي ولا أرتاح وأخاف من عقاب الله وهل كل هذا سيؤثر على الزواج في المستقبل أنا لا أقدر أن أذهب عند طبيب لما في ذلك من حشمة فنحن نعيش في جو متحفظ أرجوكم ساعدوني بما فيه الكفاية وأن تتفهموا موقفي ووضعي فأنا متعبة من التفكير وخصوصا في كوابس المرض وفي عذاب الله ساعدني على تخطي محنتي وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الأخت السائلة أن تتوب إلى الله تعالى وتقلع عن ممارسة العادة السرية, وتندم على ذلك الفعل, وتعقد العزم على أن لا تعود إليه أبدا, هذه هي شروط التوبة من مثل هذه المعصية، فإن اختل منها شرط لم تصح توبتها, ومن تاب تاب الله عليه. ولبيان كلام العلماء عن العادة السرية وضررها راجعي الفتوى رقم: 5524، والظاهر أن هذه الإفرازات التي تخرج عند البول قد تكون ما يسمى بالودي، وقد تقدم الكلام عليه في الفتوى رقم: 3861، وقد تكون رطوبة عادية. وعليه، فإن الأمر طبيعي، ولبيان حكم سائر الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة من حيث الطهارة وعدمها وما يلزم منها يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5522، 22212، 70800، ثم نقول للأخت السائلة ما دمت صادقة في توبتك إلى الله تعالى فلن تجدي إلا خيرا إن شاء الله تعالى، ولن يؤثر ما مضى على زواجك في المستقبل إن شاء الله تعالى. فاتقي الله واطمئني واستتري بستر الله عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(11/2805)
حكم الماء الذي خالطه المني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الماء الذي نزلت به قطرة من ماء الرجل أو السائل المنوي؟ هل هو طاهر أم صار نجسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم المني فهو طاهر عند بعضهم كالحنابلة والشافعية, ونجس عند المالكية والحنفية. والذي نفتي به في هذا الموقع هو طهارته نظرا لقوة الأدلة على ذلك. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 63403 فعلى القول بطهارته فوقوع بعضه في الماء مع عدم تغيره لا يؤثر على استعمال الماء في الطهارة وغيرها, وإن تغير فهو طاهر في نفسه, ووقع خلاف بَيِّن في تطهيره لغيره. وراجع الفتوى رقم: 24797.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(11/2806)
أحكام خروج المذي بعد الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[يخرج من ذكري بعد الجماع ونزول المني سائل شفاف لزج , حيث يستمر بشكل متقطع إلى ساعتين أو أكثر , مما يؤخرني عن صلاة الجماعة.
فما اسم هذا السائل؟ وهل هو ناقض للوضوء؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصفة التي ذكرتها أقرب ما تكون إلى صفة المذي حيث إنه سائل لزج يخرج عادة عقب هيجان الشهوة بلمس أو تفكر أو احتكاك ونحوه، وقد يخرج بعد نزول المني وهو أرق منه, وخروجه طبيعي ليس فيه دفق, والغالب أنه يخرج متقطعا، والواجب فيه الوضوء وغسل الذكر، وما أصاب منه البدن أو الثوب فيجب غسله. ولا تصح الصلاة إلا بعد ذلك, ولو أدى ذلك إلى فوات صلاة الجماعة؛ لأن الطهارة منه شرط لصحة الصلاة, وإذا كان ينقطع عنك في الوقت بحيث تتمكن من الطهارة وأداء الصلاة متطهرا قبل خروج وقتها فليست حالتك حالة السلس حتى يرخص لك في الصلاة مع نزوله. وللفائدة راجع الفتاوى التالية: 45193 / 66016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(11/2807)
مكان خروج المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على كل سؤال:
هل تمارين كيجل توجب الغسل بمعنى أنها تنزل المني؟
هل المني والمذي والودي مخرجهم واحد من المرأة؟
ومن أين يخرجون هل يخرجون من محل خروج الولد؟ أم من محل خروج البول؟
هل عندما أمسك البول لفترة عن الخروج فأحس باللذة هل هذه اللذة توجب الغسل بمعنى أنها تجعل المني يخرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتمارين المذكورة لا توجب الغسل بمجرد فعلها إلا إذا ترتب عليها خروج مني فيجب الغسل، إلا أن المرأة إذا أحست بمبادئ اللذة واستمرت على فعلها حتى خرج المني فيكون هذا من باب الاستمناء وهو محرم وله مضار ومفاسد كثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 7170
والمني يخرج من مخرج الولد قال النووي في المجموع: فربما نزل البول إلى موضع الثيابة والبكارة وهو مدخل الذكر ومخرج الحيض والمني والولد. انتهى
والمذي والمني مخرجهما واحد كما سبق في الفتوى رقم: 49152.
والودي يخرج من مخرج البول كما تقدم في الفتوى رقم: 30394.
ولا ينبغى لك حبس البول لما يترتب على ذلك من ضرر وراجعي الفتوى رقم: 38636.
ومجرد الإحساس باللذة لايوجب الغسل؛ إلا إذا ترتب على ذلك خروج المني، والاسترسال في تلك اللذة حتى خروج المني يعتبر من باب الاستمناء المحرم الذي سبق بيان حكمه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/2808)
تعريف الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي آثار الجنابة عند الرجل، هل خروج المني فقط أم المذي أيضاً -أي السائل الشفاف-؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجنابة تحصل بنزول المني، أو بتغييب الحشفة -وهي طرف الذكر- في قبل أو دبر حلالاً أو حراماً، وأما نزول المذي فلا يوجب الغسل وإنما يجب غسل ما أصابه من ثوب أو بدن لأنه نجس وناقض للوضوء، بخلاف المني فهو طاهر وناقض للوضوء عند جمهور أهل العلم، وموجب للغسل عند الجميع، وقد سبقت لنا فتوى فيها التفريق بين المني والمذي وهي برقم: 4036 فارجع إليها للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(11/2809)
اختلاط المذي بالمني هل ينجسه
[السُّؤَالُ]
ـ[قد يسبق المذي نزول المني أثناء الجماع، فما حكم المني النازل بعد المذي، هل يعتبر نجس لمخالطته للمذي ويتنجس كل من الرجل وزوجته بهذا المني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 1789 بيان أن الراجح طهارة المني، كما تقدم في الفتوى رقم: 67561 حكم المذي وأنه نجس يجب غسله من الثوب والبدن، وإذا حصل يقين بكون المني قد اختلط بالمذي فيكون ذلك المني نجساً تغليباً لجانب النجاسة، ففي دقائق أولى النهى ممزوجاً بمنتهى الإرادات وهو حنبلي: (وإن اختلط) النجس بغيره (ولم ينضبط. حرم) الكل، تغليباً للحظر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1427(11/2810)
يستحب غسل المني خروجا من خلاف أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد مشكلة في أنني كلما نمت ليلا أو نهارا بعد الاستيقاظ أشعر بأن اللباس الداخلي فيه شيء من الرطوبة أو أجد بعض البقع البيض عليه وقد استفتيت بعض مشايخنا في العراق فأفتوني بأن أبدل اللباس كلما وجدت ذلك، فهل إذا نمت في النهار واستيقظت أبدله وفي الليل أبدله أيضا فيها نوع من الصعوبة. ... ...
وأرجو الجواب بالتحديد لأنكم عندما أجبتوني المرة السابقة لم أفهم من الفتاوى السابقة التي أفتيتموها لغيري
ومن الله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الذي تجد في ثوبك بعد الاستيقاظ تنطبق عليه صفات المني أو شككت في ذلك فالواجب عليك الاغتسال من الجنابة في هذه الحالة، ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي: لو انتبه بالغ أو من يحتمل بلوغه. فوجد بللا، جهل أنه مني: وجب الغسل مطلقا على الصحيح من المذهب. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: من المدونة: من انتبه من نومه فوجد في لحافه بللا فإن كان منيا اغتسل، وإن كان مذيا غسل فرجه، ابن نافع: فإن شك فيه فليغتسل, ابن يونس: يريد احتياطا. انتهى
وصفات المني في حق الرجل سبق بيانها في الفتوى رقم: 56944.
والمني طاهر على الراجح من كلام أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 17253.
وبالتالي فلا يجب استبدال الثوب الذي أصابه المني؛ لكن يستحب غسل المني خروجا من خلاف أهل العلم القائلين بنجاسته، وهذا أقرب للورع والاحتياط في الدين. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 30210
وإن كان الخارج غير مني بل إفرازات فقط فهي نجسة يجب غسلها من الثوب والبدن، ولا توجب الغسل من الجنابة. وإن أمكن تخصيص ثوب للنوم أو التحفظ قبله بخرقة ونحوها فهذا أحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(11/2811)
حكم ما يصيبه المني عند الجماع من ثوب أو بدن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي:عن الطهارة وكيفية الغسل من الجنابة ومن الحيض, وهل القبلة من الزوج تحتم عليّ غسل ثيابي كلها, وحتى العباءة التي ألبس إذا حصل ونزل عليها إفرازات, وهل يتوجب عليّ إذا ما حصل الجماع بين الزوجين غسل كل شيء كان حاضرا وقتها؟ مثل: ثوب النوم, والتوكة التي توضع على الرأس, والشال الذي يوضع على الكتفين, ولو كانت المرأة تلبس الجوارب, هل يتوجب أيضا غسلها وتطهيرهما بعد الجماع؟ حتى لو لم يمسهم أي شيء.
جزاكم الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3791، والفتوى رقم: 51426
بيان الطريقة المفصلة للغسل من الواجب مطلقا سواء أكان لجنابة, أو كان بسبب انقطاع حيض, أوغير ذلك فراجعيهما.
والإفرازات سواء كانت حاصلة بعد القبلة أم لا، ينظر فيها فإن كانت مذيا فهي نجسة ويجب غسل المحل الذي أصابته من البدن أو الثوب إذا حصل يقين بتلك الإصابة ولا يلزم غسل ما لم تصبه من ثوب أوبدن.
والعلامات المميزة للمذي ذكرها النووي في المجموع حيث قال: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة؛ لابشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لايحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثرمنه في الرجال انتهى.
وإذا كانت الإفرزات منيا فهي موجبة للغسل من الجنابة، لكنها طاهرة على الراجح من أقوال أهل العلم؛ إلا أنه يستحب غسل ما أصابته من ثوب أو بدن خروجا من خلاف أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 17253
وعليه.. فما يصيبه المني عند الجماع سواء كان بدنا أو ثوبا يستحب غسله فقط على الراجح, وما لم يصبه فلا يطلب غسله سواء كان ثوب نوم أو جوارب أو غير ذلك.
ولمعرفة الفرق بين المذي والمني في حق المرأة راجعي الفتوي رقم: 6542.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(11/2812)
ما يلزم من شكت في الخارج بعد الاحتلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة والحمد لله لا أشعر بالحرمان الجنسي. ولكني أعاني من مشكلة وهي الوسوسة في الطهارة والغسل أنتهي من الوضوء ثم أشك بخروج شيء وعندما أحارب هذا الوسواس يأتيني في النوم أني أرى أمورا جنسية أو شيئا مشابها فأقوم بالغسل لأني أرى إفرازات ولا أفرق بين ما هو المني ولا أرى بللا ولكن إفرازات ولكن هذا الوسواس كاد أن يقتلني أعيد الصلاة 3 مرات والوضوء 5 مرات. لقد تعبت من هذا الحال وعندما أحارب هذا الوسواس أشعر بالقلق والخوف. أنا متعبة.
فأرجو منكم الإفادة. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالشفاء مما تعانيه.
ثم إن أفضل علاج لمثل هذه الوساوس هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها لأن تتبعها والاسترسال فيها سبب لتمكنها. وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 51601.
وبالنسبة للإفرازات فلا يوجب الغسل منها غير المني، وهو في حق المرأة رقيق أصفر، وقد يكون أبيض لفضل قوتها، ورائحته رائحة الطلع أو العجين، وإذا يبس أشبهت رائحته رائحة البيض. وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 58142، والفتوى رقم: 56780
وإذا شككت في الخارج بعد الاحتلام هل هو مني أو مذي؟ وجب عليك الغسل، وإذا كان الشك مترددا بين ثلاثة أمور فلا غسل عليك كما إذا شككت في الخارج هل هو مني أو مذي أو إفرزات مهبلية مثلا. وراجعي الفتوى رقم: 18112
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1426(11/2813)
من أحكام خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد أحيانا قبل التبول على رأس الذكر شيئا من المذي لم يخرج من الذكر بعد فهل يلزم من ذلك نضح الملابس الداخلية أم يجب أن أنضح كذلك السروال أحيانا قطعا للشك أقوم بتبديل ملابسي كلها هل عملي هذا من التكلف أرشدونا للصواب أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المذي قد خرج إلى الظاهر ولو لم يصل إلى الثياب فإنه ناقض للوضوء، ويجب على الأخ السائل أن يغسله ولو كان قليلاً. قال في مطالب أولي النهى في الفقه الحنبلي -وهو يذكر نواقض الوضوء وذكر أنها ثمانية- فقال: (أحدها: الخارج من سبيل إلى ما) هو في حكم الظاهر (ويلحقه حكم تطهير) من حدث وخبث؛ لقوله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ {المائدة: 6} وقوله صلى الله عليه وسلم: ولكن من غائط وبول ... إلى أن قال: قوله: يلحقه حكم تطهير مخرج لباطن فرج الأنثى إن قلنا هو في حكم الظاهر، لكن لا يلزم تطهيره للمشقة. انتهى
وهل يجب غسل الذكر كله بسبب خروج المذي أم لا؟ في ذلك خلاف مفصل في الفتوى رقم: 49490، ولا يجب عليه غسل الثياب ما لم يتحقق أنها قد أصيبت بشيء من المذي، فإن شك في إصابتها به فقد أوضحنا ما يفعله من شك في إصابة النجاسة لثوبه في الفتوى رقم: 47661، وعلى القول بوجوب نضح الثوب في حالة الشك في إصابته بالنجس فإنه لا ينضح إلا ما يمكن أن يصيبه المذي من الملابس الداخلية لأنها هي التي تباشر الفرج، أما الملابس الأخرى فلا يطالب بنضحها، ونضحها يعتبر تكلفاً، وكذلك لا يطالب بتبديل الثياب؛ لكن لو بدلها تجنباً للملابس المبللة فلا حرج في ذلك ما لم يكن في ذلك مشقة. والأصل في ذلك ما روى الترمذي عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الغسل، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته عنه فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء، فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل وهو قول الشافعي وإسحاق، وقال بعضهم: يجزئه النضح. وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء. انتهى
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(11/2814)
طريقة تطهير المذي من الثوب والبدن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، لدي مشكلة أرجو أن تجدوا لي حلاً، أعاني من خروج المذي الذي يشق علي أن أغسله في كل حين لأداء الصلاة، وأحيطكم علماً بأن هذا البلاء ليس عبارة عن سلس، وإنما أمور الغريزة فقط، فهل أتجاهل هذا الأمر وأقيم الصلاة أم يجب غسله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي: ماء أبيض رقيق يخرج عند مبادئ اللذة وعند الملاعبة، أو تذكر الجماع أو إرادته، ويشترك الرجل والمرأة فيه، وهو نجس، وناقض للوضوء بالاتفاق.
وللفقهاء في كيفية تطهيره مذهبان:
الأول: أنه يطهر بالغسل كغيره من النجاسات.
الثاني: أنه ينضح المكان الذي أصابه. (أي يرش بالماء) .
والواجب هو الأخذ بالمذهب الأول ما لم يكثر خروجه ويشق الغسل فيكتفى بالنضح؛ لما في مسند أحمد وسنن الترمذي وغيرهما عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء. فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك وحيث ترى أنه قد أصاب منه.
ويلزم الرجل غسل الذكر فقط على الراجح، ولا يجب على المرأة غسل فرجها منه إلا إذا تحققت نزوله، أما داخل المهبل فلا يجب غسله، وإذا لم يتبين المكان الذي أصابه المذي، فيجب الاحتياط بتطهير جميع المشكوك فيه، سواء كان ثوباً أو بدناً، لأن النجاسة إذا تحققت إصابتها فلا بد من براءة الذمة منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(11/2815)
علامات فارقة بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم أن لا تحيلوني إلى أرقام فتاوى سابقة لأنني في حاجة ماسة لإجابة واضحة وعذرًا إذا كان السؤال غير لائق وسؤالي هل من الثابت في المني أن يكون لونه أصفر واضح أم قد يكون أبيض مثل المذي أي هل بالإضافة لصفات المني مثل الفتور بعده وخروجه بتدفق أن لونه أصفر لأنني أحيانا ما أجد إفرازات لا يعقبها فتور ولم تخرج بشهوة أو ليست بشهوة كبرى ولكنها ليست بيضاء اللون فلا أعرف حينها هل هذا مذي أم مني وقد علمت أنه في حالة الشك بين المني والمذي يفضل الاغتسال فأضطر للاغتسال مما أرهقني وافقدني الثقة في صلاتي ونفسي وأصابني بحالة نفسية سيئة دائما أرجو منكم سرعة الرد على بريدي الإلكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مني المرأة يكون أصفر اللون كما ذكر الفقهاء، قالوا وقد يبيض تارة، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: وأما مني المرأة فأصفر رقيق، قال المتولي: وقد يبيض لفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه ولا يعرف إلا بذلك، وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل فعلى هذا له خاصيتان ... إلى أن قال: وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويشترك الرجل والمرأة فيه. قال إمام الحرمين ... وهو أغلب فيهن من الرجال. انتهى بتصرف يسير
وقال النفراوي في الفواكه الدواني في الفقه المالكي: وهو أن المذي ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة المعتادة. انتهى
والمعروف أن المني إنما يخرج في العادة عند اللذة الكبرى، أما المذي فإنه يخرج عقب اللذة الصغرى بسبب تذكر جماع أو رؤية ما يثير الشهوة. فبان من هذه النصوص أن المذي والمني يشتركان في صفة اللون في بعض الأحيان وكذلك في صفة الرقة، لكنهما يختلفان في الرائحة فالمذي لا رائحة له ولا يعقبه فتور، ويختلفان في درجة الشهوة التي هي سبب لهما، فالمذي شهوته صغرى، والمني لا يخرج عادة إلا عند الشهوة الكبرى عند الجماع أو الاحتلام، وإذا يبس مني المرأة قال العلماء تكون رائحته تشبه رائحه البيض، ويعرف المني بالإحساس بقوة اللذة عند خروجه.
ومن هذه الفوارق يمكن للأخت السائلة أن تعرف وتميز الإفرازات التي تخرج هل هي مني أو مذي؟ وإذا كانت لا تخرج بسبب شهوة فقد تكون إفرازات عادية أي رطوبة، فإذا تبين لها أنها مني اغتسلت منها كلما خرجت ما لم تصل إلى درجة السلس بأن كثرت عليها.
وأما يفعله من ابتلي بسلس المني فلتراجع الفتوى رقم: 41812 وإن لم يثبت أنها مني من خلال المواصفات المذكورة، وكانت تخرج بسبب شهوة فمعنى ذلك أنها مذي، والواجب غسله وغسل ما أصاب من البدن والثوب، فإن كثر صار في حكم السلس، وقد سبق بيان ما يفعله من كثر عليه خروج المذي في الفتوى رقم: 5186.
وإن لم تكن في مواصفات المذي فهي إفرازات طبيعية، وقد اختلف في هذه الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة هل هي طاهرة أم غير طاهرة؟ فمن العلماء من قال بنجاستها كلها، ومنهم من فرق بين الخارج من مكان الولد فقال طاهر، وبين الخارج من مكان البول فقال غير طاهر.
وعلى كل حال، فإنها تنقض الوضوء والاحتياط غسلها لاسيما إذا لم يمكن التفريق بين المتفق على نجاستها وبين المختلف فيها، وكنا قد أوضحنا تفصيل الكلام على هذه الرطوبة- الإفرازات -في الفتوى رقم: 15179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/2816)
مدى أثر الإفرازات النسائية على الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان الماضي كنت أعاني من وسوسة الطهارة حيث كان يهيئ لي الشيطان أن كل ما ينزل مني هو مني يجب الاغتسال منه وقضاء اليوم لدرجة وصلت الأيام التي أعتقد أنه يجب عليه قضاؤها إلى 10 أيام، وللعلم أن الأيام التي يجب علي قضاؤها هي 2 فقط أي الأيام التي كنت فيها غير طاهرة بسبب الدورة الشهرية وما تبقى من الأيام مجرد شكوك من الشيطان وقد بدأت بالفعل قضاءها ولكنني قررت عدم السير في طريق الشيطان وأن أوقفه لأنه أخذ يتطور معي ووصل إلى العقيدة والتشكيك لذلك قررت عدم إكمال اليومين اللذين تبقيا لي وهما أنني في أحد أيام رمضان كنت أتأكد بواسطة المنديل من وجود إفرازات فوجدت إفرازات صفراء على المنديل وهي إفرازات لا تكاد ترى وقد تكون مجرد إفرازات نسائية وقد أقسمت في نهار ذلك اليوم على عدم إعادته لأبعد الشيطان وأدفعه، فهل فعلي صحيح، وللعلم فإني غير متزوجه ولا أمارس العادة السرية ولله الحمد.
اليوم الآخر: وجدت إفرازات في ملابسي بعد رجوعي من الجامعة فقررت قضاء ذلك اليوم ولم أفطره بل أكملته، ولكن كنت أريد قضاءه من باب الاحتياط، فهل أستطيع عدم قضائه الآن لأنني أعرف أنها إفرازات نسائية وأن الشيطان من كان يوسوس لي، الخلاصة: هل مجرد النية بقضاء يوم أثناء الصيام تبطل الصيام؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد نزول المني لا يفسد الصوم عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة والشافعي والإمام أحمد، كما سبق في الفتوى رقم: 2807 وعند المالكية تفصيل في ذلك ذكرناه في الفتوى المشار إليها، هذا إن كان نزوله محققاً ويلزم منه الغسل، فإن كان في أصل نزوله شك أو تحقق من نزوله وشك فيه هل هو مذي أو مني أو شيء آخر؟ فلا يلزم منه الغسل ولا سيما إن كان ذلك من شخص موسوس، وعلى هذا فلا يلزم الأخت السائلة إلا قضاء اليومين اللذين أفطرتهما بسبب الدورة.
ونقول لها: عليك أن تُعرضي عن مثل هذه الوساوس، ولقد أصبت في قرارك عدم الاستجابة لمثل هذه الأوهام والوساوس فإن الاسترسال معها لا يزيد المسلم إلا وسوسة وشكوكاً، والسبيل الوحيد للتخلص من هذه الوساوس يتمثل في الاستعاذة بالله والالتجاء إليه وقراءة المعوذتين والإعراض عنها، سواء كانت تتعلق بالاعتقاد أو الطهارة أو الصلاة، ولتراجعي الفتوى رقم: 51601.
ثم إن وجود هذه الإفرازات لا يلزم منه أن تكون منياً، فإذا تحققت نزولها فلتنظري، فإن كانت فيها علامات المني المبينة في الفتوى رقم: 27687، وقد خرج بلذة فلا يلزمك إلا الغسل، وإن لم توجد فيها علامات المني فلا يلزم منها غسل، ويجب غسلها وغسل ما أصاب الملابس منها فقط، سيان في هذا ما وجدت عند رجوعك من الجامعة وغيره فلا علاقة له بصحة الصوم، ولا يلزم منه إلا الغسل إن تحققت أنه مني؛ وإلا فلا يجب إلا غسل الخارج المذكور، وطهارة البدن منه كذلك والموضع الذي أصابه من الملابس إذ قد يكون مذياً وقد يكون رطوبة فرج نجسة، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 4036، والفتوى رقم: 2860، ولا يفسد الصيام بنية القضاء لأنها لغو ولا معنى لها ما دام الصوم صحيحاً، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 4113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1426(11/2817)
العشق بين النساء وآثاره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة، ملتزمة ومحافظة على ديني ولله الحمد، أحفظ القرآن، ثقافتي عالية وأخلاقي متزنة ولله الحمد، تعرفت على إحدى الأخوات وأصبح بيننا شيء من الود أو الارتياح. ولكن أريد أن أصدقك القول: بكل صراحة هذه الفتاة \"حنونة\" إلى أبعد الحدود وطيبة القلب جدا، وهذا ما يجذبني إليها، وبكل صراحة لا أعرف ما الذي يحدث لي عندما تقترب مني! بكل صراحة أشعر بإفرازات تخرج مني لا أدري ما سببها؟ عبارة عن ماء أبيض لزج. وأنا ـ والله العظيم ـ لا أشعر بشيء من الشهوة المحرمة لكن أرجعت هذه الأسباب لأنها \"حنونة\" جدا علي؛ لذلك يحصل معي هذا، أو أحيانا أحاول حل مشكلة من مشكلات صديقتي المتزوجة في ما يفعله زوجها من مشاهدة الصور الخليعة فينزل علي هذه الإفرازات التي لا أدري سببها فهل يجب أن أستنجي وأتوضا وهل هذا هو المذي لا أعرف ماذا افعل أرشدوني؟
اما سؤالي الثاني هل التفكير سواء كان بشهوة أو بغير شهوة موجب للغسل أم لا، فأرجوك دلني على الحل.. وهل ما يحدث لي مخالف للشرع؟ وماذا أصنع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 8424، حكم العشق بين النساء وآثاره. وأما ما تجدينه عند لمس صديقتك واقترابك منها فالظاهر أنه مذي وهو نجس وناقض للوضوء، ويتنجس ما أصابه من الثياب والبدن، علما بأن قولك لا أشعر بشهوة محرمة غير واضح، ولعلك تقصدين أنك لا تريدين ارتكاب محرم مع أنك تجدين الشهوة عند الاقتراب من المرأة أو ملامستها، وعلى كل حال فإن كان الخارج يخرج بشهوة فهذا هو المذي، وإن كان يخرج دون شهوة فإنه يعتبر أحد أمرين إما ودي وإما إفراز عادي، فتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 5522. وقد بينا الفرق بين مني المرأة ومذيها في الفتوى رقم: 45075، 19863. كما بينا صفة مني المرأة في الفتوى رقم: 56780.
وأما التفكير في المثيرات وما يوجبه فقد بيناه في الفتوى رقم: 15086، وهو لا يوجب الغسل إلا إذا صاحبه خروج مني بشهوة كما بينا. وننبهك إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يستغل نعمة التفكير التي من الله بها عليه إلا فيما ينفعه من أمر دينه ودنياه. بل إن الإدمان على ذلك قد يؤدي بالمرء إلى الوقوع في أمور محرمة كالعادة السرية والنظر إلى الصور العارية الخليعة ولقاء الأجانب وغير ذلك مما لا يجوز شرعا. فإذا كان كذلك فإنه يحرم لأن ما يؤدي إلى الحرام حرام. فاصرفي تفكيرك إلى ما ينفعك، واحذري سوء عاقبة التكفير في المحرمات. وللاستزادة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10666، 10756، 13184، 8993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/2818)
ما يجب على المرء إذا أمذى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة فعند ما أمارس حياتي الطبيعية كقيادة السيارة مثلا ألاحظ أحيانا انتصاب القضيب بشدة
وبعدها بفترة وجيزة ألاحظ خروج سائل لزج على صورة قطرات دون لذة أو شهوة، وعلى الأرجح أنه مذى لأني لا اشعر به ولا يصحبة فتور ولا يخرج بشدة ولكن الشك يحيط بي على أنه مذي أو مني أود معرفة حكم ذلك وأرجو أن يكون الرد واضحا وعدم إرسالي لفتوى أخرى لأني أعاني كثيرا وأود معرفة حكم الدين بوضوح وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصفة التي ذكرتها أقرب ما تكون إلى صفة المذي حيث إنه سائل لزج يخرج عادة عقب هيجان الشهوة بلمس أو تفكر أو احتكاك ونحوه، وهو أرق من المني وخروجه طبيعي ليس فيه دفق والغالب أنه يخرج متقطعاً، والواجب فيه هو غسل جميع الذكر، وما أصاب منه البدن أو الثوب يجب غسله، وانظر الفتوى رقم: 1461 للاستزادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(11/2819)
لا إثم فيما يرد على الخاطر من أفكار ووساوس دون تعمد ولا استرسال
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا تراودني بعض التخيلات عن الجماع مع أني لا أتعمدها ولا أسترسل في التفكير بها وأبتعد عنها فوراً فأضطر للاغتسال كل يوم مع أنها تراودني رغما عني هل هذه وساوس؟ هل حكمها مثل حكم النظرة الأولى التي لا توجب الغسل؟ أنا لا أشعر باللذة ولكني أشعر بخروج شيء مني دون شهوة وأظل في حيرة وقلق وخوف من عدم قبول صلواتي هل يجب علي الغسل؟ هل أنا مريض بالوسواس؟ أنا أحب الصلاة وأخشى الله كثيراً ولا أشاهد أو أفكر في أي شيء محرم أو مثير للشهوة.
ساعدوني أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت تلك الأفكار ترد على خاطرك من غير تعمد ولا تسترسل فيها فلا إثم عليك إن شاء الله تعالى، وهي وساوس من الشيطان ليشغل قلبك وتفكيرك بمثل هذه الأمور، فعليك أن تواصل الابتعاد عنها وعدم الاسترسال فيها، وراجع الفتوى رقم: 60114.
والخارج منك إن كانت تنطبق عليه صفات المذي، فإنه نجس وناقض للوضوء، والغالب في مثل هذه الحالة أن يكون الخارج مذياً، لأنه يخرج غالباً عند التفكير فيما يثير الشهوة، وراجع الفتوى رقم: 58268.
وإن كان الخارج منياً وخرج بدون شهوة، فلا يوجب الغسل عند جمهور أهل العلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 14256.
وقد تقدم تفصيل الفروق بين المني والمذي وذلك في الفتوى رقم: 56944، والغسل من الجنابة لا يجب إلا بعد حصول أحد موجباته التي تقدم بيانها في الفتوى رقم: 3791.
وبالتالي فلا يجب عليك الغسل إلا إذا تحققت من خروج المني بلذة معتادة، أما مجرد التفكير أو النظر فلا يوجب غسلاً، وعلاج الوسوسة تقدم في الفتوى رقم: 34559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(11/2820)
كيف تميز المرأة بين المني والمذي والإفرازات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن مني المرأة سائل أصفر رقيق ولكن هل يمكن فركه عند الجفاف فهل هو مخاطي أومطاطي كالذي ينزل عادة للمرأه لأن الأمر يشتبه علي كثيرا لأنه عند الجفاف يشبه المني كثيرا؟ فما المقصود بسائل رقيق؟ وهل ينزل المني بمجرد النظر أو التفكير لأنه كثيرا ما أجد إفرازات لدي لا أستطيع تمييزها أهي مني أم إفرازات مهبلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني من المرأة يتميز بعدة صفات: 1ـ لونه أصفر مع كونه رقيقا، 2ـ الإحساس بالشهوة واللذة وقت خروجه، 3ـ الإحساس بالفتور بعد خروجه، 4ـ له رائحة كرائحة طلع النخل أو رائحة العجين. وإذا يبس مني المرأة فإن رائحته تشبه رائحة البيض كما في الفتوى رقم: 58142، والفتوى رقم: 58570. ومني المرأة لا يمكن فركه لرقته وعدم وجود جسم منه بعد جفافه، قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد رحمه الله: إنما يفرك مني الرجل وأما مني المرأة فلا يفرك لأن الذي للرجل ثخين والذي للمرأة رقيق والمعنى في هذا أن الفرك يراد للتخفيف والرقيق لا يبقى له جسم بعد جفافه يزول بالفرك فلا يفيد فيه شيئا فعلى هذا إن قلنا بنجاسته فلا بد من غسله رطبا كان أو يابسا كالبول وإن قلنا بطهارته استحب غسله كما يستحب فرك مني الرجل، وأما الطهارة والنجاسة فلا يفترقان فيه لأن كل واحد منهما مني وهو بدء لخلق آدمي خارج من السبيل. انتهى. والمقصود بكونه سائلا رقيقا أنه متصف بالرقة ويسيل عند خروجه فليس كمني الرجل الذي يخرج بقوة وتدفق، والإفرازات التي تخرج بعد النظر والتفكير فيما يثير الشهوة الغالب فيها أن تكون مذيا مالم تتصف بصفات المني. قال النفراوي في الفواكه الدواني وهو مالكي: وهو أي المذي ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة المعتادة وهي الميل إلى الشيء وإيثاره على غيره بالإنعاظ أي قيام الذكر عند الملاعبة أو التذكار ـ بفتح التاء ـ أن التذكر. انتهى. والمذي نجس يجب غسله ويجب منه الوضوء، والإفرازات سبق بيان حكمها عند المذاهب الأربعة، وذلك في الفتوى رقم: 15179 وللفائدة راجعي الأجوبة التالية أرقامها: 40633، 60114. وعليه فللمني من المرأة علامات تميزه عن غيره ولا يمكن فركه، والاحتياط غسله من الثوب والبدن خروجا من خلاف أهل العلم القائلين بنجاسته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(11/2821)
لا ينجس الشيء إلا بملاقاته للنجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة المذي وعندما أخلع ثوبي الداخلي أحس بملامسة رجلي للثوب ورجلي تلمس السجاد الموجود في الحمام وهو دائما يكون رطبا هل بهذه الحال تكون السجادة تنجست
آمل الإجابة على سؤالي وعدم إحالتي إلى سؤال آخر ووفقكم الله وجزاكم الخير لتعبكم معنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تتنجس السجادة المذكورة بسبب وضع رجلك عليها ما لم تتحقق من وجود نجاسة المذي على رجلك، فالأصل في الأشياء الطهارة حتى يثبت خلاف ذلك، ولا يخرج عن الأصل إلا بيقين.
كما أن رجلك لا تتنجس بمجرد لمس ثوبك الداخلي إلا إذا تحققت أيضاً من ملاقاتها لنجاسة المذي في الثوب، وهي مبلولة أو الثوب مبلول بالمذي، وللتعرف على حكم المذي وما يترتب عليه راجع الفتوى رقم: 9170.
ولا ينبغي لك تتبع الوساوس الشكوك في مثل هذه المسائل، فإن الاسترسال في ذلك يؤدي إلى تسريخ الوسواس وتثبيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(11/2822)
حكم الشعور بالشهوة عند الاستنجاء والاستحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أغسل فرجي العضو الذكري عند استنجائي من البول أو من غسل البدن أشعر بشهوة
فماذا أفعل؟ وقد أتأخر في الغسل وأبقى ساعة وأنا أغتسل
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقتصر في مس الذكر على ما تدعو الحاجة إليه كإزالة نجاسة عند الاستنجاء مثلا فلا حرج عليك فيما تشعر به من شهوة، بل الذي ينبغي أن يتحاشى تعمد لمسه بقصد إثارة الشهوة لما يترتب على ذلك من حصول الاستمناء وهو محرم شرعا، وراجع الفتوى رقم: 27421 والفتوى رقم: 58392.
وإذا ترتب على حصول تلك الشهوة خروج مني فقد وجب عليك غسل جميع الجسد، وإن ترتب عليها خروج مذي فالواجب غسل الذكر فقط، وراجع الفتوى رقم: 13273.
ولا ينبغي لك أن تمكث وقتا في الغسل زائدا على قدر الحاجة، فإن ذلك سبب لترسيخ الوسوسة والاسترسال فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(11/2823)
من شك في الخارج منه هل هو مذي أو مني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة كنت أعاني من أني أنزل مذيا كثيرا وأصبح أكثر بكثير بفعل وسوسة الشيطان، والآن أصبحت أنزل منيا كثيرا جداً أنا نائمة أستيقظ وأجد آثاره ولا أشعر به، ثم مع زيادة الوسوسة أصبحت الآن أشعر به أي أشعر بمتعة وأنا نائمة ثم أصبحت لو عينى غفلت في أي وقت ولو لثوان ينزل مني وفي أغلب الأحيان لا أشعر بأي متعة ولكن أشعر بحركة خفيفة في أعضائي الداخلية ثم أجد سائلا في قبلي وذلك لأني قبل أن أنام في أي وقت أكون خائفة جدا جدا أن ينزل مني كي لا أستحم وأفكر في الموضوع فبالفعل ينزل ويحدث ما قلته لحضرتكم (مع العلم أني هادئة الطبع ولا أتصف بالهياج الجنسي إطلاقا ومتزوجة منذ عامين ولا أشعر باحتياجي إلى العلاقة الخاصة بيني وبين زوجي إلا نادرا جدا جدا ولا أشعر بالنشوة أصلا في هذه العلاقة) فأسئلتي هي:
1/ هل يجوز لي أن أهمل كل هذه الأشياء ولا أعتبرها شيئا وأتوضاء وأصلي لفترة ما حتى يذهب عني وسوسة التفكير فيها لأن كثرة خوفي من أن تنزل مني هذه الأشياء وتفكيرى في هذا الموضوع هو الذي أدى بي أن أصل لهذه المرحلة ولو لفترة فقط حتى أشفى نفسياً باذن الله، أي أعتبر ذلك من العلاج وأرجوكم ترفقوا بي لأني أعتقد أنه لا يوجد علاج لي غير هذا بعد الدعاء لله عز وجل. ... ... ... ...
2/ هل كل ما ينزل مني هذا مني أم من الممكن أن يكون مذيا ولقد قرأت الفتاوى التي كتبتوها من قبل تفرقون بها بين المنى والمذى ولكني رغم هذا لا أستطيع أن أفرق بينهما لأن المني عندي ليس أصفر ولا ينزل باندفاع وقوة ولا أشعر بعده بفتور ولأني أيضا في أغلب هذه الأحيان التي يحدث لي فيها هذه الأشياء لا أشعر بمتعة اللهم إن كانت متعة خفيفة بعدها (أي هذه الحركة الخفيفة التي أشعر بها في أعضائي الداخلية والتى غالبا ما تحدث بعد الاستيقاظ مباشرة) . فهل من الممكن أن يكون هذا مذيا أي هل من الممكن أن ينزل مني مذي وأنا نائمة وأشعر به أي لا يكون منيا.
3/ أصبح الآن الموضوع عندي متطورا جدا لدرجة أني وأنا مستيقظة عندما أحدث نفسي وأقول لن أغمض عينى كي لا أنزل بعدها بثوان أحس بتلك الحركة في أعضائي وأنزل أنا امرأة حامل وقد زادت معي هذه المواضيع بهذه الدرجة في فترة الحمل فادع لي أن تكون مرتبطة بالحمل وأن يشفينى الله وتتغير حالتي بعد الحمل حيث يبقى شهر واحد على الولادة بإذن الله تعالى.
أفتونى أثابكم الله وخصوصا في السؤال الأول ومرة أخرى أرجوكم ترفقوا بي وساعدوني في معالجة نفسية من باب الضرورات تبيح المحظورات حيث إني قرأت لكم فتوى لشاب كان يسأل أنه بعد ما يستيقظ يهيئ له الشيطان صورا جنسية ولا يعرف أنه أنزل في منامه أم لا ولم تجيبوا عليه سماحتكم بالتيسير وأرجو مراعاة أنه من أبتلي بوسوسة الشيطان مثلنا يكون قد سيطر عليه الشيطان إلى حد ما بدافع تخويفه من الله عز وجل والله يعلم أن كل ما أنا فيه هذا لخوفي واتقائى لله عز وجل وخشيتي أن أصلي وأنا على غير طهارة فيحتاج الواحد منا لأي قشة تحميه من الغرق وأي فتوى تجعله ينتصر على شيطانه فأرجو التيسير أثابكم الله.
معذرة أريد أن أزيد في حالتي أنه وأنا أستحم أيضا بفعل الوسوسة يستمر نزول مني سائل كلما نظرت إلى أعضائى الجنسية أو دار الماء على موضع حساس ولا أعرف هل هو مني أم مذى.
(فلو أني أهملت كل هذا سوف أشفى بإذن الله فما رأي سماحتكم) .
أعتذر عن التطويل وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي الأخت السائلة، وأن يرفع عنها هذا الأمر الذي يؤرقها، ونوصيها بتقوى الله تعالى، وأن تتوضأ عند النوم وتقرأ الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً وأية الكرسي عند الاضطجاع للنوم وتعرض عن الوساوس، فإن الإعراض عنها سبب في ارتفاعها، فإذا استرسل المرء معها تفاقمت حتى يلبس عليه أمر دينه، لذلك وجب الإعراض عن وساوس الشيطان قطعاً للطريق أمامه، فهو لا يسعى في أمر فيه مصلحة العبد أبداً، فلا تظن الأخت السائلة أن الشيطان يسعى لتخويفها من الله تعالى، بل إنما يسعى ليزيدها وسوسة حتى لا تقوم بعبادة إلا وخيل إليها أنها غير صحيحة، فإذا توضأت شكك في وضوئها، وإذا تطهرت شكك في طهارتها، وهكذا. وراجعي الفتوى رقم: 51601.
ثم إن الظاهر من خلال مواصفات هذا الخارج أنه مذي والواجب منه الوضوء فقط مع غسل المحل والأماكن التي يصيبها. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية: 50236، 4036، 19863، 3891.
وسواء خرج في النوم أو اليقظة عند الاستحمام أو غيره، فما دام لم يتصف بصفات المني الموجود في الفتاوى المشار إليها فهو مذي والحكم فيه ما ذكرنا، ومن شك في الخارج منه هل هو مذي أو مني، فإن من أهل العلم من يخيره في جعله منياً فيغتسل أو مذياً فيتوضأ، وهذا مذهب الشافعية وهو الأرفق بالسائلة، فإن شكت هل الخارج منها مذي أو مني فلها أن تجعله مذياً فتتوضأ. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2860.
وإنما قلنا بأن هذا الخارج مذي ولا يلزم منه الغسل بناء على قول الأخت السائلة أنه ليس أصفر ولا ينزل باندفاع وقوة ولا تشعر بعده بفتور، وهنا نوجه لها سؤالاً عن قولها لا أشعر بمتعة إلا إذا كانت متعة خفيفة ماذا تعني بالمتعة؟ فإن كانت تعني بالمتعة أنه يخرج منها في وقت الشهوة دون لذة بخروجه فهذا مذي، وفرق بين ما يخرج في وقت الشهوة ولا يجد الشخص لذة خروجه، بل قد لا يحس به وبين ما يخرج بشهوة ويتلذذ الشخص بخروجه، فالأول مذي والثاني مني.
قال النووي في المجموع: أما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشعور ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ويشترك الرجل والمرأة فيه. قال الإمام الحرمين: إذا هاجت المرأة خرج منها المذي وهو أغلب فيهن من الرجال. انتهى
وإن كانت تعني بقولها إلا متعة خفيفة أي لذة وتفتر شهوتها بعد خروجه فهذا مني. قال النووي أيضاً: وأما مني المراة فأصفر رقيق وقد يبيض بفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عقيب خروجه ولا يعرف إلا بذلك، وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل فعلى هذا له خاصيتان يعرف بإحداهما. انتهى
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع عند قول المؤلف: وموجبه خروج المني دفقاً بلذة قال: بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. كما في صحيح مسلم. أي المني وظاهر الحديث أنه يجب الغسل، سواء خرج دفقاً بلذة أم لا وهذا مذهب الشافعي أن خروج المني مطلقاً موجب للغسل حتى ولو بدون شهوة وبأي سبب خرج لعموم الحديث، وجمهور أهل العلم يشترط لوجوب الغسل بخروجه أن يكون دفقاً بلذة.. إلى أن قال: ولهذا ذكروا لهذا الماء ثلاث علامات: 1- أن يخرج دفقاً. 2- رائحته فإذا كان يابساً فإن رائحته تكون كرائحة البيض، وإن كان غير يابس تكون كرائحة الطين واللقاح. 3- فتور البدن بعد خروجه.
فلتنظر السائلة هذه المواصفات ومن خلال هذه الفتوى والفتاوى المحال عليها ستعرف هل هذا مني أو مذي، وعلى أنه مني فقد صار له حكم السلس، وقد أوضحنا حكم من به سلس المني في الفتوى رقم: 41896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(11/2824)
اختلاف العلماء في طهارة المني ونجاسته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أن تفيدونني دون إحالتي إلى فتوى أخرى, لأنه قد وقع خلاف بيني وبين شخص ما مع العلم، أنه أجدر مني علما بأمور الدين, وهذا الخلاف كان بالنسبة للمني: فهو يقول إن المني غير نجس وأنا أقول العكس، هو الصحيح, لأنني قرأت ذلك في الفتويين رقم: 21508 و 22228 فقلت له ذلك فرجع إلى موقعكم ولاحظ الفتويين رقم: 20409 و7702 وأكد لي طهارته, وقد راجعت الفتاوى ولا أدري ماذا أقول، أرجوكم أن توضحوا لي المسألة، مع العلم بأن الفتويين الأوليين مأخوذتان عن أشهر العلماء؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مني الآدمي مختلف في طهارته بين الفقهاء فمذهب الشافعي والإمام أحمد ومن وافقهما أنه طاهر، وهذا هو الذي يفتى به هذا الموقع لرجحانه عنده. وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه نجس حكمه حكم البول وغيره، قال النووي رحمه الله وهو شافعي: فمني الآدمي طاهر عندنا هذا هو الصواب المنصوص للشافعي رحمه الله في كتبه، وبه قطع جماهير الأصحاب وحكى صاحب البيان في نجاسته قولين إلى أن قال: وإذا حكمنا بطهارته استحب غسله من البدن والثوب للأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم عن عائشة: أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأن فيه خروجاً من خلاف العلماء في نجاسته، قال: وبطهارة المني قال سعيد بن المسيب وعطاء وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد ... وقال الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابه: نجس، لكن عند أبي حنيفة يجزئ فركه يابساً، وأوجب الأوزاعي ومالك غسله يابساً ورطباً.
واحتج لمن قال بنجاسته بحديث عائشة رضي الله عنها: كان يغسل المني. رواه مسلم، وفي رواية كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: أنها قالت لرجل أصاب ثوبه مني فغسله كله إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه فإن لم تره نضحت حوله لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه. قال واحتج أصحابنا بحديث فركه، ولو كان نجساً لم يكف فركه كالدم والمذي وغيرهما. وهذا القدر كاف وهو الذي اعتمدته أنا في طهارته. انتهى.
إذا علمت هذا أيها الأخ السائل فاعلم أنه لا داعي للجدال في هذا الأمر لأن كلا القولين له دليل وقد قال به علماء أجلاء، وإن كنا نفتي في هذا الموقع بالقول بطهارته فما قلته صحيح، والذي رأيته أنت في الفتوى المشار إليها برقم: 22228. إنما هو ذكر لأقوال الفقهاء في المسألة مع أننا بينا أن الراجح الطهارة، ولا إنكار على من قلد العلماء القائلين بنجاسته، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 1789، والفتوى رقم: 7702.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/2825)
المني طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من سنة، ولي استفسار حول خروج مني زوجي من فرجي بمجرد ما تتم عملية البناء، مع نزول المني مني كذلك مما يسبب حرجا لزوجي؟ ولكم منا جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح إذ لم نفهم محل الإشكال لدى الأخت السائلة، ولكن نقول لها: إن المني طاهر على الراجح من كلام أهل العلم سواء كان خارجاً من رجل أو امرأة، فلا يجب غسل ما أصابه من ثوب أو بدن أو غيرهما؛ لكن يستحب ذلك فقط، وراجعي الفتوى رقم: 17253.
وخروج مني الرجل من فرج المرأة بعد الجماع والغسل ناقض للوضوء، كما سبق في الفتوى رقم: 54428.
وللتعرف على صفة الغسل وأسبابه راجعي الفتوى رقم: 3791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(11/2826)
حصول الشهوة عند مس الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحتم سألني أحد الأشخاص أنه بعض الأحيان يضع أولاد عمه الصغار في حضنه وبعد فترة يحس بشهوة وبشيء ينزل من فرجه فما الحكم في ذلك؟؟؟؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادام الشخص المذكور يحس بشهوة في هذه الحالة فإنه لا يجوز الإقدام على هذا الأمر لما يترتب عليه من فتنة وإثارة للشهوة،الشيء الذي قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
فالمس إذا كان صاحبه لا يأمن من الشهوة لا يجوز، كما سبق في الفتوى رقم: 24392.
والنازل من هذا الشخص إذا كانت تنطبق عليه صفات المني فإنه طاهر على الراجح من كلام أهل العلم، إلا أنه يستحب غسله من الثوب والبدن.
إضافة إلى أن خروجه موجب لغسل جميع الجسد لحصول الجنابة.
أما إذا كان الخارج متصفا بصفات المذي فإنه نجس ناقض للوضوء وموجب لغسل الذكر، وتطهيره من الثوب يكون بالنضح أو الغسل وهو الأحوط ما لم يكثر خروجه ويشق غسله فيقتصر على النضح، ولمعرفة الفروق بين المذي والمني راجع الفتاوى التالية أرقامها: 35657، 56944، 9170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/2827)
لا يجب تطهير سوى الموضع الذي أصابه المذي من الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نزول المذي على السروال ينجس الثوب أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي نجس وناقض للوضوء، ويجب غسل ما أصابه من البدن سواء كان رطبا أو يابسا، وقد مضى بيان كيفية تطهير الثوب منه في الفتوى رقم: 9170، والواجب غسل أو نضح ما أصابه المذي من الثوب فقط، وبالتالي، فإذا أصاب المذي السروال فالواجب غسل أو نضح موضع الإصابة ولا يلزم ذلك في حق الثوب الآخر إذا لم يحصل يقين أو غلبة ظن بإصابته له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(11/2828)
ما يجب على من يجد قطرة صغيرة على ملابسه بعد النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أهنئكم على هدا الصرح العظيم، أبلغ من العمر 24 أعاني من بعض الالتهابات في المسالك مما يؤدي بي إلي خروج الودي بعد أن أصحو من النوم أجد قطرة خفيفة صغيرة ولا أشعر بخروجها وأنا نائم فما عساي أن أعمل أغتسل أم أتوضأ أم أغسل ثوبي مع العلم بأن ذلك يحدث معي يوميا وعندما أتبول وأهيئ نفسي إلى صلاة الظهر يخرج مع البول]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما تجده من قطرة خفيفة بعد الاستيقاظ ليس بودي لأن المعروف عند أهل العلم أن الودي ماء أبيض ثخين، يخرج مع البول أو قبله أو بعده من غير تأخر، كما سبق في الفتوى رقم: 28779. وهو ناقض للوضوء، ونجس، يجب غسل ما أصاب الثوب منه والبدن، وراجع الفتوى رقم: 59360.
وإذا كان ما تجده تنطبق عليه صفات المني فيكون ما يصدر منك احتلاما وهو خروج المني في حال النوم، وفي هذه الحالة فقد وجب عليك غسل جميع ظاهر الجسد بسبب حصول الجنابة الكبرى.
وصفة مني الرجل سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 34363.
وغسل الثوب أو الجسد من المني ليس بواجب، بل هو مستحب، لأن المني طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم.
وراجع الفتوى رقم: 3745 والفتوى رقم: 17253 هذا كله إذا علمت ما هو الخارج منك، أما إذا شككت هل هو مذي أم ودي أم مني فقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 61314.
وما خرج منك مع البول فهو في الغالب يكون وديا، وقد بينا حكمه وصفته سابقا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/2829)
لا يلزم الغسل من المذي والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشك في الماء هل هو ودي أم مني أم مذي يستلزم الاغتسال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخارج الذي يلزم منه الغسل هو المني فقط، أما غيره كالمذي والودي فلا يلزم منه غسل، ولمعرفة الفرق بين المني والمذي والودي، وما يترتب على خروج أي منها راجع الفتوى رقم: 438.
ثم إن خرج هذا الخارج حال اليقظة، فإنه باستطاعة المرء غالبا أن يميز بين هذه الثلاثة بسهولة، ويحكم على الخارج منه من أيها هو، ثم يبني الحكم على ذلك فإن لم يستطع التمييز أو كان الخارج في حالة النوم، فإن كان الشك بين المني والمذي فالأصل أنه يلزم الغسل، لما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يجد البلل، ولا يذكر احتلاما؟ قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم، ولا يرى بللاً؟ قال: لا غسل عليه.
فإن شك هل هو مني أو مذي؟ بنى على هذا الأصل للحديث، ولأنه أبرأ للذمة، هذا ما لم يترجح عنده أنه مذي، فإن ترجح عنده أنه مذي بأن عرفه بأوصافه المتقدمة وميزه بها، فإنه لا يلزمه غسل، بل عليه أن يغسل ذكره، وما أصاب بدنه أو ثوبه منه.
أما إذا شك بين الثلاثة فلا يجب عليه الغسل، قال الدردير في الشرح الصغير: لو شك بين ثلاثة أمور كمني ومذي وودي، لم يجب الغسل، لأن تعلق التردد: بين ثلاثة أشياء يصير كل فرد من أفرادها وهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/2830)
الغسل من خروج المني بسبب لذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعاني أحيانا في حالات اللذة كالنظر أوالخيال لا يخرج مني المني لكن مباشرة بعد ذلك وبسبب القلق والخوف من خروج المني لأنه يشق علي إعادة الغسل يخرج المني، سؤالي هل إذا خرج المني بسبب القلق أو الخوف لا أكون جنبا وأبقى طاهرا ولو كانت قبله لذة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخارج منك تنطبق عليه صفات المني فقد وجب عليك الغسل ما دام المني خارجا بسبب لذة من نظر أو تفكر. وراجع الفتوى رقم: 26425، والفتوى رقم 30450 والفتوى رقم: 48060. وللتعرف على الفرق بين المني وغيره راجع الفتوى رقم: 56051. والغالب أن يكون الخارج مذيا في حالة إثارة الشهوة بسبب التفكر فيها، ففي كفاية الطالب الرباني ممزوجا برسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: وهو أي المذي ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة بالإنعاظ أي قيام الذكر عند الملاعبة أو التَّذكار بفتح التاء أي التفكير. انتهى. والواجب عليك غض بصرك عن كل ما يحرم النظر إليه فإن إطلاق البصر للنظر إلى المحرمات عواقبه وخيمة على المسلم في دينه ودنياه. وراجع الفتوى رقم: 26418، كما ينبغي لك مجاهدة النفس على التخلص من الأفكار الرديئة وراجع الفتوى رقم: 35373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(11/2831)
الاستبراء من الودي وغسل ما أصاب من الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي استفسار يحيرني جدا وأتمنى أن أجد الإجابة الدقيقة جزاكم الله خيراً ففي السؤال السابق أحلت إلى إجابة مماثلة لم أجد فيها الجواب الكافي ... ومشكلتي هي أنني بعد التبول يظهر بشكل طفيف سائل لزج لا يتوقف في السيلان إلا بعد مدة مما سبب لي جهدا كبيرا في عملية التطهر منه قبل الوضوء حتى أني أضطر إلى غسل ملابسي الداخلية منه دائما بعد كل تبول وتغييرها أو أمتنع عن التبول أو الدخول إلى الحمام لأكثر من نصف يوم من أجل المحافظة على الوضوء لما في ذلك من مشقة في التطهر منه وتغيير الثياب الداخلية وخاصة في فصل الشتاء فدلوني جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل الذي ذكرت تنطبق عليه صفات الودي وهو نجس وناقض للوضوء، وإذا كان سيلانه منه لا يستغرق أكثر الوقت فليس بسلس.
فالواجب عليك الاستبراء منه، وغسل ما أصابه من الملابس من غير مبالغة في ذلك، لأن طهارة البدن والثوب من شروط صحة الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 3861.
ولا ينبغي لك حبس البول نظراً لما ثبت من النهي عن الصلاة على تلك الحالة إضافة إلى ما في ذلك أيضاً من تأثير على صحتك، وراجع الفتوى رقم: 38636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/2832)
خروج المذي والصلاة به ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[داعبت زوجتي فخرج مني المذي ونسيت ذلك ثم إني توضأت للصلاة وغسلت ذكري ولكني نسيت أن أغسل بيضتي وصليت وبعد فترة تذكرت ذلك، فهل أعيد صلاتي، وما الحكم أيضاً إذا صار لي نفس الموقف السابق ولم أغسل ذكري وإنما توضأت فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المذي يترتب عليه نقض الوضوء إضافة إلى وجوب الاستنجاء وغسل ما أصابته النجاسة فقط، قال الإمام النووي في المجموع: في حديث علي رضي الله عنه فوائد منها أن المذي لا يوجب الغسل وأنه نجس وأنه يجب غسل النجاسة وأن الخارج من السبيل إذا كان نادراً لا يكفي في الاستنجاء منه الحجر بل يتعين الماء وأنه يجب الغسل من المني وغيره من النادرات يوجب الوضوء. إلى أن قال: ولهذا أمر بغسل الذكر والواجب منه موضع النجاسة فقط هذا مذهبنا ومذهب الجمهور وعن مالك وأحمد رواية أنه يجب غسل كل الذكر وعن أحمد رواية أنه يجب غسل الذكر والأنثيين.
دليلنا ما رواه سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر من الغسل فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من المذي الوضوء. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأما الأمر بغسل الذكر في حديث المقداد فعلى الاستحباب أو أن المراد بعض الذكر وهو ما أصابه المذي. انتهى.
وعليه فعدم غسل الأ نثيين لا يبطل الصلاة، وفي الحالة التي تركت فيها غسل موضع النجاسة من الذكر فإن كان ذلك جهلاً أو نسياناً فقد اختلف أهل العلم هل تلزمك إعادة الصلاة أم لا، قال ابن قدامة في المغني: وإن علم أنها كانت في الصلاة لكن جهلها حتى فرغ من الصلاة ففيه روايتان إحداهما لا تفسد صلاته هذا قول ابن عمرو وعطاء وسعيد بن المسيب وسالم ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ويحيى الأنصاري وإسحاق وابن المنذر.
والثانية يعيد وهو قول أبي قلابة والشافعي لأنها طهارة مشترطة للصلاة فلم تسقط بجهلها كطهارة الحدث، وقال ربيعه ومالك يعيد ما كان في الوقت ولا يعيد بعده. إلى أن قال: والصحيح التسوية بينهما لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان بل النسيان أولى لورود النص بالعفو فيه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان. انتهى.
وقال النووي أيضاً في المجموع: في مذاهب العلماء فيمن صلى بنجاسة نسيها أو جهلها ذكرنا أن الأصح في مذهبنا وجوب الإعادة وبه قال أبو قلابة وأحمد وقال جمهور العلماء لا إعادة. انتهى.
وعليه فإذا كنت صليت بدون غسل نجاسة المذي ناسياً جاهلاً فصلاتك صحيحة عند جمهور أهل العلم وإن كان الاحتياط إعادتها.
أما إن كنت صليت في هذه الحالة عامداً فصلاتك باطلة تجب عليك إعادتها لاختلال شرط من شروطها وهو طهارة البدن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(11/2833)
مسائل في المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أنا أعاني من مشكلة المذي، ففي بعض الأحيان أعود من المسجد وأجد المني يتساقط مني بسبب بعض ما أتى به الشيطان في ذهني والعياذ بالله في المسجد، وأنا أحاول جاهداً مقاومته، والغريب أنه بعض الأحيان أرى المذي قطرة واحدة فقط لا غير وبعض الأحيان يسيل مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المذي سبب لنقض الوضوء وموجب لغسل الذكر فقط على الراجح، ومن أهل العلم من قال بوجوب غسل الأنثيين أيضاً، ومن تيقن خروجه أثناء الصلاة قطع صلاته لبطلانها وتوضأ، ومن لم يتيقن خروجه بل وجده بعدها فصلاته صحيحة لأن الحدث يضاف إلى أقرب أوقاته لا إلى ما قبل ذلك.
وإذا كثر خروجه بحيث لا ينقطع في وقت يتسع للطهارة والصلاة فهو بمثابة السلس يتوضأ صاحبه لكل صلاة بعد دخول وقتها وبعد غسل المحل وشده بخرقة، ولا يضره ما نزل بعد ذلك ولو في أثناء الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 9170، والفتوى رقم: 56252.
وما وجدته من مذي عند البول لم تعلم به قبل ذلك فإنك تضيفه إلى وقت الاطلاع عليه؛ لما تقدم من أن الحدث يضاف إلى أقرب أوقاته لا إلى ما قبل ذلك، وراجع الفتوى رقم: 44825.
وراجع الفروق بين المذي وغيره من المني والودي في الفتوى رقم: 35657، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 5186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/2834)
صفات مني المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أكتب لكم هذا السؤال وأنا أتمنى أن أجد عندكم الجواب الشافي وأن تجيبوني بالتفصيل ودون أن تحيلوني إلى أسئلة أخرى،فأنا تعبت كثيراً مما أريد أن أستفسر عنه وهو أني لا أستطيع التمييز بين الإفرازات جميعها وخصوصاً المني بما يخص الفتاة، بالرغم أني قرأت جميع الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع في شبكتكم ولكن لم أستطع للآن التمييز بينها والمشكلة أنا أيضا لم أعلم ما هي رائحة العجين أو طلع النخيل فهناك إفرازات تكون ذات رائحة ولا أدري هل هي رائحة المني، وأحيانا تكون هناك إفرازت برائحة أخرى وغالباً ما تكون الإفرازات ذات لون أصفر وهي إذا مواصفات المني ولكن أحد الأطباء قال لي إن رطوبة الفرج قد تكون ذات لون أصفر هذه من ناحية وقد تكون ذات رائحة - أي يمكن أن تكون حالة مرضية-وبالتالي اختلط علي الأمر؟ وعند الشهوة تنزل إفرازات من الفتاة وإذا كانت المني إذا أصبحت على جنابة وأنا في وظيفة ولي عديد من الزملاء- مع العلم أن معظم الوظائف فيها من كلا الجنسين- وينزل مني دائما إفرازات قد تكون بشهوة وقد لاتكون والمشلكة أني لا أستطيع التمييز هل أنا على جنابة أم لا وأرجوكم لا تجيبوني إذا نزل المني بشهوة إذا جنابة فأنا لا أستطيع فعلاً التمييز بين المني وغيره بالرغم أني قرأت عن صفات المني؟ وأدى ذلك لعدم التزامي بالصلاة جيداً إذا حاولت أن أبتعد على الحيرة التي أنا فيها أتوضأ وأصلي على تجاهل ما أنا فيه ولكن ضميري يؤنبني بأني لم أتحر على نوعية الإفرازات، اعذروني للإطالة ولكن حاولت أن أوضح الحالة التي أنا فيها وجزاكم الله الخير والثواب عني وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين أهل العلم الأوصاف المميزة للمني وغيره من مذي وودي، فقد ذكر الإمام النووي في شرح صحيح مسلم صفات مني المرأة بقوله: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما، إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل. والثانية: التلذذ بخروجه، وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى. كما وضح أيضا أوصاف المذي بقوله: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى. والودي عرفه البجيرمي الشافعي في حاشيته بقوله: وهو ماء أبيض كدر ثخين يخرج إما عقبه (يعني البول) حيث استمسكت الطبيعة، أو عند حمل شيء ثقيل. انتهى.
فالمني إذاً يعرف بعدة علامات:
1ـ الخروج بشهوة ولذة أي يشعر الشخص باللذة وقت خروجه.
2ـ الإحساس بالفتور بعد خروجه.
3ـ له رائحة كرائحة طلع النخل أو العجين
4ـ إن كان من المرأة يزيد كونه أصفر رقيقا.
فما خرج من المرأة غير متصف بالأوصاف المذكورة فليس منيا، ويجب منه الوضوء.
والسائل الخارج بعد إثارة الشهوة أو التفكر فيها يكون غالبا مذيا. قال النفراوي في الفواكه الدواني، وهو مالكي: وهو أي المذي ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة المعتادة وهي الميل إلى الشيء وإيثاره على غيره بالإنعاظ أي قيام الذكر عند الملاعبة، أو التذكار- بفتح التاء- أي التذكر. انتهى.
فالإفرازات الخارجة إذاً إن كانت تنطبق عليها صفات المني فقد وجب عليك الغسل من الجنابة، ولا تصح صلاتك إلا بعد الغسل، وإن لم توجد صفات المني فالواجب الوضوء فقط. ولا يجوز التهاون في الصلاة في أي حال من الأحوال، بل الواجب أداؤها بشروطها وأركانها وواجباتها وفي وقتها لما لها من أهمية عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال الإنسان يوم القيامة. وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يضيعها أو يتهاون بها، فقد قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً {مريم:59} . وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:5} .
واعلمي أن العمل في وظيفة تؤدي إلى الاختلاط المحرم بين الجنسين لا يجوز إلا في حال الضرورة الملحة، كعدم وجود بديل سالم من الاختلاط مع الاحتياج لهذا العمل لسد الحاجات الضرورية مع البحث المستمر عن بديل مباح، والتقيد بالأوامر الشرعية من غض البصر، وعدم الاختلاط بالرجال، والمحادثة معهم إلا ما تدعو إليه الحاجة من ذلك فقط مع استشعار قوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْه مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2ـ3} .
وأخيرا فإنا نقول: ليس بإمكاننا إلا أن نذكر أوصاف أهل العلم لما سألت عنه من مميزات المني وغيره ولا نستطيع أكثر من ذلك، وننصحك بالإعراض عن تلك الوساوس والحيرة التي تجدينها، فإن الاسترسال فيها سبب لتمكنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(11/2835)
مسائل حول مني المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لون مني المرأة أصفر أم ممكن أن يكون لونه أبيض لأن حضرتك قلت غالبا يكون أصفر ومعنى كلمة غالبا أنه ممكن عند بعض السيدات أبيض ولكني قال لي أحد الشيوخ إن ماء المرأة أصفر وليس أبيض وهل يمكن أن يكون المني هذا قليل يعني مثل الإفرازات القليلة أم يبقي كمية كبيرة وما المقصود لو أحسست ببلل في ملابسي أوعلى فخذي معنى هذا أنه لابد أن يكون المني كمية كبيرة أرجو يا شيخ الإفادة في هذه النقطة بالذات وهل إذا أحسست بإفرازات هل لابد أن أمسح فرجي بالمنديل لأتأكد أم يكفي النظر في ملابسي الداخلية فقط لأرى هل بها إفراز أم لا فأحيانا لا أجد أثر الإفرازات في ملابسي الداخلية لكن عندما أمسح بمنديل أجد إفرازات لكن تبقي كمية قليلة ومن أجل ذلك لا تنزل في الملابس الداخلية فهل إذا احسست بإفرازات ولم أجد شيئا في ملابسي الداخلية هل لابد أن أمسح بمنديل لأتاكد أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب كون مني المرأة أصفر وقد يكون أبيض بسبب زيادة غذائها، قال النووي في شرح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بها، إحداهما: رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى. وقد يخرج المني بكمية كثيرة أو قليلة، ويختلف ذلك من شخص لآخر، فلا يعنى الإحساس بنزوله في الملابس أو على الفخذ أنه لا ينزل إلا بكمية كبيرة. ثم إذا لم تتحققى أو يغلب على ظنك نزول إفرازات فلا يلزمك البحث ولا النظر في الملابس الداخلية أو غيرها لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. ونزول السائل خارج الفرج يوجب الاستنجاء إن كان نجسا بأن يكون مذيا أو وديا، أو كان إفرازات خارجة من مخرج البول كما في الفتوى رقم: 5522. والإحساس بإفرازات من غير أن تخرج من الفرج غير ناقض للوضوء، وبالتالي فلا يلزم البحث عنها ولا مسحها بمنديل أو غيره. وراجعي الفتوى رقم: 15697، والفتوى رقم: 51292. وللتعرف على علاج الوسواس راجعي الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(11/2836)
علامات فارقة بين المذي والمني
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبت مؤخرا بوسوسة في الطهارة.حيث يهيأ لي أن كل ما أجده من بلل هو مني يوجب الاغتسال. لكن ما يقلقني هو الإثارة التي أتعرض إليها لأتفه الأسباب (كلام مع الزملاء وإن كنت أغض البصر. الجلوس جانب الرجال في المواصلات لأنني مضطرة لأخذها بسبب بعد مكان العمل وغالبا ما تكون مزدحمة ... ) مع أنني لا أحس بدفق ولا فتور. وفي بعض الأحيان أحس بنزول بعض الإفرازات لا يصاحبها لاشهوة ولا فتور. كل ما هناك إثارة. إضافة إلى أنني من اللواتي لا تنقطع عندهن الإفرزات المهبلية وغيرها.مما يضطرني للتأكد بين الحين والآخر والغسل كل يوم والتوتر النفسي الذي يرافقني والبكاء أحيانا.ما العمل للتخلص من هذه الوسوسة؟ أجيبوني جزاكم الله خيرا ولا تحيلوني لأنني اطلعت على كل الفتاوى المتعلقة بالموضوع ولم أجد فيها حلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك علامات تستطيع المرأة أن تميز بها بين ما يخرج منها، فمني المرأة أصفر رقيق، وقد يبيض لزيادة قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما: إحداهما: أن رائحته كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، وإذا يبس فإن رائحته تكون كرائحة البيض. والخاصة الثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة لا بدفق، ولا يأتي بعده فتور، وربما لا يحس الإنسان بخروجه.
إذا عُلِم هذا ... فالمذي نجس يجب غسل الثياب منه، ويجب غسل الفرج من آثاره، وكذلك يجب غسل ما أصاب البدن منه، وهو ناقض للوضوء ولا يوجب الغسل. بينما المني طاهر على الراجح، ولكن يستحب غسله من الثوب، وخروجه موجب للغسل، أي غسل الجنابة.
أما الإفرازات المهبلية فهي طاهرة على الراجح من أقوال العلماء، لكنها تنقض الوضوء ولا توجب غسلا. وعليه.. فلا داعي للوسوسة والتوتر ويمكنك الرجوع إلى الفتوى رقم: 51601. لمعرفة علاج الوسوسة. كما ننصحك بالبعدعن كل ما يثيرك قدر المستطاع، وإذا كان عملك فيه اختلاط بالرجال فننصحك بتركه، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً {الطلاق:2ـ 3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1425(11/2837)
مدى أثر انتصاب القضيب في خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الخامسة عشر من عمري.. وأعاني كثيرا من الشك في نزول المذي وخاصة أثناء دوامي الدراسي فأضطر إلى الدخول إلى دورة المياه كل فترة وفترة وهذا يسبب لي الإحراج.. وخاصة عندما أنظر إلى المردان أو تأتيني شهوة.. وهل يمكن للمذي أن يخرج دون استقامة القضيب.. وهل هناك علامات تثبت خروج 100% وهل حرصي على التأكد من نزوله أم لا يكون له أجر..
وجزاكم الله خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنببهك أولا على حرمة وخطورة النظر إلى المردان بشهوة أو النظر المحرم عموما. وقد سبقت الإجابة على هذه المسألة في الفتوى رقم: 56002. ولا ينبغي لك الاسترسال مع الوساوس في شأن خروج المني؛ فلا يلزمك التفتيش والبحث عن خروجه لأن الأصل عدم ذلك إلا بدليل، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. وهذا لفظ مسلم. والصفات المميزة للمذي ذكرها النووي في المجموع بقوله: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى. فانتصاب القضيب ليست شرطا في خروج المذي ما دام خروجه قد يكون بدون إحساس الشخص. وليس لك أجر على ماتقوم به من تفتيش وبحث إذا كان ذلك زائداً على المطلوب شرعاً، والأصل عدم الخروج إلا مع وجود علامة تدل عليه، ولأن الاسترسال في هذا الأمر قد يؤدي إلى الوساوس والأوهام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/2838)
المذي عند النساء وما يلزم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أعرف أن الذي نزل هو المذي فما هي صفته من حيث القوام واللون والرائحة، حيث إنه صار وسواساً يؤرقني كلما دخلت إلى الخلاء أنه سوف ينزل حتى في شهر رمضان وأيضاً حتى بعد انتهائي من الصلاة اضطر للاستنجاء مرة أخرى حيث أظنه قد نزل لكي أتوضأ حتى لقضاء فرض آخر، وماذا يحدث إن لم تكن هواجس وكان ينزل كلما قمت بغسله حتى إنني أمكث في الخلاء قرابة النصف ساعة، وهل عندما أقوم بالتنشيف بعد غسله هل تصير الفوطة نجسة، وهل وضعها على جسدي ينجسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الإمام النووي في المجموع ما يتميز به مذي المرأة والرجل بقوله: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال.انتهى، وراجعي الفتوى رقم: 51191.
ثم إنه من الضروري الإعراض عن تلك الوساوس التي تعتريك في شأن خروج المذي، فلا ينبغي لك قطع الصلاة بمجرد ظن خروج المذي، كما لا يبطل الوضوء بذلك، ولا الصوم أيضاً، بل لابد من التحقق من خروجه بدليل ما في الصحيحين واللفظ لمسلم: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحا ً.
قال النووي: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
وإذا حصل اليقين بكونه مذياً، فالواجب غسله مع عدم المبالغة في ذلك، وعدم تتبع الوساوس، وبعد انقطاع خروجه فقد طهر المحل، ولا يتنجس الثوب الذي تم التنشيف به، وإذا تم الغسل، فلا يتنجس الجسد ولا الملابس مكان الغسل بملامسته، والاسترسال في هذه الأمور سبب للوساوس، فالأولى الإعراض عن ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 7578.
وللتعرف على أنواع الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة راجعي الفتوى رقم: 49266، والفتوى رقم: 22212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(11/2839)
العلامات الفارقة بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي إذا كثر الاحتلام هل يمكن أن يعتبر الإنسان الأولى مني والثانية مذي
مع العلم أن الاغتسال فيه نوع من المشقة والإحراج وكيف يمكن التفريق بينهما أرجو التفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا احتلم الإنسان لزمه الغسل قبل مباشرة ما لا تجوز مباشرته إلا بالطهارة من الحدث الأكبر ولو كثر خروجه على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 41812.
ولا يجوز له اعتبار المني مذياً إذا كان ما أصابه منيا فعلاً وعرفه بعلاماته المفرقة بينه وبين المذي وهي.
1- أن رائحة مني الرجل كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، وقال بعض العلماء إنه إذا يبس فإن رائحته كرائحة البيض.
2- التلذذ بخروجه وفتور الشهوة عقب خروجه، قالوا: ويجب الغسل بخروج المني بأي صفة وحال كان.
وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة لا بدفق، ولا يأتي بعده فتور، وربما لا يحس الإنسان بخروجه وإن كانت الشهوة هي السبب في خروجه، إذا علم هذا.. فالمذي نجس يجب غسل الثياب منه، وهو ناقض للوضوء ولا يوجب الغسل.
بينما المني طاهر على الراجح، ولكن يستحب غسله من الثوب، وخروجه موجب للغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/2840)
صفة مني المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل فضيلة الشيخ عن حكم الفتاة التي لا تذ كر احتلاما ولا تجد بللا ولكن عندما تنهض من الفراش تحس بتدفق بعض الإفرازات وهي تشك في طبيعتها أهي مذي أومني أو ودي. وفي بعض الأحيان لا تجد هذه الإفرازات إلا عند الاستنجاء حيث تحس بسائل لزج. فمتى يكون عليها الغسل؟ وجزاكم الله خيرا. فهذه مسألة تحيرني وتحول حياتي إلى جحيم علما أنني أعاني من وسواس يعذبني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك غسل بسبب خروج تلك الإفرازات لأن الذي يوجب الغسل منها هو المني وحده بشرط خروجه بلذة معتادة كما في الفتوى رقم: 5188. وإنما يجب عليك الغسل إذا خرج المني بصفاته المميزة عند أهل العلم. قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما:
إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل.
والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى.
كما قال النووي في المجموع مبينا صفة المذي: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة بلا شهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى.
وراجعي المزيد من التفصيل في الفتوى رقم: 34363.
وللتعرف على أنواع الإفرازات التي تخرج من المرأة مع حكم كل منها راجعي الفتوى رقم: 5522.
وعليه؛ فلا يجب عليك غسل بسبب خروج تلك الإفرازات. ثم عليك بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال فيها، وواظبي على الدعاء والاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان الرجيم فإنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. هذا إضافة إلى التحصن بالأذكار المشروعة كأذكار الصباح والمساء ونحوها، وراجعي الأجوبة التالية أرقامها: 2783، 3171، 7578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/2841)
هل نزول المذي مرتبط بانتصاب العضو
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بسيط جدا..
هل يمكن للمذي أن يخرج دون استقامة الذكر؟ لأنه يراودني شك كبير أثناء دوامي عندما تأتيني بعض الشهوات ولو كانت بسيطة.. فاضطر أن أدخل إلى الحمام كل فترة فهذا يسبب لي الكرب والهم وأيضا أنا أعاني من الشك.. فعندما انظر إلى السروال تبدأ الشكوك هل خرج أم لم يخرج؟.
أرجو المساعدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ينتصب الذكر عند رؤية ما يثير الشهوة ولا ينزل مذي، وقد لا ينتصب الذكر وينزل المذي، فالناس يختلفون في هذا، والأصل عدم حصول ذلك حتى يجد الشخص بللا في البدن أو الثوب ونحو ذلك، ولا يجلب لنفسه الوسواس بكثرة الأوهام والشكوك التي لا مستند لها، وخير علاج لهذا الوسواس هو أن تعرض عنه، ولا تسترسل معه حتى تتيقن نزول شيء منك، فيلزمك غسل الذكر، وما أصابه المذي، والوضوء لأن المذي نجس بالاتفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/2842)
الدليل على أن خروج الودي لا يوجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن خروج الودي بعد التبول لا يلزم منه غسل الجنابة وإنما غسل الذكر فقط. ولكن ما يحدث معي أن خروج الودي يسبب لي نفس شعور الجنابة , أي أن الودي يخرج مني دون دفق ودون لذة وبكميات متفاوتة بين نقطة وعدة نقاط أو أكثر وبعد ذلك أشعر بارتخاء بسيط وشعور في رأسي وتحت شعري وكأني مجنب. لذلك ألجأ إلى الاستحمام ولكن الحالة شبه يومية معي والذي دفعني إلى السؤال والاستشارة هو أنه مر معي حديث لا أذكر إن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أم لأحد الصحابة بعد وفاة الرسول وملخصه - لأني لا أذكره بلفظه ولا حتى أين قرأته - أن أحدهم دخل المسجد وسأل الصحابة عن الودي فأخبروه بشيء ما لا أذكره أنا , وكان أحد الصحابة قائماً يصلي فلما انتهى قال أرسلوا له وسأله هل تجد فتوراً قال نعم قال اغتسل غسلك للجنابة.
هذا الحديث أبحث عنه ولا أجده لأني أريد أن أعلم هل هو صحيح أم لا وهل يجب علي الغسل في هذه الحالة أم لا.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج الودي لا يوجب الغسل بالإجماع، كما نقله جماعة، ومنهم الإمام النووي رحمه الله في المجموع، حيث قال: أجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي. ويشهد لهذا الأثر الذي سمعته، وهو كما في كنز العمال: عن مجاهد قال: بينا نحن جلوس أصحاب ابن عباس: عطاء وطاوس وعكرمة إذ جاء رجل وابن عباس قائم يصلي، فقال: هل من مفت؟ فقلت: سل. فقال: إني كلما بلت تبعه الماء الدافق، فقلنا: الذي يكون منه الولد؟ قال: نعم، فقلنا: عليك الغسل فولى الرجل وهو يرجع (أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون) وعجل ابن عباس في صلاته، فلما سلم قال: يا عكرمة، علي بالرجل، فأتاه به، ثم أقبل علينا فقال: أرأيتم ما أفتيتم به هذا الرجل عن كتاب الله؟ قلنا: لا. قال: فمن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: لا. قال: فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: لا. قال: فعمن؟ قلنا: عن رأينا. فقال: لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ثم أقبل على الرجل، فقال: أرأيت إذا كان منك هل تجد شهوة في قلبك؟ قال: لا. قال: فهل تجد خدراً في جسدك؟ قال: لا. قال: إنما هو هذا بردة يجزئك منه الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/2843)
الفروق المعتبرة بين المذي والمني والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[حتى الآن وبعد اطلاعي على جميع الفتاوى والأسئلة الخاصة بالماء الذي ينزل من المرأة فلا أجد شرحا وافيا لماهية المني. حيث إني دائما أجد بللا في ملابسي الداخليه بسبب وبدون سبب وأغلب الوقت يكون لونه أصفر فاتح ولا أعرف ما ذلك ويكون بشهوة أو غير ذلك أو نتيجة جهد أو مشي. فلذلك أجد صعوبة في معرفة الفرق ما بين المني وأنواع البلل أو السوائل الخارجة من الفرج. أرجو إفادتي بتوضيح أكثر.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المني الذي يلزم منه الغسل، إما أن يخرج في نوم سواء كان من خرج منه يذكر احتلاما أم لا، وإما أن يخرج في يقظة عند الجماع أو إثارة الشهوة بمقدمات الجماع أو غيرها، وعلامته أنه سائل لزج يخرج بتدفق مصاحب للشهوة ويعقبه فتور، وغالبا ما تكون رائحته تشبه رائحة الطلع أو العجين.
وأما المذي فهو سائل لزج أيضا غير أنه أرق من المني ويخرج عادة بعد هيجان الشهوة، والغالب فيه أنه يخرج متقطعا وينقض الوضوء، ولا يجب منه الغسل.
وأما الودي فهو ماء أبيض خاثر يخرج بعد البول غالبا، وربما خرج قبله ولا علاقة له بالشهوة، وهو نجس ولا يلزم منه إلا ما يلزم من البول.
وبهذا تعلمين الفروق المعتبرة بين المذي والمني والودي، وما عدا ذلك فهي إفرازات. وقد فصلنا حكمها في الفتوى رقم: 51282، والفتوى رقم: 6542. وننصحك أن تحذري من دواعي الوسواس ولتعلمي أن الأصل براءة الذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/2844)
هل يجب غسل البدن من المني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب غسل موضع جسم المرأة (سواء كان في الصدر أو على الفخذين) إذا أصابها مني الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني طاهر في قول جمهور العلماء، ولا يجب غسله، سواء كان في الثوب أو البدن، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ولقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والفرك هو الحك، ومعلوم أن الحك لا يطهر المكان الذي أصابته النجاسة، فدل فرك عائشة للمني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم على طهارته. لكن الأحسن أن يغسل، لأنه مستقذر كالمخاط ونحوه مما هو طاهر مستقذر، ولذلك كانت عائشة تغسله مرة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغلسه أي المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام النووي في المجموع: إنما فركه تنزها واستحبابا، وكذا غسله كان للتنزه والاستحباب، وهذا الذي ذكرناه متعين أو كالمتعين للجمع بين الأحاديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/2845)
المذي لا يوجب غسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة حديثا ولكن كلما داعبني زوجي (بدون إيلاج) أحس بنزول سائل أبيض لزج ولا أحس بفتور بعد نزوله وأحيانا لا أحس بنزوله ولكنه ينزل بكمية كبيرة, فهل هو مذي ... فلقد تعبت من الغسل وشعري تضرر كثيرا ... فأرجو إجابتي مباشرة وعدم تحويلي إلى فتوى أخرى لأني كلما أقرأ أكثر تبدأ الوساوس بشغل بالي بشكل مؤرق.. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل الذي ينزل منك بالصورة التي ذكرتها فلا يعد منيا، ولا يوجب غسلا، بل هو المذي، ولا يجب في المذي سوى الوضوء مع غسل موضع خروجه وما أصاب من الثياب، لأن المذي نجس ولا يعتبر ذلك منيا، لأن المني تصحبه شهوة ويعقبه فتور والأمر ليس كذلك هنا على ما ذكرت، وراجعي الفتوى رقم: 50236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/2846)
على المرء الابتعاد عن كل ما يثير شهوته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب ملتزم والحمد لله وقد التزمت وأنا في السادسة عشر من عمري أصبحت أرتاد المساجد وأحضر دروس العلم أنا الآن في السابعة والعشرين في حياتي لم أصاحب فتاة وحتى أني لم أصافح فتاة منذ التزامي ولا أنظر إلى فتاة بشهوة ولكنني الآن في مشكلة فأنا أحب أن أحب وأن يحبني الغير فلذلك أحب أن يكون لي صديق أحبه في الله وأن تجمعني به صداقة قوية وأحبه أن يكبرني في العمر بكثير والحمد لله لي أصدقاء مميزون ولكن المشكلة ينتابني في بعض الأحيان شعور بإقامة علاقة جنسية معهم ولكنني أستغفر الله وأبعد هذا الوسواس والمشكلة أيضا أني شاب كثير المذي فعندما ألقى الشخص الذي أحبه أشعر بفرحة كبيرة (لأنني أحب من كل قلبي) فيؤدي ذلك إلى خروج المذي مني حتى بدون انتصاب والمشكلة أيضا أني عندما أكون في الصلاة ويأتي ويقف بجانبي أشعر بعد حوالي دقيقة أن شيئا يخرج مني فبعد الصلاة أذهب إلى الحمام لأرى ففي بعض الأحيان أرى المذي فأعيد صلاتي وفي بعض الأحيان لا أرى شيئا. إن ذلك يحدث لي دائماً فماذا أفعل إذا شعرت بذلك في الصلاة أأقطع صلاتي امّ ماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
وأريد أن أسأل أيضا أنا لست لوطيا ولم أقترف هذا الذنب بحياتي والحمد لله ولكن ينتابني هذا الشعور كثيرا ولا أعرف ماذا أفعل أأعتزل الناس وأجلس لوحدي من دون صاحب أم ماذا أفعل؟
أفيدوني من خبرتكم لو سمحتم.
أما بالنسبة للزواج أنا أريد أن أتزوج ولكنني لا أستطيع الزواج بسبب التكاليف المادية ولا أهلي يستطعون مساعدتي مادياً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي سائل يخرج عادة عند حصول اللذة الصغرى، وهو نجس وناقض للوضوء، ويجب منه غسل الذكر، ففي الصحيحين من حديث المقداد بن الأسود أن علياً رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد فسأله، فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.
وعليه، فإذا شعرت أثناء الصلاة بتلك اللذة التي يخرج منك بها عادة مذي، فإن الوضوء لا يبطل إلا أن يكون المذي قد خرج بالفعل فيمكنك إذا أن لا تقطع صلاتك، وإذا أكملتها وانصرفت إلى الحمام ووجدت مذياً وجب عليك غسل الذكر وتطهير ما تنجس من ثوبك ثم تتوضأ وتعيد الصلاة، وإن لم تجد شيئاً فلا شيء عليك.
وأما الصيام، فإنه لا يفسد ولو خرج المذي على المرجح من أقوال أهل العلم ما لم يخرج مني، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 747.
واعلم أن هذا الشعور الذي عندك اتجاه الذكور والتلذذ بهم بالدرجة التي ذكرت هو ما يؤدي إلى اللوطية، فالواجب عليك اعتزال من تؤدي مخالطته منهم إلى هذا الشعور، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم إن عليك أن تتزوج إذا لم يكن الصوم يكفي في إزالة ما بك، والتكاليف المادية ليست عذراً لترك الزواج في مثل حالتك، والله تعالى قادر على أن يعينك وييسر لك نفقات الزوجية، وعليك بالدعاء والتضرع إلى الله ليكشف ما بك، فإنه وحده القادر على ذلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ويعينك على تجنب الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/2847)
حكم الإفرازات التي تخرج من المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أعتذر منكم لإعادة عرض سؤالي عليكم مرة أخرى ولكن أحلتموني على أسئلة أخرى ولم أجد ما كنت أستفسر عنه في حالتي في التحديد فأنا أعلم أنه يجب الاغتسال إذا وجد بلل عند الاستيقاظ وذلك لوقوع الجنابة حتى ولو لم أتذكر احتلاما في نومي ولكن أتبرز كل يوم صباحاً-العفو منكم- ويجب أن ينزل في كل مرة إفرازات وعلى ما أعتقد أنه مني لأن لونه أصفر رقيق وأحيانا غير رقيق أم ممكن أن تكون إفرازات مهبلية؟ وعلي استشارة طبيب للتأكد؟ .وأنا عندما أذكر احتلاما وحتى إن لم أجد بللا أغتسل لأنه عند التبرز يجب أن ينزل مني إفرازات فهل هذا ما يجب علي عمله؟ مع العلم أحيانا عندما أحتلم ينزل مع الإفرازات عند التبرز مذي أي هل أن المذي هو فقط الناتج عن الاحتلام والمني هو ما ينزل طبيعيا مع التبرز؟ وسؤالي الأكثر أهمية كيف سأعلم بأني على جنابة ولم أذكر احتلاماً وأنا كل صباح تنزل مني إفرازات عند التبرز ويصعب علي كل يوم الاغتسال إن كان من باب الاحتياط للطهارة وخصوصا أن نزول الإفرازات كل يوم وضع طبيعي عندي. وأرجوكم أن تجيبوني على ما سألت أن لا تحيلوني على أسئلة أخرى فأنا أريد أن أعرف أيضا مواصفات الإفرازات المهبلية بالتحديدهل ممكن أن تكون ذات لون أصفر؟ وجزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخت السائلة أن تعلم أن مجرد وجود بلل بعد النوم لا يوجب الغسل وقد ذكر الفقهاء أن من رأى بللا واشتبه عليه هل هو مذي أو مني وجب عليه الغسل وإن شك أهو مذى أو ودي فلا غسل عليه، وكذا إن شك في الثلاثة وعليه فلا يجب عليها الغسل مما تراه عند التبرز وليست مطالبة بالبحث عن ذلك بل إن الغسل من هذه الإفرازت تنطع في الدين، لأنها طبيعية بالنسبة للنساء وإنما يجب علهيا الغسل إذا رأت المني سواء خرج في النوم أو اليقظة بجماع أو بغيره بشهوة، ولمواصفات المني يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 34363. وقد قسم الفقهاء الإفرازات التي تنزل من قبل المرأة من حيث الحكم المترتب عليها إلى قسمين قسم يوجب الوضوء فقط، وهو كل خارج سواء كان مذيا وهو الماء اللزج الذي يخرج بعد الشهوة الصغرى، أو كان وديا وهو السائل الأبيض الغليظ الذي يخرج بعد البول غالبا ولا علاقة له بالشهوة، أو كان رطوبة فرج وهي إفرازات تخرج من مخرج البول أو من المهبل وهذه الثلاثة لا توجب الغسل وإنما يستنجى منها ويتوضأ، والغسل لأ جلها تنطع في الدين وتكلف لما ليس مطلوبا شرعا ـ القسم الثاني وهو المني وهو الماء الذي يخرج أثناء الشهوة الكبرى بتدفق وهذا هو الذي يلزم من خروجه الغسل، ثم إن من رأى في النوم أنه في حالة جماع ولم يخرج منه شيء فلا غسل عليه باتفاق أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(11/2848)
هل يلزم التحري عن المذي قبل الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مذاء ولكني لا أشعر بالمذي حينما ينزل ولعلي أشعر بشيء من الانتصاب القليل قد يستمر لفترة وجيزة ولا أعتقد أن المذي ينزل إلا بعد فترة من 10 إلى 40 دقيقة من وقت انتهاء الانتصاب وقد لا ينزل المذي أو لا أجده إذا تحريت وقد يتكرر هذا كله كل ساعة وقد لا يتكرر تبعا لدرجه انشغال ذهني والظروف المحيطة بي وعندي عدة أسئلة في أمر الطهارة
1-إذا توضأت ثم صليت فدخل وقت الصلاة التي بعدها وأحسست بهذا القدر الذي وصفته من الانتصاب ولكني لم أشعر بنزول المذي فهل يجب التحري عن المذي بالنظر واللمس أم أن هذا ما قال عنه رسول الله لصاحب المزراب \\\"دعك منه (والهاء عائده على عمر) انه متكلف\\\"؟
2-كيف أنضح ثوبي بالماء إن كنت لا أعلم مكان المذي؟
3-أيكفيني كف واحد من الماء؟
4-لا أعلم بالضبط الأماكن التي أصيبت بالمذي من جسدي , فهل يجب غسل كل الأماكن المتوقعة الإصابة أم يجب أن أغسل ما أعلم يقينا أنه أصيب وذلك اليقين مصدره النظر واللمس؟
5-ما صفه الغسل في السؤال السابق؟
6-هل النضح هو الرش.
7-لتمام التخلص من المذي لابد أن أتبول ولكني لا آمن الطرطشه أبدا فيصاب سروالي بيسير البول فكيف أتخلص من النجاسة وأنا لا أعلم أين أصيب, أتكفيني مسحة بالماء فإن لم يكن على التبول فما زال السؤال قائما
مع العلم أن لا مشكلة في هذا وأنا في منزلي ولا أستطيع أن أجلس كي أتبول خارجه في العادة لقذارة المرحاض أو لأن المرحاض عربي وأنا ضعيف لا أستطيع جلوس القرفصاء.
8-إن لم أستيقن من إصابة السروال وإن غلب الظن, لا شيء علي لأن اليقين لا يزول بالشك, صحيح؟
أعزكم الله وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد الانتصاب لا ينقض الوضوء، كما بينا في الفتوى رقم: 30595.
والمذي هو كما قال النووي رحمه الله: ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه. اهـ.
وعليه، فإذا كان من عادتك خروج هذا السائل عند الشهوة أو بعدها فإنه يلزمك أن تتحرى قبل الوضوء لأنه يخرج من الإنسان ولا يحس بخروجه، كما ذكر النووي آنفا، وليس هذا من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يا صاحب المقراة لا تخبره هذا متكلف. رواه الدارقطني من حديث ابن عمر، لأن عمر رضي الله عنه سأل أو تحرى عن شيء الأصل فيه الطهارة وهو الماء الذي ترد عليه السباع، وأنت سألت أو تحريت عن شيء نجس من عادتك خروجه. وقولك كيف أنضح ثوبي بالماء إن كنت لا أعلم مكان المذي؟ جوابه أن عليك أن تنضح من ثوبك ما ظننت أنه أصابه المذي، لقوله صلى الله عليه وسلم لسهل بن حنيف لما سأله عن ما يصيب ثوبه من المذي؟ قال له: يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه. أخرجه أبو داود.
فيكفيك نضحه أي رشه بالماء ولو غسلته كان أحوط وخروجا من الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 9170 والفتوى رقم: 996 والفتوى رقم: 25346 في كيفية تطهير الثوب المصاب بالمذي. ويجب غسل ما أصابه المذي من الجسم.
وقولك لتمام التخلص من المذي ... الخ جوابه أن الأصل الطهارة فلا يحكم بنجاسة الثياب لمجرد الشك أنها أصابها رذاذ البول.
ونحن ننصح السائل الكريم بأن لا يفتح على نفسه باب الوسوسة لأنها شر مستطير قد تفضي بصاحبها إلى ترك الصلاة والعياذ بالله.
ولمزيد من الفائدة نحيلك على الفتاوى: 48862 و 42989 والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(11/2849)
المني يكون منه الولد بخلاف المذي والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المذي والودي لهما خصائص الإنجاب كالمني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولد لا يكون إلا من المني، قال الله تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى [القيامة:37] ، فلا يكون من المذي ولا من الودي وقد أشار إلى ذلك بعض الفقهاء قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يعدد الفروق بين المني والمذي: الوجه الثالث: فإن هذا -أي المني- يخلق منه الولد الذي هو أصل الإنسان، وذلك -أي المذي- بخلافه.
وروى عبد الرزاق في مصنفه عن قتادة وعكرمة قالا: هي ثلاثة: المني، والمذي، والودي، أما المني: فهو الماء الدافق الذي يكون فيه الشهوة، ومنه يكون الولد، ففيه الغسل، وأما المذي: فهو الذي يخرج إذا لاعب الرجل امرأته، ففيه غسل الفرج والوضوء، وأما الودي: فهو الذي يكون مع البول وبعده، فيه غسل الفرج والوضوء. انتهى، فأنت ترى أنهما جعلا من مميزات المني عن المذي والودي كون الولد منه دونهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(11/2850)
العلامات التي يعرف بها مني المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أود أن أستفسر كيف يمكن أن أميز بين المني وغيره من الإفرازات تمييزا واضحاً ليس فقط من حيث لونه فأنا سمعت أن لونه أصفر وإنما أحياناً يخرج مني إفرازات لونها أصفر، ولكن من غير دفق، وأحياناً يخرج مني عندما أسمع شيئاً مثيراً يخرج مني شيء لزج شفاف لكن دفق من غير شهوة، وفي بعض الأحيان عندما استيقظ وأمسح المحل بمنديل فإني أجد بللاً ولا أذكر أحتلاماً فأفيدوني أرجوكم ولا تحيلوني على أسئلة مماثلة فإني تعبت من كثرة الاغتسال تعبا نفسيا وجسدياً، ما معنى أن المني يخرج بشهوة ومتدفق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن مني المرأة يعرف بأمرين:
أحدهما: أن رائحته تشبه رائحة طلع النخل، كما هو الحال بالنسبة لمني الرجل.
الأمر الثاني: وجود اللذة عند خروجه وحصول فتور واسترخاء عقب خروجه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بهما إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل والثانية التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى.
والخارج عند إثارة الشهوة متصفاً باللزوجة تنطبق عليه صفات المذي، قال الإمام النووي في المجموع: والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى.
وبالتالي فالخارج الذي على هذه الحالة يعتبر مذياً وترتب عليه أحكامه، وما تجدينه بعد الاستيقاظ من النوم إذا كان يحتمل أن يكون منياً يعطى حكمه، ففي الإنصاف للمرداوي: لو انتبه بالغ أو من يحتمل بلوغه فوجد بللاً جهل أنه مني وجب الغسل مطلقاً على الصحيح من المذهب. انتهى.
وقال خليل في مختصره: وإن شك أمذي أو مني اغتسل وأعاد من آخر نومة كتحققه. انتهى.
وخروج المني بشهوة يعني خروجه مصحوباً بنشوة، وهذه صفة شاملة لمني الرجل والمرأة.
أما خروجه متدفقاً فمعناه خروجه بشدة وبقوة على شكل دفعات يعقب بعضها بعضاً، وهذه صفة خاصة بمني الرجل. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منياً ثلاث: أحدها: الخروج بشهوة مع الفتور عقبه. الثانية: الرائحة التي تشبه الطلع كما سبق. الثالث: الخروج بزريق ودفق ودفعات وكل واحدة من الثلاث كافية في إثبات كونه منياً، ولا يشترط اجتماعها ... إلى أن قال: هذا كله في مني الرجل. وأما مني المرأة فهو أصفر ... إلى آخر كلامه الذي سبق أول الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/2851)
حكم لمس ما أصابه المني أو المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الفراش بعد الجماع يعتبر نجساً لأنه قد تصل إليه بعض الإفرازات كالمذي وهو نجس وإن كان كذلك هل يجب غسله في كل مرة؟ وهل تنتقل النجاسة من الفراش إلى ملابس الشخص الطاهرة أثناء النوم عليه لأنه قد يعرق في كثير من الأحيان وتصبح ملابسه رطبة؟ أثناء فترة المداعبة دائما ما تتنجس اليد بالافرازات وتكون اليد فيها لزوجة بسبب الافرازات أو العرق فهل لمس الأشياء باليد ينجس هذه الأشياء كمقبض الباب مثلا هل يجب غسل هذه الأشياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفراش لا ينتجس بمجرد حصول الجماع، لأن الجماع قد لا يترتب عليه من الإفرازات ما يصل إلى الفراش، ولو حصلت إفرازات من الجماع ووصلت فعلاً إلى الفراش، فالغالب أنها تكون من المني وهو طاهر على القول المرجح، فلا يلزم غسله إلا من باب النظافة.
ولا أثر في التنجيس لما أصاب الثوب أو الفراش مما يشك في نجاسته. قال خليل: لا إن شك في نجاسة المصيب، أي لا يجب الغسل ولا النضح إذا شك في نجاسة ما أصاب الثوب أو الفراش، وإذا لم يجب الغسل هنا مع تحقق الإصابة فعدم الوجوب إذا شك في الإصابة أحرى.
وأما لو تحقق وصول المذي إلى الفراش، فإن ما أصابه ينتجس ويجب غسله حينئذ إن كان يراد للصلاة، وإلا فيندب فقط وراجع فيه الفتوى رقم: 3745.
وإذا عرق الإنسان وابتلت ثيابه من العرق، فإن لامست عين المذي المحقق الذي على الفراش، فإنها تتنجس، وإن كان مجرد شك فقد بينا أن الفراش لا يتنجس به، واليد إذا تنجست فعلاً من نحو مذي أو بول، فإن ما تلاقيه وهي مبلولة يتنجس، وإن كان الذي أصابها إنما هو مني أو إفرازات مهبل، فإنها لا تتنجس بذلك، وبالتالي لا يتنجس ما تلامسه، وفي حالة ما إذا تنجست الأشياء الممسوسة، فإن غسلها إنما يندب ولا يجب إلا إذا كان يلامسها المصلي أثناء صلاته فحينئذ يجب غسلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(11/2852)
كيفية تطهير المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم التطهر من المذي؟ وكيف يتم تطهير الملابس منه؟ وما هو مقدار المذي الذي اذا خرج من القضيب ينقض الوضوء؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن المذي يلزم بسببه الاستنجاء والوضوء، وقيل يجب منه الوضوء وغسل الذكر والأنثيين.
قال ابن قدامة في "المغني" متحدثا عن أحكام المذي: واختلفت الرواية في حكمه فروي أنه يوجب الوضوء وغسل الذكر والأنثيين، لما روي أن عليا رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ. رواه أبو داود. وفي لفظ: يغسل ذكره ويتوضأ. متفق عليه.
إلى أن قال: والرواية الثانية: لا يجب أكثر من الاستنجاء والوضوء، روى ذلك عن ابن عباس، وهو قول أكثر أهل العلم، وظاهر كلام الخرقي، لما روى سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء. أخرجه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح. انتهى.
وما يصيبه المذي من الثوب يكفي فيه النضح بالماء، دل على ذلك تتمة حديث سهل بن حنيف المتقدم قال: كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر منه الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إنما يكفيك بأن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه. رواه أحمد في المسند، وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وحسنه الشيخ الألباني.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد والنضح هو الرش بالماء، ففي لسان العرب لابن منظور: النضح الرش، نضح عليه الماء ينضحه نضحا إذا ضربه بشيء فأصابه منه رشاش، ونضح عليه الماء ارتش. انتهى.
وما خرج من المذي ولو كان يسيرا فإنه يعتبر نجسا ويترتب على خروجه ما يترتب على خروج الكثير من الاستنجاء والوضوء ونحو ذلك مما سبق.
ففي "كشاف القناع" للبهوتي الحنبلي: ولا يعفى عن بسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف أي البصر كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه لعموم قوله تعالى: [وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ] (المدثر:4) . انتهى.
وفي المغني لابن قدامة: ولا فرق بين يسير النجاسة وكثيرها، وسواء كان اليسير مما يدركه الطرف أو لا يدركه من جميع النجاسة إلا أن ما يعفى عن يسيره في الثوب كالدم ونحوه حكم الماء المتنجس به حكمه في العفو عن يسيره. .. إلى أن قال: وقيل عن الشافعي إن ما لا يدركه الطرف من النجاسة معفو عنه للمشقة اللاحقة به، ونص في موضع على أن الذباب إذا وقع على خلاء رقيق أو بول ثم وقع على الثوب غسل موضعه، ونجاسة الذباب مما لا يدركها الطرف، فالتفريق تحكم بغير دليل. انتهى.
وعليه، فتطهير المذي يكون بالاستنجاء منه بغسل الذكر والأنثيين، ثم الوضوء بعده عند إرادة الصلاة.
وتطهير الثوب منه يكون برشه بالماء حتى يصيب محل النجاسة، وقليل المذي يترتب على خروجه ما يترتب على الكثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(11/2853)
الطبع السليم ينفر من تذوق الأعيان النجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تذوق المرأة أو الرجل المذي أو الودي؟
وما حكم الرجل الذي شاهد منظرا أثار عنده الشهوة فوجد نقطة لزجة من فتحة مجرى البول بدون إرادة؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلا من المذي والودي نجس ويحرم ابتلاعه أو تذوقه، وهذا الفعل تمجه الفطرة السليمة إذ كيف يستسيغ إنسان أن يتذوق النجاسة، وانظر الفتوى رقم: 2146 و 16827.
والسائل اللزج الذي يخرج عند إثارة الشهوة هو المذي، وانظر لمعرفة ما يترتب على خروج المذي والودي الفتاوى: 945 و 45304 و 4036.
وننبه السائل إلى أنه يجب على المسلم أن يغض بصره عن النظر إلى ما حرم الله النظر إليه، قال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [سورة النور: 30] ، وانظر الفتوى رقم: 1256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(11/2854)
ما يلزم مما يخرج من فرج المرأة وله علاقة بالشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر اثنان وعشرين سنة وسأتزوج قريباً إن شاء الله حيث تم عقد القران، ولكن سؤالي هو: أنني عندما أتحدث إلى زوجي بالهاتف أو إذا جاء لزيارتي في المنزل أشعر بنزول سائل ما من المهبل وقد قرأت كتباً في الفقه وعلمت أنه سائل الشهوة ولكن الذي يحيرني ويقلقني جداً جداً جداً هو أنه من أي كلمة أحس بنزول هذا السائل أي طول الوقت (وحتى لو كان الكلام عادياً جداً مقتصراً على السؤال عن الأخبار وما شابه ذلك) ، وهو لا يكلمني أي كلام عن الجنس أبداً أنا أشعر بالخوف لا أعرف ماذا أفعل مما جعلني أستحم قبل كل صلاة أي خمس مرات باليوم مع أنني مصابة بمرض في الجلد يسبب لي الجفاف طول الوقت وهذا ما يتعبني وحتى لو اغتسلت واستحممت فقط من مجرد التفكير به فقط بأنني أحب زوجي أيضاً ينزل هذا السائل أفيدوني هل يجب علي الاستحمام لكل صلاة أم فقط أقتصر على الوضوء، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل الذي يخرج من فرج المرأة وله علاقة بالشهوة ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: المذي، وهو: سائل رقيق أبيض لزج يخرج عند الشهوة ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه وهو نجس، فإذا أصاب الثوب أو البدن وجب غسله، وهو ناقض للوضوء فقط كالبول ولا يوجب الغسل.
القسم الثاني: المني، وهو: ماء أصفر رقيق تشعر المرأة بالتلذذ عند خروجه، وبفتور شهوتها عقب خروجه، وهذا إذا خرج منها وجب عليها الغسل، وهو طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم.
وعليه، فما تجدينه من سائل يمكنك معرفته بما ذكرنا من علامات، والغالب أن يكون مذياً، لأن المذي هو الذي يخرج في مثل هذه الحالة التي ذكرت فلا يجب عليك الاغتسال منه، بل يكفيك الوضوء وغسل ما أصاب الجسد أو الثوب منه.
ولا يدعو للقلق والحيرة نزول هذا السائل منك من أي كلمة أو زيارة من زوجك، فإن هذا أمر طبيعي وموجود عند بعض الناس، وقد ثبت في الحديث عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: فيه الوضوء، وفي رواية أخرى عن الإمام مسلم: يغسل ذكره، ويتوضأ. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/2855)
استيقظ فصلى ولم ينظر في ثوبه فإذا هو كان قد أمذى
[السُّؤَالُ]
ـ[استيقظت ذات مرة قبل 10 دقائق من انتهاء صلاة الفجر وكان ذكري منتصباً فقلت لنفسي لا أنتبه إلى ملابسي إلا بعد الانتهاء من الصلاة وبعد أن انتهيت فإذا ببقعة مذي صغيرة فغسلت فرجي وتوضأت فلما بدأت أصلي انتهى وقت الصبح ولكني أكملت الصلاة جهراً فهل ما فعلته صحيح؟ وهل أنا آثم لعدم نظري مع أنه كثيراً ما يحدث هذا الأمر معي ولكن لا أرى أي بقع؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لك في حالة أن تستيقظ وذكرك منتصب أن تتفقد ملابسك قبل الشروع في الصلاة لأن انتصاب الذكر مظنة خروج شيء منك وكونك لم تجد شيئاً في بعض المرات لا يعني أنك تهمل في غيرها لأن المسلم مطالب بالاهتمام بصحة صلاته وعدم الإهمال المؤدي إلى بطلانها.
وما دمت قد غسلت ذكرك وأزلت المذي الذي رأيته على ثوبك وأعدت الصلاة فإن ما فعلته صحيح وتكون صلاتك قضاء لأن من لم يدرك ركعة كاملة من الصلاة قبل خروج وقتها فقد فاتته أداء، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة.
والراجح من أقوال العلماء أن صلاة الفجر تقضي جهراً، كما بيناه في الفتوى رقم: 26569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/2856)
علامات المني والمذي وما يوجبه كل منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة وأريد الاستفسار من سيادتكم بعض الاستفسارات أرجو توضيحها لي بشيء من التفصيل لو تكرمتم
في حياتى اليومية العادية أجد ملابسي الداخلية مبتلة فلقد سمعت أنه يجب علي الغسل فما مدى صحة ذلك؟ واذا حدثت لي إثارة جنسية سواء اذا رأيت مشهدا مثيرا أو إذا نظرت لشاب مثلا ودققت النظر إليه فهل عند ذلك ينزل المني وكيف أعرف المني؟ وما الفرق بين المني والمذي وكيف أفرق بينهما؟ فهل إذا نظرت نظرة حرام ولم تحدث شهوة يجب علي الاغتسال؟ أرجو إفادتي فأنا في حيرة من أمري ولقد سمعت أن هناك حديثاً عن رسول الله معناه أن المرأة لا تغتسل إلا إذا رأت المني فكيف تراه هل يعني ذلك أنها تراه في ملابسها الداخلية أم تجده عند الفرج أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك علامات للمني وعلامات للمذي يمكنك التفريق بها بينهما، فمني المرأة أصفر رقيق، وقد يبيض لزيادة قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما: إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، ورائحة مني الرجل كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، وقال بعض العلماء إنه إذا يبس فإن رائحته كرائحة البيض.
والخاصية الثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه، قالوا: ويجب الغسل بخروج المني بأي صفة وحال كان.
وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة لا بدفق، ولا يأتي بعده فتور، وربما لا يحس الإنسان بخروجه، فالفرق بينه وبين المني أن المني يخرج بشهوة، بينما المذي لا يحس بشهوة عند خروجه، وإن كانت الشهوة هي السبب في خروجه كأن تلمسين زوجك أو يلمسك.
وأن المني في الغالب يخرج بتدفق بينما المذي لا يخرج بتدفق، بل قد لا يحس الإنسان بخروجه، والمني يصاب الإنسان بعد خروجه بفتور، بينما المذي لا يصاب الإنسان بعد خروجه بفتور.
إذا علم هذا.. فالمذي نجس يجب غسل الثياب منه، ويجب غسل الفرج من آثاره، وكذلك يجب غسل ما أصاب البدن منه، وهو ناقض للوضوء ولا يوجب الغسل.
بينما المني طاهر على الراجح، ولكن يستحب غسله من الثوب، وخروجه موجب للغسل.
وبهذا تعلم السائلة أنه إذا خرج منها المني وجب عليها الاغتسال، وإذا خرج المذي فالواجب غسل الفرج، وما أصيب بالمذي من البدن والثياب، وعليها أن تتوضأ إذا أرادت الصلاة ونحوها مما لا يستباح إلا بطهارة.
وأما مجرد النظر إلى ما يشتهى دون أن يخرج شيء من ذلك فلا يوجب وضوءًا ولا غسلاً، لكن إذا كان نظر محرماً فالواجب التوبة إلى الله عز وجل من ذلك، فقد أمرنا بغض الأبصار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(11/2857)
معنى خروج المني بدون إيلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بخروج المني دون إيلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المني بدون إيلاج يعني خروجه بغير إدخال ذكر في فرج بأن كان خروجه بسبب احتلام، يعني خروجه في حال النوم أو بسبب التفكر فيما يشتهى أو النظر إليه أو عن طريق الاستمناء وهذا ما يسمى بالعادة السرية، وانظري الفتوى رقم: 1087.
فهذه الحالات يجب فيها الغسل على من خرج منه المني لكون خروجه بسبب لذة معتادة، وللتفصيل في هذا الموضوع يرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 30757، والفتوى رقم: 15664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(11/2858)
لا فرق بين أن يكون المني والمذي قليلا أو كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الأفاضل في الله، أنا امرأة متزوجة ولله الحمد وأحب زوجي كثيراً، وزوجي لم يقصر معي لا في مأكل ولا مشرب ولا مسكن ولا ملبس، المشكلة أن زوجي لا يجامعني لأسباب نفسية ومرضية لديه ونحن على هذا الحال أكثر من خمسة شهور وأنا لله الحمد أصلي، لكني في معظم الأوقات تكون لدي رغبة في أن يجامعني زوجي فينزل مني ماء كالذي يخرج أثناء عملية الجماع، وفي بعض الأحيان يكون قليلاً ماذا علي أن أفعل، هل علي أن أغسل المكان بالماء، أم يجب على الاستحمام، مع العلم بأنني لا أملك السيطرة على نفسي فهذا الماء ينزل غصبا عني ورغبتي قوية، وبعدما استحم، تعاود نفس المشكلة مرة أخرى، فماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن المرأة لها الحق في الوطء بل هو من آكد حقوقها على زوجها، وللمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 8935.
وبما أن هذا الرجل غير مقصر في حقوق زوجته غير الجماع وله ظروف خاصة حسبما ذكر وقد تكون هي السبب في التقصير أو العجز عن وطء زوجته، فننصحها بالصبر عليه واحتساب الأجر عند الله تعالى، كما ننصحه هو بعرض نفسه على الأطباء.
أما بخصوص الماء الذي ينزل فإن كان منيا فلا بد من الاغتسال بعده، لأن خروج المني بشهوة يوجب الغسل، أما إذا كان مذيا فإنه لا يوجب إلا غسل ما أصابه من البدن أو الثوب وتجديد الوضوء، ولا فرق بين أن يكون المني أو المذي قليلاً أو كثيراً لكن إذا كان هذا النازل ينزل باستمرار بحيث لا تجدين من الوقت ما تتمكننين فيه من أداء الصلاة وأنت على طهارة، فأنت إذا في حكم المصاب بسلس البول، ولمعرفة الفرق بين المني والمذي تراجع الفتوى رقم: 4036، والفتوى رقم: 22212، ولمعرفة حكم المصاب بسلس المذي والمني تراجع الفتوى رقم: 41812، والفتوى رقم: 5186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/2859)
القول الراجح فيما يجب غسله مما أصابه المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: لما يصيب العضو الذكري أو الأنثوي نجاسة من مذي مثلا، هل لا بد أن أغسل العضو مع الاثنيين يعني أريد أن أعرف الخلاف في الاثنتين وغسلها مع الترجيح،
لو أصابت ثوبي نجاسة من دم حيض أو أي نجاسة أخرى كيف أستطيع أن أنظف النجاسة يعني ما هي الطرق في ذلك، مع الدليل؟ وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح أنه يجب غسل ما أصابه المذي من الذكر أو الأنثيين فقط، ولا يجب غسلهما كلهما عند عدم تلوثهما بشيء منه عند جماهير أهل العلم. وإليك طائفة من أقوالهم وأدلتهم مع الرد على المخالف، قال الإمام النووي رحمه الله: وأنه يستحب الاحتياط في استيفاء المقصود، ولهذا أمر بغسل الذكر، والواجب منه موضع النجاسة فقط، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وعن مالك وأحمد رواية أنه يجب غسل كل الذكر، وعن أحمد رواية أنه يجب غسل الذكر والأنثيين. دليلنا ما روى سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر من الغسل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء. رواه أبو داود، وقال: حديث حسن صحيح، وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من المذي الوضوء. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأما الأمر بغسل الذكر في حديث المقداد فعلى الاستحباب، أو أن المراد بعض الذكر، وهو ما أصابه المذي، وأما حديث عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: ذلك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة. رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، فمحمول على ما إذا أصاب الذكر والأنثيين، أو على الاستحباب لاحتمال إصابة ذلك. والله أعلم.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: واستدل أيضا بما في الباب على وجوب غسل الذكر والأنثيين على الممذي وإن كان محل المذي بعضا منهما، وإليه ذهب الأوزاعي وبعض الحنابلة وبعض المالكية، وذهبت العترة والفريقان وهو قول الجمهور إلى أن الواجب غسل المحل الذي أصابه المذي من البدن ولا يجب تعميم الذكر والأنثيين، ويؤيد ذلك ما عند الإسماعيلي في رواية بلفظ: توضأ واغسله، فأعاد الضمير على المذي. ومن العجيب أن ابن حزم مع ظاهريته ذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور، وقال: إيجاب غسل كله شرع لا دليل عليه، وهذا بعد أن روى حديث: فليغسل ذكره. وحديث: واغسل ذكرك، ولم يقدح في صحتهما، وغاب عنه أن الذكر حقيقة لجميعه ومجازا لبعضه، وكذلك الأنثيان حقيقة لجميعهما فكان اللائق بظاهريته الذهاب إلى ما ذهب إليه الأولون. واختلف الفقهاء هل المعنى معقول أم هو حكم تعبدي؟ وعلى الثاني تجب النية، وقيل: الأمر بغسل ذلك ليتقلص الذكر قاله الطحاوي.
وأما غسل النجاسة كدم الحيض ونحوه فإنه يجب غسلها حتى تزول عينها ولونها وطعمها ولو بغسلة واحدة، وخرج عن هذا نجاسة الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما فإنه يجب غسلها سبع مرات إحداهن بالتراب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/2860)
الخلاف في حكم المذي ثابت، والراجح نجاسته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في هذا الموضوع وما هي مدى صحته؟
والثابت علمياً أن المذي هو من إفرازات الجهاز التناسلي وليس البولي. وبالتالي فإن الأولى القول بطهارته قياساً على المني. أما عند المرأة فإن الأمر واضح لأنه يخرج من الفرج وليس من مخرج البول. وأما عند الرجل فالغدد التي تفرز المذي موجودة في القضيب في المجرى البولي التناسلي المشترك. لكن الذي يحدث عند الانتصاب هو أن غدة البروتستات تمنع البول تماماً من الدخول إلى هذا المجرى. ويبدأ عمل هذه الغدد في تلك اللحظة بإفراز المذي، وهو سائل شفاف شديد اللزوجة. وتفيد قلويته الخفيفة في التخلص من أي بقايا لحامض البول في المجرى، حيث أن الحامض يقتل النطف المنوية بسرعة. لكن هذا ليس له أهمية حقيقية لأن هذه البقايا البولية قليلة جداً، في مقابل السائل المنوي الذي يخرج بكمية كبيرة وبسرعة عالية. على أن المذي له فائدتان مهمتان عند الرجل والمرأة:
1- ترطيب الأعضاء الجنسية لتسهيل الجماع.
2- تساعد -عندما يختلط بالمني- على التصاق النطف بالرحم. حيث أن المذي هو الذي يكسب المني لزوجته المعروفة.
فالمني هو خليط من عدة مواد، منها المذي نفسه. ونحن لا نتكلم عن استحالة من مادة لأخرى، لكن عن خلط بين مادتين أو عدة مواد. فإن كانت إحداهما نجسة كان الخليط نجساً. والمني يدخل في تركيبه المذي الذي يعطيه لزوجته، ويدخل في تركيبه عدة إفرازات أخرى إضافة للنطاف (المتولد من الخصيتين) . والمذي هو الذي يعطي المني لزوجته المعروفة.
والفقهاء الذين يقولون بطهارة المني متناقضون في تلك الحالة، لأن الثابت المعروف أن المذي هو من مكونات المني. فقولهم بنجاسة المذي يلزمه القول بنجاسة المني، وإلا كان التناقض. والأدلة التي استفادوها لإثبات طهارة المني، تستعمل هنا للمذي كذلك. وهو أولى بالطهارة لمن ثبتت عنده طهارة المذي.
واحتجوا بأن سائر العلماء قد أجمعوا على نجاسة المذي، كما زعم النووي والشوكاني. وجوابنا هو قول الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: «من ادعى الإجماع فهو كاذب! لعل الناس اختلفوا. هذه دعوى بشر المريسي والأصم (إمامي المعتزلة) . ولكن يقول لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغنا خلافهم» . فما بالك لو علمت أن القائل بطهارة المذي هو الإمام أحمد بن حنبل نفسه؟ هل يقول مدعي الإجماع إن إمام أهل السنة في زمانه كافر أو ضال؟!
والقول عن الإمام أحمد بن حنبل في طهارة المذي، صححه ابن عقيل الحنبلي، واختاره أبو الخطاب في \"خلافه\"، وقدّمه ابن رزين في \"شرحه\"، وجزم في \"نهايته\" و\"نظمها\". انظر على سبيل المثال \"المغني\"، و\"المحرر في الفقه\" (1\\6) ، و\"الإنصاف\" (1\\330) ، وكثيرٌ من مراجع الحنابلة. لكن لما أعجزتهم الحجة بيان طهارة المذي قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (ص 104) : «أما المذي، فيُعفى عنه في أقوى الروايتين، لأن البلوى تعمّ به ويشقّ التحرّز منه. فهو كالدم، بل أولى، للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه. وكذلك المني، إذا قلنا بنجاسته. وأما الودي، فلا يعفى عنه في المشهور عنه كالبول. وأما الدم، فيعفى عن يسيره رواية واحدة» . فانظر كيف نقل الاختلاف في نجاسته وعلل ذلك.
قال ابن قدامة في المغني (1\\413) : «وروي عن أحمد –رحمه الله– \"أنه (أي المذي) بمنزلة المني\" (أي كلاهما طاهر) . قال –في رواية محمد بن الحكم– إنه سأل أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن المذي أشد أو المني؟ قال (الإمام) : \"هما سواء: ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط\". وذكر ابن عقيل نحو هذا. وعلّل بأن المذي جزء من المني، لأن سببهما جميعا الشهوة، ولأنه خارج تحلله الشهوة أشبه المني» .
قال ابن حجر في الفتح: «وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم: \"إن المذي من أجزاء المني\" رواية بطهارته. وتعقب بأنه لو كان منياً لوجب الغسل منه» . قلت: هذا تعقبٌ ضعيفٌ لأنه لم يقل أحدٌ أن المذي كالمني، وإنما المذي جزء من أجزاء المني. فالقول بطهارة المني يقتضي القول بطهارة أجزائه ومنها المذي. أما إيجاب الغسل من المني فلا يفيد الغسل من المذي، لأنه مجرد جزء منه وليس كله. مع العلم أن ابن عقيل ليس أول من علل بهذا، بل سبقه أبو حفص البرمكي –وهو أقدم منه– إذ نقل عنه ابن القيم في بدائع الفوائد (4\\892) : «يجزئ في المذي النضح لأنه ليس بنجس، لقوله صلى الله عليه وسلم: \" «ذاك ماء الفحل، ولكل فحل ماء\". فلما كان ماء الفحل طاهراً –وهو المني–، كان هذا مثله، لأنهما ينشآن من الشهوة» .
فإن لم يعجبك قول هؤلاء العلماء فما تقول بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفقيه التابعين سعيد بن المسيب؟ فقد أخرج مالك في الموطأ في \"باب الرخصة في ترك الوضوء من المذي\" (1\\41) : عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد بن المسيب أنه سمعه ورجل يسأله، فقال: إني لأجد البلل وأنا أصلي، أفأنصرف؟ فقال له سعيد: «لو سال على فخذي، ما انصرفت حتى أقضي صلاتي» . أي أن سعيد لا يرى المذي نجساً.
وروى عبد الرزاق في مصنفه (1\\160) : #613 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن ابن المسيب (ثبت فقيه) قال: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا أصلي، فما أبالي ذلك» . وقال سعيد، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا على المنبر، ما أبالي ذلك» . #614 عن الثوري (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد المسيب قال «لو سال على فخذي، ما انصرفت» ، (قال يحيى) يعني المذي. #615 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن ابن عجلان (ثقة فقيه) قال سمعت عبد الرحمن الأعرج (ثبت فقيه) يقول: قال عمر –وهو على المنبر–: «إنه لينحدر شيء مثل الجمان أو مثل الخرزة، فما أباليه» . أي أن سعيد بن المسيب قد اختار لنفسه مذهب عمر في طهارة المذي.
واحتجوا بأحاديث وردت بالباب:
أخرج البخاري (1\\105 #266) : حدثنا أبو الوليد قال حدثنا زائدة عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً، فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: «توضأ واغسل ذكرك» .
وأخرج مسلم (1\\247 #303) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وأبو معاوية وهشيم، عن الأعمش، عن منذر بن يعلى –ويكنى أبا يعلى–، عن ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته. فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله، فقال: «يغسل ذكره ويتوضأ» .
وحدثنا يحيى، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، أخبرني سليمان، قال: سمعت منذراً، عن محمد بن علي، عن علي رضي الله عنه أنه قال: استحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي من أجل فاطمة، فأمرت المقداد فسأله فقال: «منه الوضوء» .
وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى قالا: حدثنا بن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عنا بن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: رضي الله عنه أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توضأ، وانضح فرجك» .
فأصح الروايات هو أن «يغسل ذكره ويتوضأ» . وقد جاء في إحدى روايات الحديث «يغسل أنثييه وذكره» . قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1\\117) : «رواه أبو عوانة في صحيحه من حديث عبيدة عن علي بالزيادة، وإسناده لا مطعن فيه» . قلت: رواه إسحاق بن راهويه من هذا الطريق وليس فيه تلك الزيادة.
أخرج أبو داود (1\\54) وابن الجارود (1\\14) من طريق: (ثقة حافظ) قال ثني معاوية بن صالح (جيد) عن العلاء بن الحارث (فقيه جيد) عن حرام بن حكيم (جيد) عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل (وهو المني) وعن الماء (المذي) يكون بعد الماء (المني) ، فقال: «وأما الماء بعد الماء: هو المذي. وكل فَحْلٍ يمذي. فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك (أي خصيتيك) ، وتوضأ وضوءك للصلاة» . قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1\\117) : «في إسناده ضعف، وقد حسنه الترمذي» . قلت: لا أعلم فيه علة إلا جهالة حرام بن حكيم، وقد وثقه العجلي لكن لا عبرة به لإفراطه بتوثيق المجاهيل، ووثقه دحيم وغالبا توثيقه يفيد العدالة دون الضبط، وروى عنه جماعة.
قال المخالفون: الأصل في الأمر الوجوب، إلا بقرينة تصرفه عن الوجوب. قلنا: أما الأمر بغسله بالماء، فيُحمل على الاستحباب. فكما أن المني قد شبهه ابن عباس بأنه كالبصاق والمخاط (أي في حكم إزالته) ، فمن الأولى حمل ذلك على المذي كذلك قياساً على المني. قال إمام الأئمة ابن خزيمة في صحيحه (1\\16) : «باب ذكر الدليل على أن الأمر بغسل الفرج ونضحه من المذي أمر ندب وإرشاد، لا أمر فريضة وإيجاب» .
ثم إن الحديث ليس صريحاً حتى في غسل المذي. فهو لم يقل اغسل ما أصاب المذي من جسمك وثوبك. بل قال «واغسل ذكرك» . وقد اختلف العلماء في فهم هذه الجملة. فمنهم من حملها على حرفيتها. ومنهم من قال أن كلمة ذكرك تشمل كل فرجه، أي ما تلوث بالمذي وما لم يتلوث.
قال المخالفون: لاشك أن سبب الأمر بغسل الذكر هو وجود المذي، وإلا ما الفائدة من الأمر بغسله؟ قلنا: قد أجاب علماء الأحناف عن هذا السؤال. إذ قال المحدث الطحاوي: «لم يكن الأمر بغسله، لوجوب غسله كله، بل ليتقلص فيبطل خروجه. كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد، يتفرق لبنه إلى داخل الضرع، فينقطع بخروجه» . قلت: فيمتنع على هذا نجاسة المذي، لأن الأمر لا يكون لغسل ما أصاب المذي، وإنما الأمر لغسل كل الفرج لإطفاء الشهوة. وسبب إطفاء الشهوة ظاهرٌ، وهو إيقاف المذي عن الخروج، حتى لا ينتقض الوضوء مرة أخرى. قال أبو المحاسن الحنفي في معتصر المختصر (1\\14) : «فالأمر بغسل الذكر، ليتقلص المذي وينقطع، كالأمر بنضح ضرع الثدي بالماء، لئلا يسيل اللبن. وليس بواجب. دل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم متواتراً من قوله \"فيه الوضوء\". فأخبر بالواجب. وفيه ما ينفي أن يكون فيه واجبٌ سواء» .
ثم إن القاعدة الأصولية تقول: «إن الجواب بعد السؤال لا يقتضي الوجوب» . والمعنى أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل ما أصابه، ليس على الوجوب لأنه جاء بعد سؤال. ولا يدل على نجاسته أيضاً، لأن سؤال المقداد، مثل سؤال من يسأل عن المخاط والبزاق وما هو مثله إذا وقع. وهنا أيضاً مسألة المخاط وغيره: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحكّها من المسجد وذكر أنه لا يغفر لمن فعلها حتى يزيلها، هل أمره ذلك لنجاستها؟!
ثم لما جاء المقداد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبره النبي صلى الله عليه وسلم بنجاسة المذي. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ثم إن علياً رضي الله عنه أرسل المقداد رضي الله عنه شاكياً يظن أن خروج المذي يوجب الغسل. فبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه ما ذكر له. وفي نفس الحديث أمره أن يغسل ذكره ولم يأمره بغسل ثوبه. مع أن وقوع المذي على الثوب متحتم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ثم إن المذي مما تحتاجه الأمة فلو كان نجساً، لجاء لفظ النجاسة به صريحاً.
لكن تصحيح القاعدة أن يقال: \"إن ما كان جواباً لسؤال، لا يستلزم الوجوب\". وفرقٌ بين الاستلزام وبين الاقتضاء. فقولنا: لا يقتضي: معناه ليس من معانيه الوجوب، وقولنا: لا يستلزم معناه: لا يدل دائماً على الوجوب. وهذا هو الصحيح، أن الجواب بحسب السؤال.
واحتجوا بحديث رواه أبو داود (1\\54) من طريق: محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر منه الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إنما يجزيك من ذلك الوضوء» . قلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: «يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه» . وهذا حديث تفرد به ابن إسحاق، وفيه خلاف مشهور، والراجح أن لا يقبل منه ما تفرد به من أحكام.
إجمالاً فإن أدلة طهارة المني كلها تنطبق على المذي. فلا يكون للقائلين بنجاسة المذي إلا حديث علي وهو غير واضح الدلالة. ومن المعلوم أنه إذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال، ورجعنا للأصل وهو طهارة الأعيان. فالذي تطمئن له النفس هو طهارة المذي. والمذي مما يصعب التنزه عنه أكثر من البول. وليس له جرم أو أثر ظاهر حتى يغسل أو يزال. ولم يعلق به بطلان صوم ولا حد ولا كفارة. وهو مقدمة لنزول المني وهو طاهر أيضاً. بل إن الثابت طبياً أنه جزء من المني. والغدد التي تفرز المذي، تشترك في إفراز المني. والفرق أن المني فيه مكونات أكثر (كالنطاف مثلاً!) . لذا يطمئن القلب لطهارته.
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلاف في حكم المذي ثابت، ومدعي الإجماع على نجاسته إما أن يكون مقصوده الاتفاق الواقع من الجمهور على نجاسته وهذا لا خلاف فيه، وإما أن تكون له حجة أخرى على دعواه، المهم أن نلتمس له أحسن المخارج ولا نشنع عليه.
أما ترجيح طهارته فلا نسلم به، ويكفي في الاستدلال على نجاسته الحديث الذي ذكره السائل وهو حديث حسنه الترمذي والشيخ الألباني، ومن المعروف أن الحديث الحسن يصلح للاحتجاج وهو نص في نضح ما أصابه المذي، وهذا يكفي المنصف ولا داعي للتكلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(11/2861)
اختلاف الفقهاء في كيفية الطهارة من المذي؛ لا في نجاسته
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في حكم المذي أحاديث متقاربة المعنى ولكن مختلفة المضمون، فمنها من يكتفي بالوضوء، وآخر يوجب غسل مكان المذي فقط، وثالث يوجب غسل العضو كله حتى ولو لم يصبه المذي، ورابع يوجب غسل الذكر والخصيتين، لقد حيرنا الفقهاء والله، افيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 9170 أن الفقهاء متفقون على نجاسة المذي وعلى كونه ناقضاً للوضوء، وإنما اختلفوا في كيفية تطهيره. وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى المذكورة فلير جع إليها. وللمسلم أن يأخذ بأحد الأقوال المذكورة. وهذا الاختلاف بين الفقهاء من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة والتوسعة عليها، وهو اختلاف مبني على نظر في الأدلة لا عن هوى، ولا ينبغي أن يضيق به صدر المسلم. وقد فصلنا هذا في الفتوى رقم: 16387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/2862)
ما يترتب على خروج المني والمذي والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم أن توضحوا لي المني والمذي والودي إذا وقع على الثياب هل أستطيع الصلاة به أو هو نجاسة مثل البول وما الفرق ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المني والمذي فقد بينا الفرق بينهما وما يترتب على خروجهما من أحكام في الفتوى رقم: 4036، فليرجع إليها.
وأما الودي فهو الماء الذي يخرج عقب البول لمرض أو برد أو حمل ثقيل أو رياضة أو نحو ذلك، وهو ماء أبيض خاثر وحكمه وحكم البول سواء، لأنه خارج من مخرج البول وجار مجراه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(11/2863)
حكم السائل الذي يخرج بسبب الإثارة
[السُّؤَالُ]
ـ[خروج السائل عند تذكر شيء أو مشاهدة صورة أو مداعبة شخص جميل هل يجب الغسل وحلق العانة ما حكمها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك إلى خطورة الاسترسال في الأفكار الخبيثة التي تؤدي إلى إثارة الشهوة، بل قد يتطور الأمر إلى الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله تعالى، وللتفصيل في هذا، راجع الفتوى رقم: 8993 ويتحتم عليك غض بصرك عن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه امتثالا لقوله تعالى: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ] (النور:30) .
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست الآخرة. رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في المسند، وحسنه الشيخ الألباني.
وعليه، فلا يجوز لك النظر إلى الصور المحرمة، سواء صورة امرأة أجنبية مباشرة أو في بعض الأفلام، وراجع الفتوى رقم: 3605.
كما يحرم النظر إلى الذكر الأمرد الذي يترتب على النظر إليه فتنة إذا كان النظر إليه بشهوة، كما في الفتوى رقم: 18605.
والسائل الخارج منك إذا كانت تنطبق عليه صفات المني فيجب بخروجه غسل جميع الجسد.
أما إذا كان مذيا فالواجب منه غسل الذكر فقط، وهو ناقض للوضوء.
وللتعرف على الأوصاف المميزة لكل من المني والمذي راجع الفتوى رقم: 4036.
وحلق العانة غير واجب ولا علاقة له بغسل الجنابة، بل هو من خصال الفطرة، والوقت المناسب لفعله شرعا مفصل في الفتوى رقم: 25937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(11/2864)
الحدث يضاف إلى أقرب أوقاته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو في يوم من الأيام والعياذ بالله جاءتني شهوة فاستعيذوا بالله من هذا الوسواس وبعد فترة من الوقت أذن أذان العصر وذهبت إلى المسجد وقبل الوضوء للصلاة دخلت إلى الحمام لأتبول وأتأكد من عدم خروج المنى فلم أجد شيئا وتوضأت للصلاة وصليت العصر.
وعندما دخل وقت صلاة المغرب دخلت إلى الحمام للتبول وليس للتأكد من خروج مني لأن وقت لشهوة كان وقت العصر وبين العصر والمغرب الحمد لله لم تأتني الشهوة.
المهم دخلت إلى الحمام للتبول فوجدت بقعتين صغيرتين جافتين في الملابس الداخلية وعلى ما يبدو أنهما خرجتا عقب تبولي لصلاة العصر ولم أعلم ذلك إلا مع وقت المغرب أزلت مكان النجاسة وتوضأت لصلاة المغرب وصليت لكن هل علي غسل وإن كان علي غسل هل أعيد صلاة المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وجدته من نجاسة في ملابسك عليك أن تعتبره حصل بعد صلاة العصر، لأن الأصل أن الحدث يضاف إلى أقرب أوقاته لا إلى ما قبل ذلك، وراجع الفتوى رقم: 44825.
ثم إن كانت النجاسة المذكورة تنطبق عليها صفات المني، فيجب عليك الغسل وإعادة صلاة المغرب، لأنك صليتها وأنت جنب.
وإن ظهر أنها مذي، فالواجب غسل الذكر والوضوء، ولا يلزمك غسل ولا إعادة لصلاة المغرب.
وللتعرف على الفرق بين المني والمذي راجع الجوابين التاليتين: 19559، 4036.
وإن حصل لك شك هل النجاسة مني أو مذي وجب عليك الغسل وإعادة صلاة المغرب، لقول خليل في مختصره: وإن شك أمذي أو مني اغتسل وأعاد من آخر نومة كتحققه.
وللتعرف على علاج ثوران الشهوة، نحيلك إلى الفتوى رقم: 30865.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(11/2865)
الفرق بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[وما الفرق بين المني والمذي وما حكمهما من حيث الاغتسال؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
راجع الفرق بين المني والمذي وأحكامهما في الفتوى رقم: 4036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/2866)
أحكام المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السائل الذي يخرج من الذكرعند التفكير في الجنس أو مشاهدة منظر مثير ناقض للوضوء؟ وهل يلزم تغيير الملابس الداخلية إذا لمسها السائل؟ مع العلم بأن السائل قليل جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخارج من الذكر عند النظر إلى المرأة أو مداعبتها ونحو ذلك مذي، وهو نجس وناقض للوضوء باتفاق العلماء، ويجب غسل البدن والثوب منه، ولا يعفى عن يسيره على القول الراجح من أقوال العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 17221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/2867)
المني والمذي إذا كانا يابسين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف التفريق بين المني والمذي في المكان المصاب بعد أن يجف، هل صحيح أن المني يكون أكبر من المذي علماً بأنني دائماً عند استيقاظي أجد السروال الداخلي فيه أثر نقطة بيضاء صغيرة، هل يجب الاغتسال كل يوم؟ وكيف يمكن معرفة المذي بعد الاستيقاظ، وهل المني والمذي لهما نفس الحجم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص قولك: إنني دائماً عند استيقاظي أجد السروال الداخلي فيه أثر نقطة صغيرة بيضاء، هل يجب الاغتسال كل يوم؟ نقول: راجع الفتوى رقم: 19904، ففيها الجواب المطلوب، ونضيف هنا أنه ربما كان الأمر مجرد وسوسة، ولا يوجد أي شيء، فلا تلتفت إلى هذه الوسوسة ولا تغتسل من أجل ذلك، وللفائدة راجع الفتاوى ذا ت الأرقام التالية: 4036 / 2932 / 29557.
أما في حالة جفاف المني والمذي والودي فنقول: فالمني يكون له جرم ويمكن فركه وحته من الثوب، وهو معروف برائحته المميزة رطباً أو يابساً، وهو طاهر على الراجح بخلاف المذي والودي فهما نجسان، ويجب غسلهما سواء كانا رطبين أو يابسين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/2868)
الفرق بين مني المرأة ومذيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسألكم سؤالاً وأتمنى الإجابة جزاكم الله خيراً
ما الفرق بين المني والمذي والودي عند المرأة حيث إن المني والمذي يتشابهان من حيث الشهوة واللون،
وهل تشترك الفتاة غير المتزوجة مع المرأة المتزوجة في حكم الغسل
كيف يتحقق الإنسان أن الشهوة قد حدثت ويجب عليه الغسل خصوصاً بالنسبة للفتاة غير المتزوجة (البكر) ،
أنا لم أعرف سابقاً أن هذه الأمور تنقض الوضوء وكنت أبقى على وضوئي أكثر من فرض وبعد أن قرأت عن هذه الأشياء بدأت أتخيل بللاً في ثيابي الداخلية فهل أتوضأ لكل فرض أم أنني أتوضأ فقط عندما أذهب إلى الحمام؟ إنني أعيش وسواساً وأريد منكم النصح
وجزاكم الله كل الخير إنشاء الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقال الدردير: وأما مني المرأة فهو رقيق أصفر بخلاف الرجل فإنه ثخين أبيض. وقال الدسوقي: ورائحته كرائحة طلع الأنثى من النخل كما قيل. (1/139) ، والمني يخرج عند اللذة الكبرى بجماع أو في النوم.
ثم انظري تعريف كل من المذي والودي في الفتوى رقم: 438
واعلمي أن خروج المني يلزم منه غسل الجسد سواء كان في النوم أو اليقظة وسواء كان بالجماع أو بدونه، لما أخرج الإمام مسلم وغيره من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الماء من الماء.
والشهوة هي حالة نفسية أو عضوية يشعر المرء معها بلذة، وربما شعر بخروج سائل مصاحب لها، وإذا كان هذا السائل غير مني فإنما يلزم منه الوضوء، سواء كان مذياً أو ودياً أو غير ذلك، وسواء حصلت معه شهوة أو لم تحصل، وينتقض الوضوء كذلك بمس القبل أو الدبر، لقوله عليه الصلاة والسلام: من مس فرجه فليتوضأ. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد.
فكلما حصل نقض للوضوء ببعض هذه الأمور، أو بخروج الريح أو الغائط أو البول أو غياب عقل بنوم أو إغماء ونحو ذلك، وجب على مريد الصلاة أن يتوضأ، وتمكنك مراجعة نواقض الوضوء في الفتوى رقم: 1795.
وعليك قضاء الصلوات التي صليتها دون وضوء، وراجعي فيه الفتوى رقم: 35805. ثم راجعي الفتوى رقم: 3086 في موضوع الوسواس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/2869)
خروج المني والمذي والودي على سبيل السلامة والمرض
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما حكم خروج المذي أو المني أو الودي لمرض أو برد أو حمل ثقيل وأيضا بذل جهد فما يلزم عند خروجه على وجه السلامة وما يلزم عند عدم خروجه على وجه السلامة؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المني على وجه السلامة يوجب الغسل، وأما خروجه على سبيل المرض، فقد سبق تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 41812.
وأما خروج المذي على سبيل الصحة، فيوجب الوضوء بلا خلاف، وأما خروجه على سبيل المرض، فقد سبق تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 12356.
وأما خروج الودي على سبيل الصحة فإنه يوجب الوضوء أيضا بلا خلاف، وأما خروجه على سبيل المرض، فقد سبق تفصيل حكمه في الفتوى رقم: 3861.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(11/2870)
حكم خروج المني بعد الاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[أود من سيادتكم الإفادة عن صحة القول فى أنه يجب لصحة الغسل بعد الجماع وخروج المني أن يعقب خروج المني نوم مستغرق أو خروج بول وذلك قبل الاغتسال؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على أحد من أهل العلم قد ذهب إلى القول بأنه يشترط لصحة الغسل بعد الجماع أن يعقب خروج المني نوم مستغرق أو خروج بول، ولكن لعل المقصود بذلك مسألة ذكرها الفقهاء وهي هل يجب الغسل مرة أخرى إذا خرج المني بعد الاغتسال، وقد ذهب أبو حنيفة وتلميذه محمد بن الحسن إلى وجوب الغسل مرة أخرى، قال الزيلعي في تبيين الحقائق: إذا أمنى واغتسل من ساعته، وصلى أو لم يصل، ثم خرجت منه بقية المني، يجب عليه الغسل ثانياً عندهما -يعني أبا حنيفة ومحمد - وعنده -أي أبا يوسف - لا يجب. انتهى.
وقد سبق أن بينا أن الراجح في هذه المسألة هو عدم وجوب الاغتسال ثانية، وتراجع الفتوى رقم: 17024 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/2871)
المني إذا خرج بدون مصاحبة اللذة المعتادة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني أعاني من نزول حيوانات منوية مع البول عقب خروجي من الحمام وهذه الحالة تسبب لي مشكلة مع الصلاة وأنا ذهبت إلى الطبيب وقال لي عندك تضخم في البروستاتا ولا يوجد تحسن في حالتي فأرجو معرفة رأي الدين والطب في هذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل هذا الخارج ودي وليس منياً، وعلى كل فإن كان منياً كما ذكرت وخرج بهذه الصورة فلا يجب منه الغسل، لعدم اللذة المعتادة، وإنما يلزم منه الوضوء فقط، وكذا إن كان ودياً أيضاً فإنما يلزم منه الوضوء فقط، فإن تكرر الخروج أكثر الوقت عُدَّ سلساً فتتوضأ منه لكل صلاة عند دخول وقتها، وانظر الفتوى رقم: 3861، والفتوى رقم: 12920، والفتوى رقم: 34363.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1424(11/2872)
المؤمن لا ينجس ولو جنبا أو نجس الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإنسان عليه نجاسة (جنابة) وأراد الاستحمام هل عليه غسل ملابسه قبل الاستحمام أم بعد الاستحمام، وإذا كان نجس هل كل شيء يلمسه يصبح نجس والأخبار العاجلة ماتوصل على الجوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نلفت نظر السائل الكريم أولاً إلى أن المؤمن لا ينجس أبداً ولو كان جنباً، ودليل ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب، قال أبو هريرة: فانخنست منه فذهبت فاغتسلت، ثم جئت فقال أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله!! إن المسلم -وفي رواية المؤمن- لا ينجس.
فالمسلم طاهر ولو كان جنباً، وكذلك هو طاهر ولو أصابت ثوبه أو بدنه نجاسة، وإنما يجب عليه غسل هذه النجاسة، وإذا تبين لك أن المسلم طاهر علمت أن ما يلمسه المسلم وهو جنب لا ينجس، إلا إذا كانت في يديه نجاسة فأصابت ذلك الملموس، فإنه يحكم بنجاسة المكان الذي أصابته النجاسة لأجلها لا لأجل أن المسلم لمسها.
وأما غسل الملابس التي أصابتها نجاسة، فإنه لا يجب على المسلم غسل الثوب المتنجس إلا إذا أراد أن يصلي فيه، وحينئذ فإنما يجب عليه غسل الموضع الذي أصابته النجاسة لا كل الثوب.
وقول السائل "الأخبار العاجلة ما توصل إلى الجوال" غير مفهوم فلا ندري ما المقصود منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/2873)
ما يجب على من خرج منه مني بغير شهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خروج المني بعد البول مباشرة بدون شهوة أو ماشابه هل يوجب الغسل أم الوضوء؟ الرجاء إرسال الإجابه على إيميلي في أسرع وقت وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
فإن خرج المني بدون شهوة، سواء عقب البول أو غيره، فلا يجب الغسل على قول الجمهور، وهو الراجح، خلافا للشافعي الذي يرى وجوب الغسل من المني، سواء خرج بشهوة أو بدون شهوة، وللأدلة ومزيد من الفائدة، راجع الفتويين رقم: 24341، ورقم: 19548.
ولكن يجب الوضوء، وغسل ما أصاب من البدن والثياب استحبابا على القول الراجح بناء على أن المني طاهر، وراجع الفتوى رقم: 1789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/2874)
من يخرج منه المذي دون شعور عليه التحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب بالغ أشكو من عدم الشعور بخروج المذي في اغلب الاحيان مما يضطرني ذلك الى ان افتش ملابسي حيث انني اجد في ذلك مشقة]ـ
[الفَتْوَى]
فبما أنك تعلم من نفسك أن المذي يخرج منك بغير شعور، فإنه يلزمك النظر عند كل صلاة، فإن وجدت مذيا، فتلزمك الطهارة، وقد تقدمت تفاصيل الطهارة من المذي في الفتاوى التالية: 9170، 20570، 3891، 28755، 29780.
وإذا لم تجد شيئا فلا شيء عليك، ولا مشقة في نظرك لثيابك خمس مرات في اليوم والليلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(11/2875)
الفرق بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تتسرب إلى ذهني صور جنسية أو يتكلم أحدهم عن الجنس أو أفكر في ذلك الأمر ولو لبرهة دون أن أشعر بنشوة أو أي شئ ومع ذلك فإنني أجد سائلا أبيض لزج فهل علي الاغتسال في كل مرة حتى وإن لم أشعر بشئ؟
أم يكفي إعادة الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الخارج منياً فإنه يوجب الغسل، ويعرف المني برائحته إذ رائحته تشبه رائحة العجين الرطب أو رائحة بياض البيض، ويعرف بالتلذذ حال خروجه ثم يعقبه الفتور، كما يعرف أيضاً بخروجه بتدفق في دفع فإذا وجدت واحدة من هذه العلامات فهو مني، وإن لم يكن منياً فهو المذي، وهو نجس يجب غسله إذا أصاب البدن أو الثوب، وهو كذلك ناقض للوضوء إلا أنه لا يوجب الغسل.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 1461، 19559
وننبهك إلى أنه لا ينبغي لك تعمد التفكير في الصور الجنسية ولا في غيرها مما يثير الشهوة لأن ذلك مدعاة للتفكير في الفاحشة وذريعة للوقوع فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(11/2876)
أحكام المبتلى بسلس المني
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.... أما بعد:
فأرجو منكم إفادتي في حكم مسي وقراءتي للقرآن الكريم، وكذلك حكم صلاتي وصيامي وأنا أعاني من نزول مني شبه مستمر أي أثناء التغوط والتبول، فهل يجب علي الاغتسال وإذا كان الجواب نعم فكيف ذلك؟ هل أقضي وقتي في الدوش؟ أفيدوني أفادكم الله، علما بأني عازب وقد راجعت أطباء ولم يفلحوا في علاجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 34363 بيان الفرق بين المني والمذي والودي، وذكرنا فيها أن الذي يخرج عند البول في الغالب هو الودي لا المني، ولكن لو كان الذي ينزل منك أثناء قضاء الحاجة منياً فعلاً لمطابقته لصفات المني المذكورة في الفتوى المحال عليها سابقاً، فإنه يأخذ حكم المني النازل باختيار، فيجب عليك الامتناع من الصلاة ومس المصحف وغير ذلك مما تشترط له الطهارة من الحدث الأكبر قبل الاغتسال، وهذا إذا كان نزوله أثناء قضاء الحاجة وانقطاعه بعد ذلك، أما إذا كان يستمر نزوله بحيث لا ينقطع فإنه يصبح سلس مني، وقد اختلف فيه الفقهاء هل ينقض الطهارة أو لا؟
فذهب الجمهور إلى أنه ينقض الطهارة، وذهب المالكية إلى أنه لا ينقض الطهارة إن استمر نزوله نصف الزمن فأكثر، ولكن يندب الوضوء منه إن لم يشق، فإن شق أو استغرق نزوله كل الزمن فلا يندب، قال الدردير في الشرح الكبير: ونقض بسلس فارق أكثر الزمان ولازم أقله، فإن لازم النصف وأولَى الجُلَّ أو الكل فلا ينقض.
وقال أيضاً: وندب الوضوء إن لازم السلس أكثر الزمن، وأولى نصفه لا إن عمه، ومحل الندب في ملازمة الأكثر إن لم يشق؛ لا إن شق.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وأطلق المصنف في السلس، فيشمل سلس البول والغائط والريح وغيره كالمني والمذي والودي، ولذا قال في التوضيح هذا التقسيم لا يخص حدثاً دون حدث.
واختلف القائلون بالنقض هل يلزم الغسل أم يكفي الوضوء؟
فذهب الشافعية إلى لزوم الغسل لكل صلاة، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: أما من دام خروج المني منه فقال صاحب الحاوي والبحر عليه الاغتسال لكل فريضة، قالا: قال الشافعي: وقل من يدوم به خروج المني لأن معه تلف النفس. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى أنه يجزئه الوضوء، قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: وإن صار به سلس المني أو المذي أو البول أجزأه الوضوء بكل صلاة. انتهى.
وعليه؛ فالأحوط أن تغتسل عند إرادة الصلاة أو قراءة القرآن ونحو ذلك، ولا يضرك ما نزل منك بغير اختيارك بعد ذلك أثناء الصلاة أو القراءة، فإن شق عليك الغسل أجزأك الوضوء فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وما جعل ربنا علينا في الدين من حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2877)
فتاوى حول المذي وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ما تثور شهوتي يخرج ماء مني، ويجعل هذا مرات في اليوم، فهل يلزمني أن أغتسل كل مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت فتاوى في حكم المذي، فنحيل السائل إليها، وهي برقم 1461، و 945، و 19396، 26809، 30872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/2878)
المذي.. وجفاف الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لا بد من غسل الثياب إذا تلوثت من المذي وخاصة إذا كانت الثياب جافة أي أن المذي مر عليه وقت وهل كل جاف نظيف بما في ذلك آثار البول إذا جفت على الثياب؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، هكذا ذكر النووي رحمه الله في تعريفه.
وهو نجس يجب غسل ما أصابه من البدن، سواء كان رطباً أو جافاً.
وأما ما أصاب من الثياب فيجزئ فيه النضح؛ لحديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء، قلت: يا رسول الله، فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه. رواه أبو داود.
والنضح: غمر الموضع بالماء وإن لم يقطر.
وجفاف النجاسة على الثوب لا يكفي في تطهيرها في قول جماهيرأهل العلم، ومنهم الحنفية القائلون بأن الأرض وما شابها كالحيطان والأشجار القائمة، تطهر بالجفاف وزوال أثر النجاسة.
قال في الدر المختار: وتطهر أرض بخلاف نحو بساط، بيبسها أي جفافها ولو بريح، وذهاب أثرها كلون وريح.
وقال ابن عابدين في حاشيته: قوله: بخلاف نحو بساط، أي: وحصير وثوب وبدن مما ليس أرضاً ولا متصلاً بها اتصال قرار. انتهى.
والجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أن الأرض لا تطهر بالجفاف، والحاصل أن الثياب إذا أصابها المذي أو البول لزم تطهيرها بالماء، ولو بعد جفافها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/2879)
مجرد كون رائحة الإنسان كالمني لا يعني الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا زميل تظهر منه رائحة الجنابة دائما (رائحة المني) وعندما سأله أحد الزملاء أحرج جداً فقام لكي يتحمم ثم عاد وهو بنفس الرائحة فما سبب ذلك؟ وما تنصحوني أن أخبره؟ علماً بأنه لم يعد يذهب للصلاة على الرغم من أن صوته في القرآن جميل وهو محرج للغاية لأنه لا يعرف سبب ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لا يخفى على الرجل كونه جنبًا أم لا، إذ الجنابة سببها الجماع أو خروج المني في اليقظة أو المنام.
أما مجرد كون رائحة الإنسان هي رائحة المني، فإن هذا لا يعني كونه جنبًا، فإذا أجنب الشخص وجب عليه الاغتسال، أما إذا كان مبتلى بكون رائحة جسمه هي رائحة المني، فعليه أن يلتمس الدواء عند الأطباء، فما خلق الله داء إلاَّ وخلق له دواء.
ولا ينبغي أن تكون تلك الرائحة مانعة له من حضور الجماعة، لأنها ليست رائحة مؤذية، ويستحب له أن يدفعها بالتطيب، وكثرة الاغتسال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1424(11/2880)
حكم ملامسة النجاسة للأشياء الطاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان بيدي أعزك الله شيء من المذي وذهبت إلى السيارة وقمت بقيادتها، وعندما رجعت غسلت يدي وغسلت الذكر وتوضأت وبعدها جلست أفكر في كل شيء لمسته من باب وثوب ومفتاح ومقود سيارة قبل أن أغسل يدي بأنها قد تنجست وأني كلما لمستها مرة أخرى فإني سوف أتنجس، علما بأني من قبل الحادثة وأنا أعلم أن المذي نجس، هذا وقد مر عليها أكثر من أسبوعين. أفيدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المذي الذي في يدك لا يزال رطبا حينما لمست الأشياء التي ذكرتها، ومن ثم حصل انتقاله إليها، فالواجب عليك غسل الأشياء التي انتقل إليها، لأن المذي نجس يجب غسله إذا طرأ على محل طاهر، أما إذا كان المذي الذي في يديك يابسا، فإن نجاسته في هذه الحالة لا تنتقل إلى غيره مما لمست، لأن ملامسة النجاسة للمحال الطاهرة لا تنجسها، فقد صرح الفقهاء بأن النجاسة إذا يبست لم ينتقل حكمها إلى المحال الطاهرة إذا لامستها، وراجع الفتوى رقم: 10694.
وننبه السائل إلى أنه يجب عليه أن يترك الوساوس التي تختلج في صدره، لأن ذلك من الشيطان، فكم ضيع على عباد الله من عبادات بسبب وساوسه، وكم شق عليهم، وأدخل العنت في حياتهم بما يمليه عليهم، وكيف لا ننجو من كيد ووساوس الشيطان مع قوله تعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء: 76] . والقاعدة الفقهية الأصلية: "اليقين لا يزول بالشك" واليقين في الأشياء الطهارة حتى تثبت نجاستها بدليل، وراجع الفتوى رقم: 34174، ورقم: 2860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(11/2881)
حكم الماء الذي ينزل من المرأة عند اللمس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 20 سنة ومكتوب كتابي، وعندي مشكلة وهي باختصار أنه عندما يلمسني خطيبي أي لمسة من أي نوع كانت تنزل مني سوائل لا أعرف ما هي ما أود معرفته هو هل علي الاغتسال عند نزول هذه السوائل مع العلم بأنه لا نكون وحدنا إنما أمام الجميع!!؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيغلب أن يكون هذا الخارج هو المذي، وقد يكون هو المني. ولمعرفة الفرق بينهما من حيث الصفة والحكم، راجعي الفتوى رقم: 19863.
وننبه إلى أنه إذا كان العقد الشرعي قد تم، فيجوز له لمسك؛ لأنك زوجة له شرعًا، وإن كان الحاصل مجرد الخطوبة فلا يجوز له ذلك؛ لأنك مازلت أجنبية عليه. ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 14360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1424(11/2882)
هل المذي ينقض الوضوء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المذي ينقض الوضوء؟ وماذا أفعل إذا نزل أثناء الصلاة وبدون شهوة طبعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5186، 7018، 12356، 9322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/2883)
الملابس التي يحتلم فيها الشخص طاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل الملابس التي يحتلم فيها الشخص يجب أن يخلعها كلها أم يمكنه ارتداء الملابس التي لم تصبها نجاسة مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء رجحوا طهارة المني؛ للحديث الصحيح الذي روته عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
وفي رواية للترمذي وأحمد: ضَافَ عائشةَ ضَيْفٌ، فَأمَرَتْ له بَمِلْحَفَةٍ صَفْرَاءَ فَنَامَ فيها فَاحْتَلَمَ، فَاستَحْيَا أَنْ يُرْسِلَ بِهَا وبِهَا أَثَرُ الاحْتِلاَمِ، فَغَمَسهَا فِي الْمَاءِ، ثُمّ أَرْسَلَ بِهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لم أَفْسَدَ عَلَيْنَا ثَوْبنَا؟ إِنّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَفْرُكَهُ بِأَصَابِعِهِ. وَرُبّمَا فَرَكْتُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِأَصابِعِي.
وبناء على ذلك فإن المحتلم لا يلزمه أن يخلع شيئًا من الملابس التي يحتلم فيها، ولكنه إن أحب الخروج من الخلاف يمكنه أن يخلع أو يغسل الملابس التي أصابها المني فقط، دون التي لم يصبها مني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/2884)
فروق بين المني والمذي والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالفرق بين المني والمذي والودي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمني سائل لزج يخرج بتدفق مصاحب للشهوة ويعقبه فتور، وغالبًا ما تكون رائحته تشبه رائحة الطلع أو العجين، وحكمه أنه يجب منه غسل جميع البدن.
أما المذي: فهو سائل لزج أيضًا غير أنه أرق من المني، ويخرج عادة بعد هيجان الشهوة، والغالب فيه أنه يخرج متقطعًا، ويجب منه غسل جميع الذكر، وحكمه أنه ينقض الوضوء.
أما الودي: فهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول غالبًا، وقد يخرج قبله، ولا علاقة له بالشهوة، وحكمه حكم البول، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 28779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(11/2885)
فتاوى حول المني
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أني مخطوبة (وبعقد قران) ولكن خطيبي بعيد عني ونتراسل دائما بالإنترنت، وهو يغازلني باستمرار، ولكني أحس بشوق له دائما، وبدون الوعي أحس بنفسي أن هناك إفرازات مني، فهل يجوز لي الصلاة بعد أن أتوضأ أم يجب الاغتسال؟ وأرجو الإجابة بأسرع وقت وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الرجل قد عقد عليك كما ذكرت فهو زوجك فيجوز له كل ما يجوز للزوج. وانظري الفتوى رقم:
3561، والفتوى رقم: 5859، والفتوى رقم: 32504، والفتوى رقم: 30552.
واعلمي أنه متى ما خرج منك مني فإنه يجب عليك الغسل من الجنابة. وراجعي الجواب: 1049 والجواب: 2148 والجواب: 18396
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/2886)
تأخر نزول المني أمر طبيعي عند بعض الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: أنا صبي أبلغ من العمر خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر، ولم أبلغ بعد، وكنت أمارس العادة السرية، ولكن في كل مرة كان يتضح لي أني لم أبلغ بعد، فهل ممارسة العادة
السرية قبل البلوغ تؤثر على البلوغ وشكرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجاء الرد سريعا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن بلغ خمس عشرة سنة فقد بلغ سن التكليف، سواء احتلم أو لم يحتلم، وقد سبق بيان علامات البلوغ في الفتوى رقم:
10024.
وأما ممارسة العادة السرية، فمحرمة كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
7170 والفتوى رقم: 23868.
وأما ما يتعلق بتأخر نزول المني، فهو أمر طبيعي عند بعض الناس، والأصل أن الاستمناء يعجل نزوله، وتمكنك مراجعة الأطباء المختصين في هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(11/2887)
أحكام جامعة حول المني والمذي والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أود أن أسألكم سؤالاً مهماً وأتمنى الإجابة عليه بكل دقة وتفصيل....
ما تعريف الودي والمذي والمني بالنسبة للنساء؟ وماذا يجب عند حصول كل منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خروج الودي والمذي من المرأة أو الرجل يوجب الوضوء، وهذا بإجماع العلماء. وأما خروج المني بشهوة من الرجل أو المرأة يقظةً فهو يوجب الاغتسال، وكذلك خروج المني من الرجل أو المرأة في النوم وهو الاحتلام يوجب الغسل. فإذا ما استيقظ الرجل أو المرأة ووجد آثار المني فيجب عليه الاغتسال، سواء رأى في المنام شيئًا أو لم يَرَ، ولكن لو رأى الشخص في المنام شيئًا ثم استيقظ من نومه ولم يجد أثرًا للمني فلا يجب عليه الغسل، فقد أخرج الإمام مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أمُّ سُليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسلٍ إذا احتلمت؟! فقال: نعم، إذا رأت الماء. أي المني.
أما صفة مني المرأة فهو أصفر رقيق، وقد يبيضُّ لزيادة القوتِ، وله خاصيتان يعرف بواحدةٍ منهما. إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل، ورائحة مني الرجل كرائحة طَلْع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين. وقال بعض العلماء: إنه إذا يبس فإن رائحته كرائحة البول.
والخاصية الثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه. قالوا: ويجب الغسل بخروج المني بأي صفة وحالٍ كان.
وأما المذي فهو ماءٌ أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة الصغيرة لا بدفق، ولا يأتي بعده فتور، وربما لا يحس الإنسان بخروجه. فالفرق بينه وبين المني أن المني يخرج بشهوة، بينما المذي لا يخرج بشهوة، بل عند الشهوة، كأن تلمسين زوجك أو يلمسك. وأن المني في الغالب يخرج بتدفق، بينما المذي لا يخرج بتدفق بل قد لا يحس الإنسان بخروجه. والمني يصاب الإنسان بعد خروجه بفتور، بينما المذي لا يصاب الإنسان بعد خروجه بفتور. والمذي نجس يجب غسله من الثياب، ويجب غسل الفرج من آثاره، وكذلك يجب غسل ما أصاب البدن منه، بينما المني الراجح أنه طاهر ولكن يستحب غسله.
وأما الودي، فهو ماء أبيض ثخين كدر يخرج بعد البول أو مع البول وهو نجس، وسبب خروجه حمل شيء ثقيل أو التعب والإرهاق، وهو يخرج من غير شهوة. والفرق بينه وبين المذي أن المذي يخرج عند الشهوة والودي لا يخرج عند الشهوة ولا بشهوة، وهو نجس ويوجب الوضوء فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/2888)
ما يلزم مما يخرج من الذكر سوى المني
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله ...
أواجه مشكلة في خروج سائل من الذكر بشكل متكرر حيث أني أنزعج منه كثيراً مما يدعوني لتغيير السروال بشكل دائم، ولا أدري ما حقيقة هذا السائل، ولكنه يخرج بكمية قليلة جداً تقريبا حيث أرى أثر تجمده على رأس الذكر، السؤال هو: ما هو حكم الشرع في ذلك، هل يتوجب على غسل الذكر والخصيتين وتغيير السروال، أم أكتفي بغسل رأس الذكر فقط، أم ماذا، أرجو إفتائي في ذلك؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من السؤال أن السائل المذكور ليس هو المني، وأياً كان نوعه مذياً أو ودياً أو شيئاً آخر عرض، فهو نجس وينقض الوضوء، ويجب الوضوء منه مع غسل الذكر فقط، إلا أن يكون مذياً فيلزم منه غسل الذكر كله على القول الذي عليه الدليل، ويستحب غسل الخصيتين على الأصح، أما الملابس التي أصابها فيكفي رشها بالماء، ولا داعي لتبديلها كل مرة، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(11/2889)
حكم الاغتسال لمن ثارت شهوته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من يرى منظراً يثير الشهوة يعيد الاغتسال؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن ينظر إلى ما حرم الله عليه، ومن نظر لزمته التوبة من ذلك الفعل القبيح، فإن نزل المني وجب عليه الاغتسال، وإن نزل المذي انتقض وضوؤه إن كان متوضئاً، ولزمه غسل ذكره، وغسل ما أصاب المذي من البدن والثوب، وانظر الفتوى رقم: 12920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(11/2890)
الودي وأحواله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يخرج مني سائل أبيض غليظ باستمرار أثناء الصلاة وحتى عندما أسعل (الكحة) هل هذا ينقض الوضوء ويبطل الصلاة؟ مع العلم أنه يخرج بدون شهوة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الوصف الذي وصفت به الخارج منك هو في ما يظهر وصف للودي الذي هو ماء أبيض غليظ يخرج عقب البول لمرض أو برد أو حمل ثقيل أو بذل جهد، ونحو ذلك.
وحكمه حكم البول، لأنه خارج من مخرجه ويجرى مجراه، فإذا خرج على وجه السلامة، فإنه ينقض الوضوء والصلاة، ويجب غسل ما أصاب من البدن والثياب.
وأما إذا كان يخرج باستمرار بحيث لا يجد الشخص وقتاً يتسع للطهارة والصلاة، فحكمه حكم سلس البول، وقد تقدمت فتوى في هذا الحكم برقم: 3224، فراجعها وراجع الفتوى رقم: 438، لمعرفة أنواع الخارج من الرجل وحكم كل واحد منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(11/2891)
حكم الطهارة والتطهير للخارج من الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن أستحم وأبدل ملابسي الداخلية إذا وجدت أن ملابسي الداخلية قد سقط عليها قليل من المني من دون إرادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخارج من الذكر قد يكون منياً وقد يكون مذياً وقد يكون ودياً، ومنه ما يوجب الغسل، ومنه ما يوجب الوضوء فقط، ولكل منه أحكامه من حيث الطهارة والنجاسة، ومن حيث كيفية تطهير الثوب والبدن، ومن حيث حكم تبديل الثياب التي أصابها منه، وقد سبقت لنا عدة فتاوى في بيان ذلك فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13101، 12356، 2148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/2892)
الفرق بين المني والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[آسف على السؤال إن كان غير لائق، لكن إنني أود أن أعرف صحيح دينى. فى فتوى قرأتها فوجدت أن هناك فرقًا بين المني الذى يخرج بالشهوة الكبرى والصغرى. فما الفرق بينهما؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الماء الذي يخرج عند الشهوة الكبرى وهو ماء دافق يخرج عند ثورانها يسمى بالمني وهو موجب للغسل، والماء الذي يخرج عند الشهوة الصغرى هو ماء أبيض رقيق يطلق عليه المذي، وهو ناقض للوضوء ولا يوجب الغسل. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 19559، والفتوى رقم: 19863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/2893)
المذي ناقض للوضوء غير موجب للغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المذي عندما يخرج من دون شعور يبطل الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خروج المذي ليس موجباً للغسل كالمني، وإنما هو ناقض من نواقض الوضوء، وقد سبق بيان الفرق بين المني والمذي من حيث الصفة والحكم وذلك في الفتوى رقم: 4036.
وهو ناقض للوضوء سواء خرج بلذة معتادة أو بلذة غير معتادة أو بلا لذة، ويفرق المالكية بين ما خرج بلذة معتادة من المذي فيوجبون فيه غسله بالماء، وبين ما خرج بلذة غير معتادة أو بلا لذة أصلاً فيقولون بالاكتفاء بإزالته بالحجر ونحوه، ذلك كله فيما إذا لم يكن خروجه على وجه السلس، فإن كان كذلك فهو معفو عنه فلا يطلب في إزالته ماء ولا حجر لصعوبة التحرز منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(11/2894)
عوامل مساعدة لتخفيف المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك علاج لتخفيف المذي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهناك عوامل قد تساهم في التخفيف من المذي كالزواج بالنسبة للعزاب، وصرف الخاطر عن التفكير في أمور الاستمتاع والأمور المثيرة، ويمكن أن ترجع إلى الإخصائيين في الأمراض التناسلية؛ لأنه قد يكون ناتجاً عن اضطرابات صحية أو حالات مرضية.
نرجو الله لنا ولك الشفاء ولكل مرضى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2895)
خروج المذي يوجب غسل الذكر كله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل حضرتكم والسؤال هو كالتالي:
عندما أكون أتحدث عن الجنس أو أتخيل أحداثا جنسية أو عندما أتغوط يخرج ماء شفاف من قضيبي ليس منيا فهل يجب الاغتسال من جراء هذا أم لا؟ وشكراً جزيلا لحضرتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتحدث عن الأمور الجنسية لإثارة الشهوة مع غير الزوجة، أو التفكر في الجنس مع غير الزوجة أمر محرم في ذاته، سواء أدى إلى نزول شيء من الذكر أم لم يؤد إلى ذلك، أما إذا كان ذلك مع الزوجة فلا مانع منه، وإن كان الأولى ترك التفكير في مثل هذه الأمور؛ لأنها تثير الشهوات، وتضيع الأوقات، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
20463.
أما عن الحكم الشرعي فيما يخرج منك بسبب ذلك، فالواضح من السؤال أنه ليس منيًّا، ولكنه مذي، وخروج المذي يوجب غسل الذكر كله، وهو ناقض للوضوء، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 4036، والفتوى رقم: 15086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/2896)
حكم لبس الثوب الذي حصلت فيه الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز لباس الملابس التي حدثت فيها الجنابة بعد الغسل من الجنابة وأعني هنا الملابس التي أعلى السرة مع العلم أنها لم تصل إليها النجاسة.
أغيثوني نفعكم الله من علمه وجزاكم الله خيراً وأجر عظيم الجزاء....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالملابس التي جامع الإنسان بها أهله ولم يصبها مذي أو مني لا حرج عليه في لبسها واستعمالها والصلاة فيها، وإن أصاب الثياب شيء من ذلك فراجع الفتوى رقم: 417 - والفتوى رقم: 996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/2897)
العلامات المميزة للودي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يا سيدي \"الودي\" يخرج بعد البول \"أعزكم الله\" مباشرة أم بعده بفترة؟ وكيف تميزه المرأة من الإفرازات المهبلية؟ شكرا لكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالودي: ماء أبيض ثخين يخرج عقب البول -غالباً- وقد يخرج قبله، قال في مراقي الفلاح: (وقد يسبقه) ، أي يسبق البول، والظاهر من كلام العلماء أن الودي لا يتأخر عن البول فترة، إنما يكون عقبه أو قبله.
وقد أجمع العلماء على أنه لا يجب الغسل بخروج الودي، وإنما يجب بخروجه الوضوء، وحكمه حكم البول لأنه في معناه، يجب تطهير ما أصابه من الثياب.
ويمكن التفريق بينه وبين الإفرازات المهبلية بما ذكرنا في تعريفه؛ من كونه:
1- أبيض اللون. 2- ثخيناً. 3- يخرج عقب البول أو قبله.
4- تشوبه كدرة.
والإفرازات المهبلية ناقضة للوضوء، ويختلف حكمها من حيث الطهارة والنجاسة باختلاف المحل الذي خرجت منه، فإن خرجت من المثانة فهي نجسة، وإن خرجت من الرحم فهي طاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/2898)
حكم ما أصاب المذي من الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إنزال المذي على الملابس والصلاة في نفس الملابس وعدم غسل الملابس منه مع العلم أنه قد نشف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذي هو كما قال النووي: ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه. انتهى.
ويخرج عند الملاعبة والتقبيل وثوران الشهوة، ويكون ذلك للرجل والمرأة، يقال: مذَىَ وأَمذْىَ، ومذَّى.
وهو نجس يجب غسل ما أصابه من البدن، سواء كان رطباً أو ناشفاً، ففي الصحيحين عن علي قال: كنت رجلاً مذاءً، وكنت أستحي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.
وما أصاب من الثياب يجزئ فيه النضح، لحديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، قلت: يا رسول الله، فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه. أخرجه أبو داود وهو حديث حسن.
إذا تقرر هذا.. فإن من صلى في ثياب قد أصابها المذي ولم يطهرها مع علمه بوجود المذي ونجاسته لم تصح صلاته؛ لأنها فقدت شرطاً من شروط صحتها، وهو طهارة الثياب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ أسماء في دم الحيض: حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه وصلِّي فيه. فدل هذا على أن المسلم ممنوع من الصلاة بثياب فيها نجاسة قبل غسلها.
وإن كان يجهل نجاسة المذي أو كان يعلم نجاسته ولكنه نسي أن يطهره حتى صلى، أو لم يعلم بوجوده في ثيابه إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة في أصح قولي العلماء، لما رواه أبو داود عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في الصلاة، فخلع القوم نعالهم، فلما قضى صلاته قال: ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، قال: إني لم أخلعها من بأس، ولكن جبريل أخبرني أن فيها قذراً.
ولو بطلت الصلاة بوجود النجاسة مع الجهل لاستأنف الصلاة ولم يبن على ما مضى منها، والنسيان مثل الجهل لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] .
وقد ثبت في صحيح مسلم أن الله قد تقبل هذا الدعاء.
وروى أحمد والبيهقي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. وهو حديث صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/2899)
حكم المني من حيث الطهارة وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[س1/ هل المني نجس على الملابس أو على أي شيء مثل البطانية؟
س2/ أريد موقع مفسري الأحلام وبالأخص د- فهد العصيمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم المني وأنه طاهر وذلك في الفتوى رقم: 1789 فلتراجع.
أما مواقع تفسير الأحلام فقد ذكرت بعض المواقع في الفتوى رقم: 7516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/2900)
المني الأبيض من المرأة هل يوجب غسلا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا احتلمت ووجدت المذي الذي هو أبيض اللون ومع العلم أن مني المرأة أصفر اللون هل أغتسل من المذي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام حول احتلام المرأة، ومتى يجب عليها الغسل منه في الجواب رقم: 18396 ورقم: 21399 فراجعي هذين الجوابين.
وماء المرأة أصفر رقيق غالباً، فإذا احتلمت المرأة ورأته وجب عليها الغسل، وإذا لم تر شيئاً أو وجدت المذي فلا غسل عليها، ولمني المرأة علامات أخرى غير لونه الأصفر فإن النساء غالباً لا يرين المني وأثره، وقد نقل الإمام النووي رحمه الله خلاف الفقهاء في تعيين ماء المرأة فقال في المجموع 2/161: وأما مني المرأة فأصفر رقيق، قال المتولي: وقد يبيض لفضل قوتها، قال إمام الحرمين والغزالي: ولا خاصية له إلا التلذذ، وتثور شهوتها عقيب خروجه، ولا يُعرف إلا بذلك. وقال الروياني: رائحته كرائحة مني الرجل. فعلى هذا له خاصيتان يعرف بإحداهما، وقال البغوي: خروج منيها بشهوة أو بغيرها يوجب الغسل، كمني الرجل، وذكر الرافعي أن الأكثرين قالوا تصريحاً وتعريضاً يطرد في منيها الخواص الثلاث، وأنكر عليه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح وقال:: هذا الذي ادعاه ليس كما قاله، والله أعلم. انتهى.
وعليه؛ فإذا تميز لك المني باللون أو الرائحة، وجب عليك الغسل، وإذا لم تميزي رائحته، وتذكرت احتلاماً فإن الأحوط لك هو الاغتسال، كما سبق من أن مني المرأة قد يخرج أبيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(11/2901)
أقوال الفقهاء في المني، وحكم لعقه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة لحس السائل المنوي لزوجها وهل ذلك يبطل وضوءها هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم مني الرجل هل هو طاهر أو نجس؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه نجس، كالبول، فيجب غسله رطباً ويابساً من البدن والثوب، وهذا قول مالك، قال في شرح مختصر خليل للخرشي: فأما المني فهو من الآدمي نجس بلا إشكال.
القول الثاني: أن المني نجس ويجزئ فرك يابسه، وهو مذهب الحنفية، قال في العناية شرح الهداية: والمني نجس يجب غسله إن كان رطباً فإذا جف على الثوب أجزأ فيه الفرك.
واستدلوا بما روى مسلم عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه.
وبما رواه الدراقطني عن عائشة رضي الله عنها: كنت أفركه إذا كان يابساً، وأغسله إذا كان رطباً.
القول الثالث: أن المني طاهر، مستقذر، كالمخاط، والبصاق، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، قال الشافعي في الأم: والمني ليس بنجس.
ونحوه في مختصر الخرقي للحنابلة، واستدلوا بقول عائشة قالت: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي فيه. متفق عليه. ولو كان نجساً لما صحت الصلاة إلا مع غسله كغيره من النجاسات.
والراجح هو القول الثالث وأن المني طاهر مستقذر، لما روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابساً، ثم يصلي فيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا من خصائص المستقذرات، لا من أحكام النجاسات، فإن عامة القائلين بنجاسته لا يجوزون مسح رطبه.
وإذا تقرر ذلك، فاعلم أنه لا يجوز لحس المني المذكور لأنه مستخبث، وقد قال الله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث [الأعراف:157] ، وانظر الفتوى رقم:
2146.
أما بالنسبة للوضوء فإن كان ذلك عن طريق مس الذكر فهو ناقض للوضوء عند جمهور العلماء، وإن يكن عن طريق المس، كأن يكون المني قد انفصل عن زوجها فلا يؤثر على الوضوء ما لم يكن قد خرج منها هي شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(11/2902)
لا يتكلف الإنسان البحث عن وجود النجاسة بمجرد الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[نعرف أن المذي من نواقض الوضوء وهو يأتي نتيجة التفكير في الجماع أو النظر المحرم والمشكلة عندي أنه قد ينزل المذي نتيجة انتصاب الذكر مع العلم أن هذا الانتصاب قد يكون أثناء السفر أو المشي أو حتى الجلوس وهذا الانتصاب ليس نتيجة التفكير في الجماع أو النظر المحرم وإنما هو فجأة بدون سبب، فماذا أفعل في هذه المشكلة مع العلم أنها كثيرة الحدوث بل دائمة؟ وهذا المذي يحتاج إلى الوضوء من جديد؟ وكيف أتيقن من نزول هذا المذي..؟ وهل أعصر ذكري للتأكد من نزول هذا المذي..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم المذي وما يتعلق به من غسل أو نضح، وذلك في الفتوى رقم:
996، فلتراجع.
ونضيف هنا أن المذي إذا تيقن وجوده فإنه ناقض للوضوء فيلزم إزالته وإعادة الوضوء، إلا أنه لا يتكلف الإنسان البحث عن وجوده بمجرد الشكوك والأوهام، إذ أن هذا سبيل إلى الوقوع في الوسوسة، فما دام الإنسان متيقناً طهارة نفسه من المذي، فلا يزول هذا اليقين بمجرد الشك، فعلى هذا فلا يلزم السائل فعل ما ذكر في السؤال ليتأكد من وجود المذي أو عدمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/2903)
عند تعذر معرفة مكان النجاسة يغسل الثوب كله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبعد:
أسأل عن المذي من المعلوم أنه ليس فيه غسل وإنما الوضوء وغسل مكانه بالماء، أسأل فيما إذا نشف محل المذي هل علي مسح مكانه بالماء؟ وإذا تعذر علي معرفة مكانه هل يجب علي غسل ثوبي كله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر -كما ذكر السائل- أن المذي لا يجب منه الغسل، بل يكفي غسله والوضوء منه، روى مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً وكنت أستحي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ. وأصل الحديث في الصحيحين.
وهذا الحكم فيما إذا علم مكانه سواء جف أو ما يزال رطباً، أما إذا جهل مكانه من الثوب فإن جمهور الفقهاء على أن موضع النجاسة إذا خفي ولم يعلم في أي جزء هي أنه يجب غسل جميع ما أصابته من ثوب أو بدن، ومستندهم في ذلك أن وجود المانع للصلاة متيقن، فلا تتيقن الطهارة إلا بغسل الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(11/2904)
يغسل ذكره ويتوضأ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إنني أشكو من نزول المذي بدون أي سبب أو شهوة لأنني عندما أقوم بفتح فتحة القضيب ألاحظ بالداخل مادة لزجة هل في هذه الحالة صلاتي صحيحة علما بأني أحيانا ألاحظ بأن فتحة القضيب تكون متلاصقة هل في هذه الحالة ملابسي نجسة
أفيدوني جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..............................]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خروج المذي يلزم منه غسل الذكر كله، والوضوء، وإذا وجد المسلم أثره على أي جزء من أجزاء جسمه يجب عليه تطهيره، وكذلك إذا وجده على ملابسه، وذلك لما في الصحيحين عن علي رضي الله عنه، قال: كنت رجلاً مذاءً (كثير المذي) وكنت أستحيي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله؟ فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/2905)
ما ينزل من الرجل عن محادثة الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المني الذي ينزل من الذكر من محادثة النساء وهل عليه الغسل أم غسل الذكر فقط وتنظيف مكان النجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ينزل من الرجل عند ثوران شهوته إما أن يكون منياً أو مذياً، وما ينزل عند الشهوة الصغرى عادة هو المذي وليس المني، والمني يخرج في الغالب عند الشهوة الكبرى (الجماع) ، ولعل ما ينزل من السائل عند محادثة النساء هو المذي، وهذا يجب منه غسل جميع الذكر، ويجب غسل ما أصاب البدن والثوب، لأنه نجس، كما يجب منه الوضوء.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم:
22308
لكن ننبه السائل إلى أن النساء اللائي يحدثهن إن كن غير زوجاته فإنه يرتكب إثماً بيناً، لأنه يحرم على الرجل محادثة النساء بشهوة، وكم جرَّت مثل هذه المحرمات إلى ما هو أكبر من زناً وفواحش، فليتق الله كل مسلم وليقف عند حدود الله، وليحذر الوقوع في حرماته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(11/2906)
حكم من اغتسل ثم خرج منه مني
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: رجل اغتسل بعد الجماع دون أن يبول فهل غسله جائز؟ ويستطع أن يصلي بهذا الغسل؟
جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اغتسالك للجنابة بعد الجماع هو الواجب عليك لقول الله تعالى: وإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فاطّهّرُوا [المائدة:6] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل. وزاد مسلم: وإن لم ينزل. وهذا باتفاق المذاهب الأربعة، قال النووي: وبهذا قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وليس خروج البول بعد الجماع شرطاً في صحة الغسل، وإنما يتوضأ المغتسل إذا خرج منه شيء بعد غسله، فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن الزهري في المرأة والرجل يخرج منهما الشيء بعد ما يغتسلان، قال: يغسلان فرجيهما ويتوضآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/2907)
حكم ما يخرج مع البول بما يشبه المني
[السُّؤَالُ]
ـ[عند التبول يخرج مع البول قطرات تشبه المني فهل هذه توجب الغسل وماذا علي أن أفعل؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يخرج منك في غالب ظننا ليس منيًّا، بل هو ودي، وهو سائل أبيض خاثر يخرج بعد البول غالبًا، وأحيانًا يخرج قبله، وحكمه أنه نجس يجب منه ما يجب من البول وهو الوضوء، وليس الغسل.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 19559، والفتوى رقم: 22308.
وعلى افتراض أن هذه القطرات مني، فلا يجب عليك الغسل؛ لأن المني من شأنه أن يخرج دفقًا بلذة، ويعقبه فتور، فإذا خرج بغير دفق ولا لذة فلا غسل فيه، وإنما يكفي فيه الوضوء.
وراجع الفتوى رقم: 438 ولمعرفة موجبات الغسل راجع الفتوى رقم: 3791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(11/2908)
المذي نجس اتفاقا
[السُّؤَالُ]
ـ[- قرات في بعض الكتب الدينية أن المذي طاهر ومن أدلة طهارته أنه إذا وقع على الملبس (لا ينجسه) ولكن يلزم الشخص أن يعيد وضوءه وإن يمسح ما وقع منه على البدن أرجو إفادتي هل هذه الفتوى صحيحة أم خاطئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن المذي نجس؛ للأمر بغسل الذكر منه في الحديث المتفق عليه عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: فيه الوضوء. ولـ مسلم: يغسل ذكره ويتوضأ. ولا بد من تطهير ما أصابه بلل المذي من الثياب والبدن. وأما الذي يمسح ما وقع منه على البدن أو اللباس فهو المني على القول بطهارته وهو الراجح، ويجب منه الغُسل كما هو معلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2909)
التطهر من المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[بصراحة أود الاستفسار عن أمر طالما شغلني والآن أعتقد أن الفرصة قد حانت للاستفسار عنه هذا الموضوع يتعلق بخروج سائل في أغلب الأوقات كلما دخلت إلى الخلاء وهذا السائل هو المني مع العلم أنني متزوج ولكن زوجتي بعيدة عني فكلما طالت فترة غيابي أي بعد ابتعادي عن ممارسة الجنس لمدة أسبوع وما فوق فيبدأ هذا السائل بالخروج فما أردت معرفته إذا ما كان يستوجب علي الغسل أو فقط أبدل ملابسي أو أغسل فقط الجزء الذي تبلل؟
أفيدوني جزاكم الله عنا كل الخير
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
فالذي يظهر أن هذا الخارج منك مذي وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند ثوران الشهوة بتذكر الجماع أو إرادته، ويخرج من مجرى البول.
والمذي نجس وناقض للوضوء، فيجب غسل الذكر فقط، وقيل: يغسل الأنثيين معه، وإذا أصاب بقية البدن أو الثوب يجب غسل الموضع الذي أصابه.
وقال بعض أهل العلم: يكفي للمبتلى به كثرة النضح وهو رش الماء، فإذا لم يتبين الموضع الذي أصابه المذي فيجب غسل جميع المشكوك فيه؛ لأن النجاسة إذا تحققت إصابتها فلا بد من براءة الذمة منها.
أما المني فهو ماء أبيض ثخين يخرج عند الشهوة الكبرى، ويخرج بتدفق ويعقبه فتور، وله رائحة كرائحة العجين أو طلع النخل، فهذا إن خرج بشهوة، فإنه يوجب غسل جميع البدن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(11/2910)
الحكم ينبني على نوعية الخارج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عندما أتكلم مع زوجتي أحس بشي يخرج من ذكري فهل هو مذي أومني؟ وأحياناً عندما أقوم من النوم أجد نقطة بيضاء صغيرة على الذكر ولكنني لم أحتلم ولم أجد شيأ على ملابسي وأحيانا أجده عند الوضوء؟ افيدوني جزاكم الله عني كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغالب على الظن أن ما يخرج منك عند كلامك لزوجتك هو المذي، والمني ماء أبيض ثخين له رائحة كرائحة الطلع أو العجين، أما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج، ولمعرفة الفرق بينهما انظر الفتوى رقم 22308
والذي تجده عند استيقاظك من نومك إن كان يحمل أوصاف المني فيلزمك أن تغتسل منه كما تغتسل من الجنابة وإن لم تذكر احتلاماً.
وإن كان يحمل أوصاف المذي فيجب منه غسل الذكر وغسل ما لامسه من ثوب أو بدن، لنجاسته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(11/2911)
خروج المني دون شهوة.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أبلغ من العمر 40 سنة وعندي مشكلة في نزول المني إذا تم عصر الذكر وأحياناً أجد رطوبة تلقائية هل فيها الغسل أو الوضوء وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإفرازات التي قد يشعر بها الإنسان داخل الذكر لا تترتب عليها أحكام إلا إذا خرجت إلى ظاهر الجسد، ولا يلزم الشخص أن يعصر عضوه لإخراجها.
وخروج المني بدون شهوة لا يوجب الغسل وإنما يوجب الوضوء فهو بمثابة خروج المذي والودي والبول، كل ذلك لا يوجب الغسل بل يكفي فيها الوضوء، وغسل الموضع الذي أصابته من بدن أو ثوب أو غيره؛ إلا المني فلا يجب غسله لأنه طاهر على الراجح من أقوال الفقهاء، ويلزم في المذي علاوة على غسل ما أصابه من البدن أو الثوب غسل الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(11/2912)
خروج المذي بعد غسل الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الاغتسال من المني قد يخرج مني المذي فماذا أفعل وهل الصلاة صحيحة أم لا؟ وأحيانا يخرج مني البول بعد التبول مع العلم أنني أعصر ذكري كثيرا بعد التبول ولكن قد أحس بنزول شيء قد يكون في الصلاة أو حتى أثناء الوضوء.. فهل هذا من الوسوسة؟
أفيدونا أفادكم الله.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خروج المذي بعد الاغتسال يلزم منه نقض الوضوء وغسل الذكر وما أصاب الثوب والبدن منه.
أما إن كان الخارج منياً، فهذا لا يوجب إعادة الغسل ثانية إلا إذا حصلت لذة.
وعلى كلٍ فلا تجب عليك إعادة الوضوء. والصلاة التي أديتها بعد الغسل، وقبل خروج النازل الذي أسميته مذياً صحيحة، لأنها أديت بطهارة.
أما بخصوص ما تراه من بقايا البول، فنحيلك إلى الفتوى رقم: 8444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(11/2913)
حكم ما يخرج من مجرد ملامسة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وجزاكم الله كل خير على هذه الزاوية من الموقع (زاوية الفتاوى) .
يعلم الله كم أجد من الحرج في طرح هذا السؤال ولكن إن شاء الله لا حرج في مناقشة أمور الدين والطهارة.
أود الاستفسار عما يوجب غسل الجنابة بالتحديد أود أن اسأل عن حالة معينة هل تستوجب الاغتسال أم لا؟
أنا مخطوبة ويوجد عقد شرعي بيني وبين خطيبي إذا تم تبادل القبلات والعناق فيما بيننا هل هذا يستوجب الغسل؟ علما أنه أكيد يوجد نوع من الشهوة عند حصول هذا؟ وأحيانا أتذكر هذا فيما بعد وتنزل افرازات فهل هذا يستوجب الغسل أيضا؟.
أفيدوني سريعا لأنني خائفة جدا من احتمال عدم وجود طهارة أثناء الصلاة وغيرها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد الملامسة من غير التقاء للختانين لا توجب غسلاً إلا إذا خرج بسببها مني، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الماء من الماء " أخرجه مسلم في صحيحه.
وعليه؛ فإذا كان ما يخرج منك منياً، فالواجب عليك غسل جميع البدن بماء طهور.
أما إذا كان مذياً، فلا يلزم منه إلا نقض الوضوء وغسل المحل، وما أصاب البدن والثوب منه، وانظري الفتوى رقم: 18396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(11/2914)
إذا رأيت المذي فتوضأ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد.
سؤالي كالتالي: أنا شاب في 16 عشر من العمر مشكلتي هي كلما رأيت شيئا يثير غريزتي يخرج سائل أبيض من قضيبي ولكنه ليس سائل المني فهل يجب علي أن أغتسل كلما خرج هذا السائل فأفيدوني يفدكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل ما تجده هو المذي، وحكمه أنه لا يلزم منه إلا غسل الذكر، وما أصاب الثوب والبدن منه والوضوء، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم لعلي " إذا رأيت المذي فتوضأ واغسل ذكرك " رواه النسائي وانظر الفتوى رقم 9170
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/2915)
تزيين الشيطان لإفساد صلاة العبد.
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان في الصلاة يذكرني الشيطان بالنساء ومفاتهن وهذا قد يفسد علي الصلاة وقد أحس بنزول المذي ولكن لست متأكدا من النزول فماذا أفعل وهل هذه الصلاة صحيحة؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشيطان حريص على إفساد عبادة المرء ودينه، فعليك بمجاهدة نفسك، والشيطان، والتعوذ بالله منه، كما هو مبين في الفتوى رقم:
8053، وإياك أن تسترسل في هذا النوع من التفكير، واعلم أن صلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى، إلا إذا خرج منك مذي بيقين أو غلبة ظن، فإنك تقطع الصلاة، وتغسل ذكرك، وتتوضأ، ثم تعيد الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(11/2916)
استخرجت مني زوجها بيدها.... هل تغتسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة الغسل إذا نزل مني الرجل علي يدها وهي لم تنزل أو يكفي الوضوء بعدها وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استخرجت مني زوجها بيدها فإنه لا يجب عليها الغسل ما لم تنزل هي، وإنما يجب عليها الوضوء فقط، وإذا كان قد نزل منها مذي فإنها تستنجي أيضاً، وذلك لأن ما صدر منها إنما هو لمس العضوء باليد وهذا وحده ليس من أسباب الغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(11/2917)
الحكم ينبني على نوع الخارج من القبل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في مقتبل العمر وأحيانا أتعرض لأشياء تثيرني وقد ينزل مني شيء نتيجة الإثارة هذه فهل يلزمني عند دخول وقت الصلاة الوضوء؟ أم الاغتسال؟ وإن كنت على وضوء ونزل شيء من قبلي فهل يلزم إعادة الوضوء؟ أم أصلي بوضوئي السابق؟ أرجوا الإجابة بالتفصيل ولكم الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الذي ينزل منك عند إثارة الشهوة هو ماء أبيض رقيق لزج يخرج بلا دفق ولا يعقبه فتور فهو مذي، وهو نجس وموجب لغسل الذكر وما أصابه من الثوب والبدن، كما هو ناقض للوضوء ولا تصح الصلاة إلا بعد الوضوء منه، وأما إذا كان يخرج بشهوة ودفق وتحس بعده بفتور فهو مني يجب عليك الاغتسال منه، ولا يكفي عنه الوضوء، وهو ناقض للوضوء؛ إلا أنه ليس بنجس على القول الصحيح من أقوال العلماء، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
9170، والفتوى رقم:
13101، والفتوى رقم:
20093.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(11/2918)
صفة المني والودي والمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عندما ينظر الى المرأة أو إلى صورة امرأة أو حتى يذكر له النساء يخرج من ذكره سائل أبيض؟ فما الحكم في هذا السائل الأبيض. أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائل الذي يراه هذا الرجل يظهر - والله أعلم- أنه مذي وهو: ماء أبيض رقيق يخرج عند الإنعاظ والشهوة الصغرى، فيجب منه غسل الذكر كله، وهو ناقض للوضوء.
ويبعد أن يكون منياً، لأن المني يخرج غالباً عند الشهوة الكبرى في النوم واليقظة، ويخرج بتدفق وقوة، وبعد ما ينتهي يشعر صاحبه باسترخاء وفتور ... وله رائحة كرائحة طلع النخل أو العجين.
وحكمه أنه يجب منه غسل جميع البدن.
وهناك الودي الذي يخرج بعد البول غالباً، وهو ماء أبيض خاثر ولا علاقة له بالشهوة، وهذا حكمه حكم البول.
وبهذا تكون قد عرفت حكم المذي والمني والودي ومواصفات كل منها، ولا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية ولا إلى صورتها، ولا يعفى من ذلك إلا عن نظرة الفجأة، قال الله سبحانه قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/2919)
لا يجوز ابتلاع المني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي أن أطلب من زوجتي أن تشرب المني" بعد أن تمصه"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمني لا يجوز للمرأة أن تبتلعه ولا يجوز لزوجها أمرها بذلك أو الرضى به، لأن المني نجس عند كثير من الفقهاء كمالك وأبي حنيفة ورواية عن أحمد. وتناول النجس محرم.
ومن قال بطهارة المني كالشافعية فإنه على الصحيح من مذهبهم لا يجوز ابتلاعه.
قال النووي في المجموع: هل يحل أكل المني الطاهر؟ فيه وجهان: الصحيح المشهور أنه لا يحل لأنه مستخبث، قال تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث [الأعراف:157] . انتهى
وعلى الأخ السائل أن يعلم أن مثل هذا لا يرضاه إنسان صاحب فطرة وذوق سليم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(11/2920)
لا علاقة لخروج المني من المرأة بالزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال بالنسبة للمرأة هل لها مني قبل الزواج أم أنه يظهر بعد الزواج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من علامات البلوغ التي ذكرها العلماء خروج المني من الرجل أو المرأة.
فإذا خرج المني من الفتى أو الفتاة - ويعبر عنه بالاحتلام- فقد بلغا سن التكليف، وأصبحا مخاطبين بأحكام الشرع كما يخاطب بها الكبار، ولا علاقة لذلك بالزواج.
قال تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور:59)
وفي صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها أن أم سليم قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: " نعم إذا رأت الماء ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/2921)
كيفية الطهارة من الود ي وتطهير الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله, أما بعد سؤالي هو:
أشكو من نزول ماء, أظنه ما أسمي بالودي, يحصل معي في أغلب الأوقات, حيث يلزمني الوضوء عند كل وقت صلاة. المشكل هو عندما أكون في مكان العمل هل يحل لي التيمم مع إزالة قطعة الثوب التي أصابها الأذى.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان أنواع الماء الذي يخرج من الرجل أو المرأة، وذلك في الفتوى رقم:
2148
أما الطهارة من الودي فقد سبقت بالتفصيل في الفتوى رقم: 3861
وننبه السائل إلى وجوب الوضوء ما دام الماء حاضراً، وهو قادر على استعماله، فلا يحل له التيمم والحالة هذه، وننبهه أيضاً إلى أنه لا يلزمه إزالة قطعة الثوب التي أصابها الودي، وإنما يكفيه غسله عن الثوب، بل إن في إزالة القطعة إفساداً للثوب، والله جل وعلا لا يحب الفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(11/2922)
تفوته صلاة الجماعة بسبب خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيانا ينزل المذي باستمرار لفترة طويلة ربما تستغرق وقت صلاة الجماعة فهل إذا سددت فتحة الذكر بقطعة من القطن تمنع خروج المذي لخارج الذكر ثم صليت تكون الصلاة صحيحة أم يجب علي الانتظار حتى ينقطع المذي حتى إن كان هذا يتسبب في ضياع الجماعة الأولى.
أم ينبغي عليّ أن أرى المكان بعد الصلاة فإذا وجدت أثر المذي على القطنة من الداخل فقط دون الخارج فأعيد الصلاة وإلا فلا أعيدها.
وهل وضع قطعة القطن بهذه الطريقة يؤثر على الصيام نظرا لأن المكان من مداخل الجسد.
ولكم جزيل الشكر والتقدير وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام نزول المذي لا يستغرق جميع وقت الصلاة فلتنتظر انقطاعه ولو فاتت الصلاة مع الجماعة، فإذا انقطع فتوضأ ثم أد الصلاة مع جماعة أخرى إن وجدتها، وإلا فصلها منفرداً.
أما سد المخرج من أجل قطع المذي فلا يخلو من واحد من أمرين:
الأمر الأول: أن يشد الذكر شداً قوياً حتى يمسك السائل داخل الإحليل ويحبسه فيه، وهذا إن أمكن عملياً وقبل طبياً ففيه من المشقة والحرج ما يتنافى مع يسر ديننا ورفع الحرج والمشقة، وبالتالي فهو من الغلو والتنطع.
الأمر الثاني: أن يجعل على الذكر شيئاً يمنع السائل من الانتشار مع خروجه وانفصاله عن الذكر، وهذا إن صلى به فهو مصل بالنجاسة، ولابد في صحة الصلاة من الطهارة من النجاسة، وهذا ما لم يتحقق هنا.
وعليه فإنا نقول للأخ السائل: عليك أن تنتظر حتى ينقطع المذي، ثم اغسل ذكرك وتوضأ وصل، ولا تكلف نفسك بما لم يكلفك الله به، ولتحذر الوساوس والشكوك، واعلم أن دين الله يسر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(11/2923)
إفرازات الذكر وما يجب فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ويكثر خروج إفرازات من عضوي الذكر ويحرجني هذا الأمر كثيراً ولكن هل ينقض الوضوء أو يوجب الغسل إذا كانت هناك إفرازات توجد في مجرى البول ولكنها لا تخرج من فتحة خروج البول؟ وإذا خرجت ماذا يجب العمل فيها؟ مع العلم أنها تستمر دائما وبدون أي سبب أو داع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يبين لنا السائل ما هي هذه الإفرازات التي يعنيها، فإن كانت سلس بول أو بقايا من البول أو سلس مذي، وكان خروجها ملازماً له، فإنه يعصب خرقة على ذكره، ويتوضأ بعد دخول الوقت ويصلي، ولا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت، ويتوضأ لكل صلاة. وإن كانت تنزل أحياناً وتنقطع أحياناً أخرى، فعليه أن يتحين الوقت الذي تنقطع فيه ويتوضأ ويصلي إلا إذا خشي خروج الوقت فلا ينتظر بل يتوضأ ويصلي، هذا إذا خرجت هذه السوائل إلى ظاهر الجسد ولو كانت قطرة على رأس الذكر.
أما إذا لم تخرج، بل يحس بها في الداخل فلا يترتب على ذلك شيء، ثم هذا كله إذا كان الخارج غير مني، فإن كان الخارج منياً، فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في بعض الحالات التي يخرج فيها مني أيوجب الغسل أم لا؟ من ذلك ما لو خرج المني بغير شهوة -أي لم يكن دافقاً- في اليقظة؟ فذهب كثير من أهل العلم إلى أن الواجب على من خرج منه -والحالة هذه- هو الوضوء. فقط
وذهب آخرون -وهم الشافعية- إلى وجوب الغسل، والأول أقرب إلى الدليل.
ومن الحالات التي حصل فيها النزاع بين العلماء ما لو وجب الغسل بجماع أو احتلام أو استمناء أو أي سبب آخر موجب للغسل فاغتسل ثم بعد الاغتسال خرج المني، والصحيح هنا وجوب الغسل.
ومن مواطن النزاع بين العلماء ما لو أحس بانتقال المني من جسده، ولكن لم يخرج المني، فهل يجب عليه الغسل أم لا؟ رجح صاحب المغني من الحنابلة عدم الوجوب، وهو قول قوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(11/2924)
يعاني من كثرة خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الرجل كثير المذي (المذاء) ؟ وكيف يتطهر منه؟ وما أسبابه؟ وهل يتوضأ له وضوءا غير وضوء الصلاة أم أن وضوء الصلاة يجزئ عنه؟ بمعنى إذا كان شخص مصابا بالمذي ويريد أن يصلي هل يتوضأ وضوءا للطهارة من المذي ثم يتوضأ للصلاة أم يتوضأ وضوءا وحداً؟
وجزكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكثرة نزول المذي من الرجل ليس أمراً اختيارياً، ولذلك لا شيء عليه في ذلك، فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كنت رجلاً مذاءً، كما في الصحيحين.
والمذي نجس باتفاق العلماء، ولذا يجب غسل ما أصابه من ثوب أو بدن أو غيرهما، فإن كثر خروجه وشق غسل الثوب منه اكتفي في الثوب بالنضح، أي الرش بالماء على الراجح من أقوال أهل العلم.
وأما سببه، فهو ثوران الشهوة عند النظر إلى المرأة أو مداعبتها، أو التفكير في ذلك، أو نحوه، ويجب منه غسل الذكر.
وإذا قدر أن شخصاً نزل منه مذي، وقد كان على وضوء، فإن وضوءه ينتقض، بمعنى أن المذي من نواقض الوضوء، وليس المراد أن للمذي وضوءاً خاصاً به، فمن انتقض وضوؤه بالمذي كمن انتقض وضوؤه بغيره من النواقض.
وفي بعض ما ذكرنا من الأحكام عن المذي تفاصيل تراجع في الفتوى رقم: 12356، والفتوى رقم: 996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2925)
خروج المني بدون دفق ولا شهوة هل يوجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خروج المني بدون سبب هل يوجب الاغتسال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خروج المني من الإنسان من غير لذة ولا شهوة ولا دفق لا يوجب الغسل عند جماهير العلماء، ويرى الشافعية ومن وافقهم أنه يوجب الغسل والراجح قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم:
438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/2926)
السائل الخارج من المرأة له حالتان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة غير متزوجة، لكني أشتهي الجماع مما يجعلني أنزل سائلا بدون وجودالطرف الثاني، سؤالي هو هل يجب علي الغسل؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا السائل الذي يخرج لا يخلو من أحد حالتين:
الأولى: أن يكون منياً: وهو ماء أصفر رقيق بالنسبة لماء المرأة يخرج عند الشهوة الكبرى بتدفق، فالواجب الاغتسال منه غسل الجنابة، لقوله تعالى: وإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] .
الثانية: أن يكون مذياً: وهو ماء أبيض رقيق لزج شفاف يخرج عند الشهوة الصغرى، فالواجب غسله والوضوء منه ولا يجب الاغتسال، لحديث علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: فيه الوضوء. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/2927)
تعريف الودي والمذي والمني وما يلزم من خروجهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعاني قبل التبول أو بعده من خروج بعض القطرات من المني فهل هذا يوجب الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالودي هو ماء أبيض خاثر يخرج بعد البول غالباً وربما خرج قبله، ولا علاقة له بالشهوة، ولا يلزم منه إلا ما يلزم من البول.
وهناك المذي: وهو ماء رقيق لزج يخرج عند الشهوة الصغرى، فهذا يجب منه غسل الذكر كله والوضوء.
والخلاصة أن المني الذي يجب منه الغسل: هو الماء الدافق بقوة عند اللذة الكبرى.
أما المذي: فهو يخرج عند اللذة الصغرى فيجب منه غسل الذكر والوضوء.
وأما الودي: الذي سبق بيانه فلا يجب منه إلا ما يجب من البول من الطهارة والوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(11/2928)
حكم السائل اللزج الذي يخرج عند الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وجزاكم الله عنا ألف خير على ما تقدمونه في خدمة الأمه الإسلامية
عندما أقرا الفتاوى على الشبكة وخاصة فتاوى الرجل والمرأة والجماع وغير ذلك من الفتاوى التي تثير عندي بخروج سائل لزج يشبة الماء لزج بالرغم إني بحاجة ماسة إلى هذه الفتاوى لأنني متزوج وأريد أن أعرف مثل هذه الفتاوى ولكن لا أستطيع أن أسيطر على خروج هذا السائل، وأحيانا يتحرك العضو الذكري فيشتد حتى أنني أشعر بخروج السائل أو أشاهده بعد ذلك حيث أنني في مركز عملي وأريد أن أذهب إلى الصلاة فما حكم ذلك هل صلاتي تجوز إن قمت بالوضوء فقط أفيدوني بسرعة دون تأخير؟ وجزيتم خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي ينبغي عليك هو أن لا تسترسل في التفكير في هذه الأمور عند قراءة هذه الفتاوى، وما خرج منك مع عدم الاسترسال في التفكير فلا حرج عليك فيه.
أما السائل اللزج الذي يخرج عند الشهوة ويشبه الماء فهو المذي، وحكمه أنه نجس كالبول، فيقوم المسلم بغسل ذكره منه وغسل ما أصاب ثيابه، ويتوضأ ويصلي.
ففي الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: فيه الوضوء. واللفظ للبخاري وفي لفظ "اغسل ذكرك وتوضأ"، وفي رواية أبي داود "يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ".
وإذا كان المذي ينزل منك كثيراً فالراجح أنه يكفيك في تطهير ما أصاب من ثيابك النضح، وراجع الفتوى رقم:
2148 والفتوى رقم:
996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/2929)
المرأة ترى الماء كما يراه الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
(إن الله لا يستحيي من الحق) لقد سمعت أن مني المرأة لا ينفصل خارج القبل فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليها هذا أن تنظر إلى ثيابها؟ وأيضا داخل الفرج للتأكد من وجود المني للاحتلام والجنابة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح أن مني المرأة يبرز كما يبرز ماء الرجل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري) : (وروى عبد الرزاق في هذه القصة - أي قصة استفتاء أم سليم عن احتلام المرأة - عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إذا رأت إحداكن الماء كما يراه الرجل".
وروى أحمد من حديث خولة بنت حكيم في نحو هذه القصة: "ليس عليها غسل حتى تنزل كما ينزل الرجل". وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز، وإنما يعرف إنزالها بشهوتها) . انتهى كلامه رحمه الله.
وبعد هذا نقول: الجنابة إما عن جماع، وإما عن إنزال يقظة أو مناماً، أما الجماع فيجب الغسل على كل من الذكر والأنثى إذا التقى الختانان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الختانان وجب الغسل" رواه ابن ماجه بهذا اللفظ.
والمقصود بالتقاء الختانين تغييب حشفة الذكر في قبل المرأة، سواء حصل إنزال أو لم يحصل، فالغسل واجب.
وأما الاحتلام، فإنه لا يوجب الغسل إلا إذا حدث إنزال الماء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأت الماء، فلتغتسل" رواه البخاري ومسلم والنسائي واللفظ له.
فإذا رأت المرأة الماء بعد الاحتلام أو رأت آثاره وجب عليها الغسل.
وأما الإنزال في اليقظة، فالواجب الغسل إذا حدث الإنزال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الماء من الماء" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(11/2930)
لمس السائل المنوي لا يوجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا لمس السائل المنوي يدي أو جسمي دون أن يكون هناك جماع مباشر هل يجب علي الاغتسال للصلاة والطهارة؟ أم يكفي غسل المكان الذي جاء عليه المني من الجسم؟
شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد إصابة المني لجسم الإنسان لا يوجب الاغتسال، وإنما يوجبه خروجه منه بشهوة.
وراجعي موجبات الغسل في الفتوى رقم: 3791.
واعلمي أن المني نفسه طاهر على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1789، والفتوى رقم: 17253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(11/2931)
من قام من النوم فوجد بللا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من قام من النوم ووجد بللاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا احتلم النائم فخرج منه المني، وجب عليه الغُسل بلا خلاف.
أما إذا احتلم، ولم يجد منياً فلا غسل عليه بلا خلاف أيضاً، وإذا انتبه فرأى منياً ولم يذكر احتلاماً، فعليه الغسل أيضاً، وكذلك إن انتبه من النوم فوجد بللاً لا يعلم هل هو مني أو غيره؟ فعليه الغسل.
قال صاحب الإنصاف ج-1-: لو انتبه بالغ أو من يحتمل بلوغه فوجد بللاً جهل أنه مني وجب الغسل مطلقاً على الصحيح من المذهب.
وهذا أيضا هو الحكم في المذهب المالكي بشرط أن يكون الاحتمال متردداً بين اثنين أحدهما مني، والآخر غير مني.
أما إذا كان الاحتمال متردداً بين ثلاثة فأكثر: أحدهما مني، والآخر مذي، والثالث نخامة -مثلاً- فلا غسل، لأن موجب الغسل ثابت باحتمال واحد، وعدمه ثابت باحتمالين، وقد نظم بعض أهل العلم ذلك في بيت فقال:
... ... ... وما ثبوته بتقديرين ... أقرب للوجود دون مَيٌن
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(11/2932)
المذي يوجب غسل الذكر كله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفقد السائل الذي يخرج قبل المني الطهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغالب أن الذي يخرج قبل المني هو ما يعرف بالمذي، وهو ماء أبيض لزج يخرج عند المداعبة أو تذكر الجماع، وهذا يجب فيه غسل جميع الذكر وما أصاب من الثياب، والوضوء.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سأله المقداد بأمر من علي رضي الله عنه: "توضأ وانضح فرجك" رواه مسلم.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 1855، 2000، 8725، 996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(11/2933)
أقوال العلماء في الثوب إذا أصابه المني
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل تجوز الصلاة بثوب لمسه المني؟
جزاكم الله وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة بالثوب الذي أصابه مني مختلف في حكمها، وهذا الخلاف ناشيء عن اختلاف العلماء في حكم المني، ولهم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه نجس كالبول فيجب غسله رطباً ويابساً من الثوب ومن البدن. وهو قول مالك والأوزاعي والثوري وطائفة.
ثانيها: أنه نجس يجزئ فرك يابسه. وهذا قول أبي حنيفة وإسحاق ورواية عن أحمد.
ثالثها: أنه طاهر مستقذر كالمخاط والبصاق. وهذا قول الشافعي والمشهور عند أحمد. ونصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية بأدلة كثيرة وهوالراجح، فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه.
وروى أحمد بإسناد صحيح عنها أيضاً أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابساً ثم يصلي فيه.
وأما ما جاء في الصحيحين عنها من أنها قالت: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا للاستحباب استقذاراً لا تنجيساً كالمخاط والنخامة والبصاق. فقد روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقه أو بإذخرة.
ورواه الترمذي معلقاً عن ابن عباس أنه قال: المني بمنزلة المخاط، فأمطه عنك ولو بإذخرة.
وعليه، فيجوز الصلاة في الثوب الذي أصابه مني لطهارته؛ وإن كان يستحب له فركه أو غسله خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(11/2934)
هل يجوز للمرأة ابتلاع مني زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لزوجي أن يستمني فوقي وبدون أن ألمسه فعلا وأبتلع منيه؟ فهل يجوز له أن يضع ذكره بين ثديي لكي يستمني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
استمناء الرجل بيد زوجته أو بأي مكان من بدنها لا شيء فيه، لأن الله عز وجل أباح له أن يتمتع بسائر بدن زوجته، سوى الدبر وسوى الفرج في فترة الحيض.
وأما ابتلاع المرأة لمني زوجها فهو أمر منافٍ للفطرة السليمة والأذواق الرفيعة، وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن المني نجس، وعلى رأيهم فلا يجوز ابتلاعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/2935)
أحكام من ينزل منه الودي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشاكل في الصلاة.. أثناء العمل لا أستطيع الصلاة في وقتها إلا أن زملائي يصلون، لأني أعاني من مشكلة الودي، ولا أستطيع تغيير ملابسي لكوني في العمل ومن ثم لا أستطيع الصلاة في وقتها، فهل أكتفي بالوضوء بدون أن أغير ملابسي الداخلية؟ لأن تغيير الملابس يعني تغييرها أربع أو خمس مرات يومياً، وهذه المشكلة لا ترغبني في الصلاة حتى في البيت لأني ملزم بتغير ملابسي الداخلية كل مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي عمود الدين وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.
لذا فلا يجوز تركها بحال من الأحوال ولا التهاون في أدائها أو تأخيرها عن وقتها، وكون الإنسان دائماً ينزل منه نجس لا يسوغ تركها ولا تأخيرها عن وقتها.
وإنما الذي يلزم من ينزل منه ودي أو غيره من النجاسات بتكرر هو غسله عند كل صلاة، وهذا لا مشقة فيه. ولو اتخذ الإنسان منديلاً يحافظ على ثيابه من النجس يتم تبديله عند كل صلاة لزالت المشقة وانحلت المشكلة، فإن تعذر ذلك تعذراً خفيفاً ولم يبق إلا أن تؤدى الصلاة مع النجاسة أو يخرج وقتها أديت الصلاة في وقتها مع الاستنجاء والوضوء، دون تبديل أو غسل الملابس، لقوله تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/2936)
فروق جوهرية بين مني المرأة ومني الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد وصفاً تاماً لمني المرأة والفرق بينه وبين المذي إن وجد لدى المرأة مذي (من حيث الهيئة والوصف) .]ـ
[الفَتْوَى]
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فمني المرأة أصفر رقيق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر رواه مسلم.
وذكر الفقهاء أن رائحة المني كرائحة طلع النخل أو العجين، وأنه يخرج بشهوة ولذة، ويعقبه الإحساس بالفتور.
أما المذي فعرفه النووي قائلاً: " هو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا دفق، ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه، ويشترك الرجل والمرأة فيه " أ. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(11/2937)
استغرق في التفكير وظن خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أستغرق في التفكير ولا أدري إذا خرج المذي أم لا، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تيقن خروج المذي أو غلب ذلك على ظنه، وجب عليه غسل ذكره، وغسل ما أصابه المذي من ثوبه أو بدنه، ووجب عليه الوضوء. لما ثبت في الصحيح أن علياً رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه سلم لمكان ابنته، فسأل فقال: " توضأ واغسل ذكرك " وحكى ابن المنذر -رحمه الله- الإجماع على أن المذي ينقض الوضوء. فالواجب غسل الذكر منه وغسل الثياب والبدن إذا أصابهما شيء منه. وهذا إنما يكون بحصول اليقين بخروجه أو غلبة الظن بذلك، أما إذا لم يتيقن خروجه ولم يغلب على الظن، فالأصل بقاء الطهر، وإن كان يستحب لمن انتشر ذكره ولم يخرج منه شيء أن يتوضأ، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1423(11/2938)
هل يجب الغسل عند ثوران الشهوة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا العمل الجليل ومتكعم بالصبر والحكمة.
أرجو إفادتي في حالة حدوث الشهوة هل يجب الاغتسال بأن يعم الماء الجسد أم غسل العضو فقط. ندعو الله أن يوفقكم لما هو خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد بحدوث الشهوة ثورانها وانتشار الذكر بسبب النظر أو اللمس باليد ونحو ذلك، بدون نزول المني فلا يجب من ذلك غسل جميع البدن ولا الذكر، إلا إذا نزل مذي، فيجب حينئذ الوضوء وغسل الذكر وغسل ما أصابه المذي من الثوب أو الجسد، لأن المذي نجس، ففي الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل، فقال: "توضأ واغسل ذكرك" وفي رواية لمسلم: "يغسل ذكره ويتوضأ" وإن كنت تقصد بحدوث الشهوة نزول المني، فيجب حينئذ غسل جميع البدن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/2939)
يستحب غسل المني عن الثوب، أما المذي فيجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الملابس التي يلبسها الرجل وقت الجماع هل هي نجسة يجب استبدالها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن المني طاهر، سواء أكان مني امرأة أو مني رجل، وعليه فإن كانت الملابس التي يلبسها الرجل وقت الجماع لم يصبها إلا المني فهي طاهرة، لا يجب استبدالها، ولكن يستحب غسل المني للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى عليه وسلم.
أما إن أصابها المذي فيجب تطهيرها، لأن المذي نجس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1422(11/2940)
المذي ... تعريفه ... وما يلزم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
أنا إنسان ملتزم بفضل الله تعالى ولكني أعاني من مشكلة (المذي) و (الودي) فهو قد ينزل مني لأي منظر أو قول أو فعل متعلق بالناحية الجنسية وكثيرا ما ينتابني هذا وأنا في الصلاة رغم أني أعمل كل جهدي لصرف الذهن عن هذا الموضوع والسؤال ماذا أفعل في هذه الحالات؟ أولا، وثانيا: فأنا أقع في هذا أكثر عند الاقتراب من زوجتي عند النوم فما حكم إزالة ما ينزل من المذي على الملابس علما أنني لايمكنني رؤية شيء خاصة مع صلاة الفجر أو الليل أفيدوني أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المذي هو الماء الأبيض الذي يخرج عند ثوران الشهوة، ويجب منه غسل الذكر والوضوء، لحديث الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً، وكنت أستحي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.
ويجب الوضوء منه ولو تكرر كثيراً، لقول علي كنت رجلاً مذاءً (أي كثير المذي) قال ابن حجر في الفتح: واستُدِل به (أي هذا الحديث) على وجوب الوضوء على من به سلس المذي للأمر بالوضوء مع الوصف بصفة المبالغة الدالة على الكثرة، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن الكثرة ناشئة عن غلبة الشهوة مع صحة الجسد، بخلاف صاحب السلس فإنه ينشأ عن علة في الجسد. انتهى.
ولا خلاف بين العلماء أن المذي الخارج عن طريق الصحة أي بواسطة الشهوة الجنسية يجب منه الوضوء فهي سنة مجمع عليها قاله ابن عبد البر: فإن كان خروجه لسلس بأن كان لغير سبب فاختلف العلماء في وجوب الوضوء منه: فذهب مالك إلى أنه لا يجب بل يندب فقط، وذهب جمهور العلماء ومنهم: أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى وجوب الوضوء منه لكل صلاة قياساً على المستحاضة، وهو الراجح.
وأما بالنسبة لما يصيب الثوب منه فقيل: يجب غسله وبه قال مالك والشافعي، وقيل: يجزئ فيه النضح وهو الرش بالماء وبه قال أحمد ولعل الراجح هو التفصيل فمن كانت حالته طبيعية فالواجب في حقه الغسل ومن كانت حالته غير طبيعية كفاه النضح، لحديث سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما يجزئك من ذلك الوضوء" قلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه". رواه الترمذي وأبو داود وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
وعلى هذا نقول لك: إذا أصاب المذي ثيابك فإن استطعت غسل ما أصاب منها فافعل للخروج من الخلاف، فإن لم يتيسر لك ذلك فانضحها.
وإن استطعت أن تتخذ ثوباً للنوم غير ثوب الصلاة فإن ذلك أحوط لك وأقل مشقة.
ثم إننا ننبهك إلى أن الودي ليس كالمذي فالودْي ماء غليظ أصفر يخرج أثر البول، وحكمه حكم البول لا يلزم منه إلا ما يلزم من البول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(11/2941)
طهارة المني وعدمها لا تسري على الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة إدارة مركزالفتوى جزاكم الله خيراً نسأل عن السائل المنوي هل هو من الأعيان الطاهرة أو النجسة ومارأيكم في من يقول إن الإنسان مخلوق من نجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخلاف العلماء في طهارة المني وعدمها ليس سارياً على الإنسان بحجة أن أصله من المني، والمني نجس عند بعض الفقهاء، لأن المني استحال عن حاله استحالة كاملة، وهذا النوع من الاستحالة مطهر إجماعاً.
وأما حكم المني فسبق في الفتوى رقم: 2000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1422(11/2942)
معنى الجنابة، وحالات خروج المني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الجنابة، وهل خروج المني والمذي بشهوة حرام، علماً أنني غير متزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجنابة هي: الحدث الموجب للغسل، وقال في الهداية: هي خروج المني على وجه الشهوة، وقال المناوي: الجنابة: إنزال المني، أو التقاء الختانين، وسميت بذلك لكونها سبباً لتجنب الصلاة شرعاً، ويجب على من أجنب الغسل.
وأما خروج المني والمذي فله حالان:
الأولى: أن يكون بسبب جماع أهله، أو مداعبتهم، فهذا لا حرج فيه.
الثاني: أن يكون بسبب تعدٍ لحدود الله باستعمال اليد، أو النظر المحرم أو غير ذلك فلا يجوز
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1422(11/2943)
حكم تأخير الصلاة عن وقتها بسبب استمرار خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي تأخير الصلاة (ولو عن موعدها) لو أحسست باستمرار نزول المذي مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذي نجس، وخروجه ينقض الوضوء ويلزم منه غسل جميع الذكر.
لكن من ابتلي باستمرار خروج المذي بحيث لا ينقطع عنه وقتاً يتسع لفعل الصلاة بشروطها، فإنه يلزمه الوضوء بعد دخول الوقت، ثم يصلي به الفرض، وما شاء من النوافل، فإذا جاء وقت الفريضة الأخرى أعاد الوضوء.
وأما ما يصيب الثوب من المذي فيلزم غسله، فإن شق الغسل أو تبديل الثوب صلى على حاله، عند طائفة من أهل العلم، وينبغي أن يعصب المحل بخرقة أو نحوها ليمنع انتشار المذي، مع الاجتهاد في علاج هذا الأمر.
وينبغي التنبه إلى أن الخارج إذا انقطع زمناً يتسع لفعل الصلاة بشروطها، تعين فعل الصلاة في ذلك الوقت، ولو أدى إلى ترك الصلاة مع الجماعة، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1422(11/2944)
المذي: حكمه ... وما يترتب على خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المذي الذي يخرج من الرجل والمرأة وهل عليه أن يغسل المكان الذي أصابه وهل هو ناقض للوضوء؟ وما الحكم إذا لم يتبين لي مكانه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذي: ماء أبيض رقيق يخرج عند مبادئ اللذة وعند الملاعبة، أو تذكر الجماع أو إرادته، ويشترك الرجل والمرأة فيه، وهو نجس، وناقض للوضوء بالاتفاق.
وللفقهاء في كيفية تطهيره مذهبان:
الأول: أنه يطهر بالغسل كغيره من النجاسات.
الثاني: أنه ينضح. (أي: يرش بالماء) .
والأحوط الأخذ بالمذهب الأول ما لم يكثر خروجه ويشق الغسل، فيكتفى بالنضح. ويلزم الرجل غسل الذكر فقط على الراجح، ومن أهل العلم من طالب معه بغسل الأنثيين، ولو فعل ذلك احتياطا فلا بأس.
ولا يجب على المرأة غسل فرجها منه إلا إذا تحققت نزوله إلى ظاهر المهبل، أما داخل المهبل، فلا يجب غسله لا من نجاسة ولا من جنابة ولا من حيض، لأن الخارج من أحد السبيلين إذا لم يجاوز المخرج، كان طلب الاستنجاء منه على وجه الاستحباب والكمال فقط، لا على وجه الوجوب، ولا يختلف حكم مذي الرجل عن حكم مذي المرأة، فكلا هما نجس وناقض للوضوء، وينجّس ما أصابه من الثياب والبدن، أما إذا لم يتبين المكان الذي أصابه المذي، فيجب الاحتياط بتطهير جميع المشكوك فيه، سواء كان ثوبا أو بدنا، لأن النجاسة إذا تحقّقت إصابتها فلا بد من براءة الذمة منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1422(11/2945)
المذي لا يوجب الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة خَلْقية، حيث عندي انسداد في الأقنية الناقلة للنطاف وبالتالي فلا يخرج عندي السائل المنوي وهذا كله بتقرير الأطباء فعندما أشاهد الأحلام التي يشاهدها كل شاب وربما ينزل أحياناً المذي فهل عليّ اغتسال.
وعند الحديث مع أي شخص عن شيء يتعلق بالناحية الجنسية يخرج المذي مني فهل علي اغتسال أيضاً
شاكرين لكم مساعدتكم لي على أمور ديني ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تأكدت قطعاً أن ما يخرج منك إنما هو مذي وليس منياً فإنه لا يلزمك اغتسال، وإنما يلزمك غسل الذكر والوضوء عند إرادة الصلاة.
أما إذا شككت فعليك أن تغتسل ليزول الشك باليقين. وراجع الجواب رقم 4036 لتعرف صفات المني التي يتميز بها عن المذي، وما يترتب على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(11/2946)
حكم المني
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الطهارة الصحيحة للزوج والزوجة بعدالجماع هل يجوز لكليهما ارتداء تلك الملابس التي قد يكون أصابها بعض من النجاسة أثناء الجماع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً من لبس الثياب النجسة ما لم يكن المسلم في حال يشترط فيه أن تكون ثيابه طاهرة كالصلاة والطواف، مع العلم أن المني - مني الرجل والمرأة- غير نجس على الراجح من كلام أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(11/2947)
ما يترتب على من أمذى فصلى عدة صلوات ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت المغرب ثم العشاء ثم تذكرت أنني كنت قد أمذيت فهل علي إعادة هاتين الصلاتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المذي نجس، ويجب عليك بخروجه غسل الذكر والوضوء، لما رواه الشيخان من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " كنت رجلاً مذَّاء فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فسأل فقال: توضأ، واغسل ذكرك"، وعلى هذا فإنه يلزمك أن تعيد كل صلاة صليتها قبل غسل الذكر والوضوء، والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1421(11/2948)
ما يلزم المبتلى بوسواس المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا كثير المذي وكثيراً ما يتخيل عندي في الصلاة أنه ينزل مني فهل إذا تخيلته وأنا في الصلاة أقطع مع العلم أني أتخيله ويكون حقيقة وأتخيله ولا يكون كذلك وماذا يلزمني من سيلانه مع العلم أني أتحرز منه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم إذا تطهر تطهراً صحيحاً وحصل له الإنقاء، ثم توضأ ودخل في الصلاة، فلا يلتفت ـ بعد ذلك ـ إلى الوساوس، أو التخيلات التي تعرض له بشأن نزول المذي أو غيره، وقد جاء في الحديث أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجد الشيء في الصلاة، حتى يُخيل إليه، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" أخرجه البخاري ومسلم.
ومعنى (يخيل إليه) : يُشبّه إليه، أو يشك أنه أحدث، وقوله (فلا ينصرف) أي: لا يخرج من الصلاة.
وبناءً على ذلك، فلا عبرة بالشك الطارئ، ولا يقطع المصلي الصلاة إلا إذا تيقن خروج شيء منه، وإذا تيقنت خروج المذي وجب عليك قطع الصلاة، لانتقاض الوضوء بذلك، أما إذا كان المذي يخرج بكثرة فاحشة بحيث لا يبقى من الوقت متسع للصلاة مع الطهارة، فعندئذ تتحفظ منه تماماً وتتوضأ لكل صلاة مثل أصحاب الأعذار كمن به سلس البول، أو المستحاضة، وأمثالها. (ومعنى: تتوضأ لكل صلاة) هو: أنك لا تتوضأ حتى يدخل وقتها، فتصلي الفرض وما شئت من النوافل، ولا ينتقض الوضوء في هذه الحالة بنزول المذي ولو كنت في أثناء الصلاة، وإنما إذا خرج الوقت عليك بالوضوء للفريضة الأخرى، وهكذا مع الخمس صلوات. وأما طريقة التطهر من المذي فقد تقدم بيانها عند السؤال رقم: 3891
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/2949)
الفرق بين المني والمذي وأحكامهما
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أميز بين المني والمذي وهل لكل منهما رائحة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد:
فإن المني الذي يلزم منه الغسل إما أن يخرج في نوم سواء كان من خرج منه يذكر احتلاماً أم لا،
وإما أن يخرج في يقظة عند الجماع أو مقدماته، وعلامته أنه سائل لزج يخرج بتدفق مصاحب للشهوة ويعقبه فتور، وغالباً ما تكون رائحته تشبه رائحة الطلع أو العجين.
وأما المذي فهو سائل لزج أيضاً غير أنه أرق من المني ويخرج عادةً بعد هيجان الشهوة والغالب فيه أنه يخرج متقطعاً ويجب منه غسل جميع الذكر وينقض الوضوء. وبهذا تعلم الشروط المعتبرة في المني الذي يلزم منه الغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1422(11/2950)
الودي وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء عملية التبول يخرج سائل أبيض في آخر التبول ويكون بسبب حالة الإمساك ولا يصحبه لذة ولا فتور إلا أنه أحيانا يحدث فتور وهو لونه أبيض فهل يجب الغسل منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا السائل الذي يخرج بعد البول هو المعروف بالودي ولا يلزم من خروجه غسل، وإنما هو ناقض للوضوء فقط ويلزم منه ما يلزم من البول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(11/2951)
طهارة الثوب من المذي عند المشقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثير المذي، إذا تكلمت مع زوجتي بكلام مغازلة. واذا لمستها. وإذا كنت مودعا لها عند الباب ينزل مني المذي وأنا في الطريق أحسُّ بنزوله كذلك، فأقوم برش قليل من الماء وفركه مع غسل الذكر.
السؤال: هل يجب علي في كل حين تغيير ملابسي؟ أم ما أفعله صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذي نجس ويجب منه غسل الذكر وما أصاب من الثوب. فإن كثر عليك وكنت تجد مشقة وعناءً في غسل الثوب فيكفيك أن تنضح ثوبك بماء، لما في المسند والترمذي وغيرهما من حديث سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وعناءً، وكنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما يجزئك من ذلك الوضوء". فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي؟ قال:" يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك وحيث ترى أنه قد أصاب منه" والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2952)
حكم الودي إذا كثر خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[يخرج مني سائل أبيض يميل إلى البني أثناء النهار، وهو ليس مرتبطاً بشهوة وليس له رائحة. هل هو الودي أم هو المني، وإذا كان الودي فهل يجب الغسل منه، ولماذا يخرج وهل هو مرض يجب استشارة الطبيب بشأنه أم هو شيء عادي؟ أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل هذا السائل الذي ذكرت هو الودي، وهو ماء أبيض خاثر يخرج عقب البول غالباً، ولا يلزم منه الغسل وإنما يلزم منه ما يلزم من البول من استنجاء أو استجمار، وهو من نواقض الوضوء إذا كان يخرج خروجاً معتاداً، فإن جاوز طور الاعتياد ولازم أكثر الوقت عومل معاملة السلس، فتوضأ منه لكل صلاة عند دخول وقتها وتصل بذلك الوضوء ما شئت من النوافل تبعاً لذلك، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم في التعامل مع سلس البول وما في معناه، ومنهم من لم ينقض به الوضوء إن لازم أكثر الزمن كالمالكية، وعلى مذهبهم فلك أن تصلي بوضوء واحد أكثر من فرض.
هذا عن الجانب الشرعي، وأما الجانب الصحي فيمكنك الرجوع فيه إلى الطبيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1422(11/2953)
نجاسة مذي المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن الرجل قبل المجامعة ينزل منه سائل أبيض شفاف فهل هذا السائل نجس أم لا؟ علماً أن عائشة رضي الله عنها كانت تفرك المني إذا جاء على ملابسه صلى الله عليه وسلم وهذا السائل الأبيض يمكن أن يكون من ضمن المني لأنه هو الذي يرطب القناة وقد علمت أن هذا السائل الأبيض نجس فهل هو كذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن المذي نجس للأمر بغسل الذكر منه والوضوء كما في حديث علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: "فيه الوضوء" ولمسلم: "يغسل ذكره ويتوضأ". وأما المني فاختلف الفقهاء في طهارته إلى قولين أصحهما أنه طاهر لخبر عائشة رضي الله أنها كانت تحك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه. وقال ابن عباس رضي الله عنه: "امسحه بإذخرة أو خرقة فإنما هو بمنزلة المخاط والبصاق" [رواه الدارقطني] . فإن لم يسبق المنيَّ مذي فإنه يحكم بطهارته لما سبق وأما إن سبقه مذي فإن المني ينجس لمخالطة الطاهر النجس، والعبرة بخروج المذي لا بوجوده في مجراه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/2954)
يجب الوضوء عند نزول المادة البيضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله حضرة الشيوخ الأفاضل خطبت إلى شاب وتم عقد قراني عليه (كتب الكتاب) وأنا دائماً أفكر فيه، وبعض المرات تكون هناك بعض الالتهابات المهبلية أو نزول مادة بيضاء وعندما أريد الصلاة يوسوس إلي أن صلاتي غير كاملة مع أنني أتوضأ للصلاة فهل صلاتي مقبولة ... والسلام عليكم ورحمه الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فنزول المادة البيضاء يوجب الوضوء ـ أي يجب عليك أن تتوضئي كلما خرجت منك تلك المادة، لأن هذه المادة ناقضة للوضوء وهي التي تسمى مذياً، وهي كالبول نجس وينقض الوضوء، فإذ خرجت فلا يحل لك أن تصلي حتى تتوضئي، ثم تصلي بعد ذلك. 2. وإن كان الذي يخرج منياً فعليك أن تغتسلي غسل الجنابة، لأن خروج المني يوجب الغسل، وعلامات المني معلومة باللون والرائحة، والشعور بلذة أثناء الخروج، أو الشعور بالفتور بعد الخروج. فإذا حسبت الذي يخرج مذياً فاغسلي عنك ذلك وتوضئي، وإن حسبته منياً فعليك الغسل الكامل من الجنابة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1422(11/2955)
المذي سائل نجس يجب منه الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. سمعت عن المذي، فمتى يخرج، وما هو؟ وهل يتطهر منه الإنسان؟ وكيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن المذي سائل يخرج عند مداعبة الرجل أهله، وأحياناً يخرج بغير ذلك، يحس به الإنسان وهو نجس يجب على الرجل غسل ذكره وما أصابه من الثياب ولا يلزمه فقط إلا الوضوء إذا أراد الصلاة ولا يلزمه غسل، ففي الصحيحين عن المقداد بن الأسود أن علياً رضي الله عنه قال: " كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد فسأله فقال: "يغسل ذكره ويتوضأ".
ولا يلزم تبديل الثياب التي أصابها المذي، بل يكفي غسل ما أصابه المذي فقط. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1421(11/2956)
كيف يطهر الثوب المصاب بالمذي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أود من فضيلتكم الإجابه على الآتي:
بالنسبه لخروج (المذي) وليس المني من الشخص طبعا يلزمه الوضوء فقط وليس الغسل السؤال ماهو حكم الملابس التي يصيبها المذي؟ هل تعتبر طاهرة أم نجسة يجب تغييرها؟ علما أن ذلك يصعب علي لأني أعاني من ذلك باستمرار ويصعب أيضا تحديد المكان الذي أصابه من الثوب لتنظيفه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن المذي نجس، وأنه ناقض للوضوء، ولهم في كيفية تطهيره مذهبان:
المذهب الأول: أنه يطهر بالغسل كغيره من النجاسات. المذهب الثاني: أنه ينضح أي يرش.
ولعل الراجح في المسألة هو أن من كان وضعه طبيعاً فالأولى في حقه الأخذ بالمذهب الأول لأنه الأرجح والأحوط، أما من كان يجد المشقة في غسله فليأخذ بالمذهب الثاني، لما رواه الترمذي من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنما يكفيك من ذلك الوضوء"، فقلت يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك، وحيث ترى أنه قد أصاب منه"، وهذا عن المذي الذي أصاب الثوب.
أما خروج المذي فيلزم منه غسل جميع الذكر، هذا هو الراجح ومن أهل العلم من طالب معه بغسل الأنثيين. ونظرا لأن نزول المذي لديك مما يشق التحرز منه، فنرى أنه يكفيك أن تنضح (ترش) المكان الذي غلب على ظنك أنه قد أصابه المذي وهذا يكفيك، وإن كان الأحوط الغسل، وأما غسل الذكر فقط من المذي فإنه يكفي، وإن غسل معه الأنثيين كان أحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1421(11/2957)
الثوب المتنجس الجاف إذا لامس غيره هل ينجسه
[السُّؤَالُ]
ـ[طفل عمره أكثر من سنة ونصف ويأكل الطعام فشممت على سرواله رائحة البول عند فرجه، ولكن سرواله كان جافا وهو ـ فى الغالب ـ لا يبول على نفسه، وقد جلس على السجادة والسرير، فهل السرير والسجادة الذين جلس عليهما قد تنجسا؟ وهل إذا سار أحد على السجادة والسرير بقدميه يتنجس باقي المكان؟ مع أنه لم يبل على السجادة ولا توجد عين للنجاسة ولا رائحة، ولكنه جلس بسرواله فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أحوال انتقال النجاسة من جسم متنجس لآخر، وذلك في الفتوى رقم: 117811، وفيها بينا أن الجسم المتنجس إذا كان جافاً لم تنتقل النجاسة إلى ما لاقاه من الأجسام الطاهرة، وبه تعلم أن ما لامسه سروال هذا الطفل لم تنتقل إليه النجاسة، لكون السروال كان جافاً، ولا تتنجس قدم من سار على هذه السجادة، لأنها طاهرة غير نجسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(11/2958)
إذا جفت النجاسة ولامسها شيء جاف لم ينجس
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأفاضل سأعرض عليكم قصتي وأرجو أن تساعدوني: فمنذ حوالي سنتين تقريبا ذهبت أمي وأختي إلى حفلة زفاف وكانتا تركبان في سيارة ابن خالي، وأختي تعاني من مرض يجعلها في ـ أغلب الأحيان ـ لا تستطيع حبس البول لفترة طويلة، وعندما عادتا ذكرتا أنها في الطريق ـ وقبل وصولها للبيت ـ لم تستطع أن تحبس نفسها وفي الغالب أن السيارة قد تنجست، وعندما عادتا كانتا تتحدثان عن هذه القصة وعندما سألتهما أخبرتاني بما حصل معهما، وعندما تشاجرت معهما على أنهما لابد أن تخبرا ابن خالي حتى يقوم بتنظيف السيارة وتطهيرها صارتا تقولان لي إن السيارة لم تتنجس وأن ذلك حصل معهما وهما بجانب البيت وقد بلل فقط السروال واستطاعت أن تلحق نفسها في البيت، هذا وفي كل مرة تحكيان شيئا مختلفا عن المرة السابقة، مع أنني سمعت أختي تقول لأمها وأخاف أن تطلع رائحة من السيارة، وهذا يدل على أنهما تكذبان علي بقولهما أن النجاسة لم تصب مقعد السيارة أو أنهما غير متأكدتين ما إذا كانت النجاسة أصابت المقعد أم لا؟ أو أنهما قالتا لي هذا حتى لا أتشاجر معهما أو أخبر ابن خالي، خاصة أن أختي كبيرة وسوف يسبب ذلك لها إحراجا في العائلة وبعد هذا بفترة أخبرتني أمي أن ابن خالي قال لأبي إنه أخذ السيارة إلى المغسل لسبب ما، ولكن لا أعرف حقا أصحيح ما قالته أمي أم أنها كانت قد اخترعت هذه القصة حتى ترتاح من مشاجرتي معهما كلما ذكرت نفس القصة؟ فهي تقول لي أيضا إن كانت السيارة قد تنجست فقد أصبحت جافة، والجاف على الجاف طاهر وأنا منذ ذلك اليوم لا أركب هذه السيارة وأحيانا اضطر لذلك فلا أركبها وأتشاجر معهما من جديد زاعمتان أنني موسوسة وأن السيارة لم تتنجس وأنه تم أخذها إلى المغسلة وحتى منذ أيام ضربتني أمي لهذا السبب، لكوني رفضت الذهاب معهما في نفس السيارة لحفلة كانتا مدعوتان لها، لأنني أقول في نفسي إن أصل النجاسة لم ينظف، هذا وإن كانت القصة بأخذ ابن خالي لسيارته إلى المغسل كلها صحيحة ثم أحيانا أوسوس أنه في حال تم أخذها فعلا إلى المغسلة قد لا يكون تم تنظيف المقعد نفسه، فهل يمكن أن تعتبر أشعة الشمس مطهرة في هذه الحالة؟ إذ لابد أنها وخلال هذه الفترة قد تعرضت لأشعة الشمس بالرغم من أن ابن خالي غالبا يضع عليها ما يحميها من أشعة الشمس، لأنني لا أستطيع أن أخبر أحدا بهذا، وهل ما أنا عليه خطأ وفعلا وسوسة كما تقولان؟ حتى صرت أوسوس أن تكون فتحت الباب بيدها ويدها نجسة أيضا؟ وهل أركب معهما في السيارة مرة ثانية معتبرة أن كلامهما صحيح بتطهير السيارة في المغسل تاركة شكوكي وراء ظهري حول ما قد يكون من أن السيارة غير منظفة ـ سواء من مكان النجاسة أو بالذهاب إلى المغسلة ـ وهل أصلي في نفس الثياب دون أن أغسلها؟ أو لا أركب معهما مصرة على موقفي أنها نجسة ويجب تطهيرها وأنه حتى لو كانت جافة فقد يعرق الإنسان وهو جالس على المقعد وقد تتنجس ملابسه؟ أفيدوني جزاكم الله عني كل خير وخاصة أنني أصبحت أشك في ثياب كل من بركب هذه السيارة ولا أحبذ الذهاب إلى بيتهم خشية أن يكون أحد من أهل البيت قد عرق وهو جالس على نفس الكرسي وجلس في مكان آخر من البيت.
ثم إنني قد قرأت فتوى لكم لسائلة تكاد تشبه قصتي عنوانها: خطورة الوسوسة على الموسوس ومن حوله وكنتم قد ذكرتم للسائلة أن الأصل الطهارة بالنسبة للموضوع المذكور في فتواها، فهل يحق لها في هذه الحالة الذهاب إلى مكتب أختها والركوب معها في نفس الميكر وحتى وقت نزول المطر، لكون الملابس تتبلل ولا تكون جافة، وهل تصلي بنفس الملابس لكونها على غير يقين من نجاسة المكان؟ وهل إذا وضعت أخت السائلة ملابسها في المنزل لا يتنجس أي مكان تضعها فيه، لكونها ليست على يقين من نجاسة كرسي أختها؟ أفتوني على كل أسئلتي وذلك، لأن وضعي كثيرا يشبه وضع الأخت السائلة وأنا أعرف أنني موسوسة أرجوكم ما هو الحل وال علاج؟ فأنا أقرأ القرآن وأصلي، ولكن الشيطان يتغلب علي من هذه الناحية ادعو لي عسى الله أن يستجيب دعواكم لي ولكم الشكر من كل قلبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأخت السائلة مبتلاة بوسوسة شديدة, وعلاج الوسوسة هو الإعراض عنها كلية، ونقول على سبيل الإجمال إن الأصل في الأشياء الطهارة, فهذه السيارة طاهرة حتى يحصل اليقين بخلاف ذلك.
وإن الأصل في المسلم أنه لا يكذب، فإذا أخبرتك أمك أو أختك أن السيارة لم تتنجس فاحملي كلامهما على الصدق لا على الكذب ما لم تجدي دليلا على كذبهما, ولا يجوز لك أن تخاصمي أمك، لأن هذا من العقوق فاتقي الله تعالى, وعلى فرض أن السيارة تنجست فالقصة زمنها قديم من سنتين ـ على ما ذكرت ـ وإذا جفت النجاسة ولامسها شيء جاف لم ينجس, وانظري الفتوى التالية أرقمها: 3086 , 69234 , 112319 , وكلها حول علاج الوسواس القهري والوسواس في الطهارة والنجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(11/2959)
حكم بول الصبي الذي يتغذى بالحليب الصناعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بول الغلام الذي عمره شهر ويشرب الحليب الاصطناعي طاهر، أرجو التفصيل في المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبول الغلام نجس في قول أكثر أهل العلم سواء عمره شهر أو أكثر أو أقل، حتى وإن كان يرضع من أمه ولم يأكل الطعام، لما في الصحيحين: عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.
قال: في سبل السلام:.. هل بول الصبي طاهر أو نجس؟ فالأكثر على أنه نجس، وإنما خفف الشارع تطهيره.
قال الحافظ في الفتح: قال الخطابي: ليس تجويز من جوز النضح من أجل أن بول الصبي غير نجس ولكنه لتخفيف نجاسته. انتهى.
وأثبت الطحاوي الخلاف فقال: قال قوم بطهارة بول الصبي قبل الطعام، وكذا جزم به ابن عبد البر وابن بطال ومن تبعهما عن الشافعي وأحمد وغيرهما ولم يعرف ذلك عن الشافعية ولا الحنابلة، وقال النووي: هذه حكاية باطلة. انتهى.
وإنما يخفف في غسل بوله إذا لم يأكل الطعام، فيكفي فيه النضح ولا يلزم غسله؛ لحديث أبي السمح رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام. أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم. والمقصود بكونه لم يأكل الطعام أنه لم يأكل (ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها، فكان المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال..) كما قاله الحافظ في الفتح.
ولم نجد نصاً للعلماء المعاصرين في الحليب الصناعي المجفف هل هو ملحق بلبن الأم بحيث لا يلزم غسل الصبي الذي يتناوله أم هو ملحق بالطعام، ولكنهم يتكلمون عن لبن البهيمة فمنهم من يوجب غسل بول الصبي منه كما صرح به بعض فقهاء الشافعية ومنهم من يرى بأنه كلبن الأم.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في معنى (لم يأكل الطعام) : أي غذاؤه باللبن سواء لبن آدمية أو بهيمة، وليس امتصاصه ما يوضع في فمه وابتلاعه أكلاً، وكذلك إذا كان يبغي الطعام لكن منعه فلا يؤثر فليس نجس. وكذلك إذا أكل من دون شهوة، فالذي يطلق عليه أنه يأكل الطعام هو الذي يريد الطعام ويتناوله أو يشرئب أو يصيح أو يشير إليه، والشوربة التي يجعلونها غذاء هي طعام كسائر الأطعمة. والله أعلم. انتهى من مجموع فتاواه.
وإذا كان الأمر كذلك فلا شك أن الاحتياط للعبادة يقضي بأن يغسل من بول الغلام إذا اعتمد على الحليب الصناعي لا سيما وأنه قد لا يكون لبناً خالصاً للبهيمة. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 123618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1430(11/2960)
حكم بقايا البراز والبول في الملابس الداخلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فى النجاسة التى تبقى فى الملابس من براز أو بول؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنجاسة الموجودة في الثياب تجب إزالتها على كل حال وما صليته قبل ذلك لا يجب عليك إعادته إذا كنت جاهلاً وجودها، وانظر الفتوى رقم: 124261.
وأما إن كانت تلك النجاسة ناشئة عن خروج شيء من أحد السبيلين دون أن تشعر، ففي هذه الحالة يجب عليك إضافة إلى إزالة تلك النجاسة أن تتوضأ إذا أردت أن تصلي، ومن صلي ثم رأى عليه نجاسة وجهل كونها قبل الصلاة أو بعدها فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وانظر الفتوى رقم: 47406، والفتوى رقم: 44825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1430(11/2961)
هل يتنجس ما مسه من لم يغسل يده بعد قضاء حاجته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن موظفون في وزارة، وكثير من الموظفين يدخلون الحمام دون أن يغسلوا أيديهم بعد الخروج من الحمام ونحن بحكم العمل نتعامل معهم ونمسك كافة الحاجات التي يتعاملون بها، فهل تتنجس أيدينا لكوننا نرى أنهم لمسوا تلك الحاجات ونضطر للمسها ومسكها لكوننا نعمل معا وفي نفس المكان؟.
أفيدوني، جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغسل اليدين بعد قضاء الحاجة لا يجب إلا إذا كان على اليدين من النجاسة ما يستوجب الإزالة، ومتى لم تتيقن أن أيدي هؤلاء الموظفين ملوثة بالنجاسة، فالأصل طهارتها، ولا يلزم من كونهم لا يغسلون أيديهم بعد فراغهم من قضاء الحاجة أن تكون أيديهم نجسة، ومن ثم فنحن ننصحكم بترك الوسواس في التعامل مع هؤلاء الزملاء، وأن تبنوا على الأصل وهو الطهارة حتى تتيقنوا خلاف ذلك الأصل، وأما إذا حصل لك اليقين بأن على يد واحد منهم نجاسة، فإن هذه النجاسة تنتقل إلى ما لامسه إذا كانت يده مبتلة أورطبة أو كان الجسم الذي لامسه كذلك.
وأما إذا كانت يده جافة وكذا الجرم الذي لامسه، فإن النجاسة لا تنتقل والحال هذه، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 117811، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/2962)
هل يحكم بنجاسة الملابس الداخلية بمجرد رائحتها الكريهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رائحة الملابس الداخلية ـ وإن لم يكن فيها شيء يبطل الصلاة، أو ينقض الوضوء ـ توجب تغييرها؟ علما بأن هذة الرائحة شبيهة برائحة البول، وهل لابد من تغييرها لكل صلاة؟ ومتى يجب تغييرها؟ وإن شعرت فى الصلاة ببعض الأشياء تخرج منى ولا أدرى ماهى، فهل يجب تغير الملابس وغسلها؟ أم أكتفى بالوضوء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب تغيير الملابس في كل صلاة ما لم يعلم أنها تنجست, وإذا تنجست ببول أو نحوه وجب تطهيرها أو استبدالها بملابس طاهرة، لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدث والنجس, ولا يحكم بنجاسة الملابس بمجرد الرائحة الكريهة إلا إذا غلب على الظن أن تلك الرائحة رائحة بول, فهذه قرينة على أن الملابس نجسة. ومن شعر وهو في الصلاة بخروج شيء، فإنه لا يخرج من الصلاة حتى يتيقن خروج شيء أو يغلب ذلك على ظنه, ولا يخرج لمجرد الشك، لما ثبت َعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا, فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ, أَمْ لَا؟ فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ اَلْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا, أَوْ يَجِدَ رِيحًا. أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ, فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ, وَلَمْ يُحْدِثْ, فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا. أَخْرَجَهُ اَلْبَزَّار , وَأصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْد.
وانظر للفائدة الفتوى التالية أرقمها: 25151 , 36128 , 71388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/2963)
هل تتنجس اليد عند الاستنجاء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أستنجي من البول باستعمال الدلو أصب الماء على رأس الذكر وأغسله. فهل تتنجس اليد جراء هذا الغسل علما بأني لا أرى نجاسة في يدي؟ وفي حالة ما إذا تنجست اليد هل يجوز إدخال اليد المتنجسة في الدلو وغسلها داخله، علما أنه عند ما أخرج يدي من الدلو لا ألاحظ أي تغير بالنجاسة في الماء. فهل هذا الماء طاهر؟ وهل هذه الطريقة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أصاب يدك شيء من النجاسة حال الاستنجاء كأن يصيبها شيء من البول أو الماء المنفصل عن النجاسة إذا كان متغيرا بها أو غير متغير ولكن قبل أن يزيلها، فقد تنجست يدك بذلك، وعليك أن تغسلها قبل أن تدخلها الإناء الذي تستنجي منه لئلا تنجس الماء الذي فيه، فإن قليل الماء ينجس بملاقاة النجاسة عند الجمهور. وأما إذا لم تصب يدك نجاسة فيجوز لك أن تدخلها الإناء والحال هذه. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 121624. وفيها بينا حكم الماء المنفصل عن إزالة النجاسة.
وفي حال تنجس اليد فإنه يتعين غسلها خارج الدلو ولا تغمس فيه حتى لا يؤدي ذلك إلى تنجس الماء لما فيه من إضاعة المال. وهذا الذي قررناه هو مذهب جمهور العلماء القائلين بتنجس الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة ولو لم تغيره، وخالف في هذه المسألة الإمام مالك وأصحابه فإن الماء لا يتنجس عندهم إلا بالتغير ومذهب الجمهور أحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/2964)
مسائل تتعلق بطهارة الرضيع ونجاسته
[السُّؤَالُ]
ـ[الرضيع وعدم نجاسته من الدين الى العلم. أريد توثيق هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بدنُ الرضيع فطاهرٌ بلا شك لأنه آدمي، والآدمي طاهرٌ، وكذا ثياب الرضيع الأصلُ طهارتها ما لم تُعلم نجاستها، وأما فضلاتُ الرضيع فإنه فيها كغيره فما كان نجساً من غير الرضيع كالبول والعذرة والقيء، فهو نجسٌ من الرضيع، إلا أن بول الغلام الذي لم يطعم يُكتفى في تطهيره بالنضح، فعن أم قيس بنت محصن: أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه، ولم يغسله. متفق عليه.
وعن علي بن أبي طالب رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بول الغلام الرضيع ينضح، وبول الجارية يغسل. قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غسلا جميعا. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن.
وعن أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وليس الاكتفاء فيه بالنضحِ لعدم نجاسته.
قال النووي: قال الخطابي وغيره: وليس تجويز من جوز النضح في الصبي من أجل أن بوله ليس بنجس، ولكنه من أجل التخفيف في إزالته، فهذا هو الصواب. وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطال ثم القاضي عياض عن الشافعي وغيره أنهم قالوا: بول الصبي طاهر، فينضح فحكاية باطلة قطعاً. انتهى.
وأما قيء الرضيع فنجس عند الجمهور، وعند المالكية أن القيء لا ينجس إلا إذا خرج متغيراً. وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 9445.
وأما ريقُ الرضيع، فالأصلُ طهارته، وقد حقق ابن القيم القول في لعاب الصبي فقال: ريق المولود ولعابه من المسائل التي تعم بها البلوى، وقد علم الشارع أن الطفل يقيء كثيراً، ولا يمكن غسل فمه، ولا يزال ريقه يسيل على من يربي، ولم يأمر الشارع بغسل الثياب من ذلك، ولا منع من الصلاة فيها، ولا أمر بالتحرز من ريق الطفل، فقالت طائفة من الفقهاء: هذا من النجاسة التي يعفى عنها للمشقة والحاجة كطين الشوارع، والنجاسة بعد الاستجمار، ونجاسة أسفل الخف والحذاء بعد دلكهما بالأرض.. بل ريق الطفل يطهر فمه للحاجة، كما كان ريق الهرة مطهراً لفمها، ويستدل لذلك بما ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصغي الإناء إلى الهر حتى يشرب، ثم يتوضأ بفضله) .انتهى نقلا عن الموسوعة الفقهية.
هذا ما يتعلق بالرضيع من حيثُ الطهارة والنجاسة.
أما مدى صحة ما كتب عن الفرق بين بول الصبي الرضيع الذكر وبول الأنثى من حيث الخلقة فيرجع فيه إلى أهل العلم به المتخصصين في أبحاث الإعجاز العلمي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(11/2965)
حكم استعمال كريم الوجه المشتمل على لبن الأتن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع كريم للوجه يحتوي على حليب الحمار أقصد الأتانة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لبن الأتن نجس عند جمهور أهل العلم، كما قدمنا في الفتوى رقم: 50651، فلا يجوز للمسلم أن يضع على وجهه ما اشتمل على النجاسة، بل يتعين الاستغناء بأنواع الزينة الطاهرة وهي كثيرة متوفرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(11/2966)
هل تتنجس اليد إذا صافح شخصا معه كلب
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أتنزه في حديقة، وقد مر بجانبي شخص معه كلب فسلم علي وصافحني بيده وكان بها عرق، وأنا لا أعلم هل يده نجسة أم لا؟ هل لعقها الكلب أم لا؟ وبعدها صرت أفكر هل تنجست يدي؟ هل يجب علي غسلها؟ وهل كل ما لمسته بيدي التي صافحته بها أصبح نجسا؟ الرجاء الرد مع توضيح ضوابط انتقال النجاسة سواء من الكلب أو صاحب الكلب أو غيره؟ في انتظار إجابتكم مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في يد هذا الشخص الذي صافحته الطهارة، وأنه لم يصبها شيء من نجاسات الكلب، فلا داعي للتكلف والتعمق، لأنك قد تنجرُ بذلك إلى الوسوسة، وهي من أعظم ما يفسد على العبد دينه ودنياه، وانظر الفتوى رقم: 57250.
وهذا كلامٌ نفيس للعلامة العثيمين رحمه الله، بين فيه هذا المعنى، قال رحمه الله:
واليقين هو أن هذه الأرض أو هذا الفرش طاهرة، فإذا شك الإنسان هل أصابتها نجاسة أم لم تصبها فإنها لا تكون نجسة بل هي طاهرة حكماً، ولا ينبغي للإنسان أن يوقع الشك في نفسه في مثل هذه الأمور، لأنه إذا أوقع الشك في نفسه فربما يتطور هذا الشك حتى يكون وسواساً يعجز عن التخلص منه، وقد ذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر على صاحب حوض وأصابه هو وصاحب له من هذا الحوض، فطلب صاحبه من صاحب الحوض أن يبين له هل هو نجس أم طاهر؟ فقال له عمر: يا صاحب الحوض لا تخبرنا. هذا الأثر أو معناه، وهذا يدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتنطع فيما الأصل فيه الاباحة أو الأصل فيه الطهارة بل يبقى على الأصل حتى يزول هذا الأصل بيقين، ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحس بالشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لا يخرج- يعني من المسجد- حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحا. وهذه إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البناء على الأصل وهو الطهارة. انتهى من فتاوى نور على الدرب.
ومن ثمّ فالأصل أن يدك طاهرة، وما لمسته بها فهو طاهر، وأما عن ضابط انتقال النجاسة من جسم إلى آخر، فإن النجاسة إذا كانت جافة، ومسها طاهرٌ جاف لم تنتقل النجاسة بذلك، وأما إذا كانت رطبة نجست ما أصابها من طاهر جاف، وكذا إذا كانت النجاسة جافة ولقيها طاهر، رطب أو مبتل، فإن النجاسة تنتقل إليه عند كثير من أهل العلم، وللفائدة راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 45775، 62420، 29899.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/2967)
هل تتنجس الثياب إذا سقط عليها لعاب مختلط بدم
[السُّؤَالُ]
ـ[في فمي أجد غالباً طعم دم، وأحيانا يتطاير لعاب من فمي إلى ملابسي. فما حكم هذا اللعاب هل هو نجس وما هو علاج هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما يتطاير من فمك من اللعاب فيصيبُ ثوبك غير مختلط بشيء من الدم فلا شك في طهارته والحال هذه، لأن لعاب الآدمي طاهر، قال في عون المعبود تعليقاً على حديث بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبه وحك بعضه ببعض:
وفيه أن البصاق طاهر وكذا النخامة والمخاط خلافا لمن يقول كل ما تستقذره النفس حرام. انتهى.
وأما إذا كان هذا اللعاب يتطايرُ مختلطاً بشيء من أثر الدم، فإنه نجس، ولكنه إذا كان قليلاً فإنه يعفى عنه، قال الشيخ ابن عثيمين:
وأما نجاسته-أي الدم- فالمشهور عند أهل العلم أنه نجس وأنه يجب غسله، إلا أنه يُعفي عن يسيره لمشقة التحرز منه. انتهى.
وانظر لذلك الفتوى رقم: 107010.
وننبهك إلى أنك إذا وجدت طعم الدم في فمك فالواجب عليك أن تبصقه لأن ابتلاع الدم لا يجوز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 74423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/2968)
أرضية الحمام والنعال التي يدخل بها هل تعد نجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ ثلاثة أشهر أعاني من وسواس الوضوء والطهارة والصلاة وأحاول قدر المستطاع أن أتجاوز هذا الموضوع لكن أحيانا أستطيع وأحيانا أضعف وأعود إلى نفس الموضوع، مشكلتي الآن في الحمام إذ أني أتخيل أرضية الحمام (دورة المياه) نجسة وأنا أقوم بغسلها كل مرة أدخل فيها مع العلم أن أخي يبول وهو واقف فأتخيل أن كل شيء مسه نجس من المرحاض ورشاش الماء وحتى مفتاح الكهرباء (اللمبة) وأنا أقوم برش الماء على المرحاض والأرضية القريبة فسؤالي هل النعال نجس بهذه الحالة عند دخول الحمام؟ وإذا سقط شيء على الأرض كالمنشفة لكن ليس قريبا المرحاض أي قرب الباب هل يعتبر نجسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحنُ نحذركَ أولاً من التمادي مع الوساوس والاسترسال معها، بل عليكِ أن تقطعي دابرها، وذلك بالإعراض عنها كليةً، ولا تُفسحي للشيطان المجال لكي يبذر في قلبك بذور الشر التي تفسد دنياك وآخرتك، وانظري الفتوى رقم: 95053.
واعلمي أن الأصل في الأشياء الطهارة، ومن ذلك أرضية دورة المياه، فإن الأصل فيها الطهارة ما لم تعلم نجاستها، وانظري الفتوى رقم: 34305، فإذا علمت نجاسة موضع منها بالبول، فإنه يُطهر بصب الماء عليه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي.
فإذا كوثرت النجاسة بالماء طهر المحل المتنجس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإن أرض الحمام الأصل فيها الطهارة، وما يقع فيها من نجاسة كبول فهو يصب عليه من الماء ما يزيله، وهو أحسن حالا من الطرقات بكثير، والأصل فيها الطهارة، بل كما يتيقن أنه لا بد أن يقع على أرضها نجاسة، فكذلك يتيقن أن الماء يعم ما تقع عليه النجاسة، ولو لم يعلم ذلك، فلا يجزم على بقعة بعينها أنها نجسة، إن لم يعلم حصول النجاسة فيها. انتهى.
وأما طهارة النعال التي تُدخل بها دورة المياه، فالأصلُ فيها الطهارة ما لم يُعلم أنه قد أصابتها نجاسة رطبة من أرضية دورة المياه.
ثم الذي ننصحكِ به أن تجعلي عند باب دورة المياه نعلاً مُختصةً بها، لكي لا توقعي نفسكِ في الوسواس والحرج، وأما المنشفة فإنه إذا سقطت في أرضية دورة المياه لم تتنجس، وبخاصة إذا سقطت بعيداً عن موضع النجاسة، فإن سقطت في مكان مُبتل بالنجاسة، أو كانت مبتلة، وسقطت على موضع فيه نجاسة تنجست بذلك إذا حصل اليقينُ بوجود النجاسة، وأما مجرد الشك فلا تَنجس به الأشياء الطاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/2969)
حكم استعمال ملمع الأحذية الداخل في صناعته الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال ملمع الأحذية مع العلم بأن مادة الكحول داخلة في صناعته (أي أنه نجس) وبالإمكان أصابة الملابس به، وما البديل عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكحول هي المادة المسكرة في الخمر، وهي نجسة على الراجح، فإذا خالطت الكحول مكونات الملمع قبل استحالتها فإنها تتنجس بها، فقد ذكرنا في فتاوى كثيرة جداً أن المواد التي تحتوي على كحول ولم تتحول قبل الخلط تعتبر نجسة.
أما إذا كانت الكحول قد استحالت أثناء تصنيعها استحالة تامة إلى ما لا يسكر، وذلك قبل خلطها بغيرها، فإنها بذلك تطهر، لأن اسم الخمر لم يعد يطلق عليها لزوال وصف الإسكار.. ومع هذا فإذا كان الملمع تنجس فإنه يجوز تلميع النعال به لأن الانتفاع بالمتنجس في غير مأكل الآدمي جائز، كما قال صاحب الكفاف:
بالمتنجس انتفع فيما عدا * ذواق الآدمي والمساجدا
ثم إن هذا النعل المتنجس لا يصلي به ولا يضر أن يمس النعل المتنجس ثياب الإنسان إذا كان النعل يابساً، وأما إذا كان مبلولاً بالملمع فتلوث الثوب بالملمع فإنه ينجس بذلك ويجب تطهيره ... وأما البديل فإنه يسأل عنه أهل الاختصاص فأي مادة تحقق المقصود وليس بها ما يأباه الشرع، فيمكن أن تجعل بديلاً عن هذا الملمع الذي تدخل الكحول في صناعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(11/2970)
استعمال المنتجات المصنعة من أجزاء حيوان غير مذكى
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بعض منتجات من أنواع مشهورة بالسوق عامة من الجبن والزبادي والبسكويت. كذلك المواد الصحية كالصابون ومعاجين الأسنان والأدوية والفيتامينات التي يستخدم فيها مشتقات من أصول حيوانية غير متأكد من ذبحها إسلاميا (مع أنها خالية من مشتقات الخنزير والكحوليات) ..هذا منتشر في الدول العربية والأجنيبة على حد سواء.. هذه المشتقات ليست من اللحوم بل من أجزاء أخرى كإنزيمات أو طعم ولون طبيعي.
إذا كان المستخدم يسكن في إحدى البلاد الأجنبية المسيحية، ولا بد في البحث عن أصول هذه المواد المستخدمة والتقصي عنها عن طريق الاتصال بالشركات المنتجة، والذي يتطلب بعض الوقت والجهد عما إ ن كانت من أصل حيواني حيث إنها من المتأكد أنها لم تذبح إسلاميا.. ومع العلم أنها تترك مجالا ضيقا جدا من الأطعمة الأساسية (كالزبادي والجبن والخبز ولبن الأطفال) لشرائه خصوصا إذا انعدم البديل الحلال في نفس البلدة الصغيرة؟؟
فها نأخذ بالتسهيل كالذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عندما دعي إلى طعام أهل الكتاب وأن طعام أهل الكتاب حلال كما في القرآن؟ أم نتجنب ما فيه أي شبهة لأنه من الحرام أن نأكل ما لم يذكر اسم الله عليه؟؟ وهل يصح أن يكفي ذكر الله على الطعام إذا استصعب وجود طعام حلال في هذه البلاد أو غلاء أسعاره عن أسعار الأشياء العامة بالسوق.. وماذا عن الصابون ومستحضرات التجميل والكريمات هل تعتبر نجسة إذا لم تكن من ذبيحة حلال؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه تردد في وصف هذه المنتجات، ففي أوله تقول السائلة: (غير متأكد من ذبحها إسلاميا) وفي آخره تقول: (حيث إنها من المتأكد أنها لم تذبح إسلاميا) وعلى أية حال فإن حصل يقين أو غلبة ظن أن هذه المنتجات دخل في تصنيعها أجزاء من حيوان لم يذك ذكاة شرعية، ولم تعالج لتتحول إلى مادة أخرى قبل إضافتها إلى هذه المنتجات، أو حصلت معالجة ولكنها لم تتحول إلى مادة أخرى، فإنها تبقى على أصلها، وهو النجاسة وحرمة الاستعمال؛ لأنه بامتزاج تلك المادة النجسة بها صارت نجسة؛ لأن كل مائع غير الماء الطهور يتنجس بمجرد ملاقاة النجاسة.
وأما إن كانت مجهولة الحال أو المصدر، فالظاهر أنها مباحة؛ لعموم البلوى وجهالة الأصل، ولأن أغلب هذه المواد المصنعة تكون قد جرى عليها معالجة حتى تتحول عن أصلها. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 118554.
فالطعام المشكوك فيه لا مانع من استعماله ما لم يصل ذلك إلى اليقين أو الظن الغالب؛ لأن القاعدة أن الطعام لا يطرح بالشك، ولكن إذا تركه الشخص تورعا واحتياطا، فهذا لا شك أفضل. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 48744، 28550، 30038. وانظري للفائدة الفتويين رقم: 73495، 22697.
هذا هو الأصل، وقد يتعارض هذا الأصل مع الغالب فيقدم الغالب تجنبا للشبهة، كما هو الحال في البلاد التي يكثر فيها الذبح بطريقة غير شرعية ويستفيض الخبر بذلك استفاضة تكدر صفو الاطمئنان إلى استصحاب حكم الأصل، ففي هذه الحال نرى توخي الحذر طالما وجدت الشبهة؛ لأن كونها لم تذك ليس احتمالا ضعيفا. وهذا يكفي في وجوب تجنبها. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 2437.
وهكذا الحكم في استعمال هذه المنتجات في الكريمات والأدهان لا يختلف عن حكمه في الطعام من حيث التفصيل السابق، كما قد بيناه في الفتويين رقم: 117865، 118554.
وأما مسألة الاكتفاء بتسمية الآكل نفسه على الطعام المشكوك فيه، فلا تأثير لها إذا كان الإشكال في طريقة الذبح، كأن يكون ذلك بالصعق الكهربائي مثلا، أما إذا كان الإشكال هو الشك في التسمية فإنه ينفع عندئذ، لما روت عائشة أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قوما يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سموا عليه أنتم وكلوه. قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر. رواه البخاري. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 98311. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 35595.
وإذا حكمنا بحرمة طعام أو منتج ما، فلا يجوز استعماله وإن استصعب غيره أو غلا سعره، ما لم يصل ذلك إلى حد الضرورة المعتبرة شرعا، كحال المجاعات مثلا، وحد الضرورة أن يغلب على الظن وقوع المرء بسببها في الهلكة، أو أن تلحقه بسببها مشقة لا تحتمل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 62475.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(11/2971)
المخدرات.. نجسة أم طاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المخدرات نجسة أم لا، مع التوضيح لو سمحتم؟ ومشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولاً أن الخمر هو ما خامر العقل، فكل مسكر خمر، فهذه المخدرات يصدق عليها تعريف الخمر بهذا الاعتبار.. وتعاطيها محرم قطعاً، لما فيها من الإسكار وإذهاب العقل، ولما لها من الأثر العظيم على فساد الدنيا والدين ... وأما هل يلزمُ من تحريمها نجاستها؟ فقد فرق الجمهور من العلماء بين المسكر إذا كان مائعاً فحكموا بنجاسته، وإذا كان جامداً فحكموا بطهارته، قال الدمياطي الشافعي في إعانة الطالبين: قوله: وخرج بالمائع نحو البنج والحشيش أي والأفيون وجوزة الطيب والعنبر والزعفران فهذه كلها طاهرة لأنها جامدة. انتهى.
وقال القروي في الخلاصة الفقهية: بخلاف الحشيشة ونحوها فهي من الطاهر ويحرم تعاطيها، ولا يحرم التداوي بها في ظاهر الجسد. انتهى.. ويشهدُ لما ذهب إليه الجمهور أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأنه لا تلازم بين التنجيس والتحريم، قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة، وأن التحريم لا يلازم النجاسة، فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة، وأما النجاسة فيلازمها التحريم، فكل نجس محرم ولا عكس، وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملامستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها، بخلاف الحكم بالتحريم.. فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة إجماعاً. انتهى.
وقد قام الدليل على نجاسة المسكر المائع وهو الكحول كما بينا ذلك في فتاوى كثيرة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 94919، والفتوى رقم: 112455.
فيبقى ما عداها من المسكر الجامد على أصل الطهارة، وذهب بعض العلماء إلى نجاسة المسكر الجامد كالحشيشة، وممن اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية قال رحمه الله: وتنازع الفقهاء في نجاستها على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ليست نجسة، والثاني: أن مائعها نجس وأن جامدها طاهر، والثالث وهو الصحيح: أنها نجسة كالخمر، فهذه تشبه العذرة، وذلك يشبه البول وكلاهما من الخبائث التي حرمها الله ورسوله. انتهى. ولعل القول الأول أرجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/2972)
حكم السائل الأمنيوسي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السائل الأمنيوسي نجس أم طاهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماء المحيط بالجنين المعروف عند الأطباء بالسائل الأمنيوسي، طاهرٌ وليس بنجس، وذلك لأنه خارجٌ من الرحم فكان طاهراً، ولأنه لا يزيدُ على الإفرازات الخارجة من فرج المرأة، والمعروفة برطوبات الفرج، والراجح من قولي العلماء طهارة ما يخرج من الرحم ومنها الإفرازات المهبلية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 110928.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن امرأة حامل ويخرج منها ماء منذ شهر؟ فأجاب: هذا الذي ينزل ينقض الوضوء، لكنه طاهر لا ينجس الثياب ولا البدن. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/2973)
حكم الدعاء والادهان قبل غسل اليدين عند القيام من النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت من شيوخ في التلفاز أن على الإنسان عند نهوضه من النوم وقبل الوضوء يجب التوجه لغسل اليدين خشية أن يكون أصابها نجاسة خلال النوم بغير علم. وسؤالي هل يجوز عند نهوضي من النوم بدون أن أغسل يدي وأنا على الفراش فتح اليدين والدعاء أو تدهين فمي بدهون.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكِ في رفع يديكِ بالدعاء، بل هذا مشروع في كل وقت، ولا حرج عليكِ كذلك في الادهان بهذا الدهن، وإن كنتِ مستيقظةً من النوم، لكن يُكره لكِ استعمالهما عند الجمهور إذا شككتِ في وجود النجاسة على يدكِ، وما سمعته من مشروعية غسل اليدين ثلاثاً عند القيام من النوم صحيح، لحديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ منَامِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا، فَإِنَّ أحَدُكُمْ لاَ يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.، وقد فصلنا اختلاف العلماء في هذا الحكم هل هو على الوجوب أو الاستحباب في الفتوى رقم: 36103.
وقول الجمهور من العلماء أن ذلك على الندب، وليس على الوجوب، والتعليلُ بالشك في حصول النجاسة على اليد، هو تعليل أكثر العلماء، قال الشوكاني في نيل الأوطار: ويدل على هذا (أي على أن الحكم في الحديث للاستحباب لا الوجوب) ما ذكره الشافعي وغيره من العلماء أن السبب في الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على قذر غير ذلك. انتهى.
وعليه؛ فإن من لم يشك في وجود النجاسة عند استيقاظه من النوم، لا يكره له غمس يده في الإناء، ومن شك في وجودها كُره له غمسها، ولو حال اليقظة.
قال النووي: وحكي عن أحمد في رواية أنه إن قام من نوم الليل كره له كراهية تحريم، وإن قام من نوم النهار كره له كراهة تنزيه قال: ومذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم بل المعتبر الشك في نجاسة اليد فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها سواء كان قام من نوم الليل أو النهار أو شك. انتهى.
وعلى هذا فلا حرج عليكِ إذا استيقظتِ من نومك في أن ترفعي يديكِ بالدعاء، ولا في أن تدهني بأي نوعٍ من أنواع الأدهان، لكن ينبغي لك إذا شككتِ في وجود النجاسة أن تغسلي يديك ثلاثاً قبل استعمال هذا الدهن.
وأما من قال إن الحكم في الحديث تعبدي غير معقول المعنى، كما هو مذهب المالكية ومن وافقهم، فإن النهي على هذا القول إنما هو عن غمس اليد في الإناء، فلا يُقاس عليه وضع اليد في الدهن لأجل استعماله.
وعلى هذا الرأي فلا يُكره لكِ ما سألتِ عنه من رفع اليدين بالدعاء الذي هو مستحبٌ على كل حال، ولا من الادهان بهذا الدهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/2974)
القيء بين النجاسة والطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفلة عمها 8 أشهر، ومنذ ولادتها وإلى الآن وهي تتقيأ وفي كل مكان، لأنها تزحف، فهل كل الارض تصبح نجسة، وأقدامنا دائما نجسة لأننا ندوس على الأرض؟ وتتقيأ على ملابسي وملابسها، ومن الصعب علي كلما تقيأت أن أغير ملابسها وملابسي، وغسل مكان القيء من جسمي، وأقوم بمسكها وقدتكون يداي مبتلاتان، وأمسك شعري وأجزاءا من جسمي فأصبح كلي نجسة، وعلي كل صلاة أن أغتسل وأمسك أشياء أخرى، وغيري يمسك هذه الاشياء، وقد تكون أيدينا مبتلة. فهل كل شي قد تنجس؟
وكلما وضعنا هذه الصغيرة في حجرنا تنجسنا منها، لأن القيء قد لوث ملابسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك إلى أن الواجب في النجاسة إزالتها، وليس الاغتسال عند كل صلاة. ثم اعلمي أن القيء إذا تغير عن صفة الطعام كان نجسا عند عامة أهل العلم ونقله النووي إجماعا، وأما إن لم يتغير فذهب أنه نجس كذلك، وذهب المالكية إلى التفريق بين أن يكون القيء متغيرا قد طبخته المعدة فيكون نجسا، وأن يكون غير متغير فيكون طاهرا, وهذا القول وجيه جدا، ولا بأس في الأخذ به وبخاصة في حال المشقة الظاهرة.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته. فيقول الحنفية والشافعية والحنابلة بنجاسته ولكل منهم تفصيله, وبذلك يقول المالكية في المتغير عن حال الطعام ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة. انتهى.
وعلى هذا فالأمر يسير- إن شاء الله- فما كان من قيء طفلتك غير متغير حكمنا بطهارته, وعلى مذهب الجمهور من عدم الفرق، والحكم بنجاسة القيء مطلقا، فليس التحرز منه بهذه الدرجة من الصعوبة، إذ يمكنك أن تتخذي ثيابا خاصة بالصلاة، وفراشا خاصاً بالصلاة، فإذا حضرت الصلاة لم يكن ثم مشكلة. وتغسلين ما تتيقنين أنه أصابك من هذا القيء، وأما اليسير من القيء مما قد يعلق بالثياب، أو اليد ونحو ذلك مما يشق التحرز منه، فقد نص كثيرٌ من الفقهاء على أنه معفوٌ عنه، وهذه قاعدة الشريعة في التيسير ورفع الحرج.
قال ابن القيم في تحفة المودود: ريق المولود ولعابه من المسائل التي تعم بها البلوى، وقد علم الشارع أن الطفل يقيء كثيراً، ولا يمكن غسل فمه، ولا يزال ريقه يسيل على من يربيه، ولم يأمر الشارع بغسل الثياب من ذلك، ولا منع من الصلاة فيها، ولا أمر بالتحرز من ريق الطفل، فقالت طائفة من الفقهاء: هذا من النجاسة التي يعفى عنها للمشقة والحاجة كطين الشوارع، والنجاسة بعد الاستجمار، ونجاسة أسفل الخف والحذاء بعد دلكهما بالأرض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/2975)
الأدلة على طهارة سؤر الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[المؤمن لا ينجس، استدل بهذا الحديث على طهارة سؤر الكافر، فهل هذا الاستدلال صحيح ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فجمهور العلماء على طهارة سؤر الكافر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 79656. وليس هذا الحديث من أدلتهم، بل هو مما استدل به القائلون بنجاسة سؤر الكافر وهم الظاهرية ورواية عن أحمد، وقد بين الشوكاني -رحمه الله- وجه دلالة الحديث على القول بالنجاسة وأجاب عنه مرجحاً قول الجمهور، قال -رحمه الله- في نيل الأوطار: قوله إن المسلم تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر وحكاه في البحر عن الهادي والقاسم والناصر ومالك وقالوا: إن الكافر نجس عين، وقووا ذلك بقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ. وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهم لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا ما يجب عليه من غسل المسلمة. ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار، وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازاً فقرينته ما ثبت في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد، وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر، وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى؛ كما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر، وأكل من خبز الشعير والإهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي. ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح ولو توقوها لشاع. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(11/2976)
الطاهر المبتل إذا لاقى نجسا جافا عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال يتعلق بكيفية انتقال النجاسة. على سبيل المثال إذا كانت الأرض متنجسة بالبول، ولكن زالت عين البول، وذلك بجفاف الأرض، وبعد ذلك لامست الأرض برجلي المبتلّة، ثم وقبل أن تجفّ رجلي لامست بها ثوبا..فهل يعتبر الثوب متنجسا ثالثا؟
علما أني أتبع المذهب المالكي.
جازاكم الله خيرا أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عند المالكية أن الطاهر المبتل إذا لاقى نجسا جافا فإنه يعفى عنه ولا يتنجس بذلك. قال خليل عاطفا على بعض المعفوات: وذيل امرأة مطال للستر ورجل بلت يمران بنجس يبس يطهران بما بعده، وقد ذكرنا نصوصهم في المسألة في الفتوى رقم: 45775.
وعند الشافعية والحنابلة أن الطاهر المبتل إذا لاقى نجسا جافا فإن النجاسة تنتقل إليه، ومن ثم فإذا لاقى هذا الطاهر الذي تنجس بملاقاة النجاسة شيئا طاهرا، وكان أحدهما مبتلّا فإن النجاسة تنتقل إليه كذلك.
ويمكنك مراجعة مذاهب أهل العلم في هذه المسألة في فتوانا رقم: 69126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(11/2977)
هل ينجس الماء بمخالطة المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا اختلط الماء بالمذي يصبح الماء المنفصل طاهرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاختلاط الماء بالمذي له حالان، إما أن يرد المذي عليه أو يرد هو على المذي، فعند المالكية القائلين بأن الماء لا ينجس إلا بالتغير لا فرق بين الصورتين، وعند الجمهور من الشافعية والحنابلة القائلين بأن الماء القليل وقدره عندهم ما دون القلتين يتنجس الماء بذلك، لكن إذا ورد الماء على المذي أي أزيلت نجاسة المذي بالماء.
فالصحيح عند الشافعية والحنابلة أن الماء المنفصل عن إزالة النجاسة طاهر إذا انفصل غير متغير، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 101465.
ولا فرق في هذا بين المذي وغيره من النجاسات، وأما إذا انفصل متغيرا فحكمه معلوم، وهو أنه يصير نجسا بالاتفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/2978)
ما يلزم من ينزل منه قطرات من البول أثناء اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ينزل مني قطرات بسيطة جدا بعد البول مرتين في اليوم على الأقل، وأنا أحيانا عندما أجلس في الميكروباص ينزل نقط بسيطة، ولكن لا يستغرق كل الوقت، وأنا لا أقدر أن أحدد ماذا أفعل، وأحكم علي نفسي هل أنا عندي أم لا؟ وهل علي الغسل لكل صلاة ووضع منديل؟ وعند الذهاب للجمعة أنا أذهب قبل الوقت بنصف ساعة هل يجوز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كُنتَ جازماً بخروج هذه القطرات منكَ، ولم يكن ذلك مجرد وسوسة، فإنك لست مصاباً بسلس البول على الوصف الذي ذكرت، ما دمت تجدُ وقتاً يكفي لأداء الصلاةِ في وقتها بطهارةٍ صحيحة. وانظر الفتوى رقم: 38550.
وعليكَ والحالُ هذه أن تنتظرَ مُدة حتى تنقطع هذه القطرات ثم تتوضأ وتصلي، وعليكَ أن تضع منديلاً على المحل ثم تُزيله بعد نزول تلك القطرات حذراً من أن تنتشر النجاسة في ثيابك، فإن لم تفعل ونزلت قطرات البول في الثوب، فإنه يلزمك غسل الموضع الذي أصابه البول من ثيابك، ولا يجبُ عليكَ الاغتسال، وإنما يجبُ عليكَ تطهيرُ ثوبك من النجاسة، ثم غسل المحل ثم الوضوء، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 104533.
وذهابك إلى الجمعة مبكراً أمرٌ حسنٌ مشروع، ولكن إذا خرجَ منكَ شيءٌ قبل الصلاة وجبَ عليك إزالته والوضوء منه على الوجه الذي قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/2979)
حكم الثوب المبتل إذا لامس فراشا متنجسا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قرأت في فتوي سابقة علي هذا الموقع أنه لا يجب تطهير الفراش لأنه ليس محلاً للصلاة (إن كان كذلك) ، لكن سؤالي هو: ماذا أفعل إذا كانت ملابس من ينام أو يجلس على الفراش بها بلل ... هل تنتقل النجاسة إليها أيضا فتصبح الثياب نجسة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قرأته في تلك الفتوى صحيح، غير أن العلماء اختلفوا فيما يترتب على ملامسة ثوب مبتل أو غيره لمكان جافٍ نجس، فمذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله أن الثوب المبتلّ إذا لامس شيئاً نجساً جافاً فراشاً أو غيره فإنه ينجس بذلك، ومن ثم يجب تطهيره إذا أريدت الصلاة فيه لقوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر:4} ، ويرى الأحناف والمالكية إن الثوب لا ينجس بذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 116329.
والأحوط بلا شك القول الأول وتطهير الثوب المبتل إذا لامس فراشاً جافاً متنجساً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(11/2980)
أحوال انتقال النجاسة من جسم متنجس إلى آخر طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بعد الجماع إذا كانت اليد ليست طاهرة تنقل لأي شيء تلمسه نجاستها مثل الملابس، وتنقل بدورها نجاستها لأي شيء توضع عليه، أو إذا كانت ملبوسة تنقل لأي مكان نجلس فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة انتقال النجاسة من جسم متنجس إلى آخر طاهر، سبق حكمها في فتاوى سابقة، وخلاصة ما ذكر هناك ثلاث حالات:
الأولى: أن تكون النجاسة رطبة، ففي هذه الحالة يتنجس كل ما لاقته هذه النجاسة، حيث تنتقل من اليد إلى الملابس، ومنها إلى غيرها ما دامت النجاسة موجودة رطبة.
الثانية: أن تكون النجاسة جافة ولاقت جسما يابسا، فلا تنتقل النجاسة بذلك.
الثالثة: أن تكون النجاسة يابسة والجسم الملموس رطبا أو مبتلا، فهل تنتقل النجاسة حينئذ؟ في المسألة قولان.
وبناء عليه، فإذا لمست بيدك المتنجسة شيئا من ثيابك، وكانت النجاسة رطبة فقد تنجس الموضع الذي لمسته منها، وما لمسه هذا الموضع المتنجس من الثياب له حكم ما سبق بحسب حالته من الجفاف أو الرطوبة.
وأما إذا كانت جافة وكانت ثيابك يابسة فلا تتنجس الثياب حينئذ، وأما إذا كانت الثياب مبتلة، ففيها القولان السابقان والأخذ بالأحوط هو الموافق للورع، ولكن إذا حصل بذلك مشقة شديدة فلا بأس بالأخذ بالقول الثاني، فإن المشقة تجلب التيسير. وهذا كله إذا وجدت النجاسة، وقول الأخت السائلة بعد الجماع إن كانت تقصد المني فإن المني طاهر، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 7702، وراجع الفتويين التاليتين: 40332، 69126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(11/2981)
حكم مس من به بلل ثوبا متنجسا
[السُّؤَالُ]
ـ[أفترش فراشا سبق أن تبول عليه طفل صغير عمره 4 سنوات، أفترشه بعد أن أتوضأ، وقد يكون بي بعض البلل، مع العلم بأن الفراش جاف هل لمس الفراش وأنا بي بعض البلل هل أنجس من هذا الفراش الذي سبق أن أصابه بول الطفل، فأفيدوني جزاكم الله، فأني أصبحت أعاني من وساوس بسبب هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تيقنت أن ثوبك المبتل أو بعض بدنك المبتل قد لامس المكان المتنجس، فقد تنجس بذلك عند جمهور أهل العلم؛ ومنهم الحنابلة والشافعية، ووجب عليك غسل الموضع المبتل الذي تيقنت أنه لامس موضع النجاسة الجاف.
ولأجل أن تتخلص من هذه الوساوس فبادر بتطهير الفرش التي تصاب بالنجاسة، أو تجنب ملاقاتها بثيابك المبتلة، فإذا خرجت هذه الوسوسة إلى حد أن أصبحت وسوسة مرضية، بحيث صرت تشك في كل فراش تجلس عليه، وفي كل ثوب تلبسه، إذ ربما يكون مبتلاً لاقى نجاسة جافة، فالذي نراه لك أن تعرض عن هذه الوساوس كلها، ولك في قول القائلين بعدم التنجس في هذه الصورة سعة حتى يمن الله عليك بالعافية. وقد بينا قولهم في الفتوى رقم: 62420 فارجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1430(11/2982)
مسألة حول نجاسة الكحول واستعمال العطور الكحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا على الرد على الفتوى الخاصة بنجاسة العطور المحتوية على كحول قرأت هذا الجزء فى محاضرات الشيخ محمد العثيمين الموجودة في موقعكم حيث بنى على الأصل وهو طهارة الأشياء المختلف في نجاستها. فقط أرسل هذا الجزء لفضيلتكم لقراءته لا أكثر.
حكم استعمال العطور التي فيها كحول:
السؤال: هل العطور التي فيها كحول يجوز استعمالها؟ الجواب: هي ليست نجسة، أهم شيء أنها ليست بنجسة، لو أصابت الثوب أو البدن لم يجب غسله، لكن استعمالها إن كان لحاجة فلا بأس؛ لأن بعضها تعقم بها الجروح، وإن كان لغير حاجة فتركها أحسن، وفي الأطياب التي لا شبهة فيها غنىً عنها، لكنها ليست حراماً. السائل: يا شيخ! لكن الخمر، أي مادة الكحول هي مسكرة، فلو أتينا بالخمر نفسه المسكر فيه هو الكحول، فالكحول هو النجس؟ الشيخ: لكن من قال لك أن الخمر نجس؟! الخمر ليس بنجس، يعني: ليس كالبول أو الغائط؛ لأن الله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] رجس عملي، الميسر هو نجس ولا غير نجس؟ المغالبة ما هي نجسة، الأنصاب التي تعبد من دون الله ما هي نجسة، يمسها الإنسان ولا نقول: يجب تطهر يدك، الأزلام كذلك، لكنها نجسة نجاسة معنوية، هذا دليل. دليل آخر: لما حرمت الخمر وهي في أواني المسلمين لم يقل الرسول اغسلوها، ولما حرمت الخمر قال: اغسلوا الأواني. ثالثاً: لما حرمت الخمر أراقها المسلمون في الأسواق، ولو كانت نجسة لحرم أن تراق في الأسواق كما يحرم أن يراق البول في السوق. رابعاً: أتى رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه راوية من الخمر؛ -أي: قدر كبير- أهداها للرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أما علمت أنها حرمت؟ فتكلم رجلٌ من الصحابة مع صاحب الراوية سراً، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: بم ساررته؟ قال: قلت: بعه، فقال: لا، إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، فما كان من صاحب الراوية إلا أن فتح فمها وأراقها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم) ولم يقل له: اغسل الراوية، ما قال: اغسلها، هذا يدل على ماذا؟ على أنه طاهر؛ لأنه لو كان نجساً لوجب تطهير الراوية. دليل خامس: ما هو الأصل في الأشياء؟ الحل والطهارة، ولهذا لو ادعى عليك إنسان قال: هذا حرام، قل: هات الدليل، لو قال: هذا نجس، قل: هات الدليل، لو قال: الدليل على أن الخمر نجس لأنه حرام، يصح هذا أو لا يصح؟ لا يصح؛ لأن هناك أشياء حرام وهي طاهرة، السم حرام وهو طاهر، الدخان حرام وهو طاهر، فلا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً، هل يلزم من نجاسة الشيء أن يكون حراماً؟ نعم، ولهذا نقول: كل نجس حرام وليس كل حرامٍ نجساً، فأنا أقول: هذه الأطياب ليست نجسة ما فيها إشكال عندي، أما هي حرام أو ليست حراماً؟ نقول: إن احتاج الإنسان إليها فلا بأس، وإن لم يحتج إليها فاجتنابها أولى، وإلى هنا ينتهي هذا المجلس. وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يخف علينا ما يختاره العلامة العثيمين رحمه الله في هذه المسألة، واختاره قبل الشيخ جماعة من أهل العلم كالشوكاني والصنعاني، وقال به من المتقدمين الليث بن سعد عصري مالك، وا لمزني صاحب الشافعي. والعلامة العثيمين رحمه الله من أعيان علماء هذا العصر، لا ينازع في هذا أحد شم رائحة العلم، وهو صاحب فنون جمة، وفضائل كثيرة.
لكن قول العالم ليس حجة على غيره من أهل العلم بل إذا حصل الخلاف بين العلماء في مسألة وجب الرجوع إلى ما يرجح أحد القولين من دلالات الكتاب والسنة.
وقد تعلمنا من الشيخ رحمه الله أن الدليل مقدم على قول كل قائل، وهذا الذي دفعنا إلى أن نأخذ بقول القائلين بنجاسة الخمر فقد رأينا أن الدليل يدور معهم وعلى أي حال فهو قول جماهير العلماء سلفا وخلفا ومنهم الأئمة الأربعة وهو مذهب أهل الظاهر، ونصره بقوة شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد ناقشوا أدلة القائلين بالطهارة وردوا عليها بما لا يتسع المقام لسردها فيرجع إليه في مظانه من كتب أهل العلم، وقد أشار الشيخ رحمه الله: أن ترك استعمال العطور المشتملة على الكحول هو الأحسن ما دامت الحاجة لا تدعو إلى استعماله خروجا من خلاف أهل العلم فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(11/2983)
لا ينجس الشيء بالشك في وقوع النجاسة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد هذا الشك بدأ الخشوع وحلاوة الذكر ينعدم وبدأت العبادة تصعب وتشق علي، وأحياناً أبكي من الحالة التي أنا فيها لأنني عندما أحاول أن أقطع الشك باليقين لا أستطيع، لأنه يظهر لي مبررٌ لشكي! فمثلاً عندما أتبول أعزكم الله "يطرطش" أي يتطاير علي نقط صغيرة جداً من البول أضطر لأن أغسل جسمي ورجلي كل ما دخلت إلى دورة المياه، وأصبحت أجد المشقة في ذلك وأحياناً أبكي من ذلك.. لأني أجد تصرفي غريبا دون إخواني في البيت، هذا السؤال الأول: هل هذه القطرات الصغيرة جداً تعتبر نجاسة يجب أن أغسلها كلما وقعت في جسمي ورجلي؟
أما السؤال الثاني: عندما يتبول أخي الصغير فهناك عدة أمور بشأنه، أولا: هل الفراش الذي تبول فيه يطهره الشمس ويصبح بذلك طاهرا تجوز الصلاة فيه لأنه يتبول عليه دائماً وأجد المشقة في غسله كل يوم وبذلك أسرف كثيراً من الماء.
ثانيا: أنه يمسك بسرواله وبه البول ثم يمسك بي ويمسك بالأبواب وبالجدار فأضطر إلى غسل ملابسي التي أمسك بها وغسل الأبواب والجدار وأمي تقول لي إن الدين يسرٌ وليس عسراً وأنه سوف يأتيني مرض نفسي من هذه التصرفات وهي غالباً ما تغضب مني وتخاصمني من هذه التصرفات الغريبة فهل ما أقوم به صحيح؟
وثالثاً: عندما أغسل شيئا به نجاسة في "سطل" أو وعاء يتطاير عليَّ نقط من الماء الذي أغسل فيه الملابس التي وقعت بها النجاسة فما حكم الماء الذي أغسل فيه إذا تطاير منه عليَّ هل أغسل ملابسي والمناطق من جسمي إذا وقع عليَّ شيء من قطرات هذا الماء (ماء الغسل) ؟
السؤال الثالث: عندما أمسك بشيء نجس ولم أغسل يدي ثم أمسك بعدها الحنفية أو مفتاح الباب أضطر لغسل مفتاح الباب والحنفية كلما أمسكت بهما أو أي شيء آخر أمسك به أغسله حتى أنني أجد رغبة في البكاء من مشقة ما أقوم به فهل ما أقوم به صحيح ويجب أن أفعله للطهارة؟ أعلم أنه من المفترض إرسال سؤال واحد فقط ولكن كل هذه الأسئلة هي سؤال واحد يدور في ذهني وتجعل العبادة شاقة جداً علي، أرجوكم ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولاً نقول للأخ عليك بالإعراض عن الشكوك التي تعتريك في هذا الأمر فإنها من كيد الشيطان، وفي التمادي في هذه الوساوس والشكوك أضرار كثيرة على الإنسان، منها ما وصلت إليه من ذهاب الخشوع وحلاوة الذكر وصعوبة العبادة.
وبالنسبة لقطرات البول التي تشك أنها تتطاير على ثوبك وبدنك، فاعلم أن الأصل الطهارة فلا ينجس شيء بالشك في وقوع النجاسة عليه ثم قد ذهب جمع من أهل العلم إلى العفو عن يسير النجاسة التي يشق الاحتراز عنها دفعاً للحرج والمشقة، وقد قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 50760 فراجعها.
وأما الأشياء الطاهرة التي لمسها أخوك الصغير بيده المتنجسة فحكمها سبق في الفتوى رقم: 56877، هذا إذا تيقنا نجاسة يده كأن رأيناه يلمس بيده نجاسة واليد والنجاسة أحدهما رطب، أما إذا لم نتيقن النجاسة فالأصل الطهارة كما سبق.
أما الفراش الذي يبول عليه أخوك فلا يطهر إلا بغسله، لأن النجاسة لا يطهرها إلا الماء وسبق بيانه في الفتوى رقم: 22555.
لكن لا ينجس شيء يلاقي موضع النجاسة من الفراش إلا إذا كان أحدهما رطباً، وأما الماء الذي يستعمل في إزالة النجاسة فما تطاير أو انفصل منه غير متغير بالنجاسة، فليس بنجس ولا ينجس ما وقع عليه من ثوب وبدن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 101465.
وبالجملة فإننا نوصيك باجتناب الوسوسة والإعراض عنها والتفقه في الدين بحيث تعلم مداخل الشيطان فتحذرها، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(11/2984)
حكم ما أصاب الثوب من فضلة الغراب
[السُّؤَالُ]
ـ[طائر الغراب كل يوم يخرج من فضلاته على الكراسي والطاولة الموجودة في ساحتي وذلك على شكل نقاط بلون أسود وأحيانا لا يراها الجالس على الكرسي لأنها نقاط صغيرة فهل هذه النقاط تنجس ملابس من جلس عليها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الغراب مما يأكل الجيف فهو مستخبث ويحرم أكله، وبالتالي ففضلته نجسة، وإن كان غراب زرع وهو أسود صغير وقد يكون محمر المنقار كما قال الفقهاء وهو لا يأكل الجيف فهو في حكم الحمام مباح الأكل وفضلته طاهرة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 28892، والفتوى رقم: 73118.
وفي حالة كون فضلة الغراب نجسة فلا تتنجس الثياب بملاقاتها إذا كانت تلك الفضلة جافة مع جفاف الثياب أيضاً، إما إن كانت الفضلة رطبة أو الثياب بها بلل فيتنجس من الثوب بقدر ما أصابه من تلك الفضلة، وراجعي الفتوى رقم: 40332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/2985)
حكم أوساخ الدجاج التي تكون على بيضه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت في فتواكم أن ما على البيض من رطوبة فهو طاهر، ولكن سؤالي ماذا بالنسبة للأوساخ التي تكون على البيض وذلك من أوساخ الدجاج فهل هو طاهر أم نجس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان المراد بأوساخ الدجاج بقايا ذرقه أي رجيعه وفضلاته حيث تكون لاصقة بظاهر البيض فإنها طاهرة عند جمهور الفقهاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بأوساخ الدجاج بقايا ذرقه أي رجيعه وفضلاته حيث تكون لاصقة بظاهر البيض فإنها طاهرة عند جمهور الفقهاء، لكن غسل ذلك أولى خروجاً من خلاف العلماء، ولأنه مما تعافه النفس وتستقذره.
قال ابن قدامة في المغني: وبول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر. وهذا مفهوم كلام الخرقي. وهو قول عطاء والنخعي والثوري ومالك، قال مالك: لا يرى أهل العلم أبوال ما أكل لحمه وشرب لبنه نجساً. ورخص في أبوال الغنم الزهري ويحيى الأنصاري وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم، إلا الشافعي فإنه اشترط أن تكون سليمة من أبعارها وأبوالها، ورخص في ذرق الطائر أبو جعفر والحكم وحماد وأبو حنيفة وعن أحمد أن ذلك نجس. وهو قول الشافعي وأبي ثور. انتهى.
وعند من يقول بنجاسة فضلات مأكول اللحم فإن البيض لا يتنجس بتلك النجاسة بل لا يتنجس إذا صلق بنجس.
ففي نهاية المحتاج على شرح المنهاج في الفقه الشافعي: ولا يكره بيض صلق في ماء نجس. انتهى. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 27787.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(11/2986)
ما يترتب على خروج البول وغيره من موضعه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الغسل إذا نزل الماء ولم يلمس الملابس الداخلية (توضيح) إذا ذهب للخلاء ونزل ولم يلمس الملابس الداخلية، وجزاكم الله خيرا!!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه بمجرد خروج النجاسة كالبول والمذي من موضعها بحيث تظهر فإنه يترتب عليها حكمها وهو وجوب غسل موضعها وما أصاب بدن الإنسان أو ثوبه منها، ووجوب الاغتسال إذا كان الخارج منيا لكن لا يعتبر هذا الخارج منيا إلا إذا وجدت فيه علامة من علامات المني إذا كان الخروج حال اليقظة، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 4036.
ودليل ذلك ما رواه البخاري: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتملت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إذا رأت الماء.
ومن ذلك يعلم أنه لا يلزم لتطبيق هذا الحكم أن يكون الخارج قد مس الملابس الداخلية أو لم يمسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(11/2987)
العرق الخارج من جسد الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بشيء في مؤخرتي فآخذ منديلا فأمسح فلم أجد إلا مكان العرق المعروف أنا في حيرة من أمري أفيدونا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعرق الخارج من جسد الإنسان طاهر، وبالتالي فإذا كان الذي تشعر به تجده عرقا بعد التعرف عليه فهو طاهر، ولا داعي للحيرة التي تجدها. وارجع الفتوى رقم: 14657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/2988)
هل تنجس الفوطة إذا سقط بول بعد التجفيف
[السُّؤَالُ]
ـ[استنجيت من البول ثم استحممت وجففت جسدي بالفوطة ثم وجدت بعد الضغط على العضو الذكري قطرات تخرج فاستنجيت مرة أخرى.
ولكن احترت هل الفوطة تعتبر نجسة لأنه أثناء التجفيف يكون هناك ضغط أيضا على العضو الذكري أم ماذا حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفوطة التي جففت بها جسدك إن كانت طاهرة قبل التجفيف فهي باقية على طهارتها حتى تثبت نجاستها، ولا تتنجس بمجرد الشك في إصابتها ببعض قطرات البول ما لم يثبت يقين بذلك، فمن القواعد المعروفة أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يثبت العكس. وراجع الفتوى رقم: 57250.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1429(11/2989)
النجاسة المغلظة التي تصيب أسفل الخف والنعل
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في إحدى كتب الطهارة، أنه يعفى عن يسير النجاسة المغلظة إذا أصابت النعل أو الرجل، فهل يمكنني اعتماد هذا القول، وأيضا باطن الرجل والنعل الذي يدوس على النجاسة، هل يطهر بملاقاته أرضا طاهرة، فأ فيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
القول بالعفو عن يسير النجاسة المغلظة إن أصابت أسفل الخف أو الحذاء أو النعل ثابت عن فقهاء الحنابلة وهو قول الأوزاعي وإسحاق وذلك بعد دلكها بالأرض حتى تزول عين النجاسة، وقد ورد من السنة ما يشهد لصحته، فروى أبو داود بإسناده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا وطئ أحدكم الأذى بخفية فطهورهما التراب. وفي لفظ: إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهور. وعن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما. وعن ابن مسعود قال: كنا لا نتوضأ من موطئ. رواهما أبو داود.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون في نعالهم، قال أبو مسلمة سعيد بن يزيد: سألت أنس بن مالك، أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم. متفق عليه. قال ابن قدامة بعدما أورد هذه الأحاديث والآثار: والظاهر أن النعل لا تخلو من نجاسة تصيبها، فلو لم يجزئ دلكها لم تصح الصلاة فيها ... ثم قال: وقال القاضي: إنما يجزئ دلكهما بعد جفاف نجاستهما، لأنه لا يبقى لها أثر وإن دلكهما قبل جفافهما لم يجزه ذلك، لأن رطوبة النجاسة باقية فلا يعفى عنها، وظاهر الأخبار لا يفرق بين رطب وجاف.
ولأنه محل اجتزئ فيه بالمسح، فجاز في حال رطوبة الممسوح كمحل الاستنجاء، ولأن رطوبة المحل عنها إذا جفت قبل الدلك، فيعفى عنها إذا جفت به كالاستجمار. انتهى.
ومما سبق يتبين أنه يمكنك اعتماد هذا القول لظهور دليله وبيان رجحانه، لكن هذا الحكم لا يشمل ما يصيب بدن الإنسان كباطن الرجل أو غيرها، بل فرض ذلك الغسل بالماء وإزالة النجاسة لأن الرخص لا تتعدى محالها كما هو مقرر في الأصول، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 50760.
وفيما يعفى عنه من النجاسة وما لا يعفى عنه واختلاف أهل العلم في ذلك تراجع الفتوى رقم: 49265، والفتوى رقم: 41514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(11/2990)
لا عبرة بالشك في كون الشيء نجسا
[السُّؤَالُ]
ـ[جلست على مقعد بوسيلة نقل جماعي فوجدته مبتلا وشاهدت في مؤخرة الشخص (بالغ) الذي كان يجلس عليه أثناء نزوله بللا في مؤخرته، فهل يجوز لي الصلاة بملابسي بعد جفافها أم ينبغي تغييرها مع أنه لا يوجد تأكيد بشكل قاطع أن هذا البلل بول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا عبرة بالشك في كون الشيء نجساً ولو تحققت الإصابة به كما صرح بذلك الفقهاء، لكن إن كانت هناك قرينة تدل على أن البلل الذي أصابك قد يكون نجساً فينبغي أن تغير ملابسك أو تغسل الموضع الذي أصيب منها بالبلل لتصلي وأنت مطمئن على طهارة الملابس، ولتنظر في ذلك الفتوى رقم: 93304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(11/2991)
البخار المتصاعد من البول هل هو نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل البخار الذي يصدر عن البول نجس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يعني أن الإنسان قد يخرج من بوله بخار إذا تبول في جو بارد مثلا، ويسأل عن حكم هذا البخار فجوابنا أن الحكم على البخار المتصاعد من البول بالنجاسة أو الطهارة ينبني على القول الراجح من أقوال الفقهاء في حكم الدخان المتصاعد من النجاسة، جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في طهارة الدخان المتصاعد من النّجاسة: فذهب الحنفيّة على المفتى به، والمالكيّة في المعتمد، وبعض الحنابلة إلى أنّ دخان النّجاسة طاهر،قال الحنفيّة: إنّ ذلك على سبيل الاستحسان دفعاً للحرج، وللضّرورة وتعذّر التّحرّز، وذهب الشّافعيّة في الأصحّ والحنابلة في المذهب، وأبو يوسف من الحنفيّة إلى أنّ دخان النّجاسة كأصلها، وظاهر كلام الرّمليّ من الشّافعيّة أنّ قليله معفوٌ عنه مطلقاً.. .. إنتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ... فإذا عرف هذا: فعلى أصح القولين: فالدخان، والبخار المستحيل عن النجاسة: طاهر لأنه أجزاء هوائية، ونارية، ومائية، وليس فيه شيء من وصف الخبث.... . انتهى.
وعلى القول بنجاسة البخار المتصاعد من النجاسة فإنه لا يحكم بتنجس مالاقاه ذلك البخار من الثياب لأنه كالريح لا جرم له، جاء في الموسوعة الفقهية: البخار المتصاعد من الحمّامات وغيرها - كالغازات الكريهة المتصاعدة من النّجاسة - إذا علقت بالثّوب، فإنّه لا ينجس على الصّحيح من مذهب الحنفيّة، تخريجاً على الرّيح الخارجة من الإنسان، فإنّها لا تنجس، سواء أكانت سراويله مبتلّةً أم لا، والظّاهر أنّ بقيّة المذاهب لا تخالف مذهب الحنفيّة في هذا. .... إنتهى.
وقد نص بعض فقهاء الشافعية كالخطيب الشربيني في مغني المحتاج على أن البخار الخارج من كنيف النجاسة طاهر.
وبهذا يعلم الأخ السائل أن بخار البول مختلف في الحكم عليه من حيث الطهارة والنجاسة بين الفقهاء، ولا شك أن الأحوط التحرز منه، فإن شق التحرز منه فنرجو أنه لا حرج على الإنسان منه إذا علق بشيء من ثيابه.
وإن كان الأخ السائل يعني رذاذ البول فرذاذ البول نجس. وانظر الفتوى رقم: 50760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(11/2992)
حكم استخدام مرطب البشرة المحتوي على البولة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال مرطبات البشرة التي تحتوي على الحمض البولي أو البولة (من مكونات البول) ، المرجو الإجابة في أقرب وقت؟ عاجل جداً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز استخدام مرطبات الجسم التي تحتوي على جزء من البول وأداء الصلاة قبل إزالتها، أما في غير الصلاة فلا شك أن الأفضل تركها واستبدالها بغيرها، لكن لا يحرم استخدامها في ظاهر الجسم لأنها في حكم المتنجس، والمتنجس يجوز للإنسان الانتفاع به في غير الصلاة والأكل والشرب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا علم أن هذه المرطبات تحتوي على جزء من البول فلا يجوز استخدامها وأداء الصلاة قبل إزالتها، أما في غير الصلاة فلا شك أن الأفضل تركها واستبدالها بغيرها، لكن لا يحرم استخدامها في ظاهر الجسم لأنها في حكم المتنجس، والمتنجس يجوز للإنسان الانتفاع به في غير الصلاة والأكل والشرب، ففي الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: وينتفع بمتنجس لا نجس في غير مسجد وآدمي: والمعنى أن الشيء المتنجس وهو ما كان طاهراً في الأصل وأصابته نجاسة كالثوب المتنجس والزيت ونحوه تقع فيه فأرة أو نجاسة يجوز الانتفاع به في غير مسجد وغير أكل آدمي كبير أو صغير عاقل أو مجنون مسلم أو كافر وإنما قدرنا أكل آدمي، إذ لا يصح نفي كل منافع الآدمي لجواز استصباحه بالزيت وعمله صابونا وعلفه الطعام المتنجس للدواب والعسل المتنجس للنحل، وهو من منافعه ولبسه الثوب المتنجس ونومه فيه ما لم يكن وقتاً يعرق فيه قاله في المدونة. انتهى. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(11/2993)
غلبة الظن تنزل منزلة اليقين في الأحكام الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[تعقيبا على الفتوى رقم: 100979، جزاكم الله خيراً على المجهود الطيب والرد المفصل، وسؤالي هو أنه لا يمكن الجزم أو التيقن من نجاسة يد المصافح من عدمها وإنما هي غلبة الظن على نجاستها، فما هو الحكم في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغلبة الظن تُنّزَّل منزلة اليقين في الأحكام، وبالتالي فحصول غلبة الظن بنجاسة يد المصافح المذكور مثل تيقنها، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 97011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(11/2994)
حكم استخدام المناديل المعطرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام المناديل المعطرة علما بأني لا أعرف إذا كان العطر المستخدم يحتوي على كحول أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الكحول هي المادة المسكرة في الخمر، وقد قال الله تعالى في الخمر وما ذكر معها: رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه {المائدة:90} ، والأمر بالاجتناب من أشد صيغ التنفير والتحريم في القرآن الكريم، وهي تفيد تحريم كافة أوجه الاستعمال.
فإذا ثبت وجود الكحول في عطر معين كان ذلك العطر متنجسا ولا يجوز استعماله، لا مباشرة ولا في المناديل.
وإذا لم يعلم وجود الكحول في العطر، سواء كان ذلك بسبب عدم ذكر مكوناته، أو لعدم وجود أمارة على وجود الكحول، فإنه لا حرج في استعماله، لأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت ناقل صحيح ينقل عن هذا الأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(11/2995)
حكم الأدوات واليد إذا مسها من يشك في نجاسته
[السُّؤَالُ]
ـ[في العمل أنا أتعامل مع شخص غير مسلم لا يستبرئ من بوله ولا يغسل موضع النجاسة ولا يغسل يديه بعد قضاء الحاجة، أثناء العمل أستعمل بعض الأدوات المشتركة الخاصة بالعمل وأضطر إلى مصافحته فهل يصيبني من نجاسته شيء، هل هي نجاسة لا يمكن الاحتراز منها، أرجو الإفادة والتفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
لا تتنجس اليد بمصافحة شخص لا تتيقن نجاسة يده، أو تتيقن نجاستها لكن كلتا اليدين جافة، وإن تحقق من نجاسة يد من صافحه وكانت إحدى اليدين بها رطوبة فقد تنجست يده، كما لا تتنجس اليد بلمس آلة قد لمسها من لم تتيقن نجاسة يده أو تحقق من نجاستها وكانت الآلة واليد جافتين، وإن تحقق من نجاسة يد اللامس وكانت الآلة أو اليد رطبة فقد تنجست اليد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صافحت رفيقك في العمل ولم تتيقن من نجاسة يده أو تحققت من نجاستها وكانت يد كل منكما جافة فلا تتنجس يدك في كلتا الحالتين، وإن تحققت من نجاسة يده وكانت يد أحدكما رطبة فقد تنجست يدك، وكذلك الحال بالنسبة لأدوات العمل التي لمسها رفيقك أيضا فإن لم تتحقق من نجاسة يده أو تحققت نجاستها وكانت الآلة جافة ويدك أيضا فلا تنجس يدك بلمسها، وإن تحققت من كون يده نجسة عند لمس الأدوات فتنجس يدك بلمسها إذا كانت يدك رطبة أو كانت الأدوات بها رطوبة، وراجع الفتوى رقم: 62209.
وهذه الحالة لا ينطبق عليها حكم النجاسة التي يشق الاحتراز منها، ففي بعض الحالات لا تحصل نجاسة أصلا وإن وجدت فبالإمكان غسل اليد المنتجسة أو غيرها بحيث لا تترتب على الأمر مشقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/2996)
الاستنجاء من إفرازات الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الاستنجاء من الإفرازات الخارجة من فتحة الرحم مع تجديد الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من العلماء من يرى طهارة الإفرازات التي تنزل من الرحم، وعلى هذا القول لا يجب الاستنجاء منها، ومنهم من يرى أن جميع الإفرازات التي تجدها المرأة نجسة وعلى هذا القول يجب الاستنجاء من جميعها واتفق الطرفان على أنها ناقضة للوضوء.
ولبيان التفصيل في الحكم على هذه الإفرازات يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 51282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(11/2997)
الأصل طهارة المكان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مبتلى بالوسوسة والحمد لله على كل حال وأهلي يقتنون كلبا في المنزل للحراسة وقد حاولت إقناعهم بالتخلص منه، ولكن والدتي تصر على إبقائه خوفا من السرقة حيث إن منزلنا تعرض للسرقة أثناء وجود والدتي فيه..... الكلب يعيش خارج المنزل في الحديقة ولا يدخل البيت نهائيا.. سؤالي هو كالتالي: إذا جلست على أرض الحديقة التي قد تكون رطبة بسبب ري الزرع أو المطر هل تتنجس ثيابي لأن الكلب قد يكون نجس ذلك المكان- إذا صافحت شخصا قد يكون مس الكلب فهل أتنجس، وهل علي أن أتأكد هل لمس الكلب ذلك الشخص أم لا، لدينا مسبح في الحديقة وأخشى أن يكون الكلب قد ولغ فيه فماذا أفعل، أخشى من لمس الأشياء التي أشك أن شخصا ما قد لمسها ويده نجسة من الكلب فماذا أفعل، آسف على الإطالة؟ وشاكراً ومقدراً جهودكم وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل طهارة ما ذكرت فلا يحكم بنجاسة شيء منها ما لم يتيقن وجود نجاسة الكلب عليه، وعليه فلا تلتفت لأي من هذه الشكوك التي قد ترد عليك، فإنها من وساوس الشيطان ليفسد عليك دينك، وللمزيد من الفائدة نحيلك على الفتوى رقم: 2860، والفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(11/2998)
طهارة المخاط وما يخرج من الأنف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المخاط وكل ما يوجد داخل الأنف نجس أم طاهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتوى رقم: 57157، والفتوى رقم: 34157 فقد بينا فيهما طهارة المخاط وما يخرج من الأنف من السوائل سوى الدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(11/2999)
حكم ما يصيب المرء من الماء في الطرق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت السؤال التالي: وفقكم الله لما هو خير للأمة الإسلامية، سؤالي هو: أنا أعيش الآن في الهند، وكما هو معلوم فإن الهنود يبولون في الطرق وأغلب المجاري فوق الأرض ترى بالعين المجردة، وعندي ولله الحمد موتور أقضي به حوائجي، ولكن المهم وأثناء قيادتي للموتور (دراجة نارية) تصيب يدي أو قدمي أو جسمي بعض النقط فألتفت لأجد مجرور أو بركة ماء (ربما ماء أو ماء مختلط بشيء آخر أو لا أعلم ما هي) وعند عودتي للبيت أقوم بتغيير ملابسي كلها وأستحم، سؤالي هو هل ما أقوم به من فعل صحيح؟ وكيف التحري عن النجاسة في هذه الحالة، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.
وكانت الإجابة عليه كما يلي: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك غسل ما أصاب قدمك أو ثوبك من الماء الموجود في الشوارع ولو كان مختلطاً بالنجاسة، إلا إذا كانت النجاسة غالبة عليه أو تحققت من إصابتها لثوبك أو غيره، ففي التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة: لا بأس بطين المطر المستنقع في السكك والطرق يصيب الثوب أو الجسد والخف والنعل، وإن كان فيه العذرة وسائر النجاسات، وما زالت الطرق وهذا فيها، وكانوا يخوضون المطر وطينه ويصلون ولا يغسلونه. الشيخ: ما لم تكن النجاسة غالبة أو عينها قائمة. ابن بشير: يحتمل التقييد والخلاف، قال: كما لو كانت كذلك وافتقر إلى المشي فيه لم يجب غسله كثوب المرضعة، وقال الباجي: يعفى عما تطاير من نجاسة الطرق وخفيت عينه، وغلب على الظن ولم يتحقق. انتهى.
وعليه؛ فما تقوم به لا يلزمك ما لم تتحقق من إصابة النجاسة لثوبك أو غيره، أو كانت النجاسة غالبة على المياه المذكورة. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 49637.
والله أعلم.
وسؤالي الآن هو: كيف أتحقق من الماء الموجود على الطريق إن كان نجسا أو تغلب عليه النجاسة (علما بأن الماء في الشارع يكون متغير لونه) ، يعني أنه علي أن أوقف الموتور (الدراجة النارية) على جانب الطريق ومن ثم التأكد من أن الماء نجس أو لا وذلك عن طريق النظر إلى لونه ورائحته، ف أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا لك في الفتوى السابقة أن ما يصيبك من الماء الموجود في الشارع معفو عنه وإن كان فيه بعض النجاسات، وبالتالي فما يصيبك منه طاهر ولا يجب عليك البحث والتحقق من نجاسته، لأن أسوأ احتماليه هو أن يكون نجساً وهذا النوع من الأنجاس معفو عنه كما سبق، فالبحث عنه والتفتيش عن حقيقته لا فائدة فيه، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك لو أصابه شيء من طين الشوارع لم يحكم بنجاسته وإن علم أن بعض طين الشوارع نجس. انتهى.
لكن إن تحققت أن ما أصابك هو عين النجاسة أي ذات النجاسة فعليك غسله، ومن الجدير التنبيه على ضرورة الابتعاد عن تتبع الوساوس والشكوك لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها، فأهم علاج لها هو عدم الالتفات إليها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(11/3000)
التدخين لا ينقض الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التدخين ينقض الوضوء وما هو الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التدخين ليس من نواقض الوضوء رغم أنه حرام، وكونه لا ينقض الوضوء لا يحتاج إلى دليل، إذ الأصل أن الشخص إذا توضأ لا ينتقض وضوؤه؛ إلا إذا حصل له حدث أو سبب من أسباب مظنة الحدث كزوال العقل من نوم عميق أو إغماء أو سكر وغير ذلك من نواقض الوضوء المذكورة في الفتوى رقم: 1795، أما ما عدا ما ذكر فلا يعتبر ناقضا، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 52641.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/3001)
هل يغسل الحذاء أو القدم إذا لامسا الحصى
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقكم الله لما هو خير الأمة الإسلامية، سؤالي هو: أنا أعيش الآن في الهند، عندما أخرج من البيت (مثلا للجامعة أو لقضاء حوائج البيت) أكون لابسا في قدمي كلاش أو شحاطة ومن دون جرابات, ويدخل في حذائي بعض الحصى الصغير, وعند عودتي إلى البيت أقوم بغسل حذائي وقدمي وأسفل بنطالي لاعتقادي أن هذه الحصى نجسة ويصعب علي التحري عنها (إن كانت نجسة أو لا) ، فسؤالي هو عن النجاسة هل ما أقوم به من عمل صحيح (حيث إنه يصعب علي التحري منها، ومع العلم بأن الهند أغلب مجاريرهم فوق الأرض ويبولون في الشارع, على قارعة الطريق) ، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً، لأن هذا الموضوع يؤرقني كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك ما تقوم به من غسل للحذاء أو القدم أو أسفل البنطال لأن الحصى الصغيرة التي ذكرتها تشك في نجاستها والأصل في الأشياء الطهارة حتى تثبت نجاستها، وحتى لو افترضنا نجاستها فهي جافة والنجاسة الجافة إذا لاقت موضعا جافا أيضاً لا تنجسه، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 94368.
وعليه فلا يشرع لك ما تقوم به من غسل الأشياء التي ذكرتها، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 47340، والفتوى رقم: 34305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(11/3002)
حكم العرق الخارج من جراء مطاردة الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[نعاني في السنوات الأخيرة من الازدياد الكبير من أعداد الخنازير ونعلم أن الخنزير حرام أكل لحمه وشحمه، فهل حقا الجري وراءه ومطاردته مكروه، وهل العرق الناتج جراء الجري وراءه يبطل الوضوء الأكبر والثياب لا تجوز للصلاة إلا بعد غسلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخنزير حيوان خبيث نجس حرم الشرع أكله، قال الله تعالى: إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا {الأنعام:145} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد. رواه البخاري ومسلم.
قوله: (ويقتل الخنزير) قال النووي: رحمه الله تعالى فيه دليل للمختار في مذهبنا، ومذهب الجمهور أنا إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر وغيرها وتمكنا من قتله قتلناه، وإبطال لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم فقالوا: يترك إذا لم يكن فيه ضراوة. وأما مطاردته لقتله فمطلوبة وليست مكروهة، وإنما المكروه مطاردته على سبيل اللهو واللعب ونحو ذلك.
وأما العرق الذي يخرج من الإنسان أثناء مطاردة الخنزير سواء كان لقتله أو لغير ذلك فلا يبطل الوضوء ولا يوجب حدثا أصغر ولا أكبر ولا ينجس الجسم والثوب، وإنما عرق الخنزير هو النجس الذي إذا لامسه بدن الإنسان أو ثوبه لزمه غسله وهل يجب غسله مرة واحدة أم سبعاً إحداهن بالتراب؟ فيه خلاف بين أهل العلم، قال النووي رحمه الله في المجموع: واعلم أن الراجح من حيث الدليل أنه يكفي غسلة واحدة بلا تراب، وبه قال أكثر العلماء الذين قالوا بنجاسة الخنزير، وهذا هو المختار: لأن الأصل عدم الوجوب حتى يرد الشرع، لا سيما في هذه المسألة المبنية على التعبد، وممن قال يجب غسله سبعا أحمد ومالك في رواية عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(11/3003)
سؤر المسلم والكافر هل هو طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سؤر جميع الناس طاهر سواء كان كافرا أو مسلما وما الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤر الآدمي طاهر سواء كان مسلما أو كافرا في قول عامة أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: القسم الثاني: طاهر في نفسه وسؤره وعرقه وهو ثلاثة أضرب:
الاول: الآدمي فهو طاهر وسؤره طاهر سواء كان مسلما أو كافرا عند عامة أهل العلم إلا أنه حكي عن النخعي أنه كره سؤر الحائض، وعن جابر بن زيد: لا يتوضأ منه، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن لا ينجس، وعند عائشة أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها فيشرب، وتتعرق العرق فيأخذه فيضع فاه على موضع فيها. اهـ
وعن الإمام أحمد رواية أن سؤر الكافر نجس. قال في الإنصاف: وعنه سؤر الكافر نجس.اهـ واختلف العلماء في سؤر شارب الخمر فمنهم من قال بنجاسته، ومنهم من قال بطهارته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(11/3004)
بول الطفلة الرضيعة على ثوب أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن شيء، إنني الحمد لله بدأت الالتزام بالصلاة، ولكن لدي طفلة عندها 4 شهور وتتبول علي، فماذا أفعل، هل بولها نجس أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بول الطفلة نجس ولو كان قليلا، فإذا أصاب شيء من البول بدنك أو ملابسك التي تصلي فيها فلا تصح الصلاة حتى تطهري ما تنجس من ذلك كله أو تطهري ما تنجس من بدنك وتبدلي ملابسك.
وعند المالكية يعفى للمرضعة أماً أو غيرها إن احتاجت للإرضاع أو لم يوجد غيرها أو لم يقبل الولد سواها عن غسل بول الرضيع وغائطه ذكراً كان أو أنثى، بشرط أن تجتهد في درء البول أو الغائط بأن تنحي الرضيع حال بوله أو تجعل له خرقاً تمنع وصول الأذى إلى ثوبها أو بدنها، فإذا اجتهدت وأصابها بعد ذلك شيء من الأذى عفي عن غسله لمشقة الاحتراز عنه، ويستحب لها أن تتخذ ثوباً للصلاة.
ثم إننا نحمد الله الذي وفق الأخت السائلة للالتزام بالصلاة التي هي عماد الدين ونقول لها عليك أن تعلمي أنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وقد أمر الله سبحانه وتعالى كل مسلم ومسلمة بإقامة الصلاة، والمراد بإقامتها أداؤها لوقتها والمداومة عليها بإتقان وانتظام، ولا يجوز لأي مسلم أن يتهاون في شأنها أو يصلي مرة ويتركها أخرى، وإذا كانت قد تركت بعض الصلوات فيما مضى كما يفهم من السؤال أي تركته بعد بلوغها فيجب عليها قضاؤه على مذهب جمهور العلماء، فإن كانت لا تعلم بالتحديد عدد ما فات عليها من الصلوات فلتقضي ما يغلب على ظنها أنه مجموع ما تركت من الصلوات، ولبيان كيفية قضاء الفوائت فلتراجع فيها الفتوى رقم: 61320.
ولبيان عقوبة تارك الصلاة والمتهاون بها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6061، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 10024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(11/3005)
استخدام الكريمات المحتوية على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال كريمات تحتوي على مادة الكحول وصفها لي طبيب مختص بسبب احمرار بشرة وجهي وجفافها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة جواب هذا السؤال تراجع الفتوى رقم: 56545، والفتوى رقم: 71561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(11/3006)
القدر الذي يعفى عنه من النجاسات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حدد الإسلام كمية النجاسة مثل البول أو الدم أو غيرها من النجاسات التي تجعل صلاتك باطلة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقدر الذي يعفى عنه من النجاسات بحيث لا تبطل الصلاة محل خلاف بين أهل العلم وتفصيل ذلك في الموسوعة الفقهية كما يلي: اختلفت آراء الفقهاء فيما يعفى عنه من النجاسات كما اختلفت آراؤهم في التقديرات التي تعتبر في العفو، فذهب الحنفية إلى التفرقة بين النجاسة المخففة والنجاسة المغلظة وقالوا إنه يعفى عن المغلظة إذا أصابت الثوب أو البدن بشرط أن لا تزيد عن الدرهم، قال المرغيناني: وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار جازت الصلاة معه، أما النجاسة المخففة فقد اختلفوا في القدر الذي يعفى عنه منها على روايات، قال المرغيناني: إن كانت كبول ما يؤكل لحمه جازت الصلاة معها حتى يبلغ ربع الثوب، وقال الكاساني: حد الكثير الذي لا يعفى عنه من النجاسة الخفيفة هو الكثير الفاحش في ظاهر الرواية، وفرق المالكية بين الدم وما معه من صديد وقيح وسائر النجاسات فيقولون بالعفو عن قدر درهم من دم وقيح وصديد والمراد بالدرهم الدرهم البغلي وهو الدائرة السوداءالكائنة في ذراع البغل، قال الصاوي: إنما اختص العفو بالدم وما معه لأن الإنسان لا يخلو عنه فالاحتراز عن يسيره عسر دون غيره من النجاسات كالبول والغائط والمني والمذي، وذهب الشافعية إلى العفو عن اليسير من الدم والقيح وما يعسر الاحتراز عنه وتعم به البلوى كدم القروح والدمامل والبراغيث وما لا يدركه الطرف وما لا نفس له سائلة وغير ذلك، والضابط في اليسير والكثير العرف، وأما الحنابلة فقد صرحوا بأنه لا يعفى عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه، وإنما يعفى عن يسير الدم وما يتولد منه من القيح والصديد إلا دم الحيوانات النجسة فلا يعفى عن يسير دمها كسائر فضلاتها، ولا يعفى عن الدماء التي تخرج من القبل والدبر لأنها في حكم البول أو الغائط، وظاهر مذهب أحمد أن اليسير ما لا يفحش في القلب. انتهى وللمزيد راجع الفتوى رقم: 50760 والفتوى رقم: 67002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1427(11/3007)
النجاسة العينية والحكمية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على ردكم على سؤالي:75408
لكن أرجو أن توضحوا لي معنى قولكم:
". أما إذا زالت عين النجاسة عن الظفر بأي مزيل ثم لا مسه شعر أو غيره فإنه لا ينجس ولو كانا مبلولين؛ لأن الباقي من النجاسة في الظفر حينئذ هو الحكم, والحكم لا ينتقل"
أرجو ألا تحيلوني على ردود سابقة لأني قرأتها ولم يتضح لي المعنى بعد..!
المرأة المذكورة في السؤال غسلت يدها بالماء والصابون ولكن بقي تحت الظفر بعض (البراز) فهل يعتبر حكم أم عين النجاسة؟ ما الفرق بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالكلام الذي أشكل عليك هو أن النجاسة التي بالظفر إذا تمت إزالة عينها. بغسل بماء غير مطلق أو مسح ثم لامس ذلك الظفر شعر أوثوب أو غيرهما فلا يتنجس ما لامس الظفر؛ لأن عين النجاسة قد زالت وبقي حكمها وهو لا ينتقل.
وما يوجد من نجاسة البرازتحت الظفر هو عين النجاسة وليس حكمها فيجب غسله, ولا يعفى عنه على الراجح من أقوال أهل العلم إلا إذا عسر الاحتراز منه جدا, فيعفى عنه للمشقة كما تقدم في الفتوى رقم: 17221.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 23653.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1427(11/3008)
ملامسة الظفر الذي به نجاسة الشعر المبتل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عاجل جداًُ
امرأة كانت في أظافرها نجاسة وكان شعرها مبلولا بالماء وكذلك ملابسها وقد مررت يدها على شعرها وعلى لبسها..
1- فهل تكون تنجست بذلك؟
2- وهل الأماكن التي لامسها شعرها تتنجس؟
3- وإذا كانت تتنجس فما العمل في الأماكن التي لا مستها؟
4- وما العمل في صلاتها؟
أرجو دقة وسرعة الإجابة وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت عين النجاسة لا تزال قائمة بالظفر وقت ملامسته للشعر أو الملابس, وكانت النجاسة أو ما لامسها من شعر أو غيره مبلولة؛ فإن الشعر أو الملابس تنجس لملاقاته لنجس وأحدهما مبلول, وأولى إن كانا مبلولين. أما إذا زالت عين النجاسة عن الظفر بأي مزيل ثم لا مسه شعر أو غيره فإنه لا ينجس ولو كانا مبلولين؛ لأن الباقي من النجاسة في الظفر حينئذ هو الحكم, والحكم لا ينتقل. ومن هنا تعلم السائلة حكم شعرها وملابسها التي لامسها ظفرها, وتعلم أيضا أن ما لامسه الشعر الذي لم تكن به نجاسة لا ينجس إلا إذا كانت بالشعر عين النجاسة. أما من صلى وعلى ظفره نجاسة ناسيا لها أو غير عالم بها أصلا ولم يتذكر أو لم يعلم بها إلا بعد الفراغ من الصلاة, فقد اختلف أهل العلم في صحة صلاته وبطلانها. وقد سبق تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(11/3009)
حكم الوضوء في مكان نجس
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما حكم الوضوء في مكان تكون فيه نجاسة عابرة أي يطلق بعدها الماء علما أن هذا المكان غير مخصص لهذه النجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوضوء في ذلك المكان وقت وجود النجاسة فيه فهذا خلاف الأفضل, فمن مستحبات الوضوء كونه في مكان طاهر.
قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وعدَّ ابن بشير في الفضائل أن لا يتوضأ في موضع نجس, وهو أعم من كلام ابن يونس وابن رشد, وعد القاضي عياض والشبيبي في مستحبات الوضوء الموضع الطاهر كما قال المصنف, وعد صاحب المدخل في مستحبات الوضوء أن لا يتوضأ في الخلاء ولا في موضع نجس. انتهى
وفي الفتاوى الهندية على الفقه الحنفي أثناء سرد آداب الوضوء: والتوضؤ في موضع طاهر ; لأن لماء الوضوء حرمة. هكذا في النهر الفائق ناقلا عن المضمرات. انتهى
أما إذا كان الوضوء في ذلك المكان بعد خلوه وتطهيره من النجاسة فلا بأس به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(11/3010)
أعطاء الأطفال حليبا يشك أن به شحم خنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا الفاضل أنا أعيش مع زوجي وأطفالي في دولة من دول أمريكا الشمالية يباع هنا حليب غذاء الأطفال.
في عام مضي تقريبا كانت أخت من الأخوات حذرتني من استعماله إن كنت أستخدمه بسبب وجود البورك فيه (الخنزير) طبعا لأني لا أستخدمه لأطفالي شكرتها ولم أعر اهتماما لها.
وبعد ذلك كان زوجي ينوي شراء الفيتامينات ولاحظنا من ضمن هذه الفيتامينات (الثيامين) أو فيتامين ب1
وكان أتى بمثال على أنه تحصل على هذا الفيتامين إذا تم تناول كمية من البورك أو الخنزير مما أثار الشكوك عندنا وبالبحث في مواقع الانترنت عن هذا الفيتامين قرأنا على أن من ضمن مصادره يوجد في البورك.ماذا نفعل كيف نتأكد من أن مصدر الثيامين أو الفيتامين ب1 مصدره نباتي أو حيواني (البورك) وخاصة أنه موجود في حليب غذاء الأطفال للعلم بالنسبة للفيتامينات كان زوجي غفر الله لنا وله أقر بان المصانع لا يمكن أن تستخدم المصدر الحيواني (البورك) لأنه غال.
فهل يجوز إعطاء أطفالنا من الحليب للجهل بالمصدر أو ماذا نفعل؟
جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها والبحث عن الحلال لأطفالها, ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياها على دينه, وييسر لنا ولها كل أمر عيسر. وبخصوص إعطاء ذلك النوع من الحليب الذي يشك في أن به شيئا من الخنزير للأطفال فإنه لا ينبغي وخاصة أنكم قد نصحتكم إحدى الأخوات بذلك وأطلعتكم على ما يحتوي عليه.
فإذا صح ذلك فإنه لا يجوز قطعا لما احتوى عليه من النجس الحرام إلا إذا كان قد عولج قبل خلطه بالحليب معالجة تحيله إلى مادة أخرى ثم خلط بالحليب بعد تحوله فإنه يجوز استعماله على الراجح من قولي أهل العلم.
ولكننا ننصحكم بالابتعاد عن هذا النوع من الحليب ما دامت لا توجد ضرورة تلجئ إليه وبإمكانكم أن تبحثوا عن ما يعوضه في مواد أخرى وتستعينوا على ذلك بسؤال أهل الاختصاص.
وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلعي على الفتاوى التالية أرقامها: 28550، 48744، 73495، 29334، 51299، 62455، 6861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(11/3011)
حكم الثوب إذا مسه طفل قد مس نجاسة في ثوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنتم لم تفهموا سؤالي فركزوا جيدا يكون أمامك ابنك كان قد لمس البول الذي في سرواله بيده ثم يلمس ثوبك فلا تجد أثرا للبول هل الثياب بذلك نجسة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لمس الطفل بيده بولا في ثوبه أو في أي مكان ثم لمس بيده ثوب غيره جافا فلا يتنجس ذلك الثوب الذي مسه الصبي بيده الجافة، لأن القاعدة المعروفة أن النجس إذا لاقى شيئا طاهرا وهما جافان لا ينجسه، وراجعي الفتوى رقم: 40332، والفتوى رقم: 62420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/3012)
حكم استعمال الفرشاة المصنوعة من شعر الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت وهي تعمل في أحد صالونات التجميل وقد اكتشفنا أن الفراشي التي تستعملها في عملها مصنوعة من شعر الخنزير وهي أفضل أنواع الفراشي بسبب صلابة شعره فهل استعمالها حرام؟ وهل استعمالها لتصفيف شعر غير المسلمات حرام؟ أي هل حرمانية استعمالها تقع على أختي المسلمة أم على الزبونة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز استخدام المسلم (لنفسه أو لغيره من المسلمين وغيرهم) فرشاة الشعر المصنوعة من شعر الخنزير في قول جمهور العلماء وهو المعتمد عند الحنفية والحنابلة والشافعية، لأنه نجس ولا ضرورة في استعماله هنا على قولهم بالترخيص في استعماله للضرورة كما سيتبين من نصوصهم الآتي ذكرها.
قال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي (وأما) الخنزير: فقد روي عن أبي حنيفة أنه نجس العين، لأن الله تعالى وصفه بكونه رجسا فيحرم استعمال شعره وسائر أجزائه، إلا أنه رخص في شعره للخرازين للضرورة، وروي عن أبي يوسف في غير رواية الأصول أنه كره ذلك أيضا نصا ولا يجوز بيعها في الروايات كلها............. وروي عن أصحابنا في غير رواية الأصول أن هذه الأجزاء منه طاهرة لانعدام الدم فيها والصحيح أنها نجسة، لأن نجاسة الخنزير ليست لما فيه من الدم والرطوبة بل لعينه. انتهى
وقال العبادي الحنفي في الجوهرة النيرة (قوله: وشعر الميتة وعظمها طاهران) أراد ما سوى الخنزير ولم يكن عليه رطوبة ورخص في شعره للخرازين للضرورة، لأن غيره لا يقوم مقامه عندهم وعن أبي يوسف أنه كرهه أيضا لهم ولا يجوز بيعه في الروايات كلها والريش والصوف والوبر والقرن والخف والظلف والحافر كل هذه طاهرة من الميتة سوى الخنزير وهذا إذا كان الشعر محلوقا أو مجزورا فهو طاهر، وإن كان منتوفا فهو نجس. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: وكل حيوان فشعره مثل بقية أجزائه ما كان طاهرا فشعره طاهر، وما كان نجسا فشعره كذلك، ولا فرق بين حالة الحياة وحالة الموت. انتهى
وفي حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب وهو شافعي (فرع) قضية حرمة استعمال نحو جلد الكلب والخنزير وشعرهما لغير ضرورة حرمة استعمال ما يقال له في العرف الشبة لأنها من شعر الخنزير نعم إن توقف استعمال الكتان عليها ولم يوجد ما يقوم مقامها فهذا ضرورة مجوزة لا ستعمالها. انتهى
وقال ابن مفلح في الفروع: المذهب: نجاسة كلب وخنزير وما تولد من أحدهما (م) وعنه غير شعر، اختاره أبو بكر وشيخنا. انتهى
وقال المرداوي في الإنصاف: والصحيح من المذهب: أنهما (يعني الكلب والخنزير) والمتولد منهما أو من أحدهما وجميع أجزائهما: نجس، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به أكثرهم. انتهى
وذهب المالكية إلى طهارة شعر الخنزير مجزوزا ولو بعد نتفه، أما إذا نتف دون جز فهو نجس، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وصوف ووبر وزغب ريش وشعر ولو من خنزير إن جزت (ش) يريد أن ذلك طاهر من سائر الحيوانات ولو أخذت بعد الموت، لأنه مما لا تحله الحياة وما لا تحله الحياة لا ينجس بالموت وأيضا فإنه طاهر قبل الموت فبعده كذلك عملا بالاستصحاب والمراد بزغب الريش ما يشبه الشعر من الأطراف ولا فرق على المذهب بين صوف المحرم وشعره ووبره وبين صوف غيره وشعره ووبره لكن الطهارة في ذلك مشروطة بجزه ولو بعد النتف. انتهى
والمقصود بالنجاسة في المنتوف عندهم أصول الشعر التي تكون في اللحم لا الشعر الظاهر فوق الجلد، قال علي بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته على شرح الخرشي (قوله مشروطة بجزه) وأما إن لم تجز تكون نجسة أي بعض كل منها، وهو مباشر اللحم من محل النتف لا جميع كل واحد منها. انتهى
فإذا توفر القيد المذكور عند المالكية في هذه الفرشاة جاز استعمالها وإلا فلا.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية كما هي رواية عن أحمد إلى طهارة الشعور كلها بما فيها الكلب والخنزير، قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: والقول الراجح هو: طهارة الشعور كلها: الكلب والخنزير، وغيرهما بخلاف الريق، وعلى هذا فإذا كان شعر الكلب رطبا، وأصاب ثوب الإنسان فلا شيء عليه، كما هو مذهب جمهور الفقهاء أبي حنيفة، ومالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وذلك لأن الأصل في الأعيان الطهارة فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليل كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} وقال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ {التوبة: 115} وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إن من أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته. وفي السنن عن سلمان الفارسي مرفوعا، ومنهم من يجعله موقوفا أنه قال: الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وماسكت عنه فهو مما عفا عنه. انتهى
وقال المرداوي في الإنصاف: وعنه طهارة الشعر، اختاره أبو بكر عبد العزيز، والشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق، قال ابن تميم: فيخرج ذلك في كل حيوان نجس. انتهى
وعلى هذا القول يجوز استخدام هذه الفرشاة مطلقا، وراجع الفتوى رقم: 172، والفتوى رقم: 21705.
والذي نراه في مثل هذا الخلاف هو أن يحتاط المسلم لدينه بترك ما اختلف في تحريمه بناء على قاعدة: الخروج من الخلاف مستحب. ولا يلجأ إلى هذا إلا عند الحاجة إليه كما صرح به من ذكرنا من الفقهاء اتقاء للشبهات واستبراء لدينه، هذا مع أن القول بالجواز أقوى بكثير من القول بالمنع إذا قارنا بين أدلتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(11/3013)
مذاهب العلماء فيمن لامس بدنه أو ثوبه محلا متنجسا يابسا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جزيتم عنا والإسلام خير الجزاء.
ففى السؤال رقم 45775 قد أوضحت للسائل أن يده وهى مبلولة إذا مست شيئا نجسا نجاسته جافة فلا ينجس.
وأريد من فضيلتكم إضافة بسيطة لو أنى كنت خارج المسجد وحدث نفس ذلك ووضعت يدى بعد ملاقاة الشيء الذى لمسته هل تنجس ملابسي؟ وهل وجب علي غسل يدى لأن عندي نفس المشكلة، ولكن ليست سلس بول ولكن هي أنى لمست أشياء كثيرة أتعامل معها بصفة يومية، مثل الكمبيوتر وأبواب الشقة وغير ذلك فتعبت حقا وأرهقت غاية إرهاق، خاصة وأن شيخا أفتاني أنه إذا حدث ذلك تنجست، وفضيلتكم قلت إن المسالة فيها خلاف، فهل لي أن آخذ بأيسر الأمور لأني لو أخذت بحكمه تعبت كثيرًا؛ لأن هناك أشياء كثيرة جدًا قد لاقت مني النجاسة ولكني الآن أحتاط - والحمد لله - فوالله يا فضيلة الشيخ أريد أن أتعامل مع الأشياء بدون أن أفكر، أريد أن أعيش حياة طيبة، تعبت من التفكير فيما سبق، أرجوك أفدني وأرجو من سعة كرمكم ألا تحيلوني على فتوى أخرى وأن تعطوني الإجابة بمزيد من التفسير وأرجوكم قبل رمضان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن المسلم لا يجوز له أن يستسلم للوساوس، وأن الوسواس من كيد الشيطان يريد به أن يصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم، ويكدر عليهم عيشهم. وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فاعلم أن أي عضو لامس نجاسة مبلولة فإنه يتنجس، والذي يلاقيه قبل يبسه يتنجس أيضًا.
وأما إذا يبس المحل المتنجس أو زالت عين النجاسة منه بغير الماء الطهور، فحكم النجاسة يبقى فيه، ولكن حكم النجاسة أمر مقدر لا ينتقل إلى غيره بالملامسة اتفاقًا إذا كان الملامس له جسمًا يابسًا، وعلى خلاف إن كان ملاقيه جسمًا مبتلاً.
قال الحطاب: إذا أزيلت النجاسة بغير الماء المطلق إما بماء مضاف أو بشيء قلاع غير الماء كالخل ونحوه وقلنا إن ذلك لا يطهر محل النجاسة وإنه محكوم عليه بها، ولا تجوز الصلاة به ثم لاقى ذلك المحل وهو مبلول شيئًا، أو لاقاه شيء مبلول بعد أن جف، أو في حال بلله فهل يتنجس ما لاقاه، أو لا يتنجس؟ قولان ...
وقال العدوي: تنبيه: إذا لبس ثوبًا متنجسًا وعرق في ذلك الثوب، فإن كان يتحلل شيء من النجاسة ويلتصق بالجسد الذي حصل فيه العرق، فيجب غسل النجاسة المتحللة، وأما إن لم يتحلل شيء ولم يظهر أثر في الجسد فلا يجب غسل، كما لو كانت النجاسة بولاً ... لأنه لا يمكن تحلل شيء منه في هذه الحالة ذكره بعض.
وفي مجمع الأنهر على الفقه الحنفي: ... لو وضع الثوب حال كونه رطبًا على مطيَّن بطين نجس جاف - بتشديد الفاء من جف - لأن الجفاف يجذب رطوبة الثوب فلا يتنجس، وأما إذا كان رطبًا فيتنجس.
وعند الشافعية والحنابلة يتنجس الرطب الطاهر بملاقاته لمتنجس جاف. ولك أن تراجع في كل ذلك فتوانا رقم: 62420.
وعليه.. فإذا تنجس شيء من بدنك ببول أو غيره من النجاسات فواجبك أن تغسله، ولا يجوز لك الصلاة قبل غسله. وإذا لامس بدنك أو ثوبك محلا متنجسًا يابسًا، فإن كان الملامس يابسًا أيضًا فلا شيء عليك، وإن كان مبتلاً فقد علمت ما فيه من الخلاف.
ولا شك في أن الأخذ بالأحوط هو الموافق للورع، ولكن ما ذكرته من المشقة والإرهاق يجلبان لك التيسير، وبالتالي فلو أخذت بالقول الأخف لم يكن عليك فيه حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(11/3014)
الإفرازات النجسة التي لا يعلم وقت خروجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد أحيانا في سروالي أثرا يسيرا لخروج بعض الإفرازات المشابهة للبراز -أعزكم الله-من الدبر، وقد لاحظت فيما بعد أن هذه الإفرازات تخرج بكميات قليلة من الدبر وهي مشابهة في كميتها لما يتبقى بعد إزالة النجاسة بواسطة الحجارة
فهل هي من يسير النجاسة المعفي عنه أم لا، وهل هناك فرق إذا خرجت قبل أو أثناء الصلاة علما بأنني لا أحس بذلك
أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الإفرازات لا تأتي في أغلب الأوقات بأن كانت نادرة فإن الواجب هو غسلها وغسل ما أصاب الملابس منها ولو كانت قليلة ولو وجدتها بعد الصلاة، فقد تقدم في الفتوى رقم: 44825، أن الحدث يضاف إلى أقرب وقت أي أنها قد تكون خرجت بعد الصلاة فلا تبطل الصلاة بسبب وجودها إلا إذا وجدت قرينة تدل على حدوثها قبل الصلاة، ولو صليت بها وأنت عالم بطلت الصلاة وكذلك إذا خرجت أثناءها وشعرت بها ولا فرق بين خروجها قبل الصلاة أو خروجها أثناءها إذا صليت وأنت عالم بها في الحالتين، وأما إذا وجدتها بعد الصلاة وعلمت بالقرائن أنها خرجت أثناء الصلاة فإن الصلاة باطلة لبطلان الطهارة، وإذا وجدتها بعد الصلاة وعلمت بالقرينة أنها نزلت قبل الصلاة أو كنت تعلم أنها خرجت قبل الصلاة ونسيت غسلها حتى صليت بها ناسيا لها فقد تقدم تفصيل هذه المسائل في الفتوى رقم: 6115، فلتراجع، واعلم أن المعفو عنه في مسألة الاستجمار بالأحجار ونحوها هو أثر الغائط في حلقة الدبر لا عين الغائط ولو قليلا فلا يعفى عنه ولا بد أن يزال بالأحجار أو بالماء أو نحو ذلك، هذا إذا كانت هذه الإفرازات غير كثيرة الخروج، فإن كثر خروجها بأن لازمت الوقت كله أو أكثره فقد صار لها حكم السلس وقد تقدم في الفتوى رقم: 23889، ماذا يفعل من ابتلي بالسلس، وكذلك الفتوى رقم: 64873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/3015)
الأعيان النجسة وحكم زيوت السيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الذي يجعل هذا الشيء نجسا وذاك لا وما حكم بعض المواد المستحدثة كزيوت السيارات مثلا هل هي نجسة أم لا وهل يمكن الصلاة بها وهل يمكن الصلاة بلباس العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الله سبحانه وتعالى لكونه رب العباد وخالقهم ورازقهم المنعم عليهم بنعمه التي لا تحصى أن يحل لهم ويحرم عليهم ما يشاء، كما أن له أن يتعبدهم من التكاليف والشعائر بما يشاء وليس لهم أن يعترضوا أو يعصوا فهذا حق ربوبيته ومقتضى عبوديتهم، لكنه تعالى رحمة منه بعباده جعل التحليل والتحريم لعلل معقولة راجعة لمصلحة البشر أنفسهم، فلا يحل سبحانه إلا طيبا ولا يحرم إلا خبيثا، فلذلك نجد الأشياء المحرمة في الشرع إما ذات ضرر ظاهر أو خفي، وإما مستخبثة تعافها الأنفس الطبيعية ولا تطيقها، ثم إن تقسيم الأشياء إلى نجس وطاهر ليس من وضع البشر فهذه الأشياء التي هي نجسة منها ما هو منصوص عليه في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومنها ما ألحقه العلماء بالمنصوص عليه لاشتراكه معه في الخبث مثلا، وقد فصل الفقهاء في باب الطهارة ذلك كله فذكروا الطاهر وذكروا النجس بتفصيل وإيضاح في النجس على سبيل المثال: بول الأدمي ورجيعه والدم المسفوح ودم الحيض والنفاس والودي والمذي والمني -على خلاف في الأخير- والميتة -ما عدا البحري والجراد- ولحم الخنزير وبول وروث مالا يؤكل لحمه كالبغل والحمار وكذلك الخمر قبل أن تتخلل، أما الجمادات مثل الأرض وما تولد منها والنباتات والأشجار وما تولد منها غير المسكر المائع والأحجار والمعادن فكل هذا طاهر ومنه سائر الزيوت لأنها إما من النباتات أومن الأرض وكل هذا طاهر وتصح الصلاة حال التلبس به، وتصح الصلاة بلباس العمل إن كان طاهرا، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يكون نظيفا إذا أراد أن يقوم بين يدي الله تعالى، فإذا كان يستطيع تغيير ملابسه عندما يقوم للصلاة فعليه أن يفعل ذلك على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب، فإن لم يستطع فليصل على حاله وصلاته صحيحة. وللفائدة راجع الفتوى رقم 3814
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/3016)
جلوس تارك الاستنجاء على الفراش لا ينجسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الصغير لا يستنجي من البول ولم نستطع ردعه عن ذلك، ولكننا عندما نتوضأ للصلاة نمر على المفارش التي يجلس عليها ويمر عليها ... ! فما حكم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم استنجاء هذا الأخ من البول لا يستلزم تنجس الفرش التي يجلس عليها، وإن حصل الشك بنجاستها فإن رجل المتوضئ لا تنجس بمرورها على الفرش المشكوك في نجاسته لأنها طاهرة يقينا والمكان المشكوك في نجاسته، وعلى افتراض أنها صادفت نجسا يبسا فإنها تطهر بمجرد تحولها إلى مكان آخر من الفراش أو غيره كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 37853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(11/3017)
ملاقاة الطاهر الجاف للنجس الجاف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل صحيح أن النجس الجاف لا يؤثر على الطاهر الجاف وأن الطاهر الرطب لا يتأثر بالنجس الجاف وهنا أقصد نجاسة البول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطاهر الجاف إذا لاقى نجساً جافاً فإنه لا يتنجس، وقد اشتهر عند أهل العلم أن النجس إذا لاقى شيئاً طاهراً وهما جافان لا ينجسه، وراجع الفتوى رقم: 29899.
والطاهر الرطب إذا لاقى متنجساً قد زالت عنه عين النجاسة فإنه لا يكون نجساً عند المالكية، كما في الفتوى رقم: 45775.
وكذلك الحكم أيضاً عند الحنفية، ففي مجمع الأنهر على الفقه الحنفي: كما لو وضع الثوب حال كونه رطباً على مطين بطين نجس جاف بتشديد الفاء من جف لأن الجفاف يجذب رطوبة الثوب فلا يتنجس، وأما إذا كان رطباً فيتنجس. انتهى.
وعند الشافعية يتنجس الرطب الطاهر بملاقاته لمتنجس جاف ففي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي أثناء كلامه على لبس الثوب المتنجس: ويستثنى من ذلك ما لو كان الوقت صائفا بحيث يعرق فيتنجس بدنه ويحتاج إلى غسله للصلاة مع تعذر الماء. انتهى.
وعند الحنابلة إذا كان الطاهر به بلل ينجس إذا لاقى متنجساً ولا ينجس إذا كانت به رطوبة بدون بلل، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع للبهوتي: فلو قطع به أي السيف المتنجس ونحوه بعد مسحه قبل غسله مما فيه بلل كبطيخ ونحوه نجسه لملاقاة البلل للنجاسة، فإن كان ما قطعه به رطباً لا بلل فيه كجبن ونحوه فلا بأس كما لو قطع به يابساً لعدم تعدي النجاسة إليه. انتهى.
والطاهر الرطب إذا لاقى عين نجاسة فإنه يصير متنجساً بمجرد ملاقاتها، ففي مغني المحتاج ممزوجاً بالمنهاج للشربيني الشافعي: وما نجس من جامد ولو بعضا من صيد أو غيره بملاقاة شيء من كلب سواء في ذلك لعابه وبوله وسائر رطوباته وأجزائه الجافة إذا لاقت رطباً غسل سبعاً. انتهى.
والخلاصة أن الطاهر الجاف إذا لاقى نجساً جافاً لا ينجسه، والطاهر الرطب إذا لاقى متنجساً فإنه لا يكون متنجساً عند المالكية والحنفية ويكون متنجساً عند الشافعية، وعند الحنابلة يكون متنجساً إذا كان به بلل لا إن كان رطباً فقط من غير بلل، أما إذا لاقى الرطب الطاهر عين نجاسة فإنه يكون متنجساً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/3018)
هل تنجس اليد إذا مست النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قد أكون تسببت في نجاسة بعض الأماكن والأدوات لظرف ما ويأتي غيري ويستعملها وأنا علم بعدم طهرها وأنا أصافحه وأتعامل معه فهل هو ينجس بذلك أو أنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يكتم عن أخيه المسلم ما يتضرر به في عبادته أو في استعماله في نفسه، لما في كتمان ذلك من عدم النصح المأمور به بين المسلمين، فيجب على من علم أن الشيء الفلاني نجس أن يقول لإخوانه الذين يمكن أن يستعملوه هذا نجس، سواء كان هو المتسبب في نجاسته أم لا، أما من حيث انسحاب حكم النجاسة على من استعمل ذلك الشيء أو من صافح مستعمله، فإن كان الشيء المتلبس بالنجاسة يابسا واستعمله الشخص المذكور وهو في حالة جفاف فإنه لا ينجس بمجرد ملاقاته له أو ملامسته، لأن الجاف لا يتأثر بالجاف، وأولى في عدم النجس من صافح من استعمل ذلك الشيء، وإن كان غير جاف ولامسه أحد فإنه ينجس المحل الذي لامسه منه، سواء كانت يده أو غيرها، وعلى تقدير نجاسة يد الشخص بملامسته النجاسة التي تعلق به لبللها أو غيرها، فإن كنت صافحته وفي يده بلل النجاسة فقد تنجست يدك، وإن كانت يده جافة لم تتنجس يدك، للقاعدة الفقهية التي في الأشباه والنظائر: النجس إذا لاقى شيئا طاهرا وهما جافان لا ينجسه. انتهى
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 10694، 37591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(11/3019)
بدن وثياب الطفلة التي تلاعب الكلب وتحمله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم أما بعد نحن نسكن في ألمانيا ولدينا جيران عندهم بنت وحيدة وعمرها 5 سنوات وهي كثيرا ما تأتي عندنا لتلعب مع الأطفال ونحن نرحب بها {البنت ألمانية} طمعا أن تقترب أو تتعرف على الإسلام علها تسلم في يوم من الأيام وهي ترى الأطفال يصلون أحيانا تلبس معهم ملابس الصلاة وتقلدهم في الحركات ولكن هناك مشكله جديدة إذ إن أهلها اشتروا لها جروا لتتسلى به والآن كيف نتعامل معها هل كلما جاءت عندنا يجب أن نغسل لها يديها 7مرات إحداهن بالتراب أم أن هذا لا يكفي لأنها تحمله على ملابسها أيضا أتمنى أن يصلني الجواب سريعا لو أمكن وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن الكلب نجس نجاسة مغلظة، إلا أن الأصل في بدن وثياب هذه البنت الطهارة كغيرها من الكفار الذين لا يتحاشون النجاسات كالخمر والميتة وغير ذلك، ولا يحكم عليهم بالنجاسة إلا إذا علمت نجاسة شيء بعينه، وهذه البنت قد تكون غير مصابة بلعاب الكلب ولا بشيء من روثه أو بوله، ولا لامسته حال كون أحدهما أو كلاهما رطبا، لأن ملاقاة الطاهر الجاف للنجس الجاف لا ينجسه بلا خلاف، ولما كان الأصل المتيقن الطهارة فإننا نقول: اليقين لا يزال بالشك، ولا يلزمكم تطهير ما مسته هذه البنت، وإذا أمكنكم أن تأمروها بالغسل، أو تغسلوا ما لامسته رطبا فهو أفضل.
وهذا كله ما لم تتيقنوا إصابة نجاستها، أما إذا تيقنتم النجاسة فيلزم غسل ما لاقته وأحدهما أو كلاهما رطب؛ لأن المتنجس إذا لاقى الطاهر نجسه ولو كان محل النجاسة قد جف من قبل. قال الدسوقي المالكي رحمه الله في حاشيته: ليس من زوال النجاسة جفاف البول بالثوب، وحينئذ إذا لاقى محلا مبلولا نجسه. انتهى.
وقرر ابن قاسم الشافعي رحمه الله في حاشيته على الغرر البهية أن ملاقاة الرطوبة للمتنجس ينجسه ولو كانت نجاسته حكمية كبول جف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(11/3020)
تغليف المصحف بجلد الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام جلد الحيوان (البقر) في تغليف المصحف الشريف وهل يجوز استخدام الغراء الحيواني كلاصق لتغليف القرآن الكريم. المعروف أن القرآن لا يلمس إلا بطهارة فهل استخدام المواد الجلد الحيواني جائز.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الجلود والغراء من حيوان مأكول اللحم وقد ذكي فإن هذا كله طاهر يجوز استخدامه في تغليف المصحف، وإن كان الغراء من حيوان غير مباح الأكل أو من حيوان مباح الأكل ولم يذك فلا يجوز استخدامه في المصحف، وكذلك الجلود إن كانت من ميتة ولم تدبغ فلا يجوز استخدامها أيضا في تغليف المصحف، وهذا محل اتفاق.
فإن دبغت الجلود -أي جلود الميتة- فإنها تطهر عند الشافعية، إلا الكلب والخنزير، وتطهر عند الحنفية ما عدا الإنسان والخنزير، وذهب الحنابلة في المشهور عنهم إلى أن جلود الميتة لا تطهر بالدبغ، وكذلك المالكية لا تطهر عندهم بالدبغ، إلا أنه يرخص عندهم فيها اليابس والماء؛ إلا جلد الخنزير.
ولبيان كلام الفريقين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 48329 وعليه، فإنه لا ينبغي أن يغلف المصحف بجلد الميتة المدبوغ خروجا من خلاف العلماء في الطهارة بالدباغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/3021)
الإفرازات المهبلية التي تنزل من المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من خروج سائل أصفر اللون من أعضائي الداخلية وعندما ذهبت لطبيبة نساء قالت لي إنه أمر طبيعي تصاب به أغلب النساء ولكن لونه الطبيعي أبيض أو شفاف تقريبا لا أتذكر بالضبط, وأنها عبارة عن إفرزات مهبلية طبيعية وسبب أن لونه أصفر هو وجود التهابات بسيطة عندي, وسؤالي هو ماحكم صلاتي ووضؤئي وطهارتي؟ هل هو نجس وهل ينقض الوضوء أم ماذا؟؟ مع العلم أن الطبيبة قالت لي إنه على حد علمها أنه لا ينقض الوضوء أرجو الايضاح! وبالمناسبة أنا أستيقظ في الآوانة الأخيرة من النوم وأكتشف بأني قد قمت بحك أعضائي الداخلية وأنا مصابة بهذا السائل مما يستلزم أن أغسل ثيابي وجسدي والأغطية التي أستعملها للتدفئة عند النوم وهذا بصراحة يرهقني كثيرا ويشق علي فإلى الآن غسلت أغطيتي 3مرات وأصبح الأمر مرهقا بالنسبة لي وأنا عندما أحك أكون نائمة ولا أشعر بنفسي إلا وقد فعلت الأمر، أقصد أن الأمر يحدث لاإراديا ولكني أستيقظ وأنا أفعل ذلك ثم يغلبني النعاس. أقصد أني أشعر بالأمر وأعلم أنه حدث؟ فما حكم الشرع في طهارة أغطيتي وملابسي التي ألمسها بيدي.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الإفرازات النازلة من المرأة هل هي طاهرة مطلقا أم فيها تفصيل، والراجح عندنا طهارة الافرازات النازلة من مخرج الولد مطلقا، ونجاسة الخارجة من مخرج البول، وكلتاهما ناقضة للوضوء وقد ذكرنا مذاهب أهل العلم مفصلة في الفتوى رقم: 51282، والإفرازات النجسة عند القائلين بها لا بد من غسل ما أصابته من ثوب أو بدن قبل الصلاة، وأما ما يتعلق بحك الفرج وتلوث اليد بالإفرازات فإنه لا يلزمها غسل يدها ولا ما أصيب بها من بدنها أو ثيابها لأنها طاهرة على الراجح من أقوال العلماء كما سبق، وأخيرا ننبهك إلى أن الذي ينزل منك بسبب الحك عند النوم قد يكون منيا فتأكدي من عدم كونه منيا، فإذا علمت أنه مني فعليك الغسل منه ولا يجب غسل ما أصابه من بدن أو ثوب لأن الراجح طهارة المني. ولمعرفة أوصاف المني راجعي الفتوى رقم: 4036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/3022)
الرطوبة النازلة من المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بعثت قبل ذلك عن مشكلة الإفرازات عند المرأة ووضع الحائل وقد تساءلت هل يجب أن أبدل هذا الحائل مع كل صلاة وقد قمتم مشكورين بإحالتي إلى الإجابة ومع الأسف لم أفهم وأرجو الرد علي مباشرة وشرح هذا لي ببساطة إذا سمحتم وأيضا أنا أعاني من إفرازات ليس لها حال بينة فهل صلاتي صحيحة أم لا؟ أنا آسفة على إزعاجي ولكن أود أن تكون صلاتي صحيحة لا أكون في حيرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرطوبة النازلة من المرأة من محل الوطء طاهرة على الراجح من أقوال أهل العلم، وهي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق، وهي ناقضة للوضوء لأنه لا يشترط للناقض الخارج من السبيلين أن يكون نجسا، ولا توجب الغسل لأنها ليست من موجباته.
وعليه؛ فلا يضر ما أصاب بدن المرأة وثيابها من هذه الرطوبة لأنها طاهرة -كما أسلفنا- لكن إن خرج شيء منها وجب تجديد الوضوء فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/3023)
حكم نزول قطرة بول بعد الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[إن من شروط الصلاة طهارة البدن، وأنا أعاني من مشكلة بسيطة وهي عند قضائي لحاجتي في الحمام وإتمامي للوضوء يحدث تقلصات لعضلات القضيب إما بسبب الحركة أو بسبب البرد فيحدث خروج نقطة صغيرة جدا من البول لا تكاد تذكر كما لا أشعر برطوبتها فهل يجب علي إعادة الوضوء في كل مرة، كما أنها تحدث أحيانا وأنا في وسط الصلاة، فهل أقطع صلاتي وأعيدها وأقوم بتبديل ملابسي في كل مرة، أفتوني بما يجب أن أفعل؟ جزاكم الله خيراً، وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحققت من نزول النقطة بعد الوضوء فقد انتقض وضوؤك ووجبت عليك إعادته لأن البول من نواقض الوضوء، وكذلك الحال إذا تحققت من نزولها أثناء الصلاة فقد بطل الوضوء أيضاً وبطلت الصلاة لأن الوضوء شرط في صحتها.
لكنك ما دمت لا تحس برطوبتها فكيف تعلم أنها نزلت منك أثناء الصلاة، فإذا كان الأمر مجرد وسوسة فينبغي عدم الالتفات إلى هذا الأمر وصلاتك صحيحة، وكذلك الوضوء أيضاً، فالأصل عدم حصول ناقض للوضوء إلا بعد التحقق من وجوده، وراجع الفتوى رقم: 1830، والفتوى رقم: 49066.
والنقطة المذكورة تصح الصلاة مع وجودها في الثوب من غير غسل عند بعض أهل العلم لكونها يسيرة، كما سبق في الفتوى رقم: 52081.
وللتعرف على طريقة التخلص مما يبقى في مجرى البول من قطرات راجع الفتوى رقم: 55332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/3024)
العورة والنجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العورة عند الرجل والمرأة نجسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العورة جزء من جسم الإنسان كباقي الأعضاء ولا تكون نجسة إلا إذا وجدت عليها نجاسة، وقد أجمع العلماء على طهارة جسد المسلم واختلفوا في نجاسة بدن الكافر، والرجل والمرأة سواء في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/3025)
هل تنجس اليد النجسة ما لاقته من الطاهرات
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت يدي نجسه فهل كل شيء ألمسه يعتبر نجسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت يدك مبلولة بالنجاسة عند لمسك للأشياء، فما مست يدك منها فهو نجس والعكس. قال الدسوقي في حاشيته: ليس من زوال النجاسة جفاف البول بالثوب، وحينئذ إذا لاقى محلا مبلولاً نجسه. انتهى.
أما إذا كانت النجاسة التي بيدك جافة والأشياء جافة فلا تتنجس، قال في الأشباه والنظائر: النجس إذا لاقى شيئاً طاهراً وهما جافان لا ينجسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/3026)
حكم ملامسة الثوب النجس للثوب الطاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لمس الملابس النجسة الملابس الطاهرة، فأنا عندي ملابس مختلطة، ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطاهر إذا لا مس النجس وأحدهما رطب تنجس، وعليه فينظر إن كانت الملابس الطاهرة لاقت النجسة وأحدهما رطب فإنها تنجس، وإلا فهي طاهرة، وهل يشترط بقاء عين النجاسة أم لا محل خلاف تراجع بشأنه الفتوى رقم: 45775، هذا وإذا لم يمكن تمييز الطاهر منها من النجس فإنه يحكم على جميعها بالنجاسة، وذلك لأن نجاسة أحد الأثواب محققة وإنما الشك في محلها، ولا تصح الصلاة مثلا إلا بما تحققت طهارته، على أن المسألة فيها بحث وهذا هو الظاهر لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/3027)
لا أثر للشك بعد الفراغ من العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت لكم أن الشك بعد الفراغ من العبادة لا اعتبار له، فهل يمكن تطبيق هذه الرخصة مع الاستنجاء حيث إني أشك بعض الأحيان هل غسلت مكان النجاسة كله أم هناك جزء لم أغسله، وهل تطبق هذه الرخصة بعد الفراغ بمدة طويلة أم حتى الفراغ مباشرة، ثم ما هو الدليل الشرعي لهذه الرخصة حتى أطمئن لتطبيقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشك بعد الفراغ من العبادة سواء كانت طهارة أو صلاة أو غيرهما لا يؤثر سواء طال الوقت أو قصر لأن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أنها تقع على وجه الكمال، ولأن اعتبار الشك بعد الأداء يؤدي إلى الحرج والمشقة، وهما مرفوعان في الشريعة الإسلامية السمحة، لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185} ، ولمزيد الفائدة راجع كلام العلماء في الفتوى رقم: 34716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/3028)
أواني الخمر تطهر بغسلها
[السُّؤَالُ]
ـ[يمتلك والدي سيارتين ولكن هذه السيارات حساسة للغاية وفيها مشاكل فنية لدرجة أن أي تحريك لرأس البطارية فإنها لاتعمل إلا إذا تم سكب كمية قليلة من البنزين في جزء من المحرك. والدي يضع البنزين دائما في السيارتين ولكنه يضع البنزين في زجاجة أصلا هي زجاجة مشروب كحولي (ويسكي كما مكتوب عليه) والعياذ بالله.هل نعتبر قد تنجسنا عندما ركبنا هذه السيارات خاصة وأن الزجاجات التي تحوي البنزين دائما في الشنطة الخلفية للسيارة وكما ذكرت لكم هي زجا جات مشروبات كحولية (خمر) . وهل إذا ركبنا هذه السيارات في شهر رمضان ٌٌفإن صيامنا غير صحيح؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أواني الخمر تطهر بغسلها، وبهذا قال الحنفية والمالكية في الصحيح عندهم والشافعية ـ كما في الموسوعة الفقهية ـ وفرق الحنابلة بين الانية التي تتشرب الخمر كالخشب وغيرها كالزجاج فجعلوا الأولى لا تطهر بالغسل والثانية تطهر. قال أبو محمد ابن حزم: ولا يحل كسر أواني الخمر ومن كسرها حاكم أو غيره فعليه ضمانها لكن تهرق وتغسل الفخار والجلود والعيدان والحجر والدّباء وغير ذلك كله سواء في ذلك وهو قول أبي حنيفة والشافعي. اهـ. والدليل على جواز الاستعمال بعد الغسل حديث أبي ثعلبة الخشني أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال رسول الله: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا. رواه أبو داود وصححه الألباني. فإذا جاز الشرب في إناء الخمر بعد الغسل فاستعمالها في حمل البنزين وغيره من المباحات أولى وأحرى. ولا شيء عليك عند ركوب السيارة في رمضان وغيره. راجع فتوى رقم: 7619، للتعرف على مبطلات الصيام. واعلم أن النجاسة لا تنتقل إلا عن طريق المباشرة والرطوبة معاً. فإذا لا قى نجس شيئا طاهراً وهما جافان لا ينجسه، كما في الأشباه والنظائر وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/3029)
حكم سقي الزرع بالماء النجس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يسقي الزرع بماء نجس، أقصد بالماء النجس، ماء مجاري المدن والمحلات، الذي يتجمع في المجاري ويخرج إلى خارج المدينة، وهناك بعض الفلاحين حول المدينة يستخدمون هذا الماء لسقي مزارعهم وبالأخص زراعة الخضراوات مثل (الكرافس والكراس والرشاد والفجل) وسبب استخدامهم لهذا الماء ليس لأن هذا الماء يحتوي على مواد عضوية تساعد على النمو بل لأن هذا الماء ليس له أية تكاليف في الحصول عليه.فما حكم هذا السقي، وما حكم بيع منتجاتها. مع العلم أن هذا الماء يحتوي على أعداد هائلة من أنواع جراثيم لأنه ماء ملوث، وهذا له دور في أنه قد يصاب كثيرمن الناس بالأمراض، (كالملا ريا) .
وفقكم ألله لما يحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من سقي الزروع والأشجار المثمرة.. من المياه النجسة على الراجح من أقوال أهل العلم. قال العلامة خليل في المختصرـ وهو مالكي المذهب ـ عاطفا على الأشياء الطاهرة " وزرع بنجس" قال شراحه: يعني أن الماء النجس يسقى به شجر أو بقل.. فالثمرة والبقل طاهرتان، وكذلك القمح النجس يزرع فينبت فهو طاهر. ولمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 28123. هذا إذا لم يترتب على استعماله ضرر. أما إذا كان يسبب ضررا فإنه لا يجوز استعماله من باب إزالة الضرر، ففي الموطإ مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار. فإذا ثبت الضرر منع شرعا، كما قال صاحب المراقي: وأصل كل ما يضر المنع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(11/3030)
لا يغتفر قليل البول إلا إذا عسر الاحتراز منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، سؤالي هو: قرأت في كتاب قديم للأزهر الشريف أن \"رذاذ البول بقدر رؤوس الإبر لا يكون نجاسة\" فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا كلام العلماء في العفو عن يسير البول في الفتوى رقم: 50760.
ونضيف هنا كلاماً للحطاب في مواهب الجليل على مختصر خليل وهو مالكي قال بعد أن ذكر أنه يعفى عما دون قدر الدرهم من الدم والقيح والصديد: فهم من كلام المصنف أن يسير ما عدا هذه الثلاثة من النجاسات وكثيره سواء وهو كذلك، ولم أر في ذلك خلافاً إلا في البول فاختلف هل يعفى عن يسيره، والمشهور أنه لا يعفى عنه ... إلى أن قال: وفي الإكمال في حديث شق العسيب على القبرين فيه أن القليل من النجاسة والكثير غير معفو عنه وهو مذهب مالك وعامة الفقهاء إلا ما خففوه في الدم. وقال الثوري: كانوا يرخصون في القليل من البول ورخص أهل الكوفة في مثل رؤوس الإبر وقال مالك والإمام الشافعي وأبو ثور: يغسل ... وفي التوضيح، وحكى في الإكمال عن مالك اغتفار ما تطاير من البول قدر رؤوس الإبر ثم اغتفاره يحتمل أن يكون عاماً في كل يسير من البول ويحتمل أن يكون عند بوله لأنه محل الضرورة لتكرره. انتهى
وقد تبين لك أن المشهور عند أكثر الفقهاء عدم اغتفار قليل البول إلا إذا عسر الاحتراز منه وهي قاعدة عامة، ولعل السائل اطلع على بعض هذه الأقوال المرجوحة التي تفيد اغتفار ما تساقط من البول قدر رؤوس الأبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/3031)
التلطخ بالنجاسة لغير ضرورة محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما حكم النوم على فراش عليه نجاسة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب عموماً بالابتعاد عن الأقذار والنجاسات ليكون دائماً نظيفاً، وأما النوم على الفراش الذي عليه النجاسة فإن كان يؤدي إلى التلطخ بها فعلى المسلم أن يتجنبه لأن بعض العلماء يقول بحرمة التلطخ بالنجاسة خارج الصلاة لغير ضرورة، قال في حاشية الجمل في الفقه الشافعي: ويحرم التضمخ بالنجاسة خارج الصلاة في البدن بلا حاجة وكذا الثوب كما في الروضة. انتهى.
وإن كان النوم عليه لا يؤدي إلى التلطخ بها، بأن كان الفراش متنجساً ولا توجد عليه عين النجاسة فلا بأس بالنوم عليه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3745، والفتوى رقم: 51103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(11/3032)
حكم سقي الزرع بالماء النجس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزرع المسقى بالماء النجس، وهل يمكن قياس ذلك على الحديث الذي ينهى عن شرب لبن الجلالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في سقي الزرع بالماء النجس، قال الدردير في الأعيان الطاهرة: وزرع سقي بنجس، وإن تنجس ظاهره فيغسل ما أصابه من النجاسة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وقال المواق في التاج والإكليل: ... ابن يونس القمح النجس يزرع فينبت هو طاهر، وكذلك الماء النجس يسقى به شجر أو بقل فالثمرة والبقلة طاهرتان. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وراجع الفتوى رقم: 28472 ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وعليه فلا يقاس ما ذكر على الجلالة، وأما لبن الجلالة وما فيه من الاختلاف بين أهل العلم فقد فصلنا فيه القول تفصيلاً في الفتوى رقم: 9571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(11/3033)
حكم وضع المصحف على الفراش المتنجس
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله العلي القدير أن يجزيكم خيراً على هذه الفتاوى، وأسألكم صالح الدعاء، وأن يجمعنا الله في الفردوس، سؤالي هو: أن الفراش الذي تستخدمه أعلم أن فيه مذيا ولكن لا أجد مكانه محدداً لأغسله، وفي مرة من المرات كنت أمسك بالمصحف فتحرك زوجي فوقع الفراش على المصحف وقبل أن يقع خفت من أن أرفع المصحف حتى لا يقول زوجي أني موسوسة، علما بأن زوجي أحسبه على خير ويعاملني على أحسن ما يكون، لكن لأني مصابة بالوسوسة فأنا دائماً أحاول ألا أظهر ذلك، علماً بأن الفراش كان يابساً فيه أثر المذي، هل أعتبر آثمة بذلك، وهل وضع المصحف على ذلك الفراش حرام وما مدى حرمة ذلك، وهل يعتبر كفرا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحسن تنبيهك على ما يلي:
أولاً: أن الفراش إذا كنت على يقين من كونه قد أصابته نجاسة فإنه يعتبر نجسا ولا يطهر إلا بغسله كله، وراجعي الفتوى رقم: 40939.
ثانياً: إن كنت متحققة من كون الفراش المذكور سيقع على المصحف ولم تقومي برفعه فقد وقعت في معصية، وعليك المبادرة بالاستغفار، والتوبة إلى الله تعالى، وليس من العذر كون الزوج المذكور سيتهمك بالوسوسة، فالواجب تقديم مرضاة الله تعالى على رضا المخلوق.
ثالثاً: لا يجوز وضع المصحف على ذلك الفراش المتنجس، لأن الواجب تعظيم كتاب الله تعالى ووضعه في مكان لائق، وللمزيد عن هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم: 28866.
رابعاً: وضع المصحف على الفراش المذكور ليس بردة ما لم يكن قد وضع بدافع احتقار المصحف والاستهانة به، وفيما يتعلق بالوسواس يرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 2783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/3034)
يحرم استعمال النجاسة حال الاختيار
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد، يا شيخ ما هو حكم لمس النجاسات بأنواعها عموما فمتى يجوز لمسها ومتى لا يجوز، وهل هنا فرق بين لمس النجاسة في داخل أي عبادة وبين لمسها خارج العبادة فما تحرم ولكن لابد من غسل الموضع لأداء العبادة؟ وشكرا أرجو التفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنجاسة لغة القذارة، واصطلاحا، كما عرفها بعض الشافعية: هي كل عين حرم تناولها على الإطلاق حالة الاختيار مع سهولة التمييز لا لحرمتها ولا لاستقذارها ولا لضررها في بدن أو عقل. اهـ.
ومعنى التعريف جملة أن النجاسة هي كل عين حرم الشرع تناولها ومباشرتها في حالة الاختيار لا بسبب قذارتها أو ضررها ليخرج بذلك المخاط، فإنه قذر لكن تجوز مباشرته ويخرج أيضا السم فإنه مضر ولكن يجوز لمسه، وقوله مع سهولة التمييز: ليخرج ما يعسر تمييزه كدود الفاكهة، وجاء في مطالب أولي النهى: وهي أي النجاسة كل مستقذر عينا كان كالميتة والدم، أو صفة كأثر بول بمحل طاهر يمنع صحتها، حيث لا مرخص لمباشرتها أو حملها.
ومن خلال ما تقدم من التعريف يعلم أن النجاسات العينية بأنواعها يحرم أكلها أو استعمالها حال الاختيار، وأما أحكام النجاسة في العبادات، فراجع فيها الفتاوى رقم: 3238، ورقم: 2076، ورقم: 28684، ورقم:.
والله أعلم.
... ...
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/3035)