حكم غسل الأحجار قبل الاستجمار
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن التطيب بالأحجار؟ أليست نجسة؟ لأن بها ترابا، ويمكن أن يكون قد تطيب بها شخص آخر، وبهذا يصيب بول أو غائط شخص آخر الدبر؟ هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يغسل الحجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الأحاديث المتواترة على مشروعية الاستجمار بالحجارة، وهي رخصة من الله لعباده تخفيفا عليهم ورفعا للحرج عنهم، وإن كان الاستنجاء بالماء أفضل لما فيه من كمال الإنقاء؛ ولأنه كان غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما احتمال أن يكون أصاب الحجر نجاسة من أثر استجمار شخص آخر به، فهو وإن كان احتمالا واردا، لكنه لا يلتفت إليه؛ لأن الأصل عدمه، فما لم تعلم نجاسة الحجر فالأصل طهارته ولا ينجس بالشك. ومن القواعد الكبرى التي بنيت عليها الشريعة أن اليقين لا يزول بالشك، كما بين ذلك أهل العلم، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يغسل الحجر قبل الاستنجاء به.
وعلى هذا فغسل الحجر الذي يراد الاستجمار به من الوسوسة المذمومة شرعا، ولكن إذا علم أن الحجر الذي يراد الاستجمار به قد تنجس فلا يجوز الاستجمار به إلا بعد تطهيره؛ لأن النجس لا يصح الاستجمار به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(11/166)
حكم دخول الحمام بطوق كتب عليه اسم محمد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دخول الحمام وأنا أرتدي طوقا باسم محمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا منع دخول الحمام بما فيه اسم الله تعالى أو شيء من كتابه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38386، 36096، 110396.
وأما اسم محمد مجرداً عما يشعر بالتعظيم فلا مانع من دخول الحمام بما كتب عليه، لأنه لم يرد بذلك نهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1430(11/167)
يشعر أن البول يخرج منه بعد الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا عندي مشكلة في التبول أنا أجلس قرابة النصف ساعة في الحمام وأحس بأن البول انقطع وأحيانا أقوم وأنفض ذكري كي يخرج باقي البول لكن بعد ما أخرج وبمسافة أشعر بأن هناك نقاط بول تنزل وحاولت أجلس كثير في الحمام بشأن هذه المشكلة ولم تحل ... وهل مثل هذه الحالة داخلة في عدم الاستتار من البول الذي ذكره رسول الله في الحديث.. عندما مر بقبرين وفي معنى الحديث أن أصحاب القبرين يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فلا يستتر من بوله وأما الآخر فيمشي بالنميمة ... أرجوكم أفيدوني بإسهاب في هذا الموضوع والمطلوب ماذا أعمل؟ وهل هذا الموضوع فعلا داخل في عدم الاستتار من البول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الوعيد المذكور في الحديث إنما يصدق على من تعمد ترك التطهر من البول، ولست إن شاء الله بهذه المثابة، لكن عليك إذا شعرت بنزول هذه القطرات مع وجود اليقين أو غلبة الظن بخروجها مع الحرص على سد باب الوسوسة ـ عليك ـ أن تبادر بالاستنجاء وغسل الموضع الذي أصابه البول من ثيابك، فإن شق ذلك عليك فيمكنك وضع منديل أو نحوه على الذكر لتتقي به انتشار البول في الثياب، وانظر الفتوى رقم: 104533.
وننصحك بأن تعرض نفسك على طبيب ثقة، كما يمكنك أن تراجع قسم الاستشارات بموقعنا، وننصحك كذلك بعدم إطالة المكث في الخلاء فوق قدر الحاجة، فإن هذا ليس علاجا للمشكلة بل ربما يكون سببا في زيادتها، ونسأل الله أن يمن عليك بالشفاء والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(11/168)
حكم وضع الأدعية والأذكار داخل بيت الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حكم وضع بعض الأدعية أو الأذكار داخل الخلاء مثل دعاء الدخول والخروج من الخلاء وهي تحمل اسم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع الأدعية والأذكار في بيت الخلاء فيه امتهان لها وعدم تعظيم لحرمات الله تعالى.
وقد نص أهل العلم على أن على قاضي الحاجة أن يتجنب دخول الكنيف بورقة أو شيء مكتوب فيه ذكر الله، قال الشيخ خليل: وبكنيف نحي ذكر الله. .. كما نصوا على أن عليه أن يمسك لسانه عن الذكر والقراءة والأدعية في الأماكن المستقذرة.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 33760، 28312.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(11/169)
غلق باب الحمام عند قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أترك باب الحمام مفتوحا أم يجب غلقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن إغلاق باب الحمام أو تركه مفتوحا في حال وجود شخص فيه لقضاء حاجته أو للاستحمام ونحو ذلك.
فالجواب أن على المسلم إذا دخل الحمام أن يغلق عليه بابه تسترا عن الأعين، لأن ستر العورة عن الناس واجب ولو كان الإنسان في حال الخلاء.. .
هذا إذا كان الشخص بمكان يمكن أن يراه به أحد، أما إذا كان في مكان مغلق ولا يمكن أن يطلع عليه أحد فلا مانع من ترك باب الحمام مفتوحا ولو كان ذلك حال قضاء الحاجة أو الاستحمام أو الاستحداد لأن المطلوب التستر وهو حاصل بغلق المكان وأمن الرؤية.
وقد ذكرنا جملة من آداب الخلاء في الفتويين: 15944، 15183، بإمكانك أن تطلع عليها.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 48544، 20031، 20550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1430(11/170)
مسائل حول الاستجمار
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم أفضل الجزاء اللهم يارب اهدنا لما تحب وترضى واجعلنا من عبادك الصالحين وارزق كل من يسعى لخدمة ونشر دينك أفسح الجنان يارب سؤالي جزاكم الله خيرا هو عن حكم الاستجمار والدليل من الكتاب أو السنة.
لأن في هذه الفترة مع شدة البرد وبالاستنجاء بالماء البارد تعرضت للضرر وأصبحت أصلي بالتيمم لكن الشك يراودني هل صلاتي صحيحة أم لا؟
أقوم بجمع الصلاة حتى أعود إلى البيت حتى قرأت عن الاستجمار.
لذا أرجو من فضيلتكم تفسير الاستجمار وحكمه والدليل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستجمار هو استعمال الحجارة وما في معناها كالخشب والورق، ومنه في عصرنا المناديل الورقية لإزالة الخارج من السبيلين، وانظري الفتوى رقم: 3863، ورقم: 32839.
والاستجمارُ جائزٌ بالإجماع، ويجوز مع وجود الماء، وشرطه ألا تتجاوز النجاسة المحل المعتاد، وانظري الفتوى رقم: 112293، ولا يجزئ على الصحيح الاستجمارُ بأقل من ثلاثة أحجار، أو ثلاث مسحاتٍ مما في معناها، فإن أنقى بما دون الثلاث وجب عليه تكميل الثلاث مسحات، وإن لم ينق بالثلاث وجبَ عليه التكميلُ حتى يُنقيَ المحل، ويُستحبُ له أن يقطع على وتر، ودلائلُ ما ذكرناه مبسوطة في كتب السنة، ونحنُ نسوقُ بعض الأحاديث التي تدلُ على بعض ما ذكرناه.
فعن عائشة رضي اللَّه عنها: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني وقال: إسناده صحيح حسن.
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لسلمان علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن نستنجي باليمين، أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن يستنجي برجيع أو بعظم. رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
وعن جابر: أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا. رواه أحمد.
وعن أبي هريرة: عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال: أتى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة، فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذه ركس. رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وزاد فيه أحمد في رواية له: ائتني بحجر.
ومشروعية الاستجمار من مظاهر رحمة الله بعباده، ومن معالم هذه الحنيفية السمحة، وأما الأثر اليسير الذي يبقى في المحل والذي لا يزيله إلا الماء فإنه يُعفى عنه.
وننبهكِ إلى أن التيمم لا يجوزُ مع القدرة على استعمال الماء، ولو بتسخينه، وكل صلاةٍ صليتها بالتيمم مع قدرتكِ على استعمال الماء فإنه يلزمكِ إعادتها عند الجمهور، فإذا كان استعمال الماء يضرُ بكِ ولا تقدرين على استعماله ولو بالتسخين فإنه يجوزُ لكِ التيمم والحالُ هذه. وانظري الفتوى رقم: 77526، ورقم 77579، وأما الجمعُ بين الصلاتين لأجل المرض فلا يجيزه الجمهور، خلافاً لأحمد رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(11/171)
الكلام في الهاتف وذكر الله تعالى في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أسأت الأدب مع الله، كنت في الحمام لقضاء حاجتي عندما استقبلت مكالمة هاتفية استعملت فيها الدعاء بذكر الله لأن الشخص الذي هاتفني كان قد تعرض لسرقة فكنت أصبره وأواسيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم الكلام حال قضاء الحاجة لغير ضرورة أو حاجة، وأما ذكر الله تعالى في الحمام فإنه لا يجوز باللسان وقيل يكره.. وقد بينا حرمته والأدلة على ذلك في الفتوى رقم: 26825.
ولذلك فقد كان عليك أن تصبري حتى تخرجي من الحمام، وعليك الآن أن تتوبي إلى الله وتستغفريه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(11/172)
حكم الاستنجاء بمنديل مبلل مرة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مسح مخرج البول لمرة واحدة بمنديل مبلل كاف، قرأت أن القضيب طاهر ولكن لمسه يفسد الوضوء، فهل أن لمسه أو مسكه فرضاً ثم السلام على الغير باليد أو الأكل أو مسك كتاب صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستنجاء إما أن يكون بالماء وضابطه أن يغسل المحل حتى تزول عين النجاسة وأثرها، وإما بالحجارة وما في معناها كالمناديل ونحوها، وضابطه ألا يقل عدد المسحات عن ثلاث وهو قول الجمهور خلافاً لمالك رحمه الله، بشرط إنقاء المحل، فإن لم ينق بثلاث وجبت الزيادة حتى يحصل الإنقاء، وإنما يُعفى عن الأثر اليسير الذي لا يزول إلا بالماء، وهذه الأحكام عامة في البول والغائط جميعاً، وتفاصيل ذلك وأدلته معروف في موضعه، فما ذكرته من الاجتزاء بمسح الموضع بمنديل مبلل مرة واحدة لا يجزئ لأن المسحة الواحدة لا تجزئ عند أكثر أهل العلم بدلالة الحديث، كما أن شرط ما يستجمر به أن لا يكون مبلولاً.
وأما عن الشق الثاني من السؤال فما قرأته عن انتقاض الوضوء بمس الذكر بدون حائل صحيح وهو مذهب جمهور العلماء، وفي المسألة خلاف وهذا هو الراجح عندنا، وانظر لذلك الفتوى رقم: 9014.
ولكن من مس ذكره بدون حائل لم يجب عليه شيء سوى الوضوء، ولم تحرم عليه المصافحة ولا الأكل ولا إمساك كتب العلم ومسها (سوى المصحف فإنه يحرم على المحدث مسه كما هو قول الأئمة الأربعة وحكاه ابن تيمية إجماع الصحابة) ، فإنه لم يرد في الشرع ما يفيد منع من مس ذكره شيئاً من ذلك، ولا نعلم قائلاً به من العلماء، إلا إذا تعلق بيده حال المس شيء من النجاسة فيجب عليه إزالتها، ونحب أن ننبهك إلى أنه قد ثبت في الصحيح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يمس الرجل ذكره بيمينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(11/173)
حكم القطرة من البول تنزل بعد الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أكون بالحمام لكي أتبول وأتوضأ بعد ذلك أجد نقطة ماء غير إرادية خرجت مني وهي تحدث لي كثيراً عندما أتخلص من التبول، فهل تجوز الصلاة لي في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحققت أو غلب على ظنك نزول قطرة بول بعد الاستنجاء والوضوء فقد بطل وضوؤك ولا تجزئ الصلاة قبل الوضوء من جديد، وإن أصابت تلك القطرة ثوبك أو بدنك وجب غسل محلها ولا تجزئ الصلاة قبل ذلك، وعليه فانتظر انقطاع البول حتى لا يبقى في المخرج شيء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66710.
وإن تعلق الأمر بسلس البول حيث صارت قطرات البول لا تنقطع وقتاً يتسع للوضوء والصلاة فقد أوضحنا حكم ذلك في الفتوى رقم: 9346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/174)
مسائل حول الاستنجاء ومس النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أريد الاستنجاء بالمنديل تكون النجاسة في المنديل وألمسها بيدي هل بذلك تنجست يدي أم لا بد أن تعلق النجاسة بيدي لأني عندما أنظر ليدي لا أرى أثر النجاسة، أم أن يدي تنجست بمجرد لمس النجاسة، وكذلك عندما تصيب النجاسة سروالي الداخلي أضظر لتغيير ملابسي كلها أم أغير فقط سروالي الداخلي لأني لا أعرف هل وصلت النجاسة إلى ملابسي الأخرى لأن البول ليس له أثر، وكذلك عند الاستنجاء من الغائط تتساقط علي نقط من الماء أثناء تنقية المحل وأضطر لغسل قدمي من الأسفل في كل مرة أستنجي فيها لأني لا أعرف هل تغير الماء بالنجاسة أم لا، وكيف لي أن أعرف ذلك، وكذلك عند لمس الملابس النجسة أضطر إلى غسل يدي في كل مرة ألمس تلك الملابس، وكذلك عندما ألمس المقعدة أعيد الوضوء هل هي من الفرج هل ما أفعله صحيح عندما أعيد الوضوء؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت النجاسة الموجودة على المنديل رطبة وتحققت من لمسها بيدك، أو كانت النجاسة يابسة وكانت يدك رطبة ففي كلتا الحالتين يتنجس المحل الذي باشر النجاسة بمجرد ملاقاتها ولو لم تجد أثرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 40332.
وإذا تحققت من إصابة النجاسة لملابسك الداخلية وشككت في وصولها للملابس الخارجية فعند الصلاة ـ وما في حكمها مما تشترط له طهارة الثياب ـ يلزمك نزع الملابس الداخلية فقط لكن عند المالكية يجب نضح الملابس الخارجية وهو رشها بقليل من الماء ولا يلزم ذلك عند الحنابلة كما ذكرنا في الفتوى رقم: 47661.
والماء المتساقط من الاستنجاء طاهر إذا لم يتغير بالنجاسة وكان المحل الذي انفصل عنه قد طهر، وبالتالي فإذا لم تتحقق من تغيره بنجاسة فلا يلزمك غسل قدمك مما أصابها منه، ويعرف تغير الماء المذكور بانتقاله عن لونه الأصلي بحيث يكون لون النجاسة غالبا عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 106668، والفتوى رقم: 102750.
والملابس المتنجسة إن كانت جافة مع جفاف يدك أيضا حين لمسها فلا تتنجس يدك بذلك ولا يلزم غسلها.
والمقعدة إن كنت تقصد بها محل خروج الغائط فلمسها ناقض للوضوء على القول الراجح إذا كان ذلك مباشرة من غير حائل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19958، والفتوى رقم: 3892، وأما ما سوى ذلك من الأليتين ونحوهما فلا ينتقض الوضوء به.
وفي الأخير ننصحك بضرورة الإعراض عن الوساوس والشكوك لأن أنفع علاج لها هو عدم الالتفات إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/175)
الاستجمار إذا تجاوزت النجاسة المحل المعتاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتى أحد الشيوخ أن النجاسة حتى لو جاوزت المحل صح إزالتها بالمناديل عند الاستنجاء بناء على قول ابن تيمية، حيث قال الشيخ إن ابن تيمية خالف المذاهب الأربعة وأجاز الاستنجاء بغير الماء حتى لو جاوزت النجاسة المحل، فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبه هذا الشيخ إلى شيخ الإسلام ابن تيمية صحيح عنه، فقد اختار في الاختيارات العلمية إجزاء الاستجمار في الصفحتين لعموم الأدلة، إذ لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك تقدير، ولكن عامة العلماء على أن النجاسة إذا تجاوزت المحل المعتاد تعين الماء لإزالتها، وأن الاستجمار لا يجوز إلا في محل النجاسة المعتاد، وراجع إن شئت المغني والمجموع وغيرهما، وهذا القول أحوط وأبرأ للذمة، وانظر الفتوى رقم: 111379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(11/176)
عنده سلس يستمر نصف ساعة فهل يلزمه البقاء في الحمام هذه المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى سؤالان أولهما: عندي سلس بول يحبسني فى الحمام لمدة نصف الساعة، فهل أظل فى الحمام؟ مع العلم بأنه إذا خرجت أصاب الملابس بلل، فماذا أفعل؟ السؤال الثاني: عند تنظيف النجاسة أضطر إلى إدخال أصبعى في محل الدبر للنظافة، فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن السؤال الأول: فلا يجب عليك أن تبقى في الحمام لنصف ساعة، والواجب عليك هو الاستنجاء من البول عقب انقطاعه وتطهير ما أصاب الثياب منه، وإن وضعت خرقة تحول دون تلويث البول للملابس فحسن، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 62924، والفتوى رقم: 69985.
وأما عن الشق الثاني: فلا يشرع إدخال الأصبع في الدبر عند الاستنجاء وهذا تنطع قبيح، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 46819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(11/177)
الدليل على تقديم الرجل اليسرى في الدخول لبيت الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحديث النبوي الذي يشير إلى دخول الخلاء بالقدم اليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى أبو داود وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى. وقد استدل النووي في المجموع والمواق في التاج والإكليل وغيرهما بهذه الأحاديث على تقديم اليسرى في الدخول لبيت الخلاء، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 97573.
ولذلك استحب أهل العلم تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم، وتقديم اليسار في ضد ذلك كدخول الخلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(11/178)
حكم استعمال المناديل في الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتاوى عديدة أن مياه الاستنجاء طاهرة وسؤالي هو هل هذا هو الحكم إذا كنت قد أزلت عين البول بالكلينيكس أم ليس شرطا في هذا؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ماء الاستنجاء إذا فارق المحل غير متغير فإنه طاهر وسواءً أكنتِ أزلت عين النجاسة بالمناديل أو لا، واعلمي أن استعمال المناديل كافٍ في التطهير ولا تحتاجين بعده إلي استعمال الماء بشرط أن تزول عين النجاسة بما لا يقل عن ثلاث مسحاتٍ لمحل النجاسة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه. رواه أبو داود وحسنه الألباني، والمناديل الورقية ونحوها مثل الأحجار في التطهير، وللمزيد انظري الفتوى رقم: 46820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(11/179)
حكم دخول الحمام بما فيه معظم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي في حكم حمل ميدالية فضية مكتوب عليها آيات قرآنية في حالة دخول الحمام، مع العلم بأنني أضعها داخل حقيبتي وأغلق عليها أو أضعها فى جيبي حتى تكون مخفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا ينبغي دخول الحمام بما كتب فيه قرآن إلا إذا كان مستوراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شأن المسلم أن يعظم حرمات الله؛ كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ. {الحج: 30} وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، فلذلك لا ينبغي بل يكره دخول الخلاء بما فيه قرآن أو أسماء الله تعالى ... إلا إذا كان مستوراً، فقد نص أهل العلم على أن من أراد دخول الحمام بما فيه معظم عليه أن يتركه خارجاً إذا لم يخف عليه أو يستره بكثيف، وسبق بيان ذلك مع أقوال العلماء في الفتوى رقم: 36096 فنرجو أن تطلعي عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(11/180)
لا يشرع عصر الذكر عند الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو عصر الذكر؟ وكيف يكون؟ وما هي أضراره؟ وهل هو حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد عصر الذكر عند الاستنجاء والضغط عليه بشدة ليخرج ما بداخله من البول فهذا غير مطلوب بل ولا يشرع لأنه قد يضر بالمثانة ويسبب سلس البول؛ كما قال أهل العلم، والمستحب أن يكون ذلك خفيفا لا يؤثر على الصحة ويحصل به المقصود، وانظر الفتوى رقم: 55332.
وإن كان المراد بذلك ممارسة العادة السرية فهي حرام ومضرة بالبدن؛ كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 24126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(11/181)
حكم استعمال اليد اليمنى في إزالة النجاسة من القبل
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي؛ كما هو معلوم علميا بأن البراز - (أكرمك الله) - يحتوي على عدد هائل من الميكروبات التي تعيش في الأمعاء بشكل طبيعي، والتي إن وصلت إلى مجرى البول فإنها تسبب التهاب المجاري البولية، فهل يجوز استخدام اليد اليسرى للإستنجاء واليد اليمنى للاستبراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستبراء والاستنجاء مترادفان عند بعض أهل العلم والبعض يجعل الاستنجاء خاصا يتنقية المحل من البول والغائط فقط، والاستبراء شامل لإزالة كل النجاسات الشاملة للمذي والودي وغيرهما إضافة إلى البول والغائط، وعلى كل حال فالأصل استخدام اليد اليسرى في تنقية المحل من بول أو غائط لثبوت النهي عن استخدام اليمنى في هذا المجال، وقد حمل جمهور أهل العلم النهي هنا على الكراهة ما لم تتم إزالة النجاسة بها مباشرة فيحرم ذلك، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 26214.
وعليه فإذا استخدمت اليد اليمنى في تنقية القبل أو الدبر من غير مباشرة النجاسة بها -بحيث تباشر المحل بما ينقيه من مناديل ونحوها- فلا حرمة في ذلك ولو مع عدم حاجة لهذا الفعل، وإن كان مكروهاً.. وأما ما ذكره السائل من مبرر لاستعمال اليدين فلا نظن أنه يثبت به ضرر فلم يزل الناس يستعملون اليد اليسرى فيما ذكر ولم يشتكوا من الأذى المذكور في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/182)
المبالغة في الاستبراء غير مطلوبة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أبرزت من قبل في أسئلتي السابقة الحالة التي أردت عرضها عليكم لمعرفة هل أكون من أصحاب الأعذار أم لا (وهي خروج الريح المتواصل أي سلس البول أو الريح كما هو متفق عليه) وكنت قد تلقيت إجابتكم عن ذلك، ولكن في الحقيقة أردت توضيحاً أو تشخيصا أكثر لما أمر به وأحكم على نفسي بكوني صاحب سلس حكما نهائيا إلى أن يشفيني الله عزّ وجلّ من ذلك المرض، وبالتالي ما أمرّ به حاليا هو: أنّني أبقى حقيقة دون مبالغة في بيت الراحة أو الحمام قريب ساعة وأنا أحاول التبرز والاستبراء حتى أستطيع أداء الوضوء والصلاة دون حيرة وتكرار العمليتين لكن بعد ذلك وعند الوضوء للصلاة يكثر خروج الريح وقطرات البول التي توشك أن تنزل وأحس أني أمسك الريح حتى لا تخرج أو تلك القطرات حتى لا تنزل في نفس الوقت أي أحس بتعمدي لذلك فأعيد الوضوء ومكثت على هذه الحالة شهرا أو أكثر مما جعلني أعمد إلى الجمع الصوري للصلوات المشتركة في الوقت حسب مذهبنا المالكي لكن خالفت ذلك من ناحية الوضوء أي لكل صلاة وضوؤها عكس ما يقول به الإمام مالك رحمه الله، فماذا أفعل لأني محتار كثيرا وأشعر بتوتر في كل مرة أقبل عليها للصلاة بتلك الكيفيّة (زرت الطبيب وقال إنّه دم منحصر في المجرى البولي وأنّه سيزول لكن وللأمانة ارتحت قليلا لكن سرعان ما أصبحت أشعر بقلق عند التبول والتبرز وهي نفس الحالة ربما لأنّي لا أشرب الماء كثيراً كما أشار إليه الطبيب كذلك؟ بارك الله فيكم.
كما أريد الإستفسار عن كيفية إمامتي لزوجتي إن شاء الله إذا تزوجت وأنا على هذه الحال، هل أصارحها بذلك.
جازاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
مجرد صعوبة التبرز والاستنجاء لا يعتبر سلساً وعلى من يعتريه ذلك أن ينتظر حتى يتحقق من انقطاع الحدث ثم يستنجي، ولا ينبغي أن يبالغ في الاستبراء بحيث يصير موسوساً، وليتجنب طول المكث في الحمام زيادة عن الحاجة، فإن كان الحدث متواصلاً بحيث لا ينقطع وقتاً يتسع للوضوء والصلاة فله حكم السلس، ويجوز له أن يجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء بوضوء واحد.
أما إذا كان السائل صاحب وسوسة وهو احتمال قوي فيما يبدو فليعلم أن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج، فيكفيه في الاستنجاء تنقية المخرج بمسحه أو غسله ولا يتكلف إخراج ما ليس بخارج، وإذا استنجى فلا يلتفت بعد ذلك إلى الإحساس بأن الحدث سيخرج، إذ لا عبرة بما لم يخرج كما لا عبرة بالشك في خروج ذلك أيضاً؛ بل لا بد من تيقن الخروج.
أما فيما يتعلق بإمامته لزوجته مستقبلاً.. فإن لم يكن صاحب سلس فلا حرج في اقتدائها به، وإن كان ذا سلس فقد اختلف أهل العلم في حكم إمامة صاحب السلس لغيره ممن ليس من أهل السلس، فقال بعضهم لا تصح إمامته به، وقال بعضهم تجوز، وقال آخرون تجوز مع الكراهة، ثم إنه لا يجب إعلام زوجته بأنه مصاب بسلس لأنه لا علاقة لذلك بالحياة الزوجية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما ينبغي توضيحه للأخ السائل هو أن كونه يجد صعوبة في التبرز وعملية الاستنجاء لا يجعله صاحب سلس، وإذا لم يكن من أهل الوسوسة فعليه أن يتحرى حتى يتحقق من انقطاع البول والغائط ولو استغرق ذلك وقتاً، لأن انقطاع ذلك شرط لصحة الوضوء الذي هو من شروط صحة الصلاة، فإن أحوال الناس تختلف في البطء وعدمه في الاستبراء، لكن لا ينبغي أن يبالغ الشخص في الاستبراء بحيث يصير موسوساً وليتجنب طول المكث في الحمام زيادة عن الحاجة لما يترتب على ذلك من مخاطر صحية، كما ذكر العلماء، فإن كان الحدث متواصلاً بحيث لا ينقطع وقتاً يتسع للوضوء والصلاة فله حكم السلس، ويجوز له الجمع بين الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء بوضوء واحد، وإن كان صاحب وسوسة -وهو احتمال قوي فيما يبدو- فليعلم أن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، فيكيفيه في الاستنجاء تنقية المخرج من البول أو الغائط، ولا يتكلف إخراج ما ليس بخارج، وإذا استنجى فليعرض بعد ذلك عما يخيل إليه من وساوس في شأن خروج بعض الريح أو البول، ويستحب أن ينضح فرجه وسراويله بالماء بعد أن يستنجي، فإذا أحس ببلل بعد ذلك اعتبره من ذلك الماء الذي نضح به قطعاً للوسوسة، ولا يلتفت إلى ذلك الإحساس بأن الحدث سيخرج إذ لا عبرة بما لم يخرج، كما لا عبرة بالشك في خروج ذلك أيضاً، بل لا بد من تيقن الخروج لحديث عباد بن تميم عن عمه قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد ريحاً، فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً. رواه البخاري ومسلم.
وقوله: لا ينصرف أي لا يخرج من الصلاة حتى يتيقن وجود الناقض بالصوت أو الرائحة لأن طهارته متيقنة والحدث مشكوك فيه والمتيقن لا ينتقض بالمشكوك فيه، فإنه إن أعرض عن ذلك مرة أو مرتين أو أكثر فستختفي عنه تلك الوساوس بإذن الله تعالى، فقد نص أهل العلم على أن أفضل علاج لمثل هذه الوساوس هو الإعراض عنها، فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون. وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان. انتهى.
أما فيما يتعلق بإمامته لزوجته مستقبلاً.. فإن لم يكن صاحب سلس فلا حرج عليه في اقتدائها به، وإن كان ذا سلس فقد اختلف أهل العلم في حكم إمامة صاحب السلس لغيره ممن ليس كذلك، فقال بعضهم لا تصح إمامته إلا بمثله من أصحاب السلس، وهو مذهب الحنابلة، وفي المذهب الشافعي تجوز إمامة ذي السلس بالصحيح، وفي المذهب المالكي تجوز مع الكراهة ... فلا حرج في العمل بواحد من هذه المذاهب، والخروج من الخلاف أولى وذلك باجتناب الاقتداء بصاحب السلس، ثم إنه لا يجب إعلام زوجته بأنه مصاب بسلس لأنه لا علاقة لذلك بالحياة الزوجية، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49872، 18415، 105783، 7507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(11/183)
المبالغة في الاستبراء غير مطلوبة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أبرزت من قبل في أسئلتي السابقة الحالة التي أردت عرضها عليكم لمعرفة هل أكون من أصحاب الأعذار أم لا (وهي خروج الريح المتواصل أي سلس البول أو الريح كما هو متفق عليه) وكنت قد تلقيت إجابتكم عن ذلك، ولكن في الحقيقة أردت توضيحاً أو تشخيصا أكثر لما أمر به وأحكم على نفسي بكوني صاحب سلس حكما نهائيا إلى أن يشفيني الله عزّ وجلّ من ذلك المرض، وبالتالي ما أمرّ به حاليا هو: أنّني أبقى حقيقة دون مبالغة في بيت الراحة أو الحمام قريب ساعة وأنا أحاول التبرز والإستبراء حتى أستطيع أداء الوضوء والصلاة دون حيرة وتكرار العمليتين لكن بعد ذلك وعند الوضوء للصلاة يكثر خروج الريح وقطرات البول التي توشك أن تنزل وأحس أني أمسك الريح حتى لا يخرج أو تلك القطرات حتى لا تنزل في نفس الوقت أي أحس بتعمدي لذلك فأعيد الوضوء ومكثت على هذه الحالة شهر أو أكثر مما أعمد إلى الجمع الصوري للصلوات المتشاركة في الوقت حسب مذهبنا المالكي لكن خالفت ذلك من ناحية الوضوء أي لكل صلاة وضوؤها عكس ما يقول به الإمام مالك رحمه الله، فماذا أفعل لأني محتار كثيرا وأشعر بتوتر في كل مرة أقبل عليها للصلاة بتلك الكيفيّة (زرت الطبيب وقال أنّه دم منحصر في المجرى البولي وأنّه سيزول لكن وللأمانة إرتحت قليلا لكن سرعان ما أصبحت أشعر بتقلق عند التبول والتبرز وهي نفس الحالة ربما لأنّي لا أشرب الماء كثيراً كما أشار إليه الطبيب كذلك) ؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 108106.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(11/184)
مذاهب العلماء في الاستنجاء بالمنديل من المذي أو الودي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني الاستنجاء من الودي والمذي وغيره من الإفرازات المهبلية فقط بالكلينيكس بدون الماء (أي حكمها كحكم الاستنجاء بالبول)
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكفيك الاستنجاء بالمنديل ونحوه عند خروج المذي أو الودي أو غيرهما من الإفرازات المهبلية، ولا يلزم استعمال الماء. ولمزيد من التفصيل ننقل لك كلام بعض أهل العلم، ففي الجوهرة النيرة لأبي بكر العبادي الحنفي قوله: يجزئ فيه الحجر وما قام مقامه يعني من التراب وغيره وهذا إذا كان الخارج معتادا، أما إذا كان الخارج قيحا أو دما لم يجز فيه إلا الماء، وإن كان مذيا أو وديا يجزئ فيه الحجر أيضا. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: وهو مخير بين الاستنجاء بالماء أو الأحجار، في قول أكثر أهل العلم ... إلى أن قال: ويجزئه الاستجمار في النادر، كما يجزئ في المعتاد. ولأصحاب الشافعي وجه، أنه لا يجزئ في النادر. قال ابن عبد البر: ويحتمل أن يكون قول مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر من المذي، والأمر يقتضي الوجوب. قال ابن عبد البر: واستدلوا بأن الآثار كلها على اختلاف ألفاظها وأسانيدها ليس فيها ذكر استنجاء، إنما هو الغسل ; ولأن النادر لا يتكرر، فلا يبقى اعتبار الماء فيه، فوجب، كغسل غير هذا المحل. ولنا أن الخبر عام في الجميع ; وأن الاستجمار في النادر إنما وجب ما صحبه من بلة المعتاد، ثم إن لم يشق فهو في محل المشقة، فتعتبر مظنة المشقة دون حقيقتها، كما جاز الاستجمار على نهر جار انتهى
وقال النووي الشافعي في المجموع: إذا كان الخارج نادرا كالدم والقيح والودي والمذي وشبهها فهل يجزئه الحجر؟ فيه طريقان: الصحيح منهما - وبه قطع العراقيون أنه على قولين، أصحهما يجزئه الحجر، نص عليه في المختصر وحرملة؛ لأن الحاجة تدعو إليه والاستنجاء رخصة، والرخص تأتي لمعنى، ثم لا يلزم وجود ذلك المعنى في جميع صورها كالقصر وأشباهه. والقول الثاني: يتعين الماء، قاله في الأم، ويحتج له مع ما ذكره المصنف بالحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر بغسل الذكر من المذي " وسنذكره واضحا في باب الغسل إن شاء الله تعالى. والجواب الصحيح عن هذا الحديث: أنه محمول على الندب، والطريق الثاني: ذكره الخراسانيون أنه يجزئه الحجر قولا واحدا، وتأولوا قوله في الأم ما إذا كان الخارج لا من داخل الفرج؛ بل من قرح أو باسور وشبهه خارج الدبر، وهو تأويل بعيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/185)
مس الذكر باليمنى بين الكراهة والإباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يمسك ذكره بيده اليمنى في الجماع؟
وما حكم من يمسك ذكره في الاستمناء لغير المتزوج؟ بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه. وهذا النهي عن مس الذكر باليمنى حمله جمهور الفقهاء على الكراهة التنزيهية، وذهب أهل الظاهر وأيدهم الشوكاني وآخرون إلى أن النهي للتحريم.
ثم هل هذا النهي يختص بحالة البول والاستنجاء أم يعم كل الأحوال؟ اختلف العلماء في ذلك.. والذي أشار إليه الإمام البخاري في ترجمته للحديث المذكور هو أن النهي حال البول فقط فيكون ما عداه مباحا، ويدل على ذلك حديث طلق بن علي حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر فقال: إنما هو بضعة منك. وهذا حديث صحيح أو حسن كما يقول الحافظ ابن حجر، ولكن الأولى والأحسن إكرام اليد اليمنى عن مس الذكر حالة الجماع أو غيره، راجع الفتوى رقم: 99920.
وأما فعل الاستمناء سواء كان باليمنى أو الشمال فهو حرام على مذهب جمهور العلماء؛ كما سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(11/186)
حكم الاستجمار بالحيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التبول أستجمر على حائط المرحاض-أمسح الذكر بالحائط-وأحيانا بعد مرور يوم أو أكثر على مرور العملية ألمس ذلك الحائط خطأ بثوبي.هل يطهر الحائط إذا جف بالريح وهل يتنجس الثوب في الحالات التالية يرحمكم الله:
1-إذا جف الحائط والثوب مبتل قليلا علما بأن الحائط مغطى بالزليج.
2-إذا جف الحائط والثوب جف كذلك.
3-إذا شككت في جفاف أحدهما.
4-إذا شككت هل الموضع الذي مس الثوب هو الذي استجمرت فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحائط إذا تنجس فإنه لا يطهر إلا بغسله بالماء الطهور، ولا يطهر بالجفاف عند أكثر أهل العلم؛ كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 60066.
وإذا كان الحائط جافا والثوب مبتل فقد تنجس الموضع الذي أصاب المكان المتنجس من الحائط. وإذا كان كل من الثوب والحائط جافين فلا يتنجس الثوب.
وإذا شككت في جفاف أحدهما أو شككت في الموضع الذي لمسه الثوب هل هو الموضع المتنجس أم لا؟ فلا يتنجس الثوب أيضا في كلتا الحالتين؛ لأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يثبت العكس؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 57250
ثم اعلم أن الاستجمار بالجدار المذكور غير مجزئ إن كان مطليا بطلاء أملس بحيث لا يصلح لقلع النجاسة من المحل.
قال النووي رحمه الله في منهاج الطالبين: وفي معنى الحجر كل جامد طاهر قالع. اهـ
قال الشربيني رحمه الله شارحا لهذا الكلام: خرج بالقالع نحو الزجاج والقصب الأملس. انتهى بتصرف بسير.
هذا، وننبه إلى أن الاستجمار بالحيطان منهي عنه عند أكثر أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/187)
حكم حشو الذكر بالقطن بعد الاستجمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حشو الذكر بالقطن أو ما يشابهه بعد الوضوء لمنع سائل أبيض يخرج بعد الاستجمار بمدة قد تطول أو تقصر. ولأنني أصبحت موسوسا بنزول هذا السائل. وبعد هذه العملية زال عني هذا الوسواس. وأصبحت لا أجد شيئا في سروالي من أثر هذا السائل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في حشو المخرج بالقطن لمنع خروج هذا السائل الأصل فيه هو الجواز، ثم إنه إذا لم يخرج شيء فالصلاة صحيحة، وكذا إن كان السائل مبتلى بالسلس وكان الحدث يخرج منه دائما فعليه أن يتوضأ لكل صلاة، ويبدل القطن، وإن كان الأمر مجرد وسواس فعلاجه بالإعراض عنه والنضح على الثياب كلما انتهيت من قضاء الحاجة. كما نص عليه الإمام أحمد.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57848، 12198، 42130، 30720، 46818، 71194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(11/188)
قراءة الكتب والمجلات الإنجليزية أثناء قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة المجلات والكتب باللغة الانجليزية في الحمام أثناء قضاء الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من قراءة الكتب أو المجلات باللغة الأجنبية إذا كانت القراءة بدون كلام ولم يترتب عليها المكث في الحمام أكثر من قدر الحاجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قراءة تلك المجلات أو الكتب داخل الحمام إذا كانت القراءة بدون كلام ولم يترتب على ذلك طول المكث في الحمام زيادة على قدر الحاجة. أما إذا كانت القراءة مصحوبة بكلام فالأولى تركها لأن الشخص أثناء قضاء الحاجة مشروع له الصمت وعدم الكلام. قال الحطاب في مواهب الجليل متحدثا عن حالة الشخص أثناء قضاء حاجة الإنسان: لأن الصمت حينئذ مشروع في حقه ولذلك لا يرد على من سلم عليه. انتهى.
كما ينبغي ترك تلك القراءة إذا ترتب عليها المكث في الحمام فوق الحاجة، لأن ذلك يجلب الضرر للشخص ففي الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي: وطول المكث على قضاء الحاجة يولد الداء الدوي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(11/189)
كيفية الاستنجاء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيفية الاستنجاء الصحيح هل بصب الماء على الذكر أم بلل اليد بالماء ثم إزالة البول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد المسح ببلل اليد لا يكفي في الاستنجاء لأنه لا يطهر ولا ينقي المخرج، بل لا بد من صب الماء على المخرج حتى يطهر، علماً بأن كيفية الاستنجاء المفضلة هي أن يمسح المخرج بمنديل ونحوه من كل يابس طاهر يحصل به نقاء المحل، ويشرع الاستنجاء به ثم الغسل بالماء بعد ذلك، ولو اقتصر على المسح بالمنديل ونحوه أو على الغسل بالماء فقط أجزأ ذلك، وعند الاقتصار على أحدهما يكون الاقتصار على الماء أفضل. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 72999، والفتوى رقم: 55069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(11/190)
لم يستطع إمساك بوله فبال في طريق الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، في الشهر الماضي ذهبت إلى مكة المكرمة برفقة الوالد وهو رجل كبير السن لتأدية العمرة كان الجو باردا جداً فبعد الطواف والسعي أحس والدي بالتعب وكان يريد التبول (أكرمكم الله) فلم يستطع أن يتماسك حتى يصل إلى دورات المياه التي في الخارج فذهب بعيداً عني ولم يحدّثني بأنه يريد التبول وعندما بحثت عنه وجدته يتبول بالقرب من الصفا والمروة حيث كان هناك مكان تحت الإصلاح فحدثته (باللين) بأن ما فعله كان غلطا ولكن اتضح بأنه لم يستطع أن يمسك وأن دورات المياه بعيده وأحس بالتعب الشديد، فهل يوجد أي كفارة لتكفير عن غلطته، أفيدونا؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المكان الذي قد بال فيه والدك ليس من المسجد، لكنه قد يكون مكاناً لمرور الناس أو جلوسهم وبالتالي فالبول فيه حرام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36914.
لكن إذا كان ما صدر من والدك كان غلبة من غير قصد بحيث لم يستطع إمساك البول حتى يصل لدورة المياه فهو معذور ولا إثم عليه ولا كفارة لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/191)
التزام الهدي النبوي في قضاء الحاجة يترتب عليه الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نحصل على الأجر ونحن في الحمام عند قضاء الحاجة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال فيه شيء من العموم.. لكن الأجر قد يحصل في الحالة المذكورة بالتزام تطبيق السنة في آداب قضاء الحاجة، والإمساك عن ذكر الله تعالى داخل الحمام بنية امتثال الأمر واجتناب النهي، ومن تلك الآداب الإتيان بالذكر قبل قضاء الحاجة، والجلوس، وإعداد ما يستنجى به، وتقديم القبل في الاستبراء، وتغطية الرأس، وعدم الالتفات والسكوت إلا لمهم، وغير ذلك من الآداب الموجودة في كتب الفقه في باب قضاء الحاجة.
وللفائدة في هذا المعنى راجع الفتوى رقم: 44987، والفتوى رقم: 33760.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(11/192)
الطهارة من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على شخص سابقه البول مثلاً الاغتسال بنفس الطريقة التي يغتسل بها إحدى الحالتين الحيض مثلاً أو الجنابة أم يكتفي بالتشطيف مثلاً وإزالة البول من جسمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج البول لا يوجب الغسل؛ إذ الخارج من السبيلين لا يوجب الغسل إلا إذا كان منياً أو حيضاً بالنسبة للمرأة، أما البول وغيره فيكفي في الطهارة منه الاستنجاء وغسل ما أصاب البدن والملابس منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/193)
ما يلزم من يشعر بنزول قطرات بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الانتهاء من التبول ... أشعر بنزول شيء مني ولذلك عند كل وضوء جديد أقوم بوضع المياه على الملابس الملامسة لمكان الخروج ... حتى أن هذه الملابس أصبحت تقريبا لا تجف ... ونحن في فصل الشتاء وهذا قد يسبب لي بردا شديدا كما أني لاحظت تكون طبقة سوداء على الجلد أظن أنها من جراء هذه الرطوبة ... فماذا تنصحوني أن أفعل للتطهير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به أخانا السائل أو لا بعد تقوى أن يحذر من الوسوسة فإنها شر مستطير تجعل صاحبها في مصاف المجانين، ثم إن علم من نفسه نزول قطرات من البول عقب الانتهاء من التبول فليمكث قليلا حتى تخرج تلك القطرات، ثم ليستنج وليرش على ملابسه قليلا من الماء قطعا لدابر الوسوسة، ولا عبرة بمجرد الشعور بخروج الشيء من غير جزم أو غلبة ظن، والذكر كالضرع إن ترك قلص، وإذا كان رش المال يلحق به شيئا من المشقة كما ذكر فليستعمل منديلا حائلا بين مخرج البول وبين ملابسه، فإذا انقطعت قطرات البول فليزله وليتوضأ، وانظر الفتوى رقم: 69985، والفتوى رقم: 64562، والفتوى رقم: 93556، حول أقوال الفقهاء فيمن شك في إصابة بعض قطرات البول لثيابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(11/194)
مسائل حول الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في العمل تكون المقعدة إفرنجية وتكون مبللة فهل لو جلست عليها أصاب بالنجاسة بسبب هذا البلل؟ أم أن الأصل أنها طاهرة؟ وعند الاستنجاء أستخدم مناديل ورقية فهل بعد انقطاع البول أمسح رأس الذكر بالمنديل مرة واحدة أم ثلاث مرات؟
وهل إذا صببت الماء على رأس الذكر باستخدام يدي اليسرى يكفي لذلك أن أصب مرة واحدة؟
مع العلم أني أصب الماء على رأس الذكر بعد انقطاع البول وأنا واقف فهل الماء المنفصل من رأس الذكر والذي يأتي على ملابسي يعتبر طاهرا أم نجسا؟
أريد معذرة أن أستفسر أيضا عن المقعدة البلدي في المساجد وغيرها هل خرطوم المياه الذي في مكان قضاء الحاجة والذي أمسكه لكي أستنجي به بعد التبول هل يدي تصبح نجسه إذا مسكت هذا الخرطوم؟
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن على المقعدة نجاسة مرئية فلا يمكن الحكم على ما عليها من البلل بالنجاسة، لكن ينبغي التحفظ منه قدر المستطاع وغسل ما أصاب منه لأنه مظنة النجاسة.
أما الاستنجاء بالمنديل فإذا لم يحصل الغرض بالمسح مرة واحدة فيجب المسح مرة ثانية، فإن حصل بها الإنقاء استحب المسح ثلاثا لأن الإيتار في الاستنجاء مستحب.
أما الغسل فلا يطالب فيه بعدد معين فتكفي الغسلة مرة واحدة لخفة النجاسة بعد المسح وكثرة الكمية التي تفرغ من الحنفية غالبا، ولو زاد على ذلك بما لا يعتبر إسرافا فلا حرج.
وعلى هذا فإن الماء المتطاير حال الاستنجاء بعد انقطاع البول ومسح العضو لا يعتبر نجساً، لأن الغلبة هنا للماء ولا حكم للبول ولو غسله من باب الاحتياط فلا بأس به.
ثم إن الخرطوم الذي يستنجى به في الحمامات لا يعتبر نجسا ولا تتنجس اليد بملامسته إذا لم تكن عليه نجاسة.
ثم إننا ننصح الأخ السائل بأن لا يفتح على نفسه باب الوسوسة، وليعمل في هذه الأمور على اليقين والظن القوي، وليدع الوسوسة فإنها لا تأتي بخير. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 45777، 55233، 52809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/195)
حكم الاستياك أثناء قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السواك أثناء قضاء الحاجة يعني مع بعض في آن ٍ واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ذكر بعض الفقهاء كالشافعية في آداب الخلاء كراهة الاستياك أثناء قضاء الحاجة، وعللوه بأنه يورث النسيان، لكن بما أن التعليل الذي ذكروه يحتاج إلى إثبات، ونحن لم نطلع على دليل يثبته، فلا نستطيع الحكم على هذه المسألة بكراهة ولا بغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/196)
حكم المشي بعد البول حتى تنقطع قطراته
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التبول هناك نقط بول لا تخرج إلا بالمشي ... فهل علي ترك الحمام والمشي ثم العودة للطهارة أم ماذا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان الأمر كذلك فامش خطوات ثم عد وتطهر، سواء تركت الحمام أو لا، ولتحذر من التكلف في ذلك والتنطع وفعل ما لا حاجة إليه فإن ذلك يجلب الوسوسة والحرج والمشقة، وذلك منفي في أحكام هذا الدين الحنيف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في المشي خطوات ونحو ذلك مما يفعله المتخلي بعد قضاء الحاجة، استعانة بذلك على تمام خروج البول، فمنهم من أوجبه ومنهم من استحبه، ومنهم من كرهه وشدد فيه.
قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: يجب الاستبراء بمشي أو تنحنح أو نوم على شقه الأيسر، ويختلف بطباع الناس. انتهى.
وقال الجمل في حاشيته وهو شافعي: وأن يستبرئ من بوله عند انقطاعه بتنحنح ونتر ذكر وغير ذلك (بنحو مشي) وإنما لم يجب، لأن الظاهر من انقطاع البول عدم عوده، وقال القاضي بوجوبه وهو قوي دليلاً. انتهى.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى وهو حنبلي: وسن له مكث قليل قبل استنجاء لينقطع أثر بول، ثم يستنجي، ثم قال: وللمتخلي تنحنح ذكره جماعة. زاد بعضهم: ومشي خطوات، وعن أحمد نحو ذلك.. إن احتيج لاستبراء، لما فيه من التنزه من البول، فإن عامة عذاب القبر منه، وكرههما أي كره التنحنح ومشي الخطوات الشيخ تقي الدين، وقال: ذلك كله بدعة. انتهى.
والأقرب للصواب -والله أعلم- أن لا يجعل ذلك شرعا لازماً، وإنما يفعل عند الحاجة، وبدون تكلف.. بدون حاجة إلى مشي ونحوه، وذلك أن الظاهر والغالب عند الناس انقطاع البول وتوقفه.. والتكلف في أمر الطهارة مما يجلب الوسواس، وعلى ما سبق فإذا كنت تعلم من حالك الذي اعتدته نزول قطرات بعد قيامك ... وأنها لا تنقطع إلا بمشي تلك الخطوات فلتفعل، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 2107، والفتوى رقم: 12635، والفتوى رقم: 20810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(11/197)
كيفية الاستنجاء إذا تساقطت قطرات بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو أنا لما أدخل دورة المياه وبعد القضاء أتوضا لكي أصلي فقبل أن أتوضأ أو أصلي أحس أن هناك نقط بول تسقط فأرجع نفسي وهكذا لدرجة أني تركت الصلاة ورجعت لها ثانية لكن الموضوع هذا شغلني جداً والله لدرجة أن ممكن لما أصلي أغسل ملابسي مرة أخري يا ليت الإجابة المفيدة وسني 19 سنة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كانت تخرج منه قطرات من البول بعد انتهاء قضاء حاجته ينظر فيه، فإن كانت القطرات تخرج قليلاً ثم تنتهي تعين عليه الاستبراء والانتظار حتى ينتهي خروجها، وعليه أن يستخدم الوسائل المساعدة على إخراج ما يمكن خروجه بعد سلت الذكر وتنره نترا خفيفاً فيتحرك ويقوم ويقعد أو يتنحنح أو يمشي قليلاً حسب الحاجة، كما صرح به كثير من فقهاء الشافعية وبعض المالكية والحنابلة.
كما نقله الحطاب والمواق والنووي والمرداوي وغيرهم، وأما من كان لا يحتاج للقيام والقعود فيكره منه فعل ذلك فقد نقل ابن القاسم عن مالك رحمهما الله تعالى أن فعل ذلك ليس بصواب، وقال شيخ الإسلام إنه بدعة، ثم إنه يندب له بعد الاستنجاء أن يرش فرجه وسراويله بالماء ليطرد عنه الوسواس؛ لما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم: بال ثم توضأ ونضح فرجه. رواه أحمد والنسائي وأبو داود وصححه الألباني.
وأما من كان يتواصل خروج البول منه أغلب الأوقات فإنه يعتبر مصاباً بالسلس، ويجب عليه عند الجمهور أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويصلي ويتحفظ من النجاسة بوضع خرقة أو منديل يربطه على العضو لئلا تتنجس ثيابه وفخذاه، فإذا أراد الدخول في الصلاة بدل تلك الخرقة بغيرها، ويعفى عنه فيما يصيبه أثناء الصلاة كما صرح به خليل في المختصر وشراحه.
وأما ترك الصلاة فإنه جرم عظيم، لأن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة التوحيد، وهي أول ما يسأل عنه من عمل العبد يوم القيامة، فإن صحت صح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، كما في حديث الترمذي، فلا يعقل أن يتركها المسلم العاقل في أي ظرف من الظروف فهي واجبة، حتى المريض الذي لا يستطيع الحركة فيصليها جالساً أو مضطجعاً أو مشيرا بالأصابع أو العين حسبما يتيسر له. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20810، 28280، 51173، 55332، 71194، 62008، 76270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1429(11/198)
إزالة النجاسة لا تفتقر إلى نية
[السُّؤَالُ]
ـ[فهل يجب استحضار نية الوضوء أو الصلاة عند الاستنجاء لإتمام الوضوء، وهل يكفي الاستنجاء عند رفع الحدث دون استحضار نية الوضوء لإتمام الوضوء والدخول في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على من استنجى أن يستحضر حال الاستنجاء أن يكون هذا الاستنجاء للوضوء ولا استحضار نية الوضوء ثم الدخول في الصلاة عند الاستنجاء، والاستنجاء نفسه لا تشترط له نية في قول أكثر أهل العلم، بل حكى بعض العلماء الإجماع عليه.
قال النووي في المجموع: إزالة النجاسة لا تفتقر إلى نية فهو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور، ونقل صاحب الحاوي والبغوي في شرح السنة إجماع المسلمين عليه، وحكى الخراسانيون وصاحب الشامل وجها أنه يفتقر إلى النية.. إلخ.
وقال الحطاب المالكي: إزالة النجاسة لا يشترط فيها النية هذا هو المعروف، وحكى القرافي قولا بأنها تفتقر للنية وهو ضعيف؛ بل حكى ابن بشير وابن عبد السلام الاتفاق على عدم افتقارها للنية..
ومحل الشاهد أن الاستنجاء نفسه لا يحتاج إلى نية الاستنجاء، فمن باب أولى أن لا تجب النية في الاستنجاء لأجل الوضوء والصلاة بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(11/199)
حكم ترك باب الخلاء مفتوحا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك باب الخلاء مفتوحا دائما ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك باب الخلاء مفتوحا يجوز إذا لم يكن به أحد يخشى من الاطلاع على عورته، ولا نعلم دليلا يمنع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/200)
وضع منديلا لمنع تقاطر البول فهل يستنجي إذا أزاله
[السُّؤَالُ]
ـ[قلتم في فتوى سابقة: ولا بأس أن تضع منديلاً ثم تخلعه عنك وقت الصلاة وذلك في حالة استمرار نزول قطرات بول بعد التبول، وسؤالي هو: هل يلزم إعادة الاستنجاء بعد خلع هذا المنديل أم لا يلزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء في وجوب إعادة (الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو المنديل ونحوه مما يقطع الخارج) لصاحب الحدث الدائم عند كل فريضة.
والذي ننصح به الأخ السائل هو أنه إن كان حدثه دائماً وخرج شيء عند إزالة المنديل فإنه يعيد الاستنجاء قبل أداء الفريضة إبراء لذمته واحتياطاً لدينه، وإن لم يكن حدثه دائماً لزمه إعادة الاستنجاء أو الاستجمار على كل حال لأن الأصل هو الاستنجاء أو الاستجمار لكل خارج إلا الريح.
وليحذر الأخ السائل من أن يفتح على نفسه باب الوسوسة فإنها شر مستطير تجعل الإنسان كأنه لا عقل له، وتصير الصلاة عند الموسوس من أثقل التكاليف، وليعلم أن الله تعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج.
كما ننبه أيضاً إلى أن الاستجمار إنما يفيد فيما إذا لم ينتشر الخارج عن محل الخروج كثيرا، وقد حد بعض أهل العلم الكثير الذي لا يجزئ فيه الاستجمار بما جاوز ثلثي الكمرة وما لان من الدبر، والحق -والله أعلم- هو أنه لا حد لذلك إلا بالعرف، فما جاوز المحل تجاوزا معتبرا عرفاً تعين فيه الاستنجاء وما كان دون ذلك يكفي فيه الاستجمار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/201)
طريقة الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجب غسل العضو بعد البول وما هي الطريقة الأصح في الاستبراء من البول، علما بأني أنتظر بعد البول حتى أستبرئ ولكن في كل مرة بعد أن ألبس الثياب الداخلية أرى أنه يظهر عليها نقطة من البول، فهل في ذلك حرج في الطهارة وهل هو ناقض أو مبطل لها؟ أكرمكم الله وجزاكم كل خير وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المسلم أن يستنزه من البول لأن طهارة الخبث شرط في صحة الصلاة، ولأن عدم الاستنزاه منه من أسباب عذاب القبر؛ كما ثبت ذلك في السنة الصحيحة، وكيفية الاستنزاه من البول التي استحبها بعض أهل العلم هي أن يلبث بعد انقطاعه لحظة حتى يعلم أو يظن أن ليس هناك شيء متهيئ للخروج، فإن تنحنح أو خطا خطوة فذاك أمر حسن ما لم يصل به الحال إلى حد الوسوسة؛ كما قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب.
فإذا ظن الإنسان أنه لم يبق شيء يخاف خروجه استنجى، ولو أنه استنجى بعد انقطاع البول ولم يفعل شيئاً مما مضى فإنه قد فعل ما يجب عليه وطهارته صحيحة، لأن الأصل أنه لم يخرج منه شيء بعد ذلك.
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: وهذا الأدب وهو النتر والتنحنح ونحوهما مستحب، فلو تركه فلم ينتر ولم يعصر الذكر واستنجى عقيب انقطاع البول ثم توضأ فاستنجاؤه صحيح ووضوؤه كامل، لأن الأصل عدم خروج شيء آخر، قالوا: والاستنجاء يقطع البول فلا يبطل استنجاؤه ووضوؤه إلا أن يتيقن خروج شيء. انتهى.
ولا يجب غسل العضو لكن إذا انتشر البول خارج المخرج وجب غسل ما انتشر، فإن لم ينتشر شيء عن المخرج لم يجب غسله، بل يجوز الاكتفاء بمسح ما على المخرج بحجر أو منديل أو نحوهما من كل طاهر يصح به الاستنجاء، لكن الأفضل أن يغسل المخرج بعد مسحه وهذه هي أفضل طريقة للاستبراء، وهي أن يجمع بين المسح والماء، ولو اقتصر على غسله بالماء أجزأ ذلك أيضاً؛ بل إنه أفضل من الاقتصار على المسح الذي تقدم أنه يكفي، وبعد إكمال الاستبراء والاستنجاء ينضح فرجه وسراويله بالماء لقطع الوسوسة، فإذا أحس ببلل بعد ذلك اعتبره من ذلك الماء الذي نضح به قطعاً للوسوسة وقطعاً للطريق على الشيطان.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 51173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1428(11/202)
ما يلزم العاجز عن الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي (رحمها الله) وهي شبه مقعدة ولا تستطيع الحركة ولا ترى ولا تسمع بوضوح ولوضعها الصحي لم تكن تستطيع استخدام الحمام وإنما تستخدم كرسيا خاصا لهذا الغرض ولم تكن تستطيع أن تنظف نفسها من البول، فما الحكم في ذلك وكيف لي إن سقط عنها ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من عجز عن إزالة ما على العورة من النجس لم يجز له استنابة غيره في إزالتها إلا إذا كان زوجاً أو زوجة، فإن لم يوجد أحدهما صلى على حاله، وبهذا يعلم أنه ليس على هذه المرأة شيء إن لم يكن لها زوج تستعين به وصلت على حالها، فإن فرطت في الصلاة فهذا ذنب ينبغي الاستغفار لها منه والتصدق عنها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت والدتك رحمها الله تعالى كانت عاجزة عن الاستنجاء ولم تجد من يساعدها في ذلك ممن يجوز له الاطلاع على العورة وهو الزوج فإنه لا شيء عليها في ذلك إن شاء الله، لأنه سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وقد ذكر بعض الفقهاء أن إزالة النجاسة في هذه الحالة غير مطالب بها، لأنه لا يجوز الاستنابة في الاستنجاء ومباشرة العورة إلا في حق الزوج مع زوجته أو العكس، وعليه فلا حرج في الصلاة مع وجود النجاسة التي لا يستطيع الشخص نفسه إزالتها ولا يجد من يزيلها عنه ممن يجوز له الاطلاع على عورته.
وفي كشاف القناع في الفقه الحنبلي: إن عجز عن الاستنجاء بيده وأمكنه برجله أو غيرها فعل، وإلا فإن أمكنه بمن يجوز له نظره من زوجة أو أمة لزمه، وإلا تمسح بأرض أو خشبة ما أمكن، فإن عجز صلى على حسب حاله. انتهى.
وفي الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي: وأما الزوجة إذا عجزت عن الاستنجاء بنفسها فلها أن تمكن زوجها إن طاع بخلاف غيره، فلا يجوز لها تمكينه ولو أمتها لأنه لا يجوز لها أن تمكنها من رؤية ما بين السرة والركبة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/203)
حكم الاستنجاء بقطعة قماش مبللة ثم أخرى جافة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجزئ في الاستنجاء والتنزه من البول والبراز المسح بقطعة قماش مبللة، ثم أخرى جافة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجزئ في الاستنجاء المسح بالأشياء المبللة ولو مسح بعدها بجاف آخر من منديل أو خرقة أو غيرهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسح بالقطعة المبللة وإتباعها بأخرى جافة لا يجزئ في الاستنجاء عن الماء وذلك لأن الاستنجاء بالشيء الرطب يضيف نجاسة أخرى أجنبية على المخرج وهي نجاسة هذه البلة التي تصير متنجسة بملاقاتها للنجاسة، فلا يجزئ فيها المسح كما يجزئ في النجس الخارج أصلاً، وعليه فلا بد من الماء.
قال في أسنى المطالب ممزوجاً بمتن روض الطالب في الفقه الشافعي، بعد أن قرر أن الاستنجاء يحصل بكل جامد طاهر قالع: (لا رطب) لأن رطوبته تنجس بملاقاة النجاسة، ويعود شيء منها إلى محل الخارج فتصير كنجاسة أجنبية. انتهى.
وقال خليل في مختصره في الفقه المالكي: وجاز (يعني الاستنجاء) بيابس طاهر منق غير مؤذ ولا محترم لا مبتل ونجس وأملس ومحدد ومحترم من مطعوم ومكتوب وذهب وفضة.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل: (قوله: لا يجوز بمبتل) . أي يحرم لنشره النجاسة وأحرى المائع، فإن وقع واستجمر به فلا يجزيه ولا بد من غسل المحل بعد ذلك بالماء، فإن صلى عامداً قبل غسله أعاد أبداً، وما قيل في المبتل يقال في النجس أي من كونه لا يستنجى به ويغسل المحل بعد ذلك إن كان مائعاً وأنه إن صلى عامداً بدون غسل أعاد أبداً. انتهى.
وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 79852، والفتوى رقم: 8903.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(11/204)
يندب الإتيان بذكر دخول الخلاء وإن دخله لغرض آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[في هذه الأيام أصبحت بيوت الحمام متعددة الاستعمال بحيث ندخلها لقضاء الحاجة وللاستحمام ولتسريح الشعر وللنظر في المرآة ولحلق اللحية وتنظيف الأسنان.....
فهل يجب علينا أن نقول اللهم اني أعوذ بك من الخبث والخبائث في كل مرة ندخلها أم هي خاصة فقط بقضاء الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذكر الوارد عند دخول الخلاء مستحب وليس واجبا، وما دام الحمام يحتوي على مكان الخلاء فالظاهر أن الذكر مستحب لكل من يدخله سواء كان يريد الخلاء أو غيره لأن من علة استحباب الذكر هنا وجود الشياطين في هذا المكان، فقد روى أصحاب السنن الأربعة عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث. والحديث صححه الألباني.
وكذلك يستحب عند دخول هذا المكان أيضا التسمية، ففي رواية ذكرها السيوطي في الجامع الصغير عن ابن السني بلفظ: هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم فليقل بسم الله. قال المناوي في فيض القدير على الجامع الصغير: محتضرة أي يحضرها الشيطان لأنها محل الخبث وكشف العورة وعدم ذكر الله والخبيث للخبيث فإذا دخل أحدكم إليها فليقل عند دخوله ندبا بسم الله لتدرأ التسمية عنه شرهم. انتهى.
والحديث ضعيف كما ذكر الألباني إلا أنه في فضائل الأعمال، والحديث الضعيف يجوز الأخذ به في فضائل الأعمال بشروط بيناها في الفتوى رقم: 41058، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 79019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(11/205)
شرح حديث: إن الحشوش محتضرة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الحديث التالي والذي رواه الشيخان:
إن الحشوش محتضرة فإذا أتى فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث صحيح لكن لم يروه الشيخان (البخاري ومسلم) بتمامه وإنما جزؤه الأخير فقط ولفظه عندهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، وفي لفظ لمسلم يقول: أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
ولفظ الحديث المشار إليه في السؤال ذكره أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه وكذا ابن ماجة والنسائي وابن حبان وابن خزيمة وغيرهم وصححه الألباني رحمه الله.
وأما معناه فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا إذا دخلنا بيت الخلاء وهو محل قضاء الحاجة أن نستعيذ به ونعتصم من الخبث والخبائث لأن تلك الأماكن خبيثة وهي محتضرة أي تحضرها الجن والشياطين لقصد الأذى كما قال العظيم أبادي في عون المعبود، وقال المناوي في فيض القدير: أي يحضرها الشيطان لأنها محل الخبث وكشف العورة وعدم ذكر الله والخبيث للخبيث، وأصل الحش هو البستان لأنهم كانوا يقضون حاجتهم في البساتين قبل اتخاذ الكنف، والخبث جمع خبيث وهو ذكر الشياطين، والخبائث جمع خبيثة وهي أنثى الشياطين، فيكون المتعوذ بهذا الدعاء استعاذ من جميع الشياطين.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1428(11/206)
حكم ما أصاب البدن من الماء الناتج عن الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه أعاني كثيرا من الوساوس في الصلاة والوضوء وأحاول أن أتجنبها كثيرا ولكن ساعات أنجح وأخرى أفشل، فكنت أريد أن أسأل: عندما أقوم بالاستنجاء من البول أغسل الفرج فيتساقط قطرات من الماء الناتج من الغسل على الفخذين والرجلين فأقوم بغسلهما أيضا، فهل هذا الماء نجس وما أفعله صواب أم قطرات الماء المتساقطة تكون طاهرة ولا يلزم غسل الفخذين والرجلين حيث أنا عندما أتوضأ للصلاة أقوم أولا بغسل الفرج وبعد ذلك أغسل الرجلين وبعد ذلك أتوضأ، وأحيانا وأنا أتوضأ أشعر بنزول سائل مني وأكون أعرف أنه نتيجة غسل الفرج ولكن أقوم مرة أخرى بغسل الفرج والفخذين والرجلين ثم أتوضأ مرة أخرى، ويمكن أن يتكرر هذا عدة مرات، وعند الصلاة عندما أشعر بنزول سائل أعاني من أني سوف أكرر الوضوء مرة أخرى مما يسبب لي ضيقا شديدا لأني يمكن أن أكون عائدة للوضوء قبل الصلاة عدة مرات لهذا السبب وسوف أعيده مرة أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقطرات الماء المتساقطة من الماء الناتج عن الاستنجاء طاهرة، وبالتالي فلا يلزم غسل الفخذين ولا الرجلين إذا أصابتهما، بل فعل ذلك يعتبر غُلوا من تتبع الوساوس المؤدي لتمكنها، ولا يلزمك عند الشروع في الوضوء غسل الفرج ولا الرجلين؛ إلا في حالة وجود نجاسة فيجب غسلها.
وإذا شعرت بنزول سائل بعد الاستنجاء بالماء فهو محمول على أنه من بقايا ماء الاستنجاء، وبالتالي فلا يبطل الوضوء ولا الصلاة.
وراجعي الفتوى رقم: 48273.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(11/207)
مواضع استحباب تقديم اليمين أو تقديم اليسار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم دخول الحمام (الخلاء) بالقدم اليمنى علما بأن دخول الحمام ليس لقضاء الحاجة ولكن لأشياء أخرى مثل غسل اليدين أو الاستحمام وغير ذلك؟
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل مكان الخلاء مقدما رجله اليمنى قد ترك أمرا مستحبا، فالأفضل في حقه تقديم الرجل اليسرى عند دخوله سواء دخل لقضاء حاجة أو لغسل يديه أو للاستحمام لأن ما كان من باب التكريم كالوضوء والغسل مثلا يستحب فيه تقديم اليمنى، وعكسه كدخول الحمام والامتخاط يستحب فيه تقديم اليسرى، ولمزيد من التفصيل ننقل لك ما قاله النووي في المجموع: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: يستحب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والخروج من الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه، ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك كالامتخاط والاستنجاء ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخف والسراويل والثوب والنعل وفعل المستقذرات وأشباه ذلك. ودليل هذه القاعدة أحاديث كثيرة في الصحيح، منها: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله. رواه البخاري ومسلم، وعن عائشة أيضا قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى، حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، وعن حفصة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويساره لما سوى ذلك، رواه أبو داود وغيره بإسناد جيد. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(11/208)
لا يلزم غسل ما لم يمسه البول من الجسد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا الواحد تبول وغسل ذكره وتوضأ فهل يجوز، أم لا بد أن يغسل ذكره وفرجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص إذا بال وغسل ذكره وتوضأ فهذا جائز بل هو الأفضل، مع أنه يكفيه إنقاء محل البول بمسحه بمنديل ونحوه، ولا يلزمه الغسل بالماء إلا إذا انتشر البول عن محله بحيث أصاب أكثر الحشفة وهي رأس الذكر فيتعين الماء حينئذ، كما هو مبين في الفتوى رقم: 72999.
وعلى كل فلا يلزمه غسل ما لم يمسه البول من بقية جسده كأنثييه أو الدبر أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(11/209)
لا حرج في الاستبراء داخل مكان الاستحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أستبرئ من الغائط في مكان الاستحمام-أستبرئ فقط وليس أقضي حاجتي فيه- لأن الحمام الذي أستعمله افرنجى وبشطافة والشطافة لا تنظف جيدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الاستبراء داخل مكان الاستحمام، وإنما المنهي عنه هو البول فيه إذا لم يصب عليه الماء أو لم يوجد للبول مسلك يذهب إليه، وراجع الفتوى رقم: 59831، والفتوى رقم: 94864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(11/210)
ضابط الزائد على المعتاد في الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أود أن أسال عن الفتوى رقم 80172 بعنوان المقصود بالمحل الذي يلزم بمجاوزته استعمال الماء في الاستنجاء:
هل كل المذاهب تشترط استعمال الماء اذا جاوزت النجاسة المحل؟ قرأت في كتب الفقه أن المهم هو إزالة النجاسة بأي طريقة ماعدا العظم واللبن لقول الرسول صلى الله عليه وسلم اذا ذهب أحدكم الخلاء فليأخذ ما لا يقل عن ثلاث أحجار. ولم يقل اذا جاوزت النجاسة المحل لا يصح الاستنجاء الا بالماء. ومنها استنتج الفقهاء أن الاستنجاء يمكن أن يكون بالمناديل أو القماش بشرط ألا يقل المسح عن ثلاث. وكذلك أنه يمكن إزالة البول عن طريق المناديل أو القماش بحيث يوضع على محل البول ثلاث مرات أو أكثر حتى يتشربه من غير مسح. ولقد سألت شيخا موثوقا بعلمه قال لي المهم إزالة النجاسة تماما ولا يشترط الماء.
هل المذاهب الأربعة تشترط استعمال الماء في الاستنجاء إذا جاوزت النجاسة المحل أو أن مذهبا معينا فقط هو الذي يشترط ذلك.
وجزاكم الله خيرا على الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو إزالة النجاسة بالماء، وأما الاستجمار بالحجر وما في معناه فهو رخصة، والرخصة تقع على المعتاد ولا تتعداه إلى غيره، والمعتاد أن النجاسة عند خروجها تلوث محل الخروج وما قرب منه، وقد اتفقت المذاهب الأربعة على عدم إجزاء الحجر في المجاوز عن المعتاد.
واختلفوا في ضبط الزائد على المعتاد، فقال الحنابلة كما في الروض المربع: مثل أن ينتشر الخارج على شيء من الصفحة، أو يمتد إلى الحشفة امتدادا غير معتاد فلا يجزئ فيه إلا الماء.اهـ.
وقال المالكية في مشهور مذهبهم: بأنه ما جاوز ما لان من الدبر وثلثي الكمرة- أي الحشفة-.
وحده الشافعية بما جاوز الحشفة في الذكر والأليتين في الدبر وهما ما ينضم عند القيام.
وأما الحنفية فقد ذكر ابن عابدين كلاما طويلا ثم قال: والحاصل أن ما جاوز المخرج إن زاد على الدرهم في نفسه يفترض غسله اتفاقا, وإن زاد بضم ما على المخرج إليه لا يفرض عندهما بناء على أن ما على المخرج في حكم الباطن عندهما فيسقط اعتباره مطلقا حتى لا يضم إلى ما على بدنه من النجس. وعند محمد يفرض غسله بناء على أن ما على المخرج في حكم الظاهر عنده فلا يسقط اعتباره ويضم لأن العفو عنه لا يستلزم كونه في حكم الباطن بدليل وجوب غسله في الجنابة والحيض, وفيما لو أصابه نجس من غيره على الصحيح ... والصحيح قولهما ... قلت: وعليه الكنز والمصنف.
والذي يظهر من استعراض كلامهم أن ضبط الشافعية له أسهل وأيسر.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 22828، والفتوى رقم: 72999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/211)
البديل عن استخدام الماء في الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل حضراتكم عن سؤال احترت كثيراً قبل أن أطرحه لأني أحس أني محرجة منه وهو: أنا فتاة أبلغ من العمر 26 متحجبة وملتزمة بأداء صلاتي في وقتها, مند فترة وأنا أحس بألم في فتحة البول لدي فاستشرت طبيبة أعطتني بعض الأدويه غير أن الألم لم يزل والمشكلة أني أحس به كلما توضأت ولمست مكان الفتحة أريد أن أسأل في هذا الخصوص إن كانت هناك إمكانية للوضوء دون استعمال الماء في تلك المنطقة فقط، وأرجو أن ألقى لديكم جوابا يريحني ويكون على شرع الله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحل البول لا يلزم غسله دائماً قبل الوضوء إلا في حالة نزول بول، وفي هذه الحالة يرى أكثر أهل العلم أنه يكفيها مسح المحل بما ينقيه من مناديل ونحوها، إذا كان الخارج لم يتجاوز المحل المعتاد، وعليه فللأخت الاقتصار على مسح المحل بالمناديل ونحوه بعد خروج البول، إن كان البول لم ينتشر بحيث يتجاوز المخرج المعتاد. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 63446، والفتوى رقم: 32839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(11/212)
كيفية الاستنجاء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف ما يغسل عند الاستنجاء من البول هل يدخل غسل داخل فتحة الذكر في الاستنجاء أم يكفي غسل ما يوجد خارجه؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستنجاء من البول يكفي فيه مسح محل النجاسة بمنديل ونحوه من كل ما يترتب عليه نقاء المحل، وإن كان الأفضل غسل المحل أيضاً بالماء بعد ذلك، وإذا انتشر البول عن محله بحيث وصل إلى أكثر الحشفة وهي رأس الذكر فيتعين حينئذ الغسل بالماء ولا يكفي المسح بالمناديل ونحوها، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 72999.
وحيث وجب غسل المحل بالماء فلا يلزم غسل داخل فتحة الذكر بل يكفي غسل الخارج من البول فقط، وراجع الفتوى رقم: 55069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(11/213)
حكم تناول الدخان والقهوة في بيت الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[تحدثت زوجة عن زوجها بأنه يطلب الدخان والقهوة في بيت الخلاء ولا يستطيع الدخول إليه بدون ما ذكرت، فما هو الحكم الشرعي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود السؤال عن حكم شرب الدخان والقهوة في مكان الخلاء، فالجواب أن شرب الدخان محرم في الخلاء وغيره كما هو موضح في الفتوى رقم: 40601، وشرب القهوة مباح في الخلاء وغيره، إلا أن الفطر السوية والطبائع المستقيمة تنفر عن تناول المأكولات والمشروبات في مكان القاذورات كما سبق في الفتوى رقم: 74976.
وإن كان هذا الرجل مغلوباً على أمره، بأن كان ما به مَسٌ من الجن فاطلبوا علاجه بالرقية الشرعية الموضحة في الفتوى رقم: 75927، ومن الأفضل أن تذهبوا به إلى رجل صالح مستقيم على السنة يتلو عليه الرقية، فلعل الله تعالى يعافيه مما هو فيه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/214)
لا يطلب تكلف مسح الذكر بعد الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكلة عدم انقطاع البول تماما بعد التبول، حيث العضلة التي تعمل على ضبط الانتهاء منه لا تعمل كما ينبغي، تفصيلا هذه العملية لا ينزل فيها البول وإنما إذا مسحت بمنديل مثلا فأجد نقاط صغيرة، فإذا أعدت المسح أجد أيضا نقاط صغيرة، أما إذا لم أمسح بأي شيء فلا تنزل أي قطرات، فكيف الطهارة، وإذا كان لا بد من حائل، فكيف أضعه وأنا ألبس لبس الإحرام عند العمرة مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام البول لا ينزل بعد انقطاعه ولا تجد أثراً بعد انتهاء الاستنجاء، فلا ينبغي تكلف مسح الذكر بعد ذلك ولا ضغطه، فإن ذلك يؤدي للوسوسة، بل ينبغي الإعراض عن كل ما لم تتأكد منه، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79921، 51601، 80188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/215)
حكم الرذاذ المتناثر عند الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الفراغ من التبول أغسل ذكري ثم أقوم بالاستنجاء بالماء في هذا الحين أحس أحيانا ببعض الرذاذ يصيبني فهل أعتبره نجاسة أو ماء، مع العلم بأنه بعد الغسل تكون هناك رطوبة يعني قليلا من البول في المخرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرذاذ المتناثر عند الاستنجاء بالماء بعد الفراغ من البول الأصل فيه أنه رذاذ الماء إلا إذا غلب على الظن أنه رذاذ البول المتبقي في مكان قضاء الحاجة، وقد نص أهل العلم على أنه يستحب الاستنجاء في غير مكان قضاء الحاجة حتى لا يقع في الوسوسة والشك ولا يصيبه رذاذ البول إلا إذا كان في مكان يأمن فيه من رجوع البول عليه عند الاستنجاء، قال النووي في المجموع: اتفق أصحابنا على أن المستحب أن لا يستنجي بماء في موضع قضاء الحاجة لئلا يترشش عليه وهذا في غير الأخلية المتخذة لذلك، أما المتخذ لذلك كالمرحاض، فلا بأس فيه لأنه لا يترشش عليه ولأن في الخروج منه إلى غيره مشقة. انتهى.
ولا ينبغي أن يفتح الإنسان على نفسه باب الوسوسة فإنها شر مستطير تجعل صاحبها وكأنه لا عقل له، وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 51173، والفتوى رقم: 50760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/216)
الجمع بين الحمام والخلاء في مكان واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء الحمام مع الخلاء بشكل مشترك، أود الشرح بذلك الخصوص؟ حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يعني بالحمام مكان الاغتسال وبالخلاء مكان قضاء الحاجة ويسأل عن حكم بنيانهما في مكان مشترك فهذا جائز ولا إشكال فيه إذا كان كل منهما في جانب كما هو معروف الآن.
أما إذا كانا في مكان واحد بحيث يكون المكان المعد لقضاء الحاجة في الأرض وفوقه صنبور الماء كما هو الحال في الحمامات الضيقة، فقد نص أهل العلم على كراهة أن يبول الإنسان في مستحمه إلا إذا كان المكان مبلطاً مثلاً بحيث إذا صب عليه الماء زالت النجاسة فله أن يغتسل بعد ذلك، قال ابن قدامة في المغني:.... ولا يبولن في مستحمه فإن عامة الوسواس منه. رواه أبو داود وابن ماجه.. فأما اليوم فمغتسلاتهم الجص والصاروخ والقير فإذا بال وأرسل عليه الماء فلا بأس ... انتهى، أي لا بأس في الاغتسال بعد ذلك، ولا شك أن الأفضل لمن كان في سعة أن يفصل عند البناء مكان قضاء الحاجة عن مكان الاغتسال خروجاً من الطريق المؤدي إلى الوسوسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/217)
مسائل في البول قائما والشك من إصابة النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا تبولت واقفاً ثم شككت أن شيئاً قد أصاب ثوبي، فهل يجب أن أغسله، وهل إذا كان ثوبي أصابه شيء فعلا وتجاهلت الشك لأنه مجرد شك وصليت بثوبي فهل يطبق علي حديث الذي يعذب في قبره بسبب أنه لم يستتر من بوله، وما معنى الطهارة لا تزول بالشك، وهل المقصود طهارة الثوب والبدن والمكان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يبول الإنسان قاعداً ويكره قائماً لغير عذر، ويحرم إذا تيقن أن البول يصيب بدنه بسبب ذلك، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالساً. رواه الخمسة إلا أبا داود، وقال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح. ودليل الجواز حديث حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سباطة قوم، فبال قائماً. رواه الجماعة. والسباطة: ملقى التراب والقمامة.
وقد بين العلماء السبب في بوله قائماً، ومنهم النووي -رحمه الله- في المجموع فقال: وذكر الخطابي ثم البيهقي في سبب بوله صلى الله عليه وسلم قائماً أوجها:
أحدها: قالا وهو المروي عن الشافعي رحمه الله: أن العرب كانت تستشفي بالبول قائماً لوجع الصلب، فنرى أنه كان به صلى الله عليه وسلم إذ ذاك وجع الصلب، قال القاضي حسين في تعليقه: وصار هذا عادة لأهل هراة يبولون قياماً في كل سنة مرة إحياء لتلك السنة.
والثاني: أنه لعلة بمأبضيه. (أي بباطن ركبته لا يقدر على الجلوس معها) .
والثالث: أنه لم يجد مكاناً يصلح للقعود، فاحتاج إلى القيام إذ كان الطرف الذي يليه عاليا مرتفعاً، ويجوز وجه رابع: أنه لبيان الجواز. انتهى.
والمطلوب من الإنسان أن يحترز عن النجاسة لأن الطهارة من شروط صحة الصلاة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة. وفي رواية لأبي داود: أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول.
قال في عون المعبود: وفي رواية البخاري ثم قال: بلى أي وإنه لكبير، ثم قال: قال الخطابي معناه: أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الحالتين ليست بكبير، وأن الذنب فيهما هين سهل. انتهى.
ولكن إذا بال الشخص قائماً أو قاعداً وشك في إصابة البول لبدنه أو ثوبه فلا يلزمه الغسل، وإنما الأفضل أن يغسل ما شك في إصابته لأن الأصل الطهارة في الثوب والبدن والمكان، وما دام الأصل الطهارة فالأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يحصل يقين بوجود النجاسة على واحد مما ذكر، وإذا لم يغسل الشاك في النجاسة فلا يكون ممن يعذب في قبره لكونه لم يستنزه من البول لأن الأصل الطهارة كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(11/218)
حكم دخول دورة المياه القريبة من مجالس الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دخول دورة المياه (الحمام) القريبة من مجالس الناس وحديثهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في دخول دورة المياه القريبة من مجالس الناس لوجود حاجز ساتر يقوم مقام الابتعاد عند قضاء الحاجة، ففي عون المعبود شارحاً للحديث الصحيح الذي رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد. وفيه من الأدب: استحباب التباعد عند الحاجة عن حضور الناس إذا كان في مراح من الأرض، ويدخل في معناه الاستتار بالأبنية وضرب الحجب وإرخاء الستر وأعماق الآبار والحفائر ونحو ذلك من الأمور الساترة للعورات، وكل ما ستر العورة عن الناس. انتهى.
وفي فيض القدير للمناوي: وفي معنى الإبعاد اتخاذ الكنيف في البيوت وضرب الحجب وإرخاء الستور وإعماق الحفائر، ونحو ذلك مما يستر العورة ويمنع الريح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/219)
الانتظار بعد البول للتأكد من خلو المخرج من النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 24 سنة وعندي مشكلة أنني أذهب للخلاء كثيرا من أجل البول وعندي يتفرع البول إلى فرعين أثناء التبول أحيانا ودائما بعد البول تنزل قطرات من البول كثيرة مما يستدعي مني البقاء لإزالتها لمدة قد تستغرق 7 دقائق بعد البول كما أن الخصية اليمنى عندي ليست متماثلة مع اليسرى، فهى نازلة لأسفل قليلا، أرجو إفادتي مع العلم أني أمارس العادة السرية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التأكد من خلو المخرج من النجاسة عند إرادة الطهارة وحصول اليقين بذلك، لأن الطهارة شرط في صحة الصلاة، فإذا نزل منها شيء بعد الوضوء أو في أثنائه فإنه يفسد بذلك وبالتالي تفسد الصلاة.
وقد بين العلماء أنه ينبغي الانتظار بعد الفراغ من البول حتى يخرج جميع ما في قصبة الذكر كما ينبغي أن ينثره نثرا خفيفا ولا يكثر ذلك أو يتشدد فيه.
وقد بينا ذلك بتفصيل أكثر في الفتويين التاليتين: 80338، 29086، نرجو أن تطلع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
وأما ممارسة العادة السرية فإنها لا تجوز، ولها أضرار صحية على النفس والبدن، ولعل ما يصيبك عند التبول بسببها.
فعليك أن تتقي الله تعالى وتبتعد عنها وتتخذ الأسباب المعينة على تركها وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1087.
وأما ما ذكرته من اختلال في أعضائك التناسلية فبإمكانك أن تعرضه على أهل الاختصاص من الأطباء أو تراسل بشأنه قسم الاستشارات بالشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(11/220)
حكم دخول الخلاء بثوب ذكر عليه اسم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[الفتوى كالتالي:
ماذا يفعل المسلم إذا عنده شيء مذكور عليه اسم الله شفهيا وليس كتابيا كأن يمسك قطعة قماش أعجب بها أو أي شي فيقول ما شاء الله أو بسم الله وهو يمسك بها فهل يجوز الدخول بها للخلاء أو لا يجوز رميها
أرجو الاجابه فانا محتار ماذا أفعل في هذه الحالة؟
ويدخلني الشك أني أستغفر الله أن أكون فعلت شيئا غير حميد عافاني وعافاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكر الله تعالى على ثوب ونحوه دون لفظ الجلالة لا يمنع من الدخول به إلى الخلاء ولا يكره ذلك ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بكراهة ذلك، وإنما يحرم الدخول بالمصحف ويكره الدخول بغيره مما كتب عليه اسم الجلالة، وقد بينا دليل ذلك في الفتوى رقم: 72258، والفتوى رقم: 61357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(11/221)
كيفية الاستنجاء وتعليمه للأولاد الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالاستنجاء وكيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستنجي في الخلاء؟ وهل تبطل الصلاة إذا لم يستنج الشخص؟ وكيف نستطيع أن نعلمه للصغار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستنجاء هو إزالة ما على المخرج من البول والغائط بعد انقطاعهما، وهو واجب أي لا بد من إزالة النجس من المخرجين بمسحه بمنديل وغيره من كل مزيل أو غسل المحل بالماء، ولا يشترط الماء ما لم ينتشر النجس خارج المخرجين، فإن انتشر فلا بد من الماء لغسل ما انتشر خارجهما، ولو اقتصر في الاستنجاء على الماء أجزأ ذلك. قال النووي رحمه الله في المجموع في الفقه الشافعي: الاستطابة والاستنجاء عبارات عن إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه، فالاستطابة والاستنجاء يكونان تارة بالماء وتارة بالأحجار، والاستجمار يختص بالأحجار مأخوذا من الجمار وهي الحصى الصغار. انتهى.
والاستجمار يغني عن الاستنجاء، والجمع بين الاستجمار بالأحجار والاستنجاء بالماء أفضل. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79852، 22828، 76869، 62435، لمزيد التوضيح. ومن هذا يعلم ما يجب في الاستنجاء وما لا يجب. ثم إن من المستحب كما سبقت الإشارة إليه أن يجمع بين الحجر ونحوه كالمنديل وبين الماء في حالة الاستنجاء أي يزيل النجس بالحجر ونحوه أولا ثم يغسل المحل بالماء هذه أفضل طريقة للاستنجاء، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم كان يعمل الأكمل في هذه. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستنجي بالماء فعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيتغسل به. رواه مسلم، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استنجى بالحجارة كما في صحيح البخاري وغيره. وترك الاستنجاء الواجب من عظائم الذنوب، ومن أسباب عذاب القبر كما ثبت في الحديث الصحيح، كما أنه مفسد للصلاة لأن من فعل ذلك فقد صلى على غير طهارة، والطهارة من النجس شرط من شروط صحة الصلاة إي إذا فعل ذلك عامدا غير ناس ولا جاهل، فإن كان ناسيا أو جاهلا فقد أوضحنا كلام أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 76143، وانظر الفتوى رقم: 15885، أما الصغار فإنه ينبغي تعويدهم على التحرز من النجس وتعليمهم أحكام الطهارة والصلاة وهذا واجب على الأولياء، وتعليمهم أحكام الاستنجاء أمر سهل هين فيبين لهم معنى الاستنجاء وكيفيته التي سبق ذكرها في أول الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(11/222)
ما يفعله من يخرج منه قطرات من البول بعد فترة من غسله
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التوكل على الله أقول:
أنا رجل أبلغ من العمر 18 لدي مشكلة وهي أنني عندما أفرغ من البول تكون هناك قطرات تفسد الطهارة بحيث تخرج بعد مدة قصيرة ولكي أتخلص من هذه المشكلة أقوم بعصر العضو الذكري ومسحه بالجدار حتى تخرج وهذا يأخذ وقت يتراوح ما بين 10 دقائق الى20 أو أوقات طويلة نادرا وهي متعبة وأيضا ما يحصل معي مؤخرا حيث إذا كنت أريد أن افعل ذلك أفعله من بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء غالبا وبين هذه الصلاتين أكون حاقنا أي أدخل على الصلاة وعلى وضوء ولكن محتبس وكذلك يحصل لي إرهاق وتعب نفسي من هذا الشيء إلى درجه كبيرة (في إحدى المرات دخلت الخلاء عند بداية الأذان على ما اعتقد ولم أخرج إلا في بداية
الصلاة ربما)
سؤالي: بسبب الإرهاق الحاصل لي قمت باختراع طريقة وهي أخذ منديل وامسح فتحة العضو وأعصره مرارا حتى أكون قد دخل في قلبي بعض اليقين بأني قد تطهرت من البول وأوقفت نزوله وتأخذ هذه الطريقه ربما 10 دقائق
ولكن اكتشفت بعد مدة ربما أسبوع على الكثير عدم فاعليتها 100% لأنها لا تؤدي المطلوب لوحدها وأيضا قد أنسى تجربة بعض الأشياء وأبتعد بنفسي عن تجربة أشياء أخرى بعضها نسيان والآخر متعمد والمتعمد يكون على ما أعتقد ضرره صغيرا بحيث لا يمكنه إفساد طهارتي ماذا علي أن أفعل هل أعيد الصلوات في المدة المقدرة بأسبوع أو ماذا أفعل؟
وكيف أتيقن بحصول الطهارة؟
وأيضا هل يكون قد تطهر العضو عندما يجف البول الذي عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبول نجس باتفاق أهل العلم رحمهم الله تعالى، ولا تصح الصلاة مع وجوده على ثوب المصلي أو بدنه أو مكان صلاته المتصل به. والطريقة المثلى لمن ابتلي بخروج قطرات من البول بعد مدة من غسل ذكره أن ينتظر قليلا ويحرك ذكره قال النووي في المجموع: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس، والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شيء يخاف خروجه، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكرره، ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا، وينبغي لكل أحد ألا ينتهي إلى حد الوسوسة. انتهى.
فإن تأكدت من خروجه بعد هذا كله فتحفظ واعصب الذكر بخرقة ونحوها، ثم انتظر مدة ترى أن البول لا ينزل بعدها ثم أزل الخرقة واغسل ذكرك وتوضأ، ثم صل فإن خشيت بالتأخير خروج وقت الصلاة فإن عليك أن تتطهر وتتحفظ كما سبق وتصلي ولا تخرج الصلاة عن وقتها.
وأما إعادة الصلاة فإن كنت متأكدا من نزول قطرات البول بعد الطهارة وقبل الصلاة وصليت قبل غسل الذكر والوضوء فإن عليك أن تعيد الصلوات التي صليتها وأنت بتلك الصفة.
وأما إن صليت ثم شككت هل كان قد نزل منك بول أو لا فلا يلزمك إعادة الصلاة.
ومجرد جفاف الذكر من البول لا يعد طهارة له، بل لا بد من غسله بالماء.
ونحذرك من الاسترسال في متابعة هذا الأمر الذي أنت فيه فإنه يؤدي بك إلى الوسوسة. وراجع الفتوى رقم 51601.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(11/223)
المقصود بالمحل الذي يلزم بمجاوزته استعمال الماء في الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تجاوزت النجاسة محلها وجب استعمال الماء، فما هي الحدود المعتبرة للمحل الذي إذا تجاوزته النجاسة يجب استعمال الماء بالنسبة للقبل والدبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحد المعتبر لوجوب غسل الخارج بالماء هو أن يتجاوز موضع العادة، قال في الروض المربع في بيان الحد المعتبر: أي يتجاوز الخارج موضع العادة مثل أن ينتشر الخارج على شيء من الصفحة أو يمتد إلى الحشفة امتدادا غير معتاد فلا يجزئ فيه إلا الماء. اهـ.
فالمعتبر في ذلك هو أن ينتشر الخارج ويتجاوز الموضع المعتاد، وقد حده المالكية في مشهور مذهبهم بأنه ما جاوز ما لان من الدبر وثلثي الكمرة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 22828، والفتوى رقم: 72999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/224)
كيف يستنجي من يصيبه ألم في موضع الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الاستنجاء وخاصة في فصل الشتاء أحس بألم على مستوى رأس الذكر. ماذا أفعل لتفادي مضاعفات هذا الألم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستنجاء من البول أو الغائط يجزئ أن يكون بغير الماء كالمناديل أو الحجارة -مثلا- إذا لم ينتشر الحدث كثيرا عن مكان الخروج، فإن انتشر البول بأن عَمَّ أكثر الحشفة وهي رأس الذكر أو انتشر الغائط بحيث وصل للمقعدة تعين استعمال الماء حينئذ؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 72999، وراجع الفتوى رقم: 20810.
وفي حالة ما إذا تعين استعمال الماء في حقك، وكان استعماله يترتب عليه ضرر معتبر شرعا كألمٍَ يشق تحمله فيكفيك الاقتصار على استعمال المناديل ونحوها من كل ما ينقي المحل ويجوز الاستنجاء به. وراجع الفتوى رقم: 3863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(11/225)
لا مطالبة بالتأكد من عدم وجود البلل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتصرف في هذه الحالة توضأت لصلاة الظهر وصليت وحافظت على الوضوء لصلاة العصر وبعد العصر عند دخول الحمام وجدت بللا قليلا حول فتحة البول فهل أعيد العصر أو ماذا أفعل علما أني أصبحت أقوم أحيانا بسلت ذكري بحائل قبل الصلاة لأتأكد من عدم وجود أي رطوبة، فهل هذا التصرف صحيح علما أني كثير الوساوس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد صليت العصر ولم تحس بشيء فإن البلل الذي وجدته بعد ذلك يعتبر خارجا بعد الصلاة ولا إعادة عليك؛ لما تقرر عند الفقهاء من أن الحدث يضاف إلى أقرب وقت، وانظر الفتوى رقم: 47290، والفتوى رقم: 44825، أما ما تقوم به للتأكد من عدم وجود رطوبة فلست مطالبا به؛ بل إن هذا الفعل يعتبر من التنطع في الدين، ويؤدي إلى تفاقم الوسوسة، فإنك لو ظللت تعصر العضو لم تزل تجد منه بللا، لكن عند الاستجمار قبل الوضوء وبعد انتهاء البول يمكن أن تعصر عصرا خفيفا ليخرج ما أشرف على الخروج من البول وبعد ذلك كف عن التفتيش عن احتمال النجاسة، فإذا تيقنت خروج شيء عملت على مقتضاه، ولتعرض عن الوسوسة فإن الاسترسال معها لا يزيدها إلا تحكما وتفاقما حتى تترك المرء لايستطيع الاطمئنان على عبادته، وكل هذا من عمل الشيطان وكيده ومحاولته التشويش على المسلم في طاعته، ولا علاج لها مثل الإعراض عنها والالتجاء إلى الله تعالى في صرفها مع مداومة قراءة المعوذتين، وانظر الفتوى رقم: 7578.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(11/226)
الاستنجاء بالمنديل وكيفية التطهر إذا جاوز البول المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أدرس فى الجامعة ومشكلتي هي أني عندما أدخل الحمام في الجامعة لأتبول-والحمامات هناك أفرنجية- فأستعمل المناديل لكي أجفف محل النجاسة لأنه لا يوجد مصدر للماء إلا "الشطافة" ويشق استعمالها في غسل القبل والمشكلة أنه أحيانا يتجاوز البول المحل وينتشر على الحشفة فماذا أفعل في هذه الحالة؟
سؤالي الثاني: اذا تجاوز البول محله إلى الحشفة وقمت بتجفيفه بالمناديل فما هي كمية المياه التي أحتاجها لغسل الحشفة وهل يجب دلك المكان المصاب أثناء غسله أم يكفي إسالة الماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أنه يكفي في الاستنجاء إزالة ما على نفس المخرج من النجس ولا يشترط الماء بل تكفي إزالته بمنديل مثلا أو حجر أو غير ذلك من كل طاهر مزيل بشرط ألا يكون من الأشياء المحترمة شرعا كالطعام والنقدين وما عليه الكتابة، ولا مما ينهي عنه مثل الأرواث والعظام فإن هذه الأشياء لا يستنجى بها، لكن الأولى والأفضل هو أن يغسل المحل بالماء أيضا، أما إذا انتشر النجس وخرج عن حدود المخرج فلا يكفي فيه المسح بل لا بد من الغسل بالماء، ولا يشترط الدلك ولا قدر معين من الماء بل تكفي إسالة الماء وإجراؤه على محل النجس حتى يعلم أنه طهر، وانظر الفتوى رقم: 76869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1427(11/227)
الطهارة عند استعمال المراحيض العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[يستخدم الكثير من الناس المراحيض العامة وبعضهم لا يهتم بأحكام الطهارة فهل يجوز الجلوس على هذه المراحيض وهل يجب غسل الأعضاء الملاصقة لها بعد ذلك أم يجب التبول قائماً مع كونه مكروها وقد يصيب الشخص بعض رذاذ بوله وما هي الطريقة الأفضل للاستنجاء في هذه الحالة وقد قرأت في كتب المذهب المالكي أن إزالة النجاسة عن ثياب المصلي سنة أو مستحبة فهل يجوز اتباع هذا المذهب إذا كان الشخص كثير الشك في طهارة ثيابه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تتخذ الطريقة المناسبة لسلامة ثيابك وبدنك من النجس في هذا المكان، فإذا جلست على المرحاض وكان مبتلا فإن عليك أن تغسل ما لاصقه من بدنك أو ثيابك لأنه مظنة النجاسة، وإن كان جميع ذلك يابسا فلا داعي لغسل ما لامسه منك لأن النجاسة لا تنتقل في حالة جفاف النجس وما يلاقيه، وإذا غسلت المكان الذي ستجلس عليه بأن أجريت الماء قبل أن تجلس فقد أصبح طاهرا فلا يضرك الجلوس عليه، وإذا رأيت أن البول قائما أنجع للسلامة من النجس جاز لك ذلك، فإن تحققت من تطاير البول فاغسل ما أصابك منه، وإن شككت في ذلك فانضح المكان الذي شككت في إصابته ودع عنك الوساوس. وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27072، 17378، 46207، 40393.
أما ما ذكر الأخ السائل عن المالكية فإن المشهور عندهم هو وجوب إزالة النجاسة إلا في حالتي العجز والنسيان، أما مع الذكر ووجود الماء والقدرة على استعماله فلا بد من إزالة النجاسة عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه الذي يصلي فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(11/228)
دخول الحمام بالهاتف المحتوي على آيات وشعارات دينية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الكريم سجلت في هاتفي النقال مجموعة من الشعارات الدينية والآيات القرانية فهل علي عند دخول الحمام أو المرحاض إطفاء الهاتف أم مسح تلك الآيات نهائيا من الهاتف؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصول الشرع الحنيف تقضي بصيانة ذكر الله عن مواضع القذر والأذى ومحل النجاسة، وقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج: 32} وقال: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30} وقد روى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا أراد دخول الخلاء نزع خاتمه، وكان نقش خاتمه: محمد رسول الله.
ومن هنا ذكر العلماء آدابا ينبغي مراعاتها حال وجود المرء في بيت الخلاء، منها: أنه يكره دخوله بما فيه ذكر الله بلا حاجة، لأن الخلاء موضع القاذورات، فشرع تعظيم اسم الله وتنزيهه عنه، فإن احتاج إلى دخوله به لعدم وجود من يحفظه وخاف ضياعه فلا بأس، كالدراهم والدنانير أو الوثائق التي عليها اسم الله.
وعليه، فإذا كانت الشعارات الدينية والآيات القرآنية بارزة على شاشة هاتفك النقال، فإذا أردت دخول الحمام أو المرحاض فالصواب أن تتركه في الخارج ما لم تخف عليه من الضياع إذا لم تدخل به.
وإن كانت تلك الشعارات والآيات مخفاة ولا تظهر على الشاشة إلا عند إرادة إظهارها، فلا نرى حينئذ بأسا في أن تدخل الحمام وأنت مصحوب بالهاتف؛ لأنها -والحالة هذه- لا تختلف عن الأشرطة التي تحتوي على سور من القرآن. وقد سئل بعض أهل العلم عنها فأجاب بأنه لا يرى بأسا بدخول الحمام بها، لعدم وجود حروف ظاهرة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(11/229)
حكم البول واقفا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما سبب تحريم التبول واقفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 3490، حكم التبول في حال القيام، ومن خلال ما جاء في هذه الفتوى يعلم أن تبول المرء قائما جائز إذا أمن تطاير البول ورجوعه عليه، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 17378، والفتوى رقم: 897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1427(11/230)
الاستنجاء من خروج الريح غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء عدم تحويلي إلى فتوى أخرى.
سؤالي عن الطهارة.
فأنا دائما أغسل فرجي بعد خروج الريح, فمثلا تخرج مني ريح قوية جدا, وبعد ساعتين ألمس السطح الخارجي لفرجي فأجد رائحة غائط، فهل يصح وضوئي مع هذه الرائحة, فأنا يوميا أقضي ما لا يقل عن الساعة ونصف في الحمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع لك الاستنجاء من خروج الريح، قال ابن قدامة في المغني: وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاء ولا نعلم في هذا خلافا، قال أبو عبد الله: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله، ولا في سنة رسوله؛ وإنما عليه الوضوء، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من استنجى من ريح فليس منا. رواه الطبراني في معجمه الصغير. انتهى.
ومجرد ريح الغائط لا ينقض الوضوء ما لم تتحقق من خروجه بعد الوضوء أو خروج ريح، ولعلك لا تخلو من بعض الوساوس فننصحك بالكف عن تتبعها وعدم الاسترسال فيها، فإن أفضل علاج لها هو الإعراض عنها. وراجع الفتوى رقم: 59698، ولا ينبغي لك المكث في الحمام أكثر من الحاجة لما يترتب على ذلك من مخاطر صحية؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 60499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(11/231)
دخول المرء بيت الخلاء حافيا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
هل من يدخل بيت الخلاء حافي الساقين وتمسه نجاسة لا تقبل صلاته 20 يوما؟ جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه لم نقف على ما يدل على ثبوته، وبالتالي فلا حرج في دخول الشخص بيت الخلاء حافيا أو منتعلا إلا أن الأولى أن ينتعل، وإذا أصابته نجاسة وجبت إزالتها عند إرادة الصلاة، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 50836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(11/232)
كيفية الاستنجاء من النجاسة المنتشرة خارج المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح الأمر في موضوع الاستنجاء.. هل يكون للعضو كاملاً أم يكون للقضيب فقط أم للرأس فقط.. أرجو الإيضاح؟
وهل الاستنجاء يكون بالماء أم من الممكن بشيء أخر مثلاً (منديل ورق) ؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأفضل طريقة للاستنجاء هي أن يقوم الشخص بمسح المحل بالمناديل ونحوها ثم بعد ذلك يغسله بالماء وراجع المزيد فى الفتوى رقم: 22828.
وإذا انتشر الخارج عن محله بحيث أصاب البول أكثر الحشفة وهي رأس الذكر أو انتشر الغائط بحيث وصل إلى المقعدة فيتعين في هاتين الحالتين الغسل بالماء ولا يكفى المسح بالمناديل. ففي الشرح الصغير للدردير المالكي متحدثا عن الأشياء التي يتعين فيها الماء: ويتعين أيضا في حدث بول أو غائط انتشر عن المخرج انتشارا كثيرا كأن يصل إلى المقعدة أو يعم جل الحشفة. انتهى.
ويكفى مسح أو غسل المحل الذي أصابه البول أو الغائط فقط ولا يلزم غسل ما زاد على ذلك مع خلوه من النجاسة
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 26771، والفتوى رقم: 22290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1427(11/233)
مذاهب الفقهاء في دخول الخلاء بمصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب وأذهب إلى مدينة أخرى للدراسة وأنا غير مقيم فيها وتبعد عن بيتي 81 كم وآخذ معي مصحفا ذا قياس صغير وأضطر هناك إلى دخول الحمام (المرحاض) أجلكم الله ومعي المصحف ولا يوجد مكان أضع فيه المصحف، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإدخال الشخص لمصحف داخل بيت الخلاء فيه تفصيل لأهل العلم، فعند الحنابلة والمالكية يحرم ذلك إلا لحاجة تقتضيه كخوف سرقته أو ضياعه، إلا أن المالكية يقولون بالجواز إذا كان مستوراً ولو بوضعه في الجيب، ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي: أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك في تحريمه قطعاً، ولا يتوقف في هذا عاقل. انتهى.
وفي بلغة السالك لأقرب المسالك وهو مالكي: وإلا القرآن فيحرم قراءته والدخول بمصحف أو بعضه ولو آية، ما لم يكن حرزاً مستوراً بساتر. ومن الساتر جيبه فوضعه في جيبه -مثلاً- يمنع الحرمة في المصحف. والكراهة في غيره. وهذا ما لم يخف عليه الضياع، وإلا جاز الدخول به للضرورة. انتهى.
أما الشافعية فمذهبهم الكراهة في هذه الحالة، ففي فتاوى الرملي الشافعي: (سئل) عن رجل دخل الخلاء بمصحف هل يحرم عليه ذلك أم لا؟ (فأجاب) بأنه لا يحرم دخوله به خلافاً لبعضهم؛ لكنه يأثم بحمله حال حدثه من غير ضرورة تقتضيه. انتهى.
وعليه.. فإذا كنت تجد مكاناً طاهراً تضع فيه هذا المصحف ولم تخش سرقته فلا تدخل به الحمام، وإن خفت سرقته أو لم تجد مكاناً طاهراً لوضعه فيباح لك الدخول به حينئذ للضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1427(11/234)
غسل المخرجين بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[رمضان مبارك سعيد
أود أن أسأل عن معنى الاستبراء من البول، وهل المعنى أنه يتوجب غسل المخرجين في كل مرة يدخل فيها المرء للحمام \"رغم عدم رغبته في الوضوء\"، بمعنى هل الاكتفاء بالمسح بالورق المخصص لذلك إلى حين دخول وقت الصلاة، يعتبر آثما؟ أم أن المقصود بالاستبراء من البول هوغسل الرجلين فقط؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب غسل المخرجين بالماء بعد البول أو الغائط إلا إذا انتشر البول أو غيره وتجاوز محل المخرج المعتاد، فإن انتشر وتجاوز محل المخرج وجب الغسل بالماء.
وأما إذا لم ينتشر فيجزئ فيه المسح بالمناديل أو الأحجار أو غيرها من كل يابس طاهر منق غير مؤذ ولا محترم، وسواء كان الإنسان يريد الصلاة أم لا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62435، 8309، 3863، 9419.
واله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/235)
استنجاء المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت أحد أقربائي مريضاً ويستطيع أن يستنزه من البول، ولكن بصعوبة نظراً لمرضه فانقطع عن الصلاة فأفتيته بجواز الصلاة بدون الطهور في فترة مرضه، هل ذلك يصح أم لا، وما هي ضوابط وشروط صلاة المريض، استفتائي قريب لي عن حكم بول طفله الرضيع الذكر، ماذا يفعل هل يغير ملابسه أم ينضحها بالماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان يجب على الشخص المذكور أن يستنزه من البول قدر المستطاع، ويحصل الاستنزاه من البول بإزالة ما على المخرج بالمنديل ونحوه، ولا يشترط الماء إلا إذا انتشر البول زيادة على المخرج، ثم يتوضأ إن استطاع فإن لم يستطع ووجد من يوضئه ولو بأجرة وجب عليه الوضوء، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 24409 وفيها ضوابط صلاة المريض، وكيف يفعل من كثر تبوله؟ فلتراجع.
ولا تسقط عنه الصلاة بحال من الأحوال ما دام يتمتع بعقله، فإن قدر على الطهارة وجبت عليه، وإن لم يقدر صلى على الحالة التي هو بها لأنه معذور، ثم إن انقطاعه عن الصلاة بسبب وجود النجس خطأ عظيم تجب منه التوبة إلى الله تعالى إن لم يكن فعل ذلك عن جهل، ويجب قضاء ما ترك من الصلاة في هذه الفترة، ولبيان حكم بول الطفل الرضيع طالع الفتوى رقم: 37321.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3863، 18022، 22342.
ومما ينبغي أن يتنبه له الأخ السائل أنه لا يجوز لأحد أن يتكلم في دين الله إلا بعلم، فمن سئل عن حكم شرعي وكان لا يعلمه باجتهاد أو تقليد لأهل العلم المعتبرين، فإنه لا يجوز له أن يقول فيه شيئاً، بل عليه أن يرجع العلم إلى عالمه فيقول: الله أعلم، وإذا أراد إعانة أحد من المسلمين سأل له أهل العلم ثم يبلغه فتياهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(11/236)
عصر المحل بعد الاستنجاء والوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[في معظم الأحيان يخرج مني مذي أو ودي ويستمر الخروج لفترة ولكن أحيانا لا يخرج هذا المذي أو الودي إلا إذا عصرت مجرى البول للتأكد من نظافة المجرى فهل إذا توضأت وبعدها شككت في خروج شيء من ذلك القبيل وقمت بعصر مجرى البول وخرج شيء يكون وضوئي باطلا وعلي الإعادة وإذا لبست الجورب أو صليت وبعدها نظرت إلى الذكر فلم أجد شيئا وقمت بعصر مجرى البول وخرج شيء يكون قد بطل العمل الذي قمت به مثل الصلاة أو الوضوء أفيدوني بارك الله فيكم لأن ذلك يسبب لي الوسواس وكوني أعمل في شركة أحيانا أضطر إلى تأخير الصلاة لمعاودتي الوضوء أكثر من مرة أرجو أن يكون الرد بالتحديد على ما سألت وبدون إحالتي إلى استشارات ثانية.
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في فتاوى سابقة استحباب سلت الذكر والضغط عليه برفق عند الاستبراء على قول جمهور الفقهاء، وذهب شيخ الإسلام إلى أنه بدعة.
وعليه، فإذا أكمل المسلم الاستنجاء فلا يطالب بعد ذلك بالبحث ولا عصر المحل ليتأكد من النظافة، بل إن ذلك يؤدي إلى الوسوسة، لكن لو تكلف ذلك وعصر ذكره وخرج شيء بعد أن توضأ انتقض وضوؤه، فإن صلى قبل أن يعيد الوضوء أعاد الصلاة بعد أن يتوضأ مرة أخرى.
ويمسح على الجوربين ما دام قد لبسهما على طهارة هذا إن كان الخارج مذيا أو ودياً ولم يكثر خروجهما بحيث يكون لهما حكم السلس، فإن استمر خروجه بحيث لا يبقى من الوقت ما يسع الوضوء والصلاة، فمعنى ذلك أن الشخص صاحب سلس، وكيفية طهارته وصلاته كالتالي: إذا دخل وقت الصلاة غسل فرجه وسائر النجس ويعصب على رأس ذكره بخرقة ثم يتوضأ ويصلي ولا يضره ما خرج ولو أثناء الصلاة، ثم إن خروج المذي أو الودي في هذه الحالة بسبب العصر ناقض للوضوء ولو كان ذا سلس، لأنه تسبب في نقض وضوئه إضافة إلى أن مس الذكر باليد مباشرة إن حصل فإنه ناقض أيضاً سواء كان صاحب سلس أم لا، خرج شيء أم لا.
ومن صلى بهذا الوضوء الذي خرج بعد شيء أعاد الصلاة إن لم يكن من أهل السلس أو كان من أهل السلس وتسبب في خروج الحدث، واعلم أن مجرد الشك في خروج ما ينقض الوضوء لا عبرة به، فعليك أن تعرض عنه فلا تعصر المحل بعد إتمام الاستنجاء ولا تلتفت إلى تلك الوساوس لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في صلاته: فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحا. رواه مسلم، فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى قطع الشك باليقين، وهي قاعدة عامة.
فإن كان الخارج منياً وكثر واستمر كل الوقت، فقد تقدم في الفتوى رقم: 41812 ما يفعل من ابتلي بسلس المني، فإن لم يكثر خروجه لم يكن له حكم السلس ويجب الغسل بخروجه على تفصيل عند العلماء سبق ذكره في الفتوى رقم: 30757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(11/237)
التنطع في الطهارة يجلب الوساوس ويثقل العبادة ويضيع لذتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو عدم تحويلي إلى فتوى سابقة، سؤالي عن الطهارة، فأنا كلما تبولت أغير ملابسي كلها البنطال والثوب الداخلي وأحيانا أحبس البول لمدة 12 ساعة كي لا أضطر إلى غسل قدماي وتغيير الملابس، فعند التبول أمسح القضيب بمنديل فإذا اعتبرنا أنه لم يخرج أي قطرة بول بعد المسح بالمنديل الجاف هل يعتبر القضيب نجسا، أم يكفي المسح, فمشكلتي تكمن في أنه عند مسح القضيب أن ملامسة القضيب الجاف لثوبي الداخلي تنجسه فهل هذا صحيح، أم يكفيني مسح القضيب دون غسله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً ننصحك بأن تحذر من التنطع في الطهارة والاسترسال فيما يجلب الوسواس، فإن ذلك من مكايد الشيطان ومصائده ليثقل على العبد أمر العبادة ويشككه فيها ويكدر عليه تذوق حلاوة طعمها.
كما أن الجلوس في مكان قضاء الحاجة لفترة طويلة قد تكون له مضار صحية ومفاسد دينية، إذا علمت هذا فاعلم أن أفضل طريقة للاستنجاء من النجاسة هو إزالتها بالحجارة أو ما يقوم مقامها من المناديل ونحو ذلك ثم غسل المحل بالماء بعد ذلك وعند إرادة الاقتصار على أحدهما فالأفضل هو الماء، قال ابن قدامة في المغني: وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لما روينا من الحديث ولأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر وهو أبلغ في التنظيف وإن اقتصر على الحجر أجزأه بغير خلاف بين أهل العلم لما ذكرنا من الأخبار ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، والأفضل أن يستجمر بالحجر ثم يتبعه الماء قال أحمد: إن جمعهما فهو أحب إلي لأن عائشة قالت: مرن أزواجكن أن يتبعن الحجارة الماء من أثر الغائط والبول فإنى أستحييهم كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
احتج به أحمد ورواه سعيد ولأن الحجر يزيل عين النجاسة فلا تصيبها يده ثم يأتي بالماء فيطهر المحل فيكون أبلغ في التنظيف وأحسن. انتهى.
فإذا مسحت القضيب بالمناديل فإنه قد طهر إلا إذا كان البول قد تجاوز المحل المعتاد، فلا يجزئ حينئذ إلا الماء، قال ابن قدامة في المغني أيضاً: وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء وبها قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر يعني إذا تجاوز المحل بما لم يجر به العادة مثل أن ينتشر إلى الصفحتين وامتد في الحشفة لم يجزه إلا الماء لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة في غسله لتكرر النجاسة فيه فما لا تتكرر النجاسة فيه لا يجزئ فيه إلا الغسل كساقه وفخذه. انتهى.
وملامسة القضيب بعد جفافه لثوب جاف أيضاً لا تترتب عليها نجاسة لذلك الثوب، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: النجس إذا لاقى شيئاً طاهراً وهما جافان لا ينجسه. انتهى، وللمزيد عن هذه المسألة راجع الفتوى رقم: 62420.
ولا يلزمك بعد التبول تغيير شيء من ملابسك ولا غسل قدميك، فإذا لاحظت نجاسة في ثوبك أو قدميك فلا تجب عليك إزالتها إلا عند إرادة الصلاة ونحوها من كل ما تشترط له طهارة البدن والثوب، وراجع الفتوى رقم: 52113.
ولا ينبغي لك حبس البول عند الحاجة إليه لما قد يترتب على ذلك من مخاطر على صحتك، إضافة إلى ثبوت النهي عن الصلاة حال مدافعة البول أو الغائط، وراجع الفتوى رقم: 38636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(11/238)
الحكمة من طلب المغفرة عند الخروج من الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: غفرانك عند الخروج من الخلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر صاحب عون المعبود في طلب المغفرة عند الخروج من الخلاء احتمالين:
الأول: أنه صلى الله عليه وسلم سأل المغفرة من تركه ذكر الله في ذلك الوقت في تلك الحالة.
والثاني: وهو الأشهر أنه سأل المغفرة في العجز عن شكر النعمة في تيسير الغذاء وإبقاء منفعته وإخراج فضلته على سهولة فيؤدي حقها بالمغفرة.
وقد ذكر المباركفوري في شرح الترمذي قريباً من هذا، ورجح القول الثاني بحديث أنس، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني. رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(11/239)
منع الاستنجاء بكل ما فيه كتابة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء زيارة هذه الصفحة.. لأن في هذه الصفحة إهانة للقرآن الكريم! أرجو من المسؤولين عن الموقع مراجعة الصفحة: http://www.sout-al-haqe.com/pal/musical/fatwa1.htm هام جدا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الموقع معروف بالتلبيس وعدم الأمانة في النقل والتلفيق في الأمور، محاولة من القائمين عليه أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويأبى أيضا أن يهدي كيد الخائنين.
ولو أن السائل رجع بنفسه لرقم الفتوى التي أحال عليها الموقع لعلم أنها مصرحة بمنع الاستنجاء بكل ما فيه اسم الله، وأن العلماء منعوا الاستنجاء بكل ما فيه كتابة ولو بخط أعجمي فأحرى إذا كان قرآنا، وقد ذكرنا ذلك أيضا في عدة فتاوى، وبينا منع دخول بيت الخلاء بكل ما فيه ذكر الله فطالع في ذلك الفتوى رقم: 31109 والفتوى رقم: 7215 والفتوى رقم: 38386 والفتوى رقم: 51490
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(11/240)
العلاج الناجع لقطع دابر وسواس قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل الخير إخواننا على ما تقدموه لنا ونسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة. إخواني أنا شاب في المرحلة المتوسطة, أعاني من مشكلة السلس (البول والمذي وأحيانا الودي) , وأعاني كثيرا من ذلك حيث تضيع مني غالبا الصلوات عن أوقاتها وخاصة صلاة الجماعة مع المصلين, إضافة إلى المشاكل الشخصية التي أتعرض لها سواء في البيت أو المسجد أو مع الأصدقاء, فهذا لا يسبب لي الحرج بقدر ما يسبب لي المضايقة. وأعاني في بيتي مع والداي بسبب المكوث طويلا في الخلاء وعدم قيامي بواجباتي تجاه الصلاة والدراسة وأي شيء آخر خاصة أنه لا يعلم أحد بذلك, وعاهدت الله من قبل أن لا يعلم بهذا الشيء إلا طبيب إذا أردت العلاج أو شيخ من خارج المنطقة في حال السؤال عن بعض الأحكام بطريق غير مباشر سواء بالرسائل أو الإنترنت, وفضلت الصبر واحتساب الأجر عند الله على أن أخبر أحدا. وغالبا ما يحصل معي ما يلي:- أنني في حاجة أن أقوم بتنظيف ذكري بغسله بالماء قبل الوضوء بسبب خروج المذي الذي يلزمني بالغسل, والانتظار حتى يتوقف خروج أي شيء (وهذا عادة ما يأخذ مني وقتا طويلا ويعرضني للمشاكل) ثم لفه بقطعة من القماش أو أي شيء من الورق, بعدها أقوم بالوضوء الذي عادة ما يلازمني فيه بعض الوساوس, وهذا ما يلزمني بالوجود في المسجد قبل الآذان بوقت معين حتى أستطيع اللحاق بصلاة الجماعة والتي يؤمها عادة شيخ سريع في صلاته, فلا ألحق الصلاة معهم. المشكلة أحيانا أكون في المسجد وعند الآذان أذهب إلى الخلاء مبكرا على أمل الانتهاء مبكرا بالوضوء, إلا أنه بعد ذهابي أحس أنني في حاجة إلى التبول الذي لم أشعر به من قبل, وهذه طامة كبرى بالنسبة لي حيث أنتظر بعد قضاء حاجتي الوقت الكثير في انتظار انقطاع نزول بعض القطرات الصغيرة من البول, عندها أشعر بالضيق النفسي وأمقت نفسي وأكره نفسي أشد الكره , وأمقت على كل شيء حولي ولا أدري على من أفرغ طاقة الغضب والضيق التي في داخلي, ولعلمي أنه لا تجوز الصلاة لمن يعاني من السلس ولكن تمر عليه أوقات ينقطع فيها هذا السلس, وأنا كذلك أعلم أنه تأتي أوقات ينقطع غالبا فيها السلس ولكن دون أن أدري متى ذلك وكم من الوقت يلزمني البقاء في الخلاء حتى يتم الوصول لهذه اللحظة. ومن المشاكل التي أعاني منها بسبب ذلك أنني في حاجة إلى الوضوء قبل خروجي إلى الجامعة وألبس الجوارب حتى أمسح عليها لصلاتي الظهر والعصر بسبب أنه هناك صعوبة بعض الشيء في غسل الأرجل ورغبتي في الخروج متوضئا من البيت, فلا أستطيع الخروج مبكرا للسبب المذكور, مما يؤدي إلى ضياع العديد من المحاضرات اليومية فتدنت علاماتي بعض الشيء. والمصيبة أنني أعاني من تأخير في صلواتي وأحيانا ضياعها من وقتها, والطامة أيضا في المعاصي التي أظلم بها قلبي والتي أحس أنني حرمت من لذة الإيمان بسببها وحرمت من العلم, فبعد أن كانت علاماتي من الدرجات العالية أصبحت متدنية بصورة واضحة, وأحس بالوحشة بيني وبين الناس بسبب هذه المعاصي إضافة إلى الهم والغم اللذين يلازماني دائما إلا في الأوقات التي ألتزم فيها بصدق مع الله سبحانه وتعالى, وما يؤرقني أكثر هو أجواء الفتن التي نعيش فيها, ففي الجامعة ترى التبرج الفاضح والسفور الدنيء من كثير من الفتيات (اللاتي نسأل الله لنا ولهن الهداية) إضافة إلى وجود القنوات الفضائية التي تعلمون ما تبثه, عدا عن الجرائد والمجلات, ومهما حاولت الابتعاد عن تلك الدنايا إلا أنني أعود فأسقط في براثن الشهوات, وأقع في تلك العادة المحرمة التي تجعل الدنيا مسودّة أمامي لعدة أيام, فعندها لا أخشع في صلاة وتضيع النوافل ولا أبتسم حتى في وجوه والداي وأضيع واجباتي من دراسة وغيرها, وسألت الله وأسأله دائما أن يرزقني الزوجة الصالحة..... لكن الأوضاع والظروف لا تسمح لي بذلك, فأسألكم بالله إخواني أن ترسلوا لي ردا شافيا على ذلك وأسألكم أن تدعو الله لي أن يحصن فرجي ويحفظ لي ولجميع المسلمين الإيمان ويفرج كربنا وهمومنا وأن يغفر لنا وللأمة وينصرها على أعدائها ويعزها بالإسلام, (واعلموا أنّ هذه ليست مشكلتي وحدي, بل هي مشكلة الكثير من إخواني ومن شباب المسلمين) وأسألكم جميعا الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك الهداية والشفاء من كل الأمراض والأوجاع الظاهرة والباطنة، ثم إننا نشعر في ثنايا كلامك أنك وضعت يدك على الداء وعلى الدواء في آن واحد، فالحل إذن بيدك بعد توفيق الله تعالى. فقد ذكرت أنك تقترف بعض المعاصي وهذا ـ لعمري ـ داء فظيع وسبب لكل تعاسة وشقاء وعناء في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30} . ونظر الفتوى رقم: 20090، والفتوى رقم: 46551. وقد ذكرت أيضا أن الهم والغم يلازمانك دائما إلا في الأوقات التي تلتزم فيها بصدق مع الله تعالى فهذا ـ والله ـ هو الدواء النافع، فالتزم دائما بصدق مع الله تعالى، وتب إليه توبة نصوحا وفر إلى طاعته وابتغاء رضوانه من خطوات الشيطان وعصيان ربك الرحمن، والتجئ إلى ربك بصدق وإلحاح فهذا هو الدواء الحقيقي. ثم إنه من الواضح من كلامك أنك تعاني من الوسوسة في الطهارة وأفضل علاج لها هو الإعراض عنها جملة وتفصيلا،كما قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى لما سئل عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين وأقبح منهم كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوابها وأصغواإليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان. انتهى.
ثم إن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} . فيكفيك الاستنجاء بعد سلت الذكر ونتره نترا خفيفا حتى يغلب على ظنك انقطاع مادة البول ونحوه، ولا تتبع الأوهام والشكوك لما في ذلك من خطورة على المسلم في دينه ودنياه. قال الدردير في شرحه لمختصر خليل المالكي أثناء ذكره لطريقة الاستنجاء في حق الرجل: السلت والنترأ أي أن يكون كل منهما خفيفا لا بقوة لأنه كالضرع كلما سلت بقوة أعطى النداوة ولأن قوة ذلك توجب استرخاء العروق ويضر بالمثانة أي مستقر البول إلى أن يغلب على الظن انقطاع المادة ثلاثا أو أقل أو أكثر، وينبغي أن يخفف زمنها ولا يتبع الأوهام فإنه يؤدي إلى تمكن الوسوسة من القلب وهي تضر بالدين والعياذ بالله تعالى. انتهى. هذا إضافة إلى استحباب نضح الفرج والسراويل بالماء دفعا للوسوسة، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل: سألت أحمد: قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفاً من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. وقال النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس، فهذه النقول تفيد كلها أن المرء ليس مطالبا بتتبع الأوهام والوساوس. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(11/241)
دخول الحمام مع حمل المسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدخول إلى الخلاء (الحمام) والمسبحة في جيبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك دخول الحمام مع حمل المسبحة في جيبك أو غيره إلا إذا كانت حبات المسبحة مكتوباً عليها ما فيه اسم الله تعالى أو بعض القرآن أو الذكر، فيكره لك حينئذ الدخول بها، كما سبق في الفتوى رقم: 36096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(11/242)
دخول ماء الاستنجاء السبيل ثم خروجه
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ إني حين أغتسل أقوم بغسل القبل والدبر وأشك في إذا ما كان دخل دبري ماء؟ فما الحكم في دخول هذه المياه؟ وإني أشك في إن كان هذا الماء قد خرج مرة أخرى فما علي أن أفعل؟ وهل هذه وساوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستنجاء هو إزالة ما على المخرج بحجر أو بأي مزيل طاهر، أو غسله بالماء، والأكمل الجمع بينهما بأن يزيل النجاسة بحجر ونحوه ثم يغسل المحل بالماء، ولا يطالب بإدخال الماء إلى الداخل، بل ذلك من التنطع والغلو في الدين، لذا يجب الاقتصار على الاستنجاء الذي أوضحناه في الفتوى رقم: 11536، والفتوى رقم: 32839.
ولو افترضنا أن الماء دخل فعلاً ونزل، فإنه ينقض الوضوء، لأنه خارج من أحد السبيلين، كما هو مذهب الحنابلة وغيرهم.
قال ابن قدامة في المغني: والمني والمذي والودي والريح من ذكر الرجل وقبل المرأة - الثاني نادر كالدم والدود والحصا والشعر فينقض الوضوء أيضاً، وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، قال: ولم يوجب مالك الوضوء من هذا الضرب لأنه نادر اشبه الخارج من غير السبيل، ولنا أنه خارج من السبيل أشبه المذي إلى أن قال ولو فطر في إحليله دهنا فخرج نقض الوضوء، لأنه خارج من السبيل، ولا يخلو من بلة نجسة تصحبه فينقض بها الوضوء. انتهى
هذا إذا تحققت من دخول الماء ثم تحققت من نزوله أيضاً، فإن كان هذا مجرد شك فلا ينتقض الوضوء، لأن الشك في الحدث الطارئ لا ينقض الوضوء، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 25043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/243)
المسح باليد على الدبر لتطهير النجاسة لا يعتبر لواطا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحيانا بعد أن أتغوط أقوم بالمسح على دبري بالمنديل للتأكد من التطهر أو أمسح على الدبر بالماء بواسطة يدي فهل هذا حرام وهل هذا يعد لواطا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستعمال المنديل أو اليد أو غيرها لتطهير النجاسة ليس بمحرم ولا يعتبر من اللواط، قال الخرشي في شرحه لمتخصر خليل المالكي: يندب بل باطن اليد اليسرى قبل ملاقاة النجاسة من بول أو غائط ليسهل إزالة ما تعلق بها من الرائحة لأنها إذا لاقت النجاسة وهي جافة تعلقت الرائحة باليد وتتمكن منها، ويندب أيضاً غسل اليد بعد الاستنجاء بتراب أو رمل أو نحو ذلك، مما يقلع الرائحة. انتهى
وقا ابن قدامة في المغني: وإذا استنجى بالماء ثم فرغ دلك يده بالأرض، لما روي عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم: فعل ذلك. رواه البخاري. انتهى
وعليه، فالمسح باليد على الدبر لتطهير النجاسة لا يعتبر لواطاً إلا إذا قام الشخص بإدخال أصبعه في الدبر، فهذا من البدع غير المشروعة، كما سبق في الفتوى رقم: 46819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(11/244)
تأخير الاستنجاء لعدم وجود الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل من الله التوفيق لكم ولي سؤال: أنا أدرس في مدرسة لا يوجد ماء في الحمام أحيانا لا أذهب إلى الحمام ومدة دوامي من الساعة 8 ونصف إلى ساعة 2 ونصف وهذا يؤثر علي وأحياناً لا أتحمل فأضطر للذهاب إلى الحمام وعند رجوعي أغسل نفسي فما رأي الشرع من هذه الناحية؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لك حبس البول أو الغائط لما يترتب على ذلك من أضرار صحية على الشخص، كما في سبق في الفتوى رقم: 38636.
ولا حرج عليك في تأخير الاستنجاء، لأنه لا يجب إلا عند إرادة الصلاة، كما في الفتوى رقم: 52113.
وبإمكانك الاستنجاء بالورق إن وجد، لكنه لا يكفي عن الماء بالنسبة لبول المرأة عند بعض أهل العلم كالمالكية.
قال الخرشي المالكي في شرحه لمختصر خليل: يعني وما يتعين فيه الماء بول المرأة بكراً كانت أو ثيباً والخصي لتعديه منهما مخرجه إلى جهة المقعدة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/245)
أفضل كيفية للاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مسح القبل والدبر بالمناديل الورقية بعد الغسل بالماء وأنا كثير الشك في نزول البول بعد الغسل بالماء فأمسح بعد الغسل حتى أتيقن من عدم وجود البول ثم أغسل بالماء مرة أخرى أفادكم الله وجزاكم خيرا عني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل صفة للاستنجاء أن تزال النجاسة بمزيل مثل الحجارة أو ما يقوم مقامها مثل المناديل ثم يغسل المحل بالماء، ولا يطالب بالمسح بعد ذلك مع أنه جائز، لكنه قد لا يكون علاجا لقطع الشك والوسوسة، بل سبب لزيادتها
وعلاج الشك والوسوسة يكون بالإعراض عما يخيل إلى المرء من نزول قطرات البول ونحوها بعد الاستنجاء، وتعالج الوسوسة في ذلك أيضا بنضح الفرج وما حوله بالماء بعد الاستنجاء، فيحمل ما يجده من البلل على أنه من ذلك الماء وليس من البول، ولذلك طالع الفتويين التاليتين: 60499، 30720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/246)
دخول الخلاء بحلي فيه لفظ الجلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحمل في عنقي دائما ومكتوبا عليها اسم الجلالة هل حرام أن أرتديها وأنا في المرافقpleas answer me in english on hotmail]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدخول إلى المرافق بما فيه ذكر الله تعالى مكروه، بدليل ما رواه أصحاب السنن والحاكم والبيهقي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " وفي لفظ" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتما نقشه ـ محمد رسول الله ـ فكان إذا دخل الخلاء وضعه" والحديث وإن كان فيه مقال إلا أن من العلماء من صححه، أو حسنه كالترمذي والحاكم. ومن ذهب إلى تضعيف هذا الأثر لم يقل بالكراهة. ففي المغني لابن قدامة: قال أحمد: الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه ويدخل الخلاء. وقال عكرمة: قلبه هكذا في باطن كفك فاقبض عليه وبه قال إسحاق، ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين. وقال أحمد: في الرجل يدخل الخلاء معه الدارهم أرجو أن لا يكون به بأس. لكن الأفضل على كل أن يجنب ما فيه اسم الله تعالى الأماكن القذرة حسب الاستطاعة تعظيما لله تعالى وتأدبا مع اسمه العظيم. واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن ما تعلقينه في عنقك إن كان حليا فلا بأس به مع مراعاة احترامه وعدم امتهانه، وإن كان غير حلي فإنه من التمائم، ولك أن تراجعي في تعريف التميمة وحكمها فتوانا رقم: 4137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/247)
الإيتار في الاستجمار
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن استجمرتم فأوتروا، ما معنى هذا الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظ الحديث كما في الصحيحين: من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر. وفي لفظ لمسلم: إذا استجمر أحدكم فليوتر. وفي الجامع الصغير بلفظ: إن الله وتر يحب الوتر فإذا استجمرتم فأوتروا وصححه الألباني، وأما اللفظ الذي في السؤال فلم نجده، واللفظ الصحيح هو ماذكرنا ـ ومعنى فليوتر أي إذا استنجى بالحجر مثلا فليفعل ذلك ثلاثا أو خمسا إن لم يحصل الغرض بالثلاث فإن لم يحصل بالخمس فليفعل ذلك سبعا ـ هذا معنى الإيتار أن يكون العدد وترا ومعلوم أن الاستجمار هو إزالة الأذى عن المخرج بالجمار، والجمار عند العرب الحجارة الصغار، قاله ابن عبد البر وغيره. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 56225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(11/248)
حكم الاستنجاء بالماء المطلق والمائعات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في ماء الاستنجاء ما يشترط في ماء الوضوء؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستنجاء إزالة ما بالمخرج من بول أو غائط، والذي عليه جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة وهو الراجح عندهم إضافة إلى بعض الأحناف كون إزالة النجاسة من البدن أو الثوب لا تجزئ إلا بالماء الطهور؛ لقوله تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا {الفرقان:48} .
وعند بعض الحنفية وهو رواية عن الإمام أحمد جواز تطهير النجاسة بالماء المطلق، وبكل مائع طاهر تمكن إزالتها به، وهذا القول رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى.
ولا شك أن من الورع والاحتياط في الدين الاقتصار على إزالتها بالماء الطهور الذي لا يجزئ الوضوء إلا به خروجا من خلاف أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 22555.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 32839، والفتوى رقم: 26771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(11/249)
يستحب نضح الماء على الفرج والسروال ليزيل الوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا صاحبه الأسئلة رقم 264058والسؤال رقم 265434 والفتوى رقم 59698والفتوى رقم 58676فأنا أصبحت فعلا وحضرتك ذكرت لي يا شيخ في الفتوى رقم 59698أنه رائحة البول لا يترتب عليه وجوب غسله أو نقض الوضوء إلا أن تتأكدي وتتيقني من نزول بول فعلا فبالله عليك يا شيخ كيف أتأكد أو أتيقن من نزول هذا البول فعلا هل لا بد أن أجد بللا لكي أتأكد لكن ممكن يكون هذا البلل من الاستنجاء أم أتأكد لو وجدت بقعه صفراء ولكني سمعت أيضا أنه ممكن يكون البول لا لون له هل أقنع نفسي أنني لا أغير ملابسي أو أعيد الوضوء إلا لو وجدت بقعة صفراء طيب أليس من الممكن يا شيخ تكون هذه البقعة الصفراء عرقا مثلا هل لابد أن أشم لكي أتأكد من نزول بول أم لا وخصوصا وحضرتك قلت لي إن مجرد وجود رائحة بول في ملابسك لا يلزم تغييرها أو إعادة الوضوء إذا يا شيخ كيف أتيقن من نزول بول فعلا وإنني أصبحت دائما الآن بعد التبول وأثناء الوضوء أو الصلاة أشعر بخروج بول مني لكن كيف أتيقن من نزول بول أنا من عادتي أصلا يا شيخ إنه بعد قضاء حاجتي من البول وبعد الاستنجاء أضع منديل ورق كحفاض ليمنع نزول إفرازات مثلا في ملابسي الداخلية فعندما أشك في نزول بول بعد الاستنجاء أذهب فأجد المنديل فعلا مبلولا جدا لكن لا أعرف من مياه الاستنجاء أم من نزول بول أنا أقول أكيد هذا البلل من مياه الاستنجاء كيف أتيقن من نزول بول بالله عليك ماذا أفعل في إحساسي من نزول شيء مني هل ممكن أن يكون عندي سلس بول وأنا لا أعرف أم هذا وسواس فظيع ووهم
هل أصلي بناء علي الأكثر ولا ألتفت لأي شك فعلا ولا أسجد للسهو أبدا سواء قبل الصلاة أو بعدها هل هذا صحيح يا شيخ بالله عليك لا تحلني لأسئلة أخرى وأن تجاوب علي بنفسك يا شيخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك هذا وما قبله من أسئلة سابقة أنك مصابة بالوسواس القهري الذي سبق تعريفه وعلاجه في الفتوى رقم: 3086 فعليك بعد البول أو الغائط بالاستبراء من البول والغائط ثم بعد ذلك يستحب لك نضح الفرج أو مقابله من الثوب بماء لقطع الوسوسة. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه. قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده؟ قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.
وقال النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس. فهذه النقول تفيد كلها أن المرء ليس مطالبا بتتبع الأوهام والوساوس. انتهى.
وما وجدته بالمنديل المذكور وشككت في كونه بولا أو ماء فلا تعتبريه بولا لاحتمال كونه من ماء الاستنجاء، والأصل الطهارة حتى تتيقن النجاسة، وما أحسست به من بلل أثناء الوضوء أو الصلاة لا يترتب عليه بطلان الصلاة ولا الوضوء.
ومن كثر عليه الشك حتى صار كالوسواس لا يلتفت إليه ولا يلزمه سجود سهو، هذا هو الراجح من كلام أهل العلم كما ذكرنا في الأجوبة السابقة على أسئلتك عن هذه المسألة، والخلاصة أن العلاج المزيل بإذن الله لهذه الوساوس والأوهام هو الإعراض الكلي عنها بالغة ما بلغت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(11/250)
حكم التبول في المغسلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقوم الذكر بالتبول في المغسلة والتي يستخدمها هو وغيره للغسيل والوضوء، وما هي الوضعية الأصح لقضاء هذه الحاجة دون التعرض للنجاسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي للمرء أن يبول في المغسلة المذكورة لأنها مثل مكان الاستحمام الذي قد كره أهل العلم التبول فيه، لما ورد من النهي عن البول في المستحم، ففي سنن الترمذي عن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: إن عامة الوسواس منه. صححه الألباني. قال المباركفوري في شرحه للحديث: وإنما نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب منه البول أو كان المكان صلبا فيوهم المغتسل أنه أصابه منه شيء فيحصل منه الوسواس.
ومن آداب قضاء الحاجة: الذكر قبله والجلوس له وإعداد مزيله وتقديم القبل في الاستبراء وتغطية الرأس وعدم الالتفات والسكوت إلا لمهم، وغير ذلك من الآداب الموجودة في كتب الفقة في باب قضاء الحاجة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 3571، 3490.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(11/251)
الاستنجاء بالمناديل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يسأل ويقول: رأيت رجلا يتبول في مكان مخصص للتبول خارج الحمامات وهي مراحيض لا يوجد بها ماء للتنظيف، ثم قام بمسح ذكره بالكلينكس وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بالناس إماما، فلما رأيت ما كان منه لم أصل خلفه بل صليت منفردا، فهل فعل ذلك الرجل صحيحا، وهل ما فعلته أنا صحيح؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإزالة الخارج من السبيلين من بول أو غائط يتم بواحدة من طرق ثلاث أيها فعل الإنسان كان ذلك مجزئا له:
الأول: الجمع بين الحجر أو ما يقوم مقامه كالورق والمناديل وبين الماء، وهذا أولى هذه الطرق لأنه أبلغ في الإنقاء.
الثاني: الاقتصار على الأحجار أو ما يقوم مقامها كالمنديل.
الثالث: الاقتصار على الماء فقط.
ويجزئ المسح بالأحجار وما يقوم مقامها إذا لم تتعد النجاسة محلها المعتاد، فإن تعدت فلا يجزئ المسح بالأحجار فقط، بل لا بد من الغسل بالماء.
ومن هنا تعلم أخي السائل أن فعل هذا الشخص الذي اكتفى بالمسح بالمنديل لموضع النجاسة كاف في الطهارة وكان ينبغي لك أن تصلي وراءه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(11/252)
البول واقفا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التبول للمسلم وهو واقف إن تعزر عليه الجلوس أو إذا رأى الوقوف أطهر له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تبول المرء وهو قائم لا حرج فيه وسبق دليله في الفتوى رقم: 897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(11/253)
الاستبراء التام شرط لصحة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد قضاء حاجتي من البراز وبعد الاستنجاء منه أحس بنزول ماء من دبري وعندما أمسحه بمنديل أجد بهذا الماء إصفراراً من البراز فأستنجي مرة أخرى وأمسح وأجد إصفراراً مرة أخرى والدتي تقول لي أكيد إنني عندما أستنجي أدخل كثيراً من الماء في دبري لذلك يخرج ثاني ولكني لا أظن أن هذا هو السبب ويمكن أن يكون هو السبب لكني أحس إنني أستنجي عادي ولا أدخل مياه كثيرة لكن يا فضيلة الشيخ أنا أستنجي مرة وأتوضأ وأشعر بنزول هذا الماء مرة أخري فماذا أفعل؟ هل اعتبر في هذه الحالة من أصحاب الأعذار وأتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت ولا ألتفت لهذا الأمر أم لا؟ وهذا الأمر يحصل لي كلما قضيت حاجتي من البراز وأحيانا يحصل لي ولكن بغير قضاء حاجتي من البراز لقد أصبحت أخاف جدا من التبرز لحصول هذا الأمر وأكون في عملي مثلا فاتحرج من الوضوء مرة أخرى أصبحت أحاول التبرز في نهاية اليوم وبعد صلاة العشاء لكي لا يكون علي صلاة وأتشكك وحتى لو في نصف النهار وقضيت حاجتي من البول وأردت التبرز أمنع نفسي فماذا أفعل في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجدينه بعد الاستنجاء أو غيره إذا كان نزوله لا يستغرق جل الوقت فليس بسلس، بل الواجب عليك الاستبراء منه حتى لا يبقى له أثر، ولا يصح الوضوء مع وجوده، لكونه ناقضاً له عند جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر، وجملة ذلك أن الخارج من السبيلين على ضربين: معتاد كالبول والغائط والمني والمذي والودي والريح، فهذا ينقض الوضوء إجماعاً. إلى أن قال: الضرب الثاني: نادر كالدم والدود والحصى والشعر فينقض الوضوء أيضاً، وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وكان عطاء والحسن وأبو مجلز والحكم وحماد والأوزاعي وابن المبارك يرون الوضوء من الدود يخرج من الدبر، ولم يوجب مالك الوضوء من هذا الضرب لأنه نادر أشبه الخارج من غير السبيل، ولنا أنه خارج من السبيل أشبه المذي، ولأنه لا يخلو من بلة تتعلق به فينتقض الوضوء بها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة بالوضوء لكل صلاة ودمها نادر غير متعاد. انتهى
هذا إضافة إلى وجوب تطهير البدن والثوب منه لوجوب إزالة النجاسة في حق من يريد الصلاة، كما في الفتوى رقم: 31622.
وليس الحياء مبرراً لصلاتك مع انتقاض الوضوء، لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ولا ينبغي لك حبس البول والغائط، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 38636.
وإذا كان ما ذكرت ملازماً جل الوقت فحكمه حكم السلس الذي سبق بيانه في الفتوى رقم: 56856.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 10355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/254)
كيفية التخلص من الوسوسة في بعض أمور الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ أود أن أسأل عن الطهارة من البول
أنا في الحقيقة يحصل لي شيء غير طبيعي بعد ما أنهي البول وأغسل ذكري وأخرج من الحمام أحس بأن قطرات بول تنقط على ملابسي وهذا الشيء منذ زمن، والحمد الله أنا أصلي وأصوم وأقوم بكل الواجبات الدينية أرجو أن تفتوني في هذا الأمر ولا تقولوا لي اذهب إلى الفتوى رقم كذا ومع العلم أني ذهبت إلى الطبيب ويعطيني علاجات وبعد انتهاء العلاجات بفترة تعود هذا الحالة. أفتوني أفتاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويخلصك مما تجده. واعلم أن هذا الذي أصابك قد يزداد مع استمرار الوساوس والشكوك في حصوله، فعليك بعد البول أن تسلت الذكر سلتا خفيفا حتى تخرج كل ما به من البول، ثم تنضح المحاذي لفرجك من الثياب بالماءالاستنجاء، ولا تلتفت بعد ذلك للوسوسة، فإذا حصل لك شك فاحمل البلل الذي تجده على أنه من الماء الذي نضحت به ثوبك. وبعد أيام سينصرف عنك هذا الموضوع بحول الله، وقد جرب ذلك مرارا، وراجع فتوانا رقم: 1830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/255)
الوضوء والذبح في المكان المعد لقضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن أحد الشيوخ قد أفتى بعدم جواز الوضوء في الحمامات التي يوجد بها مكان لقضاء الحاجة {كرسي الحمام} مع العلم بأني سمعت عالم دين أباح للساكنين في عمارات سكنية عالية ذبح الأضحية في الحمام وأجاز لهم التكبير عند الذبح لأنه حسب تفسيره أن الحمامات الحديثة لا يبقى بها شيء بعد استعمال السيفون وجميع القذارة تذهب إلى المجاري الرئيسية، وما حكم التطهر في الحمامات التي يوجد بها مكان لقضاء الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلاء هو البناء المعد لقضاء الحاجة عرفا، سواء كان فيه نجاسة أو قد أزيلت، والوضوء فيه خلاف الأولى كما بيناه في الفتوى رقم: 14269.
وأما الذكر والتسمية، سواء كان على الذبيحة أو غيرها، فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح أنه مكروه ما دام أنه معد لقضاء الحاجات.
قال ابن دقيق العيد في شرح حديث: كان إذا دخل الخلاء.... قوله: إذا دخل. يحتمل أن يراد به: إذا أراد الدخول، كما في قوله سبحانه: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ... {النحل: 98} . ويحتمل أن يراد به ابتداء الدخول، وذكر الله تعالى مستحب في ابتداء قضاء الحاجة، فإن كان المحل الذي تقضى فيه الحاجة غير معد لذلك -كالصحراء مثلاً- جاز ذكر الله تعالى في ذلك المكان، وإن كان معداً لذلك -كالكنف- ففي جواز الذكر فيه خلاف بين الفقهاء، فمن كرهه، فهو محتاج إلى أن يؤول قوله: إذا دخل بمعنى: إذا أراد، لأن لفظة: دخل أقوى في الدلالة على الكنف المبنية منها على المكان البراح، أو لأنه قد تبين في حديث آخر المراد، حيث قال صلى الله عليه وسلم: إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل-الحديث. وأما من أجاز ذكر الله تعالى في هذا المكان، فلا يحتاج إلى هذا التأويل، ويحمل: دخل على حقيقتها. اهـ
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 19690، والفتوى رقم: 45222.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/256)
حكم غسل الدبر من الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف تفسير حديت الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أمر فيه عن عدم ترك الصلاة إلا من يجد ريحا أو يسمع صوتا فما المقصود بالريح في الحديث هل هو الرائحة أو الهواء الخارج كالريح؟ وهل يجب التأكد من الرطوبة الخارجة مع الريح لأنني علمت أنه يجب غسل الدبر منها فأنا أشك فيها دائما كذلك أنني أعاني من وجود غازات في بطني واضطررت لمدافعتها دائما لأنني أجد مشقة في غسلها مع أنني لا أستطيع أن أتأكد من رطوبتها إلا بلمسها وهذا يتكرر معي دائما حيث أجد نفسي دائم الدخول للحمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المتفق عليه ولفظه عند مسلم: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة. قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وقوله صلى الله عليه وسلم: حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً معناه يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى
وعليه، فالحدث هو الهواء الخارج من الدبر على هيئة الريح مشتملاً على رائحة تشم أو صوت يسمع أو هما معاً.
لكن الريح لا تصحبها رطوبة، ولا يجب عليك غسل الدبر منها، بل لا يشرع ذلك، فمن فعله معتقداً مشروعيته، فقد ارتكب بدعة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 2562.
وعليه، فلا يشرع لك غسل الدبر بسبب خروج الريح ما لم تتحقق من خروج نجس معها، بل إذا سمعت صوتاً أو وجدت ريحاً فقد بطل الوضوء، ولا يلزمك لمس المحل، وينبغي لك عدم الاسترسال في الوساوس، فلها خطورة عظيمة على المسلم في دينه ودنياه، وللتعرف على الحكم الشرعي في شأن كثرة خروج غازات من البطن راجع الفتوى رقم: 53438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/257)
أقوال الفقهاء فيما يتم به الإنقاء من النجاسة في الاستبراء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد الدعاة عن الاستبراء من البول أنه يكفيك فقط المسح ثلاث مرات ـ بالورق أو بأي شيء آخر ـ، وليس عليك شىء إن بقي شيء في الذكر. فهل هذا صحيح؟ أم يجب على الرجل أن يمسح حتى لا يبقى شيء.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم متفقون على وجوب إنقاء المحل من النجاسة حتى تزول بالكلية. واختلفوا في وجوب التثليث في الاستجمار، فلم يوجبه المالكية والأحناف، وإنما يكفي عندهما الإنقاء، وأوجب الشافعية والحنابلة التثليث؛ لما روى مسلم وغيره من حديث سلمان لما قيل له: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم. قال ابن حجر العسقلاني: وأخذ بهذا الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص من الثلاث مع مراعاة الإنقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقي ... . قال الخطابي: لو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن الفائدة، فلما اشترط العدد لفظا وعلم الإنقاء فيه معنى دل على إيجاب الأمرين.. .
وعليه؛ فالواجب المتفق عليه هو إنقاء المحل من النجاسة في الاستبراء. والراجح أنه لا يكفي فيه أقل من ثلاث مسحات. وبهذا تعلم عدم صحة ما ذكرت أنك سمعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/258)
نجاسة المرحاض لا تثبت إلا بدليل حسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم الجلوس على المرحاض
فهل يجب غسل الجزء الذي يلامسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب قبل الجلوس على المرحاض هو التأكد من خلوه من النجاسات لأنه يحرم على المرء ملامسة النجاسة لغير ضرورة، فإذا وجد عليه نجاسة فلا مسها وجب عليه غسل الجزء الذي أصابته من بدنه أو ثيابه، أما إذا لم يجد على المرحاض نجاسة فالأصل أنه طاهر، ولا تثبت نجاسته إلا بدليل حسي ولا يجب في هذه الحالة غسل الجزء الذي يلامسه، وإننا لنوصي الأخ السائل بطرد وساوس الشيطان مع المحافظة على الطهارة الظاهرة (وهي طهارة الثياب والبدن) والطهارة الباطنة (وهي طهارة القلب) وراجع الفتويين رقم 53056، ورقم 53412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/259)
لا أثر للشك بعد الفراغ من العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت لكم أن الشك بعد الفراغ من العبادة لا اعتبار له، فهل يمكن تطبيق هذه الرخصة مع الاستنجاء حيث إني أشك بعض الأحيان هل غسلت مكان النجاسة كله أم هناك جزء لم أغسله، وهل تطبق هذه الرخصة بعد الفراغ بمدة طويلة أم حتى الفراغ مباشرة، ثم ما هو الدليل الشرعي لهذه الرخصة حتى أطمئن لتطبيقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشك بعد الفراغ من العبادة سواء كانت طهارة أو صلاة أو غيرهما لا يؤثر سواء طال الوقت أو قصر لأن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أنها تقع على وجه الكمال، ولأن اعتبار الشك بعد الأداء يؤدي إلى الحرج والمشقة، وهما مرفوعان في الشريعة الإسلامية السمحة، لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185} ، ولمزيد الفائدة راجع كلام العلماء في الفتوى رقم: 34716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/260)
كيفية التخلص مما قد يتبقى في مجرى البول بعد انقطاعه
[السُّؤَالُ]
ـ[معلوم أن أي شيء سائل يمر بجسم ما لا بد أن يترك بعض القطرات، وهكذا البول الذي يمر بالقضيب فكيف أتخلص من هذه القطرات وهل أنا مسؤول عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتخلص من تلك القطرات يكون بكل ما أمكنك من وسيلة كسلت الذكر وعصره عصراً خفيفاً مرة أو مرات حتى يغلب على ظنك خلو مجرى البول مما يخاف خروجه، ولكن لا تبالغ في ذلك حتى تصل إلى حد الوسوسة أو ما يضر بصحتك.
قال النووي في المجموع: والمختار أن هذا يختلف باختلاف الناس، والمقصود أن يظن أنه لم يبق في مجرى البول شيء يخاف خروجه، فمن الناس من يحصل له هذا المقصود بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكراره، ومنهم من يحتاج إلى تنحنح، ومنهم من يحتاج إلى مشي خطوات، ومنهم من يحتاج إلى صبر لحظة، ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا، وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة.
قال أصحابنا: وهذا الأدب وهو النتر والتنحنح ونحوهما مستحب فلو تركه فلم ينتر ولم يعصر الذكر واستنجى عقيب انقطاع البول ثم توضأ فاستنجاؤه صحيح ووضوؤه كامل، لأن الأصل عدم خروج شيء آخر قالوا: والاستنجاء يقطع البول فلا يبطل استنجاؤه ووضوؤه إلا أن يتيقن خروج شيء. انتهى.
وإذا أصبت بوسوسة في شأن خروج شيء بعد الاستنجاء، فيستحب لك نضح الفرج والسراويل لقطع تلك الوساوس، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوساوس عنه قال حنبل: سألت أحمد: قلت أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني أحدثت بعده، قال إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك، ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله تعالى. انتهى.
وعليه، فالمطلوب منك التخلص مما في محل البول حتى يغلب على ظنك خلوه من أي تقاطر من غير مبالغة، ويستحب لك النضح قطعاً للوسوسة كما ذكرنا، وراجع الفتوى رقم: 30720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/261)
حكم العطور المحتوية على كحول والعمل في مصنع يستخدم الويسكي في منتجاته ودخول الحمام بما فيه قرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت قبل أسبوعين عدة أسئلة ولم يصلني الرد ووددت التكرم منكم بالإجابة عليها وأرجو
عبر هذه الرسالة الإجابة علي استفساري:
أنا سيدة مسلمة وأقوم باستخدام العطور والكريمات وسمعت أنها محرمة لأنها تحتوي علي مادة
الكحول في تركيبها فما هو ردكم؟ إني مقيمة في أوروبا وأعمل في مصنع لمنتجات الأجبان وهناك نوع من الأجبان تدخل في مكوناته مادة الويسكي كنكهة وحسب جدول العمل أضطر للعمل في بعض الأحيان علي تلك المكينة التي تنتج هذا النوع من الأجبان وأنا سيدة محجبة وبشق الأنفس حصلت علي هذا العمل. فما هو ردكم هل حلال أم حرام؟ لدي سلسله أعلقها في رقبتي كتب عليها آية الكرسي وأدخل بها إلى الحمام فما هو ردكم هل حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجح عند أهل العلم أن العطور والكريمات التي تحتوي على كحول تعتبر نجسة ولا يجوز استعمالها إلا أن تكون استحالت أثناء التصنيع استحالة تامة إلى ما لا يسكر، فإنها بذلك تطهر، وراجعي الفتوى رقم: 254.
وعليه، فإذا غلب على ظنك أن نوعاً من العطور أو الكريمات يحوي مادة الكحول فالواجب تركه، وإن لم يغلب ذلك على ظنك فلا بأس باستعماله لأن الأصل في الأشياء الإباحة.
ومن استؤجر لعمل وعرف أنه سيستخدم في بعض الأحيان فيما لا يجوز العمل فيه مثل تصنيع الأجبان التي فيها مادة الوسكي، فلا يجوز أن يعمل في ذلك العمل لأن فيه تعاوناً مع أصحابه على الإثم والمعصية، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . فالواجب إذا ترك هذا العمل إلا أن تكوني مضطرة إليه، ولم تجدي غيره، فلك البقاء فيه إلى أن تزول الضرورة التي دعت إليه، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه ِ {الأنعام: 119} ، وعليك أن تسعي سعياً مستمراً وجاداً في تحصيل عمل آخر لا يتضمن أمراً محرماً.
ولا يجوز دخول الحمام بالسلسلة المكتوب عليها آية الكرسي، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 1626.
واعلمي أن الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا لضرورة لما يترتب على مساكنتهم من المفاسد والمضار على المرء المسلم في دينه ودنياه، وراجعي الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 10334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/262)
هل يجب في الاستنجاء الدلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستبراء ب\"الشطافة\" وأكون بذلك طاهرة
أي هل يجب فرك الموضع بالماء, وهل يجب الفرك بين المبيضين (الأنثيين) أم تكفي \"الشطافة \"
أرجو الإجابة وأن لا تحيلوني إلى فتاوى مشابهة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقصود من الاستنجاء هو إزالة أثر الخارج، فإذا حصل ذلك بمجرد صب الماء من غير مسح باليد أجزأ ولم يجب الدلك، وانظري الفتوى رقم: 8309، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 10537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(11/263)
حكم الاستنجاء من وقوف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستنجاء وقوفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستنجاء هو إزالة الخارج بالماء أو نحوه، فمتى حصل ذلك أجزأ، ولكن يتعذر حصوله حال الوقوف إذا كان الخارج من الدبر، ولا يؤمن معه أيضا تقاطر شيء من النجاسة على البدن حال الاستنجاء، وللفائدة نحيلك للفتوى رقم: 3490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(11/264)
هل يكره البول في مكان الاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[أتبول أثناء الاستحمام، أي بعد وضع الصابون على الجزء العلوي من الجسم، وقبل وضع الصابون على الجزء السفلي أشعر بحاجتي للتبول، فأتبول في نفس مكان الاستحمام ومن ثم أستنجي وأواصل استحمامي هل في هذا خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى للمرء أن يبول في المكان المعد للبول لا في المكان المعد للوضوء أو الغسل، ولكن إذا بال في موضع غسله أو وضوئه ونظفه جيداً فلا شيء عليه، فقد روى الإمام أحمد في المسند وأبو داود والنسائي في سننهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يتبول في مغسلته.....
ولذلك كره بعض أهل العلم أن يبول الإنسان في موضع يتوضأ فيه هو أو غيره أو يغتسل فيه، وقيد بعضهم الكراهة بما إذا لم يكن في المكان منفذ ينفذ منه البول والماء، وفي كشاف القناع: (فإن بال في) المستحم (المقير أو المبلط) أو المجصص ونحوه (ثم أرسل عليه الماء قبل اغتساله فيه) قال الإمام أحمد: إن صب عليه المال وجرى في البالوعة (فلا بأس) للأمن من التلويث، ومثله مكان الوضوء، كما في المبدع. انتهى كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(11/265)
التفتيش والتتبع بعد الاستنجاء قد يؤدي إلى الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر الخامسة والعشرين والنصف عندما أتبول وبعد ما أقوم أشعر وكأن البول ينزل مني أو لا أعرف هل هذا بول أم مياه استنجاء ساعات أشمها لا ألاقي رائحة بول وساعات أجد رائحة بول وساعات أمسح بعد الاستنجاء وعندما أدخل للخلاء مرة أخرى أجد رائحة الحفاظ التي أضعها بها بول مع أني مسحت ولم أشعر بنزول شيء هل ما بي مجرد وسوسة سألت طبيبة وقالت لي إنه شيء طبيعي ستجدين رائحة البول ولو لم تريه وهذه حاجة طبيعية عند النساء وقالت لي إن البول إرادي ولكني متشككة فكيف أتيقن عندما أحس بنزول شيء أن ما بي هل هو بول أم لا هل اشم كل مرة مثل ما أفعل أم ماذا أم أتجاهل هذا مطلقاً ولا أعيره أي اعتبار هل هذا وسواس؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يذهب عنك ما تجدينه من وسوسة، واعلمي أن مبنى العبادة على التخفيف ورفع الحرج، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (الحج: من الآية78) .
والمطلوب في الاستنجاء هو أن يفعل الإنسان ما يغلب على ظنه به أن مادة البول قد انقطعت كالسلت والنتر بالنسبة للرجل، وكسلت العانة بالنسبة للمرأة، قال الدسوقي: وأما في حق المرأة فإنها تضع يدها على عانتها ويقوم ذلك مقام السلت والنتر. وقال: فإذا غلب على ظنه انقطاع المادة من الذكر ترك السلت والنتر ولا يعمل على ما عنده من توهم بقاء شيء في الذكر من المادة، وما شك في خروجه بعد الاستبراء كنقطة فمعفو عنها، فإن فتش ورآها فحكم الحدث والخبث أنها تنقض الوضوء ...
وقال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل سألت أحمد: قلت أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. وقال النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه، وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعاً للوسواس، فهذه النقول تفيد كلها أن المرء ليس مطالباً بتتبع الأوهام والوساوس.
وبناء على هذا فليس عليك أن تتبعي ما تشعرين بنزوله، ولا أن تفتشي عنه، وإنما ترشين المحل والإزار بالماء عند الاستبراء، وذاك يكفيك، ولكنك إذا فتشت عن الموضوع ووجدت بولا فإنه ينقض الوضوء وينجس الثياب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/266)
لا يشرع الاستنجاء من خروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني في هاتين المسألتين ...
1- في الفتوى رقم: 50324 ذكرتم (إذا كان سبب الوضوء هو خروج ريح مثلا، فلا يلزمه - بل لا يشرع له - غسل قبل ولا دبر، ولا مسحها) ، أرجو منكم قليلا من الشرح حول ما ذكر بين القوسين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوضيح ما ذكر هو أن الاستنجاء لا يجب بسبب خروج الريح بل لا يشرع أصلا، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن من فعله معتقدا مشروعيته فقد ارتكب بدعة.
فالاستنجاء إنما يكون من البول أو الغائط أو المذي أو الودي أو نحوها مما هو خارج من السبيلين، ويمكن أن يبقى أثره في المحل بعد خروجه، قال الإمام أحمد: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله. فمن انتقض وضوؤه بخروج الريح لم يلزمه سوى الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/267)
حكم الاستنجاء بالجدار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يمسح ذكره بالجدار إذا بال بدل الحجارة ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستنجاء بالجدار مباح عند الشافعية والحنفية محرم عند المالكية إذا كان الجدار وقفاً أو مملوكاً للغير ومكروها إذا كان مملوكاً للشخص المستنجي به، ففي المجموع للنووي وهو شافعي: قال القاضي حسين: ولو وضع رأس الذكر على جدار ومسحه من أسفل إلى أعلى لم يجزئه وإن مسحه من أعلى إلى أسفل أجزأه وفي هذا التفصيل نظر. انتهى.
وفي البحر الرائق وهو حنفي: فالصواب أن يأخذ الذكر بشماله فيمره على جدار أو موضع ناء من الأرض. انتهى.
وفي الدردير شرح مختصر خليل وهو مالكي أثناء كلامه على ما يحرم الاستنجاء به: وجدار لوقف أو في ملك غيره ويكره في ملكه. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير: قوله لوقف أي سواء كان الوقف مسجداً أو غيره كأن وقفه أو وقفه غيره كان الاستجمار بجدار الوقف من داخله أو خارجه فالحرمة بالاستجمار به مطلقاً لأن ذلك يؤدي لهدمه.
قوله أو في ملك غيره أي إذا استجمر به بغير إذن مالكه وإنما حرم لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فإذا استجمر بجدار الغير بإذنه كره فقط، قوله ويكره في ملكه أي ويكره الاستجمار بالجدار إذا كان الجدار في ملكه أي واستجمر به من داخل، وأما إذا استجمر به من خارج فقولان بالكراهة وهو المعتمد وقيل بالحرمة، وإنما نهي عن الاستجمار بجدار ملكه لأنه قد ينزل المطر عليه ويصيبه بلل ويلتصق هو أو غيره عليه فتصيبه النجاسة وخوفاً من أذية عقرب وهذا التعليل يجري في جدار الغير بإذنه. انتهى.
وعليه فالاستنجاء بالجدار لا بأس به عند الشافعية والحنفية وفيه تفصيل عند المالكية كما سبق ذكره، والأفضل في الاستنجاء أن يكون بالحجر ثم بالماء بعده، قال ابن قدامة في المغني: والأفضل أن يستجمر بالحجر ثم يتبعه الماء، قال أحمد: إن جمعهما فهو أحب إلي لأن عائشة قالت: مرن أزواجكن أن يتبعن الحجارة الماء من أثر الغائط والبول فإني أستحييهم كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله احتج به أحمد ورواه سعيد ولأن الحجر يزيل عين النجاسة فلا تصيبها يده ثم يأتي بالماء فيطهر المحل فيكون أبلغ في التنظيف وأحسن. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(11/268)
حكم ذكر الصبي الصغير لفظ الجلالة في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في القول بأن ممثلاً ما في التليفزيون يشبه شخصاً انتقل إلى رحمة الله أحياناً، ابني عمره سنتان ونصف يذكر لفظ الجلالة في الحمام وأحياناً يكبر فكيف لنا أن ننبهه في هذا السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم على القول المذكور يرجع إلى القول نفسه، فإن كان القائل صادقاً فيما قال، وأن فلاناً يشبه فلاناً على الحقيقة أو حسب ظنه، فلا شيء في تشبيه شخص بآخر، والناس جميعاً يكثر بينهم الشبه، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، وأما إن كان لا يشبهه فهذا كذب، والكذب لا يجوز شرعاً، هذا إذا كنا فهمنا السؤال حسبما هو ظاهر.
وننبه السائلة الكريمة إلى أنه ينبغي أن تسأل عن الأشياء المهمة بدلاً من هذا النوع من الأسئلة الذي لا يزيد علماً ولا يترتب عليه عمل، وأما عن تلفظ الولد الصغير بلفظ الجلالة في الأماكن المستقذرة، فينبغي لك أن تعوديه على آداب قضاء الحاجة، وأنه لا ينبغي التكلم في الحمام وأحرى أن يكون ذلك باسم الجلالة، وإذا خالفك في شيء من ذلك فلا إثم عليك، ولا حرج عليه هو أيضاً، لأنه غير مخاطب.
فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل، وعن الصغير حتى يشب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(11/269)
مسائل حول الاستنجاء والشك في عدد الركعات والتسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم من يخرج منه أحياناً بعض القطرات من البول، هل يستنجى لكل صلاة ولو لم يتبول وما حكم من يشك في كثير من العبادات كالوضوء والصلاة، في عدد الركعات والتسبيح، في الكثير من الأحيان، فهل يسجد بعد كل صلاة سجدتين، أرجو أن تجيبو على السؤال وألا تحيلوني على بعض الأجوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن خرجت منه قطرات من البول لزمه أن يستنجي، فإن الاستنجاء من البول والغائط واجب على قول جمهور العلماء.
قال النووي في المجموع: فالاستنجاء واجب عندنا من البول والغائط، وكل خارج من أحد السبيلين نجس ملوث، وهو شرط في صحة الصلاة، وبه قال أحمد وإسحاق وداود وجمهور العلماء ورواية عن مالك، وقال أبو حنيفة: هو سنة، وهو رواية عن مالك. انتهى
إذا لم يخرج من السبيلين شيء، فإن الاستنجاء سببه أثر النجاسة المتبقي على القبل أو الدبر، فإذا لم يبل الإنسان أو يتغوط، فلا يلزمه شيء، وإذا حصل منه بول فقط، فليغسل محل البول فقط، أو يمسحه بثلاثة أحجار، أو نحوها ولا يلزمه غسل الدبر ولا مسحه، وإذا تغوط فقط، فلا يلزمه إلا غسل محل التغوط، أو مسحه، وإذا كان سبب الوضوء هو خروج ريح مثلاً، فلا يلزمه - بل لا يشرع له - غسل قبل ولا دبر، ولا مسحهما، ومن أصاب ثيابه البول أو نحوه من النجاسات، فعليه أن يغسل ما أصاب الثياب منه، إن أراد الصلاة بتلك الثياب، فإن طهارة الثوب شرط لصحة الصلاة.
وأما إذا كانت النجاسة يسيرة كنقطة بول أو ودي، فاختلف أهل العلم فيها، تجد تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17221.
أما الشك في الوضوء، فالقاعدة المقررة عند الفقهاء هي: أن اليقين لا يزول بالشك، ومستند هذه القاعدة الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
وعليه، فإذا كنت على وضوء ثم شككت هل أحدثت أم لا؟ فلا تلتفت لهذا الشك حتى تتيقن الحدث، فإذا تيقنت الحدث فأعد الوضوء، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2330.
وأما الشك في الصلاة إن كان في عدد الركعات، فإذا شك المصلي في صلاته كم صلى من الركعات؟ فعليه أن يبني على اليقين وهو الأقل، فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثاً؟ فليجعلها اثنتين، وإذا لم يدر ثلاثاً صلى أو أربعاً؟ فليجعلها ثلاثاً، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. رواه مسلم.
وعلى هذا، فإذا شك المصلي في عدد الركعات، فإنه يبني على الأقل المتيقن ثم يسجد للسهو.
وإن كان الشك في التسبيحات، فمذهب الجمهور أن أذكار الركوع والسجود سنة.
قال الإمام النووي: واعلم أن الذكر في الركوع سنة عندنا وعند جماهير العلماء، فلو تركه عمداً أو سهواً لا تبطل صلاته ولا يأثم ولا يسجد للسهو. وذهب الإمام أحمد بن حن بل وجماعة إلى أنه واجب، فينبغي للمصلي المحافظة عليه للأحاديث الصريحة الصحيحة في الأمر به، كحديث: أما الركوع فعظموا فيه الرب. وغيره مما سبق، وليخرج عن خلاف العلماء رحمهم الله. والله اعلم. انتهى من كتاب الأذكار للنووي.
والواجب عند القائلين بالوجوب مرة واحدة والزيادة على ذلك سنة لا يجب بتركها سجود للسهو.
وعلى هذا، فمن شك في صلاته، هل قال في الركوع مثلاً: سبحان ربي العظيم. مرة واحدة أم لا؟ لزمه سجود السهو، وله أن يفعله قبل السلام أو بعده، والأفضل أن يكون قبل السلام لأنه نقص من الصلاة، وهذا الذي قلناه في الشك حيث لم يكثر، فإذا كثر حتى صار كالوسواس فالواجب طرح هذا الشك وعدم الالتفات إليه ولا يسجد للسهو بسببه.
قال في مطالب أولي النهي من كتب الحنابلة: ولا يشرع سجود السهو إذا أكثر الشك حتى صار كوسواس فيطرحه، وكذا لو كثر الشك في وضوء وغسل وإزالة نجاسة وتيمم فيطرحه لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة فيفضي إلى زيادة في الصلاة مع تيقنه إتمامها فوجب اطراحه واللهو عنه لذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/270)
قراءة القرآن في الحمام مما لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أنه لا يجب علينا ذكر اسم الله في الخلاء أو عند قضاء الحاجة ولكن ماذا أفعل حيث أجد نفسي غصباً عني عندما أسمع زوجي يصلي بالخارج وأنا في الحمام قد أردد وراءه الآية القرآنية
فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبشأن قراءة آيات من القرآن في الحمام فإنه لا ينبغي ذلك تعظيماً لكلام الله تعالى، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (الحج:32) .
وروى المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر.. أو قال على طهارة. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، قال النووي: وأسانيده صحيحة، قال البغوي في شرح السنة: فإن عطس على الخلاء حمد الله تعالى في نفسه، قاله الحسن والشعبي والنخعي وابن المبارك.
وقد اختلف أهل العلم في حكم قراءة القرآن حال قضاء الحاجة هل تحرم أم تكره فقط؟ والذي يظهر أنها تحرم، لأن ذلك يتنافى مع ما يجب من تعظيم الله وتعظيم أسمائه وصفاته وكلامه الكريم، وهو مذهب الحنابلة وقول للمالكية؛ لكن من قرأ شيئاً من القرآن بلا شعور في الحمام فلا إثم عليه، إلا أنه ينبغي أن يعود نفسه السكوت، بأن يستحضر عند دخوله الموضع الذي هو فيه، وأنه ليس موضع ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(11/271)
صلى دهرا دون معرفة أحكام الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ظل يصلي دون أن يستبرئ من البول وهو لا يعرف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستبراء هو طلب براءة المحل من النجاسة. وكيفيته أن ينتظر الإنسان بعد البول وقتاً كافياً لاستفراغ ما كان بصدد الخروج من البول مع نفض الذكر وسلته سلتاً خفيفاً.
وليحذر المسلم من التساهل في هذا الأمر فإن عدم الاستبراء من البول موجب لعذاب القبر؛ كما في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثر عذاب القبر من البول. وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: يعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى كان أحدهما لايستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة.
وليحذر المسلم أيضا من الغلو في ذلك والتنطع فيه فإنه يجلب الوسواس ويسلط الشيطان على المرء، فإذا قضى المسلم حاجته وغلب على ظنه أن البول قد انقطع ثم غسل عضوه وأزال النجاسة عن مكان خروجها بحجر ونحوه ثم توضأ للصلاة فعليه أن لا يلتفت بعد ذلك للشك هل خرج منه شيء أم لا؛ إلا إذا تيقن الخروج، فإن تيقنه وجب عليه أن يستنجي ويتوضأ.
والأصل في ذلك حديث عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يجد الشيء في صلاته؟ فقال له الرسول: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. وهو في الصحيح.
فمن كان لا يعلم حكم الاستبراء من البول في الفترة الماضية وصلى مع وجود نجاسة على بدنه أوثيابه فيعذر بجهله وصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(11/272)
حكم دخول الحمام بجهاز تسجيل مطبوع عليه كلمة قرآن كريم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم الإفادة،
هل يجوز دخول الحمام ومعك جهاز أو كاسيت مطبوع على ظهره كلمة قرآن كريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أنه ينزه ذكر الله عن الدخول به في الحمام، ومن أصرح ما يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمة. رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وذكر ابن حجر في التلخيص أن رواته ثقات، ونقل عن المنذري والقشيري أن الصواب تصحيحه. وروى عبد الرزاق في المصنف عن عكرمة: كان ابن عباس إذا دخل الخلاء ناولني خاتمه. ومن المعلوم أن نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم: هو محمد رسول الله: كما روى ذلك البخاري من حديث أنس. وقد ذكر القرطبي في التفسير أن من نقش على خاتمه اسم الله أو كلمة من القرآن روي عن مالك كراهة دخوله به في الخلاء، وروي عنه التخفيف فيه وكذا عن أبي المسيب, وأن أكثر أصحاب مالك على المنع واستظهر علي الأجهوري القول بالكراهة كما قال الحطاب. وقد نص على استحباب تنزيه ما فيه ذكر الله عن الدخول به في الحمام، ابن قدامة في المغني والنووي في المجموع وشراح خليل ومحل هذا مالم يخف على مافيه ذكر من الضياع فإ خاف الضياع، وكان مستورا فإنه يجوز الدخول به كما يفيده كلام غير واحد من أهل العلم. وراجع في حرمة الأقراص والأشرطة الفتوى رقم: 32410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(11/273)
حكم البول بالغرفة ليلا لمن خاف الذهاب للحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم من يبول داخل غرفتi في الليل خوفا من الذهاب إلى الحمام، ويبول داخل الغرفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على النظافة والطهارة وأمر باجتناب الأنجاس والأقذار، كما سبق في الفتوى رقم: 32475.
فينبغي للمسلم أن يكون نظيفاً طاهراً في الظاهر وفي الباطن بعيداً عن الأقذار والأنجاس الحسية والمعنوية.
ولهذا فقد نص بعض أهل العلم على منع التلطخ بالنجاسة عمداً، كما سبق في الفتوى رقم: 37855.
وعليه فالبول داخل الغرفة المؤدي إلى تنجيس أثاثها وتقذير داخلها لغير مسوغ لا ينبغي، بل لا يجوز إن كانت النجاسة ستصيب البدن على القول بمنع التلطخ بالنجاسة عمدا، أما إذا كان لمسوغ من خوف ونحوه فلا حرج فيه، ولكن ينبغي اتخاذ إناء لمن يخاف من الخروج من غرفته إلى المراحيض للبول فيه اجتناباً للنجاسة وبعدا عن الاقذار، قال الشربيني في مغني المحتاج: ويندب أن يتخذ له إناء للبول ليلاً قاله في العباب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(11/274)
حكم الصفير في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصفير حرام؟ وهل الصفير ليلا, والكلام في الحمام من أفعال الشياطين؟ أرجو الإجابة من الكتاب والسنة.. ولكم ألف شكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصفير والكلام أثناء قضاء الحاجة في الحمام لغير حاجة كلاهما مكروه، وتشتد الكراهة إذا اجتمع الأمران.
قال ابن مفلح في "الآداب الشرعية": قال الشيخ عبد القادر رحمه الله: يكره التصفير والتصفيق.
وقد ذم الله عز وجل المشركين بقوله: [وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً] (لأنفال: 35) .
قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله: قيل المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق، روي عن ابن عباس وابن عمر والحسن ومجاهد وعطية وقتادة والسدي....
وقال صاحب "معالم القربة" ويكره الكلام في الحمام.
وقال النووي رحمه الله: كراهة الكلام على قضاء الحاجة متفق عليه ... ويستوي في الكراهة جميع أنواع الكلام، ويستثنى مواضع الضرورة.. .
وقد روى أبو داود وأحمد وحسنه النووي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله تبارك وتعالى يمقت على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/275)
أحكام الماء المنفصل من غسالة النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الماء المتناثر أثناء الاستنزاه من البول هل يأخذ حكم البول من حيث النجاسة أم أنه طاهر على اعتبار أنه ماء مستخدم لإزالة النجاسة أم أنه نجس حيث مسه البول مثلاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماء المذكور إذا انفصل وهو غير متغير بالنجس بعد طهارة المحل فإنه يعتبر طاهراً.
وإن انفصل متغيراً بنجس فهو نجس، وكذلك إذا انفصل غير متغير قبل تطهير المحل من البول، قال ابن قدامة في المغني: والماء المنفصل من غسالة النجاسة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن ينفصل متغيراً بها فهو نجس إجماعاً، لأنه متغير بالنجاسة فكان نجساً كما لو وردت عليه.
الثاني: أن ينفصل غير متغير قبل طهارة المحل فهو نجس أيضاً، لأنه ماء يسير لاقى نجاسة لم يطهرها فكان نجساً كالمتغير، وكالباقي في المحل فإن الباقي في المحل نجس، وهو جزء من الماء الذي غسلت به النجاسة، ولأنه كان في المحل نجساً وعصره لا يجعله طاهراً.
الثالث: أن ينفصل غير متغير من الغسلة التي طهرت المحل ففيه وجهان: أصحهما أنه طاهر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/276)
الماء المتبقي على المحل بعد الاستنجاء طاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الاستنجاء يكون هناك بعض الماء على مواضع الإخراج نتيجة لعملية الاستنجاء فنتيجة لخوفي من خروج البول وشيء من الدبر أخشى أن يكون ذلك الماء من ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماء الباقي بعد الاستنجاء طاهر، ولا تلتفت إلى ما يخيل إليك، ما لم يغلب على الظن كونه بولاً فتعمل على ما وافق ظنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/277)
لا يجوز تكلف إدخال الإصبع في الدبر للإنقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي اضطراب في إخراج الغائط فأقوم غالبا بادخال أصابعي في دبري لإخراج الغائط حتى أتأكد أنه لن يخرج منه شيء بعد الانتهاء من الاستنجاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع لك إدخال الأصبع داخل الدبر بعد قيامك بإنقاء المحل، فإن هذا من البدع في الدين، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: وليس عليه، أي مريد الاستنجاء غسل ما بطن من المخرجين حال استنجائه لا وجوباً ولا ندباً، بل ولا يجوز له تكلف ذلك بأن يدخل الرجل أصبعه في دبره، وتدخل المرأة أصبعها في قبلها، لأنه من البدع المنهي عنها، إذ هو من الرجل كاللواط، ومن المرأة كالمساحقة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/278)
حكم البول المتناثر عند الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البول المتناثر من الاستنزاه من البول هل هو نجس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبول وكل ما خرج من السبيلين نجس، والبول الخارج من الاستنزاه من البول له نفس الحكم، ومن لم يتحرز من البول في بدنه وثوبه فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، كما يراه ابن حجر رحمه الله.
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إ نهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة. وفي رواية لأبي داود: أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول. صححه الألباني.
قال في عون المعبود: وفي رواية البخاري ثم قال: بلى أي وإنه لكبير، ثم قال: قال الخطابي معناه: أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الحالتين ليست بكبير، وأن الذنب فيهما هين سهل. ا. هـ عون المعبود 1/24
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/279)
مكان قضاء الحاجة مظنة وجود التجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب النظر إلى مكان قضاء الحاجة لمعرفة هل توجد به نجاسة أم لا؟
فقد وجدت ذات مرة شيئا اشتبهت في كونه نجاسة (غائط) على مقعدة الحمام ورششت عليه الماء إلى أن تخفف ولكنه لم يزل كلية ولم أستطع تحديده هل هو نجاسة أم لا بالشم بسبب إصابتي بالبرد ولأنه قد تخفف بالماء؟ فهل أعتبره نجاسة لقربه الشديد من مكان قضاء الحاجة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المكان هو مكان النجاسة، ولا يطالب الشخص بالنظر إليه إلا بقدر التحرز من النجس، أما الشيء الذي شككت فيه ورششته بالماء حتى زال فإن كان نجسا فقد أزلته وليس غريبا أن يكون نجسا، وإن كان غير ذلك فماذا تخشى منه مع زواله أيضا، فإن كان أصابك منه شيء فلتغسله لأنه في مظنة النجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/280)
هل تنجس اليد المبلولة بملاقاة النجاسة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرآت سؤالاً على هذا الرابط ولم أجد في الجواب ما يشفي الغليل، فأنا أعاني من نفس ما يعاني منه كاتب هذا السؤال لكن مع فرق أني لا أعمل العادة السرية، مشكلتي هي في النجاسة حيث إن البول عندي لا ينقطع عندي بعد التبول إلا بعد مرور مدة من الزمن قد تصل إلى ربع ساعة تقريباً، وهذا يضطرني إلى تبديل ملابسي كلما دخلت لقضاء الحاجة ولبس ملابسة خاصة بقضاء الحاجة ثم أعود وأغتسل وألبس ملابسي التي أصلي بها، وكوني أجلس في المنزل بالملابس التي ألبسها بعقد قضاء الحاجة وهي نجسة فهذا يجعلني أشعر أن كل شيء بالبيت يتنجس كنتيجة، لهذا أرجو الإجابة بشيء من التفصيل، فالجواب السابق لم يقنعني ومما زاد الطين بلة أني سمعت فتوى لشيخ يقول إنك إن كانت يدلك مبلولة ولامست بها نجاسة جافه فإن يدك تتنجس، أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي بك ليس هو سلس البول، وانظر الفتوى رقم: 38550.
وعليه فليس لك أن تترخص بما يترخص به صاحب سلس البول، وأما الوساوس الواردة عليك بنجاسة فراش البيت وأثاثه فلا مكان لها بل عليك أن تصرف النظر عنها، فالأصل في الأشياء الطهارة ولا ينتقل عن الأصل إلا بيقين، وانظر الفتوى رقم: 16039، والفتوى رقم: 20810.
وما قاله الشيخ من أن ملامسة النجاسة الجافة بيد مبلولة تنجس اليد ليس محل اتفاق، فقد قال صاحب الميسر عند قول خليل: ولو زال عين النجاسة ... لم يتنجس ملاقي محلها، قال: لأنه لم يبق إلا الحكم وهو لا ينتقل، ولذا لو جف البول حتى لم يبق له أثر ولاقى محله طعام مبلول لم ينجس لأن البول لا عين له، كما في الحطاب ... ذكر أن من استجمر ثم عرق المحل لم يضر ثوبه لأنه أثر معفو عنه. 1/51.
وقال صاحب الكفاف في شرحه: يكره النوم في ثوب نجس يعرق فيه، والأصح العفو عن محل الاستجمار، انظر الحطاب.
وقد ذكر الحطاب قولين في المسألة وقال إن الأكثرين على عدم التنجيس، وانظره في 1/165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/281)
التكلف في الاستنجاء.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الثالثة والعشرين من العمر غير متزوجة، أعاني من الوسوسة في الطهارة والوضوء والصلاة منذ سنوات وكنت منذ حوالي ثلاث سنوات اكتشفت بالصدفة نتيجة شك أنه بعد قضاء الحاجة (الغائط) والتنظيف جيداً بالماء ومرور دقائق كثيرة إلى ساعات، أنه عندما أحشر منديل تواليت في منطقة الدبر حتى يصل إلى فتحة الشرج أجد علامات صفراء قليلة وأحياناً أكثر، وهذه العلامات لا دليل على وجودها أبداً، إلا هذه الطريقة حيث إنها لا تظهر أبداً في ملابسي الداخلية، حتى مع كثرة الحركة وضيق الملابس، كما أنني لا أشعر بأن شيئاً يخرج مني، ولاحظت أنه بعد تنظيفها بالماء تختفي ولا تظهر (غالباً) إلا بعد التغوط مرة أخرى وهكذا.... مع العلم بأنني لا أعاني من أي سلس، وعندما سألت من حولي قالوا إنه يجب عدم الالتفات لهذه العلامات لأن طريقة اكتشافها غير طبيعية وقد تكون مضرة وأن الإسلام لا يقول أن نفعل ذلك، وأنا كنت قد بنيت تصرفي على أساس ما اكتشفته فأصبحت بعد الغائط لا أصلي الصلاة التالية إلا بعد الاستنجاء مرة أخرى، وهذا يشق علي كثيراً لأنني أحياناً أتواجد في مكان يصعب فيه استعمال الحمام لأي سبب أو خوفاً من نجاسته أو انتقال عدوى، كما أنني موسوسة في الطهارة وأقضي وقتاً طويلاً جداً في الحمام، أنظف نفسي، وعندما اغتسل بعد الحيض فإني أشك في أن هذه العلامات قد تكون موجودة فأستعمل المنديل بالطريقة السابقة لأجدها فأعيد غسل الجزء الأسفل حتى قدمي أو لا أجدها، مما يسبب لي كثيراً من الألم النفسي، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتكلفك الاستنجاء بالطريقة المذكورة لا يجوز، إذ لم يؤمر مريد الاستنجاء بغسل ما بطن من دبره، قال النفراوي في الفواكه الدواني: وليس عليه -أي مريد الاستنجاء- غسل ما بطن من المخرجين حال استنجائه، لا وجوباً ولا ندباً، بل ولا يجوز له تكلف ذلك.
ويكفي في الاستنجاء غسل ما ظهر من المخرج دون أن يدخل إصبعه أو غيره في المخرج، أما إذا كان ما تجدينه يبرز إلى الظاهر فيجب عليك غسله، قال النووي رحمه الله في شرح المهذب وهو يتكلم عن الاستنجاء: قال الغزالي: ولا يستقصي فيه بالتعرض للباطن فإن ذلك منبع الوسواس، قال: وليعلم أن كل ما لا يصل الماء إليه فهو باطن ولا يثبت للفضلات الباطنة حكم النجاسة حتى تبرز، وما ظهر له حكم النجاسة، وحد ظهوره -أي ضابط ظهوره- أن يصله الماء. انتهى، وبخصوص الوسوسة فراجعي الفتوى رقم: 23687.
وأما الاغتسال من الحيض فلا يجب عليك إلا إذا طهرت تماماً، إما برؤية القصة البيضاء، وإما بالجفوف الكامل، وهو أن تحشى في الفرج قطنة أو نحوها فتخرج غير ملونة بدم أو كدرة أو صفرة، فإذا اغتسلت قبل رؤية علامة الطهر وهي القصة أو الجفوف -كما قدمنا- فتجب عليك إعادة الغسل، ولا يكفي غسل الجزء الأسفل فقط، وراجعي الفتوى رقم: 27364.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/282)
ذكر الله باللسان في الحمام مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نطق اسم الله داخل الحمام بالخطأ وكيفية التوبة عن ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكر الله تعالى في الحمام وغيره من الأماكن القذرة أدنى مراتبه الكراهة عند كثير من أهل العلم، لأنه ينافي الأدب والتعظيم، قال صاحب "منح الجليل": وتكره قراءة القرآن والذكر في الطريق والموضع القذر. وقال صاحب "غذاء الألباب" ممزوجا مع "منظومة الآداب" ما نصه: ويكره في الحمام كل ذكر، أي كل ذكر من أذكار الله حيث كان باللسان، بخلاف ذكر القلب، فإنه لا يكره. اهـ.
وهذا طبعا في حال العمد، أما في حال السهو، فلا شيء في ذلك إن شاء الله تعالى، كما هو واقع حال السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/283)
ذكر الخلاء يقال قبل الدخول لا بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ، متى نقول ذكر دخول الخلاء هل عندما ندخل أم قبل دخوله، مع أن الحديث ظاهره يدل على أنه عند دخول الخلاء، وهل هذا يعد ذكراً وإذا نعم فكيف يكون ذكراً ويكون داخل الخلاء، وأيضاً يا شيخ إذا كانت الحمامات غير موجودة في عهد الرسول الأول فأين يقولون الذكر، وأيضاً هل يجوز الذكر جهراً بالحمام مع أن حمامات اليوم إذا عرضت للفقراء اتخذوها غرفة للنوم لما فيها من زينة ونظافة، فلماذا إذن لا يجوز الذكر داخل الحمام، وهل التحريم مرتبط بالمكان أم بقضاء الحاجة؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.، والحديث دليل على مشروعية هذا الدعاء: والمراد بقوله "إذا دخل ... إلخ إرادة الدخول، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله إذا دخل الخلاء أي كان يقول هذا الذكر عند إرادة الدخول لا بعده ... إلى أن قال: والكلام هنا في مقامين:
أحدهما: هل يختص هذا الذكر بالأمكنة المعدة لذلك لكونها تحضرها الشياطين، كما ورد في حديث زيد بن أرقم في السنن أو يشمل حتى لو بال في إناء مثلاً في جانب البيت، الأصح الثاني ما لم يشرع في قضاء الحاجة.
الثاني: متى يقول ذلك فمن يكره ذكر الله في تلك الحالة فيفصل، أما في الأمكنة المعدة لذلك فيقوله قبيل دخولها، وأما في غيرها فيقوله في أول الشروع كتشمير ثيابه مثلاً، وهذا مذهب الجمهور وقالوا في من نسي يستعيذ بقلبه، ومن يجيز مطلقاً كما نقل عن مالك لا يحتاج إلى تفصيل. انتهى.
وعليه فنقول إن هذا الدعاء مطلوب عند إرادة دخول الحمام وأنه يعد ذكراً لكنه لا يجوز أن يقال داخل الحمام، ومع أن الحمام بشكله الحالي لم يكن منتشراً في المدينة المنورة، فإن هذا الدعاء يقال عند إرادة قضاء الحاجة ولو كان موضعها في الصحراء، كما هو مذهب الجمهور كما سبق، كما أنه لا يجوز التلفظ بهذا الذكر داخل الحمام سواء كان ذلك سراً أو جهراً ولو كان نظيفاً ما دام معداً ومهيئاً لقضاء الحاجة، وعلة تحريم ذكر الله تعالى داخل الحمام هي تنزيه اسمه تعالى عن أن يذكر في هذا الموضع المذكور.
كما أن التحريم المذكور مرتبط بكون المكان معداً لقضاء الحاجة ولو كان نظيفاً، إضافة إلى وجود التحريم حال قضاء الحاجة ولو كان في مكان غير معد لذلك كالصحراء مثلاً، كما سبق عن الحافظ في الفتح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/284)
حكم دخول الحمام بهاتف يحوي آيات قرآنية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم دخول الحمام بالهاتف وبه آيات قرانية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الآيات القرآنية ظاهرة، فإنه لا يشرع الدخول بها إلى الخلوة (الحمام) ، وراجع الفتوى رقم: 36096.
وإذا كانت مخزنة في الجهاز غير ظاهرة، فإنه لا بأس من أن يدخل بها الحمام، لأنها لا تكون قرآنا إلا بظهورها على الشاشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/285)
لم يكن لأهل المدينة حمامات في العهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ.. ما معنى الحمام والكنيف وهل حمامات عهد الرسول صلى الله عليه وسلم نفس حماماتنا اليوم وأين كانوا يقضون حاجاتهم ويغتسلون ويتوضأون وهل كان عندهم شامبو، وهذا السؤال عن الرجال والنساء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكنيف موضع قضاء الحاجة، قال صاحب مواهب الجليل: "الكنيف" بفتح الكاف موضع قضاء الحاجة، ويسمى المذهب والمرفق والمرحاض.
ويبدو أن أهل المدينة قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم إليها وفترة من عهده لم يكونوا يتخذون الكنف في بيوتهم، وإنما كانوا يتبرزون في البراري، كما يشهد له حديث عائشة الطويل المتفق عليه في قصة الإفك، وفيه: فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع متبرزنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في البرية والتنزه.
أما الحمام فهو الموضع المعد للاستحمام، وفي الحديث: لا يبولن أحدكم في مستحمه. رواه النسائي، قال السيوطي عند شرحه لهذا الحديث نقلاً عن صاحب الصحاح: المستحم أصله الموضع الذي يغتسل فيه بالحميم. والظاهر أنه لم يكن لأهل المدينة حمامات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بدليل حديث ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها قالت: وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماء قالت فسترته فذكرت الغسل، قالت: ثم أتيته بخرقة فلم يردها. رواه النسائي وأصله في البخاري، وقد كانت وسائل إزالة الأوساخ من الرأس وغيره من سائر أجزاء الجسم التي يستعملها الناس في العهد النبوي هي الصابون والسدر ونحوه، وليس الشامبو لأنه من الأمور المصنعة حديثاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/286)
حكم دخول الخلاء بسيدي يحوي القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أدخل الخلاء وأنا أحمل في جيبي سيدي فيه القرآن الكريم كاملاً صوتاً ونصاً مع تفاسير له.. وهل تعتبر مادة السيديات شيئاً ملموساً يجب احترامه كالمصحف الحقيقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم المصحف داخل الخلاء، وهي برقم: 32486 ورقم: 27809 على الموقع.
وأما بخصوص حمل ما يسمى بالسيدي المسجل فيه القرآن الكريم، فلا نعلم دليلاً يُحَرِّمُ إدخاله إلى الخلاء، وهو ليس نصاً ظاهراً بارزاً تمكن رؤيته، وهكذا الشريط الذي سجل فيه القرآن الكريم.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بكراهة إدخال الشريط عند عدم الحاجة وجواز ذلك عند الحاجة، والسيدي مثل الشريط في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/287)
يبدأ بالقبل فبل الدبر في الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أبدأ بتنظيف الدبر قبل القبل بعد الانتهاء من قضاء الحاجة، هل هذا هو الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استحب العلماء للذكر أن يبدأ في الاستنجاء بقبله قبل دبره.
قال ابن قدامة رحمه الله: يبدأ الرجل في الاستنجاء بالقبل لئلا تتلوث يده إذا شرع في الدبر، لأن قبله بارز تصيبه اليد إذا مدها إلى الدبر، والمرأة مخيرة في البداية بأيهما شاءت لعدم ذلك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/288)
الكتبة لا يفارقون الناس أينما حلوا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول أحد الأئمة إن الرجل إذا دخل بيت الخلاء فعليه ألا يتكلم ولا بكلمة واحدة، فإذا تكلم كان قد أوجب على الملك الدخول عليه لتسجيل الكلمة ويكون قد آذى الملك، فهل هذا صحيح أم أنه تكلم بغير علم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكلام أثناء قضاء الحاجة لغير حاجة سبقت الإجابة عن حكمه في الفتوى رقم: 26825.
أما بخصوص الملائكة فإذا كنت تقصد بهم الكتبة، فهولاء لا يفارقون الإنسان في أي موضع كان، لأن وظيفتهم الرقابة على ما يقول ويفعل، كما قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [قّ:18] .
قال الشنقيطي في أضواء البيان: أي ما ينطق بنطق ولا يتكلم بكلام إلا والحال أن عنده رقيباً، أي ملكاً مراقباً لأعماله حافظاً لها شاهداً عليها لا يفوته منها شيء، عتيد أي حاضر ليس بغائب.
وقد ورد في حديث أخرجه الترمذي وضعفه الألباني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم.
والحاصل أن كلام الإنسان في المرحاض أثناء قضاء الحاجة منهي عنه، وليس علة ذلك خشية دخول الملك إلى المرحاض لأنه لا يفارق الإنسان أصلاً أينما حل، للأدلة التي سقناها ولم يوجد ما يخالفها من القرآن والسنة الصحيحة، وإنما هو تنزيه لذكر الله أو نحوه عن ذلك المكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1424(11/289)
من تعذر عليه الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني كثرة الإفرازات النسائية ولا بد من الاستنجاء للطهارة وهذا يتطلب حماماً، أسافر بالسيارة لمسافات داخل وخارج البلد، وفي بلدي لا يوجد حمام والمسجد لا يوجد فيه قسم للنساء، وخارج البلد أغلب الحمامات نجسة جدا في محطة تبعد 60 كم قد لا أتمكن بعد ذلك من الحصول على حمام، وحمام نظيف، وأبي لا يتوقف للحمام مرة أخرى ويتوضأ فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فصلنا الكلام في حكم الإفرازات التي تخرج من المرأة في الفتوى رقم: 5188.
وقد بينا فيها أن هذه الإفرازات تارة تكون طاهرة وتارة تكون نجسة، فإذا كانت هذه الإفرازات طاهرة، فلا إشكال من عدم الاستنجاء منها، وإن كانت نجسة فيجب الاستنجاء منها إذا أردت الصلاة، ولا تصح الصلاة بدون استنجاء، إلا أن يتعذر عليك الاستنجاء تعذراً كاملاً، بحيث إنك لا تجدين مكاناً تقضين فيه حاجتك، إذ أن الاستنجاء لا يحتاج من حيث المكان إلى أكثر من ذلك، ولا يحتاج إلى اغتسال بل يكفي فيه مجرد إزالة النجاسة وتطهير محلها بالماء، فإن لم تجدي ماءًَ فيمكنك الاستجمار بالحجارة ونحوها، فإن لم تجدي أي مكان وخفت من خروج وقت الصلاة، فصلي حينئذ على حسب حالك ولا تلزمك الإعادة، قال ابن قدامة في الكافي: وإن عجز عن إزالة النجاسة عن بدنه، أو خلع الثوب النجس لكونه مربوطاً أو نحو ذلك، صلى ولا إعادة عليه، لأنه شرط عجز عنه فسقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/290)
ماذا يفعل إذا نسي الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية الاستنجاء بعد التبول وما العمل عند نسيانه هل يستنجي إذا تذكر، وهل في هذه الحالة يجب تغيير الملابس الداخلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستنجاء هو إزالة الخارج من السبيلين، ويكون بالماء أو بالحجر ونحوه، ويسمى الاستجمار، وكيفيته أن يغسل مخرج الأذى بالماء بعد الانتهاء، أو يمسحه بثلاث أحجار منقية فأكثر ومن نسيه وصلى ثم ذكره فصلاته صحيحة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 15885.
ولا يجب تغيير الملابس الداخلية ويكفيه أن يرش عليها شيئاً من الماء إن كان يشك في إصابة النجاسة لها، قال خليل: وإن شك في إصابتها لثوب وجب نضحه.
وأما إن كان يظن إصابة النجاسة للثوب أو يتحقق ذلك، فلا بد من غسله، وانظر الفتوى رقم: 3490، والفتوى رقم: 26771 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(11/291)
كيفية الاستنجاء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفيه الاستنجاء بعد التبول، وما العمل عند نسيانه، هل يستنجى إذا تذكر، وهل فى هذه الحالة يجب تغيير الملابس الداخلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب الاستنجاء من البول والغائط، وهو يكون بالماء أو بالحجر ونحوه من كل جامد طاهر قالع غير محترم كورق وخشب، قال ابن قدامة في المغني: والقول بوجوب الاستنجاء في الجملة قول أكثر أهل العلم.
وعلى هذا فإن من نسيه وجب عليه أن يفعله، وإذا كان علق بثوبه شيء من العذرة أو رأى بللاً من أثر البول وجب غسله وإلا فلا.
أما كيفية الاستنجاء، فبعد الفراغ من التبول يضع الرجل يده اليسرى على أصل الذكر من تحت الأنثيين ثم يسلته إلى رأسه فينتر ذكره ثلاثاً برفق، نص على هذا ابن قدامة في المغني وغيره، وقد استدل أهل العلم على نتر الذكر ثلاثاً بحديث ضعيف أخرجه أحمد.
تنبيه: والنتر المذكور إنما يكون قبل الاستنجاء بالماء أو الحجارة لأنه يعد استبراء والاستبراء يكون قبل الاستنجاء
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/292)
التكلف أثناء قضاء الحاجة غير واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أعاني من حرقة أثناء التبول وبعده، وذلك لأني أحاول إنزال آخر قطرة من البول بصعوبة لكي أتوضأ من بعده وأصلي، مما يسبب لي ألما عند التبول، ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام البول قد توقف تلقائيا، فلا يجب عليك تكلف إخراج شيء منه غير موجود بعد ذلك، وعليه، فلا داعي لتكلف ذلك، ولا سيما إن سبب لك ضررا.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 20810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(11/293)
قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التغوّط قرب الأماكن التي توجد بها أشجار مثمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى كرم الإنسان وميزه عن غيره، ومن مظاهر تكريمه أن جعل له آداباً تخصه في حال قضاء حاجته وكل تصرفاته.
فلا يجوز له أن يبول أو يتغوط أمام الناس، أو في طريقهم أو أماكن جلوسهم، أو قرب المياه التي تورد، أو الأنهار التي تجري أو الشواطئ التي يأتونها، أو قرب الأشجار المثمرة....
فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا اللاّعِنَيِْن، الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم.
وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل. وفي رواية لأحمد: أو نقع الماء.
وفي الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة، وضفة النهر الجاري.، وعلى هذا فلا يجوز قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة أو ما أشبهها مما ينتفع به، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 7984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/294)
كراهة دخول الحمام بما كتب عليه اسم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطع الشخص دخول الخلاء لمن يحمل معه نقودا قد كتب عليها آية قرآنية وتحتها صدق الله العظيم
ويخاف تركها خارج الخلاء خشية أن تسرق؟ أو من يحمل في جيبه شريطا قرآنياً غير مكتوب عليه إلا أسماء السور فحسب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور العلماء يقولون بكراهة دخول الحمام بالدراهم التي عليها ذكر الله، أو شيء من القرآن، وبهذا قال الحنفية والشافعية والمالكية: إن كانت الدراهم غير مستورة، فإن كانت مستورة زالت الكراهة. وهي إحدى الروايات عن الإمام أحمد، كما نقلها ابن هانئ عنه.
قال في البحر الرائق- وهو حنفي-: ويكره أن يدخل الخلاء ومعه خاتم مكتوب عليه اسم الله تعالى أو شيء من القرآن. اهـ
وقال علي بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي: ويكره الدخول في محل الخلاء بشيء فيه قرآن أو ذكر غير مستور ما لم تدع إلى ذلك ضرورة. اهـ
وقال في أسنى المطالب -وهو شافعي-: ويكره عند قضاء الحاجة حمل مكتوب قرآن واسم لله تعالى واسم لنبي وكل معظم. اهـ
وقال المرداوي في الإنصاف -وهو حنبلي-: ثم رأيت ابن رجب ذكر في كتاب الخواتم: أن أحمد نص على كراهة ذلك في رواية إسحاق بن هانئ فقال في الدرهم: إذا كان فيه اسم الله أو مكتوبًا عليه (قل هو الله أحد) يُكره أن يدخل اسم الله الخلاء. اهـ
وراجع الفتويين التاليتين: 26100، 26844.
أما حمل الأشرطة التي تحتوي على سور من القرآن، فلا نرى بأساً بدخول الحمام بها، لأنها لا تدخل تحت ما ذكره العلماء من كراهية دخول الحمام بشيء فيه ذكر الله أو بشيء من القرآن، لعدم وجود حروف ظاهرة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/295)
من أتى الغائط فليستتر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
هنالك في الميضأة في مساجدنا خلط بين مواضع الوضوء وبيت الراحة كأن لا يكون لبيت الراحة سقف أو أن يكون موضع الاستراحة الخاص بالرجال (أي ذاك الذي لا يصلح إلا للبول وقوفا وهي موروثة عن الغرب) حذو الحنفيات أي بجانب مواضع الوضوء. فما هو حكم البول في موضع الاستراحة الخاص بالرجال في مثل هذا الموقف (أي أن يراك المتوضئون من الخلف وأنت تستريح) ؟ وهل تعتبر حينئذ الميضأة بيتا للراحة أي لا يجوز فيها لا التسليم ولا رد السلام ولا الكلام ولا حتى البسملة للبدء بالوضوء؟
وبارك الله فيكم ورعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مواضع الوضوء وبيت الخلاء إذا لم يكن بينهما حاجز فهما بمثابة المكان الواحد، فحينئذ يكون من تعظيم ذكر الله تعالى الكف عنه فيه، بدليل حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه رواه أصحاب السنن، وهو حديث فيه كلام إلا أنه جاء من طرق متعددة، وللمزيد من التفصيل في هذا الموضوع يرجع إلى الفتوى رقم: 3262.
وكان نقش خاتمه صلى الله عليه وسلم: محمد رسول الله، كما في نيل الأوطار للشوكاني.
أما البول حال القيام في المكان المذكور، فحكمه في الفتوى رقم: 3490، لكن لا يجوز للشخص قضاء حاجته إذا كانت عورته بادية لغيره، إذ يجب عليه الاستتار والبعد عن أعين الناظرين، فقد أخرج الدارمي أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: " من أتى الغائط فليستتر" وروى أبو داود في السنن: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/296)
تتعلق أحكام قضاء الحاجة بالمكان المعد دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الستارة أو لوح المعدن الذي يفصل بين مكان قضاء الحاجة وبين مكان الوضوء في نفس الحجرة يعتبر فاصلا شرعيا يسمح للإنسان أن يدخل مكان الوضوء بالمصحف ويسمى الله قبل الوضوء ويقول دعاء الوضوء بعد أن ينتهي أم لا يعتبر فاصلا؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلاء الذي تتعلق به الأحكام من كراهة ذكر الله فيه وإدخال ما فيه ذكر الله إليه وتحريم إدخال المصحف إليه هو مكان قضاء الحاجة. قال المحلي في شرح المنهاج: الخلاء بالمد: المكان الخالي ثم نقل إلى البناء المعد لقضاء الحاجة عرفًا. اهـ
فإذا كانت هناك حجرة وفُصل مكان قضاء الحاجة فيها بجدار من حجر أو خشب أو حديد أو ما شابهه أو بستار، فإن الأحكام ستتعلق بالمكان المفصول دون غيره من الحجرة؛ لأنه هو مكان قضاء الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/297)
الذكر عند الخلاء والوضوء يكون قبل دخول الكنيف
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن التوفيق بين عدم ذكر لفظ الجلالة في الخلاء وبين أذكار خلع الملابس وأذكار الوضوء والاغتسال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يمكن التوفيق بالقيام بالأذكار قبل الدخول في بيت الخلاء، لثبوت ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ففي الحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. رواه البخاري في الأدب المفرد من حديث أنس رضي الله عنه، وصححه الألباني.
وفي الحديث: إنّ هذه الحشوش محتضرةٌ، فإِذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث. رواه أحمد من حديث زيد بن أرقم، ورجال سنده رجال مسلم كما قال الأرناؤوط.
وفي لفظ: فإذا أراد أحدكم أن يدخل الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث. رواه النسائي في الكبرى وأبو يعلى، وجود حسين أسد إسناد أبي يعلى.
وبناء على هذا فعلى المسلم أن يأتي بالذكر قبل الدخول في الكنيف، وأن يمسك عن الذكر داخل الكنيف، لكراهة الذكر باللسان في الكنيف والمواضع المستقذرة؛ كما صرح به الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير.
وراجع في كراهة الذكر وحكم الوضوء في الكنيف الفتوى رقم: 3262، والفتوى رقم: 33760.
هذا وتنبغي المحافظة على الذكر عند الوضوء وعند خلع الملابس إذا لم يكن الإنسان في الكنيف، لما في الحديث: ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وذكر المناوي في شرح الحديث: أن هذه الرواية تفيد أنه ينبغي أن يبسمل إذا أراد كشف العورة عند خلع الثوب أو إرادة الغسل.
وثبت تأكيد الذكر عند بداية الوضوء في الحديث: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
كما ثبت الذكر عند الانتهاء منه في الحديث: ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الضوء، ثم يقول حين يفرغ من وضوئه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(11/298)
الاستجمار بكتب الباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستجمار بكتب الباطل كالسحر والتوراة مع أنها لاشك تحتوي على أسماء الله وآيات قرآنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أن هذه الأوراق تشتمل على قرآن أو ذكر أو اسم الله أو ما هو معظم في الإسلام، فإنه لا يجوز الاستجمار بها قطعاً.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 34382.
والله علم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/299)
الاستنجاء بالمكتوب بالعربية والعجمية
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر بعض الحنفية وبعض المالكية أن الحروف المكتوبة محترمة سواء كانت بالعربية أو بغيرها ورتبوا على ذلك عدم جواز الاستجمار بأي ورقة فيها كتابة عربية أو غير عربية فهل هذه الفتوى دقيقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي شرح عليش على خليل المسمى "بمواهب الجليل" في شرح قول خليل عند تعداده ما لا يستنجى به: "ومكتوب" قال: ولو بخط أعجمي، أفاده الحطاب وأفتى به الناصر وهو المعتمد ولو كان مدلوله باطلاً. وقيل: لا حرمة للخط العجمي إلا إذا اشتمل على اسم الله تعالى. اهـ.
وقال ابن عابدين في الحاشية: ويدخل أيضًا الورق. قال في السراج: قيل: إنه ورق الكتابة، وقيل: ورق الشجر، وأيهما كان فإنه مكروه. اهـ. وأقره في البحر وغيره، وانظر ما العلة في ورق الشجر، ولعلها كونه علفاً للدواب أو نعومته فيكون ملوثًا غير مزيل، وكذا ورق الكتابة لصقالته وتقومه، وله احترام أيضًا لكونه آلة لكتابة العلم، ولذا علله في التتارخانية بأن تعظيمه من أدب الدين.
هذا هو مجمل مذهب الحنيفة والمالكية. أما الشافعية والحنابلة فيرون أنه يجوز الاستنجاء بالمكتوب إذا لم يكن فيه علم نافع، ولعل هذا هو الأقرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/300)
معنى الاستنجاء والاستجمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التجمر، وهل التجمر يغني عن استخدام المياه من أجل الطهارة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستجمار: هو إزالة النجاسة بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الأشياء الطاهرة، قال الإمام النووي في شرح مسلم: وذهب العلماء كافة من الطوائف كلها إلى أن الحجر ليس متعيناً؛ بل تقوم الخرق والخشب وغير ذلك مقامه.
وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: الاستطابة والاستنجاء والاستجمار عبارات عن إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه، فالاستطابة والاستنجاء يكونان تارة بالماء وتارة بالأحجار، والاستجمار يختص بالأحجار، مأخوذاً من الجمار وهي الحصى الصغار.
قال العراقي في طرح التثريب: هذا هو الصحيح الذي قاله جمهور اللغويين والفقهاء والمحدثين.
والاستجمار يغني عن الاستنجاء، والجمع بين الاستجمار بالأحجار والاستنجاء بالماء أفضل، وهذا مذهب الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/301)
من غلب على ظنه انقطاع البول فلا تثريب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أردت أن أعرف هل المرء الذي تأتيه نجاسة بعد التبول وأزال هذا البول (أي بعد التبول بخمس دقائق) ينطبق عليه حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في عذابه بقبره؟؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم مطالب بالمحافظة على طهارة بدنه وثوبه وغير ذلك مما يلزم حتى تكون صلاته على ما يرضي الله تعالى، ومن ذلك المحافظة على التنزه من البول، وذلك يكون بالانتظار بعده حتى يغلب على ظنه انقطاع المادة مع سلت الذكر ونتره نتراً خفيفا، فإذا فعل ذلك فقد قام بما عليه وصار غير مفرِّط، فما طرأ عليه من بول بعد ذلك غسله.
وسيكون إن شاء الله سالماً من الوعيد المترتب على عدم التنزه من البول لأنه بذل جهده والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
وللتفصيل أكثر في الموضوع راجع الفتوى رقم: 3571، والفتوى رقم: 3224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(11/302)
لكلام أثناء قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الكلام في الخلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره الكلام أثناء قضاء الحاجة إلا لمصلحة، قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ولو بغير ذكر أو رد سلام للنهي عن التحدث على الغائط، ولو عطس حمد بقلبه فقط كمجامع، فإن تكلم ولم يسمع نفسه فلا كراهة. انتهى.
وانظر الفتوى رقم:
26825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(11/303)
يصح الاستنجاء بغير الماء مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
ماحكم الصلاة إذا اكتفى الشخص بمسح أثر البول عوض الاستنجاء لشدة برودة الماء؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط في الاستنجاء أن يكون بالماء؛ بل يجوز أن يكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها من الأشياء الطاهرة سواء كان في جو بارد أو في غيره، كما هو مبين في الفتوى رقم: 26771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/304)
السنة تنزيه اليد اليمنى عن مس الأقذار
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الفراغ من قضاء حاجته، يستجمر شخص بقرطاس بيده اليمنى حتى يخفف من النجاسة، ثم بعد ذلك يستنجي بالماء مستعملا يده اليسرى، هل تجدون في هذا الأمر غضاضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة إكرام اليمين وتنزيها عن الأقذار كالاستنجاء والامتخاط وخلع النعال ونحوه تشريفاً لها، ولهذا ورد النهي عن الاستنجاء والاستجمار بها في حديث سلمان رضي الله عنه حيث قال: إنه لينهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه. رواه مسلم.
قال النووي في تعليقه على هذا الحديث: وقد أجمع العلماء على أنه منهي عن الاستنجاء باليمين، ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وأشار أهل الظاهر إلى أنه حرام.
ومن هذا يعلم أن الاستجمار باليمين - وهو ما يفعله السائل بالورق - فيه مخالفة للسنة وأدنى مراتب هذه المخالفة الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/305)
حكم غسل الأنثيين في الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الاستنجاء هل غسل الخصيتين سنة أو مستحب أو من النظافة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستنجاء هو غسل المخرج فقط؛ إلا إذا انتشر الخارج فيجب حينئذٍ غسل ما أصابه الخبث، وغسل الأنثيين " الخصيتين " في الاستنجاء ليس مشروعًا، ولا بأس به لأجل التنظف، ويستحب -ولا يجب- غسل الأنثيين عند خروج المذي وهو مذهب الجمهور، لحديث علي رضي الله عنه عند أبي داود في سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي، وفيه: فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتتوضأ
وأصل الحديث في الصحيحين دون ذكر الأنثيين، وقد ضعف بعضهم هذه الرواية وصححها آخرون، وممن صححها أبو عوانة في صحيحه والنووي في المجموع والحافظ ابن حجر في التلخيص، وذهب بعض أهل العلم إلى الوجوب وهو رواية عن أحمد لأن الأمر يقتضي الوجوب، وحمله الجمهور على الاستحباب، أو أنه في حالة إصابة الأنثيين بشيء من المذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/306)
حكم الذكر في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أتوضأ في بعض الأحيان في الحمام الذي توجد فيه التواليت أيضاً وبعد الوضوء أتلو الشهادة وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من التوابين ومن المتطهرين كالعادة، هل هذا حرام؟ أقصد هل ذكر الشهادة والدعاء في الحمام حرام؟ حينما أنوي أن أقولها خارج الحمام أنسى، جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يكره لداخل الحمام الذكر باللسان وقراءة القرآن لأن فعل ذلك فيه ينافي التعظيم للمتلو، أما الذكر بالقلب فلا حرج فيه.
قال الدسوقي المالكي: قوله: وكره له الذكر باللسان -أي في الكنيف قبل خروج الحدث أو حين خروجه أو بعده، وكذا يكره الذكر وقراءة القرآن في الطرق والمواضع المستقذرة. واحترز الشارح بقوله باللسان عن الذكر بقلبه وهو في الكنيف فإنه لا يكره إجماعا.
ومن هذا يعلم السائل كراهة وتلاوة تلك الأدعية في الحمام, لكن لو اقتصر على فعل ذلك بالقلب فلا بأس، وراجع الفتوى رقم 15513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/307)
لا يلزم الاستنجاء لمجرد النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الاستنجاء عند الاستيقاظ من النوم أم يجوز الوضوء مباشرة؟ وهل يكون من أحد السبيلين أم من كليهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستنجاء إنما يكون من البول أو الغائط ونحوهما مما يخرج من السبيلين أو أحدهما، أما الريح فليست بنجس ولا يشرع الاستنجاء منها قبل الوضوء بل يتوضأ مباشرة.
وعليه، فمن استيقظ من نومه فله الوضوء مباشرة، ولا يلزمه الاستنجاء إلا أن يخرج منه بعد ما يوجب الاستنجاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(11/308)
حكم دخول الخلاء بعملات مكتوب عليها أسماء مقدسة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد التحية
السؤال هو: هناك بعض العملات عليها عبارة لا إله إلا الله.... هل يجوز هذا حيث أن الإنسان يدخل الحمام وبداخل جيبه النقود المذكورة.. إضافة على ذلك هل يقاس أيضا على بعض القصاصات المكتوب عليها بعض آيات من القرآن؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من تعظيم الله تعالى تعظيم اسمه سبحانه، ومن تعظيم اسماء الله تعالى أن تنزه عن الدخول بها إلى الأماكن القذرة كالحمام، لقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] .
وعليه فلا ينبغي إدخال هذه العملات أو قصاصات الورق التي فيها اسم الله وذكره إلى بيوت الخلاء إلا إذا خاف عليها أن تذهب أو تسرق إذا تركها خارج الحمام ونحوه، فليضعها في جيبه أو يخفيها،
وبإمكان الشخص أن يخلي جيبه تماماً من القصاصات التي فيها ذكر الله إلا ما احتاج إليه منها بخلاف النقود لعموم البلوى بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(11/309)
علة كراهة الاستنجاء بماء زمزم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الاستنجاء بماء زمزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستنجاء بماء زمزم مجزئ بإجماع أهل العلم، كما ذكر ذلك الماوردي وحكاه عنه النووي في المجموع.
ولكن نص كثير من الفقهاء على كراهة استعماله في مواضع الامتهان كإزالة النجاسة، ويدخل في ذلك الاستنجاء، وهو مع ذلك مجزئ. وعلة الكراهة أنه ماء معظم مبارك، قال ابن القيم: هو سيد المياه وأشرفها وأجلها قدراً وأحبها إلى النفوس وأغلاها ثمناً وأنفسها عند الناس وهو هزمة جبريل وسقيا إسماعيل.
وأما الوضوء والغسل به فالصحيح جوازه بلا كراهة؛ لما جاء في المسند وصححه الشيخ أحمد شاكر عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/310)
تقرأ بلا شعور آيات من القرآن داخل الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إخواني أرجو إفادتي بما سأكتبه الآن فإنني وبلا شعور أقرأ بعض الآيات والسور القرآنية التي أحفظها بالحمام وبلا شعور كما قلت ولكن فجأة أتذكر أنني بالحمام ولا يجوز ذكر الله ومع هذا أقول أستغفر الله فلا أستطيع منع ذكر الله في الحمام، فما الحل وهل أكون آثمة أرجوكم انتظر الرد.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا ينبغي لمن كان يقضي حاجته أن يذكر الله تعالى أو يقرأ القرآن، تعظيماً لكلام الله وذكره، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] .
وروى المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر.. أو قال على طهارة. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، قال النووي: وأسانيده صحيحه،
قال البغوي في شرح السنه: فإن عطس على الخلاء حمد الله تعالى في نفسه، قاله الحسن والشعبي والنخعي وابن المبارك. وقد اختلف أهل العلم في حكم قراءة القرآن وذكر الله تعالى هل تحرم أم تكره فقط؟ والذي يظهر أنها تحرم لأن ذلك يتنافى مع ما يجب من تعظيم الله وتعظيم أسمائه وصفاته وكلامه الكريم.
لكن من قرأ شيئاً من القرآن بلا شعور في الحمام فلا إثم عليه، إلا أنه ينبغي أن يعود نفسه السكوت بأن يستحضر عند دخوله الموضع الذي هو فيه، وأنه ليس موضع ذكر.. ولو وضع شيئاً في فمه كالعلك ونحوه ليشغل فمه به عن الذكر فلا بأس. وقد نقل عن بعض السلف أنه كان يضع حجراً في فمه ليمتنع بذلك عن الذكر حال الخلاء، أو عن الكلام الذي لا ينفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/311)
لا يلزم الاستنجاء بالماء إذا لم ينتشر البول ويتجاوز المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دخل الحمام للتبول ولم يجد ماء واستنجى وعند خروجه وجد الماء فتوضأ للصلاة وصلى000
فهل صلاته جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم إذا قضى حاجته أن يستجمر بالحجارة أو ما يقوم مقامها من المناديل والأوراق والأشياء الطاهرة المزيلة المنقية؛ ما لم تكن لها حرمة كالأوراق المكتوب عليها أو النقود.
أو يستنجي بالماء الطاهر المطهر وهو الأفضل.
ويجب استعمال الماء إذا انتشر البول أو الغائط وتجاوز محل المخرج،
وعلى هذا؛ فإذا كنت قد استجمرت ثم بعد ذلك توضأت فإن صلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى، ولا يلزمك الاستنجاء بالماء إذا لم ينتشر البول ويتجاوز محل المخرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/312)
حكم دخول الحمام بمجسم الكعبة المشرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أهداني زوجي عند قدومه من أداء فريضة الحج قطعة ذهب وهي مجسم صغير للكعبة المشرفة فهل يجب أن أخلعها في كل مرة عند دخولي الحمام؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المجسم المذكور قد نقش عليه بعض الآيات القرآنية، أو جمل فيها ذكر الله تعالى، فحكم ذلك حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله لغير حاجة أو ضرورة، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
10882.
أما إذا دعت الضرورة أو الحاجة إلى حمل ما فيه ذكر الله عند دخول الخلاء، كأن يخاف عليه من الضياع أو السرقة ونحو ذلك فلا مانع من حمله. وقد سبق بيان تفصيل هذا الحكم في الفتوى رقم:
24215.
وإذا كان مجسم الكعبة لا يحتوي على شيء فيه ذكر الله تعالى، فلا نرى مانعاً من دخول الخلاء به، لكن إذا خلعه المرء قبل الدخول للخلاء تعظيماً للكعبة، فهذا أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/313)
دخول الكنيف بما يشتمل على ذكر الله مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم دخول بيت الراحة بأوراق نقدية عليها بعض الآيات من القرآن الكريم
نرجو منكم الرد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أنه يكره لداخل الكنيف حمل أوراق أو نقود كتب فيها اسم الله عز وجل، وآيات من القرآن الكريم؛ لما روى أصحاب السنن أبو داود من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، لأنه كان منقوشاً فيه: محمد رسول الله، واختلفوا في الدخول بالمصحف، وذهب أكثرهم إلى تحريمه.
ومحل هذا كله ما لم يخش الضياع في الجميع، وإلا جاز الدخول.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1423(11/314)
مسائل حول معنى الاستنجاء وكيفيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الاستنجاء وكيف يتم، أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن معنى الاستنجاء وكيفيته في الفتاوى التالية أرقامها: 11536 -
9419 -
20810 -
20217 -
22828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(11/315)
التنطع في قضاء الحاجة منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من بعض الإخوة قيامهم بإدخال الماء إلى فروجهم بواسطة (الهوز) لسرعة نزول الغائط والقاذورات بسرعة حتى لا يتأخروا في الحمام نرجو تكرمكم بالإفادة حول ما ورد ذكره؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الفعل من الغلو والتنطع الذي نهينا عنه شرعاً، وقد ذكر العلماء أدب قضاء الحاجة، وكيفية الاستنجاء، ومما قالوه في ذلك أنه ينبغي لقاضي الحاجة الاسترخاء، وتفريج الفخذين.
فإذا أراد الاستنجاء غسل ما ظهر من المخرج، ولا يدخل أصبعه أو غيره في المخرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(11/316)
حكم دخول الخلاء بمصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياشيخ ما حكم من يحمل القرآن الكريم وهو داخل دورة المياه نريد منك تفصيلاً
وجزاك الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود (بدورة المياه) بيت الخلاء وهو مكان قضاء الحاجة، فالدخول إلى هذا المكان بالمصحف غير جائز ما لم تكن هناك ضرورة، كخشية سرقته أو ضياعه.
قال في الإنصاف: (أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك في تحريمه قطعاً ولا يتوقف في هذا عاقل.)
وفي مطالب أولي النهى: (وحرم بلا حاجة دخوله (الخلاء) بمصحف)
وأما إن كان المقصود مكان الوضوء أو المغتسل، فجائز.
والأولى صونه عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/317)
ما يصنع من دخل الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هوأنه في بعض الأحيان يكون معي مصحف صغير وأنسى إخراجه قبل الدخول إلى الخلاء أعزكم الله. أو أن الهوية يكون فيها اسم الله فهل أخرجها كل مرة قبل الدخول.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز لك أن تدخل بالمصحف إلى الحمام لغير حاجة، كأن تخاف عليه من الضياع أو السرقة أو الامتهان، ونحو ذلك.
قال المرداوي في الإنصاف: قلت: أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك في تحريمه قطعاً، ولا يتوقف في هذا عاقل. انتهى
فإذا دخلت به ناسياً فتذكرت قبل الشروع في حاجتك، فقم بإخراجه إكراماً لكلام الله وتعظيماً له، فإذا شرعت في حاجتك ثم تذكرت، فإن كان ظاهراً، فقم بإخفائه في ثيابك بحيث لا يظهر منه شيء.
قال الصنعاني في سبل السلام: وقال بعضهم: يحرم إدخال المصحف لخلاء لغير ضرورة، قيل: فلو غفل عن تنحية ما فيه ذكر الله حتى اشتغل بقضاء حاجته غيبه في فيه أو في عمامته. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(11/318)
طرق إزالة النجاسة مما خرج من السبيلين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما دخلت إلى هذا الموقع فرحت كثيرا لأنه يوجد لدي سؤال أستحي من مواجهة أي شخص به
وسؤالي هو من الطرق التي يتبعها الإنسان للاستنجاء من النجاسة بعد دخوله الحمام هي الورق والماء.أنا أستعمل ورق الفاين ولكن أحب أن أتعلم كيف أتخلص منها عن طريق الماء لأنه أحيانا لا يوجد بحوزتي هذا الورق فلا أستطيع التخلص منها أرجو أن ترسل لي الطريقة بالتفصيل فأنا أشعر بالذنب من هذ الوضع وكلما أتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر من هذه الناحية فإن قلبي يتوقف
أرجو إرسال الجواب سريعا فأنا متفائل الآن بالتخلص من هذا الحرج وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إزالة الخارج من السبيلين من بول أو غائط يتم بواحدة من طرق ثلاث أيها فعل الإنسان كان ذلك مجزئاً له:
الأول: الجمع بين الحجر أو ما يقوم مقامه كالورق والمناديل وبين الماء. وهذا أولى هذه الطرق، لأنه أبلغ في الإنقاء.
الثاني: الاقتصار على الأحجار أو ما يقوم مقامها.
الثالث: الاقتصار على الماء فقط.
ويجزئ المسح بالأحجار إذا لم تتعد النجاسة محلها المعتاد، فإن تعدت فلا يجزئ المسح بالأحجار فقط، بل لا بد من الغسل بالماء.
ومن هنا تعلم أخي السائل: أنه لا يلزم استعمال شيء مع الماء بل يجوز الاكتفاء بالماء فقط مع استخدام اليد في غسل النجاسة، كما يجوز الاقتصار على إزالة أثر الأذى بالأحجار فقط أو المنديل ونحو ذلك مما ينقي ويزيل الأثر.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم 9419
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(11/319)
كيف تزال النجاسة إذا تجاوزت موضعها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تجاوز البول موضع العادة فهل يجب غسله ثلاثا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب في قضاء الحاجة أن يزيل قاضي الحاجة ما على السبيلين من أذى، سواء أزاله بالماء أو الحجر أو ما في معناه من كل طاهر يابس مزيل للنجاسة ليس بمحترم ولا مطعوم.
ويندب أن تكون الإزالة بجمع الماء والحجر، أو ما في معناه.
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه " رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: " إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " رواه الجماعة.
أما إذا تجاوزت النجاسة موضعها العادي فهنا يتعين الغسل بالماء، ولا يجزئ في ذلك الإزالة بالحجر وما في معناه من المزيلات.
ومن العلماء من حدد الموضع العادي بثلثي الكمرة وما لان من الدبر، كما يتعين الماء في المني والمذي وبول المرأة.
وليس لغسل النجاسة حد بالعدد وإنما المطلوب الإنقاء على الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/320)
تمام الاستبراء يختلف باختلاف الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن يتم التبول لابد من بقاء قليل من البول لذلك لابد من الاستبراء من البول ولكن إذا أردنا الاستبراء بشكل تام فإن هذه العملية سوف تأخذ وقتاً طويلاً لذلك هل يجوز شرعاً الاكتفاء بالضغط على العضو عدة مرات وبعد ذلك التوضؤ؟ مع العلم بأنه لابد من بقاء شيء يسير جداً في العضو بعد ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسلت الذكر ونتره والضغط عليه بعد الانتهاء من البول استحبه جمهور الفقهاء؛ لأنه أبلغ في الطهارة، واستدلوا بما رواه الإمام أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثًا.،لكن الحديث ضعيف، قال النووي في المجموع: اتفقوا على أنه ضعيف.
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن سلت الذكر ونتره بعد الانتهاء من البول يعد بدعة محدثة، ويؤدي إلى الوسوسة، ونحب أن ننقل هنا نص السؤال والجواب من مجموع الفتاوى 21/106:
وسئل عن الاستنجاء هل يحتاج إلى أن يقوم الرجلُ ويمشي ويتنحنح ويستجمر بالأحجار وغيرها بعد كل قليلٍ في ذهابه ومجيئه لظنه أنه خرج منه شيء: فهل فعل هذا السلف رضي الله عنهم؟ أو هو بدعةٌ؟ أو هو مباحٌ؟
فأجاب: الحمد لله، التنحنح بعد البول والمشي والطفر إلى فوقٍ، والصعود في السُّلم، والتعلُّق في الحبلِ، وتفتيشُ الذكرِ بإسالته وغير ذلك: كلُّ ذلك بدعةٌ ليس بواجب ولا مستحبٍ عند أئمة المسلمين، بل وكذلك نتْرُ الذكر بدعةٌ على الصحيح لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك سَلْتُ البول بدعةٌ لم يُشرَّعْ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث المَروي في ذلك ضعيفٌ لا أصل له، والبول يَخرجُ بطبعِهِ، وإذا فرغ انقطع بطبعِهِ وهو كما قيل: كالضَّرْعِ إن تركْته قَرَّ، وإن حَلَبْته دَرَّ.
وكُلَّما فتح الإنسانُ ذكره فقد يخرج منه، ولو تركه لم يخرج منه. وقد يخيل إليه أنه خرج منه وهو وسواسٌ، وقد يُحِسُّ من يجدُهُ بَرْدًا لِمُلاقاةِ رأسِ الذكر، فيظنُّ أنه خرج منه شيءٌ ولم يخرج.
والبول يكون واقفًا محبوسًا في رأسِ الإحلِيلِ لا يقطرُ، فإذا عصر الذَّكر أو الفرجَ أو الثُّقْبَ بحجَرِ أو أُصبُعٍ، أو غير ذلك، خرجَتْ الرُّطُوبَةُ، فهذا أيضًا بدْعةٌ، وذلك البولُ الواقفُ لا يحتاج إلى إخراجٍ باتّفاق العلماء لا بحجرٍ ولا أصبعٍ ولا غير ذلك، بل كلما أخرجهُ جاء غيُرُه فإنه يرشحُ دائمًا.
والاستجمار بالحجر كافٍ لا يحتاجُ إلى غسل الذكر بالماء، ويُستحب لمن استنجى أن ينضح على فرجه ماءً، فإذا أحسَّ بِرْطُوبته قال: هذا من ذلك الماء.
وأما من به سلسُ البول - وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا ينقطعُ - فهذا يتخذ حِفاظًا يمنعه، فإن كان البول ينقطع مقدار ما يتطهرُ ويُصلِّي، وإلا صلَّى وإن جرى البول - كالمستحاضة - تتوضأ لكلِّ صلاة. والله أعلم. انتهى كلامه.
ولعل الأقرب هو التفصيل الذي ذكره النووي في المجموع حيث قال: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس، والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شيء يخاف خروجه، فمنهم من يحصل هذا بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكرره، ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا، وينبغي لكل أحد ألا ينتهي إلى حد الوسوسة. انتهى كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/321)
كيفية الاستنجاء وإزالة النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في الاستجمار مباشرة الخارج من الغائط باليد الشمال مع عدم وجود المناديل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للإنسان أن يباشر الاستجاء بيده اليسرى؛ وإن كانت عنده أحجار ومناديل، إلا أن الأولى له إذا وجد أحجاراً أو مناديل أو ما في معناهما من كل طاهر مزيل أن يبدأ بإزالة عين النجاسة به، ثم يتبع ذلك بالماء،
والاستنجاء يكون باليد اليسرى فقط.
فعن عبد الرحمن بن زيد قال: قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة لغائط، أو بول أو أن نتستنجي باليمين أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو نستنجي برجيع أو عظم. رواه مسلم.
وروى أحمد عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لأكله وشربه وأخذه وعطائه، وشماله لما سوى ذلك.
وإذا فرغ الإنسان من قضاء حاجته، فليغسل يده بالصابون ونحوه، ليزول ما علق بها من روائح، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة، فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/322)
لا يكره ذكر الله بالقلب أثناء قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
سؤالي هو: هل يجوز للمرء ذكر اسم الله في نفسه وهو بالخلاء علما أنه نسي البسملة وآداب الخلاء قبل الدخول وحسب علمي فإنه لا وضوء بدون بسملة.
أرشدوني جزاكم الله خيراً والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الذكر بالقلب في الحمام من غير كراهة.
قال البجيرمي علي الخطيب: فلو عطس حمد الله بقلبه، ولا يحرك لسانه أي بكلام يسمع به نفسه إذ لا يكره الهمس، ولا التنحنح.
وقد حكى الدسوقي الإجماع على عدم كراهة الذكر بالقلب في الكنيف، حيث قال ما نصه: واحترز الشارح بقوله باللسان عن الذكر بقلبه وهو في الكنيف، فإنه لا يكره إجماعاً.
وأما بخصوص البسملة في الوضوء فمذهب الجمهور أنها سنة وليست واجبة،
قال الصنعاني في سبل الإسلام: وقد اختلف العلماء في البسملة فمذهب أحمد والظاهرية أنها فرض، وذهب الحنفية والشافعية أنها سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/323)
حكم البول قائما، والاستنجاء باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول قائماً. وماذا عن توفر المراحيض العصرية؟ وهل الاستنجاء يكون للقبل أيضا بعد التبول؟ وهل يجوز لي أن أزيل النجاسة بيدي اليمنى دائما؟ وذلك لوجود خرطوم المياه في الجهة اليسرى للمرحاض في المنزل الذي استأجرته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالساً". رواه الخمسة إلا أبا داود، وقال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح. وعارضه حديث حذيفة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سباطة قوم، فبال قائماً". رواه الجماعة.
والسباطة: ملقى التراب والقمامة.
وقد جمع الحافظ ابن حجر بين الحديثين جمعاً حسناً، فقال رحمه الله: (والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها، فيحمل على ما وقع منه في البيوت، أما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه، وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة) انتهى.
وعلى هذا، فلا حرج في البول قائماً أو جالساً، والاستنجاء من البول إنما يكون للقبل فقط، لأنه هو مكان خروجه.
أما الاستنجاء باليمين، فقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عبد الرحمن بن زيد قال: قيل لسلمان علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو أن يستنجي برجيع أو عظم. رواه مسلم وأبو داود والترمذي، قال النووي: (قد أجمع العلماء أنه منهي عنه -يعني: الاستنجاء باليمين- ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام، وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحابنا) انتهى
هذا، وقال بتحريم الاستنجاء باليمين الشوكاني وغيره، ولهذا نقول للسائل الكريم: عليك أن تحتاط لدينك، وتترك الاستنجاء باليمين مطلقاً، ولو كان خرطوم المياه في الجهة اليسرى من المرحاض، فاتق الله ما استطعت، ولا يخفى عليك أنه يمكنك أن تضع الماء في إناء ثم تستنجي باليسرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(11/324)
المعتبر في إزالة النجاسة حصول الإنقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المرأة أن تغسل فرجها بعد البول بيدها مع الماء أم تكتفي بالماء الوفير؟
أفيدوني جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلوب هو براءة المحل من النجاسة وحصول الإنقاء، ووضع اليد مع الماء ليس بلازم إلا إذا تطلب الأمر ذلك لحصول الإنقاء، وإلا فيكفي إمرار الماء الوفير في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(11/325)
يستحب تغطية الرأس أثناء قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تغطية الرأس في بيت الخلاء لها ثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استحب الفقهاء تغطية الرأس أثناء قضاء الحاجة، وعدوا ذلك من آداب الخلاء، وذلك لما روى البيهقي عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه.
قال النووي: لكنه ضعيف. قال البيهقي: وروي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو صحيح عنه.
قال النووي: بعد ذكر كلام البيهقي قلت: وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال، ويعمل بمقتضاه وهذا منها. انتهى من المجموع (2/110)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(11/326)
الاستنجاء ليس شرطا في صحة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تبول قبل صلاة المغرب بنصف ساعة ولم يغسل فرجه من البول ثم توضأ ناسياً وصلى بالناس صلاة المغرب ثم صلاة العشاء وهو يظن أنه ممسك الوضوء وتذكر أنه لم يغتسل من البول قبل صلاة المغرب فما الحكم في هذا؟ وما حكم صلاة المغرب والعشاء؟ وما حكم صلاة المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة من صلى متوضئاً غير مستنج صحيحة، إذ الراجح من أقوال أهل العلم هو أن الاستنجاء ليس شرطاً في صحة الوضوء وأن من صلى بالنجاسة جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة، قال الشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله: في شرحه لزاد المستقنع عند كلامه على الاستنجاء: (إذا كان الإنسان في حالة السعة فإنا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء، وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا نسي أو كان جاهلاً فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة) . انتهى كلامه
وبهذا يعلم السائل أن صلاته المذكورة صحيحة بالنسبة له ولمن اقتدى به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/327)
لا يجب الاستنجاء إلا بحصول موجبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنتم تعلمون أن الإنسان قد يمر بالمرحاض ثم يتبول ويتغوط ويغسل كلا من القبل والدبر جيدا وليست له نية في الوضوء في تلك اللحظة وبعد مرور ساعتين أو ثلاث يريد الوضوء هل له أن يعيد الاستنجاء أم لا. وهل يأخد بعين الاعتبار الوقت بين الاستنجاء والوضوء ما لم يحدث الإنسان. وجزاكم الله خيرا والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ذهب للخلاء ثم قضى حاجته واستنجى الاستنجاء المطلوب، ثم أراد الوضوء بعد ذلك فإنه لا يطلب منه شرعاً أن يستنجي مرة أخرى، ولو طال وقت ما بين استنجائه ووضوئه ما لم يحصل موجب الاستنجاء في تلك الفترة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(11/328)
ما يلزم من الفحص الداخلي النسائي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجب الفحص الداخلي للعورة الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يترتب على هذا الفحص خروج أي شيء من المخرج فلا يلزمك الاستنجاء، وكذلك لا يلزمك الغسل، لأن ذلك ليس من موجباته، وإن خرج شيء، فإن كان منياً، فقد وجب غسل الجنابة، وإن كان غيره وجب الاستنجاء فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1422(11/329)
الاستنجاء أثناء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستنجاء في نهار رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستنجاء هو إزالة ما خرج من أحد السبيلين بماء أو حجر ونحوه، وهو بهذا المعنى مطلوب في رمضان، وفي غيره.
واحتمال دخول الماء الجوف لا أثر له على صحة الصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(11/330)
الاستنجاء لا يلزم إلا بعد التبول والتغوط
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حفظكم الله هو هل يلزم لكل وضوء غسل الذكر ومكان التغوط (الدبر) حتى ولو كان لا وجود لبول أوغائط هذا من جهة وهل يجزئ غسل الذكر بمفرده فقط دون غسل مكان التغوط (الدبر) قبل الوضوء أوالعكس فمثلاً عندما أقوم بالتبول فإنني أقوم بغسل الذكر وغسل الدبر قبل الوضوء أو بعبارة أخرى هل يصح الوضوء بغسل الذكر من البول فقط دون الدبر ثم إكمال الوضوء وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من يريد الوضوء أو الصلاة أن يزيل ما على السبيلين أو أحدهما (القبل والدبر) من أثر البول والتغوط، والأولى والأفضل أن يغسل بالماء بعد إزالة عينه بحجر، أو ما يقوم مقامه، لحديث عائشة رضي الله عنها: "مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم" رواه أحمد وغيره.
وقد مدح الله تعالى أهل قباء بالاستنجاء بالماء، فقد أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نزلت هذه الآية في أهل قباء: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة:108] قال: كانوا يستنجون بالماء".
فإذا اقتصر الشخص على الأحجار، أو ما يقوم مقامها، فلا حرج عليه، لما أخرجه أحمد والبهقي وأبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنهن تجزئ عنه".
ولا يجزئ المسح بالأحجار دون الغسل بالماء إذا انتشر النجس وتجاوز محله المعتاد، وبهذا تعلم أيها السائل أن الاستجمار أو الاستنجاء سببه أثر النجاسة المتبقي على القبل أو الدبر، فإذا لم يبل الإنسان أو يتغوط، فلا يلزمه شيء، وإذا حصل منه بول فقط، فليغسل محل البول فقط، أو يمسحه بثلاثة أحجار، أو نحوها، ولا يلزمه غسل الدبر ولا مسحه، وإذا تغوط فقط، فلا يلزمه إلا غسل محل التغوط، أو مسحه على نحو ما تقدم.
وإذا كان سبب الوضوء هو خروج ريح مثلاً، فلا يلزمه - بل لا يشرع له - غسل قبل ولا دبر، ولا مسحهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(11/331)
المنديل المبتل ... هل يزيل النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين. أود منكم الفتوى في الموضوع التالي حزاكم الله عنا خير الجزاء وجعل الله لكم ذلك في ميزان حسناتكم يوم القيامة إن شاء الله.
السؤال هو أننا مسلمون نعيش في المهجر، أمريكا، ونحافظ على الصلوات الخمس والحمد لله. وحدث أن أحدنا رأى شخصا منا في دورة المياه يتبول وبينما هو كذلك أخرج ريحا من دبره مصحوبا بصوت، وعندما انتهى هذا الشخص من التبول توضأ وتقدم للإمامة في صلاة الجماعة، مع العلم أنه بعد التبول غسل من الأمام فقط بمنديل مبلول ولم يغسل من الخلف (الدبر) . فما كان من الزميل الذي رآه إلا أن رفض الصلاة خلفه بحجة أنه لم يغتسل من الدبر. واختلفت مع زميلي في الرأي فآثرنا أخذ فتواكم في الأمر. جزاكم الله خيرا عنا وعن المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهاهنا عدة أمور:
الأول: هو أن ما فعله ذلك الشخص من الاستنجاء بالمنديل المبلل لإزالة البول ليس صواباً، وكان الأولى أن يستنجي بالماء، أو يزيل البول بمنديل جاف، لأن المنديل المبلل يخشى أن يسبب انتشار النجاسة.
قال الإمام الشيرازي: ويجوز الاستنجاء بالحجر، وما يقوم مقامه، قال أصحابنا: ويقوم مقامه: كل جامد طاهر مزيل للعين، وليس له حرمة، ولا هو جزء من حيوان. انتهى من المجموع شرح المهذب (2/130) .
وفي المغني: والخشب والخزف وكل ما أنقى به فهو كالأحجار. هذا الصحيح من المذهب، وهو قول أكثر أهل العلم. المغني لابن قدامة 1/147.
ومن هنا، فإننا ننبه على ضرورة الاعتناء بإزالة النجاسة بما لا يوقع المسلم في الحيرة والاضطراب.
الثاني: أن الاستنجاء من الريح لا يجب، بل لا يشرع أصلاً، وعليه فصلاة ذلك الرجل الذي لم يستنج من الريح صحيحة، وبالتالي فإمامته صحيحة.
الثالث: أن زميله قد أخطأ في ترك الصلاة خلفه لعدم استنجائه من الريح، وقد تقدم جواب مفصل بخصوص الاستنجاء من الريح نحيلك عليه رغبة في عدم التكرار وذلك برقم: 2562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1422(11/332)
غطاء الرأس أثناء قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله
سألتني والدتي عن جواز دخول التواليت في منزلها دون أن تضع على رأسها
فما حكم ذلك وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على والدتك في دخولها (التواليت) في منزلها أو غيره دون أن تضع غطاء على رأسها حيث لا يوجد دليل يمنع من ذلك. لكن بعض أهل العلم صرح بأنه يندب للإنسان أثناء قضاء حاجته أن يكون مغطياً رأسه ويستوي في ذلك البول والغائط، ومن هؤلاء من علل ذلك بأن الباعث عليه هو الحياء وهو شعبة من شعب الإيمان كما في الحديث الصحيح، ومنهم من علله بأنه يمنع تعلق رائحة البول والغائط بشعر الرأس إذ هو أشد جذباً للروائح من سائر البدن فإذا غطت رأسها رغبة في تحصيل أجر هذا المندوب عند القائلين به رجونا من الله أن تنال ثواباً على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1422(11/333)
الزيادة على غسل ظاهر فرج المرأة في الاستنجاء مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[نشأت في بيئة استقت علومها من التذكرة الحضرمية في الوضوء وكل شيء.
العادة المتبعة في مجتمعي النسائي هو أنه لا يجوز الاستنجاء عند الوضوء للصلاة (غسل الفرج من الداخل) أثناء الصوم.
تشعر بعض النساء بنزول ماء ولا تطهر نفسها للصلاة دون استنجاء، فما حكم الصلاة من غير نجو أثناء الصوم حتى لو كانت هناك ضرورة للنجو؟
وهل يجوز الاستنجاء أثناء الصوم؟
هذا السؤال مقدم من قبل مجتمع نسائي كبير عقد الحياء ألسنة صاحباته عن السؤال سنوات عديدة حتى جاءت الفرصة عبر هذا الموقع المفيد.
غفر الله لنا ولكم
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشكر الله لك إقدامك على السؤال عما امتنعت عنه أخواتك حياء، فالحياء في أمور الدين مما يذم، ولا يمدح، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. رواه البخاري.
أما بخصوص ما سألت عنه مما لعله ورد في المقدمة الحضرمية، وليس التذكرة كما جاء في السؤال، فليس الكتاب بين أيدينا لنتأكد من قول صاحبه ودليله ومستنده، غير أن المنصوص عند الشافعية كما جاء في أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري: (ويكفي المرأة) بكراً أو ثيباً في استنجائها بالماء (غسل ما يظهر) منها (بجلوس على القدمين) انتهى كلامه رحمه الله، وهو صريح في أن الواجب هو غسل ظاهر الفرج دون باطنه، لأن ما لا يظهر في حكم الباطن، فلا يجب غسله، والعبادة مبناها على التيسير، وانتفاءُ الوجوب لا يعني عدم المشروعية، بل يستحب للمرأة غسل ما تيسر لها من باطن فرجها من غير مبالغة، أو اعتقاد أن ذلك واجب، أو أن الطهارة لا تصح بدونه، وسواء كان ذلك أثناء الصوم أو غيره، ولا تلتفت إلى احتمال دخول الماء إلى الجوف، فإن ذلك لا أثر له على الصوم، ثم إنه يفضي إلى الوسواس الذي قد يفسد على المرء عبادته.
أما ما يخرج من فرج المرأة من رطوبات فهي وإن كانت ناقضة للوضوء، فالأظهر طهارتها، وعليه فلا يجب على المرأة الاستنجاء منها، وإن كان الأولى الاستنجاء من باب الاستطابة، وإزالة القذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1422(11/334)
علة النهي عن التبول في طريق الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يتبول على جانب الطريق، رغم أن بيته قريب، كما أنه لا يغتسل بالماء بل بالمنديل الورقي؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التبول، أو التغوط في طريق الناس، أو المكان الذي يجلسون فيه منهي عنه، لما فيه من الأذى لهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا اللعانين" قالوا: وما اللعانان. قال: " الذي يتخلى في طريق الناس، أو ظلهم" رواه مسلم وغيره، ولا شك أن البول والتغوط يقتضي كل منهما كشف العورة، وفعلهما في الطريق يفضي إلى كشفها أمام الناس، وكشفها أمامهم لا يجوز، ما لم تكن هنالك ضرورة تستدعي ذلك.
والاستنجاء بالماء أفضل، ولكنه جائز بغيره من كل جامد طاهر مزيل للعين ليس له حرمة.
وذلك لما رواه البخاري من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث، فلم أجده، فأخذت روثة، فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: "هذا - يعني الروثة- ركس".
ومعنى ركس: نجس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/335)
حكم دخول الحمام بشيء فيه اسم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يلبس قطعة من الذهب تحمل اسم الله أو أحد الأنبياء ويدخل بها إلى الحمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدخول إلى الحمام بما فيه ذكر الله تعالى مكروه، بدليل ما رواه أصحاب السنن والحاكم والبيهقي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، وفي لفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتماً نقشه ـ محمد رسول الله ـ فكان إذا دخل الخلاء وضعه، والحديث وإن كان فيه مقال إلا أن من العلماء من صححه، أو حسنه كالترمذي والحاكم. ومن ذهب إلى تضعيف هذا الأثر لم يقل بالكراهية، لكن الأفضل على كل أن يجنب ما فيه اسم الله تعالى الأماكن القذرة حسب الاستطاعة تعظيماً لله تعالى وتأدباً مع اسمه العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1421(11/336)
كيفية دخول الحمام بالرجل اليسرى إذا كانت النعل داخله
[السُّؤَالُ]
ـ[من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم دخول الخلاء بالرجل اليسرى, من سنته كذلك لبس الحذاء اليمين قبل اليسار، فكيف ألبس النعال وأنا داخل للخلاء.
وجزاكم الله خيراً على مساعدة الناس في معرفة أمور دينهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان النعلان خارج بيت الخلاء، أو تستطيع إخراجها، فلا إشكال إذاً، فالبس نعلك وفق السنة، وادخل الخلاء وفق السنة.
وأما إذا لم يكن ذلك حاصلاً، فادخل بيسارك إلى بيت الخلاء، وضعها على النعل ولا تلبسها. ثم أدخل يمينك والبس نعلك اليمنى، ثم اليسرى، وبذلك تكون قد وافقت السنة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1421(11/337)
استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة في البنيان والفضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يستقبل المسلم القبلة عند قضاء الحاجة أو أن يكون مستدبراً لها.
وما حكم من أنشأ أحد حمامات منزله أو كلها على هذا الأساس؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جهة الكعبة هي أشرف الجهات، لأنها قبلة الصلاة والحج والعمرة والطواف، فيجب تعظيمها بتجنب كل ما يمس قدسيتها ومقامها، أو ما يخل باحترامها. فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبالها أو استدبارها بغائط أو بول. فقال: "لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول". الحديث متفق عليه. فهذا الحديث يفيد حرمة استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة، ولكن جاء في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبراً الكعبة) فهذا الحديث يفيد جواز استدبار القبلة. والذي ذهب إليه الأئمة مالك والشافعي وأحمد، وهو ما تجتمع فيه هذه الأدلة هو: جواز استقبال القبلة أثناء قضاء الحاجة في البناء، ومنعه في الفضاء. وأما إنشاء بيوت الخلاء على شكل يؤدي بمستخدميها لمخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينبغي. ومن دخل حماماً متجهاً للقبلة أو مستدبرا لها فعليه أن ينحرف عن جهة القبلة استقبالاً واستدباراً، لقول أبي أيوب راوي الحديث الأول: "فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو القبلة فننحرف عنها ونستغفر الله" متفق عليه. والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/338)
لا حرج عليك في الاستجمار بالمناديل.
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكلة في الاستنجاء بعد التبول حيث إنني كلما داومت على الاستنجاء أصاب بتشقق في جلد العضو التناسلي مما يسبب لي الألم وقد عولجت أكثر من مرة ولكن في كل مرة أعود لاستخدام الماء في الاستنجاء وتعاودني التشققات والألم وقد أفتاني بعض الأصدقاء بأنه يكفيني تجفيف العضو بعد التبول بالمناديل الورقية ثم أقوم بالوضوء للصلاة فهل وضوئي بهذا الشكل صحيح وكذلك صلاتي أم ماذا أفعل لكي يكون وضوئي وصلاتي صحيحة أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفينا وإياك وجميع مرضى المسلمين، وإذا كنت تتضرر بالاستنجاء بالماء، فلا حرج أن تقتصر على مسح المحل وتجفيفه بالمناديل أو نحو ذلك، مما يحصل به الإنقاء، بشرط أن لا يقل المسح عن ثلاث مسحات لقول سلمان رضي الله عنه: (نهانا -أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم) رواه مسلم
وقد قال تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها) . [البقرة: 286] .
وقال: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا) . [التغابن: 16] .
واعلم أن الاستنجاء بالماء من البول لا يجب إلاّ إذا انتشر حول المخرج انتشاراً زائداً على المعتاد.
أما إذا لم ينتشر، فإن الاستنجاء بالماء مستحب فقط.
وفي حالة وجوبه، يسقط إذا كان يسبب ضرراً محققاً كما أسلفت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/339)
تمهل بعد البول حتى تتيقن انقطاعه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما هي كيفية الاستبراء من البول (أرجو الإجابة بطريقة واضحة) ؟ وعذرا للطريقة السيئة في طرح السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستبراء هو طلب براءة المحل من النجاسة. وكيفيته من البول أن ينتظر الإنسان بعد البول وقتاً كافياً لاستفراغ ما كان بصدد الخروج من البول مع نفض الذكر وسلته سلتاً خفيفاً. وليحذر المسلم من التساهل في هذا الأمر فإن عدم الاستبراء من البول موجب لعذاب القبر كما في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أكثر عذاب القبر من البول " وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: " يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة…." وليحذر المسلم أيضا من الغلو في ذلك والتنطع فيه فإنه يجلب الوسواس ويسلط الشيطان على المرء وربما سبب ذلك سلس البول. واعلم أنه لا حرج على المرء أن يسأل عما جهله من أمر دينه بل إن ذلك من الواجب عليه وقد امتدحت عائشة رضي الله عنها نساء الأنصار بأنهن لم يمنعهن الحياء من أن يتفقهن في الدين، بل إن المذموم هو أن يستحي المسلم أن يسأل عما أشكل عليه من أمر دينه. نسأل الله لنا ولك التوفيق. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/340)
حكم التبول قائما والاستنجاء لكل صلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع في التبول واقفا وهل يجب الاستنجاء لكل صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين والسنن من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سُبَاطة قوم فبال قائماً.
فدل هذا على جواز التبول قائماً بشرط أن يأمن من أراد فعل ذلك من ارتداد البول عليه كما ذكر ذلك بعض أهل العلم. وقد بين الإمام النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم أن الأحاديث الواردة في النهي عن البول قائماً ضعيفة باستثناء حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه أحمد وأهل السنن أنها قالت: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه. ويجاب عن هذا أن المثبت مقدم على النافي، وأن عائشة رضي الله عنها حكت ما رأته هي في داخل بيتها، ولا يدل على المنع العام.
وأما الاستنجاء فلا يجب لكل صلاة بل ولا يندب، وإنما يشرع من البول أو الغائط. وإذا كان الخارج من بول أو غائط تجاوز المحل بما لم تجر به العادة مثل أن ينتشر إلى الصفحتين أو امتد في الحشفة فإنه لا يجزئ في إزالة الخارج حينئذ إلا الماء، وأما إذا لم ينتشر ولم يتجاوز المحل بما جرت به العادة فإنه يجوز له أن يستجمر بالحجارة أو ما يقوم مقامها كالمناديل الورقية ونحو ذلك.
ولا فرق في جواز الاستجمار بين الرجل والمرأة سواء أكان الخارج بولاً أو غائطاً. قال ابن قدامة رحمه الله: (والمرأة البكر كالرجل لأن عذرتها تمنع انتشار البول، فأما الثيب فإن خرج البول بحدة فلم ينتشر فكذلك، وإن تعدى إلى مخرج الحيض فقال أصحابنا: يجب غسله لأن مخرج الحيض والولد غير مخرج البول ويحتمل ألا يجب، لأن هذا عادة في حقها فكفى فيه الاستجمار كالمعتاد في غيرها، ولأن الغسل لو لزمها مع اعتياده لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه، لكونه مما يحتاج إلى معرفته، وإن شك في انتشار الخارج إلى ما يوجب الغسل لم يجب، لأن الأصل عدمه والمستحب الغسل احتياطاً) . أ. هـ.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1422(11/341)
يحرم قراءة القرآن في الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد هل يجوز قراءة كتاب بما في ذلك القرآن الكريم في بيت الخلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصول الشرع تقضي بصيانة ذكر الله عن مواضع القذر والأذى ومحل النجاسة، وقد قال الله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [الحج: 32] وقال: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) [الحج: 30] وقد روى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد دخول الخلاء نزع خاتمه، وكان نقش خاتمه: محمد رسول الله، وإنما يشرع ذكر الله عند دخول الخلاء، وعقبه، لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند دخول الخلاء: " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "، وكان إذا خرج من الخلاء يقول: " غفرانك "، أخرجه أبو داود، والترمذي.
ومن هنا ذكر العلماء آداباً ينبغي مراعاتها حال وجود المرء في بيت الخلاء، منها: أنه يكره دخوله بما فيه ذكر الله بلا حاجة، لأن الخلاء موضع القاذورات، فشرع تعظيم اسم الله وتنزيهه عنه، فإن احتاج إلى دخوله به لعدم وجود من يحفظه وخاف ضياعه فلا بأس، كالدراهم والدنانير أو الوثائق التي عليها اسم الله. كما قالوا بكراهة الكلام في الخلاء، ولو سلاماً أو رد سلام لحديث ابن عمر قال: مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل فسلم عليه وهو يبول، فلم يرد عليه السلام رواه مسلم.
وأما إذا عطس، أو سمع أذاناً فله أن يحمد الله ويحكي الأذان بقلبه. وبناء على ذلك فلا ينبغي قراءة الكتب والصحف ونحوها في الخلاء لأنها لا تخلو غالباً من آية أو حديث أو ذكر لله، وأما قراءة القرآن فالصحيح من قولي العلماء أنها تحرم كما صرح بذلك جمع من العلماء: قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: (ووجوباً في القرآن، فيحرم عليه قراءته مطلقاً قبل خروج الحدث، أو حينه، أو بعده) .
وقال الحجاوي في الإقناع: (وتحرم القراءة فيه وهو على حاجته) .
ونقول أيضاً: إن الفطرة السليمة تأبى قراءة القرآن الذي هو أحسن الحديث وأفضل الذكر في أماكن النجاسة والأذى، فعلى المرء مراعاة الأدب مع كتاب الله تعالى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/342)
لا يجب الاستنجاء بسبب خروج ريح بل لا يشرع أصلا
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث خروج ريح بعد الصلاة فهل يجب الاستنجاء عند الوضوء للصلاة التالية أم يمكن الوضوء بدون استنجاء من الريح فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب الاستنجاء بسبب خروج الريح بل لا يشرع أصلاً، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن من فعله معتقدا مشروعيتة فقد ارتكب بدعة، فالاستنجاء إنما يكون من البول أو الغائط أو المذي أو الودي أو نحوها مما هو خارج من السبيلين ويمكن أن يبقى أثره في المحل بعد خروجه، قال الإمام أحمد: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله. فمن انتقض وضوؤه بخروج الريح لم يلزمه سوى الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1422(11/343)
لا يشرع الاستنجاء من خروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خروج الريح يوجب الاستنجاء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لخروج الريح فإن الاستنجاء منه بدعة، وليس فيه إلا الوضوء فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي شكا إليه أنه يخيل إليه أنه يجد الشي في صلاته " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" متفق عليه. وقال أحمد: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله وعن الطبراني بسنده في المعجم الصغير " من استنجى من الريح فليس منا ".
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/344)
لا يجوز استخدام مكان الغير لقضاء الحاجة إلا بإذنه مالم يكن مضطرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل يصح استخدام حمامات الفنادق والمطاعم الكبرى في قضاء الحاجات الخاصة دون أن يكون الشخص مقيما في الفندق بل مجرد مرور فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا كان أصحاب هذه المحلات لا يأذنون في استخدامها إلا لمن هو مقيم عندهم أو جرت العادة بذلك، فلا يجوز استخدامها، وإذا كانوا يأذنون فيها لكل أحد بتصريحهم أو عرف ذلك من حالهم، أو جرت به العادة جاز استخدامها. وهذا كله في حال السعة والاختيار، أما من اضطر إليها اضطراراً فله أن يستعملها ولو لم يأذنوا، لأن للضرورة أحكامها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(11/345)
من الحيطة الاستنجاء قبل دخول وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تنزل مني قطرات من البول بعد خروجي من دورة المياه فما هو الحل؟ مع العلم أنني أمكث فترات طويلة جداً في دورة المياة حتى لا تنزل قطرات بول بعد الخروج؟ . أفتوني أكرمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
بداية أسال الله لك العافية وأن يخلصك من هذا البلاء ثم اعلم أخي الكريم أن خروج البول ناقض من نواقض الوضوء باتفاق أهل العلم فالواجب في حقك أن لا تتساهل في هذا الأمر والذي ننصحك به أن تدخل إلى دورة المياه قبل دخول وقت الصلاة بوقت كافٍ حتى تتطهر تطهراً كاملاً وحبذا لو جعلت لك ملابساً داخلية خاصة لقضاء حاجتك ـ فإذا فعلت هذا بوقتٍ وتأكدت بعدها أن البول قد انقطع فقم بنضح ملابسك الداخلية التي ستصلي فيها بالماء ولا تلتفت بعد ذلك للوسوسة، ولأن ذلك لا يعد سلس بول، لأن سلس البول هو الذي يستمر مع الشخص معظم الوقت بحيث لا يكون هناك متسع من الوقت لأداء الفريضة، واعلم أن مثل هذا الأمر الذي يحصل لك إذا استمر معك مثلاً قبل دخول وقت الصلاة وفاتتك بسببه الفريضة في جماعة فأرجو أن لا يكون عليك حرج فيه إن شاء الله ـ لكن عليك بالاحتياط ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. قال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/346)
لا تقرأ الجرائد في الخلاء.
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسال عن إدخال الجرائد إلى الحمام للقراءة حيث إنها يمكن أن تحتوي على كلام الله أو ذكر الله في أي موضوع فهل هذا حرام لأن زوجي يعشق هذا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فإنه لا ينبغي إدخال الجرائد إلى الحمام للقراءة، حيث إن المسلم مطالب بعدم إدخال أي شيء فيه ذكر لله للخلاء. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء يخلع خاتمه كما في المسند والمستدرك وصحيح ابن حبان وكان نقشه محمد رسول الله. ولا تخلو تلك الجرائد في الغالب من آية أو حديث أو ذكر الله تعالى. وأيضاً المرء مطالب أثناء قضاء الحاجة بالصمت لا القراءة والكلام، حيث من الأولى أن يقضي الحاجة ويخرج ولا يلبث فوق قدر الحاجة لأن ذلك مكروه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/347)
يجوز للمرء أن يتبول واقفا إذا أمن رشاش بوله
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في بعض الأماكن العامة حمّامات (افرنجية) وهذه الحمامات غالباَ ما تكون متسخة ولا يستطيع أحد الجلوس عليها مما يضطر الواحد إلى التبول واقفاَ. فهل يجوز في هذه الحالة أن يتبول الإنسان وهو واقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيجب على المسلم أن يحترز من بوله لئلا يرتد منه شيء إلى ثيابه أو بدنه لأن عدم الاحتراز منه يعد من أسباب عذاب القبر لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" متفق عليه. وفي رواية: لايستنزه وفي رواية أخرى لا يستبرئ. والجميع بمعنى واحد. والتبول واقفا في الحالة التي ذكرها السائل جائز حيث إن الحمامات تكون متسخة بالنجاسة ويتعذر إزالتها، ويشترط لذلك أن يأمن من ارتداد رشاش البول عليه فقد روى البخاري في الصحيحين عن حذيفة قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضأ" والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1422(11/348)
لا تعارض بين الفتويين السابقتين في حكم إطالة الأظفار
[السُّؤَالُ]
ـ[فى الفتوى 121823 ذكرتم أنه يكره إطالة الأظافر إذا خالفت الفطرة، وفى الفتوى 7214 ذكرتم أنه لا يجوز تطويلها أحب الزوج أم كره. فما هو الصحيح؟ هل يكره أم هل يحرم؟ الرجاء الإجابة الصحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين الفتويين المذكورتين، فالفتوى الأولى في الأظافرالصناعية، وبينا فيها أنها جائزة مع الكراهة إلا إذا ترتب عليها ضرر فتحرم، وأما الفتوى الثانية فليست في الأظافر الصناعية بل في الأظافر الطبيعية، وبينا أنه ما دامت الأظافر لم تحمل وسخاً يخل بصحة الطهارة، ولم تتجاوز الأربعين يوماً فلا بأس بتركها، وأن المنهي عنه هو تركها أكثر من أربعين يوماً دون تقليمها فهذا مكروه، لقول أنس بن مالك: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط أن لا نترك أكثر من أربعين يوماً. رواه مسلم والنسائي واللفظ له.
وعبارة لا يجوز قد تستخدم أحياناً في المكروه إذ يقصد بها نفي الجواز المستوي الطرفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(11/349)
سنن الفطرة للرجال والنساء كل بحسبه
[السُّؤَالُ]
ـ[كما نعرف جميعا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بنتف الإبط وحلق العانة وألا تزيد الفترة عن 40 يوما وكما هو معروف أيضا أن اسم العانة يطلق للرجال، فهل أمور الفطرة هذه للرجال والنساء كافة وهل علينا لاتباع السنة أن نقوم بحلق هذه المنطقة أو أن هذا خاص بالرجال فقط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خصال الفطرة لا تخص الرجال دون النساء إلا فيما لا يوجد لدى النساء كقص الشارب، أما فيما عدا ذلك مما يتعلق بالشعر والأظافر فلا فرق بين الرجل والمرأة فيه، فكلاهما مأمور على وجه السنية بتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق شعر العانة، ثم إن العانة في اللغة هي منبت الشعر حول الفرج سواء في ذلك الرجل والمرأة، قال في لسان العرب: العانة منبت الشعر من قبل المرأة والرجل. انتهى.
وما ذكر من إطلاق ذلك على الرجال خاصة غير دقيق، اللهم إلا إذا جرى بذلك عرف لغوي عند بعض المجتمعات لكنه لا يغير شيئاً من الحكم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 50973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(11/350)
الاستحداد وأثر تركه على الطهارة والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلاقة الاستحلام والطهارة والصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، وإذا كان المراد حكم الاستحداد فإنه من خصال الفطرة. ولبيان هذه الخصال وبيان حكمها يراجع الفتوى رقم: 22732، والفتوى رقم: 24076.
ثم إن عدم الاستحداد لا يمنع الطهارة ولا يفسد الصلاة إلا إذا أدى تركه إلى تجمع وسخ يحول دون وصول الماء إلى البشرة، فحينئذ لا بد من إزالة ذلك الوسخ، وإلا لم يصح الغسل ولا الصلاة أيضا بسبب الحائل، وليس بسبب طول العهد بالحلق، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 77396.
أما بقية السؤال فلا تمكن الإجابة عنه بتفصيل لأن أحكام الطهارة والصلاة لا يمكن سردها في فتوى. وعموما فإن الطهارة من الحدث بمعنى الوضوء والاغتسال من الجنابة شرط من شروط صحة الصلاة، وكذلك طهارة البدن والثوب الذي يصلي فيه والمكان الذي يصلي فيه.
أما الصلاة فإنها الركن الثاني من أركان الإسلام وتاركها جحودا كافر بإجماع المسلمين، أما من يتركها تهاونا وتكاسلا فقد اختلف في كفره. وللتفصيل في ذلك تراجع الفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(11/351)
حكم إزالة المرأة شعر الفخذين بالليزر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من نمو شعر كثيف على الساقين والفخذين وعند إزالته ينمو تحت الجلد مما يؤثر على علاقتي الزوجية ويسبب لي إحراجا مع زوجي. فهل يجوز لي إزالة شعر الفخذين بالليزر علما أن الفخذين من العورة (لقد قمت بإزالة نصف الساق بالليزر وكانت النتيجة جيدة جدا) أفيدوني جزيتم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة ستزيل شعر الفخذين بنفسها من غير أن يطلع أحد آخر على عورتها فهذا لا بأس به إذا لم يترتب عليه ضرر طبي.
وأما إذا كان المقصود أنها ستكشف فخذيها لمن يزيل شعرها بالليزر فهذا لا يجوز لما فيه من كشف العورة، وما ذكرته السائلة من إحراجها مع زوجها ليس ضرورة تبيح لها كشف عورتها، وبإمكانها أن تزيل شعر الفخذين بنفسها بغير الليزر من المزيلات وما أكثرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(11/352)
مشروعية الخفاض وهل يفيد البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي منذ كانت رضيعة عمرها ستة أشهر لها حركات غريبة أشبه بممارسة الجنس واليوم وعمرها عشرة سنوات اعترفت بأنها مازالت تقوم بنفس الحركات في كل مكان تتواجد فيه وحدها فهل عندكم تفسير ذلك؟ يرجى المشورة هل في الختان فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الخفاض وهو الختان للنساء مشروع جائز لما بينا في الفتوى رقم: 4487، وهو يفيد في ضبط ميزان الحس الجنسي عند البنت، ولمعالجة مشكلة ابنتك وتشخيص حالتها ينبغي عرض أمرها على المختصين من الأطباء وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(11/353)
إطالة الشعر ولبس العمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الضروري ارتداء العمامة عندما يكون شعري طويلا، وماهو حد طول الشعر للرجال وهل أستطيع ربطه ولا يكون في ذلك تشبها بالنساء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من لبس العمامة لمن كان شعره طويلا أو قصيرا ... وليس ذلك بلازم شرعا، فالعمامة وكذلك القلنسوة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية التي من فعلها بنية التقرب بها والاقتداء به صلى الله عليه وسلم أجر عليها، ولا يختص ذلك بطول الشعر أو قصره، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن العمامة في الفتاوى التالية أرقامها: 33741 / 40595 / 52688، وأما حد طول شعر الرأس فلم نقف له على تحديد، فلا مانع شرعا من إزالته بالكلية أو تركه بالكلية حسب رغبة الشخص وعادة قومه إذا كان الشخص يكرمه، وإن كان الأفضل أن يكون إلى المنكبين إذا طال، أو إلى شحمة الأذن إذا قصر، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل بشعره، ولا مانع شرعا من ربطه وضفره ذوائب أو تفريقه فقد ثبت ذلك كله من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر في ذلك واسع ما لم يكن على وضع فيه تشبه بالجنس الآخر أو الكفار أو المنحرفين، وللمزيد من التفصيل والأدلة على ما ذكرنا نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 64156 / 15658 / 43930 / 54890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1427(11/354)
استعمال الرجل عطرا خاصا بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يضع عطرا نسائيا أو دهن عود نسائي مع أن عطر النساء له رائحة جميلة، وهل يجوز العكس للنساء.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في وضع أحد الجنسين لعطر الجنس الآخر لما أخرجه أحمد في المسند من حديث أبي سعيد الخدري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم: الغسل يوم الجمعة على كل محتلم والسواك وإنما يمس من الطيب ما يقدر عليه ولو من طيب أهله. قال شعيب الأرناؤوط: صحيح وهذا إسناد حسن، ما لم يكن في ذلك تشبه كأن يكون عطر النساء خاصا خصوصية شائعة بحيث لا يشم أحد رائحته إلا وعرف أنه عطر نسائي أو العكس، فحينئذ يمنع كل جنس من وضع ما يخص الجنس الآخر لحرمة التشبه كما في حديث اب ن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري، ولأنه يعرض عرضه للقالة والغيبة.
ومن دعا الناس إلى ذمه * ذموه بالحق وبالباطل.
والمسلم مسؤول عن عرضه يجب عليه حفظه عما يدنسه، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين مرا به خارجا من معتكفه يشيع إحدى نسائه في ظلمة الليل: إنها صفية. وهو بتمامه في الصحيحين وغيرهما، وقد ذكر المناوي في فيض القدير كلمة للغزالي رحمه الله عند ذلك الحديث يجمل نقلها، قال الغزالي: فانظر كيف أشفق على دينهما فحرسهما وكيف أشفق على أمته فعلمهم طريق التحرز من التهم حتى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله فيقول مثلي لا يظن به إلا خيرا إعجابا منه بنفسه فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة بل بعين الرضى بعضهم، وبعين السخط بعضهم فيجب التحرز عن تهمة الأشرار. انتهى
وللاستزادة ومعرفة ضوابط وشروط جواز وضع الطيب للنساء وغيره، انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45380 / 7024 / 14013
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(11/355)
الأخذ بسنن الفطرة فيه مصلحة للإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت قرأت عن سنن الفطرة وعن أهميتها وقرأت عن كيفية عمل هذه السنن في موقعكم الكريم
ومع أن هذه السنن وخاصة ما يسن عمله بالموس من الأشياء التي يرفضها مجتمعي وبلدي ولكني تحديت ذلك ولم أبال لأني أتبع السنة وقد استمررت على ذلك حوالي سنة ولكني منذ فترة اكتشفت اغمقاق في هذه المنطقة مما جعلني أتخلى عن هذه السنة ومن وقتها وأنا لا أعلم ماذا سيحدث إذا تزوجت ورأى مني من سيتزوجني (أنا لم أتزوج حتى الآن) ذلك فأنا لا أعلم ما يمكن أن يفعله خاصة في مجتمعي هذا
هل من طريقه أو علاج لما ألم بي فأنت لا تعلم كم يمكن ان أعير بهذا طول عمري أو يؤدي الأمر إلى طلاقي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة إزالة الشعر الذي حول الفرج وكذالك الإبط سواء كانت إزالته بموسى أو نتف أو أي مزيل من دواء ونحوه، وإذا كان في إزالته بأحدها ضرر أو تشويه فينتقل إلى الآخر، والاغمقاق الذي حصل لك ليس بسبب إزالة الشعر فيما نرى وإنما بسبب آخر فقد يكون بسبب إزالته بالآلة وقد يكون بسبب آخر فراجعي الطبيبة المختصة في ذلك، واعلمي أن بقاء الشعر قد يزيد فيما أصابك من تغير لون البشرة وتراكم الأوساخ ونحو ذلك، فالشرع لم يأمر بذلك إلا وفيه مصلحة ولكن الخلل قد يكون بسبب طريقة الإزالة أو بسبب آخر.
وعلى كل، فهوني على نفسك هذا الأمر واسألي الله تعالى الزوج الصالح الذي يحب السنة ويعينك عليها ويستر ما قد يراه، واعلمي أن اتباع السنة لا يترتب عليه إلا خير عاجل أو آجل، نسأل الله تعالى أن يوفقك ويعينك على الهدى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(11/356)
قص الأظافر يوم الأربعاء وحكم حلق ما على الدبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقص أظافرنا يوم الأربعاء؟ هل هذا يجلب الفقر؟ هل حرام أن نقص شعر الدبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقليم الأظفار من خصال الفطرة المستحبة التي حث الشرع عليها ونهى عن الإعراض عنها أكثر من أربعين يوماً. وهذه سنة لم يصح دليل على أن فعلها خاص بوقت معين، كما لم نقف على ما يدل على النهي عنها في وقت معين كيوم الأربعاء أو غيره. وعليه فكون فعلها في يوم الأربعاء سبب للفقر لم نقف له على دليل ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبقى الأصل وهو الجواز، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 2047.
وإذا كان المقصود بسؤالك الثاني حكم قص أو حلاقة الشعر الموجود حول الدبر فنقول وبالله التوفيق:
إن حلق ذلك الشعر مستحب إذا دعت الحاجة إلى ذلك كطوله مثلاً قال النووي في شرح صحيح مسلم: فيحصل من مجموع هذا استحباب حلق ما على القبل والدبر وحولهما، وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق وكذلك الضبط في قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار، وأما حديث أنس المذكور في الكتاب: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ولا يترك أكثر من أربعين ليلة فمعناه لا يترك تركاً يتجاوز به أربعين لا أنهم وقت لهم الترك أربعين. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 8905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1426(11/357)
استعمال السواك كله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه عند استعمال عود الأراك وعند بلوغ نصفه نكف عن استعماله ونرميه في القمامة ونشتري واحدا آخر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسواك من خصال الفطرة ومرغب فيه شرعا، وله فوائد جليلة سبق بيانها في الفتوى رقم: 43665.
ومن صفاته المستحبة عند أهل العلم أن لا يزيد طوله على شبر وكونه في غلظ الأصبع إلى آخر الصفات المذكورة في الفتوى رقم: 61761.
وما ذكرته لم نقف على من صرح به من أهل العلم، والأصل إباحة استعمال السواك كله مادام صالحا لذلك ولا يخرج عن ذلك الأصل إلا بدليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/358)
صبغ الشعر بالسواد
[السُّؤَالُ]
ـ[صبغ الشعر، هل صحيح أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يصبغ شعره بالسواد، وأيضا علي بن الحسين كان يصبغ شعره بالسواد، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من المراجع على أن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يصبغ شعره بالسواد أو بغيره.
وأما علي بن الحسين رضي الله عنه فقد ذكر عنه ابن سعد في الطبقات وغيره أنه كان يصبغ بالسواد، وفي معجم الطبراني الكبير ومصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق ومستدرك الحاكم وغيرهم أن عدداً من الصحابة وأئمة التابعين ومن بعدهم كانوا يصبغون بالسواد، ومن هؤلاء الحسن والحسين ابنا علي وسعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو، ولم نقف على ذكر لعثمان رضي الله عنه في هذا الموضوع، وقد اختلف أهل العلم في حكم صبغ الشعر بالسود فأجازه بعضهم ومنعه بعضهم، ولتفاصيل ذلك والراجح من أقوالهم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 21296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(11/359)
تارك حلق العانة لا يصير جنبا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا لم يحلق الإنسان المسلم ما فوق العانة قبل الأربعين يوما يكون في هذه الحالة جنباً أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق العانة من سنن الفطرة. قال الإمام النووي في المجموع: حلق العانة متفق على أنه سنة. اهـ.
وقد سبق تفصيل المسألة في الفتويين: 2734، 12584.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الأئمة المتبعين أن من ترك الحلق إلى الأربعين كان جنبا، وإنما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن ترك حلقها إلى الأربعين كما رواه مسلم في صحيحه عن أنس قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة. فمن ترك العانة دون حلق أكثر من أربعين ليلة فهو مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم أما كونه يصير جنبا فلا، لأن الجنابة لا تكون إلا بالجماع أو الإنزال، وراجع الفتوى: 26425
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/360)
دفن الشعر والأظافر والزواج يتحقق بالدعاء لا بالابتداع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين وبعد:
ما حكم من قلم أظافره ورماهم في القمامة، وما الصحيح في ذلك، وما حكم من مشط شعره وما تبقى في المشط رماه في النار، هل حرام أم ماذا، وما الصحيح؟
هناك هذه الأيام أشياء تتداول بين البنات هنا وهي التي تريد الزواج هي أن تأخذ السبحة ويكون عددها 99 وتعطيها لامرأة متزوجة مرة واحدة أي غير مطلقة ولا أرملة وتسبح لها على كل حبة سورة الفاتحة 7 مرات وسورة الإخلاص 7 مرات أي 99 امرأة وكل واحدة تقرأ نفس السور على كل حب إلى أن تنهي السبحة ثم تقوم بربطها وتضعها في المسجد فإن قام بفكها أي شخص انحلت العقدة وأتى النصيب، هل هذه الطريقة حرام أم ما حكم الدين في من يفعلون هذه، أنا أرى من وجهة نظري أن الإنسان يجب عليه أن يتجه إلى ربه بالدعاء حتى ييسر الله أمره؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد استحب العلماء دفن ما انفصل من الأظافر والشعر، وسئل الإمام أحمد عن ذلك فأمر فيه بالدفن، وراجع فيه الفتوى رقم: 38921.
وأما حرق الشعر فلم نقف فيه على نهي، والأصل في الأشياء الإباحة إلا لدليل، وعليه فالظاهر أنه مباح، ولكن الاقتصار على ما ورد له دليل أولى من فعل ما ليس فيه نص، فدفن الشعر -إذا- أولى من حرقه.
ولم يرد في شيء من كتب السنة ما ذكرته من أخذ السبحة وقراءة سورة الفاتحة أو الإخلاص أو غيرهما سبع مرات إلى آخر ما ذكرته، فهو -إذا- أمر محدث في الدين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحداث في الدين قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه، وقال: وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثه بدعة. رواه الترمذي وغيره.
وعليه فهذه الطريقة التي ذكرتها محدثة فهي -إذا- بدعة حرام، والواجب على المسلم أن يبتعد عن مثل هذا ويتوب إلى الله منه إن كان فعله، وكما ذكرت أنت فإن على الإنسان أن يتجه إلى الله بالدعاء فإنه سييسر له أمره، فقد قال في محكم كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/361)
حكم حلق الرجل شعر جسده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل حلق شعر جسده؟
وأرجو التأكد من هذا الموضوع الذي طرح في هذا المنتدى.
http://www.alshaki.net/forum/showthread.php?s=&threadid=8043]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للرجل أن يحلق جميع شعر جسده إلا اللحية عند الجمهور، ويستحب حلق العانة وقص الشارب ونتف الإبط، ويجب حلق شعر الرأس أو تقصيره في النسك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 1926، 10441، 36708، 27737.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/362)
الأمر في إزالة شعر العانة واسع
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الشيوخ الأفاضل إني خجلة جداً من سؤالي ولكني مضطرة، أريد معرفة طريقة يزال بها الشعر غير المرغوب فيه إني على وشك الزواج ولا أعرف كيف أنجب أطفالا أو حتى أنظف ما بين فخذي ولا أستطيع الصلاة لأنني نجسة هكذا لأنني ملأى بالشعر من فوق لتحت، أرجوكم والسماح؟ وشكراًً، الرجاء الرد السريع. وشكراً، ثانية أرجوكم، عفوا نسيت أن أذكر أن بشرتي حساسة وعانتي حساسة أيضا أريد طريقة لا تؤلم وأخجل طلب الخروج مع زوجي وشراء شيء كهذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب. والاستحداد هو حلق العانة.
ولا ينبغي أن تترك هذه الخصال أكثر من أربعين ليلة، لما في صحيح مسلم أن أنساً قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة. والمؤقت لذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في رواية النسائي: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.....
وأما كيفية الإزالة، فالأمر فيها واسع، فتكون بحلق أو نتف أو وضع مزيل كنورة ونحوها، ويمكن سؤال النساء ذوات الخبرة في هذا لمعرفة ما يستخدمنه لإزالة هذا الشعر، ولا ندري كيف تعتبرين نفسك غير قادرة على الصلاة بزعم أنك نجسة لأنك ملأى بالشعر كما ذكرت، فالنجاسة يطهرها الماء فهل أنت فاقدة للماء فبعد قضاء الحاجة تطهري بالماء، وتوضئي للصلاة وصلي ولا يلعب بك الشيطان ويوهمك بعدم الطهارة ليصدك عن الصلاة التي هي صلة بينك وبين ربك وهي عمود الإسلام وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فنوصيك بتقوى الله عز وجل، وننصحك بفعل خصال الفطرة المذكورة في الحديث ومنها حلق العانة، وبالمحافظة على الصلوات الخمس، ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت. رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في المشكاة، ولتفصيل أكثر عن حكم الشعر تراجع الفتوى رقم: 34840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/363)
حكم نتف الشعر الذي بجانب العنفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نتف الشعر الذي بجانب العنفقه اسفل الشفه السفلى وهل يعتبر حكمه حكم النمص افيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الناتف لهذا الشعر رجلا فقد تقدم في الفتوى رقم: 41329، أن ذلك داخل في حلق اللحية.
وإذا كان الناتف امرأة فلا حرج عليها في ذلك، وليس هو من النمص بل هو مستحب، كما تقدم في الفتوى رقم: 29137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(11/364)
المشقة الشديدة ترفع الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد
فإنني أعاني من مشكلة - في نظري - كبيرة وهي ما أواجهه من مشاكل - آلام ووخز - عند قيامي بإزالة العانة مما يسبب لي إحراجا شديدا، وفي نفس الوقت لا أرغب عدم إزالتها.
الرجاء الرد، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب إزالة الشعر ويكره كراهة شديدة تركه حتى يتجاوز أربعين ليلة، وذهب بعض العلماء إلى وجوب حلقه بعد تجاوز هذه المدة، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 23653.
وأما كيفية الإزالة، فالأمر فيها واسع، فتكون بحلق أو نتف أو وضع مزيل كنورة ونحوها، إلا أن الأفضل هو الحلق، ولكن إذا كان يشق وأمكنت الإزالة بغيره أجزأ، وإذا لم تمكن الإزالة إلا مع مشقة لا تحتمل فلا حرج عليك في تركه دون إزالة، ولا كراهة في ذلك حينئذ، لأن المشقة الشديدة ترفع الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/365)
دفن الأظافر والغرض منه
[السُّؤَالُ]
ـ[4- هل يجب قص الأظافر فوق التراب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب قص الأظافر فوق التراب، وإنما استحب بعض الفقهاء أن يدفن الشعر والأظافر لئلا يتلاعب بها السحرة في عملهم السحر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/366)
ختان المرأة مكرمة لها وليس عيبا
[السُّؤَالُ]
ـ[في كتاب فقه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أن العيوب التي ترد بها المرأة هي: الجنون، الجذام، البرص، الرتق، القرن، السؤال: هل الاختتان مما ترد به المرأة ويعتبر من الأمور التي ترد بها المرأة، حيث نعلم بأن المرأة المختونة لا تمتلك الرغبة الجنسية فهي مثل الرجل المخصي أو الذي به العنة أي أن المرأة المختونة لا تمتلك الرغبة الجنسية، فهل الاختتان ترد بها المرأة أو من العيوب التي ترد بها المرأة، ترجى الإجابة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان ليس من العيوب الموجبة للخيار في المرأة، بل دلت السنة على أنه مكرمة للمرأة وليس عيباً، بل ذهب بعض العلماء إلى وجوبه، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31783، 34471، 6245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/367)
يندب للإنسان أن يأتي من السنن حسب قدرته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد دليل (حديث) أنه إذا استخدم أحد المسلمين شيئاً من السنة مثلا (السواك) فعليه أن يفعل كل الأشياء الباقية من السنة (تطويل الشعر) .......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيندب للإنسان الإتيان بالسنن كلها حسب قدرته لأنه يثاب عليها وترفع بها درجاته، ولم نقف على دليل يدل على أن من أتى ببعض السنن فعليه الإتيان بالسنن الأخرى، وأما تطويل الشعر ففيه تفصيل، فمن الشعور ما أمر الشخص بتركه كشعر اللحية، ومنها ما أمر بإزالته كشعر الشارب والإبط، ومنها ما حرمت إزالته كشعر الحاجب، ومنها ما هو مباح كشعر الرأس، ولو تركه تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم أثيب على ذلك، ولا يُقال إن تطويله سنة شرعية، وإنما هو من سنن العادات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/368)
كيفية الاستحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله إن استشارتي لكم هي عن كيفية إزالة شعر القبل والدبر وما بين الرجلين (العانة) ، فكيف أزيلهما خاصة شعر الدبر وشعر ما بين الرجلين وهل هناك شيء إذا اشتريت تلك الأداة الألكترونية الخاصة بالنساء
أفتوني بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشعر المسئول عنه تمكن إزالته بكل مزيل إلا أن النتف قد يكون ضاراً، وقد سئل عنه الإمام أحمد فقال: وهل يقدر على هذا أحد، ثم إن الأولى في شعر القبل والعانة إزالته بآلة الحديد فيحلق بالموسى أو يقص بالمقص، ويدل لذلك حديث الصحيحين: خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب، وأما الدبر فإن الأولى قصه بالمقص لأن الحلق قد يجرح بعض تكاميشه، وتجوز إزالة الشعر بالنورة عن المواضع كلها، وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن إزالة الشعر عن تلك المواضع مستحب قال: وذكر الحلق لكونه هو الأغلب، وإلا فيجوز الإزالة بالنورة، وأما استخدام الآلات الألكترونية في ذلك فجائز إن لم تسبب ضرراً، ولا يمنع من ذلك كون النساء يستخدمنها غالباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/369)
عدم حلق العانة وأثره في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم حلق العانة يبطل الصلاة،،،وهل يجوز نتفها بدل حلقها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم حلق العانة لا يبطل الصلاة، إلا إذا كثر الشعر واتصلت به نجاسة، بحيث لا يمكن تطهيرها إلا بإزالته، فتجب إزالته حينئذ، لأن الصلاة لا تصح مع وجود النجاسة على البدن، والأفضل حلقها، ويجوز نتفها بدل حلقها، كما في الفتوى رقم: 41621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/370)
سنن الفطرة وكيفية أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من سماحتكم الرد على هذة الاسئلة
1- ما هى سنن الفطرة وكيفية أدائها؟
2- حكم الاسلام فى الاستمناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فقد سبق بيان سنن الفطرة في الفتوى رقم: 22732، وأما كيفية إزالة ما أمر بإزالته من الشعر، ففيه متسع، بالنتف أو الحلق أو وضع مزيل كالنورة ونحوها، إلا أنه يستحب في الشارب القص، وفي الإبط النتف لمن يقوى عليه، وفي العانة الحلق، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتويان: 1368، 24076.
وأما الختان فيكون بقطع الغلفة التي تغطي الحشفة من الرجل، وقطع الجلدة التي على أعلى فرج المرأة، وهو واجب في حق الرجال، مكرمة في حق النساء، وتراجع الفتوى رقم: 4487.
وبخصوص الاستمناء، فقد سبق بيان حكمه في الفتويين: 7170، 1087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/371)
حكم الاحتفاظ بما يأخذه المسلم من شعره وأظفاره.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاحتفاظ بالمخلفات البشرية مثل قلامة الظفر أو جزء من الشعر على سبيل الذكرى أم أن ذلك يعد حراما؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب للمسلم أن يدفن ما أخذه من شعره وأظفاره، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بدفن الشعر والأظفار. رواه الطبراني في معجمه الكبير، وابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان، وكان عدد من السلف يفعل ذلك، ذكر ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه.
وقد صرح أهل العلم باستحباب ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ويستحب دفن ما قلم من أظفاره أو أزال من شعره، لما روى الخلال بإسناده عن ميل بنت مشرح الأشعرية قالت: رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنها، ويقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
وعن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان يعجبه دفن الدم، وقال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أو يلقيه؟ قال: يدفنه، قلت: بلغك فيه شيء؟ قال: كان ابن عمر يدفنه، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن الشعر والأظفار، وقال: لا يتلعب به سحرة بني آدم.
وقال النووي في المجموع: يستحب دفن ما أخذ من هذه الشعور والأظفار ومواراته في الأرض، نقل ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما، واتفق عليه أصحابنا.
وقد قيد الشافعية والحنفية هذا الاستحباب بغير ظفر عورة وشعرها.
قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب: قلت: ينبغي تقييده بغير ظفر عورة وشعرها، أما لو كان منها كعانة رجل وظفر وشعر امرأة وخنثى، فينبغي وجوب الستر لحرمة النظر إليه.
لكن هل يكتفى بإلقائها لوجود الستر أو لا؟ الظاهر الاكتفاء، لكن مع الكراهة.
وقال صاحب روض الطالب: ما حرم نظره متصلا، حرم نظره منفصلا، كشعر عانة ولو لرجل، وقلامة ظفر قدم حرة، إبقاء لحكمه قبل انفصاله، فليواره وجوبا كما اقتضاه كلام القاضي، لئلا ينظر إليه أحد.
وقال صاحب "الدر المختار": (وكل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال، لا يجوز بعده) ولو بعد الموت، كشعر عانة، وشعر رأسها، وعظم ذراع حرة ميتة وساقها، وقلامة ظفر رجلها. انتهى.
وبهذا النقل يتبين لك أن المشروع بالنسبة لما أخذه المسلم من شعره وأظفاره هو دفنه، أما الاحتفاظ به، فلا يخلو من كراهة، لما في ذلك من العبث الذي يتنزه عنه المسلم، كما أن الاحتفاظ بهذه الأشياء قد يؤدي إلى استخدامها فيما يضر، كما لو وقعت في أيدي السحرة الذين يستخدمون هذه الأشياء في إيذاء الإنسان، ومحل هذه الكراهة ما لم يكن الاحتفاظ بشعر العورة أو ظفرها مظنة لاطلاع من يحرم نظره إليها، فإن كان الاحتفاظ مظنة لذلك، حرم وتعين دفنها أو إلقاؤها والدفن أولى كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1424(11/372)
ترغيب الزوجة في التمسك بالسنن والفضائل أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن من السنة حلق شعر العانة، أنا رجل متزوج وأحب ألا تحلق زوجتي شعر العانة، لأن هذا يسعدني فى الجماع معها، هل فى ذلك حرج أم لا بد أن تحلقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق العانة للرجل والمرأة سنة مؤكدة، لما روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب.
ولا يخفى ما في هذا من تحسين الهيئة وتنظيف البدن، والإحسان إلى المخالط والمقارن بكف ما يتأذى به من رائحة كريهة، هذا فضلاً عن كون فاعله متبعاً لسنن الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.
قال النووي في المجموع: حلق العانة متفق على أنه سنة، وهل يجب على الزوجة إذا أمرها زوجها فيه قولان أصحهما الوجوب، وهذا إذا لم يفحش بحيث ينفر التواق، فإن فحش بحيث ينفره وجب قطعاً. إلى أن قال: والتوقيت في العانة على ما سبق من اعتبار طولها، وأنه إن أخره فلا يجاوز أربعين يوماً.
ومن هذا نقول للسائل الكريم ينبغي أن تكون حريصاً على امتثال زوجتك للسنن والفضائل، ومن ذلك ترغيبها في الاستحداد، لا نهيها عنه، ولكن لا حرج في ترك ذلك مدة لا تزيد على الأربعين يوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/373)
حكم إطالة الرجل شعر رأسه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب عمري 19 سنة مقيم في فلسطين، وسؤالي: هل يجوز لي تطويل شعر رأسي، وما هو هذا الحد، مع العلم بأني شاب وسيم وأخشى أن أفتن الفتيات؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل جواز تطويل الرجل لشعر رأسه، ما لم يترتب على ذلك تشبه بالكافرين أو يؤدي إلى شهرة، ودليل الجواز ما رواه مسلم في صحيحه عن البراء بن عازب قال: ما رأيت من ذي لمة حسنة أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، شعره يضرب منكبيه.... الحديث.، وانظر الفتوى رقم: 5068، والفتوى رقم: 17956.
أما بخصوص ما أشرت إليه من الخوف من الوقوع في فتنة الغير في حال إطالتك لشعر رأسك، فينبغي تجنبه سداً لباب الشر والفساد المؤدي إلى ذلك.
وننبه إلى أن الجمال نعمة من الله تعالى تستدعي من العبد شكر المتفضل بها عليه بلزوم أوامره واجتناب نواهيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/374)
حلق العانة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[من مظاهر البلوغ عند الرجال إنبات الشعر في منطقة العانة هل يجب حلق ذلك الشعر الذي فوق العانة أم الذي على العانة؟ نرجو إرسال الإجابة مع أحكام البلوغ عند الرجال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن علامات البلوغ في الفتوى رقم: 10024، والفتوى رقم: 18947.
وشعر العانة هو الشعر المحيط بالقبل من الرجل والمرأة، وحلقه مستحب وليس بواجب كما هو مبين في الفتوى رقم: 23653، والفتوى رقم: 1368.
وأما عن أحكام البلوغ فالكلام عنها طويل، بل إن التكاليف لا تلزم إلا بالبلوغ فمجمل العبادات والمعاملات لها تعلق بأحكام البلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/375)
ماكان مشروعا في الجملة فلا يجوز حظره ومنعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ختان البنات؟ وهل هو واجب شرعاً؟ وما حكم القانون الذي يحظره من حيث موافقته للشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالختان مشروع إجماعاً للرجال والنساء، واختلف أهل العلم في وجوبه أو سنيته على الرجال والنساء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 4427، والفتوى رقم: 6245.
وما كان مشروعاً في الجملة فلا يجوز حظره ومنعه، وغاية ما يمكن للقانون هو أن يجعله على سبيل الاختيار، فمن شاء اختتن، ومن شاء لم يختتن، وله أن يضع ضوابط لعدم التعدي في ختان الإناث، لحديث أم عطية: أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكن، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقوله: "لا تنهكن" معناه: لا تبالغي في القطع أي اقطعي بعض القلفة ولا تستأصليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(11/376)
حكم تقليم الأظافر بالليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقليم الأظافر في الليل حرام؟ وهل من حديث يدل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من خصال الإسلام الحميدة التي أمر بها المسلم والمسلمة على السواء تقليم أظافر اليدين والرجلين ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خمس من الفطرة الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب.
ولم نطلع على دليل ثابت يحدد وقتاً معيناً لقلم الأظافر، وقد استحب بعض أهل العلم لتقليم الأظافر يومي الخميس والجمعة، وذكر آثاراً كدليل على ذلك.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ويسن أن يقلم الأظافر مخالفاً كل جمعة، زاد بعضهم قبل الزوال، إلى أن قال وفي الرعاية أنه يستحب أن يقلمها يوم الخميس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره علياً بذلك. انتهى، وذكر مثل ذلك العراقي في طرح التثريب، أما كون من قص أظافره بالليل بأثم فلا دليل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/377)
حكم الاستنجاء باليد اليمنى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستخدم يدي اليمنى في الحمام فهل علي إثم خصوصاً أني متعودة على ذلك ولا أستطيع تغييره حيث إذا استخدمت اليد اليسرى يتبعثر الماء وأدخل في دوامة من الوسوسة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخرج الشيخان عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمنه ولا يتمسح بيمينه."
وروى مسلم عن سلمان قال: قال لنا المشركون: إني أرى صاحبكم يعلمكم، حتى يعلمكم الخراءة، فقال: أجل، إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو يستقبل القبلة، ونهى عن الروث والعظام، وقال: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار."
وثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه، وما كان من أذى.
قال الإمام النووي رحمه الله: (هذه قاعدة مستمرة في الشرع، وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب والسراويل والخف، ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظافر، وقص الشارب، وترجيل الشعر، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، وغسل أعضاء الطهارة، والخروج من الخلاء، والأكل والشرب والمصافحة، واستلام الحجر الأسود وغير ذلك، مما هو في معناه يستحب التيامن فيه، وأما ما كان بضده، كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك، فيستحب التياسر فيه، وذلك كله لكرامة اليمين وشرفها)
وقد اختلف العلماء في النهي عن استعمال اليمنى في الاستنجاء هل هو للتحريم أم للكراهة: قال الإمام النووي في شرحه لمسلم: (وقد أجمع العلماء على أنه منهي عن الاستنجاء باليمين، ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام)
وقال المناوي في فيض القدير: (ومحل الخلاف ما لم تباشر اليد الإزالة بلا حائل وإلا حرم ولم يجز اتفاقاً) . وقال أيضاً: (قوله (ولا يتمسح بيمينه) أي لا يستنجي بها فيكره عند الجمهور، أما التمسح بها بأن يجعلها مكان الحجر فيزيل بها النجاسة فحرام) .
وعلى هذا فعليك أن تعودي نفسك على استعمال اليسرى في الخلاء، وتجاهديها على ذلك فإن عجزت عن ذلك عجزاً حقيقياً فلا حرج عليك -إن شاء الله- لقوله تعالى: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به [البقرة: 286] وقد ثبت في صحيح مسلم أن الله تقبل هذا الدعاء، ولقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم ولقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم."
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(11/378)
سنن الفطرة كما وردت في الأحاديث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي سنن الفطرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنن الفطرة كثيرة أوصلها بعضهم إلى ثلاثين، وهي من سنن الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- الذين أمرنا بالاقتداء بهم في قوله تعالى: فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90] .
وقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الأبط وقص الشارب.
وجاء في حديث عائشة أنها عشر حيث قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء. يعني الاستنجاء. قال: زكريا قال مصعب: ونسيت العاشرة.. إلا أن تكون المضمضة. رواه الإمام أحمد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(11/379)
الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إن السواك لتطهير الفم وتنظيفه أي إنه لإزالة الأوساخ والرائحة من الفم. فكيف يستخدمه البعض قبل الصلاة مباشرة بدون أن يذهبوا لدورة المياه لتنظيف الفم، بل يبلعون الريق الذي تم تنظيفه. فهل هذا الأسلوب صحيح في السواك؟ وهل استخدمه الرسول عليه السلام هكذا؟ إنني أستخدم السواك فقط قبل الصلاة عند الوضوء لكن لا بد من المضمضة بعده! نرجو الإرشاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستياك قبل الصلاة سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. رواه البخاري.
ولا تلزم المضمضة بعد استعمال السواك، واستعمال السواك قبل الصلاة لا يعني بالضرورة أن الفم متسخ، فقد يكون لإزالة رائحة الفم، وهو مجرد إمرار للسواك على الأسنان، ولو خرج دم جراء الاستياك -وهذا نادر- فليتفله وليتمضمض حينئذ، وأما لو كان بين الأسنان بعض العوالق وخرجت بالاستياك، فالأفضل أن يخرجها في منديل ونحوه، ولا يبتلعها، ولو ابتعلها فلا إثم عليه.
والمنع من التسوك قبل الصلاة من أجل ما ذكره السائل تنطع ومخالف لما دلت عليه السنة، وإيجاب المضمضة بعد السواك بدعة في الدين.
قال الحافظ في الفتح: الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حال تقرب إلى الله فاقتضى أن تكون حال كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة، وقد ورد من حديث علي عند البزار ما يدل على أنه لأمر يتعلق بالملك الذي يستمع القرآن من المصلي، فلا يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه. انتهى.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 49533، والفتوى رقم: 115935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(11/380)
يستحب التسوك قبل الصلاة فرضا كانت أو نفلا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتسوك قبل كل صلاة. والسؤال هو عن التسوك لقيام الليل: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتسوك قبل كل ركعتين أم كان يتسوك مرة واحدة لكل الصلوات؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الترغيب في السواك عموما وفي بعض الأوقات على وجه الخصوص، ومن ذلك الاستياك عند القيام إلى الصلاة حيث قال صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. رواه الترمذي.
وهذا لفظ عام يشمل كل صلاة، والركعتان من التراويح يقال لهما صلاة فهي داخلة في هذا العموم، وبهذا صرح بعض أهل العلم. قال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ويسن للصلاة ولو نفلا، ولكل ركعتين من التراويح. اهـ
هذا عن استحباب السواك لكل ركعتين من قيام الليل استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم، أما فعله فلم نقف على شيء منه بخصوص هذه المسألة، لكن الأصل أن الفعل موافق للقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/381)
حكم التسوك قبل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: بعض الرجال إذا أقام المؤذن الصلاة أخرجوا المسواك وبدؤوا في التسوك أثناء الإقامة تحديداً، فهل ورد في هذا شيء عن الرسول صل الله عليه وسلم، فأفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستياك للصلاة ورد فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. وصححه الألباني. والسواك يكون قبل الدخول فيها بقليل عرفاً بحيث يعد السواك منسوباً إليها ومن ذلك الاستياك بعد إقامة الصلاة، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 50147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(11/382)
آداب للمستاك يستحب اتباعها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة المثلى لاستعمال السواك، وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل السواك، وهل يتم غسل السواك بعد تنظيف الأسنان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 23560، والفتوى رقم: 94068 صفة السواك، وفي الفتوى رقم: 7521 بيان الأوقات التي يستحب الاستياك فيها، وهذا كله مستفاد من سنته صلى الله عليه وسلم في السواك، ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك.
وفي الموسوعة الفقهية: ذكر الفقهاء آداباً للمستاك يستحب اتباعها، منها: يستحب ألا يستاك بحضرة الجماعة، لأنه ينافي المروءة، ويتجنب الاستياك في المسجد، وفي المجالس الحافلة؛ خلافاً لابن دقيق العيد، ويستحب أن يغسل سواكه بعد الاستياك لتخليصه مما علق به، لحديث عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك، فيعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله وأدفعه إليه. كما يسن غسله للاستياك به مرة أخرى، ويستحب حفظ السواك بعيداً عما يستقذر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/383)
هل يتسوك باليمنى أم اليسرى
[السُّؤَالُ]
ـ[سنّة السواك باليد اليمين أم اليسار؟ وما هو دليل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح فيما نعلم بأي اليدين يستاك اليمنى أو اليسرى، وقد تعددت أقوال الفقهاء في ذلك اجتهادا فقال بعضهم: يتسوك باليمنى لأن السواك سنة، والسنة طاعة وقربة لله تعالى، فلا يكون باليد اليسرى؛ لأن اليسرى تقدم للأذى، وقال آخرون يستاك بيده اليسرى أفضل لأن السواك من باب إزالة الأذى، ومعلوم أن إزالة الأذى يكون باليسرى وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
وقال بعض المالكية إن تسوك لتطهير الفم فيكون باليسار، وإن تسوك لتحصيل السنة تسوك باليمنى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: والأمر في هذا واسع لعدم ثبوت نص واضح، والذي وردت به السنة أن يبدأ بالتسوك بجانب فمه الأيمن لحديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله وسواكه. اهـ
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/384)
ماهية الأمر بالسواك
[السُّؤَالُ]
ـ[في حديث السواك (لولا أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك) ؟ إذاً فالأمر من الرسول واجب وفيه مشقة، فما المعنى المقصود من (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه) ؟
جزاكم الله خيرا على صبركم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأحكام الشرعية المطلوب الإتيان بها على قسمين:
القسم الأول: واجبة، وهي ما طلبها الشارع طلبا جازما.
والقسم الثاني: سنة، وهي ما طلبها الشارع طلبا غير جازم.
وفي الإتيان بكل منهما مشقة ما، إلا أن الواجب منهما لا بد من الإتيان به، والمستحب لا يلزم الإتيان به بحيث لو تركه لمشقة تحتمل عادة فلا شيء عليه؛ بخلاف الواجب فيأثم، ولذلك أشفق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته بأمرهم بالسواك مع كل صلاة أمر إيجاب لأن ذلك يشق عليهم مما قد يسبب لكثير منهم تركه فيقع في الإثم؛ ولكن أمرهم به أمر استحباب.
وأما حديث: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. فهو من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم، وفيه عذر لمن عجز عن الفرائض أو عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها، فإنه حيئنذ يأتي بالممكن وهو معذور في الباقي، فهذا ليس في المشقة؛ وإنما في العجز عن الفعل، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 49022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/385)
فضل السواك وحكم دفن قلامة الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبق أن طرحت عليكم سؤالاً ولم تجيبوني عليه، فسؤالي هو: 24 فضيلة للسواك هل لي بمعرفتها، الأظافر المقصوصة، الشعر التالف أثناء المشط كانوا قديما يدفنونها أما حالياً ليس هناك أماكن للدفن إلا المقابر، لأن كل شيء أصبح معبداً ولا يمكن الدخول إلى المقبرة إلا لزيارة وإذا رآك أحد تحفر أو تنبش في التراب تعاقب لما خلفه المشعوذون والعرفون والمتبعون لهم من نبش القبور، فنحن نضطر لرميها في القمامة المنزلية، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على هذين السؤالين في الفتوى رقم: 71239، والفتوى رقم: 71240.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(11/386)
من فوائد السواك
[السُّؤَالُ]
ـ[للسواك 24 فضيلة هل لي بمعرفتها.... وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا جملة من فوائد السواك فراجعيها في الفتوى رقم: 43665.
وأضاف بعض أهل العلم إلى هذا عدة فوائد منها: أنه يفصح اللسان، ويقيم الصلب، ويحد البصر، ويقطع الرطوبة عن العين، ويسخط الشيطان، ويزيد ثواب الصلاة، ويقوي القلب والمعدة إلى غير ذلك من فوائد أوصلها بعضهم إلى أكثر من سبعين فائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(11/387)
المستحسن في طول السواك
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الإسلام لي سؤال: ما هو طول عود الأراك الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد حديث صحيح فيما نعلم يحدد طول أو عرض ما يستاك به، ولكن استحسن أكثر الفقهاء في المذاهب أن لا يزيد طوله على شبر. قال ابن الهمام في فتح القدير: أن يكون السواك لينا في غلظ الأصبع، وطول شبر من الأشجار المرة. وقال ابن حجر الهيتمي في التحفة: وأن لا يزيد في طوله على شبر. قال البجيرمي في تحفة الحبيب: أي بالشبر المعتدل لا بشبر نفسه. وقال الدرير في الشرح الكبير: ولا ينبغي أن يزيد على شبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(11/388)
حكم الاستياك عند إقامة الصلاة وبعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستياك اثناء اقامةالصلاة وبعدها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستعمال السواك من السنن المؤكدة التي ينبغي للمسلم الحرص على المواظبة عليها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال ابن دقيق العيد: الحكمة من استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حال تقرب إلى الله، فاقتضى أن تكون حال كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة. انتهى.
وعليه، فالاستياك أثناء إقامة الصلاة أو بعدها قبل الشروع في الصلاة لا مانع منه لدخول هذا الوقت في القيام إلى الصلاة الذي يستحب عنده السواك، كما أفاده كلام الحافظ ابن حجر في الفتح.
وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتويين التاليين: 50147، 49533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/389)
فقه الاستياك عند الوضوء وعند الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة.
السؤال: هل المقصود بكلمة (عند كل صلاة) هي استخدام السواك عند الصلاة وأنا واقف في الصف؟ أم المقصود بها عند الوضوء أو قبل إقامة الصلاة أو وأنا ذاهب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن السواك سنة عند الوضوء، واختلفوا هل هو من سنن الوضوء أم لا؟ على رأيين: الأول: قال الحنفية، والمالكية وهو رأي الشافعية: الاستياك سنة من سنن الوضوء، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. وفي رواية: لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء.
الثاني: قال الحنابلة، وهو الرأي الأوجه عند الشافعية: السواك سنة خارجة عن الوضوء متقدمة عليه وليست منه، ومدار الحكم عندهم على محله، فمن قال إنه قبل التسمية قال إنه خارج عن الوضوء، ومن قال بعد التسمية، قال بسنيته للوضوء.
وأما الاستياك الصلاة ففيه ثلاثة مذاهب: الأول: وهو قول للشافعية: يتأكد الاستياك عند كل صلاة فرضها ونفلها، وإن سلم من كل ركعتين وقرب الفصل، ولو نسيه سن له قياساً تداركه بفعل قليل وهو في الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، أو مع كل صلاة.
الثاني: لا يسن الاستياك للصلاة، بل للوضوء، وهو رأي للحنفية، فلو أتى به عند الوضوء لا يسن له أن يأتي به عند الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. والمعتمد عندهم أنه يشرع لهما معا؛ كما في حاشية ابن عابدين.
الثالث: يندب الاستياك لصلاة فرض أو نفل بعدت من الاستياك للعرف، فلا يندب أن يستاك لكل صلاة ما لم يبعد ما بينهما عن الاستياك، وهو قول المالكية، قال الدردير في الشرح الصغير: ندب الاستياك لصلاة فرض أو نافلة بعدت من الاستياك بالعرف. فمن والى بين صلوات، فلا يندب أن يستاك لكل صلاة منها ما لم يبعد ما بينها عن الاستياك.
وأما وقت السواك للصلاة فلم نقف على من حدده بقبل إقامة الصلاة أو بعدها أو عند الوقوف في الصف، وإنما يفعل عند الصلاة بمعنى قرب الصلاة عرفاً، قال قليوبي في حاشيته على شرح الجلال المحلي: (ويسن للصلاة) أي يتأكد لها ولو كل ركعتين قبل الشروع فيها لا بعده.
قال الخادمي في بريقة محمودية: وحديث: صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك. قال في الجلاء والباء للإلصاق أو المصاحبة وحقيقتها فيما اتصل به حسا أو عرفا، وكذا حقيقة كلمة مع وعند، والنصوص محمولة على ظواهرها إذا أمكن، وقد أمكن هنا فلا مساغ إذن إلى الحمل على المجاز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(11/390)
السواك قي المسجد كان من هدي السلف
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض المشايخ: لا يجوز استعمال السواك في المسجد بل خارجه من باب أن المسجد للعبادة وليس لتنظيف الأسنان، فهل هذا القول صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسواك سنة مؤكدة، نقل ابن قدامة اتفاق أهل العلم على ذلك، قال: لحث النبي صلى الله عليه وسلم ومواظبته عليه، وترغيبه فيه وندبه إليه. انتهى.
وليس هناك ما يدل على منعه في المسجد بل قد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة. رواه مسلم.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى عن السواك، وتسريح اللحية في المسجد، هل هو جائز أم لا؟ فقال: أما السواك في المسجد، فما علمت أحداً من العلماء كرهه، بل الآثار تدل على أن السلف كانوا يستاكون في المسجد، ويجوز أن يبصق الرجل في ثيابه في المسجد، ويمتخط في ثيابه باتفاق الأئمة، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، بل يجوز التوضؤ في المسجد بلا كراهة عند جمهور العلماء، فإذا جاز الوضوء فيه، مع أن الوضوء يكون فيه السواك وتجوز الصلاة فيه، والصلاة يستاك عندها، فكيف يكره السواك؟ وإذا جاز البصاق والامتخاط فيه، فكيف يكره السواك؟ .... انتهى كلامه رحمه الله.
وما ذكر من علة لمنع السواك في المسجد من كونه لتنظيف الأسنان نقول السواك كما أنه لتنظيف الأسنان فإن فيه مرضاة للرحمن، وهو عبادة من أجل العبادات، فقد روى النسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/391)
الفوائد العظيمة للسواك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فوائد المسواك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاستعمال السواك من الخصال الحميدة التي حث الإسلام عليها، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة.
وذلك لما للسواك من فوائد جمة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم مرضاه للرب. رواه أحمد والنسائي.
وقد نص صاحب مغني المحتاج على أن من فوائده: أنه يطهر الفم ويرضي الرب ويبيض الأسنان ويطيب النكهة، ويسوي الظهر ويشد اللثة ويبطئ الشيب، ويصفي الخلقة ويذكي الفطنة، ويضاعف الأجر ويسهل النزع، ويذكر الشهادة عند الموت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/392)
السواك للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم.
سؤالي هو؛ هل يجوز السواك للمرأة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم المرأة حكم الرجل في استحباب السواك ولا فرق، وقد ذكرنا المواطن التي يستحب السواك فيها في الفتوى رقم: 7521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1424(11/393)
يكره للصائم التسوك بالعود الرطب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل طعم السواك في نهار رمضان يفطر (الماء الذي في السواك) ؟ وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى القول بجواز السواك للصائم في جميع اليوم، هذا إن كان العود المستاك به يابساً، أما إن كان رطباً فإنه يكره مخافة أن يصل منه شيء إلى الحلق فيفسد الصوم، قال النووي في المجموع نقلاً عن أبي عيسى في جامعه عن الشافعي أنه لم ير بالسواك للصائم بأساً أول النهار وآخره، وهذا النقل غريب وإن كان قوياً من حيث الدليل، وبه قال المزني وأكثر العلماء وهو المختار.
وقال ابن قدامة في المغني في شأن التسوك بالعود الرطب: فروى عن أحمد الكراهة وهو قول قتادة والشعبي والحاكم وإسحاق ومالك في رواية لأنه مغرر بصومه، لاحتمال أن يتحلل منه أجزاء إلى حلقه فيفطره. انتهى.
ومن هذا تتضح كراهة تسوك الصائم بالعود الرطب، وأنه متى وصل شيء إلى حلقه من رطوبته فسد صومه بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/394)
الاستياك.. باليمنى أو باليسرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من المحبب أن يتسوك المرء بيده اليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة.. هل يستاك باليد اليمنى أو يستاك باليد اليسرى؟ فذهب بعض العلماء إلى أن الاستياك باليد اليسرى أفضل لأنه من باب إزالة الأذى، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى.
وهذا -أي الاستياك باليد اليسرى- هو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الاختيارات ص10.
وذهب بعض العلماء إلى أن الاستياك باليد اليمنى أفضل، لأن الاستياك عبادة وقربة إلى الله عز وجل، فينبغي أن يكون باليد اليمنى.
وذهب بعض المالكية إلى التفصيل، فإن كان لإزالة الأذى من الفم وتطهيره كما لو استيقظ من النوم فيكون باليسرى، وإن تسوك لتحصيل السنة فيكون باليد اليمنى، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والأمر في هذا واسع لعدم ثبوت نص واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/395)
صاحب الأسنان الصناعية يستاك كغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ليست له أسنان وقام بتركيب طقم أسنان فهل يثاب الرجل عند استعماله المسواك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن السواك سنة مؤكدة يشرع فعله في كل وقت، ويتأكد ذلك في خمسة مواضع: عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند قراءة القرآن، وعند القيام من النوم، وعند تغير رائحة الفم، والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب. رواه أحمد والنسائي عن عائشة رضي الله عنها.
ولا شك أن هذا الحكم شامل لمن كانت أسنانه طبيعية ومن كانت أسنانه مركبة، لأن الغرض من مشروعية السواك هو بقاء الفم نظيفاً خالياً من أي رائحة كريهة، وهذا أمر تستوي فيه الأسنان المركبة وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/396)
السواك، صفته، وهل يغني عنه غيره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن الطريقة الصحيحة للسواك بعود الأراك، هل نبل العود بالماء ثم نستاك الأسنان مع اللثة ثم نمضمض أم لا وكيف نزيل بقايا الطعام من بين الأسنان دون فرشاة ودون خيط أسنان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة أن يستاك الشخص بعود، والأفضل أن يكون رطباً، وبعود الأراك إن وجد، وإلا فمن أي شجرة أخرى لا تضر، ولا مانع من بلِّه إذا كان يابساً، فهذا أبلغ في النظافة التي هي المقصود أصلاً، وأقل ضرراً على الفم، وينظف أسنانه ولسانه ولثته.....
ولا مانع من استعمال الفرشاة مع المعجون، وخاصة بعد استعمال الطعام لإزالة بقاياه، ولكن ذلك لا يغني عن سنة السواك عند الوضوء، وعند الصلاة....
والحاصل: أن الأصل أن يستاك الشخص بعود الأراك أو بغيره إن لم يوجد، ولا مانع من استعمال الفرشاة والخيط، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
8301.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(11/397)
السواك ... تعريفه وفوائده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السواك؟ ومن أي شجرة يؤخذ؟ وما أهميته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسواك عبارة عن ما ينظف به الفم من عود وغيره، والعود يؤخذ من أشجار كثيرة، إلا أن أفضلها الأراك، ومن فوائد السواك أنه: "مطهرة للفم، مرضاة للرب" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والنسائي عن عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/398)
هل يأخذ معجون الأسنان حكم السواك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم فيمن يقول إن السواك ليس سنة في حد ذاته وإنما السنة هي النظافة وعليه يمكن لمعجون الأسنان مثلا أن يحل محل السواك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللعلماء المتقدمين خلاف فيما يستاك به من صابون ونحوه، هل يقوم مقام العود؟ أو أن العود شرط في السواك، ولا نرى أن السواك بالمعجون على الوضع الذي هو عليه الآن داخل في الخلاف المتقدم، لأن استعمال المعجون بالأداة المعروفة (الفرشاة) هو أقرب في النتيجة والثمرة إلى السواك بالعود منه إلى ما يقصده المتقدمون من الصابون ونحوه، وعلى كلٍ فمن استطاع أن يستاك بالعود، فذلك الأولى عند الجميع اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وخروجاً من الخلاف.
ولأن في الاستياك بالعود فوائد صحية لا تحصل لمن استاك بغيره، كما ذكر أهل الطب.
ومن عجز عن ذلك، أو لم يتيسر له وجود العود، فلا حرج عليه، والمهم أن يحصل الانقاء، وتطييب الفم المطلوب شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/399)
الأحوال والأوقات التي يستحب الاستياك فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: متى يستعمل السواك وماهي الأحاديث الشريفة الدالة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسواك سنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" رواه أحمد وابن حبان والنسائي وغيرهم.
ويستحب السواك في الأوقات التالية:
1/ عند الوضوء: قال صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" رواه البخاري والحاكم وابن خزيمة.
2/ الاستياك للصلاة: قال صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" رواه مسلم.
3/ عند قيام الليل: روى حذيفة بن اليمان: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك" رواه الشيخان.
4/ الاستياك للصائم أول النهار وهو جائز باتفاق الفقهاء.
5/ عند قراءة القرآن والذكر.
6/ عند التيمم والغسل.
7/ عند دخول المنزل، لما رواه مسلم عن عائشة قالت: كان إذا دخل -أي النبي صلى الله عليه وسلم- بيته بدأ بالسواك، وكذلك يستحب عند كل اجتماع.
8/ عند النوم والجماع، وعند تغير رائحة الفم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1422(11/400)
هل يحق للخاطب إجبار خطيبته على الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة ومخطوبة وخطيبي علم أنني لست مختونة وهو الآن مصمم على أن أعمل هذه العملية قبل الزواج أو بعده، فما رأي الدين والشريعة في ذلك؟ وهل هذا حرام أم حلال؟ مع العلم أنني غير موافقة على هذه العملية، وهل لي من نص صريح من القرآن يوجب ختان الإناث؟ وما هي الأضرار التي ستلحق بي جراء ذلك؟.
ولكم جزيل الشكر، وأرجو سرعة الرد من فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان في حق النساء مشروع في الجملة، والراجح عندنا أنه غير واجب، وانظري لذلك الفتوى رقم: 124554.
وليس من حق هذا الخاطب أن يجبرك على الختان، لكن إذا كنت ترغبين في الاختتان فلا مانع من ذلك بعد استشارة طبيبة متخصصة، وللفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 119961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1430(11/401)
حج الأقلف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لمن لم يقم بعملية الختان أن يذهب إلى العمرة أو الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا القول في حكم الختان في حق الذكور والإناث، وبينا أنه واجب في حق الذكور وهو قول الجمهور وانظر الفتوى رقم: 4487.
فالواجب على من لم يختتن أن يبادر بالاختتان طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحرصا على كمال الطهارة إلا أن يكون عليه في ذلك ضرر.
وأما ذهابه للحج والعمرة فلا بأس به فإن عبادات الأقلف صحيحة، وإن كان بعض العلماء قد غلظ في أمر الختان جدا.
قال ابن القيم في تحفة المودود: قال حنبل: قال أبو عبد الله: لا تؤكل ذبيحته أي الأقلف ولا صلاة له ولا حج له حتى يتطهر هو من تمام الإسلام. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: وكان ابن عباس يشدد في أمره أي الختان حتى أنه قد روي عنه قال: لا حج له ولا صلاة. انتهى.
وهذا يدل على أهمية العناية بأمر الختان ووجوب المبادرة إليه عند القدرة، وأما عباداته من صلاة وحج وغير ذلك فصحيح كما قدمنا، وأما ما تعلق من النجاسة بالقلفة ولم تمكن إزالته فهو معفو عنه ولا يؤثر في صحة العبادة لعدم إمكان إزالتها.
قال في مطالب أولي النهى: تكره وتصح إمامة أقلف، أما الصحة فلأنه ذكر مسلم عدل قارىء فصحت إمامته كالمختتن، والنجاسة تحت القلفة بمحل لا تمكنه إزالتها منه معفو عنها لعدم إمكان إزالتها. وكل نجاسة معفو عنها لا تؤثر في بطلان الصلاة. انتهى.
وبه تعلم أنه لا حرج على الأقلف ومن لم يختتن أن يذهب إلى الحج أو العمرة، وأن عليه أن يبادر بالاختتان إن قدر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(11/402)
لا إثم في تأخير ختان البنت أو عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي 27 سنة متزوجة ولدي طفل، لم أختتن في الصغر، وزوجي لا يهمه هذا الأمر، وأهل زوجي يمارسون هذه العادة إلى الآن، ولكنهم لا يعلمون عن أمري شيئا، هل يمكن أن أختتن في الكبر بالرغم أني متزوجة، وليس هناك أي مشاكل في شهوتي؟ فزوجي يقول إنني طبيعية، وأنا أخاف إن فعلت هذه العادة أن ينكشف أمرى أمام أهل زوجي، فأنا في حيرة من أمري، هل أفعلها أم لا؟ وزوجي يقول لو رزقنا ربنا ببنت سوف نختنها، فكيف أختنها وأنا لم أختتن؟ أنا أريد أن أعرف هل من الواجب أن أختتن وأنا متزوجة ولدي طفل؟ بالرغم من أنني أعلم أن البنات يختتن لتعديل شهوتهن، وأنا ليس لدي مشاكل من هذه الناحية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام السائلة الكريمة بعملية الختان بعد الزواج في مثل هذه السن، حكمه يرجع إلى حكم الختان أصلا: هل هو واجب فيأثم تاركه؟، أم هو غير واجب فلا يأثم تاركه؟.
وقد سبق أن بينا مذاهب أهل العلم في هذه المسألة، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 51088، 46278، 68002، 13945، 4487. والراجح أنه ليس بواجب في حق النساء، وبالتالي فلست آثمة بتأخيره، ولا حتى في عدم القيام به، خاصة وأن السائلة ـ كما ورد في سؤالها ـ ليس عندها أي إشكال في شهوتها، ومن المعلوم أن المقصود من الخفاض ضبط ميزان الحس الجنسي عند الأنثى، فلا داعي له إذا كانت لا تحتاج إليه كحال السائلة.
خاصة وأن زوجها لا يهمه هذا الأمر ويقول إنها طبيعية، مع ما تخافه السائلة من تشنيع أهل زوجها إن علموا أنها لم تختتن.
فلا حرج عليها والحال كما ذكر أن تبقى على هيئتها، بل قد يكون هو الأفضل، ولو قيل بأنه هو المتعين لما كان ذلك بعيدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(11/403)
الختان معروف عند العرب وأقره الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ختان الإناث في الإسلام؟
وهل زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته قد اختتن؟
أرجو التوضيح بالتفصيل في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الختان كان معروفا عند العرب وقد أقره الإسلام، واختلف أهل العلم -بعد اتفاقهم على مشروعيته- هل هو واجب أو مستحب؟ ويدل لكونه كان معروفا عند العرب وأن الإسلام أقره ما في حديث أم عطية أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل. رواه أبو داود وصححه الألباني.
ويدل له كذلك حديث مسلم: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل.
وأما بنات النبي صلى الله عليه وسلم فلم نطلع على شيء خاص بهن.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على المزيد من البسط في الأمر: 6245، 4487، 13945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(11/404)
لا علاقة بين قول الله (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وموضوع الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عراقية، وعندي صديقة من الديانة الصابئية، وكنت أعاملها بحسن ورقة وكل أدب واحترام، وفجأة في ذات يوم جاءت وقالت لي من غير أي شيء مسبق بالتالي:
(إن دين محمد دين باطل ولا وجود لهذه الديانة أساسا وإن القرآن هي خطة إسرائيلية وبدليل أولا أنتم تقولون أن الله يقول (خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وتعملون الختان.
وقالت لي أيضا إن الله لا يجعل شخصا يعبد الأصنام أربعين عاما وبعدها يجعله نبيا، فأخبرتها عن آيات موجودة في وجود أنبياء ليست منذ الولادة فقالت على حد قولها إنهم كانوا صالحين.
أنا لم أتأثر بها طبعا لأني مؤمنة بالله وبنبوة محمد، وأسأل الله أن يثبتني على الصراط المستقيم، رددت عليها من القرآن بـ (إن جاءكم فاسق بنبأ..........)
ومن ذلك اليوم ابتعدت عن هذه الفتاه، ما حكم هذه الفئة من الناس، أو كيف تردون؟ وهل أنا بحكمي عليها بفاسقة حرام أم حلال؟ علما بأن نيتي كانت ردعها وإيقافها والدفاع عن ديني بلساني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصابئة اليوم من ملل الكفر بلا شك ولا خلاف، وقد سبق التعريف بهم وبيان بعض عقائدهم وفرقهم وأحكامهم في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 23568، 41042، 30034.
فحكم السائلة على هذه المرأة الكافرة المشككة في دين الحق، بأنها فاسقة، حكم متساهل، بل هي شر من ذلك بكثير.
أما القول ببطلان الإسلام وأن القرآن خطة إسرائيلية، فتهافته لا يحتاج إلى نظر، ولا يقوله إلا جاهل أعمى أو مغرض أفاك.
وقد سبق لنا في كثير من الفتاوى بيان الدلائل والبراهين على صحة دين الإسلام وحفظ القرآن، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 48913، 20984، 8187، 19694.
وأما قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ {التين: 4} فمعناه ـ كما قال البغوي في تفسيره: أي أعدل قامة وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل حيوان منكبًا على وجهه إلا الإنسان خلقه مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، مُزَينَّا بالعقل والتمييز. اهـ.
وقال السعدي: أي تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا أو باطنًا شيئًا اهـ.
وهناك قول آخر ذكره الطبري فقال: وقال آخرون: بل معنى ذلك: لقد خلقنا الإنسان، فبلغنا به استواء شبابه وجلده وقوّته، وهو أحسن ما يكون، وأعدل ما يكون وأقومه. اهـ.
فأي تناقض بين هذا وبين شريعة الإسلام السمحة في إزالة ما يشوه الخلقة ويضر الإنسان، وهو ما يعرف بسنن الفطرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الآباط. متفق عليه. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 22732. كما سبق بيان أن لا علاقة بين الآية السابقة وموضوع الختان، وكون الختان من تمام الحنيفية السمحة، وذلك في الفتوى رقم: 48068.
وأما مسألة عبادة النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام أربعين سنة، فَفِرية بلا مرية، وقد سبق لنا التنبيه على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي من السجود لصنم في الفتوى رقم: 106775.
ثم ننبه الأخت السائلة على مضرة مصاحبة الكافرين وكذلك الفاجرين، فإن الطبع لص والصاحب ساحب، ولذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتحرى في اختيار الصحبة، ونهانا صلى الله عليه وسلم عن مصاحبة غير المؤمنين ومخالطة غير المتقين، فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنهما الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/405)
القول الراجح في حكم ختان النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسأل عن ختان المرأة هل هو سنة أم لا، وإذا كان سنة فلماذا لا يعمل به إلا في مصر فقط وبقية البلدان الإسلامية لا توضح الأمر للناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان أقوال أهل العلم في ختان الإناث بالتفصيل وذلك في الفتوى رقم: 4487، وبيان أنه مستحب في الفتوى رقم: 6245.
وقد اتفق الأئمة على مشروعيته، وإن اختلفوا في كونه واجباً أو مستحباً أو مكرمة، وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية: الختان من سنن الفطرة، وهو للذكور والإناث، إلا أنه واجب في الذكور وسنة ومكرمة في حق النساء.. إلخ. إجابة السؤال الرابع من الفتوى رقم 2137.
وفي مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ختان البنات سنة، إذا وجد طبيب يحسن ذلك أو طبيبة تحسن ذلك.. إلخ.
وفي مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: حكم الختان محل خلاف، وأقرب الأقوال أن الختان واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء.. إلخ.
وبلاد المسلمين لا تخلو من أهل العلم الذين يبينون للناس أمور دينهم الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/406)
السن التي يجب فيها ختان الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني عمره ثلاث سنوات، وأبوه في كل مرة يعطل ختانه، وقريبا سنذهب عمرة. فهل يجوز أخده معنا دون ختان؟ وما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أخذ ابنكم معكم للعمرة قبل أن يختتن، ولا مكروه في ذلك، فالختان لا يجب إلا بعد البلوغ.
قال الإمام النووي: وَقْتُ وُجُوبِ الْخِتَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتِنَ الصَّغِيرَ فِي صِغَرِهِ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ. انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الْخِتَانِ مَتَى يَكُونُ؟ فقال: أَمَّا الْخِتَانُ فَمَتَى شَاءَ اخْتَتَنَ، لَكِنْ إذَا رَاهَقَ الْبُلُوغَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخْتَنَ كَمَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَفْعَلُ، لِئَلَّا يَبْلُغَ إلَّا وَهُوَ مَخْتُونٌ. انتهى
وقال ابن المنذر: ليس في باب الختان نهي يثبت ولا لوقته حد يرجع إليه ولا سنة تتبع، والأشياء على الإباحة، ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة. ولم يثبت تحديد وقت للختان في السنة الصحيحة. ويراجع في وقت الختان وما قيل فيه الفتويان: 1960، 63370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(11/407)
هل يجب الختان على من أسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي تتزوج نصرانيا لكنه أسلم قبل الزواج، دخل دين الإسلام وغير اسمه إلى إبراهيم؟ وهل يجب أن يعمل عملية الطهارة أى الختان، هو يعمل ويقوم بكل أركان الدين ما عدا الصلاة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج المسلمة من غير المسلم باطل بالإجماع، أما إذا كان هذا الرجل قد أسلم ثم تزوج تلك المرأة فلا حرج في ذلك، لكن تركه للصلاة أمر خطير، فإن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، وتركها جحوداًً يخرج من الملة، وتركها تكاسلاً قد عدّه بعض العلماء كفراً مخرجا من الملة، فعلى هذه المرأة أن تنصح زوجها بالمحافظة على الصلاة، فإن لم يستجب وأصر على ترك الصلاة فلا نرى لها البقاء معه، وراجعي في حكم بقاء الزوجة مع زوجها التارك للصلاة، الفتوى رقم: 5629.
وأما الختان فإن كان يمكنه ذلك من غير ضرر فعليه فعله، أما إذا كان يخشى على نفسه الضرر منه فلا يجب عليه، قال ابن قدامة: وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه، لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه فهذا أولى، وإن أمن على نفسه لزمه فعله، قال حنبل: سألت أبا عبد الله عن الذمّي إذا أسلم ترى له أن يطهر بالختان؟ قال: لا بد له من ذلك، قلت: إن كان كبيرا؟ قال: أحب إلي أن يتطهر لأن الحديث: اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة. قال تعالى: ملة أبيكم إبراهيم. المغني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/408)
لا تجعل أمر الختان سببا للشقاق بينك وبين زوجتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أعتذرعن الصراحة الزائدة في رسالتي، ولكن لا أجد من أثق به إلا هذا المكان الطيب، أنا شاب عاقد ولم أدخل بزوجتي حتى الآن، وعند سؤالها تبين أنها لم تختتن في صغرها، وعلمت بأن بظرها كبير الحجم، ويخرج من الشفرين الكبيرين، ويلامس الملابس الداخلية لها، وإنها عندما ترتدي ملابس داخليه ضيقة جداً لا تؤدي إلى احتكاك لا تتأثر بشيء إلا نادراً، عندما يلامس البنطال بظرها فتحدث فعلا إثارة. وعندما ترتدي ملابس داخلية ليست ضيقة يحدث احتكاك وتحدث إثارة، فطلبت منها أن تقوم بعملية ختان فقالت مستحيل مع علمها بأنها سنة، ومن الشرع لكنها ترفض تماما خوفا من أن تصاب ببرود جنسي وخوفا من الألم؛ لأن هذه العملية تتم بدون أي مخدر، ونحن الآن في مشكلة أنا مصمم أنها تقوم بالختان حتى لا تتعرض للإثارة دوما، وخصوصا بعد الزواج لأن أمر شعورها بالجنس يختلف عن كونها الآن بنتا، وأنه من الأفضل والأطهر لها ولكنها ترفض لما ذكرته سابقا مع علمها بأنه سنة ومن الشرع. ولا أعرف ماذا أفعل، وخصوصا أنها تقول لي بأن البنت بعد الزواج زوجها يريحها من هذا الأمر، ولا تصبح مثارة كثيراً، وأن هذا الأمر لم ولن يؤثر عليها أو على عفافها، ولا أعرف هل كلامها صحيح أم كلامي أنا الصحيح؟ ويجب أن تفعلها برضاها أو غصبا عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نحب أن ننبه أولاً إلى أن هذا الأمر أهون من أن يكون مثاراً للخلاف، خاصة وأن الزوجين لا يزالان في بداية مشوار الحياة الزوجية، فمن الممكن التفاهم بينهما في هذا الموضوع في احترام متبادل.. والختان في حق النساء ليس بواجب، ولكنه في نفس الوقت مكرمة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 4487.
ولا يلزم من ختان المرأة الختان المشروع أن تصاب بالبرود الجنسي، كما أن ألم الختان ليس بالألم الذي يمنع المصير إليه، ونوصيك بالصبر على زوجتك في هذا الأمر، ومحاولة إقناعها بالحسنى، وأن لا تجعل هذا الأمر سبباً للشقاق، أو أن يحول دون إتمام هذا الزواج والدخول بها، ولا يلزم من كون المرأة لا تختتن أن لا تكون عفيفة. وإيمان المرأة وحسن تربيتها وتزكيتها نفسها هو الذي يحول بينها وبين الوقوع في معصية الله، ولذا فينبغي أن يهتم الزوج بتربية زوجته على الخير ويعلمها أمور دينها، ويكون قدوة صالحة لها حتى تكون امرأة صالحة، قال الله تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ {النساء:34} ، أي تحفظ زوجها في نفسها وماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/409)
نظرات في ختان الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[معلوم أن الختان للإناث إما واجب أو سنة أو مكرمة، ومن الفوائد التي ذكرها أهل العلم أن شهوة الأنثى تقلل وتعدل، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هو أحظى للمرأة وأحب للبعل, فكيف تكون المرأة محظوظة عند تقليل الشهوة، ونرجوكم أن تفتونا في هذه القراءة الجديدة لختان الإناث فهي حيرتنا كثيراً.http://www.meshkat.net/new/contents.php?catid=6&artid=8544
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى أحظى في قول النبي صلى الله عليه وسلم من الحظوة وهي المكانة والمنزلة، أي أن المرأة التي تختن ولا تنهك يجعل لها ذلك مكانه ومنزلة عند زوجها، إما لعفتها وحيائها إن كان الخفاض سبباً لذلك أو عند إتيانها لاعتدال شهوتها فلا ترهق الزوج بكثرة حاجتها واشتداد شهوتها إذ أن الختان يعدل الشهوة كما قيل.
ومهما يكن من أمر فالنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، فإذا ثبت قوله وجب الإيمان به، وسبب الحظوة في الخفاض وعدم الإنهاك لم يبينه النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هو لاعتدال الشهوة أو لقوتها أو لغير ذلك، فكل سيفسرها بما هداه إليه النظر والفكر والتجارب والدراسات.
والقراءة المشار إليها للموضوع قراءة جيدة، وما ذكر فيها قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاً لكن له وجه من النظر، والمهم أن لا يحاكم قول النبي صلى الله عليه وسلم إلى استنتاج ودراسة قد تصح وقد تخطئ، لكن نستأنس بها، فإن صحت فبها ونعمت، وإن كانت خاطئة فذاك عليها لا على قول النبي صلى الله عليه وسلم.
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4487، 13945، 46723.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(11/410)
حكم اختتان البنت بدون علم أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 16 سنة مشكلتي يا سيدي هي أنني حساسة جداً للمناظر الجنسية فأبسط ما أسمع أو أرى أو أقرأ يثيرني -أعزك الله- وأنا أخشى الله حتى صرت أمتنع عن النت والتلفاز وقراءة المنشورات مخافة أن أتصادف مع شيء كهذا وهذا الأمر يجعلني أحتقر نفسي، وسؤالي هو: هل إذا وجدت الفرصة سانحة لأختتن دون علم أهلي فهل مباح أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على العفاف وزادك الله هدى وتقى وصلاحا.
وقد سبق أن ذكرنا جملة من الأمور التي تعين على كبح جماح الشهوة ومن ذلك الزواج والصوم والبعد عن المؤثرات، فراجعي الفتوى رقم: 65187.
والختان واحد من هذه الأمور، وقد ذكرناه بالفتوى المشار إليها آنفا، ولكن إن أمكنك تهذيب شهوتك بغير الختان والاستغناء عنه فقد يكون أولى، ففي الختان اطلاع على العورة المغلظة، وإن احتجت إلى الختان فلا حرج عليك في المصير إليه وأنت في هذه السن ولو من غير علم أهلك.
نقل النووي في المجموع عن ابن المنذر أنه قال: ليس في باب الختان نهي يثبت ولا لوقته حد يرجع إليه ولا سنة تتبع، والأشياء على الإباحة، ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة. اهـ.
ونوصي بالحرص على ختان السنة والحذر مما يسمى بالختان الفرعوني وهو الذي يكون فيه إنهاك، وراجعي الفتوى رقم: 48958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(11/411)
لم يختن لأنه ولد شبه مختون
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني متزوج ولي أولاد ولم أتعرض لعملية ختان حيث ولدت شبه مختون، فأرجوكم أجيبوني بما أفعله للتخلص من مشكلتي التي أثرت علي نفسياً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت القلفة التي تغطي الحشفة غير موجودة فإنه ليس عليك شيء، وأما إن كان بقي شيء من القلفة فينبغي أن تزيله إن لم يكن في ذلك ضرر عليك، واعلم أنه ليس في الأمر ما يسبب مشكلة نفسية، فحاول العمل بما تيسر لك ولا حرج عليك فيما سبق إن كنت جاهلاً بالحكم، كما أنه لا حرج عليك إن كان غطاء الحشفة غير موجود، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27715، 26337، 64208، 17041، 27517، 38861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/412)
حكم ختان المرأة البالغة عند الشافعية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة بالغة لم تختن في الصغر، فهل يجب عليها الختان عند الشافعية مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا أن حكم الختان عند الشافعية واجب في حق الرجال والنساء، فيمكنك أن تراجع الفتوى رقم: 4487.
وإذا لم تختن المرأة في صغرها وجب عليها عندهم الاختتان في الكبر، ففي تحفة الحبيب -وهو في الفقه الشافعي-: قال الأصحاب: وإنما يجب الختان بعد البلوغ، ويستحب أن يختن في السبع من ولادته إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله فيؤخر حتى يحتمله. انتهى.
والراجح أن الختان سنة في حق النساء وليس بواجب، كما بينا الفتوى رقم: 68002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(11/413)
هل كان العرب في الجاهلية يختتنون
[السُّؤَالُ]
ـ[معروف أن حكم ختان الرجل نزل في عهد إبراهيم الخليل، فهل العرب في الجاهلية كانوا يختنون أبناءهم، أم أن المسلمين قاموا بذلك وهم كبار بعد نزول الوحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان من سنة الأنبياء، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين بالقدوم ... الحديث. واستمر الختان بعد إبراهيم في الرسل وأتباعهم، وكان العرب في جاهليتهم يختتنون اقتداء بسنة إبراهيم عليه السلام، وكثير منهم من ذريته لأنهم أبناء إسماعيل عليه السلام، يدل على ذلك حديث هرقل مع أبي سفيان كما رواه البخاري وغيره، حيث جاء فيه: ... فبينما هم على أمرهم أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب فقال: هم يختتنون، فقال: هرقل هذا ملك هذه الأمة قد ظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(11/414)
يسقط وجوب الختان بالعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفل أريد أن أعمل له ختانا، ولكن ابني عنده مرض بالدم، ولا نستطيع أن نعمل له الختان إلا بعملية جراحية معقدة في المستشفى وهذا يسبب خطرا على طفلي ويجب عليه أخذ دواء معين يكلفني أيضاً مبلغا يزيد عن 15000 ألف دولار، علماً بأني أستطيع أن أعمل ذلك عن طريق شركة التأمين الصحي هنا في ألمانيا، ولكن يجب إخبارهم بأن العملية لا بد منها لابني لأسباب صحية وليس لأسباب دينية، فيدفعون التكاليف وهذا فيه شيء من الكذب، وأنا لا أريد ذلك، فأرجو منكم النصيحة، فهل الختان واجب، أم لا في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فختان الذكور واجب في قول جمهور أهل العلم كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 38861، ولكن الواجب يسقط بالعجز، لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، ولقول الله تعالى: رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ {البقرة:286} ، وقد قال الله تعالى: قد فعلت. رواه مسلم والترمذي واللفظ له.
فإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن عملية الختان فيها خطر على الطفل لمرضه، إضافة إلى الكلفة الباهظة للدواء، فلا يجب عليك ختانه والحالة هذه، ومتى زال العذر بأن شفي من المرض أو زال الخطر المترتب على الختان عاد الوجوب، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
وأما أخذ الدواء عن طريق التأمين الصحي فلم تتبين لنا صورة المعاملة، ولم تذكر لنا هل أنت مشترك ابتداء في التأمين الصحي أم غير مشترك، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حرمة التأمين الصحي التجاري وهي تحت الرقم: 3281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(11/415)
الختان وخفاض البنات هل يكتم أمرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب إخفاء الختان، وما هي قواعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخفاء الختان إن أريد به كتم أمره وستره فإنه لا يجب إذا كان في السن المناسب وهو الصغر، بل قد ذكر أهل العلم أنه يباح عمل الإعذار وهو الطعام الذي يعد بمناسبة الختان، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25484، والفتوى رقم: 36445.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يستحب ستر خفاض البنات إذا كبرن وعدم إشهاره، وراجعي في حكم الختان الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4487، 38861، 46723، 56891، 13945، 34471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/416)
قول أهل العلم في وليمة الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[أتساءل عن حكم الشرع في عملية الختان؛ وهل من البدع أن يكون مع الختان مأدبة عشاء للأهل ومجموعة غنائية أومدائح وأذكار، وتحديد تاريخ المولد النبوي أو رأس السنة الهجرية كموعد للختان؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان هو إحدى خصال الفطرة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
وقد اختلف أهل العلم في حكم حضور الطعام الذي يقام بمناسبة الختان ونحوه، فأباح ذلك بعضهم وكرهه بعضهم، قال الحطاب في مواهب الجليل:..... وقال في جامع الذخيرة: مسألة فيما يؤتى من الولائم، ثم قال صاحب المقدمات: هي خمسة أقسام: واجبة الإجابة إليها وهي وليمة النكاح، ومستحبة الإجابة وهي المأدبة وهي الطعام يعمل للجيران للوداد، ومباحة الإجابة وهي التي تعمل من غير قصد مذموم؛ كالعقيقة للمولود والنقيعة للقادم من السفر والوكيرة لبناء الدار والخرس للنفاس والإعذار للختان ونحو ذلك، ومكروه وهو ما يقصد به الفخر والمحمدة لا سيما أهل الفضل والهيئات، لأن إجابة مثل ذلك يخرق الهيئة، وقد قيل: ما وضع أحد يده في قصعة أحد إلا ذل له، ومحرمة الإجابة وهو ما يفعله الرجل لمن يحرم عليه قبول هديته كأحد الخصمين للقاضي. انتهى.
وقال في الشامل: وأما طعام إعذار الختان ونقيعة القادم من سفر وخرس لنفاس ومأدبة لدعوة وحذقة لقراءة صبي ووكيرة لبناء دار فيكره الإتيان له..
وعلى القول بإباحة مثل هذه المآدب، فلا شك في أن تحديد تاريخ المولد النبوي أو رأس السنة الهجرية كموعد للختان، يعتبر من البدع والإحداث في الدين.
وإذا كانت المجموعة التي تحضر للغناء ستستخدم الآلات الموسيقية في غنائها، أو ستغني بما لا يحل من القول، أو يحصل اختلاط بين الرجال والنساء بوجودها ... فإن ذلك -أيضاً- يكون غير مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(11/417)
ختان الذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم ما حكم الشرع في الختان أحب أن أعرف حضرتك أني شاهدت برنامج تليفزيوني في الفضائيات يحرمون في الختان ويقولون إن حديث النبي ومضمونه علي ما أتذكر (أخفضي ولا تنهكي) فقالوا عن هذا الحديث إنه ضعيف بل مبتدع وقالوا أيضا والدليل علي ذلك أن النبي لا يختن بناته، فهل بنات النبي لا يختن؟ وما السبب؟ وهل الختان حلال أم حرام؟ وقالوا أيضا لماذا أقطع من جسدي قطعة؟ أجبني بالله عليك مع العلم بأنني واثق أن الختان حلال وهو عفة للبنات وبالأخص في هذه الأيام.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم الختان هو أنه سنة عند بعض أهل العلم بالنسبة للرجال وذهب بعضهم إلى وجوبه على الرجال. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وأما عن حكمه بالنسبة للنساء فهو مستحب أو مكرمة قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة (والختان للرجال سنة وللنساء مكرمة) وقد دلت السنة على مشروعيته كما في الحديث الذي أشرت إليه.وهو في المستدرك وسنن أبي داود عن الضحاك بن قيس قال: كانت امرأة بالمدينة تخفض الجواري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خفضت فأشمِّى ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج. وفي رواية: أنضر للوجه. والحديث صححه الألباني في السلسلة
ولهذا فإن الختان مشروع سواء كان ذلك للذكور أو للإناث. وقد سبق بيان حكم الختان في عدة فتاوى منها: 4487، 13945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/418)
الطريق إلى كبح جماح الشهوة لغير المتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري27عاما أعاني من رغبة شديدة في ممارسة الجنس فأنا غير متزوجة ونصحتني زميلة لي بإجراء عملية ختان وذهبت لطبيبة لكي تجريها لي ولكنها لم ترض لأنها حرام فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت تلك الطبيبة عندما امتنعت عن إجراء عملية الختان لك بحجة أنه حرام، فإن ختان الإناث ليس بحرام، بل هو مشروع في حق النساء على سبيل الاستحباب، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: وذكر منها الختان. والحديث رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، وقد وردت أحاديث خاصة في ختان النساء اختلف المحدثون في صحتها، إلا أن ختان النساء كان موجوداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما يدل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس بين شعبها الأربع: (أي: يديها ورجليها) ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل. رواه مسلم، قال الإمام أحمد: وفي هذا دليل على أن النساء كن يختن. اهـ
وانظري الحكمة من ختان الإناث في الفتوى رقم: 31783، وانظري مذاهب العلماء في ختان النساء في الفتوى رقم: 17741.
وعلى هذا، فإننا ننصحك بإجراء عملية الختان عند طبيبة مسلمة مأمونة بحيث لا تبالغ في الأخذ، فتقطع البعض ولا تستأصل.
هذا، وننصحك بأن لا تجعلي أمر الشهوة يملأ عليك قلبك وتفكيرك، فانصرفي إلى ما ينفعلك في دينك ودنياك، وتجنبي الاختلاء بنفسك، واتخذي رفقة صالحة من الأخوات الفضليات، واعبدي الله معهن واشتركي معهن في شهود الخير ومجالس العلم وقراءة القرآن.
وأكثري من الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كبح جماح الشهوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
واحذري كل ما يهيج الشهوة من النظر إلى المجلات الهابطة والمناظر الفاجرة الخليعة في التلفاز، وعلى مواقع الانترنت فكل ذلك حرام، واحذري الاختلاط مع الرجال في الأسواق ونحوها، وانظري الفتوى رقم: 43691.
كما ننصحك بسؤال الله في أوقات الإجابة الشريفة كثلث الليل الآخر، وأثناء السجود في الصيام، وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة، تسأليه سبحانه بذل وإلحاح أن يرزقك العفاف وأن يمن عليك بالزوج الصالح الذي تقر به عينك ويأنس به فؤادك.
هذا، وإن بإمكانك أيتها الأخت الكريمة أن تخبري الثقات من أخواتك المؤمنات برغبتك في الزواج وتكوين أسرة، فيبحثن لك عن زوج صالح ذي دين وخلق، فيكلمنه عنك ويرغبنه فيك، وليس في ذلك منقصة لك، بل تلك منقبة، فإن طلب العفاف بالزواج الشرعي دليل الاستقامة والفطرة السوية، وانظري الفتويين: 9990، 18430.
ولمزيد فائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12767، 59868، 59729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(11/419)
الختان الناقص هل تجب إعادته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 18 عاما وقد أتممت عملية الختان وأنا صغير ولكن بقي جزء صغير من الجلد لم يقطع، هل الواجب علي أن أقطعها؟ وهل من ناحية الزواج يوجد تأثير أم لا؟ مع العلم أني أملك حياء شديدا من فعل العملية مرة ثانية جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد ثبت علمياً بأن المفرزات البيضاء التي تتجمع بين القلفة والحشفة تسبب تخريشا مستمراً لجلد القضيب وفي عنق الرحم عند المرأة بعد أن تصبح زوجاً لمن لم يختتن، وينجم عن هذا التخريش أمراض في القضيب وفي عنق الرحم عند الزوجة كالسرطان. لذلك سن الله تعالى الختان وأمر به إبراهيم الخليل الذي امتثل لأمر ربه.
والختان من خصال الفطرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: خمس من الفطرة: الختان والاستحداد (حلق العانة) ونتف الإبط، وتقليم الأظفار وقص الشارب. متفق عليه.
ولا خلاف بين العلماء في مشروعية الختان بالنسبة للذكور، إلا أنهم اختلفوا في حكمه هل هو واجب يأثم تاركه؟ أو هو سنة يؤجر فاعله، ويسلم تاركه من العقوبة؟ ولمعرفة أقوال أهل العلم في هذا راجع الفتوى رقم: 4487.
وعلى كل، فالأفضل لك أن تقوم بقطع ذلك الجزء المتبقي من الجلد، لما عرفت فيه من الفوائد، ولا مجال للحياء هنا. ولكن مطالبتك بهذا الفعل مشروطة بأن لا يكون فيه ضرر عليك. قال ابن قدامة: وإن أسلم الرجل فخاف على نفسه من الختان سقط عنه لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه فهذا أولى، وإن أمن على نفسه لزمه فعله انتهى.
وعلى أية حال فلا تأثير على صحة الزواج في ترك تلك الجلدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(11/420)
حكم الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل من الديانة الهندوسية قرر أن يعتنق الإسلام هل يقوم بالختان مع العلم أنه قام بها مند 10سنوات ...
جزاكم الله على هذا العمل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان هو إحدى خصال الفطرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب. متفق عليه. والفطرة في الحديث فسرها أكثر العلماء بالسنة، قال النووي رحمه الله: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب. والسنة هنا هي الطريقة المتبعة. وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة كما ثبت ذلك في حديث متفق عليه، وقال تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {النحل:123}
وقد اتفق أهل العلم على مشروعية الختان واختلفوا رحمهم الله في حكمه، فقال بعضهم بوجوبه، وقال البعض بسنيته. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 4487.
وعليه، فإذا كنت بقولك: مع العلم أنه قام بها مند 10سنوات، تعني أنه اختتن منذ عشر سنين، فذلك كاف ولا مطالبة له بإعادة الختان. وإن كنت تعني أنه قرر أن يعتنق الإسلام منذ عشر سنين، ولم يختتن بعد، فعليه أن يختتن شريطة أن لا يكون في ذلك ضرر عليه. قال ابن قدامة وإن أسلم الرجل فخاف على نفسه من الختان سقط عنه لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه فهذا أولى، وإن أمن على نفسه لزمه فعله انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/421)
وقت ختان المولود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في قرية ريفية والعادات والتقاليد موجودة لغاية الآن مثل طهارة الأطفال والاختلاف على ميعاد الطهارة هل أول الشهر العربي أم في وسط الشهر أم آخر الشهر وذلك لرؤية الهلال والأقاويل على أن تكون الطهارة آخر يومين في الشهر العربي لرؤية الشهر فما حكم الدين في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان ـ كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى ـ من محاسن الشرائع التي شرعها الله تعالى لعباده وجمل بها محاسنهم الظاهرة والباطنة، ومكمل للفطرة التي فطرهم الله عليها.
هذا مع ما فيه من الحكم العظيمة والفوائد الصحية العجيبة التي اكتشفها الأطباء في هذا العصر، فقد جاء في التعليق على كتاب تحفة المودود لابن القيم من المحقق بسام الجانبي يقول الدكتور محمد نبيل النشواني في كتابه (الطفل المثالي) تحت عنوان: ضرورة الختان: وتغطي حشفة القضيب عند الأطفال قطعة جلد زائد تدعى القلفة وهي غنية بالأعصاب، لذلك فإن بقاءها يزيد الشبق والتهيج الجنسي بعد البلوغ، مما قد يضعهم في مواقف حرجة أو مشاكل هم في غنى عنها.
ولقد ثبت علمياً بأن المفرزات البيضاء التي تتجمع بين القلفة والحشفة تسبب تخريشا مستمراً لجلد القضيب وفي عنق الرحم عند المرأة بعد أن تصبح زوجاً لمن لم يختتن، ينجم عن هذا التخريش أمراض في القضيب وفي عنق الرحم عند الزوجة كالسرطان، لذلك سن الله تعالى الختان وأمر به إبراهيم الخليل الذي امتثل لأمر ربه، وبما أن المسلمين يجرون الختان لأطفالهم، فإن نسبة سرطان عنق الرحم بين نساء المسلمين منخفضة جداً إذا قورنت بنسبتها بين الغربيين وغيرهم، أما سرطان القضيب فإنه من النادر جداً بين المسلمين.
وليس هناك وقت للختان محدد كأول الشهر العربي أو وسطه أو آخره، إلا أن الأولى أن يكون قبل الوقت الذي يحرم فيه النظر إلى عورة المختون، ومن العلماء من استحبه قبل السنة السابعة من الولادة، ومنهم من كرهه قبل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/422)
ختان المرأة مختلف في حكمه بين أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[حديث أشمي ولا تنهكي ليس فيه أمر لكل المسلمات بالختان إنما هو أمر للخاتنة التي تختن النساء وأقول لكم اتقوا الله وكونوا مجتهدين ولا تكونوا مقلدين وإذا قلت لي إن الأمر للواحد أمر للجماعة قلت لك نعم إلا أنه لم يقل تختنوا إنما قال للتي تختن افعلي كذا وإقراره للفعل يدل على المشروعية وإرشاده إلى طريقة الختان لا يدل على الوجوب، أنا أقول إن هذا الحديث لا يدل على الوجوب إنما ما يدل على الوجوب هو أن الختان من ملة إبراهيم وهذا تصحيح منهجي واستدلال وسأدرس السند دراسة وافية وأرسل لكم النتيجة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على ما أردته من مساعدتنا، ونقول لك: إن ختان المرأة مختلف في حكمه بين أهل العلم. فمنهم من أوجبه ومنهم من رآه سنة أو مستحبا، ومنهم من رآه مكرمة. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى عن المرأة هل تختن أم لا؟ فقال: الحمد لله، نعم تختن، وختانها: أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك، قال رسول الله للخافضة، وهي الخاتنة: أشمي ولا تنهكي فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزوج. يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها. ولقد كنا قد بينا أقوال أهل العلم في هذا الموضوع فراجع فيه فتوانا رقم: 34471.
ثم إنا نشكرك ثانية على أمرك لنا بالتقوى وبأن نكون مجتهدين، ونقول لك: إن للاجتهاد شروطا قد حددها أهل العلم ولا يجوز لمن لم تتوفر فيه أن يقدم على الاجتهاد. وقد كنا من قبل جمعنا هذه الشروط في بعض فتاوانا، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 34462.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(11/423)
حكم الختان الفرعوني
[السُّؤَالُ]
ـ[ألتمس منكم العذر في طرحي هذا السؤال ولكني مضطرة لأنها سببت لي مشكلة مع زوجي وأفقدتني الثقة بنفسي وذلك بسبب الأسلوب الذي يتبعه معي زوجي نحن من أبناء قرية فيها نوعان من المجتمع أحدها يقوم بختان الفتاة ختانا فرعونيا يقوم على يد الداية ولهم لغة خاصة يتكلمون بها والمجتمع الآخر يقوم بختان الفتاة علي يد طبيب متخصص ولهم لغتهم الخاصة بهم ونحن أنا وزوجي من المجتمع الأول نتحدث نفس اللغة ولكن هنا تكمن المشكلة فأنا صحيح أني أفهم لغة المجتمع الأول ولكن تم ختاني علي يد طبيب متخصص فلهذا السبب زوجي يشعرني أني لا أشبعه وأشعر أنه كان يريدني أن أكون من النوع الأول ليس ذلك فقط وإنما يتعمد أن يحرجني باتصاله دائما من مكتبه مستخدما الألفاظ التي أفهم منها على الأسلوب المتبع معه مثل أنتي قمتي من على الانترنت.
وهل يجوز لي أن أقوم بعمليه ختان الآن حتى أرضي زوجي شرعيا وطبيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام أذية المسلم ونعته بالأمور التي يكره لما قد يسببه هذا من القطيعة والضغائن بين من يحصل منهم هذا. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58} بل إن الله تعالى حرم في كتابه العزيز حتى التنابز بالألقاب بقوله: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ {الحجرات: 11} فالأولى أن لا يصدر من الإنسان للغير إلا ما هو حسن. قال الله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة: 83} .
وإذا كان هذا مطلوبا مع جميع الناس فهو فيمن له حق العشرة بالمعروف أولى كالزوجين، لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 228}
وعلى هذا، فلا شك أن ما يصدر من زوجك من ألقاب وألفاظ وتعيير لك هو أمر ينافي العشرة الحسنة التي أمر الإسلام بها بين الزوجين، ويُخشى أن تحدث خلافا وشقاقا يكدر صفو الحياة بينكما، فعليه أن ينتهي عن ذلك ويتوب إلى الله.
أما بخصوص الختان فقد بينا في الفتوى رقم: 4487 والفتوى رقم: 48958 أنه مكرمة للمرأة وفضيلة حسنة، إلا أنه ينبغي تخفيفه بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم للخاتنة: أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الجماع. فدل هذا على أن المبالغة في الختان غير مشروعة، كما هو الحال في الختان الفرعوني، وعلى هذا، فلا يجوز لك أن تطيعي زوجك في الإقدام على هذا الختان لأنه غير مشروع في الأصل، ولأنه يؤدي إلى الكشف عن العورة، ولا ضرورة معتبرة تدعو لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(11/424)
ختان الإناث وتكريم الإسلام للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[عن ختان الإناث - البنت - الذي ورد فيه هذا الحديث لرسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم -
الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء
ماذا تعني كلمة أو لفظة مكرمة
إن الإسلام هو كله مكرمة للنساء حتى إن هناك في القرآن الكريم سورة باسم سورة النساء وهذا دليل على أن الإسلام هو كله مكرمة للنساء لأن المرأة بعد أن كانت توأد في التراب وهي حية وطفلة صغيرة قبل الإسلام أصبحت وبأمر الله تعالى ورسوله لها مكانة كريمة في المجتمع وهكذا أصبح الإسلام كله مكرمة للنساء......... والحديث يطول إذا ذكرنا كل الحقوق التي أعطاها الله سبحانه وتعالى إلى المرأة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والتي تلزم أو تأمر الرجل المسلم الالتزام به وتطبيقه حتى ينال رضا الله تعالى لان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف
خيركم خير لأهله وأنا خيركم لأهلي
وهذا كمثال على مدى اهتمام الإسلام بالمرأة
السؤال =
----------
ماذا تعني كلمة مكرمة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاختتان.. أن الإسلام كله مكرمة للنساء.....
المهندس الزراعي
كاوه شفيق صابر
العراق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي أشار إليه السائل الكريم رواه أحمد والبيهقي بلفظ: الختان سنة في الرجال مكرمة في النساء. وقد تكلم أهل العلم في سنده وقالوا إنه ضعيف.
أما كلمة مكرمة فقد فسرها أهل العلم بمستحبة، أي خصلة مستحبة، وهو ما ذهب إليه كثير من أهل العلم في شأن خفاض البنات أو ختانهن، ونقل صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود عن ابن الحاج المالكي صاحب المدخل قوله: واختلف في حقهن هل يخفضن مطلقا أو يفرق بين أهل المشرق وأهل المغرب، فأهل المشرق يؤمرن به لوجود الفضلة عندهن من أصل الخلقة، وأهل المغرب لا يؤمرن به لعدمها عندهن.
والحاصل أن مكرمة معناها خصلة مستحبة.
وما ذكره السائل من أن معنى مكرمة أن الإسلام كرم المرأة.. فلم نطلع على من قال بهذا المعنى من أهل العلم، ولا يخفى ما فيه من التعسف والتكلف.
وتكريم الإسلام للمرأة معلوم من الدين بالضرورة، ولا يحتاج في إثباته إلى مثل هذا الحديث، وقد أشار السائل إلى بعض أدلته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/425)
ترك الختان لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المفيد، ولدي استشارة بشأن مسألة الختان، لدى أختي ثلاث بنات أعمارهن بين 10، 12، 13 سنة وهي محتارة بشأن ختنهن، فمن الناس من يقول بأنه لا يجوز ومنهم من يقول يجوز، علما بأن البنات لا يرغبن فيه، فما موقف الشرع وهل لا تجوز صلاتهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالختان بالنسبة للبنات من السنة، وقال بعض أهل العلم بوجوبه، والمعتمد من أقوال العلماء أن الختان للنساء سنة وليس بواجب، قال فيه الإمام الشوكاني: والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب، والمتيقن السنة، والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه. نيل الأوطار، وراجعي الفتوى رقم: 4487.
وعليه فإذا ختنت أختك بناتها الثلاث فذلك أفضل، وإن تركته فعسى أن لا يلحقها في تركه إثم، وعلى كلا القولين فإن صلاتهن صحيحة وليس فيها شيء لأن ترك الواجب الذي لا تعلق له بالصلاة -لو فرض أن الختان واجب- لا يبطلها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 51088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(11/426)
الخفاض الفرعوني مخالف للسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يدور حول موضوع يكثر فعله في بلدنا وهو ختان الإناث لذلك أحب أن أسال أهل العلم عن هذا الموضوع بمعنى هل تم ذكر هذا الموضوع في السنة والقرآن وهل له حكم معين لأن الناس في بلدنا يعتقدون أن هذا الأمر جاء من الشريعة وأنه ملزم وأن ترك الفتاة من غير ختان أمر محرم مع أن هذا الأمر يسبب الكثير من الأمراض للفتيات والنساء على حد سواء أتمنى الشرح والتفصيل في هذا الموضوع
وجزاكم الله الخير عنا وعن المسلمين أرجو إرسال الجواب في العنوان البريدي الإكتروني الخاص بي إذا أمكن ذلك.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم الختان والراجح من أقوالهم وجوبه في حق الرجال، واستحبابه في حق النساء، وراجع في هذا الفتوى رقم: 31783، والفتوى رقم: 4487. والذي يظهر من سؤالك أن المقصود غير الختان الذي جاءت به السنة، لأن ما وردت به السنة لا يكون إلا مشتملا على المصلحة لا الضرر، فلعلك تقصد ما يطلق عليه في بعض البلدان: الخفاض الفرعوني، وهو منتشر في بعض البلاد ولا سيما الإفريقية منها، والذي يستأصل فيه البظر، وهذا النوع من الختان مخالف للسنة كما سبق التنبيه عليه بالفتوى رقم: 48958، وهو الذي قد يترتب عليه كثير من الأضرار النفسية والبدنية، وتحذر منه كثيراً منظمات الصحة، والمؤسسات التي تعنى بالرعاية الاجتماعية، فالواجب الحذر منه وتحذير المسلمين منه.
وننبه إلى أن الختان قد وردت به السنة ولم يرد ذكره في القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(11/427)
من زعم أن الملائكة ختنته
[السُّؤَالُ]
ـ[-هناك من يقول إن الملائكة قاموا بختنه, فهل يمكن أن يكون ذلك? وإن كان صحيحا فهل يجب أن تعاد العملية عند الطبيب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم شيئا يفيد تصديق ولا تكذيب من زعم أن الملائكة ختنته. ثم إنه إذا تأكد الشخص من كون القلفة غير موجودة فإنه ليس عليه ختان ولا إعادة للختان الذي زعم وقوعه سابقا، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 27715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/428)
شروط ختان البنت البالغة الرشيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عدة أسئلة عن ختان البنات
قامت والدتي بختان ابنت أخي دون موافقة والدتها وكان ذلك برضى والدها فهل يجوز لها ذلك
أريد أن أختن ابنتي الوسطى دون أخواتها فهل يجوز ذلك أم من العدل أن أختن الجميع
لزوجي ابنتان من مطلقته إحداهن 11 والأخرى9سنوات بعد أن أصبحوا في حضانة زوجي سألتهن هل ختنتن فلم يجيبوا علي ثم كشفت على عورتهن لأعلم هل ختن أم لا وعلمت أنهن لم يختن فأحضرت من يختنهن دون علم زوجي لأنه كان مسافرا وكنت أعلم أنه يحرص على ختان البنت هل ذلك جائز ودون علم والدتهن؟
تزوج خالي قريبا وعند زواجه وجد أن زوجته لم تختن كره ذلك منها لأسباب النظافة وغيره , طلب منها أن تختتن لم توافقه طلب من والدتي إقناعها لكن دون جدوى هو الآن يريد من والدتي أن تحضر من يختنها دون رضاها فهل ذلك جائز وهل يجوز، لن أحضر مع والدتي ختانها لأنها طلبت ذلك مني ومن أختي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن الخفاض وهو الختان للنساء مشروع جائز؛ ولكن لا يجوز فعله لغير بالغة رشيدة إلا بإذن أبويها، ويستحب الستر فيه وعدم إشهاره والإعلان عنه، فلا ينبغي أن يطلع على ذلك غير الفاعلة والمفعول بها، كما ينبغي أن يكون في مبكر من عمر البنت وذلك من الولادة إلى سن الأمر بالصلاة.
وما فعلته والدتك من ختان بنت أخيك لا بأس به ولا مانع منه شرعا إن كانت من أهل الخبرة في هذا الأمر لأنه بإذن وليها، وإن كان ينبغي أن يكون ذلك برضى أمها أيضا، أما إذا كانت والدتك ليست من أهل الخبرة في هذا الأمر فلا يجوز لها فعله لما في ذلك من المخاطر، فلا يؤمن أن تصاب البنت بنزيف أثناء العملية أو بعدها.
وأما تخصيص إحدى البنات بالختان دون الأخريات فلا مانع منه إن كان لذلك مقصود معتبر بحيث تكون تحتاج إلى ذلك وغيرها لا يحتجن إليه، لأن المقصود من الخفاض ضبط ميزان الحس الجنسي عند البنات، فلا داعي له إذا كانت البنت لا تحتاج إليه.
وأما ما فعلت من إحضار من يختن بنات زوجك دون علمه ودون علم إمهن فإنه تعد لا يجوز، كما لا يجوز الإقدام على هذه العملية أصلا إلا عند أهل الخبرة والاختصاص، وخاصة أن البنات المذكورات قد كبرن فلا يصح أن تجرى لهن هذه العملية إلا في مستشفى يتوفر على المستلزمات المطلوبة لمثل هذا النوع من العمليات.
وأما زوجة خالكم فلا يحق له ولا لكم إكراهها على هذا الأمر إن كانت لا ترضى به، فالختان ليس بواجب على الراجح من أقوال أهل العلم إنما هو مستحب أو جائز، ولهذا قال ابن أبي زيد المالكي في رسالته: (والخفاض للنساء مكرمة) .
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى رقم: 48068، 38122، 17741. ... تنبيه: على افتراض أن الأخت المذكورة أذنت لكم في فعل الختان فلا يجوز أن يرى ذلك منها إلا الخاتنة فقط أما غيرها فلا إلا الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1425(11/429)
الختان.. مشروعيته في الكتب السماوية السابقة.. وفوائده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري كنت مسيحيا وأسلمت وعندى 15سنه وعايز اأسأل سؤالين لحضرتك:
1- أبي مسيحي مات من شهرين بدون أن أقول له الحق الذي عرفته لأني كنت جبانا فهل هو في النار الان؟ وأنا بندم على كل لحظه مقدرتش اقوله فيها ان الاسلام هو دين الله
2- أنا مش مختون وأخذني رجل كبير لكي أعيش معه في وسط أولاده بعد ما امى واخوتى علموا أني أسلمت وطردوني من البيت وهو الذي عرفني على الإسلام ولكن هو مصمم على أن أفعل الختان وانا لا أريد لأني أعلم انه سيؤلمني جدا ممكن حضرتك توجه له نصيحه؟ علشان هو قال لي غصب عنك ستفعلها. وأعطاني أسبوعين للتفكير لأنه سافر وعندما يعود سيختنني. وأنا خايف اوى من الختان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن هداك للإسلام، ونسأل الله أن يشرح صدرك وأن يثبتك وأن يعينك على طاعته، واعلم أن أباك ما دام قد مات على نصرانيته، ولم يدخل في الإسلام فهو من أهل النار، والعياذ بالله، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] ، وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده؛ لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.
وأما الختان فهو من سنة الأنبياء، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين بالقدوم. واستمر الختان بعد إبراهيم في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن، والنصارى تقر بذلك ولا تجحده.
والختان من الشرائع التي أمرت بها التوراة، فقد جاء في سفر التكوين: "هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم، وبين نسلك من بعدك، يختن كل ذكر"، وهو مأمور به أيضاً في الإنجيل إلا أنه حرف في جملة ما حرفه القساوسة، فقد ورد ذكر الختان في إنجيل برنابا: "أجاب يسوع: الحق أقول لكم إن الكلب أفضل من رجل غير مختون".
ولا خلاف بين العلماء المسلمين في مشروعية الختان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط. إلا أنهم اختلفوا في حكمه هل هو واجب يأثم تاركه؟ أو هو سنة يؤجر فاعله، ويسلم فاعله من العقوبة؟ ولمعرفة أقوال أهل العلم في هذا راجع الفتوى رقم: 4487.
وعلى كلٍ؛ فالذي ننصح به هو أن تقوم بفعله شريطة ألا يكون في ذلك ضرر عليك، قال ابن قدامة، وهو من علماء المسلمين الكبار: وإن أسلم الرجل فخاف على نفسه من الختان سقط عنه لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه فهذا أولى، وإن أمن على نفسه لزمه فعله.
والظاهر أن الختان إذا قام به طبيب حاذق لا يترتب عليه ألم عظيم أو ضرر، بل يحقق جملة من الفوائد الطبية العظيمة، وهذا ما جعل الأطباء في أمريكا ينادون بضرورة إجراء الختان روتينياً عند كل مولود، فقد كتب البروفسور Wisewell وهو رئيس قسم أمراض الوليدين في المستشفى العسكري بواشنطن مقالاً في مجلة American Family Physicion في عدد آذار (مارس) 1990 جاء فيه: لقد كنت في عام 1975 من أشد أعداء الختان، وقد شاركت في الجهود التي بذلت حينئذ للإقلال من نسبة الختان، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات العلمية ازدياداً في نسبة التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، ومع ذلك فلم أكن أقترح آنئذ جعل الختان روتينياً، ولكن وبعد تمحيص دقيق وإجراء دراسة موضوعية للأبحاث والدراسات التي نشرت في المجلات الطبية عن الختان، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجرى عند كل طفل.
ومن الفوائد الطبية الثابتة للختان: أنه قد ثبت علميا بأن المفرزات البيضاء التي تتجمع بين القلفة والحشفة تسبب التهاباً مستمراً لجلد القضيب وفي عنق الرحم عند المرأة بعد أن تصبح زوجاً لمن لم يختتن، ينجم عن هذا الالتهاب أمراض في القضيب وفي عنق الرحم عند الزوجة كالسرطان، لذا فإن نسبة سرطان عنق الرحم بين نساء المسلمين منخفضة جداً إذا ما قورنت بنسبتها بين الغربيين وغيرهم، أما سرطان القضيب فإنه من النادر جداً بين المسلمين، نشرت المجلة الطبية البريطانية B.M.J عام 1987 مقالاً عن هذا المرض جاء فيه: إن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود، وفي البلدان الإسلامية حيث يجري الختان.
وسرطان القضيب مشكلة هامة في عدد من بلدان العالم فهو يشكل 12-22 من كل سرطانات الرجل في الصين وأوغندا وبوتوريكو، وأيضاً من الفوائد الطبية الثابتة للختان إن بقاء القلفة يسبب إنتانات والتهابات متكررة للقلفة والحشفة، مما قد يؤدي تضييق هذه المنطقة، وكذلك تضيق فوهة الإحليل فيشكو الذكر من آلام وصعوبات أثناء التبول، وعملية الختان تحمي الذكر من هذه الإصابات والمضاعفات التي تنجم عنها كاحتباس البول واحتقان المثانة والحالبين والكليتين والتهابهما أو غير ذلك من المضاعفات، والفوائد الطبية للختان كثيرة، لا يمكن أن نستوعبها في هذه الفتوى، وإذا أحببت الاطلاع على المزيد فننصح بالاطلاع على كتاب "أسرار الختان تتجلى في الطب الحديث" للدكتور. حسان شمسي باشا.
والنصيحة التي نتوجه بها إلى هذا الرجل، الذي نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء على دعوته لك إلى الإسلام، وتربيته لك مع أبنائه، ألا يصر على ختانك، بل يترك هذا الأمر إليك، فإن مذهب جماعة كبيرة من أهل العلم، أن الختان سنة وليس بواجب، وإن كان الراجح عندنا هو وجوبه على الذكر.
وعلى كلٍ؛ فليس من شرط صحة الإسلام، ومهما بلغ من تأكيد الطلب فإنه إذا ترتب عليه ضرر محقق أو مشقة محرجة سقط الطلب به، وما عليه إلا أن يعرض عليك الأمر ويذكر لك أهميته فإن استجبت وهذا ما نتمناه ونتوقعه منك فالحمد لله، وإن امتنعت فليعلم أن وجوب تغيير المنكر يسقط إذا أدى إلى ارتكاب منكرا أعظم منه، كما ننصحه بالرفق في طلبه هذا والحكمة فيه وعدم الاستعجال حتى تطمئن وتعلم فائدة الختان وأهميته وأن ما تخشاه من ألمه ليس ما تظن، وهو مغمور في طيات ما فيه من مصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/430)
حكم ختان الأطفال المعاقين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في ختان الأطفال المعاقين ذهنيا وجسدياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على ولي الأمر الأطفال أن يحسن رعايتهم وتربيتهم سواء كانوا معاقين أو سالمين من الإعاقة، ومن ذلك ختانهم فالمخاطب به أولاً هو ولي أمرهم، وفي ذلك ما لا يخفى من المصلحة عليهم وإن كانوا غير مكلفين شرعاً ولكن ذلك يعود على صحتهم البدنية والنفسية بفوائد عظيمة وزيادة على ذلك فالختان ميزة المسلمين وخصلة من خصال الفطرة وسنة من سنن الأنبياء بل ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه بالنسبة للذكور، ولذلك لا يجوز تركه بحجة أن الولد معاق.
وقد أثبتت الأبحاث الطبية قديماً وحديثا فوائد الختان للبنين والبنات وخاصة للبنين الذين أكد الشرع ختانهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/431)
شبهات حول ختان الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[ (اختتان البنت عملية خاطئة جداً)
أن عملية ختان البنت هي عملية خاطئة جداً لأن المرأة المختونة لا يوجد لديها أية شهوة ورغبة جنسية وكما تقول ذلك الدكتورة مكية يوسف وهي امرأة مسلمة من مصر في مقابلة صحفية معها حيث قالت من تزوج بامرأة مختونة كأنما تزوج بجدار أو حائط وأن الحائط لا شعور له ولا إحساس، في كتاب \"الغنية لطالبي طريق الحق\" للعلامة الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى وفي باب آداب النكاح وجدت هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم: ((فضلت شهوة النساء على الرجال بتسعة وتسعين إلا أن الله تعالى ألقى عليهن الحياء)) ، والحكمة في أن الله تعالى أعطى للمرأة هذه الشهوة العالية هي لمنفعة الرجل أولاً، ثم لمنفعة المرأة والأسرة والمجتمع حيث أن وجود هذه الشهوة المرتفعة لدى المرأةهي دافع قوي لها للزواج وهي بذلك ترضى بأقل المهور ولا تطلب المهور العالية والغالية التي ربما لم يتمكن الرجل من دفعها، وبما أن المرأة المختونة لا تمتلك الشهوة فهي لا تقبل ولا ترغب في الزواج وهي تضع وتطلب المهور العالية التي هي ليست في طاقة الرجل أن وجود هذه الشهوة العالية لدى المرأة تفيد الرجل إذا أراد أن يعاقب زوجته لأن الله تعالى أمر الرجال في علاج نشوز المرأة الوعظ أولا ثم الهجر في المضجع ثانياً، أي في المنام وبما أن المرأة تمتلك هذه الشهوة المرتفعة فإن عقوبة الهجر في المضجع تكون مفيدة جداً إذا كانت ناشزة ولا تطيع زوجها، أما المرأة المختونة فأنها لا تتأثر بهذه العقوبة ولا يفيد معها الهجر في المضجع لأنها أساسا لا تمتلك الرغبة الجنسية. . إن وجود البظر سليما وغير مختون هو بمثابة صمام الأمان الذي يمنع المرأة من تتحول إلى امرأة شاذة جنسيا أو لواطية لأن المرأة إذا كان زوجها لا يتقي الله تعالى وكانت مختونة فمن الممكن أن تقبل وترضى بأن يجامعها زوجها من الدبر أي من فتحة الشرج لأنها لا تمتلك الشهوة مطلقا في القبل أو المهبل بسبب الاختتان وقطع البظر لها أي أن المرأة المختونة من الممكن أن تتحول إلى امرأة لواطية أو شاذة جنسيا إذا كان زوجها لا يتقي الله سبحانه وتعالى وإذا حدث لديها الحمل فإن ذلك يحدث بانتقال النطف المنوية الملوثة بمادة البراز أو الغائط من فتحة الدبر أي الشرج إلى فتحة القبل أو المهبل وعند ذلك يولد الطفل وجميع أنسجة وخلايا جسمه مشبعة بمادة البراز أو الغائط وهو شاذ في السلوك والتصرف كطريقة الجماع الشاذة الذي جاء منه ودماغه وعقله مشبع بالبراز والغائط ويسمى في العراق بـ (ابن الخرة) ، وكلمة خرة تعنى باللهجة العامية أو الشعبية الدارجة في العراق تعني البراز أو الغائط وما يخرج من السبيلين من فضلات البول والبراز إن وجود البظر سليما وغير مختون فيه المتعة الكبيرة للرجل أيضا لأن المرأة أي الزوجة سوف تشارك الزوج فى العملية الجنسية أي في الجماع وهي تتفاعل بإيجاب وبشدة أثناء العملية الجنسية مما يعطي المتعة الجنسية أكثر للرجل الزوج، أما المرأة المختونة فهي لا تشارك الزوج في أثناء الجماع وكأن الرجل يمارس الجنس مع دابة الحمارة أو البغلة فهي كالجدار أو الحائط، أن الأسرة التي تكون فيها المرأة مختونة هي غير منسجمة وغير مستقرة وربما انعكس هذا الوضع على الحالة النفسية للأطفال بسب وجود التنافر أو عدم الانسجام مع الزوجين لأن المرأة المختونة هي امرأة مخصية أو طفلة كبيرة تمتلك جميع صفات الأنوثه من كبر حجم الثدي والجمال والحمل والإنجاب والصوت الناعم إلا أنها لا تمتلك الرغبة أو الشهوة الجنسية فهي طفلة كبيرة ويا ظلام حال الأسرة التي تكون فيها الأم طفلة كبيرة وتقوم بتربيتهم، وما هو الغرض من الاختتان إن الذي يختتن البنت لا يثق هو بنفسه ولهذا لا يثق بالآخرين لأن الحرة لا تزني أبداً والدليل على ذلك قول هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان عندما بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام بعد فتح مكة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمتحن النساء بالآية الثانية عشرة من سورة الممتحنة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} عند ذلك قالت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان عندما سمعت كلمة أوعبارة ويزنين، قالت هند زوجة أبي سفيان: وبكل تعجب أو تزني الحرة يا رسول الله، أي أن المرأة الحرة لا تزني أبدا، علما بأن هندا كانت بين صفوف المشركين ولم تكن مختونة على أكثر تقدير لهذا فإن عملية تتان البنات هي عملية خاطئة أما ختان الذكور أو الصبي ففيه المنفعة الكبيرة لأن الصبي أو الغلام سوف يستخدم هذا القضيب في الجماع والاتصال الجنسي بعد البلوغ وزواجه وهي تضمن وتؤمن نظافة وطهارة العضوالتناسلي الذكري أي القضيب وتضمن وتؤمن طهارة مهبل الزوجة وتضمن نظافة وطهارةالسائل المنوي الذي يقذف في المهبل للزوجة من القاذورات والأوساخ والجراثيم التي توجد عادة تحت غمد الحشفة في القضيب الغير مختون وربما كانت هذه الأوساخ
والقاذورات الموجودة تحت غمد حشفة القضيب الغير مختون في المسيحين وغير المسلمين هي السبب في انبعاث الروائح الكريهه والغريبة من أجسام ونفس هؤلاء غير المسلمين وأن سبب هذه الروائح هي أنها القاذورات أو الأوساخ التي كانت موجودة على قضيب والدهم أي آبائهم الغير مختون ودخلت هذه القاذورات والأوساخ إلى المني والسائل المنوي أثناء الجماع بين آبائهم وآمهاتهم وغيرت من صفات هذا السائل المنوي الذي خلق منه هؤلاء غير المسلمين وهكذا تسبب في تغير الأنسجة والخلايا الجسمية لهم وتسبب في انبعاث هذه الروائح الكريهه والغريبة من أجسامهم وتنفسهم هذه هي الفائدة من ختان الغلام أو الصبي لأنه سوف يستفيد من هذا الختان بعد البلوغ وزواجه وهي مفيدة له ولزوجته وأ ولاده الذين هم من صلبه أما أن البظر فلا يستخدم في الجماع بالطبع كلا، وهل توجد فتحة لمرور البول في البظر بالطبع كلا فلماذا ختان البنت، كما أن العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى- وفي كتابه (زاد المعاد في هدي خير العباد) وفي باب تسمية المولود واختتانه لم يذكر لنا سوى عن ختان الغلام أو الصبي ولم يكتب أي شيء عن ختان البنت أو الجارية ولو كان ختان البنت موجوداً في زمانه أي العصر الذي عاش فيه ابن قيم -رحمه الله تعالى- لذكر لنا ذلك في كتابه، لهذا فإن ختان البنت هو عمل خاطىء ولا يجب إجراؤه للبنات بل هي فقط للذكور أي الغلام أو الصبي وللأسباب المشروحة أعلاه.
كما أود أن أكتب هنا هذه الملاحظة:
بسم الله الرحمن الرحيم ... عن الاختتان للبنت أكتب هذا الاستفسار رغم أنني لست من المتخصصين في أمور الشريعة الإسلامية ولكن مسألة الختان هي مثل مسألة زواج المتعة التي يدعي بعض الإخوان من الشيعة بأنها ليست محرمة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها وحللها للمسلمين، علما بأن العاقل أو الفطرة تدلنا على أن زواج المتعة هو حرام وأصبح لا يعمل به ولا يمكن أن يتقبله المسلم العاقل لهذا أقول وأكتب لكم هل أن الحديث النبوي الشريف والذي يقول (إنما النساء شقائق الرجال) تنطبق على النساء في كل الأمور من الميراث والحقوق والواجبات والشهادة الجواب يعلمه كل مسلم ومسلمة أن الحديث هذا جاء فقط في العبادات وفي مسألة الوضوء والغسل من الجنابة والاغتسال وفيما عدا ذلك فان النساء لسن شقائق الرجال في الميراث أي الإرث لأننا نعلم بأن الله تعالى أعطى للذكر مثل حظ الانثيين أي أن للمرأة نصف ميراث الرجل وكما أن شهادة امرأتين هي مقابل شهادة رجل واحد في الأمور التي تتطلب وجوب الشهود فيها وهي بذلك ليست شقيقة الرجل في الشهادة، كما أن المرأة أيضا ليست شقيقة الرجل في العدة بعد أن يتوفى زوجها فهي يجب أن تتربص أربعة أشهر وعشرة أيام وهي عدة المتوفى عنها زوجها ثم بعد ذلك يحق لها الزواج بعد إتمام العدة، أما الرجل الذي تتوفى زوجته فليس له أي عدة ومن الممكن أن يتزوج في نفس اليوم التي تتوفى فيها زوجته كما أن الرجل يحق له أن يتزوج بأربعة نساء في وقت واحد ولكن لا يحق للمرأة أن تتزوج إلا برجل واحد في نفس الوقت وهي أيضا بذلك ليست شقيقة للرجال أن الحديث الذي جاء فيه بأن النساء شقائق الرجال هو حديث خاص بالعبادات وجاء هذا الحديث في مسألة الوضوء والأغتسال للمرأة وهذا الحديث لا ينطبق على المسائل الأخرى في الميراث والحقوق والواجبات لأنها ليست متساوبة مع الرجال في هذه المسائل لهذا فان الحديث الذي رواه الأمام مسلم رحمه الله تعالى عن الختان ربما جاء فقط في حق أو في مسائل التي تخص الرجل أو الرجال والحديث (خمسة من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب) ، فإذا كان هذا الحديث يخص النساء والرجال فهل المرأة لها شارب حتى يقص؟ أين هو الشارب لدى المرأة؟ هل النساء في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كن لهن شوراب، أنا لا أتوقع أن تكون هناك امرأة لها شارب إلا في الحالات النادرة والتي لا تبنى عليها القاعدة أو المسألة ليس في الإسلام لا بل في كل الأمور لهذا فان حديث الختان الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى ربما كان لمسألة تخص الرجال ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فهو مثل أحاديث المتعة أو الزواج الوقتي التي خصت جماعة من المسلمين ولفترة محددة وتم نسخ هذا الحديث ولكننا نجد أن جماعة من المسلمين أي الشيعة لا يزالون يعملون بهذا الحديث بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين بها أو حللها للمسلمين ولا يعملون بالأحادبث التي نسخت هذا الحديث الخاص بزواج المتعة وربما كان زواج المتعة فقط حلله الرسول للصحابة الذين لم يكن بمقدورهم الزواج من المؤمنات لا لسبب الباءة والقدرة المالية والنفقة ربما كان لسبب عدم وجود المؤمنات بعدد المومنين في بداية نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وهجرته مع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم إلى المدينة المنورة ولنفس السبب فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أحل العزل عن المرأة لكي لا يحدث الحمل لديها وربما كان العزل عن المرأة لكي لا يحدث الحمل لديها مرافقا لزواج المتعة أي الزواج الوقتي وبعد أن حرم الرسول صلى الله عليه وسلم زواج المتعة في الإسلام أصبح العزل أيضا محرما عن المرأة لكي لا يحدث لديها الحمل فهو (الوأد الخفي) ، وكما جاء في الحديث النبوي للرسول صلى الله عليه وسلم عندما سألوه عن العزل عن المرأة كي لا يحدث الحمل لديها لهذا فان الكثيرين لا يؤيدون ختان البنت لضعف الأحاديث الواردة في ذلك أو أن الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن الختان ربما كان في حق مسألة تخص الرجال فقط ولوجود كلمة أو عبارة قص الشارب في نفس الحديث الذي جاء فيه كلمة الختان، ولعدم وجود منفعة أو فائدة لهذا الختان ختان البنت أو المرأة، لأن الرجل يستعمل قضيبه أي العضو التناسلي الذكري في الجماع مع الزوجة ويجب لهذا السبب أن يكون طاهراً ونظيفا قبل الولوج والدخول إلى رحم ومهبل المرأة وحتى يضمن سلامة مهبل ورحم المرأة وسلامة ونظافة المني الذي سوف يمنى أي يصب في الرحم من القاذورات والأوساخ الموجودة تحت القلفة الغير مختونة للرجل، أي إذا أنت أدخلت ملعقة وسخة وقذرة وغير نظيفة إلى صحن أو قدر أو قصعة الطعام فإن هذه الوساخة والقذارة الموجودة على ملعقة الطعام هي كفيلة بتلويث القدر وبقية الطعام وخاصة الطعام السائل مثل المرقة والشوربة والحليب وهكذا فإن السائل المنوي للرجل سوف يتلوث إذا كان القضيب للرجل غيرمختون وأثناء الجماع والاتصال بين الرجل وزوجته فهل أن البظر يستعمل للجماع والاتصال الجنسي؟ طبعا كلا ولا ولن وغير ممكن وهل هناك فتحة داخل البظر يمر منها البول والمني والودي طبعا كلا ولا ولا يوجد وأما إذا كان الغرض من الختان هو أخذ أو سلب الشهوة من المرأة فأنا أقول بأن الحرة أي المرأة الحرة لا تزني إذا كانت مختونة أو غير مختونة، أن عملية الختان التي تجرى للبنت تتم في الشهور الأولى من عمرها أو في السنين الأولى من عمرها وأن الفرج لها كله بحجم علبة الكبريت فان التي تقوم بالعملية تأخذ نصف العورة ليس نصف البظر وأن البنت ربما تصاب بصدمة نفسية شديدة خلال العملية أي الختان لها ولا يبقى لديها البظر مطلقا أو البظر مع نصف الفرج عوازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى مسألة: في المرأة هل تختن أم لا؟ فقال الجواب: الحمد لله، نعم تختن، وختانها: أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك، قال رسول الله للخافضة، وهي الخاتنة: أشمي ولا تنهكي فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزوج. يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة، ولهذا يقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء، فإن القلفاء تتطلع إلى الرجل أكثر، ولهذا من الفواحش في نساء التتر، ونساء الإفرنج، ما لا يوجد في نساء المسلمين، وإذا حصل المبالغة في الختان ضعفت الشهوة، فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. والله أعلم، ونحيلك على الفتوى رقم: 4487 لمعرفة أقوال أهل العلم في هذه المسألة.
أما قولك المرأة المختونة لا يوجد لديها أية شهوة ورغبة جنسية فغير صحيح إذا كان الختان بحسب السنة، وهو قطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك بدون إنهاك لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي. أي لا تبالغي في القطع، أما ما تتحدث عنه الدكتورة المذكورة في السؤال فذلك الختان المعروف في بعض البلاد، والمسمى بالختان الفرعوني والذي لا يبقي شيئاً من بظر المرأة وهو مخالف للسنة ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الحكم التي ذكرتها من بقاء شهوة المرأة فهي موجودة وغير منتفية بالختان الشرعي الذي هو فقط لتعديل الشهوة لا لإعدامها.
أما قولك مستدلاً بقول هند بنت عتبة أو تزني الحرة؟ فقولها: ليس دليلا على أن كل حرة لا تزني، فالواقع يكذب هذا لوجود الزانيات الحرائر قديما وفي يومنا هذا، فهل نقول: إنهن لسن حرائر، وإنما قولها أو تزني الحرة دليل على أنه أمر مستنكر مستقبح حتى في الجاهلية.
أما قولك: إن العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد في باب تسمية المولود واختتانه لم يذكر سوى اختتان الغلام أو الصبي ولم يكتب شيئاً عن اختتان البنت أو الجارية، ولو كان اختتان البنت موجوداً في زمانه لذكر لنا ذلك في كتابه، فاعلم أن للعلامة ابن القيم كتابا اسمه تحفة المودود في أحكام المولود ذكر فيه مسألة ختان المرأة صفحة 107 وأطال في ذكر حجج الفريقين ولم يرجح شيئاُ في المسألة، وأما في زاد المعاد فإنما كان مبحثه في تحديد يوم الختان وليس البحث في ختان البنت من عدمه.
وما ذكرته من تحريم العزل فنحيلك إلى الفتوى رقم: 1803 لمعرفة كلام أهل العلم في حكم العزل، ويجب التنبه إلى أن الأحاديث الدالة على الأمر بختان النساء ليست محصورة في حديث مسلم: خمسة من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الأبط وقص الشارب. فحسب، بل قد استدل الفقهاء على ختان المرأة بأحاديث أخرى وإن كان مختلفا في تصحيحها، منها حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل. رواه أبو داود.
وجاء ذلك مفصلا في رواية أخرى تقول: إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري، فلما زارها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ فقالت: نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراماً فتنهانا عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو حلال.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا نساء الأنصار اختفضن (اختتن) ولا تنهكن أي لا تبالغن في الخفاض. رواه البيهقي في شعب الإيمان، وجاء التعليل لهذا بأنه أحظى للزوج وأنضر للوجه، وما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومس الختان الختان فقد وجب الغسل. فيه دليل على أن النساء كن يختتن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونقول لك أخيراً:
بما أنك اعترفت بعدم تخصصك في علم الشريعة ينبغي لك أن تسأل أهل العلم ولا تستنبط الأحكام وأنت لست أهلاً لذلك ولا من أهل الاختصاص، فإن لكل علم أهله، واستنباط الأحكام الشرعية لا يتمكن منه إلا من توفرت فيه شروط الاجتهاد، ونحيلك على الفتوى رقم: 34462 لمعرفة الاجتهاد وشروطه وضوابطه.
واعلم رعاك الله أن القول على الله بغير علم قرين الشرك، لأن الله يقول: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] ، قال ابن القيم في مدارج السالكين: وأما القول على الله بلا علم فهو أشد هذه المحرمات تحريماً وأعظمها إثماً، ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان، فقال: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون، فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثماً، فإنه يتضمن الكذب على الله ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه، وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله، فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه ولا أشد منه ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/432)
حكم دفن المولود بدون ختان
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله عز وجل بولدين توأمين ولكن في مدة حمل 6 شهور في مستشفى المفرق وللأسف أن الدكتور الذي تولى استقبال أطفالي بعد الولادة من قسم الرعاية المركزة لحديثي الولادة كان هنديا كافرا من عبدة البقر أو النار لا أدري تحديدا ثم وضعوهما في الحضانة وبدءوا معهما رحلة من العذاب وقد كانوا في حالة سيئة من حيث التنفس المهم أن الأكبر –يونس– أصيب بالتهاب في الأمعاء بعد أسبوعين مما اضطر دكتورا مصريا أخصائيا في جراحة الأطفال أن طلب مني إجراء عملية استئصال جزء من الأمعاء فوافقت ولكنه بعد العملية أخبرني أن الطفل سيموت لا محالة خلال يوم أو اثنين لأن الأمعاء كلها ميتة ولا يوجد منها شيء سليم، وأنه لم يأخذ مها شيئاً ولكن الله سبحانه أطال في عمره أسبوعا آخر فظن الدكتور أن معجزة قد حدثت وأن جزءا من الأمعاء قد شفي وخصوصا أن الطفل بدأ يفتح عينيه وتنخفض عنده نسبة تسمم الدم –التهاب الدم- فطلب مني إجراء عملية أخرى فوافقت ولكنه كرر ما سبق قوله بعد العملية الأولى وفعلا توفي الولد بعدها بحوالي الساعتين ولا أدري هل هم لهم يد في ذلك فقد أخذت زوجتي إلى أبو ظبي لاستخراج شهادات ميلاد لهم لأرفع الروح المعنوية لزوجتي وعندها اتصلوا بي ليخبروني بوفاة الولد، أما الثاني –أيوب– فقد حدث له ما حدث لأخيه إلا أنه أجريت له 4 عمليات في الأمعاء لاستئصال أجزاء ميتة منها ولم يتركوا له إلا جزءاً ضئيلاً لا يمكنه العيش به والذي أجرى العمليات طبيب مصري هو رئيس قسم جراحة الأطفال وأحسبه على خير من ناحية الدين –والله اعلم– المهم كنت أوافق كل مرة فقد كان يقول لي لا بد من استئصال الجزء الميت لإزالة الالتهاب وإلا فإن التهاب الدم سيقضي على الطفل، وفعلا تتحسن الحالة أسبوعاً ثم يعود التهاب الدم مرة ثانية وثالثة ورابعة وكنت أشتكي من تصرفات الممرضات الكافرات فكلهن هنديات أو فلبينيات إلا 2 مسلمات المهم بعد تليف الكبد وتسمم الدم وغيره توفي الولد بعد 6 شهور داخل الحضانة وأسئلتي هي:
أ - هل أخطأت على موافقتي للدكتور على إجراء العلمليات للأطفال؟
ب - قمت بدفن أولادي بعد الغسل والصلاة عليهم ولكن بدون ختانهم فقد ماتوا ولم يختنوا فهل هذا خطأ مني أم لا فقد أخبرني زميل في المدرسة أنني أخطأت في ذلك؟
ت - يوم وفاة الطفل الثاني كنت قد أخرجت زوجتي من المستشفى بعد انهيارها وقيامها بسب الممرضات وعمل مشاكل كثيرة مع الدكاترة ودعائها عليهم فقد حملتهم نتيجة ما حدث للأولاد وأنا شاهد على تفريقهم في المعاملة مع أولادي وغيرهم المهم اتصل بي الدكتور السوري مسلم أخصائي الأطفال في الحضانة الساعة 3 بالليل أن الولد ضغطه ونبضات القلب هبطت جدا وأنه يبدو أن الوفاة ستكون بعد قليل فهو لا يستجيب لأي علاج أو حتى التنفس الصناعي وإذا أردت الحضور لأرى الحالة بنفسي فعلي الحضور للمستشفى فرفضت بسبب حالة زوجتي فهي لو ذهبت معي لكسرت الغرفة والمستشفى كله وقد يؤدي ذلك لوفاة أطفال أبرياء في الحضانه فهي لن تتحمل ترى ابنها الثاني يموت أمامها، فلم أذهب وقد اتصل بي بعدها بساعة وأخبرني أنه توفي، فهل أنا أخطأت في تركي الولد مع دكتور هندي كافر وممرضه هندية كافرة في ذلك اليوم أما الدكتور السوري فرغم أنني طلبت منه الجلوس مع الولد في لحظاته الأخيرة فأنا متأكد أنه لم يجلس معه فهو أخصائي غير مطلوب منه ذلك
ث - أنا كنت قد قمت بتصوير أبنائي عدة صور قبل الوفاة وأنا من فترة وأخرى ألقي عليها النظر فأبكي من إحساس مسئوليتي تجاه ما حدث لأولادي بسبب موافقتي على هذه العمليات لهم، فهل هذا خطأ ويقدح في صبري على فراقهم، وفي النهاية أريد منك الدعاء لي أن يرزقني الله الذرية الصالحة فزوجتي الآن حامل ونحن متزوجان منذ 6 سنوات، وأدعو الله أن يؤيدكم بنصره ويسدد خطاكم في الدعوة إلى الله في هذا الزمن وأن يثبتنا على الطريق المستقيم فإنه نعم المولى ونعم النصير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أ- أنت لا تعتبر مخطئاً في موافقتك للدكتور على إجراء العمليات لولديك، لأنك بذلك تريد شفاءهما، وطلب الدواء مأمور به، روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث أسامة بن شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم.
ب- دفنك الولدين دون ختان هو الصحيح، قال صاحب منح الجليل:..... لا يحلق له شعر ولا يختن ولا يقلم ظفره وينقى الوسخ من أظفاره وغيرها ... انتهى.
ت- أنت لا تعتبر مخطئاً في تركك الطفل في رعاية طبيب كافر وممرضات كافرات، وحضورك موته أو حضور زوجتك لذلك ليس أمراً حتمياً ولا ضرر على الولد في موته بحضرة جماعة من الأطباء الكفار، فما فعلته -إذاً من البقاء مع زوجتك المنهارة صحتها هو الصواب، وما عللت به عدم إحضارها إلى المستشفى أيضاً تعليل حسن.
ث- واعلم أن الاحتفاظ بالصور -وإن كان الملتقط منها بالآلة محل خلاف بين أهل العلم- فإنه لا ينبغي إلا أن يكون لضرورة أو حاجة كالبطاقة الشخصية والجواز ونحوهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1935.
خاصة أن هذه الصور تحملك على ما ذكرت من البكاء والحسرة، ثم إن البكاء على الميت دون رفع صوت مرخص به، قال خليل: يعد المسائل المباحة: " وبكى عند موته وبعده بلا رفع صوت وقول قبيح."
قال الشيخ عليش: فإن كان برفع صوت حرم ويسمى حينئذ بكاء.
وأما البكاء بسبب الشعور بالذنب والمسؤولية فهو أمر حسن، ودليل على انكسار النفس وصدق التوبة، ولكن عليك أن تتيقن أن لا ذنب عليك فيما ذكرته في هذا الموضوع، وأخيراً نرجو الله أن يجعل ولديك لك ولزوجتك سلفا وذخراً وفرطا وأجراً، وأن يثقل بهما موازينكما، ويعظم بهما أجوركما، وأن يلحقهما بصالح أبناء المؤمنين في كفالة إبراهيم، كما نسأل الله العلي القدير أن يمن عليكما بذرية صالحة تتعزيان بها عما أصابكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(11/433)
هل يدخل الختان في تغيير خلق الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا هداكم الله في من ترك ختان أولاده الذكور خوفاً عليهم أو بحجة أن هذا خلق الله ولا تبديل لخلق الله؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم الختان وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17741، 27157، 4487.
وأما عن التعذر بالخوف على الأولاد من الختان، فإن كان الخوف حقيقياً بأن قرر الطبيب الموثوق به أن الختان يضر الولد فلا بأس في تركه، أما إذا كان الخوف متوهماً فلا عبرة به.
وأما عن تغيير خلق الله بالختان فإنه مستثنى من ذلك بالدليل الشرعي، قال النووي في المجموع: فخصص منه الختان والوسم ونحوهما وبقي الباقي داخلاً في عموم الذم والنهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(11/434)
الختان من تمام الحنيفية السمحة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الله سبحانه وتعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم أنا أفهم من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قد خلق الإنسان بكل أجزاء جسمه في أفضل صورة
فلماذا نقوم بعمل عملية الختان سواء للذكر أو الأنثى؟
هل نقوم بتعديل ما خلق الله؟
ألم يكن الله العلي العظيم بقادر على خلق هذا العضو مختونا إذا كان العضو المختون هو الأنسب والأفضل؟
رجاء شرح هذه المسالة والله الموفق
ولسيادتكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلق الله تعالى للإنسان في أحسن تقويم هو أنه جعله أكمل عقلا وفهما وأدبا وبيانا وعلما ... وأما خلق جسد الإنسان في أحسن تقويم فلا ارتباط له بمقصد السورة، كما بينه فضيلة العلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" حيث يقول: أفادت الآية الكريمة أن الله تعالى كون الإنسان تكوينا ذاتيا مناسبا لما خلق له نوعه من الإعداد لنظامه وحضارته وليس تقويم صورة الإنسان الظاهرة هو المعني عند الله تعالى ولا جدير بأن يقسم عليه، إذ لا أثر له في إصلاح النفس وإصلاح الغير، والإصلاح في الأرض، ولأنه لو كان هو المراد لذهبت المناسبة التي في القسم بالتين والزيتون وطور سينين والبلد الأمين. وإنما هو متمم لتقويم النفس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم وغيره، فإن العقل أشرف ما خص به نوع الإنسان من بين الأنواع، فالمرضي عند الله تعالى هو تقويم إدراك الإنسان ونظره العقلي الصحيح، لأن ذلك هو الذي تصدر عنه أعمال الجسد، إذ الجسم آلة خادمة للعقل، فلذلك كان هو المقصود من قوله تعالى: [لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ] (التين:4) .
وقد قصر بعض المفسرين حسن التقويم على أنه حسن الصورة الظاهرة للجسد، كما أشار السائل الكريم، ومع ذلك، فإن ذلك لا يتنافى مع الحكمة التي من أجلها شرع الختان ولا يعتبر ذلك تغبيرا أو تعديلا لخلق الله، فإن الختان كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى من محاسن الشرائع التي شرعها الله تعالى لعباده وجمل بها محاسنهم الظاهرة والباطنة، ومكمل للفطرة التي فطرهم الله عليها، ولهذا كان من تمام الحنيفية السمحاء ملة إبراهيم، ف إن الله عز وجل عاهد إبراهيم ووعده أن يجعله للناس إماما وأن يكون أبا لشعوب كثيرة وللأنبياء والملوك.. وأخبره أنه جاعل بينه وبين نسله علامة العهد أن يختنوا كل مولود منهم ليكون ذلك علامة في أجسادهم، فالختان علم الدخول في ملة إبراهيم الذي ابتلاه الله تعالى وامتحنه بكلمات فأتمهن، فاستحق بذلك الإمامة..
هذا مع ما فيه من الحكم العظيمة والفوائد الصحية العجيبة التي اكتشفها الأطباء في هذا العصر، فقد جاء في التعليق على كتاب تحفة المودود لابن القيم من المحقق بسام الجانبي يقول الدكتور محمد نبيل النشواني في كتابه "الطفل المثالي" تحت عنوان: ضرورة الختان: وتغطي حشفة القضيب عند الأطفال قطعة جلد زائد تدعى القلفة وهي غنية بالأعصاب، لذلك فإن بقاءها يزيد الشبق والتهيج الجنسي بعد البلوغ، مما قد يضعهم في مواقف حرجة أو مشاكل هم في غنى عنها.
ولقد ثبت علميا بأن المفرزات البيضاء التي تتجمع بين القلفة والحشفة تسبب تخريشا مستمرا لجلد القضيب وفي عنق الرحم عند المرأة بعد أن تصبح زوجا لمن لم يختتن، ينجم عن هذا التخريش أمراض في القضيب وفي عنق الرحم عند الزوجة كالسرطان، لذلك سن الله تعالى الختان وأمر به إبراهيم الخليل الذي امتثل لأمر ربه، وبما أن المسلمين يجرون الختان لأطفالهم فإن نسبة سرطان عنق الرحم بين نساء المسلمين منخفضة جدا إذا ما قورنت بنسبتها بين الغربيين وغيرهم، أما سرطان القضيب فإنه من النادر جدا بين المسلمين
بالإضافة إلى ما سبق فإن بقاء القلفة يسبب إنتانات والتهابات متكررة للقلفة والحشفة، مما قد يؤدي تضييق هذه المنطقة، وكذلك تضيق فوهة الإحليل فيشكو الطفل من آلام وصعوبات أثناء التبول، وعملية الختان تحمي الطفل من هذه الإصابات والمضاعفات التي تنجم عنها كاحتباس البول واحتقان المثانة والحالبين والكليتين والتهابهما أو غير ذلك من المضاعفات المعروفة.
وأما الختان عند البنات، فإنه مطلوب في المناطق الحارة، لأن البظر يكون كبيرا نسبيا، مما يزيد الشبق والغلمة، وأما في المناطق الباردة والمعتدلة، فإن البظر يكون عاديا، وبالتالي، فإن عملية الختان لهن تصبح غير ضرورية، ولهذا نصح النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي تختن بقوله: إذا ختنت فلا تنهكي فإنه أحظى للمرأة وأحب للبعل.
وبهذا تعلم أن الختان ملائم للفطرة بل هو أهم خصالها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: خمس من الفطرة: الختان والاستحداد (حلق العانة) ونتف الإبط، وتقليم الأظفار وقص الشارب. متفق عليه.
وأن كل ما جاء في الشريعة الإسلامية هو لمصلحة الإنسان، علم ذلك من علمه وجهله من جهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(11/435)
الختان للنساء مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك إثم على الفتاة التي لم يقم أهلها بالختان لها مع صعوبة قيامها الآن بهذه العملية وكيف تتعفف إذا لم يأذن لها الله بالزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الختان للنساء مشروع، وهو من سنن الفطرة، وقد قال بعض العلماء بوجوبه، وهم الشافعية، والحنابلة واختاره ابن العربي من المالكية، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، لكن أدلة القائلين بوجوبه لا تصلح إلا للسنة والاستحباب، كحديث أم عطية (لا تنهكي) أو (اخفضي ولا تنهكي) ، قال الشوكاني: والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب، والمتيقن السنة، والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه. نيل الأوطار: (1/139-141) .
وعليه؛ فلا حرج عليك إن شاء الله في عدم الختان وخاصة عند صعوبته ومشقته، وتراجع الفتاوى التالية: 38122 / 31783 / 4487 / 6245.
وأما طرق العفاف لمن لم تتزوج من النساء فقد أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. وهو في الصحيحين وغيرهما.
فالصوم وجاء (أي قاطع للشهوة) ووقاء من الوقوع في الحرام، ولا بد من الاتصال بالله والإكثار من الذكر وقراءة القرآن والطاعات وترك المعاصي.
ومن الأسباب المعينة على العفة والصيانة الامتناع عن محرمات النظر والاستماع، إذ من أطلق بصره في الحرام أو لزم استماع الأغاني والمعازف هاجت شهوته، وحلت بقلبه الخواطر والوساوس الشيطانية التي تدفعه إلى الحرام، وعليك بالصحبة الصالحة التي تعين على الخير وترك الصحبة الفاسدة التي تحث على الشر، ونسأل الله لك التوفيق والثبات على الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(11/436)
مسائل في ختان الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[إن عملية اختتان البنت هي عملية خاطئة جداً، لأن المرأة المختونة هي عديمة الشهوة أو الرغبة الجنسية فهي مخصية علما أنه في كتاب الغنية لطالبي طريق الحق للعلامة الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله وجدت هذا الحديث في باب آداب النكاح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت النساء على الرجال بتسعة وتسعين إلا أن الله ألقى عليهن الحياء.... وحتى إن النسوة حين شاهدن سيدنا يوسف عليه السلام بعد أن دخل عليهن قطعن أيدهن لجمال وحسن سيدنا يوسف عليه السلام، وهذا دليل على أن الشهوة لدى النساء هي أكبر جداً من الرجال، وربما كانت امرأة العزيز أيضاً كانت الشهوة لديها كبيرة وعالية جداً، لهذا تهيأت لسيدنا يوسف عليه السلام لكي يجامعها العياذ بالله، عن هذا القول عن سيدنا يوسف لأنه معصوم من الخطأ وربما أن النساء كن لم يختتن زمن سيدنا يوسف عليه السلام غير أن هذه العملية أي الاختتان هو من ابتكار فرعون لكي يقتل الرغبة لدى النساء وحتى لا يتزوجن ولا ينجبن الأطفال وربما هو الذي عمل هذا العمل بالنساء ... غير أن هذه العادة لا تزال موجودة بين المسلمين أيضاً وهي منتشرة في مصر والسودان، وكما أن الأكراد في شمال العراق يقومون بإجراء هذه العملية للبنات حيث يقومون بقطع البظر للبنت وهي صغيرة العمر، لهذا فهي تفقد الشهوة الجنسية، ولهذا نجد أن المهور عالية بين الأكراد لأن النساء مختونات وليست لديهن الرغبة الجنسية، وكما أن المرأة المختونة إذا كان زوجها لا يتقي الله سبحانه وتعالى فإنه من الممكن أن تقبل هذه المرأة المختونة أن يجامعها زوجها في الدبر أي من فتحة الشرج لأنها لا تمتلك الرغبة في القبل أو في المهبل، وهكذا ربما تحولت هذه المرأة إلى امرأة شاذة جنسياً أو لواطية لأن وجود البظر سليماً وغير مختون هو بمثابة صمام أو مفتاح الأمان كي لا تصير المرأة شاذة أو لواطية وبسبب الاختتان نجد أن النساء الآن لا يتلذذن بالرجال بل إن الرجال فقط يتلذذون بالنساء لأن المرأة المختونة هي طفلة كبيرة وتنجب الأطفال ولا تمتلك الرغبة الجنسية أي الشهوة، السؤال: هل إن اختتان البنات جائز في الإسلام أم غير جائز؟ يرجى الإجابة، وجزاكم الله خيراً.
كما أود أن أكتب لكم بأن الشيء الآخر الذي يفقد الشهوة الجنسية لدى المرأة هو ممارستها للكتابة والقراءة والمرأة الحاصلة على شهادة جامعية أي البكالوريوس هي عديمة الرغبة الجنسية أو تكون مثل المرأة المختونة تقريباً في تفسير الإمام القرطبي رحمه الله تعالى للقرآن الكريم وتفسير سورة العلق في قوله تعالى: الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم.....) وجدت هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم: لا تسكنوا نسائكم الغرف ولا تعلموهن الكتابة ... إن الذي يؤيد صحة هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم هو حديث آخر للرسول صلى الله عليه وسلم، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. أي أن الله بعثه ليكمل ما بدأه إخوانه الرسل والأنبياء عليهم السلام في نشر الأخلاق الكريمة بين الناس، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأقضي على الأمية وأعلم الناس القراءة والكتابة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو نفسه كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة لكن الله سبحانه وتعالى يقول فيه في القرآن الكريم: وإنك لعلى خلق عظيم ... صدق الله العظيم، لهذا إن البنت إذا تربت تربية جيدة بما يرضي الله تعالى ورسوله أفضل من أن تحصل على أعلى الشهادات الدراسية وهي لا تملك الأخلاق الكريمة، فما الفائدة من هذه الشهادة إذا لم تكن ذات أخلاق كريمة ... أوكد أن المرأة إذا مارست القراءة والكتابة فهي لا تبقى لديها الشهوة أو الرغبة الجنسية فهي مثل المرأة المختونة، والله بكل شيء عليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن مسألة ختان الإناث وذاك في الفتاوى التالية: 6245، 17741، 31783، 31205.
والخلاصة أنه لا خلاف في مشروعية اختتان الإناث، وإنما الخلاف في وجوب ذلك وعدمه، وإنما يحصل ما ذكره السائل من موت الشهوة عند المختنات إذا استؤصل المحل أو بولغ في الأخذ منه، أما إذا كان الأخذ يسيراً فإن ذلك يعدل الشهوة فلا يجعل المرأة ثائرة ولا خاملة، وأما عن اختتان النساء في الأمم السالفة فإنه لو فرض أنهن كن لا يختتن فإن الإسلام قد نسخ كل الشرائع، وأما قول السائل إن فرعون هو من سن اختتان الإناث وأنها ليست من الإسلام فكلام غير صحيح على الإطلاق وذلك لوجود الأحاديث التي تأمر بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا بعضها في الفتاوى المحال عليها.
وأما عن شهوة المرأة المتعلمة وأنها كالمختتنة فهذا رأي السائل لكننا نرى أن الواقع بخلافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/437)
نظر الخاتنة لعورة المختونة يجوز للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف من فضيلتكم حكم الختان للبنت وهل هناك فوائد للختان ووالدتي تريد أن تطهر ابنة أخي دون علم والدتها بسبب رفض والدتها ولأنه من العادات الواجبة لدينا في جنوب المملكة وأخي لا يمانع ختان ابنته وخاصة أنها كبرت ولم تطهر فهل يجوز لوالدتي تطهيرها دون علم والدتها.
وما حكم مشاهدة النساء أثناء تطهير البنت وهي في سن السابعة إلى العاشرة تقريبا.
وهل يجوز لمن في هذا السن أن لا تغتسل بعد التبول ليوم أو يومين بعد الطهارة
وما هو افضل سن لتطهير البنات. وهل يجوز لزوجة أخي أن تحرم وتفتي بتحريم تطهير البنات
وما حكم إرضاع والدتي لابن أختي أو أخي وهي ليس في ثديها حليب.
وأخيرا أشكركم والله يرعاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد مضى بيان حكم الختان للرجال والنساء، وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 4487، 6245، 13945.
علما بأنه لا يجوز للرجال ولا للنساء النظر إلى فرج الصغيرة ولو كان ذلك حال الختان، لكن جاز للخاتنة النظر إليه للحاجة، وراجع حدود عورة الصغيرة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26186، 7541، 39008.
وقد بينا الوقت الأفضل لختان البنات في الفتوى رقم: 1960.
أما عن إرضاع الأم لأبناء بناتها وأبنائها فلا ما نع منه شرعا، لعموم قوله تعالى: وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (الطلاق: 6)
وهذا يعم كل امرأة غير الأم التي ولدت، ولمعرفة شروط الرضاع المحرم راجع الفتوى رقم: 40128.
ومن هذه الفتوى تعلم أن إرضاع والدتك لحفيدها لا يعتبر رضاعا ما دام ثديها خاليا من أن يكون فيه لبن.
ويجب التنبه إلى أن جواز هذا الإرضاع الخالي من اللبن مقيد بما إذا لم يكن فيه ضرر على الجدة أو على الولد الرضيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/438)
يعاد الختان إذا لم يتم بشكل صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا الآن عمري واحد وثلاثون سنة أريد أن أسأل عن عملية الختان، حيث إن الذي قام بعملية الختان لي طبيب شعبي، ولم يقم باستئصال كامل الجلدة التي تغطي الحشفة، هل أعيد عملية الختان من جديد مع العلم بأني أقوم بعملية النظافة في الاستنجاء بشكل ممتاز، وأنا الآن متزوج ولي أطفال ومتحرج من كشف العورة أمام الطبيب، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 17041، أن الواجب في الختان هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف الحشفة، كلها، ولو أدى إلى إجراء ختان ثان ما لم يخش ضرر، وعليه فالواجب عليك القيام بهذه العملية، حتى يكتمل الختان تماماً.
ولا يكون الحرج من كشف العورة للطبيب عذراً لك في ترك ذلك، والعورة وإن كان يجب سترها فإن كشفها هنا للحاجة فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(11/439)
مذاهب العلماء في ختان الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في ختان الأولاد وما هي الحكمة من ذلك؟
هل هذا من قبل السنة أم هو ما جاء في القرآن؟ وما هي السورة التي تدل على ذلك؟ كتبت هذا لأنني لم أستطع إقناع فرنسي حول هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب. متفق عليه.
والفطرة في الحديث فسرها أكثر العلماء بالسنة، قال النووي رحمه الله: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب. والسنة هنا هي الطريقة المتبعة، وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة، كما ثبت ذلك في حديث متفق عليه، وقال الله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:123] ، وقد اختلف الأئمة رحمهم الله في حكمه بعد اتفاقهم على مشروعيته، فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد ومالك والشافعي وأحمد وهو واجب، وشدد فيه مالك حتى قال من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته، ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.
وقال أبو حنيفة والحسن: لا يجب بل هو سنة، ففي شرح المختار للموصلي قال: إن الختان سنة للرجال وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة، فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه. انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: إن الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، وفي رواية أخرى عنه -أي أحمد - أنه واجب على الرجال والنساء، والختان لو لم يكن واجباً في حق الرجال لما جاز كشف العورة للكبير ليقوم به، ولما اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة، وقد استدل الفقهاء على ختان النساء بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل. رواه أبو داود.
وجاء ذلك مفصلاً في رواية أخرى تقول: إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري، فلما زارها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ فقالت: نعم يا رسول الله، إلا أن يكون حراماً فتنهانا عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو حلال، وقال صلى الله عليه وسلم: يا نساء الأنصار اختفضن (اختتن) ولا تنهكن، أي لا تبالغن في الخفاض. رواه البيهقي في شعب الإيمان، وجاء التعليل لهذا بأنه أحظى للزوج وأنضر للوجه وهو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة، ويجب التنبه إلى أن الأحاديث الدالة على الأمر بختان النساء ومنها ما قدمناه مختلف في تصحيحها، ولكن ذلك لا يعني نفي استحبابه فهو داخل في الختان، وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه من الفطرة، وما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومس الختان الختان فقد وجب الغسل.، فيه دليل على أن النساء كن يختتن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفائدة الختان للرجال معلومة، إذ هو عند الرجال إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف الحشفة كلها، ولهذا فوائد صحية عظيمة، ويكفي أنه اتباع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واتباع لسنة إبراهيم عليه السلام.
ومن ذهب من الأطباء إلى منع الناس منه بدعوى أن له ضرراً فلا يلتفت إلى قوله، لأن قوله مصادم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/440)
هل ختن الرسول صلى الله عليه وسلم بناته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل ختن الرسول صلى الله عليه وسلم بناته؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الختان في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4487، 6245، 31783، 13945.
وخلاصة ما في الفتاوى المحال عليها الاتفاق على مشروعية ختان النساء، وإنما وقع الخلاف بين العلماء في حكمه، وأما بشأن ختان النبي صلى الله عليه وسلم لبناته فلم نقف على شيء في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/441)
ختان البنات مشروع في الجملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الإسلام فى اختتان البنات؟ وما الفائدة منه؟ هل أن البظر يستعمل للبول أو للجماع؟ هل توجد هناك أوساخ وجراثيم تتجمع على البظر؟ هل أن الحرة المؤمنة بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، إذا كانت غير مختونة تعمل الفاحشة (لا قدر الله تعالى) أرجو الإجابة؟ مع الشكر لموقعكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فختان المرأة مشروع في الجملة، وهو واجب عند بعض العلماء، وقد مضى بيان أدلته في الفتويين التاليتين: 4487، 6245.
ولمعرفة فائدة الختان تُراجع الفتوى رقم: 13945.
علماً بأن ترك الختان لا علاقة له بفعل الفاحشة أو تركها، لكن من فوائد الختان أنه يخفف الشهوة، ولا علاقة له بالبول فمخرج البول عند المرأة مستقل عنه إلا أنه قريب منه، وأما عن تراكم الأوساخ والجراثيم فوق مكان الختان، فالأصل أنه لا وجود له عند المرأة غير المختونة، وإنما يوجد عند الرجل غير المختون، وتمكنك مراجعة قسم الاستشارات الطبية في الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(11/442)
حكم الختان الفرعوني
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في عصرنا هذا اشتدت الفتن والزنى، هناك من النساء من يفعلن شيئا لا أدري ما يسمونه لبناتهم حتى لا يفض غشاء البكارة للبنت إلى أن تتزوج فينزعون هذه.
هل هذا حرام أم لا؟ وإن كان حراما نرجو أن تنبه الناس إلى حرمة هذه العادات. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالختان الشرعي للبنات مبين في الفتاوى التالية برقم: 13945، ورقم:
31783.
وأما ما كان على خلافه، كالذي يعرف في بعض البلدان بالختان الفرعوني الجائر ونحوه، فلا يجوز، لما فيه من المفاسد، والتي منها تغيير خلق الله والجناية على البنت بالخياطة ونحوها، وما يتبع ذلك من تعسر الولادة، والخوف من وقوع البنات في الزنا لا يبيح ذلك، والعلاج الشرعي لذلك هو غرس خوف الله تعالى في القلوب ومتابعة حال البنت، وتوفير البيئة الصالحة والرفقة المؤمنة، والعلم الشرعي الرادع عن مقارفة المنكرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(11/443)
الموقف الشرعي من دعوة الختان وتلبيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
ما الحكم في الدعوة والاجتماع للختان.. وماهي ضوابط هذا الاجتماع بالتفصيل وهل للسلف رحمهم الله نصيب من هذا.. وبالله التوفيق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فصل هذه المسألة العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني تفصيلاً كافياً عند قول الخرقي: ودعوة الختان لا يعرفها المتقدمون، ولا على من دعي إليها أن يجيب، وإنما وردت السنة في إجابة من دعي إلى وليمة تزويج.
قال ابن قدامة: يعني بالمتقدمين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يقتدى بهم، وذلك لما روي: أن عثمان بن أبي العاص دعي إلى ختان، فأبى أن يجيب، فقيل له؟ فقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه رواه الإمام أحمد بإسناده. إذا ثبت هذا فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحبة؛ لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة.
وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه، وقال العنبري: تجب إجابة كل دعوة، لعموم الأمر به، فإن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه، عرسا كان أو غير عرس. أخرجه أبو داود.
ولنا أن الصحيح من السنة إنما ورد في إجابة الداعي إلى الوليمة، وهي الطعام في العرس خاصة، كذلك قال الخليل وثعلب وغيرهما من أهل اللغة، وقد صرح بذلك في بعض روايات ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب. رواه ابن ماجه.
وقال عثمان بن أبي العاص: كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه. ولأن التزويج يستحب إعلانه، وكثرة الجمع فيه، والتصويت، والضرب بالدف، بخلاف غيره.
فأما الأمر بالإجابة، فمحمول على الاستحباب، بدليل أنه لم يخص به دعوة ذات سبب دون غيرها، وإجابة كل داعٍ مستحبة لهذا الخبر، ولأن فيه جبر قلب الداعي، وتطييب قلبه، وقد دعي أحمد إلى ختان فأجاب وأكل، فأما الدعوة في حق فاعلها، فليست لها فضيلة تختص بها، لعدم ورود الشرع بها، ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادثٍ، فإذا قصد فاعلها شكر نعمة الله عليه، وإطعام إخوانه، وبذل طعامه، فله أجر ذلك، إن شاء الله تعالى. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/444)
أحاديث ختان الإناث منها الصحيح ومنها دون ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله
ما هي خلاصة حكم الألباني رحمه الله في قول النبي صلى الله عليه وسلم {اخضبن غمسا واخفضن ولا تنهكن} قال النبي صلى الله عليه وسلم {يا قلفاء اختتني} مع شرح للحديث الأول..
والحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أحاديث الختان قد تكلم العلماء في أسانيدها، فحكم بعضهم بضعفها، ومنهم من صحح بعضها، هذا من حيث العموم. وقد سبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتوى رقم: 34471.
وأما الروايتان المذكورتان في هذا السؤال فلم نعثر عليهما أصلاً، فضلاً عن أن نعثر على الحكم عليهما، سواء من الشيخ الألباني رحمه الله، أو غيره.
ولمزيد من الفائدة بشأن الختان وأحاديثه راجع الفتويين التاليتين: 13945، 31783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/445)
خفاض الإناث وردت في شأنه أحاديث صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في قول شيخ الأزهر بأن الأحاديث النبوية الخاصة بالختان أحاديث ضعيفة مما يعني أن الختان ليس من السنة والدعوة إلى محاربة الذين يقومون بالختان؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم الاختتان عمومًا في الفتوى رقم: 4487.
ولعل شيخ الأزهر يقصد خفاض الإناث، وقد ورد في شأنه أحاديث صحيحة، وأخرى ضعيفة، فمما ورد فيه من الأحاديث الصحيحة قوله صلى الله عليه وسلم لأم عطية إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي. رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وقد سبق حكمه في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(11/446)
الأحاديث الواردة في ختان المرأة لا تخلو من كلام
[السُّؤَالُ]
ـ[صحة أحاديث الختان للمرأة مع ذكر سند كل حديث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود في سننه قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي وعبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي قالا: حدثنا محمد بن حسان قال: عبد الوهاب الكوفي عن عبد الملك بن عمير عن أم عطية الأنصارية: أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل.
قال أبو داود: رُوي عن عبد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه وإسناده. قال أبو داود: ليس هو بالقوي، وقد روي مرسلاً.
قال أبو داود: ومحمد بن حسان مجهول، وهذا الحديث ضعيف.
كما أن هذا الحديث رواه البيهقي أيضًا في سننه. وفي سنن البيهقي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنبأ أبو بكر بن محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر، حدثنا المفضل بن غسان الغلابي. قال: سألت أبا زكريا عن حديثٍ حدثنا به عبد الله بن جعفر، حدثنا عبد الله بن عمرو، حدثني رجل من أهل الكوفة عن عبد الملك بن عمير عن الضحاك بن قيس قال: كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض الجواري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم عطية اخفضي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج.
قال الغلابي قال أبو زكريا - وهو يحيى بن معين -: الضحاك بن قيس ليس هو بالفهري.
وفي تحقيق أحكام النساء لـ ابن الجوزي يقول محققه الدكتور المحمدي تعليقًا على هذا الحديث: قال الألباني: رواه الدولابي والخطيب في التاريخ ... ثم قال: وهذا إسناد ضعيف.
وصحح الألباني في السلسلة الصحيحة لفظ: إذا خفضتِ فأشمي ولا تُنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج.
وعلى كلٍ، فإن الأحاديث الواردة في ختان المرأة لا تخلو من كلام، ولهذا اختلف أهل العلم في حكم ختان المرأة، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب بعضهم إلى أنه سنة، وذهب آخرون إلى أنه مستحب أو مطلوب دون المستحب، وهو ما عبّر عنه ابن أبي زيد المالكي في الرسالة بقوله: والخفاض للنساء مَكْرُمَةٍ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(11/447)
للطبيية أن تختن الصبي إذا لم يبلغ سبع سنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للطبيبة المرأة أن تقوم بختان الأولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً من إجراء الطبيبات لعملية الختان للأبناء الصغار ما لم يصلوا إلى الوقت الذي يؤمرون فيه بالصلاة، وهو ما فوق سبع سنين، قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في رسالته: ولا بأس أن يغسل النساء الصبي الصغير ابن ست سنين أو س بع.
ونقل صاحب مسالك الدلالة على شرح الرسالة الإجماع على ذلك عن ابن المنذر فقال: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمرأة أن تغسل الصبي الصغير، لكن اختل فوا في تحديد السن فذهب مالك إلى جواز ذلك ل من كان في السن المذكورة لأنه لم يؤمر بالصلاة ولا عورة له، ثم قال: لكن الدليل يتم شى مع ابن ست سنين لا في ابن سبع لأنا أمرنا بأمره بالصلاة. انتهى من مسالك الدلالة بتصرف قليل.
وعمليات الختان عادة ما تجرى في الأسابيع الأولى من ولادة الصبي وعلى كل حال فالولد لا عورة له قبل سبع سنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/448)
الحكمة من ختان الأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بنت وأريد أن أختنها ختاناً شرعياً لما له من حفاظ عليها ولكن والدها يرفض (سؤالي هل يجوز فعل ذلك بدون موافقته أو علمه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للأب أن يرفض ختان ابنته، فإن الختان بالنسبة للإناث إن لم يكن واجباً فهو مستحب، وفيه مصلحة ظاهرة للبنت، وقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للخاتنة، في ختان أنثى: لا تنهكي (أي لا تبالغي في القطع) فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل) رواه أبو داود.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يعني لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة، ولهذا يقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء، فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر، ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين، وإذا حصل المبالغة في الختان ضعفت الشهوة، فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. انتهى. 1/53
وعلى الأم أن تجتهد في إقناع زوجها باستحباب الختان للبنات وفائدته لهن، فإن أصر فلا تختن بنتها بدون علمه، لأن الأب هو ولي الصغير في النفس والمال، وهو المسؤول عنه المتولي ختانه وتطبيبه ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(11/449)
ختان الإناث مكرمة في حقهن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ختان الإناث؟ وإن كان حلالاً لماذا يقومون بمحاربته في التلفزيون المصري
والله المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم الختان بالنسبة للإناث مبين في الفتوى رقم: 4487 فليرجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/450)
مذاهب العلماء في من ولد مختونا
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله السلام عليكم ورحمة الله
ولد لنا مولود وهو مختون ما حكم الشرع في هذا؟ وبارك الله فيكم في انتظار ردكم بفارغ الصبر ولكم منا جزيل الشكر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن من ولد مختوناً سقط عنه وجوب الختان، عند القائلين بوجوبه، ولكنهم اختلفوا هل يستحب له أن يختن أم لا؟ على قولين:
الأول: أن الختان في هذه الحالة مؤونة كفانا الله إياها فلا حاجة تدعو إلى فعلها، وهو مذهب الشافعية، قال في حاشية الجمل: لو ولد مختوناً فلا ختان.. أي لا إيجابا، ولا استحباباً، وهو مذهب المالكية، ونقل في حاشية العدوي عن بعض الشراح: الذي يظهر ترجيح القول بأنه لا يمر عليه الموسى، وهو مذهب الحنابلة، قال الميموني قال لي أحمد: إن ها هنا رجلاً ولد له ولد مختون، فاغتم لذلك غما شديداً، فقلت له إذا كان الله كفاك المؤنة، فما غمك بهذا؟!.
الثاني: أنه يستحب إجراء الموسى عليه ليقع الامتثال، وحجة هذا القول قياسه على الحلق في الحج لمن لا شعر برأسه، فإنه يستحب إمرار الموسى عليه إجماعاً، كما في تحفة المحتاج.
والقول الأول هو القول الراجح الذي عليه أكثر أهل العلم، لعدة اعتبارات:
الأول: أن إمرار الموسى في هذه الحالة أمر لا فائدة فيه، والختان إنما شرع لمعنى معقول، وهو إزالة القلفة التي تحتبس فيها النجاسة، فإذا ولد دون قلفة، فقد تحقق المقصود وكفي المؤنة.
الثاني: أن الختان يستلزم كشف العورة من كبير وصغير، وهذا لا يباح إلا لضرورة أو حاجة شرعية، والضرورة والحاجة معدومة والحالة هكذا.
الثالث: أن قياس استحباب إمرار الموسى على موضع الختان في هذه الحالة على استحباب إمرار الموسى على رأس الأقرع لا يصح، لأن ذلك يستلزم كشف العورة بخلاف الحلق.
إلا إذا كان من القلفة التي تغطي الحشفة شيء موجود فيجب إزالته، حتى يتم الختان، وغير صحيح ما يعتقده بعض الناس من أفضلية من ولد مختوناً على غيره، فإبراهيم -خليل الرحمن- ولد غير مختون، واختتن بالقدوم بعد أن بلغ ثمانين سنة كما في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(11/451)
هل يجب الختان على الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم عمري 24 سنة وحتى الآن لم أتطهر (الختان) والسبب والداي عندما كنت صغيراً ما الحكم إذا توفيت ولم أقم بها أو إذا تزوجت وأنا على هذه الحالة هل حرام أم ماذا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء في مشروعية الختان بالنسبة للذكور، إلا أنهم اختلفوا في حكمه هل هو واجب يأثم تاركه؟ أو هو سنة يؤجر فاعله، ويسلم فاعله من العقوبة؟ ولمعرفة أقوال أهل العلم في هذا راجع الفتوى رقم: 4487.
وعلى كل، فعليك أن تقوم بفعله شريطة ألا يكون في ذلك ضرر عليك قال ابن قدامة (وإن أسلم الرجل فخاف على نفسه من الختان سقط عنه لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه فهذا أولى وإن أمن على نفسه لزمه فعله) انتهى.
ومن مات وهو بالغ ولم يختن بعد أن تمكن من فعله ولم يفعله فإن آثم لتفريطه بواجب شرعي ولا يختن بعد موته لأنه بالموت زال تكليفه، وأما الزواج فلا أثر للختان على صحته مع بقاء وجوب الختان عليه ولو كان متزوجاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1423(11/452)
حكم من ولد مختونا
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم أود أن أستفسر فإني لم أختن عند طبيب قا لوا لي بأنك ختنت من طرف الملائكة فهل يجوز أن أختن مرة ثانية عند طبيب وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ولد مختوناً فإنه يكتفى منه بذلك. قال صاحب أسنى المسالك: تنبيه: لو ولد مختوناً أجزأه
وقيل: تمر عليه الموسى. قال الخرشي: ... فإن ولد مختوناً فقيل: تمر الموسى عليه، فإن بقي ما يقطع قطع، وقيل: قد كفي المؤنة واستظهر.
ولعل الرأي الأول أرجح خاصة إذا كان الإنسان الذي هذه حالته قد بلغ.
وانظر المسألة في الفتوى رقم 27715
ومن ولد مختوناً فلا نعرف دليلاً على أن الملائكة هي التي ختنته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/453)
حكم ولائم الختان والعرس والولادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يحث ويحبب فى عمل وليمة لمناسبات معينة؟؟؟؟
مثل الزواج والختان وما شابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما وليمة العرس فسنة مأمور بها، وذهب بعض العلماء إلى أنها واجبة، لحديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أولم ولو بشاة. رواه البخاري.
وأما وليمة الختان فلم يرد فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، ومن العلماء من كرهها، ومنهم من رخص فيها بل استحبها، والصحيح أنها جائزة من شاء فعلها، ومن شاء تركها.
وكذلك وليمة الولادة جائزة، وهي التي تفعل عند ولادة المولود، وليست العقيقة، فإن العقيقة سنة، ففي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى. قال شيخ الإسلام بن تيمة (أما وليمة العرس فهي سنة والإجابة إليها مأمور بها وأما وليمة الموت فبدعة مكروه فعلها والإجابة إليها وأما الختان فهي جائزة من شاء فعلها ومن شاء تركها وكذلك وليمة الولادة إلا أن يكون قد عق عن الولد فإن العقيقة عنه سنة) انتهى.
واختلف أهل العلم هل يدعى الناس للعقيقة كما يفعل بسائر الولائم؟ أم يتصدق بلحمها ويأكل منها أهلها ويهدون للجيران والأصدقاء؟ فقال مالك والشافعي: يأكل أهلها منها، ويتصدقون، ويُطعم منها الجيران، ولا يدعى لها الناس كما يفعل بالوليمة، ذكره ابن عبد البر في الاستذكار.
ومذهب الحنابلة أنه لا بأس بالدعوة إليها، قال المرداوي في الإنصاف قال المصنف يعني ابن قدامة ومن تبعه: وإن طبخها ودعا إخوانه فحسن. . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/454)
الذبح عند الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[تحليل المولود الذكر بما يسمى الطهارة وهي قص
مقدمة الذكر هل يوجب أن يذبح لها أم لا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذبح عند الختان ليس بواجب ولم يرد به الشرع، لكن إن قصد فاعله شكر نعمة الله عليه وإطعام إخوانه فله أجر ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما إن كان مقصود السائل العقيقة فلينظر حكمها في الفتوى رقم 2287
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1423(11/455)
مذاهب العلماء في الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، أسأل عن ختان البنات هل هو فرض أم سنة وكيف يكون؟ وختان الذكور هل هو فرض أم سنة وكيف كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الختان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب الشافعية والحنابلة في معتمد مذهبهم إلى وجوب الختان على الرجال والنساء، وفي رواية عن أحمد أنه واجب على الرجال لا النساء واختارها ابن قدامة وذهب الحنفية إلى أنه سنة في حق الرجال والنساء وليس بواجب، وذهب المالكية إلى أنه سنة مؤكدة في حق الرجال، ومكرمة في حق النساء.
4487
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(11/456)
بقاء شيء من القلفة لا يمنع صحة الصلاة ويجب إزالته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم إتمام عملية الختان على أكمل وجه يعني ترك الطبيب لبعض الأجزاء من القلفة (لا تتعدى طول الأجزاء 6مم) قد يؤدي لعدم قبول الصلاة أو الصوم أو سائر الأعمال ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشروع في الختان بالنسبة للرجل هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة، بحيث تنكشف الحشفة كلها، وما دام ذلك لم يتم فإنه يجب قطع ما تبقي من القُلفة إذا لم يترتب على ذلك ضرر، قال النووي في المجموع (فإن كان من القلفة التي تغطي الحشفة شيء موجود وجب قطعه كما لو ختن ختاناً غير كامل فإنه يجب تكميله ثانياً حتى يبين جميع القلفة التي جرت العادة بإزالتها في الختان) انتهى.
وعلى السائل أن يعلم أن بقاء شيء من القُلفة لا يمنع صحة الصلاة، لكن على المسلم تطهير ذلك الموضع عند الاستنجاء والغسل، لأن بقاء شيء من القُلفة مظنة تجمع النجاسة تحتها، والصلاة وسائر العبادات من صوم وحج وزكاة تصح ممن لم يختتن -أصلاً- بالاتفاق، فكيف بمن اختتن إلا أنه ترك شيئاً يسيراً؟
وأما ما يروى عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يحج الأغلف حتى يختن) فقال فيه النووي (ضعيف، ونقل عن ابن المنذر قوله: (هذا الحديث لا يثبت وإسناده مجهول) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(11/457)
الاختتان عند غير المسلم ... لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في ختان الولد بواسطة دكتور غير مسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الاختتان عند طبيب كافر، إذ العمومات الواردة في نصوص الكتاب والسنة تجوز التعامل مع الكفار فيما يتعلق بأمور المعاملات وغيرها مما لا يعتبر محبة أو موالاة لهم ومحبة فيهم، ومما يدخل في ذلك التداوي عنده، لكن بشرط أن يكون الطبيب مأموناً بحيث لا يخشى ضرره وإن وجد الطبيب المسلم كره التداوي عند الكافر لعموم قوله تعالى
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) [التوبة:10] .
فلا ينبغي التداوي عندهم، وإن كانوا مهرة مع وجود أطباء مسلمين قادرين على القيام بالعلاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(11/458)
معنى الختان والاستحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة الختان والاستحداد في الحديث الشريف؟
شرح مفصل جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
والختان هو قطع الغلفة التي تغطي الحشفة من الرجل وقطع بعض الجلدة التي على أعلى فرج المرأة قال ابن دقيق العيد في أحكام الأحكام (والختان ما ينتهي إليه القطع من الصبي والجارية يقال ختن الصبي يختنه -ويختنه بكسر التاء وضمها- ختناً بإسكان التاء والاستحداد استفعال من الحديد وهو إزالة شعر العانة بالحديد، فأما إزالته بغير ذلك كالنتف وبالنورة فهو محصل للمقصود ولكن السنة والأولى الذي دل عليه لفظ الحديث فإن الاستحداد استفعال من الحديد) . انتهى
وقال إمام الحرمين: المستحق في الرجال قطع القلفة، وهي: الجلدة التي تغطي الحشفة حتى لا يبقى من الجلدة شيء متدل.
وقال ابن الصباغ: حتى ينكشف جميع الحشفة.
والختان في حق المرأة كما قال الإمام الماوردي: قطع جلدة تكون أعلى فرجها فوق مدخل الذكر كالنواة أو كعرف الديك، والمطلوب هو قطع المستعلي من هذه الجلدة دون استئصالها هي.
والاستحداد هو: حلق شعر العانة، وشعر العانة هو: الشعر النابت فوق ذكر الرجل وفرج المرأة وحواليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(11/459)
معنى حديث: "اخفضي ولا تنهكي ... "
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حديث الرسول: "اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج".
هل كان الرسول يقصد أن بقاء البظر هو الأنضر أم أن خفاضه هو الأنضر؟.
أرجو الإفادة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الحاكم في مستدركه والطبراني في مجعمه الكبير عن الضحاك بن قيس قال: كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض - أي تختن - الجواري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أم عطية: اخفضي ولا تُنهِكيِ، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج" وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وروى أبو داود والبيهقي في سننهما عن أم عطية الأنصارية: أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُنهِكيِ، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل" وصححه الألباني.
ففي هذين الحديثين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالختان، ونهى عن الإنهاك، فالأمر بالختان جاء لأجل تخفيف الشهوة عند المرأة، لأنها إذا تُركت بدون ختان اشتدت شهوتها، فكانت عرضة للوقوع في الحرام.
والنهي عن الإنهاك جاء لأمرين:
الأول: أن الإنهاك يُضعف الشهوة عند المرأة مما ينتج عنه كراهية المرأة لجماع زوجها، وهذا يؤدي إلى كراهية زوجها لها، وقلة استمتاعها بالجماع.
الثاني: أن الإنهاك يُذهب بريق الوجه ولمعانه، وعدم الإنهاك يحفظ نضرة الوجه وبريقه، وقد صرح بهذين الأمرين، صاحب الشرح الصغير مع حاشية الصاوي، فقال: أي لا تجوري في قطع اللحمة الناتئة بين الشفرين فوق الفرج، فإنه يُضعف بريق الوجه، ولذة الجماع، والله أعلم أ. هـ.
وقال المناوي في فيض القدير: فأخذ بعضها، تعديل للشهوة والخِلقة. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1422(11/460)
حكم الزواج من امرأة غير مختونة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-حكم الزواج من أمراة لم تختن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ختن النساء ليس بواجب على القول الصحيح، وعلى القول بوجبه فلا أثر لذلك على الزواج وصحته من المرأة غير المختونة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1422(11/461)
مدى مشروعية ختان الأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول الإسلام عن ختان المرأة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الختان مشروع في حق النساء على سبيل الإستحباب، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " الفطرة خمس وذكر منها الختان" والحديث متفق عليه عن أبي هريرة.
وقد وردت أحاديث خاصة في ختان النساء اختلف المحدثون في صحتها إلا أن ختان النساء كان موجوداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما يدل عليه حديث (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) رواه مسلم قال الإمام أحمد رحمه الله (وفي هذا دليل على النساء كن يختن) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(11/462)
لم يصح في خصوص ختان البنات حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول الإسلام عن ختان المرأة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الختان مشروع في حق النساء على سبيل الاستحباب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "الفطرة خمس" وذكر منها الختان. والحديث متفق عليه.
ولم يصح في خصوص ختان النساء حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صرح بذلك غير واحد من الحفاظ. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/463)
التفصيل في حكم الختان للذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى مفصلة في موضوع ختان البنات. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب". متفق عليه. والفطرة في الحديث فسرها أكثر العلماء بالسنة، قال النووي رحمه الله: تفسير الفطرةهنا بالسنة هو الصواب. والسنة هنا هي الطريقة المتبعة، وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة كما ثبت ذلك في حديث متفق عليه، وقال تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) . [النحل:123] . وقد اختلف الأئمة رحمهم الله في حكمه بعد اتفاقهم على مشروعيته. فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد فيه مالك حتى قال من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة، حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.
وقال أبو حنيفة والحسن: لا يجب بل هو سنة، ففي شرح المختار للموصلي قال: إن الختان سنة للرجال وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه. أهـ
وقال ابن قدامة رحمه الله عنه في (المغني) : إن الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن. وفي رواية أخرى عنه - أي أحمد- أنه واجب على الرجال والنساء. - والختان لو لم يكن واجباً في حق الرجال لما جاز كشف العورة للكبير ليقوم به، ولما اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة، وقد استدل الفقهاء على ختان النساء بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل" رواه أبو داود.
وجاء ذلك مفصلا في رواية أخرى تقول: إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري فلما زارها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ فقالت نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراماً فتنهانا عنه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل هو حلال" وقال صلى الله عليه وسلم: " يا نساء الأنصار اختفضن (اختتن) ولا تنهكن أي لا تبالغن في الخفاض" رواه البيهقي في شعب الإيمان وجاء التعليل لهذا بأنه أحظى للزوج وأنضر للوجه وهو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة. ويجب التنبه إلى أن الأحاديث الدالة على الأمر بختان النساء ومنها ماقدمناه مختلف في تصحيحها، ولكن ذلك لايعني نفي استحبابه فهو داخل في الختان وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه من الفطرة، وما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ومس الختان الختان فقد وجب الغسل) فيه دليل على أن النساء كن يختتن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفائدة الختان للرجال معلومة إذ هو عند الرجال إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف الحشفة كلها ولهذا فوائد صحية عظيمة ويكفي أنه اتباع لأمر النبي صلى الله عليه واتباع لسنة إبراهيم عليه السلام.
ومن ذهب من الأطباء إلى منع الناس منه بدعوى أن له ضرراً فلا يلتفت إلى قوله لأن قوله مصادم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/464)
الأولى والأرفق أن يكون الختان في الصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يجب طهارة (ختان) البنات؟ ومن أي عمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هنالك وقت محدد لختان (تطهير) البنين أو البنات إلا أن الأولى أن يكون قبل الوقت الذي يحرم فيه النظر إلى عورة المختون. ومن العلماء من استحبه قبل السابع من الولادة. والختان في حق البنات جائز أو مكرمة، ولا يجب ونقل النووي في المجموع عن ابن المنذر أنه قال: (ليس في باب الختان نهي يثبت ولا لوقته حد يرجع إليه ولا سنة تتبع والأشياء على الإباحة ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة) إلى آخر كلامه. انظر المجموع ج1 ص 352. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/465)
هل يحل الأخذ من اللحية لكون شكلها غير منتظم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ملتح ولحيتي صغيرة ومتركزة على الجانبين فقط ولا توجد عند الذقن وشعر الجانب الأيمن أكبر وأكثر كثافة من الجانب الأيسر، وأمي تقول إن شكلها غير منتظم ولابد من تهذيبها، والرسول صلى الله عليه وسلم رأى مرة واحدا شعره غير منظم وثائر، فقال له: نظمه، وأمي تريدني أن أقصر الجانب الأيمن ليصبح في نفس طول الجانب الأيسر حتى يصبح شكلي مهندما، فهل هذا حلال؟ علما بأن لحيتي لا تنمو إلا قليلا، وهل لو حلقتها ـ لأن معدل نموها بطيء جدا ـ يكون ذلك حراما؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإسلام عني بالنظافة وجمال المظهر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال. رواه مسلم.
وانظر الفتوى رقم: 71093.
ومن ذلك الحديث الذي أشارت إليه والدة السائل، فعن جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره، فقال: أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره، ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة، فقال: أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه. رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وصححه الألباني.
قال العظيم أبادي في عون المعبود في الحديث: استحباب تنظيف شعر الرأس بالغسل والترجيل بالزيت ونحوه. انتهى.
ولكن لا بد من التنبه إلى أن الشرع الحنيف هو الميزان الحق لحصول هذه المعاني فمثلا: لو اعتبر بعض الناس إسبال الثوب تحت الكعبين من الجمال فليس لذوقهم اعتبار مع نهي الشرع عن هذا الإسبال، وهكذا لو اعتبر بعض الناس عدم الأخذ من اللحية يتنافى مع جمال الصورة فقد أمر الشرع بإطلاقها وتوفيرها وإرخائها وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 71215، 21615، 23533.
لكن إذا كانت اللحية طويلة طولا فاحشا أوعريضة عرضا فاحشا خارجا عن الطورالمعهود مشوها للخلقة، فلا مانع من الأخذ منها حتى تعود إلى طورالاعتدال، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3851.
أما بالنسبة إلى ما ذكره السائل الكريم عن لحيته وأنها على الجانبين فقط وأن شعرالجانب الأيمن أكبر وأكثر من الأيسر، فهذا إذا وصل إلى حد التشويه والعيب المشين الذي يتأذى به صاحبه ويصل لحد الضرر، فإن القاعدة أن الضرر يزال، وإذا كان كذلك فيأخذ منها القدرالذي يندفع به الضررولا يزيد عليه، لأن الضرورة تقدر بقدرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(11/466)
هل يشرع حلق اللحية إذا لم تنبت بشكل متساو
[السُّؤَالُ]
ـ[إنه من المعروف أن حلق اللحية حرام، ولكن إذا كان الشاب حديث العهد وهو في أول شبابه واللحية في وجهه لم تنبت بشكل متساو، أي في بعض الأماكن من وجهه نبت بعض الشعيرات وفي بعض الأماكن لم ينبت له شيء، فهل له رخصة في حلق اللحية حتى تظهرفي وجهه بشكل متساو ومرتب وغيرعشوائي؟. ...
والمعذرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى تعبدنا بإعفاء اللحية كيفما كان نباتها، وظهور شعر اللحية بشكل غير متساو في بداية نموه أمر شائع، ولا يعتبر سببا مرخصا لحلقها، إذ لا يعتبر تشوها خلقيا.
وإذا زادت هذه الحالة عن الحد الطبيعي الشائع فيمكنك استشارة طبيب متخصص في مجال الأمراض الجلدية لتقديم النصح المناسب.
كما يمكنك الاطلاع على الاستشارات الطبية المتعلقة بذلك في قسم الاستشارات بالشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/467)
حكم حلق اللحية لتجنب إضافة نقطة سوداء على الشهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم حلق اللحية أثناء فترة التجنيد: الخدمة العسكرية؟
2-ما حكم حلق اللحية عند الذهاب للتجنيد لمعرفة ما إذا كنت سألتحق بالخدمة العسكرية أم لا؟ علما بأنه لا يتم السماح للملتحين بالدخول وقد تتم إضافة نقطه سوداء على شهادتي.
3-ما حكم حلق اللحية أثناء العمل على بعض الحفارات وتكون حجة مديري هذه الحفارات أنه قد يظهر غاز سام وتكون اللحية عائقا لواقي الوجه من خلال تخلل بعض الغاز منه-على حد زعمهم-وبالتالي استنشاق هذا الغاز السام؟
هل يجوز حلقها وقد يأتي يوم من الأيام ويقولون إن الصلاة تؤثر على كذا وكذا ويطلبون تركها أيضا حتى لا يكون هناك ضرر ولا ضرار؟
أرجو الإفادة في أقرب وقت وجزاكم الله خيرا ووفقكم سبيل الرشاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن حلق اللحية للالتحاق بالجيش ونحوه فقد سبق أن بينا حكم ذلك بالتفصيل في فتاوى سابقة بما يكفي عن إعادته هنا فراجع في ذلك الفتويين: 23298، 10121.
إذا كانت إضافة النقطة السوداء على شهادتك ستسيبب لك ضررا بالغا في نفسك أو أهلك أو مالك فلا حرج عليك حينئذ في حلق لحيتك، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 29828. وما أحيل عليه فيها، ولا يجوز لك العمل في مجال تجبر فيه على حلق اللحية اللهم إلا إذا كنت مضطرا لذلك ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وراجع لفائدة الفتوى رقم: 123917
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(11/468)
حلق اللحية للحصول على عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مغربي أدرس في كندا في علوم تسيير المقاولات وقد علمت أن حلق اللحية محرم إجماعا عند أهل العلم، والمشكلة هي أنه يعد من المستحيل عندنا في بلدي المغرب أو هنا في كندا الحصول على عمل في هذا المجال إن كنت مطلقا للحيتي، خصوصا وأنني أريد أن أبحث عن تدريب صيفي في إحدى الشركات هنا في كندا أو في المغرب الشيء الذي يعد ضروريا بالنسبة لي في دراستي، هذا إلى جانب أنني أعاني كثيرا مع أسرتي الذين يأمرونني بحلقها خوفا علي من الاعتقال أو ما شابه ذلك، ووالدي هددني سابقا بمقاطعتي إن لم أستجب له.
ثم إنني صرفت أموالا طائلة في هذه الدراسة ما يعادل: 45000 دولار كندي هذا إلى جانب ثلاث سنوات من الدراسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز اقتراف الحرام كسبا لتدريب أو وظيفة ما لم تكن هناك ضرورة معتبرة شرعا.
ولتعلم أخي السائل أن الأرزاق بيد الله تعالى، فهو مالك خزائن السماوات والأرض، وقد تكفل لك ولأهلك برزقهم، وأعظم وسيلة لحصول الرزق هي الالتزام بطاعة الله والبعد عن المعاصي، فقد قال الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود: 4} .
وقال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ {العنكبوت:60} .
وقال سبحانه: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ {الحجر: 21} .
واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن رزق الله لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره, بل طاعة الله عز وجل وتقواه هي أعظم سبب لتحصيل الأرزاق وسعتها، كما قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} .
وقال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} .
ومن أجلِّ الطاعات التي تعين على ذلك فريضة الصلاة والمحافظة عليها وتربية الأهل عليها، كما قال سبحانه: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى {طه:132} .
وقد قال عليه الصلاة والسلام: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.
وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ.
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك.
وفي الحديث: ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
وفي الحديث: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني والأرنؤوط.
وفي الحديث الآخر: الرزق أشد طلبا للعبد من أجله. رواه القضاعي وحسنه الألباني.
وفي رواية للطبراني: لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه أجله.
وقال الشاعر:
لقد علمت وما الإسراف من خلقي * أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى إليه فيعييني تطلبه * ولو قعدت أتاني ليس يعييني.
وهذا محله ما لم تكن ضرورة ملجئة، وقد بينا حد الضرورة في الفتويين رقم: 6501.
وررقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/469)
أعف لحيتك وبر أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الجامعة ونويت أن أعفي لحيتي اتباعا للحبيب صلى الله عليه وسلم لكن والدتي تقول لي أنت صغير انتظر لما تكبر، وتريد أن آخذ منها مع أنها ليست كبيرة وهي لا تكلمني أبدا، وكل يوم مشاكل. ماذا أفعل أفيدوني؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تمسكك بدينك واتباعك لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله لنا ولك الثبات والعافية في الدنيا والآخرة.
واعلم أخي السائل أن الواجب عليك هو اتباع الشرع فيما أمرك به ونهاك عنه، ومما أمرك به الشرع إعفاء اللحية، وذلك في أحاديث صحيحة صريحة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى. متفق عليه.
وفي الوقت نفسه أمر الشرع بالإحسان للوالدين وبرهما، وهذا يكون بالطاعة في المعروف، وأما في المعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم. وراجع في ذلك الفتويين: 28180، 32735.
وتخفيف اللحية بالأخذ منها، إن كان في ما زاد عن القبضة فلا بأس به إن شاء الله، وأما ما دون ذلك فهو على الأصل من الأمر بالإعفاء، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3707، 14055، 71215.
وعليك أخي الكريم أن تزيد في الإحسان لوالدتك وبرها والتودد إليها حتى ترضيها دون أن تعصي الله تعالى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/470)
حلق اللحية للضرر المحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل في مصنع، ويحتاج لأن يلبس قناعا خاصا بتسرب الغاز، ولكنه شخص ملتح ولا يوجد قناع لتغطية كامل الوجه للعمل فترات طويلة فى هذا المكان الخطر؛ لذا فهو مضطر لحلق لحيته خوفا من ترسب الغاز عند استخدامه القناع العادي فيهلك، فهل يجوز له أن يطيع التعليمات الصادرة له من إدارة المصنع بحلق لحيته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء اللحية من الأوامر الشرعية الأكيدة التي يجب على المسلم امتثالها، ولكن بفضل الله تعالى أن هذه الأوامر مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، كما قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة: 173}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. رواه مسلم. وعلى هذا، فإذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضررا محققا قد يؤدي إلى وفاته فيجوز له حينئذ أن يزيل منها بقدر ما يدفع الضرورة.
وعلى ذلك فإن كان الأخ السائل مضطرا للعمل في هذا المصنع فلا بأس عليه ـ إن شاء الله ـ أن يحلق لحيته إن كانت تؤدي إلى هلاكه بسبب تسرب الغاز، وإن كان غير مضطر إلى هذا العمل فليبادر بتركه ما دام لا ينفك عن فعل محرم، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 102913، 61768، 25794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(11/471)
حكم تخفيف اللحية بحيث يظهر لون الجلد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يجعل لحيته مجرد أنها منبتة الشعر فقط، فهي تغطي لون الجلد ولا يطولها عن ذلك؟ هل يدخل ذلك في باب التوفير والإعفاء أم عليه إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا بالأدلة وأقوال أهل العلم حكم توفير اللحية وحلقها وتخفيفها حال الاضطرار. انظر الفتاوى التالية أرقامها: 14055، 44180، 74777 وما أحيل عليه فيها.
وخلاصتها أن حلق اللحية قال بحرمته جمهور أهل العلم وهو الراجح، وقيل بكراهته. وأما تقصيرها بأخذ ما زاد على القبضة فقال به جماعة من العلماء، وهناك قول ضعيف بأنه لا حد في الأخذ منها ما لم يصل إلى حلقها، ولكنه قول لا يجوز العمل به ولا الركون إليه لمنافاته لنصوص السنة الثابتة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(11/472)
حكم تخفيف اللحية بسبب الإصابة بالحكة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تخفيف اللحية في حالة الحساسية الشديدة والحكة؟
حيث إنني أعلم الحكم الشرعي بالوجوب فقمت بإعفائها، ولكنني عانيت كثيرا كثيرا منها حيث إن نوع جلد جسمي كله من النوع الجاف واللحية قاسية جدا، ولكنني صبرت على الحساسية والحكة ابتغاء مرضات الله عز وجل حتى وصلت إلى مرحلة لم أستطع معها تحمل الحكة الشديدة والحساسية، علما بأني أهتم جدا بنظافتي، وأني ليس لدي أي مرض؟ فقمت بتخفيفها لدرجة زوال الحكة، وكلما طالت أتركها حتى تصل درجة وطول الشعر الذي يؤدي إلى هذه الحكة. وأنا على هذه الحالة منذ زمن.
بارك الله فيكم أفتوني في أمري وفعلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز حلق اللحية، وأما الأخذ منها فقد ذهب كثيرون من أهل العلم إلى جواز أخذ ما زاد على القبضة مطلقا. وهذا في الظروف الطبيعية، وأما من كان يلحقه ضرر بتوفيرها فيجوز له حلقها أو الأخذ منها حسب ما تقتضيه الضرورة؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات؛ كما قال أهل العلم، ولكنها تقدر بقدرها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 69598. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 102769.
وما ذكر السائل الكريم عن حاله يعتبر حاجة ملحة تبيح له معالجة لحيته بتخفيف شعرها بالقدر الذي يزول به الضرر، كما قال تعالى في حق المحرم: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ {البقرة: 196} قال السعدي: إذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض، ينتفع بحلق رأسه له، أو قروح أو قمل ونحو ذلك، فإنه يحل له أن يحلق رأسه، ولكن يكون عليه فدية. اهـ.
فكذلك هنا، الأصل أنه لا يجوز حلق اللحية ولا أخذ ما نقص عن القبضة، ولكن الضرورات كالمرض تبيح المحظورات، وما ذكره السائل الكريم عن نفسه ظاهر في أنه لا يتعدى موضع الحاجة، وأنه يقدر الضرورة بقدرها، لأنه يقول: (فقمت بتخفيفها لدرجة زوال الحكة، وكلما طالت أتركها حتى تصل درجة طول الشعر الذي يؤدي إلى هذه الحكة) وهذا هو الصواب الذي ينبغي فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/473)
حكم تحديد اللحية بالليزر
[السُّؤَالُ]
ـ[تردد في الفترة الأخيرة جواز تحديد اللحية عن طريق الليزر كما يعمل الشباب في هذه الأيام، فهل يجوز ذلك؟ وهل يجوز تحديد اللحية في الشرع، وإذا كانت اللحية ممتدة إلى نصف الوجه تقريبا؟ أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللحية عند علماء اللغة والفقه هي شعر الخدين والذقن، كما سبق في الفتوى رقم: 16277، فإن كان التحديد المسئول عنه خارجا عن ذلك الحد فلا مانع منه، وإن كان المقصود بتحديدها أخذ شيء من هذا الشعر فهذا لا يجوز، لمخالفته أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وتوفيرها.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38548، 79022، 27114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(11/474)
حكم حلق اللحية وإطالة السروال مجاراة للحال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية ولبس الإزار الطويل (البنطال) والقزع، لأن الحكومة عندما تجد أحدا عنده لحية ويرتدي إزارا قصيرا بهذه المواصفات أو كما يقولون شكله سني، يقومون بالتحقيق معه، وقد يسجن أو تسرق أمواله ويعمل له ملف في أمن الدولة، ويزعجونه في كل مكان، أو قد يتهم بأعمال إجرامية لم يعملها أفتونا مأجورين. فهل يجوز فعل هذه الأشياء مجاراة للواقع مع تيقنه الداخلي أنها خطأ كما قال تعالى "وقلبه مطمئن بالإيمان"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز حلق اللحية ولا إسبال الإزار بحيث يتجاوز الكعبين، إلا لضرورة لا تندفع إلا بذلك، بشرط أن يغلب على ظن المرء أنه إن أطلق لحيته أو قصر ثوبه لحقه ضرر في نفسه وأهله يشق عليه احتماله، فيجوز له حينئذ ما يدفع عنه به الضرر فقط. أما إذا كان الضرر معنويا كالاستهزاء والسخرية أو كان الضرر الشاق متوهما فقط فلا يجوز له حلق لحيته ولا إسبال إزاره لأجل ذلك. فالضرر المعتبر هو ما كان مجحفا ومحققا، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب، ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها، فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف، ولا يصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لا يدفع عنه الأذى، فإن الضرورة تقدر بقدرها. وراجع في الفتويين: 3198، 64968.
ومما يدل على خطأ دعوى الضرورة أن السائل قد جمع إلى حلق اللحية والإزار الطويل ـ القزع. ومما هو معلوم أن أحدا لا يكره أحدا على حلق رأسه بهذه الطريقة.
وإذا كان مراد السائل بالإزار الطويل لبس البنطال مطلقا، فقد سبق أن بينا أن لبس القميص مستحب وليس بواجب، وأنه يجوز لبس الإزار والرداء والبنطال الواسع، وغير ذلك مما يستر العورة، أما البنطال الضيق فلبسه مكروه، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 26243، 32093.
أما القزع فقد اتفق الفقهاء على كراهته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، كما في الصحيحين وغيرهما.
قال النووي: أجمعوا على كراهيته إذا كان في مواضع متفرقة إلا للمداواة أو نحوها، وهي كراهة تنزيه انتهى. وانظر الفتوى رقم: 24367.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(11/475)
القول الراجح في حكم حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب شيوخ السلفية وأحترمهم كثيراً، ولكن بالنسبة لحلق اللحية أحب كثيراً ألا أطيل ذقني، وأن أحلقها، فقرأت أن حلق اللحية عند جمهور فقهاء الشافعية وبعض المالكية كالقاضي عياض، وعند فقهاء معاصرين كمفتي الأزهر السابق الشيخ جاد الحق، والشيخ ديدات، والشيخ البوطي، والشيخ سيد سابق، والشيخ شلتوت، والقرضاوي، أن حلقها مكروه وليس محرما، وأنا عندما أحلقها آخذ برأيهم وأنا أثق فيهم، وخاصة بفقهاء الشافعية والقاضي عياض، والشيخ جاد الحق، والشيخ سيد سابق، ولكنني لم أشعر بالراحة تماماً، بل أشعر أنه ربما رأي فقهاء السلفية بتحريم حلقها أقوى، وخاصة أني أحب أن آخذ بكثير من آرائهم. فماذا أفعل؟ وهل تبنيّ لرأي الكراهية جائز مع أنني أميل أكثر إلى رأي السلفية؟ ربما لأنني مرتاب أوأسوس بأن الأشد هو الأصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلفية ليست مذهبا فقهيا، أو مرحلة زمنية انتهت، وإنما هي منهج يقتفي آثار السلف الصالح في فهم الإسلام كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرون الأولى المفضلة في العقائد، والعبادات، والأخلاق، وسائر فروع الشريعة، كما بينا هذا في الفتويين رقم: 5484، 5608.
والقول بتحريم حلق اللحية هو رأي جماهير أهل العلم، بل نقل بعض العلماء الإجماع على حرمة ذلك، فقد قال ابن حزم في مراتب الإجماع: اتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثْلة لا تجوز. مراتب الإجماع.
وقال أبو الحسن ابن القطان المالكي: واتفقوا أن حلق اللحية مُثْلَة لا تجوز. الإقناع في مسائل الإجماع.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في التمهيد: يحرم حلق اللحية.
وقال الشيخ علي محفوظ من علماء الأزهر: وقد اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها. الإبداع في مضار الابتداع.
وقد سبق بيان هذا بأدلته مفصلا في الفتويين: 2711، 14055.
وأما الرأي القائل بالكراهة فقط فهو رأي ضعيف، لا يجوز تبنيه لمن ظهرت له الأدلة الصحيحة في هذه المسألة، وقد ذكرنا فيما سبق أن بعض العلماء نقل الإجماع على التحريم.
والواجب عند التنازع والاختلاف هو اتباع الدليل والرد إلى الله ورسوله، فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً. {النساء:59} .
ونحفظ للعلماء مكانتهم ولكن لا نتابعهم إلا فيما وافق الدليل، فإن كان العالم أهلا للاجتهاد فإن أخطأ فله أجر على اجتهاده وهو معذور فيما أخطأ فيه، وأما من استبانت له الحجة فيجب عليه اتباعها وترك التقليد.
وقد تختلف الفتوى في هذه المسألة لأسباب منها:
1- أن يكون المفتي راعى حال السائل والظروف المحيطة به، كأن يكون في بلد لا يمكنه إعفاء لحيته فيه.
2- أو اعتمد على قول مرجوح يفيد الكراهة لا التحريم.
3- أن يكون أخطأ في فهم كلام بعض الأئمة.
4- أو اتبع منهجاً غير مرضي في التعامل مع الأوامر والنواهي الواردة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا فرق بين ما ورد من ذلك في السنة، وبين ما ورد في القرآن الكريم، فالأمر المطلق يفيد الوجوب، والنهي المطلق يقتضي التحريم، ويجب أن يحمل كل على ما هو أصل فيه إلى أن يوجد صارف يصرف عنه.
وهذا كله مذكور في الفتوى رقم: 20178 فراجعها، والرأي الراجح لا يعرف من كونه الأشد أو الأخف، بل العبرة بموافقة الدليل الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(11/476)
حلق اللحية إذا كان شرطا لتولي الإمامة والخطابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمامي مشكلة تؤرقني وأرجو أن أجد عندكم ما يرشدني. نحن في بلاد ليس فيها علماء بفعل سياسة تجفيف الينابيع التي تطبق منذ عقود من الزمن وأئمة مساجدنا أغلبهم ليسوا أكفاء للإمامة والخطابة فأغلبهم مثلا يسوق الأحاديث وإن كانت موضوعة ولا يحفظ من القرآن إلا القليل ولا يفقه من أحكام التجويد شيئا وفي هذا الواقع المرير وبتوفيق من الله عز وجل وجهد شخصي حفظت القرآن الكريم كاملا مع إتقان الأحكام وفي نفس الوقت حاولت الحصول على أكبر قدر ممكن من العلم الشرعي من علماء أهل السنة والجماعة بكل ما أتيح لي من الوسائل الممكنة مما دفعني وبرغبة جامحة لخدمة دين الله تعالى للتفكير في التقدم لتولي الإمامة أو الخطابة غير أن السلطات تفرض شروطا جعلتني أتردد كحلق اللحية تماما والالتزام بالمذهب وإن خالف السنة طبعا مع الممنوعات الكثيرة في مواضيع الخطب والدعوة أحيانا ... فما رأيكم أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع.
وبناء عليه فإن اجتناب حلق اللحية مقدم على التوسل لأخذ فرصةٍ ما للدعوة إلى الله لا سيما والمصلحة غير متحققة الوقوع، فإنه من المعلوم أن حلق اللحية حرام، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 2711. وكذلك سبق بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539.
وأما المشاركة في الدعوة وتعليم الناس فواجب كفائي لا سيما والسائل يشير إلى لون آخر من التضييق الذي سيكون عليه، بأن يفرض عليه الالتزام بالمذهب وإن خالف السنة، وأنه يحظر عليه تناول كثير من الموضوعات.
ثم لا يخفى أن معصية الله والمجاهرة بها، لها أثر سيئ في نجاح الداعية، مع ما تمثله من قدوة سيئة للمدعوين.
ونحب أن ننبه أخانا السائل الكريم إلى أن طرق الدعوة والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصح وإرشاد الناس ووعظهم ـ لا يتوقف على صورة معينة كالخطابة بل هناك وسائل عدة، ولو ضاق الأمر إلى حد الاقتصار على الدعوة السلوكية والدعوة الفردية، فإن هذا قد يعظم نفعه إن اجتهد فيه العبد وأخلص نيته.
وقد سبق لنا بيان تعدد أساليب الدعوة وطرائقها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18815، 17709، 28335، 30150.
وأما مسألة الالتزام بمذهب معين من مذاهب أهل السنة المعتبرة، فقد سبق الكلام عليها في الفتاوى التالية أرقامها: 5812، 96735، 56633.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 73403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(11/477)
جواب شبهة حول حكم اللحية والإنكار على حالقها
[السُّؤَالُ]
ـ[جعلكم الله تعالى ومن تبعكم في خدمة المسلمين دائماً، وبعد من المعلوم أنه لا إنكار في ترك المستحب، وإذا كان اختلاف العلماء في الآراء الفقهية لبعض الأمور ما هو إلا رحمة من الله للعباد، فإنني هنا أريد أن أتكلم عن حلق اللحية، طالما أن هناك علماء مثل الإمام الشافعي والقاضي عياض وغيرهم رحمهم الله تعالى وهم من العلماء المعتبرين عند أهل السنة والجماعة قد أخذ عنهم أن إعفاء اللحية من السنن وليس من الفروض، فلماذا نحكم على من ترك هذه السنة بأنه آثم، فإن معنى هذا الحكم أن من قاله أنه ينكر على الشافعي حكمه، أو بعبارة أخرى: إذا كان رأيكم هو أن حلق اللحية فريضة وهو ما قال به كثير من العلماء فلماذا ننكر الرأي المعتبر الآخر، ونحرم حلق اللحية على الإطلاق؟ أليس معنى ذلك إنكاراً لترك المستحب أو تأثيماً لتارك إحدى السنن؟! وبصيغة أخرى إذا كنتم تفتون بوجوب إعفاء اللحية للأدلة المعتبرة لديكم على ذلك، أليس أيضاً من أفتى بسنيتها لديه الأدلة على حكمه وهو من الآراء المعتبرة كما ذكر، فلماذا الإنكار على من اتبع الحكم بالسنية، وإذا كان هذا من باب الأخذ بالأحوط، فإنه أيضاً لا ينبغي الإنكار على من اعتقد الرأي القائل بالسنية وليس الوجوب. أرجو الرد على ما ذكرت بدون الإحالة إلى إجابة سؤال سابق مماثل. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعك قد اطلعت على الكم الهائل من الفتاوى والأجوبة التي نشرناها على صفحات هذا الموقع عن حكم توفير اللحية وحلقها.. وما يتعلق بها من مباحث وأحكام؛ ولذلك لا نناقش هذا الموضوع هنا. ولكننا نريد أن ننبه على عدة أمور تركز حولها سؤال السائل الكريم.
فمن هذه الأمور: أن قول أهل العلم: لا إنكار في ترك المستحب، ولا إنكار في مختلف فيه. ليس على إطلاقه كما قال المحققون من أهل العلم، بل هو مقيد بعدم اصطدام الخلاف بنص من نصوص الوحي من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع، وهو ما حصل في هذه المسألة كما بينا في الفتاوى المشار إليها قال القرافي المالكي في الفروق: وقال الشيخ محي الدين النووي في منهاجه: أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، وليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نص القرآن أو السنة أو الإجماع.
وأما قولهم: لا إنكار في مسائل الاجتهاد فهو صحيح؛ لأن الاجتهاد لا يكون إلا في ما لا نص فيه، وممن هو من أهله.
ومنها: أن المنقول عن الإمام الشافعي في حلق اللحية هو التحريم كما قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج إنه نص في الأم على تحريم حلقها، وأما الكراهة فقد نقلت عن شيخي الشافعية الإمام النووي والرافعي فقال: فَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخَانِ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ فِي حَاشِيَةِ الْكَافِيَةِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ. اهـ
واعلم أنه على افتراض أن الخلاف في حلق اللحية معتبر - وهو ليس كذلك -؛ فإن عدم الإنكار على حالقها لا يعني عدم البيان له أن القول الراجح هو المنع والتحريم، فقد جاء في الموسوعة الفقهية وغيرها: وإذا كان الخلاف معتبرا فليس معنى عدم الإنكار على صاحبه ترك البيان له من عالم يرى مرجوحية فعله. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(11/478)
هدد بالخصم من الراتب ونقله من العمل إذا لم يحلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً وجعل أعمالكم خالصة لوجهه الكريم.. فأرجو إفادتي حيث إني أعمل فى مجال الأمن بإحدى المؤسسات العالمية في مصر وكما تعلمون فإن اللحية تحارب في مصر بدعوى الإرهاب وخصوصا في المؤسسات الأمنية، وقد وفقني سبحانه وتعالى إلى إعفاء اللحية، وأنا الآن أتعرض لتهديدات بالخصم من راتبي وبنقلي إلى مكان يبعد عن بلدتي بحوالي 250 كيلو مترا، فهل من الجائز حلق اللحية لفترة محدودة ربما شهرين أو ثلاثه لحين استقرار الأحوال في العمل، الرجاء من سيادتكم الإفادة؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل حرمة حلق اللحية، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 2711، وكذلك سبق بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539.
وقد يعرض للإنسان ما يتغير معه الحكم وتحصل به الرخصة، كالخوف على النفس أو الأهل من القتل أو الحبس أو التشريد، أو الأذى الذي لا يطيقه الإنسان كالفصل من العمل الذي لا يجد غيره، فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد جاز الأخذ بالرخصة وإن كان الصبر على الأذى وتحمله أفضل، أما إذا كان الأذى اللاحق بذلك خفيفاً يمكن تحمله، فلا نرى عند ذلك جواز حلق اللحية، لأن الالتزام بالدين في الغالب مظنة حصول الأذى، لا سيما في هذا الزمان، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 25794، والفتوى رقم: 6717.
والضرر الذي ذكره السائل الكريم بالخصم من الراتب أو النقل إلى مكان أبعد، الظاهر أنه قدر يسير يمكن تحمله، فقد ذكر ابن قدامة وابن مفلح أن شرط الإكراه ثلاثة أمور: أحدها: أن يكون من قادر. الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه. الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً، كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الطويل، فأما الشتم والسب فليس بإكراه، وكذلك أخذ المال اليسير.
.. فإن كان كذلك فلا تحصل به الرخصة ولا يجوز لك حلق لحيتك في هذه الظروف.
وأما إن كان الخصم يأتي على معظم الراتب فلا يعود الباقي لضروريات العيش ولا سبيل غيره للإنفاق، أو كان النقل لمكان في الانتقال إليه مشقة بالغة ومضرة ظاهرة، فالحال في هاتين الصورتين يكون في حكم الفصل من العمل، ويجوز عندئذ الأخذ بالرخصة..
وعلى أية حال فينبغي للسائل الكريم أن يعلم أنه لن يترك شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه، وليتذكر قوله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا* وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:2-3-4} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(11/479)
ترك بعض الرجال لحاهم حدادا على موت قريب بدعة وجهالة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فترة إطالة الذقن للرجال عند الحداد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم حلق اللحية في الفتاوى: 105446، 14055، 15975.
وذكرنا أن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب توفيرها كاملة، وقد رخص بعضهم في أخذ ما زاد على القبضة منها لفعل ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما.
ولا علاقة للحية بالحداد؛ فالرجل لا حداد عليه، ولا بالتوقيت الزمني؛ والتوقيت خاص بخصال الفطرة.
فقدروى مسلم عن أنس قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة.
ومن الأخطاء التي ينبغي التنبيه عليها هنا ما يفعله بعض الناس إذا كان في مأتم أو أراد ترك الزينة.. وفر لحيته، يظن خطأ أن وجود اللحية عنده- التي هي من مظاهر الرجولة - ترك للزينة، وربما أهملها وتركها منفوشة ومتطايرة.. وهذا كله مخالف للفطرة وللهدي النبوي؛ فقد روى أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان له شعر فليكرمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(11/480)
العيب يعود على من يطلق لحيته لمصلحة؛ لا في اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم المتاجرة باللحى؟ يعني ما حكم الواحد يربي الذقن ويدعي أنه مطوع ويمشي في الدوائر الحكومية والأهلية ميسرة أموره من أجل اللحية التي أطلقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء اللحية من الواجبات الشرعية، ولا ينبغي التهوين من شأنها، وقد سبق لنا بيان حرمة حلقها في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 2711. وكذلك سبق بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539.
وكون بعض الناس يطلق لحيته لمنفعة دنيوية، لا يعود بالنقص على هذه الشعيرة الإسلامية، كما أن بعض الناس قد يصلي أو يزكي رياء وسمعةً والعياذ بالله.
فإن عرف عن أحد من الناس فساد نيته في هذه الطاعة فينبغي نصحه ووعظه، وتذكيره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
ثم لا يخفى أن أمثال هؤلاء يسيئون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم بأفعالهم ويصدون عن سبيل الله بسلوكهم، وفي هذا خطر عظيم على صاحبه، فقد قال الله تعالى: وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:94} .
فمن أراد ثواب الله فليكن قصده من إطلاق لحيته امتثال أوامر الشرع، والاقتداء والتشبه بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وليكن اقتداؤه بالنبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، هيئةً وسلوكا، خَلْقا وخُلُقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(11/481)
عدم الإنكار على حالق لحيته لا يعني عدم البيان
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل، ذكرتم حفظكم الله أن مسألة إعفاء اللحية مسألة خلافية شهيرة وأنه لا تثريب على من أخذ بأحد القولين إن كان قد أوصله إلى ذلك اجتهاد معتبر أو تقليد من يثق بدينه وعلمه، فهل يفهم من هذا أنه لا ينكر على من يحلقها وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جهة العموم فإن المسألة إن كان فيها خلاف سائغ فلا ينكر فيها على من أداه نظره في الأدلة أو تقليده لمن يثق بعلمه إلى الأخذ بأحد الأقوال فيها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 99975.
وأما بخصوص حلق اللحية فالراجح أنه يحرم حلقها بالكلية، والخلاف في هذه المسألة خلاف ضعيف، لأن في القول بجواز حلقها بالكلية مخالفة صريحة للسنة التي وردت بالأمر بإعفائها. فينكر مطلقا على من حلقها بالكلية. وأما الخلاف في أمر الأخذ منها فخلاف سائغ، فالأمر هنا محل اجتهاد، فلا ينكر على من أداه اجتهاده إلى الأخذ بهذا القول.
ولكن ههنا أمر وهو أن عدم الإنكار لا يعني عدم البيان ممن يرى عدم رجحان ذلك القول الذي أخذ به الآخر، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: من عمل بتقليد صحيح فلا إنكار عليه , لأنه لا إنكار في المسائل الاجتهادية..... وليس معنى عدم الإنكار على من عمل بتقليد صحيح ترك البيان له من عالم يرى مرجوحية فعله , وكان البيان دأب أهل العلم ولا يزال , فضلا عن الأخذ والرد بينهم فيما يختلفون فيه. وقد يخطئ بعضهم بعضا , وخاصة من خالف نصا صحيحا سالما من المعارضة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(11/482)
حكم حلق اللحية لمصلحة توظيف أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بفضل الله أعفيت اللحية وأخي متقدم للالتحاق بكلية الشرطة ولا يستوي الأمران فأهلي يطلبون مني أن أحلق اللحية فترة التحريات أي أحلقها مرة واحدة ثم أعفيها حتى تمر فترة التحريات لأن قبوله متوقف على ذلك، والله أعلم، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً وبارك لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية حرام، ولا يجوز لك أخي السائل حلقها لأجل أن يقبل أخوك في كلية الشرطة، والمحرمات لا ترتكب بمثل هذه الأمور التي لم تصل إلى حد الضرورة الملجئة، وأخبر أهلك أن الله تعالى قال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وقال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
وإننا ننصح الجميع بتقوى الله تعالى وتقديم مرضاته على مرضاة غيره، وبالبعد عن معصيته وكل ما يقرب أو يدعو إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(11/483)
الأخذ من اللحية لتصبح خفيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الإخوة أراد بفضل الله أن يعفي لحيته ولكنه لا يريد أن يعفيها كلية وإنما يجعلها خفيفة على وجهه بأن يأخذ منها بمكينة الحلاقة دون استخدام الموس وقد قال له أحد الاخوه أنه إما أن يتركها كلية أو أن يحلقها كلية حيث قال النبي أرخوا وفروا اللحى وفي الحقيقة أنا أريده أن يلتحي بأي شيء عسى الله أن يشرح صدره للصواب فما الحكم؟ وهل على شيء إن ساعدته على ما أراد؟
بأن اشتري له هذه المكينة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعفاء اللحية واجب على المسلم امتثالا للأوامر النبوية الثابتة في الأمر بإعفائها، وأما قصها بالماكينة فهو مخالف للأمر بإعفائها، ولا تجوز المساعدة عليه، ولكنه لا يساوي حلقها بالكلية، وقد جوز بعض أهل العلم الأخذ مما زاد على القبضة منها، كما جوز بعضهم أخذ ما تطاير منها، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 75321، 71215، 102769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/484)
الصحابة والتابعون كانو يعفون لحاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في زمن الرسول والصحابة والتابعين كانوا يحلقون اللحى، ومتى بدأ المسلمون في ترك إعفاء اللحى والحلق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من كتب أهل العلم على أثر يدل على أن أحداً من الصحابة أو التابعين كان يحلق لحيته، ولم يكن لهم أن يفعلوا ذلك وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن حلق اللحية وأمر بإعفائها، وقد كان من شأنهم الحرص على طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بأمره.
وقد ورد عن بعض الصحابة كابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم الترخيص في أخذ ما زاد على القبضة من اللحية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 71215. وإن كان الأولى تركها كما هي، إلا إذا كانت طويلة طولاً فاحشاً أو عريضة عرضاً فاحشاً خارجاً عن المعهود..
ولا نعلم على وجه التحديد متى بدأ المسلمون في حلق اللحى، والعلم بذلك من العلم الذي لا ينفع، والجهل به من الجهل الذي لا يضر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/485)
الأمور غير الاختيارية لا دخل فيها للاقتداء من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في بعض المواقع على الشبكة صفات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وقرأت أنه صلى الله عليه وسلم كان له شارب خفيف جداً وأن شاربه لم يكن يلتحم بشعر لحيته الشريفة، فهل هذا صحيح وثابث، وهل يجوز الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة إذا صحت عنه عليه الصلاة والسلام، أم أن هذا غير صحيح فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نعثر على ما يفيد ثبوت ذلك في وصفه صلى الله عليه وسلم، لكن الثابت من قوله هو الأمر بحف الشارب واستئصاله أو قصه، كما أن هديه صلى الله عليه وسلم إعفاء اللحية وتوفيرها والأمر بذلك..
وأما سؤالك هل يجوز الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إذا ثبت؟ فالذي يظهر أنه من الأمور غير الاختيارية، بمعنى أنه لا دخل فيها للاقتداء من عدمه، فمن الناس من يلتحم شاربه بشعر لحيته ومنهم من لا يلتحم، وهو أمر خلقي غير اختياري فلا يتأتى أن يقال إن فعله من السنة أو تركه خلاف السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1429(11/486)
حكم إزالة شعر الوجنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إزالة بعض شعر اللحية من أعلى الوجنتين, فأنا لحيتي كثيفة ويصل الشعر قريبا من العينين وهو منظر غير جميل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن شعر الوجنتين لا يدخل في حدود اللحية وإنما يدخل شعر الخدين والذقن، وعليه فلا حرج في إزالة الشعر الذي على الوجنتين.
وللفائدة راجع الفتاوى التالية: 41329، 16277، 35302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(11/487)
تقصير بعض العلماء للحية وحلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى بعض المشايخ حفظهم الله من علماء ومفتين في بلاد إسلامية يقصرون لحاهم وهم يعرفون جيداً أمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قصوا الشوارب وفروا اللحى وهناك أيضا من يحلقها، فما قولكم في ذلك؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حلق اللحية محرم، ويجوز تقصيرها بأخذ ما زاد منها على القبضة، والعلماء ليسوا معصومين من الخطأ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أنه يجب توفير اللحية ويحرم حلقها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين. متفق عليه. وقوله: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس. رواه أحمد ومسلم. وقوله: خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. وغير ذلك من الأحاديث الآمرة بإعفاء اللحية.
وما ذكرته من أن بعض العلماء يحلقون لحاهم فجوابه أن العلماء ليسوا معصومين من الخطأ، وأما تقصير اللحى فإن كان المقصود منه هو أخذ ما زاد على القبضة، فقد قال بإباحة ذلك أكثر العلماء، وعليك أن تطلع من وجدت من حالقي لحاهم على الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/488)
هل عبادة حالق اللحية أقل أجرا ممن يعفيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حليق اللحية أجره أنقص من أجر الملتحي في العبادات كالصلاة والصيام وغيرها أي هل حلقه للحيته ينقص من أجر العبادات إن أداها على أكمل وجه؟ نرجو الاستشهاد بالأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز حلق اللحية على الراجح من أقوال أهل العلم، وتجب التوبة منه والتوقف عنه. أما فيما يتعلق بنقصان أجر عبادة حالق اللحية إن أداها على أكمل وجه عن عبادة غيره فلم نجد فيه دليلا صريحا، وقد ذكر بعض العلماء أن طاعة المؤمن المتقي أعظم درجة من طاعة من يرتكب المعاصي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام على الراجح من أقوال أهل العلم، فتجب التوبة إلى الله تعالى منه والتوقف عنه، لكننا لم نجد دليلا صريحا على أن عبادة حالق اللحية أقل أجرا من عبادة غيره إذا توفرت فيها شروط الصحة مع الإخلاص والخشوع، وقد ذكر بعض أهل العلماء أن طاعة المؤمن المتقي أعظم درجة من طاعة من يرتكب المعاصي.
ففي القرطبي عند تفسيره لقول الله تعالى: إنما يتقبل الله من المتقين: قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا: اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبوله، وأما المتقي الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة. انتهى
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 2711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(11/489)
أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم أخذ شيئ من اللحية؟ وما معنى قول ابن عمر إنه كان يأخذ من لحيته وكذلك أبوهريرة وغيرهم كما قال ذلك الشيخ الألباني أن ابن عمر كان ياخذ مطلقاُ ولم يقيد بالحج والعمرة فقط؟ وهل ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عدم الأخذ من اللحية علماً أن ابن عمر كان من أشد الناس تمسكا بالسنة؟ نرجو الإجابة مع الأدلة وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية حرام وكذا الأخذ منها على الصحيح من أقوال الفقهاء كما نص عليه النووي في المجموع لأنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها ولكن أخذ ما زاد على القبضة أجازه كثير من الفقهاء لأنه ثبت فعله عن بعض الصحابة كابن عمر وغيره، ولم نقف على أثر يدل على أن ابن عمر كان يأخذ ما زاد عن القبضة مطلقا في غير الحج والعمرة بل ورد عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج رواه مالك في الموطأ.
وانظر تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 3851. والفتوى رقم: 67598،والفتوى رقم: 26123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/490)
حد اللحية التي يحرم حلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حد اللحية، فهناك رجال يحلقون الشعر الذي ينمو تحت الذقن وما هو تحت الفكين، فما قولكم أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما يحرم حلقه من شعر اللحية هو ما على الذقن والخدين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحد اللحية التي يحرم على الرجال حلق شعرها هي: الخدان والذقن، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 16277، والفتوى رقم: 41329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(11/491)
السنة ترك اللحية على هيئتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد أي أثر أو خبر عن أحد أعفى لحيته حتى بلغت السرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لم نقف على دليل يفيد أن أحداً من السلف كانت لحيته تبلغ سرته، وإن كان ظاهر الأحاديث يفيد تركها على خلقتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل الذي يدل عليه ظاهر نصوص الأحاديث هو ترك اللحية على هيئتها التي خلقت بها، وكانت لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم تملأ صدره كما جاء في وصفه في كتب السنة والسيرة، ففي كتاب الشفاء للقاضي عياض: كان كث اللحية تملأ صدره ... وهكذا كانت لحى كثير من أصحابه ومن السلف الصالح، ولم نقف على أن أحداً منهم كانت لحيته تبلغ سرته.
وقد رخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة منها لفعل ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، وإن كان الأولى تركها كما هي، إلا إذا كانت طويلة طولاً فاحشاً أو عريضة عرضاً فاحشاً خارجاً عن الطور المعهود ...
قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: وقد روى ابن القاسم عن مالك: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ..
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 99271، والفتوى رقم: 229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(11/492)
حكم حلق اللحية لوجود حرق في خده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خدي فيه حرق يعني بمنطقة الذقن هل يجوز أن أحلق الذقن وأترك (سكسوكه) أو لا يجوز؟
الرجاء الرد علي بوضوح، وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يحلق شيئا من لحيته لغير ضرورة لأن إعفاءها كلها ومنها شعر الذقن واجب، كما دلت على ذلك ظواهر الأحاديث الصحاح، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14055.
وعليه فلا يجوز لك الإقدام على حلق بعض لحيتك إلا إذا توقف على ذلك علاج مكان الحرق أو ترتب على تركه تشويه فعند ذلك يجوز لك ما تزول به الضرورة والتشوه فقط، فإذا زال ذلك وجب الكف عن حلق ما كان يحلق للعلاج لأن الضرورة تقدر بقدرها.
وانظر الفتوى رقم: 49243، والفتوى رقم: 102913، والفتوى رقم: 440، والفتوى رقم: 16277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(11/493)
حكم حلق اللحية للمريض بالصدفية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعاني من مرض الصدفية في جسمي تؤثر على لحيتي بحيث تصيبني بالحكة الشديدة علماً بأن علاجها عالي التكاليف ويستخدم بصورة متواصلة وأنا لا طاقة لي بذلك، كما أنني أرتاح عندما أحلق لحيتي، فهل يجوز لي ذلك؟ جزاكم الله خيراً.. المسألة مهمة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حلق اللحية محرم فلا يجوز فعله، وينبغي البحث عن سبيل العلاج، وإن لم يتيسر العلاج وكان يحدث لك بسبب هذا المرض مشقة وحرج، وكان في حلق اللحية تخفيف لذلك لا سبيل لتخفيفه إلا بحلقها فلا بأس بأن تحلق لحيتك للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية محرم كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14055، وعليه فلا يجوز لك الإقدام عليه إلا في حالة الضرورة، واعلم أنه ما من داء إلا جعل الله له دواء، ولا يلزم أن يكون العلاج فقط في هذا الدواء الذي ذكرت أنه باهظ التكاليف، وقد اطلعنا في بعض المواقع على أنه من الممكن علاج هذا المرض بالعسل وبعض الأعشاب، فينبغي لك التحقق من ذلك والاجتهاد في البحث عن سبيل ميسر للعلاج.
وما ذكرنا من تحريم حلق اللحية هو الأصل، ولكن إن استمر بك هذا المرض، ولم تجد سبيلاً للعلاج، وكان يحدث لك بسبب هذا المرض من الألم ما فيه مشقة وحرج، وكان في حلق اللحية تخفيف لهذا الألم ولا سبيل لتخفيفه إلا بحلقها، فلا بأس بأن تحلق لحيتك للضرورة، وعليك أن تكتفي بقدر الضرورة، فلا تحلقها بالكلية إن تحقق المقصود بالأخذ منها فقط مثلاً، وإذا زال العذر رجعت إلى الأصل وهو إعفاء اللحية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(11/494)
تقصير اللحية أو تخفيفها أهون من حلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أمرت بحلق اللحية أو جعلها خفيفة جداً في العمل مع القدرة على عدم حلقها والعمل في فرع آخر وراتب أقل مع عمل شاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام بنص الأحاديث الصحيحة والصريحة فلا يجوز الإقدام عليه ولا طاعة أي أحد فيه، أما تخفيف اللحية أو تهذيبها فهو من الأمور المختلف فيها، فالإنسان فيه في سعة من أمره فإذا طلب منه لداع اقتضاه فلا حرج عليه في الموافقة عليه.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 72016، والفتوى رقم: 71215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(11/495)
كيف تنصح الدعاة الذين لا يطلقون لحاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى أن بعض المفكرين في الإسلام أو المعلمين لا يتمسكون بسنة اللحية كيف ذلك رغم أنهم وصلوا إلى مرتبة من التعليم عالية، وهي سنة مؤكدة ومهمة جدا وخصوصاً أننا نرى في هذا الزمن أن كثيرا من الناس يتركون هذه السنة فكيف يستطيع المسلم أن ينصح الناس بعدم حلقها وبأنها سنة مهمة جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن توفير اللحية واجب في قول أكثر أهل العلم وليس بمستحب فقط، ويحرم حلقها كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 30486، والفتوى رقم: 65646.
ومن نعمة الله تعالى على عباده ورحمته بهم أن حفظ لنا الدين، وجعل الحجة في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يجعلها في فعل مفكر ولا في قول عالم، وإلا لعمت الفوضى وضاع الدين وتقاذفت بالناس الأهواء، فله الحمد سبحانه وتعالى.
وأما كيف يستطيع المسلم أن ينصح ... إلخ، فيمكن للمسلم أن ينصح من ابتلي بمعصية أن يخبره -برفق ولين- أن فعله معصية ويذكر له الأدلة من الكتاب والسنة، وأنه يجب على المسلم أن يقف عند حدود الله ويستسلم لأمره ونهيه لا لهواه أو شيخه أو معلمه، ولمعرفة كيفية إسداء النصيحة نحيلك للفتوى رقم: 13288.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(11/496)
لا بأس في الترخص بحلق اللحية للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[طبتم وطابت نفوسكم بالخير وجزاكم الله كل خير وبعد، ف أنا مصري أعيش في مصر وطالب بكلية العلوم قسم الليزر في السنة الأخيرة وأنا ملتزم بسنة حبيبي رسول الله قدر المستطاع وملتح ولكن نظرا لظروف مصر من الناحية الأمنية يطالبني والداي بحلق اللحية في بادئ الأمر أنا طبعا رفضت بشده حتى هددوني بالطرد من البيت فعزمت على ترك البيت ولم أبال بحجم المسؤولية والمعاناة إذا تركت البيت وصرفت على نفسي ولكني عزمت ولم أتراجع مع العلم أن والدي عازمين على جعلي أحلق لحيتي بأي طريقه مهما بلغ الأمر لأننا في مصر من طبقة الفلاحين البسطاء يعنى عندهم حالة خوف شديد من الحكومة عندنا وخصوصا بعد التعديلات الدستورية الأخيرة في مصر ولكن رغم ذلك لم يأت في بالي حلق اللحية ولكن بصراحة أمي مريضة ولما علمت أني مصمم على موقفي غضبت في نفسها كيف أن ابنها الذي ربته وتعبت عليه يعصى أمرها فحدث لها حالة إغماء فاضطررت لحلق لحيتي فهل أنا آثم؟
ولكن الأمر الآن أن لحيتي بدأت في الظهور مره أخرى وبصراحة حتى الآن لم أجد رد فعل من والدي فماذا أفعل معهم وهم بالتأكيد سوف يكررون معي ما حصل آنفا من تهديد ووعيد وسب وإهانه لم تحدث منهم من قبل في البيت وأمام الناس بصوت عال وصراخ وضجيج لم أستطيع وصفه
والأهم من ذلك أني إذا تمكنت من التغلب على مشكلة والدي في البيت يوجد مشكلتان أيضا وهما:
أولا: أنا أعلم انه يوجد ظروف يجوز حلق اللحية فيها ولكني أنا لا أعلم هل ظروف بلدي من هذا النوع أم لا؟ كما أني غير سياسي محنك ودارس حتى أعرف كيف تنظر الحكومة للملتحي وكيف تتعامل معهم فلا أقدر أن أجيز لنفسي حلق لحيتي للجهل بالأسباب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية محرم لا يجوز فعله إلا لضرورة ملجئة، فإن لم يكن هنالك ضرر يغلب على الظن حصوله فمجرد تخوف الوالدين لا يسوغ حلق اللحية، وأما إذا غلب على الظن حصول ضرر وأولى إن كان محققا فحينئذ لا بأس في الترخص بحلقها للضرورة. ولمزيد الفائدة راجع الفتويين: 75833، 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(11/497)
مدى صحة القول بأن اللحية والعمامة من أساسيات العقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخ كبير ومشهور يظهر في الفضائيات قال فى شريط كاسيت له بالحرف الواحد " لو قدر لنا أن نكتب العقيدة، سوف نكتب فيها بأن العمامة واللحية من أساسيات العقيدة" ما ردكم الصريح على هذا القول؟ وما معنى أن يرفع من شأن اللحية والعمامة الى مرتبة العقيدة؟ وهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن إعفاء اللحية من واجبات الشرع فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها في عدة أحاديث، وقد حرم جمهور العلماء حلقها.
وأما العمامة فهي من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية العادية فيحسن لبسها تأسيا به، ولكنه ليس واجبا، ومهما يكن من أهمية الأمرين فإن تركهما لا يكفر به، ولكنه يتعين علينا أن نحسن الظن بأهل العلم ونحمل كلامهم محملا حسنا، فلعل هذا الشيخ يخشى على من يعدل عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في هديه أن يجره ذلك إلى التأثر بهدي غير النبي صلى الله عليه وسلم في أمور أخرى ومنها أمور العقيدة. هذا مع أننا نؤكد أن تعبير الشيخ غير موفق فيه فما كان ينبغي له أن يتلفظ به فيما نرى.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71215، 60814، 98666، 56757، 55038
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(11/498)
قول النووي في حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما دليل النووي رحمه الله في كراهة حلق اللحية، وهل هذا القول مردود عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نقل غير واحد من أهل العلم كالهيتمي وغيره عن النووي قوله بكراهة حلق اللحية، ويمكن أن تراجع ذلك في الفتوى رقم: 1491 ففيها نقل كلام الهيتمي، وتفصيل مذهب الشافعية بخصوص هذه المسألة.
ولا ندري ما هو مستند من قال بالكراهة حيث صرف النهي عن التحريم، والراجح أنه يحرم حلق اللحية كما سبق وبينا بالفتوى رقم: 2711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/499)
هل طول اللحية دلالة على حمق صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في كتاب ابن الجوزي أخبار الحمقى والمغفلين أن إطالة اللحية كثيراً من سمات الحمقى واستدل بأقوال كثير من التابعين والعلماء فما مدى صحة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن مما يستدل به على حمق الرجل طول لحيته، وقصدهم بذلك الطول الفاحش، ولا يلزم من هذا أن كل من طالت لحيته أحمق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره ابن الجوزي في كتابه (أخبار الحمقى) من أن مما يستدل به على حمق الرجل طول لحيته ذكره غيره من أهل العلم، قال ابن نجيم في كتابه (البحر الرائق) وهو يتكلم عن الأحمق: ويستدل على صفته من حيث الصورة بطول اللحية. انتهى.
وقال علي حيدر في كتابه (درر الحكام) : العلامات التي تدل على الحمق هي طول اللحية، والتلفت إلى الجوانب كثيراً، والعجلة في الأمور بدون النظر إلى عواقبها ونتائجها.. انتهى.
ولعل المقصود هو الطول المفرط لا مجرد الطول، ولا يلزم من هذا أن كل من طالت لحيته فهو أحمق، ولا أن كل من قصرت لحيته فهو ذكي، إذ لا تلازم بينهما، بل قد يكون من الحمقى من لا لحية له أصلاً، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 3851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(11/500)
يخشى إطلاق لحيته وتقصير ثوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أطلق لحيتي وأقصر ثوبي كما أمر النبى صلى الله عليه وسلم، ولكني أعيش فى مصر وهذا قد يسبب لي الأذى، كما أن أحد الشيوخ صفوت حجازى قال إن الأمام أحمد بن حزم نهى ابنه عن تقصير ثوبه، فما الحل وما هو حكم إطلاق اللحية وتقصير الثوب أرجو الرد، وهل علي إثم أن لم أطلق لحيتي وأقصر ثوبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إعفاء اللحية واجب وحلقها حرام، وإذا ترتب على عدم تخفيفها أو حلقها ضرر يشق تحمله جاز الحلق إذا لم يندفع الضرر بالتخفيف، وكذلك إسبال الثوب فهو جائز إذا ترتب على تقصيره ضرر يشق تحمله فيجوز الإسبال بقدر ما يدفع الضرر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء اللحية واجب كما أن حلقها محرم كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 2711.
وإذا ترتب على إعفاء اللحية ضرر محقق ولم يستطع المرء دفع ذلك الضرر إلا بحلقها أو تخفيفها جاز اللجوء إلى الحلق ولا يصير إليه إلا بعد التحقق من كون التخفيف لا يدفع الضرر، وراجع الفتوى رقم: 3198.
وأكثر أهل العلم على أن الأحاديث الدالة على تحريم الإسبال مقيدة بالخيلاء، فإذا انتفى الخيلاء لم يحرم عند الجمهور، وراجع التفصيل في ذلك الفتوى رقم: 21266.
وإذا تحقق الشخص من كون تقصير الثوب سيترتب عليه حصول ضرر يشق تحمله جاز الإسبال بقدر ما يدفع الضرر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(11/501)
ارتكاب المعاصي لا يسوغ خلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمر بانتكاسة ولكني قررت أن لا أحلق اللحية ولكني أجاهر بمعاصي لا تليق بملتح، وأنا لا أعرف متى ستنتهي هذه الانتكاسة، فهل أحلق اللحية حتى تمر ثم أطلقها مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ارتكاب المعاصي لا يسوغ خلق اللحية، وعليك أن تتوب إلى الله وتقلع عن المعاصي وتستزيد في الطاعات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بالانتكاسة أنك ترتكب بعض المعاصي فاعلم أن ذلك لا يسوغ لك حلق اللحية لأنك بذلك تضيف معصية جديدة إلى ما اقترفت من معاصي، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 96788 فراجعها.
واعلم أن الإيمان كما ينقص بالمعصية فإنه يزيد بالطاعة، وقد دلت على ذلك أدلة كثيرة منها قوله تعالى: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى.. {مريم:76} ، وقوله تعالى:.. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {التوبة:124} ، فلا تحلق لحيتك أخي السائل فإن إعفاءها واجب فتب إلى الله تعالى وأقلع عن المعاصي واستزد من الطاعات، وقد قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني والأرناوؤط، وفقك الله لما أحبه وصرف عنك السيئات وزادك من الحسنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(11/502)
هل وجوب إعفاء اللحية من المعلوم من الدين بالضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المعلوم من الدين بالضرورة؟ وهل تعتبر اللحية من المعلوم من الدين بالضرورة؟ ما هو حكم من ينكر أن اللحية من السنة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعلوم من الدين بالضرورة هو الذي يعرفه عوام الناس وخواصهم من غير قبول تشكيك فيه بحيث صار من الضروريات، ففي الغرر البهية شرح البهجة الوردية لزكريا الأنصاري الشافعي: قوله: معلوم من الدين بالضرورة وهو ما يعرفه منه الخواص والعوام من غير قبول التشكيك فالتحق بالضروريات. انتهى.
وإعفاء اللحية لا يدخل ضمن المعلوم من الدين بالضرورة، إذ قد يخفى حكمه على بعض الناس فلا يعلم أن حلقها حرام، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها، وقد تعددت الأحاديث الصحيحة الآمرة بذلك الحاثة عليه، وبالتالي فمنكر دلالة الأحاديث الصحيحة على وجوب إعفائها ينبغي نصحه وإقامة الحجة عليه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 14055، 26320، 21149، 26123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(11/503)
حلق اللحية بسبب ادعاء الزوجة أنها تسبب لها حساسية
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت وبدأت فى تربية لحيتي تطبيقا لسنة نبينا الحبيب فوجدت اعتراضا من زوجتي بسبب حساسية وجهها، فهل يجب علي إعمال السنة المؤكدة أم مراعاة ظروف الزوجة عملا بالمودة والرحمة مع الزوجة وبمبدأ لا ضرر ولا ضرار، وما جزاء عدم تربيتي للحيتي في هذه الحالة، وما هي الأحاديث التي تحث على تربية اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حلق اللحية محرم ولا يسوغ ذلك طلب رضى الزوجة، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والأحاديث الدالة على ذلك صريحة في النهي عنه وصحيحه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية محرم ومخالف لهدي أنبياء الله -صلوات الله وسلامه عليهم- وقد اتفق الجمهور على تحريمه، بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك، وعليه فلا يجوز لك أخي السائل أن تحلق لحيتك، وادعاء زوجتك بأن اللحية تسبب حساسية في الوجه غير صحيح ولا مسلَّم به، ولا ضرر يمكن أن يلحقها لمجرد إعفائك للحيتك، والمعصية ليست سبباً في زيادة المودة والمحبة؛ بل هي سبب في تخلي الله عن العبد، وأن يكله إلى الناس إذا اقترفها إرضاء للناس، فقد أخرج الترمذي وغيره وصححه الألباني عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
وبخصوص الأحاديث التي تحث على إعفاء اللحية فقد ذكرنا طرفاً منها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 263، 13569، 56915.
وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3077، 25694، 19539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(11/504)
حلق اللحية من الكبائر أم الصغائر
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أحد الشيوخ يقول إن حلق اللحية من الكبائر وأنه لا سبيل لمغفرة الكبائر إلا بتوبة، فإذا كان حلق اللحية من الكبائر فما هي الصغائر؟
أرجو أن تبينوا لي ما هي الكبائر وما هي الصغائر التي تكفر بالصلاة والصوم....
كيف نفرق بين صغائر المعاصي وكبائرها؟
هل يمكن أن تمدونا بأمثلة حتى نتبين أمرنا ولا تختلط علينا الأمور كما هو الحال بالنسبة للحية وغيرها من الأمثلة.
أرجو الحصول على جواب محدد وشامل يخص السؤال، وليس أجوبة عامة لأسئلة أخرى.
وجازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حلق اللحية حرام وهو من الصغائر إلا إذا أصر عليه صاحبه وواظب عليه فإن الإصرار على الصغائر والإعلان بها يصيرها كبائر كما قال أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم حلق اللحية بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى: 2711، وأنه لا يجوز.
وهو وإن كان من الصغائر فإن ذلك لا يعني التقليل من شأن المعصية والمخالفة الشرعية؛ فلا ينبغي للمسلم أن يستقل شيئا من ذنوبه فإن التقليل من الذنوب والتهوين منها من شأن المنافقين ومن أسباب الهلاك والبعد عن الله تعالى، كما في البخاري عن ابن مسعود أنه قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا. وقال بعض السلف: لا تنظر إلى المعصية ولكن انظر إلى من عصيت.
هذا، وقد يصبح حلق اللحية كبيرة بالإصرار عليه كما هو حال من يحلقها، وفي هذا يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ومن ذلك ما يفعله جهلة الناس اليوم من حلق اللحية، تجدهم يحلقون اللحية ويصرون على ذلك ولا يرونها إلا زينا وجمالا، والحقيقة أنه شين وأنها قبح لأن كل شيء ينتج عن المعصية فلا خير فيه، بل هو قبح، وهؤلاء الذين يصرون على هذه المعصية وإن كانت صغيرة أخطأوا لأنها بالإصرار تنقلب كبيرة والعياذ بالله، لأن الإنسان لا يبالي تجده كل يوم كلما أراد أن يخرج إلى السوق أو إلى عمله يذهب وينظر في المرآة إذا وجد شعرة واحدة قد برزت تجده يسارع إلى حلقها وإزالتها نسأل الله العافية.
وأما ضابط الكبائر فإنه كل ذنب أو مخالفة شرعية جاء فيها وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد، أو لعن فاعله في كتاب الله، أو على لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف أهل العلم في عددها حتى أوصلها بعضهم إلى سبعين.
وهي متفاوتة فمنها السبع الموبقات التي هي أكبر الكبائر. ويمكنك أن ترجع إلى معرفتها بالتفصيل في كتاب الكبائر للذهبي وابن حجر الهيتمي.
وقد تكفل الله عز وجل في محكم كتابه لمن اجتنبها أن يكفر عنه الصغائر من السيئات. فقال تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً {النساء:31}
هذا، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى: 3000، 4978، 97742، 25756، 66518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1428(11/505)
ما حكم من يموت وهو حليق اللحية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يموت حليق اللحية؟ وهل يموت عاصيا خصوصا يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية من غير ضرورة ألجأت إليه يعتبر حراما عند الجمهور من الفقهاء، ومن مات مصرا على حلقها غير مقلد لمن قال بالجواز مات عاصيا، فإن شاء الله سبحانه وتعالى غفر له وإن شاء عاقبه، وللتفصيل في حكم حلق اللحية تراجع الفتوى رقم: 2711، والفتوى رقم: 14055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(11/506)
حكم حلق اللحية لمن يرتكب المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في من أطلق لحيته ويفعل المعاصي، فهل يحلقها لأنه يقال له إنك لا تعمل باللحية ولا تلتزم بها يا شيخ، وفي مسألة العمل هل يجوز حلاقتها ثم تربيتها بعد العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 2711 بيان وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها، وذكر الأدلة على ذلك، وكون الشخص يمارس بعض المعاصي لا يكون ذلك مبرراً لحلق لحيته، فيضيف معصية حلق اللحية إلى ذنوبه الأخرى، ولا يلتفت إلى قول من يأمره بحلق لحيته بحجة ارتكابه بعض المعاصي، وحلق اللحية من أجل الحصول على وظيفة عمل أو خشية الطرد منها تقدم تفصيل حكمه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6717، 56933، 73403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(11/507)
حكم العبث باللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مداعبة اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الأحكام المتعلقة باللحية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3707، 20831، 29256 فنرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وبخصوص مداعبة اللحية فإنه لا حرج فيه -إن شاء الله تعالى- إلا إذا كان ذلك في الصلاة، وأما في الصلاة فإنه لا ينبغي؛ لما فيه من العبث والانشغال عن العبادة والخشوع، فقد روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما أن سعيد بن المسيب رأى رجلاً وهو يعبث بلحيته في الصلاة فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه. ولذلك فقد نص أهل العلم على كراهته، قال العلامة خلي في المختصر عاطفاً على المكروهات في الصلاة: وعبث بلحيته أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(11/508)
لا يجوز حلق اللحية ما لم يكن إكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية لأسباب سياسية صديق لي أحسبه على الله متدينا ولكن الظاهر لا يدل على ذلك عندم سمع بي أسأل على فتوى فيما ذكرت قال لي احلق وليس عليك شيء فما قولكم فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق ن بينا في عدة فتاوى أن حلق اللحية حرام، ويجوز حلقها عند الإكراه والاضطرار، لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}
وانظر الفتوى رقم: 3198، في حكم حلق اللحية لمن له ظروف سياسية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/509)
حكم إعفاء اللحية لموت قريب ثم حلقها بعد ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطلاق اللحية بعد وفاة أحد الأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء اللحية مطلوب في كل وقت، قبل وفاة أحد الأقارب وبعده، ولا يجوز حلقها كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 263، والفتوى رقم: 2711.
ومن حلقها ثم أعفاها بعد وفاة أحد أقاربه فلعله اتعظ وتذكر أنه ميت وراجع إلى الله تعالى ومحاسب على عمله فأحدث ذلك عنده توبة، والذي يجب عليه الآن على كل حالٍ أن يجدد التوبة ويستقيم على أمر الله تعالى ولا تكن توبته آنية ظرفية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(11/510)
حلق اللحية والتدريس في المدارس المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم2136834;وجدت مدارس تكوين مهني تقل فيها نسبة الفتيات بكثرة ويمكن لي إعفاء اللحية وأنا أراها الأحسن حتى أتمكن من العمل في المستقبل في دولة أخرى كالخليج فماذا ترون جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا لك في الفتوى التي أشرت إلى رقم سؤالها، وفي فتاوى أخرى سبقتها أن الاختلاط بالنساء لا يجوز، ومثله حلق اللحية، مع أشياء كثيرة ذكرتها في أسئلة سابقة.
وبينا أن تلك الأمور تتفاوت في درجة الإثم، وفي درجة خطورتها على المرء.
وبينا حد الضرورة التي يباح لها ما هو محرم، وقلنا إنه إذا تحقق هذا الحد فيك، ولم تجد وسيلة تغني عن شيء مما ذكرت، فلا بأس حينئذ بأن ترتكب أخف الأمور المتاحة لك؛ لأن بعض الشر أهون من بعض.
فلم يبق -إذاً- إلا أن تنظر أنت في الأمور المتاحة لك لتعرف أيها أيسر عليك، وأقل خطرا بالنسبة لك.
والذي يستطيع تحديد الأخف من ذلك هو أنت، وأما نحن فلا نملك في الموضوع أكثر مما قلناه من قبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(11/511)
حلق اللحية والاخذ منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى كثيرا من الرجال الأفاضل يحلقون اللحية بينما البعض الآخر ملتحون سؤالي هل الصنف الأول معاقب بحلق لحيتهم رغم اجتهاداتهم الكبيرة في مجال الدعوة لله عزوجل؟ هل هناك دليل من الكتاب أوالسنة هم معتمدون عليه في الارتياح لحلق اللحية أم ماذا أصابهم؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت الأدلة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم آمرة بإعفاء اللحية، وقد ذكرنا طرفا منها في الفتوى رقم: 2711، مع بيان أقوال لأهل العلم بتحريم حلقها وتشديدهم في ذلك، ولا نعلم دليلا يدل على جواز حلقها بالكلية، ولم نقف على قول أحد من أهل العلم قال بجواز حلقها جوازا مستوي الطرفين أي بغير كراهة. ومن فعله ممن ذكرت أو غيرهم يحسن بهم الظن ما داموا من الفضلاء فقد يكون لأحدهم عذره في ذلك فيسألون عن دافعهم لفعل ذلك فيعذر من كان له عذر شرعي، وينصح بأدب من لم يكن له عذر شرعي، وأما مجرد الأخذ منها فقد رخص فيه بعض العلماء كما بينا بالفتوى رقم: 14055، فمن فعل مثل ذلك فقد يكون اجتهادا منه وترجيحا لهذا القول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(11/512)
الأخذ من اللحية وحلقها هل يستويان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متدين والحمد لله وأحرص على الصلوات كلها في المسجد وموضوعي أني أربي لحيتي لكنني أحددها وأحلق الزائد منها وأعلم بأن هذا خطأ وأتمنى من الله أن يقوي في إيماني ويثبتني على دينه ولدي صديق لا يربي لحيته نهائيا ويقول إن تحديد اللحية وحلقها سواسية لا فرق بينهما فهل هذا صحيح أم لا؟؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللحية هي الشعر النابت على اللحيين والذقن كما في الفتوى رقم: 16277، فإن كان مقصود السائل بقوله أحددها إلخ أنه يأخذ من شعر لحيته فهذا لا يجوز لمخالفته امر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وتوفيرها إلا إذا زادت عن القبضة أو طالت جدا فقد اختلف الفقهاء في حكم الأخذ منها وانظر أقوالهم والراجح عندنا في الفتوى رقم: 14055، وانظر كذلك الفتوى رقم: 20831.
والقول بأن الأخذ من اللحية وحلقها سواء لا يستقيم- والله أعلم- لأن الحلق أبشع وأمعن في مخالفة النص، وفيه تشبه ظاهر بالنساء والمخنثين، وهذا لا يوجد في مجرد الأخذ منها من غير حلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(11/513)
تخفيف اللحية للحصول على العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله أن ينفع بكم المسلمين. سؤالي حول اللحية فأنا مطلق اللحية منذ ثلاثة أعوام وأعمل الآن في شركة ودخلها جيد ولله الحمد ولكن لا يوجد فيها تثبيت بعقد وهي شركة قطاع خاص وأتت فرصه من قبل لترقية ولكن لم أقبل بسبب أني لا أكلم النساء وقال لي آخر بسبب لحيتك والسؤال تأتيني عروض من شركات أخرى ولكن تشترط علي أن أخفف اللحية أي تكون قريبة من البشرة. فهل لي من رخصة لتخفيف اللحية أم ماذا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخذ من اللحية مما اختلف فيه أهل العلم بين مجيز ومانع، كما جاء في التمهيد لابن عبد البر أنه قال: اختلف أهل العلم في الأخذ من اللحية فكره ذلك قوم وأجازه آخرون.
وقال القاضي عياض في شرحه لصحيح مسلم: وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن ويكره الشهرة في تعظيمها وتخليتها كما تكره في قصها وجزها. اهـ.
وعليه، فأقل ما يقال في تخفيف اللحية حتى تكون كما وصف السائل الكراهة.
والكراهة تزول للحاجة، فإذا كنت محتاجا حاجة حقيقية إلى العمل بهذه الشركة واشترط عليك تخفيف لحيتك فيجوز لك ذلك بشرط أن لا يصل الأمر إلى حلقها، وينبغي لك أن تسعى إلى الحصول على عمل لا يلزمك بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(11/514)
تخفيف المكره لحيته والإخلاص في إعفائها
[السُّؤَالُ]
ـ[عاجل جدا!!!!
أنا شاب تونسي تدينت منذ فترة ليست بالبعيدة إلا أن النظام يهدد كل من يعفي لحيته بدعوى أنه متطرف وأصبحت ألقى تهديدات من مراكز الشرطة بعزلي عن الدراسة (مازالت لي سنة واحدة للتخرج من كلية الهندسة) كما أنه اعتقل بعض الإخوة قرب المساجد لنفس السبب، الأمر الذي أدخل والدي في دوامة من القلق والخوف الكبير وأصبح يرجوني أن أحلق لحيتي حتى أتخرج وأباشرالعمل ثم يمكنني فعل ما أشاء أو السفر خارج البلد. كما أني أيضا في حاجة إلى جواز سفر وهو لا يسلم لمن أعفى لحيته. ولا أخفيكم قولا أني استسلمت لخوفي من الواقع وخففت كثيرا من لحيتي ذلك لما ارتابني من وساوس فأصبحت أشك في نيتي من إعفاء لحيتي فإذا لقيت مباهاة من أصحابي ارتبت أن تكون تلك نيتي، وكما أن خطيبتي متدينة ويعجبها إعفاء لحيتي فبت أظن أحيانا أني ربما أطلب في ذلك رضاها وليس رضا الله. فما حكم وضعيتي (علما أنها وضعية الكثير في هذا البلد) . وما حكم ما فعلت وإن أخطأت فكيف التوبة، وهل يعتبر خوفي على مستقبلي (من عملي وزواجي) نقصا في الإيمان أو شركا بالله، أرجو عدم إحالتي إلى فتاوى أخرى لأنها لا تنطبق على وضعيتي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بنعمة الإسلام والتدين الذي ذكرت، وأعظم بها من نعمة ونسأل الله لك الثبات والاستقامة وهداية مجتمعك وتفريج كروبكم وكروب المسلمين، وعليك أن تواصل السير في طريق الهدى والاشتغال بحفظ القرآن والتفقه في الدين، ومصاحبة أهل الخير والحفاظ على الصلاة في المسجد وحضور مجالس العلم ومتابعة ما يبث منها عبر وسائل الإعلام، ويتعين على المسلم أن يعزم على الطاعات والبعد عن المعاصي ويستعيذ بالله من أن يفرض عليه حلق اللحية ويحافظ على الأذكار المسائية ودعاء الخروج من المنزل، فقد قالت أم سلمة رضي الله عنها: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل أو أزل أو أٌزل أو أظلم أو أٌظلم أو أجهل أو يُجهل عليَّ. رواه أبو داود وصححه الألباني، وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت. رواه أبو داود وصححه الألباني، وراجع الأدعية المذكورة في الفتوى رقم: 31768، ولا شك أنه لا يخفى عليك أن إعفاء اللحية من الأوامر الشرعية الأكيدة التي يجب على المسلم امتثالها، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، وفروا اللحية وأحفوا الشوارب. وقد تكرر هذا الأمر في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما، والأمر يقتضي الوجوب على الراجح عند الأصوليين، وقد اجتمع في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وهو هدي النبيين كافة، كما أنه فعل الصحابة والتابعين لهم بإحسان لا يعرف منهم مخالف، وقد قدمنا تفصيل القول فيها في الفتوى رقم: 44841، والفتوى رقم: 71215.
لكن أوامر العزيز الحكيم الرحيم مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} ، وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. أخرجه مسلم، وفي الحديث: تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وعلى هذا إذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضررا مجحفا محققا كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف ولا يصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لا يدفع عنه الأذى، لأنه فعل ذلك ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وضابطها ما جاء في قوله سبحانه: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل: 106} وقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173} ، فمن ظلم أو تعدى فهو آثم.
وعليه فمن تحقق وقوعه في ضرر يشق احتماله رجونا أن لا إثم عليه بالترخص على ما قدمنا تفصيله، وعليه مع ذلك أن لا يطمئن لما أقدم عليه ولا تركن إليه نفسه، بل عليه أن يبقى متلهفا متعلق القلب تواقا إلى أن يفرج الله عنه تلك الضرورة فيمتثل أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ويعفي لحيته ويقص شاربه، نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا، وأن يمكن لهم في الأرض ويهيئ لهم من أمرهم رشدا، وراجع الجواب: 3198،
وأما موضوع الإخلاص في إعفاء اللحية إن تيسر لك فهو أمر ضروري لما في الحديث: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه. رواه النسائي بسند جيد كما قال المنذري في الترغيب والترهيب، وصححه الألباني، وانظر الفتويين: 10992، 52210، فإن فيهما بيان حقيقة الرياء وأنواعه، وطريقة قلعه من القلب وغرس الإخلاص لله مكانة، واعلم أن من أراد الله بعمله وأخلص في عبادته ولم يرج غيره ثم أثنى عليه الناس دون أن يقصدهم بعمله، ففرح بثنائهم هذا فلا شيء عليه، بل إن ذلك هو عاجل بشرى المؤمن، وانظر بيان ذلك في الفتوى رقم: 41236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1427(11/515)
تخفيف اللحية عند الإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"
وذكرتم في الفتوى رقم: 49022
" وأما المشقة التي تنفك عنها العبادات غالبا فعلى مراتب:
الأولى: مشقة عظيمة فادحة: كمشقة الخوف على النفوس، والأطراف ومنافع الأعضاء فهي موجبة للتخفيف والترخيص قطعاً لأن حفظ النفوس والأطراف لإقامة مصالح الدين أولى من تعريضها للفوات في عبادة، أو عبادات يفوت بها أمثالها."
فقد تعلمون مدى تعرض الذي يعفي لحيته من خوف على النفس من الأذى..
ومع ذكر ما قلتم في الفتوى رقم 14055 أن من العلماء من قال في معنى الإعفاء: حتى تكون كثيفة وتغطي ما تحتها من اللحيين، وإن لم تبلغ القبضة.
أرجو الإجابة المباشرة وعدم تحويلي إلى إجابة سؤال آخر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعفاء اللحية من الأوامر الشرعية الأكيدة التي يجب على المسلم امتثالها، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين ووفروا اللحية وأحفوا الشوارب. لكن أوامر الشرع مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر. قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. أخرجه مسلم، وعلى هذا إذا كان إعفاء اللحية يسبب لك ضررا مجحفا محققا كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم تستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيتك أو حلقها فإنه يجوز لك اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف، ولا تصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لا يدفع عنك الاذى، لأن فعل ذلك ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها بعد التحقق منها، لأنه قد ثبت بالتتبع والسؤال وباستقراء الأحوال أن كثيرين ادعوا الإكراه على حلق اللحية وليس الأمر في حقيقته كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(11/516)
إعفاء اللحية هل هو من العادات أم هو واجب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما ردكم على من يقول بأن اللحية عادة؟ ويحتج بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتغيير الشيب كأمره بإعفاء اللحية ولم يفعلها بعض الصحابه لعلمهم أنها عادة؟ وأنه لم يرد عن أي من الصحابه أنه حلق لحيته لأنها فقط عادتهم في هذا الوقت وأنه كان سيكون شاذآ عن باقي الناس لو حلقها؟.. وما ردكم على من قالوا أن كل ما تعلق بالملبس والمأكل والمشرب هو من العادات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موضوع اللحية ليس من العادات وذلك لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها ونهيه عن حلقها وأمره بخلاف المشركين في حلقها ولعده لها من خصال الفطرة، فنحن متعبدون بامتثال الأوامر واجتناب النواهي وبمخالفة الكفار وبالتحلي بخصال الفطرة، وأما اللباس والأكل فهما من العادات فعلا ولكن لكل واحد منهما ضوابط شرعية تجب مراعتها. وراجع للتفصيل في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 22732 / 71215 / 24214 / 26489 / 53441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(11/517)
فتاوى حول إعفاء اللحية وحكم الأخذ منها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد قرأت في فتواكم رقم (14055) بعنوان (أقوال العلماء في الأخذ من اللحية) أن العلماء اختلفوا في إعفاء اللحية ما هو؟ فقال البعض تركها من غير قص ولا قصر حتى تطول. وقال بعضهم: حتى تكون كثيفة وتغطي ما تحتها من اللحيين، وإن لم تبلغ القبضة.
فسؤالي هو: من هؤلاء العلماء الذين قالوا إن الإعفاء هو حتى تكون اللحية كثيفة وتغطي ما تحتها من اللحيين، وإن لم تبلغ القبضة؟ وما دليلهم؟ وهل لي عندما يكون هناك اختلاف في الرأي الأخذ بهذا الرأي
لأن هناك ضغوطا كثيرة علي؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قدمنا في الفتوى رقم: 71215، أن القول الذي تؤيده الأدلة هو إعفاء اللحية وتركها.
وبينا كلام بعض أهل العلم في تقصيرها إذا زادت على القبضة وكلام بعضهم في أخذ ما تطاير منها، كما بينا حكم تخفيفها حال الاضطرار في فتاوى مذكورة في الفتوى رقم: 74711، وراجع الفتوى رقم: 31768، والفتوى رقم: 57129، والفتوى رقم: 69805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(11/518)
إعفاء اللحية وموقف المسلم عند البلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يا شيخ عندي مشكلة تؤرقني منذ ما يقارب ثلاث سنوات، وأرجو من الله أن تعينني على حلّها وأن ترشدني إلى سواء السبيل. والله المستعان.
يا شيخ منذ مدة كنت معفيا للحيتي والحمد لله إلا أنّ هذا الأمر انجرّ عنه بعض الأمور وهي كالآتي:
- مُنعت من التسجيل في الدراسة – ماجستير محاسبة- (ممنوع حكوميا)
- طُردت من العمل
- أصبح والدي يسب الدين وترك الصلاة، مع العلم يا شيخ أنه ليس مواظبا على الصلاة فهو يصلي تارة ولا يصلي تارة أخرى، ومنعني من الكلام معه بعلة أني ألقي بنفسي إلى التهلكة.
- والدتي أصبحت قلقة جدا عليّ
- لم أجد عملا فالكل يقول لي "أنا خائف من المشاكل التي ستنجر إن قبلتك للعمل معي وأنت معفي للحيتك"
- تركت مجال عملي وهو المحاسبة لوجود الشبهة فيه خاصة وأن الشركات في تونس تتعامل تعاملات ربوية (لعن الله............وكاتبه) .
وهذا كان يحزنني خاصة وأن الأمور المادية صعبة:
- فالوالد يعمل حرفيا ولا يقدر على تغطية المصاريف
- والوالدة تعمل منظفة وتقوم باكرا وهذا كان يؤلمني أن أرى والدتي تعمل وتتعب وأنا لا أعمل
- والأخ الوحيد عاطل عن العمل.
لكن رغم ذلك كنت صابرا محتسبا موقنا أن العاقبة للمتقين ولو بعد حين، ولكني في نفس الوقت كنت خائفا أن ألقى الله عز وجل فيسألني عن والداي ويقول لي لما عسرتك عن نفسك وكان يأتي بمخيلتي:
- حديث رغم أنف ابن آدم بلغ والداه الكبر أحدهما أوكلاهما ولم يدخل الجنة.
- وحديث كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول
- وحديث هلك المتنطعون
- وحديث ففيهما فجاهد
- وحديث ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم
- وآية فاتقوا الله ما استطعتم
- وآية فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه
وأستمر على هذا الحال سنة أو أكثر فقلت في نفسي لم لا آخذ بباب الضرورات وأخفف من لحيتي وأحقق بذلك بعض المصالح وأدرأ عن نفسي بعض المفاسد.
فخففت من لحيتي بنية العمل للإحسان للوالدين فيسر لي ربي عملا وأنا الآن أعمل لكني لست راض عن نفسي وأشعر بأني أبيع آخرتي بعرض من أعراض الدنيا وأني لم أصبر على الابتلاء الذي خص الله به عباده المؤمنين وأني استعجلت الرزق قبل أوانه.
وأنا الآن في ابتلاء آخر في العمل فأنا لا أصافح النساء وهذا قد انجر عنه تهديدي بترك العمل.
يا شيخ هذا حالي وأرجو من الله أن تعينني أعانكم الله على اختيار أي الطريقين أقرب للتقوى وأفضل عند الله:
- أعفي لحيتي وأترك العمل فالحال في تونس هكذا من أعفى لحيته يمنع من العمل وهو بلحيته وأصبر وأحتسب ولا يهمني كلام الوالدين أوترك الوالد للصلاة.
- أم أعمل وأقوم ببعض التنازلات من عدم إعفاء للحية ومصافحة النساء وصلاة العصر في المكتب.
وفي الأخير كيف أتصرف. وجزاكم الله خيرا.
سفيان من تونس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج كروب المسلمين ويسهل أمورهم ويصلح أحوالهم ويهديهم ويعينهم على البر والتقوى، ونرجو أن تطالع الفتاوى التالية أرقامها، فقد فصلنا القول فيها وأجبنا عن المسائل التي ذكرتها: 25794، 60327، 29828، 56933، 20451، 49708، 1025، 32829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(11/519)
حكم ترك العمل لأجل توفير اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الكرام أرجو أن تفتوني في الأمر الآتي وتوضحوا، جزاكم الله خيراً..
أخي قررأخيرًا أن يُعفي لحيته ونظرًا لخطورة الأمر عندنا ترك عمله حتى لايؤذي أحدًا من رفاقه أو عملاء العمل؛ لأن وجود شخص ملتحٍ في تلك المجموعة قد يوحي للجهات المسؤولة في البلاد أنهم يمولون فرق جهادية أو إرهابية كما هو شائع، مع العلم أنه بحاجة للعمل خاصة وإنه أخذ على عاتقه مساندة والده في قضاء الديون المتراكمة على والده، وبعد أن ترك عمله اتجه إلى أحد المساجد ليحفظ القرآن فما كان من والدته إلا أن خيرته بين حلق اللحية أو ترك المسجد للحفظ، فقرر ترك المسجد ظناً منه وليس علماً بأن إعفاء اللحية أولى من حفظ القرآن، وأنا حائرة في أمره وأخشى عليه التعنت على نفسه فقد يكون ذلك سببًا في انتكاسه لا قدر الله كما حدث لأناس كثيرين فأرشدوني لما عليه فعله تجاهه؟
وجزاكم عن الأمة خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية وقص الشارب وتكرر الأمر بذلك في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما، ولذلك فيجب على المسلم توفيرها ما دام يستطيع إلى ذلك سبيلا، أما إذا كان توفيرها يسبب له ضررا محققا فله أن يخففها إذا كان ذلك يرفع عنه الضرر, ولا يجوز له حلقها إلا إذا تعين الحلق وسيلة لرفع ذلك الضرر لأن الله يقول: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ {البقرة: 173} وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 3198، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
ولذلك فإذا كان هذا الأخ لا يحتاج إلى العمل المذكور أو كان يجد عملا غيره لا يسبب له توفير اللحية فيه ضررا محققا أو غالبا على الظن فإن ما فعل من ترك هذا العمل هو الصواب، ولا يجوز له أن يهجر المسجد أو يترك الصلاة فيه مع الجماعة طاعة لأمه أو لغيرها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم وغيره.
ومع ذلك فإن عليه أن يبر والديه ويحسن إليهما ويطيعهما في غير معصية وخاصة الأم, ونرجو أن تطلع على المزيد في الفتوى رقم: 52814، وما أحيل عليه فيها.
وسيجعل الله تعالى له من كل هم فرجا, ومن كل ضيق مخرجا؛ كما قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2 ـ 3} نسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل مكروه, ويوفقكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/520)
حلق اللحية والأخذ منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من سألت عن الأخذ من اللحية من خلال الإفتاء الذي قدمتموه إلي في الفتوى رقم: 71215 (الغنية في الأخذ من اللحية) ، أفهم أنه ليس حراما الأخذ من اللحية أليس كذلك، إنما الأفضل والأحسن أن نربي اللحية؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فهمته من الفتوى المذكورة وهو حرمة حلق اللحية وجواز الأخذ منها على التفصيل الوارد في الفتوى فهم صحيح وحجته مذكورة في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(11/521)
صيغة النصوص المشتملة على الأمر بإعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعفاء اللحية واجب أم مستحب، وإذا كان واجبا لماذا نجد الكثير من علماء الأزهر لا يلتحون وهل لديهم أصول فقهية مختلفة تقول بأن صيغة الأمر في أحاديث الرسول لا تعني الوجوب دائما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتمد عند الشافعية أن حلق اللحية مكروه وليس بحرام، ولكن جمهور أهل العلم على تحريم حلقها ووجوب إعفائها وهو الصحيح، وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 14055.
وأما ما سألت عنه من أمر علماء الأزهر، فالله تعالى أعلم بالذي حملهم عليه إن كانوا -حقاً- يعلمونه، فلعلهم يقلدون فيه المذهب الشافعي، أو يفعلونه لأمر آخر لا نعلمه نحن، وفيما يتعلق بدلالة صيغة الأمر، فالذي عليه جمهور أهل العلم - وهو الحق الذي لا يجوز العدول عنه - هو أن الأمر من الشارع يكون للوجوب إلا أن تصرفه عنه قرينة إلى الاستحباب أو الإباحة، وقال بعض العلماء إن الأمر يكون للاستحباب إلا لقرينة، وقيل للطلب الذي هو أعم من الوجوب والاستحباب والإباحة، وفصل آخرون بين أمر الرب وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا التفريق ساقط بالمرة، وإلى هذا الخلاف أشار الشيخ سيدي عبد الله في مراقي السعود:
وافعل لدى الأكثر للوجوب * وقيل للندب أو المطلوب
وقيل للوجوب أمر الرب * وأمر من أرسله للندب
وعلى أية حال، فإن على السائل الكريم أن يعلم أن العصمة خاصة بالأنبياء، وأن العالم إنما يؤخذ قوله إذا وافقه الدليل، وأما الذي يقتدى بفعله كما يقتدى بقوله فهو المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لا غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(11/522)
الغنية في حكم الأخذ من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، قد سألتك سؤالا عن الأخذ من اللحية ولم تجب عن سؤالي بالتحديد فلم تعلق على كل السؤال:
1- لماذا لا يوجد حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ينص على تحريم الأخذ من اللحية، وكذلك لا يوجد أي حديث يحدد لنا طول وعرض اللحية، فلماذا تلجؤون إلى تحديدها بعدم المساس بها أليس هذا إضافة على الدين، إن لحية الرسول كانت كثيفة هذا صحيح، ولكن لا تعرفون إذا كانت طويلة، فإنه بالطبع لم ينس أي شيء وقد قال بأنه أتم لنا الدين.
2- أنت تعتمد على عدم التشبه بالكفار وهو عدم إطلاق اللحى من خواصهم، ولكن أنا أرى أن المتدينين اليهود دائما وكلهم مطلقون للحاهم وبصورة غير مهذبة وبدون المساس بها، وكذلك الرهبان النصارى دائما مطلقو لحاهم، فلماذا نعتمد عدم وجود اللحية كتشبه بالكفار ولا نعتمد بإطلاق اللحى ودون المساس بها كتشبه باليهود والنصارى وهم كفار.
3- ماذا عن حديث البخاري الذي ينص أن الصحابي عمر بن الخطاب كان يأخذ من لحيته وحتى أكثر من القبضة، وهل لديكم شك في أحاديث البخاري.
4- ماذا عن الترتيب الذي كان الرسول يحثنا عليه، فان ترك اللحية على ما هي وعدم المساس بها لا يدل بتاتا على ترتيب الجسم، وكذلك فإننا نعرف أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان دائما معه مشط يرتب به شعر لحيته، ولكن إذا ترك الشباب اللحية دون المساس بها أو دون تهذيبها فإنه بالطبع لا يتمكن من تهذيبها في المشط وهذا ما نراه عند كثير من رجال اليوم وهذا مخالف لما كان يفعله رسول الله إذاً أليس هذا دليل على أنه مسموح تهذيب اللحية، ما رأيكم وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على سؤال السائل الذي ذكر أنه سأل عنه سابقاً وكان الأولى أن يرسل لنا رقمه، وقد ورد كثير من الأحاديث في شأن اللحية، تفيد تحريم حلقها منها الآمر بإعفائها، ومنها الناهي عن حلقها، وعن التشبه باليهود والنصارى والمجوس الذين يحلقونها، وردت هذه الأحاديث عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة في البخاري ومسلم ومسند أحمد وسنن النسائي وسنن أبي داود وجامع الترمذي وموطأ مالك ومعجم الطبراني ومسند البزار ومسند أبي يعلى وغيرها.
فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين. متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس. رواه مسلم وأحمد. وقوله: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. متفق عليه.
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين، وفروا اللحية، وأحفوا الشوارب. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس. وفي مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعفو اللحى، وخذوا الشوارب، وغيروا شيبكم، ولا تشبهوا باليهود والنصارى. ومنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان موفراً لحيته، وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب:21} .
وبناء عليه فإن حلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصريحة والأخبار، ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار ولقول جمهور العلماء به. وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث في ذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة. وقال أيضا في الفتاوى الكبرى: ويحرم حلق اللحية، ويجب الختان. انتهى.
وقال الحطاب المالكي في شرح خليل: وحلق اللحية لا يجوز. انتهى، وقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار: يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم، ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: جزوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المجوس. فهذه الجملة واقعة موقع التعليل. انتهى.
وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال يعني بذلك المتشبهين بالنساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيف شعر اللحية. رواه مسلم عن جابر، وفي رواية: كثيف اللحية، وفي أخرى: كث اللحية، والمعنى واحد. انتهى.
ولا نعلم حديثاً يحدد طولها وعرضها، وقد رخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة منها لفعل ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، وإن كان الأولى تركها كما هي، إلا إذا كانت طويلة طولاً فاحشاً أو عريضة عرضاً فاحشاً خارجاً عن الطور المعهود مشوها للخلقة، فقد رخص بعضهم أيضاً في الأخذ منها حتى تعود إلى طور الاعتدال، قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: وقد روى ابن القاسم عن مالك: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ، قيل لمالك فإذا طالت جداً؟ قال: أرى أن يؤخذ منها وتقص، وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أنهما كان يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف أخذ ما زاد عن القبضة عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الله بن عمر بن الخطاب وطاوس والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقال الحسن: كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها. وقال جابر: لا نأخذ من طولها إلا في حج أو عمرة، وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ويسن أن يعفي لحيته، وقيل: قدر قبضته. وله أخذ ما زاد عنها وتركه، نص عليه. وقيل: تركه أولى.
واعلم أنه قد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة، ولا سيما فيما خالفوا فيه الشرع ومنه حلق اللحى المصرح به في الأحاديث السابقة، وقد علل العلماء النهي عن مشابهتهم بأن مشابهتهم في الظاهر سبب لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال الممنوعة، بل وفي نفس الاعتقادات، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى. الحديث. وفي لفظ: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه الإمام أحمد.
وأما الاحتجاج بإعفاء بعض الكفار لها فهو حجة داحضة لا يحتج بها لأن إعفاءها يتحقق به اتباع الأمر الشرعي ومخالفة من كان يحلق من الكفار، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بأصنافهم، فذكر المشركين، وهو يعم كل المشركين من العرب وغيرهم، وذكر المجوس، وذكر اليهود والنصارى، ومن المحال أن يكون جميع هؤلاء يحلقون لحاهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بل منهم من يحلق، ومنهم من يوفر لحيته، خاصة المشركين من العرب، فلم يكن يعرف عن العرب حلق اللحية، فإذا علمنا أن منهم من يحلق لحيته، ومنهم من يوفرها، علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمرنا بمخالفتهم وإعفاء اللحية أراد تحقيق أمرين:
الأول: مخالفة هؤلاء الكفار أي الذين يحلقون لحاهم.
الثاني: موافقة الأنبياء، والعمل بمقتضى الفطرة، فإن إطلاق اللحية من هدي الأنبياء، وهو من سنن الفطرة، كما صح بذلك الحديث، فإذا زال المقصود الأول، وفرضنا أن كفار العالم أطلقوا لحاهم، فإن المقصود الثاني -وهو الأهم- لا يزال باقياً، فيبقى الحكم ببقائه.
ولتعلم أن النص الشرعي إذا أثبت حكماً، فإن العمل به يستمر إلى يوم القيامة على نفس الصورة دون إسقاط أو تخفيف أو زيادة، إلا إذا نسخ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بعد وفاة الرسول فلا يتصور النسخ أصلاً، قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {المائدة:3} ، وما يزعمه بعض الناس من أن بعض الأحكام نزلت لأسباب معينة، والحكم يوجد حيث يوجد سببه، أما إذا زالت الأسباب فلا يجب العمل بالحكم حينئذ، فنقول له: زعمك هذا باطل، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر عند علماء الملة، قال النووي في المجموع: فالتمسك بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على المختار عند أصحابنا وغيرهم من أهل الأصول. انتهى.
وقال ابن الشاط في إدرار الشروق على أنواء الفروق: العبرة عند الفقهاء والأصوليين بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيستدلون أبداً بظاهر العموم وإن كان في غير مورد سببه. انتهى.
وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند عامة العلماء. انتهى.
هذا ولم نعثر على ما ذكرت في البخاري من أن عمر كان يأخذ من لحيته؛ وإنما يروى ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن بعض السلف إذا طالت وزادت على القبضة، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. قال ابن حجر قوله: وكان ابن عمر...... إلخ، موصول بالسند المذكور إلى نافع، وقد أخرجه مالك في الموطأ.... وذكر عن الطبري أنه قال: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها وعرضها، وقال قوم: إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد.... ثم ساق سنده إلى ابن عمر أنه فعل ذلك.. وذكر عن الحسن البصري أنه يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش وعن عطاء نحوه، واختار الطبري قول عطاء ... وقال: إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به.... وقال عياض: يكره حلق اللحية وقصها وتحذيفها، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن، بل تكره الشهرة في تعظيمها كما تكره في تقصيرها كذا قال. وتعقبه النووي بأنه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها، قال: والمختار تركها على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره.... انتهى من فتح الباري لابن حجر العسقلاني.
وقال الإمام النووي في المجموع 1/343: قال الغزالي في الإحياء: اختلف السلف فيما طال من اللحية، فقيل: لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة، فعله ابن عمر ثم جماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة وقالوا: يتركها عافية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأعفوا اللحى. قال الغزالي: والأمر في هذا قريب إذا لم ينته إلى تقصيصها، لأن الطول المفرط قد يشوه الخلقة. هذا كلام الغزالي، والصحيح عدم جواز الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت، للحديث الصحيح: وأعفوا اللحى.. انتهى.
وأما الترتيب الذي ذكر السائل فإن المعروف عندنا فيه هو تكريم وتسريح شعر الرأس واللحية والنظافة والدهن لهما، وهو من الأعمال التي ندب إليها الشرع المطهر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان له شعر فليكرمه. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه باب الترجيل والتيمن فيه.... قال ابن بطال في شرحه: الترجيل تسريح شعر الرأس واللحية ودهنه، وهو من النظافة وقد ندب الشرع إليها. انتهى ما نقله عن الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده: أن اخرج كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل، ثم رجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من أن يأتي أحدكم ثائرالرأس كأنه الشيطان. رواه مالك وصحح إسناده الألباني.
قال ابن عبد البر: وفيه الحض على ترجيل شعر الرأس واللحية، وكراهية إهمال ذلك والغفلة عنه حتى يتشعث ويسمج. انتهى.
ولا نعلم شيئاً في أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من لحيته إلا ما رواه الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. وهذا ضعيف عند أهل العلم، قال النووي في المجموع: وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها فرواه الترمذي بإسناد ضعيف لا يحتج به.
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عمر بن هارون البلخي، قال العقيلي: لا يعرف إلا به. قال يحيى: هو كذاب، وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: لا أعرف لعمر بن هارون حديثاً لا أصل له إلا هذا. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات ويدعي شيوخا لم يرهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(11/523)
لا يدخل حلق اللحية في باب الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 29 من عمري تقدم لخطبتي شاب هو أخو زميل لي في العمل وبعد السؤال عنه زملائي في العمل الذين يعرفون أسرته تبين أنه شاب ملتزم وذو أخلاق وقد قمت بالاستخارة طيلة شهرين شهر شعبان ورمضان وحينما تمت الرؤيا الشرعية شعرت بالراحة كما أني دائما أدعو الله أن ييسر لي هذا الزواج إن كان لي فيه خير وان يصرفه عني إن كان لي فيه شر سؤالي الآن هل أقبل هذا الشاب علما أن والده المتوفى كان يعمل حلاقا في دولة عربية وهو حليق للحية وهم يملكون بيتا من مال أبيهم ويقيمون فيه كما أن أخاه يعمل حلاقا فهل مالهم حرام وهل مقياس الالتزام يكون على أساس إعفاء اللحية وهل إن كان الرجل ملتزما يؤدي الصلاة في المسجد وذا أخلاق حسنة لكنه حليق اللحية يكون كافرا ويدخل النار؟
أرجو سرعة الرد فأنا في حيرة من أمري فأنا فتاة ملتزمة أسعى دائما إلى طاعة ربي وأنال رضاه ودائما أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح الذي يعينني على طاعته.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا الشاب ذا دين وخلق، فننصحك بالقبول به، وموضوع اللحية يتم نصحه بشأنه فيما بعد.
وأما كون والده المتوفى كان يعمل حلاقا، وكذا أخوه، وامتلاكهما بيتا من مال أبيه، وسؤال الأخت عن كسبهما هل هو حرام؟ نقول: إن العمل في مجال الحلاقة لا مانع منه شرعا، إذا اقتصر على حلق ما يجوز حلقه من الرأس والشارب ونحوه، والمال العائد من ذلك مال حلال، وأما إذا كان يحلق إلى جانب ذلك اللحية فيكون الكسب قد اختلط، فبعضه حلال وبعضه حرام، وما كان كذلك، فننصح صاحبه بالتحري لمعرفة النسبة المحرمة ثم يتخلص منها بصرفها في أوجه الخير، وأما التعامل معه والأكل من ماله فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 7707.
وأما سؤالك عن اللحية، وهل هي مقياس الالتزام، نقول: إعفاء اللحية من مظاهر الالتزام وليست المقياس الوحيد على الالتزام، فرب حالق لحية أكثر التزاما وتقوى وخشية لله من مطلق للحيته، غير أن إعفاء اللحية واجب؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14055
ولا يصل حلقها إلى الكفر، بل حلقها معصية من المعاصي، فينصح الشاب كما ذكرنا سابقا بشأنها ولا يُرَد أو يُرفض بسبب حلقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1426(11/524)
يجوز الأخذ من اللحية حسب ما تقتضيه الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في مدينة ولا أستطيع أن أطلق لحيتي فأقوم بتخفيفها ويوجد مدينة أخرى أستطيع أن أفعل ذلك فهل يتوجب علي الهجرة في هذه الحال علما أني طالب وليس لي القدرة على الهجرة والاستقرار في الوقت الحاضر بشكل دائم في تلك المدينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم أن يوفر لحيته امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في صحيح البخاري وغيره: وفروا اللحى.
وإذا احتاج إلى الأخذ من طولها وعرضها فلا مانع من ذلك شرعا، وذهب كثيرون من أهل العلم إلى جواز أخذ ما زاد على القبضة مطلقا، وإذا كان يلحقه ضرر بتوفيرها فيجوز له حلقها أو الأخذ منها حسب ما تقتضيه الضرورة؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات؛ كما قال أهل العلم، ولكنها تقدر بقدرها، ولذلك فلا تلزمك الهجرة من بلدتك بسبب تخفيف اللحية.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلع على الفتويين التاليتين: 25794، 67598.
وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(11/525)
حكم الأخذ من طول اللحية وعرضها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت مؤخراً أن الحسن البصري وعطاء والطبري والقاضي عياض أفتوا بجواز الأخذ من اللحية زيادة عن القبضة ما لم يفحش، هل حقا أفتى هؤلاء العلماء الفضلاء بهذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب، وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. قال ابن حجر قوله: وكان ابن عمر ... إلخ، موصول بالسند المذكور إلى نافع، وقد أخرجه مالك في الموطأ.. وذكر عن الطبري أنه قال: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها وعرضها، وقال قوم: إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد.. ثم ساق سنده إلى ابن عمر أنه فعل ذلك، وإلى عمر أنه فعل ذلك برجل ... وذكر عن الحسن البصري أنه يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش وعن عطاء نحوه، واختار الطبري قول عطاء.. وقال: إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به.. ..وقال عياض: يكره حلق اللحية وقصها وتحذيفها، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن؛ بل تكره الشهرة في تعظيمها كما تكره في تقصيرها كذا قال، وتعقبه النووي بأنه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها، قال: والمختار تركها على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره ... انتهى من فتح الباري لابن حجر العسقلاني، وقد ذكر فيه أقوال أولئك الأئمة ورأيهم في الأخذ من اللحية، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 14055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/526)
حكم من أمر غيره بحلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة قطاع خاص كرئيس لأحد الأقسام وقد أرسل مديري أحد الأشخاص حتى يعمل تحت إمرتى وهذا الشخص ملتزم وملتح ولكن طلب مني مديري أن آمره أن يحلق لحيته وإلا لن يعمل معنا وحتى يقيس مدى طاعته مع العلم أن هذا الشخص في حاجة ماسة للعمل وأنا أعلم ذلك وأنا في حاجة لشخص يساعدني وهذا المدير جديد علينا ومعروف عنه وهو قالها صراحة أنه لا يفضل كفاءة الأشخاص الذين يعملون معه ولكن المطيعين له وولقد شرحت لهذا الشخص سبب هذا الأمر وأمرته أن يحلق ولقد فعل فهل علي وزر في هذا الأمر أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك أن يكون أمر الله تعالى مقدما عندك وحاكما على أمر غيره، وأن تخاف الله لا أن تخاف المدير، فلا تأمر ذلك الموظف بمعصية حلق اللحية، وانظر الفتوى رقم: 263.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى وأن تندم على ما فرطت في جنبه تعالى، فكما أن الدال على الخير كفاعله فكذلك الدال على الشر كفاعله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. رواه مسلم
وعليك أن تبين لذلك الموظف أنك أخطأت عندما أمرته بحلق لحيته، فإن لم يكن مضطرا لهذا العمل فليخرج منه وليبحث عن غيره، وانظر الفتوى رقم: 6717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(11/527)
حكم حلق اللحية وأخذ عقد المحمول الخاص بالغير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية خاصة أننا في بلد قد يعزر فيها تاركها بسجن وتقليل فرصة عمل وغير ذلك، وكيف أكفر عن كتابة عقد خط تليفون جوال باسمي وهو من حق شخص أجنبي أتى لبلادنا للسياحة خاصة أنه يستحيل أن نتقابل أو نتعارف وقيامي ببيع الخط لآخر، أفتونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية وإحفاء الشوارب، كما جاء في الصحيحين وغيرهما، ولهذا فلا يجوز للمسلم حلق اللحية إلا إذا كان في إعفائها ضرر عليه لا يستطيع دفعه، فإن الضرورات تبيح المحظورات، كما هو مقرر عند أهل العلم، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، فإذا كان التخفيف يرفع الضرر فلا ينبغي تجاوزه إلى الحلق والإزالة الكلية ... وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 3198 نرجو الاطلاع عليها.
وأما كتابتك عقد خط التليفون باسمك وهو من حق الغير، فإن كان ذلك بطريقة غير شرعية كالغصب أو الاحتيال أو السرقة، فإن ذلك لا يجوز شرعاً، وعليك أن تبادر بالتوبة النصوح من ذلك الفعل، وكذلك لا يجوز لك بيعه لأنه ملك للغير، وعليك أن تبحث عن صاحبه بكل وسيلة ممكنة كالإعلان في وسائل الإعلام ... فإذا يئست من وجوده أو التعرف على مكانه ... فبإمكانك أن تنتفع بثمنه أو تتصدق به ما دمت قد بعته، وفي هذه الحالة فإن جاء صاحبه يوما من الأيام دفعت له قيمته أو اشتريت له مثله إلا أن يسامحك به، لأنه في هذه الحالة أشبه باللقطة، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11132، والفتوى رقم: 26139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(11/528)
حلق اللحية للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت ملتحيا ثم استدعيت من قبل أمن الدولة وهددت منهم بشدة إن لم أحلق لحيتي وطبعا سمع الجميع بهذا الأمر وأبي قال لي احلقها فحلقتها، والآن أنوي أن أعفيها فيما بعد، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم على الرجل حلق لحيته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين. متفق عليه، وقوله: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس. رواه أحمد ومسلم، وقوله: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. وغير ذلك من الأحاديث الآمرة بإعفاء اللحية.
ولكن أوامر الله مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. أخرجه مسلم.
وعلى هذا فإذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضرراً مجحفاً محققاً، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها، فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف، ولا يصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لا يدفع عنه الأذى، لأنه فعل ذلك ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ومتى زالت عاد الأمر الذي كان مرخصاً فيه من أجلها إلى أصله من التحريم.
وعليه فإذا كانت الظروف التي حملتك على حلق اللحية قد زالت فإنه يجب عليك إعفاؤها، ولو كان أبوك لا يرى ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما روى أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني.
وإن كانت الظروف ما زالت على ما هي عليه فإن الإعفاء للحية لا يجوز، لأنه معصية للوالد فيما تجب طاعته فيه، ولأن فيه إضراراً بالنفس، وراجع الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(11/529)
المسلم يرى الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تزوجت منذ عام ومن قبل زواجي وأنا أخاف أن أرتبط بشخص له لحية إذ أنني لا أطيق فكرة وجود اللحية بالمرة. عندما تقدم زوجي لخطبتي سألت أخي الذي هو صديق لزوجي إن كان الشخص المتقدم لخطبتي ذا لحية؟ تردد أخي عند الاجابة كثيرا وكان أكثر ماردده لا أعتقد أن له لحية, ولأني أعرف أن أخي يعرفه جيدا إذ أنهما يسكنان سويا في الدولة التي يدرسان فيها فهمت من كلام أخي أن هذا الإنسان ليس لديه لحية, فلو كان لديه لحية لقال لي أخي ذلك بدون تردد. لم أعرف أن زوجي لديه لحية إلا قرب العرس فكرهت ذلك كثيرا ولكني قلت سأحاول أن أتحمل فقد كنت أشعر أن الله عز وجل هو من اختار لي هذا الشخص. منذ بداية زواجي وإلى الآن وأنا أعاني من مشكلة أن زوجي لديه لحية. أعلم أنه لا يجوز حلق اللحى وأنا ولله الحمد أخاف الله كثيرا لكني بالفعل أكره وجود اللحية إلى حد لا يوصف وهي دائما سبب خلاف بيني وبين زوجي لا بل أني بدأت أشعر أنها قد تسبب فراقنا فأنا بالفعل لا أطيقها وأحيانا أشعر أني أكرهه بسبها وللعلم يا فضيلة الشيخ أقسم بالله أن الأمر خارج عن إرادتي فأنا بالفعل لا أريد أن أغضب الله ولكني ماعدت أحتمل. طلبت منه أن يحلقها حتى ولو لمرة واحدة حتى أراه ولو لمرة واحدة كما أرغب أن أراه لكنه رفض قائلا أنه لايجوز رغم أنه ينقصها ويأخذ منها باستمرر وأنا أعلم أن الأخذ منها أيضا لايجوز. يا فضيلة الشيخ أعلم أنك قد تطلب مني أن أصبر على هذا الأمر لأنه لا يجوز حلقها وأن أحاول أتكيف معها ولكني أقسم بالله أني طوال العام المنصرم وأنا أحاول أن أتقبلها وأصبر ولكني بالفعل لم أستطع وأصبحت أخاف أن تكون سببا غير مباشر في إنهاء علاقتي بزوجي إذ أنها تسبب الكثير من المشاكل والخلافات. فأنا متضايقة منها إلى أبعد حد أفيدوني جزاكم الله خيرا هل يجوز أن يحلقها؟. لدي سؤال أخير أيضا, زوجي عمره سبعة وعشرون عاما ولكن شعره مليء بالشيب وهو شيء أكرهه كثيرا فطلبت منه أن يصبغه لعلمي أنه يجوز طالما أنه لا يريد بذلك الخداع وإظهار نفسه أصغر سنا فهو ما يزال 27 عاما. فهل يجوز له أن يصبغ الشعر الأبيض أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشأن المؤمن التسليم والانقياد المطلق لأحكام الدين وتقبلها واعتقاد حسنها وصلاحيتها، وذلك لأنها جاءت من لدن حكيم خبير، ودليل هذا قول الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً {النساء:65} . وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب: 36} . بل لا يتم إيمان العبد حتى يكون هواه تبعا للشريعة؛ لما في الحديث: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. رواه ابن عاصم والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وهو حديث ضعيف لكن معناه صحيح، وبهذا تعلمين مدى خطورة ما أنت عليه من عدم تقبل هذا الحكم الشرعي والرضا به، فحلق اللحية _كما تعرفين- لا يجوز بدليل الأحاديث المصرحة بذلك، وراجعي الفتوى رقم: 3077، والفتوى رقم: 25694. وما ذكرت من النفرة وعدم التقبل ليس بحجة إذ لوجعلنا ذلك مقياسا لتقبل الأحكام وتركها لأهملنا كثيرا من أحكام الشرع، ولا يقول هذا مسلم. ولعل هذا الشعور الذي عندك راجع إلى مسألة التحسين والتقبيح بحكم العادات، والحق أن المسلم يرى الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه، وبذلك تقهرين هذا الشعور وتسدين باب فتنة الشيطان وتزيينه للنفس ما يخالف الشريعة، وبخصوص صبغ الشعر فراجعي حكمه في الفتوى رقم: 586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/530)
مدى دلالة اللحية على الالتزام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرجل يبين عليه إذا كان ملتزما, متدينا, ذا خلق إذا كان مطلقا لحيته أم هذا ليس من الضرورة أن يكون الزوج بهذا الشكل, وجزاكم الله خبراً.
(أرجوكم لا تحيلوني إلى جواب ثان لكن أجيبوني على سؤالي فقط, وأفيدونا من علمكم) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الالتزام والتدين صفات يتحلى بها الشخص وسلوك عملي يمارسه في حياته وفي عبادته وتعامله مع ربه ومع الناس، والمظهر ما هو إلا جزء منه، واللحية من مظهر الرجل الملتزم المتدين، وقد صارت في هذه الأيام العلامة المميزة بين الملتزمين وغير الملتزمين بسبب ترك أكثر المسلمين لها إلا من التزم بالدين، ولكن اللحية علامة فقط وليست دليلاً قاطعاً على كون الشخص ملتزماً متديناً حسن الأخلاق، فرب صاحب لحية سيء الأخلاق، ورب حالق لحية متدين وصاحب خلق، وبالتالي يلزم التحري والسؤال عن الرجل المتقدم للخطبة عن دينه وخلقه ولا يكتفى بكونه صاحب لحية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(11/531)
نصيحة الزوج المصر على حلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل مع زوجي لإقناعه بإعفاء اللحية وهو رافض هل عليه إثم؟.جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية معصية وإثم لما فيه من مخالفة هديه صلى الله عليه وسلم وأمره بإعفائها، وقد قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63} ، وقال صلى الله عليه وسلم: فمن رغب عن سنتي فليس مني. متفق عليه، وقد بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14055، 3707 حكم حلق اللحية لغير ضرورة أو حاجة كما بينا في الفتوى رقم: 3198 حكم حلقها لمن له ظروف تجبره على ذلك.
والواجب على المسلم لأخيه إذا رآه على معصية أن ينصحه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، ويقول له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ولا سيما إذا كان زوجاً أو قريباً من الأقارب أو ممن هم مع المرء في بيته وعلى فراشه، فلتصبري على دعوته وأمره بترك ذلك ولا تيأسي واحتسبي الأجر عند الله، وقد بينا في الفتوى رقم: 18527، والفتوى رقم: 9358 فضيلة وعظ الحالقين والضوابط الشرعية للإنكار.
وجزاك الله خيراً على اهتمامك بصلاح زوجك واستقامته، وليجد فيك أسوة للخير وقدوة فيه واستعيني بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين، وتحيني أوقات الإجابة في ثلث الليل الآخر وفي السجود وأدبار الصلوات وبين الأذان والإقامة واجتهدي فيها بالدعاء لنفسك ولزوجك ولسائر المؤمنين، نسأله سبحانه أن يهدينا للرشاد وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(11/532)
كراهة الزوج لإعفائه لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[صار لي 3 شهور من الزواج، طبعا أنا لم أر زوجي قبل العرس حتى النظرة الشرعية فما كنت أعرف شكله.. في العرس انصدمت من اأن زوجي لحيته طويلة وأنا من قبل لا أتقبل أي واحد لحيته طويلة.. الآن زوجي لحيته طويلة وأنا لا أطيقه أبدا. أحاول معه أن يحلق لكنه غير راض. شكله غير حسن ويظهر عليه أنه كبير في السن مع أنه لم يتعد 24.. أنا في حقيقة الأمر لا أطيقه ولا أحب أن أراه، أو يقترب مني، قرأت مرة فتوى بأن الزوج إذا كان به عيب أو شكله لا يعجب زوجته فإنه يجوز له أن يغير شكله لأن هذا من حق الزوجة على زوجها، فأحب أن اعرف كيف أقنع زوجي بحلق لحيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأخت السائلة يبدو أنها لا تعلم حكم إعفاء اللحية في ديننا، ولذلك صدرت منها بعض العبارات التي لا ينبغي لها التلفظ بها، وفيما نحسب أنها لو علمت أن إعفاء اللحية واجب، وأن الذي أوجبها هو الله سبحانه ورسوله ما صدرت منها تلك العبارات كقولها ما أتقبل أي واحد فيه لحية طويلة، وقولها ما أطيقه أبدا من أجل اللحية.
هذه العبارات وما شابهها قد يكون فيها محذور شرعي، وذلك أن كراهة حكم من أحكام الله بعد علمه طبعا وعدم التسليم والانقياد له يتنافى مع الإيمان قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65} .
فعليها أن تحذر من هذا غاية الحذر.
ونظن أن الأخت بعد هذا البيان ومعرفتها لحكم إعفاء اللحية لن تطلب من زوجها حلقها، ولن تكون بحاجة إلى معرفة كيفية إقناعه بذلك.
ولكن لها الحق أن تطلب من زوجها أن يتجمل لها، وأن يهتم بمظهره، وأن يتعاهد لحيته بتسريحها وغير ذلك، ولها الحق في حال كون اللحية طويلة طولا فاحشا أو عريضة عرضا فاحشا خارجا عن الطور المعهود مشوها للخلقة، أن تطلب منه الأخذ منها حتى تعود إلى طور الاعتدال، وقد رخص العلماء في ذلك، ورخص بعضهم في أخذ ما زاد على القبضة،وتقدم في الفتوى رقم: 3851.
ولعل هذا ما تعنيه الأخت بالفتوى التي قرأتها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(11/533)
البقاء في دار الكفر مع توفير اللحية أم الرجوع إلى الوطن حيث يمنع إطلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستاذ جامعي في فرنسا أريد العودة إلى الوطن ولكن هنالك يمنعون اللحية. فأيهما أهم أن أعود وأحلق لحيتي أم أن أبقى في فرنسا.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الإقامة في بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، أو لا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة. منها أنه سيجعل على نفسه سبيلا للكافرين، والله تعالى يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141} . ومنها أنه بمساكنته لهم واختلاطه معهم قد يتأثر في عقيدته فيواليهم محبة وإعجابا بهم، لما يرى مما عندهم من زهرة الحياة الدنيا وزينتها مما لا يزن عند الله جناح بعوضة. ومنها أنه قد يخف عنده الشعور بالكراهية لما هم عليه من كفر بالله تعالى ومنكرات وانحلال، فالنفس تألف ما اعتادته، وفي هذا من الخطر ما لا يخفى ولن يبقى مع المرء أدنى مقومات الإيمان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن. ومنها أنه يعرض ذريته للفساد، وأنت عليم أن الطفل في كثير من بلاد الكفار لا سيطرة لأبيه عليه، ولعلك إذا تأملت هذه المخاطر العظيمة فهمت قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. خرجه أصحاب السنن.
وبناء على هذا، فإن عليك أيها الأخ الكريم أن تقارن بين تين الحالتين، فإن كنت تستطيع إقامة شعائر دينك في الدولة التي أنت بها، ولا تخشى الوقوع في شيء من تلك المحاذير التي بيناها ومن بينها ما هو أعظم من حلق اللحية، وهذا لا ريب أنه من الصعوبة بمكان، فلا بأس بالبقاء محافظا على إعفاء اللحية، والأولى لك أن تهاجر إلى بلد مسلم لا تخشى فيه من تلك المحاذير. وإن كنت لا تستطيع ذلك وتخشى الوقوع في شيء من المحاذير السابقة، فإن الرجوع إلى الوطن يتعين ولو أدى إلى تخفيف اللحية أو حلقها إن لم يكف تخفيفها ارتكابا لأخف الضررين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(11/534)
حلق اللحية إذا أمر به صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أنا أعمل عند كفيل في السعودية ويأمرني بحلق لحيتي وأنا من مواليد السعودية
ويقول إن شكلك مثل الإرهابي، أو يقول لي قصرها، وتعرفون الأوضاع التي مرت بها السعودية
أرجوكم ساعدوني الله يساعدكم
عمري 25 سنة أعمل لديه منذ 5 سنوات، وطلبت منه نقل الكفالة فقال لو فاتحتني بهذا الموضوع أعمل لك مصيبة مع الخدامة أي قضية وأسجنك طوال حياتك أرجوكم ساعدوني، والله إنه استعباد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا حكم حلق اللحية، وذكرنا الضرورة المبيحة للأخذ منها أو حلقها، وذلك في الفتوى رقم: 6717 والفتوى رقم: 56933 والفتوى رقم: 15719 والفتوى رقم: 23533
والذي نراه وننصح به في حالتك أن توسط بعض أهل الخير والدين ليكلموا كفيلك ويبينوا له حكم الله تعالى في اللحية، وأنه لا يجوز له أن يأمر بمخالفة أمر الله تعالى، فإن ذلك من أعظم المحادة والمشاقة لله ورسوله، فإن اقتنع فالحمد لله، وإذا أبى إلا الإصرار على حلق لحيتك أو تقصيرها ولم يرض بنقل كفالتك ولم تجد خلاصا منه بلجوء لقضاء أو غيره، وخشيت أن يدعي عليك دعوى باطلة، فلا حرج عليك أن تقصر لحيتك ريثما يجعل الله لك فرجا ومخرجا، والإثم عليه لا عليك.
ونسأل الله أن يفرج همك وييسر أمرك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(11/535)
من تزيين الشيطان للعبد ليحلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: هل إطلاق اللحية سنة واجبة أم فرض على كل مسلم بالغ عاقل وهل يأثم من قصها، ثانياً: أنا أطلقت لحيتي منذ فترة لا تتجاوز عاما ولكن في بعض الفترات يطلب مني أبي وأخي وأقاربي قصها نظراً لظروف يمر بها البلد فهل يجوز قصها في ظل هذه الظروف، ثالثاً: وقد أطلقت لحيتي وأحاول أن أجدد نيتي ليكون قيامي بذلك سنة ولكن أتساءل كيف أنا مطلق للحية وأقع في ذنوب ومعاصي فأخشى على نفسي أن أكون منافقا أو مرائيا لذلك أقول لنفسي في بعض الأوقات أن الأفضل هو قصها لا أن أكون منافقا، فأمام الناس ملتزم.. ولكن أوضح لك أني بالطبع أحاول وأدعو الله دائماً أن يثبتني ويكره إلي المعاصي والذنوب ويعينني على الطاعة والتوبة الصادقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء اللحية من الأوامر الشرعية الأكيدة التي يجب على المسلم امتثالها، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب. وقد تكرر هذا الأمر منه صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما، والأمر يقتضي الوجوب على الراجح عند الأصوليين. لكن أوامر العزيز الحكيم الرحيم مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286} . وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. أخرجه مسلم.
وعلى هذا إذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضررا مجحفا محققا، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها جاز له ذلك؛ ولكن لا يصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لا يدفع عنه الأذى، لأنه فعل ذلك ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، والأصل في ذلك قوله سبحانه: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} .
وعليه مع ذلك أن لا يطمئن لما أقدم عليه ولا تركن إليه نفسه، بل عليه أن يبقى متلهفا متعلق القلب تواقا إلى أن يفرج الله عنه تلك الضرورة فيمتثل أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعفي لحيته ويقص شاربه.
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا، وأن يمكِّن لهم في الأرض ويهيء لهم من أمرهم رشدا. واعلم أنك إذا حلقت لحيتك خشية أن تكون منافقا تكون قد بلَّغت الشيطان مناه، وأعطيته مطلوبه، فإنه لم يرد منك إلا ذلك، فسارع بالتوبة من جميع المعاصي ووفر لحيتك ما كان ذلك في وسعك، ولا تلتفت إلى وسوسة الشيطان، وراجع الفتوى رقم: 59114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(11/536)
حلق اللحية للعمل في الخارج
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أتقدم بشكري الخالص لكم على حسن إجابتي على سؤالي المتضمن حكم حلق اللحية, ولقد أحلتموني على جواب أعرف مقتضاه مسبقا، ولكن سؤالي كان متضمنا على عرض مبسوط لحالتي الخاصة، وما كنت أود, وبشغف كبير هو: ما تقديركم لها من الناحية الشرعية؟ أرجو الجواب في أقرب وقت ممكن.. وجزاكم الله خيرالجزاء، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم, والحمد لله من قبل ومن بعد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت حالتك الخاصة هي مجرد طلب العمل في الخارج فإن هذا ليس بضرورة تبيح حلق اللحية، لأن بإمكان المسلم أن يعمل بالخارج وبالداخل وهو متمسك بالأوامر الشرعية واتباع السنن النبوية.
أما إذا كانت حالتك الخاصة غير ذلك فنرجو توضيحها، وباختصار فإن حلق اللحية لا يجوز كما هو معلوم لديك، ولكن إذا كانت للمسلم ظروف خاصة تجبره على حلق اللحية أو كان يترتب على توفيرها أضرار لا يتحملها فإنه حينئذ يجوز له تخفيفها أو حلقها للضرورة، فمن القواعد الفقهية: الضرورات تبيح المحظورات، والضرورات تقدر بقدرها، قال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3198، 1491، 2711، 30103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(11/537)
الإجبار على حلق اللحية.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[حلق اللحية لعذر السفر للفرار من حلقها في الخدمة العسكرية الإجبارية
عاجلا بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين قبل الجواب عن موضوع اللحية أن ينظر في مدى المصلحة التي تتحقق من الخدمة العسكرية، وهل سترتكب معاص أخرى وقت هذه الخدمة أم لا؟ حتى نعلم حكم قبول أو رفض الخدمة الإجبارية، فإن كان المجند العسكري لا تفرض عليه أمور محرمة كقتل المسلمين والاعتداء عليهم بغير حق، وكان يؤمل أن يستفيد من التجنيد تكوينا وتدريبا نافعا له ولبلده وأمته، فإن الأولى أن يحاول الاستفادة من الخدمة، ويستعيذ بالله من أن يفرض عليه حلق اللحية، ويحافظ على الأذكار المسائية، ودعاء الخروج من المنزل، فقد قالت أم سلمة رضي الله عنها: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت ... رواه أبو داود وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 31768.
وإذا حصل من القادة جبرك على حلق اللحية فإن الإثم عليهم، لما في الحديث: تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهو عليه. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
هذا، وننبه إلى أن المعفو عنه مما استكره الإنسان عليه هو ما كان متعلقا بحق الله تعالى، كما قال الإمام مالك وغيره، وأما ما كان متعلقا بحق المخلوق فإنه لا يحق للمكره عليه أن يفعله، فمن كلفه قائده بقتل مسلم لا يجوز له أن يطيعه بدعوى أنه مكره، إذ إن أقصى ما يخاف وقوعه أن يقتل القائد الجندي الذي عصاه، فلا يحق للجندي المأمور أن يقتل شخصا آخر ليحافظ على حياته، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 8796، 23298، 25794، 29828، 9608، 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(11/538)
حكم بيع ماكينة حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتح أحاول الالتزام بديني قدر الإمكان ولي سؤال: أحضر أحد أصدقائي لي ماكينة حلاقة غالية الثمن مخصصة لحلاقة الذقن فقط كهدية وبما أنني لن أستخدمها فقد فكرت في بيعها ولكنني خفت من أن يكون علي إثم في بيعها حيث إنني في هذه الحالة أكون قد ساعدت مسلماً على حلاقة لحيته وهي معصية أرجو الرد على سؤالي لكي يهدأ بالي ...
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية حرام في قول جماهير العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 2711.
ومن أعان غيره على حلق لحيته، فقد شاركه في الإثم لتعاونه معه في فعل المحرم، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
ولذلك، فإنه لا يجوز لك بيع هذه الماكينة ولا إهداؤها ولا هبتها لمن تيقنت أو غلب على ظنك أنه سيحلق بها لحيته، والحال المناسب في شأنها هو أن ينظر فيها، فإن كان يمكن استخدامها في حلق غير اللحية فلك أن تنتفع أنت بها أو تبيعها أو تهبها لمن تعلم أنه لن يستخدمها في الحرام (حلق اللحية) وإن كانت لا يمكن استخدامها في غير حلق اللحية فيجب عليك كسرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(11/539)
حلق اللحية إرضاء لأهل الخطيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أطلق لحيتي حتى أطيع الله ورسوله ولكن عندما أردت أن أتقدم إلى الزواج عارضت الفتاة وأهلها على موضوع اللحية، وأنا أريد أن أبقى ملتحيا وفي نفس الوقت أريد الزواج من هذه الفتاة، فماذا أفعل، أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2711، والفتوى رقم: 3707.
وبناء عليه فلا يجوز لك حلق لحيتك لهذا الغرض وبالتالي فليس لأهل الفتاة إلا أن يقبلوا بك ملتحيا أو تترك الزواج بابنتهم.
واعلم أن من ترك شيئاً لله تعالى عوضه خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(11/540)
حلق اللحية للحصول على عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ 23 عاما ملتزم وملتح متخرج منذ سنة ونصف لم أوفق في الحصول على فرصة عمل منذ تخرجي وأنا محتاج بشدة للحصول على عمل لإعالة نفسي وأسرتي ,, فهل يجوز لي حلق اللحية حتى يتسنى لي الحصول على العمل,, أرجوا إرسال رد خاص بى وعدم إحالتى على أسئلة مشابهة لأني طالعتها باكملها ولم أجد فيها ما يوافق حالتي
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية حرام في الأصل، وهذا قول جماهير العلماء، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 14055. ولا يجوز لأحد أن يرتكب الحرام إلا إذا اضطر إلى ذلك لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} . وبناء على هذا فلا يجوز لك حلق لحيتك إلا إذا كان العمل بالنسبة لك ضرورياً لسد حاجتك أو حاجات أسرتك، ولم تجد عملاً يمكنك به تفادي حلق لحيتك، علماً بأنه لا يجوز حلق اللحية بالكلية إذا وجدت عملاً يناسبك وكان يكتفى فيه بالأخذ منها دون حلقها، لأن الضرورة تقدر بقدرها، والله تعالى يقول: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173} . وراجع الفتويين رقم: 6717، 16291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/541)
الأمر بتوفير اللحية للوجوب أم للندب
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: تصفحت بعض فتاوى حلق اللحية فوجدت أن جل الأجوبة تتركز على أحاديث نبوية تأمر بالعفو عنها وتوفيرها وما إلى ذلك وهذا لا يدل على تحريم حلقها لأنني أعلم مع قلة علمي أن أعرابيا أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله عن وجوب صلاة الوتر فأجابه بأنها تطوع مع العلم أنه جاء في الحديث لصحيح: أوتروا يا أهل القرآن. ما أريد قوله وما يلتبس علي هو أن كلا الحديثين أعني أحاديث العفو عن اللحية وهذا الحديث أتت في صيغة الأمر كما أريد أن أضيف بأن الأحاديث الواردة في صيغة الأمر كثيرة كما تعلمون ولكنها لا تفيد التحريم وأخيرا تقبلوا شكري الجزيل داعيا الله تعالى أن يجعل ما تقدمون من خدمات للأمة في ميزان حسناتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم هو أن الأمر من الشارع يكون للوجوب إلا أن تصرفه عنه قرينة إلى الاستحباب أو الإباحة، وقال بعض العلماء إن الأمر يكون للاستحباب إلا لقرينة، وقيل للطلب الذي هو أعم من الوجوب والاستحباب والإباحة، وفصل آخرون بين أمر الرب وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ سيدي عبد الله في مراقي السعود:
وافعل لدى الأكثر للوجوب وقيل للندب أو المطلوب
وقيل للوجوب أمر الرب وأمر من أرسله للندب
وسواء قلنا بأن الأمر للوجوب كما هو المعتمد، أو قلنا بغيره، فإن القرينة إذا دلت على شيء انصرف إليه الأمر، فلا أحد من الأمة يقول بأن المحرم يجب عليه أو يندب له الصيد إذا تحلل من إحرامه، مع أن الآية تقول: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ {المائدة: 2} .
والأمر في الآية إنما هو للإباحة لقرينة أن الصيد كان محظوراً قبل التحلل، والأمر بفعل ما كان ممنوعاً يدل على رفع الحظر لا غير.
وبالنسبة للأمر بالوتر، فقد دل حديث آخر على أن الصلوات لا يجب منها غير الخمس، وذلك في حديث الرجل الذي يسأل عن الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا؛ إلا أن تطوع. متفق عليه.
قال الباجي في المنتقى: وهذا نص في أنه لا يجب من الصلوات غير الصلوات الخمس لا وتر ولا غيره.
وبالنسبة للحية، فإن الأمر بتوفيرها جاء بصيغ متعددة، ويمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 13569.
وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوفر لحيته، وكذا الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وأن حلق اللحية هو من عادات المشركين والمجوس المأمور بمخالفتهم كانت هذه قرائن تدل على وجوب إعفاء اللحية وهو المعتمد، وقال بعض الشافعية بكراهة الحلق، ولكنه قول مرجوح ضعيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/542)
أدلة تحريم حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن / هل يوجد بعض الدعاة أو العلماء من المجيزين لحلق اللحية من هم وما حججهم في ذلك وما هي أدلة فرضيتها وما الفرق بين الفرض والواجب وإن كانت صيغة الأمر في الحديث تدل على الفرضية ألم ترد نفس الصيغة في أحاديث وآيات ولم تكن فرضا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق اللحية محرم عند جمهور أهل العلم، وللشافعية قول بكراهيته، وراجع فيه فتوانا رقم: 14055.
ولم نجد قولا لأحد من العلماء يجيز حلق اللحية جوازا مستوي الطرفين.
وأما أدلة تحريم الحلق فهي أكثر من أن تحصى، فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب. متفق عليه. وفي رواية: أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى. وفي رواية أخرى: خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى. ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان موفرا لحيته. وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب: 21}
ولك أن تراجع في الفرق بين الواجب والفرض فتوانا رقم: 49847.
وصيغة الأمر تدل على الوجوب في أصل وضعها عند أكثر أهل العلم، ولكن القرائن المحتفة بها قد تصرفها إلى الاستحباب كما في قول الله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ. {البقرة: 282} . وإلى الإباحة كما في قول الله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا {المائدة: 2} . وقوله: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ {الجمعة: 10} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(11/543)
متى يباح تخفيف أو حلق اللحية، وحكم راتب الموظف إذا لم يكلف بعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أبعث اليكم بسؤالي هذا راجيا فيه الإجابة عليه سريعا وبارك الله فيكم
أنا مدرس لكن منذ فترة ونحن نتعرض لبعض المضايقات بسب إعفاء اللحى، ومن هذه المضايقات أننا منعنا من التدريس أو أي عمل آخر فى المدرسة إلا بعد حلق اللحى. فهل أحلق أم لا علما بأني لا أؤدي أي عمل الآن، والراتب ما زال مستمرا حتى الآن فهل علي شيء في أخذ راتبي أم لا؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم إعفاء اللحية في الفتوى رقم: 3198، وذكرنا الضابط لجواز تخفيفها أو حلقها في الفتوى المذكورة، والفتوى رقم: 25794. وهو إذا كان تركك للعمل لهذا السبب سيؤدي إلى مفاسد أكبر كأن تكون العائل الوحيد لأسرتك ولن تجد عملا غيره وفقدك للعمل سيؤدي إلى ضياعك أو ضياع من تعول أو الوقوع في ضيق ونكد يصعب تحملهما، فلا مانع من تخفيفها أو حلقها إن لم يفد التخفيف ارتكابا لأخف الضررين ودفعا لعظمى المفسدتين بارتكاب أدناهما إلى أن يفرج الله عنكم هذا.
وأما أخذك للراتب بدون عمل فجائز لأن التدريس إجارة، والأجير (المدرس) إذا سلم نفسه للمؤجر (الحكومة أو جهة أخرى) استحق الأجر ولو لم يوجد عمل أو أوقفته الجهة المستأجرة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/544)
لا يطيع الرجل زوجته في أمرها حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أرجو من الله العزيز القدير أن تكونوا في صحة وعافية، أرجو أن تفتوني أنا من العراق ومن أهل السنة إن شاء الله، والآن أنا أقيم في تركيا لقد تزوجت من تركية مسلمة ولكن عقيدتها ليست عقيدة أهل السنة، فهي لا تحب أن يكون لي لحية فتقول لي احلق لحيتك فهل أعاندها أم أفعل مثلما تقول، أفتوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم لا يحق له أن يطيع المخلوق ولو كانت طاعته واجبة الأصل فيما فيه معصية لله تعالى، ففي الحديث: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم.
وقد سبق أن بينا تأكيد إعفاء اللحية والنهي عن حلقها، وأدلة ذلك في كثير من الفتاوى تنيف عن المائة فراجعها في الفتاوى السابقة فإنه يمكنك الاطلاع عليها عند إدخال كلمة حلق اللحية في البحث ضمن الفتاوى.
ويلزمك الحرص على هداية زوجك وترغيبها في السنة، حتى تقتنع بأعمال الدين وتزدان في قلبها، وتكره المعاصي، جعلنا الله وإياكم ممن حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/545)
الأثر عن حلق عمر لرأس رجل لا للحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة القول: بأن عمر بن الخطاب قد حلق لحية شاب لشدة جماله بها، وما ردكم على من يدعون تحليل حلق اللحية استنادا إلى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على أن عمر حلق لحية شاب، وإنما يروى أنه حلق أو جزَّ شعر رجل سمع بعض النساء تشبب به، وقد نص على حلقه أو جزه شعر رأسه، كثير من أهل العلم منهم شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى والاستقامة، وابن القيم في الطرق الحكمية، والألوسي في التفسير، وقد ذكرت القصة بطولها في تاريخ دمشق.
وأما حلق اللحية فقد بينا حكمه في فتاوى سابقة تنيف على المائة، فيمكنك الاطلاع على بعضها عند إدخال كلمة حلق اللحية بالبحث بالنص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(11/546)
توفير اللحية واجب وحلقها حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[الأستاذ الفاضل عندي مشكلة وأرجو الرد علي في أسرع وقت، أنا شاب متزوج منذ سنة والحمد لله أنا وزوجتي نواظب على الصلاة والصيام ونقرأ القرآن وأنا منذ تواجدى بالكلية وأنا أريد أن أطلق اللحية اتباعا لسنة النبى (ص) وأهلي قالوا لي عندما تخلص الجامعة اعمل ما تريده وبعد الجامعة دخلت الجيش المهم أن بعد الزواج قلت حان الوقت لكي اطلق اللحية وفوجئت أن زوجتي منذ الصغر وهي عندها آسف على التعبير (قرفة) من اللحية (شعر الوجه) وهذا يؤدى عندها إلى تقلب في المعدة والترجيع وكنت أفكر أن هذا يحدث فقط أثناء الحمل ولكن قالت إن الموضوع هذا معها منذ زمان وأنها لاتستطيع التقرب مني وأنا مطلق اللحية وحدث بيننا خلافات كثيرة بسبب هذا الموضوع وهي تقول هذه سنة زوجتك يحدث لها ضرر منها ... أرجو من حضرتك أن تبلغني الحل من وجهة الدين في هذا الموضوع
في أقرب وقت على الاميل التالي
or]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت نصوص كثيرة تنهى عن حلق اللحية وتوجب توفيرها. منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين. متفق عليه. وقوله: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس. رواه مسلم وأحمد. وقوله: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. فحلق اللحية ـ إذا ـ محرم عند جمهور العلماء، وكون توفير هذه السنة يؤدي بزوجتك إلى الترجيع وتقلب في المعدة ونحو ذلك هو من كيد الشيطان، يريد أن يصدك عن الصراط المستقيم، فلا تدعه يلعب بك وبزوجتك هذا اللعب. وإن أصرت هي على هذا الموضوع وعرفت أنها تتضرر ـ فعلا ـ من توفيرك اللحية فإن طلاقها أهون من ارتكاب الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(11/547)
إطلاق اللحية وصبغها مختلفان حكما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن اعتبار أن صبغ الشعر له نفس حكم إطلاق اللحية باعتبار تشابه لفظ الحديت الخاص بكل واحد من الأمرين من ناحية مخالفة أهل الكتاب؟ وهل يمكن إطلاق نفس الحكم على الصلاة بالنعل لنفس السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى عن هذا السؤال وهي برقم: 25544 فنحيل السائل إليها. ونضيف هنا أيضاً أن مما يدل على أن حكم تغيير الشيب والصلاة في النعال ليس واجباً كحكم إعفاء اللحية. أن الإجماع منعقد على أن الأمر بصبغ الشيب ليس للوجوب، قال النووي رحمه الله تعالى: مع أن الأمرـ أي بصبغ الشيب ـ والنهي ـ أي عن تغييره ـ ليس للوجوب بالإجماع. اهـ وأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى حافياً وصلى متنعلاً كما في سنن أبي دواد وابن ماجه والنسائي وغيرهم، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً، ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما. رواه أبو داود. وهذا يدل على أن الصلاة في النعلين غير واجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/548)
حكم حلق اللحية حتى تزداد كثافة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد جزيل الشكر لموقع الشبكة الإسلامية ومركز الفتوى ... فأنا صبي في السادسة عشرة من عمري، أمرد لم تنبت لحيتي، ولم ينبت لي مؤخرا إلا شعيرات قليلة في ذقني، ولقد قمت بحلقها رغبة مني في أن تزداد كثافة مع الوقت والحلق حتى أتمكن من إعفائها على سنة رسول الله، مع اقتناعي بوجوب إعفاء اللحية، ولكني علمت من كتب السنة أن الرسول والصحابة كان يتمتعون بلحى كثيفة وهو ما أسعى إليه. ولقد حدث أني عندما قمت بحلق تلك الشعيرات أصابني لوم بعض اللائمين الغيورين على الدين واعتبروني حالقاً للحية. فما الحكم في هذا؟؟ وبعد الحكم في حالتي لي سؤال مجمل: هل يجوز للأمرد حلق لحيته حتى تصبح كثيفة فيتسنى له إعفاؤها على سنة رسول الله؟؟
ولكم جزيل الشكر على مجهوداتكم، والله موفقكم إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للأمرد ولا لخفيف اللحية أن يحلق لحيته ولو كان ذلك بدافع تكثيفها لتشبه لحيته لحية الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن نصوص الوحي ثبتت في وجوب إعفاء اللحية ولم يأت أمر يطالب بالسعي في كثافتها، فالواجب عليك هو أن تبتعد عن حلقها، ولا يجوز لك السعي في كثافتها بحلقها حتى تنبت. وراجع للمزيد من الاطلاع على الأدلة وكلام أهل العلم في الموضوع. الفتوى رقم: 3707،والفتوى رقم: 2711، والفتوى رقم: 22410، والفتوى رقم: 30486، والفتوى رقم: 37653.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1425(11/549)
مسائل في حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت آلة حلاقة كهربائية، قمت بدفع نصف المبلغ والنصف الآخر دفعه أخي، وهذا اقتراح مني، علما بأني أستعملها لحلق شعر رأسي أما أخي فيستعملها لحلق لحيته. س1-هل حكم هذه الآلة الحلق (كالموسة) أو حكمها الجز؟ س2-بعد أن رأيت أخي يستعملها للحيته ندمت على تعاوني، لأنه حسب علمي تعاون على إثم وعدوان وهو حلق اللحية أو جزها. فهل أعيد له نقوده ولا يستعملها بحيث تصبح ملكا لي؟ س3-أن رفض النقود مالعمل إذا؟
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على أسئلتك راجع الفتوى رقم: 14055 لمعرفة حكم حلق اللحية والأخذ منها. أما عن قولك: هل حكم هذه الآلة الحلق أم الجز؟ فجوابه أن ذلك راجع إلى صفة استخدامها، فإن استخدمت في الحلق فهي آلة حلق، وإن ستخدمت في الجز فهي آلة جز، وعلى كل فالمفتى به عندنا في الشبكة هو حرمة حلق اللحية وحرمة الأخذ منها فيما دون القبضة.
وأما عن اشتراكك مع أخيك في هذه الآلة فإذا كنت تعلم أنه سيحلق بها لحيته فأنت معين له على ذلك، والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} ، وإذا لم تعلم إلا بعد الشراء فلا حرج عليك فيما مضى، لكن عليك أن تنصحه بألا يفعل ذلك، فإن لم يستجب واستطعت أن تشتري منه النصف الآخر فعلت حتى لا تستمر في إعانته على حلق اللحية. فإن لم يقبل بالبيع فلا حرج عليك في البقاء شريكا معه في هذه الآلة مع الاستمرار بالنصح له وعرض الشراء منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(11/550)
مصلحة الدعوة والتعليم أعظم من مصلحة إعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أقيم في منطقة وأنا ملتزم والحمد لله وأريد أن أعمل في هذه المنطقة وأحفظ القرآن فيها وهذه المنطقة لا تريد أن يكون الشاب ملتحيا فهل أحلق لحيتي من أجل العمل والبقاء في هذه المنطقة حتى أحفظ القرآن أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك على دينه، وأن يرزقنا العمل الصالح والعلم النافع.
وبخصوص إعفاء اللحية فلا شك أنه من سنن الهدى التي ندب الشرع إلى فعلها، كما جاء في صحيح مسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية....
ومع أن إعفاء اللحية من سنن الفطرة إلا أنه ليس على رأس قائمة المأمورات، فإذا تعارض إعفاؤها مع العمل لهذا الدين وتعلميه قدم ذلك عليه، فمصلحة الدعوة والتعليم أعظم من مصلحة إعفاء اللحية، وعند التعارض تقدم المصلحة الأعظم على ما دونها، ولهذا وجدنا شيخ الإسلام ابن تيمية يستحب للمسلم في دار الكفر أو دار الحرب ترك مخالفة الكفار في الهدي الظاهر إذا ترتب على مخالفتهم فوات مصلحة أو ضرر يلحقه فقال في "اقتضاء الصراط المستقيم": ومثل ذلك اليوم لو أن المسلم بدار الحرب أو دار الكفر غير دار الحرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة.
وما قرره ابن تيمية لا يختص بدار الكفر أو دار الحرب، بل إذا اقتضت المصلحة الدينية والموازنة الشرعية بين المصالح والمفاسد أن يحلق المسلم لحيته في دار الإسلام فلا مانع منه، مع كراهية ذلك بقلبه، ولكن لا بد أن يغلب على الظن كون الحلق هو الوسيلة الوحيدة لتحصيل مثل هذه المهمة. وراجع الجواب رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(11/551)
لا صحة لما نسب لابن تيمية والفضيل في حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأقوال التي وردت في حلق اللحية وهل صحيح أن الإمام فضيل قال بكراهة حلقها وأن الإمام ابن تيمية قال في الاقتضاء بأن إعفاء اللحية يتوجب فقط عند غلبة الإسلام أو كلام من هذا. نرجوا إفادتنا وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أقوال بعض أهل العلم في حكم حلق اللحية، وذكر بعض الأدلة على تحريم حلقها في الفتاوى التالية أرقامها: 2711، 46100، 14055.
وأما الشيخان اللذان ذكرت فلم نعثر على ما يفيد صحة ما نسبته إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(11/552)
إعفاء اللحية ولبس النقاب.. أم طاعة الأهل بالتخلي عنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية: زوجان متزوجان حديثاً جداً والمشكلة هي أن الزوجة قررت ارتداء النقاب والزوج أيضاً ملتح، والعائلتان ترفضان ذلك وقاطعوا الزوجين مقاطعة تامة، وطلباتهم هي أن يحلق الزوج لحيته وتخلع الزوجة النقاب وتكتفي بارتداء الخمار أو الحجاب، أي ستر الشعر فقط مع كشف الوجه، والزوجة لا تريد إغضاب أمها وحريصة على علاقاتها معها كما أن الزوج لا يريد إغضاب أبيه أيضاً، كما أنه يعمل معه، وقد اشترط والده لاستمراره في العمل أن يحلق لحيته وإن لم يحلقها فلا عمل له وهو زوج حديث ومحتاج للعمل لإعالة زوجته، فبماذا تنصح هذين الزوجين، وماذا ترى فضيلتكم أنه يتعين عليهما أن يقوما به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من أوجب الطاعات وأعظم القربات، وقد صرحت بذلك نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا [الأحقاف:15] ، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن في الجهاد، فقال له: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. متفق عليه.
ولكن طاعة الوالدين إذا تعارضت مع طاعة الله، فإن طاعة الله أولى وأحق، روى أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وحلق اللحية معصية، كما سبق أن بينا في فتاوى سابقة وراجع فيه الفتوى رقم: 1454.
وستر وجه المرأة عند خشية الفتنة أمر متفق على وجوبه، وعند أمنها مختلف فيه، وراجع فيه وفي أدلته الفتوى رقم: 5224.
وقد كان واجب الأهل والأحسن بهم أن يرشدوا الأولاد إلى الطاعة والتمسك بالدين؛ لا أن يقاطعوهم ويحاولوا قهرهم على المعصية، والصواب أن لا يستجيب هذان الزوجان إلى تلك الضغوط، والله تعالى سيرزقهم، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3] .
فإن لم يجد هذا الزوج وظيفة ولا وسيلة يعيل بها نفسه وزوجته، فلا بأس بأن يفعل ما يريده منه أبوه من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، ومتى استغنى عن ذلك وجب عليه توفير اللحية، وراجع الجواب رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(11/553)
حلق اللحية من أجل أن تصبح كثيفة غير مبرر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأخي الصغير أن يحلق لحيته حتى عندما يكبر تكون قد أصبحت كثيفة ولا تكون سيئة المنظر ويستطيع إعفاءها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يحلق لحيته، سواء كان شابا أو كهلا أو شيخا، لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى.
ومن بلغ الحلم فقد أصبح مكلفا تجري عليه جميع الأحكام التي تجري على الكبار.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز لأخيك حلق لحيته بحجة أنه ما زال صغيرا، وما ذكرته في السؤال لا يعد سببا مبيحا لذلك.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتويين التالية أرقامهما: 14055، 11004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/554)
حلق اللحية معصية ظاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن من يحلق اللحية يعتبر فاسقاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق اللحية معصية ظاهرة ومخالفة لكثير من الأوامر النبوية الصحيحة، وقد عد أهل العلم المجاهر بالمعاصي والمظهر لها فاسقاً، وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 12314، والفتوى رقم: 2711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/555)
الضرر المبيح لحلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي لإطلاق اللحية؟
ما هو الحكم الشرعي للأخذ من اللحية لوجود ضرر من إطلاقها كضرر أمني مثلا؟
نرجوا الإجابة فى أسرع وقت إن أمكن مع الأدلة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء اللحية واجب وحلقها محرم إلا إذا كان وجودها يسبب للمرء ضررا معتبرا، فإن الأخذ منها حينئذ يباح لأن الضرورات تبيح المحظورات.
وراجع في هذا الفتوى رقم: 2711، ورقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(11/556)
شبهة وجوابها حول فرضية اللحية والحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الواجب والفرض، بمعنى آخر لماذا هناك رخصة لحلق اللحية مع أنها واجبة ويحرم حلقها وفي نفس الوقت الحجاب فرض ولا توجد رخصة لخلعه، ولماذا لا تكون رخص الحلق رخصاً لخلع الحجاب، أريد توضيحاً وتفصيلاً لكلام أهل العلم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرض والواجب معناهما واحد عند جمهور العلماء، وكل منهما يعني ما طالب به الشارع على وجه الإلزام، وعند الأحناف أنهما مختلفان، والفرض عندهم هو ما كان دليل ثبوته قطعياً، والواجب ما كان دليله ظنياً. قال السيوطي:
والفرض والواجب ذو ترادف ومال نعمان إلى التخالف
وإعفاء اللحية واجب وإن شئت سمه فرضاً عند جمهور أهل العلم، واختلف قول الشافعية فيها، فرآها البعض منهم واجبة الإعفاء -كما عند الجمهور- وقال بعضهم إن حلقها مكروه.
وللعلماء في اللحية أقوال أخرى يمكنك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 14055.
وبهذا تعلم أن ترخيص بعض أهل العلم في الأخذ من اللحية ليس لأن الواجب أخف من الفرض، بل لأن القائل به يعتمد إما على جواز أخذ ما زاد على القبضة، أو الأخذ منها في الحج والعمرة، وإما لأنه يعتمد على مذهب القائلين بعدم تحريم الحلق كبعض الشافعية مثلاً الذين يرونه مكروهاً وليس محرماً.
وأما الحجاب فهو فرض على الحرة البالغة، وإن شئت قلت إنه واجب، وراجع في حكمه الفتوى رقم: 5561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(11/557)
السنة في اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما السنة في اللحية من حيث تحديدها أو تخفيفها أو غير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في اللحية أن توفر ولا تحدد أو تخفف، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. وفي رواية: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى.
وقد أباح بعض أهل العلم الأخذ منها إذا طالت طولاً فاحشاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3851، والفتوى رقم: 14055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(11/558)
حكم السكسوكة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تربية الشعر بشكل دائري حول الفم أو ما يعرف بالسكسوكة هل هو حرام أرجو الرد وعدم ربط إجابتي بإجابات أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قص الشارب حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث: أحفوا الشوارب. رواه مسلم، وفي الحديث: جزوا الشوارب. رواه مسلم.
وفي الحديث: قصوا سبالكم. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وفي الحديث: من الفطرة قص الشارب. رواه البخاري.
وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن قصه فرض، واستدل لذلك بالحديث: من لم يأخذ من شاربه فليس منا.
وهذا الحديث رواه الترمذي والنسائي وأحمد، وصححه الترمذي ووافقه الألباني والأرناؤوط.
وقد ذكر ابن مفلح في الفروع أن صيغة ليس منا تقتضي التحريم.
وأما عفاء اللحية وعدم أخذ شيء منها فهو فرض كما ثبتت به الأحاديث الكثيرة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا هو الراجح وهو مذهب أكثر أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(11/559)
وصاحب (السكسوكة) مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم السكسوكه حيث أخبرني أحد الأصدقاء [أن السكسوكه حرام على وجه الخصوص وأن هناك حديث في ذلك فيما معناه أن أناسا ستكون أذقنهم كحواصل الطير لا يردون الجنه فهل هذا صحيح؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن حلق اللحية لا يجوز، فمن ذلك ما ورد في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب واعفوا اللحى.
وتوفير اللحية يقتضي تركها موفرة لا يحلق منها شيئا، وصاحب السكسوكة يحلق أكثر لحيته ويترك جزءا قليلا على ذقنه، وهذا مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم ولهديه وهدي الأنبياء من قبله والسلف الصالح من بعدهم.
ولمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1510، والفتوى رقم: 2711.
وأما الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم فليس في اللحية وحلقها، وإنما هو في صبغ الشعر وتغيير الشيب.
وقد روى الإمام أحمد والنسائي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(11/560)
حول حلق اللحية وتخفيفها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم حلق اللحية وهل هي من كبائر الذنوب؟
وما حكم تخفيفها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم حلق اللحية وهل هو من الكبائر؟ وحكم تخفيفها في الفتوى رقم: 2711، والفتوى رقم: 14055، فنرجو الاطلاع عليهما
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(11/561)
اختيار الزوج.. واللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عملية التجميل من أجل الزواج حرام، وهل عندما يتقدم شخص ما لي بالزواج أن يكون شرطي الأول اللحية، هل الشرط هذا مبالغ فيه؟ ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عملية التجميل إذا كانت لازالة عيب مشين مشوه للخلقة فلا بأس بها، وسواء كان ذلك من أجل الزواج أو غيره، وإن كانت لزيادة الحسن لا لعيب زائد فلا تجوز، ولذلك يرجى مراجعة الفتوى رقم: 1509، والفتوى رقم: 1007.
وأما قول السائلة أنا شرطي الأول اللحية فإنه غير واضح، لكننا نقول لها: إن كان مقصودك أنك تشترطين على من يتقدم لك أن يكون ذا لحية فهذا خير ينبغي أن تشكري عليه، ولكن إذا تقدم لك شخص يرضى دينه وخلقه وبقي أنه يحلق لحيته فلا ننصحك برده من أجل ذلك، فاقبلي به وحاولي إصلاحه بعد ذلك، وإن كان مقصودك أنك تشترطين عليه حلق لحيته فإن هذا غير صحيح إذ لا ينبغي للمرأة أن تشترط مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تعني أنها لا تتزوج إلا لشخص لا لحية له فهذا شيء يخصها ولا ينبغي ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1425(11/562)
شبهة حول إعفاء اللحية وجوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن إطلاق اللحية للرجال وهي سنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولكن في وقتنا الحالي تتم محاربة كل من ربى اللحية في مكان عمله، فأصبح الناس يحلقون لحاهم، سؤالي هل حلق اللحية تنتقص ثواب المسلم إذا صلى أو صام أو تصدق أوأي عمل يقوم به من فرض أو سنة؟ سؤال آخر حسب معلوماتي فإن إطلاق اللحية قد فرض لمخالفة اليهود والنصاري في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أم الآن فأصبحنا لا نفرق بينهم فالمسلم واليهودي والنصراني والبوذي ووووووو يربون لحاهم، هل هذه المعلومة صحيحة أم خاطئة وما هو الصواب؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم حلق اللحية في الفتاوى التالية: 2711، 14055، 29199
أما عن حكم حلق اللحية بسبب ما يتعرض له المسلم من المحاربة بسبب إعفائها فانظر الفتوى رقم: 3198
وحلق اللحية لاينقص أجر وثواب الأعمال الصالحة من الصدقة والصيام والصلاة إذ ليس هناك دليل يدل على ذلك.
والأمر كما ذكر الأخ السائل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بإعفاء اللحية وتوفيرها مخالفة للكفار بأصنافهم، وبذلك وردت الأحاديث الصحيحة.
ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين، وفروا اللحية، وأحفوا الشوارب.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس.
وفي مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعفوا اللحى، وخذوا الشوارب، وغيروا شيبكم، ولا تشبهوا باليهود والنصارى.
وكما ترى أيها الأخ الكريم، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بأصنافهم، فذكر المشركين وهو يعم كل المشركين من العرب وغيرهم، وذكر المجوس، وذكر اليهود والنصارى.
ومن المحال أن يكون جميع هؤلاء يحلقون لحاهم في عهد لنبي صلى الله عليه وسلم، بل منهم من يحلق، ومنهم من يوفر لحيته، خاصة المشركين من العرب فلم يكن يعرف عن العرب حلق اللحية.
فإذا علمنا أن منهم من يحلق لحيته، ومنهم من يوفرها، علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمرنا بمخالفتهم وإعفاء اللحية أراد تحقيق أمرين:
الأول: مخالفة هؤلاء الكفار أي الذين يحلقون لحاهم.
الثاني: موافقة الأنبياء، والعمل بمقتضى الفطرة، فإن إطلاق اللحية من هدي الأنبياء، وهو من سنن الفطرة، كماصح بذلك الحديث.
فإذا زال المقصود الأول، وفرضنا أن كفار العالم أطلقوا لحاهم، فإن المقصود الثاني وهو الأهم لا يزال باقياً، فيبقى الحكم ببقائه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(11/563)
أخذ مازاد عن القبضة من اللحية به يقول الشافعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.أريد يا شيخ أن أسألك عن الأخذ من اللحية وسمعت من بعض الإخوان أن الشافعي قال يجوز الأخذ منها؟ وهل كلامه صحيح وأريد منك يا شيخ أن ترجعنا إلى المراجع التي تدل على كذب هذا المدعي؟
ويا شيخ أريد منك أن تشرح لي كيف أبحث عن مسألة فقهيه في كتب الفقه؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حلق اللحية والأخذ منها، وذلك في الفتاوى التالية: 14055، 43829، 36512.
ومن ذلك نعرف أن الشافعي يقول بجواز أخذ ما زاد على القبضة من اللحية، ومن نسب ذلك إليه فكلامه صحيح وليس كاذبا ولا دعيا.
وأما عن كيفية البحث عن مسألة فقهية في كتب الفقه، فهو بالرجوع إلى مظان المسألة وموضوعها مع الاستعانة بالفهارس الموجودة في أواخرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(11/564)
حكم حلق اللحية في المذهب الشافعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحلق في غير مواسم الحج غير جائز لا تنسوا أننا على منهاج الشافعي؟؟؟؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد حلق الرأس فقد مضى حكمه في الفتوى رقم: 2953، فلترجع إليها، وإن كنت تقصد حلق اللحية فقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 263، والفتوى رقم: 2711، وما اعتمده متأخرو الشافعية هو كراهة حلق اللحية في النسك -حج أو عمرة- وفي غيره، وهذا ما نص عليه الغزالي والرافعي والنووي وشراح المنهاج وأصحاب الحواشي وغيرهم من المتأخرين، واعترض عليهم في ذلك جماعة من الشافعية منهم: ابن الرفعة والحلمي والأذرعي، قال المحشيان على تحفة المحتاج بشرح المنهاج: فائدة: قال الشيخان: يكره حلق اللحية، واعترض ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعي رضي الله عنه نص في الأم على التحريم، قال الزركشي: وكذا الحليمي في شعب الإيمان، وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة، وقال الأذرعي: الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/565)
حكم إحفاء الشوارب
[السُّؤَالُ]
ـ[2 ـ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أرخوا اللحى واحفوا الشارب، فهل حف الشارب حلقه بكلية أو تخفيفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
2- اختلف أهل العلم في كيفية إحفاء الشوارب، وراجع أقوالهم فيها في فتوانا رقم: 1414.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/566)
حكم نزع الشعر في منطقة ما تحت العينين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نزع الشعر من الوجه في المنطقة تحت العين وكمية الشعر عادية علما بأن العمر 16سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن الشعر الذي ينبت بالخدين داخل في مسمى اللحية، فلا يجوز حلقه، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 16277، والفتوى رقم: 11004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/567)
إعفاء اللحية واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو الرد على القائل بعدم وجوب إعفائها بأن الأمر بمُخالفة المُشركين لا يتعيَّن أن يكون للوُجوب، فلو كانت كلُّ مُخالفةٍ لهم مُحتَّمة لتحتَّم صبْغ الشعر الذي وَرَدَ فيه حديث الجماعة: \"إن اليهود والنصارى لا يَصبغون فخَالِفُوهم\"، وأن مَن أعفَى لحْيته كان مُثابًا، ويُؤجَر على ذلك، ومَن حلَقها، فقد فعل مَكروهًا، لا يأثَمُ بفِعله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره القائل من أن الأمر بمخالفة المشركين لا يتعين أن يكون للوجوب صحيح، وعليه أمثلة من ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم.
وقد تكلم عن هذا الحديث مثلاً ابن دقيق العيد والنووي وابن عبد البر والحافظ ابن حجر وجماعات ولم يذكروا قائلاً بالوجوب.
بل قوله صلى الله عليه وسلم: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. رواه البخاري.
فيه أمران: أمر بجز الشارب وأمر بإرخاء اللحية، وقد حمل الجمهور الأمر بجز الشارب على الندب والاستحباب، والأمر بإرخاء اللحية على الوجوب، ففرقوا بينهما مع ورودهما في حديث واحد وورود الأمر بمخالفة المشركين في نفس الحديث.
وحمل الشافعية الأمرين على الندب- وقد قالوا هم وبقية إخوانهم من الفقهاء إن الأمر يصرف من الوجوب إذا ورد في باب الأدب- لأنهما وردا في باب الأدب وباب الأدب لا يحتمل الوجوب، وقالوا للجمهور إن الحديث ورد فيه أمران "جزوا وأرخوا" فإما أن تحملوهما على الوجوب وإما أن تحملوهما على الندب، أو أتيتم بوجه التفريق.
وعموماً فالمسألة خلافية شهيرة، فمن أخذ بأحد القولين فلا تثريب عليه إن كان قد أوصله إلى ذلك اجتهاد معتبر أو تقليد من يثق بدينه وعلمه، وانظر الفتوى رقم: 14055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/568)
حد الأخذ الجائز من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يقول إنه لا يجوز للرجل أن يأخذ أي شيء من لحيته ويقولون إن الأمر بإعفاء اللحية يقتضي ذلك ويعتبرون ذلك معصية، ولكني لست مقتنعة بهذا الكلام، لأن الرجل إذا ترك لحيته تطول بدون أن يهذبها بالأخذ من طولها ومن جوانبها قد تطول حتى تصل إلى فخذيه ويصبح مظهرها غير مهذب ويصبح مظهر الرجل غير مقبول بين الناس وهذه هي الحقيقة ثم إني لا أرى أي تعارض بين إعفاء اللحية وبين الأخذ منها لتهذيبها لأنها ستظل مرخيةـ كما في الرواية التي تقول (أرخوا اللحى) ـ ولكن سيكون مظهرها مهذباً بعكس أن يتركها حتى تصل إلى فخذيه، وأيضاً إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم ينه عن قص اللحية والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل بتحريمه، أريد منكم أن ترشدوني إلى الصواب وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم حرمة حلق اللحية، أما تقصيرها فأكثر الفقهاء على جواز أخذ ما زاد على القبضة، وهو منقول عن جماعة من السلف، كما بيناه في الفتوى رقم: 3851، والفتوى رقم: 14055، والفتوى رقم: 3851.
وعليه؛ فلا بد من التفريق بين الحلق والتقصير لما زاد على القبضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/569)
تصوير استمتاع الزوجين بالفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ذكرالشيخ أبوإسحاق الحويني في شريطه بعنوان أمريكا التي رأيت أن الشيخ يوسف القرضاوي قد أفتى بجواز تصوير جماع الرجل مع زوجته بالكاميرا فيديو فهل هذا صحيح جزاكم الله خيرا عنا.
ـ سؤال2:هل اللحية فرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم تصوير جماع الرجل زوجته بالفيديو، وذلك في الفتوى رقم: 8612، أما عن فتوى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فلا علم لنا بها، وإن أردت الاستيثاق منها فراسل موقعه على الإنترنت.
أما عن حكم حلق اللحية فقد مضى بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 25544 / 33130 / 41329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/570)
اختلاف العلماء في حد إعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم ذكر أسماء العلماء الذين فسروا إعفاءاللحية بالكثافة وإن لم تبلغ القبضة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 14055 اختلاف العلماء في حد إعفاء اللحية وحكمه، ونزيد هنا ما جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم قال: قال في غاية البيان اختلف الناس في إعفاء اللحى ما هو؟ فقال بعضهم: تركها تطول فذاك إعفاؤها من غير قص، وقال أصحابنا: الإعفاء تركها حتى تكثَّ وتكثر والقص سنة فيها وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد منها على قبضة قطعها، كذلك ذكر محمد في كتاب الآثار عن أبي حنيفة قال: وبه نأخذ. ا. هـ
وجاء في بريقة محمودية للخادمي الحنفي: ... وعن الإحياء قيل لا بأس بأخذ ما تحت القبضة، وقيل مكروه، وتركها عافية، والأول هو الظاهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/571)
ما فعلته ينافي الإرخاء والتوفير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم من ليبيا متواجد في بريطانيا، لدي سؤال حيرني لم أنم منذ أيام بسببه
هو: أني قمت بجعل لحيتي خطا رقيقا جدا من فوق إلى أسفل، علما بأنه ليس لدي شعر كثير في لحيتي فقط جعلته خطا لأني أريد لحية في ذقني هل جائز أن أجعلها خطا رقيقا
أرجوكم أن تجيبوني هل هي جائزة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن إعفاء اللحية وعدم حلقها واجب، ولكن اختلفوا في حد إعفاء اللحية، فمنهم من ذهب إلى جواز أخذ ما زاد على القبضة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام مسلم وغيره في الأمر بإعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها، ولا شك أن ما فعلته ينافي الإرخاء والتوفير.
فعليك بالتوبة منه والاستغفار وعدم العودة له.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتاوى: 9484، و 14055، و 3707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/572)
الأحاديث الواردة في اللحية لا مطعن في صحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هناك جدال كبير في أوساط الزملاء عن مدى صحة وسند الأحاديث التي جاءت في اللحية، أرجو أن تبينوا لي ذلك جزاكم الله خير الجزاء، وهل هناك أي مبرر لحلقها ولو ضعيفا إن كان الجواب بالنفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما الأحاديث الواردة بخصوص إعفاء اللحى فلا مطعن في صحتها، لأنها في أعلى مراتب الصحيح، حيث اتفق على بعضها البخاري ومسلم، وبعضها انفرد به البخاري، وبعضها انفرد به مسلم، وروى البعض الآخر أهل السنن غيرهم.
وإنما الكلام في دلالة هذه الأحاديث على الوجوب أو الندب، وهذا ما فصلناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14055، 14178، 20178، 21149، 1491.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/573)
حكم قص ما زاد عن القبضة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: عن أخذ ما زاد على قبضة اليد من اللحية، الشعر الذي في أسفل ذقني يزيد عن قبضة يدي، وكذلك الشعر الذي على الجوانب في منطقة أسفل الخد بكمية أكبر من الشعر الذي في ذقني من الأمام، هل يجوز عندما آخذ من لحيتي أن أقبض بيدي على الشعر من أسفل الخد لوحده على سبيل المثال من غير ما أقبض على لحيتي بشكل كامل؟ (حيث إنني عندما أقبض على اللحية كاملة تصبح وكأنّها أقصر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأحاديث الصحيحية على حرمة حلق اللحية، أما قص ما زاد على القبضة منها فقال به بعض العلماء لكن تركه أولى، وانظر الفتوى رقم: 14055.
وعلى كلٍ؛ فإذا اختار السائل الأخذ بقول من قال بقص ما زاد عن القبضة فلا حرج، والمقصود بالقبضة قبض الشعر النابت على الذقن ثم قص ما زاد على القبضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/574)
حلق اللحية إذا اشترطته المدرسة على الطالب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية لشاب عمره 16 سنة لأول مرة ليس فيه شعر كثيف، مع أنه يؤمر بأن يحلق في المدرسة الثانوية التي يدرس فيها في أمريكا؟ أفيدونا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فحلق اللحية للضرورة جائز، فإذا كانت هذه الدراسة ضرورية له وللمسلمين، ولم يوجد مثل هذه الدراسة في مكان يستطيع المرء فيه الحفاظ على دينه، جاز له حلق لحيته، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] ، وقد بينا هذا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17807، 3198، 23094، 30356 > وننبه الأخ السائل إلى أنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار إلا لضرورة ملحة، أو حاجة لا يستغني عنها المسلم أو المسلمين، وراجع هذا في الفتوى رقم: 28551. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/575)
حكم حلق شعر الوجنة والعنفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لدي استفسارات في ما يتعلق بحكم اللحية، حيث لم أجدها في الفتاوى السابقة: ما حكم الشعر النابت على الشفة السفلى (العنفقة) حيث إن منبته لا يصل إلى حدود الذقن وهو ملتقى عظمتي الفك السفلي (اللحيين) ؟ وهل حد الخد من الوجه هو ما يغطي عظمة الفك السفلي، أم يتعدى ذلك؟ وهل يجوز تهذيب أو قص ما زاد عن حد الخد من شعر الوجه، كالذي على الوجنة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالإضافة إلى ما سبق في الفتوى رقم: 16277 من تعريف اللحية وحدها، فقد صرح المالكية بحرمة حلق شعر العنفقة وهو شعر الشفة السفلى، كما جاء في الفواكه الدواني: وأما شعر العنفقة فيحرم إزالته كحرمة إزالة شعر اللحية. انتهى.
وأما الوجنة فلم نر أحداً أدخلها في حد اللحية، ولذا فلا مانع من إزالة ما ينبت عليها من شعر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/576)
يسأل العبد عن حلقه للحيته يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يسأل العبد عن عدم إطلاق اللحية، وما حكم حالقها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن إطلاق اللحية واجب وحلقها حرام، كما في الفتوى رقم: 30486.
وعليه فحالق لحيته معرض لسؤال الله تبارك وتعالى عن حلقها قال الله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49] .
وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/577)
لا يجوز قص اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن من يقص لحيته فهو آثم، أنا أعتقد أن إعفاء اللحية سنة، وكذلك قيام الليل، فهل من يقص لحيته ولا يقوم الليل آثم؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعفاء اللحية سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، والصحيح عدم جواز قصها أو أخذ شيء منها، وراجع الجوابين التاليين: 9484، 4451.
أما قيام الليل، فليس بواجب حتى يأثم من تركه، بل هو تطوع مرغب فيه
ففي مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: فإن الله افترض قيام الليل في هذه السورة (سورة المزمل) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فريضة. انتهى.
وقد ذكر ابن كثير هذا أيضا في تفسير سورة المزمل.
ومن الأحاديث التي تدل على الترغيب في قيام الليل:
1- قوله صلى الله عليه وسلم في شأن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، قال سالم، فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه.
2- كما قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، منهاة عن الإثم، وقربة إلى الله عز وجل، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد. والحديث في "شعب الإيمان"
وراجع الفتوى رقم: 311.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/578)
حلق اللحية محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 19 سنة وبدأ يظهر عندي بعض شعر اللحية وهو متفرق في كل مكان.
أريد أن أسأل إن كان يحل لي حلقه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام، وقد سبق للشبكة الإسلامية أن أصدرت فتاوى في ذلك وهي برقم: 14055 / 263 / 3851 / 2711
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(11/579)
حكم تحديد اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز تحديد اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 16277 حد اللحية، فإذا كان التحديد المسؤول عنه خارجاً عن ذلك الحد فلا مانع منه، وانظر للفائدة الفتويين التاليتين: 16958، 27114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/580)
يخشى الفتنة على نفسه إذا أعفى لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم في الصين أعلم أن إعفاء اللحية واجب ولكني أخشى الافتتان إذا أعفيت اللحية، لأن كثيراً من المسلمين فتنوا بسبب اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت متى أطلقت لحيتك تعرضت لأذى شديد لا يمكن تحمله عادة، تخشى منه الافتتان، جاز لك حلقها لأنك في هذه الحال مكره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
وإذا كنت متى أطلقتها تعرضت لبعض المضايقات أو السخرية أو نحو ذلك مما يمكن تحمله فلا يجوز لك حلقها، لأن الالتزام بالدين في الغالب قد يترتب عليه حصول أذى ولا سيما في أوقات الفتن، ولذا كثر في القرآن أمر المؤمنين بالصبر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] .
وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200] .
وقال عز من قائل: وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر:7] ، وقال جل جلاله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت [القلم:48] ، وقال سبحانه: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17] .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا بد من أذى لكل من كان في الدنيا، فإن لم يصبر على الأذى في طاعة الله، بل اختار المعصية كان ما يحصل له من الشر أعظم مما فر منه بكثير، قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [التوبة:49] .
ومن احتمل الأذى والهوان في طاعة الله على الكرامة والعز في معصية الله، كما فعل يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء والصالحين، كانت له العاقبة في الدنيا والآخرة. انتهى.
وراجع للأهمية الفتوى رقم:
3198، والفتوى رقم: 30356، والفتوى رقم: 24306، والفتوى رقم: 25794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/581)
الصغائر قد تكون سببا لهلاك الإنسان يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل حلق اللحية حرام أي أن الله خالقي والذي يعرف ما بنفسي يضعني في (النار) ، النار كلمة ليست سهلة علشان حلقت اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام قطعاً لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين.
وفي لفظ عند مسلم وأحمد في المسند: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس.
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مجوسياً أعفى شاربه وأحفى لحيته، قال له: من أمرك بهذا؟ فقال المجوسي: ربي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لكن ربي أمرني أن أحفي شاربي وأعفي لحيتي. وغيرها من الأدلة الدالة على وجوب إعفاء اللحية.
ونقول للسائل الكريم: لا تنظر إلى صغر المعصية؛ ولكن انظر إلى عظم من عصيت، ثم إن الإصرار على الصغائر وعدم التوبة منها يصيرها كبائر، والصغائر قد تكون سبباً لهلاك الإنسان يوم القيامة، وصدق من قال:
لا تحقرن صغيرة ... إن الجبال من الحصى
وقد روى الإمام أحمد والطبراني وغيرهما من حديث سهل بن سعد مرفوعاً: إياكم ومحقَّرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعودٍ وجاء ذا بعودٍ حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه.
وعند النسائي وابن ماجه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً. وصححه ابن حبان.
فإياك أخي السائل أن تستصغر هذا الذنب "حلق اللحية" واعلم أنه ذنب، وإن كان صغيراً، وأن الله يكره جميع الذنوب صغيرها وكبيرها.
وإذا كان الله عز وجل قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعفي لحيته كما في الحديث السابق فكيف بنا نحن؟!
وفقنا الله جميعاً لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/582)
التقرب إلى الله بإعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم إطلاق اللحية؟ هناك من يقول اللحية فريضة وهناك من يقول سنة.
أريد أن تذكر لي ماذا تكون نيتي عند إطلاق اللحية؟
وكيف أخلص في إطلاق اللحية وفي بقية أعمالي كلها؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام لما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " متفق عليه.
وفي الموضوع أحاديث أخرى كثيرة، وقد سبقت الإجابة على حكم حلق اللحية في الفتوى رقم: 2711 فراجعها.
وإذا صح أن حلق اللحية حرام- وهو صحيح- فترك الحرام واجب، وبالتالي يكون إعفاء اللحية واجباً.
ثم الذي عليك أن تنويه عند إطلاق اللحية هو أنك تتقرب إلى الله تعالى بفعل هذا الواجب رجاء الثواب منه.
وعن سؤالك الثاني فإن المرء إذا عرف أن الله تعالى هو المجري للنعم والدافع للمصائب، واستقر هذا الأمر في ذهنه، استوجب منه ذلك أن يخلص له في سائر أعماله.
وراجع الفتوى رقم: 7515
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/583)
مدلولات الألفاظ الواردة بخصوص قص الشارب وإعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
شيخنا مسألتي في اللحية والشارب تكمن في معاني الروايات وهي كالتالي: عن الشارب قال الحبيب {قص، أخذ، تقصير، جزوا، احفوا، أنهكوا} ما معنى كل كلمة لغة واصطلاحا وكذلك عن اللحية {أرخوا، أوفوا، وفروا، اعفوا} وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قص الشارب وجزه وتقصيره بمعنى واحد، وهو الأخذ منه.
وأما الإحفاء والإنهاك، فمعناهما الحلق والاستئصال.
ومن أجل اختلاف معنى الإحفاء والإنهاك مع معنى التقصير وما في معناه، اختلف أهل العلم في السنة في الشارب، فمنهم من يرى أن السنة هي التقصير، ومنهم من يقول: السنة هي حلق الشارب، ومنهم من يخير بين الأمرين.
قال النووي: وأما الشارب فذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: احفوا وانهكوا. وهو قول الكوفيين، وذهب كثير منهم -يعني السلف- إلى منع الحلق والاستئصال، وقاله مالك، وكان يرى حلقه مثلة، ويأمر بأدب فاعله، وكان يكره أن يؤخذ من أعلاه، ويذهب هؤلاء إلى أن الإحفاء والجز والقص بمعنى واحد، وهو الأخذ منه حتى يبدو طرف الشفة، وذهب بعض العلماء إلى التخيير بين الأمرين. هذا آخر كلام القاضي. والمختار: ترك اللحية على حالها، وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلا، والمختار في الشارب ترك الاستئصال والاقتصار على ما يبدو به طرف الشفه. انتهى كلامه.
وأما الألفاظ التي وردت في شأن اللحية وهي: أرخوا، ووفروا، واعفوا، وأرجوا، فهي كلها بمعنى واحد، وهو تركها، على حالها، قال النووي رحمه الله عند شرحه لحديث مسلم جزوا الشوارب وأرخوا اللحى قال: فتحصل خمس روايات: أعفوا، وأوفوا، وأرخوا، وأرجوا، ووفروا، ومعناها كلها تركها على حالها، هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه.. إلى أخر كلامه عليه رحمة الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/584)
حكم السخرية من شعيرة اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت أن من يسخر من اللحية يعد كافرا ولا أخفيك أني قد فعلت (ليس سخرية من الدين أو حكمه ولكن من اللحية فقط) وتبت إلى الله فهل كان هذا الفعل مخرجاً لي من الدين ويجب علي شهادتان وغسل مثل الكافر؟ وما هي الأقوال والأفعال التي يجب أن أتجتنبها حتى لا أقع في كفر أو فسوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الاستهزاء باللحية أو شعائر الدين هزلاً أو جداً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5642 - 21800 - 26193.
هذا إذا كان يقصد الاستهزاء بالدين أو شعيرة من شعائره، وقد بينا أكثر نواقض الإسلام في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10765، 12718، 22306.
علماً بأن إطلاق اللحية واجب عند جماهير أهل العلم، وحلقها حرام، والمستهزئ بها مستهزئ بإحدى شعائر الدين، ولمعرفة حكم اللحية راجع الفتوى رقم: 34840، والفتوى رقم: 32230.
أما إذا كان قصد الشخص هو الاستهزاء بشخص معين كما هو في السؤال، فهذه معصية من المعاصي التي يجب على فاعلها أن يتوب منها ويستغفر الله تعالى على ما حصل منه، ويتحلل من المستهزأ به قبل أن يلقى الله تعالى بذنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/585)
أحكام وفتاوى تتعلق باللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية؟ وما هي أحكامها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية بالكلية محرم شرعًا في قول جماهير أهل العلم، وهو الذي دلت عليه النصوص الصريحة، ويجوز أخذ ما زاد على القبضة منها، لورود فعل ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، علمًا بأن للحية أحكاماً كثيرة بيَّنَّاها في الفتاوى التالية: 3198، 22410، 21149، 23298، 30103، 30045، 29828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1424(11/586)
شبهات حول حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا حلق اللحية حرام ولم ينهنا النبي صلى الله عليه وسلم عن حلقها ولكن أمرنا بإعفائها؟ ويقول في الحديث الصحيح: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) وفي الجزائر أصبح حلق الحلية عادة ويقول النبي أيضا: (الإثم ما حاك في قلبك وكرهت أن يطلع عليه الناس) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حلق اللحية، وذلك في الفتاوى التالية: 2711، 4682، 23124.
وقول السائل ولم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلقها جوابه: أنه قد أمر صلى الله عليه وسلم بإعفائها، والأمر بالشيء نهي عن ضده، كما هو معروف، فالأمر بالإعفاء نهي عن الحلق، والأمر يقتضي الوجوب، وترك الواجب حرام.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أمرتكم به، فأتوا منه ما استطعتم.
فليس فيه دليل على إباحة حلق اللحية، بل فيه دليل على وجوب إعفائها، نعم إذا لم يستطع الشخص إعفاءها، بأن كان يخاف ضرراً متحققاً لا يتحمله لو لم يحلقها، فله حينئذٍ حلقها للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
وقول السائل: وفي الجزائر أصبح حلق اللحية عادة، جوابه: أن العادات المخالفة للشرع غير معتبرة، بل يجب تغييرها، قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا [البقرة:170] .
وحديث: الإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس ليس فيه دليل على حلِّ حلق اللحية، بل فيه دليل على حرمة ذلك، لأن حلق اللحية مما حاك في القلب.
أما قوله: وكرهت أن يطلع عليه الناس، فالمراد به الشيء الذي تشك في كونه إثماً، إلا أنك تكره أن يراك الناس وأنت تفعله، ولو كان كل ما كرهت أن يطلع عليه الناس إثماً لكانت صدقة السر وصلاة السر من الآثام!!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/587)
هل من عقاب لحالق اللحية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حلق اللحية يعتبر من المحرمات وإذا كان من المحرمات شرعا فما هي عقوبة حالق اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى حرمة حلق اللحية، وهو الذي تدل عليه النصوص الشرعية. كما في الفتوى رقم: 30486.
ولا نعلم عقابًا محددًا عن الشارع في حلق اللحية، وليس لأحد أن يثبت ذلك بدون دليل، ولكن نقول: حلقها معصية كسائر المعاصي التي تعرض صاحبها لعقاب الله تعالى. وراجع الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/588)
حلق بعض العلماء للحاهم ليس دليلا على الجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل حلق اللحية من المحرمات؟ وإذا كان من المحرمات فلماذا الكثير من رجال العلم والدعوة غير ملتحين؟ وهل يجوز حلقها لأنها تؤذي الزوجة أثناء المعاشرة الجنسية؟
والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال العلماء هو أن حلق اللحية حرام. كما هو مبين في الفتاوى التالية: 20178، 35033، 30893، 30524.
وحلق كثير من العلماء والدعاة للحاهم ليس دليلاً على الجواز، بل الدليل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. أما حلق اللحية لطلب الزوجة فقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 25694. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/589)
ماهية الإكراه التي تبيح حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي أجبرني على حلق اللحية فحلقتها بيدي فهل عليّ من إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان إجبار أبيك إياك على حلق اللحية قد حصل أو يمكن أن يحصل بالضرب أو السجن ونحوهما مما فيه إضرار بك، فلا إثم عليك في حلقها بذلك؛ فقد روى ابن ماجه من حديث أبي ذرٍ الغفاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وإن كان جبره لك إنما هو بالقول فقط دون أن يكون ثمة عقوبة تصلك منه إذا لم تفعل، فإنك بحلقها في هذه الحالة تكون آثمًا؛ لأن طاعة الأب في معصية الله لا تجوز. أخرج الشيخان والنسائي وأبو داود وأحمد من حديث عليٍّ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/590)
حلق اللحية.. وملاقاة الله بقلب سليم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سئل إمام مسجد هنا بالجزائر: كيف تلقى الله بدون لحية؟ فأجاب: ألقاه بقلب سليم واستدل بقوله تعالى: (إلا من أتى الله بقلب سليم) وبذلك فقد أجاز حلق اللحية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وغيره. قال: انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى. أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد. وفي رواية: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب.
وبناء على ذلك فحلق اللحية لا يجوز فعله لمسلم، وأحرى أن يكون الفاعل إمام مسجد. ثم كيف يكون لاقيًا الله بقلب سليم من يخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63] ، ويقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] . وروى البخاري وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلاَّ من أبى. قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/591)
لا تعارض بين أحاديث إعفاء اللحية وتغيير شيبها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يجمع بين الحديث الآمر بصبغ اللحية البيضاء، والحديث الآمر بإعفاء اللحية؟ وكلاهما ينهى عن التشبه بالكفار، مع أن الصبغ سنة والإعفاء واجب؟
وحديث سنن الفطرة التي ذكر منها إعفاء اللحية؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تعارض بين الحديثين المشار إليهما حتى يحتاج إلى الجمع بينهما، فإن حديث الأمر بتغيير الشيب لا يقتضي الأخذ من اللحية عند التغيير، ولا يجوز التغيير بإزالة الشعر، وإنما يكون بالصبغ على الهيئة التي بها اللحية. والحديث - كما في الصحيح وغيره: أُتِيَ بِأَبِي قَحَافَةَ، أَوْ جَاءَ، عَامَ الْفَتْحِ أَوْ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ مِثْلُ الثّغَامِ أَوِ الثّغَامَةِ. فَأَمَرَ، أَوْ فَأُمِرَ بِهِ إلَىَ نِسَائِهِ، قَالَ: غَيّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ. وفي رواية: وجنبوه السواد. وفي رواية: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم.
وأما حديث الأمر بتوفير اللحية، ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب.
وليس في هذا معارضة للحديث الذي قبله. ففي كلا الحديثين الأمر بمخالفة اليهود والنصارى، ولكنه في الحديث الأول بمخالفتهم لأنهم لا يصبغون، وفي الثاني لأنهم لا يوفرون لحاهم، والمسلم مطلوب منه أن يوفر لحيته ويغير بياضها إذا كانت بيضاء، وفي هذا مخالفة لليهود والنصارى في الأمرين.
وأما كون الأمر بتوفير اللحية للوجوب والأمر بتغيير الشيب للندب، فلا تعارض بينهما أيضًا؛ فالأصل في الأمر أن يكون للوجوب - كما هو مقرر في أصول الفقه - إلا أن تكون هناك قرينة تصرفه عن الوجوب فيكون مندوبًا. والأمر بتوفير اللحية على الوجوب؛ لأنه الأصل ولم يرد دليل على صرفه إلى الندب، بل ورد ما يؤكد ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه، وأن ذلك من سنن الأنبياء وفعلهم، الذين أمرنا الله تعالى بالاقتداء بهم، فقال: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90] .، وفي كنز العمال مرسلاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:..لكن ربي أمرني أن أحفي شاربي وأعفي لحيتي. هذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من وجوب توفير اللحية ومنع حلقها.
أما الأمر بتغيير الشيب فإنهم أجمعوا على أنه ليس للوجوب، نقل ذلك النووي في شرحه لمسلم، فلم يغير النبي صلى الله عليه وسلم ما به من شيب وبعض الصحابة غير شيبه، وبعضهم لم يغيره.
والحاصل أنه لا تعارض بين الحديثين المذكورين حتى يحتاج للجمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/592)
الرد على الزعم بأن طاعة ولي الأمر بحلق اللحية واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أفيدوني أفادكم الله أنا شاب أعيش في بلاد إن كنت فيها من الملتحيين فأنت مشبوه وإن رفعت إزارك فإنك منافق وإن صليت الصلاة في المسجد يقولون لك صلّ في بيتك بدءاً من والدي وإلى إخوتي وإلى أصدقائي من يعفي لحيته ويرفع إزاره ويصلي الصلاة في المسجد تحط عليه العين ويحارب فهل لي أن أحلق لحيتي وأن لا أرفع إزاري وأن لا أصلي كل الصلوات في المسجد؟ وبماذا أرد على من يرى أن حلق اللحية إرضاء لولي الأمر واجب ورفع الإزار ليس من الضرورة والصلاة في البيت في بلادنا تغني عن الصلاة في المسجد؟
أفيدوني أفادكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، إنه على كل شيء قدير.
واعلم أخي الكريم أن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فاصبر واحتسب وتحمل، إلا إذا وصل الأمر إلى مرحلة لا يمكن أن تتحمل، كالإكراه بالضرب الشديد والسجن، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وحينها لا حرج عليك في حلق اللحية أو إسبال الإزار أو ترك الصلاة في المسجد، ونحو ذلك. وحاول الإصلاح ما استطعت، وإذا تيسر لك الانتقال إلى مكان تستطيع فيه القيام بما ذكرت من الواجبات وغيرها لزمك ذلك. وراجع الفتوى رقم: 3198.
وأما الرد على من يقول: إن حلق اللحية طاعة لولي الأمر واجبة، فهو الحديث الذي في الصحيحين عن عليٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشًا وأمَّر عليهم رجلاً، فأوقد نارًا وقال: ادخلوها، فأراد ناس أن يدخلوها. وقال الآخرون: إنا قد فررنا منها. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة. وقال للآخرين قولاً حسنًا. وقال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.
وأما رفع الإزار والصلاة في المسجد فيهما واجبان، ولا يجوز للشخص أن يسبل إزاره، أو يترك الصلاة في المسجد، إلا لعذر.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 5860، 5943، 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1424(11/593)
إعفاء اللحية.. وصحة الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى اليوم حولنا عدداً كبيراً من المسلمين يلتحون كل على هواه ونمطه ولو أن هذه اللحية تشين وتضر بصحة الوجه هؤلاء يدعون أن المسلمين يجب أن يكونوا هكذا كلما كانت طويلة كلما ازداد إيمانه ما هو حكم الدين الصحيح في هذا الموضوع؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإعفاء اللحية هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم العملية والقولية، فقد أمر بذلك في عدة أحاديث منها ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب.
وما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس.
هذا وقد ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة إلى تحريم حلق اللحية، وللشافعية وجهان في ذلك: التحريم والكراهة. وراجع لتفصيل هذه المسألة الفتوى رقم: 14055.
فإذا ثبت أن حلق اللحية محرم على القول الصحيح الذي تشهد له الأحاديث الصحاح والسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فليحرص المسلم على اتباع سنته والعمل بها، وألا يصفها بأنها تشين الوجه أو تضر بصحته، بل العكس من ذلك هو الصحيح أن اللحية تزين الرجال وتميزهم عن النساء. قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب. أخرجه الحاكم.
ولكن لما انتكست فطر الناس صاروا يستقبحون ما هو حسن فطرة وشرعًا وعقلاً؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أما كون إعفاء اللحية يضر بصحة الوجه، فالطب يثبت عكس ذلك. وقد بيَّن بعض الأطباء فوائد عديدة لبقاء شعر اللحية منها: أنها تحافظ على نضارة الوجه، وحلقها يفقد مادة يؤدي فقدها إلى تجعد الوجه ويُبوسته. وراجع لذلك كتاب "تحريم حلق اللحية".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/594)
لا اعتبار لأي قول يخالف أمر الرسول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعفاء اللحية عادة ام واجبة؟ أفيدونا لأنه قيل لنا من أحد الأئمة الذي يحلقها إلى درجة صفر إنها عادة وقد كان أبو جهل صاحب لحية كثة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعفاء اللحية واجب، للأوامر المتكررة بألفاظ متعددة من الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولمخالفة من كان يحلقها من الكفار، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13569.
ولا يؤثر على الأوامر الشرعية الثابتة كون بعض مشركي العرب كان لا يحلق لحيته؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما سبق إيضاحه مدعومًا بكلام العلماء في الفتوى رقم: 31409.
وإذا ثبتت الأوامر الصادرة من الصادق المصدوق فلا عبرة بقول أحد الأئمة المعاصرين، بل يجب التسليم والانقياد لقول المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، لقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/595)
أرغم أنف الشيطان وحافظ على إعفاء لحيتك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فبحمد الله قد هداني الله إلى الصلاة في المسجد وإلى التمسك بسنة نبينا الكريم ولكن الذي أخشاه وأخافه الرياء فأنا الآن في نظر الأهل والجيران شاب متدين يطلق لحيته فيعاملوني باحترام شديد والذي أخشاه وأفكر فيه دائما أن يكون هذا رياء لأني ما زلت أرتكب بعض الذنوب التي أتمنى أن يهديني الله ولا يرجعني إليها
بدأت أفكر في عدم تربية اللحية حتى انتهي عن ذنوبي وأعرف أن هذا خطأ أتمنى أن لا تبخلو عليّ بالنصيحة فأنا في حيرة شديدة من أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو الله أن يوفقنا وإياك لطاعته والاستقامة على دينه، واعلم أن ترك إعفاء اللحية خوفا من الرياء هو من وسوسة الشيطان، يريد أن يصدك عن طاعة الله، قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6] .
فأرغم أنفه وحافظ على إعفاء لحيتك والتمسك بزيك الإسلامي، وابتعد عن الذنوب، واعلم أن ارتكاب بعض الذنوب أهون من ارتكاب كل الذنوب، وقد قيل بعض الشر أهون من بعض.
وانظر تعريف الرياء في الفتوى رقم: 10992، وانظر طرق علاجه في الفتوى رقم: 8523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(11/596)
يحرم على الرجل حلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اعفاء اللحية واجب وما الفرق بين الواجب والفرض والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يحرم على الرجل حلق ل حيته، وقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 14055 والفتوى رقم: 3851
أما بخصوص التفريق بين الو اجب والفرض والسنة، فالجواب أن الفرض والواجب بمعنى واحد عند جمهور أهل العلم، وهو ما طلب على وجه الإلزام كالصلوات والزكاة. وذهب أبو حنيفة إلى التفريق بين المعنيين، حيث اعتبر الفرض ما ثبت بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني.
أما السنة، فهي ما كان الط لب فيه من الشرع غير جازم، ويرادفها المندوب والمستحب، ومن العلماء من قال إن السنة هي ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم والمستحب ما فعله ولم يواظب عليه.
وقد أشار إلى ذلك السيوطي في نظمه جمع الجوامع بقوله:
والفرض والواجب ذو ترادف ومال ن عمان إلى التخالف
والندب والسنة والتطوع والمستحب بعضنا قد نوعوا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1424(11/597)
إعفاء اللحية مطلوب من كل شخص بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اللحية فرض عين أم فرض كفاية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فأما حكم اللحية، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 263،وهناك تجد أن إعف اء اللحية مطالب به كل شخص بذاته، وبهذا تعلم أنه لا مدخل لفرض الكفاية هنا، إذ معن ى فرض الكفاية ما قصد حصوله من غير شخص معين، فإن لم يوجد إلا شخص واحد تعين عليه، وإذا قام به البعض سقط عن الباقي لحصول المقصود. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/598)
حكم تخفيف اللحية طاعة للوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب التزمت ولكن عند التزامي واجهتني بعض الصعوبات فتخطيتها ولله الحمد، ولكن بعد ذلك أتتني مشكلة كبيرة في لحيتي لأنني ربيتها ولله الحمد، فقد هددني أبي وفعل الكثير الذي لا يقال لأحلقها فلم أحلقها، وبعد محاولات طلب مني تخفيفها فخففتها خوفاً منه ومما سيفعل بي إذا لم أخففها، فهل علي شيء علماً بأنني لا أستطيع تربيتها ولكن أخففها، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
ملاحظة: بعد تخفيفي للحيتي لم أزل ولله الحمد أعبد ربي وأصوم النوافل وأصلي النوافل وأفعل غيرها ولله الحمد والمنة ولم يبق إلا اللحية؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الثبات وجزاك الله خيرا على تمسكك بدينك واتباعك لسنة رسولك صلى الله عليه وسلم، ونقول لك: أحسنت حيث لم تطع والدك في حلق لحيتك، لأن اللحية هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بل سنة المرسلين، وقد وردت عشرات الأحاديث الآمرة بإعفائها، والناهية عن حلقها، وعلى حرمة حلقها جماهير العلماء، وانظرا الفتوى رقم: 3198، والفتوى رقم: 3851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(11/599)
حلق لحية المجنون - رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق لحية المجنون (غير العاقل) ؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وفروا اللحى واعفوا الشوارب.، وفي صحيح مسلم: أحفوا الشوارب واعفوا اللحى.
فإذا كان حلق اللحية لهذا الشخص المجنون صادراً من غيره له فهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعانة على محرم، إلا إذا كان هذا المجنون يتضرر ببقاء لحيته باجتماع الأوساخ فيها والهوامِّ ونحو ذلك مما يسبب له الضرر فلا حرج في إزالتها دفعاً للضرر، وإن كان الشخص المجنون هو الذي فعل ذلك حال ذهاب عقله فهو معذور لا يتوجه إليه الخطاب الشرعي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(11/600)
فضيلة التمسك باللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية؟ فكم مرة التزمت بها ولكن وجدت من حولي ينقضونني فهل إذا تركتها ارتكب ذنباً؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللحية يجب تركها ويحرم حلقها، اتباعاً للرسول، ومخالفة للمشركين؛ لما في حديث الصحيحين: خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب.
ولما في رواية مسلم: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس.
وفي رواية البخاري: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار، فقال: ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقد بين الله تعالى خطورة مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
فعلى المسلم أن يحرص على الاستقامة على أمر الله، وأن لا يتأثر بكثرة المعاكسين، قال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ. وقال: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.
وإذا كان أكثر أهل العصر الآن من حولك يحلقون لحاهم، فلا يبرر ذلك لك حلق اللحية، بل إن تمسكك في هذه الحالة بدينك واعتزازك به ودعوة الناس إلى الرجوع إليه فيه زيادة ترغيب ووعد بخير أكثر من غيره، ففي سنن الترمذي مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً فطوبى للغرباء الذي يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي.
وفي سنن ابن ماجه وغيره من حديث أبي ثعلبة الخشني: فإن من ورائكم أيام الصبرِ، الصبُر فيهن على مثلِ قبضٍ على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/601)
حكم تقصير اللحية خشية التعذيب أو السجن القاسي
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام الله عليكم
أنا طالب علم في دولة غربية، فوقعت في مشكلة حيث وصلت الأمور إلى المحكمة، وهذا الشعب هنا عنصري، سؤالي: هل يجوز حلق اللحية أو قصها يوم الجلسة بحيث إنهم يكرهون المسلمين، وأخشى أن لا يكون الحكم عادلاً حين يرون أني مسلم، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سفرك هذا إلى بلاد الكفر طلباً للعلم لا يجوز إلا عند الضرورة المحققة، بحيث لا تمكنك الدراسة في بلد مسلم، أو لا يوجد التخصص الذي تريد دراسته والذي تحتاج إليه الأمة في بلاد المسلمين، وذلك لما يترتب على الإقامة بين الكافرين من الأضرار الخطيرة على المسلم منها: مشاهدة المنكرات دائماً بحيث تألفها النفس وتعتاد عليها، ومنها: مخافة حصول محبتهم وموالاتهم، وغير ذلك مما هو مفصل في الفتوى رقم: 2007.
أما حلق اللحية أو تخفيفها خشية الضرر الذي تتوقع أن يلحق بك، فإذا كنت تتحقق أن إعفاء لحيتك سيترتب عليه حكم عليك بعقوبة شاقة، مثل التعذيب أو السجن القاسي، فحينئذ يجوز تقصيرك لحيتك إذا كان ذلك كافيا في رفع الضرر، فإن لم يمكن فيجوز لك الحلق نظرا لوجود الإكراه، لكن إذا انتفت هذه العلة وزال الشعور بالضرر تعود إلى ما يجب عليك من إعفاء اللحية، ولمزيد من التفصيل في هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(11/602)
لا بأس بإزالة ما تحت العين من الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتحٍ ولكن الشعر أسفل عيني كثيف فهل يجوز لي أن أزيله (عند الحلاق بالفتلة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو إعفاء اللحية وعدم التعرض لها بأخذ شيء منها، لورود النهي عنه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد سبق بيانه في الفتوى رقم: 3707.
وضابط شعر اللحية هو ما نبت من الشعر على الخدين والذقن على ما سبق بيانه في الفتوى رقم: 16277.
فعلى هذا فإن هذا الشعر المسؤول عنه ليس بداخل في مسمى اللحية، فلا حرج -إن شاء الله- في إزالته بأي وسيلة من نتف أو استخدام فتلة أو غيرهما، لاسيما إن كان في بقائه تشويه للخلقة أو أذى للعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(11/603)
الرد على من زعم أن اللحية شرعت لمخالفة غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تربية اللحية فريضة على كل رجل أم أنها مستحبة من باب الحب لرسول الله؟ وما الرد على من يقول إنها كانت واجبة في بداية الإسلام لمخالفة غير المسلمين أما الآن فإن العادات اختلفت؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال العلماء أن حلق اللحية حرام وتركها واجب، كما مضى بيانه في الفتاوى التالية: 3198، 3707، 30170، 29828.
يتبين من هذه الأجوبة أدلة وجوب إعفاء اللحية، مع بيان الضرورة المبيحة للأخذ منها أو حلقها، ولتعلم أن النص الشرعي إذا أثبت حكما، فإن العمل به يستمر إلى يوم القيامة على نفس الصورة دون إسقاط أو تخفيف أو زيادة؛ إلا إذا نُسخ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بعد وفاة الرسول فلا يتصور النسخ أصلاً، قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] .
وما يزعمه بعض من لا حظَّ له من العلم من أن بعض الأحكام نزلت لأسباب معينة، والحكم يوجد حيث يوجد سببه، أما إذا زالت الأسباب، فلا يجب العمل بالحكم حينئذ، فنقول له: زعمك هذا باطل، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر عند علماء الملة، قال النووي في المجموع: فالتمسك بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على المختار عند أصحابنا وغيرهم من أهل الأصول. انتهى.
وقال ابن الشاطّ في إدرار الشروق على أنواء الفروق: العبرة عند الفقهاء والأصوليين بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيستدلون أبداً بظاهر العموم وإن كان في غير مورد سببه. انتهى.
وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند عامة العلماء. انتهى.
ويمثل العلماء لهذا بسنية الرمَل والاضطباع في الطواف، مع أنه ورد على سبب، وهو إغاظة مشركي مكة حينما يظهر لهم النشاط من الصحابة رضي الله عنهم في الطواف متمثلاً في هذين الفعلين، ورغم زوال السبب فقد بقي الحكم إلى يوم القيامة، قال الزركشي في البحر المحيط: وترجيحهم الميل إلى تعميم الحكم كما في الرمل والاضطباع في الطواف، وجعل الرافعي منه أن العرايا لا يختص بالمحاويج على الصحيح، وإن كان سبب الرخصة ورد في المحاويج تمسكاً بعموم الأحاديث. انتهى.
وليُعلم أن من قال مثل المقال المذكور في السؤال مع علمه بالحكم الشرعي دون شبهة يكون كافراً، لأنكاره أمراً واجباً بالشرع، إذ الأحكام الواردة في شريعة الإسلام الأصل فيها الأبدية، لأنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ولا شريعة تعقب شريعته، والله نسأل لجميع المسلمين الهداية والتوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1424(11/604)
لا يجوز للرجل الأخذ من شعر الخدين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما الحكم لو أزلت الشعر من على جزء من وجهي باستعمال السلك يعني الجزء الذي أعلى قليلاً لأنه عندما يكبر يكون منظره مزعجا؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل أخذ شعر الخدين بحلق ولا نتف ولا بغيرهما لأنهما من اللحية وحلقهما حرام، وكذا شعر الحاجبين إلا إذا كان لحاجة كمرض ونحوه فلا بأس، أما للزينة فلا يجوز، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/605)
نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على حرمة حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطني سببا واحداً يقبله عقلي وقلبي يحرم حلاقة شعر يضايقني أسفل ذقني (اللحية) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسبب الذي يقبله عقل كل مؤمن، ويطمئن به قلب كل موحد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي نص على حرمة حلق اللحية، حيث قال: أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى. رواه البخاري
وقد قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
وقد بينا أدلة وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها في الفتوى رقم: 3707، والفتوى رقم: 14055، والفتوى رقم: 7199، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 5442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/606)
منع الإسبال ووجوب توفير اللحية هو الراجح من حيث الدليل
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لأصدقائي بوجوب إرخاء اللحى وتقصير اللباس عملاً بالسنة وقلت لهم إن ترك هذه الأعمال حرام استناداً للأحايث الصحيحة وأقوال العلماء الثقات فقالوا هذه سنة ولا نأثم بتركها!! بعد الأدلة ماذا يقال لمثل هؤلاء أظن أنهم اتبعوا أهواءهم، فكيف التصرف معهم؟!!! وهل يجوز التزوج بنية الطلاق استنادا لفتوى ابن باز رحمه الله، خصوصا أننا طلاب ومقيمون في بلاد كافرة ونخشى الفتنة!! وإذا كان ذلك ممكناً فهل أخبر الجميع أم أتحفظ؟؟ أحسن الله إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا فتوى برقم:
21266 فيها تفصيل الحكم في إسبال الإزار إلى أسفل من الكعبين فلتراجع، وفتوى برقم:
14055 عن حكم حلق اللحية.
وفي الفتويين المشار إليهما ذكرنا خلاف العلماء في هاتين المسألتين وبيان الراجح في كل منهما، وهو منع الإسبال ووجوب توفير اللحي، وهو ترجيح مبني على الأدلة الواضحة والصريحة، وعليه فمن نظر في تلك الأدلة من زملائك وكانت له قدرة على فهمها ووجه الاستدلال منها فإنه يجب عليه الأخذ بها ونبذ سواها فالحق أحق أن يتبع، أما من لم يبلغه الدليل أو كان لا يملك القدرة على النظر فيه فهذا يعذر ما دام مقلداً لمن عرف بالعلم والورع ولم يكن بدافع لهوى.
وأما الزواج بنية الطلاق فقد سبق الجواب عليه في الفتوى رقم: 3458.
والقول بجوازه قول قوي ويعضده الأصل، وعليه فإذا اقتنعت بجوازه تقليداً لمن يقول به فلك ذلك، ولك أيضاً أن تخبر غيرك بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1424(11/607)
حلق اللحية حرام عند جمهور العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الحكم الشرعي في حلق اللحية؟ فإن كان حراماً فما مدى اعفائها أي مقداره؟ وما هي كيفية الاعتناء بها؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -وفقني الله وإياك للخير- أن حلق اللحية حرام عند جمهور العلماء، فقد وردت نصوص من السنة كثيرة تحض على توفيرها وتنهى عن حلقها، من ذلك ما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنهكوا الشوارب واعفوا اللحى".
وجاء بروايات أخرى: "وفروا اللحى واحفوا الشوارب"، "جزوا الشوارب وارخوا اللحى".
وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه.
وأخرج أبو داود من حديث جابر بسند حسن قال: "كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة".
ونعفيه أي: نتركه وافراً، والسبال بكسر السين: هي ما طال من شعر اللحية.
أما كيفية الإعفاء والخلاف فيها، فلك أن تنظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 14055، والفتوى رقم: 3851.
وفيما يتعلق بالاعتناء بها، ذكر النووي عن الغزالي قال: يكره في اللحية عشر خصال: خضبها بالسواد لغير الجهاد، وبغير السواد إيهاما للصلاح لا لقصد الاتباع، وتبييضها استعجالاً للشيخوخة لقصد التعاظم على الأقران، ونتفها إبقاء للمرودة، وكذا تحذيفها، ونتف الشيب،
ورجح النووي تحريمه لثبوت الزجر عنه، وتصفيفها طاقة طاقة تصنعاً ومخيلة، وكذا ترجيلها، والتعرض لها طولاً وعرضا على ما فيه من اختلاف، وتركها شعثة إيهاما للزهد، والنظر إليها إعجاباً، وزاد النووي: وعقدها، لحديث رويفع: "من عقد لحيته، فإن محمداً منه بريء" نقل هذا الكلام ابن حجر في الفتح نقلاً عن النووي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(11/608)
حكم حلق اللحية لعذر طارئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في بلاد الغربة وكما تعلمون فأن الأوضاع الراهنة قد شددوا بها على الشاب الملتزم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد واجهت عدة مضايقات من الجامعة والشرطة والجيران فاضطررت أن أحلقها ونويت تربيتها بعد رجوعي للوطن فهل يوجد حرج علي أو إثم مع العلم بأن معاملة الناس قد تغيرت بعد ذلك؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الثابت في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها، هذا هو الأصل الذي لا يجوز للشخص المحيد عنه إلا لعذر طارئ يترتب عليه ضرر كبير في النفس أو الأهل أو المال، فحينئذ يجوز له الترخص في حلقها، لكن متى مازال هذا العذر وجب الرجوع إلى الأصل وهو إعفاء اللحية.
ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/609)
لا يجوز حلق اللحية للعمل في الخارج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا شاب مغربي مسلم ملتزم والحمد لله مطلق للحيتي، عرض علي عمل بالخارج إلا أنه بشرط حلق اللحية ما قول الدين في ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم حلق اللحية ووجوب إعفائها في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
263، 2135، 3707.
وبالرجوع إليها يعلم السائل أن حلق اللحية أمر مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصوبه، وأنه لا يجوز لمجرد عمل في الخارج أو في الداخل يمكن للإنسان أن يستعين عنه بغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/610)
هل يجوز حلق اللحية للحصول على فرصة عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام الله عليكم.
أنا شاب عربي مسلم مقيم بفنلندا، أبحث عن العمل بشكل جاد, أشك بأن عدم حلقي للحية يؤثر بشكل سلبي على الحصول على فرص الشغل، ما العمل إذا؟ هل يجوز حلق اللحية لهذا السبب، وخصوصا أني أعيش وسط الكفار، أرشدونا, وفقكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإقامة المسلم في بلد الكفار حرام إلا لضرورة معتبرة أو لحاجة لا تتحقق إلا بالإقامة فيه، كتعلم علم نافع لا يوجد إلا عندهم، أو الإقامة لمصلحة المسلمين كما هو مبين في الفتوى رقم: فإقامة المسلم في بلد الكفار حرام إلا لضرورة معتبرة أو لحاجة لا تتحقق إلا بالإقامة فيه، كتعلم علم نافع لا يوجد إلا عندهم، أو الإقامة لمصلحة المسلمين كما هو مبين في الفتوى رقم: 2007 فراجعها.
وأما حكم حلق اللحية فقد تقدم في الفتوى رقم: 3198
وبينا هناك الحالات التي يجوز فيها حلق اللحية فراجعها، وراجع كذلك الفتوى رقم: 15354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/611)
حلق اللحية للضرورة القاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم حلق اللحية لمن طلب للتجنيد في الجيش هل يحلق أم يأخذ الشهادة سياسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية حرام عند جمهور أهل العلم، ولا يجوز الإقدام على فعل شيء محرم في حال السعة والاختيار، لكن إذا أدى الإصرار على عدم فعل المحرم إلى ضرر لا يسع المرء تحمله، فقد أجاز له الشرع الإقدام على ارتكابه بقدر ما يدفع عنه الضرر المتوقع، وقال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] .
وبناء على هذا، فإذا كان الحصول على الشهادة سياسي سيترتب عليه تأثير بالغ بحيث تتضرر منه في نفسك أو أهلك مستقبلاً، فلا مانع حينئذ من حلق اللحية، ولا إثم إن شاء الله تعالى، ولمزيد من التفاصيل والفوائد راجع الفتوى رقم:
25794، والفتوى رقم: 16291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(11/612)
لا بأس بأخذ ما تطاير من اللحية وشذ
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم إطلاق اللحية وتقصيرها مع إزالة الشعر الزائد في الوجه والأذن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق حكم إعفاء اللحية في الفتوى رقم: 14055.
وحكم بقية الشعر في الفتوى رقم:
8905، والفتوى رقم: 16958.
وقد روى ابن القاسم عن مالك أنه قال: لا بأس أن يأخذ ما تطاير من اللحية وشذ ذكر ذلك الباجي في المنتقى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/613)
حكم الأخذ من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم يا شيخ في أخذ شيء يسير من اللحية مع العلم أنني شاب ملتزم وإمام لمسجد الحي.أريد التفصيل في هذه القضية لو تكرمت يا شيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى القول بجواز قص ما زاد على القبضة من اللحية، وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين، كما نص عليه ابن أبي شيبة في المصنف.
وانظر تفصيل ذلك وحكم حلق اللحية في الفتوى رقم: 14055، والفتوى رقم: 263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/614)
فضل إعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو فضل إعفاء اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعفاء اللحية ليس من فضائل الأعمال فحسب , بمعنى أنه من شاء حلقها ومن شاء أعفاها, بل إعفاؤها واجب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤكد في أقواله الصحيحة الصريحة وفعله المتواتر، وقد قال الله تبارك وتعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63] .
وفي توفير اللحية اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح من هذه الأمة, واقتداء بالأنبياء من قبلهم الذين أمرنا الله تعالى أن نقتدي بهم حيث يقول: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90] . إلى غير ذلك من المنافع والتي بيناها في الفتوى رقم
19539
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/615)
طاعة الشرع في إعفاء اللحية مقدمة على طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب فلسطيني عمري 21 سنة وأعيش في الإمارات مع أهلي مشكلتي هي أني منذ فترة لا تتجاوز 6 شهور وأنا أحاول الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وأهلي لم يعترضوا على شيء غير تغير لبسي وإعفاء اللحية وهم يطلبون مني أن أعود لشكلي القديم مع ملاحظة أني كنت سابقاً أرتدي الجينز وأحلق اللحية.
أفتوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36] .
وعلى هذا، فالواجب عليك اتباع الشرع فيما أمرك به، ونهاك عنه، ومما أمرك به الشرع إعفاء اللحية، وذلك في أحاديث صحيحة صريحة منها قوله صلى الله عليه وسلم: "قصوا الشوارب وأعفوا اللحى" رواه البخاري ومسلم.
ونحذرك من مطاوعة الأهل فيما يأمرونك به من مخالفة الشرع في حلق اللحية، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" رواه مسلم.
أما بخصوص اللباس، فإن كان سالماً من مخالفة الشرع فلا حرج في طاعتهم فيه.
أما إذا كان مخالفا للشرع كأن يكون شفافاً واصفاً للعورة، أو فيه تشبه بالكفار ونحو ذلك فلا يجوز، وراجع الفتوى رقم: 4044.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/616)
على المسلم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في اللحية وفي غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هل يأثم من لا يتبع سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) تماما كإعفاء اللحية مثلا؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، طاعة لله تعالى، قال الله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله. رواه مسلم.
وسنته صلى الله عليه وسلم وحي من الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4] ، ومن أراد محبة الله تعالى فليتبع رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31] .
فجعل الله تعالى اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم دليلاً على صدق محبة الله، واتباعه عليه الصلاة والسلام يحصل باتباع سنته، وسنته تنقسم إلى سنة واجبة لا يجوز لمسلم مخالفتها وإن خالفها أثم، وهي ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقم دليل يصرف ذلك الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وذلك مثل إعفاء اللحية، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها، فقال كما في صحيح مسلم: أرخوا اللحى.، وقال صلى الله عليه وسلم: أعفوا اللحى.، وقال عليه والصلاة والسلام: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين.
وإلى سنة مستحبة وهو ما أمر به على سبيل الاستحباب لوجود الصارف له أو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، مجرد فعل، ولم يؤكده بأمر، ولا هو مبين لواجب، وذلك مثل سنة قيام الليل، وسنة الضحى، وما شابه ذلك، وهذه ينبغي ألا يتهاون بها المسلم بل يدمن على العمل بها طلباً للأجر ورجاء في محبة الله تعالى، وراجع الفتوى رقم:
2135 - والفتوى رقم:
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(11/617)
فتاوى حول قص الشارب وإعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء من سيادتكم شرح حكم إطلاق اللحية وإعفاءالشارب بذكرالأدلة وتخريجها؟ وهل من يحلق اللحية يعتبر آثما عليه عقاب دنيا أو آخرة؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعفاء الرجل للحيته، وحرمة حلقه لها دلت عليه جملة من الأحاديث الصحيحة الصريحة منها: قوله صلى الله عليه وسلم قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس رواه مسلم.
ولا شك أن الأمر بإعفاء اللحية يفهم منه النهي عن حلقها واستئصالها أو تقصيرها بحيث تكون قريبة إلى الحلق، وانظر الفتوى 2711
والفتوى رقم 14055
أما بخصوص قص الشارب فقد اختلف العلماء في حد ما يأخذ منه؛ إلا أن المختار من ذلك كما قال النووي في المجموع: أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفيه من أصله. قال: وأما رواية أحفوا الشوارب فمعناه ما طال على الشفتين. وانظر الفتوى 17131
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(11/618)
الخد داخل في حد اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سحب الخيط لشعر الخد للرجل لتحديد اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أخذ شعر الخدين بالنسبة للرجل المكلف، سواء كان بالموسى أو بالخيط، لأن الخد داخل في حد اللحية، كما هو مبين في الفتوى رقم 16277 14055
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/619)
حكم حلق بعض الدعاة إلى الله للحاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الإسلام في الدعاة الذين لم يلتحوا عندما يسأل الواحد عن عدم التحائه لا يجيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن إطلاق اللحية، ودعوى حلقها لمصلحة الدعوة، وذلك في الفتوى رقم: 20397، وما اشتملت عليه من إحالات.
وعلى الدعاة إلى الله أن يكونوا أول الممتثلين للواجبات، والمبتعدين عن المحرمات، والمطبقين كلام الله سبحانه، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن مع ذلك قد يكون هناك عذر لهذا الداعية الذي حلق لحيته، أو قد يكون ممن يأخذ بقول من يرى عدم التحريم، وإن كان مرجوحاً أو قد يكون مقصراً في هذا، فلا يمنع ذلك من قبول الخير الذي يدعو إليه خصوصاً أنه عندما يسأل عن سبب حلق اللحية يسكت، ولا يجيب فهذا يدل على نوع من الحياء والخجل مما هو عليه من التقصير.
وعلى العموم فالداعية ينبغي أن يكون أول المطبقين لما يقول، وعلى المدعو ألا يجعل حلق اللحية سبباً في عدم قبول الخير من الداعية، ويجب أن لا يقلد في حلق اللحية ولا في غيرها من المخالفات الشرعية فقدوة كل مسلم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي عصمه الله وحده ليكون القدوة المطلقة أما غيره فتوزن أعماله وأقواله على الشرع فما وافق منها قبل وما خالف منها رد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(11/620)
حكم إطلاق اللحية دون توفيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبه لإطلاق اللحية, لو لم أطلقها بأكملها واكتفيت بجعلها قصيرة هل من يطلقها أكثر له ثواب أكبر وما الدليل على أهمية إطلاقها من السنة (أكبر عدد من الأحاديث إن أمكن) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد أكثر من عشرين حديثاً صحيحاً في شأن اللحية، منها الآمر بإعفائها، ومنها الناهي عن حلقها، وعن التشبه باليهود والنصارى والمجوس الذين يحلقونها، وردت هذه الأحاديث عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة في البخاري ومسلم ومسند أحمد وسنن النسائي وسنن أبي داود وجامع الترمذي وموطأ مالك ومعجم الطبراني ومسند البزار ومسند أبي يعلى وغيرها.
وقال بوجوب إعفائها وحرمة حلقها جماهير أهل العلم، وإعفاؤها هو تركها من غير قص ولا تقصير حتى تطول، وقال بعضهم: الإعفاء هو ترك ما يغطي اللحيين وإن نقص عن قدر القبضة. قال الإمام النووي في المجموع 1/343: قال الغزالي في الإحياء: اختلف السلف فيما طال من اللحية فقيل: لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة، فعله ابن عمر ثم جماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة وقالوا: يتركها عافية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأعفوا اللحى. قال الغزالي: والأمر في هذا قريب إذا لم ينته إلى تقصيصها، لأن الطول المفرط قد يشوه الخلقة. هذا كلام الغزالي، والصحيح عدم جواز الأخذ منها مطلقاً، بل يتركها على حالها كيف كانت، للحديث الصحيح: وأعفوا اللحى. وكان ذلك هو الأكمل في اتباع النبي صلى الله عليه وسم والاهتداء بهديه ولا شك أن من كان اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل كان أجره أعظم وثوابه أجزل وهذا بلا خلاف بين أهل العلم،
وانظر الفتوى رقم:
14055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/621)
نوعية الأذى تحدد جواز حلق اللحية من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي والدي يعمل في مكان حساس بالدولة وقد أوقفوني في دورية أمن بسبب لحيتي وعلمت أن والدي سوف يحدث له أذى في عمله وهو يعول أسرتي وأسرة أخي الآخر.. وهو يجبرني على حلقها حتى ندفع الضرر عنا.. فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية محرم وإطالتها واجب، لكن قد يعرض للفعل الواجب ما يرخص في تركه، أو الفعل المحرم ما يرخص في فعله، فقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] .
وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] .
وقال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:28] .
وبناء على ذلك؛ فإن حلق اللحية أو تخفيفها قد يرخص فيه لذلك عند الخوف على النفس أو الأهل من القتل أو الحبس أو التشريد، أو الأذى الذي لا يطيقه الإنسان كالفصل من العمل الذي لا يجد غيره أو التضييق عليه في سبل العيش الضروري، فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لك - أيها السائل - فإننا لا نرى مانعًا من تخفيف لحيتك أو حلقها، وإن كان الصبر على الأذى وتحمله أفضل، أما إذا كان الأذى الذي سيلحق بك وبأسرتك خفيفًا يمكن تحمله فلا نرى عند ذلك جواز حلق لحيتك؛ لأن الالتزام بالدين في الغالب مظنة حصول الأذى، لا سيما في هذا الزمان، وقد قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إن ذلك من عزم الأمور [لقمان:17] .
ولمزيد من التفاصيل راجع لزامًا الفتوى رقم:
3198.
والله نسأل أن يثبتك ويصرف عنك كيد الفجار وشر الأشرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(11/622)
حكم طلب الزوجة من زوجها حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتحي ومتزوج وزوجتي تطلب مني دوما تقصير وتخفيف لحيتي وتقول يجب أن تعفني وتتجمل لي إن لحيتك تشوه منظرك فخففها حتى يصبح شكلك حسنا وتعفني من النظر إلى الغير ماذا توجهونني؟
جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أيها - الأخ السائل - أن إعفاء اللحية واجب، وأن حلقها محرم، وذلك للأدلة الصحيحة الصريحة في ذلك، ومنها ما رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية. رواه مسلم.
وعن ابن عمر أيضًا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى.
فهذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث تبين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية وإرخائها، وتأمر بمخالفة المشركين، وذلك أن حلقها كان من عادة المجوس، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الوجوب، فمن خالفه فهو عاصٍ لله تعالى.
وعليك أن تبين لزوجتك أن حلقها أو الأخذ منها مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يجب عليها أن تحب ما يحبه الله ورسوله، وأن تبغض ما يبغضه الله ورسوله، وأن زينة الرجل في بقاء لحيته، ولذلك كانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تحلف وتقول: والذي زيَّن الرجال باللحى. فليس من زينة الرجل حلق لحيته، تخفيفها دون القبضة وإنما ذلك من عادة الكفار وتقاليدهم التي استطاعوا أن يغزونا بها حتى خالف كثير من أبناء المسلمين سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، واتبعوا سنن الكفار. نسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية.
وبعد هذا فإنه لا يجوز لك أن تطيع زوجتك في معصية الله مهما كان الأمر، بل عليك أن توضح لها وتبين قدر استطاعتك. وعليك أن تحملها على أمر الله تعالى، وتكفها عن الاعتراض على شرع الله تعالى فإن الاعتراض عليه قد يفضي بصاحبه - والعياذ بالله - إلى الكفر.
وبإمكانك الرجوع أيضًا إلى فتوى رقم:
2711 لتمام الفائدة. والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(11/623)
الأمر بتوفير اللحية محمول على الوجوب بخلاف الصبغ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الدليل على وجوب اللحية ما رواه البخاري فى صحيحة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خالفو المشركين ووفروا اللحى واحلقو الشوارب. صدق رسول الله وهناك حديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود (أن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) صدق رسول الله. وقد أجمع السلف على عدم وجوب صبغ الشعر فلما كان حكم اللحية من الحديث الأول واجبا والأمر بالصبغ في الحديث الثاني سنة مع أن الحديثين بهما صيغة الأمر بمخالفة المشركين وشكراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم أطلع على أقوال العلماء في شأن صبغ اللحية في شروح هذه الأحاديث، ولهذا لا نطيل بذكر شيء من ذلك.
ونقول له بأن الأمر في الحديث الشريف عن اللحية وتوفيرها..... تكرر بألفاظ كثيرة وعبارات مختلفة مما يدل على التأكيد عليه، وعضده عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته فلم ينقل عن أحد من السلف الصالح أنه حلق لحيته.
بل أكثر من ذلك فتوفير اللحية من سنن الأنبياء، ومن خصال الفطرة يدل على ذلك قول الله تبارك وتعالى حكاية عن هارون عليه السلام: قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [طه:94] .
ولعلك تعلم أن الأمر إذا جاء عن الله تعالى، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يحمل على الوجوب ما لم تكن هناك قرينة تصرفه إلى الاستحباب أو الإباحة ... وهذا شيء معروف عند الفقهاء والأصوليين.
والأمر بتوفير اللحية محمول على الوجوب لهذه القاعدة المعضدة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وسلف هذه الأمة من القرون المشهود لهم بالخير.
أما الأمر بالصبغ أو الصلاة في النعال وما أشبه ذلك فقد صرفه عن الوجوب عدم فعل كثير من الصحابة مع علمهم بذلك، وعدم التأكيد عليه منه صلى الله عليه وسلم كما في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/624)
الذنب يعظم إثمه إذا مورس في مكان أو زمان فاضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية في المسجد؟ وهل عليه كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية محرم عند أكثر أهل العلم وهو الصحيح الذي تدل عليه النصوص الشرعية، وهدى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
2711 والفتوى رقم:
14055
وتشتد الحرمة إذا مارس المرء حلقها في بيت من بيوت الله تعالى لأن الذنب يعظم إثمه، إذا مورس في مكان فاضل كالمسجد أو زمان فاضل كرمضان ونحو ذلك، ولا كفارة على من حلق لحيته في المسجد سوى التوبة إلى الله تعالى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(11/625)
لا يجوز للحلاق أن يحلق اللحى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم صاحب محل الحلاقة الرجالي في أنه يحلق اللحى وهو كاره لذلك، حيث إنه لا يملك أن ينهى أحدا عن ذلك ولا يملك حرفة سواها؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث كثيرة في الأمر بإعفاء اللحية، كقوله صلى الله عليه وسلم: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى. رواه الشيخان.
وقوله صلى الله عليه وسلم: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى. رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أعفوا. بفتح الهمزة: أي اتركوها بحالها لتكثر وتغزر؛ لأن في ذلك جمالاً للوجه وزينة للرجل، وهذا أمر صريح يفيد الوجوب كما هو مقرر في الأصول، ونص العلماء على تحريم حلقها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويحرم حلق اللحية.
وقال ابن عابدين في رد المحتار: ويحرم على الرجل قطع لحيته. وقال العدوي في الحاشية على شرح رسالة أبي زيد: يحرم إزالة شعر اللحية.
فلذلك يجب عليك أن تمتنع عن حلق اللحى؛ لأن ذلك مباشرة لفعل المحرم ومن التعاون على الإثم والعُدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ويمكنك أن تستغني عن حلق اللحى بحلق الرؤوس وقص الشوارب، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2، 3] . وانظر الفتوى رقم 22410
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(11/626)
حكم تقصير اللحية بأمر الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقصير اللحية علماً أن هذا الأمر من الوالدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية حرام واطلاقها واجب وطاعة أمك واجبة لكنها مقيدة بالمعروف الذي ليست فيه مخالفة للشرع، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل رواه أحمد.
ومن هذا يتضح لك أخي السائل أنه لا تجوز لك طاعة أمك ولا غيرها فيما تأمرك به من محرم،
ولتمام الفائدة راجع الفتوى رقم:
1454.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(11/627)
الضرر المعنوي لا يبيح حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أحبذ حلق اللحية ولا إسبال الإزار اتباعا للسنة ولكن لا نستطيع تطبيق هذه السنة
نظرا لجور الحكم في بلادنا ومانلاقيه من متاعب
إزاء ذلك فما رأي سماحتكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لك الثبات على دينه والالتزام بشرعه. واعلم بأن حلق اللحية وإسبال الإزار من المحرمات التي لا يجوز للمسلم فعلهما بحال إلا لدفع ضرورة لا يمكن دفعها إلا بذلك، وبحيث يغلب على ظن المرء أنه إن أطلق لحيته أو قصر ثوبه لحقه ضرر في نفسه وأهله يشق عليه احتماله فيجوز له حينئذ ما يدفع عنه به الضرر فقط.
أما إذا كان الضرر معنوياً كالاستهزاء والسخرية أو كان الضرر الشاق متوهما فقط فلا يجوز له حلق لحيته ولا إسبال إزاره لأجل ذلك وانظر الفتوى رقم 3198
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1423(11/628)
ليست كل ضرورة تجيز حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي حلق لحيتي علما أن نموها لم يكتمل حيث لم ينم منها إلا شعيرات قلائل وهذا ما يشعرني بالإحراج. حيث أنها لا تبدو لحية على الإطلاق. إضافة لذلك فإنني طالب جامعي ونظراً لتجاهل الأساتذة للحكم الشرعي لحلقها فهم يعرقلون في كثير من الأحيان الدراسة على الطلبة الملتحين.وهذا ما يقلل من مردودهم الدراسي.
فما الحكم إن حلقت لحيتي وذلك نظرا للسببين السالف ذكرهما. أرجو الإجابة المفصلة والمدعمة بالأدلة الكافية الشافية. ووفقكم الله لما فيه الخير والصلاح وشكرا جزيلا لكم ...
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعفاء اللحية واجب، وحلقها محرم. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
2711، والفتوى رقم:
14055.
وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز ترك ذلك الواجب وارتكاب ذلك المحرم إلا لضرورة ملجئة أو حاجة ماسة عامة.
أما السببان اللذان ذكرتهما، فالأول منها ليس مسوغاً قطعاً لارتكاب ذلك المحرم -فإن الرجال- كلهم تنبت لحاهم على تلك الصفة تبدأ شعيرات قلائل ثم لم تزل تنمو حتى تكتمل.
وأما السبب الثاني فالأصل أيضاً أنه ليس مسوغاً لأنه غالباً ما يكون مضايقات عادية، وعراقيل تتخطى، وذلك ثمن حتمي لالتزام المرء بدينه في عصر تكثر فيه الفتن، ويتسلط فيه أعداء المسلمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر. أخرجه الترمذي وغيره بألفاظ متعددة.
وإذا وصل الأمر إلى حد الضرورة الحقيقية فلا حرج إذن في فعل ما يدفع الضرورة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(11/629)
حالات يباح فيها حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب ملتزم منذ فترة ومطلق لحيتي وأنا ذاهب للتجنيد في الجيش بعد فترة وفي دولتنا يجب حلق اللحية في فترة التجنيد، فهل في هذه الحاله يجوز حلق اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الدخول في الجيش اختيارياً، ولم تكن هناك مصلحة راجحة فلا يجوز حلق اللحية للدخول في الجيش.
وأما إن كان الدخول في الجيش إجبارياً، أو كان من وراء الدخول فيه مصلحة للمسلمين فلا بأس بحلقها إن شاء الله، وقد بينا حكم حلق اللحية لمن اضطر لذلك في الفتوى رقم 3198 فلتراجع
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/630)
حكم حلق اللحية في الدول الأجنبية تجنبا للمضايقات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن يسافر للدول الأجنبية أن يحلق لحيته تجنباً للاعتداءات والمضايقات التي سيتعرض لها وبالذات بعد الأحداث الأخيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء الأمر بإعفاء اللحية من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها ما هو في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر - رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب". وهكذا كان عمله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وعلى هذا، فلا يجوز حلق اللحية إلا لضرورة ملجئة، والضرورات تبيح المحظورات. قال تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة: من الآية173) .
ولمزيد من التفصيل والأدلة نحيلك إلى الفتوى رقم 3198
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(11/631)
التحذير عن مخالفة أمر النبي نص قرآني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك في القرآن ما يثبت أن حلق اللحية محرم وأن إعفاءها فرض لأن هذا الكتاب لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا احصاها إذن احاديث الرسول عن هذا الموضوع سنة ليس إلا أرجو إجابتي برد مقنع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم حلق اللحية في الفتوى رقم:
2135، والفتوى رقم:
263
ونضيف هنا أن حلق اللحية وإن لم يأتِ في القرآن الكريم تحريمه نصاً فقد جاء في السنة الصحيحة التي لا مطعن فيها الأمر بإعفائها، والأمر يحمل على الوجوب ما لم يرد صارف يصرفه إلى الندب، ولا صارف هنا.
وقد جاء في القرآن الكريم التحريم من مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم، فقال جل من قائل: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] .
وهاتان مقدمتان -أعني أمره صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية، وتحذير القرآن الكريم من مخالفة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم- مسلمتان لا ينازع فيهما إلا مكابر، فلم يبقَ إلا أن نحذر الوعيد ونخاف ذلك التهديد، ونمتثل أمره صلى الله عليه وسلم، أو نضرب بأمره تعالى عُرض الحائط، ونأمن من مكره متذرعين بأن القرآن لم يصرح بالتحريم، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال: يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يحدِّثُ بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه. وما وجدنا فيه من حرام حرمناه. ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حر الله. رواه الإمام أحمد، وصححه شعيب الأرناؤوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(11/632)
حكم حلق اللحية لأجل الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا حلق اللحية للحصول على بطاقة تعريف قومية وجواز سفر (تونس) من أجل القيام بفريضة كالحج؟ أرجو الإجابة بالبريد الإلكتروني وجزاكم الله كل خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز حلق اللحية إلا عند الضرورة وقد تقدمت التفاصيل في الفتوى رقم:
3198، والفتوى رقم:
8796.
أما إذا كنت في بلد لا تستطيع استخراج البطاقة التعريفية التي تتوقف عليها كثيراً من أمور الحياة كالتعليم والعمل وغير ذلك، إلا بحلق اللحية، فإنه يجوز لك حلقها حينئذ تفادياً للضرر، وينبغي حينئذ أن تستخرج عدداً كبيراً من الصور لاستعمالها في جواز السفر وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/633)
ليس كل ما رآه الناس جميلا يكون مباحا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إطلاق اللحية وتقصير الثوب (بمختلف الأراء) ؟
حيث أرى أن تهذيب اللحية أجمل من إطلاقها دون ترتيب خاصة عندما تكون اللحية غير مكتملة أو خفيفة جدا فإطلاقها يظهر الشخص بشكل غير لائق، كما أننا نرى كهنة اليهود يطلقون لحاهم، أما عن الثوب فالرجل عندما يغطي ثوبه ساقيه ويكاد يلامس قدميه أجمل بكثير من أن يكون ربع أو نصف ساقه مكشوفا، وأعتقد أن رأيي يطابق أراء الأغلبية والظهور بشكل جميل ولائق يطابق قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام:إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى نعمته على عبده. أفيدوني أثابكم الله ووفقكم لما فيه مصلحة إسلامنا العزيز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن اللحية والإسبال في الفتوى رقم:
14055، والفتوى رقم:
21266.
وتقدم الكلام فيما إذا كانت اللحية غير مكتملة أو منظرها غير طبيعي في الفتوى رقم:
20831، والفتوى رقم:
440.
وعلى المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا لأمر الله سبحانه، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36] .
أما القول بأن تهذيب اللحية، وإسبال الإزار هو الأفضل لأن منظرها جميل، والله جميل يحب الجمال، فهو قول بعيد عن الصحة، لأن التفلج والنمص والصبغ بالسواد......يفعلها من يفعلها لأجل الجمال، وهي أمور منهي عنها، فليس كل ما كان جميلاً في نظر بعض الناس يكون مباحاً، وإنما يكون مباحاً إذا لم يرد من الشرع نهي عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/634)
حكم تخفيف اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا حلاق، ما حكم حلق اللحية للزبائن أوالأخذ منها ما هي حدود اللحية المسموح حلقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل تحريم حلق اللحى لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق الجواب عن ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
2711.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى جواز أخذ ما زاد على القبضة لفعل ابن عمر رضي الله عنهما، ورخص بعضهم في ذلك في الحج والعمرة فقط، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
14055.
وإذا تقرر ما سبق فإننا نقول للسائل: إنه لا يجوز لك حلق اللحية بالكلية، لأن في ذلك عوناً لصاحبها على الإثم؛ بل ومباشرة المنكر، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: من الآية2] .
أما تخفيف اللحية بما زاد على القبضة فإننا نرى أن الأولى لك اجتنابه أيضاً، اتقاء للشبهات، وتطهيراً للكسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(11/635)
فتاوى في أحكام حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حلق اللحية حرام.. وماذا إذا كانت حلاقتها نتيجة لأوامر الوالدين هل يظل الحكم قائما بحرمة فعل ذلك؟ هذا إذا كان حلاقتها حراماً.. وهل هناك حل متوسط في هذا الموقف؟. أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حلاق اللحية في الفتوى رقم:
2711 والفتوى رقم:
3851.
وتقدم الكلام فيما إذا طلب الوالد من ولده حلق لحيته في الفتوى رقم:
1454 والفتوى رقم: 15628.
أما بالنسبة للحل الوسط فهو أن تأخذ ما زاد عن القبضة، أما غير ذلك فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/636)
توضيحات بشأن تهذيب اللحية وإطالة الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إطلاق اللحية وتقصير الثوب (بمختلف الآراء) ؟
حيث أرى أن تهذيب اللحية أجمل من إطلاقها دون ترتيب خاصة عندما تكون اللحية غير مكتملة أو خفيفة جدا فإطلاقها يظهر الشخص بشكل غير لائق، كما أننا نرى كهنة اليهود يطلقون لحاهم، أما عن الثوب فالرجل عندما يغطي ثوبه ساقيه ويكاد يلامس قدميه أجمل بكثير من أن يكون ربع أو نصف ساقه مكشوفا، وأعتقد أن رأيي يطابق أراء الأغلبية والظهور بشكل جميل ولائق يطابق قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام:إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى نعمته على عبده. أفيدوني أثابكم الله ووفقكم لما فيه مصلحة إسلامنا العزيز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب مفصلاً عن حكم إطلاق اللحية، في الفتوى رقم
2711 والفتوى رقم
14055 والفتوى
وكذلك سبق بيان حكم إسبال الثوب في الفتوى رقم
5943 فلتراجع.
وههنا تنبيهات هامة نرجوا أن يتنبه لها الأخ السائل:
الأول: أن الأحكام إنما تتلقى من الشرع، ويجب على المسلم أن يكون هواه تابعاً لمراد الشرع.
الثاني: أن مخالفة المشركين بإعفاء اللحية حاصل ولو وقع إعفاء اللحية من قبل بعضهم كفعل بعض كهنة اليهود، لأن حلقها هو غالب فعل المشركين. وانظري الفتوى رقم 13569
الثالث: أن قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال. رواه مسلم عن ابن مسعود. وهو لا يعارض ما نحن فيه، لأن ميزان الجمال موافقة الشرع، ويتحقق الجمال بإكرامها وتسريحها، وانظر الفتوى رقم 5642
الرابع: أنه ليس هنالك إلزام بتقصير الثوب إلى أنصاف الساقين، بل هو مستحب، فيجوز إطالته إلى ما فويق الكعبين. أما طالته إلى ما تحت الكعبين فينافي تقوى الرب، ونقاء الثوب، ومن هنا قال عمر رضي الله عنه لذلك الشاب: ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك. رواه البخاري.
الخامس: أن ما ذكره من جواز الأخذ من اللحية، أو إطالة الثياب قد ذهب إليه بعض الفقهاء مع كراهة إطالة الثياب إلى ما دون الكعبين، إلا أن القول بالمنع في الحالين أقوى لأدلة الصريحة التي ذكرناها في الفتاوى المشار إليها.
هذا وإننا لنسأل الله تعالى أن يوفقنا والسائل إلى حسن القصد وخير العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(11/637)
لا أثر لحلق اللحية على صحة الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة إسلام الرجل غير الملتحي , وهل إسلامه صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية معصية، ولا أثر لها على صحة إسلام مرتكبها، غير أنه لا شك أن المصرَّ على المعصية ناقص الإيمان بمخالفته لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم:
16389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/638)
حكم حلق اللحية لا تشديد فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إطلاق اللحية والرجاء توضيح آراء المعاصرين من العلماء دون تشدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان خلاف العلماء في حكم حلق اللحية والأخذ منها في الفتوى رقم:
14055 والفتوى رقم: 2711 وليعلم الأخ السائل أن التشدد في الدين مذموم، لقوله صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم. وهذا لفظ البخاري، وفي رواية أخرى: (إن الدين يسر، ولن يُشادَّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) .
وقد بين العلماء معنى التشديد المنهي عنه في الحديث، فقال ابن حجر في شرح هذا الحديث: (وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل) . اهـ
وقال أيضًا: (وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع، كمن ترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فيفضي به استعماله إلى حصول الضرر) . اهـ
فعُلم بذلك أن التشدد هو: المبالغة في تنفيذ الأمر بما يشق على النفس، ويكون سبباً في نفورها ومللها، وعُلم كذلك أن التيسير هو: الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها، وتنفيذ الأوامر الشرعية بأسهل الطرق المشروعة، وليس معناه التفريط أو التساهل في أداء التكاليف الشرعية.
وقد سبق أن بينا ما أرانا الله تعالى أنه الحق بالأدلة الشرعية في أجوبة متقدمة أحلناك على بعضها وننصحك بمراجعة كتاب أدلة تحريم حلق اللحية، للشيخ محمد بن إسماعيل.
وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن حلقها مكروه، منهم: الشيخ جاد الحق علي جاد الحق - رحمه الله - شيخ الأزهر سابقًا، والدكتور: يوسف بن عبد الله القرضاوي وغيرهما.
والمسلم يقف من هذا الخلاف موقف العازم على اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، واقتفاء أثره، لا موقف المتهاون المفرط الذي يبحث عن رخص العلماء وزلاتهم، وقد مضى بيان حكم تتبع الرخص في الفتوى رقم: 4145
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/639)
حكم تشذيب اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص لدي لحية خفيفة وهي غير متساوية. ما الحكم إذا خففتها وساويتها على هيئة ما يعرف بالعارض؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخفة اللحية وعدم تساوي أطرافها لا يبيح لك أخذ ما دون القبضة منها لحرمة ذلك،
إلا إذا كانت متباينة الأطراف تبايناً فاحشاً مشوهاً للخلقة فيقتصر على قص الزائد الذي حصل به التشويه فقط
كما هو مبين في الفتوى رقم: 440
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/640)
حلق اللحية رؤية شرعية واقعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صحيح أن فضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله أفتى بفتوى وبالتحديد في سنة 1995 فأجاز فيها حلق اللحية للشخص الذى وجد عملاً ولكن صاحب هذا العمل يشترط أن يحلق هذا الشخص لحيته، والرسول
عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح قال "لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق" وفي الحديث
أيضا قال "إنما الطاعة في المعروف" والله سبحانه وتعالى قال: (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه
من لا يحتسب)) فان كانت هذه الفتوى صحيحة فبماذا استدل الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نعلم فتوى للشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- بما ذكرت والمعلوم من سيرته ومنهجه -تغمده الله بواسع رحمته- أنه كان وقافاً عند نصوص الكتاب والسنة يدور مع الدليل حيث دار، فيبعد جداً أن يصدر منه مثل هذه الفتوى.
والذي نقوله هنا: إن الأصل أنه لا يطاع أحد في معصية الله تعالى، فقد ثبت في مسند أحمد عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. وفي صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطاعة في المعروف.
فعلى هذا فإنه لا يجوز لأحد حلق لحيته من أجل الحصول على وظيفة، إذ بإمكانه البحث عن سبيل آخر للرزق.
إلا أنه إذا وجدت ضرورة لذلك بحيث لم يجد سبيلاً للعمل إلا بهذا الطريق، وكان محتاجاً إلى هذا العمل مضطراً إليه اضطرارا شرعياً، فإنه يجوز له حلق لحيته وهو كاره لذلك، فقد تقرر شرعاً:"أن الضرورات تبيح المحظورات" لقوله تعالى: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] .
وننصحك وننصح سائر إخواننا بالتثبت فيما ينقل عن أهل العلم من فتاوى فكم من فتوى نسبت إلى عالم هو منها برئ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/641)
حلق اللحية ليس من مصلحة الدعوة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم حلق اللحية إن كان في حلقها مصلحة للدعوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية حرام إلا إذا دعت ضرورة إلى ذلك كما هو مبين في الفتوى رقم 3198 والضرورة تقدر بقدرها، كأن يخاف على نفسه من السجن أو القتل أو تلف أحد الأعضاء، ونحن لا نرى -والله أعلم- أن حلق اللحية من مصلحة الدعوة، لأن إطلاق اللحية دعوة في ذاته، أو وسيلة من وسائل الدعوة، وحلق اللحية حرام، فكيف يكون فعل الحرام من مصلحة الدعوة أو وسائلها؟!!
وإننا لنوصي الأخ السائل بالتزام الجادة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، وأن يفعل ما أمره الله به من الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن مصلحة الدعوة في ذلك ولا عليه مما يشيعه البعض من أفكار وأكاذيب، قال تعالى: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:139] . وقال تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النور:54] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/642)
محاربة من يعفي لحيته قد يردي بمستنقع الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في من يحاربون الذى يعفي عن لحيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من المعلوم شرعاً أن إعفاء اللحى من هدي المرسلين، ومن واجبات هذا الدين، قال الله تعالى حكاية عن موسى وهارون قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [طه:94] .
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انهكوا الشوارب، واعفوا اللحى. متفق عليه واللفظ للبخاري.
فإذا ثبت هذا، فإن من السفه والجرأة على الدين محاربة من التزم بإعفاء لحيته، ولا شك أن في ذلك إثماً عظيماً وجرماً كبيراً، ويخشى أن يؤدي بصاحبه إلى الكفر، إذا قصد بذلك محاربة هذه الشعيرة الإسلامية أو الإستهزاء والسخرية من هذا الهدي النبوي، لقوله تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة: 65-66] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/643)
إطلاق اللحية فيه جملة فوائد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فوئد اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إنه يحرم على الرجل حلق لحيته، لقوله صلى الله عليه وسلم: "قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين" متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس" رواه مسلم.
وإذا تقرر أن حلق اللحية حرام، فإن في توفيرها جملة من الفوائد مبينة في الفتوى رقم 19539
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/644)
سبب اختلاف الفتوى في حكم إعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلاف الفتوى في حكم إعفاء اللحية بين البلدان ما سببه وما الأصح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حكى غير واحد من العلماء الاتفاق على تحريم حلق اللحية، وهذا ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 2711، 14055.
وقد تختلف الفتوى في هذه المسألة لأسباب منها:
1/ أن يكون المفتي راعى حال السائل والظروف المحيطة به، كأن يكون في بلد لا يمكنه من إعفاء لحيته فيه.
2/ أو اعتمد على قول مرجوح يفيد الكراهة لا التحريم.
3/ أن يكون أخطأ في فهم كلام بعض الأئمة.
4/ أو اتبع منهجاً غير مرضي في التعامل مع الأوامر والنواهي الواردة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم. والصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا فرق بين ما ورد من ذلك في السنة، وبين ما ورد في القرآن الكريم، فالأمر المطلق يفيد الوجوب، والنهي المطلق يقتضي التحريم، ويجب أن يحمل كل على ما هو أصل فيه إلى أن يوجد صارف يصرف عنه.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=25069 ">25069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(11/645)
بعض فوائد إطلاق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود لو أعرف ما هي الحكمة من إطلاق اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في التشريع الإسلامي هو أن الحكمة في تشريع الأحكام هي الإمتثال: أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حتى يتحقق العبودية بالإمتثال أو عدمه، وهذا لا يمنع أن يلتمس الناس الأسرار من وراء التشريع، فنقول:
إن من الحِكم في الأمر بإطلاق اللحية ما يلي:
أولاً: مخالفة المشركين، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى" متفق عليه واللفظ لمسلم.
ثانياً: التمييز بين الرجال والنساء، إذ أن الأصل في المرأة أنها ليس لها لحية.
ثالثاً: التأسي بهدي المرسلين، قال تعالى عن هارون عليه السلام: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) [طه:94] .
والتأسي بهم في الهدى الظاهر يجلب التأسي بهم في الهدى الباطن ومن منافع اللحية ما ذكره ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن إذ قال (وأما شعر اللحية ففيه منافع منها الزينة والوقار والهيبة ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يرى على ذوي اللحى ومنها التمييز بين الرجال والنساء)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(11/646)
فضيلة وعظ الحالقين لحاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[الإنكار على الرجال الحالقين لحاهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأمر بإعفاء اللحى والنهي عن حلقها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وفاعل ذلك مأجور عند الله إن أخلص النية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف، وينه عن المنكر" رواه الترمذي.
والأدلة على وجوب إعفاء اللحية مذكورة في الفتاوى التالية أرقامها: 14055، 2711.
لكن يكون الإنكار بضوابطه الشرعية التي بيناها في الفتوى رقم 9358،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(11/647)
حكم حلق اللحية لأجل الدراسة الجامعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى أما بعد....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ
سأدرس المرحلة الجامعية في مصر بحكمها بلدي ولكني أواجه الكثير من المشاكل:
أولها: أنه يمنع دخول الطلبة الملتحين إلا بعد أن يقوموا (بحلق لحاهم) وليس تخفيفها فما الطريق تجاه هذا الأمر وهل أنا آثم إذا حلقتها خوفا من المشاكل؟
ثانيا: بالنسبة لأمور الاختلاط والانفتاحية فقد يكون أمامك وخلفك وعن جانبيك بنات بل قد يكون المعيد امرأة، فما موقفي تجاه هذه الفتنة العظيمة (فتنة النساء) علما بأن جميع الجامعات في مصر مختلطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية محرم، وإعفاؤها واجب، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب المحرم إلا لضرورة ملجئة، أو حاجة عامة تنزل منزلة الضرورة.
وعليه، فإن كانت دراسة الطالب في جامعة تلزمه بحلق لحيته -مثلاً- ولا يستطيع أن يدرس في غيرها وكان مضطراً إلى الدراسة فيها، فيجوز له عند ذلك أن يحلق لحيته إلى أن يحصل ما يريد أو تزول عنه حالة الضرورة، ثم يعفي لحيته بعد ذلك.
وكذا إذا نزلت بالأمة حاجة إلى وجو د الصالحين في التخصصات والمناصب المختلفة كالطبيب والمهندس والمدرس والطيار والعسكري والسياسي -كما هو حالنا اليوم- وحيل بينه وبين الدراسة في هذا التخصص إلا أن يحلق لحيته، فيجوز له فعل ذلك لأن المفسدة العامة المترتبة على إعراض هؤلاء الصالحين عن هذه التخصصات وتولي غيرهم من المفسدين لها أكبر من مفسدة حلق اللحية، والمصلحة المترتبة على تولي الصالحين المناصب والأعمال أكبر من مصلحة إعفاء اللحية، ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في درء التعارض: فتقتضي الحكمة ترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ودفع شر الشرين بالتزام أدناهما)
وقال في الاستقامة1/439: (وعلى هذا استقرت الشريعة بترجيح خير الخيرين، ودفع شر الشرين، وترجيح الراجح من الخير والشر المجتمعين) .
وأما حكم الدراسة في الجامعات المختلطة فقد بين في الفتوى رقم 2523
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/648)
حكم حلق شعر الرقبة والحلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي أن أقص الشعر الذي على الرقبة أم أنه يعتبر من شعر اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشعر النابت على الحلق ليس من اللحية ويجوز حلقه، لأن حد اللحية عند علماء اللغة والفقه هي الشعر النابت على الخدين والذقن. وانظر الفتوى رقم: 16277.
وقد نص العلماء على أن شعر الرقبة ليس من اللحية.
قال النووي في المجموع (وقال أحمد بن حنبل: (لا بأس بحلق ما تحت حلقه من لحيته، وقيل: يكره) . انتهى
وقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار (لا بأس بأخذ أطراف اللحية إذا طالت ولا بنتف الشيب إلا على وجه التزين ولا بالأخذ من حاجبه وشعر وجهه ما لم يشبه فعل المخنثين ولا يحلق شعر حلقه وعن أبي يوسف لا بأس به) انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1423(11/649)
حكم حلق شعر الخد والرقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أريد أن أعرف ما هي حدود اللحية وهل يجوز مثلا حلق شعر الخدين أم أنه منها وكذا شعر الرقبة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حد اللحية في الفتوى رقم:
16277 وذكرنا هنالك أن الخدين داخلان في حد اللحية. أما شعر الرقبة فلا يدخل في حد اللحية، بل هو من الشعر المسكوت عنه، وقد ذكرنا حكم ذلك في الفتوى رقم:
16958
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(11/650)
حالق اللحية هل يلحقه مسمى الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي يكفر حليق اللحية رغم النقاش الطويل بيني وبينه عن حرمة تكفير المسلمين لكنه لم يقتنع بأن إطلاق اللحية سنة إلا إذا جئته بدليل من علماء الدين أرجو أن تبعثوا إلي بالدليل الشرعي عن حكم إطلاق اللحية وحكم حليقها؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية حرام عند الحنفية والمالكية والحنابلة ووجه عند الشافعية، هذا بالنسبة للحلق.
أما عن الإعفاء التام دون أخذ شيء منها، فأكثر الفقهاء على جواز أخذ ما زاد عن القبضة، وذهب بعض العلماء إلى أن الإعفاء يتحقق بكثافة اللحية حتى تغطي ما تحتها من اللحيين فقط؛ وإن لم تبلغ القبضة.
ولمعرفة المزيد عن ذلك راجع الفتوى رقم: 14055، ورقم: href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=2711 ">2711.
واعلم أن مجرد حلق اللحية ليس بكفر وأنه لا يجوز الإقدام على تكفير المسلمين وإن فعلوا المحرمات، لأن مجرد فعل المحرمات لا يخرج من الدين، فإن أهل السنة يقولون: إن مرتكب الكبيرة لا يكفر بها إلا إذا استحلها، وهو داخل في الوعيد إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عاقبه.
قال الحافظ ابن أحمد الحكمي في (سلم الوصول في علم الأصول) :
والفاسق الملي ذو العصيان لم ينف عنه مطلق الإيمان
لكن بقدر الفسق والمعاصي إيمانه ما زال في انتقاص
ولا نقول إنه في النار مخلد بل أمره للباري
تحت مشيئة الإله النافذة إن شا عفا عنه وإن شاء آخذه
بقدر ذنبه إلى الجنان يخرج إن مات على الإيمان
وقال:
ولا تكفر بالمعاصي مؤمنا إلا مع استحلاله لما جنى
ولمعرفة المزيد من ضوابط التكفير راجع الفتوى رقم: 721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/651)
إسبال الإزار وحلق اللحية للضرورة ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبعد:
أنا طالب مغربي ملتزم أسأل عن حكم العمل بالشرطة والجيش والدرك حيث أن هذه الوظائف تستوجب حلق اللحية وإسبال الثوب مع العلم أنني من أسرة فقيرة وتحتاجني أن أعولها وأيضا فرص الحصول على العمل في المغرب ضئيلة جداً فما العمل؟
مأجورين إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن كلاً من حلق اللحية وإسبال الإزار ولو لغير خيلاء محرم، وذهبت طائفة من أهل العلم إلى كراهة إسبال الثوب لغير الخيلاء، كما ذهبت طائفة أخرى إلى مجرد كراهة حلق اللحية، ولكن هذا القول ضعيف جداً، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14055، والفتوى رقم: 5943.
وعليه، فلا يجوز لك العمل في الجيش، ولا في الشرطة، ولا في غيرهما إذا ترتب على ذلك حلق اللحية أو إسبال إزارك، ونحو ذلك إلا أن يشق عليك ترك العمل بحيث لا تجد ما تسد به حاجتك وحاجة أهلك الضرورية، فحينها لا حرج عليك أن تأخذ بقول من كره ذلك، لأن الأمر إذا ضاق اتسع، والمشقة تجلب التيسير، وينبغي لك أن تسعى جاهداً للحصول على عمل آخر.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والإعانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(11/652)
حد اللحية لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: أريد أن أعرف حد اللحية شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللحية عند علماء اللغة والفقه هي شعر الخدين والذقن، قال ابن منظور في لسان العرب: "اللحية اسم يجمع من الشعر ما نبت على الخدين والذقن" وقال محمد السفاريني الحنبلي في شرح منظومة الآداب: "اللحى بالقصر جمع لحية بالكسر شعر الخدين والذقن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/653)
حكم هجر حالق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن عم وهو حليق اللحية وقد نصحته كثيراً ولكن بلا فائدة وكذلك الكثير من الأقرباء فهل يجب علي مقاطعتهم بما أنهم من أهل المعاصي؟
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب عليك مقاطعة أقاربك الذين يحلقون لحاهم، أو يمارسون غير ذلك من المخالفات، بل الأولى لك أن تعاملهم بالرفق والحكمة حتى تتمكن من دعوتهم إلى الله تعالى ونصحهم وإرشادهم إلى ترك ما نهى الله عز وجل عنه.
اللهم إلا إذا كان في مقاطعتك ردع لهم وزجر عن أعمالهم تلك، فحينئذ لك أن تقاطعهم من أجل أن يعودوا إلى رشدهم ويكفوا عن معاصيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/654)
حكم مخالفة ولي الأمر في حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في مكان أمني وفرض عليّ حلق اللحية وأنا لا أريد حلق اللحية هل أبقى في العمل حتى أجد عملاً آخر أو أترك العمل وأبحث عن عمل آخر وهذا تكلفني به الدولة هل أعتبر من الخارجين عن ولاة الأمور؟ أرجو الإجابة بأدلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الجواب في حكم حلق اللحية لأجل العمل، سواء كان العمل عسكرياً أم كان مدنياً، وتقدم ما هو الواجب على من طُلِبَ منه ذلك، وذلك في الفتوى رقم: 9608 والفتوى رقم 3198 وعدم حلق اللحية للجندي أو الموظف لا يعتبر من الخروج على ولاة الأمر.
لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة بالمعروف، فعدم امتثالك لأمرهم لأنه مخالف لأمر الله ليس فيه أي بأس، بل يجب عليهم أن يأمروا بإكرام اللحى كما أمر الله، لا بحلقها كما يأمر الشيطان (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) [النساء:119] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/655)
حكم حلق اللحية لضرورة ولغير ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إطلاق اللحية واجب أم لا؟ وإن لم أستطع إطلاقها لظروف ما هل هناك كفاره لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم إعفاء اللحية فسبق في الفتوى رقم:
2711، وحكم حلقها لضرورة سبق في الفتوى رقم:
3198.
ومن حلقها لضرورة فليس آثماً، ومن حلقها لغير ضرورة فهو آثم وليس عليه كفارة، وإنما عليه التوبة والاستغفار، ومن التوبة الإقلاع عن حلقها والمبادرة إلى إعفائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(11/656)
هل لعدم ظهور اللحية من دلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري الآن 18 سنة لكن لم يظهر لي لحية ولا شنب وشكلي كأني صغير هل هذا لأني فعلت شيئا أغضب الله مني وذلك لأني أفعل الكثير من المحرمات ثم أتوب بعد أن أفعلها؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمرك ما زال صغيراً، ومن الممكن أن تنبت لحيتك فيما بعد، فإذا أكرمك الله بها فأكرمها، وإكرامها يتم بإعفائها، وعدم حلقها، وإذا لم تنبت لك فالأمر هين فليست اللحية دليلاً على حب الله للعبد، ولا دليلاً على قوة الإيمان. إنما هي من الأشياء الجبلية، كالجمال والطول والقصر، ونحو ذلك مما يتباين فيه الناس وقد كان الصحابي قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما سيداً شجاعاً وداهية وشيخاً وتقياً ومع ذلك لم تكن له لحية.
قال ابن حجر في الإصابة (إن الأنصار كانوا يقولون وددنا أن نشتري لقيس بن سعد ليحة بأموالنا قال أبو عمر وكذلك كان شريح وعبد الله بن الزبير لم يكن في جوههم شعر) انتهى
واعلم أخي أن الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل فتموت على ذنبك ومعصيتك دون أن تدرك التوبة هذا بالإضافة إلى أن الذنوب إذا كثرت على القلب أفسدته وجعلت بينه وبين التوبة حجاباً كثيفاً فقد تطلبها في وقت فلا تجدها فاحرص هداك الله على العزم على ترك الذنوب ومما يحصنك منها مجالس الذكر والرفقة الصالحة والإكثار من الطاعات واللجوء إلى الله أن يطهرك منها ويباعد بينك وبينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/657)
حكم الأخذ من شعر الخد وشعر الحاجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إزالة الشعرالزائد في الخدود والحاجب للرجل بالملقاط أو الفتلة مع العلم أن حلقه بالمكنة يجعله غزيرا وتركه يجعل المنظر سيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخد من اللحية على الراجح من أقوال أهل العلم.
وعليه، فحلق شعره كحلق شعر اللحية وهو حرام.
أما شعر الحاجب، فقد ورد النهي عن الأخذ منه، بل لعن من أخذ منه شيئاً إلا إذا كان كثيفاً مشوهاً للخلقة تشويهاً واضحاً أو كان ساقطاً على العين فتتأذى به، فلا بأس في الأخذ منه بقدر إزالة التشويه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/658)
حكم حلق اللحية في المذهب المالكي
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي أحبائي في الله
نحن مذهبنا مالكي ما حكم حلق اللحية في المذهب المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب المالكية في اللحية هو مذهب غيرهم فيها وهو تحريم حلقها، بل زاد المالكية على ذلك فنصوا على تأديب حالقها بما ينزجر به مثله، من ضرب، أو سجن، أو غيرهما، قال الحطاب المالكي -رحمه الله- في شرحه على خليل: (وحلق اللحية لا يجوز وكذلك الشارب، وهو مًثلة وبدعة، ويؤدب من حلق لحيته أو شاربه، إلا أن يريد الإحرام بالحج، ويخشى طول شاربه) انتهى.
ومراد الحطاب وغيره من المالكية بحلق الشارب المحرم هو استئصاله، وليس مجرد تقصيره، فإن ذلك مطلوب شرعاً بإجماع العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(11/659)
أقوال العلماء في الأخذ من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعفاء اللحية واجب؟ وما معنى حديث ((كان يأخذ رسول الله من طول وعرض لحيته))
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية محرم عند الحنفية والمالكية والحنابلة ووجه عند الشافعية قال به القفال الشاشي والحليمي وصوبه الأذرعي، ومذهب الشافعية المعتمد عندهم هو الكراهة وهو الذي نص عليه الشيخان الرافعي والنووي قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (قال الشيخان يكره حلق اللحية واعترض ابن الرفعة في حاشيته الكافية بأن الشافعي رحمه الله نص في الأم على التحريم قال الزركشي وكذا الحليمي في شعب الإيمان وأستاذه القفال في محاسن الشريعة وقال الأذرعي الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة بها) .
وأما أخذ ما زاد عن القبضة فأكثر الفقهاء على جوازه وعدم كراهته، وروى ابن أبي شيبة في المصنف أخذ ما زاد عن القبضة عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الله بن عمر بن الخطاب وطاوس والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقال عطاء بن أبي رباح: كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة. وقال الحسن: كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها. وقال جابر: لا نأخذ من طولها إلا في حج أو عمرة. وفي المنتقى قيل لمالك: فإذا طالت جداً. قال: أرى أن يؤخذ منها وتقص. وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ويسن أن يعفي لحيته. وقيل: قدر قبضته. وله أخذ ما زاد عنها وتركه، نص عليه. وقيل: تركه أولى.
والخلاصة: أن العلماء اختلفوا في إعفاء اللحية ما هو؟ فقال بعضهم: تركها من غير قص ولا قصر حتى تطول. وقال بعضهم: حتى تكون كثيفة وتغطي ما تحتها من اللحيين، وإن لم تبلغ القبضة. وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك معروفة، وهي الإعفاء مطلقاً وهي الأحق بالاتباع
وأما الحديث المشار إليه في السؤال فرواه الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها.
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عمر بن هارون البلخي، قال العقيلي: لا يعرف إلا به. قال يحيى هو كذاب، وقال النسائي: متروك. وقال البخاري لا أعرف لعمر بن هارون حديثاً لا أصل له إلا هذا. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات. ويدعي شيوخاً لم يرهم. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/660)
إرخاء اللحى من هدي الأنبياء ولو أطلقها المشركون
[السُّؤَالُ]
ـ[1 إذا كان الرسول _صلى الله عليه وسلم_قد أمر باللحية ولكن لأجل الإختلاف عن المجوس والكفار فهل يجب تهذيبها لنختلف بذلك عن المجوس والكفار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأمر كما ذكر الأخ السائل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بإعفاء اللحية وتوفيرها مخالفة للكفار بأصنافهم، وبذلك وردت الأحاديث الصحيحة.
ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المشركين، وفروا اللحية، وأحفوا الشوارب".
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس".
وفي مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعفوا اللحى، وخذوا الشوارب، وغيروا شيبكم، ولا تشبهوا باليهود والنصارى".
وكما ترى أيها الأخ الكريم، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بأصنافهم، فذكر المشركين، وهو يعم كل المشركين من العرب وغيرهم، وذكر المجوس، وذكر اليهود والنصارى.
ومن المحال أن يكون جميع هؤلاء يحلقون لحاهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بل منهم من يحلق، ومنهم من يوفر لحيته، خاصة المشركين من العرب، فلم يكن يعرف عن العرب حلق اللحية.
فإذا علمنا أن منهم من يحلق لحيته، ومنهم من يوفرها، علمنا أن النبي صلىالله عليه وسلم لما أمرنا بمخالفتهم وإعفاء اللحية أراد تحقيق أمرين:
الأول: مخالفة هؤلاء الكفار أي الذين يحلقون لحاهم.
الثاني: موافقة الأنبياء، والعمل بمقتضى الفطرة، فإن إطلاق اللحية من هدي الأنبياء، وهو من سنن الفطرة، كما صح بذلك الحديث.
فإذا زال المقصود الأول، وفرضنا أن كفار العالم أطلقوا لحاهم، فإن المقصود الثاني -وهو الأهم- لا يزال باقياً، فيبقى الحكم ببقائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/661)
هل يفسق من حلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر حالق اللحية فاسقاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفسوق معناه الخروج عن الطاعة، كما قال سبحانه: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف:50] .
فكل من خرج عن طاعة ربه فترك ما أوجبه عليه، أو ارتكب ما حرّم عليه، فإنه قد فسق.
وإن كان هذا الفسق يتفاوت بتفاوت المعاصي، وحلق اللحية حرام، كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 2711.
وعليه، فمن حلق لحيته، فقد فسق، وعليه التوبة، وترك هذا الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(11/662)
إطلاق اللحية من مقتضى الإلتزام بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم حلق اللحية علما بأنه شاب ملتزم ويطبق هو وأسرته الأحكام الدينية قدر المستطاع ولا يشاهد التلفزيون وزوجته منتقبة والحمد لله علما بأنه كان لا يطلقها لعدة سنوات وهو مازال يؤمن بوجوبها ولكن والله أعلم يخشى إطلاقها الآن ارجو افادتى وجازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق اللحية حرام، وإطلاقها واجب، وقد تقدمت الإجابة عن ذلك في الفتوى رقم
href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=4451">4451، والفتوى رقم
2711.وإطلاق اللحية من مقتضيات الالتزام بالدين، ولا تخش من إطلاقها، فإن الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3] . فتوكل على الله وأطلقها فإنه أتقى لك وأجمل.
والله أعلم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/663)
حكم إزالة شعر الخدين للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي شعر كثيف بمنطقة الوجه والوجنتين وهذا ما أتضرر من حلقه بالموس مع اللحية فهل يجوز نتفه باستخدام الفتلة أو أي طريقة أخرى؟
وشكرا ... أنار الله طريقكم والله أعلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن شعر الخدين جزء من شعر اللحية، فلا تجوز إزالته لا بالحلق، ولا بالنتف، ولا باستخدام الفتلة، أو أي طريقة أخرى.
واعلم أن من يحلق لحيته يرتكب إثما؛ لحرمة حلقها، وانظر الفتوى رقم: 2711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1422(11/664)
حكم حلق اللحية لأجل أداء خدمة الجيش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ملتحي ولكن دخولي الجيش يحتم عليّ حلقها وإن لم أحلقها يتم تسجيل اسمى بأمن الدولة ويحدث لي مضايقات من جانب الحكومة فأرجو إفادتى بماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإذا كان دخول الجيش محتما عليك، يترتب على تركه مضرة ظاهرة في النفس أو الأهل أو المال، فلا حرج عليك في حلق لحيتك مدة التحاقك بالجيش ودخوله، ويراجع في ذلك الفتوى رقم 3198
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1422(11/665)
حكم إجبار الجنود والشرطة على حلق اللحى
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء سؤالي هو عن إطلاق اللحية وحلقها هل يجوز حلق اللحية وماهو الحكم فيمن أجبر على حلقها كما يحدث في الشرطة علما بأنني أعمل في الشرطة وماهي نصيحتكم لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد:
فحلق اللحية حرام، وإعفاؤها واجب شرعي، وينظر في ذلك الفتوى رقم 2711 ولا يجوز للقائمين على أمور الشرطة أو المجندين إجبارهم على حلق لحاهم، ولا طاعة لهم في ذلك، بل إن الواجب عليهم هو حملهم على الالتزام بفرائض الإسلام وواجباته، وحثهم على سننه وآدابه ومن فرائضه إعفاء اللحية.
وعلى هؤلاء الذين يجبرون الناس على حلق لحاهم أن يعلموا أن الله سبحانه قد عاب الناهين عن طاعته وتوعدهم على ذلك (أرأيت الذي ينهى* عبداً إذا صلى* أرأيت إن كان على الهدى* أو أمر بالتقوى* أرأيت إن كذب وتولى* ألم يعلم بأن الله يرى) [العلق: 9-14]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1422(11/666)
تقصير اللحية لأجل الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان ملتزم ومحافظ على السنة وتقدمت للزواج من بنت بالغة من العمر 16 سنة وأنا عمري 21 سنة، السؤال هل يجوز لي أن أتزين لها بتقصير لحيتي قليلا في يوم الزفاف.
أفتوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتنا وإياك على دينه، وأن يرزقنا وإياك حب السنة والتزامها.
واعلم وفقك الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها، وذلك في أحاديث معلومة.
وظاهر هذه الأحاديث منع الأخذ من اللحية، لأن هذا هو مقتضى الإعفاء والإرخاء والتوفير.
ولا نعلم رخصة في ذلك إلا ما جاء في أخذ ما زاد عن القبضة، لثبوت ذلك عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
والأولى عدم الأخذ منها مطلقاً، لعدم ثبوت شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من خلفائه الراشدين. فعليك أن تؤسس زواجك على تقوى الله لا أن تبدأه بمخالفة شرعه وهدي نبيه.
وليس في تقصير اللحية أو تهذيبها زينة، بل الزينة حقاً في إبقائها على هيئتها التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "سبحان الذي زين الرجال باللحى" رواه الحاكم.
ولمزيد من الإطلاع تراجع الفتوى التالية:
3851،
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1422(11/667)
حدود الضرر المبيح لحلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود السؤال عن قضية راودتني كثيرا:
أنا شاب جزائري في العشرين من العمر أردت استخراج جواز السفر بنية العمرة ولكن لقيت عراقيل إدارية عندنا تتمثل في قانون إداري يمنع الصورة الشخصية في جواز السفر
وأنا ملتح؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا في حكم حلق اللحية وأنا في هذا الوطن الذي يدع الإسلام ظاهرا، مع أني لا أملك
صورا لي سابقة بدون لحية وبارك الله فيكم
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الرجل حلق لحيته، وقد تقدم بيان ذلك برقم 3707 3198 3707،
ولا يباح حلق اللحية إلا إذا ترتب على إعفائها حصول ضرر محقق، كالقتل أو التشريد أو الحبس.
ومنه يعلم أنه لا يجوز حلق اللحية لأجل الذهاب إلى العمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1422(11/668)
هل يحلق لحيته لئلا يطرد من العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل في وظيفة يلزمني فيها مدير الشركة أن أحلق اللحية؟
وليس لدي أي خيار آخر غير أن أحلق اللحية أو أخففها جدا لكي أعمل في هذا العمل والذي هو تخصصي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلق اللحية محرم، وإعفاؤها واجب.
وعليه فلا يجوز لك أن ترتكب الحرام طلباً للرزق، فإن ما عند الله لا ينال بمعصيتة والله يقول (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من يحث لا يحتسب) [الطلاق: 2-3] غير أنه إذا كان تركك للعمل لهذا السبب سيؤدي إلى مفاسد أكبر كأن تكون العائل الوحيد لأسرتك ولن تجد عملاً غيره وفقدك للعمل سيؤدي إلى ضياع من تعول، أو وقوعهم في ضيق ونكد يصعب تحملهما فلا مانع من تخفيفها ارتكاباً لأخف الضررين، ودفعاً لعظمى المفسدتين بارتكاب أدناهما، إلى أن يفرج الله عنكم هذا مع المثابرة والدعاء بأن ييسر الله لك عملاً آخر، وعدم الاطمئنان إلى ما أنت عليه وركون النفس إليه. ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/669)
الاستهزاء باللحية استهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي فيمن قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أعفى لحيته لعدم وجود حلاقين في زمنه، وبأن اللحية تجعل منظر الإنسان غير جميل؟ وهل هناك صورة للنبي صلى الله عليه وسلم تثت أنه أعفى لحيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعفى لحيته لعدم وجود الحلاق من سخف القول، لوجود الحلاقة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن أنس قال: رأيت رسول صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر" وفي الصحيحين عن كعب بن عجرة أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرماً فقمل رأسه ولحيته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فدعا الحلاق فحلق رأسه " الحديث.
وتأمل هذا الحديث فإنه حلق رأسه ولم يحلق لحيته.
وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية وأكد ذلك، وهذا الأمر موجه إلى كل رجل إلى قيام الساعة،
2- ولا توجد صورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لنهيه عن التصوير والإنكار الشديد على فاعله. لكن من أراد أن يقف على وصف دقيق له صلى الله عليه وسلم فهذا موجود ومسطور في كتب السنة والسيرة، ومنه وصف لحيته صلى الله عليه وسلم
أما قول القائل: لا فائدة من إعفاء اللحية لأنه يجعلك في منظر غير منظم، فهذا منكر من القول عظيم، فإعفاء اللحية واجب بدلائل الأحاديث الصحيحة، فكيف يقال عن أمر واجب إنه ينافي الجمال واعلم أن الاستهزاء باللحية أو التنقص منها استهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام، وواجب من واجباته، فيخشى على صاحبه الانسلاخ من الإسلام والخروج منه.
والواجب على المسلم أن يمسك لسانه عن القدح في أي أمر من الدين، ولوكان سنة من السنن، فإن عجز عن التطبيق والعمل فليستغفر الله ولا يتبع تقصيره هذا بما هو أعظم منه كلاعتراض أو سخرية بشعائر الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/670)
يخشى على من استهزأ باللحية الخروج من الإسلام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي فيمن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أعفى لحيته لعدم وجود حلاقين في زمنه، وبأن اللحية تجعل منظر الإنسان غير جميل؟ وهل هناك صورة للنبي عليه الصلاة والسلام تثبت أنه أعفى لحيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعفى اللحية لعدم وجود الحلاق قول غير صحيح، لوجود الحلاقة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن أنس قال: رأيت رسول صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر" وفي الصحيحين عن كعب بن عجرة أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرماً فقمل رأسه ولحيته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فدعا الحلاق فحلق رأسه " الحديث.
وتأمل هذا الحديث فإنه حلق رأسه ولم يحلق لحيته.
وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية وأكد ذلك، وهذا الأمر موجه إلى كل رجل إلى قيام الساعة،
ولا توجد صورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لنهيه عن التصوير والإنكار الشديد على فاعله. لكن من أراد أن يقف على وصف دقيق له صلى الله عليه وسلم فهذا موجود في كتب السنة والسيرة.
أما قول القائل: لا فائدة من إعفاء اللحية لأنه يجعلك في منظر غير منظم، فهذا منكر من القول عظيم، فإعفاء اللحية واجب بدلائل الأحاديث الصحيحة، فكيف يقال عن أمر واجب إنه لا فائدة فيه، وهل تأتي الشريعة بإيجاب العبث؟! والاستهزاء باللحية أو التنقص منها استهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام، وواجب من واجباته، فيخشى على صاحبه الانسلاخ من الإسلام والخروج منه.
والواجب على المسلم أن يمسك لسانه عن القدح في أي أمر من الدين ولوكان سنة من السنن، فإن عجز عن التطبيق والعمل فليستغفر الله دون اعتراض أو سخرية
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/671)
اعترض على وجوب إعفاء اللحية ورده
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتوى تقول إن إطلاق اللحية فرض، وقد جادلني أخي وقال لي:إنها ليست بفرض - وعندما قلت له ما قرأته في فتواكم السابقة أن الأمر يفيد الوجوب إلا من قرينة أجاب بأن الرسول لم يترك صلاة السنن ولا أحد من الصحابة فهل صلاة السنة فرض؟ وهل إطلاق اللحية مثل صلاة السنة؟ وأيهما أحق بالإتيان به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالمصيبة الكبرى أن كثيراً من الناس لا يتورع عن الخوض في الأحكام الشرعية ولو كان نصيبه من العلم الشرعي قليلاً، بينما لا يتجرأ أحداً أن يتكلم في غير شرع الله إذا لم يكن من اختصاصه، وإن تكلم فيه سخر الناس منه وعدوه من أغبى الأغبياء. فياللعجب.
ولعل أمثال هؤلاء لا يعون خطورة التحريم والتحليل والكلام في شرع الله تعالى بغير علم ولا برهان من الله تعالى، وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون* متاع قليل ولهم عذاب إليم) [النحل: 116، 117] .
وقوله: (قل أرايتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون* وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة) [يونس:59، 60] وقوله: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جنهم مثوى للمتكبرين) [الزمر: 60] . واعتراض أخيك ليس في محله لأنه قياس مع وجود الفارق، فالأمر بإعفاء اللحية لم تدل قرينة على صرفه عن الوجوب، بل إن معه قرائن تؤكد الوجوب، منها التعليل الوارد في الحديث وهو أن في ذلك مخالفة للمشركين، ومخالفة المشركين فيما يختصون به واجبة، ومنها تكرير الأمر الوارد في ذلك وتنوع صيغه مما يدل على تأكيده، ومنها فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الاستمرار والمداومة.
وأما الصلوات المسنونة فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها ورغب فيها وحث عليها، إلا أن نصوصاً صريحة دلت على أنها غير واجبة، منها حديث الصحيحين في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الإسلام، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة، فقال له الرجل: هل عليّ غيرها؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، إلا أن تطوع". وهذا صريح في أن الأمر بنوافل الصلوات لم يكن على سبيل الوجوب.
وقول صاحبك:إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك صلاة السنة ولا تركها أحد من الصحابة، غير صحيح إطلاقا، فقد تركوها في مواطن كثيرة، كما هو معروف في كتب السنة والفقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/672)
حكم المؤمن الغيور على دينه المقصر للحيته والمسبل لإزاره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كان إيمانه قويا ويعمل به قولا وعملا وعنده غيرة على الدين وحرقة، ولا يرضى على الله ورسوله والمسلمين بأي إهانة، ولكنه لم يقصر ثوبه ولم يطلق لحيته بأكملها ولكنه اكتفى باللحية القصيرة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن اجتمعت فيه هذه الصفات: الغيرة على الدين والإيمان القوي وتعظيم حرمات الله فهو على خير عظيم وعليه أن يجتهد في المزيد، فإن مدارج الكمال ومراقي الفلاح لا يعلم منتهاها إلا الله.
وقد تقع الهفوة والزلة من العبد الصالح والولي الفاضل، إلا أن الإيمان القوي يدفعه إلى الندم والتوبة والفرار من الذنب.
والإصرار على الذنب، وتسويف التوبة قادح في الغيرة، مضعف للإيمان، موجب لتسلط الشيطان، وقد قال الله تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين.) [الحجر:42] ومن ذاق حلاوة الإيمان، وعرف طعم العبودية، وعصمه الله من الكبائر، كان إصراره على الذنب الصغير مستغرباً في حقه، منافياً كمال حاله.
وإذا صدق المؤمن في محبته لنبيه صلى الله عليه وسلم، وعظمت رغبته في اتباع السنة لم يبق في قلبه حرج في تطبيقها، ولم يكن له داعية هوى إلى مخالفتها.
وقد ثبت في دواوين السنة توفيره صلى الله عليه وسلم للحيته، وتقصيره لثوبه، فما على المحب إلا الاقتداء.
روى النسائي عن البراء قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعاً عريض ما بين المنكبين كث اللحية تعلوه حمرة.
وعن مسلم من حديث جابر بن سمرة قال: وكان كثير شعر اللحية.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية وإعفائها، وهذا يقتضي عدم المساس بها مطلقاً: فروى البخاري: " خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب " ولمسلم: " أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى"
وفي الصحيحين: " وأعفوا اللحى".
وروى مسلم وأبو داود عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية"
وعن الترمذي: "أمرنا بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى"
فهذه أدلة صريحة تفيد وجوب إعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها، المنافي للأخذ منها وتقصيرها. والحجة في قوله صلى الله عليه وسلم لا في قول غيره، وفي فعله لا في فعل غيره.
وأما تقصير الثوب فحسبك فيه قوله صلى الله عليه وسلم:" إزرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا جناح عليه في ما كان بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/673)
رخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تهذيب اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجميع النصوص الواردة في اللحية تدل على الأمر بإعفائها وتركها على الهيئة التي خلقها الله عليها من غير تخفيف ولا تحديد، فمن ذلك: "أعفوا اللحى خالفوا المشركين" متفق عليه.
وحديث: "أرخوا اللحى خالفوا المجوس" رواه أحمد ومسلم.
وعليه، فيحرم على الرجل أن يحلق لحيته، وقد رخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة منها لفعل ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، وإن كان الأولى تركها كما هي. إلا إذا كانت طويلة طولاً فاحشاً أو عريضة عرضاً فاحشاً خارجاً عن الطور المعهود مشوهاً للخلقة فقد رخص بعضهم أيضاً في الأخذ منها حتى تعود إلى طور الاعتدال، قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ (وقد روى ابن القاسم عن مالك لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ، قيل لمالك فإذا طالت جداً قال أرى أن يؤخذ منها وتقص وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة)
أما ما يفعله كثير من الناس في هذا الزمان مما يسمونه تهذيباً فهو في واقع الأمر إنهاك لها مصادم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وإسبالها وقد قال جل وعلا: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [الفرقان:63] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1422(11/674)
يحرم حلق اللحية أو الأخذ منها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشاب حلق لحيته من وقت لآخر بدون سبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فحلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة، والأخبار، ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب"، وفي رواية:" أحفوا الشوارب وأعفوا اللحية"، وهناك أحاديث أخرى بهذا المعنى. وإعفاء اللحية تركها على حالها، وتوفيرها إبقاؤها وافرة كثيرة فاحذر من أن تحلق أو تنتف أو تقص منها شيئاً. وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق، وبحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" صححه الترمذي، قال في الفروع وهذه الصيغة عند أصحابنا ـ يعني الحنابلة ـ تقتضي التحريم. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: دلالة الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة، لأن مشابهتهم في الظاهر سبب لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال الممنوعة بل وفي نفس الاعتقادات، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر. وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى" الحديث. وفي لفظ "من تشبه بقوم فهو منهم"، رواه الإمام أحمد، ورد عمر بن الخطاب شهادة من ينتف لحيته وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال. يعني بذلك المتشبهين بالنساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيف شعر اللحية ـ رواه مسلم عن جابر، وفي رواية كثيف اللحية، والمعنى واحد، ولا يجوز أخذ شيء منها لعموم أدلة المنع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(11/675)
حكم حلق اللحية لمن له ظروف سياسية تجبره على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أفتوني في حكم حلق اللحية لأسباب سياسية؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإعفاء اللحية من الأوامر الشرعية الأكيدة التي يجب على المسلم امتثالها، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب". وقد تكرر هذا الأمر منه صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث في الصحيحين وغيرهما، والأمر يقتضي الوجوب على الراجح عند الأصوليين.وقد اجتمع في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، وهو هدي النبيين كافة، كما أنه فعل الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لايعرف منهم مخالف. لكن أوامر العزيز الحكيم الرحيم مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، قال تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها) . [البقرة: 286] . وقال تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) . [البقرة: 173] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ". [أخرجه مسلم] . وعلى هذا إذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضرراً مجحفا محققا، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها، فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف، ولايصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لايدفع عنه الأذى، لأنه فعل ذلك ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وضابطها ماجاء في قوله سبحانه: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) النحل106، وقوله سبحانه: (فمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا إثم عليه) فمن ظلم أو تعدى فهو آثم. وتأسيسا على ذلك نقول: قد ثبت بالتتبع والسؤال وباستقراء أحوال أناس كثيرين أن دعوى الإكراه على حلق اللحية لايكون إلا في نطاق ضيق، وأن أكثر الناس يتخوفون من دون سبب حقيقي، ثم يبنون على هذا التخوف أحكاما ويدعون ضرورات وليس الأمر كذلك، وكثير منهم لايريد أن يلحقه أي أذى أو مضايقة بسبب تدينه والتزامه بالمظهر الإسلامي والأخذ بالسنة، وهذا مخالف لسنة الله في عباده المؤمنين قال تعالى: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت:1ـ2] فالأذى والمضايقة بسبب التدين الصحيح من الأمورالمتوقعة، والسلامة منها على خلاف الأصل. والمقصود أن مايقع من الأذى هو أمر عادي يجب أن نتقبله ونحتسب عند الله مانلقى، فهذه ضريبة الإيمان وثمن الجنة، ولو أنا كلما أحسسنا بالأذى تراجعنا في التزامنا لم نلبث أن ننسلخ من شعائر ديننا الظاهرة، وهذا بالضبط مايريد أعداؤنا أن نصل إليه لتخفى معالم الحق على الناس وتندرس رسومه، وهذا من أخطر العواقب، فليتنبه لذلك فإنه من مزالق الشيطان. وعليه: فمن تحقق وقوعه في ضرر يشق احتماله ـ بعد ملاحظة ماقدمنا ـ رجونا أن لا إثم عليه بالترخص على ماقدمنا تفصيله، وعليه مع ذلك أن لا يطمئن لما أقدم عليه ولا تركن إليه نفسه، بل عليه أن يبقى متلهفاً متعلق القلب تواقاً إلى أن يفرج الله عنه تلك الضرورة فيمتثل أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعفي لحيته ويقص شاربه. نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً وأن يمكن لهم في الأرض ويهيء لهم من أمرهم رشداً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(11/676)
كوني عونا لزوجك على توفير لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: زوجي والحمد لله ملتزم وقد التحى من فترة ولكنه أطالها وأنا لا أحب شكلها وأنفر منه بسببها وكلما طلبت منه أن يقصرها وأن يرتبها يتشاجر معي. أرجو أن تبينوا لنا الحكم الشرعي فى هذا وأنه من حقي أن أرى زوجي في مظهر جميل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحى، والأمر يفيد الوجوب ما لم تأت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب. وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين أحفوا الشوارب ووفروا اللحى " وغيره من الأحاديث الصريحة في الأمر بإعفاء اللحية والتي لم يصرفها دلالتها عن الوجوب صارف. وإعفاء زوجك لحيته وعدم أخذه منها هو الصواب الموافق لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينبغي عليك أن تسعدي بهذا وأن تعينيه على المزيد من التزام السنة. ونفرتك منه بسببها خطأ عظيم لأنه نفرة من واجب شرعي قام به زوجك ويخشى أن يكون نفرة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم: فعليك أن تستغفري الله تعالى من هذا الخطأ والزلل العظيم. وقد يكون مبعث ذلك اعتيادك رؤيته على غير هذه الحالة فزين لك الشيطان بسبب التزامه بتلك السنة، النفرة منه لتدفعيه إلى ما لا يرضي الله ورسوله. ثم اعلمي رحمك الله أن اللحى زينة للرجال كما أن الذوائب زينة للنساء، فالجمال يكون بالتزام سنة النبي صلى الله عليه وسلم والتزام أوامره ولا تعارض بين إعفاء اللحية والتزين والتجمل للزوجة فعلى الزوج أن يتجمل لزوجته بما لا يتضمن مخالفة شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/677)
حلق اللحية محرم على الصحيح من مذاهب العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية للرجل المسلم؟ وهل هو من الكبائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
...
فإن حلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة، والأخبار ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار. فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" متفق عليه، وهناك أحاديث أخرى بهذا المعنى، وإعفاء اللحية تركها على حالها، وتوفيرها إبقاؤها وافرة لا يقص منها شيء.
وحكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق، وحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" [صححه الترمذي] ، قال في الفروع وهذه الصيغة عند أصحابنا ـ يعني الحنابلة ـ تقتضي التحريم، وقال شيخ الإسلام بن تيمية في شرح العمدة (فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة) وقال أيضاً في الفتاوى الكبرى (ويحرم حلق اللحية ويجب الختان) انتهى
وقال الحطاب المالكي في شرح خليل (وحلق اللحية لا يجوز وكذلك الشارب وهو مثلة وبدعة ويؤدب من حلق لحيته أو شاربه إلا أن يريد الإحرام بالحج ويخشى طول شاربه) انتهى.
وقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار (يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم (جزوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس) فهذه الجملة واقعة موقع التعليل وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغرب ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد) انتهى
وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال) يعني بذلك المتشبهين بالنساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيف شعر اللحية ـ رواه مسلم عن جابر، وفي رواية كثيف اللحية، وفي أخرى كث اللحية والمعنى واحد.
وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة، لأن مشابهتهم في الظاهر سبب لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال الممنوعة بل وفي نفس الاعتقادات، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى" الحديث. وفي لفظ "من تشبه بقوم فهو منهم" [رواه الإمام أحمد] ، ورد عمر بن الخطاب شهادة من ينتف لحيته.
وليس حلق اللحية من الكبائر، إلا أن يواظب عليه صاحبه، لقول ابن عباس رصي الله عنهما: لاصغيرة مع الإصرار. فالإصرار على الصغيرة يلحقها بالكبائر، والواجب: التوبة والإقلاع عن الذنوب كلها صغيرها وكيبرها، وكما قيل: لاتنظر إلى صغر الذنب وانظر إلى عظمة من عصيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/678)
لايجوز للمسلم أن يرغب عن سنة النبي صلىالله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعاقب الإنسان على ترك السنن التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل إسبال الإزار، وحلق اللحية، وعدم حلق الشوارب وما هي العواقب التي تترتب عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فليس من سمات المسلم أن يرغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها أو أمر بها ويكفي عقاباً على ذلك ما رواه ابن خزيمة في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رغب عن سنتي فليس مني ". والله تعالى قد ربط طاعته بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وجعل اتباعة علامة على محبته وجعل طاعته سبباً لدخول الجنة وعدم طاعته علامة على الإباء عن دخول الجنة، وجعل مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم سبباً لتعرض الإنسان للفتنة وللعذاب الأليم. قال تعالى: " وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ". وقال تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ". وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ". وقال تعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ". وهذه الأمثلة التي ذكرتها ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر صحيح صريح من خالفه يعتبر مخالفا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم معرضاً للعواقب التي رتبها الله تعالى على ذلك، إضافة إلى أن هديه فيها معروف صلى الله عليه وسلم، أما الإسبال فقد نهي عنه وحذر منه أشد تحذير كما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال أبوذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ". وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم المكان الذي ينبغي أن لا يتجاوزه إزار المؤمن فقال – كما في المسند وغيره – "أزرة المؤمن إلى عضلة ساقيه ثم إلى نصف ساقيه ثم إلى كعبيه فما كان أسفل من ذلك في النار". وأما حلق اللحية وعدم حلق الشارب، فذلك مخالف مخالفة صريحة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ومخالف لهديه الثابت عنه. ففي الصحيحن أنه صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب" (واحفوا) معناها قصوا فإذن حالق اللحية مشابه للمشركين ومخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وهديه الثابت عنه وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كث اللحية قد كادت تملأ نحره كما في المسند وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1422(11/679)
على المسلم أن يعتز بمظهره الإسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[1 - هل يجوز للشاب الذي يشغل منصباً إدارياً حساساً أن يحلق جزءاً من لحيته ليبدو أكثر ملائمة لعمله؟ 2- هل يجوز للشاب أن يحلق لحيته على شكل سكسوكة؟ هل هو آثم بفعله هذا؟ 4- هل يجوز شراء تلفزيون ومشاهدة البرامج (سكسوكة) أي يبقي على شعر الذقن؟ 3- ماذا لو وجد أن هناك بقعة فاضية من الشعر على خديه أي تساقط الشعر في تلك البقعة - هل له أن يحلق لحيته على هيئة والأخبار والمسلسلات؟ 5- هل يجوز شراء صحن لاقط (دش) للإرسال الفضائي بواسطة الأقمار الصناعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ... ... ... يحرم على الرجل أخذ شيء من لحيته لوجود الأمر الصريح بإعفائها في السنة المطهرة. ونحيلك إلى ما سبق مفصلاً برقم 113- 263- 1414 وعلى المسلم ان يعتز بدينه وبمظهره الإسلامي الذي كان مظهر سيد البشر وخير الناس ورسول العالمين محمد صلى الله عليه وسلم. ... 4. التلفاز جهاز يعرض الخير والشر والنافع والضار. وعلى المسلم أن يعلم أنه لا يجوز له مشاهدة العورات لا في التلفاز ولا في غيره، ولا يجوز له كذلك سماع آلات العزف والموسيقى وغناء النساء مطلقاً. والمقصود بالعورات: أن الرجل مأمور بغض البصر عن جميع بدن المرأة الأجنبية وعن النظر إلى عورة الرجل وهي ما بين السرة والركبة. والمرأة في ذلك كالرجل، لا يجوز لها أن تنظر إلى عورة الرجل أو المرأة، ولا مشاهدة ما يدعو إلى الفساد من الاختلاط ونحوه. ... 5. وما قيل في التلفاز يقال كذلك في ما يعرض عن طريق الدش. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/680)
حكم حلق اللحية عند الشافعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم حلق اللحية على المذهب الشافعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإعفاء اللحية أمر به النبي صلى الله عليه وسلم حيث روى الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية، وجاءت روايات أخرى صحيحة صريحة بهذا المعنى، والأمر للوجوب ما لم يأت صارف يصرف الأمر من الوجوب إلى السنة. ومذهب جمهور العلماء تحريم حلقها، وممن ورد عنه التحريم الإمام الشافعي رحمه الله، وممن اعترض على من قال: إن الشافعي قال بالكراهية ابن الرفعة قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (قال الشيخان يكره حلق اللحية واعترض ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعي نص في الأم على التحريم، قال الزركشي وكذا الحليمي في شعب الإيمان وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة، وقال الأذرعي الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة) وقد اعتمد بعض علماء الشافعية كراهية حلقها في المذهب والصحيح تحريمه كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(11/681)
بر والدك بالمعروف ولا تحلق لحيتك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... لقد خيرني والدي بين حلق لحيتي وبين مغادرة المنزل، ومنعني من التكلم معه ماذا أفعل؟ والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن الله عزوجل أمرك أن تبر أباك وتطيعه فيما يأمرك به، ولكنه قيد ذلك بما لايكون فيه معصية لله، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما الطاعة في المعروف) وأنه (لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق) ، وحلق اللحية معصية، ومخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، والله جل وعلا يقول (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) . [النور: 63] . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب " رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ورواه عنه مسلم بلفظ: "خالفوا المشركين: أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى"، فإذا كان أمر أبيك يخالف أمر الله فاتبع أمر الله ودع ما سواه، وعليك أن تنصح أباك برفق وأن تدله على الخير وأن تكون باراً به متودداً إليه، -وإن تمادى في أمره لك بمعصية الله - فقد ثبت بالتجربة أن العاقبة للصابر، وأن كلمة الخير لاتضيع ولو بعد حين. والله نسأل أن يشرح صدر أبيك للحق وأن يعينك على أمر دينك، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(11/682)
صفة حف الشارب وإعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.. ماهي صفة حف الشارب؟ وهل يجوز تخفيف اللحية؟ وما هو حد ذلك إن كان يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد روى الشيخان: البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب، والإحفاء المأمور به في الحديث للعلماء فيه تفسيرات فمنهم من قال: يأخذ منه ما غطى الشفتين، ومنهم من قال يحلقه حتى يبدو من تحته بياض بشرته ومنهم من قال يستأصله استئصالا وكره مالك هذا الأخير، فالراجح أن الأفضل أن تفعل به واحدة من الحالتين الأوليين. وأما عن تخفيف اللحية فمن حج أو اعتمر ثم قبض عليها وأخذ منها ما زاد على القبضة فلا حرج في هذا إن شاء الله، فقد كان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. وأما الأخذ منها في غير هاتين الحالتين: حالة الحج وحالة العمرة فظاهر الحديث أنه خلاف المأمور به والأمر بالتوفير محمول على الوجوب فمن أخذ منها فهو غير موفر لها، وبالتالي فقد خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) . [النور: 63] . نعم إذا كانت اللحية طويلة طولا فاحشاً، أو عريضة عرضا فاحشاً خارجاً عن الطور المعهود مشوها للخلقة فقد رخص بعض أهل العلم في الأخذ منها حتى تعود إلى طور الاعتدال. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1422(11/683)
التشويه الحاصل في اللحية ضرر يقدر بقدره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.هل يجوز لي أن أشذب لحيتي علماً بأن أحد جوانب لحيتي سقط الشعر منه بسبب مضايقات نفسية كما قال الدكتور، وتبدو بجانب واحد فقط والجانب الآخر أصلع!! ماذا عليّّ أن أفعل حيث هذا الأمر يضايقني كثيرا في عملي؟ أريد توضيحاً لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإذا كان الأمر قد وصل بك إلى الحالة التي ذكرتها، ولم يمكنك أن تجد علاجا ناجعا في إعادة إنبات شعر اللحية إلى طبيعته، وكان في بقاء هذا الشق من شعر وجهك تشويه فادح للخلقة، فلا مانع إن شاء الله من تشذيبه ليماثل شعر لحيتك في الشق الآخر، فإذا عاد شعر لحيتك إلى ما كان عليه فيجب الكف عن تشذيبها والأخذ منها لضرورة تقدر بقدرها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/684)
يجب توفير اللحية ويحرم حلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية، وما حكم تقصيرها، ومع ذكر الأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإنه يحرم على الرجل حلق لحيته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين " متفق عليه وقوله " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس " رواه أحمد ومسلم وقوله " خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب " وغير ذلك من الاحاديث الآمرة بإعفاء اللحية. فيحرم على الرجل حلقها، وكذلك يحرم عليه أخذ شيء منها، فإن أبى فما زاد على القبضة، لفعل ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، والأولى ترك ذلك أيضا. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(11/685)
اللحية المحققة للشروط الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو طول اللحيه شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد
طول اللحية شرعاً: أن تترك على ما هي عليه وعلى الخلقة التي خلقها الله عليها للأحاديث الواردة في توفير اللحية وإعفائها وعدم الأخذ منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/686)
لم يثبت تحديد أيام معينة لقص الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح فعلا تقليم الأظافر في أيام معينة في الأسبوع وإلا تعرضت لحادث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع في تقليم الأظفار ونحوه من خصال الفطرة أن لا يتجاوز بها أربعين يوما، لحديث أنس عند مسلم: وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة. ألّا نترك أكثر من أربعين يوما.
واستحب كثير من العلماء تعاهد هذه الخصال يوم الجمعة لأنه يوم اجتماع الناس للصلاة، والتنظف والتجمل فيه ممّا دلت السنة على مشروعيته، وبعضهم استحب ذلك في يوم الخميس وقيل يتخير.
قال الإمام النووي رحمه الله: وقد نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله على أنه يستحب تقليم الأظفار والأخذ من هذه الشعور يوم الجمعة. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ولم يثبت أيضا في استحباب قص الظفر يوم الخميس حديث، وقد أخرجه جعفر المستغفري بسند مجهول، ورويناه في مسلسلات التيمي من طريقه، وأقرب ما وقفت عليه في ذلك ما أخرجه البيهقي من مرسل أبي جعفر الباقر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة. وله شاهد موصول عن أبي هريرة، لكن سنده ضعيف، أخرجه البيهقي أيضا في الشعب.
وسئل أحمد عنه فقال: يسن في يوم الجمعة قبل الزوال، وعنه يوم الخميس، وعنه يتخير، وهذا هو المعتمد: أنه يستحب كيف ما احتاج إليه.
وأما ما أخرج مسلم من حديث أنس: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين يوما.
قال القرطبي في المفهم: ذكر الأربعين تحديد لأكثر المدة، ولا يمنع تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة، والضابط في ذلك الاحتياج. وكذا قال النووي: المختار أن ذلك كله يضبط بالحاجة.
وقال في شرح المهذب: ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة في هذا وفي جميع الخصال المذكورة.
قلت أي: ابن حجر: لكن لا يمنع من التفقد يوم الجمعة، فإن المبالغة في التنظف فيه مشروع. انتهى.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي رحمه الله: ويكون ذلك أي: حف الشارب، وتقليم الأظافر، وكذا الاستحداد، ونتف الإبط، يوم الجمعة، قبل الصلاة وقيل: يوم الخميس. وقيل: يُخَيَّر. انتهى.
ولكن لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تحديد يوم معين لقص الأظفار من أيام الأسبوع فضلا عن أن من لم يفعل ذلك في هذا اليوم تعرض لحادث، بل هذا ممّا لا شك في بطلانه، وأنه لا تجوز نسبته إلى الشريعة.
قال الحافظ السخاوي رحمه الله في موضوع قص الأظافر: لم يثبت في كيفيته ولا في تعيين يوم له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(11/687)
المسنون في كيفية إزالة شعر الإبط والعانة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ذكر فى السنة النتف بالنسبة للمرأة نتف الإبط والعانة، لذلك أسمع أن النتف أحيانا يصيب بالشلل أو العقم فهل ذكر النتف أم الحلاقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة جاءت بنتف الإبط، وحلق العانة، كما فصلناه في الفتوى رقم: 20236. ولا صحة فيما نعلم لما ذكره السائل من أن نتف الإبط سبب للشلل أو العقم، علما بأن أصل السنة يتأدى بإزالة الشعر بكل مزيل كما بينته الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/688)
إزالة العانة والاغتسال من الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشكلتي شائعة في ظني لكنها تضايقني كثيرا، أنا أعاني من شعر عانة كثيف جدا جدا يعني تقريبا في كل المنطقة السفلى وأيضا في أماكن منها يكون الجلد رقيقا وحساس كثيرا، والسؤال أنا أعرف أن إزالة هذا الشعر بالحلاوة أفضل طريقة، وأنا جربت لكن وصلت لمكان لمكان لم أستطع أن أزيله من الوجع، أتمنى أن أعرف أفضل طريقة لإزالته بالحلاوة من غير ألم شديد وبالذات من المناطق الحسساسة جدا جدا
أتمنى الرد، وكذلك أريد أن أعرف ما هي علاقة الجنابة بهذا الموضوع لأني سمعت أنه تحت كل شعرة جنابة،
أتمنى الرد السريع، وشكرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من تخصصنا بيان أفضل طريقة لإزالة الشعر بما سمته السائلة الحلاوة، والذي جاء في السنة هو الحلق ومن لم يستطع حلق العانة فيمكنه إزالتها بأي مزيل طاهر غير ضار، وقد بينا حكم استعمال الطعام لإزالة الشعر في الفتوى رقم: 9547، فلتراجع.
ويجب في غسل الجنابة تعميم الجسد كله بالماء حتى البشرة التي تحت الشعر سواء شعر العانة أو غيره، وأما حديث: تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشر. والذي أخرجه أبو داود والترمذي فهو حديث ضعف أهل العلم سنده، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وانظري الفتوى رقم: 6133، في كيفية غسل الجنابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(11/689)
حكم الصبغ وهل الصبغ بالسواد يمنع من دخول الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم صبغ الشعر سواء كان بالسواد أوغيره؟ وهل هو مانع من دخول الجنة علما بأنه لا يريد الزواج مثلا مما يدخل في التزوير والتغرير بالناس، بل إنه عادة أو منظر حسن، وهل هو تغيير لخلق الله؟ نرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإن حكم صبغ الشعر بالسواد مختلف فيه بين أهل العلم، والذي نرجحه هو أن النهي الوارد فيه للتحريم كما سبق أن بينا في الفتويين: 2301، 24124. وما أحيل عليه فيهما.
وأما كونه مانعا من دخول الجنة فقد ورد فيه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- حديث صححه بعض أهل العلم وضعفه بعضهم فقال صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الطير لا يريحون رائحة الجنة.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي:
وقد أجاب المجيزون للصبغ بالسواد عن هذا الحديث بعدة إجابات منها: أن الوعيد الشديد المذكور في هذا الحديث ليس على الخضب بالسواد بل على معصية أخرى لم تذكر كما قال الحافظ بن أبي عاصم، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد. وقد عرفت وجود طائفة قد خضبوا بالسواد في أول الزمان وبعده من الصحابة والتابعين وغيرهم رضي الله عنهم، فظهر أن الوعيد المذكور ليس على الخضب بالسواد، إذ لو كان الوعيد على الخضب بالسواد لم يكن لذكر قوله في آخر الزمان فائدة، فالاستدلال بهذا الحديث على كراهة الخضب بالسواد ليس بصحيح.
وأن جمعا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم من الخلفاء الراشدين في غيرهم قد اختضبوا بالسواد ولم ينقل الإنكار عليهم من أحد، فمنهم أبوبكر رضي الله عنه، روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فكان أسن أصحابه أبوبكر فعلها بالحناء والكتم حتى قنأ لونها، وفي القاموس: قنأ لحيته سودها كفنأها.
أوأن المراد بالخضب بالسواد في هذا الحديث الخضب به لغرض التلبيس والخداع لا مطلقا، جمعا بين الأحاديث المختلفة. ملخصا من الفتح وتحفة الأحوذي ...
وعلى هذا؛ فالمانع من دخول الجنة ليس مجرد الصبغ بالسواد، وإنما لمعصية أخرى يحدثونها في آخر الزمان، ومن صفات أهل هذه المعاصي ما ذكر في الحديث.
وأما كونه من تغيير خلق الله فليس الصبغ بأنواعه من تغيير خلق الله تعالى، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى: 13834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(11/690)
حكم حلق العانة ووقته
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما حكم حلق شعر العانة، وهل الحديث الذي معناه أن من لم يحلق شعر العانة لمدة أربعين يوما لا تقبل له صلاة حديث صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق شعر العانة سنة كما سبق بيانه في الفتويين: 3609، 8905.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب ونتف الابط وتقليم الأظفار، وأما حديث أنس المذكور في الكتاب وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الابط وحلق العانة ألا يترك أكثر من أربعين ليلة. فمعناه لا يترك تركا يتجاوز به أربعين. اهـ
وأما الحديث المذكور في السؤال فلم نقف عليه، ولكن صح من حديث أنس رضي الله عنه قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة. رواه مسلم. والذي وقت لهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم نقف على قول لأهل العلم ببطلان صلاة من ترك حلق عانته إلا إذا كان القصد أنها يتجمع عليها ما يمنع وصول الماء إلى البشرة عند إرادة الطهارة؛ فحينئذ تكون إزالتها من باب وجوب إزالة الحائل الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(11/691)
حكم نتف شعر العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لحلق العانة، هل لزوم الحلق عند الحاجة فقط أي أن وجوب الأمر بحلقها عند كثافتها أم أنه يجب حلقها تنفيذاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم (وذلك على رؤوسنا) حتى في عدم وجود شعر كثيف، وهل هناك حكم شرعي لنتفها (حيث إنني عندما أكون بدورة المياة أقوم بشدها) لا لشيء، فقد كنت من قبل أقوم بنزع مقدمة رأسي ليس بعصبية أو حالة نفسية أو هستيريا، بل غالباً ما أكون في لحظات تفكير عميق، وما المدة التي يجب أن يتم حلق العانة فيها، أي كل كم يوم تقريباً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق العانة من السنة وخصال الفطرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط. رواه الجماعة. ووقته عند الحاجة وطول الشعر، ويستحب أن يكون في كل أسبوع يوم الجمعة، لأن النظافة وتحسين الهيئة فيه مطلوبة شرعاً، وإذا لم تنبت أو لم يكن فيها ما يزال فلا داعي لحلقها. ولا مانع شرعاً من إزالتها بالنتف أو غيره من وسائل الإزالة إذا لم يؤد إلى ضرر، ولكن الحلق أفضل، ولا ينبغي أن تترك حتى تتعدى أربعين يوماً، فقد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: وُقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة. رواه مسلم. والذي وقت لهم ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2630، 25937، 26863، 1368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/692)
تجنب التشبه بالنساء في طريقة مشط الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن تجنب التشبه بالنساء بخصوص طريقة مشط الشعر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 36376، ضابط التشبه المنهي عنه في حق كل من الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وهو أن ما كان مختصاً بواحد منهما لم يجز للآخر التشبه به فيه.
وعليه، فتجنب التشبه بالنساء في كيفية مشط الشعر يسير، وذلك بأن تنظر في هيئات المشط المختصة بالنساء عرفاً وعادة والتي من فعلها قيل عنه إنه متشبه بالنساء فتجتنبها، وما كان مشتركاً بين الجنسين من هيئات المشط فجائز لكل منهما فعله كالألبسة المشتركة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(11/693)
العاجزة عن إزالة شعر الفخذين هل لها أن تستعين بامرأة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وأعاني من مرض في ظهري، يحول بيني وبين القيام بأنواع من الأعمال. منذ فترة أصبح يتعذر علي إزالة الشعر من بدني (علما بأنه غزير جدا) مما أدى إلى نوع من الجفاء مني لزوجي، حيث إني أشعر بالخجل منه وانعدام الراحة النفسية، فأصبحت أتهرب منه في الفراش. الطريقة الوحيدة التي تناسب بشرتي في إزالة الشعر هي التقليدية (الكريمات تسبب لي الحساسية) .سؤالي: هل بإمكاني تعرية رجليّ وفخذيّ أمام المسلمة لإزالة هذا الشعر وإرضاء زوجي. إذا كان ممكن أن تجيبني امرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أنه لا يجوز لك أن تمتنعي من فراش زوجك إذا دعاك إليه لمجرد ما ذكرت إذ لا ضرر عليك في ذلك، إلا إذا رغب هو بنفسه عن إتيانك، وينبغي أن تسعي لإزالة ما قد يمنع زوجك أو يؤذيه؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى النفور والكره.
وعورة المرأة أمام المرأة المسلمة هي ما بين السرة والركبة فلا يجوز كشفها إلا للضرورة أو الحاجة كعلاج أو نحوه، وأما لمجرد حلق شعر العانة أو شعر الفخذين المعتاد فلا يجوز كشفها لذلك قال النووي في المجموع: ويحلق عانته بنفسه ويحرم أن يوليها غيره إلا زوجته أو جاريته التي تستبيح النظر إلى عورته ومسها فيجوز مع الكراهه. اهـ
إلا إذا لم تستطيعي إزالة ذلك بنفسك وطال شعر العانة أو آذاك شعر الفخذين، فلا حرج في الاستعانة بامرأة مسلمة تتولى ذلك عنك، لكنها ضرورة فتقدر بقدرها، ولا يتجاوز فيها.
قال الكاساني: ولا يجوز لها أن تنظر ما بين سرتها إلى الركبة إلا عند الضرورة، بأن كانت قابلة فلا بأس لها أن تنظر إلى الفرج عند الولادة، وكذلك لا بأس أن تنظر إليه لمعرفة البكارة في امرأة العنين إذا اختلفا، وكذلك إذا كان بها جرح أو قرح في موضع لا يحل للرجال النظر إليه، فلا بأس أن تداويها إذا علمت المداوة. انتهى.
وللفائدة انظري الفتوى رقم: 81011، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(11/694)
كراهة إطالة الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[صحة نص الحديث: قلم أظافرك، فإن الشيطان يعقد على ماطال منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على هذا الحديث باللفظ المذكور، ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بتقليم الأظافر وعد ذلك من خصال الفطرة فقال: عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاءاللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء. قال مصعب: ونسيت العاشرة: إلا أن تكون المضمضمة، وانتقاص الماء يعني: الاستنجاء. رواه مسلم.
وجمهور العلماء على أن إطالة الأظافر مكروهة، فإن كان ذلك فوق أربعين ليلة اشتدت الكراهة، وقال بعضهم بالتحريم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 23653، 108536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/695)
ضابط التغيير لخلق الله المذموم منه وغير المذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كيف نعرف أن ما نفعله من عمليات تجميل تغيير لخلق الله فمثلا حرم الوشم ولكن لم يحرم الرسم بالحناء على الكفين وحرم الوصل ولم تحرم صبغة الشعر مع أن كل ما سبق هو عبارة عن تغيير وقد أجاز النبي للرجل الذي قطعت أنفه أن يتخذ أنفا من ذهب ولم يجز الوصل للفتاة التي سقط شعرها فما المقصود بتغيير خلق الله المنهي عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما استشكله السائل الكريم يُعد بحق من المسائل التي تحتاج إلى ضبط، حتى أن العلامة القرافي قد قال: ما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه؛ فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع كالختان وقص الظفر والشعر وصبغ الحناء وصبغ الشعر وغير ذلك. ونقله العدوي في حاشيته ولم يتعقبه.
وقد اجتهد أهل العلم في وضع ضابط للمذموم وغير المذموم من تغيير خلق الله، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 17718. أن عمليات التجميل منها ما لا يجوز، وهو ما كان غرضه طلب الحسن والجمال، وهذا من تغيير خلق الله تعالى.
ومنها ما يجوز، وهو ما يحتاج إليه الشخص لإزالة ضرر أو ألم أو شين، سواء خلق به الشخص أو نتج عن حادث أو مرض، كما في حديث عرفجة بن أسعد أنه قطع أنفه يوم الكُلاب، فاتخذ أنفاً من فضة فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفاً من ذهب. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود والنسائي وأحمد، وحسنه الألباني. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 113708.
وممن اجتهد في وضع ضابط للمذموم من تغيير خلق الله الثعالبي فقال: اختلف المتأولون في معنى تغيير خلق الله، وملاك تفسير هذه الآية أن كل تغيير ضار فهو داخل في الآية، وكل تغيير نافع فهو مباح.
ومنهم القرطبي فقال: قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيا؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقيا كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك مالك وغيره.
وقال ابن عاشور: وليس من تغيير خلق الله التصرّف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن؛ فإنّ الختان من تغيير خلق الله ولكنّه لفوائد صحيّة، وكذلك حَلق الشعر لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليمُ الأظفار لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزيّن، وأمّا ما ورد في السنّة من لعن الواصلات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن فممّا أشكل تأويله. وأحسب تأويله أنّ الغرض منه النهي عن سمات كانت تعدّ من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلاّ فلو فرضنا هذه مَنهيّاً عنها لَما بلغ النهي إلى حدّ لَعن فاعلات ذلك. وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنّما يكون إنما إذا كان فيه حظّ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لِنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتّصال الحديث بها. وقد أوضحنا ذلك في كتابي المسمّى: النظر الفسيح على مشكل الجامع الصحيح.
وفي مشاركة في ملتقى أهل الحديث عن مسألة ضابط التغيير المذموم لخلق الله، جاء فيها: وردت تلك النصوص في المنع من تغيير خلق الله، كما وردت نصوص فيها مشروعية فعل أمور يبدو فيها أنها من تغيير خلق الله مثل الختان وقص الشارب وحلق الشعر وقص الأظافر وحلق العانة ونتف الإبط وتغيير الشيب وغير ذلك، ولا أشكال في هذه الأمور، فما جاء النص بالمنع منه يمنع، وما جاء النص بالأمر به أو بإقرار فعله يؤخذ على ما جاءت به النصوص، لكن تبقى هنا بعض الصور المستحدثة التي لم تكن موجودة من قبل فعلى أي الأمرين تحمل؟ من هنا ظهر الاحتياج إلى وجود ضابط يعلم به التغيير الممنوع من التغيير غير الممنوع، فهل يصلح الدوام ضابطا للفرق بين التغيير الممنوع وغير الممنوع بحيث يقال: إن كان التغيير دائما منع وإن كان مؤقتا بحيث يزول التغيير بعد فترة ويرجع إلى حالته الأولى لم يمنع. ومن الواضح أن هذا الضابط لا يصلح فإن النمص تغيير مؤقت وهو مع ذلك ممنوع غير جائز. هل يصلح أن يكون الضابط هو التغيير الحقيقي بحيث إن كان التغيير ظاهريا لم يمنع، لكن هذا الضابط لا يصلح أيضا لأنه منقوض بوصل الشعر، فهو تغيير ظاهري وليس حقيقيا ومع ذلك فهو ممنوع.
هل يصلح أن يكون الضابط هو ما يعود من ضرر جراء التغيير بحيث يقال: إذا كان التغيير غير ضار فلا يمنع. وهذا أيضا لا يصلح لأن الضرر لا يتحقق في كثير من الصور المنهي عنها.
ومن خلال الصور التي جاء النهي عنها في النصوص الشرعية يمكننا أن نقول إن ضابط التغيير الممنوع يتمثل في الآتي:
1 ـ كل ما جاء في النصوص الشرعية منعه فهو ممنوع ولا يبحث له عن علة أو سبب زيادة على النص الوارد، كالنمص والوشم ونحوه، وكل ما جاء في النص الشرعي جوازه أو مشروعيته حتى لو كان تغييرا فهو جائز أو مشروع على حسب ما جاء في النص، كالختان وقص الأظافر وحلق العانة ونحوه.
2 ـ التغيير الذي لم يرد الحديث عنه بخصوصه في النصوص الشرعية فهو بين أحد أمرين: إما أن يكون تغييرا حقيقيا أو تغييرا ظاهريا، فإن كان التغيير حقيقيا فهو أيضا ممنوع لعموم الأدلة القاضية بمنع تغيير خلق الله كحلق اللحية، وإن كان التغيير ظاهريا فإن كان بحيث يلتبس أمره على الناظر إليه ويظنه حقيقيا فهو لاحق بالتغيير الحقيقي، كمن يصبغ شعره بالسواد ...
3 ـ أن يكون التغيير ناتجا عن التدخل الخارجي عن جسم الإنسان، فإذا كان التغيير ناتجا عن أجهزة الجسم عن طريق تنشيط بعض الغدد أو تحفيزها، باستخدام بعض الأدوية التي تساعد بعض أجهزة الجسم أو خلاياه على القيام بوظائفها المعتادة على النحو المعروف، فإن التغيير الناتج عن عمل هذه الأجهزة أو الخلايا أو الغدد بعد تنشيطها لتؤدي وظائفها المعهودة فإن هذا لا يعد داخلا في التغيير المنهي عنه.
وبتطبيق هذه الضوابط على الأمثلة التي ذكرها السائل من تغيير خلق الله، يزول الإشكال، والحمد لله.
وقد سبق بيان صفة الوشم المحرم في الفتوى رقم: 79078. وحكم وصل الشعر في الفتوى: 21698. وأن صبغ الشعر لا يدخل في تغيير خلق الله بالمعنى المذموم في الفتوى رقم: 13834.
كما سبق الكلام على الحناء في الفتويين: 110441، 12480.
وبالنسبة للحديث الذي ذكره السائل الكريم عن وصل من يسقط شعرها، قد رواه البخاري ومسلم بألفاظ عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن أمرأة جاءت إلى رسول الله صلى عليه وسلم فقالت: إ ني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل رأسها؟ فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(11/696)
حكم ضفر الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة ضفر الشعر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضفر الشعر جائز وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ضفر شعره، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 43930.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(11/697)
الشعر حول حلقة الدبر مطلوب حلقه كشعر العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف منكم هل شعر العانة المراد حلقه فقط فوق الذكر والذي تحته أم هو الذي حول فتحة الشرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشعر النابت حول حلقة الدبر من الشعر المطلوب حلقه سواء أطلق عليه اسم العانة أم لا للحاجة إلى التنظف بإزالته، وقد رأى بعض أهل العلم أنه داخل في مسمى العانة.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: والمراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيحصل من مجموع هذا: استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وما حولهما. انتهى.
ومما تقدم تعلم أن الشعر النابت حول حلقة الدبر يشرع حلقه كما يشرع حلق الشعر حول الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(11/698)
حكم قضم الأظافر حتى تدمى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قضم الأظافر حتى تدمى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة في الأظافر قصها إذا احتاجت إلى ذلك، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب..
أما قضمها حتى تدمى أو تتشوه، فإنه فعل قبيح وعادة سيئة لا يجوز للمسلم فعله لما فيه من الضرر المنهي
عنه شرعا، فقد روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار.
ولذلك فإن على المسلم أن يبتعد عن هذا النوع من الأعمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/699)
الصبغ بالسواد وهل تطيع زوجها إن أمرها بأن تصبغ له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يصبغ الرجل شعره بالسواد وإن كان يطلب من زوجته أن تفعل ذلك له فهل تأثم إن فعلت (صبغت له شعره) أم تأثم إن رفضت فهو يغضب منها؟ وجزاكم الله خيراً كل من تعاون لمساعدتنا الله يلهمكم الصواب وسدد قولكم ورزقنا وإياكم الإخلاص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الصبغ بالسواد الخالص، للرجل أو المرأة، فذهب بعضهم إلى كراهته وذهب آخرون إلى التحريم وهو الذي نرجحه، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 21296، والفتوى رقم: 2301.
وعلى ذلك فإنه لا يجوز للرجل ولا للمرأة أن يصبغا بالسواد، ولا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها إن أمرها بأن تصبغ له شعره بالسواد، هذا وقد رخص فيه بعضهم للمرأة خاصة عند التزين لزوجها، ولكن الراجح عدم جوازه كما ذكرنا، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 12560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(11/700)
قص الشارب.. سنة أم واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل، لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجز الشوارب وإرخاء اللحى وقد حمل جمهور الفقهاء الأمر بجز الشارب على الندب والأمر بإرخاء اللحية على الوجوب مع ورودهما في حديث واحد، فما هو وجه التفريق الذي أتوا به وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع لأحد من أهل العلم على نص في التفريق بينهما، ويمكن أن يقال: إن إطلاق اللحية من باب التروك، يعني تركها على حالها، ولا كلفة ولا مشقة في الإلزام بذلك، بل هو أيسر من حلقها وقصها، بخلاف الأمر بجز الشارب فإنه من باب الأفعال، وفي الإلزام به كلفة ومشقة إذا قورن بحال اللحية.
والتروك من باب المناهي، بينما الأفعال من باب الأوامر، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال: إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
ونقل ابن حجر في (الفتح) والشوكاني في (النيل) عن الماوردي أنه قال في هذا الحديث: الكف عن المعاصي ترك وهو سهل، وعمل الطاعة فعل وهو يشق.
وما ذكره السائل الكريم حق، فقد حمل جماهير أهل العلم الأمر بجز الشارب على الاستحباب، بخلاف الأمر بإطلاق اللحية، قال النووي في المجموع: أما قص الشارب فمتفق على أنه سنة. اهـ.
وقال العراقي: قص الشارب مجمع على استحبابه، وذهب بعض الظاهرية إلى وجوبه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "قصوا الشوارب "اهـ.
وقال ابن مفلح: ذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض، وأطلق أصحابنا وغيرهم الاستحباب. اهـ.
ولفظ ابن حزم في (مراتب الإجماع) : اتفقوا أن حلق جميع اللحية مثلة لا تجوز.. واتفقوا أن قص الشارب وقطع الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط حسن. اهـ.
وأما تصريحه بالفرضية ففي (المحلى) حيث قال: أما قص الشارب ففرض. اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح: أبدى ابن العربي لتخفيف شعر الشارب معنى لطيفا فقال: إن الماء النازل من الأنف يتلبد به الشعر لما فيه من اللزوجة ويعسر تنقيته عند غسله وهو بإزاء حاسة شريفة وهي الشم فشرع تخفيفه ليتم الجمال والمنفعة به.
ثم نقل ابن حجر عن ابن دقيق العيد أنه قال: لا أعلم أحدا قال بوجوب قص الشارب من حيث هو هو.
ثم قال ابن حجر: احترز بذلك من وجوبه بعارض حيث يتعين كما تقدمت الإشارة إليه من كلام ابن العربي، وكأنه لم يقف على كلام ابن حزم في ذلك، فإنه قد صرح بالوجوب في ذلك وفي إعفاء اللحية. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح: قص الشارب سنة مؤكدة، ولهذا جاء في الحديث: "من لم يأخذ من شاربه فليس مني" فذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الأخذ من الشارب، وقال: إنَّ ترك الأخذ من الشارب من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تبرأ منه، وممن صرح بذلك ابن حزم رحمه الله، قال: إن إعفاء اللحية والأخذ من الشارب فرض. اهـ.
والذي ذهب إليه ابن حزم رغم مخالفته لجمهور العلماء، هو الموافق لظاهر الأدلة؛ حيث أمر صلى الله عليه وسلم بذلك، ولا نعلم لهذا الأمر النبوي صارفا إلى الاستحباب، ومما يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ. والنسائي. وصححه الألباني.
وقول أنس رضي الله عنه: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. رواه مسلم.
وقال ابن القيم في (تحفة المودود) : أما قص الشارب فالدليل يقتضى وجوبه إذا طال، وهذا الذي يتعين القول به لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يأخذ شاربه فليس منا. اهـ.
وقد جمع ابن العربي في (أحكام القرآن) بين اللحية والشارب في حكم واحد فقال: قد اتفقت الأمة على أنها ـ يعني سنن الفطرة ـ من الملة، واختلفوا في مراتبها، فأما قص الشارب وإعفاء اللحية فمخالفة للأعاجم؛ فإنهم يقصون لحاهم ويوفرون شواربهم أو يوفرونهما معا، وذلك عكس الجمال والنظافة. اهـ.
وقال النفراوي في (الفواكه الدواني) : في قصه فوائد كثيرة، منها: ظهور حاشيته, ومنها: تسهيل الأكل والشرب, ومنها: زوال الأدران المتعلقة به, ومنها: تحسين الخلقة. اهـ.
ثم لا يخفى ما في ترك الشارب على حاله من إيذاء للزوجة، وتلويث للطعام والشراب، وتشبه بغير المسلمين. وانظر للفائدة الفتويين: 27355، 37293.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(11/701)
حكم ضفر المرأة شعرها بخيوط ملونة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل الظفائر بالخيوط الملونة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضفر المرأة شعرها بخيوط ملونة جائز إذا لم يكن وصلاً، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 32620.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(11/702)
استخدام العرق في صنع الطيب والتطيب بعرقه صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام العرق في صناعة العطور؟ وهل كان لعرق الرسول صلى الله عليه وسلم رائحة طيبة أم كان الصحابة رضي الله عنهم يتطيبون به بإضافته للعطور؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ثبت علميا أن عرق الإنسان يحوي موادا تسمى فيرومونات تساعد على الإثارة الجنسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا من استعمال مادة العرق كمادة تضاف إلى العطور لأنه طاهر إلا إذا كانت إضافته إلى عطور كحولية فإنه يصير نجسا ويحرم حينئذ استعماله على قول الجمهور الذين يرون نجاسة الخمر.
وأما عرقه صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم: أن أم سليم أخذت من عرقه صلى الله عليه وسلم فقال لها يا أم سليم ماهذا، قالت عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب.
وهذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم كما نص على ذلك أهل العلم.
فأفاد هذا الحديث أنهم كانوا يضيفونه إلى طيبهم وأفاد أنه أطيب الطيب مستقلا لكن إضافته إلى الطيب لعله لتكثيره حتى يطول الانتفاع به مع وجود عرق النبي صلى الله عليه وسلم....
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 14657، والفتوى رقم: 62420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/703)
قص الشارب وإحفاؤه عند الحنابلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن العلماء مختلفون في كيفية قص الشارب لكن أرجوكم اخبروني ما هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل في الشارب هل يرى أفضلية قصه أم إحفائه حتى يظهر بياض الجلد أم حلقه نهائيا؟ وأرجوكم أن تذكروا لي كل النصوص المروية عن الإمام احمد في هذه المسألة مع شروحاتها؟ وأيضا ما هو مذهب الحنابلة في الشارب هل القص إلى الإطار أم الإحفاء الشديد أم الحلق النهائي وأرجوكم اذكروا لي الكتب الفقهية الحنبلية التي ذكر فيها الحنابلة مذهبهم في الشارب؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فالمعتمد عند الحنابلة وهو نص الإمام أحمد التخيير بين قص الشارب وإحفائه وهو أولى عندهم. وهو إما أن يكون من طرف الشارب أو من أصله.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وَيُسَنُّ حَفُّ الشَّارِبِ أَوْ قَصُّ طَرَفِهِ، وَحَفُّهُ أَوْلَى نَصًّا أي نص عليه الإمام أحمد، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: إحْفَاءُ الشَّوَارِبِ أَنْ تُبَالِغَ فِي قَصِّهَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْإِحْفَاءُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ: الِاسْتِقْصَاءُ وَمِنْهُ حَتَّى أَحْفُوهُ بِالْمَسْأَلَةِ. اهـ
وقال ابن مفلح في الفروع: أَوْ يَقُصُّ طَرَفَهُ، وَحَفُّهُ أَوْلَى فِي الْمَنْصُوصِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ أَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ فَرْضٌ، وَأَطْلَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ الِاسْتِحْبَابَ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ وَقَالَ {خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ {خَالِفُوا الْمَجُوسَ} ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا {وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي عِنْدَ أَصْحَابِنَا التَّحْرِيمَ، وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ هَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ؟ وَيَأْتِي فِي آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْوَلِيمَةِ حُكْمُ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ. اهـ
وفي الإنصاف للمرداوي: وَيَحُفُّ شَارِبَهُ، أَوْ يَقُصُّ طَرَفَهُ، وَحَفُّهُ أَوْلَى، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا.
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيُسَنُّ حَفُّهُ، وَهُوَ طَرَفُ الشَّعْرِ الْمُسْتَدِيرِ عَلَى الشَّفَةِ، وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ إحْفَاءَهُ مِنْ أَصْلِهِ.انْتَهَى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/704)
غسل الحناء من الشعر في الحمام أو الحديقة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند غسل الحناء من الشعر هل يجوز غسلها في الحمام أو في الحديقة أي نقصد هل يجوز ذهاب ماء الحناء مع ماء المجاري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحناء ليست بطعام وبالتالي فبعد الاختضاب بها لا مانع من غسلها في الحمام مع ذهاب مائها مع مياه المجاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/705)
حكم تطويل الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تطويل الأظافر مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتطويل الأظافر خلاف السنة والحكمة من قصها طلب النظافة والنقاء مما قد يكون تحتها من الأوساخ التي هي مظنة وجود الميكروبات الضارة، التي يسهل انتقالها بالأيدي لمزاولتها شؤون الطعام والشراب، كما أن تراكمها قد يمنع وصول الماء إلى البشرة عند التطهير بالوضوء أو الغسل، وطولها يخدش ويضر، وقد روى البيهقي والطبراني عن أبي أيوب الأزدي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن خبر السماء، قال: يسأل أحدكم عن خبر السماء وأظفاره كأظفار الطير تجتمع فيها الجنابة والتفث. انتهى. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في المطالب العالية والحديث مرسل.
وإطالة الأظافر مكروهة عند جمهور العلماء، فإن كان ذلك فوق أربعين ليلة اشتدت الكراهة، وقال بعضهم بالتحريم، واختاره الشوكاني في نيل الأوطار.. والأصل في ذلك ما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا نترك شيئاً من ذلك أكثر من أربعين ليلة. ورواه مسلم بلفظ: وُقِّتَ لَنَا.
قال النووي في المجموع (فقه شافعي) : وأما التوقيت في تقليم الأظفار فهو معتبر بطولها: فمتى طالت قلمها ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال، وكذا الضابط في قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة ... فإن قوله وقت لنا كقول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا وهو مرفوع كقوله قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور. انتهى.
وقال: ثم معنى هذا الحديث أنهم لا يؤخرون فعل هذه الأشياء عن وقتها، فإن أخروها فلا يؤخرونها أكثر من أربعين يوماً، وليس معناه الإذن في التأخير أربعين مطلقاً. انتهى ...
وفي حاشية رد المحتار (فقه حنفي) : قال في القنية: الأفضل أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وينظف بدنه بالاغتسال في كل أسبوع، وإلا ففي كل خمسة عشر يوماً، ولا عذر في تركه وراء الأربعين ويستحق الوعيد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(11/706)
حكم صبغ الرجل الذي لا شعر له رأسه بالكحل
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي رجل وسيم وذو هيئة حسنة ولكن له صلعة كبيرة من الأمام وكان قبل سنتين (أي عند زواجنا) قام بعملية زرع للشعر وبعد فترات من الوقت والاستحمام بدأ الشعر المصطنع بالوقوع وبعدها قام بعمل مكان الصلع بالكحل الأسود (ما يستخدمه االنساء لتكحيل العيون) ، فهل هذا الكحل حرام، وهل سوف يمنع عنه الوضوء، وماذا أفعل لأمنعه من ذلك حيث إن أصدقاء فى العمل ينصحونه بأن لا يفعل ذلك ودون فائدة فأرجو الإفادة بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أنه لا حرج في وضع الكحل على الموضع المذكور، ولا يعد ذلك صبغاً بالسواد لأن الصبغ بالسواد المنهي عنه هو صبغ الشعر وهو محل خلاف بين أهل العلم، وفيما يتعلق بمنعه صحة الوضوء والغسل فإذا لم يكن مانعاً من مباشرة الماء للبشرة فلا يؤثر على صحتهما، وإن كان له جرم بحيث يمنع مباشرة الماء فلا بد من إزالته عند الوضوء والغسل لأنه حائل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا حرج في وضع الكحل على الموضع المذكور، ولا يعد ذلك صبغاً بالسواد لأن الصبغ بالسواد المنهي عنه هو صبغ الشعر وهو محل خلاف بين أهل العلم، مع أن الأولى لزوجك ترك وضع الكحل على رأسه لأن الصلع بالنسبة للرجال أمر معتاد، وليس فيه شين يستدعي وضع الأصباغ ونحوها إلا إذا كان قد حصل له تشوه بسبب عملية زرع الشعر وسقوطه بعد ذلك هذا فيما يتعلق بحكم وضع الكحل.
أما فيما يتعلق بمنعه صحة الوضوء والغسل، فإذا لم يكن مانعاً من مباشرة الماء للبشرة فلا يؤثر على صحتهما، فإن كان له جرم بحيث يمنع مباشرة الماء فلا بد من إزالته عند الوضوء والغسل لأنه حائل، قال في التاج والإكليل: أما الأدهان على أعضاء الوضوء فإن كانت غليظة جامدة تمنع ملاقاة الماء فلا بد من إزالتها، وإن لم تكن كذلك صحت الطهارة. انتهى.
وقال النووي في المجموع: ولو بقي على اليد وغيرها أثر الحناء ولونه دون عينه، أو أثر دهن مائع بحيث يمس بشرة العضو ويجري عليها، لكن لا يثبت صحت طهارته. انتهى. وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79454، 3568، 104721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(11/707)
حكم صلاة من لم يحلق شعر إبطه وشعر العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصلي الإنسان وبدون أن يحلق شعر إبطه وشعر العانة (العضو) ، فأفتونا؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فنتف شعر الإبط وحلق شعر العانة من خصال الفطرة التي يؤمر بها المسلم، ومن تركهما أكثر من أربعين يوماً فقد فعل مكروهاً، وكان مخالفاً للسنة، لكن الصلاة لا تبطل بترك هذه الخصال إلا إذا ترتب على ذلك تجمع أوساخ تخل بالطهارة، فعند ذلك يجب إزالة ما يمنع صحة الطهارة؛ وإلا لم تصح الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نتف شعر الإبط وحلق شعر العانة من خصال الفطرة التي يؤمر بها المسلم عند الحاجة. ومن تركهما أكثر من أربعين يوماً فقد فعل مكروهاً وكان مخالفاً للسنة، لكن الصلاة لا تبطل بترك هذه الخصال إلا إذا ترتب على تركها تجمع أوساخ تخل بالطهارة، فعند ذلك يجب إزالة ما يمنع صحة الطهارة وإلا لم تصح الصلاة، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب.
والاستحداد هو حلق العانة، فمن ترك شيئاً من هذه الخصال مدة تخرج فيها عما هو معتاد كان مخالفاً للسنة، ولا ينبغي أن تترك هذه الخصال أكثر من أربعين ليلة؛ لما في صحيح مسلم أن أنساً رضي الله عنه قال: وُقَّتَ لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة. وإن ترتب على تركه تجمع أوساخ تخل بالطهارة وجبت إزالة ما يمنع صحة الطهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(11/708)
أخذ أحمد من حاجبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صح ما ورد عن الإمام أحمد بن حنبل أنه كان يقص من حاجبيه وفي أي الكتب ذكر هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في دقائق أولي النهى وكشاف القناع وغذاء الألباب في منظومة الآداب ومطالب أولي النهى والفروع لابن مفلح: ... وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه, نقله ابن هانئ. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/709)
معنى ما ورد عن عمر من أنه كان يفتل شعر شاربه وينفخ فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الاثر أن عمر رضي الله عنه كان يفتل شاربه وينفخ فيه. فكيف كان ينفخه ويفتله؟ وهل هذا يناقض السنة في الشارب في قصه حتى يبدو الإطار؟ أم كيف كان يقصه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ورد عن عمر رضي عنه من أنه كان يفتل شاربه وينفخ فيه أحيانا يدل على أنه كان يطيله، وهذا محمول عند بعض أهل العلم على أنه كان يتركه حتى يطول ويمكن فتله ثم يحلقه أو يقصره، وقيل إنه كان يقص وسطه ويترك طرفاه حتى يطولا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالأخذ من الشوارب، وأن ذلك من خصال الفطرة، وجاء الأمر بذلك بعبارة الإحفاء والتقصير، واختلف أيهما هو الأولى والذي رجح النووي وغيره من المحققين أن التقصير أولى؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 46032.
أما ما ورد عن عمر رضي الله عنه من أنه كان يفتل شعر شاربه وينفخ فيه فقد رواه مالك عن زيد بن أسلم، ومعنى ذلك أنه كان يطيل شعر شاربه، فإذا اهتم أو غضب نفخ الشعر وربما فتله، وقد أجاب بعض العلماء عن عمل عمر هذا باحتمال أنه كان يترك شاربه حتى يطول ويمكن فتله، ثم يقصره، وذكر بعض أهل العلم أيضا أنه لا بأس بإبقاء الشارب على حاله في زمن الحرب إرهابا للعدو.
قال الحافظ ابن حجر: قد روي مالك عن زيد بن أسلم أن عمر كان إذا غضب فتل شاربه، فدل على أنه كان يوفره، وحكى ابن دقيق العيد عن بعض الحنفية أنه قال: لا بأس بإبقاء الشوارب في الحرب إرهابا للعدو. انتهى
وقال ابن عبد البر في كتاب التمهيد: قال الطحاوي: وما احتج به مالك أن عمر كان يفتل شاربه إذا غضب أو اهتم، فجائز أن يكون كان يتركه حتى يمكن فتله ثم يحلقه كما ترى كثيرا من الناس يفعله.
ومن أهل العلم من يرى أن ما وري عن عمر إنما هو في ترك طرفي الشارب وهما السبالان. قال العراقي رحمه الله في طرح التثريب: اختلفوا في كيفية قص الشارب هل يقص طرفاه أيضا وهما المسميان بالسبالين، أم يُترك كما يفعله كثير من الناس. فقال الغزالي في إحياء علوم الدين: لا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب، فعل ذلك عمر رضي الله عنه وغيره لأن ذلك لا يستر الفم ولا يبقي فيه غمرة الطعام إذ لا يصل إليه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(11/710)
شعر العانة المعتبر في البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معني قول ابن قدامة في المغني عن شعر العانة "استحق أخذه بالموس" وما هو مقياس استحقاق أخذ الشعر بالموس؟ وحياكم الله وفقهنا في الدين ونصر الله سيرة أفضل الخلق محمد بن عبد الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلام ابن قدامة الذي سألت عنه يتعلق بإنبات الشعر الذي يعتبر علامة من علامات البلوغ، حيث قال: وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل، أو فرج المرأة، الذي استحق أخذه بالموس، وأما الزغب الضعيف، فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير، وبهذا قال مالك والشافعي في قول. انتهى.
ويقصد بشعر العانة الذي استحق أخذه بالموسى أن يكون الشعر المذكور خشناً قوياً يمكن حلقه بآلة الحلق كالموسى بخلاف الزغب الضعيف الذي لا يمكن أخذه بالموسى فلا يكون علامة للبلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(11/711)
فائدة وجود الشعر تحت الإبطين
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة أرسلها لكم على عملكم الجبار وإن شاء الله يكون في صحيفة أعمالكم في الآخرة.. أما السؤال هو: ما حكمة الله عز وجل من خروج الشعر تحت الإبطين وكذلك في منطقة العانة ومناطق أخرى من جسم المرأة والرجل، وهل هو للسترة يوم الآخرة أم للتمييز بين الرجل والمرأة فقط؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى له الحكم البالغة في صنعه وتدبيره، والواجب على المسلم الاعتقاد بأن أفعال الله تعالى كلها لا تخلو من حكم قد نعلمها وقد لا نعلمها، والحكمة في خروج الشعر تحت الإبطين وفي منطقة العانة ومناطق أخرى من جسم المرأة والرجل.. ليست أولى بالسؤال من الحكمة في خلق سائر أجزاء الجسد الأخرى على الكيفية التي خلقت بها، فهي كلها تدل على كمال القدرة وحسن التدبير.
وقد ذكر العلماء أن من حكمة وجود شعر العانة حول الأعضاء التناسلية:
*- المحافظة على الجلد في المناطق المحيطة بالشعر.
*- المساعدة على نمو الأوعية الدموية خلال الاستثارة الجنسية.
*- حماية منطقة الفرج من التعرض مباشرة للاضرار الخارجية.
وننصح السائل الكريم بأن يوجه أسئلته في المستقبل إلى ما ينفعه في دينه أو دنياه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(11/712)
الوشر إذا كان لأجل إزالة عيب
[السُّؤَالُ]
ـ[الحقيقه أنى أقع في مشكلة بسبب أني أخاف أن أقع في الحرام وفي نفس الوقت حاجاتي الملحة كفتاة والناس من حولي لا أدري........! مشكلتي أن فكي العلوي غير منطبق على الفك السفلي فهو يبرز عنه كثيراً هذا بالإضافه إلى أن أسناني العلوية الأماميه كبيرة وعريضه وأطول من باقي الأسنان مما يعرضني كثيراً لمشاكل
لم أكن أبالي كثيراً بشكلي أمام الناس رغم ما ألاقيه من سخرية كثيراً منذ صغري، ولكن المشكلة حتى في أني حتى مع أصدقائي أو أقاربي لا أستطيع أن آكل مع أحد ففمي لا يمكن غلقه أثناء الأكل وفي غير الأكل يتم غلقه بصعوبة ولا أتحمل غلقه لمدة طويلة، أرتاح أكثر عندما أفتحه وتظهر منه أسناني والتي أصابتني بمشكلة أخرى وهي أنها دائما تستند على شفتي السفلى ومع الوقت تدلت شفتي ولكن ما يقلقني الآن أن شفتي كثيراً ما أجدها ذات حافه خشنه وينزل منها كثيراً دم مما جعلنى أخاف أيضا على شفتي، إحدى قريبات أمي أشارت عليها أن أبرد أسناني الأمامية ولكني قلت لأمي لا، أخاف أن أكون واشرة واقعة تحت لعنة الله..... وكذلك أشاروا كثيراً علي بأن أعمل تقويما لأسناني، ولكنه يكلف كثيراً -قال لي الطبيب حوالي 5000 جنيه - وأنا لا أملك هذا المال بالتأكيد، وذهبت إلى المستشفيات الجامعية ولكن وجدت أن الطلبه يتعلمون على حالتي ولا يبالون ويتعاملون بخشونة معنا وكأننا فئران تجارب لا أعلم.
أرجوكم أفتوني في أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته من عدم انطباق بين فكيك العلوي السفلي، وبروز أحدهما عن الآخر ... وما ذكرته من كبر أسنانك العلوية، وأنها أطول وأعرض من باقي الأسنان.. وما ذكرته من صعوبة انغلاق فمك ... وما ذكرته من استناد أسنانك على شفتك السفلى.. ومن تدل صار في شفتك، ومن نزول دم منها.. نقول: إن كل هذه الأمور تعتبر تشويها واضحاً لشكلك.
وما أشارت عليه إحدى قريبات أمك من برد أسنانك الأمامية قد ورد النهي عنه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي ريحانة قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوشر والوشم. والحديث قد صححه الشيخ الألباني.
ولكن هذا الحل الذي أشارت به إحدى قريبات أمك إذا كان يمكن أن يخفف من معاناتك وما هو واقع من تشويه خلقتك فإنه مباح لك، لأن المحرم من الوشر والوشم ونحوهما هو ما كان من أجل زيادة الحسن، لا ما كان من أجل إزالة عيب، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 9256 وما أحالت عليه.
ونريد أن نذكرك بأنك إذا صبرت على ما أنت فيه من الابتلاء فإنك بذلك تؤجرين عند الله، والمصيبة الكبرى للمسلم هي أن يصاب في دينه، وكل ما سوى ذلك فهو خفيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/713)
حكم حلق العانة بالماكينة الكهربائية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حلق شعر العانة والمؤخرة بماكينة الحلاقة الكهربائية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في هذا الأمر أن تُؤكِد من عدم التضرر به، فإن كان فيه ضرر تعين التحرز من الضرر لحديث الموطأ: لا ضرر ولا ضرار. ويدل على إباحته إن لم يكن هناك ضرر أن الأصل في العادات الإباحة.
قال الشيخ ابن عثيمين في نظمه للقواعد الفقهية:
والأصل في الأشياء حل وامنع * عبادة إلا بإذن الشارع
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(11/714)
لا مانع من إزالة الشعر الزائد من الحاجبين وغيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لديه شعر كثيف على حاجبيه مما يعوق_شيئا بسيطا_الرؤية لديه ويضايقه ذلك فيطلب مني أن أقص له الشعر الزائد. فهل يعد هذا من النمص المنهي عنه؟
كذلك لديه شعر بمدخل أنفه وشعر بداخل أذنيه يضايقانه فهل في إزالة الزائد منهما حرج؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إزالة الشعر المذكور بالوصف المذكور ليس من النمص المنهي عنه شرعا ولذلك فلا مانع من إزالته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من إزالة الشعر الزائد عن المعتاد من الحاجبين وغيرهما وخاصة إذا كان يحجب الرؤية أو يسبب ضررا أو حرجا.
وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتاوى التالية أرقامها: 97964، 55411، 34715.
وأما شعر الأنف والأذنين فتجوز إزالته على كل حال لمن أراد ذلك لأنه من المسكوت عنه، وربما كانت إزالته أولى، وخاصة شعر الأنف لأجل النظافة المطلوبة شرعا.
وللمزيد انظر الفتوى: 26266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(11/715)
حكم عدم حلق الشعر المحيط بالدبر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد قرأت فتوى لكم بالموقع عن أن الشعر حول الدبر يسن حلقه كشعر العانة لما يجلبه -أي شعر الدبر-من نجاسات يمكن أن تتعلق به، وقد فعلت ما أفتيتم به وحلقته -كما أحلق شعر العانة- بالموس؛ ولكن الآن أجد شيئا بسيطا من الضيق حينما أجلس على مقعدتي وأحيانا حينما أمشي فى الشارع لأن الشعر الآن أصبح أكثر خشونة من ذى قبل (والله أعلم السبب الحقيقي) فهل علي بعد ذلك ألا أحلقه أم أحلقه ولا أكترث بالضيق الذي يأتيني عند الحركة أو الجلوس أم أقصره فقط دون حلقه كليةً، أم ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب حلق الشعر المحيط بالدبر مثل شعر العانة، فإن ترتبت على حلقه مشقة فلا حرج في ترك حلقه لأنه ليس واجباً، ولكن على الشخص حينئذ أن يحتاط عند الاستنجاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق الشعر المذكور مستحب وليس واجباً، وعليه.. فإذا ترتب على حلقه ضرر من مشقة أو ضيق فلا مانع من ترك حلقه لأنه مستحب وليس واجباً، لكن لا بد من أخذ الحيطة عند الاستنجاء لئلا يبقى بعض النجس عالقاً بالشعر، وإن كان ما يشعر به من الضيق لا يصل إلى درجة المشقة فإن الحلق أولى، لأنه مستحب كما أنه معين على التمكن من طهارة المحل عند الاستنجاء، وفي حكم الحلق الإزالة بغير حلق فتكفي للإتيان بالاستحباب؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 78890، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 24848، والفتوى رقم: 8905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1428(11/716)
المستحب في قص الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[في سنة فطرة قص الأظافر من أي الأصابع نبدأ مع الدليل؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب في تقليم الأظافر أن يبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى؛ لما في البخاري عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله. أما ترتيب الأصابع فيما بينها فلم يثبت فيه شيء كما ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح قال: ولم يثبت في ترتيب الأصابع عند القص شيء من الأحاديث، لكن جزم النووي في شرح مسلم: بأنه يستحب البداءة بمسبحة اليمنى ثم بالوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام، وفي اليسرى بالبداءة بخنصرها ثم بالبنصر إلى الإبهام. ويبدأ في الرجلين بخنصر اليمنى إلى الإبهام، وفي اليسرى بإبهامها إلى الخنصر، ولم يذكر للاستحباب مستندا ً. انتهى.
وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية طريقة أخرى في الترتيب حيث قال: ويسن أن يقلمها مخالفاً، وصفته على ما فسره ابن بطة أن يبدأ بخنصر اليمنى -أي الأصبع الصغرى- ثم الوسطى، ثم الإبهام، ثم البنصر، ثم السبابه، ثم إبهام اليسرى، ثم الوسطى، ثم الخنصر، ثم السباحة، ثم البنصر. وقال الآمدي: يبدأ بإبهام اليمنى، ثم الوسطى، ثم الخنصر، ثم السباحة، ثم البنصر، ثم اليسرى كذلك، وقيل: يبدأ بالسباحة من يده اليمنى من غير مخالفة إلى خنصرها، ثم بخنصر اليسرى، ويختم بإبهام اليمنى. قال القاضي: وقد روى وكيع بإسناده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنت قلمت أظفارك فابدئي بالخنصر، ثم الوسطى، ثم الإبهام، ثم البنصر، ثم السبابة، فإن ذلك يورث الغنى. وهذا قول في الرعاية، وفي حديث آخر: من قص أظفاره مخالفاً لم ير في عينيه رمداً. رواه ابن بطة. انتهى.
وهذه الأحاديث لم يثبت منها شيء كما ذكرنا عن الحافظ ابن حجر رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(11/717)
حلق شعر العانة وحكم إزالته بالشيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إجابتي بشكل واضح لأستفيد: لقد قرأت الفتاوى المتعلقة بحلق العانة وفهمت أنه يجوز نتف العانة، سؤالي ولايجوز ترك شيء من شعر العانة علما بأن حلق العانة بالموسى لايزيلها كليا بل يبقى شعر خفيف وهذا يتعارض مع ما وضحتموه من إزالة كلية فكيف ذلك؟
أما السؤال الآخر متعلق تقريبا بالأول: إذا كان الموسى لا يؤدي غرضه في الإزالة الكلية هل يجوز الإزالة بالشيرة حتى لو أنها تؤلم وسألت دكتورة هنا عن ضررها حيث من يتعود عليها تؤثر عليه بأن تميت الإحساس فاجابتني بنعم تؤثرخصوصا أن بعض النساء يستعملن مخدرا لتخفيف الألم وهناك من قال بأن استعمالها يؤدي للعقم فلو أن النتف كان أولى للعانة لما فرق الرسول بين نتف الإبط وحلق العانة وهل هي المسماة بالنورة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق العانة من سنن الفطرة، وهو مستحب إجماعا، ولا شك أن الأولى والأفضل إزالة الشعر بالكلية، لأنه أدعى للنظافة وأوفق لمسمى الفطرة. قال النووي: يحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، والأحسن في هذه السنة الحلق بالموسى لأنه أنظف، ويحصل بالقص بالمقص، وكذلك يحصل أصل السنة بالنتف، واستعمال النورة ونحوها، إذ المقصود حصول النظافة.
والظاهر أن قولك إن حلق العانة بالموسى لا يزيلها كليا بل يبقى شعر خفيف، تقصدين منه أن الشعر ستبقى أصوله داخل الجسد، وإذا كان الأمر كذلك فبقاء أصول الشعر في الجسد لا ضرر فيه، ولست مطالبة بإزالة تلك الأصول.
وفيما يخص سؤالك الثاني، فإن كانت الطريقة التي ذكرتها للحلق تسبب ضررا، فإنها لا تجوز لما ثبت مرفوعا إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام أحمد في مسنده وهو أيضا في سنن الدارقطني.
وأما ما سألت عنه مما إذا كانت الطريقة التي بينت في سؤالك الثاني هي المسماة بالنورة أم لا، فجوابه أن النورة كما قال ابن منظور في لسان العرب هي: الحجر الذي يحرق ويسوى منه الكلس ويحلق به شعر العانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/718)
حكم حرق الشعر إذا وجدت مشقة في دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل حلاقا فماذا أعمل بالشعر فهل يجوز حرقه أم أقوم بدفنة مع العلم أن عملية الدفن ستكون شاقة لأن كمية الشعر تكون كبيرة في كل أسبوع، وهل حلاقة اللحية بالماكينة الكهربائية وليس بالشفرة حلال أم حرام وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن دفن الشعر أولى من حرقه؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 54190، والفتوى رقم: 38921.
لكن دفن الشعر ليس واجبا يأثم تاركه، بل هو مستحب، فإذا كان في دفنه مشقة أو كلفة فلا حرج في رميه في القمامة أو حرقه، ولم نقف على نهي يمنع من رمي الشعر أو حرقه، والأولى في مثل هذه الحال حرقه حتى لا يقع الشعر في أيدي السحرة أو غيرهم ممن قد يستعمله في إيذاء الآخرين.
وأما حلق اللحية فقد بينا في الفتوى رقم: 25396، أه حرام سواء كان بالماكينة الكهربائية أو غيرها، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها لا بحلقها أوالأخذ منها.
وللأهمية نحيل الأخ السائل على الفتوى رقم: 11093، في الضوابط التي يجب توافرها لجواز فتح صالون حلاقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(11/719)
حكم صلاة من أخر حلق العانة لأكثر من أربعين يوما
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال أو استفسار بسيط: هل صحيح أن الذي لا يحلق شعر جسده أكثر من أربعين يوما لا تصح له صلاة؟ أو بالتحديد حلق شعر الإبط وشعر الجهاز التناسلي، وهل هذا جزء من الطهارة؟ ولو سمحتم أريد الجواب في أسرع وقت ممكن؟
شكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 29261، والفتوى رقم: 68206، أن شعر الإبط والعانة لا يترك أكثر من أربعين يوما، ولكن لو أن أحدا تركه أكثر من الأربعين لم يؤثر ذلك على صحة صلاته، لكن إن تجمع وسخ يحول دون وصول الماء إلى البشرة فحينئذ لا بد من إزالة ذلك الوسخ وإلا لم يصح الغسل ولا الصلاة أيضا بسبب الحائل وليس بسبب طول العهد بالحلق، قال المناوي في فيض القدير بعد أن ذكر استحباب قص الشارب ونتف شعر الإبط وحلق شعر العانة: وهذه الثلاثة لا تترك أكثر من أربعين يوما لحديث أبي داود عن أنس: وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة. فهي مضبوطة بالحاجة والأربعون غاية الترك، والأفضل فعلها في كل أسبوع كما مر فيندب تعهد ذلك كل جمعة، فإن لم يفعل فلا يهمله فوق أربعين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/720)
حكم تطويل الظفر لأجل تنظيف الأذن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تربية أظافر أصابع اليد، الخنصر، لغرض نظافة الأذن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 23653 تفصيل حكم تقليم الأظافر، وقد ذكرنا أن بعض أهل العلم يقول بالكراهة الشديدة إذا تركت بدون تقليم أكثر من أربعين يوماً، ومنهم من يقول بحرمة ذلك، وبناء عليه فلا تترك الظفر المذكور بدون تقليم أكثر من أربعين يوماً، وليس الغرض الذي ذكرت بمبرر للترك إذ يمكن تنظيف الأذن بغيره، خصوصاً إذا ترتب على إطالته تراكم أوساخ تحته بحيث تمنع وصول الماء إلى ما تحتها فيجب حينئذ تقليمه محافظة على الطهارة التي هي شرط في صحة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(11/721)
حكم إزالة شعر البدن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت في السابق عن حكم إزالة الشعر عن البدن يعني في منطقة الصدر والأرجل واليدين والظهر وجاوبتموني بأنه لا حكم له ... من أراد أن يزيله أو يبقيه لا حرج عليه وقلتم إنه لا يوجد حديث أو دليل يبيح أو يحرم إزالته!! فما رأيكم عن بعض الشيوخ الذين يقولون إن ازالة الشعر عن البدن حرام بقولهم عن حديث يقول: ((الله يبارك بالرجل المشعاراني والمرأة الحلساء الملساء)) !! وأنا أريد حكما مفصلا عن موضوع حكم إزالة شعر الجسد وأريد أيضا ردكم عن هذا الحديث أهو صحيح أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم شعر البدن هو ما بيناه في الفتوى رقم: 1926، وذكرنا فيها أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام، ما يطلب توفيره وعدم حلقه كاللحية وشعر الحواجب مثلا، وما يطلب إزالته كشعر العانة والإبط، أو تخفيفه كالشارب، والثالث ما سكت عنه فإبقاؤه مباح وحلقه مباح.
وأما اللفظ الذي ذكرته فليس حديثا وإنما هو عبارة يذكرها العامة ولم نقف فيما اطلعنا عليه على أصل صحيح يسنده، بل هو مبني على مجرد استحسان الناس لتلك الصفات وهي كثرة شعر الرجل؛ لأنها تدل عندهم على تمام رجولته، ونعومة جسد الأنثى وخلوه من الشعر لأن ذلك يدل عندهم على كمال أنوثتها وبعدها عن سمات الرجولة، وأما بركة ذلك فلا يمكن الحكم بها دون نص من الشارع فليس للعقل في ذلك سبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1427(11/722)
دفن الشعر المتساقط وقلامة الظفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص الأظافر والشعر الذي يتساقط أثناء الغسل أو التمشيط هل نرميه مع النفايات البيتية أم ماذا لأنه قديما كانوا يدفنونها حاليا ليس لدينا أماكن للدفن إلا المقابر ونمنع من دخولها إلا للزيارة أو دفن ميت ما لما يحدث من المشعوذين والعرافين في جثت الموتى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفن الشعر والأظافر قد صرح جمع من أهل العلم باستحبابه، فقد سئل الإمام أحمد رحمه الله: يأخذ الرجل من شعره وأظافره أيلقيه أم يدفنه؟ قال: يدفنه، قيل: بلغك في ذلك شيء؟ قال: كان ابن عمر يدفنه. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقد استحب أصحابنا دفنها لكونها أجزاء من الآدمي. انتهى، ولا يلزم دفن هذه الأجزاء في المقبرة، بل تدفن حيث تيسر الأمر في ناحية من نواحي البيت ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(11/723)
مذاهب العلماء في توقيت حلق العانة ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا لو تركت منطقة العانة ولم أقم بحلاقتها أبداً لفترة طويلة، هناك من يقول بأنه لا تقبل الصلاة أبداً، فهل هذا صحيح؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب حلق العانة وتقليم الأظافر وغيرها من سنن الفطرة التي دل عليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر. متفق عليه.
والأمر في ذلك يرجع إلى الحاجة إليه، ويختلف هذا باختلاف الأشخاص والأحوال والبيئات، قال في الفواكه الدواني: لا يتعين زمن القص فيه. انتهى. وقال العراقي في طرح التثريب: لا تحديد فيه للعلماء، إلا أنه إذا كثر ذلك أزيل، وكذا قاله النووي في شرح مسلم: المختار أنه يضبط بالحاجة وطوله. انتهى. وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي: والصحيح خروجها عن التوقيت إلى حد ما يرى المؤمن نفسه فيها من نظافة أو قذارة. انتهى.
وأما ما رواه مسلم في صحيحه عن أنس قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة، ألا نترك أكثر من أربعين ليلة. فهو محمول على الندب والاستحباب لا على الوجوب والإلزام؛ إلا إذا ترتب على بقائها تراكم الأوساخ والنجاسات ولا تزول إلا بإزالتها وجب حتى تؤدى الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة، وفي حالة الصلاة مع عدم إزالتها وبقاء النجاسة فالصلاة غير صحيحة، ولعل هذا هو المراد من الكلام الذي سمعته.
قال النووي رحمه الله في روضة الطالبين: ولا يؤخرها عن وقت الحاجة، ويكره كراهة شديدة تأخيرها عن أربعين يوماً للحديث في صحيح مسلم بالنهي عن ذلك. انتهى كلامه رحمه الله.
وحمله بعض العلماء على التحريم، قال الشوكاني في النيل: بل المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز تجاوزها، ولا يعد مخالفا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية. انتهى. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ولا يجوز أن تترك أكثر من أربعين ليلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/724)
حلق العانة مستحب للرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على هذه الشبكة الإسلامية وجزاكم الله كل الخير.
سؤالي هو ما حكم قص شعر المرأة وهل يوجد موسم معين لقص شعر المرأة وما حكم عقوبة قصه؟
وهل قص شعر العانة جائز أم لا للمرأة والرجل؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان جواز قص شعر المرأة وضوابط ذلك، فراجع الفتوى رقم: 2482. وليس لجواز ذلك وقت معين. وأما حلق العانة فهو مستحب بالاتفاق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب. رواه البخاري في صحيحه. وهو مستحب للرجل والمرأة. قال النووي في شرح مسلم: والمراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1426(11/725)
حلق شعر العانة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل يجب علي حلق شعر العانة رغم أني عند حلقه لأول مرة اكتشفت أنه عندي حساسية شديدة في تلك المنطقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف حلق شعر العانة ليس بواجب بل هو من خصال الفطرة المسنونة، ولا ينبغي ترك حلقها أكثر من أربعين يوما، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 25937، والفتوى رقم: 12584، ومنها تعلم أنه لا يلزمك حلق العانة ما لم يترتب على تركها إخلال بالطهارة كأن يجتمع على الشعر حائل يمنع من وصول الماء إلى الشعر أو إلى البشرة في حالة ما إذا وجب الغسل عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(11/726)
إزالة الشعر حال الحيض والنفاس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إزالة الشعر من الجسم في أيام الحيض والنفاس؟ وهل صحيح أن من تبقى 40 يوماً لا تزيل الشعر لا تقبل صلاتها وإذا كانت الفتاة بالغة لكن تمنعها أمها من أن تزيل الشعر الذي إزالته من سنن الفطرة بحجة أنه من العيب إزالته وإذا كانت الفتاة أدت فريضة الحج على هذا النحو فهل حجها وصلاتها صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة في إزالة الشعر حال الحيض والنفاس، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 15905.
وأما القول بأنه لا تصح صلاة من لم تزل الشعر الذي تعتبر إزالته من سنن الفطرة خلال أربعين يوماً، فقول باطل لا دليل عليه، وإن كان المطلوب إزالته عند الحاجة وعدم تركه أكثر من أربعين يوماً للرجل والمرأة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد إلى ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 25937.
والحكمة من إزالة هذه الشعور هو حصول النظافة لأن بقاءها يتسبب في بقاء الأوساخ وانبعاث الروائح الكريهة وحصول الضرر، ولذلك فلا طاعة للوالدة في عدم إزالة هذا الشعر بحجة أنه من العيب، ولا يصح أن يقال في هذه الحالة إن إزالته سنة وطاعة الوالدة واجبة ومقدمة على فعل المندوب، لأن لوجوب طاعة الوالدين في غير المعصية قيدا وهو أن يكون لهما غرض صحيح من الأمر بترك المندوب أو المباح أو الأمر بمقارفة المكروه ولا ضرر على الولد فيما أمراه به، وقد نص على هذا طائفة من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله:.... وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق لم يلتفت إليه أخذاً مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته، وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد ومنع الوالد له أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة فلا يلتفت له الولد في ذلك وأمره لولده بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره ومحله أيضاً حيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل لأني أقيد حل بعض المتأخرين للعقوق بأن يفعل مع والده ما يتأذى به إيذاء ليس بالهين بما إذا كان قد يعذر عرفاً بتأذيه به أما إذا كان تأذيه به لا يعذره أحد به لإطباقهم على أنه إنما نشأ عن سوء خلق وحده حمق وقلة عقل فلا أثر لذلك التأذي وإلا لوجب طلاق زوجته لو أمره به ولم يقولوا به، فإن قلت لو ناداه وهو في الصلاة اختلفوا في وجوب إجابته والأصح وجوبها في نفل إن تأذى التأذي المذكور وقضية هذا أنه حيث وجد ذلك التأذي ولو من طلبه للعلم أو زهده أو غير ذلك من القرب لزمه إجابته قلت هذه القضية مقيدة بما ذكرته إن شرط ذلك التأذي أن لا يصدر عن مجرد الحمق ونحوه كما تقرر ولقد شاهدت من بعض الآباء مع أبنائهم أموراً في غاية الحمق التي أوجبت لكل من سمعها أن يعذر الولد ويخطئ الوالد فلا يستبعد ذلك، وبهذا يعلم أنه لا يلزم الولد امتثال أمر والده بالتزام مذهبه، لأن ذاك حيث لا غرض فيه صحيح مجرد حمق ومع ذلك كله فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك، فتأمل ذلك فإنه مهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/727)
الحكمة في مشروعية نتف الإبط
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الحديث حلق العانة ونتف الإبطين. ما المراد بالحلق وما المراد بالنتف. وهل هناك حكمة من نتف الإبطين؟ أعانكم الله وجعلكم وأهلكم من أهل الجنة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 34255، معنى حلق العانة ونتف الإبط، كما بينا في الفتوى رقم: 20236 جواز نتف العانة وحلق شعر الإبط، مع أن السنة هو عمل ما جاء في الحديث، وهو نتف الإبط وحلق العانة، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 1368، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن الحكمة في نتف الإبط أنه محل للرائحة الكريهة، وإنما ينشأ ذلك من الوسخ الذي يجتمع بالعرق فيه فيتلبد ويهيج، فشرع فيه النتف الذي يضعفه فتخف الرائحة به بخلاف الحلق فإنه يقوي الشعر ويهيجه فتكثر الرائحة لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(11/728)
حكم الوشم بالحناء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في الوشم؟ وهل الحديث الذي ورد فيه لعن الواشمات صحيح؟ هل الوشم بالحناء يغير من الحكم شيئا علما أنه وشم مؤقت يزول بعد حوالي سنتين؟ وهل يوجد أي حديث آخر أو حادثة أخرى تدل على التحريم غير الحديث المعروف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم الوشم في الشرع هو الحرمة، بل هو من كبائر الذنوب، لورود اللعن لفاعله والمفعول به على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح البخاري وغيره.
وأما الأحاديث الواردة في تحريمه فلاشك في صحتها ومنها ما هو في البخاري كما أشرنا، ومنها ما هو في غيره.
وقد وردت فيه عدة أحاديث وليس حديثاً واحداً، وعن عدد من الصحابة منهم ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعلي....
وقد عرف أهل العلم الوشم بأنه غرز الجلد بإبرة أو غيرها وحشوه بما يجعله أزرق كالكحل أو النبل، ولهذا فلا فرق بين حشوه بالحناء وغيرها ما دام الوشم حاصلاً، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 18531، 26402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/729)
دفن الشعر والأظافر سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا بارك الله فيكم لإجابة أسئلتي دوما والتعاون المستمر وجزاكم الله عنا ألف خير
سؤالي عن الأظافر والشعر وبقايا الملابس النسائية الخاصة كيف يمكن التخلص الصحيح منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جسد الإنسان في الأصل محترم، ومن السنة أن يدفن المسلم ما قص من شعره وأظافره، وما سقط من جسده أو سال من دمه، لأن ذلك هو مآل جسمه كله، كما قال الله تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى {طه: 55} وقال: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا {المرسلات: 25-26} ولا ينبغي للمسلم أن يترك مخلفات جسده مهملة أو يرمي بها في القمامة. فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والأظفار. رواه الطبراني في الكبير.
وللمزيد من التفصيل والفائدة وأقوال أهل العلم في هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 54190، وأما بقايا ملابس النساء والرجال فلا مانع من التخلص منها برميها في القمامة أو غيرها، فهي كغيرها من المخلفات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/730)
السنة في حق المرأة والرجل حلق شعر العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن حلق العانة من الفطرة، لكنني لا أستطيع فعل ذلك لأن زوجي لا يعجبه أن يكون الفرج بدون شعر فأنا فقط أقوم بقصه قليلاً بالمقص، فهل يجوز ذلك في الشرع الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة في حق المرأة والرجل حلق شعر العانة، وينبغي أن لا يتجاوز ترك الحلق أربعين يوماً، فينبغي إقناع زوجك بأهمية تطبيق هذه السنة التي تحصل بالحلق لجميع الشعر، كما تحصل بالقص بالآلة إذا كان القص لأكثر الشعر، وإن كان الحلق بالموسى أدعى للنظافة، وراجعي الفتوى رقم: 12584، والفتوى رقم: 38890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/731)
حكم حلق الرجل لمثله شعر إبطه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لرجل أن يحلق إبطي رجل آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يحلق الرجل لمثله شعر إبطيه، فنتف شعر الإبط من سنن الفطرة، ومن لم يطق نتفه جاز له حلقه، وقيام الغير بذلك ليس فيه اطلاع على عورة أخيه، ولا شيء يقتضي القول بمنعه، وراجع الفتوى رقم: 1368، والفتوى رقم: 43000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/732)
حلق شعر العانة من الفطرة والنظافة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..
سؤالي هو عن النظافة الجنسية في الإسلام..
أعلم أن نظافة الفرج لا بد منها خاصة في إزالة شعر العانة ولكن عندما أزيل شعر العانة تتهيج الشهوة في داخلي فهل في ذلك سوء أو ذنب؟ وما حكم إزالة شعر الدبر بالنسبة للرجل؟ وما حكم ممارسة العادة السرية في فترات متباعدة مثلا كل ستة أشهر بسبب الشعور بالألم أو عدم حدوث الاحتلام مما يؤدي إلى تراكم الأفكار السيئة والتخيلات المزعجة داخل العقل الباطن ...
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظافة مطلب من مطالب الشرع. روى الترمذي من حديث سعيد بن المسيب قال: إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة.
ومن ذلك حلق شعر العانة، فقد روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب.
وروى مسلم عن أنس بن مالك قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار وتنف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة.
وعليه، فإزالة شعر العانة مطلوب وعلى المرء أن يتجنب أسباب إثارة الشهوة بنحو مداعبة العضو، وإذا كان هيجانها يحصل بمجرد حلق العانة فلا حرج في ذلك.
وما حول الدبر من الشعر يطلب إزالته، وراجع فيه الفتوى رقم: 8905.
ولا تجوز ممارسة العادة السرية لما ذكره السائل من مبررات، والذي عليه أن يفعله ليحد من شهوته هو الزواج إن استطاعه وإلا فالصيام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/733)
متى نبت شعر العانة والإبط سن إزالته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الواجب قص شعر الإبط والعانة عند نموه حتى ولو لم يحتلم الإنسان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلم حلق عانته ونتف إبطيه عند الحاجة لذلك، فمتى نبت شعر العانة والإبط سن إزالته، ولا دخل للاحتلام بذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط. رواه الجماعة.
والمراد بالفطرة هنا أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله عليها عباده، وحثهم عليها واستحبها لهم، ليكونوا على أكمل الصفات، وأشرفها صورة، والمسنون في إزالة هذا الشعر هوالنتف للإبط والحلق للعانة، وبأي شيء أزاله صح، حيث إن الغرض هو إزالة هذا الشعر، فمن لم يقو على نتف الإبط جاز له الحلق بالموسى أو غيره، ويجوز إزالة شعر العانة بالنورة والموسى وغير ذلك، ولا ينبغي أن يؤخر عن أربعين يوماً، فقد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة. رواه مسلم، والموقت لذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما هو معلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/734)
حكم حلق الشعر الذي حول الأنثيين
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل من سنن الفطرة إزالة أو حلق الشعر الذي يوجد فوق كيس الصفن أي الأنثيين أو الخصية (وهو يوجد بكثافة) وهل وجود الشعر فوقها شيء عادي أم يوجد فقط في العانة، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب. متفق عليه، والاستحداد: هو حلق العانة وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.
وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة ... وفيه: حلق العانة.... الحديث.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: والمراد بالعانة: الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة. ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيحصل من مجموع هذا: استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وما حولهما. انتهى، ومما تقدم تعلم أنه يشرع إزالة هذا الشعر وحلقه، واعلم أن وجود الشعر في هذه المنطقة أمر طبيعي، وأنه من العانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(11/735)
حكم استخدام الأعشاب التي تسبب اسوداد الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد مجموعة أعشاب الغرض منها تنعيم وتمديد الشعر، ولكن من ضمن هذه الأعشاب نوع يسبب اسوداد الشعر، وهو يأتي تبعا لتلك العملية وليس مقصوداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرء في ترجيل شعره وتمديده وتنعيمه، وكل ذلك يعتبر من إكرام الشعر الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: من كان له شعر فليكرمه. أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة، ولكن صبغ الشعر بالسواد ورد التحذير منه في الأحاديث الصحيحة.
ففي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة.
وهذا وعيد شديد، وكنا قد بينا حكم الصبغ بالسواد في فتاوى كثيرة فراجع فيه الفتوى رقم: 21296.
وعليه فلا حرج في استخدام الأعشاب المذكورة للرأس، لكن بشرط أن ينحى عنها النوع الذي يسبب اسوداد الشعر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(11/736)
استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وما حولهما
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي يعاني من مشكلة كبيرة ولم يستطع أن يجد حلا لها، سؤالي يخص الشعر: صديقي يعاني من كثرة الشعر في جميع أنحاء جسده من الرأس إلى الأكتاف والإبط والصدر وظهره من الأعلى حتى أرجله وخصيتيه (الله يكرمكم) وحول فتحة الشرج (الله يكرمكم) ، مشكلة صديقي أنه كلما يغتسل بعد قضاء الحاجة يغتسل جيدا مرارا ومرارا كي يتخلص من جميع بقايا القذارة بعد قضاء الحاجة، ولكنه كلما يستبدل إزاره يجد بعض البقع ملتصقة في الإزار، وذلك نتيجة أنه لم يغسله ولأنه التصق بالشعر، ما الحل يا إخوتي، هل يقتلع الشعر أم ماذا، إنه يحاول قدر المستطاع أن يزيله ولكن دون فائدة؟
وشكراً على الموقع الممتاز، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب. متفق عليه، والاستحداد: هو حلق العانة وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.
وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة...... وفيه: حلق العانة.... الحديث.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: والمراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة. ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيحصل من مجموع هذا: استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وما حولهما. انتهى.
ومما تقدم تعلم أنه تشرع إزالة هذا الشعر وحلقه، ولمن ابتلي به أن يزيله بأي وسيلة ممكنة.
قال ابن قدامة رحمه الله عن حلق شعر العانة: وبأي شيء أزاله صاحبه فلا بأس لأن المقصود إزالته. انتهى.
وأخيراً ننبه على وجوب بذل الوسع في الاستنجاء وتطهير ما زاد من النجس على المحل المعتاد إذ لا يعفى عن شيء من عين النجاسة مطلقاً ولا عن أثرها إذا تنتشر عن مكان الخروج المعتاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(11/737)
الشارب.. بين الحف والحلق
[السُّؤَالُ]
ـ[جرى النقاش بيني وبين مجموعة من الإخوة حول الشارب، فذكر لي أحدهم أن الذي ليس له شارب لا تقبل شهادته، وذكر أن ذلك قد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكثير من العلماء والفقهاء، فهل هذا صحيح، وما الدليل على ذلك إن كان هذا صحيحاً؟ أرجو أن يكون الدليل صريحا وبدون تأويل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في حكم حف الشارب بالكلية حتى تظهر البشرة من تحته، فللحنفية قولان: أحدهما للمتأخرين والآخر للمتقدمين.
قال ابن عابدين في (رد المحتار) : واختلف في المسنون في الشارب هل هو القص أو الحلق؟ المذهب عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص، قال في (البدائع) : وهو الصحيح، وقال الطحاوي: القص حسن، والحلق أحسن، وهو قول علمائنا الثلاثة. ا. هـ
وقال الزيلعي في (تبيين الحقائق) : قال فخر الإسلام البزدوي: واحتج أصحابنا -رحمهم الله- بحديث أبي هريرة رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى. والإحفاء: الاستصال، والقص محتمل، فيحمل على ما روينا لأنه محكم. ا. هـ
وذهب المالكية إلى حرمة حلقه بالكلية وتأديب فاعل ذلك، قال الدسوقي: تنبيه، يحرم على الرجل حلق لحيته أو شاربه، ويؤدب فاعل ذلك، ويجب على المرأة حلقهما على المعتمد. وقال الباجي في (شرح الموطأ) : روى ابن الحكم عن مالك: ليس إحفاء الشارب حلقه، وأرى أن يؤدب من حلق شاربه، وروى أشهب عن مالك: حلقه من البدع. ا. هـ
وقد عد ابن فرحون في (تبصرة الحكام) حالق الشارب فيمن ترد شهادتهم، وذهب الشافعية في المذهب إلى المنع من الحف، وأن السنة هي الأخذ منه حتى يبدو طرف الشفة، قال النووي في (المجموع) : ثم ضابط قص الشارب أن يقص حتى يبدو طرف الشفة، ولا يحفه من أصله هذا مذهبنا، وقال أحمد رحمه الله: إن حفه فلا بأس، وإن قصه فلا بأس. ا. هـ
ودليل من قال بجواز الحف ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس.
وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انهكوا الشوارب، وأعفوا اللحى. فحملوا النهك والحف والجز على الاستئصال.
قال الزيلعي نقلاً عن البزدوي: والإحفاء: الاستئصال. ا. هـ
وأما دليل من ذهب إلى عدم جواز الاستئصال فهو تفسير الجز والحف والنهك بالقص بما زاد عن طرف الشفة.
وحكى العراقي عن القاضي عياض التخيير بين الأمرين، كما في طرح التثريب.
وبناء على ما سبق، فقد تبين لنا أن الخلاف في المسألة قوي، ولذلك قال فيها بعض العلماء بالتخيير، وإن كنا نرجح أن التقصير أولى من الحف، لما في رواية النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الفطرة: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الظفر، وتقصير الشارب.
فقد صرحت هذه الرواية بالتقصير فتحمل عليها الروايات الأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/738)
لا حرج في إزالة شعر الإبط والعانة بأي وسيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في أواخر العشرينات من عمري، أحافظ ولله الحمد على ما قدرني الله عليه من درجة من الالتزام بالتعاليم الإسلامية ... ومن هذه الأشياء التي قد تكون مجرد تفاصيل وأشياء صغيرة هي ـأعزكم الله وأكرمكم ـ حلاقة شعر العانة والإبط.. وكنت سابقاً أحافظ على حلاقتهما وتنظيفهما باستمرار كل 40 يوما كما جاء في التشريع وكنت أستخدم الكريمات المزيلة للشعر وذلك لتعسر وعدم استطاعتي استخدام الأمواس أو الشفر الحلاقية ... ولكن وقبل فترة وجيزة أصبحت الكريمات الخاصة بإزالة الشعر والتي كنت مواظبا على استخدامها تحدث لي وتصيبني بالحساسية وتهيج المناطق المستخدم عليها وهذا يعرضني لكثير من الضيق والحرج.. بل ويحدث في بعض الأحيان أن تجرح هذه الأماكن ويخرج الدم ...
السادة الأكارم.. ما بين تعذر استخدامي للأمواس وظهور مشكلة في استخدام الكريمات أصبحت في حيرة من أمري، سؤالي هنا هو: قد فكرت في أن يكون البديل المقص أو مكائن الحلاقة وهي ربما لا تزيل الشعر كلياً ولكن تساعد في الحفاظ على النظافة واتباع السنة ـكان هذا رأيي الشخصي ـ إلى أن أخبري بعض الإخوة أن استخدامهما لا يجوز وفيه شيء من الحرمة وهو غير صحي!!!
أرجو منكم جزاكم الله خيراً توضيح هذا الأمر لي.. وإفادتي بنصحكم لا حرمكم الله الأجر الجزيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسنون هو إزالة شعر الإبط بالنتف، والعانة بالحلق لكن إذا أزيلا بأي شيء جاز ذلك، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1368، 25937، 34255، 20236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/739)
حدود حلق العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن حلق العانة يبدأ من تحت السرة فهل هذا صحيح، وهل حلق العانة يشمل كل ما فوق الذكر وتحته وجميع ما هو متصل به أم ما فوقه فقط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلق العانة لا يبدأ من تحت السرة، وقد بينا حدود حلق العانة في الفتوى رقم: 1906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/740)
حلق العانة بالموسى أحسن وأنظف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حلق العانة يجب أن تكون صفرا أو يمكن أن تكون خفيفة أي على رقم واحد؟ للمرأة والرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حلق العانة من سنن الفطرة، وهو مستحب إجماعا، ولا شك أن الأولى والأفضل إزالة الشعر بالكلية، لأنه أدعى للنظافة وأوفق لمسمى الفطرة. قال النووي: (يحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، والأحسن في هذه السنة الحلق بالموسى لأنه أنظف، ويحصل بالقص بالمقص، وكذلك يحصل أصل السنة بالنتف، واستعمال النورة ونحوها، إذا المقصود حصول النظافة.) .
ولا ينبغي للمسلم رجلا كان أو امرأة ترك شيء منها، وتراجع الفتوى رقم: 25720 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/741)
لا حرج في نتف الإبط والعانة أثناء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نتف الإبط والعانة أثناء الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنتف الإبط وحلق العانة لا يؤثران على الصوم، وهما سنة للصائم وغيره، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط.
والاستحداد هو حلق شعر العانة بالموسى، ومن السنة فعل هذا الحلق والنتف أسبوعياً، ولا ينبغي أن يتجاوز الأربعين، ومع أن الحلق هو السنة في العانة فإن نتفها لمن لا يتأذى به جائز، إذا المطلوب هو الإزالة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 1368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/742)
أحكام في تكليف المرأة بإزالة الشعر غير المرغوب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة تعمل في مجال إزالة الشعر (حلاوة) وهذا دخلها الوحيد لها ولأهلها، هذا يتطلب أن ترى أجزاء من العورة مثل ما فوق الركبة، فهل عملها حرام؟ مع أنها لا تنظر إلا لأن هذا عملها ولا تصف أي شيء تراه، حاولت تلك السيدة أن لا تعمل في منطقة فوق الركبة لكن الزبائن قالوا لها إن لم تعملي لنا سوف نجلب غيرك تعمل لنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن إزالة النساء ما ينبت من الشعر على أجسادهن جائز، ويجوز للمرأة أن تقوم بإزالة الشعر عن النساء إذا لم يترتب على ذلك محرم، كرؤية العورة ومسها. والواجب أن يتولى النساء أنفسهن مباشرة ما يحرم على هذه السيدة مباشرته ونظره، وتقدم في الفتوى رقم: 7254 بيان عورة المرأة عند المرأة. وقد ذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد رحمه الله أفتى في الاطلاء بالنورة فقال: إن أطَّلَى بالنورة فلا بأس، إلا أنه لا يدع أحدا يلي عورته، إلا من يحل له الاطلاع من زوجة وأمة. ولتراجع في وجوب تحري الكسب الحلال والبعد عن الكسب المحرم الفتوى رقم: 31177، والفتوى رقم: 27373. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(11/743)
لا حرج على الحائض في إزلة الشعر ونحوه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أثناء الحيض نزع شعر اليد أو قص الأظافر أو غير ذلك من النظافات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بذلك لعدم ورود دليل على المنع، ومما يستدل به أيضاً على الجواز أمر النبي صلى الله عليه وسلم الحائض أن تمتشط، مع أن الامتشاط قد يذهب ببعض الشعر، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يهل بعمرة فليهلل، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة، فأهلّ بعضهم بعمرة وأهل بعضهم بحج، وكنت أنا ممن أهلّ بعمرة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهليِّ بحج ففعلت، حتى إذا كان ليلة الحصبة أرسل معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فخرجت إلى التنعيم فأهللت بعمرة مكان عمرتي، قال: هشام ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/744)
إزالة شعر المرأة له ثلاثة أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لعن الرسول المرأة المشعرة، أي التي لا تزيل شعر جسمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم حديثا بهذا المعنى والمعلوم أن أن شعر المرأة على ثلاثة أقسام:
الأول: شعر نهى الشارع عن إزالته وهو شعر الحاجبين، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله.
فقوله المتنمصات جمع متنمصة وهي التي تطلب النماص، والنامصة هي التي تفعله.
قال ابن حجر: والنماص إزالة شعر الوجه بالمنقاش، ويقال إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين. انتهى.
الثاني: شعر رغّب الشارع في إزالته وهو شعر العانة والإبط، ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط. رواه الشيخان وأحمد عن أبي هريرة.
الثالث: شعر مسكوت عنه، فلم ينه عن حلقه ولم يأمر بحلقه، كشعر الصدر والفخذ والساق، فهذا مخير فيه الإنسان إن شاء حلقه وإن شاء أبقاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/745)
حكم إزالة الشعر حال الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الدين في حلق اللحية أوإزالة أي شعر من الجسم وأنا جنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم حلق اللحية، وحكم حلق سائر شعر البدن في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
2711، 1368، 1926.
وبناء على هذه الفتاوى نقول: ما جاز أخذه من شعر البدن جاز في حال الجنابة وغيرها، وما لم يجز أخذه منه لم يجز في حال الجنابة وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/746)
هل يجوز ترك بعض شعر العانة لصعوبة إزالته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إزالة جزء من شعر العانة وعدم إزالة الجزء الآخر أي في منطقة صعب إزالة الشعر منها؟ وما حكم إزالة شعر العانة من قبل إمرأة أخرى (أي امرأة لامرأة أخرى) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق شعر العانة من الأمور الثابتة في السنة بدليل ما في الصحيحين من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس - أو خمس من الفطرة -: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب.
ولا تحصل السنة إلا بحلق جميع شعر العانة، فإن حصلت صعوبة في حلق بعض الشعر، فتمكن الاستعانة ببعض مزيلات الشعر التي صارت متوافرة.
فإذا وجدت مشقة معتبرة في ذلك كحصول الألم الشديد مثلاً، فيكون الأمر حينئذ خارجًا عن الاستطاعة، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 3609.
أما حلق المرأة شعر عانة امرأة أخرى، فلا يجوز لما يترتب عليه من كشف العورة المحرم، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 17481.
إلا إذا وُجدت ضرورة لذلك، كأن عجزت المرأة عن ذلك لعمى أو شلل مثلاً، فيجوز لغيرها من النساء مباشرة ذلك، مع التحفظ والاقتصار على ما يحصل به المقصود، فيكون الأمر من باب الضرورة، ورفع الحرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/747)
معنى حلق العانة ونتف الإبط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى حلق العانة ونتف الإبط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق العانة معناه إزالة الشعر الموجود حول الفرج بآلة الحلق، ومعنى نتف الإبط إزالة الشعر الموجود تحت الجناح بدون آلة، بأن يجذب باليد جذبًا. ويجوز أن يزال شعر العانة بالنتف، كما تجوز إزالة الشعر الإبط بالآلة. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 20236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(11/748)
الآية التي دلت بمضمونها على النهي عن تغيير خلق الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهى الآية التي نهى الله فيها المرأة أن تبدل ما خلقه الله فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآية التي وردت في القرآن والتي قد دلت بمضمونها على النهي عن تغيير خلق الله هي قوله سبحانه عن الشيطان: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ. [النساء:119] .
وهي ليست خاصة في حكمها بالنساء، وإنما هي عامة في حق الرجال وا لنساء. ويدخل في تغيير خلق الله تعالى ما يفعله بعض النساء طلباً للحسن من الوشم أو النمص أو نحو ذلك، مما قد سبق بيانه في الفتو ى رقم: 3862،والفتوى رقم: 1007
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/749)
حكم حلق شعر عانة المعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المتوفى زوجها إزالة شعر عانتها أثناء العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة التي توفي زوجها يجوز لها أثناء العدة أن تحلق شعر عانتها لأنه من مسائل الفطرة التي تطلب، وهذه المسائل اشتمل عليها الحديث الثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط.
قال ابن قدامة في المغني في شأن المتوفى عنها أثناء العدة: ولا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب إلى حلقه.
ولأن المتوفى عنها إنما يحرم عليها أثناء العدة كل ما يعتبر فيه زينة لها، وهذا الأمر من الأمور الخفية وليست فيه زينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/750)
إزالة الشعر عن الجسم نهائيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أتدرب في ناد لكمال الأجسام، والحمد لله جسمي مطابق للمواصفات الرياضية العالمية، لذلك طلبت مني الإدارة أن أقوم بإزالة الشعر المتواجد على جسمي بشكل كامل حتى أبدو بشكل لائق وأشارك في البطولات العالمية، فما حكم الشرع في إزالة الرجل لشعر جسمه بشكل كامل، أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في حكم رياضة بناء الأجسام الفتوى رقم: 5921، وراجع في أقسام شعر الجسم من حيث الحلق وعدمه الفتوى رقم: 1926.
وراجع في حكم إزالة الشعر من الجسم نهائياً بحيث لا يرجع، الفتوى رقم: 10441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/751)
شعر العانة والإبط.. نتف أم حلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يقول إن نتف الشعر للمرأة لا يجوز ولكن يجوز الحلق والقص ما دليل ذلك وهل ذلك صحيح؟ وهل علي أن أتوقف عن نتف شعر الساقين والعانة وأتحول إلى الحلق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للرجل والمرأة حلق ما ينتف من الشعر كالإبط ونتف ما يحلق كالعانة، والأفضل لهما نتف الإبط، والأفضل للرجل حلق العانة، وأما المرأة فقد اختلف العلماء في الأفضل لها هل هو الحلق أم النتف؟ فذهب الحنفية إلى أن السنة لها النتف، وذهب المالكية إلى كراهة النتف وجواز الإزالة بغيره كالنورة، وفرق الشافعية بين العجوز والشابة، فقالوا: تنتف الشابة وتحلق العجوز، ونسب هذا الرأي لابن العربي المالكي، وذهب الحنابلة إلى أفضلية الحلق لها، والخلاف كما علمت في الأفضل والجميع متفق على الجواز مطلقاً أو مع الكراهة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20236، أما بالنسبة لحكم إزالة شعر الساقين ونحوهما فيرجع إليه في الفتوى رقم: 10441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/752)
بين قص الشارب وحلقه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى قول الرسول الكريم: قص الشارب؟ هل هو نزعه كلية؟ وما الفرق بين: القص والحلق والنزع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقصود بقص الشارب هو تقصيره؛ للحديث الذي رواه النسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الفطرة: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الظفر، وتقصير الشارب.
فقوله: "تقصير الشارب"، تفسير للقص الوارد في الروايات الأخرى للحديث المتفق عليه، ولهذا يتبين أنه لا يقصد بالقص الحلق أو النزع كلية كما في السؤال.
أما الفرق بين الحلق والقص، فالحلق هو الاستئصال حتى تبدو البشرة، والقص تقصيره فقط، وأما النزع فلعل المراد به معالجة شعر الشارب وقلعه بحيث لا ينبت مرة أخرى، كما يفعله بعض الناس، أو قلعه من منبته فقط.
وليس هذا بسنة إنما السنة قص الشارب، واختلف العلماء في الحلق والأرجح عدم الحلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(11/753)
لا يترك شعر الإبط والعانة يترك أكثر من أربعين يوما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 20 عاما أريد أن أعرف متي يجب قص أو حلق شعر الإبطين والعانة؟ أنا قرأت أنه بعد 40 يوم. ماذا يقصد بعد 40 يوم؟ وهل الحلق يقصد به ألا تدع أي أثرا للشعر؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق شعر العانة ونتف شعر الإبطين من خصال الفطرة التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الأبط، وقص الشارب. رواه البخاري ومسلم.
وينبغي أن يكون ذلك كل جمعة؛ لأن التجمل وتحسين الهيئة يوم الجمعة مطلوب شرعاً، وإذا دعت الحاجة إلى إزالة الشعر قبل ذلك فينبغي أن يزال لأن نمو الشعر يختلف باختلاف الناس، ولا ينبغي أن يترك أكثر من أربعين يوماً.
وينبغي أن يزال كله ولا يترك منه شيء، وإذا أمكن ألا يبقى له أثر فلا شك أن هذا أبلغ في النظافة، ولا يضر بقية أثره عند الإزالة.
ولمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
25937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(11/754)
موقف الشرع من الإزالة النهائية لشعر العانة والإبط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أن نزيل شعر العانة والإبط بحيث لا ينمو مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم وأحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط.
وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: وقَّت لنا رسول الله في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة. قال النووي: معناه: لانترك تركاً تتجاوز به الأربعين.
فحلق شعر العانة -وهو المراد بالاستحداد في الحديث- وكذلك نتف شعر الإبط مما أمر به الشرع وحثَّ عليه.
أما الإزالة النهائية لهذه الشعور بحيث لا تنبت مرة أخرى ففيها عدة محظورات:
الأول: أن ذلك يدخل في تغيير خلق الله، قال تعالى حاكيًا عن إبليس اللعين: وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119] .
والمراد بتغيير خلق الله كما قال البيضاوي: (تغييره عن وجهه وصورته أو صفته) . فيدخل في ذلك قتل أو إزالة الخلايا التي تنتج هذه الشعور.
الثاني: أن ذلك مضاد للحكمة التي خلق الله هذه الشعور لأجلها، فما خلق الله هذه الشعور إلا لحكمة وإن خفيت علينا.
الثالث: أن إزالة هذه الشعور نهائيًا يفوت على المكلف عبادة أمر بها وهي أخذ هذه الشعور كلما نمت.
الرابع: أن ذلك لا يُؤمَن معه حدوث ضرر.. إما بسبب قتل أو إزالة الخلايا التي تنتج الشعور، أو بتأثير الوسيلة المستخدمة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/755)
حكم استعانة المرأة بأخرى لإزالة الشعر غير المرغوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نتف أو حلق شعر الساقين أو الفخدين للمرأة وهل يجوز أن تقوم بدلك أختها أي أن تكشف رجليها لأختها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم إزالة شعر الجسم في الجواب رقم: 1926
وإذا تقرر الأمر بالجواز فالأولى أن يتولى ذلك الإنسان بنفسه، فإن لم تكن له قدرة واحتاج إلى غيره فلا مانع من الاستعانة بشخص يتولى ذلك عنه، لكن بشرط ألا يكون الشعر المزال في أماكن يحظر على الشخص المستعان به رؤيتها؛ كوجود ذلك في مواضع العورة. وهي من المرأة للمرأة ما بين السرة والركبة وما عداها فليس بعورة قال: ابن قدامة في المغني وحكم المرأة مع المرأة حكم الرجل مع الرجل سواء.
وبما تقدم تعلم السائلة جواز الاستعانة بأختها في إزالة شعر الساقين والرجلين وما كان على الفخذين فلا لدخوله في العورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(11/756)
المدار في حلق العانة ونتف الإبط على الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
بالنسبه لإزالة الشعر من الجسد سمعنا أنه بالنسبة للمرأة تزال كل طهر على الأقل ماذا بالنسبه للرجل هل واجب عليه إزالة شعر الإبط والعانة وشكراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن للمسلم حلق العانة ونتف الإبط، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من خصال الفطرة.
والسنة أن يفعل ذلك يوم الجمعة، لأنه يوم اجتماع المسلمين، ولا ينبغي أن يؤخر عن أربعين يوماً.
وما ذكرت السائلة من تحديد ذلك في حق المرأة بوقت طهرها من الحيض، فلم نقف على ما يدل عليه، مع أنه يعارض الحديث الذي أخرجه مسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة. وهذا الحديث يعم الرجل والمرأة.
لذا ينبغي أن يكون المدار على الحاجة>
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: (وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/757)
الشعر المأمور بإزالته من الذكر والأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الدين في عدم حلاقة شعرالعانة للذكر والأنثى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق شعر العانة مستحب وذلك للأحاديث الواردة في شأنه، ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب. متفق عليه، والاستحداد: هو حلق العانة وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء، قال الراوي: ونسيت العاشرة.. إلا أن تكون المضمضة. رواه مسلم.
قال ابن قدامة في المغني: (والاستحداد حلق العانة وهو مستحب لأنه من الفطرة ويفحش بتركه فاستحبت إزالته، وبأي شيء أزاله صاحبه فلا بأس لأن المقصود إزالته) .
وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأن لا يزيد على أربعين يوماً، ففي صحيح مسلم عن أنس أنه قال: ووقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة.
قال النووي: (ثم معنى هذا الحديث أنهم لا يؤخرون فعل هذه الأشياء عن وقتها فإن أخروها فلا يؤخرونها أكثر من أربعين يوماً، وليس معناه الإذن في التأخير أربعين مطلقاً) .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/758)
ليس هذا بحديث، ومعناه غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ["كل مع الكافر ولا تأكل مع طويل الأظافر " هل هذا حديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قص الأظافر من خصال الفطرة، وقد ورد النهي عن تركها أكثر من أربعين ليلة، فقد ثبت في مسلم أن أنس بن مالك قال: وقت لنا من قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة.
ويدل هذا على النهي عن إطالة الأظافر، أما ما ذكره السائل الكريم فليس حديثاً، ولم نقف عليه في شيء من الكتب المعتمدة إضافة إلى أن معناه غير صحيح لأن التارك لإحدى السنن لا شك أنه أفضل من الكافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/759)
حلق شعر العورة من خصال الفطرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حلق شعر العورة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول العورة من خصال الفطرة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب "
ومن السنة أن تحلق العانة وتقلم الأظافر كل أسبوع ولا تترك أكثر من أربعين يوماً، لما رواه أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق العانة، وتقليم الأظافر، وقص الشارب ونتف الإبط، أربعين يوماً مرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1423(11/760)
التوقيت المعتبر في حلق العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حلق العانة في رمضان أو في غير رمضان أو في أي وقت لزم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلق العانة من الفطرة التي وردت في حديث البخاري: من الفطرة: حلق العانة، وتقليم الأظافر، وقص الشارب.
ووصلت إلى خمس خصال في الحديث الذي ورد في صحيح الجامع الصغير وزياداته، ونصه: خمس من الفطرة: الختان والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط.
وتوقيت حلق العانة ورد في سنن ابن ماجه. من حديث أنس بن مالك قال: وقت لنا في قص الشارب وحلق العانة، ونتف الأبط، وتقليم الأظافر أن لا نترك أكثر من أربعين يوماً.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال الإمام النووي: المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة. قال: وذكر الحلق لأنه الغالب، وإلا فتجوز الإزالة بغيره. قال: ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر، بل هو من الدبر أولى، خوفاً من أن يعلق شيء من الغائط به فلا يزيله إلا الماء.
وقال في كشاف القناع: أنه يفعل كل أسبوع، ويكره تركه فوق أربعين. قال: ويدفن الشعر.
ولا يوجد حد زمني واجب، وإنما المدار على ما تحصل به النظافة وعدم التهاون بالسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/761)
حكم ترك شيء من العانة دون حلق لغرض التجمل للزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدين في حلاقة عانة المرأة وترك شيء بسيط منه فوق العانة وبوشم شيء فوقه لغرض زينته لزوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من السنة وخصال الفطرة حلق العانة، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط. والاستحداد: هو حلق العانة بالموسى.
قال العلماء: المراد بالفطرة هنا الأمور التي إذا فعلها الشخص اتصف بفطرة الله التي فطر الناس عليها، وحثهم عليها، واستحب لهم فعلها ليكونوا على أكمل الصفات، وأحسن الهيئات.
ولا ينبغي للمسلم أن يترك شيئاً من عانته مهما كان الغرض من ذلك سواء كان رجلاً أو امرأة، ومن السنة أن تحلق كل أسبوع ولا ينبغي أن تتجاوز أربعين يوماً.
وأما الوشم فإنه لا يجوز شرعاً، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك كما جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه وعليه فلا يجوز للمرأة أن تتزين بهذه الأشياء المحرمة، وقد أباح الشرع أنواعاً كثيرة من أنواع الزينة أكثر جمالاً وملاءمة للنفوس السوية ففيها كفاية وعوض عما حرم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(11/762)
حدود حلق العانة ومدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم بالنسبة لحلق شعر العانة ما مدته هل مقيد بالأربعين يوما وما هي حدود الحلق؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حدود حلق شعر العانة، وهي ما ينبت حول فرج الذكر والأنثى عادة، قد مضى بيان معناها وحكمها والمدة التي لا تتجاوزها في الفتاوى التالية: 1906 23653 1368 22732
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(11/763)
الأمر في إزالة الشعر من الجسد فيه سعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأماكن الواجب إزالة الشعر منها؟ والكيفية؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك شعر في البدن يجب إزالته؛ إلا الشعر الذي يجب حلقه أو تقصيره بعد أداء الحج أو العمرة، وأما قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة فمستحب، ويكره كراهة شديدة تركه حتى يتجاوز أربعين ليلة، وذهب بعض العلماء إلى وجوب حلقه بعد تجاوز هذه المدة، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم:
23653
وأما كيفية الإزالة، فالأمر فيها متسع، فتكون بحلق أو نتف أو وضع مزيل كنورة ونحوها، إلا أن الأفضل في الشارب القص، وعدم النتف أو الحلق، وفي العانة الحلق، وفي الإبط النتف، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20236 والفتوى رقم: 8905
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/764)
هل يطاع الزوج في أمره بعدم حلق العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
زوجي يأمرني أن لا أقص شعر االعانة وهذا بسبب غيرته الشديدة علي إذ لا يريد أن ترى الطبيبة عورتي إذا كشفت علي أثناءالولادة فهل في طاعتي له إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الغيرة ليست في محلها، وإنما يغار الإنسان على أهله أن يقعوا في ما حرم الله تعالى، لا في قيامهم بسنة دعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب. متفق عليه
والاستحداد هو: حلق العانة، سمي بذلك لأنه يحلق بحديدة هي الموسى.
وروى مسلم عن أنس بن مالك قال: وقَّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة.
فلا ينبغي للرجل أو المرأة ترك ذلك أكثر من هذه المدة، ومقصود هذه السنن تحقيق النظافة وإزالة الأذى.
وينبغي للمرأة أن تحرص على هذه النظافة، وعلى الزوج أن يحثها عليها وأن يساعدها على القيام بها لا أن يمنعها متذرعاً بالسبب المذكور في السؤال لأن الطبيبة تطلع على عورة من تلد عندها في جميع الأحوال ولاحرج في ذلك لا عرفاً ولا شرعاً.
والحاصل أنه ينبغي إقناع الزوج بأن الخير والبر في تطبيق السنة، وأن الغيرة المخالفة للسنة غيرة غير محمودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(11/765)
إطالة الأظافر ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطالة الأظافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتقليم الأظفار من سنن الفطرة التي دل عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر. متفق عليه.
وهذا النص عام في حق الرجال والنساء، قال النووي في المجموع: (أما تقليم الأظفار فمجمع على أنه سنة، وسواء فيه الرجل والمرأة.) انتهى
وهذه السنن الفطرية المذكورة أُكدت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبأمره بها بصيغة الإخبار عنها، والأمر هنا محمول على الاستحباب، قال المناوي في فيض القدير: (قال ابن العربي: وقص الأظفار سنة إجماعًا، ولا نعلم قائلاً بوجوبه لذاته، لكن إن منع الوسخُ وصول الماء للبشرة وجبت إزالته للطهارة، وشمل العموم أصابع اليدين والرجلين) . انتهى
وجمهور العلماء على عدم تحديد زمن معين ملزم للقص، بل الأمر في ذلك يرجع إلى الحاجة إليه، ويختلف هذا باختلاف الأشخاص والأحوال والبيئات، قال في الفواكه الدواني: (لا يتعين زمن القص فيه) . انتهى
وقال العراقي في طرح التثريب: (لا تحديد فيه للعلماء، إلا أنه إذا كثر ذلك أُزيل، وكذا قاله النووي في شرح مسلم: المختار أنه يضبط بالحاجة وطوله) . انتهى
وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي: (والصحيح خروجها عن التوقيت إلى حد ما يرى المؤمن نفسه فيها من نظافة أو قذارة) . انتهى
وأما ما رواه مسلم في صحيحه عن أنس قال: وُقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الأبط وحلق العانة، ألاَّ نترك أكثر من أربعين ليلة. فقد حمله الجمهور على الندب والاستحباب لا على الوجوب والإلزام.
قال النووي - رحمه الله - في روضة الطالبين: ولا يؤخرها عن وقت الحاجة، ويكره كراهة شديدة تأخيرها عن أربعين يومًا للحديث في صحيح مسلم بالنهي عن ذلك. انتهى كلامه رحمه الله.
وحمله بعض العلماء على التحريم، قال الشوكاني في النيل: (بل المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز تجاوزها، ولا يُعد مخالفًا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية) . انتهى
وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله -: ولا يجوز أن تترك أكثر من أربعين ليلة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/766)
الحكمة في استحباب إزالة شعر المؤخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نما على مؤخرة أحدهم شعر فهل يجب أن يزيله مثلاً في بعض الأماكن وهل هي نجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب إزالة شعر الدبر، وانظر في ذلك الفتوى رقم:
8905.
وليس الشعر نجساً، ولكنه قد يعلق به بعض النجاسات والأوساخ، ومن هنالك ندب الشرع إلى إزالته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(11/767)
لا حرج في قص الأظافر حال الجنابة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز قص الأظافر والشعر والشخص في حالة جنابة مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في قص الأظافر حال الجنابة، لعدم ورود دليل على المنع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/768)
هل للمرأة إزاله شعر العانة بالليزر عند طبيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز للمرأة إزاله شعر العانة بالليزر عند طبيبة بحيث لا ينبت ثانية علما بأني أم لأطفال أعيش وحدي في بلاد الفتنة ويصعب على أن أتعهد إزالة هذا الشعر وخاصة أشهر حملي ومرضي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فموضع العانة مما اتفق العلماء على حرمة النظر إليه ومسه من غير الزوج، وسواء كان النظر والمس بشهوة أو بدون شهوة، وسواء أمنت الفتنة أم لا.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة. رواه مسلم.
ويستثنى من ذلك النظر واللمس في حالة الضرورة كما في حالة العلاج والتداوي، قال الإمام الكاساني: (ولا يجوز لها أن تنظر ما بين سرتها إلى الركبة إلا عند الضرورة بأن كانت قابلة فلا بأس لها أن تنظر إلى الفرج عند الولادة، وكذلك لا بأس أن تنظر إليه لمعرفة البكارة في امرأة العنين إذا اختلفا، وكذلك إذا كان بها جرح أو قرح في موضع لا يحل للرجال النظر إليه فلا بأس أن تداويها إذا علمت المداواة) . البدائع 5/124
وما ذكرته السائلة من صعوبة إزالة الشعر في أشهر الحمل أو المرض، ليس ضرورة ملجئة تبيح لها كشف عورتها أمام الطبيبة، وأما الإزالة النهائية لشعر العانة، فلا تجوز كما هو مبين في الفتوى رقم 28776
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/769)
يتأدى أصل السنة بإزالة شعر الإبط والعانة بكل مزيل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في نتف الإبط أن يزال الشعر كله سواء بالنتف أو بالحلق بالموسى، وكذلك العانة هل من اللازم حلقها بالموسى وإزالة الشعر إزالة كلية،أم يجوز أن يبقى بعض آثار الشعر خاصة أن الحلق الكلي يضايقني ويسبب لي حكة تكون محرجة لي أمام الناس.. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة في شعر الإبط النتف، وفي شعر العانة الحلق، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب. رواه البخاري ومسلم.
إلا أنه يجوز حلق الإبط، ونتف العانة،
وقد نقل الحافظ ابن حجر -رحمه الله- الجواز عن جمع من أهل العلم:
قال النووي: (وذكر الحلق لكونه الأغلب وإلا فيجوز الإزالة بالنورة والنتف وغيرهما..... إلى أن قال: يتأدى أصل السنة بالإزالة بكل مزيل، وسئل أحمد عن أخذ العانة بالمقراض؟ فقال: أرجو أن يجزئ، قيل: فالنتف؟ قال: وهل يقوى على هذا أحد؟، وعن يونس بن عبد الأعلى قال: دخلت على الشافعي ورجل يحلق إبطه، فقال: إني علمت أن السنة النتف، ولكن لا أقوى على الوجع) .
فتبين مما سبق أن من أمكنه فعل ما جاءت به السنة فهو أفضل، ومن لم يستطع أزالها بكل مزيل، ولا يضر ما بقي من أثر الشعر كما هو مفهوم ما نقل عن أحمد -رحمه الله- من الإجزاء بالمقراض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/770)
لا نهي عن نتف الإبط أو تقليم الأظافر زمن الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نتف الإبط وقص الأظافر في أثناء الحيض أم يجب تطهيرهم أولا؟
أفيدوني جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من نتف الإبط أو تقليم الأظافر في زمن الحيض، ولا نعلم في ذلك خلافاً بين أهل العلم، ولا أثراً ثابتاً يدل على النهي عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(11/771)
إزالة الأم شعر عانة ابنتها لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تزيل الشعر من عورة ابنتها بدون التمعن في النظر؟ وذلك لصغر سنها وعدم قدرتها على القيام بذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للأم أن تزيل الشعر من عورة ابنتها، لما في ذلك من الاطلاع والنظر إلى ما أمر الله بحفظه وكف البصر عنه، ففي الترمذي وأبي داود وابن ماجه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا نبي الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها، قلت: يا نبي الله إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه من الناس".
وقال الإمام النووي في (المجموع) : (ويحلق عانته بنفسه، ويحرم أن يوليها غيره إلا زوجته أو جاريته التي تستبيح النظر إلى عورته ومسها، فيجوز مع الكراهة) .
وعلى الأم أن ترشد ابنتها إلى كيفية إزالة الشعر النابت على العورة بدلاً من مباشرتها هي لذلك، وهناك من مزيلات الشعر ما يغني عن مباشرة الأم لذلك، وهذا كله ما لم تكن هنالك ضرورة ملجئة إلى ذلك، فإن كانت ثمة ضرورة ملجئة كأن تكون البنت معاقة جسدياً فلا بأس إذا طال شعر العانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(11/772)
هل قص الشارب أفضل أم حلقه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم حلق الشارب نهائيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في حكم حف الشارب بالكلية حتى تظهر البشرة من تحته، فللحنفية قولان أحدهما للمتأخرين والآخر للمتقدمين.
قال ابن عابدين في (رد المحتار) : واختلف في المسنون في الشارب هل هو القص أو الحلق المذهب عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص، قال في (البدائع) : وهو الصحيح، وقال الطحاوي: القص حسن، والحلق أحسن، وهو قول علمائنا الثلاثة. ا. هـ
وقال الزيلعي في (تبيين الحقائق) : قال فخر الإسلام البزدوي: واحتج أصحابنا - رحمهم الله - بحديث أبي هريرة رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى". والإحفاء: الاستئصال، والقص محتمل، فيُحمل على ما روينا لأنه مُحكم. ا. هـ.
وذهب المالكية إلى عدم جواز حلق الشارب بالكلية، قال الباجي في (شرح الموطأ) : (روى ابن الحكم عن مالك: ليس إحفاء الشارب حلقه، وأرى أن يؤدب من حلق شاربه، وروى أشهب عن مالك: حلقه من البدع) . ا. هـ
وقد عد ابن فرحون في (تبصرة الحكام) حالق الشارب فيمن تُرد شهادتهم.
وذهب الشافعية في المذهب إلى المنع من الحف، وأن السنة هي الأخذ منه حتى يبدو طرف الشفة، قال النووي في (المجموع) : ثم ضابط قص الشارب أن يقص حتى يبدو طرف الشفة، ولا يحفه من أصله، هذا مذهبنا، وقال أحمد رحمه الله: إن حفه فلا بأس، وإن قصه فلا بأس. ا. هـ
ودليل من قال بجواز الحف ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللِّحى، خالفوا المجوس".
وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انهكوا الشوارب، وأعفوا اللحى" فحملوا النهك والحف والجز على الاستئصال.
قال الزيلعي نقلاً عن البزدوي: والإحفاء: الاستئصال. ا. هـ
وأما دليل من ذهب إلى عدم جواز الاستئصال فهو تفسير الجز والحف والنهك بالقص بما زاد عن طرف الشفة.
وحكى العراقي عن القاضي عياض التخيير بين الأمرين، كما في طرح التثريب.
وبناءً على ما سبق، فقد تبين لنا أن الخلاف في المسألة قوي، ولذلك قال فيها بعض العلماء بالتخيير، وإن كنا نرجح أن التقصير أولى من الحف، لما في رواية النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الفطرة: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الظفر، وتقصير الشارب".
فقد صرحت هذه الرواية بالتقصير، فتحمل عليها الروايات الأخرى.
وأما طرفا الشارب وهما السبالان، فقد اختلف العلماء هل هما من الشارب أم من اللحية؟ فعند الشافعية والحنابلة هما من الشارب، وعليه فلهما حكمه، إلا أنه لا بأس عند الشافعية بترك السبالتين، لفعل عمر رضي الله عنهما، ولأنهما لا يستران الفم، ولا يبقى فيهما غمر الطعام، إذ لا يصل إليهما، نقله العراقي عن الغزالي في طرح التثريب.
ولكل من الحنفية والمالكية في السبالتين قولان: أحدهما: أنهما من الشارب، والآخر: أنهما من اللحية.
وعلى القول الثاني يكون لهما حكم اللحية، والراجح -والله أعلم- هو أنهما يأخذان حكم الشارب، لما روى أحمد في مسنده عن أبي إمامة رضي الله عنه في حديث طويل في مخالفة أهل الكتاب وفيه: فقلنا يا رسول الله، إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قصوا سبالكم، ووفروا عثانينكم، وخالفوا أهل الكتاب". وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط. والعثانين جمع عثون، وهي اللحية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(11/773)
حلق العانة بالموسى أحسن
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل هناك ضرر من حلق العانة بالشفرة بدل القص]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم ضرراً في حلق العانة بالشفرة، بل إن ذلك هو الأحسن، واستحباب حلق العانة متفق عليه، وإن اختلف في تحديد المراد منها. قال العراقي: وهو -يعني حلق العانة- مستحب إجماعاً، واختلف في العانة التي يستحب حلقها، فالمشهور الذي عليه الجمهور أنه ما حول ذكر الرجل وفرج المرأة من الشعر، وقيل إنه الشعر الذي حول حلقة الدبر. والراجح هو أن الجميع يندب حلقه.
قال النووي: (يحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القُبُل والدبر وحولهما، والأحسن في هذه السنة الحلق بالموسى لأنه أنظف ويحصل بالقص بالمقص، وكذلك يحصل أصل السنة بالنتف، واستعمال النورة ونحوها، إذ المقصود حصول النظافة.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(11/774)
معنى كلمة (العانة)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو شعر العانة؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل اللغة في معنى كلمة (العانة) قال ابن منظور: (وعانة الإنسان- إسبه- الشعر النابت على فرجه، وقيل هي منبت الشعر هناك. أي المكان الذي ينبت فيه الشعر. وإلى هذا القول الأخير ذهب أكثر أهل اللغة، قال أبو الهيثم: العانة منبت الشعر فوق القبل من المرأة، وفوق الذكر من الرجل، والشعر النابت عليها يقال له الشعرة، والإسب. قال الأزهري، وهذا هو الصواب.)
وعلى كلا القولين، فإن شعر العانة يستحب حلقه، سواء فسرت العانة بالمحل الذي ينبت عليه الشعر، أو فسرت بالشعر نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1422(11/775)
حكم حلق الشعر المحيط بالدبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن حلق أو نتف الشعر المحيط بدبر الرجل أو المرأة وذلك لأن وجود الشعر يمكن أن يعيق الطهارة في عملية الإستنجاء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشعر الإنسان ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما نص الشارع على تحريم أخذه.
الثاني: ما نص الشارع على طلب أخذه.
الثالث: ما سكت الشارع عنه.
فما نص الشارع على تحريم أخذه، لا يجوز قص أو إزالة شيء منه، كاللحية للرجل، والحاجب للمرأة والرجل على السواء، لأدلة كثيرة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "حفوا الشوارب، وأعفوا اللحى" رواه البخاري ومسلم، وقوله: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس" رواه مسلم.
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النامصات بقوله: "لعن الله النامصات والمتنمصات المغيرات خلق الله" رواه مسلم.
والنامصة: هي التي تأخذ من شعر حاجبها.
وما نص الشارع على طلب أخذه فيزال، أو يؤخذ منه بقدر ما ورد الشارع به، مثل: الإبط، والعانة للجنسين، والشارب للرجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشرة من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء. قال مصعب: ونسيت العاشرة: إلا أن تكون المضمضة. وقال وكيع: انتقاص الماء يعني: الاستنجاء" رواه مسلم.
ومعنى البراجم أي: عقد الأصابع ومفاصلها كلها.
قال النووي: (قال العلماء: ويلحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن، وهو الصماخ، فيزيله بالمسح، لأنه ربما أضرت كثرته بالسمع، وكذلك ما يجتمع في داخل الأنف) .
وقال: (والمراد بالعانة: الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر، فيحصل من مجموع هذا: استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، وأما وقت حلقه فالمختار أنه يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر.
وأما حديث أنس المذكور في الكتاب (أي صحيح مسلم) : (وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة فمعناه: لا يترك تركاً يتجاوز به أربعين، لا أنهم وقت لهم الترك أربعين) . انظر صحيح مسلم بشرح النووي (2/151) .
وأما القسم الثالث: فهو ما سكت عنه الشارع، وهو معفو عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: "وما سكت عنه فهو عفو" رواه البزار والطبراني وحسنه الهيثمي.
فهذا القسم يرجع إلى اختيار العبد مثل: الشعر الذي ينبت على الأنف، أو على الجبهة، فإن شاء أزاله، وإن شاء أبقاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1422(11/776)
حكم حلق الزوجة عانة زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تحلق الزوجة عانة زوجها ... إلى آخر ذلك والعكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فروى أحمد وأبو داود والترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك".
ولكل من الزوجين أن يستمتع بفرج صاحبه باللمس والغشيان، وكذلك النظر.
وعليه فلا مانع - شرعاً- من قيام أحد الزوجين بحلق عانة الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1422(11/777)
ترك شيء من العانة مخالف للسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في ترك قليل من شعر العانة للرجل والمراٌة مع تهذيبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة في شعر العانة أن يحلق وينبغي ألا يترك الشعر أكثر من أربعين يوماً. لقوله صلى الله عليه وسلم: "الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وتقليم الأظافر ونتف الإبط وقص الشارب". متفق عليه.
والاستحداد هو حلق شعر العانة. وعن أنس رضي الله عنه قال: " وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة" رواه مسلم. والذي وقت لهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويستوي في ذلك الرجل والمرأة سواء كانا متزوجين أم لا.
وأما ترك القليل من الشعر فإن هذا ليس من الفطرة ولا من عادة المسلمين فإن الفطرة كما ذكر في الحديث حلقها دون ترك بعض الشعر أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1422(11/778)
إزالة شعر كل من الإبط والعانة أمر مطلوب ونظر الماشطة للعورة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على ما تبذلونه من جهد وأسأل الله أن يجعله فى ميزان حسناتكم. أما بعد فقد جرت العادة في بلدي أن لا تقوم الفتاة بإزالة شعر الإبط والعانة طالما لم تتزوج ولا تقوم بإزالته إلا قبل الدخول على زوجها مباشرة مما يعني أنها قد تظل خمس أو عشر سنوات بدون إزالة ذلك الشعر. فهل هذا يعد مخالفاً لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام في إزالة شعر الإبط والعانة أم أن هذا الأمر خاص بالرجال فقط؟. وأمر آخر في نفس الموضوع وهو أن الفتاة قبل الدخول على زوجها تأتيها ما يسمونها بالماشطة ووظيفتها إزالة شعر الإبط والعانة من الفتاة والقيام ببعض أعمال النظافة الأخرى، فهي بهذا العمل ترى جميع جسدها بما في ذلك عورتها المغلظة فهل يجوز ذلك؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن هذه العادة مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفطرة خمس أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب". والاستحداد هو حلق العانة. فمن ترك شيئا من هذه الخصال مدة يخرج فيها عما هو معتاد كان مخالفاً للسنة. ولا شك أن من تفعل ذلك فقد خالفت السنة بتركها إزالة شعر الإبط والعانة هذه السنوات العديدة. ولا ينبغي أن تترك هذه الخصال أكثر من أربعين ليلة لما في صحيح مسلم أن أنساً قال: "وُقِّتَ لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة". والموقت لذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في رواية النسائي "وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم……" وأما نظر الماشطة أو غيرها إلى ما لا يحل لها النظر إليه من الفتاة فهو محرم بلا شك في هذا الوقت وفي غيره فقد اجمع أهل العلم على أن موضع العانة لا يجوز النظر إليه من غير الزوج إلا عند الضرورة أو الحاجة التي في معناها كالعلاج مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/779)
ترك العانة دون حلاقة منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم ترك شعر العانة دون حلاقة؟ والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة.
فيكره ترك ما أمر بإزالته أكثر من أربعين ليلة. حيث إن الذي وقت لهم هذا التوقيت هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ترك الشخص الإزالة بالكلية فيكون الأمر أشد كراهية ومخالفة للفطرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب" متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/780)
تقليم الأظافر سنة لا تختص بيوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم هل قص الأظافر يوم الجمعة سنة؟ وهل هناك حديث يثبت ذلك؟ الرجاء الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن قص الأظفار سنة من سنن الفطرة وقد وردت الأحاديث في ذلك منها: ما رواه مسلم والإمام أحمد والنسائي والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء يعني الاستنجاء" ونسي الراوي العاشر، فقال بعضهم: المضمضة، وقال بعضهم: الختان. وهذا لا يختص بالجمعة بل في أي يوم من أيام الأسبوع إلاّ أن الجمعة مناسبة لذلك لأنه يوم اجتماع المسلمين، فيكون أفضل لأن الجمعة مقصودة بهذا المعنى. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/781)
حكم حلق شعر الصدر والفخذ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إزالة الشعر من الجسم (الصدر-الظهر-الفخذ-حول الأعضاء التناسلية) ... وهل يوجد حديث عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الشعر الذي في بدن الإنسان ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما نص الشارع على تحريم أخذه وذلك كاللحية من الرجل وكذلك حرم الشارع النمص وهو أخذ شعر الحاجب وهذا عام للرجال وللنساء. ودليل الأول ما ثبت في الأحاديث الصحيحة الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها الأمر بإعفاء اللحى ومنها عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى، وفي رواية وأفوا اللحى. " رواه مسلم. ودليل الثاني: ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمستوشمات والمتنصمات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فقالت له امرأة في ذلك فقال: مالي لا ألعن من لعنه رسول الله وفي كتاب الله قال الله تعالى: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر: 7] . والشاهد من الحديث قوله: المتنمصة حيث شرح أهل العلم هذه اللفظة بأن النمص هو الأخذ من شعر الحاجب حتى يصبح رقيقا. القسم الثاني: ما نص الشارع على طلب أخذه وذلك كشعر الإبط والعانة وقص الشارب ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خمس من الفطرة الاستحداد -حلق العانة- الختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار " القسم الثالث: المسكوت عنه كشعر الصدر والظهر والفخذ والساق فهذا معفو عنه لم يأت نص بالأمر بإبقائه أو إزالته، فهو راجع إلى اختيار الشخص إن شاء أبقاه أو إن شاء أزاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(11/782)
السنة نتف الإبط وحلق العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلفت أنا وأصدقائي على حلق الإبط والعانه فمنهم من قال لاتوجد أى أهمية للحلاقة. ومنهم من قال التخفيف أفضل (التخفيف بالمقص) فقلت النتف للإبط \"الإزالة عن طريق جر الشعر من الإبط \" والحلق للعانة فما حكم الشرع في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فقد سن النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمسلم حلق عانته ونتف إبطيه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب، وتقليم الأظفار ونتف الآباط ". [رواه الجماعة] . والمراد بالفطرة هنا أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله عليها عباده، وحثهم عليها واستحبها لهم، ليكونوا على أكمل الصفات، وأشرفها صورة، وقال البيضاوي في الفطرة: هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي ينطوون عليها. والمسنون في إزالة هذا الشعر هو النتف للإبط والحلق للعانة، وبأي شيء أزاله صح. حيث إن الغرض هو إزالة هذا الشعر فمن لم يقو على نتف الإبط جاز له الحلق بالموسى أو غيره، ويجوز إزالة شعر العانة بالنورة والموسى وغير ذلك. والسنة أن يفعل ذلك كل أسبوع وأن يكون يوم الجمعة حيث إنه يوم اجتماع للمسلمين: ولا ينبغي أن يؤخر عن أربعين يوماً. فقد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: وُقّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة ". [رواه مسلم] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1422(11/783)
برد الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز برد الأظافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن كان المقصود من برد الأظافر هو تقليمها بحيث لا تكون طويلة مما يسبب اجتماع الأوساخ تحتها فهذا الذي جاءت به السنة كما في الحديث المتفق عليه: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "خمس من الفطرة الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط" وإن كان المقصود من برد الأظافر إبقاءها طويلة ولكن تحدد وتبقى كبيرة للزينة فهذا خلاف السنة.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1422(11/784)
حكم من يصلي بغير وضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي بلا وضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تعمد الصلاة بغير وضوء مع وجود الماء والقدرة على استعماله فقد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر ـ نسأل الله العافية ـ بل ذهب بعض أهل العلم ـ وهم الحنفية ـ إلى تكفير من تعمد هذا الفعل، لدلالة هذا الفعل على استهزائه واستخفافه بالشرع، قال النووي في شرح المهذب: إن كان عالما بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصيةً عظيمةً، ولا يكفر عندنا بذلك، إلا أن يستحله. وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه. دليلنا: أنه معصية فأشبهت الزنا وأشباهه. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: فالمسلم لا يصلي إلى غير القبلة أو بغير وضوء أو ركوع أو سجود، ومن فعل ذلك كان مستحقا للذم والعقاب. انتهى.
ودلت بعض نصوص السنة الشريفة على الوعيد الشديد الذي يستحقه من أقدم على هذا الفعل المذموم، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرَب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدةً واحدةً، فجُلد جلدةً واحدةً، فامتلأ قبره عليه نارًا، فلما ارتفع عنه أفاق قال: علام جلدتموني؟ فقيل له: إنك صليت صلاةً واحدةً بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره. حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأما من عدم الماء أو عجز عن استعماله فإنه يؤمر ببديل الوضوء وهو التيمم، لقوله تعالى: وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ {المائدة:6} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1430(11/785)
هل هناك فرق بين الوضوء للنوم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الكلام صحيح: لا يخفى عليكم إخواني كيفية وضوء الصلاة، وكما تعلمون فإن هذا الوضوء هو طهارة لنا لكي نقف ونجهز للصلاة طاهرين إن شاء الله، ولكن السؤال هنا: ما هو وضوء النوم؟ وكيف يكون؟ وضوء النوم يتم بنفس كيفية وضوء الصلاة، أي بأن تغسل يديك ثلاثا ثم تمضمض فمك ثلاثا، ثم أنفك ثلاثا، ثم وجهك ثلاثا ... ثم يديك حتى المرفقين ثلاثا ... ثم رأسك ... ثم أذنيك ... ثم رجليك ثلاثا. نلاحظ أنه لا يوجد فرق بينه وبين الوضوء لأي صلاة، في الواقع يوجد فرق لكنه ليس في كيفية الوضوء وإنما في مبطلات هذا الوضوء، فنحن نعلم أن الريح والتبول (حاشا المستمعين والقارئين) من مبطلات وضوء الصلاة, ولكن بالنسبة لوضوء النوم الريح والبول ليسا من مبطلاته، وإنما ما يبطل وضوء النوم هو الجماع, فبالجماع يبطل وضوء النوم, كما يبطل الريح والبول وضوء الصلاة. وجدت هذا الكلام في موقع فهل صحيح أن خروج الريح أثناء النوم أقصد أنني نائم لكن لم أدخل في النوم فهل صحيح أنه لا يبطل وضوء النوم فأنا أحب أن أنام بوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوء للنوم مشروع كما دلت على ذلك السنة الصحيحة، وصفته هي صفة وضوء الصلاة ونواقضه كذلك هي نواقض وضوء الصلاة، ولا نعلم أحداً من أهل العلم فرق بين الوضوء للنوم وغيره بهذا التفريق الذي ذكرته، وإنما قال بعض العلماء إن الوضوء للنوم لا ينتقض إذا أخذ الإنسان مضجعه، بمعنى أنه لا يلزمه تجديده في هذه الحال ليكون آتياً بالسنة، لا بمعنى أنه يصلي به، وهذا القول مرجوح وهو خلاف المعتمد، بل المعتمد أنه إن انتقض وضوؤه قبل أن ينام فعليه أن يعيده إن أراد تحصيل السنة، سواء انتقض قبل الاضطجاع أو بعده كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 66320.
ولعل الجواب الذي قرأته يقصد صاحبه وضوء الجنب للنوم فإنه لا يبطل إلا بجماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(11/786)
التسمية في الوضوء سنة عند الجمهور
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ما صحة هذا الحديث؟ وهل يكون الوضوء غير صحيح إذا نسيت ذكر الله؟ فأنا حيانا أنسى وأتذكر في منتصف الوضوء وأعيد الوضوء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المسؤول عنه وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، فمختلف في صحته بين أهل العلم، وقد رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وضعفه جمهور الائمة، ونقل الحافظ عن أحمد في بلوغ المرام أنه قال: لا يثبت فيه شيء ونقل في التلخيص عن العقيلي أنه قال: الأسانيد في هذا الباب فيها لين.
وصحح الحديث بعض البعلماء المتأخرين بمجموع الطرق، وممّن صححه الألباني رحمه الله.
وأما حكم المسألة، فقد ذهب الجمهور إلى أن التسمية في الوضوء سنة وليست بواجبة، فمن تركها سهوا أو عمدا صح وضوؤه لضعف الحديث وعلى فرض صحته فإنه محمول على نفي الوضوء الكامل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمر الله، والله لم يأمر في الآية بالتسمية، ولم يذكر أحد ممّن ذكر صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم التسمية، فلو كانت واجبة لما أغفلوا ذكرها، وذهب الحنابلة إلى وجوب التسمية في الوضوء لكن المعتمد في المذهب أنها تسقط بالسهو، جاء في الدليل ممزوجا بشرحه منار السبيل: تجب فيه التسمية لحديث أبي هريرة مرفوعا لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وتسقط سهوا، نص عليه لحديث: عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه انتهى.
ولعل قول الجمهور هو الراجح ـ إن شاء الله ـ لقوة دليله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(11/787)
حكم ترك التسمية في أول الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء الغسل يكون هناك وضوء، فهل أبسمل للوضوء داخل الحمام أم ماذا أفعل؟
وقد سمعت حديثا بأن الوضوء من غير بسملة لا يصح، فهل هذا حديث صحيح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسمية عند ابتداء الوضوء مستحبة، ولا حرج في تركها كما ذهب إليه جمهورأهل العلم، وسبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 13215، ولذلك إذا كان المسلم في داخل الحمام، وخاصة إذا كان فيه ما يستقذر فإن عليه أن يتجنب ذكر الله تعالى، أما إذا كان الحمام نظيفا وليس معدا لقضاء الحاجة، فله أن يسمي في بداية وضوئه أو أثناءه إذا ذكره.
وبخصوص الحديث المشار إليه، فإنه رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني ولفظه: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.
وهو محمول على الكمال، ولذلك ذهب جمهور أهل العلم إلى أن من ترك التسمية عمدا أو نسيانا لا يبطل وضوؤه، كما سبق بيانه في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(11/788)
هل يلزم الوضوء بمجرد الإحساس بالرغبة في قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الوضوء عند الإحساس بالرغبة في قضاء الحاجة وأرغب في حديث نبوي شريف أو آية قرآنية لتقوية حجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوءُ لا يجبُ إلا إذا أراد العبدُ الصلاة، أو الطواف، أو مس المصحف وهو محدث،ولا ينتقضُ الوضوءُ بعد ثبوت صحته إلا بشيءٍ من النواقض المعروفة، وانظر لمعرفة المتفق عليه والمختلف فيه منها في الفتوى رقم: 1795.
وليس مجرد الإحساس بالرغبة في قضاء الحاجة مما يوجب الوضوء، لكن من دافعه الأخبثان البول أو الغائط، فالمستحبُ له أن يبادر بقضاء حاجته، ثم يتوضأ ويصلي لئلا يُقبل على الصلاة وهو مشوش الفكر، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان.رواه مسلم.
وهذا ما لم يخش خروج الوقت، فإن خشي خروج الوقت صلى على حسب حاله، مراعاة للوقت، قال النووي في شرح مسلم:
" في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع وكراهتها مع مدافعة الأخبثين وهما البول والغائط ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها وحكى أبو سعد المتولي من أصحابنا وجها لبعض أصحابنا أنه لا يصلي بحاله بل يأكل ويتوضأ وإن خرج الوقت لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور لكن يستحب إعادتها ولا يجب ونقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنها باطلة " انتهى.
قال الخرقي في مختصره:
" وإذا حضرت الصلاة وهو يحتاج إلى الخلاء بدأ بالخلاء "انتهى
قال ابن قدامة:
" يعني إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته سواء خاف فوت الجماعة أو لم يخف لما ذكرنا من حديث عائشة وروى ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [لا يحل لامرئ أن ينظر في جوف بيت امريء حتى يستأذن ولا يقوم إلى الصلاة وهو حاقن] قال الترمذي هذا حديث حسن والمعنى في ذلك أن يقوم إلى الصلاة وبه ما يشغله عن خشوعها وحضور قلبه فيها فإن خالف وفعل صحت صلاته في هذه المسألة وفي التي قبلها" انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالمملكة السعودية:
" لا يجوز للمصلي أن يدخل في الصلاة وهو يدافع الغائط أو البول لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) أخرجه مسلم في صحيحه، والحكمة في ذلك والله أعلم أن ذلك يمنع الخشوع في الصلاة، لكن لو صلى وهو كذلك فإن صلاته صحيحة لكنها ناقصة غير كاملة للحديث المذكور ولا إعادة عليه. وأما إذا دخلت في الصلاة وأنت غير مدافع للأخبثين وإنما حصلت المدافعة أثناء الصلاة فإن الصلاة صحيحة ولا كراهة إذا لم تمنعك هذه المدافعة من إتمام الصلاة." انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(11/789)
هل ينتقض الوضوء بمجرد الشعور بخروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الإنسان إذا أكل خرج من دبره هواء نتيجة الهضم، والسؤال هو: في بعض الأحيان عندما أكون قد أكلت وكانت عملية الهضم قويّة فإن الهواء الخارج يكون كثيرا لدرجة أنه بعد الوضوء يخرج شيء من الدبر على هيئة فقاعات يكون الشعور بها خفيفاً. فما حكم هذه الفقاعات الهوائيّة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينت السنة الحدث الناقض للوضوء أتم بيان، فعن أبي هريرة أن النبي صلى اله عليه وسلم قال: لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ. قال رجل من حضرموت ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط.متفق عليه.
فدل على أن خروج الريح من نواقض الطهارة، وشرط ذلك أن يتيقن خروج الريح لا أن يكون ذلك مجرد شكٍ أو وسوسة، فمن تيقن خروج الحدث منه ولو كان شيئاً يسيراً من الريح مثل ما عبرت عنه بالفقاعات فقد انتقضت طهارته، وإذا شك أو أشكل عليه فلم يدرِ أخرج منه شيءٌ أم لا، فالأصل صحة طهارته وعدم انتقاضها.
فقد شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يُخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.متفق عليه.
قال النووي في شرح الحديث: معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم باجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الاسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي: أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(11/790)
وجود المادة التي يزين بها المصاحف على العضو هل تؤثر على الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[عمت بلوى المادة اللامعة ذهبية اللون التي يزين بها المصاحف وكتب العلم، والكثير من الملابس والأشياء النسائية، وهي عبارة عن ذرات صغيرة لا ترى إلا بمشقة. فهل تعد هذه مانعا يحجب ماء الوضوء والطهارة، علما بأنها صعبه الإزالة جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في كل حائل يحول بين وصول الماء إلى البشرة أنه تجب إزالته ولا يصح الوضوء بوجوده ولا الصلاة بذلك الوضوء، فإذا كانت المادة المشار إليها لها جرم يمكن أن يحول دون وصول الماء للبشرة فإنه يجب حينئذ إزالتها قبل الغسل والوضوء ولا يصح الوضوء مع وجودها.
وإذا لم يكن لها جرم ولا ترى لصغرها، فإنها لا تعتبر حائلا يمنع وصول الماء فيما نرى، وتأخذ حكم الغبار ونحوه مما دق وصغر كالوسخ اليسير، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 67824، 9685، 64737.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(11/791)
هل تصح الصلاة إذا توضأ للنوم ثم أراد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله خيرا على هذا المجهود العظيم، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل في ميزان كل من ساهم في هذا العمل. وعندي سؤال وأرجو أن لا تحيلوني على فتاوى أخرى، وجزاكم الله خيرا.
سؤالي هو إذا توضأت للمس المصحف أو لقراءة القرءان، فهل يجوز الصلاة بذلك الوضوء؟ وكذلك إذا توضأت الوضوء المسنون للنوم، ثم أردت أن أصلى فهل لابد أن أتوضأ مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا توضأت لمس المصحف جاز لك أن تصلى بذلك الوضوء، لأن مس المصحف تجب له الطهارة، ومن توضأ لواجب جاز له أن يستبيح بذلك الوضوء غير ما توضأ له مما تجب له الطهارة. وأما إذا توضأت لما تسن له الطهارة كقراءة القرآن ـ من غير مس للمصحف ـ أو توضأت لأجل النوم أو غير ذلك من الوضوء المسنون، فقد اختلف الفقهاء في جواز الصلاة بذلك الوضوء، فذهب المالكية والشافعية ووجه عند الحنابلة إلى عدم صحة الصلاة بذلك الوضوء؛ لأن الحدث لم يرتفع كما فصلناه في الفتوى رقم: 94590، وذهب الحنابلة في المذهب عندهم إلى جواز الصلاة بذلك الوضوء؛ لأن الحدث ارتفع في قولهم، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: إذا نوى ما تسن له الطهارة كالجلوس في المسجد ونحوه فهل يرتفع حدثه ... إحداهما: يرتفع وهو المذهب اختاره أبو حفص العكبري وابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والمصنف في المغنى والشارح....انتهى.
ولا شك أن الأحوط والأبرا للذمة هو الأخذ بالقول الأول، فإذا توضأت للنوم وأردت بعد ذلك أن تصلى فتوضأ ثانية بنية رفع الحدث أو الصلاة أو لما لا يباح إلا بالوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(11/792)
حكم غسل أعضاء الوضوء مرة ومرتين وثلاثا
[السُّؤَالُ]
ـ[في الوضوء الواحد هل يجوز أن أتمضمض مرتين واستنشق واستنثر ثلاث مرات، وأن أغسل الوجه مرة واحدة، وأن أغسل اليدين مرتين وهكذا حتى أكمل الوضوء. أي أنني لا أتقيد بنفس العدد في الوضوء الواحد لكافة الأعضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه من الوضوء في بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثا جائزٌ لا حرج فيه، فعن عبد الله بن زيد: أنه دعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثلاثا، ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاث غرفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين. متفق عليه.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم:
وَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِب فِي غَسْلِ الأَعْضَاء مَرَّة مَرَّة، وَعَلَى أَنَّ الثَّلاث سُنَّة، وَقَدْ جَاءَتْ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِالْغَسْلِ مَرَّة مَرَّة، وَثَلاثًا ثَلاثًا، وَبَعْض الأَعْضَاء ثَلاثًا وَبَعْضهَا مَرَّتَيْنِ وَبَعْضهَا مَرَّة. قَالَ الْعُلَمَاء: فَاخْتِلافهَا دَلِيل عَلَى جَوَاز ذَلِكَ كُلّه، وَأَنَّ الثَّلاث هِيَ الْكَمَال وَالْوَاحِدَة تُجْزِئُ، فَعَلَى هَذَا يُحْمَل اِخْتِلاف الأَحَادِيث. انتهى.
وقال الشوكاني رحمه الله:
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وبعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين، والاختلاف دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/793)
مسائل حول صفة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الوضوء بعد غسل الوجه، هل يجب علي تخليل اليدين عند غسلهما إلى المرفقين. الأمر الآخر إذا انتهيت من الوضوء وأردت أن أغسل رأسي أو يدي ولكن ليس بنية إضافة بدعة إلى الوضوء بل بعد الوضوء مباشرة، فهل يجوز ذلك أم علي الانتظار؟
وأخيرا غسل الرأس، هل يجوز عندما أبدأ من مقدمة الرأس أغسله كاملا ثم أرجع بنفس الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك متضمن لثلاث نقاط، ونحن نجيبُ عنها تباعاً.
أولاً: تخليل أصابع اليدين سنةٌ عند الجمهور، ودليل استحبابه وعدم وجوبه أن الله لم يأ مر به في آية المائدة، وأوجب بعض العلماء تخليل أصابع اليدين.
جاء في الموسوعة الفقهية:
ذهب الفقهاء إلى أن تخليل أصابع اليدين والرجلين في الوضوء مطلوب، وجمهور الفقهاء على أنه مسنون في اليدين والرجلين، والمالكية يرون أنه واجب في اليدين، واختلفوا في وجوبه في الرجلين. فقال جماعة منهم بالوجوب، وقال الآخرون بأنه مسنون في الرجلين، والذين فرقوا يرون أن التخليل في أصابع الرجلين فيه نوع من العسر. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني:
وتخليل ما بين الأصابع: تخليل أصابع اليدين والرجلين في الوضوء مسنون، وهو في الرجلين آكد لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: أسبغ الوضوء وخلل الأصابع. وهو حديث صحيح. انتهى.
هذا إذا كان الماء يصل إلى ما بين الأصابع بغير تخليل، أما إذا لم يصل الماء إلا بالتخليل فالتخليل واجب.
ثانياً: لا حرجَ في أن تغسل رأسك أو غيره من أعضاء الوضوء بعد الفراغ من الوضوء، إذا لم يكن مقصودك من ذلك الزيادة في الوضوء، وكنت تقصد بذلك أمراً مباحاً كالتنظف والتبرد ونحو ذلك، ولا يلزمك الانتظار مُدة، فإن الأصل في الأشياء الإباحة.
ثالثاً: الفقرة الثالثة من السؤال غير واضحة تماما، لكن نقول: المشروعُ في الوضوء هو مسح الرأس لا غسله، لقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ. {المائدة:6} . والمسحُ يكونُ بإمرارُ اليد مبللة بالماء على العضو الممسوح، وأما الغسل فيكون بصب الماء على العضو المغسول، ولكن لو غسل الرأس بدل مسحه أجزأه ذلك.
والصفة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية مسح الرأس إذا لم تكن عليه عمامة هي ما ورد في الصحيحين وغيرهما، من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.. ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ. متفق عليه.
وهذه كيفية مستحبة، فإن لم يفعلها فوضوؤه صحيح إذا كان قد استوعب الرأس بالمسح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(11/794)
حكم الطهارة مع وجود القشر على الجروح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القشرة التي تتكون على الجروح عند التئامها في الوضوء والغسل، علما بأن جسدي تكثر به الجروح والقشور وفى إزالتها مشقة وضرر، فالماء يصلها ولكن لا أستطيع نزعها.هل هي من أصل الجسم أم أنها جسم غريب يمنع الوضوء والغسل؟ وادعوا لي بالشفاء من الوسواس القهري. ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لكِ العافية من الوسواس، وعليكِ أن تأخذي بأسباب التعافي من هذا المرض، من الإعراض عنه جُملة وعدم الالتفات إليه، وانظري الفتوى رقم: 51601 وعليك بمراجعة طبيبة ثقة امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي.
وأما عن سؤالك، فلا نعلم أحداً من أهل العلم يوجبُ إزالة القشور التي تتكون على الجروح، بل هذه القشور حكمها حكم ظاهر البدن بلا شك، وانظري الفتوى رقم 69468.
واعلمي أن هذه الشريعة شريعة سمحة، أتت بالتخفيف على العباد، ورفع الحرج عنهم، ومن مظاهر يسرها ما كان من التخفيف في أمر الطهارة في حق من به جروح، فإن الواجبُ عليه غسل موضع الجرح، إلا إن تضرر بغسله فيكفيه المسح، فإن تضرر بمسحه، مسح على ما يستره من جبيرة ونحوها، فإن تعذر ذلك كله تيمم عنه رحمة من الله عز وجل بعباده وتيسيراً عليهم، قال الشيخ العثيمين:
إذا كان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء، فإن كان الغسل بالماء يؤثر عليه مسحه مسحاً، فيبل يده بالماء ويمرها عليه، فإن كان المسح يؤثر عليه أيضاً فإنه يتيمم عنه. انتهى.
وقال أيضاً:
قال العلماء رحمهم الله تعالى: إن الجرح ونحوه إما أن يكون مكشوفاً أو مستوراً. فإن كان مكشوفاً فالواجب غسله بالماء, فإن تعذر غسله بالماء فالمسح للجرح, فإن تعذر المسح فالتيمم, وهذا على الترتيب.
وإن كان مستوراً بما يسوغ ستره به, فليس فيه إلا المسح فقط، فإن ضره المسح مع كونه مستوراً فيعدل إلى التيمم, كما لو كان مكشوفا, هذا ما ذكره الفقهاء رحمهم الله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/795)
المضمضة والاستنشاق للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدد مرات المضمضة والاستنشاق في الوضوء في أيام الصيام؟ أنا أخاف جدا أن يفسد صومي، هل من حقي أن أتمضمض وأستنشق مرة واحدة فقط بدل ثلاث مرات في الوضوء؟ فأنا في حيرة شديدة من أمري؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصائمُ كغيره في حكم المضمضة والاستنشاق، فيُستحب له أن يمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا، ولكنه ينهى عن المبالغة في الاستنشاق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما. قال النووي هو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة.
قال ابن قدامة في المغني مبينا معنى المبالغة في الاستنشاق التي نهي عنها الصائم:
معنى المبالغة في الاستنشاق: اجتذاب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف، ولا يجعله سعوطا، وذلك سنة مستحبة في الوضوء، إلا أن يكون صائما فلا يستحب، لا نعلم في ذلك خلافا. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
أما المضمضة والاستنشاق فمشروعان للصائم باتفاق العلماء، وكان النبي والصحابة يتمضمضون ويستنشقون مع الصوم، لكن قال للقيط بن صبرة: وبالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائما. فنهاه عن المبالغة لا عن الاستنشاق. انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز:
فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً. أمر بإسباغ الوضوء ثم قال: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً. فدل ذلك على أن الصائم يتمضمض ويستنشق لكن لا يبالغ مبالغة يخشى منها نزول الماء إلى جوفه. انتهى.
وبه تعلم أن المشروع لك إذا كنت صائما أن تمضمض ثلاثا وتستنشق ثلاثا، ولكن لا تبالغ في الاستنشاق لما تقدم، ولو اقتصرت على مرة كنت تاركا للسنة، وحصل بذلك أصل امتثال الأمر بالمضمضة والاستنشاق، وأجزأك في صحة الوضوء عند من يقول بوجوب المضمضة والاستنشاق كما هو المعتمد في مذهب الحنابلة، ومذهب الجمهور الاستحباب.
ونصيحتنا لك أن تعرض عن الوسواس، وأن تُقبل على عبادتك، فتأتيها على وجهها فاعلا ما أمرت به، ومن جملته المضمضة والاستنشاق إذا كنت صائما، تاركا ما نهيت عنه، ومن ذلك المبالغة في الاستنشاق حال الصيام، واعلم أن أصل المضمضة والاستنشاق دون مبالغة، لا يترتب عليه محظور، ولا يُخشى منه وصول الماء إلى الجوف.وننصحك بالمبادرة إلى تعلم أحكام دينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/796)
حكم التفريق في غسل أعضاء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع فواصل بين الوضوء مثل رد على هاتف، أو فتح باب البيت لشخص ما، أو أي فاصل، ومن ثم إكمال الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف أما عن أثر الفصل بين أعضاء الوضوء في صحته، فإن كان الفصلُ الذي ذكرته من فتح الباب، والرد على الهاتف لا يستغرق وقتاً كثيراً، بل هو فصل يسير فإنه لا يضر، وإن كان كثيرا في العرف والعادة فقد وقع الخلاف بين العلماء في صحة الوضوء عند عدم الموالاة، ولذا فالأحوط استئناف الوضوء، أي إعادته من جديد.
فالتفريقُ بين أعضاء الوضوء في الغسل على حالين.
أولاً: أن يكون تفريقاً يسيراً، فهذا لا يضرُ بلا خلاف، قال النووي في المجموع:
فَالتَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَا يَضُرُّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، نَقَلَ الإجماع فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا. انتهى.
ثانياً: أن يكون تفريقاً كثيراً، ففيه خلاف ينبني على مسألة وجوب الموالاة في الوضوء، وقد اختلف أهل العلم فيها على أقوال ثلاثة:
الأول: أنها واجبةٌ مُطلقاً، وهو قول الحنابلة.
والثاني: أنها واجبٌ يسقطُ بالعذر، وهو مذهبُ مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ولعله أرجح الأقوال وبه يحصل الجمع بين الأدلة.
والثالث: أنها سنة، وهو جديدُ قولي الشافعي، ومذهب أبي حنيفة.
قال النووي في المجموع:
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُوسٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ دَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَضُرُّ التَّفْرِيقُ وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ. حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ، وَرَبِيعَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَأَحْمَدَ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ: إنْ فَرَّقَ بِعُذْرٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْمُوَالَاةَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَك، فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ عُمَرَ أَيْضًا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ: أَعِدْ وُضُوءَكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: اغْسِلْ مَا تَرَكْتَ.
وَاحْتَجَّ لِمَنْ لم يُوجِبُ الْمُوَالَاةَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَلَمْ يُوجِبْ مُوَالَاةً، وَبِالْأَثَرِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ دُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ وَصَلَّى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَشْهُورٌ بِهَذَا اللَّفْظِ. انتهى.
ثم اختلف الموجبون للموالاة في الضابط الذي يحصل به التفريق، وتفوتُ به الموالاة، فقيل مرد ذلك إلى العرف، والعادة وهو الذي رجحه العلامة العثيمين رحمه الله، وقيل بل ضابطه ألا يجف العضو في الزمن المعتدل، قال ابن قدامة في المغني:
والموالاة الواجبة أن لا يترك غسل عضو حتى يمضي زمن يجف فيه العضو الذي قبله في الزمان المعتدل، لأنه قد يسرع جفاف العضو في بعض الزمان دون بعض، ولأنه يعتبر ذلك فيما بين طرفي الطهارة.
وقال ابن عقيل في رواية أخرى، إن حد التفريق المبطل ما يفحش في العادة، لأنه لم يحد في الشرع، فيرجع فيه إلى العادة، كالإحراز والتفرق في البيع. انتهى.
وإذا علم أثر ترك الموالاة في الوضوء على صحته علم حكم ذلك التفريق، وأنه لا حرج فيه إلا إذا كان كثيرا بحيث لا يصح معه الوضوء، وكان الوقت قد ضاق أو استلزم تفويت الجماعة، وهذا على قول من قال باشتراط الموالاة في الوضوء كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/797)
حكم الوضوء بماء غريب وماء اللقاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوضوء من الماء المسمى بماء غريب ماء اللقاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فماءُ غريب وكذا ماءُ اللقاح، وهو المعتصرُ من النخل مما لا يجوزُ التطهر به عند الجماهير، لأنه لا يصدق عليهما اسم الماء المطلق، وقد نص العلماء على عدم جواز التطهر بالماء المعتصر، ونقل بعضهم الإجماع على ذلك.
قال ابن المنذر في الإجماع: أجمعوا على أن الوضوء لا يجوز بماء الورد وماء الشجر وماء العصفر، ولا تجوز الطهارة إلا بماء مطلق يقع عليه اسم الماء. انتهى.
وفي المسألة خلافٌ ذكره بعضُ العلماء، وإن كان الجماهيرُ على المنع، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُعْتَصَرًا مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ، أَوْ وَرَقٍ استعماله في الطهارة؟ ، كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْبُقُولِ الْفَوَاكِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي حَدَثٍ، وَلَا نَجَسٍ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْأَصَمِّ، أَنَّهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي إِزَالَةِ النَّجَسِ دُونَ الْحَدَثِ، فَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَصَمُّ فَاسْتَدَلَّا بِأَنَّهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا كَالْمَاءِ. انتهى.
وممن ذهبَ إلى جواز التطهر بالماء المعتصر، ومنه الماء المسؤول عنه شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، جاء في الاختيارات العلمية: تجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء وبمعتصر الشجر، قاله ابن أبي ليلى، والأوزاعي، والأصم، وابن شعبان.انتهى
وقال الحافظ ابن رجب ضمن مفردات شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ذيل طبقات الحنابلة:
" اختار ارتفاع الحدث بالمياه المعتصرة كماء الورد ونحوه.انتهى.
وقول جماهير أهل العلم أولى أن يُعمل به، ولم يُنقل عن أحد من السلف استعمال الماء المعتصر في الطهارة، ولو كان جائزاً لفعلوه، ولأنه لا يقعُ عليه اسم الماء المطلق، وانظر الفتوى رقم 37375.
قال النووي في شرح المهذب: وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ (وهي قوله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} ) ، وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يَعْدَمُونَ الْمَاءَ فِي أَسْفَارِهِمْ وَمَعَهُمْ الدُّهْنُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ مَاءٍ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَاءِ، فَإِنَّ الْمَاءَ جَمَعَ اللَّطَافَةَ وَعَدَمَ التَّرْكِيبِ مِنْ أَجْزَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ بِالْإِجْمَاعِ، فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى إنْ صَحَّ عَنْهُ، وَأَمَّا الْأَصَمُّ فَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/798)
حكم الوضوء مع وجود ما يمنع وصول الماء إلى العضو
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم وجود ما يسمى بالنكو على موضع من مواضع الوضوء علما أني اجتهدت في إزالته وقد انتبهت بعد الصلاة إلى وجود قليل منه أو أثر قليل له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيء المسؤول عنه لا نعرفه، ولكن القاعدة العامة أن ما كان له جِرم يحولُ دون وصول الماء إلى البشرة، وجبت إزالته عند الوضوء، ولا يصحُ الوضوء مع وجوده، وما لم يكن له جرم، وإنما يكونُ أثره لونا فقط كالحناء ونحوها فلا يمنع صحة الوضوء، وقد بينا ضابطَ ما له جرم يمنع صحة الوضوء في الفتوى رقم: 24287. وانظر أيضا الفتوى رقم: 116697.
وأما ما عجز المكلف عن إزالته مما له جِرم، فإن طهارته صحيحةٌ مع وجوده، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 107301.
ولا فرق في غير المعجوز عن إزالته مما يحولُ دون وصول الماء إلى البشرة بين أن يكون قليلاً أو كثيراً.
جاء في المجموع: إذا كان على بعض أعضائه شمع أو عجين أو حناء وأشباه ذلك فمنع وصول الماء إلى شيء من العضو لم تصح طهارته سواء كثر ذلك أم قل ولو بقي على اليد وغيرها أثر الحناء ولونه دون عينه أو أثر دهن مائع بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجري عليها لكن لا يثبت صحت طهارته. انتهى.
ويرى بعض العلماء العفو عن اليسير من ذلك، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، جاء في الفتاوى الكبرى: وإن منع يسير وسخ الظفر ونحوه وصول الماء صحت الطهارة وهو وجه لأصحابنا ومثله كل يسير منع وصول الماء حيث كان كدم وعجين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/799)
كيف يفعل من ينزل منه البول بعد التبول لمدة ساعة ثم ينقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[إنى أبعث إليكم بهذا السؤال عسى الله أن يوفقني وإياكم إلى ما فيه خير لنا جميعا إنى - والحمد لله على كل حال- مصاب بخروج بعض قطرات البول دون تحكم مني، وذلك بعد انتهائي من التبول، وقد تخرج هذه القطرات والتي لا تتعدى قطرتين أو ثلاث قطرات في مدة أقصاها ساعة، وذلك منذ انتهائى من التبول، وقد قمت بتنظيم أوقات قضائي حاجتي بحيث لا أدخل الخلاء لقضاء حاجتي إلا قبل ساعة ونصف على الأقل قبل الصلاة، وذلك حتى أضمن نهائيا عدم خروج قطرات بول مني أثناء وضوئي أو صلاتي، وأيضا أقوم بوضع منديل وربطه على ذكري حتى أضمن عدم وصول هذه القطرات إلى ملابسي وأقوم بغسل هذا المنديل قبل الصلاة، وذلك حتى أضمن طهارتي الكاملة بإذن الله قبل الصلاة. والحمد لله هي طريقة ناجحة.
إلا أنني قرأت في فتوى لكم أن من لديه سلس البول - وهو الذى لا ينقطع عنه خروج البول طوال اليوم - لاينبغى له الوضوء إلا عند سماع الأذان ودخول وقت الصلاة، وسؤالي هو هل حالتي هذه تعامل كحالة سلس البول الذى لا ينقطع عنه خروج البول طوال اليوم، علما أنني أكون واثقا بإذن الله تعالى من عدم خروج أي قطرات مني، لا أثناء وضوئي ولا بعده، وذلك نظرا لما وضحته سابقا، وقد كنت أسال إذا كانت حالتي هذه لاينطبق عليها أحكام من هو مصاب بسلس البول الدائم. فهل يمكننى الوضوء قبل الأذان بقليل ليتسنى لي الذهاب إلى المسجد باكرا حتى لا تفوتني ركعات لأني أحب صلاة النوافل وخصوصا قبل صلاة الفجر والعشاء وأيضا أريد الذهاب باكرا إلى صلاة الجمعة وأحب أن أوضح مرة ثانية أنيب لاتخرج مني أي قطرات بعد المدة الموضحة سابقا، وطريقتي في تنظيم قضائي لحاجتي تضمن لي بإذن الله عدم خروج أي قطرات للبول عند أو بعد وضوئي. وشكرا لكم، وجعله الله في ميزان حسناتكم. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب السلس الذي يجب عليه الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها هو من لا ينقطع خروج البول منه مدة تسع فعل الطهارة والصلاة. وأما من كان يخرج منه قطرة أو أكثر بعد التبول، ثم ينقطع ذلك فليس مصابا بالسلس. وانظر الفتوى رقم 66710.
وعليه، فما تفعله هو الصواب، فإنك لست مصابا بسلس البول، والواجب عليك أن تصلي بطهارة صحيحة ما دمت تقدر على ذلك، وقد نص أهل العلم على أن المعذور إذا وجد وقتا يتسع لفعل الطهارة والصلاة لزمه الصلاة فيه، ولم يكن له حكم دائم الحدث، قال ابن قدامة في شان المستحاضة وفي معناها من به سلس البول: وإن كانت لها عادة بانقطاعه زمناً يتسع للطهارة والصلاة، لم تصل حال جريان الدم وتنتظر إمساكه، إلا أن تخشى خروج الوقت، فتتوضأ وتصلي. انتهى. وقد بينا الضابط الذي يعرف به المرء إن كان مصابا بالسلس أو لا في الفتوى رقم: 119395.
وما دمت غير مصاب بالسلس كما هو واضح بمراجعة الفتوى المحال عليها، فإن ما تفعله من قضاء حاجتك قبل دخول الوقت بزمن كاف مع التحفظ لكي لا تنتشر النجاسة في الثياب ثم تتوضأ بعد أن تتيقن أنه لن يخرج منك شيء هو الصواب الواجب عليك فعله، ولا يلزمك شيء زائد على ما ذكرته، ويجوز لك أن تتوضأ قبل دخول الوقت ما دمت عالما بأن خروج البول قد انقطع، فإن وجوب الوضوء بعد دخول الوقت يختص بالمعذور كصاحب السلس، وقد بيّنا لك أنك لست مصابا بالسلس، ويجوز لك أن تأتي المسجد متى شئت، وتصلي ما شئت من النوافل، ما لم ينتقض وضوؤك بنواقض الوضوء المعروفة، والتي بيناها في الفتوى رقم: 1795. وكذا يشرع لك التبكير للجمعة.
ونحب أن ننبهك إلى أن التنفل بما سوى ركعتي الفجر قبل صلاة الفجر وبعد دخول وقت الفجر محل خلاف بين أهل العلم، والأحوط الاقتصار على سنة الفجر القبلية خروجا من الخلاف. وانظر لتفصيل المسألة الفتوى رقم: 116536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/800)
حكم تنشيف الأعضاء أثناء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا سيدة عاملة أقضي أكثر من 10 ساعات في العمل، وأضطر أحيانا أن أصلي معظم الصلوات بوضوء واحد في مكان عملي حتى أعود للبيت، وذلك لنفوري من استعمال المراحيض في العمل. وفوق ذلك أنا مصابة بمرض أورتيكاريا البرودة -كولد أورتيكاريا- وهذا ما يجعلني دائمة الهرش والحك كلما لامس الماء جسدي أو أطرافي، أو أحسست بهبوط في درجة حرارة المكان الذي أتواجد فيه، وهذا ما يجعل وضوئي لصلاة الفجر شيئا صعبا خصوصا في فترة الشتاء، أقوم وأتوضأ ولكن أمسح الماء بالمنشفة بسرعة قدر ما أستطيع كي أتفادى وصول تيار الهواء لأطرافي بعد ابتلالها بالماء. فهل هذا ينتقص من وضوئي أو من أجر صلاتي؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أداء الصلوات الخمس بوضوء واحد، ولا حرج أيضا في تنشيف الأعضاء مباشرة بعد الاتنهاء من الوضوء لا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولا يبطل الوضوء بالتنشيف، وكذا لا حرج في تنشيف العضو بعد غسله وقبل الانتقال إلى العضو الآخر بشرط أن لا يطول الفصل، لأن الموالاة شرط في صحة الوضوء.
ونوصي الأخت السائلة باجتناب التنشيف أثناء الوضوء لأنه قد يطول الفصل فيخل بالموالاة، لا سيما وأن الحاجة ليست داعية لتنشيف العضو مباشرة بعد غسله في مثل مرضك كما أخبرنا بعض الأطباء بذلك.
كما يمكنك استخدام الماء الدافئ بدل الماء البارد وهذا أنفع لنوعية المرض الذي تعانين منه، ونسأل الله لك الشفاء، وانظري الفتوى رقم: 13407، عن تنشيف الاعضاء بعد وأثناء الوضوء، والفتوى رقم: 111703، عن عمل المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(11/801)
كيفية وضوء المبتلى بالوسواس القهري
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ مريض بالوسواس القهري في الوضوء، والطهارة، والغسل، والصلاة، ولا أستطيع الوضوء إلا بتعبير حركي، يعني لا ألتفت لا لخروج الريح، ولا قطرات البول، ولا النية، ولا التسمية، ولا غيرها، يعني فقط من يراني يقول إنني توضأت فقط بتعبير حركي. فهل هذا جائز ولو حتى لمدة زمنية معينة حتى يذهب عني المرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لكَ الشفاء التام والعافية العاجلة، ثم اعلم أن الواجبَ عليكَ ما دمتَ مصابا بالوسواس أن تعرض عنه، وألا تلتفتَ إليه حتى تتم عافيتك منه إن شاء الله، وانظر للفائدة الفتويين: 3086، 60471.
وليسَ معنى هذا أن تتعمد ترك ما تقدر على فعله من الواجبات، فالنيةُ مثلاً ركنٌ من أركان الوضوء، لا يصح الوضوء إلا بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفقٌ عليه.
فالواجبُ عليكَ أن تنويَ في أول الوضوء رفع الحدث، أو الوضوء للصلاة، ثم لا تلتفت إلى ما يعتريكَ من شكٍ بعد هذ، فإذا قال لك الشيطان إنك لم تنو، فاطرد وسوسته تلك، وامض في عبادتكَ جازماً بأنك قد نويت، وهكذا الحالُ فيما يخرج منكَ من النجاسات، فإن حصل لكَ اليقين التام، بأن قد خرج منك شيءٌ فعليكَ أن تبادر إلى تطهيره.
وأما إذا كان مجرد شك ووسوسة، فلا تلتفت إليه، فإن الالتفات إلى الوسواس خطرٌ ماحقٌ للدنيا والدين.
وأما التسمية في الوضوء فهي سنةٌ في قول الجمهور، لا يبطل الوضوء بتركها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(11/802)
تجديد الوضوء وصلاة عدة صلوات بوضوء واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ إذا خرجت من البيت متوضئة لصلاة الصبح وأذن الظهر ووضوئي لم ينقض، فكيف أجدد الوضوء بدون أن أتوضأ مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقصودك من السؤال غير واضح، لكن اعلمي أن صلاة أكثر من فرض بوضوء واحد جائزة، ما لم تنتقض الطهارة، فإذا دخل عليكِ وقت الصلاة الثانية، وأنت متوضئة جاز لكِ أن تُصلي الصلاة الثانية، بوضوئكِ هذا من غير تجديد وضوء، والمستحبُ لكِ أن تجددي الوضوء وإن كنتِ متوضئة لما في ذلك من متابعة السنة، وفي ذلك تمام الأجر والمثوبة.
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث بريدة رضي الله عنه قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله: إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله، فقال: عمداً فعلته يا عمر. فدل هذا الحديث على جواز صلاة أكثر من فرضٍ بوضوءٍ واحد. ونقل النووي في شرح مسلم إجماع من يُعتد به على ذلك، وعلى أن السنة الوضوء لكل صلاة لأنه الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم.
قال النووي: وأما قول عمر رضي الله عنه: صنعتَ اليوم شيئا لم تكن تصنعه؟ ففيه تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الوضوء لكل صلاة عملا بالأفضل، وصلى الصلوات في هذا اليوم بوضوء واحد بيانا للجواز كما قال صلى الله عليه وسلم: عمدا صنعته يا عمر. انتهى.
ويدل لذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد بسند حسن: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك، وعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، قيل له فأنتم كيف تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث. رواه الجماعة إلا مسلما.
وأما تجديد الوضوء من غير أن تتوضئي فكلامٌ متناقض، لا يُعقل معناه، فإن ثواب تجديد الوضوء لا يحصلُ إلا لمن جدد الوضوء بالفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/803)
حكم غسل ما تحت اللحيين في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت رد فضيلتكم على السؤال رقم: 2221018 والذي أحلتموه لفتاوى سابقة بأن المطلوب في غسل أسفل اللسان من خارج الفم عند غسل الوجه في الوضوء هو الجزء الذي تحت أسنان الفك السفلى فقط من خارج الفم لكن باقي الجزء الذي تحت اللسان من خارج الفم لا يلزم غسله؟ هل فهمي صح أم أنا مخطئ (حليق اللحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تحت اللحيين والذي سماه السائل تحت اللسان من خارج الفم لا يلزم غسله في الوضوء ومنتهى حد الوجه من الأسفل هو اللحيين وهما العظمان اللذان تنبت عليهما الأسنان، فإذا كان هذا مقصودك ففهمك صحيح، وليس في هذا فرق بين الحليق وغيره، ويمكنك أن تراجع في حكم حلق اللحية فتوانا رقم: 97902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/804)
إذا أحدث عقب الوضوء فهل يتوضأ مباشرة أم ينتظر
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا بعد الوضوء مباشرة أخرج ريحا، فهل أنتظر فترة وأتوضأ؟ أم أتوضأ في الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تيقنت بخروج الريح منك، ولم يكن ذلك مجرد شك أو وسوسة، فقد انتقض وضوؤك إجماعا. وانظر الفتوى رقم: 8707.
ولك أن تتوضأ في الحال، وهو أولى؛ لما روى ابن خزيمة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بلالا صباح يوم فقال: يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي، فقال بلال يا رسول الله، ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، ولا أصابني حدث قط إلا توضأت عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بهذا. صححه الألباني.
ولك أن تنتظر حتى تحين الصلاة فتتوضأ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ {المائدة:6}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(11/805)
حكم الوضوء والتنشيف باستخدام الأجهزة الحديثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح الوضوء الآلي والتنشيف عن طريق الأجهزة الجديدة خاصة أن ذلك لم يحدث أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم إضافة إلى الاستهلاك الأكبر للطاقة المستخدمة في التنشيف الذي يرى بعض العلماء أنه مكروه
جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوضوءَ هو غَسلُ الوجه واليدين ومسحُ الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين بالماء الطهور مع النية والترتيب، فمتى حصلت أفعال الوضوء المأمور بها شرعاً كان الوضوء صحيحاً، وسواءٌ استعمل الأجهزة والوسائل الحديثة أو استعان بمن يصب له الوضوء، أو كان هو يغترفُ من إناءٍ أو نحوه، ولكن كلما كان القدر المُهدر من الماء أقل كان ذلك أقرب إلى السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد وهو ملء الكفين، ويغتسل بالصاع وهو أربعة أمداد، وكره أهل العلم مجاوزة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كما نقل ذلك البخاري عنهم.
وأما التنشيف فقد بينا الخلاف في حكمه عقب الوضوء والغسل وانظر الفتوى رقم: 4401، وبينا أن الراجح جوازه ولا فرق في ذلك بين التنشيف بالطريقة العادية وبين استعمال الوسائل الحديثة في التنشيف خاصةً إذا وجدت الحاجة إليها، فإن الله تعالى يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ {الأعراف:32} .
والأصل في الأشياءُ الإباحة حتى يقوم دليل المنع لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا {البقرة:29} .
وكون ذلك لم يُستخدم زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدلُ على منعه لأن هذا الأمر ليسَ من الأمور التعبدية التي يُنتهى فيها إلى ما شرعه صلى الله عليه وسلم ولا يجوز تعديها بل هو من الأمور العادية التي الأصل فيها الحل والإباحة، قال الناظم:
والأصل في الأشياء حلٌ وامنعِ عبادةً إلا بنصِ الشارعِ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(11/806)
استخدمت كريما يحدث لمعة ثم توضأت وصلت فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي كريم جسم يحدث لمعة بالجسم (جزيئات لامعة) ولم أكن أدري واستخدمته بعد الوضوء لصلاة الظهر وصليت العصر والمغرب والعشاء مع إعادة الوضوء لكل صلاة وبعد صلاة العشاء استخدمته ولاحظت اللمعة وعندما غسلت يدي لأرى إن كانت تذهب بالماء لاحظت أن أثرا قليلا للمعة يبقى فهل أعيد الصلوات مع العلم أن الكريم لا يشكل طبقة زيتية؟
أتمنى الرد على إيميلي أو إبلاغي في حالة الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الكريم يحول دون وصول الماء إلى البشرة من أعضاء الوضوء فإعادة هذه الصلوات واجبة عليك لأنها لم تقع صحيحة, وأما إذا لم يكن كذلك فلم يحل دون وصول الماء إلى بشرة الأعضاء، وكان هذا اللمعان لوناً فقط كلون الحناء فطهارتك صحيحة، ومن ثم لا يلزمك إعادة تلك الصلوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(11/807)
كيفية استعمال السواك عند الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كيفية استعمال السواك عند المضمضة في الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمران، أولهما محل السواك من الوضوء، هل هو قبل التسمية أو عند المضمضة؟ في هذا قولان معروفان للعلماء، والراجح عندنا هو القول الأول، وانظر دليل ترجيحه في الفتوى رقم: 33066.
وقد استدل من قال بمشروعيته عند المضمضة بما رواه أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه دعا بكوز من ماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا، وتمضمض ثلاثا فأدخل بعض أصابعه في فيه ... الحديث. وترجم عليه المجد في المنتقى بقوله: باب تسوك المتوضئ بأصبعه عند المضمضة.
وجاء في الموسوعة الفقهية: اتفقت المذاهب الأربعة على أن السواك سنة عند الوضوء، واختلفوا هل هو من سنن الوضوء أم لا؟ على رأيين:
الأول: قال الحنفية، والمالكية، وهو رأي للشافعية: الاستياك سنة من سنن الوضوء، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء، وفي رواية: لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء.
الثاني: قال الحنابلة، وهو الرأي الأوجه عند الشافعية: السواك سنة خارجة عن الوضوء متقدمة عليه وليست منه.
ومدار الحكم عندهم على محله، فمن قال إنه قبل التسمية قال، إنه خارج عن الوضوء، ومن قال بعد التسمية، قال بسنيته للوضوء. اهـ.
ثانيهما: ليس للسواك عند الوضوء -سواء قلنا إنه قبل التسمية أو عند المضمضة- كيفية تخصه، بل كيفية السواك عند الوضوء هي كيفيته نفسها في سائر الأحوال، وقد لخصت الموسوعة الفقهية كيفية السواك المستحبة عند أهل العلم فجاء فيها: يندب إمساك السواك باليمنى، لأنه المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما اتفق عليه من حديث عائشة رضوان الله عليها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله، وفي رواية: وسواكه، ثم يجعل الخنصر أسفل السواك والأصابع فوقه، كما رواه ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويبدأ من الجانب الأيمن ويمر به عرضا أي عرض الأسنان، لأن استعماله طولا قد يجرح اللثة، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: استاكوا عرضا وادهنوا غبا. أي يوما بعد يوم واكتحلوا وترا.
ثم يمر به على أطراف الأسنان العليا والسفلى ظهرا وبطنا، ثم على كراسي الأضراس، ثم على اللثة واللسان وسقف الحلق بلطف.
ومن لا أسنان له يستاك على اللثة واللسان وسقف الحلق، لأن السواك وإن كان معقول المعنى إلا أنه ما عرى عن معنى التعبد، وليحصل له ثواب السنة. وهذه الكيفية لا يعلم فيها خلاف اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(11/808)
حكم قراءة القرآن حال الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تلاوة القرآن الكريم أثناء الوضوء للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصلُ مشروعية ذكر الله على كل حال، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يذكرُ الله على كل أحيانه، وحالُ الوضوء حينٌ من الأحيان، وقراءة القرآن ذكرٌ من الذكر، فهذا العموم شاملٌ لصورة السؤال، غيرَ أن ترك قراءة القرآن حال الوضوء والانتظار حتى يتم وضوءه أولى وذلك لوجوه:
أولها: أن فعلَ ذلك لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه فيما نعلم، وقد يتوهمُ بعض الناس مشروعية ذلك إذا فعله من يُقتدى به.
ثانيها: أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخر رد السلام حتى توضأ، وعلل ذلك بأنه كره أن يذكر الله إلا على طهارة، فعن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلّمت عليه، فلم يَرُدَّ حتى تَوَضَّأَ، ثم اعتذر إليّ وقال: إني كَرِهْت أن أذْكُرَ اللَّهَ تَعالى إلاَّ على طُهْرٍ أو قال على طَهارَةٍ. قال النووي: حديث صحيح، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة.
فقراءةُ القرآن أولى بأن تكونَ على طهارة. وعليه، فالانتظارُ حتى يفرغ من وضوئه إذا كان يتوضأ عن حدث ثم يقرأ أكملُ في الثواب.
ثالثها: أن الكلام وإن كان جائزاً في الوضوء كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 25691، لكن الإكثارُ منه قد يؤدي إلى الاشتغال عن إتمام غسل أعضاء الوضوء، فيُخشى إن قرأ القرآن حال الوضوء أن يُقصر في إسباغه على الوجه الذي أمر الله به.
رابعها: أن المشروعَ للقارئ أن يكون على حالةٍ تُعينه على التدبر وتفهم مقاصد الآيات، وتلاوته حال الوضوء لا يحصلُ بها هذا المقصود لاشتغال قلبه بالفكر في أعمال الوضوء.
والخلاصة: أن التلاوة حال الوضوء جائزة وتركها أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1430(11/809)
حكم الوضوء في مكان الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا المنتدى الأكثر من رائع، وجعل مجهودكم في ميزان حسناتكم، سمعت من أخ لي أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الوضوء مكان الاستنجاء، فهل هذا صحيح أرجو توضيح الأمر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم نهياً من النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء في مكان الاستنجاء، ولكن الوضوء في مكان قضاء الحاجة من الأمور المكروهة شرعاً، لأن هذا المكان إنما أعد للنجاسات، ثم إن الشياطين تأوي إلى هذه الأماكن ولذلك يستحب التعوذ من الخبث والخبائث عند إرادة دخول الخلاء.. والخبث بضم الباء ذكران الجن والخبائث إناثها في رواية من روى الحديث بضم الباء.
وأما من رواه بإسكان الباء ففي معنى الخبث وجهان هذا أحدهما، والمقصود أن أماكن قضاء الحاجة هي مأوى الشياطين فلا يناسب أن تؤدى فيها هذه العبادة.
ثم إن التسمية على أول الوضوء مشروعة استحباباً أو وجوباً، والذكر في الخلاء مما يكره، وانظر لذلك الفتوى رقم: 14269.
وبه تعلم أن الوضوء في مكان الاستنجاء لا ينبغي، ولكنه لا يبطل، بل هو وضوء صحيح إذا تحققت شروطه وأركانه، وأما ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا نعلمه مروياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/810)
محل التلفظ بالتسمية في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن البسملة في الوضوء، هل يتم قولها مباشرة بعد دخول مكان الوضوء (الحمام الذي نستعمله في زماننا نظيف كما يعلم الجميع) وبالتالي عندما نبدأ الوضوء لا يستدعي ذلك إعادتها، أو عندما ما أن نباشر الوضوء من الاستنجاء، يعني قبل الاستنجاء ننوي الوضوء والبسملة ثم الاستنجاء ومباشرة الوضوء دون بسملة أخرى، أتمنى توضيح هذه النقط وغيرها لتكون مفيدة لنا؟ وكل الشكر على المجهودات الجبارة والله يجزيكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسمية سبق حكمها في الفتوى رقم: 13216 فهي من سنن الوضوء عند الجمهور، وقال بعض العلماء بوجوبها، فإذا شرع في الوضوء قال بسم الله ثم غسل كفيه ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه.. إلخ.
قال الدردير وهو يعدد سنن الوضوء: وتسمية بأن يقول عند الابتداء بسم الله.
وعليه؛ فمحل التلفظ بها عند بداية الوضوء، وليس قبل الاستنجاء ولا قبل دخول مكان الوضوء، وقد ذكرنا حكم ذكر الله تعالى في الحمام في الفتوى رقم: 19690 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(11/811)
المريض إذا عجز عن إيصال الماء إلى بعض مواضع الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصابة بمرض مزمن (الروماتوويد) منذ سنوات عديدة أثر على المفاصل الأساسية لجسدي مما جعلني لا أستطيع القيام بالوضوء بطريقة صحيحة وكاملة، لا تصل يدي لمسح رأسي إلا المنطقة الأمامية من الرأس، أمسح أذنيي بيدي اليسرى أمسح الأذن الأولى ثم الثانية، وأغسل وجهي بيدي اليسرى وأسكب الماء على رجلي، أما المسح على الجوارب فلا أستطيع المسح إلا على الجورب الأيمن وبصعوبة دون الجورب الأيسر، فهل هذا الوضوء صحيح وهل يمكنني القيام بالمسح بهذه الطريقة خاصة في أيام البرد، فأفيدوني بالطريقة الصحيحة للوضوء في حالتي الصحية هذه؟ جزاكم الله كل خير. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك العافية ونوصيك بالصبر فإن البلاء كفارة للمسلم، ثم اعلمي أن دين الله يسر وهو مبني على التخفيف ورفع الحرج، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، ومن هاهنا فإن من عجز عن شيء من الواجبات سقط عنه إلى بدله، فإن لم يكن له بدل سقط عنه فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فأما بالنسبة لوضوئك فهو صحيح إذا فعلت أركانه على وجهها وهي النية والترتيب بين الأعضاء وغسل الوجه وغسل اليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين.. وما ذكرته من أنك تقتصرين على مسح الجزء الأمامي من الرأس لعجزك عن تكميل المسح فهذا يجزئك، فمذهب الشافعي رحمه الله أن الاقتصار على مسح بعض الرأس في الوضوء مجزئ، وكذا قول أبي حنيفة إلا أنه يشترط مسح ربع الرأس، وقول الشافعي قوي في الدليل، لأن مسح بعض الرأس قد صح عن ابن عمر وعائشة ولا يُعرف لهما من الصحابة مخالف، وإن كان الأحوط استيعاب الرأس بالمسح وهو قول مالك وأحمد.
لكن هذا في حق القادر، وأما مسح أذنيك بإحدى يديك فقط فهو جائز لا حرج فيه، وإن كانت السنة مسحهما معاً، ونرجو أن تؤجري الأجر التام لأنك عاجزة عن غير ما تفعلينه، وكذا غسل وجهك بيدٍ واحدة لا حرج فيه إذا كنت تستوعبينه بالغسل، لكن عليك مراعاة الترتيب كما ذكرنا.
وأما غسل رجليك فالذي نفهمه أنك تستطيعين صب الماء عليهما واستيعابهما بالغسل، وأن الذي يعسر عليك هو المسح على الجوربين، وعليه فالذي نرى أن الواجب عليك غسل رجليك، ولا يجوز لك لبس الجوربين إذا كنت تعجزين عن مسحهما لأنك حينئذ تصلين دون طهارة غسل أو مسح مع القدرة على إحدى الطهارتين، فإذا توضأت وغسلت رجليك فلك أن تلبسي الجورب ما شئت ثم تنزعينه إذا أردت الوضوء مرة أخرى، وإذا كنت قادرة على مسح أحد الجوربين كما ذكرت وكان يمكنك أن تمسحي أقل جزء من أعلى الجورب الثاني فإن ذلك يجزئك إن شاء الله في قول الشافعي وجماعة من أهل العلم، وانظري لذلك الفتوى رقم: 107254.
وأما الاقتصار على أحدهما فلا يكفي، وإذا عجزت عن غسل ما وجب عليك غسله أو مسح ما وجب عليك مسحه ولو بالاستعانة بمن يوضئك ولو بأجرة مثله فاغسلي ما قدرت عليه وتيممي عما عجزت عنه، لقوله تعالى:.... فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ {المائدة:6} ، والعاجز عن استعمال الماء في معنى غير الواجد له وهذا قول الجمهور، ويرى بعض أهل العلم أن من عجز عن تطهير بعض أعضائه لم يلزمه شيء، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، والقول الأول أحوط ...
قال النووي رحمه الله: إذا كانت العلة المرخصة في التيمم مانعة من استعمال الماء في جميع أعضاء الطهارة تيمم عن الجميع، فإن منعت بعضاً دون بعض غسل الممكن وتيمم عن الباقي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(11/812)
مدى أثر ملامسة الماء للاصق الجرح الموجود على الإصبع
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص في أصبعه جرح لم يبرأ وفيه لاصق للجروح، فعند غسل وجهه في الوضوء يختلط الماء باللاصق أثناء حمل الماء، فما حكم هذا الماء؟ وماذا عليه إذا حكم على الماء بالنجاسة وأصاب ذلك الماء المتبقي في الجبهة فراش المسجد أثناء السجود؟ وهل يختلف الحكم إذا كان الخارج صديدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن الماء الذي يُغسل به الوجه لا يتغير بملامسة هذا اللاصق إذ هو حائلٌ بين الماء وبين النجاسة، ومن ثمّ فلا أثر لمخالطته له في تنجيس الماء، والوضوء صحيحٌ والماء المتبقي في الجبهة طاهر لا يتلوثُ به المسجد، وسواء أكان الخارجُ صديداً أو غيره فهذا كله لا أثر له إذ اللاصق يحولُ دون تأثير ما تحته في الماء، والعلماء مختلفون في الصديد هل هو طاهرٌ أم نجس؟ ورجح شيخ الإسلام طهارته؛ لكن رأى أنه يغسل تنزهاً واحتياطا.
والذي ننصحك به هو ترك الوسوسة في أمر الماء، ومجانبة هذه التفريعات والتشقيقات التي لم تكن من فعل السلف ولا عادتهم. أما إذا وجدت نجاسة على هذا اللاصق فإن الماء يتنجس بملاقاته ولو لم يتغير على مذهب الجمهور إذا لم يزلها وانفصل عن المحل وهو لا يزال نجسا.
ولا يصح الوضوء به فإذا جفت الجبهة فإن السجود بها على الفراش لا يضر، ويضر إن كانت رطبة، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحبُ ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(11/813)
استحباب الوضوء عقيب الذنب.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المعاصي تنقض الوضوء، وما دليل كلا الفريقين، وهل لمس النجاسة تنقضه وما الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا أثر للمعاصي في نقض الوضوء لأن القول بنقض الوضوء يحتاج إلى دليل، ولا دليل على أن المعصية تؤثر في الوضوء، نعم جاء عن بعض السلف الأمر بالوضوء من بعض المعاصي، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب، ولا يتوضأ من الكلمة الخبيثة يقولها؟. وكذا عن ابن عباس رضي الله عنهما: الحدث حدثان: حدث في فيك، وحدث من نومك، وحدث الفم أشد: الكذب والغيبة. وكلاهما في الشعب للبيهقي.
لكن هذا محمول على إرادة التغليظ على مرتكب هذه الذنوب، وقد ذهب بعض العلماء إلى استحباب الوضوء من ارتكاب المعصية وكأنه نزوع منه إلى العمل بهذه الآثار أو لكون الوضوء يكفر الذنب؛ لما ورد في الحديث الصحيح.
جاء في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية: ويستحب الوضوء عقيب الذنب.
وقال ابن قدامة في بيان المسالة ودليلها: قال ابن المنذر: أجمع من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف وقول الزور والكذب والغيبة لا توجب طهارة، ولا تنقض وضوءاً. وقد روينا عن غير واحد من الأوائل أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث، وذلك استحباب عندنا ممن أمر به، ولا نعلم حجة توجب وضوءاً في شيء من الكلام، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله علي وسلم قال: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ولم يأمر في ذلك بوضوء. انتهى.
وأما لمس النجاسة فقد بينا في الفتوى رقم: 2076، أنه ليس من نواقض الوضوء، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ولا ينتقض الوضوء بلمس الدم أو البول، لكن إذا مس العورة انتقض وضوؤه قبلا كانت أو دبراً، أما مس الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات فلا ينقض الوضوء ولكن يغسل ما أصابه.. إلخ. انتهى من مجموع فتاوى ابن باز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(11/814)
أكل لحم الجمل ثم توضأ ناسيا ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أكل لحم جمل ثم توضأ وصلى وأثناء الصلاة تذكر أنه أكل لحم الجمل فماذا عليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أكل لحم جمل ثم توضأ ناوياً رفع حدثه أو توضأ ليصلي أو ليفعل ما لا يفعل إلا بطهارة ثم أثناء صلاته تذكر أكله للحم فصلاته صحيحة، وليتماد فيها لأن من توضأ وضوءاً صحيحاً فقد ارتفع حدثه ولو سبقت له أحداث متعددة لم يستحضرها وقت وضوئه، سواء قلنا بأن أكل لحم الجمل ناقض للوضوء أم لا.
أما إذا كان الشخص المذكور لم ينو بهذا الوضوء النية التي ذكرنا بل نوى تجديد الوضوء الذي هو مستحب ثم تبين أكله للحم الجمل، وقلنا بأن أكل لحم الإبل ناقض للوضوء وهو القول الصحيح، فقد اختلف في صحة طهارته ومن ثم صحة صلاته، والأحوط أن يعيد تلك الصلاة.
قال ابن قدامة في المغني: وإن نوى تجديد الطهارة فتبين أنه كان محدثا فهل تصح طهارته؟ على روايتين إحداهما: تصح لأنه طهارة شرعية فينبغي أن يحصل له ما نواه وللخبر وقياساً على ما لو نوى رفع الحدث.. والثانية: لا تصح طهارته لأنه لم ينو رفع الحدث ولا ما تضمنه فأشبه ما لو نوى التبرد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/815)
حكم مسح المرأة عند الوضوء على زينة رأسها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسح على البكل وغيرها من زينة الشعر في الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم استيعاب الرأس بالمسح فذهب مالك وأحمد إلى وجوبه، وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى عدم الوجوب، ومما يستدل به على القول بعدم الوجوب أنه قد صح عن ابن عمر وعائشة الاقتصار على مسح بعض الرأس ولم ينقل عن غيرهم من الصحابة خلاف ذلك، وعلى هذا التفصيل ينبني حكم هذه المسألة، فإذا كانت هذه الأشياء التي تضعها المرأة في رأسها للزينة تمنع استيعاب الرأس بالمسح، وإن كان يمكنها مسح بعض الرأس أو أكثرها مع وجودها فوضوؤها غير صحيح عند مالك وأحمد، صحيح عند الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله، وأبو حنيفة يشترط مسح ربع الرأس فما زاد.
وأما إذا كانت هذه الزينة تمنعُ من وصول الماء إلى جميع الرأس فالوضوء غير صحيح، وانظري لذلك الفتوى رقم: 111798، ويجب التنبيه إلى أن هذه الزينة التي تضعها المرأة في شعرها يجب أن تكون مستوفية للشروط والضوابط الشرعية، وانظري لذلك الفتوى رقم: 8368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/816)
حكم الوضوء السريع ولمس الأرض بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوضوء السريع ولمس الأرض بعد الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوءُ إذا كان مستوفياً لشروطه وأركانه وهي النية، وغسل الوجه واليدين إلي المرفقين ومسحُ الرأس- كاملاً عند فريقٍ من العلماء وهو أحوط -، وغسل الرجلين إلي الكعبين، مع الترتيبِ وكذا الموالاة عند بعض أهل العلم كان وضوءاً صحيحاً مجزئاً، ويُكتفي في الغسل بمرةٍ واحدةٍ تُعمم العضو، والغسلُ ثلاثاً أفضل، وعلى المتوضئئ أن يحرصَ على فعلِ ما اختلف فيه من السنن ليقع وضوؤه صحيحاً عند جميع العلماء، وذلك كالتسمية والمضمضة والاستنشاق؛ فإذا وقع الوضوء على هذه الصفة فهو وضوء ٌصحيح سريعاً كان أو بطيئاً، لكن على المتوضئ الحرصُ على اتباع السنة ما أمكن.
وأما لمس الأرض بعد الوضوء فلا حرج فيه أصلا إذا كانت الأرض طاهرة..أما إن كانت متنجسة فلا بد من غسل ما لاقها من اليد قبل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(11/817)
الوضوء إذا كان الجسد مدهونا بدهان واق من الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الوضوء على الواقي من الشمس وهل لا يعتبر حاجزا للماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدهان الواقي من الشمس إذا كان يتجمد بحيث تستقر منه طبقة تمنع وصول الماء إلى البشرة فإنه يعتبر حائلا ولا يجزئ الوضوء مع وجوده.
وإذا كان سائلا على الوجه بحيث لا يمنع وصول الماء إلى البشرة فالوضوء مجزئ مع وجوده.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 1726. والفتوى رقم: 78715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(11/818)
حكم الوضوء مع كون الشعر مدهونا بالزيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دهن الشعر بالزيت يعد من نواقض الوضوء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان دهن الشعر بالزيت قد حصل بعد الوضوء فهذا لا يبطله، وإن كان الإدهان المذكور قبل الوضوء ويترتب عليه وجود جرم وحاجز يمنع وصول الماء إلى الشعر فلا يجزئ الوضوء مع وجوده.. وإن كان الدهن خفيفاً لا يمنع وصول الماء إلى الشعر فالوضوء صحيح مع وجوده، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1726، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 1795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/819)
استيقظ وكان ذكره منتصبا فهل يلزمه البول قبل الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[في االآونة الأخيرة صرت كلما أستيقظ من النوم يكون القضيب منتصبا ولكن لا يخرج شيء وعندما أتبول (أكرمكم الله) يخرج بعد البول المذي، سؤالي هو: عندما أقوم لصلاة الفجر فهل أصلي ثم أتبول أم أتبول ثم أصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تجد شيئاً بعد نومك بل كان الحاصل مجرد انتصاب للقضيب مع الإحساس بالبول من غير مدافعة له فلك أن تتوضأ وتصلي من غير نهي عن الصلاة في هذه الحالة، وإن حصلت مدافعة للبول فالأفضل في حقك أن تقضي حاجتك، وإذا خرج مذي فقم بغسل الذكر مع غسل ما أصابه المذي من ثوب أو بدن، وإذا توضأت وصليت مع الإحساس بمدافعة البول فصلاتك صحيحة مع الكراهة.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 26318.. والفرق بين المذي وغيره تقدم بيانه في الفتوى رقم: 22308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(11/820)
يشك أنه كان لا يغسل كفيه مع يديه أثناء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وللأسف طالب علمٍ وقعت في خطإ شنيع جداً ما كنت أظن مثلي يقع فيه.
حيث إنني إمام مسجد منذ 10 سنوات أو تزيد وأخطب الجمعة ولكنني كنت دائما أتوضأ بغسل الكفين في الأول وعند غسل اليدين أغسل اليد ولم أكن أنتبه إلى غسلها كاملة مع الكف أم لا حيث أبدأ الغسل والدلك من مفصل الكف إلى المرفق والماء مع البزبوز يصيب يديّ ولكني لا أجزم أنه يصيبهما كاملتين أم لا.؟
علماً أني لا أدري هل كانت نيتي في الغسل الأول السنية أم الوجوب وإن كان غالب ظني أني أريد بها الوجوب لما كنت أقوم به من الحرص على ألا يبقى من الكفين شيء ظاهر أو باطن إلا وأصابه الماء.
وتنبهت أخيراً لخطإ ذلك فما الحكم فيما مضى.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجوب غسل اليدين في الوضوء شامل لغسل الكفين ولو كان قد تقدم غسلهما أولا في بداية الوضوء استحبابا
وإذا شككت بعد الوضوء هل غسلت كفيك مع يديك في غسل الفريضة أم لا؟ فوضوؤك صحيح لأن الشك بعد تمام العبادة لا أثر له، وبالتالي فوضوؤك صحيح فيما مضى ولا تلتفت إلى ما تشعر به من وساوس وشكوك وراجع الفتوى رقم: 104391.
وإن تحققت من عدم غسل الكفين مع اليدين في غسل الفريضة وغلب على ظنك حصول نية الوجوب عند غسلهما أولا فالوضوء صحيح بناء على مذهب الحنفية والمشهور عند المالكية من عدم وجوب الترتيب في الوضوء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58925. والفتوى رقم: 50078.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/821)
حكم الوضوء مع وجود دهون عازلة داخل الفم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تزيد حرارة جسمي من مرض ما فإنه يكون داخل فمي ما يشبه حب النفط واضطر إلى دهنها بدهون خاصة، سؤالي هل يجب على إزالة هذا الدهون عند الوضوء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب عليك إزالة الدهون المذكورة عند إرادة الوضوء، بل يكفيك القيام بالمضمضة وإذا تركتها عمداً أو نسياناً فالوضوء صحيح عند جمهور أهل العلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 17079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/822)
هل يجزئ الاقتصار على مسح أعضاء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة لست مسلمة ولكن وبفضل الله أعلنت إسلامي بالسر المشكلة تكمن بأنني أولا أخطأت جدا في حياتي ولا أستطيع غفران هذه الأخطاء وذلك لأنني كنت أتوب وأعود لنفس الأخطاء تبت أكثر من مرة ولكن للأسف كنت ضعيفة أمام رغباتي..
والسبب الثاني أنني لا أستطيع القيام بأداء عباداتي بشكل صحيح وذلك لأن المنزل قديم ومكان الوضوء قريب جدا من غرف النوم وسوف يلاحظونني وأنا ذاهبة للوضوء ولا أستطيع القيام بأي عبادة وأنا بالمنزل حتى أنني ليس لدي غرفة خاصة هل أستطيع الوضوء بقليل من الماء مثلا لو وضعت كأس ماء بقربي بالليل واكتفيت بهذه الكمية بحيث أمسح مسحا هل تكون صلاتي مقبولة وخصوصاً الفجر لأن الوضوء ذلك الوقت سيكون ملحوظاً..
شكرا لكم والرجاء الإجابة عن سؤالي بأقرب وقت لأنني غير راضية ابدأ عن عباداتي أرجوكم ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على إعلان إسلامك ودخولك فى هذا الدين الخاتم للأديان السماوية والذي جعله الله تعالى سبب سعادة الدنيا والنجاة في الآخرة، وهو الدين الذي لا يقبل الله تعالى دينا سواه كما قال تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85} .
ثم اعلمي أن الله تعالى يتقبل توبة من تاب من عباده بل ويفرح بها، قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}
فجاهدي نفسك فى سبيل الاستقامة على أوامرالله تعالى والابتعاد عن معاصيه، واجت هدي في الدعاء وابحثي عن الرفقة الصالحة من النساء لتدلك على الخير وتعينك على مواجهة الفتن والمغريات، وإذا وقعت فى معصية فجددي التوبة، واعزمي على عدم الرجوع إليها وأكثري من الأعمال الصالحات ولاتقنطي ولاتيأسي، وراجعى الفتوى رقم: 97122، والفتوى رقم: 77561.
واجتهدي في إتقان العبادات وتعلم أحكامها مع القيام بها خارج المكان إن تعذر عليك القيام بها داخله.
وإذا كان كأس الماء يكفي لغسل أعضاء الوضوء فهو مجزئ والصلاة صحيحة، ويكفى سيلان الماء على العضو ولا يشترط أن يتقاطر عنه، وأما مجرد المسح فقط فلا يجزئ، فإذا كان ذلك الكأس لا يكفي للوضوء فخذي ماء أكثر منه بحيث يتحقق به الوضوء على الصفة التي ذكرناها، وإذا كنت في بيئة لا تستطيعين فيها إقامة شعائر دينك فيجب عليك أن تبحثي عن مكان تسكنين فيه وتتمكنين فيه من إقامة دينك، وينبغي أن تبحثي عن صحبه صالحة تعينك على تعلم دينك وتثبتك، فالمؤمن قوي بإخوانه كما ينبغي أن تبحثي عن زوج صالح.
وراجعي الفتوى رقم: 53554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(11/823)
طهارة وصلاة المرأة التي تعاني من إفرازات مهبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً ... على الفتوى رقم 107300 أنا أعرف أن المكان المعد للنزهة فيه مياه وأستطيع الوضوء ولكن المراحيض الموجودة فيه مغلقة دائما أو على الأصح في الأيام التي نذهب فيها إلى هذا المكان وأنا لأنني أعاني من إفرازات مهبلية وهي طاهرة فقط أريد أن أفحص أن هذه الإفرازات مهبلية أم من المثانة، فأرشدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوضوء ممكنا في المكان الذي تذهبون إليه للنزهة فلا يجوز التيمم حينئذ، بل لا بد من الوضوء فإن لم تجد الأخت السائلة مكاناً يمكنها فيه التعرف على ما إذا كانت الإفرازات طاهرة أم لا فلتتوضأ للصلاة، ولا يؤثر وجود إفرازات المهبل على صحة صلاتها، لأنها طاهرة والأخت تقول بأنها مصابه بنزولها منها، وعلى فرض أنها نجسة فعليها أن تتوضأ وتصلي لعجزها عن الاستنجاء منها لكن الأحوط في هذه الحالة أن تقضي هذه الصلاة عند تمكنها من الطهارة، وإن كانت أماكن الوضوء مغلقة مع المراحيض وخافت فوات الوقت قبل الوصول إلى مكان تتطهر فيه فلتتيمم للصلاة حفاظاً على الوقت أيضاً، وللفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 51282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(11/824)
الوضوء والغسل لصاحب الأسنان الاصطناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أشتكي من أسناني منذ 5 سنوات، راجعت الدكاترة كثيرا وعمل كل ما يلزم حسب إرشاد الدكاترة ولم يتحسن، وأخيرا قرر الدكتور أن يعمل لي أسنانا ويركب بوضع الكوبري بأن في طرف من أسناني باقي سليم واحد أم اثنتين وعملت هذا الأمر الحمد الله أحسن الحين، ولكن بعض الشيوح يقول إنه لا يجوز بوضوء وغسل، أفيدوني سلمكم الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتركيب الأسنان الاصطناعية جائز عند الحاجة إليه، وتركيب هذه الأسنان لا يؤثر على صحة الوضوء والغسل. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26804.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/825)
شكت أن السلس عاودها زمنا فهل تعيد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فتره طويله عانيت من مرض سلس البول وقبل أسابيع كنت شاكة أنه عاد ولكن لا أجد أثره في الملابس الداخلية كما كان سابقا وكنت أصلي الظهر في الجامعة بوضوئي قبل القدوم أي في المنزل رغم شكي بمعاودته وفي هذه الأيام بان أثره أي تقدمت الحالة وقبل فترة يبدو أنه كان بسيطا فماحكم صلوات الظهر هل أحصيها وأعيدها مع العلم أني أثناء مسحي لمرة واحده كبر شكي بوجود البول حتى دون ملامسته لملابسي ولكني كذبت نفسي وشككت ولم أغتسل وأتوضأ!!؟؟ وأيضا إلى الآن الشيطان يوسوس لي بأني شاكة (في الفتره قبل بيان أثره) .]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم تتحقق الأخت السائلة من حدث البول أو غيره بعد الوضوء فإن صلاة الظهر في تلك الأيام صحيحة لأن الوضوء محل يقين والحدث مشكوك،والأصل أن اليقين لا يزول بالشك، وإذا أحبت أن تعيد تلك الصلوات احتياطا فإنه لا مانع من ذلك فإن من أهل العلم من يرى بطلان الطهارة بالشك في الحدث بعد الوضوء في حق من لم يلازمه الشك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي الالتفات إلى الشك في الحدث بعد تحقق الطهارة ولا يؤثر على صحة الطهارة والصلاة، وعلى هذا فإذا لم تتيقني من حدوث البول أو غيره من الحدث بعد الوضوء فإن صلاة الظهر في تلك الأيام صحيحة لأن الوضوء محل يقين والحدث مشكوك فيه، والأصل أن اليقين لا يزول بالشك.
قال ابن قدامة: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة، فهو على ما تيقن منهما يعني: إذا علم أنه توضأ، وشك هل أحدث، أو لا، بنى على أنه متطهر، وإن كان محدثا فشك؛ هل توضأ، أو لا، فهو محدث، يبني في الحالتين على ما علمه قبل الشك، ويلغي الشك. وبهذا قال الثوري وأهل العراق والأوزاعي والشافعي وسائر أهل العلم، فيما علمنا إلا الحسن ومالكا. انتهى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 9346، والفتوى رقم: 60609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(11/826)
تعميم الماء على العضو وحكم الزيادة على ثلاث غسلات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي غسل رجليه في الوضوء أكثر من ثلاث مرات وضوؤه ناقص لأنه في بعض الأحيان لا يعم الماء كل الرجلين بسكب الماء عليهم ثلاث مرات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعد الغسلة للعضو إلا بعد تعميمه بالماء ولو بأكثر من غرفة، فإذا لم يتحقق تعميم الماء على الرجلين بثلاث غرفات، فالواجب عليك الإتيان بما يترتب عليه الإسباغ ولو كان أكثر من ثلاث، فإذا حصل تعميم العضو بالماء كانت هذه هي الغسلة الأولى.
قال الحطاب في مواهب الجليل: إذا تيقن أنه لم يعم بالأولى وعم بالثانية صارت الثالثة ثانية، ويزيد رابعة. انتهى.
وإذا كانت الزيادة بعد تعميم الماء على العضو ثلاث مرات فهي مكروهة والوضوء صحيح.
قال النووي في المجموع: (فرع) إذا زاد على الثلاث فقد ارتكب المكروه ولا يبطل وضوؤه، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة وحكى الدارمي في الاستذكار عن قوم أنه يبطل كما لو زاد في الصلاة وهذا خطأ ظاهر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(11/827)
لا يشترط لصحة الوضوء طهارة الثياب أو البدن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن المذي والودي أعرف أنهما نجسان ويبطلان الوضوء والصلاة لكن لا يوجبان الغسل، ما أود معرفته هل المذي إذا ظهر في الملابس يجب عليك تغييرها ولا يمكنك أن تتوضأ وتصلي بنفس الملابس التي حصل فيها المذي؟ أما عن الودي وهو ماده تخرج مع البول وأعرف أنه نجس ولكن في نفس اللحظة أن تتوضأ منه لا تترك أي أثر في الملابس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي والودي كلاهما نجس كما ذكر السائل الكريم، وإذا أصاب المذي أو الودي الثياب وجب غسل ما أصابه منهما قبل أداء الصلاة لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدث والخبث في البدن والثياب كما هو معلوم، فمن صلى وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة لم تصح صلاته، ولا يشترط طهارة الثياب أو البدن لصحة الوضوء، ولا يجب تغيير الملابس ويكفي غسل أثر النجاسة، وانظر الفتوى رقم: 12356، والفتوى رقم: 56051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(11/828)
الكيفية المجزئة في غسل الأعضاء في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتوى لكم هذا الضابط: إذا كان الماء جارياً على البدن، وجرفت الماء بجريان أصابع يدك عليه، والماء موجود على نفس العضو الذي جرت عليه اليد فهذا غسل، سؤالي هو: هل يجب أن يكون الماء كثيراً، أم أنه يكفي القليل بحيث يتقطر شيء من الماء من بعض اليد ويترطب باقي اليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس المعتبر في الغسل كثرة الماء أو قلته وإنما المعتبر جريان الماء على العضو كاملاً لا على بعض العضو دون بعض، فإذا حصل جريان الماء على العضو فقد كفى ولو كان الماء قليلاً.
جاء في منح الجليل لعليش المالكي: والشرط جريان الماء من أول العضو إلى آخره لا سيلانه عنه ولا تقاطره منه.. انتهى.
وقال الدردير في شرحه على مختصر خليل: ... ولا يشترط تقاطره عن العضو، بل الشرط جريانه عليه.. انتهى.
أما الضابط الذي ذكرته فلعلك عبرت عنه بألفاظك فلم نجده في فتوى لنا بهذه الألفاظ، وربما حصل تغيير عندك للمعنى مع تغيير اللفظ، مع أن معناه صحيح إذ المراد به جريان الماء على العضو ولو بدفعه باليد ولو لم يصب الماء على كل جزء من العضو المغسول، بل يكفي صب الماء على بعض العضو ثم دفعه باليد ونحوها على باقي العضو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(11/829)
من شك في الإتيان بالوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا شك الإنسان في أنه توضأ بصورة صحيحة أو شك في أنه لم يتوضأ أصلا. هل يعيد الوضوء؟ وكذلك إذا شك في أداء ركعة أثناء الصلاة هل يجلس جلوس سهو أم يعيد الصلاة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا عبرة بالشك الطارئ بعد الفراغ من العبادة، سواء كانت وضوءا أو صلاة أو غيرهما. لكن إذا حصل الشك أثناء العبادة فلا بد من الإتيان بما شك فيه ويبني على اليقين. ولا يجزئ عن الركعة سجود سهو وحده، أما من شك في الإتيان بالوضوء أصلا فلا بد من أن يأتي به لأن الأصل عدم الإتيان به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشك في صحة الوضوء أو غيره من العبادات لا يخلو من أن يكون قد حصل أثناء العبادة أو بعدها، فإن حصل أثناءها فلا بد من الإتيان بما شك فيه ويبني على اليقين. وإن حصل الشك بعد الفراغ من العبادة فلا عبرة به كما ذكر أهل العلم.
أما من شك في الإتيان بالوضوء أصلا فلا بد من الإتيان به؛ لأن الأصل عدم الإتيان به.
ومن شك أثناء الصلاة هل أتى بركعة أو ركن لزمه أن يأتي بما شك فيه ويبني على اليقين، ثم يسجد للسهو. ولمزيد الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 104391، 61609، 2598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/830)
تقديم الاستنشاق على المضمضة هل يبطل الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يبطل وضوء من بدأ بغسل الأنف قبل الفم أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يبطل الوضوء بتقديم الاستنشاق على المضمضة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقديم الاستنشاق على المضمضة لا يبطل الوضوء لأن الترتيب بينهما مستحب كما نص على ذلك فقهاء المذهب المالكي، ففي الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: وترتيب سننه أو مع فرائضه. أي ومن الفضائل ترتيب سنن الوضوء بعضها على بعض بأن يقدم غسل اليدين إلى الكوعين على المضمضة وهي على الاستنشاق وهو على الاستنثار وهو على مسح الأذنين. انتهى.
قال العدوي في حاشيته معلقاً هنا: فلو حصل منه تنكيس بين السنن أو بين السنن والفرائض لم تطلب الإعادة للترتيب عمداً أو سهواً. انتهى.
ويرى الشافعية في قول أن الترتيب بين المضمضة والاستنشاق مستحق لا مستحب أي أن من قدم الاستنشاق على المضمضة حسب الاستنشاق ولم تحسب المضمضة، لكن ذلك لا يبطل الوضوء عندهم لأن المتروك سنة، أما على القول بأن الترتيب بينهما مستحب فيحسب له الجميع، ففي حاشيتي قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي ما نصه: فلو قدم بعد غسل الكفين الاستنشاق على المضمضة أو هما على غسل الكفين حسب المؤخر دون المقدم لوقوعه في غير محله على قول الاستحقاق كتقديم اليدين على الوجه، وحسب الجميع على قول الاستحباب كتقديم اليد اليسرى على اليد اليمنى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(11/831)
إزالة طلاء الأظافر يتعين قبل الوضوء والغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن تضع زوجتي طلاء الأظافر باستمرار ولكنه مكروه حيث إن الوضوء لا يكتمل بسببه وقد طلبت مني زوجتي مرارا عدم وضعه إلا أني أصر على ذلك بحجة أني زوجها ويجب عليها طاعتي فهل ذلك حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من أن تضع المرأة طلاء الأظافر على أظافرها ويتأكد ذلك إذا طلبه الزوج من زوجته لكن لا بد من إزالته قبل الوضوء أو الغسل، لأن من شروط صحة الطهارة إزالة ما يمنع وصول الماء إلى أعضائها.
وإذا كنت تصر على عدم إزالة الطلاء عند الطهارة فقد أمرتها بمعصية ولا يجوز لها طاعتك في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(11/832)
حكم الوضوء في المكان الذي يبول فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أكرمكم الله يتبول في مكان وضوئه لعدم وجود مكان آخر فهل إذا أكمل وصب عليه الماء يستطيع أن يتوضأ فيه مع العلم أن هذا المكان مبلط ولزج (حوض الغسيل صغير) وتزول النجاسة عن هذا الحوض بصب كمية من الماء عليه؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من الوضوء في الحوض المذكور، لكن لو أمكن الوضوء خارج الحمام فإنه أولى لأنه يكره ذكر الله في ذلك المكان، والمتوضئ تستحب له التسمية في أول الوضوء على مذهب جمهور العلماء، بل قال بعضهم بوجوبها، ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 52809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/833)
منعت من استعمال الماء في وجهها فكيف تتوضأ
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أقوم بعلاج لوجهي واستعمال بعض الأدوية التي وصفها لي الطبيب لتقشير البشرة.. حيث إن هذا العلاج سيدوم لأربعة أشهر، والتقشير جداً عميق، وبسبب الأدوية فأنا ممنوعة من استعمال الماء على وجهي عدا صباحا ومساء، سؤالي هو: كيف أتم وضوئي، فهل يجوز التيمم في هذه الحالة، وكيف يكون التيمم مع العلم بأنني غير قادرة على المضمضة جيدا بسبب عدم قدرتي على فتح فمي كثيرا، وكذلك غير قادرة على استنشاق الماء، ف أفيدوني؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على السائلة أن تسأل عن حكم تقشير الوجه قبل أن تبدأ في عمليته حيث إن من أهل العلم من جعله مثل النمص الذي هو من تغيير خلق الله تعالى، والمسلم ليس له أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه.
أما إزالة الكلف واستعمال ما يرقق البشرة من غير تقشير فلا بأس به إذا لم يكن فيه ضرر، وعلى هذا فإن عليها أن تترك التقشير الذي هو محرم وتقتصر على ما دون التقشير مما يرقق البشرة ويزيل الكلف ولا يسبب ضرراً، فإن لم يكن التراجع عن التقشير لكونه وصل إلى درجة لا يمكن التراجع عنه فيها فلتستغفر الله تعالى ولا تعد إليه مستقبلاً، هذا عن حكم تقشير الوجه.
أما عن حكم التيمم في الأوقات التي يمنع عليها فيها استعمال الماء فإن تأكدت أو غلب على ظنها أن في غسل الوجه ضرراً عليها، وعلمت ذلك بإخبار طبيب متخصص، أو من خلال التجربة، فلا حرج إن شاء الله في الانتقال إلى المسح بدلاً من الغسل مسحاً مباشراً بالماء، فإن كان المسح يؤثر عليها فلتجعل عليه عصابة تمسح عليها، فإذا لم يمكن هذا فإن حكمها التيمم، ولا فرق بين خوفها من حصول ضرر عليها باستعمال الماء وبين خوفها من فساد علاجها أو إبطال مفعوله في الحالة التي يجوز لها استعماله، فكل من هاتين الحالتين تبيح لها التيمم، وتأتي بالمضمضة والاستنشاق إن أمكن ذلك ثم تتيمم لما لم يمكن غسله.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22216، 53727، 17079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(11/834)
شكت أثناء الصلاة هل غسلت رجليها في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ توضأت ثم بعد فترة صليت وأنا في الصلاة شككت هل غسلت رجلي أم لا،
فهل أقطع صلاتي أم لا؟
ولو شككت في الأمر بعد الصلاة هل أعيدها أم لا؟
مع العلم أني لست موسوسة والحمد لله
وأيضاً: ما هو الأصل - اليقين - في مثل هذه الحالة للرجوع إليه للقاعدة: أن اليقين لا يزول بالشك".؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا عبرة بالشك في غسل عضو من أعضاء الوضوء بعد الفراغ منه ويجب الإعراض عنه والتمادي في الصلاة إذا طرا الشك أثناءها؛ لأن الشك في العبادة بعد انتهائها والفراغ منها لا عبرة به، كما ذكر أهل العلم وليس ذلك مثل الشك أثناءها فإن الشاك يبني على اليقين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا عبرة بالشك في غسل عضو من أعضاء الوضوء بعد الفراغ منه، ويجب الإعراض عنه والتمادي في الصلاة لأن الشك في العبادة بعد انتهائها والفراغ منها لا عبرة به كما ذكر أهل العلم، وليس ذلك مثل الشك أثناءها فإن الشاك يبني على يقين ثم إن الأصل في مثل هذه المسألة عدم الإتيان بالعبادة وبقاؤها في الذمة لكن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أنها تقع على وجه الكمال، فيرجح هذا الظاهر على الأصل كما ذكر أهل العلم فإنه لا عبرة بالشك في غسل عضو من أعضاء الوضوء بعد الفراغ منه ويجب الإعراض عنه والتمادي في الصلاة لأن الشك في العبادة بعد انتهائها والفراغ منها لا عبرة به كما ذكر أهل العلم.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في قواعده: القسم الثالث: ما عمل فيه بالظاهر ولم يلتفت فيه إلى الأصل، وله صور، منها: إذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها، فلا يلتفت إلى الشك؛ وإن كان الأصل عدم الإتيان به وعدم براءة الذمة، لكن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أنها تقع على وجه الكمال، فيرجح هذا الظاهر على الأصل. اهـ.
وقال الزركشي في "المنثور في القواعد ": ثانيها: الشك بعد الفراغ من العبادة. قال: ابن القطان في المطارحات: فرّق الإمام الشافعي بين الشك في الفعل، وبين الشك بعد الفعل، فلم يوجب إعادة الثاني؛ لأنه يؤدي إلى المشقة ... إلخ. اهـ وللفائدة يراجع الفتوى رقم: 61609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(11/835)
مسح رأسه بعد رجليه ثم صلى فما حكم صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بعدما أكملت الوضوء تذكرت أنني لم أمسح على الرأس فمسحت فهل الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أخر - ذاكراً أو ناسياً - مسح الرأس في الوضوء إلى ما بعد غسل الرجلين فقد أخل بالترتيب بين أعضاء الوضوء، والترتيب بين الأعضاء فرض من فروض الصلاة في قول كثير من أهل العلم، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 50078.
ولذا فإننا نرى من باب الاحتياط والورع أن تعاد تلك الصلاة التي صليت بوضوء أخل فيه بالترتيب، وانظر التفصيل فيمن نسي غسل عضو وذلك في الفتوى رقم: 18614.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(11/836)
حكم من تيقن أنه أحدث وتوضأ ويشك في السابق منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شك هل أحدث قبل الوضوء أم بعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السؤال عن حكم من يتيقن أنه توضأ وأنه أحدث ولكن يشك في السابق منها، -أي الوضوء والحدث- فالجواب: أن هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يرى أنه يعتبر متطهراً، ومنهم من يرى أنه على ضد الحالة التي كان عليها قبل حصول الطهارة المتيقنة أو الحدث المتيقن، ومنهم من يرى عكس هذه الحالة، فيكون على الحالة التي كان عليها قبل حصولهما، ومن أهل العلم من يرى أنه يلزمه الوضوء بكل حال، ونحن نرى أن العمل بهذا الأخير هو الأحوط.
جاء في المجموع للنووي: المسألة الثالثة إذا علم أنه جرى منه بعد طلوع الشمس طهارة وحدث لا يعلم أسبقهما ففيه أربعة أوجه: أحدها: أنه يعد ما كان قبل طلوع الشمس ... الوجه الثاني: أنه يتعارض الأمران ويسقطان ويكون حكمه ما كان قبلهما فإن كان قبل طلوع الشمس متطهرا فهو الآن متطهر، وإلا فمحدث ... الوجه الثالث: يعمل بما يظنه فإن تساويا فمحدث ... الوجه الرابع: يلزمه الوضوء بكل حال وهذا هو الأظهر المختار..
وجاء في الأشباه والنظائر في قواعد الفقه الحنفي: ولو تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق فهو متطهر.. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 26621 لحكم ما إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/837)
حكم الوضوء أثناء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلتكم ما هو حكم الوضوء أثناء أذان الصلاة، فأفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوء أثناء الأذان مباح ولا مانع منه شرعاً، وينبغي للمتوضئ أن يحرص على ترديد الأذان خلف المؤذن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/838)
هل يلزم كشف القدمين معا عند الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
هل من الواجب في الوضوء عند غسل القدمين أن تكون القدمان مكشوفتين معاً؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم عند غسل إحدى القدمين في الوضوء أن تكون القدم الأخرى مكشوفة، والواجب هو غسل القدمين وكذا الموالاة بينهما في الغسل على قول كثير من أهل العلم، وإذا كانت إحدى القدمين غير مكشوفة عند الوضوء ويتطلب كشفها وقتاً طويلاً قد يقال بوجوب كشفها ابتداء حتى تتحقق الموالاة بين غسل القدمين، وانظرالفتوى رقم: 49273 حول أقوال الفقهاء في حكم الموالاة في الوضوء وحدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(11/839)
حكم الوضوء مع استخدام مقوي الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استخدام مقوي الأظافر يبطل الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما يقوي الأظفار يترتب على وجوده حائل يمنع وصول الماء إليها فلا يجزئ الوضوء مع وجوده، وإن كان خفيفا لا يمنع وصول الماء إلى الأظافر فالوضوء صحيح مع وجوده، وراجعي الفتوى رقم: 71332، والفتوى رقم: 51457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(11/840)
مسح الأذنين سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى وجوب كل من تخليل اللحية ومسح الأذنين في الوضوء؟ حيث إنني أتوسوس في هذين الأمرين وأغسل ذقني مرات عدة للتأكد من وصول الماء إلى منابت اللحية، وكذلك أمسح أذنيَ بشكل مفرط وآخذ وقتا طويلاً لأتأكد أن الماء وصل لكامل أذني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم تخليل اللحية في الفتوى رقم: 19101، والفتوى رقم: 46331، وحكم مسح الأذنين في الوضوء في الفتوى رقم: 34870، ولا ينبغي للأخ السائل أن يفتح على نفسه باب الوسوسة فإنه شر مستطير، لاسيما وأن مسح الأذنين سنة في قول جمهور أهل العلم، والمبالغة في مسحهما قد يترتب عليه وصول شيء من الماء إلى داخل الأذن مما يسبب ضررا. واللحية إذا كانت كثيفة لم يجب غسلها وإيصال الماء إلى أصولها. فاحذر أخي السائل التنطع والغلو، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(11/841)
أثر القشور في الشفتين على صحة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أعاني من جفاف دائم على شفتي بحيث تتكون عليهما قشور رغم استعمالي للمرطبات الخاصة بالشفايف، أسأل عن هذا الجلد المّيت أثناء الوضوء فهل يصحّ وضوئي رغم وجود تلك القشور والتي قد تسقط خلال الوضوء وغالباً تبقى عالقة على البشرة، فأرجو ردّكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الماء يعم سائر الشفتين فلا يؤثر في صحة الوضوء وجود بعض قشور الجلد على الشفة ما دام الماء يصل إلى ما تحتها إن كانت متدلية متهيئة للسقوط، أما ما كان لاصقاً على الشفة فلا يطالب بتقشيره بل يغسل كظاهر الشفة، ولو سقط منها شيء أثناء الوضوء وجب غسل مكانه لأنه صار في حكم ظاهر الشفة، والواجب غسله في الوضوء والغسل من الشفتين إنما هو ظاهرهما فقط.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن ظاهر الشفتين أي ما يظهر عند انضمامهما ضماً طبيعيا بغير تكلف جزء من الوجه فيجب غسلهما في الوضوء والغسل لقوله تعالى: فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ، وأما ما ينكتم عند الانضمام فهو تبع للفم فلا يجب غسله في الوضوء عند جمهور الفقهاء. انتهى.
وقد سبقت الإجابة عن مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 77059.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(11/842)
وضوء صاحب سلس الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة أثناء الوضوء وهي أني مصاب بسلس الريح وأني عندما أغتسل للحدث الأكبر أحتاج لوقت طويل وهذا يسبب لي حرجا خاصة أوقات الصلاة فلو جلست حتى أنتهي لفاتتني الصلاة والمشكلة أني مؤذن، فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في وضوء وصلاة صاحب سلس الريح وهي برقم: 26572، والفتوى رقم: 31302 فانظرها.
وإننا ننصح الأخ السائل بأن لا يفتح على نفسه باب الوسوسة في الطهارة الكبرى والصغرى، فإن الوسوسة شر مستطير تجعل الإنسان كأنه لا عقل له وفي مصاف المجانين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(11/843)
الوسوسة وحكم الوضوء مرة مرة وحكم العرق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب وسواسي القهري والإطالة في الوضوء اقتصرت على غسل بعض الأعضاء مرة واحدة كاليدين والرجلين لأنني آخذ وقتا كثيرا في غسلهم لكي أتأكد من تعميم الماء على سائر العضو وأن الماء وصل إلى جميع البشرة.... وأنا أعلم أن الواجب هو غسل العضو مرة واحدة والسنة ثلاث مرات, وأنا مستمر على هذا منذ فترة طويلة..... هل ما أفعله صحيح أم يجب أن أتقيد بالسنة أو أن أقتصر على غسل العضو مرة واحدة في أوقات وليس بشكل مستمر، أريد توضيحا منكم عن كيفية تعميم الماء على سائر الوجه أثناء الوضوء، هل يجب علي في كل غسل أن أعمم كامل الوجه بالماء، أم الثلاث غسلات هي جميعها تكمل بعضا لأنه عندما أحثو الماء على وجهي لا يصيب الماء كامل الوجه هناك أجزاء لا يصلها الماء, فهل يجوز أن أمسح عليها بالماء أم فقط هي ثلاث حثيات ولا أضيف عليها، وهل يبطل الوضوء عندما يعرق الجسم لأنني أعرق كثيراً وأضطر أن أستحم بعد ما أتوضأ لكي أكون طاهرا وأكون مقبلا على ربي في طهارة، مع العلم بأن فيها مشقة علي, وهل تصبح الملابس نجسة ولا يجوز الصلاة بها عندما يصيبها عرق من جسمي، هل يجب أن تكون ملابسي طاهرة أثناء الوضوء.... لأني أحيانا أكون مستعجلا وألبس ملابس قد لا تكون طاهرة لكن أخلعها وأستبدلها بملابس جديدة عند الصلاة ... أسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال يتضمن أربعة أسئلة وقبل الإجابة عن الأول منها نقول للأخ السائل عليك أن تطرح الوسوسة جانباً لكي تستطيع ممارسة العبادة بشكل عادي لا إفراط فيه ولا تفريط، وما دمت تسترسل مع الوسواس وتستجيب له فإنك لن تزال غير متثبت في فعل أي عبادة من طهارة أو غيرها، ثم إن الوضوء والحمد لله من أيسر العبادات وأقلها استغراقاً للوقت وأوضحها أحكاماً، فمن حيث عدد الغسلات الذي هو محل السؤال فإن الواجب هو غسلة واحدة في كل عضو مغسول ولو استمر المرء يتوضأ مدة حياته ويكتفي بغسلة واحدة كان وضوؤه صحيحاً.
لكن لا ينبغي المداومة على ترك سنة التثليث لغير عذر، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة كما في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، وثبت أنه توضأ مرتين مرتين وثلاثا ثلاثاً، وذكر العلماء أن ذلك منه صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز، قال في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: قال النووي: قد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وعلى أن الثلاث سنة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثاً، وبعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين، والاختلاف دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ. انتهى.
وقد ذكر السندي شارح سنن ابن ماجه عند كلامه على حديث الوضوء مرة مرة قال: والاقتصار على المرة أو المرتين كان لبيان الجواز، قلت أو لمراعاة الحال في الاستعجال أو قلة الماء، وبيان الجواز يكفي فيه إطلاق القرآن. انتهى.
فتبين من كلامه رحمه الله تعالى أن من الحالات التي يتوضأ فيها مرة مرة أوقات العجلة وأوقات قلة الماء ... وهذا لا يعني أن الوضوء مرة مرة أو مرتين لا يجوز إلا في هذه الحالات بل هو جائز ولو في أوقات التأني وكثرة الماء، لكن الأكمل الوضوء ثلاثاً.
أما عن كيفية تعميم العضو بالماء وهو السؤال الثاني فقد قدمنا أن الواجب هو غسلة واحدة تعم العضو والثانية والثالثة سنتان، ثم إن المراد بالغسلة هو تعميم العضو بالماء سواء تم ذلك بغرفة واحدة أو بأكثر، ولمزيد التوضيح فإذا أخذ المتوضئ حفنة من ماء ليغسل بها وجهه مثلاً فإن عممت الوجه فهذه غسلة وإن لم تعممه أكمل ما بقي منه بحفنة أخرى، وبذلك تتم الغسلة الأولى التي هي الفرض وهكذا.
وعن السؤال الثالث فإن نزول العرق من الجسم ليس من نواقض الوضوء ولا يطالب بغسله ولا بالغسل منه ولا ينجس الملابس، ولبيان نواقض الوضوء وما يوجب الغسل يرجى الاطلاع في الفتوى رقم: 1795، والفتوى رقم: 26425.
أما السؤال الأخير أن طهارة الثوب لا تشترط لصحة الوضوء، ولا يجب أن تكون الملابس طاهرة أثناء الوضوء، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 33995، وانظر الفتوى رقم: 3086 لبيان ماهية الوسواس القهري وعلاجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1428(11/844)
حكم وضوء من نسي سنة أو فرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نسي المرء سنة في الوضوء فهل وضوؤه صحيح وكيف له أن يصححه وذلك
1-إذا تذكر أثناء الوضوء
2-إذا تذكر بعد الانتهاء من الوضوء وقبل أن تجف الأعضاء
3-إذا تذكر بعد الانتهاء من الوضوء وقد جفت الأعضاء.
وماذا إذا كان المنسي فرضا.
بارك الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نسيان السنة من سنن الوضوء لا يبطله ولا يؤثر على صحته، فإن حصل ذلك وتذكر أثناءه فقيل يفعلها أثناءه من غير أن يقطع الوضوء ولا يعيد ما مضى ولا يقطع لها غسل فرض. فمثلا لو نسي المضمضة ثم تذكرها وهو يغسل يده اليسرى أكمل غسل يده ثم أتى بالمضمضة قبل مسح الرأس وقيل يفعلها بعد انتهاء الوضوء لا في أثنائه هذا هو المعتمد كما ذكر بعض فقهاء المذهب المالكي. ومن تذكرها بعد انتهاء الوضوء فعلها لما يستقبل من الصلاة سواء تذكرها قبل جفاف الأعضاء أو بعده علما بأن بعض السنن إذا نسيت لا يؤتى بها لأنها مندرجة في غيرها وفعلها مرة أخرى يؤدي إلى مكروه وهذه السنن منحصرة في غسل اليدين للكوعين إذا نسي فلا يعاد لأن غسل اليدين للمرفقين ينوب عنه وكذلك رد مسح الرأس لأن إعادته تستلزم مسح الرأس مرة أخرى، وكذلك الاستنثار وتجديد الماء لمسح الأذنين ففعلها يوقع في مكروه. قال الشيخ أحمد الدردير في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي، عند قول المؤلف:
ومن ترك سنة فعلها لما يستقبل من الصلوات لا إن أراد مجرد البقاء على الطهارة إلا أن يكون بالقرب أي بحضرة الماء ولا يعيد ما صلى إن كان الترك سهوا اتفاقا إلى أن قال: وأما غسل اليدين للكوعين فقد ناب عنه الفرض وأما رد مسح الرأس والاستنثار وتجديد الماء لمسح الأذنين ففعلها يوقع في مكروه وقال الدسوقي معلقا هنا اعلم أنه إذا ترك سنة كالمضمضة وتذكرها بعد الشروع في فرض فلا يرجع لها من ذلك الفرض، نعم يفعلها قبل الشروع في الثاني وللقرافي يفعلها بعد إكمال الوضوء ولا يقطع الوضوء لها وهو المعتمد. انتهى ولبيان حكم السهو عن الفرض من فرائض الوضوء تراجع الفتوى رقم: 64495، وللفائدة يراجع الفتوى رقم: 19101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(11/845)
حكم الوضوء واقفا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوضوء واقفاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص فقهاء الحنفية والمالكية على أن من مستحبات الوضوء الجلوس له في مكان مرتفع، فترك هذا المستحب مع القدرة على الإتيان به يُعتبر خلاف الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1428(11/846)
حكم صلاة المتوضئ الذي يغالبه الريح فيمسكه
[السُّؤَالُ]
ـ[إن كان الإنسان متوضئا ويصلي السنة وأراد أن تخرج منه ريح فأمسك على نفسه ف هل يجوز له أن يصلي الفرض أم يتوضأ من جديد؟
ملاحظة: هو لم يخرج ريحا ولكن أمسك على نفسه.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الوضوء باقيا لم ينتقض بخروج الريح أو غيرها فإن الصلاة به صحيحة فرضا كانت أو نفلا، لكن تجديد الوضوء مستحب لكل من توضأ ثم صلى بذلك الوضوء كما ذكر الفقهاء، ولبيان حكم صلاة الحاقن ومن في حكمه يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 14587، والفتوى رقم: 58716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1428(11/847)
معنى حديث: ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الحديث: لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن. هل المحافظة عليه بعدم انتقاضه أم أنه يعني أن المؤمن بمجرد انتقاض وضوئه يتوضأ فيكون بذلك محافظا على الوضوء؟؟
أرجوا الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المراد بالحديث المحافظة على الوضوء طيلة الوقت ما أمكن ذلك بحيث لو انتقض الوضوء توضأ ولو لم يكن في وقت صلاة.
قال العراقي في طرح التثريب عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ قال: ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين. وهو حديث صحيح، رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا.
قال العراقي: فيه استحباب دوام الطهارة، وأنه يستحب الوضوء عقب الحدث، وإن لم يكن وقت صلاة ولم يرد الصلاة، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم {ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن} فالظاهر أن المراد منه دوام الوضوء لا الوضوء الواجب فقط عند الصلاة. والله أعلم. انتهى.
والحديث المشار إليه في السؤال أوله، كما روي عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن. رواه مالك في الموطإ وابن ماجه وصححه الألباني، قال السيوطي في تنوير الحوالك عند كلامه على هذا الحديث: قال الباجي وقوله وخير أعمالكم الصلاة يريد أنها أكثر أعمالكم أجرا، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن يريد أنه لا يديم فعله في المكاره وغيرها منافق. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(11/848)
لا يزول اليقين بالشك
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الصلوات أذهب إلى الحمام (أعزكم الله) وأقضي حاجتي وأتوضأ للصلاة فلما أسجد أشعر وكأنما سقط شيء من البول ... وهكذا حتى في السنن في المنزل ولما أنظر لا أجد شيئا.. وكنت ذات مرة أصلي فأحسست بهذا واستيقنت وقطعت صلاتي ولما نظرت لم أجد شيئا.. ومرة واحدة سقط فعلا.. فهل تبطل صلاتي حينما أشعر بهذا الشعور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا عبرة بمجرد الشك بخروج الحدث فلا ينتقض به الوضوء ولا تبطل به الصلاة، ومن المقرر في قواعد الشرع أن اليقين لا يزول بالشك، فمن كان متطهراً وشك في انتقاض وضوئه سواء كان في الصلاة أو خارجها فلا ينتقض وضوؤه ولو كان في الصلاة فإنه لا يخرج منها حتى يتيقن الحدث لما في الصحيحين: أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال النووي رحمه الله تعالى: معناه يعلم وجود أحدهما ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى.
وعليه، فإذا عرضت لك هذه الشكوك سواء كنت أثناء الصلاة أم لا، فعليك أن تعرض عنها وتستمر في صلاتك فإذا تحققت من شيء عملت على مقتضاه بأن تغسل النجس وتتوضأ إن كنت تريد أن تصلي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(11/849)
الوضوء في مكان طاهر مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة بدائرة حكومية وأحاول أن أقوم بصلاتي في وقتها قدر المستطاع، المشكل هو أنني عندما أقوم بالوضوء في دورات المياه حيث لا يوجد مكان آخر متستر وفيه المياه غير هذا، يوجد في هذه الدورات مراحيض وهي نجسة وفيها روائح كريهة وأبوابها لا تغلق جيدا بحيث تبقى مفتوحة، ومقابلة لها توجد عيون للمياه أين أقوم بالوضوء للصلاة، أرجو من فضيلتكم أن أسألكم هل يجوز صحة هذا الوضوء رغم هذه النجاسة المقابلة لها والروائح الكريهة أم لا؟ وجزاكم الله تعالى كل خير ووفقكم لخير هذه الأمة.
هل في كيفية الوضوء يجب غسل الرجلين كليهما للكعبين 3 مرات كل واحدة أم يجوز غسلها مرة واحدة فقط في كل وضوء، وهل يكون غسل الذراعين للمرفقين ابتداء من اليدين رغم غسلها في البداية أم يجوز غسل الذراعين للمرفقين فقط، حيث إنني أقوم بالطريقة الثانية منذ طفولتي وتعلمي لها ولا أعرف الطريقة الثانية إلا من قليل عند اطلاعي لها في الفتاوى، فهل يجوز وضوئي أم لا، الرجاء إفادتي بالأجوبة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعين الأخت السائلة على أداء ما فرض الله عليها، ونقول لها: إن فعل الوضوء في المكان الطاهر من المستحبات وليس من الواجبات، قال خليل في مختصره في الفقه المالكي وهو يذكر فضائل الوضوء: وفضائله موضع طاهر. انتهى.
وعليه، فإذا كان المكان المقابل للمراحيض غير مستقذر وأمنت من أن يطلع عليك أحد من الأجانب أثناء وضوئك فهو أولى من المراحيض، مع أن الوضوء فيها صحيح. ولتنظري في ذلك الفتوى رقم: 74573. هذا عن الشطر الأول من السؤال.
أما عن الشطر الثاني فإن الأعضاء التي تغسل في الوضوء وهي الوجه واليدان والرجلان لا يجب غسلها ثلاثاً وإنما يجب غسل كل عضو مرة واحدة بحيث لا تبقى منه لمعة لم يصل إليها الماء، أما الغسلة الثانية والثالثة فهما من سنن الوضوء ومستحباته، وللمزيد من التوضيح يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 52166، والفتوى رقم: 7503. هذا عن الشق الأول.. أما الشق الثاني فإن غسل الكفين عند البدء بالوضوء سنة، ولا يغني عن غسلهما مع المرفقين الذي هو فرض من فرائض الوضوء. وعليه، فإذا لم يغسل المتوضئ كفيه أصلاً أو غسلهما بنية السنة واقتصر على ذلك فلم يغسلهما مع اليدين فإن وضوءه ناقص، ولا تصح الصلاة ما دام الوضوء ناقصاً. ولما يترتب على ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 58925.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1428(11/850)
لا يبطل الوضوء مع الشك بانتقاضه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال رقم: 2148881 المرسل بيوم أمس وأحلتموني على فتاوى أخرى أرجوكم أنا لا أستطيع الجزم هل ما أشعر به ناقض للوضوء أم لا؟ بالله عليكم ماذا أفعل أرجوكم أفيدوني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأصوات التي تسمعينها في البطن فلا تؤثر على الوضوء إطلاقاً، وإذا كانت من المخرج وتحققت من ذلك كأن سمعت صوتاً أو وجدت ريحاً فأعيدي الوضوء والصلاة التي صليتها بهذا الوضوء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه.
أما مجرد الشك هل خرج شيء أم لا فإن ذلك لا يبطل الوضوء لأن اليقين لا يزول بالشك، فاحذري من الوساوس والاسترسال فيها، فالإحساس بهذه الأصوات وسماعها قد يكون توهما لا حقيقة له، لا سيما إذا كنت لا تشعرين بها إلا عند الطهارة أو الصلاة، أما إذا تيقنت خروج شيء فيلزمك الوضوء كما قدمنا، لكن إذا بلغ بك الحال إلى السلس بحيث لا تتمكنين في وقت الصلاة من الطهارة والصلاة بدون أن ينتقض وضوؤك فتطهري ثم صلي ولا يضرك خروج الريح بصوت أو بغيره، وهذا إذا كانت الريح تخرج من الدبر، وأما إذا كانت تخرج من القبل فنقضها للوضوء محل خلاف بين العلماء، وقد ذكرنا حكم ذلك في الفتوى رقم: 14328 فراجعيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(11/851)
هل يصلح الوضوء بماء انغمست فيه اليد
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن الماء الطهور لا يصلح للوضوء إذا انغمست فيه اليد، فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا غمس الإنسان يده الطاهرة في الماء الطهور وهو ينوي رفع الحدث ـالوضوء ـ أو الغسل ـ فإن الماء يبقى طهوراً يصلح للوضوء والغسل.
وهناك حالات نص بعض الفقهاء على أن الماء فيها يصير طاهراً ولا يصلح للوضوء والغسل إذا غمست فيه اليد. وهذه الحالات باختصار ثلاث.
الأولى: إذا غمس الإنسان يده في الماء بعد استيقاظه من النوم قبل أن يغسلهما.
الثانية: إذا غمس المتوضئ يده في الماء ـ بعد غسل الوجه ـ إذا نوى رفع الحدث لا الاغتراف.
الثالثة: إذا غمس الجنب يده في الماء كذلك.
والصحيح أن الماء يبقى طهوراً في الحالات السابقة، يصح أن يتوضأ به ويغسل منه.
قال شيح الإسلام بن تيمية:".... وقد ثبت في الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه اغترف من الإناء بعد غسل وجهه كما ثبت أنه اغترف منه في الجنابة ولم يحرج على المسلمين في هذا الموضع بل قد علمنا يقيناً أن أكثر وضوء المسلمين واغتسالهم على عهده كان من الآنية الصغار، وأنهم كانوا يغمسون أيديهم في الوضوء والغسل جميعاً فمن جعل الماء مستعملاً بذلك فقد ضيق ما وسعه الله " أ. هـ. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/852)
الحد الأدنى من الماء المستعمل في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي لتر ماء فهل يمكنني استعماله في الوضوء للصلاة وما هو الحد الأدنى من الماء الذي يكفي للوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتر الماء يكفي للوضوء،بل يكفي للوضوء المد الذي هو أقل من اللتر، حيث يساوي 0,688لتر. وقد ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع كما في البخاري ومسلم. فمن أحسن استخدام المد في الوضوء فإنه يكفيه.
وأما الحد الأدنى من الماء الذي يكفي للوضوء فأكثر أهل العلم على أنه ليس هناك حد أدنى، وإنما العبرة بالغسل واستيعاب أعضاء الوضوء. فمن توضأ وغسل أعضاء وضوئه ولو بأقل من المد أجزأه. وقد ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ بثلثي مد رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
قال ابن قدامه في المغني:" وهذا مذهب الشافعي وأكثر أهل العلم " أ. هـ.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجزئ أقل من المد لقوله صلى الله عليه وسلم ـ:" يجزئ من الوضوء مد ومن الغسل صاع" رواه ابن ماجه وصححه الألباني، والتقدير بهذا يدل على أنه لا يحصل الإجزاء بغيره.
وعلى كلا القولين إذا لم يتحقق إسباغ الوضوء بالمد ودعت الحاجة فلا بأس ما لم يصل إلى حد الإسراف. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/853)
المبالغة في غسل بعض أعضاء الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا غسلت أي عضو من أعضاء الوضوء أكثر مما هو واجب وذلك للتأكد من وصول الماء إلى العضو وتنظيفه، فهل هذا ينقض الوضوء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضوؤك لا يبطل بزيادة غسل العضو للتأكد من وصول الماء إليه، ونواقض الوضوء تقدم بيانها في الفتوى رقم: 1795.
ويكفيك غلبة الظن في وصول الماء إلى العضو، ففي الفروع لابن مفلح: ويكفى الظن في الإسباغ. انتهى.
وإذا تحققت أو غلب على ظنك وصول الماء إلى العضو فلا تشرع لك الزيادة على ثلاث غسلات، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14519، والفتوى رقم: 93961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(11/854)
حكم وضوء وغسل من يضع ألماسة في أسنانه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الألماسة التي توضع في الأسنان بقصد الزينة تمنع وصول الماء للبشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يوضع على الأسنان ويسمى بالألماسة تختلف أنواعه ويختلف المقصد منه -فيما علمنا-.
وأما هل يمنع وصول الماء إلى البشرة أولاً؟ فالجواب: أنا لا نستطيع إطلاق القول بالإثبات أو النفي لعدم إحاطتنا علماً بأنواعه وإن كان المتبادر إلينا أنه لا بد أن يكون مانعاً من وصول الماء إلى ما تحته، وعلى فرض أنه يمنع من وصول الماء إلى السن فإنه لا يؤثر على الطهارة سواء كانت طهارة صغرى أو كبرى، لأن المضمضة سنة في الوضوء والغسل عند جمهور أهل العلم، فلو تركهما بالكلية صحت طهارته، والقائلون بوجوبهما في الوضوء والغسل -كما هو المعتمد في مذهب الحنابلة- لا يشترطون وصول الماء إلى جميع أجزاء الفم والأنف، بل يستحبون ذلك فقط، قال الإمام ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني: ولا يجب إدارة الماء في جميع الفم ولا إيصال الماء إلى جميع باطن الأنف، وإنما ذلك مبالغة مستحبة في حق غير الصائم.
وأما القائلون بوجوبهما في الغسل دون الوضوء -وهم الحنفية- فقد نصوا على وجوب استيعاب أجزاء الفم والأنف بالماء، قال في رد المحتار: فالمضمضة اصطلاحاً: استيعاب الماء جميع الفم.
إلا أن المحققين منهم استثنوا ما فيه مشقة أو حرج قال الكمال بن الهمام في فتح القدير نقلا عن الصدر الشهيد حسام الدين: إذا كان في أسنانه كوات يبقى فيها الطعام لا يجزئه -الغسل- ما لم يخرجه ويجري الماء عليها. وفي فتاوى الفضلي والفقيه أبي الليث خلاف هذا، فالاحتياط أن يفعل. انتهى.
والدرن اليابس في الأنف كالخبز الممضوغ والعجين يمنع.
وعليه فيسقط وجوب غسل ما تحت مقوم الأسنان والمادة اللاصقة للحرج والمشقة، في إزالته سواء كان ذلك في الوضوء أو في الغسل، ويكفي إمرار الماء فوق مقوم الاسنان، وما غطاهما من لاصق ونحوه، لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، والمقرر عند أهل العلم أن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن المشقة تجلب التيسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/855)