دعاء الزوجة لقريبها المتوفى وجمع المال لأبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مخطوبة لابن عمتي ولم يتم الزواج ثم تزوجت من رجل أحبه جدا وأنا الحمد لله ملتزمة جدا وهذا مادعاني للسؤال. توفي ابن عمتي وهو أب لطفلين وأنا أقوم بجمع مبلغ شهري لأطفاله وزوجته فهل في ذلك شيء بالنسبة لمشاعر زوجي مع العلم أنه يعلم ولكني أشعر بحرج منه في ذلك كما أنني مداومة على الدعاء له وسط دعائي ولكني دائما عند الدعاء له أخفض صوتي وذلك بسبب إحساسي أن في ذلك شيئا أرجو الرد حتى لو كان السؤال غير مهم لأنه يسبب لي أرقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة رشيدة جاز لها التصرف في مالها بما شاءت من هبة أوصدقة أو بيع أو نحوها من أنواع التصرفات التي يقرها الشرع، وليس لزوجها منعها من ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 1618. وكذلك لا حرج على المسلمة في أن تجمع تبرعات لمصلحة الأيتام، وراجعي الفتوى رقم: 27452. وبناء على هذا فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في الإنفاق على أسرة ابن عمتك أو جمع تبرعات لهم ولو لم يرض زوجك بذلك، لكن مع ذلك ينبغي أخذ رأيه في ذلك وتفهيمه للوضع وأن الذي حملك على ذلك هو طلب الأجر بالإنفاق على أولئك الأطفال الأيتام وليس شيئا آخر، فإن قبل بالأمر فاحمدي ربك على ذلك، وإن لم يقبل فينبغي إخفاء ذلك عنه تفاديا للوقوع في أمر يغضبه. أما بشأن الدعاء له فهذا أمر محمود، بل حق لأموات المسلمين عامة على إخوانهم الأحياء أن يدعوا الله لهم بالمغفرة لقول الحق سبحانه: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ {الحشر: 10} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(10/490)
الصلاة المشيشية وصيغ الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الكتب الدينية نجد الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) مسنودة إلى شخص ما، مثلا الصلاة المشيشية لابن مشيش, وكما نجد هذه الصلاة مصحوبة بفضائلها, كنيل ثواب عظيم مع أنه ليس هناك حديث يثبت صحتها، ما حكم هذا, وأتمنى معرفة أطول صلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) مثبوتة في سنتنا؟ وأشكركم على الجهود المبذولة لجعل موقعكم الإلكتروني أفضل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سميت هذه الصلاة بالمشيشية نسبة إلى عبد السلام بن مشيش كما ذكر الأخ السائل، ولعله قد اطلع على ألفاظها وما تضمنته كلماتها مما هو منكر إلا أن يتمحل له بضروب التأويل، وإثبات ثواب معين لهذه الصلاة أيضاً لا أصل له، ولا يصح أن يثبت ثواب معين لعمل معين إلا بدليل شرعي صحيح، ولم يرد حديث بهذه الصيغة ولا تحديد ثواب، فهذه أشياء مبتدعة يجب الحذر منها والابتعاد عنها. وأمر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واسع ما دامت لم تحمل مخالفة شرعية ولا اعتقد قائلها لها ثوابا محدداً، ويستأنس لهذا بما روي عن الأصبهاني أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت له: يا رسول الله، محمد بن إدريس الشافعي ابن عمك هل خصصته بشيء؟ قال: نعم، سألت ربي عز وجل أن لا يحاسبه، قلت: بماذا يا رسول الله؟ فقال: إنه كان يصلي علي صلاة لم يصل علي مثلها، فقلت: وما تلك الصلاة يا رسول الله؟ فقال كان يقول: اللهم صل على محمد كلما ذكرك الذاكرون، وصل على محمد وعلى آل محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون. انتهى. من مغني المحتاج.
وهذه الصيغة لم يرد بها حديث صحيح، ولكن الشافعي لم يكن يدعى لها ثواباً معينا وليس فيها مخالفة شرعية، وقد وردت في الأحاديث الصحيحة عدة صيغ للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جمعها النووي رحمه الله في صيغة واحدة فقال كما في المجموع: ينبغي أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة السابقة فيقول: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وهذا على طريقة من يرى من أهل العلم جمع ما روي في أحاديث متفرقة فيقوله كله وهي طريقة النووي وجماعة، ومن أهل العلم من يرى أن تفعل كل سنه على انفراد، لكن يفعل بهذه أحياناً وبهذه أحياناً أخرى، وهي طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة. رحم الله الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(10/491)
دعاء الزوجين بعد صلاتهما معا والتأمين سرا
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد نهاية صلاتنا أنا وزوجتي نجلس للدعاء..أدعو أنا وهي ساكتة لاتؤمن على دعائي......هل تكفي النية عن القول (أمين) عند كل دعوة؟ وهل يجوز الجلوس وظهري للقبلة الشريفة ووجهي مقابل وجه زوجتي لآنها مستندة إلى المخدع متشابكي الأصابع وأدعو أنا وهي تراقبني وتؤمن بقلبها دون اللفظ..هل يقبل الله مثل هذه الجلسة؟ وجزاكم الله كل خير.. 9/إمامة الصلاة هل يجوز لي أن أؤم زوجتي وأختها الغير متزوجة أو بعض النساء من أقاربي وأقارب زوجتي للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء جماعة بعد الصلوات أمر لا يستند إلى دليل شرعي وبالتالي فالأولى تركه لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه وخير الهدي هدى محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد. متفق عليه وللمزيد راجع الفتوى رقم: 13351. والتأمين على الدعاء لا يكون إلا باللفظ فلا تكفى نيته في القلب دون التلفظ به بدليل ماثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. والأفضل استقبال القبلة أثناء الدعاء لأن ذلك من آدابه المستحبة إضافة إلى كونه أرجى للاستجابة، وراجع آداب الدعاء في الفتوى رقم: 23599.والفتوى رقم: 18043. وصلاة الجماعة واجبة في حق الرجل القادر عليها لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر شرعي من الأعذار التي نص عليها أهل العلم والتي سبقت في الفتوى رقم: 60743. وإمامة الرجل للنساء الأجنبيات تقدم كلام أهل العلم فيها في الفتوى رقم: 53242. وقبول الأعمال الصالحة أمر غيبي لايمكن للإنسان عليه بل المطلوب الحرص على أداء الطاعات مستوفية لشروط القبول من الإخلاص لله تعالى والموافقة للهدي النبوي إضافة إلى استمكال الأركان والشروط والواجبات المطلوبة لتلك العبادة. وراجع الفتوى رقم: 28592،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(10/492)
إلزام النفس بأوراد معينة يوميا
[السُّؤَالُ]
ـ[من باب تنظيم الوقت، ومن باب إنجاز العمل.. فإنني أعددت جدولاً؛ ومما فيه عمل الآتي: تلاوة للقرآن الكريم: بعد الفجر، وبعد المغرب قبل الفجر يومياً: (100 مرة) استغفار بعد العشاء يومياً: (100 مرة) صلاة على النبي (r) بعد الظهر أو بين العشائين: ذكر مطلق.. يختلف ــ يومياً ــ في صيغته على النحو التالي:السبت:20 مرة: الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء 100 مرة: سبحان الله العظيم وبحمده، الأحد: 20 مرة: سبحان الله عدد ما خلق، وسبحان الله ملء ما خلق، وسبحان الله عدد ما في السموات والأرض، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء 100 مرة: سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم، الاثنين: 20 مرة: الباقيات الصالحات: \" سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله \" 100 مرة: حسبي الله ونعم الوكيل الثلاثاء: 20 مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم؛ اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني وارزقني 100 مرة: الحوقلة \" لا حول ولا قوة إلا بالله \"الأربعاء:20 مرة: لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله100 مرة: \" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين \"الخميس: 20 مرة: كلمات الفرج \" لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم \"
100 مرة: سبحان الله الجمعة:10 مرات: سورة الإخلاص 100 مرة: التهليل قول: \" لا إله إلا الله \" فهل في هذا التحديد (اليوم ـ الوقت ـ العدد) ابتداع؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذكر على وجه العموم مشروع ومستحب في جميع الأوقات لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {الأحزاب:41ـ42} . وقال تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ {الأحزاب: 35} . وقال صلى الله عليه وسلم: لايزال لسانك رطبا بذكر الله. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وراجع في فضل الذكر الفتاوى ذات الأرقام: 18068، 32076، 18384. وبناء عليه فلا بأس أن يلزم المرء نفسه بأوراد من أذكار بأعداد معينة تحصيلاً للأجر العظيم، وترطيباً للسان، وتزكية للنفس، شريطة أن لا يعتقد أي فضيلة لهذه الأعداد التي لم ترد في السنة، وإنما يفعل ذلك من باب ضبط الوقت. وكذلك أن لا يعتقد أن المداومة على هذه الأعداد سنة راتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن تأمل حال السلف الصالح وجد أن أكثرهم كانوا يلزمون أنفسهم بأوراد من الصلوات والأذكار والقراءة زائدة على ما ورد في السنة المطهرة ويحتجون على مشروعيتها بعمومات الكتاب والسنة الواردة في فضل الذكر والصلاة وغيرهما، ومن يطلع على سيرهم رضوان الله عليهم يقف على صحة ذلك. وراجع كتاب سير أعلام النبلاء أو تاريخ الإسلام للإمام الذهبي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة أو القراءة أو الذكر أوالدعاء طرفي النهار وزلفاً من الليل وغير ذلك: فهذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديما وحديثاً، فما سن عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات: فعل كذلك، وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عمل كذلك كما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم. يجتمعون أحياناً: يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون. وكان عمر بن الخطاب يقول: يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون وكان من الصحابة من يقول: اجلسوا بنا نؤمن ساعة. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 60768. ولكن تخصيص كل يوم بذكر يداوم عليه فيه دون غيره من الأيام كما ورد في السؤال عمل لا نعلم له أصلا فينبغي اجتنابه حتى لا يكون من البدع الإضافية أي الابتداع في هيئة العمل وإن كان أصله مشروعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(10/493)
أثر دعاء الأباء على زواج البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر كل القائمين على هذا الموقع..
سؤالي هو..
نحن عائلتنا مكونة من 4 بنات يصغرهن ولد، أبي وأمي على خلاف دائم منذ أن أبصرت النور ودائما بينهما مشاجرات وكلام بذيء، أنا بلغت من العمر 27 ولم أتزوج وأخواتي الثلاث اللاتي يكبرنني في الثلاثينات.. أبي وأمي دائما يدعون علينا أنا وأخواتي الله يسامحهما، أي خلاف بينهم نحن ندفع ثمنه بدعائهم علينا أنجبونا لنشقى والحمد لله
هل دعاء الوالدين على الأبناء سبب من أسباب عدم الزواج؟ وإذا كان كذلك ما الحل؟
الحمدلله لا ينقصنا جمال أو أخلاق!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لكن التوفيق والخير، وأن ييسر لكن الأزواج الصالحين، ودعاء الوالدين عليكن لغير سبب هو اعتداء وظلم ولا يضركن إن شاء الله، وأما تأخر زواجكن فله أسباب من ضمنها أسباب اجتماعية وأسباب اقتصادية وأسباب أخلاقية، ولكن نصيحتنا لكن أيتها الأخوات الكريمات موجودة في الفتوى رقم 21353، وللفائدة يمكن مطالعة الفتوى رقم 7682 والفتوى رقم 18430.
ونصيحتنا للأبوين أن يتقيا الله تعالى في علاقتهما ببعضهما وعلاقتهما بأبنائهما، ويمكن مطالعة الفتوى رقم 27662. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(10/494)
دخول المنتديات بكتابة ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[يعلم الله أنني حين أحتار في أمر يخص الدين آتيكم، سؤالي هذه المرة ربما مختلف، وهو عنكم أنتم علماؤنا جزاكم الله عنّا كل خير ...
لاحظت وكثيرا ما أقولها أننا نضيع أحيانا في فتاوى بعض العلماء فكل يفتي بما هو يراه سامحوني لكنها والله حقيقة ولا أعنيكم أنتم، فرضا في فتوى حكم تسجيل الحضور بذكر الله أو الصلاة على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم قرأت هذه الفتوى ... رأيت فيها ما يفيد بدعية الدخول وتسجيل الحضور للمنتديات بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واحتج صاحبها بالأثر الذي يروى عن ابن مسعود أنه لما دخل المسجد ووجد الذين يتحلّقون وأمام كل حلقة رجل يقول: سبحوا مائة، فيُسبِّحون، كبِّروا مائة، فيُكبِّرون ... فأنكر عليهم -مع أن هذا له أصل في الذِّكر- ورماهم بالحصباء، وقال لهم: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصاً نعدّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم! فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبلَ، وأنيته لم ... ... والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة؟ قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير! قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. ورواه ابن وضاح في البدع والنهي عنها.
وأنا بمجرد قراءتها ... أحببت التأكد عن طريقكم لأنني على ثقة فيكم، فما نصحكم لنا أثابكم الله عنّا كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب تسجيل الحضور في حوارات المنتديات من المشاركين عن طريق كتابة الصلاة والسلام على رسول الله أو آية أو اسم من أسماء الله أو ذكر أو حكمة من الأمور الحسنة التي فيها تعاون على البر والتقوى، ودعوة إلى الخير، وهو بلا شك أفضل كثيراً من العبارات والشعارات التي يستخدمها بعض رواد المنتديات، وهو يشبه نقش الخواتم الذي كان شائعاً في سلف هذه الأمة، ويكون فيه اسم من أسماء الله تعالى أو آية من القرآن العظيم، ويشبه افتتاح الخطب بالحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله.
وعلى كل فالمسألة قابلة للاجتهاد وهي أشبه في نظرنا بالذكر الموجود افتتاحا واختتاما في الخطب والرسائل عند السلف وأشبه كذلك بنقش الخاتم، نقول: هي أشبه بهذين منها بالابتداع الذي يستفاد النهي عنه من أثر ابن مسعود الذي اعتمده بعض المشايخ الفضلاء، وهذا عند النظر إليها بما يعرف عند الأصوليين بقياس الشبه، وهو أن الفرع إذا تردد بين أصلين أحدهما يلحقه بالتحريم وآخر يلحقه بالجواز نظر إليه فألحق بأشدهما به شبها، والشبه هنا بافتتاح الخطب والرسائل وبنقش الخاتم أقوى من الشبه بالحالة الواردة في أثر ابن مسعود، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم قالوا إنهم لا يقرؤون كتابا إلا مختوماً، فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة كأني أنظر إلى وبيصه ونقشه محمد رسول الله.
وقد ذكر ابن عابدين في رد المختار، والبجيرمي في شرح منهج الطلاب أن نقش خاتم أبي بكر: نعم القادر الله، وعمر: كفى بالموت واعظاً، وعثمان: لتصبرن أو لتندمن، وعلي: الملك لله. وقد ذكر أهل العلم عند بيان آداب مجلس الحديث أنه يفتتح ويختم بالذكر والدعاء، قال ابن الصلاح في علوم الحديث: وليفتتح مجلسه وليختتمه بذكر ودعاء يليق بالحال. ومن أبلغ ما يفتتحه به أن يقول: الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال. والصلاة والسلام الأتمان على سيد المرسلين، كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون. اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون.
وقال العراقي في ألفيته:
واحمد وصل مع سلام ودعا * في بدء مجلس وختمه معا
قال السخاوي في فتح المغيث عند شرح هذا البيت: واحمد الله تعالى، وصل على رسوله صلى الله عليه وسلم مع سلام عليه أيضاً، وكذا مع دعاء يلتقي بالحال في بدء كل مجلس وفي ختمه معا سواء جهرا فكل ذلك مستحب. ثم ذكر السخاوي بعض الأدعية التي ذكر ابن الصلاح وزاد عليها، وقال النووي في الأذكار: قال العلماء: يُستحب البداءة بالحمد لله لكل مصنف ودارس ومدرس وخطيب وخاطب وبين يدي سائر الأمور المهمة، قال الشافعي رحمه الله: أحب أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه حمد الله تعالى والثناء عليه سبحانه وتعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى {النمل:59} قال: يعني أمته عليه السلام، قال الكلبي: اصطفاهم الله بمعرفته وطاعته، وقال ابن عباس وسفيان: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقيل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلو هذه الآيات الناطقة بالبراهين على وحدانيته وقدرته على كل شيء وحكمته، وأن يستفتح بتحميده.
والسلام على أنبيائه والمصطفين من عباده، وفيه تعليم حسن وتوقيف على أدب جميل، وبعث على التيمن بالذكرين والتبرك بهما، والاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين، وإصغائهم إليه، وإنزاله من قلوبهم المنزلة التي يبغيها المستمع، ولقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابراً عن كابر هذا الأدب، فحمدوا الله وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام كل علم مفاد، وقبل كل عظة وفي مفتتح كل خطبة، وتبعهم المترسلون فأجروا عليه أوائل كتبهم في الفتوح والتهاني، وغير ذلك من الحوادث التي لها شأن.
فالحاصل أنه لا حرج في الدخول للمنتدى بالذكر إذ إنه أشبه من يفتتح كلامه من المتحاورين بالحمدلة، والصلاة والسلام على رسول الله وهو مما لا يعلم مانع منه، وكذا الحال بالنسبة للتوقيع فهو أشبه بالخاتم كما سبق.
ولم يتضح لنا أنه ذكر جماعي فالذكر الجماعي هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع أدبار الصلوات المكتوبة، أو في غيرها من الأوقات والأحوال ليرددوا بصوت جماعي أذكاراً وأدعية وأوراداً وراء شخص معين، أو دون قائد، لكنهم يأتون بهذه الأذكار في صيغة جماعية وبصوت واحد كذا عرفه الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس في كتابه (الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع) ، هذا ونؤكد على تأكيد البعد عن الابتداع في الدين فإن شأن البدعة خطير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:..... وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. رواه النسائي بسند صحيح، وأصل الحديث في صحيح مسلم.
وقال أيضاً: إن الله احتجر التوبة على كل صاحب بدعة. رواه الطبراني في الأوسط، والضياء في المختارة، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(10/495)
الدعاء بالكوارث العامة على أهل بلد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بالكوارث على بعض البلدان التي يسكنها مسلمون لكنها تحارب شرع الله وما افترضه على عباده ولنشرها أسباب الانحلال الأخلاقي مما أدى إلى فسق الكثير من أهلها ولانتشار الفواحش فيها, عسى أن يكون تذكرة لهم وزجرا لما انغمسوا فيه من الفسق والفجور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطريق القويم هو الدعاء على المجرمين والمفسدين في الأرض بأن يهديهم الله أو يهلكهم كما يشاء سبحانه وتعالى بما يكون رادعاً لغيرهم من المفسدين، كما قال ذلك الغلام المؤمن: اللهم اكفنيهم بما شئت. رواه مسلم.
ولا يدعو عليهم جميعاً بالكوارث العامة التي تشمل الصالح والطالح لأن في ذلك اعتداء، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(10/496)
الدعاء بصيغة لا تليق بالله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الكلام صحيح انتبهوا يا إخوان اكتبوا اللهم صلّ على سيدنا محمّد وليس صلّي بالياء لأن الياء هنا ياء للتانيث فيُقال للمرأة صلي وعندما ندعو الله عز وجل لايجوز استخدام صيغة التانيث لذا نكتب صلِّ كما كتبها في الأخير وسلامتكم. اللهمّ صلّ على سيدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام المذكور صحيح، وعند الدعاء لا يجوز أن نقول عمدا اللهم صلي على سيدنا محمد " بالياء" لأن هذا لا يليق في حق الله تعالى، ولا حرج على من صدرت منه هذه الصيغة جهلا أو نسيانا لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني. وللفائدة راجع الأجوبة التالية أرقامها: 5025، 28254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(10/497)
صلاة الجنب على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في رجل (جنب) سمع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال: عليه الصلاة والسلام هل يجوز أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحرم على الجنب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل ينبغي له ذلك عند سماع ذكره صلى الله عليه وسلم مثل غير المحدث، وكذلك سائر الأذكار من تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل واستغفار فإنها لا تحرم عليه، وإنما يحرم عليه قراءة القرآن مع أشياء أخرى ذكرناها في الفتوى رقم: 17908.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 23849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(10/498)
اتخاذ أوراد خاصة والمداومة عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا المشروع يعتبر مقترحا كحد أدنى لكل مسلم وهو على شكل فقرات محددة الوقت والثواب مثبتة بالدليل الشرعي لعل النظر إلى الأجر يحفز على تحمل المشقة ومن ذاق عرف ومن أدلج بلغ المنزل واعلموا أن سلعة الله غالية، فوائد المشروع 1- مغفرة الذنوب. 2- الأمان من الفقر في الدنيا لك ولأولادك ولأسرتك. 3-بيت لك في الجنة.4- الأمان من فتنة القبر. 5- ينزل الله إليك ويستجيب دعاؤك.6- تفريج الهم وزيادة الرزق. 7- تتصدق على كل مفصل من مفاصل جسمك كل هذا في ستين دقيقة. فهذا طريق للجنة فهل من مستثمر تفاصيل المشروع قراءة سورة الواقعة كل يوم (ثمان دقائق) الفائدة: تؤمن نفسك ضد الفقر أنت وأولادك وأسرتك، الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا، قراءة سورة الملك (خمسة دقائق) الفائدة: تنجي من عذاب القبر، الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم من القرآن سورة ثلا ثون آيه شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك سورة يس (عشرة دقائق) الفائدة.. غفران الذنوب كلها والدليل قوله صلى الله عليه وسلم ويس قلب القرآن لا يقرأها رجل يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له واقرؤوها على موتاكم ومن قرأ يس كتب الله له قراءة القرآن عشر مرات ومن داوم على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيدا صلاة اثني عشر ركعة نافلة في اليوم (ثمان دقائق) الفائدة.. إذا داومت على ذلك بني الله لك بيتا في الجنة، الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم من صلى في اليوم والليله اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بني الله له بيتا في الجنة ويفضل أن تكون السنن المؤكدة وهي أثنتان قبل الصبح أو الفجر وأربع قبل الظهر واثنتان بعد المغرب واثنتان بعد العشاء. صلاة ركعتين في جوف الليل \" عشر دقائق\" الفائدة: يستجاب دعاؤك ويغفر ذنبك وتقضى حاجتك، الدليل: قوله عليه السلام ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. سبحان الله وبحمده تقال مائة مرة \" ثلاث دقائق\" الفائدة: تغرس لنفسك في الجنة نخلة أي ثلاثمائة وخمس وستين نخلة في المرة /hal hada al kalam tabit 3an anabiy salla allaho 3alayhi wasalam arjo al ijaba bissor3a]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن يجعل المسلم لنفسه أوراداً يواظب عليها شريطة أن تكون تلك الأوراد مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ننبه الأخت السائلة إلى أن القطع بمغفرة الذنوب والأمان من الفقر وبناء بيت في الجنة إلى غير ذلك مما لا ينبغي ولكن يقال: يرجى له ذلك وما شابه من الألفاظ التي ليس فيها قطع. وكذلك القول: ينزل الله إليك. خطأ، فإن الثابت في الحديث الصحيح أن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير لجميع العباد، وراجعي الفتوى رقم: 58758. أما الحديث المذكور في فضل قراءة سورة الواقعة فضعيف كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13140، وأما الحديث المذكور في فضل قراءة سورة الملك فصحيح كما سبق في الفتوى رقم: 46598، أما الأحاديث الواردة في فضل قراءة سورة (يس) فلم يصح منها شيء فيما نعلم وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27354، 12197، 38040. أما المحافظة على صلاة اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليل من النوافل فصحيح ثابت وراجعي الفتوى رقم: 55785، وكذلك سبق أن بينا أن الحديث قد ورد مفصلاً في رواية الترمذي بلفظ:.. أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر. وراجعي الفتوى رقم: 32489. أما صلاة ركعتين في جوف الليل فهي داخلة في عموم الحث على الصلاة في جوف الليل وقد وردت أدلة على استحباب القيام في جوف الليل، وراجعي الفتويين: 9569، 58967. أما فضل (سبحان الله وبحمده) فقد روى الترمذي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة. صححه الألباني. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. وروى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(10/499)
لا تؤخذ الأذكار من كتاب تنبيه الغافلين للسمرقندي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت في برنامج المحدث ضمن قسم التزكية في كتاب تنبيه الغافلين الإصدار الثاني للسمر قندي في باب ما جاء في فضل التسبيح مايلي: قال وحدثني الثقة بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال \"جاء إسرافيل عليه السلام إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقال قل يا محمد سبحان اللَّه وبحمده والحمد لله ولا إله إلا اللَّه والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عدد ما علم اللَّه تعالى وزنة ما علم اللَّه تعالى وملء ما علم اللَّه تعالى، فمن قالها مرة كتب اللَّه له خمس خصال: كتب من الذاكرين لله كثيرا وكان أفضل من ذكره بالليل والنهار، وكان له غرسا في الجنة، وتحاتت عنه ذنوبه كما يتحات ورق الشجر اليابس، ونظر اللَّه إليه، ومن نظر اللَّه إليه لم يعذبه\". وسؤالي هو هل هذا الحديث صحيح أي خال من الضعف لأنني ولأكثر من سنة أعمل به فإذا كان صحيحاً أرجو منكم أن تنشروه لما فيه من الخير دون ذكر أي من اسمي أو الإيميل كما أرجو منكم أن تخبروني عن صحة الأحاديث الواردة في هذا الكتاب وهل تنصحوني في الاستمرار في القراءة فيه.
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتويين: 18330، 49119. أن كتاب تنبيه الغافلين للمسرقندي مليء بالأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها، فلا يعتمد عليه في أخذ الأحاديث، ويمكنك الاستعانة بكتب السنة الصحيحة كالأذكار للنووي والكلم الطيب لابن تيمية. وننصحك بعدم الاستمرار في قراءة الكتاب المذكور وأن تستغني بغيره من الكتب المشهورة بالصحة. وأما الحديث المذكور في السؤال فلم نجد له أصلا في كتب السنة، وفيما ثبت من الأذكار غنى عما لم يثبت، وانظر الفتوى رقم: 50694، ورقم: 35356، ورقم: 31383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(10/500)
الدعاء المأثور بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء مأثور عن الرسول يقال بعد الصلاة يساعد على رفعها وقبولها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء معين يدعى به بعد الصلاة يكون سببا لرفعها وقبولها. وعلى المرء أن يواظب على الأذكار والأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أهمها في الفتوى رقم: 4817 وفي ذلك خير كثير، ولن يضيع الله من عمل عملا صالحا مخلصا فيه موافقا لشرعه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(10/501)
تسجيل الحضور بالمواقع عن طريق الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لكم هذه الرسالة وأنا في أمس الحاجة لرد فضيلتكم..فأنا أمتلك موقعاً على الانترنت يضم هذا الموقع منتديات. نشر أحد الأعضاء موضوعاً يحمل فتوى من المشائخ التالية أسمائهم:1- أسامة العتيبي 2- ماهر القحطاني. هذا نص السؤال المطروح على الشيخين: ما حكم الشرع فيما يفعله بعض المنتديات أن يكتب أحدهم موضوعا بعنوان: سجل حضورك بذكر اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى أو سجل حضورك بذكر آية من كتاب الله أو بأي ذكر آخر وهكذا يفعل الأعضاء عند دخول المنتدى فيكتبون اسما من أسماء الله أو آية من كتاب الله عند دخولهم المنتدى....؟
أفيدونا مأجورين، وفقكم الله وبارك فيكم. وكانت إجابة الشيخ العتيبي كالتالي:فما يفعله أولئك من كتابة موضوع: سجل حضورك بإيراد ذكر أو اسم من أسماء الله أو نحو ذلك محرم من وجوه: الوجه الأول: أن العبادات مبناها على التوقيف، وقد قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) رواه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه. وما يفعله أولئك هو من باب العبادات التي يجب فيها الاتباع وينهى فيها عن الابتداع..وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: \"اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم\".الوجه الثاني: أن هذا الفعل قد صدر نحوه من بعض من سبق فأنكر عليه السلف..من ذلك أولئك الذين كانوا تحلقوا في المسجد لمجرد الذكر مع عدهم لذلك الذكر فأنكر عليهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقال لهم: \"إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة\" وقال لهم: \"وكم من مريد للخير لم يدركه\". وقد قال الراوي: لقد رأيت عامة أصحاب الحلق يطاعنوننا يوم النهروان..أي أنهم أصبحوا من الخوارج بسبب بدعتهم، فقد جرتهم إلى بدعة أغلظ..وكذلك التدوير كرهه مالك وذكره العلماء في البدع، وهو أن يجتمع مجموعة من الناس في حلقة لقراءة القرآن فقط لا للتعليم فهذا يسمى التدوير وهو بدعة، الوجه الثالث: أن عامة وأكثر من يدخل المنتديات من الجهال، ففتح الباب لهم بوضع ذكر أو اسم من أسماء الله فتح لباب الشر، ودخول الجهال فيما لا يحسنون، فقد يضعون أسماء ليست من أسماء الله، أو أذكاراً موضوعة ومكذوبة
فهذه بعض الأوجه الدالة على حرمة هذه الأفعال..والله أعلم وصلى الله سلم على نبينا محمد -وكان رد الشيخ القحطاني كالتالي:بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله أما بعد، فعملهم هذا فيه نظر من جهات، الأولى / أن كثيرا من الناس خاصة ممن يكتب في المنتديات يجهلون أسماء الله الصحيحة فيسمونه بما لم يسم به نفسه 000كالستار وإنما هي الستير 0000والمذل وغيرها مما في حديث الترمذي الضعيف الذي نص عليها 000فيحتاج في هذا الباب إلى عالم والمشرفين عادة ليس فيهم عالم فإما أن يقروا على الخطأ أو ينكروا من الأسماء ماثبت ولكن لقلة بضاعتهم سيتخبطوا في هذا الباب0الثاني / أن الذي اكتفى به السلف ذكر البسملة واستمروا عليه ففيها كل خير أما أن يزاد على البسملة ذكر إسم الله مفردا تبركا ويستمر على ذلك فاخشى أن يكون بدعة أما إن كتب ذلك في نهاية الموضوع للتعليم وكان الكاتب عالما وفعل ذلك ليعلم فلعل أمر التعليم واسع 000ولكن قد يظن جاهل أن تلك الكتابة للتبرك أو أنه مستحب ذكر الأسماء في الرسائل فيقتدي بذلك في رسائله فيخالف رسائل رسول الله 0فناصحهم على ماذكرت لك وحبذا أن تذكر لي بعض أسماء الله التي كتبوها 000حتى نرى هل هم عارفون بأسماء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله.
-ونحن فضيلة الشيخ ننتظر ردكم حيال هذا التساؤل بحكم معرفتك بالانترنت والمنتديات..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من تسجيل الحضور عن طريق كتابة آية أو اسم من أسماء الله أو ذكر من الأمور الحسنة التي فيها تعاون على البر والتقوى، وهو بلاشك أفضل كثيراً من العبارات والشعارات التي يستخدمها بعض رواد المنتديات، وهو يشبه نقش الخواتم الذي كان شائعا في سلف هذه الأمة ويكون فيه اسم من أسماء الله تعالى أو آية من القرآن العظيم. كما أن ضبط أسماء الله ومعرفة الثابت منها يمكن عن طريق الدخول على موقع العلامة ابن عثيمين أو غيرها من المواقع الأخرى المتخصصة، وراجع الفتوى رقم: 48823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(10/502)
الدخول إلى المنتديات بذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على ما تقومون به من خدمة للإسلام والمسلمين. أسأل الله أن يصلح نيتي ونواياكم.
سؤالي هو أني قرأت فتوى رقم 50156 وهي بعنوان حكم المشاركة في المنتديات التي تأمر بقراءة الفاتحة, وقد ذكر فيها السائل الصلاة عن النبي في المنتديات.
ما أريد قوله بالنسبة للصلاة على النبي أو كتابة ذكر من الأذكار أو كتابة الفاتحة في المنتديات, وهو أن أكثر الأعضاء يقومون بنسخ ولصق ما كتبه من قبلهم وفي بعض الأحيان لا يقرؤون ما يكتبون والقصد من ذلك زيادة عدد مشاركاتهم.
ألا ترون أن الأحوط أن يذكر الإنسان ربه وأن يصلي على نبيه بينه وبين نفسه واحتساب الأجر عند الله, فهذا في ظني ما يحقق المقصود ويحرز الأجر من ورائه. وما حملني على قول ذلك هو ما رأيته في فترة طويلة قضيتها بين المنتديات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالداخل إلى المنتديات المذكورة إن كان سيكتب بعض ذكر الله تعالى ويتلفظ به مستحضرا له بقلبه فهذا قد جمع بين أفضل مراتب الذكر وهي الذكر بالقلب واللسان.
وإن كان الذكر الذي يريد الدخول به قد نسخه وقام بلصقه فهذا لا شك أنه قد اشتغل بذكر الله تعالى بقلبه وهذه مرتبة من مراتب الذكر لكنها أقل أجرا من الدرجة الأولى، لكنها أفضل من الذكر باللسان فقط، وراجع تفصيل مراتب الذكر في الفتوى رقم: 28251.
وعليه؛ فنقول لا مانع من الدخول إلى المنتديات المذكورة بذكر الله تعالى، والأفضل في هذه الحالة للداخل الجمع بين أفضل مراتب الذكر وهو الذكر بالقلب مع اللسان، ولكن على افتراض أن الواحد منهم لا يذكر الله بلسانه فإن اشتغالهم بهذا الذكر بالقلب والنظر ونحو ذلك خير من تركه. هذا؛ إضافة إلى أن المسلم ينبغي أن يكون ذاكرا لله تعالى على كل أحيانه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وللتعرف على أهمية الاشتغال بذكر الله تعالى راجع الفتوى رقم: 37130.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(10/503)
الدعاء في الصلاة المفروضة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم القراءة في السر مع الإمام؟ والدعاء أثناء الصلاة المفرو ضة..والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الإنسان لنفسه، ولمن أحب أثناء الصلاة المفروضة، أو النافلة، إماما أو مأموما أو منفردا في مواطن الدعاء كالركوع والسجود وبعد التشهد من الأمور المستحبة، لا سيما السجود فإنه من المواطن التي ينبغي للمسلم أن يحرص على الدعاء فيها، لما أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء. والأولى بالمسلم أن يدعو بالمأثور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، وإن دعا بغير المأثور بما أحب جاز له ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه. متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ثم ليتخير من المسألة ما شاء، وما أحب. رواه مسلم. وأما القراءة فإن كانت الصلاة جهرية فإن المأموم مأمور بالانصات والاستماع لقراءة الإمام، فليس له أن يقرأ غير الفاتحة. لقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا قرأ فأنصتوا، وراجع الفتوى رقم: 2281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(10/504)
مشروعية دعاء كفارة المجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشرع ذكر كفارة المجلس عند عدم الجلوس، أي إذا قابلت صديقا لي في الشارع ووقفنا سوياً ولم نجلس، ثم أردنا أن نفترق، فهل يشرع لنا ذكر كفارة المجلس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع لكما دعاء كفارة المجلس بعد تلك المقابلة لوجود الحكمة من هذا الدعاء وهي التخلص من تبعة ما يمكن أن يكون قد وقع من كلام لغو ونحوه، وراجع الفتوى رقم: 44382، والفتوى رقم: 16824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(10/505)
هل يسأل العبد ربه الغنى وسائر أمور الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد دائما صعوبة في الدعاء وخاصة ما يتعلق بالجوانب المادية بالحياة, وسؤالي هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بأشياء من الحياة, يعني هل سبق له بأن دعى الله أن يرزقه الغنى مثلا, وهل دعا أن يرزقه الله تعالى بشيء من الكماليات, أي غير الصحة والعافية والنصر على الأعداء..... وهناك حديت نبوي مفاده أنه من ترك الدعاء لنفسه أعطاه الله من أحسن ما يعطي خلقه, ما مغزى هذا الحديت؟؟ وما هو خير الدعاء, اي الدعاء الدي يرضي الله ويشتمل على القناعة والرضا
جزاكم الله كل خير عن مجهودكم وأرجو منكم الرد الواضح, لأني والله أستحي جدا جدا من أن أطلب شيء لنفسي من هذه الدنيا وفي نفس الوقت أجد \\\" اسألوا الله حوائجكم\\\" وأجد \\\"ادعوني أستجب لكم\\\" ثم ما هي مشروعية أن تطلب مثلا الشيء الفلاني أو الشخص الفلاني ثم مع الوقت تغير الدعاء وتطلب شيئا آخر لأن الأول لم يحصل وربما يجب فقط الصبر والإلحاح في الدعاء, أرجوكم أفيدوني أحس بحيرة تمنعني من الدعاء وتخلق لدي استحياء حتى أجد أنني أدعو للكل إلا نفسي.
أفيدوني آجركم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى أمر عباده بدعائه ووعدهم بالإجابة فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} . وقال: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا {النساء: 32} .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء، وكان يعلم الناس كيف يدعون، والدعاء هو رأس العبادة، وأما هل كان صلى الله عليه وسلم يدعو بأشياء مما يتعلق بأمور الحياة أي أمور الدنيا فالجواب نعم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفقر والفاقة ومن الذلة ويستعيذ به من المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال، وهذا كله ثابت في الأحاديث، وكان يدعو اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. قال: النووي وغيره والغنى عنده صلى الله عليه وسلم غنى النفس، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدعو الله الغنى بمغنى كثرة المال، بل إنه كان يدعو ويقول: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا، كما في الصحيحين، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يريد من الدنيا إلا الكفاف له ولأهله، لكن هذا لا يعني عدم جواز سؤال العبد لله تعالى أن يوسع له في رزقه مثلا أو يعطيه كثيرا من المال الحلال أو الأولاد أو الزوجة الصالحة مثلا أو نحو ذلك من المباحات، فمن كان يريد أن يدعو الله ذلك فهو جائز ومن كان يحب التقلل من الدنيا فله ذلك، والأمر في هذا واسع، والحديث الذي أشار إليه السائل لعله يريد به ما رواه الترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين إلى آخر الحديث، وهذا إنما فيه اشتغال عن المسألة بالذكر، ومن ذكر الله عز وجل دعاؤه، وفي الذكر حمد وثناء على الله تعالى، وفي حمده سبحانه طلب للمزيد من نعمه، فليس في هذا الحديث ما يمنع من سؤال الله عز وجل حاجات الدنيا، ولكن فيه تنبيه إلى فضيلة الاشتغال بالذكر وأن ذلك يحقق للعبد مراده ومطلوبه.
وخلاصة القول أن للسائل أن يسأل الله تعالى ما شاء من الأمور المباحة ولبيان بعض الأدعية المأثورة الجامعة بين خيري الدنيا والآخرة طالع الفتوى رقم: 3570 والفتوى رقم 1061.
واعلم أن الحياء من الله ليس معناه الإعراض عن دعائه ولكنه أن تستحي منه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك، وللفائدة طالع الفتو رقم: 19525.
ثم إن الانتقال من طلب إلى طلب آخر مثل ما ذكرت لا شيء فيه، والأولى للعبد أن يسأل الله عز وجل الخير حيث كان ويسأله أن يرضيه به.
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع طالع الفتاوى التالية: 32562، 30668، 23425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(10/506)
الدعاء بالرحمة للحمو المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[يافضيلة الشيخ هل يجوز لي أن أدعو الله بأن يكرم مثوى حماي (والدزوجي) رحمه الله وأسكنه الفردوس؟
جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء للميت بأن يغفر الله له ويكرم مثواه ونحو ذلك مطلوب، سواء كان قريبا أو غير قريب، ومن أولئك أبو الزوج، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الجنازة على أحد أصحابه: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النار. رواه مسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(10/507)
قول الذاكر (ما في قلبي إلا الله نور محمد)
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: هل يجوز الذكر بهذا (حسبي ربي جل الله ما في قلبي غير الله نور محمد صلى الله عليه وسلم) خصوصا كلمة (نور محمد) ، هل هذا وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكر يكون بإنشاء الثناء على الله عز وجل، وذلك بتقديسه وتمجيده وتوحيده وشكره وحمده وتعظيمه وسؤاله خيري الدنيا والآخرة وما شابه ذلك، ومن تتبع الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم يجدها تدور حول هذه المعاني الكريمة، فيجوز للإنسان أن يذكر الله بما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بشرط أن يتضمن الذكر الثناء على الله أو توحيده وألا يستلزم نقصا بوجه من الوجوه.
أما الذكر الوارد في السؤال ففيه ما لا يتضمن ثناء على الله ولا سؤاله من فضله، وإنما فيه مبالغة في تزكية النفس مثل كلمة (ما في قلبي غير الله، نور محمد) مع أن نور محمد هنا كلمة مبهمة.
وعليه فلا ينبغي التعبد بهذا الكلام لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعدم مشابهته للأذكار المشروعة، والخير والفضل والثواب الجزيل إنما هو في اتباع المأثور من الأذكار في الكتاب والسنة، وفيها ما يكفي في سائر الأوقات والأحوال، ولمزيد من الفائدة، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10869، 25564، 6661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(10/508)
الدعاء المعلق على النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة تؤرقني وأشعر بذنب كبير اقترفته، فعندما كان عمري 18 في المرحلة الأخيرة من الدراسة الإعدادية لم أحصل على معدل مناسب فقمت بعمل طائش حيث صليت ودعوت الله أني مستعد لأدخل النار جهنم في الآخرة على أن يدخلني أي كلية حيث كان دعائي بإصرار (استغفر الله) ثم كان قبولي في معهد فني والآن بعد مضي حوالي خمسة عشر سنة أريد أن أكمل تعليمي في الجامعة لأحصل على شهادة البكلوريوس ولكني أخاف إذا أكملته أن أدخل النار بسبب دعائي السابق، الرجاء أريد أن أعرف هل هناك كفارة لهذه الخطيئة التي قمت بها بحق نفسي وأريد أن يغفر الله ذنبي هذا برحمته الواسعة أعرف أن فعلتي كانت بها رعونة لا أعرف كيف فعلتها.... الرجاء أرشدوني إلى كيفية النجاة ليغفر ربي فعلتي وهل بالإمكان أن أدخل الكلية.. جزاكم الله خير جزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 10859، أنه لا يجوز الدعاء على النفس سواء كان الدعاء ناجزا أو معلقا كقولك اللهم إن دخلت كلية فأدخلني النار، ومن وقع في ذلك فإن عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره وليس عليه شيء غير ذلك، وعليه فاستغفر الله وتب إليه، ولا حرج أن تلتحق بالجامعة لإكمال دراستك، ولن يكون ذلك سبباً في وصولك النار بإذن الله تعالى ـ إن صدقت توبتك واستقمت على أمر الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(10/509)
الثواب المخصوص مترتب على الإتيان بالذكر وفق العدد المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك سر أو مغزى من كون أننا مطالبون مثلاً بقول رضيت بالله ربا.... إلخ ثلاث مرات حتى ننال الثواب المقابل، هل العدد مهم أم المعدود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحصول الثواب على الذكر الذي ذكرت يترتب على الإتيان به مع العدد الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذكر من ضمن العبادة، والعبادة الأصل فيها أن تؤدى على وفق ما أمر به الشرع، ولو كان الشخص عاجزاً عن إدراك الحكمة من وقوعها وفق طريقة معينة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقف والاتباع لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة. انتهى.
فالواجب على المسلم التسليم لأمر الله ورسوله ولو لم يدرك وجه الحكمة من تشريع العبادة على كيفية معينة، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36} ، فالثواب المخصوص إذاً مترتب على الإتيان بالذكر وفق العدد الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35558، 22848، 8139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(10/510)
إحياء الليل بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا ذهب ربع الليل قام فقال: يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، قال أبي بن كعب: فقلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة فكم أجعل لك في صلاتي (دعائي) ؟ قال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: فقلت: فثلثين؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك، فقلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذا يكفي الله همك ويغفر لك ذنبك\\\" وفي رواية عند الطبراني بإسناد حسن: \\\"إذا يكفيك الله ما أهمك في أمر دنياك وآخرتك\\\". ما المقصود بالصلاة هنا؟ هل يعني أن نجعل قيام الليل مثلا كله نجلس به ونصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن نعمل شيئا آخر أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح والحاكم وصححه وحسنه الحافظ في الفتح وجود إسناده المنذري وصححه الألباني. أما قوله " فكم اجعل لك من صلاتي " فمعناه كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى: يعني من دعائي فإن الصلاة في اللغة هي الدعاء قال تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ {التوبة: 103} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم:اللهم صل على آل أبي أوفي. وقالت امرأة صل علي يا رسول الله وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وسلم: صلى الله عليك وعلى زوجك. فيكون مقصود السائل أي يا رسول الله: إن لي دعاء أدعوبه استجلب به الخير واستدفع به الشر فكم أجعل لك من الدعاء؟ ، قال: ما شئت، فلما انتهى إلى قوله: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: صلى الله عليه وسلم: إذا تكفى همك ويغفر ذنبك. وفي الرواية الأخرى، إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك. وهذا غاية ما يدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات، فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب واندفاع المرهوب. اهـ. وقال في موضع آخر: فإن هذا له دعاء يدعو به فإذا جعل مكان دعائه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من أمر دنياه وأخرته فإنه كلما صلى عليه مرة صلى الله عليه عشراً وهو لو دعا لآحاد المؤمنين لقالت الملائكة آمين ولك بمثله فدعاؤه للنبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك. اهـ. وللفائدة راجع الفتويين رقم: 46915، ورقم: 45359. أما إحياء الليل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر مشروعية إحياء الليل بها فقط، قال في الموسوعة الفقهية: المراد باحياء الليل قضاؤه أو أكثر بالعبادة كالصلاة والذكر وقراءة القرآن ونحو ذلك. اهـ. وقال في مراقي الفلاح: معنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة الله وقيل ساعة منه، يقرأ القرآن أو يسمع الحديث أو يسبح أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(10/511)
البكاء عند الدعاء أو الاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة في الدعاء أنني في بعض الأوقات عندما أدعو الله تعالى بعد كل صلاة أو بعض الأوقات لا أشعر بالتأثر عند الدعاء ولا أستطيع البكاء فهل هذا غضب من الله أم ماذا؟ وهل يجب البكاء عند الدعاء والاستغفار حتى يغفر لي؟ وأنا من جديد أصبح يراودني شعور بعدم الندم عند الاستغفار من أي ذنب فهل هذا أيضا غضب؟
أفيدونا....وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم الخشوع والبكاء عند الدعاء قد يكون راجعاً لقسوة القلب التي ترجع إلى عدة أسباب من أهمها المعاصي والذنوب.
قال ابن القيم في مدارج السالكين:
فالقبائح تسود القلب وتطفئ نوره، والإيمان هو نور القلب، والقبائح تذهب به أو تقلله قطعاً، فالحسنات تزيد نور القلب، والسيئات تطفئ نور القلب. انتهى
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 47474.
ومما يعين على علاج قسوة القلب الإحسان إلى اليتيم كما أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حيث قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؛ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك.
صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وراجع المزيد من علاج قسوة القلب في الفتوى رقم: 17323، والفتوى رقم: 36116.
وليس من الواجب البكاء عند الدعاء أو الاستغفار.
إضافة إلى أن مغفرة الذنوب أمر غيبي لا يمكن للإنسان الاطلاع عليه، بل ينبغي أن يجد ويجتهد في تحصيل أسباب تلك المغفرة، والشعور بعدم الندم على المعصية عند الاستغفار دليل على نقصان التوبة وعدم اكتمال شروطها، وراجع الفتوى رقم: 44933، والفتوى رقم: 27710.
وراجع أسباب غضب الله تعالى على العبد في الفتوى رقم: 47562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(10/512)
الدعاء بتيسير الزوج الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 27 عاما دوما ما أدعو فى صلاتي بالزوج الصالح لي ولأخواتي ولبنات المسلمين ولكنني وجدت عدة خطوات يتبعها بعض الفتيات اللاتي تردن الزواج في دعائهن زاعمات أنها طريقة مضمونة لسرعة الإجابة أتساءل عن صحتها وهل هناك طرق معينة نتبعها في الدعاء لله عزوجل غير ما تعلمناه، والطريقة كالآتي:
1- الوضوء 2- قراءة سور (يونس-المدثر-المزمل-النور) بنفس الترتيب 3- نصلى ركعتين 4- قراءة سورة الممتحنة 5- الدعاء (اللهم يا جامع الناس ليوم لاريب فيه اجمعنى بمن هو خير لي على خير وإرادة طيبة وطاعة ترضاها) مع ذكر اسم الشخص
6- الصلاة على رسول الله
7- قراءة سورة من القرآن
ما مدى صحة هذا علما بأن الكثير من الفتيات يفعلن هذه الطريقة وقد انتشرت،
لا أجد أي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم ينص على مثل هذا.
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الفتاة أن تسأل الله جل وعلا أن ييسر لها ولأخواتها ولعموم المسلمات بالأزواج الصالحين حتى تؤسس الأسر المسلمة على البر والتقوى من أول يوم، وتقوم بتربية الأبناء تربية سليمة صحيحة، وباب الدعاء واسع تدعو بحصول ذلك بما يدل عليه من الألفاظ، ولا شك أن تقديم العمل الصالح بين يدي الدعاء من أسباب قبوله وإجابته. وينبغي للداعي الاجتهاد في تخير أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر وفي السجود ونحو ذلك، ولا نعلم للطريقة المذكورة في السؤال أصلا في السنة، فلا ينبغي التزامها ولا نشرها ولا اعتقاد أن لها خاصية في جلب الأزواج الصالحين، بل الابتداع في الدين والإحداث فيه ما ليس منه أدعى لرد الدعاء وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(10/513)
الدعاء على الكفار بالهلاك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن دعا على الكفار بقول اللهم يتم أطفالهم ورمل نساءهم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 19230، جواز الدعاء على الكفار بالهلاك وقول الداعي على الكفار: اللهم يتم أطفالهم ورمل نساءهم يعني- اللهم أهلكهم- فلا شيء في ذلك، وإن كنا لم نطلع على دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(10/514)
حكم الاستعاذة من مكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
- ما حكم من يتعوذ من مكر الله كقوله ((اللهم إني أعوذ بك من مكرك))
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر ولا تمكر علي ... الحديث وجاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فيما رواه البيهقي عن الحسن أن عمر أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن مالك بن جعشم قال فألقى إليه سواري كسرى بن هرمز فجعلهما في يديه.. وفيه أنه قال: اللهم إني أعوذ بك أن يكون هذا مكرا منك بعمر، ثم تلا: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ {المؤمنون: 55-56} . وعليه، فالأولى أن تدعو بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول "اللهم امكر لي ولا تمكر علي" ولك أن تقول اللهم إني أعوذ بك من مكرك بي وهذا قريب مما جاء في دعاء الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 43955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(10/515)
مسائل متنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري وكسائر بلاد المسلمين فالكثير هنا من الجهلة والأميين من يطلق لحيته ويرتدي الجلباب القصير فيسمى شيخا، فيحرم أشياء ويحل أشياء وهؤلاء يصعب الرد عليهم إما لإصرارهم على رأي سمعوه أو لشيء آخر، المهم أن من الأشياء التي يحرمها البعض \"ومن وجهة نظر الكثيرين الشخصية أنها لا تضر الدين\" 1- رفع اليد بالدعاء بين خطبتي الجمعة أو الدعاء أصلا، وكذلك عند دعاء الإمام في نهاية الخطبة.2- البسملة، ومشكلة البسملة عندهم أنها لا تجوز في تلاوة القرآن إلا ابتداء، بمعنى أنه لا يجوز البسملة إلا عند أوائل السور فقط لكن لا يجوز \" يحرم \" قولها إذا بدأ الشخص تلاوة من منتصف سورة مثلا.3- عدم جواز قول \" صدق الله العظيم \" عند الانتهاء من تلاوة القرآن.4- عدم جواز تهذيب اللحية، وإطالة الشعر حتى ولو كان المظهر غير جيد مما يجعل \" في وجهة نظري \" أن من على غير دين الإسلام يقول إن الإسلام يأمر بإهمال المظهر الخارجي ويدعو للتقشف والخشونة.- الواجب في الشرب هو الجلوس والكثير من الأشياء التي يصعب حصرها، الرجاء معرفة الحكم الشرعي الصحيح لما ورد أعلاه مصحوبا بالدليل، وكيفية الرد على هؤلاء عموما وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع اليدين عند الدعاء بين الخطبتين والدعاء بينهما قد أفتى بعض المحققين المعاصرين ببدعيته وأفتى بعضهم بجوازه، وسبب الخلاف هو الخلاف في ساعة الجمعة التي يجاب فيها الدعاء فمن ذهب إلى القول بأنها وقت جلوس الخطيب بين الخطبتين جوز الدعاء فيها. ومن ذهب إلى ترجيح القول بأنها آخر ساعة بعد العصر وهو ما يؤيده حديث عبد الله بن سلام وحديث جابر، فقد روى أبو داود والنسائي والحاكم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله فيها شيئا إلا آتاه الله إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر. والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع. وراجع في هذا وفي دعاء الخطيب في نهاية الخطبة وتأمين المأموم ورفع يديهما الفتوى رقم: 4095، والفتوى رقم: 5340، والفتوى رقم: 4205. وأما البسملة فالذي هو معروف عند القراء جواز الإتيان بها عند ابتداء القراءة في أثناء السورة وجواز تركها كما إذا ابتدأ القارئ من بداية جزء أو حزب أوربع، قال الشاطبي في حرز الأماني وهو عمدة هذا الفن:
ومهما تصلها أو بدأت براءة * لتنزيلها بالسيف لست مبسملا
ولا بد منها في ابتدائك سورة * سواها وفي الأجزاء خير من تلا.
قال أبو شامة في شرح الشاطبية: وفي الأجزاء خير من تلا، أي وفي ابتداء الأجزاء والأحزاب والأعشار وغير ذلك ويجمع ذلك أن تقول كل آية يبتدأ بها غير أوائل السور خير المشايخ فيه فسوغوا البسملة فيه لأنه موضوع ابتداء في الجملة. وراجع في قول صدق الله العظيم عند إلانتهاء من التلاوة الفتوى رقم: 3283. ويراجع في تهذيب اللحية الفتوى رقم: 3851، والفتوى رقم: 21615. ويمكن أن تتصفح موضوع إعفاء اللحية في العرض الموضوعي لفتاوى الشبكة، وراجع في موضوع الاهتمام بالتجمل والشرب قائما الفتاوى التالية أرقامها: 15081، 20990، 10111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(10/516)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسم بغير المأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[اللهم صل على محمد وعلى آل محمد بعدد ذرات الماء والهواء والمطر بعدد ذرات الرمل والصخر والحجر بعدد تنفس ودقات قلوب الأحياء والبشر بعدد حسنات أبي بكر وعثمان وعلي وعمر بعدد أوراق وأزهار وأثمار النباتات والشجر بعدد أحياء وجن وملائكة ونباتات الأرض والسموات والبحر بعدد أشعة الشمس والنجوم والكواكب والمصابيح والقمر هل يجوز لي الدعاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء الذي ذكرت، ولكن الأفضل الاقتصار على الصيغ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونحيلك للتفصيل في هذا الموضوع إلى الفتاوى التالية أرقامها: 4863، 11120، 5025، 21892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(10/517)
التخلص من الأوراق التي فيها ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أذاكر بالكتابة، وبعض الأشياء تحتوي على كلمة (الله) فلا أستطيع حرق هذه الكمية من الأوراق فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب على كيفية التخلص من الأوراق التي فيها اسم الله في الفتوى رقم: 660، والفتوى رقم: 50107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(10/518)
الألفاظ الموهمة في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قال لي زميلي بالعمل الله يدخلك الجنة من ضمن حديث عام لكنه لا يصلي ولا يصوم فقلت إذا تقبل الله دعاءك
فهل قولي له ذلك فيه شيء خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ترك الصلاة مع الإقرار بوجوبها من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تاركها -والحالة هذه- كافر كفراً أكبر مخرجا من الملة، ويكون الذنب أعظم والمعصية أكبر إذا كان مع ذلك ترك الصيام.
وأما قولك لزميك: إذا تقبل الله دعاءك. فإن كان قصدك بـ إذا: إذن التي هي حرف جواب أي أنك تريد أن تقول: إذن تقبل الله دعاءك، كأنك تؤمن على دعائه، وتقول له: إذن سيتقبل الله دعاءك ... فهذا لا شيء فيه.
وأما إن كان قصدك بـ إذا: إذا الظرفية التي تتضمن معنى الشرط أي أنه يستبعد أن يتقبل الله تعالى دعاءك، وفي هذا من التعريض به ما لا يخفى، وأنه صاحب معصية يستبعد أن يستجاب دعاؤه، فهذا أيضاً لا شيء فيه من جهة أنه ليس بكذب.
ولكنه لا ينبغي من جهة أنه تحكم على الله تعالى وقول عليه بغير علم، فالله تعالى يغفر الذنوب جميعاً ما عدا الشرك، وربما استجاب دعاء العصاة والكفار ... فهو سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك أو كما قال.
ولهذا ينبغي للمسلم أن يتجنب الألفاظ الموهمة أو التي تحتمل معان لا يقرها الشرع، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.
نسأل الله تعالى التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(10/519)
عد التسبيح بالأصابع سنة فعلية وقولية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أثناء سيري بالطرقات والشوارع أسبح بالعادة باللسان دون العقد باليد، فهل الأفضل أن أعقد بيدي أثناء التسبيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عد التسبيح بالأصابع سنة قولية وفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم، لما روى أبو داود والترمذي عن يسيرة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطقات. هذا لفظ أبي داود وهو حديث صحيح، وفي لفظ له وللترمذي: واعقدن بالأنامل.
وروى أبو داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده. وفي زيادة له: بيمينه. وعليه فعد التسبيح بالأصابع أفضل إن أمكن لهذه الأحاديث، ولكونهن يشهدن لمن عد تسبيحه بهن. هذا مع التنبيه إلى أن من لم يعد تسبيحه، أو استغفاره، أو أذكاره المطلقة فلا حرج عليه ولا ينقص ذلك من أجره شيئاً، فهي معدودة محفوظة عند الله تعالى.
وأما كيفية استعمال الأصابع في عد التسبيح، فالأمر فيها واسع، ولا نعلم حديثاً نقل فيه هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعقد بكل أصبع تسبيحة واحدة أو ثلاث تسبيحات بكل مفصل تسبيحة، وأي الكيفيتين فعل الإنسان أجزأه، قال ابن علان: يحتمل أن المراد العقد بنفس الأنامل، أو بجملة الأصابع. والعقد بالمفاصل أن يضع إبهامه في كل ذكر على مفصل، والعقد بالأصابع أن يعقدها ثم يفتحها. وفي شرح المشكاة: العقد هنا بما يتعارفه الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(10/520)
صيغة غير ثابتة في الصلاة على سيد المرسلين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أتقدم إليك باستفسار حول صحة ومصداقية هذه الصلاة الفاضلة على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وثوابها، فأرجو أن تتحقق لي من صحة نسبتها إلى رسول الله إن كان قد أخبرنا أو حدثنا عنها وعن فضائلها أو أنها مجرد صلاة نسبت إليه وهو بريء منها، فأرجو أن تفيدني أفادك الله فأنا أريد أن أتجنب ما ليس من سنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) قولا وعملا، وهذه هي الصلاة والدعاء الذين أسأل عنهما:
الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم: (اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المرسلين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المجاهدين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الشاهدين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الخائفين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الخاشعين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الطائعين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد التائبين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد العابدين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الحامدين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الصالحين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الراكعين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الساجدين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد القائمين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد القاعدين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المتقين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المستغفرين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد النادمين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الشاكرين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الحافظين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الذاكرين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد العاقلين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المحسنين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الاكرمين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المنذرين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد المبشرين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد الطيبين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد النبيئين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد سيد العالمين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد النبي الزكي النقي اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد القريشي الهاشمي اللهم صلي وسلم علي سيدنا محمد النبي العربي المكرم يوم القيامة اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد سيد اهل الجنة اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد صاحب المقام المحمود اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد صاحب الصراط المستقيم اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد أفضل الأولين والآخرين اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد وعلي جميع الأنبياء والمرسلين وعلي جميع الملائكة المقربين وعلى عباد الله الصالحين من أهل السماوات وأهل الأراضين وعلينا معهم أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور لا نعلم له أصلاً في كتب السنة المدونة، ولم نقف على من خرجه مع كثرة البحث، وعلامات الوضع عليه لائحة، فقد نص أهل العلم على أن من علامات الوضع ركة اللفظ، كما في أسنى المطالب، وكذلك اشتمل على معانٍ باطلة مخالفة للشريعة كقوله (ومن كتبها وعلقها على نفسه) فإن تعليق التمائم محرم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4137.
وكذلك قوله (كتب له ثواب أربعة من الملائكة وأربعة من الأنبياء) فإن الملائكة والأنبياء أفضل خلق الله فلا يشابههم أحد في ثوابهم ودرجاتهم فضلاً عن أن يفضلهم، بل الصحابة رضي الله عنهم لا يشابههم أحد في ثوابهم ودرجاتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. رواه البخاري ومسلم.
وما ثبت في الأحاديث الصحيحة من صيغ للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يغني عن غيره، وراجع الفتوى رقم: 5733، والفتوى رقم: 5025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(10/521)
كراهة الاعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا
أريد أن أعرف إن كان الدعاء التالي هو من الاعتداء في الدعاء الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم.. لأوضح مثل أن يقول الداعي: اللهم أعوذ بك من سلاسل النار ومن حر النار ومن أغلال النار ومن ... وكان يكفيه أن يقول اللهم أعوذ بك من النار وهو شامل كل هذا ... والدعاء هو:
اللهم إني أستغفرك لكل ذنب.. خطوت إليه برجلي.. أو مددت إليه يدي.. أو تأملته ببصري.. أو أصغيت إليه بأذني.. أو نطق به لساني.. أو أتلفت فيه ما رزقتني ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني ثم استعنت برزقك على عصيانك.. فسترته علي وسألتك الزيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدا علي بحلمك وإحسانك.. يا أكرم الأكرمين اللهم إني أستغفرك من كل سيئة ارتكبتها في بياض النهار وسواد الليل في ملأ وخلاء وسر وعلانية.. وأنت ناظر إلي اللهم إني أستغفرك من كل فريضة أوجبتها علي في آناء الليل والنهار تركتها خطأ أو عمدا أو نسيانا أو جهلا وأستغفرك من كل سنة من سنن سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تركتها غفلة أو سهوا أو نسيانا أو تهاونا أو جهلا أو قلة مبالاة بها
.. أستغفر الله.. وأتوب إلى الله.. مما يكره الله قولا وفعلا.. وباطنا وظاهرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الدعاء فيه من الإسهاب والتطويل في تشقيق العبارات والتكلف في ذكر التفاصيل ما لا حاجة له، وقد كان الصحابة ينهون عن ذلك. فقد روى أبو داود عن ابن سعد بن أبي وقاص قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون قوم يعتدون في الدعاء. فإياك أن تكون منهم، إنك إن أعطيت الجنة، أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار، أعذت منها وما فيها من الشر. قال الألباني: حسن صحيح
ولا شك أن هذا الأسلوب في الدعاء مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتخير من الدعاء أجمعه؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. رواه أبو داود. قال في عون المعبود: وهي ما كان لفظه قليلا ومعناه كثيرا، كما في قوله تعالى: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اهـ.
قال الحافظ في الفتح: والاعتداء في الدعاء.. أو يدعو بما لم يؤثر خصوصا ما ورد كراهته كالسجع المتكلف، وترك المأمور. اهـ.
وعليه، فالدعاء المذكور فيه من الاعتداء ما ينبغي تركه، فضلا عن عدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(10/522)
من أسرار تأخير إجابة الدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يعرف المرء أن الله راض عنه وأن دعوته ستجاب، أليس هناك علامات، فحتى الأنبياء عندما يشتد عليهم الأمر يسألون الله متى النصر والفرج أو يطلبون آية لتحقيق دعواهم فكيف نحن، ونحن الأضعف منهم أفيدوني بارك الله فيكم لأني بدأت أضعف وأنا أدعو سنين ... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي هداك لنعمة الإيمان به والتصديق بموعوده، ولكن اعلمي أن الله علق محبته لعباده ورضاه عنهم على تحقيقهم لبعض الصفات وأدائهم لبعض الأعمال، وانظري بيانها في الفتاوى: 20879، 21885، 20634.
وانظري كذلك بعض علامات محبة الله لعباده ورضاه عنهم في الفتويين: 22830، 56202.
وللفائدة انظري الفرق بين محبة الله للعبد وبين استدراج الله لعبده بالنعم، وذلك في الفتوى رقم: 40377
ثم اعلمي أن تأخير إجابة الدعوة لا يشترط أن يكون راجعا إلى عدم رضا الله عن العبد، فإن العبد إذا دعا الله تعالى وهو مستكمل لشروط الإجابة منتفية عنه موانعها، فإن الله تعالى يجيب دعوته، أو يصرف عنه من السوء مثلها، وانظري تفصيل ذلك وبيانه في الفتوى 2395.
وانظري آداب الدعاء وشروط قبوله وأوقات الإجابة الفاضلة في الفتاوى التالية: 11571، 23599، 17449، 32655، 8581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(10/523)
حكم الدعاء على المخالف في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من دعا على إنسان على خلاف معه في رمضان بأن لا يقبل الله صلاته ولا قيامه وأن يرزقه الله وزرا فوق وزره؟ وما حكم هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتوى رقم: 28754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(10/524)
ضوابط وأدلة جواز الدعاء بغير المأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد أقربائي بدعاء يقال عند الحاجة، ولكن وجدت بأن الدعاء غريب علي ولأول مرة أسمع به، أردت أن أسأل عن مدى صحته، وهل يجوز الدعاء به، الدعاء هو (الله سخر لي ... \"هنا تذكر الحاجة\" كما سخرت البحر لموسى بن عمران وألن قلبه \"يقصد قلب الشخص الذي يمتلك حاجتي\" كما ألنت الحديد لداود) ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد صحة نسبة هذا اللفظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنه لا مانع من الدعاء به لأن الدعاء يجوز بغير المأثور إذا لم يكن فيه محظور شرعي، ويدل لذلك تلبية الصحابة بألفاظ غير تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، فكان منهم من يقول لبيك ذا المعارج. ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الدعاء بالمأثور أفضل. وراجعي موضوع أسباب قبول الدعاء في العرض الموضوعي ضمن فتاوى الأذكار والأدعية، فستجدين فيه ما هو أفضل من هذا الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(10/525)
حكم الدعاء على الحاكم الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول/ما حكم الشرع في سب الحاكم الظالم والدعاء عليه؟
السؤال الثاني/ هل الصحيح أن أقول سيدنا محمدـ صلي الله عليه وسلم ـ أم محمد ـصلي الله عليه وسلم ـ هل يشترط قول سيدنا أم غير صحيحة.؟
جزاكم الله خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكام الظلمة كغيرهم من الظلمة عموما الذين جاء الدعاء عليهم في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ {هود: 18} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم وغيره.
وسب الحكام الظلمة وغيرهم يعرف حكمه من خلال قوله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ {النساء: 148} .
وأما الدعاء عليهم فراجع في معرفة حكمه الفتوى رقم: 43333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(10/526)
احترام ما فيه أسماء الله تعالى وأسماء الرسل
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المنتجات تشتمل على ألفاظ متعلقة بالدين مثل مكة كولا والإيصالات المكتوب عليها البنك الإسلامي, هل هذه الألفاظ لها حكم أسماء الله عز وجل وأسماء الأنبياء من حيث امتهانها أو إلقائها في سلة المهملات دون ثقب العبوة عند كلمة مكة أو حرق الورقة أو شطب اللفظ , وأيضاً عند إلغاء ملف من الكمبيوتر تظهر صفحة بها اسم الملف (قد يكون من الأمور المتعلقة بالدين كالقرآن الكريم مثلاً) وإلى جانب الاسم سلة مهملات (recycling bin) ومكتوب هل أنت متأكد من رغبتك في إرسال الملف كذا إلى سلة المهملات؟ هل يجب أن أغير اسم الملف قبل إلغائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب احترام ما فيه أسماء الله تعالى وأسماء الرسل محل إجماع، لقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30} . وقوله: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} . ويلحق بذلك كل شيء عظمه الشرع. وينبغي للمسلم أن يحترم كل مكتوب ولو لم يتضمن أسماء الله تعالى أو أسماء أنبيائه، لأن الحروف قد قال بعض أهل العلم بأن لها حرمة ثابتة، ففي الدسوقي قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي، وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله، وقال عج (على الأجهوري) لها حرمة سواء كتبت بالعربي أو بغيره، وهو ما يفيده ح (الحطاب) وفتوى الناصر. قال شيخنا وهو المعتمد. وإذا احتوت الحروف على مسميات معظمة شرعا مثل مكة والمدينة وكلمة الإسلام ونحو ذلك، كان لها احترام زائد على ما لو كانت مسميات لأشياء غير معظمة في الشرع. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 40592. وعليه فالمسميات مثل: مكة كولا والبنك الإسلامي، مع أنها لا تبلغ درجة أسماء الله بل ولا أسماء الأنبياء في وجوب التعظيم، فإنها تستحق الاحترام لكونها حروفا أولا وذلك عند من يرى تعظيم الحرف كيف كان، ولكونها أيضا مسميات يعظمها الشرع، فلا ينبغي امتهانها ولا إلقاؤها في سلة المهملات. وأما سلة المهملات التي على شاشات أجهزة الكومبيوتر فلا نرى أنها تأخذ حكم سلة المهملات الحقيقية، لأنها لا تحوي في الواقع مهملات، وإنما يراد منها تخفيف محتويات الشاشة، وعليه فليس من الواجب تغيير اسم الملف قبل إلغائه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(10/527)
حكم الدعاء بإطالة العضو التناسلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ابتلى الله إنسانا بقصر العضو الذكري له وهي مشكلة تؤرقه، هل يصح أن يدعو الله أن يطيل له هذا الذكر أم أن هذا يدخل في سوء الأدب في الطلب من الله، أو التدخل في خلق الله للإنسان أو الاعتراض على قضاء الله، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قصر الذكر لا ينبغي أن يكون مشكلة مؤرقة، لأنه لا يمنع من الاستمتاع بالزوجة، ولا يمنع حصول الولد. ومع ذلك، فإذا كان المرء لا يرتاح لمثل هذه الحال، فلا حرج عليه في أن يدعو الله بأن يزيلها عنه، وذلك لأن صيرورة الذكر طويلاً بعد أن كان قصيراً ليس من المستحيل العقلي أو العادي، بل هو يحصل تبعاً للنمو الطبيعي لسائر أعضاء الجسد، والاعتداء المنهي عنه في الدعاء إنما يعني طلب حصول ما كان مستحيلاً عقلاً أو عادة، أو ما كان منهياً عنه شرعاً. ثم إن الدعاء لا يتنافى مع الرضا بقضاء الله وقدره، فللإنسان أن يدعو الله ويتضرع إليه ليزيل عنه بلاء أصابه، أو يكشف عنه سوءاً نزل به.
وقد ورد في كتاب الله دعاء الرسل ربهم أن يكشف عنهم أحوالا نزلت بهم، قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {الأنبياء:83} ، وقال عز وجل: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {الأنبياء:89} .
وعليه، فلا مانع من أن تدعو ربك لتحصل لك رغبتك التي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(10/528)
صلاة الفاتح وقول سيدنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[اللهم صل وسلم على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم.... هل هذا الدعاء يجوز التلفظ به أم لا وخاصة كلمة السيد فقد بلغني أنها اسم من أسماء الله الحسنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذكر المشار إليه في السؤال ذكر مبتدع، ويطلق عليه (صلاة الفاتح) ، وهي من البدع التي لا يجوز التعبد لله بها، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31137، 22508، 56488، 53236.
وفي الصحيح من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الغناء كل الغناء عن مثل هذه الأوراد المبتدعة المردية، وانظر طائفة من الأذكار النبوية المطلقة والموظفة في (مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة) للشيخ محمد إسماعيل المقدم، أو (حصن المسلم) لسعيد القحطاني.
هذا ومع كون (السيد) من أسماء الله الحسنى -إلا أنه يجوز أن يقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولبعض فضلاء البشر والمعظمين (سيدنا) ، وهذا كثير في السنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم للأنصار: قوموا لسيدكم. وقال عن الحسن بن علي: إن ابني هذا سيد، وقال عنه وعن الحسين أنهما "سيدا شباب أهل الجنة. وكان عمر بن الخطاب يقول: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا. يعني بلالاً، وفي القرآن: وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ {يوسف:25} ، ولقد بين الشيخ سليمان بن سحمان -كما في الدرر السنية من الأجوبة النجدية أن من زعم أن علماء نجد ينكرون ويشددون على من قال: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم- أن ذلك الزعم كذب وافتراء عليهم، وقال: وأما نحن: فلا ننكر ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر. وقوله: إن ابني هذا سيد. وقوله للأنصار: قوموا إلى سيدكم. وقوله: من سيدكم يا بني سلمة، فقالوا له: الجد بن قيس، على أنا نبخله فينا، ثم قال صلى الله عليه وسلم: بل سيدكم عمرو بن الجموح. إذا فهمت هذا، فمن أين لك أنا ننكر ذلك ونشدد فيه. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 29153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(10/529)
دعاء المسلم أن يرزقه الله الزواج من صحابية في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يدعو الله بأن يرزقه في الجنة بامرأة هي في الدنيا زوجة لأحد غيره أو إحدى الصحابيات في العهد النبوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمرنا الله عز وجل بدعائه كما حثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة.
فينبغي للمسلم أن يكثر من الدعاء، ويدعو بكل ما يحب، ما لم يكن في ذلك إثم أو قطيعة رحم، أو اعتداء وتجاوز في الدعاء، قال الله عز وجل: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} .
والاعتداء في الدعاء هو الدعاء بمعصية أو مستحيل شرعاً أو طبعاً، ولعل من الاعتداء في الدعاء دعاء الرجل أن يرزقه الله امرأة كانت متزوجة في الدنيا ولم يكن من أزواجها، لأن المرأة في الجنة تخير بين أزواجها فتختار أحسنهم خلقاً، وقيل تكون لآخرهم.
وعلى ذلك، فلا ينبغي لمن لم يكن من أزواج امرأة قد تزوجت في الدنيا أن يسألها، وأما دعاء الرجل أن يرزقه الله تعالى الزواج من صحابية أو غيرها في الآخرة، فلا مانع منه إذا لم تكن متزوجة في الدنيا، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45972، 37632، 19824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(10/530)
الخطأ في الدعاء جهلا أو نسيانا لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي أمية وأنا أحاول أن أعلمها بعض الأدعية الجامعة، وعلمتها دعاء اللهم إني أسالك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. لكن المشكلة أنها تنسى كثيرا وتعكس الدعاء في بعض الأوقات عندما تكون لوحدها وتدعو في الصلاة بحيث تدعو بالاستعاذة من الخير والاستعانة بالشر وهي لا تدري، وأنا أخاف عليها أن يستجاب دعاؤها هكذا فماذا تنصحوني أن أفعل هل أستمر بتعليمها أم أتوقف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تحرص دائما على تعليم أمك ما أمكن من الأدعية المأثورة وكل مفيد نافع، وتثاب على ذلك إن شاء الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الدال على الخير كفاعله. رواه الترمذي وغيره. وقال أيضاً لعلي رضي الله عنه: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
ثم إنه لا حرج على الأم المذكورة ما دامت تخطئ في الدعاء عجزا أو خطأ لرفع الإثم والحرج عنها. ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: لما قرأ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، قال: قال الله: قد فعلت. كما قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني. وعليه؛ فلا حرج على الأم المذكورة بسبب الخطأ في الدعاء لأنها معذورة، ولن يترتب على دعائها إلا خيرا، ولا محذور في ذلك، فالله تعالى مطلع على قصدها وحرصها على الاستفادة من بركة الدعاء، وأنها لا تقصد الدعاء على نفسها بمكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(10/531)
صيغ من الدعاء لا تليق بجلال الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عرضت عليكم هذا السؤال من قبل فاحلتموني إلى إجابة مشابهة ولكن سؤالي غير ذلك السؤال فالرجاء الإجابة على سؤالي والله يحب العبد أن يتقن عمله. السؤال أخي في الله كنت أدعو وأنا إمام في أحد المراكز الإسلامية في صلاة التهجد فقلت أثناء الدعاء (اللهم ارحمنا ... أقسم عليك أن ترحمنا ... يارب قل الآن اذهبوا يا عبادي فقد غفرت لكم الآن.. الآن.. الآن يارب قل الآن يا رب قد عفوت عنكم) فقال لي أحد الإخوة هذا تطاول على الله وليس هذا من آداب الدعاء فهل هذا صحيح أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للإقسام على الله في أمر من أمور الخير فلا بأس به لمن علم من نفسه الصلاح والاستقامة كما في الفتوى رقم: 35270.
وأما صيغ الدعاء الأخرى التي ذكرت فلا تليق بجلال الله تعالى، ولم تكن معهودة في أدعية السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من القرون المزكاة. والذي ينبغي في حق من يدعو الله ويرجوه التواضع له والثناء عليه بما هو له أهل من العظمة والكبرياء. وللمزيد عن آداب الدعاء وما ينبغي فيه راجع الفتويين التاليتين: 23599، 30668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(10/532)
الدعاء بصيغة العموم والخصوص
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل في أسلوب الدعاء هل هو الخصوص أم العموم..مثلا (اللهم إني أسألك....) أو (اللهم إنا نسألك) ..؟ بارك الله فيكم وسدد خطاكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المسلم استخدام صيغة العموم في الدعاء بقصد شموله لكافة المسلمين أو لأشخاص بعينهم مثلا وسيثاب على ذلك إن شاء الله تعالى. كما أنه من الأفضل اختيار الصيغ المشتملة على الجوامع من الدعاء اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يحب ذلك. وراجع الفتويين التاليتين: 7861، 41061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(10/533)
الأفضل الاستغفار بالصيغ المأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا أن نقول أستغفر الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته مثل ما نقول سبحان الله وبحمده عدد خلقه الخ. وهل يكون الأجر أكبر من الاستغفار العادي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من استعمال الصيغة التي سألت وإن كان الأفضل في حقك الاقتصار على الصيغ المأثورة في الاستغفار، مثل سيد الاستغفار أو أستغفر الله ونحوهما مما هو مذكور في الفتوى رقم: 51755. أما الفرق بين تلك الصيغة وغيرها من صيغ الاستغفار من حيث الأجر فهذا أمر غيبي لا يمكن للشخص الاطلاع عليه لكن الصيغ المأثورة قد ثبت تحديد الثواب المترتب عليها كما هو واضح. فالأولى إذاً الاقتصار على ما هو مأثور عنه صلى الله عليه وسلم في جيمع الأذكار والخير كل الخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(10/534)
الدعاء بالزواج من امرأة بعينها والدعاء لامرأة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أود السؤال: هل يمكنني أن أدعو الله أن يزوجني من امرأة معينة دون علمها؟ وأيضاً كنت أود السؤال عن: هل يجوز لي أن أدعو لأي أخت (ليس شرط أن تكون لي بها علاقة) أن يهديها الله وأن يوفقها في أمور دنياها وأن ينجحها في دراستها؟ هل هذا حرام أم حلال أم ماذا؟
مع العلم أني أؤمن أن الاختلاط لا يجوز..
وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تدعو الله تعالى بالزواج من امرأة معينة، وراجع الفتوى رقم: 21863.
فلا مانع شرعاً من الدعاء للغير ولو كانت امرأة أجنبية عنك، لأن النساء من جملة المؤمنين الذين يشرع الدعاء لهم كما في قوله تعالى: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ {الحشر: 10} .
وقوله صلى الله عليه وسلم: من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل. رواه مسلم وغيره.
ولمعرفة حكم التحدث مع النساء أو الاختلاط بهن راجع الفتاوى التالية أرقامها: 8890، 9431، 46569، 49340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(10/535)
أفضل الدعاء ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت في المدرسة كنت أدعو بدعاء معين وهو تحت عنوان الدعاء المستجاب، وقد نسيته وأنا من حوالي 3 سنوات حاولت تذكره والبحث عنه فلم أجده وسؤالي هو1_ماهو الدعاء المستجاب وماهي أفضل صيغة للدعاء أم لايوجد، وعلى العبد أن يدعو بما يشاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 2150، أن ذكرنا حالات يستجاب الدعاء فيها، وأما أفضل صيغ الدعاء فهو كل ما أثرعن النبي صلى الله عليه وسلم من صيغ الدعاء وخصوصا جوامع الكلم فإنها أفضل من غيرها وأرجى الإجابة، وتراجع الفتوى رقم: 51531. والكتب التي جمعت الأدعية المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم كثيرة وميسورة بحمد الله. ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(10/536)
صفة رفع اليديين عند الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو
بعض الناس يقومون أثناء الدعاء بقلب اليدين عندما يقوم الإمام بالدعاء ثم يرجعون أيديهم إلى وضعها أثناء الدعاء فما حكم ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع اليدين في الدعاء يكون على صورتين:
الأول: أن يكون ظهر الكف إلى السماء وبطنها إلى الأرض، وذلك عند الدعاء لرفع البلاء.
الثانية: أن يكون بطن الكف إلى السماء وظهرها إلى الأرض وذلك عند طلب مرغوب تحصيله، ودليل ذلك ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، احتجوا بهذا الحديث. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(10/537)
الدعاء بأدعية على نسق القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت حديثا وأسأل الله أن يرزقني الذرية الصالحة، سؤالي هو: هل يجوز لي أن أسأل الله بالدعاء التالي: ربي هب لي من لدنك وليا، يرثني ويرث آل (عائلتي) واجعله رب رضيا. حيث إنني قرأت هذا الدعاء على لسان نبي الله زكريا في سورة مريم. أم هذا لا يجوز؟ وجزاكم الله واسع الخيرات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر والله أعلم أن هذا الدعاء لا بأس به لأنه من قبيل الاقتباس والتضمين، وتوجد في القرآن آيتان لو دعوت بهما أتيت بمرادك من الدعاء من غير أن تغير فيهما، وهما قوله تعالى في سورة آل عمران على لسان زكريا عليه السلام: قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ {آل عمران: 38} . الآية الأخرى هي قوله تعالى ذاكرا دعاء نبيه زكريا أيضا: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {الأنبياء: 89} . ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 18962، مع أن الدعاء واسع، ولك أن تدعو بما تيسر لك وما يتلاءم مع مرادك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(10/538)
دعاء المرأة أن يرزقها شخصا معينا وتخصيص جلسة للاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: أنا دائمة الدعاء لله تعالى وسؤاله الزوج الصالح بشكل عام ولكن هناك شخص بعينه أرغب جدا في الزواج منه فهل إذا دعوت الله أن يرزقني هذا الشخص بشكل خاص وألححت في الدعاء سيكون من نصيبي بإذن الله طبعا، وإذا دعوت بشكل عام وليس لهذا الشخص بالتحديد فهل هذا سيقلل ذلك فرصتي من الارتباط بهذا الشخص.. سؤالي هذا على مبدأ لا يرد القضاء إلا الدعاء.. وعلى مبدأ أنني ربما أرغب في شخص معين ولكن ربما لا يكون الخير من ورائه.. دلوني على الصواب..
ثانيا: أنا أستغفر الله كثيرا وربما في اليوم مرتين أو ثلاثة أجلس جلسة استغفار وربما تستمر لمدة نصف أو ربع ساعة في كل مرة.. أذكر فيها كل أدعية الاستغفار وكل ما أحفظ بخصوص الاستغفار مع الخشوع طبعا وطلب التوبة والمغفرة من الله وأندمج كثيرا في الدعاء لدرجة أحس فيها أنني منفصلة عن عالمي.. وأستمر أناجي الله وأستغفره بكل طاقتي.. فهل هذه الطريقة صحيحة للاستغفار أو الدعاء بشكل عام.. خصوصا أنني إذا تركت هذا الأمر ليوم أو يومين أحس بالغربة والوحشة.. ولكن من شدة اندماجي في الدعاء أحس بالتعب عند الانتهاء وكأنني كنت أؤدي عملا ما.. هل طريقتي في الدعاء صحيحة، أرجو إجابة محددة على سؤالي بدون إحالتي لإجابات سابقة ولكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن تدعي الله أن يرزقك شخصا معينا إذا كنت تعلمين صلاحه وتدينه والله سبحانه قريب مجيب وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186} .
ثم اعلمي رحمنا الله وإياك أن الخير في ما اختاره الله عز وجل، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} ، فادعي ربك أن يختار لك ما فيه خير لك وصلاح في الدنيا والآخرة، وارضي بما قسم الله لك، فالله سبحانه هو البر الرحيم اللطيف بعباده الخبير بهم وبما يصلحهم وهو سبحانه أرحم بعبده وأمته من الوالدة بولدها.
فادعيه سبحانه أن يختار لك ما فيه خير، وأن يحصن فرجك عن الحرام وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يرزقك الزوج الصالح وإذا كان الله قد كتب لك وقدر لك الزواج من هذا الشخص فإنه سيكون من نصيبك سواء ذكرته في دعائك أو لم تذكريه.
وأما بشأن سؤالك الثاني فليس في هذه الطريقة مانع، فتخصيص جلسة لذكر الله واستغفاره مع الخشوع وحضور القلب والإقبال على الذكر والدعاء كل ذلك مطلوب، وهو من آداب الذكر والدعاء، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار، فكان يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة، وكان يستغفر الله بعد كل صلاة، وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. فنسأل الله لنا ولك الثبات، ونسأله سبحانه أن يرزقك زوجا صالحا وذرية طيبة إنه سميع الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(10/539)
ما مدى مشروعية ترتيل دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرًا على هذه الخدمة الرائعة، ونفع الله بكم المسلمين..
كنت أود أن أسأل عن مدى شرعية ترتيل دعاء القنوت، حيث أن معظم الأئمة يرتلون الدعاء كما لو كانوا يقرؤون القرءان..
ولما سألت أحدهم قال لي إن اللغة العربية أصلاً كانوا يرتلونها، أي أن التجويد ليس خاصًا بالقرءان بل هو من خصائص العربية..
فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالترتيل المأمور به إنما هو للقرآن الكريم، وأما ما سواه فلم يرد الأمر بترتيله، ولم ينقل عن السلف فيما نعلم ترتيل الحديث والأدعية والتغني بها كالقرآن، فالأولى ترك ذلك، لاسيما إذا كان ذلك يحدث التباسا بالقرآن الكريم عند السامعين، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 26040.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(10/540)
التسمية في النفس والذكر بالقلب والخواطر
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتوى سابقة أن الإنسان من الممكن أن يسمي في نفسه قبل الوضوء وأردت أن أسأل هل تكتب له هذه التسمية مع أنه لم ينطقها بلسانه وما الفرق بين ذلك وبين الخواطر التي لا يحاسب الإنسان عليها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسمية في النفس داخلة في الذكر بالقلب، وهو ممكن، ويثاب عليه صاحبه إن شاء الله تعالى، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 35909.
والتسمية واجبة في الوضوء عند بعض أهل العلم، كالحنابلة، مستحبة عند جمهور أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 13216.
ويتحقق الإتيان بالتسمية عن طريق تلفظ المتوضئ بها حتى يسمع نفسه إذا لم يكن به مانع يمنع من ذلك أو يحرك بها لسانه وشفتيه، وهذا الأمر الأخير هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الفتوى رقم: 36872.
أما الخواطر والوساوس التي تعرض للشخص في نفسه فهي من الشيطان ولا مؤاخذة عليها إذا لم يعمل بها الإنسان أو يتكلم، وتفصيل هذا في الفتوى رقم: 28751.
والفرق بين الذكر بالقلب والخواطر أن الذكر بالقلب طاعة لله تعالى يثاب عليها صاحبها لانشغال قلبه بذلك الذكر.
أما الخواطر فهي تعرض للشخص بغير اختياره، وغالبا ما تكون مشتملة على أمور مخالفة للشرع، لأنها من وحي الشيطان بغية إدخال الحزن إلى قلب المؤمن، فمن لطف الله تعالى بالمؤمن لم يؤاخذه بها تفضلا منه تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(10/541)
حكم الدعاء بقول: يا كنز.. يا ذخر.. يا كهف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في إحدى المرات اجتمعت مع بعض الإخوان للقيام بختمة وكالعادة في نهايتها يقوم أحدنا بالدعاء ففوجئت بالداعي يقول يا كنز من لا كنز له ويا ذخر من لا ذخر له ويا كهف من لا كهف له ... فسألت أحد العلماء في بلادي فقال لي إنه جائز قول كلمة كنز وذخر ولكن من المستحسن الابتعاد عنها ولكن كلمة كهف غير جائزة وهي كلمة لو استمر عليها الداعي بعد علمه بأنها لا تجوز يكفر فما كان مني إلا أن ذهبت إليه وأخبرته بذلك فصرخ في وجهي وقال فسأقولها وتركني وذهب فهل يجوز وصف الله بغير صفاته كما في هذا الدعاء؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الله عز وجل لا يسمى ولا يوصف إلا بما سمى ووصف به نفسه في كتابه، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولكن باب الإخبار عن الله عز وجل أوسع من ذلك، وقد أثر عن السلف التوسع فيه بما لم يرد به نص، وراجع الفتوى رقم: 15709.
وقول الداعي الذي أشرت إليه: يا كنز، يا ذخر. لا بأس به، لأنه لا يستلزم نقصاً، ولكن في القرآن والسنة من الصفات الثابتة لله عز وجل غنية يستغني بها الداعي عن إحداث أوصاف لم يرد بها نص ولم تؤثر عن السلف، أما كلمة يا كهف فإنها كلمة قد توهم معنى غير لائق فلا يوصف بها الله تعالى ولو في الدعاء.
ومع ذلك لا يحكم على قائلها بالكفر، لأنه قد يقولها متأولا، ويقصد بأن الله هو الذي يلجأ إليه العبد، وقد يقولها وهو يعلم عدم جواز هذا القول ونحو ذلك، والقصد أنه لا يحكم عليه بالكفر بهذه السهولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(10/542)
لا بد في الدعاء والشهادتين من التلفظ ولا يكفي مجرد النية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن الله لا يحاسب على ما يقال في النفس ما لم ينطق أو يفعل، هل ينطبق هذا على الدعاء، ألا يعتبر الدعاء دعاء أن لم ينطق، هل ينطبق هذا على الشهادتين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مؤاخذة على ما يدور في نفس الإنسان ما لم يتلفظ به أو يعمل، وراجع الفتوى رقم: 24096.
والدعاء لا يعتبر دعاء بمجرد النية بل لا يسمى دعاء إلا عند التلفظ به، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 27312.
وبالنسبة للشهادتين فلا بد من التلفظ بهما مع معرفة المعنى والعمل بمقتضاهما ظاهراً وباطناً، وراجع أيضاً التفصيل في الفتوى رقم: 5098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(10/543)
لا توجد سور أو أدعية خاصة لتيسير الزواج أو تعجيله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هنالك آيات أو أدعية معينة تساعد الفتاة على الزواج. سمعت أن قراءة سورة البقرة 40 ليلة متتالية تعجل من الزواج؟
إضافة إلى آيات أخرى ولكن عددها كثيركأن تقرأ كل آية مائة مرة صباحا ومساء. أرجو إفادتى بما ييسر الزواج أفادكم الله. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك زوجا صالحا تسعدين معه، ثم اعلمي بارك الله فيك أنه لا توجد سور ولا أدعية معينة تفيد أن قارئها يحصل له مطلبه بالزواج عند قراءتها.
لكن على العموم ننصحك بتقوى الله وكثرة الإلحاح إليه سبحانه بالدعاء وخاصة في أوقات الإجابة كوقت السحر وبين الأذان والإقامة وبعد العصر يوم الجمعة أو نحو ذلك.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 32981 والفتوى رقم: 31078.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(10/544)
هل يدعو المظلوم على من ظلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء أولاً، ثانياً: ما حكم دعاء المظلوم على الظالم حتى لو كان أقرب قريب له، أفيدوني وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل للمظلوم أن يصبر على الظلم ويعفو عن ظالمه، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، وقال: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور ِ {الشورى:43} ، وقال: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {البقرة:237} ، وإذا كان المظلوم يريد الأخذ بحقه ممن ظلمه، فإن من حقه أن يكافئ من ظلمه دون اعتداء أو مجاوزة، قال تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ {الشورى:41} .
ومن المكافأة أن يدعو عليه، فقد ثبت أن بعض السلف كان يدعو على من ظلمه، ففي صحيح البخاري عن جابر بن سمرة: أن رجلاً من أهل الكوفة يقال له أسامة قال عن سعد: كان سعد لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة من سعد ...
ووردت آثار كثيرة في نفس المعنى، وعليه، فلا مانع من أن يدعو المظلوم على من ظلمه، إلا أن العفو والصفح أفضل وخصوصاً إذا كان الظلم وقع فلتة ولم يكن في الصفح تشجيع له على الاستمرار في الظلم والإصرار عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(10/545)
دعاء العبادة ودعاء المسألة متلازمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا السؤال بخصوص مقاله عندكم http://www.islamweb.net/php/php_arabic/readArt.php?id=38162. لو بلغت ذنوبك عنان السماء، فقد أمر الله عباده بالدعاء ووعدهم عليه بالإجابة فقال سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر60) ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العباده وقرأ هذه الآية) رواه أحمد، وهذه الآية والحديث أفهم منهم دعاء العبادة وأراه هو معنى الحديث وليس حصره في دعاء المسأله، فدعاء الله بالطاعة أرجى من دعاء المسألة فقط
يقول الله تبارك وتعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَِ. هل يمكنكم ذكر أقوال العلماء في ذلك؟ هل هم مجتمعون أنه دعاء المسألة هو المعني أم الأمر غير ذلك؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء في قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} . قد فسره بعض أهل العلم بدعاء المسألة وبدعاء العبادة، قال القرطبي في تفسيره: أجيب دعوة الداع، أي أقبل عبادة من عبدني فالدعاء بمعنى العبادة والإجابة بمعنى القبول. انتهى. وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: ذكر في هذه الآية أنه جل وعلا قريب يجيب دعوة الداعي وبين في آية أخرى تعليق ذلك على مشيئته جل وعلا وهي قوله: فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُون َ إليه إن شاء {الأنعام: 41} . وقال بعضهم التعليق بالمشيئة في دعاء الكفار كما هو ظاهر سياق الآية والوعد المطلق في دعاء المؤمنين وعليه فدعاؤهم لا يرد إما أن يعطوا ما سألوا أو يدخر لهم خير منه أو يدفع عنهم من السوء بقدره. وقال بعض العلماء: المراد بالدعاء العبادة وبالإجابة الثواب وعليه فلا إشكال. انتهى. ولكن ابن القيم رحمه الله تعالى ذكر أن دعاء العبادة ودعاء المسألة متلازمان فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء مسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء عبادة. وراجع الفتويين التاليتين: 40746، 9202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(10/546)
الذكر عند استقدام خادم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الأحاديث الوارة في الخدم!!! إذا استقدم الإنسان خادما جديدا!!! ما يقال في ذلك!!!
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخدم الموجودين في عصرنا هم أجراء، ولا نعلم خبراً عن رسول لله صلى الله عليه وسلم فيما يقال عند استئجار أجير. ولكن تشرع صلاة الاستخارة لمن أراد أمراً من الأمور، ومنها استئجار أجير معين، وانظر صفة صلاة الاستخارة في الفتوى رقم: 4823. أما إذا امتلك شخص خادماً، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء يقال عند ذلك، فقال: إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادماً أو دابة، فليأخذ بناصيتها، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جلبت عليه. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني. والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه لا مانع من أن يدعو بهذا الدعاء من استقدم خادما من الخدم، لكن لا يجوز أن يمسك بناصيته إذا كان أنثى والمستخدم ذكرا، أو ذكرا والمستخدم أنثى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(10/547)
الدعاء على الوالد المريض بالموت لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة مرض الوالد أو الوالدة بمرض يسبب لهم تعبا كثيراً، ما الحكم في الدعاء لهم بالموت كي يتخلصوا من هذا التعب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يتمنى المسلم الموت لنفسه أو لوالده أو لمن يحب لضرر حل به من مرض أو نحو ذلك من مشاق الحياة الدنيا، بل يصبر ويحتسب فإن الله جاعل له من همه فرجا ومن ضيقه مخرجا، مع ما يناله من الأجر العظيم على صبره واحتسابه، ولعل الله أن يمن عليه بالشفاء، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} ، وقال تعالى: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87} .
وفي الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي. رواه البخاري ومسلم.
فتمني الموت المطلق اعتراض على القدر ويأس من رحمة الله، فلا يدري لعل في هذا المرض خيراً له لما فيه من الأجر وتكفير السيئات، لكن الدعاء بـ: اللهم أحيني ما كانت الحياة. ... الحديث. تفويض وتسليم للقضاء، فللمسلم أن يدعو به في حال الشكوى والضيق، مع أن الصبر والتسليم أولى وأعظم أجراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(10/548)
مسائل في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الاوقات التي يستجاب فيها الدعاء، وما هو الدعاء الذي يقال للفرج من الهم والكرب، والدعاء حتى يحفظ المرء من المصائب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأوقات إجابة الدعاء كثيرة منها بين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وساعة الإجابة يوم الجمعة، وفي الثلث الأخير من الليل، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: إذا مضى شطر الليل ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يعطى، هل من داع يستجاب له، هل من مستغفر يغفر له، حتى ينفجر الصبح.
وأما دعاء الكرب فقد وردت فيه أحاديث كثيرة منها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم. متفق عليه.
وأخرج أحمد وغيره عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن.
وأخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً.
وعليك أيضاً بدعاء ذي النون، فقد أنجاه الله بدعائه حين دعا به، وهو في بطن الحوت، فقد أخرج أحمد والترمذي عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. ومما لا شك فيه أن أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وغيرها من الأذكار تحفظ المرء من المصائب وأنواع الشرور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(10/549)
حكم رفع اليدين لدى قرءة أذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قراءة أذكار الصباح والمساء هل يجب رفع اليدين أم لا؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأذكار الصباح والمساء منها ما هو دعاءٌ، ومنها ما هو تسبيح وقراءة قرآن، فما كان منها دعاءً فلا بأس برفع اليدين فيه ولا يجب رفعهما، وانظري الفتوى رقم: 32283.
وما كان منها تسبيحاً وقراءة قرآن فلا يستحب رفع اليدين فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(10/550)
هل يجوز أن يدعو المرء لإهلاك العصاة من أهل بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة تسأل وتقول.. هل يصح أن تدعو على بلدها بأن تأتيهم ضربة قوية من الله عز وجل لتكون موعظة لهم وتنجي الصالحين منهم، وسبب دعائها هذ وجود المعاصي والفتن التي بدأت بازدياد ملحوظ لا يتصوره العقل.. وعلى فكره هي ترى في كثير من رؤاها أن بلدها هذا يتعرض لألوان من العذاب وغضب الله عز وجل على أهلها،، يعني ذاك البلد،، أرجو من الله أن تجيبوها لأنها تود أن تعرف ذلك وحتى لا يكون عليها أي إثم بإذن الله تعالى. ونسأل الله لكم التوفيق والسداد وتنوير البصيرة
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالدعاء على الظلمة وأهل المعاصي، وقد دعا نوح عليه الصلاة والسلام على الكافرين من قومه لما يئس من هدايتهم، قال تعالى حكاية عنه: وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً {نوح:26} . ودعا موسى على قومه، قال الله تعالى حكاية عنه: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ {يونس: 88} . ودعا النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب: اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم. رواه مسلم. ودعا على قريش، قال: اللهم عليك بقريش. متفق عليه.
وعليه؛ فلا بأس بأن تدعو صديقتك هذه على العصاة من أهل بلدها ليكون فيما يصيبهم عبرة وموعظة لمن ينجو منهم. وعليها أن تخص بدعائها أهل الكفر والمعاصي دون المؤمنين المتقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(10/551)
النهي عن الدعاء على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نية الأم على ولدها بالموت وعند ذهابه إلى المدرسة القرآنية بالمسجد تعرض لحادث مرور فمات.
وهي الآن نادمة فكيف تكفر عن ذنبها وهل هذا الحادث مسؤولة عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما حصل من الأم هو مجرد النية وحديث النفس دون أن تدعو بشيء فإن حديث النفس لا مؤاخذة فيه، ففي الحديث الشريف: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه مسلم.
وإما إن كانت دعت على ولدها بالموت فإن ما فعلته لا يجوز، أخرج أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم.
وكفارة الذنب هي الاستغفار والتوبة الخالصة والندم على فعله، فعلى الأم أن تبادر إلى ذلك سواء كان حصل منها دعاء أو مجرد النية.
وعلى الأمهات عموماً أن يبتعدن عن الدعاء على أولادهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(10/552)
ما يقال عند السكن في بيت مؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[1ـ ما الذي يجب فعله عند وضع الحجر الأساس لأارض نملكهاونريد البناء عليها؟ 2ـ مايجب فعله عند النزول في بيت إيجار وماهي السور والأدعية التي يجب ذكرها؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم آية أو دعاء مأثوراً يقال عند وضع حجر الأساس لبناء بيت أو نحوه، وأما ما يقال عند السكن والنزول في البيت إيجاراً كان أو ملكا، ً فهو ما رواه مسلم من حديث خولة بنت حكيم، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلاً ثم، قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك. وإذا قرأ شيئاً من القرآن لا سيما سورة البقرة فحسن لحديث: لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(10/553)
حكم الدعاء عقب قراءة الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بعد انتهاء الإمام من القراءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا مواضع الدعاء في الصلاة في الفتوى رقم: 7005 والفتوى رقم: 8581 أما بعد انتهاء الإمام من القراءة فلم يرد فيه أنه من مواضع الدعاء إلا قول المأموم آمين، وكذلك إذا قرأ الإمام بعض الآيات التي يستحب الدعاء والتنزيه عند قراءتها أو عند سماع تلاوتها كما بينا في الفتوى رقم: 8175 وينبغي للمصلي أن يدعو في المواضع التي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء فيها، فإن فيها الكفاية لمن استجاب الله له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(10/554)
حكم تخصيص وقت معين للذكر المطلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الأذكار والأدعية ورد في فضلها عدد من نصوص السنة بعضها قيد بأن يقال في وقت معين مثل أذكار الصباح والمساء وبعضها لم يقيد مثل ما ورد في أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، فهل يجوز لي أن أجعلها مع معقبات الصلاة، مثل دعاء سيد الاستغفار (اللهم إني عبدك وابن أمتك ... ) وقراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات وأواخر سورة البقرة، وأجعل ذلك ورداً لي بعد كل صلاة؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرء أن يجعل للأذكار المطلقة وقتا محدداً يناسبه مثل جعلها بعد صلاة الفجر أو العصر أو غير ذلك ما دام سبب التقييد هو مناسبته لظروف الشخص، علماً بأن سيد الاستغفار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم هو: اللهم أنت ربي لا إله ألا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(10/555)
المقصود بفتنة المحيا والممات
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في الدعاء أن نتعوذ من فتنة المحيا والممات فما هي هذه الفتنة بالتفصيل؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى الفتة كما قال النووي هو الابتلاء والاختبار، قال: قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب الامتحان والاختبار. قال القاضي عياض: ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء. قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة وتحول من حال حسنة إلى سيئة. انتهى.
وقال السندي شارح جامع الترمذي قال: ابن دقيق العيد: فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه، ويكون المراد بفتنة المحيا، على هذا ما قبل ذلك ويجوز أن يراد بها فتنة القبر. انتهى.
وعلى هذا، فمن فتنة المحيا الاغترار بالدنيا والإنشغال بها عن طاعة الله تعالى، وكل ما يشغل المسلم عن طاعة ربه فهو فتنة، قال النووي: وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ. أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم، فإنه راع لهم ومسئول عن رعيته. انتهى، وفتنة الممات قد تبين أنها فتنة القبر أي السؤال فيه أو الفتنة عند الموت نسأل الله الثبات على الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(10/556)
الدعاء بالمأثور أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الدعاء صحيح أم فيه شي من عدم الصحة أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً
بداية الدعاء
يارَب سَاعدْني عَلى أن أقول كَلمة الحَقّ في وَجْه الأقويَاء وأن لا أقول البَاطل لأكْسبْ تَصْفيق الضعَفاء وَأن أرَى الناحَية الأخرْى مِنَ الصّوَرة وَلا تتركنْي أتّهِم خصومي بِأنّهمْ خَونة لأنهّم اخْتلفوا مَعي في الرأي يارَبْ إذا أعطيتني مَالاً فلا تأخذ سَعادتي وإذا أعَطيتني قوّة فلا تأخذ عّقليْ وإذا أعَطيتني نجَاحاً فلا تأخذ تَواضعْي وإذا أعطيتني تواضعاً فلا تأخذ اعتزازي بِكرامتي يارَبْ عَلمّنْي أنْ أحبّ النَاسْ كَما أحبّ نَفسْي وَعَلّمني أنْ أحَاسِب نَفسْي كَما أحَاسِبْ النَاسْ وَعَلّمنْي أنْ التسَامح هَو أكْبَر مَراتب القوّة وَأنّ حبّ الانتقام هَو أولْ مَظاهِر الضعْفَ. يارَبْ لا تدعني أصَاب بِالغرور إذا نَجَحْت وَلا باليأس إذا فْشلت بَل ذكّرني دائِماً أن الفَشَل هَو التجَارب التي تسْبِق النّجَاح. يارَبْ إذا جَرَّدتني مِن المال فاتركْ لي الأمل وَإذا جَرّدتني مِنَ النجَّاح فاترك لي قوّة العِنَاد حَتّى أتغلب عَلى الفَشل وَإذا جَرّدتني مَن نعْمة الصَّحة فاترك لي نعمة الإيمان. يارَبْ إذا أسَأت إلى الناس فَاعْطِني شجَاعَة الاعتذار وإذا أسَاء لي النَّاس فاعْطِنْي شجَاعَة العَفْوَ وإذا نَسيتك يَارَبّ أرجو أن لا تنسَاني مَنْ عَفوِك وَحْلمك فأنت العَظيْم القَهّار القَادِرْ عَلى كُلّ شيء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم إذا أراد الدعاء الذي هو أساس العبادة ـ أن يتحلى بآداب الدعاء ومنها الخشوع في الدعاء وعدم الاعتداء فيه وأن يدعو وهو موقن بالإجابة، كما أرشد القرآن الكريم والسنة النبوية قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {لأعراف:55} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل. رواه الترمذي وحسنه الألباني. والدعاء المذكور لم نطلع فيه على ما يخالف العقيدة أو الشرع، وإن كان الأفضل للمسلم أن يدعو بأدعية القرآن الكريم والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، أو يقتبس منها وينسج على منوالها. فقد روى أبو داود وابن ماجة وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: كيف تقول في صلاتك؟، قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن. ومع ذلك فلا مانع شرعا أن يدعو المسلم بما تيسر له من الأدعية التي ينشئها من تلقاء نفسه، أو يختارها من أدعية غيره حسب حاجته وما يقتضيه المقام مادام ذلك بالضوابط الشرعية، فهاهم أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون بالأدعية المختلفة ... بل والأنبياء قبلهم وهم القدوة كان كل واحد منهم يدعو حسب حاجته وما يقتضيه المقام. نلاحظ ذلك في أدعيتهم في القرآن الكريم، فيقول إبراهيم عليه السلام في بعض أدعيته: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {الشعراء:83} ، وفي مقام آخر: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ {البقرة: 128} والأمثلة كثيرة والحاصل أنه لا مانع أن يدعو المسلم بالدعاء الذي يحتاج إليه، ويناسب حاله، وينبع من ضميره وحاجته، وربما كان ذلك أدعى للرغبة والرهبة والخشوع والاستكانة. كما أن الدعاء المذكور ليس فيه ما يخالف الشرع حسب اطلاعنا وإن كان الأفضل أن يدعو المسلم بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1425(10/557)
لا حرج في دعاء الله لتجنب شر الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الاجابة على هذه الأسئلة:
1-حول الموضوع السابق (العلاقة غير مشروعة بين الفتيات (السحاق) فإذا تابت الفتاة توبة صادقة وأقلعت عن المعصية ثم قامت بالدعاء إلى الله عز وجل أن يبعد من كانت معها وأن يبعد ويزيل شرها وأذيتها عنها فهل هذا الدعاء فيه إثم أو قطع رحم وبالتالي لا يغفر الله أو لا يستجيب لأني علمت أنه يوجد حديث للرسول عليه الصلاة والسلام أن الله لا يستجيب لمن يدعو بإثم. أرجو منكم الإجابة
إذا كانت لدى الفتاة أعلاه رسائل من الأخرى فهل تتخلص منها لأن فيها إثم وهل الحب إذا بقي بين القلب فيه إثم أيضا لأنها تعتبر مشاعر آثمة أم الحساب يكون على الفعل فقط مع العلم أنه لا توجد أي مشاعر لدى هذه الفتاة فالخوف من الله قد طغى على كل شيء إضافة إلى أن هذه الفتاة كما أخبرتكم مخطوبة فهل تأثم إذا لم تخبر خطيبها. أرجو منكم الإجابة بأسرع وقت ممكن إذا سمحتم.
ولكم جزيل الشكر والامتنان والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب شرعا بالحذر من أصحاب المعاصي واتقاء شرهم، فإذا دعا الله تعالى أن يجنبه شرهم فقد دعا بحق، فلا يدخل ذلك تحت باب الدعاء بإثم أو قطيعة رحم. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مشروعية دعاء المسلم ربه أن يقيه شر نفسه، ففي سنن أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول: أعوذ بك من شر نفسي. فإذا كان هذا في حق نفسه ففي حق غيره أولى.
وإن كان هذا الدعاء على سبيل الهجر لصاحب المعصية فإن هذا النوع من الهجر مشروع، فلا يكون إثما أو قطيعة رحم، ولكن ننبه إلى أنه ينبغي أن تراعى في الهجر المصلحة الشرعية، وتراجع الفتوى رقم: 7119.
والحديث الذي أشارت إليه السائلة رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وبخصوص الرسائل بين هاتين الفتاتين فما اشتمل منها على منكر أو كان ذريعة إلى العودة إلى تلك العلاقة أو غيرها من الشر والفساد فالواجب التخلص منه، وما لم يكن كذلك فلا.. والحب إذا كان بلا كسب من صاحبه ولم يترتب عليه ما يحرم شرعا فلا يؤاخذ به صاحبه، وتراجع الفتوى رقم: 4220.
وأما تلك الفتاة فلا يلزمها إخبار الخاطب بما وقع منها من منكر، بل الواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى وأن تستر على نفسها، وتراجع الفتوى رقم: 51329. 52027
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(10/558)
حكم الدعاء بصيغة (ربنا لا يضيع لكم تعبكم)
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الناس عندما يريدون الدعاء لأولادهم بالنجاح في الامتحانات يقولون (ربنا لا يضيع لكم تعبكم) .........فهل هذا القول جائز؟ وهل يفيد المقصود منه؟
أفيدونا أفادكم الله.
... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى أن في هذه العبارة حرجا، لأن الظاهر أن مرادهم سؤال الله أن لا يجعل تعب الأولاد في الدراسة والمذاكرة ضائعا بسبب الرسوب في الامتحان.
ثم إن دعاء الوالدين للأولاد عده النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية المستجابة
كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوه الوالد ودعوه المسافر ودعوة المظلوم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(10/559)
الدعاء بعد الفاتحة وقبل السورة مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الصلاة أسمع بعض النساء يقولون (أستغفر الله) في المسجد عندما ينتهي الإمام من قراءة الفاتحة فما صحة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما يدل على مشروعية الاستغفار بعد قراءة الفاتحة، وعند المالكية جواز الدعاء بعد قراءة الفاتحة مع وجود من يقول منهم بكراهته، قال الخطاب في مواهب الجليل: قال في الطراز: ويدعوا بعد الفراغ من الفاتحة إن أحب قبل السورة وقد دعا الصالحون. انتهى.
ونقل كراهته في التوضيح عن بعضهم، والظاهر ما في الطراز فتأمله، وانظر التلمساني في شرح الجلاب: فإنه ذكر أن الدعاء بعد الفاتحة وقبل السورة مباح، وليس بمكروه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(10/560)
رفع اليدين عند الدعاء مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز رفع اليدين عند الدعاء؟
2- وهل يجوز إرجاع اليدين إلى موضعهما عند القيام من الركوع في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فإن رفع اليدين عند الدعاء مستحب على الراجح من أقوال أهل العلم، وذلك للأحاديث الصريحة الدالة على ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 32283.
وتقدم الكلام أيضاً على حكم وضع اليدين على الصدر أو إرسالهما في حال القيام من الركوع، في الفتوى رقم: 14840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(10/561)
حكم الدعاء بالهداية للزواج من شخص محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء لأحد بالهداية للزواج من شخص محدد، وما هي الأدعية والآيات التي نقرؤها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الله تعالى بالزواج من شخص معين أمر لا يأباه الشرع ولا يمنع منه، لأن الزواج مباح في أصله، فيكون دعاء الله به مباحاً أيضاً، ولو كان ذلك بشخص معين، والأولى أن يدعو المرء الله تعالى أن يختار له ما فيه الخير، فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة:216] ، وراجعي الفتوى رقم: 19339.
وصاحب الحاجة يسأل حاجته مهما كانت، ومن أهم الأشياء بالنسبة للمسلم الزواج، فينبغي للمسلم أن يسأل الله أن يرزقه الزوجة الصالحة، وكذلك الأمر بالنسبة للمسلمة، فتسأل الله أن يرزقها الزوج الصالح.
وقد كان السلف الصالح يسألون الله كل شيء حتى شسع النعل، امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه الترمذي.
وليس هناك دعاء خاص بالزواج، فللعبد أن يتخير من الدعاء ما شاء لطلب حاجته من ربه وليتحر أوقات إجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل وفي السجود وبين الأذان والإقامة وليدع الله وهو موقن بالإجابة، وعليه أن لا يستعجل الإجابة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. رواه مسلم.
ونسأل الله عز وجل أن ييسر أمر زواج أبناء وبنات المسلمين وأن يحصن فروجهم ويجنبنا وإياهم الفتن والمنكرات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(10/562)
الصلاة على غير الرسول جائزة تبعا للصلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وآله وصحبه الأبرار
أما بعد: أود أن أسأل حضرتكم سؤالا يبادر ذهني من فترة معينة أثناء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر بالصلاة عليه فقط من غير آله وإذا أردنا أن نضع آله نلزم الصحابة معهم وأنا أعلم بأن القرآن الكريم صلى علي النبي لوحده ولكن لماذا اثناء الصلاة نصلي على محمد وآل محمد من غير الصحابة وتبطل الصلاة إذا لم نذكر آل محمد
ولكم مني جزيل الشكر يرجي الجواب بالتفصيل الممل حتى أفهم ورحم الله امرءا تعلم علما وعلمه
وفي أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة عظيمة أمر الله تعالى بها في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [سورة الأحزاب: 56] . ويترتب عليها الثواب الجزيل لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. رواه مسلم وغيره.
وتتأكد الصلاة عليه عند ذكره، لقوله صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة يسن أن تكون بلفظ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة بقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ويتأكد ذلك إذا ذكر صلى الله عليه وسلم وهي فرض كفاية.انتهى. وبالتالي فالصلاة عليه في هذه الحالة بدون ذكر آله خلاف السنة حسبما ذكره في الفروع، ولا يلزم مع ذكر الصلاة عليه وآله ذكر صحابته بل ذلك جائز فقط، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية أيضا: وقال الشيخ وجيه الدين: الصلاة على غير الرسول جائزة تبعا لا مقصودا لأن الله تعالى خص الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فلا يشاركه غيره فيه.انتهى.
أما داخل الصلاة فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام إلى الصيغة التي يقولونها وليس فيها ذكر للصلاة على الصحابة، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة، قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وهناك صيغ أخرى صحيحة غير هذه.
والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فرض في التشهد الأخير من الصلاة عند الشافعية والحنابلة تبطل الصلاة بتركها ولم نقف على من قال من أهل العلم بوجوب الصلاة على آله صلى الله عليه وسلم ولا كون الصلاة تبطل بترك ذلك بل إن ركنية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند من يقولون بها تتحقق بقول: اللهم صل على محمد بدون ذكر الآل كما هو منصوص في كتبهم، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 4863، والفتوى رقم: 21413.
وعليه؛ فمن السنة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة بلفظ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ولا يلزم مع ذكر الآل ذكر الصحابة بل هو جائز فقط.
والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ركن في التشهد الأخير من الصلاة عند الشافعية والحنابلة تبطل الصلاة بتركها، والصلاة على الآل لا تبطل الصلاة بتركها.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(10/563)
المسلم مطالب بأن يكثر من طلب العفو من الله
[السُّؤَالُ]
ـ[متى وأين يكون الدعاء بالعفو؟ أفيدوني جزاكم الله عني خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم بحاجة إلى أن يكثر من سؤال الله تعالى العفو عما يصدر عنه من المعاصي أو التقصير الذي لا ينفك عنه بحكم نقصه وخطئه الملازمين له.
وقد ورد في نصوص الوحي سؤال العفو من الله تعالى مقيدا بأوقات مخصوصة ومطلقا غير مقيد بوقت، فمن ذلك ماذكره الله تعالى من قول المؤمنين الصادقين في خواتم سورة البقرة: [رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ] (البقرة: 286)
وفي صحيح مسلم أن الله تعالى قال: نعم عندما قال المؤمنون ذلك.
ومن ذلك أيضا عندما يتعرف المسلم على ليلة القدر
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يارسول الله: أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها، قال: قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وصححه الشيخ الألباني.
ومن ذلك عند الصباح والمساء فعن عبد الله بن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم أني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي.
رواه أبو دواد وابن ماجه وأحمد في المسند وصححه الشيخ الألباني.
ولا يعني هذا حصر طلب العفو والعافية من الله عز وجل في هذين الوقتين، بل المسلم مطالب بالإكثار من الدعاء بهما دون تحديد بعدد ولا تخصيص بوقت فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أمر أبابكر الصديق رضي الله عنه بسؤال الله العفو ووالعافية، ففي سنن الترمذي وغيره عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد خيرا من العافية. فينبغي للمسلم دائما أن يكثر من سؤال الله تعالى العفو خصوصا إذا صدرت معصية حتى يكون من السعداء الذين قال الله تعالى في أوصافهم:
[وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ]
(آل عمران: 135 ـ136)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1425(10/564)
من مكفرات الخطايا وإن كانت مثل زبد البحر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عندما يقول المسلم لا إله الا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هل ذلك يكفر خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض أحد يقول لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقد حسن الحديث الشيخ الألباني.
وقد رواه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمرو بزيادة سبحان الله والحمد الله، وفي رواية للحاكم سبحان الله كثيرا
ونص الروايتين عند الحاكم: ما على الأرض رجل يقول لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر.
وفي رواية للحاكم: من قال لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله كثيرا ولا حول ولا قوة إلا بالله، كفرت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر.
والحديث صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(10/565)
حكم الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء والرسل
[السُّؤَالُ]
ـ[قد بين العلامة ابن القيم وشيخه أن الصلاة من الله، إما أن تكون عامة، وهذه عليها دليل -وإما أن تكون خاصة وهي لرسلة وأنبيائه- ولا دليل على ذلك، وخاصة على نبيه محمد، وهذه لها الدليل، والسؤال هنا يا شيخ ما مشروعية الصلاة على الأنبياء والرسل غير محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنني قرأت الذي في القرآن ولم أقف على أي آية تصلي على الأنبياء والرسل وإنما فقط يسلم عليهم الله كما في صورة الصافات، فهل يعد بدعة من يصلي عليهم أم يجب وجوب القول بعليهم السلام ولا يجوز القول بالصلاة والسلام وهنا وقفة وهل السلام يعني الصلاة وما دليل من يقول ذلك، وهل لو كان هذا الكلام صحيحاً أن أصلي عليهم كما أصلي على النبي أم أن هناك ضوابط؟ وشكراً، وبالله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء والرسل، فذهب عامة أهل العلم إلى أنه يصلى على النبيين كما يصلى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ودليل ذلك ما رواه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه من حديث أبي هريرة، والخطيب من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا على أنبياء الله ورسله، فإن الله بعثهم كما بعثني. والحديث صححه الألباني رحمه الله في الصحيحة وحسنه في صحيح الجامع.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام: وقد حكى غير واحد الإجماع على أن الصلاة على جميع النبيين مشروعة منهم الشيخ محي الدين النووي رحمه الله وغيره، وقد حكي عن مالك رواية أنه لا يصلى على غير نبينا صلى الله عليه وسلم، ولكن قال أصحابه هي مؤولة بمعنى أنا لم نتعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء، كما تعبدنا الله بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وأما قول السائل: هل السلام يعني الصلاة؟ فإن الصلاة غير السلام، ولهذا لما نزل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56] ، قال الصحابة: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد ... إلخ. رواه الطبراني في الكبير بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين.
فالسلام هو كما في التشهد (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) ، وأما الصلاة فهي كما في التشهد أيضاً: (قولوا اللهم صل على محمد ... ) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(10/566)
حكم التسبيح باليد الشمال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم التسبيح باليد الشمال ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز التسبيح باليد اليسرى، ولكن الأفضل أن يكون باليمين لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ولما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله. وهذا لفظ البخاري.
وراجع الفتوى رقم: 11829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(10/567)
حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة \"عليه الصلاة والسلام\"
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي أحد الإخوة إنه لا يجوز عند ذكر الرسول المصطفى محمد أن نقول (عليه الصلاة والسلام)
بل يجب أن نقول بصيغة صلاة الله عز وجل عليه
أي نقول (صلى الله عليه وسلم) أو نقول (اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه وسلم) فهل هذا صحيح أم أنه من الجائز قول (عليه الصلاة والسلام) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أخبرك به الأخ المذكور غير صحيح بل تجوز لك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي ذكرتَ وهي (عليه الصلاة والسلام) أو بغيرها، فالأمر واسع.
لكن إذا كان الأمر يتعلق بالصلاة فالأفضل الاقتصار على الصيغ المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتويين التاليتين: 5025 / 38427.
ومن الجدير بالتنبيه عليه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة عظيمة الثواب لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً. رواه مسلم وغيره.
وتشرع عند ذكره صلى الله عليه وسلم لقوله: البخيل من ذْكرْتُ عنده فلم يصل علي. روه الترمذي وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(10/568)
لا يترك اسم الجلالة مرميا في القمامات
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الشركات تكتب على منتجاتها أسماء أصحاب هذه الشركات مثل عبد الله أو عبد العزيز
إما على النايلون أو الكرتون، وبعد استهلاك ذلك المنتج يتم رمي الكيس في القمامة
فما هو واجبنا تجاه هذا الأمر وكيف يمكن نصح تلك الشركات الكثيرة؟
وهل هناك طريقة يمكن للدعاة أن ينهوا جميع أصحاب تلك الشركات عن هذا الأمر. لأنني أرسلت
ذات مرة إلى إحدى الشركات ولكنها لم تستجب. ووجدت ذات مرة اسم الله متمثلا\" في
(عبد الرحمن على إحدى العباءات وبجانبها رقم ولكني لم أتصل) فهل علي إثم؟
ثم إنني حينما أسير في الطريق أجد الكثير من الأوراق والتي يغلب على اعتقادي أن بها اسما
من أسماء الله عز وجل وربما بعض آيات من القرآن الكريم ولكني لا أستطيع كلما رأيت ورقة
أن آخذها لأن في ذلك مشقة بل أحمل ما استطعت منها.فما الحكم؟
كما أود أن أسأل هل المبارك من أسماء الله عز وجل ولكم مني جزيل الشكر والعرفان..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن احترام أسماء الله سبحانه وتعالى واجب ولا يجوز تعريضها للإهانة.
قال تعالى: [ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ] (الحج: 30) .
وقال تعالى: [ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ] (الحج: 32) .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يذكر اسم الله إلا على طهارة، كما في حديث المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وهذا من عنايته صلى الله عليه وسلم باسم الجلالة، فعلينا أن نحافظ على الاعتناء باسم الله تعالى ولا نتركه مرميا في القمامات، بل نحرقه أو نمحوه مما كتب عليه، سواء كان بحوزتنا أو وجدناه مرميا في القمامة.
وننصح أصحاب المؤسسات أن لا يعرضوا الاسم الكريم للامتهان، فعليهم أن يكتبوا أسماء لا يوجد بها اسم الله تعالى.
ثم إن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا ينبغي أن يمل أو ييأس عند عدم استجابة المدعوين.
بل يتعين عليها أن يصبر كما صبر الأنبياء ويدعو للمدعوين ويعلم أن واجبه هو الإرشاد والتوجيه، وأما استجابة الناس فهي أمر لا يملكه إلا الله، وقد قال: [إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ] (القصص: 56) .
فواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منوط بكل الأمة.
قال الله تعالى: [وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ] (لقمان: 17) .
وفي الحديث: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وعلى هذا، فإن الاتصال بالشركات لنصح القائمين عليها واجب على المستطيع.
وأما من رأى أوراقا في الطريق وعلم أن بها اسما من أسماء الله فالواجب عليه أخذه ودفنه في مكان محترم أو تخريقه أو حرق المكتوب فيه ولا يجب عليه تتبع الأوراق للتأكد من عدم وجود اسم الله فيها، ونظرا لما في هذا من الكلفة فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا حل لهذه المشكلة إلا بغض البصر ونشر الوعي الإسلامي في المجتمع حتى يتعاون الجميع على احترام أسماء الجلالة، وحتى يفوت من غض بصره بعضها.
وأما المبارك فليس من أسماء الله الحسنى، إذ لم يثبت نص يدل عليه، ومن المعلوم أن أسماء الله توقيفية.
وراجعي للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 1064، 660، 15877، 26385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(10/569)
حكم لبس المسبحة في الرقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم لبس المسبحة (السبحة) على الرقبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما عن المسبحة فلا حرج إن شاء الله تعالى في استعمال المسبحة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه: في التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه أن من العلماء من كرهه ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه، على أن استعمال اليدين أولى، لأنه أجمع للقلب، وأبعد من الذهول، ولأنها تشهد لصاحبها.
وأما لبس المسبحة على الرقبة فإن كان على سبيل التعبد فلا يجوز لأن العبادة مبناها على التوقيف فلا يعبد الله سبحانه إلا بما شرع وإن كان تعليقها لحفظها من الضياع فلا بأس والأولى أن لا تفعل بعدا عن الرياء وإظهار العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(10/570)
حكم الدعاء بلفظ \"اللهم إني أستودعك ما حفظت\"
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدعاء بهذا القول:
(اللهم أني أستودعك ما حفظت فرده لي عند الحاجة) عند المذاكرة للامتحان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في هذا الدعاء لأن الله إذا استودع شيئا حفظه ولكن ينبغي للشخص أن يطلب من الله جل وعلا أن يحفظ عليه ما حفظه دوما وأن يرده عليه إن غاب عنه عند احتياجه إليه، وقد روى أحمد في مسنده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لقمان الحكيم كان يقول: إن الله عز وجل إذا استودع شيئا حفظه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يودع المسافر ويستودع الله دينه وعمله، فقد روى أبو داود والترمذي وصححه أن ابن عمر كان يقول للرجل إذا أراد سفرا: ادن مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(10/571)
بين دعوة الوالد وقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي أمه كانت تدعو عليه وتقول له ربنا يتعب بناتك، هل أنا وأخواتي يصيبنا هذا الدعاء مع أني عارفة أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، أرجو الإجابة بسرعة، مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعوة الوالد على ابنه تستجاب غالباً، وقد عدها النبي صلى الله عليه وسلم من الدعوات المستجابة، أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الوالد على ولده، قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم..... الحديث. رواه مسلم عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت.
وفي قصة جريج الواردة في الصحيحين ودعاء أمه عليه في رواية مسلم: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن.
وعلى هذا نقول: إن جدتك قد أخطأت في دعائها، وعليها أن تتوب منه، وعلى كل حال فالأمر هو كما ذكرت أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى"، وأن دعوة الوالد مع كونها مستجابة في الغالب لا يلزم منه أن لا تخطئ مرة، وعليكن أن تدعين لأنفسكن بالصلاح والسلامة والاستقامة، ولا يحملكن ما فعلته جدتكن على التفريط في حقها، فإن برها واجب عليكن ولو فعلت ما فعلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(10/572)
تذلل العبد في مقام الدعاء مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي رجل متدين والحمد الله ويتقرب إلى الله كثيرا ولكني سمعته يقول وهو يدعو ربه (يارب أنا بتذللك) هل هذا حرام أم لا أم من غير اللائق أن أدعو هذا الدعاء؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الذي يدعو به الأخ المذكور كما فهمنا وهو "يا رب إني أتذلل لك" فهذا لا مانع منه ولا شيء فيه إن شاء الله تعالى، لأن معناه الخضوع والخوف والتذلل والانقياد لله تبارك وتعالى، وهذه أمور لا بد للعبد منها وخاصة في مقام الدعاء والعبادة.
فقد أمر نا الله عز وجل أن ندعوه بتضرع وخفية، فقال جل وعلا: [ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً] (الأعراف: 55) .
ولا شك أن الدعاء هو أساس العبادة وأعظم القربات وأهم الطاعات إذا انضبط بالضوابط الشرعية.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد.
وننبه السائلة الكريمة إلى أن الأفضل للمسلم أن يدعو بالأدعية الواردة في القرآن الكريم، أو الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان لا مانع من أن يدعو المسلم بما تيسر له.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 25109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(10/573)
الدعاء للكافر.. ما يجوز منه وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[عند رؤيتي لشيء يعجبني ولكن يملكه شخص غير مسلم، كسيّارة على سبيل المثال أو طفل صغير لأبوين غير مسلمين، ماذا أقول لكي لا أحسده، بحسب علمي أنّه لا يجوز الدعاء لغير المسلم بأي شيء إلا أن يهديه الله سبحانه وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أنه لا حرج في قول المؤمن ما شاء الله لا قوة إلا بالله عند رؤية بعض ما أنعم الله به على الكفار من مال وولد توقياً لإصابته بالعين.
فقد قال المؤمن لصاحبه الكافر المذكورة قصته في سورة الكهف: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا [الكهف:39] ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: قال المؤمن لصاحبه: ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شيء.
ويدل لهذا عموم ما روي عن أنس مرفوعاً: من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره عين. رواه البزار وابن السني ولكن ضعفه الهيثمي في المجمع.
وفي رواية للديلمي في مسند الفردوس: من رأى شيئاً فأعجبه له أو لغيره فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
ولكن أهل العلم قد عدوا أحاديث الديلمي من الأحاديث الضعيفة إذا انفرد بها.
وأما الدعاء للكفار بالهداية فإنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد دعا لدوس كما في حديث الصحيحين: اللهم اهد دوساً.، ودعا لثقيف كما في الحديث: اللهم اهد ثقيفاً. رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب، وقال الأرناؤوط في حديث أحمد: إسناده قوي على شرط مسلم.
وكان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم، كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدب المفرد وصححه الأرناؤوط والألباني.
وأما الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة فلا يجوز اتفاقا؛ لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] ، ولعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالرحمة للعاطسين من اليهود إلى الدعاء لهم بالهداية، وأما الدعاء لهم بكثرة المال والولد وغير ذلك من المصالح الدنيوية فقد اختلف في مشروعيته، كما قال الهيثمي في تحفة المحتاج، وجوزه النووي، وقال المناوي في فيض القدير بجوازه، ذكر ذلك في شرح الحديث: إذا دعوتم لأحد من اليهود والنصارى فقولوا أكثر الله مالك وولدك. وهذا الحديث ضعيف السند فقد رواه ابن عدي وابن عساكر وضعفه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(10/574)
من آداب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجزئ الصلاة على رسول الله بقول "عليه الصلاة والسلام"؟
وهل إذا كان اسمه-صلى الله عليه وسلم- مكتوبا في أكثر من موضع في كتاب أو ورقة فهل يجب الصلاة عليه في كل تلك المواضع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلامانع لمن ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم ـ أن يكتفي بقول: عليه الصلاة والسلام، فقول عليه الصلاة والسلام مثل قول صلى الله عليه وسلم، كلاهما خير يراد به الدعاء، وقد ورد كلا اللفظين في كلام الصحابة رضي الله عنهم. روى مسلم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: وإن نأخذ بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدى. الحديث. وفي سنن النسائي عن ابن عباس: فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام. الحديث وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمر رضي الله عنه قال: إن أدع إلى الناس أمرهم فقد تركه نبي الله عليه الصلاة والسلام.
ثم إذا كان اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكتوبا أكثر من مرة في كتاب أو ورقة، فالصواب أن يصلي عليه القارئ أو المستمع كلما قرأ أو سمع اسمه. وراجع في هذا الفتوى رقم: 9296
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(10/575)
حكم ذكر الله في مكان به رائحة كريهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ذكر اسم الله في المكان الذي به رائحة كريهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المكان الذي به رائحة كريهة معداً لقضاء الحاجة أو مكاناً لجمع القمامة ونحو ذلك فإنه يكره ذكر الله تعالى فيه، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في ذلك فنحيل السائل إليها، وهي برقم: 3262.
وأما إذا كانت الرائحة الكريهة طارئة وكان المكان طاهراً فالأفضل إزالة الرائحة الكريهة قبل الذكر تعظيماً لاسم الله سبحانه وتعالى، وقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] ، وقال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ [الحج:30] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(10/576)
لا تشترط الطهارة للذكر والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص الدعاء والاستغفار وذكر الله.. هل إذا لم يكن الإنسان على وضوء واستغفر ودعا وذكر الله هل ينال أجرا كأجر من كان على وضوء أم لا يصله الأجر أبدا؟
وبارك الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكر الله تعالى من دعاء واستغفار ونحو ذلك لا تشترط له الطهارة، بل إذا صدر من الشخص المحدث كتب له ثواب ذلك إن شاء الله تعالى.
ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. لكن إذا كان المسلم متوضئا فثواب الذكر في حقه أعظم من ثوابه في حالة الحدث، لكون الذكر حالة الوضوء أفضل منه في غيرها.
يدل على أفضلية الذكر في حال الطهارة كراهته صلى الله عليه وسلم لذكر الله في غير حال الطهارة.
ففي مسند الإمام أحمد عن المهاجربن قنفذ أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ فرد عليه، وقال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة والخلاصة أن المحدث يحصل على ثواب ذكر الله تعالى إلا أن الثواب يعظم في حالة كون الشخص على طهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(10/577)
من شك في كون ما يدعو به هو من الاعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت للإمام أحمد
أن رجلا سمع ابنا له يقول اللهم أسألك الفردوس وكذا وأسألك كذا
(وفي رواية أخرى أسألك الجنة وإستبرقها نحوا من هذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها)
فقال أي بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله يقول
\" يكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور \"
حديث حسن - حسنه الألباني في صحيح الجامع وصحيح أبي داود - انتهى
أنا أدعو الله في كل أموري كبيرة أو صغيرة وأحيانا لا أملك إلا أن أحدد أهمية ذلك الأمر فأقول:
اللهم اشف عيني فلان من ضعف البصر
اللهم عافني من البلاء الفلاني (وأذكره باسمه من شدة ما أتمنى زواله)
اللهم يسر لي 3 حجات و 4 عمرات على الأقل (وسبب ذلك أنني قرأت أن من حج 3 حجات حرم الله جسده على النار)
اللهم أعفني من الأمر الفلاني
أما باقي دعائي فكله من الكتاب والسنة
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار إلخ ...
فهل ما أفعله يعتبر اعتداء في الدعاء؟
وكيف أعرف أنني تجاوزت حدود الأدب في الدعاء وصرت معتديا؟
هل يكفي أن أستشير قلبي \"الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ... \"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى عباده بدعائه والالتجاء إليه ووعدهم بالإجابة، حيث قال تعالى: [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ] (غافر: 60)
وقال تعالى: [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ] (البقرة:186)
وعليه؛ فقد أحسنت في رفع حوائجك كلها إليه سبحانه وتعالى، ففي مسند أبي يعلى عن أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. قال الشيخ حسين أسد إسناده على شرط مسلم.
والحديث أيضا في صحيح ابن حبان، لكن ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، ولا مانع أن
تسأل الله تعالى الشفاء من مرض بعينه مع تسميته، فقد قال المواق في التاج والإكليل: من المدونة قال مالك: للمصلي أن يدعو في قيامه وقعوده وسجوده بجميع حوائجه لدنياه وأخراه. وبلغني عن عروة قال: إني أدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح. انتهى
وقال خليل في مختصره: ودعا بما أحب وإن لدنيا.
وإذا كان هذا مباحا في الصلاة فأحرى أن يكون مباحا في غيرها.
وما وقفت عليه من كون من حج ثلاث مرات حرم الله جسده على النار لم نقف على ما يدل على
صحته، بل الثابت الترغيب في الإكثار من الحج والعمرة مطلقا من غير تحديد عدد، ففي سنن الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة. صححه الشيخ الألباني.
والحديث أيضا في مسند الإمام أحمد وسنن النسائي وابن ماجه.
ومما يتميز به الوقوع في الاعتداء في الدعاء:
1ـ سؤال الشخص منزلة لا يبلغها كمنزلة الأنبياء.
2ـ طلب الإعانة على الكفر والمعاصي.
3ـ سؤال مالا يمكن حصوله كالتخليد في الدنيا ونحو ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ومن الاعتداء في الدعاء أن يسأل العبد مالم يكن الرب ليفعله، مثل أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، والمغفرة للمشركين ونحو ذلك، أو يسأله ما فيه معصية الله كإعانته على الكفر والفسوق والعصيان. انتهى
وللمزيد عن هذه الموضوع راجع الفتوى رقم: 23425
وإذا حصل عندك شك في كون ما تدعو به هو من قبيل الاعتداء في الدعاء فينبغي لك تركه امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يربيك إلى مالا يربيك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة. رواه الترمذي وأحمد في المسند
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: والمعنى اترك ما تشك فيه من الأقوال والأعمال أنه منهي عنه أو لا، أوسنة أو بدعة، واعدل إلى ما تشك فيه منهما، والمقصود أن يبني المكلف أمره على اليقين البحت والتحقيق الصرف ويكون على البصيرة في دينه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(10/578)
الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم لا يقبله الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يقول اللهم باعد بيني وبين جماعة فلان ولا تجمعني بهم أبدا، وأسألك أن تفرق بينى وبينهم فرقا عظيما ولا تجمعنى بهم أبدا فى مكان واحد\"
لو أن هذه الجماعة كانت من أهل الجنة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يدعو بهذا النوع من الأدعية لما فيه من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه شرعا. ولما فيه من القطيعة بين المسلمين.
قال الله تعالى: [ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ] (لأعراف:55)
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة ر حم. رواه مسلم وغيره.
ولا يخفى ما في هذا الدعاء من الإثم والقطيعة والتبغاض والتدابر المنهي عنه شرعاً.
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ... وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(10/579)
حكم الدعاء على النفس أو الغير بالبلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بالبلاء ... عندي ابنة عمرها 20 عاما وهي تدعو بأن يبلينا الله بلاء سيئا إذا كان في هذا البلاء سبب يجعل زوجي يتدين ويقوم بواجباته الدينية حيث هو لا يصلي ولا يصوم ... فهل يجوز الدعاء بالبلاء السيء؟ الرجاء إفادتي مع الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الإنسان على نفسه أو على غيره بالبلاء السيء لا يشرع ولو كان لحصول غاية مطلوبة إلا إذا كان في مقابل دعوة صدرت من الغير على الداعي فتشرع حينئذ من باب: [فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ] (البقرة: 194) . أما أن يبتدأ الإنسان بالدعاء عليه بالبلاء فلا.
والدليل على ذلك استعاذته صلى الله عليه وسلم من جهد البلاء، وأمره بذلك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء, وشماتة الأعداء. كما في الصحيحين وغيرهما.
وقال صلى الله عليه وسلم: تعوذو بالله من جهد البلاء.. وهو في صحيح البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. رواه مسلم
فالمشروع في صف من ابتلي بأب أو بقريب مقصر في جانب الله تعالى، أن يوجهه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يتخذ في سبيل عوته كل الوسائل الممكنه، وأن يدعو الله عز وجل له بالهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(10/580)
كيفية النطق بشهادة التوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم النطق \"أشهد أن لا إله إلا الله\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة أشهد أن لا إله إلا الله تنطق كما هي مكتوبة، ولا يختلف لفظها عن رسمها إلا في كون النون من "أن" تدغم في اللام من "لا" التي بعدها فتنطق أشهد ألا إله إلا الله..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(10/581)
حكم الصلاة على الآل والصحب
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله
هناك كثير يأتون ويكتبون الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه
ما موقفنا من هذه \" حذفها\" أو إبقاؤها
أخوكم في الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما كتابة اسم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه فلا حرج فيها إن لم يكن فيه تعريض اسم الجلالة للامتهان.
وقد ثبتت مشروعية الصلاة على الآل مع الرسول في حديث الصحيحين في تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة لما سألوه عن كيفية الصلاة قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ...
وأما الصلاة على الصحب فإنها تجوز تبعا للرسول صلى الله عليه وسلم كما تجوز استقلالا، ويدل لذلك ما في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل على آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى.
ومن طالع كتب المحدثين فإنه سيجد فيها الصلاة على الصحابة مع الرسول في مقدمات الكتب.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(10/582)
حكم الدعاء بأن يهبه الله ذكرا بعد غلبة الظن أن الجنين أنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي حامل في الشهر السابع وقد قيل لها في فحص السونار أن الجنين أنثى على الأغلب.
سؤالي هو: هل يجوز لي الدعاء بأن يرزقني الله من هذا الحمل بالولد الذكر حتى بعد نتيجة السونار وفي هذا الوقت من الحمل؟؟؟؟؟؟ أم أنه يعتبر اعتراض على قدر الله؟؟؟؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت نتيجة الفحص لا تفيد اليقين بكون المولود أنثى فالدعاء في هذه الحالة مشروع لكون الفحص قد يخطئ وقد يصيب، والمسلم يشرع له أن يسأل الله تعالى كل ما أهمه من أمور الدنيا والآخرة،
وإذا كانت نتيجة الفحص تفيد اليقين بتحديد جنس المولود من كونه أنثى -مثلا- فهذا من قضاء الله تعالى وقدره، والدعاء في هذه الحالة يعتبر من الا عتداء في الدعاء، وتفصيله في الفتوى رقم 23425
ومن الجدير التنبيه عليه أنه لا ينبغي اللجوء إلى الفحص المذكور، وعلى المسلم الرضى والتسليم بما قدره الله تعالى وكتبه ففي ذلك خير إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(10/583)
المقصود بصلاة الله وملائكته على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..وبه أستعين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله النبي الهادي الكريم/.. أما بعد
سعدت جدا من إرسالكم الردود والفتاوى التي أنارت
لي طريقا للهدى وأحب أن أدعوكم إلى أن ترسلوا إلي
رسالة للدعوة إلى دين الإسلام مترجمة إلى الإنجليزية وبالطبع نسخة منها بالعربية كي أستطيع استخدام الإنترنت الاستخدام الصحيح والمجاهدة ولو بقدر يسير من المال والوقت أرسل هذه الرسالة إلى أبناء وشباب الغرب الذين لا يعلمون عن الإسلام إلا أسامة بن لادن وأفغانستان للأسف الشديد ,كما أن المصيبة الكبرى أننى أرى شبابا من المسيحيين يقومون بعمل غرف للدردشة على موقع الياهوو مخصصين ومركزين كل كلامهم
على الإسلام والأكثر من ذلك أنهم يسبون سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ويقولون كلمات تجعلنا نحن المسلمين نستشيط غيظا وغيره على دين الإسلام
2- وكيف يكون الرد إذا قالوا إلينا في النقاش إنه كيف يصلي الله وملائكته على النبى وكيف نصلي على النبي؟
أرجو المساعدة وزيادتنا من نور الله الذي هداكم وإيانا للإسلام والإيمان به والله الموفق وكل عام وأنتم والأمة الإسلامية في نضال وجهاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الفتوى رقم: 25329.
وأما الدعوة إلى الإسلام والرد على الشبه فإنه يمكنك الاطلاع على عشرات المواضيع في ذلك عند ما ترجع إلى القسم الإنجليزي في الشبكة، وانقر على العناوين التالية: WELCOME TO ISLAM
WHAT ISISLAM?
MISCONCEPTIONS
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(10/584)
حكم الاهتزاز عند ذكر الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتمايلون أويهتزون كأغصان الأشجار عند ذكر الله عز وجل (وإن كانوا لا يفعلون ذلك فهل يجوز لنا أن نهتز عند ذكرنا لله والدليل على ذلك في شريعتنا) وجزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على الأثر المذكور عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ورد ما يشبهه في أثر ضعيف عن علي ضي الله عنه في وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانوا إذا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح." لا يصح، وإسناده ضعيف مظلم كما قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة.
والاهتزاز والرقص والتمايل عند ذكر الله تعالى واتخاذ ذلك قربة أو عبادة لا يجوز، فهو من البدع المحدثة ومن شعارات أهلها.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 13373، 1258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(10/585)
حكم الدعاء للفتيات في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولد أدعو للفتيات وأنا ساجد أثناء الصلاة، هل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بدعاء المصلي في السجود بما شاء، مع أن الأولى له والأفضل أن يدعو بالأمور الأخروية، فقد أخرج الإمام مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.
ومذهب الأحناف والحنابلة أن الدعاء بملاذ الدنيا في الصلاة لا يجوز خلافاً لما عليه الجمهور، وراجع فيه الفتوى رقم: 41771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(10/586)
حكم الدعاء باللفظ المركب بين الذكر والمسألة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم تركيب دعاء مشتمل على أذكار ومطالب من الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن يدعو المسلم بدعائه الخاص الذي يعبر فيه عن حاجته ورغبته أو كشف الضر عنه..
ولكنه إذا دعا بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء كما جاء في القرآن الكريم أو السنة المطهرة فلا شك أن ذلك أفضل، وعليه أن يختار من الأدعية ما يتناسب مع المقام الذي هو فيه أو الحاجة التي يطلبها، ولا مانع أن يجمع بين هذا وذلك ويركب من بينهما أدعية تعجبه وتناسب مقامه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثم ليختر من الدعاء ما أعجبه إليه فيدعو. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء. رواه مسلم.
وعلى هذا فالأمر واسع إن شاء الله تعالى ما دام المرء لم يدع بإثم ولا قطيعة رحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(10/587)
حكم الدعاء ب\"يا أرحم الراحمين\"
[السُّؤَالُ]
ـ[مناجاة الله عز وجل والدعاء بالقول يا أرحم الراحمين هل فيه شيء خطأ أم الأفضل قول يا رحمن يا رحيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بـ (أرحم الراحمين) مطلوب، فقد ثبت في القرآن والسنة.
أما في القرآن: [قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] (لأعراف:151) .
وأما في السنة، فأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ومعه صبي فجعل يضمه إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترحمه؟ قال: نعم، قال: فالله أرحم منك به وهو أرحم الراحمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(10/588)
تلتزم في سجودعها بدعاء غير وارد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين أجمعين
من فضلكم عندي سؤال مهم ومحتارة جدا فأرجوكم أفيدوني وجزاكم الله كل خير.
سؤالي: عندما أصلي سواء الصلاة المفروضة أو غيرها وخصوصا في التهجد، في السجود قبل أن أبدأ بالدعاء أقول دائما: \"بسم الله واللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه الطاهرين المتطهرين أجمعين، يا رب يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك بأسمائك الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم، وباسمك الأعظم المكنوز المخزون الذي سميت به نفسك، وأسألك إنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ولا حول ولا قوة إلا بك يا خالق كل هذا الكون وقادر عليه وإن تقل له كن فيكن، يا جبار ياجبار ياجبار، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، ثم بعد كل هذا أبدأ بالدعاء الذي اطلبه من الله عز وجل، فأرجوكم أريد معرفة هل يجوز فعل كل هذا أم لا يجوز لأني مؤخرا قرأت فتوى تنهى عن هذا، وللتذكير مرة أخرى هكذا أفعل دائما وباستمرار قبل أن أتضرع إلى الله عز وجل بالدعاء وجزاكم الله كل خير آمين.
اختكم المسلمة خديجة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسجود موضع للدعاء والثناء على الله سبحانه وتعالى، وعليه، فلا حرج عليك في الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في سجودك، لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعاء له، وهي مطلوبة التقديم بين يدي الدعاء، إلا أنه لا ينبغي لك التزام الدعاء المذكور في السجود دائما، لأنه لم يرد فيما نعلم بهذا اللفظ في هذا الموطن.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(10/589)
حكم رفع اليدين بالدعاء بعد المكتوبات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة المكتوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرع اليدين عند الدعاء مشروع ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الدعاء بعد الصلوات المكتوبة، ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء حوله، نحيلك إلى الفتوى رقم: 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(10/590)
الدعاء على المسلم المعين والظالم ومن لا يقبل النصح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء على المرأة الزانية المتبرجة والتي لم تهتم بنصح أحد ولم يسلم المحيطين بها من أهل وغيرهم من أذاها وهل يستجيب الله تعالى دعائي حتى لو لم أكن ملتزما أرجو منكم إجابة شافية ولكم خالص التقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء على المسلم المعين الواقع في المعصية لا يجوز، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الرجل الذي شرب الخمر، كما في حديث البخاري.
وأما الدعاء عليه بسبب ظلمه وإيذائه لك، فهو جائز ويستجاب لك، ولو لم تكن ملتزما كما يدل له حديث الصحيحين: واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
وقد ثبت في الصحيح أن سعد بن أبي وقاص دعا على من ظلمه وأن سعيد بن زيد دعا على امرأة ظلمته فاستجيب لهما.
ولكن ترك الدعاء على الظالم أفضل، كما يدل لذلك قول الله تعالى: [وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ] (النحل: 126) ، وقوله تعالى: [وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ] (الشورى:43) .
وأما من لا يستجيب للنصائح، فالذي ينبغي هو الدعاء له بالهداية والإنابة إلى الله، وليس الدعاء عليه، ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت يا رسول الله: إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اهد أم أبي هريرة، فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعَتْ أمي خشف قدمَيَّ فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعْتُ خضخضة الماء، قال: فاغتسلَتْ ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من شدة الفرح، قال: قلت يا رسول الله: أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال خيرا ... إلى آخر الحديث.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 20322، والفتوى رقم: 7618، وراجع شروط إجابة الدعاء في الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(10/591)
لا يكره الذكر قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف أن الصلاة قبل الغروب مكروهة، فهل الأذكار والدعاء أيضاً قبل الغروب مكروهان لأني أقرأ أذكار المساء قبل الغروب بقليل، ما هو الوقت المفضل بعد العصر مباشرة، أم قبل الغروب بقليل لقراءة أذكار المساء، مع العلم أني كنت أقرأها بعد المغرب لكن عندما قرأت بموقعكم بإحدى الفتاوى أنها بعد العصر وليس المغرب أصبحت أقرأها قبل الغروب بقليل، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتستحب قراءة أذكار المساء فيما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس سواء كان ذلك في أول هذا الوقت أو في آخره، وكذا أذكار الصباح تستحب قراءتها ما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس سواء كان ذلك في أول هذا الوقت أو في آخره، والمكروه في هذين الوقتين إنما هو الصلاة، قال السفاريني في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب -مطلب أذكار الصباح والمساء: أعلم أن أذكار طرفي النهار كثيرة جداً، والحكمة فيه افتتاح النهار واختتامه بالأذكار التي عليها المدار، وهي مخ العبادة وبها تحصل العافية والسعادة، ونعني بطرفي النهار: ما بين الصبح وطلوع الشمس، وما بين العصر والغروب، قال الله تعالى: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42] ، والأصيل هو: الوقت بين العصر إلى المغرب، قال الله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ [غافر:55] ، والإبكار: أول النهار، والعشي: آخره.
وقال: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39] ، وهذا يفسر ما جاء في الأحاديث من قال كذا وكذا حين يصبح وحين يمسي، أن المراد به قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وأن محل هذه الأذكار بعد الصبح وبعد العصر. قاله الإمام المحقق ابن القيم في الكلم الطيب والعمل الصالح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(10/592)
رفع اليدين في الدعاء مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عند الدعاء هل ترفع الأيدي، مثلاً في المقابر بعد دفن الجنازة نقوم بالدعاء للميت، وكذلك في يوم الجمعة بعد انتهاء الخطبة الثانية، هل يوجد دعاء، وإن صح ذلك فهل ترفع الأيدي؟ وجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع اليدين في الدعاء مشروع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة نحيلك للاطلاع على بعضها في الفتوى رقم: 5340.
فمن السنة أن تشتمل خطبة الإمام على دعاء للمسلمين بما فيه خير الدنيا والآخرة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان أئمة المسلمين يفعلونه، ففي صحيح مسلم عن حصين بن عبد الرحمن السلمي قال: كنت إلى جنب عمارة بن رويبة السلمي وبشر يخطب فلما دعا رفع يديه فقال عمارة: قبح الله هاتين اليدين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا ورفع السبابة وحدها.
فعمارة أثبت الدعاء وأقره، وأنكر رفع اليدين في أثناء الخطبة، ويستحب للمأمومين أن يؤمنوا على دعائه، وأما عن حكم رفع الأيدي في الدعاء يوم الجمعة، فقد سبق الإجابة عليه في الفتوى رقم: 4095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(10/593)
لا تجب الطهارة للتسبيح بالمسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم استعمال سبحة للتسبيح وهل تجب لها الطهارة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من استعمال المسبحة للتسبيح ... ولكن الأولى والأفضل للمسلم أن يسبح بأنامله (أصابعه) لما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 41435 وأما الطهارة فلا تجب لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(10/594)
حكم دعاء المأموم أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء وقت خطبتي الجمعة ورفع الأيدي والاستغفار بصوت عال ودعاء قبل الانتهاء مع رفع الأيدي
وهل يجوز الدعاء يوميا في صلاة الفجر وهل ترفع الأيدي؟
أفيدونا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن الدعاء من الخطيب يوم الجمعة أثناء الخطبة وبعدها، ويسن للمأمومين أن يؤمنوا على دعاء الخطيب سراً، ولا يجوز للمأموم الدعاء أثناء الخطبة لوجوب الاستماع والإنصات لها.
وأما رفع الأيدي للإمام والمأموم أثناء الدعاء فلا يشرع، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز التأمين جهراً للمأمومين على دعاء الإمام، وأما رفع الصوت بالاستغفار بعد الصلاة فلا بأس به، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر الله ثلاث مرات. رواه الترمذي.
وأما الدعاء يومياً بعد صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات فمشروع لا بأس به بعد الفراغ من الأذكار الواردة، ولا بأس برفع اليدين أثناءه.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة وأقوال العلماء نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 3624 / 26612 / 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(10/595)
مواطن رفع اليدين في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يتم رفع الأيدي في الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يرفع الداعي يديه حال دعائه، ولا يخرج عن هذا الأصل ولا يترك إلا في الحالات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الدعاء فيها في ملأ من الناس ولم ينقل عنه أنه رفع يديه فيها، كالدعاء أثناء الصلاة وفي خطبة الجمعة في غير الاستسقاء.
وأما ما سوى ذلك من الدعاء، فرفع اليدين فيه مشروع، وانظر الفتوى رقم: 5340 لمزيد من الفائدة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(10/596)
حكم مسح الوجه بعد قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مسح الوجه بعد قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والفلق والناس بعد الانتهاء من الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع مسح الوجه باليدين بعد قراءة هذه السور بعد الصلاة، إذ لا يعلم له أصل ثابت من الشرع، والذي ورد هو في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء، ونحيلك على الفتوى رقم: 4557 لمعرفة ما ورد في ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(10/597)
الدعاء بالرحمة للشهيد وغيره مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقول للشهيد الله يرحمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الدعاء لكل من مات على التوحيد من المسلمين لعموم الأدلة الدالة على ذلك، والشهيد وهو من قتل في سبيل الله يجوز الدعاء له والترحم عليه من باب أولى، وإنما اختلف الفقهاء في جواز تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، لما ورد من تركه صلى الله عليه وسلم لذلك مع الشهداء من الصحابة، وإنما كان ذلك لفضل الشهيد لأنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(10/598)
حكم قول الداعي عقب الدعاء \"سمع الله لمن دعا\"
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تقولون فى من يدعو الله بعد الصلاه ويقول بعد الدعاء ... سمع الله لمن دعا ... قياسا على لفظ سمع الله لمن حمد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الدعاء دبر الصلوات في الفتوى رقم: 583، فليرجع إليها، وأما قول الداعي في آخر دعائه: سمع الله لمن دعا، فلا نعلم لهذا القول بعد الدعاء أصلا من الكتاب أو السنة أو عمل سلف الأمة، فالأولى اجتناب ذلك.
ويستحب ختم الدعاء بذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما يفتتح بذلك.
والله أعلم.
ولمعرفة ما يستحب ختم الدعاء به، نحيلك على الفتوى رقم: 42768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(10/599)
ذكر الدخول مخاطب به جميع من في المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم من السنة أنه من قال أذكار دخول المنزل - عند دخول بيته- فإن الشيطان لا يدخل ذلك البيت.
فكيف إذا كان البيت به أكثر من شخص يسكنونه، فأنا والحمد لله أحاول دائما تذكر قول أذكار دخول المنزل عند الدخول من الباب فهل يكفي ذلك أم أنه يجب على كل قاطن بذلك البيت أن يقول أذكار الدخول عند عودته من الخارج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أن يلازم المسلم الأدعية والأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أذكار الدخول والخروج.
فالجميع مخاطبون بأداء هذه الأذكار، سواء كانوا يسكنون بمفردهم أو مع جماعة، لأن الذكر عبادة لله تعالى، وأنس وصلة به سبحانه وتعالى، ومطردة للوساوس من القلب وللشيطان من البيت.... وهذا ما يحتاج إليه كل شخص بمفرده.
وهذا على سبيل السنة والاستحباب، وليس على سبيل الوجوب، ولكننا ننبه السائلة الكريمة إلى أن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه القرآن وتذكر فيه الأذكار سواء قرأها فرد أو جماعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه البقرة. رواه أحمد والترمذي وصححه، واللفظ لأحمد.
والذي يظهر أنه لو أدى ذكر الدخول واحد من الداخلين كفى في منع الشيطان من مشاركتهم في ذلك، قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم عند شرحه لحديث التسمية على الأكل قال: وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين عليه، فإن سمى واحد منهم حصل أصل السنة، نص عليه الشافعي رضي الله عنه، ويستدل له بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليه، ولأن المقصود يحصل بواحدة، ويؤيده أيضاً ما سياتي في حديث الذكر عند دخول البيت. انتهى كلامه رحمه الله، ولم يذكر عند حديث الدخول شيئاً، وكأنه اكتفى بظاهر الحديث إذ فيه: إذا دخل الرجل بيته. فالظاهر أنه إذا قاله الرجل وحده كفى، وكذا غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(10/600)
الإشارة بالإصبع عند الدعاء أو التسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ألاحظ أثناء الصلوات الجهرية وبينما الإمام يتلو بعضاً من آيات الذكر الحكيم، وأثناء مروره بآية تنزيه للخالق سبحانه أو توحيده جل شأنه ألاحظ أن من المصلين ولدى سماعه آية التنزيه أو التوحيد يقوم بتحريك سبابة يده اليمنى كحال المصلي أثناء التشهد، فهل لذلك أصل في السنة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصبع التي بين وسطى أصابع اليد وإبهامها تسمى السبابة، وتسمى المسبحة للإشارة بها إلى التوحيد والتنزيه وهو التسبيح، وسميت سبابة لأنها يشار بها عند المخاصمة والسب، قاله النووي في المجموع: وقد وردت على ذلك أدلة منها ما رواه البيهقي وصححه النووي عن وائل بن حجر رضي الله عنه، وفيه: ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها.
وقد أشار العلماء إلى الحكمة من فعل هذا في التشهد، قال الإمام النووي رحمه الله: ينوي بالإشارة الإخلاص والتوحيد. ذكره المزني في مختصره وسائر الأصحاب، واستدل له البيهقي بحديث فيه رجل مجهول عن الصحابي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بها للتوحيد. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هو الإخلاص. انتهى.
وروى الترمذي وقال: حسن صحيح غريب عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً كان يدعو بإصبعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحِّدْ أحِّدْ -أي أشر بأصبع واحدة لأن الذي تدعوه واحد سبحانه-.
وعليه؛ فالإشارة بالإصبع عند الدعاء أو التسبيح لها أصل في السنة، إلا أن الإشارة بها أثناء القراءة في الصلاة لا تنبغي، لأن السلف لم ينقل عنهم ذلك، ولم ينقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح فيما نعلم، ولو كان يفعله لنقلوه وفعلوه واتباعهم أسلم وأهدى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(10/601)
الدعاء بالحصول أفضل من الدعاء بالنفي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في مقولة (الله لا يهينك) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الشخص لآخر "الله لا يهينك" دعاء له، وهو أمر حسن، وأحسن منه أن يقول له: "الله يكرمك" لأن الأول دعاء بنفي الإهانة، والثاني دعاء بحصول الكرامة التي تستلزم نفي الإهانة وزيادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(10/602)
الدعاء بظهر الغيب لجميع الحضور أولى من الاقتصار على واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند حضوري لإحدى الجلسات الدينية.. طلبت منا إحدى الأخوات أن نقوم بعمل حلقة.. نمسك فيها بأيدي بعضنا
ثم تقوم كل واحدة بالدعاء في سرها للأخت التي تجلس على يمينها
ما حكم هذا العمل؟ ... وما حكم المواظبة عليه؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء المسلم لأخيه المسلم من الأمور التي رغب فيها الشرع، وحث عليها، وخاصة ما كان منه يظهر الغيب ففي صحيح مسلم وصحيح ابن حبان عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل.
فما طلبته منكم تلك الأخت من دعاء الأخت لأختها هو من الخير وداخل تحت عموم الدلالة على الخير الذي أمر به الشرع، ففي الحديث: الدال على الخير كفاعله. رواه أبو داود والترمذي وهو حديث صحيح.
ما لم يكن على حالة معينة مع اعتقاد سنيتها أو التعبد لله بها، لأنه حينئذ يكون داخلاً في الإحداث، وقد نهى الشرع عن ذلك ففي الحديث: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
وننبه؛ إلى أن الدعاء لجميع الأخوات الحاضرات أولى من الاقتصار على الدعاء لواحدة دون سائرهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(10/603)
هل يعيد أذكار النوم إذا قام ثم عاد إلى فراشه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لما أقرأ المعوذتين وأمسح بها على ما أستطيع من جسدي وأنام ثم بعد قليل مثلا أقوم إلى الحمام فهل أرجع وأعود أعمل النفث مرة ثانية أم أن ذلك لا يلزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1 - فقد سبق أن بينا أذكار النوم وأدعيته في فتاوى ماضية، ويمكنك أن تراجع منها الفتوى رقم: 18860.
وفيما إذا كان المرء يعيدها إذا قام لحاجة كالحمام ونحوه، فلم نقف على شيء يفصل في ذلك، إلا أن الإعادة أحوط، وخاصة إذا طال الوقت بين قيامه ونومه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(10/604)
معنى الاعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إطالة السجود في الصلاة وكثرة الدعاء به يعد من الاعتداء في الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود في الصلاة من مواطن الإجابة التي ينبغي تحريها، ولا تعتبر إطالته ولا كثرة الدعاء فيه اعتداء في الدعاء، بل جاء في الحديث الصحيح الأمر بالاجتهاد في الدعاء فيه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم وغيره.
والاعتداء في الدعاء مثل أن يدعو بمحال أو معصية، أو يجهر جهراً كثيراً ويصيح، أو يطلب منزلة نبي أو نحو ذلك.
وهذا إذا كان الإنسان يصلي وحده، فإن كان إماماً فلا ينبغي له أن يطيل في السجود، ولا في الدعاء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، وإذا صلى وحده فليصل كيف شاء. رواه مسلم، قال النووي: في هذا الحديث الأمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يخل بسنتها ومقاصدها، وأنه إذا صلى وحده طول ما شاء في الأركان التي تحتمل التطويل، وهي القيام والركوع والسجود والتشهد دون الاعتدال والجلوس بين السجدتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(10/605)
الدعاء في الرخاء كيف يكون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحديث النبوي انه من أراد أن يستجيب الله له في الشدة فليدعه في الرخاء.. فكيف يكون الدعاء في الرخاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المسؤول عنه أخرجه الترمذي وأبو يعلى وصححه الألباني، ولفظه في رواية الترمذي من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء. والمقصود بالرخاء حالة الصحة والفراغ. قال في "تحفة الأحوذي": فليكثر الدعاء في الرخاء.. أي في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من شيمة المؤمن أن يريِّش السهم قبل أن يرمي، ويلتجئ إلى الله قبل الاضطرار.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(10/606)
لا مانع من تكرار الدعاء أكثر من ثلاث مرات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من آداب الدعاء أن ندعو ثلاث مرات وإذا زدنا عن الثلاث مرات هل محرم ونكون ابتدعنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا آداب الدعاء وشروطه فراجعها في الفتوى رقم: 23599.
وكنا قد ذكرنا فيها أن من آداب الدعاء تكريره ثلاثاً، وليس معنى هذا أنه يدعو بالدعاء ثلاث مرات ثم يتركه بعد ذلك ولا يدعو به، بل المقصود أنه يكرره ثلاث مرات في الوقت الواحد، فهذا من أدبه، ومن زاد عليه لا يقال إنه ابتدع وأتى بمحرم، ثم إن الذي يحث عليه الشرع هو المواظبة على الدعاء وعدم الانقطاع عنه، ففي حديث الشيخين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي. قال في فتح الباري: المعنى: أنه يسأم فيترك الدعاء، فيكون كالمانّ بدعائه ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(10/607)
المرأة تدعو بالصيغة المؤنثة التي تناسبها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ الآن في أدعية ظاهرها لها خصوصية للرجال فماذا تفعل المرأة التي تقرؤها مثل اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك.. فماذا تقول المرأة وهل هناك ادعية غير هذا تخص الرجال وماهو الضابط في قول المرأة في ذلك وما معنى أمتك وعبدك وهل هناك فرق وما معنى ابن أمتك وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا أرادت استعمال الدعاء الذي يشتمل على ضمير مذكر خاص بالرجل فالذي يشرع لها استعمال الضمير المؤنث، فمثلاً بالنسبة للدعاء الذي ذكرت بعضه تقول فيه: اللهم إني أمتك ابنة عبدك ابنة أمتك..، وكذلك الشأن في مثل هذا الدعاء كما في دعاء سيد الاستغفار الوارد في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك..
والضابط في هذا أن المرأة تبدل الصيغة التي تدل على التذكير بصيغة مؤنثة تنسابها.
والأمة المملوكة الأنثى ضد الحرة، والعبد المملوك الذكر ضد الحر، ولا يخفى الفرق بينهما.
ومعنى ابن أمتك: يعني ابن مملوكتك.
وذلك أن جميع الجنس البشري مملوكين لله تعالى، فالذكور عبيده، والإناث إماؤه.
وراجع الفتوى رقم: 7101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(10/608)
مشروعية الدعاء للميت قبل الدفن وبعده، وحكم رفع الأيدي في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عند مواطن الدعاء للميت سواء قبل موته أو بعد موته إلى دفنه نرفع أيدينا في ذلك، وكيف يكون مقدار الرفع الذي كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وشكراً على ما تفعلونه للمسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء للميت مشروع يثاب المسلم عليه سواء قبل الدفن أو بعده، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالدعاء للميت بعد الفراغ من الدفن، فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل. رواه أبو داود.
وكذلك استحب بعض الفقهاء الدعاء للميت عند وضعه في قبره، وراجع التفصيل في هذا في الفتوى رقم: 10225.
ولم يثبت ما يدل على رفع يديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء للميت بعد دفنه أو قبل ذلك، لكن ثبت الأمر برفع اليدين في الدعاء عموماً، ففي سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفراً.، وفي رواية للترمذي: أن يردهما صفراً خائبتين.
وقد سرد الإمام النووي في المجموع بعض الأدلة التي تؤكد استحباب رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة، حيث بدأها بقوله: فرع استحباب رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة وبيان جملة من الأحاديث الواردة فيه، إلى آخر ما ذكره فينبغي الرجوع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(10/609)
حكم استبدال الذكر المشروع بغيره، والزيادة في ألفاظه
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسألة ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية خارج الصلاة هل لابد أن أتقيد بها ولا يجوز استعمال غيرها من عندي وإذا نعم ماهي الضوابط بذلك.. وأيضا في داخل الصلاة مثلا عند الركوع أو السجود هل لا بد أن أتقيد بأذكارها أم لا باس بذكر ما يلهمني الله به.. وأيضا في الصلاة على النبي ما هي الثابتة عنه وهل لي أن أصلي عليه بعدد خلق الطيور مثلا ونحو ذلك.. وأيضا يا شيخ حفظك الله الأدعية التي تكون خارج الصلاة هل لا بد أن أتقيد بما جاء عن النبي أو لي أن أزيد من عندي وماهي الضوابط مثلا في دعاء القنوت وهل لي أن أذكر الله بما يلهمني الله وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في سؤالك ثلاث مسائل:
الأولى: استبدال الذكر المشروع بغيره.
الثانية: الزيادة في الذكر من حيث اللفظ.
الثالثة: الزيادة في الذكر من حيث العدد.
فأما الأولى: فاعلم أن الأذكار على قسمين:
الأول: ما يتعين لفظه، فهذا لا يجوز استبداله بغيره إلا عند الضرورة، كالتشهد في الصلاة والفاتحة، فإن اضطر لقرب إسلامه -مثلاً- وعدم إمكان تعلمه وخشية خروج الوقت استبدل الفاتحة -مثلاً- بذكر آخر.
الثاني: ما لا يتعين لفظه، كالوصية بالتقوى في خطبة الجمعة، فلا يثرب على من قال بدل اتقوا الله: أطيعوا الله، إلا أن الإتيان باللفظ المشروع في هذه الحالة أفضل وأولى، ومما لا يتعين القنوت، قال الإمام زكريا الأنصاري: ولا يتعين لفظ القنوت بل يحصل بكل دعاء وبآية فيها دعاء، لكن الأولى لفظه المشهور. ا. هـ
ومما لا يتعين لفظه أيضاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ أقلها أن يقول: اللهم صلِّ على محمد وآله، قال الإمام الرملي: ولا يتعين ما تقرر، فيكفي صلى الله على محمد أو على رسوله أو على النبي دون أحمد أو عليه. ا. هـ
وأما المسألة الثانية: وهي زيادة ألفاظ في الذكر المشروع، فإن كانت من جنسه فلا بأس، وقد التزم النبي صلى الله عليه وسلم في التلبية في الحج لفظاً واحداً، ومع ذلك لم ير الصحابة ذلك على وجه الإلزام، ولم يروا الزيادة على ذلك ابتداعاً، وقد زاد في لفظ التلبية أشد الصحابة اتباعاً لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عمر فقد كان يقول: لبيك والرغباء إليك والعمل. وزاد عمر رضي الله عنه: لبيك مرغوباً أو مرهوباً، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن. ذكر الأثرين ابن أبي شيبة في مصنفه، وفي سنن البيهقي ومصنف ابن أبي شيبة أن ابن مسعود قال في عرفة: لبيك عدد التراب.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وعن طائفة: ما زاد من الثناء في ما يتعلق بالحمد كان حسناً، فقد أخرج أبو جعفر الطبري في التهذيب بسند لا بأس به عن أم سلمة قالت: عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الحمد الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يرحمك الله، وعطس آخر فقال: الحمد لله رب العالمين حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارتفع هذا على هذا تسع عشرة درجة.
ويؤيده ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث رفاعة بن رافع قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت: الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما انصرف قال: من المتكلم ثلاثاً، فقلت: أنا، فقال: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكاً أيهم يصعد بها. وأخرجه الطبراني، وبيَّن أن الصلاة المذكورة المغرب، بسند لا بأس به. ا. هـ
وأما الثالثة فسبق الجواب عنها في الفتوى رقم: 32076، والفتوى رقم: 37345.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(10/610)
الدعاء للابن أن يجعله الله عالما لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الدعاء للابن مثلا يا رب اجعل مثلا ابني عالما من علماء المسلمين مثل الشيخ الشعراوي مثلا حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للأب الدعاء لابنه بأن يجعله الله علما من أعلام المسلمين، وأن يجعله من العلماء العاملين، وليس هذا من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه، وقد سأل إبراهيم الخليل عليه السلام ربه الذرية الصالحة فقال: [رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين َ] (الصافات:100) . فرزقه الله أبناء جعلهم أنبياء.
هذا ونسأل الله أن يوفقك لتربية ابنك تربية سليمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(10/611)
الوسيلة هذه لتذكر ذكر الله غير مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل ولدي بعض الصديقات والحمد الله نحن على دين فأنا اقترحت على صديقاتي اقتراحا بحيث إننا ونحن نتكلم في أمور الدنيا أن يكون الله أمامنا بحيث أقول مثلا لإحدى صديقاتي فجأة متذكرة الله فهي بصدق تقول إما نعم إما لا؟ فهذا مما جعل صديقاتي دائما يقولن لا لا فلهذا اقترحت كلما أقول لواحدة منهن متذكرة إذا قالت لا لا فعليها أن تدفع ربع دينار حتى لا تنسى والربع الدينار أخذت أنا؟ وأيضا لو واحدة من صديقاتي قالت لي متذكرة إذا قلت لا لا لا؟ أدفع أنا الربع الدفع عندنا هنا للتذكرة فقط
فما هو حكم الشرع في ذلك أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال ومن أحسن القربات، فقد ورد الأمر به، والثناء على أهله في القرآن الكريم وصحيح السنة.
قال تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما ً (الأحزاب: 35) .
وقال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (البقرة:152) .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات. وروى أحمد في المسند والترمذي وابن ماجه في سننيهما أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا، فبابٌ نتمسك به جامع، قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل.
إذا ثبت هذا، فينبغي للمسلم أن يكون لربه ذاكرا، ولكن ينبغي اتخاذ الوسائل التي ورد بها الشرع، ففيها الكفاية، وكل خير في اتباع من سلف، وأما هذه الوسيلة المذكورة فالواجب تركها، لأنها لم ترد عن السلف، ولأنها قد تترتب عليها بعض المحاذير، ومن ذلك الكذب فرارا من هذا الغرم الذي يفرض على من أجاب بالنفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(10/612)
حكم دعاء الله في تيسير الزواج ممن تحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إنني فتاة عمري 22 سنة وأود أن أطرح عليكم مشكلتي وأتمنى الرد علي وإبداء رأيكم في موضوعي, فأنا ولله الحمد فتاة أخاف ربي كثيرا وأقوم بجميع الأمور الدينية التي فرضها الله سبحانه وتعالى علينا من صلاة وصوم وعمرة ودعاء لله تعالى وأنا متحجة وأخاف ربي كثيرا وأتمنى رضاه علي دنيا وآخرة ومشكلتي هي أنني على علاقة مع رجل أيضا يخاف الله ومؤمن بالله تعالى كثيرا وهو من بلد آخر ليس من نفس بلدتي ونحن على علاقة ببعض منذ ثلاث سنوات وجميع أهلي على علم بهذه العلاقة ولكن المشكلة أن والدة الرجل غير موافقة على خطبته لي فهي تريد ابنة أختها لتخطبها لولدها وقد حاول الولد معها كثيرا ولكنها لم تقتنع ولا حتى إخوانه ولا أخواته فهم يقولون إن الرأي لوالدتهم لأن الوالد متوفى فلا أعرف ماذا أفعل فأنا لا أريد خسارة الولد لأنه ذو أخلاق عالية ودين ويحبني كثيرا وقد اتفقنا معاً بأن نستمر مع بعض وندعو الله ليلاً ونهاراً ونصلي صلاة الحاجة لله لكي يوفقنا بالحلال ويحنن قلب والدته علي فهل ما اتفقت عليه مع الرجل صحيح وهل إذا ما قمت بدعاء ربي بقلب صاف ولا أقوم بعمل الغلط سوف يتقبل الله دعائي؟ أرجوكم ساعدوني فأنا أريد أن أعرف ماذا أفعل أرجو الرد علي وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعرف ماذا تعنين بهذه العلاقة، هل هي علاقة بمعنى اللقاء والجلوس والحديث والخروج معه، وتبادل كلام الحب والغرام والخلوة والنظر ... إلخ. فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا لا يجوز، وإذا كنت كما وصفت أنك تخافين الله تعالى، وتطلبين رضاه، فإن رضاه ولا شك هو في قطع علاقة بهذا المعنى، وقد ذكرنا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 30003 فراجعيها، وأما إن كنت تقصدين بالعلاقة أنك مخطوبة لهذا الرجل منذ ثلاث سنين مع اجتنابك لتلك المحذورات التي ذكرناها في مقدمة الجواب، فهذه العلاقة لا حرج عليك فيها، كما لا حرج في دعائك أن ييسر الله زواجك من هذا الشخص، وينبغي أن تجتهدي في الدعاء مع تيقن الإجابة.
ونقول لك في الأخير: إن الدنيا لن تخلو من الرجال الصالحين، فإن تعسر أمر زواجك بهذا الشخص فلعل في ذلك خيراً لك كما قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (البقرة: من الآية216) ، كما أننا ننصح هذا الرجل إذا لم يفلح في إقناع أمه بأن يقدم طاعتها على الزواج بمن لا ترغب فيها، وقد تقدمت لنا فتاوى بهذا الخصوص نرجو مراجعتها تحت الأرقام التالية: 3846 / 3778 / 1737.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(10/613)
حك التسبيح بالمسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[3 - هل تعتبر المسبحة بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكمه بالفتوى برقم 7051.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(10/614)
حكم رفع اليدين أثناء الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلوات المفروضة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء ورفع اليدين فيه بعد الإتيان بأذكار الصلاة مشروع كما فصلنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 5340.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(10/615)
هل تختم المكالمة الهاتفية بذكر كفارة المجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ختم المكالمة الهاتفية بسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك قياساً على المجلس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن قياس المكالمة الهاتفية على المجلس من حيث ذكر كفارة المجلس في نهايته، لأن المقصود من الدعاء هو التخلص من تبعة الكلام الذي قد يلحق به الإثم، وهذا يحصل بالكلام في التليفون كما يحصل في مجالس الأبدان، فالحاجة إلى ذكر كفارة المجلس فيهما قائمة، ولتراجع الفتوى رقم: 33400، ورقم: 16824.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(10/616)
موضع الدعاء عند الفطر وشرب ماء زمزم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأن الدعاء عند شرب ماء زمزم ودعاء الصائم عند فطره مجاب. ما المقصود بـ \"عند\" هل بعد شرب ماء زمزم أم قبله، وهل قبل أن يأكل الصائم أم بعد ذلك أم أثناء ذلك؟ أرجو الإفادة، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الدعاء يكون بعد الفطر، وليس قبله أو في أثنائه.
قال في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" وهو من كتب الحنابلة:
... وهذا يقتضي أن الدعاء بعد الفطر لا قبله.
وقال في حاشية الجمل وهو من الشافعية: وأن يقول عقِبَ، وهو أولى من قوله عند فطره، "اللهم لك صمت.. الخ، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن الدعاء يكون قبل الفطر، أما الدعاء عند شرب زمزم، فيكون بعد الفراغ من الشرب، وانظر الفتوى رقم: 6983.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(10/617)
الصيغة الفضلى في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[2- عندما يأتى ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم نقول عليه الصلاة والسلام أو صلى الله عليه وسلم، فما دليل هاتين الصيغتين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبخصوص السؤال الثاني فلا ريب أن الأفضل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون بالكيفية الواردة عنه، وقد سبق بيان بعض صيغها في الفتوى رقم: 5025.
وأما الصيغتان المذكورتان ونحوهما فجائزتان، وقد أطبق سلف الأمة وعلماؤها على الصلاة عليه بنحو ذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 4863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(10/618)
يشرع لمن قرأ آية تسبيح أو دعاء أن يسبح ويدعو
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في صحيح مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة..... ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ ... الى آخر الحديث.) ما هي صفة سؤال/دعاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) أثناء قراءة القرآن، هل يكون بالحمد والثناء على الله والصلاة على نبيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع لمن قرأ آية تسبيح كقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:1] أن يتوقف عن القراءة ويقول: سبحان ربي الأعلى.. ومن قرأ قوله تعالى: استغفروا الله إن الله غفور رحيم، أن يقول: أستغفر الله العظيم، وهكذا، يدل على هذا ما رواه البيهقي أن علياً قرأ في الصبح بسبح اسم ربك الأعلى فقال: "سبحان ربي الأعلى".
وإذا مر بآية فيها الحث على دعاء الله كقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ْ [غافر:60] أو قوله: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32] ، شرع له الدعاء وسؤال الله تعالى، ولم يرد في ما نعلم أنه في هذه الحالة يقدم بين يدي سؤاله حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه في أثناء عبادة فيها حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسوله، فلا يحتاج إلى البدء بذلك قبل الدعاء، هذا هو الظاهر لنا والعلم عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(10/619)
فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول البربهاري -رحمه الله- في شرح السنة "وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله"، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول " ... وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ... "، فهل تَرَوْن -بارك الله فيكم- صحة ما ذهب إليه البربهاري-رحمه الله-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإمام عدلاً متبعاً للحق رحيماً بالرعية، فإن الدعاء عليه ظلم واعتداء ومجاوزة للسنة، وإذا كان ظالماً فاسقاً مغيراً للشريعة متبعاً لهواه، فالدعاء عليه جائز ومشروع.
وفي هذا السياق يفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: خيار أئمتكم الذي تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم…. رواه مسلم، ومعنى تصلون عليهم تدعون لهم.
ويتنزل كلام العلماء في الدعاء على السلطان أو له على ما تقدم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا على الولاة الذين يشقون على الأمة، كما جاء في صحيح مسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به.
فكيف يقال إن الدعاء على الظلمة من الحكام مخالف للسنة، فالحاكم الظالم يدعى عليه كما يدعى على سائر الظلمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(10/620)
الترحم على أموات الكفار لا يجوز بخلاف التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الترحم على أموات غير المسلمين النصارى مثلا وماذا نقول
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالترحم على أموات الكفار لا يجوز، سواء كانوا أهل كتاب أو كانوا غيرهم، وراجع الفتوى رقم: 6373.
أما تعزيتهم في موتاهم، فجائزة على القول الصحيح، وقد ذكر ابن قدامة المقدسي في "المغني": أن المسلم إذا عزى كافرا بمسلم قال له: "أحسن الله عزاءك وغفر لميتك،" وإن عزى كافرا بكافر، قال له: "أخلف الله عليك، ولا نقص عددك" وإن عزى مسلما بكافر قال: "أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(10/621)
الصيغة هذه في الصلاة على النبي صحيحة، ولكن....
[السُّؤَالُ]
ـ[في أذكار الصباح والمساء أقول "اللهم صل وسلم على محمد"، لكن كيفية الصلاة على النبي جاءت في الحديث " ... قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... "والسؤال: هل هذا يعني أن العبارة الصغيرة التي أقولها ليست من شرع الله؟ وإن كانت مشروعة، فهل لها من الفضل مثل ما للثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك "اللهم صل وسلم على محمد" صيغة صحيحة، وبها تنال فضل الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أن الأكمل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الصلاة الإبراهيمية المذكورة في سؤالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(10/622)
أحكام بعض الصيغ في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقول اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وكنت فى المدينة المنورة وأزور قبر الرسول وإذ وأنا نائم فى الليلة التالية إذ بقائل يقول لا تقل ما تقول ولكن قل اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة طيبة مباركة ترضاها تصليها معي عليه هل هي من فعل الشيطان أو بها من الكلام الحرام وإذا كانت خيراً فهل يصح أن أعلمها للناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصيغة الأولى التي كنت تصلي بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم صيغة خاطئة، لأن الذي يقال فيه كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك هو حمده سبحانه والثناء عليه، لا الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما الصيغة التي سمعت الهاتف يهتف بها في المنام، فلا بأس في أن تقولها أو تعلمها للناس، ورؤياك هذه من الرؤيا الصالحة إن شاء الله وليست من فعل الشيطان، لأن الشيطان لا يأمر بالطاعات بل يأمر بالفحشاء، لكن أفضل صيغة في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الصلاة الإبراهيمية، ففي حاشية الجمل: ينبغي أن تحصل بأي صيغة كانت، ومعلوم أن أفضل الصيغ الصيغة الإبراهيمية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(10/623)
حكم قراءة الفاتحة بعد الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم قراءة الفاتحة بعد الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم لقراءة الفاتحة بعد الدعاء أصلا من الكتاب أو السنة، أو عمل سلف هذه الأمة الصالح، فالأولى اجتناب ذلك، لئلا يفضي إلى الوقوع في البدعة، بل ورد الجزم بكون ذلك بدعة في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية ونصها: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الفاتحة بعد الدعاء فيما نعلم، فقراءتها بعد الدعاء بدعة. انتهى.
ويستحب ختم الدعاء بذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما يفتتح بذلك، فقد روى أبو داود والترمذي عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته فلم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بما شاء. وقد استدل في الموسوعة الفقهية الكويتية على ختمه بالثناء على الله بقول الله تعالى: وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس: 10] .
وأما ختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فبحديث رواه عبد الرزاق في "المنصف"، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوني كقدح الراكب، فإن الراكب إذا أراد أن ينطلق علق معالقه، وملأ قدحا ماء، فإذا كانت له حاجة في أن يتوضأ توضأ، وأن يشرب شرب، وإلا اهراق، فاجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره. ولكن هذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(10/624)
كيفية التخلص من الأ وراق التي تحتوي على اسم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إلقاء الورق الذي يحتوى على اسم الجلالة أو اسم الرسول _صلى الله عليه وسلم_ بعد الكتابة فوق الكلمة بلون غامق، بحيث لا تظهر كلمة الله_ تعالى_؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز إلقاء الأوراق التي تحتوي على اسم الجلالة أواسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شيء من القرآن بعد محوها وطمسها، بحيث لا تظهر ثانية، أو بعد إحراقها ونحو ذلك، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 660، ورقم: 22913، ورقم: 28628.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(10/625)
حمل الأدعية والأحاديث.. وتوسدها محل خلاف بين أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاحتفاظ بالأدعية أو الأذكار أو آيات أو أحاديث في حافظة النقود، خاصة أن الغالبية يضعونها في الجيب الخلفي وتكون عرضة للجلوس عليها؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المسلم في حمل المصحف أو آيات منه في محفظته، ولكن بشروط بيناها في الفتوى رقم: 28709.
وأما حمل الأدعية والأحاديث، فلا حرج فيه، ولو كان الحامل محدثا، أما الاتكاء عليها وتوسدها، فمحل خلاف بين أهل العلم، فذهب الحنفية إلى كراهته إذا لم يقصد الإهانة، قال الحصكفي في "الدر المختار": ويكره وضع المصحف تحت رأسه إلا للحفظ.. قال ابن عابدين: وهل التفسير والكتب الشرعية كذلك؟ أقول: الظاهر نعم.
وذهب الحنابلة إلى كراهة توسد كتب العلم إذا لم يكن فيها قرآن، وإلا حرم، قال البهوتي في "كشاف القناع": ويحرم توسده أي المصحف والوزن به والاتكاء عليه، لأن ذلك ابتذال له، وكذلك كتب العلم التي فيها قرآن، وإلا بأن لم يكن في كتب العلم قرآن كره توسدها والوزن بها والاتكاء عليها، وإن خاف عليها سرقة فلا بأس بتوسدها للحاجة.
وذهب الشافعية إلى حرمة ذلك لغير حاجة، كخوف من سرقة ونحو ذلك، قال ابن حجر الهيثمي: ويحرم توسد كتاب علم محترم لم يخش نحو سرقته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(10/626)
المظلوم يتخير من الدعاء ما يناسب حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
علماءنا الأفاضل.. السؤال: هل ورد فى القرآن الكريم أو السنة المطهرة دعاء أو قرأت بعض آيات القرآن الكريم فى رفع الظلم حينما يقع، بمعنى آخر ظلمك شخص ولجأت إلى المختصين ولكن دون جدوى، أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن سؤال الله تعالى في حد ذاته عبادة من أجلِّ العبادات، بل هو أساسها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء هو العبادة. رواه أحمد، وصححه الأرناؤوط.
ومن فضل الله تعالى ورحمته بنا أنه وعد الداعي بالإجابة، فقال سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] ، وقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
وعلى هذا فمن أصابه ضر -بما فيه الظلم- فليتوجه إلى خالقه سبحانه بالدعاء ليكشف عنه ذلك الظلم، وليتخير في دعائه ما يناسب حاله، وليس في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية أدعية معينة يقولها المظلوم لكشف الظلم عنه، ولكن المظلوم مكروب -في الغالب- ودعاء الكرب هو: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وراجع الفتوى رقم: 13849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(10/627)
دليل جواز الدعاء لشخص معين وذكر حاجته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم ذكر اسم الشخص وكذلك مشكلته بالضبط عند الدعاء له في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء لشخص معين في الصلاة جائز كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأشخاص معينين في صلاته كما دعا على أناس من الكفار بأسمائهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد يقنت بعد الركوع، فربما قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف، يجهر بذلك. وقال: وكان يقول في بعض صلواته في صلاة الفجر: اللهم العن فلاناً وفلاناً. لأحياء من العرب، حتى أنزل الله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ. رواه البخاري وغيره.
فإذا جاز الدعاء جاز ذكر سببه، والسنة الإجمال وعدم التفصيل، والدليل على جواز ذكر مشكلة الشخص المدعو له وما أصابه الحديث الذي رواه أبو داود والبيهقي والحاكم وصححه وحسنه الألباني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر فقال: اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم، ففتح الله له يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين واكتسوا وشبعوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(10/628)
دعاء سورة يس لا أصل له في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي ركعتين بسورة يس وأقرأ بعدهما دعاء معروفاً بدعاء سورة يس ولي صديق يحفظ جزءاً من الدعاء وهو: " اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله بقدر حبك فيه وبجاهه فرج عني ما أنا فيه" فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداءك ركعتين تقرأ فيهما بسورة يس لا حرج فيه من حيث الأصل ما لم تتخذ ذلك سنة، وأما هذا الدعاء فلا أصل له في الشرع، بل هو مشتمل على بعض الأمور التي فيها نظر من حيث الشرع، ومن ذلك التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه غير مشروع، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9909، 10671، 21749، 4413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(10/629)
لا تشترط تغطية رأس الأنثى عند التسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التسبيح دون تغطية الرأس للإناث، ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتسبيح سواء كان عقب الصلاة أو في حال أخرى لا تشترط له تغطية الرأس من الأنثى لعدم ورود الأمر الشرعي بذلك، ولو فعلت المرأة ذلك تبعاً للصلاة أو تأدباً مع الله، فهو شيء حسن ويرجى لها الثواب إن شاء الله، ولكن من دون أن تعتقد وجوبه أو ندبه، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 2379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(10/630)
تستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في فاتحة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل الدعاء في الصلاة وأثناءها (كأثناء السجود وبعد التشهد الأخير) يستوجب الحمد والصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبلها وبعدها كي يقبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب في الدعاء حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، إنما ذلك من الآداب المستحبة في الدعاء، ومحل ذلك في بداية الدعاء، لا في نهايته
وسواء في ذلك الدعاء في الصلاة أو في خارجها، لما رواه أحمد واللفظ له والترمذي وأبو داود عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو في الصلاة، ولم يذكر الله عز وجل ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بعد بما شاء.، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم سل تعطه سل تعطه. قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن صحيح، وصححه الألباني.
قال المباركفوري في شرحه للحديث: قوله "كنت أصلي" أي الصلاة ذات الأركان بدليل قوله الآتي فلما جلست.
ويستثنى من ذلك المواضع التي ورد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بدون ذكر حمد في أوله أو صلاة، مثل دعاء استفتاح الصلاة أو بين السجدتين، ونحو ذلك من المواضع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(10/631)
عقد التسبيح بالأنامل أفضل من المسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التسبيح بالمسبحة؟ وماذا لو كان التسبيح في وقت الفراغ أو كأن يكون ماشيا بالطريق وهو ممسك بالمسبحة ويسبح؟ وما حكم حملها من دون التسبيح فقط للعب بها؟ جزاكم الله خير الجزاء، وآسف على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من شك في أن التسبيح بالأصابع أفضل من اتخاذ المسبحة، لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم وأمره به، روى الترمذي وأبو داود وأحمد من حديث يسيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنساء: عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة.
ومع ذلك فإن أهل العلم اعتمدوا إباحة المسبحة، لما نقل عن جويرية رضي الله عنها أنها كانت تسبح بالنوى، والأثر في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، وانظر تفصيل الموضوع في الفتوى رقم: 7051.
وإذ قلنا بإباحة اتخاذ المسبحة للتسبيح، فلا فرق بين أن يكون الفاعل جالساً وقت فراغ أو قائماً أو ماشياً في الطريق، وأما حملها لغير التسبيح بل للعب ونحوه فإنه لا ينبغي لأنه إما إن يكون رياء فيكون حراماً، أو مظنة المراءاة أو مشابهة المرائين فهو مكروه، كما تقدم في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(10/632)
حكم الترحم على الموتى العصاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الترحم على الأموات المسلمين المشهورين بالمعاصي كالممثلين والمغنين؟ وهل الشاعر يعتبر كالمغني؟
أفيدوني، جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل جواز الدعاء لكل من مات على التوحيد من المسلمين، لعموم الأدلة الدالة على ذلك، ولأن العصاة من المسلمين أحوج إلى الدعاء لهم والترحم عليهم من غيرهم، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34090.
وبخصوص الشعر بذاته، فإن الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، فمن الشعراء من هم مؤمنون صالحون، ومنهم فسقة مجرمون، وأما الدعاء لهم فعلى الأصل الذي تقدم ذكره أولاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(10/633)
الأفضل إعطاء كل موطن حقه من الذكر الخاص به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل: الإكثار من ذكر الله أم الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وخاصة في الأيام والليالي المباركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر الله تعالى والإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، لا يخفى فضله وشرفه، ففي الحديث: من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً. رواه مسلم.
ومع هذا فإن بعض الأوقات تختص بطلب الإكثار من الصلاة عليه كيوم الجمعة مثلاً، وهناك مواطن يطلب فيها الصلاة عليه، كعقب إجابة المؤذن وأول الدعاء وأوسطه وآخره، وعند دخول المسجد والخروج منه.
وهناك مواطن يفرد فيها ذكر الله تعالى دون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، كالاستغفار والتسبيح والاستعاذ ونحو ذلك، وعند الأكل، وغير ذلك مما لم ترد فيه السنة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه فإن الشخص يعطي كل موطن حقه من الذكر الخاص به.
فإذا كان في الأسحار فإنه يكثر من الاستغفار كما قال الله تعالى: وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ [آل عمران:17] ، وإذا كان في مواطن إجابة فإنه يكثر من الدعاء والتضرع بين يدي الله، ومن الدعاء أن يدعو للنبي صلى الله عليه وسلم أي يصلي عليه، كما في الحديث الذي رواه البيهقي: إن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كم أجعل لك من صلاتي، قال: ما شئت، قال: الثلث، قال: ما شئت، وإن زدت فهو أفضل، قال: النصف، قال: ما شئت، وإن زدت فهذا أفضل، قال: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذن يكفيك الله همك ويغفر لك ذنبك.، قال الحافظ أخرجه أحمد وسنده حسن، وقوله: كم أجعل لك من صلاتي.، أي دعائي الذي أدعو به لنفسي، قاله القارئ، وقال المنذري في الترغيب: معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك ... ، انتهى من تحفة الأحوذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(10/634)
حكم الدعاء بلفظة "يا فرد يا صمد"
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفتى أحد أهل العلم بأن لفظة "يا فرد يا صمد" لا تجوز لأن "الفرد" ليس من أسماء الله أو صفاته وسمعت بأذني أحد أهل العلم أيضا يدعو بها ويقول "يا فرد يا صمد" وهو من يشار إليه بالبنان فأشكل علي الأمر، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك دليل صحيح على اعتبار الفرد من أسماء الله الحسنى، وعلى هذا فلا يجوز إطلاق أن هذا الاسم من أسماء الله، لأن أسماء الله توقيفية، لا تثبت إلا بدليل، ولكن يرخص في باب الدعاء أن يسأل الله تعالى بقول يا فرد، لأن هذا من باب الإخبار عن الله بما هو وصف ثابت له تعالى، ففي الحديث الصحيح: إن الله وتر يحب الوتر. متفق عليه، ومعنى الوتر الفرد، كما نص على ذلك ابن الأثير في النهاية.
ولهذا جاز الدعاء بيا مجيب دعوة المضطرين، ويا دليل الحائرين، ونحو ذلك مما هو مأثور عن السلف، وراجع لمعرفة المزيد عن ذلك الفتوى رقم:
ومن هنا يتبين لك أن من سمعته يدعو بيا "فرد يا صمد" فإن دعاءه لا محظور فيه، ولعل من سمعت من أهل العلم ينهى عن قول "يا فرد" مراده أنه لا يجوز أن يسمى الله به -وهذا صحيح كما تقدم-، ولا يقصد أنه لا يجوز أن يخبر به عن الله في الدعاء، لأن باب الإخبار عن الله أوسع من باب الأسماء، كما بيناه في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(10/635)
كيفية الثناء في أول الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء) ، الشيخ الفاضل أرجو أن تساعدنا في فهم هذا الحديث بشكل مبسط أي ما المقصود بتمجيد الله عز وجل والثناء عليه بمعنى آخر ماذا أقول قبل بداية الدعاء.. أفيدونا؟ جزاكم الله عنا خيراً، وبارك الله فيكم وفي أمثالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث رواه أحمد في المسند، وأبو داود في سننه، عن فضالة بن عبيد، وصححه الألباني والشيخ الأرناؤوط، والمقصود من هذا الحديث أن الداعي يبدأ دعاءه أولاً بالثناء على الله بكل ثناء جميل، ويشكره على كل عطاء جزيل، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سمع رجلاً يدعو دون ثناء على الله وحمد له ودون أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: عجل هذا. رواه أبو داود وغيره، وهو صحيح.
وفي رواية النسائي عن فضالة أيضاً قال: ... وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يُصلي فمجدالله وحمده، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع تجب وسل تعط. وصححه الألباني.
ومن أمثلة الثناء على الله تعالى أن يقول الداعي: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام، ونحو ذلك من الثناء ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، بصيغة الصلاة الإبراهيمية، أو غيرها، ثم يشرع في دعائه، والله تعالى نسأل لنا ولك القبول والتوفيق، وراجع الفتوى رقم: 36319، والفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(10/636)
هل يدعو من محفوظاته أم من ورقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تصح قراءة الدعاء من الورقة؟ أو من الضروري حفظه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء يمكن أن يكون من ورقة ويمكن أن يكون من الحفظ، وأيهما كان أدعى للحضور وصدق التضرع، كان هو الأفضل، فقد يكون الدعاء من الحفظ أفضل إذا كان الدعاء محفوظا بإتقان، ويخرج من القلب، أما إذا كان الشخص يدعو وهو يتذكر محفوظاته من الدعاء التي لم يتقن حفظها، فإن القلب يكون مشغولا باستحضار المحفوظ، لا بالدعاء ذاته، فيكون الدعاء من الورقة حينئذ أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(10/637)
ليس هناك دعاء لدفع الاحتلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد دعاء لكي لا يحتلم المرء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم دليلا من السنة أو دعاء يقال لدفع ذلك، هذا إذا كان المقصود بقول السائل "ولكي لا يحتلم" أي لا يخرج منه المني وهو نائم.
وإنما على الإنسان إذا أراد أن ينام أن يقرأ أذكار النوم التي وردت في السنة، ويمكنك التعرف عليها من خلال الفتوى رقم: 4514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(10/638)
للمرأة أن تدعو بأن يزوجها الله من صالح معين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
عندي سؤال وهو: هل يجوز أن أدعو المولى عز وجل في صلاة التراويح أن يجيب على دعوة الزواج من شخص يعجبني في الدين والعقل؟ وتقبلوا مني الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك الدعاء بأن يزوجك الله عز وجل ممن تظنين فيه الصلاح والتقوى، قال خليل: ودعا بما أحب وإن لدنيا وسمى من أحب.
ولكن ننصح السائلة أن تدعو بدعاء عام بأن يحصن الله فرجك، وأن يرزقك الزوج الصالح صاحب الدين والخلق، وأن يصرف عنك كل السوء، هذا أفضل من الدعاء بالزواج من شخص معين فلربما كان على غير ما تظنينه فيه من الدين والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(10/639)
صيغة الصلا ة على رسول الله داخل الصلاة وخارجها
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء ذكر صيغة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وكم عددها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 5025 الصيغة المأثورة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الفتوى رقم: 34983
ذكرنا صيغة الصلاة عليه في التشهد.
وعلى هذا فإذا كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فيلتزم بما ورد، أما خارج الصلاة فالأمر فيها واسع والوارد أولى، هذا والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة بدون حصر، وقد ثبت في الحديث: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً. رواه مسلم.
وفي الحديث: أن رجلاً قال يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك قال: نعم، إن شئت، قال: الثلثين، قال: نعم إن شئت، قال: فصلاتي كلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذن يكفيك الله ما أهمك من أمر دينك وآخرتك. رواه الطبراني بإسناد حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1424(10/640)
لا حرج في الدعاء بالهداية للمتبرجات
[السُّؤَالُ]
ـ[لى زميلات متبرجات فى الجامعة، هل يجوز لي الدعاء لهن، أم أن هذا مخالف لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"العنوهن فإنهن ملعونات"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في الدعاء بالهداية للمتبرجات من النساء وغيرهن من أصحاب المعاصي، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لبعض المشركين، مع أنه لا شك في ثبوت اللعن عليهم كما في قول الله تعالى: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] .
أي المشركين، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 10853، كما نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2523 لمعرفة حكم الدراسة في الجامعات المختلطة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(10/641)
حكم البسملة وكيفية النطق بها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
الرجاء توضيح حكم البسملة فى الإسلام، وهل هي بسم الله أم بسم الله الرحمن الرحيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبسملة مصدر منحوت من باسم الله، كالهيللة من لا إله إلا الله، ونظائرها كالحوملة والحسبلة، وتشرع البسملة عند الابتداء بالأمور المهمة، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصدر بها رسائله فيكتب كاتبه: بسم الله الرحمن الحيم، وهذا أعني تصدير الرسائل بها سنة سليمان عليه السلام كما جاء ذلك عنه في القرآن الكريم، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، وقد ذكر بعض أهل العلم أن البسملة يؤتى بها كاملة أي -بسم الله الرحمن الرحيم- في الأمور التي تشرع قبلها.
إلا في أربعة مواضع عند الأكل وعند الشرب وعند الذكاة وعند دخول الخلاء، وانظر الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل وحاشية الدسوقي عليه، عند سرد صاحب المختصر للمواضع التي تشرع فيها البسملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(10/642)
يدعو بما شاء ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أدعو الله وأقول اللهم أرني منزلة فلان رحمة الله عليه عندك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم مانعا من ذلك، وقد ذهب جمهور العلماء إلى جواز أن يدعو المرء بما شاء، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الدعاء إلا بالدعوات الواردة في الكتاب والسنة. اهـ.
ويستأنس لما ورد في السؤال بما ورد عن أحمد بن الجلد قال: اليوم الذي مات فيه أحمد بن حنبل كان يوم الجمعة، فانصرفت فلما أردت أن أنام قلت: اللهم أرنيه هذه الليلة في منامي، فرأيته كأنه بين السماء والأرض على نجيب من نور، وبيده خطام من نور، فضربت بيدي الخطام، فأخذته فقال: أَقِرَّ ليس الخبر كالمعاينة، فتركته وانتبهت.
كذا في "حلية الأولياء" لأبي نعيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(10/643)
مسح الوجه والبدن بعد الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مسح الوجه والبدن وسائر الجسم عند قول أحدهم (إلى حضرة المصطفى وعلى نية الشفاء وإلى أرواح أمواتنا وأمواتكم وأموات المسلمين الفاتحة) ، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمسح الوجه باليدين بعد الدعاء اختلف فيه أهل العلم، فقال باستحبابه بعضهم نظراً لما روي فيه، وكرهه آخرون لضعف الأحاديث الورادة في ذلك، ولتفاصيل كلا القولين وأدلتهما نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4557، 7848، 21501.
وأما مسح جميع الجسد فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلم أن يتجنبه، وننبه السائل الكريم إلى أن الأولى للمسلم أن يتجنب ما يفعله بعض المبتدعة إذا اجتمعوا أو دعوا من قولهم: الفاتحة على روح النبي صلى الله عليه وسلم، أو على روح الولي، أو على أرواح أموات المسلمين....
لأنه لم يرد شيء من ذلك في السنة ولا عن السلف الصالح، وإن كان من المقرر عند كثير من أهل العلم أن الدعاء وقراءة القرآن يصل ثوابهما للموتى، لكن من المعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصل إليه ثواب كل عمل صالح دون أن يهدى إليه لأن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من عمل به لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ولمزيد من الفائدة نرجو الإطلاع على الفتوى رقم: 26169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(10/644)
الذكر بالاسم المفرد ليس من هدي السلف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترديد كلمة يا ودود ألف مرة وواحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالودود هو المحب المحبوب، فهو يحب أولياءه ويحبونه، وقول الإنسان يا ودود دعاء لربه، ولكن تكرير هذا الاسم مجرداً أو غيره من أسماء الله تعالى، لم يُكن من هدي السلف، كما سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 26814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(10/645)
دعاء تثبيت الحفظ غير ثابت
[السُّؤَالُ]
ـ[عترث في كتاب يحمل عنوان " الدعاء المستجاب " لأحمد عبد الجواد على حديث ييسر حفظ القرآن الكريم وأود معرفة المقصود بسورة تبارك المفصل الواردة وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث الوارد في الكتاب المذكور، بشأن تثبيت حفظ القرآن الكريم وعدم تفلته من صدر القارئ حديث موضوع، كما بيناه في الفتويين رقم: 344 ورقم: 10672
والمقصود بـ (تبارك المفصل) سورة "تبارك الذي بيده الملك" احترازاً من "تبارك الذي نزل الفرقان" فإنها ليست من المفصل، فإن سور المفصل في القرآن تبدأ من سورة ق إلى آخر القرآن على الراجح، كما بيناه في الفتوى رقم:
11819
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(10/646)
حكم النطق بكلمة التوحيد للمحتضرفي الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أنه لا يجوز بتاتا ذكر الله في المرحاض، فهل على من يكون في اللحظات الأخيرة من حياته في المرحاض ذكر للشهادتين؟ وهل تسقط بسملة الوضوء في الحمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم الذكر باللسان في المرحاض على أقوال ثلاثة:
أحدها: الجواز، وبه قال ابن سيرين والنخعي.
ثانيها: الكراهة، وإليه ذهب أكثر العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
قال الدسوقي في حاشيته وهو مالكي: قوله: وكره له الذكر باللسان، أي في الكنيف، قبل خروج الحدث أو حين خروجه أو بعده.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يذكر الله تعالى على حاجته إلا بقلبه، وكره ذلك ابن عباس وعطاء وعكرمة.
وقال ابن سيرين والنخعي: لا بأس به، إلى أن قال: والأول أولى.
ثالث الأقوال: المنع: ونسب إلى الأذرعي والزركشي.
وبناء على قول من قال بجواز الذكر في هذا المكان، وقول أكثر الفقهاء بأن الذكر في المرحاض لا يعدو كونه مكروها فقط، نرى أن الإنسان إذا كان في حال احتضار، جاز له النطق بكلمة التوحيد في هذا المكان، وذلك أخذا بالترغيب الوارد بأن من كان آخر كلامه في الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة.
أما بخصوص البسملة في الحمام عند إرادة الوضوء، فقد سبق لنا بيان حكمها في الفتوى رقم: 10030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(10/647)
الدعاء بتحديد جنس الجنين في الصلاة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هل يجوز الدعاء في الصلاة بتحديد جنس الجنين إذا كانت المرأة حاملا؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا مشروعية الدعاء في الصلاة، وذلك في الفتوى رقم: 8581، وعلى هذا، فلا حرج عليك إن شاء الله في الدعاء بتحديد جنس الجنين في الصلاة، واعلمي أن كون الشيء مقدرا في الأزل، لا يمنع من سؤال الله تعالى إياه، إذ لو كان ذلك مانعا، لما جاز لنا سؤال الله تعالى شيئا من أمور الدنيا والآخرة، إذ من المعلوم أنه ما من شيء إلا وقد سبق به القدر.
روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء.
وينبغي سؤال الله تعالى الذرية الطيبة المباركة، كما قال سبحانه عن زكريا: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38] .
وقال عنه أيضا: وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً [مريم: 6] .
وقال سبحانه: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان: 74] .
وذلك أن الولد قد يكون نعمة، وقد يكون نقمة، فيسأل العبد ربه ذرية صالحة طيبة رضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(10/648)
هل يكثر من التسبيح أم من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أكثر الذكر بالتسبيح أم بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح السائل بأن يكثر من التسبيح ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن التسبيح يكون في بعض المواطن أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكون في بعض المواطن أفضل من التسبيح.
لأن الذكر إذا كان له وقت معين كان الاشتغال به أفضل من الاشتغال بغيره من الأذكار.
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه أفضل من التسبيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذُكِرتُ عنده ولم يُصَلِّ علي. رواه أحمد والترمذي وغيرهما.
والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة أفضل من التسبيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا من الصلاة عليَّ فيه فإن صلاتكم يوم الجمعة معروضة علي ... رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وابن حبان واللفظ له.
وكذلك بعد سماع الأذان فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من التسبيح.
ويكون التسبيح في بعض المواطن أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فالتسبيح عند الركوع والسجود وإذا هبط الإنسان وادياً، وفي أول النهار وعند النوم وعقب الصلوات أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا له دلائله الكثيرة في السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(10/649)
هل تقال أذكار النوم في نوم النهار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
عند النوم أقول بعض الأذكار، وبعد ذلك أنهض لقيام الليل والفجر، ثم أنام ثانية، هل يجب أن أكرر ما قلته من الأذكار؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قراءة أذكار النوم في الليل سنة، والظاهر أنه لا مانع من قراءة الأذكار التي قيدت بذكر النوم في نوم الليل أو النهار، أما ما قيد بذكر الليل أو بعد صلاة العشاء أو نحوه، فإنه لا تشرع إن أردت النوم ثانية بعد الفجر، لأنها حينئذ أذكار نوم البيتوتة أي بالليل، ومثال هذا ما في بعض الروايات من قول النبي صلى الله عليه وسلم: من تكلم بهؤلاء الكلمات حين يأخذ جنبه من مضجعه بعد صلاة العشاء. رواه النسائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(10/650)
لا سبيل إلى الاطلاع على الغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أريد وسيلة (دعاء) لمعرفة ما إذا كان أمر ما صحيحاً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه لا سبيل إلى الاطلاع على الغيب، ولكن الله تعالى شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم الاستخارة لله تعالى العليم القدير في ما يطرأ عليه من أمور لا يدري إن كان فيها الخير له أم لا، وقد سبق أن بينا كيفية هذه الصلاة وشيئاً من أحكامها في الفتوى رقم: 4823.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 17290، والفتوى رقم: 12655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(10/651)
الدعاء قبل وقوع المكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح قول ربنا ما يكتبها علينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد قدر مقادير الخلائق في سالف الأزل، فما من شيء إلا وهو مسطر في اللوح المحفوظ، كما قال سبحانه: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] .
وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء.
إذا ثبت هذا، فلا معنى لسؤال الداعي الله تعالى أن لا يكتب له هذا الأمر المعين، إلا أن هذا لا يمنع من دعاء الله تعالى عند وقوع البلاء وقبل وقوعه دفعا للقدر بالقدر، إذ أن الدعاء من قدر الله تعالى، روى الترمذي وأحمد عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. ومن هذا الباب ما ثبت عن عمر رضي الله عنه في قصة طاعون الشام أنه قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله.
وانظر الفتوى رقم: 10657، 6703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(10/652)
من صيغ لصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد صيغة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم شكك فيها البعض، فأرجو إفادتي عن مدى صحتها وهي:" اللهم صل على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 21892 والفتوى رقم:
5025
وبأي صيغة صلى المرء على النبي صلى الله عليه وسلم أجزأه وأثيب على ذلك، ما لم تشتمل الصيغة على محذور، إلا أن أفضل صيغة هي صيغة الصلاة الإبراهيمية لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمها أصحابه حين قالوا: كيف نصلي عليك، روى ذلك البخاري ومسلم وغيرهما.
أما عن الصيغة الورادة في السؤال فليس فيها محذور شرعي، إذ يظهر من عبارة القائل أن قصده بذلك ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فيه طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها، سواء في ذلك الأمور الحسية والمعنوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(10/653)
لا يشترط الحجاب ولا الوضوء لأذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة أذكار الصباح والمساء في المنزل أو خارج المنزل بدون حجاب وبدون وضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحجاب لا يشترط لقراءة أذكار الصباح والمساء، لكن إذا كنت خارج المنزل، فيجب عليك ارتداء الحجاب الكامل.
كما أن الوضوء ليس بشرط لقراءة الأذكار المذكورة، وإن كانت مشتملة على بعض آيات القرآن الكريم، بدليل ما رواه الترمذي وأبو داود من حديث علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال، ما لم يكن جنبا.
وراجعي الفتوى رقم: 3931.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1424(10/654)
الأدعية التي يجب تجنبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أدعية يجب تجنبها لماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء هو العبادة كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وكله مستحب إلا ما كان في إثم أو قطيعة رحم. روى الإمام مسلم والترمذي وأحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ".
ومن الإثم أن يدعو المرء بتيسير المحرمات كالزنا والسرقة والخمر وقتل الأنفس، وأن يدعو بانتصار الكفار على المسلمين ونحو ذلك. وانظر الفتوى رقم: 22548 وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتداء في الدعاء، ففي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء ".
قال الشارح في عون المعبود: والمراد بالاعتداء مجاوزة الحد، وقيل الدعاء بما لا يجوز ورفع الصوت به والصياح، وقيل سؤال منازل الأنبياء عليهم السلام، حكاه النووي في شرحه انتهى.
فهذه الأنواع من الأدعية علة وجوب تجنبها واضحة، ولا نعلم شيئاً من الأدعية يجب تجنبه غير هذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(10/655)
الدعاء من ورقة مكتوبة لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله،
هل يجوز الدعاء من ورقة مكتوبة ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإن الدعاء له فضل عظيم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بأنه هو العبادة، كما في سنن الترمذي وغيره من حديث النعمان بن بشير، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الدعاء هو العبادة ثم قرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) .
ولم نعثر في كلام أهل العلم على ما يدل على منع الدعاء من ورقة مكتوبة، بل الذي يظهر أنه لا مانع منه، إذ قد يكون الإنسان يريد أن يدعو بدعاء لا يحفظه فيقرؤه من صحيفة، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(10/656)
تناسب الدعاء مع حال السائل
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أدعو بدعاء المستضعفين ... فهل هذا يكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن يتناسب الدعاء مع حال السائل، فإن كان مهموما، دعا بدعاء الهم والغم، وإن كان مكروبا، دعا بدعوة المكروب، أو دعا بدعوة ذي النون وهو في بطن الحوت، وإن كان في عسر، دعا بأدعية التيسير، وهكذا ... إذا ثبت هذا، فنقول للأخ السائل: إذا كان هذا الدعاء الذي تدعو به هو الذي يتناسب والحال الذي تدعو من أجله، فلا حرج إن شاء الله في الاكتفاء به، وإن استزدت فدعوت بالأدعية الجامعة من أدعية القرآن والسنة، فهو خير، وإذا دعوت فادع الله عز وجل وأنت موقن بالإجابة، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتويان: 6074، 9347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(10/657)
حكم الزيادة في الأذكار الصباحية والمسائية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
من المعلوم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال (من قال حين يمسي وحين يصبح اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال) أو كما قال عليه الصلاة والسلام السؤال: هل يجوز لي أن أزيد وأقول وأعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتشرع الزيادة في الأذكار الصباحية والمسائية إذا كانت الزيادة من جنس الذكر المزاد، وانظر الفتوى رقم:
32076.
أما إن لم تكن من جنس الذكر المتلو، فلا تنبغي الزيادة عليه، كما هو الحال في السؤال هنا، لكن لا مانع من الزيادة في أوقات أخر غير أذكار الصباح والمساء.
وقد روى أحمد وأبو داود والترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات: "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون"
وعن الترمذي: إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: ... الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(10/658)
حكم قراءة الأذكار بغير حجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل تجوز قراءة أذكار الصباح والمساء في المنزل أو خارج المنزل بدون حجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذكر الله تعالى من أعظم القرب التي ينبغي للعبد المواظبة عليها والاستزادة منها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، كما في صحيح مسلم، وعليه فلا بأس من قراءة الأذكار وأنت غير متحجبة في منزلك أو غيره، وانظري الفتوى رقم: 15761، والفتوى رقم: 2379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(10/659)
هل يتحقق الذكر بمجرد تحريك اللسان والشفتين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالنسبة للأذكار والدعوات هل يجب حدوث صوت عند الترديد أم يكفي تحريك اللسان، مع العلم بأني سألت أكثر من شيخ فكانت إجاباتهم مختلفة، وحبذا لو تخبروني بالمرجع المناسب للبحث عن الموضوع نفسه، أو بمرجع الفتوى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذكر والدعاء تارة يكونان بالقلب فقط وتارة باللسان فقط وتارة بهما معاً، وهو الأكمل.
واختلف أهل العلم في الذكر باللسان هل يتحقق بمجرد تحريك اللسان والشفتين أم لا بد من سماع النفس، على قولين:
الأول: لا بد من إسماع الداعي أو الذاكر نفسه إذا كان صحيح السمع ولا مانع يمنع من ذلك، وعلى هذا الجمهور.
الثاني: يكفي في تحقيق ذلك تحريك اللسان والشفتين، وعلى هذا المالكية وهو رواية عند الحنابلة اختارها شيخ الإسلام ومال إليها المرداوي في الانصاف، وهذا القول هو الظاهر.
وأما مظان الحديث على هذه المسألة، فهي كتب التفسير عند تفسير آيات الذكر والدعاء، وشرح أحاديث الذكر والدعاء وكتب الأذكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(10/660)
حكم قول: جزاك الله ألف خير؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قول جزاك الله ألف خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من السنة أن يدعو المرء لمن فعل له الخير ولم يجد ما يكافئه به. روى أبو داود وابن حبان، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكافِئُونَهُ فادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أنَّكُمْ قَدْ كافأْتُمُوهُ. صححه الشيخ الألباني.
وأخرج الترمذي في جامعه، والنسائي في سننه الكبرى، والطبراني في المعجم الصغير، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ صُنِعَ إِلَيْه مَعْرُوفٌ فَقالَ لِفاعِلِهِ: جَزَاك اللَّهُ خَيْراً، فَقَدْ أبْلَغَ في الثَّناء. صححه الشيخ الألباني أيضًا.
وبناء على ذلك فلا حرج في أن يدعو الداعي بصيغة: جزاك الله ألف خير، مع أن الأفضل للمسلم في كل شيء أن يلتزم بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويترك ما سواه؛ لأن الخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(10/661)
المذموم هو الاستعجال وليس الدعاء بالنصر.
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
كيف يمكننا التوفيق بين قول الرسول للصحابة عندما أرادوا أن يدعو لهم الله بأن ينصرهم وذلك في بداية ظهور الإسلام فقال لهم {..ولكنكم قوم تستعجلون} .. الحديث، وبين الآية في سورة البقرة 214 وفيها {حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله} ففي الحديث الصحابة طلبوا النصر والرسول رأى أن هذا استعجال، وفي الآية تبين أن كلاهما يطلب النصر.. فكيف يكون التوفيق..والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.
وقد أجاب الحافظ بن حجر عن الإشكال الذي أورده السائل، فقال: وليس في الحديث تصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدع، بل يحتمل أنه دعا، وإنما قال: قد كان من قبلكم ... الخ تسلية لهم وإشارة إلى الصبر حتى تنقضي المدة المقدورة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر الحديث: ولكنكم تستعجلون. انتهى المراد من كلام الحافظ.
فالمذموم من الحديث هو الاستعجال قبل الأوان وليس طلب النصرة.
أما قوله تعالى: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214] . فللعلماء فيها أقوال.
قال القرطبي في تفسيرها: والرسول هنا شعيا في قول مقاتل وهو اليسع، وقال الكلبي: هذا في كل رسول بعث إلى أمته، وأجهد في ذلك حتى قال: متى نصر الله؟ وروي عن الضحاك قال: يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، وعليه يدل نزول الآية. والله أعلم ... وأكثر المتأولين على أن الكلام إلى آخر الآية من قول الرسول والمؤمنين، أي بلغ الجهد بهم حتى استبطؤوا النصر، فقال الله: أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ويكون ذلك من قول الرسول على طلب استعجال النصر، لا على شك وارتياب، والرسول اسم جنس، وقالت طائفة: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير حتى يقول الذين آمنوا متى نصر الله؟ فيقول الرسول: ألا إن نصر الله قريب، فقدم الرسول في الرتبة لمكانته، ثم قدم قول المؤمنين لأنه المتقدم في الزمان، قال ابن عطية: وهذا تحكم وحمل الكلام على وجهه غير متعذر ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(10/662)
دعاء الله بالزواج من فتاة معينة أمر لا يأباه الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن أسأل الله أن يزوجني فتاة ما أو يجعلها تحبني؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاءُ الله تعالى وسؤاله من أجلِّ العبادات. قال تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] . وقال: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] . وقال صلى الله عليه وسلم: من لم يسأل الله يغضب عليه. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
لكن من شروط جواز واستجابة الدعاء: ألا يكون بِمُحَرَّم أو بما فيه إثم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ. رواه مسلم وغيره.
وإن من الإثم: أن يدعو المرء ربه بأن ييسر له علاقة حب مع فتاة أجنبية عنه، لما في ذلك من حرمته المؤكدة في ذاته، مع ما يصاحبه من أمور لا يعلم مدى ضررها إلا الله.
أما دعاء الله تعالى بالزواج من فتاة معينة فأمر لا يأباه الشرع ولا يمنع منه؛ لأن الزواج مباح في أصله، فيكون دعاء الله به مباحا أيضًا، ولو كان ذلك بفتاة معينة. وراجع الفتوى رقم: 19339.
لكن على السائل أن يحذر من النظر المحرم والأفكار الشيطانية، التي قد تهوي به في المعاصي والذنوب. ولمعرفة أنواع الحب وما يحل منها وما يحرم، راجع الفتويين التاليتين: 5714، 4220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(10/663)
الإلحاح في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو الله لقضاء حاجة لي وعندما ألح في الدعاء أحس برقة في القلب وتدمع عياني وتكرر معي ذلك أكثر من مرة عندما أدعو لهذه الحاجة أن أسمع في المذياع الآية: (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً) {11} الإسراء فهل هذا دليل أن أتوقف عن الدعاء بهذه الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يمكن أن يؤخذ من الحالة التي تقع لك أنك منهي أو غير منهي عن الدعاء بما تدعو به، فضابط ما يؤمر المسلم بفعله أو تركه هو الشرع، فما أمر به كان تحصيله مطلوبا، وما نهى عنه كان تركه مطلوبا، وما خُيِّر فيه كان الإنسان مخيرا فيه تركا وفعلا، والدعاء من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى، بل إنه "هو العبادة"، كما ورد في سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير، وفي رواية "الدعاء مخ العبادة" وقال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم قال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه: من فتح له منكم باب من الدعاء فتحت له أبواب الرحمة.
فانظر إلى ما تدعو به، فإن كان فيه إثم أو قطيعة، فاتركه، لأنه مما نهى الشارع عنه.
روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم.
وإن لم يكن كذلك، فلا تتركه، واعلم أن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، ولا يتوانى في السعي ليلبس على المسلم أمر دينه بمكره وكيده وشدة عداوته.
قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1424(10/664)
لا بأس بالدعاء بالأسماء الحسنى لغرض دنيوي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز الدعاء باسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى بأشياء الدنيا؟
وأشكركم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في أن يدعو العبد ربه بأسمائه الحسنى، وباسمه الأعظم، لما شاء من خير الدنيا. روى الترمذي وابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى في مسنده، عن أنس رضي الله عنه قال: لِيَسْألْ أحَدُكُمْ رَبّهُ حَاجَتَهُ كُلّهَا حَتّى يَسْألَ شِسْعَ نَعْلِهِ إذَا انْقَطَعَ.
وشسع النعل: شراكها. وهو أحد سيور النعل. وقد ترجم الترمذي على هذا الحديث باب: ليسأل الحاجة مهما صغرت. ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتاوى التالية: 28286، 9127، 32655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(10/665)
حكم طلب الدعاء من الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يطلب أحد من الحيوانات أن تدعو له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طلب الدعاء من الحيوان من العبث الذي لا ينبغي للعاقل أن يشتغل به ولا يسأل عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(10/666)
فتاوى حول رفع اليدين في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد:
ما هي الحالة التي ترفع فيها اليد للدعاء؟ والحالات التي يمنع فيها الرفع؟ مع ذكر الضابط والدليل لكل مسألة وكيفية ومستوى رفع اليدين؟
نفع الله بكم الأمة والحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4095، 28566، 32283، 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(10/667)
الذكر النفسي والدعاء بالقلب مقبول
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أن الله عز وجل لا يحاسب الإنسان على حديث النفس، ولكن ما أريد معرفته: هل يمكننا أن ندعو الله عز وجل في قلوبنا وأنفسنا دون النطق بها باللسان؟ وهل نحاسب عليها؟ وهل يمكننا أن ندعو الله عز وجل عند النوم وتكون العيون مغمضة؟ وهل يستلزم عند الدعاء الطهارة؟ وكيف يمكنني أن أدعو لنفسي؟ وقد سمعت أن هناك بابا من أبواب المحاسبة يوم القيامة تكون فيه النساء هن اللاتي يحاسبن وحدهن واللاتي يحاسبن على عدة أشياء فأفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن النطق باللسان في الدعاء والذكر أفضل من مجرد إرادة المعنى بالقلب، مع أن الذكر النفسي والدعاء بالقلب فقط ممكن، ويثاب عليه فاعله ويجزيه الله به إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه. والأصل في ذلك الحديث القدسي، الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منهم ...
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 13109، والفتوى رقم: 32416.
أما تغميض العينين عند الدعاء في وقت إرادة النوم أو غيره، فلا بأس به مادمت تدعو الله بلسانك وقلبك حاضر، إذ لا يشترط فتح العينين في الدعاء.
أما كيف يمكنك أن تدعو لنفسك، فأهم ذلك أن تخلص لله تعالى في دعائك وتدعو بقلب حاضر وأنت موقن بالإجابة، وتتخير الألفاظ الجامعة، كالأدعية التي وردت في القرآن والسنة. وهنالك شروط وآداب للدعاء وأمكنة وأزمنة فاضلة. راجع لمعرفتها الفتوى رقم: 23599.
وليست الطهارة من شروط الدعاء أو الذكر؛ قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. متفق عليه.
ولكن كلما كان العبد على هيئة أكمل وأفضل من الطهارة واستقبال القبلة ونحو ذلك، كان دعاؤه أرجى للقبول.
أما سؤالك عن الباب الذي يحاسب منه النساء وحدهنَّ، فلا نعلمه، ولكن لا شك أن المرأة تحاسب على أشياء لا يحاسب عليها الرجل، مثل عدم ارتداء الحجاب، كما أن الرجل يحاسب على أمور لا يحاسب عليها النساء، مثل عدم الإنفاق على الأهل مع القدرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(10/668)
الصلاة على الصحابة وغيرهم بين الكراهة والإباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية الصلاة على النبي؟؟
وهل تجوز الصلاة على أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام مثل أبي بكر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لها أساليب متنوعة، وأولاها ما أخرجه الشيخان والنسائي وأبو داود وابن ماجه ومالك وأحمد من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم. إنك حميد مجيد.
وأما الصلاة على الصحابة وغيرهم فقد اختلف فيها العلماء. قال صاحب غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: اختلف العلماء في الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هل تجوز استقلالاً أم لا؟ فقال ابن القيم في جلاء الأفهام: هذه المسألة على نوعين: أحدهما أن يقال: اللهم صل على آل محمد، فهذا يجوز ويكون صلى الله عليه وسلم داخلاً في آله، فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعنى. الثاني: أن يفرد واحدًا بالذكر، كقوله: اللهم صلى على عليٍّ أو حسنٍ أو أبي بكر، أو غيرهم من الصحابة ومن بعدهم، فكره ذلك مالك. قال: لم يكن ذلك من عمل من مضى. وهو مذهب أبي حنيفة وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري، وبه قال طاووس، وقال ابن عباس: لا تنبغي الصلاة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار. وهذا مذهب أصحاب الشافعي، ولهم ثلاثة أوجه: أنه منع تحريم، أو كراهة تنزيه، أو من باب ترك الأولى وليس بمكروه. وقالت طائفة من العلماء تجوز الصلاة على غير النبي استقلالاً ...
وانظر المرجع المذكور (1/32) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(10/669)
استخدام الأصابع للتسبيح أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت والدتي في أحد البرامج الإذاعية أن أبا هريرة رضي الله عنه كان تحت فراشه حبل به 1000 عقدة وكان لا ينام قبل أن يسبح بهذا الحبل, فقامت بعمل حبل به1000 عقدة وتفعل هكذا" فأنكرت عليها هذا علماً بأنها كثيرة قراءة القرآن، وتحفظ جزءا لا بأس به من الأحاديث والأذكار, فما حكم ذلك؟ جزاكم الله عنا1000 خير؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أحسنت والدتك في حرصها على قراءة القرآن والحفظ للأحاديث والحرص على الأذكار، فتلك عبادات جاء الترغيب فيها مستفيضا.
ثم ما سمعته والدتك في أحد البرامج الإذاعية من خبر أبي هريرة رضي الله عنه، قد أورده صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي قال: " أخرج عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان له خيط فيه ألف عقدة فلا ينام حتى يسبح " وفي رواية "ألفا عقدة" وفي سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد من حديث أبي نصر قال: حدثني شيخ من طفاوة، قال: تثويت أبا هريرة بالمدينة، فلم أر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد تشميرًا ولا أقوم على ضيف منه، فبينما أنا عنده يومًا وهو على سرير له، ومعه كيس فيه حصى أو نوى، وأسفل منه جارية له سوداء، وهو يسبح بها، حتى إذا أنفد ما في الكيس ألقاه إليها فجمعته فأعادته في الكيس، فدفعته إليه.
وهذا الأثر حسنه الترمذي وضعفه الشيخ الألباني.
وخلاصة القول في المسألة أن استخدام الأصابع للتسبيح والذكر أولى، ومع ذلك فإن المسبحة تجوز، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(10/670)
الدعاء المذكور لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أرجو إخباري وإعلامي بصحة ما وردني على البريد وهو هذا الدعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في الأثر عن الإمام محمد بن واسع أنه كان يدعو الله كل يوم بدعاء خاص فجاءه شيطان وقال له يا إمام أعاهدك أني لن أوسوس لك أبدا ولن آتيك ولن آمرك بمعصية ولكن بشرط أن لا تدعو الله بهذا الدعاء ولا تعلمه لأحد فقال له الإمام: كلا سأعلمه لكل من قابلت وافعل ما شئت هل تريد معرفة هذا الدعاء
كان يدعو فيقول: (اللهم إنك سلطت علينا عدوا عليماً بعيوبنا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم اللهم آيسه منا كما آيسته من رحمتك وقنطه منا كما قنطته من عفوك وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين رحمتك وجنتك)
ادعوا بهذا الدعاء وساعدوا على نشر هذه الرسالة.
أرجو الإجابة بصحته أو عدمها مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أورد هذه الحكاية الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين"، ولا يمكننا أن نحكم بصحتها أو ضعفها، لعدم وقوفنا على سند لها، لكن الدعاء المذكور لا بأس به، لصحة معناه، وأما التعاون على نشره بين الناس، فنرى أن التعاون على نشر المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح أولى بذلك؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري.
ففي الاشتغال بهذا شغل عما سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(10/671)
القسم على الله في الدعاء.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القسم في الدعاء كأقسمنا عليك أن تغفر لنا هل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المرء يعرف من نفسه الصلاح والاستقامة، فلا مانع من أن يقسم على الله في أمور الخير، لا في أمور الشر، وقد عرف مثل ذلك عن البراء بن مالك رضي الله عنه.
روى الحاكم في المستدرك من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله علي وسلم قال: كم من ضعيف متضعف ذي طمرين لو أقسم على الله لأبر قسمه، منهم البراء بن مالك. فإن البراء لقي زحفًا من المشركين، وقد أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا: يا براء إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك لو أقسمت على الله لأبرك، فأقسم على ربك. فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم. ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين، فقالوا له: يا براء أقسم على ربك. فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، وألحقنا بنبيك صلى الله عليه وسلم، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيد. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وأما أمور الشر فلا يجوز القسم على الله أن يفعلها، فقد حبط عمل رجل سابق لأنه أقسم أن لا يغفر الله لآخر؛ كما جاء في الحديث. أخرج الإمام مسلم من حديث جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(10/672)
ما يقول المأموم عند ثناء الإمام على الله في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول حقاً وصدقاً ويا الله عندما يثني الإمام على الله في القنوت بدعة؟ وإذا كان بدعة فماذا نقول؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الإمام النووي في المجموع: وأما الثناء وهو قوله: فإنك تقضي ولا يقضى عليك.. إلى آخره. فيشاركه في قوله أو يسكت، والمشاركة أولى، لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 30441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/673)
صيغ الثناء على الله تعالى كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نثني على الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيغ الثناء على الله تعالى كثيرة، منها ما أخرجه الإمام مسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد: اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ...
ولك أن تراجع الفتوى رقم: 25586، فإن فيها تفصيلاً لما سألت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(10/674)
حكم الدعاء والاستعاذة بوجه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن أن نسأل بوجه الله الكريم شيئا من أشياء الدنيا فهل يجوز أن أقول (اللهم أني أسألك بوجهك الكريم أن تدخلنا الفردوس الأعلى غير خزايا ولا مفتونين) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من هذه الصيغة في الدعاء.
قال الإمام العراقي في قوله صلى الله عليه وسلم: ملعون من سأل بوجه الله ... رواه الطبراني: لعنة فاعل ذلك لا يناقضها ما مر من استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بوجه الله، لأن ما هنا في جانب طلب تحصيل الشيء، أما في دفع الشر ورفع الضر فلعله لا بأس به، أو النهي إنما هو عن سؤال المخلوقين به، وكنى عن سؤال الله به في الأمور الدنيوية.
وما أشار إليه الإمام العراقي من استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بوجه الله، ورد في عدة أحاديث صحيحة، منها ما ورواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ [الأنعام:65] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك. قال: أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: أعوذ بوجهك. أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أهون أو هذا أيسر.
ولا ريب أن الاستعاذة من الدعاء، فإذا جازت الاستعاذة بوجه الله سبحانه جاز الدعاء به، ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: لا يسأل بوجه الله شيء إلا الجنة.
وما ذكرت في هذه الصيغة من قولك: (غير خزايا ولا مفتونين) ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء به في الحديث الذي رواه البخاري في الأدب المفرد بلفظ: وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
وبهذا تعلم جواز الدعاء المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(10/675)
استجابة دعوة المظلوم متحققة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى ينصر الله عبده المظلوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دعوة المظلوم مستجابة، كما جاءت بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، والتي قد بينت أن دعوته مستجابة ولو كان فاجرًا. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11808.
وأما متى يستجاب له من حيث الوقت، فإن ذلك راجع إلى مشيئة الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(10/676)
محل جواز إحداث ذكر غير مأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح قول: (الحمد لله وحده والشكر له وحده) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع في هذا النوع من الثناء، لأن صيغ الثناء على الله تعالى لا يشترط أن تكون مأثورة، بدليل ما في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات؟ ... إلى أن قال: لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها.
قال ابن حجر: واستدل به - يعني هذا الحديث - على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور، إذا كان غير مخالف للمأثور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(10/677)
حكم الدعاء لرؤية النبي في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أدعو الله في سجودي بأن يريني الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، ويدخل في ذلك دعاؤه الله تعالى أن يوفقه إلى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، لعموم النصوص الواردة بشأن الدعاء والتي قد سبق بيان بعضها في الفتوى رقم: 28184،
ولمزيد من الفائدة فيما يتعلق برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام نحيلك على الفتوى رقم: 31854، والفتوى رقم: 33774.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(10/678)
حكم من دعا على شخص فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أغضبني أخي غضبا شديدا فدعوت عليه فمرض ثم مات رحمه الله أشعر دائما بالذنب هل أنا آثمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يدعو على من ظلمه وآذاه من المسلمين، لكن العفو أفضل خاصة في حق ذوي القربى، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 20322.
وعليه، فإن كان أخوك ظلمك فلا إثم عليك إن شاء الله، وأما إن كنت دعوت عليه بغير حق، فعليك التوبة والإكثار من الدعاء له.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 21067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(10/679)
الدعاء لرؤية الميت في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد صلاة معينه أو دعاء لرؤية الميت في المنام؟؟ ولمعرفة حاله سواء كان خيرا أو شر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نعثر على ما يدل على وجود صلاة معينة أو دعاء لرؤية الميت في المنام، بل الظاهر أن ذلك غير موجود أصلاً، لكن ينبغي للسائل أن يبحث عما هو أهم من هذا وأكثر نفعاً للميت، وهو الدعاء له والتصدق عنه.
وننبه إلى أن عدم رؤية الميت في المنام لا يعتبر دليلاً على أنه في حالة سيئة، بالإضافة إلى أن رؤية الميت هنا ليست محققة، إذ قد يُخيل للنائم أنه رأى شخصاً في المنام وهو في الحقيقة إنما رأى شيطاناً تمثل في صورة الميت، لأن الشيطان يمكن أن يظهر في صورة أي شخص غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(10/680)
حكم الذكر داخل الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
عند دخول الخلاء (الحمام) يكون في بعض الأحيان أوبعض بيوت الخلاء مرآة، فهل يجوز والإنسان بالخلاء أن يقول دعاء النظر إلى المرآة وهو ((اللهم كما حسنتَ خَلقي فحسن لي خُلقي)) ؟؟
وهل يجوز أيضا أن يذكر أي أذكار أخرى كأذكار الوضوء والانتهاء من الوضوء؟ الخ....
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند أهل العلم أن الإنسان عليه أن يمسك عن ذكر الله تعالى داخل بيت الخلاء، سواء كان الذكر تلاوة قرآن أو أدعية أو غير ذلك، لما في ذلك من تعظيم حرمات الله تعالى، كما هو مفصل في الفتوى رقم:.
مع التنبيه إلى أن الوضوء داخل بيت الخلاء مكروه عند بعض أهل العلم كالمالكية، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل أثناء ذكر مندوبات الوضوء: موضع طاهر أي طاهر بالفعل، وشأنه الطهارة، فيخرج محل الخلاء، فيكره الوضوء فيه ولو طاهرا. انتهى كلامه.
لكن إذا توضأ الشخص داخل بيت الخلاء، فالراجح أنه لا يأتي بأذكار الوضوء تعظيما لذكر الله تعالى.
قال ابن عابدين في رد المحتار: لو توضأ في الخلاء لعذر فهل يأتي بالبسلمة ونحوها من أدعيته مراعاة لسنة الوضوء أو يتركها مراعاة للمحل، والذي يظهر الثاني لتصريحهم بتقديم النهي على الأمر. انتهى كلامه.
فالحاصل إذاً أن الذكر كله ينبغي الإمساك عنه داخل بيت الخلاء كما يفضل ترك الوضوء داخله.
وننبه السائل هنا إلى أمرين:
الأول: أن الروايات التي عثرنا عليها للحديث ليس فيها لفظ "لي" والصحيح: " اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي"، وقد صحح الحديث بهذه الرواية الألباني في إرواء العليل وفي صحيح وضعيف الجامع الصغير.
الأمر الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه فيما اطلعنا عليه أنه كان يخص هذا الدعاء بحال النظر في المرآة، بل الوارد عنه أنه كان يدعو به دعاء مطلقا عن التقييد بحال، وقد صرح صاحب كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس نقول: صرح بأن الناس يقولون هذا الدعاء عند النظر إلى المرآة ولم ينسب هو ولا غيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله عند النظر في المرآة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(10/681)
حكم الذكر بغير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤالان من فضلكم؟؟
كيفية صلاة الوتر؟؟
هل يجوز التسبيح أو ذكر الله في حال فسد الوضوء بعد الصلاة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما كيفية صلاة الوتر فقد سبقت في الفتوى رقم:
1313
وأما هل يجوز ذكر الله والشخص محدث؟ فالجواب نعم، لما روى مسلم من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(10/682)
السؤال بوجه الله.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك مقولة وهي (ملعون من سأل بوجه الله وملعون من لم يجب) ، فما مدى صحة هذه المقولة، ولا أعلم أهي حديث أم ماذا، حيث أني بحثت ولم أجد الجواب، أرجو من فضيلتكم الجواب وتوضيح ذلك للجميع، حيث أنه كثر السؤال بوجه الله في أمور تافهة وفي المزاح وغيره؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما سألت عنه هو حديث نبوي سبق بيانه في الفتوى رقم: 14141.
وخلاصة ما ذكرناه في هذه الفتوى أنه يحرم السؤال بوجه الله في الأمور الدنيوية والمحرمة، وأن من سُئِل بوجه الله وجبت عليه إجابة السائل وإلا كان ملعوناً، إلا إذا سئل بوجه الله هجراً -محرماً- فيحرم عليه أن يجيب ولا تلحقه اللعنة حينئذ.
ولذا يحرم على الإنسان أن يسأل بوجه الله تعالى الأمور التافهة، بل لا يسأل بوجه الله إلا الجنة وما قرب إليها من الخير، ففي سنن أبي داود عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يسأل بوجه الله إلا الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(10/683)
كيفية الصلاة الكاملة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم'السلام عليكم وبعد
-سؤالي كالاتي:
-ما المقصود بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم-قولا أم فعلا؟..
-كيف أجتنب ما يغضب الله؟..
وشكرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقصود من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء له بصيغة مخصوصة، وهذه الصيغة مبينة في الفتوى رقم: 5025،.
وكذلك المقصود من الصلاة عليه تعظيم أمره.
قال القرطبي: الصلاة على النبي من الله رحمته ورضوانه وثناؤه عليه عند الملائكة، ومن الملائكة الدعاء له والاستغفار، ومن الأمة: الدعاء له والاستغفار والتعظيم لأمره، فمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم لفظا، وعظم أمره ونهيه فعلا، فقد جاء بالصلاة الكاملة عليه.
وأما سؤالك كيف تتجنب ما يغضب الله؟ فبالخوف من عقابه والرجاء في جزائه، فالخوف والرجاء هما الجناحان اللذان يطير بهما الشخص في هذه الحياة حتى يستقر به المطاف في جنات النعيم.
وقد جمع الله تعالى بين الرجاء والخوف في آية واحدة فقال: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ. [الزمر: 9]
وننصحك بقراءة الفتاوى التالية أرقامها: 13448، 3161، 16979، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(10/684)
خفض الصوت من آداب الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء السعي والطواف في العمرة هل يجوز الدعاء بصوت منخفض أم يجب رفع الصوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تبارك وتعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] .
فينبغي لمن أراد الدعاء أن يكون خاشعاً متضرعاً يدعو بصوت خافت يسمع نفسه دون تكلف، كما قال الله تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً [مريم:3] .
وفي الصحيحين واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما سمعهم ارتفعت أصواتهم بالتهليل والتكبير قال لهم: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنه معكم إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جده.
وعلى هذا فلا ينبغي رفع الصوت بالدعاء والذكر أثناء السعي أو في الطواف أو في غير ذلك من الأماكن.
إلا ما جاء في رفع الصوت بالتلبية في الحج فقد روى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الحج أفضل؟ قال: العَجُّ والثّجُّ.
والعج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: سيلان دم الهدي والأضاحي.
والحاصل: أن الداعي في الطواف أو السعي لا ينبغي له أن يرفع صوته إلى درجة تخرجه من الخشوع والسكينة أو تشوش على غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(10/685)
الطريقة الشرعية للذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الرجاء التكرم بتعريفي الطريقة السليمة لذكر الله عز وجل.. وهل ترديد أسماء الله وبشكل مستمر من ذكر الله, كأن يقول الواحد مثلا الرحمن الرحمن الرحمن ويكررها مائة مرة أو يزيد وهل في هذه الطريقه ما يشوبها, أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن الذكر بالاسم المفرد في الفتوى رقم: 24199 , وأما الطريقة المشروعة، فهي ذكر الله تعالى بالم أثور وغيره من الكلام المركب الواضح. ولا شك أن الاقتصار على المأثور أولى وأسلم, وفيه ما يكفي عن غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1424(10/686)
ما أحسن هذا العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب الجلوس لوحدي في البيت والتسبيح بالمسبحة دون أن يراني أحد، ما حكم ذلك؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتسبيح بالسبحة لا حرج فيه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 609.
وإن كان الأفضل التسبيح باليد، وأما خلو المرء بنفسه ليذكر الله تعالى، فهو من أفضل الأعمال. وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي: فيه فضيلة البكاء من خشية الله وفضل طاعة السر لكمال الإخلاص فيها. انتهى.
وقال الحسن: الذكر ذكران، ذكر الله عز وجل بين نفسك، وبين الله عز وجل، ما أحسنه وأعظم أجره، وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم الله، ورأى أبو أمامة الباهلي رجلا في المسجد يبكي في سجوده فقال: أنت أنت لو كان هذا في بيتك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(10/687)
ليس هناك ترتيب محدد لقراءة أذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو أفضل وقت لقراءة الأذكار {أذكار الصباح والمساء} وهل يشرع الترتيب في قراءة الأذكار؟ أرجو أن تبعثوا لي اسم موقع تفسير الأحلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما هو أفضل وقت لقراءة الأذكار (أذكار الصباح والمساء) في الفتوى رقم: 14709.
ولا يشرع ترتيب معين في قراءة هذه الأذكار لعدم ورود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يدل على هذا، ونعتذر عن إدراج عنوان موقع لتفسير الأحلام لأن ذلك خارج عن اختصاصنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(10/688)
لا حرج في سؤال ما يكن الوقوع عادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن يدعو الشخص دعاء ما وهو غير مهيأ له، على سبيل المثال:
هناك دورة من السهل التسجيل بها لشروطها العادية وهناك دورة اخرى من شروط التسجيل بها ان اجيد اللغة الانجليزية، وأنا لا اجيد هذه
اللغة فقمت بالدعاء بأن اقبل في الدورة السهلة
س/فهل يجب أن أدعو بالمعقول وهل ما فعلته صحيح؟؟ مع العلم بأني لا اشكك في قدرة الله إنما أدعو بالمعقول؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم عليه أن يلجأ إلى الاستغاثة بالله تعالى في جميع أموره، لأن الله تعالى أمر بالدعاء ووعد بالاستجابة، ولا يخيب دعاء من دعاه، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
"ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا إذن نكثر قال: الله أكثر"أخرجه الإمام أحمد في المسند والبخاري في الأدب المفرد والترمذي وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قولهم نكثر، أي من الدعاء لعظم فوائده. قوله: الله أكثر: قيل معناه فضل الله أكثر أي ما يعطيه من فضله وسعة كرمه أكثر مما يعطيكم في مقابلة دعائكم.
وقيل معناه: الله أكثر ثوابا وعطاء مما في نفوسكم، فأكثروا ما شئتم فإنه تعالى يقابل أدعيتكم بما هو أكثر منها وأجل.
وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم على المسألة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء،وينبغي للمسلم أن يقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يعجبه الجوامع من الدعاء كما رواه أحمد وأبو داود
وأخرج البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قوله اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
والله تعالى فعال لما يريد، وإذا أراد شيئا يقول له كن فيكون، وبناء على ما تقدم، فإذا كان ما تسأل ممكن الوقوع عادة فلا حرج عليك في سؤال الله أن ييسره لك، أما إذا كان ممتنعا عادة فلا يجوز أن يسأل الله.
فإن سؤال الإنسان أمرغير ممكن في حقه قد يكون من الاعتداء في الدعاء، قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى:"اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" قال أبو مجلز: إنه لا يحب المعتدين: لا يسأل منازل الأنبياء.
وأخرج الإمام أحمد أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني سل الله الجنة وعُذْ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون قوم يعتدون في الدعاء.
ويرجع إلى الفتوى رقم:
2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(10/689)
حكم مسح الوجه عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز التمسح بالوجه والجسد عند ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمسح الوجه عند مجرد ذكر اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا أصل له، وأما مسح الوجه بعد الصلاة عليه فجائز كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 21501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(10/690)
رفع اليدين في الدعاء سنة مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع اليدين عند الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرفع اليدين في الدعاء سنة مستحبة، ومن أسباب إجابة الدعاء؛ لجملة من الأحاديث الصحيحة ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حييٌّ كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفْراً خائبتين رواه أحمد.
وقوله صلى الله عليه وسلم الذي أبو هريرة رضي الله عنه: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وقد غذي بالحرام، فأنى يستجاب له رواه مسلم.
ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأصل هو رفع اليدين في الدعاء فيندب رفعهما، إلا في المواطن التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع فيها، مثل الدعاء في خطبة الجمعة، فلا يسن رفع اليدين فيها، بل يكره ذلك لمخالفته السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولرفع اليدين في الدعاء كيفيات حسب الحالة ونوع الدعاء تراجع في مظانها من كتب الفقه والأدعية الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(10/691)
الجنب يقرأ الأذكار ولو اشتملت على بعض القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.... وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- هل يجوز للجنب أن يقرأ أذكار الصباح والمساء والنوم، ويقرأ ما فيها من آيات قرآنية كآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين وسورة تبارك؟
2]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الجنب أن يقرأ الأذكار ولو كان فيها بعض القرآن وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 28265، والفتوى رقم: 14831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(10/692)
حكم قول القائل لمن حوله وحدوا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً أكون جالساً في مجلس فيقوم أخ فينا قائلاً: (وحدوه) أو (وحدوا الله) ويرد عليه الحاضرون (لا إله إلا الله) فهل هذا من هدي السلف الصالح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من مثل هذا الأمر لدخوله تحت الأدلة العامة الآمرة بذكر الله تعالى والإعانة عليه، مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا رواه أحمد، وصححه الأرناؤوط.
وقوله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه، مثل الحي والميت رواه البخاري.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة رواه أبو داود، وصححه الألباني.
لكننا ننبه إلى عدم اتخاذ ذلك عادة، بحيث يعتقد فاعله أنه من السنن الثابتة صفة ووقتاً، فإن ذلك يُعد من البدع التي لم يرد بها شرع، وليست عليها أثارة من علم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(10/693)
مسح الوجه والجسم بعد الدعاء - رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز المسح على الوجه والجسم بعد الانتهاء من الدعاء؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمسح الوجه باليدين بعد الانتهاء من الدعاء مما اختلف العلماء فيه تبعاً لاختلافهم في تصحيح الحديث الوارد في ذلك، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 4557، والفتوى رقم: 27330.
والحديث الوارد إن صح ففي مسح الوجه، وأما بقية الجسم فلا ينبغي أن تمسح لعدم الدليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(10/694)
من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصلي على النبي ... هل هذه الصيغة صحيحة "اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلم"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت صيغ كثيره ومتعددة لكيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من جملتها ما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا -يعني الصحابة-: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بالنسبة للصيغة التي أوردتها فهي صحيحة من حيث المعنى، وقد استعملها العلماء كثيراً، إلا أنها مع ذلك لم يرد بها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما علمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(10/695)
البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عند الدعاء نقول: آمين.
ما هو الرد الصحيح عند الدعاء بما هو حمد وثناء لله عز وجل. وكذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مثل:
- الحمد لله حمدا كثيرا طيبا.
- اللهم إنك تقضي ولا يقضى عليك، ولا يذل من واليت ...
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السامع لذكر النبي صلى الله عليه وسلم مطالب بأن يصلي عليه؛ لما في ترك ذلك من الوعيد وعدم تعظيمه صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليَّ.، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: رَغمَ أنفُ رجل ذكرت عنده فلم يصل عليَّ. رواه البخاري في الأدب المفرد، ورواه الترمذي أيضاً.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة. رواه الترمذي. ويمكن الرجوع في ما تبقى من سؤالك إلى الفتوى رقم: 13918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(10/696)
لا حرج في الدعاء على الظالم بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء على الأشخاص بعينهم ألم يفعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في حادثة بئر معونة عندما دعا لشهر على عامر بن الطفيل أو على قبيلته (لا أعلم) ؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الدعاء على الظالم بعينه أو في الجملة، لما ثبت من دعائه صلى الله عليه وسلم على الذين غرروا بأصحابه عند بئر معونة من قبائل رعل وذكوان وبني لحيان وعصية، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم دعا عليهم ثلاثين صباحاً، والقصة في صحيح البخاري، كما صح أنه كان يدعو على مضر.
وفي القرآن الكريم عن موسى عليه الصلاة والسلام: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:88] .
والأدلة على جواز الدعاء على الظالم كثيرة جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(10/697)
شرح حديث "سيكون قوم يعتدون.."
[السُّؤَالُ]
ـ[سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء، ما معنى الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: مر بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جارٍ.
والسّرف هو: تجاوز الحد في الشيء والغلو فيه، والحديث وإن كان ضعيفاً لكن أهل العلم أجمعوا على النهي عن الإسراف في الماء، قال النووي في شرح مسلم: وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر.
وقال ابن أبي زيد القيرواني: والسرف منه (الماء) غلو وبدعة ...
والسرف في الماء يكون بالزيادة على ثلاث غرفات، وبالمبالغة في الغسل، والزيادة على الحاجة حتى يكون كالموسوس.
وأما الاعتداء في الدعاء فهو مجاوزة الحد فيه: قيل: الدعاء بما لا يجوز شرعاً أو عادة، وقيل: رفع الصوت به والصياح لأن الله تعالى يقول: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] ، وقيل: سؤال منازل الأنبياء، وقيل: هو التكلف في السجع.
والمعنى يشمل هذا كله وما أشبهه، فقد روى أبو داود عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء.
وفي المسند أن سعداً سمع ابنا له وهو يدعو ويقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها.. فقال: لقد سألت الله خيراً كثيراً، وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وإن حسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
والحاصل أن الدعاء أساس العبادة، وأن الطهور شطر الإيمان، ولكن هذا الدين جاء بالتوازن والاعتدال الذي لا غلو فيه ولا تقصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/698)
لا يشرع ترديد الأذان والإقامة داخل يبت الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترديد الأذان ودعاء الإقامة في الخلاء (الحمام) ؟ وهل غسل الطفل من النجاسة يبطل الوضوء؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإنسان إذا كان في بيت الخلاء يطلب منه إبعاد كل ما فيه ذكر الله تعالى، كما عليه أن يمسك عن ذكر الله تعالى تعظيماً له، قال الإمام النووي في المجموع: وإذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء عليه ذكر الله تعالى فالمستحب أن ينحيه.
وقال الدردير: عند قول صاحب المختصر: وبكنيف نحىّ ذكر الله أي بعد ذكر الله تعالى ندبا في غير القرآن ووجوباً في القرآن، فتحرم عليه قراءته فيه مطلقاً، وكُره له الذكر باللسان كدخوله بورقة أو درهم أو خاتم فيه ذكر الله تعالى ما لم يكن مستوراً أو خاف عليه الضياع.
وعليه فلا يشرع ترديد الأذان ولا الإقامة داخل بيت الخلاء، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 8501.
أما عن غسل الطفل من النجاسة هل يبطل الوضوء، فقد سبق الجواب عنه في الفتوى رقم: 9012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(10/699)
لا يجب عدد معين لحبات المسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن شيء يعرف في بلادنا بـ "المسبحة"، وهي حبيبات موصولة ببعضها بخيط يستعملها الناس عند التسبيح أو ذكر الله لكني سمعت أنه يجب أن يكون لها عدد محدد 33 أو 101 وتكون فيها حبتان مختلفتان، ويجب عندهما أن لا نقول شيئا فهل لذلك أصل شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد مضى بيان حكم التسبيح بالمسبحة في الفتوى رقم: 7051.
وتبين منه أنه لا مانع منه إن احتاج إليه المسبِّح، وإن كان التسبيح باليد أفضل، لأدلة ذكرناها في الجواب المشار إليه.
أما إيجاب عدد معين لها، أو اتخاذ طريقة معينة للتسبيح بها، أو السكوت عند بعض حباتها المميزة، فهذا ما لا نعلم له أصلاً في شريعة الإسلام، بل هو من المحدثات التي ابتدعها بعض الطرقية من المتصوفة وغيرهم، ومن فعل مثل هذا ففعله مردود عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(10/700)
للدعاء آداب ينبغي على الداعي مراعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أقول دائما في الدعاء: يارب ارحمني من الدنيا وجهك الكريم خير من الدنيا وما فيها هل هذا يعتبر كفرا أو هل صحيح أن كل من يتمنى الموت فقد كفر؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء والتضرع إلى الله من أجلِّ العبادات، ولذا أمر الله به عباده فقال عز وجل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] .
وفي مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يسأل الله يغضب عليه.
وللدعاء آداب ينبغي على الداعي مراعاتها ليكون ذلك أرجى لقبول دعائه وإجابة مسألته، ومن هذه الآداب عدم الاعتداء في الدعاء كما قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] .
وفي مسند أحمد عن أبي عباية عن مولى لسعد: أن سعداً رضي الله عنه سمع ابناً له يدعو وهو يقول: "اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها" فقال: لقد سألت الله خيراً كثيراً وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وإن حسبك أن تقول: "اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل".
وقد قرر أهل العلم أن من الاعتداء في الدعاء: أن يثني الداعي على الله تعالى بما لم يثِن به تعالى على نفسه، فإن هذا اعتداء في دعاء الثناء والعبادة، وهو نظير الاعتداء في دعاء المسألة والطلب، وهذه العبارة المسؤول عنها، قد تضمنت الثناء على الله بما لم يثِن به سبحانه على نفسه، كما في قولك "وجهك الكريم خير من الدنيا وما فيها"، فإن المفاضلة بين الخالق والمخلوق فيها نوع غضاضة على الخالق، وإذا كان من العيب أن يفاضل بين مخلوق شريف القدر ومخلوق وضيع القدر كما قيل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
وكما قيل:
إذا أنت فضلت امرأ ذا براعة ... على ناقص كان المديح من النقص
فكيف بالمفاضلة بين الخالق والمخلوق، ولهذا فلا ينبغي الدعاء بمثل هذه العبارة وإن كان مقصد الداعي صحيحاً، كأن يقصد أن الإخلاص لله خير من الدنيا وما فيها، فهذا معنى صحيح ولكن لا ينبغي التعبير عنه بمثل هذه العبارات.
ولهذا ينبغي للداعي أن يدعو بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أكمل وأفضل من غيره باتفاق المسلمين، ولو كان غيره جائزاً، فكيف إذا كان غيره فيه خطأ أو إثم أو كلام محتمل، وإذا عرفت هذا، فهذه العبارة ليست كفراً لما عُلمِ من أن قائلها لا يقصد الاستهانة، بجناب الربوبية وإنما أراد معنى صحيحاً فأخطأ في التعبير، وليس تمني الموت كفراً، بل تارة يكون مكروهاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنينّ أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي. وقوله "من ضر أصابه" حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي ويؤيد ذلك رواية ابن حبان: لا يتمنينّ أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا.
والحكمة من النهي عن تمني الموت في هذه الحالة ما فيه من نوع اعتراض ومراغمة للقدر، وتارة يكون مباحاً إذا كان لخوف فتنة في الدين، كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون.، وفي الموطأ عن عمر أنه قال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط.
ومن هذا تعلم أن قولك في العبارة المسؤول عنها "يا رب ارحمني من الدنيا" إذا كنت تقصد بها سؤال الموت والخلاص من الدنيا فهي على التفصيل المذكور، وإذا كنت تقصد سؤال أن يخلصك الله من فتنة الدنيا فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(10/701)
كيفية التخلص من الأوراق المشتملة على ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد فى الجرائد اليومية المصرية صفحه دينيه فيها كثير من آيات القرآن المجيد
السؤال هو: هل يجب علي حرق هذه الصفحات الدينية في المنزل كل يوم مع العلم بأنها تعمل بالمنزل دخاناً ورائحة غير مستحبة ويمكن أن تضر الأطفال وماذا يجب علي أن أفعل ابتغاء مرضاة الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يمكنك أن تدفن هذا الأوراق في أماكن طاهرة ونظيفة، أو تحرقها بعيداً عن منزلك، أو تجعلها في مكان يصونها عن الإهانة، وانظر الفتوى رقم: 660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(10/702)
حكم ترديد المأمومين بـ"يا الله" في دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يردد المصلون وراء الإمام عندما يدعو (ياالله) هل هي واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعاء وإن كانت غير واردة أهي بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة إذا دعا الإمام في القنوت جهراً أن يقول المأموم: "آمين" ومعناها: اللهم استجب، أما في الثناء الذي يتخلل الدعاء مثل: إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، فلم يثبت أن يقول المأموم "يا الله" أو "نشهد" أو "حقاً"، فإما أن يؤمّن لأن الثناء في سياق الدعاء، وإما أن يسكت، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى إبطال صلاة من قال "يا الله" ونحوه، لأنه كلام خارج عن الصلاة لم تثبت به سنة، وقد جزم بعض العلماء كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأن هذا القول بدعة.
هذا.. واستحب بعض الفقهاء أن يشارك الإمام بأن يقول ما يقوله الإمام من الثناء سراً في نفسه، قال النووي في المجموع: والمشاركة أولى لأنه ذكر وثناء لا يليق فيه التأمين.
أما إن كان قول "ياالله" بدلاً من قول "آمين" في موضع الدعاء فهو لا شك بدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(10/703)
هل يجوز الدعاء أن يحبب الله له امرأة لغرض النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بالحب؟ يعني ممكن أدعو يارب خلي فلانة تحبني ونتزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يسأل الله أن تحبه فلانة ليتزوجها إن كانت تحل له وليست ذات زوج ولا مخطوبة؛ لأن مثل هذا لا يتضمن أي محذور شرعي.
أما إذا لم يكن يريد الزواج بها أو كانت لا تحل له لكونها محرمة عليه أو ذات زوج أو مخطوبة فمثل هذا محرم، ومن شأن المسلم ألا يدعو الله أن يهبه ما حرم عليه،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(10/704)
يجوز الدعاء لشخص باسمه أو الدعاء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء باسم فرد معين أثناء الصلاة؟ كذلك لو سمعت أثناء الصلاة اسم النبي صلى الله عليه وسلم فهل أصلي عليه أم ماذا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الدعاء لشخص باسمه أو الدعاء عليه، كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال: "سمع الله لمن حمده في الركعة الأخيرة من صلاة العشاء قنت: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" رواه البخاري.
وفي صحيح البخاري أيضاً عن أنس بن مالك قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان".
ومن سمع أثناء الصلاة اسم النبي صلى الله عليه وسلم أو قرأ آية فيها اسمه صلى الله عليه وسلم ندب له الصلاة عليه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي". رواه أحمد والترمذي.
وإلى هذا ذهب الشافعية، ففي تحفة المحتاج نقلاً عن صاحب العباب: (لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم ندب له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير، كصلى الله عليه وسلم، لا اللهم صل على محمد للاختلاف في إبطال الصلاة بركن قولي، والظاهر أنه لا فرق بين أن يقرأ أو يسمع) . ا. هـ من تحفة المحتاج.
وتؤيد الندب عدة آثار عن السلف، ففي مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن قال: (إذا قال الرجل في الصلاة: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، فليصل عليه) .
وعن المغيرة قال: قلت لإبراهيم: أسمع الرجل وأنا أصلي يقول: إن الله وملائكته يصلون على النبي أأصل عليه؟ قال: نعم إن شئت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(10/705)
يقال دعاء الركوب عندما يستوي الراكب على سيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[متى نقول دعاء ركوب السيارة؟ هل وهي واقفة قبل السير بها مثلا وأنا أسخن السيارة أم أثناء التحرك والقيادة؟ وكذلك دعاء الخروج من المنزل عند تحرك السيارة أو قبل التحرك بالسيارة؟ وهل أقول الدعاء بصوت منخفض أو بصوت واضح أو داخل نفسي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاء ركوب السيارة ونحوها يقال عندما يستوي الراكب عليها، لما روى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره - أي استقر على ظهره - خارجاً إلى سفرٍ كبَّر ثلاثاً.
وأما دعاء الخروج من المنزل فيقال حال الخروج لما روى الترمذى والنسائي وغيرهما من حديث أم سلمة أن النبي صلي اله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال: بسم الله توكلت على الله.
وظاهر هذه الأحاديث يدل أنه يجهر بها بدون مبالغة في رفع الصوت، ولكن يجهر جهراً بحيث يسمعه القريب دون البعيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(10/706)
الدعاء باقتراف المعاصي اعتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت للإيذاء من شخص فدأبت على الدعاء عليه بطول الأجل وسوء العمل وأن يفضحه الله في الدنيا والآخرة ويقبضه في حضن عاهرة، فهل علي إثم في هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يدعو على ظالمه ولو كان مسلماً، والأولى له أن يسامحه ويعفو عنه، قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه [الشورى:40] .
ومن دعا على مسلم بغير حق فقد أثم ولن يستجاب له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
وإذا كان يجوز لك أن تدعو على من ظلمك، فإنه لا يجوز لك الاعتداء في الدعاء، وأن تدعو بمعصية الله تعالى على مسلم أو بما هو أكثر أو أعظم مما جنى عليك.
قال القرافي في الفروق: وحيث قلنا بجواز الدعاء على الظالم فلا تدعو عليه بمؤلمة من أنكاد الدنيا لم تقتضها جنايته عليك، بأن يجني عليك جناية فتدعو عليه بأعظم منها فتكون جانياً عليه بالمقدار الزائد، والله تعالى يقول: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى [البقرة:194] . ولا تدعو عليه بملابسة معصية من معاصي الله تعالى، ولا بالكفر صريحاً أو ضمناً. انتهى.
والحاصل أن الأفضل للمسلم أن يعفو عن من ظلمه ويدعو له بالهداية ولا يدعو عليه بأن يقترف الكفر أو المعاصي أو ما هو أكثر من مظلمته، وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(10/707)
دعاؤك جائز وصبرك أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن ندعو على شخص آذاني (أو ظلمني) أو تسبب لي بضرر (معنوي أو مادي) بأن يعاقبه الله وينزل عليه البلاء وعدم التوفيق أو أن ينتقم الله لنا من هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في دعاء المظلوم على من ظلمه دون تعدٍ في هذا الدعاء، إلا أن صبر المظلوم على ذلك واحتسابه الأجر عند الله أفضل وأعظم أجراً، ولمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 11808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(10/708)
التعلق برجاء إجابة الدعاء، لا الجزم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف أن من شروط استجابة الدعاء الإيقان به، فكيف يكون ذلك؟
هل مثلاً إذا دعا شخص الله أن يستشهد، فيذهب يقول للناس سوف أموت شهيدا لأني دعوت الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن اليقين بالإجابة عند الدعاء وعن آداب الدعاء وشروطه في الفتوى رقم:
9081 - والفتوى رقم: 11571.
فإذا دعا المرء وتوفرت في دعائه الشروط وانتفت الموانع فإن الله سيستجيب دعاءه ولو بعد حين.
ومن دعا الله بالشهادة فنرجو من الله أن يستجيب له، إلا أنه لا يجوز له الجزم بقوله: "سأموت شهيداً"، ولو كان موقناً بالإجابة لاحتمال وجود موانع من استجابة هذا الدعاء أو نقص في شروطه، ولكن إذا دعا المرء الله سبحانه بالشهادة في سبيله وسعى لذلك، فلا بأس أن يقول: أرجو من الله أن أموت شهيداً، أو سأموت شهيداً بإذن الله، أو نحو ذلك من الألفاظ التي ترجع الأمر لله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(10/709)
من آداب التأمين على الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مشروعية الدعاء الذي يقوم به الخطيب عقب الخطبة الثانية من يوم الجمعة مع التأمين الصاخب الذي يقوم به المستمعون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء يوم الجمعة أثناء الخطبة من السنة؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى فيها شيئاً إلا أعطاه إياه " رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
قال النووي وفي رواية أبي موسى: " هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة " فالدعاء في هذا الوقت مستجاب، والمُؤَمِّن داع، فينبغي للمسلم أن يكثر من الدعاء يوم الجمعة، ويتأكد ذلك في حق خطيب الجمعة اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم. وقد استحب المالكية أن يكون التأمين سراً حتى لا يحصل التشويش. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 3624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(10/710)
الدعاء بظهر الكفين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد ...
سؤالي يتعلق بالدعاء أثناء الصلاة، وخاصةً أثناء السجدتين وقبل السلام وكذلك بعض الأدعية الاستفتاحية في الصلاة، سؤالي بالضبط يتعلق بالكيفية من ناحية رفع اليدين بالدعاء، فرفع اليدين بالدعاء من آداب الدعاء، وقد سمعت أنه لا يجوز أن نسأل الله بالدعاء بظهر الكف، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء مشروع في الصلاة في مواطن عدة، في السجود، وفي الجلسة بين السجدتين، وبعد التشهد قبل السلام، ولا يرفع المصلي يديه في شيء من هذه المواضع لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه. وتركه صلى الله عليه وسلم حجة كما أن فعله حجة، وللإفادة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 9198.
أما الدعاء بظهر الكف فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، احتجوا بهذا الحديث. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(10/711)
من كمال وجميل الأدب في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالاشتراك في أحد المواقع الإسلامية.. والمشرف القائم على هذا الموقع حافظ قرآن كريم وذو أخلاق عالية ويراعي الله تعالى في كل شئ.. والسؤال هنا هل أدعو في صلوات أن يجعله الله تعالى زوجا لي.. وكيف أدعو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من هذا الدعاء كما تقدم في الفتوى رقم: 7617، والأولى أن يقيد هذا الدعاء بقول الداعي: إن كان خيرًا فيسره لي وإن كان شراًّ فاصرفه عني.
لأن العبد لا يعلم أين الخير، وفيه كمال الأدب مع الله تعالى، وتفويض الأمر إليه سبحانه؛ لأن الله عز وجل يعلم ما يصلح عباده، وقد يصر العبد على ربه في طلب حاجة من حوائج الدنيا فيعطاها فيكون فيها شقاؤه، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. أخرجه النسائي والبزار.
قال ابن القيم في طريق الهجرتين 1/325: فأول ما يجري على لسانه - أي بعد استيقاظ المؤمن من نومه - ذكر محبوبه والتوجه إليه واستعطافه والتملق بين يديه، والاستعانة به أن لا يخلي بينه وبين نفسه وأن لا يكله إليها فيكله إلى ضعة وعجز وذنب وخطيئة، بل يكلؤه كلاءة الوليد الذي لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشوراً. انتهى.
ومن جميل تفويض الأمر إلى الله تعالى من نبينا المختار صلى الله عليه وسلم ما في الصحيحين: أنه لما رأى عائشة رضي الله عنها في المنام مرتين - ورؤيا الأنبياء حق - وقيل له في منامه: هذه امرأتك، فقال صلى الله عليه وسلم: إن يكن هذا من عند الله يمضه.
فعلى العباد جميعاً - وخاصة النساء لضعفهنَّ وقلة خبرتهن في الحياة وسرعة تعلقهنَّ ولو بكلمة أو موقف - أن يفوضوا أمورهم إلى بارئهم، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرًا إياه: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:188] .
ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم التي تشمل خير الدنيا والآخرة: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه.
ولتعلمي أن هذا التعلق الذي صار منك تعلق مذموم، والمؤمنة السعيدة في الدنيا والآخرة هي التي لا تسمح لنفسها أن تتعلق بأحد - بعد الله تعالى - إلا بزوجها الذي أحله الله لها.
وراجعي الفتاوى التالية: 3570، 4220، 5714
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(10/712)
يشرع رفع اليدين في الدعاء بعد الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء برفع اليدين بعد الإقامة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قد سبق بيان مشروعية الدعاء بعد الإقامة، وذلك في الفتوى رقم:
9391.
وإذا ثبت ذلك فلا حرج في رفع اليدين، لعموم الأدلة على استحباب رفع اليدين في الدعاء. قال في كشاف القناع: ويدعو عند الإقامة، فعله أحمد ورفع يديه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(10/713)
حكم ترتيل الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نجد فتوى عن حكم ترتيل الدعاء في الوتر من أحد العلماء، وذلك بأن يكون الدعاء كترتيل قراءة القرآن
أتمنى عند أحد إجابة..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما حكم ترتيل الدعاء، فلا بأس به ما لم يخرج عن الحد المألوف إلى التمطيط والتلحين والتطريب، لأن هذا ينافي الخشوع الواجب في الدعاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. رواه الترمذي والحاكم، وحسن إسناده الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم: 245
وللفائدة انظر الفتوى رقم:
6244 - والفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/714)
الأحسن للداعي أن يتخير من أسماء الله ما يناسب حاجته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التداوي بذكر أسماء الله الحسنى، بمعنى ذكر اسم معين لكل مرض اعتقادا بأن هذا الاسم يشفي من هذا المرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أمرنا أن ندعوه بأسمائه الحسنى كلها لما شئنا من خيري الدنيا والآخرة، فقال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] .
وفي الحديث: اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك...... رواه أحمد.
والأحسن للداعي أن يتخير من أسمائه تعالى ما يناسب حاجته، فيدعوه به فإذا دعا بالمغفرة ناسب أن يقول: يا غفور يا رحيم اغفر لي، وإذا دعا بأن ينتقم من الظالمين ناسب أن يقول: يا قوي يا عزيز انتقم، وهكذا، ويدل على هذا ما جاء في القرآن كقول الله تبارك وتعالى للداعين له: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأعراف:151] .
وقال تعالى: فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ [الأعراف:155] .
واعلم أن أسماء الله تعالى تتفاضل.. فبعضها أفضل من بعض، ويدل على ذلك النصوص التي ورد فيها ذكر اسم الله الأعظم أو الأكبر، منها: ما رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما عن بريدة الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمع رجلاً يقول: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" فقال صلى الله عليه وسلم: دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب.
وننبه هنا في مسألة التفاضل في أسماء الله سبحانه وتعالى إلى شيئين:
الأول: ليس معنى التفاضل أن المفضول من أسمائه معيباً منقوصاً؛ بل كل أسمائه في غاية التمام والكمال وليس فيها نقص.
الثاني: ما يعتقده بعض عوام المسلمين من أن لكل اسم منها خواص وأسراراً تتعلق به حتى أن بعضهم يزعم أن لكل اسم خادماً روحانياً يخدم من يواظب على الذكر بهذا الاسم، أو أن لكل مرض اسم يشفي منه، فكل هذا من القول على الله بغير علم، ولم يثبت فيه نص صحيح من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1423(10/715)
للمسلم أن يدعو ربه بما أحب من حوائجه المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال من شقين لرجاء الاجابة عليها باسرع وقت ممكن
اولاً / هل يجوز دعاء الله سبحانة وتعالى بأن يقويني جنسيا وأن يجعل أعزكم الله قضيبي
طويلا مما هو عليه الآن وأن يدعوالله العافية والنشاط في كل شيء ومنها إطالة فترة الجماع وهل يجوز دعاء الله بأن يجعلني أن لا أقذف سريعا حيث إني سريع القذف؟
الثاني / هل يجوز دهن الذكر (القضيب) بزيت زيتون مقروء عليه من أجل القوة الجنسية أواستعمال الثوم والحبة السوداء في ذلك؟ آسف على هذا السؤال ولكم مني جزيل الشكر
أكرر رجائي بسرعة الرد..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء هو العبادة.. وذلك أن العبادة هي الخضوع والمحبة لله والتذلل له سبحانه وتعالى، وقد أمرنا الله تعالى بالدعاء فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وما دام المسلم لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم، وإنما يدعو بما يحتاج إليه هو في خاصة نفسه من الأمور المباحة، وخاصة إذا كان ما ذكره السائل يعوق إنجاب الأبناء، فهذا كله لا مانع منه شرعاً -إن شاء الله تعالى- لأن طلب الذرية أمر مرغب فيه شرعاً وطبعاً، ومن دعاء عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] .
وهذا ما درج عليه علماء السلف الصالح فقال خليل المالكي في مختصره: ودعا بما أحب وإن لدنيا ...
وقال الإمام مالك في المدونة: وللمصلي أن يدعو بجميع حوائجه لدنياه وأخراه، وبلغني عن عروة قال: إني أدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح ...
وعلى هذا فلا مانع من أن يدعو المسلم ربه إذا كان عنده قصور جنسي أو أي مرض آخر أن يزيل عنه ما به، وكذلك لا مانع من استعمال العلاج المادي من الزيت أو غيره، أو الرقية الشرعية.
ولكننا ننبهك إلى أنه لا يجوز التداوي بهذه الأشياء ولا غيرها إن كانت من الكهنة والمشعوذين والعرافين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(10/716)
لا يشرع رفع اليدين عند ذكر كفارة المجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع اليدين في دعاء كفارة المجلس وما الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن السنة أن يختم المجلس بدعاء كفارة المجلس الذي صحت فيه الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه أبو داود عن أبي برزة الأسلمي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد أن يقوم من المجلس: "سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. وقد روي هذا الحديث عن عدد من الصحابة وعن ابن مسعود وجبير بن مطعم وأنس بن مالك، رويت هذه الطرق في سنن أبي داود، والنسائي في الكبرى والصغرى، ومعجم الطبراني الكبير والأوسط، ومستدرك الحاكم وغيرها، وليس في هذه الطرق: أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه عند قوله لهذا الذكر، أو أمر برفع اليدين عند النطق به.
وعلى هذا؛ فلا يشرع رفع اليدين عند النطق بكفارة المجلس، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من صحابته الذين رووا هذا الحديث، ولو فعلوه لنقل؛ لتوافر الهمم والدواعي لنقل مثل هذا، فعلم أنه لم يُفْعَل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(10/717)
مسح الوجه بعد الصلاة والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسح على الوجه بعد التسليم؟ جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع مسح الوجه باليدين بعد التسليم من الصلاة، إذ لا يُعلم له أصل ثابت في الشرع. أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فقد اختلف فيه وقدرجح شيخ الإسلام ابن تيمية: المنع فقال وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة. انتهى بينما رجح الحافظ ابن حجر الجواز وحكم بأن الحديث حسن0
ولمزيد بيان انظر الفتوى رقم:
4557.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(10/718)
الدعاء بالسر والنية دون التلفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الله سبحانه وتعالى يستجيب لدعائنا ما نقوله بلساننا أم ما في نيتنا لقد طلبت من الله ثلاثة أشياء
1. وظيفة
2.أن يرد لي من كنت أحب أو يعوضني بنصيب وأن أتزوج وفعلاً تمت الأولى والثانية فقد عوضني الله بشخص أحبه ولكن لا أمل في الزواج به لكن الله ابتلاني به ولكن أنساني من كنت أحب وأنا أدعو الله أن يبعث لي نصيبي لأنني كنت أتمنى من الله أن الذي أريد أن أحبه أن يكون نصيبي لأنني كنت وقتها أمر بظروف صعبة إن الذي أعلمه هو أن الله يلبي ما نوينا في أنفسنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلا يحتاج إلى ظهور ما في نفسك على لسانك أو جوارحك ليتم علمه به، قال الله تعالى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [التغابن:4] . وقال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19] . وقال تعالى: وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:282] .
وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [آل عمران:5] .
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على سعة علم الله تعالى وعلوه وكماله، ومع هذا فإننا مطالبون شرعاً بأن ندعوه بألسنتنا سراً تارة وبين السر والجهر تارة أخرى، قال الله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف:205] .
أما حالة التوسط بين الجهر والإخفات، فقد قال الله تعالى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [الإسراء:110] .
وقد جاءت نصوص القرآن والسنة تؤكد على أن الدعاء لا بد أن يكون بلفظ، وإلا لم يُسم دعاء، قال تعالى عن زكريا عليه السلام: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً [مريم:3] .
وقال تعالى عن نوح عليه السلام: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر:10] .
وقال تعالى عن مريم لما رأت روح القدس: قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً [مريم:18] .
وهكذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وفي صلاته، وفي دعائه للمؤمنين، أما مجرد طلب الأمر بالنية، فإنه أمر طيب مقبول ولا شيء فيه وفضل الله واسع، إلا أنه لا يعد دعاءً لا لغة ولا شرعاً.
ولمزيد من الفائدة حول فضل الدعاء وآدابه تراجع الفتاوى التالية أرقامها:
25109 -
23599 -
22431 -
21386 -
25874.
وإننا لنوصي الأخت السائلة بدوام الدعاء، والصبر على البلاء، ففي الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. رواه مسلم.
وفي الحديث الآخر: وما أُعطي أحد من عطاء خيراً وأوسع من الصبر. رواه مسلم.
وننبهها إلى أن تعلق المرأة بشخص وحبها له إذا كان بسبب منها كنظرة أو خلوة أو سعي إلى ذلك فهي آثمة، أما إن قذفه الله في قلبها من غير كسب منها فلا حرج عليها في ذلك.. لكن لا ينبغي لها التعلق بشخص لا تعلم هل سيتزوجها أم لا؟ بل إذا أدى حبها له إلى تفويت واجب أو تفريط في حق فإن الآثم يلحقها، ولا حرج عليها أن تعرض نفسها للزواج عن طريق أحد محارمها أو بعض أهل الصلاح على من أحبته بشرط أن يكون ذا دين وخلق، فإن استجاب فذلك المطلوب، وإن أبى فيجب عليها صرف قلبها عنه والله يقدر لها الخير حيث كان، وما هو مقدر لها فسيأتيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(10/719)
لا ينبغي الاقتصار في الاستغفار على الذنب العظيم فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الذكر بـ (حسبي الله ونعم الوكيل) ؟ وهل يجوز الاستغفار بهذه الصيغة (أستغفر الله العظيم من كل ذنب العظيم) ؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك في جواز الذكر بـ"حسبي الله ونعم الوكيل"، يقول الله تعالى، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173] .
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ...
ومعنى حسبي الله: أي كافيني فالحسب بمعنى الكفاية، والله تعالى حَسْبُ كل مؤمن في دفع الضر وإنالة الخير.
وأما الاستغفار بصيغة أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، فالجملة الأولى وهي: أستغفر الله العظيم، صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الجملة الثانية وهي: من كل ذنب عظيم، فلا نعلم لها أصلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهرها يخالف العموم والشمول اللذين أفادتها الأحاديث الصحيحة الواردة في الاستغفار، ومنها ما رواه مسلم بسنده عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنه كان يدعو بهذا الدعاء: "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر.... رواه مسلم.
وفي الحديث الآخر: "اللهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلّهُ دِقّهُ وَجِلّهُ، وَأَوّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرّهُ" رواه مسلم.
ودقه بكسر الدال أي دقيقه وصغيره. وجله بكسر الجيم وقد تضم أي جليله وكبيره. فلا ينبغي للإنسان أن يقصر استغفاره على الذنب العظيم، بل يستغفر الله من كل ذنب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/720)
يستحب في الذكر أن يكون بصوت يسمعه صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم الاستعاذة بالله من الشيطان سرا وجهرا داخل بيت الخلاء ومتى يقال ذكر دخول بيت الخلاء وهل يقال جهراً أم في السر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يشرع ذكر الله تعالى داخل بيت الخلاء، وإنما المشروع ذكر الله عند دخول الخلاء وعقب الخروج منه، وقد سبق بيان ذلك في الجواب رقم:
3262 فراجعه.
وأما الأذكار فيستحب أن يتواطأ القلب واللسان معاً عند النطق بها، وأن يكون بصوت يسمعه صاحبه.
يقول الإمام النووي يرحمه الله في كتاب الأذكار: فصل: الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل.
وقال: اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت أو مستحبة لا يحسب شيء منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه، إذا كان صحيح السمع لا عارض له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(10/721)
حكم الصلاة على النبي بدون ذكر وآله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على النبي لوحده دون ذكر وآله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم الصلاة على النبي وحده بدون ذكر وآله.. إن كان خارج الصلاة فالأمر فيه واسع ولا مانع منه، ولقد وجدنا أهل العلم في أحاديثهم وكتبهم يتواطؤون على صيغة عليه الصلاة والسلام، أو صلى الله عليه وسلم، بدون ذكر الآل، ولو ذكروا لكان أحسن.
أما إن كان داخل الصلاة في التشهد فراجع الفتوى رقم: 5025، والفتوى رقم: 21413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/722)
من صيغ الثناء على الله تعالى قبل الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أثني على الله _جل وعلا_ قبل الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالثناء على الله تعالى يكون بذكر أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأفعاله العظمى، وذكر آلائه ونعمه على عباده.
ومما جاء في الثناء قبل الدعاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك الحق. متفق عليه
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر. رواه مسلم وهو من الأذكار التي تقال عند النوم.
ولو قال الداعي: اللهم لك الحمد أنك الله الرحمن الرحيم، أو لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، أو لك الحمد بالإيمان والإسلام والقرآن.. ونحو ذلك، فقد أثنى على الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(10/723)
يتأكد الإسرار بالأذكار إذا كان ذلك بحضرة نائم أو مصل
[السُّؤَالُ]
ـ[أسبح قبل النوم سرا لأن زوجي يكون نائما فهل هذا جائز أم يجب أن أسبح بصوت مسموع؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أذكار النوم وأدعيته لا يجب أن تكون بصوت مرتفع، بل الأفضل أن يكون ذلك بصوت خفي، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف:55] .
وقال في معرض الثناء على نبي الله زكريا: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً [مريم:3] .
ويتأكد مطلوبية الإسرار بالأذكار إذا كان ذلك بحضرة نائم أو مصلٍّ أو نحوهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(10/724)
هل يجوز في الدعاء التصريح باسم الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأسلوب الأمثل للدعاء على الظالمين هل يذكر الاسم أم لا كما ورد في السنة المطهرة وجزاكم الله خيرا عنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه ولو كان ذلك في أثناء الصلاة، ومن أهل العلم من أجاز التصريح باسمه فيها وفي غيرها، والأصل في هذا ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد ركوعه: " اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ... " إلا أن الأولى والأحسن هو العفو والصفح عن المسلمين لقول الله تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(10/725)
حكم رفع اليدين أثناء الدعاء في صلاة الجنازة وبعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... ... ... ... ... ... ...
شيخنا الموقر حفظك الله أريد أن أطرح عليك سؤالاً: هل رفع اليدين أثناء الدعاء في الصلاة على الميت بعد دفنه مباشرة غير جائز؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرفع اليدين بعد التكبيرة الثالثة حال الدعاء للميت أمر غير مشروع، وهو من المحدثات، وقد نص بعض أهل العلم على كراهة ذلك، ومنهم الشافعية.
وإن كان المقصود الدعاء للميت خارج الصلاة، فيستحب له رفع اليدين، لأن الأصل هو استحباب رفع اليدين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي كريم سخي يستحي إذا رفع الرجل يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين" رواه أبو داود. وقال: حديث حسن.
وقد سرد الإمام النووي في المجموع أحاديث كثيرة في رفع اليدين.. وقال بعدها: وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية، والمقصود أن يعلم أن من ادعى حصر المواضع التي وردت الأحاديث بالرفع فيها فهو غالطٌ غلطاً فاحشاً. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/726)
وما ذنب المعاق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا أخ معاق ونسأل الله أن يموت لما يسببه لنا من إحراج فهل هذا جائز؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإعاقة التي يبتلى بها الأولاد فيها حكم كثيرة علمها من علمها وجهلها من جهلها، منها: اختبار قوة إيمان الأسرة التي يكون فيها المعاق، ومنها: إظهار قدرة الله تعالى على خلقه، ومنها: اعتبار الأصحاء واتعاظهم عند رؤيته، وغير ذلك.
فإذا كان هذا هو خلق الله تعالى وصنعته، الذي لا يخرج شيء عن قضائه وقدره، فالرضا به واجب، والدعاء عليه نوع من السخط على قسمة الله، والاعتراض على حكمته.
وبناءً على ذلك فلا يجوز الدعاء على الولد المعاق، ولكن ينبغي الدعاء له بالعافية، والنظر إليه بعين الاتعاظ والرحمة له، وإلى الرأفة به، وقد ثبت النهي عن الدعاء على الأولاد في الفتوى رقم:
19838، والفتوى رقم:
20322، ولا فرق بين الأصحاء منهم والمعاقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(10/727)
دعا على نفسه بالشر.. إذا رجع للاستمناء ... فرجع.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وغير متزوج أريد التوبة إلى الله من فعل معصية وهي ممارسة العادة السرية حاولت بكل الطرق وأخيراً عاهدت الله على أن لا أقوم بهذة المعصية أبداً وحلفت إذا فعلت هذه المعصية يحدث لي أي شر مثل فقدان البصر أو فقدان القدرة على الإنجاب لكي يكون لدي دافع قوي لمنعي من هذه المعصية ولكن فعلتها مرة أخرى فماذا أعمل الآن كيف أتوب وهل الله سوف يبتليني بما حلفت عليه (فقدان البصر أو القدرة على الإنجاب) ؟ شكراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك عليك بمطالعة الفتاوى التالية:
7170
18811
9195
3840.
ثم اعلم أن الله غفور رحيم مهما عظم الذنب، فمن تاب تاب الله عليه، فالواجب عليك الآن هو التوبة الصادقة النصوح، فإذا صدقت توبتك فلن يصيبك شيء مما دعوت به على نفسك إن شاء الله، ولا تعد لمثل هذا الدعاء مرة أخرى.
نسأل الله أن يتوب علينا وعليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(10/728)
الدعاء.. .آدابه ... وشروطه ...
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على مثل هده المواقع الطيبة.
ماهي كيفية الدعاء الصحيحة وماهي الأمور المستحبة للدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المؤمن يدعو الله تعالى راغباً راهباً خاشعاً لله راجياً رحمته مؤملاً في فضله وكرمه، غير معتد في دعائه ولا يائس من إجابته، قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] .
وقال عن أنبيائه وعباده الصالحين: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] .
ومن أهم شروط وآداب الدعاء وأسباب الإجابة، الإخلاص لله تعالى لقوله: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الأعراف:29] .
وكذلك التوبة، ورد المظالم، وحل المطعم والمشرب، لما جاء في حديث أبي هريرة عند مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
ومن آداب الدعاء حضور القلب، وترصد الأزمان الشريفة كيوم عرفة، وشهر رمضان، وساعة الجمعة، والثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، واغتنام الأحوال الشريفة كحال السجود، والتقاء الجيوش، ونزول الغيث، ومن آدابه استقبال القبلة، ورفع اليدين، وخفض الصوت بين المخافته والجهر، وأن لا يتكلف السجع، ومن آدابه التضرع والخشوع والرهبة، وأن يجزم بالطلب، ويوقن بالإجابة، وأن يلح فيه، ويكرره ثلاثاً، وأن يستفتحه بذكر الله، وبالصلاة والسلام على رسوله، وبختمه بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(10/729)
ماهية الاعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
ما هي حدود التوجه لله بالدعاء؟ بمعنى هل يجوز لي أن أدعو الله أن يمنحني الجمال أو الزيادة في الطول ... مثلا. أم أن هذه الأمور من القضاء والقدر وبالتالي فان طلبها يعتبر اعتراضا على القدر أو من جهة أخرى يعتبر طلبا للمعجزات التي لا تحصل إلا للأنبياء. أفيدونا أفادكم الله؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للدعاء آداباً ينبغي على الداعي مراعاتها، ليكون ذلك أرجى لقبول دعائه، وإجابة مسألته، ومن هذه الآداب عدم الاعتداء في الدعاء الذي قد ورد في قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولداً من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله.
فما ورد في هذا السؤال من الدعاء بمنح الجمال أو الزيادة في الطول، فهو وإن كان داخلاً فيما يقدر عليه الله تعالى، إلا أنه نوع من الاعتداء، إذ أن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن الكونية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(10/730)
يستجاب الدعاء ما لم يعجل المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ ما رأيك الآن أنا عندي مسألتان من أيام اختبارات الفصل الأول
المسألة الأولى الحمد لله مرت بسلام، الثانيه إلى الآن والله وأنا مبتلى بها هل أوقف الدعاء لأني أرى أني على هذه الحال أحسن وفيها الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم نفهم مراد الأخ السائل ولم نتصور ما هي المسألة التي يسأل عنها، ولكن إن كان يسأل عن الانقطاع عن الدعاء لأن الله عز وجل لم يجب دعوته.. إن كان السؤال عن هذا فإن هذا منهي عنه، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يستجيب للداعي ما لم يعجل.
فقال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري
وإجابة الدعوة أعم من إعطاء المسألة، فقد يجيب الله الدعوة ويدفع بها شراً كان سيقع على الإنسان لو لم يدع، وقد يستجيب الدعوة ويدخرها لصاحبها إلى يوم القيامة. فلا ينبغي الاستعجال وترك الدعاء.
وأما إذا كان الأمر ملتبساً على الإنسان لا يدري: هل الخير فيه أو في غيره؟ فينبغي أن يصلي صلاة الاستخارة، وقد مر بيانها في فتوى سابقة برقم:
971 فلترجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(10/731)
لا بأس بالذكر على كل حين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو القيام ببعض الأذكار والإنسان على جنابة أم هو محرم?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأفضل والأكمل للمسلم إذا أراد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو قراءة الأذكار والأدعية.. أن يكون على طهارة كاملة وهيئة حسنة، لكن لا مانع من أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر الله تعالى ويدعوه وهو جنب أو حائض أو محدث حدثاً أصغر أو على أي هيئة كان.
لقوله تعالى في وصف عباده أولي الألباب (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِم) (آل عمران: من الآية191) .
ولما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
إلا إذا كان هذا الذكر قرآناً فإنه لا يجوز ذلك في حالة الجنابة على الصحيح، لما رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(10/732)
حكم مسح الوجه باليدين بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم مسح الوجه باليدين بعد الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعتبر من جملة الدعاء، وذلك لما قرره أهل العلم أن الصلاة من الله لعباده رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن الآدميين دعاء.
وإذا تقرر هذا فاعلم أنه وردت أحاديث في مسح الوجه بعد الدعاء أشار الحافظ إلى أنها تصل في مجموعها إلى درجة الحسن.
ومن جملتها ما أخرجه الترمذي بسنده قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه إلى الدعاء لا يحطهما حتى يمسح بهما وجهه.
ومن هذا يتضح للسائل جواز مسح الوجه باليدين بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(10/733)
الدعاء على الآخرين بين القبول والرفض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأم الدائمة الدعاء على زوجها وأولادها بدون مبرر وكذلك على الناس التي تعرفهم والتي
لا تعرفهم. أرجو الإفادة....شكرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لأحد أن يدعو على أحد بغير حق، ومن فعل ذلك كان ظالماً متعدياً، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لا يستجيب دعاءه، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أوقطيعة رحم". ولمعرفة ما يجوز وما لا يجوز من الدعاء على الغير راجع الجواب رقم:
20322
ويستوي في هذا الحكم كل من دعا بغير حق، ولو كان دعاء الوالد على ولده، أما إذا كان الدعاء بحق، فإنه مشروع، وإن كان تركه أفضل، لقوله تعالى (لمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور)
وقد وعد الله تعالى بإجابة الدعوة التي يدعوها صاحبها بحق سواء كانت على الولد أو غيره، فقد روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم"
ولذلك فإننا ننصح الآباء والأمهات بترك الدعاء على أبنائهم، لما يترتب على ذلك من إجابة الله لها بما يعود على الأبناء بالضرر العاجل، وراجع الجواب رقم: 6807 والجواب رقم: 9898 ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم: 8374
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(10/734)
الدعاء المحفوظ أدعى للخشوع والانكسار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
سؤالي هو: بالنسبة لأذكار الصباح والمساء هل تقرأ من الكتيب أم أحفظها وأرفع يدي كالدعاء بدون أن أمسك الكتيب لأن هناك اذكاراً تبدأ باللهم..... جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن الأصل أن يرفع الداعي يديه حال دعائه تضرعاً إلى الله، واستجداء لنواله، وإظهاراً للذل والانكسار والفقر إليه سبحانه وتعالى، فلا يخرج عن هذا الأصل إلا في الحالات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الدعاء فيها في ملأ من الناس، ولم ينقل عنه أنه رفع يديه فيها كالدعاء أثناء الصلاة، وفي خطبة الجمعة مثلاً، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
5340.
ولمعرفة وقت أذكار الصباح والمساء راجع الفتوى رقم:
14709.
ولمعرفة حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء راجع الفتوى رقم:
4557.
واعلم أيها الأخ الكريم أن حفظ الأذكار ليس واجباً، لكنه أعون على الخشوع والتدبر، فإن حفظتها كان أحسن، وإن لم تحفظها وقرأتها من الكتب فهو حسن.
روى ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: ما تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال: حولها ندندن. ورواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
ولو كان حفظ الأذكار واجباً لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لكنه اكتفى منه بهذا الدعاء الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(10/735)
الدعاء على الناس ... ما يشرع منه وما يمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرام أن أدعو على أحد بالموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء على أعداء الله الذين يحاربون الله ورسوله بالموت مشروع إذا أصروا على كفرهم وعنادهم، لورود ذلك في القرآن والسنة، وفي كلام سلف الأمة، مثل قول الله تبارك وتعالى: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) [يونس:88-89] .
وقال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح:26] قال الضحاك: ديارا واحداً. ا. هـ
قال القرطبي: دعا عليهم حين يئس من اتباعهم إياه. ا. هـ
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب، كما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال: "اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم" وفي هزيمتهم موت بعضهم كما هو معلوم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه في حديث طويل ... وفيه أن عقبة بن أبي معيط وضع على رأس النبي صلى الله عليه وسلم أجزاء من بطن جزور مذبوح وهو يصلي.
قال ابن مسعود: فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة رفع صوته ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً، ثم قال: "اللهم عليك بقريش" ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته، ثم قال: "اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبة وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط" (وذكر السابع ولم أحفظه) فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر.
ودعا خبيب بن عدي على المشركين حينما أرادوا قتله، فقال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا. رواه الطبراني في المعجم الكبير.
وغير ذلك من الأحاديث والآثار التي تدل بمجملها على مشروعية الدعاء على الكافرين بالموت والهلاك عند اليأس من هدايتهم، أو استمرار إيذائهم للمؤمنين.
ويجوز كذلك الدعاء على الظالم ولو كان مسلماً، وإن كانت مسامحته أولى، لقوله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى:43] . وقال تعالى: (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل: من الآية126] .
ومما يدل على جواز الدعاء على الظالم ولو كان مسلماً ما رواه مسلم في صحيحة عن عروة عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين" فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
ودعاء سعيد بن جبير على الحجاج لما أمر بقتله فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي. ذكره الذهبي في السير.
وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب".
فإذا دعا أحدٌ على أحد بغير حق كان هو الظالم، ولم يستجب الله له، كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: "لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم".
وراجع شروط إجابة الدعاء في الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(10/736)
المقصود: المنع من الدعاء على الأهل بالمكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في كتاب (الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة) للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني / باب بعض أداب الدعاء وأسباب الإجابة/ ـ عدم الدعاء على الأهل والمال والولد والنفس! فما المقصود بذلك؟ حيث أن الإنسان يرغب في الدعاء لأهله كأن يقول اللهم عاف زوجي واللهم بارك في ولدي، فهل المقصود كذلك أم ماذا؟ أفيدوني أفادكم الله ونفع الله بكم الأمة الإسلامية جمعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس المقصود بما قرأت الدعاء للأهل كقول: اللهم عافِ زوجي وبارك لي في ولدي ونحو ذلك، فإن هذا من المطلوب، ولكن المراد الدعاء على الأهل بالمكروه وليس لهم كقول: اللهم أصبه بكذا وكذا.... من المصائب والشرور ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم:
9898 والفتوى رقم:
8729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(10/737)
لا تدعوا على أولادكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اتمنى الموت لأخي لأنه عاق وهو يجلب لنا العار على جميع المستويات هل هذا حرام؟ مع العلم أنه يشتم كل الناس وسنه 38سنة؟ وشكرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لأمك أن تدعو لأخيك بالهداية والصلاح والتوفيق، فهذا خير لها من الدعاء عليه بالموت، فربما استجيبت دعوتها، فكانت أول المتأثرين بفقده، مع احتمال موته على معصية العقوق دون توبة، فهل ترضى الأم بهذا لابنها؟
والدعاء على الولد منهي عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعو على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسال فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(10/738)
الأدلة على جواز رفع البصر إلى السماء حال الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما حكم النظر إلى الأعلى أثناء الدعاء خارج الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم مانعاً من النظر إلى الأعلى إذا كان خارج الصلاة، وإنما المنهي عنه هو رفع البصر إلى السماء داخل الصلاة، كما جاء في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً، بل إن رفع البصر إلى السماء خارج الصلاة أثناء الدعاء يدل على المبالغة في التضرع إلى الله والخضوع بين يديه.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع بصره إلى السماء أثناء الدعاء، ففي الحديث الذي تذكر فيه عائشة رضي الله عنها فراقه صلى الله عليه وسلم للدنيا، وهو حديث طويل تقول فيه: فرفع بصره إلى السماء وقال: "الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى" -ومعنى الحديث أيضاً في الصحيحين- رواه احمد في مسنده.
وفي سنن الدارمي مرفوعاً: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم رفع بصره إلى السماء، أو قال نظره إلى السماء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ... الخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(10/739)
أدلة الدعاء على الكافرين كافة بمن فيهم أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم التأمين التجاري؟
2- ما حكم الدعاء على مطلق النصارى دون المقاتلين منهم؟
3- عندنا خادمة ونريد السفر إلى مكة فهل يجوز أن تذهب معنا علما أنه ليس معها محرم، وماذا نفعل بها عند السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- سبق برقم: 7394.
2- فإنه يجوز الدعاء على مطلق الكفار سواء كانوا مقاتلين أو غير مقاتلين، ويدخل فيهم اليهود والنصارى والوثنيين والملاحدة، ويدل على ذلك:
قوله تعالى عن نوح عليه السلام: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [نوح:26] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق. رواه أحمد.
قال النووي في شرح مسلم في شرحه لحديث: وانقل حماها إلى الجحفة. قال الخطابي وغيره: كان ساكنو الجحفة في ذلك الوقت يهودا، ففيه دليل الدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك، وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها، وكشف الضر والشدائد عنهم، وهذا مذهب العلماء كافة. انتهى.
قال العراقي في طرح التثرتب 2/292 في شرح حديث قنوت النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار: فيه جواز الدعاء على الكفار ولعنهم، قال صاحب المفهم: ولا خلاف في جواز لعن الكفرة والدعاء عليهم، واختلفوا في جواز الدعاء على أهل المعاصي فأجازه قوم ومنعه آخرون. انتهى
وقال ابن العربي في أحكام القرآن 4/269: في تفسير قوله تعالى عن نوح عليه السلام رب لا تذر على الأرض ... المسألة الثانية: دعاء نوح على الكافرين أجمعين، ودعاء النبي صلى الله وعليه وسلم على من تحزب على المؤمنين، وألب عليهم، وكان هذا أصلاً في الدعاء على الكفار في الجملة، فأما كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه لأن مآله عندنا مجهول. انتهى.
3- سبق برقم: 10809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(10/740)
لا ينبغي الدعاء على الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ فترة وعندي أطفال وزوجتي لا ترغب في المعاشرة الجنسية ويحدث بيننا شجار دائم بخصوص هذا الموضوع وأقوم بالدعاء عليها عند عدم تلبيتها رغبتي حيث أنني لا أطلب معاشرتها يومياً بالعكس كل طلبي مرتين يومياً فهل هذا الدعاء خطأ ولا يجب الدعاء عليها ومما أضطر إلى ممارسة العادة السرية في حالة عدم رغبتها في هذا الموضوع؟
الرجاء الرد والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق جواب مثل حالة الأخ السائل في فتوى برقم: 14690، وفيه بيان ما ينبغي أن يُفعل فليرجع إليه.
ونزيد هنا بيان مسألة الدعاء على المرأة، فنقول: لا ينبغي للأخ التسرع بالدعاء على المرأة، فإنه قد يوافق ساعة إجابة فتستجاب الدعوة فيرجع بعد ذلك بالندم.
وقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءٌ فيستجيب لكم".
بل عليه اتباع ما أرشد الله إليه في معاملة المرأة الناشز من وعظها أولاً، وهجرها ثانيًا، وضربها ثالثًا.
وإن لم تنفع كل هذه الوسائل، فيمكنه الزواج بامرأة أخرى إن كان قادرًا على ذلك مع بقاء هذه الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(10/741)
التسبيح بالعداد اليدوي ينطبق عليه حكم السبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التسبيح بالعداد اليدوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المسلم في أن يعقد تسبيحه وذكره بما يسمى السبحة أو بالحصى أو بالنوى، كما هو مبين في الفتوى: 7051، ويدخل في حكم ذلك العداد اليدوي، إذ هو يقوم مقام السبحة أو النوى في عد الذكر وحصره.
لكن إذا كان مثل ذلك يشغل مستخدمه عن حقيقة الذكر وتدبر معانيه فعليه بتركه.
وعلى كل، فالأفضل للمسلم والأولى به أن يعقد التسبيح بأصابعه ليدفع عن نفسه الرياء، ويبعد عنها الذهول ويستحضر ما يقول، ولأنها تشهد لصاحبها يوم القيامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(10/742)
الصلاة على النبي الواردة بالمأثور أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة: اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما في علم الله صلاة دائمة بدوام ملك الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرت من الصلوات على رسولنا صلى الله عليه وسلم لا حرج فيه، مع أن الأفضل هي الصيغة التي علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر الفتوى رقم: 11120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(10/743)
نقش اسم الله على المسبحة، وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا في المسبحة التي يستخدمها الكبار في السن. هل الرسول استخدمها أو أحد من الصحابة وكيف في استخدمها. علماً بأن بعض المسابح فيها اسم الله ورسوله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتسبيح بالمسبحة جائز في الجملة، لكن ينبغي عند استخدامها مراعاة الآداب الشرعية، والتخلي عن المحاذير التي تكون سبباً في كراهيتها، ولمعرفة تفصيل ذلك راجع الفتوى رقم:
7051.
وأما عن نقش اسم الله ورسوله على المسابح؟ فلا شك أن الأفضل والأسلم تركه، ومع ذلك فلا نعلم مانعاً يمنع منه شرعاً، بشرط صيانتها عن الامتهان، وعدم تعريضها لمواطن غير لائقة كالخلاء ونحوه، وراجع الفتوى رقم:
7215 والفتوى رقم:
10882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(10/744)
يستحب استقبال القبلة عند الدعاء وقراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الدعاء وقراءة القرآن باتجاه القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فاستقبال القبلة عند الدعاء وقراءة القرآن مستحب، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الترغيب في ذلك، منها حديث: إن لكل شيء سيداً، وإن سيد المجالس قبالة القبلة. أخرجه الطبراني بإسناد حسن.
ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يدعو في الاستسقاء استقبل القبلة. وأيضا استقبلها في دعائه في مواطن كثيرة كما في يوم بدر، وهذا ثابت بأحاديث صحيحة رواها البخاري ومسلم وغيرهما.
لكن يبقى الأمر على الاستحباب لا على الوجوب بمعنى أنه إن استقبلها أُجر وإن لم يستقبلها لم يأثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(10/745)
الثناء لا يناسبه التأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نقول عند دعاء الإمام (إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في المأموم الذي يسمع قنوت الإمام هل حكمه أن يؤمن على دعاء إمامه ولا يقنت؟ أم أنه مخير بين القنوت والتأمين؟ إلا أن الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم أنه يؤمن في الكلمات الخمس الأولى التي هي دعاء وهي: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطي وقني شر ما قضيت. وأما التي مشتملة على ثناء وهي قوله: إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لايذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، فإنه يخير بين أن يشارك الإمام في قوله أو يسكت، والمشاركة أولى، وإنما لم يؤمن في هذا الموضع لأنه ثناء ولا يناسبه التأمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(10/746)
الاجتماع لذكر الله تعالى -أحيانا- جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ... ... ...
هل يجوز أن نذكر في جلسات الذكر بصوت جماعي علما أن هناك من يقول إنه يجوز وإذا كان الجواب لا فهل يجوز أن نذكر جماعيا بصوت منخفض؟
الرجاء أن يكون الجواب مع الحكم الشرعي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاجتماع الناس لذكر الله حسن، سواء كان ذكرهم جميعاً أو فرادى إذا لم يتخذ سنة راتبة، ولا اقترن به محذور شرعي.
قال الشاطبي رحمه الله تعالى: إذا ندب الشرع إلى ذكر الله فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وصوت واحد لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص الملتزم، لأن التزام الأمور غير اللازمة يفهم على أنه تشريع؛ وخصوصاً مع من يقتدى به في مجامع الناس كالمساجد، فإذا أظهرت هذا الإظهار ووضعت في المساجد كسائر الشعائر كالأذان وصلاة العيدين والكسوف، فهم منها بلا شك أنها سنة إن لم يفهم منها الفرضية، فلم يتناولها الدليل المستدل به، فصارت من هذه الجهة بدعة محدثة.
فدل هذا على أن الاجتماع لذكر الله تعالى -أحياناً- ولو بصوت عال جائز، لأنه لم يدل على المنع منه مانع، وإنما المحذور هو الالتزام واعتقاد الفضيلة في تلك الهيئة المعينة.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(10/747)
آجال العباد لا تتغير عما قدره الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء بطول العمر لأي شخص كالوالدين يجوز فأنا عادة أدعو بهذا الدعاء: اللهم طول في عمر أمي وطول في أعمار أمة محمد أجمعين. هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قالت أم حبيبة: "اللهم متعني بزوجي رسول الله، وبأبي، أبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك سألت الله لآجال مضروبة، وآثارٍ موطوءة، وأرزاق مقسومة، لا يعجل شيئاً منها قبل حله، لا يؤخر شيئاً بعد حله، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر لكان خيراً لك".
وقد دل هذا الحديث على أن آجال العباد وأرزاقهم مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى، وعلمه في الأزل، فيستحيل زيادتها ونقصانها عما في علم الله تعالى، أما ما ورد في الأحاديث الأخرى مما يدل على أن صلة الرحم تزيد في العمر، فتأويلها، أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة.
أو أن الزيادة والنقصان بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، كأن يقال للملك مثلاً: إن عمر فلان مائة إن وصل رحمه، وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملك يمكن فيه الزيادة والنقصان، وهو معنى قوله تعالى (يمحو الله ما يشاء ويثبت) [الرعد:39] وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء بالنجاة من العذاب، بدلاً عن الدعاء بطول العمر، مع أن الأمرين مفروغ منهما، لأن الدعاء بالنجاة من عذاب النار عبادة أمرنا الله بها، وأما الدعاء بطول الأجل فليس عبادة، وقد ذكر هذا التوجيه النووي رحمه الله علماً بأنه يجوز الدعاء بالبركة في العمروالدعاء بطوله والأحسن تقييده بالطاعة كما ورد ذلك عن الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(10/748)
النبي عليه الصلاة والسلام كان يذكر الله في المضجع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أردد أذكار المساء والنوم وأنا مضطجعة وغير مرتدية الحجاب حيث أقرأ بعض الآيات القرآنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في ترديد أذكار المساء والنوم وأنت مضطجعة أو غير مرتدية للحجاب، ولا حرج عليك في قراءتك بعض آيات القرآن وأنت كذلك، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى مضجعه شرع في أذكار النوم، ولحديث عائشة رضي الله عنها:.. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه " رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(10/749)
من إجلال الله إجابة من سأل به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من سُئل بالله ولم يجب؟ وما هو الدليل؟؟؟ وشكرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن سئل بالله تعالى أو بوجه الله عز وجل فليعط وليجب، لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن منح إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه" وصححه الألباني في صحيح الجامع. وفي رواية "من سألكم بوجه الله".
قال في عون المعبود: (ومن سألكم بوجه الله أي شيء من أمور الدنيا والآخرة أو العلوم، فأعطوه إجلالاً لما سألكم به)
وروى الطبراني من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائلاً لم يسأل هجراً" حسنه العراقي ثم الألباني في صحيح الجامع.
والمراد من قوله: "ملعون من سأل بوجه الله" أي من سأل المخلوقين، أو سأل أمراً من أمور الدنيا، كما بينه الحافظ العراقي، ونقله عنه المناوي في "فيض القدير" والحاصل أنه يجب على الإنسان الاحتراز من سؤال المخلوقين بوجه الله، وأن على من سئل بالله أو بوجهه الكريم أن يجيب ويعطي إجلالاً لله تعالى، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 117303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(10/750)
ما ورد في الدعاء أثناء القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة التراويح أو القيام وأثناء قراءة الإمام لقراءة القرآن، قطع الإمام القراءة فجأة وأخذ يدعو ومن خلفه من المأمومين يؤمنون ثم عاد واستأنف القراءة، فهل فعله صحيح؟ وإذا كان غير صحيح فهل تبطل الصلاة بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان ذلك عند مرور المصلي بآية رحمة فسألها أو آية عذاب فاستعاذ منها فلا حرج فيه، بل يستحب بشرط أن تكون الصلاة نافلة، للحديث الذي رواه أبو داود عن حذيفة يرفعه، "وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها وسأل، ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ" وما رواه أيضاً عن عوف بن مالك قال: "قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ"
وما رواه ابن أبي شيبة عن عائشة أنها مرت بهذه الآية: (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) فقالت: اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت البر الرحيم، فقيل للأعمش في الصلاة؟ فقال: في الصلاة.
وهذا يستحب للإمام والمأموم أثناء قراءتهم في صلاة النافلة، أما في صلاة الفرض فلا يستحب، قال ابن قدامة: (ولا يستحب ذلك في الفريضة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في فريضة، مع كثرة من وصف قراءته فيها)
وينبغي للإمام في صلاة الليل أن يوجز في ذلك حتى لا يشق على غيره من المأمومين، أما إذا قطع القراءة لغير ما ذكر، وقام يدعو ومن خلفه يؤمن، فإن هذا محدث غير مشروع، وعلى المسلم اجتنابه في صلاته، وإن كان لا يبطل الصلاة. وينصح الإمام بترك ذلك، فقد كره بعض السلف كالإمام مالك الاجتماع للدعاء في رمضان عند ختم القرآن، رغم أن ختم القرآن موطن من مواطن استجابة الدعاء التي جاءت بها الآثار، فما بالك بالدعاء في موطن لم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(10/751)
الذكر القلبي هل يدخل في مسمى الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أقول بعض الأذكار بقلبي فهل الأفضل هو الذكر القلبي أو يشترط أن يكون باللسان لأني قرأت حديثاً مروياً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (خير الذكر الخفي) فما معنى الذكر الخفي؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو يعلى وأحمد وأبو عوانة وابن حبان عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الذكر الخفي" وصححه ابن حبان، لكن ضعفه ابن معين كما في مجمع الزوائد10/81 قال النووي: ليس بثابت، وذكره العجلوني في كشف الخفاء: 1/471 وعلى فرض صحته فالمراد به الذكر الذي لا يطلع عليه إلا الله، وليس المراد الذكر القلبي، كما قال تعالى عن زكريا عليه السلام: (إذ نادى ربه نداء خفياً) [مريم:3] وقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية) [الأعراف:55] هذا قول أكثر شراح الحديث وأكثر المفسرين، وذهب بعض أهل العلم إلى المراد به الذكر القلبي، وقال الدهلوي في شرح سنن ابن ماجه 1/26 في شرح حديث: كان يذكر الله على كل أحواله. قال: لا يتصور هذا الذكر إلا بالقلب.. وفي الحديث: "خير الذكر الخفي.." وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: "لفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعون ضعفاً، فيقول: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق لحسابهم، وجاءت الحفظة بما حفظوا وكتبوا، قال الله لهم: انظروا هل بقي له من شيء؟ فيقولون: ما تركنا شيئاً مما علمناه وحفظناه، إلا وقد أحصيناه وكتبناه، فيقول الله:
إن لك عندي خبيئاً لا تعلمه، وأنا أجزيك به وهو الذكر الخفي" ذكره السيوطي في البدور السافرة عن أبي يعلى الموصلي عن عائشة رضي الله عنها، كما ذكره علي القارئ. انتهى. والحديث الذي ذكره ضعيف، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/81 فيه معاوية بن يحيى الصدفي. ... ... ...
وهو ضعيف. ا. هـ
والخلاصة أن الذكر بالقلب أمر طيب يثاب الإنسان عليه، إلا أن الأفضل منه الذكر بالقلب مع اللسان، لأن الذاكر هنا يعمل آلتين في الذكر، وليست آلة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(10/752)
القول في الدعاء (عاجلا غير آجل) جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز في الدعاء أن يقول الداعي (عاجلا لا آجلا) , مثل عند الدعاء للاستسقاء أو الشفاء؟ أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الداعي في أن يقول في دعائه: (عاجلاً لا آجلاً) سواء أكان الدعاء دعاء استسقاء، أم كان دعاء غيره، إذا لا مانع من ذلك شرعاً، بل قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الاستسقاء، وذلك فيما رواه أبو داود عن جابر رضي الله عنه قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي فقال" اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، مريئاً مريعاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل" قال: فأطبقت عليهم السماء.
وإذا ثبت هذا في دعاء الاستسقاء، ألحق به دعاء غيره إذ لا فرق.
ثم إن هذا التعبير (عاجلاً غير آجل) لا ينافي ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي" فقد بين صلى الله عليه وسلم معنى استعجال الإجابة وهو أن يقول: دعوت فلم يستجب لي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(10/753)
يجوز الدعاء في الصلاة بالمأثور وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية المباحة في الصلاة، وهل صحيح أن من يدعو في الصلاة دعاءً ليس من الكتاب الكريم ولا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم تبطل صلاته؟ وهل يحق للمصلي أن يدعو لبناته بالستر ولأولاده بالهداية بكلامه هو وهو ساجد أو في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء في الصلاة يجوز بالمأثور، وبغير المأثور ويدعو المصلي لنفسه، ولمن أحب من الناس كوالديه وأبنائه وغيرهم، سواء سماهم بأسمائهم أم لا.
ولمزيد فائدة تراجع الفتويين رقم: 8581، 9127
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(10/754)
التسبيح باليمنى أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع الإنسان التسبيح باليد اليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى اله عليه وسلم يعقد التسبيح قال ابن قدامة: بيمينه. رواه أبو داود، وابن قدامة: هو محمد بن قدامة بن أعين توفي سنة 250هـ قال النسائي: لا بأس به، ووثقه ابن حبان والدارقطني.
فهذا الحديث بزيادة ابن قدامة يدل على أن السنة عقد التسبيح باليمين، ولكن الحديث في بقية رواياته خال من هذه الزيادة، فلا حرج في عقد التسبيح باليدين لإطلاق غالب الأحاديث.
وما قلناه هو الذي أفتت به اللجنة الدائمة ونص الفتوى:
الأفضل أن يكون ذلك باليمين، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيمينه، ولعموم حديث عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجلة وطهوره وفي شأنه كله، ويجوز ذلك باليدين جميعاً لأحاديث وردت في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عضو: عبد الله بن قعود.
عضو: عبد الله بن غديان نائب.
رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي.
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(10/755)
الدعاء والتوكل متلازمان
[السُّؤَالُ]
ـ[1ما هو الفرق بين الدعاء والتوكل
... ... ... ... شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التوكل هو: الثقة بما عند الله تعالى، وقطع الطمع عن ما في أيدي الناس. ولا يتم إلا بالقيام بالسبب والأخذ به. أما الدعاء شرعاً فهو: استدعاء العبد ربه العناية، واستمداده إياه المعونة، وإظهار الافتقار إليه، والبراءة من الحول والقوة، وهو سبب من الأسباب التي يتوصل بها العبد إلى مطلوبه من ربه، وبهذا يعلم السائل أنه لا تعارض بين الدعاء والتوكل ما دام الدعاء سبباً من الأسباب التي لا يعد المرء متوكلا حقاً إلا إذا أخذ بها أو ببعضها، والدعاء هو أشرف هذه الأسباب، وأجدرها بأن ينال به المراد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(10/756)
الدعاء بهذه الصورة من الاعتداء المنهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أحب فتاة ولكنها تزوجت رجلا آخر هو يدعو الله أن يجمعه بها في الحلال يعنى أن تترك زوجها لتتزوجه هو. وهو لا يفعل شيئاً ليفرق بينها وبين زوجها مثل الوشاية وغيرها، وهو فقط يدعو الله ليعيدها إليه، فهل فعل إثماً؟ وماذا لو طلب منها أن يطلقها زوجها خاصة وأنه يضربها ويشرب الخمر؟ ماذا يكون عليه وعليها إن وافقته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على هذا الرجل أن يقلع عن تعلقه بهذه الفتاة، وأن يصرف النظر عنها، وأن يترك الدعاء المذكور فإنه من الإثم، ولا يجوز له أن يسعى في تطليق هذه الفتاة من زوجها، ولا أن يحرضها على ذلك، لما في ذلك من التخبيب المحرم، ففي المسند والسنن لأبي داود وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا" ولفظ المسند هو "من خبب خادماً على أهلها فليس منا، ومن أفسد امرأة على زوجها فليس هو منا".
وقد نص المالكية على أن من خبب امرأة على زوجها حتى طلقها، ثم تزوجها هو فإن ذلك الزواج فاسد، والعقد مفسوخ. بل إن منهم من يرى أن المرأة تحرم على من خببها على زوجها على التأبيد.
وعلى كل حال فلا تسع في شيء من ذلك القبيل، واصرف قلبك عما لا يحل لك، واسأل الله تعالى أن يختار لك، ويرزقك زوجة صالحة.
ولا ينبغي أن يغيب عن ذهنك أن النساء كثر، وأنه ليست في إحداهن ميزة منفردة بها لا توجد في غيرها، بحيث تبرر التعلق بها كل التعلق، والانصراف عما سواها.
وإن أفضلهن وأبركهن وخيرهن في الدنيا والآخرة من كانت أصلح، وأتقى، وأخشى لله تعالى، وألزم لشرعه، وكانت من منبت طيب، وكان اختيار الشخص لها بالدرجة الأولى على أساس أنها من ذوات الدين والخلق.
أما ما يخص كون زوج هذه الفتاة يضربها، ويشرب الخمر فهذا أمر يعنيها هي بالدرجة الأولى، فإن ثبت لديها أنه يشرب الخمر، وكان يضربها بغير حق شرعي، فعليها أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية، لتزيل عنها الضرر، إما بمنعه هو من ارتكاب ما حرم الله تعالى من شرب الخمر، وإيذاء زوجته، وإما أن تطلقها المحاكم منه إن لم يمتنع عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1422(10/757)
الدعاء بغير العربية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[برجاء الإفادة.. يعمل معي عامل من بنجلاديش ويسأل: عندما يكون فى السجود وبعد قوله سبحان ربي الأعلى 3 مرات يريد أن يدعو الله فهل يصح أن يقوم بالدعاء باللغة الخاصة به أم لا بد من الدعاء باللغة العربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف أهل العلم في حكم الدعاء بغير العربية في الصلاة، فمنع ذلك طائفة منهم، وأجازته طائفة أخرى، وفصَّل بعضهم بين القادر على الدعاء بالعربية، وبين غير القادر على ذلك.
وليس هنالك نص من الوحي يرجح أحد هذه الأقوال.
ولعل الصواب -إن شاء الله تعالى- هو أنه إذا أمكنه أن يدعو بالعربية مع فهمه لمعنى ما يدعو به كان ذلك هو الأولى، وليختر من الدعاء جوامعه المختصرة مثل: اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.
اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار.
إلى غير ذلك من الأدعية المختصرة، الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، التي يسهل تعلمها، وحفظها، ومعرفة معناها.
فإن كان عاجزاً عن ذلك فليدع بلغته التي يتكلم بها، وحبذا لو كان ضمن ما يدعو به ما هو ترجمة لتلك الدعوات المختصرة الجامعة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(10/758)
ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من صيغ الأذكار أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد سؤالي هو:
ما كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإني في بعض الأحيان أقول: اللهم صلى على محمد عدد خلقك ورضاء نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، وأقول: اللهم صلى على محمد ملء السموات والأرض، فهل هذا يجوز أم هذا الدعاء خاص بالثناء والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرت من الصلوات على رسولنا صلى الله عليه وسلم لا حرج فيه، وليس خاصاً بالحمد والثناء لله سبحانه، وإن وردت في الحديث بشأن الحمد والثناء على الله، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
فيجوز أن يقول: اللهم صلى الله على محمد ملء ... الخ.
وكذلك الدعاء الآخر، ولا شك أن ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه في الصيغ المأثورة هو الأفضل، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 4863، ورقم: 5025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(10/759)
هل يقال:رضي الله عنه لغير الصحابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح إتباع ذكر غير الصحابي بقولنا "رضي الله عنه" وإن كان هذا دعاء أريد فتيا غير واحد من الأئمة المتقدمين إن أمكن وبارك الله فيكم وأعانكم على خدمة دينه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالترضي عن الصحابة المقصود به هو الطلب من الله تعالى أن يرضى عنهم، فقولك (رضي الله عنه) جملة خبرية تفيد الدعاء، كقولنا: صلى الله على محمد فهو في معنى اللهم صل على محمد، وعليه فيجوز الدعاء وطلب الرضى من الله لكل مسلم؛ وإن لم يكن صحابياً، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء لقول الله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة:7،8] .
وجرى عمل جماهير العلماء عليه، فيترضون على سلف هذه الأمة من غير الصحابة، ومن مشايخهم وأهل الخير والصلاح في كتبهم ومخاطبتهم.
قال النووي في المجموع: (يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمة الله عليه، أو رحمه الله ونحو ذلك. وأما ما قاله بعض العلماء: إن قول رضي الله عنه مخصوص بالصحابة ويقال في غيرهم رحمه الله فقط، فليس كما قال ولا يوافق عليه، بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه، ودلائله أكثر من أن تحصر) .
وقال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: (ما قاله جمع من العلماء أنه يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا تختص الترضية بالصحابة والترحم بغيرهم خلافاً لبعضهم) انتهى.
أما إذا كان قول الشخص: (رضي الله عن فلان) من باب الإخبار وليس من باب الدعاء فلا يجوز إطلاقها إلا على الصحابة، لأنهم هم الذين أخبرنا الله أنه سبحانه رضي عنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1422(10/760)
لا تدعوا على أنفسكم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشريعة في الدعاء على النفس خوفا من الوقوع في المعصية وغضب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز الدعاء على النفس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم" أخرجه أبو داود. فالذي يجب لمن خاف على نفسه من غضب الله بسبب المعاصي هو أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يسأله المغفرة، ويستعينه على خلاص نفسه من الذنوب، أما الدعاء على النفس أو تمني الموت فإنه لا يجوز بحال مهما كانت الظروف، خصوصاً إذا كان ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، وليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لى" رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.
قال في تحفة الأحوذي (ووجه النهي، أن تمني الموت يدل على الجزع في لبلاء، وعدم الرضا بالقضاء) والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1422(10/761)
مشروعية الدعاء برد القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرء أن يدعوا الله برد القضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أن يدعو المرء برد القضاء، فقد ثبت عند الترمذي والحاكم عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر" وحسنه الألباني في صحيح الجامع
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء" رواه الحاكم، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1422(10/762)
الدعاء على الأولاد منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- والدتي دعت على ولدها وهو صغير السن وذلك لأنه كان كثير البكاء حيث قالت اللهم يارب إما أنا أو هو يبقى في هذه الدنيا. فمات في الليلة الثانية. تقول هل هي المتسببة في وفاته.وماذا عليها. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن دعوة الوالدين مستجابة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم" أخرجه أحمد وأبو داود، لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الإنسان على نفسه، أو ولده، أو ماله فقال: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يسأل فيها عطاءٌ، فيستجيب لكم" أخرجه مسلم.
واللازم لوالدتك الآن هو الندم التام على ما حصل، والتوبة النصوح، والاستفادة من هذه التجربة، فلا تقدم بعدها على الدعاء على أبنائها تحت أي ظرف من الظروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(10/763)
حكم قول: لا قدر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول لا قدر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فهذه العبارة من الاستعمالات الشائعة في عصرنا، والذي يظهر من معناها أنها تطلق ويراد بها الدعاء بأن لا يقدر الله ما ذُكِرَ،كقول القائل: فإن حدث كذا لا قدر الله، فهي بهذا المعنى جائزة، إذ هي نوع من الدعاء المشروع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(10/764)
العلة في الاستعاذة بالله من الهدم والغرق وأشباه ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الأدعية التي يستعاذ فيها من الغرق والهدم مع أن هذه الأشياء إن حصلت للمسلم ومات بها يعتبر شهيدا فكيف أستعيذ من أشياء تأتي من خلالها الشهادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلة في الاستعاذة بالله تعالى من الهدم والغرق والتردي، وما في معناها مع أنها من أسباب الشهادة هو: أن الموت بها يأتي للإنسان فجأة، وقد يكون غير مستعد بالتوبة، وغير مقيَّد لما يجب له أو عليه من الوصية فيما تجب فيه الوصية، والإقرار بما عليه من الحقوق من ديون وغيرها، والإنسان يسأل عن حقوق الناس، ولو كان شهيداً، ففي صحيح مسلم أن الشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدين، فلذلك شرع التعوذ من الموت المفاجئ.
كما أن في موت الفجأة من فجيعة ذوي الميت أضعاف ما يصيبهم لو مات بمقدمات تهون عليهم وقع الفراق.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(10/765)
هل يشرع رفع اليدين عند الدعاء في الصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع اليدين للدعاء أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء مشروع في الصلاة في مواطن عدة: في السجود، وفي الجلسة بين السجدتين، وبعد التشهد قبل السلام، ولا يشرع رفع اليدين في شيء من هذه المواضع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، لكن إن قنت المصلي في الوتر أو في غيره من الصلوات الخمس للنازلة شرع له أن يرفع يديه مع الدعاء، لما أخرجه البيهقي وصححه النووي، عن أنس قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة (الفجر) رفع يديه يدعو عليهم " أي في قصة القراء.
والمراد بالقراء: أهل بئر معونة قتلهم عامر بن الطفيل ومن معه. وأخرج البيهقي أيضاً عن عمر أنه كان يرفع يديه في القنوت، وصححه. وروي ذلك عن عبد الله بن مسعود وأبي هريرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1422(10/766)
دعاء المرء على نفسه بالموت لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد دعت زوجتي على نفسها بالموت إذا أنا دخنت سجائر. وللأسف لقد دخنت وما زلت أدخن، وأنا خائف على زوجتي من هذا الدعاء، فهل يجوز مثل هذا الدعاء وهل يستجيب الله له وهل هناك ما يسقط هذا الدعاء مثل الفدي أو غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته زوجتك لا يجوز. وكان الأولى بها أن تدعو لك لا على نفسها، فإنها إن دعت الله تعالى أن يوفقك ويبعد عنك الشر، وهذا العمل الخبيث، فعسى الله أن يستجيب لها، وخاصة إذا كان ذلك بظهر غيب، فإن دعاء المسلم للمسلم عن ظهر غيب مستجاب، لما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين. ولك بمثلٍ".
أما سؤالك هل دعاء زوجتك على نفسها سيستجاب أم لا؟ فهذا علمه عند الله تعالى، لأن الداعي قد يدعو دعوة لا يجوز له أن يدعو بها، فتوافق ساعة إجابة فيستجاب لها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم،" أخرجه أبو داود.
ولتعلم أن التدخين محرم لخبثه وضرره المحقق، فاجتهد وسعك للتخلص منه، واسأل الله تعالى أن يعينك على ذلك وراجع الجواب رقم 1819
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(10/767)
حكم قول العاطس الدعاء المأثور إذا كان في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أحمد الله إذا عطست في الحمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر الفقهاء أن الذكر والتسبيح في الحمام المنفرد عن بيت الخلاء لا بأس به.
فإن ذكر الله حسن في كل مكان ما لم يرد المنع منه، ولما روي أن أبا هريرة رضي الله عنه دخل الحمام فقال: لا إله إلا الله، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، والحمد من جملة الذكر، سواء كان بعد العطاس أم لا.
وأما إذا اتحد بيت الخلاء والحمام فيكره لداخله حينئذ إن عطس أن يحمد الله تعالى بلسانه، وأجازوا له ذلك دون أن يحرك به لسانه. كما كرهوا أيضاً أنه يشمت عاطساً سمع عطسته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(10/768)
الدعاء على المسلم العاصي يعين الشيطان عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته.. قد قرأت في أحد المنتديات مقالاً كتب عن إحدى الراقصات الساقطات وقد سجل صاحب المقال في نهايه مقاله: هز الله وسطك في نار جهنم 00 فهل يجوز له الدعاء عليها بالنار؟ مع العلم بأنها مسلمة. وقد كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. فهل من حق أي شخص أن يدعو على أهل الفساد بأن يعين باسم المفسد ويدعي عليه بنار جهنم. أتمنى أن أجد الإجابه مع أدلتها من الكتاب والسنة. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز الدعاء على المسلم بسبب وقوعه في المعصية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، قال اضربوه قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله. قال: " لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان" رواه البخاري. فدل الحديث على عدم الدعاء على العاصيين بما يبعدهم عن الله، ويساعد عليهم الشيطان، ووجه عون الشيطان عليهم بذلك أن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية حصول الخزي له، فإذا دعوا عليه فكأنهم حصلوا مقصود الشيطان، وهذا لا ينافي أن المسلم مطالب بإنكار المنكر، وتبيين الصواب، ولكن بعد التحلي بآداب الأمر والنهي واجتناب السب والوقوع في العرض، لأن ذلك يوغر الصدر ويهيج الغضب ويورث العداوة ويخرج عن المقصود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1422(10/769)
لا مانع من هذا الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يطلب إنسان من الله فتاة معينة أن يزوجه بها أي أن تكون حلالا له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يدعو الإنسان ربه أن يزوجه فتاة بعينها ما دامت تحل له إذا لم تكن هذه الفتاة متزوجة من آخر أو مخطوبة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1422(10/770)
الآثار الدالة على أن التكبير المخصوص جماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التكبير الجماعي هل جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح أن التكبير في الحالات التي يطلب فيها طلباً خاصاً، مثل: أيام التشريق، والعشر الأول من ذي الحجة، كان يقع جماعياً، بمعنى وجود جمع من الناس يكبر في وقت واحد، ففي صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً.
وهذا صريح في أن التكبير كان يقع جماعياً، وفي البخاري أيضا أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما.
وغاية ما تدل عليه هذه الآثار جواز وقوعه جماعياً، لا أن فعله جماعة هو أصل مشروعيته، أو أنه أكمل من فعله فرادى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(10/771)
رسالة الشيخ ابن باز في حكم من كتب (صلعم) بعد ذكر محمد صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كتابة (صلي) أو (صلم) أو (ص) بعد ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وهي اختصار للصلاة عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اختصار كتابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة غير مشروع، كما نص على ذلك أهل العلم قديماً وحديثاً، وممن نص على ذلك وفصله تفصيلاً جميلاً، ونقل فيه أقوال أهل العلم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى، وإليك نص ما كتبه في ذلك:
(الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، إلى جميع الثَّقَلَيْن بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، أرسله بالهدى والرحمة ودين الحق، وسعادة الدنيا والآخرة، لمن آمن به وأحبه واتبع سبيله صلى الله عليه وسلم، ولقد بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فجزاه الله على ذلك خير الجزاء وأحسنه وأكمله.
وطاعته صلى الله عليه وسلم، وامتثال أمره، واجتناب نهيه من أهم فرائض الإسلام، وهي المقصود من رسالته، والشهادة له بالرسالة تقتضي محبته، واتباعه والصلاة عليه في كل مناسبة، وعند ذكره، لأنَّ في ذلك أداء لبعض حقه صلى الله عليه وسلم، وشكراً لله على نعمته علينا بإرساله صلى الله عليه وسلم.
وفي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فوائد كثيرة منها:
- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى، والموافقة له في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، والموافقة لملائكته أيضاً في ذلك، قال الله تعالى: (إن الله وملائكته يُصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلَّوا عليه وسلِّموا تسليماً) .
- ومنها أيضا مضاعفة أجر المصلي عليه، ورجاء إجابة دعائه، وسبب لحصول البركة، ودوام محبته صلى الله عليه وسلم، وسبب هداية العبد وحياة قلبه، فكلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به.
كما أنه صلوات الله وسلامه عليه رغَّب في الصلاة عليه بأحاديث كثيرة ثبتت عنه، منها ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً". وعنه رضي الله عنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم". وقال صلى الله عليه وسلم: "رغم أنفُ رجل ذُكرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ".
وبما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في الصلوات في التشهد، ومشروعة في الخُطب والأدعية، والاستغفار، وبعد الأذان، وعند دخول المسجد، والخروج منه، وعند ذكره، وفي مواضع أخرى، فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب، أو مؤلف، أو رسالة، أو مقال أو نحو ذلك، لما تقدم من الأدلة، والمشروع أن تكتب كاملة تحقيقاً لما أمرنا الله تعالى به، وليتذكره القارئ عند مروره عليها، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلمة (ص) أو (صلعم) ، وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: (صلوا عليه وسلموا تسليماً) .
مع أنه لا يتم بها المقصود، وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة (صلى الله عليه وسلم) كاملة، وقد لا ينتبه لها القارئ، أو لا يفهم المراد بها، علماً بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذَّروا منه.
فقد قال ابن الصلاح في كتابه (علوم الحديث) المعروف بمقدمة ابن الصلاح، في النوع الخامس والعشرين من كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده، قال ما نصه:
(التاسع: أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره، فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك فقد حُرٍم حظاً عظيماً. وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه، فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية، ولا يقتصر فيه على ما في الأصل.
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه، نحو عز وجل، وتبارك وتعالى، وما ضاهى ذلك ... إلى أن قال: ثم ليتجنب في إثباتها نقصين:
أحدهما: أن يكتبها منقوصة صورة رامزاً إليها بحرفين، أو نحو ذلك.
الثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بألا يكتب وسلم، وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه يقول: كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه، ولا أكتب وسلم، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: مالك لا تتم الصلاة علي؟ قال: فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه إلا كتبت وسلم ... إلى أن قال ابن الصلاح: قلت: ويكره أيضاً الاقتصار على قوله (عليه السلام) والله أعلم) . انتهى المقصود من كلامه ـ رحمه الله تعالى ـ ملخصاً.
وقال العلامة السخاوي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (فتح المغيث في شرح ألفية الحديث) للعراقي ما نصه: (واجتنب أيها الكاتب (الرمز لها) أي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك، بأن تقتصر منها على حرفين، ونحو ذلك، فتكون منقوصة صورة كما يفعله (الكسائي) ، والجهلة من أبناء العجم غالباً، وعوام الطلبة، فيكتبون بدلاً من صلى الله عليه وسلم (ص) أو (صم) أو (صلعم) ، فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتاب خلاف الأولى) .
وقال السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي) : (ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا، وفي كل موضع شرعت في الصلاة، كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى: (صلوا عليه وسلموا تسليماً) ... إلى أن قال: ويكره الرمز إليها في الكتابة بحرف أو حرفين، كمن يكتب (صلعم) بل يكتبهما بكمالهما) . انتهى المقصود من كلامه ـ رحمه الله تعالى ـ ملخصاً.
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب، أن يلتمس الأفضل، ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه، ويبتعد عما يبطله أو ينقصه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه رضاه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه) . انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1422(10/772)
متى يخص الإمام نفسه بالدعاء ومتى يشرك المأمومين فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للإمام أن يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الدعاء جهرياً يؤمن عليه المأموم، فعلى الإمام أن يشرك المأمومين معه في الدعاء، ولا يخص نفسه به دونهم، فإن فعل فقد خانهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجلاً قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم، ولا ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن فإن فعل دخل، ولا يصلى وهو حقن حتى يتخفف". رواه أبو دود والترمذي.
لأن المأموم إذا أمَّنَ على دعاء إمامه فقد دعا، لأن المؤمن على الدعاء أحد الداعين، لقوله تعالى: (قد أجيبت دعوتكما) [يونس:89] والداعي هو موسى، وكان هارون يؤمن على دعائه، فنسب الله تعالى الدعاء إليهما جميعاً، الداعي والمؤمن.
وأما المواطن التي يدعو فيها كل واحد لنفسه فهي الأدعية السرية، ودعاء المنفرد، كالدعاء في السجود، وبعد التشهد قبل السلام، وعند الاستفتاح ونحوها، فللإمام أن يدعو لنفسه كما أن المأموم يدعو لنفسه. وقد دلت السنة على ذلك بما هو معلوم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1421(10/773)
الاستشفاء بأسماء الله الحسنى يحقق المراد بإذن الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الشفاء بأسماء الله الحسنى واعتقاد أن لكل مرض اسما يشفيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى قد رغب في الدعاء، وأمر عباده أن يدعوه بأسمائه الحسنى، فقال عز من قائل: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) [الأعراف: 180] .
والدعاء ينقسم إلى نوعين:
- دعاء عبادة وثناء.
- ودعاء مسألة وطلب.
والأمر هنا بالدعاء يشملهما، وحقيقة دعاء المسألة هو: أن يطلب الإنسان من ربه ما فيه نفعه، أو كشف الضر عنه أو دفعه، والإنسان إذا دعا ربه بأسمائه الحسنى للشفاء من أي مرض، أو لزوال أي علة، دعاء مستوفي الشروط، خاليا من الموانع، فمن المحقق أن الله تعالى سوف يستجيب، ويزيل عنه ما به.
أما بخصوص كون كل مرض له اسم معين يشفيه، فهذا شيء ما سمعنا به، إلا أن كيفية سؤاله تعالى بأسمائه الحسنى هو: أن يسأل في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب من أسمائه تعالى، فيقول الداعي في دعائه: يا غفار اغفر لي، يا رحيم ارحمني، يا رزاق ارزقني، يا شافي اشفني، وهكذا.... ففي القرآن الكريم: (وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) [آل عمران: 8] .
وفي الحديث: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" رواه الترمذي وغيره.
وإذا كان الدعاء باسمه تعالى الأعظم، طلب به كل شيء لتضمنه لمعنى كل اسم.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1421(10/774)
كلمة (سامحك الله) لا تفيد مضمونها إلا بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا غضبت من شخص وقلت له سامحك الله وأنا في نفسي لم أسامحه وكنت غضبان منه ولا أريد أن يضيع حقي منه هل سأجد حقي يوم القيامة أم لا لأنني قلت سامحك الله بما معناه أريد معرفة ما معنى جملة سامحك الله وما عملها في الدين ولم نقولها ونحن ما زلنا في غضب من الآخر
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول المرء (سامحك الله) يقتضي الدعاء للمخاطب أن يعفو الله تعالى عن خطيئته. وينبغي أن يكون قائل ذلك قد عفا عن الحق الذي له على ذلك الشخص ليتم مقتضى الدعاء. فالله سبحانه وتعالى -عدلاً منه- لا يعفو عن حق العباد حتى يكون العفو منهم هم أولاً، ولكن هذه الكلمة (سامحك الله) صارت تخرج من الأفواه، ولا يقصد بها هذا القصد أحياناً، وإنما هي كلمة تجري على اللسان عادة في مثل هذا الموقف الذي ذكره السائل.
وعلى كل فإن المرء إذا ظلم فالأفضل له عند الله تعالى والأتقى أن يعفو عمن ظلمه، ويصفح ابتغاء وجه الله تعالى، وله على ذلك الأجر الجزيل عنده سبحانه وتعالى. قال تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى) [البقرة: 237] وقال تعالى: في وصف المتقين (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) [آل عمرآن: 134] وقال تعالى: (وجزاء سيئةٍ سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين) . ثم قال بعد ذلك (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) [الشورى: 40-43] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1421(10/775)
تبديل صيغة التذكير إلى التأنيث في الدعاء جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغير لفظ الذكر من المذكر إلى المؤنث ـمثال ـ اللهم إني أمتك ـمكان ـاللهم إني عبدك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تغيير الضمائر في الأدعية من التذكير إلى التأنيث، ومن الإفراد إلى الجمع أو التثنية مراعاة لمطابقة ألفاظ الدعاء لحالة الداعي، أو المدعو له جائز، نص على ذلك أكثر من واحد من العلماء في باب الجنازة، عند ذكر الدعاء في الصلاة على الميت.
بل إن الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، ذكر حديث ابن مسعود الذي أشار إليه السائل، أقول ذكره كمثال لما يبدل فيه صيغ التذكير بصيغ التأنيث، فيقول الداعي به إذا كان أنثى: اللهم إني أمتك، مكان إني عبدك.. انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله. الجزء الخامس ـ الصفحة 415.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1421(10/776)
حكم التسبيح بالمسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التسبيح بالمسبحة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيده، فعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح -قال ابن قدامة-: بيمينه) رواه أبو داود وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " يا نساء المؤمنات: عليكن بالتهليل، والتسبيح، والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات" رواه أحمد وأبو داود والترمذي، والحاكم، وحسن إسناده النووي في الأذكار، وجود العراقي إسناده في تخريج الإحياء. قال الشوكاني: (مسؤولات مستنطقات) يعني: أنهن يشهدن بذلك، فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى) . إذاً فهذه الأنامل ستشهد لصاحبها يوم القيامة بهذا التسبيح وغيره من خير أو شر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وعد التسبيح بالأصابع سنة … وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين تسبح بالحصى، وأقرها على ذلك. وروي أن أبا هريرة كان يسبح به. وأما التسبيح بما يجعل في نظام الخرز ونحوه، فمن الناس من كرهه، ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه، وأما اتخاذه من غير حاجة، أو إظهاره للناس مثل: تعليقه في العنق، أو جعله كالسوار في اليد، أو نحو ذلك، فهذا إما رياء للناس، أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة، والأول محرم، والثاني أقل أحواله الكراهة …) مجموع الفتوى (22/506) .
ومن العلماء من ألحق السبحة بالنوى والحصى، قال الشوكاني: (والحديثان الآخران يدلان على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى، وكذا بالسبحة لعدم الفارق لتقريره صلى الله عليه وسلم للمرأتين على ذلك، وعدم إنكاره، والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز) ثم ذكر آثاراً عن الصحابة في التسبيح بالحصى والنوى … انظر نيل الأوطار (2/602) .
أما الحديثان اللذان استدل بهما الشوكاني فهما: عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: " أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض … " رواه أبو داود والترمذي. وحديث صفية قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقال: " لقد سبحت بهذا! ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟ فقالت: علمني. فقال:" قولي سبحان الله عدد خلقه" رواه الترمذي.
لكن اعترض البعض بما ذكر الشاطبي في الاعتصام عن ابن مسعود فيما حكاه ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال: مر عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحوا عشراً، وهللوا عشراً، فقال عبد الله إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو أضل؟ بل هذه بدعة (يعني أضل) وذكر له أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد، فأتاهم وقد كوم كل رجل منهم بين يديه كوماً من حصى - قال - فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد، ويقول: لقد أحدثتم بدعة وظلماً، وقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علماً؟! فهذه أمور قد أخرجت الذكر عن المشروع، كالذي تقدم من النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة …)
والراجح - والله أعلم - جواز التسبيح بالمسبحة لمن كان محتاجاً إليها لما تقدم من الأحاديث، حيث أقر النبي صلى الله عليه وسلم التسبيح بالحصى، فتحمل المسبحة على ذلك. وأما ما روي عن ابن مسعود فلا تصح معارضته للأحاديث، لتطرق الاحتمال إليه لأنه ربما أنكر عليهم لاجتماعهم، أو لصدور الأمر بذلك من بعضهم بقوله (سبحوا كبروا) ثم إن هذا قول صحابي على فرض صحته لا يجوز أن يعارض ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن التسبيح باليد أفضل كما تقرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1421(10/777)
الميت المؤمن ينتفع بدعاء إخوانه
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث ... ومنها ولد صالح يدعو له) . والسؤال هو: إذا لم يكن للميت ولد فهل الأخ يكون مكان الولد؟ وهل يدخل في الحديث؟.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن المؤمن ينتفع بدعاء غيره من المؤمنين، وقد امتدح الله المؤمنين بدعائهم لإخوانهم فقال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) [الحشر:10] وأما تقييد الدعاء بالولد كما في الحديث.
فقد قال عنه العلامة المناوي: وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه، تحريض الولد على الدعاء. ا. هـ، وذلك لما للوالد من حق على ولده. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1421(10/778)
حكم الدعاء للميت بـ (قدس الله روحه)
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يقول في دعائه اللهم اغفر له وقدس روحه، دعاءً للميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء للميت مطلقاً بالمغفرة مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، وهو من أفضل الأعمال التي ينتفع بها الميت، قال تعالى: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ... ) [الحشر: 10] .
وأما الدعاء للميت بتقديس روحه، فلا نعلم خبراً عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
والتقديس معناه: التطهير والتبريك، قال في لسان العرب: لا قدسه الله، أي: لا بارك عليه. فيجوز للإنسان أن يدعو للميت بقوله: قدس الله روحه. وقد درج على ذلك كثير من أهل العلم والفضل.
لكن الأولى بالمسلم أن يدعو بالمأثور، ويتمسك بالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد أوتي عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم، ولن يدعو أحد بدعاء أفضل من دعائه صلى الله عليه وسلم، ومما ثبت عنه في دعائه للميت في صلاة الجنازة ما أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه عن عوف بن مالك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول: "اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار".
وأخرج أبو داود وابن ماجه وأحمد عن واثلة بن الأسقع قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين فأسمعه يقول: "اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك، وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم".
وأخرج الطبراني في الكبير والحاكم عن يزيد بن ركانه بن المطلب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للجنازة ليصلي عليها قال: "اللهم عبدك وابن أمتك احتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه".
وهذه الأدعية وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا بها في صلاة الجنازة، فإنه يجوز الدعاء بها للميت في أي وقت، وهو أولى من الدعاء الذي ينشئه الإنسان من ذات نفسه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1421(10/779)
هل يجوز قول (من فمك لباب السماء)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماحكم قول: من فمك لباب السماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في هذا القول، لأن المقصود به أن يستجيب الله دعاءك، أو يسمع كلامك ويحققه. وذلك يكون عادة في الأمور المستحسنة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1421(10/780)
دعوة الوالدين على أولادهما مستجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دعاء الأم على ابنها مستجاب دائما لسبب أو بدون سبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دعوة الوالد على ولده عدها النبي صلى الله عليه وسلم من الدعوات المستجابة فقال:" ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم". أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالد أن يدعو على ولده إلا بخير، فقال كما في صحيح مسلم وغيره" لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم،لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم" ومن المعلوم أن الوالدة والوالد في هذا سواء، فعلى الوالدين أن يتجنبا الدعاء على أولادهم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على دعائهم، كما صح بذلك الحديث. وفي قوله صلى الله عليه وسلم في (قصة جريج وأمه) الواردة في صحيح مسلم وغيره "ولو دعت عليه أن يفتن لفتن ". دليل على أن دعوة الأم على ولدها مستجابة ولو كان فيها إثم، أو قطيعة رحم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1421(10/781)
الدعاء للمشرك والكافر الذي مات على شركه وكفره لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الترحم على المشرك بعد مماته أي بقولنا رحمه الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت أن شخصا ما مشرك أو يهودي أو نصراني أو غيرهم من ملل الكفر، وأنه مات على شركه وكفره من غير توبة فإنه لايجوز الترحم عليه ولاالدعاء له بعد موته، لأن الله تعالى قد قضى عليه بالخلود في النار، والدعاء له بالرحمة طلب لتغيير قضاء الله المبرم الذي لا يغير ولا يبدل بالدعاء، وقد قال تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) [التوبة: 113] . ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث: (والذي نفسي بيده لايسمع بي أحد من هذه الأمة، ولايهودي ولانصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم وغيره.
وهذا غير الدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم رغبةً في إسلامهم، فإن ذلك جائز، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لدوس وكانوا كفاراً فقال: "اللهم اهد دوساً وائت بهم" متفق عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1421(10/782)
حدود التغني في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التغني بالدعاء في صلاة التراويح مع الدليل...... أحسن الله إليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الداعي ينبغي له أن يكون خاشعاً مستكيناً متضرعاً، لقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) [الأعراف: 55] وقد عد العلماء من الاعتداء في الدعاء رفع الصوت والصياح، والتفصيل الذي يخرج بالدعاء عن غرضه ولا شك أن التغني وتكلف الأسجاع قد يأخذ بكل من الداعي والمؤمن على دعائه بعيداً عن تدبر ما يدعون به، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لاتدعون أصم ولا غائبا..) ولهذا فإن الأفضل لمن يقنت بالناس أن يقتصر في ذلك على الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يسترسل في الدعاء فإن ذلك من الفقه ومن الرفق بالناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(10/783)
يجوز أن يقال في الدعاء يا رب الأرباب.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول في الدعاء يا رب الأرباب والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج على الداعي أن يقول في دعائه: يارب الأرباب قاصداً بها الثناء على الله تعالى. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود المتفق عليه: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو" وفي لفظ للبخاري: " من الثناء ما شاء".
ففي هذا الحديث إطلاق من الشارع للداعي أن يحمد الله تعالى ويثني عليه بما شاء، ولا يشترط أن يكون ذلك بالمأثور عنه صلى الله عليه وسلم، وقول الداعي: يارب الأرباب، لا يعني الاعتراف أوالإقرار بربوية غير الله على الحقيقة. بل هو إبطال لربوبية ما سوى الله، فإذا كان سبحانه هو الرب الموجود والمتصرف بهذه الأرباب، فلا معنى لاتخاذها أو عبادتها. إذ ربوبيتها قاصرة محدودة التأثير حتى في نظر أصحابها وعابديها، وهي عند الله فاسدة باطلة، وحجة عابديها عنده داحضة.
وعلى تقدير آخر إذا كان المقصود بالأرباب: أصحاب الشأن وملاك العبيد ونحوهم فكذلك أيضاً، لأن ربوبيتتهم صورية، أخذت من كلمة الرب معناها اللغوي، وهم ومربوبوهم عبيد الله خاضعون لسلطانه. فلا إشكال في الدعاء بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/784)
صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هي أفضل الأوقات التي نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمرنا الله تعالى بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " [الأحزاب:56] قال الإمام البخاري عند تفسير هذه الآية: عن كعب بن عجرة قال: قيل يا رسول الله: أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال قولوا: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وفي رواية للبخاري ومسلم: " اللهم صل على محمد عبدك وعلى آله وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآله وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد" متفق عليه من حديث أبي حميد الساعدي. وهذه الصيغ كلها صحيحة يمكن استعمال أي منها في الصلاة، أما خارج الصلاة فالأمر واسع. وأما الأوقات التي نصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة ومنها:
1- عندما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم تستحب الصلاة عليه، وهناك من قال بوجوب ذلك،
2- عقب الأذان، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن ثم صلوا علي" رواه مسلم
3- وفي يوم الجمعة وليلتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن فعل ذلك كنت له شهيداً وشافعاً يوم القيامة" أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس. وحسنه السيوطي.
4- وفي بداية الدعاء ونهايته. قال الإمام النووي في كتاب الأذكار: "أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يختم الدعاء بهما، والآثار في هذا الباب كثيرة معروفة. اهـ
5- وتستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ضمن أذكار الصباح والمساء عشر مرات، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من صلى علي حين يصبح عشراً، وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة" أخرجه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد. انظر مجمع الزوائد 10/120، وصحيح الترغيب والترهيب 1/273. والله أعلم.
6- وتسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة الإبراهيمية بعد التكبيرة الثانية في صلاة الجنازة.
7- وفي التشهد الأخير من الصلاة تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من أوجب ذلك، وأبطل الصلاة إذا خلت من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
8- تستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه في المجلس قبل أن يقام منه، لقوله صلى الله عليه وسلم" ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" رواه أبو داود، والترمذي، وأحمد، وحسنه النووي والترمذي. وقوله (ترة) أي حسرة وندامة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(10/785)
رفع اليدين في الدعاء ومسح الوجه بهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع اليدين في الدعاء والمسح بهما على الوجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن رفع اليدين في الدعاء قد وردت فيه أحاديث صحيحة صريحة تثبته، ولا تعارض بينها وبين حديث أنس المتفق عليه: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء" كما صرح بذلك ابن حجر وغيره. وأما المسح بهما على الوجه بعد الفراغ من الدعاء، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لا يحطهما حتى يمسح بهما وجهه". رواه الترمذي.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: "فإذا فرغت فامسح بهما وجهك" رواه أبو داود وابن ماجه.
قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام بعد ذكر حديث الترمذي: وله شواهد منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي داود وغيره ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن. انتهى.
وقال غيره: إن الحديث الأول ضعيف جدا، فلا يتقوى الحديث بمجموع الطريقين، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/786)
الدعاء بـ: اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع في الدعاء التالي: اللهم لانسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد:
الدعاء من أجل العبادات وأنجع القربات حيث يعترف العبد بفقره وحاجته إلى الله ولذلك صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:" الدعاء هو العبادة". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح وأبوداود وابن ماجه، وصححه النووي] . وروى الترمذي عن سلمان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يرد القضاء إلا الدعاء". [رواه الترمذي وصححه السيوطي وحسنه الألباني] . وروي عن ابن عمر يرفعه:" إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء". [رواه الحاكم وصححه السيوطي وحسنه الألباني] . وقد صح في الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم في الدعاء فإن الله صانع ما شاء لا مكره له" والدعاء المذكور لا عزيمة فيه وعلى ذلك ينبغي ان يتجنبه العبد في مسألته. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(10/787)
كيفية الاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستغفر ربي عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد:
كيفية الاستغفار هي أن تقول أستغفر الله أستغفر الله كما في صحيح مسلم عن ثوبان قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام" قال الوليد فقلت للأوزاعي كيف الاستغفار قال تقول: "أستغفر الله أستغفر الله".
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/788)
يجوز استخدام المسبحة للذكر واستعمال اليدين أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام السبحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
...
فإنه لاحرج إن شاء الله في استعمال المسبحة، لأنه قد نقل عن جويرية رضي الله عنها أنها كانت تسبح بالنوى، والأثر في مسند أحمد وسنن أبي داود فالتسبيح بالنوى وبالحصى حسن. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه: في التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز (المسبحة المعروفة) ونحوه أن من العلماء من كرهه ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه. وأما اتخاذ المسبحة لغير حاجة أو لأجل أن يظهرها للناس، ولم يكن غرضه منها الاستعانة بها على التسبيح فهذا يخشى أن يكون من الرياء المذموم. على أن استعمال اليدين أولى، لأنه أجمع للقلب، وأبعد من الذهول، ولأنها تشهد لصاحبها.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1421(10/789)
فضل الاستغفار والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل مائة مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل نفع الله بكم. هل تخصيص ورد للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مثلا مائة مرة في اليوم، ومثل ذلك في الاستغفار والتهليل والتسبيح، هل تخصيص عدد معين في اليوم والليلة يدخل في البدعة، وما صحة الحديث الذي يحض فيه النبي عليه السلام على الصلاة عليه ألف مرة في اليوم؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتقيد في الذكر بعدد معين والتزامه، واعتبار ذلك سنة من البدع الإضافية، إلا إذا دل الدليل على التقييد، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 118092، 51760، 99061.
وبخصوص التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل مائة مرة.. فقد ورد في سنن النسائي الكبرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنه، ومن قال الحمد لله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها في سبيل الله، ومن قال الله أكبر مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يجئ يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إلا من قال مثله قوله أو زاد عليه. حسنه الألباني.
وأما الاستغفار مائة مرة في اليوم ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. يغان: المراد ما يتغشى القلب من الغفلة.
وأما ما ورد عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة في اليوم، فراجع فيه الفتوى رقم: 76608 وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(10/790)
من فوائد وثمار الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكننا القول بأن ثواب الدعاء ـ إذا تحققت شروطه وآدابه وانتفت موانعه ـ هو ثواب مضاعف؟
1ـ مرة ثواب محض على اعتبار الدعاء هو من أعظم العبادات والقربات إلى الله تعالى.
2ـ ومرة أخرى بتحقق المراد من الدعاء أو ادخاره ليوم القيامة أو دفع بلاء مثله ـ حسب الحديث الشريف ـ أي بعبارة أخرى إذا استجاب الله الدعاء أو ادخره للآخرة، هل يبقى للداعي ثواب آخر هو أجر وثواب العبادة؟ أم أن الأمر ينقضي بانقضاء الإجابة؟ مع التفويض الكامل لله تعالى ورجاء كرمه العظيم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان فضل الدعاء وآدابه وأسباب إجابته وبعض الأحكام المتعلقة به وأنه أساس العبادة، وانظر الفتويين رقم: 69140، ورقم: 119608، وما أحيل عليه فيهما.
وما ذكرته من أن الدعاء من أعظم العبادات وأفضل القربات وأنه إذا لم يتحقق لصاحبه في الدنيا، فإن ثوابه مدخر له في الآخرة صحيح وسبق بيانه في الفتاوى المشار إليها وعلى ذلك، فإن فائدة الدعاء لا تقتصرعلى إجابته عاجلا وقضاء حاجة العبد في الدنيا، وإنما تشمل أيضا الثواب عليه في حد ذاته كعبادة لله تعالى ـ بغض النظرعن الإجابة أوعدمها.
والذي يظهر هو أنه إذا لم تتم استجابته في الدنيا ولم يدفع من البلاء ما كان دفعه أفضل له مما دعا به، فإنه يثاب عليه من جهتين: جهة: حصول ثواب الدعاء، وجهة: ما يحصله من مقابل ما دعا به مما هو مدخر له في الآخرة، وإما إن يستجيب له فحصل على ما دعا به أو دفع عنه به شر، فالظاهر هو أنه سيحصل في الآخرة على ثواب الدعاء فقط لكونه عبادة في ذاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(10/791)
كيف تثني على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب بمعرفة، كيف أستطيع أن أمدح الله؟ فأفيدوني، جزاكم الله ألف خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتاوى التالية أرقامها: 24723، 25586، 40954.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(10/792)
الاجتهاد بالدعاء بعد الأذان أفضل أم البدء بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأولى بعد الأذان مباشرة إي بعد قول اللهم رب هذه الدعوة التامة الدعاء أم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع للمسلم إذا سمع الأذان أن يقول مثلما يقول المؤذن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الوسيلة للنبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت الأمر بذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ثم يشرع له كذلك أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة لحديث: بين كل أذانين صلاة. أخرجه البخاري.
ويشرع له كذلك أن يجتهد في الدعاء لأن هذا الوقت من أوقات الإجابة كما روى الترمذي وغيره من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد. وبأي ذلك بدأ فقد أحسن، فإن دعا ثم صلى فلا بأس، وإن صلى الركعتين ثم اجتهد في الدعاء فلا بأس، ولا نعلم دليلاً صريحاً على استحباب تقديم أحدهما، على أن الصلاة خير موضوع كما روي عنه صلى الله عليه وسلم ثم هي مشتملة على الدعاء فلعلها أولى بالتقديم لما ذكر، والذي ينبغي للمسلم أن يحرص على أعمال الخير ما أمكنه وأن يجمع بين الطاعات المختلفة لتحصل له فضيلة كل منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(10/793)
أراد فعل شيء ونسي أن يقول: إن شاء الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: إذا أردت فعل شيء في المستقبل وقلتُ سأقوم غدا بفعل كذا وكذا ونسيت أن أقول: إن شاء الله، وبعد مرور زمن تذكرت هذا النسيان. فماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرا وزاد من عملكم الصالح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شيء على من لم يقل إن شاء الله عند إرادة فعل في المستقبل إذا لم يصدر منه يمين على ذلك الفعل، ولكن الأدب والأفضل والأنسب أن يقول: إن شاء الله، لأنه لا يكون شيء في هذا الكون إلا بمشيئته سبحانه وتعالى كما قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. وقال تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. {الكهف: 23-24} .
وما دمت قد نسيت قول إن شاء الله وتذكرتها بعد مرور وقت فلا حرج عليك وقلها عندما تتذكرها كما قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ. {الكهف: 24} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(10/794)
دعاء المسلم لشخص أو امرأة يحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء للشخص الذي أحبه حرام مع العلم بعدم وجود أي ارتباط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الله تعالى إذا لم يكن بإثم أو قطيعة رحم من أعظم العبادات وأفضل القربات، فعن النعمان بن بَشِيرٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الدعاء هو العبادةُ: قال ربّكم ادعُوني آسْتَجِبْ لكم. رواه أبو داود.
ودعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب فيه فضل عظيم، فعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ. رواه مسلم.
وإذا كنت تقصد بالشخص الذي تحبّه، امرأة أجنبية عنك، فاعلم أنّ الشرع لا يقرّ علاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية بغير الزواج، وانظر الفتوى رقم: 5714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(10/795)
الأدلة على استحباب ذكر الله بعد الانتهاء من العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[من دلائل عظمة الله تعالى أن العبادات متربطة بالذكر بعد الفراغ من العبادة، ومن هذه العبادات الصلاة، الصيام، والحج. ما هي الآيات الدالة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الآيات الورادة في الحج قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ. {البقرة:198} .
وقوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. {البقرة: 199-203} .
وأما عند الانتهاء من الصلاة والصوم فقد ثبت الحض على الذكر بعدهما في السنة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4817، 20798، 11882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(10/796)
طلب تسجيل الاستغفار عند دخول المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في الآونة الأخيرة في بعض المنتديات موضوع بعنوان سجل استغفارك، أي أن أي عضو يدخل للمنتدى يدخل الموضوع ويسجل استغفاره، ويقولون إنه غير إجباري، فإذا كان حكمها الجواز، ولكن أنا أخاف أنها من الذكر الجماعي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلب تسجيل الاستغفار عند دخول المنتدى ليس من الذكر الجماعي ونحوه من البدع الإضافية؛ لعدم تعمد الاجتماع على الاستغفار في آن واحد، ولعدم اعتقاد مزية للاستغفار في وقت الدخول عن غيره. وإنما هو استغلال فرصة التلاقي في المنتدى لتذكير أكبر عدد ممكن من الداخلين بالاستغفار وحثهم عليه.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 631، ورقم: 105721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(10/797)
الاستغفار بعدد معين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت في كثير من المواقع عن فوائد ذكر الاستغفار 1000 مرة في اليوم. ما تعليقكم على هذا العدد بالذات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان معنى الاستغفار وفضيلته وصيغه، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 24902، 51755، 104636.
وأما العدد المذكور في السؤال فلم نقف على شيء من السنة في فضله أو استحبابه، وقد روي موقوفا ما هو أكبر منه، فروى أبو نعيم في حلية الأولياء أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة.
وذكر ذلك في ترجمة أبي هريرة جماعة من أهل العلم، منهم ابن كثير في البداية والنهاية، والذهبي في تذكرة الحفاظ. وذكره كذلك ابن رجب في جامع العلوم والحكم.
وقال ابن القيم في شفاء العليل: في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. ولما سمع أبو هريرة هذا من النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد عنه: إني لأستغفر الله في اليوم والليلة اثني عشر ألف مرة بقدر ديتي. ثم ساقه من طريق آخر وقال: بقدر ذنبه. اهـ.
والأصل أن ما جاء من أنواع الذكر مطلقا دون تقييد بعدد معين لا يشرع فيه التزام عدد معين؛ لما في ذلك من مضاهاة الشرع وإحداث صفة في العبادة لم ترد. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 51760.
فيستحب الإكثار من الاستغفار مهما أمكن دون تعيين عدد معين، فإن عيَّن العبد عددا معينا كورد له فلا بأس بذلك لفعل أبي هريرة، شريطة أن لا يعتقد أي فضيلة لهذا العدد الذي لم يرد في السنة، وكذلك أن لا يعتقد أن المداومة على هذا العدد سنة راتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يفعل ذلك من باب ضبط الوقت وتعويد النفس والمواظبة على العمل الصالح. كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 61655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(10/798)
أذكار سهلة الحفظ تقال في الليل ولنهار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأذكار القصيرة الصالحة في الليل والنهار وكل المناسبات، وسهلة الحفظ حتى لا يتوه في أذكار لا أول لها ولا آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك أذكار مطلقة مشروعة في كل وقت دون التقيد بوقت أو عدد معين.
فمنها: قول: لا إله إلا الله.
ومنها: قول: سبحان الله.
ومنها قول: الحمد لله.
ومنها قول: الله أكبر.
قال عليه الصلاة والسلام: أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله. رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن غريب. وحسنه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة ... إلخ. رواه مسلم.
وكذلك يمكن الجمع بين هذه الكلمات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. لا يضرك بأيهن بدأت. رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. رواه مسلم.
ومنها قول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فعن أبي موسى الأشعري قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة أو قال على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: بلى. فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله. متفق عليه.
ومنها قول: سبحان الله العظيم وبحمده.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب صحيح. وصححه الألباني.
ومنها قول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. متفق عليه.
ومنها: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عليه الصلاة والسلام: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. رواه مسلم.
ومنها: الاستغفار.
قال عليه الصلاة والسلام: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم: وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة.
وهناك الأذكار المقيدة أيضا، كأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وأدبار الصلوات وغير ذلك، وهذه الأذكار تجدها مبسوطة في كتاب الأذكار للنووي، وكتاب صحيح الكلم الطيب للألباني، وكتاب حصن المسلم للقحطاني.
وراجع شيئا من هذه الأذكار في الفتوى رقم: 121948.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(10/799)
اطمئنان القلب بذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن حالة أشعر بها، وهي بعد خطبتى لشخص متدين بحوالي شهر أشعر بالخوف دائما، وأريد أن أبكي بدون أسباب، وينتابنى حزن شديد جدا. هل هذا حسد أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العافية والسلامة من كل مكروه، ونفيدك أنه ليس من اختصاص الموقع اكتشاف الأسباب لمثل الأعراض، وننصحك بالحفاظ على الأذكار المقيدة والمطلقة، وأكثري من الدعاء والتعوذ والتحصن بالتحصينات الربانية، ولا حرج عليك في أن ترقي نفسك بالرقية الشرعية، واشغلي نفسك بما يمنع الاسترسال في هذه الأفكار، واحرصي على عدم الجلوس وحدك، وبادري بأمر الزواج قدر الإمكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(10/800)
الدعاء ينفع في كل مطلوب مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي تبلغ من العمر26سنة وتعمل أخصائيه اجتماعية، ولها أخوان، واحد متزوج والآخر خاطب، فأرجو أن تدعو لها أن يرزقها الله بابن الحلال وأن تقول لي ما أدعو به لها؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزق ابنتك بزوج صالح تقر به عينها وتسعد معه في الدنيا والآخرة، أما عن سؤالك فلا نعلم دعاءاً مخصوصاً في الشرع لتعجيل الزواج، لكن الدعاء ينفع بإذن الله في كل مطلوب مشروع، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. {غافر:60} . وانظري لذلك الفتوى رقم: 3570.
واعلمي أنه يجوز عرض الفتاة على من تراه مناسباً للزواج منها من أهل الصلاح، بضوابط مبينة وذلك في الفتوى رقم: 108281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(10/801)
أجر الذكر لا ينقصه عدم عده بالأصابع أو المسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كالآتي: أنا أقوم بذكر الله طول اليوم منذ أن أستيقظ إلى أن أنام، حتى وأنا أقوم بتنظيف البيت من غسيل وطبخ وإلى غيره لا يتوقف لساني عن الذكر، ولا أمل أو أكره أذكر بجميع التسبيح من سبحان الله والحمد الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وإلى باقي أذكار، لكن أقولها بلساني لا بتسبيح باليد ولا بالمسبحة، فهل لي أجر مثل من يسبح بيده أو بالمسبحة أم أنا ناقصة الأجر. فأفيدوني بعلم منكم؟ جزاكم الله كل خير حتى يطمئن قلبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا فضل ذكر الله تعالى ومشروعيته على كل حال، وفي كل وقت من أوقات الحياة، كما ذكرنا فضل التسبيح بالأصبع وجواز التسبيح بالمسبحة، وانظري لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 102976، 36872، 7051، 58737.
فهنيئاً لك بالمواظبة على الذكر في جميع أوقاتك، فهذه نعمة عظيمة مغبون فيها كثير من الناس، فعليك أن تحمدي الله عليها، وتسأليه المزيد من إنعامه والعون على شكره ... وبخصوص أجر الذكر والتسبيح فإنه لا ينقصه عدم عده بالأصابع أو المسبحة، فقد علم الله تعالى ذلك كله وأحصاه، فلا يضيع عنده أجر من أحسن عملاً.. نسأل الله تعالى أن يثبتك ويتقبل منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(10/802)
تحري أوقات الإجابة لتيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من الشيخ آيات الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح بما فيه الكفاية، فإن كنت تسألين عن الآيات التي تكون سببا في الزواج فلا نعلم دليلا شرعيا على تخصيص آيات بعينها لحصول الزواج، ولكن ننصحك بتقوى الله تعالى، والإكثار من الدعاء بأن يرزقك الله تعالى زوجا صالحا مع تحري الأوقات التي ثبت أنها من مظان استجابة الدعاء كثلث الليل الأخير، وأثناء السجود، وبين الأذان والإقامة. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2150.
وإن كان المقصود غير مافهمناه من السؤال، فالرجاء توضيح المقصود. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 59187.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(10/803)
الدعاء المشروع نافع بكل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي نوعا ما استشارية: كنت مخطوبة منذ سنة مضت وقبلها سنتان تعارف, إذ أن والدي أصر على إكمالي لدراستي قبل إعلان الخطوبة. تمت الخطبة بداية 2008, وتم تحديد موعد الزفاف بنهاية السنة.
قبل الزفاف بأيام أخبرني خطيبي بنتيجة تحليل ما قبل الزفاف, وأنه مصاب بالايدز, طبعا الزفاف ألغي وتم فض الحكاية.
مشكلتي أني مازلت أحبه, وهو قد سافر للعلاج ونسبة الأمل 20% فقط في أحد مراكز بريطانيا المختبرية.
سؤالي: هل يقبل الله مني دعائي له بالشفاء حتى لو كان الأمل ضعيفا, أو هل يعتبر هذا نقضا لقضاء الله.
أنا إنسانة مؤمنة بالقضاء القدر وأعلم أن هذه إرادة الله....لكن هناك بقعة أمل صغيرة جدا لا يمكنني تجاهلها, ولهذا أريد استشارتك هل يجوز الدعاء في هذه الحالة. ما أعلمه هو أنه الله على كل شيء قدير وأستشهد بآيات القرآن ومعجزة سيدنا زكريا إذ دعا ربه, وأن الدعاء يغير ما نزل وما لم ينزل.
هذا ما يجعلني لا أتوقف عن الدعاء أبدا, وأيضا فإني مازلت أحبه حبا كبير وهو أيضا يحبني كثيرا ولهذا لا أستطيع تجاهل هذه ال20% من نسبة الأمل. هل يجوز الدعاء بالشفاء, أكرر أنا أقبل قضاء الله ولكن قلبي يريد أن يتمسك بهذا الأمل.. أرجوك ساعدني لكن سؤالي هو هل يجوز الدعاء في هذه الحالة أي الشبه ميؤوس منها؟ القصد أنه هل في هذه الحالة يعتبر القضاء قد وقع ولا رجعة منه حتى بالدعاء أم لا يزال هناك ما أستطيع الدعاء به؟
اقتباس: ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضا: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ومعنى نزل: أي من المقادير والأمور التي وقعت وحدثت، ومن ذلك ما ورد أن سيدنا زكريا عليه السلام لم يكن عنده ولد فسأل الله أن يرزقه الولد فرزقه الله يحيى عليه السلام، وسيدنا أيوب عليه السلام كان مريضًا فدعا الله تبارك وتعالى أن يشفيه فشفاه الله تعالى.
ويعلم الله أن لساني لم ينقطع عن الدعاء ليلا ونهارا ومن القلب أرجوك فأنا في حاجة إلى رد ليريحني من عذابي ولك جزيل الشكر وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخاطب قبل العقد لا يزال أجنبيا عنك، ولا يجوز إقامة علاقة بين الشاب والفتاة الأجنبية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 9463 والفتوى رقم: 1769.
أما عن سؤالك، فيجوز لك الدعاء بالشفاء لهذا الشاب، فليس شفاؤه على الله ببعيد، وليس في ذلك مناقضة للقضاء، والدعاء من القدر الذي يدفع به القدر، وهو من أنفع الأسباب لتحقيق كل مطلوب مشروع، ولو لم يتحقق المطلوب لحكمة يعلمها الله فالدعاء المشروع نافع بكل حال.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاث: ٍ إِمَّا أنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أكْثَرُ 0 رواه أحمد.
وإذا لم يقدر الله شفاء هذا الشاب ويتيسر لك الزواج منه فعليك أن تزيلي من قلبك التعلق به، وثقي أن الخير كله فيما يقدره الله.
قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1430(10/804)
حكم زيادة (إنك لا تخلف الميعاد) في الدعاء عقب الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم قول إن الله لا يخلف الميعاد بعد الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرُ أنك تريد السؤال عن زيادة (إنك لا تخلف الميعاد) الواردة في بعض روايات حديث جابر في الدعاء عقب الأذان، وقد ثبت الحديثُ في الصحيحين دونَ هذه الزيادة، ورواهُ عن علي بن عياش جمعٌ من الحفاظ الأثبات منهم أحمدُ وعلي بن المديني وأبو زرعة الرازي والبخاري والجوزجاني وغيرهم وكلهم لم يذكروا فيه زيادة (إنك لا تخلف الميعاد) وإنما رواها البيهقي عن محمد بن عوف عن علي بن عياش وليس تفرد محمد بن عوف مما يُحتمل، وبخاصة في مقابلة هؤلاء الأئمة المتقدم ذكرهم، فالظاهرُ أن هذه الزيادة شاذة، والأولى تركها والاقتصارُ على ما في الصحيحين ولفظه: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محمودا الذي وعدته.
وقد حسن هذه الزيادة بعض أهل العلم كالعلامة ابن باز رحمه الله، فمن رأى حسنها أو قلد من حسنها فلا حرج عليه في أن يقولها.
وأما إن كان مرادك السؤال عن دعاء آخر هل وردت فيه هذه الكلمة أم لا؟ فلا بُدَ من أن تبينه حتى يُنظر في مدى ثبوت هذه الزيادة فيه، وأما الثناء على الله تعالى بهذه الكلمة والتوسل إليه بهذا الوصف فلا حرج فيه.
والله أعلمٍ.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(10/805)
لا تنجب وليس هناك أي عائق من الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي أنا امرأة متزوجة من ثلاث سنوات ولم أنجب أطفالا بعد، ولا يوجد عندنا أي عائق أنا وزوجي، تعبت من الناس الذين يسألوني باستمرار ويعطوني النصائح، ساعدني يا شيخي ماذا أفعل وأقرأ، أجيبوني استحلفكم بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقك من فضله، ونوصيك بالإكثار من الاستغفار والصدقة، وعليك بحسن الظن بالله تعالى ومواصلة الدعاء من دون استعجال ولا ملل، ويمكن أن تستشيري الإخوة في قسم الاستشارات بالشبكة لعل عندهم نصائح تفيد في هذا المجال، وارجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39792، 47576، 74672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(10/806)
الاحتلام والتداوي بالقرآن والتحصن بالأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[حلمت أن أشخاصا يمارسون علي الجنس, مع العلم أني بدأت معالجة نفسي بنفسي بقراءة القرآن في الماء وشربه بعد ذلك مدة آربعة آيام الآن. هل بي جني ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الأمر قد يكون من الاحتلام الطبيعي، والاحتلام قد يكون من الشيطان وقد يكون سببه كثرة التفكر في الأمور الجنسية، وقد يحصل بسبب القوة وغزارة المني عند المحتلم كما ذكر ابن القيم والنووي رحمهما الله.
وننصحك بالبعد عن النظر في المحرمات والتفكير فيها وبشغل وقتك وطاقتك بما يفيد من تعلم علم نافع أو عمل صالح أو تسلية أو رياضة مشروعة، واحرص على الزواج إن أمكنك وإلا فأكثر من صوم النفل، ففي حديث الصحيحين: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
وعلى أية حال فإن الاحتلام لا يترتب عليه شيء ولا تنبني عليه أحكام، والرقية تنفع مما نزل بالإنسان من الأسقام ومما لم ينزل، وينبغي للمسلم أن يحصن نفسه بالأذكار لاسيما أذكار الصباح والمساء وأذكار دخول الحمام وأذكار النوم والاستيقاظ ونحو ذلك.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 56032، 73900، 76388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(10/807)
الترغيب في الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة على رسول الله.
أنا أسبح في اليوم على الرسول صلى الله عليه وسلم 1000مرة في اليوم وقد علمت من بعض الكتب أنها تعتق من النار فأود أن أسأل عن صحة ذلك مع العلم أني في البداية كنت أسبح لأجل قضاء حاجة في الدنيا، فقد أخبروني أن أنوي التسبيح بنية قضاء حاجة وأسبح لمدة أربعين يوما تقضى حاجتي ولكني وجدت نفسي منذ أكثر من سنتين وأنا أسبح دون توقف لأني أردت التقرب لله ولحب رسول الله، فما حكم ذلك أفيدوني؟
أرجو الرد وبالتفصيل أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مرغب فيه شرعا، وأما التحديد بالألف فليس ثابتا وإنما وجدناه في المستطرف للأبشيهي غير مسند.
وروى الطبراني حديثا يقول فيه: من صلى علي مائة كتب له بين عينيه براءة من النار. ولكنه حديث ضعيف ضعفه الألباني.
فلا ينبغي التزام عدد معين والمواظبة عليه، وأما الإكثار من الصلاة بنية قضاء الحاجات مع إرادة التقرب إلى الله تعالى فيدل له حديث أبي بن كعب في كونها يكفى بها الهم ويغفر بها الذنب.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35359، 112310، 52978، 46915.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(10/808)
استحباب الدعاء في كل وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل أن أدعو الله أثناء الصيام أم أتركه إلى وقت الثلث الأخير من الليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن تجمع بين الدعاء أثناء الصيام وبين الدعاء في الثلث الأخير من الليل، والجمع بينهما أمر ميسور، وقد قال صلى الله عليه وسلم: أعجز الناس من عجز عن الدعاء. رواه الطبراني وصححه الألباني
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(10/809)
حكم النطق بالشهادتين في الكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النطق بالشهادتين في الكنيسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكرُ اللهِ من أفضل الأعمال، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا {الأحزاب:41} ، والنطقُ بالشهادتين من أفضلِ الذكر، بل لا نجاةَ لعبدٍ يوم القيامة إلا أن يُقرَ بهما بقلبه وينطقَ بهما بلسانه مع القدرة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يذكرُ الله على كل أحواله، كما أخبرت بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فذكرُ الله مشروعٌ في جميع الأزمنةِ والأمكنة إلا ما خصه الدليل، كحالِ قضاء الحاجة. ولا نعلم دليلاً يمنعُ من الذكرِ والنطقِ بالشهادتين في الكنيسة، لكن يبقى النظر في سبب دخول الكنيسة، فإن كان الدخول لا يتضمن إقرارا بباطلٍ أو سكوتاً على شرك، وكان الباعث عليه أمرا مباحا فهو مباح، وإن كان لأمرٍ مشروع كدعوتهم إلى الإسلام من متأهلٍ مع أمن الفتنة والمفسدة فهو مشروع، وأما إن كان لأمرٍ محرم كتهنئة النصارى بأعيادهم، أو يتضمن محرماً كالسكوتِ على المنكر والإقرار على الشرك فهو محرمٌ قطعاً.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 3121، 8327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(10/810)
مشروعية الدعاء أثناء فعل الأعمال الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز هل يجوز أن يدعو الإنسان وهو يعمل شيئا صالحا أي خلال عمله الشيء أي مثلا أثناء عمل يكون برا للوالدين أو خلال ذهابه إلى المسجد وهل هذا أفضل....
وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح تمام الوضوح ولكن نقول حسبما فهمنا أنه لا مانع من أن يدعو الإنسان ربه تعالى أثناء قيامه بعمل صالح، وقد دلت السنة على مشروعية الدعاء أثناء فعل العبادة كما في الدعاء أثناء الطواف: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. {البقرة:201} . والدعاء عند الوقوف على الصفا والمروة والوقوف بعرفة وعند المشعر الحرام والدعاء عند الذهاب إلى المسجد ونحو ذلك.
ولكن ينبغي الحذر من تخصيص دعاء معين لم يرد بتخصيصه الشرع لأن هذا يوقع في البدعة حيث يظن الناس أن هذا الدعاء خاص بذلك العمل الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(10/811)
ذكر الله يصقل القلب ويتوقد العقل به
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) .الآية السؤال هل كثرة الذكر تذهب العقول مثال يقال أن فلانا كان يسبح الله بعدد مثلا 2000 مرة و5000 آلاف مرة وهكذا حتى جن أو فقد عقله هل هذا من الصواب وهل ثبت هذا في السيرة النبوية. وأريد منكم خلاصة أو نصيحة أو أذكارا أقيم بها الليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكر الله يطهر النفوس، ويُثبِّت العقول، ويطمئن القلوب؛ لقوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}
فهذا الذي ذكرته من أن بعض الناس جن بسبب الذكر وهم باطل. فعليك بلزوم الذكر على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ففوائد الذكر جمة، قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله. قال معاذ بن جبل: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله. حسنه المنذري في الترغيب.
وأما عن الأذكار والدعوات التي تقوم بها فهي كثيرة مبينةٌ في كتب الأذكار، فعليك بالكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب الأذكار للنووي، لتتعرف من خلالها على أذكار الاستفتاح والركوع والسجود وعلى الدعوات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها ويدعو بها، ونصيحتنا لك هي أن تصحب أهل الخير من المتمسكين بالسنة الحريصين عليها، وأن تتقي الله في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك. والله المسؤول أن يهدينا وإياك سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(10/812)
جواز الإتيان بأكثر من سنة في الصلاة على الفعل الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح الإتيان بأكثر من سنة في الصلاة، مثال: قول ربنا ولك الحمد في الركعة الأولى، والثانية أقول اللهم ربنا ولك الحمد وهكذا في الركوع والسجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنعم يصح، بل يستحب للمصلي أن يأتي بكل الصيغ التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث ثبتت أنها سنة، وأن ينوع بينها على حسب ما ذكر السائل وذلك سواء كانت سنة فعلية أو سنة قولية.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في مجموع الرسائل والفتاوى:
وأعلم أن تنوع العبادات والأذكار من نعمة الله عز وجل على الإنسان، وذلك لأنه يحصل بها عدة فوائد:
1. تنوع العبادات يؤدي إلى استحضار الإنسان ما يقول من الذكر، فإن الإنسان ما دام على ذكر واحد صار يأتي به بدون أن يحضر قلبه، فإذا تعمد وقصد تنويعها فإنه بذلك يحصل له حضور القلب.
2. ومن فوائد تنوع العبادات: أن الإنسان قد يختار الأسهل منها والأيسر لسبب من الأسباب، فيكون في ذلك تسهيل عليه.
3. ومنها: أن في كل نوع ما ليس في الآخر فيكون في ذلك زيادة ثناء على الله عز وجل. اهـ.
وبهذا يكون ثبت للسائل أنه يجوز أن يأتي بأكثر من سنة في الصلاة على الفعل الواحد لكونه أنشط له وأكثر إعانة له على الخشوع في الصلاة، ولئلا تضيع السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(10/813)
الدعاء للآخرين كتابة
[السُّؤَالُ]
ـ[في المنتديات يقوم الأعضاء بالدعاء لبعضهم، أي كتابة الدعاء من خلال جهاز الحاسوب، فهل هذا يعتبر دعاء لهم من دون النطق به باللسان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كتابة الدعاء للغير ينزل منزلة الدعاء له باللسان إذا قصد ذلك، ومرد ذلك إلى للقاعدة المعروفة عند الفقهاء والأصوليين الكتاب كالخطاب، والقلم أحد اللسانين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(10/814)
حاجة العباد إلى دعاء الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء بدون سبب ليس بسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء مطلوب ومرغب فيه شرعاً وأسبابه لا تنحصر ولا تنقطع، وحتى لو فرض أن العبد في كفاية تامة من العيش وعنده كل ما يحتاجه من الأمور الدنيوية مثلاً، فإنه يحتاج إلى سؤال الله دوام النعمة والشكر عليها واستعمالها في الطاعة، وهذا نبي الله أيوب عليه السلام مع ما أعطاه الله من الغنى بعد الابتلاء فقد حرص على المزيد طمعاً في البركة من الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فنادى ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى، قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى بي عن بركتك ... رواه البخاري.
وما دام العبد في هذه الدنيا وروحه في جسده فهو في حاجة دائمة أيضاً إلى دعاء الله تعالى واللجوء إليه، حتى ولو لم تكن له حاجة دنيوية فهو بحاجة إلى دوام العافية وبحاجة إلى مغفرة الذنوب والعفو من الله تعالى كما أنه بحاجة إلى أن يدعو لصلاح آخرته ودخول الجنة والنجاة من النار، ونحو ذلك فأسباب الدعاء لا تنقطع، وقد قال الله تعالى في بعض أنبيائه: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ {الأنبياء:90} ، قال الثوري: رغباً فيما عندنا ورهباً مما عندنا.. فالعبد المؤمن دائماً في رغب فيما عند الله من خيري الدنيا والآخرة وفي رهب مما عنده من عذاب الدنيا والآخرة.
وإن كان مقصود السائل الدعاء بما هو متحصل أصلاً كمن يطلب النصر لجيش المسلمين مثلا مع علمه أنهم قد انتصروا بالفعل فهذا دعاء لا وجه له وليس من السنة فيما نرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1429(10/815)
الذكر عند الأرق وحكم تناول المنوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب طالب فى الجامعة, أعانى من مرض الأرق، حتى ذهبت إلى المستشفى ثم أعطاني دواء للنوم، فما هو حكمه, وما هو علاجه الشرعي؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعاطي المنوم لمن يعاني من الأرق باستشارة طبيب لا مانع منه شرعاً ما لم يترتب على ذلك ضرر غالب، وأما الهدي النبوي في هذا المقام فهو الدعاء وذكر الله وذكر ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب أحدنا الأرق، قال ابن القيم في زاد المعاد: فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الفزع والأرق.. روى الترمذي عن بريدة قال اشتكى خالد فقال: يا رسول الله ما أنام من الأرق، قال: إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً أن يفرط علي أحد منهم، أو يبغي علي أحد، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك. انتهى كلامه.
وفي صحيح البخاري: (باب فضل من تعار من الليل فصلى) قال الحافظ: التعار أيضاً السهر والتمطي والتقلب على الفراش ليلاً مع كلام ثم أورد حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم: من تعار بالليل (سهر وتمطى) فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ... ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته. قلت فمن أصيب بالأرق، قال: هذا الدعاء ثم دعا الله أن يذهب عنه الأرق فهذا باب عظيم للإجابة. وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 77314، 34362، 16790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(10/816)
اهدنا الصراط المستقيم.. لماذا
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا عندما نصلي نقول (اهدنا الصراط المستقيم) ، وهل نحن ضالون عن الصراط المستقيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكمة من سؤال المسلم ربه الهداية لسلوك الطريق المستقيم في الصلاة أو غيرها هي شدة حاجة المسلم إلى الاتصاف بالهداية والثبات على هذا الطريق الصحيح، فأرشده الله إلى هذا الدعاء لإعانته على سلوك طريق الحق، ولا يعني ذلك أنه على ضلالة.
ففي تفسير ابن كثير: (فإن قيل) فكيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها وهو متصف بذلك؟ فهل هذا من باب تحصيل الحاصل أم لا؟ فالجواب: أن لا، ولولا احتياجه ليلاً ونهاراً إلى سؤال الهداية لما أرشده الله تعالى إلى ذلك، فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها وتبصره وازدياده منها واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق، فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله فإنه قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه ولا سيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا. فقد أمر الذين آمنوا بالإيمان، وليس ذلك من باب تحصيل الحاصل لأن المراد الثبات والاستمرار والمداومة على الأعمال المعينة على ذلك. والله أعلم.
وقال تعالى آمراً لعباده المؤمنين أن يقولوا: رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ. وقد كان الصديق رضي الله عنه يقرأ بهذه الآية في الركعة الثالثة من صلاة المغرب بعد الفاتحة سراً، فمعنى قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم.. استمر بنا عليه ولا تعدل بنا إلى غيره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(10/817)
الذكر مستحب في كل وقت إلا حال قضاء الحاجة والوطر
[السُّؤَالُ]
ـ[الأوقات التي يحرم فيها الذكر والدعاء]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يكره ذكر الله تعالى ودعاؤه في الأماكن المستقذرة كالكنيف وغيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد مدح الله تعالى عباده المؤمنين الذين يذكرونه.. على كل حال فقال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
و" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ " كما في الصحيحين وغيرهما.
وقد كره أهل العلم الذكر والدعاء باللسان في الأماكن المستقذرة كالكنيف والطرقات وحالة الجماع.. تعظيما لحرمات الله تعالى.
وأما الذكر بالقلب فلا حرج فيه بل هو مشروع في كل وقت وعلى كل حال. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى: 28312، وبإمكانك أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(10/818)
المفاضلة بين التحميد والتسبيح والاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما الأفضل للمرء الإكثار من التسبيح والتحميد أم الاستغفار وأيهما أعظم أثرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فالإكثار من كلا النوعين من الكلام مطلوب، لكن الظاهر أن الإكثارمن التسبيح والتحميد أفضل وأعظم أثرا من الإكثار من الاستغفار وحده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإكثار من كلا النوعين من الذكر مطلوب، لكن الظاهر أن الإكثارمن التسبيح والتحميد أفضل من الاستغفار وحده لأنهما من أحب الكلام إلى الله تعالى، وإذا كانا كذلك فإن الإكثارمنهما أفضل وأعظم أثرا من غيرهما.
ففى صحيح مسلم وغيره عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت.
وفى صحيح مسلم أيضا عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ قلت يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: إن أحب الكلام إلى الله؛ سبحان الله وبحمده.
قال الإمام النووى فى شرح صحيح مسلم: (أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده) وفى رواية أفضل هذا محمول على كلام الآدمى وإلا فالقرآن أفضل وكذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل المطلق، فأما المأثور فى وقت أو حال ونحو ذلك فالاشتغال به أفضل. والله أعلم.
وقال المناوى فى فيض القدير: (أحب الكلام إلى الله) تعالى أي كلام البشر لأن الرابعة لم توجد في القرآن ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه ويحتمل أن تتناول كلام الله أيضا لأنها وإن لم تكن فيه باللفظ فهي فيه بالمعنى (أربع) في رواية أربعة (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) لأنها جامعة لجميع معاني أنواع الذكر من توحيد وتنزيه وصنوف أقسام الحمد والثناء ومشيرة إلى جميع الأسماء الحسنى لأنها إما ذاتية كالله أو جمالية كالمحسن أو جلالية كالكبير فأشير للأول بالتسبيح لأنه تنزيه للذات وللثاني بالتحميد لأنه يستدعي النعم وللثالث بالتكبير وذكر التهليل لما قيل إنه تمام المئة في الأسماء وإنه اسم الله الأعظم وهو داخل في أسماء الجلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(10/819)
إهداء ثواب الذكر والقراءة للعاجز
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي امرأة كبيرة في السن لا تجيد القراءة ولا الكتابة فلو قرأت أذكار الصباح والمساء أو أذكار النوم وتمنيت أن يصلها ثواب ذلك وأن تحفظها هذه الأذكار من السوء، فهل يكون ذلك ممكنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من قرأ أذكار الصباح أو المساء أو النوم وأهدى ثواب تلك القراءة لشخص حي وصله عند بعض أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قرأت أذكار الصباح أو المساء أو النوم وأهديت ثواب تلك القراءة لوالدتك العاجزة عن القراءة وصلها الثواب عند بعض أهل العلم، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 100586.
أما قراءة الأذكار بنية حفظها أيضاً بتلك الأذكار فهذا يحصل مع النفث عليها عند القراءة، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها كانت تقرأ بالإخلاص والمعوذتين وتنفث على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه عند النوم، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 39031، وللمزيد راجعي فيه الفتوى رقم: 96380.
وهذا لا يقدم مقام قراءتها هي لتلك الأذكار، ولذلك ينبغي أن تعلم هذه الأم قراءة أذكار الصباح والمساء لتفعل هذا بنفسها، وتعلم ذلك يسير إن شاء الله إن حصل التدرج بأن تحفظها شيئاً فشيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(10/820)
مسائل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب عندما شخص ما يذكر رسولنا الكريم بأن نقول صلى الله عليه وسلم أم نقول عليه الصلاة والسلام لأننى سمعت لا يجب عليك بأن تقولى صلى الله عليه وسلم لأن الله لا يصلى على الرسول بل الرسول هو الذى يصلى على الله بارك الله فيكم يا أهلنا الكرام أختكم اسيل من فلسطين المحتلة]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره مستحبة على القول الراجح، وتجوز بصيغة عليه الصلاة والسلام، أو صيغة صلى الله عليه وسلم، أو بغيرها من الصيغ فالأمر في ذلك واسع.
والله تعالى يصلي على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومعنى صلاته عليه ثناؤه عليه في الملإ الأعلى من الملائكة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره مستحبة على القول الراجح وليست بواجبة؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 64644.
وتجوز الصلاة عليه عند ذكره بصيغة عليه الصلاة والسلم أو صيغة صلى الله عليه وسلم أو بغيرهما من الصيغ فالأمر في ذلك واسع، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 50167،.
والله تعالى يصلي على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً {الأحزاب:56} ومعنى هذه الصلاة من الله تعالى ثناؤه على رسوله في الملأ الأعلى من الملائكة وراجعي الفتوى رقم: 25329، والفتوى رقم: 98633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(10/821)
المواظبة على أذكار الصباح والمساء تحرر من قيود الخوف والوهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحس ببعض المعارضة من البيت عندما أنوي الذبح بغرض الصدقة وذلك خشية من والدي من الحسد ويقولون لا بد أن تختار مناسبة حتى لا يتفكر الناس في السبب، فكيف أستطيع إقناعهما بذلك أم أتصدق بالمال خفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا داعي للخوف من الحسد والعين. فمن داوم على الأذكار المأثورة لا يخاف شيئاً، وإخفاء صدقة التطوع أفضل من إعلانها، وفي كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين ... الحديث. ولذلك فينبغي مراعاة خاطر الوالدين، ولكن لا يعني ذلك أن يخاف المسلم أو تلاحقه الوساوس من الحسد والعين حتى تشل حركته ويترك أعمال الخير أو يزهد فيها، فهذا من وساوس الشيطان.
فمن كان مداوماً على أذكار الصباح والمساء ينبغي له أن يتحرر من قيود الخوف والأوهام، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في أول يومه أو في أول ليلته: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة. صححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
ولو تصدقت بالمال خفية فلا شك أن ذلك أفضل وأبعد عن الرياء والعين والحسد ... وإن كان إطعام الطعام مرغب فيه شرعاً، ولكن صدقة السر لها منزلة عظيمة، قال الله تعالى: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:271} ، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 55047، والفتوى رقم: 62253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(10/822)
من الأحوال التي كان النبي يستعيذ من الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف متى كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الشيطان عند قراءة القرآن، وعند القيام لصلاة الليل وعند دخول المسجد ...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم عند تلاوة القرآن؛ كما أمره الله تعالى بقوله فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {النحل:98} ..
وكذلك إذا قام لصلاة الليل، فقد روى الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا قام من الليل يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه. وفي سنن أبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثا، ثم يقول: الله أكبر كبيرا ثلاثا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وإذا دخل المسجد، ففي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وقد أرشدنا صلى الله عليه وسلم إلى الالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم دائما، وخاصة عند دخول الخلاء، وعند الغضب، وعند الوسوسة في الصلاة.
وللمزيد انظر الفتوى: 4814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(10/823)
فضل الاستغفار ومسائل متعلقة بشأنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف معنى الاستغفار وكيفية الاستغفار وفائدته وهل له أوقات معينة أم أنه فى أي وقت، وهل يصلح وأنا أقوم بأي عمل فى البيت أو أشاهد التلفاز، كما أرجوكم أن تدلوني على أن ما أفعله صحيح أم لا، فأنا كل يوم بعد صلاة العشاء أخصص حوالى نصف ساعة أقول فيها سبحان الله100 والحمد لله100 والله أكبر (أي أنني أكرر الكلمة 100مرة) ، ثم أقول بصيغة أستغفر الله حوالي 500 مرة أو أكثر (أى أكرر الكلمة500 مرة) ، وأقول صيغة أستغفر الله وأتوب إليه، فهل ما أفعله صحيح أم أن هناك خطأ في الصيغ التي أستغفر بها أم أن الاستغفار شيء آخر غير ما أقوله وأفعله، وما معنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله ويتوب إليه فى اليوم100مرة فما الصيغة التي كان يذكرها وهل100مرة يعني أنه كان يكرر الكلمه100مرة، كما أفعل أم أنها تعني100مرة بداخلها عدد من الاستغفار، فأرجوكم أفيدوني مع ذكر صيغ الاستغفار المختلفة وكيفية الاستغفار ووقته؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستغفار يشرع في كل وقت ممكن، ولكن تحديد وقت معين للعبادة يتعين التوقف فيه على ما ثبت كالسحر وأدبار الصلوات والمساء والصباح حذراً من الوقوع في البدعة الإضافية، ويتعين الحرص على حضور القلب أثناء الاستغفار وغيره من الأدعية، لما في حديث الترمذي: إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ولكنه لا يمنع في الشرع أن تستغفري أثناء انشغال بشيء، فالذكر من دون حضور القلب أولى من عدم الذكر، وراجعي في كيفية الاستغفار وألفاظه وفي المزيد عما تقدم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39154، 104636، 101717، 63884، 98879، 49384، 65735، 55969، 51755، 24902، 71758.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(10/824)
زيادة العلي العظيم في الحوقلة واردة في السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الذكر ما الأصح أن نقول (لا حول ولا قوة إلا بالله) أم نقول (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) وصح عنه أيضاً الترغيب فيها بزيادة (العلي العظيم) ، ففي البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله. ورواه مسلم بلفظ: ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة، أو قال على كنز من كنوز الجنة، فقلت: بلى، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي صحيح ابن حبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. غفرت له ذنوبه أو خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. والحديث صحيح كما ذكر الألباني.
وعن أبي هريرة أيضاً قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنها من كنز الجنة. ذكره الألباني في صحيح الترغيب والترهيب وقال: صحيح لغيره.
ومن هذا يعلم أن من قال لا حول ولا قوة إلا بالله فقط،أو أتى بزيادة العلي العظيم معها قد وافق الصواب، لكن لا ينبغي الاقتصار على لا حول ولا قوة إلا بالله في الحالة التي وردت فيها زيادة لفظ (العلي العظيم) مثل الذكر عند النوم لوردها في الحديث، وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 69866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(10/825)
فضل الاجتماع لأجل ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت جالسا مع أصحابي وهناك لقاء إيماني يعقد بشكل دوري كل شهر وحركت شفتاي بتمتمة لا يسمعها أحد من الحاضرين بقسم أني لن أحضر هذا اللقاء وسؤالي هو أنني لا أدري أكان هذا بخصوص اللقاء القادم فقط أم كل اللقاءات وأيضا أشك في القسم هل هو بالله أم الطلاق فأنا في حيرة شديدة علما بأنه لم يأت موعد اللقاء بعد فهل هذه وسوسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا ينبغي الحلف على ترك مجالس الخير لما في ذلك من فوات كثير من الفوائد الضرورية، ويحرم الحلف بالطلاق ولكنه يقع، وأما الشك في حصول الحلف بالطلاق فلا أثر له لأن الطلاق لا يقع بالشك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم ينبغي له ألا يفعل فعلا حتى يفكر فيه وفي إيجابياته وسلبياته، ويستخير فيه ويستشير، كما ينبغي له أن لا يكثر من الحلف، ولا يجعل القسم بالله مانعا من أعمال البر، ولا يجعل عصمة زوجته عرضة للانفصام كلما نفر من شيء أو كرهه. فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {البقرة:224}
ثم إننا ننبه إلى أن الحلف بالطلاق محرم شرعا؛ لما في حديث الصحيحين: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت.
وإذا حلف الشخص بالطلاق ثم حنث يقع عليه الطلاق.
وبناء عليه.. فلا يليق بك أن تحلف على ترك الحضور مع إخوتك في اللقاء الإيماني فتحرم من الخير الكثير. فقد رغب الشرع في المجالس الإيمانية، وكان الصحابة حريصين على المجالس الإيمانية، فقد قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا. {الكهف:28}
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم.
وفي المسند عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال: ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة. والحديث حسن إسناده الهيثمي والعجلوني
وفي الحديث: ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه؛ إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات. رواه أحمد وصححه الألباني والأرناؤوط.
وفي الحديث: عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين، يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله عز وجل، قيل: يارسول الله من هم؟ قال: جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه. رواه الطبراني ووثق رجاله الهيثمي وحسنه الألباني.
وفي الحديث: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وبناء عليه؛ فإنك شككت هل حلفت بالله أو بالطلاق؟ فننصحك أن تكفر كفارة اليمين بالله وتلتزم بحضور مجالس العلم، لأن حضورها خير من تركها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم.
وأما شكك هل حلفت بالطلاق أم لا؟ فلا يقع به الطلاق، كما بينا في الفتاوى التالية أرقامها: 18550، 44565، 69437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(10/826)
صيغ الاستغفار وفضل الإكثار منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يستغفر في اليوم 70 مرة وفي رواية 100 مرة فهل من الأفضل الاستغفار بهذا العدد أم الأفضل الاستغفار بما شئت من عدد وما هي صيغ الاستغفار؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كونه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة أو أكثر من سبعين لا تعني تفضيل هذا العدد على غيره، ولا ينافي مشروعية الزيادة على ذلك لما ثبت من الأمر بالاستغفار في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى فعل بعض الصحابة والتابعين من الإكثار منه مع حرصهم الشديد على اتباع سنته صلى الله عليه وسلم والاقتداء به. والاستغفار يحصل بكل صيغة مشتملة على طلب المغفرة ويتعذر حصر صيغه، وأفضلها ما كان مأثورا في السنة الصحيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستغفار من الأذكار التي يعظم ثوابها لما يترتب عليها من محو الذنوب والتخلص منها، وقد ثبت الترغيب فيه. وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من كونه كان يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة أو مائة لا يدل على تحديد ذلك العدد والالتزام به ولا تفضيله على غيره لعموم الأمر به والإكثار منه في كتاب الله تعالى حيث قال تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ {هود: من الآية3} إضافة إلى السنة النبوية الصحيحة مع ما ثبت عن بعض الصحابة والتابعين من الإكثار منه والزيادة على العدد المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مع حرصهم الشديد على متابعته واقتفاء سنته الشيء الذي يدل على فضل الإكثار من الاستغفار دائما، وعدم التقيد بالعدد المحدد في السؤال.
قال ابن رجب في جامع العلوم الحكم: وقال الحسن أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة..... إلى أن قال ابن رجب: قال أبو هريرة إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم ألف مرة وذلك على قدر ديتي، وقالت عائشة رضي الله عنها: طوبي لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا. قال أبو المنهال: ما جاور عبد في قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير، وبالجملة فدواء الذنوب الاستغفار، وروينا من حديث أبي ذر مرفوعا: إن لكل داء دواء وإن دواء الذنوب الاستغفار. قال قتادة: إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار. وقال بعضهم: إنما معول المذنبين البكاء والاستغفار فمن أهمته ذنوبه أكثر لها من الاستغفار. قال رباح القيسي: لي نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت الله لكل ذنب مائة ألف مرة وحاسب بعضهم نفسه من وقت بلوغه فإذا زلاته لا تجاوز ستا وثلاثين فاستغفر الله لكل زلة مائة ألف مرة، وصلي لكل زلة ألف ركعة، وختم في كل ركعة منها ختمة، قال ومع ذلك فإني غير آمن من سطوة ربي أن يأخذني بها، فأنا على خطر من قبول التوبة. ومن زاد اهتمامه بذنوبه فربما تعلق بأذيال من قلت ذنوبه فالتمس منهم الاستغفار وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار ويقول إنكم لم تذنبوا. وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكتاب قولوا اللهم اغفر لأبي هريرة فيؤمن على دعائهم. انتهى.
والاستغفار يحصل بكل صيغة تدل على طلب المغفرة، والأفضل الاقتصار على الصيغ المأثورة في السنة الصحيحة وهي موجودة في كتب الحديث، ولا يتسع المقام لحصرها. وقد سبق بيان بعضها في الفتوى رقم: 51755.
وعليه، فالأفضل في حق السائل الإكثار من الاستغفار دائما مع التقيد بالصيغ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 96304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1429(10/827)
الإكثار من قول لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في المنتديات هذا الموضوع وأريد رأيكم فيه وجزاكم الله خيرا، وهل يجوز نشره؟
لا إله إلا الله من أسرار (لا إله إلا الله) ، أن جميع حروفها جوفية يحتاج مرددها إلى الإتيان بها من خالص الجوف وهو القلب..، ليس في حروفها معجم "منقوط" إشارة إلى التجرد من كل معبود سوى الله..هي اثنا عشر حرفأ على عدد شهور السنة منها أربعة حرم وهي لفظ الله كما أن الأشهر الحرم أربعة فمان قالها مخلصاً كفرت عنه ذنوب السنة..، وهي مع محمد رسول الله أربع وعشرون حرفاً والليل والنهار أربع وعشرون ساعة فكل حرف منها يكفر ذنوب ساعة، وكلماتها سبع وأبواب جهنم سبع فكل كلمة تسد باباً عن قائلهاً، وهذه الجملة لاتحتاج منا جهدا ولا حتى تحريك شفاهنا، ومع ذلك نحن مقصرون في قولها لا إله الا الله كم تعادل من حسنة، نعم هل خطر ببالكم لا إله إلا الله كم تعادل من حسنة؟ سؤال يطرح نفسه ولكن لا أحد يعبرها إلا من رحم ربك.... لا أقصد إخواني أخواتي شخصا محددا, بل هل تعرفون كم تعادل من الحسنات؟ إنها تعادل 240 حسنة فأكثروا منها فهناك من يغفل الآن عن ذكرها , ومشغول في التفكير بالمعصية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأ ما أصل الحث على الإكثار من ذكر هذه الكلمة فأمر طيب، فإنها من أفضل الذكر كما ثبت في الحديث الصحيح، وقذ ذكرناه بالفتوى رقم: 58967.
وذكرنا شيئا من أدلة فضلها بالفتوى رقم: 5398 فراجعهما.
وأما ما هو مذكور في هذا الموضوع الذي وجدته في هذه المنتدى ففيه بعض الاستنباطات التي لا تخلو من تكلف، كالقول بأن كون جميع حروفها جوفية يدل على أن قائلها يحتاج إلى الإتيان بها من الجوف، بل إن كان المقصود بكون جميع حروفها جوفية ما هو مصطلح عليه عند علماء التجويد فهذا غير صحيح فحرف اللام مثلا ليس من حروف الجوف، بل غالب حروفها مخرجها غير الجوف.
هذا بالإضافة إلى أن في هذا الموضوع بعض الأمور التي تحتاج إلى دليل كالقول بأن كل حرف يكفر ذنوب ساعة.
فلا ينبغي الاهتمام بمثل هذا ولا يجوز نشره، وفيما ورد به الشرع من الدلالة على فضل هذه الكلمة ما يكفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(10/828)
من الأدعية الشاملة لخيري الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء شامل لأمور المسلم كلها، وما هو نص دعاء الأنبياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في القرآن والسنة النبوية كثير من الأدعية الشاملة لخيري الدنيا والآخرة، نذكر منها هنا ما يلي:
أولاً: قول الله تعالى: وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {البقرة:201} ، ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
ومنها ما روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: اللهم إني اسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني اسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني اسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، واسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً.
ومنها دعاء الاستخارة، وقد ذكرناه في الفتوى رقم: 971.
ولا نعلم دعاء مخصوصاً يطلق عليه (دعاء الأنبياء) ، وهنالك كثير من الأدعية المختلفة للأنبياء في القرآن الكريم والسنة النبوية..
وننصحك بالرجوع إلى كتب السنة التي تعني بالأذكار ومن أحسنها كتاب حصن المسلم للشيخ سعيد القحطاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(10/829)
الذكر باللسان مشروع في جميع الأوقات
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد ثلاثة أوقات تكره الصلاة فيها لكن هل يكره قراءة الأذكار المعروفة من السنة مثل التسبيح أو قراءة آية الكرسي أوغيرهم لأن الصلاة ذكر وبالقياس، فهل كل الذكر مكروه فى أوقات النهي عن الصلاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يكره الذكر ولا التلاوة أوقات كراهة الصلاة فقد شرع الله تعالى الذكر بكرة وعشياً، كما قال تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار ِ {آل عمران:41} ، وقال تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ {غافر:55|} ، وقال تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ {طه:130} ، وقال تعالى: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا {الأحزاب:42} ، ومن المعلوم أن النافلة تكره بعد صلاة الصبح وصلاة العصر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأذكار يقرؤها بعد صلاة الفجر، وثبت عنه الترغيب في الذكر بعد العصر والفجر.
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه. وفي الحديث: لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: الذكر باللسان مشروع في جميع الأوقات، ويتأكد عقيب الصلوات المفروضات، ويستحب بعد الصلاتين اللتين لا تطوع بعدهما وهما الفجر والعصر ... انتهى.
وبهذا يعلم بطلان قياس الذكر على الصلاة في هذه الأوقات، وراجع كتاب الترغيب للمنذري والأذكار للنووي وعمل اليوم والليلة لابن السني، للاطلاع على الأحاديث المرغبة في الذكر بعد الفجر والعصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(10/830)
الدعاء عند البلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا يكون المرء مبتلى ببلاء يلازمه، وبالمنطق والعقل لا مجال لزوال هذا الابتلاء, طبعا الله تعالى لا يعجزه شيئ في الأرض ولا في السماء وإنما لله تعالى سنن كونية لا تتبدل ...
فكيف يمكن أن يكون الفرج بالنسبة لإنسان مبتلى بابتلاء لا يزول , خصوصا أنكم تعرفون أن انتظار الفرج من الله تعالى من الأسباب التي تعين الإنسان على الصبر، وبأي صيغة يدعو هذا الإنسان؟
سؤال آخر: هل في هذا السؤال الذي طرحته على فضيلتكم ما يغضب الله مني؟؟ ولو كان الأمر كذلك أمانة عليكم لا تضعوه في الموقع حتى لا تكون فتنة وحتى لا أتحمل الوزر بل أرجو منكم أن تبعثوا الجواب على عنواني الإلكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المبتلى يشرع له أن يكثر الدعاء وسؤال الله كشف البلاء في أوقات الإجابة لما في الحديث: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. وهذا الدعاء سبب من الأسباب وهو من أنجحها، فالله تعالى كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا، وهو قدير غالب على أمره لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وقد جرب نفع الدعاء في كثير من ألأمور المستعصية، فقد فرج الله عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة لما دعوه بصالح أعمالهم، وفرج عن النبي يونس عليه الصلاة والسلام بعد ما التقمه الحوت في البحر لما دعاه، وترك الله الباب لمن دعا بهذه الدعوة من جميع المؤمنين كما في حديث الحاكم: ودعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له.
وكم سمعنا في هذا العصر من ناس شهد لهم الأطباء بعدم إمكان دوائهم من السرطان أو من العقم فلما ذهبوا إلى مكة وشربوا من زمزم ودعوا الله فرج الله عنهم وشفاهم وعافاهم.
وإذا تصورنا أن الداعي لم يستجب له في الظاهر فإن هذا لا يعني أن دعاءه لم تحصل به فائدة، فإن النصوص دلت على أن من دعا بدعاء ليس فيه اعتداء ولا إثم يعطيه الله ما لم يستعجل إحدى خصال ثلاث: إما أن تقضى حاجته، أو يدخر له في الآخرة، أو يصرف عنه من السوء مثلها كما في الحديث:
ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الأخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وفي الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله وما الاستعجال قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فسيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم.
وأما إذا كانت هناك حالة لا يمكن في العادة أن تتغير مثل حال شخص قطعت رجله أو لسانه ولا يمكن في العادة أن يركب له لسان أو رجل مثل الرجل الأولى، فإن سؤال الله الفرج في هذه الحالة ينال العبد به عدة فوائد منها أن الله تعالى يخفف عنه من الناحية النفسية ويرزقه الصبر والرضى بقضاء الله تعالى ويعوضه خيرا مما فقد، فكم شاهدنا من العميان والمعوقين عوضهم الله تعالى خيرا كثيرا من الذكاء الخارق ومن العلم وغير ذلك من النعم.
وراجع للأدعية والأسباب المفيدة في كشف البلاء الفتاوى التالية أرقامها: 79093، 73010، 70670، 49867، 93473، 93185، 101542.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(10/831)
الذكر عند الكرب والهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في كرب لايعلمه إلا الله فهل يجوز لي تخصيص بعض الذكر كالحوقلة وقول حسبنا الله ونعم الوكيل والصلاة على الرسول في أوقات معينة من اليوم كأدبار الصلوات المكتوبة وبعد قراءة أذكارها، هل يعد ذلك بدعة وهل عملي غير خالص لوجه الله خصوصا أني أقوله لينكشف كربي وهمي وهو من أمور الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قول: "حسبنا الله ونعم الوكيل" عظيم النفع بالغ الأثر، لما فيه من تفويض الأمر لله، وإظهار التوكل عليه سبحانه، وقد قال ذلك إبراهيم الخليل عليه السلام حين ألقي في النار، وقاله محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، روى كل ذلك البخاري من حديث ابن عباس.
ولا شك كذلك في فضل الحوقلة فهي كنز من كنوز الجنة، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال ابن كثير في التفسير: قال محمد بن إسحاق: جاء مالك الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أسر ابني عوف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه، فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها وأقبل، فإذا بسرح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم، فاتبع أولها آخرها فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب فقال أبوه: عوف ورب الكعبة، فقالت: أمه: واسوأتاه! وعوف كيف يقدم لما هو فيه من القد، فاستبقا الباب والخادم، فإذا عوف قد ملأ الفناء إبلاً، فقص على أبيه أمره وأمر الإبل، فقال أبوه: قفا حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله عنها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعاً بمالك، ونزل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. رواه ابن أبي حاتم. اهـ
ولا شك كذلك في فضل وعظيم أثر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي في سننه عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي، فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك.
قال الترمذي: حسن صحيح، قال: في تحفة الأحوذي: يعني إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة علي أعطيت مرام الدنيا والآخرة. انتهى.
وأما التزام ما ذكرت من تخصيص دعاء معين بوقت معين فننصح بعدم التزامه لأنه يخشى أن يكون داخلا في ضابط البدعة الإضافية، فمن البدع الإضافية التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة. وراجع الفتوى رقم: 631.
ونوصيك بالاستغناء عن ذلك بمواصلة الدعاء واستعمال التحصينات والتعاويذ المأثورة، وتحر في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة، كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وفي السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي الصيام وعند الفطر في اليوم الذي تصوم فيه، فإن الدعاء يرفع البلاء وينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما يدل له دعاء القنوت في السنن وصحيح ابن حبان وفيه: وقنا شر ما قضيت. وفي الحديث: لا يرد القضاء إلا الدعاء. رواه الترمذي، وفي الحديث: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم وحسنه الألباني.
وواظب على الأدعية المأثورة في رفع البلاء والدعاء بالاسم الأعظم ودعاء يونس فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في أوقات الشدة والأزمات، ففي مسند أحمد وسنن الترمذي والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا، فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه: كلمة أخي يونس عليه السلام، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. والحديث رواه الترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص. وفي سنن أبي داود وسنن ابن ماجه من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله، الله ربي لا أشرك به شيئا.
وروى أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا قال: فقيل: يا رسول، ألا نتعلمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
وأخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم.
وأما الإخلاص فإنه لا علاقة له بهذا فلا حرج على العبد على الراجح أن يعمل عملا صالحا ليستفيد به فائدة أو يزيل به ضررا، فكم رغب الأنبياء في عمل الخيرات لإصلاح أمور الدنيا والأخرى كما أخبر تعالى عن نوح أنه قال لقومه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {10-12}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(10/832)
التحصن بالأذكار حماية من الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[توضيحا للفتوى رقم: 100558 المقصود أن المسلم يقوم بتحصين نفسه أو أولاده بالأذكار الواردة فهل يؤثر إخبار الناس بأنه قام بهذا العمل على هذا التحصين الشرعي؟ أي هل يبطل هذا الحصن؟
وكذلك إذا كان يحصل للإنسان من الأمور ما يتمناها غيره هل يؤثر إخبار الناس بها عليه؟
وما حكم الإخبار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يؤثر إخبارك للناس على ما قمت به من تحصين أولادك وذلك لأن حفظ الله لمن أتى بالأذكار المأثورة والأعمال الصالحة ليس في طوق العباد أن يردوه، قال الله تعالى: وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ {يونس:107}
وأما تحدثك بالنعم لأصدقائك من باب الشكر لله تعالى فهو محمود شرعا ولا ضرر فيه، وإن خشيت على نفسك أن بعض الناس ربما يصيبك بعين أو يسعى في ضرك فالأحسن أن تكتم عنه ما تحقق من أمانيك، فقد قال يعقوب عليه الصلاة والسلام لابنه يوسف: يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {يوسف:5} وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 56174، 54514، 55047، 57129، 69805، 71124، 93473، 72011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(10/833)
سيد الاستغفار وأفضل الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كما في الاستغفار هناك سيد الاستغفار، فهل يوجد سيد الحمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسيد الاستغفار معناه أن ذلك الذكر هو أفضل ما تطلب به المغفرة من الأذكار، جاء في فيض القدير: (سيد الاستغفار) أي أفضل أنواع الأذكار التي تطلب بها المغفرة هذا الذكر الجامع لمعاني التوبة كلها، والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة الستر للذنوب والعفو عنها، قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعاً لمعاني التوبة كلها استعير له اسم السيد وهو في الأصل للرئيس الذي يقصد في الحوائج ويرجع إليه في المهمات. انتهى.
ولم نقف على ذكر قد سمي بسيد الحمد، إلا أنه قد ورد في السنة أن أفضل الدعاء الحمد لله، روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله.
وجاء في تحفة الأحوذي: ... وأفضل الدعاء الحمد لله؛ لأن الدعاء عبارة عن ذكر الله وأن تطلب منه الحاجة والحمد يشملهما، فإن من حمد الله يحمده على نعمته، والحمد على النعمة طلب المزيد وهو رأس الشكر، قال الله تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(10/834)
من صلى على النبي كلما سمع من ينادي شخصا اسمه محمد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي على محمد كلما سمعت شخصا ينادي على أي إنسان اسمه محمد، أقول اللهم صل على محمد، هل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبان في كل وقت لأن الله تعالى أمر بهما في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً {الأحزاب:56}
وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي حين يصبح عشرا، وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة. أخرجه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد.
وفي صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشرا....
وأخرج الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي. رواه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما.
والصلاة على النبي عند ذكر اسمه على أنه اسمه لا على أنه علم سمي به غيره، ولكن لو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم كلما سمعت اسم محمد دون اعتقاد سنية ذلك، وإنما اعتدت ذلك وأحبتته فلا حرج عليك، وتثاب على صلاتك وسلامك على النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(10/835)
الإكثار من الأذكار والتعوذات المأثورة وقاية من السوء
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت جلسة يخرجون فيها عفريتا ومن ساعتها لا أعرف أنام من الخوف ماذا أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالإكثار من الأذكار والتعوذات المأثورة، فإن الذكر تنال به طمأنينة القلب، كما قال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ {الرعد:28}
ومن أهم الأدعية المأثورة في الأذكار الصباحية والمسائية سؤال الله العافية والأمن مما يخاف في الدعاء المأثور في الصباح والمساء.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 57129، 69805 73010.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(10/836)
الدعاء مآله إلى الخير دائما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من يئس من حياته وأصبح يصلي دون اللجوء إلى الدعاء لأن الله لم يفرج كربته يعتبر كافراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء من أعظم العبادات وأهم القربات، بل هو أساس العبادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وأبو داود.
وقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا عليه بالإجابة، فقال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، فليتيقن المسلم أنه إذا دعا الله تعالى بإخلاص، أن دعوته ستستجاب إن عاجلاً أو آجلاً، أو يدخر له مقابلها من الثواب ما هو خير منها، أو يدفع عنه من الشر بقدرها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ولكن حذار حذار من العجلة واليأس وترك الدعاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم.
إذا تبين هذا فلا ينبغي للمسلم أن يترك دعاء الله تعالى والالتجاء إليه ولو يئس من حياته لأن الدعاء لا يجلب له إلا الخير من حيث يدري ومن حيث لا يدري، وإذا لم يلتجئ إلى الله تعالى فإلى من يلتجئ، هذا مع أنه لو ترك الدعاء ولم يقل ما يقتضي الكفر فإنه لا يعتبر بتركه الدعاء كافراً، وللفائدة في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 21386، والفتوى رقم: 48562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(10/837)
الترغيب في الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة هذا الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: من صلى علي 300 مرة لم يكتب من الغافلين.. فأرجو إفادتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي ذكرته لم نقف عليه، لكن ثبت الترغيب في الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما في الفتوى رقم: 46915.
وثبت أيضاً أن من قام بعشر آيات من القرآن الكريم لم يكتب من الغافلين، ففي سنن أبي داود من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين. وصححه الشيخ الألباني. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 19600.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(10/838)
يتضاعف الذكر ويتعدد بعدد ما أحال الذاكر على عدده
[السُّؤَالُ]
ـ[لأحقق فضل هذا الحديث كم مرة يجب قوله، -بأي شيء تحرك شفتيك يا أبا أمامة؟ فقلت: أذكر الله يا رسول الله! فقال: ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض، سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، سبحان الله ملء ما أحصى كتابه، سبحان الله عدد كل شيء، سبحان الله ملء كل شيء، الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء.
الراوي: أبو أمامة الباهلي- خلاصة الدرجة: صحيح- المحدث: الألباني- المصدر: صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 1575؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث صحيح كما ذكر السائل، ونرجو أن ينال الثواب المذكور فيه من قاله مرة واحدة، وقد ذكر الشوكاني في النيل: أن الذكر يتضاعف ويتعدد بعدد ما أحال الذاكر على عدده وإن لم يتكرر الذكر في نفسه، فيحصل لمن قال مرة واحدة (سبحان الله عدد كل شيء) من التسبيح ما لا يحصل لمن كرر التسبيح ليالي وأياماً بدون الإحالة على عدد. اهـ
ولكن يحسن الإكثار من هذا الذكر رغبة في المزيد من الحسنات دون الالتزام بعدد معين، لأن الشرع رغب في الإكثار من الذكر عموماً، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا {الأحزاب:41} ، وفي الحديث: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله، قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات. رواه مسلم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1428(10/839)
ثمرات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسبيح والذكر وذكر أسماء الله الحسنى بحيث كل شخص يذكر اسما من أسماء الله الحسنى في المنتديات، وكذلك ما حكم وضع حرف (ص) عند ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، مثال: كل فرد يدخل المنتدى يصلي على نور الهدى اللهم صل على محمد وآل محمد، حديث شريف (من لم يقدر على ما يكفر ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآله, فإنها تهدم الذنوب هدما) قرأت أن هذا الشيء من البدع وعندما وضعت روابط الإفتاء البعض عارضني وقالوا لي استغفري ربك والبعض قال لي إنه لم يتم السؤال عن هذا الموضوع بالشكل الصحيح فأنا أطلب من الله ثم منكم توضيح الفتوى الصحيحة بالرغم من قناعتي بأنها من البدع.. كذلك سوف أقوم بوضع هذه الفتوى أمامهم سواء أكنت على حق أم لا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 61863، أن ما يحصل في المنتديات من الدخول بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لم يتضح لنا أنه من الذكر الجماعي الذي كرهه السلف، وانظري الفتاوى المحال عليها في هذه الفتوى.
أما بخصوص الإشارة إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة بـ (ص) ونحو ذلك، فقد ذكر العلماء أن ذلك غير مشروع، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 7334.
ثم إن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لكفاية الهم ومغفرة الذنب، كما جاء في حديث أبي بن كعب قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذاً تُكفى همك، ويغفر لك ذنبك. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. ورواه الإمام أحمد والحاكم في المستدرك، لكننا لم نقف على الصيغة التي ذكرت في السؤال باعتبارها حديثاً. وللفائدة يراجع الفتوى رقم: 18845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(10/840)
الدعاء من أسباب حصول الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد اأخت مريضة لا نعرف كيف نعالجها وقد ذهبت إلى الأطباء النفسيين وهي لا تتحسن؟ .
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح مع علاجها عند الأطباء المختصين أن تكثر من الدعاء لنفسها، وأن تكثروا أنتم من الدعاء لها بظهر الغيب أن يمنَّ الله تعالى عليها بالشفاء والعافية، وننصح أيضاً بالرقية الشرعية، وسبق بيانها في الفتوى رقم: 4310، والفتوى رقم 19900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(10/841)
من صور الذكر والتعاون عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذكر في المنتديات بأن يقول واحد مثلا سبحان الله ويقول الذي يليه بصفحة الحمد لله وهكذا، فيكون كل عضو يدخل يقرأ ما مضى ثم يكتب شيئا من الذكر ألا يكون هذ بمثابة حلقة من حلقات الذكر أو الذكر المتصل بالمنتدى، ونكون قد عملنا بقوله تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الله على الذكر فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا {الأحزاب:41} ، وبين أن أولي الألباب والعقول الراجحة هم الذين يذكرون الله على كل أحوالهم، فقال: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ ... {آل عمران:190-191} ، ولا تخلو حالة الإنسان من هذه الثلاث.
وتقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. رواه مسلم.
وما ذكر في السؤال صورة من صور الذكر والتعاون عليه ولا مانع منه، ولكنه لا يعد من مجالس الذكر التي ورد ثوابها وفضلها في الأحاديث، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 14961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(10/842)
فضل الذكر بكلمة التوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لا إله إلا الله..لا نعبد إلا إياه.
هل ورد في هذا الذكر أي فضل في السنة النبوية الشريفة أو على لسان أحد من الصحابة؟ أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم حديث صحيحا خاصا ببيان هذه الجملة تامة "لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه" ولا أثرا عن واحد من الصحابة. وقد روى الطبراني بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع صوت ناقوس أو دخل كنيسة أو بيعة أو بيت نار أو أصنام فقال: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، كتب الله له من الأجر عدد من لم يقلها، أو كتب عند الله صديقا. اهـ. وهذا الحديث ضعيف فيه عمر بن الصبح وهو متروك؛ كما قال في مجمع الزوائد.
ولكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول دبر الصلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. رواه مسلم.
وكلمة التوحيد عموما لها فضل عظيم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله.. الحديث رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وفي الحديث: أفضل الذكر لا إله إلا الله. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(10/843)
أحب الكلام إلى الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحديث الشامل في قولنا سبحان الله والحمد الله والله أكبر ولا إله إلا الله ... يقال هناك حديث في قصة إبراهيم والملكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد بالحديث الشامل ما رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت.
وقد فسر بعض السلف الصالح الباقيات الصالحات التي جاء التنويه بها والترغيب في الذكر بها في القرآن الكريم بهذه الكلمات الأربع كما في تفسير القرطبي وابن كثير وغيرهما.
وقد سبق بيان أفضل الذكر وافضل أوقاته في الفتاوى التالية أرقامها: 3933، 58967، 60185، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وأما حديث قصة إبراهيم والملكة فلم نعرف مراده منه على وجه الدقة، فلو وضح لنا ذلك حتى يتسنى لنا الرد عليه كان ذلك أولى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(10/844)
الإلحاج في الدعاء بطلب الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أبعث بسؤالي إليكم راجية من الله ثم منكم أن تساعدوني.
أنا سيدة متزوجة منذ حوالي سنتين لم يرزقني الله بالإنجاب وقد أثبتت التحاليل بأني أنا وزوجي لا توجد لدينا أي موانع للإنجاب وهنا تكمن المشكلة ففي الحقيقة أنا ليس لدي اعتراض على أمر الله ولا أتسخط وراضية بقسمتي ولكني أحيانا عندما يكون لدي أمل وأسعى جاهدة للإنجاب ولا يحدث ذلك أصاب بخيبة أمل شديدة ففي كل مرة تأتيني فيها الدورة لا تتخيل مدى الانكسار الذي أحس به والتوتر النفسي الذي أعانيه وإن تركي لموضوع الإنجاب وعدم إعطاء نفسي أمل في أن أنجب يمنحني الرضا على العكس إذا ما أعطيت نفسي أملا أصاب بخيبة أمل شديدة وكبيرة ولا تتخيل مدى الحزن الذي أعانيه لدرجة أني أحس أن قلبي ينفطر.
فهل تفكيري بهذا الشكل معناه بأني أقنط من رحمة الله فوالله أني لست قانطة ولكني لا أريد أن أعطي نفسي أي أمل ولا يتحقق وقولي لنفسي وللآخرين بأني لن أنجب ولن يكون لدي أطفال يشعرني بالرضا أكثر.
أفيدوني أفادكم الله وجزاكم ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزق الأخت السائلة الذرية الصالحة ويصلح لها دينها ودنياها، ونصيحتنا للأخت أن تعمل بالأسباب، وأن يكون تعلقها بمسبب الأسباب سبحانه، فالسبب لا يعمل إلا بإذنه، ولا تيأس من رحمة الله، بل ينبغي إحسان الظن بالله تعالى مع تفويض الأمر إليه جل شأنه ليختار للعبد ما هو خير له، ولا تستعجل رزق الله فلكل قدر قدره الله أجل معلوم سيأتي لأجله، فقد رزق إبراهيم عليه السلام الولد في حال الكبر من امرأة عجوز عقيم حتى أن إبراهيم دهش واستبعد حصول ذلك فقال: أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ {الحجر:54}
فلتفوض الأخت أمرها إليه سبحانه، ولا تقطع رجاءها وأملها في الله تعالى، ولتحذر من القنوط من فضل الله تعالى القادر على كل شيء وله الخلق والأمر، ثم لتعلم السائلة أنها إن توجهت إلى الله تعالى واعتمدت عليه في قضاء حاجتها فلن يخيبها الله تعالى، ولن يضيع سعيها أو تذهب دعواتها بل إما أن يستجيب لها دعوتها فيرزقها الولد، أو يدخرها لها في الآخرة، أو يصرف عنها بها سوءا، وتراجع الفتوى رقم: 20789.
وعليه، فلا تيأس من الأخذ بالأسباب ولا تقنط من فضل الله تعالى، ولتكن على يقين من أن الله عز وجل لن يخيبها إذا توفرت في دعائها وتوجهها الشروط المطلوب توفرها في الدعاء، وتراجع الفتوى رقم: 21386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(10/845)
هل يرد الدعاء القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء يرد القدر ويبدله. فأرجوا أن تنصحني يا شيخ؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء من قدر الله، ومن الشرع أن يدفع قدر الله بقدر الله، فقد يرد الدعاء القدر، أو يكون سببا في تغييره، وقد سبق بيان هذا الأمر بالفتويين: 18306، 9890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(10/846)
وسائل الترغيب في ذكر الله عز وجل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أجعل نفسي تحب الذكر حيث إنني لما أبدأ في الذكر أقنط فأتوقف فأنا أريد أن أكون دائما أذكر الله ولكن ما السبيل إلى ذلك؟. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم ما يساعد على المواظبة على الذكر ويحببه للنفس أن تطلعي على ما أعد الله للذاكرين من المثوبة. فقد قال الله تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {الأحزاب: 35} وقال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الأنفال: 45} وفي الحديث: سبق المفردون. قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات. رواه مسلم. وقال: ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وطالعي رياض الصالحين، والترغيب والترهيب، والمتجر الرابح، وعمل اليوم والليلة لابن السني، تجدين كثيرا من فضائل الأذكار.
واستعيني بالدعاء وسؤال الله العون على الذكر، ففي الحديث: أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
وعليك بالبعد عن أماكن الغفلة ورفاق السوء، وبرمجي وقتا معينا للذكر تكمل فيه أذكار الصباح والمساء، واحرصي على تذكر الأذكار المقيدة كالدخول والخروج والأكل وغيرها، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 37130، 64992، 76425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1428(10/847)
الإكثار من الباقيات الصالحات
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم يوميا بحساب مائة من الباقيات الصالحات في أصابعي هل الأفضل لي هو عدها بشكل يومي مائة أو أن أقوم بتكرارها دون عد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكر الله تعالى من أفضل الأعمال التي ينال بها المسلم الثواب العظيم من الله تعالى، فقد أمر عباده بالإكثار من ذكره جل وعلا حيث قال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الأنفال: 45} فواظب على الإكثار من ذكر الله تعالى خصوصا الباقيات الصالحات، لكن لا تداوم على تخصيص عدد معين منها في وقت معين لعدم دليل شرعي يدل على التحديد. وراجع الفتوى رقم: 61655، والفتوى رقم: 69307، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 66871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(10/848)
حكم من قال (تقبل الله صلاتك)
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على موقعكم وخدمتكم للإسلام والمسلمين، قلت لشيخ بعد أن صلى المغرب منفردا متأخرا: تقبل الله صلاتك. فرد علي إن ما قلت بدعة، مارأيكم في هذا ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل استحباب دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب، ففي الحديث الشريف: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل. رواه مسلم.
وبالتالي فلا داعي لوصف ذلك بالبدعة ما دام الداعي لم يعتقد في دعائه في هذه المناسبة سنية خاصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1427(10/849)
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الحديث صحيح: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أكثر من الصلاة عليّ سوف لا يجد السوء والأذى ساعة الاحتضار؟
أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على الحديث المذكور فيما تيسر لنا من المراجع، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بوب لها كثير من أهل العلم في كتبهم فقالوا: باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبإمكانك أن ترجعي إلى كتب السنة فستجدين فيها الكفاية، ونذكر هنا طرفا من ذلك، فقد روى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا علي فإنها زكاة لكم. وروى أحمد وغيره أن جبريل عليه السلام بشر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. وفي رواية: وكتب له بها عشر حسنات. رواه الترمذي وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة. رواه الترمذي وغيره.
ومما يدفع ميتة السوء ويقي من سوء الخاتمة ما رواه ابن حبان وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء. وقال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه. رواه الحاكم. وقال صلى الله عليه وسلم: إن صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة السوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر. رواه الطبراني في الكبير. ففي الأحاديث المعروفة كفاية عما لا يعرف، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة عن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الفتوى رقم: 21892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(10/850)
الاجتماع لمتابعة محاضرة عبر التلفاز هل يعد مجلس ذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر جلوسنا أمام التلفاز لمتابعة برنامج ديني أو محاضرة دينية أو جلوسنا لسماع شريط إسلامي "مجلس ذكر"، وإذا جلست وحدي لأستمع أو أشاهد تلك المحاضرات وأنا حائض هل يعتبر مجلس ذكر أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 73516 أن سماع المحاضرات والدروس الدينية عبر التلفاز ونحوه فيه خير كثير وأجر وبركة، وأنه وإن كان مجلس ذكر إلا أنه لا يعد مجلس ذكر يثاب من حضره كما يثاب من حضر ببدنه في المسجد في مجلس اجتمع فيه على ذكر الله، وانظر الفتوى المشار إليها.
ولا بأس بسماع الحائض المحاضرات والدروس عبر التلفاز أو الأشرطة أو مشافهة من المحاضر أو المدرس ولا يحرم عليها ذلك، بل هو أمر حسن تثاب عليه إن شاء الله ما لم تدخل المسجد فإن دخول الحائض المسجد لا يجوز، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 2245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(10/851)
ذكر المرأة في بيتها بعد الفجر هل تحصل به على أجر حجة وعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا جلست بعد صلاة الصبح أذكرالله وفي نفس الوقت يدي مشغولة بالخياطة في البيت حتى طلوع الشمس وصليت ركعتين أكون ممن يكتب لهم عمرة وحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 17018، أنا لم نقف على دليل يفيد كون المرأة إذا صلت الصبح وجلست في مصلاها تذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم تصلي ركعتين كتب لها ثواب حجة وعمرة؛ لكن يرجى لها حصول ذلك، وكونك تشتغلين بالخياطة مع ذكر الله تعالى لا ينافي حصول الأجر إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(10/852)
سبب الدعاء بـ (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا..)
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. صدق رسول الله، أي أننا لن يحاسبنا الله عز وجل عن الخطأ والنسيان وما نكره على إتيانه، ونجد أيضا قول الله عز وجل: ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا. صدق الله العظيم، فلماذا إذاً ندعو الله أن يغفر لنا أشياء هو لن يحاسبنا عليها تبعا لنص الحديث؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الدعاء مما تعبدنا به لثبوته في القرآن، وقد بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم باستجابته فعلاً، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا، بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله عز وجل: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا. قال: نعم، رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا. قال: نعم، رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ. قال: نعم، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. قال: نعم. انتهى.
وفي معنى رفع المؤاخذة المذكور، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني. وقال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5} ، قال ابن كثير: فإن الله قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه. انتهى.
وبناء عليه.. فيشرع الدعاء بهذا الدعاء تعبداً لثبوته في القرآن، ولثبوت الترغيب في قراءة الآيتين الأخيرتين من البقرة كل ليلة، كما في صحيحي البخاري ومسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(10/853)
شرب ماء زمزم لغرض تعجيل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن استخدام ماء زمزم لعلاج تعجيل الزواج، وما هي الطريقة، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ماء زمزم لما شرب له. رواه أحمد وحسنه ابن حجر، وقد نقل ابن الجوزي عن سفيان بن عينية أنه صحيح.
وبناء عليه؛ فلا مانع من شرب ماء زمزم لغرض الزواج، ولا نعلم طريقة معينة في استخدامه، وأكثري من الدعاء أوقات الاستجابة، واستعيني في تحقيق جميع طموحاتك بالالتزام بتقوى الله في كل حين، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32981، 54646، 70548.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(10/854)
تلاوة القرآن والذكر فيهما شفاء للنفوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متحجبة وأصلي ولكن بعض الأحيان أشعر بقلق شديد ولا أحب أن أتكلم مع أي شخص في البيت وأصبح أكره كل من يسكن معي في البيت، أم زوجي وأباه الكل بعض الأحيان حتى زوجي، وأكره البيت وأود أن أخرج منه ولا أرجع إليه مرة ثانية، وأحب أن أجلس لوحدي وأبكي ولا أعرف ما هو السبب، ساعدوني؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك ويحفظك من كل مكروه، ولعل ما يصيبك بسبب التقصير في بعض الواجبات أو التعدي لبعض الحدود، ولذلك ننصحك بتقوى الله تعالى والمحافظة على أداء الفرائض وما استطعت من النوافل، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والإكثار من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإن الإكثار من قولها يفرج الهموم ويكشف الكروب، وهي دعوة ذي النون التي دعا بها في بطن الحوت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم يدع بها عبد مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. رواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
كما ننصحك بتلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه ... لما في ذلك من الأجر العظيم والشفاء لما في النفوس والأبدان، فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57} ، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53334، 26806، 54543، 19229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(10/855)
فضل قول سبحان الله وبحمده مائة مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في الشبكة الإسلامية أن من يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة سوف يثاب عليه بألف وأربعة وعشرين درجة (1024) وأيضا أعرف أن كل شيء يسبح لله ولكن لا نفقه تسبيحهم وأثناء عملي كفني كمبيوتر وجدت أنني أستعمل الرقم 1024 لقياس سعة التخزين مثلا الكيلو بايت = 1024 ×البايت، والمغابيت = 1024 × الكيلو بايت فسألت نفسي لماذا يكون المقياس 1024 وليست 1000 مثلا وأيضا الدرجات المثاب عليها لماذا 1024 وليست 500 مثلا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على ما ذكرت من أن من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة يثاب على ذلك بالدرجات المذكورة، لكن الذي نعرفه هو أن من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كان مثل زبد البحر كما في الحديث الصحيح، وانظر الفتوى رقم: 47328، وفي رواية لمسلم: من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1427(10/856)
الدعاء عند نزول المطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء وقت المطر مستجاب؟؟ هل هذا حديث ضعيف!!
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللفظ الذي ذكرت لم نقف على كونه حديثا لكن جاء في حديث حسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول المطر. وفي رواية أخرى حسنها الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير: ثنتان ما تردان الدعاء عند النداء وتحت المطر.
وقال المناوي في فيض القدير: (ثنتان ما) في رواية لا (تردان الدعاء عند النداء) يعني الأذان للصلاة (وتحت المطر) أي دعاء من هو تحت المطر لا يرد أو قلما يرد فإنه وقت نزول الرحمة لاسيما أول قطر السنة والكلام في دعاء متوفر الشروط والأركان والآداب. انتهى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 35121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(10/857)
كتابة اسم النبي صلى الله عليه وسلم على الخشب والنحاس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم كتابة محمد صلى الله عليه وسلم على الخشب أو النحاس، فهناك من يرى أن الرسول يظل يرد الصلاة ما بقيت هذه الأشياء إلى أن تتلف، أفيدونا من وافر علمكم بارك الله فيكم ونفعكم بعلمكم هذا في الدنيا والآخرة إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز كتابة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وما أشبه ذلك على الأشياء المحترمة المحفوظة إذا كان ذلك بقصد التذكير، وانظر الفتوى رقم: 20315، وما أحيل عليه فيها للمزيد من الفائدة والتفصيل، ولذلك فإذا كان القصد بكتابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الأشياء المذكورة تعظيمها والتذكير بها وتعليمها لمن يشاهدها وحفظها في أماكن محترمة فإنه لا مانع منها إن شاء الله تعالى، وأما من يرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يرد على صاحبها ما دامت الصلاة مكتوبة في هذه الأشياء فلا دليل عليه، وانظر الفتوى رقم: 28290، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام. رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح كما قال النووي في رياض الصالحين والألباني في السلسة، وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى عليَّ صلاة واحده صلى الله عليه بها عشرا. رواه مسلم وغيره، ولذلك ينبغي للمسلم أن يكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة كما كان يفعل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(10/858)
إنشاء موسوعة للأدعية على الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع موضوع في المنتديات بحيث كل شخص يدخل يضع دعاء وذلك لعمل موسوعة أدعية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا مانع من إنشاء موسوعة الأدعية المذكورة، لكن ينبغي لمن أراد إضافة دعاء أن يحرص على صحة كتابته, ومن الأفضل أن يكون ما يضيفه من الأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم مع بيان تخريج الحديث المشتمل على الدعاء بحيث يبين الكتاب الذي يوجد فيه ذلك الدعاء ودرجة الحديث لأن هذا أدعى لقبول المستفيد، مع التنبيه على أن الدعاء بغير الأدعية المأثورة وإضافتها للموقع المذكور جائز، وإن كان خلاف الأفضل. وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51644، 57658، 50156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(10/859)
الترغيب في الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات والدعاء لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلتني هذه الرسالة كما هي وأردت أن أتأكد من صدق روايتها، فأعينوني على ذلك ... جزاكم الله خيراً، إذا قرأت هذا الموضوع سيصلي عليك سبعون ألف ملك: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ... أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ... هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ... هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام ... المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارىء المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ... من قالها يصلي عليه 70 ألف ملك، وإذا مات وكان قد قرأها يصبح شهيدا: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. اللهم ارحم المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ... انشرها ولك أجرها في الأولى على عدد ما هو مذكور فيها، والثانية على كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة لك أجر ... لن تخسر شيئاً، فقط ستخسر أجراً كان من الممكن أن تكسبه لو لم تنشرها ... الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته* الحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته* الحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته* الحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه.... من قالها مرة سخر الله له سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من كون من استعاذ بالله ثلاثاً وقرأ الآيات الثلاثة الأخيرة من سورة الحشر يستغفر له سبعون ألف ملك, وإن مات كان شهيداً, ورد هذا كله في حديث ضعفه أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 59786، والفتوى رقم: 30314.
كما أن من قال الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته إلى آخر الدعاء الذي ذكرت يستغفر له سبعون ألف ملك قد جاء أيضاً في حديث ضعيف، كما في الفتوى رقم: 70943.
وبالتالي فما ورد في هذه الرسالة التي وصلتك هو مما ورد في أحاديث ضعيفة، وانظر الفتوى رقم: 16194 في حكم العمل بالحديث الضعيف، وراجع الفتوى رقم: 31370 للفائدة.
مع التنبيه على أن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته من الأذكار الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وثوابها عظيم، وقد سبق ذكره في الفتوى رقم: 17361.
وأما قوله: اللهم ارحم المؤمنين ... فلم يرد حديث بهذا اللفظ فيما اطلعنا عليه، ولكن ورد الترغيب في الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات والدعاء لهم عموماً, من ذلك قوله تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد:19} ، وأخرج الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. قال الهيثمي في المجمع: إسناده جيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(10/860)
الدعاء يورث طمأنينة القلب وانشراح الصدر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني منذ أسبوع من حالة وأريد معرفة الأسباب:
أستيقظ كل يوم في تمام الساعه الثالثه ليلا أشعر بدوار برأسي وارتخاء بجسمي ويكون جسدي ساخنا وأتصبب عرقا ولا أستطيع النوم حتى الساعه الخامسة، ولا أنام طوال اليوم إلى أن يأتي الليل وهكذا أصحو في نفس الوقت تماما، بدأت أشعر بالخوف والوساوس أن ما يصيبني شيء غير طبيعي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنك تعانيين منه قد يكون مرضا نفسيا وقد يكون مرضا عضويا وقد يكون وسواسا، وفي كل الحالات فعليك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء مع دوام المواظبة على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأحوال. ولا مانع من أن تعرضي أمرك هذا على أحد المختصين بالطب النفسي أو البدني، ولا تقلقي واعلمي أن الله تعالى قد جعل لكل داء دواء، فقد روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله. رواه أحمد ومسلم.
واعلمي أن للدعاء أثرا عظيما على طمأنينة القلب وانشراح الصدر والشعور بالسعادة، والدعاء هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة، وقرأ قول الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ، وفي الدعاء الفلاح والرشاد، كما قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186} ونسأل الله لنا ولك الشفاء من كل داء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(10/861)
وعد الله بإجابة دعاء المؤمنين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كسر آمالنا وعزائمنا هذا الحديث: أن جبريل موكل بحوائج بني آدم، فإذا دعا العبد الكافر، قال الله تعالى: يا جبريل اقض حاجته فإني لا أحب أن أسمع دعاءه. وإذا دعا العبد المؤمن، قال الله تعالى: يا جبريل احبس حاجته فإني أحب أن أسمع دعاءه. رواه ابن النجار عن جابر رضي الله عنه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى وعد باستجابة الدعاء لمن دعاه من المؤمنين، كما قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... {غافر:60} ، وفي حديث مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل وما الاستعجال يا رسول الله، قال: يقول: قد دعوت فلم أر يستجاب فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء، وقد يختار الله تعالى لعبده خيراً مما سأل فيدخر له في الجنة أو يدفع عنه البلاء بسبب ذلك الدعاء، كما في الحديث: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه الترمذي. وفي رواية لأحمد: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما إن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر، قال الله أكثر.
بل إن الله يغضب على من لم يسأله كما في الحديث: من لم يسأل الله يغضب عليه. رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني.
واستعينوا على سرعة الإجابة بالدعاء في أوقات الإجابة والدعاء باسم الله الأعظم وبدعوة يونس وأعلوا هممكم في الدعاء، لما في الحديث: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني.
وأما الحديث المذكور فظاهر كلام الإمام البيهقي في الشعب أنه غير محفوظ، وأن المحفوظ هو وقفه على ثابت، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 2395، 35247، 11571، 63823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(10/862)
وسائل دفع الأذى والتحرز من أذى السحرة والشياطين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع المصحف الشريف في السيارة لغرض حماية الفرد من الخطر؟ وهل صحيح أنه يحمي من الحسد والخطر؟ وإذا لم تكن له فائدة فكيف السبيل إلى منع الأذى عن السيارة وراكبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن للمصحف بركة عظيمة لما يحويه من كلام رب العالمين. وقد كان بعض السلف يتبركون به، كما في سنن الدارمي.
وأما تعليقه بالبيت أو السيارة لدفع الأذى فيدخل في حكم تعليق تميمة القرآن، وقد اختلف أهل العلم في جواز ذلك كما بينا في الفتويين رقم: 6029، 4137.
والوارد في دفع الضرر والتحرز من أذى السحرة والشياطين إنما هو تلاوته سيما سورة البقرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة، قال معاوية: بلغني أن البطلة السحرة. رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبورًا إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
وكذا المحافظة على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والأدعية المختلفة فهي بإذن الله حرز من الشياطين، ولا يعني ذلك أن المرء لو فعل ذلك لا يصيبه أذى أبدا. بل قد يصيبه ولكنه خير له وربما يكون قليلا بالنسبة إلى ما كان سيصيبه لو لم يحافظ على تلك الأذكار.
هذا مع التنبيه إلى أن تلك الأذكار إنما هي دعاء وهو يستجاب بحسب توفر شروطه؛ كما بينا في الفتوى رقم: 2395، فأكثر من قراءة القرآن بنفسك أو من خلال آلة التسجيل في سيارتك أو بيتك، وحافظ على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، فإنها حرز لك من الشيطان وأذى السحرة والجان، وللاستزادة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1447، 3273، 5252، 55161.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1427(10/863)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي سيدي عن كتاب (دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم) ورأيكم فيه، وعن صلاة يوم الجمعة التي ثوابها حجة مقبولة وثواب من أعتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام، كما جاء في الكتاب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أبدينا رأينا حول الكتاب المذكور في الفتوى رقم: 10519، ولم نطلع على أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة أو أن صيغة من صيغها تعدل ثواب حجة مقبولة وعتق رقبة من ولد إسماعيل، رغم ما ورد من الترغيب فيها في هذا اليوم، وفيما ورد في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عموماً ويوم الجمعة خصوصاً في الأحاديث الصحيحة غنى عما في الكتاب المذكور، فمن ذلك على سبيل المثال ما روى الترمذي في سننه عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي، فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك. قال: أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح، قال الترمذي: حسن صحيح، قال: في تحفة الأحوذي: يعني إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة علي أعطيت مرام الدنيا والآخرة. انتهى.
ومن ذلك أيضاً ما رواه أبو داود وغيره، عن أوس بن أوس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قال: فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، قال: يقولون: بليت، قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على الأرض أجساد الأنبياء صلى الله عليهم. وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21892، 30904، 40363.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(10/864)
فضل دعاء كفارة المجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[يقو ل النبي صلى الله عليه وسلم مامعناه أن من كثر لغطه فى مجلس ثم قال \"سبحانك اللهم وبحمدك..\"غفر له ماكان فى مجلسه ذلك من لغط فهل يغفر كل الذنوب المرتكبة بالقول والفعل؟ كمن يشاهد المسلسلات وعند انتهاء المسلسل يقول الدعاء؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي أشرت إليه ذكره الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه ولفظ رواية الترمذي: من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أشتغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك. وصححه الشيخ الألباني.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله فكثر بضم الثاء، لغطه بفتحتين أي تكلم بما فيه إثم لقوله غفر له، وقال الطيبي: اللغط بالتحريك الصوت والمراد به الهزء من القول وما لا طائل تحته فكأنه مجرد الصوت العري عن المعنى فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك ولعله مقتبس من قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ {الطور: 48} انتهى
ولم نجد في كلام أهل العلم ما يدل على تخصيص هذه المغفرة بالأقوال دون الأفعال ولا شمولها لها، ولكن الذي تقتضيه سعة رحمة الله وعموم عفوه وتفضله أن طلب المغفرة والتوبة المشتمل عليهما هذا الذكر يعمان الأقوال والأفعال إذا استحضر الشخص ذلك، فإن رحمة الله واسعة وعفوه لا يتعاظمه شيء، لكن فائدة هذا الدعاء لا ينبغي أن تكون مبررا لإقدام الشخص على ما شاء من منكرات ومخالفات شرعية، ثم يختم بهذا الدعاء، فهذا دليل على أن ذلك الشخص مصر على تلك المعاصي وأن توبته غير صادقة لعدم توفر شروطها المذكورة في الفتوى رقم: 5450، وعدم التوبة من الصغائر مع الإصرار عليها يحولها إلى كبائر. وراجع التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 26042، 41298، 54169.
ومن الجدير التنبيه عليه حرمة مشاهدة المسلسلات المشتملة على أمر محرم كالنظر إلى عورات الرجال أو النساء، أو سماع ما يحرم سماعه، فالواجب البعد عن ذلك لما فيه من مخاطر على المسلم في دينه ودنياه. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتاوى التالية أرقامها: 1886، 1791، 7571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(10/865)
ينبغي الدعاء للمسلمين بخيري الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الدعاء أريد في بعض الأحيان أن أدعو للمسلمين ولكنني أشعر أن بعض الدعوات لا يمكن أن تتحقق من قبيل اللهم اشف المسلمين. أعلم أن الله على كل شيء قدير ولكن المرض موجود دائما وهو أحد أنواع الابتلاءات ولا أتصور أن يكون العالم الاسلامي خاليا من أي مرض ولا أتصور أن تكون هذه الدعوة قابلة للتحقيق في الدنيا ولكن أقول في نفسي أحيانا قد يجعلها الله ذخرا للمسلمين يوم القيامة وإن لم تنفع كل المسلمين فقد تنفع بعضهم إن شاء الله ما رأيكم بهذا القول؟ وما هي الدعوات التي يحبذ للإنسان أن يدعو بها وتكون نافعة للأمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم الاهتمام بشؤون إخوانه المسلمين فيفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم؛ لأن رابطة الإسلام تجعل المسلمين بمثابة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولا شك أن من الاهتمام بشؤونهم الدعاء لهم بالمغفرة أو الشفاء أو نحو ذلك من كل ما يكون سببا في صلاح أحوالهم، ففي غذاء الألباب للسفاريني الحنبلي: وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تنبغي الصلاة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يُدعَى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز، وروى ابن أبي شيبة عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أما بعد؛ فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن أناسا من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة , ويدعون ما سوى ذلك. انتهى
ودعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب تؤمن عليه الملائكة ويكون مستجابا، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 59670.
وعليه.. فلا تترك الدعاء للمسلمين بكل ما يشتمل على خير كالشفاء مثلا، فإذا استجيب هذا الدعاء في بعضهم فلك أجر ذلك، وإن لم تتحقق الإجابة يكون ثواب هذا الدعاء مدخراً لك أنت عند الله تعالى في الآخرة، أو يصرف عنك من السوء. فالداعي لا تخيب دعوته إما أن تعجل له الإجابة، أو يصرف عنه من السوء مثلها، أو يدخر له ثوابها في الآخرة، وراجع الفتوى رقم: 20789.
وبخصوص الدعوات التي سألت عنها فنرشدك إلى الدعوات الجامعة المشتملة على الخير الكثير، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار الجوامع من الدعاء. فيمكنك الإتيان بأدعية جامعة نافعة للأمة كأن تقول: اللهم فرج كروب المسلمين، ووفقهم للاستقامة على شرع الله والبعد عن المعاصي والمنكرات، وانصرهم على عدوهم، ووفقهم لكل خير.. ونحو ذلك من الأدعية النافعة للأمة، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(10/866)
الدعاء الذي يقي الله به من الحسد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد دعاء أدعو به الله سبحانه وتعالى لكي يوفقني في عملي ويحميني من حسد الناس.
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما الدعاء الذي يقي الله به من حسد الناس فأفضله الدعاء بالمعوذات الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة فقال له: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
ومما يساعد على التوفيق في الأمور الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة وهو: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. رواه النسائي والحاكم وصححه.
والدعاء الذي علمه لعلي كما في صحيح مسلم أنه قال له: قل اللهم اهدني واسترني، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57129، 20828، 59675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(10/867)
للمسم أن يدعو ربه بعد الصلاة بما شاء لتيسير أموره
[السُّؤَالُ]
ـ[أثابكم الله خيراً، سؤالي هو: يوجد بعد كل صلاة من الصلوات الخمس آية نقرؤها لكي ييسر الله لنا أمور الدنيا ما هي هذه الآيات الخمس؟ وما فائدتها بعد قراءتها بعد كل صلاة؟ وجزاكم الله خيراً بما فيه خير للناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع في كتب السنة على تعيين آية تقرأ بعد كل صلاة لغرض تيسير الأمور، ولبيان الأذكار التي يؤتى بها بعد الصلاة راجعي الفتوى رقم: 4817، والفتوى رقم: 3934.
لكن الدعاء يشرع بعد الصلاة عموماً، وللمصلي أن يدعو الله تعالى بما تيسر من الدعاء المأثور وغيره مما لا إثم فيه لقضاء حاجاته سواء كانت مما يتعلق بالدنيا أو الآخرة مع أن الدعاء بالمأثور أفضل، ولبيان بعض الأدعية التي تسهل الأمور راجعي الفتوى رقم: 20828، والفتوى رقم: 25728.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1426(10/868)
كنز من كنوز الجنة.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد حديث بأنه من قال بعد الفجر والمغرب بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يكتب من السعداء، وبارك الله فيكم وفي عملكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على حديث أو أثر يفيد أن من قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بعد الفجر والمغرب يكتب من السعداء، وتحديد ذكر معين في وقت معين مع ترتيب جزاء معين عليه يحتاج إلى دليل شرعي؛ إذ الأصل في العبادات التوقف على ما ورد، مع أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من كتاب الله تعالى، ولفظ: بسم الله ذكر مشروع في كثير من أمور المسلمين، بل تجب في بعض الأحيان، وقد وردت أحاديث عدة في فضل كلمة: لا حول ولا قوة إلا بالله، نذكر منها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أعلمك كلمة هي كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
وروى أحمد في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(10/869)
مسائل في التسبيح والاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في التسابيح والأذكار: أحيانا أسبح ولكن أتكلم بسبب مقاطعة أحدهم مثل الزوجة أو الأطفال، مثلا عندما أسبح سبحان الله وبحمده مائة مرة وأتوقف خلالها، هل تحسب لي المائة كما في الحديث، وهل يجوز أن أسبح أثناء سماعي محاضرة أو برنامج ديني أو قرآن، وذلك لاستغلال الوقت وكل وقتي مقسم وخصوصا في الليل، وهل الاستغفار يعد من الذكر والتسبيح، لأنني أحيانا يشكل علي هل أستغفر أو أسبح وعندما أستحضر فضل كل ذكر يشكل علي أيهما أبدأ به، قبل الغروب والشروق أسبح بتسبيحات كالآتي 100 لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، 100 سبحان الله وبحمده،100 مرة لكل من سبحان الله *الحمد الله * الله أكبر * لا إله إلا الله, هل هذا العمل صحيح، هذا من غير الأذكار الأخرى والتسبيح المطلق لسائر اليوم؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نشكر الأخ السائل لحرصه على ذكر الله تعالى، ونسأل الله أن يزيده هدى وتوفيقاً، وأما عن قطع الذكر لكلام الزوجة ونحو ذلك، فنرجو أنه لا حرج فيه ولا ينقص من أجر الذكر، كما في الفتوى رقم: 48519.
والتسبيح عند مشاهدة برنامج ديني أو سماع محاضرة ونحو ذلك جائز ولا بأس به، إذا كان بصوت منخفض ولا يسبب تشويشاً على المستمعين.
وأما عند سماع القرآن فالأفضل الإنصات للقرآن والتوقف عند التسبيح؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الأعراف:204} ، وقول السائل: هل الاستغفار يعد من الذكر؟ فجوابه: نعم، الاستغفار نوع من الذكر، وقد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، وكان يكثر منه جداً.
وأما بأيهما يبدأ بالاستغفار أو التسبيح؟ فالأفضل إعطاء كل موطن حقه من الذكر الخاص به، فالاستغفار في السحر أفضل من التسبيح إن تعذر الجمع بينهما. وما سألت عنه من الأذكار كلها مشروعة، ونسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقاً. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 51760 حول تحديد الأذكار بعدد معين بين السنة والبدعة، وكذلك الفتوى رقم: 63884، والفتوى رقم: 47919.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(10/870)
فوائد الدعاء وثماره والحكمة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من تشريع الدعاء في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء عبادة لله بل هو من أعظم العبادات وأجلها لما فيه من التجاء العبد إلى ربه وتضرعه إليه وارتباطه به، وقد أمر الله عباده بدعائه ووعدهم بالإجابة، إضافة إلى ذلك فإنه سبب لحصول المطلوب، إذاً فالدعاء قد شرع لأنه عبادة لله، ونفع هذه العبادة عائد على العبد، لأن الله تعالى غني عن عبادة الناس له، الأمر الثاني: أن من حكمة تشريعه أنه سبب لحصول الأمر المطلوب.
قال ابن القيم بعد أن ذكر أمثلة من أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب: وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس حتى آل ذلك ببعضهم إلى أن ترك الدعاء وزعم أنه لا فائدة فيه؛ لأن المسؤول إن كان قد قدر ناله ولا بد، وإن لم يقدر لم ينله، فأي فائدة في الاشتغال بالدعاء؟ ثم تكايس في الجواب بأن قال: الدعاء عبادة فيقال لهذا الغالط بقي عليك قسم آخر وهو الحق أنه قد قدر له مطلوبه بسبب إن تعاطاه حصل له المطلوب، وإن عطل السبب فاته المطلوب، والدعاء من أعظم الأسباب في حصول المطلوب. انتهى.
فتحصل من هذا أن من حكمة تشريع الدعاء أنه عبادة لله ينتفع بها العبد، ويرد لله عنه بها البلاء والمحن وغير ذلك من المكروهات، كما يعطيه بسبب الدعاء أيضاً المطالب التي يدعو الله تعالى أن يعطيه إياها، وللمزيد من الفائدة عن الدعاء وأسباب إجابته وغير ذلك يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23599، 11571، 54483.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(10/871)
أثر الدعاء في نفس المؤمن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أثر الدعاء في نفس المؤمن، مع ذكر أمثلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن للدعاء أثراً عظيماً على طمأنينة القلب وانشراح الصدر والشعور بالسعادة لأن الدعاء هو العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة وقرأ قول الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين. وفي الدعاء الفلاح والرشاد، كما قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، وبه ذهاب الهم والغم والضيق وحلول الفرج والسرور مكان ذلك، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
وروى الترمذي وغيره عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
وفيه دفع البلاء فقد روى الترمذي أيضاً عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئاً يعني أحب إليه من أن يسأل العافية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء.
والحاصل أن للدعاء آثاراً عظيمة جداً فأكثري من الدعاء تجدي لذة القرب من الله والصلة به والتعلق به وهو أعظم أثر يتحصل عليه الداعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(10/872)
أثر الدعاء في زيادة الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أثر حفظ الأدعية وترديدها في تعميق الإيمان بصفات الله تعالى، مع ذكر أمثلة إذا أمكن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن مجرد دعاء الله تعالى عبادة، بل هو مخ العبادة كما يروى في الحديث، وإن كان فيه مقال، وذلك لما يشتمل عليه من الخضوع لله والتذلل له والخشوع له وإظهار الحاجة إليه والطمع فيه والخوف منه والاستعاذة به واللجوء إليه، ولا شك أن من واظب على الدعاء مستشعرا عظمة الباري سبحانه وتعالى وقدرته وعفوه وجوده ورحمته بعباده سيزيد إيمانه، لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
لذا فإن حفظ الأدعية ولا سيما الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأدعية القرآن وترديدها مما يزيد في الإيمان ويقرب من الله تعالى، وقد مدح الله أنبياه وأثنى عليهم بالمسارعة إلى الخيرات وبدعائه رغباً ورهباً، كما في سورة الأنبياء، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 18766، والفتوى رقم: 18172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(10/873)
الانشغال بالقرآن عن الأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[ألاحظ على بعض الناس أنه دائما يهتم بقراءة القرآن أما قراءة الأذكار الواردة عن الرسول كأذكار الصباح والمساء وغيرها فلا يهتم بها إطلاقا فهل هذا يجوز؟؟ وهل الأفضل الجمع بين الاثنين (الكتاب والسنة) ؟؟ أفتونا أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قراءة القرآن من أفضل الأعمال، ولكن لا ينبغي للمسلم أن يفرط في الأذكار التي شرعت محددة بأزمان كأذكار الصباح والمساء بسبب قراءة القرآن، بل المطلوب منه أن يجمع بينها وبين قراءة القرآن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن سار على نهجهم يفعلون ذلك كماهو معلوم من سيرتهم، ولكن لو ترك شخص أذكار الصباح والمساء وانشغل عنها بقراءة القرآن فلا يقال إنه آثم لأن هذه الأذكار مستحبة وليست واجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(10/874)
مجالس الذكر، صفة أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة القرآن وسماع شريط إسلامي وقراءة كتاب نافع أو قراءة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وماشابهها هل تعد من مجالس الذكر الذين تحفهم الملائكة ويغفر الله لهم......الحديث السؤال هو إذا كنت وحدى وليس معي أحد هل أدخل تحت هذا الحديث العظيم
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سماع القرآن والحديث والمحاضرات وغيرها في الإذاعة أو التلفاز ونحوها أو من فعل ذلك خاليا أو في نفسه له أجر طالب العلم إذا استحضر نية ذلك، ولكنه لا يدخل في الحديث الوارد في مجالس الذكر كما بينا في الفتوى رقم: 14961، وإنما يدخل في حديث: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي واللفظ له وصححه الألباني، ولكن لا بد في ذلك من حضور النية فهي إكسير العمل. والإخلاص لله سبحانه وتعالى فيها فهو أغنى الشركاء عن الشرك كما في الحديث القدسي: من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(10/875)
كيف تستمد العون للمحافظة على الأذكار والعمل الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 25 أعاني منذ فترة 10 أشهر تقريبا من عدم المقدرة على تحصين نفسي بالآيات القرآنية في الصباح والمساء مع أني كنت ملتزمة سابقاً حيث إني إذا أردت أن أقرأ المعوذتين لا أستطيع إلا بصعوبة وأصبحت أنام عن صلاة الفجر وأؤخر الصلوات الأخرى كما أنني أغضب سريعاً لأتفه الأسباب وأشعر بحاجة ملحة للبكاء.
ملاحظة: قد أصبت بهذه الحالة عندما تخرجت من الجامعة وقد قرأ علي عمي وهو رجل صالح وقال إني مصابة بعين.
أرجو منكم الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم ما يساعد على الحفاظ على الذكر الإكثار من دعاء الله بالعون على المواظبة عليه، ومن المأثور في ذلك ما رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد ووثق رجاله الهيثمي، وصححه الألباني في السلسلة.
وعليك بالحفاظ على التزامك السابق والحرص على زيادة إيمانك وصحبة من يعينك على الاستقامة وأعمال الخير من الزميلات الملتزمات. وكثرة مطالعة وسماع القرآن وأحاديث الترغيب والترهيب، واحرصي على تخصيص وقت معين للذكر وجاهدي نفسك في الإتيان بها، ويمكنك الاستعانة ببعض الأشرطة التي توجد الأذكار مسجلة بها.
وأما تشخيص حالتك، فإنه ليس من تخصصنا إلا أنه سبقت لنا فتاوى في علاج العين والمس والسحر يمكن الاطلاع عليها عند تصفح الفتاوى المندرجة في موضوع السحر والجن والحسد ضمن موضوعات العقيدة الموجودة بالعرض الموضوعي لفتاوى الشبكة.
وراجعي في علاج الغضب وأسباب الحفاظ على صلاة الفجر وبعض أسباب الالتزام الفتاوى التالية أرقامها: 2444، 26280، 33780، 18039، 10263، 8038، 58964، 41016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(10/876)
ثمرات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على جوابكم القيم حول بشائر سيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم) في الكتب السماوية جزاكم الله خيرا فقد استفدت منه كثيرا وسأعمل على نشره إن شاء الله لما له من قوة إقناعية....وأرجوكم أيها الإخوة الكرام أن تساعدوني على محاولة تبديد بعض الأمور المشوشة مثل:
معنى الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وما فائدتها بالنسبة لشخصه الكريم إن كانت بمعنى الدعاء؟
فنحن الفقراء لدعائه وشفاعته فكيف نطلب من العلي القدير أن يمن عل حبيبه المصطفى وهذا أمر مفروغ منه (تحصيل حاصل) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد بيناه من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 25329.
والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- هي مكافأة منا له، وتقرب إلى الله تعالى بامتثال ما أمر به من الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56] .
والمستفيد من هذه الصلاة بالدرجة الأولى هم المصلون أنفسهم،. قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: ... قال الحليمي: المقصود بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التقرب إلى الله بامتثال أمره، وقضاء حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا، وتبعه ابن عبد السلام فقال: ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء. فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه. وقال ابن العربي: فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه لدلالة ذلك على نصوع العقيدة وخلوص النية وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام للواسطة الكريمة صلى الله عليه وسلم ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(10/877)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة أفضل أم تلاوة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأفضل قراءته ألف مرة في يوم الجمعة: قل هو الله أحد أم الصلاة على النبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتلاوة القرآن من أفضل الذكر على الإطلاق، لأن القارئ له بكل حرف عشر حسنات لقوله صلى الله عليه وسلم: م ن قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني وراجع الفتوى رقم: 44759. كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي ثبت الترغيب فيها خصوصا في يوم الجمعة، وللتفصيل في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 21892. والفتوى رقم: 30904.
وصرف الوقت يوم الجمعة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من تلاوة القرآن. ففي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي: ويتجه أن صرف الزمان فيما ورد أن يتلى فيه من الأوقات ذكر خاص كإجابة المؤذن والمقيم وما يقال أدبار الصلوات وفي الصباح والمساء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة أفضل من صرفه في قراءة القرآن تأدباً بأن يفضل شيء عليه، وهو اتجاه حسن بل مصرح به في مواضع من كلامهم. انتهى.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة ألف مرة ورد في حديث وصفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة بكونه ضعيفا جدا ولفظه: من صلى علي في يوم الجمعة ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة. وعليه؛ فلا ينبغي لك تحديد عدد معين من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة أو غيره لأن ذلك من البدع الإضافية وراجع الفتوى رقم: 54397. كما أن قراءة سورة الإخلاص ألف مرة ورد في حديث موضوع كما قاله الشيخ الألباني وراجع الفتوى رقم: 25721. وبالتالي فلا ينبغي لك قراءة سورة الإخلاص مع تحديد عدد معين منها لعدم ثبوت ما يدل على مشروعية ذلك. ولا بأس بتكرارها من غير تحديد عدد معين لثبوت ذلك؛ كما في الفتوى رقم: 44292.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(10/878)
المراد بصلاة الله على النبي عليه الصلاة والسلام وصلاة الخلق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما دلالة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهل النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة إلى صلاة إن كانت بمعنى الدعاء، أم نحن من نحتاج لكي يدعو لنا أمام العلي القدير؟ وشكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد أمر عباده بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، وأخبر أنه هو وملائكته يصلون عليه؛ كما في آية الأحزاب. قال الحافظ ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض واجب على كل مسلم، لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب: 56} ، ثم اختلف العلماء في القدر الذي يتحقق به الواجب.
أما معنى صلاتنا عليه صلى الله عليه وسلم فقد ذكر الحافظ ابن حجر أقوال العلماء في المراد بصلاة الله عليه وصلاة الخلق عليه، قال: وأولى الأقوال ما جاء في تفسير سورة الأحزاب عن أبي العالية أن معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك له من الله تعالى، والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الزيادة. انتهى.
وبهذا نعلم أن صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم معناها طلبنا من الله تعالى أن يزيد في تعظيمه والثناء عليه، وهذا لبيان فضله وعلو مكانته ورفع ذكره، وليس من باب احتياجه إلينا، وكل أحد محتاج إلى الله تعالى، هذا إضافة إلى ما يترتب على صلاتنا عليه من الأجر العظيم والثواب الجزيل، إذاً فنحن مستفيدون من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(10/879)
الدعاء أولى من السكوت والرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثيرة الدعاء والإلحاح فيه، وأحيانا يستجاب دعائي، ولكن أحس بأن هذا الشيء لو لم يحصل لكان أفضل، فهل هذا صحيح، أم أنه حتى لو صار الدعاء واقعا، وأنا لم أفرح به، يكون هو خيرا من ناحية أخرى، وهل من الأفضل أن ندعو بأشياء نتمناها أم نترك الأشياء تحصل على حسب القدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله أمر عباده بدعائه ووعدهم الإجابة، فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود.
قال الحافظ رحمه الله تعالى في الفتح: قال بعض السلف لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه من فتح له منكم باب من الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ... انتهى.
وقد روى الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً: إن الله يحب الملحين في الدعاء. إذا علم هذا فلا ينبغي للأخت السائلة أن تترك دعاء الله، وإن دعته فاستجاب لها أو لم يستجب لها، فلا ينبغي أن تعتبر أن عدم دعائها كان أفضل لأن الدعاء نفسه عبادة، هذا إذا كان ما تدعو لحصوله أمراً مباحاً، وإلا فلا يجوز الدعاء إلا بما يباح.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال القشيري في الرسالة: اختلف أي الأمرين أولى الدعاء أو السكوت والرضا فقيل الدعاء وهو الذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة لما فيه من إظهار الخضوع والافتقار، وقيل السكوت والرضا أولى لما في التسليم من الفضل قلت وشبهتهم (يعني القائلين بأن السكوت أولى) أن الداعي لا يعرف ما قدر له فدعاؤه إن كان على وفق المقدر، فهو تحصيل الحاصل وإن كان على خلافه فهو معاندة، والجواب عن الأولى: أن الدعاء من جملة العبادة لما فيه من الخضوع والافتقار، وعن الثاني: أنه إذا اعتقد أنه لا يقع إلا ما قدر الله تعالى كان إذعاناً لا معاندة، وفائدة الدعاء تحصيل الثواب بامتثال الأمر ولاحتمال أن يكون المدعو به موقوفاً على الدعاء لأن الله خالق الأسباب ومسبباتها. انتهى.
وبهذا تعلم الأخت السائلة أن الأفضل لها أن تدعو الله تعالى، وتلح في دعائه وتدعو بما تتمناه وما فيه لها فائدة ومصلحة من كل أمر مباح، وتتجنب الدعاء بما فيه إثم أو قطيعة رحم، وتتجنب الاعتداء في الدعاء أيضاً، وتعلم أنه لا يقع إلا ما قدر الله، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49019، 9803، 23425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(10/880)
الذكر عند الخروج من المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دعاء الخروج من البيت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الخروج من المنزل له بعض الصيغ الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها:
1- ما رواه أصحاب السنن الأربعة ولفظ أبي داود، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضِل أو أُضَل، أو أزِل أو أُزَل، أو أظِلم أو أُظَلم، أو أجهل أو يجهل علي.
2- في سنن أبي داود من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي. صححه الشيخ الألباني، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 50426، والفتوى رقم: 59634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(10/881)
سهولة النطق بلفظ الجلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد التأكد من هذه المقولة أو الشرح، هل هذا صحيح وكلام منتديات أسبانية تشرح معني كلمة (الله) بعد أن عجز عنها العرب ... هذه الفتاة الأسبانية تدرس الآن ماجستير لغة عربية في جامعة اليرموك الأردنية، وذات يوم وأثناء إحدى المحاضرات في السنة الثانية طرح الدكتور/ فخري كتانه سؤالا على طلابه: من منكم يحدثني عن لفظ الجلالة (الله) من الناحية الإعجازية اللغوية ومن الناحية الصوتية؟
لم يرفع أحد يده ما عدا فتاة إسبانية تدعى \"هيلين\" والتي تجيد التحدث باللغة العربية الفصحى على الرغم من كونها إسبانية نصرانية، فقالت: إن أجمل ما قرأت بالعربية هو اسم (الله) ، فآلية ذكر اسمه سبحانه وتعالى على اللسان البشري لها نغمة متفردة، فمكونات حروفه دون الأسماء جميعها يأتي ذكرها من خالص الجوف, لا من الشفتين، فلفظ الجلالة لا تنطق به الشفاه لخلوه من النقاط.. اذكروا اسم ... (الله) الآن وراقبوا كيف نطقتموها، هل استخرجتم الحروف من باطن الجوف أم أنكم لفظتموها ولا حراك في وجوهكم وشفاهكم ومن حكم ذلك أنه إذا أراد ذاكر أن يذكر اسم الله فإن أي جليس لن يشعر بذلك، ومن إعجاز اسمه أنه مهما نقصت حروفه فإن الاسم يبقى كما هو، وكما هو معروف أن لفظ الجلالة يشكل بالضمة في نهاية الحرف الأخير \"اللهُ\"، وإذا ما حذفنا الحرف الأول يصبح اسمه لله كما تقول الآية (ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها) ‘ وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت \"له\" ولا يزال مدلولها الإلهي كما يقول سبحانه وتعالى (له ما في السموات والأرض) وإن حذفت الألف واللام الأولى والثانية بقيت الهاء بالضمة\"هُ \" ورغم كذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه (هو الذي لا إله إلا هو) ، وإذا ما حذفت اللام الأولى بقيت \"إله\" كما قال تعالى في الآية (الله لا إله إلا هو) ، هيلين اسمها الآن \"عابدة\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكر بعضه غير صحيح وبعضه له حظ من النظر هذا من الناحية اللغوية، أما من الناحية الشرعية، فقد سبقت الإجابة عليه في الفتوى رقم: 52637.
والذي لا شك فيه أنه لا يخفى ما في اسم الجلالة من الهيبة والعظمة.. وسهولة النطق به وحده ومع كلمة التوحيد لا إله إلا الله، وبإمكان الذاكر أن يذكر الله تعالى بهذه الكلمة بين جلسائه وهم لا يشعرون لأنه لا يحرك شفتيه حال الذكر فليس شيء من حروفها يخرج من الشفتين.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: أفضل الذكر لا إله إلا الله. رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم: ... لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله. رواه الإمام أحمد والترمذي.. وبإمكان المسلم أن يظل لسانه رطبا بهذه الكلمة دون رياء أو شعور من الآخرين ولعل هذا من الأسباب التي جعلتها أفضل أنواع الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(10/882)
التسبيح فضله وكيفيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مدي بإيضاحات حول التسبيح وقواعده وأركانه.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسبيح من الأذكار التي ثبت الترغيب فيها، ومن الأمثلة على ذلك مايلي: ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. 2ـ جاء في الصحيحين أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. 3ـ في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت. 4ـ كما ثبت في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: وسبحان الله والحمد الله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض. وعليه فالتسبيح فضله عظيم وهو ذكر خفيف على اللسان ثقيل في الميزان إضافة على كونه عبادة تقوم بها جميع الكائنات بمختلف أنواعها. قال الإمام ابن كثير في تفسيره: وقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده، أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ولكن لا تفقهون تزسبيحهم، أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس لأنها بخلاف لغاتكم وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات وهذا أشهر القولين. انتهى. والذكر له مراتب أعلاها أن يكون بالقلب واللسان وقد سبقت هذه المراتب، في الفتوى رقم: 28251، وراجع بعض آداب الذكر أيضا في الفتوى رقم: 49081، والفتوى رقم: 35909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(10/883)
دعاء الامتحانات والمذاكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول دعاء المذاكرة قبل البدء بالمذاكرة، وهذا هو نص الدعاء الذي أذكره دعاء الامتحانات (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يا مالك الملك, تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ... تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ... يا رب.. يا رب ... يا أرحم الراحمين ... اللهم أدعوك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم ... البر الرحيم الحي القيوم الرحمن المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام أدعوك, يا رب وأستغفرك وأتوب إليك أدعوك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم ... اللهم ... يا رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقه قولي, افتح علي فتوح العارفين بفضلك, اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلا, اللهم أني استودعتك ما علمتني إياه فرده إلي حين حاجتي إليه ولا تنسيني إياه بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين يا بديع السماوات والأرض, يا معلم سيدنا إبراهيم علمني ويا مفهم سيدنا سليمان فهمني ويا ملهم سيدنا يوسف ألهمني, اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني ... اللهم تقبل هذا العلم مني واجعل كل حرف وكلمة أدرسها خالصة لوجهك الكريم ... ولا تجعلني أغتر بعلمي وقدراتي ... يا رب ... كن معي فإني فقير إليك ضعيف من دونك ولا حول لي ولا قوة إلا بك.. وما بي من نعمة أو فضل أو اجتهاد فبفضلك أولا.. لا بجهدي واجتهادي فقط ... فلك الحمد ولك الفضل والثناء الحسن ... اللهم أعني على الدراسة ولا تجعل قلبي يمل منها وكن معي في كل لحظة ووفقني لما تحب وترضى، اللهم لا تجعل الدرجات أكبر همي ومبلغ علمي ورضني بما قضيت لي ... اللهم سهل علي ما صعب حفظه ويسر لي ما استغلق فهمه واجعل هذا العلم حجة لي لا علي ... اللهم بارك لي في وقتي وأصلح لي شأني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وكربني من أمر دنياي, أمر أخرتي فرجا ومخرجا وارزقني من حيث لا أحتسب وأغفر لي ذنبي وثبت رجائي وأقطعه عمن سواك حتى لا أرجو أحد غيرك، اللهم اجعلنا ممن دعاك فأجبته وتضرع إليك فرحمته وسألك فأعطيته وتوكل عليك فكفيته وإلى حلول دارك دار السلام أدنيته, يا جواد جد علينا وعاملنا بما أنت أهله إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الدعاء وإن لم يرد في السنة ولا عن أحد من سلف الأمة لا حرج في الدعاء به، فالله تعالى أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186} .
فكل أمر أراد العبد تيسيره فعليه أن يتوجه إلى الله بالدعاء وليخلص في ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18172، 57083، 8563.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(10/884)
أفضل الذكر تلاوة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أخواني أرغب مع مجموعة من الأصدقاء في ذكر الله في أحد البيوت بحيث نخصص برنامجا لذلك. أرجو إطلاعي على برنامج جيد فيه أنواع عديدة من الذكر بحيث لا يحصل لنا الملل؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أنواع الذكر كثيرة وأفضلها ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل ذلك تلاوة القرآن ومدارسته وتعلم أحكامه.. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: أفضل الكلام بعد القرآن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. رواه أحمد، وفي رواية لايضرك بأيهن بدأت. وقال صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان والحمد الله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والقرآن حجة لك أو عليك. الحديث رواه مسلم. ولهذا ننصح السائل الكريم أن ينوع من هذه الأذكار وما أشبهها مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكن النصيب الأكبر والحظ الأوفر من ذلك لكتاب الله تعالى تلاوة ومدارسة وفهما وتدبرا.. فهو أفضل الأذكار ومجمع المعارف، وبه تنشرح الصدور وتطمئن القلوب ويعرف الحلال من الحرام. ولمعرفة حكم الذكر الجماعي وأقوال العلماء حوله نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 57757، 8381، 56875.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(10/885)
ثواب وفضل الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة قول أن من يقول (اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات) أن له حسنة على كل واحد بمعنى أن لو فرضنا أن المسلمين الآن مليار فله مليار حسنة هذا باستثناء الأموات، فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. قال الهيثمي في المجمع: إسناده جيد، وحسنه الألباني في الجامع.
ولكن ليس في هذا الحديث زيادة (الأحياء منهم والأموات) ، ولكن قال صاحب كشف الخفاء: قال النجم رواه أبو الشيخ عن عامر الشعبي أنه قال: ما من دعوة أحب إلى الله عز وجل من أن أقول: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ثم قال: فإني أرجو أن يرد الله عليه بكل مؤمن ومؤمنة في بطن الأرض أو على ظهرها. ورواه الطبراني عن سمرة كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، زاد في رواية: الأحياء منهم والأموات. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(10/886)
فائدة الذكر في إعانة الإنسان على ما يتكلفه من أعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اذا حملت شيئا ثقيلا توجد أذكار أقولها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما يدل على وجود ذكر معين يقال بخصوص حمل شيء ثقيل، ولكن للأذكار عموما فائدة في إعانة الإنسان على ما يتكلفه من الأعمال كما دلت على ذلك النصوص، ويحسن الإكثار من قول الإنسان لا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(10/887)
أفضل الذكر وأفضل الأوقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى أفضل الأذكار وأفضل الأوقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل الذكر لا إله إلا الله، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله. رواه الترمذي وابن ماجه عن جابر، وكذلك من أفضل الأذكار سبحان الله والحمد لله والله أكبر. كما في الحديث الذي رواه أحمد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وراجع الفتوى رقم: 31383.
أما أفضل الأوقات مطلقا فالثلث الأخير من الليل، لكونه وقت النزول الإلهي، ولحديث عمر بن عبسة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن. رواه الترمذي وصححه الألباني.
أما إن كنت تقصد أفضل أوقات الأذكار المقيدة بوقت فطرفي النهار. قال تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا {طه 130} . وراجع الفتوى رقم: 13621 كما يرجى الاطلاع على الفتويين: 36354، 46224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(10/888)
ابن الزاغوني والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية فى نهاية باب تسوية الصفوف (وقال ابن الزاغوني: بل والدعاء سبب لجلب المنافع ودفع المضار، لأنه عبادة يثاب عليها الداعي، ولا يحصل بها جلب المنافع ودفع المضار، وهو مذهب أهل السنة والجماعة) فما معنى هذا الكلام، وهل الدعاء حسب هذا الكلام يحصل به نفع ودفع ضر أم لا، ومن هو ابن الزاغوني الذى نقل عنه ابن تيمية هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى كلام ابن الزاغوني أن الدعاء سبب فقط -لجلب النفع ودفع الضر- لا أكثر من ذلك، أما النافع والضار في الحقيقة فهو الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قال الله تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:107}
ولكن جعل الله للنفع والضر أسباباً، والسبب لا يستقل بنفسه بل تأثيره متوقف على إجابة الله، ولهذا استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعوة لا يستجاب لها، كما رواه مسلم عن زيد بن أرقم، قال ابن تيمية: القول الثالث وهو الصواب وهو أن الدعاء والتوكل والعمل الصالح سبب في حصول المدعو به من خير الدنيا والآخرة. انتهى.
أما ابن الزاغوني: فهو أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر بن السري شيخ الحنابلة، ولد عام خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفى سنة سبع وعشرين وخمسمائة. قال ابن كثير: الإمام المشهور قرأ القراءات، وسمع الحديث، واشتغل بالفقه والنحو واللغة، وله المصنفات الكثيرة في الأصوال والفروع، وله يد في الوعظ. انتهى من البداية والنهاية، وقال ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة: شيخ الحنابلة ببغداد، وكان إماماً فقيها، متبحراً في الأصول والفروع، متقنا، شاعراً، واعظاً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(10/889)
كل دعاء فيه مناجاة لله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد إرسال دعاء مناجاة أتمنى إرسال الإجابة على هذا الإيميل ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين دعاء معينا فلا نعلم دعاء يسمى دعاء المناجاة، وإن كنت لا تقصدين ذلك، فكل دعاء فيه مناجاة لله تعالى، وأعظمها ما ثبت في القرآن والسنة. قال ابن رشد: دعاء الاستفتاح يتضمن مناجاة الرب والإقبال عليه بالسؤال، وقراءة الفاتحة تتضمن هذا المعنى. اهـ.
ومن الأدعية المأثورة في القرآن: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
وأما في السنة فكثير، ومنها: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. متفق عليه. ومنها: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. رواه مسلم. ومنها: رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا، لك مطواعا، لك مخبتا، إليك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسدد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري. رواه الترمذي.
وننصحك بمراجعة كتاب الدعاء لسعيد بن وهف القحطاني. وكتاب النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة لمحمد أحمد إسماعيل المقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(10/890)
الدعاء الذي من دعا به لم يكن لأحد عليه سبيل
[السُّؤَالُ]
ـ[اعذروني لطول السؤال ولكنا استلمنا هذه الرواية ونود من فضيلتكم أن تفيدونا في صحتها جزاكم الله خيرا
حكى عبد الله بن أبان الثقفي فقال: وجهني الحجاج في طلب أنس بن مالك فظننت أنه يتوارى عني، فأتيته بخيلي ورجلي، فإذا هو جالس على باب داره ماداً رجليه فقلت له أجب الأمير.
فقال: أي الأمراء؟
فقلت: أبو محمد الحجاج
فقال: وهو غير مكترث، أذله الله، وما أعزه........... لأنَّ العزيز من عز بطاعة الله
والذليل من ذل بمعصيته، وصاحبك قد بغى وطغى، واعتدى وخالف كتاب الله وسنة نبيه، والله لينتقمن منه.
فقلت: أقصر عن الكلام وأجب الأمير.
فقام معنا حتى حضر بين يدي الحجاج ...
فقال الحجاج: أنت أنس بن مالك؟
قال: نعم.
قال: أنت الذي تدعو علينا وتسبنا؟
قال: نعم.
قال: ومم ذاك؟
قال: لأنك عاص لربك، مخالف لسنة نبيك، تعز أعداء الله وتذل أولياء الله.
قال الحجاج: أتدري ما أريد أنْ أفعل بك؟
قال أنس: لا
قال الحجاج: أريد أنْ أقتلك شر قتلة.
قال أنس: لو علمت أنَّ ذلك بيدك لعبدتك من دون الله. ولكن لا سبيل لك إلي
قال الحجاج: ولم ذلك.
قال أنس: لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء وقال لي \"من دعا به في كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل\" وقد دعوت به في صباحي هذا.
فقال الحجاج: علمنيه.
قال أنس: معاذ الله أنْ أعلمه لأحد ما دمت أنت في الحياة
فقال الحجاج: أخلو سبيله
قال الحاجب: أيها الأمير، لنا في طلبه كذا وكذا يوماً حتى أخذناه، فكيف تخلي سبيله؟
قال الحجاج: رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين فاتحين أفواههما.
ثم إنَّ أنس لما حضرته الوفاة علم الدعاء لإخوانه وهو:
(بسم الله الرحمن الرحيم ... بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى، بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أعوذ بالله مما أخاف وأحذر ... الله ربي ولا أشرك به شيئاً ... عز جارك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك، ولا إله غيرك. اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبار عنيد وشيطان مريد ومن شر قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنَّ ربي على صراط مستقيم) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أصدرنا فتويين بينا فيهما أن هذا الدعاء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع إليهما: 45343، 45886.
ولكن صح عن ابن مسعود موقوفا أنه قال: إذا كان على أحدكم إمام يخاف تغطرسه أو ظلمه فليقل اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم كن لي جارا من فلان ابن فلان وأحزابه من خلائقك أن يفرط علي أحد منهم أو يطغى عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله إلا أنت. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
وصح عن ابن عباس دعاء آخر قريب منه، وقد سبق ذكره في الفتوى رقم: 31768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(10/891)
ثمرات الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الدعاء بمنطق بأثناء الدعاء، كمثال عبد دعا ربه أن يشغله ثم بعد مرور أيام اشتغل، ولكن بدون راتب وكان يقصد بدعائه أن يشتغل لكي يرزق مالاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد هل العبرة في الدعاء بما تلفظ به الداعي في دعائه أم ما يقصده بقلبه؟ فالجواب: أن الله تعالى مطلع على نية الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، لقول الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {ق:16} ، وقوله تعالى: وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {التغابن:4} .
فعلى السائل الكريم أن يواظب على الدعاء لأنه هو روح العبادة وعنوانها، ففي سنن الترمذي من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.
ولا ينبغي اليأس وترك الدعاء لأن الداعي إما أن تستجاب دعوته أو يصرف عنه بسببها بعض البلاء أو يجد ثوابها عند الله تعالى، ففي مسند الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال الله أكثر. وهو حديث حسن صحيح كما في صحيح الترغيب والترهيب.
هذا إضافة إلى أن ما كتب الله تعالى للإنسان من رزق سيصل إليه لا محالة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير، وراجع الفتوى رقم: 9202، والفتوى رقم: 41061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(10/892)
دعاء الله خير معين لتجنب الانحراف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تقدمت بسؤال يخص عشق المردان وهو على الفتوى التالية 56002.. أرجو مراجعتها لفهم سؤالي جيدا..في إجابتكم لي في ذلك السؤال فوجئت أنه يجب علي قطع صلتي بهؤلاء الأصدقاء المردان.. ولكن هذا الأمر صعب صعب صعب جدا جدا جدا بالنسبة لي لأنهم يعتبرون من أعز أصدقائي وبعضهم منذ فترة ليست بقصيرة.. وأنا الآن اشعر بإحباط نتيجة هذا الموضوع مع العلم أني أشعر أيضا أن شذوذي الجنسي بصفة عامة قل بصورة واضحة عن السنة الماضية فهل يمكن أن أتخلص من هذا الداء بدون مفارقة الأصدقاء مع العلم أني أكثر كثيرا من الدعاء فهل يفيدني؟ ..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة على تعقيبك هذا في الفتوى رقم: 57426، فراجعها. هذا، ولا شك أن الدعاء يفيدك إذا استوفى شروط إجابته وانتفت موانع رده، وانظر شروط إجابة الدعاء، وآدابه وأوقات الإجابة الفاضلة في الفتاوى: 23599، 17449، 32655، 8581. وأكثر من دعاء الله تعالى ليعينك على تغيير حالك مع الأخذ بأسباب ذلك، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد: 11} . وقال أيضاً: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} . فلا بد أن تجاهد نفسك وأن تبدأ بالتغيير، وانتفع بالنصائح التي وجهناها لك في الفتويين: 56002،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(10/893)
دعاء الوالد لولده بالخير ترجى استجابته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن الرقية الشرعية، أنا مقيم بالسعودية وابني مريض بمرض التوحد ومقيم بمصر، هل يجوز أن أرقيه وأقرأ عليه الآيات والأدعية النبوية وهو بعيد عني، وإن كان لا يجوز فما البديل. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع دعاء الوالد لولده بالخير وترجى استجابة دعائه بإذن الله، ويدل لذلك ما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني والأرناؤوط.
وبناء عليه؛ فإنه يمكنك أن تدعو لا بنك بالحفظ والعافية والسلامة من شر كل ذي شر، فإن كون الدعاء بظهر الغيب من أسباب استجابته كما في حديث مسلم: دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل. وأما الرقية التي تستعمل في العلاج فإنا لا نعلم مانعا شرعيا من علاج الغائب بها مع أنا لم نعثر على ما يفيد أن السلف كانوا يفعلونه. ويمكنك أن تراجع مواقع الرقاة لسؤال بعض أهل السنة الذين يرقون بالرقية الشرعية عن الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(10/894)
مدى أثر الأذكار على حفظ العبد من المكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم قراءة زوجها لدعاء السفر أو قيامه بصلاة الجمعة أثناء السفر قد تسبب في ذلك (أي في وفاته بحادث السيارة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قراءة الأذكار المأثورة في السفر أو في غيره، والصلاة في وقتها لها أثر عظيم في حياة المسلم، ويحفظ الله تعالى بها عباده المؤمنين من كل شر ومكروه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال -يعني إذا خرج من بيته-: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. يقال له: كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله ... رواه مسلم وغيره.
ولكن لا يمكن أن نقول إن سبب هذا الحادث هو عدم الذكر أو عدم الصلاة، فيمكن أن يكون له سبب آخر، ولا يترتب على معرفة سببه عمل أو حكم شرعي، ما دام السائق غير مقصر في أسباب السلامة.
والذي ننصحكم به لتخطي هذه المصيبة هو الصبر الذي وعد الله تعالى صاحبه بالثواب الجزيل، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة {البقرة:164-167} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(10/895)
المسلم مستفيد من دعائه على كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة بالشبكة الإسلامية كل الاحترام والتقدير لكم وزادكم الله علما وجزاكم عنا كل خير واسمحوا لي أن أشكركم على إجابتكم لي واعلموا بأنني أخذت بنصيحتكم وعملت بها فوراً وهي تركي العمل بالمصرف وكذلك بما يخص موضوع طلب طلاقي وأجدد النهل من علمكم بما فضل الله عليكم وأسألكم سؤالا جديداً وهو:
أنا الآن أمر طلاقي بين يدي القاضي وقبله تركته لله وحده هو مولاي ونعم النصير وهو وحده العالم بقدر الظلم الذي وقع لي من هذا الزواج ولكن كوني امرأة فالشرع والقانون يعطيان الحق للرجل للكلمة الأخيرة بالطلاق ولا اعتراض لحكم الله فأنا مشكلتي هي أنني لم أثبت وقوع الضرر بي لأنني لم أشهد أحداً على ما حدث منه ولم يره إلا الله الذي لا يجعل له حرمة ووصل به الحال أن سب الله أمامي ودخن في رمضان أمامي وأنا امرأة بحمد الله مؤمنة وملتزمة وحاجة وعلى خلق عال ولكن غلطتي الوحيدة في حياتي كلها هذا الزواج الفاشل الذي لامني فيه الكل ناسيين قدرة الله وقدره وسؤالي يا أساتذتي إنني أمر بحالة نفسية وصلت ليأس كبير لدي تساوت عندى الأمور ولم يعد عندي أي هدف في الحياة والذي يعذبني هو عدم دعائي الله بأي شيء من الدنيا فقط أطلب حسن الختام وخاصة في أمر الزواج فقد عاهدت نفسي على عدم خوض هذه التجربة أبداً لأنني لم أتزوج إلا بعد أن صليت شهراً كاملاً وفي رمضان صلاة الاستخارة والعجيب حتى أمر طلاقي استخرت عليه في رمضان ومازلت استخير الله في كل أمر ولكن عدم دعائي فقط لأنني لم أعد أريد الدنيا ولا البشر فهل هذا قنوط ويأس من رحمة الله؟
أفيدوني رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليك بالخير والصلاح، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يصلح لك زوجك، أو يمن عليك بزوج صالح غيره.
وعموماً يا أختي، فإن من حقك رد الظلم عن نفسك بأن تخرجي عند وجود الضرر إلى الحاكم، أو إلى من يشهد بوجود الضرر من قريب أو جار.
فإن ثبت الضرر، فيلزم الزوج بأن يكف عنه أو يطلق، أما إذا ثبت أنه يسب الله تعالى، فقد ارتد عن الإسلام، ويجب عليك الامتناع منه، فإن تاب في العدة، وإلا فلست زوجة له، فيجب عليك أن تذهبي إلى بيت أهلك، وتمتنعي منه كما تمتنع الأجنبية من الأجنبي.
ولا ينبغي لك أن تيأسي من الدعاء بسبب أنك لم تجدي جواباً، فإن المسلم إذا دعا الله صادقاً محققاً شروط وآداب الدعاء فلا يمكن أن يعود فارغاً، كما أخبر بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو دائر بين أمور ثلاثة:
1/ أن يعطيه الله ما يسأل.
2/ أن يدفع الله عنه من الشر والبلاء مقابل ما طلب من الخير.
3/ أن يدخر الله له أجر الدعاء حسنات يوم القيامة.
فالمسلم إذا مستفيد من دعائه على كل حال، وانظري الفتوى رقم: 2395، والفتوى رقم: 21386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(10/896)
دعاء الذهاب إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السؤال الأول متى يقال دعاء الذهاب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الذهاب للمسجد يقال عند الخروج من المنزل، ويدل لهذا ما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نورا.... الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(10/897)
أذكار رسول الله صلى الله عليه وسلم اليومية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لديه ورد يخرجه كل يوم وماذا كان يقول فيه.
جزاكم الله خيرا. ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل الكريم يعني بالورد الذكر فقد كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه كما في صحيح مسلم وسنن الترمذي، قال في تحفة الأحوذي عند شرح هذا الحديث: أي في كل أوقاته متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضطجعا وماشيا، قال: وقال النووي: واعلم أنه يكره الذكر في حالة الجلوس على البول والغائط، وفي حالة الجماع، فيكون الحديث مخصوصا بما سوى هذه الأحوال. انتهى.
وثبت أنه كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة كما في صحيح البخاري وغيره، قال الحافظ ابن حجر وقع في حديث أنس: إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة، وفي رواية النسائي: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة، وكان يقرأ القرآن على كل حال لما في سنن النسائي عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقرأ القرآن على كل حال ليس الجنابة ـ يعني إلا أن يكون جنبا ـ فلا يقرؤه. اهـ.
هذا.. وننبه السائل الكريم إلى أن الخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أراد الاطلاع على الكتب التي تختص بالاذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعليه بكتاب الأذكار للنووي رحمه الله تعالى، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 36354، 35742.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أن من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. رواه البخاري وغيره. وثبت في الصحيحين أن من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك والحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عتق عشر رقاب، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك. فهذه أذكار يومية ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رغب فيها وحث عليها، والمعروف عند أهل العلم بمصطلح الحديث أن السنة هي: كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 10927، 25564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(10/898)
القول الذي يملأ ما بين السماء والأرض.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو القول الذي يملأ ما بين السماء والأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(10/899)
الدعاء عند رؤية الكعبة المشرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أن المعتمر أو الحاج عند ذهابه للكعبة في أول رؤية له للكعبة له دعاء مستجاب هل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على أن هناك دعاء مستجاباً عند أول رؤية للكعبة، لكن قد ورد الدعاء في ذلك الوقت وهو مظنة الإجابة، فللمسلم أن يدعو في ذلك الوقت بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وقد وردت بعض الآثار ذكرناها في الفتوى رقم: 32217، ويدعو بما شاء، فالله سبحانه وتعالى قد أمر عباده بدعائه ووعدهم بالإجابة، وهذا المشهد - وهو مشاهدة الكعبة- من أفضل أماكن الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(10/900)
الدعاء وحسن الخاتمة وسوؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العلاقة بين حسن الخاتمة وسوء الخاتمة والدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقضى به على المرء من حسن الخاتمة أو سوئها منه ما يكون واقعاً محتوماً وهو ما سبق في علم الله، ومنه ما يمكن صرفه بأسباب، وذلك هو القضاء المعلق المكتوب في صحف الملائكة، وقيل ما في اللوح المحفوظ، لأنه خرج عن الغيب لإحاطة بعض الملائكة به، فهو محتمل للتبديل، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن ما كتب على الشخص من السعادة والشقاوة والغنى والفقر والعمر ونحو ذلك لا يتغير ولا يتبدل، وقال بعض العلماء إنه يجوز أن يتبدل ويتغير.
واحتج كل فريق بأدلة، وقد وفق الحافظ ابن حجر بين الرأيين فقال رحمه الله: والحق أن النزاع لفظي، وأن الذي يسبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وأن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامة، ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي، فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص.
وعليه، فإن المرء إذا كان في علم الله أن خاتمته ستكون سيئة، فإن الدعاء لا يغير من ذلك شيئاً، وإن كان سوء الخاتمة إنما كتب له وعلم عند الحفظة والموكلين فقط، ولم يكن ذلك مقضيا به عليه في علم الله، فإن الدعاء يغيره، وهذا الأخير هو الذي ورد فيه الحديث الشريف: لا يرد القضاء إلا الدعاء. ووردت فيه أحاديث أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(10/901)
الأدعية المستحبة في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية المستحبة في رمضان أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا توجد أدعية مخصصة في رمضان، وإنما يختص رمضان عن غيره بأنه أعظم موسم للعبادة، ويبنغي كثرة الدعاء فيه بالأدعية المأثورة، وبما يتيسر للمرء إلا ما يقال عند الفطر مثل: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فاغفر لي ما قدمت ونحوه -وهو عام في الفطر في كل صيام- أو ما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ... وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 40808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(10/902)
يشرع للمرأة سؤال ربها أن يرزقها الزوج الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث حق على الله عونهم.. فذكر منهم: الناكح الذي يريد العفاف) ، فهل هذا الحديث ينطبق على الذكور والإناث أي لو أرادت الفتاة العفة بالحلال.. هل يسهل الله لها أمرها وهي غير قادرة على البوح بهذا الأمر.. لأن المتعارف عليه أن الشاب هو الذي يصرح برغبته بالزواج.. فهل هذا الحديث يشمل الذكور والإناث على حد سواء.. وهل يفضل للفتاة أن تتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يرزقها الزوج الصالح أم أن الأمر فيه حياء من الله تعالى، وماهي الأدعية المحبذة في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب الحاجة يسأل مولاه حاجته مهما كانت، ومن أهم الأشياء بالنسبة للمسلم الزواج، فينبغي للمسلمة أن تسأل الله أن يرزقها الزوج الصالح.
وقد كان السلف الصالح يسألون الله كل شيء حتى شسع النعل، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه الترمذي.
وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] .
ولكن لا يوجد دعاء مأثور خاص بهذه المسألة لكن الأدعية الكثيرة من الكتاب والسنة الجامعة لخيري الدنيا والأخرة تشمل هذه المسألة مثل: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر، اللهم أني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم ... إلى غير ذلك من الأدعية المأثورة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة وهي موجودة في كتب الأذكار، ثم إن للمسلم أن يدعو بما شاء مما أحب ولو لم يرد مضمونه صريحاً في الأدعية المأثورة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي والإمام أحمد في المسند وغيرهما. الظاهر والله أعلم أنه عام يشمل كل من أراد بنكاحه العفاف من الذكور والإناث فحق على الله تعالى أن يعينه، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: (باب ما جاء في المجاهد والمكاتب والناكح وعون الله إياهم قوله (ثلاثة حق على الله عونهم) أي ثابت عنده إعانتهم أو واجب عليه بمقتضى وعده معاونتهم (المجاهد في سبيل الله) أي بما يتيسر له الجهاد من الأسباب والآلات (والمكاتب الذي يريد الأداء) أي بدل الكتابة (والناكح الذي يريد العفاف) أي العفة من الزنى.
قال الطيبي: إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها وأصعبها العفاف، لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. انتهى
وكما يحتاج الرجل إلى الإعانة من الله تعالى على قمع شهوته وكبح غريزته فكذلك المرأة، فإذا قصد كل منهما بنكاحه أن يعف نفسه أعانه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(10/903)
المستمع لمحاضرة في بيته هل يعطى ثواب الذاكرين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت تستمع إلى محاضرة دينية (مسموعة أو مرئية) وانت ببيتك فهل يعد هذا مجلس ذكر؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن " مجلس الذكر" يصدق على المجلس الذي يذكر الشخص فيه الله أو يستمع فيه لذكر الله، سواء أكان منفرداً أو مع غيره من الناس. ولا شك أن المحاضرات الدينية من ذكر الله تعالى، ونرجو أن يكون لك ثواب الذاكرين با ستماعها، وفضل الله واسع. وانظري الفتوى رقم: 14961 ورقم: 46323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(10/904)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم باللفظ المأثور أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سألتكم سابقاً عن الصيغ المختلفة للصلاة والسلام على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فأحلتموني إلى فتاوى سابقة ذكرتم فيها صيغاً للصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مع الاستشهاد بالأحاديث الشريفة وقلتم إن هذه الصيغ يمكن استعمالها في الصلاة وذكرتم أن الأمر خارج الصلاة واسع فهل يمكنني التعرف على بعض الصيغ خارج الصلاة، وهل لها نفس الفضل الذي ورد في فضل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ذكر ابن كثير في تفسيره عند قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56} ، كثيراً من الألفاظ والصيغ الواردة في الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن الإتيان بها داخل الصلاة وخارجها، فيمكن أن يراجع هذا المبحث في التفسير لابن كثير وهو موجود على الإنترنت.
ولا شك أن الصلاة عليه باللفظ المأثور أولى وأفضل من الصلاة بغير المأثور، مع أنه لا حرج في الصلاة بغير المأثور ما لم يكن فيه محظور شرعي، ونرجو الله أن يعطي الثواب لكل من صلى على الرسول صلى الله عليه وسلم بأي لفظ.
هذا وننبه إلى أن المراد بقولنا أن الأمر خارج الصلاة واسع هو إمكانية الصلاة بغير المأثور، وليس المراد أن هناك صيغاً مأثورة خاصة يصلى بها خارج الصلوات، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2751، 5733، 15149، 50232، 4863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(10/905)
الدعاء يذلل الصعاب ويسهل الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد دعاء يسهل حفظ القرآن والأحاديث الشريفة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه على دعاء ثابت خاص لتسهيل حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولكن ورد في السنة بعض الأدعية لتسهيل الأمور على العموم وتذليل العقبات: منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً. رواه ابن حبان في صحيحه عن أنس رضي الله عنه.
ومنها ما رواه النسائي عن أنس أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: ما يمعنك أن تسمعي ما أوصيك به، أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
وعلى العموم، فالدعاء عموما يذلل الصعاب ويسهل الأمور، ومن أسباب إجابته المحافظة على آدابه المبينة في الإجابة رقم: 23599.
كما أن الالتزام بتقوى الله تعالى من أسباب تيسير الأمور وتسهيل العلم وحفظه كما قال تعالى: يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً {الأنفال:29} ، وأما الحديث الطويل الذي روي عن ابن عباس ويتداوله الناس لتسهيل حفظ القرآن، فإنه لا يصح، بل قال عنه الإمام الذهبي إنه موضوع، وللوقوف على الدعاء المذكور وأقوال أهل العلم حوله نرجو أن تطلع على الإجابة رقم: 50689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(10/906)
الأوراق المشتملة على ذكر الله محترمة ولو كتبت بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأوراق التي عليه اسم من أسماء الله لكن بغير اللغة العربية مثلا adbulrahman , adullah , وما شابه ذلك. هل يجوز رميها في النفايات أم يتوجب حرقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم احترام الأوراق والأشياء التي كتب عليها أسماء الله تعالى أو نصوص الوحي من القرآن والسنة، سواء كتبت بحروف لاتينية أو غيرها، ولا يجوز رميها في القمامة أو الأماكن القذرة. قال الله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30} . وقال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج: 32} .
وقال الدسوقي المالكي: ومثل إلقاء القرآن في كونه ردة إلقاء أسماء الله تعالى وأسماء الأنبياء إذا كان ذلك بقصد التحقير والاستخفاف بها ...
وعلى هذا، فإن على المسلم إذا وجد شيئا مما ذكر أن يحرقه أو يدفنه أو يجعله في مكان محترم صيانة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(10/907)
الذكر يزيد همة العمل للآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى إن الذكر يبعد عن الدنيا ويقرب من الآخره وهل هذا معناه أن الذكر يقصر العمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرته من أن الذكر يبعد عن الدنيا ويقرب من الآخرة ليس حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه معنى كلام لبعض أهل العلم، ومعناه أنه يزهد الإنسان في الدنيا وزخرفها ويورث القناعة وغنى النفس، فيقصر أمله وتزداد همته للعمل للآخرة، وهذه المعاني موجودة في الذكر باللسان إذا واطأه القلب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(10/908)
من صيغ الاستغفار المأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصيغ الآتية للاستغفار (أستغفر الله- استغفر الله العظيم هو التواب الرحيم- أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه- أستغفر الله العظيم من كل ذنب- (سيد الاستغفار) ، هل كلها صيغ صحيحة وتعتبر استغفاراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الصيغ المذكورة قد ورد منها البعض عن النبي صلى الله عليه وسلم والبعض منها لم يرد، فمما ورد عنه صلى الله عليه وسلم صيغة أستغفر الله فقد صح عنه: أنه كان إذا انصرف من صلاته قال أستغفر الله ثلاثا. ً رواه مسلم.
وكذلك أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، ففي سنن أبي داود عن بلال بن يسار قال حدثني أبي عن جدي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فارا من الزحف. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وأما سيد الاستغفار فهو حديث صحيح رواه البخاري في باب الدعوات من كتابه الجامع الصحيح ولفظه: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلى أنت، ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.
وأما باقي الصيغ فلم نطلع عليها كحديث بذلك اللفظ مأثور، ولكنه يؤدي معنى طلب المغفرة من الله تعالى وإن كان الاقتصار على الوارد أفضل، وأما الفرق بين الصيغ، فإنه واضح من جهة كثرة الجمل وزيادة أسماء الله وصفاته خصوصا في سيد الاستغفار، وأما من جهة الأجر فمرد ذلك إلى الله تعالى، وقد ورد في بعضها ثواب مخصوص كما رأيت، وبعضها يمتاز عن البعض بزيادة أسماء الله وصفاته والتوكل عليه والتسليم له وغير ذلك مما هو في سيد الاستغفار، وقد يكون الأجر بحسب ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(10/909)
فضل ذكر \"سبحان الله وبحمده عدد خلقه..\"
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا.
من المعلوم أن عدد فضائل نعمة الله لا تعد ولا تحصى، فهل قول: (الحمد لله عدد فضائل نعمتك) فيه أجر فضيل؟ أرجو التعقيب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في قول المرء: (الحمد لله عدد فضائل نعمتك) من حرج، ولا شك أن الحامد بهذا اللفظ قد بالغ في تكثير الحمد، لكن الأصل في العبادة أن أمرها توقيفي، والأفضل للمسلم أن يقتصر في الذكر على ما صح من السنة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير الحمد ما فيه الكفاية.
روى الإمام مسلم وغيره من حديث جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها! قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
قال الإمام النووي: والمراد المبالغة به في الكثرة، لأنه ذكر أولاً ما يحصره العدُّ الكثير من عدد الخلق، ثم زنة العرش، ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك، وعبر عنه بهذا، أى ما لا يحصيه عد، كما لا تحصى كلمات الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(10/910)
تحقيق القول في دعاء \"اللهم أنر لي بصيرتي\"
[السُّؤَالُ]
ـ[اللهم أنر لي بصيرتي هل هذا دعاء وارد، ماذا يعني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على اللفظ المذكور في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: اللهم أجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، واجعل لي نوراً.
قال النووي في شرح مسلم: سأل النور في أعضائه وجهاته، والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه، فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالاته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شيء منها عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(10/911)
شتان ما بين الذكر الجماعي والاجتماع للذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاجتماع للذكر والتسبيح هو بدعة، فعندما قال عبد الله بن مسعود لقوم (لا أذكر اللفظ بالتحديد) ولكن جئتم بدين جديد وما أراكم إلا مفتتحي باب فتنة
فكيف التوفيق بين هذا الأثر وحديثي النبي صلي الله عليه وسلم فيما ورد في مسلم في كتاب الذكر والدعاء ((لايقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة)) وحديث البخاري في كتاب الدعوات ((إن لله ملائكة يطوفون الطرق يلتمسون أهل الذكر)) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأثر الذي لابن مسعود، والذي قلت إنك لا تذكر لفظه بالتحديد، مخرج في معجم الطبراني الكبير ومصنف عبد الرزاق وغيرهما، ونصه: جاء المسيب بن نجبة إلى عبد الله، فقال: إني تركت قوما بالمسجد يقولون: من سبح كذا وكذا فله كذا وكذا. قال: قم يا علقمة اشغل عني أبصار القوم، فلما سمعهم وما يقولون، قال: إنكم لمتمسكون بذنب ضلالة، أو أنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وورد بألفاظ أخرى كلها قريبة من هذا المعنى.
وواضح أن لا تناقض بين أثر ابن مسعود والحديثين اللذين جئت بهما، لأن ابن مسعود رضي الله عنه ينهى عن تحديدات من الذكر والتسبيح لم ترد في الشرع، ولم ينه أبدا عن الاجتماع للذكر، والاجتماع للذكر والتسبيح ليس بدعة بل هو من السنة ومن الأفعال الحسنة كما هو واضح في الحديثين الذين ذكرتهما أنت.
وأما الذي اعتبر من البدعة فهو الذكر الجماعي، وكنا قد بينا حكمه، فراجع فيه الفتوى رقم: 1000.
وشتان ما بين الذكر الجماعي والاجتماع للذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(10/912)
من الأذكار الواجبة والمندوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الواجب علينا الذكر بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حض الله على الإكثار من الذكر ورتب عليه الفلاح فقال: وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ [سورة الأنفال: 45] . وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [سورة الأحزاب: 41] . وهذا يدل على الحض على الإكثار من الأذكار، وهو متأكد في الأذكار المقيدة. ثم إن في الأذكار ما هو واجب كالنطق بالشهادتين عند الدخول في الإسلام، وكتكبيرة الإحرام، والسلام في الصلاة، ورد السلام على المسلم، وكالتشهد عند بعض أهل العلم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره أو سماع اسمه أو في جلسة التسليم أو في مجلس القوم عند بعض أهل العلم أيضا، وكالتلبية في الحج والعمرة عند بعضهم، والتسمية عند الذكاة، وكالأذان والإقامة عند البعض في الأمصار.
وقد استدل الموجبون للتشهد بقول ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نقول قبل أن يفرض التشهد السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا فإن الله عز وجل هو السلام ولكن قولوا التحيات لله. رواه الن سائي في باب إيجاب التشهد، وصححه الألباني.
وقد استدل الموجبون للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بالحديث الذي رواه أحمد وابن حبان والحاكم عن أبي مسعود قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال: يارسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا صلى الله عليك، قال: إذا أنتم صليتم علي فقولوا اللهم صل على محمد....... والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي والنووي ووجه الدلالة هنا ـ والله أعلم ـ هو قوله (فصلوا) وهو أمر والأمر يحمل على الوجوب ما لم يرد صارف إلى الندب والصارف معدوم هنا.
واستدل الموجبون للصلاة عليه عند ذكره بحديث أبي هريرة: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي. رواه الترمذي وصححه الألباني.
واستدل الموجبون للصلاة عليه في المجالس بحديث: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة. رواه الترمذي وأحمد والحاكم وصححه الألباني.
واستدل من أوجبوا الأذان بأمره صلى الله عليه وسلم مالك بن الحويرث وصاحبه في قوله لهما: أذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما. رواه البخاري ومسلم.
واستدل من أوجبوا التلبية بالحديث: جاءني جبريل فقال: يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية. رواه النسائي والترمذي وصححه الألباني.
واستدل من أوجبوا التسمية عند الذكاة بقول الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [سورة الأنعام: 121] .
وراجع رياض الصالحين للنووي، والحصن الحصين للجزري، وحصن المسلم للقحطاني، لمعرفة الأذكار التي تطلب المواظبة عليها يوميا.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(10/913)
فضل الاستغفار للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، يغفر لصاحبه بعدد المسلمين والمؤمنين الأحياء والأموات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع هذا الدعاء وأما كونه يغفر له بعدد من ذكر إذا دعا بالدعاء المذكور في السؤال، فلا نعلم له أصلا، مع أنه يشرع الدعاء بهذا الدعاء وغيره للمسلمين والمسلمات، ولكن تحديد الثواب يتوقف على نص صحيح يثبته، وحيث لا يوجد نص بذلك في ما نعلم، فلا يجوز اعتقاد هذا الثواب، وإنما يدعو الإنسان بهذا الدعاء أو بغيره لإخوانه من غير أن يعتقد أنه ينال هذا الثواب المذكور.
غير أنه قد ورد عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني وحسنه الشيخ الألباني كما ورد أيضاً أن من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب فإن الملك يؤمن على دعائه ويدعو له بمثله فقد روى مسلم في صحيحه عن أم الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل. فدعاؤك للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات يؤمن عليه الملك ويدعو لك بمثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(10/914)
الدعاء من القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يدعو الإنسان ربه أن يعافيه ويشفيه أو ييسر له سبل العلاج أو الشفاء، لعيب أصابه في الخلقة (تشوه في القوام) أم يسلم لقضاء الله ولا يطلب تغيير ما أراد له الله، علما بأن هذا العيب لم يأتي منذ الولادة وجاء بعد ذلك بمرحلة, وإذا كان ذلك جائزا فهل يكتفي بالدعاء والتضرع إلى الله لعله يستجيب لدعائه أم يسعى في العلاج ويدعو الله بالتوفيق؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للإنسان أن يدعو ربه بالشفاء وبأن ييسر له سبل العلاج لأي شيء أصابه، ولا تعارض في ذلك مع التسليم بالقضاء، فإن الدعاء نفسه من القضاء، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لنفسه ولغيره، والدعاء مأمور به، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، وروى الترمذي عن أنس مرفوعاً: الدعاء مخ العبادة. وفي رواية: الدعاء هو العبادة. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9890.
وكما أمر بالدعاء فقد أمر بالتداوي أيضاً، ففي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد الهرم. وليس هذا من تغيير خلق الله، وراجع فيه الفتوى رقم: 30932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(10/915)
الرسول تولى بنفسه تبيان الكيفية المأمور بها في الصلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، الله سبحانه طلب منا الصلاة على الرسول.. لا أن نطلب من الله أن يصلي هو عليه باستعمال كلمة اللهم فأصبحنا نردد ما لم يرشدنا الله إليه وما ليس فيه نص، أنترك كتاب الله ونسير وراء المدّعين.. والصلاة والسلام على رسولنا الأمين والحمد لله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القرآن إنما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو المكلف بتبيين ما يحتاج منه إلى التبيين، قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44] ، وقال الله تعالى: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل:64] ، والرسول عليه الصلاة والسلام قد بين الكيفية المأمور بها في الصلاة عليه، ففي الصحيحين من حديث كعب بن عجرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وفيه روايات أخرى، فهذه هي الكيفية التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يصلى عليه بها، ثم اعلم أن الصلاة معناها الدعاء، والدعاء لا يكون إلا لله، فنحن إذاً لم نردد إلا ما أرشدنا الله إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(10/916)
حكم تسجيل الحضور اليومي للمنتديات بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[اشيع في المنتديات الصيغة التالية:
سجل حضورك اليومي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
وكل من دخل على الموضوع كتب صيغة الصلاة والسلام على النبي
وقد يتكرر رد العضو مع كثرة دخوله على الموضوع،،،
س- ما حكم هذه الطريقه المستحدثة في الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه طريقة حسنة، ولا مانع منها بل فيها اختراع وسيلة تعين الناس على الخير وتذكرهم بما ينبغي عليهم من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها نوع من التعاون على الخير،
وينبغي تنبيه الداخل إلى احتساب أجر عمله هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(10/917)
الاستغفار من أعظم الأسباب لتحصيل المال والولد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من نفع للأمة الإسلامية من خلال هذا الموقع المميز ... جعله الله في ميزان أعمالكم يوم القيامة إن شاء الله.
وإليكم استشارتي: لقد تزوجت منذ سنة وأربعة أشهر ولم يحدث الحمل إلى الآن وذهبت للأطباء وكل واحد يقول كلاما مختلفا إحداهم تقول ليس فيكم شيء سليمان أنت وزوجك وأخرى أعطتني علاجا وأعطت زوجي علاجا لأنها قالت بأنه لديه ضعف بسيط ومرة يقولون ليس بكما شيء ومرة يظهر شيء جديد وأحسست وكأني في دوامة وفكرت بالأمر ووجدت بأن كل شيء بيد الله عز وجل والله وحده الذي يرزق من يشاء الذرية الصالحة ... وقبل يوم تصفحت بالإنترنت فوجدت بأن هنالك علاجا روحانيا للعقم وهو بالقرآن الكريم والاستغفار فأخذت العلاج ولكن هنالك أشياء أريد قراءتها بالعلاج ولم أعرفها وأريد أن أسألكم عنها وهي: ما هي الرقية الشرعية لعلاج العقم أتمنى منكم ذكر لي آيات الرقية الشرعية بالتفصيل لأني لا أعرف عنها شيئا ... وسؤالي الثاني قرأت بأنه يجب قراءة مجموعة الاستغفار..وأنا لا أعلم ما هي مجموعة الاستغفار أتمنى بأن تبينوها لي. .. والسؤال الثالث قرأت بأنه يجب في اليوم الثالث الغسل بماء الوضوء غسلا شرعيا بعد صلاة الفجر وقبل بزوغ الشمس ... يا ترى كيف يكون الاغتسال بماء الوضوء هل معنى ذلك هو الوضوء أو الاغتسال الغسل الشرعي العادي؟ أتمنى أن توضحوا لي ما هو بالضبط.
في النهاية أتمنى أن لا أكون قد أطلت عليكم بالكتابة ... وأتمنى أن تكون رسالتي واضحة لكم.
ولكم مني خالص الشكر والامتنان
أختكم في الله: نجوى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة وأن يقر عينك بها في الدنيا والآخرة.
ثم اعلمي أنه لا توجد رقية معينة لعلاج العقم، إلا أن السبيل لتحقيق هذا الأرب هو تقوى الله تعالى والمداومة على سؤاله، فإنه سبحانه رب كريم يتفضل على عباده بقبول دعواتهم، فهذا نبي الله زكريا يسأله الولد وقد تجاوزت زوجته سن الإنجاب، فيستجيب دعاءه: [رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى] (آل عمران: 38- 39) .
وهذا إبراهيم الخليل يشكو حاله إلى ربه فيقول: [رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ] (الصافات:100) .
وعليك بالاستغفار، لإخبار الحق عز وجل أنه سبب كبير لتحصيل المال والولد فقال سبحانه حكاية عن نوح عليه السلام: [فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ] (نوح: 10-12) .
ومن أعظم الأسباب للشفاء من جميع الأسقام بما فيها العقم قراءة القرآن والرقية به، لأنه شفاء، كما قال ربنا: [وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ] (الاسراء: من الآية82) .
وانظري الفتوى رقم: 19900، ولا بأس بقراءة القرآن في الماء ثم الاستحمام به طلبا للشفاء.
وأخيرا نوصي الأخت السائلة بأن تتيقن بأن الرزق بيد الله عز وجل وحده، القائل: [لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ] (الزخرف: 49-50) .
فعليها أن تجتهد في الدعاء والمسألة بعد الأخذ بالأسباب التي أباحها الشرع كالتداوي والاستغفار كما ذكرنا، وأما ما ذكرته من الغسل فلا نعلم له أصلا شرعيا، وقد ذكر العلماء صفة الغسل لمن أصيب بالعين، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 12505، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(10/918)
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الطريقة الصحيحة للصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم وإن صليت عليه ألفا هل يحرم جسدي على النار
أريد فوائد لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
هذا أول سؤال أسأله لكم ولكن ستقوى صلتي بكم إن شاء الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطريقة الصحيحة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي ما ورد في السنة الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم وهي الأكمل والأفضل.
فعند ما أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً] (الأحزاب:56) سأل الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فقال لهم: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. رواه البخاري ومسلم.
وهذا في الصلاة، وأما خارج الصلاة، فالأمر واسع إن شاء الله تعالى، ويمكن للمسلم أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بكل كيفية تؤدي الغرض،
وإن كان الأفضل أن يصلي بالكيفية المأثورة وقد تقدمت ويدعو بالأدعية الواردة في القرآن والسنة.
ولا شك أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات إلى الله تعالى، فقد روى الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة.. جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه.. قال أبي: قلت يا رسول الله: إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذاً تكفى همك ويغفر ذنبك. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال العلماء في شرح هذا الحديث: " فكم أجعل لك من صلاتي " أي فكم أجعل لك من دعائي الذي أدعو به لنفسي صلاة عليك.
وفيه أيضا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة، ومن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا أو كتب له بها عشر حسنات.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال والقربات إلى الله تعالى.
وأما بخصوص عدد الألف الذي ذكرت وهل من فعل ذلك يحرم جسده على النار، فلم نقف له على دليل.
وبخصوص رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بأوصافه المعروفة الثابتة في السنة فلها فوائد عظيمة وهي دليل على صلاح الرائي ومحبته للنبي صلى الله عليه وسلم فإن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فهو كمن رآه يقظة، لأن الشيطان لا يتمثل به صلى الله عليه وسلم فقد ورد في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 4863، 5025، 21892، 31854.
والله أعلم. ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(10/919)
تحف الملائكة مجالس الذكر في المساجد وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تحف الملأئكة مجالس الذكر في المساجد دون المنازل؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت الأحاديث الداله على أن الملائكة تحف حلق الذكر سواء كانت في المسجد أو في غيره.
فمن ما ورد في المسجد
ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
ومما ورد على العموم في المسجد وفي غيره:
ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل تنادوا هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم وهو أعلم ما يقول عبادي قال يقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك فيقول هل رأوني فيقولون لا والله ما رأوك فيقول كيف لو رأوني قال يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحا فيقول فماذا يسألون قال يقولون يسألونك الجنة قال يقول وهل رأوها قال يقولون لا والله يارب ما رأوها قال يقول فكيف لو رأوها قال يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة قال فمم يتعوذون قال يقولون يتعوذون من النار قال فيقول وهل رأوها قال يقولون لا والله ما رأوها فيقول كيف لو رأوها قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة قال فيقول فأشهدكم أني قد غفرت لهم قال يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم
وما أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري: أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ ثم جالت أخرى فقرأ ثم جالت أيضا قال أسيد فخشيت أن تطأ يحيى فقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها قال فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرإ بن حضير قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرإ بن حضير قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرإ بن حضير قال فانصرفت وكان يحيى قريبا منها خشيت أن تطأه فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الملائكة كانت تستمع لك ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم.
قال ابن منظور في لسان العرب: والمربد: الموضع الذي تحبس فيه الإِبل وغيرها.. والمِرْبد: فضاء وراء البيوت يرتفق به. والمِرْبد: كالحُجرة في الدار. ومرْبد التمر: جَرِينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس
وما أخرجه البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم وحفوا بهم، ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون: ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم، فيقول تبارك وتعالى: غشوهم رحمتي، فيقولون: يا رب إن فيهم فلانا الخطاء إنما اعتنقهم اعتناقا! فيقول تبارك وتعالى: غشوهم رحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ".
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار من طريق زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، وكلاهما وثق على ضعفه، فعاد هذا إسناده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(10/920)
ذكر الله طرفي النهار سنة ثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة الإتيان بأذكار الصباح والمساء كلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة الإتيان بأذكار الصباح والمساء، لأن السنة هي كلما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، أخرجه مسلم، كما أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أرشد إلى هذه الأذكار، وبينها ورغب فيها بأساليب متعددة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحداً قال مثل ما قال أو زاد. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وراجع الفتوى رقم: 27148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(10/921)
مدى وقاية المحافظ على الأذكار من الضرر والأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أذكار الصباح والمساء تقي المؤمن من الأمراض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أذكار الصباح والمساء وغيرها من الأذكار كأذكار النوم وأذكار دخول المنزل والخروج منه، والأكل والشرب وغيرها سبب من أسباب وقاية الإنسان من الأمراض، فهي جُنَّةٌ وحصن حصين يتحصن به الإنسان من الشيطان وجنده، ومن السحرة والعائنين وغيرهم، ولمعرفة أذكار الصباح والمساء راجع الفتوى رقم: 11882.
ولكن قد يصاب المؤمن بالأمراض مع محافظته على الأذكار لسبب آخر، كأن يكون الله سبحانه يريد رفع درجاته وتكفير سيئاته.
وقد يكون بسبب عدم يقين الذاكر وحضور قلبه عند الذكر، ولكن مما ينبغي التنبه له أن الإصابة وإن حصلت لمن تحرز بالأذكار فإنها إصابة دون الإصابة التي كانت ستصيبه لو لم يفعل ذلك، فإن الأحاديث مصرحة بنفي الضرر لا بنفي الأذى، والأذى دون الضرر، كما قال سبحانه: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً (آل عمران: من الآية111) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(10/922)
هل تقرأ سورة الضحى طلبا لرد الضالة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ضاع أي شيء أقرأ سورة الضحى وأجد ما ضاع مني، ولكن سمعت أن هذا الفعل بدعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نعثر فيما بين أيدينا من الكتب على دليل يفيد تخصيص هذه السورة في طلب رد الضالة، فالأولى تركه، ولكن من جهة العموم فلا حرج إن شاء الله في قراءة القرآن على سبيل التوسل إلى الله تعالى لقضاء الحوائج، لأن ذلك من جنس التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ولمعرفة التوسل المشروع والتوسل الممنوع راجعي الفتوى رقم: 4416.
ثم إننا سبق أن ذكرنا أثراً يقال عند طلب شيء مفقود، فراجعيه في الفتوى رقم: 6815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(10/923)
الصلاة على النبي مشروعة في أي وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأوقات التي لا نصلي فيها على النبى صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الذكر الذي ثبت الترغيب فيه.
ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا.
وللمزيد عن هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم: 21892.
وعليه، فينبغي الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما يترتب عليها من الأجر العظيم والثواب الجزيل.
ولا ينهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أي وقت إلا إذا كان ذلك الوقت مما ينهى عن الذكر فيه، ككون الإنسان داخل بيت الخلاء أو الحمام أو نحو ذلك، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 33760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(10/924)
أفضل أنواع الذكر وأدنى مراتبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا واعد على نفسي أن أسبح عدة تسابيح كل ذكر مائة
هل يجوز أن أذكر وأنا أتحدث مع صديقي أو أتفرج على أخبار أو أستمع إلى قرآن
وصلت إلى عدد معين تم تحدثت مع صديقي هل أكمل أو أبدأ من جديد مثلا وصلت 30 وتحدثت هل أكمل أو أبدأ من جديد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ذكر الله تعالى من أفضل القربات وأجلها، وذلك لكثرة الأدلة على ذلك من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها قول الحق سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ً (الأحزاب:41-42)
وقوله: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الأحزاب: 35)
وقوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ (آل عمران: 190-191)
ومن فوائده العظيمة طمأنة القلوب، قال سبحانه: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (الرعد: 28) وهو علامة على حياة قلب صاحبه، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت. والذكر وسيلة لجلاء القلوب، ففي الحديث: إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء، قيل يا رسول الله: وما جلاؤها؟ قال: كثرة ذكر الموت وتلاوة القرآن. رواه البيهقي.
وقد نص أهل العلم على أن من أفضل أنواع الذكر ذكر اللسان مع حضور القلب، فإن تجرد اللسان بالذكر فقط كان أدنى مراتبه.
قال النفراوي نقلا عن القاضي عياض: ذكر الله ضربان: ذكر بالقلب فقط، وذكر باللسان أي مع القلب، وذكر القلب نوعان، وهو أرفع الأذكار، وأجلها التفكر في عظمة الله وجلاله وآياته ومصنوعاته العلوية والسفلية. والثاني: ذكره تعالى بمعنى استحضاره بالقلب عند أمره ونهيه، والأول من هذين أفضل من الثاني، والثاني أفضل من الذكر باللسان، أي مع القلب، وأما الذكر بمجرد اللسان فهو أضعف الأذكار، وإن كان فيه ثواب، كما جاءت به الأخبار. اهـ.
ومن هذا تبين لك أخي أن ذكر اللسان فقط وانشغال القلب بأي شيء آخر من نحو ما ذكرت من أحاديث الزملاء أو الأخبار ونحوه، فهو وإن كان صاحبه يؤجر على شغل لسانه بذكر الله تعالى، لكن لا يبلغ درجة من يجمع ذكر اللسان والقلب معا.
أما بخصوص البناء على ما تقدم من الذكر في حال حصول قاطع، فهذا يفرق فيه فإن كان الشرع قد حدد عدد هذا الذكر كأذكار الصلوات مثلا، فهذا لا مانع من البناء على ما تقدم، وإن كان الشرع لم يحدد هذا الذكر، فتقييده بعدد معين ليس مرغوبا فيه، لأنه قد يؤدي إلى البدع والإحداث في الدين بما ليس منه.
وراجع الجواب: 631 والجواب: 36335.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(10/925)
سرعة إجابة الله تعالى للعبد أمارة خير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر21 عاما، وفقني الله سبحانه وتعالى في كل شيء وكلما دعوت الله سبحانه ييسر أموري كلها وأحس براحة لما أستعين به سبحانه، لكن المشكلة أني أحس أن الله يعطيني في الدنيا حتى لا يظلمني في الآخرة لأني أؤدي الصلوات لكن من غير خشوع، وكلما تبت من ذنب أرجع وأرتكبه مرة ثانية، السؤال يا فضيلة الشيخ هل الله يتوب علي إذا استغفرت من الذنب وعدت إلى فعله مرة ثانية؟ السؤال الثاني: هل توفيقي في الدنيا اختبار من الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سرعة إجابة الله تعالى للعبد أمارة على الخير لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري، وفيه: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه....
فلتداومي أختي على أداء الفرائض، وتقربي إلى ربك سبحانه بالنوافل شكراً لله تعالى على ما منَّ به عليك من سرعة إجابة الدعاء، وليكن ذلك حافزاً لك على فعل الخيرات وترك المنكرات حتى تلقي ربك راضية مرضية، ولتكوني على حذر من سلب هذه النعمة لأنها -كما قلت- قد تكون اختباراً وامتحاناً من الله تعالى لك هل ترغبين إليه بالطاعة أم تبارزينه بالمعصية، وذلك لأن العبد يبتلى بالخير والشر كما قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35] .
أما بخصوص اقتراف الذنب والتوبة منه ثم الرجوع إليه، فراجعي الإجابة عليه في الفتوى رقم: 24190، والفتوى رقم: 18074.
وننبهك إلى أن الخشوع في الصلاة أمر مهم، وراجعي الفتوى رقم: 4215.
وننبه إلى أن الله تعالى لا يظلم أحداً من خلقه، كما قال سبحانه وتعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت:46] ، وقال: إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء40] ، وفي الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ... رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(10/926)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في كل وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على النبي بعد الصلاة في المسجد مع الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في كل وقت قبل الصلاة أو بعدها أو في غير أوقات الصلاة، لكن يجب الحذر من الصلوات المبتدعة التي يفعلها بعض أتباع الطرق الصوفية، كصلاة الفاتح عند الطريقة التجانية، وغيرها من أذكار وصلوات لا أصل لها في الشرع، بل يزعم بعض زعماء هذه الطرق أنه أخذها عن النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 22508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(10/927)
من سمع ذكره عليه الصلاة والسلام مطالب بأن يصلي عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يمر في الشارع والمؤذن ينادي للصلاة ويختم الأذان ويتبعه بآية من القرآن (إن الله وملائكته يصلون على النبي) إلى آخر الآية، هل على الشخص المار في الشارع حين يسمع الآية القرآنية أن يرد بالصلاة على النبي وجوباً وإن لم يرد فما حكمه أرجو رداَ شرعياً.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من سمع ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم مطالب بأن يصلي عليه، أخرج الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البخيل من ذكرت عنده فلم يصلَّ علي.، وروى الترمذي والبخاري في الأدب المفرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي. وفي حديث للترمذي أيضاً: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة. وسواء كان المسموع آية من القرآن أو حديثاً أو غير ذلك من النصوص، وراجع الفتوى رقم: 30357 لمزيد من الفائدة.
ثم اعلم أن زيادة الآية الكريمة بعد الانتهاء من الأذان لم يكن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته، فلا يجوز فعله لما صح من حديث الشيخين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(10/928)
كتب المأثورات زاخرة بأدعية التثبيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من حضرتكم أن تفيدوني بدعاء كان يدعوه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للثبات على الطريق المستقيم. والتقيد بالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي للعبد أن يكون بين الخوف والرجاء، خوفاً من غير قنوط، ورجاء من غير إفراط، ولا يتحقق ذلك إلا بأداء المأمور، وترك المحذور، ثم التوجه إلى الله بالدعاء طمعاً في الثبات على الطريق المستقيم.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه. رواه ابن ماجه وأحمد والحاكم وصححه.
وقال الله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إابراهيم:27] .
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. رواه ابن ماجه وأحمد والحاكم وصححه.
وقد زخرت كتب المأثورات بأدعية التثبيت فليرجع إليها، وننصح السائل بكتاب (اصحيح الكلم الطيب للأباني وأصله لشيخ الإسلام ابن تيمية.) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(10/929)
دعاء العبادة ودعاء المسألة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين دعاء العبادة ودعاء المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاء العبادة أو دعاء الثناء هو عبادة الله تعالى بأنواع العبادات، من الصلاة والذبح والنذر والصيام وغيرها خوفاً وطمعاً رجاء رحمته وخوف عذابه وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب، فمن عبد الله تعالى راغباً في جنته راهباً من ناره فهو داعٍ له جل وعلا، وقد فُسِّر قول الله عز وجل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، أي اعبدوني وامتثلوا أمري أستجب لكم، ولهذا جاء بعدها: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] .
وأما دعاء المسألة فهو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر.
هذا؛ ودعاء العبادة والمسألة متلازمان، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متتضمن لدعاء العبادة.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد: قوله عز وجل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف:55] .
وقوله: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً [الأعراف:56] .
هاتان الآيتان مشتملتان على آداب نوعي الدعاء: دعاء العبادة ودعاء المسألة، فإن الدعاء من القرآن يرد بهذا تارة وهذا تارة، ويراد به مجموعهما وهما متلازمان.
فإن دعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره أو دفعه، وكل من يملك الضر والنفع فإنه هو المعبود حقاً، والمعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر، ولهذا أنكر الله تعالى على من عبد من دونه ما لا يملك ضراً ولا نفعاً، وذلك كثير في القرآن كقوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ... [يونس:18] ... وهذا في القرآن كثير بيّن، أن المعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر، فهو يدعو للنفع والضر دعاء المسألة، ويدعو خوفاً ورجاء دعاء العبادة، فعلم أن النوعين متلازمان، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(10/930)
وقت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفضله وجوده وكرمه وإحسانه. سمعت أن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ألف مرة لها ثواب عظيم، فهل يقتصر وقت هذه الألف \"في يوم الجمعة خاصة\" قبل صلاة الجمعة؟ بمعنى أن هذه الميزة ينحصر وقتها من ليلة الجمعة حتى الصلاة، أم أنها ممدودة طوال يوم الجمعة؟ أرجو الإفادة والإفاضة والإيضاح؟ وجزاكم الله تعالى عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت الصلاة ممتد من ليلة الجمعة إلى مغيب شمس نهارها، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 5025 وأما تقييد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بألف مرة فورد في حديث رواه أبو الشيخ عن أنس يرفعه: من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة. ورواه ابن شاهين عن أنس بلفظ: من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة. قال ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام: قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لا أعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية، قال الدارقطني حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها، وقال الإمام أحمد: لا بأس به إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة، وقال: وروي عن يحيى بن معين أنه قال هو ثقة. انتهى. وذكر صاحب حلية الأولياء والشيرازي في الألقاب عن زيد بن وهب قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: يا زيد بن وهب لا تدع إذا كان يوم الجمعة أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة، تقول: اللهم صلِّ على النبي الأمي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(10/931)
الذكر والدعاء لغة واصطلاحا
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعنى الذكر والدعاء لغة واصطلاحا؟ وما هي آثار الذكر والدعاء على الفرد والمجتمع أخلاقيا واجتماعيا وسياسيا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في الموسوعة الفقهية: الذكر لغة مصدر ذكر الشيء يذكره ذِكْرا، وذُكْرا، وقال الكسائي: الذكر باللسان ضد الإنصات، ذاله مكسورة، وبالقلب ضد النِّسيان وذاله مضمومة، وقال غيره: بل هما لغتان.
وهو يأتي في اللغة لمعان:
الأول: الشيء يجري على اللسان، أي ما يُنطَق به، يقال: ذكرْت الشيء أذكره ذُكرا وذِكرا إذا نطقت باسمه أو تحدثت عنه، ومنه قوله تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [مريم:2] .
والثاني: استحضار الشيء في القلب، ضد النسيان. قال تعالى حكاية عن فتى موسى: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف: 63] .
قال الراغب في المفردات، ونقله عنه صاحب القاموس في بصائره: الذكر تارة يراد به هيئة للنفس بها يمَكَّن الإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة، وهو كالحفظ، إلا أن الحفظ يقال اعتبارا بإحرازه، والذكر يقال باعتبار استحضاره، وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول، ولذلك قيل: الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان: ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة حفظ، وكل قول يقال له ذكر، ومن الذكر بالقلب واللسان معا قوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [البقرة: 200] .
أما في الاصطلاح، فيستعمل الذكر بمعنى ذكر العبد لربه عز وجل، سواء بالإخبار المجرد عن ذاته، أو صفاته، أو أفعاله، أو أحكامه أو بتلاوة كتابه، أو بمسألته ودعائه، أو بإنشاء الثناء عليه بتقديسه، وتمجيده وتوحيده وحمده وشكره، وتعظيمه، ويستعمل الذكر اصطلاحا بمعنى أخص من ذلك، فيكون بمعنى إنشاء الثناء بما تقدم، دون سائر المعاني الأخرى المذكورة، ويشير إلى الاستعمال بهذا المعنى الأخص قوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت: 45] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى: من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين. فجعلت الآية الذكر غير الصلاة، على التفسير بأن نهي ذكر الله عن الفحشاء والمنكر أعظم من نهي الصلاة عنهما، وجعل الحديثُ الذكرَ غير تلاوة القرآن، وغير المسألة، وهي الدعاء، وهذا الاستعمال الأخص هو الأكثر عند الفقهاء، حتى إن ابن علان ذهب إلى أنه الحقيقة، وأن استعماله لغير ذلك من المعاني مجاز، قال: "أصل وضع الذكر هو ما تَعَبَّدَنا الشارع بلفظه مما يتعلق بتعظيم الحق والثناء عليه".
وذكر الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من رد السلام على المهاجر بن قُنْفُذٍ حتى توضأ ثم قال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر.
قال ابن علان: جواب السلام ليس موضوعا لذلك، أي للثناء والتعظيم، فإطلاق الذكر عليه مجاز شرعي سببه -أي علاقته- المشابهة، أي من حيث هو قول يبنى عليه الثواب.
وأُطلِق الذكر في القرآن على عدة أمور باعتبار المعنيين اللغويّين أو واحد منهما، فأطلق على القرآن العظيم نفسه في مثل قوله تعالى: وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ [الانبياء: 50] .
وقال: ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ [آل عمران:58] .
وأطلق على التوراة في قوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الانبياء:105] .
وأطلق على كتب الأنبياء المتقدمين، قال الراغب: قوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ [النحل: 43] . أي الكتب المتقدمة، وقال الزبيدي: كل كتاب من كتب الأنبياء ذكر، وقال تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي [الانبياء: 24] .
أي هذا هو الكتاب المنزل على من معي والكتاب الآخر المنزل على من تقدمني، وهو التوراة والإنجيل والزبور والصحف، وليس في شيء منها أن الله أذن بأن تتخذوا إلها من دون الله، وقد فسرت الآية أيضا بغير ذلك.
وأطلق الذكر على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً [الطلاق: 10-11] .
فقد قيل: إن الذكر هنا وصف للرسول صلى الله عليه وسلم كما أن الكلمة وصف لعيسى عليه السلام من حيث إنه يبشر به في الكتب المتقدمة. وأطلق الذكر بمعنى الصِّيت، ويكون في الخير والشر، وبمعنى الشرف، من حيث إن صاحبهما يُذكَرُ بهما. وقد فُسِّر بهما قوله تعالى لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ [الانبياء: 10] . وقوله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [الزخرف: 44] .
وأطلق الذكر بمعنى الاتعاظ وما يَحصل به الوعظ، وقد فُسِّر بذلك قوله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17] . وقوله تعالى:
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ [الزخرف:5] .
قال الرازي: المعنى: أنرد عنكم النصائح والمواعظ. وقد فُسِّرت بغير ذلك.
وأطلق الذكر في السنة النبوية على اللوح المحفوظ، وذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: وكتب الله في الذكر كل شيء أي لأن اللوح محل للذكر كتب الله فيه كل شيء من الكائنات.
ويشتمل هذا البحث على ما يلي:
1- الذكر بمعنى ذكر الله تعالى والثناء عليه.
2- والذكر بمعنى النطق باسم الشيء.
3- والذكر بمعنى استحضار الشيء في القلب.
4- والذكر بمعنى الشُّهْرَة والصيت والشرف.
وأما الذكر بسائر المعاني، فتُنْظر أحكامه في مواضع أخرى (ر: قرآن. توراة إنجيل. وعظ. دعاء) .
وجاء فيها أيضا: الدعاء لغة مصدر دعوت الله أدعوه دعاء ودعوى، أي ابتهلت إليه بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير، وهو بمعنى النداء، يقال: دعا الرجل دعْواً ودُعاء أي: ناداه، ودعوت فلانا صِحْت به واستدعيته، ودعوت زيدا ناديته وطلبت إقباله.
ودعا المؤذن الناس إلى الصلاة، فهو داعي الله، والجَمع: دعاة وداعون، ودعاه يدعوه دعاء ودعوى: أي رغب إليه، ودعا زيدا: استعانه، ودعا إلى الأمر: ساقه إليه.
والدعاء في الاصطلاح: الكلام الإنشائي الدال على الطلب مع الخضوع، ويسمى أيضا سؤالا.
وقد قال الخطابي: حقيقة الدعاء استدعاء العبد من ربه العناية واستمداده إياه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إليه، والبراءة من الحول والقوة التي له، وهو سمة العبودية وإظهار الذِّلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله، وإضافة الجود والكرم إليه.
3- وقد ورد في القرآن الكريم بمعانٍ منها:
أ- الاستغاثة: كما في قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام:40-41] .
ب- العبادة: كما في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف: 194] . وقوله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ [الكهف: 28] . وقوله تعالى: لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً [الكهف: 14] .
ج- النداء: ومنه قوله تعالى: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ [الاسراء: 52] . وقوله: قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص: 25] .
د- الطلب والسؤال من الله: وهو المراد هنا كما في قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة: 186] . وقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] .
ويوافق هذا المعنى ما يقال: دعوت الله أدعوه دعاء، أي ابتهلت إليه بالسؤال، ورغبت فيما عنده من الخير، والداعي اسم الفاعل من الدعاء، والجمع دعاة، وداعون، مثل قاضٍ وقضاة وقاضون. انتهى.
وأما آثار الذكر والدعاء على الفرد والمجتمع، فظاهرة لا تخفى وكثيرة لا تحصى، ولكن نجمل أهمها في النقاط التالية:
1- الحماية من الهلاك والحصانة من المكروه والحصول على المرغوب.
2- الحفظ والعناية والمعية الخاصة للذاكرين والداعين.
3- الحصول على البركات والخيرات.
4- حصول الأمن والاستقرار.
5- تحقق النصر والظفر على الأعداء، فالذكر والدعاء ثبات للقلب وقوة للبدن.
6- رفعة الدرجات في الآخرة.
7- الطمأنينة وراحة البال لاستشعار الذاكر والداعي أن الله معه، ومن كان الله معه، فلا غالب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(10/932)
مسائل في أذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أذكار الصباح والمساء بشكل تفصيلي، وهل تختلف عن أذكار الصباح والليلة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتمكنك معرفة أذكار الصباح والمساء بالدخول على مكتبة الشبكة، محور الآداب الشرعية، وفيه: الأذكار والأدعية، المشتمل على كتاب الوابل الصيب والكلم الطيب والأذكار، وستجد فيها بغيتك، وقد ذكرنا بعضا من ذلك في الفتوى رقم: 11882.
أما عن قولك وهل تختلف عن أذكار الصباح والليلة؟ فجوابه أن الليلة تبدأ بالغروب، وتنتهي بالفجر، والمساء يبدا بالزوال وينتهي بمنتصف الليل، وراجع الفتوى رقم: 14709، وقد وردت أذكار تقال في المساء، فما ورد في المساء يقال في المساء، وما ورد في الليلة يقال في الليلة، فمثلا الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة ورد الحديث أن من قرأهما في ليلة كفتاه، كما رواه البخاري ومسلم، وأمثلة أذكار المساء مذكورة في الفتوى المحال عليها آنفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(10/933)
أدعية مختارة للإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل 6 سنوات ولي ثلاث بنات ونفكر في إنجاب ولد آخر، هل توجد آية أو دعاء، أو عمل الصحابة أو أي شيء في الشريعة يفيدنا في الحصول على ولد ذكر؟ آمل إجابة سريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة وأن يقر عينك بها في الدنيا والآخرة.
وأما عن الأدعية التي يدعو بها المسلم من أجل الإنجاب والذرية عموماً، فمنها: دعاء سيدنا زكريا عليه وعلى نبينا صلوات الله وسلامه: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38] .
وفي سورة الأنبياء: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] .
ومنها دعاء إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ [الصافات:100] .
ومن الأدعية النافعة على كل حال ولكل مطلب:
1- دعاء يونس عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. رواه الترمذي والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد.
2- كثرة الاستغفار: قال الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد، أما بخصوص الدعاء للحصول على ولد ذكر فلم نطلع عليه في المأثور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(10/934)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 9 أشهر ولم يحدث حمل إلى الآن، وذهبت وعملت تحاليل وأشعة وأفاد الأطباء بأنه ليس هناك أمل فى الحمل مع العلم بأن عمري 40 سنة في تلك الفترة أستمعت للشيخ عمرو خالد وقد أفادتني هذه الدروس حيث ألهمني الله التماسك، وسؤالي: هل إذا داومت على الدعاء يأتي فك الكرب من عند الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله تعالى عباده بالدعاء ووعدهم بالإجابة، كما قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم.
وفي مسند أحمد ومستدرك الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر.
فألحيِّ على الله بالدعاء وأعظمي الرغبة في ما عنده، فإنه سبحانه لا يتعاظمه شيء، وكم من كرب فرجه الله، والله تعالى يقول: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] .
وقد دعاه نبي الله زكريا عليه السلام فأجاب دعاءه ورزقه بيحيى، قال الله تعالى: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:89-90] .
ولكن يجب أن تنتبهي إلى أنه ليس من لوازم الإجابة أن تجابي في عين ما سألت، فقد يصرف عنك من السوء بمثلها أو يدخر لك مقابلها من الثواب لتناليه في وقت أحوج ما تكونين إليه، وراجعي للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31702، 28184، 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(10/935)
قوى ما يشرح الصدور ويذهب الضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[في مرات عديدة أكون متضايقة أمسك القرآن وأقرأ الفاتحة، ثم أغمض عيني وأفتح القرآن وأحس بأن السورة أو الآية التي أنا وجدتها أنها من الله لي، هل في هذا شيء محرم، علما بأنني كنت متبرجة وسفيهة، وعند توبتي ورجوعي إلى الله فتحت القرآن مرة فكانت سورة الفتح، فأحسست أن الله يتقبلني من هذه السورة، فهل في ما أعمل شيء حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم فتح المصحف للفأل في الفتوى رقم: 29558 فارجعي إليها.
ثم إن الاشتغال بالتلاوة والأذكار من أقوى ما يشرح الصدور ويذهب الضيق، وعليك بالدعاء والتعوذات المأثورة والبعد عن المعاصي وصحبة الملتزمات والاتصال بهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(10/936)
لا تعارض بين ذكر الله والقيام بالعمل الصالح وخدمة الأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال الذي يحيرني منذ مدة هو أولوية الذكر:
ألن يتقبل الله مني عملاً صالحاً وخيراً في حق نفسي وحق الإسلام والمسلمين يرضاه أكبر من تقبله لذكره سبحانه وتعالى هي براجماتية تفرض نفسها أمام أوضاع المسلمين المتردية في النهاية أليس العمل الصالح ذكراً والكد ذكرا وكل علاقة مع مخلوقات الله الدواب منها والجماد ذكر في شكل آخر أكثر واقعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه قد ثبتت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أهمية الذكر وفضله، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات. رواه مسلم.
ومنها: قوله: ما عمل آدمي عملاً أنجى له من العذاب من ذكر الله. رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله. رواه أحمد والترمذي والحاكم، وصححه الأرناؤوط والألباني.
ومنها: قوله جواباً لمعاذ لما سأله أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله. رواه ابن حبان، وحسنه الألباني.
وقد ثبتت أحاديث أخرى تبين أفضلية بعض الأعمال الأخرى كالجهاد والصلاة والحج والصوم، فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أفضل العمل عدة مرات، فأجاب مرة بقوله: إيمان بالله وجهاد في سبيل الله. كما في حديث البخاري، وأجاب مرة بقوله: الصلاة على وقتها. كما في حديث الصحيحين، وأجاب مرة بقوله: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. كما في حديث البخاري، وأجاب مرة بقوله: عليك بالصوم فإنه لا عدل له. كما في حديث النسائي، وصححه الألباني.
وأجاب مرة بقوله: العج والثج. كما في حديث ابن ماجه وأبي يعلى والحاكم، وصححه الألباني.
وقد وفق أهل العلم بين هذه الأحاديث بحمل اختلاف الإجابات على اختلاف أحوال السائلين، كما تختلف إجابات الطبيب الماهر للمرضى بحسب اختلاف أحوالهم، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2953، 12178، 20102.
واعلم أن الذكر باللسان قد شرعه الله تعالى في جميع الأوقات والأحوال قال تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191] .
وقال تعالى: قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ [آل عمران:41] .
وإذا كان ذكر اللسان مشروعاً في كل حال، فإنه لا يعارض القيام بغيره من الأعمال حتى يصاب الإنسان بحيرة في أولوية الذكر أو غيره، فقد شرع الله الذكر مع الصلاة والحج والجهاد والصوم والبيع والزكاة.
قال تعالى في شأن الصلاة: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14] .
قال ابن كثير معناه: صل لتذكري.
وفي حديث مسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
وقال تعالى في شأن الصوم: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185] .
وقال تعالى في شأن الحج: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198] .
وقال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203] .
وقال تعالى في شأن الجهاد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] .
وقال في البيع والكسب: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور:36] .
وقال تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة:10] .
وقال تعالى في الذكاة: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] .
ثم أعلم أن الذكر قد يطلق على الأعمال الصالحة والطاعة، كما قال الناظم:
والذكر يطلق على كل عمل ... به يراد وجهه عز وجل
وقد فسر ابن كثير قوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] .
فقال: أي خالف أمري وما أنزلته على رسولي.
وقد فسر الطبري والقرطبي قوله تعالى إخباراً عن سليمان أنه قال: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب.
فسر قوله عن ذكر ربي بالصلاة.
وقد نقل ابن كثير عن ابن عباس أنه فسر قوله تعالى: رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ [النور:37] .
وبناء على هذا، فاحرص أخي في الله على الذكر باللسان دائماً، وعلى جميع الأعمال الأخرى اتباعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يذكر الله على كل أحيانه، كما رواه البخاري ومسلم عن عائشة.
وراجع في كتب الأذكار بيان برامج الذكر في الأوقات والأعمال والأحوال المختلفة عند الأكل والشرب والمساء والصباح والدخول والخروج والركوب ...
فأشغل لسانك بالأذكار المأثورة، وأعمل قلبك في التفكير في مخلوقات الله، وانشط في تغيير أوضاع المسلمين واكدح وتكسب وقم بأنواع العبادات، وابتغ بذلك كله وجه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(10/937)
التسبيح قبل الفجر له مزية خاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[المواظبة على التسبيح قبل الفجر هل هي بدعة؟ والرجاء معرفة الذي سيفتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ذكر الله تعالى وتسبيحه مطلوب في جميع الأوقات، وعلى جميع الحالات.
قال الله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة: 152] .
وقال سبحانه: فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ*لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (الصافات:143-144] .
وقال سبحانه عن الملائكة: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ [الانبياء:20] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
وفي صحيح مسلم عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت.
قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه القيم "الأذكار": اعلم أن الذكر محبوب في جميع الأحوال إلا في حال ورد الشرع باستثنائها. ثم ذكر منها حالة الجلوس على قضاء الحاجة، وفي حالة الجماع، وفي حالة الخطبة لمن يسمع صوت الخطيب. اهـ
ومن هذا يصح للسائل جواز الذكر والمواظبة على التسبيح قبل صلاة الفجر، وكذا في جميع الأوقات إلا ما استثنى.
هذا وينبغي التنبه إلى أن وقت السحر من الأوقات الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يتفرغ فيها لعبادة ربه من ذكر أو تسبيح أو استغفار، كما يشهد له ثناء الله عز وجل على المستغفرين بالأسحار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(10/938)
الجمع بين صوم التطوع والإكثار من الذكر أزكى وأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهم أفضل صيام التطوع أم التسبيح والتهليل والتكبير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيام التطوع وأنواع الذكر كلها من الطاعات التي يعظم ثوابها عند الله تعالى، لكن الأحاديث النبوية تواترت على الترغيب العظيم في ذكر الله تعالى خاصة التسبيح والتهليل والتكبير.
ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس.
وعن عبد الله بن بسر أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله. أخرجه الترمذي وأحمد.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخير لكم من أن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى. قال: ذكر الله. فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ما من شيء أنجى من عذاب الله مِن ذكر الله. رواه الترمذي وأحمد وغيرهما.
أمَّا صيام التطوع فقد ورد في الترغيب فيه أيضًا ما يُعلم منه أن فيه ثوابًا عظيمًا، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من صام يومًا في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا. متفق عليه.
وبما أنه يمكن للمسلم أن يجمع بين الطاعتين، حيث يصوم تطوعًا، ويكثر من ذكر الله تعالى، فلا شك أن ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(10/939)
أذكار في مضاعفة الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكسب ألف حسنة وتحط عنك ألف سيئة فردد سبحان الله (100 مرة)
كيف تكسب مثل عرش الرحمن حسنات فردد سبحان الله وبحمده زنة عرشه
كيف تكسب أجر عدد الخلق وثقل العرش ورضاء الله فردد سبحان الله وبحمده عدد خلقه ومداد كلماته ورضاء نفسه وزنة عرشه (3 مرات)
هل ما ذكر أعلاه صحيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لم نقف على الأحاديث التي سألت عنها بالرواية التي أوردت، ولكنا وجدنا أحاديث صحيحة بروايات أخرى تحمل قريبًا من المعنى الذي جئت به، وهي على النحو التالي:
1- أخرج الإمام مسلم والترمذي وأحمد من حديث مصعب بن سعد قال: حدثني أبي قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة، فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة. وفي رواية: تكتب له ألف حسنة وتحط عنه ألف سيئة.
2- وعن جويرية رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قلت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهنَّ: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(10/940)
[السُّؤَالُ]
ـ[1- كيف يكون لك بيت في الجنة فردد سورة الإخلاص (10 مرات) . 2- كيف يكون لك كنز في الجنة فقل لا حول ولا قوة إلا بالله (10 مرات) . هل ما ذكر أعلاه صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فكون من كرر سورة الإخلاص عشر مرات يبنى له بيت في الجنة ورد في ذلك حديث رواه أحمد وغيره وضعف إسناده الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، وتحديد الثواب على الطاعات أمر توقيفي لا يجوز اعتقاده أو القول به إلا بنص صحيح. ولا شك أن سورة الإخلاص من أعظم السور، وأن قراءتها تعدل ثلث القرآن، وذلك بمضاعفة ثوابها حتى يكون كثواب من قرأ ثلث القرآن غير مضعّف، وقد وردت في فضلها عدة أحاديث صحيحة، منها قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم: (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن. أما الذكر الثاني بقول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فصحيح ثابت، وهذه الكلمة كنز من كنوز الجنة، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. أما تحديد ذلك بعشر مرات، فلا نعلم له أصلاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(10/941)
حكم الصلاة والسلام على غير الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في قول اسم أحد البشر وإتباعه بصلى الله عليه وسلم، مثال: (نضال صلى الله عليه وسلم) ، نرجو بيان الأمر في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في جواز الصلاة والتسليم على غير الأنبياء فمنهم من أجازها مطلقاً ومنهم من منعها مطلقاً، ومنهم من فصل في ذلك فمنعها استقلالاً وأجازها تبعاً، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
4863
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(10/942)
الصلاة على النبي.. فضلها.. وحكمها في السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي هو: كالتالي هل يجوز أن نصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم في السجود في الصلوات المكتوبة، إذا كان الجواب نعم فهل يجوز أن نخصص يوم الجمعة مثلا للصلاة عليه في كل السجدات في الصلوات المكتوبة، وهل تعتبر هذه بدعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الذكر التي يحصل المسلم بفعلها على الأجر الجزيل، فقد أمر الله تعالى بها وأخبر أنه يصلي عليه وهو وملائكته، فقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً. رواه مسلم وغيره.
ويطلب من المسلم الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي بن كعب قلت: يا رسول الله، إني أكثر من الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال إذن تُكفى همك ويغفر لك ذنبك. رواه الترمذي والحاكم في المستدرك.
وينبغي الإكثار منها في يوم الجمعة خاصة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، قال: يقول: بليت، قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على الأرض أجساد الأنبياء صلى الله عليهم. أخرجه أبو داود وغيره.
وعليه فيمكنك أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود في الصلوات المكتوبات، لأن السجود من المواطن التي ينبغي الدعاء فيها وقد يكون مستجاباً، والدعاء ينبغي أن يبدأ بالثناء على الله تعالى والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ويختم بهما.
أما تخصيصك يوم الجمعة -مثلاً- للصلاة عليه في كل السجدات في الصلوات المكتوبة فهذا لا دليل عليه، ولا ينبغي للشخص تحديد عبادة من تلقاء نفسه لم يحددها الشرع، لأن الأصل في العبادة أنها توقيفية، فالمطلوب الإكثار منها في يوم الجمعة بدون تحديد عدد معين ولا بكونها في السجدات في الصلوات المكتوبة أو غيرها، والخير كل الخير في اتباع ما حدده الشرع الكريم، وللمزيد من الفائدة والتفصيل في الموضوع يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم:
5025، والفتوى رقم: 21892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(10/943)
فضيلة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أستفسر عن الحديث، أي مدى صحة هذا الحديث الذي جاء في معناه أنه من صلى على الرسول (صلى الله عليه وسلم) في اليوم مائة مرة يقضي الله له 70 حاجة له يوم القيامة و30 حاجة في الدنيا… هذا معنى الحديث والله أعلم.. بارك الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا، من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة، سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله بذلك ملكاً يدخله في قبري كما يدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه ونسب عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء.
وذكره السيوطي في الدر المنثور، وقال عنه: أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر وابن المنذر في تاريخه.
ولم نعثر على من حكم عليه بصحة أو ضعف، ولو كان ضعيفاً فإنه لا بأس بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، إذا لم يشتد ضعفه واندرج تحت أصل صحيح، وقد وردت أحاديث صحيحة في الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(10/944)
موقف الشرع من الزيادة على الأذكار المحددة بعدد معين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد
هل يجوز أن نتجاوز عدد التسبيحات التي أوصانا بها النبي صلى الله عليه وسلم مثلآ في حديثه من سبح مائة تسبيحة له ألف حسنة هل يجوز أن نقول مائة وعشرين أو أكثر ومتى يجوز لنا أن نتجاوز بعض الأعداد ومتى لا يجوز
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فتح الشرع الباب أمام الذاكرين، قال الله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم (البقرة: من الآية152) وقال تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً (البقرة: من الآية200) وقال تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُم (النساء: من الآية103)
وفي الحديث المتفق عليه من حديث هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
والأحاديث والآيات في هذا الباب كثيرة جداً، وهي ترغب في الإكثار من ذكر الله تعالى، وتحث عليه بدون حد.
وما ما ورد من الأذكار محدداً بعدد معين فلا مانع من الزيادة فيه، والدليل على ذلك ما أخرجه النسائي والطبراني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنة، ومن قال الحمد لله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها، ومن قال الله أكبر مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، لم يجئ يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إلا من قال قوله أو زاد.
ويدل على ذلك أيضاً الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك.
قال الباجي المالكي في المنتقى شرح الموطأ: ثم قال: إلا رجل عمل أكثر من ذلك لئلا يظن السامع أن الزيادة على ذلك ممنوعة كتكرار العمل في الوضوء. ا. هـ
وقال ابن مفلح في الفروع: 1/398 بعد ذكر استحباب الاستغفار ثلاثاً بعد الصلاة ما نصه: والمقصود من العدد أن لا ينقص منه، وأما الزيادة فلا تضر.. لأن الذكر مشروع في الجملة فهو يشبه المقدر في الزكاة إذا زاد عليه. انتهى.
ومثل ذلك قال إبراهيم بن مفلح صاحب المبدع.
وقال العلامة ابن القاسم في حاشيته على تحفة المحتاج: الوجه الذي اعتمده جمع من شيوخنا كشيخنا الإمام البرلسي وشيخنا الإمام الطبلاوي حصول هذا الثواب إذا زاد على الثلاث والثلاثين في المواضع الثلاثة، فيكون الشرط في حصوله عدم النقص عن ذلك خلافاً لمن خالف.
قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: 2/107: تنبيه: كثر الاختلاف بين المتأخرين في من زاد على الورد كأن سبح أربعاً وثلاثين، فقال القرافي يكره لأنه سوء أدب، وأيد بأنه دواء، وهو إذا زيد فيه على قانونه يصير داء، وبأنه مفتاح وهو إذا زيد على أسنانه لا يفتح، وقال غيره: يحصل له الثواب المخصوص مع الزيادة، ومقتضى كلام الزين العراقي ترجيحه، لأنه بالإتيان بالأصل حصل له ثوابه، فكيف تبطله زيادة من جنسه، واعتمده ابن العماد بل بالغ فقال: ... اعتقاد عدم حصول الثواب ... قول بلا دليل، يرده عموم (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) . ا. هـ
والراجح من الأدلة جواز الزيادة لما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(10/945)
دعاء السوق وفضله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ قرأت في كتاب الدعاء المستجاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دخل السوق فقال: لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة وبنى له بيتا في الجنة) رواه أحمد والترمذي والحاكم وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
سؤالي ما مدي صحة هذا الحديث؟ وما معنى ألف ألف هل هو 1000000مليون؟ وهل معني أن من قال الجملة الوارد ذكرها يكتب الله له مليون حسنة ويمحي عنه مليون سيئة ويرفع درجته مليون درجة فما أفضل هذه الجملة؟ وما معنى السوق هل هو مكان العمل أم مثل الأسواق يعني: السوبر ماركت ومحلات الألبسة والعطور وغيرها من الأسواق المعروفة لدينا؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حديث دعاء دخول السوق مع بيان درجته، والمقصود بالسوق في الحديث، وذلك في الفتوى رقم: 25814.
وقوله في الحديث: "ألف ألف" مقصود بها ما يطلق عليه اليوم: المليون، وهو عدد ما يكتب لقائله من حسنات، وعدد ما يمحى عنه من سيئات، وعدد ما يرفع به من الدرجات، وذلك كله دالٌّ على عِظَم هذا الدعاء وكبير فضله، فحريٌّ بالمسلم الحرص عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(10/946)
معنى الصلاة على النبي وآله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد، وهل آل محمد هم المخصوصون بهذا القول أم ممكن أن نقول اللهم صل على فلان أياً كان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة من الله تعالى معناها الرحمة والذكر في الملأ الأعلى، وآل محمد صلى الله عليه وسلم هم المخصوصون بالذكر؛ كما جاء في أحاديث التشهد الصحيحة، والمقصود بهم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من بني هاشم وعبد المطلب على الراجح من أقوال أهل العلم.
وأما غيرهم من المؤمنين فيشملهم ما جاء في أحاديث التشهد المذكورة من قول المصلي "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، وأما بالنسبة للصلاة على غير المعصوم، فقد سبق الجواب عنها في الفتوى رقم: 4863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(10/947)
دعاء هز السموات - بيان وتوضيح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: ما هو الدعاء الذي هز السموات؟ وهل هو صحيح؟ وفي صحيح مَنْ جاء؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم دعاء هزّ السماوات، ولكن هناك دعاء في قصة مشهورة تنسب لأبي معلق الأنصاري رضي الله عنه قيل إنه أحد الصحابة، ولا نعلم صحتها إلا أنها أوردها هبة الله اللالكائي في (كرامات الأولياء) (1/155) ، والحافظ ابن حجر العسقلاني في (الإصابة) (7/379) ، ونسبها لابن أبي الدنيا في (مجابي الدعوة) بإسناده عن أنس ابن مالك قال: "كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغرماء يدعى أبا معلق وكان تاجراً يتجر بمال له ولغيره، وكان له نسك وورع، فخرج مرة فلقيه لص متقنع في السلاح، فقال: ضع متاعك فإني قاتلك، قال: شأنك بالمال. قال: لست أريد إلا دمك. قال: فذرني أصلي. قال: صل ما بدا لك، فتوضأ ثم صلى، فكان من دعائه: (ياودود، ياذا العرش المجيد، يا فعالاً لما يريد، أسألك بعزتك التي لا ترام، وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني) قالها ثلاثاً، فإذا هو بفارس بيده حربة رافعها بين أذنى فرسه، فطعن اللص فقتله، ثم أقبل على التاجر، فقال: من أنت؟ فقد أغاثني الله بك. قال: إني ملك من أهل السماء الرابعة، لما دعوت سُمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت ثانياً، فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت ثالثاً فقيل: دعاء مكروب، فسألت الله أن يوليني قتله، ثم قال: أبشر، واعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروباً كان أو غير مكروب".
ولو صحت القصة، فلا يجوز الاعتقاد في هذا الدعاء وفضله، لأن ذلك متوقف على نص صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان هذا الدعاء في نفسه حسناً، ولعل الله يستجيب به لمن دعاه، وأفضل من ذلك دعاء الكرب: لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم.
ودعوة ذي النون التي لا يدعو الله بها مضطر إلا استجاب الله له وهي: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(10/948)
عليك بكثرة الاستغفار والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ألاقي متاعب مستمرة وضيقاً في الرزق حيث إني موظف فى شركة آيلة للخصخصة وتقلل الشركة من المرتب لإجباري للخروج على المعاش وأنا بها منذ26عاما وليس لي دخل آخر وسني فوق48 عاما والشركة تحاول التخلص ممن فى سني بالرغم من مجهودي فيها ودخلي لا يكفي التزاماتي فهل من حل؟
أفتونى سريعا أفادكم الله؟ وقد سألت سؤال رقم: 59804 ولم أتلق إجابة..!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يجعل لنا ولك ولجميع المسلمين فرجاً ومخرجاً، ونوصيك بكثرة الاستغفار فمن أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارا [نوح:12] .
كما نوصيك بالدعاء كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] . وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] .
واعلم أن الرزق بيد الله سبحانه وقد تكفل به فقال وهو أصدق القائلين: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذريات:22] وقال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِين [هود:6] ، وانظر تتميماً للفائدة فتوى رقم: 7768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(10/949)
لا نهاية للثناء على الله وإن كثر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين.. أما بعد:
ورد في بعض الأحاديث قول " وأحمد الله بما هو أهله" فكيف نحمده بما هو أهله؟ وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب أثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد ... وقوله: أثنى على الله بما هو أهله: يبين هديه صلى الله عليه وسلم في خُطبه، فكان لا يخطب خُطبة إلا افتتحها بحمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده، فالله تعالى هو أهل الثناء والمجد والحمد، كما في الحديث: اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد. رواه مسلم.
فالمقصود أن كل من أثنى على الله بأوصاف الكمال وحمده بنعوت الجلال فقد حمده بما هو أهله، ومهما بذل الشخص وسعه في حمد الله والثناء عليه فإنه لا يستطيع أن يحصي ثناء على الله تعالى، كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. رواه مسلم.
قال النووي: قوله: لا أحصي ثناء عليك. أي لا أطيقه ولا آتي عليه، وقوله: أنت كما أثنيت اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته. ورد للثناء إلى الجملة دون التفصيل والإحصاء والتعيين، فوكل ذلك إلى الله سبحانه وتعالى المحيط بكل جملة وتفصيلاً، وكما أنه لا نهاية لصفاته لا نهاية للثناء عليه؛ لأن الثناء تابع للمثنى عليه. وكل ثناء أثني به عليه وإن كثر وطال وبولغ فيه فقدر الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته أكبر وأكثر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(10/950)
أحوال الذكر الثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل مجرد التلفظ بالذكر فيه الأجر؟ مثلا من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير من قالها مئة مرة كأنما أعتق أربعة رقاب من ولد إسماعيل وله مئة حسنة وتحط عنه مئة سيئة. هل بمجرد قولها ينال الأجر أم يجب التمعن والتفكر بمعناها وكذلك بالنسبة لباقي الأذكار.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت:45] .
وقال جل وعلا: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152] .
واعلم -وفقك الله- أن للذكر ثلاث أحوال: تارة يكون بالقلب واللسان، وذلك أفضل الذكر، وتارة بالقلب وحده، وهي الدرجة الثانية، وتارة باللسان وحده، وهي الدرجة الثالثة، قال الحافظ في الفتح: ولا يشترط استحضاره لمعناه ولكن يشترط ألا يقصد به غير معناه، وإن انضاف للنطق الذكر بالقلب فهو أكمل.
فأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده لأن ذكر القلب يثمر المعرفة ويهيج المحبة ويثير الحياء ويبعث على المخافة ويدعو إلى المراقبة ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئاً منها فثمرته ضعيفة.
ومن هذا تعلم أن ذكر اللسان أقل درجة من ذكر القلب واللسان، ولكن فيه أجر في الجملة، وهذا لأن الذكر باللسان -وإن كان أقل درجات الذكر كما تقدم- إلا أنه يحقق فوائد عديدة منها:
تعويد الإنسان على الذكر، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم، إلى ذلك بقوله لمعاذ: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. رواه أحمد.
كما أن فيه شغلاً للسان عن الباطل من الغيبة والنميمة واللغو، كما قيل: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، كما أنه أعون على طرد الشيطان وأبعد عن الغفلة، قال ابن عباس: في قوله تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:4] ، الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خنس، " ذكره ابن كثير وغيره في تفسير الآية.
قال الغزالي رحمه الله في الإحياء: الاستغفار باللسان أيضاً حسنة؛ إذ حركة اللسان بها عن غفلة خير من حركة اللسان في تلك الساعة بغيبة مسلم أو فضول كلام، بل هو خير من السكوت عنه، فيظهر فضله بالإضافة إلى السكوت عنه وإنما يكون نقصاناً بالإضافة إلى عمل القلب. انتهى
وقال أيضاً: فإن تعود الجوارح للخير حتى يصير لها ذلك كالطبع يدفع جملة من المعاصي. انتهى.
إذا تقرر هذا علمت أن الذكر الوارد في السؤال مَن لفظه بلسانه دون تفكر يحصل له أجر الذكر باللسان فقط، وهو دون أجر من قاله مع التمعن والتفكر في معناه وهكذا سائر الأذكار.
وينبغي للمسلم أن يحرص على حضور قلبه وتدبر ما يذكر الله به، فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في قراءة القرآن لا شتراكهما في المعنى المقصود منهما، وهو التعبد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(10/951)
الدعاء من أقوى أسباب الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بمرض جلدي منذ أكثر من سنة وقال لي الأطباء بأنه لا يزول ولقد بدأت في الصلاة والدعاء لله من أجل أن يشفيني، فهل ما أفعله صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -عافانا الله وإياك- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله عز وجل من داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله. رواه أحمد والحاكم وابن حبان عن ابن مسعود.
فلا تيأس من أن تجد علاجاً لمرضك، وابذل وسعك في ذلك، ولا شك أن الدعاء والتضرع إلى الله من أقوى أسباب الشفاء، فهذا نبي الله أيوب عليه السلام، بعد أن يئس منه الخلق للبلاء الذي عمَّ جسده لم ييأس من روح الله، بل توجه لله تعالى يدعوه ويتضرع له، كما في قوله تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء:83-84] .
ويجب أن يكون إقبالك على الله لا طلباً للشفاء فحسب؛ بل امتثالاً لأمره ورغبة في جنته ورهبة من ناره، وما تغني الدنيا بحذافيرها عن صاحبها إن أضاع الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(10/952)
الدعاء معناه وأهميته وأسباب استجابته
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء أريد فقط أن أسال عن الدعاء وأهميته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء لغة: هو الطلب، وشرعاً هو: توجه العبد إلى ربه فيما يحتاجه لإصلاح دينه ودنياه.
وقد أمر الله تعالى عباده بالتوجه إليه في حوائجهم الدنيوية لتتيسر لهم، وفي أمور معادهم ليحط أوزارهم، ويتقبل توبتهم، ويعتق رقابهم من النار؛ لأنه ليس لهم من سبيل يتوصلون به إلى مطالبهم غير سؤالهم لخالقهم ومدبر أمورهم، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] .
وقال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:55، 56] .
وفي صحيح البخاري ومسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يغفر لي.
وفي صحيح مسلم أيضاً: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله: ما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
والحاصل أن من أسباب استجابة الدعاء أن لا يشتمل على ما نهى الله عنه، ومن أسبابه أيضاً: بر الوالدين، والصدق مع الله، والابتعاد عمَّا نهى عنه. بدليل حديث النفر الثلاثة أصحاب الصخرة الذين ورد في الصحيحين، حيث لم ينفعهم في محنة الغار الذي سدَّ عليهم بصخرة عظيمة إلا توسلهم إلى الله بصالح أعمالهم وصدقهم معه وخوفهم منه.
فالإنسان معرض دائماً للأخطار والمحن التي لا قبل له بها، وما له من دافع يدفعها عنه إلا الله. وهو فقير إلى رحمة الله له ولطفه به في سائر أحواله وتقلبات الحياة به، فإذا هو أصلح ما بينه وبين الله، هيأ نفسه لقبول دعوته وتلقي المدد والمعونة من لدنه تعالى، وكان مثالاً للقدوة الصالحة وعاش قرير العين آمناً من فتنة الدنيا وقدم على ربه بزاد من التقوى والعمل الصالح. قال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110] .
نرجو الله تعالى أن يتقبل دعواتنا، وأن يتجاوز عن سيئاتنا، إنه أهل التقوى وأهل المغفرة.. آمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(10/953)
الاستغفار ... معناه وثمراته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الاستتغفار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، فالسين والتاء في اللغة للطلب، فإذا قال العبد: أستغفر الله، فمعناه أطلب منه المغفرة، كما في قوله: أستعين بالله، أي: أطلب منه تعالى العون.
وقد جاء الأمر بالاستغفار في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك بعد ارتكاب ما يستدعي طلب المغفرة من المخالفة الشرعية، أو بعد الطاعة أو على كل حال.
قال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ... ) [هود:52] .
وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) [النصر:3] .
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار، فكان يستغفر الله بعد كل صلاة، وكان يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والحاصل أن الاستغفار من أعظم أنواع الذكر، ومعناه طلب المغفرة، وسيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(10/954)
فضيلة وكيفية الدعاء لمحمد صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن كيفية الدعاء لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ولماذا ندعو له في التشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيندب للمسلم أن يدعو للنبي صلى الله عليه وسلم بما لا يُشعر بالنقص في حقه صلى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي، وقال: لا تنسنا يا أخي من دعائك، فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. وفي بعض الألفاظ: أي أخي أشركنا في دعائك ولا تنسنا.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ فإنه من صلَّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلَّت له شفاعتي.
وهكذا الدعاء له والثناء عليه بما هو حسن. وأما الدعاء له بما يشعر بالنقص فلا يجوز، ولذا اختلف العلماء في جواز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة، قال الإمام النووي في شرح مسلم نقلاً عن القاضي عياض: واختلف شيوخنا في جواز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة، فذهب بعضهم وهو اختيار أبي عمر بن عبد الله إلى أنه يقال وأجازه غيره، وهو مذهب أبي محمد بن أبي زيد. وحجة الأكثرين تعليم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه وليس فيها ذكر الرحمة - أي في التشهد- والمختار أنه لا يذكر الرحمة.
وفي حاشية قليوبي وعميرة فائدة قيل: يحرم الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة، وفارقت الصلاة وإن كانت بمعناها بأن في لفظ الصلاة إشعارًا بالتعظيم، وفي لفظ الرحمة إشعارًا بالذنب. ا. هـ.
والصحيح جواز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والمغفرة أيضًا، لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: لقد حجرت واسعاً. يريد رحمة الله
قال الحافظ في الفتح: وأخرج ابن ماجه وصححه ابن حبان من وجه آخر عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: دخل الأعرابي المسجد فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحدٍ معنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت واسعاً، ثم تنحى الأعرابي فبال في ناحية المسجد.. الحديث. ا. هـ.
ووجه الشاهد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر عليه تخصيصه الرحمة بهما لا أصل الدعاء له بهما، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعاء له بأن يصلي الله عليه، أي يثني عليه في الملأ الأعلى، وتكون في التشهد في الصلاة، وتكون في غير الصلاة، وهي التي ينبغي للمسلم أن يكثر منها؛ لأن الله تعالى أمرنا بها فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه النووي، وقال عنه الترمذي: حسن صحيح. والترة: الحسرة والندامة.
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلُّوا عليَّ، فإنه من صلَّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشرًا ...
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على فضيلة الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(10/955)
ينال الثواب بالنية من حيل بينه وبين العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي صلاة الفجر في المسجد وبما أن المساجد في بلادنا تغلق أبوابها بعد ربع ساعة تقريبا من الصلاة وبالتالي أعود إلى المنزل وأذكر الله وأحفظ القرآن إلى ما بعد طلوع الشمس بربع ساعة أصلي وقتها صلاة الضحى. فهل لي أجر حجة وعمرة تامة أم لا؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فظاهر الحديث الذي رواه الترمذي وهو قوله صلى الله عليه وسلم: من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة.
ظاهر هذا الحديث أن هذا الأجر مرتب على الجلوس في المصلى الذي صلى فيه الصبح جماعة، سواء كان ذلك في البيت أو في المسجد. أما إذا تحول المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه الصبح، فالذي يظهر أنه لا يشمله هذا الوعد.
ولكن من نوى العمل وحيل بينه وبينه، فإنه ينال الثواب بنيته، ونرجو أن يكون الأخ السائل من هذا النوع والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(10/956)
جزاء قول لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
يقول الله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها
يا أخي الكريم إذا قلت أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهنا لا أجد أحسن منها.
السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الأنعام:160]
"يخبر الله جل وعلا فيه أن من وافى ربه يوم القيامة بالحسنة فله عنده عشر أمثال حسنته التي جاء بها، والحسنة في هذا الموضع عامة كالإيمان بالله، والإقرار بوحدانيته، والتصديق برسوله، وأعمال البر والإحسان إلى الخلق..
فإن قيل: لا إله إلا الله من الحسنات فهل لها مثل؟
فالجواب: أن جزاء الحسنة معلوم القدر عند الله فهو يعطي فاعلها عشر أمثالها." (ا. هـ من كلام الجوزي)
ويقول الطبري: فإن قلت: فهل لقول: "لا إله إلا الله" من الحسنات مثل؟ قيل: له مثل هو غيره، وليس له مثل هو قول لا إله إلا الله.
وذلك هو الذي وعد الله جل ثناؤه من أتاه به أن يجازيه عليه من الثواب بمثل عشرة أضعاف ما يستحقه قائله، وكذلك فيمن جاء بالسيئة التي هي الشرك، إلا أن لا يجازي صاحبها عليها إلا ما يستحقه عليها من غير إضعاف عليه. الطبري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(10/957)
أفضل صيغ الثناء على الله وأكملها
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو إفادتي عن كيفية الثناء على الله؟
ولكم جزبل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحمد معناه في لغة العرب: الثناء الكامل، والألف واللام فيه لاستغراق الجنس، وهو نقيض الذم.
والمولى سبحانه يستحق الحمد بأجمعه، إذ له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والحمد أعم من الشكر على اعتبار أنهما غير مترادفين، وهو الراجح عند بعضهم.
قال القرطبي: والصحيح أن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من سبق إحسان، والشكر ثناء المشكور بما أولى من الإحسان. انتهى
وبالجملة، فالحمد مطلوب من العبد في كل الأوقات، وذلك لكثرة نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى، والتي من أهمها نعمة الإيمان.
ولكيفية حمد الله والثناء عليه بما يستحقه جل وعلا عليك أن تختار الصيغ والألفاظ الواردة في القرآن الكريم والسنة، لأنه لا أحد أعلم بالثناء على الله من الله، ولا أحد أعلم بعد الله بذلك من رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(10/958)
لا بأس بذكر الله من غير تخصيص بعد أذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أدخل أذكار اليوم والليلة أو أذكار أخرى مع أذكار الصباح والمساء؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا انتهيت من أذكار الصباح والمساء الواردة، فإن لك أن تذكر الله بما تشاء من الأذكار المطلقة من غير تخصيص ذكر معين وعدد معين تلتزمه.
وإذا قرأت أذكار المساء بعد المغرب، فإنه لا بأس عليك حينئذٍ في أن تأتي بالأذكار المشروعة في الليل، لأنه قد دخل وقتها، وذلك مثل قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" رواه البخاري ومسلم.
وكذا لا بأس من أن تقرأ الأذكار المشروعة في اليوم بعد الانتهاء من أذكار الصباح، سواء قرأتها قبل الإشراق أو بعده، وذلك مثل قول: سبحان الله وبحمده (مائة مرة) ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر" رواه البخاري.
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(10/959)
الحكمة من استنصار النبي ربه يوم بدر مع تحققه من النصر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ يدعو قبل غزوة بدر بقوله:"اللهم أنجزني ما وعدتني".
لم أجد كيف أفسر فائدة هذا الدعاء مع أن النبي يعرف أن الله لا يخلف وعده وأنه سينجزه ما وعده، فما هو التفسير لهذا يا شيخنا؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتضرع إلى ربه تعالى أن ينجز له وعده وينصر حزبه بالشاك في وعد الله، فهو القائل قبل المعركة: لكأني أنظر إلى مصارع القوم، وقام بتحديد مواضع مصارع بعضهم.
لكنه إنما قام بوظيفة العبودية، والتي يمثل الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ذروتها، فالثمن الذي استحق به الرسول صلى الله عليه وسلم النصر والتأييد هو عبودية الله التي اتخذت مظهرها الرائع في قيام النبي صلى الله عليه وسلم طول الليل يجأر إلى ربه داعياً وخاضعاً.
وقد أشار القرآن إلى هذه بقوله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9] .
والقيام بوظيفة العبودية حق القيام هو شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حربه وسلمه، فقد كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فتسأله عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً. رواه البخاري.
فهل يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم هذا القيام لشك في مغفرة الله لذنبه المتقدم منه والمتأخر؟!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(10/960)
فضيلة الدعاء..وحكم قراءة سورة بعدد معين والدعاء بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أن من قرأ سورة يس 40 مرة ويدعو الله- تعالى- فإن ربه يستجيب له فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله عباده المؤمنين بأن يدعوه تضرعًا وخيفة، وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى، قال سبحانه: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف:55] ، وقال: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
[الأعراف:180] .
وقد وعد سبحانه بإجابة دعوة عباده الطائعين له، حيث قال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] .
بل إن الله سبحانه يغضب على العبد إذا لم يتوجه إليه سبحانه بالدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: من لم يسأل الله يغضب عليه. أخرجه أحمد في المسند والبخاري في الأدب.
والدعاء مطلوب في جميع الأوقات، وعلى كل الأحوال، إلا أنه ثبت أن هناك أوقاتًا وأماكن هي مظنة لاستجابة الدعاء، كما نص على ذلك أهل العلم، ومن جملة ذلك: الدعاء أثناء السجود، لقوله صلى الله عليه وسلم: وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم.
والدعاء يوم عرفة، وعند الثلث الأخير من الليل لقوله صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟. رواه البخاري ومسلم.
وبالجملة فإن الدعاء مأمور به، ويكون بأسماء الله تعالى وصفاته.
أما ما ذكره - السائل - من تخصيص سورة معينة، وقراءتها بعدد معين، فهذا ما لم يرد فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه فينبغي الابتعاد عنه وتركه، والاستغناء عنه بما هو وارد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(10/961)
الدعاء بأمر جائز مطلوب من العباد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع، أود أن أسأل هل إذا دعا الإنسان ربه بتحقيق طلب له هل هذا حرام يعني أنني أنوي أن أكمل دراستي هل أدعو الله أن يسهل لي أو أنني لا أعلم الخير ولا يجوز لي الدعاء حيث إنني لا أعلم الخير فهل أدعو أو لا أفيدوني أفادكم الله هل الدعاء بغير علم بالخير يجوز أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمور التي يدعو الإنسان بها تنقسم من حيث ما يُدْعَا به إلى قسمين:
1- دعاء بأمر لا يجوز شرعاً كالدعاء بقطيعة الرحم، أو الدعاء بتيسير المحرمات كالزنا والسرقة والقتل، فهذا لا يجوز بل هو اعتداء في الدعاء، قد ذمه الله تعالى بقوله: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] .
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. رواه مسلم عن أبي هريرة.
2- دعاء بأمر جائز، كالدعاء بالتزوج من امرأة معينة، أو امرأة لها صفات معينة، أو الدعاء بإكمال التعلم والحصول على الشهادات العلمية أو نحو ذلك من المقاصد المشروعة.. فهذا مما أمر الله به ودعا إليه، فالعبد مأمور بالدعاء لقضاء حوائجه، كما قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62] .
وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
والعبد لا يعلم الغيب لكنه يدعو بما غلب على ظنه أن فيه مصلحته، ولذلك قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216] .
فبين -عز وجل- أن المرء يسعى في قضاء ما يريد لنفع نفسه، والدعاء من السعي المأمور به، مع أن ما يراه مصلحة لنفسه قد يكون فيه من الضرر مالا يعلمه إلا الله إذا هو تحقق له.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8581 والفتوى رقم: 8331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(10/962)
الأدلة على جواز الدعاء بعد الدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بعد الانتهاء من الدرس أو الصلاة وبقية الناس يقولون آمين؟ وهل يجوز الدعاء بعد الصلاة ورفع اليدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الدعاء بعد الانتهاء من الدرس لعموم الأدلة التي وردت بشأن الدعاء، ولما روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما، بإسناد حسن قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك.... الحديث
أما الدعاء بعد الصلاة ورفع اليدين فقد سبق الجواب عنه مفصلاً في الفتوى رقم:
5340 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(10/963)
الصلاة على النبي ... ثوابها..وأفضل أوقاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهل الصلاة عليه بعد الدعاء إحدى عشرة مرة مشروعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز عباده المؤمنين بالصلاة على نبيه وصفوته من خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، فقال جل ثناؤه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .
وقد جاءت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. منها ما أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا. وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلوا علي فإنها زكاة لكم، وسلوا لي الوسيلة من الجنة.
وعن عبد الرحمن بن عوف: قلت يا رسول الله، سجدت سجدة خشيت أن يكون الله قد قبض روحك فيها. فقال: إن جبريل أتاني فبشرني أن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه. فسجدت لله شكراً. رواه أحمد وغيره.
وأفضل الأوقات للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلتها، لحديث أوس الثقفي رضي الله عنه قال: من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة وفيه الصعقة. فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وصححه.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الواجبة في العمر.. قال ابن كثير في تفسيره: وحكى بعضهم أنه إنما تجب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في العمر مرة واحدة امتثالاً لأمر الآية، ثم هي مستحبة في كل حال. وهذا هو الذي نصره عياض بعدما حكى الإجماع على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الجملة.
وعلى العموم فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن كونها امتثالاً لأمر الله بها فهي أيضاً مرغب فيها لما لها من الفضل والخير، والمحروم بل والبخيل من سمع ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل علي. رواه أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وأما بخصوص ما ذكرت من تحديد الدعاء بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو تحديدها بعده بعدد معين، فلم يرد فيه شيء، وإنما الثابت طلبها قبل الدعاء وبعد حمد الله عز وجل، لما رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن فضالة بن عبيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمع رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عجل هذا. ثم دعاه فقال له: أو لغيره إذا صلى "دعا" أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(10/964)
المشكلة ليست في الدعاء إنما هي ابتلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دعائي برضا والدي عليّ في الصلاة لابد أن تحدث مشكلة كبيرة بعد الدعاء وقد حدث لي هذا الأمر عدة مرات فهل أتوقف عن الدعاء برضاهما علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رضا الوالدين من رضا الله، فاحرص على ذلك، واتخذ له الوسائل، ومن وسائله الإلحاح على الله في الدعاء بأن يسهل لك ذلك.
وما ذكرته من مشاكل بعد الدعاء ليس بسبب الدعاء قطعاً، وإنما هو ابتلاء لك من الله، فإياك أن يوسوس لك الشيطان حتى تترك الدعاء برضا الوالدين، بل واصل الدعاء بذلك، واسأل الله أيضاً العافية، والسلامة من كل سوء أو بلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(10/965)
الدعاء أفضل العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى من فضيلتكم إخراجي من هذه الحيرة المزمنة التي تتقاذفني في كل يوم وخاصة في الصلاة
فأنا مررت بفترة طويلة أحرص فيها دائما أن لا أفوت أو أضيع أي فرض من الصلاة إلا ويرافقه مجموعة من الأدعية. سواء بعد الأذان أو في السجود أو دبر الصلاة وهذه الأدعيةالتي أدعو بها وأنا أشعر أنني بحاجة ماسة جدا لها في حياتي
وأحيانا أتصور أنه لن يتيسر يومي أووقتي أو حالي إلا إذا قمت بمناجاة ربي فيها وهذه الأدعية طويلة جدا تأخذ مني حوالي ربع ساعة، لكني الآن بدأت أخفف منها قليلا حتى لا أتكاسل عن الصلاة بسببها كما يحدث معي دائما، وأنا أشعر أنه لن يفرج عن همي ولن يصلح حالي أو يمر يومي على ما يرام مما جعلني أعتبرها فريضة كالصلاة تماما ولا يمكن أن تستمر حياتي بدون هذه الأدعية الطويلة فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن دعاء الله والتضرع إليه من أفضل العبادات التي تقرب العبد من ربه، والتي تقضى بها حوائجه ويصرف عنه بها السوء ويناله منها خير كثير.
فينبغي للمسلم اللجوء إلى ربه في كل أمر من أموره والإكثار من دعائه سبحانه والتضرع إليه، فقد روى الحاكم وأحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن تصرف عنه ومن السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر.
وما تقوم به من الدعاء بعد الأذان أو في السجود أو في دبر الصلوات من الخير الذي نرجو أن تؤجر عليه، وأن يستجاب لك دعاؤك لأن هذه المواطن من مواطن استجابة الدعاء.
وظنك أن أمورك لن تصلح إلا بمداومتك على دعاء الله يعد من حسن ظنك بربك، وجاء في الحديث القدسي أن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي. رواه البخاري ومسلم. وعند أحمد بلفظ: إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله. فأبشر بالخير.
لكن اعلم أن الدعاء في مثل هذه المواطن ليس فريضة، فلا يحملك هذا الخير على أن تفترض على نفسك ما لم يفترضه ربك عليك. وحتى لا تنقطع عن هذا الخير فلا بأس أن تقتصر على بعض الأدعية لاسيما المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لاشتمالها على خيري الدنيا والآخرة حتى لا تشق على نفسك فيؤول بك الأمر إلى الانقطاع عن هذا الخير.
فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سئل أي العمل أحب إلى الله؟ قال: أدومه وإن قل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(10/966)
فترة العمرة كلها موطن للدعاء لا سيما الطواف والسعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأماكن المستحبة أكثر للدعاء في العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء مستحب طوال فترة العمرة، لأن المسلم حينئذ في قربة لله تعالى، وقد ثبت في سنن أبي داود الدعاء في الطواف، ففي حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وكذلك الدعاء عند الصفا، فروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة، فأقبل رسول الله إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت، ثم أتى الصفا فعلاه حيث نظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله عز وجل ما شاء أن يذكره ويدعوه، قال: والأنصار تحته، قال هاشم: فدعا وحمد الله ودعا بما شاء أن يدعو.
وعلى المسلم أن يكثر من الدعاء ما دام في مكة، فإن الدعاء بها أرجى للقبول إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(10/967)
من لم يسأل الله يغضب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء واجب؟ مشكورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء واجب في الجملة، لأن حكم الدعاء ينظر إليه من جهتين:
الأولى: النظرة الكلية: فهو من هذه الناحية واجب، بحيث إنه لا يجوز للمسلم أن يبقى حياته كلها لا يتوجه إلى الله بالدعاء، أو أن يكون هذا هو غالب حاله، لذلك ورد في الحديث في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يسأل الله يغضب عليه. إسناده حسن.
الثانية: النظرة الجزئية: فهو من هذه الجهة مستحب، بحيث يكون للإنسان أن يكثر من دعاء الله عز وجل، لأن الله تعالى أمر بذلك في كتابه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(10/968)
دعاء الله تعالى وسؤال الفردوس من العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله فسألوه الفردوس فإنها أعلى الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة)
هل الإنسان عندما يعمل عملا صالحا يسيرا ويسأل ربه الفردوس ينالها
جعلنا الله من أهل الفردوس وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحديث الذي ذكره السائل الكريم حديث صحيح، مخرج في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما.
فعلينا أن نؤمن به قطعاً، ونمتثل التوجيه النبوي الكريم الذي أرشدنا إليه صلى الله عليه وسلم، وأن نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى، فالدعاء هو العبادة، وفضل الله تعالى لا تحده حدود، ولا تقيده قيود. وقد قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
ولتعلم -أخي الكريم- أن دخول الجنة ليس مقابل العمل، وإنما العمل سبب فقط لدخول الجنة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ولا يشكل عليك هذا مع قول الله عز وجل: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32] . بسبب عملكم وليس بمقابله، لأن عمل الإنسان مهما كان فلن يقابل أبسط نعمة منَّ الله بها عليه، وأحرى أن يساوي موضع سوطه في الجنة.
وربما يعمل الإنسان العمل القليل، أو يتكلم الكلمة البسيطة من رضى الله تعالى يتقبلها الله تعالى فتكون سبباً في نيل الفردوس الأعلى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجل يمشي في طريق اشتد به العطش، فرأى بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يأكل الثرى من شدة العطش! فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له. متفق عليه
وكذلك بالمقابل، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. فالتوفيق بيد الله، والمحروم من حرمه الله تعالى.
والحاصل أن على المسلم أن يسأل الله تعالى الفردوس الأعلى كما أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم ولو لم يعمل إلا القليل. وليعلم أن دعاء الله تعالى وسؤال الفردوس من العمل، فالتوفيق بيد الله، وقد أمرنا بالدعاء، ووعدنا عليه بالإجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(10/969)
يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم:
فضيلة الشيخ الكريم. لي سؤال بسيط وهو يتعلق بالتسبيح متى هو أنسب وقت للتسبيح. وهل يجوز لي أن أسبح الله أثناء قيادتي للسيارة مثلاًً. وبالليل عندما آوي إلى الفراش ويكون الراديو مفتوحاً. وما هو أفضل التسبيح.
جزاكم الله خيرا والجزاء لكم والشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذكر والتسبيح مشروعان في كل وقت وحين إلا أن يكون المسلم في مكان أو على حال لا يناسب الذكر والتسبيح، كأن يكون على حاجته أو متلبساً بحدث أكبر ... ونحو ذلك. وأفضل التسبيح ما كان في طرفي النهار وآناء الليل. قال تعالى: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه:130]
وقال سبحانه: وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [الفتح:9] . وقال مادحاً الملائكة: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ [الانبياء:20] .
والذكر كذلك، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41] . وقال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152] . وكان عليه الصلاة والسلام يذكر الله على كل أحيانه. وقال للرجل الذي جاء يستنصحه: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله.
وما ذكرته من الأحوال داخل الجملة المأمور به. لكن كلما كان القلب أكثر حضوراً ومواطأة لما يقوله اللسان كان أكمل وأعظم أجراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(10/970)
المطلوب ذكر الله في كل حين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التعدد في الأذكار أم أكتفي بواحد "أذكار الصّباح والمساء"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في تعدد الأذكار. فللشخص أن يداوم على أذكار الصباح والمساء فقط. وله أن يزيد ما شاء من الأذكار الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الله تعالى قد أمر بالإكثار من ذكره بلا حد فقال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(10/971)
الذكر بعد الصلاة من السنن الثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
بعد الصلاة مباشرة وقبل الخروج من الجامع يستحب الاستغفار والتسبيح ولكن لضيق الوقت في بعض الأحيان أقوم بالدعاء لوالدي المتوفين ولا أسبح
افتونا جزاكم الله خيرا هل في ذلك شيء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الأذكار سنة ثابتة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم ينبغي المحافظة عليها، وفي ذلك الخير العظيم، ومن ذلك أنها تزيل عن القلب الران الذي يخيم عليه، وتدفع وساوس الشيطان، وتقرب العبد من ربه. وليست هذه الأذكار فرضاً واجباً، بل يمكن تركها إذا شغل الإنسان شاغل وليس عليه في ذلك إثم. وهذا هو حكم السنة حيث يستحق فاعلها الثواب وليس على تاركها إثم ولا عقاب، والدعاء للوالدين مشروع ومثاب عليه إلا أن الأولى في أدبار الصلوات الأذكار الواردة عندها فذلك هو وقتها، أما الدعاء للوالدين فهو مشروع في كل وقت، ولا شك أن فعله في أدبار الصلوات بعد أذكارها التي بعدها أرجى لأن يستجاب.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(10/972)
الدعاء بـ "حسبنا الله ونعم الوكيل"
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل الدعاء بحسبنا الله ونعم الوكيل لو قمت بالدعاء به وأنا مظلومة هوكاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن قول: "حسبنا الله ونعم الوكيل" عظيم النفع بالغ الأثر، لما فيه من تفويض الأمر لله، وإظهار التوكل عليه سبحانه، وقد قال ذلك إبراهيم الخليل عليه السلام حين ألقي في النار، وقاله محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" روى كل ذلك البخاري من حديث ابن عباس.
فقول المظلوم: "حسبنا الله ونعم الوكيل" ليس من قبيل الدعاء على الظالم، ولكنه اعتصام بالله، وركون إليه، ولا شك أن الله مطلع، ولا يخفى عليه حال الظالم ولا المظلوم.
كما أنه سبحانه يجيب دعوة المظلوم كما في الحديث: يقول الرب عز وجل: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه" رواه أحمد بإسناد حسن.
وقال صلى الله عليه وسلم: "واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" رواه البخاري ومسلم. إلخ هذه الأحاديث.
أما قولك: هل يكفي ذلك أم لا؟
فالجواب: أن يقال: للمظلوم أن يكتفي بقوله: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وله أن يدعو على من ظلمه دون تعد في الدعاء، حيث لم يرد في الشرع ما يلزم المظلوم بدعاء معين يدعو به على ظالمه دون غيره، ودليل ذلك إطلاق الأحاديث (دعوة المظلوم) دون تقييدها بدعوة خاصة، وكذلك ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن سمرة قال: شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب، فعزله واستعمل عليهم غيره ... إلى أن قال: أرسل معه عمر رجلاً إلى الكوفة يسأل عنه، فلم يدع مسجداً إلا سأل عنه، ويثنون معروفاً، حتى دخل مسجداً لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة فقال: أما إذ نشدتنا، فإن سعداً لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، فكان بعد ذلك يقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد.
وأيضاً ما رواه البخاري ومسلم من قصة أروى بنت أوس، وقد ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها ... فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها، قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
ومع هذا فلو صبر المظلوم ولم يدع على ظالمه، واحتسب أجره عند الله، فإن الله لا يضيع أجره.
قال الله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى:43] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(10/973)
دعاء المكروب، وحديث: "ياودود، ياذا العرش المجيد ... "
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن صحة هذه الأحاديث:قال الحسن: (من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب) والدعاء هو: يا ودود يا ودود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاء من توضأ وصلى أربع ركعات، ودعا بهذا الدعاء استجيب له، مكروباً كان أو غير مكروب، لا نعلم فيه حديثاً ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أخرج هبة الله الطبري اللالكائي في كرامات الأولياء بسنده عن أنس قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا معلق، وكان يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق، وكان ناسكاً ورعاً، فخرج مرة فلقيه لص مقنع بالسلاح، فقال له: ضع ما معك، فإني قاتلك. قال: ما تريد إلا دمي شأنك بالمال. قال: أما المال فلي، فلست أريد إلا دمك. قال: أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات. قال: صل ما بدا لك، فتوضأ ثم صلى أربع ركعات، وكان من دعائه في آخر سجدة أنه قال: يا ودود، ياذا العرش المجيد، يا فعالاً لما تريد أسألك بعزك الذي لا يرام، والملك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني، ثلاث مرات. قال: دعا بها ثلاث مرات، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة واضعها بين أذني فرسه، فلما أبصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله، ثم أقبل. فقال: قم. قال: من أنت بأبي أنت وأمي، فقد أغاثني الله تعالى بك اليوم. قال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت الله بدعائك الأول، فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني، فسمعت لأهل السماء ضجيجاً، ثم دعوت بدعائك الثالث. فقيل: دعاء مكروب، فسألت الله عز وجل أن يوليني قتله.
قال أنس: فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له، مكروباً كان أم غير مكروب.
وذكر القصة الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة أبي معلق الأنصاري رضي الله عنه قال: ورويناه في كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ثم ذكر إسناده مع القصة، وسكت عن الإسناد فلم يعلق عليه.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الكرب والهم ما فيه غنية، مثل ما أخرجه أحمد عن عبد الله ين مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً. قالوا: يارسول الله ينبغي لنا أن تعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: "أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن".
وأخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت".
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم".
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً".
وعليك أيضاً بدعاء ذي النون، فقد أنجاه الله بدعائه حين دعا به، وهو في بطن الحوت، فقد أخرج أحمد والترمذي عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوة ذي النون وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(10/974)
هل الذكر أفضل أم الدعاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول رب العِزة في الحديث القدسي:"من شغله ذِكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين"، قاصداً القرآن الكريم، فهل ذكر الله تعالى بالأدعية المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الصالحين، والدعاء بأسماء الله الحسنىغير مرغوب فيه؟ وهل يتعارض الحديث القدسي المذكور مع الآية الكريمة"وقال ربكم ادعوني أستجب لكم"؟ وإذا كنت أقضي حوالى الساعتين في الذكر في الصباح ويؤثر ذلك على قيامي بمهام المنزل-إذا استيقظت متأخرة- فما رأي الدين، جزاكم الله تعالى خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور رواه الترمذي من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال: المباركفوري في شرح الترمذي (قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث: رجاله ثقات، إلا عطية العوفي ففيه ضعف. انتهى. قلت: وفي سنده محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني وهو أيضاً ضعيف. قال الحافظ في التهذيب في ترجمته. قال الذهبي: حسن الترمذي حديثه فلم يحسن. انتهى. والحديث أخرجه أيضاً الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان) انتهى من شرح الترمذي.
والحديث ورد أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه رواه الطبراني قال الحافظ في الفتح (رواه الطبراني بسند لين) .
لكن نقل ابن عراق في تنزيه الشريعة عن الحافظ ابن حجر قوله في أماليه: (هذا حديث حسن أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد، ولم يصب ابن الجوزي في إيراده في الموضوعات، وإنما استند إلى ابن حبان في ذكره لصفوان في الضعفاء، ولم يستمر ابن حبان على ذلك بل رجع فذكره في الثقات، وكذا ذكره في الثقات ابن شاهين وابن خلفون وقال ابن خلفون: إن ابن معين وثقه، وذكره البخاري في التاريخ فلم يحك فيه جرحاً، وقد ورد الحديث أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الترمذي وحسنه، ومن حديث جابر أخرجه البيهقي في الشعب) انتهى.
والحاصل أن الحديث مختلف في تضعيفه وتحسينه.
وقد ثبت في الكتاب والسنة الترغيب في الدعاء والأمر به، بل جاء عند أحمد بسند لا بأس به " من لم يدع الله غضب عليه" ولهذا استشكل بعض أهل العلم هذا الحديث القدسي ورأوا أن في ظاهره معارضة لذلك.
قال الزرقاني في شرح الموطأ: (واستُشكل حديث " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" المقتضي لفضل ترك الدعاء حينئذ، مع الآية المقتضية للوعيد الشديد على تركه.
[يعني قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60] وأجيب بأن العقل إذا استغرق في الثناء كان أفضل من الدعاء، لأن الدعاء طلب الجنة، والاستغراق في معرفة جلال الله أفضل من الجنة، أما إذا لم يحصل الاستغراق فالدعاء أولى لاشتماله على معرفة الربوية وذل العبودية، والصحيح استحباب الدعاء) انتهى.
والتحقيق أنه لا تعارض، فإن الدعاء نوعان: دعاء الثناء ودعاء الطلب، فذكر الله تعالى والثناء عليه دعاء، والمشتغل به محقق لقول الله (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ولهذا جاء في الحديث أفضل الدعاء" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فسمي هذا الثناء والتوحيد دعاء، وكذلك دعاء الكرب، ودعاء أيوب عليه السلام. وهذا الثناء متضمن لدعاء الطلب.
والعبد بحاجة إلى هذين النوعين من الدعاء، والأفضل له أن يجمع بينهما، يبدأ بالثناء ثم يثني بالطلب والسؤال. ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام طويل نافع جداً في الكلام على دعاء الثناء والمسألة، ننقله هنا بلفظه، من دقائق التفسير له، قال رحمه الله:
(والمقصود هنا أن لفظ الدعوة والدعاء يتناول هذا وهذا قال الله تعالى (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) وفي الحديث "أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله " رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره " دعوة أخي ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته" سماها دعوة لأنها تتضمن نوعي الدعاء فقوله "لا إله إلا أنت " اعتراف بتوحيد الإلهية، وتوحيد الإلهية يتضمن أحد نوعي الدعاء فإن الإله هو المستحق لأن يدعى دعاء عباده ودعاء مسألة وهو الله لا إله إلا هو، وقوله (إني كنت من الظالمين) اعتراف بالذنب، وهو يتضمن طلب المغفرة. فإن الطالب السائل تارة يسأل بصيغة الطلب وتارة يسأل بصيغة الخبر. إما بوصف حاله وإما بوصف حال المسؤول وإما بوصف الحالين كقول نوح عليه السلام (رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) فهذا ليس صيغة طلب وإنما هو إخبار عن الله أنه إن لم يغفر له ويرحمه خسر، ولكن هذا الخبر يتضمن سؤال المغفرة، وكذلك قول آدم عليه السلام (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) هو من هذا الباب ومن ذلك قول موسى عليه السلام (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) فإن هذا وصف لحاله بأنه فقير إلى ما أنزل الله إليه من الخير، وهو متضمن لسؤال الله إنزال الخير إليه، وقد روى الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من شغله قراءة القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" رواه الترمذي وقال حديث حسن ورواه مالك بن الحويرث وقال من "شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" وأظن البيهقي رواه مرفوعا بهذا اللفظ،، وقد سئل سفيان بن عيينة عن قوله "أفضل الدعاء يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فذكر هذا الحديث وأنشد قول أمية بن أبي الصلت يمدح ابن جدعان:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضه الثناء
قال: فهذا مخلوق يخاطب مخلوقا فكيف بالخالق تعالى، ومن هذا الباب الدعاء المأثور عن موسى عليه السلام اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان، فهذا خبر يتضمن السؤال. ومن هذا الباب قول أيوب عليه السلام (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) فوصف نفسه ووصف ربه بوصف يتضمن سؤال رحمته بكشف ضره، وهي صيغة خبر تضمنت السؤال، وهذا من باب حسن الأدب في السؤال والدعاء، فقول القائل لمن يعظمه ويرغب إليه: أنا جائع أنا مريض، حسن أدب في السؤال، وإن كان في قوله أطعمني وداوني ونحو ذلك مما هو بصيغة الطلب، طلب جازم من المسؤول فذاك فيه إظهار حاله وإخباره على وجه الذل والافتقار المتضمن لسؤال الحال، وهذا فيه الرغبة التامة والسؤال المحض بصيغة الطلب ... ووصف الحاجة والافتقار هو سؤال بالحال وهو أبلغ من جهة العلم والبيان، وذلك أظهر من جهة القصد والإرادة، فلهذا كان غالب الدعاء من القسم الثاني لأن الطالب السائل يتصور مقصوده ومراده فيطلبه ويسأله فهو سؤال بالمطابقة والقصد الأول وتصريح به باللفظ وإن لم يكن فيه وصف لحال السائل والمسؤول، فإن تضمن وصف حالهما كان أكمل من النوعين فإنه يتضمن الخبر والعلم المقتضي للسؤال والإجابة، ويتضمن القصد والطلب الذي هو نفس السؤال فيتضمن السؤال والمقتضي له والإجابة كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لما قال له علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم". أخرجاه في الصحيحين، فهذا فيه وصف العبد لحال نفسه المقتضي حاجته إلى المغفرة، وفيه وصف ربه الذي يوجب أنه لا يقدر على هذا المطلوب غيره وفيه التصريح بسؤال العبد لمطلوبه وفيه بيان المقتضي للإجابة وهو وصف الرب بالمغفرة والرحمة فهذا ونحوه أكمل أنواع الطلب، وكثير من الأدعية يتضمن بعض ذلك كقول موسى عليه السلام (أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين) فهذا طلب ووصف للمولى بما يقتضي الإجابة وقوله: (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي) فيه وصف حال النفس والطلب، وقوله: (إني لما أنزلت إلي من خير فقير) فيه الوصف المتضمن للسؤال بالحال.
فهذه أنواع، لكل نوع منها خاصة. بقي أن يقال: فصاحب الحوت ومن أشبهه لماذا ناسب حالهم صيغة الوصف والخبر دون صيغة الطلب؟
فيقال: لأن المقام مقام اعتراف بأن ما أصابني من الشر كان بذنبي فأصل الشر هو الذنب، والمقصود دفع الضر والاستغفار جاء بالقصد الثاني، فلم يذكر صيغة طلب كشف الضر لاستشعاره أنه مسيء ظالم وهو الذي أدخل الضر على نفسه فناسب حاله أن يذكر ما يرفع سببه من الاعتراف بظلمه، ولم يذكر صيغة طلب المغفرة لأنه مقصود للعبد المكروب بالقصد الثاني بخلاف كشف الكرب، فإنه مقصود له في حال وجوده بالقصدالأول؛ إذ النفس بطبعها تطلب ما هي محتاجة إليه من زوال الضرر الحاصل من الحال قبل طلبها زوال ما تخاف وجوده من
الضرر في المستقبل بالقصد الثاني، والمقصود الأول في هذا المقام هو المغفرة وطلب كشف الضر، فهذا مقدم في قصده وإرادته، وأبلغ ما ينال به رفع سببه فجاء بما يحصل مقصوده) . انتهى كلامه رحمه الله.
فالجمع بين الثناء والدعاء أفضل وأكمل من الاقتصار على الدعاء وحده.
وقال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب:
(الفصل الثاني: الذكر أفضل من الدعاء، الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه، والدعاء سؤال العبد حاجته فأين هذا من هذا؟!
ولهذا جاء في الحديث "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين" ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله تعالى والثناء عليه بين يدي حاجته ثم يسال حاجته كما في حديث فضالة بن عبيد أن رسول الله سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى ولم يصل على النبي فقال رسول الله "عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء" رواه الامام احمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في صحيحه وهكذا دعاء ذي النون عليه السلام قال فيه النبي "دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وفي الترمذي "دعوة أخي ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا اله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين فانه لم يدع بها مسلم قط إلا استجاب له" وهكذا عامة الأدعية النبوية على قائلها أفضل الصلاة والسلام، ومنه قوله في دعاء الكرب "لا اله إلا الله العظيم الحليم لا اله إلا الله رب العرش العظيم لا اله إلا رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم" ومنه حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أهل السنن وابن حبان في صحيحه أن رسول الله سمع رجلا يدعو وهو يقول: "اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا اله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال: "والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" وروى أبو داود والنسائي من حديث أنس أنه كان مع النبي جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم إنى أسالك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم"لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر، وأنه اسم الله الأعظم، فكان ذكر الله عز وجل والثناء عليه أنجح ما طلب به العبد حوائجه، وهذه فائدة أخرى من فوائد الذكر والثناء أنه يجعل الدعاء مستجابا فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل، فإنه يكون قد توسل المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله، وعرض بل صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته فهذا المقتضي منه، وأوصاف المسؤول مقتضي من الله فاجتمع المقتضي من السائل والمقتضي من المسؤول في الدعاء وكان أبلغ وألطف موقعا وأتم معرفة وعبودية، وأنت ترى في المشاهد - ولله المثل الأعلى- أن الرجل إذا توسل إلى من يريد معروفه بكرمه وجوده وبره، وذكر حاجته هو وفقره ومسكنته كان أعطف لقلب المسؤول وأقرب لقضاء حاجته فإذا قال له: أنت جودك قد سارت به الركبان، وفضلك كالشمس لا تنكر، ونحو ذلك وقد بلغت بي الحاجة والضرورة مبلغا لا صبر معه ونحو ذلك، كان أبلغ في قضاء حاجته من أن يقول ابتداء: أعطني كذا وكذا،
فإذا عرفت هذا فتأمل قول موسى في دعائه (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وقول ذي النون في دعائه (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وقول أبينا آدم (ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين) وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق قال يارسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده وأنه المنفرد بغفران الذنوب ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معا فهكذا أدب الدعاء وآداب العبودية) انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
وينبغي أن توازني بين محافظتك على الذكر، وبين قيامك بمهام البيت، والقصد القصد تبلغوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1422(10/975)
الأمور المعينة على رد كيد الشيطان ووسوسته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
كيف نرد كيد الشياطين قولا وفعلا؟ زجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، والله تعالى قد سلطه على بني آدم لحكم كثيرة، وأعطاهم من الأسباب الشرعية والعملية مايدفعون بها كيده ووسوسته، إذا أخذوا بها والتزموها، سواء كان ذلك في العبادات أو في غيرها من أحوال العبد، وشرح ذلك يطول، ولكن ننبه على جمل تهدي إلى ماسواها لمن وفقه الله.
فإذا وسوس لك في صلاتك ـ مثلا ـ فاستعذ بالله واتفل على يسارك ثلاثاً، فقد أخرج مسلم أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يَلْبِسُها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خنْزَب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً" قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
وأما خارج الصلاة، فعليك بالاستعاذة الدائمة منه، وتعويذ أولادك منه، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) [المؤمنون: 97، 98] .
وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الحسن والحسين، ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".
وعلى الإنسان أن يكف صبيانه عن الخروج بداية الليل حفظاً لهم من الشياطين، ففي الصحيحين عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استجنح الليل، فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين حينئذ تنتشر، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم".
وعليك بإغلاق الأبواب، وتغطية الآنية والأسقية ليلاً، ففي مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاءً، ولا يفتح باباً، ولا يكشف إناءً، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عوداً، ويذكر اسم الله عليه فليفعل، فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم". [الفويسقة: الفأرة] .
واحذرأن تنام، وفي يدك رائحة دسم اللحم، ففي الترمذي وأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم، من بات وفي يديه ريح غَمَر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه".
وإذا استيقظت من نومك فاستنثر بعد الاستنشاق ثلاثاً، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه".
وعليك بالمداومة على ما ورد من ذكر يحرز من الشيطان، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك".
وفي الصحيحين في قصة أبي هريرة عندما وُكل بحفظ الطعام (صدقة رمضان) وفيه.. فقال ـ أي الشيطان ـ: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لن يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق وهو كذوب ذاك شيطان".
وفي مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة".
وعليك بما ورد في السنة من أذكار الطعام والنوم والاستيقاظ منه، وأذكار الجماع، وأذكار دخول الخلاء، وأذكار الدخول والخروج من المنزل، فإن كل ذلك يقيك من الشيطان، والمداومة على ذكر الله حصن حصين من الشيطان.
ففي الترمذي وأحمد عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ... " الحديث. وفيه " وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1422(10/976)
الذكر المأثور لمن أراد تحصيل أجرعتق رقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أعتق رقبة وماهي الطرق المؤدية الى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عتق الرقاب لا شك أنه من الأعمال الصالحة، والقرب المرغب فيها، وقد يكون في بعض الحالات واجباً، لكن الله تبارك وتعالى بفضله، وكرمه، وتيسيره علينا لم يكلفنا بما لا يمكن، فإذا كان عتق الرقاب قد أصبح الآن متعذراً إن لم يكن معدوماً - كما هو معلوم - فإن الله تعالى جعل مكانه بديلاً يعادله في الحسنات، ويقوم مقامه في الواجبات. فمن كانت له رغبة في العتق رجاء الثواب فليقل (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) ففي الصحيحين أن من قالها في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب.
ومن كان العتق واجباً عليه: كمن جامع في نهار رمضان، أو من قتل مؤمناً خطأ، فعليه صيام شهرين متتابعين. ومع هذا كله فمن لزمه عتق رقبة واستطاع الحصول عليها بأي وسيلة من الوسائل المشروعة فالواجب عليه عتقها، ولا ينتقل عنها إلى الصوم إلا إذا لم يجدها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1421(10/977)
الآثار الواردة في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمته الله وبركاته كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ما حكمها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلفت الآثار في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فروى مالك عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم". ورواه أيضاً النسائي عن طلحة بمثله دون قوله: "في العالمين" وقوله: "والسلام كما قد علمتم" وفي المتفق عليه عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد". وفي رواية أخرى لهما "قولوا: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم،إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد". ولا تعارض بين هذه الروايات لأن المطلوب هو الصلاة، فبأي لفظ جاءت قبلت إن شاء الله، وإن كان ما ثبت فيه صيغة معينة أولى وأعظم أجراً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/978)
صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أقرب القربات، ونعلم أيضاً أن العبادات توفيقية، فهل يجوز لنا أن نقول: اللهم صلى على محمد عدد ما حج الحاجون....إلخ؟
وهل يجوز جمع الصحابة بالصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان جائزاً فما المانع من قول: على عليه السلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك ولا ريب أن الأحوط والأكمل لمن أراد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو أراد الدعاء أن يقتصر على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من ألفاظ الصلاة والدعاء، أما الصلاة عليه بما لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم مثل اللفظ الذي ذكر السائل وغيره فلا نعلم خلافاً بين العلماء في جوازها.
وإنما الخلاف بينهم فيما تحصل به تأدية الواجب من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وامتثال الأمر.
فبعض العلماء قال: إن وجوب الصلاة لا يتأدى إلا بلفظ وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، مستدلاً على ذلك بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيف يصلون عليه كما جاء في الأحاديث الصحيحة، والبعض الآخر وسع في ذلك وقال: إن كل ما يصدق عليه اسم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يتأدى به الواجب. واستدل لما قال بعدة أمور منها: مخالفة ما ورد عن الصحابة والسلف الصالح من ألفاظ الصلاة للكيفيات الواردة عنه صلى الله عليه وسلم، ومنها تواطؤ المؤلفين من المحدثين والفقهاء وغيرهم على الصلاة عليه في كتبهم بلفظ: صلى الله عليه وسلم، ولفظ: عليه الصلاة والسلام ونحو ذلك، حتى كاد ذلك يكون من قبيل الإجماع والتواتر على سعة القول فيها.
وأما الصلاة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اختلف فيها العلماء فمنهم من يجيزها مطلقاً استقلالاً أو تبعاً، ومنهم من يمنعها استقلالاً ويمنعها أيضاً تبعاً، إلا فيما ورد فيه النص أو الحق به، ومنهم من يجيزها تبعاً مطلقاً ويمنعها استقلالاً، والقول الأول نسبه عياض لعامة أهل العلم، وبالقول الثاني قال القرطبي وغيره، وبالقول الثالث قال أبو حنيفة وجماعة، واستدل كل لما قال بأدلة لا يتسع المقام لذكرها، وأرجح أقوال العلماء في هذه المسألة وأعدلها ما ذهب إليه الإمام ابن القيم رحمه الله حيث يقول: المختار أن يصلى على الأنبياء، والملائكة، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وذريته، وأهل الطاعة على سبيل الإجمال، ويكره في غير الأنبياء لشخص مفرد بحيث يصير شعاراً له، ولا سيما إذا ترك في حق مثله أو أفضل منه، كما يفعله الرافضة بعلي رضي الله عنه، فلو اتفق وقوع ذلك في بعض الأحايين من غير أن يتخذ شعاراً لم يكن به بأس. اه
وفي كلام ابن القيم هذا إجابة على السؤال عن السلام على علي رضي الله عنه إذ السلام هنا والصلاة بمعنى واحد، وقال صاحب فتح الباري:اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقاً، وقيل: بل تبعاً، ولا يفرد لواحد لكونه صار شعاراً للرفضة. اه
... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(10/979)
الاستعاذة بالله من الشيطان أفضل وسيلة لطرده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الوسيلة التي يطرد بها الشيطان ونتخلص من همزاته في النفس في الصلاة أو في غيرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الوسيلة المثلى التي يطرد بها الشيطان خارج الصلاة، هي الاستعاذة بالله من وساوسه وهمزاته، قال تعالى: (وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون) . [المؤمنون:97-98] .
وروى البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال، كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد …"
وإذا ساورك الشيطان في صلاتك فادفعه أيضا بالاستعاذة والتفل عن يسارك لما رواه مسلم في صحيحه أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خَنزَبُ فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً " قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
وعليك بتدبر ما يتلى وقبل ذلك إحسان الطهارة، فإنها باب عظيم لخشوع العبد في صلاته.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/980)
لا إله إلا الله: أفضل الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل الذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
أفضل الذكر فهو قول العبد: لا إله إلاّ الله كما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضل الذكر لا إله إلاّ الله وأفضل الدعاء الحمد لله " [رواه الترمذي وابن ماجه] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/981)
ثواب من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حقا ذكر الله بقول (سبحان الله وبحمده) مئة مرة يمحو مئة خطيئة؟ وأي الخطايا التي تمحى؟ هل هي التي في حق الله؟ أم التي في حق العباد؟
أرجو الافادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".
والأذكار التي فيها تكفير للذنوب كثيرة عديدة، فانظر لها مثلاً كتاب "الأذكار" لأبي زكريا النووي ـ رحمه الله ـ ومن الكتب اللطيفة في ذلك كتاب حصن مسلم، وهو كتاب حسن لطيف صغير الحجم عظيم الفائدة في هذا الباب. وأما الخطايا التي تمحى، فالقاعدة أن الأعمال الصالحة تمحو بإذن الله الأعمال السيئة قال تعالى: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) [هود: 114] .
وقد قدمنا أن ما كان من ذلك متعلقا بحق العباد، فلا بد فيه من إبراء الذمة. وبالله التوفيق
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/982)
فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل قدير
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد أذكار الصباح والمساء يوجد فضل لمن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد (يحيي ويميت) وهو على كل شيء قدير وألاحظ أنني أزيد (يحيي ويميت) على الورد المذكورفهل هذا يضر؟ وهل هذا ينقص من الأجر المذكور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فهذه الجملة (يحيي ويميت) ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر الذي ذكرت كما في المسند والسنن. فقولها نافع غيرضار وقائلها كاسب أجر لا مقترف وزر إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/983)
أفضل الذكر وأفضل الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل الذكر؟ ما هو أفضل الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد،،،
ثبت في سنن الترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله ". وإنما كان الحمد لله أفضل الدعاء لأن الحمد من جملة شكر الله تعالى. ومن شكر الله تعالى فقد تعرض لمزيد من فضله، قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) [إبراهيم:7] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(10/984)
هل الله تعالى لا يقبل دعاء من وقع في الحرام جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جهل المسلم بفعل شيء حرام، وهل يترتب على ذلك عدم قبول المولى عز وجل لدعائه. مثلا يقوم الشخص بفعل شيء حرام ويترتب عليه مكسب مالي وهو لا يدري أنه فعل فعلا محرما ومكسبا ماديا محرما، فهل ينطبق عليه الحديث: مأكله حرام ومشربه حرام فانى يستجاب له.
أمثلة على ذلك. هل يجوز استخدام كهرباء العمل لعمل شاي أو شحن الموبايل؟ وهل يجوز قراءة الصحف أثناء ساعات العمل أو الخروج أثناء ساعات العمل لقضاء حاجة شخصية؟ وإذا كان حكم ما سلف حرام وترتب على ذلك راتب حرام. ثم يجيء هذا الموظف ويدعو الله بشيء، فهل سيقبل المولى عز وجل دعاءه علما بجهل الموظف بحرمة الحكم في تلك الأمور.
فسؤالي: هل الجهل بالأحكام يعفي من المسؤولية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنسان لا يعذر بجهله في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، والمشهورة بين عامة الناس كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج، وحرمة الزنا والخمر والميتة والخنزير اللهم إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة.
وأما ما ليس معلوماً من الدين بالضرورة فيعذر فيه بالجهل، ويختلف ذلك باختلاف الناس والبيئات كما هو مبين في الفتوى رقم: 19084.
وعلى ذلك، فإن وقع الشخص في بعض المعاملات المحرمة جاهلا بحرمتها، ولم تكن حرمتها من الأمور المشهورة بين الناس، فلا إثم عليه إن شاء الله، ولا مانع من أن يستجيب الله دعاءه بفضله ورحمته.
لكن إذا علم بحرمة ما في يديه من مال، فيجب عليه التخلص منه بصرفه في أعمال البر والمصالح العامة. وانظر الفتوى رقم: 50478.
وأما الانتفاع بكهرباء العمل فإن كانت جهة العمل تأذن بذلك نصا أو عرفا، فلا حرج وإلا فلا يجوز ذلك. وانظر الفتوى رقم: 114546، وما أحيل عليه فيها.
وأما قراءة الصحف وغيرها أثناء العمل، فإذا كان يترتب عليها إخلال بالعمل فلا يجوز ذلك، وأما إن كانت قراءتها لا تخل بالعمل في قليل ولا كثير، فلا حرج في ذلك. لكن يحترز من الصحف والجرائد المشتملة على الصور المحرمة كصور النساء مكشوفة العورة، وكذلك الصحف والمجلات الداعية إلى الفساد. وانظر الفتوى رقم: 24466.
وأما الخروج من العمل لقضاء حوائج شخصية فهذا يرجع فيه إلى لوائح وقوانين العمل، فإن كانت تسمح للعامل بذلك فلا حرج، وإلا فلا يجوز ذلك. وانظر الفتوى رقم: 42937، والفتوى رقم: 52476.
وعلى المسلم أن يحرص على تعلم أمور دينه، فإن إعراضه عن طلب ما يحتاج إليه من العلم يجعله غير معذور بجهله؛ لأنه يكون حينئذ عاصيا بجهله وتفريطه. وانظر الفتوى رقم: 100423.
وما ذكرناه إنما هو بشأن رفع الإثم في ارتكاب بعض المخالفات جهلا، أما إعفاء الجاهل من المسئولية عموما فليس على إطلاقه، فحقوق الآخرين لا تسقط بالجهل، وكذلك هناك من شروط العبادات والمعاملات ما لا يسقط بالجهل. وبسط الكلام في هذا لا يتسع المقام له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(10/985)
هل يستجاب الدعاء على الآخرين حال الضجر والغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني منذ فترة دعوت على أحد الأشخاص العزيزين علي دعوة سيئة، مثل دعوة الموت وكنت حينها فعلا متضايقة من هذا الشخص، لكن عندما دعوت هذه الدعوة لم أكن أقصدها يعني عن عصبية، وأنا الآن نادمة وخائفة أن يستجاب لي ما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص قد ظلمك ظلمًا بينا يناسب الدعاء عليه بالموت فلا حرج عليك في ذلك؛ لأن الدعاء على الظالم مشروع بشروط وضوابط سبق بيانها في الفتوى: 115193، 22409، 107843.
لكن إن كان ظلمه يسيرا فلا يجوز الدعاء عليه بما هو أعظم من ظلمه، وإلا كنت معتدية في دعائك آثمة به، وأولى إذا لم يكن منه ظلم أصلا، وكان الأمر مجرد خلاف عادي - فإن كثيرا من الناس يعدون من خالفهم في آرائهم من الظالمين - فالدعاء عليه حينئذ يكون محض الظلم والعدوان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة. رواه مسلم.
وما دام هذا الدعاء قد صدر منك في حال ضيقك وضجرك ولم تكوني تقصدين منه حقيقة الدعاء، فنرجو ألا يصيبه من ذلك سوء إن شاء الله، حتى وإن كان ظالما؛ لأن الله سبحانه بفضله ورحمته لا يستجيب دعاء عباده إذا دعوا بذلك في فرط الضيق والغضب قال سبحانه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس:11}
جاء في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء؛ ولهذا قال: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم} أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(10/986)
إجابة الدعاء في ساعة الإجابة في الليل ليست مشروطة بالنوم على الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثًا للنبي صلى الله عليه وسلم ينص على أن من نام على وضوء ثم استيقظ أثناء الليل فدعا الله فإن دعاءه في هذا الوقت يكون مستجابًا، فما هو الحال لو استيقظ بعد الفجر مثلا وليس أثناء الليل، أو استيقظ أثناء الليل ولم يكن قد نام على وضوء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن الوضوء للنوم سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين وغيرهما عن البراء بن عازب ـ رضي الله عنهماـ مرفوعاً: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ... الحديث. وانظرالفتوى: 75462، وما أحيل عليه فيها.
وفي صحيح مسلم عن جابرـ رضي الله عنه ـ قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة.
وفي رواية له: إن من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه.
وظاهر الحديث أن ذلك عام، فليس فيه أن الإجابة مشروطة بالنوم على الوضوء.
وأما الحديث المشارإليه في السؤال فلم نقف عليه، وإن صح، فإنه لا يتناول من لم يتوضأ أو توضأ ولم يستيقظ من الليل ـ حسب ما يبدو من المعنى المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(10/987)
استجابة الدعاء بين الأذان والإقامة هل يشمل النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[معروف أن الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب، فهل هذا خاص بمن كان في المسجد؟ أم أن المرأة في بيتها إذا دعت في هذا الوقت يكون دعاؤها مستجابا أيضا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. رواه الترمذي وصححه، وأبو داود، وصححه الألباني، ورواه الإمام أحمد وزاد في روايته الأمر بالدعاء ولفظه: إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا. قال الشيخ شعيب الأرنوؤط: إسناده صحيح.
والأصل عدم تقييد ذلك بمن كان داخل المسجد، فالحديث أخبر أن هذا الوقت من أوقات الإجابة فمن جمع شروط الدعاء المستجاب ودعا في هذا الوقت ترجى له الإجابة ـ سواء أكان داخل المسجد أم لا ـ وكذلك يستجاب للمرأة في بيتها إذا دعت في هذا الوقت، قال الشوكاني: الحديث يدل على قبول مطلق الدعاء بين الأذان والإقامة وهو مقيد بما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، كما في الأحاديث الصحيحة. نيل الأوطار.
فلم يقيد ذلك ـ رحمه الله ـ بمن كان في المسجد وعمل بالحديث على إطلاقه.
ويؤيد هذا ما ورد عن أبي أمامة أن رسول الله قال: إذا نَادى المُنَادِي فُتِحَتْ أبْوابُ السماءِ واستُجِيب الدعاءُ. رواه أبوعوانة في مسنده، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.
قال المُناوي: إذا نَادى المُنَادِى أي أذن المؤذن للصلاة استجاب الله دعاء الداعي حينئذ، لكونها من ساعات الإجابة.
وما زال العلماء يذكرون عند كلامهم على الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء أن منها: ما بين الأذان والإقامة، ولا يفرقون في هذا بين من كان في المسجد أو المرأة في بيتها.
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي ـ حفظه الله ـ عضو هيئة كبار العلماء وقد سُئل عن امتداد ساعة الإجابة بين الأذانين للنساء في بيوتهنَّ، هل هي إلى إقامة أول المساجد أو آخرها؟ فقال: ظاهر الأصل يدل على أنَّ كل قومٍ مُقيَّدون بمؤذنهم، فتكون العبرة به أذاناً وإقامةً ولا عبرة بغيره متقدماً أو مُتأخراً. والله أعلم. راجع هذا الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=181714
وبعض العلماء يرى أن الذين يصلون في بيوتهم من الرجال لا يدخلون في هذا الحديث، ولكن المرأة داخلة في عموم من يستجاب لهم في هذا الوقت، فقد سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ـ رحمه الله ـ سؤالا يتعلق بهذا الموضوع رأينا نقله للفائدة وهو منشور في موقعه على الإنترنت: السؤال: الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب، ما المقصود بالإقامة، هل هي إقامة المسجد؟ أم أن وقت الاستجابة لمدة صلاتي أنا في البيت يعني: هل وقت إقامة الصلاة التي في المسجد أم إلى إقامتي أنا لصلاتي تستمر مدة الاستجابة؟.
الإجابة: يُراد بالإقامة هاهنا إقامة المؤذن عندما يحضر الإمام لأداء الصلاة، فالدعاء تُرجى إجابته بين فراغ المؤذن من الأذان وابتدائه في الإقامة، ولا يدخل في ذلك الذين يُصلون في بيوتهم ولا يحضرون إقامة المؤذن للصلاة في المسجد سيما إذا كان تخلفهم من باب الكسل والتثاقل والتهاون بصلاة الجماعة، فقد تُرد دعواتهم لارتكابهم هذا الذنب إلا إذا كان الرجل معذورًا، وأما المرأة فإن اشتغالها بالصلاة وإقامتها لها تكون قُرب إقامة الأئمة للصلاة في المساجد، فيكون الدعاء في حقها مُقيدًا بما بين أذان المؤذن وإقامته، فلا يدخل في ذلك ما إذا تأخرت عن الصلاة، حيث يفوت وقت الاستجابة بإقامة المؤذنين. انتهى.
فنرجو للمرأة إذا جمعت شروط الدعاء المستجاب أن يستجاب لها في هذا الوقت الفاضل بين الأذان والإقامة. ولمعرفة منزلة الدعاء عند الأذان والإقامة تراجع الفتوى رقم: 29775، ولمعرفة شروط إجابة الدعاء وموانعه تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 11571، 8331، 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(10/988)
تأخر زواجها مع كثرة الدعاء وتحري أوقات الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني مشكلتي باختصار: هي تأخر زواجى ولا أعلم حتى الآن ما سر تأخره، هل هذا غضب من الله؟ أم أنه لم يكتب لي الزواج فى الدنيا؟ أنا لدي 23 عاما وتمنيت الزواج كثيراً ولكننى لم أجده، مع العلم بأنني كثيرة الدعاء لله، ومنذ أن علمت بأهمية الزواج بدأت أرفع يدي بالدعاء وهذا منذ حوالي 5 سنوات متواصلة ولم أترك فرصة يستجاب فيها الدعاء ـ مثل ليلة القدر ووقفة عرفات وصلاة التهجد ـ إلا ودعوت فيها، وهل إذا دعت علي والدتي بعدم الزواج لحظة غضب يستجاب لها ولن أتزوج؟ وأريد معرفة شيء آخر وهو: أنني قرأت عن تصارع الدعاء والقدر، فهل إذا كان الله قد كتب لي زوجا معينا وأنا دعوت كثيرا بأن يرزقنى زوجا بمواصفات معينة؟ فهل فى هذه الحالة سوف يتصارع الدعاء مع القدر ويغيره مثل ما أحب؟ وهل من دعاء معين لتيسير الزواج؟ أرجوكم أفتوني لقد تعبت كثيراً والله يعلم بأنني فى أشد الحاجة للزواج لأسباب كثيرة لا يعلمها إلا الله وأعلم جيداً أن دعوة شخص لشخص آخر لا يعرفه مستجابة أرجوكم: ادعوا لي بالهداية والزوج الصالح وأن ترضى عني والدتي جدا، من قلوبكم مع تكرار الدعوة، وأرجو الرد السريع على إيميلي الخاص بي وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخر زواجك قدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو ـ سبحانه ـ أرحم بنا من آبائنا وآمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
قال ابن القيم: والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئاً وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان علياً. الفوائد.
وأما عن الدعاء فلا نعلم دعاء مخصوصاً في الشرع لتعجيل الزواج، لكن الدعاء عموماً من أنفع الأسباب لتحقيق كل مطلوب مشروع، وهو نافع بكل حال ولو لم يتحقق المطلوب، لحكمة يعلمها الله، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد.
وأما عن دعاء أمك عليك لحظة غضبها مع عدم قصدها، فمن فضل الله أن مثل هذا الدعاء لا يستجاب، قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس:11} .
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفاً ورحمة. تفسير ابن كثير.
لكن ننبهك إلى الحذر من إغضاب أمك أو التقصير في برها، فإن برالأم من أوجب الواجبات، ومن أعظم القربات، ومن أهم أسباب رضا الله، كما أن عقوقها من أعظم الذنوب ومن أهم أسباب سخط الله.
وأما معنى تصارع الدعاء والقدر: فهو أن يرد الدعاء البلاء النازل على العبد بقدر الله، والأولى لك الدعاء بالزواج من رجل صالح دون تعيين صفات محددة، فإن الله أعلم بما يسعدك في دنياك وأخراك، ففوضي الأمر إليه وأحسني الظن به، وداومي على الدعاء مع يقين وثقة بالله، دون تعجل للنتيجة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي. متفق عليه.
نسأل الله أن يهديك لأرشد أمرك ويعينك على بر أمك وأن يقر عينك بالزوج الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(10/989)
كم ننتظر حتى تستجاب دعواتنا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تكلمتم كثيراًَ عن أسباب إجابة الدعوة، والحديث الشهير: إن الله يستجيب لأحدكم ما لم يستعجل. أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فكم ننتظر حتى تجاب دعواتنا؟ وهل لتأخير الدعوة حكمة لا نعلمها؟ وهل يجب علينا البحث عن الحكمة من العبادات أم نعبد ربنا بدون أسئلة عن حكمتها؟ جزاكم الله خيراًُ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء المسلم لا يضيع، والله عز وجل أكرم من أن يرد سائلاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. ولكن للدعاء المقبول شروطاً لا بد من تحققها، وموانع لا بد من انتفائها، وآداب بحصولها يرجى قرب الإجابة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 23599.
وأما قول السائل: فكم ننتظر حتى تجاب دعواتنا؟ فنقول فيه: إن إجابة الدعاء قد تقع بحصول ما دعا المسلم به بعينه في الحال، وقد تقع بعد وقت من دعائه وهذا الوقت لا يعلم مقداره إلا الله، وقد يستجاب للعبد ولكن لا يحصل له المطلوب بعينه، فإن صور الاستجابة تتنوع، فإما أن يعطى ما سأل وإما أن يصرف عنه من السوء مثله، وإما أن يدخر له في الآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمام أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر! قال: الله أكثر. رواه أحمد وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في التمهيد: فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة.
فكل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه. كما قال ابن حجر في فتح الباري.
ومن حكم تأخير الإجابة ما قاله ابن الجوزي: اعلم أن الله عز وجل لا يرد دعاء المؤمن، غير أنه قد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، وقد لا يكون ما سأله مصلحة في الجملة، فيعوضه عنه ما يصلحه، وربما أخر تعويضه إلى يوم القيامة، فينبغي للمؤمن ألا يقطع المسألة لامتناع الإجابة، فإنه بالدعاء متعبد، وبالتسليم إلى ما يراه الحق له مصلحة مفوض. كشف المشكل.
فعلى الداعي أن يشغل نفسه بالدعاء وآدابه وتحقيق شروط إجابة الدعاء، ولا يستعجل فإن الاستعجال من موانع استجابة الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن حجر: قال الداودي: يخشى على من خالف وقال: قد دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة وما قام مقامها من الادخار والتكفير. فتح الباري.
وقد سبق بيان معنى الاستعجال والتحذير منه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 63158، 54325، 69484 فراجعها.
وأما عن البحث عن الحكمة من العبادات وما إذا كان ذلك واجباً، فجوابه: أن ذلك لا يجب، وإنما الواجب على المسلم هو الإيمان بما ثبت في الوحي سواء فهم حكمته أم لم يفهمها، فقد قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا. {الأحزاب:36} . وقال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا. {النساء:65} .
ولا حرج على المؤمن بعد ذلك في محاولة معرفة الحكمة من الأوامر أو النواهي، ولا حرج عليه في سؤال من عنده علم بذلك ومحاورته في الموضوع، للوصول إلى معرفة حكمة عبادة معينة أو نهي معين، لأن معرفة الحكمة تبعث على الطمأنينة وتقوي اليقين، ولمعرفة الحكمة من أمر الله أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم طريقان:
الأول: أن تكون الحكمة قد ورد النص عليها في الكتاب أو السنة، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. {البقرة:183} . وكقوله صلى الله عليه وسلم: فزوروا القبور فإنها تذكر الموت. رواه مسلم. فهذا وأمثاله كثير مما جاءت فيه الحكمة منصوصاً عليها.
الثاني: أن يستخرجها العلماء عن طريق الاستنباط والاجتهاد، وهذا قد يكون صواباً، وقد يكون خطأ، وقد تخفى الحكمة على كثير من الناس، والمطلوب من المؤمن التسليم لأمر الله تعالى وامتثاله في جميع الأحوال، مع الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى حكيم، له الحكمة التامة والحجة البالغة: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. {الأنبياء:23} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(10/990)
هل يستجاب دعاء الأم على ابنتها ساعة غضب
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاء الأم على ابنتها:
قبل سنة ونصف مررت بمحنة مع أمي وفي ساعة غضب دعت علي أن يحرمني الله من الزواج طوال عمري وأمي من النوع الذي لا يناقش الفتاة ولا يحادثها بأمنياتها في الزواج البتة، مررت بالمحنة التي ذكرتها قبل قليل كلما أرادت عائلة خطبتي، حيكت لي المؤامرات والمكائد في الجامعة لصرف الشاب وأهله عني، ودراستنا ليست مختلطة ومناقشة قضية زواجي من الأمور التي تكره أمي الخوض فيها حدثت معي أول قصة، أراد شاب خطبتي لأنني فتاة ملتزمة ترصد لي بعض الفتيات وتعرضت لافتراءات ومؤامرات استمرت 5 أشهر لصرف الشاب عني، دعوت الله بأدعية، وكنت قد نسيت دعاء أمي علي كلها لتيسير الخطوبة، قلت يا رب فلان أو من هو خير منه، فحلم في المنام بدعائي، والذي لم أكن قد ذكرته أمام أحد: د عاء طويل عريض باسم هذا الرجل وكنت قد دعوت به فعلا ودعاء قصير: أو من هو خير منه، وأن الله سيجيب الدعاء القصير لا الدعاء الطويل ورأى بأن الله يريد لي من هو خير من هذا الرجل، وخائفة أنا من دعاء أمي علي ولكنني فهمت من الأحلام التي رآها هذا الرجل بأدعيتي التي لم أكن قد ذكرتها أمام أحد، حلم ببعض الأمورالمحزنة التي في خيالي، حلم بأمور أتمناها وحلم بي أقول له: لست نصيبي، نصيبي من هو خير منك وسأطلب من الله أن يختار لي نصيبي.
ودعاء ربي أنت اختر لي نصيبي، لا أدعوك بهذا الرجل بعد اليوم كنت قد قلته قبلها بيوم، ولم أقله أمام أحد إلا الله فرآه الرجل في منامه، فعلمت أنه دعاء خير وصرت أردده: إذ إن ما حدث هو: أنني عندما علمت أن هذا الشاب يريد خطبتي تمنيته ودعوت الله بإزالة العوائق الموجودة حتى يخطبني وذكرتها عائقا عائقا وقلت يا رب أو من هو خير منه، فلما رأى في نومه أن الله يريد لي من هو خير من هذا الرجل، وأخته هي من تنقل ما رآه في نومه للفتيات في الجامعة، وأنا لم أحادث هذا الرجل قط ولا شأن لي به، علمت بأن ما يراه هو تحذيرات وتنبيهات من الله عز وجل، كما أنه يرى في منامه الأمور التي أتمناها من زواجي وأنه علي أن أتذكر دوما أنني أريد أن أكون زوجة وأما.
فهل يعني هذا أن الله رحمني من دعاء أمي علي؟ لا أستطيع مناقشتها في موضوع رغبتي في الزواج؟ إذ إنها تكره هذا الموضوع نظرا لبعض الظروف التي يطول شرحها؟ هل علي أن أفاتحها في الموضوع وأقول لها أمي أنت دعوت علي؟ أم أعتمد وأتوكل على رحمة الله، وأقول الله أرحم بنا وأرفق من أن يجيب دعاء أم أو أب على أبنائهم في ساعة غضب؟.
وعذرا على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما دعاء الأم على ابنتها فإنه لا يجوز أصلا كما بيناه في الفتويين رقم: 52971، 79076.
وإذا وقع الدعاء ساعة غضب فإنه غير مستجاب ـ إن شاء الله ـ لقوله سبحانه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس: 11} .
جاء في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم. انتهى بتصرف.
ولا ننصحك بمفاتحة أمك في هذا لأنه قد يسيئها، بل تجاهلي هذا كله وأقبلي على ما ينفعك من برها والقيام بمصالحها والحرص على ما يدخل عليها السرور والرضا، ثم اطلبي منها الدعاء لك لأن دعاءها لك مستجاب ـ إن شاء الله ـ كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الأرناؤوط والألباني.
وما دمت تعلمين كراهة أمك للحديث في أمر الزواج فلا تحدثيها فيه، وتوكلي على الله سبحانه، وأكثري من دعائه والإلحاح عليه، وثقي أن ما قدره لك سيكون، ولن يستطيع أحد من الخلق أن يحول بينك وبينه، ويمكنك التحدث في الأمور الخاصة بالزواج مع وليك، سواء كان أبا أو أخا أو غيرهما فهو صاحب القرار في تزويجك، وإن أردت الاستشارة فيمكنك أن تطلبيها ممن تثقين في دينه وخلقه من ذات رحم أو صديقة ونحو ذلك.
وأما ما يراه هذا الرجل في نومه من رؤيا فلا تشتغلي بها، سواء كانت حقا أو كانت أضغاث أحلام، ولا يجوز لأخته أن تداوم على الحديث بما يراه في نومه لزميلاتها خصوصا فيما يتعلق بأمر الزواج فهذا قد يكون سبب فتنة له ولهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(10/991)
فتاوى سابقة في آداب الدعاء وأوقات إجابته
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أدعو ربي أن يبعد عني العادة السرية ويشفيني منها؟ ومتى أدعو؟ وفي أي وقت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء عموما سواء بالنسبة لما ذكر في السؤال وغيره له آداب ينبغي مراعاتها ليكون الدعاء أحرى بالإجابة.
ومن ذلك تحري أوقات الإجابة، وإن كان الدعاء يمكن إجابته في أي وقت، إلا أن هناك أوقاتا يكون الدعاء فيها أولى بالإجابة.
ولمعرفة آداب الدعاء وأوقات إجابته راجع الفتاوى التالية أرقامها: 11571، 2395، 23599، 17449، 32655، 8581، 119608.
كما ننصح بالاطلاع على الفتوى رقم: 110232
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(10/992)
لا يصح ترك الدعاء بدعوى أن الأقدار مكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ما يسمى بصدقة الفجر؟ وهي تدفع لنية ينويها الشخص فتقضى الحاجة بإذن الله.
كما أني أديتها مرة على نية ولم تتحقق، والآن أصبح عندي قناعة أنه لا يحدث إلا ما كتبه الله، أكيد أنه لا يحدث إلا ما كتبه الله، لكن لماذا الدعاء إذن؟ أنا أدعو منذ زمن لموضوع ولم يتحقق إلى الآن، وأصابني فتور شديد وعدم الرغبة في الدعاء لأنه لن يحدث إلا ما كتبه الله تعالى، حتى لو دعوت، لذلك لم أعد أدعو لشيء معين إلا بشكل عام وبالأدعية المأثورة فقط.
ما رأيكم؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة مشروعة في كل وقت قال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ {البقرة:274} . إلا أن هناك أوقاتا وأحوالا تتأكد فيها الصدقة ويعظم أجرها عن غيرها من الأوقات، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 100610.
ولا شك أن وقت الفجر من الأوقات الفاضلة، إلا أننا لا نعلم دليلا على فضل الصدقة فيه بخصوصه، ثم إن فعل المعروف عموما يدفع عن الإنسان من المصائب، كما في الحديث: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر. رواه الطبراني وصححه الألباني.
واعلم يا أخي الحبيب أنه لا يحدث في هذا الكون إلا ما كتبه الله تعالى وقدره، إلا أن الدعاء الذي تدعو به هو أيضا مما كتبه الله تعالى وقدره، شأنه شأن غيره من الأسباب، بل هو أعظمها، والله عز وجل قد ربط الأسباب بمسبباتها، وكما قدر المسببات، فقد قدر أيضا أسبابها.
وعليه، فلا يصح ترك الدعاء بدعوى أن الأقدار مكتوبة، كما لا يصح الامتناع عن تناول الدواء بدعوى أن العمر مكتوب، فكل من الدعاء والدواء من الأسباب، وكلها من قدر الله عز وجل.
يقول ابن القيم في الجواب الكافي: المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجرداً عن سببه، ولكن قدر بسببه، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفي المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر. وحينئذ، فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال، وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ولا أبلغ في حصول المطلوب، ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة بالله ورسوله وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم. اهـ. بتصرف.
فاجتهد يا أخي في الدعاء بما تريده من أشياء معينة وغيرها، ولا تفتر، وثق أن الدعاء خير لك على كل حال، وكون الإنسان قد يدعو أحيانا ولا يرى أثرا ظاهرا لدعائه، فهذا لا يعني أن الدعاء لا ينفع، ففي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر؟ قال: الله أكثر. صححه الألباني. وفي سنن الترمذي: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. صححه الألباني.
كما أن إجابة الدعاء تتوقف على تحقق شروط وانتفاء موانع، ولمعرفة ذلك انظر الفتوى رقم: 43346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(10/993)
هل السرحان أحيانا أثناء الدعاء ينافي حضور القلب
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دعائي لأهلي وإخواني أسرح بعض الشيء، مع أنني أردد الدعاء المطلوب، وأحاول دائما أن أكون مستحضرا للشخص الذي أدعو له، وفي نفس الوقت أحاول بصعوبة أن أركز في لفظ ومعنى الدعاء. فهل يكفيني التركيز في لفظ الدعاء مع ذكر اسم الشخص الذي أدعو له دون استحضار شخصه؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور القلب والإلحاح من آداب الدعاء وأسباب إجابته، كما سبق بيان ذلك مع أدلته فنرجو أن تطلع عليه في الفتويين: 23599، 8331.
والظاهر- والله أعلم- أن مجرد سرحان الذهن وشرود البال في بعض الأحيان أثناء الدعاء لا يضر، لأن التركيز واستجماع الذهن طول الوقت أثناء الدعاء ليس أمرا سهلا بالنسبة لكثير من الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(10/994)
ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ابتليت ببلاء عظيم وكبير، ولا أستطيع أن أحتمله، وأنا أحس هذا من جزاء عملي الذي تصرفت فيه بجهل، ولأني لا يوجد لدي إلا الدعاء والتقرب إلى الله. ومن يتق الله يجعل له مخرجا. فكيف السبيل أفيدوني. أريد أن أنجو من مشكلتي. وأرجو الدعاء لي بالنجاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، يبتلي الله سبحانه من شاء من عباده بما شاء من البلاء، قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ. {الأنبياء:35} . ومن رضي بقضاء الله كان له من الله الرضا، ومن سخط فعليه السخط. فنوصيكِ بالصبر؛ فإن في الصبر خيري الدنيا والآخرة، وهو مفتاح تفريج الكربات، وبه تكفر السيئات، وترفع الدرجات، وانظري الفتوى رقم: 23586.
هذا، وقد يبتلي الله عباده بسبب ذنوبهم فيصيبهم بالبأساء والضراء لعلهم يذكرون، فينيبون إليه ويتوبون ويضرعون ويلتجئون إليه، كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ. {الأنعام:42} .
قال الإمام الطبري: أي امتحناهم بالابتلاء ليتضرعوا إلي ويخلصوا لي العبادة، ويفردوا رغبتهم إلي دون غيري بالتذلل لي بالطاعة، والاستكانة منهم إلي بالإنابة.
واعلمي أن من أعظم أسباب البلاء الذنوب والمعاصي، فقد يكون ما أصابك من مصائب بسبب ذنب أتيته، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير. {الشورى:30} . وقال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. {الروم:41} . فبالتوبة والاستغفار يكشف البلاء بإذن رب الأرض والسماء، فإنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
ونوصيك أيضا بالاستعانة بالله، والإكثار من دعائه، وعدم اليأس من رحمته، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، ونخص هنا دعاء المكروب الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت. وانظري طائفة من أدعية تنفيس الكروب وتفريج الهموم في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 26503، 101542، 103409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(10/995)
ماذا يفعل من تأتيه شكوك أن الله لن يجيب دعاءه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من أسباب استجابة الدعاء اليقين بالله والتوكل على الله، ولكن عندما أبدأ بالدعاء أكون موقنة ومتأكدة من الإجابة، ثم تأتيني وسوسة وشكوك بأن هذا الأمر الذي أدعو به لن يتحقق، وأبدأ بالخوف، ثم يأتيني حزن شديد لأني أحس بأن نيتي ويقيني بالله وتوكلي على الله قد بطل. ماذا أفعل؟ وكيف أتغلب على هذه الأفكار والوسوسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تعزمي وتتوكلي على الله تعالى حقيقة التوكل كما بينا في الفتوى: 18784. وتشغلي نفسك بذكر الله تعالى عن هذه الأفكار والأوهام؛ فإنها من وساس الشيطان ومكائده ليصدك بها عن الدعاء الذي هو أساس العبادة، والإلحاح فيه الذي هو أدب من آدابه وسبب من أسباب إجابته، فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. {آل عمران:175} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فبزيادة إيمانك بالله تعالى، واليقين بوعده، وسرعة الاستجابة لأوامره واجتناب نواهيه، وكثرة ذكره، والإحساس بمعيته وقربه.. تتغلبين على كل الأوهام ووساوس الشيطان. قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ. {البقرة:186} .
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى التالية: 2395، 79648، 11571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(10/996)
تكون قوة الدعاء على حسب قوة يقين الداعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود من أن شارب ماء زمزم يحصل على مطلوبه على حسب قوة اعتقاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يوضح لنا هل هذا الكلام الذي يسأل عن المقصود منه هو كلام لأحد العلماء أم هو كلام سمعه من شخص ما. ولكن زمزم ثبت في فضله حديث أبي داود: ماء زمزم لما شرب له.
فإذا شرب العبد زمزم، ودعا الله أن يحقق له حاجة ما، فإن الله تعالى سيستجيب له ويحققها له، ويتعين على الداعي أن يدعو الله تعالى حاضر القلب موقنا بإجابته لمن دعاه، عملا بحديث الحاكم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
فبقدر قوة يقين العبد تكون قوة الدعاء، وقد مثل ابن القيم رحمه الله الدعاء بالسيف، وذكر أن قوة تأثير الدعاء بحسب قوة إيمان الداعي، كما أن تأثير ضربة السيف بحسب قوة ساعد الضارب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(10/997)
أسباب عدم استجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما هي أوقات إجابة الدعاء؟ وما هو الدعاء المستجاب؟ وهل يجوز أن نكرر الدعاء أكثر من 3 مرات لأني أدعو الله كثيرا وألح بالدعاء ولكن لا يستجاب لي، فهل هناك خطأ في دعائي أم ماذا لأني استخدمت كل الطرق بالدعاء من اسم الله الأعظم وغيره هل يمكن أن يكون الخطأ بطريقة دعائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان شروط وموانع إجابة الدعاء، وكذلك آداب الدعاء بما في ذلك أوقات الإجابة في الفتاوى التالية أرقامها: 2150، 32655، 23599. وانظر أيضا فتوى الدعاء المستجاب رقم: 120715.
وانظر في تكرار الدعاء أكثر من ثلاث مرات الفتوى رقم: 45454
وأما عدم استجابة الدعاء فقد ترجع إلى فقد شرط، أو وجود مانع مما ذكر في الفتاوى المشار إليها، كما قد يرجع ذلك إلى ما في علم الله من أن الخير في عدم تحقيق مطلوب الداعي بخصوصه، وحسبك قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {البقرة:216} .
وعموما فإن الدعاء نافع على كل حال، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما: أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر. قال المنذري: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(10/998)
من الآفات التي تمنع أثر الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لجأت إليكم بعد أن ضاقت بي السبل، وأتمنى أن أجد لديكم كلمات تريح قلبي، وأرجو أن تتسع صدوركم وتقرؤوا مشكلتي كاملة. أنا فتاة غير متزوجة، منذ عامين حدثت في حياتي مشكلة أعتبرها شديدة، وتسببت في تدميري نفسيا وعانيت منها بشدة. وهى أن بعض الناس آذوني نفسيا وتسببوا في عدم إتمام زواجي، وكنت أبكي دائما وأشعر بالانكسار والقهر والذل، وتقربت إلى الله تعالى، ودعوته بشدة كل ليله أن ينصرني نصرا قريبا على هؤلاء الناس، وأن يريني فيهم ثأري، وأن يعوضني ما حرموني منه من السعادة، وكنت من شدة حزني وألمى أدعو عليهم بالموت والشقاء، وكنت أدعو الله دون ملل يوميا، وكنت متيقنة بشدة في الله، وكلى ثقة وأمل ويقين يفوق الوصف أنني سأنهي دعائي وأجد الفرج أمامي، وكنت كلما اشتد حزني وتذكرت ماحدث لي أدعو بكلمات الفرج التى كان يدعو بها رسولنا الكريم، وأدعو بدعاء ذي النون الذي وعدنا الرسول أنه مادعا به مكروب إلا استجيب له، حتى أني واظبت على قراءة سورة البقرة يوميا لعدة اشهر بعدما نصحنى بعض الأخوات بذلك على أمل أن يفرج الله همي، وكنت شديدة الأمل واليقين فى الله، ولكن للأسف الشديد لم أر فرجا، ولم يرد الله تعالى أن ينصرني نصرا قريبا، بل واشتد همي وحزني كل يوم أكثر وأكثر لشعورى بالقهر وشماتة هؤلاء الناس الذين تسببوا في جرحي وحزني، بل وازداد الأمر سوءا أنى عرفت أن هؤلاء الناس تتحسن أحوالهم وتحدث عندهم أحداث سعيدة، وأنا مازلت أعاني مما تسببوا هم فيه، فشعرت بالحقد والغيظ وكنت دائما لا أنام حتى أتخيل نفسي وأنا أقتلهم أو أعذبهم ثم أعود لنفسي وأقول حسبي الله ونعم الوكيل. وانتظرت الفرج طويلا على أمل ولم يأت الفرج حتى أصبت بحالة من اليأس الشديد والإحباط وأصبحت أعاني من الاكتئاب والحزن لا يفارقنى ليلا ولا نهارا، فأصبحت أنام وأصحو بنفس الحالة من الهم والأفكار السلبية، حتى أحلامي في نومي كئيبة حزينة، وأصبت بمرض الوسواس القهري في الصلاة والطهارة وللأسف أصبحت أكره وقت الصلاة بسبب المعاناة التي أعانيها حتى أصلي كل فرض. والمشكلة الاكبر أني فقدت ثقتي تماما في الدعاء، رغما عني لم أعد قادرة على الدعاء نهائيا، وحتى إن دعوت فلا أشعر بالدعاء، وأدعو بدون أي يقين وأقول دائما لنفسي لقد دعوت كثيرا ولم يفرج الله همي، وأستغفر ربي على أفكاري، ولكنها تملكتني تماما حتى كلمات الفرج كلما دعوت بها أقول لنفسى (لن تفيدني في شيء ولقد قلتها من قبل ولم أر فرجا) وأقول لماذا يارب لقد وعدتنا أنه من كان على يقين من الإجابه تستجيب له، فلماذا لم يحدث ذلك معي عندما كنت على يقين. ورسولنا الذي وعدنا أنه ما من مسلم يدعو بدعاء ذي النون إلا استجيب له وهو لم ينطق عن الهوى، لماذا لم أر فرجا وأظل أسأل نفسي هذه الأسئلة، وأصبحت أشعر أنني على وشك الجنون، وأحاول أن أصبر نفسي واقول إن مشكلتي تافهة أمام مشاكل الناس وأحاول أن أهون مشكلتي في عيني، وأشكر الله على نعمه، ولكن دون جدوى، ولم أعد أطيق التحدث مع صديقاتي اللاتي تزوجن جميعا وأنجبن ولا أريد أن أكلمهن حتى لايسألنني السؤال الدائم الذي يزعجني بشدة وهو (تزوجتي أم لا) وأصبحت أبكي كلما سمعت صوت زفة عروس حتى أنى عندما حضرت عرسا لإحدى قريباتى لم أتمالك نفسي من البكاء، فقد كنت على وشك الزواج قبل أن يحدث ماحدث لي. كما أنني أصبحت أكره الخروج من بيتي خوفا من أن أرى أحدا من هؤلاء الناس الذين ظلموني، وخوفا من أن يراني أحد منهم وأنا حزينة ووحيدة، وقد أخبرنى بعض معارفه أنهم يشمتون بي، ويقولون إننى سأظل هكذا، ولن أتزوج، فبكيت وحزنت بشدة، ولم أعد قادرة على تحمل هذا الهم أتمنى أن أعرف لماذا لم ينصرني الله أمامهم وأنا لم أظلمهم في شيء؟ ولماذا لم يستجيب الله دعائي كما وعدنا بالرغم من اليقين الذي كنت أدعو به؟ ولماذا مهما قلت أدعية لتفريج الهموم لا أشعر براحهة أبدا، ولم أعد قادرة أبدا على استعادة إحساسي باليقين في الفرج، بل يئست تماما. كل كلمات الأمل لم تعد تؤثر في نفسيتى أعاني من إحباط شديد وأحيانا نوبات غضب أرغب فى تحطيم أي شيء، وللأسف أضرب خدي بشدة، ثم أستغفر الله، تزعزع إيمانى في الدعاء أوالنصر أو الفرج. وتوقفت عن قراءة القرآن فترة طويلة لم أعد أقوم بأي عبادات غير الصلاه فقط والتي أعاني فيها أيضا بسبب الوسواس القهري تعبت بشدة، لقد عشت عامين من المعاناة النفسية الشديدة، وهمي لا يقل بل يزداد. ولم يحدث جديد في حياتي ينسيني همي أويشغلني، ولم يستجيب الله لدعائي ويعوضنى بزوج صالح يسعدني وينسيني مامررت به من تجربة قاسية. أتمنى ألا يمر بها أحد أبدا. أخبروني بالله عليكم ماذا أفعل لأستعيد ثقتي ويقيني بالله؟ وماذا أفعل ليستجيب الله لي ويفرج همي؟ وبماذا أدعو لينصرني الله ويريني ثأري فيهم؟ ساعدوني أرجوكم أنا على حافة الجنون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج همك، ويذهب غمك، ويبدلك مكانهما فرحا وفرجا ومخرجا.
واعلمي أن ما تعانين منه من وسوسة وسوء ظن بالله سبحانه إنما هو من كيد الشيطان لك ومكره بك ليزحزحك عن طريق الإيمان، ويسلك بك سبيل الغي والعصيان.
وهذه من عادة عدو الله أن يوقع أهل الإيمان في الوسواس خصوصا في أمر العبادة حتى تثقل عليهم الطاعات والعبادات، فينفضوا عنها ويتركوها جملة واحدة، وهذا واضح من قولك إنك قد أصبحت تكرهين وقت الصلاة لما تشعرين به من الضيق والحرج، وقد سبق لنا الفتاوى الكثيرة في الحديث عن أمر الوساوس كلها سواء في أمور العقيدة أو غيرها، وبينا أن أعظم علاج لها هو الدعاء والتضرع إلى من بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، ثم بالإعراض عن هذه الوساوس جملة واحدة، فإن الإعراض عنها علاج لها أيما علاج، كما أن الاسترسال معها بلاء ما بعده بلاء. وراجعي في ذلك الفتاوى رقم: 121943، 3086، 117004.
وأما هؤلاء القوم الذين آذوك وألحقوا بك الضرر، فإنا ننصحك ألا تشغلي نفسك بهم ولا بالدعاء عليهم، وإن كان الدعاء على الظالم مشروع بضوابطه. وقد بينا هذا كله في الفتاوى رقم: 115193، 22409، 10784
واعلمي أن العفو عن الظالم خلق جميل من أخلاق الرسول الكريم، فأين المشمرون المقتدون؟! سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسولِ الله فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.
وأما بخصوص عدم استجابة الدعاء في خصوص ما تدعين به فنقول: لا تلازم بين عدم تحقق مطلوب الداعي وبين عدم قبول دعائه، بل قد يستجيب الله الدعاء ويقبله ويعظم الأجر لصاحبه، ولكن لا يحقق له مطلوبه، وقد سبق لنا تفسير ذلك في الفتوى رقم: 117689، وأوضحنا هذا المعنى بكلام نفيس. وراجعي شروط إجابة الدعاء وآدابه في الفتوى رقم: 11571.
واعلمي أن من أعظم الآفات التي تعرض للداعي آفة التعجل في تحقق مطلوبه، وما يترتب عليها من الاستحسار وترك العمل، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا في مثل قوله: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم. وفي مثل قوله: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل". قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم.
قال ابن القيم: ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله. انتهى.
ثم إنا ننبهك - أيتها السائلة - إلى أمرين:
الأول: أنه لم يرد نص في كون قراءة سورة البقرة بخصوصها من أسباب تفريج الهم، بل ورد في فضلها أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه كما صح بذلك الحديث. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
الثاني: أن ضرب الخد غير جائز وهو من أخلاق أهل الجاهلية كما بيناه في الفتوى رقم: 21997.
وفي النهاية نوصيك بالمداومة على الرقية الشرعية المبينة في الفتويين رقم: 7151، 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(10/999)
هل يجيب دعوة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الله: وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. وعندما يهتدي شخص كافر للإسلام كثيرا ما يقول كنت أدعو الله ليهديني لدين الحق. فهل يقبل الله دعاءه حال كفره عندما أراد الهداية. أرجو الإسهاب في توضيح الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقوله تعالى: وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ. قد ورد في موضعين من القرآن الكريم:
الأول: قوله تعالى: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ {الرعد:14}
جاء في كتاب زاد المسير: قوله تعالى {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} فيه قولان:
أحدهما: وما دعاء الكافرين ربهم إلا في ضلال؛ لأن أصواتهم محجوبة عن الله. رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: وما عبادة الكافرين الأصنام إلا في خسران وباطل. قاله مقاتل. ا. هـ
وهذا القول الثاني ظاهر من السياق، فالآية وردت في ذم دعاء الكافرين لمعبوداتهم الباطلة ولم ترد في دعائهم لله عز وجل.
وهذا ما ذهب إليه الحافظ ابن كثير، فقال رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضا وإما متناولا له من بعد كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلا للشرب، فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلها غيره، لا ينتفعون بهم أبدا في الدنيا ولا في الآخرة ولهذا قال {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} .
وأما الموضع الثاني فقوله تعالى: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب * قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [غافر:49، 50]
وظاهر السياق أن ذلك في الآخرة. إلا أن بعض العلماء نظر إلى عموم اللفظ في قوله تعالى {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} فقال بعمومه في الدنيا والآخرة.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وسواء كان قوله (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) من كلام الملائكة أو من كلام الله تعالى فهو مقتض عموم دعائهم؛ لأن المصدر المضاف من صيغ العموم الذوات يستلزم عموم الأزمنة والأمكنة.
وأما ما يوهم استجابة دعاء الكافرين نحو قوله تعالى (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجيتنا من هذه لنكون من الشاكرين قل الله ينجيكم منها) وقوله (دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجبتنا من هذه لنكون من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) فظاهر أن هذه لا تدل على استجابة كرامة ولكنها لتسجيل كفرهم ونكرانهم، وقد يتوهم في بعض الأحوال أن يدعو الكافر فيقطع ما طلبه وإنما ذلك لمصادفة دعائه وقت إجابة دعاء غيره من الصالحين، وكيف يستجاب دعاء الكافر وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم استبعاد استجابة دعاء المؤمن الذي يأكل الحرام ويلبس الحرام في حديث مسلم عن أبي هريرة " ذكر رسول الله رجلا يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ". ولهذا لم يقل الله: فلما استجاب دعاءهم وإنما قال: فلما نجاهم أي لأنه قدر نجاتهم من قبل أن يدعوا أو لأن دعاءهم صادف دعاء بعض المؤمنين ا. هـ
وذهب علماء آخرون إلى عدم شمول الآية لدعاء الكافر في الدنيا.
قال الآلوسي في روح المعاني: واستدل بها مطلقا من قال: إن دعاء الكافر لا يستجاب وأنه لا يمكن من الخروج في الاستسقاء، والحق أن الآية في دعاء الكفار يوم القيامة وأن الكافر قد يقع في الدنيا ما يدعو به ويطلبه من الله تعالى أثر دعائه كما يشهد بذلك آيات كثيرة، وأما أنه هل يقال لذلك إجابة أم لا فبحث لا جدوى له. اهـ.
وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والخلق كلهم يسألون الله مؤمنهم وكافرهم وقد يجيب الله دعاء الكفار فإن الكفار يسألون الله الرزق فيرزقهم ويسقيهم وإذا مسهم الضر في البحر ضل من يدعون إلا إياه فلما نجاهم إلى البر أعرضوا وكان الإنسان كفورا.
وقال أيضا: وأما إجابة السائلين فعام فإن الله يجيب دعوة المضطر ودعوة المظلوم وإن كان كافرا. مجموع الفتاوى.
وقال ابن القيم: فليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضيا عنه ولا محبا له ولا راضيا بفعله فإنه يجيب البر والفاجر والمؤمن والكافر. اهـ
ومما سبق يتضح لك أن الراجح من كلام أهل العلم هو عدم تعلق الآيتين بإجابة دعاء الكافر في الدنيا، وأن الله سبحانه قد يجيب دعوة الكافر، إلا أن ذلك ليس هو الأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(10/1000)
جواز الدعاء على الظالم بقدر ظلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون الدعاء على الظالم جائزا؟ فهل لا ذنب في ذلك؟ وإن شعر الإنسان بالندم فماذا يفعل؟ فهناك امرأة تعرضت منذ زمن بعيد إلى ظلم من خطيبها حيث طلب منها بعد ثمانية أشهر فسخ الخطوبة دون أن يبين السبب والأرجح أن يكون ذلك ناتجا عن مشكلة بسيطة في شراء تجهيزات الفرح، المهم كان لذلك تأثير كبير عليها واستجاب الله لها في دعائها عليه ولكنها نادمة الآن فهل أن الرضا والعفو كان خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمظلوم أن يدعو على الظالم بقدر ظلمه دون تعد، فإن تعدّى في دعائه فهو ظالم، قال القرافي: وَحَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ فَلَا تَدْعُو عَلَيْهِ بِمُؤْلِمَةٍ مِنْ أَنْكَادِ الدُّنْيَا لَمْ تَقْتَضِهَا جِنَايَتُهُ عَلَيْك، بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَيْك جِنَايَةً فَتَدْعُوَ عَلَيْهِ بِأَعْظَمَ مِنْهَا فَتَكُونَ جَانِيًا عَلَيْهِ بِالْمِقْدَارِ الزَّائِدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ. أنوار البروق في أنواع الفروق.
والدعاء إذا كان فيه تعدٍ فإنه لا يستجاب، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. صحيح مسلم.
والدعاء على الظالم نوع انتصار منه، قال الإمام أحمد: الدعاء قصاص. وقال: فمن دعا فما صبر، أي فقد انتصر لنفسه. وانظري الفتوى رقم: 70611.
وننبّه إلى أنّ فسخ هذا الرجل للخطبة ليس بالضرورة أن يكون ظلماً للمخطوبة، فالعدول عن الخطبة ليس محرّماً، كما أنّه قد يكون قد فسخ الخطبة لسبب عنده لم يذكره لها.
أمّا عن كون العفو أفضل من الانتصار للنفس من الظالم، فهذا في الأصل مّما لا شكّ فيه، فقد تضافرت أدلة الشرع على هذا المعنى، قال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. {النحل:126} . وقال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {النور:22} . وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ. {الشورى:43} .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:.. وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(10/1001)
هل الدعاء لا يقبل إلا بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء معلق بين السماء والأرض لا يرفع ولا يقبل إلا بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل ورد حديث بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمر تعليق الدعاء بين السماء والأرض، وعدم رفعه وقبوله إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لم نقف عليه في حديث عن النبي صلى الله صلى وسلم، ولكن ورد أن من آداب الدعاء وأسباب قبوله أن يستفتحه بذكر الله تعالى، وبالصلاة والسلام على رسوله، وبختمة بذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 121552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(10/1002)
الإلحاح والمواظبة على الدعاء من أهم أسباب الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تشترط عملية التتابع اليومي في الدعاء؟ أقصد بذلك شخص يدعو ويسأل الله بشكل يومي في بعض الأوقات المستحبة للدعاء. فهل هذه المواظبة والتتابع اليومي شرط لقبول الدعاء بحيث لو لم يدع اليوم الآخر أو الذي يليه لم تجب مسألته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تتابع الدعاء والإلحاح في الطلب والجد فيه، والمحافظة عليه في الرخاء والشدة من أعظم أسباب الإجابة، فقد جاء في شعب الإيمان عن الأوزاعي قال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله عزوجل والتضرع إليه.
وليس ذلك شرطا في إجابة الدعاء أو قبوله، ولكنه من أهم أسباب الإجابة وخاصة إذا كان صاحبه متواضعا طيب المطعم والملبس، بخلاف ما إذا كان مطعمه حراما وملبسه حراما.
ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبعد إجابة دعاء من يلح في الدعاء ومطعمه حرام وملبسه حرام، ولمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 36230، 112379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(10/1003)
دعاء المظلوم مستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن يتقبل الله دعاء الزوجة على زوجها، وإن كان قد ظلمها بالفعل فى بعض الأمور؟ وهل يجوز فى الأصل أن تدعو الزوجة على زوجها أم هو حرام؟ مع العلم بأن الزوج إذا كان قد ظلمها في بعض الأوقات فإنه يبدي ندمه على ذلك، ولكن في نفسه ولا يبين ذلك لزوجته حتى لا يخدش كرامته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعوة المظلوم من الدعوات المستجابة الجائزة؛ كما في حديث الصحيحين: واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. وفي الحديث: ثلاثة لا يرد دعاؤهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب عز وجل: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأما دعاء غير المظلوم فهو من الظلم الذي لا يجوز فعله، فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا.. قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ... انتهى.
هذا ويتعين على الزوج عند ظلمه لزوجته أن يعتذر لها ويستسمحها ويترضاها، فقد قال أبو الدرداء لامرأته: إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبت رضيتك، فمتى ما لم يكن هكذا ما أسرع ما نفترق. رواه ابن عساكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(10/1004)
لا ترد دعوة من دعا ربه وهو موقن بالإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاما تخرجت منذ حوالي 4 سنوات لكني إلى الآن لم أعمل فقد كنت متطوعة في مركز خيري وقد خطبت منذ حوالي سنة وفسخت خطبتي إلا أن هذا سبب لي آلاما كثيرة بسبب كلام من حولي ممن أثق بدينهم وكنت أحبهم حبا جما في المركز الخيري فتركت العمل فيه، لكني إلى الآن أذهب لحضور بعض المحاضرات الدينية فيه وأضغط على نفسي لأقابلهم مع أني لا أحبهم وفقدت الثقة بهم وحاولت بعدها العمل وحفظ القرآن، لكني لم أوفق ومنذ أن فسخت خطبتي أدعو الله أن يعوضني خيراً مع أني أشعر أحيانا بأنه لن يستجيب لي وصارت تأتيني وساوس عن الله تعالى أشعر ببعد عن الله كما أشعر بضيق في صدري وكره لكل شيء حولي من أقارب وأصدقاء وغيرهم ولا همة لي على العمل كما أخاف من العنوسة وأخاف أن يكون ذلك عقابا لي أحاول الآن لزوم الاستغفار لكني ما زالت هذه الوساوس تأتيني كما أن وضعنا في المنزل ليس بجيد فأبي منذ 15 سنة لم يعمل ولا يهتم لأحد منا وهو بطبعه عصبي وأخي الصغير في ضياع وأمي مهمومة بوضعنا وأخي الكبير يريد الزواج لكنه لا يستطيع لأسباب مادية أشعر أن كل الأبواب مسدودة ما العمل ساعدوني كي أخرج مما أنا فيه؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى العلي القدير أن يزيل همك ويفرج كربك وييسر لك زوجاً صالحاً تقر به عينك ... ونوصيك بالإكثار من التضرع إلى الله تعالى بقلب صادق فإنه مجيب الدعاء وهو القائل سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، ومن آداب الدعاء تيقن الاستجابة وحسن الظن بالله تعالى، روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
وللمزيد من الفائدة عن آداب الدعاء راجعي في ذلك الفتوى رقم: 23599.
وعليك بطرد كل وساوس تنتاب قلبك سواء فيما يتعلق بأمر العنوسة أو غيرها، ثم إنه لا بد من بذل الأسباب، ومن ذلك البحث عن الأزواج وهذا أمر لا حرج فيه إن التزمت المرأة بالآداب الشرعية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 18430.. ويمكنك أن تستعيني ببعض أقربائك أو صديقاتك.
وأما ما ذكرت من الوساوس عن الله تعالى فذلك من كيد الشيطان لينكد عليك حياتك ويفسد عليك دينك فنوصيك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومدافعة هذه الوساوس، فإنها لن تضرك بإذن الله، روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
وعلى كل حال فعليك بالتحلي بالصبر فعاقبة الصبر خير، واجتهدي في تزكية النفس وصحبة الصالحات وستجدين في ذلك كثيراً من السعادة وراحة البال، وينبغي أن تناصحي أباك بأسلوب طيب وأن تحثيه على العمل، وأن تناصحي أخاك بأمر الزواج وأن يسعى في سبيل يمكن أن يتحقق له ذلك من خلالها ومن ذلك أن يبحث عن زوجة وولي يرتضيان القليل من المهر وتكاليف الزواج، وإن يسر الزواج من أسباب بركته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(10/1005)
دعاء لا يستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ قبل يومين دعا علي زوجي بقوله: الله لا يسامحك دنيا وآخرة. وذلك لأنني أثناء الجماع وبعد أن حصلت لي الرعشة، استغرقت في النوم، مع العلم أنني حاولت قدر الإمكان أن أبقى مستيقظة، لكنني لم أتمالك نفسي، مع العلم أنني لم أمتنع عن الفراش الزوجي منذ أن تزوجت لعلمي بحرمة ذلك. فهل يستجيب الله له؟ وهل علي أي إثم بحسب ما قال سيدنا محمد: رفع القلم عن ثلاث ... وذكر النائم حتى يستيقظ. ولكم الأجر إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان النوم قد غلبك ولم تقصدي عدم تلبية رغبة زوجك، ولا الامتناع عن فراشه فأنت معذورة في ذلك. وبالتالي فلا إثم عليك، وبناء على ذلك، فإذا كنت غير ظالمة لزوجك فنرجو ألا يستجاب دعاؤه عليك. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 76831، والفتوى رقم: 113319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(10/1006)
الدعاء المستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أدعو دعاء مستجابا 100%؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى لا يخلف الميعاد، وقد قال تعالى وهو أصدق القائلين: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60}
ووصف نفسه سبحانه فقال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} .
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وأحمد، وصححه الألباني.
ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم فقال: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه الترمذي وأحمد. وحسنه الألباني.
فكل دعوة يدعو بها المسلم موقنا حاضر القلب، فهي مجابة قطعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، طالما أنه لا يوجد مانع من موانع الإجابة، كأكل الحرام، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 8331، 71758.
ولكن ليعلم أن إجابة الدعاء أعم من الاستجابة لطلب الداعي بخصوصه، فإجابة الدعاء متحققة قطعا إذا انتفت الموانع، وتكون الإجابة إما بأن يؤتي الله الداعي ما سأله، أو يصرف عنه من السوء مثله، أو يدخر أجر ذلك له يوم القيامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(10/1007)
الدعاء على الأولاد بغير حق لا يستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[فمنذ 6 سنوات تعرفت على زميلي في العمل، وكنت في سن الزواج وتقدم لخطبتي، وبالفعل كل عائلتي باركت إلا أمي كانت تريد أن أتزوج بابن أختها ورفضت بشدة، وبالفعل تزوجت بذلك الزميل بموافقة ولي أمري وعائلتي، وتطورت الأمور حتى تم الطلاق-بدون دخول- يعني تم الإنفصال وأنا لم أذهب للعيش معه ولا أعرف الأسباب حتى الآن والكل معترفون بخطإ أمي.
بصراحة عشت هذه السنوات في حلقة مغلقة ليس هناك تقدم في حياتي، اظطررت للاستقالة من العمل ومنذ ذلك العام لا عمل ولا زواج ولا شيئ.
وبعد مرور كل هذه السنوات سمعت أن أمي كانت تدعو علي كي لا ييسر لي في أي شيء.
وواجهتها فقالت لي: لا أذكر كنت في حالة غضب، وأنا الآن نادمة وذهبت إلى الحج ودعت معي ولكن قلت الله قد استجاب الدعاء الأول وخصوصا من الأم.
والله تلك سنوات لم أذق طعم السعادة ولا الراحة، ومازلت أتعذب فكريا ومعنويا لأنسى الماضي فلم أستطع.
فسؤالي هو: هل بالفعل يستجاب دعاء الأم في حالة الغضب وهي على خطأ؟
أريد الجواب بلا أو بنعم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان رفض أمك للزواج من هذا الرجل بلا أسباب معتبرة سوى أنها تريدك أن تتزوجي بابن أختها رغما عنك فلا عبرة برفضها, وما كان من مخالفتك لها في الزواج به لا يعد من العقوق، ودعاؤها عليك بسبب ذلك غير جائز لمخالفته لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ... الحديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.
والظاهر أنه لا يقبل ولا يستجاب إن شاء الله, لأنها ظالمة في ذلك، وقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وهذا لا يتعارض مع الجزم المفهوم من قول الرسول الكريم في الحديث السابق: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده ... لأن الذي يظهر والعلم عند الله أن هذا مخصوص بالولد العاق المغالي في عقوقه وبغيه.
قال في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا أو عاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره. انتهى.
ولكن عليك بعد ذلك أن تراجعي نفسك وتحاسبيها، فقد يكون ما حدث لك من انتكاسات في هذه الفترة بسبب غير هذا من تقصير أو اقتراف إثم, فإن الذنوب لها دور عظيم في ذهاب الآمال وحلول النقم والوبال, وقد قال أحد السلف: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم.
وقد يكون ما حدث لك محض اختبار لك من الله ليرى صبرك على البلاء ورضاك بقضائه. نسأل الله لنا ولك التوفيق وإصلاح الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(10/1008)
الدعاء ينفع بإذن الله في كل مطلوب مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي أمنيتها أن ترى ابنها الشهيد في المنام ماذا تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبّل هذا الابن في الشهداء، وأن يرفع درجته، وأن يُخلِفَ على أمّه، ويربط على قلبها.
أما عن سؤالك، فلا نعلم شيئاً في الشرع بخصوص من يريد رؤية الميت في المنام، لكن الدعاء ينفع بإذن الله في كل مطلوب مشروع، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. . {غافر:60} ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(10/1009)
استحباب طلب الدعاء من المسلم الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طلب المسلم من غيره الدعاء له، هل ما ورد فى ذلك أحاديث ضعيفة؟
هل ذلك بدعة أم أمر مشروع مرغب فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب المسلم الدعاء الصالح من أخيه المسلم مستحب، وخاصة إذا كان من أهل الصلاح، وقد ورت فيه أحاديث صحيحة منها: ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل.
وما رواه أبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن لي، وقال: لا تنسنا يا أخي من دعائك، فقال: كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
وللمزيد انظر الفتوى: 18397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(10/1010)
وجود صور ورسومات لذوات الأرواح هل يمنع قبول الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا كان في البيت صور ورسومات للأرواح لا يستجيب الله الدعاء والاستغفار.. لأني في المنزل ليس لي سلطة على والدي وإخواني فهم يحضرونها وأنا أعلم أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة فماذا أفعل أجيبوني رجاء فقد لجأت بعد الله إليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود الصور المنهي عنها في البيت، يمنع دخول الملائكة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. متفق عليه. وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 29711، والفتوى رقم: 33332.
أما منع هذه الصور لإجابة الدعاء فلا نعلم له أصلا، بل إن الله تعالى قد يستجيب دعاء العاصي نفسه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9554.
وعليك أخي الكريم أن تنصح والديك برفق ولين، وأن تحسن في ذلك بقدر طاقتك، لعل الله أن ينفعهم بك؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدِّينُ النَّصِيحَةُ رواه مسلم.
وقال الإمام أَحْمَدُ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين: 2674، 64743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(10/1011)
دعت ربها كثيرا فلم تر أن دعاءها قد استجيب
[السُّؤَالُ]
ـ[صار لي قرابة العامين والنصف وأنا أدعو الله تعالى أن يستجيب لي في أمر خاص بي، لكم بكيت واستجديت وتوسلت إليه، ما أستغربه هو أنه ما إن أحس أن الأمور أمامي انفرجت وتيسرت حتى تعاود الانغلاق بشدة مرة أخرى، وكأني أدعو في أمر الوصول إليه أشبه بالأسطورة، وبالرغم من ذلك لم أيأس لأنه ثمة إحساس ما عميق يخبرني بل يؤكد لي لدرجة اليقين أن منتهى الأمر لي، ناهيك عن سماعي للفأل الجميل والذي له معنى حسن في كل حين، الأمر الآن أشد انغلاقا من أي وقت مضى، فمادا أفعل هل أنا من الذين يحب الله سماع ندائهم وبكائهم لذلك يؤخر لي في دعائي أم لا دعاء لي مستجاب؟ كيف أعرف أن دعائي غير مستجاب طيلة العامين والنصف، وبفضل دعائي لله تعالى ازداد تعلقي بالأمر أكثر وأكثر، لا أنا أستطيع تركه والمضي قدما في حياتي، ولا أنا أستطيع الوصول إليه، فأحمد ربي على استجابته وعطائه لي، فهل أنا من أولئك الذين قيل فيهم "اتبعوا أهواءهم" مع العلم بأنني أدعو الله تعالى من أجل رجل أحبه وأريد الزواج منه على سنة الله ورسوله ولا أريد غير التوفيق والتيسير من الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس بالضرورة أن يكون تأخر حصول مطلوب الداعي هو عدم استجابة دعائه أو كونه عاصياً أو متبعاً لهواه ونحو ذلك، بل قد يستجيب الله الدعاء ويقبله ويعظم الأجر لصاحبه، ولكن لا يحقق له مطلوبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له؛ فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا - ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يستعجل يقول: دعوت ربي فما استجاب لي.
وذلك لأن الله هو العالم بالأمور على الحقيقة، أما الإنسان فلا يعلم، وقد يدعو بأمر هو في ظاهره خير له، ولا يدري أن وراءه عطبه وهلكته، فيصرفه عنه ربه برحمته وحكمته، قال الله سبحانه: وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً {الإسراء:11} ، والمعنى: أن الإنسان يدعو بما يحسبه خيراً وهو في الحقيقة شر، وهذا راجع لفرط تعجله وقلقه.
جاء في تفسير الرازي: أقول: يحتمل أن يكون المراد: أن الإنسان قد يبالغ في الدعاء طلباً لشيء يعتقد أن خيره فيه، مع أن ذلك الشيء يكون منبع شره وضرره، وهو يبالغ في طلبه لجهله بحال ذلك الشيء، وإنما يقدم على مثل هذا العمل لكونه عجولاً مغتراً بظواهر الأمور غير متفحص عن حقائقها وأسرارها. انتهى.
ولذا فإنا نوصيك بأن تسلمي أمرك لمولاك، وترضي بما قسمه لك، ولا مانع مع ذلك من الاستمرار في الدعاء، ولكن الزمي الرضا في كل حال، سواء حصل ما تريدين أم لم يحصل، فقد يكون الخير هو صرفه عنك، وكم من امرأة عقدت آمالها وسعادتها وراحتها على الزواج برجل معين، فلما تم لها ما أرادت دخل عليها التنغيص من كل باب، وقعد لها الهم والغم بكل سبيل.. ولذا فلا أطيب للعبد ولا أهنأ له من أن يرضى بقضاء ربه له، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(10/1012)
لا يلزم من استجابة الدعاء إعطاء السائل عين ما سأل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من زوج يصلي ولكنه يتهاون كثيراً في صلاته ممكن أن ينام عن صلاة العصر وقد سمع الأذان ويجمع الصلوات المغرب والعشاء أو الظهر والعصر يقوم بإعادته مرة أخرى، أدعو الله ليلاً نهاراً أن يهديه الله وأن ييسر له الأصدقاء الصالحين وهذا من ست سنوات، أذكر الله كثيراً وأتصدق عنه لعل الله يهديه، ولكن إلى الآن لم يحصل أي تقدم، أريد أن أعرف سبب تأخر الدعوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستجابة الدعاء لها شروط ينبغي للداعي أن يأتي بها، كما أن هناك موانع ينبغي اجتنابها، كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 11571، والفتوى رقم: 13728.
واستجابة الدعاء لا يلزم أن تكون بإعطاء السائل عين ما سأل، بل استجابة الدعاء تكون بإحدى ثلاث وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم.
والذي نوصي به الأخت السائلة هو أن تستمر في الدعاء ولا تيأس، وكذا في نصح زوجها لعل الله أن يشرح صدره، ولتعلم أن الهداية بيد الله يهدي من يشاء فضلاً منه تعالى، ويضل من يشاء عدلاً: وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:232} ، وانظري لذلك الفتوى رقم: 48514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(10/1013)
التجاوز في الدعاء خارج عن دائرة القبول
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أيام أرسل إلي أحد الأشخاص رسائل موبايل ويدعو علي ... مثلا يقول (أسال الله أن يعذبك في القبر وينزل عليك سخطه وغضبه ويصيبك مرض السرطان وأولادك وأن لا يوفقك أبداً وأن يحرق قلبك) ، وأظن ذلك نتيجة أنني أزعجته بالاتصال ولكني ندمت من فعلتي وتبت وأرسلت له دعاء طيبا لكنه مصر على الدعاء لي بالدعاء السيء أريد أن أعرف ما حكم هذا الدعاء وهل هو مستجاب وهل سيؤثر علي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت في إزعاج غيرك بالاتصال عليه وإيذائه، لكن إذا ندمت على هذا الفعل وطلبت السماح من ذلك الشخص، وأرسلت له دعاء طيباً فقد قمت بما عليك.. وقد ارتكب هذا الشخص إثماً عظيماً بدعائه عليك وعلى أولادك وهم بريئون لا شأن لهم بهذا، وهذا الدعاء غير مستجاب ولا تأثير له عليك إن شاء الله تعالى، لأنه اعتداء في الدعاء، ومشتمل على ظلم وإثم. وما قمت به من إزعاج لهذا الشخص لا يستحق كل هذا الدعاء الذي صدر منه، فالدعاء على الظالم يجوز بقدر مظلمته فقط، ولا يجوز بأكثر من ذلك.. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 107843.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(10/1014)
الدعاء من أعظم الأسباب التي تعين على تحقيق المطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي لي أخ عمره 32 سنة ليس موفقا في حياته كلما قام بشيء فشل فيه يسكن في فرنسا تزوج بغرض الزواج وكذلك ليأخد الإقامة هناك في الأول أخذ إقامة عام ثم بعد دلك وقعت مشاكل بينه وبين زوجته التي رفضت أن تعطيه حقوقه الزوجية بحجة أن يتغير وبقيت عذراء فانفصلا بعد عدة مشاكل وجلست قضية الطلاق في المحكمة 4 سنين ثم طلقا لأن الزوجة هي التي أقامت دعوى الطلاق خسر ماله كله على المحامين من أجل الطلاق ومن أجل ان يأخذ الإقامة التي انتهت عندما انتهى العام الأول ولأن الزوجة رفضت ان تعطيه الأوراق اللازمة لاستخراج الإقامة ضاعت له 7 سنوات من العمل هو كره الدنيا في بعض الأحيان يريد أن يقتل نفسه مع العلم لا يصلي أمي تتألم كثيرا لحاله نصلي كثيرا وندعو له بالاستقرار وحل مشاكله سؤالي هل يستجيب الله لدعواتنا بالخصوص أمي التي تتضرع لله كثيرا وتبكي وتحل مشاكله أم سيعاقبه الله لأنه لا يصلي حتى هو يقول إن الله لا يريد لي هذا سئم الدنيا وهو دائم البكاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من آثار المعاصي والبعد عن الله أن يحرم العبد التوفيق، وليس بعد الشرك بالله معصية أعظم من ترك الصلاة، فعن جابر قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ. رواه مسلم.
ولذلك فقد ذهب بعض العلماء إلى أن تارك الصلاة كافر، وأي صلة تبقى بين العبد وربه، إذا ترك العبد الصلاة؟ وكيف ينتظر العبد التوفيق من الله وقد قطع الصلة معه وأعرض عنه، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى&1648; {طه: 124}
كما أن تفكير أخيك في الإقدام على قتل نفسه خطأ عظيم، فإن الانتحار من أكبر الكبائر، ومما لا يقدم عليه مؤمن، فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبداً.
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين ويترك الإقامة في بلاد الكفار، ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار يمكنكم الاطلاع على الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 23168.
فالواجب عليكم أن تنصحوا هذا الأخ، وتخوفوه عاقبة ترك الصلاة والإعراض عن الله، وتعرفوه أن عقوبة الدنيا أهون من عقوبة الآخرة، وأن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، ويحب التوابين ويفرح بتوبتهم.
أما عن سؤالك، فإن الدعاء من أعظم الأسباب التي تعين على تحقيق المطلوب، لا سيما إذا كان من الأم، فإن دعوة الوالدين لولدهما من الدعوات التي لا ترد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
فينبغي لكم أن تدعوا له بالهداية والاستقامة والمحافظة على الصلاة، ففي ذلك الفلاح في الدنيا والآخرة، والله سبحانه قريب مجيب، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(10/1015)
ترك الدعاء للحالات الميؤوس منها طبيا يعد من القنوط واليأس من رحمة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أعرف شخصا مريضا مرضا خطيرا وحالته سيئة جداً وهناك من يقول لماذا ندعوا له بالشفاء فحالته ميؤس منها، فهل يعتبر هذا القول يأسا من رحمة الله، وهل يجوز لنا أن نقول مثل ذلك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي هذا الشخص، وأن يذهب عنه كل شر وبلاء، وذلك على الله يسير.. ولا شك في أن هذا القول خاطئ فلا يجوز للمسلم التلفظ به، وهو بلا شك مشتمل على اليأس من رحمة الله، وإننا نقول بل ينبغي الاستمرار في الدعاء له بالشفاء، وأن يرقى بالرقية الشرعية، وأن يطلب له العلاج من أهل الاختصاص..
والواقع يشهد أن من الناس من قد يحكم عليه بالموت، ويفاجأ الناس أنه ما يزال حياً، بل يبقى بعد ذلك ويعيش سنين عديدة، وقد صدق من قال:
والكون مشحون بأسرار إذا * حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى * يا شافي الأمراض من أراداكا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما * عجزت فنون الطب من عافاكا؟
قل للصحيح يموت لا من علة * من بالمنايا يا صحيح دهاكا؟
فلله الأمر من قبل ومن بعد، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن..
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 9081، والفتوى رقم: 109091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(10/1016)
دعاء المعتدي لا يستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[والدا زوجي يسكنون بقرية وعندما سافر زوجي أنا ذهبت إلى أهلي للجلوس معهم طلبوا مني أن يأخذوا مفتاح الشقة ليجلسوا فيها، علما بأن لهم بيتين ملكهم وهم الذين اتفقوا مع أبي أنني سوف أتزوج بشقة في عمارة العائلة وهنا أبو زوجي جهزه مثل إخوانه فهل البيت من حقه بعد ما أعطاه لإبنه، علما بأن زوجي موافق وهل أنا من حقي الرفض وأنا قمت بتعطيل الكهرباء في الشقة حتى لا يجلسوا فيها وأعطيتهم المفتاح فقالوا لا نريده فأخذته وزوجي الآن راض عني، ولكنهم ظنوا أني التي فعلت الكهرباء فظلوا يدعوان علي، فهل أنا ظالمة لهم عندما أردت أن أحافظ على بيتي. وما الحل الآن في الشرع وما علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأب قد وهب لابنه هذا المسكن أسوة بباقي أولاده، وقام الابن بحيازة هذا المسكن فقد تمت ملكيته له، ولا يجوز لأحد أن يسكنه أو يستعمله إلا بإذنه، ومن المعلوم أن الشرع قد كفل للزوجة على زوجها حق السكن المستقل الذي لا يشاركها فيه أحد، ولو من أقارب الزوج؛ لما لها من حق في التستر وحفظ خصوصياتها وأسرارها عن سائر الناس.
ولكن كان الأولى في مثل هذه الحال طالما أنك غير مقيمة بالشقة أن تمكني والدي زوجك من الإقامة بها، طالما أرادا ذلك؛ لما لهما من حقوق على ولدهما الذي هو زوجك، وكان من الممكن في هذه الحالة أن تستأثري بحجرة تودعينها خصوصياتك وتغلقينها فلا يدخل إليها أحد ... ولكن طالما قمت بما قمت به، مما تسبب لهما في الانصراف عن الإقامة، وكان ذلك برضا زوجك، وكان والداه مع ذلك ليسا بحاجة لهذا المسكن كما ذكرت، فلا حرج عليك في فعلك إن شاء الله تعالى، ولست ظالمة بهذا التصرف.
ودعاؤهما عليك في هذه الحال غير جائز، لأنه لم يكن منك بغي ولا ظلم، فدعاؤهما من باب العدوان، وهذا حري أن يرد ولا يجاب؛ لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. ولما جاء في الترمذي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. والحديث صححه الألباني. وظاهر أن دعاءهما هذا فيه من الإثم والقطيعة ما فيه، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 111496، 63866، 77743، 11571، 98841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(10/1017)
دعوة الوالد على ولده بين القبول وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل تستجاب دعوة الوالدة على ابنتها حتى لو كانت الوالدة بعيدة عن الدين- غير مؤمنة-لا تصلي ولا تزكي ولا تقرأ القرآن ولا تلبس الحجاب؟ هل يستجيب الله لها؟
لسؤالي هذا قصة- أرجوكم أن تقرؤوها حتى النهاية: فأنا متزوجة منذ أكثر من 12 سنة ولم أنجب حتى الآن- في بداية زواجي توفي والدي وكان جو البيت دائما حزينا مشحونا ومتوترا وكذلك كانت أمي- التي أعتبر علاقتها بي وبإخوتي سلبية وليست مثل باقي الأمهات- وفي أحد الأيام احتد النقاش بيني وبين والدتي لا أذكر السبب فما كان منها إلا أن دعت علي بأن أحرم من الأولاد نعم هكذا كما أحدثكم تماما لا أدري لماذا وما الذي جعلها تتفوه بذلك، ربما كانت تمر بأزمة نفسية، المهم أنا فعلا لم أنجب حملت 3 مرات وأجهضت من دون سبب واضح لذلك- آخر مرة قبل أسبوعين أجهضت جنينا متكاملا في الشهر الرابع وكل ذلك لم يأت بسهولة وحملي كله كان بالتلقيح الاصطناعين أنا إنسانة مؤمنة جدا وكذلك زوجي- أصلي وأصوم وآقرأ القرآن وأستمع إليه - أتصدق كذلك وأدعو الله دائما وأحيانا أقوم الليل وكنت أفعل هذا عندما كنت حاملا. الآن أعيش فترة صعبة جدا في حياتي- أمر بأزمة شديدة وأشعر باليأس - من جهة حزينة جدا على ما مررت به مؤخرا من فقدان الجنين - ومن جهة لا أستطيع نسيان ما دعت به أمي - أتساءل هل يمكن أن تكون هي السبب؟ أحاول أن لا أربط الأمور يبعضها لكني غير قادرة أصبحت لا أطيق التحدث مع أمي- أحيانا أشعر بأني أكرهها- أتشاجر معها وهي لا تعلم لماذا- فأنا أذكرها بذلك أحيانا وليس دائما حتى لا أحرجها, وعندما أذكرها تصمت ولا تجيب وأحيانا تقول أنا لم أفعل ذلك فهي اليوم تعرف كم أعاني - تتمنى أن أنجب وتدعو لي بذلك وتساعدني لكي يتحقق لي ما أريد وأشعر بأنها نادمة وقد وقفت معي في حملي الأخير وساعدتني ولكني لا أستطيع أن أسامحها فلقد عانيت الكثير- وكذلك زوجي- أنا أبلغ اليوم 36وزوجي تجاوز ال 42 - أشفق عليه - أتساءل ما ذنبه؟ هو طبعا لا يعرف بهذا الأمر ودائما يوبخني إذا ما قسوت على أمي أنا في أزمة ولا أدري ما أفعل- أحمل أمي المسؤولية وهي نادمة ولم تكن تقصد- أحيانا لا أستطيع أن أراها أو أحدثها أو حتى أعاملها كأم أصبحت أخشى أن أحاول الحمل مرة أخرى - أرجوكم ساعدوني هل يمكن أن يستجيب الله لها وهي بعيدة كل البعد عن الدين ماذا أفعل؟ ماذا على أمي أن تفعل كي تكفر عن ذلك؟ هل تكفي نيتها؟ هل الصدقات تساعدها؟ هي لا تصلي أصلا أنا لا أريد أن أظلمها لكن الأمر صعب جدا علي, لا أكف عن البكاء وأشعر بأني أختنق ولا أحد يشعر بي ليتني أعلم أنها ليست هي السبب- قد أسامح والدتي إذا ما رزقني الله بطفل وقد أنسى ما حدث ولكن ليس في الوقت الحاضر- أنا آسفة اعذروني على طول الرسالة وأرجوكم لا تمهلوها فأنا بحاجة ماسة للمساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يفرج عنك الكرب وأن يذهب عنك الهم، وأن يرزقك بالذرية الصالحة التي تقر بها عينك.
واعلمي أيتها السائلة أن دعوة الوالد أو الوالدة على ولدهما الأصل فيها أنها مستجابة, فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. حسنه الألباني.
ومعلوم أن الوالدة كالوالد في هذا المعنى بل هي أولى منه لأن حقها أعظم, وكون الوالد على معصية أو مخالفة لأمر الله سبحانه لا يمنع إجابة دعوته إذا ظُلم أو هُضم حقه أو اعتدي عليه, لأن الله سبحانه قد يستجيب للكافر, ولكن إن كان الولد على بر بوالديه وإحسان لهما وكان دعاء والديه عليه محض ظلم وعدوان فهذا الدعاء لا يستجاب إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم
وهذا لا يتعارض مع الجزم المفهوم من قول الرسول الكريم في الحديث السابق: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده ... . لأن الذي يظهر والعلم عند الله أن هذا مخصوص بالولد العاق المغالي في عقوقه وبغيه.
قال في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا أو عاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره. انتهى.
ولا شك أن الأم قد أخطأت بالدعاء عليك وخالفت في ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم ... الحديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.
وبناء على ذلك فإنا لا نستطيع الجزم بأن ما أصابك -أيتها السائلة - من حرمان الولد إنما هو بسبب دعوة والدتك عليك لأن دعاءها قد يستجاب وقد لا يستجاب, فعليك ألا تشغلي نفسك بما كان من دعائها خصوصا وأنها قد ندمت على فعلها, وآلمها ما يحدث لك وصارت تدعو لك, والأولى أن تشتغلي بما يلي:
1- أن تأخذي بيد أمك إلى طريق الله عز وجل وتأمريها بالرجوع إلى الله , وإقامة أوامره خصوصا الصلاة والزكاة والحجاب.
2- أن تبالغي في بر أمك واسترضائها فأمك لها عليك حق ولو كانت هي السبب في ما أصابك من بلاء, بل ولو كانت مشركة كافرة تدعوك إلى الشرك بالله والكفر به , قال سبحانه: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
3- أن تكثري من التوبة والاستغفار والإنابة إلى الله, فبمثل هذا تيسر السبل وتفتح الأبواب, وتتنزل الأرزاق, وقد جعل الله سبحانه التوبة والاستغفار من أسباب رزق الولد، قال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا. {نوح:10،11، 12}
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70101، 6807، 56448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(10/1018)
ليس كل دعاء من الوالد على أولاده يستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة في العشرين من عمرها بارة بوالديها طائعة لهما ذات صلاح ودين ... تسكن مع أمها المطلقة، ومع ذلك تذهب إلى بيت أبيها الذي لم يتزوج بعد لخدمته وعمل كل ما يريد من طبخ وغسيل وتنظيف ... في هذه الفترة تكرر منه تصرف غير لائق مع ابنته من صدور كلمات تنم عن نفس خبيثة لا تريد إلا الشر.. حيث يقول لها أتريدين طاعتي؟ أتريدين أن تكوني بارة بي؟ فتقول: نعم. فيقول: أريد أن أعمل بك الفاحشة، فقد سألت العلماء وقد أفتوني بجواز ذلك حيث قالوا إن عليك تحصين أييك!!! ويتكلم بكلام فاحش بذيء ... ويصدر منه تصرفات تدل وتؤكد ما يريد حيث يتعرى من الملابس ويطلب منها أن تدهنه وإلا سينالها ما لا ترضاه ... امتنعت هذه الفتاة الحائرة من الذهاب إلى أبيها وجلست عند أمها؛ لأنها تعلم المصير إذا ذهبت إليه وكان ما يريد.. بدل أن كان يدعو لابنته أصبح وأمسى يدعو عليها لأنها لم تعد تزوره للأمر الذى أوضحته ... البنت حائرة لا تعرف ماذا تعمل، وتخاف على نفسها من دعوة الأب المستجابة حيث ورد فى الحديث أنه من الثلاثة الذين لا ترد دعوتهم ... فما حكم الشرع في هجر البنت لأبيها، هل القانون يحميها إذا تعرضت لإيذائه حيث يترصد لها أمام بيت أمها ... ف أرجو من فضيلة العلماء إفادتنا فى الموضوع بما يشفي الغليل ... وأرجو من أهل الصلاح والخير أن يدعو لهذه البنت بأن يرزقها الله زوجا صالحا يحصنها ويكون سببا في سعادتها في الدارين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله أبو هذه الفتاة وما يطلبه منها هو من أكبر الكبائر وأشنع الذنوب التي توجب لعنة علام الغيوب، وإذا كان الزنا بزوجة الجار إثم يأتي في المرتبة الثالثة بعد الكفر بالله، كما في الصحيحين: قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: (أن تدعو لله ندًّا وهو خلقك) . قال: ثم أي؟ قال: (ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) . قال: ثم أي؟ قال: (ثم أن تزاني بحليلة جارك) . فما الظن بزنا الرجل بابنته؟!!
ولا شك أنه لا يفكر في هذا الفعل إلا إنسان قد سلب الحس والأخلاق والدين والعقل جميعاً، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. رواه البخاري.
وصدق الرسول الكريم عندما حدث أصحابه عن فتن آخر الزمان التي تكون بين يدي الساعة فتعجب الصحابة أشد العجب حتى قال بعضهم: يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، تنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وقد أدركنا ما أخبر به الصادق المصدوق بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ولتعلم هذه الفتاة أنه يحرم عليها الخلوة بأبيها إلا أن يكون معها من يحميها منه من أخ أو عم ونحو ذلك، فلا يجوز أن يختلي بها أو أن تظهر أمامه مبدية بعض زينتها، بل عليها إذا أجبرت على لقائه أن تظهر أمامه متحجبة لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها وقدماها على أكثر الأحوال..
والذي ننصحها به هو أن تحاول نصحه وتذكيره بالله دون أن تلتقي به، بل بنحو الرسائل وغير ذلك وأن تطلب من أعمامها وأخوالها ونحوهم من أهلها أن ينصحوه ويذكروه بالله، فإن هو استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فعليها باللجوء إلى السلطات وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليحموها من شره وفسقه.
وأما ما يهددها به من دعاء عليها فلا تعبأ به فدعاؤه في هذه الحال لا يستجاب له فيه، بل دعاؤه عليها لامتناعها منه إثم ومعصية سيرى أثرها يوم يلقى ربه -إن لم يتب من فعله- ومع ذلك فإنا نوصيها بأن يكون بينها وبينه نوع من الصلة لأنه لا يحل لها بحال أن تهجره، ويمكنها أن تقتصر في هذا الأمر على السؤال عنه بالهاتف مثلاً، ونسأل الله أن يفرج كربها وأن يرزقها زوجاً صالحاً يعينها على طاعته ومرضاته، ومما سبق تدرك السائلة أن الذي يفتي بجواز ذلك أحمق من ذلك الأب وأجهل منه.. والله المستعان.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 109477، والفتوى رقم: 47916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1429(10/1019)
أفضل الدعاء الإلحاح على الله والتضرع إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز هل في كثرة الدعاء بنفس الشيء حرج أي أن أدعو بكل سجود نفس الدعاء أي الإلحاح فهل في هذا حرج، وأيضا هل عدم الأخذ بالأسباب هو شرط من شروط الدعاء، ومثلا إذا كان الشخص لم يأخذ بالسبب بسبب عمل تطوعي، فهل يجوز الدعاء من غير أخذ بالأسباب، يعني مثلاً أن شخصا يكتب كتابا أو يفعل شيئا تطوعيا ولا يوجد له مصدر رئيسي للرزق أي أن هذا العمل التطوعي أخذ وقته بالكامل، فهل يجوز الدعاء للرزق، علما بأنه لم يأخذ بالأسباب؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كثرة الدعاء وتكراره في كل وقت وعلى كل حال ... والإلحاح على الله تعالى مرغب فيه شرعاً وهو من أسباب الإجابة؛ كما جاء في دعاء الذي يمد يديه إلى السماء ويكرر يا رب يا رب ... الحديث. رواه مسلم، وجاء عن السلف الصالح: أفضل الدعاء الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه، فالدعاء هو العبادة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما قال سبحانه وتعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60} ، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يسأل الله يغضب عليه. رواه الترمذي.
وقال عمر رضي الله عنه: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء علمت أن الإجابة معه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أفضل العبادة الدعاء، وقرأ: وقال ربكم ادعوني استجب لكم. رواه ابن المنذر والحاكم وصححه..
وليس من شروط الدعاء الأخذ بالأسباب أو وجودها ... فيجوز للعبد أن يدعو الله تعالى أن يرزقه ولو لم يأخذ بالأسباب، وإن كان الأخذ بالأسباب مطلوبا شرعاً ومرغوبا طبعاً، كما سبق في الفتوى رقم: 111911.
ولعل عمل المسلم في أعمال الخير والتطوع ... من أسباب إجابة دعائه.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 102721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(10/1020)
إجابة الدعاء لا يتوقف على الأخذ بالأسباب المادية الظاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقبل الدعاء إذا لم يأخذ الإنسان بالأسباب لتعثرها بالنسبة له مع وجودها، بمعنى أكثر تفصيلا، وكمثال إذا مرض إنسان وكان العلاج متوفراً لهذا المرض، ولكن هذا المريض ليس بمقدوره الأخذ بالأسباب، ألا وهي العلاج لظروف ما، فهل يقبل الله دعاؤه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إجابة الدعاء وقبوله لا يتوقف على الأخذ بالأسباب المادية الظاهرة، وإنما يتوقف على الأخذ بأسباب إجابة الدعاء التي أجملها القرآن الكريم في قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، فمن استجاب لله تعالى في أمره ونهيه، وصدق بوعده وآمن به فقد تحققت له شروط استجابة الدعاء، ولن يخلف الله تعالى وعده، كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وسبق بيان أسباب إجابة الدعاء وشروطه بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29391، 11571، 103161.
وليس منها الأخذ بالأسباب المادية، وإن كان الأخذ بها لا يتنافى مع الدعاء والاعتماد على الله تعالى، بل هو مطلوب شرعاً ومرغوب طبعاً، كما سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 17715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(10/1021)
هل انتظار الفرج عبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[الله قال في سورة الطلاق: سيجعل الله بعد عسر يسرا. الآية 7
فمتى يأتي هذا اليسر؟ فالليل طال والعسر مستمر ولقد كنت أظن خاطئا بأن انتظار الفرج عبادة، سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج. الراوي: عبد الله بن مسعود - خلاصة الدرجة: ضعيف جداً - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب.
لقد أكثرت بدعاء الكرب وقلت كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تصيب العبد مصيبة ودعوت في الثلث الأخير من الليل, وقبل شروق الشمس عندما تصيح الديكة, ودعوت كما دعا يونس عليه السلام، علما بأن وفاتي هي فرج لزوجتي وأولادي حيث يرثون ويسددون الديون، أما حياتي فيعني ضياعا لحقوقي؛ لأن الجماعة الذين كنت أعمل معهم يحبسون حقوقي. وفاتي يمكن أن ترقق قلوبهم ويعطوا ورثتي حقوقي.
أما الرزق فهو محبوس والحال واقف. فعندي ملك أرجو من الله أن يتمم علي إيجاره أو بيعه وهنالك الجهد والعمل ولكن إلى الآن لم يثمر بعد. أطلب من الله أن يقضي عني الدين وأن يرزقني وهو خير الرازقين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب ندعوك أيها الأخ الكريم إلى أن تبعد عنك هذه النزعة التشاؤمية وتقوي ثقتك بالله، واعلم أن الله تعالى لا يخلف الميعاد، وقد قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} وقال عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186} .
وليس معنى ذلك أن يحصل المطلوب بعينه وفي الحال، فإن صور الاستجابة تتنوع، فإما أن يعطى ما سأل، وإما أن يصرف عنه من السوء مثله، أو أن يدخر له في الآخرة، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ! قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ. رواه أحمد وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في التمهيد: فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة.
فكُلُّ دَاعٍ لم يقم به مانع من إجابة الدعاء فإنه يُسْتَجَاب لَهُ، لَكِنْ تَتَنَوَّع الْإِجَابَة: فَتَارَة تَقَع بِعَيْنِ مَا دَعَا بِهِ، وَتَارَة بِعِوَضِهِ، كما قال ابن حجر.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل: اعلم أن الله عز وجل لا يرد دعاء المؤمن، غير أنه قد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، وقد لا يكون ما سأله مصلحة في الجملة، فيعوضه عنه ما يصلحه، وربما أخر تعويضه إلى يوم القيامة، فينبغي للمؤمن ألا يقطع المسألة لامتناع الإجابة، فإنه بالدعاء متعبد، وبالتسليم إلى ما يراه الحق له مصلحة مفوض.
ثم لابد من التنبه إلى أن هناك موانع من الإجابة تكون من جهة الداعي نفسه، منها الشك في الإجابة والدعاء على سبيل التجربة، ومنها استيلاء الغفلة واللهو على القلب والجوارح؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ رواه الترمذي وأحمد وحسنه الألباني.
قال المناوي: أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، قال الإمام الرازي: أجمعوا على أنّ الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له.
ومن الموانع التي ينبغي أن ينتبه لها السائل: الاستعجال وترك الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل.
وقال ابن حجر في فتح الباري: قَالَ اِبْن بَطَّال: الْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْأَم فَيَتْرُك الدُّعَاء فَيَكُون كَالْمَانِّ بِدُعَائِهِ، أَوْ أَنَّهُ أَتَى مِنْ الدُّعَاء مَا يَسْتَحِقّ بِهِ الْإِجَابَة فَيَصِير كَالْمُبْخِلِ لِلرَّبِّ الْكَرِيم الَّذِي لَا تُعْجِزهُ الْإِجَابَة وَلَا يُنْقِصهُ الْعَطَاء.... وَفِي هَذَا الْحَدِيث أَدَب مِنْ آدَاب الدُّعَاء، وَهُوَ أَنَّهُ يُلَازِم الطَّلَب وَلَا يَيْأَس مِنْ الْإِجَابَة لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِانْقِيَاد وَالِاسْتِسْلَام وَإِظْهَار الِافْتِقَار، حَتَّى قَالَ بَعْض السَّلَف: لَأَنَا أَشَدّ خَشْيَة أَنْ أُحْرَم الدُّعَاء مِنْ أَنْ أُحْرَم الْإِجَابَة ... قَالَ الدَّاوُدِيّ: يُخْشَى عَلَى مَنْ خَالَفَ وَقَالَ قَدْ دَعَوْت فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي أَنْ يُحْرَم الْإِجَابَة وَمَا قَامَ مَقَامهَا مِنْ الِادِّخَار وَالتَّكْفِير.
وقد سبق بيان معنى الاستعجال والتحذير منه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63158، 54325، 69484، كما سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه: 11571، 8331، 2395، 23599، 43346.
ونذكر السائل الكريم بقول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {سورة البقرة: 216} وقوله صلى الله عليه وسلم: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وحسنه الألباني الصحيحة.
وأما قول السائل: (لقد كنت أظن خاطئا أن انتظار الفرج عبادة) فقولك هذا هو الخطأ، وليس معنى كون هذا اللفظ لم تصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كلام باطل، بل لا شك أن انتظار الفرج عبادة عظيمة، قال الشيخ ابن عثيمين في أحد أجوبته في فتاوى برنامج نور على الدرب: الواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل وينتظر الفرج، فهذه ثلاثة أمور: الصبر، واحتساب الأجر، وانتظار الفرج من الله عز وجل. وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها عنه سيئاته وخطيئاته، وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم (فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) . وإذا صبر واحتسب الأجر من الله أثيب على ذلك أي حصل له أمران التكفير والثواب، وإذا انتظر الفرج من الله عز وجل أثيب على ذلك مرة ثالثة، لأن انتظار الفرج حسن ظنٍ بالله عز وجل، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى عمل صالح يثاب عليه الإنسان. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(10/1022)
الاستغفار للمسلم الحي بظهر الغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستغفار بظهر الغيب لشخص حي يرزق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الاستغفار للمسلم الحي بظهر الغيب، بل إن من استغفر له يعتبر قد قام بطاعة لله تعالى يثاب عليها. كما تقدم في الفتوى رقم: 49384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(10/1023)
تدعو ربها.. ولا يستجيب لها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أعرف إجابته مسبقاً ولكن أخشى على نفسي من القنوط واليأس، كلما أقرأ قوله (إن الله على كل شيء قدير) تنفرج أساريري وكلما تمعنت في قوله: كن فيكون. ابتهجت نفسي، أقف طويلاً عند قوله: فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان. أحاول أن أستشعر قربه ولكن لي نفس تخبرني أنه صاد عني، أحاول التقرب إليه وعبادته على قدر استطاعتي أتصيد لحظات الإجابة أدعوه ليلاً ونهاراً سراً وجهارا، أقف أمامه ذليلة ومنكسرة رضيت به رباً وآمنت به فلماذا أحزن وربي الله
قبلت الحجر ودعوته في الصحو والمنام ولم يستجب لي تصدقت وأنا في أمس الحاجة إلى المال ولم يستجب لي تقربت إليه على قدر استطاعتي وأنا أعلم أن كل دعاء ابن آدم مجاب إلا في ثلاث وقلبي أبى إلا أن يجاب له قرأت أن من حق أبن آدم على الله رحمته وإجابة دعوته
أرجوكم أرشدوني فقد بلغ مني الهم والألم مبلغه؟
أرجوكم أن تدعو لي أن يستجيب الله لي دعائي فدعوة ابن آدم بظهر الغيب مجابه ...
أختكم الفقيره إلى الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يستجيب دعاءك وأن يحقق لك ما تحبين من خير الدنيا والآخرة.
ونوصيك بالاستمرار في الدعاء والإلحاح فيه، وأن تكوني عند الدعاء موقنة بالإجابة، ولا تستجيبي لأي وساوس من الشيطان توقعك في اليأس من رحمة الله، بل عليك مدافعة مثل هذه الوساوس والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإن فعلت ذلك فإن هذه الوساس لن تضرك بإذن الله.
وينبغي أن تتذكري أن تعجل الإجابة من موانع قبول الدعاء، هذا من جهة ومن جهة أخرى فلا يلزم من الإجابة أن يتحقق للمرء عين ما سأل، بل قد يبدله الله تعالى ما يعلم سبحانه أنه خير له مما سأل؛ كما ثبتت بذلك السنة الصحيحة.
ولمعرفة المزيد من التفصيل حول ما أجملناه هنا يمكنك مراجعة الفتوى ذات الأرقام التالية: 63158، 30799، 23599، 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(10/1024)
من أسباب إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أخاف على نفسي النفاق ولكني لا أدري ماذا أفعل فأنا لا أدعي لنفسي الصلاح ولكن الحمد لله أصلي الفجر جماعة وأعمل ما يقدرني الله عليه من الطاعات وأدعو لكن لا يستجاب لي ... ؟ فكل ما أخشاه أن يكون ذلك سخطا من الله علي فكيف أتأكد..؟ وخاصة أني إذا سألني أحد عن أي شيء في الدين أرغب الناس في رحمة الله وعفوه وإذا أصابتني مصيبة أشعر من داخلي بالسخط والعصبية ... فحينما أدعو الناس وأرغبهم في الله أشعر أني منافق..بالإضافة إلى أن الوسواس يكاد أن يفجر رأسي ... فماذا أفعل.. وكيف أستطيع أن أتاكد أن ذلك ابتلاء وليس سخطا من الله عز وجل ... بالإضافة إلى أن معظم بل أكثر أموري لا تتم..فقد حاولت مثلا الخطبة أكثر من مرة ولم أفلح..بالإضافة إلى استخراج رخصة القيادة وأصلي وأدعو وأتكل على الله ويكون يقيني قوي بأن الله بإذنه سينصرني ولكن حينما لا يشاء الله تبدأ الوساوس القوية ويبدأ تحديث النفس وأصبح في حالة عصبية يرثى لها ... ؟ فهل من الممكن أن يكون سحرا بوقف الحال..؟ وإن كان كيف أكتشفه وأبطله.... أسألكم بالله أن تجيبوني في أسرع وقت إني أخاف على نفسي الفتنة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن عدم إجابة الله لدعائك لا يعني نفاقك كما لا يعني بالضرورة سخطه عليك؛ بل قد يكون ذلك لرضاه عنك أو من فضله عليك ورحمته بك بأن يصرف عنك شرا لم تكن لتطيقه، أو بأن يدخر لك من الخير الآجل ما هو أفضل لك، أو بأن يغفر لك ذنبك. فقد روى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي أَوَاخِرِ الدَّعَوَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلَّا اُسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا ".. الْحَدِيثَ. وبوب لذلك بقوله: بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ مُسْتَجَابَةٌ.
قال ابن رجب في جامعه: وجاء في الآثار: إنَّ العبد إذا دعا ربَّه وهو يحبُّه، قال: يا جبريلُ، لا تَعْجَلْ بقضاءِ حاجة عبدي، فإنِّي أُحبُّ أن أسمعَ صوتَه، وقال تعالى: وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، فما دام العبدُ يُلحُّ في الدُّعاء، ويَطمعُ في الإجابة من غير قطع الرّجاء، فهو قريبٌ من الإجابة، ومَنْ أَدمن قرعَ الباب، يُوشك أنْ يُفتح له، وفي " صحيح الحاكم "عن أنسٍ مرفوعاً: لا تَعجزوا عن الدُّعاء، فإنَّه لن يَهلِكَ مع الدُّعاء أَحدٌ.اهـ
فعليك أن تعرض عن هذه الوساوس وتكثر من الاستعاذة بالله من شر النفس والشيطان، فدواء الوسواس الإعراض وداوم على التلاوة وقيام الليل والأذكار.
واعلم أن من الواجب على المؤمن أن يحسن الظن بربه، وأن من أسباب إجابة الدعاء أن لا يتعجل الإجابة لِحَدِيثِ: يُسْتَجَاب لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَقُلْ دَعَوْت فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي. أَخْرَجَهُ مَالِك. وأن يعزم المسألة ويعظم الرغبة ويلح في الدعاء ويكرره ولا يقنط من رحمة الله؛ فإن الله قال: وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا القَوْمُ الكَافِرُونَ] {يوسف:87} وأَنْ يَكُون طَيِّب الْمَطْعَم وَالْمَلْبَس، ثم عليك الرضا بقدر الله على كل حال فهو خير لك وفي مسند احمد: عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ الْقَدَرِ فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ. اهـ
ثم إن الظاهر أن ما يقع لك ليس من السحر فإن له علامات قد يعرف بها وأنت لا تشكو من شيء منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(10/1025)
الدعاء بغير وجه حق هل يقبل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أختلف مع أحد يقوم بالدعاء علي بعدم التوفيق أو العمل الفلاني لا يحقق الله لك ويدعو ذلك بالتوسل بالله.....أنا أخاف كثيرا من إجابة الدعاء لهم......هل الله يستجيب مثل هذه الادعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يستجاب الدعاء إذا كان فيه اعتداء أو قطيعة رحم. قال تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55}
ولا شك أن الدعاء على المسلم لمجرد خلاف في الرأي المعتبر أو لمجرد اختلاف وجهات النظر من الظلم، وعليه فإذا دعا أحد على أحد بغير حق كان هو الظالم، ولم يستجب الله له، كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: لا يزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم. وراجعي شروط إجابة الدعاء في الفتوى رقم: 2395.
فأما إن كان هذا الدعاء بحق كأن يتضمن مخالفتك لغيرك ظلما ونحوه فهو مأذون له في الدعاء، وقد يستجاب له إلا أن يشاء الله غير ذلك.
جاء في تفسير الطبري عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، إلا من ظلم وإن صبر فهو خير له. انتهى
وفي الحديث الصحيح أن دعوة المظلوم مستجابة، وأنه ليس بينها وبين الله حجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(10/1026)
استجابة دعاء الشخص لا يعني أفضليته على غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت أسأل كيف الواحد يكون مستجاب الدعاء يعني يوجد ناس يرفعون أيديهم يتقبل الله منهم وأنا أتمنى أن أكون منهم، الحمد الله أصلي الصلوات بأوقاتها وأطيع أهلي وأصل الرحم (كلهم على قدر المستطاع) وأقرأ القرآن بضع صفحات باليوم وأقرأ أذكار الصباح والمساء إضافه إلى أني أسبح وأستغفر وأصلي على رسولنا الكريم وأكلي حلال والحمد لله، أساعد الناس بقدر المستطاع وأحاول حاليا التطوع في مركز للأيتام لكن المشكلة في ناس مقربين مني أكرهم بسبب أفعالهم معي ما أؤذيهم لكن ما أحبهم وما قدرت أسامحهم مع أني حاولت، فهل توجد أشياء إضافيه أفعلها أو نصيحة تقدمونها لي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل من الأخت السائلة أعمالها الصالحة، وأن يرزقها الدوام على الاستقامة مع الإخلاص، ثم نقول لها: ينبغي للمؤمن أن يجعل طاعة الله تعالى همه وغايته، فإذا وفق لذلك فقد فاز وسعد في الدنيا والآخرة، سواء عجل له بإجابة الدعاء أم لا، وله أن يسأل الله تعالى أن يجعل دعاءه مستجاباً، وليأخذ بأسباب ذلك مثل: الالتزام بطاعة الله تعالى وامتثال أوامره واجتناب ما نهى عنه، ومنها طيب المأكل وتحري أوقات الإجابة، فإذا طبق المسلم هذا ودعا الله تعالى فإنه لا يخيب أبداً، فإما أن تعجل له دعوته، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. هذا ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ثم إن الله تعالى قد يتفضل على بعض عباده بأن يجعل دعاءه مستجاباً، ولا يعني ذلك أن غيره ممن ليس كذلك غير مقبول عند الله تعالى، فقد كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مجاب الدعوة مشهوراً بذلك، ومع ذلك فقد كان أبو بكر رضي الله عنه أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشتهر بذلك.
أما فيما يتعلق بكراهية الأشخاص المقربين منك فالذي ننصحك به هو العفو عنهم ومسامحتهم ولو ظلموك، فإن العفو عنهم يفيد أكثر مما يفيدهم. وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 11571، والفتوى رقم: 5338.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(10/1027)
سماع الغناء المحرم واتخاذ الصور المحرمة من أسباب عدم إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذا الموقع الطيب وبعد.. سماع الغناء ماذا قيل وهل هو من موانع استجابة الدعاء، اتخاذ الصور التي ليس بها ظل بغرض الذكرى لا شيء آخر ماذا قيل فيه، وهل هو من موانع استجابة الدعاء من الداعي ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
استماع الغناء المحرم واتخاذ الصور المحرمة من أسباب عدم إجابة الدعاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع الذنوب والمعاصي والمخالفات الشرعية، ومنها استماع الغناء المحرم واتخاذ الصور المحرمة من أسباب الحرمان من النعم التي من أعظمها استجابة الدعاء، فقد روى الحاكم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. والغناء المحرم: هو ما كان مشتملاً على المعازف، أو دعوة إلى ما لا يجوز، أو اختلاط على وضع محرم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 987، وأما التصوير المحرم فهو مبين في الفتوى رقم: 10888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1429(10/1028)
دعاء المجنون لنفسه ولغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف بأنه رفع القلم عن المجنون أو الذي وصل إلى أرذل العمر والذي لا يعرف حتى من هو، فهل إذا دعا لك هذا الشخص بدعاء يقبل منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في الشرع -فيما نعلم- تخصيص المجنون بإجابة دعائه إذا دعا لنفسه أو دعا لغيره، والذي يظهر أنه كغيره من الناس إذا دعا الله تعالى مستوفياً شروط الإجابة استجاب الله تعالى له وأعطاه إحدى ثلاث، انظرها في الفتوى رقم: 2395 مع شروط إجابة الدعاء.
وينبغي للمسلم أن يحرص هو بنفسه على دعاء الله تعالى، وله أن يحرص على طلب الدعاء من غيره إذا كان الغير ممن عرف بالصلاح والاستقامة، ويجب التنبه إلى أن الدعاء من أعظم العبادات، والتفريط فيه اعتماداً على دعاء الآخرين هو تفريط في عبادة عظيمة يفوت بفواتها خير عظيم، وللفائدة حول طلب الدعاء من الآخرين نحيلك إلى الفتوى رقم: 18397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1429(10/1029)
متى يستجيب الله دعاء العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أدعو الله بالزوج الصالح وله مواصفات أعلى مني من الناحية المادية وغيرها وأقول إن الله قادر على كل شيء وأيضا لازم يكون هناك يقين بأن الله يستجيب، لكن المشكلة فى أني أحيانا أقول إن الله قادر، لكن هل أنا أستحق واحدا مثله يا ترى هل هذا مدخل من مداخل الشيطان ليقلل من ثقتي بالله فى الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يجب الإيمان به أن العبد إذا دعا الله تعالى وهو مستكمل لشروط الإجابة، منتفية عنه موانعها، فإن الله تعالى يجيب دعوته، إما عاجلاً في الدنيا، وإما أن يدخر له حسنات في مقابل دعوته، أو يصرف عنه من السوء مثلها، وقد دلت على ذلك نصوص الشرع، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم.
وتتلخص شروط الاستجابة وموانعها في قول الله تعالى: فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، فمن استجاب لله تعالى في أمره ونهيه، وصدق بوعده وآمن به فقد تحققت له شروط استجابة الدعاء، وانتفت عنه موانع الإجابة، فلن يخلف الله تعالى وعده.
فعليك أن تستجيبي لله تعالى وتؤمني به وتثقي بوعده وتدعيه بما أردته من خير الدنيا والآخرة (ومنه الزوج الصالح) ، وتحري أوقات الإجابة ولا تستعجلي فإنه سيستجاب لك، ولا تقبلي وسوسة الشيطان في هذا الأمر، فإنه عدوك ولن يرضى لك بسلوك طرق الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(10/1030)
دعاء الأم على ولدها بدون قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[استيقظت ليلا، ولم أستطع أن أستيقظ لصلاة القيام فبقيت أدعو الله مع العلم أني كنت شبه مستيقظة وعند الدعاء تفاجأت بلساني يردد ـ اللهم اجعله ضالا ولا تجعله مهتديا وكذلك اللهم ارزقه صحبة سوء ولا ترزقه صحبة خير، فاستغفرت الله وصححت دعائي وأنا أردد العبارات الصحيحة، وأرجو الله أن لا يتقبل مني ما قلت وأنا شبه مستيقظة، وكان هذا الدعاء لابني ابن الحادية عشر، فما رأيكم هل يتقبل الله مني ذلك الدعاء الذي لم أكن اقصد أن أدعو به؟ أم أنه سبحانه يعلم ما في صدري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن دعاء الأم على ولدها مستجاب لثبوت ذلك في الحديث الصحيح، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 70101.
وقد يقع الدعاء مستجابا ولو من غير قصد الداعي، ومن الأدلة على ذلك ما ثبت فى الصحيحين واللفظ للبخاري عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله «لعله يستغفر» أي يريد الاستغفار «فيسب» يعني يدعو على نفسه. وصرح به النسائي في رواية من طريق أيوب عن هشام. انتهى
وفي شرح الزرقانى على الموطأ: قوله (لعله يذهب يستغفر) أي يدعو برفعهما (فيسب نفسه) أي يدعو عليها، ففي النسائي من طريق أيوب عن هشام يدعو على نفسه وهو بالنصب جوابا للعل، والرفع عطفا على يستغفر. قال الطيبي: والنصب أولى لأن المعنى يطلب من الله الغفران لذنبه ليصير مزكى فيتكلم بما يجلب الذنب فيزيد العصيان على العصيان وكأنه قد سب نفسه. وجعل ابن أبي جمرة علة النهي خشية أن يوافق ساعة إجابة. انتهى.
وكما أن دعوة الوالدين على أولادهما مستجابة، كذلك الدعاء لهم مستجاب. وعليه، فأكثري من الدعاء للولد المذكور. وراجعي الفتوى رقم: 81093.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(10/1031)
مسائل في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل بالحديث الضعيف، أرجو منكم التفصيل حيث إنه توجد مثلا أحاديث في الأدعية ضعيفة، كذلك وقت إجابة الدعاء وردت فيه أحاديث ضعيفة، مثلا عند الأذان ورد حديث أن الدعاء مستجاب ولو فعل شخص ذلك هل يكون مبتدعا ولو فعل كذلك مع متابعة الأذان، وأنا الذي أعرفه أن الدعاء مطلق في كل الأحوال وليس مقيدا ولكن بالنسبة للدعاء الذي يكون مقيدا في وقت معين كالدعاء بين الحجر الأسود والركن اليماين الذي هو اللهم آتنا في الدنيا حسنة..... إلى الآخر هل لو أتيت بشيء من عندي ولم آت بالمذكور من الأوارد هل هذا بدعة أو أتيت بالوارد من السنة ثم دعوت بما عندي، أو دعوت بأدعية مقيدة في الصلاة ودعوت بها في مكان آخر.
وأيضا ما هي البدعة هل كل شيء جديد من الدين بدعة، لأني مثلا سمعت أحد المشايخ يقول عندما سأله رجل أنه يدعو بأدعية عند المساء والصباح ليست من السنة فقال له ليست بدعة لأن هذا الوقت شرعت فيه الأذكار فيجوز لك أن تدعو، فأريد منكم جزاكم الله خيرا التفصيل فيما لو وافق أحاديث مطلقة وفيما لو كان مقيدا حتى أفرق بين ما هو بدعة وما ليس بدعة، وكذلك نرجو أن تعطوني أمثلة حتى أفرق لأن كثيرا من الأمور أنظر لها على أنها من البدع ثم ألاقي فتوى على أنها ليست من البدع، مثال ذلك الدعاء بعد الصلاة حيث أفتى الشيخ الألباني رحمه الله على أنه بدعة بينما الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قال ليس بدعة إذا أتى المصلي بما ورد ثم دعا ولم يخصص وقتا للدعاء بعد صلاة معينة.
وكذلك الإمام البخاري وضع باب الدعاء بعد الصلاة واستدل بأدلة منها حديث معاذ اللهم أعني على ذكرك.......الخ
أتمنى أن أعرف مصدر الفتوى من أي شيخ حتى يطمئن قلبي...........
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز العمل بالضعيف عند كثير من المحققين بشروط، ويجوز الدعاء الوارد في حديث ضعيف، كما يشرع الدعاء وقت الأذان وفي جميع الأوقات، ويشرع الدعاء بين الركنين بالمأثور وغيره، ولا يجوز تعمد العدول عن المأثور عند العلم به والاستغناء عنه بغيره، ويشرع الإتيان بالأذكار والأدعية المطلقة في أي وقت مع عدم الالتزام بالهيئات أو الأعداد غير الثابتة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العمل بالحديث الضعيف فيه خلاف، وقد رجح كثير من المحققين جوازه بشرط عدم اعتقاد نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم شدة ضعفه، وبشرط اندراجه تحت أصل ثابت يشمله.
وأما الدعاء الذي لا يحتوي على إثم ولا قطع رحم فيجوز الدعاء به إذا ورد في حديث ضعيف لأن الدعاء بغير المأثور جائز فمن باب أحرى أن يجوز بما ورد في حديث ضعيف, ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وأما الدعاء وقت الأذان فقد ورد في الحديث: اثنتان لا تردان أو قلما تردان: الدعاء عند النداء، أو عند البأس. رواه أبو داود والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والنووي.
ولو دعا شخص عند وقت الأذان معتمدا على هذا الحديث لا يمكن أن يبدع؛ بل يقال إنه عمل بسنة لأن الحديث صحيح سواء دعا مع تتبع الأذان أو دعا بعد نهاية الأذان، إذ يدل على استجابة الدعاء بين الأذان والإقامة الحديث: الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة. رواه أحمد والترمذي وابن خزيمة وصححه الألباني والأعظمي.
وأما الدعاء المشروع بين الركنين فلا حرج بعد الإتيان به أن يكرره أو أن يدعو بما شاء، ويشرع لغير العالم بهذا الدعاء أيضا أن يدعو بما شاء، وأما ترك العالم به الذكر المأثور في وقته والاستغناء عنه بغيره فلا ينبغي لما فيه من الإعراض عن السنة، ويخشى على من رأى أن اجتهاده أفضل من السنة أن يقع في الابتداع.
وأما الدعاء بالأعية المطلقة في عموم الأوقات فلا حرج فيه إن لم يلتزم فيه ضابطا معينا.
وراجع في المزيد في الموضوع وفي تعريف البدعة والفرق بينها وبين السنة الفتاوى التالية أرقامها: 67801، 67098، 65415، 51760، 32897، 99061، 69307، 72135، 49189، 17613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(10/1032)
هل ترد دعوة من دعا على غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دعوت على شخص بسوء فهل تعود الدعوة على نفسي من قبل الملائكة أم أنها لا تستجاب ولو كان ظالما؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز الدعاء على الظالم، ودعوة المظلوم مستحابة، ولا يجوز الدعاء على الآخرين إلا في حالات معينة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الدعاء على الآخرين إلا في حالات معينة منها: الدعاء على الكافرين عند اليأس من هدايتهم وعند أذيتهم للمسلمين، ومنها: الدعاء على الظالم بغض النظر عن كونه مسلما أم لا، ولم نطلع على ما يدل على أن دعوة من دعا بغير حق ترد عليه أو لا ترد عليه؛ لكنها لا تستجاب لأن من شروط إجابة الدعاء أن لا يتضمن إثما ولا قطيعة رحم؛ كما دل على ذلك الحديث الصحيح، وإذا دعا الداعي على غيره في الحالات التي يشرع فيها ذلك مثل الدعاء على الظالم فلن تعود الدعوة على الداعي بسوء لأنه مظلوم، وهنا إما أن يستجيب الله دعاءه في الحال، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، ففي الترمذي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. والحديث صححه الألباني. وفي البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب.
وننبه السائل هنا إلى أن الدعاء لا يرد من قبل الملائكة إلا إذا كان ذلك بأمر الله تعالى، ولمزيد الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 20322.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(10/1033)
حكم دعاء من أكله ولباسه حرام مع اضطراره لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دعاء الإنسان الذي مأكله وملبسه حرام إذا كان ذلك بغير إرادته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما تعنين بعبارة بغير إرادته، فإن كنت تعنين انتفاء الاختيار كما هو الحال في المضطر والمجنون ونحوهما فإن انتفاء الاختيار ينتفي معه التكليف فلا يلحق صاحبه شيء من الوعيد، ونرجو أن يكون وعيد المنع من استجابة الدعاء لا يلحقه بسبب اضطراره، وانظري الفتوى رقم: 35608، والفتوى رقم: 38599، وراجعي في آداب الدعاء الفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(10/1034)
على العاصي أن يتوب ويستغفر لا أن يدعو على نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دعوت وأنا أتحمم أن لا يزوجني إذا مارست العادة السرية مرة ثانية وعلى العلم بأني أريد أن أتزوج ونفسي ومارست العادة مرة أخرى ليس بيدي، فهل الله يستجيب الدعوة والمرء يتحمم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعادة السرية محرمة وأضرارها كثيرة ولا يجوز الإقدام عليها، كما أن الدعاء على النفس غير مشروع لثبوت النهي عنه، فمن خاف على نفسه غضب الله تعالى وعقوبته بسبب المعاصي فليبادر بالتوبة إلى الله تعالى وليسأله المغفرة والعون على خلاص نفسه من الذنوب، ولا مانع من استجابة الدعاء أثناء الاستحمام إذا انتفت موانع الإجابة، لكن إن كان ذلك في الحمام فإنه ينبغي أن تعلمي أنه يكره ذكر الله فيه، وراجعي لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32048، 7170، 11571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1428(10/1035)
من أسباب تيسيرالرزق وصرف العين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل غير محظوظ في هذه الحياة حيت إني حاصل على الماجستير وأنا في بحث دائم عن عمل يليق بي فلا أجده وعندما تأتيني فرص أختار إحداها فلا ينجح اختياري فتذهب كلها وأبقى أنتظر فرصة أخرى، مع العلم بأني بدأت أتقدم في السن وغير متزوج وأجتنب ارتكاب المعاصي ما استطعت وأنا أعاني من هذه المسألة أزيد من 13 سنة حتى بدأ اليأس يتسلل إلى قلبي وبدأت أشعر بنقصان إيماني، مع العلم بأني أستخير الله قبل أي عمل أقوم به، جزاكم الله خيراً أرشدوني على عمل أو دعاء أقوم به لإبعاد العين وسوء الحظ الذي يلازمني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك وأن يفرج كربتك، وننبهك إلى أن كل شيء في هذا الكون بقضاء وقدر وأن الرزق بيد الله تعالى، فمهما حيل بين الإنسان ورزقه فسيصل إليه لا محالة، ومهما سعى في طلب الرزق فلن يصل إليه إلا ما كتب له، فلا تقنط ولا تيأس ولا تتشاءم وتتطير، وواصل بذل الأسباب المشروعة مع التوكل على الله تعالى، والإكثار من الأدعية خصوصاً الأدعية المأثورة لتسهيل الأمور مثل: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً. ونحوها.
ومن الأسباب الجالبة للرزق ملازمة تقوى الله تعالى قدر المستطاع، وصلة الرحم مع الأخذ بالأسباب والإكثار من الدعاء، كما أن من أسباب السلامة من العين التحصن بأذكار الصباح والمساء والإكثار من قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين، إضافة إلى الأدعية المشتملة على ذلك مثل دعاء: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. ونحو ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7768، 6121، 3273، 49676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(10/1036)
أسباب عدة لاستجابة الدعاء من المعتمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أذهب للعمرة فأنأ مشتاقة لرؤية بيت الله والصلاة وأود الذهاب كذلك لأدعو ربي أن يفرج الهم عني ويرزقني الذرية ويصلح حالي وأحس أني سأرتاح نفسياً لو ذهبت إلى هناك، فهل يجوز أن أذهب بنية الدعاء وطلب الرحمة من رب العالمين سبحانه وهو موجود في كل مكان لكن أحس أن التقرب إليه في بيته أكثر، فهل يجوز ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسفر لأداء العمرة بقصد الدعاء وطلب الرحمة من الله تعالى مشروع مستحب، والمسافر للعمرة تجتمع له عدة أسباب لاستجابة الدعاء منها:
1- السفر، فإن المسافر غير العاصي دعوته مستجابة.
2- أن العمرة حج أصغر، وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمغفرة للحاج ولمن استغفر له الحاج.
3- الشرب من ماء زمزم فإنه لما شُرب له ويشرع الدعاء عند شربه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 41155.
وننبه إلى أمرين:
الأول: أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا مع محرم أو زوج ولو كان السفر سفر طاعة، ما لم يكن سفر حج أو عمرة واجبين فيجوز لها أن تسافر مع الرفقة المأمونة إذا لم تجد محرماً أو زوجاً، وهذا هو ملخص ما نراه راجحاً من كلام أهل العلم في هذه المسألة.
التنبيه الثاني: أن الله تعالى موجود في كل مكان بعلمه وقدرته.
أما اعتقاد كونه تعالى موجوداً في كل مكان بذاته فهو اعتقاد باطل، فالله تعالى فوق عرشه بائن من خلقه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 8825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(10/1037)
دعوة الوالد المظلوم على ولده مستجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل حياكم الله هو أصغر أولادي عمره 27 عاما زوجته قبل 3 سنوات لإلحاحه الشديد وهو لا يملك شيئا وسكن عندنا في البيت أنا وأبوه فقط وأنا سيدة عمري 60 عاما وأبوه 65 عاما ولم يمر أسبوع علينا أخذت زوجته تفتري علي وصدقها وأصر على الرحيل أثثت له منزلا من ثلاث غرف واستقر نوعا ما أنجبت زوجته بنتا ولم يكن معه ولا قرش تكفلت بكل شيء وأنجبت بنتا ثانية وكان وضعه أسوأ من الأول وتكفلت أيضا بدأت أبني له بيتا إلى أن يكتمل سكن في غرفتين منفصلتين قربي والله لم يمض شهر وكان قد بدأ يشتغل وحالته جيدة أوصيته على حمص لأتعشى ب نصف دينار ولما أتى بهم طلب مني ثمنهم بكيت وقلت له: (ول يما مش عيب عليك) قال هذا حقي وخرج شتمته أنا وأبوه وبعد أسبوع طلبته هو وإخوته الثلاثة حضروا ولم يحضر ثم ذهبوا إليه وقالوا أبي يريدك لم يأت ذهبت إليه ولم يأت ذهب أخوه مرة ثانية فأتى دخل علينا بطريقة فيها تحد وعدم احترام ورفع صوته عاليا على والده ونظر إلينا باحتقار وقال (ايوه الآن بتقولو غلطان) فما كان من والده إلا أن ضربه بكف وأصبح كالمجنون وأخرجه إخوته، ذهب والده مع إخوته مباشرة ولم يقبل أن يفتح الباب ردد عليه أبوه 20 مرة افتح ولم يفتح خفت على زوجي من جلطة أخرى وقلت له افتح وشتمته وقال سأحرق البيت، عدنا للمنزل ومضى 6 شهور يمر قربنا ولا يكلمنا وقلت لإخوته احضروه بطريقتكم الخاصة قال لإخوته على أن لا يفتحوا معي أي شيء ويعتذروا لأنهم هم المخطئؤن ولم يأت وأنا أصلي أبكي بحرقه وأدعو عليه بدون أن أقصد تخرج مني، ما حكم الشرع به؟
وجزاكم عنا كل خير واقبلوا اعتذاري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين والإحسان إليهما من أوكد الواجبات وأعظم القربات إلى الله تعالى، فقد قرن الله حق الوالدين بحقه تعالى في آيات كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: من الآية36} وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الإسراء: 23} .. وحرم عقوقهما وجعله من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، وقد عده النبي صلى الله علي وسلم بعد الشرك بالله الذي لا يغفر لصاحبه، فقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا: قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين.. . الحديث متفق عليه.
وعلى هذا الولد أن يتقي الله تعالى ويتوب من ذنبه ويرجع عن غيه ويبر بوالديه ويحسن إليهما قبل فوات الأوان وقبل أن يندم حين لا ينفع الندم.
وعلى والديه اللذين أحسنا إليه هذا الإحسان كله وقابله بالإساءة أن يتلطفا به ويسألا له الله تعالى الهداية حتى لا يكونا سببا في شقائه- نسأل اله العافية- فإن دعوتهما كوالدين ومظلومين.. مستجابة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد في الفتويين: 62512، 48365.
نسأل الله تعالى الهداية والصلاح للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1428(10/1038)
القيام في الثلث الأخير من الليل أقرب إلى استجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ قيام الليل أطلب فيه تكميل دراستي وحبي للدراسة لأني أنا أكره الدراسة والعلم، فهل يجوز لى قيام الليل؟ وقال صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فهل أتوكل على الله وأقوم الليل حتى ربي يوفقني في كل ما أتمناه.
أرجو الرد.
ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الليل عبادة عظيمة الثواب وهو دأب أهل الفضل والصلاح، وسبق بيان فضله في الفتوى رقم: 2115. والفتوى رقم: 311.
والقيام في الثلث الأخير من الليل أقرب إلى استجابة الدعاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. متفق عليه. هذا بالإضافة إلى الحديث المذكور في السؤال، وقد رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
ولك أن تقوم الليل لدعاء الله تعالى بتوفيقك في دراستك، فالمصلي يجوز له سؤال الله قضاء حوائجه الدنيوية والأخروية، وراجع الفتوى رقم: 49443، والفتوى رقم: 19339.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51531، والفتوى رقم: 70356، والفتوى رقم: 46155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(10/1039)
رفع الأيدي عند الدعاء مسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل يديه أن يردهما صفرا خائبتين. سؤالي هنا هو: هل صحيح أن الدعاء برفع الأيدي يختلف عن الدعاء بالقلب أو بدون رفع يديك، وهل يلزم رفع الأيدي عند الدعاء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع اليدين في الدعاء سنة وليس بواجب وهو من أسباب إجابة الدعاء، وهو أفضل من الدعاء باللسان بغير رفع؛ لجملة من الأحاديث الصحيحة ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين. رواه أحمد، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وقد غذي بالحرام، فأنى يستجاب له.
ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأصل هو رفع اليدين في الدعاء فيندب رفعهما، إلا في المواطن التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع فيها، مثل الدعاء في خطبة الجمعة، فلا يسن رفع اليدين فيها، بل يكره ذلك لمخالفته السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(10/1040)
يخشى على السارق أن لا يستجيب الله دعاءه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الإسلام لدي مشكل وهو كنت لا أصلي لا أحب من يقول لي تب إلى الله فجأة سرقت مني سياراتي عندئذ تبت إلى الله نصحني أصحابي بالدعاء وعدم الرجوع إلى الطريق الأول فأقمت بدعاء إلى الله عز وجل وذات يوم احتجت نقودا فسرقت من المنزل مع العلم أقسمت مع نفسي أن أرجعها ما قول الشرع في هذه المسألة مع أني أقول في نفسي الله لا يستجيب لدعائي لأني سرقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن التوبة من الذنوب واجبة على الفور بالشروط المذكورة في الفتوى رقم: 5450، ولا شك أن ما فعلته من السرقة أمر محرم وكبيرة من كبائر الذنوب كما بيناه في الفتوى رقم: 8610، فالواجب عليك أخي السائل أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة مستكملة لشروطها، والتي منها أن ترد المال المسروق فورا إلى صاحبه. وأما عدم إجابة الدعاء.. فإذا تمول السارق المال المسروق فأنفقه في أكله أو شربه أو لبسه فإنه يُخشى عليه أن لا يستجيب الله دعاءه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام قال: فأنى يستجاب له.
قال القرطبي: أي كيف يستجاب له على جهة الاستبعاد، ومعناه أنه ليس أهلا لإجابة دعائه، ولكن يجوز أن يستجيب الله له فضلا وكرما، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 13728، والفتوى رقم: 2395، والفتوى رقم: 9554.
وإننا في الختام نحث الأخ السائل على التوبة إلى الله تعالى، ونبشره بقبول توبته إن شاء الله إذا تاب توبة صادقة، وقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزُّمر:53} وليعلم أن الله تعالى يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه، فبادر بالتوبة وأبشر بالخير إن شاء الله. وانظر الفتوى رقم: 1882، والفتوى رقم: 16907.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(10/1041)
دعاء المرأة لولدها مظنة الاستجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني متزوج من امرأة أحبها كثيرا ولكن توجد مشكلة وهي ليست بمشكلة فإن لها ابنا من زوج سابق، وأبعاد الموضوع تتخلص في الآتي: أن الولد تربى في بيئة تحث على الفساد الجنسي وهو صغير ذو 7 سنوات وتفكير الولد متقدم كثيرا عن سنه وأبوه من الأشخاص ذوي النفوذ وكان يضرب مطلقته (زوجتي) ويهددها بالسلاح وهو مريض نفسيا، وأبعاد المشكلة يا سيدي تتلخص في زوجتي حيث إن الولد لم يترب معها وهي في شوق دائم له، وأنا أحبها كثيرا ويصعب علي عندما أراها تبكي في شوق له والولد ليس في شوق لأمه نظرا لتربيته في وسط بيئة غير سليمة حيث إن الولد يحمل في فكره أن النساء جميعهن غير أخلاقيات ورأيت هذا التفكير في الولد ويعلم الله أني أسأل عنه دائما وأحاول أن أكون لها عونا ولكن الولد لا يتصل بها كثيرا غير مهتم نظرا لتأثير أهل أبيه عليه وفي المقابل زوجتي في بكاء دائم على الولد ودائما متخوفة انه سيصبح مثل أبيه، هو كل ما يرغب به ينفذ. وأحاول دائما بطريقة غير مباشرة أن أحيد تفكيرها عن الولد حيث إن الله سيرزقنا بطفل بعد 6 شهور إن شاء الله، وحتى أبو زوجتي ووالدتها قالوا لها انسي الولد لأن تربيته خاطئة وأبوه مجرم ولكنها لا تقدر، وأريد أن أبلغك بأني والله يصعب علي كتير اما أراها تبكي بدون سبب، ودائما أحاول أن أقول لها ربنا سيرزقك بولد تربيه وتكبريه، وأحاول أنسيها ابنها ليس لغرض معين ولكن لأن الولد سيصبح شخصا عدوانيا ونفسيا سيكون غير سوي والعلم عند الله، وهذه الرؤية يا سيدي ليست رؤيتي لوحدي ولكنها رؤية والدها ووالدتها.
فأرجو منكم إفادتي في كيفية أن أعاملها وأجعلها تتخطى الأزمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الذرية الصالحة، وأن يؤنس وحشة زوجتك بولدها ويهدي قلبه ويصلحه ليكون قرة عين لها في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير.
وإن خير ما نرشدها إليه أن تدعو الله تعالى له كي يصلحه، فدعاء الوالدين مستجاب لما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. وفي قصة جريج وأمه الواردة في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن.
فننصحها أن تكثر من الدعاء له ولا تعجل ولا تقنط، وتتحين أوقات استجابة الدعاء وأسباب ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 25109.
وهذا ابتلاء ينبغي أن يستفاد منه فيحذر من أسبابه، ومنها التقصير في اختيار الزوج الصالح وعدم المحافظة على الأذكار المشروعة في الصباح والمساء وعند اللقاء بين الزوجين كما قال صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا. أخرجه البخاري في صحيحه، وانظر الفتوى رقم: 3768.
وأما حب المرأة لولدها وانشغال فكرها بحاله وتخوفها عليه فهو أمر جبلي لا سبيل إلى منعه فاعذرها فيه، وانتظر لعل الله تعالى يهدي قلب ابنها أو يرزقها منك من تقر به عينها وتأنس به وحشتها فيخفف عليها ما تجده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(10/1042)
دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أخي شابا يافعا ولم يكن يصلي ولم يكن له اهتمامات كبيرة بدين الله صليت مرات ودعوت الله أن يهديه إلى طريق الدين والإيمان بعد فترة قصيرة صار يصلي واليوم هو يعرف مواقع الشيوخ ويتكلم بألفاظ الحديث والقرآن هل يمكن أن يكون ذلك نتيجة دعوتي؟ هل ينطبق علي حديث: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. أرجو أن تكونوا دقيقين في الجواب فكثيرا ما أسأل وتجيبونني بالعموميات وليس تفاصيل السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى كريم وقد تعهد بالاستجابة لمن دعاه فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن استجابته لدعاء من دعا لأخيه، فقال: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل. رواه مسلم.
وبناء على هذا؛ فإنه يحتمل أن تكون لدعواتك أثر في هدايته، ولكنه لا يمكننا الجزم بشيء في ذلك. وعليك بالحرص على هداية أخيك، واستخدم ما تيسر من الوسائل المشروعة في ذلك فانصحه وأسمعه الأشرطة المؤثرة، وابحث له عن صحبة صالحة تجره للخير وتساعده عليه. وراجع الفتاوى التالية: 46898، 41016، 47365، 59404، 65134.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(10/1043)
استجابة دعاء الأم لولدها البار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة هذا الموضوع: جليس موسى في الجنة.
نص الموضوع: طلب موسى عليه السلام يوما من الباري تعالي أثناء مناجاته أن يريه جليسه بالجنة في هذه الدنيا فأتاه جبرائيل على الحال وقال: يا موسى جليسك هو القصاب الفلاني. الساكن في المحلة الفلانية ذهب موسى عليه السلام إلى دكان القصاب فرآه شابا يشبه الحارس الليلي وهو مشغول ببيع اللحم بقي موسى عليه السلام مراقبا لأعماله من قريب ليرى عمله لعله يشخص ما يفعله ذلك القصاب لكنه لم يشاهد شيئا غريبا لما جن الليل اخذ القصاب مقدار من اللحم وذهب إلى منزله. ذهب موسى عليه السلام خلفه وطلب موسى عليه السلام ضيافته الليلة بدون أن يعرّف بنفسه. فاستقبله بصدر رحب وأدخله البيت بأدب كامل وبقى موسى يراقبه فرأى عليه السلام أن هذا الشاب قام بتهيئة الطعام وأنزل زنبيلا كان معلقا في السقف وأخرج منه عجوزا كهلة غسلها وأبدل ملابسها وأطعمها بيديه وبعد أن أكمل إطعامها أعادها إلى مكانها الأول. فشاهد موسى أن الأم تلفظ كلمات غير مفهومه ثم أدى الشاب أصول الضيافة وحضر الطعام وبدأوا بتناول الطعام سويا سأل موسى عليه السلام من هذه العجوز؟ أجاب: هي أمي.. أنا أقوم بخدمتها سأل عليه السلام: وماذا قالت أمك بلغتها؟؟ أجاب: كل وقت أخدمها تقول:غفر الله لك وجعلك جليس موسى يوم القيامة في قبته ودرجته فقال عليه السلام: يا شاب أبشرك أن الله تعالى قد استجاب دعوة أمك رجوته أن يريني جليسي في الجنه فكنت أنت المعرف وراقبت أعمالك ولم أر منك سوى تجليلك لأمك واحترامك وإحسانك إليها وهذا جزاء الإحسان واحترام الوالدين. إ خواني إخواتي إن في بر الوالدين سعادة الدارين الدنيا والاخرة. وقال تبارك وتعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) ؟ الإسراء 23، 2]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما دعا إليه صاحب الموضوع من الحض على بر الوالدين حسن صحيح، كما أن استجابة دعاء الأم لولدها ثابت بدليل حديث الترمذي: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد لولده....الحديث
وأما قصة موسى فإنا لا نعلم لها أصلا، ولكن في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة من فضائل بر الوالدين ما يغني عنها، فطالع فيها رياض الصالحين والترغيب والترهيب والمتجر الرابح والأدب المفرد للبخاري تجد فيها ما يكفي إن شاء الله. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 47752، 49169، 8173، 66308، 4296، 22112، 24850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(10/1044)
مدى أثر التعامل بالربا على الاستشفاء بزمزم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال حفظكم الله: ذكرت أحاديث عن ماء زمزم لما شرب له هل النية تكفي للاستشفاء بماء زمزم أم يجب الدعاء، وإذا كان يجب الدعاء، أنا لدي مشكلة حيث إن من شروط استجابة الدعاء أن يكون المأكل والمشرب من حلال وأنا لدي بطاقة فيزا وماستر على بنك ربوي فهل هذه البطاقات تحول بيني وبين الدعاء والاستشفاء بماء زمزم أي (لا منفعه من ماء زمزم أو لا استشفاء بماء زمزم طالما لدي بطاقات فيزا وماستر) أفيدوني أثابكم الله حيث إنني تشتت في الإفتاءات ولم أحصل على حل في هذه المسألة لدرجة أنني تركت ماء زمزم والاستشفاء به؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي ماء زمزم شفاء من الأسقام، ويأتي شربه على ثلاث مراتب:
الأولى: أن يشربه دون أن يستحضر نية الشفاء ولا عدمه، وهذا يحصل الشفاء بإذن الله، لأن ما ثبت أن فيه شفاء وتناوله المرء شفاه الله، ولا يحتاج إلى نية لأنه ليس بعبادة.
الثانية: أن يشربه بنية الشفاء فيحصل له الشفاء بإذن الله كما سيأتي في الحديث.
الثالثة: أن يشربه بنية الشفاء مع دعاء الله عز وجل بأن يجعله سببا لشفائه، والدعاء غير لازم وإنما يحسن الإتيان به، وقد روى الحاكم وغيره أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء، هذا وأفضل المراتب هي الثالثة ثم الثانية ثم الأولى، وقد روى الإمام الطبراني في معجمه الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم. وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه: لما أخبر النبي الله عليه وسلم بمكثه ثلاثين بين يوم وليلة بمكة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: فمن كان يطعمك؟ فقال له: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنها مباركة، إنها طعام طعم. رواه مسلم، وفي مسند البزار: إنها مباركة، إنها طعام طعم، وشفاء سقم.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ماء زمزم لما شرب له.
ومن هذا تعلم أن ماء زمزم فيه شفاء ولو لم يستحضر شاربه ولا دعا عنده؛ إلا أن الأفضل لشاربه أن ينوي به الاستشفاء، وأن يدعو الله عز وجل، أما أكل الحرام -ربا كان أو غيره- فإنه من موانع إجابة الدعاء، فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة. رواه الطبراني في الأوسط.
فعليك أولا أن تتخلص من الحرام وتبدله بالطيب ليبدل الله حياتك إلى هناء وسعادة وفلاح في الدنيا والآخرة، فأكل الربا من أكبر الكبائر، وقد يتفضل الله على آكل الحرام من المسلمين بل والكافرين فيستجيب له أحيانا، ويشفيه إذا تداوى بماء زمزم أو غيره، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 54062.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(10/1045)
الدعاء ظلما لا يستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستجاب غضب الأم على ابنتها , حتى لو كانت الابنة مظلومة من قبل الأم, هل الله سبحانه وتعالى يستجيب لهذه الأم التي ظلمت ابنتها بأفعالها وكلامها بالادعاءات الكاذبة عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الدعاء ظلما لا يستجاب لا من الأم ولا من غيرها، وانظري الفتوى رقم: 65339، ولكن يجب على البنت طاعة أمها والإحسان إليها وإن أساءت الأم وتعدت كما هو مبين في الفتوى رقم: 67952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(10/1046)
الدعاء عند رؤية الكعبة مطلوب ومستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن منذ فترة ننوي الذهاب للعمرة ولكن لا يوجد معنا محرم.. أي جميع محارمنا يتعذر عليهم السفر لظروف العمل أو ظروف عائلية وكل ما ننوي الذهاب لا يكتب لنا ذلك. ودائماً يقول لنا البعض إذا طلبكم الله سوف تذهبون.
سؤالي الأول هو:
1) هل يجوز لنا شرعاً كفتيات السفر مع حملة (رفقة آمنة)
2) هل يطلب الله تعالى عباده لزيارة بيته الشريف أم على العبد نفسه السعي لذلك حتى لو تعذر الأمر وتعسرت الأمور.
3) هل صحيح بأن أول 3 أدعية يدعو بها المسلم عند رؤيته الكعبة المشرفة ولأول مرة مستجابة , وهل نذكر في الدعاء مثلاً عن الرغبة بزواج من شخص ما، أي أحدد اسم الشخص أم أقول أن يكتب لي الزواج بدون تحديد..علماً بأنني سمعت من يقول عن الدعاء بأنه يحدد الشخص مطلبه ويلح في الدعاء أفضل من قول إذا خير لي يسره وإذا لا أبعده إلا في حال الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنيتكن للعمرة وحبكن لها والعمل للذهاب إليها أمر حسن، ولا يتنافى مع قول بعضهم: إذا طلبكن الله فسوف تذهبن، فالعمرة مطلوبة من المسلم إما وجوبا وإما استحبابا، والمسلم يعتقد أن كل شيء لا يكون إلا بإرادة الله، ويعتقد أن الله جعل لذلك أسبابا وطلب منه القيام بها، ومن تلك الأسباب طلب المرأة من زوجها أو محرمها أن يذهب معها للعمرة ولو كان غير قادر للنفقة أو كان قادرا وامتنع فيلزمها أن تنفق عليه إن كانت قادرة وكانت هذه العمرة هي عمرة الإسلام، وإلا فلا يلزمها، فترك السبب مخالفة لأمر الله بالأخذ بالأسباب.
وأما سؤالك عن سفركن مع رفقة آمنة بلا محرم فمحل خلاف بين أهل العلم، والذي نختاره عدم جواز ذلك لا سيما للفتيات لما قد يترتب على ذلك من الفتنة والتعرض للضياع والسخرية وسوء الظن من بعض الناس ونحو ذلك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 28235.
وقد ذكر العلماء أن الدعاء عند رؤية الكعبة مطلوب ومستجاب؛ لما رواه البيهقي والطبراني في الكبير بسند فيه ضعف عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة. قال المناوي في فيض القدير: قوله: وعند رؤية الكعبة يحتمل أن المراد أول ما يقع بصر القادم إليها عليها، ويحتمل أن المراد ما يشمل دوام مشاهدتها، فما دام إنسان ينظر إليها فباب السماء مفتوح والدعاء مستجاب، والأول أقرب. أهـ.
وأما القول بأن أول ثلاثة أدعية يدعو بها المسلم عند رؤيته للكعبة ولأول مرة مستجابة فلا نعلم له أصلا، ولم نقف على حديث صحيح في تخصيص ذلك.
ولا مانع من أن تسمي المرأة في سؤالها لربها شخصا صالحا في دينه وخلقه للزواج به ما دامت ترغب فيه وتحب الزواج منه، كما أنه ينبغي لها أيضا أن تسأل الله تعالى أن يبارك لهما في حياتهما وذريتهما وتلح على ربها في ذلك فإن ذلك من أسباب الإجابة.
وأما في الاستخارة فتفوض أمرها لله وتطلب منه أن ييسر لها الخير فيما لم يتبين لها وجه الخير فيه، أما ما تبين لها وجه الخير فيه فتسأل الله إياه بدون استخارة، ولذلك نص العلماء على أن الاستخارة لا تشرع فيما تبين خيره، ولا فيما تبين شره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(10/1047)
يجيب الله الدعاء بما يشاء من أنواع الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذ قال العبد أقسمت عليك يا الله أن تفعل كذا وكذا ولم يستجب له، فهل يصوم كفارة يمين أم ماذا يفعل، أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حلف على الله تعالى بتحقيق شيء معين فإنه يحنث إن لم يتحقق ذلك الشيء بعينه، وراجع في ذلك ما يلزم من الحنث في اليمين الفتوى رقم: 34211.
ولا ينافي هذا تحقيق وعد الله بالاستجابة، فالله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ {فاطر:5} ، فمن أقسم على الله راجياً من الله استجابته واثقاً بوعده وهو مستكمل لشروط الإجابة منتفية عنه موانعها يجيب الله دعوته بما يشاء من أنواع الإجابة ولو بعد حين، إما عاجلا في الدنيا، وإما أن يدخر له حسنات في مقابل دعوته، أو يصرف عنه من السوء مثلها، وقد دلت على ذلك نصوص الشرع، فقال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وفي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله: وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر ويدع الدعاء.
وفي المسند من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر. انتهى.
وبقدر حسن ظن العبد بالله يعامله الله، كما في الحديث القدسي: أنا عند حسن ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني. ولبيان أسباب إجابة الدعاء راجع في ذلك الفتوى رقم: 11571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(10/1048)
أسباب عدم استجابة الدعاء المروية عن إبراهيم بن أدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت هذه القصة في أحد المنتديات وأريد أن أعرف هل هي قصة صحيحة أم ملفقة:
(مر التابعي الجليل إبراهيم بن أدهم رحمه الله في سوق البصرة ذات يوم، فقال له الناس: يا أبا إسحاق، إن الله تعالى يقول: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (غافر60) ونحن ندعو الله فلا يستجيب لنا! فقال: لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء: عرفتم الله ولم تؤدوا حقه، وقرأتم القرآن ولم تعملوا به، وزعمتم حب نبيكم وتركتم سنته، وقلتم إن الشيطان لكم عدو ووافقتموه، وقلتم إنكم مشتاقون إلى الجنة ولم تعملوا لها، وقلتم إنكم تخافون النار ولم تهربوا منها، وقلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له، واشتغلتم بعيوب الناس وتركتم عيوبكم، وأكلتم نعم الله ولم تؤدوا شكرها، ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم، فكيف يستجاب لكم؟)
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القصة كما هي أخرجها أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء فقال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين المعافري ثنا أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب التاجر ثنا أبو ياسر عمار بن عبد المجيد ثنا أحمد بن عبد الله الجوباري قال: سمعت حاتما الأصم يقول: قال شقيق بن إبراهيم مر إبراهيم بن أدهم في أسواق البصرة.. إ لخ
وذكرها القرطبي في التفسير أيضا, والغزالي في الإحياء. فالظاهر أن لها أصلا.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1427(10/1049)
سبب استجابة دعوة الغريب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح بأن دعوة الغريب مستجابة , وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغريب المسافر ممن تستجاب دعوتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده. رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجه، وحسنه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: وأما المسافر فلغربته ووحدته. انتهى.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان. وتحمل المشاق والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء. والثاني: حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث والإغبار وهو أيضا من المقتضيات لإجابة الدعاء. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1427(10/1050)
مشروعية الدعاء بجميع أسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[الدعاء بأسماء الله الحسنى هل يكون بالأسماء التي وردت في القرآن الكريم أم تشتمل صفاته سبحانه وتعالى وكيف يكون الدعاء بها؟
أفيدوني وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء يشرع بجميع أسماء الله الحسنى، ويدل لذلك عموم قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:180} وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان عن أنس رضي الله عنه: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا الله باسمه الأعظم, الذي إذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطى. ومن المعلوم أن المنان ليست من الأسماء الواردة في القرآن الكريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(10/1051)
دعاء المضطر مستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[فإني كنت من العصاة، أما الآن فقد هداني الله سبحانه له الشكر، فأصبحت حريصاً على أداء الصلاة في وقتها وفي المسجد وأذكر الله عز وجل من وقت لآخر، وأصوم كل اثنين وخميس، وأحاول جاهداً تحصين لساني، وأحاول جاهداً غض البصر، ألا أن هناك أمراً ما وهو أنني قبل هذا كنت من العصاة وقد ارتكبت معصية علم بها أحد الأشخاص وبدأ يساومني مقابل سكوته إلا أنني قطعت الاتصال به وتوجهت إلى الله داعياً إياه أن يسترني من هذه المعصية في الدنيا والآخرة، وكنت أقول في دعائي اللهم استرني من كذا وكذا في الدنيا والآخرة، واجعل لي آية، فهل نعمة الطاعة التي أصبحت فيها ولم أكن عليها من قبل آية من الله على ستره لي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك بالتوبة وهنيئاً لك بالاستقامة، ونسأل المولى جل وعلا أن لا يزيغ قلبك بعد إذ هداك. وأما ما سألت عنه فقد ذكرنا بعض الدلائل على قبول توبة العبد وأسباب استجابة الدعاء في الفتوى رقم: 29785، والفتوى رقم: 2150.
وقد يكون ما ذكرت من الطاعة والالتزام آية على استجابة دعائك, وقد يكون انقطاع من كان يهددك بالفضيحة أو غير ذلك مما تلحظه في نفسك من اطمئنان وثقة. فما دمت قد سألت الله مضطراً للستر عليك وعملت بأسباب استجابة الدعاء، فلن يخيب رجاءك ولن يرد دعاءك بإذنه، فقد قال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، ومن اتقى الله جعل له من همه فرجا ومخرجاً، ومن توكل عليه كفاه، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(10/1052)
لم ترد أدعية بخصوص طلب الزوجة الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[يسرني أن أهديكم أطيب تحياتى..
إن شاء الله خلال 3 شهور أنا أريد الزواج بإذن الله تعالى، أنا أطلب من الله تعالى دائما الزوجة الصالحة ذات الجمال والدين والسلوك الطيب. سؤالي هو: هل هناك أي دعاء خاص للحصول على الزوجة الصالحة في القرآن أو في السيرة النبوية، يرجى مساعدتي في هذا الموضوع؟
مع الشكر والتقدير.
شهناس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دعاء خاصا بذلك، ولكن لك أن تتخير من الدعاء ما شئت وما يناسب حالتك لطلب حاجتك من ربك، ولتتحر أوقات إجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل وفي السجود وبين الأذان والإقامة، وبإمكانك دعاء الله عز وجل بما ورد من أدعية بشأن طلب العون والتوفيق، وتيسير العسير ومنه: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) ، ومن ذلك ما رواه ابن حبان -وهو حديث صحيح- عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت. ومنه أيضا: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) . وكذا ما رواه النسائي في الكبرى، وهو حديث عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين.
ونسأل الله عز وجل أن ييسر لك زوجة صالحة تكون لك قرة عين، ويرزقك منها ذرية طيبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(10/1053)
شروط الدعاء وأسباب الإجابة وموانعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريدكم أن لا تحيلوني على أجوبة سابقة سؤالي هو: ماهي أوقات استجابة الدعاء
ماهي كيفيته؟ ماهي المواصفات التي يجب أن تتوفر في الشخص كي يستجاب دعاؤه؟ ماهي صيغ الدعاء؟ وهل الوسيلة تعتبر دعاء؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقبول الدعاء شروط لا بد من توفرها، وموانع لا بد من تجنبها، وأسباب ينبغي الحرص على توفرها.
أما الشروط فجماعها ثلاثة شروط:
الأول: دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص، لأن الدعاء عبادة قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60} وفي الحديث القدسي: من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه. رواه مسلم
الثاني: ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
الثالث: أن يدعو بقلب حاضر، موقن بالإجابة، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
وأما الموانع فهي ضد الشروط المذكورة.
وأما أسباب الإجابة فهي:
الأول: افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختمه بذلك.
الثاني: رفع اليدين.
الثالث: عدم التردد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه.
الرابع: تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وغير ذلك.
الخامس: أكل الطيبات واجتناب المحرمات.
وأما كيفية الدعاء فهي أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويحضر قلبه ويحسن ظنه بربه ويوقن بإجابة الله له ولا يتردد ولا يقول اغفر إن شئت بل يعزم على ربه ويدعو بحاجته من خيري الدنيا والآخرة.
وأما قولك (وهل الوسيلة تعتبر دعاء) فالجواب نعم يجوز للإنسان أن يطلب حاجته من الله مباشرة وهو الأصل، وله أن يتخذ وسيلة مشروعة في دعائه كما قال عمر. اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. رواه البخاري.
والتوسل المشروع يكون بواحد من أمور ثلاثة:
الأول: التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته.
الثاني: التوسل إليه بالعمل الصالح.
الثالث: التوسل بدعاء الصالح الحيًّ.
وقد قال تعالى عن عباده الصالحين: رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران: 16} فقد توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، وأما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين فمحل خلاف بين أهل العلم والراجح عندنا المنع كما بيناه في الفتوى رقم: 11669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(10/1054)
دعاء الله أن ييسر الخير حيث كان هو الأفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أحببت شابا يصغرني بسنة واحدة فلم يوافق أهله على زواجي منه على الرغم من حبه الشديد لي وشجاره الدائم معهم من أجلي ورغم موافقة أهلي على زواجي منه وفجأة أخبرني بأنه قد خطب فتاة أخرى, فمرضت مرضا شديدا وأصبحت في حال لا يوصف دعوت الله كثيرا وأنبت , ولكن حالي تسوء يوما بعد يوم وحاولت النسيان فلم أستطع ولشدة ما دعوت الله رأيت في المنام أنني أدعو الله وطلبت من أطفال أن يدعو لي أن أتزوجه فأخبروني أن أقول بسم الله السميع العليم مليون مرة وهم يرفعون أيديهم إلى الله فماذا أفعل؟ وهل يجوز أن أطلب من الله أن يجعله من نصيبي وألا يتم زواجه منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الله في عونك، وشفاك الله من مرضك، ثم اعلمي -أصلحك الله- أن الزواج بقدر الله سبحانه وقضائه، ومن أركان ديننا الإيمان بالقضاء والقدر، فآمني بقضاء الله وقدره، واستسلمي له، وارضي به، تكوني بذلك مؤمنة حقا، ويرضى الله سبحانه عنك، ويرضيك، وفي الحديث: فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط.
أما الدعاء فإنه مشروع في الجملة، ويرد القضاء بإذن الله، لكن بشرط أن لا يكون فيه اعتداء، والدعاء بأن لا يتزوج الشاب تلك الفتاة من الاعتداء في الدعاء، فإذا دعوت فادعي الله أن يقدر لك الخير حيث كان، وقولي كما في دعاء الاستخارة: أسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي بهذا الشاب خيرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه, وإن كنت تعلم أن في زواجي به شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.
ووصيتنا لك تقوى الله، فليس هناك شيء يهون الأمور وييسرها مثل تقوى الله عز وجل، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} .
ومن تقواه سبحانه أن تقطعي علاقتك مع هذا الشاب الأجنبي، الذي لا يحل لك ربط علاقة معه خارج نطاق الزواج.
أما الرؤيا التي رأيت فلا تلتفتي إليها فالرؤيا لا يبنى عليها أمر ديني أو دنيوي بحيث يعمل بمقتضاها كفاً أو امتثالا.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1426(10/1055)
حذار من العجلة واليأس وترك الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أذهب لعملي في الصباح حيث إن المسافة بين عملي وبين البيت تأخذ من الوقت حوالي 45 دقيقة..
أستمع في البداية للقرآن الكريم وبعد ذلك أدعو ببعض الأدعية وأستغفر الله وأردد بعض الأذكار وأدعو بأن رب العالمين يسهل علي أمر الزواج ويرزقني بزوج وذرية صالحة بدون رفع اليدين وأفعل هذا الأمر عند عودتي من العمل إلى البيت. فهل هذا الأمر صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء من أعظم العبادات وأهم القربات، بل هو أساس العبادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وأبو داود. وقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا عليه بالإجابة، فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186}
فتيقني أختي السائلة أنك إذا دعوت الله تعالى بإخلاص بعد تحصيل شروط الإجابة وانتفاء موانعها، أن دعوتك ستستجاب إن عاجلاً أو آجلاً، أو يدخر لك مقابلها من الثواب ما هو خير منها، أو يدفع عنك من الشر بقدرها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وعليك أن تحذري من العجلة واليأس وترك الدعاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم
وإذا علمتِ أهمية الدعاء فاعلمي أن ما تقومين به في مسيرك هذا من سماع القرآن والدعاء والاستغفار وترديد الأذكار من أعظم العبادات، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال وأن يستجيب دعاءنا ودعاءك، هذا ولا يشترط في الدعاء رفع اليدين لكنه مستحب عند الإمكان في غير الدعاء في الصلاة وأثناء الخطبة، ولبيان أسباب إجابة الدعاء راجعي الفتوى رقم: 11571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1426(10/1056)
استجابة دعاء المظلوم من قضاء الله وقدره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل موت إنسان قد يكون نتيجة لدعوة مظلوم إذا كان هذا المظلوم حقا مظلوما، أم أن الموت ليس له علاقة بدعوة وإنما هو قضاء وقدر على الإنسان، وأن لا نجزم في الأمر وأنه مكتوب قبل أن نخلق؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه لما أرسله إلى اليمن: ... واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
ولذلك فإذا دعاء المظلوم على الظالم بالموت أو غيره من المصائب فقد يستجيب الله تعالى له وهذا من قضاء الله تعالى وقدره، كما أن الموت والحياة وكل ما يجري في هذا الكون بقضاء الله وقدره، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9890، والفتوى رقم: 20322 نرجو الاطلاع عليها.
هذا إذا كان الداعي مظلوماً حقا، أما إذا كان غير مظلوم فإن الله تعالى لا يستجيب لدعائه لأنه دعاء بالإثم والعدوان، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(10/1057)
من فقه الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة متدينة وملتزمة جداً والحمد لله لكن في الفترة الأخيرة أصبحت أعاني من مشكلة وصلت إلى حد جدي وهي أنني منذ أكثر من أربع سنوات أدعو الله يوميا وليلا ونهارا أن يحقق لي رجاء ما (وهو منطقي ومعقول) وأقسم أني لم أتهاون يوما أو أكل من الدعاء طوال هذه الفترة، كنت دائما أشعر أن الله معي وسيستجيب لي ويفتح علي بإذنه، كنت بحق أستشعر هذا من كثرة بكائي وسجودي وانكساري لله وحده، لكن منذ شهر تملكني شعور بأن الذي أصبو إليه لن يتحقق, وأن أملي ورجائي ينقطعان, وهمتي تنفذ, فتخاذلت عن الدعاء خاصة وأنه أصبح يعني لي مثل (رش الملح على الجرح) ، فحاولت أن أنسى هذه الغاية لكي أنقذ نفسي من الألم الذي تعانيه كل يوم وأنا أراها تهبط من نشوة الأمل إلى مرارة الواقع، لا أعرف ماذا أفعل، أريد أن أعيد لنفسي نشوتها بالقرب من الله, والانكسار له, والتضرع من خشيته، لكن كيف وأنا الآن أشعر بأن الله سبحانه وتعالى لا يحبني ولا يجبر خاطري، أرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أنك قد أخطأت فيما ذكرته عن نفسك من التخاذل عن الدعاء، وفقدان الأمل في الاستجابة، وأعظم من ذلك شعورك بأن الله لا يحبك، فهذه وساوس من الشيطان يريد بها إبعاد العباد عن ربهم، فاحذري من أن تحققي له مطلبه.
واعلمي كذلك أن مما يجب الإيمان به أن العبد إذا دعا الله تعالى وهو مستكمل لشروط الإجابة منتفية عنه موانعها فإن الله تعالى يجيب دعوته، إما عاجلاً في الدنيا، وإما أن يدخر له حسنات في مقابل دعوته، أو يصرف عنه من السوء مثلها، وقد دلت على ذلك نصوص الشرع، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} ، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم.
وتتلخص شروط الاستجابة وموانعها في قول الله تعالى: فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي. فمن استجاب لله تعالى في أمره ونهيه، وصدق بوعده وآمن به فقد تحققت له شروط استجابة الدعاء، وانتفت عنه موانع الإجابة، فلن يخلف الله تعالى وعده، ثم إذا دعا المسلم ربه فعليه أن لا يستعجل ويستحسر ويترك الدعاء فإن ذلك من موانع الإجابة، كما في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. قيل يا رسول الله: وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء.
فعليك أن تستجيبي لله تعالى وتؤمني به وتثقي بوعده وتدعيه وتتحري أوقات الإجابة ولا تستعجلي، فإنه سيستجاب لك، واستفتحي دعاءك بالثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واختميه بذلك، ففي المسند والسنن عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعى به أجاب.
فقوي ثقتك بالله، وأملي الإجابة في العاجل أو الآجل، وثقي أن الله إذا لم يعطك ما سألته، فإنه إما أن يدخره لك في الآخرة أو يصرف عنك من السوء مثله، كما أخبر الصادق المصدوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1426(10/1058)
هل الحرمان الشريفان من مواطن استجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أماكن استجابة الدعاء في الحرمين الشريفين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا شرعيا يدل على أن الحرمين من مواطن استجابة الدعاء أو أحدهما، لكنهما مكانان شريفان عظيمان تعظم فيهما الطاعة ويضاعف أجرها، وتكبر المعصية ويزداد خطرها.
وقد بينا أوقات وحالات استجابة الدعاء في الفتوى رقم: 21256، وللاستزاده نرجو مراجعة الفتوى رقم: 46172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(10/1059)
الاستشفاء بأداء العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بعثت لكم قبل أسبوع سؤالا وهو أني أريد الذهاب لقضاء مناسك العمرة وآمل من الله تعالى أن يشفيني من مرضي وهو القذف المبكر المزمن، فهل أستطيع بالفعل إذا دعوت الله وأنا أؤدي هذه المناسك فهل يوجد أمل أن أشفى أفيدوني رجاء فلا تطيلوا علي مثل المرة الأولى.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ألم به مرض سواء كان ما ذكرته في سؤالك أو غيره وتوجه إلى الله تعالى بالدعاء بصدق وإخلاص أن يشفيه الله تعالى من ذلك المرض، وتحري الأماكن الفاضلة كالحرم، والأزمنة الفاضلة كرمضان، وأوقات إجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة، وأحسن الظن بالله، وخلا عن المانع من إجابة الدعاء كالأكل الحرام، فإن الله تعالى سيستجيب له ويشفيه من مرضه، فما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء سوى الموت أو الهرم.
وقد يستجيب الله له دعاءه بأن يدفع عنه مكروهاً أو يدخر له ثوابه إلى يوم القيامة، ولا يرفع المرض النازل به ابتلاء وامتحاناً ليكفر به ذنوبه ويمحصه، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وروى الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(10/1060)
ليس للزواج دعاء مخصوص وتحديد زمن لإجابة الدعاء من التقول على الله بلا علم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح يا فضيلة الشيخ أن دعاء تيسيرالزواج إذا دعي به سيتحقق بعد أسبوع من قراءته كما قال الشيخ / فرحات السعيد في القنوات الفضائية.ونص الدعاء هو:\" اللهم اني اسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد اقض حاجتي آنس وحدتي فرج كربتي اجعل لي رفيقا صالحا كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا فأنت بي بصير يا مجيب المضطر إذا دعاك احلل عقدتي آمن روعتي يا إلهي من لي ألجأ إليه إذا لم ألجأ إلى الركن الشديد الذي إذا دعي أجاب هب لي من لدنك زوجا صالحا اجعل بيننا المودة والرحمة والسكن فأنت على كل شيء قدير يا من قلت للشيء كن فيكون ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. مع العلم بأنه بعد ما قال هذا الدعاء في القنوات الفضائية اتصل به نساء ورجال ودعوه لحفل زفافهم.فهل هذا صحيح أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 3570، والفتوى رقم: 20688، أنه ليس هنالك دعاء مخصوص للزواج، وإنما يدعو المرء بما يختار من الأدعية المناسبة لمقام الحال، وهذا الدعاء مناسب للحال، وأما كونه له خصوصية عن غيره من الأدعية فذلك مما يحتاج إلى نص شرعي، ولا نص في ذلك. فاستجابة الدعاء بيد الله ولا يمكن لأحد تحديدها بزمن، ولم يرد شرعا تحديد أجل لاستجابة دعاء كائنا ما كان. ولكن الله قد وعد بالإجابة فعلى المرء أن يدعو الله وهو موقن بالإجابة كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وينتظر، فإما أن يعطى ما سأل، وإما أن يرد عنه من البلاء بتلك الدعوة، وإما أن تدخر له في حسناته ليوم القيامة كما في الحديث الذي رواه أحمد. ولاستجابة الدعاء أسباب بيناها في الفتوى رقم: 2150. وأما كون بعض الأشخاص دعوا بذلك الدعاء فاستجيب لهم خلال أسبوع لا يعني اضطراد ذلك في كل حالة ولكل داعٍ لما ذكرناه آنفاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(10/1061)
لا حرج في الدعاء بالزواج من شخص بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[في ما مضى تعرفت على شاب وتعلقت به كثيراً وتمنيت أن يصبح زوجا لي وبعد أن هداني الله والحمد لله وحده ابتعدنا عن بعضنا، ومع أن هذا الشاب لا يصلي ويقوم ببعض المحرمات إلا أنني كنت آمل من الله أن يهديه ويجمعنا بالحلال ومع تلك الآمال كنت دائما أدعو الله أن يهديه إلى طريقه المستقيم ويزوجني به، وكنت متأكدة بأن الله سيستجيب لدعائي وبعد 3 سنوات رجع ذلك الشاب إلى بلدنا وقد هداه الله سبحانه وتعالى، أريد أن أعرف أرجوكم هل هذه مؤشرات خير من الله يريد بها الله سبحانه أن يطمئنني بها أنه سيجيبني على ما دعوته إياه, وهو أن يجمعني بهذا الشاب بالحلال، أرجوكم أجيبوني بكل تفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله أمر عباده بدعائه ووعدهم بالإجابة، فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح: قال بعض السلف لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه من فتح له منكم باب من الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ... انتهى.
وقد روى الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً: إن الله يحب الملحين في الدعاء.
فمن دعا الله تعالى بإخلاص بعد تحصيل شروط الإجابة، وانتفاء موانعها، فإن دعوته مستجابة إن عاجلاً أو آجلاً أو يدخر له مقابلها من الثواب ما هو خير منها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وربما اختار المولى سبحانه للعبد ادخار الثواب أو صرف السوء، ومنعه الدعوة التي دعاه بها لحكمة يعلمها، ولعلمه سبحانه أن الخير في المنع، ولذلك كان من دعاء الاستخارة: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.
وعليه فنقول للأخت استمري في دعائه سبحانه أن يرزقك الزواج بهذا الشاب الصالح، فإن كان في إجابة الدعوة وتعجيلها خير لك فإنه سبحانه سيجيبها، وإن كان في صرفها وادخار ثوابها خير لك فيسيصرفها عنك، فارضي بما يختاره لك سبحانه: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {القصص:68} ، ولا يمكن القطع بأن استجابة دعاء الله بالهداية لذلك الشاب مؤشر على استجابة الدعاء بالجمع بينك وبينه لأن ذلك من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وفقنا الله وإياك لكل خير، وصرف عنا وعنك كل شر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(10/1062)
لاحرج في دعاء الفتاة أن يرزقها الله الزوج الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني أحب شابا متدينا وذا خلق حسن وأريد الزواج به وهو يبادلني نفس الشعور لكنني دائما أحس بالخوف هل الله سبحا نه وتعالى سيجمعنا أم لا؟ وهل الدعاء هو الحل الوحيد الذي سينزع ذلك الخوف من قلبي؟ وهل يجوز أن أدعو الله بأن أتزوج من ذلك الشاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة العلاقات بين الشباب والفتيات قبل الزواج تجر إلى مفاسد عظيمة على الطرفين، وقد فصلنا هذه المفاسد في الفتوى رقم: 9463 فراجعيها لأهميتها.
ونحن ننصحك بأن تدعي الله تعالى دعاءً عاماً بأن يرزقك الزوج الصالح، وإذا أردت تعيين هذا الشاب بالدعاء، فننصحك بصلاة الاستخارة قبل ذلك، لأنه ربما يكون على خلاف ما تظنينه فيه من الدين والخلق، وراجعي الفتوى رقم: 40500، والفتوى رقم: 55356.
وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 35011، والفتوى رقم: 32981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(10/1063)
لا يستجاب الدعاء إذا كان فيه اعتداء أو قطيعة رحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دعاء الأم مستجاب على الولد إذا لم يعطها مصروفا شهريا مع العلم بأن زوجها على قيد الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللأم حق النفقة على الابن إذا كانت فقيرة محتاجة، ولا ينفق عليها زوجها ما يكفيها، وسبق في الفتوى رقم: 20338، وأما إذا كان عندها من النفقة ما يكفيها من مالها أو من الزوج، فلا يجب على الابن النفقة عليها ولا إعطاؤها مصروفا شهريا، وإنما يجب صلتها وبرها بالمعروف، وعليه أن يحسن إليها ويصاحبها في الدنيا معروفا، وأن يكسب رضاها ويفوز بدعائها، فإذا أدى الولد ما يجب عليه تجاه والدته فلا يؤاخذ بعد ذلك، ودعاء الوالد وغيره لا يستجاب إذا كان فيه اعتداء أو قطيعة رحم قال الله عز وجل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين {الأعراف:55} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(10/1064)
استجابة الدعاء دليل خير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولله الحمد دعائي مستجاب فهل أعتبر كافرة استنادا للحديث إن الكافر يستجاب له لأن الله لا يحب سماع صوته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يستجيب دعاء الداعين، وإمكان استجابته للمسلمين المستجيبين له العابدين له أشد من الكفار المجرمين المعاندين، كما في الآية: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186}
وفي الحديث: دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني.
وبناء عليه فإن استجابة الدعاء ليست مؤشر شر، بل هي مؤشر خير.
وأما هذا الحديث فإنا لم نعثر على ما يفيد صحته وما نظن أنه ثابت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(10/1065)
الذكر والدعاء وتحري ساعة الإجابة بعد عصر الجمعة مسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم الجمعة بعد صلاة العصر أجلس أحيانا إما فى البيت أو في المسجد أقول أذكار المساء ثم أسبح وأهلل وأكبر أي الأذكار التي نص عليها الرسول عليه الصلاة والسلام، وأصلي عليه إلى أن يأتي وقت الساعة التي قيل فيها أنها ساعة إجابه لأنى أميل إلى هذا الرأي وهكذا إلى أن تغرب الشمس، السؤال هو: قال لي أحد الإخوه أنك بفعلك هذا تكون خصصت وقتا للعبادة لا دليل عليه من الشرع أي أني دخلت في الابتداع بدليل أني لا أعمل ذلك إلا يوم الجمعة، قفلت أنا أعمل ذلك يوميا حيث إني أجلس يوميا بعد العصر لقراءة وحفظ القرآن وهذا ذكر غير أن هذه الأذكار التي ذكرتها سالفا لا أتفرغ لها إلا يوم الجمعة، وأكثر منها بعكس الأيام الباقيه تكون قليلة لاشتغالي بالحفظ، فهل أنا واقع في الابتداع، فأرجع إن شاء الله أم لا فأستمر؟ وجزاكم الله عنا كل خير سلفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من البدع وبين خطورتها فقال: وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. رواه النسائي وصححه الألباني. وقال: إن الله احتجر التوبة على كل صاحب بدعة. رواه الطبراني وصححه الألباني.
ولكنه قد دلت النصوص على أن على المرء أن يواظب على أذكار الصباح والمساء، ومن هذه النصوص، قول الله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا {طه:130} ، وقوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ {غافر:55} ، وقوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ {ق:39} ، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث، وهذه الأذكار كثيرة.
وهي موجودة مع بيان فضائلها بعد الفجر والعصر في حصن المسلم والأذكار للنووي وعمل اليوم والليلة للنسائي وابن السني ورياض الصالحين والترغيب والترهيب والمتجر الرابح.
وعليه؛ فإن هذه الأذكار مشروعة بعد العصر. وإذا كنت تنشغل عن هذه الأذكار في الأيام الأخرى بسبب التحفيظ ومدارسة القرآن الذي هو أفضل الأذكار، وكنت تتفرغ يوم الجمعة فلا حرج في جلوسك هذا الوقت للقيام بالأذكار والدعاء، لأن الذكر والدعاء وتحري ساعة الإجابة مشروع في هذا الوقت من حيث الأصل، ولأن ساعة الإجابة رجح العلماء أنها بعد العصر، فقد روى أبو داود عن جابر بن عبد الل هـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم الجمعة ثنتا عشرة -يريد ساعة- لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئاً إلا أتاه الله عز وجل فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي فيسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه. قال أبو هريرة: فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له هذا الحديث فقال: أنا أعلم بتلك الساعة فقلت: أخبرني بها ولا تضنن بها علي، قال: هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس، فقلت: كيف تكون بعد العصر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي وتلك الساعة لا يصلى فيها، فقال عبد الله بن سلام: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة؟ قلت: بلى، قال: فهو ذاك. قال الشيخ الألباني: صحيح، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11882، 14709، 37130.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(10/1066)
المؤمن يأمل من الله تعالى أكثر مما يدعو ويتصور
[السُّؤَالُ]
ـ[دعوت الله كثيرا منذ سنين من أجل التعيين في وظيفة ومضت الأيام ولكني وجدت نفسي لم أرشح لهذه الوظيفة بعد التقدم والاختبارات مع أنها كانت أملي الوحيد في الحياة وأمل أسرتي أيضا. وأصبح الحلم يتلاشى من أمام عيني وأنا أنتظر فرج الله علينا ومنه بالفضل علينا وبدأت نتيجة هذه التقديمات تظهر تباعا ولم أجد اسمي فيها ولكن هناك آمل إذا وجدت واسطة كالمعرف هذه الأيام أن يكون اسمي من المرشحين.....وبعد ذلك بدأت أدعو الله كثيرا كثيرا وأقوم وأصلي صلاة الحاجة وأدعو الله ولكني أجد نفسي أقوم بالبكاء وأنا أدعو الله في صلاتي حزنا على حالي وما أصابني وماذا أفعل بعد ذلك وكيف يكون مستقبلي وحلم عمري تحطم ولا أستطيع فعل شيء وأحيانا أتساءل لماذا الله لم يجب دعوتي أنا سيئ لهذه الدرجة مع أنني أصلي الحمد لله وأصلي في الجامع وأصوم الاثنين والخميس والحمد لله وأفعل الخير وغير ذلك..............فهل البكاء هذا في الصلاة حرام أم لا؟؟؟؟ وماذا أفعل في مثل حالتي وهى لم تكن المرة الأولى التي يضيع فيها أمل كبير بالنسبة لي؟؟؟؟ وماذا أفعل لكي أكون مستجاب الدعاء مع أني أقوم بالدعاء في الأوقات المباركة والصيغ السليمة؟؟؟ وأنا أعرف أن عدم استجابة الله للدعاء في الدنيا قد يكون له أجرا في الآخرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على العبد أن يحسن ظنه بالله ويوقن أن رزقه مضمون وقد تعهد به الله تعالى وهو الغني الكريم الفعال لما يريد، وقد كتب للعبد رزقه ولن يموت حتى يستكمله، وبقدر حسن ظن العبد بالله يعامله الله، كما في الحديث القدسي: أنا عند حسن ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
وعليه أن يكون عالي الهمة في الدعاء والأمنيات، ويأمل من الله تعالى أكثر مما يتصور في ذهنه، ولا يجعل وظيفة ما هي أمله الوحيد فإن الله قد يعوضه أكثر وأفضل مما كان يطمح إليه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني.
وفي لفظ آخر: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني.
وقد ذكر ابن القيم في مدارج السالكين أن الله تعالى اجتبى موسى وأنعم عليه فإنه خرج ليقتبس النار فرجع وهو كليم الواحد القهار، وفي مثل هذا قيل:
أيها العبد كن لما لست ترجو * من صلاح أرجى لما أنت راج
إن موسى أتى ليقبس نارا * من ضياء رآه والليل داج
فانثنى راجعا وقد كلمه الله وناجاه وهو خير مناج
فعليك يا أخي أن تواصل الدعاء ولا تمل. ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله: وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر ويدع الدعاء.
وفي المسند من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر.
فعليك أخي أن تطرق الأبواب الممكنة كلها حسب استطاعتك ولا تعلق نفسك بشيء خاص، وأن تعلم أن الله كريم رحيم بعباده وأنه يختار لعباده ما هو أصلح لهم.
فأحسن ظنك به وأمل منه تحقيق مصالحك الدنيوية والأخروية، وراجع في موضوع البكاء والزيادة في موضوع استجابة الدعاء الفتاوى التالية أرقامها: 25109، 20789، 23599، 53348، 49867، 2395، 30707، 35247، 14947، 55754.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(10/1067)
دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[تركني منذ الشهر الأول للحمل وقال إنه سيعود بعد الوضع، لكنه اتضح في هذه الفتره زواجه من أخرى وعندما وضعت طلقني، ليست هذه هي المشكلة بل ظلمني وأنا على ذمته والآن يسبني ويشتمني لأن نساءه يحيكين الأقاويل والافعال وينسبونها لي ويهدد بأخذ المولود إن استمررت في تخريب حياته، بل تمادى في ذلك ومنع أهله من مواصلتي، هل يحق لي أن أدعو عليه بأن يحرمه الله من كل شيء لأنه ظلمني، وماذا أفعل لأنه هددني إن أخبرت أهله بأخذ المولود مني فلا أجد إلا الدعاء رغم خوفي أن يكون لي مثله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز له أن يظلمك ولا أن يشتمك سواء كنت في عصمته أو خارجها، وما يحصل من ذلك قد يكون ابتلاء من الله سبحانه وتعالى لك، فنسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهمك الصبر، وأن يبدلك زوجاً خير من زوجك، وأن يعينك على طاعته والبعد عن معصيته إنه سميع مجيب.
وننصحك أيتها الأخت الكريمة بأن تستعيني بالصبر والصلاة؛ كما أرشد المولى سبحانه وتعالى في قوله: اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153} ، وقوله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} ، وقد بينا في الفتوى رقم: 56472 فضل الصبر على البلوى فلتراجعيها.
وأما قولك هل يجوز الدعاء عليه فالجواب عنه أنه يجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وقد أحسن من قال:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً * فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه * يدعو عليك وعين الله لم تنم
وقد فصلنا القول في ذلك وبينا ضوابطه في الفتوى رقم: 23857، والفتوى رقم: 22409.
وأما الولد فأنت أولى بحضانته ولا يجوز له أن يأخذه منك ما لم تتزوجي أو يصير الولد مميزا فيخير بين أيكما شاء صحبته، كما بيناه في الفتوى رقم: 1251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(10/1068)
الاستعجال هل يمنع إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً جزيلاً على اهتمامكم الواضح برسالتي وأرجو أن أستزيد من رشدكم لكن أخي الكريم جوابكم لم يكن كافيا فأنا أريد ردكم المباشر لا أن تحيلوني على فتاوى أخرى كما أنكم لم تجيبوا على سؤالي بأني أدمر عندما لا يستجاب لي هل أنا آثمة
وأعتبر من المستعجلين وهذا سبب في عدم الاستجابة؟
أنا مخلصة في عبادتي أعرف أن الله بيده كل شيء أبتعد عن الحرام لا أمل من الدعاء محجبة لا أريد الابتعاد عن طريق الله وأتحرى مواطن إجابة الدعاء أثناء الصلاة وبعدها وفي الليل لكن لا يستجاب لي وأنا في ضائقة من أمري أريد أن يوفقني الله لإيجاد عمل أتوق إلى الحصول عليه وليس لي واسطة وأريده أن يكون هو واسطتي وأتمزق للحصول على ما أريد لكن لا أعرف هل لأن أعمالي غير مقبولة أوأن الله غير راض عني أحيانا أقول لله سبحانه إن كنت راض فأجب دعوتي لكنها لا يستجاب لها هل لأن الله غير راض عني؟ أكاد أجن والحل بيد الله لكني لا أجده أعينوني وأجيبوني مباشرة وبسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء ثوابه عظيم وله مكانة عظيمة في الإسلام حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه هو العبادة.
ففي سنن الترمذي وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ: وقال ربكم ادعونى أستجب لكم.
والمسلم إذا دعا الله تعالى، فإنه لا يخيب دعوته ما لم يستعجل أو يدع بإثم أو قطيعة رحم، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي.
وفي سنن الترمذي أيضاً من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فقال رجل إذا نكثر قال الله أكثر. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
والاستعجال في الدعاء سبب لمنع استجابته قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: قال بعض الأئمة: قوله يستجاب لأحدكم يحتمل الوجوب والجواز، فإن كان الخبر الأول فلابد من إحدى الثلاث، فإذا عجل بطل وجوب أحدها وتعرى الدعاء عن جميعها.
وعلى الجواز تكون الإجابة بفعل ما دعا ويمنعه من ذلك استعجاله، لأنه من ضعف اليقين، وينبغي أن يدعو وهو موقن بالإجابة وبقلب حاضر، وقال أيضاً: والدعاء إنما وضع لمزيد التذلل وإظهار الافتقار والاحتياج، وفي الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل أي، بل ينبغي الإلحاح في المسألة لما في الحديث أن الله يجب الملحين في الدعاء، ولا تيأس من الإجابة ولا تيأس من الرغبة، فمن فعل ذلك لم يحرم من إحدى الثلاث.
وقال أيضاً:
وفيه أن دعوة المسلم لا ترد ما لم تكن بإثم أو قطيعة رحم، ففي إحدى الثلاثة استجابة وفي الآخرين تعويض الاستجابة. انتهى
وعليه، فينبغي للأخت السائلة المواظبة على الإلحاح في الدعاء، ولا تسعجل بترك الدعاء فعدم حصول ما تتوق إليه لا يدل على أن دعاءها خائب لا فائدة فيه أو أن الله تعالى غير راض عنها.
فقد يكون ثواب الدعاء مدخراً لها في الآخرة أو صرف عنها بسببه بعض المصائب والبلايا، وقد يكون حصول الأمر المذكور لا مصلحة لها فيه، بل الخير في عدمه، قال تعالى: وعسى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(10/1069)
المؤمن على الدعاء بمنزلة الداعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبرالمؤَمِن في الدعاء-الذي يقول\"آمين\"خلف الداعي- داعيا أم لا؟ وهل يعتبر التأمين خلف الدعاء المسجل في شريط صحيحا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤمِّن على دعاء غيره يعتبر بمثابة الداعي، قال ابن كثير عند تفسيره قوله تعالى في شأن موسى وهارون قال قد أجيبت دعوتكما: ومن سياق الكلام ما يدل على أن هارون أمَّن فنزل منزلة من دعا؛ لقوله تعالى: قد أجيبت دعوتكما. فدل ذلك على أن من أمن على دعاء كأنما قاله. انتهى. وفي الدر المنثور للسيوطي: كان موسى يدعو وهارون يؤمن، والداعي والمؤمن شريكان. انتهى.
والتأمين بعد سماع الدعاء في شريط مسجل نرجو أن يكون كذلك ما دام الشخص قد سمع الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(10/1070)
المعاصي وتأخر إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دعا الإنسان ربه ثم لم يستجب لدعائه عدة سنين، كيف للإنسان أن يعلم أن سبب عدم إجابة الدعوة هل هو تأجيلها ليوم القيامة أم بسبب قيام الإنسان بعمل يعصي فيه الله كيف له أن يعرف؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لاستجابة الدعاء شروطا ينبغي للداعي أن يراعيها، ولها أسباب ينبغي الأخذ بها، وكنا قد فصلنا كل ذلك في فتاوى سابقة فراجع فيه فتوانا رقم: 11571.
واستجابة الدعاء تكون بإحدى ثلاث وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم. وعلى الداعي أن لا يستحسر ويترك الدعاء فإن ذلك من موانع الإجابة، كما في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء. فمن هذه النصوص تتبين لك شروط الاستجابة وأسبابها وما يعين في ذلك، وأما معرفة الإنسان أن ذلك مدخر له للآخرة أو أنه تأخر بسبب عصيانه فإن ذلك لا سبيل إلى التحقق منه لأنه من الغيب الذي اختص الله به، مع أن صاحب المعصية قد تسبب في حرمان نفسه من النعم التي من جملتها استجابة الدعاء، فإن المرء قد يحرم النعمة بسبب ذنب أذنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(10/1071)
النجاح في الأمر المحرم خذلان من الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا جزاكم الله خير الدنيا والآخرة، كثيراً ما أقرأ دعاء بعض الناس الفنانين بشكل عام كقول \"الله يوفقك\" وقول الفنانين والفنانات أثناء مقابلاتهم \"الحمد لله ... هذا توفيق من الله\" أراها حراماً، لأنها أذية لله إن لم أكن على خطأ، فإن لم أكن على خطأ ما الدليل من القرآن والسنة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هؤلاء الفنانون يشتغلون بالأشياء المحرمة كالعزف على الموسيقى، فإنه لا يجوز الدعاء لهم بالتوفيق في الشيء المحرم، كما لا يجوز لهم ادعاء أن نجاحهم في الشيء المحرم توفيق من الله، بل إنه خذلان من الله لهم، فإن أعظم التوفيق هو الهداية للحق والاستقامة على الطاعة، كما أن أعظم الخذلان -نسأل الله المعافاة- هو الإضلال، وراجعي في الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، وفي بيان بعض أعمال الفنانين المحرمة وأدلة تحريمها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48784، 1791، 44601، 54316، 54439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(10/1072)
حكم دعاء الزوج على زوجته وبناته بغير سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاء الزوج على زوجته بظلم وعلى بناته دون أي سبب هل هذا مقبول أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الزوج على زوجته وبناته بغير حق لا يجوز، وهو داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ... رواه مسلم، والإثم هو: المعصية. وقطيعة الرحم: هجرانها والصدود عنها. والدعاء بظلم وبدون سبب يدخل في عموم الإثم.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالد أن يدعو على ولده إلا بخير، فقال كما في صحيح مسلم وغيره: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
وينبغي الحذر من دعوة الوالد، فقد عد النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الوالد على ولده من الدعوات المستجابة فقال: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والوالدة والوالد في هذا سواء، فينبغي تجنب دعوة الوالدين، فإن دعوتهم مجابة كما صح بذلك الحديث، وربما استجيبت دعوتهما وإن كان فيها إثم، أو قطيعة رحم، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في قصة جريج وأمه الواردة في الصحيحين: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن. وقد دعت عليه بقولها: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات. عندما لم يجب دعوتها له وأقبل على صلاته.
قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث أيضاً عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذوراً لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضى التأديب، لأن أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل. انتهى.
فننصح السائلة بالابتعاد عن كل تصرف لا يرضي الوالد، ويسبب غضبه، وبالاجتهاد في طاعته وطاعة الزوج، كما أمر الله بذلك ما لم يأمرا بما يسخط الله، كما ننصح هذا الأب أن يدعو لزوجته وبناته بخير بدلا من الدعاء عليهن بسوء، فإن حصل منهن تقصير يقتضي التأديب، فليؤدبهن بوسائل التأديب الشرعية. أما الدعاء عليهن، فإن ضرره عليه وعليهن أكثر من نفعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(10/1073)
هل يدعو على ابنه أن يموت قبل البلوغ ليكون سببا في دخوله الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن من مات قبل البوغ يدخل الجنة؟ ولا يدخلها إلا مع أبويه؟ وإن كان هذا صحيحاً فهل يجوز أن يدعو الرجل على ابنه بقصد المحبة له أن يموت قبل البلوغ حتى يدخل الجنة أم من الأفضل الدعاء له بطول العمر وأن يكون من الصالحين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مات من أبناء المسلمين قبل البلوغ فهو في الجنة، فقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، قال النووي في شرح مسلم: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس بمكلف، وأما أطفال المشركين ففيهم ثلاثة مذاهب: قال الأكثرون هم في النار تبعا لآبائهم، وتوقفت طائفة فيهم، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم في الجنة، ويستدل له بأشياء منها: حديث إبراهيم عليه السلام حين رءاه النبي صلى الله عليه وسلم وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين. رواه البخاري.
ثم ساق أدلة أخرى على ترجيح هذا القول من الكتاب والسنة.
وعلى هذا، فإن من مات من الصبيان عموماً قبل البلوغ، فإنه في الجنة بغض النظر عن حال أبويه.
وأما دعاء الوالدين على ولدهما بالموت قبل البلوغ أو بعده، فلا يجوز تحت أي مبرر، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس وعلى الولد وعلى المال.
فقال صلى الله عليه وسلم: لا تدعو على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم، لا توافقوا مع الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
ولكن عليهما أن يدعوا له بالهداية والصلاح والخير مع طول العمر في طاعة الله تعالى، كما أن عليهما أن يسعيا في تربيته التربية الصالحة، فهذا لا شك أفضل وهو المطلوب والمرغوب شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(10/1074)
الأوقات التي يستحب فيها الدعاء في شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأوقات المستحب فيها الدعاء في شهر رمضان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رمضان كله وقت للدعاء، وخصوصا للصائم، لأن له دعوة لا ترد. قال النووي في "المجموع": يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا، له ولمن يحب، وللمسلمين، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، والمظلوم. رواه الترمذي وابن ماجه. قال الترمذي: حديث حسن. وهكذا الرواية حتى بالتاء المثناة فوق، فتقتضي استحباب دعاء الصائم من أول اليوم إلى آخره، لأنه يسمى صائما في كل ذلك. انتهى. قوله: وهكذا الرواية ... إلخ. يعني به رواية الحديث الأخرى، وهي الصائم حتى يفطر، إلى آخر الحديث، فينبغي الدعاء عند الفطور وفي الأوقات الأخرى التي هي مظنة الإجابة في غير رمضان، فما ظنك بها في رمضان، وهي على سبيل المثال: الدعاء وقت السحر وبين الأذان والإقامة وفي السجود، وغير ذلك، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 40819، والفتوى رقم: 2762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(10/1075)
دعاء العبادة ودعاء المسألة متلازمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا السؤال بخصوص مقاله عندكم http://www.islamweb.net/php/php_arabic/readArt.php?id=38162. لو بلغت ذنوبك عنان السماء، فقد أمر الله عباده بالدعاء ووعدهم عليه بالإجابة فقال سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر60) ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العباده وقرأ هذه الآية) رواه أحمد، وهذه الآية والحديث أفهم منهم دعاء العبادة وأراه هو معنى الحديث وليس حصره في دعاء المسأله، فدعاء الله بالطاعة أرجى من دعاء المسألة فقط
يقول الله تبارك وتعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَِ. هل يمكنكم ذكر أقوال العلماء في ذلك؟ هل هم مجتمعون أنه دعاء المسألة هو المعني أم الأمر غير ذلك؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء في قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} . قد فسره بعض أهل العلم بدعاء المسألة وبدعاء العبادة، قال القرطبي في تفسيره: أجيب دعوة الداع، أي أقبل عبادة من عبدني فالدعاء بمعنى العبادة والإجابة بمعنى القبول. انتهى. وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: ذكر في هذه الآية أنه جل وعلا قريب يجيب دعوة الداعي وبين في آية أخرى تعليق ذلك على مشيئته جل وعلا وهي قوله: فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُون َ إليه إن شاء {الأنعام: 41} . وقال بعضهم التعليق بالمشيئة في دعاء الكفار كما هو ظاهر سياق الآية والوعد المطلق في دعاء المؤمنين وعليه فدعاؤهم لا يرد إما أن يعطوا ما سألوا أو يدخر لهم خير منه أو يدفع عنهم من السوء بقدره. وقال بعض العلماء: المراد بالدعاء العبادة وبالإجابة الثواب وعليه فلا إشكال. انتهى. ولكن ابن القيم رحمه الله تعالى ذكر أن دعاء العبادة ودعاء المسألة متلازمان فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء مسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء عبادة. وراجع الفتويين التاليتين: 40746، 9202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(10/1076)
ماهية التعجل المنهي عنه في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دعوت الله قائلة اللهم عجل لي بكذا من الرزق أكون ممن يعجلون فلا يستجاب دعائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن يقول الداعي لله عز وجل، اللهم عجل لي كذا من الرزق أو الولد ونحو ذلك، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل. قال: فأطبقت عليهم السماء. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
والتعجل المنهي عنه في الدعاء هو أن الداعي يريد إجابة دعائه مباشرة بحيث لو تأخرت الإجابة فإنه يترك الدعاء، كما جاء ذلك مفسراً في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(10/1077)
استجابة دعاء العصاة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل يقبل الله الدعاء من شخص فاجر ويرتكب الآثام فقد علمت أن شخصا يرتكب الفاحشة ولا يقدر على تركها مع علمه بآثامها وأنه يدعو الله كثيرا لأمور معينة وقد استجاب الله له ما طلب من حاجات؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله يستجيب دعاء المضطر والمظلوم، وإن كان الداعي كافراً أو فاجراً، قال تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [سورة النمل: 62] .
وذلك لما يكون عليه المضطر والمظلوم من الذل لربه والافتقار إليه، فلكرم الله لا يرد من حالته هذه خائباً.
قال الإمام القرطبي في تفسيره: ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، أخبر بذلك عن نفسه، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجوء ينشأ عن الإخلاص، وقطع القلب عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة، وجد من مؤمن أو كافر طائع أو فاجر، كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّا كِرِينَ. وقوله: فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ. فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم، ومع علمه أنهم يعودون إلى شركهم وكفرهم، وقال تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. فيجيب المضطر لموضع اضطراره وإخلاصه. انتهى
وقال الإمام القرطبي أيضاً: وخرج الآجري من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر. فيجيب المظلوم لموضع إخلاصه بضرورته بمقتضى كرمه، وإجابة لإخلاصه وإن كان كافراً، وكذلك إن كان فاجراً في دينه، ففجور الفاجر وكفر الكافر لا يعود منه نقص ولا وهن على ملكة سيده، فلا يمنعه ما قضى للمضطر من إجابته. انتهى
وقد يكون توالي النعم على الكافر والفاجر استدراجاً من الله، قال تعالى: وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [سورة الأعراف: 182-183] .
قال الضحاك: كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة!! وقال الأزهري: سنأخذهم قليلاً قليلاً من حيث لا يحتسبون.
وقال الحافظ ابن كثير: ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، كما قال تعالى: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ انتهى
وفي البخاري مرفوعاً: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
وقال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه.
هذا، وإن الواجب على من ابتلي بفعل الفواحش ن يبادر إلى التوبة، فالموت يأتي بغتة، وحينها لا ينفع الندم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا [سورة التحريم: 8] .
وقال أيضاً: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [سورة النور: 31] .
وإن ادعاء أن شخصاً غير قادر على ترك المعصية ادعاء باطل، فإن الذي أمرنا بالتوبة ورغبنا فيها لا يأمرنا إلا بما نستطيع، قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [سورة البقرة: 286] . فليحذر العاصي من تلبيس الشيطان والاستسلام لهوى النفس، وليجاهد نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(10/1078)
استحباب مكافأة المهدي بالدعاء للمهدى له
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: هل يجوز للمتصدق أن يعطي الفقير صدقة من ماله ويطلب من الفقير الدعاء الدعاء له بخير أو الدعاء له عندما تحل بالمتصدق مصيبة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب المسلم من أخيه المسلم أن يدعو له أمر جائز، وكنا قد بينا ذلك في الفتوى رقم: 18397.
ومن ذلك طلب المتصدِق من المتصدَق عليه أن يدعو له؛ بل إن المسكين أو المتصدَق عليه مطالب بذلك ولو لم يطلب منه، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: من أتى إليكم معروفاً فكافؤوه، فإن لم تجدوا فادعوا له. أخرجه أحمد في المسند وأصحاب السنن.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أَهديتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ قال: "اقْسِمِيها" فكانت عائشةُ إذا رجعتِ الخادمُ تقولُ: ما قالُوا؟ تقولُ الخادمُ: قالوا: باركَ الله فيكم، فتقول عائشة: وفيهم بارك الله، نردُّ عليهم مثلَ ما قالوا، ويَبقى أجرُنا لنا. أخرجه النسائي في السنن الكبرى، وقال الألباني: إسناده جيد.
هذا مع أن الصدقة مع ما فيها من جزيل الأجر قد يدفع الله بها الأمراض ويرفعها من غير دعاء المسكين، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: داووا مرضاكم بالصدقة. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(10/1079)
الفرق بين الدعاء والنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم علي إجابتكم علي سؤالي المتعلق بعلاقة الدعاء والقدر لكني أتساءل عن كون الدعاء سببا ليتحقق أمر كتب لك في حين أن النذرلا ينفع ولا يضر مع أن النذر دعاء وشكر ووعد لله فقولي مثلا -يارب إن أنجحتني فسأصوم كذا- يعني في الصميم أني أدعو وأترجي الله وصومي ذاك تعبير عن شكر وحمد لله فالنذر إذن دعاء وشكر لله فلماذا لا يحث عليه كما يحث علي الدعاء أسألكم إذا كان بإمكاني بعث أكثرمن سؤال مع احترام القدر المطلوب من الحروف نظرا لضيق الوقت للتردد علي الإنترنيت.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء يختلف عن النذر من عدة وجوه، منها أن الدعاء خضوع وتذلل وسؤال لله عز وجل، ومنها أنه من أبرز مظاهر العبادة التي من أجلها خلق الإنسان ... ومنها أنه يقع من العبد في حاله السراء والضراء..
وأما النذر فظاهره المعاوضة والمبايعة.. فإذا احتاج العبد إلى شيء قال بلسان حاله أو مقاله يا رب إن أعطيتني كذا فسأفعل كذا من العبادة ... ولهذا كان الدعاء محموداً في الشرع ومرغبا فيه بل وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه هو العبادة، كما قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60} .
وأما النذر فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال: إنه لا يرد من القدر شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج. قال أهل العلم: من أسباب النهي عن النذر لئلا يظن الجهلة أن النذر يرد القدر، وقيل لكونه يأتي بالقربة على طريق المعاوضة ... وشأن القربة أن تكون متمحضة لله تعالى، وقيل لأنه يأتي به تكلفا من غير نشاط.
ولا يلزم من الدعاء أو النذر حصول المطلوب في الحال ... ولكن صاحب الدعاء يعلم أنه إما أن تعجل له الإجابة، وإما أن يدخر له ثوابها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه بها سوء في هذه الحياة، كما جاء في المسند والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر.
وليس كذلك النذر فإن صاحبه ينتظر حصول ما يريد حتى يقوم بالعبادة كأنه صاحب صفقة ... وبهذا تعلم الفرق بين الدعاء والنذر، وأن النذر ليس بدعاء ... وبه تعلم السبب الذي جعل الشرع يحث على الدعاء ولا يحث على النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(10/1080)
الدعاء على الظالم ليس من أسباب منع إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لا أعرف حقيقة كيف سأرتب جُملي، حيث إنني في حيرة من أمري بما سأضعه بين أيديكم الكريمة
إنني سيدة ملتزمة ولله الحمد وحريصة على رضى ربي جل وعلا،، وقبل هدايتي كنت حريصة جدا على الدعاء \\\" كثيرة الدعاء والبكاء بين يدي المولى عز وجل \\\" وكنت أشعر أنني مستجابة الدعاء وكانت تغلب على رؤياي الصدق والتحقيق \\\" ولا أزكي نفسي \\\" فالله عز وجل أعلم بي منكم ومن نفسي ولكن أشرح كل هذا لتكونوا على بصيرة من أمري
المهم،، بقيت حريصة على الدعاء بعد هدايتي بل زدت في ذلك لأنني كنت أشعر بأنها أجمل وأعظم لحظة في حياتي كانت عند الدعاء والخشوع والبكاء بين يدي الكريم جل شأنه وتقدست أسماؤه،
شيخي الفاضل، منذ فترة طويلة لم أعد أشعر بحلاوة الدعاء ولا حتى بسرعة الاستجابة ولا بتوفيقي للدعاء حيث إنني سابقا كنت أشعر بأن الله عز وجل يلهمني الدعاء ويفتح علي فيه وتكون في أوقات منها رقة القلب أو أوقات استجابة وهكذا،، فلم أعد أشعر بكل هذا قد يكون السبب وكما هو معروف الذنوب ولكنني أحاسب نفسي كثيرا \\\" ولا أزكي نفسي \\\" وأبحث عن أسباب فقداني لكل ما شرحت وأنا حزينة لأجله وأظل أبحث،، ومن خلال محاسبتي لنفسي وبحثي عن الأسباب وجدت أسبابا لعلها هي السبب في منعي من ذلك وهي.. إنني أعيش في ظلم أناس معينين وظلمهم لا ينتهي وينكد على عيشتي واستقراري وهدوء أعصابي فأحيانا أغضب في داخلي من أعمالهم وقهرهم الشديد لي فأدعو عليهم مع أنني كنت دائما حريصة على عدم الدعاء على أحد بالسوء حتى لو عاداني ذلك الشخص \\\" والسبب أنني أتندم جدا بعد دعاءي على أحد بسوء خاصة عندما أجد أن الله عز وجل استجاب لدعواتي عليهم \\\" لهذا السبب كنت أحرص على أن لا أدعو على أحد
فقلت في نفسي لعل هذا السبب الآن هو الذي يمنع ما كنت عليه، مع أنني يا شيخي الكريم كنت أقرأ أنه يجوز لنا أن ندعو على من ظلمنا، والله يا أخي لا أدعو عليهم إلا لشدة شعوري بقهرهم لي وعدم مللهم من ذلك وأشعر داخليا إنني سأتفجر منهم أشعر أن الدعاء عليهم يخفف من حدة قهري من أعمالهم
ولتكون الصورة أوضح لك أخي الفاضل أضع بين يديك هذا المثال في الدعاء لترى هل على إثم في ذلك وهل هذا تعدي في الدعاء..مثال:
هم يتعاملون بالسحر وأنا أشعر وعن براهين أنهم قاموا بذلك لي فلما أشعر بعوارض السحر وكيف ينكد علي معيشتي واستقراري وأحس أنهم لا زالوا على ذلك أدعو فأقول اللهم شل أيديهم إذا عملوا لي سحرا وكانوا على عدم جهل في أن هذا حرام أو إذا عملوا لأولادي نفس الشيء أدعو وهكذا ما يهمني فيما شرحت معرفة هل أنا أدعو بإثم أو اعتداء في الدعاء ولأن ذلك من أسباب عدم استجابة الدعاء، مع العلم أحيانا لما يحكون معي كلاما حلوا قلبي يلين ناحيتهم وأشفق عليهم وأدعو لهم بالخير والله يا شيخي لم أعد أعرف بماذا أدعو بالنسبة لهم لأنهم أرهقوني أرهقوني بمعى الإرهاق ويعلم الله ذلك
اللهم إن ما كتبته ليس شكوى إنما لأكون على بصيرة من أنني لا أغضب وجهك الكريم في أي صغيرة
أخي الكريم أرجو من الله أن لا تهملوا رسالتي هذه وتضعوا لها الأهمية لأنني حقا بأمس الحاجة للجواب الشافي بإذن الله تعالى
وأنا أنتظر ذلك بفارغ الصبر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسرعة استجابة الدعاء وصدق الرؤى وتحققها أدلة على الخير. ففي حديث قدسي أخرجه البخاري يقول الله تعالى: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه..
وما ذكرته من احتمال أن يكون سبب ذهاب ما كنت فيه من سرعة استجابة الدعاء وفقدان حلاوته ونحو ذلك هو أنك كنت تدعين على أولئك الذين وصفتهم بالظلم والقهر والسحر وغيرها هو أمر مستبعد، لأن الدعاء على مثل هؤلاء مباح، وراجعي في حكمه فتوانا رقم: 20322 ولعل السبب لما ذكرت هو إقامتك في المكان المذكور بين أهل المعاصي والفجور، أو أنه صدر منك شيء ما كنت تحسبينه كبيرا عند الله وهو بخلاف تصورك، أو أن الله أراد أن يدخر لك مقابل دعائك من الثواب ما هو خير لك من الاستجابة، أو أنه أراد لك أن لا تغتري بما كنت فيه، أو غير ذلك ...
وعلى أية حال، فواجبك هو أن تبقي ملتزمة بأوامر الله ومبتعدة عن نواهيه، ومواظبة على النوافل والذكر والدعاء، ولا شك أن ذلك سيكون لك فيه خير كثير، سواء صحبته رؤى صادقة واستجابة دعاء ونحوها، أو لم يصحبه شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(10/1081)
محل جواز المباهلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ومتى يجوز أن أقول المباهلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
- فلا مانع من المباهلة إذا أراد الإنسان إظهار الحق أو إبطال الباطل، وقد ثبت عن بعض الصحابة فعل ذلك، وراجع فيه الفتوى رقم: 15098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(10/1082)
شروط جواز الدعاء بخيري الدنيا والآخرة بالمسنون وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل هذا الدعاء: دخلنا عليكم بلا إله إلا الله وألجمنا أفواهكم بلا حول ولا قوة إلا بالله وجعلنا شركم في نحركم حسبنا الله ونعم الوكيل، وما حكم من دعا به، فقد قالوا أنه لو كانت لك مسألة متعثرة فتقوله 10 مرات وتدخل على من يعثر لك المسألة فتحل بإذن الله.
فافيدوني جزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم جواز الدعاء بخيري الدنيا والآخرة بما ورد في الشرع وبما لم يرد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو. رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود. ولكن التحديد بالعشر أو بغيرها يفتقر إلى دليل من الشرع فالتحديد بابه التوقيف، كما قال ابن قدامة في المغني: فينبغي أن يستبدل هذا الدعاء بما ورد في السنة: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت. رواه ابن حبان في صحيحه باب ذكر ما يستحب للمرء سؤال الباري جل وعلا تسهيل الأمور عليه إذا صعبت. وصححه الألباني في الصحيحة.
وراجع الفتوى رقم: 1390. لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(10/1083)
هل يستجاب الدعاء عند الولادة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك قول إن الأم عند عملية الولادة لها دعوة مستجابة فهل تكون الدعوة عند عملية الولادة وخروج الجنين فقط أم تكون عند حدوث كل طلقة على حدة، وهل هناك دليل شرعي على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء المرأة قبل ولادتها أو أثناءها أو بعدها بما أحبت مما يناسب حالها، حسن ولا نعلم دعاء خاصا بكل حالة من تلك الحالات، كما أنه ليس هناك دليل يثبت أن ساعة الولادة ساعة إجابة، إلا أنه إذا تعسرت الولادة فهي مضطرة، ودعوة المضطر مستجابة، كما قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل: 62} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(10/1084)
لا أصل لكتابة أدعية في ورقة وجعلها في الأماكن المقدسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أستفسر عن إرسال ورقة بها بعض الأدعية إلى السعودية مع أحد المسافرين هناك وتركها بأحد الأماكن المقدسة فهل ستستجاب تلك الأدعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء الذي شرعه الله تعالى هو أن يدعو الإنسان لنفسه مباشرة، لقول الله جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ، ولقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] .
أو يطلب من غيره أن يدعو له، كما طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك من عمر رضي الله عنه، فقد روى أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح عن عمر أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فقال: أي أخي: أشركنا في دعائك ولا تنسنا.
وأما كتابة الدعاء في ورقة ونحوها وجعلها في الأماكن المقدسة أو إرسالها مع من يجعلها فيها فلا أصل له فيما نعلم، فننصح بالبعد عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1425(10/1085)
دعاء الأبوين لأولادهما من الدعوات المستجابات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دعاء أمي لي بالخير لا يرد كمثل أن يرزقني الله بالرزق الواسع أو الزوج الصالح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الأم أو الأب لأولادهما من الدعوات المستجابات، لقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم. رواه أبو داوود والترمذي وغيرهما وحسنه الشيخ الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: ودعوة الوالد لولده لأنه صحيح الشفقة عليه كثير الإيثار له على نفسه، فلما صحت شفقته استجيبت دعوته، ولم يذكر الوالدة مع أن آكديه حقها تؤذن بأقربية دعائها إلى الإجابة من الوالد لأنه معلوم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(10/1086)
بم يكون القرب والبعد من الله في الدعاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء:
1- إذا لم يرفع العبد يديه في الدعاء ولم يوجه نظره إلى السماء فهل يكون أقل قربا من الله؟
2- هل يجوز قراءة القرآن وأن يهبه الإنسان إلى الميت (هل يصله الأجر) وإذا كان كذلك كيف تكون النية، هل يؤجر القارئ نفسه بقراءته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع اليدين في الدعاء سنة مستحبة ومن أسباب إجابة الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأما رفع البصر إلى السماء عند الدعاء فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: رفع رأسه إلى السماء وقال: في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى. رواه البخاري من حديث عائشة.
إلا أنه لا يمكن القول بأن من لم يرفع يديه وينظر إلى السماء أقل قرباً من الله عز وجل لأن هذا يختلف باختلاف الأحوال، فقد يدعو الرجل ربه رافعاً يديه ناظراً إلى السماء وقلبه يجول في أودية الدنيا بينما يدعو آخر ربه من غير رفع لليدين ولا نظر إلى السماء وقلبه ساجد تحت العرش ولا شك أن هذا أقرب من ذاك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء، من قلب غافلٍ لاهٍ. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وأما عن إهداء ثواب القراءة لللميت وكيف تكون النية في ذلك، فانظر الفتوى رقم: 5541.
وقول السائل (هو يؤجر القارئ نفسه بقراءته) ، نقول: نرجو من الله ذلك، جاء في حاشية البجيرمي وهو من كتب الشافعية: وأن يقرأ والأجر له وللميت. انتهى.
فإذا أخلص القارئ لله في قراءته فنرجو أن يكتب الله له أجراً على ذلك، والله سبحانه وتعالى واسع الفضل، وقد قال تعالى: فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [هود:115] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(10/1087)
لا ينقطع عن الدعاء ويرد الحقوق لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للشخص الواقع في إحدى موانع الدعاء أن يتوقف عن الدعاء وعن صلاة الاستخارة علما أنه يحاول رد الحقوق لأهلها، المانع كان سرقة.
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: [يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ] (المؤمنون:51) ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يارب يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، ملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك.
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من موانع استجابة الدعاء أكل المال الحرام.
فعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله تعالى ويبادر برد الحقوق إلى أصحابها حتى يكون دعاوه مستجابا.
ولا يتوقف عن الدعاء بل يكثر من الدعاء امتثالا لأمر الله تعالى: [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ] (غافر:60) .
ولأن الدعاء عبادة، لقوله صلى الله عليه وسلم: والدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وأبو داود.
ونسأل الله سبحانه أن يتقبل توبته ويعينه في سعيه إلى رد الحقوق إلى أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(10/1088)
أدعية قضاء الحوائج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأدعية المناسبة التي ندعو بها ليستجاب لنا بها إذا كانت لنا حاجة عند الله، وماهو وقت الثلث الأخير من الليل أهو الساعة الثالة منتصف الليل0 وكيف أدعوربي حتى يستجاب لي وهل صحيح أن كل نفس مخلوق لها زوج فإذا كان هذا صحيح فلماذا هناك طلاق وحالات عنوسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء هو لب العبادة وأساسها فيدعو المسلم ربه بما أراد من خيري الدنيا والآخرة مما يجوز أن يدعو به، وينبغي أن يأخذ بأسباب قبول الدعاء، ومن ذلك التوسل بين يدي الطلب بالثناء على الله عز وجل والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد تشهد ودعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، ياحي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.
ومن الأدعية المأثورة ـ ويسمى بدعاء الحاجة ـ ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن لوضوء، ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله عز وجل، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.
وهناك مواطن يستجاب فيها الدعاء ومنها:
ثلث الليل الأخير، فقد أخرج مسلم وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح.
وأما طريقة تحديد ثلث الليل الأخير فذلك أن تعرف بداية الليل ونهايته ثم تقسمه على ثلاثة أجزاء، فالجزء الثالث الذي يسبق الفجر هو الثلث الأخير، وأول الليل يبدأ بغروب الشمس ونهايته بطلوع الفجر، وهو يختلف باختلاف الأزمنة. بطول الليل وقصره ونحو ذلك.
ونحيلك على الفتوى رقم: 2395، لمعرفة شروط إجابة الدعاء
وليس هناك دليل على أن كل نفس مخلوق لها زوج والواقع يكذب ذلك، فإننا نرى حالات كثيرة من الناس رجالا ونساء عاشوا وماتوا ولم يتزوجوا.
أما في الجنة فحق إذ ليس في الجنة أعزب ولمعرفة المزيد من التفصيل حول هذا الموضوع نحيلك على الفتاوى التالية: 26627، 2369، 26953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(10/1089)
يجوز الدعاء بما ليس فيه إثم ولا قطع رحم
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما أدعو بالدعاء التالي اللهم لا تميتني وفي ذمتي حقوق للعباد. فهل في هذا الدعاء شيء خطأ أم أنه مقبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في الدعاء بهذا اللفظ، لأن الدعاء يجوز بكل لفظ ليس فيه إثم ولا قطع رحم.
قال الإمام مالك في المدونة: وللمصلي أن يدعو بجميع حوائجه لدنياه وأخراه، وبلغني عن عروة قال: إني أدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح.
وفي الحديث: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعليه. رواه أبو يعلى وحسنه الألباني.
وفي الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(10/1090)
شبهات تتعلق بعبادة الله وعدم استجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وأسأل لماذا علي أن أعبد الله، وما الفرق بين عبادة الله وعبادة غيره، إذا كان الله لا يجيب دعاء ولا يكشف هما ولا يكشف كربا ولا أستطيع الاعتماد عليه في شيء، فلماذا أقول إنه ربي، أنتم تقولون إن الله يجيب الدعاء ويجيب المضطر متى يجيب بعد الموت، أم يجيب في وقت لا ينفع فيه إجابة الدعاء. أنا لا أعبد الله على عطاء فإن أعطاني رضيت وإلا كفرت لا لا لا ليس الأمر هكذا ولكني أسأله إذا حلت بي كارثه إذا وقعت علي مصيبة أو فاجعة وما أكثرها هذه الأيام فإلى من ألجأ، إلى الله أم إلى نفسي إذا دعوت الله ماذا سأستفيد، لا شيء سيأمرني بصبر عقيم إلى يوم القيامة، إذا ماذا استفدت من الدعاء إذا دعوت الله أو لم أدعه أنا سأموت وسأصل إلى يوم القيامة شئت أم أبيت، موضوعي ليس عن الدعاء ولكن عن ربوبية الله على عباده إن كانت المصائب التي كتبت علي ستأتيني والله سيقف متفرجاً علي يكتب الأجور والسيئات ثم جنة ونار، فلماذا أعبده إذاً إن كنت أواجه مشاكلي ومصائبي بنفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت بالدهشة والذهول وأنا أقرأ هذا السؤال الغريب ولكن على كل حال أقول:
أما قولك: لماذا علي أن أعبد الله؟
فالجواب: لأنه هو المستحق للعبادة وحده ولأنه هو الذي خلقك وأوجدك من العدم، وميزك بالعقل وحسن الخلقة، وأسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة، فكم من نعم وهبك إياها لا تستطيع عدها وحصرها، ولا القيام بشكرها، كما قال الله تعالى: وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34] ، وقال تعالى: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21] .
واعلم أن عبادتك لله إنما هي لمصلحة نفسك، فالله غني عن عبادة الناس ولكن أمرهم بذلك لمصلحتهم، وتدبر معي هذا الحديث القدسي الذي رواه مسلم: عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال:.... يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ...
وأخرج الحاكم وغيره عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبرائيل أخبره أن عابداً عبد الله على رأس جبل في البحر خمسمائة سنة ثم سأل ربه أن يقبضه وهو ساجد، قال: فنحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا ونجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل، فيقول الله عز وجل: أدخلو عبدي الجنة برحمتي، فيقول: يا رب بعملي ثلاث مرات، ثم يقول الله للملائكة: قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله، فيجدون نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعم الجسد له، فيقول: أدخلوا عبدي النار فيجر إلى النار فينادي ربه برحمتك أدخلني الجنة، برحمتك أدخلني الجنة، فيدخله الجنة، قال جبرائيل: إنما الأشياء برحمة الله يا محمد.
فاتق الله جل وعلا، ولا يستهوينك الشيطان فتخسر دنياك وآخرتك، وأقبل على الله بقلب خالص، والزم الصالحين لتتدارك نفسك قبل فوات الأوان، وأما الفرق بين عبادة الله وعبادة غيره فظاهر، وهو أن غير الله مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً، فهو خلق من خلق الله ولذلك قال الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ [الأعراف:191-192] .
وأما قولك لا يجيب دعاء ولا يكشف....، فالجواب: أن هذا غير صحيح فمن الذي يكشف السوء، ويجيب المضطر، ويغيث الملهوف، إلا الله جل وعلا، كما قال تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] ، وهذه حقيقة لم ينكرها المشركون الأولون، فقد كانوا يسلِّمون بها ويعملون بمقتضاها عند الكرب، كما قال الله عنهم: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65] .
فقد كانوا في الشدائد يلجأون إلى الله ليكشف كربتهم، ففي سنن الترمذي عن عمران بن حصين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: يا حصين كم تعبد اليوم إلها؟ قال أبي: سبعة، ستة في الأرض وواحداً في السماء، قال: فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء، قال: يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك، قال: فلما أسلم حصين قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: قل اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي.
فانظر إلى هذا الرجل كيف كان وهو على شركه يتوجه إلى الله وحده عند الرغبة في الحصول على شيء يهمه أو دفع شيء يخاف منه، واعلم أن الله عز وجل يجيب دعوة من دعاه؛ ولكن إذا توافرت شروط إجابة الدعاء وانتفت موانع الإجابة، ومن شروط إجابة الدعاء:
الأول: دعاء الله وحده لا شريك له بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بصدق وإخلاص، لأن الدعاء عبادة، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ، وفي الحديث القدسي: من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه. رواه مسلم.
الثاني: ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
الثالث: أن يدعو بقلب حاضر، موقن بالإجابة، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. وعند تخلف هذه الشروط أو أحدها لا يستجيب الله الدعاء، فتوافرها شرط وانتفاؤها مانع.
وهناك أسباب لإجابة الدعاء ينبغي للداعي مراعاتها وهي:
الأول: افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختمه بذلك.
الثاني: رفع اليدين.
الثالث: عدم التردد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه.
الرابع: تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وغير ذلك.
الخامس: أكل الطيبات واجتناب المحرمات، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
وبهذا يتبين أن الله إذا لم يستجب لدعائك فإنما هو لخلل فيك، أو لمصلحة يعلم الله أنه خير لك، فقد يكون إذا استجاب لك وحقق لك ما طلبته كان سبباً في إعراضك أو بعدك عنه، وهذا هو مقتضى الربوبية أنه يختار لعبده الصالح الطيب ما به صلاحه في حياته الأبدية، وواجب الإنسان أن يعبد الله وينفذ أمره، والله تعالى ييسره لليسرى ويغير حاله ولو بعد حين، ولا بد من التفريق بين إجابة الدعاء وإعطاء العبد ما طلب، فالإجابة أعم كما تدل عليه النصوص، فربما أجيبت الدعوة فدفع بها عن العبد من السوء بمثل ما طلب، وربما ادخرت له إلى يوم القيامة، وربما عجل له ما سأل، والأمر في ذلك كله واختياره سبحانه لعبده خير من اختيار العبد لنفسه لو عقل، وبهذا القدر نكتفي وننصحك أخيراً بالتوبة إلى الله والاستغفار عن بعض الكلمات الصادرة عنك التي قد تكون غير مقصودة، وهي خطيرة لأنها تتعلق بالذات الإلهية كقولك: إذا كان الله لا يجيب دعاء ولا يكشف كربا ولا أستطيع الاعتماد عليه في شيء، فلماذا أقول إنه ربي؟ وقولك: والله سيقف متفرجاً؟ أسأل الله جل وعلا أن يشرح صدرك وينور قلبك ويهديك إلى ما فيه صلاحك في دنياك وآخرتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(10/1091)
حكم طلب الإمام من المصلين الدعاء لمريض قبل الإقامة أو بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: هل يجوز لإمام المسجد أن يقول للمأمومين قبيل أو بعد إقامة الصلاة إن أخاكم مريض مثلاً أو مصاب أو أراد قضاء حاجة ... إلخ فادعوا له في سجودكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا جواز الدعاء في السجود، ويمكنك أن تراجع فيه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31964، 171، 45980.
وبناء على هذا الجواز فلا مانع للإمام أو غيره من أن يطلب من المصلين أن يدعوا لمريض بالشفاء أو لحصول حاجة أخرى، ولا ضرر في كون ذلك قبل الإقامة أو بعدها؛ إلا أنه يحسن بعد الإقامة أن يشتغل بأمر الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(10/1092)
مسألة حول الدعاء في ساعة الإجابة يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[2 ما المقصود ب \"قائما يصلي\" في حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة حيث إنه لا صلاة بعد العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرواية التي في صحيح البخاري وهي قوله عليه الصلاة والسلام: وهو قائم يصلي، وقد روى أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح، والنسائي والحاكم في مستدركه من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة ما يبين المقصود بذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه. قال أبو هريرة: فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له هذا الحديث فقال: أنا أعلم تلك الساعة فقلت أخبرني بها ولا تضن بها علي، قال: هي بعد العصر إلى أن تغرب الشمس. قلت: وكيف تكون بعد العصر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي وتلك الساعة لا يصلى فيها؟ قال عبد الله بن سلام: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة؟ قلت: بلى، قال: فهو ذاك.
فالمقصود بالصلاة هنا انتظارها، فالداعي في هذه الحال يعتبر كأنه داع في صلاة. قال الشوكاني: ولكنه يشكل على ذلك قوله: قائم، وقد أجاب عنه القاضي عياض بأنه ليس المراد القيام الحقيقي، وإنما المراد به الاهتمام بالأمر، كقولهم: قلان قام في الأمر الفلاني، ومنه قوله تعالى: " إلا ما دمت عليه قائما ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(10/1093)
هل الدعاء يستجاب عند الركن اليماني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد في حديث رسول الله أو في القرآن شيء عن أن الدعاء في الركن اليماني مستجاب
وهل يجب أن يكون ذلك إلزاما ضمن وقت الحج والعمرة حتى يكون مستجابا؟
أم أنه أي وقت مستجاب سواء أكان ضمن العمرة والحج أو خارجهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى قد وعد باستجابة الدعاء دون أن يقيد ذلك بركن يماني، ولا بحج أو عمرة، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر: من الآية60) ، وقال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة:186) ، وروى الإمام أحمد والحاكم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السؤال مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر.
ومن شروط إجابة الدعاء أن يكون الداعي طيب المطعم والملبس، وأن لا يستعجل لحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يقل دعوت فلم يستجب لي. رواه مالك، وفي صحيح مسلم: ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء.
ومن أسباب الاستجابة أن يقف المرء عند حدود الله ويخلص له العمل والنية، ويصدق بما وعد به ... ومن أوقات الاستجابة ثلث الليل الأخير، وبين الأذان والإقامة ونحو ذلك.
وأما الركن اليماني فإن من السنة استلامه في الطواف والدعاء بينه وبين الحجر الأسود بدعاء: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وروي أن استلامه يكفر الذنوب، أخرج الإمام أحمد من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطاً. ولم نقف على أن الدعاء عنده مستجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(10/1094)
قصيدة (السهيلي) كان يدعو الله بها ويرتجي الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن بعض الكتب الدينية التي تحتوي على بعض الأشياء، مثلاًًًًًُ: الأبيات التي ما سئل الله بها حاجة إلا أعطاه إياها، أحد هذه الأبيات يامن يرى مافي الضمير ويسمع
... أنت المعد لكل ما يتوقع
... يا من يرجى للشدائد كلها
... يا من إليه المشتكى والمفزع
إلى آخر القصيدة،، وأيضاًمن أراد أن يشفى من كل ضعف في بصره فليقابل
الهلال أول الشهر ويمسح بيمينه على عينيه وليقرأ الفاتحة 10 والإخلاص3
ويقول شفاء من كل داء برحمتك يا أرحم الراحمين7،، وهناك أشياء
كتسكين الصداع وللقوة وووو، وأن نكتب آية معينة من القرآن ونضعها
في الماء ثم نشرب ماءها فهل هذه الأشياء صحيحة مسندة، وهل يوجد حديث
في ذلك، وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في الأبيات المذكورة أثر مرفوع، وقد ذكرها ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية في ترجمة الإمام السهيلي رحمه الله فقال: وله قصيدة كان يدعو الله بها ويرتجي الإجابة فيها وهي:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعد لكل ما يتوقع
إلى آخر الأبيات.
ونقل صاحب الديباج المذهب عن ابن دحية أن السهيلي أنشده إياها، وقال: إنه ما سأل الله بها حاجة إلا أعطاه إياها.
وكذا دعاء البصر وتسكين الصداع لا نعلم فيه شيئاً مرفوعاً تصح نسبته إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(10/1095)
فضل دعوة ذي النون ودعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سرقت لي كاميرا وأنا خائف أن يكون آخذها يريد أن يعمل لي بها عملا فيسحرني أنا أو أحد الأشخاص
الموجودين في الفيلم.
س1: كيف أستردالأشياء الضائعة بآيات القرآن؟ وماهي هذه الآيات؟
س2: هل اللجوء إلى السحرة يؤدي إلى إرجاعها؟ مع بأني نصحت بالذهاب إليهم فرفضت!
س3: هل السحرة يستطيعون إرجاع الأشياء الضائعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى في أمورك والاستعانة بالصلاة، ويمكن أن تطلب من أحد أقاربك أن يدعو لك بظهر الغيب.
قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر: 60) .
وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (البقرة: 186) .
وقال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ (البقرة: 45) .
وفي صحيح مسلم عن أم الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال: آمين ولك بمثل.
واعلم أنه لا مانع أن تدعو بالآية التي دعا بها يونس، فقد ثبت في الحديث أنه يستجاب لمن دعا بها، ففي مسند أحمد وسنن الترمذي والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وأما تحريم إتيان السحرة وكونهم لا ينفعون بشيء، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 17266.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(10/1096)
شروط وأسباب وموانع إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدعو باستمرار وأنا صغيرة السن وأريد أن أعرف ماهي موانع استجابة الدعاء، وأيضا ماهي علامات استجابة الدعاء إن كان هناك علامات لأني أدعو بأشياء في المستقبل وأريد أن أعرف هل هناك علامات للاستجابة، وأنا أدعو بعد كل الصلاة أحيانا بتركيز وأحيانا لا، أي أنني تعودت على هذا الدعاء فهل هو يعتبر دعاء أم يجب التركيز؟ وجزيتم عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 11571، شروط إجابة الدعاء وموانع الإجابة وأسباب الإجابة، وللمزيد من الفائدة تراجع أيضاً الفتوى رقم: 2395، والفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(10/1097)
لا دعاء خاص بالاستذكار،
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء خاص بالاستذكار والمذاكرة قبل وبعد الاستذكار؟ وما هو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لم نطلع على دعاء خاص بالاستذكار، إلا ما أخرجه الترمذي والحاكم في الحديث المشتمل على دعاء حفظ القرآن، وهو حديث ضعفه العلماء، ومنهم من حكم عليه بالوضع، وكنا قد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 344 فراجعها.
ولكن الله تعالى أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، قال الله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] .
فكل أمر أراده العبد فليتوجه إلى الله بالدعاء، وليخلص في ذلك، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 18108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(10/1098)
من أسباب استجابة دعاء المسافر للعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت سؤالا ورقم الفتوى عليه 37657 فهل العمرة تساعدني في مشكلتي؟ وهل إذا شربت ماء زمزم بنية العلم يتحقق لي سهولة وسرعة التحصيل وعدم النسيان؟ وهل لمن يرى الكعبة للمرة الأولى دعوة مستجابة؟ وما هي مواضع الاستجابة أثناء أداء العمرة؟ وهل تأثير ماء زمزم نفسي فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم دليلاً يدل على أن من رأى الكعبة للمرة الأولى له دعوة مستجابة، ولعل ما ذكرت مما انتشر على ألسنة العوام دون دليل، ولا شك أن المسافر لأداء العمرة يجتمع له من أسباب إجابة الدعاء الشيء الكثير، ومن ذلك:
1- أنه مسافر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات متسجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للحاج بإجابة الدعوة، ففي الحديث: اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج. رواه البيهقي في سننه وكذا الطبراني في معجميه الأوسط والصغير، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقد ثبت في الحديث أن العمرة هي الحج الأصغر، كما رواه البيهقي في سننه والحاكم في مستدركه وأكد صحة إسناده، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه موقوفاً على مجاهد مرة، وموقوفاً على ابن عباس أخرى.
3- شربه من ماء زمزم، فقد ورد أنه لما شُرب له، وروى الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يقول عند شربه: اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاء من كل داء.، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6983، 37315، 3229.
ولمعرفة أسباب استجابة الدعاء ومظان أوقات استجابته، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21386، 35121، 11571، 9554، 17449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(10/1099)
لمظلوم أن يدعو على ظالمه بالموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مظلوم من شخص وأدعو عليه في صلاتي يومياً، السؤال: ماهو الدعاء المستجاب ليأخذ الله بأجله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمظلوم أن يصبر ويتحمل ويعفو عمن ظلمه لقول الله تعالى: فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا [البقرة:109] ، ولقول الله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] .
وليسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي ظالمه أو يكف ظلمه عنه، وله أن يدعو عليه بقدر مظلمته ولا يتعدى في دعائه عليه، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 20322 جواز الدعاء على الكافر والظالم بالموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(10/1100)
القول بأن دعاء المؤمن لا يستجاب في الدنيا باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: ما حكم هذا القول، معلمة فى التربيه الإسلاميه قالت إن الله لا يستجيب دعوة المؤمن فى الدنيا إذا دعا بل يؤخره إلى يوم القيامة، وقالت إن دعوة الفاسق مستجابة، وبعض البنات يقلن نحن فاسقات نحن ندعو لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول بأن دعاء المؤمن لا يستجاب في الدنيا قول باطل، دل على بطلانه الشرع والواقع.
أما الشرع فأخبرنا بأنه يستجاب للمسلم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 21386.
وأما الواقع فيشهد بأن الآلاف من المسلمين المؤمنين قد حدثت لهم الإجابة، وأما كون الفاسق يستجاب له فغلط أيضا، وانظر الفتوى رقم: 13728.
ولكن قد يستجاب للفاسق أو الكافر إذا دعا وهو مضطر، أو من باب الاستدراج، وليس هو الأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(10/1101)
مدى قبول دعاء مرتكب المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل مشاهدة أفلام الجنس ينقص من قبول الدعاء، علما بأني أشاهد هذه الأفلام ونفسي تعاتبني وأشعر بالندم كلما شاهدت شيئا منها، وكيف الطريق للخلاص من مشاهدة الحرام، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمشاهدة الأفلام الجنسية من المعاصي المحرمة، ولها آثر خطير في إفساد المسلم وإيقاعه في الفاحشة، فعليك المبادرة بالتوبة إلى الله من ذلك والأخذ بالأسباب التي تعينك على تركها، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1256، 10803، 7007.
واعلم أن المعاصي وإن كثرت فقد يستجاب لصاحبها، وقد تمنع الإجابة في بعض الأحيان، وقد مضى تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(10/1102)
القشعريرة ليست علامة على قبول الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من علامات استجابة الدعوة الإحساس بالقشعريرة والتنميل؟
وجزاكم الله عنا ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يصيب المرء من قشعريرة ونحوها أثناء الدعاء، بسبب الخشوع، يُعد سبباً من أسباب إجابة الدعاء، ولا يعتبر ذلك علامة على قبوله حقيقة، فمن خشع في دعائه وألح فيه واستوفى بقية شروط الدعاء، فالمرجو له القبول من الله تعالى، ولا يستطيع أحد أن يجزم بقبول الله للدعاء أو رده بناء على شيء أحس به، وقد بينا آداب الدعاء وأسباب الإجابة في الفتوى رقم: 11571، والفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(10/1103)
دعوة ذي النون.. وشروط تحقق الاستجابة لمن دعا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل من يقول "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" يستجاب له الدعاء؟ وماذا عن الذي قالها بإخلاص ولم يستجب الله دعاءه؟ هل يزيد ذلك من حسناته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام الترمذي وغيره عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
ففي هذا الحديث أن المسلم إذا دعا بدعوة ذي النون - يونس عليه السلام - لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين استجاب الله دعاءه، ولكن هذه الاستجابة موقوفة على تحقق شروط وانتفاء موانع. وقد بينا شروط وموانع إجابة الدعاء في الفتاوى التالية أرقامها: 11571، 2395، 21386، 23599 13728، 32438.
ومن هذه الفتاوى تعلم أن الدعاء متى تخلف عنه شرط من هذه الشروط أو وجد به مانع لم يكن مستحقًا للإجابة، وأنه متى تحققت فيه شروط الإجابة وانتفت موانعها فإن الله تعالى يجيبه عاجلاً في الدنيا أو آجلاً في الآخرة، بأن يعطي الداعي حسنات في مقابل دعوته، أو يصرف عنه من السوء مثل دعوته، لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. رواه أحمد والحاكم.
قال الإمام ابن عبد البر: هذا الحديث يخرج في التفسير المسند لقول الله عز وجل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، فهذا كله من الاستجابة، وقد قالوا: كرم الله لا تنقضي حكمته. ولذلك لا تقع الإجابة في كل دعوة. قال الله عز وجل: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ [المؤمنون:71] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(10/1104)
أوقات يزيد فيها رجاء إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أوقات استجابة الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمؤمن أن يكثر من دعاء الله تعالى في كل حين، وأن يجتهد كل الاجتهاد في تجنب الأسباب المانعة من استجابة الدعاء كالأكل الحرام والتغذي به، والدعاء بقلب غافل ساهٍ.
فإذا ما اجتنب الداعي موانع الإجابة فعليه أن يدعو متيقنًا باستجابة الله لدعائه؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرًا. رواه أبو داود وغيره.
ولكن هناك أوقات يزيد فيها رجاء الإجابة ينبغي للمؤمن تحريها مثل الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات، والساعة التي في يوم الجمعة، وقد اختلف العلماء في تحديدها لاختلاف الأحاديث في ذلك، ففي بعض الروايات أنها من حين صعود الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وفي بعضها أنها آخر ساعة بعد العصر. فينبغي الاجتهاد في الساعتين.
ومن الأوقات التي ترجى فيها الإجابة أيضًا: عند نزول المطر، وعند التقاء الجيشين للقتال، وعند السجود، وعند الإفطار من الصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(10/1105)
لا حرج في دعاء المرأة للخلاص من نكاح أكرهت عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر دعاء المرأة لله بأن يخلصها من زيجتها التي أكرهت عليها دون الدعاء بالشر على أحد هو دعاء بقطيعة رحم سيعاقبها الله عليها، ولن تستجاب تلك الدعوة؟.. أرجو إفادتي أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس الدعاء بذلك من الدعاء بقطيعة الرحم أو بالإثم؛ ولو كان الرجل الذي أكرهت على النكاح به ممن تجب لهم صلة الرحم، كأن يكون ابن عمك أو ابن خالك، ونحو ذلك من ذوي الرحم الذين تجب صلتهم - وهم من يجمع بينهم وبين الإنسان نسب -، وذلك لأن هذا الدعاء المذكور من الدعاء المشروع برفع الظلم، لأنه لا يجوز لأحدٍ أن يكره المرأة على نكاح من لا ترضاه. وراجعي الفتوى رقم: 27696.
أما هل يستجاب هذا الدعاء؛ فقد روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر. قال: الله أكثر.
وإذا أردت أن تتخلصي من هذا النكاح فلك أن ترفعي أمرك إلى المحكمة الشرعية لتحكم بما تراه مناسبًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(10/1106)
أحاديث في فضل الدعاء عند الملتزم
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إن الملتزم هو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، وأن من يدعو هناك فقد استجاب الله دعوته؟ ما هو الدليل على صحة هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في الملتزم عدة أحاديث، ومنها:
- حديث عبد الله بن عمرو قال: طُفْتُ مَعَ عَبْدِالله فَلَمّا جِئْنَا دُبُرَ الكَعَبْةِ قُلْتُ أَلاَ تَتَعَوّذُ قالَ نَعُوذُ بِالله مِنَ النّارِ، ثُمّ مَضَى حَتّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَأَقَامَ بَيْنَ الرّكْن وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُما بَسْطاً ثُمّ قال: هَكَذَا رأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ. رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي، ولكن في سنده المثنى بن الصباح ضعيف.
- وحديث عبد الرحمن بن صفوان قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه قد استلمو البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم. رواه أبو داود ولكن فيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعفه بعض أهل العلم.
وعن ابن عباس: أنه كان يلتزم ما بين الركن والباب، وكان يقول: ما بين الركن والباب يُدعى الملتزم، لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه. رواه البيهقي موقوفا، وفيه ضعف.
ومع هذا، فقد قال النووي في المجموع: والعلماء متفقون على التسامح في الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال ونحوها مما ليس من الأحكام. انتهى.
والأحاديث التي ذكرناها، وإن كانت لا يخلو منها حديث بمفرده من مقال، إلا أنها تصح بمجموعها.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم:
2448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(10/1107)
الدعاء بعد قراءة القرآن.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء بعد التلاوة وارد في السنة النبوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم في ذلك حديثًا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن بعض العلماء ذكر أن من أوقات إجابة الدعاء "عقب تلاوة القرآن" قال ابن مفلح في الآداب وهو يعدد أوقات الإجابة: وعقب تلاوة القرآن لا سيما عند الختم.
أما عند الختم فقد وردت بذلك الآثار عن الصحابة وعن السلف الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(10/1108)
من موانع إجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد أن أستفسر عن المال الحرام، نحن لدينا محل نبيع فيه أشرطة غنائية منذ ما يقارب العشرين عاما، فهل بيع الأشرطة الغنائية حرام، وهل معنى هذا أن أجسامنا نشأت على المال الحرام في هذه المدة الطويلة، وهل صحيح أن الدعاء لا يستجاب في حالة الشخص الذي نبت جسمه من حرام، وإذا كان كذلك، فماذا علينا أن نعمل؟ أرشدونا جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم بيع أشرطة الأغاني في الفتوى رقم: 22505، وعليه فإذا كانت الأشرطة التي تبيعونها من النوع المحرم فإن بيعها محرم وثمنها خبيث، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من نبت لحمه من السحت، النار أولى به. رواه الإمام أحمد وقال عنه الأرناؤوط: إسناده قوي.
كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أن أكل الحرام من موانع الاستجابة.
والذي يجب على من كان يتاجر في المحرمات - مثل بيع أشرطة الغناء المحرم - هو التوبة فورًا، ومن أهم شروطها: الكف في الحال عن ذلك العمل، والتخلص مما بيده من ثمن الحرام ما لم يكن مضطرًا له. ومن أخلص التوبة لله تعالى قبل الله توبته وغفر له زلته ولو كانت أكبر الكبائر.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(10/1109)
دعاء المدخن مقبول إذا تحققت فيه شروط الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل دعوة المدخن؟؟ وهل يجوز أن يصلي بالناس مدخن؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم تحريم استعمال الدخان لما فيه من المضار في الفتوى رقم: 1819 والفتوى رقم: 1671 كما سبق عدم جواز تعيين المدخن إماماً في الفتوى رقم: 8884 إلا أنه تصح الصلاة خلفه إذا صلى كما هو موضح في الفتوى رقم:
29087 ولا مانع من قبول دعاء المدخن إذا توافرت فيه شروط الاستجابة وانتفت عنه الموانع، لعدم وجود دليل يمنع ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(10/1110)