إدراك الحكمة من الخلق بوابة السعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم مساعدتي في التقدم بالحياة وفهم الحياة لأنني على وشك الجنون ... أريد أن تساعدوني في العثور على المرشد الصادق لأتكلم معه وأحكي له عن كل فشلي في الحياة وعن الصراع الذي أعيشه لأنني لا أستطيع أن أجد أحدا في هذا العالم البذيء فلماذا الاستمرار أنا عمري 24 عاما ساعدوني في أسرع وقت مساعدة حقيقية والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحياة رحلة قصيرة ومعبر إلى عالم الآخرة الدائم… فمن أراد أن يكون سعيداً على كل حال فليضع الحياة موضعها الطبيعي من الآخرة، وليدرك الحكمة من الخلق والابتلاء والغنى والفقر والصحة والمرض، والجنة والنار… ولا نريد الدخول في تفاصيل ما نعتقد أنه حل عملي وجذري لكل مشكلاتك حتى تكتب إلينا عن طبيعة ما تعاني منه؟ اجتماعياً وبدنياً وأخلاقياً ومادياً، ودينياً… وبقدر وضوح ما تكتب إلينا ستكون مساعدتنا لك فاعلة بإذن الله. والسلام عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1422(9/6299)
كيفية نصح الأب المريض بالإيدز ليتوب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أنصح والدي المصاب بمرض الإيدز بالتوبة إلى الله دون أن أجرحه أو أغضبه؟ فأنا أريد له الخير ولنفسي الرضى من الله ثم من والدي وأخشى على والدي من غضب الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى علم الأبناء كيف يخاطبون آباءهم وينصحونهم - وإن كان الأب كافراً- وذلك في قصة نصح أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لأبيه، قال عز وجل: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر…إلخ) [مريم:41-48] . فالرفق واللين وإظهار الرحمة في كلامك مع أبيك، كل ذلك كفيل بأن يجعله يصغي إليك، واستعن قبل محادثتك له بالدعاء، بأن يفتح الله تعالى قلبه لاستقبال كلماتك، واقرأ الآيات المذكورة قبلاً من سورة مريم، وتفسيرها، ويمكنك أن تهديه بعض الكتيبات والأشرطة إذا كان ممن يتقبل ذلك، كما يمكنك أن ترسل إليه من يزوره من أهل العلم والدعوة المعروفين بالحكمة والقدرة على التأثير، مع ما سبق من التلطف في النصيحة.
ومع فعل الأسباب الممكنة فإن الله سيفتح عليه من فتوحه، ويوفقه للتوبة إن شاء الله ولست أنت أرحم بأبيك من ربك، فرحمته سبحانه وسعت كل شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1422(9/6300)
نصائح لمن ضاق عليه الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته
وبعد:
أنا شاب أبلغ من العمر25 سنة ولكن حالتي المادية ضعيفة.
أرجو المساعدة منكم ياأهل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننصحك بعدة أمور:
أولاً: عليك بتقوى الله سبحانه وتعالى والعمل الصالح، لقوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [الطلاق: 2-3] .
ثانياً: ربما كان ضيق الحال وقلة الرزق بسبب كثرة الذنوب والمعاصي، أو المجاهرة بها مع عدم التوبة، وقد أخبر الله تعالى أن التقوى تجلب البركة فقال: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) [الأعراف: 96] .
وقد حرّم الله على اليهود طيبات أحلت لهم بسبب ظلمهم واعتدائهم، فقال: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليما) [النساء: 160-161] .
وقال الله تعالى لبني إسرائيل: (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) [المائدة: 66] .
ثالثاً: عليك بصلة الرحم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه" رواه البخاري ومسلم.
فصلة الرحم من أسباب سعة الرزق والبركة في العمر.
رابعاً: عليك بالأخذ بأسباب الكسب، والبحث عن عمل مناسب، فإذا فعلت ذلك وابتعدت عن الأعمال المحرمة والمشبوهة، وسلكت سبيل الصالحين، فيرجى أن يوسع الله عليك، لكن الواجب في جميع الأحوال: الرضا بقضاء الله وقدره خير وشره، فهو من أركان الإيمان الستة كما في حديث جبريل: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" رواه مسلم والترمذي والنسائي عن عمر.
وفي الحديث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس" رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة بسند ضعيف.
وعند الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يبتلي العبد فيما أعطاه، فإن رضي بما قسم الله له بورك له فيه، ووسعه، وإن لم يرض لم يبارك له، ولم يزد على ما كتب له". صححه السيوطي.
رابعاً وأخيراً: وأنت شاب في ريعان الشباب تقول بأن حالتك المادية ضعيفة، ربما كان هذا صحيحاً، لكنها أقوى بالنظر إلى من هو دونك، ولعل عندك الصحة والعافية التي يفتقدها غيرك، وهي بلا شك أعظم نعمة بعد نعمة الهداية والإيمان، فاعتصم بالله واستمسك بهدي الكتاب والسنة، ولا تيأس من رحمة الله، وسله البركة في العمر، وسعة الرزق. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1422(9/6301)
النظر إلى عظم المعصية، يسهل الرجوع إلى الصواب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من عرف الصواب لكن لا يستطيع اتباعه لأنه اعتاد عليه ويجد صعوبة في ذلك وهو يعلم أن الفعل الذي يقوم به خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكما أن قبول الحق بعد معرفته والرجوع إليه بعد استبانته فضيلة عظيمة، وخلق قويم، فإن الاصرار على الباطل رغم وضوح الحق معصية رذيلة، وخلق مشين، وهو سلوك إبليس، وسبيل كل أفاك أثيم قال سبحانه: (ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم) [الجاثية: 7، 8] .
وأخرج أبو داود وأحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط لله حتى ينزع".
فالاستمرار في الباطل يوجب سخط الله وغضبه، فليتق الله المسلم ويلتزم بالحق، وليرجع إلى الله، ولو اضطره ذلك إلى قهره نفسه وهواه.
ولا يترك فرصة لهواه أن يغلبه، ولا لشهوته أن تهلكه، ومن وقع في خطأ أو معصية، فعليه أن لا يستقلها وأن لا يستخف بها، فإن هذا سلوك الفجرة، روى البخاري عن ابن مسعود أنه قال: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا " قال: أبو شهاب بيده فوق أنفه.
قال الحافظ ابن حجر قال ابن أبي جمرة: (ويستفاد من هذا الحديث أن قلة خوف المؤمن ذنوبه وخفتها عليه يدل على فجوره) . والإنسان لا يدري متى يموت، فلماذا هذا التسويف في قبول الحق، والرجوع إلى الصواب.
وفقنا الله جميعا لطاعته ومرضاته. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(9/6302)
شاب على خير وصلاح وتضعف نفسه أمام بعض المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ولله الحمد ولكن أحيانا أفعل بعض المعاصي وأندم عليها مثل العادة السرية والنظر إلى بعض الصور الخليعة فماذا على أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يجب عليك أن تفعله هو التوبة إلى الله توبة نصوحاً في كل حين. والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة، والالتجاء إلى الله تعالى أن يحفظك من الشيطان وخطواته وهمزاته.
ثم عليك أن تكثر من تلاوة كتاب الله تعالى، وتدبر معانيه وما فيه مما أعده الله للمتقين الأبرار من نعيم مقيم، وما أعده للمجرمين الفجار من عذاب أليم (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [الزلزلة:7-8] ، ثم تستشعر اطلاع الله عليك وإحاطته علما بمتقلبك ومثواك وبالسر منك وأخفى.
ثم عليك بلزوم الصحبة الصالحة التي تدلك على الخير والعمل به وتعينك على ذلك. والابتعاد عن صحبة الأشرار ومجالستهم فإنهم أعدى من الجرب.
وأمر آخر غاية في الأهمية، إنه هجر الأسباب المهيجة على المعاصي ومقاطعتها، فإنه لا معنى للتوبة والندم والرغبة في إصلاح الحال وأنت مقيم على الأسباب التي تمد النفس والجوارح بالمعاصي وتزينها لها، فهذا أول أبواب التوبة، وهو الدليل على صدق التائب مع نفسه ومع ربه.
وبهذه - بإذن الله تعالى- تستطيع المحافظة على دينك، والفرار مما يغضب ربك ويعرضك لعقابه.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(9/6303)
نصائح لحفظ المسلمة من أهل السوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة والحمد لله ولكن في أحد الأيام خرجت مع رفيقاتي وباختصار فاجأني رجل تقرب مني بسرعة وقبلني على فمي"أطلب من الله المغفرة على هذا الحدث الذي لم أكن أشأ أن يحدث ولكنه حدث وللأسف" فابعدته عني وتشاجرت معه وتبين ان إحدى رفيقاتي وصته أن يفعل معي هذا وعندما رجعت إلى البيت أخذت أتلو القرآن وأبكي على ماحدث، بعدها شعرت براحة وأنه لم يحدث شيء لي فهل سيغفر لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث كان هذا الأمر من غير تعمد منك، وقد استغفرت الله تعالى من ذلك، فنسأل الله أن يتجاوز عنا وعنك.
لكن هذا الحدث ينبغي أن ينبهك إلى ضرورة اختيار الرفقة الصالحة المستقيمة على أمر الله عز وجل، فإن الصديقة التي تخاطب رجلاً أجنبياً، وتوصيه بهذا العمل المنكر، ليست من أهل الصلاح والاستقامة، والواجب عليك نصحها ودعوتها إلى الله، فإن استجابت فالحمد لله، وإلا فدعي صحبتها. وابحثي عن أخوات صالحات يُعنّكِ على طاعة الله ومرضاته.
وينبغي أن تتنبهي أيضا إلى أن المرأة المسلمة مطالبة بستر وجهها عن الأجانب، لا سيما في أزمنة الفتن، وكثرة الفساد، وتجرؤ الناس على المعاصي والفسوق.
والمرأة إذا سترت وجهها لم يطمع فيها أهل الفساد، وحفظت حياءها، ونالت رضى مولاها سبحانه وتعالى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(9/6304)
الخوف الصحيح من الله ثمرته التوبة الصادقة والعمل الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظك الله، أريد أن أسأل كيف للإنسان التوبة وهو يواصل فعل المنكرات وخاصة رؤية الصور المحرمة والمغريات كثيرة أمامه ويخاف عقاب الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أهم شروط التوبة الإقلاع عن الذنب، والانكفاف عنه. أما توبة المصر على فعل المحرمات أو ترك الواجبات فهي توبة غير مقبولة، بل هي كالاستهزاء بالله عز وجل، فلو أن شخصاً يعامل شخصاً آخر من الناس يقول له: أنا تبت عما بدر مني ونادم ولن أعود إليه، وفي نيته أنه سيعود، فإن هذا يعتبر من السخرية بذلك الشخص فكيف بالله رب العالمين، فالإنسان التائب حقيقة هو الذي يقلع عن الذنب إقلاعاً صادقاً لا رجعة فيه.
ثم اعلم أخي السائل أن الإصرار على المعاصي له سببان أحدهما: الغفلة، وثانيهما: الشهوة، ولكل واحد منهما علاج يقضي عليه ويحسم مادته، أما الغفلة فدواؤها العلم والتذكر دائماً بما في القرآن الكريم والحديث الشريف من الوعيد الشديد للمذنبين في الآخرة، وأن تعجيل العقوبة لهم في الدنيا متوقع، فقد يعجل الله لأهل المعاصي ألواناً من العقوبة في الدنيا، أخرج ابن ماجه والطبراني والحاكم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن العبد ليحرم الرزق في الدنيا بالذنب يصيبه".
وأما الشهوة: فدواؤها الابتعاد عن أسبابها المهيجة والمغرية عليها، وتجنب مواطنها، واستحضار المخوفات الواردة فيها والآثار الوخيمة المترتبة عليها. ولا شك أن العبد إذا توجه إلى ربه بنية صحيحة وقلب مخلص فإنه تعالى بفضله وكرمه يعينه على قصده الحسن، ويهديه إلى الطريق المستقيم، ويهيئ له أسباب التوبة، قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت: 69] .
فلتتب إلى الله عز وجل توبة كاملة الشروط قبل فوات الأوان، ولتبتعد عن المحرمات والمغريات، فإن الإنسان لا يدري متى يحضره أجله فيلقى ربه متلبساً بالمعاصي، نسأل الله للجميع حسن الخاتمة، وليكن خوفك من الله خوفاً محموداً، والخوف المحمود هو الذي يحمل صاحبه على المواظبة على طاعة الله تعالى، امتثالاً لأمره ورجاءً لثوابه، وترك ما حرم اجتناباً لنهيه وحذراً من عقابه، أما الخوف الذي يخطر بالبال عند سماع آية، أو سبب هائل فيورث بكاءً أو انكساراً فإذا غاب ذلك السبب عن الحس رجع القلب إلى الغفلة، فهذا خوف قاصر قليل الجدوى ضعيف النفع، نسأل الله التوفيق للجميع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(9/6305)
الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[من القائل: (من سأل الله الدنيا فإنما يسأله طول الوقوف)
وما معنى هذه المقولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على قائل هذه العبارة، ولا نعلم لها نسبة، وهي مقولة حق وعبارة صدق، يشهد لها ما رواه الشيخان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين، وإذا أصحاب الجَدِّ محبوسون إلا أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار..".
وذلك أن الغني ـ من أهل الجنة ـ لا يدخلها حتى يحاسب على ما أعطاه الله له من الدنيا، وأما الفقير من أهلها فإنه لا شيء عنده يحاسب عليه، وإن كان عنده من شيء فهو قليل، فيكون موقفه أقصر.
ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: "يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام" رواه الترمذي. وعلى المرء أن يسأل ربه العافية في الدنيا والآخرة.
فقد جاء العباس بن عبد المطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله تعالى قال: "سلوا الله العافية" فمكث أياماً ثم جاء فقال: "يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله تعالى، فقال: "يا عباس يا عم رسول الله:"سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة" رواه الترمذي، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي" رواه أبو داود. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(9/6306)
ذكر الموت يحفز على الاجتهاد في الطاعات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة دائمة التفكير في الموت وخائفة جدا بأن يفاجأني الموت وأنا أشعر بأني مقصرة في عبادة وطاعة الله سبحانه كما أني أتألم كثيرا عندما أرى من حولي يذنبون بأعمال لايراعون في ذلك غضب وعقاب رب العالمين. أفيدوني وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن تذكر الموت والاتعاظ به والاعتبار كل ذلك مطلوب شرعاً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم اللذات"، يعني: الموت. رواه النسائي، والترمذي، وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال الإمام القرطبي: (قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة.) التذكرة: الجزء الأول، ص 27.
وقال السدي في قوله تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) [الملك: 2] . أي: أكثركم للموت ذكراً، وله أحسن استعداداً، ومنه أشد خوفاً وحذراً. وقال القائل:
... ... ... صاح شمر ولا تزل ذاكر الموت ... ... ... ... فنسيانه ضلال مبين
وعلى هذا فالمطلوب من المسلم أن يكون ذاكراً للموت، مجتهداً في العمل الصالح، مجتنباً للتسويف وتأخير التوبة، وأن يكون جامعاً بين الخوف والرجاء، يحذر العقاب، ويرجو الثواب، كما قال تعالى: (أمَّنْ هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر للآخرة ويرجو رحمة ربه) [الزمر: 9] . حيث لا يجوز أن يكون الخوف من الموت سبباً في القنوط، أو اليأس من رحمة الله، كما لا يجوز أن يكون الطمع في رحمة الله والاتكال على ذلك سبباً في التكاسل والتهاون في الطاعات أو الوقوع في المنكرات. ولا شك أن التألم لرؤية الذنوب والمعاصي أمر طيب ومحمود، وهو نوع من إنكار المنكر، لكن ينبغي الإنكار على من نراه مخالفاً للصواب، ونصحه وتوجيهه ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة مع الرفق واللين.
ويكفي أن نذكر هنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه مسلم.
ولذلك نقول للسائلة الكريمة لا تنزعجي لما أنت عليه، بل أنت على خير ـ إن شاء الله ـ زادك الله حرصاً على الخير والعمل الصالح، وأكثري من تلاوة القرآن الكريم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الله يطمئن القلب، ويشرح النفس، ويعصم المرء من الشيطان ووساوسه، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: 28] . واحرصي على مرافقة النساء الصالحات، وأداء الصلوات في أوقاتها، مع التزود بالعلم النافع. وفقك الله لما يحبه ويرضاه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(9/6307)
المعاصي في الأشهر الحرم وفي البلد الحرام عقوبتها مغلظة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتكاب ذنب فى مكة يكون بمائة ألف ذنب وهل مجرد التفكير في ذنب فى مكة يعتبر ذنباً بمائة ألف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر غير واحد من المفسرين أن الذنوب تعظم وتضاعف عقوبتها بعظم الزمان والمكان، قال الإمام الرازي: عند قوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) [التوبة: 36] :
"ومعنى الحرم: أن المعصية فيها أشد عقاباً، والطاعة فيها أكثر ثواباً، والعرب كانوا يعظمونها جداً حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يتعرض له. فإن قيل: أجزاء الزمان متشابهة في الحقيقة، فما السبب في هذا التمييز؟ قلنا: إن هذا المعنى غير مستبعد في الشرائع، فإن أمثلته كثيرة، ألا ترى أنه تعالى ميز البلد الحرام عن سائر البلاد بمزيد الحرمة، وميز يوم الجمعة عن سائر أيام الأسبوع بمزيد الحرمة ... ) . التفسير الكبير المجلد 6، صفحة (41-42) وقال الإمام ابن كثير أيضاً عند هذه الآية. قال تعالى: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) أي: في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في الحرم تضاعف لقوله تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الديّة في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قتل في الحرام، أو قتل ذا محرم ... ) تفسير ابن كثير المجلد 2، صفحة 467.
وأما مجرد التفكير بالذنب فإن كان مجرد خاطر وحديث نفس فلا يؤاخذ الله به، سواء كان في مكة أو كان في غيرها، قال الإمام النووي في كتابه الأذكار: (فأما الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل" [رواه البخاري ومسلم] . أما العزم على المعصية وعقد القلب عليها، فهو معصية، ولا شك أنه في مكة أعظم منه في غيرها، ولذا كره كثير من السلف الصالح المقام فيها، مع أن العمل الصالح فيها مضاعف أضعافاً كثيرة، وذلك إيثارا لجانب السلامة. نص على ذلك ابن العربي وغيره، وأما كون الذنب فيها بمائة ألف ذنب فلم نجد من صرح بذلك، وغاية ما صرحوا به أن الذنب فيها أعظم من الذنب في غيرها كما تقدم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1421(9/6308)
كيف نقوي إيماننا بالله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أفضل الصيغ أو الأمثلة في واقعنا المعاصر في إثبات عظمة الله بحيث يكون الأمر مبسطا للسامع أو القارئ ... وماهي أسباب تقوية اليقين بالله سبحان وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أنفع السبل لغرس بذرة الإيمان بالله عز وجل وبيان عظمته سبحانه سرد آيات الله الكونية مبرهنة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية مقرونة بالتجارب العلمية والعملية إن وجدت، مع التفكر في كل ما تحيط به حواسنا، لأن ما يدركه الإنسان بفكره ويطمئن إليه بعقله يزداد يقينه به أكثر مما يدركه بدلائل المعرفة الأخرى.
فالنظر في هذا الكون المتناسق المحكم الذي يجرى وفق نظام بديع وميزان دقيق يجعل الإنسان يخلص إلى أنه لابد لهذا الكون من خالق عليم خبير حكيم قدير عظيم وهو الله سبحانه جل في علاه قال سبحانه: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) .
ولهذا فقد توافرت الآيات القرآنية في الحض على التفكر والتأمل في مخلوقات الله، لأن عملية الخلق من أعظم الدلائل على عظمة الله سبحانه، وقد تحدى سبحانه من يدعون الألوهية أن يخلقوا ذباباً وهو من أحقر المخلوقات شأناً ليقيم عليهم الحجة بذلك فيتوصلوا إلى الإقرار بعظمته والاعتراف بالعجز عن تقديره سبحانه حق قدره، وإن مما يقوى اليقين بالله ـ مع ما سبق ذكره ـ التوجه القلبى لذكر الله وعبادته حق عبادته وزيادة القرب منه سبحانه، فالتفكر في خلق الله مع ذكر الله وعبادته لا استغناء عنهما، ولا عن أحدهما لمن يريد أن يوقن حق اليقين بربه سبحانه وتعالى، وقد بين سبحانه ذلك كله فقال: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار) [آل عمران: 190ـ191) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(9/6309)
ضوابط تتعلق بحب الشهوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في حب الشهوة دون التعدي على حدود الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) [آل عمران: 14] . والناس لفظ عام، فظاهر اللفظ يقتضي أن هذا المعنى ـ وهو حب الشهوات ـ حاصل لجميع الناس، والعقل يدل على ذلك.
والله ما خلقها إلا للاستمتاع بها، بدليل قوله: (ذلك متاع الحياة الدنيا) .
ومحبة الإنسان للشهوات هي أن يحرص على تحصيلها والاستمتاع بها. فإن كان ذلك من طريق مشروع وبالوجه المشروع فالناس في ذلك على أنواع:
الأول: من يترك الانتفاع بهذه الأمور كليةً، وهذا مذموم شرعاً.
الثاني: أن يكون الإنسان لا هم له ولا غرض له في عيشه إلا تحصيل هذه الأمور، وهذا أيضا مذموم شرعاً.
الثالث: أن ينتفع بها من غير أن يتوصل بذلك إلى أمرٍ أخروي، وهذا مباح.
والرابع: أن ينتفع بها على وجه يتوصل به إلى مصالح الآخرة، وهذا ممدوح ومطلوب شرعاً، أما إذا كان تحصيلها والاستمتاع بها بطريق غير مشروع، فذلك محرم، ولكن قد يحصل للإنسان محبة لبعض المحرمات، بمعنى الميل إليها بطبعه لكنه لا يسعى لتحصيلها، ولا يحب ذلك، فلا شيء عليه.
لأن من أحب شيئا، وأحب أن يكون من طبعه أنه يحبه، فقد حقق فيه كمال المحبة، فإن كان في جانب الخير فهو كمال السعادة، كما في قوله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: (إني أحببت حب الخير..) . معناه: أحب الخير وأحب أن أكون محباً للخير.
وإذا كان ذلك في الشر فهذا شر عظيم، كأن يحب الزنى ويحرص على تحصيله ويحب ذلك. فعلى الإنسان أن يقلل من الدنيا وشهواتها، إلا بقدر ما ينفعه في الآخرة، ويعينه على طاعة ربه، ولذلك نجد الله تعالى ـ بعد أن بين أن الناس زين لهم حب الشهوات ـ بين أنها فانية منقضية تذهب لذاتها وتبقى تبعاتها، ثم حث سبحانه على الرغبة في الآخرة بقوله: (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم) [آل عمران: 15] ثم بين طيبات الآخرة المعدة لمن واظب على العبودية من الصابرين والصادقين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1421(9/6310)
قيمة الدنيا في ميزان المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الإنسان عندما يضيق به الحال من ناحية الرزق مع أنه يعتقد بأن نيته صافية وهل هناك أدعية تجلب الرزق مع ذكر بعض منها أو المراجع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن الرزق بيد الله وحده وأن الإنسان مهما سعى في طلب الرزق فلن يأتيه إلا ما كتبه الله له، ومهما حيل بينه وبين رزقه فإن رزقه آتيه كما يأتيه أجله؛ فقد روى الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله" الحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع.
ثم اعلم أن السعادة في هذه الدنيا ليست بوفرة المال، وإنما هي: بالإيمان والقناعة والرضى، وإن الدنيا أحقر من أن يضيق الإنسان ذرعاً لقلتها في يده. ففي صحيح مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كَنَفَيه فمر بجدي أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه فقال: " أيكم يحب أن هذا له بدرهم"؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: " أتحبون أنه لكم " قالوا والله لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت؟ فقال: " والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم".
فما أحقر هذه الدنيا التي شغلتنا عن الآخرة، وانتابنا الهم والغم إن قلت في أيدينا. فلا تحزن يا أخي ولا تيأس، ولا تنظر إلى من فوقك، وانظر إلى من تحتك، تدرك نعمة الله عليك. فإن كنت فقيراً فغيرك مثقل بالديون، وإن قل المال في يدك فغيرك فقد المال والصحة والولد. فارض بقضاء الله وقدره في تقسيم الأرزاق واعلم أن الله لا يقدر لك إلا الخير، وأن تدبير الله لك خير من تدبيرك لنفسك.
ولا يعني ذلك أن تترك الأخذ بأسباب الرزق فهذا قدح في الشرع، فإذا ضاق بك الحال أو قصرت يدك، فأولاً: تزود بالقناعة، ثم خذ بأسباب الرزق مع التوكل على الله، والجأ إليه بالدعاء والتضرع بين يديه لاسيما في الثلث الأخير، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له.
فارج الله، وضع مسألتك بين يديه، واسأله الرزق الحلال، فهو الذي لا يخيب من دعاه، فيده ملآى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، ينفق كيف يشاء. ولو تضرعت بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى.
فقد روى أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحداً قط هَم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً" قال فقيل يا رسول الله: ألا نتعلمها فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها"
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر، ومن فتنة النار، وعذاب النار، ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال" وغيرها من الأدعية المأثورة التي تجدها في كتب الأدعية والأذكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6311)
شروط التوبة من الذنوب.
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يستغفر المرء من الغيبة، وخاصة في لحظة الغضب منه، واذا أخبرت الشخص بما اغتبته به ربما لن يتقبلها ويرد علي بالهجر والمخاصمة، فما السبيل للاستغفار من الغيبة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شروط التوبة من الذنب إذا كان فيه حق لأحد من عباد الله أن يتحلل المذنب من صاحب الحق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْه. رواه البخاري.
وقد قيد العلماء وجوب التحلل بما إذا لم يؤد إلى مفسدة عظمى كالمهاجرة والشقاق. ورأى بعضهم أن على المرء حينئذ أن يحاول أن يستسمح أخاه في الجملة بدون أن يعين له نوع الحق الذي هو له عليه. كما أن منهم من ذهب إلى أن عليه أن يذكره في أماكن أخرى بما يعلم فيه من الخير، جبراً لما قد ناله بذكر ما فيه من السوء مثلاً. وعلى كل فعليه بالتوبة من ذلك الذنب بشروط التوبة الأخرى، المعروفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6312)
سبيل تقوية الإيمان.
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستطيع تقويم وتقوية إيماني والارتقاء إلى درجة الايمان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فاعلم أنك بتكاسلك عن العمل للآخرة قد ضيعت الوقود الحقيقي للإيمان، ألا وهو العمل الصالح، فالإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والله يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت: 69] ، فراجع أخي نفسك واجتهد في العمل الصالح، ومن أعظمه الدعاء، فعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء " رواه الترمذي وقال حديث حسن، فاجتهد بارك الله فيك في الدعاء أن يثبت الله قلبك على الإيمان فليس ثمة علاج أنجع ولا أنجح من الدعاء فهو سلاح المؤمنين.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6313)
حقيقة الدنيا.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا شاب أبلغ من العمر 17 عاما وإنني أرى أن الدنيا أفضل من الاخرة عبر رؤية الله تعالى وأرى الناس في رمضان خاشعين باكين وأنا عندي شعور وتكاسل في العمل للآخرة وأركن إلى الدنيا فهلا وضحتم لي ذلك، وما هو السبيل لتحبيب النفس الآخرة وبغضها الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من بلاء هذه الدنيا الزائفة الخادعة، أن تغر المرء، وتحجبه بحجاب كثيف من الشبهات والشهوات عن رؤية الآخرة، فيتقاعس عن العمل لها، ويركن إلى الدنيا ركون الراضي بها، وما أصابك أخي هو من هذا القبيل، فأي فضل للدنيا على الآخرة، وأي مزية لها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " رواه الترمذي وصححه، وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرّ بِالسّوقِ، دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنّاسُ كَنَفَيْهِ. فَمَرّ بِجَدْيٍ أَسَكّ مَيّتٍ. فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَدَ بِأُذُنِهِ. ثُمّ قَالَ: "أَيّكُمْ يُحِبّ أَنّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ " فَقَالُوا: مَا نُحِبّ أَنّهُ لَنَا بِشَيْءٍ. وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَتُحِبّونَ أَنّهُ لَكُمْ؟ " قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيّا، كَانَ عَيْباً فِيهِ، لأَنّهُ أَسَكّ. فَكَيْفَ وَهُوَ مَيّتٌ؟ فَقَالَ: "فَوَاللهِ لَلدّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ". فكيف يقال: إن الدنيا أفضل من الآخرة، فإن قلت إننا في الدنيا نعبد الله بالصوم وما إلى ذلك، فاعلم أن نفس أهل الجنة تسبيح، وهم يذكرون الله تعالى بالحمد والتسبيح، كما قال تعالى حاكيا عن أهل الجنة قولهم: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العاملين) [يونس:10] وقال (قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) [الأعراف:43] فهم في عبادة مع ما هم فيه من النعيم المقيم والرضوان العميم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6314)
التحذير من أكل المال الحرام ومن الزنى.
[السُّؤَالُ]
ـ[غرتني الحياة وعندما أرى المال آخذ منه ولو كان حراما وأقترف بعض المنكرات كالزنى ... وأريد أن أتخلص من جميع المنكرات وأصبح شخصا صالحا كيف أكون كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن كلاً من أخذ مال المسلم بغير حق، وارتكاب فاحشة الزنا يعد من الكبائر التي حرمها الله، والواجب على المسلم، فعل الواجبات وترك المحرمات، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة دم المسلم وماله وعرضه في عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: " كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه" رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" رواه أحمد وأبو داود. كما حرم الرسول صلى الله عليه وسلم الغلول فقال: " أعظم الغلول عند الله يوم القيامة ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أوفي الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة" رواه أحمد والطبراني. كما أن أخذ مال المسلم بغير حق يوجب غضب الله وسخطه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان" رواه أحمد. كما أن الأخذ من المال العام (الذي يوقف على مصالح المسلمين) بغير حق حرام أيضاً، ومما يؤيد ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم في شأن من أخذ من الغنيمة قبل القسمة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّهُ قال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمَ ذَهَباً وَلا وَرِقاً إلاّ الثّيَابَ وَالمَتَاعَ وَالأمْوَالَ. قال: فَوَجّهَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نَحْوَ وَادِي الْقُرَى وَقَدْ أُهْدِيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ أسْوَدُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، حَتّى إذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطّ رَحْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ جَاءَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، فَقالَ النّاسُ: هَنِيئاً لَهُ الْجَنّةُ، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَلاّ وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنّ الشّمْلَةَ الّتي أخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرٍ مِنَ المَغَانِمِ لم تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَاراً، فَلَمّا سَمِعُوا ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أوْ شِرَاكَيْنِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أوْ قال شِرَاكَان مِنْ نَارٍ". رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا فلا يجوز أخذ المال بالسرقة أو السلب أو النهب، أو الغش والاحتيال، ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن السارق، وأوجب عليه الحد، وسلب وصف الإيمان عن الناهب، فقال: " لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده" رواه البخاري ومسلم، وقال: "ولا ينتهب نهبة-حين ينتهبها- وهو مؤمن" رواه البخاري ومسلم.
قال العلماء فصار بنهبته فاسقاً. كما أن أخذ المال بغير حق مظلمة يعاقب الله عليها أشد العقوبة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْه" رواه البخاري.
ومن ثم فإننا ننصح الآخذ -السائل- بالبعد عن هذه الكبيرة العظيمة لأن تعوده ذلك ليس بعذر مقبول شرعاً، كما ننصحه بالتوبة الصادقة النصوح، ورد المظالم (الأموال وغيرها) إلى أهلها، ويتوب الله على من تاب.
أما الزنا فهو من قبائح الذنوب وكبائرها وقد حذر الله منه بقوله: " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً " [الإسراء: 32] كما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم::" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " رواه البخاري ومسلم. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الزنا والسرقة وشرب الخمر من المعاصي التي توجب الفسق لصاحبها وتدفع عنه صفة الإيمان، ومن المعلوم أن من فعل شيئاً منها أنه يحد وفق الضوابط والشروط المعتبرة في إقامة الحدود الشرعية. وما أعظم قوله صلى الله عليه وسلم من حديث سمرة بن جندب: "رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخرجاني إلى أرض مقدسة …فانطلقوا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته ناراً، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا أخمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة" وفي لفظ: "وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا"، وفي آخر الحديث سأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: " وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني" رواه البخاري.
فما أشد هذا العذاب وما أوجعه على الزناة. قال الإمام المنذري: وقد صح أن مدمن الخمر إذا مات لقي الله كعابد وثنٍ، ولا شك أن الزناة اشد وأعظم عند الله من شرب الخمر، والله أعلم. (الترغيب والترهيب 3/238) وأعظم الزنا وأقبحه الزنا بالمحارم أو بامرأة الجار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " ما تقولون في الزنا؟ " قالوا: حرام، حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره" رواه أحمد ورواته ثقات، والطبراني في الكبير والأوسط. والأحاديث في شأن الزنا كثيرة لا يتسع لها المقام، وقد ذكر العلماء آثاراً سيئة تلحق الزاني في هذه الدنيا، منها: ظلمة الوجه، وقصر العمر، والفقر، وأن الزاني يعاقب بمن يفعل ذلك بأهله ومن ذلك قول القائل:
إن الزنا دين فإن سلفته ... ... ... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من يزن في بيت بألفي درهم ... في بيته يزنى بغير الدرهم
ومن هنا ننصح السائل بالبعد عن هذه الكبيرة العظيمة، وأن يتوب إلى الله، وعليه بالزواج فإن لم يستطع فعليه بالصوم، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بقوله: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم.
وأما كيفية التخلص من هذه الكبائر وغيرها فبعدة أمور منها:
1- طلب العلم الشرعي النافع الذي يقرب المسلم من ربه والدار الآخرة.
2- اختيار الرفقة الصالحة والبعد عن رفقاء السوء.
3- البعد عن المثيرات والمهيجات للشهوة، والبعد عن مشاهدة النساء اللائي لا يحل النظر لهن، وغض البصر، والإكثار من الطاعات التي ترقق القلب كقراءة القرآن الكريم والحديث الشريف، وسير الصالحين.
4- تغيير البيئة التي تعيش فيها، والبحث عن بيئة صالحة.
5- عليك بالتوبة النصوح الصادقة، والتكفير عن تلك السيئات قبل فوات الأوان، فإن من أعظم صفات السلف الصالح أنهم كانوا يفعلون الواجبات ويمتنعون عن المحرمات، ويخافون الله ويخشونه حق خشيته. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1422(9/6315)
صدق الالتجاء إلى الله والعبادة يبعد عن الزنا.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أصلي وأقرأ القرآن ولكن عندي نقطة ضعف واحدة وهي الزنا فماذا أفعل أرجو أن يكون الرد منطقيا ودينيا وعلى حسب إمكانيتي البسيطة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأيها الأخ قد ذكرت أنك تصلي وتقرأ القرآن فأنت إذاً فيك خير، فعليك أن تلتجئ إلى الله تعالى وتتوب إليه توبة نصوحاً لتكون خيراً كلك.
فالزم تلاوة القرآن وأداء الصلاة على الوجه الذي يرضي الله تعالى، واخشع فيها لتكون منهاة لك عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) [العنكبوت:45] وتدبر كتاب الله تعالى وما فيه من وعيد بالعذاب الشديد لمن عصى الله تعالى واتبع هواه، وفيه من زجر وتهديد وتشنيع على مرتكبي فاحشة الزنا خصوصاً، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] وقال تعالى في وصف عباد الرحمن المؤمنين (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان:68-71] .
فمن قرأ هذه الآيات وتدبرها وكان مؤمناً إيماناً صادقاً مصدقاً بوعد الله تعالى ووعيده فلا بد أن يرتدع عن هذه الفاحشة ويتوب إلى الله تعالى، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" كما في الصحيحين عن أبي هريرة، ثم إن الزنا يتنافى مع الخلق الرفيع والإنصاف من النفس، ولذلك ثبت في المسند عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: "ادنه" فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: "أتحبه لأمك"؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم"، قال: أفتحبه لابنتك"؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم "، قال: "أفتحبه لأختك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال:" ولا الناس يحبونه لأخواتهم"، قال: "أفتحبه لعمتك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم"، قال: "أفتحبه لخالتك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم"، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6316)
وصية في الصبر على الفتن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن التزم وأن أسيرعلى منهج الرسول عليه الصلاة والسلام وأن أطبق سنته، ولكن هذه الأشياء ممنوعة عندنا، ويسمون كل من يسعى لهذا الأمر زنديقاً، ويقومون بمضايقته ومضايقة أهله وأقاربه.
فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم أيها الأخ الكريم وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى أن من سنة الله تعالى في عباده المومنين ابتلاءهم تمحيصاً لهم وتمييزاً للصادقين من غيرهم ورفعاً لدرجاتهم في الدار الآخرة، قال تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم: ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت1-3:] ، وهذا الابتلاء أنواع شتى يتفنن فيها أشقياء كل أمة وكل جيل، فتارة يكون بالقتل والتشريد، وتارة يكون بالأذية والمضايقات، وتارة يكون بإلصاق التهمة الباطلة والمسميات الزائفة، ومن قرأ كتاب الله وتدبره وأمعن النظر في قصص الأنبياء وأتباعهم وما لاقوه من أقوامهم الكافرين وجد في ذلك أسوة حسنة له فيما يلقاه في هذه الأيام، فيشتد أزره ويصلب عوده، ويقوى بإذن الله تعالى وتوفيقه على تحمل كل أذى في سبيل تمسكه بدينه وطاعة ربه واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم إن الابتلاء في هذه الأيام أشد لتكالب أمم الشر على المسلمين وهجمتهم الشرسة عليهم (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) . [التوبة:32]
فعلى المؤمن أن يصبر ويتمسك بدينه ويعض عليه بالنواجذ حتى يأتي أمر الله بالنصر للمسلمين. فهذا هو الزمان الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الفتن فيه، وشدة ابتلاء المؤمن بدينه فيه، ففي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" وفي المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر"
فعليك أيها الأخ أن تعي هذه الحقيقة وتعلم هذه السنة الإلهية وتتقي الله تعالى ما استطعت وتهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عجزت عن تطبيقه من ذلك عملياً عجزاً حقيقياً فإنك غير مؤاخد به عند الله تعالى إذا كان ميلك حقيقة هو إلى ما يحب الله ورسوله قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا) [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6317)
مقدمات الزنا والتوبة منها.
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق كان على علاقة حب بفتاة والآن يريد أن يتزوجها فعلا وزادت العلاقة بينهماإلى تبادل القبلات والأحضان وغير ذللك ولكن لم يتم الزنا ولم تتم المعاشرة مثل الأزواج فهل هذا زنا وهذا الشباب تقدم لخطبتها ولكن رفض أهلها لضيق حاله وهذا الشاب ندم على فعلتة وتاب إلى الله وعنده إحساس بالذنب الكبير فهل يقبل الله توبته وماذا يفعل الرجاء أفادتي على الأميل في أقرب فرصة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم" أخرجه مسلم. ففي هذا الحديث دلالة على منع خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وعليه فإن ما فعل صديقك أيها السائل من الاختلاء بالفتاة الأجنبية، وما ترتب على ذلك مما ذكرت أمر لا يجوز، فإذا كان الله عز وجل أمر كلاً من الرجال والنساء بغض البصر عما لا يحل لهم. فما بالك بتبادل القبلات بين الأجانب، والاحتضان وغير ذلك، إنه الانتهاك لحرمات الله تعالى والتجاوز لحدوده، والتقدم للخطبة لا يبيح الاختلاء بالمخطوبة حتى ولو وافق أهلها ورضوا به زوجاً، فالمخطوبة أجنبية حتى يتم العقد الشرعي عليها، وما دامت تجاوزات صديقك على نحو ما ذكرت فإنها لا تسمى زنى بحيث يترتب عليها حد الزنى من جلد أو رجم، ولكنها ذنب يجب الإقلاع عنه وعدم الإصرار عليه. ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن من تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فعليه أن يبادر بالأوبة إلى الله، وننصحه بالبحث الجاد عن امرأة صالحة يتزوجها، ليعصم بها نفسه من الوقوع في ما حرم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6318)
إن الله يغفر الذنوب جميعا.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتقبل الله من التائب عن الذنب ويستجيب الله الدعاء عن فترة أربعين يوما مثلاً لبس المرأة المسلمة الحجاب بعد تبرجها؟ أفيدونا أفادكم الله وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهنالك حقيقتان لابد من معرفتهما:
أولاً: أنه ما من ذنب صغيراً كان أو كبيراً إلا تجب التوبة منه إلى الله تعالى.
ثانياً: أنه ما من ذنب يكبر على التوبة، فالشرك الذي هو أعظم الذنوب إذا تاب منه صاحبه توبة نصوحاً تاب الله تعالى عليه، وقبل الله توبته.
ثم إن باب التوبة مفتوح على مصراعيه لكل داخل حتى يغرغر المرء أو تطلع الشمس من مغربها. ولمعرفة أحكام التوبة وما ينبغي على التائب نرجو التكرم بمراجعة الجواب رقم 263.
وفيما يتعلق بارتداء الحجاب ووجوبه على المسلمة ننصح بمراجعة الجواب رقم 7095. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6319)
من علامات قبول التوبة حسن الحال بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ...
كيف يتوب العبد من ذنبه؟ وما هى دلائل أوعلامات قبول التوبة من الله؟ ... وهل حقا ذكر الله بقول (سبحان الله وبحمده) مائة مرة يمحو مائة خطيئة؟ وأي الخطايا التي تمحى؟ هل التي فى حق الله أم التي فى حق العباد؟ ...
أرجو الافادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فإنه من المعلوم أن الله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم على ذلك ورغبهم فيه فمن جملة ذلك قوله جل وعلا: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) الزمر.
وقال تعالى:" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" وقد تضافرت دلائل الكتاب والسنة على وجوب التوبة، ولزوم المبادرة إليها، وأجمع على ذلك أئمة الإسلام ـ رحمهم الله تعالى.
إذا علم ذلك، فإن التائب لا يكون تائبا حقا إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط:
الشرط الأول: الإخلاص ـ وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عزوجل.
الثاني: الإقلاع عن الذنب.
الثالث: الندم على فعله.
الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه.
الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حالة الغرغرة عند الموت.
فهذه الشروط فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه كشرب الخمر مثلاً. ...
وأما إذا كان الذنب يدخل فيه حق العباد، فلا بد من إبراء الذمة من هذا الحق فإن كان مظلمة استحلها منه، أو حقا رده إليه، بالإضافة إلى الشروط الخمسة الآنفة الذكر.
إذا ثبت هذا فليعلم أن العبد إذا تاب، فينبغي أن يكون حاله بين رجاء قبول التوبة، ومخافة العقاب من الله تعالى، قال تعالى:"والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون" وقد خرج الترمذي بإسناد ثابت أن أم المؤمنين عائشة بن الصديق رضى الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت:" أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون فقال (لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات) .
لكن لا ما نع أن يكون هنالك أمارات على صدق توبة العبد يستأنس بها في ذلك.
فمن ذلك أن العبد التائب يجد حرقة في قلبه على ما فرط منه في جنب الله، وأنه ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل، وأنه يكون أشد تجافيا عن الذنب وعن اسبابه نائيا بنفسه عن هذه الموارد.
ومن ذلك أنه يميل إلى الإقبال على ربه ومولاه، وينظر إلى توفيق الله له بالتوبة على أنه نعمة عظيمة من أعظم النعم عليه.
والأذكار التي فيها تكفير للذنوب كثيرة عديدة، فانظر لها مثلاً كتاب " الأذكار لأبي زكريا النووي ـ رحمه الله ـ ومن الكتب اللطيفة في ذلك كتاب حصن المسلم، وهو كتاب حسن لطيف صغير الحجم عظيم الفائدة في هذا الباب.
وأما الخطايا التي تمحى، فالقاعدة أن الأعمال الصالحة تمحو بإذن الله الأعمال السيئة وهي ما يسمى بصغائر الذنوب قال تعالى" وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" وقد قدمنا أن ما كان من ذلك متعلقا بحق العباد، فلا بد فيه من إبراء الذمة. وبالله التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(9/6320)
التوبة مقبولة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يتوب العبد من ذنبه؟ وما هي دلائل أوعلامات قبول التوبة من الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه من المعلوم أن الله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم عليها ورغبهم فيها ووعد التائب بالرحمة والغفران مهما بلغت ذنوبه فمن جملة ذلك قوله جل وعلا: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) [الزمر: 52-53] . وقال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) . [البقرة: 222] .
وقد تضافرت دلائل الكتاب والسنة على وجوب التوبة، ولزوم المبادرة إليها، وأجمع على ذلك أئمة الإسلام ـ رحمهم الله تعالى. إذا علم ذلك، فإن التائب لا يكون تائبا حقا إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط:
الشرط الأول: الإخلاص ـ وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عزوجل.
الثاني: الإقلاع عن الذنب.
الثالث: الندم على فعله.
الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه.
الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حال الغرغرة عند الموت. قال النووي في شرح مسلم (وللتوبة شرط آخر وهو أن يتوب قبل الغرغرة كما جاء في الحديث الصحيح وأما في حالة الغرغرة وهي حالة النزع فلا تقبل التوبة فهذه الشروط فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه، كشرب الخمر مثلاً. وأما إذا كان الذنب يدخل فيه حق العباد، فلا بد من إبراء الذمة من هذا الحق فإن كان مظلمة استحلها منه، أو حقا رده إليه، بالإضافة إلى الشروط الخمسة الآنفة الذكر. إذا ثبت هذا فليعلم أن العبد إذا تاب، فينبغي أن يكون حاله بين رجاء قبول التوبة، ومخافة العقاب من الله تعالى، قال تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) [المؤمنون: 60] . وقد خرج الترمذي بإسناد ثابت أن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: "أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات". لكن لا ما نع أن يكون هنالك أمارات على صدق توبة العبد يستأنس بها في ذلك. فمن ذلك أن العبد التائب يجد حرقة في قلبه على ما فرط منه في جنب الله. وأنه ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل. وأنه يكون أشد تجافيا عن الذنب وعن أسبابه، نائيا بنفسه عن هذه الموارد. ومن ذلك أنه يميل إلى الإقبال على ربه ومولاه، وأن يصاحب أهل الفضل والخير ويقاطع أصدقاء السوء ومن لا خير فيهم، وأن ينظر إلى توفيق الله له بالتوبة على أنه نعمة عظيمة من أعظم النعم عليه، فيفرح بها ويحافظ عليها ويخاف زوالها، ويخشى عقوبة نكثها. والله تعالى أعلى وأعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(9/6321)
تعريف الكبيرة والتوبة منها.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى الكبائر وهل هناك كفارة لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكبائر هي: كل ذنب ارتكبه الإنسان وكان فيه حد في الدنيا، كالقتل والزنا والسرقة، أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد، أو لعن فاعله في كتاب الله، أو على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. واختلف أهل العلم في عددها حتى أو صلها بعضهم إلى سبعين، بل وأكثر من ذلك، والتعريف السابق يضبطها، وبعض العلماء جمعها في مصنف مثل الذهبي في كتابه الكبائر، وابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر.
وقد تكفل الله تعالى وضمن في كتابه العزيز لمن اجتنب الكبائر أن يكفر عنه الصغائر من السيئات. قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً) [النساء:31] .
والكبائر تكفرها التوبة النصوح، وكثرة الاستغفار والإنابة إلى الله، وكثرة الطاعات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1421(9/6322)
التوبة ورد المظالم إلى أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم كيف يمكنني التوبة وماذا إن كنت لا استطيع طلب السماح من الناس اللذين أخطأت في حقهم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى من المعصية إلى الطاعة، وعلى المرء أن يعلم أن التوبة محبوبة إلى الله تعالى لقوله: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) [البقرة:222] وأنها واجبة على كل مسلم لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً) [التحريم: 8] وأنها من أسباب الفلاح، قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) [النور: 31] .
فلا تيأس أخي الكريم من رحمة الله وبادر بالتوبة النصوح، ولا تتهولك كثرة الذنوب، فإن الله جل وعلا يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر:53] واعلم أن باب التوبة مفتوح أمام العبد ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم، وقوله: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر.
واعلم أن التوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع رد المظالم إن كان عند التائب مظالم للناس من دم، أو مال، أو عرض، أو استحلالهم منها، أي: طلب المسامحة منهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شئ فليحتلله منه اليوم قبل أن لا يكون ديناراً ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" خرجه البخاري. ومن كان ظلمه للناس من جهة الغيبة وخشي إن أخبرهم أن يحدث ما هو أكبر من الضرر، لم يخبرهم، ودعا لهم، واستغفر لهم، وأظهر ما يعلم من محاسنهم في مقابل إساءته لهم بالغيبة. أما من أخذ أموالاً بغير حق بسرقة أو غيرها فالواجب عليه أن يبذل كل الوسع في البحث عن أصحابها حتى يردها إليهم: هم، أو ورثتهم إن كان أصحابها قد ماتوا، فإن أيس من العثور عليهم ولم يتسن له معرفة ورثتهم فله التصدق بها عنهم، وعلى كل فعليه الإكثار من كل ما يقرب إلى الله ويزيد في ميزان الحسنات فإن حقوق العباد إذا لم يأخذوها الآن، فقد يأخذونها يوم القيامة حسنات أو تخلصاً من سيئات، كما في الحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6323)
الأعمال التي توصل المسلم لمصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... هل يمكن لأحد من عصرنا هذا أن يكون بجوار الرسول-صلى الله عليه وسلم- في الجنة؟ أو حتى يكون بجوار أصحابه في المنزلة؟ وماهي الأعمال التي توصل الفرد الى تلك المنازل؟ أو ماذا يعمل ليكون بجوار الرسول-صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في الجنة؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن درجة الأنبياء في الجنة هي أرفع الدرجات ومنزلتهم أعلى المنازل، والصحابة رضوان الله عليهم لما عرفوا هذه الحقيقة، واستشعروا أن تلك المنازل العالية لا يستحقها غير الأنبياء، خافوا أن يكون علو درجته صلى الله عليه وسلم سبباً مانعاً من رؤيته ومجاورته، وهو حبيبهم وأنيسهم والذي لا يستطيعون أن يفارقوه لحظة، فجاء رجل منهم فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله تعالى: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) [النساء: 69] أخرجه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء المقدسي وحسنه عن عائشة [تفسير ابن كثير] ومعنى قوله تعالى: (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) أنه معهم في دار واحدة ونعيم واحد، يستمتع برؤيتهم والحضور معهم، وهذا عام فلا يخص عصراً دون عصر، ولا جيلا دون جيل، فمن أطاع الله ورسوله الطاعة التامة امتثالاً واجتناباً فسوف يكون بفضل الله ومنه وكرمه مجاوراً ورفيقاً للذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين… وعد الله لا يخلف الله وعده.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:" كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة". وأشار مالك بالسبابة والوسطى، وفيه أيضاً من حديث ربيعة بن مالك الأسلمي رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " سل" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة فقال: "أو غير ذلك؟ " فقلت:هو ذاك قال: "فأعني على نفسك بكثرة السجود".
وفي الصحيحين عن أنس أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: " وما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: "أنت مع من أحببت" قال أنس: فما فرحنا بشيء أشد فرحاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت مع من أحببت"
فالحاصل أن كفالة اليتيم، وكثرة السجود، وحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب أصحابه وتابعيهم بإحسان، والإكثار من أعمال البر، كل ذلك من الأعمال التي ترتقي بصاحبها إلى مجاورة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،ومنهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6324)
الأعمال الصالحة المخلصة تزيد اليقين.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة نشأت في بيئة ملتزمة ولدي قدر ولله الحمد من العلم بالدين أصوله وفروعه، إلا أن المشكلة التي تواجهني هي أنني قد بدأت أشعر منذ فترة بأنه على الرغم من مواظبتي على الفرائض وعدد من النوافل ولله الحمد غير أني لا أجد في قلبي ذلك اليقين بالله ولقائه - ليس أني أشك فيه- ولكن لا أشعر بقوته في قلبي، ذلك اليقين الذي أقرأ عنه في كتب السلف 000اليقين الذي يذلل الصعاب ويهون مصائب الدنيا ويدفع الإنسان للمضي قدما في مجال الدعوة إلى الله موقنا بنصر الله وتأييده حيث لا أجد في نفسي تلك الهمة العالية، وأشعر أن السبب هو ضعف يقيني بالله فبماذا تنصحونني؟ أفيدوني بشكل عملي مفصل غير الكلام النظري000أنا في أمس الحاجة لإجابة شافية عاجلة فالشيطان يدخل علي كثيرا من هذا الباب، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق والاستقامة والثبات على الإيمان والخير، والذي ننصحك به هو المداومة على المحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل وذكر الله تعالى، والتدبر في آياته والتفكر والاعتبار بمخلوقاته، لأن ذلك يزيد المؤمن قوة في الإيمان واليقين، وثقة بالله واعتماداً عليه.
وأدلة ذلك كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأحوال عباد الله الصالحين وأوليائه المتقين شاهدة على ذلك.
قال الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون* الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون* أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة وزرق كريم) [الأنفال: 2، 3، 4] .
وقال تعالى: (ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون* الذين آمنوا وكانوا يتقون) [يونس: 62-63] وفي هذه الآية بيان لوسيلة الولاية وهي الإيمان والتقوى، وقال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) [محمد: 17] .
ويكفي أن نذكر لك من السنة حديثاً قدسياً صحيحاً أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ".
وعليك أن تقرئي سير أولياء الله من النبيين والمؤمنين ومواقفهم الإيمانية اليقينية، والثمرة التي ترتبت على تلك المواقف. فذلك أيضا مما يحفز المرء على التخلق بأخلاق أولئك.
وعليك أن لا تدعي لوساوس الشيطان مجالاً، فإذا أحسست بشيء من ذلك فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، واشتغلي بشيء من ذكر الله تعالى وطاعته.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6325)
القنوط من رحمة الله خطأ وكفارته التوبة والعمل الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة كانت مريضة وظنت أنها ستموت بمرض لا شفاء منه وبينما كانت في سريرها كانت مباعدة بين رجليها فخافت أن يؤثر ذلك عليها فقاربت بينهما، ثم وسوس إليها الشيطان أنها ستموت فباعدت بينهما فما جدوى ذلك؟ وكانت في هذه الفترة لديها استحاضة وقد عرفت الآن أنها مخطئة لأنها يئست من رحمة الله وأصبحت تستغفر دائماً، فهل ارتكبت خطأ؟ الفتاة هي الآن شفيت من مرضها بفضل الله وهل إثمها عظيم جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فما كان ينبغي لهذه الفتاة أن تقنط من رحمة الله تعالى، ولا أن تيأس، ولا أن تتصرف ذلك التصرف الذي قد يزيد من حدة المرض.
ولكن ما دامت قد فعلت ذلك خطأ فاستغفرت وتابت إلى الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى غفور رحيم.
وعليها الآن أن تكثر من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة، وتكثر من حمد الله تعالى وشكره على ما من به عليها من العافية والشفاء.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6326)
نصيحة في المحافظة على الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني غير محافظة على صلاتي بتاتاً وهذه المشكلة تؤرقني كثيراً وتتعبني نفسياً وأنا غير راضية عن نفسي ولكن ماذا أفعل وكيف اعالج هذه المشكلة؟ حاولت كثيراً ولكن مع الأسف كأنها أصبحت عادة عندي مع العلم أنني أحب ديني وأقرأ كثيراً عن كتب الدين ولا تستهويني الكتب غير الدينية ماذا أفعل أثابكم الله أريد الحل سريعاً لأنني بالفعل تعبت كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا من أجل العبادة، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) . [الذاريات: 56] . والصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) . [البينة: 5] .
كما أن الصلاة عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة ". أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة.
هذا الحكم بالنسبة لمن يتركها ولا يؤديها، أما من يؤديها لكن يتكاسل في أدائها ويؤخرها عن وقتها، فقد توعده الله بالويل فقال: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) . [الماعون: 5] . والويل هو واد في جهنم، نسأل الله العافية.
وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) . [البقرة: 238] ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخل الجنة ". رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم.
فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة!! ،ثم يقال للأخت السائلة: لم لا تصلين؟ ألا تخافين من الله؟ ألا تخشين الموت؟ أما تعلمين أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر". رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وأبو داود. وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟ ألا تعرفين أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء ". رواه البخاري ومسلم، والغرة بياض الوجه، والتحجيل: بياض في اليدين والرجلين. كيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) . [الفتح:29] .
بل إن الصلاة راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: " أرحنا بها يا بلال "، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدق بنا المصائب، وتدلهم بنا الخطوب والأحزان أن نفزع إلى الصلاة "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ". رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه، وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة، فكيف يتركها بعض الناس، وقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) . [البقرة: 153] .
فنصيحتنا للسائلة: أن تتقي الله وأن تخاف منه حق الخوف، وأن تراجع نفسها حيث إنها تقول:إني أحب ديني وأقرأ كثيراً عن كتب الدين. فإذا كنت حقاً تحبين دينك، فعليك بطاعة الله والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، لأن المحبة ليست مجرد دعوى، بل لابد من الامتثال: لو كان حبك صادقاً لأطعته، إن المحب لمن يحب مطيع، فلا تستقيم دعوى المحبة مع عدم الامتثال، ثم إن المحافظة على الصلاة نور يتزود به المرء في طريقه، وكيف يرضى المرء أن يكون الناس لهم زاد وهو بغير زاد.
وكما هو معلوم، فالصلاة من أركان الإسلام الخمسة: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً". رواه البخاري ومسلم.
فعليك أيها السائلة: أن تتخلصي من عادة ترك الصلاة، والتوبة الصادقة النصوح، وأن لا تيأسي من رحمة الله، وأن ترافقي الصالحات لكي يعنك على الخير، ويبعدنك عن الشر، وعليك بحضور دروس العلم والمواعظ في بيوت الله حتى يخشع قلبك، وستجدين السعادة الحقيقية - إن شاء الله - في أداء الصلاة بطمأنينة وخشوع في أوقاتها، لتكوني من الذين قال الله فيهم: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون) . [المؤمنون:2] . وعليك بالابتعاد عن كل ما يشغلك ويلهيك عن الصلاة، وعليك بدعاء رب العالمين بصدق أن يوفقك للمحافظة والمداومة على الصلاة في أوقاتها، فهذا هو الحل السريع الذي تسألين عنه ويتلخص فيما يلي:
1 - البحث عن تقويم يعرفك بأوقات الصلاة بدقة وأوقات الأذان فوراً.
2 - عند سماع الأذان تتركين كل الأشغال والأعمال وتتفرغين للصلاة، ولن تأخذ منك هي وما تتطلبه من طهارة إلا وقتاً يسيراً.
3 - مصاحبة امرأة صالحة تعينك على ذلك، وتتعاهدان معاً على طاعة الله.
4 - حضور دروس العلم الشرعي إن وجدت - أو قراءة سير السلف الصالح والعلماء العاملين.
5 - عليك بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار والدعاء أن يشرح الله صدرك للصلاة.
أسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6327)
اقتراف الفواحش تضيق على المرء معيشته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت منذ أربع سنوات بعملية زنا مع إحدى النساء وقد قمت بالاستغفار وعدم الرجوع إلى ذلك لكن عقاب الله كان قاسيا فباب الرزق مقفول، ولا أجد عملا حتى السفر إلى الخارج أوروبا أو أمريكا أو الدول العربية يذهب قبل أن يأتي فما الحل عندكم. أداوم على الصلاة والصيام وأقوم بالأشياء الحسنة لكن لا أرى أي تحسن في وضعي واليوم أحاول الزواج من فتاة والنقود قليلة 1-هل الله لايغفر هذا الذنب وما الحل؟ 2-هل أصارح من أتزوجها بما فعلته من زنا؟ 3- هل عندما أعتمر إلى بيت الله الحرام في نية خالصة يغفر لي الله؟ * أخبروني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيا أخي الكريم بادىء ذي بدء أقول لك عفا الله عنك وغفر لك ذنبك ورزقك التوبة النصوح. وينبغي عليك أن تعلم أن الذنوب تفتح أبواب الشر على الإنسان في دينه ودنياه.. ففي دينه تفقده الخشوع في الصلاة ولذة المناجاة لله سبحانه كما أنها تحرمه الخير في كثير من العبادات فلا يوفق لأدائها. نسأل الله العافية والسلامة. وفي دنياه فإنها تكون سبباً لتغيير أموره، وتضييق معيشته وتجعله يعيش في وحشة من الناس وتشغل عليه باله وتفكيره، وتجعله يعيش في أرق وهم ونكد لا نهاية له؛ إلا إذا عاد إلى الله وصدق في العودة واللجوء إليه سبحانه.
ثم أخي الكريم كيف تنسب انسداد أبواب الرزق إلى الله مباشرة وتنسى أن لهذا الانسداد أسباباً. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه أحمد وابن ماجه وحسنه السيوطي.
ثم كيف أخي الكريم لم يكن همك في سؤالك إلا أن أبواب العمل مقفلة ونسيت فضل الله عليك يوم أن سترك، ولم يفضحك، ونسيت أيضا أن تحمد الله على أنه لم يقبض روحك وأنت تقارف هذا الجرم العظيم فأمهلك حتى تبت ورجعت إليه ولم تتذكر إلا أعمال الدنيا وأنها مقفلة!! فارجع يا أخي باللوم على نفسك وعض أصابع الندم. كما أني أقول لك: لقد أحسنت كل الإحسان حينما بحثت عن الحلال وثق بأن الله سييسر أمورك خاصة وأنت تتحرى الحلال قال الله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) . [النور: 32] . وثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ثلاثة حقٌ على الله إعانتهم.. وذكر منهم الناكح يريد العفاف" رواه الترمذي والنسائي. كما أنه من الواجب عليك وقد سترك الله أن لا تخبر أحداً بما قد فعلته سابقاً لا زوجتك ولا غيرها لأن التوبة تهدم ما قبلها ولا تهتك ستر الله عليك، وثق تمام الثقة بأن عودتك الصادقة إلى الله وتجديد النية وإخلاصها لله سبحانه وتعالى سيكونان إن شاء الله سبباً لغفران الله لك، ولا تيأس ولا تقنط من رحمة الله. قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) . [الزمر:53] وإن شاء الله تكون عمرتك لبيت الله الحرام كفارة لما مضى. والله يختم لنا ولك بخاتمة الحسنى وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6328)
الحج المبرور والتوبة النصوح تكفير للذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنوي أداء فريضة الحج هذا العام الرجاء إعطائي نصائح لتكفير جميع الذنوب والابتداء من جديد وإعطائي الأمور الهامة لمناسك الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهذا سؤال مهم ينبغي أن يكون هاجس كل مسلم في الحج وفي غيره والإجابة عليه سهلة تتلخص في: أن يتوب المسلم إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويعقد العزم على ذلك، ويطيع الله سبحانه وتعالى فيما أمر ويبتعد عما عنه نهى وزجر، ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة. ويكثر الالتجاء إلى الله تعالى أن يحفظه في ما تبقى من عمره وأن ييسر له الخير وييسره له. فإن الله تعالى سيغفر له ما تقدم من ذنبه ويستجيب له فيما بقي من عمره. فذلك وعد الله الذي لا يتخلف والحج من تلك الأعمال الصالحة التي تكفر الذنوب إذا أداها المرء المسلم لله تعالى كما شرع، واجتنب فيه ما نهي عنه. كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ".
والأمور المهمة في الحج هي أن يؤديه المسلم ممتثلا شرع الله تعالى وما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، ومجتنباً ما نهيا عنه.
وذلك بالمحافظة على أركانه وواجباته وفعل ما أمكن من مستحباته. والابتعاد عن محظوراته. ويجب عليك قبل أن تدخل في الحج أن تتعلم ما يجب عليك أن تفعله، وذلك عن طريق مجالسة المشايخ والاستماع إلى أشرطتهم وقراءة الرسائل والنشرات التي تفصل ذلك، وننصحك أن تصطحب معك بعض ذلك في حجك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6329)
حسن الخاتمة وسوء الخاتمة.
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحديث الشريف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ... الخ) يلتبس علينا المعنى المقصود من هذا الحديث وهل الإنسان اذا أحسن العمل طوال حياته ثم أساء في آخر حياته لم يشفع له عمله الصالح....نرجوا منكم التوضيح والبيان في شرح المقصود من الحديث؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن هذا الحديث مسوق لبيان أن العبرة بالخاتمة التي يختم بها العمر، فمن كانت خاتمته خيراً فهو من أهل الجنة، ومن كانت خاتمته شراً، فهو من أهل النار، ثم إن كانت تلك الخاتمة مكفرة خلّد في النار، وإن كانت معصية فقط ولم يتب منها، فهو تحت المشيئة، إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه.
لهذا كان صالحو هذه الأمة يخافون خوفاً شديداً من سوء الخاتمة، ويسألون الله تعالى التثبيت عند الموت، ويقولون: إن من أمن الخواتيم هلك، ثم إن هذه الخواتيم ميراث السوابق، فكم من عامل يعمل في ظاهره بما يتناقض مع ما في باطنه، وكم من عامل يعمل عمل الخير في الظاهر ومن وراء ذلك دسيسة سوء تكون سبباً لسوء خاتمته والعياذ بالله تعالى، وكم من عامل يعمل عمل الشر في الظاهر، وفيه خصلة خفية حميدة يتداركه الله بسببها برحمة منه وفضل - فيختم له بخير.
وبالجملة، فإن الانقلاب من الشر إلى الخير كثير ولله الحمد، وأما الانقلاب من الخير إلى الشر فقليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6330)
حقوق العباد لا يغفرها الله إلا أن يتنازل عنها صاحب الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك) . هل يغفر الله تعالى الجور على حقوق العباد، أم يحاسبه الله فيأخذ من سيئات هذا وترد لهذ؟ وما هو تفسير الآية الكريمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] .
أي إن الله يغفر كل ذنب فعله الإنسان إلا ذنب الشرك فإنه لا يغفره وأما حقوق العباد مع العباد فإن المرء يحاسب عليها إلا أن يتوب منها ويتنازل عنها صاحب الحق، قال صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه ثم طرح في النار" رواه الترمذي، قال حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم:" الدواوين ثلاثة…" وذكر منها صلى الله عليه وسلم "وديوان لا يتركه الله" وبينه صلى الله عليه وسلم بقوله: وهو ظلم العباد بعضهم بعضا " رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6331)
المحافظة على التوبة.
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرضت للملامة من قبل بعض الناس عندما قررت ترك سماع الأغاني والرقص والتشبة بالكافرات في لباسهن، فهل تسرعت في قراري؟ مع العلم أني مازلت أتخبط في طريق التوبة، وأريد بعض الادلة لأرد على نظرات المستهزئين من قراري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فعلته هو الصواب، حيث قمت بترك ماضيك وهجره إلى غير رجعة إن شاء الله، وليس في هذا أي تسرع أو تخبط، بل هذا هو الأصل الذي كان ينبغي أن تفعليه، وقد وفقت لهذا ولله الحمد.
خير ما أوصيك به في هذه الفترة أن تحمدي الله على نعمة الهداية، عليك أن تعلمي أنها نعمة لو قورنت بالدنيا وما فيها لكانت خيراً منها، ولعلك الآن تشعرين بالبون الشاسع بين حياة الضياع والتفلت والبعد عن الدين، وما يصاحب ذلك - في الغالب - من قلق وهم واضطراب وضيق في الصدر، وبين الحياة الأخرى وهي حياة الصلاة والقرآن والدعاء والبكاء من خشية الله، فلا تلتفتي إلى هؤلاء المستهزئات، فالله معك.
ثم إن عليك الابتعاد عن هذه الرفقة السيئة تماماً واستبدالها برفقة طيبة صالحة تعينك على الخير الذي أنت فيه، كما أوصى ربنا نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: (واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) [الكهف: 28] .
وإياك والدخول معهم في أية مناقشات في الفترة الحالية، لأنك ما زلت في بداية الطريق، وحاجتك إلى الأمور المعينة على الثبات أولى وأهم من مناقشة أمثال هؤلاء النسوة هداهن الله. وننصحك بأن تكثري من قراءة القرآن وبالمحافظة على الأذكار وعلى الصلوات في أوقاتها، وأن تكثري في السجود هذا الدعاء: " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك "، ومن الأدعية المهمة لك: " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6332)
الصبر على وفاة الأبناء واحتسابهم من موجبات الجنة.
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص توفي له ولدان في حادث سير (4 و13 سنة) وأصيب آخر إصابات بليغة , هو يسأل هل هذا عقاب من الله له بسبب ذنوب عملها ويطلب منك النصيحة في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى لهذا الوالد أن يأجره في مصيبته، ويخلفه خيراً وأن يلهمه الصبر، ويعظم له المثوبة والأجر.
ونبشره بما وعد الله به من ابتلاهم فصبروا في محكم كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) . [البقرة: 155-156] .
وقال تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) . [آل عمران: 186] .
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: ما لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ".
وورد بخصوص الابتلاء بموت الأبناء أحاديث أخر كثيرة منها ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلاّ تحلة القسم ". والمراد بتحلة القسم قوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً * ثم ننجي الذين اتقوا ونذرالظالمين فيها جثياً) . [مريم:71-72] .
وفيهما أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة وعظه صلى الله عليه وسلم للنساء قال لهن فيما يقول: " ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار"، فقالت امرأة: واثنين، فقال: "واثنين".
فنوصي هذا الوالد بالاسترجاع والصبر والحمد واحتساب الأجر والمثوبة عند الله تعالى، وليحذر من الشيطان أن يغريه بالجزع والتسخط على قضاء الله وقدره، فيفوت عليه الأجر، فتجتمع عليه المصيبتان - فقدان الأحبة وفوات الأجر.
وليعلم هذا الوالد أن ما أصيب به هو من قضاء الله وقدره الذي لا يرد، والذي كان مكتوباً في سابق الأزل، كما قال الله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها) . [الحديد: 22] .
ونرجو أن يكون ذلك رفعاً لدرجاته عند الله تعالى وتكفيراً لسيئاته، وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يصيبه أذىَ شوكةٍ فما فوقها إلاّ حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها".
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلاّ كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6333)
المعاصي في الأشهر الحرم وفي البلد الحرام عقوبتها مغلظة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتكاب ذنب فى مكة يكون بمائة ألف ذنب وهل مجرد التفكير في ذنب فى مكة يعتبر ذنباً بمائة ألف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر غير واحد من المفسرين أن الذنوب تعظم وتضاعف عقوبتها بعظم الزمان والمكان، قال الإمام الرازي: عند قوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) [التوبة: 36] :
"ومعنى الحرم: أن المعصية فيها أشد عقاباً، والطاعة فيها أكثر ثواباً، والعرب كانوا يعظمونها جداً حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يتعرض له. فإن قيل: أجزاء الزمان متشابهة في الحقيقة، فما السبب في هذا التمييز؟ قلنا: إن هذا المعنى غير مستبعد في الشرائع، فإن أمثلته كثيرة، ألا ترى أنه تعالى ميز البلد الحرام عن سائر البلاد بمزيد الحرمة، وميز يوم الجمعة عن سائر أيام الأسبوع بمزيد الحرمة ... ) . التفسير الكبير المجلد 6، صفحة (41-42) وقال الإمام ابن كثير أيضاً عند هذه الآية. قال تعالى: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) أي: في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في الحرم تضاعف لقوله تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الديّة في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قتل في الحرام، أو قتل ذا محرم ... ) تفسير ابن كثير المجلد 2، صفحة 467.
وأما مجرد التفكير بالذنب فإن كان مجرد خاطر وحديث نفس فلا يؤاخذ الله به، سواء كان في مكة أو كان في غيرها، قال الإمام النووي في كتابه الأذكار: (فأما الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل" [رواه البخاري ومسلم] . أما العزم على المعصية وعقد القلب عليها، فهو معصية، ولا شك أنه في مكة أعظم منه في غيرها، ولذا كره كثير من السلف الصالح المقام فيها، مع أن العمل الصالح فيها مضاعف أضعافاً كثيرة، وذلك إيثارا لجانب السلامة. نص على ذلك ابن العربي وغيره، وأما كون الذنب فيها بمائة ألف ذنب فلم نجد من صرح بذلك، وغاية ما صرحوا به أن الذنب فيها أعظم من الذنب في غيرها كما تقدم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1421(9/6334)
كيف نقوي إيماننا بالله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أفضل الصيغ أو الأمثلة في واقعنا المعاصر في إثبات عظمة الله بحيث يكون الأمر مبسطا للسامع أو القارئ ... وماهي أسباب تقوية اليقين بالله سبحان وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أنفع السبل لغرس بذرة الإيمان بالله عز وجل وبيان عظمته سبحانه سرد آيات الله الكونية مبرهنة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية مقرونة بالتجارب العلمية والعملية إن وجدت، مع التفكر في كل ما تحيط به حواسنا، لأن ما يدركه الإنسان بفكره ويطمئن إليه بعقله يزداد يقينه به أكثر مما يدركه بدلائل المعرفة الأخرى.
فالنظر في هذا الكون المتناسق المحكم الذي يجرى وفق نظام بديع وميزان دقيق يجعل الإنسان يخلص إلى أنه لابد لهذا الكون من خالق عليم خبير حكيم قدير عظيم وهو الله سبحانه جل في علاه قال سبحانه: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) .
ولهذا فقد توافرت الآيات القرآنية في الحض على التفكر والتأمل في مخلوقات الله، لأن عملية الخلق من أعظم الدلائل على عظمة الله سبحانه، وقد تحدى سبحانه من يدعون الألوهية أن يخلقوا ذباباً وهو من أحقر المخلوقات شأناً ليقيم عليهم الحجة بذلك فيتوصلوا إلى الإقرار بعظمته والاعتراف بالعجز عن تقديره سبحانه حق قدره، وإن مما يقوى اليقين بالله ـ مع ما سبق ذكره ـ التوجه القلبى لذكر الله وعبادته حق عبادته وزيادة القرب منه سبحانه، فالتفكر في خلق الله مع ذكر الله وعبادته لا استغناء عنهما، ولا عن أحدهما لمن يريد أن يوقن حق اليقين بربه سبحانه وتعالى، وقد بين سبحانه ذلك كله فقال: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار) [آل عمران: 190ـ191) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(9/6335)
ضوابط تتعلق بحب الشهوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في حب الشهوة دون التعدي على حدود الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) [آل عمران: 14] . والناس لفظ عام، فظاهر اللفظ يقتضي أن هذا المعنى ـ وهو حب الشهوات ـ حاصل لجميع الناس، والعقل يدل على ذلك.
والله ما خلقها إلا للاستمتاع بها، بدليل قوله: (ذلك متاع الحياة الدنيا) .
ومحبة الإنسان للشهوات هي أن يحرص على تحصيلها والاستمتاع بها. فإن كان ذلك من طريق مشروع وبالوجه المشروع فالناس في ذلك على أنواع:
الأول: من يترك الانتفاع بهذه الأمور كليةً، وهذا مذموم شرعاً.
الثاني: أن يكون الإنسان لا هم له ولا غرض له في عيشه إلا تحصيل هذه الأمور، وهذا أيضا مذموم شرعاً.
الثالث: أن ينتفع بها من غير أن يتوصل بذلك إلى أمرٍ أخروي، وهذا مباح.
والرابع: أن ينتفع بها على وجه يتوصل به إلى مصالح الآخرة، وهذا ممدوح ومطلوب شرعاً، أما إذا كان تحصيلها والاستمتاع بها بطريق غير مشروع، فذلك محرم، ولكن قد يحصل للإنسان محبة لبعض المحرمات، بمعنى الميل إليها بطبعه لكنه لا يسعى لتحصيلها، ولا يحب ذلك، فلا شيء عليه.
لأن من أحب شيئا، وأحب أن يكون من طبعه أنه يحبه، فقد حقق فيه كمال المحبة، فإن كان في جانب الخير فهو كمال السعادة، كما في قوله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: (إني أحببت حب الخير..) . معناه: أحب الخير وأحب أن أكون محباً للخير.
وإذا كان ذلك في الشر فهذا شر عظيم، كأن يحب الزنى ويحرص على تحصيله ويحب ذلك. فعلى الإنسان أن يقلل من الدنيا وشهواتها، إلا بقدر ما ينفعه في الآخرة، ويعينه على طاعة ربه، ولذلك نجد الله تعالى ـ بعد أن بين أن الناس زين لهم حب الشهوات ـ بين أنها فانية منقضية تذهب لذاتها وتبقى تبعاتها، ثم حث سبحانه على الرغبة في الآخرة بقوله: (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم) [آل عمران: 15] ثم بين طيبات الآخرة المعدة لمن واظب على العبودية من الصابرين والصادقين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1421(9/6336)
قيمة الدنيا في ميزان المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الإنسان عندما يضيق به الحال من ناحية الرزق مع أنه يعتقد بأن نيته صافية وهل هناك أدعية تجلب الرزق مع ذكر بعض منها أو المراجع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن الرزق بيد الله وحده وأن الإنسان مهما سعى في طلب الرزق فلن يأتيه إلا ما كتبه الله له، ومهما حيل بينه وبين رزقه فإن رزقه آتيه كما يأتيه أجله؛ فقد روى الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله" الحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع.
ثم اعلم أن السعادة في هذه الدنيا ليست بوفرة المال، وإنما هي: بالإيمان والقناعة والرضى، وإن الدنيا أحقر من أن يضيق الإنسان ذرعاً لقلتها في يده. ففي صحيح مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كَنَفَيه فمر بجدي أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه فقال: " أيكم يحب أن هذا له بدرهم"؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: " أتحبون أنه لكم " قالوا والله لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت؟ فقال: " والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم".
فما أحقر هذه الدنيا التي شغلتنا عن الآخرة، وانتابنا الهم والغم إن قلت في أيدينا. فلا تحزن يا أخي ولا تيأس، ولا تنظر إلى من فوقك، وانظر إلى من تحتك، تدرك نعمة الله عليك. فإن كنت فقيراً فغيرك مثقل بالديون، وإن قل المال في يدك فغيرك فقد المال والصحة والولد. فارض بقضاء الله وقدره في تقسيم الأرزاق واعلم أن الله لا يقدر لك إلا الخير، وأن تدبير الله لك خير من تدبيرك لنفسك.
ولا يعني ذلك أن تترك الأخذ بأسباب الرزق فهذا قدح في الشرع، فإذا ضاق بك الحال أو قصرت يدك، فأولاً: تزود بالقناعة، ثم خذ بأسباب الرزق مع التوكل على الله، والجأ إليه بالدعاء والتضرع بين يديه لاسيما في الثلث الأخير، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له.
فارج الله، وضع مسألتك بين يديه، واسأله الرزق الحلال، فهو الذي لا يخيب من دعاه، فيده ملآى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، ينفق كيف يشاء. ولو تضرعت بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى.
فقد روى أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحداً قط هَم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً" قال فقيل يا رسول الله: ألا نتعلمها فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها"
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر، ومن فتنة النار، وعذاب النار، ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال" وغيرها من الأدعية المأثورة التي تجدها في كتب الأدعية والأذكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6337)
شروط التوبة من الذنوب.
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يستغفر المرء من الغيبة، وخاصة في لحظة الغضب منه، واذا أخبرت الشخص بما اغتبته به ربما لن يتقبلها ويرد علي بالهجر والمخاصمة، فما السبيل للاستغفار من الغيبة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شروط التوبة من الذنب إذا كان فيه حق لأحد من عباد الله أن يتحلل المذنب من صاحب الحق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْه. رواه البخاري.
وقد قيد العلماء وجوب التحلل بما إذا لم يؤد إلى مفسدة عظمى كالمهاجرة والشقاق. ورأى بعضهم أن على المرء حينئذ أن يحاول أن يستسمح أخاه في الجملة بدون أن يعين له نوع الحق الذي هو له عليه. كما أن منهم من ذهب إلى أن عليه أن يذكره في أماكن أخرى بما يعلم فيه من الخير، جبراً لما قد ناله بذكر ما فيه من السوء مثلاً. وعلى كل فعليه بالتوبة من ذلك الذنب بشروط التوبة الأخرى، المعروفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6338)
سبيل تقوية الإيمان.
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستطيع تقويم وتقوية إيماني والارتقاء إلى درجة الايمان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فاعلم أنك بتكاسلك عن العمل للآخرة قد ضيعت الوقود الحقيقي للإيمان، ألا وهو العمل الصالح، فالإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والله يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت: 69] ، فراجع أخي نفسك واجتهد في العمل الصالح، ومن أعظمه الدعاء، فعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء " رواه الترمذي وقال حديث حسن، فاجتهد بارك الله فيك في الدعاء أن يثبت الله قلبك على الإيمان فليس ثمة علاج أنجع ولا أنجح من الدعاء فهو سلاح المؤمنين.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6339)
حقيقة الدنيا.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا شاب أبلغ من العمر 17 عاما وإنني أرى أن الدنيا أفضل من الاخرة عبر رؤية الله تعالى وأرى الناس في رمضان خاشعين باكين وأنا عندي شعور وتكاسل في العمل للآخرة وأركن إلى الدنيا فهلا وضحتم لي ذلك، وما هو السبيل لتحبيب النفس الآخرة وبغضها الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من بلاء هذه الدنيا الزائفة الخادعة، أن تغر المرء، وتحجبه بحجاب كثيف من الشبهات والشهوات عن رؤية الآخرة، فيتقاعس عن العمل لها، ويركن إلى الدنيا ركون الراضي بها، وما أصابك أخي هو من هذا القبيل، فأي فضل للدنيا على الآخرة، وأي مزية لها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " رواه الترمذي وصححه، وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرّ بِالسّوقِ، دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنّاسُ كَنَفَيْهِ. فَمَرّ بِجَدْيٍ أَسَكّ مَيّتٍ. فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَدَ بِأُذُنِهِ. ثُمّ قَالَ: "أَيّكُمْ يُحِبّ أَنّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ " فَقَالُوا: مَا نُحِبّ أَنّهُ لَنَا بِشَيْءٍ. وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَتُحِبّونَ أَنّهُ لَكُمْ؟ " قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيّا، كَانَ عَيْباً فِيهِ، لأَنّهُ أَسَكّ. فَكَيْفَ وَهُوَ مَيّتٌ؟ فَقَالَ: "فَوَاللهِ لَلدّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ". فكيف يقال: إن الدنيا أفضل من الآخرة، فإن قلت إننا في الدنيا نعبد الله بالصوم وما إلى ذلك، فاعلم أن نفس أهل الجنة تسبيح، وهم يذكرون الله تعالى بالحمد والتسبيح، كما قال تعالى حاكيا عن أهل الجنة قولهم: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العاملين) [يونس:10] وقال (قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) [الأعراف:43] فهم في عبادة مع ما هم فيه من النعيم المقيم والرضوان العميم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6340)
التحذير من أكل المال الحرام ومن الزنى.
[السُّؤَالُ]
ـ[غرتني الحياة وعندما أرى المال آخذ منه ولو كان حراما وأقترف بعض المنكرات كالزنى ... وأريد أن أتخلص من جميع المنكرات وأصبح شخصا صالحا كيف أكون كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن كلاً من أخذ مال المسلم بغير حق، وارتكاب فاحشة الزنا يعد من الكبائر التي حرمها الله، والواجب على المسلم، فعل الواجبات وترك المحرمات، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة دم المسلم وماله وعرضه في عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: " كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه" رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" رواه أحمد وأبو داود. كما حرم الرسول صلى الله عليه وسلم الغلول فقال: " أعظم الغلول عند الله يوم القيامة ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أوفي الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة" رواه أحمد والطبراني. كما أن أخذ مال المسلم بغير حق يوجب غضب الله وسخطه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان" رواه أحمد. كما أن الأخذ من المال العام (الذي يوقف على مصالح المسلمين) بغير حق حرام أيضاً، ومما يؤيد ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم في شأن من أخذ من الغنيمة قبل القسمة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّهُ قال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمَ ذَهَباً وَلا وَرِقاً إلاّ الثّيَابَ وَالمَتَاعَ وَالأمْوَالَ. قال: فَوَجّهَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نَحْوَ وَادِي الْقُرَى وَقَدْ أُهْدِيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ أسْوَدُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، حَتّى إذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطّ رَحْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ جَاءَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، فَقالَ النّاسُ: هَنِيئاً لَهُ الْجَنّةُ، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَلاّ وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنّ الشّمْلَةَ الّتي أخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرٍ مِنَ المَغَانِمِ لم تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَاراً، فَلَمّا سَمِعُوا ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أوْ شِرَاكَيْنِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أوْ قال شِرَاكَان مِنْ نَارٍ". رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا فلا يجوز أخذ المال بالسرقة أو السلب أو النهب، أو الغش والاحتيال، ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن السارق، وأوجب عليه الحد، وسلب وصف الإيمان عن الناهب، فقال: " لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده" رواه البخاري ومسلم، وقال: "ولا ينتهب نهبة-حين ينتهبها- وهو مؤمن" رواه البخاري ومسلم.
قال العلماء فصار بنهبته فاسقاً. كما أن أخذ المال بغير حق مظلمة يعاقب الله عليها أشد العقوبة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْه" رواه البخاري.
ومن ثم فإننا ننصح الآخذ -السائل- بالبعد عن هذه الكبيرة العظيمة لأن تعوده ذلك ليس بعذر مقبول شرعاً، كما ننصحه بالتوبة الصادقة النصوح، ورد المظالم (الأموال وغيرها) إلى أهلها، ويتوب الله على من تاب.
أما الزنا فهو من قبائح الذنوب وكبائرها وقد حذر الله منه بقوله: " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً " [الإسراء: 32] كما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم::" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " رواه البخاري ومسلم. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الزنا والسرقة وشرب الخمر من المعاصي التي توجب الفسق لصاحبها وتدفع عنه صفة الإيمان، ومن المعلوم أن من فعل شيئاً منها أنه يحد وفق الضوابط والشروط المعتبرة في إقامة الحدود الشرعية. وما أعظم قوله صلى الله عليه وسلم من حديث سمرة بن جندب: "رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخرجاني إلى أرض مقدسة …فانطلقوا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته ناراً، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا أخمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة" وفي لفظ: "وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا"، وفي آخر الحديث سأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: " وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني" رواه البخاري.
فما أشد هذا العذاب وما أوجعه على الزناة. قال الإمام المنذري: وقد صح أن مدمن الخمر إذا مات لقي الله كعابد وثنٍ، ولا شك أن الزناة اشد وأعظم عند الله من شرب الخمر، والله أعلم. (الترغيب والترهيب 3/238) وأعظم الزنا وأقبحه الزنا بالمحارم أو بامرأة الجار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " ما تقولون في الزنا؟ " قالوا: حرام، حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره" رواه أحمد ورواته ثقات، والطبراني في الكبير والأوسط. والأحاديث في شأن الزنا كثيرة لا يتسع لها المقام، وقد ذكر العلماء آثاراً سيئة تلحق الزاني في هذه الدنيا، منها: ظلمة الوجه، وقصر العمر، والفقر، وأن الزاني يعاقب بمن يفعل ذلك بأهله ومن ذلك قول القائل:
إن الزنا دين فإن سلفته ... ... ... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من يزن في بيت بألفي درهم ... في بيته يزنى بغير الدرهم
ومن هنا ننصح السائل بالبعد عن هذه الكبيرة العظيمة، وأن يتوب إلى الله، وعليه بالزواج فإن لم يستطع فعليه بالصوم، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بقوله: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم.
وأما كيفية التخلص من هذه الكبائر وغيرها فبعدة أمور منها:
1- طلب العلم الشرعي النافع الذي يقرب المسلم من ربه والدار الآخرة.
2- اختيار الرفقة الصالحة والبعد عن رفقاء السوء.
3- البعد عن المثيرات والمهيجات للشهوة، والبعد عن مشاهدة النساء اللائي لا يحل النظر لهن، وغض البصر، والإكثار من الطاعات التي ترقق القلب كقراءة القرآن الكريم والحديث الشريف، وسير الصالحين.
4- تغيير البيئة التي تعيش فيها، والبحث عن بيئة صالحة.
5- عليك بالتوبة النصوح الصادقة، والتكفير عن تلك السيئات قبل فوات الأوان، فإن من أعظم صفات السلف الصالح أنهم كانوا يفعلون الواجبات ويمتنعون عن المحرمات، ويخافون الله ويخشونه حق خشيته. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1422(9/6341)
صدق الالتجاء إلى الله والعبادة يبعد عن الزنا.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أصلي وأقرأ القرآن ولكن عندي نقطة ضعف واحدة وهي الزنا فماذا أفعل أرجو أن يكون الرد منطقيا ودينيا وعلى حسب إمكانيتي البسيطة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأيها الأخ قد ذكرت أنك تصلي وتقرأ القرآن فأنت إذاً فيك خير، فعليك أن تلتجئ إلى الله تعالى وتتوب إليه توبة نصوحاً لتكون خيراً كلك.
فالزم تلاوة القرآن وأداء الصلاة على الوجه الذي يرضي الله تعالى، واخشع فيها لتكون منهاة لك عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) [العنكبوت:45] وتدبر كتاب الله تعالى وما فيه من وعيد بالعذاب الشديد لمن عصى الله تعالى واتبع هواه، وفيه من زجر وتهديد وتشنيع على مرتكبي فاحشة الزنا خصوصاً، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] وقال تعالى في وصف عباد الرحمن المؤمنين (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان:68-71] .
فمن قرأ هذه الآيات وتدبرها وكان مؤمناً إيماناً صادقاً مصدقاً بوعد الله تعالى ووعيده فلا بد أن يرتدع عن هذه الفاحشة ويتوب إلى الله تعالى، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" كما في الصحيحين عن أبي هريرة، ثم إن الزنا يتنافى مع الخلق الرفيع والإنصاف من النفس، ولذلك ثبت في المسند عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: "ادنه" فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: "أتحبه لأمك"؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم"، قال: أفتحبه لابنتك"؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم "، قال: "أفتحبه لأختك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال:" ولا الناس يحبونه لأخواتهم"، قال: "أفتحبه لعمتك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم"، قال: "أفتحبه لخالتك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم"، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6342)
وصية في الصبر على الفتن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن التزم وأن أسيرعلى منهج الرسول عليه الصلاة والسلام وأن أطبق سنته، ولكن هذه الأشياء ممنوعة عندنا، ويسمون كل من يسعى لهذا الأمر زنديقاً، ويقومون بمضايقته ومضايقة أهله وأقاربه.
فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم أيها الأخ الكريم وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى أن من سنة الله تعالى في عباده المومنين ابتلاءهم تمحيصاً لهم وتمييزاً للصادقين من غيرهم ورفعاً لدرجاتهم في الدار الآخرة، قال تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم: ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت1-3:] ، وهذا الابتلاء أنواع شتى يتفنن فيها أشقياء كل أمة وكل جيل، فتارة يكون بالقتل والتشريد، وتارة يكون بالأذية والمضايقات، وتارة يكون بإلصاق التهمة الباطلة والمسميات الزائفة، ومن قرأ كتاب الله وتدبره وأمعن النظر في قصص الأنبياء وأتباعهم وما لاقوه من أقوامهم الكافرين وجد في ذلك أسوة حسنة له فيما يلقاه في هذه الأيام، فيشتد أزره ويصلب عوده، ويقوى بإذن الله تعالى وتوفيقه على تحمل كل أذى في سبيل تمسكه بدينه وطاعة ربه واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم. ثم إن الابتلاء في هذه الأيام أشد لتكالب أمم الشر على المسلمين وهجمتهم الشرسة عليهم (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) . [التوبة:32]
فعلى المؤمن أن يصبر ويتمسك بدينه ويعض عليه بالنواجذ حتى يأتي أمر الله بالنصر للمسلمين. فهذا هو الزمان الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الفتن فيه، وشدة ابتلاء المؤمن بدينه فيه، ففي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" وفي المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر"
فعليك أيها الأخ أن تعي هذه الحقيقة وتعلم هذه السنة الإلهية وتتقي الله تعالى ما استطعت وتهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عجزت عن تطبيقه من ذلك عملياً عجزاً حقيقياً فإنك غير مؤاخد به عند الله تعالى إذا كان ميلك حقيقة هو إلى ما يحب الله ورسوله قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا) [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6343)
مقدمات الزنا والتوبة منها.
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق كان على علاقة حب بفتاة والآن يريد أن يتزوجها فعلا وزادت العلاقة بينهماإلى تبادل القبلات والأحضان وغير ذللك ولكن لم يتم الزنا ولم تتم المعاشرة مثل الأزواج فهل هذا زنا وهذا الشباب تقدم لخطبتها ولكن رفض أهلها لضيق حاله وهذا الشاب ندم على فعلتة وتاب إلى الله وعنده إحساس بالذنب الكبير فهل يقبل الله توبته وماذا يفعل الرجاء أفادتي على الأميل في أقرب فرصة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم" أخرجه مسلم. ففي هذا الحديث دلالة على منع خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وعليه فإن ما فعل صديقك أيها السائل من الاختلاء بالفتاة الأجنبية، وما ترتب على ذلك مما ذكرت أمر لا يجوز، فإذا كان الله عز وجل أمر كلاً من الرجال والنساء بغض البصر عما لا يحل لهم. فما بالك بتبادل القبلات بين الأجانب، والاحتضان وغير ذلك، إنه الانتهاك لحرمات الله تعالى والتجاوز لحدوده، والتقدم للخطبة لا يبيح الاختلاء بالمخطوبة حتى ولو وافق أهلها ورضوا به زوجاً، فالمخطوبة أجنبية حتى يتم العقد الشرعي عليها، وما دامت تجاوزات صديقك على نحو ما ذكرت فإنها لا تسمى زنى بحيث يترتب عليها حد الزنى من جلد أو رجم، ولكنها ذنب يجب الإقلاع عنه وعدم الإصرار عليه. ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن من تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فعليه أن يبادر بالأوبة إلى الله، وننصحه بالبحث الجاد عن امرأة صالحة يتزوجها، ليعصم بها نفسه من الوقوع في ما حرم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6344)
إن الله يغفر الذنوب جميعا.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتقبل الله من التائب عن الذنب ويستجيب الله الدعاء عن فترة أربعين يوما مثلاً لبس المرأة المسلمة الحجاب بعد تبرجها؟ أفيدونا أفادكم الله وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهنالك حقيقتان لابد من معرفتهما:
أولاً: أنه ما من ذنب صغيراً كان أو كبيراً إلا تجب التوبة منه إلى الله تعالى.
ثانياً: أنه ما من ذنب يكبر على التوبة، فالشرك الذي هو أعظم الذنوب إذا تاب منه صاحبه توبة نصوحاً تاب الله تعالى عليه، وقبل الله توبته.
ثم إن باب التوبة مفتوح على مصراعيه لكل داخل حتى يغرغر المرء أو تطلع الشمس من مغربها. ولمعرفة أحكام التوبة وما ينبغي على التائب نرجو التكرم بمراجعة الجواب رقم 263.
وفيما يتعلق بارتداء الحجاب ووجوبه على المسلمة ننصح بمراجعة الجواب رقم 7095. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6345)
من علامات قبول التوبة حسن الحال بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ...
كيف يتوب العبد من ذنبه؟ وما هى دلائل أوعلامات قبول التوبة من الله؟ ... وهل حقا ذكر الله بقول (سبحان الله وبحمده) مائة مرة يمحو مائة خطيئة؟ وأي الخطايا التي تمحى؟ هل التي فى حق الله أم التي فى حق العباد؟ ...
أرجو الافادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فإنه من المعلوم أن الله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم على ذلك ورغبهم فيه فمن جملة ذلك قوله جل وعلا: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) الزمر.
وقال تعالى:" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" وقد تضافرت دلائل الكتاب والسنة على وجوب التوبة، ولزوم المبادرة إليها، وأجمع على ذلك أئمة الإسلام ـ رحمهم الله تعالى.
إذا علم ذلك، فإن التائب لا يكون تائبا حقا إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط:
الشرط الأول: الإخلاص ـ وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عزوجل.
الثاني: الإقلاع عن الذنب.
الثالث: الندم على فعله.
الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه.
الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حالة الغرغرة عند الموت.
فهذه الشروط فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه كشرب الخمر مثلاً. ...
وأما إذا كان الذنب يدخل فيه حق العباد، فلا بد من إبراء الذمة من هذا الحق فإن كان مظلمة استحلها منه، أو حقا رده إليه، بالإضافة إلى الشروط الخمسة الآنفة الذكر.
إذا ثبت هذا فليعلم أن العبد إذا تاب، فينبغي أن يكون حاله بين رجاء قبول التوبة، ومخافة العقاب من الله تعالى، قال تعالى:"والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون" وقد خرج الترمذي بإسناد ثابت أن أم المؤمنين عائشة بن الصديق رضى الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت:" أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون فقال (لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات) .
لكن لا ما نع أن يكون هنالك أمارات على صدق توبة العبد يستأنس بها في ذلك.
فمن ذلك أن العبد التائب يجد حرقة في قلبه على ما فرط منه في جنب الله، وأنه ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل، وأنه يكون أشد تجافيا عن الذنب وعن اسبابه نائيا بنفسه عن هذه الموارد.
ومن ذلك أنه يميل إلى الإقبال على ربه ومولاه، وينظر إلى توفيق الله له بالتوبة على أنه نعمة عظيمة من أعظم النعم عليه.
والأذكار التي فيها تكفير للذنوب كثيرة عديدة، فانظر لها مثلاً كتاب " الأذكار لأبي زكريا النووي ـ رحمه الله ـ ومن الكتب اللطيفة في ذلك كتاب حصن المسلم، وهو كتاب حسن لطيف صغير الحجم عظيم الفائدة في هذا الباب.
وأما الخطايا التي تمحى، فالقاعدة أن الأعمال الصالحة تمحو بإذن الله الأعمال السيئة وهي ما يسمى بصغائر الذنوب قال تعالى" وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" وقد قدمنا أن ما كان من ذلك متعلقا بحق العباد، فلا بد فيه من إبراء الذمة. وبالله التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(9/6346)
التوبة مقبولة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يتوب العبد من ذنبه؟ وما هي دلائل أوعلامات قبول التوبة من الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه من المعلوم أن الله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم عليها ورغبهم فيها ووعد التائب بالرحمة والغفران مهما بلغت ذنوبه فمن جملة ذلك قوله جل وعلا: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) [الزمر: 52-53] . وقال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) . [البقرة: 222] .
وقد تضافرت دلائل الكتاب والسنة على وجوب التوبة، ولزوم المبادرة إليها، وأجمع على ذلك أئمة الإسلام ـ رحمهم الله تعالى. إذا علم ذلك، فإن التائب لا يكون تائبا حقا إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط:
الشرط الأول: الإخلاص ـ وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عزوجل.
الثاني: الإقلاع عن الذنب.
الثالث: الندم على فعله.
الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه.
الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حال الغرغرة عند الموت. قال النووي في شرح مسلم (وللتوبة شرط آخر وهو أن يتوب قبل الغرغرة كما جاء في الحديث الصحيح وأما في حالة الغرغرة وهي حالة النزع فلا تقبل التوبة فهذه الشروط فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه، كشرب الخمر مثلاً. وأما إذا كان الذنب يدخل فيه حق العباد، فلا بد من إبراء الذمة من هذا الحق فإن كان مظلمة استحلها منه، أو حقا رده إليه، بالإضافة إلى الشروط الخمسة الآنفة الذكر. إذا ثبت هذا فليعلم أن العبد إذا تاب، فينبغي أن يكون حاله بين رجاء قبول التوبة، ومخافة العقاب من الله تعالى، قال تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) [المؤمنون: 60] . وقد خرج الترمذي بإسناد ثابت أن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت: "أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات". لكن لا ما نع أن يكون هنالك أمارات على صدق توبة العبد يستأنس بها في ذلك. فمن ذلك أن العبد التائب يجد حرقة في قلبه على ما فرط منه في جنب الله. وأنه ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل. وأنه يكون أشد تجافيا عن الذنب وعن أسبابه، نائيا بنفسه عن هذه الموارد. ومن ذلك أنه يميل إلى الإقبال على ربه ومولاه، وأن يصاحب أهل الفضل والخير ويقاطع أصدقاء السوء ومن لا خير فيهم، وأن ينظر إلى توفيق الله له بالتوبة على أنه نعمة عظيمة من أعظم النعم عليه، فيفرح بها ويحافظ عليها ويخاف زوالها، ويخشى عقوبة نكثها. والله تعالى أعلى وأعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(9/6347)
تعريف الكبيرة والتوبة منها.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى الكبائر وهل هناك كفارة لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكبائر هي: كل ذنب ارتكبه الإنسان وكان فيه حد في الدنيا، كالقتل والزنا والسرقة، أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد، أو لعن فاعله في كتاب الله، أو على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. واختلف أهل العلم في عددها حتى أو صلها بعضهم إلى سبعين، بل وأكثر من ذلك، والتعريف السابق يضبطها، وبعض العلماء جمعها في مصنف مثل الذهبي في كتابه الكبائر، وابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر.
وقد تكفل الله تعالى وضمن في كتابه العزيز لمن اجتنب الكبائر أن يكفر عنه الصغائر من السيئات. قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً) [النساء:31] .
والكبائر تكفرها التوبة النصوح، وكثرة الاستغفار والإنابة إلى الله، وكثرة الطاعات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1421(9/6348)
التوبة ورد المظالم إلى أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم كيف يمكنني التوبة وماذا إن كنت لا استطيع طلب السماح من الناس اللذين أخطأت في حقهم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى من المعصية إلى الطاعة، وعلى المرء أن يعلم أن التوبة محبوبة إلى الله تعالى لقوله: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) [البقرة:222] وأنها واجبة على كل مسلم لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً) [التحريم: 8] وأنها من أسباب الفلاح، قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) [النور: 31] .
فلا تيأس أخي الكريم من رحمة الله وبادر بالتوبة النصوح، ولا تتهولك كثرة الذنوب، فإن الله جل وعلا يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر:53] واعلم أن باب التوبة مفتوح أمام العبد ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم، وقوله: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر.
واعلم أن التوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع رد المظالم إن كان عند التائب مظالم للناس من دم، أو مال، أو عرض، أو استحلالهم منها، أي: طلب المسامحة منهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شئ فليحتلله منه اليوم قبل أن لا يكون ديناراً ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" خرجه البخاري. ومن كان ظلمه للناس من جهة الغيبة وخشي إن أخبرهم أن يحدث ما هو أكبر من الضرر، لم يخبرهم، ودعا لهم، واستغفر لهم، وأظهر ما يعلم من محاسنهم في مقابل إساءته لهم بالغيبة. أما من أخذ أموالاً بغير حق بسرقة أو غيرها فالواجب عليه أن يبذل كل الوسع في البحث عن أصحابها حتى يردها إليهم: هم، أو ورثتهم إن كان أصحابها قد ماتوا، فإن أيس من العثور عليهم ولم يتسن له معرفة ورثتهم فله التصدق بها عنهم، وعلى كل فعليه الإكثار من كل ما يقرب إلى الله ويزيد في ميزان الحسنات فإن حقوق العباد إذا لم يأخذوها الآن، فقد يأخذونها يوم القيامة حسنات أو تخلصاً من سيئات، كما في الحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6349)
الأعمال التي توصل المسلم لمصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... هل يمكن لأحد من عصرنا هذا أن يكون بجوار الرسول-صلى الله عليه وسلم- في الجنة؟ أو حتى يكون بجوار أصحابه في المنزلة؟ وماهي الأعمال التي توصل الفرد الى تلك المنازل؟ أو ماذا يعمل ليكون بجوار الرسول-صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في الجنة؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن درجة الأنبياء في الجنة هي أرفع الدرجات ومنزلتهم أعلى المنازل، والصحابة رضوان الله عليهم لما عرفوا هذه الحقيقة، واستشعروا أن تلك المنازل العالية لا يستحقها غير الأنبياء، خافوا أن يكون علو درجته صلى الله عليه وسلم سبباً مانعاً من رؤيته ومجاورته، وهو حبيبهم وأنيسهم والذي لا يستطيعون أن يفارقوه لحظة، فجاء رجل منهم فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله تعالى: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) [النساء: 69] أخرجه الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء المقدسي وحسنه عن عائشة [تفسير ابن كثير] ومعنى قوله تعالى: (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) أنه معهم في دار واحدة ونعيم واحد، يستمتع برؤيتهم والحضور معهم، وهذا عام فلا يخص عصراً دون عصر، ولا جيلا دون جيل، فمن أطاع الله ورسوله الطاعة التامة امتثالاً واجتناباً فسوف يكون بفضل الله ومنه وكرمه مجاوراً ورفيقاً للذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين… وعد الله لا يخلف الله وعده.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:" كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة". وأشار مالك بالسبابة والوسطى، وفيه أيضاً من حديث ربيعة بن مالك الأسلمي رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " سل" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة فقال: "أو غير ذلك؟ " فقلت:هو ذاك قال: "فأعني على نفسك بكثرة السجود".
وفي الصحيحين عن أنس أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: " وما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: "أنت مع من أحببت" قال أنس: فما فرحنا بشيء أشد فرحاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت مع من أحببت"
فالحاصل أن كفالة اليتيم، وكثرة السجود، وحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب أصحابه وتابعيهم بإحسان، والإكثار من أعمال البر، كل ذلك من الأعمال التي ترتقي بصاحبها إلى مجاورة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،ومنهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6350)
الأعمال الصالحة المخلصة تزيد اليقين.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة نشأت في بيئة ملتزمة ولدي قدر ولله الحمد من العلم بالدين أصوله وفروعه، إلا أن المشكلة التي تواجهني هي أنني قد بدأت أشعر منذ فترة بأنه على الرغم من مواظبتي على الفرائض وعدد من النوافل ولله الحمد غير أني لا أجد في قلبي ذلك اليقين بالله ولقائه - ليس أني أشك فيه- ولكن لا أشعر بقوته في قلبي، ذلك اليقين الذي أقرأ عنه في كتب السلف 000اليقين الذي يذلل الصعاب ويهون مصائب الدنيا ويدفع الإنسان للمضي قدما في مجال الدعوة إلى الله موقنا بنصر الله وتأييده حيث لا أجد في نفسي تلك الهمة العالية، وأشعر أن السبب هو ضعف يقيني بالله فبماذا تنصحونني؟ أفيدوني بشكل عملي مفصل غير الكلام النظري000أنا في أمس الحاجة لإجابة شافية عاجلة فالشيطان يدخل علي كثيرا من هذا الباب، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق والاستقامة والثبات على الإيمان والخير، والذي ننصحك به هو المداومة على المحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل وذكر الله تعالى، والتدبر في آياته والتفكر والاعتبار بمخلوقاته، لأن ذلك يزيد المؤمن قوة في الإيمان واليقين، وثقة بالله واعتماداً عليه.
وأدلة ذلك كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأحوال عباد الله الصالحين وأوليائه المتقين شاهدة على ذلك.
قال الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون* الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون* أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة وزرق كريم) [الأنفال: 2، 3، 4] .
وقال تعالى: (ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون* الذين آمنوا وكانوا يتقون) [يونس: 62-63] وفي هذه الآية بيان لوسيلة الولاية وهي الإيمان والتقوى، وقال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) [محمد: 17] .
ويكفي أن نذكر لك من السنة حديثاً قدسياً صحيحاً أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ".
وعليك أن تقرئي سير أولياء الله من النبيين والمؤمنين ومواقفهم الإيمانية اليقينية، والثمرة التي ترتبت على تلك المواقف. فذلك أيضا مما يحفز المرء على التخلق بأخلاق أولئك.
وعليك أن لا تدعي لوساوس الشيطان مجالاً، فإذا أحسست بشيء من ذلك فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، واشتغلي بشيء من ذكر الله تعالى وطاعته.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6351)
القنوط من رحمة الله خطأ وكفارته التوبة والعمل الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة كانت مريضة وظنت أنها ستموت بمرض لا شفاء منه وبينما كانت في سريرها كانت مباعدة بين رجليها فخافت أن يؤثر ذلك عليها فقاربت بينهما، ثم وسوس إليها الشيطان أنها ستموت فباعدت بينهما فما جدوى ذلك؟ وكانت في هذه الفترة لديها استحاضة وقد عرفت الآن أنها مخطئة لأنها يئست من رحمة الله وأصبحت تستغفر دائماً، فهل ارتكبت خطأ؟ الفتاة هي الآن شفيت من مرضها بفضل الله وهل إثمها عظيم جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فما كان ينبغي لهذه الفتاة أن تقنط من رحمة الله تعالى، ولا أن تيأس، ولا أن تتصرف ذلك التصرف الذي قد يزيد من حدة المرض.
ولكن ما دامت قد فعلت ذلك خطأ فاستغفرت وتابت إلى الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى غفور رحيم.
وعليها الآن أن تكثر من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة، وتكثر من حمد الله تعالى وشكره على ما من به عليها من العافية والشفاء.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6352)
نصيحة في المحافظة على الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني غير محافظة على صلاتي بتاتاً وهذه المشكلة تؤرقني كثيراً وتتعبني نفسياً وأنا غير راضية عن نفسي ولكن ماذا أفعل وكيف اعالج هذه المشكلة؟ حاولت كثيراً ولكن مع الأسف كأنها أصبحت عادة عندي مع العلم أنني أحب ديني وأقرأ كثيراً عن كتب الدين ولا تستهويني الكتب غير الدينية ماذا أفعل أثابكم الله أريد الحل سريعاً لأنني بالفعل تعبت كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا من أجل العبادة، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) . [الذاريات: 56] . والصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) . [البينة: 5] .
كما أن الصلاة عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر - أو الشرك - ترك الصلاة ". أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة.
هذا الحكم بالنسبة لمن يتركها ولا يؤديها، أما من يؤديها لكن يتكاسل في أدائها ويؤخرها عن وقتها، فقد توعده الله بالويل فقال: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) . [الماعون: 5] . والويل هو واد في جهنم، نسأل الله العافية.
وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) . [البقرة: 238] ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخل الجنة ". رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم.
فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة!! ،ثم يقال للأخت السائلة: لم لا تصلين؟ ألا تخافين من الله؟ ألا تخشين الموت؟ أما تعلمين أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر". رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وأبو داود. وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟ ألا تعرفين أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء ". رواه البخاري ومسلم، والغرة بياض الوجه، والتحجيل: بياض في اليدين والرجلين. كيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) . [الفتح:29] .
بل إن الصلاة راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: " أرحنا بها يا بلال "، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدق بنا المصائب، وتدلهم بنا الخطوب والأحزان أن نفزع إلى الصلاة "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ". رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه، وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة، فكيف يتركها بعض الناس، وقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) . [البقرة: 153] .
فنصيحتنا للسائلة: أن تتقي الله وأن تخاف منه حق الخوف، وأن تراجع نفسها حيث إنها تقول:إني أحب ديني وأقرأ كثيراً عن كتب الدين. فإذا كنت حقاً تحبين دينك، فعليك بطاعة الله والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، لأن المحبة ليست مجرد دعوى، بل لابد من الامتثال: لو كان حبك صادقاً لأطعته، إن المحب لمن يحب مطيع، فلا تستقيم دعوى المحبة مع عدم الامتثال، ثم إن المحافظة على الصلاة نور يتزود به المرء في طريقه، وكيف يرضى المرء أن يكون الناس لهم زاد وهو بغير زاد.
وكما هو معلوم، فالصلاة من أركان الإسلام الخمسة: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً". رواه البخاري ومسلم.
فعليك أيها السائلة: أن تتخلصي من عادة ترك الصلاة، والتوبة الصادقة النصوح، وأن لا تيأسي من رحمة الله، وأن ترافقي الصالحات لكي يعنك على الخير، ويبعدنك عن الشر، وعليك بحضور دروس العلم والمواعظ في بيوت الله حتى يخشع قلبك، وستجدين السعادة الحقيقية - إن شاء الله - في أداء الصلاة بطمأنينة وخشوع في أوقاتها، لتكوني من الذين قال الله فيهم: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون) . [المؤمنون:2] . وعليك بالابتعاد عن كل ما يشغلك ويلهيك عن الصلاة، وعليك بدعاء رب العالمين بصدق أن يوفقك للمحافظة والمداومة على الصلاة في أوقاتها، فهذا هو الحل السريع الذي تسألين عنه ويتلخص فيما يلي:
1 - البحث عن تقويم يعرفك بأوقات الصلاة بدقة وأوقات الأذان فوراً.
2 - عند سماع الأذان تتركين كل الأشغال والأعمال وتتفرغين للصلاة، ولن تأخذ منك هي وما تتطلبه من طهارة إلا وقتاً يسيراً.
3 - مصاحبة امرأة صالحة تعينك على ذلك، وتتعاهدان معاً على طاعة الله.
4 - حضور دروس العلم الشرعي إن وجدت - أو قراءة سير السلف الصالح والعلماء العاملين.
5 - عليك بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار والدعاء أن يشرح الله صدرك للصلاة.
أسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6353)
اقتراف الفواحش تضيق على المرء معيشته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت منذ أربع سنوات بعملية زنا مع إحدى النساء وقد قمت بالاستغفار وعدم الرجوع إلى ذلك لكن عقاب الله كان قاسيا فباب الرزق مقفول، ولا أجد عملا حتى السفر إلى الخارج أوروبا أو أمريكا أو الدول العربية يذهب قبل أن يأتي فما الحل عندكم. أداوم على الصلاة والصيام وأقوم بالأشياء الحسنة لكن لا أرى أي تحسن في وضعي واليوم أحاول الزواج من فتاة والنقود قليلة 1-هل الله لايغفر هذا الذنب وما الحل؟ 2-هل أصارح من أتزوجها بما فعلته من زنا؟ 3- هل عندما أعتمر إلى بيت الله الحرام في نية خالصة يغفر لي الله؟ * أخبروني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيا أخي الكريم بادىء ذي بدء أقول لك عفا الله عنك وغفر لك ذنبك ورزقك التوبة النصوح. وينبغي عليك أن تعلم أن الذنوب تفتح أبواب الشر على الإنسان في دينه ودنياه.. ففي دينه تفقده الخشوع في الصلاة ولذة المناجاة لله سبحانه كما أنها تحرمه الخير في كثير من العبادات فلا يوفق لأدائها. نسأل الله العافية والسلامة. وفي دنياه فإنها تكون سبباً لتغيير أموره، وتضييق معيشته وتجعله يعيش في وحشة من الناس وتشغل عليه باله وتفكيره، وتجعله يعيش في أرق وهم ونكد لا نهاية له؛ إلا إذا عاد إلى الله وصدق في العودة واللجوء إليه سبحانه.
ثم أخي الكريم كيف تنسب انسداد أبواب الرزق إلى الله مباشرة وتنسى أن لهذا الانسداد أسباباً. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه أحمد وابن ماجه وحسنه السيوطي.
ثم كيف أخي الكريم لم يكن همك في سؤالك إلا أن أبواب العمل مقفلة ونسيت فضل الله عليك يوم أن سترك، ولم يفضحك، ونسيت أيضا أن تحمد الله على أنه لم يقبض روحك وأنت تقارف هذا الجرم العظيم فأمهلك حتى تبت ورجعت إليه ولم تتذكر إلا أعمال الدنيا وأنها مقفلة!! فارجع يا أخي باللوم على نفسك وعض أصابع الندم. كما أني أقول لك: لقد أحسنت كل الإحسان حينما بحثت عن الحلال وثق بأن الله سييسر أمورك خاصة وأنت تتحرى الحلال قال الله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) . [النور: 32] . وثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ثلاثة حقٌ على الله إعانتهم.. وذكر منهم الناكح يريد العفاف" رواه الترمذي والنسائي. كما أنه من الواجب عليك وقد سترك الله أن لا تخبر أحداً بما قد فعلته سابقاً لا زوجتك ولا غيرها لأن التوبة تهدم ما قبلها ولا تهتك ستر الله عليك، وثق تمام الثقة بأن عودتك الصادقة إلى الله وتجديد النية وإخلاصها لله سبحانه وتعالى سيكونان إن شاء الله سبباً لغفران الله لك، ولا تيأس ولا تقنط من رحمة الله. قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) . [الزمر:53] وإن شاء الله تكون عمرتك لبيت الله الحرام كفارة لما مضى. والله يختم لنا ولك بخاتمة الحسنى وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6354)
الحج المبرور والتوبة النصوح تكفير للذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنوي أداء فريضة الحج هذا العام الرجاء إعطائي نصائح لتكفير جميع الذنوب والابتداء من جديد وإعطائي الأمور الهامة لمناسك الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهذا سؤال مهم ينبغي أن يكون هاجس كل مسلم في الحج وفي غيره والإجابة عليه سهلة تتلخص في: أن يتوب المسلم إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويعقد العزم على ذلك، ويطيع الله سبحانه وتعالى فيما أمر ويبتعد عما عنه نهى وزجر، ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة. ويكثر الالتجاء إلى الله تعالى أن يحفظه في ما تبقى من عمره وأن ييسر له الخير وييسره له. فإن الله تعالى سيغفر له ما تقدم من ذنبه ويستجيب له فيما بقي من عمره. فذلك وعد الله الذي لا يتخلف والحج من تلك الأعمال الصالحة التي تكفر الذنوب إذا أداها المرء المسلم لله تعالى كما شرع، واجتنب فيه ما نهي عنه. كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ".
والأمور المهمة في الحج هي أن يؤديه المسلم ممتثلا شرع الله تعالى وما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، ومجتنباً ما نهيا عنه.
وذلك بالمحافظة على أركانه وواجباته وفعل ما أمكن من مستحباته. والابتعاد عن محظوراته. ويجب عليك قبل أن تدخل في الحج أن تتعلم ما يجب عليك أن تفعله، وذلك عن طريق مجالسة المشايخ والاستماع إلى أشرطتهم وقراءة الرسائل والنشرات التي تفصل ذلك، وننصحك أن تصطحب معك بعض ذلك في حجك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6355)
حسن الخاتمة وسوء الخاتمة.
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحديث الشريف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ... الخ) يلتبس علينا المعنى المقصود من هذا الحديث وهل الإنسان اذا أحسن العمل طوال حياته ثم أساء في آخر حياته لم يشفع له عمله الصالح....نرجوا منكم التوضيح والبيان في شرح المقصود من الحديث؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن هذا الحديث مسوق لبيان أن العبرة بالخاتمة التي يختم بها العمر، فمن كانت خاتمته خيراً فهو من أهل الجنة، ومن كانت خاتمته شراً، فهو من أهل النار، ثم إن كانت تلك الخاتمة مكفرة خلّد في النار، وإن كانت معصية فقط ولم يتب منها، فهو تحت المشيئة، إن شاء الله عذبه وإن شاء عفا عنه.
لهذا كان صالحو هذه الأمة يخافون خوفاً شديداً من سوء الخاتمة، ويسألون الله تعالى التثبيت عند الموت، ويقولون: إن من أمن الخواتيم هلك، ثم إن هذه الخواتيم ميراث السوابق، فكم من عامل يعمل في ظاهره بما يتناقض مع ما في باطنه، وكم من عامل يعمل عمل الخير في الظاهر ومن وراء ذلك دسيسة سوء تكون سبباً لسوء خاتمته والعياذ بالله تعالى، وكم من عامل يعمل عمل الشر في الظاهر، وفيه خصلة خفية حميدة يتداركه الله بسببها برحمة منه وفضل - فيختم له بخير.
وبالجملة، فإن الانقلاب من الشر إلى الخير كثير ولله الحمد، وأما الانقلاب من الخير إلى الشر فقليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6356)
حقوق العباد لا يغفرها الله إلا أن يتنازل عنها صاحب الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك) . هل يغفر الله تعالى الجور على حقوق العباد، أم يحاسبه الله فيأخذ من سيئات هذا وترد لهذ؟ وما هو تفسير الآية الكريمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] .
أي إن الله يغفر كل ذنب فعله الإنسان إلا ذنب الشرك فإنه لا يغفره وأما حقوق العباد مع العباد فإن المرء يحاسب عليها إلا أن يتوب منها ويتنازل عنها صاحب الحق، قال صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه ثم طرح في النار" رواه الترمذي، قال حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم:" الدواوين ثلاثة…" وذكر منها صلى الله عليه وسلم "وديوان لا يتركه الله" وبينه صلى الله عليه وسلم بقوله: وهو ظلم العباد بعضهم بعضا " رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6357)
المحافظة على التوبة.
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرضت للملامة من قبل بعض الناس عندما قررت ترك سماع الأغاني والرقص والتشبة بالكافرات في لباسهن، فهل تسرعت في قراري؟ مع العلم أني مازلت أتخبط في طريق التوبة، وأريد بعض الادلة لأرد على نظرات المستهزئين من قراري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فعلته هو الصواب، حيث قمت بترك ماضيك وهجره إلى غير رجعة إن شاء الله، وليس في هذا أي تسرع أو تخبط، بل هذا هو الأصل الذي كان ينبغي أن تفعليه، وقد وفقت لهذا ولله الحمد.
خير ما أوصيك به في هذه الفترة أن تحمدي الله على نعمة الهداية، عليك أن تعلمي أنها نعمة لو قورنت بالدنيا وما فيها لكانت خيراً منها، ولعلك الآن تشعرين بالبون الشاسع بين حياة الضياع والتفلت والبعد عن الدين، وما يصاحب ذلك - في الغالب - من قلق وهم واضطراب وضيق في الصدر، وبين الحياة الأخرى وهي حياة الصلاة والقرآن والدعاء والبكاء من خشية الله، فلا تلتفتي إلى هؤلاء المستهزئات، فالله معك.
ثم إن عليك الابتعاد عن هذه الرفقة السيئة تماماً واستبدالها برفقة طيبة صالحة تعينك على الخير الذي أنت فيه، كما أوصى ربنا نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: (واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) [الكهف: 28] .
وإياك والدخول معهم في أية مناقشات في الفترة الحالية، لأنك ما زلت في بداية الطريق، وحاجتك إلى الأمور المعينة على الثبات أولى وأهم من مناقشة أمثال هؤلاء النسوة هداهن الله. وننصحك بأن تكثري من قراءة القرآن وبالمحافظة على الأذكار وعلى الصلوات في أوقاتها، وأن تكثري في السجود هذا الدعاء: " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك "، ومن الأدعية المهمة لك: " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6358)
الصبر على وفاة الأبناء واحتسابهم من موجبات الجنة.
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص توفي له ولدان في حادث سير (4 و13 سنة) وأصيب آخر إصابات بليغة , هو يسأل هل هذا عقاب من الله له بسبب ذنوب عملها ويطلب منك النصيحة في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى لهذا الوالد أن يأجره في مصيبته، ويخلفه خيراً وأن يلهمه الصبر، ويعظم له المثوبة والأجر.
ونبشره بما وعد الله به من ابتلاهم فصبروا في محكم كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) . [البقرة: 155-156] .
وقال تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) . [آل عمران: 186] .
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: ما لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ".
وورد بخصوص الابتلاء بموت الأبناء أحاديث أخر كثيرة منها ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلاّ تحلة القسم ". والمراد بتحلة القسم قوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً * ثم ننجي الذين اتقوا ونذرالظالمين فيها جثياً) . [مريم:71-72] .
وفيهما أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة وعظه صلى الله عليه وسلم للنساء قال لهن فيما يقول: " ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار"، فقالت امرأة: واثنين، فقال: "واثنين".
فنوصي هذا الوالد بالاسترجاع والصبر والحمد واحتساب الأجر والمثوبة عند الله تعالى، وليحذر من الشيطان أن يغريه بالجزع والتسخط على قضاء الله وقدره، فيفوت عليه الأجر، فتجتمع عليه المصيبتان - فقدان الأحبة وفوات الأجر.
وليعلم هذا الوالد أن ما أصيب به هو من قضاء الله وقدره الذي لا يرد، والذي كان مكتوباً في سابق الأزل، كما قال الله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها) . [الحديد: 22] .
ونرجو أن يكون ذلك رفعاً لدرجاته عند الله تعالى وتكفيراً لسيئاته، وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يصيبه أذىَ شوكةٍ فما فوقها إلاّ حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها".
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلاّ كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6359)
مجاهدة النفس على الطاعة تورث الهداية والثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يؤجر الإنسان على مجاهدة نفسه على الطاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فحينما تكلم العلماء عن الصبر ذكروا أن له أقساماً ثلاثة: الصبر على المصائب والمكاره، والصبر عن المعاصي، والصبر على الطاعات. ولا شك أن من جاهد نفسه على الاستمرار في الطاعات والمحافظة عليها مأجور عند الله، وسوف يوفقه الله ويهديه الصراط المستقيم بإذنه جلا وعلا كما قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) [العنكبوت: 69] وقال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) [محمد: 17] فالذي يجاهد نفسه على فعل الطاعة يثاب على صبره، ثم إن الله سبحانه وتعالى سيوفقه ويدله على الطريق الموصل إلى رضاه ويزيده هدى. وهذا الباب أي باب المجاهدة باب توفيق يوفق الله فيه من شاء من عباده، ومما يدل على ذلك أن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم أسألك مرافقتك في الجنة. أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " أعني على ذلك بكثرة السجود." رواه مسلم. وكثرة السجود تحتاج إلى مجاهدة نفس ومصابرة، لأنه لما كانت المهمة عالية والأمنية من هذا الصحابي غالية كان الطريق إلى الوصول إليها فيه شيء من المشقة على النفوس لكن في نهايته منزلة عظيمة وأي منزلة!! إنها مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وكل ما كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة. وبارك الله فيك على حرصك واجتهادك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6360)
في محاسبة النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن موضوع محاسبة النفس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فمحاسبة النفس هي من أعلى اهتمامات أرباب القلوب الحية وأولى أوليات ذوي الألباب الواعية، وذلك أنهم لما أدركوا أن الله تعالى مطلع على حركاتهم وسكناتهم وخطراتهم ولحظاتهم وأنه يحصي ذلك عليهم ثم إليه إيابهم وعليه حسابهم، فعلموا أن من حاسب نفسه قبل يوم الحساب خف في ذلك اليوم حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومثابه، ومن لم يحاسبها قبل ذلك طالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الورطات المهلكات سيئاته، فدامت حسراته ونداماته، ولن تغني عنه شيئاً ليتاته ولوّاته ولن تخلصه اعترافاته واستغاثاته، لما أدركوا ذلك تحققوا أنه لن ينجيهم إلاّ لزوم المحاسبة وصدق المراقبة، فألزموا أنفسهم بذلك في الحركات والسكنات، واللفظات واللحظات والخطرات، واستدلوا لذلك بالآيات البينات، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) [الحشر: 18-19] . وقال تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) [الأنبياء: 47] . وقال تعالى: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً) [الكهف: 49] . وقال تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد) [المجادلة: 6] . وقال تعالى: (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم) [الغاشية: 26] . وقال تعالى (يومَئذٍ يصدُرُ النّاسُ أشتاتاً لِيُرَوا أعمَالَهُم فمن يَّعمَل مثقال ذرة خيراً يَّره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يَّره) . [الزلزلة: 6-8] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه " [رواه الترمذي والدارمي عن أبي برزة الأسلمي] . والآيات والأحاديث المفصحة بهذا المعنى كثيرة، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا ليوم العرض الأكبر: ثم يتلو قول الله تعالى: (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) [الحاقة:18] .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6361)
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء إلا أن يكون حقا للعباد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل للشخص الزاني؟ من توبة وماذا يفعل تجاة الأشخاص الذين ظلمهم نتيجة لهذا الذنب؟ وهل يمكن أن يتقبل الله توبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
يقول الله جل وعلا: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله * إن الله يغفر الذنوب جميعاً * إنه هو الغفور الرحيم) . [الزمر:53] . وقد أجمع أهل العلم على أن هذه الآية نزلت في شأن التائبين، فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحاً غفر الله له ذنوبه. وقال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ولا يزنون * ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات * وكان الله غفوراً رحيماً * ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً) . [الفرقان: 68-71] . فاستثنى الله تعالى من أصاب شيئاً من هذه الكبائر من العذاب المضاعف وغيره إذا تاب من ذنبه وأحسن توبته وندم على فعله، بل إن فضل الله واسع فإنه لا يمحو الذنب الذي تاب منه العبد فقط ولكنه تعالى يبدله حسنات، وهذا من رحمة الله بعباده. وأما واجبه تجاه من ظلمهم، فإن كانت المظالم متعلقة بأموال أخذها منهم فإن عليه أن يرجعها إليهم، وإن كانت غيبة أو نحوها فإنه يستغفر لمن اغتابه، إن ظن أنه لو استسمحه سيؤدي ذلك إلى فساد ذات البين، وإن كانت من عرض انتهكه من امرأة مثلاً فعليه أن لا يتحدث بهذا لأحد أبداً وليجملها بستر الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم. من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه ". [رواه البخاري] . وقال صلى الله عليه وسلم: " من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" متفق عليه. والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6362)
من وقع في معصية فليبادر إلى الله بالتوبة والاستغفار والندم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته: شخص ارتكب الزنى فهل له من توبة؟ .وهل يجب أن يقام عليه الحد الشرعي؟ .وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن وقع في معصية من المعاصي فليبادر إلى الله تعالى بالتوبة الصادقة والاستغفار والندم على ما فعله وليعزم عزماً مصمماً أن لا يعود إلى مثل هذه المعصية ولا غيرها من المعاصي … وإذا علم الله صدق التائب تاب عليه وغفر له ذنبه ومحا عنه خطيئته، فقد قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر: 52] . وعلى هذا الشخص أن يستر نفسه ولا يخبر أحداً بأنه فعل هذه المعصية أو غيرها، فكما أن الله ستره فليستر نفسه. ولكن ينبه هذا الشخص إلى أن هذا الفعل الذي ارتكبه إثم عظيم وجرم كبير، فقد سمى الله الزنا في كتابه بالفاحشة، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6363)
الحياة السعيدة يكون باتباع هدي الكتاب والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف السبيل إلى حياة دينية سليمة فى ظل متغيرات تحض على الفساد؟ وهل الهجرة عن بلاد غاب عنها الدين وانعدم الضمير هي الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فإن الحياة السعيدة السليمة هي بالتمسك بكتاب الله تعالى واتباع هداه كما قال سبحانه وتعالى (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [البقرة 38] قال المفسرون لا خوف عليهم في الدنيا من الفتن والمضلات ولا هم يحزنون في الآخرة. وقال تعالى (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) [طه 123] أي لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة. فعلى الجميع أن يتمسكوا بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حسب فهم سلف هذه الأمة، وأن يلزموا جماعة المسلمين، والصحبة الصالحة منهم. وأن يكثروا من الالتجاء إلى الله ودعائه والتضرع إليه أن يحفظ الجميع من نزعات الهوى ومضلات الفتن. وأن يكثروا من الأعمال الصالحة فسيحيون حياة سعيدة طيبة كما وعد الله تعالى حيث يقول: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [النحل: 97] أما بالنسبة لمسألة الهجرة فقد نص أهل العلم على أن الإنسان يجب عليه أن يهاجر من بلد يرى فيه المنكرات ويخشى على نفسه الوقوع فيها وليهاجر إلى بلد لا توجد فيه منكرات فإن لم يجده فإلى بلد تقل فيه نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(9/6364)
الأمور التي تساعد على الخشوع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وبعد:
أرجو إفادتي في كيفية الخشوع في الصلاة حيث إنني أعلم أن التفكر في آيات الله هي طريق الخشوع؟ وهل هناك وسيلة من التخلص من وسوسة الشيطان عند الصلاة وخاصة في السجود والركوع؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخشوع هو روح الصلاة فإذا افتقد في الصلاة كانت الصلاة مجرد حركات لا حياة فيها. ولذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على تحصيله. وذلك أولاً بكثرة التجاء العبد إلى الله تعالى وتضرعه إليه أن يرزقه إياه. وثانياً بالأخذ بالأسباب ومنها: تدبر ما يقرأ من قرآن وتعقل معنى ما يقول من أذكار.
ومن ذلك ملاحظة امتداح الله تعالى للخاشعين، وربطه لفلاح المؤمنين بخشوعهم في صلاتهم، قال تعالى: (قد أفلح المؤمنون الذين * هم في صلاتهم خاشعون) [المؤمنون:1ـ 2] . ومن ذلك ملاحظة أن الصلاة بدون الخشوع لا يحصل فاعلها على ثمرة الصلاة التي تتمثل في كفه عن الفحشاء والمنكر.
ومن ذلك أن من لم يخشع في صلاته فوت على نفسه ذوق طعم لذة المناجاة لله تعالى والتي هي ألذ ما يتلذذ به المؤمن. ومن ذلك أن يستشعر أنه واقف بين يدي الله تعالى والله تعالى مطلع على ما في سره وعلنه. وليس من الأدب مع الله تعالى أن تتشاغل بأمور دنيوية تافهة وأنت واقف بين يديه تزعم أنك تناجيه على صفة الخطاب: (إياك نبعد وإياك نستعين) . إلى غير ذلك من الأسباب النافعة بإذن الله تعالى.
وأما التخلص من وسوسة الشيطان فذلك بالالتجاء إلى الله تعالى، والاستعاذة به من الشيطان، والانشغال بأسباب الخشوع، وقراءة المعوذتين ضمن أذكار الصباح والمساء.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6365)
التوبة من السرقة برد المسروقات إلى أصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم سيدي الفاضل سرقت من عدة جهات وتبت إلى الله عز وجل أرجو أن تقبل توبتي. هل يجوز التصدق كل شهر بمبلغ من المال عن ما سرقت لصعوبة إرجاع المسروقات إلى أصحابها؟ هل يعتبر هذا العمل صحيحا أم لابد من الذهاب إلى الذين سرقت منهم وطلبت السماح؟ وهذا بالنسبه لي صعب. جزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أراد أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً من السرقة فلابد أن يبذل قدر طاقته ووسعه في رد المسروقات إلى أصحابها، فإن عجز عن معرفة أصحابها بعد محاولات متكررة وبحث جاد فليتصدق بتلك المسروقات ـإن كانت موجودة - وإن كانت غير موجودة فليتصدق بقيمتها. على أنه متى ما وجد أصحابها خيرهم بين أن يرد عليهم مثل ما أخذ منهم أو قيمته وبين أن يقبلوها صدقة عنهم. ثم إن عليه أن يكثر من أعمال البر، فإن أصحاب الحقوق قد يطالبونه بها يوم القيامة، والله حكم عدل فقد يوفيهم إياها من حسناته، فعليه أن يكثر من الحسنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6366)
الكبائر لا تكفرها إلا التوبة النصوح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحج يكفر الذنوب بما فيها الكبائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالكبائر لا تكفرها إلا التوبة النصوح على الراجح من أقوال أهل العلم وما وعد الله تعالى به من تكفير بعض الطاعات للذنوب إنما هو في الصغائر كما ورد ذلك صريحاً في أحاديث منها ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". فالحج لا يكفر كبائر الذنوب بل تحتاج إلى توبة خاصة؟ والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(9/6367)
الخوف وأقسامه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السؤال يقول: ما الفرق بين الخوف من الله والخوف من المخلوقات وكيف نوفق بينهما؟ أرجوا الإجابة على هذا السؤال بأسرع وقت ممكن. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا أولاً نلفت انتباه السائل إلى أن الخوف من حيث هو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- خوف السر: وهو أن يخاف الإنسان من غيره أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر أوأي مصيبة بقدرته ومشيئته.
2-أن يخاف الإنسان من غيره، حتى يترك ما أوجبه الله عليه من جهاد أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو غير ذلك.
3- الخوف من عدو أو سبع أو غرق أو هدم، أو نحو ذلك من أسباب الهلاك أو الأذى الظاهرة وهو ما يسمى بالخوف الطبيعي.
إذا تقرر هذا فإن الخوف من المخلوقات إذا كان من النوع الأول فهو شرك، لأن ذلك النوع من الخوف من لوازم الإلهية، فلا يجوز تعلقه بغير الله أصلاً. وهذا هو الذي كان المشركون يعتقدونه في آلهتهم وأصنامهم، فكانوا يخوفون بها أولياء الله، يقول الله عز وجل حاكياً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في رده على الكفار لما خوفوه بآلهتهم: (ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون* وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون) . [الأنعام: 81،82] .
وإذا كان الخوف من المخلوقات من النوع الثاني فهو محرم، وهو الذي نزلت فيه الآية (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) [البقرة: 176] . وورد فيه الحديث: "إن الله تبارك وتعالى يقول للعبد يوم القيامة: ما منعك إذا رأيت المنكر أن لا تغيره؟ فيقول: يا رب خشيت الناس، فيقول: إياي كنت أحق أن تخشى" رواه أحمد.
أما إذا كان الخوف من المخلوقات من النوع الثالث فهذ واقع طبعاً إذ هو أمر جبلي خارج عن إرادة الإنسان، ولا يذم شرعاً، وهو الذي ذكره الله عز وجل عن موسى عليه الصلاة والسلام في قوله: (فخرج منها خائفاً يترقب) [القصص: 22] . وفي قوله تعالى: (ففررت منكم لما خفتكم) [الشعراء: 21] .
وبهذا التقسيم للخوف يتبين أنه لا منافاة ولا تعارض بين الخوف من الله وبين الخوف من المخلوقات، إذ الخوف من الله عز وجل من أفضل مقامات الدين ومن أجلها، وقد وصف الله به في كتابه العزيز الملائكة والأنبياء والصالحين فقال: (يخافون ربهم من فوقهم) [النحل:51] وقال: (وهم من خشية ربهم مشفقون) [الأنبياء: 29] وقال: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحد إلا الله) [الأحزاب: 40] . أما الخوف من المخلوقات فهو دائر بين الشرك بالله والمعصية كما قد قدمنا، إذا لم يكن من الخوف الطبيعي الجبلي.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6368)
حافظ على صلاة الفجرواتخذ الأسباب المعينة لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أني أحاول دائما أن أستيقظ لأصلي الفجر فلا أستطيع إلا إذا عندي شغل صباحي فأؤدي صلاة الفجر في وقتها أو إذا كان عندي عمل بالليل فأؤديها أيضا في الوقت. فما هي نصيحتكم أو جوابكم لكل ما أعاني منه؟ . وجزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
أخي الكريم – جزاك الله تعالى خيرًا على طلبك النصح في هذه المسألة المهمة حقاً، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والإعانة على طاعته ومرضاته. ونقول لك إن الإنسان كسول بطبعه عن الأمور التي فيها شيء من المشقة، وخاصة إذا كانت من أعمال الطاعة، لأن الشيطان يثبطه عنها، فإذًَا لا بد للإنسان من دافع رجاء أو خوف يدفعه إلى فعل ما فيه مشقة ولابد له من همة وعزمٍ يسموان وينهضان به عن مستنقعات الكسل وعقل راجح يوازن به بين المنافع والمضار، وأولى الناس بهذا مؤمن يؤمن بالله تعالى ويصدق بوعده ووعيده. إذا عرفت هذا فإننا ننصحك بأن تسعى أولاً لتقوية إيمانك بالله تعالى، فأكثر من قراءة كتاب الله تعالى بتدبر وتمعن وأكثر من ذكر الله تعالى مع حضور القلب، وادع الله تعالى في كل حين وخاصة في ساعات الإجابة (الثلث الآخر من الليل وفي جميع أجزاء يوم الجمعة ووقت الآذان والإقامة وحال السجود في الصلاة) ثم أكثر من مجالسة أهل الخير والصلاح والزم البيئة الصالحة، فإنها تنفعك في هذا كثيرًا وابتعد كل البعد عن البيئة الفاسدة، فإنها تضرك أشنع الضرر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير أما أن يحرق ثيابك وأما أن تجد منه ريحاً منتنة، والحديث في الصحيحين. ثم استمع إلى المواعظ والأشرطة واقرأ الكتب التي يتقوى بها الإيمان، وفي ما يخص مسألتك التي ذكرت، اقرأ الأحاديث التي فيها الحث الكثير على صلاة الفجر في جماعة والأجر العظيم الذي رتبه الله تعالى على ذلك. من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء". ومن ذلك أيضاً ما في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى البردين دخل الجنة " والبردان الصبح والعصر، ومن ذلك ما في صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله". ومن ذلك أيضاً ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوها ولو حبواً ". ولا شك أن المؤمن العاقل إذا سمع هذه الأجور العظيمة المذكورة في هذه الأحاديث وأمثالها، ووازن بين فواتها عليه وفوات نومة بسيطة تعوض في أي وقت آخر لا شك أنه سيطرد عنه الكسل ويستعيذ من الشيطان الرجيم حتى يحصل على هذه الأجور العظيمة. كما أنه يطرد النعاس والكسل إذا كان عنده شغل في الصباح الباكر رجاء منفعة يحصل عليها مقابل شغله. والمؤمن أحرص على ما عند الله تعالى من الأجر على منفعة دنيوية بسيطة، ثم عيك أن تأخذ بالأسباب الأخرى مثل النوم مبكراً فإن السهر له مضار كثيرة، فهو يفوت عليك أغلى ساعتين من عمرك وهما ساعة من آخر الليل تناجي فيها ربك وساعة من أول النهار دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يبارك لأمته فيها. وكذلك اتخذ الساعة المنبهة أو أوص أحد الإخوان الذين يستيقظون عادة ليوقظك عن طريق الاتصال بك هاتفياً، أو يدق بابك. إلى غير ذلك من الأسباب الكثيرة السهلة المتوفرة ولله الحمد ونسأل الله لنا ولك التوفيق لما يحبه ويرضاه، وهو سبحانه وتعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6369)
إذا أذنب المرء فعليه أن يبادر إلى التوبة والاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سؤالي هو خاص بالنميمة والغيبة ولكنه موقف شخصي خلاصته: في البداية أعرف كل شيء والآيات القرآنية الخاصة بالغيبة والنميمة. ومع علمي بها ككثير من النساء نحكي سويا ولكن بدون قصد إيذاء أحد فنكون اغتبنا ونممنا. موقفي هو أني شكوت موقف صديقة لصديقة أخرى بدون حضورها فأحسست أنني نممت لأني وصلت حديثا ولكن بدون سوء نية ولقد استغفرت الله من قبل وبدأت لا أسمع لحكايا النساء ولكني عدت أمس مع العلم أني كما يقولون لي أني متدينة ولا أترك فرضا والحمد لله حتى السنن في معظم الأوقات أحافظ عليها وحتى أمس (أي نفس اليوم الذي اغتبت فيه هذه الصديقة) كنت آتية من عمرة وقد ختمت قرآني لأول مرة في رمضان وفي أول رمضان أخذت راتبي وكفلت به يتيما بجانب صدقات أخرى أخرجتها في أول رمضان وأحس باستحياء من الاستغفار لهذا الذنب وذلك لأني استغفرت من قبل وعدت إليه فهل لو وعدت الله لآخر مرة بعدم العودة مرة أخرى وتصدقت كثيرا هل تقبل توبتي مرة أخرى مع العلم أن التي شكوتها بدون قصد النميمة أو الغيبة هي أيضا صديقة لي. الرجاء الإفادة لأن هذا الموضوع يشعرني أن صلاتي وصيامي وقيامي لن تقبل مني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه. ويثبتنا وإياك على الخير وأن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال. ثم إنه لا يكن في صدرك حرج مما سلف منك إن كنت تبت إلى الله تعالى توبة نصوحاً مستكملة الشروط. واعلمي أن الله تعالى يغفر للعبد المؤمن ما دام يذنب ويستغفر ويأتي بالتوبة بشروطها، ولو تكرر ذلك منه مراراً وتكراراً. كما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن عبدا أصاب ذنباً فقال رب أذنبت فاغفر لي فقال ربه أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً فقال رب أذنبت أو أصبت آخر فاغفره فقال أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً فقال أصبت آخر فاغفره لي فقال أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثلاثاً فليعمل ما شاء) . فعليك أن تحذري من الوقوع في معصية الله وتتجنبي مجالسة من قد توقع مجالسته في معصية الله تعالى وإن حصل منك ذنب أو خطيئة فعليك أن تبادري بالتوبة إلى الله والاستغفار والله غفور رحيم يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. وعليك أن تستحلي أصحاب الحقوق من حقوقهم وتردي لهم ما أمكن رده فإن ذلك من تمام توبتك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6370)
من شروط التوبة التحلل من المظلوم وإذا توفى فأكثر من الدعاء والصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرتكبت خطأ في حق شخص منذ زمن والآن أريد التوبة. فهل علي طلب المسامحة من الشخص نفسه؟ وإذا كان هذا الشخص قد توفى، فماذا يجب علي فعله؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعليك أن تتحلل من هذا الشخص الذي أخطأت في حقه فإن كانت مظلمته من مال أو نحوه فعليك أن ترجعه له إن كان حياً أو لورثته إن لم يكن كذلك. وأما إذا لم تستطع أن تعثر عليه أوعلى رثته فعليك أن تتصدق بما له عندك من حق بنية أن ثوابه له. فإن جاء أحد الورثة بعد ذلك وطلب الحق وجب دفعه له وما تصدقت به فأجره لك. وأما إن كانت المظلمة معنوية كسبِّ أو غيبة أو نحو ذلك فعليك أن تستسمحه من ذلك إلا أن تكون هناك مفسدة أعظم من ذلك فاستغفر له وتب إلى الله تعالى وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه) رواه البخاري هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6371)
التوبة النصوح مقبولة وإن تكرر الذنب
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان أذنب ثم تاب ثم كرر نفس الذنب وتاب وهكذا بحيث أنه يكرر الذنب مع أنه يريد الإقلاع عنه فهل تقبل توبته وماذا يفعل حتى يبقى على هذه التوبة دون الرجوع لهذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإذا أذنب العبد ثم تاب واجتمعت في التوبة شروطها من الندم على فعل هذه المعصية، وعزمه على عدم الرجوع إليها وإقلاعه عنها فوراً صحت توبته، وإن تخلف شرط من ذلك لم تصح توبته، فإن عاد إلى الذنب مرة أخرى ثم تاب توبة صحيحة بشروطها صحت توبته وهكذا.
قال تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات) [الشورى: 25] .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عزوجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبّهِ عَزّ وَجَلّ قَالَ: "أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً. فَقَالَ: اللهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذَ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ. فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ" أي: ما دمت تتوب توبة نصوحاً، مستوفية الشروط، سالمة من موانع القبول.
وعلى العبد أن يعلم أن السبيل إلى قطع رجوعه إلى المعاصي التي تاب منها ألا يقع في استدراج الشيطان قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) [النور: 21] . وأن يبتعد عن أماكن المعصية وأصدقاء السوء، وأن يشغل نفسه بالطاعات والأذكار والأعمال النافعة، دينية أو دنيوية، وأن يصاحب أهل الفضل والخير.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(9/6372)
العبادة بين نشاط النفس وكسلها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يحب العبد التقرب إلى الله عزوجل ببعض السنن ولكن يجد نفسه أحيانا تحجم عن ذلك مع أنه يجد لذة في العبادة فهل يعطى الأجرعلى هذه العبادة مع ضعف نفسه؟ وجزاكم الله عنا خيراُ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد:
النفس التي بين جنبي العبد لها إقبال وإدبار فتارة تكون في سُمُوٍ وإشراق مما يكون العبد معها في لذة وراحة وطمأنينة في عبادته ومعاملاته مع من حوله وأحياناً يقل هذا الإشراق ويضعف هذا النشاط الذي يجده العبد من نفسه وهذه حال البشر قلما ترى شخصاً يعيش على وتيرة واحدة من الخير لا يلابسها شر. والعبد مع العبادة إما أن يكون في حالة قوة ونشاط وإما أن يكون بالعكس. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لكل عمل شرّة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك) رواه البيهقي في شعب الإيمان وهو صحيح. فدّل على أن العبد يكون أحياناً نشيطا قوياً وأحياناً يصيبه الفتور والخور ـ فهذه الفترة وهذا الضعف إما أن يكون إلى سنة وخير ومحافظة على العمل الأساس كالصلوات الخمس مثلاً أي أنه لا ينقطع عن العمل بالكلية فهذا صاحبه على خير أما إذا انقطع عن العمل بالكلية فهو على خطر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (فقد هلك) ولا شك أنه في هذه الحالة حالة الفتور يعطيه الله أجر ما يؤديه من العبادات بل قد يكون الأجر أعظم من وجهين: الوجه الأول في أدائه العبادة والمحافظة عليها، والوجه الثاني مجاهدة نفسه ومصابرتها على العمل وعلى كل فمن كان مستمراً على عمل فليجاهد نفسه حتى لا ينقطع عن ذلك العمل بالكلية ولكن يقلل من العمل حتى تعود إليه القوة والنشاط ويذهب عنه ما يجده من فتور. والله الموفق. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6373)
من تاب من ذنب ولو كان عظيما تاب الله عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل توبة من أصيب بمرض الإيدز بسبب وقوعه في الفواحش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما من ذنب وإن عظم يتوب صاحبه منه توبة نصوحاً إلا تاب الله تعالى عليه، فضلاً منه ورحمة وجوداً. قال الله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم* وأنبيوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) [الزمر: 52، 54] . وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم عن أبي موسى.
فتب إلى ربك جل وعلا توبة نصوحاً، وأندم على ما مضى من تفريط يبدل الله لك تلك السيئات حسنات، قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان: 68-69-70] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" رواه الترمذي وحسنه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(9/6374)
التوبة تجب ما قبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[في حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" فهل المعافاة تكون فى الدنيا أم في الآخرة أم فيهما معا؟ وهل المعافاة معناها العفو ومغفرة الذنب لمن ستره الله ولم يكشف ستره؟ وهل يعاقب الله العبد على الذنب الذي ارتكبه وستره الله عليه ثم كشف ستر الله له حتى لو تاب من هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالحديث بتمامه: "كل أمتي معافى إلاّ المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا أو كذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" [متفق عليه] . والمعافاة في هذا الحديث تحتمل المعنيين: أن يكون الله عافاه فغفر له أو يكون عافاه فستره كما صرح بهذا ابن حجر رحمه الله. أما بالنسبة لمن كشف ستر الله عن نفسه ثم تاب من الذنب فالرَّاجح أن الكشف ذنب آخر تلزم منه التوبة. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6375)
دواء المؤمن المقصر الاستغفار والتوبة مع العمل الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من نظر إلى ما حرم الله يوم الخميس ثم ذهب إلى صلاة الجمعة فهل يغفر له؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ف يقول الباري جلّ ذكره: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر:53] . وروى الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وابن ماجه، والحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون". فطوبى لعبد اعترف بذنبه، ورجع إلى ربه نادماً متحسراً، يواصل الاستغفار والطاعة والعبادة وقراءة القرآن وذكر الله. فذلك شأن المؤمن المقصر حتى يرغم الشيطان ويرضي الملك الديان. روى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" [حسنه ابن حجر] . وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الجمعة إلى الجمعة كفارة ما بينهما ما لم تغش الكبائر".
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6376)
من تاب من معصيته وذنبه فليستتر بستر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ما حكم الدين في نظركم في رجل ارتكب فاحشة الزنا وهو شاب صغير قبل أن يتزوج ثم تاب إلى الله وتزوج وإذا أراد أن يطبق عليه الحد أين يذهب إلى تنفيذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
ما دمت قد تبت وصدقت توبتك فإن الله يقبل التوبة عن عباده قال تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات) [الشورى:25] . بل إن الله تعالى من سعة فضله ومن رحمته بعباده يبدل السيئات التي قد تاب منها العبد إلى حسنات قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان:68، 80] . ولا يلزمك إقامة الحد عليك بل الواجب أن تستتر بستر الله عليك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6377)
المبادرة إلى التوبة والاستغفار الاستقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم مشكلتي أني ظلمت نفسي وظلمت غيري، وأريد رد الظلم عن غيري وأريد معونتكم فى ذلك. والمشكلة باختصار شديد أني كنت على علاقة (زنا) بامرأة أحد جيراني استمرت أعواما، وكان على سفر ثم حرضتها على الطلاق منه لكي نتزوج ولها منه أولاد وأنا متزوج أيضا ولي أولاد وكنت أعيش سعيدا مع زوجتي التي شكت فى وجود علاقة لكن بأسلوبي ومعاملتي الطيبة معها وبثقتها في باعدت بينها وبين ذلك الشك. وبالفعل تزوجت تلك المرأة وبالطبع لاقيت الكثير من المتاعب والمشاكل ممن حولي وعدم رضى والدي وأهلي كلهم عن تلك الزوجة، ومشاكل من زوجتي الأولى التي سببت لها بذلك قطيعة أبويها لها، لأنها لم تطلق مني لحرصها على الأولاد وذهبت السعادة التي كنت أجدها مع زوجتي الأولى ولم أجدها لا مع الأولى ولا مع الأخرى. ضميري يؤلمني. لن أستطيع أن أعدل بينهما زوجتي الأولى تحس بأني ظلمتها وغدرت بها. وقد وعدتها أنه لن يكون هناك أي تغيير فى حياتنا ولم أستطع تنفيذ وعدي أحس بالذنب نحو أولاد زوجتي الثانية حيث أني حرمتهم من والدهم، ولا أستطيع إعطاءهم من الوقت إلا القليل وإن كنت أعطيهم ماديا أكثر مما سيعطيهم والدهم. والآن أحس بالذنب تجاه جاري هذا الذي أتألم كلما رأيته وأنا الذي هدمت بيته وأخذت منه زوجته وفرقت بينه وبين أولاده. نادم على ما فعلته وأتمنى أنه لم يحدث وأحس أني لن أستريح الا إذا أصلحت ما أفسدته وأعيد حياته كما كانت. فهل يجوز لي أن أصلح ما أفسدته وأن أعيد بناء ما هدمته أي أن أرجع تلك المرأة وأولادها لجاري مرة أخرى بعد أن أطلقها وهل إذا طلقتها أكون ظالما لها بما حدث؟ أو هل هناك سبيل آخر لاصلاح كل ما أفسدته؟ أرجو من الله أن يوفقكم لإرشادي وإيجاد حل يريحني ويخلصني مما أنا فيه وجزاكم الله خيرا وآسف لطول الرسالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: ...
أخي يجب عليك أن تبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى فقد ارتكبت ذنباً عظيماً وفاحشة كبرى هي في مصاف الشرك بالله وقتل النفس كما في صحيح البخاري وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذنب عند الله أكبر قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي قال: أن تزني بحليلة جارك قال: ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) [الفرقان: 68، 70] . أضف إلى ذلك أنك أفسدتها على زوجها حتى فرقت بينهما والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها" [رواه أبو داود وأحمد والنسائي وصححه الألباني والسيوطي] . وعلى هذه المرأة من الإثم والتوبة مثل ما عليك وأكثر، لأنها ارتكبت في حق هذا الرجل أمراً كبيراً وهو طلبها لطلاقها من غير ضرر يلحقها منه. وقد ثبت في سنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسأل المرأة زوجها طلاقها من غير كنهه فتجد ريح الجنة". ولما في المسند أنه قال: (المختلعات والمنتزعات هن المنافقات) ولا يجب عليك أن تطلق هذه الزوجة إن كنت تزوجتها زواجاً صحيحاً مستكمل الشروط ومنتفي الموانع. لكن إن علمت أنك لو طلقتها سيرجعها زوجها الأول ويصلح ما بينهما وكذلك يصلح ما بينك وبين زوجتك الأولى فقد يكون هذا حلا وهو أمر مستبعد أن يرجعها، وحاول بدل ردها إليه أن تحسن إليه في مقابل ما أدخلت عليه من الضرر كأن تساعده في تكاليف زواجه أو قضاء ديونه أو النفقة على عياله فالله جل وعلا يقول: (إن الحسنات يذهبن السيئات) [هود:114] والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6378)
التائب من الذنب كمن لا ذنب له
[السُّؤَالُ]
ـ[أهملت ورقة مكتوب عليها بعض الآيات من القرآن الكريم فرماها أحدهم في سلة المهملات، هل علي ذنب؟ ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
فالذي فعلته صادر عن إهمال منك وأنت مؤاخذ على هذا الإهمال خاصة وهذا يدل على عدم تعظيم كتاب الله إذ لو كان هناك تعظيم لما أهملت مثل هذه الورقة حتى ألقيت بها في سلة المهملات ولكن الذي يبدو من سؤالك أنك نادم على هذا الفعل، وإن شاء الله يكون ندمك هذا توبةً فاستغفر الله كثيراً ولا تعد إلى هذا الفعل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6379)
عليك بمراقبة الله ومحاسبة نفسك
[السُّؤَالُ]
ـ[مع أنني أخاف الله وأصلي إلا أنني في نفس الوقت أجد نفسي بعيدا عن الله في أفعالي فماذا يجب أن أفعل لأكون إنسانا مؤمنا مع أنني أصلي. وأعتقد أن هذا حال كل الشباب فى هذه الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى وآله وصحبه وسلم:
على المسلم أن لا يفعل فعلا إلا من الأفعال التي يعلم أن الله جل وعلا أذن فيها كما أن عليه أن يحاسب نفسه فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني. ثم ما معنى كونك تقول إنك تخاف الله وأنت مع ذلك تفعل أفعالا تقر أن الله جل وعلا حرمها؟ لو كنت تخاف الله جل وعلا ما عرضت نفسك لسخطه وهو جل وعلا بقول: (ويحذركم الله نفسه..) [آل عمران:28] فالواجب عليك - إذا حاول الشيطان أن يجرك إلى مالا يرضي الله - أن تستشعر اطلاع الله عليك، وأنه مراقب لك في كل حركة أو سكون أو نطق وهو العليم بذات الصدور، وقد كلف- مع كل هذا- فريقاً من الملائكة الكرام بتسجيل كل ما يصدر منك من قول أو عمل والله جل وعلا: (ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد) [ق:18] وقال: (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) [القيامة:36] فعليك أن تبادر بالتوبة إلى الله جل وعلا قبل أن يهاجمك الموت وأنت على حال لا ترضي الله ولا يغرنك أن هذا حال كل الشباب، فالموت لا يعرف سنا ولا فئة، والنار تتسع للجميع يقول جل وعلا: (يوم نقول لجهنم هل امتلئت وتقول هل من مزيد) [ق:30] وفقك الله وأصلح قبلك وأرشدك إلى الخير والفلاح والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6380)
طريق الاستقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو السبيل للاستقامة على طاعة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين الاستقامة على طاعته، والثبات على دينه، فالاستقامة على طاعة الله والثبات عليها يجب أن يكونا هاجس كل مؤمن بلقاء الله تعالى، لأنها هما السبيل الوحيدة للسعادة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون* نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون* نزلاً من غفور رحيم) [فصلت: 30-31-32] وقال تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون* أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاءً بما كانوا يعملون) [الأحقاف: 13-14] وفي المسند وصحيح مسلم وغيرهما: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله مرني في الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحداً بعدك قال: "قل آمنت بالله ثم استقم "، ومن الواضح تلازم الإيمان بالله تعالى والاستقامة على أوامره، والثبات عليها كما في هذه النصوص وغيرها.
والسبيل إلى الاستقامة والثبات على الدين هو الاستعانة بالله تعالى، والالتجاء إليه سبحانه، والعمل بمقتضى كتابه، واتباع هدي رسوله صلى الله عليه وسلم، ومصاحبة أهل الخير الذين يدلون على طاعة الله تعالى ويرغبون فيها، ويحذرون من طاعة الهوى، وإغواء الشيطان.
مع البعد عن قرناء السوء المنحرفين عن سبيل الهدى المتبعين للهوى، فإنه قد قيل سابقاً:
عن المرء لا تسأل وأسأل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: " إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة " متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6381)
ما رجفت إلا لحدث أحدثتموه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو سبب زلزال تركيا الصحيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد. فمما لا شك فيه أن الله جل وعلا يجري الأمور بمقاديروكل شيء عنده بمقدار وما من شيء يحدث ويكون له سبب من الأسباب الموجدة له إلا ويكون وراء حدوثه حكمة عظيمة، إما أن تكون تذكرة بقدرة الباري جل وعلا أو إنذارا منه سبحانه وتعالى أو عقوبة على أمر أحدثه العباد. والله تعالى له جنود السموات والأرض ولا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، قال عزوجل: ولله جنود السموات والأرض وقال تعالى: وما يعلم جنود ربك إلا هو. وإن الزلازل من جند الله وهي من البلاء لما يكون فيها من شدة وبأس، وقد قال عمر بن عبد العزيز: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. وقد حدثت رجفة على عهد عمر رضي الله عنه بالمدينة فقال رضي الله عنه: ما رجفت إلا لحدث أحدثتموه، إن عادت لا أساكنكم فيها. وما قال ذلك رضي الله عنه إلا لعلمه أن الله جل وعلا يرسل آياته إما عقوبة وإما نذارة، فإن لم ينتفع المنذَر بالنذارة ويرتدع المعاقب بالعقوبة فإن ذلك يدل على استفحال الشر واستشرائه. روى ابن ماجه في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: (يَامَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرَ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ. حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقَصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أخِذَوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّة الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمَطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُوِلِهِ، إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنء غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَافِي بأَيْدِيِهمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَّيُروا ممَّا أَنْزَلَ اللهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. وهذه العقوبات المذكورة في الحديث حدثت بسبب ذنوب ارتكبها العباد وإن كانت هذه العقوبات مترتبة في الظاهر على أسباب مادية ولكنها في الحقيقة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ما اقترفته أيدي العباد، كما قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. هذا والله نسأل أن يحفظ المسلمين من كل مكروه وسوء أينما كانوا وأن يقيل عثرتهم في تركيا وفي غيرها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6382)
إن الحسنات يذهبن السيئات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... عند ارتكاب العبد ذنب يعطى الله مهلة للعبد حتى يتوب منه قبل أن تكتب عليه سيئة هل هذا صحيح؟ وما مقدار تلك المدة؟ وهل الاستغفار فقط يكفر الذنوب ويمحوها كأن لم تكن؟ ... واذا كان العبد لا يستطيع أن يمسك لسانه عن ذكر من أساء اليه بسوء وأحيانا سبه مع علمه بأنه لا يلق للمؤمن ذلك ولكن مالاقاه منه من ضرر واساءة يدفعاه الى ذلك وهو كاره ذلك ... فهل الاستغفار يمحو ذلك؟ ... أرجو الافادة وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ثبت في المعجم الكبير للطبراني من حديث أبي إمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم واستغفر منها ألقاها وإلا كتبت واحدة) والحديث حسن وفي رواية (صاحب اليمين أمين على صاحب الشمال فإذا عمل العبد حسنة أثبتها وإذا عمل سيئة قال له صاحب اليمين امكث ست ساعات فإن استغفر لم يكتب عليه وإلا أثبت عليه سيئة) والحديث أيضا أخرجه البيهقي في شعب الإيمان. فهذا الحديث يدل على أن الله تعالى يمهل العبد هذه المدة بعد ما يرتكب ذنباً لعله يستعتب ويستغفر ويعمل عملاً صالحاً يمحو الله به عنه سيئاته كما قال سبحانه وتعالى في كتابه: "إن الحسنات يذهبن السيئات". سورة هود. وأما سؤالك هل الاستغفار تمحى به الذنوب فالجواب: نعم إذا صاحب ذلك توبة نصوحاً وعملاً صالحاً ورد المظالم إلى أهلها. قال تعالى: " ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً "وقال: " فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم." فهذا شامل لكل الذنوب فمن تاب من شيء منها واستغفر وأصلح عفا الله عنه ما سلف وتاب عليه. وأما ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يمسك لسانه عمن أساء إليه فنقول له إن الأفضل لك أن تعفو عنه وتصفح. وإن كنت ستأخذ حقك فلا تحملنك إساءته إليك وظلمة لك على أن تظلمه. قال تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمة فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم. ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" سورة الشورى.
هذا والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6383)
ذكر الموت وما بعده يزهدك في الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أجعل الدنيا صغيرة في عيني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإذا أردت أن تجعل الدنيا صغيرة في عينيك فتذكر الموت فإنه ما ذكر في قليل إلا كثره، ولا في كثير إلا قلله، واذهب إلى المقابر وانظر إلى أهلها الذين كانوا منعمين في الدنيا. هل أخذوا منها شيئاً أم قد خلفوها وراء ظهورهم وقدموا على ربهم ليحاسبوا على أعمالهم. هذا والله نسأل أن ينعم عليك برضوانه وأن يقيك شر نفسك وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6384)
الصبر على المرض واحتساب الأجر عند الله يكفر السيئات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصابة بضعف في النظر منذ عشر سنوات فهل يكتب لي الأجر من الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ما أصيبت به الأخت السائلة من ضعف في البصر لا شك أنه مصيبة، لأن المصيبة كما عرفها القرطبي: هي كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه. فإن صبرت واحتسبت كان لك الأجر الجزيل من الله تبارك وتعالى. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز وجل عنه حتى الشوكة يشاكها وجاءت كلمة (مصيبة) هنا نكرة في سياق النفي لتعم كل مصيبة تلم بالمؤمن وإن صغرت. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته" والسقم المرض ولاشك أن ضعف البصر يتأذى به المؤمن. والله نسأل أن يأجرك ويحسن عاقبتك. والله أعلم. ِ
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/6385)
حكم كتابة البسملة على الأوراق الرسمية والمكاتبات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في إدارة معينة ـ وكما تعلمون ـ أن الإدارات تحتاج لطباعة الكثير من الورق من مكاتبات ورسائل لجهات معينة، والإدارة التي أعمل بها هي إدارة لمواقف السيارات ويحتاج السائقون أوراقا تطلبها منهم إدارة المرور وأوراقا أخرى لمهام معينة، والسؤال: هل تجوز كتابة بسم الله الرحمن الرحيم على الورق المطبوع خشية أن يهمله السائقون أومن يستلم الورق؟ مع العلم أننا طلبنا من المدير حذف بسم الله الرحمن الرحيم خشية أن تتعرض للامتهان، ولكنه رفض وقال إنه يحب أن يفتتح الورق ببسم الله، فهل علينا ذنب في كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وطباعتها مع كل ورقة؟ مع العلم أيضا أنه قد يوجد اسم الله، ولكن في اسم شخص يكون مكتوبا في الورقة مثل: عبد الرحمن أوعبد الله إلخ، فهل لهذا أيضا نفس الحكم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عند أمن الامتهان للأوراق هو الافتتاح بالكتب بالتسمية، فالأولى الافتتاح بهذا ووصية العمال بالمحافظة على ما فيه اسم الجلالة ـ سواء كان في الافتتاح أو في غيره ـ ويدل لمشروعية الافتتاح بالتسمية وجواز الكتابة لأسماء مثل: عبد الله، ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبد الله ورسوله.
ولا حرج في كتابة عبد الله، فإن خيف امتهان الاسم الكريم بعدم الحفاظ على الأوراق المكتوبة فلا حرج في ترك البسملة.
وراجع الفتوى رقم: 66198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(10/1)
لا دعاء خاص عند مقام إبراهيم عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء يقال أمام مقام سيدنا إبراهيم في مكة المكرمة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء خاص يدعى به عند المقام؛ بل يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة من غير تخصيص دعاء، ففي الجوهرة النيرة لأبي بكر العبادي الحنفي: وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الطواف صلى في المقام ركعتين وتلا قوله تعالى: وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى. وقال عليه السلام: من صلى خلف المقام ركعتين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وحشر يوم القيامة من الآمنين. كذا في الشفاء، والمستحب أن يقرأ فيهما (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) ، فإذا فرغ يدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى للرحيباني: فائدة: ومما يدعى به بعد الركعتين خلف المقام: اللهم أنا عبدك وابن عبدك، أتيتك بذنوب كثيرة، وأعمال سيئة، وهذا مقام العائذ بك من النار، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. قال ابن الصلاح: قوله: هذا مقام العائذ بك، كلام يقوله المستعيذ، ويعني بالعائذ: نفسه، وهو كما يقال: هذا مقام الذليل، وليس كما توهمه بعض مصنفي المناسك المشهورة من أنه أشار إلى مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهذا غلط فاحش وقع إلى بعض عوام مكة، رأيت منهم من يطوف بعض الغرباء ويشير إلى مقام إبراهيم عند انتهائه إلى هذه الكلمة من دعائه. انتهى.
هذا ولا ينبغي الالتزام بهذا الدعاء لئلا يدخل ذلك في ضابط البدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(10/2)
لا حرج في تسجيل أدعية من الكتاب والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تسجيل أدعية من الكتاب والسنة على شرائط وبدون موسيقى، وحكم إطالة وقت هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسجيل أدعية من القرآن أو السنة، أو دعاء حسن لم يرد فيهما بلفظه جائز، وفي نشره وتوزيعه فائدة لمن يسمعه فيتعلم الدعاء وما فيه من معاني طيبة، ولا يضر كونه طويلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(10/3)
دعاء الحفظ مختلف في صحته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طالب أتعلم وأحد صعوبة في الحفظ وأسهو كثيراً وعلمت بحديث يعين على الحفظ فما هو؟ وقالت لي والدتي بأني مسحور ويوجد أدلة مادية على ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث الذي ورد في الحفظ سبق في الفتوى رقم: 344، وهو حديث مختلف في صحته وضعفه.
فمن حكم بصحته الحاكم في المستدرك، حيث قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى، وحسنه الترمذي.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب: قال المملي رضي الله عنه: طريق أسانيد هذا الحديث جيدة، ومتنه غريب جداً. والله أعلم. انتهى.
ومن العلماء من ذهب إلى ضعفه، قال المناوي رحمه الله: وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب في إيراده، لأنه غايته أنه ضعيف.
ولا يخفى أن مسألة الترجيح مسألة اجتهادية، فمن قلد المصححين فله أن يدعو بما ورد في الحديث على وجه التعبد، ومن قلد المضعفين فلا ينبغي أن يدعو بالحديث معتقداً بثبوته وسنيته.
وأما الأسباب المعينة على الحفظ وطلب العلم، فسبق الكلام عنها في الفتوى رقم: 18607، والفتوى رقم: 8563.
وأما بشأن السحر وكيف يعرف الإنسان أنه مسحور أم لا فسبق في الفتوى رقم: 13199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(10/4)
الأذكار والأدعية مبثوثة ضمن كتب السنن مع وجود كتب خاصة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأذكار الواردة في الكتب مثلا حصن المسلم هي فقط أم أن هناك أذكارا أخرى مثلا الخروج من الخلاء "غفرانك" والحمد لله الذي أذهب عني الاذى وعافاني أسمع من البعض عبارات أخرى فهل هي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير منها قد نقل بألفاظ متنوعة متعددة، ومن رجع إلى كتب الأذكار وجد ذلك، ويمكنك مراجعة المواطن التالية:
كتاب الدعوات من صحيح البخاري، وكتاب السلام من صحيح مسلم، وكذا كتاب الذكر والدعاء من صحيح مسلم أيضاً، وكتاب الدعوات من سنن الترمذي، وكتاب الأدب من سنن أبي داود.
وهناك كتب أفردت في الأذكار ككتاب الأذكار للإمام النووي، وكتاب أذكار اليوم والليلة لابن السني، وكتاب الوابل الصيب للإمام ابن القيم، وكتاب الكلم الطيب لابن تيمية وكتاب عمل اليوم والليلة للإمام النسائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(10/5)
لا أدعية مسنونة بعد السور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء الوارد عن النبي صلعم بعد قراءة سورة النصر والغاشية وغيرهما من السور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السؤال لم يكتمل وعلى أية حال فإنا لم نطلع على ذكر لدعاء وارد بعد هاتين السورتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كنت اطلعت على أحد من أهل العلم ذكر شيئا في ذلك فأرسله إلينا حتى ننظر فيه.
وراجع في اختصار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في عبارة (صلعم) فتوانا رقم: 7334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(10/6)
حكم توزيع كتب الأدعية غير المسندة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في زيارة لأحد الأصدقاء فوجدت عنده كتيِّبا عنوانه أدعية نافعة للوالدين والأموات والأبناء وبعض الأدعية للهم والحزن والكرب وبعد قراءتي لأدعية الهم والحزن والكرب بسبب ما أصابني من هم وحزن لاحظت في بداية الكتاب رقم مُعِد الكتاب ولمن يرغب بطلب نسخ للتوزيع للأجر وفعل الخير, المهم اتصلت بالشخص وطلبت منه كمية ولما وصلني الصندوق انطلقت للمسجد لأداء الصلاة وأخذت معي بعض النسخ ووزعتها على بعض الحاضرين ومنهم إمام المسجد وسألته بأني أريد توزيع هذه النسخ للأجر والثواب فقال لي دعني أقرأ الكتاب وأرى ما به ثم أرد عليك وفي اليوم التالي سألته قال لي إن الكتاب جيد لكن كثير من الأدعية والمواضيع ليست مسندة لكن لا بأس أن تحضرها للمسجد ونحن نقوم بتوزيعها وفي اليوم الذي بعده أحضرت النسخ ولم أقابل الإمام عينه بل قابلت واحدا آخر وعندما شرحت له القصة قال لي بأنه قد قرأ الكتاب وقال لي نفس الشيء يعني كثير من الأدعية ليست مسندة فشعرت وقتها أنه لا يجب أن أوزعها بالمسجد لهذا السبب, السؤال الآن ماذا عساي أفعل بهذه الكتب وبالنسبة إلى الأجر والثواب الذي كنت أنوي فعل هذا العمل لكسبه في حال لم أقم بتوزيع الكتب, ودمتم بخير من الله ورعايته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على الكتاب المذكور لإبداء الرأي فيه، ومثل هذه الكتب التي تشتمل على الأدعية ينبغي النظر فيها؛ فليس كل الكتب يوثق بمؤلفيها وما وضع فيها من الأدعية، ولابد أن تكون تلك الكتب صادرة عن موثوقين يعتنون بالسنة والرواية، ويهتمون بالعقيدة، ولا يضعون في تلك الكتب إلا ما وافق الكتاب والسنة.
وكون الأدعية ليست مسندة كلمة مجملة، فإن كان يقصد بأنها غير صحيحة كأن تكون مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تحتوي على بدع ومخالفات، فلا يجوز لك توزيع هذا الكتاب، وإن كان يقصد أن المؤلف لم يبين من أين أخذ هذه الأدعية مع كونها لا تحتوي على مخالفات شرعية أو أحاديث مكذوبة أو بدع فلا بأس حينئذ من توزيعها، وبإمكانك مراجعة هذا الإمام إن كان من طلبة العلم لتستفسر عن قصده، وتعطي له هذه النسخ ليوزعها ولك أجر من عمل بما فيها من خير وإن لم توزعها بنفسك، أو ادفعها إلى أحد العلماء أو طلبة العلم ليرى ما يصنع فيها.
فإن لم تجد من يخبرك بحال الكتاب المذكور، فلا يجوز لك توزيعه، بل يجب التثبت من صحة ما ورد فيه حتى لا تعبدوا الله على جهل وضلال وبدع، وفي الكتب الصحيحة التي ألفها من يوثق بعلمهم وأمانتهم ودينهم ما يغني عن ذلك، فالرجوع إليها هو المتعين.
فاترك ما عندك من نسخ الكتاب لحين تبين أمرها أو أرجعها لمن أعطاك ما دمت لا تستطيع تمييز ما فيها، ففي صحيح مسلم عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. والله يؤجرك على نيتك، فقد عزمت على فعل خير وحال بينك وبينه عذر فلك أجر ما نويت، والله الموفق.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتويين: 20355، 60180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(10/7)
حكم تعليق دعاء في مكان الاستحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف دعاء جميلا أحب قراءته بعد الوضوء مباشرة فهل يجوز لي أن ألصقه على الجدار في بيت الاستحمام؟ علما وأنها لا تحتوي على مرحاض. بل تحتوي فقط على حوض الاستحمام وحوض الوضوء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المأثور بعد الوضوء هو ما رواه أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يقول حين يفرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. وصححه الشيخ الألباني. وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 1688.
وعليه، فإذا كان الدعاء المذكور ليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يشرع لك المواظبة على قراءته بعد الوضوء؛ لأن ذلك تخصيص دعاء مخصوص بوقت معين من غير دليل شرعي يدل عليه، وهذا داخل في تعريف البدعة الإضافية؛ كما سبق في الفتوى رقم: 17613.
كما لا يشرع لك تعليقه داخل مكان الوضوء، لأن ذلك وسيلة لقراءته من طرف من يتوضأ داخل ذلك المكان، حيث قد يظن أو يعتقد مشروعية التزامه بعد الوضوء، والوسائل تعطى حكم الغايات.
وإذا كان الدعاء المذكور من الأدعية المأثورة فلا مانع من تعليقه داخل مكان الوضوء إذا لم يترتب على ذلك امتهان له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(10/8)
الذكر عند اللقاء والتحدث مع الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتوى أنه إذا التقى شخصان وتحادثا بذكر الله عز وجل أثناء حديثهما فهل يكفي بأن أذكر الله عز وجل وأن أصلي على أفضل المرسلين أثناء حديثي أم أنه عليّ كلما تحدثت مع شخص أن أفعل ذلك وفي نفس الوقت أن أدعو جليسي إلى فعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ورد في الحديث: إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما. رواه أبو داود. ولكن هذا الحديث ضعفه الألباني.
وروى البيهقي وأبو يعلى الموصلي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبدين متحابين في الله، يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه، فيصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى تغفر ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر. وهذا الحديث ضعف سنده البوصيرى.
قال صاحب عون المعبود عند شرح حديث أبي داود السابق: في الحديث سنية المصافحة عند اللقاء وأنه يستحب عند المصافحة حمد الله تعالى والاستغفار وهو قوله يغفر الله لنا ولكم
ولفظ ابن السني من حديث البراء: إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله تعالى واستغفرا غفر الله عز وجل لهما.
وأخرج ابن السني عن أنس قال ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد رجل ففارقه حتى قال اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وفيه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه فيصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى تغفر ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر. انتهى.
ولا حرج في نصح المسلم لأخيه وقوله له اذكر الله لأنه من الدلالة على الخير، فقد كان بعض السلف الصالح إذا التقوا تناصحوا فقالوا لبعضهم: تعالوا نؤمن أو اجلس بنا نؤمن ساعة ... وما أشبه ذلك، قال البخاري: وقال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة.
وفي المسند عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال: ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة. والحديث حسن إسناده الهيثمي والعجلوني.
وعن ثابت البناني عن أبي مدينة الدارمي قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر والعصر إن الإنسان لفي خسر. رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني.
ومما ثبتت مشروعيته في هذا دعاء كفارة المجلس لما في الحديث: من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك. رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني. وقال ابن عمر: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك.... الحديث رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرهب من المجالس التي لا يذكر الله فيها فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة. رواه أبو داود. وقال أيضا: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
والحديثان صححهما الألباني. والترة هنا النقص أو القطيعة أو الخسارة أو تبعة من الله عليهم.
وبناء عليه فيحسن عند اللقاء أن تحصل المناصحة ومدارسة العلم والحض على الخير وما تيسر من ذكر لله وتذكير به.
قال الشيخ العثيمين في شرح رياض الصالحين عند شرح حديث: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار. قال رحمه الله: هذه الأحاديث تدل على أنه ينبغي للإنسان إذا جلس مجلسا أن يغتنم ذكر الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث إنها تدل على أنه ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا كان عليهم من الله ترة يعني قطيعة وخسارة إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم، ويتحقق ذكر الله عز وجل في المجالس بصور عديدة فمثلا إذا تحدث أحد الأشخاص في المجلس عن آية من آيات الله عز وجل فإن هذا من ذكر الله مثل أن يذكر حالة من أحوال النبي عليه الصلاة والسلام مثل أن يقول كان النبي عليه الصلاة والسلام أخشى الناس لله وأتقاهم لله فيذكر عليه الصلاة والسلام ثم يصلي عليه والحاضرون يكونون إذا استمعوا إليه مثله في الأجر هكذا يكون ذكر الله عز وجل والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
ومن ذلك أيضا أنه إذا انتهى المجلس وأراد أن يقوم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وفي هذه الأحاديث دليل على أنه ينبغي للإنسان ألا يفوت عليه مجلسا ولا مضطجعا إلا يذكر الله حتى يكون ممن قال الله فيهم: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ.... اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(10/9)
حكم الدعاء بدخول الجنة بغير حساب وطلب ذلك من الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي دائما تدعو الله (يا رب أدخلني الجنة بغير حساب) وتطلب من الناس أن يدعوا لها بذلك ومن كل من يسافر للبيت الحرام في عمرة أو حج. فهل يجوز هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لوالدتك أن تدعو لنفسها بهذا الدعاء وأن تطلب من غيرها أن يدعو لها به، ففي البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون.
وفي رواية: فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ.
ففي هذا الحديث طلب الصحابي عكاشة بن محصن من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له أن يكون من السبعين ألفا، فدعا له، فدل هذا على مشروعية الدعاء بهذا للمسلم وكذلك جواز طلب المسلم من غيره الدعاء له بذلك.
وفي حديث آخر له صلى الله عليه وسلم لما ذكر هؤلاء السبعين ألفا، قال: ... فِدًا لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ السَّبْعِينَ الْأَلْفِ فَافْعَلُوا. رواه الإمام أحمد. وقال الشيخ شعيب الأرنوؤط في تحقيق المسند: حديث صحيح.
وراجع عن حكم طلب المسلم من غيره أن يدعو له الفتوى رقم: 18397.
ولمعرفة صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب تراجع الفتوى رقم: 21343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(10/10)
الذكر الذي يقال عند المرور فوق الجسر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جاء أي ذكر يقال عند المرور فوق الجسر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ذكر خاص يقال عند المرور على الجسر خاصة، ولكن روى البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا.
وفي رواية: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صعدنا كبرنا، وإذا هبطنا سبحن ا.
وذكر الله تعالى يشرع في كل مكان غير مستقذر وعلى كل حال، فقد أمرنا سبحانه وتعالى أن نذكره كثيرا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه، كما جاء في الصحيحين وغيرهما.
ويدخل في هذه الأدلة العامة الذكر عند المرور على الجسور وغيرها فينبغي للمسلم إذا مر بها أن يذكر الله تعالى وخاصة بالتكبير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(10/11)
حكم الدعاء برد القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء أن يقول الشخص: اللهم قني شر ما قضيت. فهل يجوز
قول اللهم بدل لي شر ما قضيت إلى خير ما قضيت؟ وهل يجوز قول مثلا: اللهم ارزقني.....وإن لم تكن قد كتبتها لي، اللهم إني أسألك أن تكتبها لي وتقدر لي فيها يعني قصدي من السؤال هل يجوز طلب من الله عز وجل تغيير القضاء وعندما يطلب من الله شيئا أن يقول اللهم اكتبها لي إن لم تكن قد كتبتها لي؟
إ ني قرأت من شروط وضع السؤال يجب عدم وضع أكثر من سؤال لكن سؤالي الثاني يتعلق بنفس الموضوع
بعد الدعاء ماذا نقول: توكلنا على الله أم استعنا بالله يعني ما الفرق بين التوكل والاستعانة؟
ولقد قرأت أن التواكل مكروه في الإسلام. ما الفرق بين التوكل والتواكل؟ وهل يوجد شيء كالتالي أم أنها محض أفكار: عند ما الشخص يعزم على عمل شيء معين دنيوي يحدث معه العكس أو لا ينجح
بعبارة أخرى عندما يعزم الشخص على القيام بشيء معين لا ينجح معه هذا العمل وربما يحدث العكس
مع العلم أنه لا يوجد به شيء حرام، إذا وجد هذا الشيء هل ذلك بسبب معصية أو شيء معين أو خطوات يجب اتباعها؟
أعتذر منكم على كثرة الأسئلة لكن الموضوع واحد. أرجو منكم أن تفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قدمنا في الفتوى رقم: 6703. أنه لا بأس أن يدعو المرء برد القضاء، فقد ثبت عند الترمذي والحاكم عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. رواه الحاكم، وحسنه الألباني.
وقال ابن عباس: لا ينفع الحذر من القدر، ولكن الله يمحو بالدعاء ما شاء من القدر. وقال أيضا: الدعاء يدفع القدر. وكان عمر رضي الله عنه يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني، وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
ثم إنه لا مانع من الدعاء بغير المأثور إذا لم يكن فيه محظور شرعي، كالاعتداء أو الدعاء بالإثم أو قطع الرحم، ويدل لهذا عموم حديث مسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطعية رحم.
كما يدل له تلبية الصحابة بألفاظ غير تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، فكان منهم من يقول لبيك ذا المعارج. ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الدعاء بالمأثور أفضل.
ولا مانع أن يقول المسلم بعد الدعاء: استعنا بالله أو توكلنا على الله ولكن يستحب أن يختم بالدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما في الحديث: كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني.
وأما التوكل على الله تعالى فمعناه الاعتماد على الله وتفويض الأمر إلى إليه.
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر: وكلت أمري إلى فلان أي: ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 53357 في التواكل ومعناه.
وراجع في الفشل وسببه الفتويين: 69893، 47921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(10/12)
المنشغل بالذكر إذا سمع الصلاة على النبي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا بعد أداء الصلاة المفروضة في الجماعة يقوم الذي أقام الصلاة ويقول بصوت مرتفع: استغفر الله ثلاثاً اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ويسكت، وفي جوامع أخرى يكملون الورد بصوت مرتفع بأن يردد المصلون بعد هذا الذي أقام الصلاة: آية الكرسي والتسابيح، وسؤالي: أين المشروع في هذا كله؟ وإذا كان هذا كله بدعة، فكيف السبيل عندما يذكر الصلاة على النبي إذا كانت في غير محلها هنا؟ فهل أصلي عليه صلى الله عليه وسلم أم لا؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهر بالأذكار التي تكون دبر الصلاة محل خلاف بين أهل العلم، وقد اختار جماعة منهم الإمام الشافعي عدم مشروعية قراءة الأذكار المأثورة بعد أداء الصلاة المفروضة جهراً ـ لا من المؤذن ولا من الإمام ولا من أحد من المأمومين ـ إلا في حال إرادة تعليم المأمومين تلك الأذكار، كما تقدم في الفتوى رقم: 7444، وفي ذيل هذه الفتوى بيان حكم تلاوة الأذكار بصورة جماعية.
هذا، وإذا سمعت من يذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأنت منشغل بتلاوة الأذكار التي تقام أدبار الصلوات - فإن عليك أن تقطع ما أنت فيه لتصلي عليه صلى الله عليه وسلم ثم تعود لما كنت عليه من ذكر- فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع من يذكره متأكدة جداً ولو تكرر ذكره كثيراً، بل قال بعض العلماء بوجوبها: كالإمام ابن عبد البر، ولا يمنع منها كون العبد متلبساً بعبادة أخرى كالصلاة مثلاً، إلا أن يكون بالسامع لذكره مانع يمنعه من ذكر الله تعالى كأن يكون على حاجة مثلاً، ويدل لما سبق ما رواه الترمذي في جامعه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البخيل من ذكرتُ عنده فلم يصل علي.
وما رواه الترمذي ـ أيضاً ـ من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف رجل ذُكرت عنده فلم يصل علي.
وما رواه الترمذي ـ كذلك ـ من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 30357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(10/13)
هل هناك دعاء يقال عند خروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد أي دعاء إذا خرج الريح من البطن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء خاص يقال عند خروج الريح من البطن، وقد ذكر أهل العلم الأذكار الواردة عند دخول الخلاء والخروج منه، ولم يذكروا دعاء أو ذكرا بمجرد خروج الريح أو غيره من نواقض الوضوء غير الغائط. انظر وراجع للمزيد الفتوى: 44987.
وقد سبق أن بينا أن خروج الريح لا يترتب عليه سوى الوضوء، وأنه لا يشرع الاستنجاء منه. انظر الفتوى: 2562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(10/14)
هل يطلب تتبع كل شيء ملقى يشتمل على ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد قرأت الفتاوي: 103653، و 43474، و 107033، والتي تقول: إن الأحوط عدم امتهان الحروف مطلقا مراعاة لمن يقول بحرمتها, وعملت بالفتوي منذ أكثر من ستة أشهر، ومن وقتها وأنا أتجنب رمي أكياس المواد الغذائيه - مكرونة - أرز- خبز، أو أي شيء آخر مكتوب عليه بالعربية أو الإنجليزية مثل أغلفة الصابون أو غيره في سلة المهملات, حتي إنني أنزع الورق الملصق علي علب الزبادي حتى لا ألقيه فى القمامة حتي تكون عندي عدة أكياس مليئة بأكياس المواد الغذائيه وغيرها، ولا أدري ماذا أفعل بها؟ ولا أدري ماذا أفعل بالعلب المعدنية أو البلاستيك المكتوب عليها؟ ف طبعا هناك مشقة كبيرة في هذا الأمر، فهل فتواكم تشمل هذه الاشياء؟ وهل هناك اعتبار للمشقة الكبيرة التي أتعرض لها؟ وهل كنت مخطئا أو مبالغا في تصرفي؟ وهل قاعدة: الأمر إذا ضاق اتسع، أستطيع أن أطبقها دون الرجوع إلى أهل العلم؟.
آسف للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يحرص على البعد عن إلقاء الحروف العربية في الأماكن المستقذرة فلا يلقيها في سلة المهملات التي ترمى في القمامة عامداً، وإنما يحاول إتلافها بالحرق أو الفرم أو غير ذلك، فمراعاة هذا فيما لا يشق أمر طيب، وأما إن حصلت المشقة الشديدة فيرفع الحرج فيها، لما في القاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير، وإذا ضاق الأمر اتسع.
ولقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} .
ومن المشقة التي ذكر أهل العلم أنها لا تطلب من الإنسان تتبع كل ورقة مرمية نظراً لكثرة الأوراق المرمية في المحلات والشوارع، وراجع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 112698، 122036، 110244، 27000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(10/15)
أقل صيغة في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[الصيغة الإبراهيمية للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي: تلك التي علمها لأصحابه عندما سألوه عن كيفية الصلاة عليه، لكنها طويلة، فمن أراد أن يكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لو قالها كل مرة فإنها ستأخذ منه وقتا طويلا.
1ـ ما هي أقل صيغة تقال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكثر الناس من الصلاة عليه؟.
2ـ سألتني سيدة عن الصيغة التي تقال للصلاة على النبي 10 مرات صباحا و10 مساء، لإدراك الشفاعة، فهل تجب الصيغة الإبراهيمية؟ أم من الممكن أن نأتي بصيغة أخرى أقل طولامنها؟ وما هي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أقل شيء يقال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هو ما كان يقوله الصحابة عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين وغيرهما تكرر كثيرا قول الصحابة ـ رضي الله عنهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا.
وأما الصلاة التي تقال مساء وصباحا فتصح بأي لفظ والأفضل فيها هو العمل بما في حديث الصحيحين لما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية.
قال المناوي في فيض القدير عند شرح الحديث الذي رواه الطبراني: من صلى على حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة.
قال ـ رحمه الله: قال الأبي: وقضية اللفظ حصول الصلاة بأي لفظ كان وإن كان الراجح الصفة الورادة في التشهد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1430(10/16)
حكم دعاء الأجنبيين بأن ييسر الله لهما الزواج من بعضهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن العلاقات بين الشاب والفتاة غير جائزة، ولكن أنا علي علاقة بفتاة وقد تقدمت لها بشكل رسمي وأهلها وأهلي يعرفون أننا نريد الزواج علي كتاب الله وسنة رسوله، ولكن تواجهنا الكثير من المشاكل في هذه الحياة والسؤال: نحن الاثنان نداوم على الدعاء بأن يجمعنا الله برضاه وعفوه ووأن يجعلنا ـ زوجا وزوجة ـ علي كتاب الله وسنة رسوله، هل يصح هذا الدعاء؟ وهل نستمر فيه؟ وهل الله عز وجل يتقبله منا ويستجيبه بعفوه ورضاه؟.
أرجو الأفتاء في الأمر، لأنني في أمس الحاجة إليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تعلم أن مثل هذه العلاقات بين الرجل والمرأة الأجنبية علاقة محظورة، فالواجب عليك أن تنتهي عنها فورا وتتوب إلى الله منها وإلا فإنك بمداومتك عليها تعرض نفسك لغضب الله وسخطه, ولا يسوغ لك ما تذكر من معرفة أهليكما بهذه العلاقة ولا رغبتكما الجادة في الزواج أن تستمرا على هذه المعصية.
أما بخصوص هذا الدعاء بأن ييسر الله لكما الزواج فلا حرج فيه , كما بيناه في الفتوى رقم: 40500.
وأمر استجابة الدعاء بتحقيق هذا المطلوب مرده إلى الله سبحانه لا يقطع به أحد من البشر, ولكن كن على يقين بأن الله سبحانه لا يقضي قضاء لعبده المؤمن إلا وفيه الخير له, وتذكر أن المعاصي قد تكون سببا في عدم استجابة الدعاء, كما بيناه في الفتوى رقم: 56637.
وراجع أسباب إجابة الدعاء والطاعات المؤثرة في ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 113160، 106353 , 11571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(10/17)
قد يهتدي جميع أفراد الأسرة بفضل الإخلاص في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان تأتيني شكوك مثل: لوأن شخصا يدعو الله لجميع إخوانه بالهداية ـ وإخوانه سبعة ـ في أن الله لن يهديهم كلهم وربما يهدي بعضهم وليس لأن الله عاجز عن ذلك، أعلم أن الله على كل شيء قدير، ولكنه اعتقاد مني أن الله لا يهديهم كلهم، ومهما حاولت أن أدفعه لا أستطيع، لأن قلبي على اعتقاد جازم بذلك، فهل أكون بذلك خرجت من الإسلام ويلزمني الاغتسال حتى أعود؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يتعين عليه في الدعاء أن يحسن الظن بالله تعالى ويسأله موقنا بالإجابة، فقلوب العباد بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ففي الحديث: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان، وصححه الألباني
وفي الحديث: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه.
وفي رواية لأحمد: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وأن ظن بي شرا فله.
وفي الحديث: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
رواه الترمذي.
وفي الحديث: إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه. متفق عليه.
وبناء عليه، فننصحك أن تعلي همتك وتسألي الله بالعزم أن يهدي جميع إخوانك فهو الهادي القادر المجيب دعاء من دعاه وبناء عليه، فيجب عليك التخلص من هذه الشكوك التي ذكرت فادحضيها بكثرة التأمل والمطالعة في نصوص الوحيين التي تبين قدرة الله تعالى واستجابته لمن سأله وأنه لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض، وأن قلوب العباد بيده يقلبها كيف يشاء فهو سبحانه يهدي من يشاء ويضل من يشاء لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى.
ولعل الشبهة إنما جاءتك بسبب اعتقادك أن الخلق لن ينالوا الهداية جميعا وأنه لا بد من امتلاء كل من الجنة والنار، ولكن هذا لا يعني أن نفس الأسرة سيفترق أبناؤها ما بين مهتد وضال، بل قد يهدي الله سبحانه وتعالى ـ كما هو مشاهد واقعيا ـ جميع أفراد بعض الأسر، ويضل جيمع أفراد بعض الأسر، وعلي كل، فهذه الوساوس لا تخرجك من الإيمان، ولكن عليك دفعها والتشاغل عنها بما ينفعك.
والله أعلم. قد تهتككك
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(10/18)
حكم الدعاء على النفس والأفكار غير اللائقة عن الذات الإلهية
[السُّؤَالُ]
ـ[حالتي ـ جزاكم الله خيرا ـ بدأت من زمان، ولكنها بشكل تدريجي، حيث كانت حالتي بسيطة لا تذكر وتحولت إلى شيء لا أقدرعلي التخلص منه وهو أفكار مزعجة كانت في الأول تأتيني خفيفة وكلما أهم بالسفر بالطائرة أو بالسيارة أتذكر جميع الذين صارت لهم حوادث وأنه سيصيبني مثلهم، ولكن تختفي هذه الأفكارعندما أصل ـ بحمد الله ـ إلى المكان الذي أريده، ولكن هذه الأفكار كانت خفيفة جدا وتطورت بعد الثانوية، حيث درست ترما واحدا فقط وتركت الدراسة وجلست عن الترم الباقي وخلال هذه الفترة لو تكلم أحد أمامي عن مرض أحس أنني مصاب بهذا المرض ولو ذكر أعراض أي مرض أحس أنني مصاب بها لدرجة أنني أذهب إلى المستشفى للتحليل حتى أرتاح من هذه الأفكار، وهذه أيضا كانت خفيفة، ولكنها تطورت وبدأت تزداد عندما سجلت في الجامعة من أول ترم بعد أن قابلت أحد الزملاء وجلسنا نتكلم عن الدرجات وقال لي يا رجل الدنيا فانية في شكل إحباط وتشائم ومن بعدها وأنا محبط لا أحس بطعم أي شيء وأصبحت أوسوس في كل شيء، وعندما يتكلم أحد عن السفرأحس أنه سيصيبني شيء قبل السفر، ولوذكر تاريخا معينا أحس أنه ينبهني إلى أنه في هذاالتاريخ سيصيبني مكروه، وأناعلى هذي الحالة، بل تزداد كل يوم، لدرجة أنني عندما أريد أن ألعب الكورة مثلا: تأتيني فكرة وهي أنني لو لعبتها سيصيبني مكروه وأغير رأيي وأترك اللعب، ولو أردت أن أتفرج على مباراة يحدث معي نفس الشيء، ولوأردت الخروج مع أصحابي، أوالدخول على النت فكذلك أيضا، وأدعو على نفسي وعندما تأتيني الحالة لا أقدر أن أوقف التفكير فيها وأتعب وتصيرعندي ضيقة نفسية وأحبس نفسي بالبيت وحينما أذهب إلى أصحابي يلاحظون أنني أكلم نفسي ويضحكون مني، وتطورت هذه الأيام إلى سب المولى الكريم ـ والعياذ بالله ـ ولكنني أستطيع أن أبدلها بفكرة أخرى وأستغفر، ولكن الذي لا أقدر عليه هو فكرة الدعاء على النفس.
وعندي بعض الأسئلة أرجو الرد عليها:
1- هل الدعاء على النفس جائز أو محرم؟ وهل ربنا يعاقبنا عليه؟.
2- هل ربي سيعاقبني على الأفكار التي تأتيني عن الذات الإلهية؟.
3- ما هي حالتي بالضبط؟ وما هو علاجها؟.
4- هل بإمكانكم وصف الأدوية لآخدها عن طريق الإنترنت بدون زيارة طبيب نفسي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء على النفس لا يجوز، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم في صحيحه.
وتراجع الفتوى رقم: 80554، لمزيد من التفصيل.
أمّا عن الأفكارغير اللائقة التي تأتيك عن الذات الإلهية، فإن كانت مجرد وساوس يلقيها الشيطان في خاطرك وأنت كاره لذلك، فلا إثم عليك فيها، لكن يجب عليك الإعراض عنها والحذر من التمادي فيها والوقوف معها وانظر الفتوى رقم: 123135.
أمّا عن تحديد حالتك وتشخيص العلاج لك فليس من اختصاصنا، وإنّما يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة، والذي نوصيك به هو الإعراض عن الوساوس والخواطر السيئة والحذر من استدراج الشيطان وتخذيله لك وتوهين عزيمتك عن الأمورالنافعة لك دينا أودنيا، واحرص على ما ينفعك في دينك ودنياك، ومّما يعينك على ذلك المحافظة على الأذكارالمسنونة والرقى المشروعة وكثرة الدعاء مع التوكّل على الله والاستعانة به وإحسان الظن به فإنّه قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(10/19)
الدعاء للأخ بظهر الغيب مشروع سواء طلب أو لم يطلب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأخواتي في الله قبل أن ننهي الاتصال فيما بيننا كل واحدة منا تقول للأخرى دعواتك ـ سواء كان للامتحان أو لأي شيء آخرـ من باب ما ورد في الحديث: دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة ويرد الملك ولك بمثله.
فهل المقصود في الحديث الدعاء بطلب؟ أم بغيرطلب؟.
أرجو منكم التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أن هذا الحديث يشمل من دعا لأخيه بظهر الغيب ـ سواء طلب منه ذلك أم لاـ وذلك، لأن بعض رواياته تفيد العموم، فمن ذلك رواية مسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل.
فما النافية ومن الواردة بعدها تفيدان العموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(10/20)
حكم دعاء الوالد على ولده بمجرد وقوعه في الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال يحيرني فأحببت مساعدتكم جزاكم الله خيرا.
أبي ـ الوالد الله يخليه لي ـ عند أي خطإ ـ ولو كان صغيراـ يقول كلمات تدخل في صميم قلبي مثل: الله لا يوفقك، أوالله لا يرحمك، وبصراحة فأنا أصبحت أخاف من هذه الكلمات ـ ليس على نفسي فقط ـ بل على أخي الذي هو أصغر مني، انصحوني ماذا أفعل جزاكم الله ألف خير؟.
وللمعلومة: الأرزاق بيد الله، ولكن دعوة الوالدين مستجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوالد أن يدعو على ولده، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، في قوله: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم. الحديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.
والظاهر أن هذا الذي يدعو به أبوكم لا يقصد حقيقة الدعاء، وإنما يجري على لسانه لفرط الغضب والحنق وهذا لا يستجاب ـ إن شاء الله ـ لقوله سبحانه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس: 11} .
جاء في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أوأولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أولأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء ولهذا قال: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم.
أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعواعلى أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم. انتهى بتصرف.
بل حتى وإن قصد والدكم حقيقة الدعاء، فإنه لا يستجاب له ـ إن شاء الله ـ ما دمتم أهل بر وطاعة له, وحينئذ يكون دعاؤه من باب الإثم والقطيعة, والدعاء إذا كان بإثم أو قطيعة فإنه لا يستجاب، لما ورد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وهذا لا يتعارض مع الجزم المفهوم من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده.
لأن الذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن هذا مخصوص بالولد العاق المغالي في عقوقه وبغيه, قال في فيض القديرعند شرح هذا الحديث: ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا أوعاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(10/21)
حكم الدعاء على الوالدين والإخوة إذا صدر منهم ظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت للظلم من الوالد والوالدة وبعض الإخوة والأخوات. فهل يجوز الدعاء على الوالد والوالدة؟ وهل يجوز الدعاء على الإخوة والأخوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرفع الظلم عنك، وأن يفرج كربك ويجنبك كل مكروه. واعلم أن الواجب عليك الإحسان إلى والديك وبرهما وصحبتهما بالمعروف، كما قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. {لقمان:15} . ولا يجوز عقوقهما ولا الإساءة إليهما، ولا شك أن الدعاء عليهما من أشد أنواع العقوق والإساءة، وبالتالي فلا يجوز لك الإقدام على ذلك، بل عليك الدعاء لهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59562.
وبخصوص الإخوة والأخوات فننصحك بالصبر على الظلم الصادر منهم والعفو والصفح، لكن يجوز لك الدعاء على الظالم منهم بقدر المظلمة لا ما زاد عليها.
قال ابن كثير في تفسيره: قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس في الآية يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وذلك قوله: إلا من ظلم. وإن صبر فهو خير له. انتهى.
وراجع للمزيد من الفائدة الفتويين: 119271، 118283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(10/22)
حكم رفع المحرم يديه عند الدعاء وإشارته بالكلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لا يجوز للمحرم رفع اليدين للدعاء؟ أو الإشارة فقط بالكلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الدعاء مشروعية رفع اليدين فيه، لأنه من أسباب الإجابة، والمحرم في ذلك وغير المحرم سواء، إذ لا نص يخصص المحرم من هذا العموم، قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
" ولا ريب أن الأصل في الدعاء مشروعية رفع اليدين فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل رفع اليدين فيه من أسباب الإجابة، حيث قال فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" (الحديث وفيه) : "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك. وفي حديث سلمان الذي رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفراً" انتهى.
وقد نص أهل العلم على استحباب رفع اليدين بالدعاء في مواضع من المناسك، كرفعهما في الدعاء يوم عرفة، وعلى الصفا، وعند المشعر الحرام ونحو ذلك، ونصوصهم في ذلك كثيرة، قد امتلأت بها كتب الأحكام التي تعرضت لتفصيل أحكام المناسك، وبه تعلم أن رفع المحرم يديه للدعاء مشروع ومستحب.
وأما إشارته بالكلام فلا نعلم أحدا من أهل العلم يكرهها فضلا عن أن يحرمها، وهذا جابر يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل يشير للناس بيده اليمنى السكينة السكينة.
قال جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل في صفة الحج والذي أخرجه مسلم بطوله: ودفع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ ... " وبه تعلم أن إشارة المحرم بيده بالكلام لا حرج فيها البتة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1430(10/23)
الجهر بالذكر.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[قام بعض المصلين بأحد المساجد بأداء صلاة التسابيح جهرا وكان الإمام والمأمومون يرددون جميعا بصوت عال الأذكارالواردة في الصلاة، فهل هذا مباح؟.
مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في مشروعية صلاة التسابيح، وقد بينا أن الراجح عندنا مشروعيتها، وبينا كيفيتها في الفتوى رقم: 2501، وبينا جواز إقامتها في جماعة، لأن الأصل في النوافل جواز صلاتها في جماعة وذلك في الفتوى رقم: 50888، ولكن ما فعله هؤلاء المصلون إماما ومأمومين من رفع الصوت بالذكر الوارد خلاف السنة بلا شك، فإن المأمور به والمشروع هو خفض الصوت بالذكرإلا حيث ورد ما يدل على مشروعية رفع الصوت بالذكر، قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف: 55} .
وقال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً {الأعراف: 205} . والمشروع في أذكار الصلاة كلها هو خفض الصوت والإسرار بها سوى ما استثني وأيضا، فإن اجتماعهم على ترديد هذه الأذكار بصوت واحد داخل في حد البدع الإضافية، لأن هذه الكفية في الذكر لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحاحبه وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتويين رقم: 8381، ورقم: 17613، فعلى المسلمين جميعا أن يتبعوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأن يقدموها على ما عداها، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(10/24)
الأدعية الموجودة في مصنف ابن أبي شيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كتاب الدعاء الذي تضعونه على موقعكم التالي:
أحاديث الأحكام، المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، دار الفكر. سنة النشر: 1414هـ-1994م رقم الطبعة: عدد الأجزاء: ثمانية أجزاء. أرسل لصديق، عرض افتراضي، عرض شجري، الكتب» المصنف» كتاب الدعاء.
هل كل الأحاديث الموجودة به صحيحة؟ أم أن بعضها ضعيف؟ وهل يوجد إثم على عوام الناس الذين يستخدمونه في الدعاء؟ لأن من الممكن أن تكون به أحاديث ضعيفة أو موضوعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ـ المصنف ـ للإمام الحافظ أبي بكر ابن أبي شيبة، كتابٌ قد جمع فيه مصنفه الكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين ـ رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
ولم يشترط الإمام ابن أبي شيبة في كتابه هذا الاقتصارَ على الصحيح الثابت، بل قصرعمله على مجرد النقل لكل ما طالته يده من الأخبار المسندة، فجمع ما استطاع جمعه من الأحاديث والآثار دون أي محاكمة أو شروط اللهم إلا عدالة الراوي الأخير، وهو شيخ الإمام الحافظ ابن أبي شيبة، ولم يترك من الأخبار إلا ما كان واضح الوضع ظاهر الكذب.
وعلى هذا، فإن لكل خبرٍ اشتمل عليه مصنف ابن أبي شيبة حكما يخصه من حيث القبول أو الرد، وذلك بعد دراسة إسناده ومتنه، ومن ذلك الأخبار التي اشتمل عليها كتاب: الدعاء من ـ المصنف ـ فلا تقبلُ كلها ولا تردُّ كلها.
وإن كنت تريد الاقتصار على الدعاء بالصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق الإمام الحافظ ابن أبي شيبة، فارجع إلى أبواب الدعاء في صحيحي البخاري ومسلم وانتقِ ما أخرجاه من طريقه، فإن الحافظ أبا بكر ابن أبي شيبة شيخ الشيخين، وحديثه مبثوث في صحيحيهما.
ولكن لتعلم أن لك أن تسأل الله بما شئت من الأدعية ـ وإن لم تكن مأثورة ـ أو كانت ولم تكن صحيحة على شرط المحدثين، ولكن العلماء يشترطون عدم الاعتداء في الدعاء ويستحبون الإتيان بآدابه مع التذلل والإلحاح، وإن لم تكن ألفاظه مأثورة، وإن كان التزام الألفاظ النبوية أفضل وأكثر بركة.
ولمزيد فائدة حول الدعاء وآدابه وشروط قبوله والأوقات التي يرجى فيها قبوله انظر الفتاوى التالية أرقامها: 8331، 11571، 2395، 23599، 17449، 32655، 8581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(10/25)
دعا على نفسه باللعنة إذا دخل مكانا ما ثم دخله فهل عليه كفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت في لحظة غضب ـ الله يلعنني إذا دخلت مكانا معيناـ لكن دخلت نفس المكان من أجل أخذ فلوس تخصني مرسلة لي هناك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء المسلم على نفسه باللعنة ممنوع في الأصل، لعموم حديث: لا تدعو على أنفسكم. رواه مسلم. وفي الحديث: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. قد نقل النووي اتفاق العلماء على تحريمه.
وأما العلاج الذي تحصل به السلامة من وقوع الضررعليك إذا دعوت على نفسك، فقد سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 75534، وليس الدعاء باللعن تلزم به كفارة، كما قدمنا في الفتويين رقم: 97811، ورقم: 98710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(10/26)
تشكل كلمة الله بالعروق على ظهر اليد هل يستلزم شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن شيء ظهر في يدي، ف على ظهر كف يدي اليمنى تشكلت كلمة ـ الله ـ بالعروق وبشكل واضح ولا أعرف الحكمة من وراء ذلك، وماذا يجب علي فعله؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا شيء بخصوص الأمر المذكور في السؤال، ولكننا نقول: إن الكون كله آيات تدل على توحيد الله وإن مقصد النعم والآيات هو خضوع العبد لربه واستقامته على أمره، كما قال تعالى: كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ {النحل:81} .
فالواجب علينا وعليك هو التعرف على الأوامر الربانية والخضوع لها والاستقامة على الطاعة حتى نلقى الله وهو راض عنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(10/27)
حكم سؤال الله الرزق بغير كد ولا تعب
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني لا أعمل حاليا، ولم أجد الوظيفة المناسبة لي، وأنا من أسرة مرتاحة ماديا أي أنه من الممكن أن أكون غنيا عن هذه الوظيفة، وسؤالي هنا ـ مع أنني أحب نعمة المال والثراء: هل يجوز لي الدعاء بأن يرزقني الله الثراء في المال من غير كد؟ أم في ذلك حرج بطلب الحاجة من الله تعالى من غير وجه حق؟.
أفيدوني؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن الإسلام يحث على العمل والإنتاج والتكسب المباح، وأن المسلم مطلوب منه أن يأخذ بالأسباب للحصول على ما يريد، وأن ذلك لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى، فانظري الفتويين رقم: 123922، ورقم: 53203، وما أحيل عليه فيهما.
كما سبق أن بينا أنه لا حرج على المسلم أن يسعى بكل وسيلة مشروعة إلى الغنى وإلى الحياة الكريمة، ففي الحديث: نعم المال الصالح للمرء الصالح. رواه أحمد.
والمال الصالح للمرء الصالح: هو الذي يؤخذ من حله ويوضع في محله.
ومن الوسائل المشروعة الدعاء، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. رواه مسلم.
ودعا صلى الله عليه وسلم لأنس، وكان في آخر دعائه: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه. رواه مسلم.
ولتعلم السائلة الكريمة أن الغنى المادي ليس هو الغنى الحقيقي، كما جاء في الحديث الصحيح: ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس. رواه البخاري.
فكم من شخص غني في المال وفير الثروة، ولكنه مع ذلك فقيرالنفس عديم الأخلاق الحميدة والخصال الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها.
وعلى أية حال، فلا حرج على المسلم في أن يسأل الله تعالى أن يرزقه المال الحلال من غير كد ولا تعب.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين رقم: 67992، ورقم: 99090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(10/28)
حكم التعوذ من شر مسلم وسؤال الله أن يرزقه خيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للفتوى: رقم: 125815.
عنوان الفتوى: حكم دعاء الرجل على زوجته بالموت.
تاريخ الفتوى: 26 شعبان 1430 / 18-08-2009
ماذا يفعل، أو ماذا ورد في السنة إذا خاف الزوج من شر زوجته؟ مثل كثرة مشاكلها وأهلها وتجره لكلام من الممكن أن يأثم بسببه، فهل يشرع له أن يقول لزوجته أعوذ بالله من شرك أنت ووالدتك؟ وقد قال لها فعلا ذلك على ما أذكر، وهل يصح ذلك شرعا؟.
وهل إذا كره المسلم شخصا مسلما أوغير مسلم ـ لسبب أو لآخر ـ له أن يقول أعوذ بالله من شر فلان؟ وهل إذا كانت والدة الشخص أو أحد أقاربه يكثر الشتم يصح للرجل أن يقول أعوذ بالله منك أو من لسانك؟ وهل تشرع الاستعاذة من أشياء مثل: محل تجاري يشتري المرء منه، أو من شر جارله؟ وهل يشرع في نفس الوقت أن يسأل من خير شخص، أو شيء؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الإنسان أن يدعو بأن يرزقه الله من خير بعض الأشخاص أوالأشياء, أو يصرف عنه شر ذلك ودليل هذا ما ورد في حديث ابن ماجه وحسنه الألباني عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فليأخذ بناصيتها وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني.
وفي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا عصفت الريح: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به.
ولكن ينبغي للشخص أن يتحرى الحكمة في دعائه بحيث لا يؤذي به أحدا إذا سمعه فقد يكون الدعاء في نفسه مشروعا ولكن إذا سمعه شخص ما تأذى به فينبغي له حينئذ أن يسِرّ به.
وتأسيسا على ذلك، فإنه لا ينبغي للرجل أن يقول لزوجته أعوذ بالله من شرك وشر أمك، لأن ذلك قد يوغر صدرها ويؤذيها، وإيذاء المسلم حرام, ولكن يجوز له أن يدعو بهذا الدعاء فيما بينه وبين نفسه, علما بأن من آداب الدعاء عموما الإسرار به، كما قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً {الأعراف: 55} .
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 33236.
وإذا منع هذا في حق الزوجة التي تتأذي منه وتفهم منه التعريض بها، فإنه يمنع ـ من باب ـ أولى في حق الوالدين، لأن حقهما أعظم من حق الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1430(10/29)
لا حرج في الدعاء بقول: يا فعال لما تريد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء: يا فعال لما يريد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الله بأسمائه وصفاته لا شك في مشروعيته، قال الله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا. {الأعراف:180} . ومن ذلك الدعاء المذكور، فإن الله سبحانه قد وصف نفسه بذلك فقال: إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ. {هود:107} . وقال تعالى: فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ. {البروج:16} . وقد ورد هذا الذكر في حديث طويل أوله: يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال.... ولكن أهل العلم قد ضعفوه. أورده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقال: لوائح الوضع والصنع عليه ظاهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(10/30)
أنواع من التوسل حكمها وما يجوز وما لا يجوز منها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيغ الدعاء الآتية موافقة للشرع:
1-اللهم إنا نسألك بحرمة القرآن أن تغفر لنا ـ مثلا.
2-اللهم إنا نتوسل إليك بتصديقنا برسولك.
3-اللهم إنا نتوسل إليك بشهادتنا أن محمد عبدك ورسولك.
4-اللهم إنا نتوسل إليك بإحسانك الذي كتبته على كل شيء أن تحسن إلينا كما أمرت به.
5-اللهم إنا نتوسل إليك، أو ندعوك برحمتك التي سبقت غضبك واشتققت اسما لك منها وأمرت بها أن تعاملنا بها كما أمرت بها.
6-اللهم إنا نسألك بأنك أمرتنا أن نعفو ـ سورة النورـ فعاملنا بما أمرتنا به.
7-اللهم إنا نتوسل إليك بحبك لرسولك صلى الله عليه وسلم فقلت: لعمرك، وإنك بأعيينا، أن تحبنا كما نحب نحن رسولك من تحب ونؤمن برسالته ونصلى عليه وأن تغفر لنا ولا تحرمنا دخول الجنة معه كما نحبه.
8- اللهم إنا نسألك بمقدار النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندك وبحبك له أن تحبنا وتغفر لنا كما أحببناه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فالقرآن كلام الله وهو صفة من صفاته، وحرمته إنما هي لكونه كلام الله، وكلامه صفة من صفاته، والتوسل بصفات الله مشروع، وانظر الفتويين رقم: 75835، ورقم: 37867.
2- تصديقنا برسول الله عليه الصلاة والسلام من أفضل الأعمال الصالحة، والتوسل بالعمل الصالح مشروع، وقد توسل الحواريون إلى الله باتباعهم لرسوله، قال تعالى عنهم: رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {آل عمران:53} .
وقال سبحانه: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ {آل عمران:193} .
وانظر الفتوى رقم: 4413.
3- هذا أيضا من التوسل بالإيمان والعمل الصالح وهو مشروع، ويقال فيه مثل ما قيل في الدعاء الذي قبله.
4- هذا توسل إلى الله بأمره بالإحسان المستلزم لمحبته له واتصافه به، فكأن السائل قد توسل إليه بإحسانه وبإيمانه بذلك، وهذا مشروع.
5- هذا توسل بصفة من صفات الله وهي صفة الرحمة، وهذا من أنواع التوسل المشروع، وانظر الفتوى رقم: 107464.
6- هذا توسل إلى الله بأمره بالعفو المستلزم لمحبته له والأولى التوسل إلى الله بعفوه، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بقوله لها قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. رواه الترمذي.
7- التوسل إلى الله بحبه لرسوله عليه الصلاة والسلام، سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 106672.
8- الدعاء باللهم إنا نسألك بمقدارالنبى محمد صلى الله عليه وسلم عندك، إنما هو توسل بجاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقد اختلف أهل العلم في مشروعيته، والراجح عندنا المنع، وراجع الفتوى رقم: 112724.وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(10/31)
مداومة الدعاء يرجى بها حصول المطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد رؤية سيدنا يوسف في المنام وأتمني ذلك وقد دعوت ربنا في يوم لأراه في المنام فلم أره، ثم في يوم آخر قلت يارب إذا لم ترد أن تريني إياه فأرني في أي يوم سأراه فرأيت في أي يوم سأراه، لكن ما استنتجته من الرؤيا أن ذلك اليوم سيأتي بعد عامين أو ثلاث وأنا أنتظر وأوافق على ذلك لكن، هل يمكنني بطريقة أخرى أن أراه؟ خصوصاً في الشهر الفضيل والذي تستجاب فيه الدعوة والكل يعرف جماله وحسنه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مداومة الدعاء يرجى بها حصول المطلوب، ولا سيما إذا دعوت عند الإفطار، فللصائم عند فطره دعوة ما ترد، كما في الحديث، وكذا إذا دعوت بدعاء نبي الله يونس عليه السلام أو اسم الله الأعظم، ففي الحديث: دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. رواه الحاكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(10/32)
مناجاة الله في الصلاة وبث الحزن والشكوى إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الدعاء فى الصلاة والكلام مع الله فى الأشياء التي تتعبك، أنا عندما أصلي أو أدعو الله
أدعوه وأحكي له على ما يضايقني وما أتمنى أن أكون عليه، وأحكي له بحرية، وأتكلم بحرية وأعترف بأخطائي. فهل هذا خطأ وحرام؟ وهل من اللازم أن يكون الدعاء مجرد أدعيه وكلام بسيط أم لا يوجد مشكلة في الكلام مع الله فى الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء هو العبادة، فعن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الدعاء هو العبادة ثم قرأ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقال ابن حجر في الفتح: سنده جيد، وصححه الألباني.
وهذه المنزلة للدعاء ولا سيما إن كان في الصلاة تجعل المسلم يحرص على تحري آداب الدعاء وأسباب القبول والالتزام بها، وأفضل الأدعية ما ورد في القرآن والسنة الصحيحة ففيها الخير والكفاية، ومع ذلك فلا مانع شرعاً أن يدعو المسلم بما تيسر له من الأدعية التي ينشئها من تلقاء نفسه، أو يختارها من أدعية غيره حسب حاجته وما يقتضيه المقام ما دام ذلك بالضوابط الشرعية، ولا مانع من بث الشكوى والحزن إلى الله تعالى، أو طلب تفريج الكرب أو غير ذلك، مع مراعاة أن يكون الخطاب لله بما يليق بعظمته وكماله وفي حدود الآداب الشرعية، ولا مانع أيضاً من الاعتراف لله بالذنوب والخطايا مع ترك المجاهرة بتفصيلات الذنوب التي لا يليق ذكرها بين يدي الله عز وجل، بل تذكر إجمالاً ويطلب من الله الصفح عنها، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة بالليل: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.. اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت. أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك، أنا بك وإليك تباركت وتعاليت استغفرك وأتوب إليك.. الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، وهذا فيه مناجاة ومخاطبة ودعاء مسألة وخشوع وخضوع لله.
واعلم أن الدعاء في الصلاة -على الراجح من أقوال العلماء- يجوز بالمأثور وبغير المأثور ويدعو المصلي لنفسه، ولمن أحب، وبما أحب ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم، وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 8581، 9127، 12303.
وللمزيد من آداب الدعاء وما ينبغي فيه راجع في ذلك الفتاوى ذوات الأقام التالية: 11571، 23599، 30668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(10/33)
ليس من الاعتداء في الدعاء سؤال الله الغنى بالمال الحلال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة أتمنى أن أكون ثرية في المال، ودائما ألجأ إلى الله بالاستغفار لتحقيق مرادي. فما حكم ذلك لأني أشعر أحيانا بتأنيب الضمير لأني تعديت في دعائي، وأحيانا أقول بل إن الله هو صاحب الرزق وهو الأكرم في استجابة دعائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يجعل المسلم المال أكبر همه وغاية رغبته، فلا حرج عليه أن يسأل الله تعالى من فضله، وأن يزيد في رزقه وثروته، وأن يسعى بشتى وسائل الكسب المشروعة لتحصيل المال الحلال. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. الحديث رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: نعم المال الصالح للمرء الصالح. رواه أحمد وغيره وصححه الأنارؤوط. وانظري الفتويين: 102637، 77727. وما أحيل عليه فيهما.
وسؤال الحلال ليس من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه شرعا. وانظري الفتوى: 23425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(10/34)
الكلام بعد التسليم وقبل ختام الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الكلام بين التسليم بعد الفرض وبين التسبيح؟ وهل يجوز الذهاب إلى مكان ثم الرجوع إلى مكان الصلاة للتسبيح بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب الاشتغال بالأذكار التي تقال بعد الصلاة بمجرد الانتهاء منها؛ اقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومبادرة بالأعمال فإنه لا يدري ما يعرض له، وتعرُّضًا لدعاء الملائكة واستغفارهم؛ فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ.
وإذا تكلم من يأتي بالأذكار التي تقال بعد الصلاة أو عرض عارض يستدعي قطع الذكر فلا يضر إن شاء الله تعالى، بل قد يجب أو يستحب قطع الذكر في أحوال.
قال الإمام النووي رحمه الله في الأذكار: فصل: في أحوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر بسببها ثم يعود إليه بعد زوالها: منها إذا سلم عليه رد السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطس شمته ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا سمع الخطيب، وكذا إذا سمع المؤذن أجابه في كلمات الأذان والإقامة ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا رأى منكرًا أزاله، أو معروفًا أرشد إليه، أو مسترشدًا أجابه ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا غلبه النعاس أو نحوه. وما أشبه هذا كله ا. هـ.
ومثل قطع الذكر بالكلام لحاجة قطعه بالانتقال من مكان صلاته سواء عاد إليه بعد فراغ حاجته أم لا، وانظر الفتويين: 49831، 96553.
ولتمام الفائدة ننقل لك نصيحة ذهبية من الإمام النووي أودعها كتابه الأذكار، حيث قال رحمه الله تعالى: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عَقِيب صلاة أو حالة من الأحوال ـ ففاتته: أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها؛ فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها، وقد ثبت في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأه من الليل. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(10/35)
دعاء جلب الرزق والمال
[السُّؤَالُ]
ـ[استفسار عن دعاء يقال بأنه لجلب الرزق والمال: يا كريم، اللهم ياذا الرحمة الواسعة يا مطلعا على السراير والضماير والهواجس والخواطر لا يغرب عنك شيء. أسالك فيضا من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك وأنسا وفرجا من بحر كرمك. أنت بيدك الأمر كله ومقاليد كل شيء فهب لنا ما تقر به أعيينا وتغننا عن سؤال غيرك فإنك واسع الكرم كثير الجود، حسن الشيم. فببابك واقفون ولجودك الواسع المعروف منتظرون، يا كريم يا رحيم. ما صحة هذا الدعاء؟ وماهي قصته؟ وإذا كان صحيحا أرجو أن تذكر لي الدعاء كاملا وإرساله على البريد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور لم نقف عليه فيما أثر عن النبي- صلى الله عليه وسلم أو عن السلف الصالح.
ولكن صح عنه- صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ بالله من الكفر والفقر ومن عذاب القبر. وكان يقول: اللهم انى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم، ويأمر بذلك. رواه الإمام أحمد وغيره.
وورد عنه صلى الله عليه وسلم: اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك. شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر. رواه مسلم.
وقال ابن حبان في صحيحه: ذكر الأمر بسؤال المرء ربه جل وعلا قضاء دينه وغناه من الفقر: ثم ذكر بسنده عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال لها قولي: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء. اقض عنا الدين واغننا من الفقر.
وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، فقال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: فقلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى ديني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(10/36)
الدعاء على الظلمة المتجبرين جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا أخ شقيق ولكن ـ والعياذبالله ـ شيطان من شياطين الإنس يرتكب الكبائر والموبقات، فهو يزنى ويعق أمه ويقذف المحصنات ويتعاطى المخدرات ويسب ويشتم بأفظع الشتائم، والأعظم من هذا كله أنه يسب الله ورسوله ودينه كلما تشاجر مع أحد ـ وكأن الله جل جلاله ند له ـ ولا يصلى ولا يصوم، هذا وقد قتل البواب من عدة سنوات ودخل السجن واعتقدنا أنه سيصلح ويتوب، ولكن ـ للأسف ـ يزداد إجراما يوما بعد يوم، على الرغم من أنه كبير فى السن ويبلغ من العمر 51 سنة ولا يبالى بهذا العمر الذى يتقدم وكأنه لن يلقى الله فى يوم ما، وهو دائما يهدد من حوله أنه إذا شعر أنه سيموت سيقتل كل من حوله، وهو يقتنى سلاحا غير مرخص فى حجرته وعصا غليظة ضرب بها ابنه البائس ببنوته وأحدث فيه كدمات فى وجهه وفى جسمه، ونحن نعيش فى كرب وهم وغم بسبب هذا الأخ، ولانملك إلا أن ندعو عليه، لأنه فرعون يؤله نفسه ولكن ليس بالكلام وإنما بالأفعال، فلا أحد يستطيع أن يراجعه فى شىء، ونحن ندعوا عليه ليلا ونهارا ولانملك إلا هذا، وننتظر الفرج من عند الله أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر، أو يرينا فيه آية، فما حكم ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله على وجه السرعة، ولا تهملوا رسالتنا لغرابتها.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا الرجل على ما ذكرت من الفجور والعصيان فيجوز لكم أن تدعو عليه، لأن الدعاء على الظلمة المتجبرين جائز، ومع هذا فإننا ننصح بإطلاع السلطات على كونه لم ينته عن إجرامه، فما كان ينبغي الإفراج عنه، وينبغي تنبيههم على أنه يستخدم المخدرات ويقتني سلاحا ويهدد باستعماله في القتل، فلا مكان لمثله أحسن من السجن حفظا له ولغيره, كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 22409 , 23857 , 31158، 11808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(10/37)
حكم الصلاة على النبي بهذه الصيغة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على النبي بقولنا: اللهم صل على محمد بقدر ما صلى عليه المصلون منذ الأزل، وبقدر ما سيصلي عليه المصلون إلى الأبد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في هذه الصيغة وإن كان الأفضل أن يصلى عليه بالصيغة المأثورة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 5733، 47652، 18402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(10/38)
توجه إلى الله بصدق نية وإخلاص، ولا تستعجل الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى سؤال وأريد المساعدة من سيادتكم: أنا شاب من إحدى العائلات المصرية ووالدي يعمل في مجال الاستيراد وقد أدخلت رأس مالي معه كي يقوم بتشغيله فى الشركة، فقام باستيراد جرار زراعي من حوالي ثلاثة أعوام، وحتى الآن لم يتم بيع اللآلة بالرغم من تغير مكان عرضها فى أكثر من مكان، وتغير ثمنها ـ حتى قمت بتنزيل ثمنها الأساسي بما لايقل عن 15 ألف جنيه مصري ـ حتى وصل ثمنها إلى أقل من السعر الموجود بالسوق، وأيضا لم يتم بيعها حتى الآن، وفى يوم من الأيام حدث شجار فى العائلة بسبب تصفية حسابات فى الشركة بيني وبين إخواني، وغالباً أبي يحاول أن يكون فى صفي وفى صالحي وأنا أخاف أن يكون قد ظلم إخواني فى بعض الحسابات فقاموا بالدعاء على أموالي، وأيضا لم يهدأ لي بال، فقمت بمحاولة التسامح معهم وقالوا نحن إخوان ولم يحدث بيننا شيء ونحن متسامحون، لكن الآن لا أدري ماذا أفعل؟ أنا شاب ملتزم ـ والحمد لله ـ أصلي فى جماعة ـ والحمد لله ـ وأحاول أكون أكثر ما أكون إلى الالتزام أقرب، فب ماذا تنصحونني؟ بالدعاء، أو بقراءة سورة ما، أو بفعل أي شيءآخر؟ الرجاء المساعدة.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب. متفق عليه.
فننصحك بالتأكد من أن إخوانك قد سامحوك، وإن كان لهم أو لغيرهم عليك حقوق، فبادر بأدائها إلى أصحابها إلا أن يجعلوك في حل منها، وعليك بصلة إخوانك وغيرهم من ذوي رحمك، قال عليه الصلاة والسلام: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
وتوجه إلى الله بصدق نية وإخلاص، واحرص على فعل ما أوجبه الله وترك ما نهى عنه وعلى تحقيق التقوى قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} .
وأكثر من الاستغفار فإن ثماره طيبة، وانظر الفتاى التالية أرقامها: 30361، 39154، 65735.
وعليك بكثرة الدعاء في صلواتك وخاصة في جوف الليل، قال تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62} .
وهناك أدعية وأذكار لكشف الكرب، فراجع بشأنها الفتاوى التالية أرقامها: 94958، 101542، 103409، 17000.
ونسأل الله عز وجل أن يكشف كربك ويذهب همك ويزيل غمك. آمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(10/39)
دعا على نفسه بالطرد من رحمة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوني على هذه السؤال سريعا ـ إن شاء الله ـ ففي كل مرة ألتزم فيها أقسم على نفسي ألا أعود للمحرمات وإذ عدت أن يسلط عليَّ غضبه، ومع ذلك لا أملك نفسي وأعود للمعاصي مجدداً ولا أرتاح في توبة حتَّى أدعو بدعوات مؤلمة تصيبني إن عصيت الله، ومع ذلك أرجع للمعاصي، ولكن الدعوة الأخيرة في التزامي كانت قاسية لكي لا أعود للمعاصي، وكانت: هي الطرد من رحمة الله، وما يحزنني هو أنني عدت للمعاصي ولم أملك نفسي وكأنَّ الشياطين كلها اجتمعت حولي لكي أطرد من رحمة ربي، ربما إبليس ـ لعنة الله عليه ـ فرح بما قد أصابني، المرجو أن توجِّهوني إلى طريق الصواب، جزاكم الله وحفظكم من وساوس الشياطين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المسلم اجتناب الوقوع في المعاصي ويتأكد في حقه اجتنابها إذا أقسم على ذلك، لما في اليمين من التوثيق، وإنك قد أسأت من عدة جوانب، الأول: فعلك للمعصية، والثاني: عدم إبرارك بقسمك الثالث: دعاؤك على نفسك، وهذا قد ورد النهي عنه، روى أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، وإنك لو صدقت الله تعالى في توبتك صدقك. قال تعالى: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم {محمد:21} .
ولا ينبغي أن تجعل للشيطان سبيلا إلى نفسك فيقنطك من رحمة الله، فرحمته سبحانه واسعة، قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} .
ولا تستسلم لأي أوهام قد تجول بخاطرك بأنك قد طردت من رحمة الله مثلا، فإن الشيطان قد يغذي فيك هذه الخواطر لتكون سببا في هلاكك، فعليك بالإكثار من دعاء الله تعالى أن يرزقك الاستقامة والثبات عليها، وعليك بشغل نفسك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك، فتحرص على العلم النافع والعمل الصالح ومصاحبة الأخيار الأتقياء.
ويجب عليك أيضا أن تكفر عن يمينك، واعلم أنه إذا تكررت الأيمان على الشيء الواحد تلزم بها كفارة واحدة ما لم تكن هذه اليمين قد وقعت بعد الحنث، فحينئذ تلزم بها كفارة أخرى، وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، فراجع أقوالهم فيها في الفتوى رقم: 11229.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(10/40)
الدعاء بالشفاء ليس اعتراضا على ما قدره الله من مرض
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: تمت خطبتي منذ أيام من شاب مسلم، وقد كنت أعاني قبل مدة ولا زلت من بثور في جسدي دون الوجه الحمد لله، ولتعذر العلاج الطبي علي حاليا، نظرا لقلة مالي، لجأت لله بالدعاء أن يفرج همي ويرزقني بشرة خالية من كل البثور وآثارها عاجلا غير آجل، ليس إلا لأحسن التبعل لزوجي مستقبلا إن شاء الله، وأرضيه وأكف عينه عن الحرام. فهل أعتبر بدعائي هذا رادة لقضاء الله؟ وهل هذا الأمر سيؤثر على زواجنا مستقبلا؟ وجزاك الله الفردوس الأعلى برحمته سبحانه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرت اعتراض على قضاء الله سبحانه، بل هو من الأخذ بالأسباب المشروعة لتحقيق مقاصد مشروعة أيضا. وفي صحيحي البخاري ومسلم: إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال: لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ... إلخ الحديث. وهذا يدل على جواز الدعاء بما ذكر.
وعموما فإن الأخذ بالأسباب المشروعة- والتي من أعظمها الدعاء- لا ينافي الإيمان بالقضاء والقدر، ولا يستلزم الاعتراض عليه؛ لأن الأسباب أيضا من قدر الله تعالى، كما قال عمر رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله.
فكما أمرنا الله بالإيمان بالقدر، فقد أمرنا أيضا بالحرص على ما ينفعنا والأخذ بأسباب صلاح المعاش والمعاد. والدعاء من أعظم الأسباب وأنفعها. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 74830.
وأما عن أثر ذلك على زواجكما فلا تحملي له هما كبيرا، واجتهدي في دعاء الله تعالى أن يجعل لكما في زواجكما سعادة ومودة بينكما، وأن يعينك على حسن التبعل لزوجك وإرضائه وإعفافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(10/41)
حكم دعاء الرجل على زوجته بالموت
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج تضايق من زوجته حين دعا الله قائلا: اللهم بعلمك الغيب إذا لم يكن لي فيها: أي الزوجة ـ خير خلصنى منها، ما مدى موافقة هذا الدعاء للشرع؟ واذا كان خطأ، فهل تكفي التوبة والاستغفار؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دعا به هذا الزوج ليس فيه ما يخالف الشرع، إلا أن يكون قصد بالخلاص منها موتها فهو مخالف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم. رواه مسلم.
والأولى على كل حال أن يدعو لها بالهداية والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(10/42)
كيف تمدح ربك وتثني عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون مدح الله، ومثال على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا أحد أعلم بالله والثناء عليه من الله ورسوله، وقد أثنى على نفسه في القرآن وأثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فما ثبت في ذلك هو أحسن كيفيات الثناء، ومن أبلغ الصيغ في ذلك ما في سورة الفاتحة، ففي صحيح مسلم مرفوعاً: إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله تعالى أثنى علي عبدي، وإذا قال مالك يوم الدين قال الله تعالى مجدني عبدي. وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 73178 ثناء الصحابي بقوله: يا من لا تراه العيون.. إلخ. وأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ذهباً وقال له: وهبت لك الذهب بحسن ثنائك على الله عز وجل.
ومثل هذا في حسن الثناء ما ورد في اسم الله الأعظم، وفي دعاء الكرب، وغيرها من الأدعية والأذكار المأثورة في الصلاة وغيرها، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 70670، 101542، 107638، 109344، 25586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(10/43)
حكم رفع اليدين في الدعاء ومسح الوجه والصدر بهما وتقبيلها بعد الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم عن رفع اليدين في الدعاء، لأنه لما يدعو الإمام يوم الجمعة مثلا، ترى المسلمين كلهم يرفعون أيديهم ويقولون آمين ثم يمسحون وجوههم وصدورهم وبعضهم يقبلون أيديهم. وكل هذه الأفعال تكون إذا كانت حفلة لزواج أو غيره. فما هي السنة في هذا الباب؟ وما الحكم في رفع اليدين عند الدعاء؟ وما هي الكيفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل استحباب رفع الأيدي عند الدعاء إلا في المواضع التي ثبت فيها عدم استحباب الرفع كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 32283
ومما يدخل في عموم الاستحباب رفع الأيدي عند الدعاء للمتزوجين وغير ذلك مما لم يرد فيه دليل على الاستثناء. وانظر الفتويين: 63075، 110869.
أما رفع اليدين عند الدعاء في خطبة الجمعة، فالراجح أنه مستثنى من عموم الاستحباب، وعليه ف لا ينبغي فعله سواء للإمام أو للمأموم، وانظر الفتوى رقم: 31467.
وأما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فقد اختلف فيه أهل العلم، فقال باستحبابه بعضهم نظراً لما روي فيه، وكرهه آخرون لضعف الأحاديث الورادة في ذلك.
قال ابن عثيمين رحمه الله: الأفضل أنْ لا يمسح، ولكن لا نُنكرُ على مَن مَسَحَ اعتماداً على تحسين الأحاديثِ الواردة في ذلك؛ لأنَّ هذا مما يختلف فيه النَّاسُ. الشرح الممتع على زاد المستقنع.
ولمعرفة أدلة القولين وتفاصيلها نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 27330، 4557، 7848، 21501.
وأما مسح الصدر فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينبغي للمسلم أن يتجنبه.
وأما تقبيل اليدين بعد الفراغ من الدعاء ومسح الوجه بهما فبدعة لا أصل له.
والخلاصة أن السنة في هذا الباب استحباب رفع الأيدي في عموم الحالات إلا ما استثني، دون تقبيل أو مسح للبدن، واختلف العلماء فقط في مسح الوجه، والأفضل تركه.
ولمعرفة باقي الأمور المستحبة عند الدعاء راجع الفتوى رقم: 23599.
ويكون رفع اليدين رفعا متوسطا بحيث تحاذيان المنكبين، ويبالغ الداعي في رفعهما عند الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه.
قال ابن حجر في فتح الباري: أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه مثلا، وفي الدعاء إلى حذو المنكبين ... وإما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء.
ولمزيد الفائدة عن كيفية الرفع انظر الفتوى رقم: 28566
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(10/44)
هل يقاس على دعاء الاستسقاء غيره في كيفية رفع اليدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في الدعاء إذا استعاذ من عذاب جهنم يقلب باطن كفه إلى الأرض، وفي باقي الدعاء يكون باطن الكف إلى السماء؟ أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه دعا في الاستسقاء فجعل ظهور كفيه إلى السماء. فاستدل بعض أهل العلم بذلك على أن الدعاء لرفع البلاء أو دفع المكروه يكون بجعل ظهور اليدين إلى السماء، وإن كان لجلب خير أو طلب نعمة جعلت بطونهما إلى السماء.
ولفظ الحديث كما في صحيح مسلم في صفة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء.
قال النووي في شرح مسلم: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، واحتجوا بهذا الحديث.
وانظر لهذا الموضوع مزيدا من التفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 121352.
ولم نقف على حديث بخصوص الاستعاذة من عذاب جهنم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(10/45)
الأولى الجمع بين حفظ القرآن والأذكار المأثورة في اليوم والليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقبلت والحمد لله على حفظ كتاب الله وأخذ كل وقتي، فأنا لا أستغفر ولا أصلي على النبي عليه الصلاة والسلام في اليوم لأنه ليس عندي وقت. فهل هذا يعتبر تقصيرا مني؟ وإذا كان تقصيرا فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالاشتغال بحفظ القرآن الكريم، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الخيرية التي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث البخاري: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
ونفيدك أن الأولى والأفضل هو اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الجمع بين العبادات كلها، فقد كان يجمع بين الاشتغال بالقرآن والإتيان بالأذكار، والهدي الثابت في الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يأخذ وقتا طويلا.
فقد ثبت الحض على مائة من الاستغفار في اليوم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات في المساء وعشرا في الصباح.
ففي الحديث: إ نه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. رواه مسلم.
وفي الحديث: من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وبناء عليه، فنوصيك بالجد والمثابرة في استكمال الحفظ للقرآن، وخصصي وقتا لاستكمال الأذكار المأثورة حتى تجمعي بين خصال الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(10/46)
لا يشترط لمشروعية الدعاء أن يكون مأثورا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في الأدعية الآتية التي أدعو بها
1 - اللهم إني أسألك أن تبعدني عن المعاصي.
2 - اللهم إني أسالك أن تجنبني المعاصي.
3 - اللهم اشفني من العادة السرية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط لمشروعية الدعاء أن يكون مأثورا، بل للمسلم أن يدعو ويسأل الله عز وجل ما شاء من خيري الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد، والدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ـ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر، رواه أحمد والحاكم، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو. رواه البخاري.
وعلى هذا فإن ما تدعو به من الأدعية مشروع ـ إن شاء الله ـ.
ولكن لا شك أن موافقة أدعية الأنبياء لاسيما نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ـ أكثر بركة وأجمع للمعاني.
واعلم أن الإلحاح والتذلل وإظهار الحاجة والافتقار إلى الله من أعظم أسباب إجابة الدعاء.
وانظر ـ لتمام الفائدة ـ الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 8331، 11571، 2395، 23599، 17449، 8581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(10/47)
في النصوص الثابتة من الأذكار غنية عما لم يثبت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أذكر الله جل وعلا بأن أقول: سبحان الله العظيم وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه ومداد كلماته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يتعين عليه أولا أن ينطلق في تعبداته من نصوص الوحيين، فما وحد مثبتا في نصوص الوحيين طبقه وعمل به، ولا يسوغ له في مجال العبادات أن يستحسن لنفسه، ثم يقول هل يجوز لي أن أقول أو أفعل كذا. فالأصل في العبادات الحظر والتوقف حتى تثبت المشروعية. لما في حديث مسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
ومن المعلوم واقعيا أن الثابت في النصوص لا يزال الناس قاصرين عن العمل به، فليس من اللائق التقصير في تطبيق ما ثبت في الهدى النبوي واستحسان ما لم يثبت، هذا من ناحية العموم.
وأما زيادة العظيم في التسبيح فالظاهر جوازها، لأن التسبيح المذكور ثابت في الصحيح من حديث جويرية وقد ذكر عدة علماء معاصرين محققين ما يفيد مشروعية زيادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(10/48)
الإشارة بالإصبع عند قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع الأصبع بعد الصلاة عند المائة عند ذكر لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشارةُ بالأصبع عند كلمة التوحيد لا إله إلا الله مما لا حرج في فعله.
قال في مطالب أولي النهى: ويشير بسبابة يده اليمنى بأن يرفعها من غير تحريك لها، سميت بذلك لأنه يشير بها للسب، وسبابة لأنه يشير بها للتوحيد في تشهده ودعائه مطلقا أي في الصلاة وغيرها عند ذكر لفظ الله تعالى بحديث عبد الله بن الزبير مرفوعا: كان يشير بإصبعه ولا يحركها إذا دعا. رواه أبو داود والنسائي. وعن سعد بن أبي وقاص قال: مر علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بإصبعي فقال: أحد أحد وأشار بالسبابة. رواه النسائي. انتهى.
ومما يدلُ على ما ذكرناه من أن الإشارة بالإصبع عند كلمة التوحيد لا بأس بها ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبة الوداع: وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّى فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. متفق عليه.
وبهذا تعلم أنه لا بأس بالإشارة بالإصبع عند قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(10/49)
الفرق بين الدعاء المقيد والمطلق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الدعاء المقيد والمطلق؟ وآداب الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد بالدعاء المقيد والمطلق: الدعاء العام والدعاء الخاص. فقد استحب أهل العلم الدعاء العام وإشراك المسلم إخوانه المؤمنين في دعائه وقالوا: الدعاء إذا عم نفع كما قال الله تعالى على لسان بعض أنبيائه: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ. {إبراهيم:41} . ومن المعلوم أن العمل الذي يعم نفعه أفضل من العمل الذي يخص.
وبخصوص آداب الدعاء فقد قال الله تعالى عنها: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. {الأعراف:55} .
وقال تعالى عن أنبيائه وعباده الصالحين: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ َيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ. {الأنبياء:90} . وقال تعالى: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. {الأعراف:29} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه الترمذي وأحمد والحاكم. وصححه الألباني، وقال الترمذي حسن صحيح.
فهذه النصوص تبين أن من آداب الدعاء: التضرع، والتواضع، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والإخلاص والمسارعة إلى فعل الخير.. وتجنب الدعاء بالإثم.
وقد سبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتاوى رقم: 23599، 119608، 93840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(10/50)
الدعاء على الغير بملابسة معصية من الاعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل سنة أحببت شابا، وقد أقنعني أنه ملتزم، وبعدما تعلقت به ولعب بمشاعري تركني دون سبب، أحس أنه ظلمني فأدعو الله أن لا أفارق له بالا، وأن يتذكرني دائما، والله أنا لا أريد أن يرجع لي لكن أريد أن يتعذب مثلي، وأستغل الأوقات المستجاب فيها الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ هذا الشاب وانتهك حرمات الله عندما أقام معك هذه العلاقة المحرمة، وتلاعب بمشاعرك كما تزعمين، ولكن هذا لا يعفيك من التبعة والمسؤولية؛ لأنك لو اتقيت الله سبحانه ووقفت عند حدوده وراقبته حق المراقبة لما حدث ما حدث. فالأحرى أن ترجعي على نفسك باللوم والعتاب، وأن تستغفري لذنبك، وتتوبي إلى ربك توبة صادقة.
واعلمي أنه لا يجوز لك الدعاء على هذا الرجل بأن يتعلق قلبه بك مع أنك لا ترغبين في الزواج به، لأن تعلق القلب بالأجنبية من المعاصي، والدعاء على الغير بمواقعة المعصية لا يجوز ولو كان المدعو عليه ظالما لأنه من باب الاعتداء.
قال القرافي وهو يبين ضوابط الدعاء على الظالم: ولا تدعو عليه بملابسة معصية من معاصي الله تعالى، ولا بالكفر صريحاً أو ضمناً. انتهى.
فكيف وهذا الرجل لم يكن منه ظلم لك بالمعنى المعروف وهو الاعتداء على حق الغير غصبا أو منعا، غاية الأمر أنه أغراك بمعصية الله فاستجبت له طوعا.
وهذا الدعاء حري بألا يستجاب له لأنه من باب الإثم، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(10/51)
محل ذكر كفارة المجلس
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص كفارة المجلس، كما هو معلوم أن الكفارة تذكر قبل الخروج من المكان الذي كثر لغط الشخص فيه ولكن نفرض أن الشخص كثر لغطه في غرفة من غرف بيت ما، أو كشك صغير يدخل في مجمع، أو موقع يضم هذا الكشك، وخرج الإنسان من داخل هذا الكشك أو الغرفة ولم يذكر كفارة المجلس، وحين استذكر وهو مازال في داخل المحيط أو الموقع الذي به تلك الغرفة أو الكشك ذكر كفارة المجلس بنية أنها عن كل لغط ذكره في داخل هذا المكان أو جزء منه. فهل يجزئه ذلك؟ أم يجب أن يكون ذكر الكفارة في نفس المكان الذي تكلم فيه ولو خرج منه حتى لو كان في داخل المحيط الذي به ذلك المكان لم يجزئه ذكرها؟ وأيضا هل كفارة المجلس لو ذكرها وتلفظ بها الشخص قبل إغلاق جهاز الكمبيوتر بنية أنها كفارة عما قام به من عمل على جهاز الحاسوب تجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت عدة أحاديث في دعاء كفارة المجلس منها ما رواه أبو داود وغيره قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقال رجل يا رسول الله إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى قال: كفارة لما يكون في المجلس. صححه الألباني.
وفي رواية للطبراني وغيره: كفارة المجلس أن لا يقوم حتى يقول سبحانك اللهم.. وفي روية: بعد أن يقوم. وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بآخرة إذا اجتمع إليه أصحابه فأراد أن ينهض قال سبحانك اللهم وبحمدك.
فهذه الروايات وما أشبهها تدل على أن الشخص يقول الدعاء في نهاية مجلسه، أو عند القيام منه أو إرادة ذلك.
وعلى ذلك، فالظاهر- والله أعلم- أن من خرج من مجلسه وانفصل فقد فات محل هذا الدعاء وأصبح قوله بعد ذلك دعاء من الأدعية أو ذكرا من الأذكار يرجى قبوله وحصول الثواب به، لانفصاله عن محله وفوات وقته.
أما بالنسبة للجهاز فالظاهر أنه إن كان قد تحدث مع أحد عبره وكان في كلامهما لغط، فإن له أن يأتي بكفارة مجلسه ما دام في مجلسه ولو كان قد قام باغلاق الجهاز.
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن هذا الموضوع في الفتاوى التالية أرقامها: 60428، 72154، 16824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(10/52)
حكم الدعاء على النفس بالموت إن كان من سكان الفردوس
[السُّؤَالُ]
ـ[ربما تستغربون من سؤالي لکم، ولکني أريد أن أعرف هل أرتکبت محرما بدعائي هذا، لأنني مررت ومازلت آمر بوقت عصيب وربما أسوأ من هذا الوقت لن يمر، فعندما کنت أصلي أو بعد انتهاء الصلاة کنت أدعو الله بهذا الدعاء: اللهم إنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن کنت تعلم أني من سکان الفردوس الأعلي فأمتني من ليلتي هذه، وإن کنت تعلم أني من سکان الأخري فأحيني حتى أصبح من سکان الجنة.
سيدي المفتي يرجي عدم إحالتي لفتوي أخري وإنما بيان هل هذا الدعاء محرم أم لا؟
ولکم جزيل الشکر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جانبك الصواب في دعائك بموتك في ليلتك إن كنت من سكان الفردوس، لأنه حتى وإن كنت منهم، فما المانع من أن تعيشي وتزدادي من الحسنات؟!
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب. يستعتب: يسترضي الله.
وفي رواية مسلم: لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا.
وفي سنن الترمذي ومسند أحمد عن عبد الله بن بسر أن أعرابيا قال: يا رسول الله من خير الناس؟ قال: من طال عمره وحسن عمله. قال الترمذي: حديث حسن غريب. وصححه الألباني.
فتمني الموت والدعاء به مكروه؛ للنهي عنه، إلا لخوف الفتنة.
قال في المجموع: ويكره تمني الموت لضر في بدنه أو ضيق في دنياه ونحو ذلك؛ للحديث المذكور، ولا يكره لخوف فتنة في دينه، ذكره البغوي في شرح السنة وآخرون، وهو ظاهر مفهوم من حديث أنس المذكور، وقد جاء عن كثيرين من السلف تمني الموت للخوف على دينه. انتهى.
وقوله: حديث أنس المذكور. يقصد به ما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: 31781.
فالصواب أن تدعو بما علمنا النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث.
ونلفت نظر الأخت الكريمة إلى أن الفردوس الأعلى ليس هو كل الجنة، وإنما هو أعلى الجنة وأفضلها، وإنما هي جنان في جنة. ففي صحيح البخاري: فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الفردوس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(10/53)
الدعاء من القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هنا عن القدر: يعني أنا لما أصلي قيام الليل وأدعو ربنا أنوي أن ييسر لي شيئا في بالي، وأيضا أدعو طول اليوم، وبنفس الوقت أحس أنه فعلا ربنا ييسرلي الدعاء ويشجعني عليه، وأنه قريب مني، لكن بعد ما أصلي وأنام لو رأيت حلما يكون تفسيره أن رجائي صعب يتحقق أو فيه مشاكل. هل المفروض أني أستسلم للقدر وأقول انتهى الأمر أو أظل أدعو وبجهد أكبر من باب الدعاء يغير القدر وأن ربنا يريدني أن أدعو ويسمع صوتي بإلحاح أكثر؟ لأنه في كل مرة أحلام أحلام أن موضوعي صعب، أو سوف يطول، وأحلام أخرى تفسيرها يكون تفريج كربة. هل أنا بهذا أعاند ربنا أو لا بد أن أدعو بإلحاح أكبر لأني مقتنعة تماما بأن الدعاء يغير القدر كما جاء في أحاديث عدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية لابد من العلم أن من حقق شروط الإجابة، وانتفت عنه موانعها، فدعاؤه مستجاب بلا شك، وليس معنى ذلك أن يحصل المطلوب بعينه وفي الحال، فإن صور الإجابة متنوعة، فإما أن يعطى ما سأل، وإما أن يصرف عنه من السوء مثله، وإما أن يدخر له في الآخرة، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ! قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ. رواه أحمد، وصححه الألباني.
قال ابن عبد البر في التمهيد: فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة. اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح: كُلُّ دَاعٍ يُسْتَجَاب لَهُ، لَكِنْ تَتَنَوَّع الْإِجَابَة: فَتَارَة تَقَع بِعَيْنِ مَا دَعَا بِهِ، وَتَارَة بِعِوَضِهِ. اهـ.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل: اعلم أن الله عز وجل لا يرد دعاء المؤمن، غير أنه قد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، وقد لا يكون ما سأله مصلحة في الجملة، فيعوضه عنه ما يصلحه، وربما أخر تعويضه إلى يوم القيامة، فينبغي للمؤمن ألا يقطع المسألة لامتناع الإجابة، فإنه بالدعاء متعبد، وبالتسليم إلى ما يراه الحق له مصلحة مفوض. اهـ.
ومن موانع الإجابة التي ينبغي أن ينتبه إليها السائل: الاستعجال وترك الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عبد البر: في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل. اهـ.
وقد سبق بيان معنى الاستعجال والتحذير منه في الفتاوى ذوات الأرقام: 63158، 54325، 69484.
كما سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 11571، 8331، 2395، 23599، 43346.
أما قول السائلة الكريمة: أن الدعاء يغير القدر فصحيح، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10657. فعليك أختي الكريمة أن تجتهدي في الدعاء ولا تدعيه، فليس في ذلك معاندة للقدر بل هو من جملة القدر. واعلمي أن دعاء الله أن ييسر الخير حيث كان هو الأفضل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 70747.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 97023، 109091.
وأما مسألة الأحلام فلا ينبغي أن يعول عليها ولا يلتفت إليها، ويكفيك أن تسألي الله خيرها وتستعيذي من شرها، وراجعي الفتوى رقم: 73634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(10/54)
حكم كتابة اسم الله تعالى عند التوقيع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يكون اسم الله في توقيعي أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل الكريم يعني التوقيع الذي يسجل به المشاركون في المواقع الالكترونية والمنتديات، فهذا من الأمور الحسنة التي فيها تذكير بالله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61125.
أما إذا كان مراده التوقيع الذي يكتب على الأوراق، فهذا حكمه ينبني على علم المُوقِّع بمصير تلك الأوراق، فإن كان يعلم أن مصيرها الامتهان فلا يجوز التوقيع به، وإذا كان يعلم أنها تحفظ ولا تمتهن فلا بأس بذلك. فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز للمسلم إلقاء الأوراق والصحف والمجلات التي تحتوي على ما هو معظم شرعا كأسماء الله تعالى، ولا يجوز كذلك استعمالها في ما يمتهن، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 73022، 1064، 66315.
وينبغي أن تجعل مثل هذه الأوراق في مكان يصونها عن الإهانة، وإلا يتخلص منها بدفنها في أماكن طاهرة ونظيفة، أو حرقها، أو بإعدامها بالماكينة العادمة المعروفة الآن، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 660، 30590. فإن صيانة اسم الله تعالى عن الامتهان أمر مطلوب بلا خلاف، ومراعاة هذا الجانب من مظاهر التقوى، كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ. {الحج: 32} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(10/55)
التسبيح لا يكون إلا لله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التسبيح لغير الله؟ فقد ورد في شعر لأحد أقاربي قول:
ولكني ما زلتُ أستطيع أن أهبكِ أشياءَ تحياكِ ترددُ اسمكِ بالآفاقً تسبيحا.
وقد حصل خلاف على هذا القول لجهة جوازه أو حرمته. أفيدونا أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمبنى الجواب على معرفة معنى التسبيح، ومعناه كما قال الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر في كتابه فقه الأدعية والأذكار: هو التنزيه، فأصل هذه الكلمة من السَّبح وهو البُعد، قال الأزهري في تهذيب اللغة: ومعنى تنزيه الله من السوء تبعيده منه، وكذلك تسبيحه تبعيده، من قولك: سبحتُ في الأرض إذا أبعدتَ فيها، ومنه قوله جلّ وعزّ: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. وكذلك قوله: وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً. فالتسبيح هو إبعادُ صفات النقص من أن تُضافَ إلى الله، وتنزيهُ الربِّ سبحانه عن السوء وعمَّا لا يليقُ به، قال ابن جرير: وأصلُ التسبيح لله عند العرب التنزيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه، والتبرئة له من ذلك. ونقل الأزهري في كتابه تهذيب اللغة عن غير واحد من أئمّة اللغة تفسير التسبيح بالمعنى السابق وقال: وجِماعُ معناه بُعدُه تبارك وتعالى عن أن يكون له مثلٌ أو شريكٌ أو ضِدٌّ أو نِدٌّ. اهـ.
وبهذا يتبين أن التسبيح معنى مختص بالله تعالى ولا يجوز إضافته لغيره سبحانه، وهذه من القرائن التي صرفت الضمير عن العود إلى أقرب مذكور في قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. {الفتح:9،8} .
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: التسبيح: الكلام الذي يدل على تنزيه الله تعالى عن كل النقائص، وضمائر الغيبة المنصوبة الثلاثة عائدة إلى اسم الجلالة، لأن إفراد الضمائر مع كون المذكور قبلها اسمين دليل على أن المراد أحدهما، والقرينة على تعيين المراد ذكر: وتسبحوه. اهـ.
وقال الألوسي في روح المعاني: زعم بعضهم أنه يتعين كون الضمير في -تعزروه- للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لتوهم أن التعزير لا يكون له سبحانه وتعالى، كما يتعين عند الكل كون الضمير في قوله تعالى: وتسبحوه. لله سبحانه وتعالى، ولا يخفى أن الأولى كون الضميرين فيما تقدم لله تعالى أيضا لئلا يلزم فك الضمائر من غير ضرورة، أي وتنزهوا الله تعالى أو تصلوا له سبحانه من السبحة. اهـ.
وقال السعدي: ذكر الله في هذه الآية الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الإيمان بهما، والمختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، والمختص بالله، وهو التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها. اهـ.
فالحاصل من جميع ما تقدم أن التسبيح لا يكون بحال من الأحوال إلا الله تبارك وتعالى، فمن سبح لغير الله فهو على خطر عظيم، فعلى قريب السائل أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(10/56)
حكم دعاء المرأة أن يرزقها الله ذكورا دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن حكم أن يدعو الإنسان الله أن يرزقه ذرية ذكورا دون الإناث. هل في هذا إثم علي أم لا؟ طبعا السبب عندي وسواس قهري بالنسبة لشكلي، عندي وسواس أني بشعة جدا، وأني إذا أنجبت بنتا ستكون بشعة جدا، وأن الناس سوف يشمئزون منها كما يفعلون معي، هذا وسواس يسيطر علي ولا أسيطر عليه. فهل في دعاءي إثم أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذه الوساوس، وقد سبقت لنا عدة فتاوى حول الوسواس القهري وعلاجه، فراجعي منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3086، 3171، 11752.
ويجوز لك دعاء الله عزوجل أن يجعل ذريتك من الذكور دون الإناث، فليس في هذا إثم أو قطيعة رحم، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يستجاب من الدعاء وما لا يستجاب، فقال: لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ. رواه مسلم.
على أن الإنسان لا يعلم هل الخير له في الذكور أو في الإناث، ولو دعوت الله عزوجل بأن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يجعلهم قرة عين لك، وأن يكونوا معافين أصحاء، لكان أولى، وقد قال سبحانه: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {البقرة:216}
لمزيد من الفائدة حول الدعاء وشروط إجابته، وما يجوز منه وما لا يجوز، راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 2395، 25109، 28184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(10/57)
الإكثار من الاستغفار بنية تيسير الزواج للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بالاستغفار يوميا بنية تسخير الزواج لأخي بدلا عني فهل يجوز شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيامك بالاستغفار بنية تيسير الزواج لأخيك جائز، فإنّه ينبغي للمسلم أن يقدم بين حاجته عند الله قربة تقربه من الله، كما في صلاة الحاجة التي وردت في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحّحه بعض العلماء، وقالوا بمشروعية هذه الصلاة عند الحاجة كما في الفتوى رقم: 3749، قال المباركفوري في شرحه لحديث صلاة الحاجة: والحديث يدل على مشروعية الصلاة عند الحاجة أيّ حاجة كانت بشرط أن تكون مباحة. اهـ من مشكاة المصابيح مع شرحه مرقاة المفاتيح.
ولا شكّ أنّ طلبك تيسير الزواج لأخيك حاجة مشروعة، فلا مانع من فعل بعض الطاعات لغرض تيسيرها، مع التنبيه على أنّه لم يرد في الشرع فيما نعلم عبادة محددة أو ذكراً معيناً لتيسير الزواج، وإنما الذي ورد أنّ الدعاء ينفع بإذن الله في كل مطلوب مشروع، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186} .
ويحسن بك أن تكثري من الاستغفار لأخيك لعل الله ييسر له أموره بذلك.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 79974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(10/58)
وجوب احترام اسم الله تعالى وأسماء الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن كلمة إسماعيل معناها يسمع الله بالعبرية، وأصل الكلمة يشيمع – ئيل.
والسؤال هو: هل مقطع -يل- فى كلمة إسماعيل يجب أن تحترم كأنها اسم الله وطبعا أقصد المقطع في الكلمة العربية إسماعيل مفصولا عن الكلمة، مع العلم أن هذا الموضوع أوقعنى فى حرج لأنى كنت قد علمت أن كلمة إسرائيل تعنى عبد الله، ومقطع ئيل لوحده يعنى الله فكنت أقوم بقطع حرف الهمز من- ئيل- حتى يختلف المعنى ثم ألقى الورقة، ولكن عندما علمت أن كلمة إسماعيل تعنى يسمع الله خشيت أن يكون الجزء المتبقى من كلمة ئيل بعد فصل الهمز وهو - يل - أن يكون من أسماء الله فأكون أثمت برميها. فالرجاء إفادتي لأنه من الصعب جدا والمتعب أن أعثر على الورق الذي قطعته في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم أن كلمة إيل في اللغة العبرية أو السريانية يعنى بها اسم الله، وذكر بعضهم أنها يعنى بها عبد، وأن لغات العجم يقدم فيها المضاف إليه على المضاف.
ومهما يكن من أمر، فقد صرح أهل العلم بأنه يجب احترام اسم الله تعالى، وأسماء الأنبياء، مهما كانت اللغة المكتوبة المتكلم بها وعدوا ذلك من تعظيم شعائر الله، وهذه الأوراق المكتوب فيها حروف العربية إن كانت بحوزتك وخشيت امتهانها يتعين عليك تفادي امتهانها بإحراقها، أو تمزيقها تمزيقا كاملا بفرامة أو غيرها، أو دفنها في مكان محترم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15877، 66315، 51392، 50107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(10/59)
التواصي بالذكر والدعاء عبر الرسائل الإلكترونية
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءتني هذه الرسالة على البريد الإلكتروني وأحببت أن أسأل عن حكم مثل هذا
نص الرسالة:
كلنا يستفيد الذي قرأ والذي كتب، فكرتي أن تكتب أي استغفار أو ذكر أو دعاء، ونمرره لأكبر عدد ممكن لكن اكتب أي شي يكون فيه أجر لله، واكتب قرب الدعاء أو الاستغفار اسمك.
يعني إن شاء الله تكسب أجر كل الذي قرأ الذي كتبته وأنت جالس بمكانك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بنشر ما فيه تذكير للناس بأمور الخير والبر من التسبيح والتهليل والتكبير والدعاء والاستغفار ونحو ذلك، كما أن التواصي بذلك أمر حسن؛ ليعم الخير، وينتشر المعروف، والدال على الخير كفاعله، وسواء كان ذلك التذكير مشافهة، أو عبر رسالة بالبريد أو الجوال.
وإنما المحذور هو ربط ذلك بعدد معين لم تأت به السنن، أو نشر أذكار مبتدعة، أو ترتيب الإثم على عدم الإرسال، كأن يقال: أرسلها، وإلا سيحصل لك كذا وكذا، فهذا من الافتراء والباطل، وإلزام الناس بما لم يلزمهم به الشرع.
وأما الأجر المترتب على نشر الرسائل فيتوقف على مدى إخلاص الفاعل، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 50652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(10/60)
فضل الذكر المضاعف وحكم التسبيح بالمسبحة
[السُّؤَالُ]
ـ[مان هو الأفضل فى التسبيح: من يسبح الله فى اليوم 20ألف مرة فى اليوم، أو من يقول سبحان الله عدد خلقه ومداد كلماته وزنة عرشه؟ وماهو رأى الدين فى من يمسك سبحة وبها عداد منها ليسبح الله مائة ألف مرة وذلك ليعلم عدد التسبيحات، أو التحميدات، والاستغفارات وهويمسك السبحة ليعلم العدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
قال القاري في المرقاة، وتبعه المباركفوري في المرعاة، والعظيم أبادي في عون المعبود:
(لوزنتهن) أي لترجحت تلك الكلمات على جميع أذكارك وزادت عليهن في الأجر والثواب، يقال: وازنه فوزنه، إذا غلب عليه وزاد في الوزن، كما يقال: حاججته فحججته. أو لساوتهن، يقال: هذا يزن درهما، أي يساويه ... وفيه تنبيه على أنها كلمات كثيرة المعنى لو قوبلت بما قلت لساوته. اهـ.
وقد عقد ابن القيم في المنار المنيف. فصلا لتفضيل هذا الذكر المضاعف، قال فيه:
هو أعظم ثناء من الذكر المفرد، فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه.
ثم ذكر ـ رحمه الله ـ طرفا مما يتضمنه هذا الذكر من معاني التنزيه والتعظيم والثناء الذي يستحق الله تعالى، ثم قال:
والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره، وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه. وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد. فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا، واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره. اهـ.
وفي هذا دليل على أن الذكر بهذه الكلمات يفضل الذكر المجرد، ومما يدل على ذلك أيضا أن أبا أمامة رضي الله عنه مر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحرك شفتيه فقال: ماذا تقول يا أبا أمامة؟ قال: أذكر ربي. قال: ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار والنهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في السماء والأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول: الحمد لله، مثل ذلك. رواه النسائي وابن حبان، وحسنه المنذري وابن حجر والألباني.
ففي هذا الحديث التصريح بأفضلية هذا الذكر المضاعف، وأنه أكثر من ذكر الليل والنهار وهذا بالآلاف بلا شك.
وأما استخدام المسبحة للذكر فجائز، ولكن استعمال اليدين أفضل وأولى، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 609، 7051، 41435.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 80380، 49311، 32076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(10/61)
الذكر قد يتخلف أثره من جراء العبد نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الحمد لله أصلي دائما ولا تفوتني صلاة عن وقتها، ولكن أريد أدلة على وجود الله، لا أريدها من القرآن الكريم وإنما بالعقل، لأني أعيش في نفسي هذه الأيام أن الله غير موجود، ربما بسبب أني تعرضت لمواقف
مثل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إذا قرأت الأذكار تهرب الجن، وكنت ذات يوم مع أصدقائي في البر وتعرض لنا الجن، فقرأنا الأذكار ولم يذهب، وظلو يتعرضون بنا رغم أننا لم نؤذهم، وأريد تصحيح لذلك ولا أريد أن يكون الجواب بفلسفة غير مفهومة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما طلبت من الأدلة فستجدها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75468، 52377، 33504.
وأما مسألة الجن وعدم هروبها من الأذكار، فلا بد من الانتباه أولاً إلى أن المؤمن يشك في نفسه ولا يشك في ربه ودينه، ويعود باللوم والعتب عليها لا على شريعته، وإن حصل شيء ألزم نفسه العيب، وعلم أنه إنما أتي من قبلها، كما روى أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم -ثلاث مرات- لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي. فأصاب أبان بن عثمان الفالج، فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه فقال له: ما لك تنظر إلي؟! فوالله ما كذبت على عثمان ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
فلم يتشكك أبان -رحمه الله- في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تفكر وعلم من أين أتي، وهذا عثمان بن أبي العاص يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي؟ فقال رسول الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
وقد يقولها أحدنا اليوم فلا يذهب عنه ما يجد، وما ذلك إلا من نقصنا نحن، وبيان ذلك كما يقول ابن القيم في (الجواب الكافي) : أن الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحاً تاماً لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة لم يحصل الأثر. انتهى.
فلو رجع السائل الكريم إلى نفسه وإلى حال أصحابه، فلربما عرف أنهم متلبسون بمانع من موانع الإجابة من جهة أنفسكم، ومن ذلك الشك في الإجابة والدعاء على سبيل التجربة، ومنه استيلاء الغفلة واللهو على القلب والجوارح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الألباني. قال المناوي: أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، قال الإمام الرازي: أجمعوا على أن الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له. انتهى. هذا ومما يجدر التنبه له أن من الجن من هم مسلمون ومن هؤلاء من هم عصاة وهؤلاء يقرأون القرآن فقد لا يتأثرون بقراءة غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(10/62)
حكم ذكر الله تعالى أثناء الاغتسال في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية والسلام والحب والتقدير للقائمين على الموقع أود أن أستشف منكم موقف الشرع من حالة دائم القيام بها ولكن لا أعرف موقف الشرع منها، هي أني دائما حين أستحم وعند نزول الماء على جسدي أحمد الله وأكبره دون قصد فقط إحساس داخلي روحي يعكس على لساني عفويا دون قصد وأطلب من سيادتكم الموقرة أن تحددوا لي موقف الشرع مما أقوم به في صالة الحمام، وأقسم لكم أن ما أقوم به ليس عملا مقصودا مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المكان الذي تستحم فيه مشتملاً على محل قضاء الحاجة (البول والغائط) ، فإن من تعظيم حرمات الله تعالى وشعائره تجنب الذكر فيه، فقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، وقال العلامة خليل المالكي في المختصر: وبكنيف نحى ذكر الله..
ولذلك لا يجوز لك تعمد حمد الله تعالى وشكره باللسان، ولكن لا حرج فيه إن كان بالقلب فقط أو كان بطريق الخطأ والنسيان، فقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} ، وقال تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:86} ، وقد استجاب الله تعالى لنا كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وغيره.. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 28312 فنرجو أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.
أما إذا كان المكان لمجرد الاستحمام فقط وليس لقضاء الحاجة، فلا حرج في ذكر الله تعالى فيه إن شاء الله تعالى، وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 93454.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(10/63)
الدعاء المستجاب وهل ثبت عن أنس دعاء للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل: ما هو دعاء أنس بن مالك أو مالك بن أنس أنا غير متأكدة من الاسم، ولكنني سمعت أن هناك دعاء للزواج فأريد أن أتأكد من اسم الصحابي، وما هو هذا الدعاء الذي إذا دعا به الإنسان يستجاب له بإذن الله تعالى بسرعة "دعاء الزواج"
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بدعاء ثابت عن أنس بن مالك الصحابي الجليل ولا عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة يخص تيسير أمر الزواج، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 3570.
وراجعي الدعاء المستجاب في الفتوى رقم: 120715، وشروط إجابة الدعاء وموانعه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 8331، 71758.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(10/64)
أحوال طلب الدعاء من الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ هناك بعض المنتديات كمنتديات كوورة وستار تايمز، فهناك من يفتح موضوعا ليكون موضوعا خاصا للدعاء لأحد الأعضاء إن كان مريضا بعض الناس قال إن هذا لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للإنسان طلب الدعاء من غيره مع مراعاة ما يلي:
1- ألا يعتاد الإنسان ذلك ويتوانى في الدعاء لنفسه.
2- أن لا يخشى اغترار المطلوب منه، وإعجابه بنفسه.
3- أن يقصد بذلك نفع نفسه ونفع المطلوب منه، لأن الملائكة تؤمن على دعائه حين يدعو لأخيه بظهر الغيب.
وفي صحيح مسلم مرفوعا: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل.
فعلى ذلك ينبغي للمسلم إذا طلب الدعاء من أخيه المسلم أن يكون ذلك بقصد نفع المسؤول بالتسبب في ما يحصل من خير الدعاء لإخوانه.
وأما من طلب الدعاء من غيره لينتفع هو فقط بذلك الدعاء، فإنه وإن كان قد فعل جائزًا لكنه خلاف الأولى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: ومن قال لغيره من الناس: ادع لي - أو لنا - وقصد أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء وينتفع هو أيضًا بأمره، وبفعل ذلك المأمور به كما يأمره بسائر فعل الخير فهو مقتدٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤتم به ليس هذا من السؤال المرجوح، وأما إن لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه، فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا من السؤال المرجوح الذي تركه إلى الرغبة إلى الله ورسوله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله. انتهىـ
وقد سبقت فتوى عن طلب الدعاء من الغير برقم: 18397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(10/65)
حرمة امتهان أسماء الأنبياء وهل يجب تتبع الأوراق المحتوية عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كلمة إسرائيل لا يجوز إلقاؤها لأنها بالعبرية تعني عبد الله.. وهل كلمة (ئيل) يجب احترامها لأنها تعني الله بالعبرية.. والأهم من ذلك تعلمون أن كلمة إسماعيل تعنى اسمع الله فهل كلمة (يل) التي هي آخر كلمة إسماعيل تعتبر اسم من أسماء الله يجب احترامه.. وذلك لأني وجدت صفحة من جريدة ووجدت فيها الكثير من كلمة إسرائيل فكنت أقطع الكلمة نصفين النصف الأول اسرائـ والنصف الثانى يل وكنت ألقيها بعد ذلك وذلك على اعتبار أن ئيل على بعضها هي اسم الله فى العبرية، فقمت بقطع الهمزة الأولى حتى يختلف المعنى.. ولكن عندما رأيت أن كلمة إسماعيل تنتهى بـ (يل) خشيت أن يكون يل أيضا من أسماء الله فى العبرية وأكون آثما لأني رميت الورق.. فهل يتوجب علي الآن البحث عن ذلك الورق رغم صغره بعدما ألقيته. الرجاء الرد بتفصيل لأن ذلك الموضوع يعكر علي حياتي؟ وشكراً لكم وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب احترام ما فيه أسماء الرسل كإسرائيل وإسماعيل، محل إجماع بين أهل العلم، لقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30} ، وقوله: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، وينبغي للمسلم أن يحترم كل مكتوب، ولو لم يتضمن أسماء الله تعالى أو أسماء أنبيائه ونحو ذلك مما هو معظم في الشرع، لأن الحروف قال بعض أهل العلم بأن لها حرمة ثابتة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 57105، والفتوى رقم: 100809.
وقد نص بعض أهل العلم أن أسماء الأنبياء إنما يحرم امتهانها عندما يقترن بها ما يفهم منه أنها لنبي، قال ابن حجر في فتاواه: المقصود بأسماء الأنبياء ما يفهم منه أنه لنبي، بحيث يقرن به من العبارات ما يفهم أنه لنبي، كمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عيسى عليه الصلاة والسلام أو موسى كليم الله ونحو ذلك، أما مجرد اسم محمد وعيسى أو موسى فلا يأخذ هذا الحكم. انتهى. كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 107033.
وصيانة هذه الأسماء عن طريق تمزيقها قطعاً صغيرة بحيث لا يبقى اسماً كاملاً له معنى، الظاهر أنه جائز كتحريقها، وهذه هي فكرة الماكينة العادمة للأوراق المعروفة الآن، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتوى رقم: 26385، والفتوى رقم: 660.
ثم ننبه السائل الكريم على أنه لا يجب عليه تتبع الأوراق للتأكد من عدم وجود اسم الله فيها، فيوقع نفسه في الحرج والمشقة البالغة، فإن هذا منفي عن الشريعة، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ {المائدة:6} ، وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا. رواه البخاري.
ونظراً لما في هذا من الكلفة الشديدة والحرج الواضح، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا حل لهذه المشكلة إلا بغض البصر ونشر الوعي الإسلامي في المجتمع حتى يتعاون الجميع على احترام أسماء الجلالة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 50107، والفتوى رقم: 68289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(10/66)
دعاء الله تعالى باسميه الحنان والمنان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال آخر:
غالبا أخاطب ربي قائلة: ياربي أنت الحنان المنان، حن علي وخليك معي، اغمرني بعطفك وحنانك أنا محتاجة لك. يارب نيمني. فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص الدعاء المذكور فلا حرج إن شاء الله في الدعاء به، فالحنان والمنان من أسمائه سبحانه.
كما أن الحنان قد وردت في بعض الأحاديث عند الترمذي والنسائي وأبي دواد وابن ماجه، وصححها الألباني في بعض كتبه وحكم بشذوذها في كتب له أخرى.
والأولى الدعاء بما هو مأثور كالذي ورد في مسند أحمد وسنن أبي داود عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأنى كله لا إله إلا أنت.
وروى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(10/67)
الدعاء لتيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أحتاج دوما للحنان وأبحث عنه ولا أجده، وأبحث عن الأمان والصدر الحنون، معظم الليالي أقضيها بالبكاء
أحتاج ليضمني أحد وأبوح بكل ما عندي لأرتاح، لذلك أفكر بالزواج كثيرا حيث إنني لا أثق بأحد من أهلي
لقد جربت معظمهم حتى أمي أطال الله عمرها، لكن مع الأسف كنت أبحث عن دعاء مستجاب ليبعث لي ربي الزوج الصالح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يفرج كربك، وأن ييسر أمرك، وأن يوفقك إلى الزواج من رجل صالح تقر به عينك وتجدين معه سعادة الدنيا والآخرة.
ولا نعلم دعاء خاصا بتيسير الزواج، ويمكنك الدعاء بعموم الأدعية التي فيها طلب خير الدنيا والآخرة وقد ذكرنا بعضا منها بالفتوى رقم: 3570.
وننصحك أيضا ببذل شيء من الأسباب كالاستعانة ببعض صديقاتك ونحو ذلك، ولا تتحرجي في إخبارهن ببغيتك، أو في عرضك نفسك على من ترغبين في زواجه منك، فالشرع قد أباح للمرأة ذلك بشرط أن تلتزم الضوابط الشرعية، وراجعي فتوانا رقم: 18430.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(10/68)
الأذكار المشروعة خلال اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أفادتني عن الأذكار خلال اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكرُ الله من أجل الطاعات، وأفضل القربات، وله من الفضل العظيم، والثواب الجسيم ما لا يقدره قدره إلا الله، قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ {البقرة:152} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من إن تلقوا عدوكم فيضربُ أعناقكم وتضربوا أعناقهم، قالوا: بلى يارسول الله قال: ذكر الله. رواه الترمذي وغيره.
والآيات والأحاديث في الباب كثيرة مشهورة، وقد أشبع ابن القيم الكلام على فضل الذكر في الوابل الصيب فليُراجع.
فينبغي للمسلم أن يكون حريصاً على ذكر الله، فيُحافظ على الأذكار المُقيدة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكثر من الأذكار المطلقة من التسبيح والتحميد والتهليل ونحوها، ليكون من الذاكرين الله كثيرا، ولمعرفة ما يُشرع للمسلم الإتيانُ به من أذكار اليوم نُحيلكَ على كتابٍ من الكتب المجموعة في هذ الخصوص، وهي كثيرة منتشرة، ومن أنفعها وأجمعها، وأكثرها فائدة، كتاب الأذكار للنووي رحمه الله، ومن الكتب المصنفة في هذا الباب كذلك، كتاب الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومنها كتاب حصن المسلم- وهو قريب المأخذ صغيرُ الحجم متوفر بين أيدي الناس- على ما يُسن الإتيان به من الأذكار في اليوم.
ولنا فتاوى كثيرة ذكرنا فيها جانباً كبيراً من ذلك، وانظر مثلاً الفتوى رقم: 42164 لمعرفة ما يسنُ دبر كل صلاة، والفتوى رقم: 11882 لمعرفة ما يُسن قوله عند الصباح والمساء. والفتوى رقم: 74605 لمعرفة ما يُقال عند هبوب الريح ونزول المطر، والفتوى رقم: 4514 لمعرفة ما يسن قوله عند النوم، والفتوى رقم: 15183 لمعرفة ما يقال عند دخول الخلاء والخروج منه، وغيرها من الفتاوى كثيرٌ جداً يمكنك التعرف عليه بالدخول إلى العرض الموضوعي في مركز الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(10/69)
عندما يناجي ربه يحدث له انتصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 15 سنة في سن المراهقة، والحمد لله فأنا أطيع الله وأجتنب كل نواهيه, أصلي كل الصلوات في وقتها.
المشكل هو أنا أحب الله كثيرا ومن كل قلبي والله, وكنت كل مرة أصلي أقول وأنا ساجد ياربي الكريم أحبك كثيرا. لكن المشكل الكبير هو أني كل مرة أقولها يحدث لي انتصاب, لم أكن أبالي للأمر, لكن المشكل كبر, يوم البارحة استيقظت لصلاة الفجر وصليت في المسجد ثم عدت لمنزلي وفتحت القران لأقرأ, ولقد كنت في الحزب الأخير فأكملته وختمت القرآن بعد ذلك سجدت لله وعيوني مملوءة بالدموع وبدأت أدعو الله أن يجعلني من عباده المخلصين والمطيعين والمحببين له وأقول في نفس الوقت ياربي الحبيب أنا أحبك كثيرا، يارب الحبيب أقسم لك أني أحبك كثيرا....
ثم حدث انتصاب وشعرت بنزول شيء, لكن رغم ذلك بقيت ساجدا وأدعو الله وأنا أبكي، بعد قيامي ذهبت الى الفراش لأنام وتفقدت قضيبي واذا بي أجد الكثير من المذي المتدفق.
وكان هذا هو المشكل الكبير, لا أعرف لماذا يحدث انتصاب لي كلما قلت أحبك يا الله, أظن أن السبب عندما أقول كلمت "أحبك" والأكبر من ذلك هو عند خروج المذي.
أتمنى أن تعطوني الحل وتقولوا لي هل ما فعلته حرام. وهل أتوقف عن قول: أحبك يا الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحبة العبد لربه تعالى محبة تعظيم لما اتصف به من صفات الكمال والجلال سبحانه وتعالى، ولإحسانه إلى العبد، فإن النفوس مجبوله على حب من أحسن إليها، ولكن إذا كان قولك لكلمة (أحبك) تسبب لك ما ذكرت فيجب الكف عنها، واعلم أن الصلاة لا تفسد بمجرد انتصاب الذكر من غير خروج شيء كما بيناه في الفتوى رقم: 50096.
ولا نعلم تفسيرا لما يحدث لك، والأولى أن ترسله لركن الاستشارات في موقعنا فلعلك تجد تفسيرا لهذه الظاهرة عندهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(10/70)
الاقتصار على الاستغفار سبعين مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الاستغفار 70 مرة بدون زيادة أو نقصان، ما حكمه بالعد إلى 70 فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستغفار ليس محدداً بسبعين مرة، فقد دلت السنة على مشروعية الاستغفار سبعين مرة وأكثر من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. رواه البخاري.
وفي سنن الترمذي وابن ماجه: إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة. وفي صحيح مسلم: وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. وهناك من الأحاديث ما يدل على مشروعية الاستغفار مطلقاً بغير حد من عدد، وفي سنن الترمذي وابن ماجه: من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له، وإن كان فر من الزحف. فالاستغفار ليس له حد معين بحيث لا يزاد عنه ولا ينقص.. ومن استغفر سبعين مرة فلا حرج عليه. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 101717، والفتوى رقم: 32076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(10/71)
تذكير الناس بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه سلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك طلب من أحد الأعضاء في المنتدى لنا يقول أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كل شخص لوحده اي ليس مع بعض أي ليس بشكل جماعي، وفي آن واحد، أي يريدنا بشكل فردي، وأعطانا أمثلة على ذلك حتى لا نشك في الموضوع.
الامثلة: عندما يطلب خطيب صلاة الجمعة صلوا على رسول الله، فنصلي عليه هل هذا بدعة؟؟ الله أعلم. مثلا في بعض المحاضرات علماء كبار يطلبون من المستمعين الصلاة على الرسول (ص) فيصلون عليه في آن واحد. هل هذه بدعة؟ الله أعلم. مثلا: عند ذكر حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمام الناس جميعا وذكر اسم رسول الله رغما عنهم يصلون عليه. وإلا يصبح هذا بخلا. (وجهة نظر) . فطلبي لكم أن تفتوني هذا الموضوع:هل وجهة نظره صحيحة وما فيها أي خطأ أم لا؟ فكان هذا الموضوع ردا على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بشكل فردي بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره صاحب هذه المشاركة صحيح مقبول، ولا بأس بهذا العمل، وليس هذا من الابتداع في الدين، بل هو نوع من التعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والدلالة على الخير، ولا شك أن هذه طريقة حسنة، ولا مانع منها، ففيها اختراع وسيلة تعين الناس على الخير وتذكرهم بما ينبغي عليهم من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 48823، 61125.
وراجع في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الفتوى رقم: 21892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(10/72)
الأدب مع الله يقتضي تحاشي نسبة الابتلاء إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة المفتي لدي سؤال: أنا إنسان مؤمن بالله إن شاء الله، مصاب بالوسوسة القهرية والشك، وأثناء سجودي دعوت الله كالآتي: اللهم اشفني مما ابتليتني ب هـ من الوسوسة إنك أنت الشافي والمعافي. فهل أنا بدعائي هذا تماديت على الله مع أني أعلم أن الابتلاء والبلاء من عند الله، وأنا مسلم بذلك، وإذا كان تطاول فهل أخرج من الملة، مع أني أعلم أن الوسوسة من الشيطان. أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيك ويعافيك من شر الوسواس الخناس.
واعلم أخي السائل أن مدافعة الابتلاء بالدعاء ليس تطاولا ولا سوء أدب مع الله، ولا ينافي الصبر على قضائه؛ فإن دفع البلاء بالدعاء هو هدي الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {الأنبياء:83} .
وقال عز وجل: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ {الأنبياء:87} .
وقال تعالى: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {الأنبياء:89} .
وإنما المنهي عنه في الدعاء أن يدعو الإنسان بما لا يجوز له سؤاله شرعاً أو عقلاً، فإن هذا اعتداء في الدعاء، والله تعالى يقول: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {لأعراف:55} .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولداً من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله. مجموع الفتاوى. (15/22)
وأما قولك "ما ابتليتني فيه من الوسوسة" فكان ينبغي لك تجنبه؛ فإنه وإن كان ابتلاؤك بقدر الله ومشيئته إلا أن الأدب مع الله يقتضي تحاشي نسبته إليه، ولك في ذلك أسوة بإبراهيم عليه السلام؛ إذ يقول الله تعالى على لسانه: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ {الشعراء:80} فنسب الشفاء إلى الله دون المرض، وإن كان كل منهما بقضاء الله وقدره.
وكما ذكر الله تعالى عن مؤمني الجن قولهم: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً {الجن:10} فإنهم لما ذكروا الشر ذكروه بالفعل المبني للمجهول، ولما ذكروا الخير أضافوه إلى ربهم وهذا من أدبهم.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو بالدعاء المأثور في قيام الليل ومنه: والخير كله بيديك، والشر ليس إليك. رواه مسلم. وذلك لأن أفعال الله تعالى باعتبار نسبتها إلى الله كلها خير؛ لأن الله لم يقدرها إلا لحكمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها. ولكن المقدور قد يكون شراً بالنسبة للعبد في حال ما لأنه غير ملائم له.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9803، 23425، 2855، 47818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(10/73)
حكم الدعاء بـ: اللهم إني أسالك بحق لا إله إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أدعو الله فأقول: اللهم إني أسالك بحق لا إله إلا الله لأني على حد علمي أنه يجوز أن تدعو الله بعمل صالح......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال بحق لا إله إلا الله لا يخرج عن كونه توسلا إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، وبأعمال العبد الصالحة كإيمانه واعتقاده بوحدانية الله تعالى، وهذا أمر مشروع، كما سبق بيانه في الفتويين: 114659، 107464، وإن كان الاقتصار على أدعية القرآن والسنة الثابتة أولى وأقرب للإجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(10/74)
الدعاء للأموات بالرحمة والغفران من غير الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصل للمتوفى دعاء غير أبنائه له بالرحمة والغفران أم ذلك يقتصر على ولد صالح يدعو له؟ هل يجوز لي أن أطلب من الناس الدعاء لأمي بذلك؟
وهل ارتكابنا لبعض الذنوب ينفي عنا صفة الصلاح ولا يصل لها ثواب الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن دعاء المؤمنين لإخوانهم يصل إليهم نفعه أحياء وأمواتا، فما فتئ السلف الصالح يدعون لبعضهم من الأحياء والأموات كل ذلك اقتداء بالنبي- صلى الله عليه وسلم- فقد صح عنه أنه كان يدعو للأموات ويعلم أصحابه كيف يدعون لهم.
فمن ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن بريدة - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية.
وعلى ذلك فلا مانع أن يطلب المسلم من أخيه الدعاء لنفسه ولوالديه بل ولجميع المسلمين.
وبخصوص ارتكاب المسلم لبعض الذنوب أو المخالفات الشرعية؛ فإنه لا ينفي عنه صفة الصلاح إذا تاب منها توبة نصوحا أو كانت من الصغائر ولم يصر عليها؛ فإنه لا عصمة لأحد بعد الأنبياء، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
وقد قال الله تعالى في صفات عباد الرحمن: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70} .
وقال تعالى: وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم:31، 32} .
وقال تعالى: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا {النساء:31} .
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 3612.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(10/75)
حكم الدعاء دون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا عندما أقود السيارة أو وأنا أمشي أو أكون جالسا أوأقرأ يأتي على خاطري ذكر الله، فاقول مثلا يا حي ياقيوم برحمتك استغيث أو مثلا اللهم أسالك العفو والعافية أو ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. من غير أن يخطر ببالي أن أبدأ بالثناء على الله والصلاة والسلام على رسول الله. لأني سمعت أن الدعاء يبقى معلقا من غير الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الدعاء أساس العبادة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء هو العبادة. رواه الإمام أحمد وغيره.
والألفاظ المذكورة من أفضل الأدعية المأثورة والأذكار الطيبة، وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يدعو بها دائما؛ فعن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث. رواه الترمذي، وعن عبد الله بن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية.. الحديث رواه أحمد وغيره. وعن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
ولم يذكروا أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-كان يقدم لهذه الدعوات بالثناء على الله تعالى أو بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك لا مانع من الدعاء بها والذكر لها على كل حال؛ فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
وجريان هذه الأدعية على لسان المسلم دائما دليل خير إن شاء الله تعالى، ولا شك أن من آداب الدعاء أن يستفتحه بذكر الله، وبالصلاة والسلام على رسوله، وبختمه بذلك كما سبق بيانه في الفتوى: 23599، ولكن ليس معنى ذلك أن المسلم لا يمكن أن يدعو إلا إذا أتى بجميع آداب الدعاء، وفي الحالة المذكورة ربما يكون الأمر من باب الاستئناس بذكر الله تعالى وترطيب اللسان به.. وفي ذلك ما فيه من الخير الكثير والثواب الجزيل الذي لا ينبغي للمسلم أن يحرم منه نفسه، وخاصة إذا كان ينسى آداب الدعاء أو لا تخطر بباله في ذلك الوقت.
وأما كون الدعاء من غير الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- يبقى معلقا فلم نقف عليه من وجه ثابت مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو افترضنا صحة ما ورد فيه عن علي وغيره، فإنه لا يتناول من نسيها أو لم تخطر بباله؛ لأن الخطأ والنسيان مرفوعان عن هذه الأمة بفضل الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(10/76)
مسألة حول الدعاء بأسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صحة هذا الدعاء بأسماء الله الحسنى:
لك الأُلوهِيَّة يا الله، منك الرحمة يا رحمن، بك التراحم يا رحيم، لك الملكوت يا ملك، لك القداسة يا قدوس، أنت السلام يا سلام، منك الأمان يا مؤمن، لك الهيمنة يا مهيمن، لك العزة يا عزيز، لك الجبروت يا حبار، لك الكبرياء يا متكبر، لك الخلق يا خالق، لك التصوير يا مصور، منك البراءة يا بارئ، لك الاستغفار يا غفار، بك القهر يا قهار، منك الهبة يا وهاب، منك الرزق يا رزاق، منك الفتح يا فتاح، منك العلم يا عليم، منك القبض يا قابض، منك البسط يا باسط، منك الخفض يا خافض، منك الرفع يا رافع، أنت المذل، يا معز أنت المعز يا مذل، لك السمع يا سميع، منك الاستبصار يا بصير، لك الحكم يا حكم، بك العدالة يا عدل، منك اللطف يا لطيف، منك الاستخبار يا خبير، منك الحلم يا حليم، ولك العظمة يا عظيم، لك الغفران يا غفور، لك الشكر يا شكور، لك العلو يا علي، أنت الأكبر يا كبير، منك الحفظ يا حفيظ، منك المدد يا مقيت، أنت حسبي يا حسيب، منك الكرم يا كريم، منك الرقابة يا رقيب، منك الإجابة يا مجيب، منك السعة يا واسع، لك الحكمة يا حكيم، لك الود يا ودود، لك المجد يا مجيد، منك البعث يا باعث، لك الشهادة يا شهيد، أنت الحق يا حق، عليك التوكل يا وكيل، لك القوة يا قوي، منك الثبات يا متين، لك الموالاة يا ولي، لك الحمد يا حميد، أنت المحصي يا محصي، لك البداية يا مبدىء، إليك المعاد يا معيد، لك محياى يا محيي، لك مماتي يا مميت، لك القيومية يا قيوم، بك الحياة يا حي، لك الوجود يا واجد، لك الجود يا ماجد، لك الوحدانية يا واحد، لك الصمدانية يا صمد، لك القدرة يا قادر، لك التقدير يا مقتدر، منك التقديم يا مقدم، بك التأخير يا مؤخر، بك الشغل يا أول، لك الدوام يا آخر، أنت المظهر يا ظاهر، منك الأنس يا باطن، لك الولاية يا والي، أنت الأعلى يا متعالي، منك البر يا بر، لك التوبة يا تواب، بك الانتقام يا منتقم، منك العفو يا عفو، منك الرأفة يا رؤوف، منك الملك يا مالك الملك، لك الجلال يا ذو الجلال والإكرام، منك الإنصاف يا مقسط، منك الجمع يا جامع، منك الغنى يا غني، بك الاستغناء يا مغني، منك المنعة يا مانع، منك النفع يا ضار، منك الضر يا نافع، منك النور يا نور، منك الهداية يا هادي، أنت المانع، يا معطي لك البدائع، يا بديع، لك البقاء يا باقي، لك الوراثة يا وراث، منك الرشد يا رشيد، منك الصبر يا صبور.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد السائل بالصحة هل صح هذا الدعاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يصح عنه. وإن كان المراد هل يصح الدعاء به، فالجواب عليه أن الأصل في الأسماء الحسنى أنه يشرع الدعاء بها لعموم قوله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا. {الأعراف:180} .
ولكن هذا الكلام المذكور في غالبه ليس فيه دعاء، ويبدو أن صاحبه اعتمد فيه الحديث الذي رواه الترمذي في أسماء الله الحسنى وهو حديث ضعفه كثير من أهل العلم منهم شيخ الإسلام وابن الملقن وتابعهم الألباني وابن عثيمين.
ويبدو أنه ليس ملما باللغة العربية إلماما كافيا، فتراه في كثير من الأسماء كأنه لا يعرف موافقها في الاشتقاق، فالبراءة مثلا يراد به الخلاص من الشيء كالبراءة من الدين وفعلها مكسور العين كما في تاج العروس، وأما البارئ فمعناه الخالق يقال برأ الله الخلق بالفتح برءا وبروءا يعني خلقهم كذا في القاموس المحيط والمصباح، والثبات ليس موافقا في الاشتقاق لكلمة المتين لأن المتين هو ذو القوة والاقتدار والشدة كذا في تاج العروس.
ثم إن من مداخل الشيطان التي يوقع بها العباد في الانحراف والبدع أن يعدل بهم عن المأثور وما لا ليس فيه شبهة إلى بعض الألفاظ التي يستحسنها البعض، ويأخذها الناس ويشتغلوا بها عن السنة، فيتعين الاستغناء بالأدعية المأثورة في نصوص الوحي أو ما روي عن السلف.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12383، 121032، 119608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(10/77)
جواب شبهة حول الدعاء على الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[جال في خاطري التساؤل الآتي ولم أستطع الإجابة عنه، وأنا أبحث عن الاجابة، لعلي أجدها هنا:
إن من يحضر أي صلاة من صلوات المسلمين في المساجد يجد أن شيوخ المسلمين قبل أي صلاة أو بعدها أو خلالها يدعون بالرحمة والسلام والهداية للمسلمين عامة. هذا شيء جميل، فالمسلم يستحق الرحمة، والمسلمون الذين يوصلون رسالات ربهم يستحقون السلام أيضا، وواجبهم إيصال الهداية للناس فلا بد أن يهتدوا أصلا. إلا أني لم أجد أي شيخ يدعو للمسيحيين أو اليهود أو الهندوس أو البوذيين؛ فإما يكتفون بعدم ذكرهم أغلب الأحيان، أو يتجهون إلى السب واللعن وتشبيههم بالقردة والخنازير-وأنا هنا لا أقصد الذين يعادون الاسلام والذين يكيدون المكائد له- أنا أتكلم بهذا بعد أن حضرت إحدى صلوات المسيحيين في إحدى الكنائس، واستغربت أنهم ينشدون ويصلون لله من أجل السلام العالمي، من أجل الرحمة لبني البشر كافة، وينهونها بالدعوة لهداية الناس أجمعين للطريق الذي يعتقدون بصحته: طريق المسيح عليه السلام، الذي يدعوهم لمحبة لاعنيهم والذين يعادونهم ومباركتهم. لا أقول أبدا أن دينهم صحيح، وإنني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ولكن أولسنا أحق منهم بالدعاء لصلاح البشرية! أولسنا أفضل منهم ومن المفترض أن نذكرهم في صلواتنا، وأن ندعوا لهم بأن يتبعوا دين محمد صلى الله عليه وسلم. أيفعل شيوخ المساجد ما هو صحيح؟
أسأل الله العلي القدير أن يهدينا وإياكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أعظم ما يقدمه المسلمون للبشرية هو أن يحسنوا عرض الإسلام عليها، وإن المسلم الحق هو الذي يبذل غاية جهده ليتوجه أهل الأرض أجمعين بقلوبهم لله وحده لا شريك له، وعلى هذا فإن إغفال بعض الأئمة في دعائهم سؤال الله هداية الضالين عمومًا هو تقصير في حق البشرية، بل وتقصير في حق الباري جل وتعالى.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن يهدي المشركين في زمنه؛ شفقةً عليهم ورغبة في إيصال الخير إليهم، وهو المبعوث من أجل جميع البشر لرحمتهم وهدايتهم، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ. {الأنبياء:107} .
لا لطائفة دون طائفة؛ ومن ذلك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه دعا لقبيلة دَوسٍ ـ وكانوا حينئذٍ كفاراً ـ فقال: اللهم اهدِ دوساً وائت بهم. متفق عليه.
وكما دعا صلى الله عليه وسلم لقبيلة ثقيف: اللهم اهدِ ثقيفاً. رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وقال الأرناؤوط في حديث أحمد: إسناده قوي على شرط مسلم.
وقد كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدب المفرد وصححه الأرناؤوط والألباني.
ولكن الدعاء للكفار بالرحمة والمغفرة لا يجوز؛ لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ. {التوبة:113} . ولعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالرحمة للعاطسين من اليهود إلى الدعاء لهم بالهداية.
ولا شك أن الكافر العاقل إذا علم بدعاء المسلم له بالهداية، وشعر منه بالإشفاق والرحمة ومحبة النجاة له فإن هذا يكون من أسباب ترغيبه في التحول إلى الإسلام أو إحسان الظن بالمسلمين إن أصر على كفره.
والذي نريد أن ننبهك إليه هو أن ما تراه من دعاء النصارى لعموم البشر بالبركة والمحبة إلخ، أنه دعاء لا يُسمع منهم ومردودٌ عليهم مضروبٌ به وجوهَهم طالما أنهم يتوجهون به لغير الله كالمسيح ابن مريم أو أمه العذراء أو غيرهما.
ثم إن واقعهم يُكذِّب طقوسهم وأدعيتهم في مراسيمهم وأعيادهم؛ فالقساوسة والحاخامات أكثر الناس حقدًا على المسلمين، وما الحروب الصليبية على بلاد المسلمين قديمًا وحديثًا منك ببعيد، وقد كانت بمباركة أولئك القساوسة.
وأما اليهود فحقدهم على المسلمين لا يحتاج إلى بيان، وكذا الهندوس فإن جرائمهم الفظيعة تجاه المسلمين في الهند وكشمير قد سارت بها الركبان، وقل مثل هذا في البوذيين وما يرتكبون في حق مسلمي بورما وتايلاند وغيرهما.
فلا تغتر بالمظاهر وما يبثه الإعلام العالمي ليروِّج لأصحاب تلك الديانات في بلاد المسلمين.
وننبهك إلى حكم غشيان المسلم الكنائسَ، فانظره في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 37925، 8327، 37512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(10/78)
المعاني التي تستحضر عند ذكر الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[فيم يتفكر من يذكر الله عز وجل تسبيحا وتهليلا واستغفارا ... وما يستحضر أثناء الذكر حتى يجمع بين ذكر اللسان وذكر القلب.
وجزاكم الله خيرا أيها لأحباب واني لأحبكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استحضار معاني الأذكار والتفكر فيها من أهم المهمات، ومن أعظم ما يعينُ على زيادة الإيمان، وأكمل الذكر أن يكون بالقلب واللسان، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 28251.
فعلى العبدِ إذا سبح الله عز وجل، أن يستحضر تنزيه الله عز وجل عن النقائص، واتصافه بصفات الكمال اللائقة به، فهو تعالى منزهٌ عن الصاحبة والولد، والشريك والنظير، والمعين والظهير.
قال شيخ الإسلام ابْنُ تيمية في مجموع الفتاوى: الأمْرُ بِتَسبيحِه يقتضي أيضًا تنزيهَه عن كُلِّ عيبٍ وسُوء وإثباتَ صفاتِ الكَمال له؛ فإنَّ التَّسبيحَ يقتضي التنزيهَ والتَّعظيمَ، والتَّعظيمُ يَستلزِمُ إثباتَ المَحامِد التي يُحمَد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهَه وتَحميدَه وتكبيرَه وتوحيدَه. انتهى
فإذا استحضر العبد هذه المعاني عند تسبيحه لله عز وجل، حصل له خير عظيم، واستشعر قلبه حلاوة الإيمان، والقرب من الرحمن، وكذا عند التهليل، وهو قول لا إله إلا الله، فيستحضرُ ثبوت الإلهية لله عز وجل، ونفيها عما عداه، وأن الله وحده هو الذي له الخلق والأمر فهو وحده المستحق للعبادة دونما سواه، فإذا استحضر العبد هذا المعنى توجه بقلبه إلى ربه، ولجأ إليه وتوكل عليه، وفوض أمره كله إليه.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: الإله هو المعبود المطاع، فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد. وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع، قال: فإن الإله هو المحبوب المعبود الذي تألهه القلوب بحبها، وتخضع له وتذل له، وتخافه وترجوه، وتنيب إليه في شدائدها، وتدعوه في مهماتها، وتتوكل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه وتطمئن بذكره، وتسكن إلى حبه، وليس ذلك إلا لله وحده، ولهذا كانت لا إله إلا الله أصدق الكلام، وكان أهلها أهل الله وحزبه، والمنكرون لها أعداؤه وأهل غضبه ونقمته، فإذا صحت صح بها كل مسألة وحال وذوق، وإذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه وأعماله. انتهى.
وقال ابن القيم: الإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالا وإنابة، وإكراما وتعظيما، وذلا وخضوعا، وخوفا ورجاء وتوكلا.
وقال ابن رجب: والإله الذي يطاع فلا يعصى، هيبة له وإجلالا، ومحبة وخوفا ورجاء، وتوكلا عليه، وسؤالا منه ودعاء له، ولا يصلح هذا كله إلا لله عز وجل، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول لا إله إلا الله وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك. انتهى.
وقال البقاعي: لا إله إلا الله: انتفاء عظيما أن يكون معبود بحق غير الملك الأعظم، فإن هذا العلم هو أعظم الذكرى المنجية من أهوال الساعة، وإنما يكون علما إذا كان نافعا، وإنما يكون نافعا إذا كان مع الإذعان والعمل بما تقتضيه، وإلا فهو جهل صرف. انتهى ... ذكر هذه النقول كلها وزاد عليها العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد.
وكذا عند الاستغفار، فعلى العبد أن يستحضر عظم جنايته، وذنوبه السالفة التي بارز بها ربه، ويتضرع إلى الله تعالى أن يغفرها له مستحضراً أن ربه إذا لم يُقل عثرته، ولم يغفر زلته هلك هلاكا لا نجاة معه.
ويستحضر أن ربه غفور رحيم، وأن ذنوبه مهما عظمت، فإنها يسيرة بجنب رحمة الله ومغفرته إذا صدق في التوبة واستغفر بلسانه وقلبه، فيكسبه هذا لجأً إلى ربه، وحسن ظن به، واجتهادا في العمل، ونشاطاَ في الطاعة.
وهكذا في جميع الأذكار على العبد أن يُحضر قلبه فيها ويستشعر ما دلت عليه من المعاني العظيمة، والفوائد الجسيمة.
نسأل الله أن يمن علينا بتوفيقه وتسديده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(10/79)
الدعاء بلفظ يا ربنا يا ولي النعم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قول ربنا يا ولي النعم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بالجملة المذكورة، لأن ألفاظ الدعاء ليست توقيفية، ولأن من معاني الولي المولى والمالك. والله تعالى هو مالك النعم ووليها، كما قال تعالى: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ. {النحل:53} ، وقال تعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا. {النحل:18} .
وقال الخطابي في غريب الحديث:
والشكر على ثلاث منازل: شكر القلب وهو: الاعتقاد بأن الله ولي النعم قال الله تعالى: وما بكم من نعمة فمن الله، وشكر اللسان وهو: إظهار النعمة بالذكر لها والثناء على مسديها قال الله: وأما بنعمة ربك فحدث.
وشكر العمل وهو إدآبُ النفس بالطاعة قال الله تعالى: اعملوا آل داود شكراً.
وعلى ذلك، فالدعاء بـ: يا ربنا يا ولي النعم، من أفضل الدعاء، لما فيه من الاعتراف بربوبية الله تعالى وشكره والثناء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(10/80)
حكم الدعاء بالموت على الأخ المعاق ذهنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ عمره تجاوز العشرين، ولد متخلفا عقليا، ومن سنين ساءت حالته جدا من عنف وتخريب وأتعب والداي جدا وهما الآن كبيران في السن، وقد أكد الأطباء أن لا علاج لحالته، وأنا أرأف لحالهم جدا وكثيرا ما أدعو الله أن يميت أخي ليرتاح والداي، علما بأنني لا أسكن معهم بعد زواجي. فهل أنا آثمة بدعائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعين والديك وأن يرزقهما الصبر والأجر، ولا شك أن هذا ابتلاء وعاقبة الصبر عليه محمودة إن شاء الله، ونذكركم بقوله صلى الله عليه وسلم: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني.
وقد سبق ذكر بعض البشارات لأهل البلاء والمصائب وبيان الأمور المعينة على تجاوز المصائب في الفتويين رقم: 18103، 5249.
وأما الدعاء على أخيك بالموت فلا يجوز؛ إذ لا ذنب له فيما يفعله فهو مرفوع عنه التكليف وغير مؤاخذ على فعله بوالديك، وإذا كان الإنسان لا يجوز له أن يدعو على نفسه فكيف يجوز له الدعاء على غيره بغير وجه حق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم.
ويمكنك الدعاء بصيغ أخرى لا ظلم فيها لأخيك كأن تقولي: اللهم ارحمه مما هو فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(10/81)
لا حرج على من خرج منه المذي أن يذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سال مني المذي وأصاب ذكري وثيابي، ولم أغسل ذكري وثيابي منه، وأردت تناول الطعام هل يجوز لي ذكر الله عند بداية تناول الطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي نجس يجب تطهير ما أصابه من البدن والثياب، ويلزم منه غسل الذكر كله، فإن كثر وحصلت منه مشقة وعناء في غسل الثوب فيكفي نضحه بالماء، وهو حدث أصغر فخروجه ناقض للوضوء فقط، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 945، 3891.
وللتفريق بين المني والمذي وأحكامهما يرجى الإطلاع على الفتويين: 4036، 22308.
أما ذكر الله تعالى فالأفضل والأكمل أن يكون على طهارة كاملة، لكن لا حرج على المحدث أن يذكر الله تعالى على أي هيئة كان، سواء كان حدثه حدثا أكبر أو أصغر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 21745.
وعليه، فلا حرج على السائل الكريم في ذكر الله على الحال التي ذكرها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل وهو محدث؛ كما روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب إليه طعام فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ قال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وأبو داود والنسائي، وصححه الألباني. ورواه مسلم بمعناه.
ولمزيد من الفائدة حول الأدب النبوي عند تناول الطعام يمكن مراجعة الفتوى رقم: 16952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(10/82)
حكم ذكر الله تعالى في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: إذا سمع أحدا يصلى على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو فى الحمام ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ذكر الله في المكان المعد لقضاء الحاجة مكروه، وانظر الفتوى رقم: 33760.
وتكون الكراهة أشد حال قضاء الحاجة، وعليه، فمن سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الخلاء كُره له تحريك لسانه بالذكر، بل يُصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بقلبه، فإذا خرج من الخلاء شُرع له أن يُحرك لسانه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما رد النبي صلى الله عليه وسلم السلام بعد ما فرغ من قضاء حاجته. قال الشيخ ابن باز:
الذكر بالقلب مشروع في كل زمان ومكان، في الحمَّام وغيره، وإنما المكروه في الحمَّام ونحوه: ذكر الله باللسان تعظيماً لله سبحانه إلا التسمية عند الوضوء فإنه يأتي بها إذا لم يتيسر الوضوء خارج الحمَّام؛ لأنها واجبة عند بعض أهل العلم، وسنة مؤكدة عند الجمهور. انتهى.
قال النووي في الأذكار: يكره الذكر والكلام حال قضاء الحاجة، سواء كان في الصحراء أو في البنيان، وسواء في ذلك جميع الأذكار والكلام إلا كلام الضرورة حتى قال بعض أصحابنا: إذا عطس لا يحمد الله تعالى، ولا يشمت عاطساً، ولا يرد السلام، ولا يجيب المؤذن، ويكون المُسَلِّمُ مقصراً لا يستحق جواباً، والكلام بهذا كله مكروه كراهة تنزيه ولا يحرم، فإن عطس فحمد الله تعالى بقلبه ولم يحرك لسانه فلا بأس، وكذلك يفعل حال الجماع.
وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مَرَّ رَجُلٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ. رواه مسلم في صحيحه. وعن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال: أَتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيّ. وقَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا عَلَى طُهْرٍ. أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ. حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة.انتهى.
وقال الحافظ رحمه الله: والمشهور في المذهب كراهة الإجابة-أي إجابة المؤذن- في الصلاة بل يؤخرها حتى يفرغ، وكذا في حال الجماع والخلاء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(10/83)
معرفة الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة نص الرقية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا بعض الرقى النافعة في الفتوى رقم: 80694، وفي الفتاوى المحال إليها فيها.
وقد ذكر الشيخ سعيد القحطاني في كتابه المختصر: الدعاء ويليه العلاج بالرقى من الكتاب والسنة. بعض الرقى المفيدة فراجعه، وراجع كتب الشيخ وحيد عبد السلام بالي فقد ذكر كثيرا من الرقى في كتابه الصارم البتار في التصدر للسحرة الأشرار، وكتابه وقاية الإنسان من الجن والشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(10/84)
أدعية مأثورة يستدفع بها البلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع عن الأمراض فأخاف كثيرا، وأكتئب وأحس أن الله سيبتليني بها، وينزل جميع الأمراض في، وينزل عقابه لأنه كان لدي بعض الذنوب من قبل، وأنا محافظ على الصلاة، والحمد لله، ولا أغضب الله، وأخاف الأمراض والابتلاءات من حديث (إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه) ومن آية لا أحفظها، ولكن معناها أن لا تحسبوا بأنكم لن تبتلوا، ولنبلونكم بشيء من الخوف الجوع ونقص من الأموال.... والمرض هذا المعنى. فهل أنا مخطئ إذا لم أرد أن يبتليني الله؟ وما هي الأدعية والاذكار التي تدفع البلاء والكوارث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {العنكبوت:2} ، ويقول سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155} وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب، ورواه ابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال شارح سنن الترمذي في تحفة الأحوذي: والمقصود الحث على الصبر على البلاء بعد وقوعه لا الترغيب في طلبه للنهي عنه.
ومما يدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا. رواه البخاري ومسلم. فنهانا عليه الصلاة والسلام عن تمني البلاء، وأمرنا أن نسأل الله أن يعافينا منه كذلك، كما أمرنا بالصبر عند وقوعه.
وقال عليه الصلاة والسلام: تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. رواه البخاري.
وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
وفي صحيح مسلم عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه. أفلا قلت اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ قال: فدعا الله له فشفاه.
ففي هذه الأحاديث وأمثالها استحباب التعوذ من البلاء، وكراهة تمنيه.
فالخطأ يا أخي الحبيب ليس في سؤال الله العافية وتمني عدم البلاء، بل الخطأ في سؤال الله إياه وتمنيه.
وأما الأدعية التي يدفع بها البلاء، فمنها: سؤال الله العافية، والتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء كما في الأحاديث السابقة.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. رواه مسلم.
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
واعلم أخي الكريم أن مواطن الابتلاء كثيرة، فهي لا تنحصر في الأمراض ونحوها من حالات الضراء، بل هناك أيضا فتنة السراء، وكما قد يبتلى العبد بالضراء ليختبر أيرضى أم يسخط، فإنه قد يبتلى بالسراء ليختبر أيشكر أم يكفر. قال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأنبياء:35} ، وقال تعالى على لسان سليمان عليه السلام: هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ {النمل:40} ، فليس بلازم أن يبتلى العبد بالضراء.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 105320، 13270 31289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(10/85)
حكم دعاء اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول اللهم إننا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه؟ وكيف نجمع بين هذا الدعاء وبين لا يرد القضاء إلا الدعاء؟ وهل هذا الحديث صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الدعاء المذكور في صدر السؤال بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يعارض به حديث نبوي، فهو مخالف لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث سلمان رضي الله عنه مرفوعا: لا يرد القضاء إلا الدعاء. رواه الترمذي وحسنه، وحسنه الألباني. ولما ثبت في الصحيحين من حديث أنس مرفوعا: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن: اللهم إن شئت فأعطني، فإن الله لا مستكره له.
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتويين رقم: 6703، 7165. كما سبق بيان ما في هذا الدعاء المذكور من النقص في الفتوى رقم: 1044. وبيان مشروعية الدعاء برد القضاء في الفتويين رقم: 35295، 10657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(10/86)
دعوا الله وقت السحر أن يشفي أمهم لكن المنية عاجلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي فجر يوم الجمعة وقبل الفجر في وقت السحر دعونا الله أن يشفيها، وأيقنا بالإجابة حتى أذان الفجر ثم توفيت- الحمد لله على كل حال - أين ذهب دعاؤنا؟ هل الله لم يستجب لنا لذنوبنا؟ هل الموت من القضاء الذي يرد بالدعاء؟ وهل لنا أن ندعو الله بأن يجعل هذا الدعاء رفع درجات لها وأن يجعله في ميزان حسناتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم والدتكم، ونبشركم بأن الموت ليلة الجمعة أو نهارها، من علامات حسن الخاتمة لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ. رواه أحمد والترمذي وقال الألباني: الحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح.
وقال المباركفوري في شرح الحديث: الظَّاهِرُ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ (إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ) أَيْ حَفِظَهُ (فِتْنَةَ الْقَبْرِ) أَيْ عَذَابَهُ وَسُؤَالَهُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ وَالتَّقْيِيدَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى فَضْلِ الْمَوْلَى. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرَفَ الزَّمَانِ لَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ كَمَا أَنَّ فَضْلَ الْمَكَانِ لَهُ أَثَرٌ جَسِيمٌ. انتهى من تحفة الأحوذي.
أليست أيتها السائلة الكريمة هذه البشرى من آثار وفضائل الدعاء لها؟!
أما قولك: أين ذهب دعاؤكم، وهل لم يستجب لكم لذنوبكم؟ فالجواب: أن الدعاء قد يرد، ولو مع اليقين من العبد بأن الله سيستجيبه، وهذا قد يكون لوجود مانع من استجابة الدعاء، ثم لتعلمي ان استجابة الدعاء أعم من قضاء حاجة الداعي بعينها، فالاستجابة تكون بأحد ثلاثة أمور مذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده جيد. وراجعي الفتوى رقم: 120307. ففيها حل إن شاء الله لما يدور في ذهنك من إشكالات حول الدعاء واستجابته وما يتعلق بذلك.
وأما عن الموت فهو من القدر المحتوم الذي لا يرد بالدعاء، لما ثبت في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي أَنَّ الْآجَال وَالْأَرْزَاق مُقَدَّرَة لَا تَتَغَيَّر عَمَّا قَدَّرَهُ اللَّه تَعَالَى وَعَلِمَهُ فِي الْأَزَل، فَيَسْتَحِيل زِيَادَتهَا وَنَقْصهَا حَقِيقَة عَنْ ذَلِكَ.
وقد فصلنا الكلام على القضاء المحتوم والقضاء المعلق وأثر الدعاء فيهما في الفتوى رقم: 54532. فراجعيها.
ولكم أن تدعو الله بما ذكرت في سؤالك وبما شئتم من خير لوالدتكم، فهذا مما يصل للميت باتفاق العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رواه مسلم. وقد بينا في الفتوى رقم: 32151. ما يصل إلى الميت من أعمال فراجعيها، ونسأل الله تعالى أن يصبركم ويأجركم على مصيبتكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(10/87)
مشروعية دعاء الشخص وهو مضطجع
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل هناك وضعية معينه عند الدعاء، أم يجوز الدعاء في أي وضعية كأن يكون الشخص متمددا على الفراش مثلا؟ وهل في اتخاذ هذه الوضعية عند الدعاء سوء أدب مع رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء من الذكر وهو مشروع على كل حال؛ فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل حال، وسبق بيان شيء من آداب الدعاء وما يتعلق به في الفتويين رقم: 23599، 109501. نرجو أن تطلعي عليهما.
وأما بخصوص دعاء الشخص على فراشه فإنه مشروع، وليس فيه سوء أدب؛ فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن متّ متّ على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند النوم: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر.
إلى غير ذلك من الأذكار والأدعية التي كان يدعو بها صلى الله عليه وسلم على فراشه وعند النوم.
وقد امتدح الله تعالى عباده الذين يذكرونه على كل حال فقال تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ.. {آل عمران:191} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(10/88)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في جميع المنتديات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الدخول إلى المنتدى، أو تذكير المشاركين فيه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المنتديات أو غيرها عبادة عظيمة يثاب عليها الإنسان، وانظري الفتوى رقم: 48823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(10/89)
كيف ينطق الذاكر كلمة التوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأحباء.. جزاكم الله عني خير الجزاء علي سرعة ردكم، عندي سؤال آخر: هل يحتاج ذكر كلمة الإخلاص الي تلقين من شيخ من شيوخنا مثلا محمد صالح المنجد، وهل التلقين من أحد هؤلاء الرجال سيكون له أثر أقوى في نفوسنا؟ وأنا عندما أبدأ في ذكر هذه الكلمة الطيبة أذكرها أولا بتمهل واسترسال، ولكن بعد فترة أجد نفسي مسرعا في ذكرها خاصة الجزء الأول منها لا إله إلا الله، فهل هذا صحيح؟ أم ينبغي أن يكون ذكري لها ومهما طال على وتيرة واحدة وبتمهل. لك أسمى آيات ودي وعظيم تقديري؟ أخوكم المحب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم المقصود من التلقين المذكور، لأن تلقين لا إله إلا الله عادة يستعمله العلماء في تلقين المحتضر وقت خروج روحه، أما الحي فهو يقول لا إله إلا الله بنفسه ليدخل في الإسلام إن لم يكن مسلماً، أو ليحصل فضل قول هذه الكلمة العظيمة إن كان مسلماً، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله. رواه البخاري ومسلم.
ولا يوجد صفة محددة أو طريقة معينة لنطق كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" من حيث الإسراع أو التمهل، بل المشروع في الأذكار عامة أن يقولها الإنسان بتدبر، ليواطيء القلب اللسان ليحصل على ثمرات الذكر كاملة، وسواء أقلت هذا الذكر بسرعة أو تمهل فلن تعدم خيراً، قال الشوكاني في تحفة الذاكرين: لا ريب أن تدبر الذاكر لمعاني ما يذكر به أكمل لأنه بذلك يكون في حكم المخاطب والمناجي، لكن وإن كان أجر هذا أتم وأوفى فإنه لا ينافي ثبوت ما ورد الوعد به من ثواب الأذكار لمن جاء بها، فإنه أعم من أن يأتي بها متدبراً لمعانيها متعقلاً لما يراد منها أو لا، ولم يرد تقييد ما وعد به من ثوابها بالتدبر والتفهم. انتهى.
ونحب أن ننبه السائل على ضرورة الابتعاد عن الوسوسة التي قد تأتي لبعض الناس لا سيما عند قول لا إله إلا الله، فقد ذكر العلماء في هذا الباب عجائب وغرائب عن الموسوسين.. وعلى السائل الكريم أن يهتم بأكثر من مجرد نطق الكلمة، فيهتم بمعنى هذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد والنجاة وبمعرفة شروطها التي يجب تحققها في العبد لتنفعه ولتكون مقبولة عند الله، فللنطق بالشهادة شروط من علم ويقين وصدق وإخلاص وقبول وانقياد ومحبة إلى آخر الشروط المذكورة في الفتوى رقم: 5398. فراجعها لأهميتها، وأحبك الله كما أحببتنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(10/90)
الدعاء لطلب الرزق بدون سفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندسا بإحدى الشركات العالمية، وأنا دائم السفر خارج البلاد بحكم طبيعة العمل، تاركا زوجتي وأولادي وبالطبع يزداد الدخل بالسفر للخارج ولكن ما يؤلمني هو تركي لأولادي وزوجتي طلبا للرزق. فسؤالي هو هل إذا دعوت: اللهم اجعل رزقي جنب بابي ووسع لي فيه وبارك لي فيه، معناه أني أرفض الرزق الوفير الذي يأتيني من السفر أم ماذا؟ علما بأن الفرص في الشركة داخل بلدي محدودة إذا طلبت الاستقرار في بلدي فسوف يكون في مدينة أخرى غير مدينتي مما يتعذر علي أن انتقل بأسرتي إليها. أي أن الاستقرار داخل بلدي معناه السفر إلى مدينة أخرى تاركا أولادي وزوجتي أيضا والرزق فيها لا يقارن بالسفر لخارج البلاد أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء المذكور لا يعني رفض الرزق الوفير، بل يعني تيسير تحصيل الرزق من دون حاجة لسفر إلى الأماكن البعيدة، والله تعالى قد كتب للعبد رزقه وأجله وهو قادر على تيسيره له وإعطائه إياه دون عناء وسفر. وقد شرع الدعاء وعلو الهمة فيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وكان ابن عباس يقول في الدعاء عند شرب زمزم: اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا ...
فيمكنك الدعاء بهذا الدعاء، وأن تتمنى على الله أن يوفر لك ما تحتاجه، ويوسع عليك، ويعطيك الرزق الوفير من دون سفر، فأحسن الظن بالله، ووسع نيتك عند الدعاء.
ثم إن السفر للتكسب مشروع إن لم يترتب عليه محرم، فإذا كان ميدان العمل مباحا، ولم يكن الغياب عن الزوجة أكثر من ستة أشهر بدون إذنها فلا حرج في السفر للتكسب، ويدل لهذا قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15} وقوله تعالى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ {المزمل: 20}
وإذا أدى السفر لضياع دين وأخلاق الأولاد فيتعين تركه والبحث عن عمل قريب لأن حفظ الموجود أولى من طلب المفقود.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على المزيد فيما ذكرنا: 63823، 75707، 48585.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(10/91)
التقرب إلى الله بكتابة أدعية تتضمن مناجاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل كنت في درس وكانت المعلمة تتحدث عن مناجاة الله فسألتها إذا كانت هناك فتاة تكتب رسائل إلى ربها كطريقة للمناجاة لا أقصد أنها رسائل كرسائل بل فقط كطريقة للمناجاة أتحدث فيها مع الله وأنا أحب هذه الطريقة، فلما سألتها قالت إنها ليس لها أصل لدى الصحابة ثم قالت إنها ستسأل وأنا أعرف أنها ليس لها أصل عند الصحابة ولكنها طريقة أحبها لمناجاة الله فأريد أن أعرف حكمها لأنها إذا كانت لا تجوز فأريد أتركها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك بكتابة الرسائل؛ كتابة مقالات أو أدعية تتضمن التضرع إلى الله تعالى ودعاءه ومناجاته والثناء عليه.. فلا حرج في ذلك؛ بل يعتبر من الذكر والدعاء الذي هو أساس العبادة والتقرب إلى الله تعالى، وصاحبه جدير بمحبة الله تعالى والقرب منه وإجابة دعائه كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}
وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}
وكتابة ذلك لا تزيده إلا توكيدا فلا فرق بين كتابته والتلفظ به، وكتب الأقدمين مليئة بمناجاتهم وأدعيتهم..
وانظري الفتوى رقم: 58455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(10/92)
حكم دعاء أقبلت عليك بلا إله إلا الله وشاهت الوجوه وعنت الأبصار
[السُّؤَالُ]
ـ[قول: أقبلت عليك بلا إله إلا الله، ألجمت فاك بألف لا حول ولا قوة إلا بالله، شاهت الوجوه وعنت الأبصار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المقصود بهذا السؤال ولا المخاطب بهذا الكلام، فإن كان السائل يسأل هل هذا الكلام من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فإننا لم نقف له على أصل فيما اطلعنا عليه.
وإن كان يسأل هل يصح الدعاء بهذه الكلمات ليحصن بها نفسه ممن يخافه فلا حرج في الدعاء بها إلا قوله شاهت الوجوه وعنت الأبصار فلا يجوز الدعاء بها على من لم يكن ظالما، أما الظالم فقد أباح الله تعالى الدعاء عليه بقدر المظلمة في قوله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148} وقوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {البقرة:194}
وإن كان الأفضل العفو عنه وترك الدعاء عليه، علما بأن الأولى في الدعاء أن يتقيد المرء بما صح من السنة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(10/93)
خطيبها السابق امتنع عن رد دين أبيها فهل يدعون عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرض أبي خطيبي السابق مبلغا يساعده في استئجار بيت نتزوج فيه، وتعهد برد المبلغ بعد الزواج، وتعهدت بذلك معه، وقدر الله فسخ الخطبة قبل العقد ورددنا الذهب-الشبكة- وطالبه والدي برد الدين فقال إنه أهدى لنا أشياء بقيمة تفوق قيمته-وهذه مغالاة منه- فإن رددنا له الهدايا رد الدين، والهدايا ياشيخ مستعمله كساعة، ونظارة، وعباءة، وكان أهداني جنيها ذهبيا أبيعه وأشتري ما أحتاجه، وقد بعته واشتريت مستلزمات للعرس. فهل بذلك يبرأ أمام الله من الدين ونحن لم نسامحه؟
وهل علينا ذنب بدعائنا عليه لظلمه لنا، وقولنا حسبنا الله ونعم الوكيل، وقول اللهم انتصر لنا منه في الدنيا والآخره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مثل هذه الهدايا التي أهداها لك هذا الرجل يرجع في حكمها للعرف، فإن كان العرف قد جرى بأنها من المهر فهنا يجب عليك أن ترديها له كاملة.
وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم: 118994.
فإن رددتموها له وأصر مع ذلك على عدم رد الدين، فلا شك أنه ظالم آكل لأموال الناس بالباطل, والظالم يشرع الدعاء عليه بضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 28754
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(10/94)
الأمر بالدعاء.. وموانع الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن إجابة الله عز وجل للدعاء، مطلوب من المؤمنين دائما أن يكونوا على ثقة كاملة بالله بأن يستجيب دعاء الداعي إذا دعا، لا سيما إذا كان مؤمنا مصليا ملتزما بحدود ربه وحافظا لفرجه وقائما بالصلاة.. أعلم أنني كمسلم يجب أن أثق بإجابة الدعاء وأوقن بالإجابة عندما أدعو الله، لكن أحيانا تأتيني بعض الأفكار، أن الله قد يرد دعائي، وقد لا يستجيب لي دعائي، فالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله قد يؤخر دعاء الإنسان إلى الآخرة.. فكيف أجمع بين التيقن من الدعاء، وأن الله حيي لا يرد يدي عبده صفراً، خائبتين، وبين أنه قد لا يستجيب الدعاء، وقد يؤجله إلى الآخرة، مع العلم بأني ألتزم بآداب الدعاء، لكن نفسي تحدثني أحيانا بأنه قد يرد دعائي، فكيف الجمع بينهم، بالإضافة إلى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، قال: إذا ألهم الإنسان الدعاء فإن الإجابة معه.. فكيف تكون الإجابة مع الدعاء، والله قد يؤخره أو لا يجيبه لأسباب أخرى؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين كون المؤمن مأمورا بأن يكون موقنا بالإجابة عند دعائه، وبين كون الدعاء قد يرد أو تؤخر إجابته، وبين كونه سبحانه حيي لا يرد يدي العبد صفراً، أما كون المسلم مأمورا بأن يدعو الله وهو موقن بالإجابة، فلما قال صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. رواه الترمذي وحسنه الألباني. وقد ذكرنا لماذا كان اليقين شرطا لاستجابة الدعاء في الفتوى رقم: 9081 فراجعها.
وأما كون الدعاء قد يرد ولو مع اليقين من العبد بأن الله سيستجيبه، فهذا قد يكون لوجود مانع من استجابة الدعاء، كعدم تحري الحلال في الأكل أو الشرب أو اللبس، أو الدعاء بإثم أو قطيعة رحم، أو للاستعجال في الدعاء، وهذا مذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم. وقد فصلنا القول أيضا في ذلك في الفتوى رقم: 56637.
وأما كون الله عز وجل يستحي أن يرد العبد خالي اليدين فهو حق أيضا إذا استجمع الدعاء شروط الاستجابة، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 11571. وانتفت عنه موانع الاستجابة كالتي ذكرناها سابقا، وكما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. وَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له. رواه مسلم. قال النووي في شرح الحديث: قوله: فأنى يستجاب لذلك.. أي من أين يستجاب لمن هذه صفته؟ وكيف يستجاب له. اهـ.
فهذا يبين أن عدم الاستجابة إنما تكون لأن الدعاء لا تتوفر فيه صفات وشروط الدعاء المستجاب، لا أن الله سبحانه رد اليدين صفرا مع وجود شروط الدعاء المستجاب، فضلا عن أن العبد وإن لم ير ما دعا به أمامه فهو غير متيقن أن الله لم يستجب له، لأن الاستجابة تكون بأحد ثلاثة أمور مذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده جيد.
وكذلك القول المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا ألهم الدعاء ... إلخ، فهو في معنى قوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60) ، والمقصود بهذا كله الدعاء المستجمع لشروط الاستجابة، فكل من دعا مع استجماع الدعاء لشروط الإجابة فستحصل له الإجابة بمفهوم الاستجابة الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم وهي إحدى ثلاث؛ كما في الحديث السابق.
وبالتالي وبناء على ذلك، فإن الإشكال أتى للسائل من حصره الاستجابة في تحقق ما دعا به فقط، وليس الأمر كذلك، بل الاستجابة أمر أشمل من ذلك، وكذلك في ظنه أنه يعرف أن الدعاء لم يستجب، وهذا لا سبيل للعبد إلى معرفته، فقد يكون صرف عنه من السوء ما لا يعلمه نتيجة دعائه، وقد يكون أخر للآخرة وهذا علم غيب، وتأخيره للآخرة ليس عدم استجابة بل هو مما كوفيء به على دعائه.
ثم ننصح السائل بألا تحدثه نفسه بأن الدعاء لن يستجاب؛ لأن هذا من عدم اليقين عند الدعاء، وهذا مما يمنع الاستجابة، وكذلك هذا من وسوسة الشيطان لكي يصرفه عن الإلحاح في الدعاء، وهذا من الاستعجال الذي سبق ذكره في الحديث، وهو من موانع الاستجابة أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(10/95)
دعاء الفقير المضطر؛ لا دعاء المستغني
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد استمعت لدرس يدور حول الدعاء، وقد جاء خلال الدرس مقولة -ادع دعاء مستجدي لا دعاء مشير- فهلا بينتم لنا معناها بتفصيل من فضلكم، فالمسلم مأمور بالدعاء وكيف لا يدعو ربه وهو يطلب من الكريم الذي يعطي بلا حساب، فهل إذا ما طلب المسلم من الله عز وجل شيئا معينا كأن يطلب مثلا أن يرزقه الله العيش في بيئة طيبة حيث يمكن أن يمارس دينه بسلاسة وتربية ذريته تربية حسنة، محدداً بلداً بعينه، هل يكون بذلك دخل في فئة من يدعو دعاء مشير، فأفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة مأخوذة من كتاب: منهاج العارفين لأبي حامد الغزالي، وقد ذكرها في جملة حديث مرفوع، لفظه كما ذكره الغزالي: ... لا يستجيب الله الدعاء من قلب لاه، فإذا أخلصت فأبشر بإحدى ثلاث: إما أن يعجل لك ما سألت، وإما أن يدخر لك ما هو أعظم منه، وإما أن يصرف عنك من البلاء ما لو صبه عليك لهلكت، وادع دعاء مستجير لا دعاء مشير. انتهى.. ولم نجد هذا الحديث بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث التي بأيدينا، ومحل الشاهد منه هنا لم نجده لا بلفظه ولا بمعناه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه العبارة تبين أدبا من آداب الدعاء وهو أن يدعو الداعي دعاء الفقير المضطر لا دعاء المستغني، وهو قريب من معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وعلة هذا النهي كما قال المباركفوري في: مرعاة المفاتيح: أنه يتضمن إيهام الاستغناء الغير اللائق بمقام الدعاء والسؤال، فاللائق بالمقام تركه. انتهى.
وقال الباجي في المنتقى: في قوله: إن شئت. نوع من الاستغناء عن مغفرته، كقول القائل: إن شئت أن تعطيني كذا فافعل، لا يستعمل هذا إلا مع الغني عنه، وأما المضطر إليه فإنه يعزم مسألته ويسأل سؤال فقير مضطر إلى ما سأله. انتهى.
وأما ما أشار إليه السائل الكريم من سؤال شيء معين يرى العبد أن فيه خير دينه ومصلحة دنياه، فلا بأس به ولا يتعارض مع ما سبق، ولا يتعارض مع رضا العبد بقضاء الله تعالى، وهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع الله عز وجل. رواه البخاري والنسائي واللفظ له.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه الترمذي. وقال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة. انتهى. وحسنه الألباني في المشكاة.
وقالت عائشة رضي الله عنها: سلوا الله كل شيء حتى الشسع، فإن الله عز وجل إن لم ييسره لم يتيسر. قال الألباني: أخرجه ابن السني بسند حسن. انتهى.
وقد سبق ذكر شروط إجابة الدعاء في الفتويين: 11571، 71758.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(10/96)
البديل عن الاعتداء في الدعاء أن تتضرعي لربك أن يفرغ قلبك لزوجك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة، ولا أحب زوجي لأسباب خاصة، وقائمه بحقوقه على أكمل وجه، وأحاول جاهدة ألا أقصر معه بشيء، أو أن أبين له أني لا أحبه، ولا أزكي نفسي، أنا أحب شخصا آخر وهو يحبني، وليس بيننا أي علاقات أو تواصل فقط نعرف أننا نحب بعضا، وأنا أدعو الله دائما بهذا الدعاء: اللهم أنت أعطيتني نعما عظيمة ولم أتعمد جحدها، ولم أتعمد معصيتك، فاغفر لي ذنبي.. اللهم أنت من تضع المحبة في القلوب.. وأنت تعلم مقدار حبي لهذا الشخص، اللهم إن كان في اجتماعي معه خير لي في ديني ودنياي وأهلي وعاقبة أمري فاجمعني معه بالحلال عاجلا لا آجلا. وان كان في اجتماعي به شر لي في ديني ودنياي وعاقبة امري فأبعده عني، وانزع محبته من قلبي، وعوضني خير العوض.
هل هذا يجوز أم لا؟ وهل يعتبر هذا الدعاء من الأمور المستحيلة، أو من التعدي في الدعاء.. لأني قرأت آداب الدعاء، وفيها أن لايتعدى في الدعاء، وألا يدعو بأمر مستحيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن الدعاء المذكور فليس هو من طلب المستحيل، وإنما هو من الاعتداء في الدعاء؛ لأنه يتضمن طلب إنهاء زواجك من زوجك الحالي من غير سبب سوى العشق المذموم، وهذا الإنهاء لن يكون إلا بطلاق أو خلع أو وفاة زوجك، وتمنيك لأي حالة من هذه بلا سبب سوى عشق رجل أجنبي عنك محرم، فلا يوجد في حالتك سبب معقول شرعا أو عرفا لتمني فراق زوجك، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أبوداود والترمذي وحسنه، وابن ماجة وصححه الألباني.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: (فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) فيه دليل على أن سؤال المرأة الطلاق من زوجها محرم عليها تحريما شديدا ... وكفى بذنب يبلغ بصاحبه إلى ذلك المبلغ مناديا على فظاعته وشدته. اهـ
وقَالَ الْقَارِي: وَلَا بِدَعَ أَنَّهَا تُحْرَمُ لَذَّةَ الرَّائِحَةِ وَلَوْ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ. اهـ من تحفة الأحوذي للمباركفوري.
وقَوْله: (فِي غَيْر مَا بَأْس) أَيْ الَّتِي تَطْلُب الطَّلَاق فِي غَيْر حَال شِدَّة مُلْجِئَة إِلَيْهِ، كما في شرح سنن ابن ماجه للسندي.
وفي الحديث أيضا عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ. رواه الترمذي وصححه الألباني.
قال في تحفة الأحوذي: قَوْلُهُ: (الْمُخْتَلِعَاتُ) أَيْ اللَّاتِي يَطْلُبْنَ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ عَنْ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ (هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ) أَيْ الْعَاصِيَاتُ بَاطِنًا وَالْمُطِيعَاتُ ظَاهِرًا. اهـ.
ولو دعوت الله بتفريغ قلبك لزوجك، وأن يحببه إليك، وسألت بإخلاص لكان خيرا لك، ونحب أن ننبهك أختنا على أن من المنكرات أن يحب الرجل امرأة متزوجة بغيره فيشغل قلبها وفكرها، ويفسد عليها حياتها مع زوجها، وقد ينتهي بها الأمر إلى الخيانة الزوجية، فإن لم ينته إلى ذلك، انتهى إلى اضطراب الحياة، وانشغال الفكر، وهرب السكينة من الحياة الزوجية. وهذا الإفساد من الجرائم التي برئ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعلها فقال: مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ هُوَ مِنَّا. رواه أحمد وأبوداو د وصححه الألباني.
ومثل ذلك، أن تحب المرأة رجلاً غير زوجها، تفكر فيه، وتنشغل به أكثر من انشغالها بزوجها وشريك حياتها، وقد يدفعها ذلك إلى ما لا يحل شرعًا من النظر والخلوة، وقد يؤدي ذلك كله إلى ما هو أكبر وأخطر، وهو الفاحشة، أو نيتها، والنفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، والشيطان يأتي عن طريق الخطوات التي لا يشعر بها المرء، ثم يجد نفسه نادما حين لا ينفع الندم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21} ، وهذه الآيات في سورة النور التي فيها التنفير من الفاحشة.
فإن لم يؤد إلى شيء من ذلك أدى إلى تشويش الخاطر، وقلق النفس، وتوتر الأعصاب، وتكدير الحياة الزوجية، بلا ضرورة ولا حاجة، إلا الميل مع الهوى، والعشق المذموم.
فننصحك أختنا بالكف عن هذه الخواطر السيئة، والبعد عن الأسباب التي تشعل العواطف، وأن تتضرعي إلى الله بأن يفرغ قلبك لزوجك، وأن يجنبك ما أنت فيه من حيرة وقلق، وإذا صدقت نيتك في الإخلاص لزوجك واللجوء إلى الله، فإن الله - بحسب سنته - لا يتخلى عنك.
وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 69859، وما أحيل عليه فيها، ففيها بيان خطر العشق المحرم ووسائل التخلص منه. والفتوى رقم: 13385، وفيها بيان حكم سؤال الزوجة الطلاق لتعلقها بآخر، والفتوى رقم: 31019، في معنى الاعتداء في الدعاء وأنواعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(10/97)
حكم الدعاء أن تكون فلانة ماتت غير متزوجة زوجة له في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن أدعو بالزواج من امرأة قد توفيت؟ اللهم اكتب لي.... زوجة في الجنة؟ مع العلم أن تلك الفتاة لم تكن متزوجة في الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الفتاة المذكورة قد توفيت ولم تتزوج في الدنيا فلا مانع من الدعاء من أجل أن تكون زوجة لك في الجنة، وراجع في ذلك الفتويين: 107636، 113864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(10/98)
هل يحصل المراد لمن شرب ماء زمزم ودعا بما أراد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أشرب ماء زمزم للشفاء، ونوايا أخرى، وأكون مسرورة بماء زمزم لأنه لما شرب له، ثم أحزن لأنه تأتيني أفكار تهبط من معنوياتي مثل: معقول هل هذا الماء هو الذي سيشفيك بعد الله، ويحقق أمنياتك. ماذاأفعل إذا راودتني هذه الأفكار؟ أريد الحل لأنني تعبت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث مختلف في ثبوته، وفي معناه على فرض ثبوته، قال ابن القيم في زاد المعاد: الحديث حسن، وقد صحَّحه بعضُهم، وجعله بعضُهم موضوعاً، وكِلا القولين فيه مجازفة. وكذلك اختلف العلماء في معنى الحديث، فمنهم من عممه، ومنهم من خصصه.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: هذا الحديث إسناده حسن، ولكن.. هل المراد العموم وأن الإنسان إن شربه لعطشٍ صار ريانا، أو لجوعٍ صار شبعانا، أو لجهلٍ صار عالماً، أو لمرضٍ شفي، أو ما أشبه ذلك. أو يقال: إنه لما شرب له فيما يتعلق بالأكل والشرب، بمعنى إن شربته لعطش رويت ولجوعٍ شبعت دون غيرها. هذا الحديث فيه احتمال لهذا ولهذا. وقال في موضع آخر: الذي يظهر لي والله أعلم: أن ماء زمزم لما شرب له مما يتغذى به البدن، بمعنى: أنك لو اكتفيت به عن الطعام كفاك وعن الشراب كفاك. انتهى
وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية فنالوها بحمد الله تعالى وفضله.
قال ابن القيم في زاد المعاد: وقد جربتُ أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزمَ أُموراً عجيبة، واستشفيتُ به من عدة أمراض، فبرأتُ بإذن الله.
وقال أيضا في مدارج السالكين: كنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء.
وسئل ابن خزيمة: من أين أوتيت العلم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له وإني لما شربت سألت الله علما نافعا. تذكرة الحفاظ.
ولما حج الخطيب البغدادي شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات آخذا بالحديث: ماء زمزم لما شرب له. فالحاجة الأولى أن يحدث بتاريخ بغداد في بغداد، الثانية أن يملي الحديث بجامع المنصور، الثالثة أن يدفن عند بشر الحافي. فقضى الله له ذلك.تاريخ دمشق.
وقال النووي في تهذيب الأسماء: قال العلماء: فيستحب لمن شربه للمغفرة أو للشفاء من مرض ونحو ذلك أن يقول عند شربه: اللهم إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ماء زمزم لما شرب له. اللهم وإني أشربه لتغفر لي، ولتفعل بي كذا وكذا، فاغفر لي، أو افعل، أو اللهم إني أشربه مستشفيا به فاشفني، ونحو هذا. انتهى
وكذلك ينبغي أن تراعى شروط وأسباب حصول الإجابة أو القبول أو حصول المطلوب؛ فماء زمزم لا يفيد شاربه إن فعله مجربا لا موقنا مخلصا؛ وذلك لأن النية تبلغ بالعبد، وممن نبه على ذلك من أهل العلم ابن العربي في أحكام القرآن، والمناوي في فيض القدير.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3491، 2081، 110732، 32688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(10/99)
دعاء العبد ربه أن يوفقه للفوز بجائزة محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي التالي:
أنا أدعو الله وبقلب صادق ليل نهار أن يوفقني وأحصل على جائزة ثمينة مبلغها بالملايين، وقد اشتركت بها مثل غيري لكن ممول الجائزة جهة يقوم عليها، ويديرها نفر من اليهود والنصارى، ومن شروطها أن أشتري تذاكر كل شهر، وعلي أن أشارك حتى يطابق رقم تذكرتي الرقم الفائز المعلن عنه في كل شهر. ولي الخيار في الانسحاب إن أحببت.
فهل دعائي وتضرعي لله في هذا الشأن مقبول وجائز؟ علما أنني استخرت الله ورجوته أن يقتطع لي من أموالهم لسد حاجتي، وأصرف جزءا منه بمشاريع إعلامية موجهه للغرب لخدمة ديني ونصرة نبينا صلى الله عليه وسلم ومازلت مستمرا معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاشتراك في الجائزة المذكورة حرام شرعا، لأنه نوع من الميسر والقمار الذي حرمه الله عز وجل، وقرنه بالخمر والأوثان فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {المائدة:90}
فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، والاقلاع عن الاشتراك في هذه الجائزة فورا.
وأما عن دعائك الله بأن يوفقك للفوز بالجائزة هذه فهو اعتداء في الدعاء لأنه دعاء بإثم.
فالواقع أنك في دعائك تقول: اللهم وفقني في تناول الحرام، ولا ريب أن هذا غير جائز، وأنه سوء أدب مع الله تعالى، وبالتالي فهو غير مستجاب لما ثبت أن الله تعالى يستجيب الدعاء ما لم يكن بإثم أو قطيعة رحم.
وبالنسبة لنيتك الطيبة في التبرع بجزء من الجائزة فلتعلم: أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الخير لا يتوصل إليه بما حرم الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(10/100)
الدعاء على من يفتري على الإسلام هل هو من باب دعاء المظلوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء على الذي افترى علي أو على أهلي الكذب يدخل في دعاء المظلوم المستجاب؟
أيضا هل الدعاء على الذي يفتري على الاسلام وعلى الله وعلى رسوله يدخل في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان افتراء الكذب على الناس يترتب عليه ضرر لهم، أو تضييع لحقوقهم، أو يلحق بهم معرة ونحو ذلك فإنه يعتبر من الظلم الذي يبيح لهم الدعاء على من ظلمهم بافترائه عليهم. فقد قال الله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. {النساء:148}
ومن المعلوم أن دعوة المظلوم من الدعوات التي لا ترد إذا لم يتعد في دعائه ويتجاوز مظلمته، فقد روى الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.
وهذا ما لم يعتد المظلوم في الدعاء ويتجاوز مظلمته- كما أشرنا- فقد قال صلى الله عليه وسلم: المستبان على ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلو م. رواه مسلم.
فلا يجوز له أن يدعو على من ظلمه بأكثر من مظلمته.
ولا شك أن العفو والصبر أفضل من الانتقام والدعاء على الظالم. قال الله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {الشورى:43} . وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40} .
وللمزيد انظر الفتويين: 2789، 20322.
وأما افتراء الكذب على الله تعالى وعلى دينه وعلى رسوله فلا شك أنه من أشد أنواع الظلم والبغي والعدوان. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ. {النحل:116}
وفي شأن افتراء الكذب عموما يقول تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ. {النحل:105}
فهو ظلم من أكبر الظلم ولكنه ليس ظلما لشخص بعينه بل هو كفر، وصاحبه يعامل معاملة من ارتكب مكفرا فيدعى إلى التوبة والرجوع إلى الإسلام إن كان مسلما قبل ذلك، والدعاء عليه يكون من باب الدعاء على أعداء الإسلام لا باعتباره شخصا معينا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430(10/101)
حكم الدعاء للموتى في المقبرة دون استقبال القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بعد دخولي المقبرة أن أدعو للموتى وأنا في سيارتي بما شئت من الدعاء، وذلك بعد السلام عليهم بالدعاء المأثور من غير استقبال القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء للموتى وأنت غير مستقبل القبلة، فلم نقف على دليل يمنع ذلك، وإن كان الأولى استقبال القبلة عند الدعاء للموتى لأنه من آداب الدعاء عموما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(10/102)
حكم هذه الطريقة لحث الناس على التسبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في المنتديات حملة سميت (بندول الذنوب) وهي عبارة عن علبة كتب عليها بندول الذنوب، تحتوي على مسبحة وتوزع على الناس للتسبيح.
هل يصح هذا العمل؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعاون على الطاعات وابتكار الوسائل التي تشجع الناس عليها بالطرق المشروعة، أمر مندوب يحمد فاعله، فإذا كان الغرض من هذه الطريقة التي ذكرتها هو تشجيع الناس على التسبيح والاستغفار، فلا حرج في هذا الأمر، لكن ينبغي التنبيه إلى أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة، وللوقوف على ذلك ومعرفة أقوال العلماء في حكم المسبحة راجع الفتوى رقم: 7051.
كما ننبه إلى أن هناك وسائل أخرى أكثر نفعاً في الدعوة إلى الله، وانظر الفتوى رقم: 31803.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(10/103)
الدعاء على الظالم وحكم عزوف المرأة عن الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء علي الشاب الذي زنا بفتاة من قبل الفتاة بأن ينتقم الله منه، وأن تقول له منك لله وحسبي الله ونعم الوكيل، هل هذا الدعاء ذنب علي الفتاة؟ وهل إن سامحت الفتاة هذا الشاب هل يخفف عنه من العذاب؟ وهل يجب عليها أن تكرهه وإن كان قبلها لازال يحبه، رغم أنها قطعت علاقتها به بعد إثمه، وهل إن قررت عدم الزواج تعد آثمة رغم أنها لم تزن إلا مرة واحدة وفي الدبر، وهل إن ذهبت لطبيب نفسي وأخبرته بما فعلت لكي تقف علي أسباب تحول شخصيتها من الالتزام إلي الانحراف يعد مجاهره بالذنب؟ نرجو الإفادة والاهتمام بالرد علي الأسئلة لأهمية الأمر علي حياة هذه الفتاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء على الظالم يجوز بقدر مظلمته، فما تدعو به هذه الفتاة ليس فيه إثم عليها، لكن ينبغي أن تعلم هذه الفتاة أن ما حدث بينهما إن كان عن طواعية منها فهي شريكة له في الظلم، والواجب عليها أن تكرهه لما تلبس به من إثم وبقدر ما هو عليه من المعصية، وإذا سامحته هي فذلك يرفع عنه ما يتعلق بحقها أما ما بينه وبين الله فذلك متوقف على توبته وقبول الله لها.
وإذا قررّت هذه الفتاة عدم الزواج فهي مخالفة للسنة ومنابذة للفطرة، وإذا كان ذلك يؤدي إلى الوقوع في الحرام فهو حرام وتأثم به بلا شك.
والواجب على هذه الفتاة التوبة إلى الله بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، مع الإكثار من الأعمال الصالحة، وسترها على نفسها.
أما عن حكم إخبارها الطبيب النفسي بما وقع منها، فالأصل أن الإخبار بالمعصية إذا كان لمصلحة شرعية لا حرج فيه، لكن ننبه إلى أن الأمر قد لا يستلزم ذكر ما حدث بالتصريح به، بل بمعنى أن تكتفي بما يشعر بذلك.
وقد وضع الشرع حدوداً للمرأة إذا لم تحافظ عليها كانت عرضة للوقوع في الحرام، فمن ذلك أمرها بالحجاب الشرعي الذي يستر بدنها عن الأجانب، ومنعها من الخلوة برجل أجنبي، ومن ذلك التزام الحياء والاحتشام في الكلام مع الأجنبي عندما تدعو الحاجة -المعتبرة شرعاً- إليه، والبعد عن الليونة والخلاعة.
فعلى هذه الفتاة أن تلتزم حدود الشرع، وتحرص على تقوية صلتها بربها، وتحرص على تعلم أمور الدين، واختيار الرفقة الصالحة التي تعين على الخير، وشغل أوقات الفراغ بالأعمال النافعة، والدعاء بأن يرزقها الله بزوج صالح، فإن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(10/104)
تنزيه الله تعالى والثناء عليه عند ذكره
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني، الحمد لله حين يذكر النبي صلى الله عليه وسلم نسارع بالصلاة عليه، الخطباء يجتهدون في ذلك ولكن هنا السؤال: لماذا حينما يذكر الله لا نسارع بأن نقول لا إله إلا الله؟ ولماذا العلماء لا يحثون الناس علي ذلك؟
أرجو أن تكونوا فهمتم سؤالي، وما هو رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم إذا سمع ذكر الله تعالى أن ينزهه، أو يثني عليه، أو يوحده، أو يمجده. فيقول: سبحانه أو تعالى، أو تبارك وتعالى، أو عز وجل وما أشبه ذلك من الألفاظ التي تشعر بالتعظيم. تجد ذلك في القرآن الكريم، وفي أحاديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكلام السلف الصالح، وإذا كان بعض الناس يقصر في هذه الفضيلة العظيمة، أو يهمل هذا النوع من الذكر فليس معنى ذلك أنه غير مشروع.
وعن الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- انظر الفتويين: 9296، 38997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(10/105)
حكم الدعاء بـ: اللهم ارزقني كما ترزق الغياث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الدعاء الآتي: اللهم ارزقني كما ترزق الغياث. الغياث هو فرخ الغراب؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعاً شرعياً من الدعاء المذكور وما في معناه من سؤال الله تعالى تيسير الرزق ووصوله إلى الداعي بدون مشقة وعناء، كما يرزق الله تعالى فراخ الطير في أعشاشها، وإن كان الأفضل أن يدعو بالأدعية المأثورة من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم المناسبة لحاجته، فقد علمنا الله -عز وجل- في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة تناسب كل واحد منا وحاجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(10/106)
الاجتماع للذكر هو الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل يجوز الذكر الجماعي، وإذا صح الذكر الجماعي فهل يجوز الذكر على الطريقة الآتية: إغماض العيون بنية الخشوع، إطفاء الأنوار، أن يكون هنالك شيخ ويقول: قولوا: الله، الله في قلوبكم, وأن يقول مثلا سبحوا مائة، أو هللوا مائه إلخ إلخ إلخ.؟
وأخيراً أريد أن أطلب من حضرتكم إرفاقي بالأدلة القاطعة مع السند، وأين يمكن إيجادها في أي كتب؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ذكر الله تعالى والاجتماع له من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه تبارك وتعالى، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى، فقد قال الله تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا {الأحزاب:35} ، وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما: أنهما شهداً على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده.
وأما الذكر الجماعي فهو من البدع المحدثة التي ينبغي للمسلم أن يتجنبها، وسبق بيان الفرق بين الذكر الجماعي والاجتماع للذكر، في الفتوى رقم: 50497.
وأما الكيفية المذكورة فهي من البدع، لعدم ورودها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الصحابة رضوان الله عليهم، ولذلك فإن على المسلم أن يتجنبها ويكثر من ذكر الله تعالى كما أمره، وقد سبق بيان حكم الذكر الجماعي وأقوال أهل العلم فيه وأدلتهم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8381، 1000، 17309، 31621.
وفيما يخص الكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع وتمييز السنة عن البدعة فهي كثيرة، ولكننا ننصحك بكتاب الاعتصام للشاطبي فستجد فيه كل ما تحتاجه في هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(10/107)
آداب الدعاء وهل يدعو لشخص معين أم لعموم المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف ما هي آداب الدعاء؟
وهل من الأصلح الدعاء للغير كأخي أو أبي بالاسم وأخصه بالذكر أم أدعو لعموم المسلمين ويكون هو المختص بالدعاء في نيتي، مثلا عندما أدعو لأبي أقول: اللهم إن أردت لعبد مسلم الممات فأمته اللهم موت الشهداء، وآته أجر الشهداء، اللهم ألهمه الشهادتين، وثبته ساعة الحساب، وارحمه اللهم من عذاب القبر وأهواله، ووسع اللهم له قبره واجعله روضة من رياض الجنة ومد له اللهم في قبره مدد بصره، واخلف له في قبره وآخرته خيرا مما كان يحب في الدنيا، واخلف له اللهم مالا خير من ماله، ودارا خيرا من داره، وذرية خيرا من ذريته.
أم أخصه بالذكر وأقول اللهم اغفر لأبي كذا، أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان كيفية الدعاء وآدابه. فنرجو أن تطلع عليها في الفتوى رقم: 23599.
كما أن تخصيص الوالد أو الأخ أو غيرهما بالدعاء لا حرج فيه؛ فقد قال الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان أنبيائه: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {إبراهيم:41} وقال تعالى: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي. {الأعراف:151} .
وصح أن نبينا- صلى الله عليه وسلم- كان يدعو لأشخاص بأعيانهم وربما سماهم بأسمائهم؛ فمن ذلك ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين. الحديث
ولذلك فالأفضل أن تخص نفسك ووالديك وإخوانك بالدعاء أولا، ثم تعمم الدعاء لجميع المؤمنين كما أرشدت إلى ذلك نصوص الوحي المشار إلى بعضها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(10/108)
من آداب الدعاء وشروطه وأسباب إجابته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كلما دعوت يحدث العكس، مثلا أنا دعوت ربي أن يحافظ على صحتي أصبحت مريضا مرضا شديدا، ودعوت ربي أن يوفقني ففشلت مع أنى عملت ما علي وزيادة، وكلما أنتظم في الصلاة وأذكار الصباح والمساء التي فيها أن الإنسان إذا قرأها لم يصبه حزن في هذا اليوم تراكم الحزن علي، وخسرت مالا ودرجات، واليوم الذي لا أصلي فيه يكون عاديا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يعافيك ويذهب حزنك ويدخل السرور على قلبك. ونوصيك بعدم الاسترسال مع وساوس الشيطان؛ فإنه يريد أن يصدك عن ذكر الله وعن الصلاة، والالتجاء إلى الله، ولتحسن الظن بربك الكريم، ففي الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله. رواه أحمد. وصححه الألباني.
واعلم أن استجابة الله تعالى لمن دعاه ثابتة، فقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ،
وقال سبحانه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}
فمن استجاب لله تعالى في أمره ونهيه، وصدق بوعده وآمن به، فقد تحققت له شروط استجابة الدعاء وانتفت عنه موانع الإجابة، فلن يخلف الله تعالى وعده. ولكن هذه الاستجابة قد تتم بإعطاء العبد ما يريده الآن، وقد يختار الله تعالى له -رحمة به ومراعاة للأصلح له- غير ذلك من أنواع الإجابة، فقد يدفع عنه البلاء، وقد يدخر له في الآخرة، فهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالح العباد، وأرحم بهم من أنفسهم وأهلهم. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم. وصححه الألباني
وشروط إجابة الدعاء ثلاثة:
الأول: دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص، لأن الدعاء عبادة.
الثاني: ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم، وألا يستعجل؛ لما رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
الثالث: أن يدعو بقلب حاضر، موقن بالإجابة، ويحسن ظنه بربه، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ومن آداب الدعاء: افتتاحه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختمه بذلك، ورفع اليدين، وعدم التردد، بل ينبغي للداعي أن يعزم على الله ويلح عليه، وكذلك تحري أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وغير ذلك.
ومن أهم أسباب إجابة الدعاء تحري الحلال في المأكل والمشرب، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فأنى يستجاب لذلك.
فاحرص على الاستقامة على طاعة الله وتقواه والإكثار من سؤاله، واسأله باسمه الأعظم، ففي المسند والسنن عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب. وروى الترمذي عن أنس، وفي مسند أحمد عن ربيعة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام. أي الزموا وثابروا. صححه الألباني.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 117847، 71758، 2150، 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(10/109)
ترطيب اللسان بذكر الرحمن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي أن أسبح بلساني لتنطبق علي مقولة: ما زال لساني رطبا بذكر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب من التسبيح وغيره من الأذكار هو ما جاء النص بوجوبه في الصلاة. وما زاد على ذلك فهو مستحب ومرغب فيه شرعا، وفيه من الخير الكثير والثواب الجزيل ما الله به عليم.
ومما جاء في فضله ما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وغيرهما عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله: إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع؟ قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل.
وخرج ابن حبان في صحيحه وغيره من حديث معاذ بن جبل قال: آخر ما فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت له: أي الأعمال خير وأقرب إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل. ورطوبة اللسان بالذكر تعني كثرته وتحرك اللسان به دائما.
وقد روى الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: أن مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه. صححه الأرناؤوط. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله في كل أحيانه. رواه أحمد. قال الشيخ حسين أسد: إسناده صحيح.
وقد علمت مما ذكر المقصود من رطوبة اللسان بالذكر فشد عليه يدك، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياك من الذاكرين الله كثيرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(10/110)
الحد المسموح به في الدعاء على الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يظلمك، وبعد ذلك يطلب منك السماح، فتسامحه بلسانك ولكن من القلب تدعو عليه، نتيجة الأضرار التي لحقت بك من الظلم، ومن إنسان يقرب لك لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وبعد الظلم يقولون إنك صابرة -أستغفر الله.-لا أريد منكم جزاءا ولا شكور، أنا حقيقة مقهورة.
يا رب فرج همي، وهم المهمومين من المسلمين -وأستغفرالله العلي العظيم- أنا لا أقدر على أن أسامح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله ظلم المسلم وأذيته بغير حق، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، وجعل الله الحق للمظلوم أن يقتص من ظالمه بدون تعد، وأباح له أن يدعو عليه بقدر جنايته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 22409.
ولكنه رغبه في العفو، ووعده عليه بالأجر العظيم، قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} .
فإذا كنت تقصدين بأنك تدعين عليه من القلب: أن دعائك عليه باللسان مع موافقة القلب، فاعلمي أن الدعاء على الظالم لا يجوز بأكثر من مظلمته، كما أنه نوع انتصار منه، قال الإمام أحمد: الدعاء قصاص. وقال: فمن دعا فما صبر. أي فقد انتصر لنفسه. وانظري لذل ك الفتوى رقم: 70611.
وقد حرض الشرع المؤمنين على مقابلة الإساءة بالإحسان، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
فالذي ننصحك به هو العفو عن هذا الإنسان، وخاصة أنه جاء معتذراً، يطلب السماح وليس من خلق الكرماء أن يردوا من جاء معتذراً، بل إن ذلك من مساوئ الطباع، ووردت أحاديث تدل على وقوعه في الإثم بذلك.. وانظري الفتوى رقم: 48026.
واعلمي أن في العفو خيراً لك وله، وفي ترك العفو ضرر له، وليس لك فيه نفع، وانظري لذلك الفتوى رقم: 5338.
وإياك أن يغرك الشيطان ويصور لك أن العفو نوع من الضعف وأنه يطمع فيك الناس، فالصحيح أن العفو يزيدك عزاً وكرامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} ، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 27841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(10/111)
حكم تخصيص النفس في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قد سألتكم سابقا في فتوى رقم: 2192773 -منذ أكثر من عام -عن أبي وإقتاره علينا، وانفصاله عن أمي، وتربية أمي لي ولأخي منذ كان عمري 10 سنوات إلى أن أصبحت رجلا، وسافرت إلى الخارج وأعمل حاليا، وكنت أساعدها في تسديد دويوننا، وتربية أخي إلى أن تخرج -الحمد لله- من الكلية، وحاليا مات أبي ووقعت في مشكلتين:
إ حداهما شخصية: متمثلة في تعاملي مع أبي، فكما نصحتمونا في الفتوى السابقة بمحاولة الاتصال به وزيارته، وبالفعل كنت أحاول الاتصال به والتواصل معه وزيارته بعلم الجميع، لكني لم أقم بالمبيت فقط زيارة في نفس اليوم وأعود، نظرا أيضا لضيق الوقت وقلة فترة الإجازة، وحاولت أيضا تحسين صورته أمام أخي بإرسال مال إلى أبي ليرسله بدوره إلى أخي كأنه منه دون أن يعلم أحد بذلك، وسألته أن يضيف عليه من عنده، فأرسلت 500 فأضاف 20 فقط، وعندما احتجت مساعدة أبي عند استعدادي للزواج تخلص منها علما بأنه بعد وفاته اكتشفت أن لديه أموالا وأراضي، ومع ذلك ظللت أعامله كما نصحتوني بالزيارة والود لأن له علي حق الأب- مع عدم علمي بوجود أموال لديه أو شكي في وجود أموال لديه- لكن في نفس الوقت عندما علمت خبر وفاته لم أشعر بصدمة فراق الأب فبكيت وأنبت نفسي بشدة، أصررت على السفر والعودة لأخذ العزاء وزيارته، وقرأت الفاتحة له فوجدت كل أهله بما فيهم زوجته وأختي من أبي لم يظهر عليه التأثر نفسه.
وأيضا بكيت أكثر لخوفي من الذنب وخوفي من أن يتكرر هذا معي من أبنائي، وخوفا على أمي من الذنب لأنها كانت أحد الموانع الأساسية في تواصلنا معه، فأخي لم يذهب إليه مطلقا على سبيل المثال، علما بأني أدعو له بالمغفرة والثبات في حسابه، ودعائي ليس مخصصا له بالاسم أو الصفة إنما لسائر عموم المسلمين، فانا أفعل هذا معي شخصيا ولا أخص نفسي بالدعاء لسماعي درسا بهذا الخصوص بعدم التخصيص ووجوب التعميم بالدعاء.
فماذا ترون في كل ما سبق وشرحتة سابقا؟ هذا أولا.
ثانيا:توزيع الإرث:
زوجة أبي بعد وفاته تطلب أن توزع التركة بيننا بمجلس عرفي، والابتعاد عن المجلس الحسبي نظرا أن لأبي ابنة منها وهي أختي بالطبع، لذا فهي تريد أن تدخل في المجلس العرفي وتوزع التركة بيننا بما يعطيها حق الامتلاك للشقة، وتتنازل عن حقها هي وأختي في المجمدات لي ولأخي الشقيق مقابل حقنا بالشقة، ولا أعلم إن كانت ستكتبها باسمها أم باسم أختي نظرا لأن لزوجة أبي أولادا من رجل آخر، فمن الممكن أن يضيع حق أختي بعد مماتها. هل هذا حرام أم حلال؟
وقانونا ماذا يجب أن افعل أيضا؟ فأبي من منطقة ريفية وأنا أعيش بمدينة أخرى ساحلية ولا أعلم شيئا عما كان يمتلكه أبي، فهناك أشياء لم يتم الإفصاح عنها، وأمور أخرى أشعر أنها مخبأة وتتغير وتقدر بأقل من قيمتها، ولا أعرف حتى قيمتها أو كيف أقدرها، ولكنى أفضل حسن الظن وعدم الشك مع العلم بعدم وجود أي نية للملاحقة القضائية لو حدث وعلمت وجود شبهه ظلم بالتوزيع أو شيء من هذا القبيل، نظرا لوجود صلة الرحم، لكني على الأقل أريد أن أعرف أهلي من أبي كيف يعاملوني، هل بقلب مفتوح أم توجد نوايا أخرى؟ لكن بشكل عام لا أعرف كيف أتصرف، فأنا الكبير وأقيم حاليا بالخارج ولا أعرف ماهية الأمور الصحيحة: دينا، وعرفا، وقانونا.
أمر أخير: زوجة أبي تقول إنها لا تعلم إن كان أبي دفع زكاة ماله عن آخر سنتين أم لا؟ ولا تعلم إن كان أبي يدفع الضرائب أم لا أيضا؟ فاتفقنا أن من سيأخذ حقه -أيا كان- سيدفع خمسة بالمائة على افتراض أنه لم يدفع آخر سنتين.
فما هو الشيء الواجب عمله في هذا الأمر؟ وما هو النصاب الصحيح لدفع هذه الزكاة بالنسبة للتركة عن المتوفى والضرائب أيضا؟
أرجو الإفادة بأسرع وقت حتى لا تتشابك الخيوط أكثر؟ ولكم جزيل الشكر، وأفادنا الله بعلمكم، وزادكم من علمه.
ملحوظة: أرجو من السادة المشرفين عدم إلغاء بعض كلامي لأنه يفرغ بعض أسئلتي من معناها كما حدث معي في بعض الاسئلة السابقة. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك لبر والدك وترك قطيعته قبل موته، فذلك من فضل الله عليك، ونوصيك بالمداومة على الدعاء له، ولا شيء في الدعاء بالصيغة التي ذكرت إذ العبرة بالنية، ولا حرج على غير الإمام في الصلاة في تخصيص نفسه أو من يريد الدعاء له بالدعاء، فقد خصص النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى. وقال: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي. والحديثان صحيحان.
وخص إبراهيم عليه الصلاة والسلام نفسه بالدعاء فقال: رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين. . إلى آخره.
وأما خوفك من تكرار ما حدث مع أولادك، فما دمت قد تبت إلى الله، فالتوبة تمحو ما قبلها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
أما بخصوص توزيع الإرث، وما تريده زوجة أبيك من امتلاك الشقة مع أختك، مع التنازل عن حقهما في باقي التركة، فإن كان ذلك قسمة على فرائض الله، بتراضٍ بينكم، وكانت هذه الأخت رشيدة، فلا حرج فيه، ولكن لا يجوز تضييع حق الأخت بحال من الأحوال، وعلى كل حال فالأولى الرجوع للمحكمة الشرعية للفصل فيه، وذلك لحصر جميع المستحقين للتركة وفصل النزاع بينهم.
أما عن المجالس العرفية، فإن كانت تحكم بما يخالف الشرع، أو تتبع الهوى في بعض الأمور فلا يجوز الرجوع إليها، وأما إذا كانت تحكم بما شرعه الله دون محاباة، فلا حرج في الرجوع إليها.
وأما عن أداء الزكاة من التركة، فإن كان الغالب على أبيك التفريط في أداء الزكاة، فعليكم إخراجها عن السنتين من التركة، وأما إذا لم يكن أبوك معروفاً بالتفريط في أداء الزكاة، فلا يلزمكم أداؤها لمجرد شك زوجته في ذلك.
وأما الضرائب فإن كانت من الضرائب المشروعة العادلة، فهي دين عليه يلزمكم أداؤه، وأما إذا كانت غير مشروعة فلا يلزمكم أداؤها، ولمعرفة حكم الضرائب الجائزة وغيرها، راجع الفتوى رقم: 592، والفتوى رقم: 5107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(10/112)
هل هناك دعاء مأثور يقال عند الختان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية التي يمكن قولها أثناء القيام بعملية الختانة -الختان-؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء أو ذكر يقال عند الختان، ولكن إذا ذكر الله تعالى وسمى عند بداية العملية تبركا باسمه وذكره تعالى فإن ذلك أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل كلام ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر. وفي رواية: أقطع، وفي رواية: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله أقطع. والمعنى ناقص البركة. والحديث رواه النسائي والطبراني وغيرهما وضعفه الألباني.
وقد بينا من قبل أن الحديث الضعيف يجوز العمل به في فضائل الأعمال، فطلب البركة في الأمر كله من فضائل الأعمال، ويمكنك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 41058.
وقد سبق أن بينا حكم الختان بالتفصيل ومذاهب العلماء فيه في الفتوى: 4487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(10/113)
هل هناك دعاء يدعى به لعودة الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء معين لعودة الغائب؟
أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء خاص ثابت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- يدعى به لعودة الغائب، وننصحك بكثرة الدعاء والتوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وخاصة في أوقات الإجابة ومنها دبر الصلوات وثلث الليل الأخير وبين الأذان والإقامة.. فقد أمرنا الله تعالى بالدعاء ووعدنا بالإجابة عليه فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60} .
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 2395.
كما يمكنك أن تصلي صلاة الحاجة وتدعي بدعائها فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. زاد ابن ماجه في روايته: ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر.
وقد بينا كيفية هذه الصلاة وتخريج حديثها وكلام أهل العلم حوله.. فنرجو أن تطلعي على ذلك في الفتوى: 1390.
وعودة الغائب إلى أهله لا شك أنها من أحب الحاجات وأعظم الأمنيات عندهم؛ ولذلك فلا مانع من تأدية صلاة الحاجة والدعاء بدعائها لهذا الغرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(10/114)
الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يجوز قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الحوقلة (لا حول ولا قوة إلا بالله) من أعظم الذكر وأفضله، فينبغي للمسلم أن يكثر منها في كل وقت، وقد جاء الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإكثار منها دون تحديد لوقت، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. فإنها كنز من كنوز الجنة، صححه الألباني وأصله في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أعلمك كلمة هي كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
ولذلك، فإن الحوقلة من الأذكار الفاضلة التي ينبغي للمسلم أن يحرص على ذكر الله بها على كل حال، وفي كل وقت من أوقات حياته.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 35625.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(10/115)
الدعاء الذي يرد القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء يغير القضاء والقدر فقد تجادلنا أنا وصديقتي بخصوص هذا الأمر، فهي تقول إن من النية الصادقة بالدعاء ما قد يغير القضاء والقدر إن طلبت الله، فمثلا أن أتحول للجنس الآخر وأقصد إلى رجل، وأنا أقول قد يغير القدر بالدعاء بأشياء معينة وليس كتحول لجنس آخر، فمن الأصح جوابا أنا أم هي أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ورد في السؤال من الدعاء بتحويل الجنس وإن كان داخلا فيما يقدر عليه الله تعالى، إلا أن فيه اعتداء ظاهرا؛ إذ إن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن الكونية، كما سبق بيانه في الفتويين: 23425، 111332.
وقضاء الله تعالى نوعان: قضاء مبرم، وهو القدر الأزلي، وهو لا يتغير.
وقضاء معلق، وهو الذي في الصحف التي في أيدي الملائكة، فإنه يقال: اكتبوا عمر فلان إن لم يتصدق فهو كذا وإن تصدق فهو كذا. وفي علم الله وقدره الأزلي أنه سيتصدق أو لا يتصدق، فهذا النوع من القدر ينفع فيه الدعاء والصدقة لأنه معلق عليهما. وهو المراد بقوله تعالى: لكل أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {الرعد:38-39} ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 12638.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين: 43198، 23751.
وكون الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وأنه يرد القدر كما في الحديث: لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ. والحديث الآخر: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. رواهما الترمذي، وحسنهما الألباني. فمعناه كما يقول ابن القيم في الجواب الكافي: المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجرداً عن سببه ولكن قدر بسببه، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور وهكذا، كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء وقدر حصول الزرع بالبذر ... وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء. كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب. اهـ.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 54532.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: القضاء هو الأمر المقدر، وتأويل الحديث أنه إن أراد بالقضاء ما يخافه العبد من نزول المكروه به ويتوقاه فإذا وفق للدعاء دفعه الله عنه، فتسميته قضاء مجاز على حسب ما يعتقده المتوقي عنه، يوضحه قوله صلى الله عليه وسلم في الرقى: هو من قدر الله. وقد أمر بالتداوي والدعاء مع أن المقدور كائن لخفائه على الناس وجودا وعدما، ولما بلغ عمر الشام وقيل له: إن بها طاعونا. رجع، فقال أبو عبيدة: أتفر من القضاء يا أمير المؤمنين؟ فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم: نفر من قضاء الله إلى قضاء الله.
أو أراد برد القضاء إن كان المراد حقيقته تهوينه وتيسير الأمر حتى كأنه لم ينزل، يؤيده ما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. وقيل: الدعاء كالترس والبلاء كالسهم والقضاء أمر مبهم مقدر في الأزل.اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: الدعاء ينفع مما نزل من المصائب والمكاره، أي يسهل تحمل ما نزل من البلاء فيصبره أو يرضيه حتى أنه لا يكون متمنيا خلافه ومما لم ينزل منها بأن يصرف ذلك عنه، أو يمده قبل النزول بتأييد إلهي من عنده حتى لا يعبأ به إذا نزل. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(10/116)
الدعاء والتضرع إلى الله باستخدام الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء مستخدما الشعر مثل: إلهي لا تعذبني فإني ... مقر بالذي قد كان مني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا البيت لأب ي العتاهية فقد ذكر صاحب الأغاني أن آخر شعر قاله أبو العتاهية في مرضه الذي مات فيه:
إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني
فما لي حيلة إلا رجائي لعفوك إن عفوت وحسن ظني
وكم من زلة لي في الخطايا وأنت علي ذو فضل ومن
إذا فكرت في ندمي عليها عضضت أناملي وقرعت سني
أجن بزهرة الدنيا جنونا وأقطع طول عمري بالتمني
ولو أني صدقت الزهدعنها قلبت لأهلها ظهر المجن
يظن الناس بي خير وإني لشر الناس إن لم تعف عني.
والدعاء بهذا لا حرج فيه لأن الدعاء عموما شعرا كان أو نثرا مشروع، والدعاء من أفضل ما يتقرب به إلى الله، ولا سيما إذا كان بطلب العفو وسؤال الأمن من العذاب.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار. رو اه الترمذي وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال. رواه مسلم.
ومن المستحسن كذلك الاعتراف والإقرار بين يدي الله تعالى بارتكاب الخطأ والزلل، وفي هذا يقول الله تعالى إخبارا عن آدم وحواء أنهما قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، وفي الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
وعن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذني فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. رواه البخاري
وقد تضمن شعر الصحابة وسلف هذه الأمة كثيرا من الدعاء والابتهال إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(10/117)
حكم الدعاء بأدعية موجودة في جهاز الكمبيوتر لدى تشغيله
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أدعية لوالدي في جهازي (اللاب توب) ودائماً كلما أشغل الجهاز أذهب إلى هذه الأدعية وأقرأها..
هل هذه بدعه؟ أم يجوز لي فعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على المسلم في سؤال الله تعالى والإكثار من دعائه في أي وقت إذا لم يكن في الدعاء الذي يدعو به محظور شرعي.
فإذا كان هذا الدعاء موجودا على شاشة الجهاز، وكان يظهر كلما فتحت الجهاز فتتذكر الدعاء به فإن هذا أمر حسن ولا حرج فيه.
ولو أنك كنت تتركه في بعض الأحيان أو تأتي ببعض الأدعية المأثورة التي لا توجد في هذا الدعاء أو تنشغل أحيانا بالتلاوة فهو أفضل لئلا يحصل من الالتزام به عند فتح الجهاز كل مرة ما يدخله في دائرة البدع الإضافية.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 17613، 52405، 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(10/118)
نظرات في الدعاء على الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن قول الإمام أحمد في الظلم من دعا فقد انتصر ولم يأخذ جزاء الصبر ... وهل الدعاء على الظالم بقولنا حسبنا الله ونعم الوكيل اللهم اثأر لنا منه ومكنا منه وأذقه كما أذاقنا يعتبر انتصارا؟ كيف والظالم ظلمه يزيد فأين الانتصار هنا؟ والمظلوم مخذول من القانون ومن ضعف الناس والظالم يتطاول ويزيد ظلمه..وحسبنا الله ونعم الوكيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن الإمام أحمد رحمه الله إن كان ثابتاً عنه فهو صحيحٌ موافقٌ للسنة، ولا إشكال فيه ولا غُبار عليه، فإن الانتصار من الظالم مراتب ودرجات، فإذا ثأر المظلومُ لنفسه وفعل بالظالم مثل ما فعل به كان منتصرا، وهذا جائزٌ بشرط ألا يتعدى، قال تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ {الشورى:41} .
وإذا دعا على من ظلمه كان ذلك نوع انتصارٍ أيضا، ولا يلزمُ من ذلك أن يكون كالأول، ووجه كونه انتصارا ما فيه من التنفيس عن المظلوم وتخفيف همه كما هو مُشاهدٌ معلوم، فإذا تركه ووكل أمر الظالم إلى الله كان ذلك أولى وأحسن وأدخلَ في باب العفو، ويدل لذلك ما رواه أبو داود عنْ عائشة رضي الله عنْها قالت: سُرِقَتْ مِلْحفةٌ لَهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مَن سَرَقَهَا، فَجَعَلَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: لَاْ تُسَبِّخِي عَنْهُ. قال أبو داود: لا تسبخي: أي: لا تخففي عنه. صححه الألباني في صحيح الترغيب.
ولا يلزمُ من كون الدعاء انتصارا أن يرتفع الظلم بمرة، بل قد يؤخر الله استجابة الدعاء لما له في ذلك من الحكمة، ولا يعني هذا أن الدعاء على الظالم لا يجوز، بل هو جائزٌ لا حرج فيه قال الله عز وجل: لَاْ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيْعًا عَلِيْمًا {النساء:148} .
قال ابن كثير في التفسير: قال ابن عباسٍ في الآية: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحدٌ على أحدٍ، إلا أن يكون مظلومًا، فإنّه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: (إِلّا مَنْ ظُلِمَ) ، وإن صبر فهو خيرٌ له انتهى.
وقد دعا جمعٌ من الصحابة على من ظلمهم؛ كما دعا سعيد بن زيد على المرأة التي غصبته داره، ودعا سعد بن أبي وقاص على الذي بهته من أهل الكوفة، وهذا كله ثابتٌ في الصحيح.
وقريبٌ من هذا الدعاء الذي ذكرته ما ثبت في السنة، فعن جابرٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الَّلهُمّ أَصْلِحْ لِيْ سَمْعِي وَبَصَرِيْ، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَيْنِ مِنّي، وَانصُرنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي. رواه البخاري في الأدب المفرد.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قلّما كان يقوم من مجلسٍ حتّى يدْعو بهؤلاء الدّعوات لأصحابه: الّلهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ. . . واجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَىْ مَنْ ظَلَمَنَا، وَانصُرْنَا عَلَىْ مَنْ عَادَانَا. رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
فهذا كله يدلُ على جواز الدعاء على الظالم ولا يُنافي كونه نوع انتصار، والأولى تركه والعفو عمن ظلم كما دل على ذلك صريح القرآن، قال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل:126} ، وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} ، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر: يَا عُقبَةَ بنَ عَامِر: صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّن ظَلَمَكَ. رواه أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
ولعل الإشكال قد زال عنك بهذا التفصيل المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(10/119)
حكم الدعاء بزوج (صورة طبق الأصل في خلق شخص معين)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دعائي بأن يرزقني الله الزوج الذي يكون صورة طبق الأصل في خلقُ شخص معين أكون أعتدي في الدعاء، وهو هين على الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تريدين بقولك (صورة طبق الأصل) مجرد الاشتراك أو التشابه في الصفات الخَلْقية والخُلُقية، بأن يصدق عليه وصف الجمال والسمت الحسن من حيث الجملة مثلاً، فلا حرج عليك في هذا الدعاء إن شاء الله تعالى، فليس هو من الاعتداء في الدعاء.. لأنه أمر ممكن عادة، وفيه مصلحة ظاهرة، ما دام الذي تسألينه موافقاً لمراد الشارع من الجمع بين الخلق والدين.
وأما إن كان مرادك بهذه الكلمة التطابق الكامل في الشكل والمظهر، والطباع والمخبر، فهذا قد يكون فيه نوع اعتداء، لأنه من المحتمل ألا يكون هناك من البشر من يشبهه في شكله تماماً، فيصير دعاء بما يخالف العادة والسنن الكونية ... وقد سبق بيان معنى الاعتداء في الدعاء في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45972، 23425، 58303، 111332.
والأفضل أن تلتمسي أدعية القرآن والسنة، وتكتفي بذلك ففيها الخير والبركة والكفاية: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. ومن ذلك الدعاء القرآني: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74} ...
وننبه السائلة إلى أنه إذا حصل عندها شك في كون ما تدعو به هو من قبيل الاعتداء في الدعاء، فينبغي لها تركه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 49055، وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 32981، والفتوى رقم: 55356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(10/120)
هل للذهاب للعمل والفراغ منه دعاء ثابت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دعاء الذهاب إلى العمل، ودعاء الفراغ من العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على دعاء خاص بالذهاب إلى العمل أو الرجوع منه، ولكن ثبت دعاء الدخول للمنزل والخروج منه، وقد سبق ذكره في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33178، 95575، 62807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(10/121)
حكم المواظبة على الذكر بعدد معين لم يثبت في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[حياكم الله وبارك فيكم لدي استفسار وهو أني في وقت الفراغ أقوم فأستغفر الله 10 مرات ثم أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وأكرر ذلك عدة مرات، فهذه الطريقة أكون بها قد استغفرت وهللت وسبحت وحمدت وكبرت وغير ذلك، فما حكم ذلك وهل يعتبر من البدع؟ وشكراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإتيان بعدد معين من الذكر إذا كان غير ثابت بالشرع إنما يعتبر من البدع الإضافية إذا التزم ذلك واعتبر من السنة، أما إذا حصل من غير التزامه ولا اتخاذه سنة فلا بأس بذلك، لعموم الأمر بذكر الله تعالى، كما سبق التنبيه على ذلك في الفتوى رقم: 99061.
والسائل الكريم ذكر أنه يقوم بالاستغفار في وقت الفراغ، وهذا يعني أنه لا يلتزمه في وقت معين أو عدد معين يعتقد سنيته، وكذا الأمر في التسبيح والتهليل المذكور فهو عن البدعة أبعد.. وعليه فلا حرج فيما يفعله السائل الكريم.. بل هو من الفضائل التي ينبغي أن يحافظ عليها ويستزيد منها..
وبالجملة فذكر الله تعالى على قسمين:
الأول: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تقييده بعدد معين على وجه الفضيلة، مثل الأذكار الواردة بعد الصلاة وبعض أذكار المساء والصباح.
الثاني: ما جاء مطلقاً ولم يقيد بعدد معين، وهذا لا يشرع فيه التزام عدد معين لما في ذلك من مضاهاة التشريع، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6604، والفتوى رقم: 51760.
فتخصيص ذكر معين بوقت معين وبعدد معين، يحتاج إلى دليل، فما لم يثبت له دليل فلا يفعل ويعتبر من البدع الإضافية والخير كله في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم القائل: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم..
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 109034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(10/122)
حكم دعاء المرأة ربها بأن ينقص من طولها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يدعو الإنسان من الله إذا كان عنده طول زائد ولا يوجد عنده ثقة في نفسه بأن يقصر، علما بأنه عنده عقدة نفسية ولا حتى يستطيع رؤية الناس، يمكن أن يكون هذا السؤال غريبا، لكن أصبح عنده مرض نفسي أنا أسأل من باب أن الله على كل شيء قدير، وهذا الشخص يعتبر أنه بلاء له، فأرجو الرد علي بالإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بنقص الطول وإن كان داخلاً فيما يقدر الله تعالى عليه إلا أنه نوع من الاعتداء، إذ إن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن، وقد سبق بيان ذلك مع بيان ما هية الاعتداء في الدعاء، وذلك في الفتوى رقم: 23425، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 49055.
ونذكر الأخت السائلة بأن الإنسان لا يقدر بجسمه طولاً وقصراً وإنما يقدر بدينه وعقله وعمله، فقد قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13} .
فلتكن همة هذا الشخص في تحصيل ما ينفعه مما يقدر عليه وليدع عنه التطلع إلى ما لم يقسم وليرض بقضاء الله له، فإن اختياره سبحانه للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، فهو أرحم به من أمه التي ولدته ... وأساس ذلك هو الإيمان بالقضاء والقدر، فإنه يبعث في النفس الطمأنينة ويريحها من كد التطلع إلى ما لم يكن ويخفف عنها عناء حصول ما يكره، وبه يعلم المرء أن ما أصابه لم يكن ليخطئه.. وما أخطأه لم يكن ليصيبه، كما قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد:22-23} .
وقد سبق بيان أن الإيمان بالقدر فيه راحة البال وطمأنينة النفس وثبات القلب والقناعة بما قسم، والصبر وترك المعارضة والاعتراض، وذلك في الفتوى رقم: 19686، والفتوى رقم: 67357.
كما سبق بيان آثار الإيمان عموماً في حياة المسلم، ومنها تحقيق السعادة والطمأنينة، والأمن في الدنيا والآخرة، والثبات أمام الفتن، وذلك في الفتوى رقم: 38814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(10/123)
ضوابط الدعاء بغير المأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أجيد فن إلقاء الدعاء كما أسمعها من بعض الأئمة ولكن أدعو الله بطريقة كما لو كنت أتحدث مع أحد ما. طبعاً مع الحفاظ على قدسية الله تعالى فهل يجوز ذلك أم هناك طريقة معينة للدعاء. وشكراً وجزاكم الله خيراً إن شاء الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم أن يدعو بدعاء يعبر فيه عن حاجته ورغبته أو كشف ضره، ولكنه إذا دعا بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء كما جاء في القرآن الكريم أو السنة المطهرة كان أفضل، وعليه أن يختار من الأدعية ما يتناسب مع المقام الذي هو فيه أو الحاجة التي يطلبها، ولا مانع أن يجمع بين هذا وذلك ويركب من بينهما أدعية تعجبه وتناسب مقامه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعوه. رواه البخاري.
فالأمر واسع إن شاء الله تعالى ما دام المرء لم يدع بإثم ولا قطيعة رحم، بل ربما كان دعاء الداعي بحاجته أدعى لحضور قلبه وإقباله على الله عز وجل وشعوره بالفقر والاحتياج مما يكون سببا في استجابة الله لدعائه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 47385.
المهم أن تدعو الله تعالى حاضر القلب راغبا راهبا خاشعا لله راجيا رحمته مؤملا فضله وكرمه غير معتد في دعائك ولا يائس من الإجابة ولا متكلف للسجع، وقد سبق بيان ذلك مع آداب وشروط الدعاء في الفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(10/124)
دعاء الله تعالى بأن يرزقه بولد ذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من دعاء لمن يريد أن يرزقه الله بالذكور وقد رزقه الله بالإناث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم دعاء مأثورا خاصا بهذه المسألة، والأصل أن الداعي يدعو بحاجته، فلك أن تدعو الله وتسأله أن يرزقك ولدا ذكرا، وتدعو بذلك في أوقات الاستجابة مثل آخر الليل وساعة الجمعة، فإن المسلم يشرع له أن يسأل الله أي حاجة يريدها كما في الحديث: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع رواه ابن حبان وأبو يعلى وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(10/125)
حكم الدعاء بـ: اللهم أعز الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل يجوز الدعاء بهذه العبارة اللهم أعز الإسلام والمسلمين أم لا يجوز لأن الإسلام معزوز وسيبقى معزوزا إن شاء الله. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الدعاء باللفظ المذكور في السؤال، وليس معنى هذا أن الإسلام ذليل؛ فإن الحق لا يَذِلُّ حتى وإن غُلِب، وقد قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {التوبة: 33} .
والمراد بالعزة في هذا الدعاء: الظهور والتمكين والنصرة والتأييد. كما في قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة، كلهم من قريش. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء بنحو هذا المعنى المذكور في السؤال، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب. رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح غريب. وصححه الألباني.
قال المباركفوري: قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ) أَيْ قَوِّهِ وَانْصُرْهُ وَاجْعَلْهُ غَالِبًا عَلَى الْكُفْرِ اهـ.
وقد أُشكِل على هذا الحديث بنحو ما ذكر السائل الكريم، فأجاب علي القاري فقال في مرقاة المفاتيح: ليس فيما ورد من الحديث محذور، بل هو من قبيل قوله تعالى: فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ، أي قوينا الرسولين وما أتيا من الدين به. أو من باب قوله صلى الله عليه وسلم: زينوا القرآن بأصواتكم. على أنه يمكن أن يكون من نوع القلب في الكلام، كما في: عرضت الناقة على الحوض. ولذا ورد أيضا: زينوا أصواتكم بالقرآن. والحاصل إنه إن صحت الرواية وطابقت الدارية فلا وجه للتخطئة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(10/126)
يقين العبد بأن الله تعالى سيجيب دعاءه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
أنا العبد الفقير عندي الكثير من الهموم وأعلم أن ليس يفرج عني إلا رب العالمين فأستعين على تلك الهموم بالدعاء والابتهال والتضرع لله رب العالمين فهو الملاذ الآمن لكل مهموم وهو جابر الخواطر رب العالمين وهو فوق كل شكوكي وفوق وسوسات الشيطان التي يوسوسها لي وأني أعلم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام بما معنى الحديث أنه يستجيب للداعي ما لم يستعجل فيقول دعوت ولم يستجب لي ومعاذ الله أن أقول ذلك ولكني أعلم أن هناك خللا في نفسي من أجل ذلك أحس أن دعائي يحجب عن رب العالمين ربما قمت بعمل يحجب الدعاء ولا أدري ما هو وقد حاولت وما زلت أصلح من نفسي ومن عملي ولزمت الاستغفار والحمد لله وأدعو الله في أغلب الأيام في الليل أو النهار وأوقات الإجابة ولكن لا زالت همومي لا تنفرج وتزداد مع الأيام, ولا زلت لا أشعر أني اقترفت من الأعمال ما يمنع الإجابة, حتى أني كل ليلة اقرأ أذكار الصباح والمساء والتي من ضمنها دعاء يمنع الهم والحزن ويقضي الديون وهو: اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن.... إلى آخره وأنا لا أقول الأذكار لتجريب رب العالمين ولكني موقنا بأن رب العالمين سيستجيب إن لم يكن مانع في نفسي, فرب العالمين أعلى من شكوكي ومع ذلك لم أستطع الزواج إلا بأن استدين مبلغ من المال وما زلت مديونا به والشركة التي اعمل بها تقريبا قد أفلست وأنا وزوجتي ليس لنا إلا هذا الراتب (اأكر الابتلاءات هنا مع كثرة النعم التي أنعمها رب العالمين علي) ... فأرجو منكم أن تنصحوني ماذا أفعل لأني تقريبا قد فقدت ثقتي بنفسي كعبد أحس أن رب العالمين قد طردني مع أنه ليس لي إلا هو وأقسم بالله ليس لي إلا هو، ولا أريد منكم أن تفهموا مني أني أشكو الله لكم معاذ الله، ولكني أشكو نفسي لعلكم تدلوني إلى الخير، وما كان في هذا السؤال من خير فمن الله رب العالمين وما فيه من سوء فمن نفسي ومن الشيطان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نوصيك بحمد الله تعالى على ما أعطاك من التوفيق للدعاء والإتيان بالأذكار، ونوصيك بحسن الظن بالله تعالى واليقين بإجابته لدعاء من دعاه، ففي الحديث: أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله.. رواه أحمد. وفي الحديث: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. رواه الحاكم وصححهما الألباني.
واعلم أن استجابة الله تعالى لمن دعاه ثابتة، فقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، ولكن هذه الاستجابة قد تتم بإعطاء العبد ما يريده الآن وقد يختار الله تعالى له رحمة به ومراعاة للأصلح له غير ذلك من أنواع الإجابة فقد يدفع عنه البلاء وقد يدخر له في الآخرة فهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالح العباد وأرحم بهم من أنفسهم وأهلهم، فاحرص على الاستقامة على طاعة الله وتقواه والإكثار من سؤاله فبذلك يحقق الله لك ما يريد، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71758، 76262، 63823، 70392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(10/127)
الأحوال التي يستعاذ فيها مما يعلم من الشرك ويستغفر لما لا يعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[قول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم.
متى يقال هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الدعاء يقال إذا خاف العبد على نفسه شيئا من الرياء، أو أراد أن يتقي أبواب الشرك كبيرها وصغيرها، فعن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل. فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وروى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر! للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل. فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلهاً آخر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قال: قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. وصححه الألباني.
فينبغي إذا الإكثار من هذا الدعاء العظيم مادام الإتيان به سببا للسلامة من الوقوع في الرياء، وغير خاف أن الخوف من الرياء ينبغي أن يلازم العبد في كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(10/128)
التوجه إلى الرب الكريم أوقات الشدة دأب الصالحين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في شرعية قول (إذا ضاقت بك الدنيا فلا تقل يا رب لي هم كبير، بل قل يا هم لي رب كبير) ، كما هو معلوم عندي أن الإنسان يستنجد بالله في وقت الشدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه وإن كان المعنى المراد من هذا الكلام معنى صحيحاً إلا أن العبارة الأولى من هذه المقولة فيها ما لا ينبغي إطلاقه، وهو قول (فلا تقل: يا رب ... ) فهذا النهي في غير محله، بل الصواب الأمر بذلك، كما قال الله تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} ، وهذا شأن الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه إذا ضاق بهم أمر أو نزلت بهم شدة، يتوجهون إلى الرب الرحيم تبارك وتعالى، قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {الأنبياء:83} ، وقال سبحانه على لسان زكريا عليه السلام: قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا {مريم:4} ، وقال على لسان موسى وهارون عليهما السلام: قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى {طه:45} .
وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16946، 49676، 103409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(10/129)
حكم ذكر اسم الله تعالى بالإسبانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في أسبانيا وقال لي أحد الإخوة إنه لا يجوز لي أن أذكر اسم الله بالأسبانية حتى لو كنت أتكلم مع أسباني. ماذا تقولون في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من ذكر اسم الله تعالى وتعظيمه عند الحديث بلغة أجنبية، وخاصة إذا كان ذلك من أجل دعوتهم أو بيان فضل الله تعالى وعظمة دينه، فيكون صاحبه مأجورا بإذن الله تعالى. فمن المعلوم أن كثيرا من أنبياء الله لم يكونوا عربا، وقد قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَومِهِ {إبراهيم:4}
ومعلوم أنهم جميعا كانوا يدعون أممهم إلى توحيد الله ويخاطبونهم بلسان غير عربي، وقد قص علينا القرآن الكريم أن نبي الله سليمان - عليه السلام- أرسل إلى ملكة سبأ كتابا فيه "بسم الله الرحمن الرحيم، والمفروض أنه ليس بالعربية؛ لأن سليمان عليه السلام ليس عربيا، ولذلك فلا مانع من ذكر الله تعالى بالإسبانية أو غيرها.
وللمزيد انظر الفتاوى: 11329، 51392، 97952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(10/130)
حكم هذا الدعاء: اللهم إن حلمك عليهم قد أضرني، فعجل بفرجك علي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بهذا الدعاء: (اللهم إن حلمك عليهم قد أضرني، فعجل بفرجك علي، اللهم خذ حقي منهم) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد علمنا القرآن الكريم آداب الدعاء، فقال الله تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} ، فإن الداعي ينبغي أن يكون خاشعاً مستكيناً متضرعاً إلى الله تعالى.. وهذه المقدمة (اللهم إن حلمك..) لا تليق أن توجه إليه -سبحانه وتعالى- لما فيها من الإشعار بالاعتراض على قضائه وقدره، وأما قول الداعي (اللهم عجل بفرجك..) فلا حرج فيه بل هو دعاء محمود.. وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 98263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(10/131)
الدعاء القلبي.. هل يستجاب ويثاب صاحبه عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء بالقلب يحسب ويعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن مجرد حديث النفس لا يعد عملا، ولا يحسب لصاحبه ولا عليه؛ ولذلك قال العلماء: إن الخواطر التي تمر بالقلب لا يؤاخذ الشخص بها شرعا ما لم يتلفظ بها صاحبها أو يعمل بمقتضاها.
وقالوا: لا بد في القراءة من تحريك اللسان والشفتين، وبدون ذلك لا تعتبر قراءة، وإنما هو تدبر أو تفكر بالقلب؛ ولذلك لا يمنع الجنب من القراءة بالقلب، ولا صاحب الحاجة في الحمام من الذكر بالقلب.
وبخصوص الدعاء بالقلب وحده دون اللسان لم نطلع له على دليل، ولكن ورد أن الذكر بالقلب وحده يحسب لصاحبه، ولا يبعد قياس الدعاء عليه.
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: أنا ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم.
وقد جاء في كلام بعض أهل العلم ما يدل على أهمية عمل القلب في الدعاء وأن اللسان تابع له.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض الدعاء بالعامية: فإن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب، ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه، ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك. اهـ
وإذا قلنا إن الدعاء بالقلب يحسب لصاحبه قياسا على الذكر، فلا شك أن التلفظ به أفضل من مجرد إرادة المعنى بالقلب فقط؛ لما في ذلك من تؤاطؤ القلب واللسان.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 13109،والفتوى رقم: 20331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(10/132)
مسائل حول الاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أنوي الاستغفار بنية أمر كذا أرجو من اللَّه أن يحققه لي، ويكون استغفاري مثلاً من بداية الشهر فأنوي أن يكون أي وقت أستغفر فيه اللَّه عز وجل طيلة هذا الشهر وفي أي وقت بنية بأن يغفر اللَّه ذنوبي وبالنية التي نويتها في أول الشهر، أتمنى أن أكون وفقت في شرح المقصود من السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من آثار الاستغفار وثمراته نزول رحمة الله وحصول عافية الدنيا وتمام مصالحها، ورفع العذاب عن أهلها، كما قال تعالى: لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون {النمل: 46} .
وقال عز وجل: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {الأنفال: 33} .
وقال سبحانه: وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ {هود: 3} .
وقال تبارك وتعالى: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ {هود: 52} .
وقال عز من قائل: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح:12،11،10} .
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. رواه أبو داود وضعفه الألباني.
وهذه النصوص ظاهرة في أن هذه الثمرات للاستغفار تحصل بوجوده ولا تتوقف على نية استدفاع البلاء أو استمطار الرحمة أو تيسير الحاجة وما أشبه ذلك.
والمقصود أن السائل لا يحتاج لأن ينوي بالاستغفار جلب منفعة أو دفع مضرة، فإن ذلك حاصل على أية حال، سواء نوى حاجة معينة أو لم ينو، فينبغي أن يكون اهتمامه بتحصيل أسباب قبول الاستغفار، ومن هذه الأسباب حضور القلب وحصول اليقين بالإجابة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه الترمذي وأحمد. وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
ومن ذلك تحري صيغ الاستغفار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان بعضها في الفتويين: 51755، 56086.
كما سبق ذكر طرف من ثمرات الاستغفار في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24902، 39154، 29748، 30361.
ثم ننبه السائل الكريم على أنه إن جمع بين الاستغفار وبين الدعاء بحاجته التي يريد، فإن هذا أكمل وأقرب لحصول المطلوب، وليقدم الاستغفار على المسألة، كما في الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي فيما رزقتني. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1430(10/133)
حكم الدعاء لبلد كافر بالأمن والأمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لخطيب الجمعة في البلاد غير الإسلامية (أوروبا مثلا) أن يقول في دعائه: اللهم اجعل هذا البلد آمنا. وما هو المقصود بهذا الدعاء. أفيدونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الداعي: اللهم اجعل هذا البلد آمنا. معناه الدعاء بالأمن بحيث تكون تلك البلاد آمنة من كل ما يكدر صفو عيش أهلها، والبلد المشار إليه في السؤال إن كان بلدا محاربا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم لم يجز الدعاء له بالأمن، وإن كان بلدا غير محارب فقد بينا في الفتوى رقم: 14165 جواز الدعاء للكافر غير الحربي بمنافع الدنيا، ولعل الأولى اجتنابه لما دل عليه كتاب الله تعالى من أن الله تعالى يعذب الأمم الكافرة لعلها تهتدي كما قال تعالى: وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الزخرف:48} وكما قال تعالى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {السجدة:21} .
قال ابن عباس: يعني بالعذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها، وما يحل بأهلها مما يبتلي الله به عباده ليتوبوا إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(10/134)
دعاء المرء ربه بأن يطيل قامته وشرب ماء زمزم بنية ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري27 سنة وقصيرة الطول هل إذا شربت ماء زمزم بنية أن أطول أكثر مع الدعاء يعتبر من الاعتداء في الدعاء؟ خصوصا أن هرمونات النمو تكون قد توقفت عند العشرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بزيادة الطول وإن كان داخلا فيما يقدر الله تعالى عليه، إلا أنه نوع من الاعتداء، إذ إن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن. وقد سبق بيان ذلك مع بيان ماهية الاعتداء في الدعاء، في الفتوى رقم: 23425.
وكذلك الحال في النية التي من أجلها يشرب ماء زمزم، ينبغي ألا تخالف سنن الله الكونية، فقد قال تعالى: فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً {فاطر: 43} . وقد سبق بيان فضيلة ماء زمزم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3491، 8709، 8710.
وننبه السائلة على أنه إذا حصل عندها شك في كون ما تدعو به هو من قبيل الاعتداء في الدعاء، فينبغي لها تركه؛ امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ، والنسائي وأحمد، وصححه الألباني. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 49055.
ونذكر الأخت السائلة بأن الإنسان لا يقدر بجسمه، وإنما يقدر بدينه وعقله وعمله، فقد قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات: 13} فلتكن همتك في تحصيل ما ينفعك مما تقدرين عليه، ودعي عنك التطلع إلى ما لم يقسم لك، ولترضي بقضاء الله لك، فإن اختياره سبحانه للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، فهو أرحم به من أمه التي ولدته.
ويا حبذا لو شربت ماء زمزم لحصول الهدى والتقى والقناعة والرضا وشفاء الصدر وعافية البدن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(10/135)
هل يأثم من دعا أن يصرف الخطيبة عن أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم أخي منذ بضعة أيام لخطبة فتاة ولرفضي لها دعوت الله بأن يصرفها عنه وألححت بالدعاء، والآن بعد أن أجيب الدعاء أشعر بأني ظلمت أخي والفتاة التي لا ذنب لها، وأنا أخشى غضب الله ودعاء المظلومين فهل أنا آثمة؟ وهل استجيب دعائي أم أنه قضاء وقدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان دعاؤك بصرف تلك الفتاة عن أخيك لسبب مشروع كأن يكون لعيب في دينها أو خلقها فأنت محقة فيه، ولا حرج عليك، وكان يجب عليك أن تنصحي أخاك بالبعد عنها، وأما إن كان ذلك لغير سبب مشروع فذلك من الاعتداء في الدعاء، والدعاء إذا كان فيه اعتداء كأن يكون بإثم أو قطيعة رحم، فإنه لا يستجاب.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطعية رحم. رواه مسلم.
وبالتالي فإن دعاءك في هذه الحالة لم يستجب، وعليك أن تتوبي من ذلك أي من الاعتداء في الدعاء، واعلمي أن كل ما يقع في الكون يقع بقدر الله، وكل مقادير الخلائق مكتوبة قبل أن يخلق الله الخلق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1430(10/136)
ابتكار الدعوات للدعاء بها دون الدعاء المأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشرفة بأحد المنتديات وتم عرض هذا الموضوع في القسم الإسلامى وأحببت أن أعرف مثل هذا الموضوع جائز أم من البدع؟
ولكم جزيل الشكر ...
اختبر شيطانك
تريد أن تعرف تقدر على الشيطان أم يقدر عليك؟ قم بإرسال هذه الرسالة، ولنرى إن كان الشيطان قادرا على إيقاف هذا الأمر.
لا إله إلا الله عدد ما كان لا إله الا الله عدد ما يكون لا إله الا الله عدد الحركات والسكون.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. ... ... ... ... ... ... ... اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
بعد بضع ساعات تكون جمعت حسنات كثيرة جدا؛ لأنك سبب في قيام الناس بذكر الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله من أكبر أنواع جهاد الشيطان، فالشيطان يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، ويزين الباطل للناس، ويثبطهم عن الخير. وأما الداعي فهو يدعو للجنة، ولتوحيد الله تعالى وطاعته، فبقيامه بالدعوة يحارب الشيطان، ويتقوى عليه.
وليس من حرج في أن يدعو المرء بمثل ما ذكر من الدعاء، ولكن الداعي إلى الله يحسن به الحرص على الدعوة بما هو ثابت من نصوص الوحي، ولا ينبغي اللجوء لابتكار ما لم يثبت.
وبناء عليه، فننصح الإخوة في المنتديات بالحرص على مدارسة الوحي، وما استنبط منه، وأن يدعوا به ويرغبوا فيه، ويستغنوا به عن ابتكار الغرائب.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50006، 76639، 116476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(10/137)
الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغ غير واردة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز هذه الصيغ الواردة في هذا الموضوع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، صلّوا على الحبيب:
قال الله سبحانه وتعالى: (إنَّ اللهَ وملائكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبي يا أَيُّها الذِّين آمَنوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما ً) ، اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد وعلى آل سَيِّدِنا محمد كما صلَّيت على سَيِّدِنا إبراهيم وعلى آل سَيِّدِنا إبراهيم، وبارك على سَيِّدِنا محمد وعلى آل سَيِّدِنا محمد كما باركت على سَيِّدِنا إبراهيم وعلى آل سَيِّدِنا إبراهيم في العالمين..إنك حميد مجيد.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه، عدد خلقك.. ورضا نفسك، وزِنَةَ عرشِكَ، ومدادَ كلماتِك، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه عدد ما خلقتَ، وعدد ما رزقتَ، وعدد ما أحييتَ، وعدد ما أَمتَّ.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه في كلِّ وقتٍ وحين، وفي كلِّ مِلَّةٍ ودين، وفي العالمين إلى يوم الدِّين.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه كلما ذَكركَ الذَّاكرون، وكلما غَفَلَ عن ذِكرِك الغافلون، وعدد من صلَّى عليه، وعدد من لم يُصلِّ عليه، وعددَ أوراق الأشجار، وعدد مياهِ البحار، وعدد ما أظلمَ عليه الليل وما أضاء عليه النهار.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه صلاةً تكونُ لكَ رِضاءً، ولِحَقِّهِ أداءً، وأعطِهِ الوسيلة َوالفضيلةَ والمقامَ المحمودَ الذي يَغبِطُه عليه الأوَّلونَ والآخرون.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه كما تُحبُّ أن يُصَلَّى عليهِ، وكما ينبغي أن يُصَلَّى عليه، وكما أَمرتَ أن يُصلَّى عليه، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه صلاةً تُنجِينا من جميعِ الأهوالِ والآفاتِ، وتَقضِي لنا بها جميعَ الحاجات، وتُطهِّرنا بها من جميعِ السَّيئات، وتَرفَعنا بها إلى أعلى الدَّرجات، وتُحَلُّ بها العّقد، وتنفرِجُ بها الكرب، وتُقضى بها الحَوائِج، وتُنال بها الرَّغائِب وحُسن الخواتيم.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه صلاةً يَنفرِج بها كل ضيقٍ وتعسيرٍ، ونَنالُ بها كلَّ خيرٍ وتيسيرٍ، وتَشفينا من جميع الأوجاع والأسقام، وتحفظنا في اليقظة والمنام، وتَرُدُّ عنَّا نوائِب الدَّهر ومتاعبَ الأيام.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على النَّبي الأمِّي، سَيِّدِنا محمد المختار، وعلى آلِهِ الأطهار، وأصحابه الأخيار.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على خاتمِ النَّبيين، وسيِّدِ المرسلين، وإمامِ المتقين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، شفيعِ الأُمَّة، وكاشِف الغُمَّة، ومُجلِي الظُّلمة.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على النِّعمة المسداة، والرَّحمةِ المهداة، والسِّراجِ المنير، صاحبِ الشَّفاعةِ الكُبرى، والوَسيلةِ العُظمى، مَن نَصَحَ الأُمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهادِهِ.
اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على صاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، والمكان المشهود. اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على من بالصَّلاةِ عليهِ تُحطُّ الأوزار، وتُنال منازل الأبرار، ورحمة العزيز الغفار.
اللَّهمَّ إنا نسألُكَ من خيرِ ما سألكَ منه محمد نبيك ورسولك، ونعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه محمد نبيك ورسولك، اللَّهمَّ إنا نسألُك حبَّهُ.. وحُبَّ من يُحِبُّه، وحُبَّ كلِّ عملٍ يُقربُنا الى حُبِّه.
اللَّهمَّ أحينا على سُنَّتِهِ، وأمتنا على سُنَّتِهِ، واحشُرنا في زُمرَتِه، وارزُقنا شَفاعَتَه، وأورِدنا حَوضَه، واسقنا من كأسِه شربةً لا نَظمَأُ بَعدَها أبَداً، غير خزايا ولا نادمين، ولا فاتِنينَ ولا مَفتونِين، اللَّهمَّ متِّعنا برؤيةِ وجهِهِ الكريم في الدُّنيا والآخرة، وأكرِمنا بمُصاحبتِه وآله وصحبه في أعلى عِلِّيين. اللَّهمَّ اجزِهِ عنَّا أَفضل ما جازيتَ نبياً عن أُمَّتِهِ، وصلِّ عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين وسَلِّم تَسليماً كثيراً.
اللَّهمَّ بلِّغ نَبيكَ وحَبِيبكَ مِنَّا الآن أفضَلَ الصَّلاةِ وأَزكى السَّلامِ، اللَّهمَّ اشرح بالصلاةِ عليهِ صُدورَنا، ويَسِّر بها أُمورَنا، وفَرِّج بها همُومَنا، واغفِر بها ذُنوبَنا، وثَبِّت بها أَقدامَنا، وبَيِّض بها وجوهَنا، واقضِ بها ديوننَا، وأصلح بها أحوالَنا، اللَّهمَّ تَقبَّل بها تَوبتَنا، واغسِل بها حوبَتَنا، وانصُر بها حُجَّتَناة، واغفِر بها ذلَّتَنا، اللَّهمَّ اجعلها نوراً من بين أيدِينا، ومِن خلفِنا، وعن أيمانِنا، وعن شمائِلنا، ومن فوقِنا، ومن تحتِنا، وفي حياتِنا، وفي مماتنِا.
اللَّهمَّ أَدِم بركَتَها علينا في الدُّنيا والآخرة، حتى نلقى حَبِيبَنا (صلَّى الله عليه وسلم) ونحن آمنون مُطمَئِنُّون، فَرِحون ومُستَبشِرون، اللَّهمَّ لا تُفَرِّق بيننا وبينَهُ حتى تُدخِلَنا مُدخَلَه.....الخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ورد السؤال عنه اشتمل على صيغ للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واشتمل على عدة صيغ من الدعاء، وصيغ الصلاة عليه منها صيغ جاءت بها السنة، ومنها صيغ حسنة ذكر العلماء صيغا قريبة منها ولا محظور فيها شرعا، كقول الشافعي في الرسالة: فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
وإننا نرى أنه لا حرج على المرء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو الدعاء بأي صيغة بشرط أن لا تشتمل على محظور شرعي كغلو في وصف للنبي صلى الله عليه وسلم بشيء من خصائص الرب تبارك وتعالى.
ولا شك أن الأولى والأفضل الاقتصار والاكتفاء بالصيغ الواردة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك، قال فقولوا: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ... رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
هذه الصيغة الواردة، ووردت صيغ أخرى فمن صلى عليه بها فهو على خير لأن هذا مما تنوعت فيه السنة، والنبي عليه الصلاة والسلام علمنا الصيغة التي نصلي عليه بها فالأولى الاقتصار عليها لأنها أفضل الصيغ وأتمها وأسلمها.
قال السيوطي رحمه الله: قرأت في الطبقات للتاج السبكي نقلا عن أبيه ما نصه: أحسن ما يصلى به على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية التي في التشهد قال: ومن آتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين، ومن جاء بلفظ غيرها فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك، لأنهم قالوا كيف نصلى عليك؟ فقال قولوا، فجعل الصلاة عليه منهم هي قول ذلك قال: وقد كنت أيام شبيبتي إذا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم أقول: اللهم صل وبارك وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وسلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد فقيل لي في منامي: أأنت أفصح أو أعلم بمعاني الكلم وجوامع فصل الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم؟ لو لم يكن معنى زائد لما فضل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفرت من ذلك ورجعت إلى النص النبوي.
وقال: لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بذلك. انتهى بتصرف.
وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: وأما ما يوجد في بعض الكتب من صلوات مبنية على أسجاع وعلى أوصاف وقد تكون أوصافا لا تصح إلا على رب العالمين فاحذر منها وفر منها فرارك من الأسد ولا يغرنك ما فيها من السجع الذي قد يبكي العين ويرقق القلب، عليك بالأصيل والأصول ودع عنك هذا الذي ألف على غير هدى وسلطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(10/138)
هل يلزم الإتيان بجميع الأذكار المأثورة في كل موطن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول جميع أذكار الصلاة خلف الصلاة، وجميع أذكار المساء عند المساء، وكذا أذكار النوم وغيرها، أم أنه كان يتخير مرة هذا ومرة هذا وما السنة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذكارَ قد تثبتُ بالسنة القولية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بها أو ذكره ثواباً معيناً لمن قالها، وقد تثبتُ بالسنة الفعلية، وذلك بأن ينقلُ أحد الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقولُ كذا في وقتِ كذا. وما ثبت بأحد الطريقين فإنه سنة ينبغي للمسلم الحفاظ عليه وعدمُ الإخلالُ به ما أمكنه، ولا يلزمُ أن تثبتَ الأذكار بالطريقين معاً نعني القول والفعل لتكونَ مشروعة، ولا قائل بهذا من العلماء.
ومن أمثلة ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه أصحابه أمره بالتسبيحِ والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين دبر كل صلاة، وأن يقول تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، فإن من قال هذا دبر الصلاة غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وهذا متفقٌ عليه، ولا نعلم حديثا يصرح بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الذكر دُبر الصلاة، وهذا لا يعني أنه لم يكن يفعله.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم: كان إذا انصرفَ من صلاته استغفرَ ثلاثاً وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام.
ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم ترغيبٌ قولي في هذا الذكر، ولا ذكر ثوابٍ معينٍ له، ونظير هذا في أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم كثير، وإيراد الأمثلة وسردها مما يطولُ جداً ولا يمكننا الجزم بأنه كان يفعلها كلها أو يختار منها.
وخلاصةُ المقام أن الذي ينبغي للمسلم هو أن يحرصَ ما أمكنه على الإتيان بما يمكنه مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار في المواطن المختلفة، سواءً كان ثبوته بالسنة القولية أو الفعلية، وكلما استكثرَ العبدُ من هذه الأذكار كان ثوابه أتم وأجره أوفر، وإذا استطاع الإتيان بجميعِ الثابت فهو أولى، وإذا تضيقَ الحال ولم يستطع إلا الإتيان ببعض ذلك فهو خيرٌ من الترك، وينبغي في هذه الحال أن يُقدم الأهم على المهم، والأفضلَ على الفاضل وفقَ مرجحاتٍ بينها أهل العلم، فالأصح يُقدمُ على الصحيح، وذو الثواب الأكبر يقدمُ على ما عداه، وهكذا، والله المسؤول أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(10/139)
الدعاء بالزوج الصالح خلال العام الحالي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 25 عاما، هل يجوز أن أدعو أن يجمعني ربي بالزوج الصالح هذا العام أي قبل أن أبلغ 26 من عمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الجائز والمشروع في حقك الالتجاء إلى الله تعالى ودعاؤك بأن يرزقك زوجا صالحا قريبا قبل نهاية العام المذكور، فلا حرج في ذلك، نسأل الله تعالى أن يستجيب دعاءك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تطمحين إليه. وراجعي الفتوى رقم: 59187.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(10/140)
حكم دعاء المطلقة أن يردها الله إلى زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الدعاء بأن يردني زوجي له بعد انفصالنا بسبب المشاكل، مع العلم بأنه تزوج بمجرد انفصالي عنه بسبب والدته، فهل أنا آثمة بدعائي بأن يرده الله لي وسأصبر عليه وعلى عصبيته رغم أني بعد ما انفصلت عنه بعشرة أيام قابلته ورجوته أن يردني لدرجة أنني كنت في حالة ذل ولكنه لم يقبل قال أنا ارتبطت بفتاة أخرى على الرغم من أن والده وأمه تدخلاتهم هي سبب خوفي منه وعدم استمراري معه، إما أن أعيش ذليلة بينهم وأسمع الأوامر أو أطلق وأنا لم أتحمل وقلت له بأن والدك هو السبب لأنني رفضت الطلاق، ولكن والده نقل الصورة خاطئة وقرر تطليقي وعندما سأله القاضي هل هناك خلوة شرعية أنكر ذلك وقال لم يحصل شيء فهل للخلوة تأثير على حكم القاضي فأرجو الإجابة بوضوح؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في دعاء الله تعالى أن يوفقك إلى الرجوع إلى زوجك السابق، ولك أن تبذلي الأسباب التي يمكن أن تعينك في هذا السبيل، ولا تسعي فيما عسى أن يفرق بينه وبين زوجته الحالية ولا تسألي الله ذلك، ولكن إن كان الحال على ما ذكرت من كونه عصبياً وأنه قد ارتبط بفتاة أخرى إضافة إلى أن تدخل والديه بينكما سبب عدم استمرارك معه، فقد يكون الأولى بك عدم التفكير في أمر الرجوع إليه، إذ ليس من المستبعد مع وجود مثل هذه الأشياء أن تتكرر المشاكل فيكون الفراق مرة أخرى، وبدلاً من ذلك يمكنك البحث عن رجل صالح ليتزوجك، والاستعانة في ذلك ببعض صديقاتك، ولا حرج على المرأة في أن تعرض نفسها على رجل صالح ليتزوجها إن انضبطت في ذلك بالضوابط الشرعية.
والأهم من ذلك كله أن ترضي بما قدر الله تعالى وقضى، ففي ذلك الخير العاجل والآجل، وفيه راحة البال وهناءة العيش، وأما الخلوة الصحيحة فلها حكم الدخول في قول بعض العلماء، فإذا طلقت المرأة قبل الدخول بها وبعد حصول هذه الخلوة فإنها تجب عليها العدة وتستحق المهر كاملاً كالمرأة المدخول بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(10/141)
حكم دعاء الله أن يبلغ الأموات السلام من الأحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي توفيت قبل عدة شهور وأنا دائما أدعو لها ومن شدة اشتياقي إليها أقول أحيانا في دعائي: اللهم بلغ أمي مني السلام، فهل هذا الدعاء جائز وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لأمك ولجميع موتى المسلمين، وبخصوص السلام على الأموات فإنه من السنة، فقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يسلم على الأموات ويعلم أصحابه ذلك، كما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: كيف أقول إذا دخلت المقابر؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمتأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.
وسبق بيان ذلك في الفتويين: 23015، 57654.
والظاهر من ما ورد من الآثار الواردة في الموضوع أن الأموات يبلغهم سلام الأحياء ويردون عليهم. وعلى هذا فدعاؤك الله تعالى أن يبلغ السلام منك لأمك لا حرج فيه إن شاء الله تعالى؛ لأنه من جملة الدعاء ولكن الأولى الاقتصار على ما ثبت في السنة.
وسبق بيان ما يدعو به المسلم ويبر به أبويه بعد موتهما في عدة فتاوى منها: 36932، 47960، 57683. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(10/142)
الدعاء بطلاق امرأة من زوجها دعاء بإثم وقطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت رجلا منذ سنتين وقد تزوج إرضاء لرغبة أهله، حاول إقناعهم بالرجوع عن قرارهم لكن بسبب إصرارهم تزويجه بنت عمه اضطر للموافقة علما أنه لم يحبها يوما ولا يحبها إلى حد الآن بل يحبني أنا، وقد أعلمني هذا شخص قريب منه علما بأن علاقتنا انقطعت بعد زواجه فورا أي أننا لم نقع في معصية والحمد لله
سؤالي هو: هل يجوز لي الدعاء بطلاقه وعودته لي مع العلم بأنني أدعو لزوجته أيضا بأن يعوضها الله برجل خير منه، إ ن كان دعائي لا يجوز فما هو الدعاء الذي قد أستعيض به لسؤال الله تعالى أن يعيد لي هذا الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ أهل هذا الرجل خطأ كبيرا عندما حملوه على الزواج بمن لا يريد إذ الزواج عقد خطير لا بد وأن يحاط بما يضمن استمراره واستقراره، ومن أهم أسباب ذلك أن يتزوج الرجل بمن يريد, وأن تتزوج المرأة بمن تريد، أما بالنسبة لدعائك بطلاق هذه المرأة من زوجها فهذا لا يجوز, لأنه من الاعتداء في الدعاء، وقد قال عز وجل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55}
وأيضا فقد ثبت نهيه صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالإثم والقطيعة، قال – صلى الله عليه وسلم –: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
ولا شك أن الدعاء بطلاق امرأة من زوجها دعاء بإثم وقطيعة, لما يترتب على الطلاق من تهدم الأسر وفساد العلاقات والتفريق بين المرء وزوجه.
أما الدعاء الذي تستعيضين به عن ذلك فيمكنك الدعاء بأن يزوجك الله من هذا الرجل, ولا عليك بعد ذلك أن يكون هذا مع بقاء زوجته الأولى أو مع طلاقها. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 99420.
والأولى أن تسألي الله عز وجل أن يزوجك بمن يسعدك ويكون لك فيه خير الدنيا والآخرة دون التعلق بشخص محدد لأنك لا تعرفين هل في زواجه منك خير أم لا. قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(10/143)
حكم قول: يا إلهي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقول يا اٍلهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله- سبحانه وتعالى- هو الإله الحق كما نردد في كلمة التوحيد وفي آيات الله القرآنية، فإذا دعا المسلم ربه دعاه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ومن ذلك ربوبيته وألوهيته؛ فيقول يارب ويا إلهي، فهذا من أعظم ما يدعو به العبد ربه.
كما قال تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:180} .
وكان من أدعية نبينا صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة في جوف الليل ما جاء في الصحيحين وغيرهما: اللهم لك الحمد، أنت رب السماوات والأرض، لك الحمد، أنت قيِّم السماوات والأرض ومن فيهنَّ، لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، قولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي، لا إله لي غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(10/144)
حكم النقص والزيادة والتقديم والتأخير في الأذكار المأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التشريه على البعض عند الزيادة على الألفاظ التعبدية جهلا, وماحكم التقديم أوالتأخير أو النقص في الألفاظ التعبدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المقصود من السؤال، فإن كان السائل يقصد حكم الزيادة أو النقص أو التقديم والتأخير في الأدعية والأذكار المأثورة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- وحكم الإنكار على من يفعل ذلك فالجواب أن جوامع الكلم والأذكار الواردة في مكان خاص لا ينبغي تغييرها ولا الزيادة عليها أوالنقص منها وعلى المسلم أن يحرص على أدائها بالألفاظ التي وردت بها كما جاء في حديث البراء بن عازب في أذكار النوم.
وسبق بيان ذلك في الفتويين: 74543، 106970.
ومع هذا فإن من يفعل شيئا من هذا التغيير لا ينكر عليه لأنه ليس أمرا محرما ما لم يترتب عليه تغيير للمعنى إلى معنى يخالف الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(10/145)
ما تتمناه تجده فهل إذا تمنت زوجا صالح وجدته
[السُّؤَالُ]
ـ[أي شيء أتمناه أجده أمامي فمثلا أتمني أكل بلح أجده خاليا يأتي به أحد عندي وهكذا أي شيء أتمناه أجده أمامي، فهل هذا يدل علي أن الله سيرزقني بالزوج الذي أتمناه، فأنا أدعو الله بالزوج الصالح وكذلك أمي تدعو لي كثيرا به، أو قد يدل ذلك على عودة شخص قد تقدم لخطبتي قبل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود ما تحبينه دائما لا يمكن جعله دليلا شرعيا على وجود الزوج الذي تطمحين إليه أو على قدوم خطيبك المذكور، فكلا الأمرين من أمور الغيب التي لا يمكن الاطلاع عليها، والله تعالى وحده العالم بحقيقتها، قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65} ، وبناء على ذلك فواصلي الدعاء لنفسك بالزوج الصالح وبكل خير من أمور الدنيا, ولا تعلقي نفسك بالاطلاع على الأمور الغيبية التي تستحيل معرفتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(10/146)
جواز الدعاء على الظالم ولو كان مسلما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شاب غرر بفتاة تقية ووعدها بالزواج كما أنه استلف منها مبلغا باهظا وبعد فترة ثبت أنه يتعاطى المخدرات كما أنه خاطب لبنت أخرى, ولا يريد إرجاع السلف إلى تلك الشابة اليائسة التي لا تعرف كيف يمكنها الدعاء عليه من الله عز وجل كي تأخذ بثأرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الفتاة تملك بينة من وثيقة أو شهود يشهدون أن هذا الشاب قد أخذ منها هذا المال فيمكنها أن تقدمها للجهات المسئولة حتى يأخذوا لها حقها.
أما إذا لم يكن معها بينة ولا شهود فعندئذ يمكنها أن تعرض الأمر على وليها أو بعض محارمها لينظر كيف يمكنه استرداد هذا المال، ويمكنه أن يستعين في ذلك ببعض من يملك سلطانا على هذا الشخص أو بعض أقاربه مثلا ليعينوه على ذلك.
أما بالنسبة للدعاء عليه فهو إن لم يرجع هذا المال فلا شك أنه ظالم، والظالم يجوز الدعاء عليه، قال سبحانه: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء: 148} ، جاء في تفسير ابن كثير عن ابن عباس: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: إِلا مَنْ ظُلِمَ وإن صبر فهو خير له انتهى. وجاء في تفسير السعدي رحمه الله: إِلا مَن ظُلِمَ أي: فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه، ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك فعفوه وعدم مقابلته أولى، كما قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. انتهى.
ومما يدل على جواز الدعاء على الظالم ولو كان مسلماً ما رواه مسلم في صحيحة عن عروة عن أبيه: أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين. فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
ودعاء سعيد بن جبير على الحجاج لما أمر بقتله مشهور فقد قال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي. ذكره الذهبي في السير.
وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
للفائدة تراجع الفتاوى رقم: 70611، 28754، 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(10/147)
تجنب الكلام المجهول المعنى في الدعاء والرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أعرف الكلمات الآتية: مهمهوب ـ سهسهوب ـ صعصعوب؟
والرجاء منك الإجابة والتوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم معاني هذه الكلمات، وقد ذكر أهل العلم أن الكلام المجهول المعنى لا يجوز قوله في الدعاء ولا في الرقية لئلا يكون مقتبسا من كلام يشتمل على الكفر أو يكون من أسماء الشياطين ونحوه.
وراجع الفتوى رقم: 54002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(10/148)
الأذكار التي يستحب للحامل أن تحافظ عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[الأدعية المأثورة من بداية الحمل حتى الولادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء خاص ببداية الحمل أو نهايته، ولكن ينبغي للمسلم أن يحافظ على أذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ والدخول والخروج والأدعية الماثورة في جميع الأوقات، فينبغي للحامل أن تحافظ على هذه الأذكار، وللمزيد من الفائدة عن ما يحمي الجنين من الشيطان انظر ذلك في الفتوى رقم: 6692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(10/149)
الدعاء لشخص بأن يتغير حاله من الضلال إلى الهداية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أحببت أن أستفسر عن أمر عسى أن أجد عندكم الجواب، سؤالي كالتالي هل يمكن أن يتغير الشخص غير الملتزم إن أنا دعوت الله أن يهتدي فأنا دائما في صلاتي أدعو الله له بالهداية ودعوت له في رمضان وأتحرى الأوقات التي يستحب فيها الدعاء في قيام الليل وبين الأذان والإقامة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن أن يتغير حال الإنسان من ضلالة إلى هدى بسبب دعاء غيره له فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعمر فهداه الله تعالى للإسلام، وإذا كان الشخص مسلماً في الأصل فاستجابة الدعاء له بالهداية أحرى، فإن من الدعوات المستجابات دعاء المسلم لأخيه عن ظهر غيب، وعلى كل فدعاء المسلم لا يخيب، والله عز وجل أكرم من أن يرد سائلا، ولكن للدعاء المقبول شروط لا بد من تحققها، وموانع لا بد من انتفائها، وآداب بحصولها يرجى قرب الإجابة، وكذلك ليست للإجابة صورة واحدة بأن يحصل المدعو به، بل قد يدخر الدعاء ليوم القيامة، وقد يصرف عن الداعي من السوء مثله، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتوى رقم: 72867 وما أحيل عليه فيها.
ومن الموانع التي ينبغي أن ينتبه إليها السائل: الاستعجال وترك الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل.
وقال ابن حجر: قال ابن بطال: المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء ... وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أنه يلزم الطلب ولا ييأس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة ... قال الداودي: يخشى على من خالف وقال قد دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة وما قام مقامها من الادخار والتكفير.
وقد سبق بيان معنى الاستعجال والتحذير منه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63158، 54325، 69484، كما سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 8331، 2395، 23599، 43346.
ثم ننبه السائل الكريم إلى أن المانع قد يكون في من تدعو له، وذلك معتبر في حال النبي صلى الله عليه وسلم الذي اجتهد في دعاء عمه أبي طالب للإسلام، ولكنه لم يسلم، وأنزل الله تعالى في ذلك: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ {القصص:56} ، وقال تعالى أيضا: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {البقرة:272} ، ويرجى للمزيد من الفائدة مراجعة الفتوى رقم: 57109، والفتوى رقم: 8306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(10/150)
الدعاء بقول اللهم إني أسألك بحق آية كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بقول: اللهم إني أسألك بحق آيتك. أو: بحق قولك على لسان نبيك؟ أو بنور وجهك أو بحق وعدك بالإجابة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء أساس العبادة، والعبادة مبناها على التوقيف؛ فلا يشرع منها إلا ما دل الدليل على مشروعيته، ومن الدعاء المشروع التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وبأعمال العبد الصالحة كإيمانه واعتقاده بصدق وعد الله تعالى وإجابته دعاء السائلين، قال الله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:180} .
فالآيات القرآنية كلام الله تعالى وكذلك قوله تعالى على لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث القدسية من كلامه وصفته؛ فمن قال: أسألك بآية كذا أو بقولك كذا أو بحق آيتك.. أو بحق قولك على لسان نبيك.. فقد سأل الله تعالى بصفة من صفاته، وكذلك من سأل الله بإجابته للدعاء فقد سأله بوصفه.
ومن أدعية النبي- صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما: اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون.
ومنها إذا دخل المسجد: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. . الحديث رواه أبو داود وصححه الألباني.
ومنها: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق ... اللهم إنا نسألك بأنك أنت الواحد الأحد.. اللهم اني أسألك بحق السائلين عليك ... أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض..
والجمل المذكورة لا تخرج عن هذا فهي سؤال بكلام الله تعالى أو بنور وجهه أو حق وعده سبحانه وتعالى، ولذلك فلا مانع من الدعاء بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(10/151)
حكم إضافة لفظ تعالى لاسم الجلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إضافة لفظ تعالى لاسم الجلالة في قوله تعالى (والله المستعان) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في ذلك إن لم يتعمد صاحبه تغيير الآية القرآنية، ويدل لجوازها أنه رويت هذه اللفظة عن بعض السلف، وقد ذكرها الشافعي في كتابه الأم، والغزالي في الاحياء، وابن حجر في التهذيب وغيرهم، ولا نعلم أحداً أنكرها عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(10/152)
الابتعاد عن الدعاء المتضمن لفظا مبتدعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هذا الكلام والدعاء وهل هو من الصوفية؟
فائدة لحفظ القرآن:
قال الشاذلي رضي الله عنه: إن قراءة هذه الأبيات قبل البدء بحفظ القرآن سبب لتيسير الحفظ وثباته في الذهن بإذن الله وهي:
كلام قديم لا يمل سماعه تنزه عن قول وفعل ونية
به أشتفي من كل داء ونوره دليل لعقلي عند جهلي وحيرتي
فيا رب متعني بسرحروفه ونور به عقلي وسمعي ومقلتي.
وهذا دعاء لحفظ القرآن:
اللهم إني أسألك يا الله بحق سرك المودوع في قلب محمد صلى الله عليه وسلم وبروح سرك الموجود في روح أوليائك وبائع لطفك في مقدراتك ودقائق لإتقانك في مخترعاتك وبعائب غرائب حكمتك في مصنواتك أن تجعل صورتي منسوبة متحلية مستعدة لاكتسب الصور العلمية المطابقة للصور الوحدية, واجعلني حاملا سر القرآن يا مجيب ,موصوفا بأوصاف سر الفرقان واختر عني بانطلاق اللسان , وزين باطني بنور التوحيد واخلع علي أنوار تجلياتك.اللهم لا مانع لما أعطيت ولا عطي لما منعت يا غفار أسألك بقدرتك القديمة وبقوتك القويمة أن ترزقني برد عفوك يوم المحشر وحلاوة مغفرتك يوم ظهور الهم والحزن والسرور. اللهم ثبتني على الإيمان لانكشاف نورك إنك أنت الله النور شافي الصدور يا غفار أسألك يا الله بدقائك لطفك الخفي وإحسانك الوفي أن تجعل نفسي بأنواع العبادة معمورة وروحي بأسرار المعارف منشورة وقلبي بحقائق روائق أسمائك وصفاتك موصوفا.
إلهي ثبت قدمي على طاعتك حتى لا أزل على الصراط يا أرحم الراحمين ونور قلبي بمعرفتك واشلني بتلاوة القرآن وبصرني كما بصرت أوليائك ختى أنال خدمة الأعتاب والأولياء ففي خدمتهم درج الكمال والرفعة والجمال , اللهم إني أسألك سرا من سرك وأمرا من أمرك ونورا من نورك ونولني وأوصلني لرضاك ورضاهم برضاك يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام المذكور فيه أسلوب الصوفية وفيه بعض الألفاظ المبتدعة والواجب الابتعاد عنه والاستغناء عنه بالأدعية التي ثبت بالسنة أنها يستجاب لمن دعا بها مثل الدعاء بالاسم الأعظم والدعاء بدعاء يونس عليه السلام، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 70670، 53348، 49867، 75534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(10/153)
الدعاء المذكور فيه جمل موهمة هي محل نظر
[السُّؤَالُ]
ـ[الدعاء الآتي لفيلسوف هندي اسمه طاغور. هل فيه محذور شرعي؟! علما أننا لا نريد التعبد به ولكن معانيه أعجبتني: اللهم لا تجعلني جزارا يذبح الخراف ولا شاة يذبحها الجزارون!
ساعدني أن أقول كلمة الحق في وجه الأقوياء ولا أقول الباطل في وجه الضعفاء، وأن أرى الناحية الأخرى من الصورة ولا تتركني أتهم خصومي بأنهم خونة لأنهم اختلفو معي في الرأي.
إذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ عقلي.
إذا أعطيتني نجاحا فلا تأخذ تواضعي وإذا أعطيتني تواضعا فلا تأخذ اعتزازي بكرامتي!
علمني أن أحب الناس كما أحب نفسي وأن أحاسب نفسي كما أحاسب الناس، علمني أن التسامح من أكبر مراتب القوة وأن حب الانتقام أول مظاهر الضعف! لا تدعني أصاب بالغرور إذا نجحت ولا باليأس إذا فشلت بل ذكرني دائما أن النجاح يسبق الفشل! إذا جردتني من النجاح فاترك لي قوة أن أتغلب على الفشل وإذا جردتني من الصحة فاترك لي نعمة الإيمان وإذا أسأت إلى الناس فأعطني شجاعة الاعتذار! وإذا أسأت إلى الناس فأعطني مقدرة العفو وإذا نسيتك فلا تنسني من عفوك وعطفك ورحمتك.
انتهى الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان أن هذا الدعاء المذكور ليس فيه ما يخالف الشرع، وإن كان الأفضل أن يدعو المسلم بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة وذلك في الفتوى رقم: 52405.
وإن كان فيه بعض الجمل الموهمة فهي محل نظر، ومن ذلك قوله: ذكرني دائما أن النجاح يسبق الفشل، وهذا إن كان أوضح في المعنى ولكنه لا يصح على عمومه وإطلاقه.
وقوله: إذا جردتني من النجاح فاترك لي قوة أن أتغلب على الفشل وإذا جردتني من الصحة فاترك لي نعمة الإيمان، قد يتعارض مع أدب الدعاء وهو العزم في المسألة وإعظام الرغبة، فلا شك أن الأولى أن يسأل المسلم الخير كله وأن يجمع الله له بين النجاح والقوة والصحة والإيمان، وقد قال النبي صلى الله عليه سلم: لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت ارحمني إن شئت ارزقني إن شئت وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء لا مكره له. رواه البخاري.
ورواه مسلم بلفظ: إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه.
وقوله لا تنسني من عفوك وعطفك ورحمتك. فيه نسبة صفة العطف لله تعالى وليست هذه الصفة ثابتة لله تعالى وهذه اللفظة لم تثبت في الفتوى المشار إليها بل لفظ الدعاء فيها من عفوك وحلمك.
ولذلك فإننا نؤكد على أهمية الالتزام بالأدعية المأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأنها أكمل وأفضل من غيرها باتفاق المسلمين وإن جاز غيرها مما يخلو من المحاذير الشرعية، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين 57658، 30668.
كما سبق بيان آداب الدعاء وشروطه والنهي عن الاعتداء فيه في الفتويين: 58303، 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(10/154)
زيادة كلمة تعالى بعد لفظ الجلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إضافة كلمة تعالى للفظ الجلالة (الله) كقولنا الله تعالى والله المستعان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إضافة كلمة (تعالى) لاسم الجلالة (الله) فيها من زيادة ذكره -سبحانه وتعالى- وتنزيهه والثناء عليه.. ما لا يخفى، وقد أثنى الله تعالى على نفسه بهذه الكلمة في محكم كتابه وعلى لسان عباده الصالحين، ولذلك من المستحب للمسلم أن يأتي بهذه الكلمة عند ذكر الله تعالى تنزيهاً له وثناء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(10/155)
حكم تغيير الضمائر في الأدعية المأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا نرى مبتلى بوجود الأطفال الصغار، فهل يجوز قول الدعاء الذي يقال عند رؤية المبتلى بصيغة الجمع كأن أقول الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا وهل يحميه ذلك من الإصابة بذلك الابتلاء أم أنه عليه أن يقوله بمفرده وينطق به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك السؤال عمن رأى مبتلى وأراد الاستعاذة من حاله وإشراك الموجودين معه من الأبناء الصغار.. في استعاذته فالجواب أن تغيير الضمائر في الأدعية من التذكير إلى التأنيث، ومن الإفراد إلى الجمع أو التثنية مراعاة لمقتضى حال الداعي، أو المدعو له جائز، نص على ذلك أكثر من واحد من أهل العلم، وسبق بيانه في الفتوى: 7101.
ولذلك يجوز لك أن تقولي: الحمد لله الذي عافانا.. بصيغة الجمع وغيرها.
وقد صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم- بألفاظ متقاربة أن من دعا بالدعاء المشار إليه عند رؤية المبتلى لم يصبه ذلك البلاء أو ذلك الداء؛ ومن ألفاظه مارواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا إلا عوفي من ذلك البلاء كائنا ما كان ما عاش.
فهذا الدعاء يعتبر حماية للداعي من من البلاء المستعاذ منه ولمن معه لقوله صلى الله عليه وسلم: إلا عوفي من ذلك البلاء كائنا ما كان ما عاش.
والظاهر أن من كانوا معه يشملهم هذا.
وننبه إلى أن العلماء: قالوا إن الداعي يقول ذلك في نفسه سرا ولا يسمع صاحب البلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(10/156)
النفث ومسح الجسد هل يشرع في أذكار الصباح والمساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النفث في اليدين ومسح الجسد بعد ذلك خاص بالذكر الذي قبل النوم حيث إنني أرى من يفعل ذلك بعد فراغه من أذكار الصباح والمساء، وأشكركم على هذا الموقع المتميز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثابت أن النفث في اليدين ومسح الجسد بهما إنما ورد في بعض أذكار النوم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 61600، فلتراجع.
وكذلك ورد النفث ومسح الجسد في الرقية، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 21206، فلتراجع.
ولا نعلم حديثا صحيحا في استحباب هذا الفعل في أذكار الصباح والمساء، وعليه فلا يشرع التزام النفث ومسح الجسد بعد أذكار الصباح والمساء؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال سبحانه: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ {النور:54} وقد سبق الكلام على مسح الوجه والجسم بعد الدعاء في الفتوى رقم: 31666. فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(10/157)
الإسرار في الدعاء واستقبال القبلة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أذكار الصباح والمساء تقرا جهرا وبترتيل القرآن واتجاه القبلة هل هذا صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك ثلاث مسائل أما الأولى: فهي الجهرُ بالذكر وهو جائز إلا أن الأولى والأفضل الإسرار به، قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ {الأعراف: 205} ثم إن الإسرارَ به أدعى للخشوع وأبعدُ عن الرياء.
وأما الثانية: فهي استقبال القبلة حال الذكر وقد نص أهل العلم على استحباب ذلك: قال النووي رحمه الله في الأذكار: ينبغي أن يكون الذاكرُ على أكمل الصفات، فإن كان جالساً في موضع استقبل القبلة وجلس مُتذلِّلاً مُتخشعاً بسكينة ووقار، مُطرقاً رأسه، ولو ذكر على غير هذه الأحوال جاز ولا كراهة في حقه، لكن إن كان بغير عذر كان تاركاً للأفضل. والدليل على عدم الكراهة قول الله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ انتهى.
وأما الثالثة: فهي قراءة الأذكار بترتيل كترتيل القرآن فهذا غيرُ وراد. والأصل أن الأذكار تقالُ بخشوعٍ وسكينة دون مراعاة هذه الأحكام، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 80622.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(10/158)
دعاء المرأة بأن يكون رجل معين زوجا لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ قلبي تعلق بإنسان وأدعو ربي أنه يكون شريك حياتي في الدنيا والآخرة وربنا يجمعنا على الخير، لكن هو عنده ظروف تمنعه من الارتباط إلا بعد كم سنة وأنا طول عمري كل ما أدعو بشيء في ما يتعلق بالقلب لا يتحقق لأجل ذلك -لا حول ولا قوة إلا بالله- أحس أنه لا يوجد أي أمل أنا ارتبط به وكل ما أدعو أقول (ما هو كده كده مسافر وهيسبني ومفيش حصل ارتباط فعلي نظراً لظروفه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالدعاء بأن يكون الشخص المذكور زوجاً لك، فالله سبحانه أمرنا بالدعاء ووعد بالإجابة، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح: قال بعض السلف لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه من فتح له منكم باب من الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ... انتهى.. وقد روى الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً: إن الله يحب الملحين في الدعاء.
وكان الصحابة يسألون الله عز وجل كل شيء حتى الملح ...
واعلمي أن الدعاء لا يذهب هباء، فإن الداعي موعود بأحد ثلاثة أمور، إما أن يعطيه الله ما سأل، وإما أن يدخر له ويثاب عليه في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء بقدر ما سأل، فمن دعا الله تعالى بإخلاص بعد تحصيل شروط الإجابة، وانتفاء موانعها فإن دعوته مستجابة إن عاجلاً أو آجلاً أو يدخر له مقابلها من الثواب ما هو خير منها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
فإن أجاب الله دعاءك وقدر لك الزواج بهذا الشاب فاحمدي الله وإن صرفه عنك فاعلمي أنه سبحانه يدخر لك ما هو خير، ويعلم ما يصلحك ويناسبك فارضي بما قسم الله عز وجل، وتذكري قوله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
أما قولك إنك تحسين بأنه لا أمل في الارتباط بهذا الشاب فهذا لا ينبغي لأنه قد يصل إلى سوء الظن بالله تعالى، وهو حرام فينبغي للمرء أن يحذر منه، بل إن القرآن قد حكى هذا الخلق وعده من صفات المنافقين، كما قال سبحانه: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ {الفتح:6} ، فعليك أمة الله أن تحسني الظن بربك حتى ولو حرمت الزواج من هذا الشخص، فاعلمي أن قضاء الله دائماً هو الخير لعبده المؤمن..
وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 103765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(10/159)
أدعية نافعة للتوفيق وتسهيل الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[ألعب فى نادي وأريد أن أدعو بدعاء قبل نزولي للملعب لكي يوفقني ربي عز وجل في الملعب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت في لعبك بالنادي ملتزماً بالضوابط الشرعية كستر العورات وعدم مخالطة الأجنبيات والاعتداء على الآخرين وعدم تضييع الصلوات أو غيرها من الواجبات فإنه لا بأس باللعب في هذا النادي، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 63900، هذا ويشرع الاستعانة بالله والدعاء لحصول ما ينفعك لما في حديث مسلم: أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.
ومن الأدعية النافعة المستجابة دعاء ذي النون عليه السلام فقد روى أحمد والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لا يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب له.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. رواه النسائي في السنن الكبرى والبزار والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.. وصححه الألباني.
وفي المسند والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر بي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكاراً لك ذكاراً لك رهاباً لك مطواعاً لك مخبتا إليك أواها منبياً، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة صدري.
وفي سنن أبي داود عن عوف بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين، فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
وفي سنن أبي داود عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي.
وفي حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت. رواه ابن حبان في صحيحه. وصححه الحافظ ابن حجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(10/160)
حكم قول الداعي (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر..)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بهذا الدعاء، يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا، ونحن نقصد الله بهذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى بالمسلم أن يدعو الله تعالى بما ثبت في نصوص الوحيين من الأدعية المأثورة، ففيها غنية وكفاية. ثم إن العزيز اسم من أسماء الله تعالى يشرع التوسل به وخطاب الله به، لكن هذا الكلام في الأصل خطاب بشر لبشر والله تعالى أعلى وأجل من أن يقاس على البشر، إضافة إلى أن الدعاء بهذا قد يشعر بأن للداعي حقا على الله تعالى في قوله فأوف لنا الكيل، وليس لأحد على الله حق إلا ما أوجبه سبحانه على نفسه، ثم إن الدعاء بهذا في الملأ مما يتأكد البعد عنه لئلا يسمعه العامة، فيظنوا أن المراد به في الأصل دعاء الله وأنه من الأدعية المأثورة.
هذا وننبه إلى أن ابن رجب ذكر في لطائف المعارف كلاما يمكن أن يفهم منه جواز هذا الدعاء ولكن الأولى الدعاء بالمأثور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(10/161)
حكم قراءة ما يسمى بآيات الكفاية عند الشدة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت في منتدى (من يقرؤهن في وقت الشدة يخفف الله عنه مصيبته وهي آيات الكفاية، سبع آيات من القرآن الكريم.
سؤالي هو لم يذكر الكاتب المصدر لذا أرجو من سعادتكم التوضيح عن صحة قراءة هذه الآيات في وقت الشدة.
الرجاء الرد السريع لأني أرسلتها إلى شخص آخر قبل ما أتأكد من المصدر.
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يعلم دليل شرعي ثابت بالنص يدل على تخصيص آيات معينة تسمى آيات الكفاية، فلعل ما يذكر فيها استحسان من بعض الناس، وقد ثبت في السنة من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وفي الحديث: من قال حين يصبح وحين يمسي حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة. رواه ابن السني وصححه الأرناؤوط.
وقد تكلم الزركشي في البرهان في علوم القرآن على خواص القرآن، وذكر فيه تجارب عن بعض أهل العلم في ذلك وهذا يدل على أنه لا حرج في قراءة آيات من القرآن للحفظ أو لغير ذلك من الحاجات المشروعة، ولكن الأولى أن ترسلوا لأصدقائكم ما ثبت في نصوص الوحي لحض الشارع على تعليم القرآن والسنة، وأن تحضوا الناس على طاعة الله والتمسك بشرائعه فذلك أقوى أسباب الكفاية، وقد ذكر الزركشي أن هذه الخواص لا ينتفع بها إلا من أخلص قلبه لله وتدبر الكتاب وعمر به قلبه وأعمل به جوارحه وجعله سميره في ليله ونهاره وتمسك به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(10/162)
الدعاء أن يرد الله لها خطيبها بعد أن تم فسخ الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة هل إذا دعوت الله بإخلاص ونية صالحة بأن يرد لي خطيبي كان عاقدا علي وأنا أحبه كثيرا ولكن المشاكل وضغط والدتي علي جعلني أطلب الطلاق ولكني تراجعت عن الطلاق قبل حدوثه ولكن والد خطيبي رفض وقال أنا زهقت منكم ومن مشاكلكم على الرغم أنها كلها مشاكل بسبب والده لأنه يحب المال حبا كبيرا وتدخلات والدته أيضا سبب انهيار علاقتنا الطيبة المبنية على حب الله وكانت النتيجة أني طلقت بالمحكمة والمفاجأة أن أمه خطبت قريبتها له فورا وأنا حاولت أتصل بشيوخ ليتدخلوا كلهم يقولون خطب خلاص انتهى الموضوع أغلق الجميع الباب في وجهي حتى خطيبي نفسه قال أني المفروض منعتي الطلاق وقال لي تحملي النتيجة وأنا أحبه جدا وقلبي متعلق به ماذا أفعل حتى يتوب الله علي ويرضى عني أنا أعترف أني أخطأت لأني كنت قبل ذلك مرتين طلبت الطلاق ولكن نتيجة الخوف والضغط وكنت سرعان ما أهدأ وأتمسك به أكثر وأكثر وذلك بيني وبينه أما عندما دخلنا الأهل أفسدنا زواجنا فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في دعاء الله بأن يرد لك هذا الشاب حتى وإن كان قد تزوج، لكن إن كان لا يرغب في الزواج منك، فإن عليك أن تجتهدي في إزالة تعلق قلبك به، وذلك بالاستعانة بالله، وقطع كل الأسباب التي تزيد هذا التعلق، وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، مع كثرة الدعاء أن يرزقك الله بالزوج الصالح، واعلمي أن ما فيه الخير يعلمه الله وحده، فقد تتوهمين أن السعادة مع هذا الرجل، ويكون الأمر بخلاف ذلك، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(10/163)
دعاء الشاب أن يزوجه الله من شابة وأن تكون زوجته في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقرأ بالمدرسة الثانوية وأدرس في قسم توجد فيه فتاة أحبها فهي متحجبة وقد درست معي العام الفائت وأنا لا أعلم إن كانت تحبني أو لا وأعلم أن العام المقبل إن شاء الله سنفترق فكل حسب ميوله الدراسية المشكلة هي أنها رغم تحجبها فهي على ما أظن تستمع للموسيقى وتحب أشياء لا أحبها والله أعلم، ولهذا فأنا لا أعلم أنها قد تكون مناسبة لتعينني على ديني ودنياي في المستقبل فأنا أبغي الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله ولم أعد أكترث بشهوات الدنيا إلا القليل منها وأنا أبغي أن أكون بإذن الله زاهدا في الدنيا وأظن أنها هي تفكر في أفكار أخرى على عكسي على ما أظن والله أعلم ولكن رغم هذا أحبها في الله لذا أصبحت من وراء كل صلاة أسال الله أن يصلحها ويصلحني على دين الحق وأساله إن لم تكن من نصيبي في الدنيا أن تكون برفقتي في الجنة بعد أن يصلحها الله ويصلحنا أجمعين إن شاء الله إن كنا من أهلها بإذنه جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة إن شاء الله مع حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم.
سؤالي هو: هل أرتكب إثما بدعائي هذا أم يجوز لي وماذا يجب أن أفعل؟ أرجو أن تفيدوني وتنصحوني بأدلة واستشهادات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن من أوقع الله تعالى في قلبه حب فتاة فعليه أن يعف نفسه ويحذر أن يقع معها في شيء مما حرم الله، وأنه إن أمكنه أن يتزوجها فذلك خير لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه،وراجع الفتوى رقم: 4220.
ولا حرج عليك في دعاء الله تعالى أن يصلحك ويصلحها وأن ييسر لك الزواج منها، وأما الدعاء بأن تكون لك زوجة في الجنة إن لم تتزوجها في الدنيا فلا شيء فيه ولكن ذلك مقيد بما إذا لم تتزوج هذه الفتاة في الدنيا لأنها إذا تزوجها رجل في الدنيا كانت زوجته في الجنة يوم القيامة، وانظر الفتوى رقم: 56770.
وما ذكرت من معاص ترتكبها هذه الفتاة كسماع الموسيقى فيمكنك أن تبلغها عن طريق إحدى قريباتك بأنك تشترط للزواج منها أن تترك هذه المعاصي، وعلى كل حال فإننا لا ننصحك بالتعجل إلى الزواج منها حتى تسأل عنها من هم أعرف بها وتستخير الله تعالى في أمر الزواج منها فإن تيسر لك هذا الزواج فبها، وإلا فلتبحث عن غيرها فهنالك الكثير من النساء الصالحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(10/164)
دعاء المسلم على أخيه المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء على أحد من المسلمين، وما هي الأمور التي تذهب البركة والإجابة من الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فلا يجوز للمسلم أن يدعو على أخيه المسلم إلا أن يكون مظلوماً فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وإن صبر عن الدعاء عليه فهو خير له، وسبق بيان ذلك مع الدليل في الفتوى رقم: 2968.
وأما ما يذهب بركة الدعاء ويمنع من إجابته فهو الاعتداء فيه بالدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم وأكل الحرام ... فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 106058، والفتوى رقم: 13728.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(10/165)
الدعاء بنعومة الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[يا جماعة أنا لي سؤال غريب، أنا كل صاحباتي شعرهن ناعم وأنا الوحيدة التي شعري خشن وأنا كان نفسي يكون شعري ناعما جدا مثلهن وبصراحة أنا لا أعرف، هل يجوز أن أدعو ربنا أنه يرزقني شعرا ناعما مثلهن وهل ممكن ربنا يستجيب لدعوة مثل هذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الدعاء بنعومة الشعر لغرض مباح أو مستحب كالتزين للزوج أو محبة للجمال مع مراعاة ستره وعدم إظهاره إلا لمن تحلين له فهو من الدعاء الذي ترجى إجابته إذا تحققت شروط الدعاء وانتفت موانعه، فقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء. وتحري في ذلك أسباب وشروط إجابة الدعاء المبينة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2395، 2150، 11571. مع الأخذ بالأسباب المعتادة التي تصلح الشعر.
ولتتذكري أن الكمال الحقيقي هو جمال الأفعال وإصلاح القلوب، ففي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم. وأشار بأصابعه إلى صدره. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(10/166)
حكم الأمر برفع الصوت بالذكر أثناء الدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[في دار القرآن لما تكون الداعية تلقي الدرس بعض النساء يقولون (تكبير توحيد صلوا على رسول الله) ونحن نلبي فهل في ذلك شيء؟ هل يعد بدعة أو ما شابه.
أيضا هناك صورة معلقة على جدار دار القران مصور فيه الكعبة وحولها أناس ساجدون فهل يمنع دلك من دخول الملائكة حيث إنه لا يرى وجوههم ولكن يرى أجسامهم فقط. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الفعل يحدث أحيانا فلا حرج فيه إن شاء الله، ولا ينبغي المداومة على ذلك لأن هذا قد يدخل هذا الفعل في مسمى البدعة الإضافية، وراجعي الفتوى رقم: 97906، ولا ينبغي رفع الصوت به بحضرة الرجال.
وبالنسبة لهذه الصورة التي لا تتبين فيها شخوص الناس فلا تدخل في الصورة الممنوعة شرعا فلا تمنع دخول الملائكة، ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 22143.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(10/167)
دعاء المظلوم وهل هناك صلاة تخصه
[السُّؤَالُ]
ـ[أفضل أدعية وآيات لصلاة المظلوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم صلاة معينة تشرع للمظلوم، كما لا توجد آيات معينة أو أحاديث خاصة يقولها المظلوم لكشف الظلم عنه، بل يتوجه إلى الله بما شاء من دعاء لرفع الظلم عنه، ولا شك أن المظلوم مكروب، وبالتالي فله الدعاء بأدعية تفريج الكروب، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 70670.
كما يشرع للمظلوم الدعاء على ظالمه بقدر مظلمته ولا يتجاوز ذلك، ودعوته مستجابة كما في الحديث الصحيح، ومن الأفضل في حقه العفو والصفح عمن ظلمه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107843.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(10/168)
الجمع بين الدعاء على الظالم والدعاء له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتعرض لظلم شديد جداً الله أعلم به.. من بعض الأقارب وأدعو عليهم بسبب هذا الظلم بعدة دعوات مختلفة مثل المرض وأن يسلط عليهم من هو أقوى منهم.. وأن يضيق عليهم.. وأن يشدد الوطأة عليهم, وفي نفس الوقت أدعو لهم بالصحة والرزق والتوفيق والهداية والفردوس الأعلى والعفو والعافية وأن يصلح الله حالنا ويلم شملنا ويذهب غيظ قلوبنا ويشف صدورنا ويؤلف بين قلوبنا ... وغيره من الأدعية ... وأيضا أدعو بأدعية مختلفة تعم جميع المسلمين.. وهم إن شاء الله داخلون تحت هذا المسمى.... فهل في هذا تناقض في الدعاء.. وهل هو مما لا ينبغي أن أدعو به (أي هل من الخطأ أن أجمع بين الدعاء لهم, وعليهم بالمرض والصحة في نفس الوقت مثلاً.. والتضييق عليهم.. والرزق الحلال الكثير....) ، وهل يعتبر هذا من التعدي في الدعاء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العفو عن المسيء قد رغب فيه الشرع ووعد عليه بالأجر الكبير والخير الكثير، قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ٌ {النور:22} ، وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} ، ويتأكد ذلك إذا كان هذا مع الأقارب، فعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وتسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
وقد أجاز الشرع للمظلوم أن يقتص من ظالمه، لكن بشرط أن يتحرى المماثلة ولا يتعدى، قال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126} ، فيجوز لك إذا كنت مظلوماً أن تدعو على الظالم بقدر ظلمه دون تعد، وإن كان الأولى ترك ذلك، والمداومة على ما تدعو به من خير لهم وللمسلمين، فإن ذلك أنفع لك ولهم وأعظم لأجرك عند الله ... أما أن تجمع بين الدعاء لهم وعليهم في نفس الوقت فإن هذا من الاعتداء الذي لا يجوز في الدعاء، لما فيه من التناقض الواضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1429(10/169)
دعاء المظلوم والدعاء للغير إذا كان بغير إرادة من الداعي
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة الشيخ الفاضل, أثابكم الله وبعد.. باختصار أعاني من أناس يتعاملون بالسحر وهناك براهين واضحة أنهم يقومون بعمل السحر لي، سؤالي هو: أحيانا لما أتكلم معهم أجد نفسي وطبعا على مسامعهم أدعو لهم بالحفظ والبركة وبدعوات طيبات جداً وإذا كانوا مرضى أدعو لهم بالشفاء، وعندما أجد نفسي كثيرا من الأحيان أعاني من ظلمهم ومعاناتي معهم وتذكر أعمالهم السحرية أدعو عليهم بأن يرد الله كيدهم لنحورهم ويجعل تدبيرهم في تدميرهم، فأنا أتساءل كيف أدعو لهم بتلك الدعوات الطيبة, بصراحة أجد نفسي مندفعة بشكل غريب بالدعاء لهم بالخير على مسامعهم, ليس نفاقا لله الحمد لا توجد لدي هذه الصفة، أتساءل كيف يدعو العبد لأناس هم أهل السحر وأهل الشعوذة بالحفظ والشفاء وغيره، وكأنني أود لهم الاستمرار في طريقهم هذا أوضح أكثر, لو كنت أنا قد دعوت لهم بتلك الدعوات الطيبات تحت تأثير السحر فهل يستجاب لدعائي, أي يا أخي ناس يسحرونك وأنت تدعو لهم بالحفظ فهذا ليس بمعقول.. واستفسار آخر يا ترى لأي من الدعوات ربي يستجيب لي هل لجعل تدبيرهم في تدميرهم أم بحفظهم وغيره من الدعاء الطيب لهم أمام مسامعهم؟ سائلة المولى عز وجل لكم الأجر العظيم.. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يحرص على حفظ نفسه من شر الأشرار بالمواظبة على التحصينات الربانية والتعاويذ المأثورة المقيدة والمطلقة.. ويتعين البعد عن اتهام الناس بالسحر بغير بينة، ولذا لا يجوز في هذه الحالة الدعاء على شخص معين لم تقم بينة شرعية على أنه سحرك، ولكن يجوز الدعاء على من ظلمك عموماً، وكون الإنسان متعوداً على القول الحسن للناس والدعاء لهم عندما يلقاهم فهذا أمر طيب ولا مانع أن يستجاب له.
ولو دعا على من ظلموه بشكل عادي برد كيدهم في نحورهم فلا حرج في ذلك، ودعوة المظلوم من الدعوات المستجابة، والأولى أن تكثري لهم الدعاء بالهداية والبعد عن السحر وأهله، ثم إن الدعاء يمكن أن يستجاب من المسحور كما يمكن أن يستجاب من غيره، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على الوسائل المساعدة في السلامة من شر السحرة: 57129، 61869، 106807، 108339، 104189.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(10/170)
الجمع بين تلاوة القرآن وذكر الرحمن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذكر أفضل من قراءة القرآن وخصوصا بعد العصر وقبل المغرب إذا كان عندي وقت قبل صلاة المغرب هل أخصصه لذكر الله تعالى أم أجعله لقراءة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن الكريم أفضل أنواع الذكر كما قال تعالى: وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ {الأنبياء:50}
ولذلك فالذكر به أفضل من غيره كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. رواه مسلم
ومع ذلك فينبغي للمسلم أن ينوع الأذكار والأدعية كما هو هدي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح، فقد روى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر وفتنة الدنيا وعذاب القبر، وإذا أصبح قال ذلك أيضا أصبحنا وأصبح الملك لله.
وروى الطبراني وغيره عن ابن عمر: أنه كان يحيى الليل صلاة ثم يقول يا نافع أسحرنا فيقول لا فيعاود الصلاة ثم يقول يا نافع أسحرنا فأقول نعم فيقعد فيستغفر ويدعو حتى يصبح.
وعلى هذا فينبغي لك أن تذكر بالأذكار المأثورة في أوقاتها وخاصة بعد الصلوات المفروضة وفي الصباح والمساء. وأن تجعل قراءة القرآن فيما سوى ذلك.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63114، 59878، 44759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(10/171)
حكم دعاء الزوجة أن يزوجها الله برجل أجنبي تحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمرأة متزوجة أن تدعو الله أن يجمع بالحلال بينها وبين رجل تحبه وذلك لأنها لا تريد أن تقع في معصية، مع العلم بأن زوجها ليس به عيب، لكنها تعتقد وتؤمن بأن الله لا يعجزه شيء وأنه قادر على الإجابة من دون إيقاع أي ضرر بزوجها أو بأسرتها، علما بأن هذا الرجل من أقربائها وكان يرغب بالزواج منها قبل زوجها الحالي ولم يتيسر لهما ذلك وهي رغم مرور سنين على زواجها ما زالت ترغب فيه، فهل هذه الدعوة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نعمة الله على المرأة أن يرزقها بزوج صالح يعفها ويقوم على رعاية ما يصلح دينها ودنياها وتحيا معه في ظل أسرة مستقرة مترابطة تقام فيها حدود الله، ومن شكر هذه النعمة أن تقوم المرأة بما أوجب الله عليها نحو زوجها من الطاعة وحسن العشرة.. وأن تتجنب التهاون في حقه والإساءة إليه.
ولا شك أن إقامة المرأة علاقة مع رجل أجنبي أو الاسترسال في التعلق القلبي به يعد من الإساءة إلى الزوج ومن خيانة الأمانة وهو طريق إلى زلزلة الحياة الزوجية وهدم الأسرة.
أما عن سؤالك عن الدعاء بأن يجمع الله بينك وبين هذا الرجل فهو غير جائز وهو من الاعتداء في الدعاء، فإن الجمع بينكما لا يكون إلا بموت الزوج أو طلاقه أو خلعه، والدعاء بكل ذلك غير جائز، فالمرأة لا يجوز لها أن تطلب الطلاق أو الخلع من غير سبب كأن يكون زوجها ظالماً لها، أو تكون كارهة له بحيث لا تستطيع أن تقوم بحقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني.
ثم اعلمي أن ما فيه الخير يعلمه الله وحده، فقد تتوهمين أن السعادة مع هذا الرجل ويكون الأمر بخلاف ذلك، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} ، فعليك أن تزيلي تعلقك بهذا الرجل بقطع كل الأسباب الموصلة إليه، وعدم التمادي مع الأفكار والخواطر الشيطانية، وأن تتقي الله في زوجك وتحسني عشرته، ونوصيك أن تجددي التوبة إلى الله وتجتهدي في تحصيل أسباب تقوية صلتك بربك كالصلاة والذكر والدعاء، مع البعد عن المعاصي الظاهرة والباطنة، وكثرة الدعاء أن يبارك الله في زوجك، ويديم بينكما المودة ويجنبكما الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(10/172)
دعاء الحامل أن يرزقها الله ولدا ذكرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل بشهري الرابع، فهل يجوز لي أن أدعو الله أن يرزقني غلاما ذكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم له أن يسأل الله تعالى ما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ففي الحديث الشريف: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعليه. رواه أبو يعلى.. وبالتالي فلا مانع من سؤال الله تعالى أن يرزقك ولداً ذكراً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 32981.
اللهم إلا إذا كنت قد علمت عن طريق الكشف الطبي أنه أنثى فالدعاء حينئذ لا يجوز، لأنه من الاعتداء في الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(10/173)
أمهم تدعو عليهم ثم تدعو الله ألا يقبل دعاءها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن والدتي العصبية هداها الله. فهي كثيرة الدعاء على أبنائها فيما يضرهم وعلى أمور لا تستحق، لكنها تدعو في الليل أن لا يستجيب الله دعاءها على أبنائها..
سؤالي: هل دعاؤها الليلي يمنع استجابة الله دعاءها على أبنائها في أي وقت؟ وحينما تدعو على أحد أبنائها ظلماً كان أو حقاً ولكن كان الدعاء أعظم بكثير من الذنب ولا يستحق هذه العقوبة -الدعوة بأمر عظيم الضرر- هل يستجيب الله لها؟ كما أرجو نصح هذه الأمّ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح هذه الأم أولا باجتناب الغضب عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله أحد أصحابه بأن يوصيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تغضب. فردد مرار فقال لا تغضب. رواه البخاري.
وينبغي لأبنائها الاجتهاد في الابتعاد عما قد يثيرها، ولا يجوز لأحد منهم بحال تعمد إغضابها لأن هذا من العقوق، وانظري الفتوى رقم: 50556.
ثم إننا نحذر هذه الأم من الدعاء على أبنائها فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
وهذا الحديث واضح الدلالة في أن هذا الدعاء قد يستجاب، وذكر بعض أهل العلم أن دعاء الوالدين قد يستجاب ولو كان الدعاء بغير حق استدلالا بقصة جريج الراهب، وراجعي بخصوصها الفتوى رقم: 108958.
وأما دعاؤها بأن لا يستجيب الله تعالى دعاءها على أولادها فقد يجعل الله تعالى ذلك مانعا من استجابة تلك الدعوة على ولدها، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة.
ولكن بدلا من هذا كله عليها أن تجتنب الدعاء عليهم أصلا كما نبهنا أولا.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(10/174)
الأذكار أسباب لحفظ العبد قد تتخلف لمانع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قرأت أذكاري قبل ذهابي إلى السوق ومع ذلك قمرتني امرأة وسرقت حقيبتي، وفي مره أخرى قرأت صديقتي أورادها كاملة فسرقت في السوق، أنا سؤالي: كيف استطاعوا ذلك وأنا قارئة أذكاري ألا تحفظني الأذكار مع كوني قارئتها بإخلاص ومتيقنة أن الله حافظني من كل سوء فتعجبت العجب الشديد، أجيبوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذكار التي يرددها المسلم في اليوم والليلة هي أدعية وأسباب لحفظه من الأذى فهي سلاح للمسلم، ولكي يفعل السلاح فعله في العدو لا بد من توفر شروط كما قال المناوي في فيض القدير: فمتى كان السلاح تاما لا آفة به والساعد قوي والمانع مفقود حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من الثلاثة تخلف التأثير، فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه أو كان ثمة مانع من الإجابة لم يحصل التأثير. انتهى.
فالأذكار أسباب لحفظ العبد، وهذه الأسباب قد تتخلف لمانع ما كما قال المناوي أيضا: إما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون كالقوس الرخو فإن السهم يخرج منه بضعف، وإما لحصول مانع من الإجابة كأكل حرام وظلم ورين ذنوب واستيلاء غفلة وسهو. انتهى.
وكما أن الدواء الذي يتناوله المريض سبب للشفاء إلا أنه قد يأخذ الدواء ولا يشفى لمانع ما، فكذلك هذه الأذكار قد يقولها الإنسان ويتخلف عنه أثرها لعلة في نفسه لا يعلمها وليست العلة في الأذكار وربما أيضا تفعل تلك الأذكار فعلها ولكن لا يشعر بذلك قائلها، فهي قد تدفع البلاء كله، وقد تخففه. وذلك أن للدعاء مع البلاء ثلاثة مقامات أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيدفعه، أو يكون أضعف منه فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد لكنه قد يخففه، أو يتقاومان فيمنع كل منهما صاحبه. وقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {الرعد:11} . قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه. انتهى.
فتلك الأذكار تحفظ العبد من أذى شياطين الجن والإنس، ولكن إذا جاء القدر المحتوم فإنه يقع، وتلك الأذكار أدعية كما ذكرنا، فإذا خرج الإنسان من بيته وقال دعاء الخروج: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل ... فهذا دعاء ولا يلزم منه أن يستجيب الله له ويعطيه عين ما طلب، فقد لا يعطيه الله عين ما طلب ولكن يصرف عنه من السوء ما لا يخطر له ببال، وقد يدخر له الثواب يوم القيامة. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 46023.
وأخيرا ننبه إلى أمر مهم وهو أن السائل رجل على ما جاء في بيانات السؤال وقد قال في سؤاله قرأت صديقتى فإن كان ما كتبه صحيحا وليس خطأ إملائيا فإنه لا يجوز للرجل أن يصادق امرأة أجنبية عنه، وانظر لهذا الأمر الفتوى رقم: 48990.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(10/175)
الدعاء في ثلث الليل الآخر في العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي تخصيص ليالي عشر الأواخر من رمضان في الثلث الأخير من الليل بالدعاء فأنا محتاج ومهموم ومكروب وضعيف فإني نويت من الآن أن أركز على الدعاء وحده فقط لعلي أدرك مع ذلك ليلة القدر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت الثلث الأخير من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء لما في حديث البخاري ومسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له.
وفي حديث أبي أمامة قيل يا رسول الله: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف اليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وبناء عليه، فلا حرج في تحري الدعاء هذا الوقت واحرص ألا يفوتك قيام الليل، فإن قمت الليل مع الإمام في أول الليل فلا حرج في توظيف آخر الليل في الدعاء.
واحرص كذلك على الاستغفار في السحر، فالاستغفار من أعظم الوسائل المساعدة على تفريج الكرب، وهو مما رغب الشرع فيه وقت السحر.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على بعض الأدعية المفيدة في الكرب، وعلى فضل الاستغفار وعظيم أثره في ذلك والمزيد فيما تقدم: 101542، 70670، 93473، 75802، 63823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(10/176)
دعاء المرأة بالزواج من رجل متزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بالزواج من رجل متزوج وأن تكون النيه صادقة في عدم ارتكاب الإثم بالدعاء أو قطع رحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة في الدعاء أن يزوجها الله رجلا معينا متزوجا، ويدل لمشروعية السعي في الزواج بالمتزوج ما ثبت من عرض عمر بنته على أبي بكر ليتزوجها، وكان أبو بكر متزوجا، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وكان متزوجا، وفي الصحيحين أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان متزوجا حينئذ.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32981، 75802، 106444، 50922، 19242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(10/177)
دعاء الأم على ابنتها هل يكون سببا في تأخر زواجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر الـ 33 مشكلتي هي أن والدتي منذ صغري وهي تدعو علي بقلة السعد قائلة بدون مؤاخذه (طيح سعدك) وهي تدعو بها دائما في كل مناسبة، فهل لهذا علاقه بتأخر زواجي وهل معنى هذا أني لن أتزوج، فأفيدوني أفادكم الله؟ ودمتم في رعاية الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك كله وأن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك إنه سميع مجيب، ولا يلزم أن يكون تأخر زواجك بسبب دعاء أمك عليك، وإن كان الله تعالى قد كتب لك زواجاً فسيأتيك ما قدر لك بإذن منه سبحانه، فنوصيك بالإكثار من الدعاء، وبذل الأسباب، علماً بأنه لا حرج على المرأة في عرض نفسها على من ترغب في أن يكون زوجاً لها إن راعت في ذلك الضوابط الشرعية، ويمكنك الاستعانة في ذلك أيضاً بالثقات من أقربائك وصديقاتك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18430.
وننبه إلى أنه قد ورد النهي عن الدعاء على الأولاد كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 52971، فينبغي أن تنصحي أمك بأسلوب طيب بهذا الشأن، ونوصيك بالحرص على البر بها والحذر مما قد يكون سبباً لإغضابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(10/178)
تكرار الأذكار بغرض التوصل إلى الخشوع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قرأت بعض الأذكار دون خشوع، فهل يجوز تكرارها حتى أصل لدرجه الخشوع، الأمر ملتبس علي لذا أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للذاكر تكرير الأذكار وخاصة إذا كان تكرارها يؤدي إلى الخشوع، وللمزيد من الفائدة والتفصيل انظر الفتوى رقم: 70165، والفتوى رقم: 65856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(10/179)
دعاء لا يخلو من محاذير
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك قول يشغلني حيث إني أشعر أنه من الاستغاثة وهو ورد في نشيد في حب آل البيت رضوان الله عليهم..حيث يقول المنشد:-
أخي الحبيب اقصد البحر وخلي القنوات
اللهم إني أحببت آل بيت نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم أصدق الحب وأعمقه
فهبني يوم الفزع الأكبر لأيٍّ منهم
فإنك تعلم أني ما أحببتهم إلا فيك.....
ويوم الفزع الأكبر شفعينا هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
فما حكم الشرع في هذه الأبيات التي ذكرناها وهل تخالف حديث الشفاعة الوارد في البخاري حديث: "إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام المشار إليه ليس فيه استغاثة فيما نرى، ولا يخالف حديث الشفاعة العظمى للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لا يخلو من محاذير شرعية منها التنقص واللمز لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اقصد البحر وخل القنوات.
وهذا يعني أن غير آل البيت كالقنوات التي يقل فيها الماء بالنسبة للبحر.
ولا شك أن هذا تنقص للصحابة الذين فيهم من هو أفضل البشر بعد الأنبياء كأبي بكر وعمر، وكذا من المحاذير أيضا التشبه بأهل البدع والغلو في أهل البيت وذلك في وقوله: هبني لأحد منهم، وقد رغبنا ربنا في كتابه في دعائه وطلب المغفرة منه مباشرة من غير طلب الشفاعة من أحد.
قال تعالى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:16}
وقال تعالى في أولي الألباب أنهم يقولون: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَار. {آل عمران:193}
وقال تعالى: إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ {المؤمنون:109}
ولم يجئ في القران قط ربنا هب لفلان أو فلان.
وقد أخبرنا الله في كتابه أن الشافعين لا يشعفون إلا لمن رضي الله عنه كما قال تعالى: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ {الأنبياء:28}
فمن ابتدع في دين الله وأشرك بالله فلن ينفعه فلان ولا فلانة ولو كان من أهل البيت وقد قال الله عن أناس: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ {المدثر:48}
وانظر الفتوى رقم: 32246، والفتوى رقم: 34463 وما فيهما حول أنواع الشفاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1429(10/180)
حكم الشرب من الكوب المكتوب عليه اسم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الكوب المكتوب عليه اسم الله? هل يجوز الشرب فيه؟ وكيف ممكن التخلص منه خوفا من امتهان اسم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا شرعيا يفيد المنع من الشراب في هذا الكوب، والأصل في الأشياء الإباحة, والشراب في الكوب ليس فيه امتهان لاسم الله تعالى، واستخدام النبي صلى الله عليه وسلم لخاتمه وقد كان فيه اسم الجلالة، فقد روى أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة نقش فيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث صححه الألباني وأصله في البخاري.
ولو أنكم أزلتم اسم الجلالة بمحو أو كشط أو ما أشبهه فذلك أولى.
ويتعين حفظ الكوب مما يؤدي للامتهان مثل الوضع في مكان غير لائق أو إدخاله في دورة المياه أو ما أشبه ذلك، وإذا انكسر أو تلف فيتعين صيانة ما فيه اسم الله عن وضعه في القمامة، فليحرص على دفنه في مكان طاهر أو على إتلافه بحرق أو تكسير. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 73022، 50107، 61357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(10/181)
حكم دعاء الرجل والمرأة الأجنبيين بأن يجمع الله بينهما في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم أحببت فتاه ملتزمة عن طريق أمي التي اختارتها لي لم أرها ولم يحدث بيننا شيء من الحرام, فهي فتاة معروفة بدينها والتزامها ... فكرت في الزواج منها ولكن بسبب ظروف الحياة الصعبة وعدم توفر مكان للسكن حاليا لم أستطع ذلك, والمشكلة أنها لا تستطيع الانتظار كثيراً فاهلها يريدون تزويجها وخاصة مع كثرة الخطاب الذين يتقدمون لها ... عرفت أنها تقبلني وأنا أريدها ولكن المشكلة كما ذكرت ... لذلك دعوت الله إن لم يجمع بيننا في الدنيا أن يجمع بيننا نحن الاثنين في الآخرة بالجنة وأوصلت لها هذه الكلمات, فهل إذا تزوج كل واحد منا بطرف آخر بالدنيا يصح أن يجمع بيننا الله بالجنة؟ ممكن أن تتزوج بشاب غيري وأنا ممكن أن أتزوج بفتاة غيرها، ولكن يبقى الحب في القلب فهل يصح أن ندعو أن يجمع بيننا الله بالجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوارد أن المرأة تكون لزوجها في الجنة أو آخر أزواجها إن تزوجت أكثر من رجل ودخلت الجنة هي ومن تزوجها، وأما أن تعطى لغير زوجها فلم يرد، والدعاء بذلك من الاعتداء في الدعاء فلا ينبغي، والأولى أن يسأل الله عز وجل أن ييسر أمرك ويرزقك إياها في الدنيا ويوفقك للعمل الصالح.
ولعل الله يرزقك خيراً منها إن لم يتيسر لك الزواج بها، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} ، وقال تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} ، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2207، 20078، 76697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(10/182)
حكم رفع اليدين أثناء الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع اليدين عند الدعاء دبر الصلاة المكتوبة أو غيرها, وأثناء الدعاء للميت عند الدفن، وكذلك عند ختم المجلس والدعاء لصاحب الطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلمٌ في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! ومطعمة حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فأنى يستجاب لذلك.
فجعل من أسباب قبول الدعاء مد اليدين إلى السماء.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه: إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرا. قال الحافظ وسنده جيد.
وتواتر عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في الدعاء وشواهدُ ذلك كثيرة يصعب حصرها، كلُ ذلك يدل علي أن الأصل في الدعاء هو رفع اليدين إلا أن يرد دليلٌ يفيد العكس، وعليه فرفع اليدين في المواضع التي ذكرتها مشروع، وقد فصلنا القول في حكم رفع اليدين بالدعاء دبر الصلاة في الفتوى رقم: 5340، وانظر أيضاً الفتوى رقم: 23988.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(10/183)
حكم طمس الكتابة التي فيها اسم الله أو اسم الرسول بالقلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الشطب بالقلم على اسم الله أو اسم الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث لا يظهر منه معالم الحروف بدلاً من حرقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب احترام ما فيه أسماء الله تعالى وأسماء الرسل محل إجماع، لقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30} ، وقوله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، ويلحق بذلك كل شيء عظمه الشرع.
وينبغي للمسلم أن يحترم كل مكتوب ولو لم يتضمن أسماء الله تعالى أو أسماء أنبيائه، ولكن لو كان الفاعل يشطب اسم الله أو اسم الرسول أو كل ما عظمه الشرع من أجل صيانتهما عن الإهانة أو اقتضته مصلحة شرعية راجحة فلا بأس كما فعل عثمان رضي الله عنه في حق المصحف كما في البخاري وغيره في قصة جمع القرآن وهو قول جمهور العلماء، كما في المتحف في أحكام المصحف لصالح الرشيد.
وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65617، 63910، 50107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(10/184)
يشترط في جواز هذا العمل عدم امتهان كلمة التوحيد المكتوبة على العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مصمم رسوم وأسال عن استخدام علم المملكة العربية السعودية هل يعامل معاملة أعلام الدول الأخرى عند عمل تصميم فني؟ فمثلا: هل يمكن أن يوضع شيء فوقه أو تظهر منه بعض الكلمات غير الكاملة مثل ول الله وليس محمد رسول الله أو تظهر كلمة لا إله إلا.
مع أني غير متعمد حيث إن الصورة المستخدمة هي لعلم مسدل أرجوكم إفادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا المقصود تماما، ولكن إذا لم يترتب على التصميم المراد عمله امتهان لكلمة التوحيد المكتوبة على العلم، ولم يترتب على اختصار الجملة معنى فاسد فلا مانع من عمل ذلك التصميم، والمعنى الفاسد كأن يقتصر على كتابة جملة (لا إله) فهذه تفتح الباب لوضع اسم إله باطل غير الله تعالى، وبما أن الأخ السائل يعمل مصمما فإننا للفائدة نحيله إلى الفتوى رقم: 33984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(10/185)
حكم سؤال الوسيلة للنفس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يسأل لنفسه الوسيلة بعد أن يسألها لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة.
فدل الحديث بنصه أن هذه المنزلة ليست إلا لعبد واحد يرجو رسول الله صلى الله عليه أن يكون هو هذا العبد، وإذا كان لا ينالها أحد غير الرسول صلى الله عليه وسلم فإن سؤال شخص لها الآن يعتبر من طلب المحال وهو داخل في جملة الاعتداء في الدعاء المحرم شرعا.
ولذلك لم يرو عن أحد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من التابعين ولا علماء السلف أنه سأل لنفسه أو لأحد سوى النبي صلى الله عليه وسلم هذه المنزلة لأنها ليست إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(10/186)
دعاء المرأة ربها بالزواج من رجل بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائمة الدعاء بأن يجعل الله لي زوجا صالحا وهناك شاب بعينه فهل أستطيع الدعاء بأن يبين الله لي بشرى بأنه سيكون من نصيبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الدعاء بالمباح ومن ذلك دعاء المرأة لله عز وجل أن يرزقها الزوج الصالح ولو كان معينا، وإن كان الأولى عدم التعيين لأن الإنسان لا يدري خيره من شره ولا يعلم عاقبة أمره، فينبغي أن يكل أمر الخيرة لله فيستخيره فيما يريد ويسأله التوفيق والرشاد ويدعو دون تخصيص، فقد يحرص على ما فيه شره وإن بدا له في ظاهر الأمر كونه خيرا له، وقد يكره ما فيه خيره وإن بدا له في ظاهر الأمر كونه شرا له، قال تعالى وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40500، 7617، 971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(10/187)
كيف يحسب أجر من يقول: سبحان الله وبحمده عدد النجوم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يحسب أجر من يقول: سبحان الله وبحمده عدد النجوم؟ هل تحسب تسبيحة واحدة أم تحسب عدد النجوم التي لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تسبيح الله تعالى من أعظم الأذكار وأفضلها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. رواه البخاري ومسلم.
والظاهر من الأحاديث والله أعلم أن قول المسلم: سبحان الله عدد كذا فإنه يكون تسبيحا بعدد ما ذكر، فقد روى الإمام مسلم وغيره عن جورية بنت الحارث رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها قالت: نعم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 80380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(10/188)
ذم الاعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا المجهود وأسألكم الدعاء.
هل يجوز القول بهذا الدعاء؟
اللهم إني أسألك رزق (مريم) وقصر (آسيا) وتقوى (عائشة) وقلب (خديجة) ورفقة (فاطمة) وجمال (يوسف) وحكمة (لقمان) ومُلك (سليمان) وصبر (أيوب) وعدل (عمر) وحياء (عثمان) وميعاد (آل ياسر) وخلق (المصطفى) ومحبة (آل بيت رسول الله) صلى الله عليه وسلم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول: إنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيكون قوم يعتدون في الدعاء ... رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، واللفظ له. وهذا الدعاء المشار إليه فيه اعتداء؛ كقوله (جمال يوسف) ومعلوم أن الله خلق كل إنسان على صورة معينة، فإذا سأل الله أن يجعله على جمال يوسف فقد سأل الله أن يغير صورته، وهذا لا يتفق مع سنة الله الكونية في أن الإنسان لا تتغير صورته إلى صورة شخص آخر، وكذا قوله: (وملك سليمان) فيه اعتداء أيضا لأن الله تعالى قال عن سليمان: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ {ص:35} وقد استجاب له بدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمسك الجني بيده قال: لولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا تنظرون إليه.. رواه البخاري ومسلم وأحمد، واللفظ له، وتصفيد الجن مما أعطاه الله لسليمان عليه السلام كما قال تعالى: فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ* وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ {ص: 36-38} فمن سأل الله ملك سليمان فقد سأل أن يسخر الله له الريح تنقله حيث يشاء والشياطين.. الخ ولا شك أن هذا اعتداء في الدعاء. وكذا قوله: رفقة فاطمة قلب خديجة. الخ كلها أدعية فيها نوع تكلف وقلة حياء ففاطمة رضي الله عنها سيدة نساء أهل الجنة كما صح بذلك الخبر، وهي رفيقة زوجها علي في الجنة، فكيف يسأل رجل مثلا رفقتها في الجنة.
وإننا ننصح إخواننا المسلمين بالالتزام بآداب الدعاء والحرص على الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، ففيها الخير والبركة، وفيها غنى عن مثل هذه الأدعية. ورحم الله عبد الله بن مغفل رضي الله عنه فقد سمع مرة أحد أولاده يدعو ويقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال يا بني: سل الله تبارك وتعالى الجنة، وتعوذه من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور. رواه أحمد، وكذا روي أن سعد بن أبي وقاص سمع ابنه يقول في دعائه: اللهم إني أسألك الجنة وأسالك من نعيمها وبهجتها ومن كذا ومن كذا، ومن كذا، ومن كذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها ومن كذا ومن كذا، فقال له سعد: قل: اللهم أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.. ولا ندري ماذا يقولان رضي الله عنهما لو سمعا مثل هذه الأدعية التي ذكرها السائل ولا حول ولا قوة إلا بالله، وانظر الفتوى رقم: 23425، عن ماهية الاعتداء في الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(10/189)
حكم الدعاء عند عقد النكاح للزوجين وغيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن ندعو بصفة جماعية عقب عقد النكاح؟ (الزواج) ، بمعنى أن يكون الدعاء بعد خطبة النكاح "إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره…" الحديث، والدعاء يتضمن دعاءً للزوجين، ولجميع الشباب بالزواج والسعادة في الزواج، وتقوى القلب وأشياء أخرى، وإذا كان جائزاً، فهل يجوز للحاضرين التأمين؟ وإذا كان جائزاً فهل يكون جهراً أم سراً؟ وهل يجوز للحاضرين رفع اليدين في هذا الدعاء إذا كان جائزاً؟ مع العلم أننا نريد الدليل في كلا الحالتين. (الدعاء وعدم الدعاء) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الدعاء عند عقد النكاح للزوجين وغيرهما من العاقد أو غيره من الحاضرين، وكذا التأمين على ذلك الدعاء أو رفع الأيدي فيه والجهر به أو الإسرار، ودليل ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رفأ من تزوج قال: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير. رواه أبوداوود وصححه الألباني.
ودعا لعبد الرحمن لما رأى عليه أثر صفرة فقال له: بارك الله لك. أو لم ولو بشاة. متفق عليه.
قال الدرديري المالكي في شرحه لمختصر خليل أثناء ذكره لبعض الأمور المستحبة: والدعاء له أي العروس عند العقد والبناء نحو بارك الله لكل منكما في صاحبه وجعل منكما الذرية الصالحة وجمع بينكما في خير وسعة ورزق. انتهى
وفي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: ويستحب الدعاء لهما: أي الزوجين بالبركة بعد العقد فيقال: بارك الله لك وبارك عليك والجمع أي وبالجمع بخير فيقال: جمع الله بينكما في خير. انتهى.
وعليه، فالدعاء للزوجين بعد العقد مستحب من العاقد وغيره سرا أو جهرا، ورفع اليدين في الدعاء مستحب إلا في المواقع التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فيها ولم يرفع يديه فيها كما في الفتويين رقم: 32283، 78905.
وتأمين الحاضرين لو سمعوا هذا الدعاء لا بأس به، لكن لا يتخذ الدعاء الجماعي طريقة وسنة في هذا المقام، ولا يعتقد استحبابه فذلك لم يرد عن الشارع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(10/190)
من أقسم على الله في دعائه ولم يتحقق مراده فهل تلزمه كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال العبد أقسمت عليك يارب أن تجعل لي مخرجا من كده وكده, أو أن تفعل كده وكده ولم يحدث شيء، فهل على العبد أن يكفر عن قسمه كفارة يمين؟ أم ماذا يفعل، خصوصاً إذا حدث ذلك عدة مرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن قول الشخص أقسمت من غير أن يقول بالله لا يعتبر يميناً عند كثير من الفقهاء وإن نوى به اليمين.
جاء في حاشية الجمل -وهو من كتب الشافعية-: (قوله: وأقسمت أو أقسم) وكذا عزمت أو أعزم وشهدت أو أشهد، ولو حذف لفظ الله لم ينعقد يميناً وإن نواه ... انتهى.
وذهب آخرون إلى أنها يمين كما جاء في المدونة: سألت مالكاً عن الرجل يقول أقسمت أن لا أفعل كذا وكذا قال مالك: إن كان أراد بقوله أقسمت أي بالله فهي يمين لأن المسلم لا يقسم إلا بالله وإلا فلا شيء عليه ... انتهى.
وعلى القول بأن ما تلفظ به السائل يميناً فإننا لم نجد من الفقهاء من نص على هذه المسألة بعينها، وأقرب ما يمكن تخريجها عليه مسألة إذا حلف الإنسان على من لا يمتنع بفعله ليفعلن كذا أو حلف عليه لا يفعل كذا فخالفه هل يحنث الحالف بذلك؟ قولان للفقهاء.
قال في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن حلف على غيره ليفعله فخالفه: لم يحنث إن قصد إكرامه لا إلزامه به، لأنه كالأمر ولا يجب.... انتهى.
ولا شك أن العبد حين يقسم على ربه إنما يسأله حاجته ويطلبها منه، ولا يقصد إلزامه، فالله تعالى لا مكره له عز وجل، فليس في قسمه معنى اليمين فلا يحنث إذا لم يقع مراده ولا تلزمه كفارة يمين، وانظر للفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55561، 102047، 35270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(10/191)
حكم الدعاء بلفظ: اللهم ارحم المسلمين ... اللهم اجعل لهم في الألف ألفة وفي الباء بركة إلخ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مثل هذا الدعاء أم لا؟ وهذا هو الدعاء: اللهم ارحم المسلمين والمتحابين فيك، اللهم اجعل لهم في كل حرف نصيبا، اللهم اجعل لهم في الألف ألفة, وفي الباء بركة, وفي التاء توفيقا, وفي الثاء ثوابا، وفي الجيم جمالا, وفي الحاء حكمة, وفي الخاء خيرا، وفي الدال د رجة عالية في الجنة، وفي الذال ذلاّ، وفي الراء رزقا، وفي الزاي زيادة في الطاعة، وفي السين سلاما، وفي الشين شهامة، وفي الصاد صدقا، وفي الضاد ضياء، وفي الطاء طراوة، وفي الظاء ظفرا، وفي العين علما، وفي الغين غنى، وفي الفاء فرقانا، وفي القاف قوة، وفي الكاف كرما، وفي اللام لجوءا ولوعة للقائك يا الله، وفي الميم محبة، وفي النون نورا، وفي الهاء هداية، وفي الواو وصلا، وفي الياء يمنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الدعاء وإن لم يكن في مضمونه ما يخالف الشرع إلا أن الهدي النبوي في الدعاء هو اختيار جوامع الدعاء دون تكلف للسجع وفي هذا تحقيق مصلحه الداعي والأخذ بأسباب الإجابة؛ إذا الكلمات الجامعة تجمع خيري الدنيا والآخرة، وإذا لم يكن الدعاء متكلفا فيه سجع الألفاظ: تفرغ القلب للتوجه إلى الله وكان في ذلك ما يكون سببا للقبول فينبغي الاعتناء بتعلم الأدعية النبوية والتفقه فيما حوته ألفاظها من الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(10/192)
هل توجد أدعية اهتز لها عرش الرحمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كل الأدعية التي تهز عرش الرحمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء وصف بهذا إلا دعاء وجدناه في حديث ضعيف رواه الخطيب البغدادي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما اجتمعت اليهود على أخي عيسى بن مريم ليقتلوه بزعمهم أوحى الله إلى جبريل أن أدرك عبدي. فهبط جبريل فإذا هو بسطر في جناح جبريل فيه مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. قال: يا عيسى، قل. قال: وما أقول يا جبريل. قال: قل: اللهم إني أسألك باسمك الواحد الأحد أدعوك اللهم باسمك الواحد الأحد أدعوك الله باسمك الصمد أدعوك اللهم باسمك العظيم الوتر الذي ملأ الأركان كلها، إلا فرجت عني ما أمسيت فيه وأصبحت فيه. قال: فدعا بها عيسى. قال: فأوحى الله إلى جبريل أن ارفع إلي عبدي. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال: يا بني هاشم يا بني عبد المطلب يا بني عبد مناف، ادعوا ربكم بهؤلاء الكلمات، فوالذي بعثني بالحق نبيا ما دعا بها قوم قط إلا، واهتز له العرش، والسماوات السبع والأرضون السبع. (تاريخ بغداد) .
وأورده ابن عراق وعزاه للخطيب في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة وقال: عامة رواته مجاهيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(10/193)
الأفضل تقديم الأقرب فالأقرب في الدعاء وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يدعو دائما لنفسه ثم لوالديه ثم لأخواته ثم لي ولأبنائي وعندما علمت بذلك غضبت وطلبت أن يقدمني في الدعاء أنا وأبنائي على أخواته لأني أحق منهن ولأن لديهن أزواجا وأبناء يقدمونهن في الدعاء، فهل معي حق وهل يمكن أن تقنعوا زوجي بأدلة شرعية أو عرفية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لعل زوجك لا يقصد التقليل من شأنكم أو عدم الاهتمام بكم، فإن الترتيب في هذا المقام لا يترتب عليه شيء، فينبغي أن تصرفي الاهتمام إلى إجابة الدعاء وقبوله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء للأقربين والحاضرين وجميع المسلمين مطلوب شرعاً، والأولى بالتقديم هم الحاضرون الذين يسمعون الدعاء ويؤمنون عليه، ولأن المؤَمّن على الدعاء مثل الداعي، وقد سبق بيان ذلك وأدلته في الفتوى رقم: 100193، والفتوى رقم: 7282 فنرجو أن تطلعي عليهما.
وما دام زوجك يدعو لك ولأولادك.. عندما يدعو لنفسه فإن هذا هو المطلوب شرعاً، وعليك أن تسألي الله القبول وتهتمي بإجابة الدعاء، لأن التقديم والتأخير هنا لا يترتب عليهما شيء، ولعل زوجك لا يقصد نقصاً من حقكم أو تقليلاً من شأنكم عندم يقدم غيركم في الدعاء، لأن واو العطف لا تقتضي الترتيب، أو لأن الجميع مشتركون في الدعاء.. ولذلك فلا داعي للغضب ...
ولا شك أن الأقربين أولى بالمعروف، والقاعدة الشرعية تقتضي تقديم الأقرب فالأقرب.. والأبناء والزوجة مقدمون في الحقوق المادية على غيرهم -كما دلت على ذلك نصوص الوحي- فينبغي أن يكون ذلك في المعنوية أيضاً، فقد روى النسائي وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصر. نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(10/194)
هل يستحب لمن دعا لغيره بظهر الغيب أن يخبره بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستحب تبليغ أمي وإخوتي في الله عن ما دعوته لهم مع العلم بأن هذا أمر يسعدهم ويزيد المودة بيننا أم الأفضل كتم هذه الدعوات، فأفتونا وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعوة المسلم لأهله مرغب فيها، وكان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يفعلون ذلك، كما في دعاء نوح وإبراهيم ويونس وغيرهم.. وإذا كان إخبارك لهم بدعائك لهم مما يجلب مزيد المودة بينكم فالأفضل ذكره، لما فيه من إدخال السرور عليهم ومزيد المودة والتنبيه لهم ليقابلوك بالمثل فيدعون لك، ودعاء كل منكم لأخيه بظهر الغيب ترجى استجابته، كما في حديث مسلم: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(10/195)
الدعاء أثناء المشي أو مزاولة عمل ما والناعس
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للدعاء هل يجوز للمسلم أن يدعو وهو نائم أو أثناء مشيه في الطريق أو أثناء قيامه بمزاولة أي عمل مثلاً يدعو وهو يخيط ثوباً؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النائم أو الناعس ينبغي له أن يتوقف عن الدعاء حتى ينتهي نعاسه ثم يدعو بعد ذلك، وذلك لأنه يخاف عليه أن يدعو على نفسه بسبب النعاس، وفي الحديث: إذا نعس أحدكم فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه. رواه مالك والبخاري ومسلم.
وأما الدعاء أثناء المشي أو مزاولة عمل ما فهو جائز كما يشرع الذكر في جميع الأحوال، ففي صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو يقول: اللهم اجعل في قلبي نوراً.. . وقد قال الله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ ... {آل عمران:191} ، وكان صلى الله عليه وسلم يدعو في سفره وهو على دابته، ولكن ينبغي الحرص على حضور القلب أثناء الدعاء؛ لما في الحديث: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. رواه الحاكم وحسنه الألباني.. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37130، 93354، 71758، 22685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(10/196)
أدعية مأثورة في طلب العلم وزيادته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة أدعية مأثورة لطلب وزيادة العلم ... جزاكم الله خيرا..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم الأدعية الواردة في هذا الدعاء الذي علمه سبحانه لرسوله صلى الله علية وسلم، فقال: وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا {طه:144}
ومنها ما ثبت في الحديث: اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدني علما.
رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني.
وروي عن ابن عباس أنه كان يقول: اللهم ذكرني ما نسيت، واحفظ علي ماعلمت، وزدني علما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(10/197)
دعاء الله تعالى بما ليس بمأثور ولكن صح معناه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الدعاء صحيح، وما المعنى التفصيلي له: اللهم إني أسألك خوف العالمين بك وعلم الخائفين منك ويقين المتوكلين عليك ورجاء الراغبين فيك وزهد الطالبين إليك وورع المحبين لك وتقوى المتشوقين إليك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا نعلم ثبوته، ولم نجده في كتب السنة المشهورة، والظاهر أنه من دعاء بعض الصالحين، وإن كنت تقصد صحة معناه وجواز الدعاء به فهو صحيح، ومعناه واضح ونحيلك في تفصيل المراد بمعاني الخوف واليقين والرجاء والتوكل والزهد والورع والتقوى والشوق إلى الله إلى كتاب مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي، وكتاب تهذيب مدارج السالكين للشيخ عبد المنعم صالح العلي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(10/198)
الجمع بين الاستغفار وسماع القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستغفار وسماع القرآن في آن واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الأعراف:204}
وهذا الأمر بالإنصات مخصوص بالصلاة، كما ذكره علماء التفسير. وبالتالي فالإنصات لتلاوة القران في غير الصلاة غير واجب، وعليه فلا مانع من الاستغفار أثناء سماع القرآن، وإن كنا ننصح السائلة بالاقتصار على سماع القرآن وتدبر معانيه وتفهمها، والبعد عن كل ما يشغل عن تدبره مطلقا.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 45102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(10/199)
الدعاء على النفس ودعاء البنت أن يعطي الله من عمرها لأمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء علي النفس؟
دعوت الله أن يأخذ من عمري لوالدتي ويزيد في عمرها لأنها كانت مريضة، هل يعاقبني الله لأنه لا أحد يضمن عمره، ماذا أفعل لكي يسامحني الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف المشروع أن تدعي الله لأمك بالشفاء وتسألي لها العافية.
أما الدعاء على النفس بالشر فلا يجوز لحديث: لا تدعو على أنفسكم ولا على أولادكم، أخرجه أبو داود.
وعلاجه بالتوبة والاستغفار والإكثار من العمل الصالح.
وأما سؤالك الله أن يزيدها من عمرك فلا نعلم نصا لأهل العلم في كونه إثما، والظاهر في قصة آدم وداود أنه مشروع، فقد روى الإمام أحمد من حديث ابن عباس مرفوعا: أن الله عز وجل لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج ما هو من ذراريه إلى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر فقال أي رب من هذا ابنك داود قال أي رب كم عمره قال ستون عاما، قال رب زد في عمره قال لا إلا أن أزيده من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاما.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62650، 75534، 16122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(10/200)
دعاء الأب العاصي لولده وهل يستجاب دعاؤه عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستجاب دعوة الوالد المنغمس في المعاصي لابنه، وهل إذا دعى والد على ولده بالهلاك أو بشيء مضر تستجاب أيضا، وكيف يتخلص الولد من هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعوة العاصي قد تستجاب، والداً كان هذا العاصي أم غيره، فالله تعالى قد يستجيب للكافر فالعاصي أولى، وقد يستجاب دعاء الوالد على ولده بما فيه هلاكه أو ضرره ولو كان هذا الدعاء بغير وجه حق كما في قصة جريج الراهب، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 70101.
وينبغي للولد أن يسعى في كسب رضا والده والبر به ليجتنب أسباب غضبه ودعائه عليه، ومما ينبغي أن يعلمه الولد أن هذا الدعاء لا يلزم أن يستجاب فقد لا يستجاب، فلا ينبغي أن يشغل نفسه بما وقع من دعاء والده عليه، والأولى بدلاً من ذلك أن يشغلها بما يمكن أن يكسب به رضا ربه ورضاه والده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(10/201)
الدعاء بغير المأثور للوقاية من السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة هذا الدعاء: اللهم إنك قد أقدرت بعض خلقك على السحر والشر ولكنك احتفظت بذاتك بإذن الضر فأعوذ بما احتفظت به مما أقدرت عليه بحق قولك "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" وهل هذا الدعاء فعلا يبعد السحر عن الإنسان، وما هي الأدعية الحافظة من السحر؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا الدعاء وارداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، ولا بأس بالدعاء به للوقاية من السحر، إذ لم يتضمن ما يخالف الشرع فيما يظهر لنا، إذ فيه الاستعاذة بصفة من صفات الله تعالى، ونرجو أن يكون هذا الدعاء سببا للعلاج من السحر أو الوقاية منه.
روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
ولمعرفة بعض الأذكار والأدعية المتعلقة بعلاج السحر والوقاية منه فنرجو مطالعة الفتوى رقم: 5856، والفتوى رقم: 5433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(10/202)
الذكر عند الأرق وحكم تناول المنوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب طالب فى الجامعة, أعانى من مرض الأرق، حتى ذهبت إلى المستشفى ثم أعطاني دواء للنوم، فما هو حكمه, وما هو علاجه الشرعي؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعاطي المنوم لمن يعاني من الأرق باستشارة طبيب لا مانع منه شرعاً ما لم يترتب على ذلك ضرر غالب، وأما الهدي النبوي في هذا المقام فهو الدعاء وذكر الله وذكر ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب أحدنا الأرق، قال ابن القيم في زاد المعاد: فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الفزع والأرق.. روى الترمذي عن بريدة قال اشتكى خالد فقال: يا رسول الله ما أنام من الأرق، قال: إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً أن يفرط علي أحد منهم، أو يبغي علي أحد، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك. انتهى كلامه.
وفي صحيح البخاري: (باب فضل من تعار من الليل فصلى) قال الحافظ: التعار أيضاً السهر والتمطي والتقلب على الفراش ليلاً مع كلام ثم أورد حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم: من تعار بالليل (سهر وتمطى) فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ... ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته. قلت فمن أصيب بالأرق، قال: هذا الدعاء ثم دعا الله أن يذهب عنه الأرق فهذا باب عظيم للإجابة. وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 77314، 34362، 16790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(10/203)
الدعاء بما تهوى النفس من مباحات أمور الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما يلتبس علي بين الدعاء لأن أحصل على شيء معين (ضمن اختياري) وبين "لا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، سادتي الأعزاء ... محور سؤالي هو أن الدعاء مخ العبادة.. والدعاء عبادة مهمة في حياة كل مسلم.. فدائما المسلم له احتياجات دنيوية.. مثلا للحصول على وظيفة معينة أو زوجة معينة.. فيدعو الله عز وجل بهما.. وفي نفس الوقت يجب على المسلم أن يكون راضيا بقضاء الله عز وجل وقدره.. وأن يكل أمره إلى الله.. فبالتالي دعاؤه المخصص أصبح تابعا لهوى نفسه.. ولا يجوز له أن يدعو تبعا لهوى نفسه ... فهذه إشكالية بالنسبة لي.. أشياء كثيرة أريدها.. وفي نفس الوقت هناك دعاء "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، والأشياء التي أدعوها هي في نفسي.. فكيف يتم الوفاق في ذلك؟ أنتظر الرد بفارغ الصبر.. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتوضيح الجواب نحصر ذلك في ثلاثة نقاط ينبغي أن تنتبه لها جيداً:
الأولى: اعلم أنه لا تعارض بين الإيمان بالقضاء والرضا به وبين دعاء الإنسان بما يشاء من المباح، إذ أن الدعاء وما ينتج عنه من إجابة -إن شاء الله- من جملة القضاء والقدر، ونحن مأمورون به من باب التعبد لله بالأخذ بالأسباب التي شرعها لنا، ومثابون على ذلك لأنه من أجل العبادات كما أشرت.
ثانياً: قولك أنه لا يجوز أن يدعو الإنسان تبعاً لما تهواه نفسه غير صحيح، بل هو جائز ولو في الصلاة على القول الصحيح من أقوال أهل العلم، ما لم يشتمل على محظور أو فحش أو نحو ذلك.. كيف وقد صح عند مسلم وغيره في الحديث: قال عبد الله رضي الله عنه: كنا إذا جلسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة.. الحديث وفي آخره: ثم يتخير بعد من الدعاء ما شاء.
وعند البخاري: ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به..
وقال تعالى: وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. {البقرة، 201} .
قال ابن كثير: فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي، من عافية ودار رحبة، وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيئ وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا ... وقال الإمام أحمد:.. عن أنس قال: كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. انتهى.
ثالثاً: توهمك التعارض بين الدعاء بقولك: لا تكلني إلى نفسي وبين الدعاء بما تشتهيه نفسك غير صحيح، فالمراد من هذا الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو تفويض الأمر إلى الله والتوكل عليه والتبرؤ من حول المرء وقوته استعانة بالله وحده ... وليس المراد أن لا يدعو المرء بما أحب من الخير أو بما تهواه نفسه من المباحات من أمور الدنيا، بل إن الدعاء بذلك وسؤاله لله تعالى من جملة التوكل والاعتماد عليه.
قال في مرقاة المفاتيح في شرح هذا الدعاء: (دعوات المكروب) : أي المهموم والمغموم، وسماه دعوات لاشتماله على معان جمة (اللهم رحمتك أرجو) : أي لا أرجو إلا رحمتك. (فلا تكلني) : أي لا تتركني إلى نفسي طرفة عين أي لحظة ولمحة فإنها أعدى لي من جميع أعدائي وأنها عاجزة لا تقدر على قضاء حوائجي.. قال الطيبي: الفاء في فلا تكلني مرتب على قوله رحمتك أرجو، فقدم المفعول ليفيد الاختصاص، والرحمة عامة فيلزم تفويض الأمور كلها إلى الله، كأنه قيل فإذا فوضت أمري إليك فلا تكلني إلى نفسي لأني لا أدري ما صلاح أمري وما فساده، وربما زاولت أمراً واعتقدت أن فيه صلاح أمري فانقلب فساداً وبالعكس. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(10/204)
أدعية يتعوذ بها عند الخوف من التعرض للأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لم أبلغ بعد فعلت ذنبا وإخوتي يعرفونه وأنا أخاف أن يقولوا ذلك فيضربني أبي أو أمي وأنا تبت، قيل لي قل: حسبي الله ونعم الوكيل لأنها أمان كل خائف بعدها قيل لي لا لأنه حديث ضعيف وقيل لي قل بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم وإذا قلتها لا يستطيع أحد أن يضرك، وقيل إذا خفت أن يقولوا فاقرأ عليهم (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) ، فما الصحيح وما هي أدعية الخوف من الوالدين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والإعانة على طاعته ومرضاته، وأن يجعلك من الشباب الناشئين على عبادة الله الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
وننصحك بالحفاظ على أذكار الصباح والمساء وسؤال الله العافية، وخاصة قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات مساء وصباحاً، ففي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وواظب على صلاة الفرض وخاصة الفجر في الجماعة، ففي صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله. فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم.
وواظب على صلاة أربع ركعات أول النهار، ففي الحديث القدسي: يا بن آدم: صل أربع ركعات أول النهار أكفك آخره. رواه أحمد وابن حبان والطبراني. وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
وواظب على الأدعية الجوامع التي يستجاب بها الدعاء وتحل بها المشاكل، ففي مسند أحمد وسنن الترمذي والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا، فقال في دعائه: اللهم إني اسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.
وفي سنن الترمذي من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً. وروى أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
وأما حسبي الله ونعم الوكيل فيشرع التعوذ بها لما في الأثر عن ابن عباس: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. رواه البخاري ... واحرص على تكرار حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. سبع مرات عند المساء والصباح، ففي الحديث: من قال حين صبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة. رواه ابن السني وصححه الأرناؤوط.
وقد روي حديث فيها بلفظ: حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف. ولكنه لم يصح كما قال الذهبي في السير وضعفه الألباني في الضعيفة، وقال الذهبي في السير في ترجمة الحافظ تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجماعيلي قال: كان الحافظ لا يصبر عن إنكار المنكر إذا رآه وكنا مرة أنكرنا على قوم وأرقنا خمرهم وتضاربنا فسمع خالي أبو عمر فضاق صدره وخاصمنا فلما جئنا إلى الحافظ طيب قلوبنا وصوب فعلنا وتلا: وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك.. وسمعت أبا بكر بن أحمد الطحان قال: كان بعض أولاد صلاح الدين قد عملت لهم طنابير وكانوا في بستان يشربون فلقي الحافظ الطنابير فكسرها قال: فحدثني الحافظ قال: فلما كنت أنا وعبد الهادي عند حمام كافور إذا قوم كثير معهم عصي فخففت المشي وجعلت أقول حسبي الله ونعم الوكيل فلما صرت على الجسر لحقوا صاحبي فقال: أنا ما كسرت لكم شيئاً هذا هو الذي كسر قال: فإذا فارس يركض فترجل وقبل يدي وقال: الصبيان ما عرفوك. انتهى.
وأما بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. فيشرع التعوذ بها لما ثبت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل يوم: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وأما آية: وجعلنا من بين أيديهم سداً من خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون. فقد روي التعوذ بها عن النبي صلى الله وسلم، ولكنه لم يصح سنده. فقد قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي قال: لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل قال وهم على بابه إن محمداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن وإن لم تفعلوا كان فيكم ذبح ثم بعثتم بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها، قال: فخرج رسول الله فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: نعم أنا أقول ذلك أنت أحدهم وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤسهم وهو يتلو هذه الآيات يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم إلى قوله وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون.. ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون ههنا قالوا: محمداً، فقال: خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجياً ببرد رسول الله فيقولون والله إن هذا لمحمد نائماً عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي كان حدثنا، قال ابن إسحاق فكان مما أنزل الله في ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له، قوله تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وقوله: أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين. قال ابن إسحاق: فأذن الله لنبيه عند ذلك بالهجرة. انتهى. فهذا الحديث فيه يزيد بن أبي زياد متكلم فيه كما قال أبو حاتم وابن سعد وابن حجر ومحمد بن كعب تابعي ثقة وقد أرسل الحديث فاجتمع فيه الإرسال وضعف يزيد.
واعلم أن الغلام قبل بلوغه غير مكلف بفعل الواجبات ولا بترك المحرمات، ولا يكتب عليه ما ارتكبه من المحرمات الشرعية باتفاق العلماء، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو داود والترمذي ... لكن يجب على أهله منعه من المحرمات، والأخذ على يده في تركها، وأن يعودوه على فعل الطاعات ويرغبوه فيها ويندب في حقه التزام الفرائض لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا صبيانكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود. ولحديث المرأة التي رفعت صبياً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر. رواه مسلم. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الصبي تكتب له حسناته ولا تكتب عليه سيئاته. وهذا هو الصحيح عند العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(10/205)
مسائل حول الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا.. سمعت في برنامج ديني رجلا يدعو بأدعية مختلفة وكان من بينها (اللهم زود قلبنا من نورك حتى نرضى بك إلهاً) ، ونحن المسلمين دائما نكرر دعاء (رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا) فما موقف كلمة (حتى نرضا بك ربا أو كي نرضا بك ربا) وهل تجوز أم لا.
ثانيا.. كلنا نعرف أن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة تجعل لقارئها نوراً من الجمعة إلى الجمعة الأخرى لما ليوم الجمعة من بركة (بما في معنى ذلك أن يوم الجمعة تحدد شرعا) .. لكن في نفس ذلك البرنامج سمعت الشيخ المذيع.. يقول بما في معناه (إننا نبايعك يا الله على الطاعة وعلى من يوم السبت هذا إلى السبت القادم وسنجدد المبايعة في السبت القادم) فهل في ذلك شبهة، لأنه من المعروف أن يوم السبت جعله اليهود كاستراحة لهم حيث قالوا إن الله استراح في ذلك اليوم، ثالثا ... بما في معناه أيضا (أنه يا الله نادنا يوم القيامة أثناء الحساب بمجموعة أصحاب الإيمان) (اسم البرنامج) أي عندما تنادي علينا لتحاسبنا ناد علينا بهذا الاسم) ، فهل يجوز ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الداعي يقصد بقوله (اللهم زود قلوبنا من نورك حتى نرضى بك إلهاً) أن يعطيه الله من اليقين والنور ما يزداد به إيمانه بالله تعالى ورضاه بربوبيته بحيث يذوق طعم الإيمان بالله تعالى كما ينبغي فلا بأس بدعائه، لكن ينبغي للمسلم أن يقتصر على الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أتى بغيرها فليتجنب ما لا يتضح معناه، لأن ذلك قد يشكل على السامعين ويحيرهم كما حصل هنا مع الأخت الفاضلة.
أما عن الملاحظة الثانية فالظاهر أنه لا مانع من أن يعاهد الشخص ربه ألا يعصيه من يوم كذا ليوم كذا سواء صادف ذلك اليوم يوم السبت أم لا، ولكن على فاعل ذلك أن يعتقد أن هذا ليس سنة واردة، وملازمة هذا واعتياده بهذا التحديد أي يجعل يوم السبت يوماً لهذا العهد بحيث يصير طريقة شرعية بدعة محدثة على المسلم اجتنابها، والمسلم مأمور بتقوى الله تعالى في كل يوم وفي كل زمان سواء عاهد الله على ذلك أم لا، وهذا لا يتناقض مع ما ورد في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لأن ذلك خاص بيوم الجمعة وبهذه السورة بعينها وهذا التخصيص يتلقى عن الشرع ولا علاقة له بما ذكر.
وعن الملاحظة الثالثة فإنه لا حرج في أن يدعو العبد ربه أن يناديه يوم القيامة مع أهل الإيمان مع أن فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم غنى عن هذا كله، فمن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لك الحمد كله اللهم لا قابض لما بسطت ولا مقرب لما بعدت ولا مباعد لما قربت ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة والأمن يوم الخوف، اللهم عائذاً بك من سوء ما أعطيتنا وشر ما منعت منا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. ذكره البخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم في المستدرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(10/206)
حكم قول الداعي جهرا (اللهم احفظنا من الزنا)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتعارض هذا الدعاء "اللهم احفظنا من الزنا" مع شروط آداب الدعاء إذا تم الدعاء به علانية.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فلا يتعارض هذا الدعاء مع آداب الدعاء ولو دعي به علانية، ولكن إن لم تكن هنالك حاجة للجهر به فالإسرار هو الأولى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يتعارض هذا الدعاء مع آداب الدعاء ولو دعي به علانية، ولكن إن لم تكن هنالك حاجة للجهر به فالأولى الإسرار به لقول الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {لأعراف:55} وراجع الفتويين: 23599، 102600.
وننبه إلى أن الأفضل الدعاء بما ورد في الكتاب والسنة، ومن ذلك ما رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(10/207)
الدعاء بعد ختم القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للدعاء الذي يوجد في نهاية المصاحف الشريفة هل يجب على المسلم أن يدعو به عند كل ختمة للقرآن الكريم أم أنّ له أن يدعو بما شاء من الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء بعد الختمة ليس واجبا سواء في ذلك الدعاء الذي يوجد في المصاحف وغيره، لكن يستحب للمسلم أن يدعو وله أن يدعو بذلك الدعاء وله أن يدعو بما شاء.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 11726، والفتوى رقم: 100291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(10/208)
الصلاة على النبي مع ذكر الآل وبدونه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت في إحدى القنوات الفضائية التابعة لمذهب أهل السنة والجماعة أن قول: صلى الله عليه وآله وسلم أصح من قول: صلى الله عليه وسلم، وقد استشهد ببعض الأحاديث فما مدى صحة ذلك؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دون ذكر الآل ولكن ذكر الآل أفضل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تجوز دون ذكر الصلاة على آله لأن الله تعالى أمر بالصلاة عليه دون ذكر الآل، حيث قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56} ، إلا أن الأفضل الصلاة عليه مع آله كما جاء في الصلاة الإبراهيمية، ففي الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك، قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(10/209)
دعاء الركوب هو بعض آية من سورة الزخرف
[السُّؤَالُ]
ـ[سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا الي ربنا لمنقلبون هذا مكتوب في وسائل المواصلات وقد اختلف اثنان واحد يقول دعاء وآخر يقول هذا قرآن ولقد عرفت أنها جزء من آية في سوره الزخرف أفدني هي قرآن أم دعاء؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر كما عرفت فإن قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ {الزُّخرف:13} هي الآية 13 من نفس السورة، وتقرأ عند الركوب على أنها ذكر الركوب، ولذا يجوز قراءتها بنية الذكر لمن منع من قراءة القرآن كالجنب، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 99393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(10/210)
الدعاء على الظالم بما هو أعظم من ظلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء على الظالم بهذا الدعاء:
اللهم نجني من فلانة وعصبتها، اللهم اكفنيهم بما شئت، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم انصرني عليهم وخذ حقي منهم، اللهم أطل عمرهم وابتليهم بالفقر والوسخ، اللهم افضح كيدهم وظلمهم وغشهم لي، اللهم شتت شملهم، اللهم نكد عليهم معيشتهم، اللهم اقصم ظهورهم، اللهم ابتلهم ببعضهم البعض.
مع العلم أن هؤلاء الناس الذين أدعو عليهم هم مسلمون أيضا، لكنهم ظلموني وتمادوا في ذلك بأن حاولوا تشويه سمعتي أمام الناس.
إذا كان هذا الدعاء غير جائز، فدلوني على دعاء أدعو به عليهم، لأني لا أريد مسامحتهم، وأود أن أقاضيهم بين يدي الله عز وجل يوم القيامة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العفو عن الظالم والدعاء له بالاستقامة على الطاعة والبعد عن المعاصي والظلم أفضل من الدعاء عليه، ويحسن دفع إساءته بالإحسان مع التحصن والتعوذ منه، ويجوز الدعاء بدفع شره فتقول: اللهم اكفنيهم بما شئت، اللهم إنا نعوذ بك من شرهم، اللهم خذ لي حقي منهم، كما يجوز الدعاء بأن يحصل لهم من الشر مثل ما أصابوك به.
وأما الدعاء عليهم بما هو أعظم من ذلك فلا ينبغي لأن المظلوم إنما يشرع له رد العدوان بمثله، لقوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {الشُّورى:40} .
وأما الدعاء بما هو أعظم فيخاف عليه أن يكون من الاعتداء، فقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: الدعاء قصاص.
ومن المعلوم أن القصاص لا يجوز فيه الاعتداء، وقد ذكر الخادمي في بريقة محمودية أن الدعاء على الظالم يجوز بقدر ظلمه ولا يجوز الاعتداء.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 31768، 24757، 31185، 11808، 52419، 54580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(10/211)
الدعاء برؤية الجنة وهل فلانة ستكون زوجة له أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بأن ينعم الله عز وجل علي برؤية الجنة في المنام؟؟ وأيضا هل يجوز لي أن أدعو الله هل ستكون فتاة معينة زوجة لي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، ويدخل في ذلك دعاؤه الله تعالى أن يوفقه لرؤية الجنة في المنام، لعموم النصوص الواردة بشأن الدعاء، ويدخل في ذلك دعاء الله عز وجل أن يجعل فتاة معينة زوجة له، ولا بأس بالدعاء بأن يريه الله عز وجل أمارات أو بشارات بأن هذه الفتاة ستكون من نصيبه ونحو ذلك.
أما الدعاء بمعرفة هل ستكون زوجة له أم لا فهذا من سؤال الله أن يطلعه على غيبه، وهو من الاعتداء في الدعاء.
وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 28184، 36319، 23425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(10/212)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم باستخدام حرف النداء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصيغة المناداة أو صيغة الإشارة مثل:
صلى الله عليك وسلم يا علم الهدى أو صلى الله عليك وسلم أيها الرسول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بحكم الصلاة بهذه الصيغة أي خارج الصلاة فهذا جائز، وإن كان المقصود بحكم الصلاة بهذه الصيغة أي داخل الصلاة فنرجو أن تكون هذه الصيغة مجزئة لما ذكره الفقهاء من أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة مجزئة
جاء في منح الخليل: والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد بأي صيغة، والأفضل فيها ما في حديث قولوا: اللهم صل محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.... انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1429(10/213)
لا بأس بالإكثار من الدعاء دون التزام عدد لم يحدده الشارع
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الجيران أعرفه منذ فترة طويلة وقد كان فقيرا وانقطعت بيننا الأخبار منذ وقت طويل لأنه نقل من الحي الذي كنا نسكن فيه ورأيته في يوم من الأيام صدفة والآن ما شاء الله لا قوة إلا بالله صارت حالته المادية ممتازة فسألته كيف ومن أين فأعطاني ورقة وقال لي اقرأها كل يوم ثلاث مرات فقط لمدة شهر فقط وسترى العجب العجاب إن شاء الله ومكتوب فيها ما يلي:
استغفر الله العظيم الذي لا اله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ترزق من تشاء منهما وتمنع من تشاء ارحمني رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك آمين وصلي اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
وإذا احتجت شيئا آخر من الله اقرأها مرة أخرى على كل حال اقرأها واطلب من الله ما تريد
ونقلتها لكم حتى تعم الفائدة للجميع
هل هذه المواضيع التي تكون بهذا النوع صحيحة أو ماذا؟
أنا محتاجة الرد بسرعة، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
أصل الدعاء بما ذكر مشروع ولكن التحديد بغير دليل يعتبر من البدع الإضافية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك في عظيم فائدة الدعاء وأنه هو لب العبادة وأساسها، وأنه يشرع أن يدعو المسلم ربه بما أراد من خيري الدنيا والآخرة مما يجوز أن يدعو به، ولاشك أن من أسباب قبول الدعاء، وتيسير الأمور الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله والدعاء بما ذكر في السؤال؛ لقوله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-12} وقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه أحمد والترمذي.
وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ل معاذ: ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك، قل يا معاذ: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد كما قال المنذري، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب.
وعن أبي بن كعب قلت: يا رسول الله، إني أكثر من الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تكفى همك، ويغفر لك ذنبك. رواه الترمذي والحاكم في المستدرك. وقال الترمذي: حسن صحيح.
ولكن تحديده للدعاء بعدد معين من غير نص شرعي يدل على التحديد يعتبر من البدع الإضافية، فينبغي الإكثار من الدعاء دون التزام عدد لم يحدده الشارع، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8381، 6604، 631، 4799، 55969، 35247، 53348، 60327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(10/214)
لا بأس بالدعاء بما ليس فيه اعتداء ولا مخالفة للعقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مراقبة في أحد المنتديات..واجهني موضوع وقد لاحظت انتشاره على مستوى النت..الموضوع هو عبارة عن دعاء لمتوفى ذُكر اسمه..
وهذا اقتباس من الدعاء:
"استغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته ... استغفر الله العظيم من كل فرض تركته استغفر الله العظيم من كل إنسان ظلمته.... استغفر الله العظيم من كل صالح جفوته
استغفر الله العظيم من كل ظالم صاحبته.... استغفر الله العظيم من كل بر أجلته
استغفر الله العظيم من كل ناصح أهنته ... استغفر الله العظيم من كل محمود سئمته
استغفر الله العظيم من كل زور نطقت به.... استغفر الله العظيم من كل حق أضعته
استغفر الله العظيم من كل باطل اتبعته ... استغفر الله العظيم من كل وقت أهدرته
استغفر الله العظيم من كل ضمير قتلته.... استغفر الله العظيم من كل سر أفشيته
استغفر الله العظيم من كل أمين خدعته.... استغفر الله العظيم من كل وعد أخلفته
استغفر الله العظيم من كل عهد خنته ... استغفر الله العظيم من كل امرئ خذلته استغفر الله العظيم من كل صواب كتمته ... استغفر الله العظيم من كل خطأ تفوهت به
استغفر الله العظيم من كل عرض هتكته ... استغفر الله العظيم من كل ستر فضحته
استغفر الله العظيم من كل لغو سمعته.... استغفر الله العظيم من كل حرام نظرت إليه
استغفر الله العظيم من كل كلام لهوت به ... استغفر الله العظيم من كل إثم فعلته
استغفر الله العظيم من كل نصح خالفته.... استغفر الله العظيم من كل علم نسيته
استغفر الله العظيم من كل شك أطعته ... استغفر الله العظيم من كل ظن لازمته
استغفر الله العظيم من كل ضلال عرفته ... استغفر الله العظيم من كل دين أهملته
استغفر الله العظيم من كل ذنب تبت لك به ... استغفر الله العظيم من كل ما وعدتك به "ماحكم مثل هذه المواضيع..أفتونا أثابكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بما ليس فيه إثم ولا اعتداء ولا مخالفة للعقيدة، ولكن الأولى هو الدعاء بالمأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الرسل فهو قد أوتي جوامع الكلم وقد ثبت عنه وعن غيره من الرسل عدة أدعية في الاستغفار فهي أولى أفضل مما يؤثر عن غيرهم قطعا.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
52405، 23425، 75495.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(10/215)
لا يلزم الدعاء بكلمة (جعل الله كذا) المنع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود منكم يا شيوخنا الكرام أن تصدروا فتوى لتحذير الناس من صيغة دعاء فيه عدم تقدير لله تعالى على نحو:
جعل ربي.... واستغفر الله من ذلك لأن الله سبحانه وتعالى لا يجعله أحد في السموات والأرض وصيغة هذا الدعاء الخاطئ منتشرة بين الناس وحتى في المنتديات والقصائد الشعرية ولا حول ولا قوة إلا بالله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزم من الدعاء بهذه الكلمة المحظور الذي تظنه، وذلك أن الفعل (جعل) يأتي في اللغة العربية لمعنى الشروع والإنشاء، فإذا قلنا جعل الرجل يتحدث فالمعنى شرع في الحديث وبدأ به، وليس الرجل مجعولاً هنا، وعلى أي حال فالأولى الدعاء بالألفاظ التي لا تحتمل إيهام ما لا يليق بالله تعالى، وخير الدعاء الدعاء الوارد في الكتاب والسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(10/216)
مشروعية النفث تحت الثوب في جهة الصدر واليدين بعد الذكر والقراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النفث في اليدين بعد صلاة الصبح والمسح بهما على الجسد؟
وما حكم النفث تحت الثوب في جهة الصدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
النفث بعد تلاوة القرآن أو بعض الأذكار لا بأس به سواء كان تحت الثوب إلى جهة الصدر أو كان النفث في اليدين مع مسح الجسد بهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان النفث المذكور أثناءَ أو بعدَ تلاوة القرآن أو بعض الأذكار المشروعة فلا بأس به بعد صلاة الصبح أو غيرها سواء كان النفث تحت الثوب أو كان في اليدين مع مسح الجسد بهما قياسا على بعض المواطن التي ثبت النفث فيها كالنفث عند الرقية أو عند قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين عند النوم أو النفث عند الرؤيا المشتملة على ما يكره الإنسان
قال العيني في عمدة القارئ: قال بعضهم: قوله «فلينفث» هو المراد من الحديث المذكور في هذه الترجمة. قلت: الترجمة في النفث في الرقية، وفي الحديث النفث في الرؤيا، فلا مطابقة إلا في مجرد ذكر النفث. ولكن النفث إذا كان مشروعا في هذا الموضع يكون مشروعا في غير هذا الموضع أيضا قياسا عليه، وبهذا يحصل التطابق بين الترجمة والحديث. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(10/217)
استجابة دعاء المضطر لا حدود لها
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت هذه القصة في أحد المنتديات وأنا أشك بمدى صحتها فأردت منكم الفتوى فيها وحكم نشرها وما علي فعله تجاهها علما بأن هناك الكثير من القصص المتداولة أمثالها.... الملائكة تنقذ فتاة من الإغتصاب ... سبحان الله ... قصه حقيقيه حصلت أحداثها في الرياض ولأن صاحبة القصة أقسمت على كل من يسمعها أن ينشرها للفائده فتقول: لقد كنت فتاه مستهتره أصبغ شعري بالأصباغ الملونه كل فترة وعلى الموضة، وأضع المناكير ولا أكاد أزيلها إلا للتغيير، أضع عبايتي على كتفي أريد فقط فتنة الشباب لإغوائهم إخرج إلى الأسواق متعطرة متزينه ويزين إبليس لي المعاصي ما كبر منها وما صغر, وفوق هذا كله لم أركع لله ركعه واحدة, بل
لا أعرف كيف الصلاة والعجيب أني مربية أجيال معلمه يشار لها بعين احترام فقد كنت أدرس في إحد المدارس البعيدة عن مدينة الرياض فقد كنت أخرج من منزلي مع صلاة
الفجر ولا أعود إلا بعد صلاة العصر, المهم إننا كنا مجموعة من المعلمات, وكنت أنا الوحيدة التي لم أتزوج فمنهن المتزوجة حديثا, ومنهن الحامل، ومنهن التي في أجازة أمومة, وكنت أنا أيضا الوحيدة التي نزع مني الحياء, فقد كنت أحدث السائق وأمازحه وكأنه أحد أقاربي, ومرت الأيام وأنا مازلت على طيشي وضلالي, وفي صباح أحد الأيام أستيقظت متأخرة, وخرجت بسرعه فركبت السيارة, وعندما التفت لم أجد سواي في المقاعد الخلفيه, سألت السائق فقال فلانه مريضه وفلانه قد ولدت و ... و...وفقلت في نفسي مدام الطريق طويل سأنام حتى نصل, فنمت ولم أستيقظ إلا من وعورة الطريق, فنهضت خائفة, ورفعت الستار..... ماهذا الطريق وما الذي صار، فلان أين تذهب بي!!؟ قال لي وكل وقاحة الآن ستعرفين!! فقط لحظتها عرفت بمخططه الدنئ ... قلت له وكلي خوف يا فلان أما تخاف الله! أتعلم عقوبة ما تنوي فعله, وكلام كثير أريد أن أثنيه عما يريد فعله, وكنت أعلم أني هالكة ... لا محالة، فقال بثقة إبليسية لعينة أما خفتي الله أنتي, وأنتي تضحكين بغنج وميوعة, وتمازحيني، ولا تعلمين أنك فتنتيني, وأني لن أتركك حتى آخذ ما أريد، بكيت ... صرخت، ولكن المكان بعيد, ولا يوجد سوى أنا وهذا الشيطان المارد, مكان صحراوي مخيف.. مخيف.. مخيف, رجوته وقد أعياني البكاء, وقلت بيأس واستسلام إذا دعني أصلي لله ركعتين لعل الله يرحمني! فوافق بعد أن توسلت إليه نزلت من السيارة وكأني آقاد إلى ساحة الإعدام صليت ولأول مرة في حياتي, صليتها بخوف ... برجاء والدموع تملأ مكان سجودي, توسلت لله تعالى أن يرحمني, ويتوب علي, وصوتي الباكي يقطع هدوء المكان, وفي لحظة والموت يدنو وأنا أنهي صلاتي تتوقعون ما الذي حدث وكانت المفاجأة. ما الذي أراه.!!!!! أني أرى سيارة أخي قادمة!! نعم أنه أخي وقد قصد المكان بعينه!! لم أفكر لحظة كيف عرف بمكاني, ولكن فرحت بجنون وأخذت أقفز, وأنادي وذلك السائق ينهرني, ولكني لم أبالي به.. من أرى أنه أخي الذي يسكن الشرقيه وأخي الآخر الذي يسكن معنا، فنزل أحدهما وضرب السائق بعصى غليظة, وقال أركبي مع أحمد في السيارة, وأنا سأخذ هذا السائق وأضعة في سيارتة بجانب الطريق.. ركبت مع أحمد والذهول يعصف بي وسألته هاتفة كيف عرفتما بمكاني، وكيف جئت من الشرقية؟.. ومتى؟ قال: في البيت تعرفين كل شيء، وركب محمد معنا وعدنا للرياض وأنا غير مصدقه لما يحدث، وعندما وصلنا إلى المنزل ونزلت من السيارة قالا لي أخوتي اذهبي لأمنا وأخبريها
الخبر وسنعود بعد قليل, ونزلت مسرعة, مسرورة أخبر أمي، دخلت عليها في المطبخ وأحتضنتها وأنا أبكي وأخبرها بالقصة, قالت لي بذهول ولكن أحمد فعلا في الشرقية, وأخوك محمد ما زال نائما، فذهبنا إلى غرفة محمد ووجدناه فعلاً نائم، أيقظتة كالمجنونة أسئله ما الذي يحدث ... فأقسم بالله العظيم أنه لم يخرج من غرفته ولا يعلم بالقصة، ذهبت إلى سماعة الهاتف تناولتها وأنا أكاد أجن, فسألته فقال ولكني في عملي الآن, بعدها بكيت وعرفت أن كل ما حصل إنما ملكين أرسلهما ربي لينقذاني من براثن هذا الإثم، فحمدت الله تعالى على ذلك, وكانت هي سبب هدايتي ولله الحمد والمنه فهذا سؤالي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس يمكننا الكلام على صحة هذه القصة لعدم العلم بحال ناقليها ولكن استجابة الله دعاء المضطر والمكروب لا حدود لها فهو يجيب دعاء من ظلم واستغاث به ولو كان فاجراً ولا مانع في الشرع من نزول الملائكة إلى الأرض ورؤية المظلوم لهم بشكل من يعرفهم لأن الملائكة يتشكلون بأشكال البشر وقد يفعل ذلك الجان أيضاً، ثم إن خضوع النساء بالقول للرجال هو أخطر ما يطمع فيهن مرضى القلوب ولذا نهى الله عن ذلك، فقال: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32} ، وأما نشرها فنرى أن أولى منه نشر نصوص الوحي التي تدعو للعفة والفضيلة وترهب من التبرج والرذيلة مع بيان ضرورة حضانة البنات ومنعهن من السفر مع الأجانب ولا سيما إذا تضمن الخلوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1429(10/218)
إشراك الزوج والأقارب في الذكر والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على خير خلق الله صلى الله عليه وسلم
تحية طيبة
أرسلت هذا السؤال من فترة ولم يأت الرد ورقم السؤال هو2172629 من حوالي أكثر من شهر
لدي سؤال هو
أنا عندما أقوم بالدعاء أخص الدعاء لنفسي وأهلي فقط مثلا أقول
((ربنا آتني أنا وولدي وإخوتي وزوجي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار))
وأيضا عندما أقول الأذكار مثلا أقول:
((رضينا أنا ووالدي وإخوتي وزوجي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا وشفيعا صلى الله عليه وسلم
وهكذا كل شي أقوله أشرك به أبي وأمي وإخوتي فمثلا أيضا أقول اللهم إني أصبحت أنا ووالدي وإخوتي وزوجي نشهدك ونشهد حملت عرشك وملائكتك وكتبك ورسلك بأنك أنت الله لا إله ألانت وان سيدنا محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم
فهل هذا العمل أو القول مشروع شرعا ولا بأس فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المسلم عند دعائه الدعاء لأقاربه ولجميع المسلمين حتى يفوز بالثواب المترتب على ذلك وراجع الفتوى رقم: 100193،
وعليه، فقد أحسنت في إشراك أقاربك في الدعاء الأول الذي ذكرت، أما الأذكار الأخرى التي هي رضيت بالله ربا. أو اللهم إني أشهدك. إلى آخر الدعاء فهي من الأذكار المأثورة في الصباح والمساء بصيغة المتكلم فقط لا بصيغة التشريك.
إضافة إلى أنها ليست من باب الدعاء الذي يمكن فيه التشريك، بل هي أذكار مشتملة على الإخبار عن غيره بأمور لا يطلع عليها.
وبناء عليه، فلا يشرع لك إشراك غيرك في كل من: رضيت بالله ربا. واللهم إني أصبحت أشهدك إلى آخره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1429(10/219)
تمني البلاء.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أكون من الصابرين أحب الصبر كثيرا إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى أدعو بهذا الدعاء اللهم أكرمني وألهمني واجعلني من المكرمين اللهم اجعلني من الصابرين بالبلاء سؤالي هو هل هذا الدعاء مكروه أنا أحب أن أكون من الذين يرزقون كثيرا وأحب أن أكون مثل أهل فلسطين أحب أن الله يكرمني ويرزقني في نفس الوقت وأيضا أحب أن الناس يحسدونني وأن أضر بكل ضر ما عدا السحر الذي يفرق بين المرء وزوجه أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا أتمنى الصبر فإذا صبرت فإن الصبر سيكون لي شفيعا في يوم القيامة ما أجمل الصبر فوائد الصبر والبلاء فوائد الابتلاء والصبر • تكفير الذنوب ومحو السيئات. • رفع الدرجة والمنزلة في الآخرة. • الشعور بالتفريط في حق الله واتهام النفس ولومها. • فتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله. • تقوية صلة العبد بربه. • تذكر أهل الشقاء والمحرومين والإحساس بآلامهم. • قوة الإيمان بقضاء الله وقدره واليقين بأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله. • تذكر المآل وإبصار الدنيا على حقيقتها. سبحان الله هذه كل فوائد الصبر ليتني أكون من الصابرين وإن الله يرزقني ولا يحرمني مما أحتاج إليه وبالتالي يبليني بلاء شديدا يا ليتني من أصحاب البلاء والصابرين]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ينبغي للمسلم أن يسأل الله العافية على كل حال، فإذا نزل به البلاء صبر عليه وسأل الله تعالى رفعه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم أن يدعو بما أحب مما ينفعه في دينه ودنياه، ولكن ينبغي له أن يركز على الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وجملة: اللهم اجعلني من الصابرين بالبلاء في الدعاء المذكور ينبغي للمسلم أن يتجنبها لما فيها من تمني أسباب البلاء، والأولى والأفضل للمسلم أن يسأل الله العافية بدلا من الصبر على البلاء، وإن كانت وردت أحاديث كثيرة في فضل الصبر على البلاء، فإن ذلك بعد وقوعه، وليس فيها دليل على الترغيب في طلبه ابتداء، بل الوارد هو النهي عن تمني البلاء.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يسأل الله دائما العافية، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. قال: يعني الخسف ... الحديث رواه أحمد وأبوداود وغيرهما وصححه الألباني.
وفي مسند الإمام أحمد أن العباس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أدعو به. فقال: سل الله العفو والعافية. قال: ثم أتيته مرة أخرى فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أدعو به. قال: فقال: يا عباس يا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل الله العافية في الدنيا والآخرة. حسنه الأرنؤوط.
وقال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس؛ لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا.. الحديث متفق عليه.
وفي صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه. قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قال: فدعا الله له فشفاه.
ولهذا استحب أهل العلم سؤال العافية قبل وقوع البلاء، وكرهوا سؤال الصبر قبل وقوعه، فإذا نزل صبروا عليه وسألوا الله رفعه.
ولا شك أن إخواننا الصابرين المحتسبين.. في فلسطين وفي غيرها لهم من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى، كما قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب {الزمر:10}
فعلينا أن نساعدهم بكل مستطاع وخاصة الدعاء لهم بالثبات والصبر والنصر.. وأما دعاء المسلم على نفسه وأن يصيبه ما أصابهم فهذا لا ينبغي.
وبهذا تعلم أنه لا ينبغي لك أن تتمنى أن تصاب بالضر في نفسك حتى تصبر.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 105320 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(10/220)
حكم الدعاء بالزواج برجل معين
[السُّؤَالُ]
ـ[دعوت الله سبحانه وتعالى أن يهبني زوجا صالحا وقلت في دعائي" اللهم أنت وليي ووكيلي وكلتك أمري فاختر لي ثم ارضني بما يرضيك"وواظبت على هذا الدعاء، وعلى الرغم من أنني أعجبت بأخلاق وتدين شخص ما وفي أعماقي تمنيته زوجا لي،إلا أنني لم أدع الله يوما بذلك لأنني كنت دائما أقول"اللهم أنت وليي ووكيلي وكلتك أمري فاختر لي".فما رأيكم في نص دعائي ولو أنني لم أدع الله أن يختار لي هل كان يجوز لي أن أدعوه مثلا بأن يحبني هذا الرجل أو أن يتزوجني؟ وجزاكم الله بالجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في هذا الدعاء وسؤال الله أن يختار لك، ولا حرج كذلك أن تسألي الله أن يزوجك بهذا الرجل ذي الدين والأخلاق وأن يجيبك إليه، ويشرع كذلك أن تعرضي نفسك عليه بواسطة أحد محارمك أو إحدى محارمه، وننصحك بالحرص على الأدعية المأثورة، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 75802، 62857، 55356، 32981، 74194، 63823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(10/221)
الاستغفار بصيغة غير مأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنا أقول: أستغفر الله عدد خلق الله وأحمد الله عدد قطرات المطر وعدد حبات الرمل أستغفر الله استغفارا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وأحمد الله بعدد ما تنفس البشر وعدد أوراق الشجر.
فما الحكم في ذلك وهل هذه بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم مانعا من الاستغفار بالصيغة المذكورة إذا لم يعتقد استحبابها، وإن كان الأفضل في حقك الاقتصار على الصيغ المأثورة في الاستغفار، مثل سيد الاستغفار أو أستغفر الله ونحوهما مما هو مذكور في الفتوى رقم: 51755، هذا من حيث الاستغفار بهذه الصيغة. أما الالتزام بها صباحا ومساء بحيث تجعل من أذكار الصباح والمساء فأمر غير وارد في السنة، فينبغي أن يجتنب، إذ خير الهدى هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد أرشدناك إلى قول سيد الاستغفار في الصباح والمساء وكان يستغفر مائة مرة في كل صباح.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(10/222)
الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من خطيب الجمعة من إذاعة الكويت قبل شهر تقريباً يتكلم عن الصحابي الجليل أبي الدرداء (رضي الله عنه) وكيف أنه يستغفر لأربعين من المسلمين ... كيف يتم ذلك ... أنا أعرف أن علينا أن نستغفر للمؤمنين والمؤمنات 27 مرة (لا إله إلا الله وأستغفر الله لذنبي وللمؤمنين والمؤمنات عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) ... عدا الاستغفار العادي (أستغفر الله ... أستغفر الله) فما قصة هذا النوع من الاستغفار الذي كان يقوم به أبو الدرداء (رضي الله عنه) ؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ثبت الترغيب في الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات، فينبغي الإكثار من ذلك من غير تحديد عدد معين، وتحديد الاستغفار بسبع وعشرين ورد في حديث ضعيف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ثبوت ما نُسب لأبي الدرداء من استغفاره لأربعين من المسلمين، كما أن تحديد الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات بسبع وعشرين مرة قد ورد في حديث ضعيف، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 28263.
لكن قد ثبت الترغيب في الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات فينبغي الإكثار منه من غير تحديد عدد معين، وللمزيد راجعي في ذلك الفتوى رقم: 59670، والفتوى رقم: 49384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(10/223)
دعاء اللهم أحسن وقوفي بين يديك
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم وأجزل لكم المثوبة والأجر، ما صحة قول اللهم أحسن وقوفي بين يديك قبل تكبيرة الإحرام؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور لم نقف على كونه من الأدعية المشروعة قبل تكبيرة الإحرام، ولا مانع من الدعاء به لكن لا ينبغي المداومة عليه في هذا الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(10/224)
الحمد بصيغة غير واردة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي المصطفى الكريم
عندما أعطس أقول الحمد لله الفرد الصمد الذى لم يزل إني آمنت بربكم فاسمعون الحمد لله ككرمه الحمد لله كعز جلاله، ف هل هذا الحمد سليم فى النطق أم لا، فأ فيدوني يرحمكم الله وجعله فى ميزان حسناتكم يوم القيامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول السائل عندما يعطس (الحمد لله الفرد الصمد الذي لم يزل.... إلخ) ، ليس هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا عطس يقول: الحمد لله، كما عند البخاري في الصحيح، أو (الحمد لله على كل حال) أو (الحمد لله رب العالمين) ، كما عند أهل السنن.
ثم إن قوله (آمنت بربكم فاسمعون) منقطعة عما قبلها وعما بعدها من الحمد والثناء على الله عز وجل، وأما قوله (الحمد لله ككرمه..) فقد ورد فيها حديث ضعيف بلفظ: أتاني جبريل عليه السلام فقال إذا أنت عطست فقل الحمد لله ككرمه والمد لله كعز جلاله فإن الله عز وجل يقول صدق عبدي صدق عبدي صدق عبدي مغفوراً له. قال الألباني رحمه الله: ضعيف جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(10/225)
لا بأس على المرء أن يدعو ربه بزيادة محبته في قلب صديقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 12سنة, لدي صديقة تحبني وأحبها ولكن لديها صديقة أخرى وتحبها أكثر مني, أنا لا أمانع ذلك, لكن في بعض الأحيان تبقى صديقتي هذه مع صديقتها الأخرى طويلا ولا تبالي بي, ففي ذلك الوقت هل أستطيع الدعاء والقول {اللهم اجعل صديقتي هذه تحبني أكثر من صديقتها وتبقى معي دائما} ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للأخت أن تسأل الله عز وجل من فضله ولا تدعو على صديقتها ببغض ما هما عليه من الصداقة أو زوال ما بينهما من المحبة، ولا بأس بأن تدعو الله تعالى بأن يزيد محبتها في قلب صديقتها، هذا على فرض كونها محبة شرعية لله وفي الله، أو محبة طبيعته ليس فيها ما يشوبها، أما إذا كانت غير شرعية فيجب الحذر من الوقوع فيها ولا يجوز تمنيها. وانظري حول هذا النوع من الحب في الفتوى رقم: 104388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(10/226)
الجمع بين الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير والحوقلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي طريقة في الذكر بحيث أستغفر عدة مرات ثم أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم أعيدها وهكذا، فما الحكم أن ينظم الإنسان ذكره هكذا فهذه الكلمات مشتملة على استغفار وتهليل وتكبير وحمد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في ذلك، فإن جميع هذه الأذكار ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحديد وبغير تحديد، وللفائدة انظر ذلك في الفتوى رقم: 96304، والفتوى رقم: 31383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(10/227)
الدعاء الذي يدعو به من فقد مالا
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة 40 سنة، سُرق من مكتبي في العمل ألف دينار كنت سأرجعهم لأمي وأصبحت أشك في كل زملائي وزميلاتي، فما العمل خاصة وأن علاقتي بهم طيبة، ولكن الشك جعلني أشعر بحزن وأنا لا أريد ذلك، لأنني أقول دائما دفع الله ما كان أعظم، فما هي السور القرآنية التي أقرؤها؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز لك أن تستدعي من تتهمينه بطريقة خاصة، وتنصحيه بالتوبة وبرد ما أخذ، وتلتزمي له بالستر عليه..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يأجرك ويعوضك خيراً مما فقدت، وإذا كنت تتهمين شخصاً معيناً بالسرقة فلك أن تستدعيه على انفراد وتصاريحه بالتهمة، وتبيني له ما عندك من الأدلة والقرائن وتنصحيه بالتوبة ورد ما أخذ، وتلتزمي له بستره وعدم فضحه أمام الزملاء.. فإن أنكر فلك الحق في رفعه إلى القضاء الشرعي ليحكم بينكما، وإذا لم يكن لك دليل إثبات فإننا لا ننصح برفع الأمر إلى القضاء، ولكن بإمكانك استشارة من تثقين فيه من الزملاء الصالحين الناصحين العقلاء في البحث عن كيفية مقبولة تحفظ للجميع كرامتهم ويمكن بها استرجاع ما فقدت.
وأما دعاء من فقد مالاً أو غيره فقد قال بعض أهل العلم إنه يقرأ هذه الآية: ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد. ثم يقول: اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه أجمع بيني وبين مالي إنك على كل شيء قدير. جاء ذلك في تفسير الدر المنثور وغيره مرفوعاً، وإذا كان قد أصابك هم أو حزن.. فعليك بدعاء الهم والحزن الذي رواه أحمد في مسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه، وأبدله مكانه فرجاً. وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 98494، والفتوى رقم: 6815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(10/228)
الذكر من كتاب أو مذكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير فعلا الكلمات تظل غير معبرة عما تقدمونه من نصح للأمة المهم لا تنسوني من الدعاء بأن يصلح الله شأني كله والأمة الإسلامية آمين ... أود أن أسأل عن الأذكار بمختلفها أي الصباح المساء دبر كل صلاة أو حتى عند الدعاء إلى غير ذلك فهل يجب أن تحفظ عن ظهر قلب أو يمكن قراءتها في وقتها، لكن بالاستعانة بكتاب ما أو مذكرة؟ وشكراً.. بالتوفيق إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من قرأ الأذكار المأثورة ينال إن شاء الله أجرها، سواء قرأها من كتاب أو من حفظه أو لقنت له، ولا يشترط حفظها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(10/229)
ذكر ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
[السُّؤَالُ]
ـ[انا احب الذِكر الذى يقول "ربنا لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك " وهو دائما على لسانى كنت أود أن أعرف ما أصل هذا الذكر وأيضا هل يمكنني استخدامه في الصلاة عندما يقول الإمام " سمع الله لمن حمده " فإن السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول الناس " ربنا ولك الحمد " لكن هل يجوز أن أقول " ربنا لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك " أم أنه سيكون خروجا عن السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذكر قد ورد فيه حديث ضعيف، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 65961.
ولا مانع من الإتيان به في غير الصلاة أو في موضع الدعاء من الصلاة، أما الإتيان بعد الرفع من الركوع فإنه لا مانع فيه أيضا، لكن لا ينبغي المداومة عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد دل على أذكار أخرى في هذا الموضع، وهي أولى من غيرها وأفضل. ولمزيد الفائدة انظر الفتويين: 63029، 21115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(10/230)
معنى سبحان الله
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوانى الكرام أريد منكم أن تجيبوني على سؤالي: عندي سؤال ما معنى سبحان الله، لأنني سمعت من الإنترنت تعني أنزهك الله من النقص والعيب، فهل يقصد يعني نحن ننزهه أو يقصد هو منزه بذاته وإذا نقول فى الصلاة سبحان ربي الأعلى، أو نقول سبحان ربي العظيم وبحمده ما يقصد فأرجوكم أجيبوني وأنا في انتظار جوابكم؟ أخوكم في الله وأجيبوني على إيميلي ... وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسبيح يراد به في اللغة التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائص، فمعنى سبحان الله أن العبد يقول: أبرئ الله من السوء، كذا في النهاية، فالمسلم في تسبيحه لله تعالى ينزه الله عن جميع النقائص، وهو يعتقد كذلك من ناحية الواقع أنه سبحانه وتعالى مبرأ من جميع النقائص. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69617، 26980، 4513، 50694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1429(10/231)
حكم الدعاء في الصلاة والأوقات الفاضلة للزواج بفتاة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل الحب حرام أم حلال، أنا أحببت بنت عمتي في الله وحده وأتمنى أن أتزوجها، هي لم تكمل المدرسة، وكلما أذكرها في قلبي أدعو لها بالخير وأسأل الله أن يزوجني بها عاجلا.
يا شيخ عند ما أصوم الاثنين والخميس أدعو لها بالخير وأدعو أن تكون من نصيبي، وكذلك في قيام الليل أدعو بأن يغفر الله لها ولي ويرزقني الله بها، وفي خطبة الجمعة أدعو لها، وفي كل سجودي أدعو لها بالخير.
ملاحظه: حتى الآن لم أفكر به بالسوء، والله يا شيخ أرسل لها رسائل أنصحها وهي أيضا تنصحني
أرسل لها بأن غدا صوم أو قراءة سورة الكهف، وهكذا فعمري 20 سنة، وعمرها 18 سنة.
وعند ما أذهب لبيت عمتي أي بيتهم إذا لم أر أحدا موجودا لا أدخل، إلا إذا كان الأهل موجودين.
ملاحظه: أحببتها لأنها محجبة ومتدينة وصاحبة عقيدة
أرجو الجواب منك يا شيخي الحبيب عاجلا سؤالي هو:
الحب حرام أم حلال، وحكم هذا الحب الذي أرسلت لكم، أرجو منكم الجواب والدليل من الكتاب والسنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم الحب فسبق بيانه في الفتوى رقم: 4220.
ولا حرج في تمني الزواج من امرأة معينة وسؤال الله عز وجل ذلك، والدعاء به في الأوقات والأحوال المذكورة؛ إلا في صلاة الفرض فقد اختلف أهل العلم في جوازه، وراجع الفتوى رقم: 69417.
ولا ينبغي مراسلتها لغير حاجة لأن ذلك قد يفضي إلى الحرام، وانظر الفتوى رقم: 71506.
وننصح الأخ بالتقدم لخطبة هذه الفتاة المتدينة، وأن يحصن نفسه بالزواج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.
نسأل الله أن يختار له الخير في أمر دينه ودنياه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(10/232)
دعاء المشلول ودعاء كميل
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أحببت أن أسألك عن دعاء اسمه دعاء المشلول وكذلك دعاء كميل، فهل يجوز الدعاء بهما؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دعاء ورد به الشرع يسمى (دعاء المشلول) ، ومن كان مصاباً بالشلل فله أن يدعو الله تعالى بالشفاء منه من غير تقييد بلفظ معين كأن يقول (اللهم اشفني من الشلل) ونحو ذلك، وأما دعاء (كميل) فإن كان المقصود الدعاء المنسوب إلى الخضر وأنه علمه علي بن أبي طالب وعلمه علي لكميل بن زياد النخعي فهذه القصة لم تثبت، وليس الدعاء المشار إليه من معقبات الصلاة، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 44655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(10/233)
البناء على الأقل عند الشك في عدد الأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[أود في البداية أن أشكركم على مجهودكم الرائع الذي تبذلونه لإنجاح هذه الشبكة، وجزاكم الله خيرا على ذلك.
سؤالي: أنا بنت أحرص حرصا شديدا على المداومة على أذكار الصباح والمساء وأذكار ما بعد الصلاة وأذكار النوم إلخ بحيث أقضيها إذا لم يتسن لي ترديدها في وقتها، وأسعى أن أقتدي في كل ذلك بالسيرة النبوية الشريفة، ومن بين الأذكار التي أحرص على ترديدها سبحان الله (33 مرة) والحمد لله (33 مرة) والله أكبر (33 مرة) ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير (مرة واحدة) بعد كل صلاة وقبل النوم ولكني كثيرا ما أسهو في العد ولا أذكر كم رددت الواحدة منهم من مرة ولكن أبني دائما على النقصان بحيث أتجاوز في كثير من المرات العدد المتعارف عليه في السنة. هل يكون لي نفس الأجر الذي يحصل عند التقيد بالعدد المعروف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثيب الأخت السائلة ويجزيها خيرا على حرصها على السنة والالتزام بأذكار النوم وأذكار الصلاة، ثم إنه ينبغي التقيد بالعدد المحدد فيها، فإن لم يمكن ذلك بسبب النسيان ونحوه وأكملت العدد بناء على الأقل فلها أجر جميع الذكر الذي أتت إن شاء الله تعالى كما صرح بذلك الكثير من أهل العلم، ثم إننا لم نجد من ذكر أنه يشرع قضاء هذه الأذكار إذا فات وقتها.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 32076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(10/234)
لا يدعو المسلم على نفسه بالبلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أدعو الله بهذا الدعاء: اللهم أكرمني وألهمني وابلني في نفس الوقت واجعلني من الصابرين، سؤالي: هو هل هذا الدعاء مكروه.
أنا أخاف ويصيبني اليأس من أن الله يرزق من يشاء بغير حساب إني أخاف ألا يرزقني ويصيبني القنوط وأحيانا ابكي وأدمع.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا ينبغي للمسلم أن يدعو على نفسه بالبلاء ولو مع الدعاء بالصبر، وليسأل الله العافية فإنها أفضل ما يدعى به، كما أن عليه ألا يقنط من فضل الله تعالى ورحمته فإن ذلك من كبائر الذنوب، فليستغفر الله تعالى من عنده شيء من ذلك، وليسع في طلب الرزق الحلال، وليكن على ثقة ويقين من أن الأرزاق بيد الله وحده، وليست بيد أحد من الناس، وقد أخبر في كتابه العزيز أنه يرزق من يشاء بغير حساب، فإنه لا رازق إلا هو.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يدعو على نفسه بالبلاء ولو مع الدعاء بالصبر فقد ورد النهي عن ذلك وليسأل الله العافية في الدنيا والآخرة فإنه من أفضل ما يدعى به، فإذا ابتلي فليصبر وليسأل الله العافية والصبر، ففي سنن الترمذي عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر فقال سألت الله البلاء فسله العافية. والحديث ضعيف.
قال في تحفة الأحوذي عند شرح هذا الحديث: سألت الله البلاء أي لأنه يترتب عليه فاسأله العافية أي فإنها أوسع، وكل أحد لا يقدر أن يصبر على البلاء، ومحل هذا إنما هو قبل وقوع البلاء، وأما بعده فلا مانع من سؤال الصبر بل مستحب لقوله: ربنا أفرغ علينا صبرا. انتهى.
وفقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس فقال: لا تدعو على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم، لا توافقوا مع الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
وفي الترمذي أيضا عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل، قال سل الله العافية فمكثت أياما ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة. والحديث صحيح كما ذكر الألباني وغيره.
هذا عن الشق الأول من السؤال أما ما يتعلق بالشق الثاني فإن اليأس والقنوط من رحمة الله وفضله من كبائر الذنوب فليستغفر الله تعالى من ذلك، وليسع في طلب الرزق الحلال، وليكن على ثقة ويقين من أن الأرزاق بيد الله وحده، وليست بيد أحد من الناس، وقد أخبر في كتابه العزيز أنه يرزق من يشاء بغير حساب، وأن عليه رزق جميع خلقه وأنه لا رازق إلا هو، وأخبر النبي صلى اله عليه وسلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل زقها. قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رزقها. [هود: 6] وقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {فاطر:3} وقال عليه الصلاة والسلام: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب رواه أبو نعيم والحاكم وصححه الألباني.
وانظر الفتوى رقم: 96692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1429(10/235)
دعاء الفزع والخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن تكتب لي دعاء الفزع والخوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان يشعر بالخوف والفزع فعليه باللجوء إلى الله تعالى والثقة به والتوكل عليه، وليكثر من الدعاء دائماً خصوصاً الدعاء المأثور لطرد الفزع والخوف والذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أويت إلى فراشك فقل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة بهذا اللفظ، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 80958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(10/236)
هل هناك أدعية مأثورة خاصة بالزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذه الأدعية صحيحة لمن أراد الزواج (وماهي الأدعية المأثورة لمن أراد الزواج؟) الزواج رزق من الله سبحانه وتعالى قد يكون نعمة إذا كان الاختيار صائبا وقد يكون نقمة.. لذلك علينا طلب هذه النعمه باللجوء إلى القرآن الكريم وبعض الأدعية.. والله المستجاب سبحانه..
1- الاستغفار
2- كثرة تلاوة سورة الزلزلة- النصر- الصمد
3- الدعاء بعد صلاة الركعتين لله ومنه (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)
ب- اللهم هب لي من لدنك زوجا هنيا لينا مرفوعا ذكره في السماء والأرض وارزقني منه ذرية طيبة عاجلا غير آجل إنك سميع الدعاء.
ج - اللهم ارزقني فلانا زوجا لي إنك على كل شيء قدير.
د- اللهم بحق قولك (والله يرزق من يشاء بغير حساب) وبحق قولك (إن الله على كل شيء قدير) وقولك الحق: بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون، اللهم اجمع بيني وبين فلان بالحق وافتح بيننا بالحق وأنت الفتاح العليم وقولك: فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا - ارزقني زوجا تقر به عيني وتقر بي عينه - اللهم حصن فرجي ويسر لي أمري واكفني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك - اللهم إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب والقادر، اللهم إن كنت تعلم في فلان خيراً فزوجنيه وأقدره لي، وإن كان في غيره خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي - اللهم إني استعففت فاغنني من فضلك، اللهم اغنني من فضلك، بحق قولك تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لم نقف على هذه الأدعية في شيء من كتب السنة، وبعضها يدخل في ضابط البدعة الإضافية، وليس للزواج دعاء خاص به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على أدعية مأثورة تخص من أراد الزواج، ولا على دليل لما ذكرته من الاستغفار وكثرة تلاوة سورة الزلزلة والنصر والإخلاص، وما خللت به الأدعية من الآيات ... ولا ينبغي للمسلم التزام تكرار قراءة سورة معينة أو أذكار معينة في وقت مخصوص، مع اعتقاد خصوصية شرعية لذلك الفعل بدون دليل شرعي يدل لذلك، لأن هذا يدخل في ضابط البدعة الإضافية، كما تقدم في الفتوى رقم: 631.
واعلم أن الدعاء من أجل العبادات وأعظم القربات إلى الله تعالى، حيث يعترف العبد بفقره وحاجته لله تعالى، ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله أنه قال: الدعاء هو العبادة. رواه أبو داود وابن ماجه. وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وصاحب الحاجة يسأل حاجته مهما كانت، ومن أهم الأشياء بالنسبة للمسلم الزواج، فينبغي للمسلم أن يسأل الله أن يرزقه الزوجة الصالحة، وكذلك الأمر بالنسبة للمسلمة، فتسأل الله أن يرزقها الزوج الصالح، وقد كان السلف الصالح يسألون الله كل شيء حتى شسع النعل، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه ابن حبان وغيره، وهو حديث حسن.
ولك أن تراجع في أدعية قضاء الحوائج وكيفية ذلك الفتوى رقم: 49867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(10/237)
حكم دعاء الفتاة بأن تتزوج من شخص خاطب لغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أعجبت بشاب وكنت أدعو ربنا أن يزوجني إياه: (اللهم إن كنت تعلم أن في (فلان) خير فزوجنيه وان كان في غيره خير لي فأقدره لي) ولكني فوجئت به الآن وقد خطب فتاة أخرى وأنا ما زال لساني تلقائيا يردد هذا الدعاء بشكل تلقائي غير مقصود (عادة) ولم أنسه لغاية الآن وأفكر به كثيرا لا يغيب عن بالي أبدا. مازلت أتمناه ونفسي ربي يزوجني إياه.هل ذكري لهذا الدعاء فيه إثم علي؟؟ الأمل باق في قلبي أن يجمعني به الله ويزوجنيه. ماذا افعل؟ وإذا كان دعائي فيه إثم دلني على وسيلة كي أخرج هذا الشاب من حياتي وأنساه؟ ولك جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في الدعاء بذلك والأولى منه تعميم الدعاء وعدم تعيين شخص بعينه لعدم العلم فيمن يكون الخير، ولدفع العشق ومعالجة التعلق بالأجنبي لا بد من اتخاذ الأسباب المعينة على ذلك من غض البصر واجتناب ما يؤدي إلى ذلك من الخلوة والفراغ وغيرهما، مع الإكثار من الذكر والاستعاذة من الشيطان ونزغاته ومصاحبة الصالحات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الدعاء بذلك ولعل الله صرف عنك ذلك الشاب بسبب دعائك وأراد بك ما هو خير لك منه، والأولى عدم التعيين في الدعاء بأن تسألي الله عز وجل زوجا صالحا تقر به عينك وتسعد به نفسك وييسر لك الخير ويبعدك عن الشر ويهيئ لك من أمرك رشدا، وينبغي عدم تحديد شخص بعينه إذ لا يعرف هل فيه الخير أم عكس ذلك، وانظري الفتوى رقم: 62548، 971.
ولمعرفة الأسباب والوسائل المعينة على دفع العشق ومعالجة الحب والتعلق بالأشخاص انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80510، 9360، 8663..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(10/238)
الدعاء بدون وجه حق لا يقبل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن زوجتي هداها الله تدعو علي بأشر الأدعية. علما أني أخاف الله وإن شاء الله أنا من المصلين وكذلك زوجتي هداها الله تصلي. سؤالي هل يستجيب الله لها. مثلا تقول وبصوت مسموع يا الله إن لم تمت زوجى وزوجته الثانية وتصيبهم بكذا وكذا سأغير ديني أو سأكون على المذهب المعروف ببدعية أهله ... لا إله إلا الله وأسأل هل هناك قول أو دعاء أو كلمات أقولها في قلبي إلى الله حتى لا يستجيب دعاءها أفيدونا أفادكم الله لأنني قلق من أدعيتها العجيبة والتي لم أسمع مثل قساوة هذا أبدا علما من كثرة دعائها علينا أصابنا ما أصابنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالتوكل على الله والحفاظ على التحصن بالتحصينات الربانية والأذكار والتعوذات المأثورة، وثق بأنك إن لم تكن ظلمت زوجتك فلن يضرك بإذن الله دعاؤها؛ لما في حديث مسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
وعليك أن تسعى في هداية زوجتك وتمسكها بالمنهج الصحيح وعالج أمرها بالمعاشرة الطيبة والحوار الهادئ والإحسان إليها والدعاء لها. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 28754، 21067، 70611، 6897، 97531، 94294، 79881.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(10/239)
الدعاء للوالدين في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لفظ الوالدين بالجمع والوالدين بالتثنية إذا كنت إمام الصلاة للمسلمين وأريد أن أدعو للوالدين لي ولهم فبأيهما أستعمل في الدعاء وأيهما أفضل مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظ الوالدين بفتح الدال يدل على التثنية لا على الجمع وعبارة الجمع بكسر الدال، والتثنية هي الواردة في القرآن على لسان نوح وإبراهيم على نبينا وعليهما الصلاة والسلام، وعلى هذا فإذا أراد أحد أن يدعو لوالديه فليدع بما ورد في القرآن الكريم، وإن أراد إشراك غيره معه في نفس الدعاء فله أن يقول رب اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، أو اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وجميع المسلمين، أو يقول رب اغفر لنا ولوالدينا بكسر الدال بالجمع ونحو هذا من صيغ الدعاء، لأن باب الدعاء واسع ولم نجد من ذكر فضل صيغة من صيغ الدعاء على غيرها في هذا المعنى، لكن الأفضل أن يشرك المسلم معه إخوانه في دعائه ولا سيما إن كان إماماً فقد ورد النهي عن أن يخص الإمام نفسه بدعاء دون المأمومين، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 100193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(10/240)
دعاء المرء أن يدخل الجنة هو وأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يدعو الإنسان بأن يكون معه أهله في جنة الفردوس إن شاء الله؟
وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سؤال الله تعالى الحصول على جنة الفردوس أمر مشروع مرغب فيه لحديث البخاري: إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن..
ويشرع كذلك أن يسأل المسلم لأهله أن يكونوا في الفردوس وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، فهو مكلف بالسعي في هدايتهم ووقايتهم من النار كما أنه متعبد بحب الخير لجميع المسلمين كما يحب لنفسه لما في حديث مسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(10/241)
ينبغي للإمام أن يدعو لنفسه وللمسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بين الوالدين بالجمع والوالدين بالتثنية إذا كنت إمام الصلاة للمسلمين وأريد أن ندعو للوالدين لي ولهم فبأيهما أستعمل في الدعاء، وأيهما أفضل مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن الإمام ينبغي له أن يدعو لنفسه وللمأمومين، وبناء عليه فالأولى الدعاء للجميع والاستغفار للجميع، ويؤيد ذلك أن الشرع تعبدنا بالاستغفار لجميع المؤمنين، فقد قال الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ {محمد:19} ، وفي الحديث: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات أعطاه الله بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني وجود سنده الهيثمي وحسنه الألباني.
وفي صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب نفس قلت: يا رسول الله ادع الله لي، فقال: اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر وما أسرت وما أعلنت. فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسرك دعائي؟ فقالت: وما لي لا يسرني دعاؤك، فقال صلى الله عليه وسلم: والله إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة. والحديث حسنه الألباني في السلسلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(10/242)
الصلاة والسلام على الصحب والآل
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المسلمين في العمل يقولون، من أين أتت كلمة وصحبه وسلم, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم محل اختلاف بين أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد اختلف أهل العلم في جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم من أجازها تبعاً، كقول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، ومنهم من أجازها استقلالاً.
جاء في جلاء الأفهام لابن القيم: وبذلك (يعني الصلاة استقلالا) قال الحسن البصري وخصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير، قال: وهو قول الإمام أحمد رحمه الله، نص عليه في رواية أبي داود. وقد سئل: أينبغي أن يصلى على أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أليس قال علي لعمر رضي الله عنهما: صلى الله عليك. انتهى.
ولا يكاد يخلو تأليف من مؤلفات المتقدمين والمتأخرين من عبارة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ولم نقف على كلام لأحد من أهل العلم يمنعها تبعاً، ولك أن تراجع للمزيد من الفائدة في هذا الفتوى رقم: 41856، والفتوى رقم: 35633.
ونعتقد أن هذا القدر كاف للرد على من يسأل، من أين أتت كلمة وصحبه وسلم..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(10/243)
الاستغفار لتخفيف الذنوب وعلاج الشعور بالنوم عند الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أذكر الله كثيرا يحدث لي شيء وهو أنني أشعر بالنوم والنعاس، وماهو دعاء الاستغفار لتخفيف الذنوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الذكر من أفضل ما يتقرب العبد به إلى ربه سبحانه وتعالى، ولعل ما يحدث لك عند الذكر هو من الشيطان ليصرفك به عن العبادة والذكر حتى لا تستمر في ذلك، فإذا شعرت بشيء من ذلك فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وجدد وضوءك، والتجئ إلى الله ليحميك من شره.
والاستغفار بأي كيفية يخفف الذنوب ويمحوها كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. {آل عمران135}
ومن أعظم ألفاظه سيد الاستغفار ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا اله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(10/244)
دعاء المرأة بأن يكون شخص معين زوجا لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منك يا فضيله الشيخ أن تجيب على سؤالي: أنا أريد شخصا معينا أن يكون زوجا صالحا لي وأدعو الله كثيرا بهذا الشيء وإيماني بالله سبحانه وتعالى كبير جداً وثقتي به أكبر حتى أنني أقول في بعض الأحيان إذا كان الله يستجيب للكافر وهو مضطر فلماذا لن يستجيب لي بصراحة أنا بحاجه جداً إلى هذا الشخص وأخاف الله وأحبه وأطيعه ولا أريد الوقوع في الحرام أو أن أغضب الله فأرجوك سماحه الشيخ هل كلامي عن الدعاء صحيح وظني بالله أيضا حتى أنه في بعض الأحيان المقربون لي يقولون لو أنه لم يكن من نصيبك أقول لهم بلى فأنا أثق بالله سيكون من نصيبي، فهل تصرفي صحيح، أيضا أنا أحيانا أدعو الله أن يريني رؤيا صالحة أنه استجاب لي، فهل هذا صحيح ودائما قبل النوم أقرأ أدعية النوم وأطلب من الله الرؤيا الصالحة كما كانت تفعل السيدة عائشة رضي الله عنها ولكن في أيام الحيض لا أرى شيئا إطلاقاً أيعني هذا أن ما أراه من رؤى عندما أنام طاهرة يكون حقيقة، يا سماحة الشيخ آسفه على الإطالة، ولكن أنا بحاجه فعلا لمن يريحني فحالتي النفسية من سوء إلى أسوأ ولا أريد أن أبتعد عن الله بالعكس أنا أصوم التطوع دائما كل أيام التطوع من إثنين وخميس وغيرها آملة وراجية الله أن يستجيب لي، فأ رجو منك أن تدعو لي ومن كل الذين يقرؤون هذا السؤال وأن يدعو الله أن يجمعني به على خير، فأ رجو أن لا تطيل علي في الإجابة، أيضا أنا لا أعلم كيف أرجع إلى الفتوى فأرجو من الموقع أن تنوه إلى هذا الموضوع إذا كنت أريد الفتوى الخاصة بي أذهب وأقرأ جميع الفتاوى الأسبوعية أنا دائما أقرؤها أساساً لأثقف نفسي خصوصا أني أريد أن أتخصص في الجامعة في الشريعة الإسلامية إن شاء الله فأرجو التوضيح كيف أعود إلى الفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالدعاء بأن يكون الشخص المذكور زوجاً لك، فالله سبحانه أمرنا بالدعاء ووعد بالإجابة، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وكان الصحابة يسألون الله عز وجل كل شيء حتى الملح.
واعلمي أن الدعاء لا يذهب هباء، فإن الداعي موعود بأحد ثلاثة أمور، إما أن يعطيه الله ما سأل، وإما أن يدخر له ويثاب عليه في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء بقدر ما سأل، وانظري بيان ذلك في الفتوى رقم: 65932.
فإن أجاب الله دعاءك وقدر لك الزواج بهذا الشاب، فاحمدي الله، وإن صرفه عنك فاعلمي أنه سبحانه يدخر لك ما هو خير، ويعلم ما يصلحك ويناسبك فارضي بما قسم الله عز وجل وتذكري قوله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} ، ولا حرج كذلك في طلب الرؤيا الصالحة، وإن كان لا يبنى عليها حكم شرعي، وانظري لذلك الفتوى رقم: 19142.
وأما طريقة الرجوع إلى الفتوى الخاصة بالسائل فهي إما بالبحث عنه بالرقم الذي يعطي للسائل عندما يدخل سؤاله، وإما بانتظار الرسالة البريدية التي ستصل إليه عندما يتم الإجابة على سؤاله، مع التنبيه على أنه لا بد من إدخال بريد إلكتروني صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(10/245)
حكم تسجيل الدخول للمنتديات بأي ذكر من الأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشرف في أحد المنتديات الإسلامية فيه مواضيع موجودة للذكر يعنى ادخل صل على النبي (الكاتب يكتب اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد) هل هذا بدعة أم لا؟؟
وكذلك أريد أن أعمل موضوعا في أذكار الصباح والمساء وكل واحد يدخل فى الموضوع كل يوم يكتب الأذكار بيده في الموضوع وهذا لتسهيل الحفظ ليحفظوا الأذكار. هل هذا بدعة أم حلال؟ لأني قرأت بحرمة الذكر الجماعي في المنتديات. مع العلم أن لن يتم فى وقت واحد، لأنه من المؤكد أن كل واحد سيدخل المنتدى في وقت مختلف. وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في كلتا هاتين الصورتين، فهما من باب التعاون على الخير، وليستا من البدعة في شيء، ولمزيد الفائدة نرجو أن تراجع الفتويين: 48823، 94406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1429(10/246)
حكم الدعاء بعدم الفضيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بأي شيء، مثلا يفعل الانسان ذنبا عظيما ثم يتوب ثم يدعو الله بأن لا يفضحه عند عباده، أم أن الدعاء في أشياء محصورة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء ليس مخصوصا بألفاظ معينة ولا محصورا بما ورد في الكتاب والسنة، وللإنسان أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه ابن حبان. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ثم يتخير من الدعاء ما شاء. رواه أحمد.
فلا حرج على من وقع ذنب أن يقول: اللهم لا تفضحني.. ونحو ذلك، وإن كان الأولى أن يحرص العبد على الأدعية الواردة في الكتاب والسنة لما اشتملت عليه من خيري الدنيا والآخرة؛ كأن يدعو المذنب بقوله: اللهم اغفر لي.. فالمغفرة تعني الستر والتجاوز، وهذا أشمل من مجرد عدم الفضيحة.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1429(10/247)
النهي عن الدعاء بإسقاط الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي حامل وهي صغيرة السن, فهل إذا دعوت الله تعالى أن يسقط عنها هذا الحمل ويخلصها منه أكون دعوت بإثم أو قطيعة رحم، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.. بسرعة وادعوا لي ولزوجتي.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهدينا وإياك إلى صراطه المستقيم، وأن يخفف عن زوجتك أمور الحمل، وييسر لها الشفاء التام.
واعلم أن السعي في إسقاط الجنين أمر محرم شرعا ولا يجوز الإقدام عليه؛ لأنه إن كان قبل نفخ الروح في الجنين فهو من إهلاك النسل، وقد عد الله ذلك من الافساد في الأرض الذي لا يحب من يقوم به، قال تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {البقرة:205} .
وإن كان بعد نفخ الروح في الجنين فهو جرم عظيم شنيع؛ لأنه قتل للنفس التي حرم الله بغير حق، ولا شك في أن الدعاء بالشيء لا يرتقي إلى درجة فعل ذلك الشيء؛ فالدعاء بالزنى لا يبلغ درجة ممارسة الفعل، والدعاء على الشخص بالموت لا يبلغ رتبة قتله، وكذلك الدعاء بسقوط الجنين لا يرتقي إلى درجة إسقاط الجنين، ولكنه مع ذلك دعاء بأمر منهي عن فعله، ففيه إذاً الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(10/248)
حكم الدعاء لأهل البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء لأهل البدع بالتوفيق في أمورهم الحياتية، كالدعاء بالرزق أو الدعاء بالذرية وهكذا رغم عدم محبتي لأهل البدع إلا أن هناك من أرى فيهم جانبا طيبا فأدعو لهم بحسن نية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأهل البدع ينقسمون إلى: أهل بدع مكفرة وأهل بدع مفسقة.
فأما البدع المكفرة فأهلها كفار يجري عليهم سائر ما يجري على الكفار، والدعاء للكفار بمنافع الدنيا من مال وولد وشفاء ونحوها لا يجوز إن كانوا محاربين، وإلا فلا بأس بالدعاء لهم بذلك بدليل جواز تعزيتهم في مصائبهم حيث كانوا جيراناً، بالدعاء لهم بالإخلاف عليهم ونحو ذلك.
وإذا جاز هذا فيمن تقرر كفره، فمن باب أولى أن يجوز فيمن هو مؤمن فاسق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(10/249)
ما يقال عند استلام الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ماذا علي أن أقول عند استلام المرتب (أجرة العمل) ، هل هناك دعاء معين؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعلم دعاء خاصاً بهذا الخصوص، ولكن يدعو المسلم عندما يستفيد مالاً بالدعاء المأثور: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا. فإنه إذا لم يبارك الله تعالى للعبد في رزقه فلا ينتفع به على وجه التمام والكمال وقد يسلط عليه من الآفات والحوادث ما يذهب به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(10/250)
إذا تعارض وقت الأذكار مع سماع درس علم
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: لي ورد يومي من الأذكار من تسبيح وتهليل وغيره، ومعلوم أن حضور القلب أثناء ذكر الله واجب، لكن أحيانا بل غالبا ما يصادف هذا الورد درسا أو محاضرة دينية قيمة لأحد مشايخنا الكرام فى إحدى الفضائيات الإسلامية، فهل الإنسان فى هذه الحالة عليه أن يختار أحدهما دون الآخر؟ أم أن كلاهما ذكر فيجوز أن يجعل اللسان للذكر والقلب للمحاضر والدرس، ف أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور القلب أثناء الذكر أمر ضروري جداً، لأن الذكر في الأصل عمل قلبي وضده النسيان والغفلة، ولكن ليس واجباً كما قال ابن حجر في الفتح وابن القيم، فقد ذكر أهل العلم أن ذكر العبد بلسانه مع شرود الذهن أحياناً أفضل من ترك الذكر، قال الناظم:
وفضلوا ذكر اللسان فارغ الجنان * على غفول القلب والنسيان.
وأما سماع الدروس العلمية فهو أمر مهم جداً، وفضائل العلم كثيرة وشهيرة، ومجالس العلم هي أفضل مجالس الذكر، وسامع الدرس يعتبر من الذاكرين لما يسمعه من الوعظ والتذكير، وبالتالي فننصحك أن تبرمج وقتك اليومي على الجمع بين الأمرين، فخصص وقتاً للتعلم تفرغ له فيه قلبك حتى تستوعب الدرس استيعاباً جيداً.
وخصص وقتاً آخر للذكر تقرأ من الأذكار المأثورة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما تيسر لك مع التفرغ وحضور القلب والتبتل والانقطاع لله، فأكثر من الحمد لله متذكراً نعم الله عليك حامداً له عليها وشاكراً.
وأكثر من الهيللة متذكرا وحدانية الله تعالى، وأكثر من التسبيح متذكرا تنزيه الله عن جميع النقائص، وأكثر من الحوقلة متذكرا أن غير الله لا حول ولا قوة له، وأكثر من التكبير متذكرا كبرياء وعظمة الله تعالى، وأكثر من الاستغفار متذكرا ذنوبك نادماً عليها، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم متذكرا فضله وحقه عليك.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37130، 28251، 44759، 31768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1428(10/251)
استحباب الإسرار بالأدعية والأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجهر الزوج بالدعاء عند أخذه بناصية زوجته أم يسر في دعائه؟ أقصد الدعاء عند الدخول بها. ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسرار بالأدعية والأذكار هو الأصل؛ لقول الله تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. {الأعراف:55} . وروى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، ولكن تدعون سمعيا بصيرا. ومن هنا نص كثير من أهل العلم على استحباب الإسرار بالأدعية والأذكار، ففي حاشية الدسوقي في الفقة المالكي بشأن الإسرار بدعاء القنوت في صلاة الفجر قوله: وإنما ندب الإسرار به لأنه دعاء، وهو يندب الإسرار به حذرا من الرياء.اهـ، وقال الهيتمي في الفتاوى الكبرى وهو شافعي: السنة في أكثر الأدعية والأذكار الإسرار إلا لمقتض. اهـ أي لمقتضى التعليم، أو ورود النص بالجهر؛ كما هو الحال في الحج وغيره. وفي كشاف القناع - وهو حنبلي -: قال في الفصول في آخر الجمعة: الإسرار بالدعاء عقب الصلاة أفضل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإفراط في الدعاء، وهو يرجع إلى ارتفاع الصوت، وكثرة الدعاء.اهـ.
وعليه؛ فالأفضل الإسرار بهذا الدعاء محل السؤال لا الجهر به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1428(10/252)
حكم الدعاء بتغيير الخلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تقدم لها خاطب ولكنه لم يرها بعد فتسأل الله تعالى في دعائها قائلة: اللهم أصلح لي في وجهي وخلقتي ما يمكن إصلاحه، فهل دعاؤها جائز حيث إنها تقول -ما يمكن إصلاحه- والله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وإن كان في دعائها خطأ فبأي صيغة تنصحونها أن تدعو؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تغيير الخلقة وإن كان داخلاً في مقدور الله تعالى إلا أن الدعاء بمثل هذا فيه نوع من الاعتداء، فلا يجوز الدعاء بمثله، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 23425.
والذي ننصح به هذه الفتاة أن تستخير الله تعالى في أمر زواجها من هذا الخاطب، فإن كان فيه خير يسره الله لها، ويمكن مراجعة صيغة الاستخارة بالفتوى رقم: 19333.
ثم إن الجمال أمر نسبي يختلف الناس في تقديره، هذا بالإضافة إلى أن الرجل قد يرغب في المرأة ولو لم تكن بذلك القدر من الجمال لاعتبارات أخرى كالدين والخلق والحسب والنسب وغير ذلك من المصالح، وعليه فلا داعي للقلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(10/253)
كراهة السؤال بالله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[فجزاكم الله خيراً على ما تقدموه للمسلمين من نصح وإرشاد، ف أرجو أن تفيدوني فى حكم الرسائل التى تنتشر عبر الشات والموبايلات ويكون القصد منها هو النصيحه وذكر الله وأبعث إليكم نص رسالة من هذه الرسائل التى وصلتنى حديثاً ... (بقولك آيه أنت هتقرأ الكلام للآخر يعني هتقراه قووووووووول ورايا اللهم أرحم المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إلى يوم الدين بالله عليك يا شيخ أبعتها لكل إيميل عندك أنا حالفتك لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله أمانة فى عنقك إلى يوم الدين ترسلها إلى كل الإيميلات التي عندك حتى لو كنت أنا منهم أقسمت عليك بالعزيز الجبار أن ترسلها لكل الموجودين عندك انشرها عسى الله يفرج همك لا إله إلا الله الحليم الكريم) ، ف أرجو الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما اشتملت عليه مثل هذه الرسائل من نصح وتذكير بالله تعالى أمر حسن، ولكن لا ينبغي للمسلم أن يسأل أخاه بالله تعالى لأن هذا قد يوقعه في شيء من الحرج، ومن هنا صرح بعض أهل العلم بكراهة السؤال بالله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 71077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(10/254)
الشكوى إلى الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في موقعكم الفاضل أن الشكوى ليست مرغوباً فيها، هل هي غير مرغوب فيها في إطار الشكوى من العبد للعبد فقط أم يكره الشكوى إلى الله تعالى أيضا؟ يعني هل يجوز أن نشكو إلى الله تعالى أمر هو سبحانه ابتلانا به كمرض أو نقص أو عيب أو أي ابتلاء؟
وفي حال كان جائزا الشكوى إلى الله أريد أن أسأل فضيلتكم عن الحدود التي لا يجب أن يتجاوزها المرء في الشكوى إلى الله تعالى؟ ماذا يجب ألا نشكو وماذا نشكو؟
وهل نشكو أي هم كيفما كان إليه سبحانه بحيث أنه لا ملجأ ولا منجا من الله تعالى إلا إليه؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشكوى إلى الله والتضرع له وسؤاله إزالة ما أصاب العبد مشروعة، ويدل لهذا ما حكى الله عن يعقوب عليه السلام أنه قال: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله ِ. {يوسف86} . وقال تعالى في شأن خوله بنت ثعلبة رضي الله عنها: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ. {المجادلة1} . وأخبر عن أيوب عليه الصلاة والسلام أنه قال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. {الأنبياء83} . ويمنع التشكي الذي يدل على التضجر من قضاء الله وتسخط القدر، فعدم الرضى بالقدر حرام، وأما الدعاء بإزالة الضرر فلا حرج فيه.
وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 9803، 28045، 32691، 75084، 101958، 61485، 93293، 94528، 69805، 31887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(10/255)
الدعاء بان يكون الرسول صلى الله عليه وسلم جارا في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للمسلم أن يدعو بأن يكون صديقاً وجاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالجوار هنا القرب من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة فيشرع الدعاء بمثل هذا، وينبغي الحرص على الأسباب التي ينال بها مثل هذا القرب كطاعة الله ورسوله وغير ذلك من أسباب، قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 4539.
وأما إن كان المقصود أن يكون بجواره في نفس منزلته فلا يشرع الدعاء بمثل هذا لأنه نوع من الاعتداء في الدعاء، وهذا مما ورد الشرع بالنهي عنه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31133.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(10/256)
حكم دعاء الله أن يدخله النار إن هو عاد للذنب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شاب ارتكب ذنبا وقال يا رب أدخلني نارا إن فعلت ذلك الذنب ثم يعود إلى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أذنب ذنباً يجب عليه أن يتوب توبة صادقة ويعزم على عدم العود لذلك الذنب، وأما دعاؤه على نفسه بالعذاب فغير مشروع لما في الحديث: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير. رواه مسلم.
وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه، قال: نعم، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه. أو لا تستطيعه. أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قال: فدعا الله له فشفاه. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه: في هذا الحديث النهي عن الدعاء بتعجيل العقوبة، وفيه فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة ... وفيه كراهة تمني البلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(10/257)
الإقسام على الله والعزم في المسالة
[السُّؤَالُ]
ـ[فى الحديث: رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره. هل يستفاد من هذا الحديث جواز القسم على الله لأي مسلم، وإذا جاز ذلك هل يشرع تكراره باستمرار فى الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للمسلم أن يقسم على الله ويعزم عليه أن يستجيب له إذا لم يشتمل الدعاء على محظور شرعي، ويشرع أن يكرر الدعاء ثلاث مرات كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرره ثلاثاً، ففي الصحيحين أنه كرر دعاء الاستسقاء: اللهم أغثنا ثلاث مرات. وقد أرشدنا للعزم في المسألة كما في حديث البخاري: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة. وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55561، 23599، 45454، 35270، 31765، 54976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(10/258)
دعاء الحامل أن يجعل الله ما في بطنها أنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني حامل ومن يوم حملت وأنا أدعو ربي أن يرزقني بنتا وقال الطبيب إن الذي فيّ ولد فهل أكمل الدعاء؟ وهل الدعاء يرد القضاء والقدر؟ وجزاكم الله خيرا. أرجو إجابتي بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه لا مانع من معرفة جنس المولود قبل ولادته، وكنا قد بينا ذلك من قبل، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 3197.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن الدعاء من قدر الله تعالى، وهو نافع مما نزل ومما لم ينزل. روى الحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع.
ولكن للدعاء آدابا ينبغي للداعي مراعاتها، ليكون ذلك أرجى لقبول دعائه، وإجابة مسألته، ومن هذه الآداب عدم الاعتداء في الدعاء الذي قد ورد في قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {لأعراف:55} .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولدا من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله.
فإذا تقرر هذا عندك، فاعلمي أن الطبيب الذي عنده من الوسائل ما يستطيع به الكشف لمعرفة جنس المولود، إذا أخبر بأنه ذكر فإن الدعاء بجعله أنثى يعتبر نوعا من الاعتداء في الدعاء. إذ إن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن الكونية. وبالتالي فلا ينبغي لك الدعاء بتحويل ما في بطنك إلى أنثى، ولكنه لا مانع لك من الاستمرار في الدعاء بأن يرزقك الله بنتا؛ لأن ذلك قد يوجد في حمل آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(10/259)
الاستغفار بعدد معين في وقت معين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي بعد قراءة أذكارالصلاة المشروعة أن أخصص وردامن الاستغفارر يوميا بعد كل فريضة صلاة وقبل أن أقوم من سجادتي وكذلك في العذر الشرعي بعد النداء لكل صلاة وقراءة الأذكار المشروعة بين الأذان والإقامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">لا حرج على المسلم في أن يتخذ عددا من الاستغفار كل يوم من غيرأن يحدد لذلك وقتا معينا، فإن حدد لذلك وقتا على الدوام واعتبره سنة كان ذلك من البدع الإضافية لعدم ثبوت تحديد الوقت عنه صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة فيما عدا الاستغفارثلاثا عقب التسليم من الصلاة قبل الإتيان بالأذكار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">فإنه لاحرج على الأخت السائلة في أن تتخذ عددا من الاستغفار كل يوم، بل إن ذلك مرغب فيه لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أنه كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة، وفي رواية أكثر من سبعين مرة، لكن اتخاذ ذلك في وقت محدد لم يثبت عنه صلى الله لا قولا ولا عملا ما عدا استغفاره صلى الله عليه وسلم ثلاثا عقب التسليم من الصلاة، لذا فلا ينبغي لها أن تتخذ ذلك في الوقتين المذكورين على أنه من السنة لأن ذلك يعتبر من البدع الإضافية ولو فعلته في بعض الأحيان فلا حرج في ذلك.
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">فقد روى البخاري عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">وفي صحيح مسلم: عن الأغر المزني وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة.
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة، قال: هذا حديث حسن صحيح، ويروى عن أبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة، وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة، ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الشيخ الألباني: صحيح بلفظ أكثر من سبعين مرة.
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: قال الحافظ فيه القسم على الشيء تأكيدا له وإن لم يكن عند السامع فيه شك، وظاهره أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة ويحتمل أن يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه ويرجح الثاني ما أخرجه النسائي بسند جيد من طريق مجاهد عن ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة، وله من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر بلفظ: إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور مائة مرة.انتهى.
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 99061.
; mso-margin-top-alt: auto; mso-margin-bottom-alt: auto">والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(10/260)
قول الداعي (اللهم لا تدخلني الجنة إذا دخلها اليهود والنصارى)
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صديق لي يدخل في نقاشات أحيانا مع النصارى في أمور الدين والعقيدة، وفي إحدى حواراته معهم حول من يدخل الجنة دعا بدعاء: اللهم لا تدخلنى الجنة إذا دخلها اليهود والنصارى.
فما حكم هذا الدعاء في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الصديق قال هذا الكلام بناء على استحالة دخول اليهود والنصارى الذين ماتوا على كفرهم في الجنة، فإنه لا نرى أن في دعائه حرجا، والأولى بالمسلم أن يحفظ لسانه، وأن يحرص ألا يدعو على نفسه بالشر.
ففي حديث مسلم: لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
ثم إننا ننبه إلى أن الحوار مع النصارى في العقيدة يتعين ألا يقوم به الا من عنده أهلية من الناحية العلمية، ورارجع الفتاوى التالية أرقامها: 23599، 62022، 62110، 75534، 69968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(10/261)
ما يستحب قبل البدء بالدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نصحتني الوالدة بالحمدلة والصلاة على رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء كما نصحتني أن أؤمن على الدعاء، ففي بعض الأحيان يدعو البعض فكيف أحمد الله وأصلي وأسلم على خير البرية قبل أن أؤمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نصحتك به الوالدة من بدء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم توجيه حسن موافق للنصوص الشرعية، وسبب، لإجابة الدعاء.
والظاهر أن المؤمن على دعاء غيره لا يطالب بما يطالب به الداعي من استحباب الابتداء بحمد الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يستحب ذلك للداعي نفسه، سواء كان يدعو وحده أو يدعو في جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(10/262)
الدعاء بهذه الصيغة فيه نوع اعتداء في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع فى إمام يدعو في قنوت الصباح: اللهم اجعلنا أفضل عبادك المخلصين، المؤمنين، واجعلنا أفضل من خلقت من عبادك الصالحين، الموحدين.. وهل يجوز له الدعاء بهذه الصيغة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نرى أن الدعاء بالصيغة المذكورة فيه نوع اعتداء في الدعاء, لأن السائل به يدعو أن يكون أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم وموسى عيسى ومن سائر الأنبياء والمرسلين وسادة الصحابة من الأنصار والمهاجرين الذين هم خير القرون كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عن الصحابة الكرام أجمعين، ولاشك أن الدعاء بهذا يعتبر من سؤال المستحيل الذي علم بالشرع أنه لن يكون، وانظري الفتوى رقم: 23425 عن ماهية الاعتداء في الدعاء.
ثم إن دعاء القنوت له صيغ ورد الشرع بها ذكرناها في الفتوى رقم: 1628، فينبغي التقيد بها لا سيما لمن ليس من أهل العلم حتى لا يقع في الاعتداء الذي وقع فيه الإمام المشار إليه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(10/263)
دعوة المظلوم على ظالمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق ساعدته منذ سنتين وبطريقة فيها شيء من الاحتيال أخذ مني مبلغ 10430 درهما ومنذ سنتين وهو يراوغ معي ولم يعطني منها شيئاً والأمر من هذا ما أحس به من ظلم لكثرة ما أتصل به ولا يرد على هاتفي وأفكر أن أذهب لمكان عمله وأقول له إني لا أريد المال ولكني أدعو الله أن يكون عليه ناراً في الآخرة، فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تدعو عليه بالدعاء المذكور سواء واجهته به أم لا، فإن للمظلوم أن يدعو على ظالمه وإن كان الأولى هو العفو والصفح، كما قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} .
وراجع الفتوى رقم: 54408، والفتوى رقم: 76714، والفتوى رقم: 28754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(10/264)
المشروع الإتيان بالذكر فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[في دعاء الخروج من المنزل أو دخول الخلاء والخروج منه وغيره هل يأتي المسلم بآداب الدعاء بأن يحمد الله ويثني عليه ويصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية ويختم بها وهل يكرر الحمد والثناء والصلاة والدعاء وقول آمين ثلاث مرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حمد الله تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم مرغب فيهما في كل وقت إذا كان المرء في موضع يشرع فيه ذكر الله، إلا أنه لا يطالب بالزيادة على الدعاء الوارد في هذه الحالات، فإذا أراد الشخص أن يدعو في غير هذه المواضع، فليأت بسائر آداب الدعاء وليكرر وليؤمن ما شاء لا حرج عليه في ذلك، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44987، 3741، 62807، 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(10/265)
تحصين النفس والغير بالأدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[المعوذتان وغيرهما من المحصنات للإنسان كقول بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، فهل هي خاصة لتحصين المسلم فقط، وكيف يحصن بها الإنسان نفسه وكيف يحصن بها غيره إذا كان غيره لا يعمل على التحصن بها وخاصة إذا كان في أماكن متفرقة بعيدة كانت أو قريبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يحب الخير والسلامة من الشر لإخوانه وأهله، ويشرع له أن يحصنهم من الشر بالدعاء لهم بظهر الغيب، لما في الحديث: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل. رواه مسلم.
ويشرع له أن يحصن الصغار الذين لا يواظبون على التعاويذ بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ به الصغار، ففي الحديث عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ثم يقول: هكذا كان يعوذ إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وثبت عنه أنه لم يكن يَدَع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم أني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي.. رواه أحمد وصححه الألباني. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35892، 56291، 63010، 74635، 50832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(10/266)
إشراك الإخوان وعموم المؤمنين في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب على المسلم الدعاء لنفسه فقط أو لغيره وماذا عليه لو ترك الدعاء لغيره وكان غيره بحاجة لمن يدعو له؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
على المسلم أن يشرك من يسمع دعاءه ممن يؤمهم أو يخطبهم أو يحدثهم ... ولا حرج عليه في الدعاء لنفسه إذا كان وحده أو في حال السر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم إذا دعا لنفسه أن يدعو لإخوانه ولجميع المسلمين فقد وصف الله عز وجل عباده المؤمنين بقوله: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {الحشر:10} .
ويتأكد التعميم في الدعاء إذا كان الداعي معه من يستمع إليه كالإمام أو الخطيب أو المحدث..
قال الإمام البيهقي في السنن: باب ما على الإمام من تعميم الدعاء، ثم ذكر بسنده الحديث: إذا أم الرجل القوم فلا يختص بدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم ...
وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم المسلم في الدعاء لإخوانه ولو كانوا غائبين عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل. رواه مسلم.
وإذا كان المسلم وحده أو يدعو في سره فله أن يخص نفسه بالدعاء -ولو كان غيره يحتاج إليه- والأفضل أن يشرك معه إخوانه وعموم المؤمنين، ويستشعر أن المسلمين كالجسد الواحد كما صح عن نبيناً صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت الأدعية بصيغة الجمع في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى وفي ذلك تنبيه للمسلم على فضل إشراك إخوانه في الدعاء، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 7282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(10/267)
أدعية جامعة لمن يريد خيري الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تحصلت في السنة الماضية 2006 على شهادة التخرج لكن للحصول على عمل في بلدي يجب علي أن أجري مناظرة على مرحلتين كتابي ثم شفهي أنا مشكلتي أني نجحت مرتين في الكتابي لكني أخفق في الشفهي، علاقتي بربي وطيدة وأنا دائما أدعو لكن دعائي لم يستجب لا أعرف لماذا على الرغم من أني محجبة وعائلتي في حاجة ماسة إلى عملي، صليت كثيراً ودعوت لكن حالتي تعقدت أكثر ...
سؤالي هو: ماذا أفعل ليستجيب الله لدعائي وأعيد ثقتي بكل شيء وأتخلص من حالة التشاؤم التي أصابتني، فهل لكم دعاء مستجاب يمكن أن يعينني أرجوكم والله أنا محتارة ويائسة؟ وجزاكم الله كل خير عني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالبعد عن التشاؤم فإنه لا يأتي بخير، كما ندعوك إلى الرضا بما قضى الله به عليك، فإنه لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، وقد يمنع الله تعالى عبده مما يراه العبد خيراً له وهو في الحقيقة شر، وربما يكون أمرك من ذلك، وفي خصوص ما سألت عنه فإنه توجد أدعية جامعة يدعو بها كل من أراد أن يحصل شيئاً من خيري الدنيا والآخرة، ومن هذه الأدعية:
حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. رواه الحاكم في المستدرك.
وكذا حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت. رواه ابن حبان في صحيحه.
ومن ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه بسند صحيح.
وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل اللهم أهدني وسددني.
ونرجو الله أن يصلح أمرك ويستجيب دعاءك، وإياك واليأس والاستعجال في أمر الدعاء فقد قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل.
وتراجع الفتوى رقم: 22431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(10/268)
الدعاء بـ (اللهم ويا رب ورب واللهم ربنا) ثابت في النصوص
[السُّؤَالُ]
ـ[في الدعاء هناك هذه الكلمات اللهم ويا رب وربِ واللهم ربنا وغيرها هل هي خاصة في حالات مثل دعاء الإنسان لنفسه أو غيره أو لنفسه وغيره في وقت واحد، فماذا يقول هل ما يشاء ومن أراد أن يدعو لفرد أو مجموعة وهو معهم أو ليس معهم هل ينوي في نفسه ولا يسميهم بأن يقول اللهم ارزقهم أو أن يقول ارزق فلانا وإن كان معهم هل يقول اللهم ارزقنا أو يسميهم في الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز للداعي أن يدعو بما شاء من الكلمات المذكورة لنفسه ولغيره من الحاضرين والغائبين أفراداً كانوا أو جماعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بالصيغ المذكورة سواء كان الداعي يدعو لنفسه أو لغيره فرداً كان أو جماعة من الحاضرين أو الغائبين، فكل ذلك واسع إن شاء الله تعالى.
فقد ثبت الدعاء بالكلمات المذكورة وبغيرها من أسماء الله تعالى وصفاته في نصوص الوحي من القرآن والسنة وأدعية السلف الصالح ... قال الله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا {الأعراف:180} ، ويمكن أن يسمي من يدعو لهم إذا كان خارج الصلاة اتفاقاً، وكذلك إذا كان في الصلاة عند بعضهم، ويمكن أن يكني عنهم بضمير مع نية تعيينهم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 78789، والفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(10/269)
الدعاء بلفظ اللهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أمي أنها سمعت فى شريط لأحد المشايخ أن الميم في قوله (اللهم) فيها تسعة وتسعون اسماً من أسماء الله تعالى ومن قال (اللهم) فقد دعا الله بجميع أسمائه.... أنا لم أسمع هذا الكلام من قبل وأود أن أعرف مدى صحة هذا الكلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من قال: اللهم فقد دعا الله بجميع أسمائه منقول عن بعض السلف، ولم نقف على من قال إن في الميم تسعة وتسعين اسماً، والصحيح أنها عوض عن ياء النداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة (اللهم) كثر استعمالها في الدعاء من القرآن والسنة على ألسنة عباد الله الصالحين وهي بمعنى يا الله والميم فيها عوض عن حرف النداء -على قول أكثر أهل العلم- وهي من أعظم الأدعية التي يدعو بها المسلم ربه تبارك وتعالى ويناديه بها، وقد نقل القرطبي في تفسيره عن النضر بن شميل قال: من قال اللهم فقد دعا الله تعالى بجميع أسمائه كلها، وقال الحسن: اللهم تجمع الدعاء.
وقال الحافظ في الفتح: ... وقيل الميم كالواو الدالة على الجمع كأن الداعي قال يا من اجتمعت له الأسماء الحسنى ولذلك شددت الميم لتكون عوضاً عن علامة الجمع وقد جاء عن الحسن البصري اللهم مجتمع الدعاء وعن النضر بن شميل من قال اللهم فقد سأل الله بجميع أسمائه. ولذلك فلعل ما سمعته أمك يقصد به ما هو منقول عن بعض السلف كما رأيت، ولم نقف على من قال إن في الميم تسعة وتسعين أسماً من أسماء الله تعالى. وللمزيد من الفائدة يمكن أن تطلعي على الفتوى رقم: 78789، والفتوى رقم: 96914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(10/270)
أهم شروط وآداب الدعاء وأسباب الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي عندما أدعو الله ليرزقني المال الحلال أن أشترط على الوكيل ألا أفتن بهذا الرزق فأبذره في غير طاعة الله.
جزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن آداب الدعاء أن يدعو المرء الله تعالى راغبا راهبا خاشعا لله راجيا رحمته مؤملا في فضله وكرمه، غير معتد في دعائه ولا يائس من إجابته، قال الله تعالى عن أنبيائه وعباده الصالحين: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ {الأنبياء: من الآية90} .
ومن أهم شروط وآداب الدعاء وأسباب الإجابة، الإخلاص لله تعالى؛ لقوله تعالى: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {الأعراف:29} .
ومن آدابه حضور القلب، وترصد الأزمان الشريفة كيوم عرفة، وشهر رمضان، وساعة الجمعة، والثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، واغتنام الأحوال الشريفة كحال السجود، والتقاء الجيوش، ونزول الغيث ...
وإذا أراد المرء أن يدعو فليسأل الله كل حاجة أرادها، فقد كان السلف الصالح يسألون الله كل شيء حتى شسع النعل، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع. رواه الترمذي.
ومن هذا يتبين لك أنه ليس من الجائز فقط، بل من المستحب أن تدعو الله أن يرزقك المال الحلال، وأن لا تفتن بذلك المال.
ولا يعد هذا اشتراطا، وإنما هو دعاء حسن مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(10/271)
دعاء المرأة على المرأة بأن يطلقها زوجها من الاعتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من ذهبت الى الحج لأول مرة ودعت {دعاء} لزوجة زوجها الثانية بالطلاق وتحققت هذه الدعوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء المرأة على المرأة بأن يطلقها زوجها من الاعتداء في الدعاء ولو كانت ضرتها، وقد قال عز وجل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} فعليها أن تتوب إلى الله وستتغفره من الدعاء على أختها بالطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(10/272)
يؤجر الداعي للكفار بالهداية
[السُّؤَالُ]
ـ[بصراحة عندما أرى كافراً أو مشركاً أتحسر وأتمنى أن يكون مسلماً ويعلم الله أني أدعو لهم بالهداية للإسلام وأن يكونوا من أمة محمد، فهل لي أجر لدعائي لهم بالهداية للإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الدعاء للكفار بالهداية من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويؤجر فاعله، وراجعي للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74952، 64779، 49180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(10/273)
حكم دعاء الله بـ (يا أيها الركن الشديد)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دعاء الله بـ (يا أيها الركن الشديد) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز أن يدعى الله تعالى بالركن الشديد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يخاطب الله عز وجل أو يدعى بـ (أيها الركن الشديد) ، لأن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، فلا يسمى إلا بما سمى به نفسه في محكم كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(10/274)
حكم الدعاء على من أراد التعدد بألا يوفق
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم وبارك في علمكم ... لي أخت تزوج زوجها بزوجة ثانية وطلق هذه الزوجة الثانية خلال شهرين وهو دائم التصريح برغبته في الزواج من ثالثة مع العلم بأن له أربعة من الأبناء وهذا الزواج الثاني والتصريح برغبته بالزواج الثالث يؤثر بالسلب على نفسية أختي ويشعرها بالنقص بالإضافة إلى الانشغال الطبيعي بالزوجة الجديدة عن القديمة والغيرة الشديدة التي تنشأ في نفسها.. سؤالي هو: هل دعائي أن لا يتمكن زوج أختي من الزواج بنساء أخريات حتى لا يؤثر على مشاعر أختي، هل هذا الدعاء يدخل في نطاق الدعاء بالإثم، علما بأنني عندما أحاول أن أنصحه باعتبار مشاعر الآخرين يقول إنني أحارب سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهل هذا صحيح، فأفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جاز له التعدد لتوفره على شروط جوازه من عدل وقدرة على مؤنة لم يجز لأحد أن يقف في سبيله أو يحاول منعه من ذلك، وهذا واضح فيما إذا كان ذلك المنع بالحيلولة دونه بخطبة من يريد خطبتها مثلاً أو إفسادها عليه أو نحو ذلك، لأن التعدد حق لمن يريده وقدر عليه، فلا يجوز لأحد أن يمنعه من حقه هذا، وإذا تقرر هذا فاعلم أن الدعاء بأن لا ييسره الله له لا يجوز لأنه نوع من الاعتداء في الدعاء، إذ إنه دعاء على مسلم بأن لا يتيسر له ما هو حلال ومباح، وقد قال الله تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: سيكون قوم يعتدون في الدعاء. رواه أحمد.
وعليه، فإنا ننصح الأخ بمحاولة إقناع زوج أخته بترك الزواج من ثانية إذا لم يكن محتاجاً له، فإن لم يقتنع تركه وسبيله وكف عن الدعاء عليه، وإن كان دعا عليه سابقاً فليستسمحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(10/275)
النهي عن الدعاء على النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تخاصمت مع شخص وأثر في وتألمت فحلفت وقلت (الله يشل لساني إذا حكيت معه) ، فهل يجوز أني أرجع وأحكي معه، وما هي الكفارة؟ وجزاكم الله خيراً ... بالله عليكم أريد الجواب بشكل سريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كنت تقصد بما قلت مجرد الدعاء على نفسك إن تكلمت مع ذلك الشخص فدعاء الشخص على نفسه منهي عنه شرعاً، ولا كفارة عليك إذا كلمت ذلك الشخص لأن هذا لا يعتبر يميناً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن جرى على لسان الأخ السائل إلا قوله: الله يشل لسانه إن تكلم مع الشخص المذكور.. فإن هذا ليس يميناً وإنما هو دعاء على النفس بما يضرها، وهو أمر نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. رواه مسلم وغيره.
وهذا الدعاء لا يحرم الكلام مع ذلك الشخص، ولو كلمه فلا شيء عليه، وإن كان قد حلف بالفعل بأن قال: والله لا أكلمه أو لا أحكي معه فإنه يحنث بفعل ما حلف عليه، فإن كانت له نية في أن لا يكلمه في موضوع معين مثلاً أو نحو ذلك اعتبرت النية فلا يحنث إلا إن خالف اليمين التي نواها، وإن كان ظاهر اللفظ ينافي ذلك، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فإن الحنث مع الكفارة أولى من الاستمرار على الامتناع من الحنث، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 75534، والفتوى رقم: 60203.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1428(10/276)
النهي عن الدعاء بالشر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ خمس سنوات ولم يحدث حمل أود أن أعمل أطفال أنابيب، لكن قبل 6 أشهر حدثت مشاكل مع أهل زوجي وقلت من غير قصد ثلاث مرات (إن شاء الله لا أرى الأولاد لو كان قصدي كذا) فأخاف الآن أن يؤاخذني الله بهذا اليمين ولا أنجب، ما رأيكم، وما العمل ليسامحني الله ولا يؤاخذني، علما أني من الخوف لا أستطيع النوم.....]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
طفل الأنابيب لا يجوز إلا في حالتين مع الالتزام بالضوابط والشروط. ولا يجوز للمرء أن يدعو على نفسه بالشر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن طفل الأنابيب لا يجوز إلا في حالتين:
الأولى: أن تؤخذ نطفة من زوج وبيضة من زوجته ويتم التلقيح خارجيا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
والثانية: أن تؤخذ نطفة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحا داخليا بضوابط شرعية سبق بيانها في الفتوى رقم: 5995، وراجعي كذلك الفتوى رقم: 36557.
وأما دعاؤك على نفسك بألا تري الأولاد فلا يجوز، وقد ذم الله تعالى في كتابه الكريم الذي يدعو على نفسه بالشر، فقال عز من قائل: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ {يونس: من الآية11} ، قال الإمام القرطبي: فالآية نزلت ذامة لخلق ذميم هو في بعض الناس يدعو في الخير فيرون تعجيل الإجابة، ثم يحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشر، فلو عجل لهم لهلكوا.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس فقال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم وأبو داود.
فعليك أيتها الأخت ألا تعودي لمثل هذا الدعاء واستغفري الله وتوبي إليه، وليكن خوفك في الله قصدا، فلا تفرطي في الخوف منه سبحانه إفراطا يحملك على القنوط من رحمة الله، أو مجافاة النوم كما ذكرت، بل يكفي كما ذكرنا أن تستغفري الله تعالى وتتوبي إليه، وهو القائل سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}
وفقك الله ورزقك الذرية الصالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1428(10/277)
مدى مشروعية الدعاء بما يسمى: ورد الرابطة
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد الاستفسار من فضيلتكم عما يسمى بـ (ورد الرابطة) ، هل هو ثابت صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المسمى بورد الرابطة ليس من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه يشتمل على الدعاء بحصول أمور طيبة نافعة كاجتماع القلوب على نصرة الحق والدفاع عنه، وتقوية الرابطة بين المسلمين، والشهادة في سبيل الله، وانشراح الصدور للحق ونحو ذلك، وبالتالي فلا مانع من استعمال الدعاء المذكور إذا لم تكن هناك مواظبة عليه في وقت معين، أو بعدد معين أو بكيفية معينة لا توافق الشرع، مع اعتقاد عدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ليس له فضل يخصه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(10/278)
حكم الرقية والدعاء بما ورد عن السلف من تجاربهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي من شقين: الأول: نقرأ في كتب الأدعية مثل مفاتيح الفرج وكتب الفرج بعد الشدة عن أدعية وردت على لسان أولياء وصالحين، هل هي خاصة بهم أم يجوز لنا أن ندعو الله بها، وهل هناك شروط معينة لذلك.
ثانيا: نجد بعض المعالجين بالرقية الشرعية يخصص آيات وأدعية معينة لأمراض معينة مثل السرطان والقلب والأمراض النفسية وغيرها، هل يصح ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل صيغ الأدعية والأذكار والرقى ما جاء في كتاب الله تعالى أو ما أثر عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى: 55830، وما أحيل عليه فيها.
ولا مانع أن يدعو المسلم أو يرقي بأدعية ورقى أخرى من تأليف غيره من السلف الصالح أو من نفسه ما لم يكن فيها شرك أو شيء يخالف الشرع أو كانت بكلام غير مفهوم.
قال ابن القيم - رحمه الله- في زاد المعاد بعد ذكر هدي النبي- صلى الله عليه وسلم- في علاج المصاب بالعين: فصل ومن الرقى التي ترد العين ما ذكر عن أبي عبد الله الساجي أنه كان في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة وكان في الرفقة رجل عائن قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه، فقيل لأبي عبد الله: احفظ ناقتك من العائن، فقال: ليس له إلى ناقتي سبيل، فأخبر العائن بقوله فتحين غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله فنظر إلى الناقة فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله فأخبر أن العائن قد عانها وهي كما ترى، فقال: دلوني عليه فدل فوقف عليه وقال: بسم الله حبس حابس وحجر يابس وشهاب قابس رددت عين العائن عليه وعلى أحب الناس إليه، فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ فخرجت حدقتا العائن وقامت الناقة لا بأس بها.
وقد ذكر هذه القصة الحافظ ابن عساكر بسنده، كما ذكر بعضها الحافظ الذهبي وأبو نعيم في الحلية.
وأما تخصيص رقية بعض الأمراض بآيات أو أدعية معينة فلا مانع منه، وخاصة إذا أثر ذلك عن السلف أو جرب، وقد بوب العلماء في كتب علوم القرآن لهذا النوع، قال السيوطي في الإتقان: النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن - أفرده بالتصنيف جماعة منهم التميمي وحجة الإسلام الغزالي ومن المتأخرين اليافعي وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 72772.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(10/279)
ما يجوز من الدعاء لغير المسلم وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلبت مني امرأة غير مسلمة أن أدعو لها فماذا علي أن أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الدعاء فيما يتعلق بالمغفرة والرحمة والثواب في الآخرة ونحو ذلك فهذا غير جائز، قال النووي في المجموع: وأما الصلاة على الكافر، والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع. انتهى. أما الدعاء له بالهداية والدخول في الإسلام فيجوز، وللفائدة في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 29836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(10/280)
دعاء عبد الله بن جحش الذي استجابه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[من قائل هذه العبارة: يا رب! أسألك هذا اليوم، أن تلاقي بيني وبين عدو لك شديد حرجه، قوي بأسه، كافر بك، فيقتلني، ثم يبقر بطني ويجدع أنفي، ويفقأ عيني ويقطع أذني، فألقاك يا رب بهذه الصورة فإذا قلت لي يوم القيامة: لم فعل بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقائل هذا الكلام هو عبد الله بن جحش رضي الله عنه، وذلك في يوم أحد.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب: عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد ألا تأتي فندعوا الله فجلسوا في ناحية فدعا سعد وقال: يا رب إذا لقيت العدو غداً فلقني رجلا شديداً بأسه شديداً حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه فأمن عبد الله بن جحش ثم قال: اللهم ارزقني غداً رجلاً شديداً بأسه شديداً حرده أقاتله فيك ويقاتلني فيقتلني ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك قلت: يا عبد الله فيم جدع أنفك وأذنك، فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد كانت دعوة عبد الله بن جحش خيراً من دعوتي لقد رأيته آخر النهار وإن أذنه وأنفه معلقان جميعاً في خيط. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(10/281)
ذكر الله أثناء انكشاف العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ذكر الله والإنسان عورته ظاهرة أو عاريا حيث إنه قد يحدث أن يكون مستيقظا من النوم ويريد أن يردد أذكار الاستيقاظ أو أن يكون خارجا من الخلاء أو الاغتسال وبعض من جسده عاريا ويريد أن يردد أذكار الخروج من الخلاء، أو أن يكون يخلع ملابسه ويكون في حال انكشاف عورته ويكون هناك ما يستدعي الذكر كأذان المغرب أو ترديد الأذان وخلافة، فهل ذلك يجوز أم لا؟ استنادا على أن المرء حين يغتسل من الجنابة فإنه يذكر الشهادة وبالطبع يكون عاريا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي للمسلم أن يكون في حالة ذكره لله تعالى ساترا لعورته متصفا بالوقار والسكينة لأن ذلك هو اللائق، ومع ذلك فليس انكشاف بعض العورة مانعا من الإتيان بالأذكار الواردة في الحالات التي ذكرت في السؤال لأن ستر العورة ليس شرطا لجواز ذكر الله تعالى بل إن الذكر مطلوب حالة الاستيقاظ والخروج من الخلاء وخلع الملابس عند الخلاء أو الاغتسال وحكاية الأذان، أما ذكر الشهادة عند الغسل أو اثناءه فليس من الأذكار الواردة، وعليه فيجب تجنب ذلك داخل الأماكن المستقذرة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 63111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(10/282)
الاشتغال بالمأثور من الكتاب والسنة أولى من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي العزيز هذه بعض الأحاديث أرسلها لك:1- إنما الجمال هو القلب السليم والنفس الزكية والأخلاق النورنية والصفة ابتلانا بها الله ربنا. 2- إنما الذاكر لربه وغير الذاكر لربه كالشجرة الطيبة والشجرة الخبيثة إلا إن الشجرة الطيبة تؤتي أكلها وتنيع أغصانها وتنضج ثمارها. 3- التمرة كرمة الإسلام والعسل حلاوة الأمان ويقوي القلب ولبن نور الأمان. 4- البلاء ابتلى الله به العباد من حمد فاز والصبر زاد يغني النفس. إن هذه الأحاديث هي أقوال كنت أقولها من قبل وكنت قد نسيتها، ولكن الله عز وجل يذكرني بها الآن من حيث كنت أدعو عليها من قبل وكنت أقول اللهم إذ علمت فيها خيراً نسيني إياها ثم ذكرني بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأقوال التي كتبتها ليست أحاديث نبوية، ولا أقوالاً مأثورة عن أحد من السلف، وبالتالي فننصحك بتركها فليست ذكراً يُتعبد به لله تعالى، فالأجدر بك الاشتغال ببعض أنواع الذكر كتلاوة القرآن أو الباقيات الصالحات أو أذكار الصباح والمساء ونحوها، كالأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، ففي ذلك كفاية عما سواه، وكونك نسيتها ثم تذكرتها ليس بدليل على استجابة دعائك ولا على خيريتها، فالإنسان قد ينسى بعض ما يحفظه ثم يتذكره بعد ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27148، 70356، 66871، 44759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(10/283)
التكبير وغيره من الذكر أثناء المحاضرة بأمر المحاضر أو غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[في إحدى دور القرآن التي تقام فيها مجالس الذكر أثناء إلقاء الداعية لمحاضرتها بعض النسوة يقولون تكبير تحميد صلوا على رسول الله ونحن نحمد ونكبر ونصلي على رسول الله فهل هذه بدعة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمر الخطيب أو المحاضر السامعين وحثه لهم على التكبير ونحوه لا نعلم له دليلا من السنة، ولا نرى بذلك بأسا إذا لم يكن على سبيل المداومة لأن ذلك يدخل في عموم الأدلة الدالة على الحث على الطاعة والتواصي بها، ولكن المداومة على هذا العمل قد تفضي إلى اعتقاد سنيته على وجه الخصوص، ومن ثم الإنكار على الخطيب أو المحاضر إذا لم يأمرهم به، وأما تكبير السامعين عند سماع ما يعجبهم فله أصل في السنة وهو ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عن ابن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة قال: فكبرنا، ثم قال: أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قال: فكبرنا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة.. الحديث، وكذا يشرع التسبيح عند سماع أو رؤية ما يتعجب منه لحديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل لما رأى أصنافا من الناس يعذبون كان يقول سبحان الله ما هذان.... الحديث. وهو في البخاري ومسند أحمد.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 8381 حول الذكر الجماعي، وكذا الفتوى رقم: 31621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(10/284)
تطبيق أحكام التجويد على الأذكار غير مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قول (سبحان الله أو سبحان الله وبحمده) سواء في السجود أو ختام الصلاة أو الأذكار، هل تشد وتقلقل الباء أم يجوز أن تقال بشكل عادي، أم تحتمل الوجهين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبحان الله أو سبحان الله وبحمده تنطق الباء منها ساكنة سكوناً معتاداً من غير تشديد ولا قلقلة سواء كان ذلك في السجود أو في ختام الصلاة أو في الأذكار، لأن تطبيق أحكام التجويد مطلوب في تلاوة القرآن الكريم فقط لا في غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 80622.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(10/285)
لا حرج في الدعاء بأن يكون الزواج عاجلا غير آجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء بتعجيل الزواج بصيغة اللهم ارزقني زوجا صالحا عاجلا وليس آجلا حرام، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.. ولا تنسونا من صالح دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بأن يكون الزواج عاجلاً غير آجل جائز وليس بحرام، وراجعي الفتوى رقم: 54325 ففيها دليل الجواز وفائدة أخرى، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 3570، والفتوى رقم: 63230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(10/286)
لا يستجاب الدعاء من قلب غافل بخلاف الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دعاء لله والتسبيح له لا يستجابان إلا أن يكونا نابعين من القلب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستجابة الدعاء لها شروط، ومن تلك الشروط دعاء الله تعالى وحده لا يشرك به شيئاً، ولا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم مع حضور القلب، فلا يستجاب الدعاء الصادر من قلب غافل، أما التسبيح ونحوه من الأذكار فيحصل ثوابها للذاكر ولو مع عدم حضور القلب، لكن الأجر متفاوت، فالأفضل الجمع بين الذكر باللسان مع حضور القلب، وراجع الفتوى رقم: 11571، والفتوى رقم: 28251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(10/287)
حكم الكلام بأمور الدنيا أثناء الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كلام الدنيا خلال ذكر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا جلس أناس في مجلس ذكر لله تعالى فلا ينبغي أن يخلطوا ذكر الله بالكلام الأجنبي المباح، وهذا عند غير الحاجة إليه، أما عندها فلا حرج فيه ويكون بقدر الحاجة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الطواف بالبيت وهو من الأعمال التي هي محل ذكر لله تعالى: الطواف بالبيت صلاة فأقلوا من الكلام.
قال الإمام النووي رحمه الله: يجوز الكلام في الطواف ولا يبطل به ولا يكره؛ لكن الأولى تركه؛ إلا أن يكون كلاماً في خير كأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو تعليم جاهل أو جواب فتوى ونحو ذلك.
وكونه لا ينبغي لأنه يصرف القلب عن الإقبال على الذكر، وهذا إذا كان كلاماً عادياً، أما إذا كان في المسجد وبرفع صوت أو خصومة ونحو ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سيكون في آخر الزمان قوم يجلسون في المساجد حلقاً حلقاً إمامهم الدنيا فلا تجالسوهم فإنه ليس لله فيهم حاجة. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.
وأما إذا كان طبيعياً وليس مختلطاً بالذكر أو لا يشوش على ذاكر أو مصل فمباح؛ لحديث جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، قال: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم. أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(10/288)
حكم اجتماع جماعة من الناس يذكرون الله قائمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي حضراتكم بهذه الفتوى الصادرة عن الشيخ محمد سعيد البوطي عن الحضرة: (إذا كان المراد بالحضرة ذكر الله من قيام، وكان الذاكرون متقيدين في حركاتهم بالأدب المناسب مع ذكر الله، وكان اسم الله ينال حقه كاملاً من النطق السليم به، فهي جائزة وهي لا تخرج عن معنى قول الله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً..} أما إن لم يتقيد الذاكرون في ذلك بالآداب اللازمة. فذلك غير جائز.) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن ذكر القائم مشروع إذا كان ملتزماً بضوابط الشرع في الذكر، لعموم قوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:191} ، ولعموم حديث مسلم: كان يذكر الله على كل أحيانه. ولكن ينبغي النظر في اجتماع جماعة من الناس وهم يذكرون قائمين، فهل هذا من هدي السلف صحابة وتابعين، أم أنه محدث بعدهم فإن إحداث الهيئات في العبادات عدوه من البدع الإضافية، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72887، 59029.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(10/289)
حكم زيادة (وطاعتك) في دعاء: اللهم أعني على ذكرك ...
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دعا وقال اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وطاعتك.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك من الأدعية المأثورة بعد الصلاة، ولا حرج في زيادة: وطاعتك؛ إلا أنه لا ينبغي المداومة عليها لكونها ليست من الدعاء المأثور، ولأنها لا تفيد معنى زائدا، فالطاعة داخلة في العبادة فينبغي الاقتصار على اللفظ النبوي، وراجعي الفتوى رقم: 10248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(10/290)
تقييد الدعاء بالخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عندما أدعو الله في أمور الدنيا -مثلاً- أن يرزقني زوجاً صالحاً أقول إن كان فيه خير أو أدعو فقط اللهم ارزقني زوجاً صالحاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من آداب الدعاء أن لا يدعو الإنسان إلا بما فيه الخير، وذلك لأنه لا يعلم ما فيه الخير، فقد يدعو بما يراه هو الخير له وهو في الحقيقة شر له، ويدل على ذلك الأدعية المذكورة والمأثورة، فمما جاء في القرآن قوله تعالى: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء {آل عمران:38} ، ومما جاء من ذلك في السنة النبوية ما روى الإمام أحمد وابن ماجه عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملا متقبلا. فزكريا عليه السلام وصف الذرية التي دعا ربه للحصول عليها بالطيبة، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قيد العلم والرزق والعمل، ولم يدع بالحصول على مجرد العلم أو الرزق أو العلم، فدل هذا على أن الداعي ينبغي أن يقيد دعاءه بالخيرية، وفي المثال الذي ذكرته السائلة تكتفي بقولها: أسألك زوجاً صالحاً، فمن كان صالحا كان أرجى لأن لا يأتي منه إلا الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(10/291)
حكم الدعاء بزوج بجمال يوسف عليه السلام وتقواه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن الدعاء بزوج بجمال يوسف عليه السلام وتقواه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة أن تدعو الله أن يزوجها زوجاً جميلاً تقياً، وأما جمال يوسف فهو جمال نادر قد يكون وجوده من المستحيل عادة، ويُخاف أن يكون من الاعتداء في الدعاء، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40547، 32981، 31078، 75802، 68662، 55356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(10/292)
مشروعية الدعاء والاستعاذة من الفقر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت رجلا فقيرا جداً، أعاني من شدة الفقر وكنت أدعو ربي أن يزيل عني ذل الفقر وهوانه، وكان فيما أقول في الدعاء.... اللهم إن الفقر ذل وأنا لا أحب الذل إلا لك وحدك فاغنني من عندك، اللهم إن مصيبتك في نفسي أو في ولدي أهون علي من ذل الفقر، وبعد مرور السنين أنعم علي الله بالوظيفة وبالمال الذي والحمد لله يسترني ويزيد وقد تزوجت وأنجب لي ولدا، تذكرت دعائي ذلك وخفت أن يكون الله قد أجابني في دعائي وأنه ربما سيختبرني في نفسي أو في أهلي، فكرت وفكرت ولم أجد إلا أن أذبح ذبيحة علها تكون فداء لابني ونفسي كما فعل جد النبي عبد المطلب، فهل يجوز لي ذبح الذبيحة، وما هي أحكام الذبح وعلى من توزع هذه الذبيحة، وإن كان لا يجوز هذا العمل ... فما هو العمل الأفضل الذي أفعله ... لعل الله يحفظ لي مالي ونفسي وأهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الله تعالى والاستعاذة به من الفقر من الأمور المشروعة، ففي سنن النسائي عن مسلم بن أبي بكرة قال: كان أبي يقول في دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر. فكنت أقولهن. فقال أبي: أي بني عمن أخذت هذا؟ قلت: عنك، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن في دبر الصلاة. قال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد.
والدعاء بكون المصيبة في الولد والنفس أهون من الفقر يعتبر من التكلف في الدعاء والذي هو منهي عنه شرعاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58303، والفتوى رقم: 31019.
وإذا كان المقصود من الذبح الصدقة باللحم على الفقراء والمساكين لشكر نعمة الله أو دفع مصيبة فإنه أمر حسن، كما في الفتوى رقم: 9124، وإذا كنت تقصد بأحكام الذبح كيفية الذكاة فقد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 62087، وإن قصدت به حكم الذبح من أصله فقد سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 56709، ولك أن توزع تلك الذبيحة كيف شئت؛ إلا أن الأفضل أن تقدم في توزيعها الأشد حاجة وفقراً من قرابتك، ثم الأشد حاجة من غير الأقارب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 95376.
وينبغي أن تُبعد الأوهام والشكوك عن نفسك وتتصف بالتوكل على الله تعالى والثقة به وتعلم أن كل شيء بقضاء وقدر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 79740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(10/293)
حكم الدعاء بـ: اللهم إن لك علينا حقوقا فتصدق بها علينا
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على ما تؤدونه من خدمة جليلة لنا في تعلم أمور ديننا الحنيف وبعد:
ما حكم الدعاء بالصيغة التالية: اللهم إن لك علينا حقوقا فتصدق بها علينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء الذي سألت عنه لا مانع منه، فقد ذكر الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: أنه يجوز أن يقول القائل تصدق الله علينا، أو اللهم تصدق علينا. وإن كان الأفضل الاقتصار على الأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيها كفاية عن غيرها، يضاف إلى ذلك أن هذا القول -تصدق الله أو اللهم تصدق علينا- كرهه بعض السلف، فالأولى إذاً والأحوط تجنب مثل هذه الصيغة الواردة في السؤال وإن كان الإمام النووي غلط من كرهها من السلف، وراجع بعضها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51531، 52405، 32655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(10/294)
هل يلزم الاستغفار بأعداد معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار ... إلى آخر الحديث، أريد أن أعرف كيف يكون لزوم الاستغفار، وهل الأعداد المبالغ فيها مثل الاستغفار لأمر مستصعب 10.000 مرة أو ما شابه ذلك من البدع المحدثة عند الصوفية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى وهي ستر الذنب على العبد في الدنيا وعدم المؤاخذة به في الآخرة، وهو واجب من كل ذنب ومرغب فيه على كل حال، ومعنى لزوم الاستغفار الإكثار منه والمدوامة عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: والله إني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. رواه البخاري عن ابن عمر، وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وفي سنن أبي داود أيضاً عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب. والحديث ضعيف كما ذكر الألباني، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: من لزم الاستغفار.. أي عند صدور معصية وظهور بلية أو من داوم عليه فإنه في كل نفس يحتاج إليه، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً. رواه ابن ماجه بإسناد حسن صحيح.. إلى أن قال: والحديث مقتبس من قوله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. كذا في المرقاة. انتهى.
والحاصل أن الشرع حض على الاستغفار وأمر به ورغب فيه ولم يشترط له صيغة معينة ولا عدداً معيناً، فعلى المسلم أن يكثر منه ولا يلتزم تحديد عدد معين لم يحدده الشارع باعتبار ذلك سنة مثل العدد المشار إليه، فإنه وإن كان جائزاً إلا أن الالتزام به واعتباره من السنة يدخل في البدع الإضافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(10/295)
حكم الدعاء بحصول أمر ما في وقت معين
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عدة مرات عن الدعاء، وأن من أحد شروطه أن يكون للعبد نية للصبر، فإذا دعا العبد الله (عز وجل) أن يحقق له دعاءه في فترة معينة (مثلا في ذلك اليوم) ، فهل هذا جائز، أم أنه يخالف شرط الصبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل مراد الأخ السائل باشتراط نية الصبر في الدعاء عدم استعجال استجابته، فإن الاستعجال منهي عنه في الدعاء، لكن الدعاء بحصول أمر في وقت معين لا بأس به وليس من هذا الباب ولا من باب الاعتداء في الدعاء فيما يظهر، ولبيان ماهية التعجل المنهي عنه في الدعاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 54325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(10/296)
حكم الدعاء على امرأة متبرجة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في المبيعات داخل مركز للتسوق والحمد لله أحافظ على واجباتي تجاه ربي ولكني كل يوم يصيبني أذى من النساء الشبه عاريات فسرعان ما أغضب وأدعو عليها بالأذى كما تؤذي الشباب أو بالموت، فهل أنا آثم بهذا، علما بأن الذي يدفعني إلى ذلك كثرة هذا الأمر يوميا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك أنت أولاً بالحرص على سلامة دينك من التأثر بما يحصل في الأسواق، والحرص على مجالسة أهل الخير، فإن السوق ينصب الشيطان بها رايته، ويبيض فيها ويفرخ، كما في الحديث، فعليك بغض البصر عن الحرام، وعدم متابعة ما يحصل بين الأجانب، وأبعد قلبك عن التفكير في الأجنبيات ومحاسنهن، وإذا رأيت أمراً محرماً فأنكره حسب استطاعتك باللسان وإلا فبالقلب، واسْعَ في نصح العصاة وإقناعهم بالحق، وادع الله للعاصيات بالهداية كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأم أبي هريرة وكما دعا لدوس بالهدى.
وأما الدعاء على الشخص المعين بالهلاك والأذى فلا ينبغي، وليس فيه حل للمشكلة، وقد صرح أهل العلم أن لعن الشخص المعين لا يجوز، واختلفوا في لعن الجنس، كما قال محمد مولود في محارم اللسان:
ولا يجوز لعن شخص عينا * وجاز لعن الجنس عند فطنا
وراجع للمزيد من الفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76270، 75237، 76368، 66725، 65134، 63195، 57516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(10/297)
دعاء المسلم ربه أن يكون ترتيبه الأول على الناجحين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن أدعو الله أن أكون الأول في الترتيب العام للناجحين في امتحان التخرج من المعهد بنية أن ينظر للملتزمين على أنهم يعرفون كيف ينجحون في حياتهم؟ وجزاكم الله عن هذا العمل جنة الفردوس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بدينه وعلو همته.... ولتعلم أنه لا مانع أن يدعو المسلم ويعمل للتفوق في دراسته وفي شأنه كله، فالإسلام يريد منا أن نمتلك القوة بكل معانيها، قال الله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ {الأنفال:60} ، وقال صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ... الحديث رواه مسلم.
ولن تكون للمسلمين قوة إلا إذا تفوقوا في العلم والمعرفة ولن يكون ذلك إلا بالاجتهاد وقوة الإيمان والعقيدة والإرادة ... وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 20828، والفتوى رقم: 14877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(10/298)
الدعاء على الغير وهل يوجد دعاء يرده
[السُّؤَالُ]
ـ[س:/ دعوت دعوة على شخص ما، وأخاف أن تصيبه، أو أنها أصابته ...
فماذا أفعل لو أنها ستصيبه أو أنها أصابته؟ وهل يوجد دعاء يرد الدعاء السابق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو الأمر من أن تكون قد دعوت على هذا الشخص بوجه حق أو أن تكون قد دعوت عليه بغير وجه حق، فإن كانت الأولى فلا شيء عليك، وإن كانت الثانية فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى.
ولا نعلم دعاء مخصوصا يرد به الدعاء الأول، ولكن الدعاء نافع على كل حال، روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. ورواه أيضا الإمام أحمد عن معاذ رضي الله عنه، وروى الترمذي عن سلمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء. ورواه أيضا الإمام أحمد وابن ماجه عن ثوبان رضي الله عنه. قال المباركفوري في شرحه تحفة الأحوذي معلقا على هذا الحديث: أو أراد برد القضاء إن كان المراد حقيقته تهوينه وتيسير الامر حتى كأنه لم ينزل، يؤيده ما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر: أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل.
ونرجو أن تراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 7618، 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(10/299)
يحسن الابتعاد عن بعض الأمور في هذا الدعاء المذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا فتاة أبلغ من العمر 32 سنه لم أتزوج حتى الآن وصلني عبر إيميلي أدعية لتيسير الزواج فهل يجوز أن أدعو بمثل هذه الأدعية، مع العلم بأني دائما أدعو أن يرزقني الله بالزوج الصالح، الأدعية المرسلة هي: أدعية لتيسير الزواج إن شاء الله
- كثرةالاستغفار- كثرة تلاوة سورة الزلزلة- الكافرون- النصر- الصمد- صلاة ركعتين لله ثم الدعاء- رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير- (اللهم هب لي من لدنك زوجا) - اللهم ارزقني فلانا "زوجا" لي إنك علي كل شيء قدير- اللهم بحق قولك (والله يرزق من يشاء بغير حساب) ، وبحق قولك (إن الله علي كل شيء قدير) وقولك الحق (بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) اللهم اجمع بيني وبين فلان بالحق وافتح بيننا بالحق وأنت الفتاح العليم، وقولك: (فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا) ،
ارزقني زوجا تقر به عيني وتقر بي عينه، اللهم إني أعوذ بك من بوار الأيم وتأخر الزواج وبطئه وأسألك أن ترزقني خيراً مما أستحق من الزوج ومما اّمل وأن تقنعني وأهلي به، اللهم حصن فرجي ويسر لي أمري واكفني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، اللهم إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب والقادر، اللهم إن كنت تعلم في فلان خيرا فزوجنيه وأقدره لي، وإن كان في غيره خير لي في ديني ودنياي واّخرتي فاقدره لي، اللهم إني استعففت فأغنني من فضلك بحق قولك (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتي يغنيهم الله من فضله) اللهم عجل بقبول دعوتنا، اللهم يا مطلع على جميع حالاتنا اقض عنا جميع حاجتنا وتجاوز عن جميع سيئاتنا وزلاتنا وتقبل جميع حسناتنا وسامحنا، ونسألك ربنا سبيل نجاتنا في حياتنا ومعادنا، اللهم يا مجيب الدعاء يا مغيث المستغيثين يا راحم الضعفاء أجب دعوتنا وعجل بقضاء حاجاتنا يا أرحم الراحمين، اللهم استجب للجميع وارزقنا جميعا الخير كله ... سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع للإنسان من أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، كما في الحديث عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد ثم قال في آخره: ثم ليتخير من المسألة ما شاء. رواه مسلم. وقد صرح أهل العلم بأن الدعاء مستحب مطلقاً سواء كان مأثوراً أو غير مأثور، ومما يدل لمشروعية دعاء الإنسان بما يشاء ما في الحديث: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعليه. رواه أبو يعلى، وقال محققه حسين أسد: إسناده صحيح على شرط مسلم. وحسنه الألباني في المشكاة.
وعليه.. فلا بأس بالدعاء بهذه الأدعية التي ذكرتها، لأنها جميعاً داخلة في عموم الدعاء المأمور به، إلا أن ثمت أموراً يحسن الابتعاد عنها لما فيها من تحديد ما لم يرد به نص من السنة، ومن ذلك ما ذكرته من: كثرة تلاوة سورة الزلزلة- الكافرون- النصر- الصمد.
ومنه: اللهم بحق قولك: والله يرزق من يشاء بغير حساب، وبحق قولك: إن الله على كل شيء قدير، وقولك الحق: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {البقرة:117} ، وقولك: فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا {الشورى:11} ، ارزقني زوجاً تقر به عيني وتقر بي عينه، اللهم إني استعففت فأغنني من فضلك بحق قولك: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33} ، وأما كثرة الاستغفار فهي من الأسباب النافعة لمثل ما تطلبينه، لقوله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-11-12} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(10/300)
حكم الدعاء بالأدعية الواردة في أحاديث ضعيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الأدعية التي تكون ضعيفة أو منكرة مع شرحكم لأنواع الأحاديث (ضعيفة منكرة موضوعة ... ) وتبيان الأنواع التي لا يجوز العمل بها وقراءتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائلة بقولها (قراءة الأدعية.... إلخ) هو الدعاء بتلك الأدعية التي وردت في أحاديث ضعيفة أو منكرة، فجوابه أنه لا بأس بالدعاء بتلك الأدعية بشرط أن تكون خالية من محذور شرعي كالدعاء بشيء فيه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، فإن خلا الدعاء من تلك المحاذير جاز الدعاء به، ولا يشترط في كل دعاء يدعى به أن يكون ثابتاً في الكتاب والسنة، ولا شك أن الدعاء بأدعية الكتاب والسنة أعظم وأولى؛ لما اشتملت عليه من خير الدنيا والآخرة، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 80304 فإنها مهمة.
وإن كان المقصود من قول السائلة (قراءة الأدعية....) مجرد قراءة فإنه لا بأس بقراءتها، ولكن لا يجوز نسبة الأدعية التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إليه، كما لا يجوز اعتقاد ما فيها من الثواب إلا بعد ثبوتها عنه، وإذا كانت تلك الأدعية تقرأ في مكان عام أو يحضر قراءتها أناس فينبغي تنبيه السامعين إلى أن هذه الأدعية أسانيدها لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لا ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله. وانظري الفتوى المشار إليها آنفاً والفتوى رقم: 16192.
وأما أنواع الحديث (الضعيف والمنكر والموضوع) فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في ذلك وهي برقم: 11828، والفتوى رقم: 47954، وأخيراً نحيلك على الفتوى رقم: 13202 عن أقسام الحديث من حيث العمل به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(10/301)
لا مانع من دعاء امرأة أن يجمعها الله في الجنة مع من كان سبب هدايتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أغضب الله عز وجل كثيرا لقد تعرفت على شاب وقد استشهد واستشهاده كان سبب استقامتي والحمد لله وأتمنى وأطلب من ربي أن يجمعني وإياه بالجنة فهل حرام أن أطلب هذا الطلب؟ أرجو منكم مساعدتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تحمدي الله تعالى وتشكريه على أن وفقك للتوبة والاستقامة على طريق الحق، فهذا-ولا شك- أعظم أسباب السعادة في هذه الدنيا والفوز بالنعيم المقيم الأبدي في الآخرة إن شاء الله تعالى
فينبغي للمسلم أن يكون همه الأكبر هو الوصول إلى دار السلامة والسعادة والكرامة والخلود، والتي فيها من النعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فلا يفكر أهلها فيما فاتهم من ملذات الدنيا وشهواتها
وأما سؤال الله تعالى ودعاؤه أن يجمع بينك وبين هذا الشخص أو غيره فلا مانع منه شرعا إن شاء الله تعالى،
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتاوى: 95019، 57419، 53098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(10/302)
حكم الدعاء على شارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت شخصا يقول فلان ابن فلان ضربه الله لأن هذاالشخص الذي قصده بهذاالكلام يتاجرفي الخمرهل هذاصحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك أن هذا الشخص يدعو على بائع الخمر بأن يعذبه الله تعالى فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدعو على صاحب معصية ما دام ولاؤه لله ولرسوله وللمؤمنين.
وإذا كان الشرع قد أباح للمظلوم أن يدعو على ظالمه، فذلك لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وحق الله تعالى مبني على المسامحة، كما قال أهل العلم. وإن على المسلم في هذه الحياة أن يكون مبشرا بهذا الدين ففي صحيح البخاري وغيره أن أعرابيا بال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي- صلى الله عليه وسلم-: دعوه، وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين.
وفيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- جلد رجلا في الخمر فأوتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله.
وفي رواية.. فقال بعض القوم: أخزاه الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا رحمك الله.
ولذلك فينبغي للمسلم أن ينصح صاحب المعصية ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر ويرحمه؛ لأنه مريض ويدعو له بالهداية والرحمةلأنه منحرف عن طريق النجاة.
وهذا بالنسبة للمسلم العادي. أما ولي أمر المسلمين فعليه أن يقيم الحدود ويزجر العصاة ويعاقبهم إذا لم ينفع فيهم النصح والإرشاد والتوجيه.. فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن كما في الأثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(10/303)
من آداب الذكر وفوائده
[السُّؤَالُ]
ـ[آداب الذكر وفوائده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن لذكر الله تعالى آداباً ينبغي للذاكر أن يتحلى بها، وفوائد يحسن به أن يعلمها ليزداد نشاطاً في الذكر، فمن آداب الذكر:
أولاً: الإخلاص لله تعالى إذ هو الشرط الأول لقبول الأعمال، وكل عمل لا إخلاص فيه لا فائدة ترجى منه، بل قد يضر.
ثانياً: استحضار القلب والتدبر إذ هو المقصود من الذكر، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب الأذكار: المراد من الذكر حضور القلب فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر فيحرص على تحصيله ويتدبر ما يذكر ويتعقل معناه، فالتدبر في الذكر مطلوب ... إلخ.
ثالثاً: أن يذكر الله على طهارة -وهذا مستحب- وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر أو قال على طهارة. رواه أبو داود وصححه الألباني.
رابعاً: ما جاء الشرع بتقييد أو تحديد عدد معين فيه كمعقبات الصلاة وغير ذلك، فينبغي التقيد فيه بما جاء به الشرع، وانظر لأهمية هذه النقطة الفتوى رقم: 6604.
خامساً: خفض الصوت بالذكر وعدم الجهر به جهراً بليغاً، قال الله تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ... {الأعراف:205} ، قال ابن كثير رحمه الله: وهكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداءً وجهراً بليغاً. انتهى، وأما فوائد الذكر فهي كثيرة جداً يصعب حصرها، وقد ذكر ابن القيم أن للذكر أكثر من مائة فائدة، وذكر منها:
أولاً: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره.
ثانياً: أنه يرضي الرحمن عز وجل.
ثالثاً: أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
رابعاً: أنه يجلب للقلب الفرح والسرور.
خامساً: أنه يقوي القلب والبدن.
سادساً: أنه ينور الوجه.
سابعاً: أنه يجلب الرزق.
ثامناً: إنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، إلى غير ذلك من الفوائد في الكتاب المشار إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(10/304)
التسبيح أثناء المحادثة مع شخص ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التسبيح منهي عنه أثناء المحادثة مع شخص، فعندما يتعود اللسان على الذكر يصعب عليه التحكم به أثناء الاستماع لشخص ما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً من الكتاب أو السنة يمنع من التسبيح أثناء المحادثة مع شخص آخر، ولكن إذا كان التسبيح يصعب معه فهم مراد المتكلم عند استماعه فلعل من الأولى التوقف عن التسبيح والإصغاء له، لا سيما إذا كان صاحب حاجة أو كان في الكلام أمر يجدر الاهتمام به.
وعلى كلٍ فإن المسلم مطالب بالحرص على الإكثار من ذكر الله تعالى، والإخلاص لله عز وجل، فينبغي للذاكر أن يحرص أشد الحرص على أن لا يفسد تسبيحه وذكره بما ينقصه من الأجر أو يذهب بأجره بالكلية، فالاستماع إلى ما لا فائدة منه مضيعة للوقت ويفوت به أجر الذكر والتسبيح في وقت معين، والرياء خطر وداء قاتل يحبط العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(10/305)
قول الداعي يا من أمره بالكاف والنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك فرق بين أن نقول: 'يا من أمره بين الكاف والنون' و 'يا من أمره بالكاف والنون'؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى بين اللفظين فرقا ذا بال إلا أنا ننبه إلى أهمية سؤال الله تعالى بالمأثور من الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أفضلها الدعاء بالاسم الأعظم، وبدعوة يونس عليه الصلاة والسلام. وراجع في بعض الالفاظ المأثورة الثابتة الفتاوى التالية أرقامها: 70670، 53348، 49867، 3655، 75534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(10/306)
اللجوء إلى الدعاء طلبا للإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي نحاول الإنجاب منذ حوالي سنة، لكن لم يرزقنا الله تعالى، ثم إني كثيرة الدعاء في صلاتي من أجل هذا واكتشفنا بعد مراجعة الأطباء أن العيب هو مرض عند زوجي على الأرجح قابل للعلاج، ولم أتوقف عن الدعاء والاستغفار وإعطاء الصدقات، لكن سؤالي هو: هل يستجيب لي ربي إذا لم يكن زوجي يدعو مثلي ويتضرع، وإذا لم يكن مواظبا في صلاته، مع العلم بأني أحاول باستمرار أن أقنعه لكن بدون فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في اختيار وسيلة العلاج المفضلة حيث لجأت إلى الدعاء والاستغفار والصدقة، ونفيدك أنه لا مانع من استجابة الدعاء إذا لم يكن زوجك يدعو، فقد استجاب الله دعاء زكريا عليه السلام لما دعا، فقال: قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء {آل عمران:38} ، ولم يذكر في القرآن أن زوجته شاركته في الدعاء مع أنها كانت عاقراً كما نص عليه القرآن، واستجاب كذلك دعاء إبراهيم.
ثم إنا ننبهك إلى ضرورة الصبر على الدعاء والبعد عن الاستحسار والاستعجال، ففي الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. رواه مسلم.
كما ننبه إلى ضرورة وفرضية محافظة زوجك على الصلاة فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أعظم أسباب الإعانة على قضاء الحاجات، قال تعالى: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ {البقرة:45} ، فواظبي على ترغيبه في الصلاة والدعاء له بالهداية، وراجعي للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39792، 15884، 47576، 29748، 15268، 34460، 73902، 57728، 49953، 32655، 62756، 43435.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(10/307)
طلب الإنجاب والرزق الحلال
[السُّؤَالُ]
ـ[حفظكم الله على المساعدة أريد فقط مساعدتي في أن تمنحوني علاجا طبيعيا أو دعاء ليرزقني الله بالخلفة الصالحة والرزق الحلال وأن يقضي الله عني الديون ويثبت أمي خيرا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاج الطبيعيي يسأل عنه الأطباء، ويمكن أن تراجع في شأنه قسم الاستشارات الطبية بموقعنا أو غيره من المواقع.
وراجع في بعض الأدعية المأثورة المفيدة فيما سألت عنه الفتاوى التالية أرقامها: 71206، 48858، 33345، 75111، 47576، 39792، 15268.
والله نسأل أن يثيب أمك، ويفرج عنك، ويساعدك في تحقيق جميع أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(10/308)
ضوابط جواز الدعاء الجماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتفقت ومجموعة من البنات على أن نصلي صلاة الحاجة وندعو فيها بتيسير الزواج واتفقنا على توحيد الدعاء ونصه كالتالي, فهل في هذه الصيغة تعدي أو ما شابه، أفيدونا أفادكم الله، "اللهم ارزقني زوجا صالحا تقيا نقيا ورعا لا يخاف في الحق لومة لائم يكون سكنا لي في الدنيا والآخرة، ويحبني كحب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للسيدة خديجة ويكون في قوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وجمال سيدنا يوسف وتقواه عليه السلام"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيفية صلاة الحاجة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 1390.
والدعاء الجماعي لا حرج فيه إذا لم يتخذ سنة راتبة في أوقات محددة، كما سبق في الفتوى رقم: 10006.
وعليه؛ فالاجتماع للدعاء المذكور لا بأس به إذا لم تتخذنه سنة راتبة، وظاهر لنا أن في ألفاظ هذا الدعاء من التكلف ما لا ينبغي، والمناسب في هذا المقام أن تسأل المرأة ربها زوجاً صالحاً تصلح به دنياها وأخراها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(10/309)
التقيد بالأعداد في الأذكار المأثورة والدعوات
[السُّؤَالُ]
ـ[الأستاذ الفاضل أطال الله في عمركم ونفع المسلمين والمؤمنين بعلمكم وكل ما تقدمونه للإسلام وجعله الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله، سؤالي هو: في كتب الأدعية هناك بعض الأذكار يوجد بجانبها عدد معين لتكرار الدعاء مثل أدعية الصباح والمساء، يقال هذا الدعاء 3 مرات وهذا الدعاء 7 مرات وهذا الدعاء 100 مرة، فما هي الحكمة أو المقصود من العدد المعين لكل دعاء؟ وماذا يترتب على من يخطئ في قول الدعاء بالعدد المذكور؟ مع الشكر الجزيل على وقتكم الممنوح لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على من تكلم من أهل العلم على حكمة تحديد أعداد الأذكار في الدعوات المأثورة، وعلى المسلم أن يعمل بما ثبت في الشرع سواء اتضحت له حكمته أم لا، وقد نص أهل العلم على كراهة تجاوز العدد المحدود في الأذكار المأثورة عمداً، قال صاحب الكفاف في الفقه المالكي:
وكرهوا جواز ما الشارع حد * كصاع فطرة وتسبيح ورد
وإذا أخطأ العبد فنقص أو زاد غلطا فنرجو الله أن لا يحرمه من الثواب، لأن الله يثيب من عزم على فعل الطاعة، فأحرى من عزم عليها وجاء بأكثرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(10/310)
باب الدعاء واسع
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك دعاء سمعته من قبل في القنوت في رمضان ولكني لا أحفظه يبدأ بـ (يا مؤنسي في وحدتي يا كاشف كربتي....) فهل يمكنكم إكماله لي ومعرفة أهو من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم أم أحد الصحابة أو التابعين؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على الدعاء المذكور منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد من صحابته الكرام، وكلما وقفنا عليه في هذا المعنى هو حديث: إذا ختم أحدكم فليقل: اللهم آنس وحشتي في قبري.. قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة: موضوع.
وهذا وإن باب الدعاء واسع فللمسلم أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة ما لم يشتمل دعاؤه على إثم أو قطيعة رحم أو شرك أو سوء أدب أو نحو ذلك، مع أن الاقتصار على الدعاء المأثور في القنوت وغيره أولى، والدعاء المأثور في القنوت وحكم القنوت في رمضان تقدم بيانهما في الفتوى رقم: 25269، والفتوى رقم: 3394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(10/311)
حكم من يقول (صل على النبي) بغرض البيع وأثناء الجدال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول (صل على النبي) أو من يقول (الله يهديك) من العامة في مواضع النقاش وخاصة عند نطق هذه العبارات لداعي الغضب وليس فعلاً لداعي الصلاة على النبي، علماً بأن نطقها أصبح معروفاً ومنتشراً في معظم الدول العربية، ومع العلم بأن الشخص الذي يقول هذه العبارات لا يعنيها ولا يصلي على النبي هو نفسه، ويستخدمونها كأسلوب لتسهيل عمليات النصب والبيع والاحتيال، الأمر الذي يجعل هذه العبارات غير مستحبة من البعض.. والله أعلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتنبيه عليها أو على أي ذكر عند الغفلة، والدعاء للناس بالهداية، أو لمن انحرف منهم أمر محمود شرعاً، يدخل في عموم الأمر بالتعاون على البر والتقوى وحب الخير للمسلمين.
وأما من يقول ذلك بقصد الاحتيال على الناس أو الاستهزاء فقد فعل ما لا يجوز، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وينبغي لمن أراد أن يهدئ غضب صاحبه أن ينبهه على الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان، فقد روى البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان، فأحدهما أحمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد ... وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 74739.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(10/312)
لا بأس بالدعاء فيما ليس فيه محال ولا ممنوع شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للدعاء، هل يجوز تحديد تاريخ معين أو فترة معينة للدعاء كأن نقول اللهم إني أسألك أن لا ينقضي هذا الشهر حتى تنقضي ديوني، أم أن هذا يعتبر من التعدي في الدعاء، وهل يجوز أن أدعو بأن أقول اللهم ارزقني رزقاً حلالاً خيراً وأكثر من رزق فلان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الدعاء في الحالتين ليس من الاعتداء في الدعاء، إذ ليس فيه محال ولا ممنوع شرعاً، وقد مثل العلماء للاعتداء في الدعاء بأن يدعو بمحال أو معصية، أو يجهر جهراً كثيراً ويصيح، أو يطلب منزلة نبي ونحو ذلك مما سبق ذكره في الفتوى رقم: 58303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(10/313)
الذكر والدعاء في يوم عرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأذكار التي وردت في يوم عرفة وكم عددها، وهل يمنع التحدث خلال هذه الأذكار؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موقف عرفة من المواقف التي ينبغي للمسلم أن يعتني بالدعاء فيها بجد وإخلاص، فيدعو بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وبغيره، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وفي الموطأ عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وروى الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. والحديث حسنه الألباني.
قال في تحفة الأحوذي على سنن الترمذي عند شرح هذا الحديث: ولا يخفى أن عبارة هذا الحديث لا تقتضي أن يكون الدعاء قوله لا إله إلا الله.. إلخ بل المراد أن خير الدعاء ما يكون يوم عرفة أي دعاء كان وقوله وخير ما قلت إشارة إلى ذكر غير الدعاء فلا حاجة إلى جعل ما قلت بمعنى ما دعوت ويمكن أن يكون هذا الذكر توطئة لتلك الأدعية لما يستحب من الثناء على الله قبل الدعاء. انتهى.
ومما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء في هذا اليوم ما روى الترمذي عن علي بن أبي طالب قال: أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي ولك رب تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يجئ به الريح. قال هذا حديث غريب من هذا الوجه وليس إسناده بالقوي، قال النووي في المجموع بعد أن ذكر هذا الحديث: وحديث عمرو بن شعيب المتقدم، وإسناد هذين الحديثين ضعيف. لكن معناهما صحيح، وأحاديث الفضائل يعمل فيها بالأضعف كما سبق مرات، ويكثر من التلبية رافعاً بها صوته ومن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن يأتي بهذه الأذكار كلها فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يدعو وتارة يستغفر ويدعو مفرداً، وفي جماعة وليدع لنفسه ولوالديه ومشائخه وأقاربه وأصحابه وأصدقائه وأحبائه وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في شيء من هذا، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره. وينبغي أن يكرر الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الندم بالقلب، وأن يكثر البكاء مع الذكر والدعاء، فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين وأوليائه المخلصين والخواص من المقربين، وهو أعظم مجامع الدنيا، وقد قيل إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل الموقف، إلى أن قال: ومن الأدعية المختارة: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً كبيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني رحمة أسعد بها في الدارين وتب علي توبة نصوحاً لا أنكثها أبداً وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبداً، أللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة، واكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك، ونور قلبي وقبري، واغفر لي من الشر كله، واجمع لي الخير، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، أستودعك مني ومن أحبابي والمسلمين أدياننا وأماناتنا وخواتيم أعمالنا، وأقوالنا وأبداننا وجميع ما أنعمت به علينا. انتهى.
ومن ناحية أخرى فلا بأس بالتحدث بما يجوز خلال هذه الأذكار، لكن ينبغي أن يكون ذلك بين الدعاء والدعاء، فلا يتحدث خلال الدعاء نفسه لغير حاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(10/314)
التسبيح ليلة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند التسبيح في ليلة الجمعة ألف مرة، فهل يُمنع التحدث مع الآخرين خلال هذه التسبيحات حتى ولو طُرق الباب فلا أرد عليه إلا عند الانتهاء من تسبيح الألف مرة، وما هو الحكم إذا تحدثت خلالها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً صحيحاً يحدد التسبيح ليلة الجمعة بألف، ولكن لو سبح شخص ألفاً لكونه يناسب وقته وجهده فلا مانع منه ولا يلزمه أن يأتي به متتابعاً، والأفضل له أن يأتي به بالطريقة التي تؤثر فيه وينتفع بها أكثر من غيرها، فلو كانت مواصلته أنفع فهي أفضل، وإن كان قطعه وأخذ قسط من الراحة والحديث مع غيره ثم إتمامه أنفع فهوأفضل، وهذا كله ما لم يتعارض مع ما هو أهم منه أو يحقق مصلحة أعظم، ومن ذلك لو طرق بابك ضيف أو صديق فإذا لم تفتح له ربما فسد ما بينك وبينه، فالأفضل أن تجيبه، وإجابته بهذه النية من العبادات التي يثاب عليها الإنسان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(10/315)
الدعاء على النفس وحكم الإجبار على اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي أجبرتني أن أحلف على المصحف بوضع يدي عليه في ترك شيء معين وأجبرتني أن أدعو على نفسي أن الله ينتقم مني إذا رجعت وأنا رجعت فما حكم كفارة هذا اليمين، وهل الله سينتقم مني لأن قلت على نفسي هذا الدعاء بالرغم أن أمي أجبرتني عليه، أرجو أن تقولوا لي ما كفارة هذا اليمين وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الدعاء على النفس، فقال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيسجيب لكم. أخرجه مسلم في صحيحه، ولا ينبغي لأمك أن تطلب منك ذلك، ويحسن أن تبيني لها هذا الأمر بلطف.
وأما حكم هذه اليمين فإن كانت أمك أكرهتك عليها فلا تنعقد لأن من شروط انعقاد اليمين الاختيار، لحديث: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وابن حبان والدارقطني والطبراني والبيهقي، وحسنه النووي رحمه الله تعالى. وعلى هذا جمهور العلماء، خلافاً لأبي حنيفة، قال ابن قدامة في المغني: ولا تنعقد يمين مكره. وبه قال مالك، والشافعي، وقال أبو حنيفة: تنعقد، لأنها يمين مكلف، فانعقدت، كيمين المختار، ولنا ما روى أبو أمامة، وواثلة بن الأسقع، أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: ليس على مقهور يمين. ولأنه قول حمل عليه بغير حق، فلم يصح ككلمة الكفر.
والإكراه المعتبر هو الإكراه الملجئ بالتهديد بالضرب أو نحوه مما يتأذى منه عادة، وإن كانت لم تكرهك وإنما طلبت منك ذلك وشددت عليك في القول ولو أنك خالفت أمرها لما أوقعت بك العقوبة فلست بمكرهة ويمينك منعقدة وعليك كفارة للمخالفة، وكفارة اليمين قد بيناها في فتاوى سابقة فراجعي في ذلك الفتوى رقم: 204، والفتوى رقم: 17345.
وأما هل سينزل الله العقوبة بك لكونك خالفت ما حلفت عليه؟ فالجواب: أننا نرجو أن لا يقع ذلك، فأكثري من دعاء الله تعالى، فإن الدعاء من الأسباب الدافعة للبلاء، ونحذرك من عقوق أمك ومخالفتها إذا أمرتك بفعل شيء ليس فيه معصية لله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(10/316)
طاعة الوالدين في الأمر بالإتيان بآداب الدعاء واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الفرد أن يطيع والديه في أن يحمد الله ويصلي على رسوله قبل كل دعاء، علما بأنه يود التشميت وما إلى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما شرع عند الدعاء، وهو من آداب الدعاء ابتداؤه بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 23599.
وبما أنه أمر مشروع فيلزم طاعة الوالدين إذا أمرا به، لأن طاعتهما واجبة.
مع العلم بأننا لم نفهم المقصود من قولك علماً بأنه يود التشميت وما إلى ذلك.. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(10/317)
دعاء الله تعالى بتعجيل قضاء الحاجة في الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي حاجة عند الله ولا أحد سواه يمكن أن يقضي لي ما يقلقني فهل يجوز أن أدعو الله سبحانه وتعالى أن يعجل بإجابة سؤالي في دنياي أم هذا يعتبر تعديا واستعجالا في الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تسأل الله تعالى تعجيل إجابة سؤلك في الدنيا قبل الآخرة - إن كان هذا الأمر مما يجوز الدعاء به شرعا - وراجع الفتوى رقم: 12365، والأولى أن تفوض الأمر إلى الله، فقد يكون ادخار الإجابة إلى الآخرة خير لك، وراجع الفتوى رقم: 54325.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(10/318)
الذكر بلفظ لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبت فى فضل هذا الذكر من شىء؟ لا إله إلا الله.. ولا نعبد إلا إياه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه جزء من حديث ورد في صحيح مسلم كما يلى:
عن أبي الزبير قال: كان ابن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة.
والحديث أيضا رواه الإمام أحمد في مسنده والنسائي وأبو داود في سننيهما.
ولم نعثر على حديث ثابت فيه فضل خاص لهذا الذكر، غير أنه من الأذكار المأثورة بعد الصلاة المفروضة، وكفى بذلك فضلا. وراجعي الفتوى رقم: 42164.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(10/319)
حكم إرسال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في أحد المنتديات الموضوع التالي
هل يجوز ذكره بهذه الطريقة؟
أفيدونا بارك الله فيكم
مليون حسنة
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد
أرسلها إلى 10 أشخاص خلال ساعة تكون كسبت 10 مليون حسنة بإذن الله ولا تتكبر على الله وتقول (ما عندي مجال)
هذي مليون حسنة أكيد أنت محتاج لها. انتهى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى ما لا يخفى على المسلم.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا. رواه مسلم وغيره.
وسبق بيان فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وثوابه في الفتوى رقم: 21892.
وأما الحصول على هذا الثواب بمجرد إرسالها فيتوقف على دليل شرعي وهو ما لم نقف عليه.
وإرسال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو غيرها من الأذكار والأدعية والفوائدة عبر كل وسيلة مشروعة إذا كان على وجه تعليمها للناس وتذكيرهم بها لا شك أن فيه أجرا عظيما وخيرا كثيرا لمن قصد به وجه الله تعالى لما في ذلك من نشر العلم والتذكير بالخير فهو داخل في عموم فعل الخير وتذكير الناس.
والله تعالى يقول: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج: من الآية77} ويقول: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ {الذاريات:55}
وللمزيد عن إرسال الرسائل عبر وسائل الاتصال نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية: 41092، 44128، 67192.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(10/320)
الدعاء للتغلب على مكر وخبث وحقد الحاقدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأدعية التي تساعد الشخص على التغلب على مكر وخبث وحقد شخص آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نوجهك إليه فيما سألت عنه هو أن تستعين بالله وتتوكل عليه، وإن أويت إليه فإنه يحفظك من عدوك ويدافع عنك، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا {الحج: 38} .
واستعن بالدعاء في ثلث الليل الأخير وقت النزول الإلهي، قال صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له. متفق عليه. وأكثر من قول: حسبي الله ونعم الوكيل، وقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. وحافظ على أذكار الصباح والمساء، ومن أهم ذلك قراءة سورة قل هو الله أحد والمعوذتين. فقد قال صلى الله عليه وسلم: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء. رواه الترمذي وغيره.
وعن ابن مسعود أنه قال: إذا كان على أحدكم إمام يخاف تغطرسه أو ظلمه فليقل: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم كن لي جارا من فلان بن فلان وأحزابه من خلائقك أن يفرط علي أحد منهم أو أن يطغى، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله إلا أنت. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
وفي الحديث: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم.
وواظب على صلاة أربع ركعات أول النهار. ففي الحديث القدسي: يا ابن آدم: صل أربع ركعات أول النهار أكفك آخره. ر واه أحمد وابن حبان والطبراني. وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(10/321)
حكم ذكر الله في المكان المعد للاغتسال فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا بالمنزل جزء مخصص للاغتسال (حمام) ليس فيه أي تغوط أو تبول ,, فقط اغتسال (استحمام) ؛ فهل تنطبق عليه أحكام الخلاء من الدخول باليسرى والخروج باليمنى وأذكار الدخول والخروج وعدم التكلم فيه وما إلى ذلك من أحكام الخلاء ... ؟
وأيضا بداخلة يوجد أوانى شرب ماء ,, ومن يشرب فإنه يذكر الله قبل شرب الماء ... فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلاء الذي لا يذكر الله فيه ولا يدخل فيه باسمه هو الذي أعد لقضاء الحاجة من بول وغائط. وأما المكان المعد للغسل والوضوء فقط فلا يأخذ حكمه من حيث التسمية فيه على الوضوء والغسل والشرب والأكل.
وإن كان الأولى أن لا يأكل فيه الإنسان ولا يشرب لأنه محل إزالة الوسخ من البدن.
وأما عند دخوله فالأفضل الدخول بالرجل اليسرى والخروج باليمنى لأنه مكان مستقذر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدم اليمنى للمكان الشريف واليسرى للمستقذر قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: يستحب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والخروج من الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه، ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك كالامتخاط والاستنجاء ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخف والسراويل والثوب والنعل وفعل المستقذرات وأشباه ذلك. ودليل هذه القاعدة أحاديث كثيرة في الصحيح، منها حديث عائشة رضي الله عنها " قالت: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله} رواه البخاري ومسلم.اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(10/322)
التقيد بذكر معين يوميا وتلقي العلم عند من لا يعرف بسلامة المنهج
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل أكثر من سؤال، هل يجوز أن أضع لنفسي وردا يوميا من الأذكار، وهل يجوز التعلم عند شيخ صوفي (تعلم أمور التزكية وغيرها) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة قد وردت بما يكفي المسلم من أذكار مطلقة أو مقيدة يتعبد بها المسلم ربه في يومه، ففيها غنية لمن أراد الاستغناء بها، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ومع هذا من اتخذ لنفسه ورداً معيناً من الأذكار والأدعية التي هي مشروعة في أصلها والتزم هذا الورد ضبطا للوقت وإلزاماً للنفس من غير أن يعتقد أنه سنة وأن له فضلاً خاصاً به فنرجو أن لا حرج عليه في ذلك إن شاء الله، وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.
وأما السؤال الثاني فجوابه أن الغالب على المنتسبين إلى التصوف اليوم غلبة البدع على المنهج الذي يسلكونه في مجال تزكية النفوس، فالواجب الحذر منهم، وإن كنت في حاجة إلى مرب يرشدك في هذا المجال فينبغي أن تحرص على من عرف بسلامة المنهج في العقيدة والعمل، والسير على نهج الأنبياء والسلف الكرام، وقد صدق من قال:
وكل خير في اتباع من سلف * وكل شر في ابتداع من خلف
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 62265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(10/323)
الدعاء بالعافية وأن يرد الله السمع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
سمعي بدأ يخف وذهبت للطبيب فقال لي بعد تحاليل، يجب إجراء عملية ليس لشفاء سمعي وعودته كما كان، ولكن ليوقف تقدم هذا الضعف، وطلب مبلغا ضخما لأن العملية دقيقة وفي الأذنين، أنا طبعاً لا أستطيع، وأنا كنت ولا زلت وسأظل أطلب من الله أن يرد لي سمعي الذي ضيعته، وأطلب منكم دعاء من القرآن والسنة خاصا بالسمع، أظن أن هناك في السنة دعاء خاصا بحالتي، لأدعو به فأنا لا أحسن الدعاء، كما أني في داخلي أشعر أن الله سيشفيني يوماً ما؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يرد إليك سمعك، وأن يمن عليك بالصحة والعافية، واعلم أنه قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل.
ومن الأدعية المأثورة، والتي لها علاقة بالسمع، ما ثبت في السنة من قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت. ثلاث مرات صباحاً ومساء. رواه أبو داود وأحمد، وإسناده حسن.
ومن ذلك أيضاً ما ثبت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، اسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. رواه أحمد وهو صحيح. إلى غير ذلك مما هو مسطور في كتب السنة، ونوصيك بالدعاء في أوقات السحر، فإنها أوقات مباركة ويستجاب فيها الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(10/324)
حكم زيادة كلمة سيدنا في الصلاة الإبراهيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأصح قول اللهم صل على سيدنا محمد أم اللهم صل على محمد (صلى الله عليه وسلم) في الصلاة عند قراءة الصلوات الإبراهيمية، وهل يجوز للإنسان أن يتجنب الوقوف في الصلاة بجانب مصل متسخ الثياب أو قرب إنسان مجنون متسخ الثياب، فأفيدونا؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيادة عبارة (سيدنا) في الصلاة الإبراهيمية غير مأثورة، وبالتالي فالأولى تركها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50232. علماً بأن كلمة صلّ من اللهم صل لا تقرأ ولا تكتب بياء لأنها فعل أمر.
ولا حرج على الشخص في تجنب الوقوف إلى جانب من ثيابه متسخة، سواء كان مجنوناً أو غيره خصوصاً إذا خشي تدنيس ثيابه أو وجود رائحة كريهة تنبعث من الشخص المذكور، ومن يحضر إلى المسجد بثياب متسخة ينبغي أن يُنصح بحكمة ورفق مع بيان ما ينبغي من النظافة والتزين عند غشيان المساجد امتثالاً لأمر الله تعالى بذلك، وأن تلك الهيئة لا تليق بحرمة الصلاة وعظمتها، وأن تعظيم شعائر الله تعالى مرغب فيه، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30} ، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69451، 55663، 16338.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(10/325)
هل هناك ذكر صحيح وارد في النظر للمرآة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم خيراً عنا.
سؤالي الأول بارك الله فيكم عن هذا الذكر عند النظر في المرآة هل هو صحيح (الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله وكرم صورة وجهي فأحسنها وجعلني من المسلمين..اللهم أنت حسنت خلقي، فحسن خلقي، وحرم وجهي على النار)
ثانياً أريد كتاب صحيح الأذكار أو الوابل الصيب فى الكلم الطيب جزاكم الله خيراً (كتاب الكتروني من فضلكم إن كان متوفرا أو اسم أي موقع متوفر فيه)
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجزء الأول من الحديث المذكور رواه الطبراني في الأوسط عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر في المرآة قال: الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله، وصور صورة وجهي فحسنها، وجعلني من المسلمين.
وهو ضعيف كما قال الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير.
وأما الجزء الثاني فقد رواه ابن حبان في صحيحه وأبو يعلى في مسنده وغيرهما عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ اللهم حسنت خلقي فحسن خلقي. وفي رواية كما حسنت.. وزاد ابن مردويه وحرم وجه على النار. صححه الألباني في إرواء الغليل.
ولم يرد في هذا الدعاء أنه خاص بالنظر في المرآة حسبما اطلعنا عليه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 33760.
وفيما يخص الكتب التي تريد فإنها مطبوعة ومتوفرة ويمكنك الحصول عليها من المكتبات العامة أو الاطلاع عليها في المكتبة الشاملة ومكتبة سحاب ومكتبة صيد الفوائد وغيرها عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(10/326)
حكم قول الذاكر سبحان الله عدد كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا
- دائما والحمد الله اذكر الله بعدت صيغ ومنها لا الحصر....
_ سبحان الله كثر عدد ما خلق ربي
- سبحان الله كثر عدد حبات الرمل
- سبحان الله كثر عدد جنود ربي (الذي لا يعلمهم إلا هو)
وأحمد الله مثل ذالك؟
هل لي أجر كثر العدد المذكور، وهل في ذلك حرج شرعي بالذكر؟
- وما هي الأذكار التي يوجد بها من الأجر الكثير من الحسنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم وغيره عن جويرية رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لمسلم: والمراد المبالغة به في الكثرة، لأنه ذكر أولا ما يحصره العد الكثير من عدد الخلق، ثم زنة العرش، ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك، وعبر عنه بهذا، أي ما لا يحصيه عد، كما لا تحصى كلمات الله تعالى.
وعن سعد بن أبي وقاص: {أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل. سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك} . رواه أبو داود والترمذي. 821 - (وعن صفية قالت: {دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقال: لقد سبحت بهذا ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟، فقالت علمني فقال: قولي: سبحان الله عدد خلقه} . رواه الترمذي) .
وفي هذا الحديث وأمثاله دليل على زيادة الأجر في الذكر بالطريقة الواردة فيه وما ذكرته في سؤالك هو من هذا القبيل قال الإمام الشوكاني رحمه الله وهو يشرح هذين الحديثين في نيل الأوطار: وفي الحديثين الآخرين فائدة جليلة وهي أن الذكر يتضاعف ويتعدد بعدما أحال الذاكر على عدده وإن لم يتكرر الذكر في نفسه فيحصل مثلا على مقتضى هذين الحديثين لمن قال مرة واحدة سبحان الله عدد كل شيء من التسبيح ما لا يحصل لمن كرر التسبيح ليالي وأياما بدون الإحالة على عدد) .
وهناك جملة من الأحاديث فيها أجور كثيرة ومنها الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.
وأخرجه البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
وننصحك بشراء كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله أو كتاب الحصن الحصين لابن الجزري ففيهما ما يكفي ويشفي في هذا الباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(10/327)
علاج الفتور في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[في الماضي كنت أحب الدعاء ولكن الآن أصبح علي صعبا خصوصا رفع يدي حيث أقنط بسرعة مع العلم أن إيماني ازداد على الماضي. أرجو منكم أن تنصحوني بعلاج. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفتور أحيانا عن فعل بعض الطاعات ومنها الدعاء لا يكاد ينجو منه أحد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة. رواه أحمد أي لكل عمل نشاط ورغبة ثم ضعف وفتور.
والذي ننصح به الأخت السائلة هو أن تستمر في دعاء الله تعالى فإنه من أعظم العبادات وأجل القربات، ومما يعينك على الإكثار من هذه العبادة العظيمة النظر في فضل الدعاء وأهميته، وانظري الفتوى رقم: 20789.
ومما يجدر التنبيه له أنه ينبغي للإنسان أن يحذر من الغرور بنفسه وتزكيتها فذلك يحول بينه وبين تلمس دائها والبحث عن علاجها حتى تهلك، نسأل الله السلامة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1428(10/328)
تهديد الأم أبناءها بالدعاء عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأى الدين في الأم التى تهدد أبناءها بالدعاء عليهم دائما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الوالدين على الأبناء أو لهم مظنة للإجابة لما روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن؛ دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم الأبوين عن الدعاء على الأبناء لئلا يستجاب لهم فقال كما في صحيح مسلم وغيره:" لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم،لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم " فلا ينبغي للأبوين وهما مظنة الرحمة والشفقة أن يدعوا لأبنائهما إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على دعائهما، كما صح بذلك الحديث. وفي قوله صلى الله عليه وسلم في (قصة جريج وأمه) الواردة في صحيح مسلم وغيره: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن. دليل على أن دعوة الأم على ولدها مستجابة ولو كان فيها إثم، أو قطيعة رحم.
ولذا ننصح تلك الأم بالإعراض عما تهدد به أبناءها دائما من الدعاء عليهم، وتعود نفسها على الدعاء لهم بالصلاح والهداية دائما، فهي في الحقيقة إنما تحب لهم ذلك، وتكره أن يحل بأحدهم سوء، وقد يأخذها الغضب أحيانا فلا تملك نفسها؛ ولذا ينبغي أن تعود لسانها على الدعاء الحسن والقول الجميل.
وفي المقابل فإننا نقول لا يجوز للأبناء إغضاب الأم وفعل ما يؤدي معها إلى ذلك من القول أو الفعل، كما وصى الله سبحانه وتعالى في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.
وقد بينا حق الوالدين وفضل برهما وحكم دعائهما على أولادهما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21067، 1841، 5327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(10/329)
كيفية عقد التسبيح بالأنامل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنكم أن تشرحوا لنا بالدليل كيفية عقد التسبيح باليمين، ويا حبذا لو كان بالصورة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة عقد التسبيح بالأنامل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
والمقصود بالعقد العد، وأما كيفية ذلك فلم نقف على دليل صحيح يبين ذلك، ومن عد بوضع طرف الإبهام على أنامل الأصابع الأخرى فقد عد بالأنامل، ومن وضع أطراف الأنامل على الكف فقد عد أيضاً بها، قال العلامة ابن علان الصديقي رحمه الله: يحتمل أن المراد العقد بنفس الأنامل أو بجملة الأصابع. قال: والعقد بالمفاصل أن يضع إبهامه في كل ذكر على مفصل، والعقد بالأصابع أن يعقدها ثم يفتحها. وفي شرح المشكاة: العقد هنا بما يتعارفه الناس. فالأمر في ذلك واسع.
والتسبيح باليد اليمنى واليسرى كلاهما جائز، وإنما الخلاف في أيهما أفضل، هل هو الاقتصار على اليمنى دون اليسرى، أم الأفضل بهما معا لتشهد له الجميع؟ والذي رجحناه في الفتوى رقم: 11829. هو أن الاقتصار على اليمنى أفضل؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح. قال ابن قدامة: بيمينه. رواه أبو داود وسكت عليه، وحسنه النووي في الأذكار وابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين النووية.
وابن قدامة: هو محمد بن قدامة بن أعين شيخ أبي داود توفي سنة 250 هـ قال النسائي: لا بأس به، ووثقه ابن حبان والدارقطني. فزيادته مقبولة عند جماهير أهل العلم لأنه ثقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(10/330)
لا حرج في طلب نعمة من الله بعد سلب نعمة سابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتعارض الرضا بما قسمه الله بعد الابتلاء بالتمني من الله عز وجل أن يعطينا فرصة أخرى من هذه النعمة التي قدر الله أن نحرم منها أم يعتبر هذا طمعا وعدم شكر لله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الله تعالى وسؤاله نعمة أخرى لا ينافي الرضا بما قدر من سلب نعمة سابقة، فهو سبحانه جواد كريم يحب أن يُسأل من خير الدنيا والآخرة، ولذا رغب في الدعاء وبين فضيلته، فلا غنى للعباد عن بركته. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9803، 32933، 60227.
وننبه إلى أنه يجب على المسلم الحرص على كسب المال من الحلال وإنفاقه في الحلال، وأن يحذر أسباب سلب النعم. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 70533، والفتوى رقم: 56444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(10/331)
حكم جمع الأدعية القرآنية ونشرها في المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في المنتديات موضوع فيه جمع أدعية على حسب ترتيب القرآن الكريم، من أول سورة وحتى آخر سورة، فهل يجوز نشره وتداوله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن القرآن هو أفضل الذكر، ولا شك في مشروعية التعبد بما فيه من الأدعية، وبناء عليه فلا حرج في جمع الأدعية الواردة فيه ونشرها بين الناس لعله يستفيد منها من لا يحفظون القرآن الكريم، فما فيه من الأدعية لا يخلو من أن يكون دعاء علمه الله لأحد رسله أو أحد عباده الصالحين، أو أن يكون دعاء حكاه الله عن أحد أنبيائه أو أحد عباده الصالحين، وحكاية القرآن لهذا تفيد إقراره ومشروعيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(10/332)
حكم أداء الأذكار بطريقة مؤثرة ومجودة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بشكل يومي بتأدية بعض الأذكار لكن أقوم بتجويدها بشكل حتى تكون مثل الغناء وتارة اهتز ويخشع قلبي وتارة أبكي هل هذا النوع يوافق الشرع أم أنني أرددها فقط دون تجود أيهما أفضل لي؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للذاكر أو الداعي أن يلتزم بأحكام التجويد في غير القرآن الكريم لأننا لم نؤمر بتجويد غير القرآن. قال الله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا {المزمل: 4} ولكن لا نرى مانعا شرعيا من ترديد الأدعية والأذكار بطريقة هادئة أو صوت مؤثر، وخاصة إذا كان ذلك يدعو للخشوع وتدبر الأذكار وتفهم معانيها ما لم يكن في ذلك تشبه بأهل البدع والضلال.
وعلى هذا.. فلا نرى مخالفة شرعية فيما تقوم به من أداء الأذكار، وننصحك بالالتزام بأذكار القرآن والسنة وما أثر عن السلف الصالح، ونسأل الله لنا ولك الثبات والاستقامة على طريق الحق، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى: 56517، 55321، 22248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1428(10/333)
الدعاء للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم والصحابة رضي الله عنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علينا الدعاء للأنبياء والصحابة مثلا بالرضى أم أنه لا يلزم لأن الأنبياء كلهم في الجنة إن شاء الله؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب في حق الأنبياء أن يجمع في الدعاء لهم بين الصلاة والسلام، قال ابن القيم في كتابه (جلاء الأفهام) : أما سائر الأنبياء والمرسلين فيصلى عليه ويسلم، قال تعالى عن نوح عليه السلام: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {الصافات: 78 ـ 80} وقال عن إبراهيم خليله: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ {الصافات: 108 ـ 109} وقال تعالى في موسى وهارون: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ {الصافات: 119 ـ 120} وقال تعالى: سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ {الصافات: 130} فالذي تركه سبحانه على رسله في الآخرين هو السلام عليهم المذكور.... وأما الصلاة عليهم فقال إسماعيل بن إسحاق في كتابه: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عمر بن هارون عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني. صلى الله عليهم وسلم تسليما. اهـ.
وهذا الحديث المذكور رواه البيهقي في شعب الإيمان وهو حديث حسن كما في صحيح الجامع، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، وكلاهما للشيخ الألباني، ويتأكد الجمع بين الصلاة والسلام في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 38427، وأما الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وللأنبياء عموما بما قد يشعر نقصا كالدعاء بالرحمة والمغفرة ومن هذا القبيل فيما يظهر الدعاء بالرضا فقد سبق ذكر أقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 24871، وأما الدعاء بالرضا فيستحب في حق الصحابة، بل ويستحب في حق غيرهم على الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 10967.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(10/334)
من صور الذكر المضاعف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح هذه الصيغة في الدعاء؟ الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. بعدد ما تعلم يا الله من أعداد في كل وقت وثانية في عمر الملكوت على كل نعمة أنعمتها على وعلى كل مؤمن من أمم لا إله إلا الله في كل زمان ومكان ومن كل نوع من بداية الخلق ليوم الدين.
هل يجوز أن أدعو هكذا أم مكروه أدعو لهداية جميع البشر.. هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من حمد الله تعالى بهذه الصيغة والأحسن فيها الصيغة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى الإمام مسلم وغيره عن جويرية رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
قال الإمام النووي: والمراد المبالغة به في الكثرة، لأنه ذكر أولا ما يحصره العد الكثير من عدد الخلق، ثم زنة العرش، ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك، وعبر عنه بهذا، أى ما لا يحصيه عد، كما لا تحصى كلمات الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(10/335)
من قطع التسبيح بكلام هل يستأنف العد من جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد المسلم أن يسبح الله مائة مرة ثم قطع التسبيح بكلام قبل التمام. هل يلزم إعادة التسبيح من الأول أم يتم حتى المائة مع ذكر الدليل الشرعي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المندوب للمسلم إذا كان يذكر الله تعالى أن ينتبه لذلك ويتفهم ما يقول ويستشعر عظمة الله تعلى ويضبط العدد الذي يريد أن يأتي به، ولو تخلل ذلك بعض الكلام فلا يلزمه إعادة ما تقدم، بل يتم العدد بناء على ما تقدم، ولو بدأ العدد من جديد فلا حرج في ذلك؛ لأن ذلك كله ذكر لله تعالى. وانظر الفتوى رقم: 48519.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(10/336)
هل يستغفر من الذنب العظيم فقط أم من جميع الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى استغفرالله العظيم من كل ذنب عظيم، مامعنى عظيم؟
أفتوني حياكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى استغفر الله العظيم: أطلب المغفرة من الله تبارك وتعالى، فالسين والتاء للطلب والدعاء، ومغفرة الذنب ستره على العبد في الدنيا وعدم المؤاخذة به في الآخرة، وهذا الدعاء من أعظم الأدعية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأما قصر الاستغفار أو التوبة على الذنب العظيم فإنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستغفر من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، وذلك تعليما لأمته، فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره. رواه مسلم.
ولذلك فإن على المسلم أن يستغفر من جميع الذنوب العظيم منها والحقير. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 27263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(10/337)
استحباب العزم في الدعاء والجزم بالطلب والإلحاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن أقول يا رب اهد زوجتي إذا كان فيها خير لي واصرفها عني إذا كانت فيها شر لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من آداب الدعاء العزم والجزم بالطلب والإلحاح فيه وتكراره واليقين بالإجابة.
ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت؛ ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه.
والصيغة المذكورة فيها تردد وعدم إلحاح وجزم.. ولذلك ينبغي تجنبها.
والأولى أن تدعو جازما بالهداية لزوجتك وبصلاحها، وأن تسأل الله تعالى خيرها وخير ما جبلت عليه، وتستعيذ به من شرها وشر ما جبلت عليه؛ كما أرشدنا إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
فقد روى ابن ماجه وغيره وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادما فليأخذ بناصيتها وليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 76075، 68475.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(10/338)
أدعية تتحصن بها المرأة الحامل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الأن في فترة صعبة من الحمل فترة الوحم وقيل لي عندما أشتهي شيئا ما من الأكل يجب أن لا أحك مكانا في جسمي لأنها سترسم على نفس المكان من جسم الجنين وللأسف الشديد قد زين لي الشيطان عدة مرات مأكولات وقمت بالفعل الذي لا يجب أن أفعله أفيدوني أرجوكم بدعاء يبعد عن جنيني التشوهات؟ وكيف أفعل للشيطان الذي يلازمني بوسوسته؟ لا تبخلوا علي بالجواب الذي يخرجني من هذه الحالة التي أرهقتني؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن الأدعية المأثورة العامة: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون لم يدع بها عبد مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. رواه الترمذي وغيره، ومن ذلك كثرة الاستغفار فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لازم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أحمد وغيره.
وعليك بكثرة الاستعاذة من الشيطان وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين فإن ذلك مطردة للشيطان ووساوسه، وبإمكانك أن تراسلي قسم الاستشارات بالشبكة بخصوص الحمل وما يتعلق به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(10/339)
الدعاء على أولاد الظالم مما لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل حفظكم الله وبعد:
لي صديقة ملتزمة وتخشى ربها.. تسكن مع زوجها وأولادها في قطر وأهل زوجها في قطر آخر تقول إنهم يمكرون بها كثيرا وفي الفترة الأخيرة ازداد مكرهم ليس لشيء سوى من باب الغيرة والحسد والسيطرة تقول إنها تعاملهم بالحسنى وترسل لهم الهدايا وتسأل عنهم بالرغم من كل ذلك لكن بالفترة الأخيرة عندما ازداد مكرهم وتخطيطهم وهي تعلم ذلك جيدا تقول لأجل ذلك ولشدة ضيقها منهم وعدم تركها بحالها بسعادتها بزوجها وأولادها وطاعة ربها وهذا ما تسعى إليه نقول لأجل ذلك الضيق ولتعب تفسيتها منهم أحيانا ومن شدة ضيقها وإحساسها بالظلم تدعو من قلبها تقول ,, يا رب إذا كانوا حقا يمكرون وكما أنا أشعر يا رب تجعلهم يتمنون رؤية ابنهم الذي هو زوجها وتجعل ذلك يا رب درسا لهم لمكرهم ,, تقول هذا الدعاء لأن مكرهم يتمثل في تزويج ابنهم وأمور أخرى تتعلق بعلاقتها بزوجها ,, تسأل وتقول هل عليها إثم في هذا الدعاء وهل هذا من الأدعية التي فيها قطع للرحم تقول هي من شدة معاناتها معهم عندما تكون بينهم وعندما تكون بعيدة لا يتركونها بحالها فهي تتمنى أحيانا أن يحرمهم الله رؤية ابنهم هي تقول وترجو أن لا تحيلوها إلى فتاوى أخرى وترجو إجابة وافية تقول إنهم أناس لا يخشون الله ومتكبرون ومتجبرون ويشعرون أنهم فوق كل الناس ويتعاملون مع السحرة تقول حاولت هي بنفسها إرشادهم وبطرق ودية فكانوا يستهزؤون بها ويقولون لها (خلي الدين لك) ترجو من الله أن توضحوا لها إذا كان عليها إثم في دعائها ذلك فإذا كان عليها إثم تقول إن من حق المظلوم أن يدعو على الظالم وهي تفسر ذلك الدعاء بقولها ما داموا ينتظرون الدقيقة التي يجتمعون فيها معهم ليينفذوا تخطيطهم لها مع زوجها فمن حقها أن تدعو عليهم أن يحرمهم الله رؤيته طبعا بعاقبة خير لزوجها؟
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا جواز دعوة المظلوم على من ظلمه وانتصاره لنفسه، وذكرنا أنه ممن يستجاب له؛ لأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ولكن شريطة ألا يعتدي في دعائه. وللوقوف على تفاصيل ذلك نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 21067، 41882.
وأما صيغة دعاء تلك المرأة فهي مما لا ينبغي لأن فيها دعاء على شخص بريء ألا وهو زوجها؛ ولذا نرى أنه ليس من حقها أن تدعو بمثل ذلك، وإن كانت ستدعو على من ظلمها فحسبها أن تقول: اللهم انتقم لي منهم، اللهم اكفني شرهم بما شئت. ونحو ذلك والذي ننصحها به أن تصبر على مكرهم وأذاهم وتجازيهم عن سيئاتهم إحسانا، وعلى ظلمهم عفوا وغفرانا، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى: 40} وقال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} وإكرام أهل الزوج إكرام للزوج وإحسان إليه، وهو دليل على عقل المرأة ورزانتها؛ كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54675، 27019، 61640، وللفائدة نرجو مراجعة الفتويين: 41576، 50621.
وننبه هنا إلى أن الإحالة إلى فتاوى سابقة لا يمكن الاستغناء عنها ولا ينبغي التبرم منها؛ لأنها تختصر الإجابة إذ لا يحال غالبا إلا على أمور تفيد السائل بعد ذكر الحكم الشرعي له وإجابة سؤاله، والوصول إليها سهل حيث يتم بالضغط على رقم الإحالة بالماوس فهي تفيد السائل وتعين المسؤول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(10/340)
من أدب الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هذا الدعاء: أن يقول الشخص: اللهم إن كان هذا الأمر خيرا لي فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن لم يكن خيرا لي فاجعله خيرا لي ثم اقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه؟ هل يجوز أن يدعو الشخص بهذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا مانع شرعا من الدعاء بهذه العبارة ما لم يكن الأمر المطلوب مخالفا للشرع، فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يصير الشر خيرا كما صير النار بردا على إبراهيم خليل الله، وجعل بطن الحوت مقرا آمنا لنبيه يونس عليه السلام، ولكن ما دام الغرض في نهاية المطاف هو سؤال الله الخير فلا داعي لمثل هذا الدعاء لأن فيه نوعا من التنطع، وليسأل الله أن يقدر له الخير حيث كان كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة، ونصه كما في البخاري عن جابر رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيثما كان ثم رضني به. وروى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا. صححه الألباني، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 42384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1427(10/341)
النهي عن دعاء الأم على أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأم التي تدعو, على بناتها وتحرض والدهم عليهم وتزجرهم، مما يؤدي إلى رفع صوتهم عليها، مع العلم بأنها دائما تناديهم بالكلام السيء بحيث إنها تجعل البيت عليهم كالجحيم، مع العلم أنها تدعو عليهن أشد الدعاء، مع العلم بأنهن من البنات المتدينات والمؤدبات، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دعاء الوالد على أولاده بغير وجه حق، فإن لم يكن لهذه الأم مسوغ في الدعاء على بناتها فهي مسيئة، فالواجب نصحها وتذكيرها بالله تعالى وبيان ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن الدعاء على الأولاد، فلعلها إذا نصحت بأسلوب طيب أن تنتهي عن هذا الفعل.
وفي المقابل لا يجوز لهؤلاء البنات الإساءة لأمهن بأدنى إساءة ولو فعلت معهن ما فعلت، فحقها في البر والإحسان لا يسقطه عنهن إساءتها لهن، فالواجب الحذر حتى لا يقعن في العقوق، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 44804، والفتوى رقم: 68850.
ونوصي في ختام هذا الجواب هؤلاء البنات بالحذر من فعل كل ما من شأنه استفزاز أمهن، ونوصي الأب بالتريث في الأمر إن نقلت له الأم شيئاً عن بناته، وأن يحرص على الجد والحزم مع الحكمة واللين لرد الأمور إلى نصابها، فهو الراعي في أهله ومسؤول عن رعيته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 45470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(10/342)
الدعاء سرا لا ينتفي معه تأمين الملائكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف عند الدعاء هل يجب أن ندعو سرا أم جهرا وذلك لتؤمن الملائكة على ما نقول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الجهر بالدعاء ويجوز الإسرار به، ولكن قد نص جمع من أهل العلم على أن الإسرار به أفضل لقول الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف: 55} ولأن الإسرار به أدعى للإخلاص فيه، والدعاء سرا لا ينتفي معه تأمين الملائكة، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل. قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: أما قوله صلى الله عليه وسلم بظهر الغيب فمعناه في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص. فدل ذلك على حصول الإسرار بالدعاء وتأمين الملك عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(10/343)
حكم دعاء الزوجة أن لا يكون لزوجها زوجات من الحور العين
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني أحد الإخوة بأنه هل يجوز لزوجة تغار على زوجها أن تتمنى وتدعو بأن تكون هي فقط زوجته في الجنة وأن لا يكون له زوجات من الحور العين، وهل يجوز للزوج أن يؤمن على دعائها ويقول لها بأنه لا يريد من الحور العين أحدا حتى لا يضايقها ويزعجها، علما بأنه وعد من الله وأجر للمتقين والشهداء والصالحين، وإذا كان ذلك لا يجوز فكيف يعالج الأمر بتلطف وبشكل تربوي يحافظ على مشاعر الزوجة وعلى العلاقة الطيبة بين الزوجين.. بارك الله فيكم، وهل الزوجة في الجنة تكون لزوجها في الدنيا أم أنه يتم تخييرها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلمة لا يسوغ أن تحملها الغيرة على اعتراض ما قضى الله به من مجازاة المؤمن في الجنة بما شاء الله من الحور العين، ولا يسوغ أن تدعو الله هي ولا زوجها بحرمان الزوج من الحور العين، ولتثق المسلمة أن الجنة ليس فيها أي مكدر، فلن تلقى اشمئزازاً من وجود أزواج أخريات لزوجها في الجنة، ولن يكون هناك ما يضايقها ويزعجها.
وعلى الزوج أن يشغل وقت وفكر زوجته بالسعي في دخول الجنة، والاشتغال بالأعمال الصالحة، ولا يحدثها بما يشوش خاطرها من أمور الحور العين. وراجع في الكذب على الزوجة، وفي مسألة زوج المرأة في الجنة، وفي المزيد عما تقدم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19824، 41602، 2207، 35117، 12994، 58080، 60378، 75647، 39551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(10/344)
الدعاء على من سب الله والدعاء له بالهداية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدعاء على من سب الذات الإلهية؟
وما هو الحكم في الدعاء له بالهداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سب الله تعالى فهو كافر كما سبق وبينا بالفتويين: 8927، 767.
والدعاء على الكافر مشروع، ولاسيما إن كان معاندا، وقد بينا أدلة ذلك بالفتوى رقم: 20322، ويشرع كذلك الدعاء له بالهداية وخاصة إن كان يرجى إسلامه، روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله، فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم. وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 64779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(10/345)
الاعتماد على المأثور خير للداعي
[السُّؤَالُ]
ـ[في كتاب الأرج بعد الفرج للسيوطي دعاء لأحد الصالحين يقول فيه يا لطيف بالقدرة التي استويت بها على العرش فلم يعلم العرش أين مستقرك منه إلا كفيتني كذا وكذا. فهل من محذور شرعي في هذا الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الله تعالى استوى على عرشه كما أخبر بذلك عن نفسه في عدة آيات من القرآن، واستواؤه على عرشه صفة من صفاته، ولا حرج في دعاء الله بأسمائه وصفاته الثابتة.
وأما عدم علم العرش باستواء الله فليس فيه ثناء على الله، لأن العرش جماد ولا ثناء في عدم علمه
وبناء عليه فالأولى الاستغناء بالأدعية المأثورة وهي كثيرة متوفرة في القرآن وكتب الأذكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(10/346)
الأذكار التي تحصن من الشيطان هل يعمل بها في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جاء في السنه أنه من قرأ آية الكرسي عند نومه لم يقربه الشيطان في ليلته, وأنه من قرأ آية الكرسي حين يمسي وحين يصبح من نومه لم يقربه الشيطان في يومه, وأنه من قرأ سورة البقرة في بيت لم يدخله الشيطان, وأنه على من يصبح أن يستنثر ثلاثا لأن الشيطان يبيت في خيشومه, وأنه من تثاءب عليه أن يضع يده على فيه كي لا يدخل الشيطان, وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم, وأنه من لم يذكر اسم الله عند دخوله بيته وعند أكله بات وأكل معه الشيطان, وأن الشيطان يعقد على رأس أحدنا حين ينام 3 عقد فمن حين أصبح ذكر الله حلت له عقدة فإذا توضأ حلت أخرى......, فهل يعمل بهذه الأحاديث في رمضان إذ أن الشياطين تصفد في رمضان, فهل هذه الأحاديث عامة للسنة لكن مخصصة بحديث تصفيد الشياطين في رمضان, فيكون المرء حتى وإن لم يأت بتلك الأذكار والأعمال في مأمن مما حذر منه رسول الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحفاظ على العمل بما في هذه الأحاديث التي أشار إليها السائل أمر مهم جداً، لأن أحب الأعمال إلى الله أدومها، ولأن رمضان شهر المزيد من الأعمال فلا يسوغ ترك ما عمل به سابقاً في رمضان، ولأنه لم يؤثر عن الشارع تخصيص العمل بها بغير رمضان، بل جاءت الأوامر عامة فدخل فيها رمضان وغيره، وراجع في معنى تصفيد الشياطين الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39863، 34105، 40990، 68826، 40357، 77437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(10/347)
حكم الدعاء عن طريق الرسائل القصيرة في القنوات الفضائية
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى في هذه الأيام على شاشات المحطات الفضائية الإسلامية ما انتشر من شريط الرسائل المتحركة الذي يظهر في أسفل الشاشة ويعرض الرسائل التي يرسلها المشاهدون، والمشكلة أن معظم الرسائل التي تظهر في هذا الشريط تكون أدعية يرفعها المشاهدون إلى الله جل وعلا، ويذيلونها بتوقيعهم مثل: اللهم ارزقني الزوجة الصالحة. فلان الفلاني أو: اللهم اهد ولدي فلان. أم فلان أو: اللهم فرج كربي وانصرني على من ظلمني. فلانة الفلانية ... إلى آخره. وقد كثرت هذه الأشرطة والدعوات التي تظهر فيها حتى كأن الناس أصبحوا يظنون أن الدعاء لن يستجاب إلا إذا أرسل في رسالة قصيرة إلى محطة من هذه المحطات، كما أظن في اعتقادي المتواضع أن هذا الأسلوب من الدعاء لا يخلو من الرياء حيث يعرض المشاهد أنه يدعو الله ويتوكل عليه ويتوجها بتوقيعه! أو قد يحتوي هذا الأسلوب على شيء من الجزع وعدم الصبر والذي يتمثل في عرض المشاهد مصيبته كدعاء مثل: اللهم عوضني خيراً من زوجي الذي ظلمني. المطلقة.. وغيره. كما أصبحت هذه الأدعية وسيلة للتواصل بين الرجال والنساء من المشاهدين، كأن يدعو رجل لنساء من المشاهدين بأسمائهن اللاتي يستعملنها. مثلا: اللهم اهد أختي الصابرة ومطلقة الخبر وأم يونس وارزقهن وأسعدهن. المتوكل على الله. فما رأي فضيلتكم في هذه البدعة وما هي الكلمة التي توجهونها للقائمين على المحطات الإسلامية والمشاهدين الذين يستخدمون هذه الوسيلة الطيبة بهذا الشكل المرفوض؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الأفضل للداعي أن يكتم مصيبته ويجأر إلى الله تعالى أن يفرج عنه ويقضي حاجته، ولكنه لا يمكن الحكم على من أعلن دعاءه أنه مراء أو مبتدع في عمله، لأن مظهر الدعاء قد تكون نيته أن يطلع بعض الناس على حاجته فيؤمنون على دعائه أو يدعون له بظهر الغيب، فينفعه الله بدعائهم، ثم إن هذا ليس فيه إحداث في العبادات، فلا يسوغ الحكم عليه بالبدعة.
هذا، وننصح القائمين على المحطات الإسلامية أن يشحنوا وقتها بنشر ما يفيد، وأن يكون كل ما فيها من الترويح والفقرات هادفاً، وأن يربطوا الناس بربهم، ويبرمجوا لهم برامج تساعد على رفع مستوياتهم المعرفية والأخلاقية والتعبدية والإيمانية. وراجع في ضابط البدعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67801، 631، 2741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1427(10/348)
من الأدعية التي يسوغ الدعاء بها
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو منكم جزاكم الله خيرا تخريج هذا الدعاء:
اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك باسمك الأعظم الطيب المبارك، الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت، أن تجعلنا في هذه الدنيا من المقبولين وإلى أعلى درجاتك سابقين، واغفر لي ذنوبي وخطاياي وجميع المسلمين، اللهم اغفر لي وعافني واعف عني واهدني إلى صراطك المستقيم وارحمني يا أرحم الراحمين برحمتك أستعين سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد، وأستغفر الله عدد خلقك ورضي نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، اللهم اغفر للمسلمين جميعا الأحياء منهم والأموات وأدخلهم جناتك، وأعذهم من عذابك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على حديث يجمع هذا الدعاء ولكن بعض ألفاظه موجودة في عدة أحاديث، وهو على كل حال يجوز الدعاء به ما لم يعتقد أن له مزية خاصة.
ونرجو الله تعالى أن يستجيب لمن دعا به، لما في الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. رواه مسلم.
وراجع الفتويين التاليتين: 57658، 28184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1427(10/349)
الدعاء على الظالم وهل هو مشروع عند قبر الرسول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 30من عمري متزوجة ولي بنت أقوم بواجباتي الدينية وأخاف الله مشكلتي هي أن زوجي قبل زواجنا كان ينفق على كل أهله لأنه في عمله يتمتع بالسكن المجاني وبعد زواجنا تسوغنا منزلا ب180 دت وأنجبت طفلا وزادت مصاريف العائلة فلم يعد زوجي ينفق على أهله (مع العلم أنهم متزوجون وحالتهم العائلية ميسورة ومنهم من هو أحسن منا حالا) فاصبحوا يكنون لي الكراهية ظنا منهم أنني من تسبب في هذا "والله وحده يعلم بذلك" ويقولون فعلت وقالت أشياء لم أقلها ولم أفعلها بالمرة فأصبح زوجي منساقا معهم أنني أفتن وأفرق العائلة وهو بينه وبين نفسه يعلم أنني لم أكن السبب في أي شيء. وبعث زوجي بوالده إلى العمرة وهو الآن بالبقاع المقدسة وقبل ذهابه يوم 18/09/2006 قالوا له أشياء كثيرة عني أنا وزوجي حتى أنه أصبح غاضبا فقمت بتفسير كل شيء له فاقتنع نوعا ما فقلت له عند ذهابك حول قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قل "يهلك الله الظالم والكذاب والفتان فهل يجوز أن يقول هذا. وكيف أتصرف معهم ومع زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تدعي على من ظلمك، وإن كان الأولى لك هو الصبر وقول (حسبنا الله ونعم الوكيل) ومن كان الله حسبه كفاه. وقد بينا حكم دعاء المظلوم وهل له صيغة محددة وذلك في الفتوى رقم: 11808، وأما الدعاء عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء والصالحين فقد منعه أهل العلم كما بينا في الفتوى رقم: 71140، وننصحك أيتها الأخت الكريمة بالصبر ومجازاة السيئة بالحسنة وسيجعل الله لك فرجا ومخرجا، وسيحق الله الحق بإذنه ويبطل الباطل ويزيله، فاصبري واحتسبي وكوني عونا لزوجك ولا تكوني خصما لأهله وندا لأمه، ومن حسن عشرته إكرام أهله والصبر على أذاهم. وللفائدة انظري الفتويين رقم: 23075، 2383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(10/350)
الجمع بين الاستغفار وطلب الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع قول رب اغفرلي وارزقني حاجتي، وما هو الأفضل: الاستغفار أم ذكر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الجمع بين الاستغفار وطلب الحاجة ولو كانت من أمور الدنيا، وقد قال الله تعالى عن سليمان أنه دعا ربه فقال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا {ص: 35} فبإمكان السائلة أن تدعو الله وتقول: رب اغفر لي وارزقني كذا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الاستغفار وطلب الرزق، ففي صحيح مسلم من حديث سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أعرابيا هذا الدعاء: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني. وأما التفضيل بين الاستغفار وذكر الله ففي كل خير، والاستغفار من ذكر الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: 9202، في التفضيل بين الذكر والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(10/351)
الالتزام بأعداد الأذكار المذكورة في الاحاديث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الالتزام بالعدد عند الذكر كقول سبحان الله 33 مرة أو من قال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (ما دعا به مهموم ولا مكروب ثلاث مرات إلا استجيب له) وهناك أحادث كثيرة ذكر فيها العدد. ثلاثة أو سبعة أو أربعة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد أمر عباده المؤمنين أن يذكروه كثيرا ويسبحوه بكرة وأصيلا، ولا حرج على المسلم أن يسبح الله تعالى ويهلله ثلاثا أو أربعا أو سبعا أو نحو ذلك، إلا أنه لا ينبغي اتخاذ عدد معين من الذكر لم يرد في تعيين عدده شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد التسبيح ثلاثا وثلاثين مرة مع أذكار أخرى عند النوم وبعد الصلاة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 68594، وقد سبق أن بينا أيضا حكم الزيادة على العدد الوارد في بعض الأذكار في الفتوى رقم: 32076، فارجع إليها.
أما دعاء ذي النون فقد روى الترمذي بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. وهو حديث صحيح ورواه النسائي أيضا، وليس فيه التقييد بعدد معين، وخلاصة القول أنه ينبغي التقيد بالأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدد معين في أوقاتها مثل الذكر الوارد بعد الصلاة ونحوه، وما عدا ذلك فلا حرج على المسلم في أي عدد من الذكر ما لم يتخذ عددا بعينه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6604، وننبه السائل إلى أنه إن كان يقصد السؤال عن غير ما فهمناه من سؤاله فبإمكانه أن يعيد السؤال مرة أخرى بصورة أوضح حتى يتسنى لنا أن نجيبه كما يريد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(10/352)
حكم الدعاء بالمستحيل شرعا أو طبعا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أفكر في السيدة مريم عليها السلام وأنها من أطهر نساء العالمين وكذلك امرأة فرعون وأنهما في الجنة في أعلى الدرجات ولهما ما تشاءان ومما سوف يرزقهما الله زوجا صالحا ثم بعد ذلك تمنيت أن أكون أحد هذين الزوجين لأن فرعون في النار والسيدة مريم لم يكن لها زوج في الدنيا وأخبرت أخا لي بذلك فقال لي بأنه اقشعر ولم يعجبه الكلام وقال قد يكون ذلك كفرا وقال لي استغفر الله
ف هل يجوز أن أدعو الله بأن أكون رجلا صالحا في الدنيا ويكون جزائي أن أكون زوجا صالحا لمريم عليها السلام أو امرأة فرعون أم أن ذلك الخاطر من الشيطان والعياذ بالله وعلي أن أستغفر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع حرم الاعتداء في الدعاء؛ كما في قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف: 55} ومن الاعتداء طلب ما هو مستحيل شرعا أو طبعا فطلب زواج مريم عليها السلام من طلب ما هو مستحيل لأنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة ومثلها امرأة فرعون، وراجع الفتوى رقم: 37869، والفتوى رقم: 56770، والفتوى رقم: 28502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(10/353)
الدعاء بما في النفس قد يكون أدعى للتأمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي الذهاب للعمرة في رمضان بعد وفاة زوجتي لذلك أطلب من حضراتكم أن ترسلوا لي من علمكم الغزير أفضل الأدعية، لكي أدعو بها ربي في ذلك المقام المبارك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذكار التي يسن قولها في العمرة قد ذكرنا طائفة حسنة منها في الفتوى رقم: 26544، والفتوى رقم: 3229.
وننصحك بشراء كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى، وتكثر من القراءة فيه، ففيه خير عظيم، وينبغي للمعتمر وغيره أن يدعو بما يفتح الله عليه من الدعاء المأثور وغيره، قال الله تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً {الأعراف:55} ، لأن الدعاء بما في النفس قد يكون أدعى للتأمل؛ بخلاف الانشغال بما في الكتاب، فقد يجعل الداعي منشغلاً بتتبع الألفاظ دون التأمل في المعاني، كما هو حال كثير من الناس في المناسك. ولمعرفة صفة العمرة راجع الفتوى رقم: 22341.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(10/354)
حكم تعيين شخص في الدعاء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دعائي لإخوتي بالاسم في حالة السجود في الصلاة هل يعتبر غيبة أو يعتبر زيادة، وهل يجب علي أن أسجد سجود سهو مثل قول (اللهم ارزق فلانة أو فلان بمعنى ذكر الاسم) ، أو ما رأي فضيلتكم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود من المواطن التي ينبغي للمسلم أن يحرص على الدعاء فيها، لما أخرجه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ثم ليتخير من المسألة ما شاء، وما أحب. رواه مسلم.
وعليه.. فيجوز للأخت السائلة أن تدعو في سجودها لإخوتها وأخواتها وغيرهم من إخوانها المسلمين بصلاح الحال وتيسير الرزق الحلال، ولا حرج عليها في ذلك ما لم تدع بإثم أو قطيعة رحم، أو تعتدي في الدعاء ولو كان ذلك فيما يتعلق بأمور الدنيا.
لأن الصحيح من أقوال العلماء جواز الدعاء بحاجات الدنيا في الصلاة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19525، ولا يعتبر الدعاء زيادة في الصلاة، كما أنه لا يعتبر غيبة للمدعو له، لأن الغيبة هي أن يذكر الشخص في غيبته بما يكره، ولا أحد يكره الدعاء له بالخير.
وكذلك لا حرج عليها في ذكر الاسم بعينه وإن كان الأولى الاكتفاء بتعميم الدعاء مثل: إخوتي وأخواتي بدلاً من تسمية كل أحد باسمه للخروج من خلاف من يرى من أهل العلم عدم جواز تعيين الشخص في الدعاء في الصلاة، قال ابن قدامة في المغني: وهل يجوز أن يدعو لإنسان بعينه في صلاته؟ على روايتين: إحداهما يجوز. قال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول لابن الشافعي: أنا أدعو لقوم منذ سنين في صلاتي، أبوك أحدهم. وقد روي ذلك عن علي، وأبي الدرداء، واختاره ابن المنذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، والمستضعفين من المؤمنين. ولأنه دعاء لبعض المؤمنين، فأشبه ما لو قال: رب اغفر لي ولوالدي. والأخرى لا يجوز. وكرهه عطاء والنخعي، لشبهه بكلام الآدميين، ولأنه دعاء لمعين، فلم يجز، كتشميت العاطس. انتهى.
وقد صرح المالكية بجواز خطاب الشخص وتعيينه في الدعاء أثناء الصلاة، قال خليل بن إسحاق في مختصره في الفقه المالكي: ولو قال: يا فلان فعل الله بك كذا وكذا لم تبطل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(10/355)
دعاء المرأة ليلة الدخلة
[السُّؤَالُ]
ـ[في ليلة الدخلة معروف أن الرجل يصلي بزوجته ركعتين، ثم يأخذ بناصيتها، ويقول الدعاء المشهور، سؤالي هو: هل هناك من دعاء تدعو به الزوجة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 10267، والفتوى رقم: 41888 آداب ليلة الزفاف وآداب الجماع، وقد نص الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في الفتاوى الفقهية الكبرى على أنه يسن للمرأة أن تقول الدعاء نفسه الذي يقوله الرجل، فقال: ويظهر أنه يسن لها أن تقول ذلك أيضاً. انتهى.
ولها أن تدعو بما شاءت، كأن تدعو الله تعالى أن يؤلف بينها وبين زوجها وأن يصلح حالهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(10/356)
حكم زيادة (الرحمن الرحيم) في التسمية لدى القيام بأمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هممت بفتح المصحف للبحث عن مكان آية فقلت بسم الله الرحمن الرحيم وفتحت المصحف فقال لي صديقي قل فقط بسم الله فالحديث الشريف قال (سم الله) ولم يقل بسم الله الرحمن الرحيم فما هي صيغة البسمله عند القيام بعمل ما أيا كان نوع هذا العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة إذا أراد الإنسان أن يقوم بعمل مشروع أن يسمي الله تعالى وتتحقق التسمية بقوله (بسم الله) ولو زاد (الرحمن الرحيم) فهو أفضل وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع. رواه الحافظ الرهاوي في الأربعين عن أبي هريرة، وحسنه صاحب عون المعبود وغيره، وضعفه الألباني.
وفي صحيح البخاري ثم دعا ـ هرقل ـ بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل.. وبها افتتح الله كتابه، وبها افتتح العلماء كتبهم، لكن اختلف العلماء في زيادة الرحمن الرحيم في بعض المواطن كالتسمية عند الذبح؛ فقال بعضهم باستحبابها، وقال آخرون لا تستحب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(10/357)
حكم الدعاء بدعاء القنوت في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بدعاء القنوت قبل التسليم في الصلاة؟
وما حكم الدعاء بالسجود بأدعية مكتوبة في بعض المواقع الإسلامية إذا حفظت وما حكم الدعاء بالسجود بصفة عامة؟
جزاكم الله ألف خير وأدامكم للخير عنوانا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بعد التشهد وقبل السلام من الصلاة مشروع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر التشهد: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم: ثم ليتخير بعد من المسألة ما شاء، أو ما أحب. اهـ.
فإذا أحب أن يدعو بالدعاء الوارد في القنوت فنرجو أنه لا حرج عليه؛ لقوله في الحديث: ما شاء. أو ما أحب. ولكن لا ينبغي المداومة على ذلك حتى لا يصير كالسنة الواردة، ومن المعلوم أن الوارد في دعاء القنوت أنه يدعى به في الوتر بعد أو قبل الرفع من الركوع، وليس في كل صلاة قبل السلام.
وأما حكم الدعاء في السجود بصفة عامة فإن الدعاء في السجود مستحب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء. رواه مسلم
ولقوله صلى الله عليه وسلم: فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم. وأما الدعاء ببعض الأدعية المكتوبة في بعض المواقع الإسلامية فإذا كانت تلك الأدعية خالية من محظور كاعتداء في الدعاء أو قطيعة رحم أو نحو ذلك فلا حرج بالدعاء بها.
وأفضل الدعاء ما كان واردا في السنة النبوية؛ كدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد: اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. رواه مسلم
فليحرص المسلم على الدعاء بالأدعية المأثورة ففيهاغنية وكفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(10/358)
حكم الدعاء على النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني حلف يمين على كتاب الله للقيام بعمل ولحفظ معلوماته فحلفت اليمين وفي نص اليمين طلب مني الدعاء على نفسي وأهلي بأن تصيبنا مصيبة إذا نقضت اليمين.
س/ما حكم هذا الدعاء الذي ورد في اليمين؟ مع العلم بأن أهلي لايعلمون عن هذا العمل ومعلوماته شيئا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الدعاء على النفس أو الأهل؛ سواء كان الدعاء ناجزا أو معلقا كقوله: اللهم إن فعلت كذا فأدخلني النار، أو أصبني بمصيبة ونحو ذلك، ومن وقع في ذلك فإن عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره، وليس عليه شيء غير ذلك. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 59839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(10/359)
قول المرء سبحان الله وبحمده عدد ما كان وما يكون
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم..
أرجو من حضراتكم أيها الإخوة الأفاضل توضيح حقيقة هذا الدعاء الذي قرأته فى أحد المنتديات الإسلامية وهو: سبحان الله وبحمده عدد ما كان وعدد ما يكون وسبحان الله عدد الحركات والسكون؟ وجزاكم الله خيراً كثيراً، وشاكر لكم تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في قول المرء: سبحان الله وبحمده عدد ما كان وعدد ما يكون، وسبحان الله عدد الحركات والسكون. من حرج، ولا شك أن المسبح بهذا اللفظ قد بالغ في تكثير التسبيح، لكن الأصل في العبادة أن أمرها توقيفي، والأفضل للمسلم أن يقتصر في الذكر على ما صح من السنة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير التسبيح ما فيه الكفاية.
روى الإمام مسلم وغيره من حديث جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها، قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
قال الإمام النووي: والمراد المبالغة به في الكثرة، لأنه ذكر أولاً ما يحصره العد الكثير من عدد الخلق، ثم زنة العرش، ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك، وعبر عنه بهذا، أي ما لا يحصيه عد، كما لا تحصى كلمات الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(10/360)
هل توضع اليد على الجبهة عند التعوذ بالله من العجز والكسل
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد شيوخ المساجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضع يده على جبينه بعد كل صلاة ويقول (بسم الله والحمدلله، اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، ومن الهم والحزن، ومن الجبن والبخل) . فهل هذا صحيح؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ بالله تعالى من الهم والحزن كما روى البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان الني صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال. ورواية الترمذي عن أنس أيضا أنه قال كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال. لكن لمن نجد في مختلف روايات هذا الدعاء ما يدل على ما جاء في السؤال من أنه كان يضع يده على جبينه ويقول ما ذكر بعد كل صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1427(10/361)
دعوة المظلوم على غير ظالمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الوالد لا يصلي ولا يعبد الله ويؤذي الناس بالقول والفعل ويأكل حقوق الناس حتى الجيران تشكو من بذاءات لسانه والعياذ بالله، مما جعل الناس تدعو عليه بأن لا يوفق أولاده ولا يقدمهم ولا يجعل البركة تحل عليهم في حين أن أولاده ليسوا مثله، فهل ما فعله الآباء من شر يقع على أبناءهم من جراء دعاء الناس عليهم بما أنه ظالمهم، هل يستجيب الله لهم دعاءهم لأبناء من ظلمهم وأكل حقوقهم وهتك عرضهم، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمظلوم أن يدعو على غير ظالمه، والدعاء على أبناء الظالم من الدعاء بالإثم، فالله تعالى يقول: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الزمر:7} ، ولمعرفة ما يجوز من الدعاء على الظالم انظر في ذلك الفتوى رقم: 28754.
ومع أنه لا يجوز للمظلوم أن يدعو على أولاد الظالم، قد يصاب الظالم في أولاده لحكمة يعلمها الله جل وعلا، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 50533، والله جل جلاله أفعاله كلها جارية على مقتضى الحكمة, وإن قصر العقل عن إدراك سر ذلك، وعلى من كان والده سيئ الخلق عاصياً لله أن ينصحه بحكمة وموعظة حسنة، وليتجنب إغضابه, وليعلم أن حق والده عليه في البر والطاعة في المعروف لا يسقط بفسقه أو سوء خلقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(10/362)
التسبيح والاستغفار في حافلة تذاع فيها الأغاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بتسبيح الله وذكر الله أثناء ركوبي في الحافلة، عند ذهابي وعودتي من العمل إلى البيت، وحيث إن المسافة طويلة نوعاً ما، إلا أن سائق الحافلة يقوم بفتح أغاني المسجل وأنا في نفس الوقت أقوم بالتسبيح والاستغفار، فهل يقبل الله سبحانه وتعالى التسبيح والدعاء والذكر في مثل هذه الظروف، علماً بأن قلبي وعقلي مع ذكر الله ولا أستمع للأغاني، والله على ما أقول شهيد، فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخت السائلة إنك لا تأثمين بسماع هذه الأغاني إذا كنت غير قادرة على توقيفها، ولم يمكنك الابتعاد عنها مع إنكار ذلك وكراهته بالقلب، ولا بأس بالتسبيح والاستغفار وسائر الأذكار مع وجود هذه الأغاني ما دام ذلك سراً بل إن الذكر في هذه الحالة يعتبر من الذكر بين الغافلين، وقد ورد في فضل ذلك حديث ضعفه أهل العلم وهو: ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين. قال في فيض القدير: شبه الذاكر الذي يذكر الله بين جماعة ولم يذكروا بمجاهد يقاتل الكفار بعد فرار أصحابه منهم، فالذاكر قاهر لجند الشيطان وهازم له والغافل مقهور. انتهى.
وقال في جامع العلوم والحكم بعد أن ذكر هذا الحديث،: قال أبو عبيدة ابن عبد الله بن مسعود: ما دام قلب الرجل يذكر الله فهو في صلاة وإن كان في السوق وإن حرك به شفته فهو أفضل وكان بعض السلف يقصد السوق ليذكر الله فيها بين أهل الغفلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(10/363)
الدعاء بصلاح الزوج بعد التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء لزوجي بالصلاح بعد التشهد الأخير وقبل السلام وقولي (اللهم وفق زوجي لما تحبه وترضاه ويسر له أموره وزده من فضلك العظيم) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بعد التشهد وقبل السلام مستحب، ولا حرج على الأخت السائلة في أن تدعو في صلاتها بعد التشهد وقبل السلام بما ذكرت أو غيره من الأدعية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر التشهد في الصلاة: ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو. رواه البخاري وأبو داود والنسائي وأحمد.
وقد بوب البخاري بابا على هذا الحديث فقال: باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد.
قال في عون المعبود: واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما اختار المصلي من أمر الدنيا والآخرة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(10/364)
صفة الدعاء وآداب الداعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صفة الدعاء (الهيئة التي يجب أن يكون عليها الداعي من طهارة ولباس وطريقة رفع اليدين ... إلخ، والشروط التي يجب أن تتوفر فيه كي يستجاب دعاؤه) ؟
أريد بعض صيغ الدعاء في المناسبات التالية: قيام الليل, بين الأذان والإقامة, الدعاء لإخوتي كي يوفقهم الله لأداء الصلاة، الدعاء لأخواتي البنات لأن يوفقهن الله لارتداء الحجاب.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يشترط عند الدعاء التزام هيئة معينة، كما لا تشترط الطهارة ولا رفع اليدين، فيجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى على كل حال إلا إذا كان في مكان مستقذر يمنع فيه ذكر اسم الله تعالى كمن بداخل الحمام ونحو ذلك، لكن يستحب للداعي أن يلتزم آداب الدعاء المذكورة في الفتوى رقم: 23599، ولمعرفة شروط إجابة الدعاء ودعاء التهجد راجع الفتوى رقم: 11571 والفتوى رقم: 55749، وليس بين الأذان والإقامة دعاء معين ما عدا الذكر الوارد عند سماع الأذان، لكن فترة ما بين الأذان والإقامة من مواطن إجابة الدعاء، فينبغي اغتنامها، مع التنبيه على أن للأخ السائل أن يدعو الله تعالى بما شاء ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، وله أن يدعو لإخوته وأخواته بما يتيسر له ويخلص في دعائه، فيمكن أن يقول في دعائه، اللهم وفق إخوتي وأخواتي لما تحبه وترضاه، اللهم وفقهم لامتثال ما فرضت عليهم، اللهم تداركهم بعنايتك وتوفيقك ونحو هذا، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 32283، والفتوى رقم: 61060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(10/365)
دعاء المرأة بأن يكون خطيب صديقتها زوجا لها
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ: أنا فتاة عمري 28 سنة من عائلة ملتزمة، أحببت منذ سنة شابا خاطبا من عائلة صديقة وأنا دائمة الزيارة لها وأحببته من أخلاقه التي يتغنى بها أهله وأحبني مما سمعه عني ... وتم بيننا الكلام بالهاتف وتعلقت القلوب ولأني أرغبه بالحلال وخوفاً من غضب الله ابتعدت عنه ولم يعد بيني وبينه اتصال بالهاتف إلا قليل من الرسائل الهاتفية وآمل من الله أن يجعله زوجاً لي، حيث عجزت عن نسيانه ونسيان محبتي له، السؤال يا شيخ: هل يجوز أن أدعو الله في قيام الليل بأن يجعله زوجاً لي إن كان به خير، لأنه لا يستطيع فك الخطبة حفظاً لأهله وما بينهم من مودة مع أهل خطيبته، والله يا شيخ حاولت النسيان ولم أستطع ... وليس لي أمل إلا الله والدعاء لله.. وأرجو نصيحتكم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذا البلاء، وعليك أن تقطعي الاتصال بهذا الشاب نهائياً، وتتوبي مما سلف، وعليك الحذر من الوقوع في العشق فإنه مرض يصيب القلب، يصعب التخلص منه، وقد قيل عنه إن مبادئه سهلة حلوة، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم، وآخره عطب وقتل إن لم يتداركه عناية من الله، وإذا كنت قد وقعت فيه فعليك بالدواء المذكور في الفتوى رقم: 9360.
وأما الدعاء بأن يجعل الله ذلك الشاب من نصيبك، وأن يزوجك منه، فلا حرج في ذلك ما لم يترتب على زواجه منك مفسدة محققة، كقطع أرحامه أو رفضه لخطبة من ركن إليها وركنت إليه مع عدم إمكان الجمع بينكما، فإن ترتب عليه شيء مما ذكر من قطع رحم أو صد الخاطب عن مخطوبته فإنه حينئذ يكون فيه اعتداء ورغبة في زوال الخير والنفع عن المسلم، وهذا ينافي كمال الإيمان والنصح للمسلم، ففي الصحيحين وغيرهما: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. وفي صحيح البخاري: ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها.
نسأل الله أن يصلح حالك، ويرزقك زوجا صالحا تقر به عينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1427(10/366)
دعاء الرجل لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرء أن يدعو لزوجته بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك من فضلك العظيم أن تعطيها عفاف مريم بنت عمران، وصبر آسية زوجة فرعون، وعقل خديجة بنت خويلد، وعلم عائشة بنت أبي بكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الرجل لزوجته بالعفة والصبر ووفور العقل ونحو ذلك أمر حسن، ولا مانع من أن يقول اللهم إني أسألك أن تعطيها عفاف مريم وصبر آسية وعقل خديجة، وعلم عائشة فقد عرف عن المذكورات تميزهن بهذه الصفات الحسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1427(10/367)
اشتراط الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مقابل تقديم المنفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين..
ما الحكم فيمن يوزع كتباً كتب عليها هو ثمن النسخة ألف صلاة على النبي، ويقول لي أوصلك بسيارتي على أن تصلي على النبي خمسين مرة، ولمن يريد أن يشرب منه ماء ثمن الكوب خمس صلوات على النبي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوزيع الكتب بشرط أن يصلي المستفيد منها على النبي صلى الله عليه وسلم عددا من الصلوات لا مانع منه إذا كان ما فيها خيرا ومنفعة، ويجب على من أخذ كتاباً منها بهذا الشرط أن يوفي به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وهذا الشرط لم يحرم حلالاً بل فيه اشتراط فعل خير، وكذلك اشتراط الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خمسين مرة أو أقل أو أكثر مقابل أن يقدم منفعة للمصلي وهي إيصاله إلى مكان معين، وهكذا قل في سقي الماء وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(10/368)
الدعاء عند نزول المطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء وقت المطر مستجاب؟؟ هل هذا حديث ضعيف!!
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللفظ الذي ذكرت لم نقف على كونه حديثا لكن جاء في حديث حسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول المطر. وفي رواية أخرى حسنها الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير: ثنتان ما تردان الدعاء عند النداء وتحت المطر.
وقال المناوي في فيض القدير: (ثنتان ما) في رواية لا (تردان الدعاء عند النداء) يعني الأذان للصلاة (وتحت المطر) أي دعاء من هو تحت المطر لا يرد أو قلما يرد فإنه وقت نزول الرحمة لاسيما أول قطر السنة والكلام في دعاء متوفر الشروط والأركان والآداب. انتهى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 35121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(10/369)
سؤال الله تعالى بحرمة القرآن وحرمة البيت الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بأن نقول: اللهم إني أسألك بحرمة القرآن وحرمة البيت الحرام ونتم الدعاء؟
جزيتم الجنة, أتمنى منكم يا شيخ الدعاء لي بالزوج الصالح.
ألف شكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التوسل إلى الله تعالى بالقرآن الكريم جائز لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته تعالى كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37867، أما سؤاله تعالى بحرمة الكعبة ونحوها فليس مشروعا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأما قول القائل: أسألك أو أقسم عليك بحق ملائكتك أو بحق أنبيائك أو بنبيك فلا ن أو برسولك فلان أو بالبيت الحرام أو بزمزم والمقام أو بالطور والبيت المعمور ونحو ذلك فهذا النوع من الدعاء لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا التابعين لهم بإحسان، بل قد نص غير واحد من العلماء: كأبي حنيفة وأصحابه كأبي يوسف وغيره من العلماء على أنه لا يجوز مثل هذا الدعاء، فإنه أقسم على الله بمخلوق، ولا يصح القسم بغير الله وإن سأله به على أنه سبب ووسيلة إلى قضاء حاجته. انتهى.
ولمزيد الفائدة انظري الفتوى رقم: 4416، والفتوى رقم: 28845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1427(10/370)
الهمة العالية في الدعاء وعدم الاستعجال
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد:
ربما موضوعي ليس له دخل بالفتوى ولكن هناك رؤيا، رأيت في الحلم أني أسجد لله ودعوت دعاء خاصاً لي وطلبت من الله الزواج بشخص أعرفه كان يعمل معي منذ فترة وحددت اسم الشخص في الدعاء عند السجدة فهل تتحقق الرؤيا.بالرغم أني كنت أستمر في الثلث الأخير من الليل أي قيام الليل بالدعاء أن يزوجني ذلك الشخص، ومن ثم بعد فترة وجد ذلك الرؤيا أو الحلم الله أعلم، فما هو تعليقكم على هذا أرجو التوضيح.
أما الآن بعد ما عرفت أن الشخص الذي دعوت في السجدة أن يزوجني الله به عرفت أنه لا يفكر بي أبد اوليس له نية الزواج بي أبدا حسب ما عرفت، ولا أعرف إذا الله يريد أم لا يريد، ولكن أريد أن أدعو الله أن ينسيني ذلك الشخص لأنه لايريدني زوجة له، أرجو أن تردوا على هذه السؤال، وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاص موقعنا التعليق على المرائي ولا تعبيرها، ولكنا نفيدك أن الدعاء آخر الليل مظنة للإجابة لما في حديث مسلم: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول من يسألني فأعطيه. وإذا دعا المسلم ربه فعليه أن يكون عالي الهمة في الدعاء، فالرجال الخيرون كثير، فعلى المسلمة أن تسأل الله أن يرزقها زوجا صالحا يعينها على صلاح دينها ودنياها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني، فواصلي الدعاء بأن يحقق الله لك الزواج بمن يرتضى خلقه ودينه ولا تملي، وأيقني أن الله لا يضيع دعاءك، ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول ما الاستعجال؟ قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي فيستحسر ويدع الدعاء. وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا إذن نكثر، قال الله أكثر. والحديث قال فيه الألباني في صحيح الترغيب حسن صحيح، فلا تيأسي من رحمة الله وعونه فربما يختار لك من هو أصلح ممن عينت، فواصلي الدعاء، ويمكن أن تعرضي نفسك على من ترضينه بواسطة ولي أمرك أو إحدى محارمه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 32981 / 69805 / 9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(10/371)
دعاء الرجل أن تكون فلانة من نصيبه
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت منذ فترة ليست ببعيدة أن عمر رضي الله عنه كان يدعو الله عز وجل أن يموت شهيدا وفي المسجد النبوي فقالت له ابنته شهيدا وفي المسجد النبوي كيف ذلك، فقال لها هذا دعائي وأسأل الله الإجابة أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه، فهل هذا صحيح؟ والذي أريده أيضا بأني أنا أحببت فتاة ولكن هناك ظروف قد تمنعني من أن أتزوج بها على سنة الله ورسوله وهي صاحبة دين وخلق، وعندما سمعت هذا القول من أحد المشائخ في التلفاز وهو قول عمر بدأت أسأل الله عز وجل وأدعوه في كل صلاة أن يجمعني بهذه الفتاة على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يجعلها لي في الآخرة سواء كانت لي في الدنيا أم لغيري وعاهدت نفسي حتى وإن تزوجت هي وأنا تزوجت فإني لن أترك هذا الدعاء إن شاء الله ما أحياني الله عز وجل، وأسأله دائما أن يجمعني بها على سنته صلى الله عليه وسلم حتى لو كان هذا في نهاية حياتي، فهل يحق لي هذا الدعاء؟ وقد تمسكت بالدعاء خاصة بعدما سمعت قول عمر رضي الله عنه وأنا أعلم أن الله عز وجل على كل شيء قدير؟
أرجوا منكم الرد بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما دعاء عمر رضي الله عنه فقد رواه ابن سعد رحمه الله في الطبقات، وذكر له ألفاظا بروايات، ومنها قوله: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت أباها يقول: اللهم ارزقني قتلا في سبيلك ووفاة في بلد نبيك، قالت قلت وأنى ذلك؟ قال إن الله يأتي بأمره أنى شاء، ولكن هذا الدعاء لا علاقة له بالمسألة التي تريد السؤال عنها، فإن دعاء عمر رضي الله عنه دعاء بأمر مشروع بل هو فضيلة عظيمة، وأما دعاء الرجل أن تكون فلانة غير المتزوجة من نصيبه فهو دعاء مباح، وأما الدعاء بأن تكون فلانة المتزوجة زوجة له فإن في هذا الدعاء اعتداء، ولا ينبغي للمسلم أن يدعو بهذا الدعاء، لأنه يتضمن الدعاء بتفرق الزوجين وفساد ما بينهما من المودة وضياع الأولاد، وهذا كله مما لا ينبغي أن يدعو به المسلم، واعلم أخي الكريم أن الله تعالى إن لم ييسر لكما الزواج فإنه سبحانه وتعالى بحكمته وعلمه ورحمته سيسهل لكل منكما ما يكون أنفع له وأفضل، والعبد لا يدري أين الخير، فدع الأمر لربك وسلم لقضائه وقدره، وما أدراك أن يكون الشر هو في زواجك بهذه المرأة التي تحبها، ولذا فنصيحتنا لك بما أنك لا تدري أين الخير أن تستخير من يعلم حالك ويعلم ما يصلحك وما يفسدك وتطلب منه أن ييسر لك ما فيه الخير، ودعاء الاستخارة هو ما ثبت في البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به، قال: ويسمي جاجته، وانظر الفتوى رقم: 75167.
وأما في الجنة فإن لك فيها إن دخلتها ما يرضيك فلست بحاجة إلى زوجة غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(10/372)
الترحم على من لم يمت كافرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف إنسانا كان في حياته تاركا للصلاة وكان كثير الكذب كما أنه مارس والعياذ بالله اللواط وأخيرا مات منتحرا، رأيته في الحلم أعمى، وتلوت في حلمي الآية: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى، هل هذه رؤيا فهي على بالي طوال الوقت، وهل لنا أن نحكم متأكدين على هذا الشخص أنه الآن يعذب في قبره وهل لمثله نستطيع أن نطلب المغفرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يراه النائم في نومه لا يثبت أمرا ولا يمكن الجزم بأي شيء يتعلق به، ويتأكد ذلك فيما كان من أمور الغيب، ويجب الإمساك عن ذكر من مات بسوء، لما في حديث البخاري: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. وقال ابن عباس: لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا، فواجب المسلم هو السعي في هداية الشخص ما دام حيا وبذل ما أمكن من الوسائل المشروعة في ذلك، وأما إذا مات فيشرع الترحم عليه والاستغفار إن لم يوقن أنه مات على الكفر، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 50186، 50785، 27840، 11014، 68656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(10/373)
الورد اليومي من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ورد يومي وبصيغة معينة أو حديث للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل هناك ورد يومي كذلك للذكر؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التى يعظم ثوابها حيث إن المسلم إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا كما ثبت في الحديث الصحيح إلى غير ذلك من الفوائد الجليلة وراجع الفتوى رقم: 21892.
وقد ورد في حديث رواه الطبراني بلفظ: من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة. وهذا الحديث له إسنادان أحدهما جيد كما بينا في الفتوى رقم: 52978. وحسنه الشيخ الألباني من وجه كما في صحيح الجامع الصغير, وهذا الحديث يشتمل كما هوواضح على أن الورد المأثور من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم هو عشر في الصباح وعشر في المساء, ولم نعثر على صيغة معينة لهذه الصلاة, وبالتالى فكل صيغة مجزئة, وإن كان الأفضل الاقتصار على الصيغ المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتوى رقم: 5025.
والأذكار المقيدة المأثورة في اليوم والليلة من أهمها أذكار الصباح والمساء وسبق تفصيلها في الفتوى رقم: 11882، وراجع الفتوى رقم: 13621.
وينبغى للمسلم دائما الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن مختلف أنواع ذكر الله تعالى من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك ففي هذا خير كثير. وراجع الفتوى رقم: 37130.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(10/374)
دعاء المرأة أن تسمن قليلا وحكم اكتحالها قبل خروجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نحيفة هل يجوز لي أن أدعو الله أن أسمن قليلاً، وهل التكحل عند الخروج من المنزل حرام أم حلال أي وضع الكحل في العينين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للأخت السائلة أن تدعو الله تعالى أن تتحسن حالتها البدنية، وأن تسأله الحصول على كل ما هو مشروع، إلا إذا كان الدعاء بذلك داخل الصلاة فقد اختلف العلماء في جواز الدعاء بملاذ الدنيا في الصلاة، وتفصيل كلامهم مذكور في الفتوى رقم: 69417 فلتراجعها.
ولبيان حكم خروج المرأة وقد وضعت الكحل في عينيها طالعي الفتوى رقم: 3354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1427(10/375)
الدعاء على النفس وكيف يرفع البلاء الناتج منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لو دعا مسلم على نفسه مع أنه حرام، ولكن حدث والله استجاب لدعائه وأراد أن يرفع الله عنه ما لا يطيق فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الداعي قد يدعو دعوة لا يجوز له أن يدعو بها، فتوافق ساعة إجابة فيستجاب له، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه مسلم وغيره.
وأما العلاج فننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى وكثرة الدعاء والإلحاح فيه, فإن الدعاء من أهم الأسباب التي يرد الله تعالى بها البلاء, فلا بأس أن يدعو المرء برد القضاء، كما يدل له دعاء القنوت في السنن وصحيح ابن حبان وفيه: وقنا شر ما قضيت. وقد ثبت عند الترمذي والحاكم عن سلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. رواه الحاكم، وحسنه الألباني. وفي الحديث: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم.
فادع الله في أوقات الاستجابة باسمه الأعظم، وبدعوة يونس، فقد روى الترمذي وغيره عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الجوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
وفي المسند والسنن عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى, وإذا دعي به أجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1427(10/376)
الدعاء بغير المأثور وقول جو الكريم للسائل عن الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[نعتذر عن كثرة الأسئلة الموجهة لكم من عندنا، لكنا كما تعلمون نحن إخوانكم في العراق نعاني من قلة طلبة العلم فنرجو أن تقدروا هذا الأمر وأن تستعجلوا في الرد، السؤال هو: ما حكم قول القائل عند سؤاله عن صحته يقول جو الكريم أو على الكريم فهل هذا جائز مع الدليل
والأمر الثاني: هو هل يجوز الدعاء بألفاظ مشروعة لكنها لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نشكركم على الاتصال بنا ونرحب بأسئلتكم، ونفيدكم أن الأفضل هو الدعاء بالمأثور، ويجوز الدعاء بغيره ما لم يشتمل على الاعتداء أو الدعاء بالإثم أو قطع الرحم، ويدل لهذا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة في دعائهم وذكرهم بغير المأثور وعموم حديث مسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطية رحم. وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 51644 / 49055 / 50922 / 54266.
وأما جواب من سئل عن صحته فقال على الكريم أو جوالكريم، فإن قصد أنه يتوكل على الله أو يكل أمره إلى الله، أو أنه في رعاية الله فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(10/377)
دعاء (اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسال عن صحة دعاء من يئس من حياته: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى. فقد قرأت جوازه في العديد من الأماكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور صحيح، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأصغت إليه قبل أن يموت وهو مسند إلى ظهره يقول: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى. قال الحافظ ابن حجر شارحا للحديث المشتمل على النهي عن تمني الموت: ومفهومه أنه إذا حل به لا يمنع من تمنيه رضا بلقاء الله، ولا من طلبه من الله لذلك، وهو كذلك، ولهذه النكتة عقب البخاري حديث أبي هريرة بحديث عائشة: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى. إشارة إلى أن النهي مختص بالحالة التي قبل نزول الموت، فلله دره ما كان أكثر استحضاره وإيثاره للأخفى على الأجلى شحذا للأذهان. انتهى.
وعليه فلا مانع من الدعاء المذكور عند التحقق من نزول الموت، أما قبل ذلك فينهى عنه لما فيه من تمن للموت قبل نزوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1427(10/378)
من الأدعية المأثورة قبل السلام وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد هذا الدعاء عقب السلام من الصلاة المفروضة صحيحا؟ ولماذا لم يعده الشيخ ابن باز من معقبات الصلاة؟ وهذا الدعاء هو ما رواه أبو داود.1509.عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إدا سلم من الصلاة قال. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر. لا إله إلا أنت.. أفيدونا جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور صحيح رواه أبو داوود على نحو ما في السؤال وصححه الألباني ورواه الترمذي أيضا عن علي رضي الله عنه في حديث طويل, لكن محله في رواية الترمذي أن يقال قبل التسليم ولفظه: ثم يقول من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني, أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت. وهو حديث صحيح أيضا صححه الألباني وغيره, وعلى هذا فإن للمصلي أن يدعو بهذا الدعاء قبل السلام أو بعده لا حرج عليه في ذلك. ثم إن الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال كثيرة, ويصعب الإتيان بكل ما ورد منها في الصلاة أو بعدها. ولذلك جمع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بعض الأذكار الصحيحة الواردة بعد الصلاة ولم يقصد حصرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(10/379)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ثمانين مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن ما صحة القول الذى يقول أن من صلى العصر يوم الجمعة وقال في مكان صلاته اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 80 مرة غفر الله ذنوبه ثمانين سنة وإن مات قبل الثمانين أو صلى أكثر فإن ما بقي عنه يذهب إلى والديه أو أولاده وإذا كان هذا غير صحيح فهل فاعله يثاب على ما كان يفعله طلبا لجزاء الله أفيدونا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذى سألت عنه أورده الغزالي فى إحياء علوم الدين حيث قال: يستحب أن يكثر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صلى علي في يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة، قيل: يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال: تقول: اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وتعقد واحدة. انتهى. لكن بدون زيادة: وإن مات قبل الثمانين.. إلى آخره، وقد علق الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث كتاب الإحياء قائلا:
حديث من صلى علي في يوم الجمعة ثمانين مرة الحديث أخرجه الدارقطني من رواية ابن المسيب قال أظنه عن أبي هريرة وقال حديث غريب وقال ابن النعمان حديث حسن. انتهى، وقال المناوي في فيض القدير: وضعفه ابن حجر.
وعليه فالحديث قد اختلف في تحسينه وتضعيفه , وإذا افترضنا كونه ضعيفا فإن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال بشروط تقدم بيانها في الفتوى رقم: 19826، هذا بالإضافة إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبة يوم الجمعة كما أشار الغزالي فيما نقلناه عنه عاليه وفي الحديث: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه.. الحديث رواه أبوداود وغيره وصححه الألياني كما أن في يوم الجمعة ساعة إجابة وقد ورد أنها بعد العصر مطلقا، والجمهور على أنها آخر ساعة قبل غروب شمس يوم الجمعة وذلك إنما يكون بعد العصر، وراجع الفتوى رقم: 4205، وبالتالى فيرجى إن شاء الله تعالى لمن عمل بما في الحديث المذكور الحصول على الثواب المشتمل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(10/380)
الآداب المستحبة لمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[وفقكم الله لما فيه خير الأمة، وبعد أرجو منكم إفادتي حول كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والشروط التي يجب توفرها لتكون الصلاة عليه مقبولة (مثلا الطهارة الصغرى والكبرى، استقبال القبلة، المظهر العام ... ) وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعاء, وهو من أفضل الأعمال, وأفضل صيغة لها ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه فعن أبي محمد كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. متفق عليه. ولو صلى شخص بصيغة أخرى فلا مانع من ذلك, والأفضل أن يكون المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مراعيا الأمور التالية:
1- حضور القلب وتدبر ما يقول، فقد روى الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة, واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
2- الطهارة من الحدث والنجس واختيار المكان الائق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر. رواه أبو داود.
3- استقبال القبلة؛ لحديث: إن لكل شيء سيدا, وإن سيد المجالس قبالة القبلة. أخرجه الطبراني بإسناد حسن. فهذه بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها، وليس شيء منها واجب.
وأما قبول العمل وعدم قبوله فهذا علمه عند الله تعالى. وعلى العبد أن يسعى ويبذل الجهد ويخلص لله تعالى ويحسن العمل، والله لا يضيع أجر المحسنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(10/381)
كتابة الأذان في المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قيام بعض الإخوة فى المنتديات بكتابة الأذان كل واحد منهم على حدة، مثلا يقول أحدهم الله أكبر الله أكبر ويقول التالي أشهد أن لا إله إلا الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بما تقوم به الجماعة المذكورة من كتابة كلمات الأذان بل تثاب على هذا الفعل إذا قصد بذلك تعليم الأذان أو تعلمه أو تنبيه غافل إلى ذكر الله تعالى، فليحرصوا على أن تكون الكتابة المذكورة صحيحة سليمة من الأخطاء، وراجع الفتوى رقم: 48823، والفتوى رقم: 60487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(10/382)
حكم رفع اليدين أثناء الدعاء للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في الدعاء رفع اليدين للقبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن حكم رفع اليدين أثناء الدعاء للميت في قبره فذلك جائز بل مستحب, كما تقدم في الفتوى رقم: 45268 والفتوى رقم: 24054 , وإن كان المقصود رفع اليدين لدعاء الميت والاستعانة به من دون الله تعالى فهذا الدعاء من أصله لا يجوز الإقدام عليه لأنه شرك. وراجع الفتوى رقم: 53100 , وآداب زيارة القبور تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 7410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1427(10/383)
الصلاة على النبي بهذه الصيغ جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة على النبي عليه وآله أفضل الصلاة والسلام بالطريقة التالية جائزة (اللهم صل على محمد حتى يرضى محمد) أو (اللهم صل على محمد وآل محمد حتى يرضى محمد وآل محمد وإذا رضوا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي ذكرتها جائزة, وإن كان الأفضل في حقك الاقتصار على الصيغ المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 5025 / 5733 / 18845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(10/384)
دعاء الأنبياء والصالحين بشأن الذرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجتي لدينا رغبة قوية في أن يرزقنا الله ثلاثة توائم, ماذا علينا أن نفعل كي يستجيب لنا الله عز وجل
إذا كانت هناك صلاة أو دعاء خاص بالمسألة فدلونا عليه وجزاكم الله خيرا علما بأننا حديثو الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك دعاء ولا صلاة تخص هذا الأمر، ولكن للعبد أن يدعو ربه حاجته، بأي دعاء أحب، ما لم يكن فيه اعتداء، والله يقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ويقول: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} . وليس في الدعاء بكثرة الولد اعتداء في الدعاء، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأنس فقال: اللهم أكثر ماله وولده, وبارك له فيه. خرجه البخاري ومسلم.
ولكن الأفضل أن تدعو الله عز وجل أن يرزقكما الذرية الطيبة، وأن يصلح لكما ذريتكما، فالله عز وجل ذكر من دعاء الأنبياء والصالحين قولهم: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ {آل عمران:38} . رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74} وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي {الأحقاف:15} . فالعبرة في الذرية بصلاحهم، وبركتهم، وبكونهم قرة أعين: مطيعين لربهم مطيعين لكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(10/385)
تستحب الطهارة للدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسل لي أحد المعارف رسالة بالإيميل فيها دعاء منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم وبصراحة شككت في صحته حيث إنني لم أسمع بدعاء يتطلب الوضوء، فأعلمكم لتريحوني فأعلم من أرسله لي، فهل هناك مثل هذا الدعاء؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تشترط الطهارة للدعاء, ولكن تندب له, وقد تسن الصلاة قبله كدعاء الاستخارة مثلاً فيحتاج إلى الوضوء للصلاة. ولو ذكرت لنا الدعاء الذي أرسل إليك لكان أفضل لنعلم مدى صحة هذا الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(10/386)
الدعاء للصحابة والتابعين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي أن أدعو للصحابة والتابعين وذلك بتخصيص الاسم رغم ما هم فيه من تقوى!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد مدح الله عزوجل عباده المؤمنين الذين يأتون بعد الصحابة وأثنى عليهم بتلك الأوصاف الحميدة التي من ضمنها الدعاء للصحابة ولمن سبقهم بالإيمان من هذه الأمة فقال تعالى بعد ذكر الصحابة من المهاجرين والأنصار والثناء عليهم: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ {الحشر:10} قال القرطبي في تفسيره: أمروا أن يستغفروا للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ونحن ندعوا لهم بالترضي عليهم كلما ذكرنا اسم أحدهم وقد أخبرنا الله عزوجل في محكم كتابه أنه رضي عنهم اهـ ولذلك فإن لك أن تدعو للصحابة ومن بعدهم من المسلمين بالتخصيص لبعضهم أو التعميم لكلهم كما جاء في الآية الكريمة, فذلك يزيدهم رفعة ويزيدك أجرا, كما يزيد في حبهم والتعلق بهم, وهذا مطلوب شرعا ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة, عند رأسه ملك موكل, كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(10/387)
مشروعية الدعاء على مقاتلي الكفار وظلمتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[في خطبة الجمعة الماضية قال الخطيب بعد انتهاء الخطبة في دعائه: اللهم عذب أيان حرسي على في الدنيا, اللهم اجعلها تعيش كما يعيش شارون, اللهم عذبها في القبر, وقال أحد المصلين بعد انتهاء الصلاة لا يجوز أن يقول الإمام مثل هذا الدعاء والمفروض أن يدعو الإمام لأيان وشارون بالهداية, سؤالي هل يجوز أن ندعو بالهداية لهذين الشخصين أم ننكرهما, ومعلوم أن أيان هي التي سبت الرسول عليه الصلاة والسلام واستهزأت بكلام الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالهداية لأعدائه من الكفار، ففي الصحيحين أنه دعا لدوس فقال: اللهم اهد دوسا. وفي سنن الترمذي أنه دعا لثقيف فقال: اللهم اهد ثقيفا. ودعا لأم أبي هريرة بالهداية كما في صحيح مسلم، وفي صحيح مسلم أنه قيل له يا رسول الله ادع على المشركين، فقال: إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة، وما تقدم كله كان في الغالب الأعم.
وقد شرع كذلك الدعاء على الكفرة والظلمة وذكر في حديث الصحيحين أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، وقد دعا على الكفار يوم أحد فقال: اللهم قاتل الكفرة. رواه البخاري في الأدب، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقد دعا على قريش فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر. رواه البخاري، وقد دعا نوح وموسى عليهما الصلاة والسلام على الكفار فقال نوح: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا {نوح: 26} وقال موسى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ {يونس: 88}
وقد ذكر أهل العلم أن سؤال الهداية للكفار والسعي في هدايتهم وحبها لهم أمر مشروع مرغب فيه لأن هداية الناس هي مهمة الأنبياء وأتباعهم، وحملوا دعوة نوح عليه السلام على أنه دعا عليهم بعد اليأس من إيمانهم لما أوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، وذكروا كذلك مشروعية الدعاء على الكفار بما يضعفهم حتى يرضخوا للحق كما في حديث البخاري: اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. وذكروا كذلك مشروعية الدعاء على مقاتلي الكفار وظلمتهم، ولا مانع من الجمع بين ذلك فتقول اللهم اهد فلانا وارزقه إيمانا يحمله على الطاعة ويمنعه من المعصية، وإن علمت أنه لا يهتدي فأهلكه وعذبه، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 19230، 64779، 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(10/388)
دعاء المرء على نفسه ألا ينجب أولادا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أنا مُذنب إن دعوت على نفسي بعدم إنجاب الأولاد، علماً بأني أخشى على أولادي الفتنة خاصة أني أقيم في بلد أوروبي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إنجاب الأولاد هو أهم مقصود من الزواج، روى أحمد وأبو داود والبيهقي من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا الودود الولود إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة. وروى ابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي, فمن لم يعمل بسنتي فليس مني, وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم, ومن كان ذا طول فلينكح, ومن لم يجد فعليه بالصيام, فإن الصوم له وجاء. قال الشيخ الألباني: حسن.
والإنجاب هو من حق كل واحد من الزوجين، فلا يجوز لأي منهما منع الآخر منه لغير ضرورة، ولذا نهي عن العزل بغير رضا الزوجة. روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها.
وقال ابن قدامة في المغني: ولأن لها في الولد حقاً، وعليها في العزل ضرراً, فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.
ومن هذا يعلم الأخ السائل أن دعاءه هذا من الاعتداء في الدعاء وهو مخالف لما أمر به صلى الله عليه وسلم من التكاثر، كما أنه في معنى الدعاء على الأولاد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما أسلفنا في الفتوى رقم: 8729.
وكان عليه بدل دعائه هذا أن يسأل الله تعالى العافية والذرية الصالحة.
كما ننبه على أن الإقامة في البلاد التي يخشى المسلم فيها من الفتنة في دينه لا تجوز إلا في حال الضرورة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2007.
فعليه أن يتوب إلى الله تعالى وينتقل إلى بلد يأمن فيه هو وأولاده من الفتنة, إلا أن يكون مضطراً للمقام في تلك البلاد، فعليه أن يحافظ ما استطاع على نفسه وعلى أطفاله إن رزقه الله أطفالاً, بأن يربيهم تربية صالحة على وفق شرع الله تعالى. فإن أعظم ما ينبغي أن يحرص عليه الآباء هو صلاح أبنائهم ليكونوا لهم قرة عين في حياتهم، ومادة لزيادة حسناتهم بعد مماتهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. الحديث رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(10/389)
هل من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يجد مكانا في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم الجمعة كان جالساً بجانبي رجل، كان الناس يدخلون المسجد وكان يقول للناس ممن يبحث عن مكان شاغر صل على النبي وسوف تجد مكاناً كنت سأنهاه عن ذلك، وأقول له إن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لا يوفر لهم الأماكن، ولكن الأفضل أن يقولوا بسم الله ثم لما بدأ الإمام في خطبة الجمعة، وعندما قرأ سورة من القرآن الكريم كان يرددها معه هذا الرجل بصوت عال حتى لفت انتباه المحيطين به، فكأنه يريد أن يقول أنا أحفظ القرآن، هل ما يفعله ضد السنة، وهل السكوت عنه يجعلني شيطاناً أخرس رأى المنكر ولم يغيره؟ ولكم الشكر وأدامكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول هذا الرجل لمن لم يجد مكاناً صل على النبي صلى الله عليه وسلم وستجد مكاناً فيه تفصيل، وهو أنه إن كان يقصد بذلك أن من صلى على رسول الله قد يسهل الله له مكاناً فلا شيء في ذلك، فعن أبي بن كعب قال: قلت: يا رسول الله، إني أكثر من الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك. رواه الترمذي والحاكم في المستدرك.
إلا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا كسائر ذكر الله ودعائه، ولا يختص ذلك بها بحيث يعتقد أن لها خصوصية في تحقيق ذلك، كما لا يلزم في ذلك تحقق ما يريده القائل، فقد يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يدعو الله ولا يتحقق له ما يريد لمانع من إجابة دعائه أو لحكمة يعلمها الله تعالى، وإن كان يقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يوفر لمن صلى عليه ذلك المكان بذاته فهذا ضلال مبين وشرك والعياذ بالله.
وليس لهذا الرجل أن يرفع صوته في الخطبة بترديد الآيات التي يقرأها الخطيب لأن ذلك يشوش على الناس ويشغله عن الخطبة ويزيد الأمر سوءاً إذا كان مرائياً في ذلك قاصداً إعلام الناس بحفظه للقرآن.
والمطلوب أن تنصح هذا الشخص بالرفق واللين عسى الله أن يهديه، وسكوتك عما حصل منه خطأ منك ينبغي أن تستدركه بنصحه مرة أخرى إذا رأيت ذلك منه، بشرط أن يكون ذلك في وقت غير الوقت الذي يخطب فيه الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(10/390)
حكم الصلاة على النبي بالصيغة الواردة في السؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي أهل السنة في الصلاة على النبي بالصيغة التالية:
اللهم صل على النبي كما تُصلي عليه وملائكتُك يا رحمن يا رحيم وسلم عليه أفضل التسليم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الله عزوجل في القرآن الكريم على أنه سبحانه يصلي وملائكته الكرام على عبده ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام, وطلب من عباده أن يصلوا عليه فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب: 56}
وعليه؛ فلو قال قائل: اللهم صل على محمد كما تصلي عليه أي بعدد صلواتك عليه فحسن لا مانع منه, وقد كان الإمام الشافعي يقول: اللهم صل على محمد كلما ذكرك الذاكرون, وصل على محمد وعلى آل محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون. انتهى من مغني المحتاج.
والحاصل أن صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في السؤال جائزة، والأفضل الصلاة عليه بالصيغة الواردة وهي التي علمها أصحابه, ومنها ما ذكرناه في الفتوى رقم: 5025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(10/391)
الدعاء على الزوج الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجي عصبي معي ويسُبني من غير سبب ويحاسبني على الصغيرة والكبيرة، وكان ميسور الحال بعض الشيء، وفى يوم من الأيام دعوت عليه أن يحرمه الله من الذي يتكبر من أجله واستجاب الله لي حتى أصبح مديونا وندمت واستغفرت الله هل علي إثم، أرجو تنويري، ماذا أفعل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاعتداء في الدعاء لا يجوز، أما الدعاء على الظالم فجائز، وإذا كان الزوج قد ظلمك كما ذكرت فلا إثم عليك إن دعوت عليه، ولم تتعدي الحدود الشرعية التي بيناها في الفتوى رقم: 70611، وانظري الفتوى رقم: 46898.
وترك الدعاء والصبر خير، وذلك أن دعوة المظلوم مستجابة، فينبغي الصبر وعدم الدعاء على المسلم حتى لا يصاب بها، ولا سيما إذا كان زوجاً أو قريباً، وعلى العموم ننصحك بالدعاء لزوجك أن يرزقه الله الكفاف من المال وحسن الخلق، وأن يقضي دينه. وفي الحديث: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(10/392)
الدعاء في ثلث الليل الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن دعاء يقوله الشخص 100 مرة في الثلث الأخير من الليل لمدة 03 أيام, إذا دعا به الله يستجيب له مباشرة, إذا كان صحيحا ما سمعته فإنني أود معرفته.
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور سبق السؤال عنه فى الفتوى رقم: 73885، وقد ذكرنا أنا لم نعثر على نسبة ذلك الدعاء لزين العابدين ولا لغيره ولم نقف على مشروعيته, فتخصيص ذلك الدعاء بالثلث الأخير من الليل داخل فى تعريف البدعة الإضافية كما تقدم فى الفتوى رقم: 17613.
والمسلم دائما يلتجئ إلى الله تعالى, ويكثر من الدعاء والتضرع خصوصا فى الأوقات التى يظن فيها استجابة الدعاء. ومن هذه الأوقات الثلث الأخير من الليل. وراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 17449، 35121، 35121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(10/393)
الجمع بين الذكر بعد الصلاة وأذكار الصباح بنية واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قراءتي للذكر هل يجوز أن أذكره بنية جمعه (أن أصلي الفجر وأقول بعدها الأذكار التي تقال بعد الصلاة وأجمعها مع أذكار الصباح) ، مثل أن أقولها مرة واحدة بنية أنه ذكر بعد الصلاة وذكر الصباح، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 52186 بيان أن الأذكار المأثورة بعد الفريضة وأذكار الصباح والمساء كل منها مسنون مرغب فيه، وكل منها مطلوب بمفرده، وبالتالي فالأذكار المأثورة في كل منهما لا يجزئ قراءتها مرة واحدة بنية الإجزاء عنهما معها، وهذا الأذكار المأثورة في كل منهما مثل سورة الإخلاص والمعوذتين وآية الكرسي، والأذكار المأثورة في الصباح سبق بيانها في الفتوى رقم: 11882.
كما أن الأذكار المأثورة بعد الفريضة تقدم ذكرها في الفتوى رقم: 42164، والفتوى رقم: 4817.
والأفضل أن يبدأ الشخص بتلاوة الأذكار المأثورة بعد الصلاة ثم أذكار الصباح، كما تقدم في الفتوى رقم: 57127.
ووقت أذكار الصباح تقدم بيانه في الفتوى رقم: 70552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(10/394)
الدعاء بالأمن من كيد الشيطان وثواب الصير على البلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نسأل الله عز وجل أن يغفر ذنوبكم وييسر أموركم لما فيه الخير والرحمة
أما الأسئلة فهي من شقين: الأول: هل الدعاء بهذا الدعاء جائز؟ (اللهم يئس الشيطان مني كما يئسته من رحمتك واقنط الشيطان مني كما أقنطه من عفوك)
السؤال الثاني: هل يؤجر الانسان إذا كان من الذين ابتلوا بكثرة الوساوس والهواجس بحيث تكون كثيرة ولايعرف طريقة دفعها بحيث تتعرض له في كثير من أمور حياته ولكن هو يجاهدها ما استطاع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى أن تسأل الله جل وعلا أن يحفظك من الشيطان وكيده ومكره ونحوذلك ولو سألته بما ذكرته في سؤالك فلا نعلم مانعا منه. وأما ما يتعلق بالتخلص من الوسواس وعلاجه، فراجع الفتوى رقم: 51601، وأما قولك: هل يثاب المرء على ذلك فالجواب: أنه لا يبتلى المسلم أي ابتلاء فيصبر ويحتسب، ويتعامل معه وفق ماشرع الله إلا وفاه الله أجر ذلك غير منقوص كما قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 155- 157} وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر: 10} وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وفي الصحيحين أنه قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها. والوسواس مصيبة من المصائب وبلاء يبتلي الله به من شاء من عباده. فمن صبر واحتسب فله أجر الصابرين على البلاء بإذن الله. وقد جاءت امرأة إلى النبي صلى اله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أصرع فادع الله لي فقال: إن شئت دعوت الله لك, وإن شئت صبرت ولك الجنة فقالت: يا رسول الله أصبر ولكني أتكشف فادع الله ألا أتكشف فدعا لها عليه الصلاة والسلام. وقد يفوت العبد من مصالح الدنيا والدين ما يفوته بسبب الوسواس, وفي الصبر عوض عما يفوته من ذلك، ولهذا فمن أخذ بالأسباب الشرعية للعلاج فقد أصاب وأحسن. ومن عجز أو قصرت قدرته عن إدراك ذلك فصبر واحتسب فقد أصاب وأحسن، وفي كل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(10/395)
كيفية التسبيح بالأنامل
[السُّؤَالُ]
ـ[التسبييح عقب كل صلاة على اليدين أم اليد اليمنى فقط؟ ولكم الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ف أما جواب السؤال عن التسبيح باليدين كليهما أم باليمين فقط فراجع الفتوى رقم: 71847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(10/396)
الذكر عند سماع صوت الديك والكلب والحمار
[السُّؤَالُ]
ـ[عند سماع صوت الديك والكلب والحمار. هل من ذكر يقال؟
أفيدونى أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة عند سماع صوت الديكة أن يسأل الإنسان ربه من فضله, ولا نعلم دعاء محددا في ذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا. فسبب الدعاء عند ذلك رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإخلاص.
وأما عند سماع عواء الكلاب ونهيق الحمير فيتعوذ بالله لأنها رأت شياطين لما رواه أبو داو د عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله, فإنهن يرين ما لا ترون. والاستعاذة بالله عند ذلك رجاء عصمة الله من تلك الشياطين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1427(10/397)
الدعاء لتيسير الزواج من بنت العم
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :يس لما قرئت له. صدق رسول الله:-
أنا قرأت سورة يس مرات عدة بعدها أشعر باطمئنان من ناحية علاقتي مع بنت عمتي وكنت أقوم الليل وأصلي صلاة حاجة على أن يجمع الله بيني وبينها وكنت أيضا أشعر باطمئنان وطلبت منها ان تصلى صلاة الاستخارة وصلت بالفعل وشعرت هي أيضا بسعاده شديدة ولا أدري ماذا افعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مشروعة، وقد سبق في الفتوى رقم: 4823، ذكر كيفيتها ودعائها وغير ذلك ومن آثارها الإحساس بانشراح الصدر كما في الفتوى رقم: 1775.
كما أن الدعاء وخاصة في الثلث الأخير من الليل يرجى إجابته، والدعاء بتيسير أمر الزواج بامرأة معينة لا حرج فيه، كما في الفتوى رقم: 62548.
ونرشد ك بعد الاستشارة والاستخارة أن تخطب الفتاة من وليها حتى لا يخطبها غيرك، ونسال الله أن يجمع بينكما على خير.
أما استدلالك ب "يس لما قرئت له " فإنه ليس بحديث، قال السخاوي: لا أصل لهذا اللفظ، وتراجع الفتوى رقم: 21749.
كما ننبهك إلى أن الفتاة تظل أجنبية عنك حتى يتم عقد النكاح، فلا يجوز الخلوة بها ولا النظر إليها، وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(10/398)
التسبيح والدعاء للحائض والنفساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التسبيح والدعاء أثناء فترة الحيض والنفاس؟
وهل يجوز الدعاء والتسبيح أثناء الانشغال بأعمال المنزل والطبخ؟
وهل يجوز الدعاء والتسبيح بملابس عادية أي بدون حجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة الحائض والنفساء يجوز لها التسبيح والدعاء وغيرهما من الأذكار، بل تجوز لها تلاوة القرآن على الراجح من أقوال أهل العلم، لكن لا تمس المصحف، وراجعي الفتوى رقم: 36329، كما يجوز أيضا ذكر الله تعالى أثناء القيام ببعض أعمال المنزل، وفي هذه الحالة يكون المسلم قد شغل لسانه بذكر الله تعالى وجوارحه بعمل نافع، وهذا أكثر ثوابا، ولا بأس أيضا بالاشتغال بذكر الله تعالى بدون ارتداء الحجاب، وراجعي الفتوى رقم: 41773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(10/399)
هل يشهد النبي صلى الله عليه وسلم مجالس الصلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. سورة الفتح، ما هو تفسير الآية وهل النبي صلى الله عليه وسلم يشهد في مجالسنا للصلاة عليه ومجلس المولد روحياً، وهل فسر ابن عباس رضي الله عنه هكذا سمعت من مجلس المولد من عالم وجاء بدليل (يعرض علي أعمال أمتي.. إلخ) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الآية هي الخامسة والأربعون من سورة الأحزاب، وقد قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري في تفسيرها: يقول الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد (إنا أرسلناك شاهداً) على أمتك بإبلاغك إياهم ما أرسلناك به من الرسالة ومبشرهم بالجنة إن صدقوك وعملوا بما جئتهم به من عند ربك (ونذيراً) من النار أن يدخلوها فيعذبوا بها إن هم كذبوك وخالفوا ما جئتهم به من عند الله وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ... ثم سرد من قال بذلك، وقال ابن كثير: (شاهداً) أي لله بالوحدانية وأنه لا إله غيره وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة وجئنا بك على هؤلاء شهيداً، كقوله: لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. وقوله عز وجل: ومبشراً ونذيراً. أي بشيرا للمؤمنين بجزيل الثواب ونذيراً للكافرين من وبيل العقاب. وكذا قال القرطبي والشوكاني والنسفي وغيرهم.
وأما هل يشهد النبي صلى الله عليه وسلم مجالس الصلاة عليه، فالجواب: أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن صلاتنا عليه تعرض عليه وفي رواية أن لله ملائكة سياحين في أرضه يبلغون النبي صلى الله عليه وسلم صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه، وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية جملة من تلك الأحاديث في مجموع الفتاوى وعلق عليها فقال: ولكن الذي في السنن ما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام. فهو يرد السلام على من سلم عليه عند قبره ويبلغه سلام من سلم عليه من البعيد كما في النسائي عنه أنه قال: إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام. وفي السنن عنه أنه قال: أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، فقال: إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء. فبين صلى الله عليه وسلم أن الصلاة والسلام توصل إليه من البعيد والله قد أمرنا أن نصلي عليه ونسلم وثبت في الصحيح أنه قال: من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشراً ...
فبين صلى الله عليه وسلم في تلك الأحاديث أن صلاتنا وسلامنا عليه تعرض عليه وتوصل إليه، ولم يذكر أنه يحضر مجالسنا ويشهدها، ولم نقف فيما اطلعنا عليه على إثبات ذلك لا في خبر مرفوع أو أثر موقوف عن ابن عباس أو غيره، والواجب الوقوف عند ما ورد والكف عما لم يرد، وما يذكره أصحاب البدع من خرافات لجذب عواطف العامة لا دليل عليه.
فليتقوا الله تعالى في عباده ولا يضلوهم بغير هدى ولا كتاب منير، وعلى كل مسلم أن يحذر من أصحاب البدع والخرافات فإنهم لا يتورعون عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته الكرام بما يؤيد بدعهم ويعضدها، ولمعرفة حكم إقامة المولد والاحتفال به انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1888، 6064، 17832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(10/400)
دعوة الناس إلى استخدام أذكار معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف ماذا يقال لشيخ يدعو الناس، ويقول لهم ادعوا الله أو استخدموا هذه الأّذكار، ويحدد أذكارا لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم على هذا مرتب على معرفة هذه الأذكار التي يأمر بها، فإذا كانت الأذكار التي يأمر بها مشروعة فإنه يشكر لأنه يدل الناس على السنة ويحثهم عليها.
وأما إن كانت الأذكار التي يحددها لهم مما لم يرد في السنة تحديدها فلا ينبغي طاعته بل ينبغي الحذر منه، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 69307 والفتوى رقم: 51760 والفتوى رقم: 72887، والفتوى رقم: 63884 وأخيرا الفتوى رقم: 47919
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(10/401)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا لغيره بدأ بنفسه، ففي سنن الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقال الشيخ الألباني: صحيح.
وفي رواية لأبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه, وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر لرأى من صاحبه العجب, ولكنه قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني ـ طولها حمزة ـ. قال الشيخ الألباني: صحيح، دون قوله: ولكنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(10/402)
هل يجوز تمني المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما ومشكلتي هي أنني دائماً أتوقع المرض وأتمناه بل وأحياناً أدعو الله أن يصيبني بمرض قاتل حتى أنني أفرح عندما أمرض، فسؤالي هو: هل يجوز أن أدعو الله راجية منه إصابتي بمرض قاتل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بشغل فكرك بالاهتمامات النافعة ومعالي الأمور، وأن تتمني على الله صلاح الدنيا والآخرة، فهو كريم جواد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه. رواه الطبراني في الأوسط،، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وقد ورد النهي عن تمني الموت أو الدعاء به على النفس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي. رواه البخاري.
وورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.... أيها الناس: لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية, فإذا لقيتموهم فاصبروا ... ولتعلم السائلة أن المرض قد يعيق عن الاستزادة من فعل الخير، وينهك قوى البدن، وقد لا يصبر عليه صاحبه فيتسخط من قدر الله, بل ربما ساقه ذلك إلى الكفر والعياذ بالله، فلتبتعد عن مثل هذه الأماني وهذه الأدعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(10/403)
ما يقوله من رأى شيئا يعجبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عندما يسره أمر أويعجبه شيء، وهل من الأفضل أن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة الثابتة أن يقول الإنسان إذا رأى ما يعجبه (تبارك الله) أو ما (شاء الله) فقد روى أحمد والنسائي وصححه ابن حبان من طريق الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو ماء حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة فليط أي صرع سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تتهمون به من أحد؟ قالوا: عامر بن ربيعة فدعا عامرا فتغيظ عليه، فقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت.
ومثله عند ابن السني من حديث عامر بن ربيعة، وأخرجه البزار وابن السني من حديث أنس رفعه: من رأى شيئا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره. ولم نقف على حديث صحيح يدل على أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لو أن إنسانا أتى بالمسنون فقال تبارك الله اللهم صل على محمد غير معتقد أن ذلك من السنن ولا ملازم له ولم يجعله بديلا عن المشروع فلا مانع منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(10/404)
حكم تعليق أدعية دخول الخلاء داخل الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. هل يجوز تعليق أدعية دخول الخلاء أو الوضوء داخل بيت الخلاء مع العلم أن فيها لفظ الله؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من تعظيم الله تعالى تعظيم اسمه سبحانه, ومن تعظيم اسمه تعالى أن ينزه عن الدخول به إلى الأماكن القذرة كالحمام لقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}
وعليه فيكره الدخول بما فيه اسم الله إلى الحمام أو تعليقه داخله، أما المصحف فيحرم. قال المرداوي في الإنصاف: أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك في تحريمه قطعا ولا يتوقف في هذا عاقل. انتهى.
فتعليق آيات من القرآن داخل الخلاء ممنوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(10/405)
حكم قول الأم (والله، الله لن يرحمك مني)
[السُّؤَالُ]
ـ[غضبت امرأة من ولدها فقالت: (والله، الله لن يرحمك مني) ، ما حكم هذه المسألة؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الولد قد عق والدته، فدعاؤها عليه حقيق أن يجاب، ولذا فعلى هذا الولد أن يتوب إلى الله تعالى من العقوق، وأن يطلب السماح من أمه، ويسعى في خدمتها وطلب رضاها، وأن يتذلل بين يديها وعند رجلها فثم الجنة، ففي حديث معاوية السلمي أنه أتى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، وذكر الحديث إلى أن قال: أحية أمك؟ قال: نعم، قال: الزم رجلها فثم الجنة. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. قال في رد المحتار: لعل المراد -والله أعلم- تقبيل رجلها. وانظر الفتوى رقم: 43879.
وأما قول الأم (والله، الله لن يرحمك مني) فإن قصدت به الإخبار بأن الله عز وجل لن يرحمه بسببها أي من جهتها لأنه لم يبرها فذهب أجر البر وحل به إثم العقوق، فهذا الإخبار صحيح فإن الولد لا يؤجر على العقوق، وإن قصدت به أن الله تعالى لن يرحمه أبداً، فهذا تأل على الله تعالى، وهو منهي عنه، ففي صحيح الإمام مسلم من حديث جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك. وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث جندب قال: وطئ رجل على عنق رجل وهو يصلي، فقال الرجل: والله لا يغفر لك هذا أبداً، فقال الله عز وجل: من هذا الذي يتألى علي أن لا أغفر له؟! فقد غفرت له وأحبطت عملك.
وإن قصدت الدعاء عليه بأن لا يرحمه الله فلا ينبغي لها ذلك أيضاً لأنه قد جاء النهي عن الدعاء على الأولاد، وانظر الفتوى رقم: 68847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(10/406)
الذكر والاستغفار والتلاوة أثناء مشاهدة التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أستغفر وأسبح أمام التليفزيون أحيانا يكون في القناة برامج وأحيانا أغاني
1- هل يجوز أن أستغفر والأغاني تبث في القناة؟
2- أيضا هل أستطيع أن أقرأ بعض القرآن وسورة الإخلاص والمعوذتين أثناء مشاهدتي للتليفزيون وأحيانا يبث أغاني؟
أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 987، والفتوى رقم: 4588، التفصيل في حكم الغناء وما يحرم منه، كما تقدم في الفتوى رقم: 1886، بيان حكم مشاهدة التلفاز، فإذا كنت تشاهدين في التلفاز ما يحرم النظر إليه أو الاستماع له فهذه معصية يجب الإقلاع عنها فورا مع التوبة الصادقة، والاستغفار في هذه الحالة مع الإصرار على تلك المعصية صاحبه على خطر عظيم لأنه كالمستهزئ بالله رب العالمين كما تقدم في الفتوى رقم: 61486.
والتسبيح أثناء مشاهدة التلفزيون سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 13125.
وتلاوة القرآن لها آداب من بينها التدبر لما يقرؤه القارئ مع الخشوع وعدم شغل سمعه أو بصره بما ينافي التلاوة، وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 24437، والفتوى رقم: 36653،
وعليه فمن تعظيم كتاب الله تعالى عدم قراءته أثناء مشاهدة التلفاز، وقد قال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30}
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(10/407)
الإكثار من الذكر والاجتماع عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول سبحانه وتعالى: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) هذه الآية تفيد التعميم لذكر الله سبحانه وتعالى والإكثار منه، وبالتالي يمكن اعتمادها تأصيلا لاعتكاف مجموعة من الناس في بيت من البيوت شرط أن تكون التقربات والنوافل والاذكار والقراءة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملائكة سيارة يلتمسون مجالس الذكر...."، والحديث الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "وانتظار الصلاة بعد الصلاة, فذلكم الرباط فذلكم الرباط" ما رأي شيخنا في هذا، وما علاقته بالبدعة الإضافية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:190-191} ، حمل الذكر المذكور فيه على الصلاة المشتملة على قيام وقعود, وحمله بعضهم على المريض الذي تختلف أحواله بحسب استطاعته قاله ابن مسعود , وحمله بعضهم على الذكر المطلق كذا قال ابن العربي , واحتج لهذه الأقوال بأحاديث منها ما روى البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم عن عمران بن حصين: أنه كان به باسور فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب.
وما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، ومنها ما روى أحمد عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة، ثم قال ابن العربي: الصحيح أن الآية عامة في كل ذكر. انتهى.
ولا نرى أن الآية حجة في الذكر الجماعي وإنما هي حجة في الذكر المطلق بأن يذكر العبد الله على كل حال، قائماً وقاعداً وعلى جنب، ولا شك أن ذكر الله من أفضل القربات وأجلها، وذلك لكثرة الأدلة على ذلك من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها قول الحق سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {الأحزاب:42} ، وقوله تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {الأحزاب:35} ، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت. وفي الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند وصححه الأرناؤوط أن النبي صلى الله عليه سلم قال للأعرابي عندما سأله إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل.
فالذكر على وجه العموم مطلوب ومشروع في كل وقت وحين والإكثار منه مطلوب في الأحوال كلها وذلك يشمل ذكر العبد منفرداً وذكره مع جماعة ويدل لمشروعية الاجتماع على الذكر -إن لم يشتمل على ما فيه محذور شرعي- ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ما يقول عبادي: قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقولون: هل رأوني، قال: فيقولون: لا والله يا رب ما رأوك، قال: فيقول: فكيف لو رأوني، قال: فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال: فيقول: فما يسألوني، قال: فيقولون: يسألونك الجنة، قال: فيقول: وله رأوها، قال: يقولون: لا، والله يا رب ما رأوها، قال: فيقول: فكيف لو رأوها، قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون، قال: يقولون: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها، قال: يقولون: لا، والله ما رأوها، قال: فيقول: فكيف لو رأوها، قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد لها مخافة، قال: فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. رواه البخاري، وفي لفظ مسلم: إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلاء يبتغون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال: فما يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا يا رب، قال: وكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا يا رب، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا، قال: يقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
وعن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبرائيل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة. رواه مسلم. وفي الحديث: ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة، وتغشتهم الرحمة، وتنزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده. رواه ابن ماجه وقال الشيخ الألباني صحيح.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات. رواه أحمد - ورواته محتج بهم في الصحيح إلا ميمون المرائي - وأبو يعلى والبزار والطبراني كذا قال المنذري، وقال الألباني صحيح لغيره، ورواه الطبراني عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون حتى يقال لهم قوموا قد غفر الله لكم، وبدلت سيئاتكم حسنات. قال الألباني في تحقيق الترغيب: صحيح لغيره. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبعثن الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء، ولا شهداء قال: فجثا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله، حلهم لنا نعرفهم، قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه. رواه الطبراني بإسناد حسن كما قال المنذري وصححه الألباني.
وقال النووي: يستحب الجلوس في حلق الذكر، وأورد الحديث الذي رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، أنه قال: إنه صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا..... إلى أن قال: أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة.
وقال ابن تيمية: الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن إذا لم يتخذ سنة راتبة، ولا اقترن به منكر من بدعة.
واعلم أن الاجتماع على الذكر حمله بعضهم على مجالس العلم، قال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، أي مجالس العلم. وقد ذكر أهل العلم أن عطاء ذكر أخص أنواع الذكر، وهي من جملة مجالس الذكر، وليس الذكر محصوراً بها إلا أن أفضل مجالس الذكر هي مجالس مدارسة العلم الشرعي.
وأما الاجتماع الذي يدخل في البدعة الإضافية فهو ما أحدثت فيه طريقة، أو تحديد لعدد أو قت أو هيئة، أو ترديد بصوت واحد مما لم تثبت مشروعيته، فالذكر الجماعي الذي نهى عنه العلماء هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع أدبار الصلوات المكتوبة، أو في غيرها من الأوقات والأحوال ليرددوا بصوت جماعي أذكاراً وأدعية وأورادا وراء شخص معين، أو دون قائد لكنهم يأتون بهذه الأذكار في صيغة جماعية وبصوت واحد، كذا عرفه الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس في كتابه (الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع) وهذا هو الذي عده الشاطبي مثالاً على الابتداع في هيئات العبادات وكيفياتها، قال رحمه الله: ومنها -أي البدعة الإضافية- التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ... ومنها التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة.
هذا وإن من شروط الاعتكاف الشرعي أن يكون في مسجد، لقول الله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ {البقرة:187} ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا في المسجد، وأما الانتظار المذكور في حديث مسلم: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذالكم الرباط. فالمراد به الانتظار في المسجد حيث تقام الصلاة جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(10/408)
حكم الدعاء بـ (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق..)
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام مسجد دائما يدعو أثناء خطبة الجمعة بالدعاء (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) وقد سمعت الدكتور مبروك عطية أستاذ بجامعة الأزهر بأن من يدعو بهذا الدعاء فهو يدعو على قومة لأن بعض الأنبياء دعوا بهذا الدعاء على قومهم قبل نزول البلاء بهم، أفيدونا جزاكم الله بجواز أو عدم جواز الدعاء بمثل هذا الدعاء؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى (افتح) في الدعاء المذكور أي اقض، والمعنى ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق أي اقض بيننا وبينهم بالحق، فمن كان محقا فانصره وأيده، ومن كان بخلاف ذلك فجازه بما يستحق، فهو دعاء على المبطلين من القوم وليس على القوم جميعا.
وعليه؛ فلا يدعى بهذا الدعاء إلا إذا كان هناك من يستحق أن يدعى عليه، كما حصل للأنبياء الذين دعوا على أقوامهم لما كذبوهم وحاربوهم، وأما تكرير الخطيب له كل جمعة بدون مبرر للدعاء به فلا ينبغي بل هو اعتداء في الدعاء، وفي مسند الإمام أحمد أن سعدا رضي الله عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.
وينبغي نصح هذا الخطيب برفق ولين في أن يكف عن الدعاء المذكور؛ إلا إذا وجد ما يستدعي دعاءه به فيدعو حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(10/409)
الدعاء لا يضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي منذ صغري وأصوم رمضان وأقرأ القرآن وأتمسك بسنة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الله لا يستجيب دعائي الذي أدعو الله به بعد كل صلوات الفرض وصلوات السنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك وهداك لطاعته ونسأله جل جلاله أن يديم عليك ذلك ويثبتك عليه حتى الممات.
واعلم أن الله يستجيب دعاء من دعاه لأنه وعد بذلك فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: الآية60} . وقال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة: 186}
واستجابة الدعاء لها ثلاث صور بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم.
فدعاؤك لا يضيع ولكن قد تكون المصلحة في أن يدخر الله لك ثواب دعوتك ولا يحقق لك ما سألته لأنه أعلم بحالك منك قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ رالبقرة: 216} كما ينبغي أن تعلم أن للدعاء شروطا لا بد من تحققها للإجابة وموانع تمنع من إجابته وآداب هي وسيلة للإجابة، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 11571، 2395، 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(10/410)
لا حرج في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دون ذكر آله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على النبي دون الصلاة على آل بيته، أي هل يصح أن نقول صلى الله عليه وسلم, دون القول صلى الله عليه وآله وسلم.
أفيدونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دون ذكر الصلاة على آله لأن الله تعالى أمر بالصلاة عليه دون ذكر الآل حيث قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً {الأحزاب:56}
إ لا أن الأفضل الصلاة عليه مع آله أيضا كما جاء فى الصلاة الإبراهيمية التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 34380.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 21892، والفتوى رقم: 46915.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(10/411)
حلية الذاكر لربه عز وجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى سبحان الله وبحمده، وماذا أستشعر عندما أقول سبحان الله وبحمده لكي يزداد نفعنا بها عندما نستشعرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا معنى سبحان الله وبحمده وفضل الذكر بها وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26980، 50694، 69617، 35556، 60185، 4513.
وأما ما ينبغي استحضاره عند الذكر بها أو غيرها من ألفاظ التسبيح والتحميد فهو استشعار عظمة من يثنى عليه بها، والتفكر في معناها، وأنها ثناء على الله وتنزيه له عن كل نقص، وأن الله تعالى يحب الثناء من عبده ويثيبه عليه، ولا بد من حضور القلب والإقبال، فلا ينبغي أن تذكر الله وأنت لاه عنه مقبل على غيره، والذكر من أنواع الدعاء ولا يقبل الله الدعاء من قلب لاه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي قال: قال صلى الله عليه وسلم: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. قال الألباني رحمه الله حسن، ومن الأسباب المعينة على حضور القلب أن يهيئ العبد نفسه لهذا المعنى قبل الشروع فيه، بأن يتذكر أنه الآن إنما يخاطب ربه ويمدحه ويثني عليه، والله تعالى مطلع عليه عالم بسريرته، قال الله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ {يونس:61} ، وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 56067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(10/412)
طباعة الأدعية مع الإعلان عن مشغل للسيدات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي مشغل للسيدات وأرغب في عمل إعلان للمشغل في ورقة كما التي توضع في السيارات ويتم تعليقها على المرايا (مثل دعاء السفر ودعاء دخول السوق وخلافه) بحيث يكون إعلان المشغل في صفحة والدعاء في الوجه الآخر من الصفحة فهل يجوز عمل ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الإعلان المذكور يوضع في أماكن محترمة ولا يترك في الأماكن القذرة أو يتعرض للامتهان فلا مانع شرعا من كتابة أدعية أو أذكار أو جمل مفيدة تذكر الناس وتعلم الجاهل وتنبه الغافل، فلا شك أن ذلك من فعل الخير ونشر الدعوة والثقافة الإسلامية.
أما إذا كان سيرمى في الأماكن القذرة فإنه لا يجوز كتابة الأدعية والأذكار معه لما في ذلك من عدم تعظيم حرمات الله تعالى، فقد قال الله عز وجل: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 29} وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(10/413)
الدعاء إذا كان على سبيل الفكاهة أو النكتة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل فضيلتكم عن الأدعية التي على شكل نكت فيما مثلا يتعلق بالامتحان أو أي شيء آخر فهل يصح ذلك وما هو حكمه وفاعله؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء عبادة جليلة لا يليق ولا ينبغي أن يدعو به الإنسان على سبيل النكتة, سواء كان ذلك فيما يتعلق بالامتحان أو غيره، وأما الدعاء على سبيل الاستهزاء بالله تعالى فكفر والعياذ بالله، فليحذر المسلم من ذلك ولا ينجر وراء الشيطان وهوى النفس. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 11614.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(10/414)
إهداء ثواب الطاعة إلى شخص حي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء الحسنة لأحد المحتاجين حتى يدعو لي، ويقيني بأن الله سوف لن يرد الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن إهداء ثواب طاعة لله تعالى إلى شخص حي فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، فعند الحنابلة والحنفية جوازذلك، وقال بالمنع الشافعية وأكثر المالكية كما تقدم فى الفتوى رقم: 27664. ودعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب يكون مستجابا وتؤمن عليه الملائكة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك به:آمين ولك بمثل.
رواه الإمام مسلم فى صحيحه.
والمسلم إذا دعا بدعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم فإما أن يستجيب الله دعاءه وإما أن يدخر له الثواب فى الآخرة وإما أن يصرف به عنه بعض البلاء.
وراجعي الفتوى رقم: 63158
وهناك أشياء تمنع من استجابة الدعاء سبق بيان بعضها فى الفتوى رقم: 11571
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(10/415)
دعاء المرأة أن يخلصها الله تعالى من حملها
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق أن سألت عن حكم الإجهاض في الأسابيع الأولى وكان رد فضيلتكم عدم الجواز
ومشكلتي أنني لا أستطيع تقبل هذا الحمل وفي كل يوم يزيد إعيائي وتقل قدرتي على الاعتناء بطفلتي (4 شهور) وأنا بالأصل بنيتي ضعيفة وأصبحت مع كل فرض صلاة أبكي وأدعو الله أن يخلصني من هذا الحمل فهو أعلم بخوفي وحزني
سؤالي الآن هل يجوز لي الدعاء بذلك فالله سميع عليم، أم أن في ذلك اعتراضا على نعمة الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه محل خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، كما أشرنا إلى ذلك في الفتوى رقم: 44731، وبينا أن المفتى به عندنا هو المنع مطلقا إلا إذا ترتب عليك ضرر كبير فيمكن لك أن تعملي بقول المجيزين للإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين، وإن كان الأولى بالمسلمة الصبر وأن لا تقدم على الإجهاض، وأن تحمد الله تعالى على نعمة الأبناء، وأما عن دعائك بأن يخلصك الله من ذلك الحمل فلا ينبغي، بل عليك أن تسألي الله تعالى أن يخفف عنك وأن يرزقك قوة البدن وحسن تربية أبنائك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(10/416)
الأعمال الكثيرة في الدقيقة الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[تنتشر ورقةٌ من صفحة واحدة عنوانها \"الدَّقِيقَةُ مِنْ عُمُرِكَ\" ونصها ما يلي:
أخي المسلم: إن الدقيقة من الزمن يمكن أن يُفعل فيها خير كثير، دقيقة واحدة فقط يمكن أن تزيد في عمرك في عطائك في فهمك في حفظك في حسناتك، دقيقة واحدة تُكتب في صحيفة أعمالك إذا عرفت كيف تستثمرها وتحافظ عليها، وفيما يلي مشاريع استثمارية تستطيع إنجازها في دقيقة واحدة بإذن الله:
1- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقرأ سورة الفاتحة 7 مرات سرداً وسراً وحسب بعضهم حسنات قراءة الفاتحة فإذا هي أكثر من 1400 حسنة فإذا قرأتها 7 مرات يحصل بإذن الله أكثر من 9800 حسنة وكل هذا في دقيقة.
2- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقرأ سورة الأخلاص \"قل هو الله أحد\" 20 مرة سرداً وسراً وقراءتها مرة واحدة تعدل ثلث القرآن فإذا قرأتها 20 مرة فإنها تعادل كل القرآن 7 مرات ولو قرأت كل يوم في دقيقة واحدة 20 مرة \"قل هو الله أحد\" لقرأت في الشهر 600 مرة \"قل هو الله أحد\" وفي السنة 7200 مرة وهي تعادل في الأجر قراءة القرآن 2400 مرة.
3- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك ولاه الحمد وهو على كل شيء قدير 20 مرة وأجرها كعتق 8 رقاب في سبيل الله من ولد إسماعيل.
4- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده 100 مرة ومن قال ذلك غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
5- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 50 مرة وهما كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن كما روى البخاري ومسلم.
6- قال صلى الله عليه وسلم: \"لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس\" رواه مسلم. وفي الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول هذه الكلمات جميعا أكثر من ثمانية عشر مرة وهذه الكلمات هي أحب الكلام إلى الله كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
7- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله أكثر من 40 مرة وهي كنز من كنوز الجنة كما روى البخاري ومسلم.
8- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله 50 مرة تقريبا وهي أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد.
9- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم 50 مرة بصيغة \"صلى الله عليه وسلم\" فيصلي عليك الله مقابلها 500 مرة لأن الصلاة الواحدة بعشر أمثالها.
10- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصل رحمك عبر الهاتف.
11- ترفع يديك وتدعو بما شئت من جوامع الدعاء في دقيقة.
12- تقدم نصيحة لأخ لك في دقيقة.
13- تلقي كلمة مختصرة في دقيقة.
14- تسلم على عدد من الأشخاص وتصافحهم في دقيقة.
15- تشفع شفاعة حسنة في دقيقة.
16- تواسي مهموما في دقيقة.
17- تميط الأذى عن الطريق في دقيقة.
18- في الدقيقة الواحد تستطيع أن تقرأ أكثر من صفحتين من كتاب مفيد يسير الفهم.
وفي الختام احرص يا أخي الحبيب على الإخلاص عند فعل هذه الأمور وتأمل ما تقوله وما تفعله واستشعر مراقبة الله لك فإنه بقدر إخلاصك ومراقبتك يعظم أجرك وتكثر حسناتك وهذه الأمور فعلها سهل ولكن المواظبة عليها أو على جزء منها لا بد له من همة عالية واعلم أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. ا. هـ
كتب الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- بخط يده على النشرة:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يجوز العمل بهذه الورقة ولا نشرها لأنها بدعة، كتبه محمد الصالح العثيمين في 8 / 9 / 1419هـ. ا. هـ
مارأي فضيلتكم بهذه الفتوى وأنا أخاف أنه يكون كلام إنترنت ولم يفت الشيخ بها فعلا، فما رأيكم في هذه النشرة بغض النظر عن فتوى ابن اعثيمين يرحمه الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواقع الزمني يفيد إمكانية القيام بهذه الأمور في دقيقة، إلا أنا نؤكد على أهمية التدبر ومراعاة أحكام التجويد عند التلاوة وتدبر معاني القرآن والأذكار والحرص على حضور القلب فيها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70165.
وراجع موقع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للتأكد من صحة نسبة القول بمنع العمل بما في الورقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(10/417)
الدعاء بما فيه ظلم للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمات، سؤالي هو: أني تعلقت بفتاة ورغم أني لم أكن على علاقة مباشرة بها، فقط كانت جارتي إلا أني أحببتها كثيراً ولا زالت، وكنت أنتظر فقط إيجاد عمل من أجل التقدم لخطبتها، إلا أني مباشرة بعد أن تمكنت من الحصول على وظيفة سمعت أنها مخطوبة وأنها ستتزوج من شخص آخر، هذا الأمر أزعجني كثيراً، ورغم ذلك فإني أستمر دائماً في الدعاء لعل الله يجعل هذه الفتاة التي تعلق قلبي بها من نصيبي، فهل أنا آثم بهذا الدعاء مع علمي أنها مرتبطة شرعاً بشخص آخر، لأني أبدوا وكأني بهذا الدعاء أتمنى لها الفشل في مشروعها الزوجي حتى تكون من نصيبي؟ وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء عبادة، يقضي الله به الحاجات ويدفع به البليات، ويكشف به الملمات، ويرفع به الدرجات، ولولا أنه نافع لما أمر - سبحانه وتعالى- به بقوله: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، لكن الدعاء وإن كان في الأصل مندوباً إليه إلا أنه قد يحرم، ويكره أحياناً، قال صاحب كتاب الفواكه الدواني: وحكم الدعاء في الأصل الندب، وقد يعرض له الوجوب كالدعاء على الجنازة، أو الحرمة كالدعاء على شقي بسوء الخاتمة، والكراهة كالدعاء بشيء يكون وسيلة لمكروه. انتهى.
ومن شروطه أن لا يدعو بما فيه إضاعة لحقوق المسلمين، قال القرطبي: ولإجابته شروط...... وشروطه في المدعو به وهي أن يكون من الأمور الجائزة، فلا يدعو بما فيه إثم ولا قطيعة رحم ولا إضاعة حقوق المسلمين. انتهى كلامه.
فالدعاء بأن تكون زوجة مسلم أو مخطوبته من نصيب الداعي فيه طلب إضاعة لحق مسلم، وذلك أن حاصله الدعاء بفسخ خطبته، ولا يجوز الدعاء على غير الظالم، قال القرافي في أنوار البروق: من الدعاء المحرم ... الدعاء على غير الظالم، لأنه سعي في إضرار غير مستحق فيكون حراماً كسائر المساعي الضارة بغير استحقاق، فإن قلت الله سبحانه وتعالى عالم بأحوال العباد جملة وتفصيلاً فلا يجيب دعاء من دعا ظلماً لعلمه تعالى بأنه إضرار غير مستحق وهو سبحانه وتعالى لا يظلم أحداً فلا يكون هذا الدعاء سعيا للإضرار ولا وسيلة له، قلت لا نسلم أنه لا يؤثر ضرراً وما ذكرتموه من علم الله تعالى مسلم، ولكن المدعو عليه لا يخلو غالباً من ذنوب اقترفها أو سيئات اكتسبها من غير جهة الداعي فيستجيب الله تعالى دعاء هذا الداعي الظالم به عليه ويجعله سبباً للانتقام من هذا المدعو عليه بذنوبه السالفة، كما ينفذ فيه سهم العدو والكافر وسيف القاتل له ظلماً، إما مؤاخذة له بذنوبه أو رفعا لدرجاته مع أن صاحب السيف والسهم ظالم فكذلك صاحب الدعاء ظالم بدعائه وينفذ الله دعاءه كسيفه ورمحه، ولذلك يسلط الله عليه السباع والهوام للانتقام وإن لم يصدر منه في حقها ما يوجب ذلك ويعاقب هذا الداعي أيضاً على دعائه بغير حق والكل عدل من الله تعالى، بل لو جوزنا خلو هذا المدعو عليه من الذنوب مطلقاً وطهارته من جميع العيوب لجوزنا استجابة هذا الدعاء ليجعله الله سبباً لرفع الدرجات وإظهار صبر العبد ورضاه فيحصل له الجزيل من الثواب. انتهى كلامه.
والخلاصة أنه لا يجوز لك أن تدعو الله تعالى بما قد يكون فيه ظلم للغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1427(10/418)
كيفية عقد التسبيح بالأنامل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريدكم أن لا تحيلوني على أجوبة سابقة
سؤالي
ما هي كيفية عقد التسبيح مع ذكر الدليل؟
وهل تعقد في الأذكار التي يكون عددها اثنتين فما فوق؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة عقد التسبيح بالأنامل لقوله صلى الله عليه وسلم: واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما. والمقصود بالعقد العد، وأما كيفية ذلك فلم نقف على دليل صحيح يبين ذلك ومن عد بوضع طرف الإبهام على أنامل الأصابع الأخرى فقد عد بالأنامل، ومن وضع أطراف الأنامل على الكف فقد عد أيضا بها. قال ابن علان رحمه الله: يحتمل أن المراد العقد بنفس الأنامل أو بجملة الأصابع. قال: والعقد بالمفاصل أن يضع إبهامه في كل ذكر على مفصل، والعقد بالأصابع أن يعقدها ثم يفتحها وفي شرح المشكاة العقد هنا بما يتعارفه الناس. فالأمر في ذلك واسع.
والتسبيح باليد اليمنى واليسرى كلاهما جائز، وإنما الخلاف في أيهما أفضل هل هو الاقتصار على اليمنى دون اليسرى أم الأفضل بهما معا لتشهد له الجميع والذي رجحناه في الفتوى رقم: 11829، هو الاقتصار على اليمنى لورود الحديث بذلك.
وعد التسبيح باليد ونحوها يكون لما له عدد قل أو أو كثر لتشهد للمسبح عند الله وفي الموسوعة الفقهية: والتكرار لعدد محدود يقتضي عد الذكر بشيء يحسبه به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(10/419)
دعاء الله تعالى عند المذاكرة والامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أكتب مقالا في المجلة الحائطية للمعهد حول المذاكرة. هذه بعض الأذكار التي وجدتها على شبكة الانترنيت أنقلها كلها عسى أن تنفع قارئها
قبل المذاكرة: اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك وقلوبنا بخشيتك وأسرارنا بطاعتك إنك على كل شيء قدير، حسبنا الله ونعم الوكيل.
- بعد المذاكرة: اللهم إني أستودعتك ما قرأت وما حفظت وما تعلمت فرده عند حاجتي إليه إنك على كل شيء قدير، حسبنا الله ونعم الوكيل.
- يوم الامتحان: اللهم إني توكلت عليك وسلمت أمري إليك، لا ملجأ ومنجأ منك إلا إليك.
- دخول قاعة الامتحان: رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
- قبل البدء بالحل: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهو قولي. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا، يا أرحم الراحمين.
- أثناء الامتحان: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، رب إني مسني الضر إنك أرحم الراحمين.
- عند النسيان: اللهم يا جامع الناس في يوم لا ريب فيه اجمع علي ضالتي.
- بعد الانتهاء: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
لمزيد المعلومات يمكن الاطلاع على الرابط التالي http://www.makkahedu.gov.sa/forum/topic.asp?TOPIC_ID=787
وسؤالي هو: هل من الممكن أن ندعو بأن يمنحنا الله فهم النبيين وحفظ المرسلين أليس ذلك من خصائص النبوة والرسالة؟ أرجو الإجابة عن سؤالي حتى أتمكن من تعليق المقال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفهم والحفظ غير النبوة، وعليه فلا نعلم مانعا من أن يسأل إنسان ربه في أن يرزقه فهما وحفظا كفهم وحفظ النبيين.
وأما سؤال الله تعالى عند المذاكرة والامتحان بالدعوات التي ذكرتها فلا مانع منه أيضا؛ لأن المذكور دعاء حسن إلا أن تخصيصه بالأوقات المذكورة لم ترد السنة به فلا يصح أن يعتقد الداعي أن ذلك مما وردت به السنة، وقد نقل عن طائفة من العلماء الحث على أدعية في أزمنة أو أحوال معينة ومن ذلك ما قاله ابن القيم في إعلام الموقعين وهو يتحدث عن المفتين: حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) وكان شيخنا ــ ابن تيمية ــ كثير الدعاء بذلك، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: يا معلم إبراهيم علمني، ويكثر الاستعانة بذلك اقتداء بمعاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال لمالك بن يخامر السكسكي عند موته، وقد رآه يبكي فقال: والله ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلمهما منك، فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء، وعند عبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وذكر الرابع، فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز، فعليك بمعلم إبراهيم صلوات الله عليه، وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وكان مكحول يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكان مالك يقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله العلي العظيم، وكان بعضهم يقول: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. وكان بعضهم يقول: اللهم وفقني واهدني وسددني واجمع لي بين الصواب والثواب وأعذني من الخطأ والحرمان، وكان بعضهم يقرأ الفاتحة، وجربنا نحن ذلك فرأيناه أقوى أسباب الإصابة، والمعول في ذلك كله على حسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه في الاستمداد من المعلم الأول معلم الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنه لا يرد من صدق في التوجه إليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(10/420)
سؤال الله تعالى الموت على عمل صالح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: هل يجوز دعاء الله في تحديد طريقة الموت، مثلاً يا رب خذ روحي وأنا ساجد إليك في رمضان، أو أنا في الحج، أم أن هذا الموضوع قد تحدد مسبقاً ولا يمكن تغييره؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الدعاء بأن يتوفاك الله على عمل صالح كالموت أثناء السجود مثلاً، أو ببقعة مباركة كالمدينة المنورة ونحو ذلك، فهذا دليل على حسن الخاتمة، وسؤاله مشروع ففي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك. وفي سنن الترمذي من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله فقيل كيف يستعمله يا رسول الله، قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، قال الترمذي: حسن صحيح، قال الشيخ الألباني: صحيح، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفي الحديث أن الأقدار غالبة والعاقبة غائبة, فلا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال, ومن ثم شرع الدعاء بالثبات على الدين وبحسن الخاتمة. انتهى.
وفي مجمع الأنهر وهو حنفي: ثم يسأل الله حاجته وأعظم الحاجات سؤال حسن الخاتمة وطلب المغفرة. انتهى.
والدعاء لا ينافي القدر لأن الدعاء من قدر الله أيضاً, وللتفصيل حول الدعاء والقدر راجع الفتوى رقم: 9890.
وعليه فسؤال الله تعالى الموت على عمل صالح وحال يقرب إلى مرضاته لا شيء فيه بل هو مشروع كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(10/421)
الإسرار بالذكر أفضل إلا لمصلحة تترتب على الجهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأذكار تقال سرا أو جهرا؟
وجزاكم الله خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الأفضل الإسرار بجميع الأذكار التي لم يثبت الأمر بالجهر بها لأجل البعد عن الرياء والعجب، إلا في حال وجود مصلحة تقتضي الجهر كرجاء الشخص أن يقتدي به غيره من الغافلين، أو ليطرد عن نفسه النوم أو الكسل ونحو ذلك من كل مقصد شرعي نافع. ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة: في رجل أوقف وقفا، وشرط في بعض شروطه أنهم يقرؤون ما تيسر، ويسبحون ويهللون ويكبرون ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفجر إلى طلوع الشمس، فهل الأفضل السر أو الجهر؟ وإن شرط الواقف فما يكون؟
الجواب: الحمد لله، بل الإسرار بالذكر والدعاء كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها أفضل، ولا هو الأفضل مطلقا، إلا لعارض راجح، وهو في هذا الواقف أفضل خصوصا: فإن الله يقول: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً {الأعراف: 205} وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى الصحابة رضي الله عنهم يرفعون أصواتهم بالذكر قال: أيها الناس! اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، وإنما تدعون سميعا قريبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. وفي الحديث: خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما كفى. والله أعلم. انتهى
وفي بريقة محمودية للخادمي الحنفي: وفي آخر رسالة أبي مسعود: الجهر بالذكر جائز ولكن الإخفاء أفضل وهو مراد محمد، بما ذكر في السير الكبير من كراهة رفع الصوت عند قراءة القرآن والذكر على ما بينه في الذخيرة والمحيط؛ ولكن قد يعرض عارض فيكون الجهر أفضل كدفع الكسل والنوم والخواطر وحث الغير والمعاونة. والحاصل أن الذكر والقرآن والصدقة سواء حق الجهر والإخفاء، وكون الأصل الإخفاء إن لم يعرض عارض. انتهى
وقال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: الأصل في الأعمال الفرضية الجهر، والأصل في الأعمال النفلية السر، وذلك لما يتطرق إلى النفل من الرياء والتظاهر بها في الدنيا، والتفاخر على الأصحاب بالأعمال، وجبلت قلوب الخلق بالميل إلى أهل الطاعة، وقد جعل الباري سبحانه في العبادات ذكرا جهرا وذكرا سرا، بحكمة بالغة أنشأها بها ورتبها عليها، وذلك لما عليه قلوب الخلق من الاختلاف بين الحالتين. انتهى
وبناء على ما تقدم فإن الأصل أن الإسرار بالذكر الذي لا دليل على الجهر به أفضل إلا لمصلحة تترتب على الجهر به كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(10/422)
التكبير الجماعي في يوم عرفة وأيام التشريق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن التكبير بعد الصلوات الخمسة فى يوم عرفة وأيام التشريق جماعياً بدعة ولكن هذا هو المعمول به في كل المساجد التى صليت فيها على الأقل في بلادنا ويفعل هذا من هو أكثر منى علماً وأسبق مني فى الالتزام بسنين طويلة بالإضافة أن الناس لا تقبل النصيحة خاصة من الشباب الذين فى سني بل يسخرون منا وأنا لم أجد أمام ذلك سوى أن أخالفهم بحيث أكبر وحدى منفرداً عنهم ولكن فى نفس توقيت تكبيرهم ولكن أحاول أن أسبقهم فى التكبير حتى لا أوافقهم فهل هذا صحيح وأحب أن ألفت أنتباه فضيلتكم أن من أسباب عدم إنكارى عليهم هو ما شاهدته أكثر من مرة في أكثر من مسجد فعلى سبيل المثال أنكر أحد الدعاة على الناس التكبير الجماعى في سنة من السنين ولكن كان حجته في ذلك أن التكبير الجماعي يشوش على باقى المصلين المسبوقين فما كان إلا أن هاج أكثر من واحد فى وجهه وكذلك كنت في درس علم والشيخ الذى يحاضر الناس هو أستاذ للتفسير فى جامعة الأزهر وعندما قال للناس أن التسبيح بالسبحة على خلاف السنة هاج أحدهم في وجهه وأشاح إليه بالسبحة وقال له فلماذا يصنعونها وهو في منتهى الغضب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتكبير بعد الصلوات في الحالات التي يطلب فيها طلبا خاصا، مثل أيام التشريق، جائز جماعيا وليس ببدعة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 7335، ولا ينبغي لك أن تخالف الناس في المسجد بحيث تتسبب في النزاع أو التشويش في أمر جائز وقد جرى العمل عليه.
وأما القول بأن التكبير الجماعي يشوش على المسبوقين فغير صحيح؛ لأن التكبير الفردي أيضا يسبب التشويش، وعليه فالمطلوب من المكبرين جماعة أو فرادى أن يحاولوا بقدر الإمكان خفض أصواتهم إذا كان هناك مسبوق.
وأما التسبيح بالسبحة فجائز كما بيناه في الفتوى رقم: 7051، وأما الاحتجاج بصنعها على جوازها فليس بصحيح فليس كل ما صنع وتداوله الناس يكون مشروعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(10/423)
الدعاء بلفظ (الله يقوي سعدك)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أمي دائما تدعو لي: الله يقوي سعدك هل تجوز هذه الدعوة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من هذا الدعاء هو أن أمك تدعوا لك بالبركة وأوفر الحظوظ فيما تطلبينه وتسعين إليه، وبالتالي فلا نرى محذورا في هذا الدعاء، وإن كان الأفضل لها الدعاء لك بما هو مأثور من الدعاء في القرآن والسنة الصحيحة، وراجعي الفتوى رقم: 2433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(10/424)
حكم التسمية قبل الشروع في المحرم والمكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معتاد والحمد لله على التسمية قبل البدء في عمل أي شيء في معظم الأحيان وإن لي إميل على النت وكنت قد حاولت الدخول عليه ولكن لم أتمكن لأني نسيت مفتاح الدخول وفى اليوم التالي حاولت الدخول مرة أخرى وعند شروعي في الدخول من الممكن أن يكون جاء بذهني أني سأشاهد صورا ما على الإميل ولكني عند الضغط على لوحة المفاتيح قمت بالتسمية فمن الممكن أن يكون ذلك نتيجة لأني حاولت الدخول من قبل ولكني لم أتمكن فهل هذا يعد استهزاء عياذاً بالله وأنا أخشى على نفسى جداً من الوسوسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسمية إنما تشرع عند فعل المباحات أو القرب، وأما المحرم والمكروه فلا تشرع التسمية عندهما. قال الدمياطي في حاشيته على إعانة الطالبين: البسملة مطلوبة في كل أمر ذي بال أي حال يهتم به شرعا بحيث لا يكون محرما لذاته ولا مكروها كذلك، ولا من سفاسف الأمور أي محقراتها. اهـ وقد علل الإمام جلال الدين ال سيوطي ذلك فقال: لأن الغرض من البسملة التبرك في الفعل المشتمل عليه، والحرام لا يراد كثرته وبركته وكذلك المكروه. اهـ والبسملة حينئذ تعتريها الأحكام الخمسة قال الدمياطي: فتحرم على المحرم لذاته كالزنا.. وتكره على المكروه لذاته كالنظر لفرج زوجته.. ولا تطلب على سفاسف الأمور ككنس زبل صونا لاسمه تعالى عن اقترانه بالمحقرات. والحاصل أنها تعتريها الأحكام الخمسة الوجوب.. والاستحباب..والتحريم في المحرم الذاتي والكراهة في المكروه الذاتي والإباحة في المباحات التي لا شرف فيها كنقل متاع من مكان إلى آخر. وكذا قال الطحاوي في حاشيته على مراقي الفلاح إلا أنه قال في حكم من سمى على المحرم. والصحيح أنه إن استحل ذلك عند فعل المعصية كفر، وإلا لا، وتلزمه التوبة إلا إذا كان على وجه الاستخفاف فيكفر أيضا. اهـ
وهنا إذا كان غلب على ظنك وجود صور محرمة بالبريد فلا يجوز لك نظرها ولا التسمية عند فتحه عنها، وتلزمك التوبة من ذلك إلا إذا كنت تلفظت بالبسملة لتعودك على النطق بها في جميع عملك دون أن تستحضر أن ما تقوم به حرام فلا إثم عليك، ولا يكون ذلك استهزاء، فإنما الاستهزاء بالقصد ولا يمنع ذلك من التوبة والاستغفار، فالمسلم يشرع له ذلك في كل أحيانه ولو لم يباشر سببا يدعوه إليه لأنه قد يقع في المحرم وهو لا يدري، وقد يفعله وينساه فينبغي أن يكثر من التوبة والاستغفار أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال كما عند ابن حبان: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة. قال أبو حاتم رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم إنه ليغان على قلبي يريد به يرد عليه الكرب من ضيق الصدر مما كان يتفكر فيه صلى الله عليه وسلم..فكان يغان على قلبه لذلك حتى كان يستغفر الله كل يوم مائة مرة، لا أنه كان يغان على قلبه من ذنب يذنبه كأمته صلى الله عليه وسلم. وعند البخاري من حديث أبي هرير ة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
وأما الوساوس التي يقذفها الشيطان في قلبك فأعرض عنها؛ لأن ذلك مما يزيده تمكنا من قلبك فاصرفه بذكر الله وقطع النظر عما يوسوس به. وقد فصلنا القول في أنواع الاستهزاء وحكم كل نوع في الفتوى رقم: 2093، وللاستزادة في معرفة حكم مشاهدة الصور المحرمة والدخول على مواقعها والأسباب المؤدية إلى ذلك انظر الفتوى رقم: 6617
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(10/425)
قول المرء (الصلاة على النبي الأمي)
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: هل يجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة بقول (الصلاة على النبي الأمي) وما المقصود بكلمة الأمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن تقول الصلاة على النبي الأمي، وإن كان الأفضل في حقك الاقتصار على الصيغ المأثورة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق التفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5025، 4863، 34983.
والأمي تعني الذي لا يحسن الكتابة، قال ابن كثير في تفسيره: ولهذا في صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه الأمي لأنه لم يكن يحسن الكتابة، كما قال الله تعالى: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ. انتهى.
وهذه الأمية في حقه صلى الله عليه وسلم معجزة وليست نقصاً. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 11425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(10/426)
جهة الدعاء بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[فى خطبة الجمعة الماضية تكلم الإمام عن منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال إن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم عند الله تعالى من الكعبة والعرش والكرسي واللوح المحفوظ، واستدل على هذا
بقوله إن الإمام مالكا سأله أحد الناس أين أتوجه عند الدعاء؟ للكعبة أم لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم فأمره الإمام مالك بالتوجه لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم والسؤال: هل هذا الكلام صحيح؟
نرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي ولكم جزيل الشكر حفظكم الله ووفقكم إلى مايحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل المخلوقات على الإطلاق، وأن البقعة التي حوت جسده صلى الله عليه وسلم هي أفضل البقاع، ويدخل في ذلك كل المخلوقات كالكعبة والعرش والكرسي واللوح المحفوظ وغيرها، فراجع الفتوى رقم: 40462، لكن استدلال هذا الإمام على ذلك بما ذكر عن الإمام مالك غير صحيح، فاستقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء قد اتفق الأئمة الأربعة على النهي عنه، وقد ذكر شيخ الإسلام أقوالهم في ذلك وفصل القول في بيان مذهب الإمام مالك رحمه الله خصوصا، فقال في اقتضاء الصراط المستقيم:
ولم يكن أحد من السلف يأتي قبر نبي أو غير نبي لأجل الدعاء عنده، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يستقبل قبره. وتنازعوا عند السلام عليه فقال مالك وأحمد وغيرهما: يستقبل قبره ويسلم عليه، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي وأظنه منصوصا عنه. وقال أبو حنيفة: بل يستقبل القبلة ويسلم عليه، وهكذا في كتاب أصحابه.
وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط والقاضي عياض وغيرهما: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ولكن يسلم ويمضي.
وقال أيضاً في المبسوط: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو لأبي بكر وعمر، فقيل له: فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه إلا يفعلون ذلك في اليوم مرة وأكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده.
وقد تقدم في ذلك من الآثار عن السلف والأئمة ما يوافق هذا ويؤيده من أنهم كانوا إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء والتحية كالصلاة والسلام، ويكرهون قصده للدعاء والوقوف عنده للدعاء ومن يرخص منهم في شيء من ذلك فإنه يرخص فيما إذا سلم عليه ثم أراد الدعاء أن يدعو مستقبل القبلة، إما مستدبر القبر أو منحرفا عنه وهو أن يستقبل القبلة ويدعو، ولا يدعو مستقبل القبر. وهكذا المنقول عن سائر الأئمة، ليس في أئمة المسلمين من استحب للمار أن يستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عنده. انتهى
ثم ذكر قصة طويلة منسوبة للإمام مالك رحمه الله تشبه ما ذكره السائل، ثم أجاب عنها قائلاً:
فهذه الحكاية على هذا الوجه إما أن تكون ضعيفة أو مغيرة، وإما أن تفسر بما يوافق مذهبه؛ إذ قد يفهم منها ما هو خلاف مذهبه المعروف بنقل الثقات من أصحابه فإنه لا يختلف مذهبه أنه لا يستقبل القبر عند الدعاء، وقد نص على أنه لا يقف عند الدعاء مطلقا، وذكر طائفة من أصحابه أنه يدنو من القبر ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو مستقبل القبلة ويوليه ظهره، وقيل: لا يوليه ظهره، فاتفقوا في استقباله القبلة وتنازعوا في توليه ظهره وقت الدعاء. ويشبه والله أعلم أن يكون مالك رحمه الله سئل عن استقبال القبر عند السلام؟ وهو يسمي ذلك دعاء فإنه قد كان من فقهاء العراق من يرى أنه عند السلام عليه أن يستقبل القبلة أيضا، ومالك يرى استقبال القبر في هذه الحال كما تقدم وكما قال في رواية ابن وهب عنه: إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم ويدعو ولا يمس القبر بيده.
وفي الختام ننبهك إلى عدم مشروعية اختصار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بـ (ص) بل تكتب صلى الله عليه وسلم كتابة كاملة وقد نبهنا على ذلك في الفتوى رقم: 7334، فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(10/427)
دعاء الفجاءة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دعاء الفجاءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دعاء يسمى دعاء الفجاءة، ولعلك تقصد الدعاء المشتمل على الاستعاذة من مفاجأة النقم والمصائب وهذا الدعاء رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(10/428)
النهي عن الدعاء على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما صدر قرار تعيني معلمة دعا عليّ والدي بقلة البركة في مالي لأنني قدمت للوظيفة دون علمه فقد كان مسافراً، ويعلم الله أنني ما قدمت للوظيفة إلاّ بسبب الفقر الذي كانت تعاني منه عائلتنا، منذ ذلك الحين وأنا أعاني من كثرة الديون التي أثقلت كاهلي وشيبت رأسي رغم صغر سني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للوالد أن يدعو على ولده إلا بخير، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين عن الدعاء على أولادهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ولا تدعوا على أولادكم.. لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم. رواه مسلم وأبو داود.
وروى الترمذي في سننه وأبو داود وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن ... ودعوة الوالد على ولده.
والذي ننصح به هذه الأخت أولاً: استرضاء والدها وطلب المسامحة منه والدعاء لها بالبركة، فلعل هذه تمحو تلك، كما ننصحها بالإكثار من دعاء الله تعالى بأن يقضي دينها، لا سيما بدعاء قضاء الدين الوارد في السنة، فقد قال علي رضي الله عنه لرجل اشتكى ديناً: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أداه الله عنك؟ قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه الترمذي والحاكم والبزار.
وأخيراً نحيلك للفتوى رقم: 65166، حول خروج الفتاة بدون إذن والدها، والفتوى رقم: 19929، حول عمل المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(10/429)
الدعاء سبب لا يشفي بذاته
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أناس يدعون بدعاء يعتقدون أنه يشفي من الأمراض وهو الصلاة والسلام عليك وعلى آلك يا سيدي يا رسول الله أنت وسيلتي خذ بيدي، قلت حيلتي فأدركني يا رسول الله ادع الله لي بالشفاء، هل يجوز أن يردد مثل هذا الدعاء، ومتى تكون وسيلة النبي لأمته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء لا يشفي بذاته؛ وإنما الذي يشفي هو الله جل جلاله، فمن اعتقد في السبب وهو الدعاء أنه هو الذي يشفي بذاته فقد أشرك والعياذ بالله، والواجب على المسلم أن يعتقد أن الله هو الشافي، والدعاء سبب، وأنه قد يدعو ولا يشفى، هذا ما يتعلق بالدعاء.
وأما ما يتعلق بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته؟ فإن اعتقد الداعي أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي يغيثه فقد أشرك، وإن قصد طلب دعائه له أو شفاعته ونحو ذلك فهو توسل به بعد موته وهو محل خلاف بين أهل العلم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 67918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(10/430)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[وافر من الشكر لكم على هذا الموقع المفيد
هل يجوز القول: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين بعدد ما في روؤس
البشر من شعر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للشخص أن يقول: "اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين بعدد ما في روؤس البشر من شعر" لعدم المانع من ذلك، والأولى التعبير بغير هذا اللفظ؛ كقول: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين بعدد ما خلقت وذرأت.. ونحو ذلك، وأفضل من الجميع الصلاة عليه بما ورد عنه عليه الصلاة والسلام فعن كعب بن عجرة قال: قيل يا رسول الله: أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وفي رواية للبخاري ومسلم: اللهم صل على محمد عبدك وعلى آله وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآله وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(10/431)
الحد المسموح به في الدعاء على الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثيرة الدعاء على زوجي حينما يتهجم على ويضربني ضربات قاسية. وأحيانا أدعو عليه أن يصاب بمرض عضال ساعدوني ما الحل؟ وعندما أصطلح معه أشعر بحرقة أنني دعوت عليه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ضرب الزوج زوجته إن كان لغير مسوغ شرعي أو على وجه مخالف الشرع بأن كان ضربا مؤذيا -مثلا- فهو نوع من الاعتداء والظلم وراجعي الفتوى رقم: 6897، فإن كان زوجك على الحال الذي ذكرت فهو مسيء ومعتد، فنوصيك بالصبر عليه ودعاء الله تعالى له بالهداية والصلاح لا الدعاء عليه، فلعل الله سبحانه يصلحه فهو على كل شيء قدير، فتقر عينك بزوجك. ثم إن الدعاء على الظالم مقيد بعدم الدعاء عليه بأعظم من جنايته، وتراجع الفتوى رقم: 28754، والفتوى رقم: 46898،
وعلى كلٍ فإن العفو والصفح أفضل وخاصة في حق الزوجين. وراجعي الفتوى رقم: 27841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1426(10/432)
الدعاء بالجوامع وبالحاجات الفردية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يدعو \"اللهم وفقني وسيرني واقدر لي أكثر ما تحبه وترضاه وما هو أفضل شيء لآخرتي في كل قول وعمل وكل شيء\" وأن لا يدعو بدعاء محدد لأن الله أعلم بما هو خير للإنسان وإن كان الإنسان لا يراه كذلك؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن يكون الدعاء بما هو من جوامع الكلم وهو أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء المذكور في السؤال من هذا القبيل، ويكون الدعاء أيضا بالحوائج الفردية التي يرغب فيها الشخص فإن الله يحب أن يدعوه عبده ما لم يعلم أنها إثم فلا يجوز له أن يدعو بها، فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع. رواه الترمذي وفي مسند إسحاق بن راهويه عن عائشة أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه في حاجة وعائشة تصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة عليك بالجوامع والكوامل، قولي: اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إني أسألك مما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك مما استعاذ منه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم ما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته لي رشدا.
والحديث رواه الإمام أحمد في المسند بلفظ قريب من هذا، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، ورواه ابن ماجه في سننه، وابن حبان في صحيحه، والطيالسي في مسنده بألفاظ متقاربة.
وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك. وصححه الألباني. وفي صحيح البخاري وغيره عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. فهذه الأدعية من جوامع الخير التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الدعاء بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(10/433)
دعاء المسلم لا يخيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء بقول اللهم أعطني أو اقض حاجتي في أقرب وقت ممكن؟ هل هذا من آداب الدعاء ما هي آداب الدعاء؟
لا تنسونا في دعائكم.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فآداب الدعاء تقدم بيانها في الفتوى رقم: 23599، والفتوى رقم: 30668، وقولك في أقرب وقت ممكن عبارة لا تليق بالله تعالى، فإنه لا يعجزه شيء وإنما يقول للشيء كن فيكون كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {يس: 82} وللفائدة راجع الفتوى رقم: 56487، فدعاء المسلم لا يخيب إما أن تستجاب دعوته، أو يدخر له ثوابها في الآخرة، أو يصرف عنه بها بعض البلاء فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه الترمذي في سننه وقال حديث حسن، كما قال صلى الله عليه وسلم: ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة إلا آتاه إياها، أو كف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه الإمام أحمد في المسند، قال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 65932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(10/434)
تكرار الأذكار طلبا للأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم في هذه النشره من صحة العمل بها أو توزيعها تنتشر ورقةٌ من صفحة واحدة عنوانها \" الدَّقِيقَةُ مِنْ عُمُرِكَ \" ونصها ما يلي: أخي المسلم: إن الدقيقة من الزمن يمكن أن يُفعل فيها خير كثير، دقيقة واحدة فقط يمكن أن تزيد في عمرك في عطائك في فهمك في حفظك في حسناتك، دقيقة واحدة تُكتب في صحيفة أعمالك إذا عرفت كيف تستثمرها وتحافظ عليها، وفيما يلي مشاريع استثمارية تستطيع إنجازها في دقيقة واحدة بإذن الله:
1 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقرأ سورة الفاتحة 7 مرات سرداً وسراً وحسب بعضهم حسنات قراءة الفاتحة فإذا هي أكثر من 1400 حسنة فإذا قرأتها 7 مرات يحصل بإذن الله أكثر من 9800 حسنة وكل هذا في دقيقة.
2 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقرأ سورة الأخلاص \" قل هو الله أحد \" 20 مرة سرداً وسراً وقراءتها مرة واحدة تعدل ثلث القرآن فإذا قرأتها 20 مرة فإنها تعادل كل القرآن 7 مرات ولو قرأت كل يوم في دقيقة واحدة 20 مرة \" قل هو الله أحد \" لقرأت في الشهر 600 مرة \" قل هو الله أحد \" وفي السنة 7200 مرة وهي تعادل في الأجر قراءة القرآن 2400 مرة.
3 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 20 مرة وأجرها كعتق 8 رقاب في سبيل الله من ولد إسماعيل.
4 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده 100 مرة ومن قال ذلك غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
5 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 50 مرة وهما كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن كما روى البخاري ومسلم.
6 - قال صلى الله عليه وسلم: \" لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس \" رواه مسلم. وفي الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول هذه الكلمات جميعا أكثر من ثماني عشرة مرة وهذه الكلمات هي أحب الكلام إلى الله كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
7 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله أكثر من 40 مرة وهي كنز من كنوز الجنة كما روى البخاري ومسلم.
8 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله 50 مرة تقريبا وهي أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد.
9 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم 50 مرة بصيغة \" صلى الله عليه وسلم \" فيصلي عليك الله مقابلها 500 مرة لأن الصلاة الواحدة بعشر أمثالها.
10 - في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصل رحمك عبر الهاتف.
11 - ترفع يديك وتدعو بما شئت من جوامع الدعاء في دقيقة.
12 - تقدم نصيحة لأخ لك في دقيقة.
13 - تلقي كلمة مختصرة في دقيقة.
14 - تسلم على عدد من الأشخاص وتصافحهم في دقيقة.
15 - تشفع شفاعة حسنة في دقيقة.
16 - تواسي مهموما في دقيقة.
17 - تميط الأذى عن الطريق في دقيقة.
18 - في الدقيقة الواحد تستطيع أن تقرأ أكثر من صفحتين من كتاب مفيد يُيسر الفهم.
وفي الختام أحرص يا أخي الحبيب على الإخلاص عند فعل هذه الأمور وتأمل ما تقوله وما تفعله واستشعر مراقبة الله لك فإنه بقدر إخلاصك ومراقبتك يعظم أجرك وتكثر حسناتك وهذه الأمور فعلها سهل ولكن المواظبة عليها أو على جزء منها لا بد له من همة عالية واعلم أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه النصيحة التي نقلتها لنا أيها الأخ السائل مبنية على مضاعفة الأجر عند تكرار بعض الاذكار التي ثبت لها أجر معين، وتكرار الأجر عند تكرار العمل الذي لا مانع من تكراره شرعاً ثابت في الجملة، فكل زيادة في الفعل زيادة في الأجر ما دام الفعل مشروعا في كيفيته وفي وقته، أما إذا أدى التكرار إلى مخالفة النص الوارد بشأن تحديد عدد ذكر معين فلا يشرع حينئذ فعله مكرراً رجاء مضاعفة الأجر بل يقتصر فيه على الوارد؛ لأن الزيادة عليه دون دليل بدعة وكل بدعة ضلالة، وما ذكر في هذه النصحية قد قامت الأدلة على إثبات ثوابه في الجملة، ولا نرى مانعاً من تكرار ما ذكر رجاء مضاعفة الأجر بشرط ألا يُحدد لذلك وقت معين أو عدد معين يتخذه المرء عادة، ومنها ما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك. وروى الترمذي عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال عشر مرات لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير كانت له عدل أربع رقاب من ولد إساعيل. وصححه الألباني.
وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليًّ فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة. وكذا ما ذكر في السؤال من حساب الحسنات المترتبة على تكرار سورة الفاتحة بناء على أن قراءة الحرف الواحد يقابله عشر حسنات، لما روى الترمذي في سننه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولا كن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. وصححه الألباني. وهذا أيضاً لا شيء فيه بالقيود التي ذكرناها. وقد سئل ابن تيمية رحمه الله عما إذا قرئ القرآن ويعد في الصلاة بسبحة هل تبطل صلاته أم لا؟ فأجاب:
إن كان المراد بهذا السؤال أن يعد الآيات أو يعد تكرار السورة الواحدة مثل قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد {الإخلاص: 1} بالسبحة فهذا لا بأس به، وإن أريد بالسؤال شيء آخر فليبينه. والله أعلم. انتهى
وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 11882 // 14709 // 6604 // 20250 // 49189.
تنبيه: على القارئ أن يقرأ بتدبر مع مراعاة التجويد فقراءة القرآن بغير تجويد لا تنبغي، كما أن على الداعي أو الذاكر أن يتدبر معاني الألفاظ، وأن يحذر من الوقوع في اللحن بالوقف على المحرك بالحركة ونحو ذلك، فإن ذلك في الحديث محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(10/435)
دعوة الأم على أولادها هل تستجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت في بلاد المهجر تدعو على أولادها دائما هي بطبيعتها عصبية وتحدثنا معها كثيرا فتتراجع ولكن تعود مرة أخرى إلى ما كانت عليه فرجاء اكتبو لي كلاما وافيا أرسله لها؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الدعوات المستجابة دعوة الوالد على ولده، أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. ومن المعلوم أن الوالدة والوالد في هذا سواء، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الوالد على ولده، قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم.. الحديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت. وفي (قصة جريج وأمه) الواردة في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن. قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث أيضاً عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذوراً لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد، وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب، لأن أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل. انتهى
وفي حواشي الشرواني على تحفة المحتاج: ويكره للإنسان أن يدعو على ولده أو نفسه أو ماله أو خدمه لخبر مسلم في آخر كتابه وأبي داود عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب له. وأما خبر إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه فضعيف نهاية ومغني قال الرشيدي والظاهر أن المراد بالدعاء الدعاء بنحو الموت، وأن محل الكراهة عند الحاجة كالتأديب ونحوه، وإلا فالذي يظهر أنه بلا حاجة لا يجوز على الولد والخادم. انتهى
فعلى الوالدين أن يتجنبا الدعاء على أولادهم إلا بخير، لما في ذلك من الخطر على الأولاد في دينهم ودنياهم. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 6807 // 9898 // 49758 // 50984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1426(10/436)
هل يستجاب الدعاء على النفس والخدم والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن الجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام \"يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم \" وبين قوله عليه السلام \"لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على خدمكم أن توافقوا من الله تعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجاب لكم\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن حديث الدعاء على النفس والولد يخصص الحديث الآخر كما يدل له في الدعاء على المال ما روى مسلم عن أبي برزة الأسلمي قال: بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وتضايق بهم الجبل فقالت: حل اللهم العنها، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة.
وكما يدل له في دعاء الوالد ما في قصة جريج الواردة في الصحيحين ودعاء أمه عليه ونصه، كما في رواية مسلم: حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه قال: كان جريج يتعبد في صومعة فجاءت أمه قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها ثم رفعت رأسها إليه تدعوه فقالت: يا جريج أنا أمك كلمني فصادفته يصلي فقال: اللهم أمي وصلاتي فاختار صلاته فرجعت ثم عادت في الثانية فقالت: يا جريج أنا أمك فكلمني، قال: اللهم أمي وصلاتي فاختار صلاته، فقالت: اللهم إن هذا جريج وهو ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمني، اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات، قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن، قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره، قال: فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها الراعي فحملت فولدت غلاماً فقيل لها ما هذا، قالت: من صاحب هذا الدير، قال: فجاؤوا بفؤوسهم ومساحيهم فنادوه فصادفوه يصلي فلم يكلمهم، قال: فأخذوا يهدمون ديره فلما رأى ذلك نزل إليهم فقالوا له: سل هذه قال فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك، قال: أبي راعي الضأن، فلما سمعوا ذلك منه قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة، قال: لا ولكن أعيدوه تراباً كما كان ثم علاه.
قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث أيضاً عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذوراً لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد. وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضى التأديب، لأن أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل. انتهى.
فدعوة الوالد على ابنه عدها النبي صلى الله عليه وسلم من الدعوات المستجابة، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الأرناؤوط والألباني.
وفي حواشي الشرواني على تحفة المحتاج: ويكره للإنسان أن يدعو على ولده أو نفسه أو ماله أو خدمه لخبر مسلم في آخر كتابه وأبي داود عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب له، وأما خبر أن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه فضعيف نهاية ومغني قال: الرشيدي والظاهر أن المراد بالدعاء الدعاء بنحو الموت وأن محل الكراهة عند الحاجة كالتأديب ونحوه وإلا فالذي يظهر أنه بلا حاجة لا يجوز على الولد والخادم فما في حاشية الشيخ ع ش من أن قضية سياق الحديث أن الظالم إذا دعا على المظلوم ووافق ساعة الإجابة استجيب له وإن كان الظالم آثما بالدعاء ... إلخ محل توقف. انتهى.
ملحوظة: قول الشرواني (ع ش) يعني به علي الشبراملسي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(10/437)
يستحب رفع اليدين عند الدعاء بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتم رفع اليدين عند الدعاء بعد الأذان (اللهم رب هذه الدعوة التامة ... ) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من رفع اليدين عند الدعاء الذي أشار إليه السائل، وهذا الدعاء مستحب عند الأذان، ففي المسند وصحيح البخاري وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة.
والمراد بالدعوة التامة دعوة التوحيد التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل ولا يخالطها شرك. لأن الألفاظ تشتمل عليها. ووقت الأذان من مواطن إجابة الدعاء الذي يستحب الدعاء فيه؛ لما رواه عبد الرزاق في المصنف عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان عند الأذان فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء، وإذا كان عند الإقامة لم ترد دعوة. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ثوب بالصلاة فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء. رواه أحمد وحسنه الألباني.
وروى عبد الرزاق عن محارب عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كان يأمر بالدعاء عند أذان المؤذنين. ومعلوم أن رفع اليدين عند الدعاء مستحب إلا ما استثناه الشرع كالدعاء أثناء الخطبة فلا يشرع رفع اليدين أثناءه، وكذلك الدعاء أثناء الصلاة في غير القنوت فلا يشرع رفع اليدين فيه، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 28449 والفتوى رقم: 32283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1426(10/438)
حكم الدعاء على الزوجة بعد تطليقها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلقت زوجتي ودلك بعد زواج مرير. إني أعتبرها من أفسد خلق الله. السؤال: هل لدي الحق بالدعاء عليها في السجود وغير السجود, إن كان نعم فكيف دلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما بينك وبين هذه المرأة قد انتهى بطلاقها والله سبحانه يقول: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة: 237}
فإنك إما أن تكون مظلوما أو ظالما، فإن كنت مظلوما فإن الأفضل لك ترك الدعاء عليها، لقوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُو رِ {الشورى: 43} وإن كنت ظالما فلا يجوز لك الدعاء قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف: 55}
وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
فننصحك بترك الدعاء في الحالتين، وأما عن شرعية الدعاء على الظالم فسبق بيانه في الفتوى رقم: 20322. وراجع شروط إجابة الدعاء في الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1426(10/439)
الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[فلا يخفى عن الجميع أن الأذكار تنقسم إلى قسمين من ناحية الأثر:
فهناك الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهناك الأذكار غير المأثورة والتي اجتهد فيها التابعون وتابعوا التابعين وغيرهم إلى يومنا هذا.
وتنقسم الأذكار من حيث الأسباب إلى ذكر مطلق وذكر مقيد،، وسؤالي هو لماذا كان دائما الإتيان بالذكر المأثور أولى وأفضل من غيره من الأذكار؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس بالله تعالى وأحسنهم ثناء عليه وأنه أوتي جوامع الكلم، فلهذا كانت أذكاره أحسن الأذكار وهديه أحسن الهدي فتأكد على الناس اتباعه فيها إضافة إلى ما في اتباعه من كسب محبة الله تعالى ورحمته وغفرانه وهدايته قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {آل عمران: 31} وقال تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {الأعراف: 158} ويدل لأهمية الاقتداء به في الأذكار ما ثبت من حرص كبار الصحابة على أن يعلمهم الأذكار فقد سأله أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته أو في بيته.
ففي الصحيحين عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
وراجع الفتوى رقم: 47652، والفتوى رقم: 17361.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1426(10/440)
التزام أذكار معينة بأعداد معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كل يوم والحمد لله أجعل لنفسي وردا في التسبيح حتى ألتزم فيه فمثلا أقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (100مرة) ولا حول ولا قوة إلا بالله (100 مرة) وسبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر (100مرة) ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (100مرة) واللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين (100مرة) ولا إله إلا الله محمد رسول الله (100مرة) ومرات سورة الصمد (10 أو 100 مرة) ، فهل هذا العمل صحيح وعلى السنة، أرجو الاهتمام والتوضيح على نفس السؤال لأنني أقوم بهذه الاعمال يوميا؟ واعذروني على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد أمر عباده بذكره في آيات عديدة وأحاديث قدسية صحيحة، كما سبق طرف من ذلك في الفتوى رقم: 32076.
والأصل أن للمؤمن أن يذكر الله تعالى قائماً أو قاعداً أو متكئاً على جنبه أو غير ذلك من غير تحديد، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في عدد معين من بعض الأذكار، ومن ذلك سبحان الله وبحمده ... كما سبق في الفتوى رقم: 4123.
والتحديد هنا مائة مرة وليس معها سبحان الله العظيم مع أنه قد جاء الترغيب فيهما في حديث آخر صحيح، لكن من غير تحديد بعدد، ولتراجع الفتوى رقم: 51224، ومن الذكر الذي ورد فيه الترغيب بعدد معين لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كما سبق في الفتوى رقم: 6866.
أما هؤلاء الكلمات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فهن أحب الكلام إلى الله، كما في الحديث الصحيح، ففي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت. وفي الأدب المفرد عن كعب بن عجرة: معقبات لا يخيب قائلهن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رفعه ابن أبي أنيسة وعمرو بن قيس، وقال الألباني صحيح.
وأما قول لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة في اليوم فلم نطلع في السنة على هذا التحديد مع أنه قد ورد فيها الكثير من الترغيب في الإكثار من قولها، ولبيان فضلها راجع الفتوى رقم: 35625.
ولما ورد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التحديد طالع الفتوى رقم: 52978.
وأما ما ورد عن قول لا إله إلا الله مائة مرة فقد أخرج الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعاً: ليس من عبد يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله تعالى يوم القيامة وجهه كالقمر ليلة البدر ولم يرفع لأحد يومئذ عمل أفضل من عمله إلا من قال مثل قوله أو زاد. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع.
فيمكن للأخ السائل أن يكرر هذه الكلمة ما شاء وله أن يأتي بالعدد المذكور لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال، مع التنبيه على أن الذكر المذكور ليس فيه محمد رسول الله، لكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي أن يجمع بين كلمة التوحيد والشهادة بالرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم في أذكاره المحددة بل إن هاتين الشهادتين هما أصل الإسلام والإيمان، وللمؤمن أن يكررها ما شاء، لكن يوجد هناك فرق بين تكرار الذكر من غير تحديد وبين اتخاذ عدد منه محدد، فالأول هو الأصل والتحديد يحتاج إلى دليل إذا كان على وجه الالتزام به والتعبد بالذكر بالعدد المحدد، وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 65858 أننا لم نقف على حديث يذكر فيه تحديد قراءة سورة الإخلاص بهذا العدد، فالرجاء مطالعة الفتوى المذكورة.
وخلاصة القول أن ما ورد تحديده في السنة عن هذه الأذكار فللأخ السائل أن يلتزم به يومياً وما لم يرد شيء في تحديده فله أن يأتي به تارة، لكن ينبغي أن لا يلتزم عدداً معيناً دائماً. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(10/441)
الدعاء لولي المسلم الذي لا يحكم بما أنزل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على هذه الأسئلة.
1- ما هو حكم الدعاء للولي الذي يحكم بغير ما أنزل الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء لولي أمر المسلمين ونصحه ومساعدته أمر مشروع ما لم يصدر منه كفر بواح، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يرضى لكم ثلاثا: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. رواه مالك في الموطأ وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قال الراوي وهو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عن ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة.
فالوالي المنحرف غير الكافر كفراً مخرجاً عن الملة يجوز الدعاء له بل هو أحوج الناس للدعاء لأن بصلاحه يصلح المجتمع، وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 43333، والفتوى رقم: 35130 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(10/442)
رفع اليدين عند الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع اليدين عند الدعاء وليس الإمام فى المنبر طبعا، مثلا إذا كان أحدهم يدعو في التلفاز رافعا يديه؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في رفع اليدين أثناء الدعاء إلاَّ في المواطن التي استثناها الشارع كدعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة، وكالدعاء حال الركوع والسجود، ولمزيد التفصيل والفائدة، يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(10/443)
الذكر عند الاستياك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء صحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند الاستياك؟ وما هي مشروعيّة هذا الدّعاء عند الاستياك:\" اللهمّ طهّر قلبي ومحّص ذنوبي \"؟
وهل يُشرع لنا الدّعاء الذي استحبّه البعض في أوّل السّواك: \" اللهمّ بيّض به أسناني وشُدَّ به لُثاتي وبارك لي يا أرحم الرّاحمين \"، علما وأنّ الإمام النّووي رحمه الله قال: \" لا بأس به وإن لم يكن له أصل فإنّه دُعاءٌ حسن \". (مغني المحتاج 1\\56) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً صحيحاً يدل على قول ذكر معين يقال عند الاستياك، وإنما استحب بعض العلماء أن يقول ذكراً يناسب المقصود من السواك ومن ذلك قول الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: قال الروياني: قال بعض أصحابنا: يستحب أن يقول عند ابتداء السواك: اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي وثبت به لهاني، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين. وهذا الذي قاله وإن لم يكن له أصل فلا بأس به فإنه دعاء حسن. أوقول صاحب الرعاية من الحنابلة: ويقول إذا استاك اللهم طهر قلبي ومحص ذنوبي. بشرط أن لا يعتقد أن ذلك سنة وأن تاركه تارك لسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(10/444)
العزم بالدعاء، ولا يقل: إن شئت
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في الأحاديث النهي عن قول المسلم في دعاء الله تعالى – إن شئت-.
فما حكم قول- إن شاء الله- بعد الدعاء كأن يقول أحدهم - جزاك الله خيرا إن شاء الله- أو – رب ينجحك إن شاء الله؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفرلي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه. وهذا النهي للكراهة على الصحيح، وهو شامل للصورة المسؤول عنها لأنها نوع من الدعاء. قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يقول: اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا لأنه كلام مستحيل لا وجه له لأنه لا يفعل إلا ما شاءه، وظاهره أنه حمل النهي على التحريم، وهو الظاهر، وحمل النووي النهي في ذلك على كراهة التنزيه وهو أولى، ويؤيده ما سيأتي في حديث الاستخارة. قال ابن بطال: في الحديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما. وقال ابن عيينة: لا يمنعن أحدا الدعاء ما يعلم في نفسه ــ يعني من التقصير ـــ فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال (رب أنظرني إلى يوم يبعثون) وقال الداودي: معنى قوله " ليعزم المسألة " أن يجتهد ويلح ولا يقل: إن شئت كالمستثني، ولكن دعاء البائس الفقير. قلت: وكأنه أشار بقوله كالمستثني إلى أنه إذا قالها على سبيل التبرك لا يكره وهو جيد.اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(10/445)
دعاء تيسير الزواج وقضاء الدين وسعة الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة دعاء تيسير الزواج وقضاء الديون وسعة الرزق؟ وأود أيضاً معرفة اسم كتاب يعلمنى الآداب الشرعية للمعاشرة الزوجية والمعاملة بين الأزواج طبقاً للشريعة الإسلامية؟
وجزاكم الله عنا كل خير \"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قضاء الدين فوردت فيه أدعية، وسبق بيان بعضها في الفتوى رقم: 26503. وأما تيسير الزواج وتوسيع الرزق فلا نعلم دعاء خاصاً فيهما ولكن لك الدعاء بما شئت من الأدعية ومنها: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان: 74} ... ...
اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء. أما الكتب المفيدة في موضوع المعاشرة الزوجية فسبق بيانها في الفتوى رقم: 54949.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(10/446)
لا يجوز للذكر أن يدعو الله أن يجعله أنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للإنسان أن يدعو الله أن يجعله ولدا وهي أصلأ فتاة.؟
أعزكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ذلك لأنه من الاعتداء في الدعاء، والله لا يحب المعتدين، وانظري الفتوى رقم: 23425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(10/447)
الدعاء المأثور لقضاء الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[عليَّ ديون منذ 3 سنوات مضت لابن عمي وحاولت أن أردها له ولكن ليس لي مصدر وهو فعلاً صبر علي كثيراً وأنا أخجل من رؤيته لأنني أحس بنفسي تحت الأرض, أدعو ربي أن يساعدني في قضاء ديني كل يوم بعد صلاة الفجر وفي كل الصلوات وآملة في أن ربي سيساعدني لكني لا أرضى على نفسي فأنا دائمة البكاء لأنني أخاف أن أموت وأنا مستدينة ومن خوفي أدعو ربي أن تقضى قبل موتي وأيضا كتبت ورقة بأسماء كل من علي ديون لهم وأخبرت صديقتي عن مكانها لو مت. ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصح الأخت السائلة أن تدعو بدعاء قضاء الدين الثابت في السنة النبوية فقد روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه والحاكم في مستدركه عن أبي وائل أن مكاتباً أتى علياً رضي الله عنه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناًّ أداه الله عنك قال قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. والحديث حسنه الترمذي ووافقه الألباني.
وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند النوم بهذا الدعاء: اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوارة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
فنوصي الأخت السائلة بالإكثار من الدعاء بهذه الأدعية، ولتحسن الظن بربها عزوجل أنه سيقضي دينها وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي. رواه البخاري ومسلم. كما أن الواجب على صاحب الدين أن يصبرعليك لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 128} ... ... ... ... ... ...
نسأل الله أن يقضي دينك ويفرج كربك.
أخيراً نبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(10/448)
الدعاء المأثور لمن ضاع منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يقولون إن هناك دعاء أو صلاة إذا كان المرء يريد أن يرى ما ضاع من ماله أو غيره، فيحلم به ويراه من خلال منامه. (الرؤيا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا الدعاء المأثور لمن ضاع منه شيء في الفتوى رقم: 6815، وكذلك صلاة الحاجة وكيفيتها في الفتوى رقم: 1390، والفتوى رقم: 3749، والفتوى رقم: 6898.
وإذا أراد المرء أن يقدم على أمر ما فتنبغي له صلاة الاستخارة وقد بيناها في الفتوى رقم: 5877، وأما كونه يحصل له نتيجة الدعاء أو الصلاة في النوم فيرى المقصود أو المنشود فلم يرد ذلك، والمنامات والرؤى لا ينبني عليها حكم ديني أو دنيوي، ولربما يستأنس بها فقط، وانظر الفتوى رقم: 11052.
وهنالك بعض الطرق المحرمة للاستدلال على المفقودات ونحوها مثل فتح المندل ونحو ذلك من أعمال العرافين فيجب الحذر منها وعدم التعامل مع أصحابها لما بيناه في الفتوى رقم: 7343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(10/449)
قصة أبي موسى مع الذين يعدون التسبيح بالحصى
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: عند استماعي لأحد الشيوخ على التلفاز سمعته يتحدث عن قصة وقعت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وجد الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري جماعة من المسلمين داخل المسجد النبوي يذكرون الله في جماعة ويقف عليهم رجل يعد لهم بالحصى عند كل مائة تسبيحة، وعند ذلك أسرع أبو موسي الأشعري إلى الصحابي عبد الله بن مسعود وعندما جاء إليهم نهاهم عن ذلك، وعندما أخبرت صديقا لي من الذين يعتقدون بصحة الذكر الجماعي: قال لي أريد صحة هده القصة.
السؤال: أنا أسألكم عن صحة هده القصة، وهل وردت في الصحيحين أو قصص الصحابة
كما أريد أسماء الكتب الموجودة بها هذه القصة وأسماء المؤلفين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه القصة ذكرها ابن وضاح والشاطبي في الاعتصام، وقد رواها الطبراني وعبد الرزاق وأبو نعيم والإمام أحم د في الزهد، ولم نر من ضعفها من أهل العلم، وقد احتج بها الشاطبي وابن دقيق العيد وابن الجوزي، وليس في القصة أنها وردت بالمسجد النبوي.
وراجع موضوع الذكر الجماعي في الفتاوى التالية أرقامها: 50497، 8381، 61863، 31621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(10/450)
طرائق الذكر وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد المشايخ أن معنى ذكر الله تعالى ليس محصوراً في ذكر اسمه باللسان فقط بتسبيح أو تهليل أو تحميد ولكن المقصود به في الآيات أو الأحاديث: الدين كله بما فيه من جميع الأعمال الصالحة فهل هذا صحيح؟ وخاصة قوله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وهل يراد به الصلاة والصيام والزكاة والبر والصلة ونحو ذلك؟ أو المراد ذكر اسم الله تعالى باللسان فقط؟
الرجاء الفصل في هذه المسألة مع ذكر الأدلة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكر يكون باللسان وبالقلب وبالأعمال ولا يختص باللسان، فالصلاة من الأعمال وهي من الذكر قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي {طه: 14} .
والذكر في القلب دون تحريك اللسان ذكر كما قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً {الأعراف: 205} .
وفي الحديث القدسي المتفق عليه: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي.
وكذا سائر الأعمال الصالحة قال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، أي مجالس العلم.
إلا أن المشهور هو إطلاق الذكر على ما تحرك به اللسان من ثناء على الله تبارك وتعالى كالتسبيح والتهليل والتحميد ونحو ذلك.
وأما المقصود بالذكر في الآية المذكورة فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح بحب الله ورسوله والمؤمنين، ففي الدر المنثور للسيوطي رحمه الله تعالى: أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. قال: محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين نزلت هذه الآية: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ هل تدرون ما معنى ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: من أحب الله ورسوله، أحب أصحابي.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قال: ذاك من أحب الله ورسوله، وأحب أهل بيتي صادقاً غير كاذب، وأحب المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر الله يتحابون. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(10/451)
هل يدعو فيقول (اللهم اهد أهل الأرض جميعا)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء: (اللهم اهد أهل الأرض جميعاً) ؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك، والدعاء بالمأثور أولى وأفضل، وانظر الفتوى رقم: 52405.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(10/452)
حكم دعاء رجل أن لا تتزوج فلانة بغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر العشرين وهناك شاب يلاحقني ويريد الزواج مني وأنا لا أريده أبداً أبداً على الرغم من أنه يعرف الله لكنني لا أستطيع تحمله حاول كثيراً ولم أقبل قال لي إنه يدعو الله أن لا أتزوج غيره هل من الممكن أن يكون هذا الدعاء مستجابا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في رفض المرأة الزواج بمن لا ترتاح له مع أن الأولى هو الحرص على صاحب الخلق والدين إن وجد، وأما دعاؤه عليك بأن لا تتزوجي غيره فهو ظلم واعتداء والله لا يحب المعتدين والظالمين، والظلم سبب لعدم استجابة الدعاء، فأكثري من التعوذ مساء وصباحاً بالتعاويذ المأثورة وحافظي على طاعة الله، والبعد عن معاصيه، وعليك بالحذر من محادثة الرجال الأجانب عنك، فإنها قد تؤدي إلى عواقب لا تحمد، ومن أراد الزواج فليأت الأمر من بابه، فليتقدم لأهل الفتاة.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 32981، 2395، 40500، 25109، 43346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(10/453)
جواز رفع اليدين في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة العلامة سؤالي عن الدعاء عقب الصلاة:
1- هل لا يجوز رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المفروضة؟
2- وهل ذلك ينطبق على النافلة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 5340 جواز الدعاء بعد الصلاة، وجواز رفع اليدين أثناء الدعاء فيما عدا أثناء الصلاة وأثناء خطبة الجمعة، ولا فرق بين النافلة وغيرها.
فللمسلم أن يدعو بعد الصلاة وله أن يرفع يديه إلى السماء، وفي الفتوى المشار إليها أدلة ذلك كله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(10/454)
رفع اليدين في الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما يدعو الإمام ويؤمن الناس في أماكن وأوقات متعددة فمتى يشرع رفع الأيدي في الدعاء خاصة في: خطب الجمعة والعيدين، وفي المقبرة بعد الدفن، وفي دبر الصلوات وفي الأعراس؟
بارك الله فيكم ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع اليدين جائز عند كل دعاء، سواء في ذلك الدعاء بعد الصلاة وغيره من أماكن الدعاء ما عدا الدعاء أثناء الخطبة يوم الجمعة فلا يشرع رفع اليدين عنده كما سبق في الفتوى رقم: 4095 هذا بالنسبة للإمام.
أما بالنسبة للمأموم فهو محل خلاف كما أشرنا إليه في الفتوى المشار إليها، ويدخل في جواز رفع الأيدي عند الدعاء رفعهما عند الدعاء للميت بالتثبيت عند الدفن، وكذلك عند دعاء العاقد أو غيره للزوجين عند العقد فلا بأس برفع اليدين كما سبق في الفتوى رقم: 63075.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 32283، 26612، 46628، 5340.
هذا، وننبه هنا إلى أن الله سبحانه وتعالى قد يقبل من الداعي ولو لم يرفع يديه إلا أن في رفع اليدين إظهارا للتضرع والذل والحاجة والفقر إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(10/455)
هل يدعو ربه أن يرزقه توأما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أسأل الله في دعائي أن يرزقني توأما بدل أن أطلب الذرية الصالحة؟ فقد سمعت أن الله يعطي بحسب ما تطلب؟
أرجو إفادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الأولى لك أن تسألي الله العافية والذرية الصالحة، إلا أن سؤالك التوأم جائز، والأولى أن تسألي الله ذلك مع الصلاح، ولبيان ماهية الاعتداء في الدعاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 23425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(10/456)
دعاء الأم على أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أم كثيرة الدعاء على أبنائها حتى أن أحد أبنائها أصيب بالسرطان ولكنها لازالت تدعو علينا بعدم التوفيق والموت لأسباب تافهة. بالرغم أننا نبر والدينا ونعرف قدر بر الوالدين إلا أني لا أعرف كيف التعامل معها إذ كلمها الكثيرون ولكنها لازالت تدعو ولا أعلم ماذا أفعل هل أدعو الله بعدم الاستجابة لها؟ وهل يجوز الدعاء عليها في هذه الحالة؟ شكرا جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يدعو على نفسه ولا ذريته إلا أن يكون مظلوما فيدعو على ظالمه وانظر الفتوى رقم 6807، والفتوى رقم 62351، ولذا فعلى هذه الأم أن تتوب مما تفعل.
ولك أن تدعو الله تعالى أن يدفع عنكم شر ما تدعو به، وليس لكم أن تدعوا عليها فإن ذلك من العقوق. وفقكم الله لمرضاته، وهدى أمكم لطاعته. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(10/457)
آداب مجالس الذكر والدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لمجالس الذكر والدين هنالك آداب وأخلاق يجب أن يتحلى بها الجالس، فما هي آداب المجلس الديني والإيماني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لمجالس الذكر التي يغشاها الصالحون آدابا ينبغي المحافظة عليها، ومنها:
1- إفساح المكان للداخل إن كان بالمجلس ضيف. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ {المجادلة: 11}
2- أن لا يقيم الداخل أحدا من مجلسه ليجلس فيه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا. رواه البخاري. وإذا قام الجالس لغرض ثم أراد الرجوع لمكانه فينبغي أن يترك له، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. رواه مسلم
3- أن يجلس الداخل حيث انتهى به المجلس، فيجلس الداخل في المكان الخالي وليس له أن يزاحم الجالسين في أماكنهم.
4- أن لا يفرق بين اثنين متجاورين لا فرجة إلا بإذنهما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما. رواه أبو داود والترمذي.
5- أن لا يجلس وسط الحلقة إذا كان المجلس على شكل حلقة، فقد قعد رجل وسط حلقة فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم أو لعن الله (هذا الشك من الراوي) على لسان محمد صلى الله عليه وسلم من جلس وسط الحلقة. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
6- مراعاة آداب الحديث بأن ينصت إذا تكلم أخوه، وأن ينتقي الكلام الطيب، وأن لا يظهر أخاه في صورة الجاهل البليد، وأن لا يجادل جدالا منهيا عنه ونحو ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: والكلمة الطيبة صدقة. رواه مسلم
7- أن يذكروا اسم الله تعالى في مجلسهم ويصلوا على نبيهم. فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة. رواه أبو داود، وقال أيضا: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. ومعنى ترة أي نقص أو تبعة من الله عليهم.
8- أن يذكروا كفارة المجلس عند الانصراف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه أي لغوه وكلامه فيما لا يعنيه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
9- الاهتمام بالنظافة وإزالة الرائحة الكريهة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو فليعتزل مسجدنا. رواه البخاري ومسلم.
هذه طائفة من آداب المجلس نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعك بها
ولمزيد فائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4535، 8280، 38394، 40107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(10/458)
الأولى تعظيم ما فيه اسم الله ووضعه فوق غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل جزاكم الله خيراً على سرعة الرد وبارك الله فيكم ونفع بكم
ولكن ليس هذا هو المقصود بالضبط وللمزيد من التوضيح يتم وضع صورة صغيرة تحت اسم المشرفات هذه الصورة تحتوي على كلمة (الله أكبر) فاعترضت بعض الأخوات بأن الصورة يجب أن تكون فوق اسم المشرفة وليس تحتها لاحتوائها على اسم الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اتخاذ عبارة الله أكبر أو نحوها من الأذكار شعاراً للشخص في الدخول في المنتديات لاحرج فيه، بل هو أولى لما فيه من التذكير بالله وإيجاد البديل عن صور الفنانين والمجرمين واعتزاز المسلم بانتمائه للدين.
فقد اتخذ الصحابة في بعض غزواتهم شعار (حم) التي هي آية من القرآن، ففي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: إن بيتكم، فليكن شعاركم حم لا ينصرون. وفي رواية: إن بيتكم العدو فقولوا: حم لا ينصرون.
وأما رفع كلمة الذكر على اسم المشترك في المنتدى فهو أولى، لما فيه من تعظيم شعائر الله، ويدل لذلك أن نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم وهو- محمد رسول الله- كان اسم الجلالة فيه يوضع فوق اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يكتب هكذا.
الله
رسول
محمد
إلا أن الأمر فيه سعة ما لم يتعمد صاحبه تعظيم اسمه على اسم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(10/459)
ترك كتابة البسملة في الكتب الرسمية خوفا من تعرضها للامتهان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قامت إحدى الجهات الرسمية في بلادنا باستبدال بسم الله الرحمن الرحيم في الكتب الرسمية واستعوضت عنها باسمه تعالى بحجة الحفاظ على اسم الله العظيم من الدخول إلى الأماكن غير الطاهرة ما حكم هذا التغيير؟ وهل يجوز العمل به؟ وإذا كنا مأمورين بالعمل بمثل هذا فهل نحن آثمون على فعل ذلك؟
أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البدء في المكاتبات ببسم الله الرحمن الرحيم لا يجب ولا يأثم تاركه، وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصيغة يوم الحديبية واستبدلها بـ (باسمك اللهم) نزولاً عند رغبة قريش كما في الصحيحين وغيرهما.
هذا، وإن الأولى البدء في المكاتبات ببسم الله الرحمن الرحيم لقوله صلى الله عليه وسلم: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع. رواه الحافظ الرهاوي في الأربعين عن أبي هريرة وحسنه صاحب عون المعبود، ولكن إذا تيقن أو غلب على الظن أن أوراق تلك المكاتبات الرسمية تتعرض للامتهان، فإن الواجب ترك كتابة البسملة، وقد يؤجر فاعل ذلك لتعظيمه شعائر الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(10/460)
ليست الطهارة شرطا في التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جائز أن أتوب إلى الله وأنا غير مطهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شروط التوبة إذا كان الذنب فيما بين العبد وربه هي الإقلا ع عن الذنب والندم على فعله والعزم على ألا يعود إليه، وإن كان الذنب مما يتعلق بحقوق الناس فيزيد مع الشروط المتقدمة رد المظالم. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4603، ولم يذكر العلماء أن الطهارة شرط في التوبة، فتصح بدون طهارة إلا أن الوضوء مما يكفر الله تعالى به الخطايا كما ورد في الحديث الصحيح، والمحافظة على الطهارة في سائر الأوقات أمر مستحب، وإذا أراد التائب أن يدعو الله تعالى فمن الأمور المستحبة في الدعاء أن يكون الداعي متطهرا مستقبل القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(10/461)
كيفية الاستغفار للتوبة وجلب الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسال حضرتكم عن الاستغفار, فكيف يجب أن يستغفر الإنسان بنية التوبة وبنية جلب الرزق فهل هناك صيغة معينة لذلك, وهل يجوز الاستغفار بنية أكثر من شيئين مثلا الاستغفار بنية التوبة وطلب الرزق والتوفيق وتسهيل أمور معينة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى حتى يطهر العبد من المعاصي التي هي سبب الحرمان. وقد جاء الأمر به في القرآن مقرونا بالتوبة ووعد عليه بالرزق. كما في قوله تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً {هود: 3} . وفي قوله تعالى إخبارا عن هود أنه قال: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ {هود:52} . وفي قوله إخبارا عن نوح أنه قال: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً *يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً {نوح:10ـ12} . فعلى العبد أن يستصحب التوبة من الذنب عند الاستغفار دائما، ويشرع أن يسأل الغفران والرزق معا كما في الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله كيف أقول حين أسأل ربي، قال: قل اللهم اغفرلي وارحمني وعافني وارزقني فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني. وأما الصيغة المأثورة للاستغفار فراجع فيها وفي المزيد عما تقدم الفتاوى التالية أرقامها: 51755، 24902، 55969، 25688، 7768، 39154، 28652، 29748.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(10/462)
الدعاء من أجل الزواج من رجل بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة قد أحببت شابا قبل 8 سنوات دون أن تكون أي علاقة بيني وبينه خلال هذه الفترة، هو قد تزوج وأنا خطبت شابا ولم تنجح الخطوبة وتركته فجائني هذا الشاب بعد 5 سنوات ليعبر لي عن حبه وأنه يريد الزواج بي لكني رفضت لأنه متزوج وخوفا من عدم موافقة أهلي ولكي لا أكون سببا في أي مشكلة مع زوجته مع العلم أني متعلقة به جدا وأتمناه أن يكون من نصيبي فتركتها للنصيب ولكن أهلي قد علموا بالموضوع وقد اعترضوا على هذه العلاقة وأخاف أن يجبروني على أي شاب آخر يطلبني وأنا لا أستطيع الزواج من أي شخص آخر وهو ما زال في قلبي وأدعو من الله أن يجعل هذا الإنسان الذي أحبه من نصيبي فهل دعوتي لله لهذا الطلب خطأ أريد النصيحة وما تعليقك على هذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للأهل أن يرفضوا الرجل المذكور إذا كان صاحب دين وخلق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. رواه الترمذي.
وأما كونه متزوجاً فهذا ليس مانعاً يوجب رفضه، فإن الزواج بأخرى مباح في دين الله كما هو معلوم، وليس فيه ما يشين أو يعاب، ما دام الزوج ملتزماً العدل بين زوجاته، ولا بأس أن تحاول الأخت إقناع وليها بالزواج بالرجل المذكور.
ودعاء الأخت بأن يجعله من نصيبها ليس فيه شيء خطأ ولا إثم ولا عدوان، وننصح الأخت بأن تفوض أمرها إلى الله بعد العمل بما تستطيع من الأسباب المشروعة، ولتعلم أن الله سبحانه وتعالى أرحم بها من والدتها، وسوف يختار لها الخير والصلاح، وإن لم تدرك ذلك، فإن الله سبحانه حكيم في كل ما يقضي، وإن لم تدرك حكمته أحياناً، فربما قضى بعدم زواج الأخت بهذا الرجل لما يعلم سبحانه من عدم الخير والصلاح في ذلك، والخير فيما اختاره سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(10/463)
لا يشرع الدعاء بضمير الغيبة (هو) لعدم ثبوت مايدل على أنه من أسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[في القرآن الكريم نجد أن اسم الجلالة يشار إليه بلون مغاير أقصد الله الرب وما يثير انتباهي هو الإشارة إلى ضمير الغائب هو كذلك بلون مغاير وقد قرأت في أحد الكتب أن ضمير الغائب هو اسم من أسماء الله العظيمة إذ الغيبة الحقيقية تكون له وحده سبحانه باعتباره لا تصوره العقول ولا تدركه الأوهام، فهل يجوز الدعاء بهذا الضمير ونقول مثلا يا هو قاصدين بذلك الحق سبحانه وهو وحده أعلم بما تضمر القلوب؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.. آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أسماء الله توقيفية، لا تثبت إلا بدليل وليس هناك دليل صحيح على اعتبار ضمير الغيبة من أسماء الله الحسنى، وبناء عليه فلا يشرع الدعاء به، وقد ذكر شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: أن من زعم أن لا إله إلا الله ذكر العامة، وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد، وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر، فهم ضالون غالطون، واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله: قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ. من أبين غلط هؤلاء، فإن الاسم هو مذكور في الأمر بجواب الاستفهام، وهو قوله: قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى. فالاسم مبتدأ وخبره قد دل عليه الاستفهام، كما في نظائر ذلك تقول: من جاره فيقول زيد.
وأما الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فليس بكلام تام، ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالاً نافعاً، وإنما يعطيه تصوراً مطلقاً لا يحكم عليه بنفي ولا إثبات، فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه، وإلا لم يكن فيه فائدة، والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره، وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد وأنواع من الاتحاد، كما قد بسط في غير هذا الوضع.
وما يذكر عن بعض الشيوخ من أنه قال: أخاف أن أموت بين النفي والإثبات. حال لا يقتدى فيها بصاحبها، فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء به، إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه، إذ الأعمال بالنيات، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتلقين الميت لا إله إلا الله، وقال: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. ولو كان ما ذكره محذوراً لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتاً غير محمود، بل كان يلقن ما اختاره من ذكر الاسم المفرد.
والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة وأقرب إلى إضلال الشيطان، فإن من قال: يا هو يا هو، أو: هو هو، ونحو ذلك لم يكن الضمير عائداً إلا إلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل، وراجع الفتوى رقم: 6604، والفتوى رقم: 53348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(10/464)
الدعاء مشروع في جميع سجدات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أنا أعرف أن من أفضل الدعاء أثناء السجود، السؤال هنا في أي ركعة نستطيع الدعاء في الركعة الأخيرة فقط؟ وهل ندعو قبل التشهد أو نسجد السجدتين الأخيرتين ثم نؤدي التشهد ونسلم ثم نسجد للدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 13658 بيان مواضع الدعاء في الصلاة، وليس من مواضع الدعاء ما قبل التشهد، بل إن الدعاء محله السجود، وما بين السجدتين، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير قبل السلام، ثم بعد السلام والأذكار يدعو المسلم بما شاء من أموره الدنيوية والأخروية، ولبيان الأذكار بعد السلام يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 4817 كما أنه لا يعرف سجود بعد السلام لأجل الدعاء، والدعاء مشروع في جميع سجدات الصلاة فلا تختص به ركعة عن ركعة، فيجوز في جميع السجدات ويمكن أن يقتصر عليه في ركعة واحدة أو ركعتين أو ثلاث، والأمر في ذلك واسع، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(10/465)
تحديد اسم خاص من أسماء الله لمرض خاص.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت هذا المقال في أحد المنتديات الجيدة وهو كالآتي:
اكتشف د. ابراهيم كريم مبتكر علم البايوجيومتري أن أسماء الله الحسنى لها طاقه شفائية لعدد ضخم من الأمراض وبواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل جسم الإنسان اكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقه تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين بجسم الإنسان, واستطاع د. ابراهيم بواسطة تطبيق الرنين أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى تحسين في مسارات الطاقة الحيوية داخل جسم الإنسان، وبعد أبحاث استمرت 3 سنوات توصل إلى ما يلي:
اسم الله، اسم المرض.
النافع، العظام.
السميع، الآذن.
الرؤوف، الركبة.
الجبار، العمود الفقري.
جل جلاله، قشر الشعر.
البديع، الشعر.
النور، القلب.
القوي، العضلات.
الوهاب، أوردة القلب.
الرزاق، عضلة القلب.
المغني، الأعصاب.
الجبار، الشريان.
الغني، الصداع النصفي.
جل جلاله، السرطان.
الجبار، الغدة الدرقية.
اللطيف الغني الرحيم، الجيوب الآنفية.
النور البصير الوهاب، العين.
الرافع، الفخذ.
الرزاق، المعدة.
المتعال، الشرايين بالعين.
الحي، الكلى.
الرؤوف، القولون.
الصبور، الآمعاء.
النافع، الكبد.
البارئ، البنكرياس.
الرشيد، البروستاتة.
الخالق، الرحم.
النافع، أكياس دهنية.
المهيمن، الروماتيزم.
الهادي، المثانة.
القوي، الغدة التيموسية.
الهادي، الغدة الصنوبرية.
الظاهر، عصب العين.
البارئ، الغدة فوق الكلوية.
الخافض، ضغط الدم.
الرزاق،.الرئة.
ويشير الدكتور إلى أنه أول شخص تجرى عليه الأبحاث حيث عالج عينه من الالتهاب وانتهى بنطق التسبيح باسم النور الوهاب والخبير وخلال عشر دقائق تم الشفاء وزال الاحمرار، ويلاحظ أن أسماء الجلالة تستخدم للوقاية أيضا. وقد اكتشف أن طاقة الشفاء تتضاعف عند تلاوة آيات الشفاء بعد ذكر التسبيح بأسماء الله الحسنى وهذه الآيات هي: (ويشف صدور قوم مؤمنين) ... (وشفاء لما في الصدور) ... (فيه شفاء للناس) .. (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة) (واذا مرضت فهو يشفين) ... (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) . صدق الله العلي لعظيم
طريقة العلاج:
وضع اليد على مكان الألم وذكر التسبيح إلى ما شاء الله ويكرر ذلك حتى يأذن الله ويزول الألم والله الشافي.
فسؤالي ما توجيهكم حيال هذا الكلام؟ وما هو المطلوب منا في الرد على مثل ما ذكر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستشفاء بالأسماء الحسنى قد سبق أن تكلمنا عليه كما تكلمنا على الاستشفاء بالقرآن في الفتاوى التالية أرقامها: 7251، 34042، 64489.
فهذا النوع من التداوي بالأسماء الحسنى والآيات القرآنية إنما يعتمد على التجربة كما ذكر السيوطي في الإتقان.
وليعلم أن الطريقة المثلى للاستفادة من الأسماء الحسنى وللدواء من الأمراض هي الدعاء بالأسماء، كما قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا، فيدعو الشخص باسم من الأسماء فيقول: يا رحيم ارحمني، ويا شافي اشفني، والأحسن مراعاة المأثور في الدعاء، ففي الصحيحين عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض فدعا له قال: أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الدعاء بالأسماء الحسنى أنه قال: ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو أستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً. رواه أحمد وصححه الألباني.
وقال لعثمان بن أبي العاص لما اشتكى وجعاً يجده في جسده: ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. رواه مسلم.
وبناء عليه، فإنا ننصح بالتداوي بالمأثور في هذا المجال وعدم الالتزام بما لم يؤثر واعتقاد ثبوته، لئلا يجر ذلك الناس إلى البدع الإضافية، فإن تحديد اسم خاص لمرض خاص أو عضو خاص مما لم يثبت تحديده بالشرع لا شك أن الأولى البعد عن الالتزام به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(10/466)
الثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي شبهة يدعيها البعض وهي أنه كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد للمسلم أن يصلي عليه بينما لا يجب عليه أن يقول بعد ذكر الله: تعالى أو عز وجل أو نحو ذلك، وما حكم من ذكر الله تعالى ولم يقل تعالى أو عز وجل، وما حكم من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه، فبعضهم يقولون إن المسلمين يؤلهون النبي صلى الله عليه وسلم، تعالى الله عما يقولون- فما هو جوابكم؟ وبالله تعالى التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلا من الثناء على الله عز وجل وتعظيمه وتقديسه ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طاعة يتقرب بها إلى الله عز وجل، وقربة ينال بها الأجر والثواب عند الله تعالى، فقد ندب الله تعالى إلى تسبيحه في كل وقت وفي أكثر من موضع، فقال: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ {الروم:17} ، وقال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا {الإنسان:26} ، وقال تعالى: وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا {الفتح:9} ، إلى غير ذلك من النصوص الصريحة الدالة على الترغيب في تعظيم الله تعالى وتسبيحه وتقديسه، من غير تقييد، وجاء في الحديث المتفق عليه: ولا أحد أحب إليه المدح من الله. وكما أنه تعالى أمر بتسبيحه وتعظيمه فقد أمر كذلك بالصلاة على نبيه عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم، فقال جل من قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56} ، وقال صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل علي رواه الإمام أحمد.
ثم إن وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه أمر مختلف فيه بين أهل العلم، والقول بالاستحباب أدلته أقوى، وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري عند كلامه على حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء فيها عند ذكره للرد على القائل بوجوبها: ما معناه أنها لو كانت واجبة لكان الثناء على الله تعالى كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به: فهذا الكلام -وإن كنا لا نعرف جواب المخالف عنه- يفيد أن الثناء على الله تعالى آكد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى يدل له أمره صلى الله عليه وسلم الداعي بأن يبدأ بحمد الله تعالى ويثني بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ففي سنن الترمذي عن فضالة بن عبيد قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى فقال: اللهم اغفر لي وارحمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي ثم ادعه. الحديث.
وكذلك كان عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبهم وأدعيتهم كانوا يبدؤون بالثناء على الله ويثنون بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا تقرر هذا علم أن وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، فيه ما فيه من الخلاف، وأن الثناء على الله تعالى آكد منه.
وعلى افتراض أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، والثناء على الله تعالى ليس بواجب أو كان واجبا ولم يحرص عليه المرء، فليس في المواظبة على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره أي تأليه ولا إطراء، بل إنه مجرد امتثال لأمره تعالى ولأمر نبيه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(10/467)
استعجال النصر.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز في الدعاء أن نقول يا رب.. متى نصرك.. يا رب.. متى نصرك، يا رب.. متى نصرك.. وذلك عندما نرى أحوال المسلمين اليوم وما يتعرضون له من قتل وانتهاك لحرماتهم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس بهذا الكلام إن كان على وجه طلب النصر والتمني له بأن يقول الداعي ذلك طلباً واستعجالاً لنصر الله، لا أن يقول ذلك شكا ولا ارتياباً، قال الألوسي في روح المعاني عند تفسيره قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ {البقرة:214} ، قال: زلزلوا أي أزعجوا إزعاجاً شديداً بأنواع البلايا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه أي انتهى أمرهم من البلاء إلى حيث اضطروا إلى أن يقول الرسول وهو أعلم الناس بما يليق به تعالى وما تقتضيه حكمته والمؤمنون المقتدون بآثاره المهتدون بأنواره (متى يأتي) نصر الله طلباً وتمنياً له، واستطالة لمدة الشدة لا شكا وارتياباً. انتهى.
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: أي يستفتحون على أعدائهم ويدعون بقرب الفرج والمخرج عند ضيق الحال والشدة، قال: وكما تكون الشدة ينزل النصر مثلها. انتهى، ولبيان آداب الدعاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 23599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(10/468)
حكم دعاء الخطيب لشخص معين في الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يدعو لمن بنى المسجد في الخطبة الثانية في صلاة الجمعة كأن يقول اللهم اغفر لمن أسس هذا المقام وهل لمن بنى المسجد أن يدعو فيقول اللهم اغفر لمن دخل مسجدي هذا.
ولكم جزيل الشكر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للخطيب الدعاء لمن بنى المسجد بحيث يخصصه بالدعاء.
قال ابن ملفح في الفروع: ويجوز الدعاء لمعين، وقيل: يستحب للسلطان، ويسحتب الدعاء في الجملة. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 55492.
ولا مانع من دعاء الشخص لكل مسلم دخل المسجد الذي بناه بدليل ما حكاه الله عن نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال: رب اغفر لي والدي ولمن دخل بيتي مؤمنا.
قال ابن كثير في تفسيره: قال الضحاك: يعني مسجدي، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها وأنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(10/469)
الدعاء بالعافية لا يتنافى مع الصبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل الدعاء بهذه الكيفية جائز: اللهم إن كانت الكحة التي في صدري خيرا لي فأبقها وإن كانت شرا لي فعافني منها، رب إليك التجأت ولا لأحد غيرك وعليك توكلت (وأذكر دعائي) ، يارب إني أطرق بابك وأرجو استجابتك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا الدعاء لا مانع منه شرعاً لك، إذ ليس فيه إلا تسليم الأمر لله في اختيار ما فيه الخير للعبد، فقد يكون الخير في الشفاء، وقد يكون في غيره لتكفير الذنوب.
واعلم أن الدعاء بالعافية لا يتنافى مع الصبر، فقد يصبر المرء على القضاء ويدعو الله أن يشفيه ويكشف عنه ما أصابه من الضر فيجمع بين الصبر والدعاء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يرشد المرضى للدعاء، فقد قال لعثمان بن أبي العاص لما شكا وجعا يجده في جسده: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. رواه مسلم.
وقد ذكر العلماء أن من يستطيع الصبر على بقاء المرض والبلاء محتسباً الأجر عند الله تعالى أن الأفضل له ترك أسباب العلاج، لكن هذا نادر واستدلوا بما في الصحيحين أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها.
قال ابن حجر: في هذا الحديث أن الصبر على البلاء يورث الجنة وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عن التزام الشدة، وفيه جواز ترك التداوي وأن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنفع من العلاج بالعقاقير. انتهى.
وقد روى النسائي عن أبي بكر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، فإنه ما أوتي عبد بعد يقين خيراً من معافاة. ورواه ابن حبان أيضاً في صحيحه. وروى الترمذي عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله عز وجل، قال: سل الله العافية فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله، فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة. وصححه الترمذي والألباني أيضاً، قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: في أمره صلى الله عليه وسلم للعباس بالدعاء بالعافية بعد تكرير العباس سؤاله بأن يعلمه شيئاً يسأل الله به دليل جلي بأن الدعاء بالعافية لا يساويه شيء من الأدعية ولا يقوم مقامه شيء من الكلام الذي يدعى به ذو الجلال والإكرام. انتهى، وبقية الدعاء من قول السائل رب التجأت إلى آخره صحيح من حيث التركيب والمعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(10/470)
الدعاء المتعلق بالموت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو دعاء الموت أو دعاء حسن الخاتمة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. فهذا مما يدعى به بشأن الموت.
وأما دعاء حسن الخاتمة فهو ما أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه عن بسر بن أرطاة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. قال ابن كثير: وهذا حديث حسن.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب والنسائي والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(10/471)
حشر البهائم يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قطة ماتت وأنا أحبها كثيرا فأنا أدعو المولى عز وجل أن يدخلها الجنة عقب كل صلاة فهل دعائي يجوز أم حرام لأني أعلم أن الحيوانات تصبح ترابا يوم القيامة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن هذه البهائم تحشر يوم القيامة حتى يؤخذ للمعتدى عليه من المعتدي، ثم بعد ذلك تصير تراباً فلا تصير إلى جنة ولا نار، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 48988.
ولا يعتبر القصاص بين البهائم مثل القصاص بين المكلفين بل هو قصاص مقابلة لأنها لا تكليف عليها، وبالتالي فلا عقاب ولا ثواب. قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، هذا تصريح بحشر البهائم وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين، وكما يعاد الأطفال والمجانين ومن لم تبلغه دعوة، وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة، قال الله تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ. وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع وجب حمله على ظاهره. قال العلماء: وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب، وأما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف إذ لا تكليف عليها بل هو قصاص مقابلة. انتهى.
وخلاصة القول أن دعاءك هذا قد يكون من الاعتداء في الدعاء، والأجدر بك أن تسأل الله الجنة لنفسك ولوالديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(10/472)
الذكر والدعاء على الصفا والمروة
[السُّؤَالُ]
ـ[بشأن الذكر والدعاء على الصفا والمروة: هل يكرر الذكر ثلاثا والدعاء ثلاثا، أم يكرر الذكر ثلاثا والدعاء مرتين، بمعنى هل السنٌة: ذكر (تكبير وتهليل) ، ثم دعاء (بخيري الدنيا والآخرة) ، ثم ذكرـ ثم دعاءـ ثم ذكرـ ثم دعاء، أم هي: ذكرـ ثم دعاءـ ثم ذكرـ ثم دعاءـ ثم ذكر (بدون دعاء) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كيفية الذكر والدعاء عند الصفا والمروة هو أن يقرأ عندما يدنو من الصفا قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا {البقرة:158} .
فإذا رقي على الصفا ونظر إلى البيت يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو، ثم يعيد هذا الذكر، ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر، ثم هل يدعو بعد هنا أم لا محل خلاف بين أهل العلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم عند حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: ومن المناسك المأخوذة من لفظ هذا الحديث أنه يسن أن يقف على الصفا مستقبل الكعبة ويذكر الله تعالى بهذا الذكر المذكور ويدعو ويكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات، هذا هو المشهور عند أصحابنا، وقال جماعة من أصحابنا يكرر الذكر ثلاثا والدعاء مرتين فقط، والصواب الأول. إلى أن قال: عند قول جابر في الحديث ففعل على المروة مثل ما فعل على الصفا (و) فيه أنه يسن عليها من الذكر والدعاء والرقي مثل ما يسن على الصفا، وهذا متفق عليه. انتهى، وللفائدة طالع الفتوى رقم: 61158، والفتوى رقم: 3229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(10/473)
قراءة آيات معينة لتعجيل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو في أحد المواقع الإسلامية وجدت هذا الدعاء هل هو صحيح أم لا؟
وخصوصا العدد 100 مرة.
... بسم الله الرحمن الرحيم
آيات تعجيل الزواج
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم في الأولين والآخرين ولمن تبعه إلى يوم الدين.
- قراءة سورة المعارج يومياً (مرة واحدة)
- قراءة سورة الواقعة ليلة الجمعة (مرة واحدة)
- قراءة سورة الذاريات مساءً (مرة واحدة)
- قراءة هذه الآيات 100 مرة في الصباح والمساء
- لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ... ... ... (سورة الأنفال63) ...
- وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا. (سورة الروم 21)
- وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. (سورة القصص 68)
- وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. (التكوير29) ... ...
- لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. (سورة الأنبياء 87) ... ...
- وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا. (سورة النبأ 8)
- رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا. (سورة الفرقان 74)
- أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. (سورة الأنبياء 83)
- إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ. (سورة يوسف 86)
- مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. (الكهف93)
- هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا. (الأعراف 189)
- ياحى يا قيوم برحمتك أستغيث. (دعاء للرسول صلى الله عليه وسلم)
مع صدق النية واليقين وحسن التوكل
مع صلاة الفجر حاضراً وعدم التدخين وعدم الوقوع في المعاصي
مع صلاة ركعتي قضاء الحاجة كل يوم بنية الزواج
والتصدق بيقين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن قراءة القرآن من أعظم العبادات وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى ويتوسل إليه بها المسلم في حاجاته المباحة، لكن تخصيص قراءة هذه السور وهذه الآيات بغرض تعجيل الزواج لم نجد له مستنداً ولا أصلا في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل أن تخصيص الآيات للأغراض المعينة لا يثبت إلا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم كما أوضحنا في فتوانا السابقة رقم: 62517.
وينبغي لمن أراد الدعاء أن يتوسل بين يدي دعائه بالأعمال الصالحة كقراءة القرآن والذكر والصلاة والصدقة ونحو ذلك، فيقرأ القرآن ويسأل الله بعده بما شاء، توسلاً بقراءته إلى الله في قضاء حاجته.
ثم إن ما في المكتوب من البدء بحمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الصدق والإخلاص والتوكل على الله عند الدعاء أمر صحيح وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك صلاة ركعتي الحاجة، ويجوز تكريرها، ولبيان كيفيتها طالعي الفتوى رقم: 1390.
وكذلك الدعاء المذكور: يا حي يا قيوم إلى آخره ... فينبغي الدعاء به، ولبيان بعض الأدعية المأثورة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 3570.
وننبه الأخت الكريمة إلى أن تقوى الله تعالى هي أعظم الأسباب للإجابة، ومنها الالتزام بالصلاة في وقتها، والابتعاد عن المعاصي بجميع أشكالها، لأن الله تعالى يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {المائدة: 27} .
ولبيان ما ورد في فضل سورة الواقعة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 13140 ولم يرد تخصيصها بليلة الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(10/474)
الذكرعند وضع الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد المشايخ أن الشخص حينما يتعرى ولا يقرأ الدعاء \"بسم الله الرحمن الرحيم* لا إله إلا الله لا شريك له لا إله إلا هو\" يضحك منه الشيطان (طبعاً إذا لم يقرأ الدعاء) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم هو قوله: ستر ما بين عورات بني آدم والجن إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله. رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بن مالك، وحسنه المناوي وصححه الألباني.
وأما الزيادة على ذلك فلم تثبت، قال المناوي في فيض القدير: ظاهره أنه لا يزيد الرحمن الرحيم. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: ولا يزيد الرحمن الرحيم لأن المحل ليس محل ذكر ووقوفا مع ظاهر هذا الخبر. وقد رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة بزيادة: الذي لا إله إلا هو. ولفظه: ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه: بسم الله الذي لا إله إلا هو. إلا أن أئمة الحديث الذي تكلموا على الحديث لم يصححوا هذه الرواية، لأن في سندها عبد الرحيم بن زيد العمي، قال الألباني في ثنايا تخريجه لهذا الحديث: وتابعه أيضاً عبد الرحمن بن زيد العمي وهو كذاب.
فلم يصح عند وضع الثياب إذاً إلا قول (بسم الله) وزيادة الرحمن الرحيم لا إله إلا الله لا شريك له لا إله إلا هو. لم تثبت على حد علمنا، وروى الترمذي وابن ماجه الحديث من مسند علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول بسم الله. وصححه مغلطاي والألباني وحسنه السيوطي والمناوي.
ويستفاد من هذه الروايات سُنية قول (بسم الله) عند وضع الثياب عموماً، وليس عند دخول الخلاء فقط، قال علي القارئ في المرقاة: الحكم عام ثم الظرف قيد واقعي غالبي للكشف المحتاج إلى الستر بالبسملة المتقدمة، لا أنه احترازي، فإنه ينبغي أن يبسمل إذا أراد كشف العورة عند خلع الثوب أو إرادة الغسل.
وأما ضحك الشيطان على من لم يفعل ذلك فلا نعلم دليلاً يدل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(10/475)
دعاء العاقد للزوجين بعد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً، السؤال: هل إذا رفع الإمام يديه ودعا للزوجين بالبركة والخير بعد إتمام الخطوبة وإجراء عقد الزواج هل هذا الدعاء بدعة فلا يجوز فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المستحب الدعاء للزوجين بالبركة والخير بعد عقد النكاح بدليل فعله صلى الله عليه وسلم لهذا الدعاء، ففي المغني لابن قدامة: ويستحب أن يقال للمتزوج بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير وعافية. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن أثر صفرة فقال: ما هذا، فقال: إني تزوجت امرأة على نواة من ذهب، فقال: بارك الله لك أولم ولو بشاة. متفق عليه. انتهى.
وفي أسنى المطالب ممزوجاً بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: ويستحب الدعاء لهما: أي الزوجين بالبركة بعد العقد فيقال بارك الله لك وبارك عليك والجمع أي وبالجمع بخير فيقال جمع الله بينكما في خير لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ من تزوج قال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير. انتهى.
وقال الدردير المالكي في شرحه لمختصر خليل أثناء ذكره لبعض الأمور المستحبة: والدعاء له أي العروس عند العقد والبناء نحو بارك الله لكل منكما في صاحبه وجعل منكما الذرية الصالحة وجمع الله بينكما في خير وسعة رزق. انتهى.
وفي المصنف لابن أبي شيبة: أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من بني جشم فدعاهم فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا ذاك، قالوا: كيف نقول يا أبا يزيد، قال: تقولون: بارك الله لك وبارك عليك فإنا كنا نقول أو نؤمر بذلك. انتهى.
وعليه فالدعاء للزوجين بعد العقد مستحب من العاقد وغيره، ورفع اليدين في الدعاء مستحب إلا في المواضع التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فيها ولم يرفع يديه فيها، كما في الفتوى رقم: 32283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(10/476)
الدعاء عند ولادة المولود
[السُّؤَالُ]
ـ[النظر إلى المولود أول ما يولد والدعاء في وجهه هل تكون الدعوة مستجابة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل يفيد تخصيص الدعاء عند ولادة المولود، كما لم نقف على كون تلك الساعة من الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء، وراجعي الفتوى رقم: 13605.
والأوقات التي ينبغي تحريها بالدعاء لكونها من مظنة استجابته سبق ذكرها في الفتوى رقم: 21256 والفتوى رقم: 35121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(10/477)
دعاء تيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة الدعاء بهذا الدعاء لتسيير الزواج: اللهم إني أعوذ بك من قعودي وبواري وتأخر زواجي؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في الدعاء بهذه العبارات لتيسير الزواج، علما بأنها ليست من الألفاظ المأثورة، ولكن الدعاء بغير المأثور لا حرج فيه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:
32981، 62548، 18143، 54266.
ففيها من الأدعية المأثورة والوسائل الناجعة في تحقيق هذا المطلب ما هو نافع إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(10/478)
قراءة سورة الفاتحة والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب مدارج السالكين بين إياك نعبد وإياك نستعين، كيف أن سورة الفاتحة بمثابة الدعاء ... حيث إن الشطر الأول من السورة:
((بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم* مالك يوم الدين* إياك نعبد وإياك نستعين))
فهذا الشطر يفتح باب القبول بحسب كلام الشيخ ابن القيم رحمه الله، والله يستجيب دعاء العبد بعد هذا الشطر.. فتأتي تكملة السورة:
((اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * ولا الضالين))
ففي سورة الفاتحة نسأل الله الهداية بإحدى أعظم طرقها
وسؤالي هنا..
هل يجوز مثلا أن أدعو الله بطريقة مشابهة بحيث إني أقرأ كما في الشطر الأول ومن ثم أسمي حاجتي.
علما بأن من خوفي من أن أقع في التحريف والعياذ بالله أنوي أن يكون ما أقول بمثابة الدعاء وليس القراءة ... وأحيانا أنوي بصوت مسموع وأعيده وأعيده أكثر من مرة.
فهل هناك مخالفة شرعية في هذا الدعاء.
أفتوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الآيات الأوائل من سورة الفاتحة إلى قوله نستعين، تتضمن حمد الله والثناء عليه وتمجيده وإفراده وحده بالعبادة والاستعانة به، ثم يأتي بعد ذلك الدعاء اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.
فعلى المسلم أن يلاحظ هذا في صلاته وفي قراءته هذه السورة، بحيث يتفهم وهو يقرأ هذه السورة أنه يحمد الله ويثني عليه ويمجده، ويقر أمامه بأنه يفرده بالعبادة والاستعانة به، ثم يطلب منه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهذا من عظيم فضل الله، حيث يعلمنا كيف ندعوه بعد أن نثني عليه ونمجده، ومن هنا كان من آداب الدعاء وأسباب الإجابة عند بداية الدعاء حمد الله أولا، ثم الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، والدعاء بعد قراءة الشطر الأول من الفاتحة بنية الثناء على الله هو من هذا القبيل، أي من الإتيان بأسباب قبول الدعاء قبل البدء به، وإن كان ذلك بنية قراءة القرآن، فغاية ما فعل أنه قرأ أول الفاتحة ولم يكملها ثم دعا لنفسه بما أحب ولا شيء في ذلك، فقد ورد في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل قراءة الفاتحة في صلاة الليل: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. رواه مسلم وغيره.
ففي هذا الدعاء آية من كتاب الله تعالى قبل الدعاء وهذا كثير.
وللفائدة طالع الفتويين التاليتين: 13714، 17793.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(10/479)
الدعاء للغير ألا يهينه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقول كلمة (الله لا يهينك) لشخص عملت له خدمة أو عمل لك خدمة؟ وهل صحيح أن الله سبحانه لا يهين عبده أبدا فكيف نقول الله لا يهينك (أفيدوني جزاكم الله خيرا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الدعاء للنفس أو للغير بمثل هذا الدعاء، وهذا في هذا المقام من القول الحسن، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به لنفسه وللمؤمنين.
فقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل، فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال: أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ علينا: قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشر
والمسلم يسأل الله تعالى من الخير كله، ويستعيذ به من الشرك كله لنفسه ولإخوانه، وإن كان يعلم أن الله تعالى لا يهين ولا يعذب عباده الصالحين، ولكن من الذي يضمن له أنه لا ينزلق في معصية يستحق بها غضب الله تعالى وعقابه، وهو المخطئ المقصر المعرض للفتن والابتلاء في هذه الحياة.
لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه أحمد والترمذي.
ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 46298.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(10/480)
الدعاء للنفس أولا ثم للآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل كذا سنه كنت عاشقاَ فتاة مما جعل أعظم وقتي في الخيال والتفكير - وربما تصاعد الأمر حتى صرت لا أخشع في الصلاة - فأحببت أن أستفيد من حبي لها لزيادة طاعة الله فقمت بعمل بعض الطاعات متمنيا من الله أن تكون أعمالا ليست مخالفة للشريعة، وبعد إذنكم الكريم سوف أطرح لكم ما أفعله حتى تطمئن نفسي بأن الذي أفعله لا يخالف الشريعة
1 - في السجود سواء كانت الصلوات المفروضة أم السنة بعد ما أسبح الله بقولي سبحان ربي الأعلى ثلاث (أدعو للفتاة ولي) وأيهما أفضل هل أقول كضرب المثال اللهم ارحمها وارحمني؟ أم أقول اللهم ارحمني وارحمها؟ أم أقول اللهم ارحمنا وأنوي في نفسي لي ولها؟
2 - أتأمل ما يقرأ الإمام في الصلوات التي تكون فيها القراءة جهراَ (وإذا أتى كمثال ذكر الجنة) أسأل الله الجنة لي ولها في وقوفي وعند سجودي فما حكمه؟ وهذا يساعدني على تتبع ما يقوله الإمام وتدبر له
3- أخصص صلاه بعينها يكون سجودها دعاء لي وللفتاة بعد التسبيح لله وسبب تخصيصي (حتى يساعدني على الإلحاء)
4 - أصلي صلوات ليست بالفريضة فقط استغلال السجود دعاء الله لي ولها فما حكمه؟
5- أغض بصري عن الحرام ليست لحرمته ولكن حتى لا يسلط الله من يطلع عليها إدانة بما فعلت (كما تدين تدان) وهكذا لجميع المحرمات حتى لا ينتقم الله مني فيسلط عليها ما أفعله بنساء المسلمين؟
6- أستغفر لها بقولي اللهم اغفر لها؟ هل هكذا صحيح؟ أم يجب علي أن أقول أستغفر الله أستغفر الله معقداَ بيميني؟ وأنوي الاستغفار أن يكون لها؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللتعرف على حكم العشق وعلاجه راجع الفتوى رقم: 9360.
وسؤالك يشتمل على عدة مسائل:
المسألة الأولى: وهي الدعاء لك ولمعشوقتك أثناء السجود، فالأولى أن تبدأ بالدعاء لنفسك، فقد حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه بدأ بالدعاء لنفسه ثم لغيره، حيث قال: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {إبراهيم: 41} كما حكى الله تعالى عن نوح عليه الصلاة والسلام دعاءه قائلا: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا {نوح: 28}
المسألة الثانية: وهي الدعاء لكما عند ذكر الجنة -مثلا- في الصلاة، وقد بينا مذاهب أهل العلم في المسألة، وذلك في الفتوى رقم: 61270.
المسألة الثالثة والرابعة: وهما تخصيص صلاة للدعاء المذكور، وهذا لا حرج فيه.
المسألة الخامسة: لا ثواب لك فيما تقوم به من ترك للمعاصي إن كنت تتركه للمقصود الذي ذكرته فقط، فإخلاص النية شرط في قبول العمل، فالله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا له سبحانه وتعالى، فجاهد نفسك لتجنب الحرام خوفا من عقاب الله ورجاء ثوابه، واجعل أعمالك كلها خالصة لوجه الله تعالى، ولا بأس أن يكون ذلك من جملة المقصود، وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 40090، 49482، 30366.
ويجب غض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه، وراجع الفتوى رقم: 30630.
المسألة السادسة: الأفضل في الاستغفار أن يكون بأنامل اليد اليمنى، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه، كما في الفتوى رقم: 58737.
ولا مانع من قولك: اللهم اغفر لها. وإن كان الأفضل كونه بالأصابع لأنها تشهد على صاحبها بما عمل بها يوم القيامة، والوسائل المعينة على الخشوع في الصلاة سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 9525.
وفي الختام فإننا ننصحك ونؤكد عليك أن يكون تعلق قلبك بالله تعالى وبما يقرب منه ويجلب لك رضوانه، ولا تعمر قبلك بمخلوق زائل، فإنه لا ينفعك ولا يضرك، وقد يكون تعلق قلبك به على حساب تعلقه ببارئه ومن إليه مصيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(10/481)
حكم قول (اللهم صل على سيدنا محمد مفتاح خزائن..)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء بالصيغة التالية
اللهم صل على سيدنا محمد مفتاح خزائن رحمتك اللهم افتح لنا به ما أغلق علينا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأفضل الصيغ للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصيغة التي علمها هو بنفسه لأصحابه لما سألوه كيف يصلون عليه، فقال قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.....، إلى آخر الصلاة المعروفة بالصلاة الإبراهيمية. ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأعلمهم وأحرصهم على الخير، فلو كانت هناك صيغة خير من هذه لما كتمها عنهم، فالأولى ملازمة هذه الصيغة والإكثار منها، ولكن لا يظهر لنا مانع من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة المذكورة، وهي قول اللهم صل على سيدنا محمد مفتاح خزائن رحمتك إذا كان المقصود بعض خزائن رحمة الله، فهو مفتاح لها وأعظمها الجنة فهو أول من يفتحها عليه الصلاة والسلام، ففي مسند أبي يعلى بإسناد جيد عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول من يفتح له باب الجنة. وأما قول: اللهم افتح لنا به ما أغلق علينا.
فهذا توسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وهو محل خلاف بين أهل العلم، والراجح عندنا من أقوالهم منعه كما في الفتوى رقم: 11669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(10/482)
حكم دعاء المرأة ربها أن يزوجها من فلان
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أحببت رجلا مسلما مستقيما لقد لمح لي بتصرفاته أنه مهتم بي لكني عندما سألته توضيحا قال بأن السؤال محرج ومرة أخرى عندما سألته نفس السؤال قال لي بأني كأخته الصغيرة فقط صدقوني كان يتصرف معي كما لو كان ينوي الارتباط بي. سؤالي هل يرد الدعاء القضاء؟ لنفرض أن في هذا الرجل شرا ما لأني قمت بصلاة استخارة ألا يمكن أن أدعو الله أن يصلح حاله ويجعل فيه الخير لي ويكتبه من نصيبي ويجعله زوجا صالحا لي؟ ألا يمكن بدعائي أن أغير القضاء.إن الله يقدر أن يغير أحواله فيلقي في قلبه محبتي ويجعلنا زوجين صالحين. أرجوكم أرشدوني فأنا أحبه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لايرد القضاء إلا الدعاء، ولايزيد في العمر إلا البر. والدعاء من قدر الله تعالى وقضائه. كما قال صلى الله عليه وسلم عندما قيل له: أرأيت دواء نتداوى به، ورقى نسترقي بها، أترد من قدر الله تبارك وتعالى شيئا؟ قال: إنها من قدر الله تبارك وتعالى. رواه أحمد وغيره. والحديث على ضعفه يؤيده ما في الصحيحين وغيرهما أن عمر رضي الله عنه قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله.
ولا مانع من دعاء الله تعالى أن يصلح حال من ترغبين فيه وأن يجعله من نصيبك. .. فالله تعالى قادر على أن يغير حاله ويستجيب دعاءك، ولكن ننصحك أن يكون دعاؤك عاماً، فتسألين الله تعالى أن يرزقك من هو خير لك. وما دمت قد استخرت الله تعالى الاستخارة الشرعية ودعوت بدعائها المأثور فإن ما يقدره الله تعالى لك هو ما فيه الخير لك في دينك وفي دنياك. فليطمئن بذلك قلبك، ولتتذكري قول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} .
واحذري أن يستدرجك الشيطان حتى يكون بينك وبين هذا الرجل علاقة غير شرعية، فإن عاقبة ذلك وخيمة في الدنيا والآخرة. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 18143، 44832، 56043، 41966، 21852، 9463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1426(10/483)
الدعاء الجماعي في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[خيركم من تعلم العلم وعلمه هل هذا حديث صحيح، وماذا عن الحديث الذي يمدح من يدعون في المساجد أحدهم يدعو والباقي يؤمنون خلفه، هل يوجد حديث بهذا المعنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الوارد في السؤال لا نعلمه بهذا اللفظ، وإنما الوارد بلفظ: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. حديث صحيح رواه البخاري، ومن أصح ما ورد في فضل الدعاء الجماعي في المسجد وغيره ما جاء في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله عز وجل تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم وهو أعلم: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، فيقول: هل رأوني، فيقولون: لا والله ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً، فيقول: فماذا يسألون؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يتعوذون من النار؟ قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم.
وأما الدعاء على الهيئة المذكورة في السؤال فلم نجد حديثاً يدل عليه، وراجع حكم الدعاء الجماعي في الفتوى رقم: 10006، والفتوى رقم: 26399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(10/484)
دعاء الوالد على ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي بنتان في مرحلة الجامعة, وأنا آمرهما بلبس الحجاب ولكنهما ترفضان لبس الحجاب, وتعبت معهما جدا في ذلك أكثر من ست سنوات , واستخدمت معهما جميع الوسائل. وأنا الآن أكرههما وأدعو عليهما بأن يبتليهما الله بمرض السرطان. لأنهما استهزأا بالحجاب وقالتا: (يلعن الحجاب واللي بيلبسوا الحجاب) . فأنا غضبان عليهما وقلبي في أشد الغضب عليهما ولن أترك الدعاء عليهما حتى أموت أنا أو تموتان هما. فهل أنا آثم في استمرار الدعاء عليهما؟ أرجوكم أنا لا أريد نصائح تربوية، بل أريد حكم الدعاء عليهما هل يلحقني إثم بسببه أم لا؟ فأنا مستمر في الدعاء عليهما في كل وقت وحين.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الأب على بناته بالأمراض لا ينبغي ولا يحل المشكلة ولا فائدة منه، بل عليه أن يذكرهن بالله تعالى، وبحرمة السفور والتبرج وبنعمة الله عليهن، فخير له أن يدعو لهن بالصلاح والاستقامة وحسن الحال، بل قد ذهب جمع من العلماء إلى حرمة ذلك. ففي غمز عيون البصائر بشرح الأشباه والنظائر للحموي قوله: وفي تحفة الراغبين أيضا أنه لا يباح الدعاء على أحد من المسلمين بالطاعون ولا بشيء من الأمراض ولو كان في ضمنه الشهادة. كما لا يجوز الدعاء بالغرق والهدم ونحوهما بلا موجب. وكذا الدعاء عليه بالموت. وفي كلام الكرابيسي ما يشعر بكراهته دون تحريمه فإنه قال: لو دعا على غيره لم يجب عليه التعزير. وقال الدمياطي في حاشية إعانة الطالبين: ويكره للإنسان أن يدعو على نفسه أو على ولده أو ماله أو خدمه لخبر مسلم في آخر كتابه وأبي داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسئل فيها عطاء فيستجيب له. وأما خبر إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه فضعيف. اهـ. وقال الجمل في حاشيته على فتح الوهاب: الظاهر أن المراد بالدعاء الدعاء بنحو الموت، وأن محل الكراهة عند الحاجة كالتأديب ونحوه، وإلا فالذي يظهر أنه بلا حاجة لا يجوز على الولد والخادم.اهـ. وبهذا يعلم السائل أنه لا يحق له الدعاء المذكور على بناته، وأن أقل أحوله أن يكون منهيا عنه ولا فائدة من ورائه أيضا، فلا ينبغي له الاستمرار فيه أو الإصرار عليه. وأن الأولى له أن يدعو لهن بالهداية والتوفيق لأوامر الله عز وجل ولصلاح حالهن، وأن يأمرهن بالحجاب والستر وينهاهن عن السفور والتبرج فهذا هو واجبه نحوهن قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} . وإن استطاع أن يرغمهن على الحجاب من دون أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم من تركهن له وجب عليه ذلك. وتراجع الفتوى رقم: 28754، والفتوى رقم: 19482، والفتوى رقم: 27921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(10/485)
التأمين بالقلب دون اللفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دعا شخص دعاء، وكان هناك شخص جالس أمامه , فأمّن على هذا الدعاء في قلبه , وقال له ذلك الشخص عليك أن تؤمن جهرا , فهل لا يصح أن يؤمن الشخص سرا في قلبه , وهل ورد شيء في السنة حول هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأمين على الدعاء لا يكون إلا باللفظ فلا تكفي نيته في القلب دون التلفظ به، بدليل ما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(10/486)
حكم طلب الدعاء من غير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يطلب الدعاء لنفسه من غير المسلم؟ وهل هناك أحاديث تدل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز طلب الدعاء من الكافر، لأنه ليس أهلا للإجابة، ولأنه مبغوض من الله، فكيف يتوسل إلى الله تعالى بدعاء من يبغضه! وإن كان قد يستجاب له، لاسيما إذا كان وقت الاضطرار، كما دل القرآن على ذلك، ولأن طلب ذلك يشعر بتعظيمه ومظنة الخير فيه مع كفره، وإنما يطلب الدعاء من المؤمنين أهل الخير والصلاح أو من سائر المسلمين. قال سليمان بن منصور الجمل الشافعي في فتوحات الوهاب في باب الاستسقاء: قال الروياني: لا يجوز التأمين على دعاء الكافر لأنه غير مقبول، أي لقوله تعالى: وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ {الرعد: 14} قال: ونوزع (أي الروياني) فيه بأنه قد يستجاب له استدراجا كما استجيب لإبليس فيؤمن على دعائه، هذا، ولو قيل وجه الحرمة أن في التأمين على دعائه تعظيما له وتقريرا للعامة بحسب طريقته لكان حسنا- إلى أن قال بعد ذكره الخلاف في جواز التأمين على دعاء الكافر أو أن ذلك جائز إذا دعا لنفسه بالهداية أو دعا لنا بالنصر، وينبغي أن ذلك كله إذا لم يكن على وجه يشعر بالتعظيم، وإلا امتنع خصوصا إذا قويت القرينة على تعظيمه وتحقير غيره. انتهى. وذكره شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج، وزكريا الأنصاري في الغرر البهية شرح البهجة الوردية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(10/487)
قراءة المعوذتين ومسح الجسد بعد صلاتي الفجر والمغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بعد صلاتي الفجر والمغرب بقراءة الباقيات الصالحات وبعد ذلك أقرأ المعوذتين ثم أنفث في يدي ثم أعممه على جسمي، فهل ورد ذلك في أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات. رواه البخاري، وروى أصحاب السنن أنه صلى الله عليه وسلم رغب في قراءة السور المذكورة مساء وصباحا، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 57139.
وقال: إن قراءتها تكفي من كل شيء. ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ينفث ويمسح جسده بعد أن يقرأ السور المذكورة بعد المغرب والصبح، والأولى متابعته صلى الله عليه وسلم، لكن فعل ذلك في بعض الأوقات لا بأس به فيما يظهر لنا لثبوت النفث مع القراءة عنه صلى الله عليه وسلم، كما في حديث البخاري ولما ورد من حثه وحضه على قراءة الإخلاص والمعوذتين مساءاً وصباحاً.. وقد استدل العلماء بحديث البخاري المذكور على جواز رقية الصحيح، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: قال الكثيرون أو الأكثرون بجوز الاسترقاء للصحيح لما يخاف أن يغشاه من المكروهات والهوام ودليله أحاديث ومنها حديث عائشة في صحيح البخاري. انتهى.
وأما الإتيان بالذكر المقول فيه أنه المقصود بالباقيات الصالحات وهو سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، الإيتان بهذا الذكر بعد صلاتي الفجر والمغرب فلا نعلم دليلاً عليه، فينبغي عدم ملازمة ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(10/488)
الدخول على المنتديات بالذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[تناقشت أنا وأخت لي في الإسلام في موضوع جد خطير، فانا أملك منتدى وعملت موضوعا للصلاة على رسول الله فقط للتذكرة فقالت الآتي: فقد انتشر في العديد من المنتديات مواضيع تدعو الأعضاء إلى التسبيح والتكبير، وبعضها تدعوهم إلى أن يذكر كل عضو اسم من أسماء الله الحسنى، وبعضها تدعوهم إلى الدخول من أجل الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أحببت من خلال موضوعي أن أوضح حكم الشرع في مثل هذه المواضيع، فأسأل الله أن يعينني لإيصال هذا الموضوع بأبسط وأوضح صورة ممكنة، إنه سميع مجيب.من المعروف إخوتي أن الذكر الجماعي بدعة محدثة والدليل على ذلك ما ورد في الأثر عن عمرو بن سلمة. عن عمرو بن سلمة: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال أَخَرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حَصَى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة.قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك وانتظار أمرك.قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.قال: فعدّوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد، أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه.إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. وأيم الله ما أدري، لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. {أخرجه الدارمي وصححه الألباني، انظر السلسلة الصحيحة 5-12} من هذا الأثر يتبين لنا إنكار عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لفعل الجماعة الذين جلسوا يذكرون الله ذكرا جماعيا، وسبب إنكاره واضح فقد أحدث هؤلاء بدعة جديدة لم تكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعلها الصحابة - رضوان الله عليهم - أبدا. وقد أفتى الكثير من علماء المسلمين بحرمة هذا العمل وأنه من البدع المحدثة، ورددت عليها بالتالي: أنا أعرف كل الأحاديث التي ذكرتيها وكان من ضمن التفسير أنه من البدع أن تسبح على حصى أو مسبحة أوما شابه والأفضل التسبيح على الأيدي. ثانيا: ألم تسمعي حديث رسول الله الذي يقول فيما معناه (أنه ما من قوم ذكروا الله في جماعة وإلا حفتهم الملائكة) طبعا هذا ليس نص الحديث ولكن فيما معناه طبعا وأنا الموضوع هذا طرحته بمنتداي وعلى فكرة به أعضاء إخوتهم شيوخ ولم يعلقوا عليه هكذا..بل ورحبوا بالفكرة فالفكرة كلها تتلخص في أن البعض يغفل عن الصلاة على النبي فهذا أمر يلزمه الصلاة في اليوم على الأقل مرة ولو قاله دون كتابة فان وجود الموضوع سيذكره بدل ما يدخل ويجاوب في مواضيع معلش في اللفظ ليست لائقة....يا أختي وأمر آخر بالنسبة للتسبيح في جماعة ألم تسمعي قول رسول الله لابنته فاطمة حين جاءت تطلب منه جارية لتعينها على أمور البيت فقال لها إذا أويت إلى الفراش أنت وزوجك
فسبحوا الله 33 واحمدوه 33 وكبروه33 إذن فالتسبيح الجماعي ليس بدعة ولكن البدعة هي العد على الحصى والمسبحة وما شابه وأنا على قد ما أقدر إذا رأيت شخصا يسبح على مسبحة أقول له من الأفضل على يديك وخاصة اليمنى
وألم تعرفي أنه من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ألا تعرفين أن إنارة المساجد بدعة حسنة وقد فعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصلاة التراويح
........................... فقط يا أخوتي أريد رأيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله لك وللأخت الكريمة ولجميع العاملين للإسلام المثوبة والقبول، وننبهكم على بعض الأمور التي يتعين مراعاتها: فننصحكم بكثرة مخالطة العلماء، ودراسة الشرع دراسة مرتبطة بالدليل، وسؤال العلماء عما أشكل عليكم مما اختلف فيه، وسؤال الله الهداية للحق في المختلف فيه وأكثروا قيام الليل، والدعاء في استفتاح القيام بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح به دائماً، كما في حديث عائشة: أنه كان إذا قام من الليل افتتح صلاته " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " أخرجه مسلم. ويتعين كذلك البعد عن الجدل بغير تحقيق ومعرفة تامة لموضوع النزاع، فإن الجدل بغير علم من علامات الضلال وربما أوقع في التقول على الله، وفي الحديث الذي رواه أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، ثم قرأ ما ضربوه لك إلا جدلا (الزخرف) . ورواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وغيره وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد ثبت في الكتاب والسنة النهى عن القول على الله بغير علم، والجدل بغير علم، وأن يقال على الله غير الحق كما في قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {لأعراف:33} . وقوله: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ {الاسراء: 36} . وقوله: أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَق َّ {لأعراف: 169} . وقوله: ِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ {النساء: 171} . وقوله تعالى: هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ {آل عمران: 66} .ثم إن الاجتماع على الذكر لا يحكم ببدعيته على الإطلاق وإنما يحكم بالبدعة على ما أحدث فيه من طريقة، أوتحديد لعدد أو وقت أوهيئة، أو ترديد بصوت واحد مما لم تثبت مشروعيته، وعلى هذا يحمل أثر ابن مسعود فالذكر الجماعي الذي نهى عنه العلماء هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع أدبار الصلوات المكتوبة، أو في غيرها من الأوقات والأحوال ليرددوا بصوت جماعي أذكاراً وأدعية وأوراداً وراء شخص معين، أو دون قائد، لكنهم يأتون بهذه الأذكار في صيغة جماعية وبصوت واحد، كذا عرفه الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس في كتابه: "الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع" ويدل لمشروعية الاجتماع على الذكر إن لم يشتمل على ما فيه محذور شرعي ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ما يقول عبادي، قال: يقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني قال: فيقولون: لا والله يا رب ما رأوك قال: فيقول: فكيف لو رأوني قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا قال: فيقول: فما يسألوني قال: يقولون: يسألونك الجنة قال: فيقول: وهل رأوها قال: يقولون: لا، والله يا رب ما رأوها قال: فيقول: فكيف لو رأوها قال: يقولون، لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة قال: فمم يتعوذون قال: يتعوذون من النار قال: فيقول: وهل رأوها قال: يقولون: لا، والله ما رأوها قال: فيقول: فكيف لو رأوها قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا، وأشد لها مخافة قال: فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. رواه البخاري وفي لفظ لمسلم: إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلاء يبتغون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك قال: فما يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا يا رب، قال وكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا يا رب، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا، قال: يقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. وعن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبرائيل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة. رواه مسلم. وفي الحديث: ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة، وتغشتهم الرحمة، وتنزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده. رواه ابن ماجه وقال الشيخ الألباني صحيح. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات. رواه أحمد ـ ورواته محتج بهم في الصحيح إلا ميمون المرائي ـ وأبو يعلى والبزار والطبراني كذا قال المنذري، وقال الألباني صحيح لغيره. ورواه الطبراني عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون حتى يقال لهم قوموا قد غفر الله لكم، وبدلت سيئاتكم حسنات. قال الالباني في تحقيق الترغيب: صحيح لغيره. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء قال فجثا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله، حلهم لنا نعرفهم قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه. رواه الطبراني بإسناد حسن كما قال المنذري وصححه الألباني. وأما التسبيح بالمسبحة فقد ذكرنا تحقيق القول فيه في الفتوى رقم: 7051. فليرجع إليها، ثم إنه لم يتضح لنا أن ما يحصل في المنتديات يدخل في الذكر الجماعي الذي كرهه السلف، ولا أن وضع إعلان يحض على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يدخل فيه. وراجع في موضوع الدخول للمنتديات بالذكر الفتاوى التالية أرقامها: 48823 / 50156 / 58110 / 60487 / 61125. فقد بينا في تلك الفتاوى أن هذا لا يعد من البدع، وإنما يحمل على التناصح والأمر بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(10/489)