مسائل حول استعمال تليفون الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ14عاما أتيت الي السويد وعشت مع زوجي وأخته وكنت أستعمل تليفونها لأحادث مصر. بعد مرور شهور من تركي لمنزلها علمت من زوجي أن أخته قاطعتني لاستلامها فاتورة بمبلغ كبير وبعد ذلك سامحها الله كانت سببا لعداء أهل زوجي لي وتهربت من دفع مبلغ الفاتورة بالرغم من علمها بقوانين البلد وبعد مرور 12 سنة استلمت عن طريق الخطأ ما جعلها مضطرة إلى دفع المبلغ فاتفقت معها أن أقاسمها بالنصف ولكن بعد أن استفتيت شيخا من السعودية فأفتى بأن أدفع النصف قبل الفوائد المترتبة علي المبلغ الأصلي وكان المبلغ قد تضاعف بسبب تهربها من أداء الدين ولكن دفعت لها أنا وزوجي ما يزيد عن النصف لأنه من شجعها علي تهربها. الآن أريد أن أتأكد من صحة الفتوى حتى إبراء ذمتي أمام الله. أرجو سرعة الرد من عالم موثوق به من الأزهر حبذا لو كان الشيخ عطية صقر لأني أحسبه لا يخشي في الحق إلا الله. مع العلم أنني حاولت أن أتذكر عدد المرات التي تكلمت فيها واطمأن قلبي إلى أنني لا أستحق دفع نصف المبلغ حيث كانت أخت زوجي تستعمل تليفونها بصفه دائمة إلى مصر وأمريكا وتحججها أن أمريكا أرخص وحيث لها سابقة في هذا. وجزاكم الله عني خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح بينك وبين أخت زوجك وأهله فإن الهجرة بين المسلمين ولاسيما بين من تجمعهم صلة القرابة والنسب حرام. قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم
واعلمي أن سؤالك يحتمل صورتين:
الأولى: أن تكوني قد أقدمت على استعمال هذا التليفون في الاتصال بمصر بناء على إذن من أخت زوجك ففي ذلك تفصيل:
فإذا كانت قد أذنت لك إذنا عاما أو أذنت بقدر معين من الاتصال سواء أكان ذلك على أن تتحمل هي تكلفة الاتصال أم على أن تتحمليها أنت فلا يجوز لك أن تخالفي العرف والعادة في هذا الاتصال، لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، كما لا يجوز أن تتعدي هذا القدر المأذون فيه، فإذا حصلت منك مخالفة أو تعد فقد أخطأت في ذلك، وعليك أن تطلبي عفوها وتتحملي تكلفة اتصالك أو تكلفة القدر الزائد من الاتصال على حسب ما وقع منها لك من إذن.
وإذا كانت قد أذنت لك أن تتصلي دون حد على أن تتحمل هي تكلفة هذا الاتصال وهذا ما نستبعده فلا يحق لها أن تطالبك بتكلفة هذا الاتصال لأن تكلفة هذه الاتصالات هبة منها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري
الثانية: أن تكوني قد أقدمت على استعمال تليفون أخت زوجك في الاتصال بمصر دون إذن منها بذلك، وعليه، فقد أخطأت في ذلك وتعديت ولاسيما إذا كانت مدد الاتصال وعددها من الطول والكثرة بحيث تترتب عليها تكلفة باهظة وعليك أن تطلبي عفوها كما تقدم، وتتحملي كافة تكلفة هذه الاتصالات.
وعلى كل حال، فيمكن معرفة قدر ما يلزمك من التكلفة بالرجوع إلى فاتورة التليفون التي تبين الاتصالات التي تخصك من الاتصالات الأخرى. أما ما زاد على ذلك فلا يلزمك كما لا تلزمك هذه الفوائد الربوية المترتبة عليها لأن هذه الفوائد الربوية ترتبت بسبب ما على أخت زوجك من دين لشركة التليفون وكان الواجب عليها أن تبادر بسداده ثم بعد ذلك لها أن ترجع عليك بما يلزمك من تكلفة الاتصال.
وننبه ختاما إلى عدة أمور: الأول: أنه لا يجوز للمسلم أن يدخل مع شركة التليفون أو غيرها في عقد يلزمه في حالة تأخره عن سداد ما يلزمه من تكلفة بدفع فوائد ربوية لأن هذا تعامل بالربا ولا تخفى حرمة الربا وما يترتب عليه من النتائج الوخيمة والآثار الشنيعة في الدنيا والآخرة.
الثاني: أنه لا يجوز لأخت زوجك أن تسعى في إلقاء العداوة بينك وبين أهل زوجك وعليها أن تتوب إلى الله من ذلك.
الثالث: أن هذا الموقع تابع لوزارة الأوقاف بدولة قطر وليس خاصا بالأزهر أو بالشيخ عطية صقر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(9/1605)
إكرام أهل الزوجة دليل على المروءة وحسن الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب متزوج من شابة من غير المدينة التي أقطن فيها تبعد عني حوالي 400 كلم عندما تسافر زوجتي لزيارة أمها لا أجد الجو الأنسب فأضطر للرجوع لبيتي في نفس اليوم، زوجتي تقول لي أني لا أعطيها الوقت الكامل لمرافقة والدتها مع العلم أن هذه الأخيرة تتدخل في كل شيء وتعرف كل شيء مما يزعجني وكثيرة البخل مع ضعفها المادي والمعنوي, ولما تأتي لزيارتنا فنفس المشكل مع إطالتها للزيارة وبالطبع إن حالة بنتها بعد زواجها بي أفضل بكثير ولا تشكو لها من أي شيء إلا أنها تتدخل فيما لا يعنيها، مثلا أنادي زوجتي فترد مكانها في بعض الأحيان أقول لها أنا متزوج من ابنتك وليس منك ولي منها ولد فلا أريد ابني أن ينشأ ووالداه منفصلان بسبب جدته التي لم يسبق لها أن أهدته ثيابا جديدة في وقت زيارته مع أنه والحمد لله لا يحتاج لها في أي شيء، تحب السيطرة وأنا لا أطيق هذا ولا أريد أن أتصرف بغير عقل، أخسر بيتي، هل آثم في زيارتي هذه القصيرة المدى؟
ولكم جزيل الشكر والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهل هذا يعتبر من الغيبة لما أكلم أحدا عنها حتى أفرغ عن قلبي مما يصيبني من الحسرة على هذا الزواج بسبب أم زوجتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإكرام الأصهار وتبجيلهم وتوقيرهم من الأمور التي ندب الشرع إليها، وهي دليل على المروءة وحسن الخلق وسبب قوي لإدامة العشرة بين الزوجين وتوطيد للعلاقة بين أسرتيهما، وقد نص بعض العلماء على أن الصهر خلطة تشبه القرابة، وانظر الفتوى رقم: 64686.
ومن هنا تعلم أن وصفك لأم زوجتك بالبخل ونحو ذلك من الأمور التي تستقبح عادة مناف للتقدير والتوقير الذي ينبغي أن يكون نصيبها منك، هذا فضلاً على أن القيام بذلك هو غيبة، ولا يخفى ما في الغيبة من الحرمة، وهي في الشرع: ذكرك أخاك بما يكره وإن كان فيه، فالواجب عليك الحذر من الوقوع في شيء من ذلك، وإن صدر منك فيجب عليك التوبة منه واستحلال حماتك منه.
أما بخصوص زيارتك القصيرة لأم زوجتك فلا تأثم عليها، لأنها لا تجب عليك أصلاً إلا إذا كانت ذات رحم لك كأن تكون عمتك أو خالتك مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(9/1606)
(سوء الظن من الحزم) ليس حديثا بل هو من كلام العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وصحبه أجمعين ونحن معهم اللهم آمين. أما بعد فجزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين من خدمات فنسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في الأمر كله آمين أسئلتي هي كالتالي: 1.هل قال بعض العلماء \\\"إساءة الظن من الحزم\\\"؟ فإن كان هذا القول صحيحا فما هو معناه؟ وكيف نطبقه في الواقع؟ وإن كان خطأ فما هو الصواب في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا ونسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنك.
وبخصوص سؤالك فقد ورد في بعض الآثار سوء الظن من الحزم.
قال العجلوني في كشف الخفاء: احترسوا من الناس بسوء الظن. قال في الأصل: رواه أحمد في الزهد والبيهقي وغيرهما من قول مطرف بن الشخير أحد التابعين. زاد البيهقي وكذا الطبراني في الأوسط والسكري أنه روي عن أنس مرفوعا وأخرجه تمام في فوائده عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه بلفظ: من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته. رواه الديلمي عن علي من قوله موقوفا عليه الحزم سوء الظن.
ثم عقب العجلوني على ذلك بقوله وجميع طرقه ضعيفة يتقوى بعضها ببعض.
وقال عنه الألباني في السلسلة: ضعيف جدا.
ونسبه البيهقي في الشعب لكلام العرب قديما قال: كانت العرب تقول: العقل التجارب والحزم سوء الظن.
وهو مما جاء في وصية علي للحسن رضي الله عنهما كما في كنز العمال. قال: ولا يغلبن عليك سوء الظن فإنه لن يدع بينك وبين خليلك ملجأ، وقد يقال: سوء الظن من الحزم.
وما دام العلماء قد حكموا بعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصح أن ينسب إليه صلى الله عليه وسلم، بل يقال هو من كلام العرب كما قال البي هقي وغيره.
وعلى كل حال، فهذا المعنى ليس على إطلاقه لورود النهي في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن سوء الظن بالمؤمن.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}
ور ى الطبراني عند تفسيره عند هذه الآية، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن شرا، ثم قال إن ظن المؤمن الشر لا الخير إثم لأن الله تعالى نهاه عنه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في الشعب وصححه الألباني في السلسلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة فقال: ما أعظم حرمتك وما أعظم حقك، والمسلم أعظم حرمة منك، حرم الله ماله وحرم دمه وحرم عرضه وأذاه وأن يظن به ظن سوء. وسوء الظن بالمسلم يدعو إلى الخوف وتوجس الشر منه، وبالتالي التجسس والتحسس وما يترتب على ذلك من التقاطع والتدابر وفساد القلوب، وكلها أخلاق ذميمة نهى عنها الشارع الحكيم، وطيب القلوب وسلامة الصدور وستر العيوب وتجاهلها والتغافل عنها من شيم فضلاء المسلمين مع إخوانهم.
قال الغزالي في الإحياء: فكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساوئ أخيك يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن به، فسوء الظن غيبة بالقلب ولا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكنك أن تحمله على وجه حسن، وتحمل ما تشاهده من سيء على سهو أو نسيان.
ويجب أن يعلم أنه لا منافاة بين كون الشخص يأخذ الاحتياطات اللازمة لأمنه وبين كونه حسن الظن بالناس، فحسن الظن بهم لا يعني أن تفرط في نفسك أو مالك، وهذا منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، نسأل الله تعالى أن يهدي الجميع إلى طريقه المستقيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(9/1607)
للمظلوم مع ظالمه ثلاثة خيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول ربنا عز وجل في القرآن (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) كيف نوفق بين هذا القول وبين حفظ كرامتنا وصون أنفسنا عن الإهانة؛ فإني تعرض لي أناس لم يجدي معهم إحساني ولاعفوى وهم مصرون على أحقادهم وعلى تفسير الأمور والمواقف حسب ما تمليه عليهم أنفسهم الشريرة مهما توضح لهم وتحسن إليهم لايجدى معهم نفعا. أما الحل الذى أفكر فيه هو معاقبة أولئك الدين جبلت أنفسهم على الشر وعلى أذى الناس وإيقافهم عند حدهم حتى لا يظنوا أن صمت المؤمن ضعف ومذلة إنما هو صمت في الله؛ أظن أن معاقبتهم ومواجهتهم بأخطائهم حل رادع لهم لأنهم لا يفقهون معنى إحسانك إليهم ويتوبوا إنما يزيدهم هذا تماديا ظنا منهم أنك شخص ضعيف؛ ولأني أومن بأن المؤمن يجب أن يكون فعالا وإيجابيا دوما فإني أرى من الإيجابية أن يؤخذ على يد الظالم حتى لا يتمادى وإني أرى من الأولى هجر أولئك الحاقدين وردعهم فما رأيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وقع عليه الأذى والإهانة من الناس يشرع له ثلاثة أمور: الأول: أن يعفو ويصفح، لينال أجر المتقين الصابرين ومعية الله وعونه، كما قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين {آل عمران: 133ـ134} . وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله {الشورى: 40} . وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ {النور: 22} . وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} . وقال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل: 126} . وقال تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً {المزمل:10} . وقال تعالى: وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التغابن: 14} . وقال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34 ـ 35} . وفي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. وفي سنن الترمذي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم إذا كان مخالطا للناس ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم. وصححه الألباني. وفي سنن ابن ماجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حور العين أيتهن شاء. وحسنه الألباني. ومن هذا الباب الإعراض المستفاد من قوله تعالى: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً {الفرقان: 63} . وقوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {لأعراف:199} . والخيار الثاني: الإمساك عن العفو والصفح ليلقى المذنب ربه بما اقترف من الإثم. لكن كما قال بعض السلف ـ ما يفيدك أن يعذب الله أحدا لأجلك؟ مع ما يفوتك من أجر العفو، لو عفوت. أما الخيار الثالث: فهو المقاصة، ومقابلة السيئة بمثلها دون تجاوز، لقوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى: 40} . وقوله: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً *إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً {النساء: 148ـ149} . وقوله تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ *إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى: 41ـ 43} . ولا شك أن المقام الأول هو أعلى المقامات، وأفضل الخيارات، لما جاء فيه من الأجر والثواب، ومما يؤكد ذلك أن الآيات التي أفادت إباحة المقابلة بالمثل قرنت بالدعوة والترغيب في العفو، والعفو معناه تحمل الإساءة والصبر على آثارها، رجاء ثواب الله وحسن العاقبة لديه. ثم ليعلم أن الأخذ على يد الظالم وأطره على الحق واجب من واجبات الجماعة المسلمة يقوم به ولي أمرهم أو جماعتهم الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(9/1608)
المعيار في الصداقة الناجحة البعيدة عن الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[فضلية الشيخ: إنني ومنذ فترة كنت في حالي لا أحب الاختلاط بالناس ولا أعرف العلاقات الاجتماعية جيداً، ولكن شاءت الأقدار أن أتغرب وأتعامل مع الناس بحكم علاقة الصداقة بزوجي فكنت في الأول قبل السفر عندما أسمع شيئاً على سبيل المثال بأن فلانة عندها زواج أو وفاة على اعتبار أنني مثلما سمعت فأكيد سيسمع الأخريات وأكتفي أن أتصل أنا بالأخت التي عندها الواجب وأعمل معها الواجب واكتشفت أنني على خطأ بعد معاشرتي للناس فأصبحت علاقتي سيئة بالناس ولا أقوم بذكر ما قامت به أخت من الأخوات بوقوفها معي وحضورها إلى منزلي وجلوسها معي في فترات الصباح عند وفاة والدي عندما سألتني صديقة وتشتكي لي عن إحدى الصديقات الأخريات لم أعرف ما نيتها وقلت لها بأن فلانة عملت معي كذا وكذا سيء ولم أنكر عليها العمل الجميل وأنني لا أريد أن أخسر العلاقة بسبب ما قامت به من عمل جيد معي، فأشعر أنني سيئة الأخلاق، وأرجو منكم أن تدلوني على الطريق الصحيح وكيف لي أن أصلح من نفسي ومن علاقتي بالأخريات، وأيضاً هناك موقف آخر كانت إحدى الأخوات الفاضلات تقوم بتعليمنا القرآن والتجويد وكنت سألتها عن دعاء سجود التلاوة وأجابتني ولكن على أنه لا تقول غير التسبيح المعتاد في الصلاة فلم أكتف بذلك قمت بالسؤال والبحث عنها في موقعكم حتى وجدتها وقمت بإرسال نسخه منها إلى إحدى الصديقات التي بدورها طبعته وأخبرت به الأستاذة التي علمتنا وهذه الأستاذة أشعر أنها أخذت موقفا مني فلم تتحدث معي كالمعتاد، فهل يجب علي عندما تقول لي إحدى الصديقات بأن عندها خبرا سعيداً من زواج أو مولود جديد أن أقوم بدوري وأتصل بالأخريات واقول لهم هذا الخبر بأن فلانه عندها كذا، أنا بجد في حيرة كيفية التعامل مع الصديقات وأيضاً وجدت نفسي عندما أسمع الخبر بأن إحداهن عندها هذا الخبر سواء كان سعيدا أو محزناً أتصل بصاحبة الخبر وأقول لها أنا سمعت من فلانة أو فلانة قالت إن عندك كذا، فهل هذا يدخل في باب الغيبة أو النميمة، أرجوكم مساعدتي لأني ينتابني شعور بأن ما قمت به خطأ آسفة على الإطالة، ملحوظة: كل من حولي يقوم بهذا العمل؟ ولكم مني جزيل الشكر، وأتمنى لكم المزيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأول ما نوصيك به في موضوع الصداقة، هو انتقاء الصديقات الخيرات والابتعاد عن الشريرات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والمطلوب في الصداقة هو الوفاء والأمانة والصدق والبذل والثناء، فعليك أن تتحلي مع صديقاتك بهذه الصفات، وتبتعدي عن ضدها، ولا يجب عليك أن تتصلي بجميع صديقاتك وتخبريهن بأن إحدى صديقاتك حدث لها أمر معين أو قالت لك أو فعلت معك، بل ولا يندب لك مثل ذلك، وقد يكون غير مباح إذا تعلق بنحو غيبة. روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. قال ابن حجر العسقلاني معلقاً عليه: والمراد أنه نهى عن الإكثار بما لا فائدة فيه من الكلام.
وفيما إذا كان ما تخبرين به صديقاتك غيبة ونميمة أم لا؟ فإننا نقول لك انظري فيه، فإن كان فيه ذكر الإنسان بما يكره فهو غيبة، وإن كان فيه سعي لإفساد بين اثنين أو إثارة فتنة أو كشف عما يكره صاحبه الكشف عنه فهو نميمة، وراجعي في تعريف كل من الغيبة والنميمية وما يباح منها وما لا يباح فتوانا رقم: 6710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(9/1609)
كيفية التهنئة والذكر عندها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أخي في الإسلام إنني في حيرة شديدة فأنا لا أعرف هل إن سمعت خبرا عن شخص فهل أقول اسم الشخص الذي سمعت منه يعني عند التهنئة أو ما شابه ذلك فبعض الناس يقولون اسم الشخص الذي نقل الخبر والآخر يقولون أنا سمعت ولايقولون الاسم مما وضعني في حيرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تهنئة المسلم لأخيه مشروعة بأي صيغة فيبارك له ويدعوله بالخير، وما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه من صيغة ينبغي الاقتصار عليها، كقوله للمتزوج: " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
ومالم يرد عنه فيه شيء فيجتهد فيه بالدعاء بما يناسب حال النعمة الموجبة للتهنئة.
روي عن الحسن البصري أنه علم إنسانا التهنئة فقال قل:
بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره.
ويمكن أن تهنئ من نجح في امتحان ما بالدعاء له بالبركة فيما أعطاه الله أو غير ذلك من العبارات، ولاحرج عليك في ذكر من أخبرك بسبب التهنئة أو عدم ذكره إذ لم يثبت في الشرع شيء في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(9/1610)
تجب مراعاة الضوابط والآداب الشرعية عند اتخاذ الخادمات في البيوت
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة غضب شديد حلفت أن أضرب أختي فقلت \"والله سوف أقتلك ضربا\" بصوت عالي وواضح، لكن حاولت تهدئة نفسي ولم أضربها، فهل علي كفارة في هذه الحالة، وما معنى كفارة.
2- تعيش معنا في منزلنا شابه تبلغ من العمر 20 سنة هي تعمل في منزلنا وتقوم بالواجبات المنزلية وذلك منذ 3 سنوات، أو ما يزيد وهي تعيش معنا في المنزل، أبوها يزورها مرة في 3 أشهر وزيارته تقتصر على أخذ المال ولا يهمه حال ابنته إن كانت مريضة أو أي شيء على الإطلاق، عندما بلغت 9 سنوات (وهم يسكنون في منطقة ريفية بعيدة عن العاصمة) جاءت عائلة من العاصمة وأخذتها معها لكي تقوم بالواجبات المنزلية (هذه العائلة أساءت العناية بها فهربت من المنزل وشاءت الأقدار أن تستنجد بأمي مع أنها تلك أول مرة تراها فيها) ، معنى ذلك أنها حرمت من طفولتها ومتابعة دراستها، ليست هي الوحيدة بل نفس الشيء يصير مع إخوتها البنات بحيث أبوهم لا يهمه حالهن ولا شرفهن ولا شيء قدر ما يهمه المال، عندما أسألها هل تحبين العودة إلى عائلتك الأولى تجيبني بأنها تتبرأ منهم، سيدي الفاضل هذا كلام خطير هل لها الحق أن تتبرأ منهم أو أن ينعدم أي أحساس بالشفقة تجاههم، مع العلم بأنها ليست الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة، الكثير من العائلات الغنية تذهب إلى الأرياف وتأخذ البنات بمقابل ثم عندما تصل بها إلى المنزل تسيء معاملتها فتضيع تلك الطفلة وهي مازالت في عمر الزهور، مع العلم بأن الشابة التي تعيش معنا تعاني من ألم شديد في الظهر وذلك لأنها عندما كانت صغيرة كانوا يجبرونها على حمل متاع ثقيل، ما يجب فعله في حاله كهذه، معذرة على الإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في عدولك عن إنفاذ ما أقسمت عليه، وفي إغلاقك باباً من أبواب الشيطان إلى الشر والفساد، ونوصيك بالحذر من الغضب، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب. فردد مراراً قال: لا تغضب.
وبخصوص هذه اليمين، فالواجب عليك فيها الكفارة، ولا يجوز لك إنفاذ ما حلفت عليه، لأنه أمر محرم، وقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير.
وكفارة اليمين كما بينها الله في كتابه هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 204 هذا فيما يتعلق باليمين.
وأما الخادمات، فإن اتخاذهن في البيوت وإن كان مشروعاً في الجملة إلا أنه تجب مراعاة الضوابط والآداب الشرعية في ذلك، ومن ذلك الإحسان إليهن وعدم تكليفهن ما لا يطقن، وإعانتهن في ذلك، ثم إن الواجب على أولياء هؤلاء الخادمات أن يتقوا الله فيهن، وأن لا يجعلوهن وسيلة لكسب لقمة العيش.
وبخصوص موقفك اتجاه هذه الخادمة فانصحها بأن لوالديها حقاً عليها، وأن لا تبغضهما وإن أساءا إليها، وأن تقابل ذلك كله بالصبر على أذاهما، واعلم أن هذه الفتاة أجنبية عنك فلا يجوز لك النظر إليها ولا الخلوة بها، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 1962، والفتوى رقم: 45929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(9/1611)
رد الحقوق شرط لصحة التوبة مهما كان الحق صغيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ عشر سنوات أرسلت إحدى قريباتي لنا بعض الملابس لنسلمها إلى قريبة أخرى يتيمة وأخذت منها بعض الملابس لاستعمالي الشخصي والآن لا أدرى ماذا أفعل لأكفر عن ذلك علما بأني لا أستطيع إخبارها خجلا من نفسي ماذا أفعل أرجو الرد سريعا لأن هذه المشكلة تؤرقني بشدة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خيانة الأمانة تعد من الكبائر وإذا كانت الأمانة ليتيم فإن الأثم يزداد، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10] .
نسأل الله العافية، فالواجب عليك الآن هو أن تتوبي إلى الله توبة نصوحاً، وأن تردي الحقوق إلى أهلها، فإذا كنت لا تستطيعين إرجاعها بصفة مباشرة فأرجعيها بصفة غير مباشرة، وراجعي التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
24311، 23322، 6619.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(9/1612)
لا تجوز محاكاة أصوات الآخرين وحركاتهم على سبيل التنقص
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماذا أفعل مع أمي وأخواتي اللواتي يصلين ولكنهن مصابات بمرض، وهو أنهن يقلدن الناس كثيراً أي يقلدن حركاتهم وأصواتهم وما إلى ذلك لكي يضفن جوا من المرح والضحك وعلى رأسهن أمي، والمرض الثاني أنهن يتسرعن بالحكم على المواضيع الدينية بأن كذا حلال وكذا حرام وغالبا دون معرفة، وهذان المرضان يقضان مضجعي، وأريدهن أن يقرأن إجابتكم علهن يقتنعن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يمن على أمك وأخواتك بالهداية والرشاد ويرزقهن التوبة الصادقة النصوح مما يقمن به من المنكر، وهو محاكاة أصوات الآخرين وحركاتهم على سبيل التنقص والاستهتار، ونحو ذلك وقد توعد الله على فعل ذلك بالويل فقال سبحانه وتعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1] .
قال ابن كثير رحمه الله: الهماز بالقول واللماز بالفعل يعني يزدري الناس وينتقص بهم. انتهى.
وهذا نوع غيبة للمسلم بما يكره وقد قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12] .
فمن يغتاب أخاه المسلم كمن يأكل لحمه وهو ميت، ولا تطيق ذلك النفوس السليمة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتدرون ما الغيبة، قالوا الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. رواه مسلم.
وعلى من ابتلي بهذه البلية أن يعلم أن من اطلق لسانه في الاستهزاء بالآخرين أطلقوا ألسنتهم فيه، وما أحسن ما قال الشاعر:
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى ... وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ ... فكلك عورات وللناس ألسن.
وليتذكر أنه رُبّ كلمة هوت بصاحبها في النار سبعين خريفاً، وأن أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج.
والمطلوب من المسلم احترام الآخرين وحسن التعامل معهم، وأن يفعل تجاههم ما يجب أن يفعلوه تجاهه، وأن يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه، وأن يكره لهم الشر والحرام كما يكرهه لنفسه، والمطلوب من المسلم أن يصرف وقته في ما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته، وإذا أراد أن يروح عن نفسه ويلهيها أحياناً فليكن ذلك بالحلال لا بالحرام.
وأما القول على الله بغير علم فمن أكبر الكبائر قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] ، فقد جعل الله القول على الله بغير علم مثل الشرك، وقال الله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [النحل:116] .
وقال تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:60] .
وقال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36] .
وبهذا يتبين خطر القول على الله بلا علم، فالواجب على المسلم الحذر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(9/1613)
حكم ضرب الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزجتي من كبار السن حدث بيننا سوء تفاهم أدى إلى أنني فقدت أعصابى وضربتها على وجهها بالشبشب عدة مرات وبالعصا على جنبها مما أثر على صحتي فى حينه ولما عادت الأمور إلى طبيعتها تألمت لما حدث ما حكم الدين؟ أفادكم الله؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم ضرب الزوجة في الفتوى رقم: 69.
وبالرجوع إليه تعلم الحكم فيه والحالة التي يجوز فيها والقدر الجائز منه وكيفية مواضعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(9/1614)
يرجع الأمر إلى اتقاقك مع من يدفعون لك النقود
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
أنا أستلم مصروف عمارة بموافقة الأكثرية من ملاك العمارة يعني أنا مسئول عن الخدمات الكهربائية وأسجلها على اسم زوجتي كهربة الخدمات من المصعد إلى المرافق الأخرى المصروف أدفع منه الماء والكهرباء والباقي مصروف خدمات على العمارة،
السؤال: هل يحق لي الأخذ من مصروف العمارة وأصرفه على نفسي وعلى بيتي؟ ولكم مني ألف تحية وسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأمر في هذه المسألة راجع للاتفاق بينك وبين من يدفعون إليك النقود، فالمسلمون على شروطهم، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والبيهقي.
فإن اتفقت معهم على أخذ جزء من المال الذي يدفعونه للخدمات في مقابل الخدمة التي تقوم بها لهم فلا حرج في أخذه وصرفه على من تشاء.
وإن لم يكن بينكم اتفاق بذلك فلا يجوز، لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد نهى الله عن ذلك في قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(9/1615)
يحرم أخذ شيء في مقابل عدم العدل في توزيع الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة أدوية لا تعطيني حقوقي المالية هل لي أن آخذها بطريقة أخرى؟ بالإضافة للظلم في توزيع العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظلم الناتج عن توزيع العمل يتحمل وزره المسؤولون عن الشركة لأنهم يجب عليهم العدل بين الموظفين في توزيع الأعمال الرسمية والأعمال الإضافية، ولا يعدل عن ذلك إلا لمصلحة العمل، ويحرم عليك أن تأخذ شيئاً في مقابل عدم العدل في توزيع الأعمال.
وأما أجر عملك الذي قد انتهيت منه، وأنت على يقين أنهم لم يوفوك حقك فيه، فلك أخذه دون أن تزيد على ذلك قليلاً ولا كثيراً.
وانظر الفتوى رقم:
28871 والفتوى رقم:
18260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(9/1616)
حدود المعاملة بين المرأة وبين زوج أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عقدت عقد النكاح على فتاة عربية مقيمة في السعودية وملتزمة بالحجاب الإسلامي ولكنها فاجأتني بطلبها الذهاب إلى السوق برفقة أختها وزوجها وعندما حاولت إقناعها بأنه حرام تحاجني بأنها ملتزمة بتغطية وجهها عنه وأنه في مقام أخيها وهذا من عادتهم سؤالي هل يجوز لها الخروج مع أختها وزوجها أو الجلوس بمجلس واحد مع تغطية وجهها ولبس العباية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذا الشخص أجنبي عن زوجتك، ويحرم عليه منها ما يحرم على الأجانب الآخرين، فلا ينظر إلى عورتها ولا يختلي بها ولا يمس شيئاً من بدنها، بل المحذور معه أخطر لأن الناس يتسامحون معه في الخلوة والنظر ما لا يتسامحون مع غيره.
وعليه، فلا يجوز إقرار ما اعتادت عليه بعض المجتمعات من اختلاط النساء وخلوتهن بأقربائهن غير المحارم لهن، لكن لا حرج في الحديث معهم لحاجة وبقدرها مع الالتزام بأدب الحديث الذي أمر الله به في قوله: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] .
وأما خروج المرأة إلى السوق مع أختها وزوجها فلا مانع منه حيث لا خلوة هنا، لكن جواز ذلك مشروط بأمن الفتنة، وعدم حدوث ما لا يحل.
وأما الجلوس معه في مجلس واحد، فإن كان المقصود أنه يتم من وراء حجاب فلا حرج فيه، إذا روعيت فيه الضوابط الشرعية من عدم الخلوة وانتفاء الريبة وخلا من الخضوع في القول وكان لحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(9/1617)
مسائل في تعامل المرأة مع زوج أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تعامل الفتاة زوج أختها غير لبس الحجاب أمامه ومعاملته كأجنبي؟ فأني أريد أن أعرف هل يجوز للفتاة أن تشارك في مناقشة في موضوع ديني أو غير ذلك وزوج أختها حاضر هذه المناقشة؟ أريد أيضا أن أعرف ما حكم الخروج معه ولكن بصحبة أختها؟ وأريد أيضا أن أعرف ما حكم أن تبيت عند أختها وهو في المنزل ولكن بدون أخيها أو أبيها أو غير ذلك ممن يعدون محارم لها؟ وما هو الحكم في أن يكون معها أحد من محارمها؟ وما حكم المزاح معه ولكن في وجود محرم أو في وجود أخت الفتاة أعني زوجته؟
أفتوني جزاكم الله عني خيراً إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في أن تشارك المرأة في نقاشٍ يحضره زوج أختها، بشرط عدم الخلوة، وبشرط الالتزام بالحجاب الشرعي، وأمن الفتنة.
والأولى اجتناب ذلك، لما قد يؤدي إليه من الفتنة، وسقوط الحياء الذي هو من أكبر الحواجز عن انتهاك الحرمات.
وأما عن خروج المرأة مع أختها بصحبة زوج أختها، فإنه لا بأس به، لأن وجود أختها يرفع الخلوة، ولكن بشرط ألا يكون في ذلك سفر، فلا تسافر المرأة إلا مع محرم.
وأما عن المبيت في بيت أختها وزوجها فيه، فقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 19493، والفتوى رقم: 28864.
وهذا الحكم يشمل حالة وجود محرم معها وعدم وجوده، بل إن وجود المحرم يزيل كثيراً من الإشكالات والمخاوف.
وأما عن المزاح مع زوج الأخت، فإنه لا يجوز ولو كان بحضور محرم أو أخت، لأنه من الخضوع بالقول الذي نهى الله عنه بقوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] .
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10542، 22056، 14183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(9/1618)
دعوة بعض الزملاء دون بعض قد تؤدي إلى إثارة الأحقاد والضغائن بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة اتفقوا على تكريم رجل متخرج وكرموه بإقامة وليمة له المهم هؤلاء الجماعة اتفقوا على مبلغ معين ولكن بعضهم لم تُتح له فرصة الدفع معهم لكنهم شاركوا لاتفاقهم مع بعضهم وكلٌ راضٍ عن أخيه ولم توجد هناك مشكلة في الوليمة المهم هنا أن الشخص الذي كرموه رد لهم الوليمة لكن فقط للذين شاركوا بالمال في الوليمة رغم تعاون الجماعة كلهم لأجل خاطره وتكريمه انظروا في هذه القصة وأخبروني هل هو على صواب أم خطأ؟
وجزاكم الله ألف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهديت له هدية يثيب عليها، فقد روى البخاري في صحيحه أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها".
وهذا يدل على سنية ذلك، واستحبابه من باب تأليف القلوب، ونشر المحبة والمودة بين الناس، واقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وبناءً على هذا، فإنه لا يجب على الأخ الذي كرمتموه بتلك الوليمة أن يرد مثلها لكم جميعاً أو لبعضكم، بل إن فعل ذلك كان محسناً، وإن لم يفعله لم يكن مسيئاً، لأنه لا يجب عليه.
لكن من مكارم الأخلاق ومقابلة الإحسان بالإحسان أن يكرم جميع من اشتركوا في إعداد الوليمة له بدون تفريق بين من دفعوا ومن لم يدفعوا، لأن القصد من رد الجميل ليس هو المعاوضة، وإنما هو إرساء ونشر المودة وترسيخ المحبة بين الناس، ولا شك أن دعوة بعض الزملاء دون بعض قد تؤدي إلى إثارة الأحقاد والضغائن بينهم، وقد قيل:
وما هاج الضغائن من حبيب كإيثار الحبيب على الحبيب
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(9/1619)
إذا كان المعلمون والمعلمات يأمرون بطاعة فلا تجوز مخالفتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مخالفة أوامر المعلمين والمعلمات في المدرسة؟ وهل يجوز الخروج من المدرسة قبل انتهاء الدوام رغم أنه ممنوع فيها؟ علماً بأن المدرسة مختلطة ولا سبيل لتغيير المدرسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المعلمون أو المعلمات يأمرون بطاعة الله فلا تجوز مخالفتهم، وإن كانوا يأمرون بمعصية الله فلا تجوز طاعتهم.
ولا يجوز الخروج من المدرسة قبل نهاية الدوام إلا بإذن المدرسة، لأن ذلك مخالف للنظام الذي تشترط المدرسة على الطالب احترامه والتزامه لكي يقبل طالباً فيها، وليس بالضرورة أن يكون هذا الاشتراط مكتوباً، بل يكفي أن يدل العرف عليه، لأن الشرط العرفي كالشرط اللفظي.
كما أن مخالفة هذا النظام المدرسي يترتب عليها إذلال النفس وتعرضها للعقاب، والمسلم لا ينبغي له أن يذل نفسه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " ... إياك وما يعتذر منه.." رواه الحاكم والبيهقي.
وقد فصلنا حكم الدراسة المختلطة في الفتوى رقم: 2523 فلتراجع للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(9/1620)
حكم أخذ الابن مال الأب بدون علمه والعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يأخذ الابن من مال أبيه بدون علمه؟ وهل يعتبر سرقة؟ وهل يجوز العكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه إلا بإذنه، فإن فعل فإن ذلك من السرقة، إلا إذا كان الأب لا يعطي الابن النفقة مع قدرته على ذلك وعجز الابن عن الإنفاق على نفسه مع عدم مقدرته على الكسب، فللابن حينئذٍ أن يأخذ من مال أبيه ما يكفيه بالمعروف، ودليل ذلك حديث هند بنت عتبة عندما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه
وأما أخذ الأب من مال الابن فقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 12789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(9/1621)
على المرء أن يصب اهتمامه في إرضاء خالقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقول إنني فتاة في الـ 22 من العمر، لكنني غير موفقة في صداقاتي وعلاقاتي مع الناس مع أنني أبذل جهدي، فهل هذا دليل سخط الله علي لأني سمعت أن الله إذا أحب عبده حببه إلى الناس مع أني أرى غيري أقل مني دينا لكن علاقاتهم بغيرهم ممتازة بل ويحبهم الناس كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنصح السائلة الكريمة بتقوى الله عز وجل وأن تصب كل اهتمامها في رضى الله تبارك وتعالى وتخالق الناس بالخلق الحسن ولا يكون أكبر همها هو طلب رضاهم أو البحث عن محبتهم.
فإن العبد إذا توجه إلى الله تعالى بصدق وإخلاص وتقرب إليه بكثرة النوافل بعد الفرائض أحبه وحبّبه إلى الناس كما جاء في الحديث القدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.. رواه البخاري.
وإذا أحب الله عبداً وضع له القبول في الأرض فيحبه كل شيء في الأرض وفي السماء، وهو ما جاء في الحديث الذي أشرت إليه، ولفظه كما في صحيح البخاري: إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وفي رواية الترمذي: فذلك قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم:96] .
ولعل ما تلاحظينه على نفسك من عدم التوفيق أو القبول ... يرجع إلى خلل في عملك، فلتفتشي عن ذلك الخلل وتخلصي النية وتصلحي العمل.... وسترين النتيجة إن شاء الله تعالى.
وأما ما يلاقيه الآخرون من القبول وحسن العلاقة مع أنهم مقصرون، فربما يكون ذلك عائداً إلى المصالح الدنيوية أو العلاقات المادية ... التي سرعان ما تزول بزوال سببها، فهي في الحقيقة ليست محبة ولا قبولاً عند الله ولا عند الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(9/1622)
المسلمون على شروطهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في شركة أعمل من الساعة 8.30- 1.30
صباحا ومن الساعة 4.30-8.30 مساءاً
وقد حصلت على عمل إضافي في شركة أخرى من بعد انتهاء دوامي الأساسي، هل يجوز لي العمل الإضافي علما بأنني وقعت عقدا مع الشركة الأولى بأن لا أعمل مع أي شركة إضافية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد اتفقت مع جهة العمل ووقعت معها العقد على ألا تعمل مع جهة أخرى، فيلزمك الوفاء بما التزمت به وما وقعت عليه لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود، وبإمكانك أن تطلع على مزيد من الفائدة والأدلة في الفتوى رقم: 18085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(9/1623)
لا إثم على من أبلغ الشرطة عن مرتكب جريمة أو عمن شاركه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سرق شخص ما شيئاً منّي، والبلد التي نعيش فيها لا تحكم بما أنزّل الله، أحيانا هم وحشيون جداً. على سبيل المثال إذا استدعيت الشرطة لإخبارهم بأنّني قد سرق منّي شيء وأنا أعرف الشخص الذي سرق وهم لا يستطيعون إيجاد هذا الشخص، فيذهبون إلى بيته ويأخذون ابنه أو حتى زوجته (وأحيانا يعذّبونهم) ، إلى أن يظهر. هناك العديد من الأمثلة كهذا. هل يجوزّ إبلاغ الشرطة في بلاد مثل هذه؟ وإذا قرّرت عدم الإبلاغ، هل يوجد عليّ أيّ ذنب إذا سرق هذا الشخص شيئاً من شخص آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى هو أرحم الراحمين وأعدل الحاكمين، شرع لعباده من التشريعات وحد لهم من الحدود والعقوبات ما يصلح حالهم في الدنيا ويسعدهم في الآخرة إذا التزموا به، قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى [طه:123] .
والسرقة من أقبح الجرائم التي حرم الله تعالى، ولهذا شدد الإسلام في عقوبة السارق فقضى بقطع يده، ولكنه لا يجوز أن يؤخذ أحد بجريمة الآخر ولو كان أباه أو ابنه أو أمه أو زوجته.... ما لم يكونوا متمالئين معه على جريمته، لأن الله تعالى يقول: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الأنعام:164] .
وعلى ذلك فلا يجوز لك أن تخبر الشرطة الذين يظلمون الناس ويأخذون الأقارب البرءاء بجريمة أقاربهم، سواء تعلق الأمر بحق لك أو بحق لغيرك، أما من ارتكب معه الجريمة أو شاركه أو تمالأ معه فلك أن تبلغ عنه ولا إثم عليك ولا حرج إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(9/1624)
للموظف أن يستخدم ما أذن به صاحب العمل أو جرى به العرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كمحاسب ومن خلال تفقدي للشبكة وأسئلتها المفيدة بمركز الفتوى دفعني ذلك لمراجعة نفسي في بعض التصرفات في الفترة الماضية وإنني أعتقد أني مدين لعملي بمبالغ علي ردها مثل: استخدامي لسيارات العمل لقضاء حوائج شخصية، الاتصال من العمل بالمنزل أو الأقارب في محافظة أخرى، استخدام جهاز هاتف جوال بالمخزن خاص بالعمل لاستخدامي الشخصي لمدة سنتين ثم رددته مكانه هل ما أفعله مجاهرة بالإثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للموظف أن يستخدم إلا ما أذن به صاحب العمل أو جرى به العرف، وما أخذه الموظف من مكان عمله من نقد أو عين أو منفعة وجب عليه رده إن كان باقياً، أو رد ثمنه إن لم يكن باقياً، وهذا ما ذكرناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1553، 5763، 11303، 12385، 14039، 19303.
وقال الإمام العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: فائدة: كل ما يثبت في العرف إذا صرح المتعاقدان بخلافه بما يوافق مقصود العقد صح، فلو شرط المستأجر على الأجير أن يستوعب النهار بالعمل من غير أكل وشرب ويقطع المنفعة لزمه ذلك، ولو أدخل أوقات قضاء الحاجات في الإجارة مع الجهل بحال الأجير في قضاء الحاجة لم يصح، ولو شرط عليه أن لا يصلي الرواتب وأن يقتصر في الفرائض على الأركان صح، ووجب الوفاء بذلك، لأن تلك الأوقات إنما خرجت عن الاستحقاق بالعرف القائم مقام الشرط، فإذا صرح بخلاف ذلك مما يجوزه الشرع ويمكن الوفاء به جاز. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 23145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1424(9/1625)
حدود التعامل مع الحماة
[السُّؤَالُ]
ـ[يصدر عن حماتي أشياء ما تضايقني خاصة كلما حاولت أن أحسن لها بالمعاملة، أريد أن أعرف مدى حدود التعامل، مع العلم بأنني أصبحت أتضايق كلما رأيتها ولا أريد أن أغضب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في التعامل بين المسلمين أنه يقوم على المودة والرحمة والعطف والتسامح في الأقوال والأفعال، قال عز وجل: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83] .
وقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء:53] .
وقال: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى." رواه مسلم وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض، يرحمكم من في السماء." رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها." رواه البخاري وغيره.
فهذه النصوص وأمثالها كثير تدل على أهمية تنمية هذه الروح، ورفع درجتها في حياة المسلمين عامة، فإذا كانت علاقة التعامل تندرج تحت درجة أخرى من القرابة غير الإسلام، كالنسب والرحم والجوار، تأكد العمل بهذه المعاني، والسعي في تقويتها وإن حماة المرأة "أم زوجها" لا يجب على زوجة ابنها أن تصلها أكثر مما تصل غيرها من المسلمين، وهذا لا ينفي معاملتها بالحسنى، والتودد إليها والرفق بها، وتحمل أذاها، بل الأفضل أن تفعل ذلك، رعاية لزوجها وحفاظاً على شعورها وكسباً لودها وطاعة الزوج في مثل هذا البر من حسن عشرته وكسب مودته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(9/1626)
الشريعة الإسلامية تحرم الاعتداء بكل أنواعه وصوره
[السُّؤَالُ]
ـ[يحسن بي قبل أن أتوجة إليكم بالسؤال عن هذه الجريمة أن أعرفها لحضرتكم وفقا لما جاءت به الاتفاقية الدولية لسنة 1949 التي جاء في نص المادة الثانية منها أنه" يقصد بإبادة الجنس في هذه الاتفاقية أي فعل من الأفعال الآتية يرتكب بقصد القضاء كلا أو بعضا على جماعة بشرية بالنظر إلى صفتها الوطنية أو الإثنية أو الجنسية أو الدينية:
ا- قتل أعضاء هذه الجماعة.
ب-الاعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة بدنيا أو نفسيا.
ج- إخضاع الجماعة إلى ظروف معيشية من شأنها القضاء عليها ماديا أو معنويا.
د- اتخاذ وسائل من شأنها إعاقة التناسل داخل هذه الجماعة.
هـ- نقل الصغار قسرا من جماعة إلى جماعة أخرى.
أي أن هذه الجريمة ترتكب بقصد حرمان حق الوجود للجماعات سالفة الذكر، نأمل من حضرتكم بيان حكم هذه الجريمة في فقه وشريعة الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما ذكر في السؤال من الاعتداءات محرم في شريعة الإسلام سواء قُصِد به إبادة الجنس أم لم يُقْصَد، فالقتل منهي عنه بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام:151] .
وكذلك الاعتداء على الأبدان بالضرب، أو الأعراض بالهتك، أو الأموال بالسلب والنهب.. ونحو ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.... رواه البخاري.
ويدخل في الحرمة أيضاً تدبير الخطط والمكائد بقصد إضعاف الشعوب وإذلالها والقضاء عليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
أما عن إعاقة التناسل بقصد الإقلال من عدد الشعوب والجماعات، فهو ممنوع شرعاً لأنه من الإفساد الذي ذم الله تعالى الساعين فيه، قال الله عز وجل: وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص:77] .
وقال الله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:205] .
وقد مضى بيان حكم تحديد النسل ولو رضيت به الجماعات في الفتوى رقم:
636 - والفتوى رقم: 3149.
وستدرك مما سبق حرمة هذا الفعل إذا خططت له الدول أو الهيئات، ويلحق ما سبق في الحرمة التفريق بين الأبناء وآبائهم، أو نقل الناس من أوطانهم دون رغبة منهم ولو كانوا كباراً، فقد عد الله تعالى الإخراج من الديار نوعاً من أخطر أنواع الاضطهاد والحرب غير المشروعة، فقال الله عز وجل: ... وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ [البقرة:217] .
وقال الله تعالى: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:40] .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفريق بين الطيور والحيوانات وأبنائها! فكيف بالتفريق بين بني آدم الذين هم من أكرم مخلوقات الله تعالى؟! روى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: كُنّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأيْنَا حُمّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الْحُمّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ فَجَاءَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: مَنْ فَجّعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا، رُدّوا وَلْدَهَا إلَيْهَا.... وصححه الألباني، والحمرة نوع من الحمام.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من فرق بين والدة وولدها فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة. رواه أحمد والترمذي والدارمي، وإسناده حسن أو صحيح.
والحاصل أن الشريعة الإسلامية تحرم الاعتداء بكل أنواعه وصوره، ولذلك شرع الله الحدود، كقطع يد السارق، والقصاص من القاتل، وجلد الزاني البكر، ورجم الزاني المحصن، ونحو ذلك مما هو معلوم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
3642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(9/1627)
كيف يتحلل المرء من اتهامه لمن هو بريء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدينا مكتب خاص ومنذ زمن قامت أمي عن طريق الخطأ واتهمت شخصاً بسرقة مبلغ من المال من مكتبها الخاص وعلى أثر ذلك تم طرده من المكتب ثم بعد فترة طويلة تم اكتشاف أن شخصا آخر سرق هذا المبلغ وانقطعت العلاقة بهذا الشخص المظلوم فماذا تفعل أمي حتى تريح ضميرها؟ مع العلم بأنه بكثير من المجهود يمكن الوصول لهذا الشخص علماً بأن هذا الموضوع مر عليه فترة كبيرة من الوقت.
جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما أقدمت عليه والدة السائل باتهام العامل قد نال من سمعته وأمانته بين الناس، خاصة إن كان ممن شوهد منه الستر والصلاة، وأونست منه الأمانة في الظاهر، إذ رمي مثل هذا الشخص بالسرقة حرام، لأنه نيل من عرض المسلم من غير تثبت فيما نسب إليه، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب:58] .
وكما في مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه".
وعليه، فإن على هذه المرأة أن تتوب إلى الله، ثم تقوم ببذل الوسع في الاتصال بالعامل ليحللها مما سببته له من الأذية، ولو بذلت له مبلغاً مالياً جبراً لخاطره وتعويضا عما سببه اتهامها له بالباطل لكان ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(9/1628)
القرآن والسنة زاخران بحقوق الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دلائل في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أو غيرهما تدل على أن هناك علاقة بين الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقرآن الكريم والسنة النبوية مليئان بالأوامر التي تحفظ للبشرية حقها، وتحرم الاعتداء عليها، وأخذ حقوقها بغير حق، فمن ذلك أن الله تعالى حرم قتل النفس بغير حق، ولو كانت نفس طائر أو نملة، قال الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [الإسراء:33] .
وحرم أكل مال الغير بغير الحق، فقال سبحانه: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188] .
وحرم الطعن في العرض، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور:23] .
وحرم الظلم، فقال سبحانه: (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً) [الفرقان:19] .
وحرم الأذى، فقال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب:58] .
وشرع الله سبحانه وتعالى القصاص، وقطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن، وجلد البكر مائة جلدة، وجلد القاذف ثمانين جلدة إلى غير ذلك، وتفصيل كل الحقوق يطول، وهناك كتب تبين هذا بوضوح سبق ذكر بعضها في الفتوى رقم: 3642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(9/1629)
ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اثناء شجاره مع زوجته شق ملابسه وانهار وبكى ماذا عليه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شق الجيب جزعاً عند المصائب محرم، لما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) بل عد بعض أهل العلم ذلك من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعله.
هذا إذا كان فاعله مختاراً، أما إن كان مغلوباً على عقله فلا يؤاخذ لأنه غير مكلف.
فما كان يجوز لك أن تشق جيبك جزعاً أو ضجراً من شجارك مع زوجتك، فعليك بالاستغفار والتوبة من ذلك، أما البكاء فلا يلزمك فيه شيء، لكن ننصحك أن فعل هذا الأمر أمام الزوجة يضعف من مكانتك عندها كرجل، ولا يليق بك كزوج له القوامة على زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(9/1630)
شرع الله مصدر حقوق الانسان عندنا، لا شرع الأمم المتحدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم واجهني أستاذ في التاريخ بهذا الادعاء أن الإسلام يقر بحقوق المسلم والذمي وأن لا وجود لمفهوم حقوق الإنسان المتعارف عليها في الأنظمة الغربية حاليا ولما أعرفه من تعنت هذا الأستاذ أود أن تشيروا علي جزاكم الله خيرا بمراجع أفحم بها المتطاولين على دين الله وأدعوا لكم بالتوفيق والأجر الوفير والثواب العظيم من الله عز وجل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
جزاك الله خيراً على حرصك على الدفاع عن دين الله تعالى والردّ على المتطاولين على الإسلام.
واعلم - رحمك الله - أن التدافع بين الحق والباطل سنة كونية من سنن الله لا تتوقف إلاّ حين يرث الله الأرض ومن عليها، ولن يهدأ أصحاب هذه الدعاوى الباطلة ويوقفوا اتهاماتهم للإسلام إلاّ إذا ترك المسلمون دينهم ومضوا وراءهم تاركين شرع الله، قال تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) . [البقرة: 120] .
ولقد أقر الله تعالى حقوق الإنسان في شريعة الإسلام الغراء على نحو يحفظ للآدمي آدميته ويصون له كرامته بما لا يتنافى مع الفطرة السليمة والشرع القويم. وأما الحقوق المتعارف عليها في الأنظمة الغربية، فإن بعضها موجود لدينا - والحمد لله - والبعض الآخر مما ينافي الفطر السليمة كإباحة اللواط والزنى وشرب الخمر ونحو ذلك من الفواحش بدعوى الحرية الشخصية وحقوق الإنسان، فهذا لا يقره شرع ولا دين، وإليك بعض المراجع التي تعينك على ما أردت من دفاع عن دين الله تعالى.
1 - حقوق الإنسان بين الشرعية الإسلامية والقانون الدولي.
د. محمد الحسيني مصيلحي / تقديم الشيخ جاد الحق علي شيخ الأزهر - ط. دار النهضة العربية.
2 - حق الإنسان في الأمن بين النظم البشرية ومنهج القرآن الكريم.
د. عبد العظيم خضر - دار الحرمين.
3 - حقوق الأفراد في دار الإسلام.
د. عبد الكريم زيدان - مؤسسة الرسالة.
4 - حقوق الإنسان في نظر الشريعة الإسلامية.
د. عبد السلام الترمانيني.
5 - حقوق الإنسان بين الإسلام والمذاهب المعاصرة.
د. عبد الله المحمود - دار الشروق.
6 - حقوق الإنسان بين القرآن والإعلان.
د. أحمد حافظ نجم - دار الفكر العربي.
7 - حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة.
الشيخ محمد الغزالي - دار الدعوة.
8 - الحقوق في الإسلام - 3 أجزاء - سلسلة ندوات الحوار بين المسلمين.
مؤسسة آل البيت - الأردن.
9 - الفقه السياسي في الإسلام.
د. يوسف القرضاوي - مكتبة وهبة.
10 - وهل بالإسلام حرية للرأي.
عبد السلام البسيوني - الأقصى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1631)
حكم تهنئة الكافر بقدوم مولود له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تهنئة الكافر بمناسبة إنجاب مولود؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز تهنئة الكافر إذا ولد له مولود، وإنما ينهى عن تهنئتهم بما كان مختصا بدينهم وشعارا من شعائره كالأعياد ونحوها.
وعلى المسلم إذا هنأ الكافر بقدوم مولود أن يحذر العبارات التي تدل على إكرامه أوالرضا بدينه، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه أحكام أهل الذمة: فصل في تهنئتهم بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سلامة من مكروه ونحو ذلك: وقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد فأباحها مرة ومنعها أخرى، والكلام فيها كالكلام في التعزية والعيادة ولا فرق بينهما، ولكن ليحذر الوقوع فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه كما يقول أحدهم: متعك الله بدينك أو نيحك فيه، أو يقول له أعزك الله أو أكرمك إلا أن يقول أكرمك الله بالإسلام وأعزك به ونحو ذلك، فهذا في التهنئة بالأمور المشتركة.
وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم. هـ.
وقد نقل ابن القيم قبل ذلك في الفصل المتعلق بعيادتهم عن المروذي قال المروذي: بلغني أن أبا عبد الله سئل عن رجل له قرابة: نصراني يعوده؟ قال نعم.
وعن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل له قرابة نصراني يعوده؟ قال نعم، قيل له نصراني، قال: أرجو أن لا تضيق العيادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(9/1632)
بناء الكنائس في الدول الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء الكنائس في الشام أو مصر علماً بأن حديث تحريم البناء جاء حصراً في الجزيرة العربية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 17391، التفصيل في بناء الكنائس في بلاد الإسلام فراجعها، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 7204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(9/1633)
حكم اختراق مواقع الكفار وسرقة أموالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي أريد أن أسألك بخصوص اختراق مواقع وسرقة فيزات فرنسية وأمريكية. سؤالي هو: عندما تخترق موقع وتدمره يسب الرسول ويسب الدين ومواقع إسرائيلية وأمريكية وفرنسية مثلما هم يخترقون مواقع عربية نخترق مواقعهم. هل هذا حلال أم حرام؟
سؤال ثان: صديقي يسرق فيزات فرنسية وأمريكية ويشحن بها رصيد هاتف يعني يرسل فلوسا لي فيها في هاتف ويبيع رصيدا ويأخذ فلوسا يأكل بها ويشتري أشياء للعائلة، ويتصدق بها للمساجد والفقراء. هل هذا حلال أم حرام؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد كون المواقع لأناس كفار لا يبيح لك اختراقها، ما لم يتبين أنها تحارب الإسلام والمسلمين، كالمواقع التي تسب الإسلام ومقدسات المسلمين، فهذه يجوز اختراقها بل يجب على القادر على ذلك، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 114097.
وكذك لا يجوز سرقة أموال الكفار لمجرد كونهم كفاراً حتى لو صرفت تلك الأموال في وجوه البر، وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله تعالى ورد ما أخذ إلى أصحابه إن أمكن، فإن لم يمكن صرف ذلك في منافع المسلمين العامة كدور الأيتام والمستشفيات ونحوها، وانظر الفتوى رقم: 20632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(9/1634)
حدود التعامل مع أهل الزوجة النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أتزوج بفتاة مسلمة ولكن أمها مسيحية وانفصلت عن أبيها منذ الصغر، ولكن لها علاقة بوالدتها. فما حدود علاقتي مع والدتها؟ وهل يجب علي الحذر على أولادي منهم أم لا؟
أرجو تفصيل كيفية معاملتي لهم وكذلك أولادي إن وجدوا علما بأنهم أسرة مسيحية متدينة متمسكة بالدين المسيحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا يسر الله لك الزواج من هذه الفتاة فقد صارت أمها من محارمك على التأبيد ولا يؤثر في ذلك كونها نصرانية , وعليك بعد الزواج أن تعاملها معاملة حسنة طيبة هي وأولادها فقد صاروا أصهارك, واعلم أن معاملتك لهم بالحسنى لها أثر كبير في تحبيبهم في الإسلام ولفت انتباههم إلى النظر في محاسن هذا الدين العظيم دين الفطرة, كما أنه لو ساءت معاملتك لهم فقد يكون هذا سببا في تنفيرهم من الإسلام
واعلم أن صلة الرحم مطلوبة ولو كانت الأم كافرة، ففي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك.
لكن إن خفت منهم أن يفتنوا زوجتك أو أولادك في دينهم أو أن يجرّوهم إلى فعل بعض المعاصي التي لا يتنزه عنها الكفار كالتبرج وشرب الخمر ونحو ذلك، فلا حرج عليك حينئذ في اتخاذ ما يلزم للحفاظ على دين أهلك وولدك ولو كان ذلك بمنعهم من مخالطتهم بعض المنع أو كله على حسب الأحوال.
علما بأن صلة الرحم الكافرة غير واجبة على ما بيناه في الفتوى رقم: 53586. لكن ينبغي صلتها إذا رجي دخولهم في الدين.
جاء في فتح الباري......والثاني: أن صلة الرحم الكافر ينبغي تقييدها بما إذا أيس منه رجوعا عن الكفر أو رجى أن يخرج من صلبه مسلم كما في الصورة التي استدل بها وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لقريش بالخصب، وعلل بنحو ذلك فيحتاج من يترخص في صلة رحمه الكافر أن يقصد إلى شيء من ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(9/1635)
معاملة المسلمة لغير المسلمة إذا اجتمعا في سكن واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أدرس في دولة أوروبية، وقد تم تحديد سكني مع فتاة غير مسلمة، فأردت أن أستفسر، هل سكني مع غير المسلمة جائز أم لا؟ وما هي عورة المرأة المسلمة أمام غير المسلمة؟ وهل هنالك فرق من حيث إن هذه الفتاة من أهل الكتاب أم لا؟.
فأفيدوني بسرعة جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك نؤكد على حرمة سفر المرأة للتعلم وغيره بدون محرم، كما أن إقامتها في بلد من بلاد الكفر تترتب عليه مفاسد عظيمة نظراً لانتشار الفساد والاختلاط وغير ذلك من المحرمات والمنكرات، ولا يخفى ما في ذلك من مخاطر على دين الفتاة المسلمة وخلقها. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 121004.
وبخصوص ما سألت عنه فإننا لم نقف على دليل يمنع مساكنة المسلمة للكافرة إذا لم يترتب عليها ضرر من ذلك. وبالتالي، فلا حرج عليك في مساكنة امرأة كافرة ـ كتابية أوغيرها ـ إذا لم يترتب على ذلك ضرر بدينك وأخلاقك، وينبغي لك أن تعاملي تلك الكافرة بلطف وحسن معاشرة لتتوصلي بذلك إلى استمالتها إلى الدخول في الإسلام فيكتب لك ثواب ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي ـ رضي الله عنه: فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 71530.
أما عورة المسلمة مع الكافرة ـ سواء كانت كتابية أوغيرها ـ فقد اختلف أهل العلم في تحديدها فعند المالكية والحنفية يجوز للمرأة أن تظهر لها الوجه والكفين فقط، وقال الشافعية يجوز لها كشف ما يبدوعند المهنة كالرأس والوجه والذراعين والقدمين، وعند الحنابلة يجوز لها أن ترى منها ما فوق السرة وما تحت الركبة، وقد ذكرنا ترجيح مذهب الحنابلة وذلك في الفتوى رقم: 46795، وراجعي التفصيل أيضاً في الفتوى رقم: 31009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(9/1636)
جواب شبهة حول دعوة غير المسلمين إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا نقوم نحن المسلمين بدعوة غير مسلمين من المسيحيين وغيرهم للإسلام؟ بالرغم من أن عدم
دعوتهم أفضل لهم، فهم في حكم ـ الفترة ـ وكما أجمع معظم العلماء بأنهم يمتحنون يوم القيامة.
فأنا بصراحة كنت أدعو للإسلام عندما أجد شخصا غير مسلم، أما الآن فأرى أن الأفضل تركهم في غفلتهم فهم يبقون تحت مشيئة الله، لأن الحجة لن تقوم عليهم لو بقوا على دينهم من دون معرفة برسالة الإسلام، وباختصار شديد، هل النار أعدت فقط للمسلمين الذين عصوا الله، والجنة فقط للمسلمين للذين أطاعوا الله والمسيحيين واليهود وغيرهم من الذين لم يسمعوا بالإسلام بسبب وجودهم في منطقة بعيدة عن أحداث العالم أو بسبب اللغة وصعوبة الاتصال؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نحن المسلمين ندعو غيرنا للإيمان بالله تعالى ورسله وعمل الخير واجتناب الشر وذلك امتثالا لأمر الله تعالى واتباعا لأنبيائه الذين جاءوا لهداية الناس ودعوتهم إلى الخير، قال الله تعالى: َومَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33} .
وقال صلى الله عليه وسلم: لَأنْ يَهْدِي بَكَ اللهُ رجلاً واحداً خيرٌ لكَ مِنْ حُمْرِ النعم. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجُورِ مَنْ تبعه، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً. رواه مسلم.
والدعوة إلى الله واجب كفائي على جميع أفراد الأمة، وهي واجب عيني على كل فرد بحسب استطاعته وقدر علمه، كما تقدم في الفتوى رقم: 49278.
فنحن نقوم بالدعوة إلى الله تعالى أداء لواجب افترضه الله علينا وإيصالا للخير للمدعوين.
ثم ما ذكرت من أن عدم دعوتهم أفضل لهم ليس بصحيح، لأن الله تعالى أنقذ كثيرا منهم من الكفر بسبب الدعوة، وكونهم يمتحنون يوم القيامة ـ على القول به ـ لا يعني أن ذلك خير لهم، لأنه لا يؤمن منهم في ذلك الوقت إلا من كان سيؤمن في الدنيا، وذلك لما جاء في الحديث: وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما. رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني.
وهذا فيمن لم يسمع بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستبعد الوجود في هذا العصر الذي أصبح فيه العالم بمنزلة القرية الواحدة لظهور الدعوة عبر وسائل الإعلام وغيرها وانتشار وسائل الاتصال وسهولة المواصلات.
وأما من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤمن به، فلا عذر له ولا يمتحن، كما في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار.
ولذلك فإن عليك ألا تترك الدعوة إلى الله تعالى، لأنك بتركها تكون قد فرطت في أمر واجب، لما فيها من الخير العظيم لك ولمن تدعوهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36739
وأما سؤالك: هل النار أعدت إلخ، والجنة إلخ؟ فإن من المعلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم ما خلقت له النار وما خلقت له الجنة، فقد بين الله عز وجل لنا في محكم كتابه أنه أعد النار للكافرين عموما، فقال تعالى: وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {آل عمران:131} .
وقال تعالى: عن الجنة {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران:133} .
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ومما يجب على المكلف اعتقاده أن الله سبحانه قد خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه، وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به وألحد في آياته وكتبه ورسله.
فلا ينبغي للمسلم طرح مثل هذا السؤال بهذا الأسلوب.
نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1430(9/1637)
درجة حديث: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام.
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي قرأت علي حديثا يقول: بأننا لا نبادر بالسلام على الكفار ويجب أن نضيق عليهم الطرقات، فهل هذا الحديث صحيح؟.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم وسنن الترمذي ومسند أحمد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه.
فالحديث ثابت صحيح، وقد سبق شرحه وبيان ما يتعلق به من أحكام في الفتويين رقم: 71173، 32758، وما أحيل عليه فيها فراجعيها للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(9/1638)
حكم بيع منزل لغير مسلم ويضع ماله في البنوك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أبيع منزلي لشخص ليس على ديني ويضع ماله في البنوك؟ وهل التحريم لكونه ليس مسلما أم لوضعه ماله في البنك أم الاثنين معا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن تبيع المنزل لغير مسلم، فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين من بعدهم كانوا يتعاملون مع الكفار بيعاً وشراءً وإجارة ونحو ذلك من المعاملات، فيجوز التعامل مع الكفار بيعاً وشراءً إذا كان ذلك في ما يباح بيعه شرعاً، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 112153.
ولا حرج كذلك في بيع منزلك لشخص يضع ماله في البنك ويأخذ عليه فوائد ربوية، فإن حكمه حكم صاحب المال المختلط، ومعاملة صاحب المال المختلط مكروهة لا محرمة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(9/1639)
هل يرد على الكفار برسوم مسيئة كما فعلوا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بأن نرد على النصارى أو الدنمارك برسوم مسيئة لهم أو للدولة نفسها أم حرام؟ وما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرد على الكفار برسوم مسيئة فلا نرى أنه ينبغي مما قد ينجر عنه تماديهم في الغي وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {الأنعام:108}
وقد بينا بعض الأمور العملية في الرد عليهم فراجع فيها الفتاوى التالية أرقامها: 71673، 71536، 112880، 71469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(9/1640)
جواب شبهة حول التعامل مع النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[إشكالية التعامل مع النصارى فى الدين الإسلامي تحتاج إلى شرح، نتزوج منهم، نأكل أكلهم. فهل هم كفار؟ هل هم أعداء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كون النصارى كفارا فهذا أمر لا شك فيه، فقد نسخ الله تعالى بشريعة الإسلام بقية الشرائع، فبعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل من أحد دين غير دين الإسلام. قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85} كما أن عقيدتهم قائمة على ألوهية عيسى عليه السلام، والله تعالى يقول: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة: 17} وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 2924.
ومع كفر أهل الكتاب فإن الله تعالى قد أباح الزواج من نسائهم والأكل من ذبائحهم، فكان هذا استثناء لهم دون غيرهم من الكفار، وفي ذلك حكمة بلا شك. وقد بينا طرفا من ذلك بالفتوى رقم: 9894.
وأما قولك وهل هم أعداء فينبغي أن تعلم أولا أن كل كافر عدو لله ورسوله وعدو للمؤمنين بسبب كفره بمعنى أنه لا موالاة بينه وبينهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ {الممتحنة: 1} وأما إن كان المقصود العداوة من جهة السلم والحرب فليسوا سواء، فمنهم من قد يكون محاربا للمسلمين، ومنهم من قد يكون مسالما لهم، ولذا جاء الشرع بالتفصيل في حكم التعامل مع كل صنف منهم، وكذا غيرهم من سائر الكفار، ولمزيد الفائدة نرى لزاما مراجعة الفتاوى: 3545، 19652، 71753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(9/1641)
الصفح عن النصرانية وحكم مصاحبة المسلمة لها
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى زميلاتي بالصف الثامن لها صديقة مسيحية من بداية هذه السنة، ولكن منذ يومين حدث خصام بينهما، وذلك لأن المسيحية أفشت سرا لها، لأنها قالت لها كلمة أغضبتها من دون قصد، أما المسلمة فتقول إنها ليست أول مرة تفعل ذلك بها، فهل عليها مصالحتها أم ماذا عليها أن تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ندب الشرع إلى الإحسان إلى الناس كافة فقال تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83} وقال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} .
أمّا عن سؤالك، فلا يجب على زميلتك مصالحة تلك الفتاة غير المسلمة، وإنمّا من الإحسان أن تصفح عنها وتعاملها بالمعروف، لكن لا تتخذها صديقة، فالكافر لا يصح أن يكون صديقا للمسلم فعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ولا شكّ أن الإنسان يتأثر بصاحبه في أخلاقه وطباعه، فينبغي أن يتخير صاحب الدين والخلق، ليتأثر به، فينتفع بصحبته في الدنيا والآخرة، قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن مقتدى
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 36326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(9/1642)
كيف يتعامل المسلم الجديد مع أهله الذين يسبون الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتعامل المسلم الجديد مع عائلته الذين يبغضون الله والإسلام والرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، ولا يتركون فرصة إلا شتموا فيها الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن وفقك للهداية بالدخول في الإسلام، وهذه نعمة عظيمة لا توازيها نعمة وتستحق الصبر والتضحية من أجلها، وأما عن عائلتك فنقول: إن من محاسن الدين الإسلامي أنه أوجب بر الوالدين بالمعروف والإحسان ولو كانا كافرين، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ. {لقمان:14،15} .
فيجب عليك أن تحسن إلى والديك الإحسان الدنيوي، وأن تحاول تعريفهم بالدين الإسلامي وأن تحرص على هدايتهم وتجنب كلامهم في الدين في لحظات انفعالهم وشتمهم للدين، بل اترك هذا المجلس أثناء شتمهم للدين، واحرص على تأليف قلوبهم ببعض الهدايا إن استطعت، ولا تقابل إساءتهم بالإساءة بل ترفق بهم عسى أن تكون سببا في هدايتهم، كما قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. {النحل: 125} .
وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. {فصلت:33} .
ولا تيأس فكم من أناس كانوا يبغضون الإسلام ولا يطيقون سماع اسمه ثم بالإحسان إليهم شيئا فشيئا لانت قلوبهم واعتنقوا الإسلام، ويمكنك اختيار من هو أقل عداوة للإسلام في عائلتك وتبدأ معه، مع وصيتنا لك بالدعاء لنفسك بالثبات ولهم بالهداية، واحرص على الصحبة المسلمة الملتزمة بدينها.
ونسأل الله لك الثبات والتوفيق، ولعائلتك الهداية إلى الإسلام، وانظر الفتوى رقم: 21363 ففيها قواعد دعوة غير المسلمين للإسلام، وكذا الفتوى رقم: 73576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(9/1643)
حقوق أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقوق أهل الكتاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 42761، أن بينا أن موقف الإسلام من أهل الكتاب والتعامل معهم، مبحث طويل، وأحلنا على بعض الفتاوى هناك لبيان بعض تفاصيله.
ويمكن للسائل الكريم من خلال العرض الموضوعي للفتاوى أن يتصفح الفتاوى المتعلقة بآداب معاملة أهل الكتاب، وسيجد فيها مائة وعشرين فتوى أو أكثر.
وجاء في (الموسوعة الفقهية) تحت عنوان: (حقوق أهل الذمة) : القاعدة العامة في حقوق أهل الذمة أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهذه القاعدة جرت على لسان فقهاء الحنفية، وتدل عليها عبارات فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة. ويؤيدها بعض الآثار عن السلف، فقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: إنما قبلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا.
لكن هذه القاعدة غير مطبقة على إطلاقها، فالذميون ليسوا كالمسلمين في جميع الحقوق والواجبات، وذلك بسبب كفرهم وعدم التزامهم أحكام الإسلام. وفيما يلي نذكر ما يتمتع به أهل الذمة من الحقوق:
أولا - حماية الدولة لهم....
ثانيا - حق الإقامة والتنقل....
ثالثا - عدم التعرض لهم في عقيدتهم وعبادتهم....
رابعا - اختيار العمل.... انتهى.
ويمكن مراجعة تفاصيل ذلك في الموسوعة، وفي كتب الفقه في الأبواب الخاصة بهذا الموضوع، كما أن هنالك كتبا متخصصة في هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(9/1644)
حكم منع الكافر من مس المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في محل أغلبية زبائنه من المسلمين، ولكن أحيانا يأتينا أجانب من أماكن مختلفة من العالم. وحصل مرة أن لمست إحداهن مصحفا معروضا للبيع فأخذتني الغيرة على كلام الله، وخاطبت زميلا لي بلغتها أنه لا يجب لمسه. ففهمت الأمر جزئيا وأبدت بعض الامتعاض لمنعي إياها من لمس المصحف الشريف. مع أني أحسنت القول معها وبطريقة لينة. وكان معها مرافق عربي نهرني وأبدى سخطه لقولي ونعتني ومن يتصرف مثلي بما معناه أننا غير محقين ومتزمتون.
وكادت الأمور أن تأخذ منعرجا خطيرا لولا رحمة ربي سبحانه وتعالى وستره لي.
أفتوني في منعي لها من لمس المصحف، فأنا انطلقت من مبدإ الآية الكريمة (لا يمسه إلا المطهرون) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تمكين غير المسلم من مس المصحف أو مس نصوص منفردة من القرآن الكريم، ولا بأس بمسه لترجمة القرآن الكريم بشرط ألا تصحب بنص عربي منفرد عن ألفاظ الترجمة.
وبذلك يتضح لك يا أخي الكريم أن ما فعلته صواب، وإنما الخطأ ممن أنكر عليك، وقد سبقت فتوى في ذلك برقم: 24472 وراجع للفائدة الفتوى رقم: 98247.
وأما بخصوص تفسير الآية الكريمة فقد اختلف العلماء فيما يعود عليه الضمير، فذهب بعض العلماء إلى أنه عائد على اللوح المحفوظ، وقيل: هو ما في أيدي الملائكة، وقيل: مصاحفنا، كما اختلفوا في معنى كلمة "المطهرون" حيث إنها لفظ مشترك يشمل الطهارة من الشرك والذنوب والأحداث والنجاسات والأقذار، وقد سبقت في هذا الشأن فتوى برقم: 62726، ورقم: 30818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(9/1645)
حكم التصدق على النصراني والدعاء له بالشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء المسيحي صدقة؟ وهل يجوز الدعاء للمسيحي بالشفاء أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة على الكافر مشروعة لقوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا {الإنسان: 8} والأسير لا يكون في الغالب إلّا كافرا، وإن كانت الصدقة على المسلم أولى. وانظر الفتوى رقم: 112079.
كما أن الدعاء للنصراني بالشفاء جائز أيضا، وخصوصا إذا أريد منه مصلحة كأن يرجى إسلامه، ولكن لا يجوز أن يكون الدعاء له بالشفاء على جهة المحبة له والموالاة فإن ذلك لا تجوز لقوله تعالى: قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة: 22}
وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً {النساء: 144} وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {المائدة: 51} .
ودليل جواز الدعاء للكافر بالشفاء حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين في قصة رقية سيد القوم الذي لدغته العقرب والدعاء من جنس الرقية. وقال في تحفة المحتاج: ويحرم الدعاء بأخروي لكافر وكذا من شك في إسلامه ولو من والديه. فمفهوم كلامه أن الدعاء للكافر بأمور الدنيا لا حرج فيه، وانظر الفتوى رقم: 14165، وما جاز الدعاء به خارج الصلاة جاز الدعاء به فيها سواء كان الدعاء من أمور الدنيا أو الآخرة على الراجح من قولي العلماء خلافا لمن منع الدعاء بملذات الدنيا في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(9/1646)
كيفية التعامل مع النصراني إذا دخل إلى منتدى ديني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشتركة في أحد المنتديات وهو ليس إسلاميا بحتا، وأنا كنت مشرفة على القسم الديني فيه إلى أن جاء يوم اشترك فيه عضو نصراني فتضايقت من وجوده معنا جدا، وقلت إنني لا أتواجد معه في منتدى واحد لأني أعرف أن أي نصراني أو يهودي بعد مجيء محمد صلى الله عليه وسلم لم يؤمن به فهو كافر وأتيت بفتاوى عدة للقسم الديني عن ذلك، ولاقيت هجوما شديدا من أعضاء المنتدى لأسلوبي هذا، وأنا مؤمنة جدا أنه كافر، ومن الفتاوى التي أتيت بها أن من لا يؤمن بأنهم كفار هو نفسه يصبح كافرا لأنه لم يصدق الله تعالى فيما أخبر به من كفرهم، وسؤالي هو رغم تسليمي بكفره إلا أنني قد تحدثت معه بطريقة شديدة الجفاف وبأسلوب حاد وأخبرته أنه كافر بالفتوى وبالدليل الذي نشرته، فهل أنا بأسلوب كلامي هذا أكون قد أذنبت لأنني من الممكن أن أكون قد تسببت في الإساءة إلى الإسلام، وأنا أعرف أن هناك من هو متخصص للرد على شبهاتهم ولكنني أتيت بفتاوى وآيات قرآنية، أم أنه لكونه كافرا لا يهم إن كان الحديث معه بأسلوب جاف أم لا؟
باختصار هو كافر وتحدثت معه بأسلوب شديد وقلت له ارحل من هذا المنتدى فهل أنا بذلك أكون قد أوقعت نفسي في ذنوب، أنا محتارة من فضلكم أنتظر الرد ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أن لديك حمية إسلامية وغيرة صادقة على دينك، وهذا من علامات الإيمان الكامل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان. رواه أبو داود، وانظري الفتوى رقم: 14945.
وما ذكرته من أن كل من لم يكن على ملة الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كافر بالله العظيم، وإن مات على ذلك فإن مصيره نار جهنم خالدا مخلدا فيها ولو كان من اليهود والنصارى، فهذا كلام صحيح، وقد سبق لنا تقرير ذلك في الفتوى رقم: 19055، والفتوى رقم: 5750.
واعلمي رحمك الله أنه يحرم على المسلمين مودة الكفار ومحبتهم وموالاتهم والرضا بما هم عليه حتى ولو لم يكونوا محاربين لأهل الإسلام، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 32852، والفتوى رقم: 68016.
والكفار ليسوا على درجة واحدة فمنهم المسالم الذي يرجى إسلامه، ومثل هذا ينبغي التلطف معه في الخطاب رجاء هدايته وتأليفا لقلبه، وانظري الفتوى رقم: 9896.
وكان عليك أن لا تتسرعي في طرد ذلك النصراني من المنتدى، فربما كان وجوده ضمن كوكبة من شباب المسلمين هم أعضاء المنتدى سببا في هدايته وتحويله إلى الإسلام حيث إن بعض النصارى ربما لا يتمكن من مشافهة أهل الخير من المسلمين بما يعتريه من شكوك في دينه فكان فضاء الإنترنت ملاذا لهؤلاء.
وإذا ظهر منه بعد انضمامه إلى منتداكم الاعوجاج وبث الشبهات أو الإساءة للمسلمين ودينهم فيمكنك حينئذ إلغاء عضويته وحذف مشاركاته وهذا ما يتيحه لك كونك مشرفة إدارية.
هذا وإننا ننصحك باجتناب الدخول في حوارات مع الرجال الأجانب في غرف المحادثة الخاصة، ولو كان ذلك بنية الدعوة إلى فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79549، 65905، 65769.
كما ننبهك إلى أن بعض المنتديات غير الإسلامية والتي تقدم الموسيقى والخنا والأفلام الماجنة وغير ذلك تضيف أحيانا قسما دينيا ضمن أقسامها، ولا غرض لها في الدين أو العفة وإنما هو التجمل وتحسين الصورة لترويج بضاعتها على البسطاء والأغرار، فنربأ بك أن تكوني مطية لأصحاب الشهوات الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
وفقك الله للخير ونفع بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(9/1647)
تلبية دعوة الوالدين الكافرين في عيدهما وحكم قبول الهدية فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من فرنسي مسلم أرجو أن تدعو لنا بالثبات، سؤالي من فضلكم هو أنه هل يمكننا تلبية دعوة والدي زوجي خلال العيد المسيحي المزعوم علما بأنهم ليسوا مسيحيين متدينين ولا يقومون بأي شعائر دينية هم فقط يحبون أن يجتمع أولادهم ويروا أحفادهم بالأحرى هو اجتماع عائلي للعشاء، كذلك هل نقبل هداياهم في هذا العيد علما أنني أنا وزوجي نحب أن نقترح عليهم إهداء أطفالنا بأعيادنا المسلمة وليس بعيدهم.
كذلك أريد أن أشير أنهم طيبون معنا وإذا رفضنا الدعوة سنتعرض لمشاكل معهم فهم قالوا لنا نعلم أنكم مسلمون ولا نطلب منكم شيئا سوى الحضور والاجتماع معنا بهذا اليوم وأن نرى حفيدنا. ما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يثبتكم على طريق الحق والهدى, وأن يصرف عنكم كيد الشيطان وأن يجنبكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
واعلمي أيتها السائلة أنه لا يجوز تهنئة الكفار بأعيادهم، ولا تلبية دعواتهم في الاحتفال بها, لما فيه من مشاركتهم وإقرارهم على باطلهم، وإشعارهم بأن ما يفعلونه صواب، وقد بينا ذلك بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: 26883.
وكونهم يحسنون معاملتكم لا يسوغ لكم حضور أعيادهم لأن أمور الدين والعقيدة لا تقبل المداهنة ولا المجاملة, وما تخافون منه من مشكلات جراء هذا الرفض يكفيكموه الله إن أنتم اتقيتموه وتوكلتم عليه, وجعلتم خشيتكم منه وحده ورجاءكم فيه وحده، وهكذا ينبغي أن يكون حال المؤمن، قال سبحانه: فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ {المائدة: 44} , وقال: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ {الأحزاب: 37} , وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2، 3} , وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} .
ثم إن واجهكم شيء مما تكرهون فقابلوه بالصبر فإن الصبر على تكاليف العقيدة ومقتضياتها من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المتقربون, وهو مما لا بد منه للسائر إلى الله، فلا يظنن أحد أنه سيؤدي تكاليف الإيمان هكذا صفوا عفوا بلا عناء ولا مشقة, كلا وإلا بطلت حكمة التكليف فإن الله سبحانه إنما خلق الإنسان وأوجده في هذه الحياة ليختبره ويبتليه, ولا بد للبلاء من الصبر الجميل, قال تعالى: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت: 3} .
وأما بخصوص ما يهدونه لكم من هدايا في هذا اليوم فلا حرج عليكم في قبولها بل يستحب قبولها إذا كان في ذلك تأليف لقلبوهم ليدخلوا في الدين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما قبول الهدية منهم يوم عيدهم فقد قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أتي بهدية النيروز فقبلها انتهى.
ثم قال رحمه الله: فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم بل حكمها في العيد وغيره سواء لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(9/1648)
يسكن بين نصارى ويشككونه في دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن وسط النصارى ودائما يشككون في ديني ويسألونني وأنا لا أعرف الرد أو الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان ضوابط معاملة غير المسلمين في الفتوى رقم: 17051، والفتوى رقم: 7885.
أما عن سؤالك فإنه لا يجوز للمسلم أن يتحاور مع الكفار في شبهاتهم دون أن يكون على علم يمكنه من دفع الأباطيل، وبيان الحق وراجع الفتوى رقم: 40373.
وإذا خشي المرء على دينه بسبب الإقامة بين الكفار وجب عليه أن ينتقل عنهم ويقيم حيث لا يخشى على دينه، وإذا عرضت للمسلم شبهة لا يعلم جوابا يدفعها فعليه أن يتوجه بالسؤال لأهل العلم وهذا أمر سهل يسير بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(9/1649)
كيفية دعوة أهل الكتاب ومن الذي يتصدر لدعوتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشترك في موقع أجنبي عبارة عن منتدى للأسئلة والأجوبة.
أكثر مشاركاتي في قسم الأديان ... طبعا أكثرهم نصارى وهناك لا دينيين كثر أيضا....بصراحة تفاجئت أن كثيرا من الناس هناك آخذون فكرة خطأ عن الإسلام.
كل ما أحاول أني أتكلم عن الإسلام يردون علي بردود مثل: كيف نقبل برسول متزوج 12 زوجة، وتزوج عائشة وهي 6 سنوات صلى الله عليه وسلم، وبصراحة ما أقدر أرد على أسئلتهم أو أقنعهم لأنها فكرة راسخة عندهم.
هناك سؤال أيضا سأله أحد النصارى والسؤال هو ... ماذا تفعل لو كان مصيرك إلى النار؟ طبعا هم يؤمنون بأن هناك جنة ونارا، ولكن لاحظت من أجوبتهم أنهم آخذون الأمر هزلا وضحكا ولا يفكرون جديا بهذا الأمر. بصراحة قلبي احترق مما رأيته وودي أني أعلمهم الدين الصحيح وأقنعهم ولكن لا أعرف كيف أرشدوني ... كيف ننقذ أغلب البشرية من النار. الذي يقهر أنهم هم أنفسهم لا يفكرون بالأمر يقولون لما نموت (ذيك الحزة) يصير خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى دين الله تعالى من أعظم الأعمال، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، ولها أجر عظيم، روى البخاري عن سَهْلِ بن سَعْدٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي حين أعطاه الراية يوم خيبر: ادْعُهُمْ إلى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عليهم، فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لك من حُمْرِ النَّعَمِ.
ودعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى تتركز أساساً على بيان أن دين الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل الله سواه، مع بيان أدلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه، كما تقوم دعوة الكتابي كذلك على بيان أن ما هم عليه من العقائد التي تخالف الإسلام باطل، ويمكنك الاستعانة في ذلك بمن تعرف من طلبة العلم، وبما تيسر من الأشرطة الصوتية والكتيبات التي في هذا المجال.
ولكن ننبه على أنه لا ينبغي أن يتصدى لمحاورة أهل الباطل إلا من كان لهم إلمام بقدر كبير من العلم الشرعي، يتمكنون به من رد الباطل، كما أن الواجب على المسلم أن يصون دينه عن الشبهات، فلا يستمع إليها، لأن الشبهة قد تستقر في قلبه ولا يستطيع دفعها لضعف إيمانه أو قلة علمه أو للأمرين جميعاً، وقد نص العلماء على حرمة النظر في كتب أهل الكتاب لما فيها من التحريف، فلا شك أن الاستماع إلى شبهاتهم أشد تحريماً.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1886، 2924، 6828، 14742، 117043.
وراجع في بيان حكمة تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الفتاوى الآتية أرقامها: 1570، 12207، 78538.
أما زواجه صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها، فقد تزوجها وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، ولم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها إلا بعد أن بلغت الحلم، وصارت مهيئة للجماع، وليس في ذلك ما ينقص مقام النبي صلى الله عليه وسلم. وراجع في بيان ذلك الفتاوى التالية: 8218، 13991، 30523.
كما يمكنك مراجعة بعض المواقع في الرد على المنصرين في فتوانا رقم: 47095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(9/1650)
حكم الثناء على الموظف النصراني المجتهد في عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لي صديق مسلم يدعو لزميل لنا في العمل نصراني: يا رب يكون كل الناس مثلك، هو يقصد في اجتهاده في العمل فقط، ويقول له أيضا: جزاك الله خيرا. وعندما تحدثت مع صديق بخصوص هذا الموضوع قال: إنه يفعل ذلك لكي يدخل الزميل النصراني في الإسلام. هل يجوز هذا؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر- والله أعلم - أنه إن كان يقصد بذلك الثناء عليه باجتهاده في العمل فلا حرج في ذلك، ولكن ينبغي أن يقيد هذا الأمر لئلا يوهم الثناء عليه في كل أمره بما في ذلك دينه الباطل الذي هو عليه.
ولا حرج أيضا في أن يقال للكافر جزاك الله خيرا، وينبغي أن يقصد بذلك هدايته وصلاح حاله، وهذا من الثناء والثناء على الكافر مشروع، فقد قال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} ، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا فكافئوه. رواه أبو داود. وروى الترمذي عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا. فقد أبلغ في الثناء.
وينبغي الحرص على دعوة هذا الرجل إلى الحق وتعريفه بالإسلام وما عليه دينه من أباطيل، ويمكن الاستعانة في ذلك ببعض الفتاوى الموجودة في موقعنا. نحيلك منها على الفتاوى: 10326، 8210، 29326، 22354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(9/1651)
دعوة الكافر للإسلام وكيف يرد عليه إذا سب الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أدخل رجلاً يهودياً للإسلام، كافر سب الإسلام كيف أرد عليه وأنا لست عالماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى دين الله تعالى من أعظم الأعمال، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، ولقد رتب الله عليها الأجر العظيم، ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. رواه البخاري.
ودعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى تتركز أساساً على بيان أن دين الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل الله سواه، مع بيان أدلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه كما تقوم دعوة الكتابي كذلك على بيان أن ما هم عليه من العقائد التي تخالف الإسلام باطل، فإن استطعت أن تبين هذا الأمر لذلك اليهودي فبها ونعمت، واستفد من فتوى لنا سابقة رقمها: 6828.
وإن لم تستطع بيان ذلك بنفسك، فاستعن بمن تعرف من طلبة العلم، وبما تيسر من الأشرطة الصوتية والكتيبات التي في هذا المجال.
وأما بالنسبة للكافر الذي يسب الإسلام فإن الواجب عليك أن تنهره وتمنعه بقدر المستطاع، وأن تهجره فوراً وتقطع كل علاقة تربطك به غضبة لله ودينه، وأن ترفع أمره للسلطات المعنية وأولياء الأمور المتنفذين ليتخذوا ضده الإجراءات اللازمة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60286 وما تفرع عنها. وعلى كل فمن لم يكن ذا قدم راسخة في العلم فلا ينبغي أن يتصدى لجدال الكفار..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(9/1652)
هل ينهى المسلم زوجته الكتابية عن اتخاذ وتعليق الصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مسيحية أوروبية ونعيش في أوروبا وفي أحد الأعياد المسيحية أعطاها رفاقها في العمل هدايا من ضمنها شكل معدني دائري يحمل أماكن شموع من أربع جهات وبالتركيز يبدو لي كشكل صليب. وهى قالت إنه سيوضع في المطبخ على الحائط كشيء من الرومانسية عند العشاء بإضاءة الشموع , فهل إن تدخلت في هذا يكون قد تدخلت في عقيدتها من مبدأ لكم دينكم ولى دين.... ثانيا أنا أفترض حسن نيتها حتى الآن وأن الأمر لا يتعدى هدية ولا تنظر إليها أبعد من ذلك خاصة قد اتفقنا أن أطفالنا سيكونون مسلمين قبل الزواج وقبلت ذلك.. وأطمح هي الأخرى أن تدخل الإسلام وأخشى من كثرة تعليقاتي أن تنفر.. فماهي حدود احترام ديني ووجوب رد فعلي على مثل هذه الأشياء التي تمس دينها..أرجو أن أكون قد أشملت الموضوع من كل الجوانب ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بأن تأمر زوجتك الكتابية بعدم إدخال الصليب إلى البيت، ولكن ليس لك الحق في منعها من ذلك، كما بينا بالفتوى رقم: 14878، ويجوز لك منعها من تعليقه في البيت.
ولمزيد الفائدة حول ما يمكن للمسلم أن يجبر عليه زوجته الكتابية، وما ليس له إجبارها عليه راجع الفتوى: 14298.
وأما بيان الحق لها ودعوتها إليه وبيان بطلان دينها وفساد ما هي عليه من عقائد فهو مطلوب، ولكن ينبغي مراعاة الوقت المناسب والرفق واللين وحسن البيان، وعليك بالتسلح بسلاح العلم الشرعي والاطلاع على ما عليه دين النصرانية من إباطيل حتى تكون على بينة في حوارك معها.
وراجع دلائل كون الإسلام هو الدين الحق بالفتويين: 54711، 19694.
ولمعرفة أباطيل النصرانية ونقاط الضعف فيها راجع الفتاوى التالية أرقامها: 22354، 29326، 8210، 10326.
وقد أحسنت بما اشترطت على زوجتك من نشأة الأبناء على الإسلام، وإن كان هذا الشرط في الحقيقة من باب تحصيل الحاصل إذا هم مسلمون في الأصل تبعا لك، ولكن هذا لا يكفي بل لابد أن يجدوا منك الاهتمام وحسن التوجية والقدوة الحسنة حتى يتأثروا بك ولا يتأثروا بأمهم، وراجع بعض الأسس في تربية الأبناء بالفتويين رقم: 21752، 23500.
ولا ينبغي للمسلم الزواج من امرأة كتابية في هذا الزمان لما قد يترتب على ذلك من مخاطر كما سبق ونبهنا عليه بالفتوى رقم: 5315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(9/1653)
حكم مصاحبة الكافر غير المحارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع جزاكم الله خيرا ووفقكم لما يحبه ويرضاه.. أنا لدي سؤال عن صداقة المسيحيين.. لدي صديقة مسيحية أحبها وتحبني كثيرا أحب رفقتها وهي كذلك كثيرا ما نزور بعضنا ونخرج مع بعضنا البعض.. إلى درجة أنني لا أستطيع أن يمر يوم إلا وأحادثها وإن لم نتحادث في يوم أغضب كثيرا.. حاولت مرارا الحديث معها عن الإسلام وتبيان تعاليم ديننا الحنيف كان تنصت لي ولكن سرعان ما تتناسى ذلك بمجرد أن أقوم من عندها.. حتى جاء يوم وغضبت فيه مني كثيرا وقالت لي هذا يكفي لا أريد الحديث في موضوع الأديان أنا أحبك وأحترمك لأنك بشر وإنسان مثلي مثلك ولا دخل لي بأي أمر ... كيف أتصرف معها في هذه الحالة؟ هل أبقي على صداقتها مثلما كان من قبل أم أقلل من حديثي معها إلا للضرورة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ندب الشرع إلى الإحسان إلى الناس كافة، ولم يمنع الإحسان إلى الكفار، ما داموا غير محاربين لنا في الدين، قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة: 8} .
لكن المسلم ينبغي له أن يحرص على صحبة الصالحين، قال تعالى: الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ {الزخرف: 67} .
وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ولا شك أن الإنسان يتأثر بصاحبه في أخلاقه وطباعه، فينبغي أن يتخير صاحب الدين والخلق، ليتأثر به، فينتفع بصحبته في الدنيا والآخرة، قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قربنه فكل قرين بالمقارن مقتدي
لذا فإنا ننصحك بالحد من مخالطة هذه المرأة والتقليل من مجالستها مع الحرص على دعوتها إلى الإسلام لعل الله يهديها على يديك، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 112605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(9/1654)
شروط جواز تكوين العلاقة مع أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تعرفت على أسر مسيحية وهم عرب مسيحيون وأريد أن أعرف ما حكم ذلك مع العلم أن العلاقة بيني وبينهم بشكل محافظ وينصحونني دائما بان أكون قريبة من الله وأن أعمل الخير ما استطعت وعادي جدا لأنه مجرد تعارف أفتوني في ذلك من فضلكم وجزاكم الله عنا كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في التعارف بين المسلم والكافر غير المحارب ما لم يكن التعارف موالاة ومودة، فإنها لا تجوز مع الكافر، وأما مجرد التعارف والبر والإحسان إليه فلا حرج فيه.
لكن ينبغي للمسلم أن يستغل تلك العلاقة في دعوة الكافر إلى الإسلام وتحبيبه إليه بالخلق الجميل والمعاملة الحسنة وبيان فضائل الإسلام، لا أن يؤثر الكافر على المسلم قال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى رقم: 19652، 33950، 25510.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(9/1655)
وجوب الإلمام بضوابط معاملة أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة تعرفت على أسر مسيحية عربية من مصر تحديداً وإنهم ينصحونني دائما بأن أكثر من الصلاة وأن أتقرب من الله أن أقوم بفعل الخير وكل شيء جميل وإنهم يعاملونني بشكل طيب وقد تعرفت عليهم دون أن أعلم أنهم مسيحيون ومن تعاملهم لم أشك أبداً في أنهم كذلك بل بدا لي من تعاملهم إنهم أتقياء ويحبون الله عز وجل ولذلك أنا لا زلت على معرفة بهم فهل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الوضع المذكور في السؤال وضع مستغرب يدعو للريبة، وعلى أية حال فمودة النصارى وعموم الكافرين مذمومة شرعاً، قال الله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ {المجادلة:22} ، وقال سبحانه: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ {الممتحنة:4} ، وموالاتهم ومصاحبتهم منهي عنها كتاباً وسنة، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {المائدة:51} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد والترمذي وحسنه وأبو داود وحسنه الألباني..
ومن الضروري جداً لمن له علاقة بمثل هؤلاء أن يتعلم ضوابط الشرع في معاملتهم، وأن يفرق بين البر بهم والإحسان إليهم، وبين موالاتهم ومودتهم، ويتأكد ذلك في حق النساء ... وينبغي للمسلمة الحذر من كشف محاسنها أمام نسائهم، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 23135.. ويمكن استعراض بقية الفتاوى عن طريق العرض الموضوعي للفتاوى بعنوان (آداب معاملة أهل الكتاب) ، ويحسن مراجعة الفتوى رقم: 7885، والفتوى رقم: 27185.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(9/1656)
هل المسلم مأمور بسب اليهود والنصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نحن مأمورون بسب اليهود والنصارى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلسنا مأمورين بسب اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار، بل لا يجوز سبهم إن غلب على الظن أن يؤدي ذلك إلى مفسدة أكبر، وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 17948، والفتوى رقم: 50065.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(9/1657)
هل يؤجر المسلم إذا فرج كربة عن كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فرج المسلم عن غير المسلم كربة من كرب الدنيا كأن يعيره مالا لحاجته إليه فهل يؤجر على ذلك أم أن الأجر خاص بتفريج الكرب عن المسلمين فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: في كل ذات كبد رطبة أجر.
ونصوص الوحي من القرآن والسنة مليئة بالترغيب في تفريج كربات الناس والإحسان إليهم.. وفي القرض الحسن لهم وبإمهال المعسر منهم والتجاوز عنهم والوضع لهم.
وإن كان أكثر هذه النصوص في المسلمين، لكن الكافر المسالم معاهداً كان أو ذمياً داخل في عموم ذلك؛ لأنه محترم الدم والعرض والمال.
وقد أثنى الله تعالى على أهل الجنة من عباده الأبرار بأنهم كانوا يحسنون إلى الأسرى ويقدمونهم في طعامهم وهم في أشد الحاجة إليه فقال تعالى.. وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا {الإنسان:8}
والأسير هو الكافر الحربي في أغلب الأحوال.
وعلى ذلك؛ فمن فرج عن الكافر المسالم كربة كان له بذلك أجر إن شاء الله تعالى.
لكن ينبغي أن يكون ذلك بنية دعوته إلى الإسلام وتحبيبه في أهله لما في الحديث: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(9/1658)
حكم ابتداء الكافر بالسلام وتوديعه بقول في أمان الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول لأهل الكتاب والكفار (السلام عليكم) وعند التوديع (في أمان الله) وهل يجوز أن نسأل الله أن يهديهم للإسلام والصراط المستقيم، فأفيدوني بأدلة وفقكم الله وأعانكم عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمهور من أهل العلم ذهبوا إلى منع ابتداء الكافر بالسلام، للحديث: لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام. رواه مسلم.
وأما الدعاء له بقولك في أمان الله لم نقف على كلام لأهل العلم فيها والظاهر جوازه، لأن الممنوع في الدعاء للكفار غير الحربيين هو الترحم عليهم والاستغفار لهم، وأما الدعاء لهم بالهداية فقد ثبت في السنة الصحيحة، روى الترمذي وغيره عن أبي موسى قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله، فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. وراجع في المزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36289، 49281، 37526، 32758، 49180، 14165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(9/1659)
تزاور الفتاة مع أخرى نصرانية وحكم صلاتها في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أذهب إلى بيت صديقتي المسيحية، وإذا حضر وقت الصلاة هل أستطيع أن أصلي في بيتهم وهل يجوز لها هي أن تأتي إلى بيتنا؟ وجزاكم الله خيرا على جهودكم الطيبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أنه لا ينبغي لك مصادقة هذه الفتاة ما دامت على غير دين الإسلام فإن ذلك مظنة التأثر بها في دينها وأخلاقها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 20995.
أما مجرد زيارتها في بيتها والسماح لها بزيارتك في بيتك فلا حرج فيه، كما تجوز لك الصلاة في بيتها إذا كان ذلك في محل طاهر لقوله صلى الله عليه وسلم: فأينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد. متفق عليه.
لكن ينبغي أن تحرصي في معاملتك إياها على التحلي بأخلاق الإسلام الفاضلة وإبراز محاسنه ودعوتها إليه بالكلمة الطيبة والفعل الجميل، وعدم الوقوع في الميل القلبي إليها، وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14559، 9896، 46583، 94121، 11242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(9/1660)
ضوابط علاقة المسلم بغير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في أوربا وأنا مسلمة إن شاء الله ولدي ابنة في الروضة عمرها 4 سنوات ومعها بالروضة بنت بنفس العمر هي أجنبية وهي تريد صداقة مع ابنتي ولكن عائلتها ليست مسلمة هي نادت ابنتي إلى عيد ميلادها لا أعرف ماذا أفعل هل أرفض؟ والدة البنت تقول إن ابنتها تريد الصداقة معها كثيرا. ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك أولا تجاه ابنتك أن تختاري لها مدرسة من المدارس الخاصة بالمسلمين إن وجدت, لأنه في حالة وجودها لا يجوز لك أن تتركي ابنتك وهي في هذه السن الحرجة في المدارس الأجنبية؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد الكبيرة فالطفل في هذه السن سريع التقليد لما يراه, سريع التأثر بما يشاهده في محيطه وبيئته, ومعلوم أنه لن يرى في هذه المدارس إلا الزيغ والضلال الذي يؤثر على الدين والعقيدة, ولن يرى إلا التحرر والانحلال الذي يؤثر على الأخلاق, واعلمي أن ابنتك هذه أمانة عندك وأنت مسؤولة عنها أمام الله رب العالمين.
وأما الاحتفال بأعياد الميلاد فهو بدعة من البدع المحدثة، وتشبه بمن نهى الله عن التشبه بهم من الكافرين، وهي من نتائج الغزو الفكري الذي تتعرض له هذه الأمة الآن بشكل لم يسبق له مثيل. فلا يجوز للمسلمين تقليدالكفار في ذلك، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. أي إن أي أمر يحدث في هذا الدين ولم يكن على هدي سيد المرسلين فهو أمر مردود على صاحبه، وأعياد الميلاد هذه بأنواعها لم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ولا عرفت مثل هذه الأعياد إلا بعد القرون الثلاثة الفاضلة مما يدل على أنها محرمة وليس لها أصل في الإسلام.
وعليه فلا يجوز لك أن تتركي ابنتك تذهب إلى مثل هذه الاحتفالات، وأما بالنسبة للصداقة التي تدور في دائرة البر والإحسان مع هذه البنت أو أسرتها فلا حرج فيها -إن شاء الله- لقول الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة: 8} .
إلا أن هذا الجواز مقيد بعدم وجود المودة والمحبة لهم في القلب، فإذا انتفى هذا القيد لم تجز هذه العلاقة، لما قد يترتب على ذلك من الاستحسان والرضا بما هم عليه من الكفر، ثم إن عليك استغلال هذه العلاقة في دعوتها إلى الإسلام وبيان محاسن هذا الدين لها، لعل الله تعالى أن يجعل هدايتها على يديك.
للفائدة تراجع الفتاوى رقم: 8080 , 33950 , 59249 , 95903.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(9/1661)
التعامل مع اليهود.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي: نحن إخوة في الله نعمل في شركة متعددة الجنسيات في ميدان البحث الزراعي، ومن بين الجنسيات التي نتعامل معها الاسرائليون. وتشمل هذه المعاملات تبادل المعلومات والتجارب سواء عبر ايميلات الشركة أو زيارة بعض الباحثين منهم لمحطة تجاربنا وذلك للوقوف عن كثب على ما نقوم به من تجارب ميدانية تخصه ... ، فما حكم الشرع في هذا النوع من المعاملات، وما هي حدودها، وكيفيتها؟ فقد أحرجنا كثيرا ولا نملك إلا قلوبنا لرفض هذا، وجزاكم الله خيرا0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين من بعدهم كانوا يتعاملون مع اليهود بيعاً وشراءً وإجارة ونحو ذلك من المعاملات، رغم أن اليهود هم أكلة الربا والسحت كما أخبر الله تعالى عنهم. المهم أن يجتنب المسلم عند التعامل مع هؤلاء ما نهى الله عنه من الربا والقمار والغرر ونحو ذلك، ولكن إذا رأى المسلمون أن في مقاطعتهم مقاطعة اقتصادية مصلحة شرعية فعليهم أن يفعلوا ذلك وأن يلتزموا به.
وكذلك إذا كانت طائفة منهم محاربة وكان تعاملنا معهم يزيد اقتصادهم نمواً ويقوي شوكتهم على المسلمين، فإنه يجب علينا مقاطعتهم لئلا نكون عوناً لهم على أنفسنا.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 3545، 32649، 54198، 69523.
أما حدود التعامل مع من يجوز التعامل معه من اليهود فقد سبقت لنا فتاوى عديدة حول ضوابط التعامل مع الكفار حربيين كانوا أو غير حربين، فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1367، 3681، 1724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(9/1662)
حول الإنجيل
[السُّؤَالُ]
ـ[القرآن الكريم أنزل بدون نقط ثم كتبت النقط، كيف نزل الإنجيل بنقط أم بدون نقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يقال في القرآن أنه أنزل بنقط أو بدون نقط لأن القرآن كان جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم فيقرؤه عليه، ولم يكن ينزل به مكتوبا، وإنما كتبه الصحابة رضي الله عنهم غير منقوط، ثم نقطه التابعون بعد ذلك.
والظاهر أن جبريل كان ينزل بالوحي على عيسى صلى الله عليه وسلم كما كان ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا
{النساء:163} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(9/1663)
الإحسان إلى الكفار.. رؤية شرعية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لو حدث مثلاً أن انتشر وباء -لا قدر الله- في إحدى دول الغرب المتقدمة الآن وكان هذا الوباء غامضا لا يعلم له علاجا وحلا شافيا إلا طبيب مسلم، فماذا يجب على هذا الطبيب أن يفعل وهل يأثم إن علم حلا وأخفاه قاصداً عامداً متعمداً، مع العلم بأن الناس هناك ليسوا مسلمين وهناك منهم من يعادي الإسلام أيضا!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإحسان إلى الكفار غير الحربيين، ولا المساندين لأعداء الدين، لا بأس به ولا حرج فيه، قال الله تعالى:
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} .
قال ابن كثير: أي لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين، كالنساء والضعفة منهم (أن تبروهم) أي: تحسنوا إليهم (وتقسطوا إليهم) أي: تعدلوا.
وقال السعدي في تفسيره: أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة لا محذور فيها ولا مفسدة.
بل المسلم مأمور بالإحسان العام، كما قال الله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83} ، وقال عز وجل: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134} ، وقال صلى الله عليه وسلم: في كل ذات كبد رطبة أجر. رواه البخاري ومسلم. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء. رواه مسلم ...
ولا يخفى ما للإحسان لغير المسلمين -إذا انضبط بالشرع الحنيف- من آثار حسنة في دعوتهم لدين الله تعالى، كما روى أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد، فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما سئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ فقال: لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن حجر في فتح الباري: في قصة ثمامة من الفوائد: ... تعظيم أمر العفو عن المسيء لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حباً في ساعة واحدة لما أسداه النبي صلى الله عليه وسلم إليه من العفو والمن بغير مقابل ... وفيه: أن الإحسان يزيل البغض ويثبت الحب.. وفيه: الملاطفة بمن يرجى إسلامه من الأسارى إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام، ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه. انتهى ...
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 44668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(9/1664)
حكم استئجار من يلبس الصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[زرت صباح اليوم مكتب الخطوط العربية السعودية الرئيس في العاصمة السودانية الخرطوم وقامت بعمل إجراء الحجز إحدى الموظفات مشكورة ولكن ... هذه الموظفة كانت ترتدي قلادة عليها الصليب بنحرها الباين للعيان، هل يعقل هذا يا أهل الإسلام؟
أفيدونا بالنصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن استخدام المسلمين في البلدان الإسلامية أولى من استخدام غيرهم، وهو الذي يعود بالنفع على المجتمع كله، ولا يخفى أن توظيف غيرهم في بلد يعاني كثير من أهله الفقر والحاجة والبطالة فيه من المفاسد العاجلة والآجلة ما لا يعلم أثره إلا الله.
فإذا أضيف إلى ما سبق كون الموظف غير المسلم: امرأة متبرجة معلنة لشعار الشرك الذي هو الصليب، فهذه ظلمات بعضها فوق بعض، والعياذ بالله.
وعلى أرباب هذا العمل أو المسؤولين عنه أن يتقوا الله في أبناء المسلمين ومصالحهم، وأن يؤدوا الأمانة إلى أهلها.
هذا.. ولا ننكر أن استئجار الذمي أصله الجواز إجماعا، كما جاء في الموسوعة الفقهية: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الأَْجِيرُ ذِمِّيًّا وَالْمُسْتَأْجِرُ مُسْلِمًا بِلاَ خِلاَفٍ.
ولكن العمل الذي تقوم به هذه المرأة إذا كان يستطيع غيرها من المسلمين القيام به فلا ينبغي استخدامها، بل لا يجوز إذا خشي منها فتنة على المسلمين.
وللعلم فإن للشيخ ابن باز رحمه الله رسالة في وجوب الحذر من استقدام غير المسلمين.
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3681، 49880، 75145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(9/1665)
حكم قول ما شاء الله لغير المسلم إذا رأى منه ما يعجبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول ما شاء الله لغير المسلم خوفاً من العين أو لجماله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجد كلاماً للفقهاء في ما سأل عنه السائل، ولكن نقول: إن مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ... أن الكافر لا يدعى له بالبركة لأنه ليس أخاً للمؤمن، ولكن هذا المفهوم قد يكون غير مراد لأن إصابة شخص ما بالعين يعتبر أذية له، ومن المعلوم أن الكافر غير الحربي -كالمعاهد والذمي- لا تجوز أذيته لا في نفسه ولا في ماله وأهله، كما أن السنة أيضاً دلت على جواز رقية الكافر، فإذا جازت رقيته لرفع البلاء عنه بعد وقوعه جاز من باب أولى قول ما يدفع عنه البلاء ابتداء، فيجوز -فيما نرى- أن يقول المسلم: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. إذا رأى من الكافر غير الحربي ما يعجبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1429(9/1666)
البر والإحسان للكافر غير المحارب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صادفت أثناء جلوسي في الحافلة عجوزا كافرا أو كافرة (غير مسلمين) لا مكان له للجلوس، فهل يجوز لي السماح له بالجلوس مكاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز البر والإحسان للكافر ما لم يكن محارباً، ومن ذلك القيام لأجل قعوده إذا كان محتاجاً لذلك لكونه كبير السن لا يقدر على القيام أو مريضاً ونحوه، بل قد يكون ذلك مستحباً، وله به أجر إذا استحضر فاعله نية دعوته للإسلام ببيان سماحته وحسن أخلاق معتقديه، لقول الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} ، وفي المسند عن مالك بن جعشم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في كل ذات كبد حرّاء أجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(9/1667)
حل طعام أهل الكتاب وأكل النبي صلى الله عليه وسلم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الشيخ ... أتقدم إليك بالمسألة التالية راجيا من الله العلي توفيقكم في إفادتي فيها، لكون سورة المائدة كانت آخر ما نزل من القرآن الكريم فهل تعتبر الآية الثالثة منها (حرمت عليكم الميتة والدم....) ناسخة لسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام في التعامل مع طعام الذي أوتوا الكتاب (شاة اليهودية المسمومة وخبز شعير اليهودي وجراب السمن....) ، حضرة الشيخ في انتظار الرد الذي أتمنى أن يكون سريعا؟ تقبلوا مني فائق التقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنسخ لا يصار إليه إلا عند وجود التعارض بين الأدلة الشرعية مع عدم إمكان الجمع بينها، ولا يوجد تعارض بين الآية الكريمة التي ذكرها السائل وبين حديث أكل النبي صلى الله عليه وسلم من شاة المرأة اليهودية، فالآية ليس فيها تحريم طعام الذين أوتوا الكتاب بل في سورة المائدة نفسها بعد الآية المشار إليها بآيتين التصريح بإباحة طعام اليهود والنصارى وذلك في قوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ {المائدة:5}
وانظر الفتوى رقم: 2952، والفتوى رقم: 3890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(9/1668)
حكم تدريس اللغة العربية والتفسير لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين لدينا معهد يدرس اللغة العربية لغير المسلمين من جميع الديانات من اليهود والمسحيين والمنصرين والذين يستغلون اللغة العربية ربما لهدم الإسلام ونحن نعرض عليهم الإسلام بالكتاب الإسلامي أو بالدعوة أو بدعوتهم لدراسة القرآن الكريم أو دراستهم التفسير مجانا أو بالحفل الإسلامي وإسماعهم كلام الله وبإبلاغهم الحجة في معهدنا، ونقول هنا خير من أن يذهبوا معهدا آخر لا يمت للإسلام بصله، فهل هذا المعهد جائز من حيث عمله هذا أم لا، وهل إذا طلب أن يدرس القرآن أو الإنجيل جائز أم حرام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز تدريس العربية للكفار وتدريس معاني القرآن، ولا يمكن من المصحف، ولا يدرس له الإنجيل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تدريس اللغة العربية لغير المسلمين لا حرج فيه، فربما تكون وسيلة لمعرفتهم لغة القرآن وفهم الخطاب الإلهي الموجه إليهم في الكتاب والسنة، وبناء عليه فلا حرج في تعليم من جاءكم راغباً في تعلم اللغة، ولكن إذا تأكدتم من أحد الطلاب أنه عازم على استخدام اللغة في التنصير فعليكم أن تعتذروا له عند الدراسة عندكم.
وأما إذا طلب طالب عادي دراسة تفسير القرآن فلا مانع من تدريسه له غير أنه لا يمكن من مس المصحف، بل يعطى نسخه من ترجمة معاني القرآن مع التأكيد عليه في احترامها وعدم وضعها في مكان غير لائق، وأما تدريسه الإنجيل فلا يجوز لما في الانجيل المحرف -وهو الموجود الآن- من اختلاط الحق بالباطل، وهذا يجعل دراسته والمطالعة فيه غير جائزة إلا لمن عنده قدر كاف من علم الشرع يمنعه من أن يلتبس الحق عليه بالباطل. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29022، 34457، 98247، 78810، 93669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(9/1669)
حكم طبع برقيات تهنئة للنصارى بعيدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أنا أطبع برقيات تهنئة للنصاري الموجودين بالمكتب بأي مناسبة من مناسباتهم مع العلم بأني مضطر لذلك لأنه لا يوجد شخص غيري ولا يوجد جهاز حاسب آلي غير جهازي بالمكتب ويحرص رئيسي في العمل على القيام بهذه التهنئة من خلالي عن طريق طبعها على جهاز الكمبيوتر ... فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتهنئة النصارى بأعيادهم محرمة شرعاً لما فيها من إقرارهم على الباطل، فحاول إقناع مديرك بالحكم الشرعي وأن يعفيك من هذه المهمة، فإن أجبرك على ذلك فابحث عن عمل آخر سالم من الحرام، واعلم أن من اتقى الله وترك الحرام يبدله الله خيراً مما ترك ويسهل أمره ويصلح، وإذا علمت من نفسك الاضطرار للعمل ضرورة تبيح الحرام فلا حرج في الصبر على العمل معهم حتى تجد عملاً آخر.
وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80223، 70070، 50140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(9/1670)
نصح الكافر بدعاء الله والتوجه إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المستشارين من المسلمين إذا جاءهم كافر بمشكلة في الحياة يقولون له اذهب إلى الكنيسة أو المعبد وادع الله أن يذهب عنك غمك وهمك وهم يستدلون بآية من كتاب الله وهي قل يأهل الكتب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيء ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.. ما صحة هذا الاستدلال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كون المستشار يوجه من استشاره إلى الله تعالى أمر طيب مشروع لأن الله يستجيب دعاء المضطر ولو كان كافراً، ولكن لا يسوغ أن يوجهه إلى الكنيسة أو المعبد لئلا يتوهم أن الاستجابة كانت بسبب دعائه في الكنيسة أو المعبد، فيؤدي ذلك لتقوية ارتباطه بمعاقل الشرك والوثنية.
وأما الآية المذكورة فليس فيها دليل على الأمر، وراجع الفتوى رقم: 54062.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(9/1671)
الذهاب للكنيسة والمشاركة في الطقوس الباطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في المجر ولدينا صديقة مجرية رزقت مؤخراً بطفلة وتريد منا أن نكون الوالدان الروحيان للطفلة وأن نذهب معها إلى الكنيسة ليبارك لها القس، مع العلم بأني أرتدي الحجاب، فهل هذا يضر في ديني أو أن دخولي إلى الكنيسة غير جائز. أفيدوني؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الدخول للكنيسة هو الجواز على الراجح، ولكن الذهاب بالبنت للقس ليبارك لها لا يجوز لما فيه من الإقرار والإعانة على المعتقدات والطقوس الباطلة والتبرك بمن لا بركة فيه، فالإعانة على ذلك من العون على الباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(9/1672)
السعي في هداية الكافرين وإقناعهم بالدخول في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[تذكرت ذنبا كان قبل قرابة شهرين كنت أتحدث مع مسيحي، وأحاول أن أقنعه أن الإسلام صحيح، وبعدها من الخجل قلت له لا أقصد أن أجعلك تسلم، عندها قال لي أريد أن أسلم وأنا متأكد أنه يمزح بدون شك وأنه غير مقتنع، فخجلا منه قلت له لا تسلم، فهل أحمل ذنب إضلاله يوم القيامة، وهل لي من توبة، فأرجو الإفادة؟ جزاك الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
باب التوبة مفتوح وعليك أن تسعى في الاتصال بالرجل مرة أخرى لإقناعه بالدخول في الدين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يسعى في هداية الكفار ودعوتهم لتوحيد الله تعالى والدخول في دينه، ولا يسوغ شرعاً أن يسعى في إقناعهم بصحة دين الإسلام دون إدخالهم فيه، فأهم شيء هو أن يسلم الكافر ويتمسك بالدين ويموت عليه قبل أن يبغته الموت ويكون مصيره النار.
وبناء عليه فقد أخطأت في عدم إحسانك الظن بهذا الرجل والجدية في إقناعه بالإسلام وإحسان الظن بالله في هدايته إياه وحمل كلامه على الجد، فعليك أن تتوب إلى الله وتتصل به مرة أخرى وتسعى في إقناعه بالدخول في الإسلام وتذهب به إلى من يمكنه إقناعه من أهل العلم، وراجع في خطورة الرضى ببقاء الكفار على كفرهم الفتوى رقم: 64026، والفتوى رقم: 34046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(9/1673)
الأكل من طعام اليهود وهل يفعل النبي صلى الله عليه وسلم المكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تفسرون أكل النبي من طعام اليهود ومالهم حرام وإذا لم يكن حراما بسبب اختلاطه فهو مكروه على حد علمي ومالهم لا يخلو من هذا أو ذاك، فهل من المعقول أن يفعل النبي فعلا مكروها شرعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود، فقد صح في الحديث الشريف: أن يهودياً دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. رواه أحمد، وقال الأرناؤوط: صحيح على شرط مسلم.
وفي صحيح مسلم: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها.
وإذا تقرر صحة هذه الأحاديث -وهي صحيحة- فإن ذلك يكفي لاعتبار طعام اليهود مباحاً، وليس حراماً، أضف إلى ذلك ما ورد في قول الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ {المائدة:5} .
وأما السؤال عما إذا كان من المعقول أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً مكروهاً فجوابه أنه صلى الله عليه وسلم قد يفعل ذلك للتشريع، أي لتبيين أن ذلك الفعل ليس حراماً، وحينئذ يكون في حقه هو قربة، وفي حقنا نحن مكروهاً، قال في مراقي السعود:
وربما يفعل للمكروه * مبيناً أنه للتنزيه ...
فصار في جانبه من القُرب * كالنهي أن يشرب من فم القِرب.
وبهذا يوجه قول من قال بالكراهة، هذا ومما يجدر التنبيه له أن هنالك من لم يقل بالكراهة في حال المال المختلط وقول هؤلاء أقوم حجة وأقوى دليلاً وإن قل القائلون به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(9/1674)
كتمان أهل الكتاب للبشارات بالرسول صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[قال أحد المشايخ إن الفاتيكان يخفي كتبا كتبت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لو أظهرت الآن لدخل كثير من الكفار الإسلام، فما مدى صحة هذا الكلام، أنا شخصيا أرى أن هذا الكلام غير صحيح لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وَلَوْ عَلِمَ اللّ?هُ ف?يهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أََسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يمكن الجزم بإثبات هذا الأمر أو نفيه حالياً إلا بعد الاطلاع على ما عند الفاتيكان، لكن القرآن ذكر كتمان أهل الكتاب للحق، وذكر كثير من أهل العلم وجود البشارة بالرسول صلى الله عليه وسلم في عدة من الأناجيل، ومن المعلوم أن قادة النصارى لا يدرسونها لأتباعهم، وأما الآية فإنما في حرمان المعرض عن الهدى، وأما الباحث عن الحق أو الساذج فلا تعنيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يصعب الجزم بتصديق شيء ما أو تكذيبه، ما دام المنفي أو المثبت غير محدد ومادمنا لم نطلع على ذخائر الفاتيكان وجميع كتبهم، ولكن القرآن أثبت كتمان أهل الكتاب للحق، ثم أن كثير من أهل العلم ذكروا أن البشارة بالرسول صلى الله عليه وسلم موجودة في الأناجيل مع تحريفها، والمظنون أن العقلاء لو اطلعوا على ذلك لآمنوا أن كانوا مؤمنين بما في الإنجيل فعلاً، وراجع في بعض نصوص تلك الأناجيل وفي بعض كلام أهل العلم في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62105، 77017، 58961، 74263.
وأما الآية الكريمة فإنها لا تعارض إيمان بعض العقلاء لو اطلعوا على بشارات الإنجيل بالرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا باحثين عن الحق، لأن الآية إنما وردت فيمن علم الله فيهم عدم قابلية الهدى بسبب إعراضهم فلو علم فيهم الخير وهو قابلية الهدى لأسمعهم سماع تفهم، ولكنهم ليس فيهم قابلية الهدى بسبب إعراضهم فعاقبهم الله بحرمانهم وصرفهم عن الحق فهم كمن قال الله فيهم: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون {التوبة:127} ، وراجع شفاء العليل لابن القيم، والاستقامة لشيخ الإسلام، وتفسير ابن كثير والألوسي وابن عاشور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(9/1675)
لا يجوز إعانة أهل الباطل على باطلهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله خيرا على مجهودكم الرائع.
الاستشارة خاصة بمزرعة نمتلكها ونريد أن نبيعها وقد أتانا مشترون نصارى يريدون أن يأخذوا المزرعة بسعر مناسب جدا لنا بل أكثر مما نريد.
إلى هنا ولا مشكلة في الموضوع لكن المشكلة أن المنطقة التي تقع فيها المزرعة بها عدد كبير من النصارى وملاحظ أنهم يحاولون أن يزيدوا من عددهم ويتجمعوا في تلك المنطقة حتى أنهم يشترون المزارع بأسعار أغلى من أسعارها مما سبب في زيادة أسعار المنطقة بشكل ملحوظ ومع العلم أيضا أن هذه المنطقة تحتوي على كتدرائية، ومع العلم أيضا أننا على استعداد للبيع لمسلمين ولو بثمن أقل من النصارى ولكن هذا لم يتحقق لأن معظم المشترين (في ما عدا النصارى) يريدون أن يدفعوا بالتقسيط وهذا مبدأ مرفوض عندنا.
أنا لا أسال عن الحكم الشرعي فمن المعلوم ان التعامل المادي مع النصارى جائز ولا غبار عليه والأدلة على ذلك كثيرة لا داعي لسردها، ولكن أنا أريد أن أعرف إذا بعت المزرعة للنصارى (بما في ذلك من مزايا مادية لنا كبيرة جدا تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات) فهل أكون مقصرا في حق ديني وخصوصا مع ظني بأن لهم نوايا سيئة في الانتشار في المنطقة الله وحده أعلم بها؟؟؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تبيع المزرعة لهم إذا كنت تعلم أو يغلب على ظنك أن لهم نوايا خبيثة ضد المسلمين وسوف يستعينون بهذه الأرض على تحقيقها، فقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ {المائدة:2} وعليك أن تكون جنديا من جنود الله ضد جند الشيطان وحزبه، وأن تقدم مصلحة دينك على مصلحة نفسك، واعلم أن من نصر الله نصره الله، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه وأخلف عليه أحسن منه. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ {محمد:7} وفي الحديث الشريف: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط.
فثق بهذا المعنى الرباني وتعامل مع الموضوع من هذا المنطلق، وأبشر بالخير والبركة في النفس والمال والولد، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(9/1676)
كتابة اسم الله في رسالة إلى غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي أحد الأطباء الانجليز عمل موقع له بالانجليزية فوافقت بعد أن وصلت لما يرضيه من مواصفات, وكتبت من ضمن سياق الرسالة المكتوبة إليه جملة" بحمد الله وبفضل ومساعدة من الله" يا دكتور إن هذه المواصفات التي وصلت إليها وترضيك إنما كانت بفضل من الله.
الكثير من الأشخاص يقولون لا تكتب ولا تذكر الله لكني راض عن ذلك لأن الله تباركت أسماؤه وتعالت صفاته ساعدني وأكرمني وأطعمني وأمنني كل شيء جميل وطيب وفيه فائدة من الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا من كتابة اسم الله تعالى في رسالة مرسلة إلى كافر لاسيما إذا كان من أهل الكتاب، وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى كسرى وقيصر ضمنها اسم الله تعالى وبعض الآيات، وكتب سليمان قبله رسالة إلى ملكة سبأ وضمنها اسم الله تعالى، ولكن إذا علم أو غلب على الظن أنه سيمتهن اسم الله تعالى بأي نوع من أنواع الامتهان لم يجز كتابة ذلك الاسم في الرسالة، وانظر الفتوى رقم: 34457، ففيها زيادة تفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(9/1677)
ضوابط في معاملة أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصافح كافرا أو ذميا، وإذا وجدت امرأة في الطريق كافرة وقد سقطت في الأرض فهل أساعدها، وإذا كنت في حافلة وصعد رجل أو امرأة كافر أو كافرة أو لا أعرف ما دينهما وحالهما هل أجلسهما بدلاً مني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة الكافر أو الذمي مكروهة،، ولا يجوز لك لمس الكافرة بقصد مساعدتها إلا في حال الضرورة كخشية الهلاك عليها ولم تجد من ينقذها، وإذا تحققت من كون الشخص كافراً أو كافرة فلا تقم من مكانك تعظيماً له وإن كان مسلماً فلا بأس بإكرامه بالقيام من المكان خصوصاً إذا كان شيخاً كبيراً، وللمزيد من التفصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 73180، 36289، 64332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(9/1678)
لا بأس بقبول المنح التعليمية في المجالات المباحة من المؤسسات العالمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في دراسة الدكتوراه وتوفرت لي منحة من أكثر من جهة من المؤسسات العالمية وذلك بأن قامت تلك المؤسسات بدفع جزء من مبلغ الدراسة وذلك تشجيعا منها للدول النامية، فهل أقبل تلك المنحة علما بأنها غير مشروطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مجالٍ دراستك مباحاً مثل الطب أو الهندسة ونحو ذلك ولم يكن محرماً مثل الموسيقى وما شابهها فلا حرج في مواصلة الدراسة حتى تصل للدكتوراه، ولا حرج في قبول الإعانة عليها من المؤسسات العالمية، وهذا محله ما لم يعرض مانع آخر كأن تشترط الجهات المساعدة أن يخدمها الطالب في أمر محرم أو تشترطه عليه سفرا لبلد يحرم عليه السفر إليه لعدم تمكنه من الحفاظ على دينه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1428(9/1679)
قصة مرور السيدة مريم ويوسف النجار بمصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب منكم الدعاء بالهداية وحسن الختام ... سؤالي إليكم أن النصارى في مصر يقيمون موالد واحتفالات كل عام احتفالاً بذكرى مرور السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ويوسف النجار فهل هذه الرحلة التي يسمونها الرحلة المقدسة حصلت فعلا وأنهم هبطوا إلى مصر، فأرجو سرد الأحداث الصحيحة حتى أكون على بينة من أمري، فأفيدونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن مريم ويوسف النجار رحلا من الشام إلى مصر، ولا نعلم أحاديث صحيحة في هذا المجال، وإنما ورد في روايات تاريخية الله أعلم بصحتها، ويكفيك أن تراجع قصة عيسى عليه السلام في كتب التفسير وكتب السنة والتاريخ، وراجع كلام المفسرين عند قوله تعالى: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ {المؤمنون:50} .
وننبهك -وفقك الله- إلى أنه ينبغي لك أن تصرف وقتك فيما ينفعك من العلم، وأن تحذر من الفضول الذي لا يترتب عليه عمل لما فيه من إضاعة الوقت في غير فائدة، كما ننبهك أيضاً إلى أنه لا تجوز مشاركة النصارى في هذه الموالد أو الاحتفالات، سواء ثبتت القصة التي ذكرت أم لم تثبت لما في ذلك من إقرار المنكر وترك إنكاره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4586، والفتوى رقم: 4589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1428(9/1680)
حكم اتخاذ المسلم الكافر صديقا له
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن صحبة الشاب المسلم للنصراني، وماذا عن صداقته والخروج معه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يتخذ غير المسلم صديقاً يواده ويواليه، إذ لا يجوز شرعاً موادة المسلم للكافر نصرانياً أو غيره، لأن هذا من الخطورة بمكان، والنهي عن مودته وموالاته لا يعني شرعاً عدم الإحسان إليه ونحو ذلك، بل ذلك مأمور به إن لم يكونوا محاربين، ولا سيما إن رجي ترغيبه بذلك في الإسلام، وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23135، 19652، 23035.
ولا بأس بالخروج معه إن كان ذلك لغرض صحيح كدعوته إلى الإسلام أو لعمل يربطه به ونحو ذلك، وأما تكرار الخروج معه وكثرة ملازمته لغير غرض صحيح ولغير حاجة، فلا ينبغي مخافة أن يفضي ذلك إلى موادته وموالاته، أو ضعف إحساسه بقبح ما هو عليه من كفر وضلالٍ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(9/1681)
حكم مشاركة الكافر وبيع الأرض لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ هل يجوز الاشتراك بين المسلم وغير المسلم وسواء أكان من أهل الكتاب أو من غيرهم في بلد مسلم وفي أعمال تجارية حلال؟ وهل يجوز بيع قطعة أرض إلى غير المسلمين في بلد مسلم مع العلم أنهم يحملون الجنسية التونسية وولدوا بها، مثل اليهود أو القادمين إليها حديثا مثل البلجيكيين والفرنسيين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن الشق الأول من السؤال والمتعلق بمشاركة الكافر، راجع الفتوى رقم: 17220، وأما الشق الثاني والمتعلق ببيع قطعة أرض لغير المسلم فقد بينا أن الأصل هو أن ما جاز بيعه للمسلم جاز بيعه للكافر إلا ما استثناه أهل العلم من ذلك كالمصحف، وعليه نقول إذا كان الكافر ممن يملك جاز أن تباع له الأرض إلا إذا وجد مانع عارض، وننبه هنا إلى أنه لا يجوز بيع هذه الأرض لمن سيبني عليها مثلا ما يكون مقرا تنشر منه الأباطيل أو تمارس فيه بعض المنكرات، ولو كان المشتري مسلما فضلا عن أن يكون كافرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(9/1682)
الزواج من كتابية أوربية ودعوتها للإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[.أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع.
أنا شاب عربي مسلم أعتز بديني، تعرفت على شابة أوربية مسيحية، قضينا أوقاتا سعيدة علمتها أشياء كثيرة عن الإسلام إلى درجة أنها بدأت تشتري كتبا لدراسته، وآخر ما اشترت ترجمة القرآن باللغة الروسية لأنها تتقن هاته اللغة، وهي معجبة بي لأنني محافظ على ديني، لم تعد تقتنني الملابس غير الأخلاقية..ابتعدت عن الاختلاط، هي لا تحب الثقافة الأوربية، تؤمن بالله وأن محمدا هو آخر الأنبياء..لها اعتقادات مختلفة حول نهاية العالم..يوم القيامة....أحيانا يحدث سوء تفاهم حول موضوع ديني ما..لكن أعذرها لأنها ولدت في مدينة لا تعرف من الإسلام إلا الاسم..هل تدلوني على نصائح لتقريبها أكثر من الإسلام..هل الزواج منها جائز?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولا هذه العلاقة لا يقرها الإسلام، لأنها علاقة مع امرأة ليست محرما لك ولا بينك وبينها عقد زواج شرعي، وعليه يجب عليك قطع هذه العلاقة بهذه المرأة، أو الزواج بها، فقد أباح الله عز وجل الزواج بنساء أهل الكتاب، وانظر الفتوى رقم: 28962.
وأما النصائح بشأن دعوتها إلى الإسلام فنحيلك على الفتوى رقم: 12803، والفتوى رقم: 30484.
ويمكنك الدخول إلى ركن الدعوة في موقعنا وستجد فيه ضالتك إن شاء الله.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(9/1683)
شبهة وجوابها حول زواج المسلم من الكتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ظهر مؤخرا في الساحة الإعلامية بما فيها المنتديات الأجنبية جدل حول تحريم زواج المسلمة من الكتابي وأن هذا التحريم ما هو إلا اجتهاد للعلماء ولا يوجد دليل على ذلك والآيات القرآنية التي تتحدث عن هذا الأمر إنما خصت المسلمين الأولين لكونهم كانوا في حالة حرب مع الكفار وأن هذه العلة تنتفي لانتفاء السبب وهو الحرب، ولما بحثت وجدت أن هذا الأمر محض افتراء وأنه يحرم زواج المسلمة من الكتابي لأنه كافر بنص الآيات الصريحة: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة. وما إلى ذلك من الآيات المحكمة التي لا جدل فيها ولا نقاش. لكن تبقى مسألة أود استيضاحها منكم بارك الله فيكم , نعلم أن الله تعالى أباح للرجال المسلمين الزواج من الكتابية لكن بشروط منها أن تكون محصنة وعفيفة وغير متخذة لأخدان, لكنها رغم كونها كتابية فهي كافرة لأنها تنكر علينا ديننا وتعتقد أننا على باطل وأن دينها هو الحق, كما أنها لا تؤمن بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. في حين نجد أن الله تعالى حرم على المسلمات أن يتزوجن من الكتابيين على أساس أنهم كفار وأن المرأة بطبعها تتبع زوجها وربما يؤثرعليها وتنسلخ عن دينها والعياذ بالله. وفي نهاية المطاف فالكتابية والكتابي كلاهما كافران لأنه من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. إذن فالمسلم لا يجوز له أن يتزوج الكتابية حتى ولو كانت عفيفة لأنها كافرة ويترك بنات دينه عانسات. من فضلكم أحتاج الإجابة على هذا السؤال لمناقشة من يروج لهذا الكلام وادعوا لي بالتوفيق لتفنيد شبههم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى فرق في كتابه بين زواج المسلم بالكتابية فرخص فيه وأباحه مع الحكم عليها بالكفر، ومنع زواج المسلمة بالكتابي وغيره من الكفار، وحسم هذا الموضوع بالنص، فقال في زواج المحصنات الحرائر من أهل الكتاب: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: 5} وقال في منع زواج المسلمة من الكتابي وغيره من الكفار: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10} وقال تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا {البقرة: 221} وسبب إباحة الكتابيات للمسلمين ليس بسبب أنهن غير مشركات، وإنما هي رخصة من الله تعالى للمسلمين، والفرق بين زواج المسلم من الكتابية وزواج المسلمة من الكتابي ظاهر وقد أشارت الأخت السائلة إليه في السؤال، ولا شك أن زواج المسلمة أولى لحضه صلى الله عليه وسلم على اختيار ذات الدين كما في حديث الصحيحين: فاظفر بذات الدين تربت يداك. بل قد ذهب كثير من أهل العلم إلى كراهة زواج المسلم بالكتابية، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 9894، 4114، 31703، 20203.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(9/1684)
دعوة غير المسلم على طعام الإفطار في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دعوة مسيحي للفطور في رمضان الكريم؟
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعوة الكافر للطعام إن كان صاحبها يريد بها هدايته ودعوته للاسلام وتأليف قلبه فهي مشروعة لما فيها من السعي في هداية الناس للإيمان، ولعله إن شاء الله يكون من الإنفاق في سبيل الله، وتشرع كذلك إن كان الكافر ضيفا أو محتاجا لأن البر والإحسان إلى الكافر غير المحارب مباح مع ترك مودته وموالاته، فقد قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة: 7} وأما إن كان لا يأمل هدايته ولا ينويها أصلا، ولم يكن الكافر محتاجا فعليه أن يترك دعوته ويؤثر بهذا الطعام غيره من الأرحام ومن المسلمين المحتاجين ويدل لهذا ما في الحديث: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أبو داود، وفي حديث الترمذي: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على الرحم ثنتان؛ صدقة وصلة. ويدل له أيضا أن الفقهاء عللوا ترك السلام عليه ابتداء لما فيه من إعزازه وتكريمه ومؤانسته، ولا شك أن في دعوته للطعام نوعا من التكريم والمؤانسة. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 45297، 32258، 23135، 59983، 56071، 45735، 23823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(9/1685)
حكم صنع توابيت لموتى الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[تاجر مسلم يعمل بالأخشاب ويقوم ببعض عمليات التصنيع لها، طلب منه تاجر نصراني تصنيع توابيت موتى بمواصفات وكميات معينة لتصديرها إلى إحدى الدول الأوروبية، فما حكم التعامل في هذه التجارة، علماً بأنها ذات طابع استمراري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن في مواصفات صفقة التوابيت هذه ما يحرمه الشرع كصور صلبان ونحوها، فلا مانع من إبرام هذه الصفقة وتصنيع هذه التوابيت وبيعها للنصارى، لعموم قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275} ، ومازال المسلمون يتعاملون مع اليهود والنصارى وسائر الملل في المعاملات المباحة شرعاً من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا دون نكير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(9/1686)
مساكنة الكفار ومودتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى الإجابة على سؤالي حيث سبق أن أرسلت إلى مواقع أخرى وإيميلات إلى مشائخ، ولكن لم يأت الرد، أنا طالب سعودي أبلغ من العمر 19 عاماً أدرس في أمريكا، وأسكن مع عائلة أمريكية متدينة جداً (نصرانية مورمان) ، ولي وأنا أسكن عندهم أكثر من 7 أشهر، وبصراحة بيننا مودة وألفة يعني نضحك مع بعض ونطلع مع بعض وأسافر مع أبنائهم ولله الحمد هم لا يشربون الخمر بتاتاً، هل المودة التي بيني وبينهم جائزة، علماً بأني أحافظ على صلواتي وشعائري الدينية بارتياح في أوقاتها ولا أخالطهم في جلساتهم الدينية، وجلوسي معهم سوف يفيدني جداً جداً في تعلم اللغة الإنجليزية، وهم يتعلمون مني القليل عن الدين الإسلامي الحنيف؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم مودة أعداء الله تعالى على كل حال، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ....ِ {الممتحنة:1} ، ثم إنه لا يخفى أن في مساكنة الكفار خطراً عظيماً على المسلم في دينه، فقلما يسلم من الفتنة من ساكنهم، فالذي نوصيك به طلب السلامة لدينك وعرضك، وما ذكرت من مصلحة تعلم اللغة الإنجليزية أو دعوة هؤلاء الناس إلى الإسلام يمكن تحقيقها من غير مساكنتهم، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15087، 10327، 64015.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(9/1687)
تعامل شركة البرمجة مع شركة يهودية
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوان الكرام، في البداية نحن ثلاثة أشخاص أسسنا شركة للبرمجة حيث إننا نقوم بعمل برامج ومواقع على الإنترنت، وبدأنا العمل فيها، وبالأمس القريب تعرفنا على شركة موقعها في إسرائيل، يعمل بها موظفون عرب ويهود، هذه الشركة دورها أن تقوم بتعريفنا على شركات أخرى تحتاج إلى أحد برامجنا أو لعمل موقع لها على الإنترنت، هذه الشركات من الممكن أن تكون يهودية وعربية وإنجليزية، أي شركات على مستوى العالم، مقابل أن تأخذ نسبة من الربح، سؤالي هو: هل يجوز التعامل مع هذه الشركة، وإذا كان لا يجوز أرجو أن تفيدوني بحجج شرعية على ذلك، وإذا كان يجوز أفيدوني أيضا بالدليل على ذلك؟ ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو جواز أن تتعاملوا مع تلك الشركة التي تعرفتم عليها والتي قلت إن موقعها في فلسطين المحتلة، وإنها يعمل بها موظفون عرب ويهود، وإن دورها هو أن تقوم بتعريفكم على شركات أخرى تحتاج إلى برامجكم أو تريد أن تعملوا لها مواقع على الإنترنت.... فالإسلام قد أباح للمسلمين أن يتعاملوا مع الكفار بيعاً وشراء، بشرط أن لا يكون في أمر محرم، كالتعامل بالربا، وشراء أو بيع الخمر أو الميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو نحو ذلك.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل معهم، وقد توفي صلوات الله وسلامه عليه ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير، كما في البخاري وغيره، وكان الصحابة في عصره وبعده يتعاملون معهم، وثبت أن علياً رضي الله عنه عمل عند يهودي في نزح الماء من بئر، كل دلو بتمرة، وعليه فالمشترط في تعاملكم مع الشركات المذكورة هو أن لا تكون البرامج التي تزودونها بها أو المواقع التي تفتحونها لها يراد استخدامها لأمر محرم، أي بأن لا تجزموا بأنها تراد لاستخدام محرم وأن لا يغلب ذلك على ظنكم، لكن الأصل المذكور قد يعرض له ما يوجب العدول عنه كأن يرى المسلمون أن في عدم مقاطعة بضاعة وخدمات هؤلاء ما يقويهم على المسلمين فحينئذ تجب المقاطعة لهذا السبب، ويمكنك أن تراجع في جعل الجعل نسبة من الربح فتوانا رقم: 68113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(9/1688)
هل ينفع الكافر حسن خلقه وعمله الخيري في الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أسألكم عن أني ألاحظ أن النصارى وقساوسة النصارى يقومون بالأعمال الخيرة كثيرا أثارت دهشتي فعلى سبيل المثال يسكن بجانب بيتنا قس نصراني والغريب أنه أول ما يفعل عندما ينزل إلى الشارع يحيي كل عمال المحلات وإن أشار له أحد بسلام لم يشر بيده فقط بل إنه يستدير بكامل جسده للتحية ويقوم بالتعييد على المسلمين فردا فردا في الأعياد.
وأيضا البائعون النصارى تجدهم حسني المعاملة أرخص من أي محل آخر وبضاعتهم جيدة جدا جدا جدا
فماداموا على هذا النحو من حسن الأخلاق لماذا لا يؤمنون بالحق..... وهل هؤلاء القساوسة يعلمون أن الإسلام هو الحق أم أنهم ضالون وهل يصل الضلال إلى هذه الدرجة من العمى
هل هذه الأخلاق نوع من أنواع الخبث أو اللؤم؟
أرجو الرد بأقصى سرعة وأرجو إرسال الرد على ايميلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم أهل الكتاب ومصير من أدرك منهم نبينا صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به وذلك في الفتويين: 2924، 5750، ومن لم يؤمن منهم بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن أعماله الصالحة وخلقه الحسن إن كان ذا خلق لا ينفعه ذلك في الآخرة كما قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا {الفرقان:23}
وقد يتصف أحدهم بالخلق الحسن, بل قد يخدم الإسلام وأهله ولا يسلم, وما عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب عنا ببعيد, فقد خدم الإسلام ودافع عن النبي صلى الله عليه وسلم, وضحى في ذلك السبيل ومات على الكفر, وهو يعلم صدق النبي صلى الله عليه وسلم, وأنه مرسل من عند ربه, وقد سطر ذلك في أبيات شعرية جميلة يقول فيها:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وأبشر بذاك وقر منه عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصح ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا لا محالة أنه من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا
فمنعه الكبر وقالة أصحاب السوء فالأمر كما قال تعالى: مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا {الكهف:17}
وهذا النصراني الذي ذكرت قد يكون خلقه جبلة, وقد يقصد من ورائه الاستحواذ على عاطفة العامة كما يفعل المنصرون سيما في هذا الزمن الذي ترك فيه المسلون أخلاق الإسلام, وطفقوا يقلدون غيرهم من كل ناعق شرقيا كان أو غربيا ليصدهم عن دينهم. ومما ينبغي تجاه ذلك النصراني وغيره من أصحاب الأخلاق الرفيعة أن يعاملوا معاملة حسنة, ويبين لهم أن الإسلام قد دعا إلى مكارم الأخلاق حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم حصر بعثته في تتميم ذلك كما قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. رواه البيهقي وقد سئل عن البر فقال: البر حسن الخلق. رواه البخاري.
وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19702، 20645، 23239.
ولو كان المسلمون على ما ينبغي, وطبقوا تعاليم دينهم وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه, وتحلوا بأخلاقه وآدابه لما ظهر خلق أولئك وأشير إليهم بالبنان. فعلينا معاشر المسلمين أن نعود إلى ديننا فنحن أمة أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله, كما قال الملهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والذي ننصح به تجاه أولئك أن يعاملوا معاملة حسنة, ويدعون بالأخلاق والأدب قبل الطلب, وتبرز لهم محاسن هذا الدين العظيم فقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي يوم خيبر: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم, ثم ادعهم إلى الإسلام, وأخبرهم بما يجب عليهم, فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه.
وللفائدة انظر الفتويين: 16759، 19186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(9/1689)
حكم اقتناء الصليب والاطلاع على مطبوعات النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في ما يتعلق بعقائد النصارى مثل المطبوعات والصور والمجسمات
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يسأل عن حكم الاطلاع على هذه المسائل أو اقتناء الصور والمجسمات فإن كان كذلك فإنه لا يجوز للمسلم اقتناء الصليب ولا الصور المجسمة ولا تعليقها.
وأما الاطلاع على الكتب التي تحوي عقائدهم سواء كانت من الكتب القديمة المحرفة أو مما أحدثوه بعد ذلك فلا يجوز للعامي الاطلاع عليها لما يخشى عليه من الافتتان والتأثر بها.
وأما العالم الذي ينوي دعوتهم والرد عليهم في ضلالاتهم التي ينشرونها ويدعون إليها فيجوز له ذلك وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 20030، 46448، 25725، 57416، 8210، 10326، 20895، 25615، 33080، 62745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(9/1690)
تهنئة النصارى بالعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل محرم قول كل عام وأنت بخير لشخص مسيحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 42307 / 26883 / 41447 / 26397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(9/1691)
حدود المعاملة المباحة مع اليزيديين
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الشريعة تجاه الصداقة مع اليزيديين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتوى سابقة رقمها: 32065، معتقد اليزيدين, ومن عمل منهم بذلك واعتقده فلا صلة له بالإسلام, وإنما هو كافر فيعامل معاملة الكافر، وقد ذكرنا حكم إقامة علاقة صداقة مع الكافر وضوابطها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33950، 3681، 25510، 19652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(9/1692)
كيفية التعامل مع زملاء العمل غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زميل نصراني يرأسني في العمل، فما هي كيفية التعامل معه، وهل يجوز أن أبدأه بالسلام أو أقول له صباح الخير أو ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان ضوابط التعامل مع غير المسلمين في العمل وغيره وذلك في الفتوى رقم: 23135، والفتوى رقم: 47321، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1367، 3681، 1724، 20632، 3308.
ولمعرفة حكم ابتداء الكافر بالسلام بالتفصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 47183، 17051، 47321.
أما قول صباح الخير ونحوها لغير المسلم فليست من السلام الذي ورد النهي عن بدايتهم به، وراجع في هذا الفتوى رقم: 41447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1427(9/1693)
حكم السكن بجوار نصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن جواز شراء شقة في عمارة، والساكن أسفل الشقة المراد شراؤها نصراني، ولكن كل شقه مستقلة ولا يوجد تعامل مباشر معهم وباقي العمارة مسلمون
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في شراء هذه الشقة ولو كان يسكن أسفل منها أو بجوارها نصراني، وما زال أهل الكتاب من قديم يساكنون أهل الإسلام ويختلطون بهم، وهذا أدعى إلى تأليف قلوبهم وتحبيبهم في الإسلام لما يرون من حسن جوار المسلم وطيب معاملته، ولقد كان لعبد الله بن عمر جار يهودي فكان كلما ذبح شاة قال: أهديتم لجارنا اليهودي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه رواه الترمذي
فالجار له حق مسلما كان أو غيره، وإذا كان أهل العمارة كلهم من المسلمين باستثناء هذا الشخص النصراني فالمطلوب من سكان هذه العمارة دعوته إلى الإسلام وحسن معاملته عسى الله أن يهديه على أيديهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(9/1694)
مؤلفات تناولت كيفية معاملة المسلم للكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضراتكم الكريمة أن ترشدوني إلى الكتب التي تبين كيفية التعامل مع الكفار (النصارى واليهود ... ) وفق منهجه عليه الصلاة والسلام، حيث أعيش في وسطهم بالسويد، خاصة بعد مشكلة الرسوم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الكتب التي تناولت موضوع معاملة المسلم للكفار كتب الولاء والبراء، ككتاب الولاء والبراء في الإسلام لمحمد سعيد القحطاني، وكتاب الموالاة والمعادة للجلعود، وكتاب الولاء والبراء لصالح الفوزان وغيرها، ومن بين الفصول التي اشتمل عليها كتاب القحطاني الفصول التالية: الإقامة في دار الكفر، النهي عن التشبه بالكفار، النكاح والتوارث بين المسلم والكافر، تعامل المسلمين مع غير المسلمين، وهو ما يسأل عنه السائل، وقد توسع المؤلف في هذا الفصل في بيان ما يجوز وما لا يجوز للمسلم تجاه الكفار من المعاملات، فراجعه لأهميته.
ومن بين الكتب التي تناولت هذا الموضوع، كتب الساسة الشرعية ككتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب الطرق الحكمية وأحكام أهل الذمة، كلاهما لابن القيم الجوزية، وكتاب الأحكام السلطانية للماوردي وغيرها.
وأما بخصوص موقف المسلم الذي يعيش بين الكفار بعد نشر الرسوم المسيئة لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فلا بد أولاً أن يعلم أن الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم والانتصار له واجب على كل مسلم، وكيفية الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم تختلف باختلاف الأحوال، ويمكن أن نذكر بعض النقاط المهمة التي يمكن أن يقوم بها المسلمون في الغرب، فمنها:
1- إظهار عدم الرضا بما فعله هؤلاء المبطلون، ويراعى في ذلك أن يكون تعبير المسلمين عن سخطهم بأسلوب حكيم يحقق المصلحة ولا تترتب عليه مفاسد.
2- كشف زيف وبطلان التهم التي روجوها حول النبي صلى الله عليه وسلم ويكون ذلك بعقد الندوات والمحاضرات وترجمة ما كتبه علماء المسلمين في رد هذه الشبهات إلى لغة القوم، ومحاولة نشرها في جرائدهم ومجلاتهم ومواقعهم الإلكترونية.
3- تعريفهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم من مصادرها الصحيحة، وذلك بترجمتها إلى لغتهم أو نشر ما ترجم منها ككتاب الرحيق المختوم للمباركفوري.
4- التزام المسلم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته في نفسه وأسرته ومجتمعه.
5- مقاطعة منتجات من سبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 71469، والفتوى رقم: 71536.
وليعلم المسلمون أن طعن الكفار في النبي صلى الله عليه وسلم وما أثار ذلك من ردود، فرصة لهم ليعرفوا غير المسلمين بدين الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام، وإذا أحسنوا استغلال هذا الظرف، فعسى أن تنقلب المحنة منحة، كما قال الله تعالى لما طعن المنافقون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:11} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(9/1695)
سكنى المسلم مع بعض النصارى في غرفة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أشكر الموقع وأشكركم جميعا على هذه الخدمة
سيدي الفاضل أنا شاب مصري مغترب بالإمارات للعمل نظرا لظروف السكن وصعوبة الحصول عليه وارتفاع قيمة الإيجار بشكل كبير اضطرتني الظروف للسكن مع إخوة مسيحين بنفس الغرفة وأنا في قلق هل هذا حرام أم حلال مع العلم أني والحمد لله إنسان متدين أؤدي فروضي ولسنا مشتركين في أي شيء سوى الغرفة للنوم فقط بمعني أنه لايوجد شراكة في طعام ولا خروج ولا حتى مواضيع مشتركة سوى الكلام العام العادي الذي لا يمس الدين أو الغيبة أو أي شيء يكون حراما ونراعي مشاعر بعض ونتعامل بالاحترام ويعلم الله أن هذا رغما عني لظروف السكن فقط وإنني غير راض نفسيا على هذا الموقف وإنني في بحث مستمر عن سكن آخر فأفتوني جزاكم الله خيرا هل هذا حلال أم حرام؟. وانا أحبكم في الله وفقكم الله للخير والرشاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين المسلم وغيره يجب أن تكون مضبوطة بالضوابط التي حددها الشرع، وخاصة في هذا الزمان الذي التبست فيه الأمور، وكثر الجهل بالدين، واختلط الحابل بالنابل، وأصبح المسلمون لا يتميزون عن غيرهم في مظهرهم العام أو مخبرهم الخاص.
والعلاقة مع أهل الكتاب إذا كانوا مسالمين غير محاربين يكون أساسها البر إليهم والعدل معهم والإنصاف لهم.
كما قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة: 8} . وكنا قد بينا ذلك من قبل، فراجع فيه فتوانا رقم: 23135.
وقد أباح الشرع للمسلم أن يتزوج بالكتابية، ولا شك في أن ذلك أخص من مجرد المساكنة.
فتبين من جملة ما ذكر أنه لا حرج عليك في مساكنة أولئك بالضوابط التي بينا. ولو استطعت دعوتهم إلى الإسلام وتوجيههم بأقوالك وأفعالك نحو قيمه وأخلاقه ومثله العليا لرجونا أن يكون لك بذلك خير كثير. ففي الحديث الشريف: لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(9/1696)
الإعانة على إقامة حفلة لعيد الكريسماس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في منشأْْة طبية وقامت هيئة التمريض بها (وهم أساسا من أتباع الديانة المسيحية) بتوجيه خطابات تدعونا للتبرع لتنظيم حفله لعيد الكريسماس وبالطبع لحضور الحفلة إذا رغبنا فهل يجوز فعل ذلك أو التبرع فقط وعدم الحضور على اعتبار أنهم فقراء وربما لا تكفي مواردهم لتمويل الحفلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم الاحتفال بالعيد المذكور ولا حضور من يحتفلون به لأن ذلك من التشبه بهؤلاء الكفار وتكثير سوادهم وإقرارهم على ما هم عليه من كفر وضلال، كما لا تجوز الإعانة عليه بأي وسيلة كانت سواء كانت عن طريق التبرع بالمال أو غيره؛ لأن هذا من التعاون علي المعصية وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
ومن المعلوم أن المسلم سيسأل يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وعليه فلا يجوز لك الاحتفال بهذا العيد ولا حضور من يحتفلون به ولا التبرع للإعانة على ذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 4589، والفتوى رقم: 57547
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(9/1697)
حكم قول المسلم جزاك الله خيرا لغير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول عبارة جزاك الله خيراً لغير المسلم إذا أدى لنا أي عمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء. وفي رواية: من أولي معروفاً أوأسدي إليه معروف فقال للذي أسداه جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وقد صححه الألباني.
ولفظ من في هذا الحديث عام ولكن في مصنف عبد الرزاق ومسند الحميدي رواية أخرى بلفظ: إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء. وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف كما قال الهيثمي، وقال فيه الألباني: صحيح لغيره.
وقد قيد المناوي الأخوة في هذا الحديث بأخوة الإسلام فقال في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: إذا قال الرجل) يعني الإنسان (لأخيه) أي في الإسلام الذي فعل معه معروفاً (جزاك الله خيراً) أي قضي لك خيراً وأثابك عليه: يعني أطلب من الله أن يفعل ذلك بك (فقد أبلغ في الثناء) أي بالغ فيه وبذل جهده في مكافأته عليه بذكره بالجميل وطلبه له من الله تعالى الأجر الجزيل، فإن ضم لذلك معروفاً من جنس المفعول معه كان أكمل هذا ما يقتضيه هذا الخبر، لكن يأتي في آخر ما يصرح بأن الاكتفاء بالدعاء إنما هو عند العجز عن مكافأته بمثل ما فعل معه من المعروف، ثم إن الدعاء المذكور إنما هو للمسلم كما تقرر، أما لو فعل ذمي بمسلم معروفاً فيدعو له بتكثير المال والولد والصحة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(9/1698)
حكم إهداء النصراني شعارا للكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المسلم الذي يهدي للنصراني هدية تمثال وهذا التمثال رمز آلهة الهندوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتوى رقم: 36507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(9/1699)
أهل الكتاب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أهل الكتاب قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم أهل فترة وبالتالي لا يعذبون حتى يمتحنون في عرصات القيامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأهل الكتاب قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم منهم من كانوا يعملون بمقتضى الكتاب الذي أنزل عليهم ولم يكفر، ومنهم من بدل كتابه ولم يعمل به، وقد ورد مدح أولئك الذين بقوا على الدين الذي نزل عليهم، قال الله تعالى: وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {الأعراف:159} ، وقال تعالى: وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ {الأعراف:168} ، وقال تعالى: لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ {آل عمران:113-114} ، وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ {المائدة:66} .
وفي صحيح مسلم وغيره عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب..... الحديث.
وعليه فأهل الكتاب قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ليسوا أهل فترة، وبالتالي فإنهم ليسوا ممن يمتحنون في عرصات يوم القيامة، وإنما الحجة قائمة عليهم بما عندهم من الكتاب، فمن عمل بما أمر به منهم ولم يبدل منه شيئاً، وإن أدرك محمداً صلى الله عليه وسلم اتبعه فهو ناج من عذاب الله يوم القيامة، ومن بدل كتابه ولم يعمل بما جاء فيه فهو مستحق للعذاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(9/1700)
التعامل مع اليهود وحكم التنظيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مقيم في دولة إسرائيل (عرب 48) أملك محلا لبيع المكيفات الهوائية.
السؤال هو أن الشركات اليهودية تبيعنا المكيفات إما نقداً أو بالشيكات. فإذا اشترينا مكيفا بخمسة شيكات فإنها تأخذ 5% علاوة على ذلك ويسمون ذلك بشروط دفع. علما أنه يكون اتفاق مسبق. هل يكون ذلك نوعا من أنواع الربا.
وأذكر أيضا أننا نبيع الزبون بنفس الشروط. أي أما نقدا أو شيكات مع زيادة 1% على كل قسط.
الرجاء التفصيل وإذا لا يجوز. ما هو الحل علما أن اليهود هم أصحاب الشركات الموزعة للمكيفات
وبيدهم قرارات شروط الدفع ولا فرق عندهم إن شملت الصفقة على ربا أو لا.
وكيف يمكن لي في هذه الدوله التصرف بمعاملاتي مع البنك علما أن كل بنوك اليهود هي ربوية.
والسؤال الثاني حول معاملة يسميها البنك\" بالتنظيف \" وهي أن أعطي البنك شيكا مؤجلا بقيمة معينة فيدخله على حسابي نقدا مقابل أن ياخذ نسبة من قيمة ذلك الشيك.
الرجاء التفصيل بالإجابة وذكر حكمها الشرعي. وبارك الله فيكم وزادكم في العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين من بعدهم ما زالوا يتعاملون مع اليهود بيعاً وشراءً وإجارة ونحو ذلك من المعاملات، رغم أن اليهود هم أكلة الربا والسحت كما أخبر الله تعالى عنهم. المهم أن يجتنب المسلم عند التعامل مع هؤلاء ما نهى الله عنه من الربا والقمار والغرر ونحو ذلك.
وبالنسبة لسؤال الأخ الكريم فإنه يجوز البيع بالأقساط مع زيادة في ثمن السلعة عن ثمنها الحال (النقد) ما دام البيع بثمن معلوم لكن يشترط أن يعلم في العقد اتفاق الطرفين على إحدى الصفقتين النقد أو التقسيط وراجع للمزيد الفتوى رقم: 1084.
أما السؤال عن ما سميته (بالتنظيف) أو ما يسمى بتحصيل الديون أو الشيكات أو الكمبيالات، فإن معنى ذلك هو بيع الشيك للبنك بأقل من قيمته وهذا رباً لا يجوز. وراجع الفتوى رقم: 57697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(9/1701)
أهل الكتاب الذين سمعوا برسولنا ولم يؤمنوا
[السُّؤَالُ]
ـ[نجد من يدعي أن أهل الكتاب في هذا العصر ليسوا ممن تكلم عنهم القرآن ووصفهم بالكفر، ومنهم من يقول إن من أهل الكتاب من هو ناج يوم القيامة وإن لم يتبع الرسالة المحمدية وبقي على دينه النصراني أو اليهودي، وترد النقاط التالية في هذا الإشكال:
1- هل لمن أشرك بالله عذر يوم القيامة ينجو به من النار؟
2- هل قامت الحجة على أهل الكتاب في عصرنا هذا؟
يقول الله سبحانه وتعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (المائدة 72) ، إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ (النساء 48) ، هذه الآيات دليل على أن من أشركوا بالله من أهل الكتاب أو غيرهم لا محيد لهم عن الخلود في النار، وأنه لا عذر لهم يوم القيامة، فمن أشرك بالله قديماً وحديثاً ومات على شركه فهو خالد في النار، قامت عليه حجة أم لم تقم، أليس من المعلوم أن:
1- من مات على الشرك قبل بعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فهو من أهل النار (مثل والدي الرسول صلى الله عليه وسلم) .
2- من مات على الشرك بعد بعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقبل انتصار الإسلام ووصول الرسالة إلى مشارق الأرض ومغاربها فهو من أهل النار.
أما النقطة الثانية وهي قيام الحجة على الكفار وهل عدم قيام الحجة عذر لمن أشرك بالله:
1- يحتج الكثير بقول الله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (الإسراء: 15) ، ولكن الله تعالى قال أيضاً: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (فاطر:24) ، أليس في الآية الثانية دلالة على أن الله بعث رسولاً لكل أمة وأن الآية الأولى هي آية إخبارية فقط، ولكن بالفعل قد بعث الله رسولا لكل قوم؟
2- هل يدخل أهل الكتاب في يومنا هذا في عموم قوله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة:19) ، وفي عموم الحديث الصحيح: لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار أخرجه مسلم.
3- إن البعض يقول إن الحجة لم تقم على أهل الكتاب في هذا العصر وإن الرسالة وإن وصلت إليهم فإنها تصل في غير صورتها الصحيحة النقية، ويقولون إن أغلب الناس لا يعرفون الإسلام، ولم يسمعوا به قط، وقد يسمع به بعضهم سماعاً مشوهاً من أعدائه لا يحمل على قبوله، وهنا نتساءل ألم تكن الرسالة دائماً مشوهة من قبل أعداء الله، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَألْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (فصلت:26) -نحن نسأل ما حكم من أطاع قريشا ولم يستمع لدعوة الرسول ثم مات على شركه- فهل هو ناج لأن الدعوة شوهت عليه، ألم تكن قريش تنهى الناس عن سماع القرآن لأنه سحر، وهل وصلت الرسالة إلى أغلب الفرس والروم الذين قاتلوا المسلمين من غير تشويه، ألم يشوه رؤساء الكفر دعوة الإسلام على قومهم ومنعوها عنهم، فما حكم من قتلهم المسلمون على شركهم في الفتوحات، وأكثرهم في ظني خرجوا إما إجباراً أو دفاعا عن عقيدتهم ومالهم وأرضهم ظناً منهم أن ما هم عليه من الشرك هو الحق لعدم وصول رسالة الإسلام إليه بدون تشويه، فهل لهؤلاء عذر عند الله على ما هم عليه من الشرك؟ أليست هذه حجة على أهل الغرب والشرق الذين يسمعون أخبار المسلمين والعالم الإسلامي ليل نهار، ثم يبقون على الشرك بالله واعتقاد التثليث وغيره من العقائد الفاسدة التي هي شرك بالله، فكيف يقول قائل إنه لا يمكن الحكم بأن الرسالة قد وصلت إلى كل أحد، بل غالب الناس لا يعرفون الإسلام، ولم يسمعوا به قط، وقد يسمع به بعضهم سماعاً مشوهاً من أعدائه لا يحمل على قبوله، ولا تقوم به عليه الحجة، والله أعلم؟
4- الله سبحانه وتعالى يقول: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فمن أشرك بالله في الدنيا فحكمه الكفر في الدنيا والآخرة، أما من لم تصله رسالة في الدنيا ولم يعبد مع الله أحدا أو توقف عن عبادة الله لعدم بلوغه الشرائع، فهذا في ظني من تكلم عنه العلماء في أحكام أهل الفترة على اختلاف العلماء في حقيقة وجودهم، هذا بالنسبة لمن توقف عن عبادة الله، ولكن لم يشرك بالله، ولكن جل من هم في عصرنا هذا لم يتوقفوا عن عبادة الأوثان لحظة واحدة، فكيف نقول إنهم في حكم أهل الفترة وأنهم لم تبلغهم رسالة تقوم بها الحجة، نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا بالدليل الشرعي الحق في هذه المسألة، نسأل الله أن يسدد خطاكم وأن يجعلكم ذخراً لهذه الأمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دل القرآن والسنة والإجماع على أن من دان بغير الإسلام فهو كافر، ودينه مردود عليه وهو في الآخرة من الخاسرين، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85} ، وقال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ {آل عمران:19} .
وجاء النص القاطع بأن أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحم د صلى الله عليه وسلم، أو أشركوا مع الله غيره، أو جحدوا بنبوة نبي من الأنبياء أنهم كفرة، ولا يدفع عنهم الكفر إيمانهم أو التزامهم بكتابتهم، فلو آمنوا حقا بالنبي والكتاب لآمنوا بجميع الأنبياء والرسل، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً* أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا {النساء:150-151} .
وإذا تقرر هذا فأهل الكتاب الموجودون في عصرنا يمكن أن نفترض أنهم صنفان (صنف بلغته دعوة الإسلام وسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به، فهؤلاء كفار في الدنيا، مخلدون في النار في الآخرة إن ماتوا على كفرهم، والدليل على ذلك الآيات المذكورة آنفاً، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.ولا نظن أن أحدا منهم يشذ عن هذا الصنف.
والصنف الثاني إن وجد وهو أمر مستبعد: صنف لم تبلغهم دعوة الإسلام ولم يسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء -على فرض وجودهم في هذا الزمان الذي تقدمت فيه وسائل المعرفة والاتصال- قد اختلف العلماء في حكمهم في الآخرة، وأرجح الأقوال أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، كسائر أهل الفترة، فمنهم الموفق الناجي ومنهم الخاسر الموبق.
أما حكمهم في الدنيا فهم كفار باتفاق أهل الإسلام، تجب دعوتهم وإيصال الهدى إليهم، وتجري عليهم أحكام الكفار من أهل الكتاب.
وجميع ما سبق يعد من الأمور المعلومة بالاضطرار من دين الإسلام، فمن أنكر كفر اليهود والنصارى أو شك في ذلك فهو كافر، قال القاضي عياض في كتابه الشفا، في سياق ذكره ما هو كفر بالإجماع: ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل أو توقف فيهم أو شك أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك. انتهى.
وقال في الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة في باب المرتد: أو لم يكفر من دان بغير الإسلام كالنصارى واليهود، أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم، فهو كافر لأنه مكذب لقول الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
وهذا الجواب كاف في الرد على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(9/1702)
هل يأذن للخادمة النصرانية للذهاب إلى الكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا خادمة نصرانية استأذنتنا للذهاب إلى الكنيسة فما حكم الشرع في الموافقة أو عدم الموافقة؟ وإذا تمت الموافقة فماذا علينا أن نفعل؟
ملاحظة: هناك تصحيف في الآية رقم 109من سورة البقرة في الفتوى 4586 بأمره وليس بأمر جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نشكرك على اتصالك بنا وعلى الملاحظة التي ذكرت في شأن آية البقرة، وقد قمنا بتصحيح الخطأ المذكور جزاك الله خيرا.
وأما قضية الخادمة فإن لم تكن اتفقت معكم على شرط الإذن لها بالذهاب للكنيسة فإنا لا نرى أن تأذنوا لها إلا إذ كان وقت استئذانها وقت عطلة متعارف عليه أو المساء بالنسبة لمن عمله صباحي، وذلك لأن الإذن لها فيه إعانتها على الارتباط بالكنيسة وذلك مما يقوي تمسكها بالمسيحية، والأصل أنكم تسعون لهدايتها وصرفها عن الضلال وتبتعدوا عن إعانتها على الإثم والعدوان والرضى ببقائها على الكفر.
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة: فصل منع الزوج زوجته الكتابية من دور العبادة.
وأما الخروج إلى الكنيسة والبيعة فله منعها منه نص عليه أحمد في رواية يعقوب بن بختان في الرجل تكون له المرأة النصرانية لا يأذن لها في الخروج إلى عيد النصارى أو البيعة.
وقال في رواية محمد بن يحيى الكحال وأبي الحارث في الرجل تكون له الجارية النصرانية تسأله الخروج إلى أعيادهم وكنائسهم وجموعهم لا يأذن لها في ذلك.
وقد علل القاضي المنع بأنه يفوت حقه من الاستمتاع وهو عليها له في كل وقت وهذا غير مراد أحمد ولا يدل لفظه عليه فإنه منعه من الإذن لها ولو كان ذلك لحقه لقال لا تخرج إلا بإذنه وإنما وجه ذلك أنه لا يعينها على أسباب الكفر وشعائره ولا يأذن لها فيه.
وأما ما حصل منكم من الإذن لها سابقا فعليكم أن تتوبوا إلى الله وتحرصوا ما استطعتم على بذل ما أمكن من الوسائل في هدايتها.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 21363، 28894، 47815، 30150.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(9/1703)
هل يترحم على زوجته المسيحية التي ماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم أعيش في روسيا وكنت متزوجا من فتاة روسية مسيحية لكنها كانت تعترف بالإسلام وبالله عز وجل وبالنبي صلى الله عليه وسلم وكانت ذات خلق حسن وكانت تذكرني حتى بمواعيد الصلاة. توفيت منذ عام هل يجوز الترحم عليها وقراءة الفاتحة على روحها أو تلاوة القرآن عليها؟
هي كانت مقتنعة بالإسلام لكنها كانت تداري مجتمعها ولذلك لم تعتنق الإسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مات ولم يشهد شهادة الإسلام، فلا يجوز الترحم عليه والاستغفار له، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لعمه أبي طالب، على الرغم من اعتراف أبي طالب بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبحسن ما جاء به من عند ربه، ودفاعه عنه، إلا أنه امتنع من النطق بالشهادة والدخول في الإسلام، رغبة عن فراق ملة عبد المطلب، وحذار مسبة قومه، فلم يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم في الاستغفار له، ففي الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة: 113} وأنزل الله تعالى في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص:56}
وعليه فلا يجوز الترحم على المرأة المذكورة، ولا قراءة القرآن لروحها لأنها ماتت على الشرك. وفي الفتاوى الكبرى " سئل شيخ الإسلام رحمه الله: فيمن ترك والديه كفارا ولم يعلم هل أسلموا، هل يجوز أن يدعو لهم؟ . الجواب: الحمد لله، متى كان من أمة أصلها كفار لم يجز أن يستغفر لأبويه، إلا أن يكونا قد أسلما، كما قال تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ." انتهى كلامه
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(9/1704)
لا تعارض بين النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وحل طعامهم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء.. أما بعد:
فسؤالي هو أنني قد سمعت قول بعض المشايخ بألا نبدأ أهل الكتاب بالسلام ونضيق عليهم في الطرقات وقد ابتدأت لا أبدأ من أعرفه من المسيحيين بالسلام ولكن كيف نوازن بين ذلك وبين أن طعام أهل الكتاب حل لنا وكيف يحل لي طعامهم وأنا لا أبدؤهم بالسلام هل هناك تعارض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 6067 حكم بدء أهل الكتاب بالسلام، وحكم الرد عليهم لو بدؤوا، وخلصنا إلى القول بأن الأولى أن نبدأهم بتحية غير تحية الإسلام لورود النهي عن بدئهم بها، ولا تناقض بين النهي عن بدئهم بالسلام وبين إباحة طعامهم، فالمقصود بطعامهم هو ذبائحهم لأنهم أهل دين يذكون الحيوان ولا يأكلون الميتة، وفي ذلك ما فيه من التيسير على المسلمين، وقد كانوا يخالطون اليهود والنصارى، وأما بدؤهم بالسلام فلا حاجة إليه ولا ضرورة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(9/1705)
حكم إهداء شريط قرآن للنصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إهداء المصحف الشريف إلى النصارى؟ أو هل يجوز إهداء شريط قرآن للاستماع له لأحد النصارى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النصراني لا يجوز أن يهدى له المصحف لمنع تمكين الكافر من المصحف أصلا، ولعدم طهارته وهي تمنع المسلم من مسه فأحرى بالكافر، وأما الشريط فإنه أخف شأنا من المصحف في هذا الباب لأنه ليست فيه كتابة قرآنية. ومن المعلوم أن القرآن الذي يمنع المحدث من مسه هو ما فيه قرآن مكتوب. وأما الشريط فليست فيه كتابة فهو أشبه برجل حافظ لبعض القرآن، فلا حرج في مس المحدث له، ومع هذا فإن الشريط له من الحرمة مثل ما للقرآن لأن المصحف ما اكتسب المكانة والاحترام والتقدير بمجرد الحروف؛ وإنما اكتسبها بوجود القرآن بين دفتيه، وبناء عليه فإن علم أن النصراني سيستخدم الشريط ولا يعبث فيه فالظاهر أنه لا حرج في إهدائه له حتى يتمكن من سماع كلام الله تعالى. وإن خيف عليه من إهانته له فيتعين عدم إهدائه له، لأن الإهانة هي علة منع إهداء المصحف للكافر، وعلة منع السفر بالقرآن إلى أرض العدو. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 37069، 2224، 29022، 27228، 56235، 34457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(9/1706)
شروط جواز استبدل عمال غير مسلمين بمسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لدي 3 عمال غير مسلمين وأكفاء في عملهم ولا يرجى إسلامهم هل إذا استبدلتهم بعمال مسلمين أكفاء هل علي ذنب أم ماذا؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا انتهى العقد الذي بينك وبينهم، فلا حرج عليك في استبدالهم بغيرهم من المسلمين بل ذلك أفضل، أما قبل انتهاء العقد فلا يجوز لك إلا بموافقتهم على فسخ العقد، لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
وراجع الفتوى رقم: 3681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(9/1707)
نداء اليهود بيا إخوة القردة والخنازير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لقب اليهود بإخوان القردة في إحدى غزواته ضدهم أو شيء من هذا القبيل؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر بني قريظة أمر أصحابه أن يستروه بالجحف حتى يسمعهم كلامه ففعلوا فناداهم: يا إخوة القردة والخنازير.. كما أخرجه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في التلخيص، إذ قال: هو على شرط البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(9/1708)
من آداب معاملة الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن أنا وزوجي حالياً في الخارج ... وسؤالي هو: كيف نعامل الكفار، زوجي يعاملهم باحترام، فمثلاً عندما يلتقي بهم عند الباب يمسك لهم الباب حتى يدخلوا سواء امرأة أو رجل، وأنا أعترض على هذا، هل ما يفعله زوجي هو الصحيح، وكيف نعاملهم حتى يعرفوا أن المسلمين معاملتهم جيدة حتى ينظروا للإسلام نظرة صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجعي في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3681، 19692، 23135، 47321، 47600.
ونفيدك أنه يتعين على زوجك البعد عن نساء الكفار لما هو معلوم عندهن من التبرج وعدم التحفظ من مس الأجانب، فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في راس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه البيهقي والطبراني وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(9/1709)
موقف الشرع من البر بالكافر والتصدق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عربي مسلم ساكن في إسرائيل وأعمل كمهندس زراعي في أحد المعاهد اليهوديه. لي زميل يهودي (غير مسؤول عني في مكان العمل) مُسِن في المعهد يرقد في المستشفى. وعند إنهاء عملي أزوره وأعتني به (أُطعمه) ثم أعود إلى بيتي دون تعطيلي عن عملي أو أمور بيتي. على ضوء الحال بيننا وبين اليهود, وكمواطنين في دولة إسرائيل هل جائز شرعاً ما أقوم به. وماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في البر والتلطف بالكافر والتصدق عليه دون موالاة ومحبة له بالقلب إذا لم يكن محاربا. لقول الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} . وعليك أن تنوي في الإحسان إليه دعوته إلى الاسلام، وأن تدعو له بحصول الهداية، وأن تدعوه بالفعل وتحاوره قدر المستطاع، فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. كما في حديث البخاري. وقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد الله الذي أنقذه من النار. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 9896، 22048، 47321، 19652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(9/1710)
الصداقة مع الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زميلة لي مسيحية هل مصاحبتها حرام مع العلم أني أحترمها لأنها فعلا مؤدبة جدا وتفعل كل شيء يقوله الإسلام من أخلاق وعادات وعلاقات مع الناس الكل يقول إن الذي ينقصها فقط هو أن تنطق الشهادة لأن أخلاقها أخلاق المسلمين وأنا أرتاح مع التعامل معها ومجالستها لأني أحترم آراءها أريد أن أعرف هل هذا حرام لأنى أخاف أن يكون التعامل معها يغضب الله وأنا أدعو دائما أن يجعلنى الله من عباده المحببين له وأكون على طاعة أوامره أرجو الرد علي لأنى وكل أصدقائي خائفون ومحتاجون الرد مع العلم أننا أيضا نطلب منها خدمات وفعلا تنفذها وتخدمنا دائما وتخدم أي أحد طلب منها مساعدة مهما كان، وفي أي وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصداقة التي بمعنى المخالة والمودة لا تجوز مع الكفار، لقول الله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ... {المجادلة:22} . وأما المصاحبة التي هي بمعنى الإنصاف لهم والعدل معهم والإحسان إليهم حسب أخلاقهم ونوع تعاملهم فلا حرج فيها، لقول الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} . وعليك أن تسعي في إقناع زميلتك هذه بالنطق بكلمة الشهادة، وتبيني لها أنها ستنال بها الفوز بالنعيم في دار الخلود والنجاة من عذاب الله، وأن الله بعد أن جاء بالإسلام فإنه لا يقبل من الأديان غير الإسلام، قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85} . وإذا توصلت إلى هدايتها إلى الإسلام فلك في ذلك الأجر الكثير عند الله، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(9/1711)
حكم التعامل مع اليهود والحج بالأم المريضة بعقلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله لدي سؤالان:
الأول: هل يجوز التعامل بالبيع والشراء مع يهود مغاربة، الأمر هو أنني أردت شراء منزل من عند يهود مغاربة يتاجرون في بنايات منازل اقتصادية؟
والسؤال الثاني هو: أردت أن أذهب بأمي المريضة إلى بيت الله مكة الحبيبة، علما بأن أمي كانت تتمنى في أوج صحتها زيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن لم يأبى أبي والآن أردت أن أذهب بها رغم مرضها الذي هو عدم الإدراك عدم التوازن في عقلها، مع بدايته مازالت تعرفنا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل جواز معاملة غير المسلم يهودياً أو نصرانياً أو غيرهما ما دام العقد مستوفياً للشروط الشرعية في المعاملة، ودليل هذا الأصل ما ثبت من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع اليهود وغيرهم من المشركين بيعاً وشراءً وإجارة وغير ذلك، وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً بنسيئة ورهنه درعه.
أما بخصوص حجك بأمك المريضة بعقلها فهذه المسألة فيها تفصيل، فإذا كانت أمك استطاعت أن تحج فلم تحج حتى أصابها المرض (الجنون وما في معناه) فقد سبق حكم من لزمه الحج، ثم جن في الفتوى رقم: 42133.
وأما إذا لم تستطع الحج أصلاً حتى أصابها المرض وغُلبت على عقلها، فلا يجب عليها شيء، ولك أن تحج عنها أو تعتمر على سبيل البر والإحسان إليها، وأما الذهاب بها إلى الحج أو العمرة مع مرضها وعدم إدراكها فلا معنى له، وراجع في شروط الاستطاعة الفتوى رقم: 6081.
وراجع في حكم شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم الفتوى رقم: 33931.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(9/1712)
لا يحل التعاون مع المنصرين
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على شاب أجنبي من نيوزلندا مسيحي عايش هنا في اليمن ويستطيع التحدث بالعربية ويرغب أن يعمل منهج تدريس عربية على اللهجة اليمنية وقد تعرفت عليه عن طريق صديقي وللعلم أني أكتب قصصاً قصيرة وبعض الحكايات الشعبية وقد أخبرني هذا الشاب الأجنبي إذا كان بأمكاني مساعدته على طريق للتدريس مثلا أن أعطيه من الحكايات التي أكتبها حتى يتسنى له تدريس الأجانب اللهجة اليمنية أو العربية بشكل عام وإلى الآن لم أقدم له أي مساعدة في هذا المجال بسبب أن صديقي الذي عرفني عليه أخبرني أن هذا الشاب الأجنبي يدعو إلى التنصير ولكن بشكل سري ويدعو ضعاف الدين ممن يراهم قد انحرفوا عن الإسلام ولكن بشكل تدريجي المهم السؤال هو: هل يجوز أن أعطيه كتاباتي حتى يعلم الأجانب العربية وأنا قد علمت أنه يدعو إلى التنصير وهل في هذا ضرر عليا أو إثم إذا ساعدتهم في تعلم العربية ولكني أخشى أن يستتغلوا تعلمهم للعربية في التنصير
أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظننت أن هذا النصراني يعمل على تنصير ضعاف الإيمان من المسلمين، فيحرم عليك مساعدته وإمداده بما يعينه على نجاحه، قال تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
ويجب عليك إبلاغ المسؤولين في الدولة عن نشاطه المريب، وكذلك يجب عليك تحذير الناس منه، وصدهم عن معاونته وتخويفهم بالله، فإن من يعاونه على التنصير وهو يعلم، فقد وقع في ناقض من نواقض الإسلام، وخرج من الملة، فقد قال تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {المائدة: 51} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(9/1713)
ليس في القرآن ما يدعو إلى مودة أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل كيف نوفق بين النصوص من القرآن التي تؤكد على معاني المودة والمجاملة الحسنة مع أهل الكتاب وبين النصوص الأخرى من القرآن التي تتعارض معها مثل النص الذي يقول قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في القرآن ما يدعو إلى مودة أهل الكتاب، إنما الذي فيه هو النهي عن هذه المودة والإذن في الإحسان والبر إلى أهل العهد منهم، ومعلوم أن الإحسان إلى أهل العهد منهم لا يستلزم مودتهم. قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة: 22} .
وقال تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الممتحنة: 8-9} .
قال الشوكاني: ومعنى الآية أن الله لا ينهى عن بر أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المسلمين على ترك القتال وعلى أن لا يظاهروا الكفار عليهم، وبهذا يتضح لك أنه لا تعارض بين الأمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية وبين الإذن في الإحسان إلى أهل العهد منهم الذين التزموا ترك القتال، وراجع للأهمية الفتويين التاليتين: 37086،19652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(9/1714)
الغربية الملحدة ليست كتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نساء الغرب من الكتابيات ام من الكافرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما نساء الغرب فمن كانت منهن متمسكة بأصل العقيدة اليهودية أو العقيدة النصرانية فهي كتابية، ويجوز الزواج بها، كما بيناه في الفتوى رقم: 5315، ومن كانت منهن ملحدة لا تدين بأي من الديانتين فهي غير كتابية، واعلم أن من لم يدن بدين الإسلام من اليهود والنصارى فهو من الكافرين، كما قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران: 85} .
وراجع الفتوى رقم: 2924.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(9/1715)
حكم إجابة الدعوة إلى عرس بالكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مساعدتي في هذه المشكلة، لقد دعتني معلمة ابنتي يابانية الأصل إلى عرس في الكنيسة ولا أعرف إذا كان حضوري الكنيسة، ودخولي إليها حرام مع احتمال المصافحة من قبل الأجانب من أهلها، علما أنها تحترم ديننا وأنا الوحيدة من الأهالي التي أرسلت لي العزيمة وبنفس الوقت أحب أن أذهب لأجل الدعوة للدين وهذا هدفنا في أميركا تقبل الله خالص أعمالنا وأعمالكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم على المرء أن يجيب دعوة يعلم أنها تشتمل على المنكرات سواء كانت الدعوة من مسلم أو كافر، ولا شك أن أفراح الكفار وأهل المعاصي عموماً لا تخلو من التبرج والاختلاط المحرم والملامسة بين النساء والرجال بالمصافحة والتقبيل بل والاحتضان أحياناً، كما أن مناسباتهم تشتمل على شرب الخمور والمسكرات، كما هو معلوم وما كان كذلك فلا تجوز إجابة الداعي إليه بحال، بل يجب البعد عنه والنفور منه.
أما إذا خلت الدعوة من هذه المنكرات وأمثالها، فلا مانع من إجابة الدعوة ولو كانت في الكنيسة على قول بعض أهل العلم بشرط أن يكون الغرض منها تأليف القلب ودعوة الناس للإسلام، وقد بينا ذلك وأمثاله في الفتوى رقم: 8327، والفتوى رقم: 37925.
ولمعرفة حكم إجابة دعوة الذمي إذا خلت من المنكرات راجعي الفتوى رقم: 35009، وننبهك إلى أمر مهم وهو أنه يجب عليك أن تحذري من أن تؤثر هذه المدرسة على عقيدة ابنتك أو سلوكها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(9/1716)
حكم مصافحة المرأة المسلمة للمرأة الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال آخر هل صحيح أن سلام المرأة المسلمة مع امرأة أجنبية باليد حرام أم لا؟ أرجو الجواب بأسرع وقت. وشكرأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مصافحة المرأة المسلمة للمرأة الكافرة مكروهة كما هو الحال بالنسبة للرجل المسلم مع الرجل الكافر.
قال ابن قدامة في المغني: وسئل ـ أي الإمام أحمد ـ عن مصافحة أهل الذمة فكرهه. وفي شرح الحصكفي على تنوير الأبصار: كره للمسلم مصافحة الذم ي. وفي حاشية العدوي على الكفاية: ولا يصافح المسلم الكافر، لأن الشارع طلب هجره ومجانبته، وفي المصافحة وصل مناف لما هو مطلوب.ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(9/1717)
يريد الزواج من نصرانية أهلها متعصبون لدينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أحب فتاة مسيحية وتحبني كثيرا وأريد الزواج منها وهي كذلك وبشدة, لكن أهلها من المتعصبين..وقلت لها إن الديانة المسيحية لم تذكر شيئا عن الإسلام أو الزواج من المسلمين مما يعني أنه لم يحلل أو يحرم الزواج, وأنا أيضا من المعجبين بالسيد أحمد ديدات رحمه الله وبطريقته في الرد على النصرانيين, سؤالي هو: هل يوجد في الكتب النصرانية نصوص مما قد تساعدني في الرد على أهلها في حالة رفضهم لي ومناظرتهم في ذلك الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنعتذر للأخ السائل عن الجواب عن سؤاله فيما يتعلق بما في كتب النصارى من زواج المسلم بالنصرانية لعدم علمنا بذلك، ولأن هذه الكتب قد حرفت وغيرت فلا فائدة في الاطلاع على ما فيها، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عندما أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني. رواه الإمام أحمد.
وإننا ننصحك بأن تتزوج فتاة مسلمة صالحة وهي خير لك، واترك هذه الفتاة النصرانية لأن المسلمة تربي أولادك على الإسلام، وإذا حدث فراق بينكما أو مت قبلها فلا يضر بقاء الأولاد معها بخلاف النصرانية فإنها ستربي أولادها على عقيدتها ودينها. وراجع الفتوى رقم: 5315.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(9/1718)
حكم توظيف غير المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[س: إنني مسلم وأمتلك محلا وأريد تشغيل فتاة غير مسلمة لما لديها من أمانة وسمعة طيبة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوظيف غير المسلمة لا مانع منه، ما لم يترتب على توظيفها محذور كالخلوة بها أو النظر إلى ما لا يحل له النظر إليه منها وكنشرها لمحرم أو رذيلة ونحو ذلك. وانظر الفتوى رقم: 3681
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(9/1719)
أخته من أبيه مسيحية على ملة أمها ويريد هدايتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي تزوج مسيحية بأميركا وذلك بسبب وجوده هناك
وبعدها أنجب بنتا..وكانت في بداية الأمر مسلمة ولكن
حصل خلافات بين أبي وامرأته فطلقها.....فأخذت الأم ابنتها وعاشت معها....وأصبحت مسيحية بسبب تربيتها في بيئة مسيحية.. ثم قدم أبي وتزوج أمي في فلسطين....وأنجباني وها أنا على قيد الحياة مسلم والحمد لله....ولكن قبل فترة تعرفت على أختي المسيحية ودعوتها إلى الإسلام ولكن للأسف لا فائدة بسبب تربيتها 19 سنة في بيئة مسيحية ... وتؤمن أن دينها هو الصحيح ... فهل ممكن أن يغفر الله لها لأن أبي لم يتحمل كامل المسؤولية أم لا يغفر لها.....والرجاء إخباري الجواب وإخباري بما أفعل معها فأنا أحبها كثيرا ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما تواترت به الآيات والأحاديث أن من مات على دين غير الإسلام ممن علم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم سيكون مخلداً في النار، والعياذ بالله،
قال الله تعالى: [وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ] (هود: 17)
وقال: [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (آل عمران:85)
وروى مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.
والذي عليك أن تفعله معها هو أن تدعوها للإسلام، ولا تيأس من هدايتها. كما أن على أبيك أن يحاول أخذها من أمها إن استطاع إلى ذلك سبيلا، ويربيها بين المسلمين، فإذا تعلمت أخلاق الإسلام وما يدعو إليه من السمو والشرف والفضائل، وما يعد به من النعيم المقيم والجزاء الوافر فعسى أن يكون في ذلك اجتذاب لها واستنقاذ لها مما هي فيه من الكفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(9/1720)
ابذلي كل غال ورخيص لهداية الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتخذت من مسيحية صديقة لي لمدة لا تقل عن ثمانية أشهر وتعاملني معاملة حسنة، وتقول بأنها تحبني لكنها أحياناً كانت تسبب لي بعض الإزعاج وهي بعد ذلك تحاول وبشتى الوسائل أن أسامحها وأفعل ذلك ولكن في الفترة الأخيرة حدث خلاف بيني وبينها وربما لترضيني قالت لي بأنها مستعدة بأن تصبح مسلمة وتعلن إسلامها، ولكن ضمن شروط وقلت لها إني لا أحبك ولم أحببك ولا أريد صداقتك ولا أريد حتى رؤيتك وإن قابلتك فلن أسلم عليك رغم أني قد سامحتها، ولكن هذه المرة لا أريد فتح صفحة جديدة وبداية معها لأني لم أعد أطيق تصرفاتها عندئذ أصبحت تتصرف كالذي فقد عقله وتتهمني بأني خدعتها طوال تلك الفترة وجعلتها تعيش في وهم وضيعت وقتها وجهدها فهل ما فعلت فيه من الصواب دلوني أكرمكم الله؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من التعامل مع الكفار بالضوابط الشرعية، بحيث لا تصل المعاملة معهم إلى المحبة والمودة والرضى بما هم عليه والموالاة لهم، وإنما يجب أن يبقى التعامل معهم في حدود الإنصاف لهم والعدل معهم والإحسان إليهم، إذا كانوا مسالمين (غير محاربين) ، كما قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة: 7-8] .
وما دامت هذه المرأة تريد الإسلام فعليك أن تسامحيها وتقبلي معذرتها، ولعل هذا خير ساقه الله تعالى إليك لتكوني سبباً في هدايتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. رواه البخاري ومسلم، وقد كان السلف الصالح يبذلون كل غال ونفيس لهداية الناس وتأليف قلوبهم حتى يدخلوا في الإسلام، نسأل الله تعالى التوفيق والهداية للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(9/1721)
حكم شراء المسلم حاجته من اليهودي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن من عرب ال 48 ونعيش في يافا المحتلة ونحن في بلدة مختلطة بين عرب ويهود وجيراني أغلبهم يهود وأغلب الدكاكين لليهود في هذه المنطقة وأنا لا أحتك بجيراني ولكني أعاملهم كما أوصانا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وأحاول أن أشتري حوائجي من عند العرب ولكن إذا لم يكن عندهم مطلبي فاضطر آسفة أن أشتري من عند اليهودي وأحيانا يراني البائع أو الجار في الشارع ويطرح علي السلام مع أني أحاول أن أتجاهله ولكنهم لا يعرفون عاداتنا وتقاليدنا ولكي لا يتهموننا بالعنصرية فنضطر أن نجاملهم وأن نرد عليهم بالسلام فهل هذا يجوز أم لا؟ ولأنني والحمد لله متحجبة فموقفي أصعب
جزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المرأة أن تقر في بيتها، ولا تخرج إلا لحاجة، بشرط أن تكون منضبطة بضوابط الشرع في الخروج، ويدل لذلك قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى (الأحزاب: من الآية33) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: قد أذن لكن أن تخرجن لحوائجكن. رواه البخاري.
وأما شراء المسلم حاجته من اليهودي في حال عدم وجودها عند التاجر المسلم فإنه جائز، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل معهم، وقد توفي ودرعه مرهونة عند يهودي كما في صحيح البخاري.
وأما رد السلام عليهم فهو جائز عند أمن الفتنة، ولكن يحرم ابتداؤهم بالسلام عند الجمهور، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام. رواه مسلم.
ويحرم كذلك موالاتهم ومحبتهم بالقلب لقوله تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (الممتحنة: من الآية4) ، وراجعي الفتوى رقم: 3545، والفتوى رقم: 6067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(9/1722)
ضوابط العلاقة بين المسلم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: ما هي حدود العلاقة بين المسلم والمسيحي؟ في كل شيء أرجو التوضيح؟
السؤال الثاني: ما مدى صحة هذا الكلام:
ورد في بعض الآثار أن الله عز وجل أرسل ملك الموت ليقبض روح امرأة من الناس
فلما أتاها ملك الموت ليقبض روحها وجدها وحيدة مع رضيع لها ترضعه وهما في صحراء قاحلة ليس حولهما أحد،
عندما رأى ملك الموت مشهدها ومعها رضيعها وليس حولهما أحد وهو قد أتى لقبض روحها،
هنا لم يتمالك نفسه فدمعت عيناه من ذلك المشهد رحمة بذلك الرضيع،
غير أنه مأمور للمضي لما أرسل له
فقبض روح الأم ومضى ;كما أمره ربه: لا يعصون الله ما أمرهم. ويفعلون ما يؤمرون
بعد هذا الموقف- لملك الموت - بسنوات طويلة أرسله الله ليقبض روح رجل من الناس،
فلما أتى ملك الموت إلى الرجل المأمور بقبض روحه وجده شيخاً طاعناً في السن متوكئاً على عصاه عند حداد ويطلب من الحداد أن يصنع له قاعدة من الحديد يضعها في أسفل العصى حتى لا تحته الأرض ويوصي الحداد بأن تكون قوية لتبقى عصاه سنين طويلة.
عند ذلك لم يتمالك ملك الموت نفسه ضاحكاً ومتعجباً من شدة تمسك وحرص هذا الشيخ وطول أمله بالعيش بعد هذا العمر المديد،ولم يعلم بأنه لم يتبقى من عمره إلاَّ لحظات.
فأوحى الله إلى ملك الموت قائلاً: فبعزتي وجلالي إن الذي أبكاك هو الذي أضحكك.
!!!!!!!!!!!!!! سبحانك ربي ما أحكمك سبحانك ربي ما أعدلك سبحانك ربي ما أرحمك!!!!!!!!!!!!!!!!!!
نعم!! ذلك الرضيع الذي بكى ملك الموت عندما قبض روح أمه هو ذلك الشيخ الذي ضحك ملك الموت من شدة حرصه وطول أمله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين المسلم وغيره يجب أن تكون مضبوطة بالضوابط التي حددها الشرع، وخاصة في هذا الزمان الذي التبست فيه الأمور وكثر الجهل بالدين واختلط الحابل بالنابل وأصبح المسلمون لا يتميزون عن غيرهم في مظهرهم العام أو مخبرهم الخاص.
والعلاقة مع أهل الكتاب إذا كانوا مسالمين غير محاربين يجب أن يكون أساسها البر إليهم والعدل معهم والإنصاف لهم.
كما قال الله تعالى: [لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الممتحنة: 8-9) .
ولا مانع شرعا من التعامل معهم في المال أو الإجارة ... وعيادة مريضهم وتعزيتهم عند المصيبة وتهنئتهم عند حدوث نعمة.. قال شيخ الإسلام: يعاد الذمي ويعرض عليه الإسلام.
وقال البخاري: "باب الهدية للمشركين".
ولكن لا تجوز الهدية لهم وتهنئتهم بمناسبة أعيادهم الدينية، لما في ذلك من الإقرار لهم على الباطل والرضى بعقائدهم الفاسدة.
قال الحافظ في "الفتح": والبر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله تعالى: [لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ] (المجادلة: 22) .
وكذلك لا مانع شرعا من أن يتزوج الرجل المسلم منهم إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع.
والحاصل أنه لا مانع شرعا أن يتعامل المسلم مع الكفار إذا كانوا مسالمين بالضوابط الشرعية، ولكن عليه أن يحذر من موالاتهم والرضى بكفرهم..
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتويين التاليين: 19652، 23035.
وأما الأثر المذكور فلم نقف عليه فيما اطلعنا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(9/1723)
وصف الكفار بالأخوة يجوز في حال دون حال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وصف النصارى بالإخوة في الحديث وكذلك التهنئة في الأعياد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وصف مسلم النصارى أو غيرهم من الكفار بأنهم إخواننا وقصد في النسب والإنسانية، فلا شيء في ذلك، لقول الله جل وعلا: [وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً] (الأعراف: 65) ، ونحو ذلك من الآيات.
أما إذا قصد بأنهم إخواننا في الدين فلا يجوز، لأنهم إما على غير دين كالملاحدة، وإما على دين لكنه محرف أو منسوخ، وقد قال الله تعالى: [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (آل عمران:85) .
وأما تهنئتهم بأعيادهم، فلا تجوز، كما بيناه في الفتوى رقم: 26397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(9/1724)
من تعدى على حق كافر غير حربي
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حدثت إساءة في تصرف ما أو في تعامل معين في حق إنسان نصراني، ما هي الكيفية التي يتم بها رد الاعتبار لذلك الشخص من منطلق ديني، وهل يجوز ذلك، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على من تعدى على حق كافر غير حربي أن يستسمحه ويرد له حقه، فإذا كان قد اغتابه أو سبه أو ما أشبه ذلك فعليه أن يستسمحه ويستحله ... وكذلك إذا كان قد أخذ منه مالاً عليه أن يرده له ويطلب منه العفو، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع يهوديا أو نصرانيا دخل النار. رواه ابن حبان في صحيحه.
ولمزيد ن الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23256، والفتوى رقم: 27375، والفتوى رقم: 2290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(9/1725)
حكم الإحسان إلى أطفال النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم محبة أو ملاعبة أطفال النصارى أو إعطائهم شيئاً من الحلوى عند رؤيتهم بعض الأحيان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالإحسان إلى أطفال الكفار، لقول الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] ، قال الإمام ابن كثير في تفسيره: أي لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم، أن تبروهم أي تحسنوا إليهم، وتقسطوا إليهم أي تعدلوا، إن الله يحب المقسطين. انتهى.
وقال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير هذه الآية: وقيل هذه خاصة بالنساء والصبيان. انتهى.
وعليه فلا مانع من الإحسان إلى الأطفال المذكورين، وتدخل في ذلك ملاعبتهم والإهداء إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(9/1726)
الحق أحق أن يتبع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاماً أعمل في مؤسسة معظم موظفيها من المسيحيين والأجانب، قبل فترة وجيزة هداني الله وتحجبت وأصبحت مداومة على الصلاة حتى في مكان عملي، وبالطبع هذا فضل من الله سبحانه أشكره عليه ليلا ونهاراً، حيث إنني لم أكن أتوقع أن أصل لهذه المرحلة في حياتي ولكن رحمة الله أوسع مما نتخيل دائماً.
سؤالي هو: أنني لست على قدر كاف من التفقه في الدين وأنا حالياً أحاول كل جهدي أن أحصل على معلومات كثيرة وأقرأ دائماً حتى أفقه نفسي في الدين، ولكي أكون قادرة بإذن الله تعالى على نشر الدعوة، حيث علمت أن المؤمن عليه واجب نشر الدعوة، ولكني حتى أصل للدرجة الكافية من التفقه احتاج إلى الإجابة عن بعض الأسئلة التي تساعدني في وقتى الحاضر لأنني أتعرض لكثير من الأسئلة من هؤلاء غير المسلمين عن الدين وخاصة أنهم فوجئوا عندما تحجبت، وأريد أن أعرض عليكم بعض الأسئلة، وأرجو منكم مساعدتي فيها، وأرجو أن تكون الإجابة شافية ومقنعة وبسيطة جداً لأن المواقف التي أتعرض فيها للأسئلة لا تسمح بأن أسرد قصص مثلاً أريد إجابات مختصرة جداً ولكن بنفس الوقت شافية، علها تساعد هؤلاء القوم على فهم الدين والتقرب منه بإذن الله، ومن أمثلة على هذه الأسئلة:
1- لماذا المرأة في الإسلام ترتدي الحجاب، ما معنى أن تغطي رأسها، ما معنى أن تلبس فضفاضاً والكل يعرف ما هو شكل المرأة إذن لماذا تخفيه؟
2- لماذا تصلون 5 مرات في اليوم، هذا إرهاق عليكم وخاصة صلاة الصبح؟
3- لماذا النمص حرام؟
4- لماذا تعدد الزوجات؟
5- أمور الميراث والشهادة في المحكمة؟
6- لماذا لا تأكلون لحم الخنزير، عندما أخبرهم بأن هذا النوع من اللحوم يسبب الأمراض يقولون نحن نأكله من وقت طويل ولم يحصل لنا شيء، أرجو أن تجيبوني على أسئلتي هذه، وقبل أن أنهي أرجو أن تنصحوني بكتاب سهل يساعدني على تحقيق أهدافي، ويوصلني لدرجة جيدة من التفقه في أمور ديننا الحنيف، أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نهنئك أيتها الأخت الكريمة بما من الله عليك به من الهداية، ونرجو أن يقودنا وإياك إلى صراطه المستقيم.
وقبل الإجابة على هذه الأسئلة نريد أن أنبهك إلى أن عمل المرأة مع الرجال الأجانب لا يجوز، وخاصة إذا كان هؤلاء الرجال كفارا، فإذا كنت محتاجة إلى هذا العمل ولم تجدي غيره، فإنه يباح لك بشرط أن تتقيدي بالضوابط الشرعية، من عدم الخلوة بالرجال وعدم مصافحتهم والتستر والفرار من الاختلاط قدر الإمكان، وعدم الخضوع بالقول.
ثم ما سألت عنه من أحكام، فإنا كنا قد أجبنا عنها أو عن أكثرها في فتاوى مفصلة ومقنعة، وسنحيلك على أرقامها لترجعي إليها وتطالعيها، فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89] ، فلا يجرمنك تعنت أولئك الكفرة عن الحق على طلب شيء وراء الحق، فالحق أحق أن يتبع، وما وراء الحق هو الباطل، فأما حجاب المرأة فراجعي موضوعه في الفتوى رقم: 19026، وراجعي علة تحريم النمص في الفتوى رقم: 20855، وتعدد الزوجات في الفتوى رقم: 2286.
وأمور الميراث والشهادة في كل من الفتوى رقم: 13494، والفتوى رقم: 33323، والحكمة من تحريم لحم الخنزير في الفتوى رقم: 9791.
وأما عن خمس صلوات في اليوم وأنها مرهقة وشاقة، فجواب ذلك أن للصلاة مكانة عالية في الإسلام، ولا بد من إعطائها ما تستحقه من العناية، ومن طلب معالي الرتب في الدنيا فلا بد أن يجهد نفسه فكيف بطلب رتب الآخرة، ويكفي لتبرير فعلها والمواظبة عليها أن الله أمر بها وحض عليها تحضيضا، ومن يريد الثواب من عند الله فلا بد أن يطيع الله.
ثم ما طلبت من الكتب المبسطة فإنها كثيرة جداً، ولك أن تختاري منها الكتب التالية: (رياض الصالحين- شرح الأربعين النووية- شرح العقيدة الطحاوية- الرحيق المختوم في السيرة- تفسير ابن كثير ... ) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(9/1727)
حكم إعطاء محاضرات للنصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في: ألا أعطي محاضراتي للنصارى، فهل فى ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هؤلاء النصارى إذا كانوا من المسالمين للمسلمين فالإحسان إليهم والبر بهم مما لا يمنع منه الشرع، قال الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] ، ومعاونتهم على ما يباح في الشرع من البر والقسط الذي يحبه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(9/1728)
لا مانع من الإبقاء على الزوجة الكتابية العفيفة التي تأبى الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أعتذر عن كتابة هذا السؤال باللغة الفرنسية، لأنه لي عندي لوحة مفاتيح الكومبيوتر باللغة العربية، وجزاكم الله خيرا.
إنني متزوج من امرأة إنجليزية وأحاول دائما أن أدخلها في الإسلام ولكن بصعوبة كبيرة، لأنها تسمع إلى أقوال والديها اللذين لا دين لهما ولا يؤمنون بشيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحل الله للمؤمن نكاح المؤمنة، وبين تعالى أنها ولو كانت أمة فهي خير من المشركة، ولو أعجبت الناس، قال تعالى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ (البقرة: 221) .
والعلة في ذلك ذكرها بقوله تعالى: أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِه ِ (البقرة: 221) .
واستثنى من المشركات الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات) حيث إنهن يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب ونحو ذلك مما عساه يكون مساعدا في هدايتهن إلى الإسلام، ويشترط في نكاح الكتابية أن تكون محصنة (عفيفة)
قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم ْ (المائدة: 5) .
وبناء على ما تقدم، فإن كانت زوجتك من أهل الكتاب، أي ممن يدينون بدين أهل الكتاب، بخلاف الملحدين، وكانت عفيفة، فلا مانع من البقاء معها، وليس يمنع من ذلك أنها تأبى دخول الإسلام، وينبغي أن لا تيأس من هدايتها، فإن في هدايتها إلى الإسلام خيرا كثيرا لك، أخرج البخاري وغيره من حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدى بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
وإذا كان والداها هما اللذان يمنعانها من الإسلام، فلك الحق في أن ترحل بها عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(9/1729)
تزوج كتابية على أن تسلم فلم تفعل فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا هاجرت إلى بلد أجنبي منذ فترة وقد تزوجت من أهل هذا البلد كانت ديانتها غير الإسلام، وكان اتفاقي معها أنا سوف تسلم، لكن يكون على اقتناع، ووافقت على ذلك ومرت السنين، وقد أنجبت 3 أطفال منها وكلما أفتح موضوع الديانة كانت تقدم الأعذار والأسباب، والآن قد تعرفت على فتاة مسلمة من بلدي وقد أحببتها وقررت الزواج منها لأني فقدت الأمل في زوجتي من ناحية تغيير ديانتها، والآن ما عندي استقرار في حياتي ودائما في مشاكل، وأطلب منكم النصحية وماذا أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة من أهل الكتاب فلا حرج عليك في الاستمرار معها ودعوتها للإسلام، عسى الله أن يهديها ويوفقها للحق، فإن لم تستجب وخشيت منها إفساد الأولاد وتنشئتهم على دينها ففارقها واختر امرأة مؤمنة صالحة تعينك على الخير، وتربي أبناءك عليه، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(9/1730)
حكم استضافة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استضافة غير المسلم في المنزل لفترة من الزمن سواء كان ذكرا أم أنثى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إكرام المسلم للضيف الوافد عليه مشروع، ويدل له قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. رواه البخاري ومسلم.
وأما طلب المسلم للكفار أن يأتوه في منزله لفترة من الزمن، فينظر فيه فإن كان يترتب عليه مصلحة كهدايتهم فهو مشروع لما في الحديث: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
وإن كان لتحقيق مصلحة دنيوية كخدمة لا يمكن أن يحققها مسلم فلا حرج في ذلك، وأما إن أمكن الاستغناء عنهم بالمسلمين فإنه يتعين تقديم المسلم فيها.
وأما إذا كان لا يريد منها مصلحة وإنما يريد الإحسان إليهم وكانوا مسالمين فإنه لا حرج في الإحسان إلى الكافر المسالم، وليكن ذلك بنية دعوته إلى الإسلام وتحبيبه إليه، ويدل لذلك قوله تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون.
ويتعين في جميع الأحوال الالتزام بالشرع، فلا يجاملهم بتضييع فرض أو ارتكاب محرم، وعليه أن يتحفظ من مخالطة الأجانب من النساء إذا كان رجلاً، ومن الرجال إذا كان امرأة.
فلا تستضاف النساء إلا إذا وجدت امرأة تستقبلهن، وكن في ستر عن الرجال، وكن مأمونات التأثير على النساء، ولتحافظ المسلمات على ستر عوراتهن.
ولا يستضاف الرجال عند النساء، ولا يسمح لهم بمخالطتهن.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 15289 / 3681 / 32852 / 10147 / 31009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(9/1731)
حكم إهداء الكافر ثوب حرير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أهل الكتاب من اليهود والنصارى مخاطبون بالأمور الشرعية؟ أي هل يجوز للرجل المسلم أن يهدي ثوب حرير لرجل نصراني أو لحم خنزير وما الدليل والدليل المقابل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي رجحه أهل العلم وهو ما عليه الجمهور أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع، وبالتالي لا يجوز للمسلم أن يهدي أحدهم ثوب حرير ليلبسه هو، وأما إن كان سيُلبسه زوجته أو إحدى قريباته فلا بأس بذلك.
وأدلة كونهم مخاطبين بفروع الشريعة كثيرة جداً، ويمكنك أن تراجعها في الفتوى رقم: 20318.
وأما دليل من يقول بأنهم غير مخاطبين بالفروع، فهو أنها ما دامت غير صحيحة ولا هي مقبولة منهم، فلا معنى لمطالبتهم بها، وهو دليل مرجوح كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(9/1732)
مصافحة المرأة المسلمة للمشركة لاتنقض الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن موضوع مصافحتي للنساء الأجنبيات هنا في هذا البلد (ألمانيا) خصوصا اذا كنت متوضئة وهل هذا ينقض الوضوء أو لا فكما نعلم أنهن مشركات نجسات ولزوجي صديق مسلم متزوج من كتابية أضطر في كثير من الأحيان لزيارتهاومصافحتها مع كوني متوضئة للصلاة ولا أعرف بعدها جواز وضوئي.
كما أود أن أسألكم عن وجوب صلاة الجماعة بين الزوجين في حال عدم وجود عذر قوي مع العلم أن لدي طفلا صغيرا أخاف عليه وقت الصلاة فأتناوب مع زوجي.
شكرا لجهودكم وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة المرأة المسلمة للمرأة المشركة مكروهة، ولا تنقض الوضوء، وراجعي الفتوى رقم: 36289، والفتوى رقم: 3243، والفتوى رقم: 34684.
وأما صلاة الجماعة فهي واجبة على الرجال دون النساء، ويجب أداؤها في المسجد إلا من عذر.
وعليه؛ فلا يجب عليك أن تصلي مع زوجك جماعة، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 41612 / 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(9/1733)
أهل الكتاب والذمة وموقف المسلم منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم أهل الكتاب والذمة؟ وما موقف الإسلام والمسلمين منهم؟ وما تم ذكره في القرآن الكريم عنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلمعرفة من هم أهل الكتاب، راجع الفتوى رقم: 21533. ولمعرفة من هم أهل الذمة، راجع الفتوى رقم: 25713 ولمعرفة بعض الآيات الواردة في أهل الكتاب، راجع الفتوى رقم: 2924. وأما موقف الإسلام منهم وحكم التعامل معهم، فمبحث طويل تجد بعض تفاصيله في الفتاوى التالية أرقامها: 23135، 3308، 3681، 16109، 6067، 36114. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(9/1734)
مباهلة أهل الكتاب مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز المباهلة مع أهل الكتاب كما ذكر في القرآن الكريم أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا النصارى إلى ذلك فأبوا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمباهلة أهل الكتاب جائزة، ولا يختص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما هو مبين في الفتوى رقم:
15098
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(9/1735)
الزواج بالمسيحية التي لم تسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج بالمسيحية قبل إسلامها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الزواج بالمسيحية قبل إسلامها، ويشترط لذلك شروط تجدها في الفتوى رقم: 7819.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 8674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(9/1736)
وجه الفرق بين المسلم والمسلمة في الزواج من أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يجوز للرجل المسلم الزواج من غير المسلمة والعكس حرام أي أن تتزوج المسلمة من غير المسلم؟ وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم الزواج بالكتابية بشروط مذكورة في الفتوى رقم: 25840 ولا يجوز للمسلمة الزواج بكافر كتابي أو غير كتابي، وهذا محل إجماع، وانظر الفتوى رقم: 20203 وسبب التفريق مذكور في الفتوى رقم: 31025 والفتوى رقم:
1222
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(9/1737)
كيفية مناداة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا للمنافق سيدنا فان يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم.
السؤال هو: كيف ينادى الكافر وخاصة إذا كان صاحب العمل، فقد أعتاد الناس أن يقولوا (مستر) بالإنجليزية أو (موسيو) بالفرنسية، فإذا كان لا يجوز مدحه ومخاطبته بهذه الألقاب فكيف ينادي، وخاصة إذا كان المسلم في بلاد الكفار، أفتونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ "السيد" يطلق ويراد به المالك، ويطلق أيضاً ويراد به زعيم القوم ورئيسهم، وإطلاق لفظ "السيد" على الشخص فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من منع إطلاق هذا اللفظ على الشخص واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له بعض الناس أنت سيدنا قال: السيد الله، والحديث رواه أحمد وأبو داود والبخاري في الأدب المفرد.
ومنهم من أجازه واستدل بعدة أدلة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: قوموا إلى سيدكم. يعني سعد بن معاذ، والحديث رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري.
أما إطلاق لفظ السيد على الكافر فقد جاء الحديث صريحاً في النهي عنه، وذلك في ما رواه البخاري مرفوعاً في الأدب المفرد وأبو داود واللفظ له: لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل.
قال في عون المعبود قوله: فقد أسخطتم ربكم عز وجل، أي أغضبتموه، لأنه يكون تعظيماً له وهو ممن لا يستحق التعظيم، فكيف إن لم يكن سيداً بأحد من المعاني فإنه يكون مع ذلك كذباً ونفاقاً. انتهى.
بل إن بعض العلماء منع من إطلاق هذا اللفظ على الفسقة والمبتدعة، وقد بوب الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين، فقال "باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بسيد ونحوه"، وساق فيه حديث بريدة المتقدم: لا تقولوا للمنافق سيد. الحديث.
قال ابن علان رحمه الله: قوله "ونحوهما" من الظلمة وأعوانهم، وقوله "بسيد ونحوه" مما يدل على التعظيم. انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله في أحكام أهل الذمة 3/1322 "فصلُُ: خطاب الكتابي بسيدي ومولاي": وأما أن يخاطب بسيدنا ومولانا ونحو ذلك فحرام قطعاً. انتهى.
فبناءً على ما تقدم فإنه لا يجوز أن يقال للكافر يا سيد، ولكن إذا ترتب على ترك مخاطبته بذلك مفسدة أكبر، فلا حرج في تسميته بذلك إن شاء الله، ولهذا قال ابن علان رحمه الله: ومحل النهي ما لم يحس من تركه ضرراً على نفسه أو أهله أو ماله. انتهى.
وأما قول السائل كيف ينادى الكافر؟ فالجواب: ينادى باسمه فيقال يا جون مثالاً أو يا بيتر ونحو ذلك، ولا بأس من مناداته بكنيته فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسقف نجران أسلم يا أبا الحارث.
وقال صلى الله عليه وسلم لما دخل على سعد بن عبادة ما ترى ما يقول أبو الحباب؟ وأبو الحباب هو عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، وقال عمر لنصراني أسلم يا أبا حسان، وقد ذهب إلى جواز تكنيتهم الإمام أحمد، وقال لطبيب نصراني يا أبا إسحاق
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(9/1738)
حكم الابتداء بالسلام على القسيس ومصافحته
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهب إخوان لنا إلى المخيم الإسلامي وأثناء تجولهم رأوا قسيساً فسلموا عليه وصحافوه فأنكرت أنا ذلك لأنه سيقوي عزمه، فهل هذا صحيح.... وهل يجوز للمسلم الدخول إلى كنيسة ليرى الآثار ويتأملها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم السلام على الكافر والرد عليه، فذهب أكثرهم إلى منع ابتدائه بالسلام ووجوب الرد عليه إذا سلم، وليقل في رده: وعليكم، أو عليك.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ... رواه مسلم.
وذهب بعضهم إلى جواز الابتداء والرد، وفصَّل آخرون فقالوا: يجوز عند الضرورة أو للحاجة أو المصلحة المعتبرة، والأولى للمسلم في مثل هذه الحال أن يستعمل معهم كلاما يفيد التحية من غير لفظ السلام، فيقول لهم مثلاً: كيف حالكم ...
ولمزيد من الفائدة وأقوال العلماء نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6067.
وقد كره بعض أهل العلم مصافحتهم، ولتفصيل ذلك انظر الفتوى رقم: 36289.
وعلى هذا، فإن ما فعله هؤلاء الإخوة لا ينبغي، لما فيه من تشجيع القسيس وإظهار الاحترام له، ومن تاب تاب الله عليه.
نسأل الله تعالى التوفيق والهداية للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1424(9/1739)
ضوابط مصاحبة النصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
لقد تعرفت على شاب نصراني يدرس الإسلام فأحببت أن أساعده عسى الله أن يهديه على يدي أرجو من سيادكم أن ترشدوني إلى حدودي في التعامل معه مثلاً: هل يجوز لي الأكل والشرب معه أو المزاح معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لك أن تتعامل مع الشاب النصراني بكل ما لا ينافي العقيدة الإسلامية. فتبره وتحسن إليه ولا تظلمه في شيء من حقوقه. قال تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
ولك كذلك أن تأكل معه وتشرب، مادام المأكول والمشروب مما أذن فيه شرعًا؛ لأن نجاسة المشركين التي تحدث عنها القرآن معنوية وليست عينية. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 16109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(9/1740)
حكم تقبيل الكافر ومصافحته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام علكم ورحمه الله وبركاته
هل يجوز تقبيل المرأة المسلمة للمرأة النصرانية أو لأي امرأة على ديانة أخرى أو مصافحتها؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن تقبيل المرأة المسلمة للمرأة غير المسلمة، وذلك في الفتوى رقم: 32114.
أما عن مصافحة المرأة المسلمة للمرأة الكافرة فإنها مكروهة. قال ابن قدامة في المغني: وسئل- أي الإمام أحمد- عن مصافحة أهل الذمة فكرهه. اهـ
وفي شرح الحصكفي على تنوير الأبصار: كُره للمسلم مصافحة الذمي. اهـ
وفي حاشية العدوي على الكفاية: ولا يصافح المسلم الكافر؛ لأن الشارع طلب هجره ومجانبته، وفي المصافحة وصل منافٍ لما هو مطلوب. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(9/1741)
مس الكافر وتمكينه من كتب العلم الشرعي.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للكافر أن يمس كتب العلم الشرعي كالتفسير والحديث والعقيدة، وغيرها كالنحو والأدب، وهل يجوز بيعها له وإهداؤها إليه، وإذا لم يرد الكافر من كل ذلك أن يسلم، فهل تجوز الأمور السابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تمكين الكافر من كتب العلم الشرعي والذكر بأي وجه كان ذلك التمكين من بيع أو هبة أو غيره، وذلك خشية إهانته لها لأنهم في الغالب لا يتحرزون من وضعها في الأماكن القذرة ورميها ووضعها كوسائد، وغير ذلك من أشكال الإهانة. أما المصحف فلا يجوز تمكينهم منه قطعاً إلا ما كان من كتابه الآية والآيتين ولنورد بعض أقوال العلماء في ذلك: قال الباجي في شرح الموطأ: مسألة: ولو كان أحد من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره لم يرسل إليه به لأنه نجس جنب ولا يجوز له مس المصحف، ولا يجوز لأحد أن يسلمه إليه ذكره ابن المجاشون، وكذلك لا يجوز أن يعلم أحد من ذراريهم القرآن؛ لأن ذلك سبب لتمكنهم منه، ولا بأس أن يقرأ عليهم احتجاجاً عليهم به، ولا بأس أن يكتب إليهم بالآية ونحوها على سبيل الوعظ كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ: وقوله: مخافة أن يناله العدو يريد أهل الشرك لأنهم ربما تمكنوا من نيله والاستخفاف به، فلأجل ذلك منع السفر به إلى بلادهم.
وفي شرح الخرشي: (قوله خشية الإهانة) أي بوضعه في الأرض والمشي عليه بنعالهم (قوله فيه الآيات إلخ) يتعارض معنى الجزء من القرآن، إلا أن في شرح عبد الباقي أن المراد بالمصحف ما قابل الكتاب الذي فيه كالآية، وينبغي تحريم السفر بكتب الحديث كالبخاري لاشتماله على آيات كثيرة وحرمة ما ذكر، ولو طلبه الملك ليتدبره خشية الإهانة (قوله والمصحف قد يسقط ولا نشعر به) فيأخذونه فتحصل منهم إهانته.
وفي شرح الحصكفي: ونهينا عن إخراج ما يجب تعظيمه ويحرم الاستخفاف به كمصحف وكتب فقه وحديث وامرأة، ولو عجوز لمداواة هو الأصح ذخيرة وأراد بالنهي ما في مسلم: لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو (إلا في جيش يؤمن عليه) فلا كراهة لكن إخراج العجائز والإماء أولى (وإذا دخل مسلم إليهم بأمان جاز حمل المصحف معه إذا كانوا يوفون بالعهد) ؛ لأن الظاهر عدم تعرضهم هداية.
وفي المجموع لـ النووي: الحادية عشر: اتفقوا على أنه لا يجوز المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم لحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو واتفقوا أنه يجوز أن يكتب إليهم الآية والآيتان وشبههما في أثناء كتاب، لحديث أبي سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم كتابًا فيه: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الآية.
وفي الآداب الشرعية: ويحرم السفر به إلى أرض العدو للخبر المتفق عليه. وقيل إن كثر العسكر وأمن استيلاء العدو عليه فلا، لقوله في الخبر مخافة أن تناله أيديهم. وقال في المستوعب: يكره أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو إلا أن يكون العسكر كثيرًا فيكون الغالب فيه السلامة، والأول هو الذي ذكره في الشرح وقدمه في الرعاية. وللإمام ونائبه أن يكتبا في كتبهما إلى الكفار آيتين أو أقل كالتسمية في الرسالة. اهـ
ومن أقوال الفقهاء يتبين أن العلة في النهي عن ذلك هي خشية الإهانة، فإذا تيقن الشخص أن هذا الكافر لن تحصل منه أي إهانة جاز له أن يمكنه من كتب العلم الشرعي فحسب. أما القرآن فلا يجوز ولو تيقن عدم الإهانة لأن الكافر جنب لا يجوز له مسه، أما مسه غير القرآن من كتب العلم فجائز ما لم يكن القرآن هو الأكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(9/1742)
جواز إقامة علاقة بغير المسلم مقيد بشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا مسلمة ومحجبة والحمد لله وأحب ديني كثيرا ولي بعض الصديقات النصرانيات أقابلهم كثيرا في الجامعة وأحيانا كثيرة أتبادل معهم الحوار عبر الهاتف، ومنهم واحدة متعلقة بي جدا وتعتبرني صديقتها المفضلة.. فما الحكم في هذه الصداقة؟؟؟؟ ... مع العلم بأنها تحترم الإسلام والمسلمين ... فهل هذه الصداقة موجبة لغضب الله؟؟؟ وهل يجب علي أن أبتعد عنها؟؟؟ ... أرجو تقديم أدلة ...
شكرا لكم على الاهتمام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك -إن شاء الله- في صلة هذه الفتاة وبرها والإحسان إليها؛ لقول الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين [الممتحنة: 8] إلا أن هذا الجواز مقيد بعدم وجود المودة والمحبة لها في القلب، فإذا انتفى هذا القيد لم يجز لك برها وصلتها، لما قد يترتب على ذلك من الاستحسان والرضا بما هي عليه من الكفر، ثم إن عليك استغلال هذه العلاقة في دعوتها إلى الإسلام وبيان محاسن هذا الدين لها، لعل الله تعالى أن يجعل هدايتها على يديك، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى 25510
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(9/1743)
لا يحكم على أبناء غير المسلمين بأنهم أبناء زنا بإطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المعلوم أن دين النصارى واليهود هو دين باطل، وقد نسخت هذه الأديان بالإسلام.. وبالتالي كل شرائع الديانتين وما يصدر منهما من أحكام هي باطلة ... سؤالي على هذا الأساس: هل نعتبر الآن أن كل أبناء اليهود والنصارى هم أبناء زنا حتى وإن كانوا من أبوين متزوجين على حسب شريعتهم.. هل نعتبرهم أبناء زنا وكذا آباؤهم.. باعتبار أن ديانتهم باطلة وبالتالي عقد مراسيم الزواج باطلة لبطلان الأساس.. هذا سؤالي وأرجو منكم مشكورين الإجابة الشافية عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك ولا ريب أن اليهود والنصارى حرفوا وغيروا وبدلوا ما بأيديهم من التوراة والإنجيل، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم:
9732.
وما لم يبدل أو يحرف فهو منسوخ بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [المائدة:48] ، ولكن بقاءهم على ما هم عليه من الدين المنسوخ في معاملتهم ومناكحتهم ونحو ذلك فيما بينهم مما يعتقدون صحته يجعله صحيحاً، ولا يحكم على أولادهم بأنهم أولاد زنا إلا إذا علم أنهم أنجبوهم من طريق باطل في دينهم، والدليل على هذا إقرار الإسلام لهم على انتسابهم إلى آبائهم، وإثبات الولاية للأب من أهل الكتاب على ابنته، وعقد النكاح بها للمسلم والتوارث بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(9/1744)
الواجب الحذر خشية الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد فى الدول الأوربية بعض الشباب الذين يعملون في التبشير، فما هو حكم من يستمع إليهم من المسلمين من باب الفضول لمعرفة ما يقولون عن دينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو عدم جواز الاستماع إلى أهل الباطل لما في ذلك من إقرار لهم على باطلهم، وتكثير لجمعهم، ولما قد يترتب على ذلك من فتنة القلب بما يلقونه من الشبهات، وإذا كان أهل العلم يحذرون من الاستماع لأهل البدع وهم من المسلمين، فالتحذير ممن هو على غير ملة الإسلام أولى وأحرى.
والقول بعدم جواز الاستماع إليهم محله فيما إذا لم تترتب على ذلك مصلحة شرعية، فإن ترتبت على ذلك مصلحة شرعية كرد باطلهم ممن رسخت قدمه في العلم، جاز حينئذ الاستماع إليهم، ولتراجع الفتوى رقم: 24320، والفتوى رقم: 28586 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(9/1745)
حكم تحية أهل الكتاب بـ صباح الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[1- كيفية معاملة النصارى (المحرفين لدينهم)
2- بدء النصارى (الذين يدعون لله ابنا) بالسلام بصيغة " صباح الخير" "مرحبا" والابتسامة والترحيب؟ أم الأفضل تجاهلهم تماما؟؟
3- ما صحه وتفسير حديث الرسول "لا تبدأوا أهل الكتاب بالسلام و..... وإن لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه"؟؟ برجاء الإفاضة من علمكم في هذا الموضوع بدليله وصحته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم معاملة الكفار وضوابطها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3681، 18719، 17051، 15908، 9896.
وبيان حكم ابتدائهم بالسلام في الفتوى رقم: 6067، والفتوى رقم: 26470.
أما أن يُبدأوا بالسلام مثل صباح الخير، ومرحبا، ونحو ذلك، فالأظهر جوازه، لأن الأحاديث إنما وردت بالنهي عن بدئهم بالسلام دون غيره، وفي السلام من إعزازهم وإكرامهم ما ليس في غيره، وقد عدد ابن القيم ما في السلام من المعاني العظيمة ككونه اسما لله تعالى، وشعارا للمسلمين فيما بينهم، ودعاء بالسلامة ... إلخ ثم قال: فحقيق بتحية هذه شأنها أن تصان عن بذلها لغير أهل الإسلام، وألا يُحيَّا بها أعداء القدوس السلام.
والأولى ترك بدئهم بالتحية مطلقا، إلا إذا كان في بدئهم بذلك مصلحة شرعية، كتأليفهم لقبول الإسلام، أو دفع شرهم ونحو ذلك من المصالح الشرعية، لأن ذلك أدعى لقطع الأسباب المؤدية إلى مودتهم وموالاتهم.
وحديث: لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه. حديث صحيح رواه أحمد ومسلم وغيرهما
ومعناه: النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام، وحكم بقية الكفار حكم اليهود والنصارى في هذا الأمر لعدم الدليل على الفرق، وأما قوله صلى الله عليه وسلم وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه فمعناه: لا تفتحوا لهم عن الطريق الضيق إكراما لهم واحتراما، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حفرة حتى يضيق عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(9/1746)
التعامل مع الكفار جائز في الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فلسطيني مسلم أعيش بما يسمى إسرائيل (عرب 48) وأنا مهندس مدني، هل العمل في شركات بناء إسرائيلية داخل إسرائيل أو بالضفة الغربية مخالف للشرع، على الرغم من أن العمل بالشركات الإسرائيلية هو مصدر العيش الوحيد لأغلبية المواطنين العرب داخل إسرائيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التعامل مع الكفار يهودا كانوا أو غيرهم جائز في الأصل، وخصوصا إذا لم يكن في العمل معهم إهانة للمسلم أو إذلال له.
أما بخصوص العمل في مجال البناء مع مؤسسات يهودية تبني في أرض مغتصبة فهو أمر محرم شرعا لما فيه من إعانتهم على اغتصابهم لأرض المسلمين وتثبيت أقدامهم عليها، والله عز وجل يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(9/1747)
لا حرج في التعامل مع الكفار وما لم تترتب عليه مفسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزأن يأخذ مسلم لنفسه الإجازة الشخصية من شرطة الشيوعيين ليسافر آمنا وأن يعامل المعاملة الاقتصادية وغيرها في داخل الصين الشيوعية؟ ما دليلها فى الإسلام؟ السائل من أويغورية التركستان الشرقية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو جواز التعامل مع الكفار إذا كانوا غير محاربين للمسلمين، على أن يكون هذا التعامل ضمن ما هو مباح شرعاً من بيع أو شراء أو قرض أو غير ذلك من أنواع التعامل المباح، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 19652.
هذا هو الحكم من حيث الأصل، أما إن ترتب على هذا التعامل ضرر على الإنسان من فتنة في الدين، أو ضياع للمال أو غير ذلك فلا يجوز حينئذ التعامل معهم، لأن الضرر يجب أن يزال، لما روى أحمد في المسند عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار. ورواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(9/1748)
لا يجوز تعليق الصليب للذكرى أو لغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المشائخ الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سؤالي هو: لقد كان لدي زميل فى الدراسة فى العام الماضي، وعندما أكملنا الدراسة أهداني بعض الهدايا ومن بينها قطعة خشبية على شكل الصليب، ولقد وضعتها فى الغرفة وغرضي الوحيد هو للذكرى فقط علما بأن زميلي هو ياباني الجنسية وهو غير مسلم، فأرجو من سماحتكم أن تبينوا لي هل وضع هذا التمثال الذي يعبر عن الصليب حرام أم غير ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتعليق هذا الصليب لا يجوز سواء أكان ذلك للذكرى أو لغيرها، بل لا يجوز اقتناؤه ولو لم يعلق، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه، رواه البخاري وغيره.
وهذا التعليق من شعائر الكفر التي يجب على المسلم أن يبتعد عنها، ومتى فعله المسلم وهو يعلم أنه من شعائر الكفر كفر بذلك.
واعلم أن الكفار لا يألون جهداً في إضلال المسلمين عن دينهم، وما فعله هذا الشاب هو من هذا القبيل، وهو استدراج منه لك لتوافقه على الكفر، فكان الواجب أن تغار لدينك ولا تقبل هذه الهدية الخبيثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(9/1749)
مسائل في معاملة أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة مسلمة هل السلام والتقبيل للمسيحيات جائز؟ وهل إذا شاهدت شعري أو جسدي فهل هذا جائز؟
وهل صداقتها تعنى عدم طاعة لله؟ وإذا كانت صديقة صدوقة فهل هذا حلال أم يجب أن أتخذ من مسلمة مثلي صديقة لي؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام على السلام على أهل الكتاب، وذلك في الفتوى رقم: 26470، والفتوى رقم: 6067.
والتقبيل عادة يكون عن مودة ومحبة، فالمنع منه متجه.
وتقدم الكلام عن حدود عورة المرأة عند النساء الكافرات، وذلك في الفتاوى التالية: 284، 1265، 21789.
وتقدم الكلام عن مصادقة أهل الكتاب، وكيفية معاملتهم، وذلك في الفتاوى التالية: 1234، 23179، 25510، 24601، 14559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(9/1750)
معاملة أهل الكتاب والسلام عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نبدأ بالسلام على أهل الكتاب وأن نثبت لهم بأننا أصحاب دين السماحة والمساواة أو أن نبتعد عنهم قدر المسنطاع ونتجاهلهم في الأماكن العامة والخاصة بينما يجوز للمسلم أن يتزوج من أهل الكتاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وذلك في الفتوى رقم: 17051، والفتوى رقم: 6067.
ونستطيع أن نقنعهم بأن دين الإسلام هو دين السماحة، ودين العدل (وليس المساواة) بالأخلاق الحميدة والجدال بالتي هي أحسن، وشرح مباديء الإسلام العظيمة، وراجع الفتاوى التالية: 23035، 7885، 22018، 29347.
ولا يلزم من عدم ابتدائهم بالسلام الإساءة وسوء الخلق، ولا يلزم أيضاً لنقنعهم بسماحة الإسلام أن نتنازل عن مبادئنا، أو أن نرتكب المخالفات الشرعية لأجل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(9/1751)
إن تعذر معرفة ورثته أنفقه في وجوه البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وكنت مديناً لأحد المسيحيين بـ 40 ومات وليس له أي أحد ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الأموال أن تؤدى لأصحابها، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، فإن تأكد موت صاحبها فإنها تدفع إلى ورثته، لأنهم أصحاب هذا المال بعد موته، فإن تعذر معرفة أحد من ورثته فإنها تنفق في وجوه البر بنية التخلص من حق الغير، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(9/1752)
الإحسان للكافر دون ميل القلب من سبل الهداية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لها صاحبة نصرانية دائما تتصل بها وتعرض خدماتها وتحب أمي وتأتي لزيارتها وتتكلم في التليفون في اليوم أكثر من مرة وإني لا أعرف كيف أتعامل معها هل أضحك في وجها؟ هل أهزر؟ هل أرحب؟ ولا العكس وهل أمي وقعت هكذا في قضية الولاء والبراء وهل هذا ولاء أم كيف نتعامل معها وأمي لا تريد مفارقتها لأنهم مع بعض 25سنة في العمل وتقضي لها طلباتها لأن أمي كانت مديرتها واستمر تعلقها بأمي حتى بعد المعاش أمي تطلب أن نعاملها جيداً في حياتها وبعد مماتها هل هذا كله صح أم خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما يجب أن يعلم أن الذي يحرم إنما هو موادة المسلم للكافر وحبه له؛ لنصوص كثيرة قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 23135 أما البر والإحسان دون ميل القلب فلا حرج فيه إن شاء الله، لا سيما إن كان ذلك رجاء ترغيب الكافر في الإسلام ودخوله فيه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
4277
وبناء على ما تقدم فإننا نقول للأخت السائلة: لا مانع إن شاء الله من المعاملة الحسنة لهذه المرأة والترحيب بها والابتسامة في وجهها ما دام ذلك لم يقترن بميل قلبي نحوها، لكن لا بد من استحضار بغض ما هي عليه من الكفر، وكذا استغلال هذه العلاقة في دعوتها إلى الإسلام وبيان محاسنه لها، مع الحذر من أن تكون هذه العلاقة والمعاملة الطيبة من جانبها سبباً في حبها ومودتها، وبالتالي الرضا بما هي عليه من الكفر، لأن ذلك قد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(9/1753)
النيل من عرض الكافر بين الإباحة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ذم أهل الكفر والغيبة والنميمة لغير ذي أهل الكتاب وهل سوف يقتص الكافر من المسلم يوم القيامة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحكم يختلف في هذه المسألة حسب حال الكافر، فإن كان كافراً حربياً فعرضه مباح، وإن كان كافراً ذمياً فعرضه محرم. وجاء في أسنى المطالب في الفقه الشافعي قوله: وغيبة الكافر محرمة إن كان ذميا لأن فيها تنفيراً لهم عن قبول الجزية، وتركاً لوفاء الذمة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من سمع ذمياً وجبت له النار. رواه ابن حبان في صحيحه. ومباحة إن كان حربياً، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر حساناً أن يهجو المشركين. انتهى
وما أورده من هجاء حسان للمشركين قد رواه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه: اهج المشركين فإن روح القدس معك.
وأما رواية ابن حبان للحديث الآخر فقد ذكرها بلفظ: من سمّع يهودياً أو نصرانياً دخل النار.
وأما القصاص من المسلم للكافر يوم القيامة، فمن كان مظلوماً من الكفار ممن ثبت له الحق في الدنيا كالذمي الذي عصم ماله ودمه فإنه يقتص له يوم القيامة، ثبت في مسند أحمد عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً فإنه ليس دونها حجاب. وإسناده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(9/1754)
حكم إعطاء الكافر المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعيش مع عائلة أمريكية عام 1981 وتركت عندهم نسخة من القرآن الكريم وعندما زرتهم قبل ثلاث سنوات أخذت لهم نسخة أخرى وبحاشيتها ترجمة لمعاني القرآن الكريم أملاً بأن يهديهم الله للإسلام ما هو الحكم الشرعي؟ وإن كان غير جائز فما العمل؟ مع العلم أني الآن خارج الولايات المتحدة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل ألا يعطى الكافر المصحف خشية أن يهينه أو يعبث به، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو لئلا تناله أيديهم. رواه البخاري ومسلم.
ولكن الكافر يعلم ويقرأ عليه القرآن فإذا أسلم سلم إليه المصحف، ولا مانع من أن يعطى بعض تراجم القرآن، لكن بشرط ألا تصحب بنص عربي منفرد عن ألفاظ الترجمة.
أما وقد حصل ما حصل فإنه يجب عليك أن تتوب إلى الله عز وجل، وألا تقدم على فعل حتى تكون على بينة منه، وذلك بسؤال أهل العلم، قال الله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] .
وننبهك إلى أنه لا يجوز السكن مع عائلات كافرة تضم رجالاً ونساء، لما هم عليه من الكفر وكشف العورات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود.
وليست الحاجة إلى الاستفادة من اللغة مبرراً للاختلاط الذي يؤدي إلى الفتنة والفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(9/1755)
لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السلام على النصارى بقولنا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز ابتداء النصارى بالسلام في الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ... إلخ. الحديث رواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: النهي للتحريم، فالصواب تحريم ابتدائهم. انتهى
وسواء كان ذلك بلفظ "السلام عليكم" أو "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
وفي المسألة تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم:
6067 - والفتوى رقم:
17051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1756)
يعامل الكافر بالبر والقسط دون المحبة والمودة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر النصارى كفاراً وما حكم من يتعامل معهم بخلق حسن؟ ويخلص لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن لم يدن بالإسلام بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر، سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 2924
وأما معاملة أهل الكتاب بخلق حسن فلا حرج فيها إذا لم يكونوا محاربين؛ بل كانوا ذميين أو مستأمنين، لقوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)
ويجب التنبه إلى أن هناك فرقاً بين البر والقسط والإحسان، وبين المحبة والمودة والمصادقة والإخلاص لهم كما عبر السائل، فلا مودة بين مسلم وكافر، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)
وقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(9/1757)
حكم عيادة المريض الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زيارة النصراني المريض لكونه زميلا لنا في العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج شرعاً من عيادة المريض الكافر، بل تشرع إذا كان الغرض منها تأليف قلبه، ودعوته إلى الإسلام.
فقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم عاد غلاماً يهودياً يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاه إلى الإسلام، فأسلم الغلام.
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم عاد عمه أبا طالب لما حضرته الوفاه، ودعاه إلى الإسلام.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه أن أبا الدرداء عاد جاراً له يهودياً.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن عيادة المريض النصراني واتباع جنازته، فقال: لا يتبع جنازته، وأما عيادته فلا بأس بها، فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1758)
صنع الطعام لأهل الميت الكتابي.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صنع الطعام لأهل الميت الكتابي إذا كانوا يصنعون الطعام لأهل الميت المسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج من صنع الطعام لأهل الميت الكتابي إذا كانوا مسالمين؛ لأن هذا من باب البرِّ بهم والإحسان إليهم، وقد ندبنا الله تعالى إلى ذلك بقوله عز وجل: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
فالله تعالى يحب المقسطين، أي المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم، فهذه صفة المسلم مع الناس جميعًا، أن يكافأ الإحسان بالإحسان وزيادة، لا سيما إذا كان المحسن إليه جارًا أو قريبًا.
ومما يروى عن عبد الله بن عمرو أنه كان يوصي غلامه، ويؤكد عليه أن لا ينسى جاره اليهودي من ذبيحة ذبحها، فلما سأله الغلام عن سر اهتمامه بهذا الأمر، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه أبو داود.
واسم الجار يشمل المسلم والكافر والعابد والفاسق، وفي هذا يقول الله تعالى: وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ [النساء:36] .
أي البعيد في النسب أو في الدين أو في الدار.
يقول الإمام القرطبي في تفسير الآية السابقة: وعلى هذا فالوصاة بالجار مأمور بها مندوب إليها مسلماً كان أو كافراً، وهو الصحيح، والإحسان قد يكون بمعنى المواساة، وقد يكون بمعنى حسن العشرة وكف الأذى والمحاماة. انتهى 5/171
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(9/1759)
ضوابط التعامل مع النصارى لمن ابتلي بالعمل أو السكن معهم.
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبة ولنا في المستشفى سكن يشترك فيه معنا بعض النصرانيات، فهل لي أن استعمل حاجياتهم وأن أسمح لهم باستخدام حاجياتي؟؟؟ وهل لي أن آكل من طعامهم وشرابهم أو طعام من شرائهم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتعامل مع أهل الكتاب تحكمه ضوابط عامة، أهمها:
1- اعتقاد أن كل من دان بغير الإسلام فهو كافر، سواء كان نصرانيًّا أو يهوديًّا أو وثنيًّا أو لا دين له.
2- أنه لا يجوز موالاة الكافر ولا مودته، لنهي الله تعالى عن ذلك في آيات كثيرة منها قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] . وقوله: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً [آل عمران:28] . وقوله: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22] .
3- جواز البر والقسط لمن لم يكن منهم محاربًا للمسلمين، لقوله سبحانه: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
4- جواز الأكل من ذبائحهم بشرط أن يكونوا أهل كتاب يهوداً أو نصارى، وبشرط ألا تكن ميتة أو منخنقة أو موقوذة، وإنما ذبحت ذبحًا شرعيًّا. كما أن طعام المسلم حلال لهم، لقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5] . فللمسلم أن يأكل من ذبائحهم ومن سائر طعامهم إذا خلا من محرم كالخمر أو الخنزير أو النجس أو الشيء الضار.
5- أن يحذر المسلم من الاستماع إلى شبهاتهم أو النظر في كتبهم إلا إذا كان لمصلحة الرد عليها، من مختص متمكن من معرفة الحق وتفنيد الباطل.
6- أن تحذر المسلمة من كشف محاسنها أمام نسائهم؛ لأنهم لا يؤتمنون على ذلك، وقد يصفن المسلمة لإخوانهنَّ أو أصدقائهنَّ، أو يحسدن المسلمة على ذلك، والحسد قريب إلى قلب الكافر الذي لا يستضيء بنور الإيمان. ومن هؤلاء الكافرات من يعمد إلى عمل السحر للمسلمات، مكرًا منهنَّ وكيدًا، فيجب الحذر من ذلك.
7- أن يحرص المسلم على دعوة هؤلاء إلى الإسلام، وأن تكون تصرفاته معهم نابعة من هذا الهدف العظيم، فله أن يزورهم وأن يعود مرضاهم وأن يعيرهم بعض أغراضه مما يحتاجون إليه، بهذه النية الحسنة، وهي ترغيبهم في الإسلام وإيقافهم على أخلاق أهله بشرط ألاَّ يستعينوا بشيء من هذه الأغراض على ما حرم الله تعالى، فلا تعار السكين لمن علم أو غلب على الظن استعماله لها في الخنزير.. وهكذا.
8- يجب أن يكون المسلم معتزًا بدينه، متمسكًا بإسلامه في جميع مواقفه، ولا يخجل من بيان الحق، وإيضاح موقف الدين في كل قضية يقع الاختلاف فيها، وأن يستعين بأهل العلم في ذلك إذا لم يمكنه هذا بنفسه، وأن يحرص المسلم على إظهار شعائر الإسلام من الصلاة والصيام وقراءة القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(9/1760)
رؤية الشرع للإحسان للنصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن مساعدة الشخص النصراني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز شرعاً البر والإحسان لمن لم يكن من المحاربين للمسلمين من أهل الكفر، كما قال تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
وقد أورد الإمام البخاري في صحيحه هذه الآية تحت باب"الهدية للمشركين" وأورد فيه حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك.
ومن أراد مساعدة هؤلاء فليستحضر نية جذبهم إلى الإسلام لعل الله جل وعلا يجعل تلك المساعدة سببا في جرهم إليه، فينال الشخص ثواب ذلك وهو ثواب عظيم، ويحاول أن يستغل إحسانه إليهم في دعوتهم إلى الله فالنفوس مجبولة على حب من ساعدها، ولا ريب أن في هذا البر والإحسان كثيراً من المصالح الشرعية، من تأليف القلوب على الإسلام ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(9/1761)
هدي الشرع في معاملة غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن كيفية معاملة أصحاب الديانات الأخرى حسب ما أمرنا به الله ورسوله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام قد وضع أسساً وضوابط عامة تحكم تعامل المسلم مع أصحاب الديانات الأخرى من يهود، ونصارى، وغيرهم إذا كانوا غير محاربين للمسلمين، ومن هذه الأسس:
أولاً: عدم الموالاة والمودة لمن كان على غير ملة الإسلام، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء [الممتحنة:1] .
ويدخل في هذه الموالاة: مشاركتهم في أعيادهم أو تهنئتهم بها، أو التشبه بهم في الزي وغيره، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو دود.
ثانياً: الإحسان إليهم، ومعاملتهم بالعدل، ماداموا مسالمين، قال تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
ثالثاً: جواز التعامل معهم بالبيع والشراء، والقرض، والرهن وغيرها من وجوه المعاملات الشرعية، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(9/1762)
شروط إباحة الأكل والتعامل مع الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبعد:
سؤالي هو ما حكم الدين في من يأكل مع أفراد من طائفة السيخ الهندية على مائدة واحدة وأحيانا في طبق واحد وما حكم العمل في مكان واحد في إحدى الدول العربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكافر ليس نجس العين، وإنما هو نجس القلب والعقيدة، قال تعالى: (إنما المشركون نجس) [التوبة:28]
وعليه، فلا بأس في أن تأكل مع كافر نصرانياً كان أو غيره، وسواء اشتركتما في الأكل على مائدة واحدة، أو اشتركتما في الأكل من طبق واحد، ولكن يشرط لكل ذلك أن يكون الطعام المأكول حلالاً، وأن لا يوجد على المائدة طعام أو شراب حرام. أو يصاحب الأكل منكر آخر من عزف أو اختلاط أو غيرهما.
وقد روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة، فأجابه عليه الصلاة والسلام.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم:
5263
ولا بأس بالعمل معهم في مكان واحد إذا كان العمل حلالاً في ذاته، ولكن لا تنس أن تجتهد في دعوة هؤلاء القوم إلى الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(9/1763)
إلقاء التحية والسلام على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السلام على الكفار]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في السلام على الكافر ابتداءً، وفي رد السلام عليه إن سلم هو، فأكثر العلماء من السلف والخلف على تحريم الابتداء ووجوب الرد عليه، فيقول في رده على سلام الكافر: وعليك أو عليكم. واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه" رواه مسلم.
وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام وكذلك ردنا عليهم، وهو مذهب ابن عباس وأبي أمامة وابن محيريز وهو وجه عند الشافعية، لكن باللفظ المفرد كأن يقول: السلام عليك للواحد، والسلام عليكم للجماعة، بخلاف المسلم فإنه يسلم عليه بلفظ الجمع سواء كان مفرداً أو جماعة.
وذهبت جماعة إلى أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة، أو لسبب معتبر كمصلحة دينية مرجوة، وهو قول عكرمة والنخعي، وعن الأوزاعي أنه قال: إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد ترك الصالحون.
والأظهر ـ والله أعلم ـ أن المسلم إذا كان في دار الإسلام فإنه يحرم عليه ابتداؤهم بالسلام لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام.." وغيرهم من الكفار من باب أولى، إلا إذا كان المسلم في دار الكفر بينهم فله أن يسلّم عليهم مبتدئا وراداً، مصانعة لهم ودفعاً للضرر الذي قد يحصل من ترك السلام عليهم، والأولى أن يستعمل كلاما يفيد التحية، غير لفظ السلام. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(9/1764)
حدود معاملة غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز توظيف غير المسلم وهل هناك فرق بين أهل الكتاب والملل الأخرى وهل يجوز التصدق على الفقير الغير مسلم أو مساعدته علاجيا وكذلك نقوم بعمل موائد عامة في رمضان فاذا حضرها غير المسلم بغير علمنا فهل نؤجر عليه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فلا شك أن الأولى بالمسلم إذا أراد أن يوظف أحداً أن يختار الموظف المسلم لعدة اعتبارات، منها أن أغلب المسلمين يعانون من الفقر والبطالة، فهم أولى بفرص العمل التي عند إخوانهم المسلمين.
ومنها أن هذا الأجر الذي سيدفعه للموظف المسلم ستتغذى به أجسام تؤمن بالله تعالى وتركع وتسجد له سبحانه وتعالى.
ومنها أن هذا الأجر الذي ستدفعه له سيصونه عن ذل المسألة وتكفف الناس، إلى غير ذلك من الاعتبارات الكثيرة، إلا أنه إذا كانت لدى المسلم وظيفة ولم يجد من يحسنها من المسلمين، فلا حرج في توظيف غير المسلم فيها، وقد أجّر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط دليلاً في سفره مهاجراً، وعبد الله مشرك إذ ذاك، والحديث في صحيح البخاري.
ولا فرق بين أهل الكتاب وغيرهم من الملل من حيث إنهم كفار ضالون جميعاً، من مات منهم وهو على ما هو عليه من الكفر فهو خالد في النار أبداً. وهم أعداء بالجملة للمسلمين.
أما من حيث توظيفهم عند المسلمين، فمن كان منهم في حالة حرب مع المسلمين، أو كانت عداوته لهم بادية فلا يجوز للمسلمين أن يوظفوه، سواء كان من أهل الكتاب أو من غيرهم، لما في ذلك من الدعم المباشر أو غير المباشر لأعداء المسلمين.
ويجوز التصدق على غير المسلم ومساعدته إذا لم يكن في حالة حرب مع المسلمين، وخاصة إذا كان هذا الكافر بينه وبين المسلم رحم، أو كان يرجو بالتصدق عليه أو مساعدته استعطافه إلى الإسلام وتأليف قلبه، كما أنه لا حرج في حضوره موائد الإفطار في رمضان، وخاصة إذا تضمن ذلك دعوته إلى الله تعالى، وتؤجرون على ذلك.
قال الله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) . [الممتحنة: 8] .
وفي المسند عن مالك بن جعشم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " في كل ذات كبد حرّاء أجر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1765)
تعزية أهل الكتاب جائزة بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مشاركة اليهود في تعازيهم عند وفاة أحد أفراد عائلتهم, مع العلم أن معظم معاملتنا معهم في نفس شركة العمل؟ أجيبونا يرحمكم الله مع ذكر المصادر وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإن تعزية اليهودي والنصراني وغيرهما في مصيبة تنزل بهم مما اختلف أهل العلم في حكمها، فيرى جوازها بعض أهل العلم، وبعضهم قيدها بالمصلحة الشرعية، كدعوته، أو كف أذاه.. ونحو ذلك. والعلماء الذين ذكروا جواز تعزية الكافر نصوا على أن يتخير المعزي الألفاظ التي ليس فيها محذور شرعي. ومن الألفاظ التي ذكرها العلماء في ذلك " أي في تعزية الكافر" أخلف الله عليك ولا نقص عددك" ذكر ذلك النووي وابن قدامة (انظر في ذلك: المجموع شرح المهذب: 5/275) (وانظر المغني لابن قدامة: 2/410) . وقال بعضهم يقول له: أعطاك الله على مصيبتك أفضل مما أعطى أحداً من أهل دينك. ولو قال أيضاً: جبر الله مصيبتك أو أحسن لك الخلف بخير وما أشبهه من الكلام الطيب فلا بأس، ولا يدعو للميت بالرحمة والمغفرة ونحو ذلك مما يُدعى به للمتوفى من المسلمين. ووجه التسامح في باب تعزية غير المسلم في مصابه، أن ذلك من باب حسن المعاملة، والعدل في تبادل الحقوق التي تقتضيها ضرورة المجاورة والمعاملة الدنيوية، كما أنه ليس في التعزية - وعلى ما تبين لك - محذور شرعي ولا موافقة على أمر من أمور دينهم، كما لا يلزم عليها موادة ولا موالاة لهم، وبهذا يظهر لك الفرق بين تسامح أهل العلم في مسألة التعزية والمواساة في أمر دنيوي، وبين التهنئة لهم في أعيادهم ومناسباتهم الدينية، فإن ذلك محرم حرمة مغلظة لما ينطوي عليه من إقرارهم على باطلهم، وموافقتهم على شركهم وإظهار شعائرهم، وما تنطوي عليه أعيادهم من المنكرات، فليتنبه لذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(9/1766)
مسائل في العبيد والرق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سبق للرسول صلى الله عليه وسلم وأن امتلك عبيدا. وكيف أجاز الإسلام العبودية رغم أحاديث دلت على الإخاء بين المسلمين وعدم التفرقة بينهم.
السؤال الثاني ما رأيكم في كلمة (عبد) في بعض الدول العربية وعلى وجه الخصوص في المملكة العربية السعودية رغم أن أكثر السود الذين يلقبون بالعبيد ينتمون إلى قبائل معروفة ورغم ذلك يقال عنهم بأنهم عبيد الفلان من القبائل.
السؤال الثالث كيف يكون الإنسان عبداً وقد ولد من أب حر وأم حرة. ثم فسر لي الحديث المروري عن الرسول صلى الله عليه وسلم. الذي بمعناه..متى ملكتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. أرجو إقناعي بكلمة عبد في الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم عبيد ولكنه أعتقهم كلهم أو أكثرهم على اختلاف في ذلك، وتجد تفاصيل ذلك في كتب السيرة والسنة..
وأما كيف أجاز الإسلام العبودية؟ فإن الإسلام جاء والعبودية شائعة ومنتشرة في أمم الأرض جميعا منذ أزمان قديمة، وتمارس بأبشع الصور، ولا فرق عند تلك الأمم بين أن يؤخذ الرقيق في حرب مشروعة، وبين أن يؤخذ في عدوان ظالم، أو احتيال على أخذ الحر غدراً وخيانة، وأكل ثمنه، أو أخذه في دين عجز عن أدائه.. فضيق الإسلام هذا الباب، وشدد في حرمة بيع الحر، واسترقاقه، وحصر دائرة الرق فيما أخذ عن طريق الجهاد المشروع معاملة بالمثل وردا على الأعداء الذين يسترقون الأسرى وغيرهم من المسلمين؛ فجعل الإسلام لولي الأمر الخيار فيما يراه مناسبا من المنّ على الأسرى أوالفداء أوالاسترقاق.
ثم نظم الإسلام العلاقة بين العبد وسيده بصورة لا توجد في أي أمة أو نظام، فأوصى الله تعالى السادة بالعبيد آكد وصية أن يحسنوا إليهم، كما يحسنون إلى آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم، وأن يطعموهم مما يأكلون، ويلبسوهم مما يلبسون، وأن لا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا {النساء: 36} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم. والحديث في الصحيحين.
وللمزيد عن هذا الموضوع انظر الفتوى رقم: 52036،
وأما كلمة عبد فقد نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره فقال: لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي.
فالعبد لا تضاف إلا لله تبارك وتعالى حفاظا على جناب العقيدة وعلى المشاعر الإنسانية..
وأما قول بعض الناس عبدا أو عبيدا للون معين فلا معنى له؛ لأن العبيد كانوا موجودين في الآسيويين والإفريقيين والأوربيين والآمريكيتين وفي مختلف الألوان والأجناس..
وأما كيف يسترق الإنسان وقد ولد من أبوين حرين؟ فإن هذا لا يصح ولا يجوز في شريعة الإسلام إلا إذا كان كافرا أسر في جهاد في سبيل الله كما سبق.. فجنس الإنسان مكرم بأصله وحر بطبيعته كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا {الإسراء: 70} وهو مقتضى الأثر الذي أشرت إليه، وهو من قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وليس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وسبق تخريجه في الفتويين: 36194، 72701، فنرجو أن تطلع عليهما، وعلى الفتوى رقم: 4492، للمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(9/1767)
النصوص الشرعية في تنظيم العلاقة بين العمال ومستخدميهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة التي تدل على تنظيم الإسلام للعلاقة بين العمال ومستعمليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك نصوص كثيرة من القرآن والسنة يستفاد منها تنظيم هذه العلاقة، فمن ذلك مثلا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
وقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً {النساء: 58} .
وقوله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} .
وقوله عز وجل في وصف أهل الجنة: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {المؤمنون: 8} .
ومما ثبت في السنة من هذا الباب، قوله صلى الله عليه وسلم: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. رواه أبو يعلى والبيهقي، وحسنه الألباني.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم في حق المماليك: إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم. متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كم أعفو عن الخادم؟ فصمت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله، كم أعفو عن الخادم؟ فقال: كل يوم سبعين مرة. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود. وصححه الألباني.
فإن ثبت هذا في حق الخادم المملوك، فثبوته في حق الأجير الحُرِّ أولى وآكد.
وقد سبق بيان أن العلاقة بين العمال والجهة التي يعملون لديها هي علاقة إجارة، وعلى كلا الطرفين التزام أحكام الإجارة الثابتة في كتب الفقه، وذلك في الفتوى رقم: 106055 وراجع للفائدة عن ذلك أيضا الفتويين: 72049، 34956.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(9/1768)
محمد الفاتح.. وتحريم الرق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن أول من ألغى نظام العبودية هو السلطان محمد الفاتح رحمه الله!! حبذا لو توفونا بلمحة تاريخية عن هذه النقطة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن خلال اطلاعنا على ما ذكره بعض الكتاب -والله أعلم بصحته- أن السلطان محمد الفاتح قد اشترط في عهده للصلح بينه وبين أوروبا كتابة اتفاقية تقتضي بتحريم الرق، وأنها كانت تلك أول اتفاقية عالمية في ذلك، ولم يتسن لنا التأكد من هذا الأمر من مصدر موثوق.
ومما ينبغي أن يعلم أن الرق حصل في الإسلام لاعتبارات معينة، وأن الإسلام قد حث على تحرير الأرقاء ورغب في الإحسان إليهم كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 4492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(9/1769)
لا يجوز ظلم الشغالة لإرضاء الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مساعدة مشايخنا وعلمائنا الأفاضل أبقاهم الله تعالى ذخراً للأمة الإسلامية حيث إن موضوعي هو: هل كان تصرفي خطأ أم صحيحا وهو أني قمت ببناء منزل وعند انتقالنا وجدت زوجتي مشقة في العمل اليومي للمنزل حيث كنا سابقا نسكن شقة صغيرة ورحمة بها قمت باستقدام شغالة من الهند ولكن الذي حصل أن زوجتي والشغالة يحدث بينهما سوء فهم، تلك تقول أنا جديدة عليكم لا أفهم تعليمات زوجتك (بواسطة مترجم) وهي تتعجل عليّ أن أفهم كل العمل وبمنتهي السرعة، وزوجتي تقول إنها لا تعمل، لكني أنا أراها تعمل كما أن زوجتي لا تريد أن تترك لها وقت راحة (وقت الظهيرة) بل تريد أن تعمل بصورة متواصلة ومن ثم حصلت مشادة بيني وبين زوجتي على أن لا تريد تلك الشغالة في المنزل وأن أخرجها من المنزل وذهبت بها إلى منزل أختي تجنباً للمشاكل، ولكن أختي قالت لي إنها تريد الشغالة ولما أخبرت زوجتي قالت لي إما أن تسافر الشغالة إلى بلدها الهند أو بكل صراحة أسبب لك متاعب في حياتك مثلاً تطلب الطلاق أو تخبر أهلها بأني فضلت الشغالة عليها، قلت لها يا زوجتي تلك إنسانة فقيرة طالما أنت لا تريديها في المنزل قمت بتصريفها عنك وليس هناك حرج أن تأخذها أختي، قالت طالما هي موجودة في عمان لا أذهب إلى منزل والدك وأهلك وبذلك أشعر بأن زوجتي تسيء معاملتي رغم والحمد الله تلك الراحة التي وفرت لها مسكن مؤثث ومعيشة طيبة من مأكل ومشرب، سماحتكم هل أسمع كلامها وأسفر الشغالة وبذلك أقطع عليها رزقها أم أكون على رأي بأنه لا حرج بأن تكون الشغالة في منزل أختي طالما أن زوج أختي يصبح هو كفيلها أم هي طالما لا تريدها خرجت من منزلها وليس لها الحق تسافر أو تعمل في البلد، بماذا تنصحونني أثابكم الله تعالى، علماً بأني لم أقم بعمل أي علاقة سيئة مع شغالة وقلت لها هل رأيت مني سوء خلق مع الشغالة قالت لا، لكنني قلبي يرحم تلك الإنسانة الفقيرة تريد أن توفر المعيشة لأهلها في الهند وهي تريد حرمانها من العمل في عمان والشيء الآخر لو أعطيتها أحد أهلها ما فعلت ما تفعله الآن حتى أنها مرة من المرات في أيام إعصار جونو الذي ضرب عمان جاء أهلي للمبيت في منزل نظراً لأن المنطقة التي يسكنوا فيها جاء الوادي في منازلهم وهي كانت في منزل والدها تلك الليلة وتقول لي لم لم تستأذن مني أن يبيتوا أهلك في البيت وقلت لها حرام عليك يا امراة، حتى إذا أحسنت لأحد من أهلي تتذمر أنا تعبت من تصرفاتها هذه حتى أنها لا تذكرني بالمعروف أمام أهلها بل تذكرني بأتفه السيئات هو يحب أهله يذهب يجلس مع أهله لما أصل إلى المنزل من العمل لا تستقبلني أحسن استقبال بل تظل جالسة كما هي أقول لها نزور الناس حتى يزورنا لا تريد، أرجو منك التوضيح هل أنا مخطئ، كيف أتصرف مع شغالة وهي إنسانة مسكينة تريد أن توفر لقمة العيش لأهلها وزوجتي قاسية القلب ليس به رحمة وأنا قلبي رحيم بالإنسان والدواب لا أحب أقطع رزق إنسان أخاف الله تعالى حتى أني لما أقدم صدقة لأي إنسان قريب جار معارفنا من الفقراء والمساكين أبكي في الله تعالى أتمنى بها كفارة ذنوبي.
فأرجو من سماحتكم الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام التقصير لم يكن من جهة الشغالة فإن إرجاعها إلى بلدها رغماً عنها فيه ظلم لها وحرمانها مما أباحه الله تعالى لها من طلب الرزق والبحث عنه، وعليه فلا يجوز لك إرضاء زوجتك بذلك، ولكن يمكن أن ترضيها بغير ذلك مما لا ضرر فيه على أحد، كأن تشتري لها حليا أو بعض الهدايا مما قد يزيل ما في نفسها ويستميل قلبها، وفي الأخير ننبهك إلى أن الشغالة امرأة أجنبية فلا يجوز لمن تشتغل عنده أن يخلو بها ولا أن ينظر منها إلى ما لا يجوز النظر إليه من الأجنبية، كما ننبه أيضاً إلى أن تكليف العامل ما لا يطيقه من الأعمال لا يجوز، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71443، 18826، 1103، 37893، 22709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(9/1770)
حكم رعاية الخادمة للأولاد وعنايتها بهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفلان الأول ولد له من العمر سنتان وسبعة أشهر تقريبا والثانية بنت لها من العمر عشرة أشهر تقريبا ومنذ شهر تقريبا استخدمت خادمة لمساعدتي في شؤون البيت ورعاية الأولاد، علما بأنها تقوم بالأعمال المنزلية بالإضافة إلى مساعدتي في رعاية الأولاد ويقتصر عملها بالنسبة إليهما على الإطعام واللعب فقظ فأنا التي أحضر طعامهما للاطمئنان إلى نظافة الأوعية وكمية الطعام ونحوه كما أقوم بحوائجهما الخاصة كالاستحمام ونحوه واللعب معهما وإطعامهما إن لم أكن مشغولة بأمر ما، وولديّ -ولله الحمد- من النوع الذي يألف الناس بسرعة، وقد لاحظت تعلق الولد بها قليلا فمثلا عندما كنا في السوق وذهبت الخادمة لإحضار بعض الأشياء بكى مناديا إياها مع أنه متعلق بي لدرجة كبيرة وحتى عندما يكون معها وأدخل غرفة أخرى فإنه وبعد دقائق يلحق بي وكأنه يطمئن على وجودي، وأنا إن شاء الله أنوي أن أعد لرسالة الماجستير وأخشى أن يزيد الوقت الذي تقضيه الخادمة مع الولدين وبالتالي يتعلقان بها بشكل غير مقبول وإن كنت أنوي أن أبقى على منهجي السابق مع تقليل وقت اللعب معهما دون إلغائه ومع الإشراف الدائم على الخادمة عندما تكون معهما، فهل أنا محقّة في تخوفي من تعلّق ولديّ بالخادمة وهل هناك أية نصائح تفيدني في هذه النقطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رعاية الخادمة للأبناء وعنايتها بنظافتهم أو أكلهم وشربهم وغير ذلك مما يحتاجونه لا حرج فيه إن كانت الخادمة مأمونة على الأطفال من جميع النواحي الدينية والأخلاقية والصحية، وإن كان الأطفال يحتاجون إلى رعاية أمهم وأن لا يوكل هذا الدور إلى غيرها لما في ذلك من أثر على الأطفال بعد ذلك، وكنا قد بينا الموقف الصحيح من اتخاذ الخادمة لتربية الأولاد في فتاوى سابقة، فانظري الفتوى رقم: 74589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(9/1771)
الترغيب في الإحسان إلى الخدم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل عن حكم الإسلام في معاملة الشغالة معاملة سيئة لأن شقيقتي تعامل الحبشية معاملة سيئة تزجرها لأتفه الأسباب وتدعوها بالدعاء السيء لأنها غبية بعض الشيء ولا تفهم اللغة العربية مع العلم بأنها مسلمة وبريئة ومتغربة عن أهلها. أرجو إفادتي حتى أنصح أختي مع العلم بأنها عنيدة ولا تأخذ برأي أحد. وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أرشد الشرع إلى الإحسان في التعامل مع الخدم والرفق بهم، والمعاملة السيئة للخادمات تنافي هذا الإحسان، فإن كانت أختك تسيء معاملة هذه الخادمة، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله، وينبغي مناصحتها وبيان خطئها بأسلوب طيب. ونرجو مراجعة الفتوى رقم: 46076.
وإن كانت هذه الخادمة لا تحسن القيام بما كلفت به، فإما أن يصبر عليها وتعان في هذا العمل، أو أن تسرح عنه بدلا من الإساءة إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(9/1772)
حكم استقدام خادمة نصرانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستقدم سائقة، ووجدت سائقة نصرانية فهل يجوز استقدامها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: حكم استقدام الخدم والسائقين: وذلك جائز في الجملة لكن يشترط لذلك البعد عن المحاذير الشرعية من سفر بغير محرم وخلوة ونظر محرمين وعدم التزام بالحجاب ونحو ذلك من المحاذير الشرعية التي قد تصاحب ذلك.
الأمرالثاني: كون المستقدم كافراً: وذلك جائز في الجملة أيضاً لكن لا شك أن المسلم المستقيم على دينه أفضل لأن الكافر أو الفاسق لا يخلو وجوده في البيت من مفاسد على العقائد والأخلاق، وإذا وجدت مفسدة محرمة بيقين أو غلبة ظن حرم ذلك.
الأمر الثالث: قيادة المرأة للسيارة: وذلك أيضاً جائز في الجملة إذا اجتنبت المحاذير الشرعية، وراجع الفتوى رقم: 2185.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(9/1773)
توصيف علاقة المسلمة بخدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حدود العلاقة الشرعية بين المسلمة وخدمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علاقة المسلمة بخدمها يجب أن تكون قائمة على أساس الشرع الحنيف الذي يعطي كل ذي حق حقه. ولا ينبغي للمسلمة أن تدخل بيتها خادما غير مسلم سدا للذريعة لما يترتب على ذلك من الشر والفساد الذي يجب سد طريقه من البداية، وعلى المسلمة أن تتعامل مع خدمها بأخلاق الإسلام الفاضلة، وتعلم أن لهم عليها الحق في النصح والتوجيه، وتعليم ما أشكل عليهم من أمر دينهم ... فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. رواه مسلم. وأن تفي لهم بشروطهم وتؤدي لهم حقوقهم المادية والمعنوية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أصحاب السنن. وإذا لم تراع المسلمة شرع الله تعالى في الخدم فإنه لا يجوز لها استخدامهم ولا إدخالهم إلى البيت لما في ذلك من تدمير بيت مسلم وإفساده، وبالتالي إفساد المجتمع من حوله. وقد فصلنا الأجوبة في فتاوى سابقة عن الخدم نرجو الاطلاع عليها تحت الأرقام التالية: 18210، 22934، 24586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(9/1774)
السبل التي سلكها الإسلام لتحرير الأرقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يمكنكم تحديد موقف الإسلام من الإماء والعبيد؟ وكيف يكون الإسلام دين المساواة ولا يفصل الفصل النهائي في هذه القضية هذا ليس سؤالي إنما هو موجه من شخص غير مسلم.
وأرجو منكم الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن نظام الرق قديم قدم الإنسانية، وكانت له طرق كثيرة يحصل بها كالغلبة والدين والسرقة والاحتياج والتلصص، وغير ذلك مما يطول ذكره، فكان الغالب يسترق المغلوب، وكان المدين إذا لم يجد قضاء لدينه مكن غريمه من بعض أولاده يسترقه، أو مكن من نفسه إن لم يجد غيرها.
وكان السارق يسترق كما هو معروف من قصة يوسف مع إخوته أنه سألهم: قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ * قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ {يوسف: 174-175} .
وكان المرء إذا احتاج باع بعض ولده لينفق بثمنهم، وكان اللصوص وقطاع الطرق يسترقون كل من وجدوه وتغلبوا عليه، وكان الأرقاء يعاملون قبل الإسلام أسوأ معاملة، فجاء الإسلام متشوفاً للحرية فسد كل الأبواب المفضية للاسترقاق غير باب واحد، وفتح أبواباً كثيرة ليتحرر الناس من العبودية، فشرع عتق رقبة كفارة لليمين، وللظهار في الصيام وفي القتل، وأوجب تحرير أم الولد بموت السيد وكذا المدبر، وأوجب تنجيز العتق على من أعتق البعض، وندب إلى الإعتاق ورغب فيه أيما ترغيب.
وفوق هذا، فقد أوجب حسن معاملة الرقيق، ولك أن تراجع في هذا الموضوع فتوانا رقم: 4492، والفتوى رقم: 5730.
والخلاصة أن الإسلام -حقاً- هو دين الحرية والمساواة والعدالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(9/1775)
كيف يعاقب العامل المقصر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكله مع عمال هذه الأيام، فأنا رجل أحتاج في عملي إلى عامل يراعي نظافة نفسه والمكان والأمانة ولكني أواجه مشاكل معهم فكل من أتيت بهم عمال من بلاد إسلامية ولكني عجزت من كثرة النصح والتوبيخ فهم مقصرون في عملهم، وهذا العامل الذي لدي أنا مضطر أن أتركه على رأس عمله والسبب أني لا أستطيع أن أتكفل أعباء الإتيان بعامل آخر بالذات أني يئست من نصحهم وتوبيخهم وإرشادهم، وأصحبت الأن لا أملك نفسي عند الغضب فهو ينام ويفتح المحل متأخرا وهذا يسبب لي الخسارة بالرغم من أني آمره أن ينهي عمله ويغلق المحل ويذهب للنوم باكرا ولكن لا حياة لمن تنادي، ووصلت بي المرحله للتفاهم معه بالضرب والتعنيف، حتى أخذ ينفذ أوامري ولكن أمامي فقط،،،، فماذا أعمل وهل أحاسب على تأنيبي وتوبيخي له بالرغم من أني استخدمت الكثير من الوسائل ولكن بدون فائدة؟؟ السؤال الثاني هل أستطيع أن آخذ من راتبه ثمن ما يسببه لي من خسارة للمحل علما بأني لم أفعل ذلك حتى الآن لأنه فقير؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ضرب العامل، لأن هذا عدوان، ولا بأس بتوبيخه وتأنيبه بقدر تقصيره دون سبه أو شتمه، ولا بأس أيضاً أن يخصم من أجرته بقدر تقصيره في عمله، لا بقدر خسارتك، ويرجع في تحديد ذلك القدر إلى أهل الخبرة لا إلى تقديرك أنت مخافة أن تظلمه، وراجع الفتوى رقم: 19755، وإن عفوت فهو أفضل قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ {النور: 22} . ويقول أيضا: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(9/1776)
لا ارتباط بين اللون وبين العبودية
[السُّؤَالُ]
ـ[وردت أحاديث تصف الأسود بالعبد فهل العبودية (أعني للبشر) مرتبطة باللون الأسود أم أن هذه هي مقاييس البشر المبنية على التمييز باللون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ارتباط بين السواد وبين العبودية، فقد يكون العبد أبيض، كما قد يكون الحر أسود، ثم إن الأحاديث وصفت عبيدا بالسواد، ولم تصف السود بالعبودية، والأصل في العبودية المشروعة هو الكفر لا السواد. وأما اختلاف الألوان فهو آية من آيات الله تعالى الدالة على توحيده. يقول الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ {الروم: 22} ، وليعلم أن التفاضل بين الناس لا اعتبار له إلا بالتقوى، فالناس كلهم من آدم، وأكرمهم في ميزان الله هم أهل التقوى. يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات: 13} ، وفي الحديث: يا أيها الناس: إن ربكم، واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى. إن أكرمكم عندالله أتقاكم. رواه البيهقي وصححه الألباني. وقد فهم الصحابة والتابعون هذا فجعلوا التقوى والسابقة في الإسلام معيارا للفضل ولو كان التقي عبدا في السابق، أو كان أسود اللون. فقد قال عمر رضي الله عنه في أبي بكر وبلال: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، يعني بلالا. رواه البخاري
وقد زوج عبد الرحمن بن عوف وهو قرشي من أثرياء الصحابة وبيته من أعظم بيوتات قريش ـ زوج أخته ببلال رضي الله عن الجميع. وقد أقر التابعون للحسن البصري ولعطاء بن رباح بالفضل والعلم والإمامة في الدين، وكانا أسودين. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 34054، 37310، 12210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(9/1777)
اختلاف ألوان الناس من ورائه حكم كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أن اسم العبد الأسود كان يطلق على العبيد لأنهم ينقصون سنا عن أسنان الأشخاص الطبيعين أي أن لهم 31 سنا فقط فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام غير صحيح.
وأما اختلاف الناس في السواد والبياض فإنه مظهر من مظاهر آيات الله تعالى الدالة على قدرته وتوحيده. يقول الله تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ {الروم: 22} .
وقد سبق الكلام على اختلاف ألوان الناس وسببه في الفتوى رقم: 34054.
كما سبق الكلام على العبودية في الفتوى رقم: 12210، وإحالاتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(9/1778)
استخدام غير المسلم.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جلب سائق غير مسلم لخدمتي في البيت، علما بأن غرفته سيكون بابها خارج البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع للمسلم من استخدام غير المسلم في أعماله ومنها السياقة، ولكن بشرط أن لا يكون في عمله خروج عن ضوابط الشرع، فلا يجوز أن ينظر الخادم أو السائق إلى النساء الأجنبيات عنه، سواء أكان مسلماً أم كان غير مسلم، ولا أن يختلي بهن، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلى مع ذي محرم. ومن الخلوة المحرمة أن تنفرد المرأة مع السائق في السيارة.
والأولى بالمسلم أن لا يلجأ إلى استئجار غير المسلم للسياقة أو غيرها إلا عند تعذر من يصلح لذلك من المسلمين، لأن أغلب المسلمين يعانون من البطالة والفقر، ولأن المسلم أكثر بعداً عما حرم الله، وراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 3681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(9/1779)
خصاء الآدمي محرم.. عبدا كان أو حرا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خصي العبيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خصاء الآدمي محرم، كما نص عليه غير واحد من أهل العلم، فقد نص عليه النووي والصنعاني، ويدل لتحريمه ما ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من خصي عبده خصيناه. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
ويدل له كذلك أنه من تغيير خلق الله المحرم، وفي المسند أنه جاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي في الخصاء. قال: صم، وأسأل الله من فضله. صححه الأرناؤوط.
وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا.
وفي رواية للطبراني أنه قال: يا سول الله، إني رجل يشق على العزوبة، فأذن لي في الخصاء. قال: لا؛ ولكن عليك بالصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(9/1780)
هل تؤمر الخادمة النصرانية بالحجاب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم كفالة الخادمة النصرانية؟ وهل يجوز إجبارها على لبس الحجاب وهي نصرانية كون أنها في بلاد الإسلام؟ أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا شروط جواز استقدام الخادمة في الفتوى رقم: 1962، فلتراجع.
وعلى من ابتلي بخادمة نصرانية أن يأمرها بالحجاب عند الخروج أو بحضرة الرجال الأجانب داخل البيت.
وعليه أن يتخلص منها في أقرب وقت ممكن بعد أن يفي لها بحقوقها، ولا يخل بالشروط التي تعاقد عليها معها.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 18210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(9/1781)
احرص على نوعية العمالة التي تستقدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الاستعانة بالعمالة الأجنبية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في استقدام عمالة من دولة لأخرى للاستعانة بهم في أمور البناء أو التجارة أو الخدمة في البيوت أو أية خدمة أخرى.
وينبغي الحرص على أن يكون العامل المستجلب مسلماً، وذلك لأسباب كثيرة، منها إعانة هذا المسلم على كسب رزقه وتأدية الواجبات من إنفاق على زوجة وولد أو غيره، ومنها كذلك تقوية اقتصاد بلاد المسلمين، كما أن في استجلابه سلامة للمجتمع من انتشار العقائد والأخلاق التي تخالف الشرع كما هو حال العامل الأجنبي الكافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(9/1782)
مناقشة شبهة الاستمتاع بملك اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... أما بعد:
فإن أعداء هذه الأمة مازالوا يبحثون عن أي شيء ليجعلوا الناس ينفروا من الإسلام، وآخر سهامهم المسمومة كان عن موضوع الاستمتاع بملك اليمين، الذي يرى البعض أنه أسلوب آخر يُحِل للمسلمين اغتصاب النساء في الحرب، فما هو الرد المناسب لهذا الادعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أعداء الإسلام لن يدخروا أي جهد في صد الناس عن اتباع الحق وإبعادهم عنه، وسيتخذون مختلف الوسائل لذلك، فتارة بالقتل والبطش حيث قال الله تعالى: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217] .
وتارة ببذل المال، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36] .
إضافة إلى أن الله تعالى بين حسدهم للمؤمنين وعدم رضاهم عنهم حتى يتخلوا عن دينهم، قال الله تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109] .
وقال تعالى أيضاً: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] .
وقد أرشدنا الله تعالى إلى الوقاية من كيدهم ومكرهم، حيث قال الله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران:120] .
هذا مع ضرورة إعداد القوة الكافية للذب عن بيضة الإسلام وحريمه، قال الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60] .
أما بخصوص الشبهة التي يثيرها أعداء الإسلام، وهي الاستمتاع بملك اليمين، فإن الإجابة عليها مفصلة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4341، 2372، 12210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(9/1783)
يجوز استئجار الخادمة الكافرة في أمر دون أمر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي خادمة هندوسية ولم أكن أعلم بذلك لأنه ذكر في جواز سفرها أنها مسيحية فهل يجوز أن تعمل في المنزل، مع العلم بأنها لا تقوم بالطبخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال العلماء أنه لا بأس باستئجار المرأة للخدمة ولو كانت غير مسلمة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 19877.
لكن ينبغي أن يُفرق هنا بين استئجارها للخدمة، واستئجارها لتربية الأولاد والإشراف عليهم، إذ الغالب على بيوت المسلمين في هذه الأيام أنهم يتركون أبناءهم للخادمات، فيحصل بسبب ذلك من الشر ما الله به عليم، فينشأ أولاد المسلمين بين يدي من يعبدون غير الله، كعباد الصليب من النصارى، أو بوذا من البوذيين، أو غير ذلك، كما أن الأولاد يتأثرون بسلوكهم الخلقي، وعاداتهم المخالفة للإسلام، فضلاً عن كون هؤلاء الخادمات قد يُعوِّدن أبناء من يخدمونهم على فعل المعاصي والذنوب والآثام، كما هو معلوم من الواقع.
وبناء على ذلك فإنه لا مانع من إبقاء هذه الخادمة عندكم إذا راعيتم المحاذير السابق ذكرها، مع الحرص على دعوتها للإسلام دون إملال لها أو إرهاب، قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل:125] .
ولتُراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1962، 16673، 18210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(9/1784)
الحث على إعتاق العبيد كما ورد في القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[الآية التي تحض على إعتاق العبيد: (........فإعتاق عبد) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث القرآن على إعتاق الرقاب في عدة آيات:
الأولى قول الله تعالى في سورة البلد: فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ [البلد:11- 13] . فجعل عتق الرقبة من أسباب تجاوز الصعوبات في الآخرة.
وقال تعالى: فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33] .
وقد جعل الله تبارك وتعالى كفارة بعض الذنوب كالقتل والظهار عتق رقبة، مما يدل على حب الله تعالى لعتق الرقاب المؤمنة. ولمزيد من الفائدة ننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 5730.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(9/1785)
فتاوى تتعلق بالرق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرح علي سؤال حول الرق لماذا لم يحرم بصفة قطعية في الإسلام، حيث أنه يعد بمثابة سلب للحرية من الإنسان وجعله مستعبدا لأخيه الإنسان، المرجو منكم إعطائي جواباً أستطيع به الرد على هذه الشبهة وأطلب منكم إرشادي إلى عناوين كتب تعالج أمر الشبهات المثارة حول ديننا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قد سبقت الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 12210، والفتوى رقم: 4492، والفتوى رقم: 4341.
والكتب التي تعنى بكشف الشبهات كثيرة، ولعل من أمثلها كتاب "في ظلال القرآن" للشيخ سيد قطب، وكتاب "شبهات حول الإسلام" للشيخ محمد قطب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(9/1786)
العلاقة بالخادمة الكافرة كالعلاقة بأي امرأة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا خادمة غير مسلمة، وهي تقوم بكل أعمال البيت حتى سجادة الصلاة هي التي تحضرها لنا، وتذهب مع أبي منفردين لجلب أغراض البيت..كيف أتصرف معها إن كان أبي وأمي يريدان ذلك، بل إن وجودها في البيت أهم من وجودي (ابنتهما الوحيدة) ؟ وما هي حدود علاقتي معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لوالدك أن يخلو بهذه الخادمة كما هو الشأن في سائر النساء الأجنبيات، وعليك أن تنصحيه -إن حصل منه ذلك- ولكن بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، أما عن علاقتك بهذه الخادمة، فهي كعلاقتك بأي امرأة كافرة، وعليك بالاجتهاد في دعوتها إلى الإسلام، وإهدائها الكتيبات والأشرطة المتعلقة بذلك، وراجعي لزاماً الفتاوى التالية أرقامها: 18210 1962 2962 20913
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(9/1787)
حكم استخدام الجواري في الاستخدام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام الجواري في الاستخدام المنزلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان السائل يقصد استئجار النساء العاملات للعمل في البيوت، فلا مانع من ذلك شرعاً إذا ضبط بالضوابط الشرعية، وراجع الفتوى رقم: 1962.
وأما إذا كان يقصد بالجواري الرقيقات والإماء، فلا مانع من استخدامهن في البيوت أو غيرها لمن ملكهن ملكاً شرعياً، ولتفاصيل بعض أحكام الرقيق نحيلك إلى الفتوى رقم: 18851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(9/1788)
قدمت للخدمة في البيت دون محرم.. ما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مدرسة ولدي أولاد وعندي خادمة مسلمة ومتحجبة ولا أخلو بها لكن لا يوجد معها محرم وقد أحضرتها إلى المملكة عن طريق مكتب استقدام وأنا لست في حاجة لوجود محرمها ولما يترتب على ذلك من سكن وراتب له فهل علي إثم في وجود هذه الخادمة في بيتي؟.
أرجو إجابتي بأسرع وقت لأني قلق كثيراً من هذا الأمر مع العلم أني في أشد الحاجة لهذه الخادمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز استقدام خادمة بدون محرم، سواء كان هذا الاستقدام باتفاق مباشر معها أو عبر مكاتب الاستقدام، وذلك لعدم جواز سفر المرأة بدون محرم.
ولكن ما دام أنها قد جاءت فلا بأس ببقائها في خدمتك بشرط أن يكون لها بيت منفصل، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 10146.
ولمزيد الفائدة ننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 18210، والفتوى رقم: 19877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(9/1789)
حقوق العبيد والجواري في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حقوق الجارية في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتتلخص حقوق الجارية المملوكة في الإسلام وغيرها من الرقيق في الإحسان إليهم وعدم تكليفهم من العمل ما لا يطيقون، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم في أخر وصاياه وهو على فراش الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم، الصلاة وما ملكت أيمانكم، فجعل يرددها حتى ما يفيض بها لسانه. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن أنس.
وقوله صلى الله عليه وسلم: هم إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم. رواه الشيخان عن أبي ذر.
وورد الأمر بالإحسان بصفة خاصة إلى الجواري المملوكات، كما في قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري وهذا لفظ مسلم:..... ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدبها فأحسن أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1790)
محاذير يجب تجنبها لمن يريد خادمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تواجد الخادمة النصرانية في المنزل؟ مع العلم بأنها تقوم بجميع الأعمال.
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم استقدام الخادمات في الفتوى رقم: 1962.
وبينا فيه أن هناك ضوابط تجب مراعاتها، ومحاذير يجب تجنبها، ومن المحاذير:
أن تكون غير مسلمة، وأن تستقدم وليس معها أحد محارمها مرافقاً لها حال السفر.
وهذه الضوابط والمحاذير إذا تهاون الناس في مراعاتها، فقد أوقعوا أنفسهم وأولادهم في محاذير عظيمة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18210 فليراجع.
فعلى من ابتلي بخادمة غير مسلمة إخراجها من بيته، ولو كلفه ذلك نفقات زائدة، والله المسؤول أن يبارك في بيوت المسلمين، وأن يصلح أحوالهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(9/1791)
قطع دابر الشر ليس ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت أن خادمتي الأندونيسية لديها صديق هندي مقيم بالقرب من منزلنا وهي تتحدث معه بالهاتف ولم تلتقِ به حسب قولها. أنا أعمل وعند انتهاء الإجازة المدرسية سيذهب الأولاد للمدرسة ولن يبقى أحد في البيت. وأخاف أن يأتي إلى البيت. فهل من الظلم إلغاء إقامتها وتسفيرها حيث إنها لم تكمل5 أشهر لدي وقد أقسمت بأنها لن تراه وأنه وعدها بالزواج. وهي ممتازة في عملها ومعاملتها لنا. أفيدوني جزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الجواب على سؤالك نرجو أن تقرأ الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
15991
1962
18210.
أما بالنسبة لسؤالك فإننا نقول لك: إذا استمرت هذه الخادمة في هذه العلاقة ولم تتب منها، فإننا ننصحك بالاستغناء عنها، وليس عليك في ذلك شيء، وليس ذلك من الظلم، بل هو من الخير والعدل لأنه من النهي عن المنكر وقطع أسبابه، ولأن في إبقاء مثلها خطراً على أولادكم وبقية الرجال الموجودين في البيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(9/1792)
شروط جواز استئجار امرأة للخدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اتفق مع مكتب لاستقدام شغالة مسلمة، وكانت سيئة المعاملة لأهله، وقد دفع عليها من المصاريف ما يجب أن تخدم عنده سنتين، وقد تبين له أنها غير مسلمة ولا كتابية أيضا، فأراد تغييرها. واكتشف أنها كانت تسرق ذهب أهله، فأخذ مبالغ منها دون علمها وسفرها. فهل عليه شيء في أخذ ذلك المال منها، وإذا كان ذلك، فماذا عليه الآن أن يفعل بالمال الذي أخذه، خوفا أن يكون قد أثم في أخذ المال؟ أفتونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب العلماء إلى جواز استئجار المرأة للخدمة، بشرط عدم الخلوة بها، وعدم النظر إليها، قال في مطالب أولي النهى -حنبلي-: قال المجد: وإن استأجر امرأة أجنبية حرة أو أمة لشغل مباح لعمله، جاز -نص عليه- وكان حكم النظر إليها والخلوة بها على ما كان عليه قبل الإجارة. انتهى
وذهب الحنفية إلى كراهة ذلك، كما ذكره الكاساني في بدائع الصنائع فقال: قال أبو حنيفة: أكره أن يستأجر الرجل امرأة حرة يستخدمها ويخلو بها، وكذلك الأمة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. أما الخلوة: فلأن الخلوة بالمرأة الأجنبية معصية، وأما الاستخدام: فلأنه لا يؤمَن معه الاطلاع عليها، والوقوع في المعصية. انتهى
وذهب الشافعية إلى التحريم، فقال في حاشية قليوبي وعميرة: ولو استأجر أجنبي أمة تخدمه، فوجهان، وينبغي أن يكون الأصح: التحريم، لأنه لا ينفك عن النظر غالباً. انتهى
والراجح عندنا -والله أعلم- أن استئجار المرأة للخدمة جائز بشروط ذكرناها في الفتوى رقم:
18210 والفتوى رقم: 15991 والفتوى رقم: 1962.
وننبه الأخ السائل إلى أنه يحق له فور علمه بأنها غير مسلمة أن يطالب مكتب الاستقدام بتغييرها، لأنه أتى بها على خلاف العقد الذي بينهما، ويضمن المكتب ما تسبب لك فيه من خسارة، لأنه وكيل، والوكيل ضامن إذا فرط أو قصر.
أما بالنسبة للأشياء التي سرقتها هذه الخادمة من زوجتك، فإنه يحق لك استردادها إذا كانت موجودة بأعيانها، فإن لم تكن موجودة بأعيانها، جاز لك أخذ غيرها من مال السارقة بشرط ألا تزيد عن مقدار حقك.
قال البخاري: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، وقال ابن سيرين: يقاصه، وقرأ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126] . انتهى
وراجع في ذلك الفتوى رقم:
8780.
فإن كنت أخذت من مالها أكثر من حقك فعليك أن ترده إليها لأنك أخذته بغير حق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح، وراجع الفتوى رقم: 6022
هذا إذا تحققت بما لا يدع مجالاً للشك أنها هي التي سرقت ذهب زوجتك، أما مجرد الظن والاتهام فلا يبيح لك أخذ شيء من حق الخادمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(9/1793)
الذين كانوا يسترون النبي حين اغتساله
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو الصحابي الذي كان يستر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يغتسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يكن هناك شخص معين يقوم بستر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن كان له خَدمٌ يقومون على حوائجه منهم: أنس بن مالك، وابن مسعود، وأيمن بن عبيد، وأمه أم أيمن، وكان أيمن على مطهرته وحاجته، وكذلك أبو السمح.
وثبت في البخاري أن فاطمة وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهما سترتا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل.
وكذلك صح في سنن النسائي من حديث أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: "ولِّني قفاك". فأوليه قفاي فأستره به.
قال شارح السنن العلامة علي ابن آدم الإتيوبي في قوله: (كان إذا أراد أن يغتسل) قال في المنهل: ظاهره أن ذلك كان يتكرر منه. وقوله: (فأوليه قفاي فأستره به) أي: أحجبه عن أعين الناس بقفاي، وعند ابن ماجه والدارقطني فأوليه قفاي، وأنشر الثوب فأستره به، فيحتمل أن يكون في رواية المصنف (النسائي) اختصار أي: أستره بقفاي مع الثوب، ويحتمل أن يكون الستر وقع بالثوب في وقت، وبالقفا في وقت آخر. شرح سنن النسائي (4/339-340) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(9/1794)
الخادمات ... مفاسدهن ... ضوابط استقدامهن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لدي خادمة.. ووجدنا عندها صورة أطفالي.. وصورتي الشخصيه..ووجدنا.. شيئا يشبه قرن صغير الماعز
ما مدي تصوركم لهذا.. هل هو نوع من أنواع السحر.. أم أنها حالة حصلت فجأة ولا علاقه لها بالسحر
علماً بأن الخادمة.. غير مسلمه؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قبل الإجابة على هذا السؤال ينبغي النظر أولاً في مسألة وجود الخادمات عموماً في بيوت المسلمين؛ فضلاً عن الخادمات الكافرات. فنقول: إن انتشار هذه الظاهرة يترتب عليه كثير من المفاسد والواقع خير شاهد على ذلك، من هذه المفاسد:
أولاً: وهو أخطرها الجناية على الأبناء والبنات في البيت عندما يترك جانب تربيتهم على هؤلاء الخادمات، فيفقد الطفل الجانب العاطفي تجاه والديه، وأمه خاصة، فيفتقد هذا الحنان الذي هو العنصر الأساسي في التوجيه والإرشاد للأطفال.
ثانياً: إن وجود الخادمات في البيت عامل أساسي في تشجيع الأمهات على الخروج من البيت للعمل أو الأسواق أو الزيارات، وهذا مخالف لمقاصد الشريعة في بقاء المرأة في بيتها، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُن [الأحزاب:33] .
ثالثاً: إصابة المرأة بالخمول والكسل، وهذا سبب أساسي في إصابة المرأة بكثير من الأمراض.
رابعاً: ترك الخادمات في البيوت مع الأبناء المراهقين مما يتسبب في الوقوع في الفواحش.
خامساً: نشأة الأولاد على عقائد وأفكار هدامة مصادمة لعقيدة الإسلام عندما تكون الخادمة كافرة.
لكل هذا لابد من اتباع الضوابط الشرعية في اتخاذ الخادمة في البيت، ومن هذه الضوابط:
1- أن تكون الخادمة مسلمة.
2- استقدام الخادمة مع واحد من محارمها أو زوجها.
3- مراعاة الحدود الشرعية في عدم الخلوة أو الاختلاط أو دخول الرجال عليهن.
4- ألا يوكل أمر تربية الأولاد لهؤلاء الخادمات.
أما الموضوع المسؤول عنه فنقول فيه: ما دامت هذه الخادمة كافرة فلا يستبعد أن تفعل كل ما فيه مضرة للمسلم، كما قال تعالى: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ [التوبة: 10] . فلا القرابة تحميهم ولا العهد يمنعهم، فكيف إذا لم تكن هنالك قرابة ولا عهد؟!.
وقرائن الأحوال تشير إلى احتمال سعيها إلى عمل السحر، وإلا فما الفائدة من قرن الماعز، فالواجب عليكم التخلص منها لترتاحوا من شرها، ولايحملنكم ما رابكم من أمرها على ظلمها أو مضايقتها: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(9/1795)
الخصم من الراتب لتحفيز الخدم على العمل ... نظرة إنسانية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز خصم بعض المبالغ النقدية على الخدم لدفعهم إلى العمل الجاد والعمل بإخلاص وشكرا. مع العلم أن هذه المبالغ سوف ترد اليهم مستقبلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحق لك أخي الكريم أن تمنع أو تؤخر أجرة الخادم أو الأجير، بل الواجب عليك هو أن تدفع إليهم حقهم حين حلول أجل الدفع، لأن المال ليس مالك تتصرف فيه كما تشاء، بل المال مالهم، وضع نفسك في مكانهم لو أنك مُنِعْتَ أجرك ومرتبك، فكيف يكون حالك؟!
والخلاصة أن خصم بعض أجور الخدم -ولو بنية رده إليهم- يعد من المطل الذي هو ظلم واعتداء، وكان بالإمكان تنشيطهم على الأعمال وحفزهم عليها بتشجيعهم بزيادة راتب ولو قليلة، أو تقديم الرواتب لهم عن وقتها المحدد، أو غير ذلك من الوسائل المباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(9/1796)
الستر أفضل والعفو والصفح أجمل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لديك خادمة في المنزل ورأيتها تسرق شيئا صغيرا. فهل تواجهها بالسرقة علانية دون مراعاة لشعورها أم تكتفي بطردها دون إبداء السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن استقدام الخادمات إلى بلاد المسلمين أمر قد عمت به البلوى وقد وقع الناس بسببه في المحاذير الشرعية التي يجب أن يجتنبوها. وقد سبق لنا جواب حول مشروعية استقدام الخادمات وضوابطه التي يجب على المسلم أن يلتزم بها وذلك تحت الرقم:
1962 فراجعه.
وأما الجواب على سؤالك:
فإن كانت تلك الخادمة غير مسلمة فلا تُبْق عليها لعدم أمانتها، وللشرور والمفاسد المرتبة على إبقائها، وسواء سرقت أو لم تسرق فلا ينبغي للمسلم أن يستأمن على أولاده وأهله كافرة تعيش معهم في مسكن واحد، فيجب عليه إنهاء خدمتها متى سنحت له الفرصة لذلك إنهاءً ليس فيه ما يخل بشروط العقد بينه وبينها، وهذا ما لم يأنس منها ميلا واضحاً إلى الإسلام ورغبة حقيقية فيه، فإن أنس منها ذلك فليعطها فرصة للتجربة مع الحذر الشديد من أن تؤثر على من في البيت خصوصاً الصغار منهم، وأما إن كانت مسلمة فالأصل في المسلم أنه يبذل النصح لكل مسلم، ولا ينبغي أن يعاقب قبل إسداء واجب النصح لمن أخطأ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه على أداء ذلك الواجب. قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم" متفق عليه.
وإن كان الشيء المسروق يسيراً - كما ذكرت - ولم يتكرر فالستر أولى والعفو والصفح أجمل، قال تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة:237] وقال صلى الله عليه وسلم "ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(9/1797)
الإسلام والرق
[السُّؤَالُ]
ـ[1-لماذا لم يقض الإسلام على العبودية؟ فقد كان المسلمون في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم يرغمون سجناء الحرب على أن يصبحوا عبيداً وقد بلغ بهم الأمر أن أصبحوا يعاملون سبايا النساء كغنيمة، بل إن القرآن أعطى رجال المسلمين الحق في معاملتهن كملك اليمين من حيث الدخول بهن (انظر سورة النساء) فلماذا هذا؟ وهل ما زال ذلك التعامل جائزاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى العبد أن يتذكر دائما أنه عبد مربوب لا يملك من أمر نفسه شيئاً، فسمعه وبصره وعقله وإدراكه ويده ورجله وكل أعضائه بيد الله، تتحرك بأمر الله لا بأمره، ففي حال نومه ويقظته وشغله وراحته ينبض قلبه ويتحرك ولو توقف لهلك هذا الإنسان، هذا في نفسه هو، أما لو نظر إلى انتظام الكواكب في مداراتها والمجرات في أفلاكها، وهي تسير جميعاً بحكمة بالغة ودقة محكمة لعلم الحقيقة التي لا شك فيها وهي: أن لله في أفعاله الحكمة البالغة، وأن أفعاله تعالى لا تخرج عن الحكمة قيد أنملة، ولا أقل من ذلك، فإن جاء الشيطان بعد كل هذا ليقذف الشبه في قلب المسلم فعلى المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان وكيده ووسوسته، وعليه أن يتوجه إلى أهل العلم لسؤالهم. أما بشأن ما ورد في السؤال فنقول:
جاء الإسلام والرق شائع في أمم الأرض منذ أزمان قديمة، ولا فرق عند تلك الأمم بين أن يؤخذ الرقيق في حرب مشروعة، وبين أن يؤخذ فى عدوان ظالم، أو احتيال على أخذ الحر غدراً وخيانة، وأكل ثمنه، فضيق الإسلام هذا الباب، وشدد في حرمة بيع الحر، واسترقاقه، وحصر دائرة الرق فيما أخذ من طريق الجهاد المشروع، ثم نظم الإسلام هذه العلاقة بين العبد والسيد، فأوصى الله تعالى السادة بالعبيد آكد وصية أن يحسنوا إليهم، كما يحسنون إلى آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم، وأن يطعموهم مما يأكلون، ويلبسوهم مما يلبسون، وأن لا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً) [النساء: 36] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم" والحديث في صحيح مسلم وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة سيئ الملكة" فقال رجل: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأيتاماً؟ قال: "بلى، فأكرموهم كرامة أولادكم، وأطعموهم مما تأكلون" والحديث في المسند وغيره عن أبي بكر الصديق. وفي صحيح مسلم عن أبي مسعود البدري قال: كنت أضرب غلاماً لي بسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: "اعلم أبا مسعود" فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود" قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: "اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام" قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً. رواه مسلم.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه ستر الله عليه كنفه، وأدخله جنته: رفق بالضعيف، وشفقة على الوالدين، وإحسان إلى المملوك" رواه الترمذي، وقال حسن غريب.
بل إن من آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة وملك اليمين (العبيد) ففي المسند وسنن ابن ماجه وغيرهما عن أنس قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى، جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه.
وفي المقابل أوصى العبد بطاعة سيده، والقيام بحقه، ووعده على ذلك أجراً مضاعفاً، كما في الصحيحين عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة يؤتون أجورهم مرتين: الرجل تكون له الأمة فيعلمها ويحسن تعليمها، ويؤدبها فيحسن تأديبها، ثم يعتقها فيتزوجها فله أجران، ومؤمن من أهل الكتاب الذي كان مؤمناً ثم آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم فله أجران، والعبد الذي يؤدي حق الله تعالى، وينصح لسيده.."
وإضافة إلى ما قلناه من أن الإسلام ليس هو الذي جاء بالرق، وأنه نظم العلاقة بين السادة والعبيد، فإنه قد فتح الباب على مصراعيه للعتق ورغب فيه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار" وقال تعالى: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) [النور: 33] وفي المسند عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعان مجاهداً في سبيل الله أو غارماً في عسرته أو مكاتباً في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وقد جعل الله جزءا من الزكاة -التي هي ركن من أركان الإسلام- مخصصاً لهذا الغرض، وقد جعل الله عتق الرقاب كفارة لأمور تحدث كثيراً، فكفارة قتل الخطأ عتق رقبة، وكفارة الظهار عتق رقبة، وكفارة الأيمان عتق رقبة، وكفارة من أفطر في رمضان متعمداً عتق رقبة، وبهذا تعلم أن الإسلام يتشوق إلى الحرية ويتطلع إليها، وتشريعاته تتضمن ذلك، وتعلم الطريقة التي يريد الإسلام أن يقضي بها على العبودية بدون قسر ولا قهر، ولا تداعيات وآثار سلبية، ونحن على يقين بأنه لو ظل سلطان الإسلام الصحيح قائماً في الأرض لاضمحلت هذه الظاهرة أو كادت، ولكان ما بقي من الرقيق يساوي بين بقائه رقيقاً وعتقه، وذلك لما يوليه الإسلام له من عناية ويحض على حسن معاملته.
وقد سبقت أجوبة لنا في هذا الموضوع فيها بعض الفوائد لم تذكر هنا فإليك أرقامها لتراجعها إن شئت:
4492 5730 4341
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(9/1798)
الإسلام وتحرير العبيد.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أقرأ على الانترنت بعض الشبهات عن الإسلام لا أجد لها جوابا مثلا لماذا لم يحرر الاسلام العبيد دفعة (مرة) واحدة كما فعل مع الخمر؟ حيث استعباد الإنسان للإنسان شيء بغيض وأسوأ من شرب الخمر. فكيف الرد عليهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أيها الأخ الكريم لا تشغل نفسك بمثل هذه السفسطات والتفاهات ويكفي في الرد عليها سقوطها وانحطاطها عند من لديه أدنى نظر. مع أنه قد قيض لها لكل سفطة منها قديماًوحديثاً من رد عليها ويكفي في الدلالة على ما ذكرنا لك من سقوطها سقوط هذه الشبهات التي ذكرت.
فأما مسألة الاسترقاق (الاستعباد) في الإسلام التي يثيرها أعداؤه الآن كثيراً ويشوشون على من لم يعرفوا حقيقة الاسترقاق في لإسلام. فإننا نجلي لك تلك الحقيقة على وجه الاختصار.
أولاً: اعلم أن الاسترقاق في الإسلام له طريق واحدة بينما للتخلص منه عدة طرق ووسائل شرعها الله تعالى وحث عليها.
أما سبب الاسترقاق في الإسلام فهو الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وذلك أن الإنسان خلقه الله تعالى وجعله عبداً له وحده، ولم يجعل لأحد عليه سبيلاً، وأمره أن يعمل بمقتضى ذلك، فإذا تنكر الإنسان لهذه الحقيقة واختار أن يجعل لغير الله عليه سبيلاً، وعبد من دون الله تعالى مخلوقاً لا ينفع ولا يضر، سواء كان ذلك المخلوق ملكاً أو بشراً أو شجراً أو حجراً أو غير ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين الموحدين أن يدعوا هذا الإنسان إلى رشده ويخلصوه من العبودية لغير الله، فإن أطاع لذلك فذلك المطلوب وبذلك يكون الاسلام قد خلص هذا الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وإن أبى واستمر على اختيار ذلك ولم يعترض سبيل هذه الدعوة الإسلامية ورضي بإعطاء الجزية صالحه المسلمون على ذلك وخلوا سبيله. وإن اعترض سبيل هذه الدعوة وصار حجر عثرة في طريقها يصد الناس عنها ليبقوا أرقاء عبيداً لغير الله تعالى سلط الله عليه بعد ذلك عباده المسلمين، فإن قدروا عليه أجاز لهم أن يسترقوه معاملة له بما اختاره هو لنفسه من عبودية لغير الله تعالى.
فهذه هي طريقة الاسترقاق الوحيد في الإسلام. وما ضر هذا كونه عبداً مع صلاحه وتقواه لله تعالى فإن العبد والحر أمام الله سواء لا يتفاضلون إلا بأعمالهم.
وأما الطرق التي شرعها الإسلام للتخلص منه فهي كثيرة، وذلك أن هؤلاء الأرقاء إذا خالطوا المجتمع الإسلامي غالباً يسلمون لله تعالى ويوحدونه، فإذا صاروا مسلمين تشوف الإسلام بعد ذلك إلى تخلصهم من ذلك الاسترقاق فرغب المسلمين في عتق الرقاب ترغيباً كثيراً.
وجعل جزءا من ركن من أركانه الخمسة لهذا الغرض وذلك هو زكاة أموال المسلمين فإن جزءاً من الزكاة يرصد لعتق الرقاب المسترقة. وجعل العتق كفارة لأمور شتى تحصل كثيراً في حياة المسلمين فالعتق كفارة في اليمين والظهار والإفطار في رمضان عمداً وفي القتل…إضافة إلى ما ورد من الترغيب في العتق تطوعا، ويكفي فيه أن من أعتق شخصاً أعتق بكل عضو منه عضو من النار، ولا شك أن هاجس كل مسلم كيف يعتق من النار.
والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(9/1799)
نهج الإسلام في القضاء على العبودية طرقا كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الإسلام من القضاء على العبودية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعبودية قديمة قدم البشرية ومن سنن الله تعالى في خلقه أن جعل منهم القوي والضعيف والغني والفقير والغالب والمغلوب والمسيطر والمسيطر عليه………كل ذلك ابتلاء للأعلى وللأدنى على حد السواء فجاء الله تعالى بالإسلام لينظم العلاقة بين هذه الفئات وليوازن بين تلك القوى وليعطي كل ذي حق حقه. ومن العلاقات التي نظمها الإسلام وضبطها ووضع لها معايير متوازنة هي العلاقة بين السيد والعبد. لقد أوصى الله تعالى السادة بالعبيد آكد وصية أن يحسنوا إليهم كما يحسنون إلى آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم وأن يطعموهم مما يأكلون وأن يكسوهم مما يلبسون وأن لا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون. قال تعالى:: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخوراً) [النساء: 36] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيدكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم" والحديث في صحيح مسلم وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة سيء الملكة فقال رجل يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأيتاماً قال بلى فأكرموهم كرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون " والحديث في المسند وغيره عن أبي بكر الصديق بل إن من آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة وملك اليمين (العبيد) ففي المسند وسنن ابن ماجه وغيرهما عن أنس قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت " الصلاة وما ملكت أيمانكم " حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه " وأوصى الإسلام أيضا العبد وحثه على القيام بحق سيده ووعده على ذلك أجراً مضاعفاً. كما في الصحيحين عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة يؤتون أجورهم مرتين الرجل تكون له الأمة فيعاملها ويحسن تعليمها ويؤدبها فيحسن تأديبها ثم يعتقها فيتزوجها فله أجران ومؤمن من أهل الكتاب الذي كان مؤمناً ثم آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم فله أجران والعبد الذي يؤدي حق الله تعالى وينصح لسيده …" ثم إن الإسلام رغب ترغيباً بليغاً في عتق المماليك ومكاتبتهم وإعانتهم على ذلك ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار….." وقال تعالى: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) [النور: 33] وفي المسند عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أعان مجاهداً في سبيل الله أو غارماً في عسرته أو مكاتباً في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وقد جعل الله تعالى جزءا من ركن من أركان الإسلام مخصصاً لهذا الغرض. فالزكاة التي هي إحدى دعائم الإسلام وأركانه تؤخذ من الأغنياء وتجعل ثمانية أسهم سهم منها لعتق الرقاب كما هو معلوم، وقد جعل الله تعالى عتق الرقاب كفارة لأمور تحدث كثيراً. فكفارة قتل الخطأ عتق رقبة وكفارة الظهار عتق رقبة، وكفارة الأيمان عتق رقبة وكفارة من أفطر في رمضان متعمداً عتق رقبة. بهذا تعلم أن الإسلام يتشوف إلى الحرية ويتطلع إليها وتشريعاته تتضمن ذلك، وتعلم الطريقة التي يريد الإسلام أن يقضي بها على العبودية بدون قسر ولا قهر ولا تداعيات وآثار سلبية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1800)
الحكمة من عدم تحريم الاسترقاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لم تحرم العبودية في الإسلام؟ وكيف يمكن لشخص أن يعاشر جاريته وهو لم يتزوجها؟ أليس لها الحق كبقية البشر أن تختار زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلله كمال العلم والحكمة واللطف والرحمة فهو عليم بشؤون خلقه رحيم بعباده، حكيم في خلقه وتشريعه. فشرع للناس ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وما يكفل لهم السعادة الحقة والحرية والمساواة لكن في نطاق عادل وهدي شامل، وفي حدود لا تضيع معها حقوق الله ولا حقوق العباد. وأرسل بهذا التشريع رسله مبشرين ومنذرين، فمن اتبع سبيله واهتدى بهدي رسله كان أهلاً للكرامة ونال الفوز والسعادة، ومن أبى أن يسلك طريق الاستقامة نزل له ما يكره من قتل أو استرقاق، إقامة للعدل وتحقيقاً للأمن والسلام. ومحافظة على النفوس والأعراض والأموال من أجل ذلك شرع الجهاد أخذاً على يد العتاة وقضاء على عناصر الفساد، وتطهيرا للأرض من الظالمين ومن وقع منهم أسيراً في يد المسلمين كان الإمام مخيراً فيه بين القتل إن فحش شره ولم يرج صلاحه، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه، وبين أن يسترقه إن رأى أن بقاءه بين أظهر المسلمين يصلح نفسه، ويقوم اعوجاجه ويكسبه معرفة بطريق الهدى والرشاد وإيماناً بها واستسلاماً لها. لما يراه من عدل المسلمين معه وحسن عشرتهم وجميل معاملتهم له. ولما يسمعه من نصوص التشريع في أحكام الإسلام وآدابه فينشرح صدره للإسلام ويحبب الله إليه الإيمان ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وعند ذلك يبدأ حياة جديدة مع المسلمين يكون بها أهلاً لكسب الحرية بطريق الكتابة كما قال تعالى: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) . [النور:33] . أو بطريق العتق في كفارة يمين أو ظهار أو نذر ونحو ذلك، أو بطريق العتق ابتغاء وجه الله ورجاء المثوبة يوم القيامة إلى غير ذلك من أنواع التحرير. وبهذا يعلم أن أصل الاسترقاق إنما هو عن طريق الأسر أو السبي في جهاد الكافرين لإصلاح من استرقوا بعزلهم عن بيئة الشر وعيشتهم في مجتمع إسلامي يهديهم سبيل الخير، وينقذهم من براثن الشر، ويطهّرهم من أدران الكفر والضلال ويجعلهم أهلاً لحياة حرة يتمتع فيها بالأمن والسلام، فالاسترقاق في حكم الإسلام كأنه مطهرة أو سوق حمَّام يدخله من استرقوا من باب ليغسلوا ما بهم من أوساخ ثم يخرجوا من باب آخر في نقاء وطهارة وسلامة من الآفات. فإذا ثبت هذا الحكم الشرعي عُلم أنّ للسيد حقاً في هذه الجارية الثابت رقها من خدمة وغيرها لسيدها. ثم اعلم أن الإسلام لما أباح وطء ملك اليمين رتَّب عليه أحكاما فمن ذلك أنه تصبح هذه الأمَة حرة إذا استولدها ومات عنها، وأولادها يصبحون أحراراً، وأنه بعد ذلك لا يجوز بيعها ما دامت أم ولد، واعلم أيضاَ أنه لا يجوز للحر المسلم أن يتزوج بجارية إلا بشروط ذكرها الفقهاء في كتبهم ومنها: إذا خشي الوقوع في الزنا، وإذا لم توجد حرائر لأن أولاد هذا الحر سيصبحون عبيداً لسيد هذه الجارية، والإسلام يحث على التخلص من هذا الأمر كما هو موضح في الإجابة. وهذا يا أخي الكريم دين الله وشرعه وله الحكمة البالغة (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1801)
حول كفالة اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم الاخوة الافاضل حفظكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، الموضوع / أسئلة متفرقة حول كفالة اليتيم بداية نقدم شكرنا وتقديرنا للجهود التي تقومون بها خدمة للإسلام والمسلمين، وبعد: نود إجابتنا عن الأسئلة التالية: 1. من هو اليتيم شرعاً؟
2. إذا قام أحد المحسنين بكفالة اليتيم واستمر بكفالته حتى زالت عنه صفة اليتم الا أنه لا زال في حاجة إلى من يساعده بسبب الفقر أو أنه لا زال طالبا في الدراسة فهل الأفضل التخلي عن كفالته أم الاستمرار معه إلى حين انتفاء حاجته؟
3. ما هي الأمور التي تشملها كفالة اليتيم؟
4. إذا أرسل مال من المحسنين إلى اليتيم فهل لوالدته بصفتها ترعى شئونه أن تأخذ شيئا من ذلك المال للصرف على نفسها واعطاء اخوته الايتام من ذلك؟
5. إذا كان الذي يرعى شئون اليتيم (أحد الأقارب من غير الأم) فهل يجوز له استلام المبالغ الموجهة إلى ذلك اليتيم من أحد المحسنين وبأية صفة وهل يجوز له أخذ شيء من ذلك المال لنفسه وما حدود ذلك؟
6. تقوم اللجان الخيرية باستلام مبالغ لكفالة الأيتام من المتبرعين وذلك للصرف على الأيتام فما هي صفة اللجان من الناحية الشرعية؟
7. هل للجان الخيرية حرية التصرف في كيفية استفادة اليتيم من الكفالة وتحديد البنود التي تصرف منها الكفالة وتكلفة كل بند خاصة وأن الكفالة تتطلب توفير الغذاء والكساء والعلاج والتعليم وموظفين وصيانة وتجهيز مراكز الأيتام وتجهيزات مكتبية وغيرها من المصروفات التي يتطلبها العمل لتسيير شئون الأيتام ورعايتهم؟
وختاما ندعو الله أن يوفقكم لما يحبه ويرضاه و|أن ينفع بعلمكم المسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق لما يحب ويرضى.
1- اليتيم هو من مات عنه أبوه وهو جنين في بطن أمه، أو هو صغير لم يبلغ الحلم، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغ.
2- الأفضل لهذا المحسن الكافل أن يستمر في الإنفاق على مكفوله هذا حتى يكمل دراسته، أو تنتفي حاجته إليه.
3- وكفالة اليتيم تكون حسب مقدرة الكافل، والأفضل أن تشمل نفقته وكسوته وسكناه وتعليمه وعلاجه، إلى غير ذلك مما يحتاجه.
4- والمال الذي يخصص ليتيم يكون ملكاً له يصرف في مصالحه، ولا يجوز لأي أحد أن يأخذ منه شيئاً إلا بحق شرعي. والأخذ منه بغير حق شرعي كبيرة من الكبائر المهلكات قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً) [النساء: 2] .
وقال تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) [النساء: 10] .
وقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من المهلكات الموبقات في الحديث الثابت في الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
قد رخص جمهور أهل العلم للقائم بشؤون اليتيم والناظر في مصالحه إن كان فقيراً أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف مقابل ما يقوم به من شؤون اليتيم، وحجتهم على ذلك قول الله تعالى: (ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) [النساء: 6] .
وعلى هذا يجوز لأم اليتيم التي ترعى شؤونه أن تأكل من ماله بالمعروف، إذا احتاجت إلى ذلك.
أما اخوة اليتيم فلا يعطون من ماله الخاص به.
5- ويجوز لولي اليتيم القائم بشؤونه أن يستلم المبالغ التي يتبرع بها المحسنون لذلك اليتيم، فيصرف عليه منها، أو يستثمرها إن رأى المصلحة في ذلك. وله إن كان فقيراً محتاجاً أن يأخذ من مال اليتيم بالمعروف كما سبقت الإشارة إليه.
6- ويجب أن تكون اللجان الخيرية التي تسلم لها تلك المبالغ تتصف بالورع والثقة والأمانة وأن تكون غير معروفة بالتسيب في الصرف وعدم الانضباط.
7- وإذا كانت اللجان الخيرية مؤهلة شرعاً لأخذ التبرعات من الناس، فلها أن تحدد جهة الصرف، وكيفيته، وكميته، وما يفترض أن تأخذه هي منه من نسبة يحتاج إليها المشروع من صرف رواتب الموظفين، أو أجرة المكان، أو شراء الأجهزة، أو صيانتها.
والأفضل للعاملين في مثل هذه المشاريع أن يكونوا متطوعين، على أن لهم أخذ الأجرة على عملهم ولو كانوا أغنياء إذا لم يوجد لهذا العمل من يقوم به متطوعاً محتسباً الأجر عند الله، والحجة على جواز أخذهم والحالة هذه هي أن الله جعل للساعي في جباية الزكاة نصيباً، ولو كان غنياً، ولا شك أن جباية الزكاة فرض كفائي لأنها جزء من إقامة ركن من أركان الدين التي بني عليها، وهو الزكاة، وإذا جاز أخذ الأجرة على تحصيل ما هو بهذه المرتبة فإنه يجوز ـ بالأولى ـ أخذها على ما هو دون ذلك. والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1802)
الرق وملك اليمين وهدي الإسلام في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجارة العبيد حلال أم حرام؟ وهل ملك اليمين حلال أم حرام؟ وما موقفها إن كانت متزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجواب عن هذا السؤال يتلخص في أمور.
فقد جاء الإسلام والرق شائع في أمم الأرض كلهم، لا فرق عندهم بين أن يؤخذ الرقيق في حرب مشروعة، أو عدوان ظالم، أو احتيال على أخذ الحر غدراً وخيانة وأكل ثمنه. فضيق الإسلام هذا الباب، وشدد في حرمة بيع الحر واسترقاقه، وحصر دائرة الرق فيما أخذ من طريق الجهاد المشروع، ثم سعى لتحرير الأرقاء، ورغب في ذلك ترغيباً ظاهراً بفتحه وتكثيره لمجالات العتق، ككفارة اليمين والظهار والقتل، مع حثه وتأكيده على الإحسان إلى الرقيق وتعلميهم وتأديبهم وإكرامهم وإعانتهم.
وبعد ذلك كله فإن ما ملك من الرقيق ملكاً شرعياً صحيحاً جاز بيعه وهبته وتأجيره.
والأنثى من الرقيق يجوز لسيدها الاستمتاع بها ما لم تكن متزوجة، أو محرمة عليه بنسب أو سبب، لقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أوما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) [المؤمنون:5-6] ويترتب على وطء الأمة أحكام شرعية منها: أنها بولادتها منه تصبح أم ولد لا يجوز بيعها، وتعتق بعد موت سيدها إلى غير ذلك من الأحكام. وللسيد أن يزوج أمته من عبد أو من حر إذا اجتمعت الشروط المبيحة لذلك. وإذا قاتل المسلمون الكفار فسبوا نساءهم جاز لهم المن بإطلاق سراحهن، أو الفداء، أو الاسترقاق. فإن دخل في نصيب أحد من المسلمين أمة متزوجة من كافر جاز له وطؤها إذا استبرأ رحمها، وثبت خلوه من حمل سابق، لما روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطاس فلقوا العدو فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل في ذلك (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) [النساء:24] فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن، وما رواه أبو داود مرفوعاً " لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة". والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1421(9/1803)
لا يجوز أن ينادي السيد رقيقه بلفظ العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[نهى الرسول الكريم عن تسمية الرقيق بلفظ عبد. السؤال لماذا استخدمها القرآن الكريم في أكثر من سورة خذ سورة البقرة مثلا (ولعبد مؤمن) والنور (من عبادكم) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
النهي الذي أشرت إليه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما حيث قال: (ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي وغلامي) قال النووي في شرحه: والظاهر أن المراد بالنهي من استعماله على جهة التعاظم لا للوصف والتعريف. انتهى كلامه. وبهذا تعلم علة النهي وهي خشية أن يضيف الإنسان العبد إلى نفسه تعاظماً واستعلاء وتكبراً. وذلك منتف فيما إذا كانت الإضافة إلى غير المتكلم كما في الآية من سورة النور، وأولى إذا كان ذلك بدون إضافة أصلاً كما في الآية من سورة البقرة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1804)
لم يمنع الإسلام الرق ولكنه حث على العتق وجعله عبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يوجد نص شرعي في القرآن الكريم حرم به امتلاك العبيد (ذكر أو أنثى) ... ؟ وما المعنى الدقيق لما ورد في القرآن (وما ملكت أيمانكم) ؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... ... ...
فلا يوجد نص من كتاب أو سنة يحرم امتلاك العبيد، ولكن حث الإسلام على عتق الرقاب ورغب فيه، فجعله كفارة للقتل الخطأ، وفي الجماع في نهار رمضان، وفي كفارة اليمين وغير ذلك. ومعنى: (وما ملكت أيمانكم) أي ما ملكتم من إلاماء والعبيد. وحسب علمنا فإنه لا يوجد إماء أو أرقاء في هذا العصر حيث إن ذلك لا يكون إلا بسبب الفتوحات والحروب الإسلامية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1805)
تقديم الطعام والشراب للكلب هل يعد من الاتخاذ المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[يأتي كلب إلى جانب البيت كل يوم ويستريح، وأقدم له طبقا من الأكل والماء ولا أحبسه، فهل ينقص من عملي قيراطين كل يوم بسبب ذلك، مع العلم أن الكلب الآن أصبح لا يفارق هذا المكان، ويأتي إليه كل يوم بسبب وضعي للأكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقديمك الطعام لهذا الكلب عمل طيب، ومن الإحسان الذي تؤجر عليه بإذن الله، ففي كل كبد رطبة أجر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 126792.
وقد ورد النهي عن اقتناء الكلاب إلا في حالات معينة ورد بها حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو مذكور بالفتوى رقم: 122875.
وبالرجوع إلى شرح الحديث نجد تعريف العلماء للاقتناء، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: يقال اقتنى الشيء إذا اتخذه للادخار أي حبس وأمسك. انتهى.
وعلى هذا فإن مجرد تقديم الطعام والشراب للكلب لا يعد اقتناء، وبالتالي فلا يلحقك هذا الوعيد الذي ورد بالحديث، ولكن بعد أن تحسن إليه ينبغي أن تطرده، لأن وجود الكلب غير المأذون فيه شرعاً بالبيت يمنع من دخول الملائكة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 122712.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(9/1806)
حكم قتل البهيمة التي وقع عليها آدمي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو معرفه الحديث الذي يوضح وجوب قتل ابن البهيمة الآدمي وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا السؤال غير واضح فإن كان مراد السائلة ما ورد في قتل البهيمة التي يقع عليها آدمي (يجامعها إنسان) فقد ورد في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة. رواه أحمد وغيره. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده جيد.
واختلف العلماء في قتل البهيمة لاختلافهم في صحة الحديث المذكور.
وسبق بيان حكم إتيان البهيمة وأقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 125989. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(9/1807)
حكم قتل النمل لاستخدامه كعلاج لإزالة الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في كتاب قديم عندي أنه إذا نتف الشعر ودلك محله بالنمل فإنه لا ينبت مرة أخرى ـ بصرف النظرعن مدى صحة هذا الكلام ـ هل فعل ذلك حرام، لأنني سأغرق النمل حتي أتمكن من استخدامه؟ مع العلم بأن جسدي مغطى بالشعر مثل أجساد الرجال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم قتل النمل وأنه لا يجوز في الفتوى رقم: 34504، وما أحيل عليه فيها.
كما سبق بيان حكم إزالة الشعر وأنه لا حرج على المرأة في إزالة جميع شعرها ما عدا الرأس والحاجبين وانظري لذلك الفتوى رقم: 21876، وما أحيل عليه فيها.
وأما قتل النمل لمجرد إزالة الشعر وعلاجه فالظاهر- والله أعلم - أنه لا يجوز عند من لا يرى جواز قتل النمل ـ وهم الأكثرـ لورود النهي عن قتله وعدم الحاجة إلى ذلك عند وجود البدائل والوسائل التي تستخدم في علاج الشعر وإزالته، ولذلك فنحن ننصحك بعدم قتل النمل لهذا الغرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(9/1808)
حكم حبس الفئران حتى تموت
[السُّؤَالُ]
ـ[نسكن بدبي في مكان به فئران واصطاد زوجي أحدهم، لكنه تركه حتى الموت ـ خوفا من قتله ـ لمدة ثلاث أيام بدون أكل ولا شرب، وأنا خائفة جداً من ربنا، فما هي الكفارة؟ حتى أخبر زوجي بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قتل الفئران، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربع كلهن فاسق يقتلن في الحل والحرم: الحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور.
وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 69775.
أما تركها بعد الاصطياد محبوسة حتى تموت، فإن هذا يتنافى مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 124915، وما أحيل عليه فيها.
وليس على زوجك كفارة محددة، وعليه أن يستغفر الله تعالى وإذا أراد قتل الفئران أو غيرها ـ مما أبيح قتله ـ فليحسن قتلته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(9/1809)
حكم قتل الدواب التي تخرب المزارع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قتل الدواب الأهلية وقد توحشت في البر وصارت تخرب المزارع هل قتلهم حلال أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع قتل ما يؤذي من الدواب لرفع ضرره، ويتعين فيما يؤكل لحمه أن يذكي ذكاة شرعية ليستفاد من لحمه ولا يضيع المال، وأما غيره فيحرص على قتله بما يزهق روحه بأحسن قتلة كما في حديث مسلم: وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة.
وقد ذكر الحطاب في شرح المختصر أن الكلاب التي تضر بالمسلمين يجب قتلها، وذكر أن الإمام مالكا سئل عن قتل الكلاب فقال: أرى أن يؤمر بقتل ما يؤذي منها.
وذكر صاحب الكفاف أن النووي نقل استحباب قتل المؤذيات فقال:
وندب قتل المؤذيات نقلا عليه الإجماع النواوي ذو العلى
وقد تكلم ابن عاصم في منظومته في الأصول على أحكام ما يجوز للمكلف فعله من التصرف في الأعيان فذكر منها الإتلاف وذكر أنه يشرع في قتل ما يؤذي لدفع الضرر فقال رحمه الله:
والعاشر الإتلاف وهو ينقسم إلى ثلاثة جميعها علم
إما لإصلاح جسوم الناس كالأكل والذكاة واللباس
إما لدفع الشر والضراء كقتل ما يؤذي من الأشياء
إما لحق الله مثل كسر صليب إذ مثل أهل الكفر
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(9/1810)
لا حرج في طرد الحيوانات والحشرات من الأرض للسكنى فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قطعة أرض، وهذه الأرض يوجد بها نمل كثير صغير وكبير، ولا يستطيع أي إنسان أن يمشي بها، فأتيت وبنيت بهذه الأرض وكافحت النمل، ومن ذلك الوقت ـ إلى الآن ـ والمشاكل تتوالى علينا، علما أن هذا الكلام مضى عليه أكثر من 25 سنة وـ إلى الآن ـ يوجد بهذه الأرض نمل صغير، فهل علي ذنب، لأنني سكنت فوق النمل؟.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في البناء على أرضك، وطرد النمل منها ـ ولو أدى ذلك إلى قتله ـ وخاصة إذا كان في وجوده ضررعليك أوأذية لك، فإن النهي عن قتل النمل محمول على الذي ليس فيه ضرر ولا أذية، كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 16853، ورقم: 18356، وما أحيل عليه فيهما.
وعليك أن تعتمد على الله تعالى، وتلتزم بطاعته وأداء فرائضه، والمحافظة على الأذكار والأدعية المأثورة، وتتوكل على الله، وتعتقد جازماً أنه هو الذي يضر وينفع، وأن غيره لا يستطيع أن يفعل شيئاً من ذلك إلا بقضاء الله تعالى وقدره، وتحذر من الأوهام ووساوس الشيطان، فمجرد طرد النمل ومكافحته والسكنى في محله ليس فيه ذنب، فهذا عقبة بن نافع ـ رضي الله عنه ـ ومن معه من العلماء والقادة المجاهدين جاؤوا إلى أرض القيروان وهي غيضة مليئة بالوحوش والسباع والهوام فطردوها وبنوا على أرضها حتى قال المؤرخون: فبقيت أرض القيروان أربعين سنة لا يرى فيها شيء من الهوام. ولم يقل أحد أن عليهم ذنباً بطردهم لهذه الحيوانات والحشرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(9/1811)
إطعام الكلب ومداعبته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل يجوز أن ألاعب كلبا أوأعطيه الأكل أو الشرب؟ خصوصا وأن صاحبته ـ وهي نصرانية ـ تهمله أحيانا، وأنا أسكن معهم ـ ليس بإراداتي وهذا أكيد ولكنني أسكن وأنا مرغمة ـ لأن أخي الذي يسكن بجوارنا يسكن معه أقارب لنا وهم ليسو بمحارم لي، وهل الملائكة لا تدخل فقط الشقة التي فيها كلب؟ أم إلى العمارة كلها?.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر لك سكنا طيبا، ومساكنة النصارى فيها خطر لا يخفى، وانظري الفتوى رقم: 10327.
وأما إعطاء الكلب ما يأكله ويشربه فهذا من الإحسان إلى الحيوان الذي دعا الشرع إليه عموما، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل ذات كبد رطب أجر. متفق عليه.
وأما ملاعبته وملاطفته التي تتطلب لمسه فلا تجوز، لأن ملامسة النجاسة لغير حاجة منهي عنها شرعا، كما أن مداعبة الكلاب من العادات الدخيلة على المسلمين، وانظري حكم اقتناء الكلاب في الفتوى رقم: 23541.
وأما وجود كلب في إحدى شقق العمارة فلا يمنع الملائكة من دخول بقية الشقق، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 98350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(9/1812)
حكم قتل القطط خوفا من داء القطط
[السُّؤَالُ]
ـ[ثبت فى الطب الحديث أن القط يسبب ما يعرف بداء القطط، وعند النساء يتسبب فى الإجهاض المتكرر. هل هذا المسوغ يبيح قتل القطط؟ وهل يجوز قتل قط الجار لهذا المسوغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن القطط لا يجوز قتلها إلا إذا حصل منها ضرر لا يمكن دفعه بغير القتل، فهنا يجوز قتلها بأحسن وسيلة. انظر الفتوى رقم: 113987.
ولا شك أن المحافظة على النسل من المقاصد الشرعية، وأن الضرر يزال، ولكنه من المعلوم أن القطط كانت موجودة مع الإنسان من قديم الزمان، وكانت النساء تحمل وتنجب، ولم يمنعهن وجود القطط من ذلك، وإذا ثبت ما ذكر في السؤال من ضرر القطط فإنه يمكن تجنبه والتخلص منه بوسائل أخرى غير القتل الذي أصله التحريم، ولا يباح إلا إذا لم توجد وسيلة غيره.
ولذلك لا يجوز التعدي على الجار وقتل قطه ما دامت هناك وسيلة أخرى يمكن بها تجنب ضرره إذا كان فيه ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1430(9/1813)
حكم قتل الحشرات غير المؤذية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في قتل بعض الحشرات التي لا إيذاء منها؟ مثل الفراش. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحيوانات التي لا تؤذي لا يجوز قتلها، كما بينا في الفتاوى التالية أرقامها: 115664، 38366، 68790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(9/1814)
الرفق بالحيوان وامتناع الملائكة من البيت الذي فيه كلب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يأمرنا الإسلام بالرفق بالحيوان، وعندما يوجد الكلب بالمنزل لا تدخله الملائكة ولا بد من الملامسة للكلب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإحسان إلى الحيوان مطلوب شرعا، وهذا من محاسن الدين الإسلامي يقول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي كُلّ كَبِد رَطْبَة أَجْر. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي: مَعْنَاهُ فِي الْإِحْسَان إِلَى كُلّ حَيَوَان حَيّ بِسَقْيِهِ وَنَحْوه أَجْر، وَسُمِّيَ الْحَيّ ذَا كَبِد رَطْبَة، لِأَنَّ الْمَيِّت يَجِفّ جِسْمه وَكَبِده. فَفِي الْحَدِيث الْحَثّ عَلَى الْإِحْسَان إِلَى الْحَيَوَان الْمُحْتَرَم، وَهُوَ مَا لَا يُؤْمَر بِقَتْلِهِ. فَأَمَّا الْمَأْمُور بِقَتْلِهِ فَيَمْتَثِل أَمْر الشَّرْع فِي قَتْله،.. إلى أن قال: وأما المحترم فيحصل الثَّوَاب بِسَقْيِهِ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ أَيْضًا بِإِطْعَامِهِ وَغَيْره سَوَاء كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا، وَسَوَاء كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَم. انتهى. من شرح صحيح مسلم.
وكلام الإمام النووي السابق يوضح للسائل الكريم أن مفهوم الرفق بالحيوان بالنسبة للمسلم يجب أن يكون نابعاً من دين الله تعالى، فهو إحسان وفق ضوابط شرعية وليس كما يهوى الإنسان، والكلب كحيوان يرفق به في حدود الضوابط الشرعية، ولا يعني هذا أن يصبح فردا من أفراد العائلة، كما يفعل السفهاء في غير البلاد الإسلامية ومن يقلدهم في بلادنا، بل هو عند بعض الأفراد أهم من الأولاد والأحفاد، وما خبر من ترك ملايين الدولارات لكلبه وحرم منها أولاده وأحفاده عنا ببعيد!!
فالذي أمر بالرفق هو الذي أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، بل هو الذي أخبر أن من اتخذ كلبا من غير ما يرخص فيه الشرع فهو ينقص من أجره، ففي صحيح البخاري عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارِيَةٍ نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ.
وفي صحيح مسلم عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ زَرْعٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ صَيْدٍ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ.
قال النووي: وَأَمَّا الْقِيرَاط هُنَا فَهُوَ مِقْدَار مَعْلُوم عِنْد اللَّه تَعَالَى. وَالْمُرَاد نَقَصَ جُزْء مِنْ أَجْر عَمَله. انتهى.
وكذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي رحمه الله: قَالَ الْعُلَمَاء: سَبَب اِمْتِنَاعهمْ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ كَلْب لِكَثْرَةِ أَكْله النَّجَاسَات، وَلِأَنَّ بَعْضهَا يُسَمَّى شَيْطَانًا كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيث، وَالْمَلَائِكَة ضِدّ الشَّيَاطِين، وَلِقُبْحِ رَائِحَة الْكَلْب وَالْمَلَائِكَة تَكْرَه الرَّائِحَة الْقَبِيحَة، وَلِأَنَّهَا مَنْهِيّ عَنْ اِتِّخَاذهَا، فَعُوقِبَ مُتَّخِذهَا بِحِرْمَانِهِ دُخُول الْمَلَائِكَة بَيْته، وَصَلَاتهَا فِيهِ، وَاسْتِغْفَارهَا لَهُ، وَتَبْرِيكهَا عَلَيْهِ وَفِي بَيْته، وَدَفْعهَا أَذًى لِلشَّيْطَانِ. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب أَوْ صُورَة فَهُمْ مَلَائِكَة يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّبْرِيك وَالِاسْتِغْفَار، وَأَمَّا الْحَفَظَة فَيَدْخُلُونَ فِي كُلّ بَيْت، وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَم فِي كُلّ حَال، لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالهمْ، وَكِتَابَتهَا. وَاللَّه أَعْلَم. انتهى.
وقد اختلف العلماء هل لا تدخل الملائكة أي بيت فيه كلب ولو كان من الكلاب المأذون في اتخاذها شرعا ككلب الحراسة ونحوه مما سبق ذكره؟
فرجح بعض العلماء أن عدم دخولها عام في كل بيت فيه كلب، ولو كان مباحا اتخاذه، ورجح هذا النووي فقال في شرح صحيح مسلم: وَالْأَظْهَر أَنَّهُ عَامّ فِي كُلّ كَلْب، وَكُلّ صُورَة، وَأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنْ الْجَمِيع لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيث، وَلِأَنَّ الْجِرْو الَّذِي كَانَ فِي بَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْت السَّرِير كَانَ لَهُ فِيهِ عُذر ظَاهِر، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَم بِهِ، وَمَعَ هَذَا اِمْتَنَعَ جِبْرِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دُخُول الْبَيْت، وَعَلَّلَ بِالْجِرْوِ، فَلَوْ كَانَ الْعُذر فِي وُجُود الصُّورَة وَالْكَلْب لَا يَمْنَعهُمْ لَمْ يَمْتَنِع جِبْرِيل. انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى أنها لا تدخل بيتا فيه كلب يحرم اقتناؤه فقط، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا لَا تَدْخُل الْمَلَائِكَة بَيْتًا فِيهِ كَلْب أَوْ صُورَة مِمَّا يَحْرُم اِقْتِنَاؤُهُ مِنْ الْكِلَاب وَالصُّوَر، فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِحِرَامٍ مِنْ كَلْب الصَّيْد وَالزَّرْع وَالْمَاشِيَة وَالصُّورَة الَّتِي تُمْتَهَن فِي الْبِسَاط وَالْوِسَادَة وَغَيْرهمَا فَلَا يَمْتَنِع دُخُول الْمَلَائِكَة بِسَبَبِهِ، وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى نَحْو مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. كما ذكر النووي عنهم ذلك.
وكذا رجحت اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية هذا القول ففي سؤال لها: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. السؤال: من كان يربي الكلب للضرورة مثل حراسة الدجاج، فما رأي الدين في ذلك؟ فأجابت بقولها: من اقتنى كلبا لصيد أو حراسة كان ذلك جائزا له، فلا يمنع الملائكة من دخول البيت. انتهى.
ثم إن الحيوانات المباحة التي يمكن تربيتها والإحسان إليها كثيرة، فلماذا لا يمتثل المسلم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ويقلد غير المسلمين في اقتناء الكلاب لمجرد الزينة، وليس لسبب مشروع يبيح اتخاذ الكلب كما سبق فيما ذكرنا من أحاديث؟!
وأما ملامسة الكلب فقد بينا أنها جائزة للحاجة، وذلك في الفتوى رقم: 47759، فلتراجع لمعرفة ضوابط ذلك.
ونسأل الله أن تكون الشبهة زالت عن السائل، ونوصيه بأن يتذكر قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب:36} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(9/1815)
حبست دجاجة جيرانها في الشمس حتى ماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة حبست فرخة في الشمس من ممتلكات الجيران حتى ماتت تلك الفرخة. ولم تبلغ تلك المرأة الجيران حتى لا تزيد المشاكل بينهم.
المرأة الآن ندمت علي ما قامت به فماذا تفعل لتكفر عن ذنبها؟ مع العلم أن صاحبة الفرخه قد ماتت أيضا وانتقلت إلي رحمة الله، ولكن زوجها وورثتها ما زالوا أحياء (زوجها و 3 أبناء 3 سيدات وكلهم متزوجون)
فماذا تفعل المرأة لكي تكتمل توبتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ارتكبت هذه المرأة في ما ذكرت خطيئتين، الأولى في حق هذا الحيوان البهيم الذي حبس في الشمس حتى مات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش. متفق عليه. وراجع في ذلك الفتويين رقم: 56743، 10510.
والثانية: إتلاف مال محترم لمسلم.
والواجب عليها التوبة من الأمرين جميعا، ويلزمها في الأمر الثاني أن ترد على ورثة المتوفاة قيمة ما أتلفت عليهم من المال، ولا يشترط أن تخبرهم بالقصة، فالمهم أن يصل إليهم حقهم بأي طريق كان، ويعلموا أن هذا مال مورثهم حتى لا يستبد به البعض دون البعض. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13348، 54681، 40782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(9/1816)
توبة من رمى قطة حية في النهر
[السُّؤَالُ]
ـ[مسألة تحيرني كثيرا وأبحث لها عن جواب شاف وهي: أن امرأة من عائلتي وهي الآن كبيرة بالسن سبق لها أن ألقت قطة حية بنهر جار لقتلها ومعلوم أنه لا ملجأ للقطة من الإفلات لصعوبة النهر. وقد حدثت هذه الواقعة وأنا لا زلت صغيرا لكنها لم تفارق مخيلتي إلى الآن خصوصا بعد أن قرأت الحديث المتعلق بقصة المرأة التي حبست قطة حتى الموت لا هي أطعمتها ولا هي أسقتها والتي حدث رسول الله أنها ستدخل جهنم. وهو الشيء الذي يؤرقني كثيرا خصوصا أن قريبتي غير متعلمة وهي مواظبة على صلاتها وصيامها منذ زمن كثير.
مع العلم أن رمي القطة بالنهر لم يتخذ إلا بعد إبعادها لمرات كثيرة خارج المدينة وتعود بنفسها للمنزل وتحدث فيه كثيرا من الأضرار (العبث بالمأكولات والعجين، التبرز فوق الفراش.......)
في الأخير أريد أن أعرف هل هناك بعد الاستغفار والتوبة من شيء آخر للتكفير عن هذا الأمر ككفارة أو صيام......مع العلم أن هذه السيدة لا تملك مالا لتنفقه وهل يمكن في حالة الكفارة بالصدقة أن أتصدق باسمها أو أمنحها مالا لتتصدق به..
وجازاكم الله خيرا عما تفعلون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز قتل القط إلا لمسوغ شرعي، وبينا أيضا أنه على فرض وجود مسوغ لقتله فلا يجوز قتله إذا أمكن التخلص منه بأسلوب آخر فراجع الفتوى رقم: 113987.
وعلى كل تقدير فإن هذه الطريقة التي اتبعتها هذه المرأة في قتل هذه القطة فيها مخالفة لما جاء به الشرع من إحسان القتل.
روى مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة.. الحديث.
فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وليس في هذا الفعل كفارة مخصوصة غير التوبة، ومن تاب تاب الله عليه، فقد جاء في الحديث الشريف: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(9/1817)
حكم تربية الحمام على أسطح المنازل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تربية الحمام في سطح المنزل من عادات قوم لوط وهل هو منهي عنه؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من تربية الحمام على السطوح وغيرها ما لم يترتب على ذلك أمر محرم، وقد بينا ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 47156، 99110، فنرجو أن تطلع عليهما.
ولم نطلع على أن ذلك كان من عادات قوم لوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(9/1818)
هل تعوي الكلاب لرؤية ملك الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سماع الكلب يعوي في الشارع ليلاً يعني أنه رأى ملك الموت، وأن أحداً من سكان هذا الشارع سيموت قريباً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم لما ذكرته السائلة أصلاً، والذي ورد يخالف هذا، فالمفهوم من الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعوي لرؤية الشياطين لا لرؤية الملائكة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 73993، والفتوى رقم: 36466.
وعلى ذلك فمثل هذا الاعتقاد المذكور في السؤال اعتقاد باطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(9/1819)
حكم قتل العصفور بالحجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قتل العصفورعمداً بالحجارة في أوائل فترة البلوغ وما هي الكفارة على ذلك؟ وجزاكم الله على كل خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما قتل العصفور عمداً بالحجارة فحرام، فقد ثبت عند مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يتخذ شيء فيه الروح غرضاً. وأمر بإحسان الذبح عند إرادة الذبح، وأجمع أهل العلم على المنع من قتل الحيوان المأكول من غير منفعة، فالواجب على من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل، ويندم على ما فرط منه، وليس عليه كفارة معينة في ذلك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 50578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(9/1820)
حكم ضرب الحيوانات بقسوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قبل فترة كانت لدي 3 حيوانات بالبيت وهي أرانب كبيرة وبعدها جئت بأرنب صغير، وقمت بإخراج الأرنب إلى الأرانب الكبار الثلاثة وقامت إحدى الأرانب بالهجوم على الأرنب الصغير وقطعت جلده, قمت أنا بضرب الأرانب الكبار في رؤوسهم بقوة وذلك انتقاما للأرنب الصغير وبعدها بيوم رجعت لأرى الأرانب لقيت الأرانب جميعهم ماتوا وخاصة الإثنين اللذين ضربتهم على الرأس، وأنا خائف من ذنبهم وأتمنى أن تفتوني ماذا أعمل؟ وأنا تائب إلى الله مما فعلت للحيونات وخاصة أنني انتقمت من الأرانب الذين قطعوا الأرنب الصغير ولكن هم حيوانات ليس لديهم عقل مما جعلني أراجع نفسي فيما فعلت, وهل ذنبي الذي عملته بالأرانب عظيم، وما هي الكفارة التي أقوم بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال ما ذكر من أنك ضربت هذين الأرنبين ضربا مؤذيا فقد أسأت بذلك، لأن مثل هذا الضرب لا يجوز، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأما الكفارة فإن كنت تعني كفارة مخصوصة فلم يرد في الشرع كفارة في مثل هذا الفعل والتائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الصحيح.
وراجع الفتوى رقم: 35303، والفتوى رقم: 50578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(9/1821)
لا يجوز قتل الكلاب دون مسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي قتل كلب تربيه أمي معنا في البيت، علماً أنه ليس بكلب حراسة ولا صيد ولونه أبيض؛ ولقد حاولت مراراً وتكراراً نصح أمي والتبيان لها بأنه لا يجوز تربية الكلاب ولكن بدون جدوى والأكثر من ذلك فهي لا تصلي، بسبب هذا الكلب. أريد حلا لهذه المشكلة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك قتل هذا الكلب إذا لم يوجد ما يسوغ قتله ككونه عقورا أو مؤذيا ونحو ذلك، ولمعرفة الحالات التي يباح فيها قتل الكلب والتي لا يباح فيها قتله راجع الفتوى رقم: 113386.
وإذا لم يوجد ما يسوغ لأمك اقتناء هذا الكلب فينبغي أن تستمر في نصحها بأسلوب طيب، وتبين لها حكم الشرع في ذلك، ولا تيأس وإن رأيت أنه يمكنك أخذ هذا الكلب ونقله إلى مكان آخر يستطيع العيش فيه دون أن تعلم امك بأنك الذي أخذته ودون أن يضر ذلك بأمك فعليك فعله نهيا عن المنكر، وكذلك ينبغي أن تنصحها في أمر تركها الصلاة وخطورة هذا الأمر، ونوصيك بكثرة الدعاء لها بالتوبة والصلاح، فهذا من أعظم الإحسان إليها، وراجع في حكم تارك الصلاة الفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(9/1822)
حكم قتل القطط
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على كل ما تقدمونه، سؤالي هنا هو ما رأي الدين والشرع والأخلاق في قتل القطط بحجة أنها تؤذي بأن تبحث لها عن طعام حتى وإن دخلت بيتا وفتشت به، فهذا حيوان كيف لنا أن نعاقبه بالموت وهو يبحث عن الطعام ونحن بني البشر أخطأنا بلا حدود والله عز وجل يعطينا من الفرص الكثيرة للتوبة والتراجع عن الذنب.. فهذا لا يجوز حسب ما تعلمنا في القرآن والسنة.. وما هو عقاب هؤلاء الناس الظلمة، فأرجو التفصيل والتوضيح في الإجابة؟ جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقتل القطط أو غيرها من الحيوانات غير المؤذية بدون سبب مشروع وبدون إضرار منها هو حرام يأثم فاعله، كما أنه ينافي ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من خلق الرحمة، ففي سنن النسائي أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما من إنسان قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها، قيل: يا رسول الله ما حقها، قال: يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمي بها.
أما إذا كان حصل ضرر من القط فإنه يجوز قتله، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجه وصححه الألباني في الإرواء ... لكن يشترط لذلك عدم وجود وسيلة أخرى للتخلص من ضرره إلا بالقتل، وقد أفتى بذلك العز بن عبد السلام.
قال في تحفة المحتاج: وكان ابن عبد السلام اعتمده حيث أفتى بقتل الهر إذا خرج أذاه عن العادة وتكرر منه. وقال المرداوي: يجوز قتل الهر بأكل لحم ونحوه على الصحيح من المذهب. الإنصاف.
ويراعى في حالة جواز القتل أن يكون بوسيلة سريعة ليس فيها تعذيب، ففي صحيح مسلم عن شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(9/1823)
الإحسان إلى الحيوان وتركه يأكل من خشاش الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت قطة في الشارع منذ خمسة أيام صغيرة جداً أعتقد بأن عمرها 3 أو 4 أشهر عاجزة لا تستطيع المشي على قدميها ربما مشلولة أو ربما حادث سيارة، أعتقد على الأرجح أنها خلقت هكذا عندما تريد التنقل تزحف على مؤخرتها حالتها صعبة جداً حتى لا تستطيع أن توسخ مثل باقي القطط في الرمل كل شيء تحتها أخذتها على منزلي نظفتها وأطعمتها وهي ما زالت عندي في المنزل لغاية اليوم حتى تستعيد صحتها لأنها ضعيفة جداً لا أعرف ماذا افعل بها حالتي المادية لا تسمح بأخذها إلى الطبيب البيطري لكي يعمل لها عملية لكي تمشي وأنا محتارة جداً بها لا أستطيع إبقاءها في منزلي لأنها سوف تنجس لي لأنها كما قلت توسخ على نفسها صحيح بأنني أضعها في قفص على البلكون ولكنها بحاجة للتنظيف دائماً وأخاف من النجاسة او انتقال اي مرض لي؟ أريد حلاً لها ماذا أفعل بها؟ قلبي لا يطاوعني أن أعيدها إلى الشارع وهي بهذه الحالة كيف ستدافع عن نفسها أو كيف تبحث عن طعامها؟ ولا أستطيع إبقاءها في منزلي مدى الحياة؟ هل يجوز قتلها لكي ترتاح؟ أو ماذا افعل لها لكي يكون ضميري مرتاحا اتجاه ربي؟ أرجو مساعدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرفق بالحيوان والرحمة به وإنقاذه من الهلاك خلق محمود شرعا، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث قال كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك.
ولذلك فإن ما فعلت من إنقاذ هذه القطة يعتبر خيرا تؤجرين عليه إن شاء الله تعالى
ولكن لا مانع شرعا من إخراجها من البيت لعلها تجد ما تأكله من القمامة أو خشاش الأرض سيما إذا كان يترتب على وجودها في البيت ضرر لك أو أذية.
ولا مبرر لقتلها بدون سبب أو بقصد الرحمة بها.. فيمكن أن تتعافى أو تجد من يعالجها فلك أن تخرجيها من بيتك وتتركيها وشأنها.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 104427، 2052، 51361، 56351، 94310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(9/1824)
حكم وضع الطيور المريضة بأكياس تغلق عليها حتى تموت
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تفشى مرض انفلونزا الطيور أشارت علينا الجهات المسؤولة في التليفزيون بالتخلص من الطيور المريضة بوضعها في أكياس بلاستيكية وإحكام غلقها وإلقائها في القمامة حتى تموت وفعلنا ذلك في الطيور التي ظهر عليها المرض فهل علينا وزر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمرنا الإسلام بالإحسان في كل شيء وخاصة عند القتل أو الذبح.. ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ...
والتخلص من الطيور المذكورة جائز ولكن ينبغي أن يكون بأحسن طريقة ممكنة، وأقلها تعذيبا.. وأولها الذبح المنصوص عليه شرعا أو الصعق الكهربائي، لكن لو فرض أنه لا يمكن التخلص منها بأحسن مما ذكر فلا حرج عليكم إن شاء الله تعالى؛ إذا تحققتم أنه لا يطول تعذيبها بذلك، فالمهم ألا يقصر المسلم فيما يستطيع من تخفيف التعذيب عنها.
وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72147، 73701، 110522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(9/1825)
حكم إخراج القطة من البيت لمكان بعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مربية لقطة، ولها ثلاث سنوات في المنزل، وهي قطة مرحة تلعب وتمرح مع الأطفال، ولكن جاء اليوم الذي فكرت فيها برميها عن مسافة بعيدة لا تتجاوز عشرة كيلو متر، فرميتها في مكان فيه الأكل والشرب وبعد شهرين رجعت تلك القطة، فبعد شهر حاولت رميها عن مسافة أكثر من الأولى فإذا بها رجعت للمنزل، وإذا بالأطفال قال أحدهم، إذا رميت هذه القطة مرة ثانية، يرميك الله لأنها طوافة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما حكم هذه الكلمة، وما حكم رميها وإبعادها، إنني خائفة من الله ياشيخنا الفاضل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في إخراج القطة من البيت وإبعادها عنه رغبة في عدم العودة مرة أخرى لأن المحظور إنما هو حبس القطة دون إطعام لها حتى تموت، أما من تركها تمشي وتأكل من خشاش الأرض فقد برئ من حقها.
وليست هناك عقوبة شرعية في إبعادها لأن إيواءها لم يكن واجبا شرعا، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية:
50593، 55488، 50377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(9/1826)
حكم المتولد من الكلاب والذئاب
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل هناك أنواع من الكلاب يتم تزويجها مع الذئاب.. فعند الولادة ينتج ذئب مهجن مع كلب أو العكس ... فهل ينطبق عليها نفس الأحكام المتعلقة بالكلاب في تحريم تربيتها إلا لحاجة يبيحها الشرع، أو التنجس عند مسكها، أو باقي الأمور والتفاصيل المتعلقة بالكلاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما تولد من الكلاب يعطى حكمها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما تولد من الكلب له حكم الكلب، فقد نص أهل العلم على أن الكلب والخنزير وما نتج عنهما له حكمهما، جاء في المغني لابن قدامة: أن الكلب، والخنزير نجسان رواية واحدة (يعني عن الإمام أحمد) ، وكذلك ما تولد منهما، أو من أحدهما، فهو نجس عينه وسؤره وجميع ما خرج منه.
وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اقتنى كلباً، إلا كلب ماشية أو كلب صيد نقص من عمله كل يوم قيراط. رواه مسلم وغيره.
وعلى ذلك فلا يجوز للمسلم اقتناء أو تربية ما تولد من الكلاب إلا إذا كان ذلك لصيد أو حراسة أو ماشية أو ما أشبه ذلك، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 74794، والفتوى رقم: 77250.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(9/1827)
ماذا يفعل من لم يستطع الإنفاق على الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي فلاح لديه حمار هزيل وإطعامه مكلف يريد أن يرميه لصعوبة بيعه لأنه يريد أن يستبدله بحمار قوي يسألني هل علي إثم إذا رميته علما أن رميه يعرضه لافتراس الحيوانات المفترسة..
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كان لا يستطيع إطعامه باعه أو وهبه لشخص يصنع ذلك، أما أن يتركه بمفازة تهلكه السباع أو الجوع فلا يجوز ذلك لأنه مال وتضييعه حرام.
جاء في المحلى: فإضاعة المال حرام وعدوان بلا خلاف، ومنع المرء حيوانه مما فيه معاشه أو إصلاحه إضاعة لماله.
وقال في المغني: نفقة الحيوان واجبة.
وقال كذلك: نفقة حيوان واجبة عليه فكان للسلطان إجباره كنفقة العبيد، فإن عجز عن الإنفاق وامتنع من البيع بيعت عليه، وإن عطبت البهيمة فلم ينتفع بها فإن كانت مما يؤكل خير بين ذبحها والإنفاق عليها وإن كانت مما لا يؤكل أجبر على الإنفاق عليها كالعبد الزمن. اهـ.
وإذا لم يجد وسيلة للإنفاق عليها فإنه يذبحها لإراحتها من التعذيب؛ كما ذكره الحطاب في مواهب الجليل من كتب المالكية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(9/1828)
حكم تربية الغزلان في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تربية الغزلان في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من تربية الغزلان وغيرها من الحيوانات التي يجوز اتخاذها، سواء كان ذلك في البيت أو خارجه، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 2052، والفتوى رقم: 103372 فنرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(9/1829)
حكم أذية الحيوان بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو ذنب شخص قام بجرح عين قط بدون قصد فقط كان يريد نقلها خارج المنزل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وقع منك من أذية القط أو غيره من الحيوان بدون قصد لا إثم فيه ولا كفارة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(9/1830)
حكم تعذيب الفأر بالنار وإساءة قتله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سكب ماء مغلي على الفأر أو وضعه تحت الشمس حتى يموت، وهل تعتبر هاتان الطريقتان من الحرق الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن لا يحرق بالنار إلا رب النار، علماً بأني لا أستطيع إخراج الفأر من المصيدة إلا بعد قتله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز القتل بالوسيلتين المذكورتين لما فيهما من الإساءة في القتل والتعذيب بالنار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفأر من الفواسق التي تقتل في الحل والحرم، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور.
ولكن لا ينبغي القتل بالوسيلتين المذكورتين لما فيهما من التعذيب بالنار المنهي عنه، وعدم الإحسان في القتل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته.
وقال صلى الله عليه وسلم: ... لا يعذب بالنار إلا رب النار. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني..
وانظري الفتوى رقم: 22249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(9/1831)
حكم النظر إلى جماع الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النظر إلى الحيوانات التي تقوم بعملية الإخصاب -أي الجماع- بلغة البشر مباح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
النظر إلى عورات الحيوانات فالأصل فيها الجواز إلا إذا كانت تثير شهوة الشخص أو يتلذذ بها الناظر فإنها لا تجوز خشية أن يجره ذلك إلى فعل محرم أو التفكير فيه، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21} ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30747، والفتوى رقم: 20636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(9/1832)
حكم قص آذان الكلاب وذيولها
[السُّؤَالُ]
ـ[عملي طبيب بيطري وأسأل عن حكم عملية قص آذان الكلاب وذيولها بقصد التجميل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز قطع آذان البهائم أو ذيولها لغرض التجميل، والكلاب أولى بالمنع من سائر البهائم، لما هي عليه من النجاسة، ولما ورد من النهي عن تربيتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم قطع جزء من أذن البهيمة لغرض التجميل، وذكرنا أن ذلك لا يجوز وأوردنا كلام الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسير قول الله تعالى: وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ حيث قال: ... وقوله: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ) يدل على أن تقطيع آذان الأنعام لايجوز، وهو كذلك، أما قطع أذن البحيرة والسائبة تقرباً بذلك للأصنام فهو كفر بالله إجماعاً، وأما تقطيع آذان البهائم لغير ذلك فالظاهر أيضاً أنه لا يجوز، ولذا أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء. أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربع والبزار وابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث علي رضي الله عنه، وصححه الترمذي وأعله الدارقطني. والمقابلة: المقطوعة طرف الأذن، والمدابرة: المقطوعة مؤخر الاذن، والشرقاء: مشقوقة الأذن طولاً، والخرقاء: التي خرقت أذنها خرقاً مستديراً، فالعيب في الأذن مراعى عند جماعة العلماء. انتهى كلام الشنقيطي. ولك أن تراجع في تفصيل هذا الفتوى رقم: 62478.
وإذا امتنع قطع أذن البهيمة في عمومها، مع ما عليه كثير من البائهم من الطهارة والمنافع الكثيرة فلأن يمنع ذلك في الكلاب أولى، لما هي عليه من النجاسة والقذارة، ولما ورد من النهي عن تربيتها، ففي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اقتنى كلباً، إلا كلب ماشية، أو كلب صيد نقص من عمله كل يوم قيراط. رواه مسلم وغيره. ولما ورد أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، كما في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(9/1833)
لا بأس بالرأفة بالحيوان والرفق به وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على جهودكم الرائعة، خلقني الله ووضع في قلبي من الرحمة والرأفة الكبيرة على كل ذي كبد وبي رحمة على الحيوانات الضعيفة والتي لا حول لها ولا قوة وأنا متعلقة كثيراً بتربية القطط ومنذ يومين ماتت قطة لي وأنا حزينة عليها حزنا عميقا.. فهل علي ذنب إن حزنت حزنا عميقا على قطتي والتي ماتت بين يدي، وهل يجمعني الله بها عنده يوم الحساب، وماذا يكون مصير الحيوان حين وفاته، فهل تصعد روحه عند الله وتنعم عنده كما الإنسان حين يتوفى تصعد روحه لله ويعلم مستقره إما الجنة وإما النار (أعاذنا الله منها) ، أتمنى عليكم أن تجيبوني وتوضحوا لي استفساراتي وهل هناك درس أو محاضرة حول العطف على الحيوان وجزاء ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الحيوان غير مكلف، ولا ينعم ولا يعذب ويكون تراباً في الآخرة، ولا بأس بحزن القلب على فقده ما لم يصل إلى التسخط من قضاء الله وتعظيم المصيبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الرحمة خلق عظيم يجعله الله في قلوب من يشاء من عباده، وهي من أسباب رحمة الله لهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
ولذلك فلا بأس بالرأفة بالحيوان والرفق به وتمريضه وعلاجه ... وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري.
ولكن لا داعي للحزن لموت قطة.. والتعلق بها وتمني الاجتماع بها في الآخرة، فإن الحيوان يكون تراباً يوم القيامة ولا يدخل الجنة ولا النار، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 63258 وما أحيل عليه فيها.
ولا شك أن الله تعالى يعطي عباده المؤمنين في الآخرة ما أحبوا وما اشتهته أنفسهم؛ كما قال الله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {الزخرف:71} ، فينبغي للمسلم أن يبتعد عن الغلو ويحذر منه ويعود نفسه على التوسط في كل أموره وخاصة في المحبة لكل ما في هذه الدنيا الزائلة، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من المبالغة والغلو في حب الأشخاص فما بالك بغيرهم، فقال: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(9/1834)
حكم تربية القطط والقرود في المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[الأساتذة الأفاضل: ما هو حكم تربية الحيوانات في المنزل (القطط والقرود) حيث إن لي أصدقاء يقومون بتربية هذه الحيوانات في منازلهم بهدف الزينة واذا كان غير جائز فهل أمتنع عن زيارتهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا إباحة تربية القطط، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 2052.
وأما القرود فقد اختُلف في صحة تملكها فمنعه بعض أهل العلم وأجازه أخرون.
جاء في الحطاب: ... ونقل الجزولي عن ابن يونس ثمن القرد حرام كاقتنائه، وقال في المتيطية في باب البيوع: ما لا يصح ملكه لا يصح بيعه بإجماع كالحر والخمر والخنزير والقرد والدم والميتة وما أشبه ذلك. اهـ
وفي المغني: قال أحمد: أكره بيع القرد. قال ابن عقيل: هذا محمول على بيعه للإطافة به واللعب, فأما بيعه لمن ينتفع به, كحفظ المتاع والدكان ونحوه فيجوز; لأنه كالصقر والبازي، وهذا مذهب الشافعي. وقياس قول أبي بكر وابن أبي موسى المنع من بيعه مطلقا.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: أما ما ينفع من ذلك كالفهد للصيد والفيل للقتال والقرد للحراسة والنحل للعسل والعندليب للأنس بصوته والطاووس للأنس بلونه والعلق لامتصاص الدم فيصح. اهـ[يعني يصح بيعه] .
وما ذكره الخطيب الشربيني وصاحب المغني هو في حكم بيع القرد، ولا شك في أن إباحة بيعه تقتضي بالضرورة إباحة تملكه، وبالتالي تباح تربيته.
والذي نراه في هذا الخلاف هو أن من ذهب إلى التحريم كان من حجته فقدان المنفعة في القرد، والذي ذهب إلى الإباحة رأى أنه لا يخلو من منفعة.
وبناء على هذا يترجح عندنا أن تربية القرد إذا كانت لمصلحة كانت مباحة وإلا فلا.
وعلى أية حال، فإن تربية مثل هذه الحيوانات لا ينبغي أن تكون مانعة من زيارة الأصدقاء. ولكن على الزائر -في الحال التي لا تجوز فيها التربية- أن ينصح أصدقاءه بتجنب ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(9/1835)
حكم وجود الكلب في البيت إذا لم يعد يصلح للحراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا كلب في سطح المنزل، (ليس معنا في البيت) وقد أتينا به لغرض الحراسة، وهو ليس أسود تماما، لكنه الآن كبير ولا يحرس، ولا ينبح على الغرباء، وهو الآن فقط يفي بغرض واحد هو أكل الطعام المتبقى بدل رميه، فما حكم بقائه عندنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحكم بإبعاد هذا الكلب عنكم لأنه لم يعد يصلح للحراسة التي رخص في اقتناء الكلب لها، ووجود الكلب لغير حاجة بسبب منع دخول الملائكة الذين يطوفون بالرحمة ويدعون بالاستغفار والبركة لأهل الميت، لما في الحديث: إ ن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة. متفق عليه.
وقد صحح النووي أن هذا الأمر يشمل جميع الكلاب فيشمل الأسود وغيره، واعلم أن البيت لا يراد به مجرد غرفة من غرفة بل يراد به كل المحل كما قال المناوي، وعليه فينبغي أن تربوا في بيتكم شاة وتعطوها فضلات الطعام وتبعدوا هذا الكلب عنكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1428(9/1836)
هل عويل الكلاب يعد من باب التسبيح لله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي عنده كلاب للصيد وهي تصرخ مع كل أذان للصلاة، يقوم زوجي بضربها كلما فعلت ذلك، فهل هي تسبح لله عز وجل، فما معنى هذا العويل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في محكم الكتاب أن جميع الكائنات تسبح بحمد الله، ولكننا لا نفهم كيفية ذلك التسبيح، قال الله تعالى: وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا {الإسراء:44} ، أي: وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله تعالى، ولكن لا تفقهون تسبيحهم، أي: لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس، لأنها بخلاف لغاتكم، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات.
وعليه فالواجب هو الإيمان بأن هذه الكلاب تسبح الله تعالى، ولكن الجزم بأن عويلها ذلك هو التسبيح، فذلك ما ليس لنا عليه دليل، وعلى كل فإننا لا نرى جواز ضربها على ذلك العويل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(9/1837)
حكم الاستفادة من الشيء الملعون أو التصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم الاستفادة من الشيء الملعون أو التصدق به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بترك الناقة الملعونة، أم هو فعل خاص به صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. وفي رواية: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة.
وروى أحمد عن عائشة أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلعنت بعيراً لها، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد وقال: لا يصحبني شيء ملعون. قال النووي: واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل معناه ولا إشكال فيه، بل المراد النهي أن تصاحبهم تلك الناقة، وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها في غير صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، بل كل ذلك وما سواه من التصرفات جائز لا منع منه؛ إلا من مصاحبته صلى الله عليه وسلم بها، لأن هذه التصرفات كلها كانت جائزة، فمنع بعض منها فبقي الباقي على ما كان.
وبهذا يعلم أنه لا يحرم الاستفادة من الشيء الملعون أو التصدق به، لأن المراد من الحديث هو النهي عن مصاحبة هذه الناقة الملعونة للنبي صلى الله علهي وسلم خاصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(9/1838)
حكم استئصال جزء من ذيل الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[اقتنيت كلبا صغيراً من أجل استعماله للحراسة، وسؤالي هو: هل يمكنني قطع جزء من ذيله لأنه هكذا يفعل بهذا النوع من الكلاب؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسلام دين رحمه وشفقة، فقد حث على الإحسان إلى البهائم، ونهى عن تعذيبها وأذيتها، وقد ذكرنا النصوص الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 62478 فارجع إليها، وبناء عليه؛ فإنه لا يجوز لك قطع جزء من ذنب الكلب المذكور لما في ذلك من تعذيبه وأذيته، ولا يبيح الإقدام على القطع كونه يفعل بنوع ذلك الكلب، فالمعتبر هو حكم الشرع، ولا عبرة بالعادات المخالفة له، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 18892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(9/1839)
هل تأثم إذا مات عصفور بغير تعمد منها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في محل عملي دخل عصفور لم أره وعندما فتحت له النافدة عوض الخروج منها ذهب باتجاه معاكس وضرب رأسه مع الزجاج المعاكس للنافدة ومات أحسست بألم في صدري وأني أصبحت المسؤولة عن موته؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما حصل للعصفور، لأنه أولاً هو الفاعل ذلك بنفسه، ولأنه لو قدر أنك أنت التي أرغمته على الذهاب في الاتجاه الذي أخذه، فإنك لست متعمدة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(9/1840)
استخدام مرة الدب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام مرة الدب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا السؤال لم يتضح لنا، فإن كان السائل الكريم يسأل عن حكم استخدام أنثى الدب، فإنه لا فرق في الحكم بين استخدام الأنثى والذكر من الحيوانات، فيجوز للمسلم ترويض الحيوانات كلها واستخدامها فيما ينفعه ما لم يكن حراما، ولا يجوز له استخدامها فيما حرم الله تعالى.
وذلك لأن الأصل في الأشياء أو المنافع الإباحة كما هو الراجح عند المحققين من أهل العلم ما لم يرد دليل على التحريم، وذلك لقول الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً {البقرة: من الآية29} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(9/1841)
حكم وضع الإسفنجة في الشاة ثم حقنها لترغيبها في التزاوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم استعمال الأسفنجة أو ما يسمى حيث توضع الأسفنجة في مهبل الشاة لمدة 14يوما ثم تنزع وتحقن الشاة في العضل بهرمون وفي اليوم التالي تصبح الشاة ترغب في التزاوج وترغب في الذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعاً شرعياً من استعمال العملية المذكورة، ما دام ذلك بقصد المصلحة، فهي أقل تأليماً للحيوان من إخصائه، وقد نص أهل العلم على جواز خصي الحيوان للمصلحة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا بأس بخصاء الغنم لما فيه من صلاح لحومها. وفي مسند الإمام أحمد وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين. صححه الأرناؤوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(9/1842)
ما يلزم من قتلت الشاة المغصوبة منها بالخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة اشترى لها زوجها كبشا فجاءت أم الزوج وأخذت الكبش لها مما ساء في نفس الزوجة فعمدت هذه الأخيرة إلى صخرة وألقتها على الكبش قصد إصابته ليتم ذبحه لكن الإصابة كانت قاتلة، فهي الآن تسأل هل عليها شيء أمام الله في حق أم زوجها, ثم في حق ذلك الحيوان الذي قتلته بطريقة سيئة، فأرجو الإجابة فالمسألة تؤرقها من سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعلته هذه المرأة لا يجوز لما فيه من تعذيب الحيوان المنهي عنه شرعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً. رواه مسلم، فلهذا فإن على هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى، وإن كان زوجها قد وهب لها الكبش هبة صحيحة -كما يفهم من السؤال- وتمت حيازتها له فإنه يعتبر ملكاً لها، ولا يحق لأم الزوج أخذه منها بدون رضاها، وإن فعلت ذلك فهي غاصبة، ولو تركته لها الزوجة حياء منها فهي كالغاصبة، لأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصباً، كما قال أهل العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني.
وفي هذه الحالة فإن على الزوجة التوبة والاستغفار فقط، أما إذا كان الزوج لم يهبه لها هبة تامة، فإن عليها أن تقضيه له هو أو لأمه إن كان قد وهبه لها إذا لم يسامحها فيه، سواء وقع منها ذلك عمداً أو خطأ، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(9/1843)
حكم ذبح الكلاب الصغيرة بغير سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[سألتكم منذ مدة عن حكم ذبح جراء فكان جوابكم بإحالتي إلى فتاوى سابقة تقول بوجوب الاعتناء بها وأظن أني لم أوضح السؤال جيدا فالجراء عثر عليهم صديقي على جانب الطريق وعمرها بضعة أيام وهي ملقاة بدون طعام ولا شراب وكان تنبح نباحا يؤلم القلب وليس في استطاعة صديقي تربيتها لأنها صغيرة على ذلك فقام بذبحها لوقف عذابها لأنه إن تركها ستموت عطشا أو جوعا أو يتم تعذيبها من قبل الأطفال، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على صديقك أن يستغفر الله تعالى مما فعل من قتل هذه الكلاب الصغيرة بدون سبب, وكان عليه أن يضعها في مكان بعيد منه -إذا كان يتأذى بأصواتها- حتى تجد ما تأكله أو تجد من يطعمها إذا لم يكن هو يريد إطعامها أو يخاف عليها من تعذيب الأطفال؛ لأن قتل الحيوان بدون سبب منهي عنه شرعاً.
فقد روى البيهقي والدارمي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقه سأله الله يوم القيامة عنه، قيل: وما حقه؟ قال: يذبحه فيأكله ولا يقطع رأسه فيرمي به.
ولهذا فقتل الكلاب غير العقورة أو غيرها من الحيوانات غير الضارة بدون سبب لا يجوز، وليس على صديقك كفارة محددة، وإنما عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1777، 16200، 49649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1427(9/1844)
حكم اقتناء الذئب ولمسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اقتناء الذئب ولمسه وتقبيله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من تربية الحيوانات واقتنائها ... فقد روى الإمام أحمد وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش، فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتد وأقبل وأدبر ... فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض فلم يترمرم ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه.
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: أنه كان له أخ يقال له أبو عمير، وكان له طائر صغير يلعب به، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم يقول له: يا أبا عمير ما فعل النغير.
وهذا يدل على جواز إمساك الحيوانات وتربيتها واقتنائها ... كما قال الحافظ في الفتح، وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار: وقد كانوا يؤوون الوحش ويتخذونها ويغلقون دونها الأبواب.
وعلى ذلك فيجوز اقتناء الذئب وغيره من الحيوانات ولمسها ما لم تكن نجسة أو منهي عن اقتنائها لغير ضرورة أو حاجة كالكلاب التي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن اقتنائها وتربيتها إلا كلب صيد أو ماشيه، ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 7342.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(9/1845)
وسم البهائم.. الجائز والمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قتل الحيوانات إذا كان بها مرض رحمة بها، وهل يجوز وسم الأغنام بالنار على وجهها، ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم قتل الحيوان المريض رحمة به لإراحته من الألم وذلك في الفتوى رقم: 18848.
وأما وسم الغنم لتمييز بعضها عن بعض، فإن كان في الوجه فإنه يحرم، لما رواه مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه، وعن وسم الوجه.
وفي لفظ: مُرَّ عليه بحمار قد وسم وجهه، فقال: لعن الله من وسمه. وعن أبي داود: أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها. قال في (المقنع) : ويحرم وسم في الوجه، وأما إن كان الوسم في غير الوجه فهو جائز إذا كان لغرض صحيح.
قال النووي رحمه الله: يستحب أن يسم الغنم في آذانها، والإبل والبقر في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره فيظهر الوسم، وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه عن بعض. انتهى.
وقال في (كشاف القناع) : ويجوز وسم البهيمة في غير الوجه لغرض صحيح. انتهى. إذن فلا يجوز وسم الغنم في وجوهها لما بينا، وأما في غيره فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(9/1846)
قطع نسل القطط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مقيم في إحدى الدول الأجنبية ولدي قطة وأريد إجراء عملية لها حتي لاتقوم بالإنجاب نهائيا , سؤالي هل هذا حرام أم حلال؟ وحيث إني لا أستطيع الاهتمام بأبنائها إن أنجبت واستمرت بالإنجاب خاصة في بلد تقتل فيه الحيوانات غير المملوكة حيث تجمع وتوضع في غرفة واحدة وتقتل بالغاز يحدث هذا شهريا للعديد من القطط التي ليس لها مالك.
فما الحل؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقطع الإنجاب عن هذه القطة من الفساد في الأرض الذي ورد النهي عنه في قول الله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ {البقرة: 205} كما أن قتل القطط لغير غرض شرعي حرام، لقوله صلى الله عليه وسلم: ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عزوجل عنها. قيل يا رسول الله، وما حقها؟ قال يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها يرمي بها. رواه النسائي، والوعيد الوارد في هذا الحديث يشمل قاتل الحيوان الذي يؤكل لحمه والذي لا يؤكل لحمه، وعليه فكان من الصواب أن لا تتخذ قطة أصلا، حتى تتجنب كلا من قطع الإنجاب عنها وتعريضها للقتل، وإذا أمكنك أن تتخلص منها بطريقة لا تعرضها بها إلى القتل أو التعذيب فذاك صواب أيضا، وإن كنت محتاجا إليها أو تعذر عليك التخلص منها بطريقة شرعية، فلك حينئذ أن تقارن بين قطع الإنجاب عنها، وبين تعريض نسلها للقتل، وتعمل بما كان أخف ضررا في المسألتين، فإن الشرع مبناه على جلب المصالح أو تكثيرها ودفع المفاسد أو تقليلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(9/1847)
حكم إكراه الإبل على إرضاع جمل صغير ماتت أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن تضيير الإبل عند البادية، والتضيير هو إكراه الناقة عن طريق إغلاق مصادر التنفس لديها لإكراهها على تقبل أحد صغار الإبل الأخرى ممن ماتت أمه كصغير لها وإرضاعه للمحافظة عليه، وهذه العملية مؤلمة جداً للناقة، فنرجو الفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً إن شاء الله تعالى من إكراه الناقة أو غيرها من الحيوان على قبول غير ولدها، إن كان في ذلك مصلحة وهو ما يسمى بالترويم، ولا يجوز تعذيبها على ذلك إذا أمكن أن تروم بغير تعذيب، لأن تعذيب الحيوان لا يجوز إلا إذا كان في ذلك مصلحة وبدون زيادة عن الحاجة، وقد ثبت في السنة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين خصيين. رواه أحمد وغيره، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم وسم إبل الصدقة وأشعر الهدي ... ولذلك فإن النهي عن تعذيب الحيوان يستثنى منه ما كان لمصلحة راجحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(9/1848)
منع الطعام والشراب عن الدواجن من التعذيب الشديد له
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم أريد جوابا سريعا.
هل تصويم الدجاج حلال أم حرام والتصويم هو: منع الشراب لمدة 1-2 يوم متتالية، أو يوم بعد يوم لمدة عشرة أيام , ومنع الطعام أو الأعلاف لمدة 8-14 يوما متتالية، ونسبة الوفيات بين الدواجن تكون حوالي6-8% وهذه العملية فيها فائدة مادية للمزارع كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصويم الدجاج أو غيره من الحيوانات لا يجوز لما فيه التجويع له والتعذيب بغير حق، وليس من شك في أن منع الشراب عن الدجاج لمدة 1 ـ 2 يوم متتالية أو يوم بعد يوم لمدة عشرة أيام، ومنع الطعام أو الأعلاف لمدة 8 ـ 14 يوما متتالية يعتبر من التعذيب الشديد له، ومن أراد قتل الدجاج فليحسن قتله، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة. رواه مسلم.
وتجويع الحيوان كان سببا في دخول امرأة النارـ والعياذ بالله ـ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. متفق عليه.
فتب إلى الله مما اقترفته ولا تعد إلى مثله أبدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(9/1849)
حكم تربية العصافير في الأقفاص
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع الثاني طلب أحد الشبّان أن أتّصل بكم وأسألكم عن رأي الشرع في تربية العصافير في أقفاص، هل هو حلال أم حرام؟ أخي في الله أطلب من الله أن يمدّكم بعونه ويسدّد خطاكم في نشر تعاليمنا الإسلاميّة الحنيفية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتربية العصافير في الأقفاص مباحة بشرط إطعامها وعدم تعذيبها، كما قدمنا استدلال ابن حجر عليه بحديث النُغَير في الفتوى رقم: 2993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(9/1850)
حكم قتل الفئران بالصعق الكهربائي
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكو من الفئران التى تحولت إلى وباء في بيتنا, هل يجوز لى صعقها بالكهرباء, عالية الفولت بحيث لن تتألم ولكن أنا سأتخلص منها كليا وبسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قتل الفئران وغيرها من الفواسق المؤذية، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس فواسق تقتلن في الحل والحرم؛ الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديَّا. ومثل تلك الفواسق المنصوص عليها جميع الحشرات والحيوانات المؤذية.
وقد حكى النووي على ذلك الإجماع، فيجوز لك قتل تلك الفئران بالصعق الكهربائي، لأنه يعد من أسرع أنواع القتل، فلا يكون من القتل المنهي عنه إذ لا ينافي إحسان القتلة للمقتول، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(9/1851)
ترك إطعام الطيور خشية الإصابة بمرض الإنفلونزا
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الإيمان أرجو منكم إفادتي بما يلي: منذ 5 سنوات وأنا أطعم الطيور من على شباك مطبخي, حيث أضع الرز غير المطبوخ والماء عدة مرات في اليوم ويأتي عدد كبير من الطيور للأكل والشرب ... أنواع وأصناف كثيرة لا أعرفها.. ولكن في الفترة الأخيرة كثر الحديث عن مرض إنفلوانز الطيور وأن فيروس المرض ينتقل في الجو.. أنا خائفة من انتقال المرض إلينا خاصة أن المكان قريب من المطبخ وأواني الطبخ, أفيدوني باركم الله فيكم، هل أتوقف عن إطعام الطيور.. أم أستمر ونتوكل على الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في كل كبد رطبة أجر. وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة. رواه مسلم. ولذلك فإن ما قمت به من إطعام الطيور وسقيهم خير تؤجرين عليه إن شاء الله تعالى.
أما إذا كنت تخافين أن ينقلوا إليك الأمراض أو تخشين منهم الضرر، فإنه لا ينبغي لك تقديم الطعام والشراب لهم وخاصة إذا كان ذلك بالقرب من المطبخ أو البيت. فإذا كان إطعام الطيور والإحسان إلى الحيوان مستحباً أو فيه أجر فإن المحافظة على صحة الإنسان واجبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(9/1852)
التدريب على قتل الحيوان بطريقة مؤلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض التدريبات العسكرية في البلاد المسلمة العربية يتم قتل الحيوانات بطريقه مؤلمة وذلك بقتلها وتقطعيها باستخدام اليد فقط. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تعذيب الحيوان لغير غرض شرعي لا يجوز، وقد أمر الشارع بالإحسان إلى كل شيء حتى الدواب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ كل ما فيه الروح غرضاً، قال: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً. أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وما ذكرته من التدريبات لا نراه مسوغاً للطريقة التي قلت إن الحيوانات تقتل بها، لما فيها من التعذيب لمخلوقات نهى الله عن تعذيبها، خصوصاً أنه توجد طرق كثيرة للتدريب غير ما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(9/1853)
الإحسان إلى الحشرات وقتلها
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الحديث أن امرأة عذبت في هرة حبستها لاهي أطعمتها ولا تركتها ... ) الحديث.
هل ينطبق هذا الوعيد على من حبس نملة أو صرصورا أو خنفساء وحبسها حتى ماتت؟
مغزى السؤال: هل للحيوان حرمة أعلى من حرمة الحشرة؟ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار حديث\" أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه؟
وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أعطى الإسلام للحيوان حرمة ونهى عن تعذيبه وقتله لغير حق، وأمر بإحسان قتل ما أذن في قتله منه، فمن ابتغى وراء ذلك فقد اعتدى وأثم. ففي الحديث: إذا قتلتم فأحسنوا القتله. رواه مسلم، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تحريق الحيوان بالنار كما عند أبي داود وغيره: لا تعذبوا خلق الله. ذكره الشوكاني في فتح القدير، وثبت أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، وأن رجلاً غفر له في كلب سقاه، وقال صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. متفق عليه.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تلك القصة للاتعاظ والاعتبار والتحذير من مثل ذلك الفعل، فلا يجوز لأحد حبس حيوان محترم إلى الموت فإما أن يطعمه ويسقيه وإما أن يخلي سبيله وإن كان مما أذن في قتله لأذيته فيجوز قتله ولكن بإحسان، وهذا يدل على عظمة هذا الدين واحترامه لجميع الكائنات قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ {الأنعام: 38} وقال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود: 6} فما خلق الله تعالى ذلك عبثاً، فيجب على المسلم احترام جميع الكائنات وعدم إيذائها بغير حق سوى ما أذن له في قتله منها لكونه مؤذيا كالحية والعقرب والكلب العقور والحدأة والغراب والنمل إذا آذى وكذلك الصراصير وغيرها مما يؤذي فللإنسان قتله ولكن بإحسان كما قال أهل العلم وانظر الفتوى رقم: 38366.
وفي الإقناع قال: وفي معنى الرقيق كل حيوان محترم مملوك فتجب نفقته، وأما غير المحترم كالفواسق فلا تلزمه نفقتها ولا يجوز له حبسها لتموت لخبر: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة. انتهى منه بتصرف.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: فقال صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. دليل على أنه لا يجوز قتل شيء من الحيوان إلا ما أضر بالمسلم في مال أو نفس.. وأما ما انتفع به المسلم من كل ذي كبد رطبة فلا يجوز قتله. وسواء في ذلك جميع الحيوانات حشرات أو غيرها، فالأمر بالإحسان يشملها والنهي عن الإيذاء يعمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(9/1854)
لا يجوز رمي الدجاج غير الصالح للآدمي حيا للسباع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمتلك مزرعة لتربية دواجن وهناك أكثر من مسألة تؤرقني والمسألة الأولى باختصار تبدأ منذ اللحظة الأولى لاستلام الصيصان لبدء دورة التسمين حيث يتم عملية الفرز لاستبعاد الصيصان الضعيفة التي بها عيب خلقي ناتج عن أسباب كثيرة - وهذا لأنها قد تكون مصدر عدوى يضر بالقطيع وما أفعله هو إعدام هذه الصيصان أو إخراجها من المزرعة حية وفي الغالب تؤكل بواسطة الكلاب (أكرمكم الله) المحيطة بنا، وفي أثناء الدورة يتم أيضا متابعة هذه العملية بالتخلص من الصيصان الضعيفة بنفس الطريقة لأن وجودها يقلل من المكسب المالي حيث إن نموها بطيء جدا بالمقارنة بالعلف الذي تأكله- موضوع اقتصادي بحت - وفي حالة إصابة القطيع لا قدر الله بمرض فيروسي فإنه يتم التخلص من أي طائر تظهر عليه علامات الإصابة لتجنب تأثيره على باقي القطيع فما حكم الشرع في
- قضية إعدام الطائر في كل حالة من الحالات السابقة.
-تسليمها حية طعاما للكلاب (أكرمكم الله) .
مع العلم بأن الاحتفاظ به حيا حتى يموت داخل المزرعة يمثل خطرا على باقي القطيع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إلقاء الدجاج غير الصالح للاستعمال الآدمي حياً للحيوانات التي تفترسه، وكذا لا يجوز تركه حيا حتى يموت دون طعام أو شراب، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم. ولقوله: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. رواه البخاري.
وراجع الفتويين 1646، 50162، فإذا كان الدجاج لا يصلح للآدميين أكله وأردت التخلص منه فلتذبحه أولاً ولتفعل به بعد ذلك ما تشاء، وراجع الفتويين، 18848، 15642.
أما إذا كانت الدجاجة تصلح للاستعمال الآدمي فلا يجوز إتلافها أصلا أو التخلص منها مع إمكانية الاستفادة من أكلها أو إعطائها للغير ليأكلها، لما في إتلافها من السرف والتبذير المذمومين، وقد بينا حكم الإسراف والتبذير في الفتويين 19064، 12649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(9/1855)
سقي الخنزير وقتله
[السُّؤَالُ]
ـ[لو وجدت خنزيرا يكاد يموت من العطش هل أسقيه الماء؟ وهل له نفس الثواب الذي للرجل الذي سقى الكلب؟ إذا كانت الإجابة نعم فكيف نوفق بين ذلك وحديث نزول عيسى آخر الزمان وقتله للخنزير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وجد خنزيرا أو كلبا أو غيرها من الحيوانات يكاد يموت من العطش فسقاه كان له بذلك أجر.
لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في كل كبد رطبة أجر.
ونقل الحافظ في الفتح عن ابن التين قوله: ولا يمتنع إجراء الحديث على عمومه فيسقى الحيوان المأمور بقتله كالخنزير.. ثم يقتل لأننا أمرنا أن نحسن القتلة ونهينا عن المثلة. اهـ
ولا تعارض بين حصول الأجر لمن أحسن إلى البهائم وبين قتل ما أمر من قتلها، فالإحسان مأمور به في كل شيء وعلى كل شيء حتى في حال القتل المأمور به شرعا ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ... الحديث.
وحديث نزول عيسى عليه السلام جاء لبيان فساد عقائد النصارى وبطلان ما هم عليه وتقرير شريعة الإسلام.
ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ... وقال عنه النووي في شرح مسلم: فيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور أنا إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر أو غيرها وتمكنا من قتله قتلناه وإبطال القول بأنه يترك إذا لم يكن فيه ضرر. اهـ
وعلى كل حال، فكل ذلك لا يتنافى مع الإحسان المأمور شرعا، ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 53798، 61354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(9/1856)
استعمال وسائل منع الحمل للحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني أحد المصلين أن في بيته قطة تلد كثيراً فأراد أن يحقنها بإبرة تمنع الحمل، فهل يجوز هذا التصرف، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من استعمال الحقنة وغيرها من موانع الحمل للهرة أو غيرها من الحيوانات إذا كان ذلك لمصلحة معتبرة أو دفع مضرة غير عادية، فقد نص أهل العلم على جواز إخصاء الحيوان وقطع نسله للمصلحة، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا بأس بإخصاء الغنم ...
أما إذا كان ذلك لمجرد العبث فإنه لا يجوز لما فيه من الإيذاء لهذا الحيوان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً. أي هدفاً للرماية. رواه مسلم.
ولا مانع كذلك من إخراجها من البيت، وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 61274، والفتوى رقم: 2582 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(9/1857)
النهي عن حرق الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في من قام بالتعبد في الصحراء منفردا لمدة أربعين يوما وقيامه بحرق ثلاثين خفاشا وثعلبا ودفنهما لنفس المدة والاكتحال بهما بدعوى رؤية كل شيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حرق الحيوانات بالنار لا يجوز لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار. رواه أبو داود وصححه الألباني. ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تعذبوا بعذاب الله. رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
والتعبد بالصفة المذكورة في السؤال من البدع المحدثة لأنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة، والذي يظهر أن هذا الشخص من المشعوذين والدجالين، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 54701، 11102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(9/1858)
التبرع لجمعية الرفق بالحيوان حسن.. ولكن ...
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشريعة في التبرع لجمعية الرفق بالحيوان وتربية القطط بالبيت وإطعام وعلاج قطط الشوارع فأنا أفعل ذلك من دافع الشفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أنشطة الجمعية المذكورة لا تتضمن محذورا شرعيا كتحريم ما أحل الله تعالى بحجة الرفق بالحيوان أو إباحة ما حرم الله تعالى فلا حرج في التبرع لها، وإن أحسن المتبرع النية والقصد فإن له في ذلك أجرا ومثوبة إن شاء الله تعالى، لأن الإحسان إلى الحيوان مطلوب شرعا، بدليل ما ثبت في الصحيحين من قصة الرجل الذي سقى الكلب بعد ظمأ شديد فشكر الله له فغفر له، وقال صلى الله عليه وسلم في شأنه: في كل كبد رطبة أجر.
وبالرغم من هذا، فلا شك أن الأفضل أن يكون تبرعك لصالح فقراء المسلمين الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة ومن بينهم إخوانك من فلسطين إضافة إلى فقراء المسلمين في مختلف أنحاء العالم وما أكثرهم.
وللفائدة راجع الأجوبة التالية أرقامها: 53798، 50593، 22030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(9/1859)
ثواب إطعام الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في المدينة المنورة أناسا يشترون حبوب القمح ويزرعونها في الممرات التي تؤدي إلى البقيع، وقصدهم في ذالك إطعام الطيور.ولكن يدوسونها بالأقدام فهل يجوز ذلك أم لا؟ وشكرا على الإجابة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطعام الطيور مرغب فيه، ويدل له حديث البخاري: في كل كبد رطبة أجر. وفي حديث مسلم: ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة، ولكنه يتعين إبعاد الطعام عن تعريضه للضياع ووطء الأقدام، فليوضع في مكان مرتفع لئلا تدوسه الأقدام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(9/1860)
قطع نسل القطط حتى لا تنجب كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا إغلاق مواسير الحمل بالنسبة لقطتي خاصة وأنها قد أنجبت 4 قطط، وبصراحة أخشى إن لم أفعل أن تنجب مرات ومرات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخصاء الحيوان ومنع حمله لا ينبغي إلا إذا كان ذلك لقصد المصلحة أو دفع المضرة، فقد روى الإمام أحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خصاء الخيل والبهائم.
وروى البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الروح وعن إخصاء البهائم نهيا شديد.
أما إذا كان ذلك لمصلحة فلا مانع منه شرعاً، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا بأس بإخصاء الغنم لما فيه من إصلاح لحومها.
فقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين خصيين، وما ذكر في السؤال لا نرى أنه مسوغ لقطع النسل، ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1426(9/1861)
حكم قطع جزء من أذن البهيمة في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض مربي المواشي (الماعز الشامي) بقص أجزاء من أذان الماعز قد تصل إلى نصف الأذن، وذلك من أجل جمال الماعز، حيث إن المشتري يرى أن الماعز التي قصت آذانها أجمل من تلك التي لم تقص آذانها، وبالتالي يؤثر على سعرها، فهل في ذلك محظور شرعي أم لا، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على الإحسان في كل شيء حتى في التعامل مع البهائم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم وأصحاب السنن من حديث شداد بن أوس. وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
والأحاديث في الحث على الإحسان إلى البهائم والنهي عن إيذائها كثيرة جداً، ويستفاد منها تحريم تعذيب البهيمة بقطع أذنها أو جزء من أذنها، ومن الأدلة على تحريم ذلك، قوله عز وجل: وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ {النساء:117-118-119} .
والبتك: القطع، قال الشنقيطي في أضواء البيان: وقوله (ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) يدل على أن تقطيع آذان الأنعام لا يجوز، وهو كذلك، أما قطع أذن البحيرة والسائبة تقربا بذلك للأصنام فهو كفر بالله إجماعاً، وأما تقطيع آذان البهائم لغير ذلك فالظاهر أيضاً أنه لا يجوز، ولذا أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء. أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربع والبزار وابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث علي رضي الله عنه، وصححه الترمذي، وأعله الدارقطني. والمقابلة: المقطوعة طرف الأذن، والمدابرة: المقطوعة مؤخر الأذن، والشرقاء: مشقوقة الأذن طولا، والخرقاء: التي خرقت أذنها خرقا مستديراً، فالعيب في الأذن مراعى عند جماعة العلماء. انتهى كلام الشنقيطي.
ويستثنى من تحريم إيذاء الحيوان: الإشعار والوسم في غير الوجه، والإشعار يكون للإبل والبقر إذا كان لها أسنمة، ويكون بشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها في قول عامة أهل العلم، كما ذكر ابن قدامة في المغني: وأما الوسم فإنه الكي بالنار، قال القرطبي في تفسيره: والوسم الكي بالنار، وأصله العلامة، يقال: وسم الشيء يسمه إذا علَّمه بعلامة يعرف بها، ومنه قوله تعالى: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم. فالسيما: العلامة، والميسم: المكواة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(9/1862)
خصاء الحيوان للتسمين وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[*- ما حكم خصي الحيوان الذكر لأغراض التسمين
*- ما حكم خصي الحيوان الذكر بسبب أنه مزعج لكثرة مطاردته للإناث من جنسه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من خصاء الحيوان إذا كان ذلك لجلب مصلحة كالتسمين أو لدفع مفسدة إذا كان الفحل يتسبب فيها. فقد روى الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين خصيين. وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا بأس بخصاء الغنم لما فيه من صلاح لحومها.
أما إذا كان لغير مصلحة فلا يجوز. فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم وصبرها وتعذيبها ووسمها في الوجه.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 49253، 2582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(9/1863)
حكم طرد القطط الصغار للضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رمي أطفال القطة بعدما يكبرون قليلا نظرا لإفسادهم للبيت علما أني أقوم برميهم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في طرد القطط الصغار بعد استغنائهم عن أمهم إذا كان في بقائهم في البيت نوع من الضرر، وأما طردهم قبل ذلك فيتعين عند الاحتياج إليه أن تطرد معهم أمهم. لما في التفرقة بينها وبينهم من الضرر بهم وبها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 42086، 51361، 59773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(9/1864)
حكم قتل القط دفعا لضرره
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: لدينا في حينا قط لأحد جيراننا، هذا القط متمرد، سارق، مفسد للبيوت...... إلخ، فهل يجوز لي قتله أو أعطيه سما ليموت إذا وقع في يدي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية القطط في البيوت جائزة وإذا كانت جائزة لجاركم تربية القط، فعليكم أن تتفاهموا معه في رفع ضرره عنكم، فإما أن يحبسه ويكف عنكم أذاه، ويبعده عنكم بالمشي به إلى واد بعيد يسكن فيه بعيداً عن الناس، أو يقتله، أو يعطيكم الإذن بقتله إن لم يمكن دفع ضرره بغير القتل، ويدل لهذا ما في الحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وصححه الألباني.
وإذا كان قتله هو الوسيلة الوحيدة لرفع الضرر، فعليكم أن تقتلوه بالوسيلة المريحة له، فإن كان القتل بالسم أو بالضرب يزهق روحه بسرعة فلا حرج فيهما، وراجع في هذا الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 2024، 2052، 13342، 50593، 51361.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(9/1865)
قص مناقير البط والدجاج يدور حكمه بين المفسدة والمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحل قص منقار البط لمنعه من أكل ريشه أو قص منقار الدجاج لمنعه من أكل بيضه ومنعه من نقر بعضه البعض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعذيب الحيوان لغير غرض شرعي معتبر لا يجوز، وقد أمر الشارع بالإحسان إلى كل شيء حتى الدواب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ كل ما فيه الروح غرضا، قال: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً. أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وعليه.. فإذا وجدت وسيلة تمنع البط من أكل ريشه، والدجاج من أكل بيضه ومن نقر بعضه البعض، ولا يكون فيها تعذيب لهذه الحيوانات وجب المصير إليها، وحرم حينئذ قص مناقيرها، وإذا لم يوجد شيء يحول دون ذلك غير قص المناقير، فإنه ينظر في الأمر، فإن كان يتضرر بوجود هذه المناقير تضرراً أكبر من ضرره عند فقدها فإنه تشرع حينئذ إزالتها من باب ارتكاب أخف الضررين؛ وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(9/1866)
حكم إنفاق المال في إطعام القطط
[السُّؤَالُ]
ـ[إننى أحب الحيوانات جدا وأتعاطف معها بشكل كبير وقد قمت بتربية ثلاث قطط لدي بالمنزل وأقوم برعايتهم وإطعامهم وإنني أصرف عليهم مبالغ كبيرة حيث إنهم يأكلون أنواعا معينة من الطعام أشتريها لهم مخصوص من مالي حيث إنني أعمل أو من مال زوجي ولكن بعلمه طبعا فهل هذا حرام وهل سأحاسب لأننى لا أصرف نفس هذه الأموال على الفقراء والمساكين مع العلم بأننى أوفي الزكاة وأدفع ما أقدر من الصدقات للفقراء والمحتاجين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 50593.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(9/1867)
مدى اهتمام الإسلام بالإحسان للحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي هرة صغيرة أربيها وأحميها ولكنني أحيانا أغضب من تصرفاتها فأقوم بعقابها ولكنني أحيانا وبدون سبب قوي أغضب منها وأعاقبها وذات مرة عاقبتها عقابا قاسيا ولكنني ندمت على ذلك وأستغفرت ربي ووعدت بأني لن أعيد ذلك مرة أخرى وأنا الأن نادمة على فعلتي تلك مع العلم أني أطعمها وأغسلها وألاعبها وأحميها وأنظف مكان مبيتها ولكن للحظات أغضب منها فأؤذيها ثم بعد ذلك أندم وأحيانا أبكي فهل عملي هذا يضيع أجري في تربيتها أم أن الله يغفر لي خطيئتي ولا يمحو ذلك إحساني لها ... أنا أحبها وأتمنى أن تكون في ميزان حسناتي وليس العكس هل يغفر الله لي معاقبتها أحيانا مع العلم أني منذ الآن لن أعاقبها بشدة وأخيرا أخي عندما يلاعبها يؤذيها وأنا أدافع عنها ولكنه أحيانا يأخدها غصبا عني فهل علي إثم في ذلك فأنا أحاول الدفاع عنها ما استطعت ولكنه يؤذيها حيت يقوم بسحب ذيلها وهي تكره ذلك ولكني أمنعه من ذلك ولا أستطيع فهل علي إثم وأنا الله أحبها ولا أحب من يؤذيها ومن أجلها أكبح جماح غضبي عندما أغضب وفي أكثر من مرة نجحت في ذلك وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرء يثاب على ما يفعل من الإحسان إلى البهائم، ويعاقب على أذيتها بغير حق، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجراً، فقال: في كل كبد رطبة أجر.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
فعليك أن تتقي الله -أيتها الأخت الكريمة- في تلك الهرة، وإذا كنت لا تستطيعين حمايتها من أخيك أو غيره، فلتتركي لها الحرية لتنجو بنفسها مما يلحقها من الأذى، وعما إذا كان الله سيعذبك أو يغفر لك ما كنت تفعلينه بها، فإن ذلك يتوقف على صدق توبتك وإخلاصك، مع أن التعذيب والمغفرة هما من الأمور الغيبية التي لا يمكن القطع بما سيكون منها قبل أن يقف الناس أمام المحاسبة بين يدي الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(9/1868)
الإحسان إلى الدواب أجره عند الله عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في عمارة مشتركة وفي شقتي التي أتردد عليها بين الفينة والأخرى تركت إحدى النوافذ مفتوحة فولدت قطة أربعة من الصغار وقد تحدثت بخصوص هده القطة مع والداي فنصحاني أن أحتفظ بهم إلى حين أن يكبروا قليلا ليتمكنوا من الفرار والاختباء وآنذاك أخرجهم. لكني احتفظت بهم فقط لمدة قصيرة جدا حتى تمكنوا من الإبصار وأولى خطوات المشي وعندما أردت تنظيف الشقة (تنظيف روتيني ليس له علاقة بالقطط) , دخلت كلبة إحدى الجارات للمنزل وتعاركت مع القطة وأصيبت الكلبة شيئا ما. لكن هذا العراك لم يكن هو السبب لإخراج القطط ولكني لا أريد الاحتفاظ بهم في منزلي. فأخذت القطة وصغارها إلى السطح رغم علمي بأن صاحبة الكلبة ستؤذيهم والكلبة سترعبهم في السطح وبأن القطة لن تهتدي لصغارها في السطح لأنها تركتهم وعادت لمكانها الأصلي تبحث عنهم ثم أرجعتها إلى السطح بقربهم وقلت مع نفسي هي أمهم مسؤولة عنهم ولست أنا مسؤولا عنهم فليقع لهم ما يقع هذا مع علمي اليقين بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص المرأة التي دخلت النار في هرة ومع دلك تركتهم وغادرت المكان لمدة ثلاثة أيام. ما حدث الآن هو أنه بعد أن عدت وجدت القطط غير موجودة وأمهم تبحث عنهم والظاهر أنهم سقطوا أو أسقطوا في قناة الصرف الصحي للعمارة فصوتهم مسموع وتقاعست عن إخراجهم حتى ماتوا (لم يعد يسمع لهم صوت) وتمكنت فقط من استخراج واحد منهم فقط بعد كسر إحدى القنوات التي كان محبوسا فيها لكن رائحته كانت نثنة وأمه لم ترد إرضاعه وأبدت عداءا شرسا تجاهه لما حاول الرضاع منها فقمت بغسله هو وأمه وتركت لهما بعض الطعام وسافرت لمدة 3 أيام وبعد عودتي لم أجد القط الصغير وعندما صعدت إلى السطح وجدت القطة الأم وقط صغير في كامل عافيته فاختلط علي الأمر هل هدا القط لم يسقط أصلا في قناة الصرف الصحي ولم أنتبه إليه في المرة الأولى أم أنه نفس القط الذي استخرجته من المجاري والراجح أنه قط آخر غير الذي استخرجته وقلت في نفسي لقد قتلته لأني تركته مع أمه التي لم تتعرف عليه فقد تكون قد افترسته وهذا هو الراجح وربما دخل قط آخر فافترسه وفي هده الحالة قلت في نفسي كان يجب علي أن أغلق جميع النوافذ فما حكمي في هده االنازلة لأني كان بإمكاني أن أتفادى دلك وأحتفظ بهذه القطط ولن يكلفني ذلك شيئا ولأني خالفت نصيحة والداي فهل أنا آثم وماذا أعمل لأكفر عن خطئي فأفيدوني رحمكم الله ولكم جزيل الشكر والثواب فنفسيتي منهارة فلم أعد أحس بطعم الحياة فأنا أنتظر الموت فقط لأرتاح من هذا الإحساس فأنا طول الوقت أفكر في هذه القطط وأقول لم تؤذني وقتلتها فأنا سأدخل النار كتلك المرأة في الحديث الشريف وتزداد تعاستي كلما رأيت قطة تلعب مع صغارها وأقول مع نفسي حرمت القطة من صغارها والقط الصغير من إخوانه فكلما سنحت لي الفرصة وذهبت للمنزل وصعدت للسطح أراه وحيدا خائفا لا يهدأ روعه حتى تأتي أمه لتؤنسه. فكرهت ذلك المنزل وتمنيت لو أني لم أشتره وأقول دائما لو فعلت كدا لما حصل لي هذا وهكذا ابدأ أتخيل سيناريوهات لمسارات متعددة لحياتي لو سلكتها لما رأيت هده القطط. أصبحت عبوسا ومعنوياتي في الحضيض كل شيء أفعله بفتور كبير ولا أحس بالفرحة في أي شيء. تمنيت لو أن الزمان يرجع الوراء, أحس بضياع كبير وبأني مشلول ماديا ومعنويا وبأني لن أنسى هدا الحادث وآلامه دنيا وأخرى. أرجو أن تعذروني عن الإطالة والركاكة وأسأل الله أن يدخلكم جنته ويهيئ لكم من سعة الصدر وطول البال ما تتحملون به رسالتي. أخوكم الذي ضاع عندما أخرج بأنانية وقسوة القطط من المنزل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيل عنك هذا الخوف والوحشة والتعاسة التي ذكرت أنك أصبت بها جراء موت تلك القطط.
ولقد كان من المستحسن أن لا تحرم تلك الدواب من الأمن والعيش في منزلك إلى أن تكبر وتصير قادرة على الدفاع عن نفسها، وفي ذلك أجور كثيرة عند الله تعالى. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة. وفي رواية: قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا، قال: في كل كبد رطبة أجر.
ومع هذا، فنرجو أن لا يلحقك إثم فيما فعلت طالما أنك لم تفعله تعمدا لإتلاف الدواب ولا عقوقا لوالديك، وإنما يبدو أنك فعلت ما فعلت ظانا أنه لا يؤدي إلى موت القطط.
والذي أثمت بسببه المرأة المذكورة في الحديث الشريف هو أنها حبست الهرة ومنعتها الطعام والشراب. وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها، إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
وعليك بالإكثار من الاستغفار والتوبة وأعمال الخير، فإن المسلم مطالب بذلك ولو لم يحصل منه ذنب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(9/1869)
لا يلزم إدخال الحيوان الأليف إلى البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[للأسف تسببت بجهل مني في موت أحد الحيوانات الأليفة الضعيفة (أرنب) في بيتي حيث وضعتها ليلاً في فناء المنزل داخل قفصها واعتقد أنها ماتت بسبب برودة الجو الذي لم يخطر على بالي حينها، عندما وضعتها خارجا في تلك الليلة، هل علي كفارة على فعل ذلك، أفيدوني وادعوا لي بالمغفرة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا كفارة عليك ولا إثم فيما فعلت من إخراج الحيوان الأليف من البيت فالشرع لا يلزمك بإدخاله في البيت أو يمنعك من إخراجه منه وإنما الإثم في حبسه ومنعه من الطعام والشراب حتى يموت فهذا الذي ورد فيه النهي والوعيد، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
ولا شك أن الإحسان إلى الحيوان وخاصة الأليف فيه أجر وصدقة، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.... في كل ذات كبد رطبة أجر. ولو تصدق السائل الكريم وعمل ما استطاع من أعمال الخير لكان ذلك أفضل، ونسأل الله تعالى أن يغفر لنا وله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(9/1870)
ماتت حمامة لعلوقها بكيس وضعته فهل عليها إثم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يربي حماما في السطوح وأشرف على إطعامه يوميا وبجوار بيت الحمام سلة مهملات نضع فيها كيسا وبقايا أكل الحمام، فيأتي حمام الجيران ويأكل منها, وقد وضعت كيسا عبارة عن خيش من البلاستيك ووجدت حمامة علق جناحها في أسلاك الكيس وماتت بجوار سلة المهملات، هل علي ذنب، وما هي الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج ولا إثم عليك إن شاء الله تعالى فيما حدث من موت الحمام بسبب تعلقه بالكيس الذي وضعت، فأنت فعلت ما يباح لك من وضع الكيس في المكان المعين فجاء الحمام فتعلق به أو احتبس فيه بنفسه فلا علاقة لك به، وإنما الإثم على من حبس الحيوان ولم يطعمه ولم يسقه حتى مات، كما في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.
ولو فعلت شيئاً من أعمال الخير والصدقة لكان ذلك أحسن، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 32481.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(9/1871)
قتل وإيذاء الحيوانات محرم تجب منه التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تسببت وأنا في فترة صغري وشبابي في إيذاء وقتل بعض الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب وأشعر بالألم عندما أتذكر ذلك فما حرمة ذلك؟ وكيف يمكن لي أن أكفر عن ذلك؟ وهل في ذلك توبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل القطط والكلاب غير الأسود البهيم أو العقور منها عمداً لغير غرض شرعي حرام، وفاعله آثم يجب عليه أن يستغفر لله تعالى ويتوب إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: ما من إنسان قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها. قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها يرمي بها. رواه النسائي.
والوعيد الوارد في هذا الحديث يشمل قاتل الحيوان الذي يؤكل لحمه والذي لا يؤكل لحمه، ومثل القتل كل ما في معناه، فعن أنس رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم. رواه مسلم.
وفيه أيضاً عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً.
قال النووي رحمه الله: قال العلماء: صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه، وهو معنى: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً. أي لا تتخذوا الحيوان الحي غرضاً ترمون إليه، كالغرض من الجلود وغيرها، وهذا النهي للتحريم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عمر التي بعد هذه: ولعن الله من فعل هذا.
ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه، وتفويت لذكاته إن كان مذكى، ولمنفعته إن لم يكن مذكى. فلا يجوز الاعتداء على الحيوان بأي نوع من أنواع الإيذاء، لأن ذلك من الظلم المحرم، إلا إذا ورد نص يبيحه، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا. رواه مسلم. وقال أيضاً: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم. رواه أحمد وغيره، وصححه السيوطي.
ويُلحق بالأنواع المذكورة في الحديث كل حيوان ثبت ضرره، وراجع الفتوى رقم: 3663.
فعليك أن تستغفر الله تعالى من قتل الكلاب والقطط التي لا يجوز قتلها، وتتوب إليه، إذا كنت فعلت ذلك بعد البلوغ، وليس عليك غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(9/1872)
أخرج الهرة من منزله ورجع فوجدها ميتة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإخراج قطتي من المنزل خوفا من أن تبول فيه بسبب سفري وعندما رجعت وجدتها ميتة فهل علي شيء في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت أخرجت القطة من المنزل ولم تحبسها خارجه فإنه لا شيء عليك، لأن إيواء القطط لا يلزم، وإنما يقع الإثم على من حبس القط ولم يوفر له حاجته من الأكل حتى مات جوعا.
لما في الحدث: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(9/1873)
حكم التلقيح الصناعي ونقل الأجنة في الأبقار
[السُّؤَالُ]
ـ[أضرار ومساوئ عمليات التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة في الأبقار
...
إن عمليات التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة في الأبقار لها أضرار ومساوئ كثيرة
وذلك للأسباب التالية
1- إنه خلال عملية جمع السائل المنوي من الثور أي الذكور بواسطة المهبل
الاصطناعي فإنه خلال هذه العملية سوف تتعرض الحيوانات المنوية أي الحيامن
إلى الضوء أو النور وإن هذا الضوء أو النور الذى يسقط على المادة الحية
الموجودة في الحيوان المنوي أو في السائل المنوي سوف يؤثر حتما على محتويات
الموجودة فيها مثل الجينات الوراثية الموجودة على الكروموسومات والتي لها
دور في نقل الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء أي من جيل إلى جيل آخر
2- خلال عملية أخذ أو جمع السائل المنوي أو (السيمن) من الثور أي من الذكر فإن
هذا السائل المنوي سوف يتعرض إلى الهواء وإنه سوف تتغير درجة حرارته حسب البيئة فهي ترتفع عن درجة حرارة جسم الثور في الصيف وتنخفض عن درجة حرارة جسم الثور في موسم الشتاء وإن هذا الانخفاض والارتفاع سوف يؤثر حتما على محتويات كل من الحيوان المنوي أو (السبيرم) وكذلك السائل المنوي أي (السيمن) وهذا يوثر على العجل المولود في المستقبل
3- خلال عملية التلقيح الاصطناعي للبقرة الصارفة أي التي بها دورة الشبق ويريد مالكها أن يلقحها بطريقة اصطناعية ليحدث الحمل لهذه البقرة فإن البقرة لاتشعر بالذة الجماع الطبيعي كما لو أن البقرة تم تلقيحها مباشرة بواسطة الثور
ولهذا فإن نوع الهورمونات التي تفرزها الأعضاء التناسلية للبقرة الملقحة اصطناعيا لاتكون كاملة وجيدة بل تكون ناقصة وهذا يؤثر حتما على الجنين في بداية الخلق أي في الأسبوع الاول أو الأسبوع الثاني وحتى تمام التصاق الجنين
برحم البقرة لأننا نعلم بأن التلقيح لبيويضة البقرة أي الاوفا تكون في الأنبوب الرحمي للبقرة وبعدها تنزل البويضة الملقحة أو الزايكوت لغرض الالتصاق برحم البقرة وإتمام عملية الحمل لديها بالجنين وإن عدم ارتياح البقرة الملقحة
اصطناعيا وعدم شعورها بلذة التلقيح الطبيعي أي الجماع الطبيعي له تاثيرات
كبيرة على نوع الهورمونات التي تفرز من الجهاز التناسلي للبقرة الملقحة اصطناعيا وهذا يؤثر العجل المولودبهذه الطربقة
4 إن إضافة المواد المخففة والكيمياوية إلى السائل المنوي المجمع من الثور بطريقة المهبل الاصطناعي أي بطريقة الاستمناء له الدور الكبير في تغيرالصفات الكمياوية للسا ئل المنوي وبالتالي الحيوانات المنوية
5\\ وفي حالة عمليات نقل الأجنة بين الأبقار لأحداث الحمل لدى هذه الأبقار فإن
التاثير يكون أكبر وأشد وأقوى بسب أن الحيوان المنوي والبويضة والجنين كل هذه التراكيب الثلاثة سوف تتعرض إلى الضوء أو النور وتغيرات درجات الحرارة والهواء وغيرها من الملوثات الكمياوية والفيزياوية أما في حالة التلقيح الاصطناعي فإن الذى يتعرض إلى الضوء والهواء هو الحيوان المنوي أي السبيرم فقط
6 - أن أهم أسباب إصابة الأبقار الناتجة من عمليا ت نقل الأجنة والتلقيح
الاصطناعي بالأمراض الفسيولوجية والوظيفية مثل قلة مقاومة الأمراض وبقية الأمراض البايولوجية وكذلك الأمراض الفسيولوجية يرجع إلى هذه العمليات بسب تأثر النطفة المنوية أو الحيوان المنوي للثور إلى الضوء والهواء وتغيرات درجات
الحرارة والملوثات الكمياوية المستعملة في التخفيف والحفظ والتجميد..........
الخ
7- يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الشورى من القرآن الكريم الآية
الحادية عشرة\\
-- فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير
8- أن تناول لحوم ومنتجات البان وحليب هذه الأبقار الناتجة من عمليات التلقيح الاصطناعي هي إحدى الأسباب الرئيسية لإصابة الإنسان بالضعف أو العجز الجنسي المبكر
وكلمة الأنعام تشمل أربعة أنواع وهى - الإبل - البقر - الضأن - والماعز
المهندس الزراعى
كاوه شفيق صابر
أربيل بلد العراق
بلدية أربيل
قسم الحدائق
_____ ولهذه الأسباب فإن عمليات التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة هي محرمة بموجب الشريعة الإسلامية ولايجب إجراؤها إلى الأنعام أي الماشية والأسباب المشروحة أعلاه خير دليل على ذلك....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت طبيا أن عمليات التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة في الأبقار يترتب عليها آثار ضارة على البقر أو السلالة الناتجة أو الإنسان الذي يأكل هذه الحيوانات أو يشرب ألبانها فلا تجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك. والمرجع في ترتب الضرر من عدمه هو إلى أهل الاختصاص الثقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(9/1874)
ترك كلبين بحديقة له بغير طعام وشراب حتى ماتا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنني منذ عشر سنوات كان يوجد منزل بحديقة صغيرة، ولكن لم نعش فيه لأن لنا منزلاً كبيراً يجمع الأسرة وكنت أنا المتابع للمنزل والحديقة متابعة أسبوعية، وكان هناك كلبان صغيران ألقى بهما أطفال داخل الحديقة وكنت أتابع لهما الماء والطعام إلا أني بعد فترة تكاسلت في المتابعة للمنزل نعم وكنت أؤجل الذهاب إلى المنزل يوماً بعد يوم حتى جاءني أحد الجيران وقال لي لماذا لا تتابع الحديقة لقد مات الكلبان، إما من العطش أو عدم وجود طعام فتألمت جداً لهذا الخطأ وندمت على تكاسلي وتقصيري، وأنا الحمد لله أديت فريضة الحج هذا العام، إلا أنني أخشى من موت الكلبين أن يكون سببا في عدم قبول صلاتي وحجي وصيامي عند الله عز وجل، فهل هناك فدية لذلك وأتمنى من الله أن يسامحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عظم الله أمر الحيوانات وجعل تعذيبها سببا لدخول النار ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.
فكان من واجبك أن لا تتهاون في أمر هذين الكلبين، وأن تحتاط في إطعامهما وشرابهما، أو أن تخلي سبيلهما ليحصلا لأنفسهما الأكل والشرب، ولكن بما أنك لم تتعمد تعذيبهما وقتلهما، وإنما حصل ذلك منك على سبيل النسيان والخطأ، فعسى أن لا يكون عليك فيه من إثم.
قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب:5] ، وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وليس في فعلك هذا فدية وإنما يكفيك أنك لم تتعمده، وأنك تألمت من حصوله وندمت له ندما شديداً، ونسأل الله تعالى أن يتقبل صلاتك وحجك وصيامك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(9/1875)
حكم إخصاء البهائم ووسمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في خصي الحيوانات (إزالةالخصيتين) في حالة توجيه الإنتاج لإنتاج اللحم في الأبقار والأغنام والجاموس.....وما حكم وشم جلد الحيوانات لترقيمهاوتمييزها عن بعضها؟
أفيدوني لأني طالب بقسم الإنتاج الحيوانى في كلية الزراعة وكثيرا ما أتعرض لمثل هذه المواقف في الدراسة أوفي العمل مستقبلا بإذن الله
أفيدونى وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نشكر السائل لحرصه على معرفة الحلال من الحرام في زمن قل فيه ذلك.
وأما عن إخصاء البهائم لأجل اللحم فقد اختلف الفقهاء في حكمه، فمنهم من أجازه مستدلا بقول عائشة رضي الله عنها: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين. ومنهم من كرهه، ومنهم من فصل بين الصغير والكبير.
ومنهم من منعه مطلقا مستدلا بما رواه البزار، قال الشوكاني في "نيل الأوطار": إسناده صحيح من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الروح وعن إخصاء البهائم نهيا شديدا.
وهذا نهي صريح صحيح في النهي.
وقد استدل بعض الصحابة والتابعين على عدم جواز إخصاء البهائم بقوله تعالى: [وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ] (النساء: 119) .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: قال ابن عباس: يعني بذلك خصي الدواب، وكذا روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري، وقد ورد في حديث النهي عن ذلك. اهـ.
ولا شك أن القول بالمنع مطلقا هو الأحوط لا سيما أن الحديث السابق قد صحح مع عدم وضوح أدلة المجيزين في الموضوع. قال في "تحفة الأحوذي": وفي هذا الاستدلال نظر، يغني الاستدلال على جواز الخصاء بحديث عائشة كما لا يخفى على المتأمل، وقد يسطت الكلام في هذه المسألة في رسالتي "إرشاد الهائم إلى حكم إخصاء البهائم " اهـ.
وأما وسم الحيوان لتمييز بعضه عن بعض، فإن كان في الوجه فإنه يحرم، لما رواه مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه وعن وسم الوجه.
وفي لفظ: مُرَّ عليه بحمار قد وسم وجهه فقال: لعن الله من وسمه، وعن أبي داود: أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها. قال في "المقنع": ويحرم وسم في الوجه، وأما إن كان الوسم في غير الوجه فهو جائز إذا كان لغرض صحيح.
قال النووي رحمه الله: يستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره فيظهر الوسم، وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه عن بعض.اهـ.
وقال في "كشاف القناع": ويجوز وسم البهيمة في غير الوجه لغرض صحيح.اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(9/1876)
حكم قتل الحمام بالسم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد: إن لي جاراً يمارس تربية الحمام ويزعجنا كثيراً بالصعود إلى السطح دون إذن ولا يريد أن يترك هذه المهنة، السؤال: هل يجوز أن أضع على سطح داري الحب مع السم للتخلص من ذلك الحمام، ولا أرى غير هذه الوسيلة، أجيبونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان سطح البيت حقاً خالصاً لك بالنص عليه في العقد أو كان العُرف جارٍ بأنه حق لك، فلا يجوز لهذا الرجل أن يستخدمه دون إذن منك، لما فيه من التعدي على حقوق الغير، وقد قال تعالى: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] .
وفي هذه الحالة عليك أن تقوم بنصحه وإرشاده، فإن لم يستجب لك فلتستعن عليه بأهل الخير والصلاح، فإن لم يؤثروا فيه فارفع أمره إلى الجهات المختصة في البلد الذي تعيش فيه، أما أن تسم حمامه متعمداً، فذلك ما لا يجوز بحال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه، أي لا ضرر ابتداء ولا يُرد الضرر بالضرر.
إما إذا كان السطح ليس ملكاً لك لا بالنص ولا بالعرف، وأنت غير متضرر من صعوده ونزوله، فلا يحق لك شيء مما سبق ذكره، لكن إن كنت متضرراً، فلك في حالة التضرر، ما ذكرناه في صدر الجواب، وراجع الفتوى رقم: 23241، والفتوى رقم: 29088، 16603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(9/1877)
ضرب الحيوان.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز ضرب الحيوان الشارد من القطيع لغرض التأديب؟ وهل نهى الإسلام عن ذلك؟
أفيدونا جزاكم الله الخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها، أو ضربها في وجهها. وأصل الحديث في صحيح مسلم.
ففي هذا الحديث جواز ضرب الحيوان لغرض صحيح بشرط ألا يكون الضرب في الوجه. قال الخادمي الحنفي في البريقة المحمودية: يجوز ضرب الحيوان إلا وجهه. وقال أيضًا: فيضربه على قدر تأديبه بلا مبالغة. وقال ابن عابدين في العقود الدرية: ضارب الحيوان ينهى عن ضربه حال كونه ضربه لا على وجهه الذي أباحه الشارع، بأن ضرب الدابة على العثار مثلاً، لأن العثار من سوء إمساك الراكب اللجام لا من الدابة، فينهى في هذه الحالة ضارب الحيوان عن ضربه.. ولا يخاصم ضارب الحيوان إذا كان ضربه على وجه الضرب الذي أباحه الشارع، بأن كان ضربه على النفار مثلاً؛ لأن النفار من سوء خلق الدابة فتؤدب على ذلك. اهـ
وبناء على ما سبق فإنه يجوز ضرب الحيوان الشارد عن القطيع لغرض التأديب، بشرط أن يكون في غير الوجه، وألاَّ يبالغ في الضرب، وهذا إذا كان تأديبه أثناء شروده؛ لأنه يعي أن الضرب لأجل ذلك، أما إذا كان الضرب بعد رجوعه فإنه حرام؛ لأن الحيوان لا يعي لماذا حصل عليه الضرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(9/1878)
هل ثم ذنب في قتل النمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قمت بقتل مجموعة من النمل بطريق الخطأ، حيث وجدتهم في أحد الأواني التي كان بها طعام نيئ، وقد انتشرت فيه ولم أعرف ماذا أفعل لإخرجها منه.
فهل علي كفارة في ذلك؟ وما هي؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل عدم جواز قتل النمل، لكن إذا لم يمكن التخلص منه بطريقة أخرى جاز قتله، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
2568.
وعلى هذا فلا إثم إن شاء الله تعالى على السائل فيما فعل خاصة أنه فعل ذلك من غير قصد ولا تعمد حسبما قال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(9/1879)
صحة الإنسان مقدمة على البهائم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نسكن في شقة وأبي يربي عصافير، سؤالي هل يصح لي قتل هذه العصافير لأن أبي لا يريد أن يقتنع بإزالتهم، مع العلم أن أمي امرأة مريضة بالحساسية والطبيب منع عنها مثل هذه الروائح،
ولا نستطيع أن نطيرهما لأن أبي سوف يقلب المنزل رأسًا على عقب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت بإخبار الطبيب الثقة الماهر أن في وجود هذه العصافير في البيت ضرراً على أمك فإن عليك أن تبذل جهداًُ في إقناع أبيك بالتخلي عن تربية هذه العصافير، وذلك بتبيين الضرر الحاصل على أمك في ذلك، فإن رأيت أنك لا تستطيع ذلك بمفردك فعليك بالاستعانة على تحقيق هذا المطلب بمن تراه مؤثراً عليه من أقاربك أو غيرهم من أهل الخير والصلاح، فإن لم يفد ذلك كله مع أبيك فإنه يجوز لك والحالة هذه قتل هذه العصافير، إذا لم تجد طريقة للتخلص من وجودها في بيتكم إلا بذلك، وذلك لأن صحة الإنسان مقدمة بالطبع على البهائم وذلك لارتكاب أخف الضررين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(9/1880)
الإثم على من تعمد حبس الحيوانات بقصد أذيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما كفارة التسبب في قتل عصفور بالخطأ؟ فقد نسيت القفص في الشرفة حتى الظهيرة حين اشتد الحر وتوارى الظل الذى وضعت القفص فيه على أمل عودة رفيقه الذي استطاع الهرب من فتحة صغيرة في القفص وأنا لم أقصد إيذائه وندمت كثيراً وبكيت كثيراً خوفاً من الله وكنت حريصة جداً على رعايتهما قبل ذلك خوفا من حساب الله ولكن وقع المحظور واعترف أمام الله بذنبي فماذا أفعل الآن لأكفر عن هذا الذنب العظيم؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت السائلة الكريمة لم تقصد بحبس العصفور في القفص أذيته أو قتله، فإنه لا حرج عليها إن شاء الله، لأن الله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه.
وإنما الإثم على من تعمد حبس الحيوانات بقصد أذيتها فلم يطعمها ولم يسقها حتى تموت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض رواه البخاري ومسلم.
ولو تصدقت السائلة الكريمة، أو فعلت بعض أعمال الخير لكان ذلك حسناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(9/1881)
شروط جواز إمساك الطير في القفص
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز تربية العصافير الصغيرة (الدرر) وحبسها في أقفاص؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعصافير يجوز تربيتها في أقفاص، إذا أطعمت ما تحتاج من الطعام، لما ثبت في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها، ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
فمفهوم الحديث أنها لو أطعمتها لم تعذب، ولما ثبت أيضًا في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، قال: أحسبه فطيماً، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير. والنغير طائر صغير كان يلعب به.
لذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح في ذكر فوائد هذا الحديث: أن منها: ... جواز إمساك الطير في القفص ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1882)
الأدلة على حرمة التحريش بين الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[أبحث عن ما ورد عن عدم التحريش بالحيوان في السنة (الحديث الشريف) ؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتحريش بين الحيوانات محرم.
قال الإمام النووي رحمه الله: يحرم التحريش بين البهائم، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم. رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح؛ لكن فيه أبو يحيى القتات وفي توثيقه خلاف، وروى له مسلم في صحيحه. أ. هـ
وقال الشوكاني رحمه الله: ووجه النهى أنه إيلام للحيوانات، وإتعاب لها بدون فائدة، بل بمجرد عبث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1423(9/1883)
حبس الحشرات دون إطعام معصيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي اخت كانت تقوم بجمع الحشرات،وذلك حبا في تأملها، فكانت تلك الحشرات تموت في المكان التي كانت تحبسها فيه، وحتى بعد موت تلك الحشرات تظل تحتفظ بها0
فهل على أختي شيء تفعله الآن؟ وهل عليها كفاره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في جمع الحشرات والتأمل فيها ليستدل بذلك على بديع صنع الله تعالى، وعجائب مخلوقاته.
ولكن لا يجوز للمسلم حبسها حتى تموت من غير أن يوفر لها الطعام والشراب، لما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " فإذا كانت أختك تعمدت حبس هذه الحشرات ولم تطعمها ولم تسقها فإن عليها أن تستغفر الله وتتوب إليه وعليها ألا تعود إلى مثل هذا العمل المنهي عنه شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(9/1884)
لا علاقة بتربية الحمام بالبدع في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد تربية الطيور في أقفاص من البدع المحرمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز تربية الطيور وغيرها في الأقفاص إذا قام المربي بحقها من طعام وشراب ونحو ذلك، ولا علاقة لذلك بالبدع في الدين، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 2993 والفتوى رقم 9166
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(9/1885)
يجوز تربية العصافير بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تربية العصافير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في تربية العصافير إذا قام المربي لها بحقها من إطعام وشراب ونحوهما، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 9166 والفتوى رقم 2993
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(9/1886)
إقامة حدائق الحيوانات جائزة بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم حدائق الحيونات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في إقامة حدائق الحيوانات بشرطين:
أولهما: الإحسان إلى الحيوانات الموجودة في الحديقة بالطعام وبالشراب ونحو ذلك.
والثاني: منع الاختلاط بين الرجال والنساء في الحديقة عند دخولهم فيها، لما يسببه ذلك من فساد كما هو مشاهد في الواقع، والحل أن يجعل مكان للرجال ومكان للنساء، أو يوم لهؤلاء ويوم لهؤلاء، حتى يتجنب هذا المحذور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(9/1887)
جكم قص قرن البهيمة أو أذنها أو كيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم قص قرون الماعز أو كيها وهي صغيرة السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام دين الرحمة والإحسان إلى كل الخلق حتى البهائم، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء..... رواه مسلم.
والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً ... أعني باب: الإحسان إلى البهائم.
وعليه، فلا يجوز تعذيب البهيمة بقطع قرنها أو أذنها أو كيها لغير حاجة من علاج ونحوه، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم حماراً قد وسم في وجه فقال: لعن الله من وسمه. رواه مسلم.
لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، فقد أشعر النبي صلى الله عليه وسلم هديه كما في الصحيحين، وذلك ليعلم أنها هدي فلا يتعرض لها، ومعنى الإشعار أن يجرحها جرحاً بسيطاً حتى يسيل الدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(9/1888)
إذا قتلتم فأحسنوا القتلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أحب أن أسأل عن بعض الحشرات مثل الخنفساء كنت أرميها في الشمس لكي تموت حيث إني أكره مثل هذه الحشرات هل يلحقني شيء من الذنب؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحشرات إذا كانت تؤذي يجوز التخلص منها بقتل أو نحوه، لكن رميها بالشمس الحارقة قد يكون من التعذيب المنهي عنه.
وعليه، فمن أراد قتل الحشرات المؤذية فليحسن قتلها، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا قتلتم، فأحسنوا القتلة" رواه مسلم.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الإطلاع على الفتوى رقم: 1646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(9/1889)
قتل الحيوانات غير الضارة من الاعتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم قتل الكلاب والقطط الضالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز الاعتداء على الحيوان بأي نوع من أنواع الإيذاء، لأن ذلك من الظلم المحرم، إلا إذا ورد نص يبيحه، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم:0 الحية والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا " رواه مسلم وقال أيضاً: " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم " رواه أحمد وغيره، وصححه السيوطي، وراجع الجواب رقم:
1777 والجواب رقم: 16200 والجواب رقم: 68
ويُلحق بالأنواع المذكورة في الحديث كل حيوان ثبت ضرره، وراجع الجواب رقم: 3663
وليُعلم أن ما جاز قتله، فإنه لا يجوز قتله بصورة تؤدي إلى تعذيبه، وما جاز قتله من الحيوانات من أجل ضرره العارض كالجمل الصائل، ونحوه إذا أمكن دفع أذاه بغير القتل فلا يجوز قتله كذلك، لأن المقصود دفع ضرره، فإذا تأتى دفع الضرر بالأدنى لم يجز بالأعلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(9/1890)
حكم قتل الحيوان المريض لإراحته
[السُّؤَالُ]
ـ[تسأل إحدى الأخوات المسلمات التي تقيم في لندن عن إمكانية قتل هرة لها حيث نصحها الدكتور بذلك لأن الهرة مصابة بأمراض صعبة وهي تتألم ولا يوجد لها علاج وهي بدورها رفضت وقالت للدكتور بأن الدين الإسلامي يحرم قتل الحيوانات؟.
أرجو إفادتنا حول هذا الأمر وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في جواز قتل الحيوان غير المأكول لإراحته من ألم المرض والوجع، إذا لم يُرج أن يأخذه أحد، فمنع من ذلك الحنابلة، وأجازه المالكية.
قال الدردير في شرحه على مختصر خليل: كذ كاة ما لا يؤكل، كحمار أو بغل إن أيس منه فيجوز تذكيته، بل يندب لإراحته.
وقال الدسوقي في حاشيته 2/108: أي أيس في الانتفاع به حقيقة لمرض أو عمى، أو حكماً بأن كان في مغارة من الأرض لا علف فيها ولا يُرجى أخذ أحد له.
والذي نراه هو أن لكم الأخذ بهذا القول، فما دمتم قد يئستم من علاجها، أو كان علاجها مكلفاً جداً فلا مانع من قتلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(9/1891)
قتل الخيل بهذه الطريقة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تنكسر يد الفرس لا يستطاع تجبيرها وكما هو دارج الآن يقومون بوخزها بإبره بنزين فهل هذا جائز وذلك لإراحتها من العذاب ولسنا بأرحم من الله في خلقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخيل مباحٌ أكل لحمها على القول الراجح من أقوال أهل العلم وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ودليله ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها قالت: نحرنا فرساً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه.
وفي الصحيحين أيضاً عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل.
وعليه فنقول: لا ينبغي قتل الخيل بهذه الطريقة التي ذكرت في السؤال لأن في ذلك إضاعة للمال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حرَّم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات وكره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. رواه مسلم.
فينبغي أن يذبح ويؤكل أو يوزع لحمه على من يحتاجه من الفقراء والمساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1423(9/1892)
قتل حيوان بغير حق يستوجب المسألة يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تبلغ من العمر قرابة الثمانين عاما كان لها خروف صغير أكله كلبتان فغضبت المرأة وذهبت وقتلت أولاد الكلبتين (15 جروا) تقربيا ولكنها ندمت وصامت 3 أياماً وتصدقت ببعض المال وتستغفر الله دائما على ماعملته فماذا عليها أن تفعل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز قتل ما لم يأذن الشرع في قتله من الحيوانات، لقوله صلى الله عليه وسلم "ما من إنسان قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها، قيل يا رسول الله: وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها يرمي بها" رواه النسائي.
والوعيد الوارد في هذا الحديث يشمل قاتل الحيوان الذي يؤكل لحمه والذي لا يؤكل لحمه، لذا فعلى هذه المرأة أن تستغفر الله تعالى من قتل الكلاب الصغيرة لأن الشرع لم يأذن في قتل غير العقور من الكلاب، والصغير ليس عقورا -قطعاً- ومع ذلك فليس على هذه المرأة إلا الاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(9/1893)
الكلب الأسود شيطان وكذا القط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قتل القطط والكلاب في حالة تسببها في أذى الناس مثل دخولها البيت والعبث في الأكل أو الازعاج ليلًا وغيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا كانت هذه القطط والكلاب تتسبب فعلا في أذية الناس وضررهم فلا حرج في قتلها إذا لم يمكن التخلص منها بغير ذلك.
وراجع الجواب رقم: 1777 وأما ما يقوله الناس من أن معظم القطط من الجن فليس صحيحاً، فإن القط حيوان مستقل، ولكن الجن قد يتشكلون في صورة الأسود منها، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة" انظر مجموع الفتاوى ج/19 ص/52
والله تعالى أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1894)
حكم النسبة إلى الله تعالى بلفظ اللاوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما التحليل الشرعي واللغوي لاستخدام لفظة "اللاوي" نسبة إلى الله عز وجل، حيث يتم استخدام هذا اللفظ في بعض المناطق للدلالة مثلا عن أي شيء عالي أو مرتفع كأن يقال أسعار هذا المحل "اللاوية" للدلالة على ارتفاع السعر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسبة الشيء إلى الله يقال فيها: إلهي، فلفظ الجلالة (الله) علم على الإله المعبود بحق أصله إله دخلت عليه ال ثم حذفت همزته وأدغم اللامان. كما في لسان العرب لابن منظور، والمعجم الوسيط، وغيرهما من معاجم اللغة.
وأما النسبة إلى الله بلفظ (اللاوي) كما ذكر في السؤال فلا أصل لها في اللغة، وإذا كان الأمر كذلك فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يصح شرعاً أن ينسب شيء إلى الله على صورة النسبة المذكورة في السؤال، لأن تسمية الله بما لم يسم به نفسه أو يسمه به رسوله صلى الله عليه وسلم هي من القول على الله بلا علم، ومن التحريف لاسم الجلالة سبحانه وهذا من الإلحاد في أسماء الله وصفاته، وقد نهى الله عن ذلك فقال: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. {الأعراف:180} .
قال البغوي في تفسيره: هم المشركون عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه، فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا، فاشتقوا اللات من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان هذا قول ابن عباس ومجاهد.. وقيل: هو تسميتهم الأصنام آلهة، وروي عن ابن عباس: يلحدون في أسمائه أي يكذبون، وقال أهل المعاني: الإلحاد في أسماء الله: تسميته بما لم يسم به، ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجملته: أن أسماء الله تعالى على التوقيف فإنه يسمى جواداً ولا يسمى سخياً، وإن كان في معنى الجواد ويسمى رحيماً ولا يسمى رفيقاً، ويسمى عالماً ولا يسمى عاقلاً. انتهى.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10300، 23893، 25564، 94098.
وعلى المسلم أن يهتم بكلامه فيسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية فما كان غالياً في الثمن سماه باسمه دون أن يتكلف ما لا علم له به، لا سيما إن تعلق بلفظ الجلالة سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(9/1895)
حكم قول: الكوارث الطبيعية، إنسان معاق ذهنيا وجسديا
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الكلمات المستعملة عند الناس لا ترتاح لها النفس مثل: الكوارث الطبيعية، إنسان معاق ذهنيا إنسان معاق جسديا، فهل يجوز استعمال هذه الكلمات؟ وهل من مرادف شرعي لها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الطبيعة لا تفعل شيئا بذاتها فهي من صنع الله تعالى وخلقه فهذا من المعلوم عند كل مسلم، ونسبة الكوارث للطبيعية نسبة لمحلها لا لفاعلها، وهذه النسبة مجازية، فإن الفاعل حقيقة هو الله تعالى وحده، والمسلم إذا قال هذا اللفظ فإنه يقصد محل وقوعه لا أن الطبيعة هي التي فعلته، وعلى ذلك لا حرج في استعماله ـ إن شاء الله تعالى ـ وإن كان الأفضل تجنبه، أو استبداله بغيره من الألفاظ التي لا توهم خدشا في العقيدة مثل: الأمور السماوية، أو الجوائح السماوية، أو ما أشبه ذلك، فقد كره أهل العلم الألفاظ التي يشتبه فيها أو يتوهم منها ما يمس بالعقيدة.
قال ابن عبد البر في التمهيد: ورُوي عن الحسن البصري، أنَّه سمع رجلاً يقول: طلع سهيل وبرد الليل، فكرِه ذلك، وقال: إن سهيلاً لم يأت ـ قط ـ بِحرٍّ ولا برد.
وكره مالك بن أنس أن يقول الرجل للغيم والسحابة ما أخلقها للمطر.
وأما عبارة معاق ذهنيا أو جسديا فلا حرج فيها، لأن الإعاقة معناها: المنع من الشيء أو الحبس والعجز عنه، فالمعاق ممنوع أو عاجز عن التصرف ـ نسأل الله تعالى العافية.
ويمكن لمن يكره هذه العبارة أن يستبدلها: بأصحاب الأعذار، أو المعذورون، فيقال: معذور أو صاحب عذر أو ما أشبه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(9/1896)
حكم لعن قاتل نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قتل نفسه (انتحر) فلعنته في رمضان. فهل علي إثم؟ وهل هناك شيء أفعله ليغفر الله لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الانتحار من أشد أنواع قتل النفس تحريماً، وهو من أسباب اللعن والحرمان من الجنة، كما في حديث الصحيحين: كان برجل جراح فقتل نفسه فقال الله: بدرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة.
وفي حديث الصحيحين: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
ولكن الميت قد أفضى إلى ما قدم وكان الواجب عليكم منعه من الانتحار حتى لا يقع في الإثم، وأما وقد توفي فإن المسلمين إذا مات منهم أحد تجب عليهم الصلاة عليه، ومن المعلوم أن الصلاة تطلب له فيها الرحمة والمغفرة، وأما لعنه فلا يشرع لأن لعن الشخص المعين لا يجوز ويشتد الأمر إذا مات لما في ذلك من إيذاء الأحياء من أقربائه واللعن المحرم، ففي الحديث: لا تسبوا موتانا فتؤذوا أحياءنا. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وقال ابن حجر الهيتمي: لا يجوز لعن فاسق مسلم معين. انتهى.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى وتكثر من الاستغفار والترحم للميت وتكثر من العمل الصالح: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيم ٌ. {المائدة:39} ، وقال تعالى: ... كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {الأنعام:54} ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(9/1897)
حكم قول المرء عند المصيبة (يا نهار أسود)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول: يا نهار أسود. عندما يأتي للإنسان خبر سيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز هذا القول؛ لأنه من سب الدهر الذي نهينا عنه في الحديث القدسي: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. متفق عليه.
الواجب على العبد إذا جاءه خبر يسوءه أن يصبر ويحتسب، وليعلم بأن كل شيء يحدث إنما هو بقدر الله عز وجل. قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {التغابن: 11} .
قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
وقد سبق الكلام على سب الدهر وحكمه في الفتوى رقم: 50029.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(9/1898)
حكم مقولة كن أمام نفسك حقيرا وأمام الناس عظيما
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت أختي تشاهد برنامجا تلفزيونيا، وطلب أحد المتصلين من الشيخ الدعاء فرد الشيخ قائلا: أنا أحقر من أن أدعو لك. فأخبرتني أختي بذلك. وفي يوم من الأيام، قالت لي واحدة من أخواتي في الله ادعي لي فقلت لها: أنا أحقر من أن أدعو لك، فقالت لي لاتحقري من نفسك (كن أمام نفسك حقيرا، وأمام الناس عظيما)
ما صحة هذه المقولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الشطر الأول من المقولة فصحيح؛ فإنه ينبغي على المرء أن ينظر لنفسه دائما بعين النقص، حتى لا يغتر بعمله، أو يصيبه العجب أو الكبر، وحتى يزداد من التزكية والتواضع.
قال ابن الجوزي رحمه الله: ومن تلمح خصال نفسه وذنوبها علم أنه على يقين من الذنوب والتقصير، وهو من حال غيره على شك. فالذي يحذر منه الإعجاب بالنفس، ورؤية التقدم في أحوال الآخرة، والمؤمن الحق لا يزال يحتقر نفسه. وقد قيل لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إن مت ندفنك في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن ألقى الله بكل ذنب غير الشرك أحب إلي من أن أرى نفسي أهلاً لذلك.
وقد روينا: أن رجلاً من الرهبان رأى في المنام قائلاً يقول له: فلان الإسكافي خير منك، فنزل من صومعته فجاء فسأله عن عمله، فلم يذكر كبير عمله. فقيل له في المنام: عد إليه وقل له: مم صفرة وجهك؟ فعاد فسأل فقال: ما رأيت مسلماً إلا وظننته خيراً مني فقيل له: فبذاك ارتفع " (صيد الخاطر)
ولا بأس بطلب الدعاء من الغير بالضوابط المذكورة في الفتوى رقم: 122053، وإذا رد من طلب منه الدعاء بنحو ما ذكر في سؤالك، دفعا للعجب عن نفسه، فلا بأس بذلك أيضا، بل هو من احتقار النفس.
وأما الشطر الآخر من المقولة، فليس صحيحا، إلا إذا حمل على معنى صحيح، مثل عزة المسلم وشجاعته وقوته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وتصديه للبغاة وعدم رضاه بالظلم، ونحو ذلك من المعاني الصحيحة.
أما إذا كان المقصود بتلك المقولة التظاهر بالعظمة أمام الناس وترك التواضع، فليس بصحيح، بل التواضع مطلوب مطلقا، لكن في غير مذلة.
فعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه مر في السوق وعليه حزمة من حطب فقيل له: ما يحملك على هذا وقد أغناك الله عن هذا؟ قال: أردت أن أدفع الكبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل الجنة من في قلبه خردلة من كبر " رواه الطبراني بإسناد حسن والأصبهاني إلا أنه قال (مثقال ذرة من كبر) وحسنه الألباني
وقال الغزالي عن التواضع: اعلم أن هذا الخلق كسائر الأخلاق له طرفان وواسطة، فطرفه الذي يميل إلى الزيادة يسمى تكبرا، وطرفه الذي يميل إلى النقصان يسمى تخاسسا ومذلة، والوسط يسمى تواضعا. والمحمود أن يتواضع في غير مذلة ومن غير تخاسس؛ فإن كلا طرفي الأمور ذميم، وأحب الأمور إلى الله تعالى أوساطها، فمن يتقدم على أمثاله فهو متكبر، ومن يتأخر عنهم فهو متواضع؛ أي وضع شيئا من قدره الذي يستحقه. اهـ
وعلى ذلك فلا ينبغي إطلاق تلك المقولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1430(9/1899)
حكم مقولة (أسوق عليك الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا عبارة دارجة وهي أنه عندما يريد إنسان أن يدفع شر إنسان قادم عليه يقول له: أسوق عليك الله ـ ولا أدري ما هو معناها؟ وما هوحكمها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يتلفظ بهذا النوع من الألفاظ التي يفهم من ظاهرها عدم تعظيم الله تبارك وتعالى، ولما فيه من مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أدعيته المأثورة عنه من أنه كان إذا خاف إنسانا أو قوماً، فقد روى الإمام أحمد في المسند وأبو داود وغيرهما عن أبي بردة بن عبد الله بن قيس عن أبيه عبد الله بن قيس: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم. صححه الألباني.
ولذلك ينبغي تجنب هذا النوع من الألفاظ التي لا معنى ـ أولاـ يفهم معناها المقصود منها وتوهم معنى فيه سوء أدب مع الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(9/1900)
حكم قول: فلان لا يرحم ولا يخلي رحمة الله تنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم هو أننا نسمع هذه العبارة يقولون: فلان لا يرحم ولا يخلي رحمة الله تنزل. فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرحمة معناها في اللغة الرقة والعطف ونحو ذلك ... وانطلاقا من هذا المعنى فلا حرج في أن يقال إن فلانا لا يرحم، لأن المعنى هو أنه غير عطوف.
وأما قول: فلان لا يخلي رحمة الله تنزل ... فإنه لا يجوز التلفظ بها لما تتضمنه هذه العبارة من الكفر بالله تعالى، فالله سبحانه له القدرة المطلقة فلا يعجزه شيء أبدا، فمن هذا المخلوق الفقير المقهور المربوب الذي لا يملك من أمر نفسه شيئا ولا حول له ولا قوة إلا بالله حتى يحبس رحمة الله عن عباده؟ قال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. {فاطر:2} .
والغالب أن هذه العبارة ونحوها لا تخرج إلا من جاهل بالله تعالى وأسمائه وصفاته، فيجب الابتعاد عن مثل هذا التعبير ولو كان قائله لا يقصد المعنى الأصلي، وعلى من يقول هذا الكلام أن يتوب منه إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(9/1901)
الإعراض عن الكلام الموهم الذي ربما تضمن شركا
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد:
فماذا يقول الشرع في الكلام التالي الصادرعن أحد شيوخ الطرق الصوفية بالجنوب التونسي؟.
اذكر واسمع ... يا حاضر افن واجمع.
والمعنى اتبع ... توصل تسقى بإذن الله.
توصل تحقيق ... تشرب من خمر عتيق.
ماشو تشديق ... والحكمة يوتيها الله.
جرب تسعد ... كل ذرّة فيها تجد
سرّ ومدد ... من نوره حبيب الله.
بجد وإخلاص ... تفنى عن كل إحساس.
تشرب الكأس ... من ذات المسمى الله.
في البحر تسير ... بإذن الله وشيخي إسماعيل
سيدي الجليل ... ربي يرزقنا رضاه.
تعرج ترقى ... فوق العرش ضياه تلقى
الأكوان ممتحقا ... والملك ثمّ الله.
قاب قوسين ... تراه جهرا بالعين
العاشق مغروم ... لا يرقد لا يجيه النوم
يصلي ويصوم ... غايب عن شكله بالله
بلقاسم قال ... متوكل طالب رضاه
عبد ذليل ... منتسب لأهل الله
ثم الصلاة ... من جنان المعشوق لقاه
سيد الساّدات ... محمّد رسول الله.
انتهى الكلام بحروف.
منتظرا إجابتكم نفع الله بكم وسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النظم مثل كثير من أنظام المتصوفة التي لا تخلو غالبا من الغلو أو العبارات التي تحتمل معان صحيحة وباطلة، فمن ذلك قوله: كل ذرّة فيها تجد سرّ ومدد من نوره حبيب الله.
إن كان يقصد بها أن الرسول عليه الصلاة والسلام له تصرف في أمورالكون، فهذا شرك، وانظر الفتوى رقم: 41011، وإن كان يقصد معنى آخر فقد لا يكون ذلك شركا، ولكن ينبغي تجنبه لما يحتمله من معنى فاسد.
وكذلك لم يتبين لنا وجه المراد بقوله: وشيخي إلخ، إن كان يقصد الإقسام به فهذا ـ والعياذ بالله ـ شرك، وانظر الفتوى رقم: 19237.
أما إن كان يقصد السير على درب شيخه فلا بأس بذلك إن كان ذلك الشيخ من أهل السنة الصحيحة، وإلا فلا يجوز مسايرة شيوخ المبتدعة.
وكذلك قوله: ربي يرزقنا رضاه.
يحتمل أن يقصد به رضا ربه، ويحتمل أن يقصد رضا شيخه، فإن كان يقصد رضا شيخه فهذا أيضا من الغلو والخلل في التصور، فإن رضا الله عن العبد يغنيه عن رضا من دونه.
وأما ادعاء رؤية الله جهرة بالعين، فقد سبق في الفتوى رقم: 121588، بيان أن رؤية الله في الدنيا يقظة غير واقعة شرعا.
وأما ما أشار إليه من منازل الذكر والسماع والجمع والفناء والسُكر والعشق، فهذه اصطلاحات معروفة عند المتصوفة، وكثيرا ما تراد بها معان باطلة، وبالتالي فالصواب تجنبها، ولمعرفة الكلام على تلك المنازل تفصيلا يراجع كتاب مدارج السالكين لابن قيم الجوزية.
والخلاصة أن هذه الكلام فيه ما هو غير مشروع، بل قد يكون شركا، وسائره أقل ما يقال عنه أنه مما ينبغي تجنبه لما يشتمل عليه من غموض ومن احتمالات فاسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1430(9/1902)
حكم وصف إنسان بأنه لعنة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص ما أن يشبه نفسه بأنه لعنة الله التي تلاحق الكاذبين والظالمين؟ أوهل يجوز أن يطلق على نفسه أنه مثل لعنة الله التي تلاحق الكاذبين؟ ووجه الشبه بينه وبين تلك اللعنة أنه سيلاحقهم ويفضحهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعنة الله هي عذابه الذي يحله عز وجل بمن أراد أن يطرده من رحمته، جاء في لسان العرب: واللعن: الإبعاد والطرد من الخير. وقيل: الطرد والإبعاد من الله. ومن الخلق السب والدعاء. واللعنة الاسم. واللعن التعذيب.
ومن أبعده الله لم تلحقه رحمته وخلد في العذاب. واللعنة الدعاء عليه. واللعنة في القرآن: العذاب. ولعنه الله يلعنه لعنا: عذبه. انتهى مع حذف.
فمما سبق يتضح أن مجرد الملاحقة والفضح لا تصل إلى معنى اللعنة، فإطلاق اللعنة على مجرد ذلك أو تشبيهه بها مبالغة لا تصح، كما أنه يخشى على قائلها من العجب، وعلى ذلك فيُنصح بترك هذا التعبير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(9/1903)
وجوب البعد عما ينقص من جناب الله والحط من شأن رسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير: هناك لغز يتداوله بعض الناس فيما بينهم ويسمى اللغز المحير وهذا اللغز يعجز كل شخص صديقه ويتفاخرون فيما بينهم، وأنا عندما أسمع هذا اللغز أدخل معهم في مفاوضات لأن اللغز مشكوك فيه وإليكم اللغز:
اللغز يقول: الله سبحانه وتعالى لا يعرفه ولا سمع به ولا شافه، والرسول اللهم صلى عليه سمع به ولا شافه
والملوك وكبار الشخصيات إذا شافوه قاموا له ويعظمونه ويكرمونه، وبالنسبه للرجل العادي لا يعنى له أي شيء أو يشوفه بأنه شي عايدي بالنسبة له؟
حل اللغز هو: الشبيه
فيقول الله ليس له لا شبيه ولا مثيل.
والرسول اللهم صلى عليه الشبيه له المهدي سمع به وبأن أوصافه نفس أوصاف الرسول....الخ ولكن لم يره.
الملوك وكبار الشخصيات يقال عندما يأتي رئيس دوله أول ما شابه ذلك فإنهم يعظمونه.
أما بالنسبه للإنسان البسيط فعندما يرى شخصا آخر مثلا في السوق أو في أي مكان فإنه لا يعني له شيء.
فأنا- والعياذ بالله من كلمة أنا- عندما أسمع بهذا اللغز وأقول لهم لا تقولونه مرة أخرى يدخلون معي في مفاوضات وجدل كبير ويكاد اللغز أن يفرق بيننا.
أفيدونا جزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. {قّ:18} . وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ أَنَّهُ ارْتَقَى الصَّفَا فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، فَقَالَ: يَا لِسَانُ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، وَاسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْدَمَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَكْثَرُ خَطَايَا ابنِ آدَمَ فِي لِسَانِهِ. رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه المنذري، وجود إسناده الألباني. الترغيب والترهيب، السلسلة الصحيحة.
وقال إبراهيم التيمي رحمه الله: المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر فإن كان كلامه له تكلم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا. الصمت لابن أبي الدنيا.
ومما سبق من نصوص يتبين خطر عدم التفكر في الكلام، واستسهال البعض إلقاء الكلام هكذا بلا تحفظ أو تدبر، والكلام المذكور فيما يسمى باللغز المحير فيه سوء أدب مع الله، وأن غير الله يعلم ما لا يعلمه الله سبحانه، والله عز وجل يقول: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {البقرة: 29} . ويقول سبحانه: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {البقرة: 231} . ويقول سبحانه: ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {المائدة:97} . والآيات في هذا المعنى كثيرة.
والله عز وجل منزه عن أن يكون مثله أحد كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. {الشورى: 11} . ومن أراد أن ينزه الله عما لا يليق به فلا يصح أن يطلق عبارات كهذه فيها سوء أدب مع الله، وانتقاص من علمه، وظاهرها أن هناك أشياء يعلمها الخلق ولا يعلمها الخالق سبحانه، وفي هذا ما فيه مما يجعل إطلاق مثل هذه الألغاز من المحرمات.
ولا يجوز كذلك أن نجعل منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره فنجعله محلا للألغاز بأسلوب ليس فيه أدب يليق بمقامه الرفيع صلى الله عليه وسلم، ولا أن نخاطبه كما نخاطب غيره فقد قال سبحانه: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ... {النور:63} .
قال قتادة: أمر الله أن يُهاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يُبَجَّل وأن يعظَّم وأن يسود.
وقال زيد بن أسلم: أمرهم الله أن يشرِّفوه. تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
ويجب على من يطلق هذه الألغاز للتعجيز أو إضحاك القوم أو غير ذلك من الأغراض التي يكمل بها ضعاف الشخصية شخصيتهم أن ينتهوا عن ذلك، وأن يتعلموا الأدب مع الله ومع خير خلق الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينشغلوا بما يعود عليهم بالخير في دينهم ودنياهم، وإذا أرادوا أن يلغزوا بشيء فهناك أشياء نافعة تنشط الذهن وتفيد النفع والعلم فليلغزوا بها وليبتعدوا عما ينقص من جناب الألوهية والربوبية، أو يحط من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وليتذكروا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. رواه البخاري ومسلم. ونأمل مراجعة الفتويين: 2093، 23340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(9/1904)
لا حرج في قول (شهر رمضان) أو (رمضان)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن نقول شهر رمضان ولا نقول رمضان؟ وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المسلم أن يقول شهر رمضان ولا حرج عليه في قول رمضان أو في قوله شهر رمضان، فكل ذلك واسع وجائز ـ إن شاء الله تعالى ـ فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة. الحديث متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه: قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم. رواه الإمام أحمد وصححه الأرناؤوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(9/1905)
هل قول المرء أنا فاطر يعد من شرك الألفاظ
[السُّؤَالُ]
ـ[حياكم الله وبيّاكم وجعل الجنّةَ مثواي ومثواكم، بارك الله فيكم وجزاكم الخير على هذه الجهود الجبّارة لمساعدة الناس وإجابتهم على أسئلتهم واستفساراتهم.
كثرت في الآونة الأخيرة بعض المواضيع التي تُسبب الشك، وخاصة إذا كانت بدون دليل شرعي قاطع ـ طبعاً هذا موضوع مُقتبس ـ وأتمنّى الإجابة على الأسئلة أسفل الموضوع:
الإجابة ـ بمفطر، أو فاطر، عندما يسألك أحد، هل أنت اليوم صائم؟ وأنت لست بصائم، فما هو الجواب؟
وطبعا، الجواب الذي يقوله الكل: لا، أنا فاطر، وأ سألكم سؤالا، هل تعرفون معنى: فاطر؟ فمعناها في اللغة خالق، فمن هو الخالق؟ ومن هو الذي خلقنا؟ الكل سيقول: الله ـ عز وجل ـ لكن نحن حينما يسألنا أحد نقول العكس وللأسف، يعني يوم تقول أنا فاطر.
إنه شرك أن تقول أنا خالق، وأول ما سمعت هذه المعلومة تذكرت قول الله عز وجل: فاطر السموات والأرض فالأفضل أن نقول أنا مُفطر، أو مثلا أنا مُفطِرة، والآن أخي وأختي بعد ما عرفت هذه المعلومة وأنها كثيرة ومنتشرة بين الناس ما عليك غير أن تنشرها في كل المنتديات وترسلها لكل الإيميلات التي عندك وتخبر كل الذين تعرفهم، حتى تكون قد فعلت شيئا لدينك ولربك وتكون سببا في تصحيح معلومة كان الكل يخطئ فيها
السؤال الأول: ـ بارك الله فيكم ـ هل هذه المعلومة صحيحة، وخصوصاً بأنها انتشرت بكثرة في وقتِنا هذا؟
وهل يوجد دليل شرعي قاطع أن قول فاطر لا يجوز؟ وما قول العلماء في هذه المسألة؟ وما تفصيلُهم فيها؟
في انتظار الرد ـ بارك الله فيكم ـ لتصحيح هذه المعلومة لدى الكثير من الإخوان، وخصوصاً العامّه منهم وبارك الله فيكم.
أخوكم أحمد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك في أهمية الحرص على تحري المسلم في الألفاظ التي ينطقها وحرصه على سلامة معتقده ومعتقد إخوانه وأمته، ولكن أهم ما يعين على هذا هو تعلم أمور التوحيد والاعتقاد الصحيح والتفقه والسعي في تعليمها والتحذير مما يخالفها، فلا يسوغ أن يكفر الإنسان غيره دون استناد لدليل صحيح، والحكم في هذه المسألة المذكورة في السؤال يحتاج كذلك إلى علم ودراية بلغة العرب إضافة إلى الدراية بعلم التوحيد، فالفطر يأتي بمعنى الخلق، كما ذكر في السؤال ومنه في القرآن: فطرهن، وفطرني، وفاطر السموات.
ويطلق على ابتداء عمل الشيء وبه في فاطر السموات، كما روى ابن أبي حاتم وابن عبد البر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم أكن أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتى أعرابيان يختصمان، فقال أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأتها. اهـ.
ويطلق الفطر على الشق، يقال فطره فانفطر أي شقه، كذا في اللسان.
وقد نقل بعض علماء اللغة أن فطر الصائم جاء فيه الثلاثي، كما جاء فيه الرباعي، وبناء عليه فيصح أن يقال فطر الصائم فهو فاطر، كما يقال أفطر فهو مفطر، فقد قال صاحب القاموس: فطر الصائم يفطر فطورا أكل وشرب كأفطر. اهـ.
ونقل صاحب اللسان عن ابن سيده قال: فطر الشيء أنشأه وبدأه وفطرت إصبع فلان ضربتها فانفطرت دما، والفطر للصائم وقد أفطر وفطر. اهـ.
وبناء على هذا يعلم أنه لا يجوز الحكم بالشرك على من قال أنا فاطر إذا قصد نقيض الصوم، ومثله من قال أنا فاطر، هذا يعني أنه ابتدأ عمله، كما يدل له أثر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ السابق، بل إنه لا يكفر من وصف شخصا بالصفات التي يشترك فيها الخالق والمخلوق في اللغة مثل الكريم والعظيم والرحيم، فقد قال الله تعالى في شأن عرش بلقيس إخبارا عن الهدهد: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {النمل:23} .
وقال في شأن النبات: فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ {لقمان 10} . وقال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {التوبة: 128} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(9/1906)
في هذه النشيدة معاني لا تجوز أن تقال إلا في حق الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[تتناقل الآن في مواقع الإنترنت أنشودة معينة في كلماتها معاني كفرية وتمس العقيدة، وأنا فقط أريد أن أتأكد؟ وجزاكم الله خيراً، وها هي كلمات الأنشودة:
سكنتم فؤادي ورب العباد ... * وأنتم منائي وأقصى المراد
فهل تسعدوني بصفو الوداد ... * وهل تمنحوني شريف المقام
أنا عبدكم يا أهيل والوفا ... * وفي قربكم مرهمي والشفا
فلا تسقموني بطول الجفا ... * ومنوا بوصل ولو في المنام
أموت وأحيا على حبكم ... * وذلي لديكم وعزي بكم
وراحة روحي رجا قربكم ... * وقصدي وعزمي إليكم دوام
عسى الله يشفي غليل الصدور ... * بوصل الحبائب وفك القيود
فربي رحيم كريم ودود ... * يجود على من يشا بالمرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي تلك القصيدة غلو ولا يجوز أن تقال إلا في حق الله ـ جل جلاله ـ إلا أنها لا تصل إلى حد الكفر، لقبول كلماتها للتأويل وتعدد محاملها، وعموما: فهي تدل على تعلق قلب قائلها بغير الله، وعلى خلل في تصوره لما يستحق أن يكون غاية في ذاته ولموازين العزة والولاء، وقد سئل الشيخ عبد الرحمن السحيم عن تلك القصيدة، فقال: في هذه النشيدة معاني لا تجوز أن تقال إلا في حق الله تعالى من مثل قول ـ أنا عبدكم ـ وذلي لديكم، وعزي بكم ـ وأنتم منائي وأقصى المراد ـ فإذا كانت هذه المعنى تمنح للبشر، فماذا بقي لله ـ جل وتعالى ـ إذا كان أحد البشر هو المنى وأقصى المراد؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(9/1907)
حكم القول بأن (عصمة الزوجية) بيد الله عز وجل، ثم في يده
[السُّؤَالُ]
ـ[من قال العصمة ـ عصمة الزوجية ـ في يد الله عز وجل، ثم في يده، هل يترتب أي شيء على ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام قد يتضمن معنى صحيحاً وهو: أن الزوج لا يستطيع أن يحل هذه العصمة أو يبقيها إلا بإذن الله تعالى أي من باب إثبات المشيئة له سبحانه، قال تعالى: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {التكوير:29} .
فإن كان القائل يقصد هذا المعنى فلا شيء في ذلك، وإن كان يقصد غيره، فليبينه لنا حتى تتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(9/1908)
أسماء الأحياء الممنوعة شرعا يجب تغييرها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اسمه عبد الرسول. فهل يأثم الإنسان عندما يناديه باسمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم التسمي بالأسماء التي فيها تعبيد لغير الله تعالى وأن ذلك لا يجوز، وأن الواجب على المسلم تغيير اسمه إذا كان من هذا النوع، انظر الفتوى: 20130. وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص مناداة الشخص بهذا الاسم الذي يتضمن شركا فالظاهر أنه لا يجوز لما في ذلك من إقرار الباطل. فينبغي لمن أراد أن يناديه أو يخاطبه أن يتجنب هذا الاسم ويناديه بعبد رب الرسول أو ما أشبه ذلك.
ومحل هذا في المخاطب، أما إذا كان حكاية عن من مضى من الأموات فلا حرج في ذكرهم بأسمائهم المعروفين بها ولو كانت من الأسماء المحظورة شرعا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أسماء من مضى من أهل الجاهلية كعبد المطلب وعبد العزى بأسمائهم لأن ذكر أسماء الماضين هو من قبيل الإخبار عنهم، وأما الأحياء فقد غير أسماءهم الممنوعة المكروهة فكان يخاطبهم ويناديهم بأسماء ليس فيها شرك، فقد كان عبد الرحمن بن عوف يسمى عبد الكعبة، وكان أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي يسمى عبد شمس فغير صلى الله عليه وسلم اسميهما كما غير اسم غيرهما.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 119125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(9/1909)
حكم إطلاق كلمة شيخ على شاب ملتح
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيراً ما نطلق كلمة شيخ على الملتحين حتى الصغار في السن. فهل يعتبر من تزكية النفس المنهي عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطلاق كلمة شيخ على شاب ملتح لا حرج فيها، لأن هذه الكلمة يعني بها من كان ذا مكانة أو وقار، ولا شك أن المكانة الدينية هي أعظم ما يرتفع به شأن الملتزم بالدين، فقد قال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. {المجادلة:11} . وقال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. {الحجرات:13} . وإطلاق اللحية سمة من سمات الالتزام والتمسك بالشرع، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 11738، 75746، 107208، 19399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(9/1910)
الغيبة حرام وإن كانت في حق الأبناء والأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الغيبة، وبالأخص عن اغتياب الأبناء وبعض الأقارب.
فبخصوص الأبناء: فكما تعملون، نحن الآباء لا يعجبنا كثير من تصرفات أبنائنا وخذلانهم لنا مما يشكل ضغطا نفسيا علينا، رغم اتباعنا كثيرا من الوسائل التربوية، فنحاول أن ننفس عن هذا الضيق منهم بذكر بعض تقصيراتهم ومشاكلهم لبعض إخواننا لا على أن نرى عندهم حلا، ولكن هو نوع من التنفيس عن الغضب في نفوسنا وعن الضغط النفسي الذي نعاني منه من مخالفات أبنائنا الكثيرة، فنضطر لذكر ملاحظاتنا على أبنائنا وعلى مخالفاتهم ومشاكلهم وعيوبهم، حتى نجد عند هؤلاء الأخوة والأصدقاء والعقلاء نوعا مشاركة وجدانية معنا، فيخفف ذلك من بعض الاحتقان النفسي الذي نعاني منه. فهل يُعَد هذا اغتيابا للأبناء؟ وهل اغتياب الأبناء حرام وما هي ضوابطه؟
أما الأقرباء، كبعض العمات والخالات، كذلك نواجه منهن بعض العنت والجهالات والمشاكل الكثيرة، رغم حرصنا على إرضائهن والسعي لمصلحتهن، فكذلك نحاول التنفيس عن هذه الضغوط النفسية أمام الآخرين ليشاركونا في التباكي معنا وتأييدنا في موقفنا النفسي، وحتى نزيل عن أذهانهم ما قد يثور من تقصير منا تجاه هؤلاء الأقارب ونبين لهم حقيقة موقفنا الناصح ولكن العنت كله من هؤلاء الأقارب ذوي الجهالة والعنت والذين لا يعجبهم شيء رغم كل خدماتنا، ومن ذلك: قد يطالبوننا بأموال وهم غير محتاجين لها، ولكنه الجشع فقط، ونقصان العقل في التصرف في المال، ونحن نحتاج لهذا المال، فيتهموننا بالتقصير في حقهم وينشرون هذا عند الناس، فنضطر لبيان هذا بذكر نقصان عقل هؤلاء الأقارب وتعنتهم وصعوبتهم وسوء تصرفهم، فهل هذا من الغيبة؟
وفي النهاية نحن بشر لنا مشاعر ولا نستطيع أن نكون مثاليين وكاملين إزاء هذه المواقف المتشنجة سواء من أبنائنا وأقاربنا، ونحتاج أن ننفس عن ذلك الكبت في نفوسنا بالتشكي لبعض خواص أحبابنا وإخوتنا عل أن ينفس ذلك عن قلوبنا، راجيا التكرم بالإجابة وبيان الموقف الشرعي وهل يعد هذا غيبة لهم وخاصة الأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع كما بينا في الفتوى رقم: 6710.
والأبناء والأقرباء كالعمات والخالات ونحوهم لا يجوز ذكرهم بما يكرهون، فإذا ذكرتموهم بما يكرهون فقد اغتبتموهم، وكونهم أبناء أو أقارب لا يجعلهم بلا حرمة، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ. رواه مسلم.
ومجرد التنفيس عن الهم أو الضيق وجلب راحة مؤقتة للنفس لا يسوغ غيبة الأبناء والأقارب في غير الحالات التي استثناها العلماء، والتي يباح فيها ذكر الغير بما يكره لمصلحة معتبرة شرعا، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 6710.
وإن كانت الشكوى من الأبناء أو الأقارب نتيجة لظلم وقع منهم فيدخل هذا في باب التظلم، وقد أباح الله للمظلوم أن يجهر بالقول السيئ ليشفي غضبه.
قال العلامة ابن عاشور رحمه الله في تفسير قوله الله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. {النساء:148} . قال: ورخص الله للمظلوم الجهر بالقول السيئ ليشفي غضبه حتى لا يثوب إلى السيف أو إلى البطش باليد، ففي هذا الإذن توسعة على من لا يمسك نفسه عند لحاق الظلم به. انتهى.
وكذا تجوز الغيبة إذا كانت لطلب المشورة، أو الاستفتاء للوصول إلى حل لمشكلاتهم، وكذا إذا ذكركم الأقارب بصفات قبيحة كالبخل والتقصير في حقهم، وأشاعوا هذا عنكم وسط الناس فلكم الدفاع عن أنفسكم بشروط ذكرناها في الفتاوى التالية أرقامها فراجعها: 6082، 6710، 19844، 65117.
وننصحكم بالصبر على الأبناء والأقارب ومحاولة نصحهم وتقويمهم بالطرق الشرعية والتربوية، ففي هذا الصبر أجر عظيم ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ.
وقد سبق بيان أن الصبر على الأرحام ووصلهم أفضل للمؤمن في الفتوى رقم: 4417 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(9/1911)
حكم من نادى زوجته بـ: يا أمي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم أسئلة كثيرة عن الوسواس في العبادات وأمور العصمة الزوجية، وصرت لا ألقي بالا لتلك الوساوس والحمد لله؛ لأنها تأتيني كلما تكلمت مع زوجتي، أو قلت كناية لشخص ما رغم الحيرة التي تصيبني أتجاهل تلك الوساوس، وهذا يوميا، ولكن الأشياء التي مازلت تصيبني بالهم مرة كنت أبحث عن أمي لأتحدث معها، واتصلت بها في الهاتف فأجابتني زوجتي مكانها، وعند سماعي لصوت زوجتي في السماعة شككت في الصوت هل صوت زوجتي أم أمي؟ فقلت لها: أمي ليتضح لي الصوت، فوجدت أنه صوت زوجتي. هل قولي لها أمي يعد ظهارا، لأن الأفكار تقول لي إني تعمدت ذلك، وكذلك عندما أقول لابنتي اذهبي عند ماما أشك هل هذا ظهار، وكذلك عندما يسألني أحد إلى أين ستذهب أقول له سأذهب مع أبنائي يعني أسرتي أبنائي وزوجتي، أقول له فقط أبنائي ولا أقول زوجتي ولا أقصد بهذا شيئا، هل يعد ذلك ظهارا؟ أحس أني أتعمد ذلك وهاته الوسواس حتى أقول إني شفيت منها فتعود ثانية. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل ما ذكرت لا يعد ظهارا، ولا علاقة له بالظهار، وإنما هو من وساوس الشيطان فلا تلتفت إليها.
وحتى لو ناديت زوجتك صراحة يا أمي فلا يعد ذلك ظهارا، وأقصى ما فيه أنه يكره تعمده، وما جاء منه فلتة أو غلطا أو نسيانا لا حرج فيه كما بينا في الفتوى رقم: 26859، فلا تشغل نفسك بهذه الأوهام، واستعن بالله تعالى، وأكثر من ذكره، والاستعاذة به من شر الشيطان، وأشغل نفسك بما يعود عليك بالفائدة في دينك ودنياك، فإنك لو تتبعت هذه الأوهام وشغلت نفسك بها لزادت عليك حتى تنغص عليك حياتك، ولو رفضتها وأهملتها لمحيت من ذاكرتك وزالت عنك نهائيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(9/1912)
كثرة المزاح والمداعبة تسقط هيبة صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا إمام كثيرا ما يداعب الشباب، وخاصة بعد صلاة الفجر بقوله: الآن اقرؤوا آية القهوة يعني فطور الصباح، أو آية الخبز أو العمل. فما حكم مثل هذا اللفظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المزاح منه ما هو مباح وما هو ممنوع، روى الطبراني من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأمزح ولا أقول إلا حقا.
ف كان مزحه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه قليلاً، ولذلك قال العلماء: لا خير في كثرة المزاح ولو كان مباحا؛ لأن الإكثار منه يميت القلب ويجلب الضغائن.. ويسقط مهابة من هو في مقام التوجية والإرشاد أمام من يوجههم ويرشدهم.
ولذلك فإن على هذا الإمام أن يتجنب كثرة المداعبة وخاصة مع الشباب، وفي مثل هذا النوع الذي قد يفهم منه الاستهزاء بالآيات وقراءتها.
وإذا كان القصد منه الاستهزاء أو السخرية بالآيات- وهو ما نستبعده - فإنه يعتبر كفرا والعياذ بالله تعالى، وعلى كل حال فأقل ما يقال عن هذا النوع من المزاح أنه مستهجن ومكروه.. وعليكم أن تنصحوا هذا الإمام بالترفع عن هذا النوع وتجنب كثرة المزاح والمداعبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(9/1913)
لا حرج في مخاطبة الغير بـ (مولاي)
[السُّؤَالُ]
ـ[لاحظتُ أن منشط البرامج الدينية يُخاطب الداعية أو المفتي أو رجل الدين، فيقول له: مولاي ما رأيك في كذا وكذا. سؤالي هو: هل يجوز أن نقول للداعية أو للمفتي مولاي؟ أليست هذه العبارة: مولاي. خاصة فقط بالله عز وجلّ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بذلك؛ فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض، والمولى والولي معنى يطلق على المحب والمحبوب والصديق والناصر وغير ذلك، ولا يختص بالله سبحانه.
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: وقد تكرر ذكر المَوْلَى في الحديث، وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة، فهو الرَّبُّ، والمَالكُ، والسَّيِّد، والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ، والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ،والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد، والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه، وأكْثرها قد جاءت في الحديث، فَيُضاف كُلّ واحِدٍ إلى ما يَقْتَضيه الحديثُ الوَارِدُ فيه. وكُلُّ مَن وَلِيَ أمْراً أو قام به فَهُو مَوْلاهُ وَوَليُّه.
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي، مولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي. متفق عليه. قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث جواز إطلاق مولاي أيضا. وأما ما أخرجه مسلم والنسائي من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في هذا الحديث نحوه وزاد: ولا يقل أحدكم مولاي، فإن مولاكم الله ولكن ليقل سيدي. فقد بين مسلم الاختلاف في ذلك على الأعمش، وأن منهم من ذكر هذه الزيادة ومنهم من حذفها. وقال عياض: حذفها أصح. وقال القرطبي: المشهور حذفها. قال: وإنما صرنا إلى الترجيح للتعارض مع تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ. انتهى.
ومقتضى ظاهر هذه الزيادة أن إطلاق السيد أسهل من إطلاق المولى، وهو خلاف المتعارف؛ فإن المولى يطلق على أوجه متعددة، منها: الأسفل والأعلى، والسيد لا يطلق إلا على الأعلى، فكان إطلاق المولى أسهل وأقرب إلى عدم الكراهة. والله أعلم. انتهى كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(9/1914)
حكم القول بأن سيد المرسلين قد فشل في رحلة الطائف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فشل في رحلة الطائف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطلاق مثل هذه العبارات لا يجوز في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ومن صدرت منه فهو على خطر عظيم نسأل الله السلامة وذلك لمنافاته لما يجب على المسلم من توقير النبي صلى الله عليه وسلم، وتجنب كل ما يغض من قدره، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا*وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا*لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. {الأحزاب:42-45}
وقد ذكر شيخ الإسلام في الصارم المسلول أن التوقير يشمل إجلاله وإكرامه، وأن يعامل من التشريف والتكرم بما يصونه عن كل ما يخرج عن حد الوقار.
وقد ذكر أهل العلم أنه لا يحرم القول بأنه صلى الله عليه وسلم انهزم.
واعلم أن رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم للطائف حصلت فيها عدة فوائد من أعظمها إيمان طائفة من الجن وقد رجعوا إلى قومهم منذرين، وأكرمه الله بعد ذلك بالإسراء والمعراج.
ثم إن اطلاق هذه العبارة في اللغة غير صحيح، فإن الفشل معناه الكسل والضعف والتراخي والجبن. كذا في القاموس ولسان العرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(9/1915)
هل قول: أنا ممنوع شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن أسأل عن كلمة: أنا. هل عندما أتكلم وأقول أنا أنا، هل أنا من الشيطان أم ليس بهذا الأمر شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قول المتكلم أنا أنا إذا لم يقصد بها الكبر أو الرياء أو تعظيم النفس.
فقد كان السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم يقولون: أنا وربما كان بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينههم عنها، ومن المعلوم عند أهل العلم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وأن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يسكت على منكر، ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة.
وقد وقع مثل هذا لكثير من الصحابة والتابعين ولم ينكر بعضهم على بعض، وأما ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم: فدققت الباب فقال: من هذا؟ قلت أنا، قال أنا أنا كأنه كرهه.
قال العلماء: كرهها، لأن أنا لا تعرف الغائب عن المتكلم، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال من هذا ليعرف من يدق الباب.
قال النووي:
وإنما كره لأنه لم يحصل بقوله أنا فائدة تزيل الإبهام، بل ينبغي أن يقول فلان باسمه وإن قال أنا فلان فلا بأس كما قالت أم هانئ حين استأذنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقالت: أنا أم هانئ، ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف به إذا لم يكن منه بد وإن كان صورة له فيها تبجيل وتعظيم بأن يكني نفسه أو يقول أنا المفتي فلان أو القاضي أو الشيخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(9/1916)
حكم قول الزوج عن ولده إنه ليس ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة والحمد لله، وعندي طفل ذو 10 أشهر؛ وعندي استفسار هو:
أن زوجي عندما يريد أن آخذ عنه الطفل يقول (هاك ابنكِ) ، وعندما أقول له: لماذا تقول ابنكِ أليس ابنكَ أنت أيضا؟ فيقول لي: لا ليس ابني.
فمن فضلكم أريد أن أعرف رأي الشرع في هذا القول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للسائلة أن تحمل قول زوجها هذا على السلامة وحسن المقصد، فإنه قد يريد به كمال الحنو والشفقة من قبل الأم، ومع هذا الاعتذار له فإن قوله يعد كذبا في ظاهر اللفظ فالولد ولده، وإذا أراد المزاح فليمزح بدون كذب كما في الحديث: أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا. رواه البيهقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(9/1917)
حكم قول: لاحول الله من أمر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[يقولون في بعض بلدان الشام: لاحول الله من أمر الله، في أمر ما، بدلا من لاحول ولا قوة إلا بالله. هل في هذا من حرمة أو شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة المذكورة عبارة خاطئة وهي تعكس المعنى العظيم الذي يدل عليه قول:" لا حول ولا قوة إلا بالله"، فمعناها كما قال الإمام النووي رحمه الله: (قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْحَوْل) الْحَرَكَة وَالْحِيلَة , أَيْ: لَا حَرَكَة وَلَا اِسْتِطَاعَة وَلَا حِيلَة إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا حَوْل فِي دَفْع شَرٍّ , وَلَا قُوَّة فِي تَحْصِيل خَيْر إِلَّا بِاَللَّهِ , وَقِيلَ: لَا حَوْل عَنْ مَعْصِيَة اللَّه إِلَّا بِعِصْمَتِهِ , وَلَا قُوَّة عَلَى طَاعَته إِلَّا بِمَعُونَتِهِ , وَحُكِيَ هَذَا عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَكُلّه مُتَقَارِب. اهـ شرح النووي على صحيح مسلم.
فلا يجوز قول هذه العبارة الواردة في السؤال، لأن ظاهرها نفي الحول عن الله تعالى، وهذا باطل، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله. أي لا تحول من حال إلى حال، ولا قوة للإنسان على ذلك إلا بإقدار الله تعالى له، وتوفيقه إياه، وقد سبق بيان هذا في الفتويين: 5173، 45290.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة 26/365: قول: (لا حول الله) هو اختصار قبيح لكلمة: (لا حول ولا قوة إلا بالله) فلا يجوز؛ لأنه يغير المعنى. انتهى.
فينبغي لمن سمع أحدا يقول هذه العبارة أن يعلمه وينبهه ليأتي بهذا الذكر بلفظه الشرعي وهو:" لا حول ولا قوة إلا بالله"، حتى لا يقع فيما يخالف الشرع، وحتى يحصل على ثواب هذه الكلمة التي هي كنز من كنوز الجنة كما ثبت في الصحيحين وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(9/1918)
حكم مقولة حسيبه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل عندما أقول عن إنسان: حسيبه الله. هل أعتبر دعوت عليه ذلك، أنني دائما ما أقولها في كل مضايقة صغيرة أو كبيرة أتعرض إليها ثم أندم فلو صبرت وعفوت كان خيراً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول القائل عن أحد: حسيبه الله. معناه: تفويض الأمر إلى الله في الحكم عليه وفي حسابه بما يستحقه، ويفهم المقصود من العبارة حسب السياق الذي قيلت فيه، فإذا قيلت على من فعل مضايقة لأحد أو قال منكراً أو ظلم فهذا يتضمن معنى الدعاء بأن يجازيه الله بما يستحقه، قال أبو جعفر النحاس في كتاب إعراب القرآن:
قول الناس حسيبه الله أي العالم بخبره والذي يجازيه الله جل وعز، وقيل: معنى قولك حسيبك الله كافي إياك الله من قولهم: أحسبه الشيء إذا كفاه، وقيل: حسيبك أي محاسبك، وقيل: حسيبك أي مقتدر عليك ومنه: إن الله كان على كل شيء حسيبا. انتهى.
وتستعمل هذه العبارة في تفويض أمر العاصي إلى الله وإن تاب وعدم الحكم عليه بشيء، ومما يدل على هذا المعنى رواية في قصة رجم ماعز وفيها: ذهبوا يسبونه فنهاهم، قال ذهبوا يستغفرون له فنهاهم، قال: هو رجل أصاب ذنباً حسيبه الله. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد تستعمل هذه العبارة عند مدح أحد فيقولها المادح حذراً من أن يكون باطن الممدوح على خلاف ظاهره، ويكون قد جزم بما لا يعلم فيأتي بها لتفويض أمر من أمامه لله أثناء مدحه ولا تتضمن معنى الدعاء عليه، كما في حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: مدح رجل رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك مراراً. إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلاناً والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، أحسبه إن كان يعلم ذاك كذك وكذا. رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
(والله حسيبه) أي كافيه، ويحتمل أن يكون هنا فعيل من الحساب أي محاسبة على عمله الذي يعلم حقيقته، وهي جملة اعتراضية، وقال الطيبي: هي من تتمة المقول، والجملة الشرطية حال من فاعل فليقل، والمعنى فليقل أحسب أن فلاناً كذا إن كان يحسب ذلك منه، والله يعلم سره لأنه هو الذي يجازيه، ولا يقل أتيقن ولا أتحقق جازماً بذلك. انتهى.
وفي مثل حال السائلة فالسياق يدل على أنها دعاء على من ضايقها، ويجوز لها أن تقول ذلك ولا تكون ظالمة لأحد، وإن عفت وصبرت فهو خير لها، كما قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40} . وكما في قوله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {الشورى:43} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(9/1919)
حكم مقولة حسيبه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل عندما أقول عن إنسان: حسيبه الله. هل أعتبر دعوت عليه ذلك، أنني دائما ما أقولها في كل مضايقة صغيرة أو كبيرة أتعرض إليها ثم أندم فلو صبرت وعفوت كان خيراً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول القائل عن أحد: حسيبه الله. معناه: تفويض الأمر إلى الله في الحكم عليه وفي حسابه بما يستحقه، ويفهم المقصود من العبارة حسب السياق الذي قيلت فيه، فإذا قيلت على من فعل مضايقة لأحد أو قال منكراً أو ظلم فهذا يتضمن معنى الدعاء بأن يجازيه الله بما يستحقه، قال أبو جعفر النحاس في كتاب إعراب القرآن:
قول الناس حسيبه الله أي العالم بخبره والذي يجازيه الله جل وعز، وقيل: معنى قولك حسيبك الله كافي إياك الله من قولهم: أحسبه الشيء إذا كفاه، وقيل: حسيبك أي محاسبك، وقيل: حسيبك أي مقتدر عليك ومنه: إن الله كان على كل شيء حسيبا. انتهى.
وتستعمل هذه العبارة في تفويض أمر العاصي إلى الله وإن تاب وعدم الحكم عليه بشيء، ومما يدل على هذا المعنى رواية في قصة رجم ماعز وفيها: ذهبوا يسبونه فنهاهم، قال ذهبوا يستغفرون له فنهاهم، قال: هو رجل أصاب ذنباً حسيبه الله. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد تستعمل هذه العبارة عند مدح أحد فيقولها المادح حذراً من أن يكون باطن الممدوح على خلاف ظاهره، ويكون قد جزم بما لا يعلم فيأتي بها لتفويض أمر من أمامه لله أثناء مدحه ولا تتضمن معنى الدعاء عليه، كما في حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: مدح رجل رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك مراراً. إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلاناً والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، أحسبه إن كان يعلم ذاك كذك وكذا. رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
(والله حسيبه) أي كافيه، ويحتمل أن يكون هنا فعيل من الحساب أي محاسبة على عمله الذي يعلم حقيقته، وهي جملة اعتراضية، وقال الطيبي: هي من تتمة المقول، والجملة الشرطية حال من فاعل فليقل، والمعنى فليقل أحسب أن فلاناً كذا إن كان يحسب ذلك منه، والله يعلم سره لأنه هو الذي يجازيه، ولا يقل أتيقن ولا أتحقق جازماً بذلك. انتهى.
وفي مثل حال السائلة فالسياق يدل على أنها دعاء على من ضايقها، ويجوز لها أن تقول ذلك ولا تكون ظالمة لأحد، وإن عفت وصبرت فهو خير لها، كما قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40} . وكما في قوله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {الشورى:43} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(9/1920)
حكم قول: الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حديث (الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة) هل هو صحيح؟ وما هي الصيغة الصحيحة للحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام المذكور في السؤال ليس بحديث، فلم نعثر عليه في شيء من كتب الحديث الصحيحة أو الضعيفة أو حتى الموضوعة، فلا بأس بقول هذه العبارة على أنها نوع من الكلام الحسن لا على أنها حديث.
ولكن يستحسن تعديل الصيغة فيقال مثلا: الحمد لله على نعمة الإسلام وما أعظمها من نعمة، أو نحو ذلك؛ لأن نعم الله على العبد كثيرة لا تقتصر على الإسلام وحده، ولكن من أجلِّها نعمة الإسلام، ودلائل القرآن والسنة تثبت أن أفضل نعمة على الإنسان هي هدايته للإسلام وهي منبع كل خير، وأصل كل سعادة في الدنيا والآخرة، وهو النعمة العظمى التي رضيها الله لنا وأكملها وأحسنها وامتن بها علينا فقال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمِ دِينًا {المائدة: 3}
قال ابن كثير في تفسيره: هذه أكبر نعم الله عز وجل على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خُلْف، كما قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا {الأنعام: 115} أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل الدين لهم تمت النعمة عليهم؛ ولهذا قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا {المائدة: 3} أي: فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي رضيه الله وأحبه وبعث به أفضل رسله الكرام، وأنزل به أشرف كتبه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(9/1921)
الشعر في منظار الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف من الممكن أن تكون كتابة الشعر والخواطر محرمة، وأن يكون صاحبها مذنبا بينما هذه نعمة من الله أن يكون الإنسان قادرا على التعبير عن مشاعر وأحاسيس هي في الأصل من عند الله، وليست بالضروره أن تكون شخصية، وإنما بصفة عامة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسمع الشعر ولم يحرمه، وفي عصره كانوا يبدأون مطلع القصيده بالغزل ولم يحرمه عليه الصلاة والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشعر قد أوجز الكلام في حكمه من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم فقال: الشِّعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلامِ، فَحَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلامِ، وقَبِيحُهُ كَقَبيحِ الْكَلامِ. رواه البخاري في الأدب المفرد، والطبراني في الكبير والأوسط وغيرهم وحسن إسناده الهيثمي، وصححه الألباني.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشِّعْر فَقَالَ: هُوَ كَلاَمٌ فَحَسَنُهُ حَسَنْ وَقَبِيحُه قَبِيح. رواه أبويعلى في مسنده، وقال الألباني: إسناده حسن.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكْمَةً. رواه البخاري.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: يعني أن الشعر ليس يكره لذاته وإنما يكره لمتضمناته. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ليس في إباحة الشعر خلاف، وقد قاله الصحابة والعلماء، والحاجة تدعو إليه لمعرفة اللغة العربية، والاستشهاد به في التفسير، وتعرف معاني كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ويستدل به أيضا على النسب والتاريخ وأيام العرب، يقال: الشعر ديوان العرب. انتهى
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول:" الشَّعْر مِنْهُ حَسَن وَمِنْهُ قَبِيح، خُذْ الْحَسَن وَدَعْ الْقَبِيح وَلَقَدْ رَوَيْت مِنْ شِعْر كَعْب بْن مَالِك أَشْعَارًا مِنْهَا الْقَصِيدَة فِيهَا أَرْبَعُونَ بَيْتًا. قال ابن حجر: وَسَنَده حَسَن.
وبناء على هذا، فلا وجه للقول بتحريم الشعر مطلقا كما ذكرت السائلة، فليس حكم الشعر واحدا فمنه ما يستحب وهو ما كان مشتملاً على توحيد الله تعالى والثناء عليه، أو مدح رسوله صلى الله عليه وسلم بما ليس فيه غلو، أو ذكر سيرته، أو ذكر أصحابه أو مدحهم، أو ذكر المتقين وصفاتهم وأعمالهم أو كان مشتملاً على مواعظ وزهد وحكم ومسائل علمية، أو دفاعًا عن الإسلام كما في شعر حسان بن ثابت رضي الله عنه، ونحو ذلك، ويتفاضل في الحسن حسب التفاضل الحاصل بين المواضيع.
بل تعلم بعض الشعر ما يكون فرض كفاية ففي الموسوعة الفقهية 26/115:" قال جمهور الفقهاء: فقد يكون فرضا كما نقل ابن عابدين عن الشهاب الخفاجي قال: معرفة شعر أهل الجاهلية والمخضرمين (وهم من أدرك الجاهلية والإسلام) والإسلاميين رواية ودراية فرض كفاية عند فقهاء الإسلام؛ لأن به تثبت قواعد العربية التي بها يعلم الكتاب والسنة المتوقف على معرفتهما الأحكام التي يتميز بها الحلال من الحرام، وكلامهم وإن جاز فيه الخطأ في المعاني فلا يجوز فيه الخطأ في الألفاظ وتركيب المباني. انتهى.
ومنه ما هو مباح- وهو الأصل في الشعر- كالشعر المشتمل على موضوعات أدبية لا تتضمن شيئا مما حرم الشرع.
ومنه ما هو محرم كالشعر المشتمل على ما يخل بالعقيدة، أو ينافي الأخلاق الحميدة أو الأدب الرفيع، أو فيه دعوة إلى الباطل والمنكر والفحشاء، أو فيه هتك لأعراض المسلمين أو أذيتهم أو نحو ذلك، فكل هذا قبيح مذموم، ويعظم الجُرم فيه حسب الموضوع المشتمل عليه.
ومنه ما هو كفر وإلحاد بدعوى الإبداع كالشعر المشتمل على الدعوة لنبذ الأديان والتحرر من العقيدة والإباحية واستحلال الخمور والزنا وغيرها من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة.
ومن هنا يتبين وجه تحريم بعض أنواع الشعر وإن كانت خواطر كما تقولين، ويزول الإشكال، ويتبين أيضا أن ما ورد من ذم للشعراء في القرآن أو ذم للشعر في السنة، فإنما يذم من أسرف وكذب، فالغالب أن الشعراء يقولون الكذب، فيقذفون المحصنات، ويهجون الأبرياء، فوقع الذم على الأغلب، واستثني منهم من لا يفعل ذلك، كما قال سبحانه: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ {الشعراء:224-227}
وكذلك ما ورد في السنة من ذم لبعض حالات الشعر، فالمقصود به الإكثار من ذلك حتى يشغله عن القرآن والسنة والتفقه في الدين، أو ما كان فيه تشبيب بالنساء، أو هجاء وذم بغير حق ونحو ذلك، وللاستزادة حول أحكام الشعر وأحواله راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 18243، 17045، 34695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(9/1922)
تحدث الأصدقاء حول الجماع بالتلويح دون التصريح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يمازح الأصدقاء بعضهم بعضا بالإشارة فقط إلي الجماع مع زوجاتهم وليس بألفاظ صريحه مثل: يا بختك بكره الخميس. شكلك تعبان شكلها إمبارح كانت ليلة. مما إتزوجت وإنت ماشي هلكان خف علي نفسك شويه. وما شابه ذلك، مع أني لا أقبل بهذا الفعل ولم أتزوج بعد، ولكن زملائي في العمل دائما ما يفعلون ذلك وهم متزوجون، وكثيراً ما أقول لهم هذا الكلام لا ينبغي لما يسبب من إحراج وإشارة إلي علاقة خاصة مع زوجتك، ويقولون لي ليس فيها إثم، ويتحججون بأنهم لم يذكروا تفاصيل العلاقه بل الإشارة إليها فقط وأن هذا ليس حراما، فماذا ترون في هذا هل هو حرام أم مكروه أم حلال؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر في حدود ما ذكرت ولم يتعد ذلك إلى التصريح بالعلاقة الخاصة بين المرء وزوجه، أو إفشاء ما يكون بينهما فهو مكروه لما فيه من اللغو والإخلال بالمروءة، قال النووي رحمه الله:
فأما مجرد ذكر الجماع فإن لم تكن فيه فائدة ولا إليه حاجة فمكروه لأنه خلاف المروءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. انتهى كلامه.
ولكن المكروه بل والمباح قد يقترن بهما من الأحوال ما يلحقهما بالمحرم، ولذا فلو كان هناك من يتأذى بهذا الكلام أو أدى هذا الكلام إلى التوسع فيه وكان ذريعة إلى التصريح بما لا يجوز التصريح به فحينئذ يمنع منه، مع التنبيه على قاعدة هامة يغفل عنها كثير من الناس وهي أن المكروه بالجزء ممنوع بالكل، بمعنى أن الشيء المكروه إذا حصلت المداومة عليه بحيث صار ملازماً للشخص فإن هذا يلحقه بالمحرم الممنوع، قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات:
إذا كان الفعل مكروها بالجزء كان ممنوعاً بالكل، كاللعب بالشطرنج والنرد بغير مقامرة، وسماع الغناء المكروه، فإن مثل هذه الأشياء إذا وقعت على غير مداومة، لم تقدح في العدالة، فإن داوم عليها قدحت في عدالته. انتهى كلامه.
ولذا فإنا وإن قلنا بالكراهة فإن ذلك مقيد بما إذا حصل الفينة بعد الفينة ولم يداوم عليه صاحبه ويدمنه وإلا منع منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(9/1923)
حكم القول بأن الإنسان بيده تحديد مصيره ووجهته في الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القول بأن بأيدينا تحديد مصائرنا بتحديد وجهتنا في الدنيا؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام صحيح من جهة، وخطأ من جهة، كقول بعض الناس: الإنسان مسير. وقول بعضهم: مخير. وكلا القولين خطأ من جهة الإطلاق. فإن الإنسان مسير ومخير في ذات الوقت، وهو ما عبر عنه الشرع بكونه ميسرا لما خلق له، وتفسير ذلك أن جميع ما يقوم به من أفعال هو تنفيذ لأوامر كونية قدرية سبق تحديدها، وليس بإمكانه أن يغير شيئا منها، فهو من هذا المنطلق مسير. وهو من جهة ثانية قد أعطي العقل والحواس التي يميز بها بين النافع من الضار، وأعطي الإرادة والقوة لتنفيذ ما يريد، ولم يكرهه أحد على انتهاج هذا المسلك أو ذاك، فهو بذلك مخير، فالتسيير المحض هو أن يهم بفعل فلا يجد الوسيلة لفعله، والتخيير المحض هو أن يقوم بأفعاله من غير أن تكون محددة سلفا.
وإذا اتضح ذلك، فقول القائل: (إن بأيدينا تحديد مصائرنا بتحديد وجهتنا في الدنيا) قد يراد به حق، وقد يراد به باطل، فإذا أراد قائله أن للإنسان إرادة وقوة اكتساب، بها يستطيع أن يسلك سبيل الفجار أو الأبرار، وبالتالي يستحق الثواب أو العقاب، فهذا حق، كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ {التكوير:28} وقال سبحانه: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً {المزمل:19} .
وأما إن أراد نفي القدر وأن الإنسان يخلق أفعال نفسه، وأن الأمر مستأنف، فهذا باطل محض، فإن القدر حق والإيمان به أحد أركان الإيمان. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9192، 4054، 30566.
وعلى أية حال فينبغي أن يجتنب المسلم مثل هذه الألفاظ والتعبيرات المجملة التي تحتمل حقا وباطلا، ولنا في غير ذلك من الكلام متسع ولله الحمد؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) : كُلُّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلًا فَلَا يُطْلَقُ إلَّا مُبَيَّنًا بِهِ الْمُرَادُ الْحَقُّ دُونَ الْبَاطِلِ، فَقَدْ قِيلَ: أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ. وَكَثِيرٌ مِنْ نِزَاعِ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا هَذَا مَعْنًى يُثْبِتُهُ، وَيُفْهَمُ مِنْهَا الْآخَرُ مَعْنًى يَنْفِيهِ. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(9/1924)
حكم تسمية كتاب بـ: الشخصية الساحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام كلمة السحر فى التعبير عن شيء، مثل كتاب يسمى الشخصية الساحرة، فهل فى هذه التسمية شيء؟ وإن كان الكتاب لرجل ملتزم وهو من أهل السنة، وهو يكتب فى المواضيع الاجتماعية الهادفة مستعينا ومستشهدا بالآيات القرآنية العظيمة والأحاديث النبوية الشريفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أنه لا حرج في مثل هذا إن أراد المتكلم أن أسلوب الكاتب شديد التأثير.. والاستمالة لقلوب الناس ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً. والأولى بالمتكلم أن يعتني بألفاظه فلا يقول إلا ما تأكد من سلامته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 106504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(9/1925)
حكم قول: ما شاء الله به
[السُّؤَالُ]
ـ[كلمة "شالله به" هل فيها محظور شرعي؟ ويقصد بها السؤال عن حال شخص ما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلابد من معرفة أصل هذه الكلمة ليتبين معناها، وبالتالي يعرف هل بها محظور شرعي أم لا.
والظاهر أن أصلها: (ما شاء الله به؟) فإن السائل عن حال الشخص يعتقد أن ما سيجاب به من ذكر أحوال المسئول عنه، إنما هو بمشيئة الله تعالى. فإن كان كذلك فلا بأس بهذه الكلمة. وإلا فلم يتبين لنا معناها، وحكمها يتوقف عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(9/1926)
حكم لقب (العنيد)
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة المفتي بارك الله فيكم ونفع بكم، سؤالي هو التالي: أخ لنا وعزيز علينا تسمى باسم "العنيد" كمعرف بأحد المنتديات فنصحناه من منطلق الدين النصيحة حيث قلنا له: غير معرف "العنيد" بمعرف آخر لأن كلمة "العنيد" مخالفة لديننا الإسلامي إذ لا يليق بأخ عزيز ومثقف أن يتسمى بالعند والمكابرة إلا أنه لم ينتصح وعاند وكابر، فهل الاسم الذي تسمى به جائز شرعا، فأفيدونا أفادكم الله ونفع بكم الأمة أنه ولي ذلك والقادر عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاسم إذا كان مشتملاً على محظور شرعي كأسماء الشياطين أو الأسماء المعبدة لغير الله فإنه لا يجوز، أما إن لم يكن به محظور مطلقاً أو من وجه دون وجه -فلا مانع من استخدامه حينئذ-، واسم (العنيد) -مطلقاً من غير قيد- ليس مشتملاً على محظور شرعاً، وليس سيئاً من جميع الوجوه، لأن الشخص قد يكون عنيداً على الباطل وممتنعاً عليه، ولكن بتتبع استخدام العرب لمادة (ع ن د) في المعجمات وجدنا أن أكثر استخدام العرب لها في رد الحق، قال في القاموس المحيط:.. وخالف الحق ورده عارفاً به فهو عنيد وعاند. انتهى.
وقال في المحكم: ورجل عنيد: عاند. وفي التنزيل: وخاب كل جبار عنيد. وعند عن الحق وعن الطريق يَعْنِدُ ويَعْنُدُ: مال. انتهى.
وعلى هذا فإن الأولى تجنب استخدام (العنيد) كمعرف في المنتديات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(9/1927)
التعبد لله بكلمة برب وهل هي تقي غضب الرب
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى مشايخنا وعلمائنا وجدت ذلك الكلام مكتوبا فى أحد المنتديات فأردت أن أعرف ما حكم ذلك الكلام. فأرجو ان تجيبونى ذلك هو الموضوع كلمة برب تسقط غضب الرب عليك لا إله إلا الله عدد ما كان وما يكون وعدد الحركات والسكون بسم الله الرحمن الرحيم 'برب' انتشرت.. كثير في الماسنجر المحادثات في كل مكان.. واليوم وصلني من شخص ما يلي لا تقول برب لأنه الانجلينز ما قالوا برب إلا من أجل أن يغضب الله منا ونحن مانريد الله يغضب علينا، وتبغي دليلا على ما قلت لك عليه قل أعوذ (برب) الفلق، وهذا أكبر دليل. شرح 'رب' اسم من اسماء الله الحسنى "برب" اقرأها.. وانظر.. هل الكلام كذب أم لا..؟ أتمنى من الجميع أن ينتبه لنفسه.. بعض الناس يقول.. يعني.. اوك انتهى قولها بدون اختصار.. ولكن انتهى تجنب الشي الذي قد يكون في عكس مصلحتك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة برب ليست كلاما مفيدا، ولا يسوغ التعبد به، ولا زعم أنه يسقط غضب الرب. فعلى المسلم أن يتعبد بما ثبت في نصوص الوحي من الأذكار والأدعية المأثورة، أو يشتغل بتلاوة القرآن، أو تعلم ما أمكن من العلم.
وراجع الفتوى رقم: 109535، في حكم استخدام الكلمة لمن أراد اختصار الكلمة الانجليزية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(9/1928)
حكم تسمية الكتاب بـ (قرآن الفيزياء)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تسمية أو تكنية كتاب يتكلم في علم معين أنه قرآن ذلك العلم؟ فيقال مثلا: هذا الكتاب قرآن الفيزياء فيكون قد شبه الكتاب بالقرآن، ووجه الشبه هو المرجعية في هذا العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم في الشرع دليلا يمنع هذه التسمية؛ لأن كلمة قرآن إذا أضيفت لا تختص بالكتاب المنزل، فقد ورد في كلام أهل العلم تسمية الغناء قرآن الشيطان، ولكنا ننصح بترك مثل هذه التسمية لأنه يوجد بون شاسع بين القرآن الكريم وما شبه به، فالقرآن مقطوع بصحة جميع ما فيه، وقد وصفه الله تعالى بكثير من الصفات التي تدل على علو شأنه ورفعة مكانته، فوصفه بأنه هدى ورحمة ونور، وأنه أحسن الحديث، وأنه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
وأما هذه الكتب فلا يقطع بما فيها ولا يسوغ تشبيهها بالقرآن، وكون الكتاب مرجعا في فن معين لا يخوله التشبيه بالقرآن، فكم من مراجع معتمدة في فقه المذاهب وفي فنون من العلوم التي اعتنى بها أهل العلم الشرعي ولم تسم بهذا الاسم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(9/1929)
حكم استخدام التورية لإظهار غيرة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما حكم أن يستخدم الرجل تورية مع زوجته على هذا النحو؛ إذا كان الرجل يحب زوجته وأيضا زوجته تحبه، ولكن الزوجة مثلا لا تصارح الزوج بحبها، وإن كان يظهر فى تصرفاتها حبها له، ولكن أعنى أنه مثلا لا تقول له أنا أحبك غير مرات قليلة. وأراد الرجل أن يجعل زوجته تغير، فاستخدم معها التورية بأن يقول لها إننى أريد أن أخبرك عن شيء مهم! هناك امرأة معجبة بي (ويكون في نيته زوجته) ويقول لها كلاما على هذا النحو، ولكن في نيته زوجته، لأنها فعلا معجبة به وتحبه، ويقول لها هذا الكلام لكي يرى غيرتها ومدى حبها له على أنه لو حدث مشكلة أو شعر بحدوث مشكلة لا قدر الله، فسوف يخبرها أنها هي التي تحبه ومعجبة به. ما رأيك شيخنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للزوج استخدام مثل هذا الأسلوب مع زوجته، فما يدري الزوج أن تصدقه زوجته أنه يعنيها هي عندما يذكر أن هنالك فتاة معجبة به، بل قد يدخل على قلبها بسبب هذا الكلام شيء من الخواطر السيئة والتي قد يترتب عليها كثير من المشاكل فيكون الشقاق ثم الفراق. قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا {الإسراء:53}
ثم إنه لا ينبغي لأي من الزوجين أن يجعل التعبير عن الحب بالألفاظ شرطا في الدلالة على الحب، فإن هذا ليس بلازم، وقد لا يكون مثل هذا متيسرا في حق كل شخص، ولكن يوجد في تصرفاته تجاهه ما يدل على حبه له وإعجابه به، وإذا أمكن كل من الزوجين أن يتكلف ذكر مثل تلك العبارات التي تدل على الحب فذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(9/1930)
حكم إنشاد شعر الغزل للزوجة وحذف الأبيات المخالفة للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الحبيب، هل هذه الأبيات فيها شيء مخالف للشرع، علما بأنها فى قصيدة قد يستخدمها رجل ليعبر عن حبه لزوجته مثلاً وهي ليست من تأليفه، ولكنه وجدها قصيدة تتكلم عن الحب، يقول بيت فى القصيدة:
إن الغواني جنة ريحانها ... نضر الحياة فأين عنها نعزف
ويقول فى موضع آخر:
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه وإنما يصرع المجنون في الحين
ويقول فى موضع آخر:
أيا ربة الخدر التي أذهبت نسكي على كل حال أنت لا بد لي منك
وإذا كانت القصيدة مثلا تتكلم بأشياء غير مصادمة للشرع، وكانت فيها بعض الأبيات المصادمة للشرع فهل يمكن حذفها واستخدام الأبيات التى ليس فيها شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأبيات المذكورة يباح إنشادها للرجل في حق زوجته ويباح في غير الزوجة أيضاً، بشرط ألا يقصد التغزل في امرأة معينة، ولم يترتب على ذلك إغراء ولا تشجيع على الفاحشة، وإذا كانت تلك القصيدة التي ذكرتها أو غيرها مشتملة على ما يباح إنشاده وغير ذلك، فلا مانع من الاقتصار على المباح فقط وترك ما سواه، وراجع التفصيل في ذلك الفتوى رقم: 18243، والفتوى رقم: 114616.
ولا ينبغي للمسلم أن يكثر من الاشتغال بشعر الغزل أو غيره، بل يحرص على توظيف وقته فيما هو أكثر فائدة كتلاوة كتاب الله تعالى، أو مدارسة، وحفظ الأحاديث الصحيحة، أو الاشتغال بالكتب النافعة فالوقت هو رأس المال فلا يليق تضييعه فيما لا يفيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(9/1931)
حكم مناداة الأم بيا جنتي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في من ينادي أمه ب - يا جنتي- تلميحا منه إلى أن الجنة تحت أقدام الأمهات.
أفيدونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من نداء الشخص أمه قائلا: يا جنتي، بل هو معنى صحيح جميل لثبوت الحديث المشتمل على الأمر بالتزامها، وأن الجنة عند رجلها، وأما حديث: الجنة تحت أقدام الأمهات. فضعفه بعض أهل العلم كالشيخ الألباني، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 118550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(9/1932)
الاستدلال بالألفاظ القرآنية والنبوية في مواطن اللهو والعب
[السُّؤَالُ]
ـ[معلق مباراة في كرة القدم بين فريقين أجنبيين، بعد نهاية المباراة قال: رفعت الأقلام وجفت الصحف. وكثيراً مانسمع تعليقات تدخل فيها آيات قرآنية، أو أحاديث نبوية شريفة في غير محلها.
ماهو حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالألفاظ القرآنية والنبوية، وكذا الألفاظ الشرعية، يجب احترامها وتحرم إهانتها، وعليه فلا يجوز استعمال مثل هذه الألفاظ في سياق يفهم منه الامتهان ويظهر منه الاستخفاف.
وأما استعمالها على وجه الاستشهاد؛ تعظيما لها وإقرارا بها، ولكن في مجال لعب ولهو فهو وإن لم يحرم فإنه يكره؛ تعظيما لشعائر الله وإجلالا لها. ومن المعروف أن كرة القدم ما هي إلا لعبة، ولا تخرج في حقيقتها عن اسمها، فلا يليق استعمال الألفاظ المحترمة في التعليق على مبارياتها، وإن كانت في نفسها صحيحة، فإن العجز والكيس والجد والهزل كل ذلك بقدر الله، قد جرت به الأقلام وجفت به الصحف.
وقد تقدمت لنا عدة فتاوى حول مسألة الكرة، فراجع مثلا الفتوى رقم: 453.
وأما الاستشهاد بمثل هذه الألفاظ في غير محلها بحيث تحرف معانيها وتنزل على غير المراد منها، فلا يجوز، لأنه تحريف للكلم عن مواضعه. وراجع للفائدة الفتويين: 18962، 45829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(9/1933)
حكم مقولة (غريبة الليالي أخذت مني غالي)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي إشكال في كلمات قصيدة لنشيد، والكلمات هي: غريبة الليالي أخذت مني غالي ... سؤالي هو: هل فيها سب للدهر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الشعر ليس فيه سب للدهر حسبما يظهر من الأسلوب، ولكن نسبة الأخذ إلى الليالي خطأ، لأن الليالي لا تأخذ ولا تعطي شيئاً، كذا قال الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(9/1934)
حكم قول الزوجة لوالد زوجها سيدي على جهة الاحترام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جرت العادة عندنا أن تنادي الزوجة والد زوجها (سيدي) احتراماً وتقديراً.
هل القيام بذلك حلال أم حرام ?
فأفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في مناداة الرجل الجليل، ومن هو من أهل الفضل بلفظ السيد احتراماً وتوقيراً، فقد ثبت في الحديث الصحيح: أن أهل قريظة لما نزلوا على حكم سعد، أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم،فجاء على حمار أقمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن رضي الله عنه: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
وروى البخاري عن جابر -رضي الله عنه -، أن عمر -رضي الله عنه - كان يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا، يعني بلالاً.
وعليه فلا حرج على المرأة في مناداة والد زوجها بذلك، مع التنبه إلى أنه لا يجوز إطلاق لفظ السيد على المنافق مطلقاً، سواء كان من ذوي القربى أو غيرهم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(9/1935)
حكم مقولة أيها المعرض عنا..إن إعراضك منا
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها المعرض عنا ... إن إعراضك منا
لو أردناك جعلنا ... كل مافيك يردنا
هل هذه المقولة جائزة أم لا ... ولماذا؟
حيث إننى أستمع إليها من كثير من الناس، وحين قلتها قال لى أخ كريم إنه لا يجوز أن نقول عن الله بصيغة المتكلم إلا ما قاله الله فعلا.
أفيدونى مأجورين.... أحسن الله إليكم ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففنون القول في اللغة العربية واسعة، والكلام إنما يفهم مراد قائله على مقتضى لغته وما تتيحه من أساليب، وهذا ما يعرف بعلوم البلاغة والبيان، ومثل هذه الأبيات المذكورة في السؤال ليس في مطلعها: (قال الله) ولا يخفى أن سامعها لن ينسب هذه الألفاظ بنفسها لله ويعتقد أن الله تكلم بها، وإنما سيدور في خلده معناها وفحواها، فيبقى النظر في صحة نسبة هذه المعاني لله سبحانه.
والمفهوم من هذه العبارة أن هداية الله للعبد تسبق اهتداءه، وتوبته عز وجل على عبده تسبق توبة عبده إليه، كما قال تعالى: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 118} قال ابن القيم في مدارج السالكين: أخبر سبحانه أن توبته عليهم سبقت توبتهم، وأنها هي التي جعلتهم تائبين، فكانت سببا ومقتضيا لتوبتهم، فدل على أنهم ما تابوا حتى تاب الله تعالى عليهم، والحكم ينتفي لانتفاء علته. ونظير هذا هدايته لعبده قبل الاهتداء، فيهتدي بهدايته فتوجب له تلك الهداية هداية أخرى، يثيبه الله بها هداية على هدايته اهـ.
فالله تعالى هو الذي يتفضل على من شاء من عباده فيوفقه لطاعته، كما قال تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور: 21} فحقيقة أهل المعاصي أن الله تعالى لم يخترهم ولم يصطنعهم لنفسه، قال سبحانه: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {القصص: 68} قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه المنفرد بالخلق والاختيار، وأنه ليس له في ذلك منازع ولا معقب فقال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} أي: ما يشاء، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فالأمور كلها خيرها وشرها بيده، ومرجعها إليه اهـ.
ونقل ابن الجوزي وابن الأثير وابن القيم وابن حجر الهيتمي عن الحسن البصري أنه كان إذا ذكر أهل المعاصي يقول: هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم.
وروى الفسوي في (المعرفة والتاريخ) والبيهقي في (القضاء والقدر) عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: إني إنما وجدت ابن آدم كالشيء الملقى بين الله وبين الشيطان، فأن أراد الله أن ينعشه اجتبذه احتزه إليه، وأن أراد به غير ذلك خلى بينه وبين عدوه اهـ.
ومن هذا يتبين لك أن معنى هذه العبارة صحيح، وأنه لا حرج في قولها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(9/1936)
حكم مناداة الإنسان لمن هو أكبر منه بـ (يا أبي)
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من امرأة أجنبية، ولكن حديثا أسلمت ونحن في بلد أجنبي، مطلقة لها طفل من زوجها الأول، أريد أن أعرف ما علي من واجبات تجاه الطفل،هل يجوز أن أنسب الطفل إلى اسمي، إذا كان هناك ضرورة ملحة، هل يجوز للطفل أن يناديني أبي؟ مع العلم أن أبا الطفل حي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنك مأجور إن شاء الله، على رعايتك لهذا الطفل وكفالتك له، وأما تبنيك له ونسبته إليك فليس مما يبيحه الشرع، قال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} .
وأجمع المسلمون على حرمة التبني، وأن ينسب الولد لغير أبيه، ولا نرى ضرورة ولا حاجة تبيح لك نسبة هذا الطفل إليك، فإن وجدت حاجة ما لنسبته إليك فلا بد من أن تبينها حتى ينظر في حكمها الشرعي، وهل تبيح هذا الأمر لك أو لا، على وفق ما تقتضيه الأدلة الشرعية، ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 9619، 27155، 45060.
وأما مناداة هذا الطفل لك بـ (يا أبي) فإن كان على جهة التعظيم والاحترام، وكونه يرى أنك في منزلة والده، فلا بأس بهذا، وإن كان الأولى ترك المداومة عليه والإكثار منه سدا للذريعة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: فللإنسان أن ينادي من هو أصغر بقول يا بني على سبيل التلطف معه، والعطف عليه وإشعاره بالحنان ليأنس به ويسمع نصيحته أو يقضي له حاجته، وله أن يدعو من هو أكبر منه سنا بقوله يا أبي تكريما له واستعطافا لينال بره ونصحه وليكون عونا له وليسود الأدب في المجتمع وتقوى الروابط بين أفراده وليحس الجميع بالأخوة الصادقة في الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(9/1937)
التزام ما لم يلزمه الشرع من الكلام غير لازم
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أني أرافق جماعة الدعوة والتبليغ؛ لأني في حاجة إلى رفقة صالحة حتى أتمكن من الثبات بإذن الله.إلا أنهم يقومون بتحفيظنا مذكرات لنقوم بالدعوة بها، ومن الشروط قول نفس الكلام مع عدم التبديل لأنهم يقولون إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا مثل أبناء أم واحدة يقولون نفس الكلام.
المشكلة تكمن أنني لما أكون وحدي أقول كلاما غير كلامهم، ولما تكون إحدى البنات من الجماعة برفقتي أقول نفس كلامهم، ولكن لا أستعمل إلا الأقوال التي أعرف أنها صحيحة. فهل يعد هذا من النفاق لأني إن لم أقل نفس الكلام سوف يعاتبونني ويقولون لي لا يجب قول كذا وكذا وإن لم أفعل لن يثقوا بي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من النفاق كلامك بما تشائين من الكلام المفيد،لأن التزام ما لم يلزمه الشرع غير لازم.
ثم إنه لا شك أن الرفقة الصالحة من الوسائل المساعدة على الثبات كما يدل له الحديث: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ثم ننبه إلى أمرين:
الأول: أن الصحابة رضوان الله عليهم لا يعرف عنهم أنهم كان عندهم كلام يكررونه كلهم، وإنما يعلم عنهم التدارس لكلام الله تعالى وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكانوا يحفظون الكلام بسماعه دون حاجة إلى تكرار كل واحد منهم له.
الثاني: أنا سمعنا من عدة ثقات أنه لما اجتهد بعض علماء أهل التبليغ في صوغ جمل مختصرة ليحفظها لأصحابه أنكر ذلك عليهم رئيسهم السابق إ نعام الحسن لما سمع الخبر، وأنكره أيضا رئيسهم الحالي سعد بن هارون وقالوا ليس عندنا كلام يحفظ للناس إلا القرآن والأحاديث.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 31768، 59669، 93709، 94258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(9/1938)
لا حرج في قول هش للذباب
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا قول هش للذباب خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك خطأ في هذه الكلمة حسب علمنا حتى يسأل عن علته، ولمزيد الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 43816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(9/1939)
حكم مقولة (ودعوت بطه الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا أردت أن أستفسر عن نشيد للمنشد المعتصم بالله العسلي في بيت منه يقول: ودعوت بطه الله، ما حكم هذة العبارة هل فيها شرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة نوع من التوسل، والتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بحقه أو جاهه أو صفته أو بركته، من أنواع التوسل الممنوعة على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو بدعة لعدم الدليل على ذلك؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك والغلو فيه صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتوى رقم: 4413، والفتوى رقم: 10671.
كما سبق تفصيل الكلام عن هذه المسألة وبيان معنى التوسل وحكمه في عدة فتاوى منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52015، 16690، 17593.
ثم ننبه السائل الكريم على أن (طه) ليس من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35753، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1430(9/1940)
قال عن بعض الدارسين إنهم يدرسون القرآن الشيطاني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال لجماعة من المسلمين ولو كان أخطاء في بعض أفكارهم أنهم يدرسون القرآن الشيطاني غير القرآن الكريم، وفي الحقيقية أنهم يدرسون القرآن الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المسلم التأدب مع كلام الله تعالى، كما يتعين التأدب مع حملته ودارسيه، فهم أهل الله وخاصته كما في حديث النسائي.
وأما كلام هذا الرجل فإن كان يعني القرآن الذي يتلى فوصفه بالقرآن الشيطاني يعتبر من الاستهزاء بالقرآن الموقع في الكفر..
وإن كان أراد به ما يتدارسه هؤلاء من الأفهام الخاطئة، وكان يعني بكلامه أن تلك الأفهام من الشيطان بناء على علمه بمخالفتها للتفسير الصحيح للقرآن الكريم، فيقال إن في مثل هذا التعبير سوء أدب مع القرآن، ولكنه لا يكفر به.
هذا ويتعين على المسلم أن يتدبر القرآن والسنة وأن يبحث عن معناهما الذي فسرهما به السلف الصالح الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان من محققي علماء الأمة الربانيين.. وعليه أن يبتعد عن القول في القرآن بغير علم.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69957، 59195، 56482، 57611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1429(9/1941)
حكم مقولة (لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع..)
[السُّؤَالُ]
ـ[شاع في المنتديات قول (لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع) ، وكثير من الناس ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما مدى صحته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه العبارة ليست حديثاً نبوياً، وإنما تنسب لأحد الكتاب المعاصرين، وفيها مبالغة غير مستقيمة إذ لا يصح نفي الخيرية المطلقة عن الأمة المسلمة إن اتصفت بذلك الوصف، وقد كان الداعية المصلح الشيخ حسن البنا رحمه الله تعالى يحض الناس على الاقتصار على شراء المنتجات الإسلامية والاستغناء بها عن شراء منتجات ومصنوعات الكفار..
ولا شك أن الأمة لن تستقل بنفسها وتملك قرارها إذا كانت محتاجة للكفار في كل شيء من طعامها ولباسها، بل سيظل التهديد بالحصار الاقتصادي واقعاً عليها دائماً وتظل خاضعة لما يملى عليها من طرف المستعمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(9/1942)
حكم إطلاق كلمة عاشقة الله وأمثالها من العبارات
[السُّؤَالُ]
ـ[سأدخل في الموضوع بسرعة ومن دون مقدمات ... أنا أشارك في المنتديات والمعروف أنه لكل واحد منا اسم مستعار, لكن بعض الأسماء أثارت في الجدل, هنالك أعضاء في المنتديات أسماء عضوياتهم مثل عاشقة الرحمن, عاشقة الرسول, المتيمة بالله، عاشقة الجنة, المتيمة برسول الله.... الصراحة أنا لست مرتاحة لهذا النوع من الأسماء. لأن (الحب) غير العشق والهيام!!!! الحب عبارة عن مشاعر من عند الله, أما العشق والهيام تدخل في الهوى الجنسي، أنا أعرف أنه واجب محبة الله والرسول لكن ليس لدرجة العشق.. فهل تفكيري صحيح، أنا جداً متضايقة من هذا الموضوع, ف أرجو إفادتي بفتوى شرعية أنصح بها أعضاء المنتدى, إذا كان تفكيري صحيح أنتظر الإجابة بفارغ الصبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الألفاظ لا خير فيها، ويجب الابتعاد عنها، وهي ألفاظ مبتذلة مأخوذة من قاموس أهل المجون والهوى.. ويجب صون اسم الله تعالى واسم رسوله صلى الله عليه وسلم عنهما وتنزيههما أن يقرنا بمثلها، وقد جاء في كتاب معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر بن زيد: التسمية بعاشق الله لا تجوز، لما فيها من سوء الأدب مع الله تعالى، فلفظ: العشق لا يطلق من المخلوق على الخالق بمعنى محبة الله ولا يوصف به الله سبحانه وتعالى.
وما قيل في العاشق يقال مثله في المتيم، وعليه فلا يجوز للمسلم أن يتسمى بهذه الألفاظ ولو كان الاسم مستعاراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(9/1943)
الأدب في تسمية المحلات والأشخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[وددت الإستفسار هنا لعل أحدكم لديه فتوى بخصوص ما يكتبه البعض في المنتديات من وصف أنفسهم أو تسمية أنفسهم بكلام مشابه للقرآن! كـ مثال [لم يخلق مثلها في البلاد] [نون وما علي يسيطرون] [الحق المبين] [مضغة من نور] [آية الحب] [تفاحة آدم] وكثير لا يحضرني الآن! فهل أفتاني أحدكم بحكم هذه التسميات!؟ جزاكم الله خيراً.. ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز تضمين القرآن الكريم والاقتباس منه في المعاني التافهة كالهزل والغزل والقصص والرسائل العبثية.. كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 18962.
وعلى ذلك فلا يجوز للمسلم تسمية نفسه أو وصفها بما ذكر، ويتأكد التحريم ويعظم الإثم فيمن يسمي نفسه أو يصفها بصفات الله تعالى كالحق المبين ... وقد بينا حكم التسمي بأسماء الله تعالى في الفتوى رقم: 99293.
وأما الألفاظ الثلاثة الأخيرة فهي دون الأولى ولكن التسمية أو الاتصاف بها من العبث الذي يجب على المسلم أن يحذر من الاشتغال فيه..
وعليه؛ فإن على من أراد أن يستعير اسماً أو ينتحل صفة أن يتقي الله تعالى ويحذر من التلاعب بنصوص الوحي والعبث بأمور الدين، فإن ذلك سبب للوقوع في هلاك صاحبه من حيث لا يدري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(9/1944)
حكم قول غرام غيرك حرام وحبك محلل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول غرام غيرك حرام وحبك محلل أرجو إفادتي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الكلمة إذا قيلت لمن يحل مخاطبته بمثل ذلك كالزوجة، فلا بأس بها، وأما إن قيلت لأجنبية ومن في حكمها، فلا تجوز وهي حينئذ من حبائل الشيطان وأبواب الشر والفتنة، وكذلك كل كلمات الغرام والغزل، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31720، 32967، 57688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(9/1945)
حكم مناداة الأشخاص بأسماء الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في المنتديات تحريم قول يا تمساح للرجل وقول يا سحلية للفتاة.. فهل هذا صحيح؟ أرجو من حضراتكم الإفادة بأسرع وقت ممكن..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مخاطبة الشخص بهذه الألفاظ للازدراء به والتنقيص من قدره يعتبر من الشتم والسب المنهي عنه شرعا، فقد قال صلى الله عليه وسلم ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني ولذلك لا يجوز للمسلم أن ينادي غيره بهذه الألفاظ.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 35225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(9/1946)
هل يسوغ أن يقول من عذب يوم القيامة (وحدته فعذبني)
[السُّؤَالُ]
ـ[بعث لي أحد الإخوة الكرام بهذا الدعاء فهل يجوز الدعاء به، وما معني مشاهد الرؤيا، وجزاكم الله خيراً.
روي عن السيدة عائشة بنت الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليه وعلى آل بيت النبي الأعظم جميعا الصلاة والسلام أنها كانت تناجي ربها باكية وتقول: وعزتك وجلالك لئن أدخلتني النار لآخذن توحيدي لك بيدي فأطوف به على أهل النار وأقول "وحدته فعذبني" صلى الله على سيدنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين جميعا.. والسيدة عائشة لها ضريح بالقاهرة وهو من مشاهد الرؤيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الدعاء قبيح المعنى جداً لا يجوز الدعاء به بحال لما فيه من سوء الأدب مع الله عز وجل، وما نظنه يثبت عن من نسب إليه، فكيف يخاطب المسلم ربه بهذه اللهجة المشتملة على التهديد وكأنه -والعياذ بالله- يقول لربه إنك إن عذبتني فسأتهمك بالظلم وأشيع ذلك بين أهل النار، وأين هذا من دعاء المؤمنين المشتمل على الذل والضراعة والإنكسار: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ {آل عمران:182} .
وينبغي على المسلم الحرص على التزام أدعية الكتاب والسنة، فهي وافية بحمد الله كافية في تحصيل خير الدنيا والآخرة، وعلى المسلم البعد عن أمثال هذه الأدعية المتكلفة التي تبدو في ظاهرها حسنة، فإذا تأملتها وجدتها مشتملة على كثير من الأخطاء بل والطوام، ثم إن السنة الصحيحة دلت على أن كثيراً من الموحدين يدخلون النار بذنوبهم فيقضون ما عليهم ثم يصيرون إلى الجنة.. وهذا الدعاء يشتمل على إقامة عذر لبعض أهل النار، ويفيد أن الله قد يعذب غير المستحق للعذاب وهذا باطل، بل أهل النار أنفسهم يقرون وهم فيها بأن الله لم يظلمهم شيئاً وإنما ظلموا هم أنفسهم، قال الحسن رحمه الله: إن أهل النار دخلوا النار وإن حمد الله لفي قلوبهم لا يستطيعون غير ذلك. فالواجب اجتناب هذا الدعاء.
وأما مشاهد الرؤيا فلا ندري ما هي، ولعله اصطلاح خاص عند أهل البدع الذين يعظمون هذه المشاهد ويقسمونها تقسيمات متعددة باعتبارات معينة معروفة عندهم، وقد أدخلت هذه المشاهد بأنواعها المختلفة فساداً عظيماً على المسلمين وجرت عليهم شراً كبيراً لا ينحصر حتى عظمها كثير منهم وصرف إليها العبادات من دون الله، فنذروا لها وذبحوا لها ودعوا أصحابها، واستغاثوا بهم، ولهذا فإن أهل السنة كما قال بعض أهل العلم يعمرون المساجد ويهجرون المشاهد، وأهل البدع يعمرون المشاهد ويهجرون المساجد.
ونحب أن ننبه هنا إلى أمر مهم فجعفر الصادق وآباؤه الباقر وزين العابدين والحسين وأمير المؤمنين علي رضي الله عنهم جميعاً هم من أئمة أهل السنة بلا شك، ولكن اختصاصهم إذا ذكروا بلفظ الإمام وترك هذا اللفظ مع من هو مثلهم وأفضل منهم من فعل أهل البدع، فالذي ورد في سياق نسب عائشة بنت جعفر رحمها الله كما في السؤال يشعر بأن هذا الدعاء مأخوذ من المبتدعة، فعليك أخي الحبيب أن تحذر من البدعة وأهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(9/1947)
حكم قول المرأة لزوجها بأنها تريد زوجا غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وعندما أقول لزوجتي إني أريد الزواج، تقول لي حتى أنا أريد زوجا غيرك، فهل يجوز أن تقول هذا الكلام وهي على ذمة رجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف أن تعدد الزوجات مباح، إذا كان الرجل قادراً على الزواج، مراعياً للعدل بين زوجاته، كما أنه لا يجوز لمسلم أن يعارض هذا الحكم أو يطالب بتسوية المرأة فيه، وإنما ذلك شأن أهل الإلحاد ودعاة الانحلال، نسأل الله أن يحفظ الأمة من شرورهم.
أما عن سؤالك فلا يجوز لزوجتك أن تقول لك أنها تريد زوجاً غيرك، لما في ذلك من مخالفة الشرع وإساءة معاملة الزوج.
لكن ننبهك إلى أنك إذا كنت لا تريد الزواج فإن قولك لها إنك تريد الزواج غير جائز لكونه كذباً، وأما إن كنت تريد الزواج فليس من شرطه أن تخبرها، كما أنه لا ينبغي أن تنغص عليها بتكرار كلامك لها برغبتك في الزواج، فلا شك أن هذا مما يثير كوامن الغيرة عندها ويهيج غضبها وذلك ليس من حسن العشرة.
واعلم أن المرأة مهما بلغ دينها وعلمها فإنها لا تسلم من الغيرة، فقد كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يغرن، فعليك بمعاملة زوجتك بالحكمة والكلام الطيب وتجنب ما يفسد المودة والألفة، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... استوصوا بالنساء خيراً. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(9/1948)
حكم القول عند المشكلة (الله ما براجم بحجارة)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول: الله ما براجم بحجارة، والتي الهدف من قولها في المشاكل أن حل المشاكل يكون بالهدوء وليس بالغضب والتهور والضرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها السائل أن تعظيم الله وتوقيره هو أساس الدين وأصله ولبّه، فالدين كله مبني على التعظيم والإجلال له سبحانه, ومن كمال تعظيم الله وتمامه أن يصان اسمه سبحانه عن النطق به في صغائر الأمور وسفاسفها.
قال الخطابي: وكان بعض من أدركنا من مشايخنا قلّ ما يذكر اسم الله (تعالى) إلا فيما يتصل بطاعة.
وقال عون بن عبد الله: ليعظم أحدكم ربه، أن يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول: أخزى الله الكلب، وفعل الله به كذا.
فانظر إلى مدى توقير السلف لربهم كانوا يستنزهون أن يوضع اسم الله بجوار ما يستقبح ذكره، فيقرن اسمه به كأن يقول الرجل: قبح الله الكلب والخنزير، فيوقرون الله أن يوضع اسمه مع هذه الحيوانات.
وكان أبو بكر الشاشي - رحمه الله - يعيب على أهل الكلام كثرة خوضهم في الله إجلالاً لاسمه تعالى، ويقول: هؤلاء يتمندلون بالله عزّ وجلّ.
وبناء على هذا يعلم أن القول المسؤول عنه وهو: "الله ما براجم بحجارة" عند المشكلات والمشاحنات غير جائز؛ لأنه وإن كان قصد صاحبه طيبا فإنه ينافي كمال تعظيم الله وتوقيره سبحانه، هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن هذا القول ليس بصحيح على إطلاقه فالله جل وعلا قد أرسل حجارة من السماء على بعض الطغاة المجرمين كما حكى الله سبحانه عن قوم لوط بقوله: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ {هود:82، 83}
وكما حكى سبحانه عن أصحاب الفيل في قوله: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ. {الفيل:3،5}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(9/1949)
كلام زوجتك لا يدل على أنك لا تحب الله ورسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تقول لي بتحب الله أو بتحب محمد صلى الله عليه وسلم أن تفعل كذا بشكل عام تشوف براد الشاي - تطلع على الولد -.تشوف ما اشتريت - تشتري لي كذا....... فإن لم أفعل ما تطلبه زوجتي أكون قد ارتكبت إثما لقولها ذلك وهل يعني هذا أنني لا أحب الله ولا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم أفعل، وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المقصود من هذا الكلام هو أن زوجتك تريد إغراءك على فعل ما تطلبه منك وحثك على ذلك واستخدمت لذلك حبك لله ولرسوله موهمة لك بأنك إذا لم تلب طلبها فكأنك لا تحب الله ورسوله.
والظاهر أنه لا حرج عليك في عدم تلبية طلبها وليس شيء من ذلك يدل على أنك لا تحب الله ورسوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(9/1950)
حكم من يقول لشخص بعد حصول مشكلة معه: الله بلاني بك
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما حكم من يقول لشخص بعد حصول مشكلة معه الله بلاني بك أو ما شاكل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا القائل يقول هذه الكلمة لذاك الشخص لكونه فعل ما جلب له المشاكل بأقواله أو أفعاله، فالكلمة لا تقدح في عقيدة الإنسان حينئذ، ولكن لا ينبغي له قول ذلك لأخيه المسلم، وينبغي بدلا من ذلك أن يقول قولا حسنا فذلك أدعى للألفة وإزالة الضغائن؛ كما قال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
أما إن كان يقول له هذا لتشاؤمه به فقط، فهذا لا يجوز؛ لأنه من التشاؤم المنهي عنه والمذموم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلَاثًا. رواه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
والطيرة: هي التشاؤم، وهي من سوء الظن بالله.
قال السندي في شرح ابن ماجه: قَوْله: شِرْك إِذَا اعْتَقَدَ لَهَا تَأْثِيرًا، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ أَعْمَال أَهْل الشِّرْك، أَوْ مُفْضِيَة إِلَيْهِ بِاعْتِقَادِهَا مُؤَثِّرَة، أَوْ الْمُرَاد الشِّرْك الْخَفِيّ. انتهى.
والواجب على المسلم التوكل على الله، وإذا وجد شيئًا من ذلك فليدفعه بالإيمان واليقين، وليقل ما ورد في السنة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ. رواه أحمد وصححه الألباني.
وروي في حديث آخر عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: ذُكِرَتْ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ، رواه أبوداود وضعفه الألباني.
وقد تناولنا ما يتعلق بالطيرة والتشاؤم بالأشخاص في فتاوى سابقة هذه أرقامها: 17133، 68888،، 52228، 14326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(9/1951)
سمع خبرا غير صحيح فقال هذا حديث ضعيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم والحمد لله.
بينما كنت أتحدث في الهاتف مع أحد الإخوة نقل لي خبرا غير صحيح فقلت له هذا حديث ضعيف فهل يعتبر هذا استهزاء بالدين مع العلم أني لا أقصد الاستهزاء، وهل يعتبر هذا كفرا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا ليس من الاستهزاء بالدين ما دمت متأكدا أنك لم تقصد الاستهزاء، بل هو يعتبر اقتباسا لعبارة علمية، ولكن الأولى بالمسلم أن يتحفظ في الألفاظ التي تستخدم في الدين حتى لا يزل لسانه فيوقعه فيما لا تحمد عقباه.
وراجع في خطر الاستهزاء بالدين الفتاوى التالية أرقامها: 2093، 21800، 48790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(9/1952)
حكم مقولة (قم فصل في النار)
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام:
سؤال: وفقني ربي الكريم من أداء فريضة الحج, السنة قبل الماضية بعدما طفنا وسعينا بين الصفا والمروة ومرت الأيام ولله الحمد. وفي يوم الأربعاء في صلاة الظهر وما يفصلنا عن الوقوف بعرفة إلا يوم واحد والوقوف كان يوم الجمعة بينما نحن نصلي الفريضة وانتهينا من الفريضة بعد الأذكار قمت بإتيان ركعتين بينما أنا في الجلوس الأخير لن تفصلني إلا 6 أو 7 ثوان إذ بشرطي فاجئني وفاجأ المصلين داخل الحرم المكي وهو يتكلم ويخاطب المصلين بكلمات, وفي تلك اللحظة شعرت بالشرطي ينزع من تحتي السجاد قبل ثوان من التسليم ويقول بهذه الصيغة: (قم صل في النار) ونحن مستقبلون بيت الله. فما حكم الشريعة في صاحب هذا القول الخبيث جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه العبارة خطيرة، ولا يجوز أن تصدر من مسلم، بل يجب على المسلم أن يحفظ لسانه، فإنه إذا أطلق له العنان في التلفظ بمثل هذه العبارات ربما أورده المهالك، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوي بها في جهنم. والمعروف أن رجال الأمن في الحرمين يدربون على حسن معاملة الحجاج واللين معهم والرفق ما أمكن ذلك.
وينبغي أن يحرص المسلمون الوافدون إلى البيت الحرام على المحافظة على النظام ويجتنبوا الصلاة في الأماكن المحددة لمرور الناس، فإنه إذا وقع التزاحم ولم يجد الناس منافذ ربما حدث ما لا تحمد عقباه، وما حدث من حوادث فيما مضى خير شاهد على ما نقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(9/1953)
تحدث المرء عن نفسه بقوله نحن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول المرء عند الاشارة إلى نفسه بقوله نحن، هل فيه تعظيم لنفسه، وهل عندما أقول مثلاً، نحن علي عمر نسألكم الاجابة،هل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة نحن تدل في الأصل على الجماعة، ولا تدل على المفرد إلا إذا كان معظما لنفسه ومزكيا لها، ولا شك أن تعظيم النفس وتزكيتها وما يجر إليه ذلك من الكبر ورؤية الفضل على الناس محرم شرعا، فقد نهى الله تعالى عن هذه الأمور فقال: فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم:32}
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما أدخلته جهنم. رواه أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
وعليه، فإن كان القائل لذلك يقصد هذه الأمور فإن ذلك محرم، وإن كان لا يقصد شيئا من ذلك وإنما جرى على عادة بعض الناس في الكلام فلا حرج في ذلك. والأولى اجتنابه لئلا يظن السامع به سوءا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(9/1954)
حكم وصف شخص بأنه صادق الوعد
[السُّؤَالُ]
ـ[يصف بعض مؤيدي الأحزاب السياسية قادتهم بأوصاف أطلقها الله سبحانه وتعالى على أنبيائه في القرآن الكريم مثل صادق الوعد وغيرها فما الحكم في ذلك أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في وصف الشخص بأنه صادق الوعد إذا كان حقيقة صادقا في وعده لا يخلفه، ومثل هذه الأوصاف وإن وصف بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلا أن وصفهم بها لا يقتضي التخصيص، بل إن الشرع حث على الاتصاف بأوصاف الأنبياء، كما قال تعالى: فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ {الأنعام:90} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(9/1955)
الإقرار بوجود الله لا يكفي وحده في تحقيق الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد, كان لي توقيع في أحد المنتديات يحمل عبارة بما أننا مؤمنون بوجود الله إذا لا يوجد شيء مستحيل. أحد الأعضاء فسر التوقيع بأنه للفرق الضالة التي تقول بما أننا آمنا بالمستحيل الأعظم وهو الله فإننا سنؤمن ببقية الأشياء, طبعا أبدأ ليس هذا قصدي أو هدفي من العبارة. سؤالي فهل كلامه صحيح هل كلماتي تلك يمكن أن تكون سبب هلاكي وعذابي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة المذكورة غير صحيحة على إطلاقها هكذا لأمور: منها أنه لا يكفي لنجاة العبد وتوفيقه الإيمان بوجود الله فقط، بل الإيمان بالله له شروط أخرى وأركان، ومنها: أنه يوجد أمور جعلها الله من المستحيلات وليست في مقدور بشر كائناً من كان أن يفعلها سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن، فمن المستحيلات الإتيان بمثل هذا القرآن، كما قال الله تعالى: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا {الإسراء:88} .
ولذا، فالبعد عن العبارات التي تحتمل معاني صحيحة وأخرى خاطئة أولى وأسلم لدين العبد، لكن ما دمت لم تقصد من عبارتك معنى خاطئاً والعبارة محتملة لمعنى صحيح وهو المبالغة في الثقة بالله وتذليله الصعاب للمؤمن فلا إثم عليك، ولا ينبغي لأحد أن يسيء بك الظن، ونصيحتنا أن تقوم بتبديل توقيعك المذكورة إلى عبارة لا توهم معنى خاطئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(9/1956)
حكم قول: الأطفال أحباب الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القول بأن الأطفال أحباب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله أعلم- أنه لا ينبغي إطلاق مثل هذا اللفظ لكون ذلك الإطلاق لم يرد به نص من الكتاب والسنة أو قول لأحد من سلف هذه الأمة الصالح فيما نعلم، والطفل وإن كان مولودا على الفطرة إلا أنه قد يرد على هذه الفطرة ما يبدلها.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
وقد قتل الخضر ذلك الغلام وعلل ذلك بقوله فيما حكى عنه القرآن: وَأَمَّا الغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا {الكهف:80} .
وورد تفسير ذلك في قصة موسى والخضر عليهما السلام، والتي رواها البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها: كان أبواه مؤمنين وكان هو كافرا فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(9/1957)
حكم من قال أنا بريء من دين محمد إذا زرتك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال لابنته أنا بريء من دين محمد (عليه الصلاة والسلام) إذا بدوسك (اي أذهب لزيارتك) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مثل هذا القول محرم شرعاً تحريماً شديداً، ولكنه لا يوقع صاحبه في الكفر عند الحنث إلا إذا قصد ذلك بقلبه، واختلف هل تجب فيه الكفارة أم لا، ورجح المنذري والخطابي أنه لا كفارة فيه، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20908، 25357، 55735.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(9/1958)
حكم تسمية بخور اللبان بخور الملائكة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن بخور اللبان يسمى بخور الملائكة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن بخور اللبان ولا غيره يسمى بخور الملائكة، وإنما هذا أمر مشهور عند بعض العامة، وبعض المشعوذين، يقصدون بذلك أن التبخر باللبان يجلب الملائكة ويطرد الشياطين، وإنما الذي صح أنه يجلب الملائكة هو ذكر الله وقراءة القرآن ونحو ذلك، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46323، وأنهم يتأذون من الروائح الكريهة، وقد سبق بيان أن البخور عادة ما يستعمله المشعوذون الذين تنزل عليهم الشياطين في الفتوى رقم: 8243، وكما سبقت فتوى عن البخور بصفة عامة برقم: 24365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1429(9/1959)
الأولى تجنب ما قد يؤول بالقائل إلى الوقوع فيما لا يليق بجلال الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم بعثت لكم سؤالا برقم 2192270 وحصلت على الإجابة من أهل علم ثقات أمثالكم نحسبكم كذلك ولا نزكي على الله أحداً وهو من موقع (الإسلام سؤال وجواب) وأرسله لكم لتروا إن كنتم تريدون إضافة شيء عليه وهو تسهيل أقدمه لكم حتى أساعد أهل الإسلام على الخير فنعرف مقدار المجهود الذي تقوموا به فجزاكم الله خيراً, وأرسلت لكم السؤال عندما وجدت تأخيرا من الموقع الآخر ولكنهم أرسلوا لي الإجابة البارحة وعلهم يضيفونها في الموقع قريباً, وكذلك أكرمكم الله لو تجيبوا بما آتاكم الله به من علم وتضعوا الفتوى في الموقع هذا أيضاً ليستفيد منها أكبر عدد من المسلمين إن شاء الله تعالى, وفيما يلي نص ما أرسلوه لي:
أسلوب عامي يقرن لفظ الجلالة في كل تعبير للدلالة على المبالغة ما حكم قول حلوة ل الله، أو بعيدة ل الله، للدلالة على الكثرة والزيادة:
فمثلاً إذا أريد التدليل على أن الشيء بعيد جداً فيقال: بعيدة ل الله، فيقرن اسم الله تعالى بقوله، بعيدة ل الله؛ لأن الله تعالى يدل على العظمة.
فإن عظم عليه شيء أو صعب عليه فيقول صعب ل الله.وهذا قول منتشر بين بعض الناس، ويقرن كثيراً بكل شيء، يراد به التدليل على الكثرة، مثل: قصير ل الله، طويل ل الله، حقير ل الله، قوي ل الله، غير لذيذ ل الله.
وقول آخر للدلالة على الانزعاج فيقول: أنا واصلة معي لعند الله.
فإن كانت الأقوال السابقة مخالفة لشرع الله تعالى، ومحرمة، فمن أي باب حُرمت؟
وما الدليل على هذا؟
وهل يختلف القول على حسب اقترانه بشيء حسن أو شيء قبيح في الحكم، فمثلا: جميل ل الله، تختلف عن قبيح ل الله؟
الحمد لله
إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بِقَدْرِ الله، أو الاستهانة بجلاله عز وجل: كَفَرَ باتفاق علماء المسلمين.
أما إِن لم يقصد ذلك: فلا يجوز للمسلم – على جميع الأحوال - أن يعتاد مثل هذه الألفاظ في كلامه وخطابه، وذلك:
1- لأن في اعتيادها جرأة على لفظ الجلالة، وإشعارا بالتعدي على عظمته وجلالته، والاستخفاف بحقه، والواجب على المسلم تعظيم أسماء الله تعالى، وصيانتها، وحفظ جلالتها عن كل سبيل قد يؤدي إلى الاستخفاف بها، أو الوقوع في الخطأ فيها.
2- ثم إن الذي يظهر لنا – من قرائن أحوال قائلي هذه الكلمات – أنها تصدر في أحيان كثيرة عن حَنَقٍ وغضب يَشْعُرُ قائلُها نفسُه أنه قد تجاوز الأدب والحدود مع الله سبحانه وتعالى، نخص من ذلك قوله: " أنا واصلة معي لعند الله "، فسوء أدب هذه العبارة ظاهر، يخشى على قائلها من عقوبتها يوم القيامة، وكذلك إرداف لفظ الجلالة لبعض الأوصاف السيئة، كما جاء في السؤال من قول بعض العامة: " حقير ل الله "، فهذا فيما نرى لفظ كفري يخشى على قائله من الردة والعياذ بالله.
3- والله سبحانه وتعالى يقول: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) الحج/30، ويقول عز وجل: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج/32. يقول الشيخ محمد الخادمي الحنفي رحمه الله: " من آفات اللسان (ما فيه خوف الكفر) ، وهو الذي لم يجزم الفقهاء بإيجابه كفرا، بل قالوا فيه خوف الكفر، أو خيف فيه الكفر، أو خطأ عظيم، (وحُكمُهُ أن يؤمر بالتوبة وتجديد النكاح احتياطا) لاحتمال كونه كفرا " انتهى. "بريقة محمودية" (3/168) .
4- وقد فسر بعض أهل العلم قوله سبحانه وتعالى: (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ) البقرة/224 بأن المقصود النهي عن الإكثار من حلف الأيمان ولو كانت بوجه حق، فكيف إذن بالإكثار من ذكر لفظ الجلالة في كل عبارة تليق أو لا تليق. يقول العلامة الطاهر ابن عاشور: " أي لا تجعلوا اسم الله كالشيء المعرَّض للقاصدين " انتهى. "التحرير والتنوير" (2/310) وانظر: "تفسير القرطبي" (3/97) .]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان قصد المتكلم بما ذكر الاستهزاء، فإن هذا كفر والعياذ بالله، وإذا لم يكن له قصد فالأولى أن يلتمس له أحسن المخارج.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بهذا الموضوع المهم، وعلى مواصلته لنا، ورغبته في مساعدة أهل الإسلام ...
ونؤكد على ما جاء في الجواب المذكور، وأنه محمول على ما إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بقدْر الله تعالى والاستهانة بجلاله..
وأن الواجب على المسلم تعظيم حرمات الله تعالى وأسمائه الحسنى وصونها عن الابتذال وعن التعريض للامتهان.. يقول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30}
ويقول تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}
وقد ذكرنا في الإجابة السابقة أنه إذا كان قصد القائل المبالغة أو التعجب.. أو ما أشبه مما فيه تعظيم لله تعالى؛ فيمكن أن يحمل على تعظيم الله تعالى أو يكون داخلا في ذكره عند التعجب إذا كان السياق يحتمل ذلك. وانظر الفتوى: 110180.
والذي يظهر لنا- عند التأمل في هذه الألفاظ- أنها لا معنى لها في حال قطعها عن سياقها وعن الحال- أو المقام- الذي قيلت فيه، وعلى ذلك؛ فإن معناها والحكم عليها يتوقفان على قصد قائلها وعلى معرفة المعنى الذي سيقت من أجله.
وعلى كل حال؛ فإن على المسلم أن يبتعد عن مثل هذه الألفاظ الموهمة مهما كان قصده؛ فالله سبحانه وتعالى عظيم كريم ينبغي أن يصان اسمه ويعظم قال تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(9/1960)
حكم قول: صبحنا على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القول عندما يغضبك شخص صبحنا على الله لأني أقولها عندما أغضب من شخص وأحاول أن لا أقولها ولكن تخرج لتعودي عليها وأحس أني آثم في ذلك وأني ارتكبت ذنبا كبيراً، فأرجو الإجابة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر - والله أعلم - أن الحكم في هذا يختلف باختلاف المقصود من استخدام هذه العبارة، فإن كان المقصود بها أنه أصبح معتمداً على الله أن يقيه الشر ونحو هذا من المعاني الحسنة فلا حرج في استعمالها، وأما إن كان المقصود التشاؤم ونحوه من المعاني الفاسدة فلا يجوز استخدامها. وللمزيد من الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 29745.
هذا، وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يجتنب الغضب عملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8038.
ويتعين عليه الكف عن العبارات التي لا يتأكد من سلامتها من الشر، ويمكن أن تسأل العلماء ببلدك سؤالاً شفهياً عن هذا الكلام ليفيدوك حوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(9/1961)
يراعى في الألفاظ ما تعارف عليه الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول: لأمشيك على الصراط المستقيم. وهذا بالمعنى العام تمشيتك على هوى القائل ومثلما يريد هو، وأن لا يتخطى ذلك الآخر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعلوم أن الكلام إنما يفهم في سياقه، ويعرف مضمونه ومراد صاحبه من خلال القرائن والأحوال، ومثل هذه الكلمة إن قالها من يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر وأمثال ذلك، بحيث يكون مطلبه الذي يريد امتثاله وطاعته موافقا للشرع، محبوبا لله، فلا بأس بها، وهي حينئذ من صراط الله المستقيم.
وإن كان في شيء جائز لا يأمر به الشرع ولا ينهى عنه، فالأفضل أن تسمى الأشياء بما لا لبس فيه، ويراعي المعنى الذي تعارف عليه الناس في الصراط المستقيم.
وأما إن كان يريد طاعة أمره على أية حال حتى ولو كان في ما يخالف الشرع، فهذا فيه تعد وظلم، وفيه كذب وتدليس، وتسمية للأشياء بغير أسمائها، فلا يصح أن يوصف ذلك بالاستقامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. رواه مسلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كُلُّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلًا فَلَا يُطْلَقُ إلَّا مُبَيَّنًا بِهِ الْمُرَادُ الْحَقُّ دُونَ الْبَاطِلِ، فَقَدْ قِيلَ: أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ. وَكَثِيرٌ مِنْ نِزَاعِ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا هَذَا مَعْنًى يُثْبِتُهُ، وَيُفْهَمُ مِنْهَا الآخر مَعْنًى يَنْفِيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(9/1962)
حكم قول: السيد الكريم، أخي الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[الكريم اسم من أسماء الله الحسنى، فهل يجوز لنا أن نقول لبعض الاشخاص السيد الكريم، أخي الكريم مثلا،
وهل نؤاخذ على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مؤاخذة في مثل هذه العبارات لأن الاشتراك في الأسماء والصفات من الناحية اللغوية لا حرج فيه.
فقد وصف الله تعالى بعض مخلوقاته بالكريم، فقال في وصف العرش: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ {المؤمنون:116} ،
ووصف نفسه بذلك فقال: يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ {الانفطار:6} ،
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث البخاري: الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(9/1963)
الأولى تجنب ما قد يؤول بالقائل إلى الوقوع فيما لا يليق بجلال الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم، ما حكم قول
1- حلوة ل الله أو بعيدة ل الله للدلالة على الكثرة والزيادة فمثلا إذا أريد التدليل على أن الشيء بعيد جدا فيقال بعيدة ل الله. فيقرن اسم الله تعالى بقوله لأن الله تعالى يدل على العظمة فإن عظم عليه شيء أو صعب عليه فيقول صعب ل الله وهذا قول منتشر بين بعض الناس ويقرن كثيراً بكل شيء يراد به التدليل على الكثرة مثل قصير ل الله طويل ل الله حقير ل الله عنيد ل الله غير لذيذ ل الله.
2 - وقول آخر للدلالة على الانزعاج فيقول أنا واصلة معي لعند الله. فإن كانت الأقوال السابقة مخالفة لشرع الله تعالى ومحرمة فمن أي باب حُرمت، وما الدليل على هذا وهل يختلف القول على حسب اقترانه بشيء حسن أو شيء قبيح في الحكم، فمثلا جميل ل الله تختلف عن قبيح ل الله.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم تعظيم اسم الله وصونه عن الابتذال فيما لا يليق بجلاله سبحانه، ولا يظهر لنا ما ينافي هذا التعظيم الواجب في ذكر اسم الله على النحو المذكور للدلالة على الكثرة ونحوها من المبالغة في وصف شيء سواء في الحسن أو القبح، ولعله يدخل في باب ذكر الله عند التعجب من عظمة الشيء، وهو مشروع؛ كما في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ لَا قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
.قال ابن حجر في الفتح: وَقَدْ وَرَدَتْ عِدَّة أَحَادِيث صَحِيحَة فِي قَوْل سُبْحَان اللَّه عِنْدَ التَّعَجُّب. اهـ
وأما ما ذكرت مما يقوله البعض عند الانزعاج فلا يبدو لنا معناه وعلام يعود الضمير؛ لكن لعله يريد روحه وأنها كادت تفارقه إلى الله من شدة الضيق، وهذا وإن كان ليس محظورا في ذاته لكن قد يؤول بالقائل إلى الوقوع فيما لا يليق بجلاله سبحانه وتعالى، فالأولى تجنب مثل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(9/1964)
حكم التلفظ بعبارة (الحياة مسلسلات)
[السُّؤَالُ]
ـ[ (الحياة مسلسلات) اسم لقناة فضائية جديدة تبث على النايل سات، تبث المسلسلات الواحدة تلو الأخرى ليست هذه القضية ولكن.. ألا يعتبر مجرد التلفظ باسم هذه القناة نوع من الشرك أو الإلحاد والعياذ بالله فالله سبحانه تعالى خلقنا لعبادته ولا نشرك به، وما دورنا ودور علماء الأمة اتجاه اسم القناة على الأقل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
مجرد التلفظ بتلك الكلمات لا يعتبر شركاً.. لما فيه من الاحتمال، ودور المسلم في هذه الحياة هو الإيجابية والدعوة إلى دينه بكل وسيلة ممكنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد التلفظ باسم هذه القناة لا يعتبر شركاً ولا إلحاداً، إذ تلك العبارة تحتمل عدة محامل، وربما كان قصدهم من ذلك الترويج لما تبثه تلك القناة من المسلسلات -والتي ذكرت أن الواحد منها يأتي تلو الآخر- والتنويه بها والرفع من شأنها حتى كأنها الحياة التي هي بمنزلة المدرسة التي منها الإنسان، والقصد من ذلك جذب المشاهدين، ولا ينبغي التلفظ بهذا لما يحتمله من معان فاسدة.
وأما دورنا كمسلمين وعلماء.. أن نستقيم على شرع الله وأن ندعو إليه بكل وسيلة ممكنة بما فيها إطلاق القنوات الفضائية التي تعلم الناس وتصحح المفاهيم وتنشر الوعي وترد الشبهات وتعطي البديل الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(9/1965)
محل جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في كلام إحدى الأخوات تلبيس وإشكال حول أحاديث للرسول صلّى الله عليه وسلّم سأسوقها أدنى سؤالي بإذن الله، وأرجو الرد عليها لإزالة هذا التلبيس والله يوفقكم وييسّر لكم الخير وسُبله ويسدّد خُطاكم..
قالت الأخت: دخلت بالصدفة إلى إحدى المواقع القبطية القذرة.. وهالني ما رأيت أحاديث وقصص غريبة.. توهمت في البداية أنها غير صحيحة ولكني تأكدت منها أنها صحيحة 100% السؤال، لماذا يخفي علينا علماؤنا هذه الأحاديث؟؟
ولماذا لا نقول هذا اللفظ إن كان ليس عيباً؟
-انتهى سؤال الأخت-
والأحاديث التي عنتها الأخت:
1- لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت) . قال: لا يا رسول الله، قال: (أنكتها) . لا يكني، قال: فعند ذلك أمر برجمه.
وما أشكل على الأخت هنا لفظ (أنكتها)
2-................. وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك......
في الحديث الثاني لم أدرج نصّه كلّه لتجاوز حروفه الحدّ الأقصى لشروط طرح السؤال.
وما أشكل على الأخت في هذا الحديث قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: امصص ببظر اللات.
ننتظر ردّكم وتوضيحكم وجزاكم الله عنّا خير الجزاء وأعظمه ويارك في جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي لمن ليس عنده علم شرعي أن يدخل على مواقع الكفر التي تثير الشبهات حول رسالة الإسلام لأن هذا قد يؤدي بالداخل إليها إلى الشك والكفر والعياذ بالله، ويصير له نصيب من قول الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ {البقرة:257} أي من نور البينات إلى ظلمات الشكوك، ولذا قيل إن هذه الآية نزلت في قوم ارتدوا عن الإسلام. والجاهل إذا عرضت عليه شبهة قد تستقر في قلبه ويصعب عليه ردها فيكون قلبه كالإسفنج إذا تشربت شيئا استقر فيها.
الثانية: قولها: (لماذا يخفي العلماء علينا هذه الأحاديث غير صحيح) فالعلماء لا يخفونها وليس فيها شيء يستحق الإخفاء أو يستحى من إظهاره، وإذا كان المرء جاهلا لا يطلب العلم فسيخفى عليه العلم قطعا، ولا يصح أن يقول لماذا يخفى عنا العلم؟ وهذه الأحاديث مبثوثة في كتب السنة ودواوينها ويتناولها العلماء بالشرح والبيان في حلقات العلم، ويستنبطون منها الأحكام الشرعية والعبر، ولكن الجاهل بمعزل عن ذلك كله.
ثالثا: حديث ماعز رواه البخاري في صحيحه وغيره.. واستعمال هذه اللفظة (أنكتها) لا حرج فيه للمصلحة الراجحة لأن المقام مقام إقامة حد بالقتل، فماعز زنى وهو محصن، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ن يتثبت من فعلته هل فعل في زناه ما يستحق به القتل أم أنه مجرد تقبيل ولمس أو جماع بدون إيلاج؟ فقال له، أنكتها؟ ولذا قال النووي رحمه الله تعالى: وقد يستعملون صريح الاسم لمصلحة راجحة وهي إزالة اللبس أو الاشتراك أو نفي المجاز أو نحو ذلك، كقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي، وكقوله صلى الله عليه وسلم: أنكتها..
ومعلوم أن الرجم له شروط منها: أن يكون الزنى قد وقع بإدخال الفرج في الفرج لا بمجرد لمس الفرج للفرج، ولذا جاء في رواية أبي داود مزيد تثبت أكثر فقال: فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها؟ قال نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم. قال: كما يغيب المرود في المكحلة، والرشاء في البئر. قال نعم، قال: فهل تدري ما الزنى؟ قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا. قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم.. والنبي صلى الله عليه وسلم كان أبعد الناس عن الفحش والتفحش، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاحش ولا متفحش ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزئ بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح. رواه البيهقي.
رابعا: قول أبي بكر رضي الله عنه للكافر: امصص بظر اللات. البظر قطعة تبقى في فرج المرأة بعد الختان، وكان العرب تشتم بهذ اللفظ فتقول: امصص بظر أمك، فعيره أبو بكر تشنيعا لهم على عبادتهم له وغضبا لله ورسوله من الكفار.
قال الحافظ في الفتح: وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك، وقال ابن المنير: في قول أبي بكر تخسيس للعدو وتكذيبهم وتعريض بإلزامهم من قولهم إن اللات بنت الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بأنها لو كانت بنتا لكان لها ما يكون للإناث..
وهذا سطره العلماء ولم يخفوه، فأين الجاهل من ذلك؟!!
خامسا: إذا كانت مثل هذه الألفاظ تدل على بطلان الرسالة والنبوة كما يزعم النصارى، فما جاء في الإنجيل المزور أولى بإبطاله، فقد جاء فيه نسبة الزنا لأنبياء الله تعالى، وتنقص الرب جل وعلا، وما هو معلوم من التناقضات والعجائب، فأيهما أولى بأن يكون دليلا على البطلان؟!! وانظر الفتوى رقم: 9732، والفتوى رقم: 10326، والفتوى رقم: 38508.
وأخيرا صدق الله العظيم القائل: وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة:41} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(9/1966)
حكم قول (سيدنا محمد) صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا بعض الأقوال أخاف أن أقولها لجهلي معناها، منها: (سيدنا) محمد صلى الله عليه وسلم ونحن نعلم أن السيادة لله سبحانه وتعالى ... في الدعاء عندما نقول (ربي اغفر لي) و (اللهم إني أسألك الغفران) أليس فيه اختلاف، فالأولى فيها صيغة الأمر والثانية نسأله إذا شاء الله سبحانه وتعالى فعال لما يريد، هو الذي يأمر وليس الذي يؤمر، فأرجو البحث في هذا الأمر؟ واسأل الله عز وجلٌ لي ولكم حسن الخاتمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من التلفظ بكلمة (سيدنا) أو سيدي بإضافة كلمة سيد إلى ضمير المتكلم قبل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، وقد صح أنه هو سيد ولد آدم كما ثبت في الحديث، وهذا لا ينافي أن لله تعالى السيادة المطلقة على هذا الكون فهو المتصرف فيه كيف يشاء، ولذا لا يجوز إطلاق السيد بالألف واللام دون إضافة إلا على الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: السيد الله. رواه أحمد. وصححه الألباني، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 29153.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا سيد ولد آدم. والجمع بينه وبين قوله: السيد الله. أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده، فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور، وهو الحاكم وغيره محكوم، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شيء محدود، وفي زمن محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم، أو نوع من الخلائق دون نوع.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50110، والفتوى رقم: 15149.
ولا فرق بين الدعاء بصيغة (رب اغفر لي) أو صيغة (اللهم إني أسألك الغفران) فكل منهما مشتملة على سؤال المغفرة من الله تعالى، وصيغة الأمر في قولك (رب اغفر لي) تسمى دعاء وليست أمراً لأن الطلب إذا كان من الأدنى إلى الأعلى سمي دعاء وليس بأمر، فالله تعالى لا يؤمر بل هو الفعال لما يريد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49358.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(9/1967)
الاقتباس من الحديث النبوي الشريف
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام أحدهم بكتابة ما يلي وذلك حزناً لأن سهما من الأسهم قد انخفض سعره فقام المكتتبون بالتخلي عن السهم ولم يدافعوا عنه!! إنا لله وإنا إليه راجعون، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا على سقوط سهمك يا درات لمحزنون، مع العلم درات اسم الشركة فهالني ذلك كيف يستعمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي قاله في هذا الموقف الحزين بأن يستخدمه في رثاء سهم وقد أصر الكاتب على أنه يجوز ذلك وأنا لا أقدر على الفتوى والتي تركتها لفضيلتكم، فبارك الله فيكم فأفتونا؟ مأجورين إن شاء الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا أنه يجوز الاقتباس من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف عند جمهور العلماء إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد الشرعية تحسيناً للكلام وترسيخاً لمعانيه في النفوس، وما لم يكن في ذلك شيء من الاستخفاف أو الاستهزاء.
وعليه فلا حرج في الذي فعله هذا الشخص المذكور إن كان حقاً حزيناً كما قال، على أننا نذكر بأن المسلم المقبل على آخرته والمشتغل بطاعة ربه لا ينبغي أن يحزن هذا الحزن الشديد على فوات حظ كهذا من الدنيا، حتى أنه ليبكي على نقصان ماله، قال الغزالي في الاحياء: قال رجل لسهل رضي الله تعالى عنه: دخل اللص بيتي وأخذ متاعي! فقال: اشكر الله تعالى، لو دخل الشيطان قلبك فأفسد التوحيد ماذا كنت تصنع؟ .. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما ابتليت ببلاء إلا كان لله تعالى علي فيه أربع نعم: إذ لم يكن في ديني، وإذ لم يكن أعظم منه، وإذ لم أحرم الرضا به، وإذ أرجو الثواب عليه. انتهى.
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي وحسنه الألباني: اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39018، 18962، 45829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(9/1968)
كتابة كلمة برب عند الخروج من الماسنجر
[السُّؤَالُ]
ـ[عند المحادثة بالمسنجر عادة إذا أراد أحد الخروج لحظات يقول لآخر ((برب)) وهي عبارة عن اختصار لكلمة انجليزي ((بي رايت باك)) بالإنجيزي يكتب الإختصا (() وعند تعريبها أصبحت ((برب))
لكن بعض الإخوة قالوا إنها حرام لأنها تشبه اسم الله في قوله تعالى {قل أعوذ برب الفلق} ، فهل التحريم هنا صحيح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يظهر لنا أي وجه لتحريم ذلك، وليس في الاختصار المذكور علاقة بأسماء الله عز وجل إلا في شبه الحروف، ولو فرض أن المعنى يوحي باسم الله تعالى فليس في ذلك أيضا ما يفيد تحريما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(9/1969)
حكم مقولة (حطلع دين أمه أو ميتين أهله)
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت في هذه الأيام سباب هل هذا السباب هو سب للدين مثل (حطلع دين امه) و (حطلع ميتين اهله)
أرجو الإجابة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من الكلام خطير جدا ويتعين على طلاب العلم تحذير العوام منه، وإذا كان يعلم عرفا أن قائل هذه العبارات السيئة يقصد بها سب الدين فإنه يكفر بذلك كما هو مبين في الفتوى رقم: 11652، والفتوى رقم: 49735، أما إذا كانت هذه العبارات لا يقصد بها عرفا تنقص الدين وإنما يقصد بها تنقص الشخص المخاطب بها فلا يكفر قائلها وإنما يفسق بذلك فقط، فيتعين التنبه إلى أن الدين ليس دين المخاطب فقط بل هو دين الله وديننا جميعا فلا يليق توجيه أي خطاب سيئ إليه، وكذلك الموتى لا يليق أن يوجه إليهم أي سوء، ويجب على المسلم حفظ لسانه إلا من خير وأن يضبط نفسه عند الغضب. ففي الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. متفق عليه. وفي الحديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب. متفق عليه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 48551، 65659، 71499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(9/1970)
حكم تعليق عبارة تتضمن وجوب احترام عقائد الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[تتضمن لائحة العمل بند وهو"التفوه بما لايتفق مع الاحترام الواجب لدين أو عقيدة الآخرين" أي يعاقب صاحبه فهل على شيء إن طلب منى صاحب العمل تعليقها وفعلت علما بأن هذا قد يكون قانونا أى أن صاحب العمل لا دخل له به وربما يكون مضطرا إلى تعليقه بما يفرضه قانون العمل على حد علمي لكن أنا أسأل فيما يخصني من تعليقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة احترام عقائد الآخرين كلمة فضفاضة ت حتمل أكثر من وجه. فما هو المقصود باحترام عقائد الآخرين؟ وما هي حدود هذا الاحترام؟ وهل إعلان عقيدة الإسلام بما فيها من نفي للشريك وللولد عن الله تعالى يعد إيذاء لعقائد البعض؟
وهل الإنكار على القائلين بالتثليث وتأليه المسيح واعتباره ابن الله يعد اعتداء على عقائد الآخرين؟ فإذا كان هذا هو المقصود فلا شك أن هذا الاحترام باطل.
وأما إن كان المقصود بالاحترام إقرار أهل الكتاب على دينهم بحيث لا يكرهون على عقيدة الإسلام وأن لا يتعرض لهم بسب ولا أذى ولا اعتداء ونحو ذلك فهذا احترام مشروع.
ويدل عليه قول الله تعالى: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ {البقرة:256}
وقوله تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {الأنعام:108}
ويدل عليه قوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}
وبناء على ما تقدم فلا نرى تعليق هذه العبارة لما فيها من الإيهام، لكن أن أمر صاحب العمل أو كان هناك قانون بتعليقها وخشي حدوث ضرر معتبر من الامتناع عن ذلك فلا بأس بتعليقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(9/1971)
حكم مقولة (يخلق من الشبه أربعين)
[السُّؤَالُ]
ـ[قد شاع قول (يخلق من الشبه أربعين)
هل يجوز هدا القول وهل له أصل في الكتاب والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا اللفظ ليس من ألفاظ الشرع، وإذا كان فيه خطأ فهو من ناحية تحديد الشبه بعدد معين، وإلا فإن الناس قد يشبه بعضهم بعضا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الناس قد يشبه بعضهم بعضا في الشكل الظاهر والمظهر الخارجي، ومن ناحية أخرى فقد تتشابه طباعهم وميولهم.. وتتآلف أرواحهم مصداقا لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف." متفق عليه. وهذا شيء مسلم به ومعروف قديما وحديثا، ولكن لا تحديد لذلك بعدد معين.
وأما العبارة المذكورة فليست من ألفاظ الشرع ولا من كلام السلف- حسب علمنا- وهي من كلام العامة، ويستعملونها في الغالب على وجه التعجب عندما يرون تشابها بين شخصين أو أشخاص بينهم تشابه ولا قرابة أو صلة بينهم.
وإذا كان فيها خطأ فهو من ناحية تحديد العدد بأربعين أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(9/1972)
اللجوء إلى التورية تخلصا من فضح الأسرار الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اضطر الإنسان للجواب على سؤال مباشر خاص بالأسرار الزوجية فهل كذبه في الإجابة أخف ضررا من فضحه لأحد هذه الأسرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضطر لا إثم عليه لكن الضرورة المعتبرة هي الملجئة التي تفضي إلى الوقوع في مشقة وحرج غير متحمل، وإذا حصلت هذه الضرورة فإنها تقدر بقدرها، وإذا استطاع التورية والكناية ونحو ذلك بما يقنع السائل ويفهم منه مقصوده، ومقصود المتكلم خلاف ما يقصد هو فذلك أولى، ولا شك أن الكذب إذا تعين أخف من فضح السر لأن ضرر الكذب غير متعد، وأما فضح السر فهو متعد إلى غيره، هذا مع أنه إذا اضطر إلى ذلك فلا حرج عليه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12911، 27761، 100903، 1126، 3743، 7634، 29059.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(9/1973)
حكم تداول جملة "الله ما يطق (يضرب) بعصا"
[السُّؤَالُ]
ـ[في الكويت لدينا جملة "الله ما يطق (يضرب) بعصا" ومعناها أن "العقوبة الإلهية لفرد ما قد لا تكون ـ بالضرورة ـ بواسطة عصا غليظة يضربه بها أحد الملائكة، فقد تأتي العقوبة في ماله، أو في عياله، ... الخ" فهل يجوز استخدام هذه الجملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان معنى العبارة هو ما ذكرته من أن "العقوبة الإلهية لفرد ما قد لا تكون ـ بالضرورة ـ بواسطة عصا غليظة يضربه بها أحد الملائكة، وأنها قد تكون في ماله أو في عياله ... الخ" فلا نرى حرجا في استعمال مثل هذه العبارة؛ لأن هذا المعنى صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(9/1974)
استخدام ألفاظ القرآن في شعر الغزل
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد المنتديات هناك عضو إداري يكتب ويشارك بكتابات يسميها شعراً على حد تعبيره، لم يعجبنا ما يكتبه ولا نرضى به وبالفطرة نرفضه، لأننا كأعضاء في نفس المنتدى نرى فيما يكتبه تشبهاً بآيات الله سبحانه وتعالى، وإليكم مثالاً لما يكتبه: وَالْصُبْحِ إِذْ تَنَفَسَكْ، وَدَمْعِي إذْ تَلَحَفَكْ، وَنَبْضِي إذْ غَرَدَكْ مَا خَابَ شَوقِيْ إِذْ شَيَدَكْ، سَمَاءً شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا أَحْرُفَكْ وَلِأنَ الأرَقَ أَرْعَنْ كَأَنَا فِي بَعْضِ حَالَاتِيْ، غَنْى الْفُؤادُ أَنْ مِيمْ لآمْ شينً آلفً عينْ حُروفُكَ/ مَنْهَجِيْ/ هَوَيْتُهَا/ وأَغتْسَلتُ/ ممْلكةً مِنْ نُضْجِهَا ثُمَ رَدَدتُهَا أَعْلىْ الْبَصَرْ، لِغَيْرِهَا لا مُسْتَقَر، مَا غَابَ وَقْعَهَا وَما أندَثَرْ [إصَلْوَنِيْ فِيْ النَعِيمْ] نرجو من سماحتكم أن تتكرموا علينا بفتوى يتم إرسالها على بريدي الإلكتروني وأرجو منكم إرفاق اسم سماحة صاحب الفتوى.. وسأتولى وضع الفتوى في المنتدى كما سترد من الشيخ حرفياً؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ بعض العبارات من القرآن يسمى عند أهل العلم بالاقتباس، وهو مباح عند أهل العلم ما لم يكن فيه تضمين القرآن في معنى هزلي، كما قال السيوطي في الإتقان ... هذا وننبه إلى أن الأبيات المذكورة توجد ملاحظات عليها من الناحية الأدبية واللغوية وأهم ما هو واضح فيها مما يتعلق بالقرآن قوله والصبح إذا تنفسك فتنفس فعل لازم وتنفس الصبح يراد به امتداد الضوء مشتق من تنفس أي تصدع، ومنه تنفست القوس تصدعت، وكذلك قوله اصلوني في النعيم فالصلاء لا يكون إلا في النار أو ما أشبهها، كما قال تعالى: وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا. وقال: سَأُصْلِيهِ سَقَر َ. وقال: ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ... فالعرب تقول صلى النار قاس حرها وصلته شويته وأصليته وصليته بالتشديد ألقيته فيها، ونرجو الاطلاع على كلام المفسرين في الآيات، فطالع تفسيري البيضاوي والقرطبي.
وبناء على ما في الأبيات من استخدام الألفاظ في معنى بعيد عنها، ولما فيها من محاكاة فواتح السور التي هي من خصائص القرآن، ولما فيها من استخدام الأسلوب القرآني في الغزل فعليكم نصح صاحبكم بالبعد عن مثل هذا الأمر، وباستخدام عبقريته وشاعريته في نصر الدين كما فعل شعراء الصحابة رضي الله عنهم، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18962، 2747، 63619.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(9/1975)
التألي على الله وقول المرء كن بخير أو كن بسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن حكم قول أحدنا للآخر كن بسلام أو كن بخير أو كن بود وغيره، وهل هذا يدخل في نطاق التألي على الله أو لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أن القول المذكور من باب التمني أو التفاؤل ... وليس من باب التألي على الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما ذكره السائل الكريم ليس من التألي على الله تعالى، والأقرب أن يكون من باب التمني أو التفاؤل للمخاطب بالخير أو بالسلام ... لأن التألي على الله تعالى -كما جاء في الحديث- أن يقول العبد: والله لا يغفر الله لفلان (صاحب معصية) فهو حكم من المخلوق على الخالق، ولا يخفى ما في ذلك من الجهل بالله تعالى وحلمه وسعة رحمته ومغفرته، وما فيه من سوء الأدب مع الله تعالى، ففي صحيح مسلم وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك أو كما قال. وفي رواية أبي داود: أن الله قال لذلك الحالف: أكنت بي عالماً، أو كنت على ما في يدي قادراً؟! وقال: اذهبوا به إلى النار. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر انظره في الفتوى رقم: 97437، والفتوى رقم: 78000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1429(9/1976)
إطلاق لفظ الشيخ على من لم يحفظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مناداة من لا يحفظ القرآن كاملا بالشّيخ فلان؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا نرى مانعاً شرعاً من إطلاق لقب الشيخ على من لم يحفظ القرآن ما لم يكن في ذلك تدليس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الشيخ في العرف واللغة تطلق على عدة معان منها العالم أو المتخصص في فن من فنون الشريعة، ومنها كبير السن أو صاحب الدين أو الشخص الوقور ... ولذلك فلا مانع شرعاً من إطلاقها على من لم يحفظ القرآن كاملاً، وخاصة إذا كان متصفاً ببعض الصفات المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(9/1977)
توضيح حول عبارة في نشيد يا طيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في الأسواق نشيد للأطفال (يا طيبة) وفيه (نبينا أغلى أمنياتي أزورك لو مرة في حياتي ... * وأصلي بجوارك صلاتي وأدعوا وأتلو القرآن ... أو نحو هذه الكلمات، سؤالي هو: هل في هذ البيت مخالفة عقيدية أوضحوا لنا أعزكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في ذلك محظور شرعي إن شاء الله ولا مخالفة عقدية، إذ أن المقصود منه تربية الأطفال على التعلق بنبيهم وحب زيارته من غير خوض في تفاصيل متعلقة بها كشد الرحال لخصوص ذلك أو دخولها ضمناً في زيارة مسجده، والصلاة في مسجده وقراءة القرآن وكل ذلك مستحب، وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 19508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1429(9/1978)
حكم مقولة (زمن حقوق الطفل)
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل..
ما هي حدود استعمال المسلم لكلمة "الزمن" أو "الدهر" أو "الوقت" في كلامه أو في كتاباته
ما رأي الشرع مثلا في مقولة " زمن حقوق الطفل " و"يا للعار أطفال تقتل في زمن حقوق الطفل" تقال استهزاء أو تحسرا أو استفهاما
أرجو التوضيح باستفاضة بارك الله فيكم..فالكلمة أو الحرف المكتوب قد يرفع صاحبه أو يخفضه عند ربه..نرجو من الله سبحانه التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لذلك حدود معينة إذ الأصل هو الجواز في استعمال هذه الكلمات غير أنه لا يجوز نسبة الفعل إلى الله أو الزمن كما لا يجوز سب الدهر أو الزمان لأن فاعل ذاك يسب ما ليس أهلا للسب.
وإذا نهى الشرع عن سب الزمن والوقت الذي هو الدهر في أحاديث منها ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. رواه مسلم بلفظ: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 55553، 15822. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(9/1979)
مناداة من اسمه محمد بالسيد محمد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في المغرب من اسمه محمد ينادونه بالسيد محمد فهل يجوز هذا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من مناداة المسلم أو تسميته بالسيد كما رجح ذلك ابن القيم - رحمه الله- في كتابه بدائع الفوائد حيث قال:.. اختلف الناس في جواز إطلاق السيد على البشر فمنعه قوم.. واحتجوا بأنه- صلى الله عليه وسلم- قيل له يا سيدنا ... قال: السيد الله // صحيح // وجوزه قوم واحتجوا بقول النبي: قوموا إلى سيدكم. وهذا أصح من الحديث الأول.. والسيد إذا أطلق على الله تعالى فهو بمعنى المالك والمولى والرب لا بالمعنى الذي يطلق به علي المخلوق".اهـ منه بتصرف.
وللمزيد انظر الفتاوى: 27822، 105141، 29153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(9/1980)
حكم الألغاز بألفاظ توهم الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بعض الألغاز التي يتداولها الناس وتكون موهمة بكلمات كفرية كقولهم: أنا أكبر من الله أي أكبر مستمدا من الله، وقولهم: أكره الحق أي الموت، وقولهم: لي ما ليس لله، أي صاحبة أو زوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا يجوز مثل هذا الألغاز، وأنه لا يصل درجة الكفر إذا كان صاحبه مستحضرا للمعنى اللائق أثناء كلامه، فقد ذكر الألوسي في تفسيره: أن أهل العلم شنعوا على من قال أكره الحق وأحب الفتنة وأفر من الرحمة، مريداً بالحق الموت وبالفتنة المال أو الولد وبالرحمة المطر لما في ظاهره من الشناعة والبشاعة ما لا يخفى، نعم لا يكفر قائل ذلك، بذلك القصد، ويلزمه التعزير كيلا يعود إلى قوله. انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن يقول: إن لي في الأرض ما ليس لله في السماء، وأنا أكبر من الله أو أنا أقوى من الله، فاستشنع ذلك وقال: هذه إيهامات قبيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(9/1981)
حكم قول: هل ألغوا صلاة العصر من الجدول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على سؤالي هذا في أقرب وقت جزاكم الله خيراً لأهمية هذا الموضوع وهو أنني أثناء الدوام الرسمي أذن لصلاة العصر فخرجت من المكتب لأصلي وأثناء خروجي للصلاة مررت بمكتب فيه مجموعة من الزملاء فأردت أن أذكرهم بأن العصر قد أذن وحان وقت الصلاة ليقوموا للصلاة فقلت لهم (هل ألغوا صلاة العصر من الجدول) ، أريد أن أذكرهم بأن موعد الصلاة الآن وقد نهى الإسلام عن المزاح والسخرية بأي شيء من الإسلام أو الدين أو القرآن أو شعائره أو أهله لأن هذا الفعل يؤدي إلى الخروج من الإسلام سواء كان الإنسان مازحا أو جاداً أو هازلا أو متعمدا، كما جاء في آية سورة التوبة (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) ، فهل بهذه الجملة قد ارتكبت قولاً فيه سخرية أو استهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام تؤدي إلى الكفر والعياذ بالله فأرجو الإجابة لأهمية هذا الموضوع ولانشغال قلبي بهذه الكلمة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاستهزاء بالإسلام أو بحكم من أحكام الإسلام كفر يخرج صاحبه من الملة، سواء كان ذلك جداً أو هزلاً، ولكن لا نرى أن الكلمة التي قالها السائل فيها استهزاء في ذاتها بالصلاة نفسها، لا سيما وأنه لم يقصد الاستهزاء، وينبغي له على كل حال أن لا يعود لمثلها وليكثر من الاستغفار، وإذا أراد حث إخوانه على الصلاة فليكن بأسلوب مناسب لا شبهة استهزاء تعتريه ولا سخرية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 26193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(9/1982)
عبارات لا يجوز التلفظ بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة حكم بعض الجمل المشهورة والأمثال التالية هل جائزة أم محرمة، مثل: يدى الحلق للي بلا ودان- مثل يا مستعجل عطلك الله- مثل ثور الله في برسيمه- مقولة عملنا اللي علينا والباقي على ربنا - مثل رزق الهبل على المجانين- مقولة لا بيرحم ولا بيسيب رحمه ربنا تنزل- مقولة أنا عبد المأمور- مقولة شاء القدر أو شاءت الطبيعة- مقولة أمسك الخشب ... وأريد معرفة الحكم إذا كانت نية قائلها حسنة لا يقصد بها التجرؤ على الله ولكن مجرد أمثال جرت العادة على ذكرها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز استعمال شيء من الألفاظ المذكورة ما عدا قولهم (عملنا أو نعمل ما علينا والباقي على الله تعالى) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يحفظ لسانه ويصونه عن كل ما لا يرضي الله تعالى، فقد صح عن نبيناً صلى الله عليه وسلم أنه قال: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة. رواه البخاري وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار. رواه أحمد والترمذي وغيرهما وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: ... وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وكل المقولات المذكورة يجب على المسلم أن يتجنبها إلا مقولة (عملنا اللي علينا والباقي على الله) فقد سبق بيان معناها وحكمها في الفتوى رقم: 31500.
أما ما عداها فهو إما أن يكون يمس بالعقيدة بطريق مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، أو فيه سخرية واحتقار واستهزاء بالآخرين، وانظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27151، 44177، 47018، 48888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(9/1983)
مقولة (ثور الله في برسيمه)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول البعض ثور الله في برسيمه للدلالة على معنى عدم الخبرة أو عدم الفهم، أو للدلالة على أن الأمر من الله ولله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيان أن كل شيء يحصل في الكون يحصل بقدر الله أمر مشروع لقوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49} ، ولكن الشائع عند الناس في هذه العبارة هو إرادة المعنى الأول المذكور في السؤال، وقد بينا عدم مشروعية القول به في الفتوى رقم: 44177 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1429(9/1984)
الكذب في المزاح
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا اتصل بي شخص وأنا عند ملتزمين يهنئني بالسنة الجديدة فقلت لا يجوز التهنئة بأعياد الكفار لأنه ليس عيداً للمسلمين، فذكرت ما حصل لشخص من أصحابي غير ملتزم وقلت مازحا هنأني شخص بالسنة الجديدة وأنا جالس عند مطاوعة ومثل ما تعرف مستحيل ترد على مثل هذه التهنئة (تهاني الكفار) عند المطاوعة (وابتسمت) ، بعدها مباشره انتبهت قلت الذي قلته استهزاء بالملتزمين والدليل أني ابتسمت وكذلك كلامي يدل على الرغبة في رد تهاني الكفار بأعيادهم والعياذ بالله فاستغفرت مباشرة، سؤالي: هل ارتددت باستهزائي بالملتزمين، وهل ارتددت من جانب أني قلت سوف أرد التهنئة لو لم أكن عند الملتزمين، مع العلم بأني لن أرد التهنئة مجرد قلتها مازحا، فهل ارتددت والعياذ بالله ويلزمني تجديد الإسلام والغسل وتجديد عقد الزواج مع أني لم أدخل بزوجتي إلى الآن أنا في حيرة يا شيخ (للعلم أنا مصاب بالوسواس) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما قلت في شأن الملتزمين ولا فيما كنت تنوي من الرد على التهاني المذكورة كفر، ولا تقع الردة بمجرد ذلك، ولكن الواجب على المسلم أن يخاف الله وحده في سره وفي علنه وأن لا يقول إلا حقاً ولو كان مازحاً، وعلى ما سبق لا يلزمك شيء مما ذكر، ودع عنك الوساوس فهي من الشيطان. وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 8106، والفتوى رقم: 2093، والفتوى رقم: 26397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(9/1985)
القول لحامل الرسالة من قوم لقوم رسول
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال عن حامل الرسالة من قوم لقوم رسول، فما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا حرج في ذلك لأن المقصود هنا المعنى اللغوي لكلمة رسول لا المعنى الاصطلاحي وهو المبلغ عن الله شرعه ورسالته إلى الخلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(9/1986)
قول المظلوم حسبي الله ونعم الوكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دعا على أحد وقال حسبي الله ونعم الوكيل لو كان مظلوماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148} ، فلا يجوز لأحد أن يدعو على أحد إلا أن يكون قد ظلمه، والأفضل له أن يصبر ويعفو، قال الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، وأما قول القائل: حسبي الله ونعم والوكيل.. فهذا من الأذكار الفاضلة وخاصة عند حصول المكروه أو الخوف ... فينبغي للمسلم أن يعود لسانه دائماً على مثل هذه الأذكار، وخاصة في أوقات المكروه والخوف منه، وللمزيد انظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54661، 72451، 2968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(9/1987)
الاستثناء في الكلام والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي أحد الأشخاص: لا يجوز قول " إذا شاء الله " فهل هذا صحيح؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاما أن يكون مراد هذا الشخص المنع من هذه المقولة في الدعاء فيكون قوله صحيحا للنهي الوارد عن الاستثناء في الدعاء ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له) . ولمسلم: (وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه) .
وإما أن يكون مراده المنع منها مطلقا فكلامه مردود وليس صحيحا، بل المستحب أن يقول ذلك كما قال تعالى: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا {الكهف23- 24}
ومن قال بحكم في شرع الله فالواجب أن يكون له مستند عليه أو على الأقل أن يعرف من قال به من العلماء لئلا يتقول على الله بغير علم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(9/1988)
حكم وصف السرطان بالمرض الخبيث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول للسرطان المرض الخبيث؟ مع أنه من أقدار الله، وهل حكم ذلك كحكم سب الريح وما شابهها؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عندنا من الناحية الشرعية ما يجزم به في النهي عن هذه التسمية إن لم يكن صاحبها متسخطا للقدر، ولكننا ننصح بتركها لأن الأمراض والابتلاءات مطهرة للعبد من الذنوب، فعلى المسلم أن يصبر عليها، ويسأل الله العافية، ويبحث عن العلاج المشروع كالدعاء والدواء والرقى والصدقات، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 30794، 19002، 101007، 49953، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(9/1989)
حكم إطلاق اسم الكنيسة على خيمة البر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم اطلاق اسم كنيسة على دار من دور المسلمين (مثلا إطلاق هذا الاسم على خيمة في البر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشرع تسمية خيمة البر بالكنسية إذا أريد متعبد أهل الضلال، وأما أن أريد معنى سائغ فلا حرج.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطلاق اسم الكنيسة على خيمة في البر لا يسوغ شرعا أن أريد مكان عبادة النصارى، وذلك أنه إذا أراد تعظيم شأنها بتشبيهها بالكنسية حرم ذلك لعدم مشروعية تعظيم الكنيسة.
وإذا أراد تحقير خيمة البر وتنقيص من يذهبون إليها بتشبيهها بالكنيسة التي يتعاهدها أهل الضلال منع ذلك لما فيه من بخس الناس أشياءهم ومن انتقاصهم.
وأما إذا كان للهجة التي يتكلم بها الناس معنى سائغ غير هذا فإن الحكم فيه يتبع ذلك المعنى.
فقد ذكر أهل العلم أن الكناس يطلق على مختبأ الظبي يقال كنس الظبي دخل في كناسه – والجواري الكنس لأنها تختفي في مغيبها.
ويقال كذلك تكنس: دخل الخيمة. وتكنست دخلت الهودج. ومنه قول لبيد رضي الله عنه:
شاقتك ظعن الحي يوم تحملوا فتكنسوا قطنا تصر خيامها.
أي دخلوا هوادج غطيت بثياب القطن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(9/1990)
سب الدهر محرم شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيراً ما أقرأ في الأنترنت هذا المقطع الشعري:
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما ... * رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها ... * تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب
فهل هذا تطاول على الله تعالى باعتباره سبا للدهر كما جاء في الأحاديث النبوية؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سب الدهر محرم شرعاً، سواء عبر عنه بالدهر أو الزمن أو الوقت فلا يسب الزمان بأنه غدار، فكل الأحداث التي تحصل إنما حصلت بقضاء وقدر الله تعالى.
هذا وننبه إلى أن الأبيات المذكورة في السؤال فيها خطأ من ناحية النص فكلمة الغدر ليست من الأبيات، فالشاعر إنما قال: لا تأسفن على الزمان ... ولم يقل لا تأسفن على غدر الزمان، وفيها خطأ من ناحية الوزن في اليبت الثاني ...
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50029، 55553، 68788، 65153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(9/1991)
حكم ترديد القول المتضمن للحلف بغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[المعروف أن النشيد الوطني الجزائري يبدأ بقسم "قسما بالنازلات الماحقات....." وهناك من قال إن هذا غير جائز، فهل هذه الفتوى صحيحة وإن كان صحيحا فماذا نفعل أنكف عن ترديد النشيد الوطني أم ماذا، الرجاء الإجابة؟ وشكراً مجدداً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المقرر شرعاً أن الحلف لا يكون إلا بالله تعالى، لأن الحلف تعظيم، والتعظيم لا يكون إلا لله، فلا يجوز للمسلم أن يحلف بغير الله، أو أن يردد قولاً متضمناً الحلف بغير الله، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. وروى أبو داود والترمذي عن ابن عمر أيضاً أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(9/1992)
فساد وخطر قول (الدين لله والوطن للجميع)
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة المحترمون طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً ... ما وجه الرد على المقولة الآثمة (الدين لله والوطن للجميع) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولاً أن هذه العبارة لم يأت بها دليل من القرآن أو السنة أو أثر عن سلف هذه الأمة الصالح، وإنما كثر استعمالها من قبل العلمانيين، بل هم أصلها ومصدرها، وربما رددها غيرهم من غير فهم لما هو مقصود من إطلاقها ألا وهو تقرير فصل الدين عن حياة المسلمين أو ما يسمى الحياة السياسية، ولهذا يطلق بعضهم عبارة (فصل الدين عن الدولة) ، فيكون مجال الدين عندهم شعائر المسلمين وعباداتهم، وأما أن تصبغ الحياة العامة بشرع الله تعالى فلا.
وهذا القول من أبطل الباطل، وذلك لأن الله تعالى هو الذي خلق الخلق، فهو أدرى بما فيه مصالحهم في معاشهم ومعادهم، قال الله تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14} ، فالواجب على المسلم أن يعتقد أن الإسلام دين شامل وحاكم على جميع شؤون حياته، صغيرها وكبيرها، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:163} ، ولا يجتمع في قلب عبد إيمان بالله واعتقاد فصل الدين عن شؤون الحياة، قال الله سبحانه: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى معلقاً على هذه الآية: فكل من خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته فقد أقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن حتى يرضى بحكم رسول الله في جميع ما يشجر بينهم من أمور الدين والدنيا، وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه، ودلائل القرآن على هذا الأصل كثيرة. انتهى.
وينبغي أن يعلم أنه لم تخل دولة الإسلام على مر العصور من وجود أقليات غير مسلمة تعيش بين المسلمين، محقونة دماؤهم، محفوظة أموالهم، وقد نظم الإسلام أمر معيشتهم في بلاد المسلمين وجعل لذلك ضوابط ذكرها الفقهاء في كتبهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(9/1993)
أبوه يتلفظ بما هو كفر عند الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي نطق بكلمة أنا قبل الله وبدون إذن الله سأفعل كلما تناقشنا في مواضيع دنيوية ويعيدها كل مرة ويزعم أنه عصبي ويزعم أن الله سيغفر له, فأفيدوني هل هذه مسألة كفر بالله عز وجل وماذا أفعل مع أبي ... جزاكم الله خير الجزاء، وهل المسحور يقول هكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأقوال المذكورة من قالها يعتبر مرتداً عن الإسلام، إذا كان قالها مختاراً قاصداً عالماً بمدلولها، والظاهر أن أباك قالها وهو كذلك والعياذ بالله، فليس غضبه وعصبيته يسوغان له أن يصدر منه مثل هذا القول الشنيع، وعليه أن يعلم أنه إنما يضر نفسه فقط.
وعليك أن تسعى في هداية والدك، فاحرص على إقناعه بالتوبة والعزم على البعد عن هذه الألفاظ الخطيرة، فإن الله يغفر للمرتد إذا تاب توبة نصوحاً، واحرص على تعليمه التوحيد ونواقض الإيمان، وإن أمكن أن تستعين بأحد الأكابر من أهل العلم فتستدعيه في بيتك أو تتلطف بالوالد حتى تمشي به إليه فيكلمه، وأكثر الدعاء له ولا مانع أن ترقيه إن كنت تتهمه بالتأثر بالسحر، لأن الرقية تشرع للمصاب وغيره، كما قال النووي رحمه الله.
ونرجو الله إذا كان قال الكلام غائباً عن وعيه بسبب تأثير السحر أن لا يكون عليه إثم في الموضوع، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46898، 75237، 102855.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(9/1994)
حكم التسمي باسم عبد الجابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اسم عبد الجابر مسلم وهل هو من أسماء الله الحسنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسمية باسم عبد الجابر غير جائزة لأن الجابر ليس من أسماء الله الحسنى، وأسماء الله توقيفية فلا يجوز لنا أن نسميه بمالم يثبت في نصوص الوحي.
وراجع الفتوى: 21851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(9/1995)
حكم تغيير الألفاظ المتعبد بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقول الشخص الصبحنا وأصبح الملك لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللفظ المذكور لا يصح ... والصحيح ما رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله ... الحديث.
والظاهر من كلام أهل العلم هو أن الألفاظ المتعبد بها كالأذكار والأدعية المأثورة لا يجوز تغييرها أو روايتها بالمعنى.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27184، 13621، 62130.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(9/1996)
حكم مقولة (ما أروعك يا الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قول ما أروعك يا الله؟ أتمنى منكم الإجابة على سؤالي لأني من فترة أرسلت لكم لكن لم يصلني الجواب منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه إذا كان المقصود التعجب من كرم الله تعالى وتفضله على خلقه فلا حرج في هذه اللفظة لأن باب الإخبار عن الله أوسع، وذلك لأن الأروع في لغة العرب يراد بها الرجل الكريم ذو الفضل والسؤدد كذا في اللسان.
هذا، وننصح دائما بالحرص في التكلم عن الله تعالى بما ثبت في الشرع لئلا يزيغ العبد بتوسعه في الألفاظ فيعبر عن الله تعالى بما لا يليق.
وكما ننبه إلى أنا بحثنا عن السؤال الذي ذكرت أنك أرسلته سابقا فلم نجده، فراجعي نفسك فلعلك لم ترسليه إلينا، وإنما أرسلته إلى جهة أخرى، وبإمكانك أن ترسلي لنا رقمه إن كنت أرسلته لنا فعلا من بريد غير بريدك الذي أرسلت به هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(9/1997)
مدى صحة قول: لا حياء في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لا حياء في الدين.. سؤالي هو ما الحل في تخلص الرجل من العادة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن قولك لا حياء في الدين خطأ ظاهر، فإن الحياء شعبة من شعب الإيمان.. ولعلك تقصد بهذه العبارة أن ترفع الحرج عن نفسك حين السؤال عن شيء يستحيى من ذكره عادة.
ولكن الصواب هو أن تقول حينئذ: إن الله لا يستحيي من الحق، كما قالت الصحابية الفقيهة أم سليم رضي الله عنها حين قالت: يا رسول الله؛ إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء ... الحديث رواه البخاري.
وفي خصوص ما سألت عنه، فإن الحل في تخلص الرجل من العادة السرية قد بيناه من قبل، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 24126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(9/1998)
الحظ والصدفة في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم التلفظ بما يلي: هو محظوظ، حظه سيئ، ليس عنده حظ، لم يحالفه الحظ، حالفه سوء الحظ، قابلته صدفة، لقد كانت مصادفة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى حرجاً في هذه العبارات فمحظوظ تعني أنه صاحب حظ أو ذو حظ وهذا لا حرج فيه، لقوله تعالى: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم ٍ {فصلت:35} ، وحظ سيء أي نصيبه سيء، وليس عنده حظ تعنى أنه ليس عنده نصيب فيما تكلم عنه فلذلك لم يحصل له شيء.
وأما الصدفة فالظاهر من الناحية الشرعية أنه لا حرج فيها، إذ إنها تعني ما حصل من غير اتفاق أو مواعدة سابقة، ويدل لذلك ما في حديث الجمعة: فيه ساعة لا يصادفها مسلم وهو يصلي يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياه. رواه الحاكم والنسائي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(9/1999)
ادعاء المرء أنه خاطب ملك الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أتكلم مع أمي وأقول لها أتاني ملك الموت ويحدثني هل تريد أن تموت اليوم فقلت له لا أريد أن أموت غداً وكانت نيتي ليست الاستهزاء والله يشهد، فهل كفرت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام لا يحصل به الكفر لأن الملائكة قد تحصل رؤيتهم ومكالمتهم لبعض الناس أحياناً، وإن كنت كاذباً فيما ادعيت فعليك أن تتوب إلى الله من الكذب المحرم، وأكثر من الأعمال الصالحة واستعد للموت فهو أمر محتوم على كل أحد، ولو تأخر اليوم فسيأتي في وقت آخر.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3809، 59263، 74796، 56932، 62515.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(9/2000)
حكم قول (حرم الجامعة)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ننكر على من يقول "حرم الجامعة" وهو يقصد بهذه الكلمة سور الجامعة وما يحويه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية: قال ابن فارس: الحاء والراء والميم أصل واحد وهو المنع، ما يحميه الرجل حول ملكه. انتهى.
وفي القاموس الفقهي: حرم الرجل ما يقاتل عنه ويحميه. انتهى.
فمادة الكلمة -إذاً- تدل على معنى المنع، وإذا تقرر ذلك فإن قول القائل "حرم الجامعة" قاصداً سور الجامعة وما يحويه، ليس فيه من حرج، وبالتالي فلا معنى للإنكار عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(9/2001)
أخطأ فقال الله جميل ومحمد أجمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعانكم الله الملك جل وعلا، ما حكم من قال (الله جميل ومحمد أجمل) وكان قصده المدح ثم تراجع عنها فوراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فما دام القائل لتلك العبارة مخطئاً فإنه يعذر بخطئه وسبق لسانه، وعليه أن يستغفر الله عز وجل فحسب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القول خطير لكن ما دام صاحبه مخطئاً فإنه يعذر بخطئه وسبق لسانه كما قال صلى الله عليه وسلم في الذي ضلت راحلته وشردت منه حتى أوشك على الهلاك فوجدها عند رأسه فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك.. أخطأ من شدة الفرح. والقصة في الصحيح.
فالخطأ مما يعذر به، وعلى قائل تلك العبارة أن يستغفر الله عز وجل ولا شيء عليه غير ذلك.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20345، 21800، 66547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(9/2002)
هذا اللفظ لا تترتب عليه ردة
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام فرشت سجادة الصلاة حتى أصلي سنة الضحى، فطلبت مني زوجتي أن أغير مكان صلاتي إلى مكان آخر لأنها تتحرك كثيراً في ذلك المكان، فغضبت لطلبها وقلت لها -وكنت منفعلا- "بطلت أصلي بدي أروح أصير نصراني"، علما بأني غيرت مكاني وصليت (4) ركعات ثم ندمت واستغفرت ربي، فماذا يجب علي الآن، لأنه عندي وساوس أني خرجت من الملة أفتوني مأحورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر فيما يبدو أهون من أن تلجأ إلى مثل هذا الانفعال والتلفظ بمثل هذا اللفظ، ولذا فإننا ننصح أولاً بأن يتقي الزوج ربه في أهله وأن يتفهم أمرهم، وأن يحذر الغضب أو التلفظ بما قد تكون عاقبته الندم، والذي يظهر -والله أعلم- أن هذا اللفظ الذي تلفظت به لا تترتب عليه ردة، فأنت لم تترك الصلاة حقيقة، ولم تصر نصرانياً، ولفظ يتعلق بأمر مستقبل، وقد ذكرت أنك ندمت على ذلك واستغفرت، وعليك بالحذر من التلفظ بمثل هذا مرة أخرى، وجدد التوبة، وأحسن فيما يستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(9/2003)
لا بأس في استخدام عبارة: حضرة الرسول
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت صلاة الجمعه في الإمارات وتحديدا أبو ظبي وسمعت الإمام يقول أثناء الخطبة (حضرة النبي وحضرة الرسول) وكررها أكثر من مرة، فما حكم هذه الكلمة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستخدام عبارة حَضْرة الرسول صلى الله عيله وسلم أو حضرة النبي لم نقف على ما يدل على ما يمنعها فهي عبارة تفيد التعظيم ولا محذور فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(9/2004)
التعبير بكمال النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقول كمال ذات الرسول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز التعبير بكمال النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار الكمال البشري، فهو أتقى البشر وأعلمهم بالله وهو أحسن الناس خلقاً، كما في حديث البخاري: إن أتقاكم وأعلمكم بالله لأنا.
وفي الصحيحين عن أنس: أنه صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقاً.
وقد زكى الله أخلاقه صلى الله عليه وسلم في قوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ {القلم:4} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(9/2005)
حكم قول الزوج لامرأته أنت روحي وعمري
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: معلوم أن روح الإنسان ملك الله، فهل عندما يغازل الإنسان زوجته ويقول لها أنت روحي وعمري، فهل فيها شيء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن من يقول لزوجته (أنت روحي وعمري) لا يقصد بذلك ظاهر اللفظ وإنما يقصد به بيان حبه لها ومكانتها عنده، ومن هنا فلا حرج إن شاء الله تعالى في إطلاق هذا اللفظ بهذا الاعتبار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(9/2006)
حكم قول المسلم للنصراني صل على عيسى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يقول للنصراني صل على عيسى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم عدم جواز مثل هذا القول لأن عيسى عليه الصلاة والسلام نبي من أنبياء الله يصلى عليه كما يصلى عليهم، ونحن نؤمن به كما نؤمن بجميع الرسل لا نفرق بين أحد منهم، وعليك أن تدعو النصراني للإسلام حتى يؤمن بهم جميعاً.
وراجع في أدلة وجوب الدخول في الإسلام وبطلان ما عليه المسيحية الآن الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10326، 30506، 54711، 74500.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(9/2007)
تغيير اسم عبد النبي إلى اسم مقبول شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي مولود في سنة 64 واسمه عبد النبي ولقد تعودنا بمناداته باسمه بطبيعة الحال طوال هذه السنين. هل نأثم بمناداته باسمه هذا مع الصعب تعود مناداة باسم جديد. ما الذي علينا فعله وهل أجدادي أو الذي سماه آثم؟ مع العلم أن في ذلك الوقت كان الجهل غالبا في مثل هذه الامور.
شكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر كثير من أهل العلم الإجماع على تحريم التسمية بما فيه تعبيد لغير الله تعالى، كعبد النبي وعبد المسيح وعبد الكعبة، ونحو ذلك ... ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 62085.
وعليه، فالواجب على خالك أن يغير اسمه إلى اسم مقبول في الشرع، ويحرم مناداته بالاسم الأول. ومن فعل ذلك فإنه يكون آثما.
كما أن الأجداد الذي سموه بهذا الاسم يعتبرون آثمين إن كان لهم علم بتحريم هذا النوع من التسمية.
وأما إذا كانوا فعلوا ذلك عن جهل، فنرجو أن لا يكون عليهم إثم فيه؛ لأنه -حينئذ- يعتبر من الخطأ. والله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الأحزاب:5} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(9/2008)
حكم قول المسلم لا إله إلا ربنا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جائز قول لا إله إلا ربنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في أن يقول المسلم (لا إله إلا ربنا) يعني به الله، فالرب من أسماء الله تعالى، ولكن الأفضل أن يقول المسلم (لا إله إلا الله) لكون هذا ما ورد به الشرع، ولأن اسم (الله) له من الخصائص ما لا يوجد في اسم (الرب) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يقول المسلم (لا إله إلا ربنا) يعني به الله، فالرب من أسماء الله تعالى، ولكن الأفضل أن يقول المسلم (لا إله إلا الله) لكون هذا ما ورد به الشرع، ولأن اسم (الله) له من الخصائص ما لا يوجد في اسم (الرب) ومن ذلك أن اسم الله من الأسماء الخاصة به والتي لا تطلق على غيره بخلاف اسم الرب، إضافة إلى أن بعض أهل العلم ذكر أنه الاسم الأعظم الذي إذا سئُل به أعطى وإذا دعي به أجاب.
ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 27323، والفتوى رقم: 30513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(9/2009)
حكم قول المرء إني أسكن في بلد أو حي سيدي فلان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو في العقيدة، في بلادنا منتشر الشرك الأكبر كثيراً وخاصة للأولياء الصالحين حتي أنهم يسمون المكان الذي يوجد فيه باسم الولي الصالح يعني باسم مثال سيدي حسين أو سيدي عمار، فهل يجوز أن ننادي بأسمائهم للتعبير عن المكان، يعني لو سألني أحد عن مكان سكني أقول في سيدي عمار أو أحاول أن أقول غير ذلك، وهل هذا يقدح في تمام التوحيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعبير أنك تسكنين في بلد سيدي كذا لا يقدح في التوحيد، إن أراد به المتكلم مجرد تعيين المكان، وأما إن كان في قلبه تعظيم لمن سمي به المكان فإنه يخاف عليه، وعلى أفراد الأمة أن يهتموا بتصحيح عقائدهم وأن يبتعدوا عن الغلو في الصالحين فإنه هو السبب الذي أوقع أمة نوح عليه السلام في الشرك بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(9/2010)
حكم إطلاق لقب البربر على الأمازيغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تسمي الأمازيغ بالبربر؟ رغم أنهم لا يحبون هدا الاسم ولا يعرفونه ويقولون إن اسمهم الحقيقي هو الأمازيغ، وقد رود في حديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قوله: لا تدع أخاك بما يكره ... وما هو ذنب من سماهم بذلك الاسم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يحسن به أن يخاطب أخاه بأحب أسمائه إليه، فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه. رواه الطبراني والحاكم.
وعليه؛ فالأولى تسمية الأمازيغ باسمهم الذي يحبون التسمية به وترك ما يكرهون.
وأما تسميتهم بالبربر.. فإن قصد من سماهم به ما تعنيه الكلمة في بعض اللغات من معنى التوحش والهمجية فإنه يعتبر إثما، وأما إن قصد أنهم جنس من الناس عرفوا بهذا الاسم قديما فلا إثم عليه إن لم يقصد إيذاء من علم أنه يتأذى بذلك الاسم.
ويدل لعدم الإثم إن لم يقصد السوء به كون هذا الاسم كان شائعا في عهد السلف ولا نعلم من أنكره، فقد ورد في بعض الأحاديث الضعيفة: ولد لحام القبط والبربر والسودان. رواه الحاكم.
وقد ترجموا لعكرمة فذكروا أن أصله من البربر، وقد ذكروا مشاركتهم في فتح الأندلس وسموهم بالبربر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(9/2011)
تشبيه الشخص الطيب الخلوق بالملائكة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا نشبه الإنسان شديد الطيبة بالملائكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام الذي ينتشر بين الناس لا ينبغي التكلف في البحث عن أسبابه فهو ليس علما يعتمد عليه، فينبغي تدبر نصوص الوحي كتابا وسنة ثابتة، والاشتغال بالتعرف على ما فيهما من الحكم والفوائد العظيمة. وأما ما يقوله الناس فيحتمل أنهم أرادوا طيبوبته واستقامته فشهبهوه بالملائكة الذين أخبر الله عنهم أنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وقال فيهم: بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ {26-28}
وقال فيهم: وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ {الأنبياء:19-20}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(9/2012)
حكم سبق اللسان إلى سب الله تعالى بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حدثت لي حادثة لا أعلم حكمي فيها بالضبط..
بالأمس حدث أمر فقلت لأحدهم في نفسي من دون أن أنطق 1 (يخرب بيت) ثم تبادر إلى ذهني
بعدها لفظ الجلالة أي كلمة (ربك) أعوذ بالله من هذه المقالة ثم نطقت فورا وقلت 2 (ما ربك)
فهل هذا النفي مقبول أشعر بأني قللت من شأن الله عز وجل، وأخاف الكفر صراحة.
للتوضيح بأني قلت الجملة رقم (1) في نفسي، ثم نطقت بالجملة رقم (2) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلفظ بأي كلام فيه سب أو تنقص لله تعالى أمر خطير جدا على معتقد المسلم ومستقبله في الدنيا والآخرة، فإن الساب مرتد عن الإسلام محكوم عليه بالإعدام ومآله في الآخرة النار، فيجب أن يتعود المسلم على حفظ لسانه من التفوه بأي كلام فيه شتم أو غيره، وأما ما يخطر في النفس دون تكلم فلا مؤاخذة به، لما في الحديث: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
ولكن ورود هذا الأمر على القلب يدل على حصول مرض خطير في القلب تشربه من عوائد المجتمع الذي ينتشر فيه سب الله تعالى، فالواجب أن يسعى المسلم في حمل نفسه دائما على تعظيم الله وتقديره حق قدره، وأن يسعى في تعليم المجتمع وتنبيههم على خطر هذا الأمر، والظاهر من كلامك وقولك ما ربك أنك استبشعت الهم بالنطق بهذا الكلام وأردت التراجع عنه، وهذا يدل إن شاء الله على حرصك على الأدب مع الله تعالى، فعليك بتعويد لسانك قول الخير والتعوذ من الشيطان والتوبة من جميع الذنوب والإكثار من العمل الصالح.
وراجع لزاما الفتاوى التالية أرقامها: 71499، 39575، 36916، 29768، 25456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(9/2013)
مقولة (أذن ولو منعوك وصل ولو دفعوك)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذن ولو منعوك ولا تصل وإن دفعوك.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الكلام المذكور حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم نعثر عليه لا في دواوين الإسلام المشهورة، ولا في ما بأيدينا من الكتب التي تكلمت عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبناء عليه فلا تجوز نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تثبت تلك النسبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(9/2014)
حكم مقولة: من وجد الله فماذا فقد ...
[السُّؤَالُ]
ـ[في العديد من المنتديات العربية لاحظت أن بعضهم يكتب الحكمة التالية من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد، سؤالي لفضيلتكم: ما حكم هذه المقولة التي أرى أنها من أقوال المتصوفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى حرجاً في هذه المقولة، مع أنها ليست حديثاً، وإنما هي مقولة شائعة عند الناس، ولعلها تحمل على أن من نال معية الله ورضوانه فقد نال كل شيء، فإذا رضي الله عنه أرضى الناس وآمنه من شرهم، وفي الحديث: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. رواه الترمذي وابن حبان، وصححه الألباني.
هذا وننبه إلى أن الأولى نشر بعض الآيات أو الأحاديث المرغبة في الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(9/2015)
حكم مخاطبة الكافر بلفظ سيد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يجز لي أن أنادي مديري في العمل بسيد (مستر) وهو كافر، فما يمكنني مناداته، فهل يجوز القيام له إذا كنت قاعداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظ (السيد) يُطلق على الربِّ والماِلك والمعظم وزعيم القوم ورئيسهم، والزَّوج فلا يجوز أن يطلق على الكافر ويراد به المالك أو الرب اطلاقاً، ويجوز أن يطلق، ويراد به زعيم القوم ورئيسهم أو يراد به سيادته على مؤسسته أو إدارته أو على أهل بيته، ويدل لهذا ما في الحديث: كل نفس من بني آدم سيد، فالرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها. رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة وصححه الألباني.
ولا يخاطب به الكافر والمنافق على سبيل التعظيم أيضاً لما في الحديث: لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل. رواه أبو داود بإسناد صحيح، قال في عون المعبود قوله: فقد أسخطتم ربكم عز وجل، أي أغضبتموه لأنه يكون تعظيماً له وهو ممن لا يستحق التعظيم.
قال الإمام المناوي في فيض القدير: واستعمال السيد في غير الله شائع ذائع في الكتاب والسنة. قال النووي: والمنهي عنه استعماله على جهة التعاظم لا التعريف.
وأما القيام له فراجع فيه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9896، 8430، 17689، 23262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(9/2016)
حكم حكاية قصص الناس للاعتبار بحالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في اتخاذ بعض الناس أو بعض مواقفهم عبرة سواء من المسلمين أو غيرهم كأن يقال لا تكن مثل فلان عمل كذا وكذا وحصل له كذا أو قول إن هناك فلانا من الناس عمل كذا وحصل له كذا أو نشر ما حصل ليكون عبرة للعالمين.
وما الحكم في ذكر اسم هذا الإنسان أو عدم ذكر اسمه وماذا لو كان يتيقن أنه لو نشر ما فعل ليكون عبرة من دون ذكر اسمه لعرفه الناس أو بعضهم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من ذكر القصص للاعتبار بها دون ذكر أصحابها أو ذكر أماراتهم الخاصة التي يعرفون بها بين الناس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة قصص كثيرة لأفراد وجماعات وأمم وذلك للموعظة والاعتبار بها فقط. فقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقص القصص للاعتبار والاستفادة.
قال تعالى: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {176} وقال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ {الأعراف: 175} .. الآيات
وقد حدثنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم بكثير من قصص السابقين فمن ذلك حديث الثلاثة (الأبرص والأقرع والأعمى الذين أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا..الحديث رواه البخاري ومسلم..
ولذلك فلا مانع شرعا من ذكر بعض قصص الناس ومواقفهم وأحوالهم.. (الإيجابية والسلبية) للاستفادة منها والاعتبار بها دون تعيين لأصحابها أو ذكر لأسمائهم أو صفاتهم التي يعرفون بها، وخاصة إذا كانت مشتملة على أمور غير حميدة يعرفون بها ويكرهون ذكرها.
فلا يجوز التشهير بالناس أو ذكر ما يكرهون من أمورهم الخاصة؛ لأن ذكر الشخص بما يكره يعتبر من الغيبة المحرمة شرعا سواء كان مسلما أو كافرا- غير محارب- قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر "وأما الذمي فكالمسلم فيما يرجع إلى المنع من الإيذاء لأن الشرع عصم عرضه ودمه وماله"
وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم عدم التعيين للأشخاص؛ ولذلك لا ينبغي أن يقال: لاتكن مثل فلان مع تعيين اسمه، وللمزيد انظر الفتوى: 77283، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(9/2017)
حكم قول (وقف في حضرة الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الدروس قالت الأخت التي تعطي الكلمة -إن جبريل وقف في حضرة الله- فردتها أخت أخرى وقالت إن الله موجود ولا يجوز أن نقول عنه لفظة مشتقة من الحضور لأنه لا يأتي أحدا.
وكذلك قالت إن جبريل لم يقف أمام الله والدليل ما كان في المعراج أنه قال للنبي إنه لا يستطيع أن يكمل معه عندما وصل لسدرة المنتهى ...
فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التحري في الألفاظ التي يتحدث بها عن الله تعالى وعن الغيب أمر ضروري، والتناصح بذلك أمر مفيد، فينبغي التوقف في الحديث في ذلك على ما ورد في النصوص، ولكنه يتعين التناصح بين الأخوات المدرسات بطريقة حكيمة وعلى انفراد، ولا يكون ذلك أمام الطالبات والعامة، فقد قال الحكيم:
تعهدني بنصحك في انفراد * وجنبي النصيحة في الجماعة.
فإن النصح بين الناس نوع * من التوبيخ لا أرضى استماعه.
هذا، وننبه إلى أن ما ذكرت الأخت في كلمة حضرة الله لا يلزم منه أن يعني به الوقوف أمامه كما يقف الشخص أمام صاحبه، فإن كلمة حضرة تشمل ما كان بمحضر من الشخص أي بمشهد منه، كما تشمل ما كان قريبا منه؛ كما في الصحاح واللسان، ولا شك أن الله قريب من عباده سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(9/2018)
حكم تغيير اسم محمد إلى مو
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال باختصار شديد، ما حكم الشخص الذي ينقص بقيمة اسمه محمد، على سبيل المثال: حينما يأتي هذا الشخص وهو مسلم للتعارف مع شخص آخر أجنبي هنا في الغرب، يقول له أنا اسمي محمد ولكن يمكنك أن تناديني بـ "مو"، طبعا فالأجنبي يختار الاسم الأخير بدلاً من اسم محمد نظراً لما يقومونه بحروب نفسية وإعلامية إزاء هذا الاسم الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو أعظم اسم في تاريخ البشرية كله، وهذه الظاهرة بدأت تتزايد، فأفيدونا في هذا الموضوع أفادكم الله؟ وأتمنى أن يكون سؤالي واضحا ومفهوما.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تغيير الاسم (محمد) إلى (مو) إرضاءً للكفار ومجاراة لهم في النيل من الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم أمر مستقبح لا يجوز.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أنه لا ينبغي الاقتصار على الحرف (ص) ، وما أشبهه من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56} .
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فالأصل في تغيير الاسم أنه يجوز، وقد يجب إذا كان الشخص قد تسمى باسم ينافي عقيدة الإسلام كعبد المسيح ونحوه، لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والبخاري في الأدب المفرد عن هانئ بن يزيد: أنه لما وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم النبي صلى الله عليه وسلم يسمون رجلاً منهم عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ قال: عبد الحجر، قال: لا أنت عبد الله.
قال البجيرمي في تحفة الحبيب: ويجب تغيير الاسم الحرام.
وقد يستحب التغيير إذا كان في الاسم تزكية، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن زينب كان اسمها برة فقيل تزكي نفسها فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب.
وأما تغيير اسم حسن إلى اسم قبيح فإنه مكروه وقد يحرم إذا كان الاسم محرماً، كتغييره إلى عبد المسيح ونحوه، كما أنه يحرم أيضاً إذا كانت الغاية التي يغير من أجلها محرمة كتغيير الاسم الحسن إرضاء لأعداء الإسلام، ومن هذا تعلم أن تغيير اسم محمد إلى (مو) إرضاء لمن يحقد على الإسلام ويريد النيل منه هو أمر مستقبح ولا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(9/2019)
إطلاق الأسماء الأجنبية على المنتجات ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تسمية المنظمة بأسماء أجنبية غير عربية وكذلك ما حكم تسمية المنتجات بمثل هذه الأسماء، وهل يختلف الحكم إذا كانت في بلد إسلامي أو غيره وهي ملك لمسلم، وما الحكم لو كانت لمسلم وشريكه غير مسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في الشرع ما يمنع تسمية منطقة أو منتج بأي اسم أريد التسمية به، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد فيها نهي، وعليه فلا حرج في تسمية منطقة أو منتج باسم غير عربي ما لم يكن من الأسماء الممنوعة شرعاً، وذلك مثل أسماء الأصنام ونحوها، أو ما كان فيها معنى التعبيد لغير الله تعالى من المخلوقات أو نحو ذلك ... ولا نعلم في هذا فرقاً بين أن يكون ذلك في بلد إسلامي أو يكون ملكاً لمسلم أو شركة بينه وبين شخص غير مسلم أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(9/2020)
المستحضرات المكتوب عليها عبارة (اللطيف على البشرة)
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المستحضرات المكتوب عليها هذا المستحضر هو اللطيف على البشرة مثلا ً فهل كلمة اللطيف هنا لفظ للجلالة، وهل يجوز إدخالها للخلاء إن كانت كذلك أو جعلها في أماكن كالخلاء مثلا ً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في وصف أو تسمية شخص أو داوء بأنه لطيف، ولا حرج في إدخال ما كتب عليه ذلك ما لم يقصد به اسم الله تعالى أو وصفه، واسم اللطيف هو من أسماء الله تعالى كما قال عز وجل: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الأنعام:103} ، إلا أن هذا الأسم الكريم ليس من الأسماء المختصة بالله تعالى التي لا يسمى بها غيره، وقد ورد وصف اللطيف لغير الله تعالى في عدة أحاديث كحديث الرجل الأعمى الذي قتل أم ولده لأجل سبها للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: وكانت بي لطيفة رفيقة.... رواه النسائي. وانظر التفصيل في هذا الموضوع في الفتوى رقم: 8726، والفتوى رقم: 45841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(9/2021)
حكم قول لا إله وقول لا حول ولا قوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول لا إله ثم يسكت وإذا نُوقش في ذلك قال إنه يقول في صدره، وما حكم من يقول لا حول ولا قوة ثم يسكت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز تعمد قطع بعض كلمة التوحيد عن بعضها، وكذلك الأمر بالنسبة لكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله، لما في ذلك من تحريف المعنى المقصود منهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التفريق بين كلمة التوحيد وقطع الإثبات عن النفي فيها أو قطع الاستثناء في كلمة الحوقلة (لا حول ولا قوة إلا بالله) عن النفي لما في ذلك من تحويل المعنى إلى نفي الألوهية والحول والقوة عن الله عز وجل، ولا شك أن هذا من أشد أنواع الكفر وهو ما يعتقد الملحدون والدهريون. فهاتان الكلمتان عظيمتان يجب على المسلم أداؤهما كما وردتا في نصوص الوحي؛ ولذلك فإن عليكم أن تنصحوا من يفعل ذلك بتقوى الله تعالى والبعد عن نطق هذه الأذكار الفاضلة بقطع بعضها عن بعض ونطقها كما جاءت في الشرع فبذلك يجد الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 94494، والفتوى رقم: 66547 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(9/2022)
لا حرج في إطلاق كلمة: عيب خلقي
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الله عز وجل: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. فكيف عندما نرى طفلا مشوها وبه إعاقة نقول عيب خلقي، أبهذا نقصد عيبا في خلق الله حاشا لله فهو الكامل.. أريد الجواب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فيجوز إطلاق كلمة عيب خلقي وهو لا يدل على تنقص أفعال الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خلق الإنسان في أحسن تقويم فسره المفسرون بكونه يمشي قائماً منتصباً على رجليه، ويأكل بيديه عكس الحيوانات الأخرى، كذا في تفسير ابن كثير وابن العربي والبغوي والشوكاني. ومهما يكن في بعض الناس من نقص فإن ذلك لا يدل على نقص في أفعال الله، فالله تعالى هو الفعال لما يريد كما يريد، وابتلاؤه لأحد عباده لحكمة أرادها لا ينقص ذلك، وراجع في حكم إطلاق لفظة عيب خلقي الفتوى رقم: 49932، والفتوى رقم: 48068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(9/2023)
معاني كلمة "مولى"
[السُّؤَالُ]
ـ[فى الفتوى رقم 73438 أجبتم بحديث قال فيه عمر لعلي: "هنيئا لك أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن" والسؤال ما مدى جواز قول فلان لعلان: "أنت مولاي" مع الأخذ في الاعتبار أن ظاهر نصوص القرآن تقول أنه لا مولى إلا الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كلمة المولى يجوز إطلاقها على الشخص باعتبار بعض معانيها الكثيرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة المولى تطلق في اللغة وفي الشرع على عدة معان منها: الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والعبد، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والمعتق، والمنعم عليه ...
فالموالاة ضد المعاداة، وقد ورد لفظ الموالاة والمولى بالمعاني المذكورة في آيات من القرآن الكريم وأحاديث من السنة النبوية ومن كلام السلف، فمن ذلك قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ {التوبة:71} ، ومنه الحديث الذي ذكرت، ومنه قولهم فلان مولى بني فلان، تجد ذلك في الصحابة وفي من بعدهم.
وعلى ذلك فلا مانع من قول الأخ لأخيه أو ابن العم لابن عمه: أنت مولاي، ولكن لا يجوز أن تطلق على المخلوق على أنه رب أو مربوب لمخلوق.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 48434.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(9/2024)
الغيبة من الكبائر وتنقص من أجر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الغيبة والنميمة أثناء الصيام تفطران، وهل نفس الحكم إذا كانت هذه الغيبة على أحد أفراد الأسرة مع أحد آخر من نفس أفراد الأسرة، على الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت مع أحدهم مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الغيبة محرمة باتفاق المسلمين وهي كبيرة من كبائر الذنوب سواء كانت في حق الأقربين أو غيرهم، إلا أنها ليست من المفطرات لكنها تنقص أجر الصائم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغيبة كما عرفها العلماء وكما جاء في الحديث هي أن يذكر المسلم أخاه المسلم بما يكره وهو فيه، فإن لم يكن ما ذكر فيه فذلك البهتان، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
والغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وعدها كثير من العلماء من الكبائر، وقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتاً، فقال: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12} ، وسواء كان من اغتيب قريباً في النسب أم لا، ومع أنها من كبائر الذنوب إلا أنها ليست من مفسدات الصوم، أي أن من اغتاب شخصاً وهو صائم لا يعتبر ذلك مفطراً له، لكنها تنقص أجره، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(9/2025)
حكم قول: فلان ملك روحي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال بسيط جداً ... نحن نعلم أن من يملك الروح هو الله وحده، لكن هل يجوز على سبيل التشبيه المعنوي أن نقول مثلا (فلان ملك روحي) ، لأني أرى أن كل الأسماء التي نتسمى بها مليئة بمثل هذه التشبيه مثل ملاك زمردة سندس ... إلخ؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى هو المالك حقيقة للكون وما فيه جميعاً، فمُلك غير الله تعالى ملك مجازى، فالله تعالى هو المالك حقيقة لكل ما بيد الإنسان من مال أو غيره، قال الله تعالى: وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ {النور:33} ، وقولك (فلان ملك روحي) إذا كان القصد به هو الإعجاب بذلك الشخص ومحبته محبة شرعية لعلمه أو حسن خلقه أو كرمه مثلاً، فلا حرج فيه، وإن كان الذي ينبغي عدم التلفظ بهذا اللفظ لأنه غير موافق للواقع، إذ فلان هذا لم يملك روحك حقيقة ولا مجازاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(9/2026)
حكم إطلاق لفظ (كلب) على الأشخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إطلاق لفظ كلب على أي شخص، وهل هذا موجود بعلم التجريح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه المسلم يا كلب ونحوها من العبارات الدالة على السب والشتم والمشتملة على الأذى، فهذا محرم، وبعض أهل العلم يقول بعقوبة من تعمد التلفظ بمثل هذه العبارة تجاه أخيه المسلم، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 71084.
وينبغي للمسلم دائماً أن يكف لسانه عن شتم أو لعن أي مخلوق، وراجع الفتوى رقم: 30017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(9/2027)
سب الشخص أم غيره محرم وإن كان اتهاما بالزنا فهو قذف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف أناسا يسبون بعضهم البعض بأمهاتهم، ودائماً أعترض عليهم في ذلك بشدة، وسؤالي هو: هل سب الرجل بأمه يدخل ضمن قذف المحصنات؟
وسؤال آخر في الحدود، فما هو حد قذف المحصنات؟ وإذا لم ينفذ الحد في الدنيا فهل ينفذ في الآخرة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للشخص أن يسب أم غيره لما في ذلك من الظلم، لأن ذلك مدعاة للرد عليه فيكون بذلك قد تسبب في شتم أمه، وهذا من الكبائر كما ثبت في الحديث الصحيح، وهذا السب لا يعتبر من قذف المحصنات إلا إذا اشتمل على قذف بالزنا أو نفي النسب، وبالتالي فإذا قذف أحدهما أم الآخر بالزنا أو نفى نسبه فرد عليه الآخر بالمثل فقد ترتب على كل حد القذف.
وقذف المحصنات المؤمنات هو رميهن بفاحشة الزنا بدون بينة، وهذا من كبائر الذنوب.
وإذا لم ينفذ حد القذف في الدنيا فقد تلحق القاذف في الآخرة عقوبة الله أعلم بحقيقتها، فعليه المبادرة بالتوبة الصادقة والإكثارمن الأعمال الصالحة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 19857، 93577، 71974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1428(9/2028)
لا يجوز سب المسلم ولا تعييره بذنب قد تاب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نعت مسلم مرتكب لكبيرة بكلب أو حمار علما أنه تاب منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذرت النصوص الشرعية من السب والشتم.. ودلت على أمر المسلم بحفظ لسانه ونبهت على خطره، فقال صلى الله عليه وسلم: وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
فلا يجوز نعت المسلم بالأوصاف المذكورة أو غيرها لما في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. وقال صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه أحمد وغيره.
ولتعلم- أن من تاب تاب الله عليه كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى: من الآية25} فلا يجوز وصف المسلم بذنب قد تاب منه.
وللمزيد انظر الفتويين: 65614، 21556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(9/2029)
لا يجوز إطلاق عبارة (خيانة القدر)
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله ... طرح أخ عزيز علينا أبياتا شعرية ألفها هو بعنوان "خيانة القدر" ولم يقصد في القصيدة القدر هو الله ... ودليله على ذلك أنه قال: "أتتحدوا عدالة الرحمن؟ " فما رأي شيوخنا وأئمتنا في الموضوع بارك الله فيكم لأنه موضوع خطير وحرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطلاق الخيانة على القدر أو القضاء منكر من القول لا يجوز لما فيه من سوء الأدب مع الله تعالى وإيهام نسبة الخيانة لصفاته سبحانه وتعالى، وكون القائل قال في أبياته أو في غيرها (أتتحدوا عدالة الرحمن) ، فهذا لا يبرر هذه العبارة ولو كان يقصد بهذا الإنكار على من يخاطبهم من الظلمة أو غيرهم، فعلى المسلم أن يحفظ لسانه ويبتعد عن الألفاظ التي لا تليق بعظمة الله تعالى أو يتوهم منها ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. متفق عليه. وقال: وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(9/2030)
قول الشخص لغيره [هل تنوي أن يغفر الله لك]
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يصلي وأنا قلت له لماذا لا تصلي؟ ""هل تنوي أن يغفر الله لك""؟ فهل هذا تأل على الله سبحانه وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتألي على الله تعالى هو الحلف عليه على عدم مغفرته لشخص معين مثلا، أما قول الشخص لغيره [هل تنوي أن يغفر الله لك] على وجه استبعاد حصول الرحمة له فهذا من التحكم على الله تعالى، فرحمة الله تعالى واسعة وعفوه لا يتعاظمه شيء، وهو إن لم يكن تأل فهو بمعناه ولذا لا يجوز.
وترك أبيك للصلاة إن كان عن غير جحود لها لا يكون كافرا بذلك عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنفية خلافا للحنابلة، وعلى كل حال فاجتهد في نصحه بلطف وحكمة وابتعد عن كل ما يؤذيه من قول أو فعل وراجع الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 57512، والفتوى رقم: 2674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(9/2031)
النهي عن التألي على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن مع والدي ووالدتي وجيراننا ذوو قربى، منذ أن سكنوا بجوارنا منذ سنة 1982 ونساؤهم يعتدون على أمنا مرة أو مرتين في كل سنة حتى أوقعوها مريضة بمرض عضال منذ 1996 إلى يومنا هذا ووصل بهم الحد حتى أصبحوا يعتدون على أبينا كذلك وحتى على الضيوف الذين يأتون لزيارتنا إلى يومنا هذا، مع العلم بأنهم يصلون ويذهبون إلى المسجد في يوم الجمعة ويصلون التراويح فى المسجد، كذلك، وإحداهن ذهبت إلى الحج إن صح التعبير بكلمة الحج، فكيف يستطيع الله أن يتوب عليهم وقد جاوزوا السبعين من العمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعلم -وفقك الله- أنه لا ينبغي أن تقول كيف يستطيع الله ... إلخ، فإن هذه كلمة كبيرة ينبغي أن لا تصدر منك، فإن الله تعالى على كل شيء قدير، وهو يتوب على عبده إن شاء ولو جاوز السبعين ما لم يغرغر، بل ويغفر لمن يشاء من عباده ولو من غير توبة، وبيان ذلك أن الله تعالى رحمته وسعت كل شيء، ومهما فعل العبد من الذنوب والمعاصي فإن رحمة الله واسعة، كما قال الله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ {النجم:32} ، وقال تعالى: فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {البقرة:284} ، وقال تعالى: يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ {العنكبوت:21} ، ولما رأى رجلُ رجلاً مصراً على المعاصي قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال: من ذا الذي يتألى -أي يحلف- علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك. رواه مسلم. وفي رواية أبي داود: أن الله قال لذلك الحالف: أكنت بي عالماً، أو كنت على ما في يدي قادراً؟ ! وقال: اذهبوا به إلى النار.
فاحذر أخي السائل ولا تستبعد توبة الله على جيرانك، فإن الله يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، ولا شك أن الجار الذي يؤذي جاره على خطر عظيم، وفعله هذا كبيرة من كبائر الذنوب، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة تكثر الصلاة والصيام والصدقة غير أنها تؤذي جيرانها فقال: هي في النار. رواه أحمد. ولكن هذا لا يبرر لنا أن نحكم بأن الله لن يغفر لهم وكأن المغفرة بأيدينا نوزعها كيف نشاء، وأخيراً للفائدة نحيلك إلى الفتوى رقم: 1764، والفتوى رقم: 28321، والفتوى رقم: 31904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1428(9/2032)
حكم إطلاق (قدس الله سره) على عالم ما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ما يطلقه بعض الدعاة في دمشق على العلماء بالعالم الفلاني قدس الله سره، فهل يجوز إطلاق هذه الألقاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التقديس في اللغة معناه التبريك والتطهير، قال في لسان العرب: لا قدسه الله، أي: لا بارك عليه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها الحق من قويها غير متعتع. وفي رواية: لا قدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها ولا يتعتعه. رواه الطبراني وصححه الألباني.
وعلى هذا فلا مانع شرعاً من الدعاء لشخص أو جماعة بهذا الدعاء: قدس الله سره أو قدس الله روحه.. ونور ضريحه.. وقد درج على هذه الألفاظ جماعة من أهل العلم كالسيوطي في شرح سنن ابن ماجه وابن القيم في كثير من كتبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1428(9/2033)
حكاية الأقوال في كتاب الله من القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل، لدي سؤال أشكل علي أمره، وهو: هل ما يساق في القرآن الكريم من الاقوال حكاية، كالآية التي في سورة النمل: (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها..) الآية، هل نقول عند ذكر مثل هذه الآية "قال الله تعالى" مجردة أم نضيف ـكما أرى البعض يضيف ـ "حكاية عن.."، وهل يكون لمثل هذه الآيات من القداسة ما لبقية للقرآن، فأرجو أن تفضلوا بإجابة معتبرة مفصلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبارة الصحيحة في هذا المعنى هي أن يقال: قال الله حاكياً عن ... ونسمي من حكى الله عنه، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 36336، وهذه الآيات هي من كلام الله تعالى فهي من القرآن، ولها ما للقرآن من الأحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(9/2034)
الترهيب من النار على طريقة بعض المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل حفظكم الله ورعاكم ... ما رأيكم بارك الله فيكم في هذا الموضوع الذي انتشر في بعض المنتديات، مطلوب موظفون لجهنم، الموظفون الذين يحملون الشهادات العلمية الفاشلة والعلمية الكاذبة ممن تنطبق عليهم الشروط الآتية:
1- أن يكون المتقدم تاركا للصلاة
2- أن يكون شاربا للخمر.
3- أن يكون حاصلا على شهادة الكذب أو ما يعادله
4- أن يكون لديه خبرة في الكذب لا تقل عن 5 سنوات أو عشرين كذبة في اليوم الواحد.
5- أن يكون لديه خبرة في النفاق
6- أن يكون حاصلا على مؤهل في النميمة.
7- أن تكون شخصيته قوية ولا يخاف الحساب يوم القيامة.
8- أن يكون طموحا ويستحل لنفسه مال ودم وعرض الغير.
9- أن يكون لديه الخبرة الكافية والتفنن في الإساءه وإيذاء الناس وعدم حرمة الجار.
10- ليس لديه دوافع في عمل الخير والمساعدة الناس.
11- أن لا يستطيع تحمل الأمانة بأنواعها.
تقدم الطلبات إلي اللعين إبليس ابن الشيطان مصطحبا معه الشهادات المطلوبة أو ما يثبت ذلك، وآخر موعد لتقديم الطلبات يوم لا ينفع الندم ولا المال والبنون الموافق يوم القيامة، سوف لا ينظر إلى الطلبات المشفوعة بواسطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام المنقول في السؤال وأمثاله وإن كان المقصود منه التنفير من المحرمات والموبقات، إلا أنه مما لا ينبغي أن يقال وينشر، فإنه خطأ من حيث المضمون إذ دخول جهنم أعاذنا الله منها لا يشترط له اجتماع هذه الأمور المذكورة في هذا الكلام، بل قد توعد الله بدخول جهنم على خصال منفردة من هذه الخصال، كما أنه يصير الوعظ والترهيب من النار فكاهة يتفكه بها القارئ والمستمع والأمر أفظع من ذلك وأشد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ... رواه الترمذي وغيره وحسنه الترمذي والألباني.
وعليه فإننا ننصح بالابتعاد عن هذه الأساليب وفي مواعظ الله وزواجره في كتابه وما جاء به رسوله ما يكفي ويردع، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(9/2035)
مقولة (إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا) في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ (إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا) من أين أتت هذه المقولة، هل البلاء من الله أم منا أو ما فعلت أيدينا، وهل البلاء شيء لا نستطيع السيطرة عليه لذا يجب علينا أن نتستر عليه، ما العلاقة بين هذه المقالة وبين المقالة الغربية (كل علة تحت الشمس إما أن يكون لها علاج أو لا يكون فإذا كان لها علاج حاول العثورعليه وإن لم يكن فلا تأسى عليه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقولة المذكورة معناها صحيح شرعاً فمن غلبه هواه ووقع في معصية فإنه مأمور شرعاً أن يستتر بستر الله ولا يفضح نفسه، فقد روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله.
وأما البلاء أو الابتلاء فإنه من الله -وكل شيء في هذا الوجود فإنه من خلق الله وبإرادته وقضائه- يبتلي عباده ويختبرهم بالخير والشر ليظهر المطيع ويتميز عن العاصي، فقد قال سبحانه وتعالى: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الأعراف:168} ، وقال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35} ، وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {الملك:2} ، ولكن الله تعالى بين الطريقين: طريق الخير وطريق الشر ليختبر عباده فيسلك هذا الطريق من شاء ويسلك هذا من شاء، كما قال تعالى: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ {البلد:10} ، أي بينا له الطريقين.
ولذلك فإن باستطاعة الإنسان أن يسيطر على نفسه ويضبط تصرفاته ويسلك الطريق الذي يختار أو يريد، فإذا انحرف ووقع في معصية لسبب ما فإن عليه أن يستر نفسه من الفضيحة أمام الآخرين وحتى لا يستمرئ المعصية أو يشجع عليها ضعاف النفوس ...
وأما المقولة التي نسبتها لأهل الغرب فإنها تختلف عن مفهوم الإسلام في أن لكل داء دواء ولكل مشكلة علاج علم ذلك من علمه وجهله من جهله، وتتفق معه في عدم الأسى والحزن على ما فات أو قدر، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(9/2036)
حكم قول القائل بعشقك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كلمة بعشقك حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة العشق قد تكون حراماً وقد تكون حلالاً، ويختلف ذلك باختلاف من قيلت فيه أو قيلت له، فتكون حراماً إذا قيلت في حرام مثل أن يقولها الأجنبي لغيره، وتكون حلالاً إذا قالها أحد الزوجين لصاحبه ... وقد سبق بيان حكم إطلاق العشق وما يتعلق به في الفتوى رقم: 9360، والفتوى رقم: 38249 نرجو أن تطلع عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(9/2037)
قول القائل إنك لا تخلف الميعاد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: بعد رفع الأذان نقول (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، إنك لا تخلف المعياد) إحدى القنوات الفضائية بينت أن الجملة (أنك لا تخلف الميعاد) يجب أن لا ننطق بها لأن فيها جرأة على الله عز وجل، فافيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجملة المذكورة قد جاءت في رواية البيهقي جزءاً من الحديث، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 35197، كما أنها قد تكررت في القرآن بلفظ (إنك لا تخلف الميعاد) (إن الله لا يخلف الميعاد) ، فما قيل في تلك القناة غير صحيح، أما إن كان القصد أنها لم تثبت في الحديث فالجواب: أن ذلك محل خلاف بين العلماء فمنهم من يقبل هذه الزيادة ومنهم من يردها، ولكن الذي يردها إنما يردها لأنها لم تثبت عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس لأنها تتضمن محذوراً من حيث معناها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(9/2038)
قول الصبي للرجل يا عم وللمرأة يا خالة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا الصبي نعلمه أن يقول عمي لرجل ما, وخالتي لامرأة ما، وذلك من باب ا?دب مع الكبار ولا نعلمه أن ينادي بالاسم الشخصي.
فهل هذا جائز أم أنه يدخل في الكذب؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لولي أمر الطفل أن يعلمه الأدب واحترام الآخرين وخاصة الكبار والأقارب والأرحام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. رواه أبو داود، والترمذي، وقال حسن صحيح.
وقد عد الله العم مع الآباء فسماه معهم أبا فقال تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة:133} ومن المعلوم أن إسماعيل عم يعقوب فيعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وإسماعيل بن إبراهيم.
وسمى النبي- صلى الله عليه وسلم- عمه العباس: بقية آبائه. كما في معجم الطبراني الكبير.
وعلى ذلك فلا نرى مانعا شرعيا في قول الصغير لمن هو أكبر منه ياعم أو ياخالة أو ما أشبه ذلك من عبارات الاحترام. وليس هذا من باب الكذب وإنما هو من باب الأدب واحترام الكبار وتكريمهم وهو أمر مطلوب شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(9/2039)
ازدراء المرأة من عمل الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يقولون في كلامهم إذا تكلموا مع غيرهم عن المرأة أكرمك الله أو حاشك أو يقولون الحمار حاشاك أو الكلب حاشاك، فهل هذا الكلام جائز أم لا، فأفتوني حياكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أنه قد ورد في القرآن والسنة ذكر أسماء كثير من الحيوانات والحشرات، ولم يرد معها ذكر شيء من مثل هذه العبارات (أكرمك الله) أو (أعزك الله) ونحوهما، وقد يكون من السائغ التلفظ بهذه العبارات عند ذكر ما قد يستقبح أو يستقذر ونحو ذلك، ولكن لا يسوغ التلفظ بها عند ذكر المرأة، فإن ذلك مشعر بازدراء المرأة واحتقار شأنها، وهذا من عمل أهل الجاهلية، وقد أكرم الإسلام المرأة وأعلى من شأنها كما هو معلوم، وراجع في هذا الخصوص الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16441، 47955، 3661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(9/2040)
هل القناعة غنى أم الغنى قناعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت إماماً جزاه الله خيراً يوم الجمعة يثني على الله حتى قال: " ... وجعلت الغنى قناعة"، ولما صلينا الجمعة قلت هلا قلت" ... وجعلت القناعة غنى" فقال هكذا رأيتها في بعض الكتب, لأن عند الله الغنى قناعة، فقلت: القناعة نوع من الغنى وليس الغنى نوع من القناعة، فما هو الأصح من القولين؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن القول بأن (القناعة غنى) أفضل من التعبير بالقول بأن (الغنى قناعة) ، فقول السائل (القناعة غنى) فيه شيء من القصور بل القناعة هي الغنى، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الغنى عن كثرة العرض، وإنما الغنى غنى النفس. رواه البخاري ومسلم وأحمد واللفظ له. فعبر بلفظ (إنما) التي تدل على الحصر، وقول الخطيب (وجعلت الغنى قناعة) ليس بصوابٍ فكم من غني هو من أبعد الناس عن القناعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(9/2041)
حكم التسمي باسم عبد اللاوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اللقب عبد اللاوي حرام أم حلال؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم التسمية بالاسم المذكور لما فيه من التعبيد لغير الله تعالى، وإذا كان القصد منه عبد الله فإنه حرام فلا يجوز لمسلم أن يتسمى به أو يدعو غيره به، لما في ذلك من التحريف لاسم الجلالة وهو من الإلحاد في أسماء الله تعالى، وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 59488، والفتوى رقم: 6211 فنرجو أن تطلع عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(9/2042)
حكم قول (أنا في قلب الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت خاطرة يتضمن محتواها هذا السطر: "أنا في قلب الله"
فهل تجوز هذه اللفظة؟ ولكم فائق الاحترام..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللفظة المشار إليها لا يجوز التلفظ بها؛ لأنها تشتمل على وصف الله تعالى بأن له قلبا، وهذا لم يرد في الكتاب ولا في السنة، ولا يجوز أن يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد حرم الله تعالى علينا أن نقول عليه ما لا نعلم. وانظري الفتوى رقم: 6009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(9/2043)
النهي عن ذم الزمان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول الشعر في الوقت مثل قولهم
(ليه يا وقت كذا) أو (حدني الوقت على كذا)
وغير ذلك وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قصد بالعبارة المذكورة ذم الزمان ولومه فإن ذلك لا يشرع، وراجع الفتوى رقم: 55553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(9/2044)
حكم قول المسلم لأخيه: حسابك عسير يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن حكم قول الإنسان لشخص مسلم "حسابك عسير يوم القيامة " أو " حسابك سيكون عسيرا يوم القيامة " هل هو من التألي على الله عز وجل؟ وما حكم أن يتسبب الإنسان المسلم في أن يصيب أخاه المسلم بالحزن والألم بسبب كلماته تلك أو بغيرها؟
أفيدونا أفادكم الله وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه المسلم: حسابك عسير يوم القيامة، أو ما أشبه ذلك من الألفاظ؛ لأن أمر الحساب يوم القيامة أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولما في ذلك من التحكم على الله تعالى والقول عليه بغير علم، وهذا يشبه التألي على الله ففي صحيح مسلم مرفوعا أن رجلا قال: والله لايغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك. ولما في ذلك من أذية المسلم وترويعه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. رواه أبو داود. وفي رواية: لا لاعبا ولا جادا.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 58801، 75245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(9/2045)
حكم عبارة: إذا بليت فلا تقل يا رب إن لي بلاء عظيم لكن قل ...
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو، يوجد عبارة يتداولها البعض فيما بينهم، كرسالة في الجوال وهي
((إذا بليت فلا تقل يا رب إن لي بلاء عظيم لكن قل يا بلاء إن لي ربا عظيما))
حقيقة في نفسي من هذه العبارة شيء، ما رأي فضيلتكم هل يجوز هذا القول، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المقولة غير مأثورة، ولا نرى مانعا شرعيا إذا كان صاحبها يحسن الظن بالله تعالى، ويوقن أن الله تعالى عظيم قدير، وعظمته وقدرته تفوق عظم البلاء، فإنه يكشف السوء والضراء عمن تعلق به ودعاه، والله تعالى يقول كما في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(9/2046)
حكم قول المسلم للمسلم جمعة مباركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول "جمعة مباركة" للناس في كل جمعة، مع العلم أن الجملة انتشرت بين الشباب؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتزام قول المسلم لأخيه المسلم بعد الجمعة أو كل جمعة (جمعة مباركة) لا نعلم فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، ولم نطلع على أحد من أهل العلم قال بمشروعيته، فعلى هذا يكون بهذا الاعتبار بدعة محدثة لا سيما إذا كان ذلك على وجه التعبد واعتقاد السنية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم والبخاري معلقا، وفي لفظ لهما: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وأما إذا قال المسلم لأخيه أحيانا من غير اعتقاد لثبوتها ولا التزام بها ولا مداومة عليها، ولكن على سبيل الدعاء فنرجو أن لا يكون بها بأس، وتركها أولى حتى لا تصير كالسنة الثابتة، وانظر الفتوى رقم: 10514، والفتوى رقم: 19781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(9/2047)
حكم قول (إن يك صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان)
[السُّؤَالُ]
ـ[عبارة " ما أتيته إن كان صحيحا فهو من عند الله وإن كان خطأ فهو من الشيطان " صحيحة أم خاطئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة التي سألت عنها لا حرج في التلفظ بها. قال تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ {النساء: 79} ففي المصنف لابن أبي شيبة عن الشعبي قال: قال أبو بكر: رأيت في الكلالة رأيا، فإن يك صوابا فمن عند الله، وإن يك خطأ فمن قبلي والشيطان. الكلالة ما عدا الولد والوالد.
وفي سنن أبي داود وغيره عن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عبد الله بن مسعود أتى في رجل بهذا الخبر، قال: فاختلفوا إليه شهرا أو قال مرات، قال: فإني أقول فيها إن لها صداقا كصداق نسائها لا وكس ولا شطط، وإن لها الميراث، وعليها العدة، فإن يك صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان.... إلى آخر الحديث. رواه أبو داود والنسائي وغيرهما، وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1427(9/2048)
حكم حكاية الكلام مع الإضافة فيه بقصد تحميس المستمع
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحيان كثيره أثناء تحدثي عن موضوع مع الأصدقاء أضيف كلاما زائدا من عندي بقصد التحميس للموضوع أو أدخل نفسي في الموضوع مع أنه لم يحصل لي بل لغيري ما الحكم في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن في هذا القول تغيير للمعنى وإنما مجرد تغيير للأسلوب فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما إن كنت تذكرين شيئا لم يقع أصلا فهذا هو الكذب بعينه وهو محرم كما هو معلوم. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 47074، ولا ندري ما تقصدين بإدخالك نفسك في الموضوع فإن كنت تقصدين بأنك تحكي الحادثة كأنها وقعت منك والأمر ليس كذلك فلا يجوز لأنه من الكذب أيضا، وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الصدق، وأن يشغل نفسه ووقته بما ينفعه من أمر معاشه ومعاده، وأن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الإمام أحمد في مسنده، وقوله صلى الله عليه وسلم: وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1427(9/2049)
حكم وصف المسم بأن فيه صفة من صفات الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إطلاق صفات العصاة من أهل الكتاب أو المشركين على بعض المسلمين من باب (إطلاق الوصف دون إنزال الحكم بهم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يتقي الله تعالى ويكف لسانه عما لا ينفعه في دينه ودنياه، فقد حذر الله عز وجل من خطر اللسان، فقال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق: 18} كما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: كف عليك هذا -وأشار إلى لسانه- فقال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي، وكفى بهذه النصوص من الوحي زاجرا لمن يطلق لسانه في إخوانه المسلمين، ومع ذلك فإذا اتصف مسلم ببعض صفات الكفار من ترك واجب أو فعل محرم فلا مانع من وصفه بذلك وأن فيه صفة من صفات اليهود أو النصارى أو الجاهلية إذا كان ذلك لمقصد شرعي من تحذير أو تنفير أو بيان، فقد روى البخاري وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤا فيك جاهلية. قال الحافظ في الفتح: كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية، ومن كانت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك أو ذنب من ذنوبها كبيرا كان أو صغيرا لا يخرجه ذلك عن الإيمان ومسمى الاسلام. اهـ. بتصرف يسير.
وعلى هذا يجوز أن يطلق على من اتصف من المسلمين بصفات الكفار أن فيه خصلة من خصالهم أو صفة من صفاتهم إذا كان ذلك لغرض شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1427(9/2050)
حكم حكاية النكات لإضحاك المستمعين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في بعض المشايخ الذين يحكون بعض النكت لإضحاك المستمعين، مع العلم بأن هناك حديثاً ينهى عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكاية النكت لإضحاك المستمعين جائزة إذا كانت في حدود الأدب الشرعي، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقاً. تداعبنا يعني تمازحنا. وهذا الحديث قد صححه الشيخ الألباني وغيره.
وعنه أيضاً في كتاب الشمائل، عن الحسن قال: أتت عجوز النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال: يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز. قال: فولت العجوز تبكي، فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا.
والواجب على من أراد التنكيت أن يتجنب الكذب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له. وهذا حديث حسن أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والدارمي عن معاوية بن حيدة. قال المباركفوري في شرح الحديث: ثم المفهوم منه أنه إذا حدث بحديث صدق ليضحك القوم فلا بأس به..
وعليه أيضاً أن يتجنب السخرية والاستهزاء بالآخرين، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11} ، وقوله: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ {الحجرات:12} ، فإذا راعى صاحب النكت هذه الأمور، ولم يجعل جل وقته في التنكيت، فلا نرى عليه بأساً فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(9/2051)
حكم قول القائل: هذا الشخص يملك صفات الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[وددت الاستفسار عن مسألة نعت أحدهم بصفات تشبه صفات الأنبياء..يعني كأن أقول هذا الشخص يملك صفات الأنبياء..وهل استخدام كلمة نبي (مجازا) في الشعر أو الكتابة عموما ونسبتها إلى إنسان رفيع الشأن..يعتبر خروجا عن الإسلام..وارتدادا؟ وما حكم الذي يطلق على إنسان مسلم حكم الردّة؟
في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخير للمرء أن يقيد لسانه ولا يطلق له العِنان في كل شيء، فقد ورد في الحديث الشريف قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي وغيره من حديث معاذ.
ومن قال هذا الشخص يملك صفات الأنبياء، أو قال هذا نبي من باب المبالغة في مدحه، لا من باب ادعاء أنه يوحى إليه، فإنه –في الحقيقة- يعتبر قولا خارجا عن حد المبالغة المسموح بها في الشرع؛ ولكننا مع ذلك لم نجد دليلا على ارتداده وخروجه عن الملة.
وفيما يخص تكفير الإنسان المسلم، فإنه أمر خطير لما يترتب عليه من آثار دنيوية وأخروية، ولذا فلا يطلق إلا على من استوفى شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه، كما هو مبين في الجواب رقم: 721.
ومن كفر شخصا لم يستحق ذلك رجع ما قاله عليه، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال، وإلا رجعت عليه.
ولا يعني ذلك أن من كفر من لا يستحق التكفير يصير كافرا بذلك، وإنما المعنى أنه يرجع عليه هذا الإثم العظيم والمنكر الفظيع، وهو تكفير من لا يستحق ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(9/2052)
حفظ اللسان وعدم الاستهزاء باسم نبي من الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أشكر كل من ساهم في عمل هذا الموقع العظيم
وسؤالي الأول هو: كان معي كتاب اختبارات على كل المواد فكان فيه قسم للتربية الدينية المسيحية فقرأت اسئلته فكان مكتوب (الإله ياسوع) ولم أكن أعرف أنهم يقصدون به الله جل جلاله واعتقدت أنه إله غير الله سبحانه وتعالى فقلت بعض كلمات تفيد السخرية على هذا الإله ولم أكن أعرف أنه الله، فما جزائي عند الله، وكيف تكون التوبة؟
وسؤالي الثاني هو: كيف أحب الله ورسوله وكيف أتوب عن كل المعاصي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن يسوع معناه في الأصل عيسى، ولا يسوغ للمسلم أن يهزأ أو يسخر من اسم عيسى كما لا يجوز له أن يهزأ باسم لرسولنا أو غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا باسم الله تعالى، ويدل لهذا قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة: 65-66}
وأما كون النصارى يقصدون به الله فهو من انحرافهم في عقيدة التثليث، وقد كفرهم الله بذلك في قوله: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة: 17} وفي قوله: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ {المائدة: من الآية73}
وعليك أن تتوب إلى الله تعالى وتحرص على حفظ لسانك وتبتعد عن دراسة كتب النصارى، وراجع للمزيد في الموضوع، وفي أمر التوبة ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الفتاوى التالية أرقامها: 14742، 27803، 53029، 25615، 13147، 12185، 71891، 64768، 30506، 47241، 29785، 5450، 16907، 33975، 12744، 51247، 69052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(9/2053)
حكم إطلاق لفظ الحرم على المسجد الأقصى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نطلق لفظ الحرم القدسي على المسجد الأقصى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 18883، أن إطلاق لفظ الحرم على المسجد الأقصى المبارك خطأ ولا يصح، فانظر الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(9/2054)
إطلاق اسم الناموس على الحشرة المعروفة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا حشرة كل يسميها باسم حتى إن أحدهم يطلق عليها اسم الناموس. فهل يجوز أن يطلق عليها هذا الاسم والناموس كما نعرف هو الوحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالناموس تطلق على معان كثيرة، منها الحشرة التي ذكرت، ومنها جبريل عليه السلام صاحب الوحي الذي كان ينزل به على الرسل.
قال ابن منظور في لسان العرب: والنامِس والناموس: دويبة أغبر كهيئة الذرة تلكع الناس. والناموس: قترة الصائد التي يكمن فيها للصيد ... والناموس: بيت الراهب. ويقال للشرك ناموس لأنه يوارى تحت الأرض؛ ... والناموس: جبريل، صلى الله على نبينا محمد وعليه وسلم ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1427(9/2055)
حكم مقولة رمضان كريم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في مقولة رمضان كريم , وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة رمضان كريم من العبارات التي يكثر تداولها بين الناس في شهر رمضان وهي جملة خبرية، ولعل قائلها يقصد بها الدعاء فكأنه يدعو لغيره بأن يكون رمضان شهر كرم وبركة عليه، ويمكن أن يقصد بها الإخبار على حقيقته، ويكون معناها الإخبار عما يحصل من تفضل الله تعالى على عباده في هذا الشهر العظيم، وهذا في الأصل لا مانع منه ولا محذور فيه، لكن إذا كان قائلها معتقدا مشروعيتها في زمن معين فهذا داخل في تعريف البدعة الإضافية والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 17613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(9/2056)
حكم مناداة الشخص باسم من أسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[2- هل يجوز أن ينادى من سمي بعبد الرحمن وعبد الحميد وعبد المجيد برحمن وحميد ومجيد؟ وما هي الأسماء التي يحرم فيها مثل ذلك من أسماء الله الحسنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عند مناداة من سمي بعبد الحميد وعبد المجيد بحذف المضاف في الكلمة وإبقاء المضاف إليه فيقال مجيد، حميد: فجوابه؛ أنه إذا كان الاسم المضاف إلى كلمة عبد من الأسماء التي يجوز أن يسمي بها غير الله كحميد ورؤوف وملك فلا حرج في مناداته بها وحذف كلمة عبد إذا كان ذلك لا يحزن الشخص المنادى ولا شك أن الأفضل مناداته باسمه كاملا فيقال يا عبد الرحيم.. ونحوه.
وأما إذا كان الاسم خاصا بالله تعالى ولا يسمى به غيره كالخالق والرحمن والله فلا يقال لمن اسمه عبد الله يـ الله ولا لمن اسمه عبد الخالق يـ خالق، أو لمن اسمه عبد الرحمن يا رحمن لأن هذه الأسماء لا يسمى بها غير الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 8626، حول التسمية بالأسماء التي تطلق على الله تعالى، وكذلك الفتوى رقم: 12614، في الأسماء المكروهة والممنوعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(9/2057)
قول الزوج لامرأته يا أختي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول لخطيبته عن طريق الخطأ يا أختي وأكثر من مرة علما أنني أعقد عليها ولم ندخل بعد؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم قول الرجل لزوجته يا أختي ويا أمي وأنه لا ينبغي للنهي الوارد في ذلك، وتراجع الفتوى التالية: 62237، وهذا الحكم يستوي فيه الزوجة المدخول بها وغير المدخول بها، وعليه فينبغي لك اجتناب هذا اللفظ مع زوجتك، هذا عن قول الرجل ذلك قصدا، أما خطأ فمرفوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ. الحديث رواه الطبراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(9/2058)
هل يجر الولد الفاسد لأهله اللعنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل على أن الولد الفاسد يجر لأهله اللعنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل في أن الولد الفاسد يجر لأهله اللعنة، إلا أن يكون السائل الكريم يعني ما ورد في الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه.
فهذا يمكن أن يعتبر دليلا على أن الولد يجر لأهله اللعنة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(9/2059)
توضيح حول مقولة (دع المقادير تجري في أعنتها)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في هذا الكلام مخالفة شرعية: دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذا القول الوارد بالسؤال صحيح المعنى من جهة دلالته على الإيمان بالقدر، وأن الإنسان لن يصيبه إلا ما كتب له، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد: 22 ـ 23} ولكن لا يجوز أن يفهم منه عدم اتخاذ الأسباب لأن اتخاذ الأسباب أمر مطلوب شرعا وهو من قدر الله كذلك، وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 20441، 52503، 9890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(9/2060)
قول الزوج لامرأته (علشان خاطري)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد أرسلت لفضيلتكم سؤالا عن حكم قول الرجل لزوجته (علشان خاطري) عند ملاعبته وملاطفته لها وقد أحلتموني لعدة فتاوى أخرى، ولم أصل إلى جواب لسؤالي، وهو: هل هذا اللفظ جائز شرعاً أم أنه يعتبر حلفا بغير الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى في هذا اللفظ محذوراً شرعياً، وليس هو من باب الحلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(9/2061)
حكم السؤال بحياة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن عدة أشياء، أولا: ما حكم من قال منشان الله أو وحياة الله هل يكفر. ثانيا كنت عند أحد الدكاترة في الجامعة مع رفيقتي وإذا رفيقتي تقول إن برج الحوت طامحين، قلت لها لا يجوز أن تقرئي عن الأبراج فهل سماعي لها يجعلني أكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بقول القائل "منشان الله" لأن هذه العبارة تعني من أجل الله، وكذلك لا بأس بقوله: "وحياة الله" لأن ذلك قسم أو سؤال بحياة الله، وحياة الله صفة من صفاته.
وسماعك لما قالته هذه الفتاة لا يجعلك تكفرين ولو سكت عن إنكاره، لأن السكوت عن إنكاره معصية وليس كفرا، فكيف وقد قمت بإنكاره عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(9/2062)
قول الرجل لغيره يعطيك الله ألف عافية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول لشخص: يعطيك الله ألف عافية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من هذا الدعاء، وأن يدعو المسلم به لنفسه أو لغيره، بل هو من خير ما يدعو به المسلم، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم جميع أمته إلى ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: سلوا الله العفو والعافية والمعافاة فإنه ما أوتي عبد بعد يقين خيراً من معافاة. رواه النسائي وغيره.
وذكر عدد معين لا يعني التحديد، وإنما يعني المبالغة والكثرة.... فهو أسلوب من أساليب اللغة موجود في القرآن والسنة.. كما في قول الله تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ.. {التوبة:80} ، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63580، 50832، 41869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(9/2063)
قول القائل (دخيلك يا رب)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عبارة (دخيلك يا رب) ؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه العبارة يعني بها صاحبها الالتجاء إلى الله والاحتماء به والاستعاذة مما يكره، فإنه لا حرج في قولها، لكن استعمال التعاويذ المأثورة أفضل دائماً، وراجع في بعض الألفاظ المأثورة في التعوذ من المكروه الفتوى رقم: 31768، والفتوى رقم: 5249، والفتوى رقم: 57129.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1427(9/2064)
ترديد الشعر المشتمل على وحدة الوجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في هذا الشعر حيث كنت أردده كثيرا ومن قريب قرأت عنه أنه ينادي بوحدة الوجود وهو:
الله قل، وذر الوجود وما حوا إن كنت مرتادا لنيل كمال
فالكل دون الله إن حققته ... ... عدم على التفصيل والإجمال
واعلم أنك، والعوالم كلها ... ... لولاه لفي محو وفي اضمحلال
من لا وجود لذاته في ذاته ... فوجوده لولاه عين محال
والعارفون فنوا بإن لم يشهدوا شيئا سوى المتكبر المتعال
ورأو سواه على الحقيقة هالكا في الحال والماضي والاستقبال
فهل علي وزر أني كنت أقول هذا الشعر ولا أعرف ماذا يعني؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أغنانا بما أنزله لنا من القرآن الكريم المشتمل على ما نحتاجه من التعريف به وبيان عظمته وكبريائه وجبروته ووعده ووعيده وأحكامه وأوامره ونواهيه عن التعلق بالأشعار ومقولات الناس، فالقرآن يؤجر من يتلوه ويردده بكل حرف عشر حسنات كما في الحديث الذي رواه الترمذي: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن آلف حرف ولام حرف وميم حرف. وقد أمرنا الله بتلاوته والاهتداء به فقال: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ {العنكبوت: 45} وقال: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت: 51} وقال: إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ {الاسراء: 9} ، وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: من لم يتغن بالقرآن فليس منا. وقد فسر بعضهم الحديث بالتغني بالقرآن وتحسين الصوت به، وفسره بعضهم بالاستغناء به عن أخبار الأمم الماضية كما في فتح الباري، وقد ذكر ابن حجر في الإصابة أن لبيد بن ربيعة سئل عما أحدث من الشعر في الإسلام فقال: أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران.
وأما حكاية الأبيات بالنسبة لمن لم يكن معتقدا وحدة الوجود ولم يكن يفهمها منها فلا نرى أنه أثم، وراجع في الفناء عند القوم وأنواعه مدارج السالكين لابن القيم ومجموع الفتاوى لشيخ الاسلام، وراجع في خطورة وحدة الوجود وبيان بطلانها وفي بدعية الذكر باللفظ المفرد الفتاوى التالية أرقامها: 53523، 596، 7386، 11542، 40352.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1427(9/2065)
قول كلمة شيخ لحافظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت محفظا للقرآن في أحد المساجد سمع أحد الإخوة أحد الطلبة يقول لي يا شيخ فكلمه وقال له لا تقل له يا شيخ لأن كلمة شيخ لا تقال لحافظ القرآن ولا تقال لمشايخ القرآن وإنما تقال "لفقيهكم في الدين وكبيركم في السن " فهل هذا الكلام صحيح أم أنه لا يجوز أن يقال لشيخ القرآن يا شيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في قولك لحافظ القرآن يا شيخ لعدم وجود دليل شرعي يمنع من ذلك، ولأن كلمة شيخ تطلق على أصحاب المكانة والشأن، ولا شك أن حافظ القرآن هو أحظى الناس بذلك، فقد قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا {فاطر: 32} وفي حديث مسلم: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين، وراجع الفتوى رقم: 11738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(9/2066)
ما يقال عند المدح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ بارك الله فيكم ونفعكم ونفع بكم:
أعلم أنه من السنة أني لو أردت مدح شخص ما في دينه قلت (نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً) ، فهل هذا عند الثناء على المرء في دينه فقط، أم كذلك في الثناء على أخلاقه مثلاً وحسن معاملته للآخرين وما شابه ذلك، وهل يكون قول هذه العبارة في حالة حضوره لهذا المجلس الذي أثني عليه فيه أم كذلك في حالة عدم وجوده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك قطعت عنق صاحبك، يقوله مرارا، إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك، والله حسيبه ولا يزكي على الله أحدا.
وهذا عام في كل مدح وثناء سواء أكان في الدين أم كان في غيره، وسواء أكان في حضور الممدوح أم في غيبته، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتويين رقم: 19399، 53416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(9/2067)
هل يقال لا حياء في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أوّلا أشكركم جزيل الشّكر على ما تقدّمونه للمتصفّحين لهذا الموقع الفريد من خدمات وأقول لكلّ العاملين عليه جزاكم الله خيرا وسؤالي هو قرأت مرّة سؤالا محرجا يريد السائل إجابة عليه وقد بدأ سؤاله بالعبارة التّالية # انطلاقا من مبدأ لا حياء في الدين وتحري الشّرع في جميع أعمالنا# وقد أجبتم حضرتكم على السّؤال ثمّ أشرتم على أنّ هذه العبارة ليست صحيحة ولم تذكروا له أدلّة على ذلك وقد اقتنعت أنا بأنّها ليست صحيحة فالحياء من الدّين فقد قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: إن لم تستحي فافعل ما شئت
كما قيل إنّ الرسّول عليه الصّلاة والسّلام كان في حيائه كالعذراء في خدرها
ولكن مرّة حضرت درسا دينيّا لشيخ فذكر هذه العبارة في موضوع محرج أيضا فذكرت له رأيكم فلم يوافقني وقال لي إنّ هناك كتابا لشيخ لا أذكر اسمه الآن جمع فيه كلّ العبارات التّي لا يجوز قولها ولكنّه لم يذكر هذه العبارة
وأنّ هذه العبارة ليس المراد بها أنّه لا حياء في الدّين بل أنّه لا يمكن أن يستحي الإنسان في السّؤال عن أمور في دينه ولو كانت محرجة ولكن أنا رأيي أنّه من الأصحّ أن يقال في هذا المجال # إنّ الله لا يستحيي من الحقّ #كما جاء عن بعض الصّحابة والصّحابيات من أحاديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في الأمور المحرجة كالحديث الذّي جاء عن المرأة التّي سألته عن الغسل إذا هي احتلمت. أرجو من حضرتكم إجابتي على هذا السّؤال ومدّي بأدلّة يمكن أن أقنع بها هذا الشّيخ وجزاكم الله خيرا مرّة أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة يطلقها العامة ويقصدون بها في الغالب معنى صحيحا, وهو أنه لا يشرع الحياء في معرفة الدين, ولا ينبغي أن يكون مانعا من السؤال عما يحتاج إليه الإنسان في دينه إذ لا حرج عليه في ذلك كما قالت عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار, لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين رواه مسلم.
وقد غلب على من يسأل في دينه عما يستحي منه أن يقدم لسؤاله بالعبارة السابقة - لا حياء في الدين - فهي كالاعتذار عن التقدم بهذا السؤال. وقد قدمت أم سليم بسؤالها عن حكم احتلام المرأة بقولها: إن الله لا يستحي من الحق. فلو استعيض عن قول القائل - لا حياء في الدين - بما قدمت به أم سليم لكان أولى, كما أن إطلاق لا حياء في الدين قد يفهم منه أن الحياء ليس من الدين وذلك ليس بصحيح, بل الحياء شعبة من الإيمان كما بينا في الفتوى رقم: 5173. وما دامت تلك العبارة موهمة لمعنى غير صحيح فالأولى تركها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(9/2068)
تفنيد مقولة (لا عقيدة أسمى من الحقيقة)
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه من معرفة ومنعفة وتنوير، أرجو من حضراتكم تفسير مقولة (لا عقيدة أسمى من الحقيقة) ومن قائلها، وهل استعمال هذه المقولة والاستشهاد بها يتعارض مع الشرع والعقيدة أم لا؟ ولكم الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على مصدر لهذه المقولة، وقد وجدنا بعض العوام يحتجون بها في حواراتهم، وهذه المقولة ربما تحتمل أن ما جعله الناس حقيقة أمر لا يمكن تكذيبه ولا نقاشه، وهذا باطل فكم من شيء زعموه حقيقة ثم ظهر كذبه لمعارضته نصوص الوحي، ومن هذا مزاعم عباد الأصنام والعلمانيين وبعض الاقتصاديين والخبراء في العلوم التجريبية، وربما تحتمل المقولة أن الحقيقة الإيمانية هي أسمى ما يعتقد، فالحق الذي ثبت صدقه بواسطة نصوص الوحي هو أسمى ما يعتقد بلا شك، وهذا صواب إن أراد أصحابه اعتقاد كل ما ثبت في الشرع، وراجع في معنى الحق والحقيقة في الاصطلاح الشرعي الفتوى رقم: 20972.
وراجع في خطأ من جعل الحقيقة قسيما للشريعة الفتوى رقم: 10661.
وراجع في معنى العقيدة الفتوى رقم: 25174، والفتوى رقم: 2246.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1427(9/2069)
الدعاء بغير المأثور وقول جو الكريم للسائل عن الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[نعتذر عن كثرة الأسئلة الموجهة لكم من عندنا، لكنا كما تعلمون نحن إخوانكم في العراق نعاني من قلة طلبة العلم فنرجو أن تقدروا هذا الأمر وأن تستعجلوا في الرد، السؤال هو: ما حكم قول القائل عند سؤاله عن صحته يقول جو الكريم أو على الكريم فهل هذا جائز مع الدليل
والأمر الثاني: هو هل يجوز الدعاء بألفاظ مشروعة لكنها لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نشكركم على الاتصال بنا ونرحب بأسئلتكم، ونفيدكم أن الأفضل هو الدعاء بالمأثور، ويجوز الدعاء بغيره ما لم يشتمل على الاعتداء أو الدعاء بالإثم أو قطع الرحم، ويدل لهذا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة في دعائهم وذكرهم بغير المأثور وعموم حديث مسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطية رحم. وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 51644 / 49055 / 50922 / 54266.
وأما جواب من سئل عن صحته فقال على الكريم أو جوالكريم، فإن قصد أنه يتوكل على الله أو يكل أمره إلى الله، أو أنه في رعاية الله فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(9/2070)
القول الحسن وتجنب الألفاظ المسيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول بعض الألفاظ مثل (جننت ديني) (حل عن سما ديني) (جننت سماي) حيث هناك أشخاص يخصوننا ويرددونها وبالتأكيد دون قصد الوقوع في الإثم، فماذا نفعل معهم وكيف نقنعهم، وأريد أدلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الألفاظ لم تتضح لنا دلالتها وإذا كان أصحابها لا يريدون بها الوقوع في الإثم ولا سب الدين، فلا يمكن الحكم بتأثيمهم، ولكن ننصحهم بالحرص على القول الحسن، فقد قال الله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83} ، وقال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {الإسراء:53} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(9/2071)
التعبير عن عقد الزواج بلفظ عقد القران
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لفظ (عقد قران) صحيحة بدلاً عن (عقد الزواج) ؟ جعل الله عملكم في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لعقد الزواج الشرعي شروطاً وأركاناً بيناها في الفتوى رقم: 18153 نرجو الاطلاع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
ومن هذه الأركان والشروط صيغة وهي ما يقتضي الإيجاب والقبول كلفظ التزويج والإنكاح والتمليك وما يجرى مجرى ذلك من كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة، على اختلاف في بعض الألفاظ كالبيع، ولذلك فإذا جرى العرف بأن لفظ القران يدل على الزواج فإنه لا مانع منه شرعاً.
وإن كان الأولى التقيد بالألفاظ الشرعية وخاصة ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا {الأحزاب:37} ، وقال على لسان العبد الصالح: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ {القصص:27} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:.... ملكتها بما معك من القرآن. رواه البخاري ومسلم، هذا إذا كان المقصود بهذا اللفظ جعله في صيغة العقد، وأما قول القائل عقد قران يقصد بها الملكة كما يسمى في بعض البلاد فلا حرج فيه، ونرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 62316، والفتوى رقم: 66860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(9/2072)
مناداة والد الزوج بيا أبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنادي والد زوجي بأبي وأمه اميميتي كي تكون بيننا مودة ولترق القلوب، فهل هذا يجوز شرعا أم يدخل في ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، أفيدونا جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك، إذا كان على وجه التكريم والتحبيب، وهو يدخل ضمن قول الله عز وجل: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83} ، أي قولوا لهم الطيب من القول.
والذي ورد الشرع بالنهي عنه إنما هو انتساب المرء إلى غير أبيه على وجه التبري من النسب الحقيقي.
وقد سبق الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 9971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(9/2073)
تسمية الأنشطة الدعوية بالمهرجان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما مدى شرعية إطلاق لفظ (مهرجان) على بعض الأنشطة والبرامج الدعوية المختلفة مثل (المهرجان الإنشادي) (المهرجان الدعوي) ... إلخ، فهل هذا يصح، أم أن هذا اللفظ لا يصح لأن معناه يدل على الهرج واللغو وغيره، أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المهرجان أصله عيد من أعياد المجوس يجتمعون فيه، ففي كتاب المطلع على أبواب الفقه للشيخ محمد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي أبو عبد الله: ويوم النيروز والمهرجان عيدان للكفار، قال الزمخشري النيروز الشهر الرابع من شهور الربيع والمهرجان اليوم السابع عشر من الخريف. انتهى.
وفي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي للشيخ أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي: والمهرجان عيد للفرس وهي كلمتان (مِهْر) وزان حمل (وجان) لكن تركبت الكلمتان حتى صارتا كالكملة الواحدة ومعناها محبة الروح، وفي بعض التواريخ كان (المهرجان) يوافق أول الشتاء ثم تقدم عند إهمال الكبس حتى بقي في الخريف وهو اليوم السادس عشر من مهرماه وذلك عند نزول الشمس أول الميزان. انتهى.
وبناء عليه فيتعين عدم تسمية الأنشطة الدعوية بالمهرجان، بل تسمى مجالس العلم أو غير ذلك مما عرف عند المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(9/2074)
قول الرجل للأجنبية يا أختي العزيزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تخاطب الفتاة الرجل بأخي العزيز / أخي الغالي، والرجل للفتاة أختي العزيزة / أختي الغالية؟
هذا الأسلوب أراه كثرا يستخدم في المنتديات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤمنون كلهم إخوة رجالا ونساء: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10} فمن نادى أخاه المسلم أو أخته المسلمة أو العكس بيا أخي أو بيا أختي فلا حرج عليه في ذلك، وهو صادق لأن جميع المسلمين إخوة كما ذكرنا. ولكن إن كان قول تلك العبارة لغرض غير شرعي كمخاطبة المرأة للأجنبي عنها بذلك خضوعا له بالقول وتوددا إليه فلا يجوز لقوله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32} ، وسواء أكان ذلك عن طريق منتدى أو غيره، وقد بينا ضوابط جواز دخول المنتديات والمشاركة فيها للجنسين وما قد يترتب على ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7396 / 65753 / 65905 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(9/2075)
ألفاظ ليس للزوجة أن تنادي زوجها بها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي: أنا أحب زوجي حبا شديدا - ما شاء الله لا قوة إلا بالله - وأحب أن أناديه بأسماء أدلعه بها ك (يا قطتي، يا بطتي، يا بسكوتة ... وغير ذلك) فهل علي وزر في ذلك لأن الله كرم الإنسان فلا يجوز تشبيهه بأي شيء آخر؛ مع العلم أن زوجي يفرح بهذه الأشياء وأنا لا أقصد بهذه الألفاظ إلا إدخال السرور عليه والفرحة والبهجة إلى حياتنا، كما أني أناديه بيا أبي، نظرا لأن لدينا أطفال يكررون ما أكرره فإذا ناديته باسمه ناداه الأطفال باسمه فبدأت أناديه بيا أبي وذلك نظرا لتعويد الأولاد على ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نرى أن لا تنادي زوجك بمثل هذه الألفاظ (يا قطتي، يا بطتي،) ثم إنه لا يؤمن أن يجعل الشيطان ذلك مدخلا في بعض الأحوال والأوقات لإفساد ما بينك وبين زوجك من عشرة حسنة، وفي غير ذلك من الألفاظ الحسنة ما يغني.
ولا ينبغي كذلك للزوجة أن تنادي زوجها بيا بابا، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 52480، وأما تعويد الأطفال فيمكن أن تتخذ فيه وسيلة أخرى غير هذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1427(9/2076)
السلام بلفظ تحياتي وحكم ترك المراهق صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان استخدام كلمة تحياتي؟
هل الإنسان الذي لا يحضر أكثر من 3 صلوات من الجمع يطبع على قلبه كما في الحديث مع العلم أن هذا الشخص مراهق ولا يملك سيارة تقله إلى مسجد الحي الذي تقام فيها الجمعة وهو مسجد يختلف عن الذي تقام فيه الصلوات الباقية وهل صلاة الظهر تجزئ له؟ وجزاكم الله الفردوس الأعلى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعض الناس يطلق لفظ: تحياتي. عند انصرافه عن الجماعة الذين كان معهم ويقصد به سلامي؛ لأن من معاني التحية السلام, وهذا لا شيء فيه, لكن السنة أن يتلفظ بالسلام فيقول السلام عليكم لما رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له خير أن يجلس فليجلس، ثم إن قام والقوم جلوس فليسلم، فليست الأولى بأحق من الأخرة. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 50263.
وأما التخلف عن الجمعة ثلاث مرات فأكثر فسبب لطبع الله على قلب المتخلف وجعله في عداد الغافلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم. ولما رواه أصحاب السنن وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. وقد عد العلماء التخلف عن الجمعة من غير عذر من الكبائر والعياذ بالله. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: ومنها ترك الجمعة وفي صحيح مسلم لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات. اهـ ولكن هذا في حق البالغ الذي يقدر على الذهاب إلى المسجد ولو بعد، مادام يعيش داخل البلد, وأما إذا كان يعيش خارجها فلا تجب إلا على من سمع النداء عند جماهير العلماء، وأما المراهق غير البالغ فهو لا يزال غير مكلف فلا يجب عليه الذهاب ولا يشمله الوعيد المذكور, ومن لم يجب عليه السعي الجمعة أجزأه أن يصلي الظهر أربعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(9/2077)
قول المرء فلان صاحب المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعاً قول صاحب المسجد؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بعبارة (صاحب المسجد) من هو ملازم للمسجد محافظ على أداء الصلوات فيه فلا بأس بذلك، وكذا إذا كان المقصود من هو متبرع به، ولم يقصد بذلك أنه لا يزال في ملكه، وإن كان المقصود به مالك المسجد الذي يحق له أن يتصرف فيه كما يتصرف المالك في ملكه، فلا يجوز ذلك، ولو كان من أطلق عليه هذا هو الذي بناه وأذن للناس بالصلاة فيه، لأن المسجد بمجرد بنائه والإذن للناس بالصلاة فيه، يزول ملك واقفه عنه ويصير وقفاً محرراً عن أن يملك العباد فيه شيئاً، كما قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ {الجن:18} ، فليس لواقفه أن يرجع فيه، ولا يبيعه، ولا يورثه، ولا يتصرف فيه إلا بما فيه مصلحة المسجد، وراجع للمزيد من التفصيل والفائدة الفتوى رقم: 10921، والفتوى رقم: 64953، والفتوى رقم: 70027.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(9/2078)
حكم قول الزوجة لزوجها (أنت ربي) و (أنا أعبدك)
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي 3 أسئلة وأتمنى الإجابة عليها.
1- هل يجوز قول الزوجة لزوجها أنت ربي؟ بقصد أنت رب الأسرة ووليها.
2- هل يجوز قول الزوجة لزوجها أنا أعبدك؟ ونيتها بقصد الطاعة فقط وليس بنية الشرك.
3- هل الواجب في الإسلام عبادة؟ أي أن طاعة الزوج واجبة, فهل تعني عبادة كما في النوم والأكل والصلاة والزكاة.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز قول الزوجة لزوجها: أنت ربي، ولا قولها له: أنا أعبدك، ولو كانت تقصد من ذلك أنه رب أسرتها، أو أنها تطيعه.
وذلك لأن في هذه الألفاظ سوء أدب مع الله, ولأنه إذا كان قد ورد في الحديث الشريف: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان. ونص أهل العلم على النهي عن قول: أنا بالله وبك، وأنا في حسب الله وحسبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، وهذا من الله ومنك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، والله وحياتك، وأمثال هذا من الألفاظ، فإن الألفاظ المسؤول عنها أحرى بالنهي وأسوأ في الأدب مع الله.
وعلى المسلم أن يقتصر على ما أذن فيه الشرع، فإن السلامة لا يعدلها شيء.
وأما سؤالك الثالث فلم نتبين ما تعنيه به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(9/2079)
حكم قول (لقد رزقني الله أكثر مما أستحق)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن أقول لقد رزقني الله وزيادة أو أعطاني الله أكثر مما أستحق، إذا كنت أملك بيتاً غير الذي أسكنه هل تجب عليه الزكاة وكم قيمتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن تقول لقد رزقني الله أكثر مما أستحق ونحو هذه العبارة، لأن العبد لاحق له على الله؛ وإنما يرزقه الله تعالى منة منه وفضلاً، ولو قام العبد بعبودية الله في الليل والنهار ما أدى شكر نعمة من نعم الله العظيمة عليه، فكيف يكون قد استحق على الله شيئاً بعبادته.
وأما البيت الذي تملكه ولكنك لا تسكنه فلا زكاة عليك فيه إلا إذا كنت اشتريته بقصد التجارة وتنوي بيعه متى ارتفع ثمنه فعليك تقويمه كل سنة وإخراج زكاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1427(9/2080)
قول القائل في الشتاء نوء كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إذا قيل في الشتاء نوة كذا أو كذا، وهل هناك حديث عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن النوء مشتق من ناء النجم ينوء نوءا أي سقط وغاب، وبيان ذلك أن ثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط في كل ثلاثة عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما، وقال الأصمعي إلى الطالع منهما.
وعليه؛ فإذا كان المقصود بنوة كذا ظهور نجم ما فلا بأس بذلك، وإن كان المقصود أن النوء ميقات وعلامة على المطر الذي يكون في الشتاء، وأن ذلك المطر بفضل الله وبرحمته فالأولى ترك ذلك، أما إذا كان المقصود أن نزول المطر بفعل النوء وأنه المدبر المنشئ له كما كان يعتقد أهل الجاهلية فلا يجوز ذلك، بل هذا كفر بالله تعالى، ففي الصحيحين عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال: أتدرون ماذا قال ربكم، قالوا الله ورسوله أعلم، قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. قال الإمام النووي: اختلف العلماء في كفر من قال مطرنا بنوء كذا على قولين: أحدهما هو كفر بالله سبحانه سالب لأصل الإيمان مخرج من ملة الإسلام، قالوا وهذا فيمن قال ذلك معتقدا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ للمطر كما كان بعض أهل الجاهلية يزعم، ومن اعتقد هذا فلا شك في كفره، وهذا القول هو الذي ذهب إليه جماهير العلماء والشافعي منهم وهو ظاهر الحديث، قالوا وعلى هذا لو قال مطرنا بنوء كذا معتقدا أنه من الله تعالى وبرحمته، وأن النوء ميقات له وعلامة اعتبارا بالعادة فكأنه قال مطرنا في وقت كذا فهذا لا يكفر، واختلفوا في كراهته، والأظهر كراهته لكنها كراهة تنزيه لا إثم فيها، وسبب الكراهة أنها كلمة مترددة بين الكفر وغيره، فيساء الظن بصاحبها، ولأنها شعار الجاهلية ومن سلك مسلكهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1427(9/2081)
قول القائل (التكبر على المتكبر عبادة)
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا الكلام هل هو حديث نبوي شريف أم هو حديث الشارع (التكبر على المتكبر عبادة) ، وإذا كان حديثاً نبوياً شريفاً فمن رواه وفي أي كتب الحديث يقع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه عبارة مشهورة على ألسن الناس بألفاظ مختلفة منها (التكبر على المتكبر حسنة وفي لفظ صدقة) ، وليست بحديث كما ذكر العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس، وهي عبارة صحيحة، وليس الكبر حينئذ كبراً بل سمي تكبراً من باب المشاكلة فحسب، قال صاحب كتاب (بريقة محمودية) : التكبر على المتكبر صدقة، لأنه إذا تواضعت له تمادى في ضلاله وإذا تكبرت عليه تنبه، ومن هنا قال الشافعي تكبر على المتكبر مرتين، وقال الزهري التجبر على أبناء الدنيا أوثق عرى الإسلام، وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أظلم الظالمين من تواضع لمن لا يلتفت إليه، وقيل قد يكون التكبر لتنبيه المتكبر لا لرفعة النفس فيكون محموداً كالتكبر على الجهلاء والأغنياء، قال يحيى بن معاذ: التكبر على من تكبر عليك بماله تواضع.
وقد ذكر المناوي تلك العبارة في فيض القدير ضمن جملة من الأخلاق الحسنة، قال في كتابه فيض القدير: حاول بعضهم جمع الأخلاق الحسنة فقال: الإحسان والإخلاص والإيثار واتباع السنة والاستقامة والاقتصاد في العبادة والمعيشة والاشتغال بعيب النفس عن عيب الناس والإنصاف وفعل الرخص أحياناً والاعتقاد مع التسليم والافتقار الاختياري والإنفاق بغير تقتير وإنفاق المال لصيانة العرض والأمر بالمعروف وتجنب الشبهة واتقاء ما لا بأس به لما به بأس وإصلاح ذات البين وإماطة الأذى عن الطريق والاستشارة والاستخارة والأدب والاحترام والإجلال لأفاضل البشر والأزمنة والأمكنة وإدخال السرور على المؤمن والاسترشاد والإرشاد بتربية وتعليم وإفشاء السلام والابتداء به وإكرام الجار وإجابة السائل والإعطاء قبل السؤال واستكثار قليل الخير من الغير واحتقار عظيمه من نفسه وبذل الجاه والجهد والبشر والبشاشة والتواضع والتوبة والتعاون على البر والتقوى والتؤدة والتأني وتدبير المنزل والمعيشة والتفكر والتكبر على المتكبر..
إذن فتلك العبارة ليست بحديث ولكن معناها صحيح كما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(9/2082)
حكم من ادعى أنه ملك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إن ادعى إنسان بأنه ملاك، هل يمكن للملائكة علم الغيب النسبي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الإنسان يقصد أنه يشبه الملائكة في المواظبة على الطاعة، والبعد عن المعصية ونحو ذلك فلا يجوز لما فيه من تزكية النفس والثناء عليها، وقد قال الله تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم:32} ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 51277.
أما إذا كان يدعي أنه ملاك حقيقة -وهو غير مغلوب على عقله- فهذا كذب وبهتان محرم لا يليق بعاقل فضلا عن مسلم، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ {غافر:28} ، وقال أيضاً: إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {النحل:116} .
ولا تعلم الملائكة من علم الغيب إلا ما أطلعها الله عليه، ولهذا قال الله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا {الجن:26-27} ، قال ابن كثير: وهذا يعم الرسول الملكي والبشري. انتهى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 57098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(9/2083)
قول المرأة لزوجها يا ديوث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي تقول لزوجها كلمة يا سمسار البغايا أو يا قواد أو يا ديوث؟ هل تعتبر المرأة في هذه الحالة مطلقة أو وقع طلاقها؟ وما حكم الاسلام في هذه المسألة؟ وهل يقام على المرأة أي الزوجة حكم القذف أي الجلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعتبر مطلقة بمجرد قولها السابق، ولا تعتبر قاذفة أيضا لأنها لم ترمه بالزنى، ولكنها ولا شك آثمة إن قالت تلك الألفاظ بلا حجة ولا بينة على ما اتهمت به زوجها، وهذا الذي صدر منها يخالف ما أمر به الشرع من طاعة المرأة لزوجها، وإحسانها إليه ومعاشرته بالمعروف، وسبق بيان حق الزوج على زوجته في الفتوى رقم: 1780، وسباب المرأة لزوجها وشتمه ذنب كبير يجب عليها التوبة منه كما سبق في الفتوى رقم: 72973، وهي بهذا السباب تعد ناشزا عند بعض أهل العلم لا تستحق نفقة ولا سكنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(9/2084)
حكم قول المعلم لطلابه (من يحلل عليه غضبى فقد هوى)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمعلم زجر طلبتة بقوله (من يحلل عليه غضبى فقد هوى) !!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز هذا النوع من الاقتباس، وقدمنا الجائز والممنوع من الاقتباس من القرآن في الفتاوى التالية أرقامها فراجعها: 2747. 18962، 45829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(9/2085)
النطق بكلمة الكفر عند الاضطرار
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في دولة أجنبية واضطررت لأن أدعي باعتناقي المسيحية وكنت أسر أنني كاذب حيث إنه في وقت تعميدي كنت أنطق بالشهادة في سري. وأنا الآن تائب أفتوني أفادكم الله كيف اكفر عن هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نطق بكلمة الكفر أو عمل من الأعمال الشركية مضطرا ضرورة تعتبر شرعا كخوفه على نفسه نرجو أن يعفو الله عنه بسبب الاضطرار إذا كان مطمئن القلب بالإيمان.
قال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:106}
فعليك بصدق الالتجاء إلى الله تعالى والإنابة إليه, ومحاولة الهجرة من المكان الذي لا تأمن فيه على دينك. وراجع الفتاوى التالية:
38871، 15719، 12633، 35959، 24683، 38634، 64166.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(9/2086)
مناداة الزوجة أم زوجها بيا أمي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك تعارض في الإسلام عندما تنادي زوجتي والدتي باسم أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما مناداة الزوجة لحماتها بياأمي أو يا عمتي أو يا خالتي ونحوه فلا بأس به إن كان للتوقير والإجلال، وكذا لو نادى هو أم زوجته بيا أمي ونحوه كما بينا في الفتوى رقم: 43568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(9/2087)
تسمية سلمان الفارسي سلمان المحمدي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو هل يجوز تسمية (سلمان الفارسي) بسلمان المحمدي؟ .
وجزاكم الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالنسبة هنا النسب فلا يجوز لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب: الآية5}
وإن كان المقصود بالنسبة أنه على طريقته ومنهجه وسنته فلا حرج في ذلك كما يقال يوم محمدي في يوم عرفة، وفلان محمدي أي من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وأمة محمدية وهكذا، قال العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس: والحكمة في تمييز عرفة لأنه يوم محمدي فريد في ثوابه بخلاف عاشوراء فانه يوم موسوي. انتهى. وعند أبي داود من حديث عبد السلام بن أبي حازم قال: شهدت أبا برزة دخل على عبيد الله بن زياد فلما رآه عبيد الله قال إن محمديكم هذا الدحداح ففهمها الشيخ فقال ما كنت أحسب أني أبقى في قوم يعيروني بصحبة محمد صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أحمد كذلك وصححه شعيب الأرناؤوط.
قال العظيم أبادي في عون المعبود: ((فلما رآه) أي أبا برزة (قال) أي عبيد الله (إن محمديكم) وهكذا في رواية لأحمد أي بالياء المشددة للنسبة كذا في فتح الودود أي منسوب إلى محمد صلى الله عليه وسلم)
والله أعلم
تنبيه: الدحداح: القصير السمين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(9/2088)
حكم رمي القرشيين بالنفاق ولعن أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من قال أو كما قال: (القريشيين منافقين) ، (ثم لعن أبا القريشيين وأثنى في نفس الوقت على أبناء عيسى عليه السلام) وهو يقصد النصارى اليوم، وهل يجوز التحذير منه؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قريشاً لم يكن النفاق معروفاً فيهم في عهد الرسالة، فالقول بأنهم منافقون إن عنى به عهد السلف الأول فهو اتهام بالباطل لا يجوز, وأما لعن أبيهم فإن عنى جدهم الذي ينتسبون إليه وهو فهر أو النضر فلا نرى جواز لعنه إذ يحتمل أنه كان مسلماً على ملة إبراهيم.
وإن عنى بالأبوة أبوة الديانة كما يفهم من كلامك في أبوة عيسى الدينية لقومه، فإن القادة الدينيين من قريش مثل النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده فهو كفر إن قصد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكبيرة من الكبائر عظيمة أن قصد الصحابة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 72556، وأما الثناء على النصارى فهو باطل لأنهم أخبر الله ورسوله أنهم ضالون وأخبر عن توعدهم بنار جهنم، ولا حرج في التحذير من هذا النوع من الناس، بل إن التحذير منه مطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(9/2089)
ما يفعله من قال (لقد كان محقا من كان يئد البنات)
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة العلماء الأجلاء حفظكم الله، أنا رجل مسلم عربي، وأب لسبعة من الأطفال أكبرهم أربع بنات، ألجأتني ظروف خاصة (ليس العمل أو المال) لطلب الإقامة في بلد أوربي (لا يتواجد فيه عمق تاريخي للجالية الإسلامية ولا توجد لأهله الخبرة والتجربة في قبول الأجانب) ، قد أتيت بهن وهن بين سن الرابعة والعاشرة من عمرهن، وأخذن يكبرن وتكبر معهن مشاكل الطفولة والتي أصبحت مشاكل يافعة، وأخذت تتزايد وتتكرر منهن لاحتكاكهن القسري مع غير المسلمات والاطلاع المستمر على ما يدور خارج البيت من ممارسة الحياة اليومية على نمط أهل البلاد، وهذا يدخلني معهن في نقاش ونصح يومي يتطور أحيانا إلى جدال يحتد في بعض المرات وربما يتطور إلى أن يصبح إلزاما إجباريا على بعض الأمور الحساسة والتي لا تحتمل التسويف والتساهل، الأمر الذي يجعلهن في بعض المرات يتحايلن على ما طلبت منهن لكي لا يحرجن أمام مدرساتهن وزميلاتهن في المدرسة والغير مسلمات بالطبع، وما يلبث أن أكتشف ما فعلن ومن الله وحده ودون تدخل من أحد - ربما رحمة من الله بنا – فأكظم الغضب من ذلك في أحيانا كثيرة وفي أحيان أخرى يشتط بي الغضب فأقسو عليهن، بالنهر والتأنيب والضرب أحيانا، ولكن لما كبرن أصبح من غير اللائق والممكن ضربهن، الأمر اللذي لم يوفر للغضب مخرجا في بعض الأحيان، وهذا ما أوقعني فيما أسألكم عنه الآن، فقد حدث مرة وأنا في تلك الحالة من الغضب أن تلفظت بجملة أعوذ بالله من أن أعود لها يوما، فقد قلت وأنا في تلك الحال (لقد كان محقا من كان يئد البنات) ومازلت من يومها وأنا في نكد وكآبة وضيق من تلك الغضبة المقيتة ولم أعرف بعد الندم عليها ما أفعل فأسألكم بالله النصح والإرشاد، وما أكفر به عما بدر وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وأد البنات حرمه الله تعالى كما في حديث الصحيحين: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات..
وعليه فلا يسوغ وصف فاعله بأنه محق لأنه مرتكب محرما, وبما أنك ندمت على ما حصل فأكثر من الاستغفار والتوبة والأعمال, ونرجو أن تكفر توبتك ما حصل منك من الخطأ فقد قال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39} وعليك بمواصلة نصح عيالك برفق, وأسمعهم من الوحي ما يرقق قلوبهم, واتخذ لهم صحبة صالحة, وابحث للبنات عمن يتزوجهن من الرجال المسلمين، واحرص على ما أمكن من الوسائل المعينة على وقاية أهلك من النار، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 41016، 31768، 69518، 46936، 37729، 57690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1427(9/2090)
قول القائل (وصفة الدكتور المعالج الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[عاجل جداً جداً الرد بالإجابة /
سؤالي كتبت لنفر مريض في ورقة وأوصيته بالصبر وفي الآخر كتبت عبارة بهذا النص (وصفة الدكتور المعالج (الله)
1- قيام ليل
2- دعاء بإلحاح
3- صدقة
وبإذن الله سوف تجد الشفاء. انتهى
هل قولي في وصفة الدكتور المعالج الله شرك أو وصفت الله بشيء فيه إشراك وقلة أدب مع الله لأن شخصا نهاني عن ذلك؟
وجزاك الله كل خير. أُريد إجابة مفصلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الواجب الأدب مع الله تعالى, وأن لايوصف بشيء من الصفات إلا إذا ورد بها نص عن الشرع الحكيم، لأن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية,، نعم قد ورد وصف الله سبحانه بأنه (الطبيب) في بعض الأحاديث، وقد ذكرنا طرفا منها بالفتوى رقم: 53847، فراجعها، ولكن استخدام هذا اللفظ (الدكتور المعالج) وصفا لله تعالى لا يجوز، وأما كون ذلك شركا فليس معنا ما يدل على ذلك, ولكنه يخشى أن يكون فيه الإلحاد في أسماء الله تعالى والله جل وعلا يقول: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ {الأعراف: 180} وقد ذكر بعض العلماء أن من الإلحاد في الأسماء أن يوصف بما لم يصف به نفسه أو يصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(9/2091)
كلمات لا تعد من الغيبة المذمومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم معنى الغيبة لكن تحدث مواقف لي في الحياة لا أعرف إن كانت تدخل في معنى الغيبة أما لا وهي كالآتى:
1- هل عندما أقول إني أكره فلانا تعتبر غيبة؟
2- هل عندما أقول هذه الشركة (أقصد الأشخاص العاملين فيها) حرامية تأكل مال الناس وتنصب عليهم حرام؟
3- أداعب خالتي وأقول لها " يا معلمة" هل هذا حرام؟
4- عندما أعلق وأعاتب ما يفعله بعض الحكام المسلمين مع الغرب وأقول هذا الحاكم منحاز أو عميل أو يرضي أمريكا والغرب؟
5- عندما أحكي لشخص عن موقف حصل لي من شخص آخر أهانني وشتمني دون أن يعرف هذا الشخص أو رآه من قبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد قول القائل أكره فلانا أو لا أحبه ليس من الغيبة، إذا كان ذلك لا يتضمن تنقيصا من الشخص الذي لا يحبه, فالحب والكراهية من الأمور التي ربما لا يستطيع الإنسان دفعها أو التحكم فيها وخاصة إذا كان لذلك سبب, ولكن لا يجوز أن يحمله ذلك على ظلمه ففي سنن البيهقي وغيرها أن عمر رضي الله عنه قال لطليحة الأسدي: لا أحبك، وذلك لأنه قتل عكاشة بن محصن، وثابت بن الأقرم. وقال لأبي سفيان بن حرب: لا أحبك أبداً. رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق، وذلك لموقفه من النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفتح.
وأما قول القائل (هذه الشركة حرامية) أو ما أشبه ذلك كأن يقول أهل هذه القرية ظلمة فليس من الغيبة كما نص على ذلك أهل العلم وإن كان فيه تجني على العموم، لأن الغيبة لا تكون إلا على شخص أو أناس معلومين أو مبهمين يعلم المخاطب أعيانهم، انظر الفتوى رقم: 18728.
وأما قولك لخالتك أو غيرها يا (معلمة) فلا شيء فيه إلا إذا كان ذلك على وجه السخرية والاستهزاء فيكون حراما لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ {الحجرات: 11} وليس بغيبة لأن الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في حال غيبته.
وأما تعليقك على ما يفعله بعض حكام المسلمين فإن كان صحيحا وأذيع علانية فليس بغيبة لأن ذكر الفاجر بما أعلن من فسق وبدعة لا يعتبر غيبة.
وأما التحدث عن شخص مجهول بأنه فعل كذا, أو أهان شخصا آخر، أو شتمه فليس بغيبة ما دام الشخص مجهول. وقد سبق بيان كثير من الأمور والأدلة عليها وأقوال أهل العلم فيها في الفتاوى الآتية: 9570، 6710، 6082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1427(9/2092)
حكم قول القائل (وعلى نياتكم ترزقون)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كلمة وعلى نياتكم ترزقون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على هذا اللفظ مرفوعاً أو موقوفاً أو مقطوعاً ... ولا مانع شرعاً من قوله إن شاء الله تعالى، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما من الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي..... الحديث.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. رواه الطبراني في الأوسط، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: نية المؤمن أبلغ من عمله. رواه البيهقي في الشعب وأبو نعيم في الحلية وقال البيهقي هذا إسناد ضعيف. وقال العجلوني في كشف الخفاء:.. وله شواهد منها ما أخرجه الطبراني مرفوعاً: نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته. وللعسكري: نية المؤمن خير من عمله، ونية الفاجر شر من عمله.
وقال ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام رحمه الله يقول: في بعض الآثار الإلهية يقول الله تعالى: إني لا أنظر إلى كلام حكيم، وإنما أنظر إلى همته. مدارج السالكين ح3/ ص3.
ولهذا فإن هذه الكلمة أو الجملة مشروعة لا مانع من قولها لأنها لا تتنافى مع العقيدة أو الآداب الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(9/2093)
قول المرء لأخيه جزاك الله ألف خير أو كل خير
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل يجوز أن أقول لك جزاك الله ألف خير، البعض يقول لا يجوز تحديد الأجر لأن الله هو الذي يحدد الأجر لمن أراد، وهل يجوز القول لفاعل الخير جزاك الله ألف خير، أو جزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قول المسلم لأخيه المسلم جزاك الله ألف خير أو كل خير ونحوها من العبارات الحسنة، والمقصود بذلك هو المبالغة لا نفس العدد، وهو دعاء والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء يعطي السائل مسألته أو أكثر أو أقل أو يمنعه إياها لحكمة يعلمها، ولكن الأولى قول المرء جزاك الله خيراً كما بينا في الفتوى: 36494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(9/2094)
سب الدعاة والاستهزاء بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين..أمّا بعد.
ماهو حكم من يسب الداعية الإسلامي (عمرو خالد)
وهل أهجره خاصة وأنّه يدرس معي وهو دائما يستهزئ بالدين مازحا وقد نهيته عن ذلك لكنّه أبى واستهزأ بي أمام النّاس ونحن نعيش في مجتمع أصبح المستقيم فيه غريبا؟
أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سب الدين ردة سواء كان مزحا أو غير ذلك، ومن سب الدين لا يستغرب سبه لبعض العاملين للدين ولا استهزاؤه بمن نصحه، ولتتذكر أخي أن الأنبياء أوذوا في الله وكذبوا واستهزئ بهم كما قال تعالى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ {الأنعام: 10} فليهن عليك الأمر إذا أصابك ما أصابهم، واحرص على تمسكك أنت بالدين وعدم مجالسة أهل الباطل عموما، وابحث عن صحبة صالحة تعينك على الخير وتدلك عليه وتستعين بهم على هداية زملائك المنحرفين.
وأكثر من الدعاء لهؤلاء المنحرفين وسل الله أن يهديهم، واستخدم ما أمكن من الوسائل المفيدة في هدايتهم وراجع في خطورة سب الدين وفي عمرو خالد وفي بعض الوسائل المعينة على هداية الناس الفتاوى التالية أرقامها: 21651، 23107، 33697، 2093، 44164، 6069، 59243، 12487، 46898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(9/2095)
الكلام في الأمور الغبيية بلا علم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد كلام بالمنتديات وهو على ما أعتقد بعيد عن الصحة:
الله يقول في كتابه العزيز، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً} يعني كل شئ عملوا موجود أمامهم وهذه المشاركه تقول: لن يسألك ما نوع السيارة التي تقودها.... بل سيسألك كم شخصا نقلت بسيارتك ولم تكن لديه وسيلة مواصلات
2 لن يسألك كم مساحة بيتك..... بل سيسألك كم شخصا استضفت فيه
3 لن يسألك عن الملابس في خزانتك.... بل سيسألك كم شخصا كسوت
4 لن يسألك كم كان راتبك.... بل سيسألك كيف أنفقته وكيف لم تتفاخر به أمام الناس
5 لن يسألك ما هو مسماك الوظيفي.... بل سيسألك كيف أديت عملك بقدر ما تستطيع
6 لن يسألك كم صديقا كان لديك.... بل سيسألك لكم شخص كنت له صديقا مخلصا
7 لن يسألك عن الحي الذي عشت فيه ... بل سيسألك أي نوع من الجيران كنت
8 لن يسألك عن لون بشرتك..... بل سيسألك عن مكنونات نفسك ونظرتك للآخرين
9 لن يسألك كم استغرقت من الوقت لتجد السلام النفسي وتؤمن ببارئك..... بل سيأخذك لقصرك في الجنة وليس إلى بوابات جهنم
10 لن يسألك الله عن عدد الأشخاص الذين أرسلت لهم هذه الرسالة..... بل سيسألك إن كنت قد خجلت من إرسالها لأصدقائك
وياليت ألقى الجواب والنصيحة للشباب وهو ينقل كلام عن الدين ولا يهمه صحيح ولا غير صحيح وحتى بعد أحاديث، ياليت تعطينا نصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في النصوص أن الإنسان لا يعمل عملا أو يتلفظ بكلمة إلا لديه ملائكة يرقبون ذلك قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ {الإنفطار: 10 ـ 12} وقال جل من قائل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق: 18} وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يكتب كل شيء صدر عن الإنسان كالحركة والسكون والنوم والكلام وغير ذلك، أم أنه لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، قال القرطبي في تفسيره: قال ابن الجوزاء ومجاهد يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه، وقال عكرمة لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزر عليه، وقيل يكتب عليه كل ما يتكلم به، فإذا كان آخر النهار محي عنه ما كان مباحا، نحو: انطلق، اقعد، كل، مما لا يعلق به أجر ولا وزر. وذكر ابن كثير أن ظاهر الآية العموم.
وعلى أي من الأقوال اعتمدنا، فإن ما ورد في السؤال يحتاج إلى دليل، لأنه كلام في أمور غيبية، والأمور الغيبية مبناها على التوقيف، وكل ما لم يرد له دليل في الشرع مما له صلة بالغيب أو العبادة فهو بدعة داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد.
وعليه فإننا ننصح الشباب والشيوخ وكل من أراد الكلام في الدين أن يتوخى الصحة، ويتجنب كل ما لم يرد له في الشرع دليل، فإن من الذنوب العظيمة أن يقول المرء على الله ما لا علم له به. قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف: 33} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(9/2096)
حكم قول (إن جهاد النفس يجب أن يكون قبل جهاد العدو)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قولة (إن جهاد النفس يجب أن يكون قبل جهاد العدو) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في تلك المقولة لأن جهاد النفس قبل جهاد العدو، ولن يجاهد المرء عدوه إلا إذا جاهد نفسه، وأرغمها على تحمل ما فيه من مشاق، وطلب ما فيه من أجر وثواب، مع أن بعض الأحاديث نصت على تفضيل جهاد النفس، وانظر الفتوى رقم: 66811 ففيها بيان ذلك وتفصيله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(9/2097)
حكم قول (حلي عن سمائي)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول (حلي ـ أي ابتعدي ـ عن سمائي) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القول إن صدر بلا مبرر فهو يخالف الأخلاق الحميدة وحسن التعامل مع الناس، وأما إن كان له ما يبرره فلا إثم فيه وتركه أفضل.
وأما إن كان المراد بالسؤال عن وجود محذور عقدي في قوله (سمائي) فإنه لا محذور فيه، لأنه يطلق ويراد من النسبة الانتفاع، كما يقال الأرض أرضي والسماء، ويقال حلقت الطائرة في سمائنا أي في السماء التي تظلنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(9/2098)
رمي المخالف باليهودية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم فيمن يقول إنه من يأتي بدليل من الكتاب والسنة ويؤدى هذا الدليل إلى التفرقة فهذا دين يهودي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التفرق والاختلاف في الدين منه ماهو سائغ، ومنه ما ليس بسائغ، فالمسائل المجمع عليها من العقائد والفروع الفقهية لا يجوز فيها الاختلاف، وأما المسائل التي لم تجمع فيها الأمة على رأي واحد فالاختلاف فيها غير مذموم، كالاختلاف الواقع بين المذاهب الأربعة، بل إن المخالف قد يمدح إذا كان من أهل العلم وكان الحامل له هو اتباع الحق، وقد وقع هذا النوع من الاختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم، ولم يؤد إلى تفسيق أو تبديع بعضهم لبعض، فضلا عن تكفير بعضهم لبعض، فلا يجوز اتهام من اتبع الكتاب والسنة ولم يخالف ما أجمعت عليه الأمة بأنه يهودي ولا بأنه جاء بدين جديد، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 38419، ولمعرفة ما يجوز فيه الاختلاف وما لا يجوز راجع الفتوى رقم: 8675، والفتوى رقم: 56408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(9/2099)
استعمالات (لو) وحكم كل استعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله، وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان. والسؤال هنا عن كلمة \"لو\" إذا استعملت من باب محاسبة النفس كأن أقول مثلا لو أنني ذاكرت أكثر لنجحت في الامتحانات أو لو عملت بشكل أفضل لكسبت مالا أكثر، لو وفرت زمنا لحفظت القرآن وما شابه ذلك، هل يكون ذلك اعتراضا على هذا الحديث أو اعتراضا على القدر. أرجو التفصيل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نقل ابن حجر في الفتح عن القرطبي أنه قال في المفهم: محل النهي عن إطلاقها ـ يعني لو ـ إنما هو فيما إذا أطلقت معارضة للقدر مع اعتقاد أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور؛ لا ما إذا أخبر بالمانع على جهة أن يتعلق به فائدة في المستقبل، فإن مثل هذا لا يختلف في جواز إطلاقه، وليس فيه فتح لعمل الشيطان، ولا ما يفضي إلى تحريم.
وقال النووي في شرح مسلم: أما من قالها تأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به. وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث. والله أعلم.اهـ
وبناء عليه نقول: إن كان استعمال (لو) في لوم النفس على تفويت أمر محمود فلا بأس بذلك، وإن كان على تفويت أمر غير محمود فإنه داخل في النهي.
ولتتمة الفائدة نذكر ما قاله الشيخ ابن عثيمين في استعمالات (لو) وحكم كل استعمال، فقال قال في شرح كتاب التوحيد:
1 - الاعتراض على الشرع وهو محرم، كقول المنافقين: لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا {آل عمران: 168}
2- الاعتراض على القدر وهو محرم أيضا، كقوله تعالى: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا {آل عمران: 156}
3- الندم والتحسر وهو محرم أيضا، كحديث: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومن استعمل ليت لمعنى من هذه المعاني المحرمة فهي حرام.
4- الاحتجاج بالقدر على المعصية وهو محرم، كقول المشركين: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا {الأنعام: 148} وقولهم: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ {الزخرف: 20}
الخير المحض وهذا جائز، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي. متفق عليه عن جابر. اهـ بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(9/2100)
حكم قول يا محمد عند التعجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدينا في سوريا كلمة تقال بكثرة وهي منتشرة انتشار النار في الهشيم بأن يقول أحدهم عندما يتعجب من أمر \" يا محمد! \" والناس تقولها على سبيل التعجب لا على سبيل الاستغاثة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فهل يعتبر التلفظ بمثل هذا اللفظ لمثل هذه الغاية شركاً؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا حالات استعمال عبارة يا رسول الله، وحكم كل حالة في الفتوى رقم: 14616، فراجعها، وعبارة يا محمد ليست من ألفاظ التعجب بل إن أكثر ما تستعمل عند العامة في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولهذا ينبغي تجنب استعمالها عند التعجب سدا للذريعة وبعدا عن التشبه بمن يقولها استغاثة فقد أخرج الطبراني في المعجم الكبير عن عبادة بن الصامت قال: قال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله عز وجل. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الاستغاثة: وهو صالح للاعتضاد، ودل على معناه الكتاب والسنة. وتوسع في (تلخيص كتاب الاستغاثة) في بيان صحة معناه، وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في (تيسير العزيز الحميد) : المراد بذلك الإرشاد إلى حسن اللفظ والحماية منه صلى الله عليه وسلم لجانب التوحيد وتعظيم الله تبارك وتعالى، فإذا كان هذا كلامه صلى الله عليه وسلم في الاستغاثة به فيما يقدر عليه فكيف بالاستغاثة به أو بغيره في الامور المهمة التي لا يقدر عليها أحد إلا الله، كما هو جار على ألسنة كثير من الشعراء وغيرهم، وقل من يعرف أن ذلك منكر فضلا عن معرفة كونه شركاء. انتهى. وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 31789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(9/2101)
حكم استعمال كلمة حيوان منوي
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني بارك الله فيكم سؤالي على ما أتصور أنه مهم ولكني سأسرده مختصرا.
يطلق كثير من علمائنا الأفاضل كلمة (حيوان منوي) علي النطفة التي هي أصل الإنسان وكما ورد اسمها في القرآن الكريم فهل يوجد نص من القرآن أو السنة يجيز استخدام مصطلح الحيوان أم لا؟ وإن كانت الإجابة بلا فأرجو التنويه لهذا وتعميمه على الشبكة ليعلمه كل من لا يعلم ولكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة حيوان منوي لم ترد في القرآن ولا في السنة، وإنما المذكور فيها هو لفظ النطفة كما ذكرت، أو لفظ المني، قال تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى {القيامة: 37} وقد اكتشف العلم الحديث أن كل مليمتر مكعب من النطفة التي تأتي من الرجل تحتوي ملايين الكائنات التي تتحرك، ويصلح كل واحد منها لتلقيح البويضة التي يفرزها مبيض المرأة، فأطلق أهل الاختصاص في هذا المجال على تلك الكائنات اسم الحيوانات المنوية نسبة إلى المني، وهذه الحيوانات لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، لذا لم يكن من المتصور أن يرد اسمها العلمي في القرآن ولا في السنة، ولكنه قد ورد ما يدل عليها وعلى غيرها من المكتشفات التي تحدث كل حين، قال تعالى: وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ {النحل:8} وقال سبحانه: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ {النحل: 67}
وعلى كل فلا مانع من استعمال كلمة حيوان منوي، للتعبير عن الكائنات المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(9/2102)
لا حرج في حكاية ما ليس فيه دعاية للفجور والفحش
[السُّؤَالُ]
ـ[الله يحفظكم ويرعاكم وسدد على الخير خطاكم،، إخواني أنا أكتب في أحد المنتديات وفاجئني أحد الإخوان بمشاركة خادشة للحياء فحاولت جاهدا مجاراته بما يحدث من عولمة وأن هذا غير صحيح على الإطلاق ولكنه أتى لنا بدراسات لوجوب الانفتاح والتفتح للصغار والمراهقين حاولت جاهداً البحث عن الأدلة من الكتاب والسنة ولكن ضعفي الديني نسأل الله التوبة لم يساعدني في الرد على هذا الكاتب لاسيما أنه سليط في اللغة العربية وفذ في كلامه ومتمكن وما دعاني للرد عليه هو قوه معاني كلماته التي كتبها لنا في المنتدى..
أفيدوني أفادتكم الله وأثابكم وجعلها في ميزان أعمالكم عن فتاوى وأحاديث علني أرد على هذا بها..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث مع الشباب بما يستحيى منه عادة لتحقيق مقصد شرعي كتعليمهم ما أشكل عليهم من أمور الطهارة أو علاج مرض كل ذلك جائز بقدر ما يحتاج إليه. والأولى الكناية ما أمكن، فقد روى الطبري عن ابن عباس أنه قال: إن اللمس والمس والمباشرة: الجماع، ولكن الله يكني ما شاء بما شاء.
وفي الحديث أن أم سليم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق..هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: نعم إذا رأت الماء. رواه البخاري. وفي الصحيحين عن عائشة قالت: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض؟ فأمرها كيف تغتسل قال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها، قالت: كيف أتطهر؟ قال تطهري بها، قالت: كيف؟ قال: سبحان الله تطهري. فاجتبذتها إلي فقلت: تتبعي بها أثر الدم.
قال النووي: وفيه استحباب استعمال الكنايات فيما يتعلق بالعورات.
وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياماً فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب، فقال لنا: مكانكم، ثم رجع فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر فصلينا معه. قال الحافظ ابن حجر في الفتح وهو يعدد الفوائد المستفادة من هذا الحديث: وفيه أنه لا حياء في أمر الدين.
ولا حرج في حكاية ما ليس فيه دعاية للفجور والفحش، فقد روي عن ابن عباس أنه أنشد وهو محرم: وهن يمشين بنا هميسا. إن تصدق الطير ننك لميسا فقيل له: أرفثت؟ فقال: الرفث ما كان عند النساء. رواه ابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(9/2103)
من المناهي اللفظية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأحد منا أن يقول كثافة في الإنتاج وسوء في التوزيع مثلاً إذا كان رجل كثيف الشعر، ما عدا أعلى الرأس (أصلع) ؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم أن يستسلم لحكم الله تعالى وينقاد له، فحكمه سبحانه وتعالى عادل وحكمته بالغة لا يسأل عما يفعل، ولا يجوز الاعتراض على قضائه وقدره سبحانه وتعالى في جميع ما حكم به.
كما أن عليه أن يبتعد عن اغتياب الآخرين والإساءة إليهم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11} ، وقال الله تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ {الحجرات:12} .
وعليه فقول المرء (كثافة في الإنتاج وسوء في التوزيع لرجل كثيف الشعر وله صلع في رأسه) إن كان يقولها على سبيل الاستهزاء والاعتراض على خلق الله، فإنه قد خرج من الملة، وإن لم يكن له ذلك القصد، وإنما يعيب بها من يخاطبه، فذاك من الغيبة التي ورد النهي عنها في الآيات السابقة وفي نصوص كثيرة أخرى، إضافة إلى أنه يوحي بأن صاحبه لا يراقب الله فيما يقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(9/2104)
التسمي بالأسماء الكاملة للصحابة رضوان الله عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأفاضل أنا مراقب عام في أحد المنتديات وقد تسجل لدينا عضو باسم \" معاذ بن جبل\" وآخر باسم \" علي كرم الله وجهه\" فأنكرت عليهم هذه الأسماء خاصه أنها الاسم الثلاثي للصحابي وليس الاسم الأول الذي يستعمل كدلالة على ذلك الصحابي، ولكن الإخوة الأعضاء ومعهم زملائي الإداريون لم يروا ما أراه وظنوا جميعا أنني على خطأ فاتفقنا على أن نلجأ لأهل العلم ونأخذ رأيهم وها أنا ذا أسألكم هل تجوز هذه التسمية أم أنه يجب الاستعاضة عنها باسم معاذ أو علي وليس اسم الصحابي الكامل؟
أنا أعرف قصة الأنصاري الذي ولد له مولود ذكر فأسماه محمداً فأنكر عليه الصحابه ذلك واحتكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه الخبر فكان جوابه \" سموا باسمي ولا تتكنوا بكنيتي \" أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولكن هنا الاسم محمد فقط أي كمعاذ وعلي فقط، فما العمل إذا كان الاسم معاذ بن جبل وعلي كرم الله وجهه ومحمد بن عبد الله بن عبد المطلب؟
أرجو من العلي القدير أن يوفقك في الإجابه على تساؤلنا هذا.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أنه لا حرج في التسمية باسم الصحابي الكامل لأن هذه الأسماء أسماء مستعارة، ولا فرق فيها بين الاسم الأول والاسم الثلاثي الكامل من حيث الدلالة على المراد ولا نعلم دليلا شرعياً في النهي عن التسمية بالاسم الثلاثي حقيقة فأحرى إن كان على سبيل الاستعارة، وأما قصة الأنصاري التي ذكرت فإن المراد منها النهي عن التكني بكنية الرسول صلى الله عليه وسلم وليس المراد بها النهي عن التسمية باسم الرجل الثلاثي، علما بأن الراجح والله أعلم هو جواز التكني بأبي القاسم الآن كما قدمنا في الفتوى رقم: 2850، وراجع الفتوى رقم: 58514، والفتوى رقم: 63095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1426(9/2105)
حكم لعن الدين وقول القائل هذه البار كفر
[السُّؤَالُ]
ـ[قول هذه البار كفر، مع العلم بأن الذي يقولها لا يعلم أنه يكفر (نع الدين عزرينك أو أمك أو شيء آخر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بالبار المكان الذي يشرب فيه الخمر، فليس في هذه الكلمة كفر لأن هذه الكلمة في الأصل هي كلمة إنجليزية (bar) وتعني بالعربية: حانة -أي المكان الذي يشرب فيه الخمر- ثم نطقت بالعربية وكتبت (بار) ، ولكن لو فرض أن قائل هذه الكلمة قصد أن يسمي المكان الذي يشرب فيه الخمر باراً من البر والخير استهزاء بتحريم الخمر، فإنه يكفر بذلك سواء علم أن الاستهزاء بذلك كفر أم لا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 29407. وإن كنت تعني بهذه الكلمة (البار) شيئا آخر غير ما ذكرنا فبينه لنا ليتسنى لنا الجواب عنه.
أما قول (نع الدين) فإن كنت تقصد به لعن الدين فإن فاعل ذلك كافر سواء قال ذلك جاداً أو هازلاً، عالماً بأن فاعله يكفر أم لا، وقد تقدم تفصيل الكلام في ذلك في الفتوى رقم: 23340، والفتوى رقم: 133.
ولم نفهم باقي السؤال فنرجو إعادة كتابته بصورة أوضح ليتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(9/2106)
تفنيد مقولة (الدين أفيون الشعوب)
[السُّؤَالُ]
ـ[تطرح شبهة أن الدين قيل عنه أنه أفيون \"مخدر\" الشعوب فهل هذا الكلام ينطبق على الإسلام، وكيف نرد على من يدعون ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الكلمة معروفة عن الهالك مؤسس الفكر الشيوعي كارل ماركس، الذي قال: إن الدين هو إفيون الشعوب.
والشيوعية مذهب فكري يقوم على الإلحاد وأن المادة هي أساس كل شيء، وأول معتقداتها إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات، والقول بأن المادة هي أساس كل شيء، وشعارهم، الإيمان بثلاثة: ماركس، ولينين، وستالين، والكفر بثلاثة: الله، الدين، الملكية الخاصة.
يحاربون الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادما للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال مستثنين من ذلك اليهودية معللين ذلك بأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة.
يعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير الحياة الدنيا، ويقولون إن الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآلة الإنتاج، عليهم من الله ما يستحقون، ولك أن تراجع في معتقداتهم ومبادئهم فتوانا رقم: 5887.
واعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن نقاش من عنده مثل هذه الأفكار فيه خطر كبير على دين المرء، إلا من أعطاه الله من العلم ما يرد به شبهاتهم، وكان له معرفة بالمجادلة والحوار.
وللرد على هؤلاء نقول لهم: إن هذا الكون بنظامه ودقته شاهد على وجود الله تعالى، بل الإنسان نفسه أكبر دليل على وجود خالقه، فهو أوجد من العدم، ومر بمراحل وأطوار متعددة في بطن أمه، ثم يخرج إلى هذا العالم ويعيش أطوار حياته، فيتم كل ذلك وفقا لسنن كونية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل.
ومن جانب آخر فإنه يستحيل عقلا أن يوجد شيء من تلقاء نفسه دون موجد له، وهل من الممكن أن نتصور تجمع مادة بنفسها صدفة ليتكون منها أي شيء في هذا الوجود؟ وإذا كان هذا مستحيلا، فكيف يعقل إذن أن نتصور وجود هذا العالم بكل هذه الدقة والنظام دون أن يكون له خالق له المنتهى في صفات الكمال؟
وإذا تجاوزنا هذه المرحلة، نقول لهم إن الإسلام دين منزل من عند الله خالق هذا الكون ومدبر أمره، وشريعته هي الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، وهي الكفيلة بتحقيق الرقي والأمن والخير للفرد والمجتمع وفيها من الأحكام والتوجيهات ما هو جدير بأن يقيم المجتمع المتعاون المتكافل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(9/2107)
حكم قول القائل خانتني الأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقول المرء: خانته الأيام أو خانه الدهر أو خانه الزمن، والحديث كما تعلمون.. (لا تسبوا الدهر..) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن سب الدهر والزمن والأيام في أحاديث منها ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار. رواه مسلم بلفظ: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر.
وساب الزمان أو الدهر إن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فهو يسب الله، وإن سب الدهر لكونه ظرفا فقد سب مخلوقا لا يستحق السب.
قال الشافعي في تأويل الحديث: والله أعلم إن العرب كان من شأنهم أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك.... ويقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر فيجعلون الليل والنهار يفعلان الأشياء فيذمون الدهر بأنه الذي يفنيهم ويفعل بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الدهر على أنه الذي يفنيكم والذي يفعل بكم هذه الأشياء فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء إنما تسبون الله تبارك وتعالى، فإنه فاعل هذه الأشياء.
وعليه فإنه لا يجوز أن يقول المرء خانتني الأيام أو الدهر ونحو ذلك، لأن الحديث صريح في النهي عن نسبة شيء إلى الدهر مطلقاً، سواء اعتقد أنه فاعل أو لم يعتقد ذلك، ولك أن تراجع في تفصيل هذه المسألة فتوانا رقم: 50029.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(9/2108)
هل يقال قوس قزح أم قوس الله
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإجابة علي سؤالي وهو: منذ أيام شاهدت برنامجا علي قناة دبي يحكي حول قدرة الله سبحانه في تكوين المعادن والألوان وقد لفت انتباهي ما قاله العالم الإسلامي بأن قوس قزح كلمة خاطئة والاسم الحقيقي والمفروض بأن يقال هو قوس الرحمن لأن قزح هذا هو عبارة عن أحد آلهة الجاهلية والعياذ بالله، رجاء الرد علي وإفادتي لأنه لدي شخص قريب جدا (ابنة أخي) فقد استعملت هذا الاسم لمشروع لها وأنا أريد بأن أطمئن على الاسم لأنه والعياذ بالله إذا كان كما قال العالم فهذا اسم جاهلي ويجب تغييره، أفيدوني أفادكم الله؟ وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قوس قزح هو الخطوط والطرائق الملونة التي تبدو في السماء على شكل قوس أيام الربيع، قال ابن منظور في اللسان: هو من التقزيح وهو التحسين، وقيل من القزح، وهي الطرائق والألوان التي في القوس، الواحدة قزحة، أو هو من قزح الشيء إذا ارتفع ... ويقال: إن قزحاً جمع قزحة وهي خطوط من صفرة وحمرة وخضرة ... ويقال: قزح اسم ملك موكل به.
وقُزَح أيضا اسم جبل بالمزدلفة ... وفي حديث أبي بكر أنه أتى على قزح وهو يَخْرش بعيره بمحجنه.. وهو القرن الذي يقف عنده الإمام بالمزدلفة.
هذا مختصر ما جاء عن قوس قزح من حيث اللغة والاشتقاق في لسان العرب لابن منظور وغيره.
أما من حيث الشرع فقد جاء في بعض الأحاديث: لا تقولوا قوس قزح فإن قزح شيطان -أو هو الشيطان- ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض من الغرق. قال عنه الشوكاني في الفوائد: قال ابن الجوزي موضوع.. وقال الذهبي: واهٍ في إسناده ضعيفان. وقال عنه الألباني في السلسلة: موضوع.
لذلك فإنه لا مانع شرعاً من تسمية مشروع أو غيره بقوس قزح؛ لأن الأصل الجواز ولا دليل على التحريم كما رأيت، فالحديث الذي ذكر مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(9/2109)
حكم قول القائل إن الوطن غفور رحيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد مسلم ومن ضمن الشعارات السياسية التي تستعمل هنا قولهم (إن الوطن غفور رحيم) .
هل هذه العبارة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم لدى أهل اللغة والبيان أن الصفات لا تقوم إلا بالذوات، فالمقصود بالوطن أهله ومن له الكلمة فيه. وصفة الرحيم والغفور من صفات الله عزوجل. لكنه ورد إطلاق الرحيم على المخلوق في قوله تعالى: ... عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ {التوبة: 128} والمقصود بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
وأما صفة الغفور بتلك الصيغة فلم يأت إطلاقها على المخلوق، ولكنه ورد يصيغة الفعل كما في قوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ {الشورى: 43} ولم يذكر أهل العلم أنها من الصفات الخاصة بالله، ومعلوم أن من الصفات ما هو مشترك يطلق على الخالق وعلى المخلوق، ومنها ماهو خاص بالخالق لا يجوز إطلاقه على المخلوق، ومنها ما هو خاص بالمخلوق لايجوز إطلاقه على الخالق لتضمنه النقص.
وهاتان الصفتان صفة الرحيم والغفور ما دامتا لم يرد تخصيص إطلاقهما على الخالق فلا بأس بإطلاقهما على المخلوق واستعمالهما كشعار عليه، وإن كان الأولى والأحوط عدمه لكون صفة الغفور من صفات الخالق، ولم يرد في الشرع إطلاقهما على المخلوق، وصفات الخالق يجب تقديسها وتكريمها ومن ذلك عدم إطلاقها اعتباطا.
وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله بجواز إطلاق الأسماء والصفات المشتركة على الخالق والمخلوق وهي في كل إطلاق بحسبه فقد ورد في الفتوى رقم: 8911، قولهم: إن كثيرا من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في اللفظ والمعنى الكلي الذهني، فتطلق على الله تعالى بمعنى يخصه ويليق بجلاله سبحانه، وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به فيقال مثلاً الله حليم. وإيراهيم عليه الصلاة والسلام حليم. والله رؤوف رحيم ومحمد صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم. ليس حلم إبراهيم ورأفة محمد مثل حلم الله أو رأفته ورحمته بخلقه. وقد بين ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في أول رسالته التدمرية، وهكذا غفران الله تعالى وستره لخطايا عباده وتجاوزه عنهم ليس مثل غفران المخلوق وتجاوزه. بل لله تعالى من المغفرة والرحمة ما يخصه وللمخلوق من ذلك ما يخصه.
هذا مع التنبيه إلى أن في إطلاقه العبارة إبهاما كما بينا، فالأولى تركها والاقتصار على ما يختص بالمخلوق ويكثر إطلاقه عليه من الصفات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(9/2110)
حكم قول (يا رب القرآن)
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الشكر والتقدير إلى لجنة الفتوى: الله رب العالمين وكل ما سوى الله عالم. والمعروف أن القرآن الكريم كلام الله غيرمخلوق. فهل يجوز أن نقول \"يا رب القرآن\" في الدعاء مع أنه غير مخلوق؟
أفيدونا يرحمكم الله وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرآن كلام الله تعالى وليس بمخلوق كما دل على ذلك الكتاب والسنة واتفاق الأئمة من أهل السنة الجماعة، وعليه.. فلا يجوز أن يقال يا رب القرآن لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته، وصفاته ليست مخلوقة كذاته فلا يصح أن يقال يارب القرآن. إلا إذا قصد القائل بقوله (يا رب القرآن) أي يا صاحب القرآن كما يقال يا صاحب العزة والجلال ونحو ذلك فلا بأس. والأولى الابتعاد عنه لما في ذلك من الإيهام على بعض السامعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(9/2111)
حكم قول القائل أنا أصدق من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من مسك القرآن بيده وقال أنا أصدق من هذا يقصد القرآن عندما كذبه أحدهم في المجلس؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما بين دفتي المصحف كلام الله وهو أصدق الحديث ولا يمكن شرعاً ولا عقلاً أن يكون هناك كلام أصدق منه لقوله تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا {النساء: 87}
ولما في الصحيحين: أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله.
وبناء عليه فإن ادعاء شخص ما أن كلامه أصدق مما في المصحف خطأ واضح وضلال بين يكفر به من اعتقده إن توفرت فيه شروط تكفير المعين وانتفت عنه الموانع؛ لما في دعواه مخالفة كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وراجع في ضوابط التكفير الفتاوى التالية أرقامها: 721 // 46686 // 19084.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(9/2112)
العزم بالدعاء، ولا يقل: إن شئت
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في الأحاديث النهي عن قول المسلم في دعاء الله تعالى – إن شئت-.
فما حكم قول- إن شاء الله- بعد الدعاء كأن يقول أحدهم - جزاك الله خيرا إن شاء الله- أو – رب ينجحك إن شاء الله؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفرلي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه. وهذا النهي للكراهة على الصحيح، وهو شامل للصورة المسؤول عنها لأنها نوع من الدعاء. قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يقول: اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا لأنه كلام مستحيل لا وجه له لأنه لا يفعل إلا ما شاءه، وظاهره أنه حمل النهي على التحريم، وهو الظاهر، وحمل النووي النهي في ذلك على كراهة التنزيه وهو أولى، ويؤيده ما سيأتي في حديث الاستخارة. قال ابن بطال: في الحديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما. وقال ابن عيينة: لا يمنعن أحدا الدعاء ما يعلم في نفسه ــ يعني من التقصير ـــ فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال (رب أنظرني إلى يوم يبعثون) وقال الداودي: معنى قوله " ليعزم المسألة " أن يجتهد ويلح ولا يقل: إن شئت كالمستثني، ولكن دعاء البائس الفقير. قلت: وكأنه أشار بقوله كالمستثني إلى أنه إذا قالها على سبيل التبرك لا يكره وهو جيد.اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(9/2113)
لعن المعين في نظر عائشة رضي الله عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الحاكم في المستدرك: (أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى ومحمد بن محمد بن يعقوب الحافظ قالا: ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق قال: قالت لي عائشة رضي الله عنها: «إني رأيتني على تل وحولي بقر تُنْحَر» ، فقلت لها: لئن صدقت رؤياك لتكونن حولك ملحمة، قالت: «أعوذ بالله من شرك، بئس ما قلت» فقلت لها: فلعله إن كان أمرًا سيسوؤك، فقالت: «والله لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أفعل ذلك» ، فلما كان بعد ذكر عندها أن عليًا رضي الله عنه قتل ذا الثدية، فقالت لي: «إذا أنت قدمت الكوفة فاكتب لي ناسًا ممن شهد ذلك ممن تعرف من أهل البلد» ، فلما قدمت وجدت الناس أشياعًا، فكتبت لها من كل شيع عشرة ممن شهد ذلك، فأتيتها بشهادتهم، فقالت: «لعن الله عمرو بن العاص؛ فإنه زعم لي أنه قتله بمصر» ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) .. انتهى من المستدرك.. وقال الذهبي في التلخيص: (على شرط البخاري ومسلم) ..
وبحثت في رجال هذا السند فوجدتهم كلهم ثقات.. إلا الأعمش فإنه ثقة ورع لكنه كان يدلس..
فهو إذن حديث صحيح كما قال الحافظ الذهبي.. فما تفسير لعن عائشة رضي الله عنها لعمرو بن العاص رضي الله عنه..
وجزاكم الله خيرًا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث صحيح كما ذكرت، وقول عائشة رضي الله عنها يمكن حمله على أنها ربما كانت ترى جواز لعن المعين إذا ارتكب كبيرة أو كان مجاهراً بالفسق، فلما أخبرت بقتل علي ذا الثدية ظنت أن عمرو بن العاص قصد الكذب عليها والتدليس فذكرت ذلك.
وأخرج ابن حبان في صحيحه أنها قالت: ما فعل يزيد بن قيس عليه لعنة الله؟ قالوا: قد مات، فاستغفرت الله، فقالوا: مالك لعنتيه ثم قلت: أستغفر الله؟ قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
فدل ذلك على أنها كانت ترى جواز لعن المعين المرتكب للكبيرة، ولكن هذا يخالف ما تفيده الأدلة من النهي عن ذلك، وأنه لا يجوز لعن المعين وهو الصحيح والراجح، كما في الفتوى رقم: 10853.
وعائشة مع جلالة قدرها وكبير فضلها وغزير علمها قد تخطئ كغيرها من البشر، لأن العصمة ليست لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا هو.
وعمرو بن العاص رضي الله عنه صحابي جليل، ولا يمكن حمل كلامه إلا على أنه توهم أنه قتل ذات الثدية فاشتبه عليه فأخطأ، ولا يستوجب ذلك لعنه أو سبه عفا الله عنها وعنه وعنا وعن جميع المسلمين، واعلم أنه يجب الكف عما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 38633، 40767، 60739.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(9/2114)
حكم قول المسلم للكافر ((الأخ فلان))
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن نقول لغير المسلم \\\" الأخ \\\" بزعم أنها أخوة إنسانية أو وطنية وليس المقصود بها دينياً؟
وما حكم تهنئة النصارى بأعيادهم على اعتبار أن المصلحة تقتضي ذلك بالقياس إلى اختيار أخف الضررين واختيار أفضل المصلحتين؟
أرجو الإفادة العاجلة.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإطلاق كلمة أخ على الكافر فيها تفصيل، فإن كان القائل يريد أخوة الدين فإن ذلك لا يجوز، وإن كان يريد أخوة النسب ولو النسب البعيد فلا بأس بذلك.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا {الأعراف: 65} قال ابن عباس: أي ابن أبيهم وقيل أخاهم من القبيلة، وقيل أي بشرا من بني أبيهم آدم. وقال أيضا: وقيل له أخوهم لأنه منهم وكانت القبيلة تجمعهم كما تقول يا أخا تميم. وقيل إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم كما أنهم من بني آدم، وقال أيضا في تفسير قوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ {الشعراء: 106} أي ابن أبيهم وهي أخوة نسب لا أخوة دين وقيل هي أخوة المجانسة. اهـ.
ولكن ليحذر المسلم المستقيم العقيدة من كثرة إطلاق كملة أخ على الكفار والمشركين والملحدين لغير حاجة من تأليف لقلوبهم على الإسلام أو اتقاء لشرهم فإن كثرة إطلاق كلمة أخ عليهم قد تؤدي إلى ميل قلب المؤمن لهم ومودتهم وعدم بغضهم وإن مودة الكفار محرمة بل إنها تقدح في إيمان العبد. قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة 22}
وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22048، 11768، 32852.
هذا، ولا يجوز تهنئة النصارى وسائر المشركين بأعيادهم التي هي من خصائص دينهم فضلا عن مشاركتهم في الاحتفال بها، ولا نرى الضرورة التي ذكرها السائل التي تلجئ المسلم لتهنئة الكفار بأعيادهم الكفرية وإقرارهم عليها، ولتعلم أيها الأخ الكريم أن تهنئة الكفار ببعض أعيادهم تعد تكذيبا لصريح القرآن ومما يدل على ذلك أن القرآن جاء فيه أن عيسى عليه السلام لم يصلب بل رفعه الله إليه، وأما النصارى فكما هو معلوم فإنهم يعتقدون أنه صلب ودفن وبقي في قبره ثلاثة أيام ثم قام، ويوم قيامه من قبره يعظمونه ويحتفلون به ويسمونه عيد القيامة المجيد، فكيف يطيب لمسلم موحد أن يهنئهم على مثل ذلك الكفر.
وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8327، 4586، 26883، 41447
ولمزيد بيان حول الموضوع، ارجع إلى كتاب الولاء والبراء في الإسلام لمحمد سعيد القحطاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(9/2115)
هل يستعمل المسلم لقب قديس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استعمال كلمة \"قديس\" كاسم أو كلقب للتداول بها يعتبر حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة (قديس) من ألقاب النصارى واليهود التي يطلقونها على أحبارهم ورهبانهم، وقد أمرنا بمخالفتهم في أحاديث صحاح، فالأولى للمسلم أن يتنزه عن ذلك وأن يتخير من الأسماء والألقاب أحبها إلى الله وأصدقها وأجملها معنى، فتلك هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنا فيه أسوة حسنة، كما قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب:21} ، وقد بينا السنة في تسمية الأولاد واختيارها في الفتوى رقم: 1640، كما بينا أنه لا يجوز التسمي بالأسماء والألقاب التي فيها تفخيم وتعظيم، وانظر الفتوى رقم: 5444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(9/2116)
حكم القسم بالبراءة من الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم القسم ببراءة الإسلام أي أن يقول المرء أقسم أني بريء من ملة الإسلام لو فعلت كذا، فما هو حكم القسم نفسه، هل هو كفر وخروج عن الملة، وهل من أقسم هذا القسم يكون كافراً، هل من أقسم وجب عليه تنفيذ هذا القسم وإلا كفر وخرج عن دينه، وهل لو لم ينفذ هذا القسم يكون كافراً، وهل هو يمين أصلاً، وهل لي توبة، والحاجات التي حلفت عليها قبل ذلك ماذا أفعل بها، أرجو موافاتي بالحل الشرعي الصحيح من الكتاب والسنة، وأرجوكم بسرعة لأني في ورطة وسألت أكثر من شيخ وأصبحت في حيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قال والعياذ بالله تعالى هو بريء من دين الإسلام إذا حصل كذا أو فعل كذا، فمذهب جماهير العلماء أن هذا ليس يميناً ولا يلزم قائل هذا القول كفارة يمين إذا حصل ذلك الأمر، لكن يجب عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحاً ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، فإنه قد تفوه بقول يحسبه هيناً وهو عند الله عظيم.
ونظراً لخطورته نص بعض أهل العلم أن هذا القول مخرج من ملة الإسلام يحكم على قائله بالردة مستدلين بما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال ... وهذا لفظ البخاري.
وقد حمل الحديث كثير من أهل العلم على التهديد والمبالغة ولم يكفروا بهذا القول، قال ابن حجر في الفتح: قال ابن المنذر اختلف فيمن قال أكفر بالله ونحو ذلك إن فعلت ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه ولا يكون كافراً إلا إن أضمر ذلك بقلبه، وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق هو يمين وعليه الكفارة، قال ابن المنذر والأول أصح لقوله من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة زاد غيره، ولذا قال من حلف بملة غير الإسلام فهو كما قال، فأراد التغليظ في ذلك حتى لا يجترئ أحد عليه. انتهى.
وقال الشوكاني في النيل عند شرح هذا الحديث: والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التعليق فينظر، فإن كان أراد أن يكون متصفاً بذلك كفر، لأن إرادة الكفر كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر، لكن هل يحرم عليه ذلك أو يكره تنزيها؟ الثاني هو المشهور.
وبناء على هذا فإنه لا يلزم العمل بهذا القسم لأنه ليس يميناً شرعية، والواجب التوبة إلى الله والتعود على الحلف بأسماء الله وصفاته عند الحاجة عملاً بما في الحديث: من كان حالفا فليحلف بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(9/2117)
الكذب ممنوع في الجد والمزاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل جديدا في مصلحة حكومية كمهندس ونحن مقسمون إلى مجموعات وكل مجموعة يرأسها دكتور في الهندسة يوجد دكتور لديه اثنان من المهندسين أصحاب لحى وأنا أيضا ملتح ولكني لست تحت رئاسته فدخل علينا هذا الدكتور ومعه دكتورة وقالت ملتح آخر فقلت لهذا الدكتور أنا أعمل معك وأخي فلان وفلان وأنت أزهري فقالت الدكتورة كل هؤلاء يعملون معك وكانت صيغة الكلام مزاحا فهل أكون بذلك مستهزئا وإن كان ذلك والعياذ بالله فهل لي توبة؟ علما بأن لدي بعض الوسواس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في هذا الكلام -فيما يظهر لنا- استهزاء، ولكن إخبارك بأنك تعمل مع الدكتور إذا كنت تقصد به أنك تحت رئاسته فهذا إخبار غير مطابق للواقع وهو داخل في الكذب، والكذب لا يجوز في مزاح أو جد، فيجب التوبة إلى الله من ذلك، وإن كنت تقصد به أنك تعمل معه في مصلحة حكومية واحدة، فهذا صحيح، ولا حرج فيه.
وكذلك قولك للدكتور إنه أزهري، إن كان أزهرياً حقا، فقد أخبرت بالواقع، وإن لم يكن أزهرياً، وعنيت بذلك أنه كالأزهري الذي يحبه أهل الدين ويفضلون العمل معه على غيره، فهذا أيضا لا بأس به إذا كان حاله كذلك، وإلا فهو كذب لا يجوز.
وقد سبق أن ذكرنا كيفية علاج الوساوس في عدة فتاوى، انظر منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 48437، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(9/2118)
حكم قول القائل لا حول الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عرفت أنه يحرم قول لا حول الله ولا بد أن نقول لا حول ولا قوة إلا بالله، لكن المشكلة أني تعودت على هذه الكلمة وتخرج مني تلقائيا من غير ما أقصد، أنا نيتي ليس أنه لا حول لله طبعا، أنا نيتي أن لا حول ولا قوة إلا بالله وحاولت مرات أن أقولها بشكل صحيح لكن أنسى، فهل هذا فعلا حرام أم ما دامت نيتي سليمة يكون الأمر جائزا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك مواصلة مجاهدة نفسك لتعويدها على النطق الصحيح والإكثار من ذكر الله بالأذكار المأثورة كلما حصل منك الخطأ، وتكرار كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله كثيرا، وتذكر ما فيها من الفضل وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 35625.
ونرجو أن يسامحك الله فيما يقع ويصدر منك من غير قصد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تجاوزالله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني.
وقد نص أهل العلم على أنه لا يكفر من صدر منه الكفر خطأ من غير قصد، واستدلوا لذلك بحديث مسلم في الرجل الذي قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40915، 31061، 4132، 721، 21800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(9/2119)
حكم من قال وضع المال في مدرسة أفضل من الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جدة كانت تحج في أحد الأعوام مع العلم أنها كبيرة في السن ففي زحمة الحج وهي في لحظة انفعال قالت: لو كنا وضعنا أموالنا في مدرسة كان أحسن فما حكم حجتها وكيف تكفر عن هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمدلول تلك الكلمة يتوقف على نية وقصد صاحبتها، فإن كانت تقصد أن الوقف أفضل من الحج لما يعرض للحاج أحيانا من زحام ودفاع، فهذا خطأ لا شك فيه لأن الحج ركن من أركان الإسلام لابد منه في حق القادر عليه مرة في العمر، وحجة الفرض أفضل من جميع النوافل ففي الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.
وأما في حق من أدى فريضة الحج من قبل فقد تكون الصدقة والوقف ونحوها من أعمال البر أفضل له، وذلك إنما يقدر بحسب الزمان والمكان والأحوال فمن كانت لديه نفقة حج وقد حج من قبل فوضعها في أكباد جائعة يسد بها رمقها ويلم بها شعثها وهي لا تجد قوتاً، فذلك أفضل له كما فعل عبد الله بن المبارك لما تجهز لحج النافلة وفي طريقة وجد امرأة وصبية خماصا فدفع إليهم نفقة حجه ثم عاد وقال لأصحابه هذا حجنا هذا العام.
فإذا كانت جدتك قد حجت من قبل وتقصد أن هذا المال الذي حجت به حج النافلة كان أولى وأكثر أجراً أن تبني به مدرسة لأبناء المسلمين أو مستشفى أو نحو ذلك من أعمال البر فكلامها له وجه من النظر وقد يكون صواباً.
وأما إن كانت تقصد التضجر مما لاقته من زحام بسبب تأديتها لشعيرة الحج وأنها لا تساوي هذا التعب والضنى الذي يبذل في سبيلها، فذلك قول خطير قد يفضي إلى الكفر فيجب عليها أن تتوب منه وتستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً، فالحج من شعائر الله التي يجب تعظيمها كما قال: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج: 32} .
ولكن الإنسان في حالة الغضب الشديد قد يقول ما لا يدرك ويفعل ما لا يعي، كما حدث لموسى عليه السلام لما رجع إلى قومه فوجدهم يعبدون العجل: وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ {الأعراف: 150} .
فلم يؤاخذ على ذلك لعدم قصده لما صدر منه، ولأنه كان غضبا في الله، وكذلك المرء في حالة إغلاق الغضب عليه، فإنه لا يعي ما يقول فلا يؤاخذ به، وإنما يؤاخذ بما تعمد وقصد قال الله تعالى: وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5} .
فحج جدتك صحيح إن شاء الله، وينبغي أن تتوب إلى الله مما قالت إن كانت تقصد أمراً سيئا وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 10062، والفتوى رقم: 29941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(9/2120)
حكم الكذب لغرض محمود
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقة لي تحب مسيحيا وقد كذبت عليها وقلت لها إني تشاجرت معه وقال لي إنه لا يحبك ولا يوجد أي مشاعر في قلبه لكي أبعده عنها ولكن أنا في الحقيقة أكذب عليها وأرجو أن توجد إجابة على هذ المشكلة
وجزاك الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما قمت به بل إنك مأجورة على ذلك إن شاء الله تعالى إن كنت تنوين بذلك تغيير المنكر، لأن العلماء قد نصوا على إباحة الكذب إذا كان المراد منه تحصيل غرض محمود لا يتوصل إليه إلا به، وراجعي في بيان ذلك الفتوى رقم: 52199
وقد نص العلماء على أن الكذب قد يكون أحيانا مباحا وأحيانا يكون مستحبا، بل قد يكون واجبا على حسب اختلاف المقصود. قال الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين: كل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا، فإذا اختفى المسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله، وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا ليس هو كاذبا بالنسبة إليه وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب، ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال.
ولا شك أن إبعاد صديقتك عن ذلك النصراني مقصود محمود، بل هو واجب شرعي، فإذا لم تتمكني من ذلك إلا بالكذب وجب عليك، ثم إننا نشكرك على حرصك على إبعاد صديقتك عن المحرمات فجزاك الله على ذلك خيرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(9/2121)
اللعن والسب وتحقير المسلم محرم على الرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد علمت أن النساء هم أكثر أهل النار وذلك لأنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير‘ ولكنني ألاحظ أن الرجال أكثر لعنا ويلعنون كثيرا ويسبون الدين (ولا أنكر أن كثيرا من النساء أيضا يفعلن ذلك) ولكن الرجال يجهرون بذلك بدون أدنى حياء، وكذلك يجهرون بالسباب والألفاظ البذيئة التي تخدش الحياء كما أن الكثير من الرجال يظلمون النساء ويصفونهن بأنهن أقل ذكاء منهم وأكثر غباء ولا يؤخذ برأيهم ويحتقرونهن حتى وإن كانوا لايظهرون ذلك ولكنهم في قرار أنفسهم يحتقرونهن ويستقلونهن ولاسيما كثره ضرب الزوجات إلا من رحم ربي فلماذا لم ينههم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ ويوضح عقوبه ذلك للرجال حتى يردعهم عن ذلك؟ أرجو التوضيح وبالتفصيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعليل النبي صلى الله عليه وسلم كثرة النساء في النار بقيامهن ببعض الأعمال ومنها إكثار اللعن. ثبت في حديث الصحيحين: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن وبم يا رسول الله قال: تكثرن اللعن.. . وهذا لا يعني أن الرجال لا يتلفظون بهذا، بل هذا في جنس النساء أكثر. وهذا الحديث استدل به ابن حجر على حرمة كثرة استعمال الكلام القبيح كاللعن والشتم، وذكر أن النووي استدل على أن اللعن والشتم من الكبائر بالتوعد عليهما بالنار. وهذا يدل على منع وقوع اللعن والشتم من الرجال والنساء معا، ويدل لحرمته على الجميع ما في الحديث: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني. وبناء عليه فإن اللعن محرم على الجميع إذا كان الملعون معينا، ويجوز لعن الجنس كلعن الكفار والظالمين ومن مات على الكفر، كما قال المباركفوري في شرح الترمذي. وليعلم أن التخلق بأخلاق الإسلام ومعاشرة المسلمين بعضهم لبعض بالأخلاق الفاضلة أمر يطالب به الجميع، فينبغي لكل أحد أن يعاشر إخوانه المسلمين معاشرة حسنة ويخالقهم مخالقة حسنه. وقد حرم الله الظلم على نفسه وحرمه على العباد، فقال في الحديث القدسى: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. رواه مسلم. وحرم احتقار المسلمين، ويدل لذلك ما في حديث مسلم: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وعلى الزوجين أن يسعيا في حل مشاكلهما بالحوار والمصارحة بالودية وتعهد كل منهما لإعطاء كل ذي حق حقه. هذا منهج الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه فيما يتعلق بتعامل الرجال مع النساء والنساء مع الرجال، فمن خرج عن هذا المنهج ولم يلتزم به فلا يحسب فعله ذلك على الإسلام، بل الإسلام منه بريء، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 60729، 33363، 2589، 3738، 11963، 27662، 65741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(9/2122)
عقوبة المغتاب والساكت عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال أرجو من الله عز وجل أن تجيبوني عليه سريعا لأني في صراع داخلي , لقد سمعت من أحدهم خبرا يتعرض لأخلاق أحد الأشخاص, ولكني لم أعلق على الخبر ولم أخض فيه , فهل سماعي للخبر يعتبر نميمة وتعرضا لأعراض الناس وإذا كان كذلك ماذا يتوجب علي فعله حتى أكفر عن هذا الذنب؟
أرجو الرد بأسرع وقت ممكن....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التناصح والتواصي بالحق بين المسلمين والذب عن أعراضهم من آكد المطالب الشرعية، وقد كان عليك أن تنصح الأخ الذي تكلم في أخيه بالحكمة والموعظة الحسنة، وتنهاه عن المنكر وتبين له خطر الوقوع في أعراض المسلمين وتذب عن عرض المتهم ما استطعت، عملا بواجب النصح وتغيير المنكر، فقد حرم الله عز وجل الغيبة في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات: 12} . فشبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتا، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة عرج به بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، قال: فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. رواه أحمد وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط، والأحاديث في ذم الغيبة والتنفير منها كثيرة. وتفسير الغيبة جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول: قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم. فكان عليك أن تحاول منع ذلك الشخص من الغيبة وترد عن عرض أخيك ففي الحديث: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وفي الحديث: ما من امرى يخذل امرءا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته. رواه أبو داود وحسنه الألباني. والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره إن كنت قد قصرت في الذب عن عرض أخيك المسلم، أو تساهلت في سماع غيبته، وإن لقيت ذلك الشخص الذي كان يتعرض لعرض ذلك المسلم ـ إن لقيته ـ فانصحه وانهه عن ذلك المنكر. وراجع في تحريم سماع الغيبة الفتاوى التالية أرقامها: 28004، 41506، 20669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(9/2123)
فضل حفظ القرآن وخطورة التجسس للتيقن من الاتهامات
[السُّؤَالُ]
ـ[نص السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم أنا أعيش في قرية فلسطينية داخل الخط الأخضر وقد هداني الله إلى الطريق الحق وأصبحت أصلي ولا أترك فرضا أبدا مهما كانت الظروف كما ألزمت أهل بيتي بذلك, ولكني منذ أن بدأت أرد بيت الله لاحظت أن هناك جماعة تحيط بإمام المسجد وهم المسيطرون على كل شيء من ناحية الأوقاف والصدقات وغيرها ولا يتقبلون أي توجيه أو انتقاد, وأنا من النوع الذي لا يستطيع السكوت على الخطأ ولذلك اتهمت طوال الوقت أن طبيعتي جدلية. وأنا والحمد الله أقوم منذ مدة بحفظ القرآن الكريم وفي إحدى المرات التي انتقدني بها الإمام قال لي إنه لا توجد آية بالقرآن الكريم تحث على حفظ القرآن الكريم ولذلك أنا لست بحاجة لأن أحفظه؟ وقبل سنة اعتقل أحد هؤلاء بتهمة حيازة الأسلحة وذلك بعد الانتخابات التي جرت في القرية وكان الهدف منها إعاثة الفوضى بالقرية وبعد خروج هذا الشخص من السجن عاد إلى مكانته الأولى وأخذ يخطب بالناس ولم يعترض أحد لأننا قلنا إن الله قد أعاده إلى صوابه ورجع إلى الحق ولكن منذ أسبوع تقريبا أخذت تنتشر شائعة أن هذا الشخص يقوم بالاتصال غير الشرعي بنساء المسلمين ويقوم بمضايقتهن بكلام غير لائق وأنا سمعت بهذا الحديث كغيري وكنت بين مصدق ومكذب ولم أخض في هذا الحديث إلا أمام زوجتي ولكن في ذات اليوم الذي سمعت به الخبر زارني إمام المسجد وأخذ يقول إن الله أعلمه بما كنا نتحدث أنا ومخبري بالخبر وأنه يجب علي أن أتأسف للمتهم وأن هذا خيانة وأعمال إنسان خائن وأن هذه نميمة وسأعاقب عليهامع العلم أني لم أعلق على هذا الخبر أمام أحد سوى زوجتي لأنها كانت فد تطوعت للعمل في المخيم الإسلامي وكان هذا الشخص متواجدا في قسم الرجال وكنت أريد التأكد أنه لم يتعرض لها. ومع العلم أن هناك حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام \\\"إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا....\\\" ومن حقي معرفة الحقيقة لأنه أمر يمس المسلمين وسمعة رواد المساجد سؤالي هو: 1. هل مجرد سماعي للخبر يعتبر نميمة؟ 2. هل من حقي معرفة الحقيقة ومتابعة الخبر أم لا؟ 3. هل التحدث مع زوجتي بهذا الموضوع يعتبر نميمة؟ 4. هل حفظي للقرآن الكريم عبثي ولا فائدة منه كقول إمام المسجد؟ أرجو أن تفيدوني بذلك بأسرع وقت ممكن لأني أعيش في صراع داخلي كبير ولا أريد أن يطغيني الشيطان وأقوم بعمل لا أطيقه كترك الصلاة في المسجد أو أي شيء آخر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حفظ القرآن كاملا فرض كفاية، فإن وجد بين المسلمين من يكفي من حفظة القرآن سقط الإثم عن الباقين وإن لم يوجد ذلك أثم الجميع.
وقد نص الفقهاء على أن ما يتعين حفظه من القرآن الكريم على كل مسلم هو الفاتحة، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32515، 25499 فراجعها.
وهذا لا يعني التقليل من أهمية حفظ القرآن الكريم أو التهوين من شأنه، فقد وردت نصوص كثيرة في فضل حفظه كقوله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. أخرجه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن لله أهلين في الناس، قيل من هم يا رسول الله قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته. رواه ابن ماجه وأحمد وغيرهما.
قال في شرح سنن ابن ماجه. قال في النهاية: أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله والمختصون به اختصاص أهل الإنسان به. انتهى.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأ بها. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه الألباني.
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: واعلم أن المراد بقوله: صاحب القرآن حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. أي أحفظهم. فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها، كما توهم بعضهم ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى وليس للدنيا والدرهم والدينار، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم: أكثر منافقي أمتي قراؤها. انتهى.
وللمزيد من الفائدة حول فضل حفظ القرآن الكريم راجع الفتاوى التالية: 10941، 13727، 19251.
وأما بخصوص كلامك مع زوجتك وتحذيرها فليس من الغيبة والنميمة المحرمين لأن العلماء قد نصوا على جواز ذلك إن كان بنية تحذير المسلمين من الشر ونصحهم، ومن باب أولى الزوجة بل إن تحذيرها واجب عليك لأن المسلم يجب عليه أن يحافظ على عرضه، لكن يجب عليك عدم التوسع في الكلام بما يزيد على النصح والتحذير. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17373.
إلا أن الذي يجب عليك أن تنتبه له هو عدم بناء ذلك على الظنون والشكوك وأن اتهام المسلم بذلك دون تيقن من المحرمات لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات: 12} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا. رواه البخاري ومسلم.
واستماعك لمن نقل لك هذا الخبر مبني على ما ذكرناه فإن كان مجرد ظنون وإشاعات فلا يجوز لكما التحدث في ذلك أو تناقله، أما متابعة الخبر للتأكد منه بعد سماعه فلا يجوز لنهي الله تعالى عن التجسس في الآية السابقة، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق بعد تحذيره من الظن: ولا تحسسوا ولا تجسسوا.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم قال بعض العلماء: التحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم وبالجيم البحث عن العورات، وقيل بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور.
وقال ابن حجر في الفتح: قال الخطابي: معناه لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوها.
والأصل في المسلم البراءة فلا يجوز اتهامه دون بينة، وأما إذا كان ذلك معروفا عنه وهو مجاهر به فإن تحذير المسلمين منه لا يعد من الغيبة المحرمة كما مر.
ولمعرفة أحكام الغيبة بتفصيل أكثر راجع الفتوى رقم: 6710.
وننبه الأخ السائل إلى أن قوله: " إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا" آية وليس حديثا، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات: 6}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(9/2124)
إخبار الزوجة أختها بتصرفات زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا تحدثت معي أختي من باب التفكير في أمر عمله زوجها أي أنها لم تعرف لماذا تصرف هكذا فافترضت لها النية الحسنة في فعله فهل هذا غيبة، وإذا تحدثت النساء عن أزواجهن وبعض الأفعال التي لا تعجبهن أو تقلقهن هل هو من الغيبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قدمنا تعريف الغيبة وبيان خطورتها وضابط ما يباح منها في الفتوى رقم: 6710 والفتوى رقم: 40863 والفتوى رقم: 51408.
فمن تحدثت مع أختها في بعض الأمور التي يعملها زوجها، فإن كان الحديث عن الأمور الخاصة بالأمور الزوجية كالاستمتاع فلا يجوز لهما الحديث في ذلك، لأن الحديث فيه من إفشاء السر المحرم.
ففي الحديث: أن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها. رواه مسلم. وإن كان الحديث في أمور عملها الزوج ودارستها أختها في تفسير ذلك وفيما يناسب من التصرف تجاه ذلك حتى يحصل الانسجام والتوافق بين الزوجين ولم يكن في ذلك ما يدعو لنشوز الزوجة وعصيانها لزوجها ولا تخبيبها عليه ولا ذم للزوج فالظاهر أن هذا لا حرج فيه، وأما حكاية النسوة حال أزواجهن فلا تخلو من محاذير، فربما يحصل فيها تنقص الأزواج والإخبار عنهم بما يكرهون الإخبار به زيادة على عدم وجود المصلحة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(9/2125)
حكم غيبة الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أغتاب الأطفال وصغار السن، وهل غيبتهم هي بنفس إثم الغيبة العادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصل الغيبة محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال الله تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا {الحجرات:12} ، وقال صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
وبناء عليه فإنه لا يجوز تنقص الصبيان وإيذاؤهم بذكرهم بما يكرهون لأنهم يشاركوننا في الأخوة الإيمانية بل إن في ذلك إيذاء ذويهم الكبار، وقد صرح بعض العلماء بحرمة اغتياب الشخص في نفسه وأهله، قال الناظم:
يحرم في حضوره وغيبه * في نفسه أو أهله أو كلبه
ثم إن من دواعي البعد عن تنقص الصبيان ما فيه من تنقيص خلق الله تعالى وتضييع الوقت فيما لا يعني، قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: وسئل الغزالي في فتاويه عن غيبة الكافر؟ قال: هي في حق المسلم محذورة لثلاث علل: الإيذاء، وتنقيص خلق الله، فإن الله خالق لأفعال العباد، وتضييع الوقت بما لا يعني..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(9/2126)
إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[اغتسلت وبعد ذلك سألتني أمي أين وضعت لباسك الداخلي وقالت ذلك أمام بعض أقربائي ثم قالت لي هل كنت قد لبست لباسك الداخلي فقلت لها لا لكي لا يتسبب لي حرج أمام أقربائي ولكني كذبت عليها فأنا قد أخفيت لباسي الداخلي لأنه كان فيه بعض المني لأني كنت على جنابة، فما حكم كذبتي وماذا أفعل، وأرجوكم لا تحيلوني على فتاوى وأسئلة سابقة وإنما أجيبوني إجابة جديدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب حرام وهو كبيرة من الكبائر، فيجب على المسلم الاحتراز من الوقوع فيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. رواه مسلم.
وإذا تعين عليه الكلام في نفي شيء ما لحرج موقف أو خوف سوء عاقبة ونحو ذلك فيمكنه الاستعانة بالتعريض والتورية ففيهما مندوحة عن الكذب، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. صححه الشيخ الألباني، وقال عمرو بن الحصين: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب وصححه الألباني.
فالواجب عليك فيما ذكرت هو أن تتوب إلى الله وتستغفره وتندم على ذلك وتعقد العزم على أن لا تعود إليه، وأبشر بتوبة الله عليك إن فعلت وعلم منك الصدق في ذلك، فقد قال سبحانه: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:17} ، وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110} ، فمن يستغفر الله يغفر له ومن يتب يتب الله عليه، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 39152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(9/2127)
آفات اللسان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي آفات اللسان التي يجب على المسلم أن يجتنبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شأن اللسان خطير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم وآله وسلم أيضاً: وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جنهم. رواه البخاري.
وعلى ذلك، فإن الواجب على المسلم أن ينتبه لما يخرج من فمه، فإن الملائكة تحصي كلمات ابن آدم، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق: 18} .
هذا، وإن أعظم آفات اللسان النطق بالكفر، ومنه سب الله ورسوله، والاستهزاء بالدين أو بعض شعائره.
ومن الآفات أيضاً: لعن المسلم، وسبه والفحش عليه، وأعظم السب أن يسب الرجل والديه، وكذلك قذف المحصنات المؤمنات الغافلات، والنميمة والغيبة، والكذب في اليمين، والكذب في القول، وإخلاف الوعد، وإفشاء السر، والهمز واللمز، وكلام ذي اللسانين صاحب الوجهين الذي ينقل كلام كل من المتعاديين للآخر، والخوض في الباطل وهو الكلام في المعاصي كذكر مجالس الخمر ووصف النساء والكلام عن الفروج والعورات وما يكون في الجماع، وفي المقابل: الإفراط في المدح.
ومن آفات اللسان: كثرة المزاح، أما اليسير منه فلا ينهى عنه إذا كان صدقاً، وكذلك الكلام فيما لا يعني والانشغال عن ذكر الله، والتقعر في الكلام والتفاصح وتكلف السجع.
ولمزيد بيان حول هذه الآفات راجع كتاب: مختصر منهاج القاصدين، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 767، 1845، 29732، 48708، 6710، 41438، 60347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(9/2128)
لا حرج في قول \"هذه معادلة وضعها الله عز وجل للحياة\"
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال دعوتي لبعض الشباب أقول لهم إن الله عز وجل قال (فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) أقول لهم إن هذه معادلة وضعها الله عز وجل للحياة، من يمشي على ما يرضي الله لا يضل ولا يشقى ومن يعرض فإن له معيشة نكدا وقرفا وضيقا
هل تشبيهي الآية بالمعادلة فيه خطأ شرعي، وكلامي بشكل عام هل فيه خطأ شرعي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من أبرز سمات المتقين تعظيم شعائر الله تعالى، كما قال سبحانه وتعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} . وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج:30} .
وفي المقابل حرم الاستخفاف والاستهزاء بآيات الله تعالى، وعد ذلك كفرا، فقال سبحانه: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة: 65-66} .
والمعادلة تعني الموازنة بين الأشياء، قال في تاج العروس: وعَادَلَهُ مُعادَلَةً: وَازَنَهُ، وكذا: عادَلَ بينَ الشَّيْئَيْن.
ولا مانع من الموازنة بين الأشياء كيف كان نوعها إذا لم يكن في ذلك شيء من الاستخفاف.
وعليه، فلا حرج في قول المعادلة في المعرض المذكور إذا لم يكن فيها استخفاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(9/2129)
حكم كلمة (ألو)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فعلا أن كلمة (ألو) حرام؟؟ .. وإن كانت حراما ما الدليل على ذلك؟؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة (آلو) قد تعارف الناس على الاستفتاح بها عند بداية المكالمات التلفونية. ولم يرد في الشرع ما يدل على النهي عنها أو عن مثلها من الكلمات. وما دام الأمر كذلك فليست حراما، لأن من القواعد المعروفة عند أهل العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم.
ولكن السنة أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام، كما قال النووي في المجموع وابن قدامة في المغني.
قال النووي: والأحاديث الصحيحة المشهورة وعمل الأمة على وفق هذا من المشهورات.
وعدم البداءة بالسلام هي خلاف الأولى، ويشرع للمجيب أن لا يكلم ولا يجيب من لم يبدأه بالسلام، لما في الحديث: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. رواه الطبراني وأبو نعيم وحسنه الألباني.
فهذا الحديث يفيد الترهيب من البداءة بغير السلام، ولكن لا يقال إن عدم البداءة بالسلام محرمة، لأن السلام من أصله غير واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(9/2130)
حكم إطلاق بعض صفات الله على بعض الموصوفين
[السُّؤَالُ]
ـ[قد يبدو سؤالي غريبا نوعا ما ولكن الله يعلم انه من حرصي على الفوز برضا الله سبحانه وتعالى.
في الأسواق الآن موجود نوعان أو ماركتان من معجون الأسنان. أحدهما يحارب أغلبية المشاكل الخاصة بالأسنان مثل التسوس وجير الأسنان وبلاك الأسنان وغير ذلك. وقد كتب على علبة المعجون كلمة (Complete) وأيضا -وهنا أريد لفت الانتباه على العبارة التالية- حيث كتب على علبة المعجون عبارة (هل معجون أسنانك بهذا الكمال) وكذلك فان هذه العبارة تقال أيضا في الإعلان الذي يظهر على كثير من القنوات الفضائية التي تبث الإعلان الخاص بهذا المعجون.
النوع الآخر من المعجون أو الماركة الأخرى من معجون الأسنان وهو يحوي نفس خاصية النوع السابق حيث انه يحارب أغلبية مشاكل الأسنان وقد أطلق عليه اسم (Total) وقد ترجم على الجهة الثانية من العلبة وكتب باللغة العربية عبارة (الشامل) .
سؤالي هو: هل إذا استخدمت هذه المعاجين بنوعيها الذي ذكرت إليكم (النوع الذي يطلق ليه Complete والذي مكتوب عليه هل معجون أسنانك بهذا الكمال , والنوع الذي يطلق عليه Total والذي كتب عليه عبارة الشامل) هل أكون عند استخدام هذه المعجونين قد دخلت في باب الشرك والعياذ بالله؟
لأن الكمال لله سبحانه وتعالى وحده.
استغفر الله العظيم وأتوب إليه إن كنت قد ظلمت نفسي أو أي شخص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استخدام هذه المعاجين التي ذكرت لا يدخلك في الشرك، وذلك لأن إطلاق بعض الصفات التي وصف الله بها على بعض الموصوفين سائغ شرعا إن لم تكن مما يختص الله به كالخالق والإله، فصفة الكريم -مثلا- قد وصف بها الرزق في القرآن كما وصف بها الملك والقول والكتاب والنبات والرسول، وكذلك صفة الملك أطلقت في القرآن على بعض الملوك كملك مصر في عهد يوسف عليه السلام، ولم يمنع منها إلا ما يختص بالله كملك الأملاك، لما في الحديث: إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك. متفق عليه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(9/2131)
الأمور المغيبة لا تثبت بالاجتهاد
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن التأفف (أي قول كلمة أف) تجلب الفقر وقلة الرزق هل هذا صحيح؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم التأفف، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 26507.
وأما كونه يجلب الفقر وقلة الرزق، فإن ذلك من الخرافات التي لا ينبغي للعاقل أن يشغل بها وقته.
ثم إن ما سيحدث في المستقبل من فقر وغيره، هو من الأمور الغيبية التي لا يجوز التنبؤ بما ستكون عليه، وعلى المسلم أن يعتقد أن الأمور المغيبة لا يصح فيها الرأي ولا تثبت بالاجتهاد، فما صح منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس، وما ليس كذلك فلا يعتد به، قال الله تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 6} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(9/2132)
البلاء والابتلاء وقول القائل أستعين بالله وبك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..
رزقكم الله تعالى رضوانه والجنة.. عندي سؤالان بارك الله تعالى فيكم..
أولاً: كيف يمكن التفريق بين البلاء والابتلاء والمصيبة، هل من تأصيل دقيق لذلك وهل يمكن أن يعرف المرء في أي قسم ما أصابه، وهل في كل الحالات يعتبر مأجورا إن صبر واستعان بالله، حتى لو كان ما أصابه جراء معصية ارتكبها مثلا، وكذلك هل يجوز القول أستعين بالله وبك، أم هذا لا يجوز، ويجب القول أستعين بالله ثم بك، وإن كنت قاصدا في الكلام أستعين بالله (إجمالا معتمدا عليه) وبك (أي كسبب من الله جل وعلا) أم أصلا لا يجوز التلفظ بهذا، وجزيتم خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبلاء والابتلاء معناهما الاختبار والامتحان، قال في النهاية: والمعروف أن الابتلاء يكون في الخير والشر معا من غير فرق بين فعليهما، ومنه قوله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ... {الأنبياء:35} ، ومنه الحديث: من أبتلي فذكر فقد شكر ... والابتلاء في الأصل الاختبار والامتحان، يقال بلوته وأبليته وابتليته.
ومنه حديث كعب بن مالك: ما علمت أحداً أبلآه الله أحسن مما أبلاني. ومنه الحديث: اللهم لا تبلنا إلا بالتي هي أحسن أي لا تمتحنا....
وفي فتح القدير للشوكاني، عند تفسير قول الله تعالى: إن هذا لهو البلاء المبين قال: البلاء والابتلاء: الاختبار والمعنى: إن هذا هو الاختبار الظاهر حيث اختبره الله في طاعته بذبح ولده ...
والمصيبة تقال لكل ما أصاب الإنسان من نوائب الدهر، قال في لسان العرب: والصابة والمصيبة: ما أصابك من الدهر.
وقد تبين من هذه التعريفات أن البلاء والابتلاء أعم من المصيبة، لأنهما يكونان في الخير والشر، وأما المصيبة فلا تكون إلا في الشر، والمرء إذا اختبر بنعمة أنعم الله عليه بها لتبين ما سيكون حاله من شكر لتلك النعمة أو كفران لها، فهذا إنما يوصف بأنه بلاء وابتلاء، ولا يمكن وصفه بأنه مصيبة، وأما إذا اختبر ببعض الفواجع والدواهي لتبين ما سيكون عليه حاله من الصبر أو الجزع، فهذا يمكن أن يوصف بأنه مصيبة وبلاء واختبار.
ولا شك أنه في كل الحالات يعتبر مأجوراً إن شكر النعم التي وقع الاختبار بها، بصرفها فيما يرضي الله، أو صبر واستعان بالله في حالة ما إذا كان الاختبار ببعض المصائب، ولا يتغير هذا الحكم بما إذا كان ما أصابه هو بسبب معصية ارتكبها وتاب منها، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الصحيح، ولا يجوز قول أستعين بالله وبك، ولو كان المتكلم لا يقصد التشريك، لأن هذا اللفظ مما نهى عنه الشارع، وفيه سوء أدب مع الله، ففي زاد المعاد لابن القيم عند الكلام على الحديث الشريف: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان ... قال: وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قول من لا يتوقى الشرك: أنا بالله وبك، وأنا في حسب الله وحسبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، وهذا من الله ومنك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، والله، وحياتك، وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائلها المخلوق ندا للخالق، وهي أشد منعاً وقبحاً من قوله: ما شاء الله وشئت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(9/2133)
قول المسلم (اعتبرني كافرا)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا قال رجل للآخر \"لم فعلت كذا؟ \" فر د عليه الآخر \"آسف اعتبرنى كافر\" أو قال له \"كافر \" فقط علما بأن الأخير لم يكفر قلبه وهو على الإيمان والصلاة وقد أنب نفسه كثيرا بعد قول تلك الكلمة؟؟ وهل يجب على القائل أن يغتسل للإسلام من جديد والنطق بالشهادتين؟؟
أرجو التوضيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 21800، 36317، 55241، 59526.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(9/2134)
حكم قول القائل (الله ينور عليك)
[السُّؤَالُ]
ـ[\\\" الله ينور عليك \\\" كثيرا ما نسمع هذه العبارة غالبا ما تقال عند ما يحسن شخص ما صنع شيء.. ما حكم الشرع في هذه العبارة؟؟؟
وجزاكم الله خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه العبارة لا حرج فيها إذ ظاهرها الدعاء للشخص بالنور، ولأن الدعاء لمن صنع معروفا مشروع ومرغب فيه، والأولى أن يقال جزاك الله خيرا، بدليل ما في الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وابن حبان وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والنووي والأرناؤوط والألباني.
وفي الحديث: من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء. رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح والإصابة وابن عبد البر في الاستيعاب أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للطفيل بن عمرو الدوسي فقال: اللهم نور له.
وفي المصنف لعبد الرزاق والدعاء للطبراني في بعض ألفاظ دعاء الجنازة رواية: اللهم نور له في قبره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(9/2135)
قول الذابح بسم الله بسم الرسول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تقولون في من قال بسم الله بسم الرسول هل تؤكل ذبيحته أم لا؟ وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن يقول عند الذبح باسم الله باسم الرسول فيتعين أن يعلم معاني ما يقول، فإن تبين أن إلحاق اسم الرسول كان يقع منه عفويا فلا حرج في أكل الذبيحة، وإن علم أنه يقصد الاستعانة بالنبي صلى الله عليه وسلم أو إشراكه مع الله في الذبح له فإن هذا محظور شرعي عظيم، لأن الاستعانة في هذا المقام لا يشرع أن تطلب من غير الله لانه مما لا يقدر عليه غيره فهي هنا في معنى الإستغاثة. والذبح لغير الله ممنوع شرعا كذلك، لقول الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {الكوثر: 2} ولقوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام: 162}
وفي حديث مسلم: لعن الله من ذبح لغير الله.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 16942، 25245، 52339، 55208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(9/2136)
التسمي باسم ملاك والمناداة بيا ملاكي
[السُّؤَالُ]
ـ[أثابكم الله على جهودكم الطيبة المباركة.
وددت الاستفسار عن أمر أشكل علي؛ وهو كيف يمكن الجمع بين الفتويين التاليتين؟
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=1640
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=33997&Option=FatwaId
أحسن الله إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين الفتويين حتى يطلب الجمع بينهما.
ففي الفتوى الأولى ذكرنا جواز التسمية بأسماء الملائكة والأنبياء والصحابة والصالحين.. وأنه لا مانع من التسمية بلفظ ملاك وذكرنا الأدلة على ذلك.
وفي السؤال الثاني عدم جواز ممازحة الزوجة بقوله ملاكي إذا قصد تشبيهها بالملائكة، فكأنه قال إنهم يأكلون ويشربون.. ويتزاوجون.. كما هو الحال بالنسبة للزوجين من الإنسان وغيره.
فهذا يتنافى مع العقيدة لأن الملائكة ليسوا بذكران ولا إناث..
وينبغي للمسلم أن يتجنب الألفاظ الموهمة.
وأما إن كان ذلك بقصد أنها رحيمة، وأن وجودها معه من رحمة الله تعالى به كما أن وجود الملائكة من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده وسلامتهم وأمنهم.. كما قال تعالى تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ.. {القدر: 4-5}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ... الحديث رواه مسلم.
فهذا لا مانع منه إن شاء الله تعالى.
وكذلك إذا كان اسمها أصلا ملاك وأراد أن يناديها بالإضافة إلى نفسه فلا مانع إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(9/2137)
النكات المتضمنة آيات قرآنية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق جمعني وإياه حفل عرس لأحد الأخوة فأراد أن يلقي نكتة أو طرفة علينا وهو من هذا النوع الذي يكثر من سرد النكت فقال تلك النكتة وهو أن أحدهم قد نزل عنده ضيف فذبح له دجاجة حتى إذا صار الغداء أحضر اللبن والخبز لكي يأكل منه الضيف ريثما تأتي الدجاجة وأبلغ زوجته أن لا تحضر الدجاجة لكي يشبع الضيف من اللبن ويوفر الدجاجة وأخبر الضيف أن أهل بيته يسخنون الدجاجة في الفرن وشبع الضيف من اللبن والخبز وفي العشاء عمل نفس الشيء وكذلك في غداء اليوم الثاني فما كان من الضيف بعد أن نفذ صبره إلا أن قال لصاحب البيت أن دجاجتك هذه مثل {آل فرعون تعرض على النار غدواً وعشيا} فما وسعني إلا أن أوقفه وأقول له إن كلام الله يجب أن يوقر ويعظم ولا يتخذ في أماكن التنكيت والضحك فقال سبحان الله وما قلتُ؟ أنا لم أقصد كلام الله ثم قال لي إن من أورد هذه النكتة هو ابن قيم الجوزية في أحد كتبه وإن العلماء يتسامرون بمثل هذا فلم أوافقه على قوله هذا وقلت له هات ما يثبت ما تقول فقال سأبحث لك على مثل هذا وتمسك بكلامه وتمسكت باحترام آيات الله وإيجاب إنزالها في محلها من توقير وتعظيم علماً أن هذا الشخص هو خطيب المسجد الذي نصلي فيه. وأني إذ أطرح سؤالي هذا لا يراودني أدنى شك بصحة موقفي ولكن لكي آتي بما يقنع هذا بخطأ موقفه ولا يكون من الذين إذا قيل لهم اتقوا الله أخذتهم العزةُ بالإثم. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا ريب فيه أن الإيمان بكتب الله ركن من أركان الإيمان، والإيمان بها يقتضي تعظيمها وتوقيرها، والاستخفاف بها، وجعلها عرضة للتنكيت وإضحاك الآخرين ينافي ذلك التعظيم المستلزم للإيمان.
ولكن التنكيت أحيانا قد لا يتنافى مع التعظيم، فقد روى الترمذي في باب مزاح النبي صلى الله عليه وسلم من كتابه "الشمائل": ثنا عبد بن حميد، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: أتت عجوز النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي أن يدخلني الجنة. فقال: "يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز". قال: فولت العجوز تبكي، فقال: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز؛ إن الله تعالى يقول: "إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ".
وقال الترمذي: ثنا عباس بن محمد الدوري، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ثنا عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا. قال: "إني لا أقول إلا حقا " تداعبنا يعني تمازحنا. وهذا الحديث قد صححه الشيخ الألباني وغيره.
وبناء على هذا، فلا نرى بأسا بنكتة ذلك الضيف، لكن ترك مثلها أحوط للدين، وأولى بالورع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(9/2138)
قول القائل الله أرحم من فلان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول على سبيل المثال: الله أكبر من محمد صلى الله عليه وسلم أو مثلا الله أرحم أو أعلم من فلان؟ هل هذه تعد مقارنة الخالق مع المخلوق وهل هي حرام تتنافى مع الدين؟ وإذا قلنا الله أكبر فهل أكبر هنا يقصد منها التفضيل أم أنها كقول: العشب أخضر وإذا كانت للتفضيل فلم لم يوضع المفضل عليه؟ إذا أمكن أن تجيبني على إن كانت تصلح لغويا ودينيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع الفتوى رقم: 49147 في مسألة التكبير.
وأما قولك الله أرحم بك من فلان فهو جائز ويدل له ما في الحديث أنه قال في المرأة التي أخذت صبيها: أترون هذه طارحة ولدها في النار قلنا: لا والله، فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(9/2139)
نداء الزوجة بكلمة بابا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كثيراً ما أخاطب زوجتي بكلمة بابا، هل هذا حرام أم ماذا؟ جزاكم الله حسن الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان كراهة مناداة الرجل زوجته بمن تحرم عليه كأمه وأخته وبنته في الفتوى رقم: 26859.
أما مناداة الرجل زوجته بلفظ بابا فلم يرد فيه شيء، والظاهر أنه لا فرق بينها وبين ندائه لها بماما فالأولى على كل حال تجنب هذا النوع من الألقاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(9/2140)
وصف الشخص بأنه من الأكابر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال عن إنسان أكابر وهذه الكلمة عامية أي يعني بأنه إنسان محترم وذو أخلاق وصاحب دين، هل الشخص الذي قالها يتحمل إثما، أفيدونا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في وصف شخص بأنه محترم ذو دين وأخلاق إذا لم يكن في ذلك كذب، ولم يؤد لحمل الممدوح على تكبر أو غرور بنفسه، والأولى أن يقال في المزكى أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحداً، وراجع الفتوى رقم: 19563.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(9/2141)
قول الزوج لزوجته يا أختي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: صديقة لزوجتي سألتها هل من قال لزوجته
يا أختي حرام. وشكرا
جمال من بلجيكا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لزوجته يا أختي ليس حراما لأنها أخته فعلا في الإسلام أو في الإنسانية، إلا إنه لا ينبغي لما ورد من النهي عن مثل ذلك، فقد روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمع رجلاً يقول لامرأته يا أخيّة فنهاه.
وقال خليل في مختصره على الفقه المالكي: وسفه قائل يا أمي ويا أختي.
يعني أن من نادى زوجته بيا أمي أو يا أختي لا تحرم عليه تحريم المظاهر منها، ولكنه ينسب إلى السفه، وينهى عن مثل هذا النداء
وتراجع الفتوى رقم 52480
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(9/2142)
لا حرج في قول الولد لأبيه (بابا)
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما حكم قول الولد لأبيه ـ بابا ـ فهل هذا يجوز؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا -إن شاء الله تعالى- من قول الولد لأبيه (بابا) أو غير ذلك. والأصل جواز التسمية بكل ما ليس فيه تعبيد لغير الله تعالى، أو تعظيم وتزكية، أو قبح وتشاؤم وذم، أو تشبه بأعداء الله تعالى مما نهى الشرع عن التسمي به. ولمعرفة الأسماء المكروهة شرعا نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 12614. وقد تعود الناس في كثير من البيئات الإسلامية على دعوة آبائهم وأمهاتهم بـ: بابا وماما ويابا ويم ... ولم نسمع من ينكر ذلك من أهل العلم. وقد كتب العلامة بكر أبو زيد كتابه المفيد: معجم المناهي اللفظية، ولم يتعرض لهذا الاسم مع شيوعه في كثير من البلاد الإسلامية، مما يدل على أنه لا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(9/2143)
قول القائل يا صبر أيوب وأمانة عليك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول يا صبر أيوب على بلواه يعتبر دعاء لغير الله، وكلمة أمانة عليك كذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الشخص يا صبر أيوب على بلواه يحتمل معنى حقاً على تعسف في تأويله، وذلك بأن يقصد به يا رب ارزقني صبرا كصبر أيوب عليه السلام، وإذا كانت نية القائل كذلك فلا ينبغي استعمال هذا اللفظ بل ينبغي أن يدعو الله عز وجل بأسمائه وصفاته، وإذا كانت نيته دعاء صبر أيوب فهو دعاء لغير الله عز وجل، وقد يقولها بعض الناس لغيره على سبيل التعجب أي كيف أن أيوب عليه السلام صبر ذلك الصبر الطويل، وقد يقصد بها قائلها غير ذلك، فالمرجع إلى نية القائل.
وأما قول الناس أمانة عليك فيريدون بها القسم، وهو منهي عنه لأنه قسم بغير الله، وقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 14172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(9/2144)
حكم مقولة القائل (مادح نفسه كذاب)
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل. سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات أود أن أسأل عن العبارة (مادح نفسه كذاب) هل لها أي أصل في السنة. إن لم تكن كذلك هل هي دائما صحيحة؟ أم أن هناك مدح محمود وآخر مذموم؟
أفيدونا.
وجزاكم الله عنا كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم أصلا لهذه العبارة إلا أنا ننبه إلى ما ثبت في الشرع من النهي عن تزكية النفس والثناء عليها، قال الله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {لنجم: 32} . إلا حيث كان من وراء التزكية للنفس مصحلة معتبرة وكان الثناء صدقاً. وراجع الفتوى رقم: 51277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(9/2145)
قول القائل (أنا مليت من بنات المنتدى)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسجل في منتدى وتلقيت دعوة من عضو يقول لي أدعوك للمشاركة في منتدانا على هذا الرابط والصراحة أنا مليت من بنات المنتدى وحركات البنات، السؤال هل هذا يعتبر من القذف أم لا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام لا يعتبر قذفا لأن القذف عرفه أهل العلم برمي المكلف حرا مسلما بنفي نسب أو بزنا. قال صاحب الكفاف: القذف أن يرمى حرا محصنا بنفيه نسبه أو بزنى، وراجع الفتوى رقم: 49170، وراجع في حكم حوار البنات في المنتديات الفتاوى التالية أرقامها: 1072، 11507، 22074، 41966، 58406، 58845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1426(9/2146)
قول القائل على جهة المزاح أعوذ بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سنتين كان عندما كان يتكلم معي أحد أصدقائي في أمر ما كنت أرد عليه ممازحا: أعوذ بالله وأنا الآن نادم على هذا فهل علي إثم هذا؟ وهل يعتبر استهزاء بالله سبحانه وتعالى؟ وهل هذا يخرجني من الملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى أن في هذا إثما ولا استهزاء بالله تعالى إن لم تكن تقصد ذلك أثناء كلامك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 133، 721، 12447، 12487، 29407.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(9/2147)
من الأقوال والأعمال الخاطئة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأفعال والأعمال والأقوال الخاطئة والشائعة في مجتمعنا العربي والإسلامي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن انحراف الأمة عن شريعة رب العالمين أدى إلى وقوع فئام منها في أخطاء سلوكية قولية وعملية، أعظمها الشرك بالله العظيم والبدع وكبائر الذنوب، وللوقوف على بعض المظاهر الشركية الواقعة في الأمة راجع كتاب (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) للعلامة عبد الرحمن بن حسن آل شيخ.
ولمعرفة بعض ما أحدث في الأمة من البدع العملية، راجع الكتب التالية:
1- (الإبداع في مضار الابتداع) للعلامة علي محفوظ.
2- (السنن والمبتدعات) للقشيري.
3- (المدخل) لابن الحاج.
وأما الأقوال الخاطئة التي تدور على الألسنة، فقد جمعها ونبه عليها بعض العلماء المعاصرين، ومما ألف في ذلك (ألفاظ ومفاهيم في ميزان الشريعة) للعلامة العثيمين، (معجم المناهي اللفظية) للشيخ بكر أبو زيد.
وبالنسبة لكبائر الذنوب فقد جمعت في أكثر من كتاب، ومنها كتاب (الكبائر) المنسوب للحافظ الذهبي، وكتاب (الكبائر) للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(9/2148)
حكم قول القائل (شورك وهداية الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[الله يجزيك ألف خير ويكتب لك الأجر والثواب، أفتني في هذه الجملة (شورك وهداية الله) هل يجوز قولها بهذه الطريقة، أو ماذا ترى فقد شاعت بين الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجملة المذكورة ليس فيها ما يمنع شرعاً -حسبما فهمنا- فمنعى (شورك) ما رأيك، أي أن المتكلم يطلب من المخاطب رأيه في موضوع ما.. وذلك برد الأمر إليه، (وهداية الله) يقصد بها أن الأمر في النهاية إلى الله تعالى وهو الذي يهدي إلى الصواب أو الطريق المستقيم.
فإن كان الأمر بهذا المعنى فهذه جملة صحيحة المعنى لموافقتها لعقيدة المسلم وشريعته. ومن المعلوم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم استشارته لأصحابه كما ورد الأمر له بذلك في القرآن الكريم، حيث قال الله سبحانه وتعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ {آل عمران:159} ، ومن صفات المؤمنين التشاور كما في قوله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ {الشورى:38} , وفي معاجم الطبراني بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً:.... ولا ندم من استشار. والله سبحانه وتعالى هو المقدر وهو الهادي، كما قال الله تعالى: وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى {الأعلى:3} ، وإن كان على غير ما ذكر فنرجو من السائل الكريم تبيينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(9/2149)
مناداة الزوجة لزوجها بيابني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في مناداتي لزوجي أحيانا يا بني وأقول له أنا عملت ماذا يا بني أو ماشابه ذلك، وهل له كفارة؟
جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمناداة الزوجة بذلك خلاف الأدب، وانظري الفتوى رقم: 52480 والفتوى رقم: 53419، ولكن لا يقع به تحريم ولا طلاق ولا ظهار وليس عليك كفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(9/2150)
الابتعاد عن مثل هذا الكلام أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أسال عن شخص رسم سلما من الأرض إلى السماء وسماه جسر الأحلام
السؤال الثاني لو كان من رسمه شخص كافر أصلا وجاء آخر مسلم وكتب تحته هذين البيتين (سأبني لي من الأحلام جسرا وأصعد لأطلب من الرحمن شيئا) فهل في هذا شيء؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قائل هذا الكلام يقصد المعنى المعنوي لا الحقيقي أي أنه سيبلغ بأمانيه إلى رضى الرحمن سبحانه ويسأله فنرجو أن لا يكون في ذلك بأس، ولا يظن أن صاحبه يقصد المعنى الحقيقي، وإن كان الأولى الابتعاد عن مثل هذا الكلام الذي يقصد به معنى فاسد وهو أن بمقدور أحد الصعود إلى السماء ومخاطبة الله تعالى، ولأنه قد يشعر بالاستخفاف بأمره تعالى وبالشرع، وكل هذا ذريعة إلى الكفر، قال الله تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65ـ66} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(9/2151)
حكم قول \"أهدي عن روح والدي\"
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال مهم جدا بعد وفاة والدي أي عمل نقوم به لوالدي رحمه الله من صدقه أو دعاء.... نقول عبارة \"عن روح والدي\" هل في هذا أي غلط؟ وإذا كان لا يجوز ذلك ماذا يجب أن نقول؟ وإذا كان لا يجوز هل ثواب الأعمال التي قمنا بها لوالدي رحمه الله قد ضاع؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الولد لوالده بعد وفاته في الفتوى رقم: 10602 فلتراجع.
وإهداء الثواب إلى الميت جائز، وأما صيغة إهدائه فالأمر فيها واسع، ومن ذلك قولك: أهدي ثواب قراءتي إلى روح والدي، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(9/2152)
حكم قول القائل (عدالة السماء)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام كلمة \" عدالة السماء \"؟
إذا لا يجوز استخدام هذه الكلمة قول الله تعالى (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات 22
فهل الله سبحانه وتعالى يقصد أن السماء هي التي ترزقنا؟ طبعا لا ولكن هذا تشبيه بليغ يراد به توضيح أن الله الذي هو في السماء بيده الأرزاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصد المتكلم بالعبارة المذكورة (عدالة السماء) أي عدالة شريعة الله تعالى من السماء فهذا لا مانع منه.
فقد روى مسلم وغيره أن أم أيمن رضي الله عنها قالت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما عندما جاءا لزيارتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:.. ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء. وفي رواية الدارمي:.. ولكني أبكي على خبر السماء انقطع.
وقصدها بذلك وحي الله تعالى المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم. ولكن ينبغي للمسلم أن يتجنب الألفاظ الموهمة، وخاصة إذا كان يخاطب قوما لا يفهمون أو لا يستوعبون أساليب اللغة العربية.
وأما قول الله تبارك وتعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {الذاريات: 22} . فإن الرزق هنا المطر بإجماع أهل التفسير، كما قال القرطبي في تفسيره.
والمراد بالسماء هنا السحاب، فكل ما علاك فهو سماء بالنسبة لك، والمراد بالرزق المطر الذي هو سبب الأرزاق والأقوات والحياة، وقد يسمى الشيء بما يؤول إليه، ولذلك سمي المطر رزقا، كما قال تعالى: وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ {غافر: 13} . وقوله تعالى: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ {ق: 9- 11}
فالسماء فوقنا فيها المطر الذي هو سبب من أسباب الرزق، وفيها ما نوعد من الثواب في الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(9/2153)
حم اتخاذ عبارة (سبحان الله وبحمده) كشعار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام اسم (سبحان الله وبحمده) في المنتديات الحوارية (وليس الشات) كاسم مستعار أو على البريد الإلكتروني؟ علما بأني أستخدم هذا الاسم كنوع من التذكرة الدائمة لهذا الذكر العظيم سبحان الله وبحمده ... سبحان الله العظيم هل آثم على ذلك؟ حيث يكون الموضوع الذي أرسلته باسم الكاتب سبحان الله وبحمده أو يكتب على المنتدى آخر مشاركة كانت باسم سبحان الله وبحمده أيضا بالنسبة للإيميل هل عمل إيميل باسم سبحان الله أو أستغفر الله غير مستحب أو حرام؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السائلة الكريمة إنما أرادت أنها تتخذ عبارة سبحان الله وبحمده ونحوها شعاراً لها على المنتديات أو عنواناً لها على الإيميل، ولا تقصد أنها سمت نفسها بهذا الاسم.
ولا نرى بأساً بما فعلته، فقد اتخذ الصحابة في بعض غزواتهم شعار (حم) التي هي آية من القرآن، ففي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: إن بيتكم، فليكن شعاركم حم لا ينصرون. وفي رواية: إن بيتكم العدو فقولوا: حم لا ينصرون.
ولكن الواجب في هذه الحالة أن لا يستخدم هذا الشعار في أي مكان يؤذن استخدامه فيه بعدم احترامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(9/2154)
حكم إطلاق عبارات: يا عمري ويا حياتي ويا روحي
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيراً ما أسمع عبارات مثل يا عمري.... يا حياتي....يا روحي..... يا قلبي ... أنت عمري ... أنت حياتي.... أنت قلبي أريد حكم هذه العبارات جائزة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عبارات مثل: يا عمري ويا حياتي ويا روحي ويا قلبي وأنت حياتي، وأنت ... إذا كانت بين الزوجين فلا حرج فيها، وكذا الحال إذا كانت من أحد الوالدين لابنه أو بنته، أو من الولد لأحد أبويه..، أو من أحد الأقرباء المحارم كالخال والعم ونحوهم.
وأما إن كانت هذه العبارات بين الأجانب من الرجال والنساء فإنها هي بالذات ما نهى الله عنه في قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً {الأحزاب: 32} . فالواجب ـ إذاً ـ الابتعاد عنها، والابتعاد عما هو أخف منها من كل ما يمكن أن يؤدي إلى فتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(9/2155)
حكم إطلاق لفظ \"الله يذكره بالخير\"
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ذكر أحد الأشخاص فقال أحدهم \" الله يذكره بالخير\" فهل في هذا اللفظ محظور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نلاحظ في هذا اللفظ ما يدل على أن فيه محظورا. وهو لفظ شائع عند الناس ولم نسمع أن أحدا من أهل العلم أنكره. هذا وننبه إلى أنه قد ثبت أن الله يذكر العبد إذا ذكره؛ كما قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ {البقرة:152} ، وفي الحديث القدسي في صحيح مسلم وغيره: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم. وورد في معاجم الطبراني حديث يمكن أن يستأنس به لجواز إطلاق مثل هذا اللفظ -وهذا بشرط أن يثبت أن هذا الحديث صالح سندا- والحديث هو: إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي، وليقل ذكر الله بخير من ذكرني به. قال الهيثمي في المجمع: إسناد الطبراني في الكبير حسن. وقد ضعف الحديث العراقي في تخريج الإحياء. وقد ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام، والنووي في المجموع ولم يذكرا فيه تضعيفا ولا تصحيحا. وقد بالغ بعضهم فنسبه للوضع منهم ابن الجوزي وتابعه الشوكاني والبيروتي. وقد مال العجلوني في كشف الخفاء إلى ترجيح القول بضعفه ورد القول بوضعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(9/2156)
حكم كلمة ليت أو ياليت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كلمة ليت أو ياليت؟؟.. وهل هي كـ (لو) التي تفتح عمل الشيطان؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن (ليت) حرف ناسخ يفيد التمني، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم والسنة المطهرة وفي كلام العرب.
قال تعالى: يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا {النساء: 73} .
وقال تعالى: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {الأنعام: 27} .
وقال تعالى: قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {القصص: 79} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاحسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جاره فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل. وقال عمر: يا ليت أم عمر لم تلد عمر. فحكم استعمال (ليت) حسب نوع التمني إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، ولم نقف فيما وقفنا عليه أن (ليت) تأتي بمعنى (لو) التي تفتح عمل الشيطان، ولكن الذي ورد أن (لو) تأتي بمعنى (ليت) وتفيد التمنى.
كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان. وقوله تعالى: قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ {هود: 80} . وحكمها حكم ليت أما باقي استعمالات لو، فقد ذكره الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب التوحيد قال:
1- الاعتراض على الشرع وهو محرم كقول المنافقين: لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا {آل عمران: 168} .
2- الاعتراض على القدر وهو محرم أيضاً، كقوله تعالى: لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ {آل عمران: 156} .
3- الندم والتحسر وهو محرم أيضاً كحديث: ... لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم عن أبي هريرة، ومن استعمل ليت لمعنى من هذه المعاني المحرمة فهي حرام.
4- الاحتجاج بالقدر على المعصية وهو محرم كقول المشركين: لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا {الأنعام: 148} . وقولهم: وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم {الزخرف: 20} .
5- الخبر المحض، وهذا جائز، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى. متفق عليه عن جابر. اهـ بتصريف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(9/2157)
إطلاق كلمة شيطان على النفس أو الجماعة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[يلقب مشجعي أحد أندية كرة القدم فريقهم بفرقة الشياطين الحمر، وبعد نقاش معهم طلبوا فتوى أحد العلماء في الموضوع، فما مدى مشروعية هذه التسمية؟ وهل لكم بتقديم نصيحة عامة لمتابعي كرة القدم؟ ولمن يتعصب لناد معين؟
هذا وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يسمي الإنسان نفسه شيطاناً أو أن يسمي جماعته شياطين، لأن الشيطان عَلَمٌ على عدو الله الكافر، الذي أمرنا أن نستعيذ بالله منه.
والشيطان مشتقة من الشطن، قال في النهاية: أي: البعد عن الخير.
ومن معاني الشيطان كما في مختار الصحاح: كل عاتٍ متمرد من الإنس والجن والدواب.
فلا يصح أن يسمي الإنسان نفسه أو جماعته بمن هذه صفته، وبالإضافة إلى ما سبق، فإن استعمال كلمة الشيطان في هذا الموضع يقلل من خطرها وقبحها عند الناشئة، إذ إنهم يرونها تطلق على الفريق الذي لا يقهر. ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد.
وإذا أردت نصيحة لمتابعة مباريات كرة القدم، فانظر الفتوى رقم: 19682، والفتوى رقم: 14258 وما يتفرع عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(9/2158)
هل يقول لأخته التي تصغره يا حبيبتي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي وأنا طالب في الجامعة أن أقول لأختي التي تصغرني بعامين ياحبيبتي وهذا بحسن نية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحب في الله بين المسلمين مطلوب شرعا، ويشرع إعلام من تحب بحبك له، ويجوز إعلام المحرم بذلك عند أمن الفتنة.
وأما الحب بين الأخ وأخته في غير ذات الله فإن كان بسبب عاطفة القرابة فإنه أمر جبلي غالبا ولا حرج في خطابها بذلك عند أمن الريبة، وأما إن كان بسبب عاطفة شهوانية فإنه محرم، وتحريمه أشد من تحريم حب الأجنبية، ويجب على المرء أن يجاهد نفسه في صرفها عنه.
وراجع للتفصيل في هذا وبيان الأدلة الفتاوى التالية أرقامها: 1109 و 5707 و 21881 و 36998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(9/2159)
حكم مناداة الزوجة بـ (أم المؤمنين)
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله:هل هناك ضير في أن أنادي زوجتي أم المؤمنين تحببا ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في إطلاق الأسماء الإباحة ما لم يرد نص شرعي يدل على كراهة الاسم أو تحريمه، ولا مانع من تغيير الاسم ودعاء الشخص باسم آخر أفضل منه، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أسماء بعض أصحابه وبعض زوجاته.
ولا شك أن من أفضل أسماء الإناث ما وافق أسماء بنات النبي صلى الله عليه وسلم أو أسماء زوجاته، وأم المؤمنين هي كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها.
وعليه، فلا حرج في أن تنادي زوجتك أم المؤمنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(9/2160)
حكم قول القائل ((يسعد الله)) و ((لا حياء في الدين))
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد المواقع أن كلمة (يسعد الله) من الكلمات التي تؤدي إلى جهنم، فأود الاستفسار عن السبب أو الحكمة، وكذلك قول (لا حياء في الدين) ، أفيدونا أفادكم الله، وأرجو الرد في أقصى سرعة..رجاءاً رجاءاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة "يسعد الله" لم ترد في القرآن ولا في السنة بإثبات ولا نفي، قال شارح الطحاوية: فالواجب أن ينظر في هذا الباب -أعني باب الصفات- فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها، فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحاً قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد والحاجة، مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها ونحو ذلك.
وقال في موضع آخر: والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية والإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة.
وعلى ذلك، فلو عبر عما يريد بكلمة "يفرح الله" أو "يرضي الله" لكان أولى، لثبوت صفة الفرح والرضا في القرآن والسنة الصحيحة، وأما قول " لا حياء في الدين" فالغالب أن قائله يقصد أنه لا يشرع الحياء في معرفة الدين، ولا ينبغي أن يكون مانعاً من السؤال عما يحتاج إليه الإنسان في دينه إذ لا حرج عليه في ذلك، وإن غالب من يسأل في دينه عما يستحي منه يقدم لسؤاله بالعبارة السابقة، فهي كالاعتذار عن التقدم بهذا السؤال، وقد قدمت أم سليم بسؤالها عن حكم احتلام المرأة بقولها: إن الله لا يستحي من الحق. فلو استعيض عن قول القائل: "لا حياء في الدين" بما قدمت به أم سليم لكان أولى، كما أن إطلاق "لا حياء في الدين" قد يفهم منه احتمال بعيد وهو أن الحياء ليس من الدين، وذلك ليس بصحيح، بل الحياء شعبة من الإيمان، وراجع الفتوى رقم: 5173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(9/2161)
حكم إطلاق لفظ \"فلان رب أسرة\"
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول \"فلان رب أسرة\" أو نقتصر في استعمال كلمة رب على الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أو لغة من قول: فلان رب أسرة، أو رب منزل.. لأن الرب في اللغة تطلق على مالك الشيء وسيده، والمدبر له، والقيم عليه والمنعم. ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى. وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ضالة الإبل: دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. وأما الرب بالتعريف بأل فإنها من أسماء الله تعالى ولا يجوز إطلاقها إلا عليه سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(9/2162)
إطلاق كلمة (حرام) بين الحرمة والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أخي في الله، كثيراً ما أردد كلمة (حرام) يعني إذا قام زوجي بضرب ابني أو ما إلى ذلك يعني بأي سبب، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو تحريم إطلاق هذه العبارة على ما لم يعلم تحريمه شرعاً؛ لقول الله تعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النحل:116-117} .
ولكنه قد كثر استعمال هذه الكلمة عند بعض المجتمعات في التنفير من الشيء الذي قيل إنه حرام، يقولون حرام عليك بمعنى أنه لا يليق بك، ولا يعنون المحرم الذي حرمه الله، وقد يكون ما تسألين عنه من هذا الباب، فإذا كان كذلك فربما لا يكون فيه حرج ولا إثم، مع أنه لا شك أن الأفضل والأحوط تجنب مثل هذا الإطلاق قدر المستطاع، وراجعي في حكم ضرب الولد الفتوى رقم: 24777، والفتوى رقم: 46176.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(9/2163)
حكم قول القائل لمن أغضبه \" عليك حق \"
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: نشكركم جزيل الشكر على حسن تعاونكم معنا وبارك الله فيكم وزادكم الله من العلم ما فيه صلاح لهذه
الأمة الإسلامية.
السؤال. في يوم من الأيام كنت أمزح أنا وصديقي حتى غضب مني وقال لي (عليك حق) الحق هو عشاء أوغداء عندي وسمعت أن الحق حرام. ما الحكم في ذلك؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القول المذكور (عليك حق) القصد منه أن مخاطبه أغلظ له في القول بدون حق أو تطاول عليه، ولاسترجاع كرامته والأخذ بحقه ممن تطاول عليه ينبغي أن يعوضه شيئا ماديا عشاء أو غيره حتى يرضى عنه ويزول ما بقلبه من النفور أو الكراهية أو الغضب الذي سببه ما جرى بينهما من خصام، فإن هذا لا مانع منه شرعا إن شاء الله تعالى ولو كان ذلك على شكل هدية لكان أحسن وأنسب لزوال ما في الصدر وما علق بالنفس مما جرى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر. رواه أحمد، وفي رواية الإمام مالك في الموطأ: تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(9/2164)
تسمية مؤسسة بـ آل البيت النبوي لا حرج فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تسمية مؤسسة إسلامية ب آل البيت النبوي بالبرازيل، مع العلم أن مؤسسها من آل البيت من السلالة العلوية، وهو سني مالكي.
أفيدنا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في تسمية المؤسسة باسم مؤسسة آل البيت النبوي لعدم وجود دليل يمنع من ذلك، ولا سيما إن كان صاحب المؤسسة من آل البيت وهو سني المعتقد لا يتوهم أنه أراد خدمة أو إحياء منهج مبتدع.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(9/2165)
حكم قول القائل \"يا ولد الحرام أنت ذكي أو ماكر\"
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في المغرب بعض الناس إذا أعجب واندهش لفعل قام به أحدهم يقول له ولد الحرام إنك ذكي أو ماكر أو غيره فهل يأثمون لهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعجب بمهارة شخص أو ذكائه ينبغي له أن يدعو له، ويقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وأن يتحفظ من إصابته بالعين.
وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 23172، والفتوى رقم: 33932، والفتوى رقم: 49180.
وأما العبارة، فقد اشتلمت على عدة محاذير منها: أن المسلم لا يحق له أن يصف المسلم بأنه ولد الحرام، لما في ذلك من الطعن في النسب الذي هو من شيم الجاهلية.
وكذلك لا يحق له أن يصفه بالمكر، لأن المكر صفة ذميمة، ولا يحق له عند الإعجاب أن يقول: إنك ذكي إلا مع الدعاء له بالبركة، أو قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
وراجع الفتوى رقم: 49170 في عدم اعتبار كون هذه العبارة قذفاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(9/2166)
حكم إطلاق لفظ (عيب خلقي)
[السُّؤَالُ]
ـ[يولد بعض الأطفال وبهم بعض التشوهات ويطلق عليهم لفظ (عيب خلقي) ما حكم هذا اللفظ
... ... ... ... ... ... ... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في وصف الطفل أو غيره بأن به عيبا خلقيا، وقد ورد هذا التعبير في كلام أهل العلم قديما وحديثا.
فوصفوا بعض العيوب التي يحق للزوجة أن تفسخ بها نكاحها من الزوج، أو أن يفسخ هو بها النكاح إذا كانت قائمة بالزوجة، أقول: وصفوا بعضا منها بأنها عيوب خلقية.
وذكر مثل ذلك في العيوب التي يطلع عليها أحد المتعاقدين في الأشياء المبيعة.
قال في حاشيتي قليوبي وعميرة: وسواء كان العيب خلقيا أو حادثا. وقال في موضع آخر: إذا ادعى بعد تلف المغصوب عيبا خلقيا، كأن قال: خلق أعمى أو أعرج ونحو ذلك....
فلا حرج ـ إذاًـ في مثل هذا التعبير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(9/2167)
حكم قول القائل (الله يسمع منك)
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو رأي الشرع في هذه المقولة (الله يسمع منك) ؟ بارك الله في علمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أسماء الله جل وعلا السميع، ومن صفاته السمع، وهو إدراك المسموعات وهي صفة تليق بالله سبحانه وتعالىولا تشبه صفة الخلق لقول الله سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] .
وفي مسند أحمد وغيره عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عزوجل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1] .
وعليه فلا شيء في قول الشخص الآخر الله يسمع منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(9/2168)
مقولة \" ما صح لنبي صح لولي \"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الحديث \"ما صح لنبي جاز لولي\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القول بأن "ما صح لنبي جاز لولي" لا نعلمه حديثاً مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هي مقولة لبعض أهل العلم، إذ يقولون: إن كل معجزة وجدت لنبي يجوز أن تقع كرامة لولي. وهذا القول لا يصح بهذا الإطلاق، وإنما يتعين تقييده، فيستثنى ما وقع به التحدي لبعض الأنبياء، فإن الأولياء لا يصلون إلى مثله، وهذا ما اختاره الحافظ في "فتح الباري" وعده أعدل المذاهب.
وإن مما ينبغي ذكره هنا أن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات كرامات الأولياء، ويعتقدون أن ما كان كرامة لولي فهو معجزة لنبيه، وذلك بسبب أن الولي ما نال هذه الكرامة إلا بسبب اتباعه لهذا النبي والتزامه بدينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(9/2169)
نسبة الجود بالصلاح إلى الزمان من الشرك اللفظي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
لدي سؤال يتعلق بإحدى الأناشيد المنشورة في ركن الأناشيد في هذا الموقع المبارك وعنوان الأنشودة (لا تقل فات الأوان) وقد ورد فيها أننا إن أردنا جاد الزمان؟ وقد استشكلت علي هذه العبارة لأن فيها ربطا للقدر المستقبل بإرادة المخلوق ثم جعل الزمان هو صاحب الجود بينما الضار والنافع والمقدر هو العزيز المتصرف سبحانه وتعالى
وأحب أن أؤكد لكم حسن ظني بالإخوة جميعا المؤلف والمنشد والموقع وإذا رأيتم أن في الأنشودة ما يخدش المعتقد الصحيح فليتكم تتفضلون بنصيحة الإخوة في الموقع لحذف هذه الأنشودة وجزى الله الجميع كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن مقصود ناظم النشيد بقوله: (إن أردنا) أي إن أردنا الإصلاح والتغيير لوضعنا من سيء إلى حسن فإن مرجع ذلك إلينا، وفي إمكاننا تدارك ذلك وهو أن نصلح أنفسنا وهذا لا بأس به لقول الله جل وعلا: [إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ] (الرعد: 11) .
وأماعن نسبة الجود بحصول ذلك الصلاح إلى الزمان فإنما يقال ذلك لكونه ظرفا له، كقول المنشد (لو أردنا جاد الزمان) وليس المراد أن الزمان هو الفاعل حقيقة، ومع هذا، فإنه لا ينبغي استعمال ذلك اللفظ، لأن المنعم بذلك حقيقة هو الله، وعليه، فنسبة ذلك للزمان يعتبر من الشرك اللفظي الخفي، لأن فيه نسبة الفضل والنعمة إلى غير المنعم بها حقيقة وهو الله، وإن كان المتكلم بذلك لا يقصد أن الزمان هو الذي يجود بها من دون الله وأمره وإنما أراد أنه محل لها وإنما نهى عن ذلك لكونه لا ينبغي له أن تضاف النعم إلا إلى الله وحده، لأن غاية الأمر في ذلك أن يكون من أضيفت إليه النعمة محلا لها أو سببا في حصولها، ولو شاء الرب تبارك وتعالى لسلبه سببيته فلم يكن سببا أصلا ولا محلا لها، فلذلك لا يليق بالمنعم عليه المطلوب منه الشكر أن ينسى من بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، ويضيف النعم إلى غيره، بل يذكرها مضافة منسوبة إلى مولاها والمنعم بها حقيقة هو الله كما قال تعالى: [وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ] (النحل: 53) . فهو المنعم بجميع النعم في الدنيا والآخرة وحده لا شريك له، ونسبتها إليه من شكرها وضده من إنكارها، ولا ينافي ذلك الدعاء والإحسان إلى من كان سببا في حصول النعمة إلى المنعم عليه، وقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: [فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا] (البقرة: 22) الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة أي حجرة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول والله وحياتك يا فلانة وحياتي وتقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان لا تجعل فيها فلان هذا كله به شرك. رواه ابن أبي حاتم.. وسنده جيد. ومعنى قوله هو الشرك أخفى من دبيب النمل إلى آخره، أي أن هذه الأمور من الشرك خفية في الناس لا يكاد يتفطن لها ولا يعرفها إلا القليل، وضرب المثل لخفائها بما هو أخفى شيء وهو أثر النمل، فإنه خفي فكفيف إذا كان على صفاة فكيف إذا كانت سوداء؟! فكيف إذا كانت في ظلمة الليل؟!، وهذا يدل على شدة خفائه على من يدعي الإسلام وعسر التخلص منه، ولهذا جاء في حديث أبي موسى قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: أيها الناس: اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟! قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد والطبراني. وروى ابن أبي الدنيا في الصمت وآداب اللسان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن أحدكم ليشرك حتى يشرك بكلبه، يقول: لولاه لسرقنا الليلة.
وعليه، فينبغي الابتعاد عن مثل هذه النسبة ونشكر الأخ الكريم على هذا التنبيه وحسن الظن، ونسأل الله عز وجل أن نكون عند حسن ظنه وظن الجميع، وقد نبهنا الإخوة في قسم التسجيلات إلى حذف هذه الأنشودة وما وجد من أمثالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(9/2170)
حكم قول حاشاك عند ذكر الكلب أو الحمار
[السُّؤَالُ]
ـ[في اللهجة الليبية عندما نتحدث مع شخص عن كلب أو حمار نقول بعدها حاشاك هل هذا صحيح أم لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في هذه العبارة لأنها من باب احترام الشخص لمن يخاطبه، فهي مثل قول أهل المشرق العربي عند ذكر الكلب أكرمكم الله.
وهذا مما لا حرج فيه فيما نعلم، إلا أننا ننبه أن هذا النوع من الأدب لا مستند له في الشرع، فقد ثبت خطاب النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة مبينا لهم أحكام الكلاب وتحريم لحوم الحمر الأهلية ولم يذكر هذا النوع من العبارات، كما أن الله جل وعلا أورد ذكر الكلب والحمار ولم يذكر هذا النوع من العبارات أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(9/2171)
حكم نطق الألفاظ الشرعية بالعامية دون الفصحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نطق الكلام الديني بالعامية وليس الفصحى وذلك في الكلام العادي وليس في الصلاة؟ كأن يكسر الباء في كلمة \"ربنا\" في حال وجوب كونها مضمومة وذلك في أول الجملة مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الكلام الذي تسأل عن إباحة نطقه بالعامية قرآنا أو حديثا فإنه لا يجوز نطقه إلا بالكيفية التي نزل بها.
قال الشيخ محمد العاقب بن مايأبى في تبديل حروف القرآن
وكل من بدل منه حرفا ... باء بكفر أو عليه أشفى
ولا فرق في هذا بين أن يكون في الصلاة أو خارج الصلاة، وإن كان كلاما غير قرآن ولا حديث فلا مانع من النطق به بالعامية مع أن الأولى نطقه بالفصحى، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 12008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(9/2172)
ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبتي عندما تمزح معي تقول لي ولد الحرام أو اليهودي، عندما أقول لها اتقي الله ماذا تقولين لي والله إنني أضحك فقط، ما ردكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يعود لسانه على قول الخير من ذكر الله تعالى ومن الألفاظ الطيبة البعيدة عن السب والشتائم والقذف، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول كما في الحديث الصحيح: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أوعلى مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
ولله در القائل: عود لسانك قول الخير تحظ به إن اللسان لما عودت يعتاد..
أما بالنسبة لكلمة ولد الحرام، فإنها من أخطر كنايات القذف إن لم تكن صريحة فيه من حيث الأصل، فيجب على الإنسان أولاً أن يجنبها لسانه ولا يعوده النطق بها، فالله عز وجل يقول: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83] ، ولكنها -والله تعالى أعلم- في عرف الناس اليوم لا تعتبر قذفا يوجب الحد، إذ المعروف اليوم أنها تحمل من معاني التنقيص والعيب أكثر مما يحمله ظاهرها من القذف، ولذلك ترى الناس إذا أرادوا أن يثنوا على أحد لصفاته الحميدة مثل كرمه أو وفائه يقولون: والله ابن حلال والعكس صحيح.
والفقهاء رحمهم الله قد نصوا على أن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية، قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حلف أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حُدَّ، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد، كما لو قال له يا ندل فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به. انتهى من الفواكه الدواني.
ولا يخفى أن صدور هذه الكلمة من الخطيبة لخاطبها في مقام المزح قرينة حالية على عدم إرادة القذف، أما قول يا يهودي لمسلم فهو الآخر منكر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. متفق عليه.
فلا يخفى ما في هذا الحديث من الوعيد الشديد على قائل هذه الكلمة لأخيه المسلم، وقد ذكر أهل العلم أن قائلها يعزر ردعاً له ولأمثاله عن إطلاق ألسنتهم بمثل هذا الكلام القبيح.
هذا وفي الأخير ننبه إلى أن الخطيبة أجنبيه من خطيبها فلا يجوز له الخلوة بها، ولا يجوز لها الكشف أمامه إلا بقدر ما يتعرف به على حسنها من عدمه فيتقدم لنكاحها أو يكف عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(9/2173)
اللسان له دور خطير في إهلاك الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما نقول ألفاظ فى حياتنا اليومية مثل (حظك فى رجليك ــ يا لهوي ـ يا دين النبي ـ كبرـ طنش ـ نفض ـ وشك نحس..إلى آخره) ، فهل التلفظ بمثل هذه الألفاظ يعتبر حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بقولك حظك في رجليك: أن ما يحصل عليه الإنسان من مال ونحوه بسبب جهده وسعيه فقط فهذا تصور خاطئ، بل كل ما يحصل عليه الإنسان من رزق قد قدره الله تعالى وكتبه قبل ميلاد الإنسان بل قد كتبه والإنسان لا يزال جنيناً في بطن أمه كما ثبت في الحديث المتفق عليه.
وما يقوم به الإنسان من جهد هو سبب لحصول ذلك وقد قدره الله تعالى أيضاً، وبقية العبارات لا علم لنا بمعناها عندكم، فالرجاء توضيح المقصود بها، والذي يظهر أنها من لغو القول الذي ينبغي للمسلم صون لسانه عنه، فقد ذكر الله تعالى أن من صفات المؤمنين الصادقين الإعراض عن اللغو حيث قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون] ، وقال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان:72] .
واللسان له دور خطير في إهلاك الإنسان في حال عدم كفه عما لا ينبغي التلفظ به، ففي سنن الترمذي وابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(9/2174)
ما يجب على من نعت أخاه بأنه خنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال مسلم لمسلم آخر كلمة غير جيدة مثل (كلمة خنزير) هل لا تقبل صلاته لمدة أربعين يوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وحسنه، وأحمد وغيرهما.
فينبغي للمسلم أن يهذب لسانه من كل لفظ قبيح، وهذا النوع من الألفاظ يجمع كذباً وإساءة، فعلى من قاله أن يتوب إلى الله عز وجل ويطلب العفو ممن قال له ذلك، وليس صحيحاً ما ذكرت من أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، فإن هذه عقوبة لمن شرب الخمر، لما روى الترمذي وأبو داود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه..... الحديث.
وورد نفس الوعيد في شأن من ذهب إلى عراف فيما رواه مسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
ولمزيد من التفصيل وأقوال العلماء في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 34205
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(9/2175)
حكم مناداة أبي الزوجة بياأبي وأمها بيا أمي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في روسيا يخاطب الزوج والدي الزوجة والزوجة والدي الزوج أبا وأمّا، وهذا شائع بين الناس, عندما نهى بعض الدعاة عن هذا يستدلّ بعض الآخر أنه عادتنا ولا يقصد به انتسابا وإنما هو احترام فقط، ولكن نصوص الأحاديث تنهى عن هذا والسلف ما كانوا يخاطبون بهذا الخطاب، بينوا لنا هذه المسألة بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من خطاب أبي الزوجة بيا أبي وأمها بيا أمي، إذا كان المقصود بذلك مجرد التعبير عن الاحترام والتوقير، وخاصة إذا كان ذلك شائعاً من عادات بعض الشعوب، وانظر الفتوى رقم: 43568، والفتوى رقم: 44403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(9/2176)
حكم التسمية باسم سبحان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز تسمية طفل سبحان أسلم مثلا
أو سبحان أفضل كما يسمى الإخوة الباكستانيون
وهل يجوز تسمية محلات الأطعمة مثلا مطعم سبحان للأكلات الجاهزة أو دكان سبحان للأقمشة
الرجاء سرعة الرد للافادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أن التسمية بسبحان من غير إضافة إلى الله تعالى لا شيء فيها، إذ لا يترتب عليها محذور شرعي، فإن سبحان في اللغة العربية مصدر بمعنى التنزيه، لازم النصب والإضافة إلى مفرد ظاهر أو مضمر، وهو مما أميت فعله أي لم يوجد له فعل، قال السيوطي وفي العجائب للكرماني من الغريب ما ذكره المفضل أنه يعني سبحان مصدر سبح إذا رفع صوته بالدعاء والذكر وأنشد في ذلك شعرا عن العرب. انتهى كلام السيوطي.
ومن العجيب ما يفعله بعض الناس من التسمية بهذه الأسماء غير الموضوعة أصلا للتسمية ويدعون الاسماء التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها خير ما سمي به وهي مثل عبد الله وعبد الرحمن وغيرها من كل ما يقتضي العبودية لله تعالى.
ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 9253، 8726، ولما ينبغي أن يسمى به من الاسماء يرجى مراجعة الفتوى رقم: 1640.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(9/2177)
حكم قول القائل أخلاق الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نسبة الخُلق إلى الله تعالى وأن نقول: على المسلم أن يتخلق بأخلاق الله تعالى، وهل تسمى صفات الله كالحياء والكرم خلقا , جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نجد بعد البحث في الوحي لفظا صحيحا يفيد إثبات نسبة الخُلُق إلى الله تعالى.
وقد وردت عدة أحاديث في نسبة الخُلُق إلى الله، ومنها ما هو ضعيف ومنها ما هو موضوع.
فمن ذلك حديث: إن لله تعالى مائة خلق وسبعة عشر من أتاه بخلق منها دخل الجنة.
رواه الطيالسي والبزار والترمذي الحكيم والبيهقي في الشعب والطبراني في الأوسط، وأبو يعلى وضعفه الألباني.
ومنها: السخاء خلق الله الأعظم. رواه الأصفهاني وابن النجار وضعفه الألباني.
ومنها: تخلقوا بأخلاق الله. ذكر ابن القيم في المدارج أنه لا أصل له.
ومنها: ألا وإن حسن الخلق خلق من أخلاق الله عز وجل. رواه الخطيب وابن النجار، وقال عنه الذهبي بأنه موضوع.
وقد وجدنا عدة علماء ذكروا في كتبهم الحث على التخلق بأخلاق الله تعالى، وهذا يدل على أن هذا كان معروفا عند أهل العلم.
فقد ذكره ابن الحاج في "المدخل" والسيوطي في "شرح سنن ابن ماجه " والمناوي في "شرح الجامع الصغير" والمباركفوري في "تحفة الأحوذي" والآبادي في "عون المعبود" ومحمد الصادق في "بريقة محمودية" والسندي في "شرح سنن النسائي " وغيرهم.
وأما الحياء والكرم فقد ثبت وصف الله بهما في الحديث: إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
والخلق والصفة معناهما واحد، كما يفيده كلام المناوي في شرح حديث الطيالسي السابق، فما قيل في أخلاق الله عموما يقال مثله في الحياء والكرم إلا أن الأولى بالمسلم أن يتقيد دائما في حديثه عن الله تعالى بما ثبت، لأن الأصل في ذلك التوقف عند ما ثبت وعدم تجاوزه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(9/2178)
حكم مناداة من اسمه عبد الرحمن برحمون
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماحكم مناداة الطفل الذي اسمه ((عبد الرحمن)) باسم رحمون على سبيل الد لع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي أن ينادي من اسمه (عبد الرحمن) (برحمون) لأن هذا النداء تغيير لاسم الله الرحمن، ولا بأس بأن يحصل النداء لاسم عبد الرحمن على سبيل المداعبة باسم عبود أو عبادي أو نحو ذلك من الاسماء التي فيها تغيير للاسم الأول الذي هو العبد وليس الاسم الثاني الذي هو المعبود.
وراجع أيضا الفتوى رقم: 18957.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(9/2179)
حكم قول (رسول الله مولانا)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز هذه العبارة.....رسول الله مولانا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إطلاق هذه العبارة لأن معناها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليّ لكل مسلم، قال تعالى: [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا] (المائدة: 55) .
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: وقد تكرر ذكر المولى في الحديث، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة، فهو الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالولاية بالفتح في النسب، والنصرة، والمعتق، والولاية بالكسرة في الإمارة، والولاء المعتق، والموالاة من والى القوم، ومنه الحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. قال الشافعي رضي الله عنه يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: [ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ] (محمد: 11) . وقول عمر لعلي: أصبحت مولى كل مؤمن، أي ولي كل مؤمن، وقيل: سبب ذلك أن أسامة قال لعلي: لست مولاي إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(9/2180)
قول الشاعر: ياليالي السعد عودي هل هو استغاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[علمائنا الأفاضل: استمعت إلى شريط أناشيد متداول بين الناس وفي مواقع إسلامية وفيها أنشودة يتحدث عن الإنسان تركه أبناؤه وذكر كلاماً إلى أن قال ياليالي السعد عودي خلصيني من قيودي إنني ما عدت أدري أي معنى للوجود، انقذيني كفكفيها أدمعاً فوق الخدود، هل تراني سوف أبقى كي أراهم من جديد إلى آخر الكلام، علمائي الأفاضل: أريد أن أعرف هل هذه الكلمات تدخل في إطار الاستعانة بغير الله أم لها معنى آخر في قوافل الشعراء في المجاز أم ما حكمها وهذا هو الرابط إن أمكنكم الاستماع لها لأني لا أريد أن أسمع شيئاً إذا كان مخلاً بالعقيدة لأنه ليس المقصود الاستماع إلى الألحان لكن المقصود هو الكلمات الهادفة للدعوة إلى الخير؟ وجزاكم الله خيراً. http://anashed.net]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول القائل:
يا ليالي السعد عودي خلصيني من قيودي
...... إلخ ما ذكر في السؤال، يحتمل أن القائل يريد دعاء الله بأن تعود ليالي السعد، وهذا لا شيء فيه وإنما خاطب الليالي بذلك لأن الليالي من الدهر، والله هو مقلب الدهر، كما جاء في الحديث القدسي: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. متفق عليه، وهذا الاحتمال هو المتبادر عند القراءة أو السماع.
ويحتمل أن القائل يريد دعاء الليالي ذاتها مع الله أو من دون الله فهذا من الشرك والعياذ بالله، وهو من الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(9/2181)
حكم قول الأم لابنها \"الله يرضى عليك\"
[السُّؤَالُ]
ـ[وهل يجوز ان تقول الام لابنها (الله يرضى عليك) أم الأصح أن تقول (الله يرضى عنك) ؟ حيث إننا عند ذكر أحد الصحابة نقول (رضي الله عنه) ؟ وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفصح في الدعاء المذكور أن يقال رضي الله عنه موافقة للأسلوب الوارد في الكتاب والسنة، فقد قال تعالى في شأن المتقين: رضي الله عنهم ورضوا عنه.
وجاء في الحديث المتفق عليه الذي يتعلق بالأقرع والأبرص والأعمى، وفي نهاية الحديث قال الملك الذي ظهر في صورة رجل مخاطباً الأعمى: فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك.
ولكن لا مانع من قول رضي الله عليك لأن حروف الجر ومنها عن وعلى ينوب بعضها عن بعض وهذا له شواهده الكثيرة من كلام العرب، ومنه قول الشاعر:
إذا رضيت علي بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها
وإن كان الأفصح والأولى استخدام الأسلوب الأول الذي ورد في القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(9/2182)
لا حرج في قول (جربي هذه الصلاة وهذا الدعاء)
[السُّؤَالُ]
ـ[في إجابتكم في الفتوى رقم: 47061، قلتم للسائلة (جربي هذه الصلاة وهذا الدعاء) ، فكيف يتفق ذلك ونحن موقنون تمام اليقين بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يحتاج الأمر إلى التجربة، أفيدونا عن مشروعية هذا الكلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بقولنا جربي أي اعملي بهذه الصلاة وهذا الدعاء، وستجدين نفعهما وثمرتهما، وليس المقصود الإقدام على العبادة الثابتة بالشرع مع الشك في نفعها، وقد استخدم هذا التعبير سلفنا، فمن ذلك قول جابر عن حديث: من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه السنة كلها، قال جابر جربته أربعين عاماً فلم يتخلف.
وعليه؛ فلا نرى حرجاً في استخدام هذا اللفظ بهذا المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(9/2183)
بين التقاليد الإسلامية والتقاليد العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي ونشأت على العادات والتقاليد العربية وأريد الزواج من ابنة خالي وهي مولودة في أوروبا ونشأت هناك ولم تأت إلى مصر سوى مرات قليلة جداً حوالي 4 مرات، ولأن والدتها أجنبية فكان هذا سبب إقامتها هناك إلا أن خالي محافظ جداً على العادات والتقاليد العربية وزوجته ملتزمة بهذا أريد أن أعرف ماذا أفعل معها، علما بأن خالي يريد أن يزوجها في مصر وتقيم باقي حياتها في مصر بعيداً عن الجو الأوروبي وهي على درجة عالية من الجمال والطاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
وروى النسائي عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله أي النساء خير؟ قال النبي، تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها وماله بما يكره.
فإذا كان الحال كما ذكرت فعليك أن تتزوج بهذه الفتاة، فقد يجعل الله لك خيراً كثيراً لا سيما وأبوها يريد لها أن تعيش مع زوجها في بلاد الإسلام، هذا مع ما ذكرت من التزام الأسرة بالتقاليد الإسلامية.
وأنبهك على أن تستعمل كلمة التقاليد الإسلامية بدل التقاليد العربية أو تجمعهما لئلا تترك ما هو الأهم وهو الإسلام، فإن التقاليد العربية وحدها لا تعتبر معيار الالتزام في الشرع، فقد كانت التقاليد العربية قبل الإسلام، فجاء الإسلام وهدم كلما كان منها غير مقبول شرعاً وترك ما لا يتنافى مع الإسلام، بل أقر وأكد منها ما كان مثل الكرم والغيرة على المحارم والوفاء وكرم الضيافة وغض البصر ونحو ذلك، فهذه الأشياء كانت توجد في العرب قبل الإسلام، وللمزيد من الفائدة عن صفات الزوجة الصالحة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 10561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(9/2184)
حكم قول \"أنا بموت فيك\"
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة تعبر عن حبها لزوجها فتقول له دائما \" أنا بموت فيك \" من شدة حبها له ... هل هذا اللفظ يخالف العقيدة..
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في هذا اللفظ ما يخالف العقيدة لأن معناه أحبك إلى درجة أني من فرط شدة حبي لك أكاد أموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(9/2185)
حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة \"عدد كمال الله\"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم في صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الآتية: اللهم صلى على سيدنا محمد عدد كمال الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أكثر الناس حبا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له هم الصحابة رضوان الله عليهم، وقد ثبت أنهم لما نزل الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طلبوا منه أن يعلمهم كيفية الصلاة عليه، ففي الصحيحين من حديث كعب بن عجرة قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك، قال: قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. رواه البخاري ومسلم.
وبناء عليه فإن الأولى بالمسلم اتباع السلف والالتزام بالمأثور وعدم الإحداث في مجال العبادات، ثم إنه قد جوز أهل العلم الاتيان بغير الصيغة التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه واستدلوا لذلك بإقراره للصحابة الذين كانوا يلبون بألفاظ أخرى غير التلبية التي لبى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن محل هذا إذا صلى بما لا محذور فيه، وأما اللفظ المذكور في السؤال فإنا نرى أنه يتعين تركه لأن كمال الله تعالى غير معدود فعليك أن تستغني بالمأثور فهو أفضل وأسلم.
هذا وقد نبه ابن عابدين في رد المحتار على أنه يكره كراهة تحريم ما يؤثر عن بعضهم من الصلوات مثل: اللهم صل على محمد عدد علمك وحلمك ومنتهى رحمتك وعدد كلماتك وعدد كمال الله ونحو ذلك، وقد علل ذلك بأنه يوهم تعدد الصفات الواحدة أو انتهاء متعلقات نحو العلم ولا منتهى لعلمه ولا رحمته ولا كماله، ولفظه عدد ونحوها توهم خلاف ذلك، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5025، 4863، 18845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(9/2186)
حكم تسمية مدينة بـ (سيدي فلان)
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: يوجد بعض المدن بالمغرب ينسبونها لبعض الأولياء مثلاً من بين المدن (سيدي قاسم، سيدي بنور، سيدي سليمان....) هل يجوز التلفظ بهذه الأسماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت صلاح هؤلاء فلا مانع من القول بأن هذه مدينة سيدي فلان لكونها اشتهرت بذلك الاسم، أما إن ثبت خلاف ذلك بأن كان هؤلاء أو بعضهم فُسَّاقًا أو منافقين؛ فلا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا للمنافق سيدنا؛ فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17493، 29153، 37871.
قال الإمام المناوي في فيض القدير: واستعمال السيد في غير الله شائع ذائع في الكتاب والسنة. قال النووي: والمنهي عنه استعماله على جهة التعاظم لا التعريف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(9/2187)
حكم قول القائل \"الرزق على يد المجانين\"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مقال الرزق على يدي المجانين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرزق على يد المجانين، كلام مجمل يحتمل عدة معان، فإن كان المقصود أن المجانين هم الذين يرزقون فهذا كلام محرم، واعتقاده كفر، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا (هود: من الآية6) ، وقال تعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ (الرعد: من الآية26) ، وقال تعالى: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ (العنكبوت: من الآية17) ، والآيات في أن الله هو الرزاق المعطي كثيرة جداً.
وأما إن كان المقصود أن الله قد يرزق العبد على يد مجنون أي بسبب عمل يتسبب فيه مجنون، والله هو المسبب فلا نعلم مانعاً من هذا القول.
وعلى المسلم أن يتقيد بالألفاظ الشرعية، وأن يبتعد عن الألفاظ المجملة والموهمة لمعان باطلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(9/2188)
حكم قول القائل\"أنا أرغب في الحصول عليه في الجنة\"
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقول أنا أرغب أن أحصل عليه في الجنة إن شاء الله إن قالوا لي لم لا ترغب في السفر مثلا أو لم لا تشتاق نفسك لاقتناء هذا الشيء؟
... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع نعلمه من قول الشخص أريد أن أحصل على كذا في الجنة إذا كان ذلك مما لا يتعارض مع ما وعد الله به المؤمنين في الجنة، أما ما يتعارض معه فلا، كاشتهاء المسلم مثلاً أن ينقل الله كافراً من النار إلى الجنة فإن هذا لا يكون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(9/2189)
حكم وصف منتدى أو قسم بالعظمى
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الشيخ حفظك الله ورعاك
عندي
سؤال
هل يجوز أن نطلق كلمة (العظمى) على قسم في منتدى؟
مثال
قسم الشبكة الإسلامية العظمى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك، وقد وصفت أشياء من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة بهذا الوصف (العظمى) .
فمن ذلك وصف علي رضي الله عنه رجعة الناس من الحج بقوله: "يوم دفعة الناس العظمى" أخرجه الدارقطني في سننه.
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم مقتلة من علامات الساعة بقوله (الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر) أخرجه الترمذي والشفاعة العظمى، والولاية العظمى وغير ذلك كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(9/2190)
حكم قول الإنسان لغيره ياحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[.. وأيضا القول بالحرام والحلال هل جائز إذا كان في غير الدين كمن مثلا رأى ولدا يبكي يقول يا حرام لماذا تبكي ونحو ذلك من الأقوال العامة المنتشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
2 - فقول الإنسان لغيره يا حرام، إن كان يقصد منه نفي نسبه عن أبيه فهو قذف يستحق قائله ثمانين جلدة، وإن كان لا يقصد منه ذلك، فإنه –على الأقل- ليس من الخير الذي على الإنسان أن يعود عليه لسانه ولو كان الباعث عليه مجردالشفقة والرحمة وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول لزوجته يا أخيه فقال أأختك هي وكره ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(9/2191)
حكم قلب ألفاظ اللغة العربية على سييل المزاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أناس يقلبون اللغة العربية على سبيل المزاح أو ما شابه فيقلبون الكلام مثل: محمد مرجان يقلبونها إلى مرجن حمدان وهكذا، فما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الألفاظ المقلوبة هي بعض الألفاظ الشرعية، فإن ذلك لا يجوز لأنه تلاعب بالشرع ومقدساته، وراجع فيه الفتوى رقم: 32535.
ومثل ذلك ما إذا كان يترتب على هذا الفعل تلبيس تضيع به بعض الحقوق، وأما إن لم يكن فيه شيء من ذلك، فإنه حينئذ يكون من إضاعة الوقت الذي هو رأس مال المرء، والأولى تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(9/2192)
حكم التسمي باسم الحافظ
[السُّؤَالُ]
ـ[اسمي (الحافظ) وكثير من الناس يقولون لي *الحافظ هو الله*، فهل هذا الاسم صحيح؟ بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرء في التسمية بأحد الأسماء المشتركة التي تطلق على المولى جل شأنه، نحو الحافظ، والكريم، والرشيد، إذا لم يلاحظ المعنى الذي يختص به الله، والذي لا يجوز من ذلك هو التسمية بما اختص الله به من الأسماء نحو الخالق، القدوس، الأول، الآخر ... ، وراجع الفتوى رقم: 8726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(9/2193)
ألفاظ منهي عنها، وأخرى لا بأس بها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في منشورات عن (كلمات منهي عنها) ، وأريد أن أتحقق من صحتها قبل أن أنشرها
1- الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.2- اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.3- قولنا لشيء حرام عليك لأمر عابر.4-الله يكفينا شر هذا الضحك.5- قولنا عند نسيان شيء (اللهم صل على محمد) .6- كان الله يعلم. 7- لاحول الله.8- لعن الدين.9- قول بعض الناس (الدين لب وقشور) .10- قولهم فلان شكله غلط.11- تسمية بعض الزهور عباد الشمس.12- قول بعضهم (يعلم الله أني فعلت كذا) . قولهم عن الميت (دفن إلى مثواه الأخير) .14- قولهم (نسيتني نسيك الموت) .15- قوله بالرفاء والبنين.16- قولهم (ظلمني الله يظلمه) .17- (ربنا افتكر فلان) .18- قولهم (إذا أصابت إنساناً مصيبة فلان ما يستاهل) .19- قولهم (شاءت حكمة الله) (شاء القدر) .20- قول بعض المرضى (الله يلعن المرض) .21 قولهم (فلان مات شهيداً) قولهم من علمني حرفا كنت له عبدا.23- مناداة بعضهم للممرضة الكافرة يا سستر.24- قول بعضهم يا تيس يا حمار يا كلب.25- تسمية الاحكام الشرعية (عادات وتقاليد) . أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي هذه الألفاظ ما يمنع من استعماله، وفيها ما لا مانع فيه من ذلك، ولنستعرضها بإيجاز:
1-عبارة: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، لا نعلم مانعاً من استعمالها، إلا أن الأفضل أن يقول العبد إذا رأى ما يكره: الحمد لله على كل حال، لأن ذلك هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن ماجه وغيره.
2-عبارة: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ... تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 1044.
3-عبارة: قولنا لشيء حرام عليك لأمر عابر: هذا التحريم إن أريد به التحريم الشرعي فلا يجوز أن يطلق إلا على ما هو حرام شرعاً، وإن أريد به التحريم العرفي أو الأدبي فالأمر في ذلك واسع.
4-عبارة: الله يكفينا شر هذا الضحك، لا نعلم مانعاً من استعمالها.
5-عبارة: اللهم صل على محمد، عند نسيان شيء قال عنها ابن القيم في جلاء الأفهام: فصل: الموطن الثاني والثلاثون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إذا نسي الشي أو أراد ذكره، ذكره أبو موسى المديني: وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي، حدثنا سعدان بن عبدة أبو سعيد المرزوي، حدثنا عبيد الله بن عبد الله العتكي، أنبأنا أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نسيتم شيئاً فصلوا علي تذكروه إن شاء الله. قال الحافظ وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان. ا. هـ
6-عبارة: كان الله يعلم، لا نعلم مانعاً من استعمالها فهي كقوله تعالى: وكان الله عليما حكيماً. وكان هنا بمعنى لم يزل، قال ابن بون الشنقيطي في زياداته على ابن مالك:
و"كان" ضاها "لم يزل" كثيرا كالله كان عالماً بصيراً.
7-عبارة: لا حول الله، عبارة خاطئة، والناس يقولونها على أنها اختصار لعبارة: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا اختصار يعكس المعنى تماماً.
8-لعن الدين: يعد من المخرجات من ملة الإسلام نسأل الله العافية، وراجع الفتوى رقم: 35322.
9-عبارة: الدين لب وقشور، تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 24491.
10-عبارة: فلان شكله غلط، تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 3921.
11-تسمية بعض الزهور بعباد الشمس لا يجوز، لأن كل خلق الله عبيد لله، وهذا النبت عبد لله، وليس عبداً للشمس، ويمكن أن يسمى بدوار الشمس أو نحو ذلك.
12-عبارة: يعلم الله أني فعلت كذا، إن كان القائل لها صادقاً فلا مانع منها، وإن كان كاذباً فقد كذب على الناس وكذب على الله، ولا يخفى أن الكذب على الله عظيم.
13-عبارة: دفن إلى مثواه الأخير، عبارة خاطئة في ظاهرها لأن القبر ليس هو المثوى الأخير، فالمثوى الأخير هو الجنة أو النار، لكن إن أراد القائل مثواه الأخير في الدنيا فلا باس.
14-عبارة: نسيتني نسيك الموت، عبارة خاطئة لأن الموت لا ينسى أحدا، وكل نفس ذائقة الموت.
15-عبارة: بالرفاء والبنين، في التهنئة بالزواج مكروهة، قال الأنصاري في أسنى المطالب: ويكره أن يقال بالرفاء والبنين لخبر ورد بالنهي عنه، لأنه من ألفاظ الجاهلية. ا. هـ
16-عبارة: ظلمني ظلمه الله، لا تجوز بحال، لأن الله لا يظلم مثقال ذرة، بل إن أراد بها صاحبها ظاهرها كفر والعياذ بالله.
17-عبارة: ربنا افتكر فلان، لا تجوز أيضاً لأنه يفهم منها أنه كان ناسياً له ثم تذكره، والله تعالى تقول: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً (مريم: من الآية64) .
18-عبارة: فلان ما يستاهل، عند إصابته بمصيبة لا تجوز أيضاً، لأنه اعتراض على قدر الله واتهام الله بالظلم عياذاً بالله.
19-عبارة: شاءت حكمة الله، وشاء القدر، تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 26137.
20-عبارة: الله يلعن المرض، لا تجوز، لأن المرض خير للمؤمن، به تكفر السيئات وترفع الدرجات، وسب المريض له فيه اعتراض على القدر.
21-عبارة: فلان شهيد، تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 18137.
22-عبارة: من علمني حرفاً كنت له عبداً، إن كان القائل يريد عبودية الرق، وهو الظاهر من السياق فإنه لا بأس بذلك، وإن كان يريد بالعبودية ما لا يكون إلا لله فإن ذلك لا يجوز.
23-مناداة الممرضة الكافرة (بيا سستر) فيها تفصيل، حيث إن معنى سستر هو (أخت) ، فإن كان القائل يريد أخوة النسب ولو النسب البعيد فلا بأس بذلك، وإن كان يريد أخوة الدين فإن ذلك لا يجوز، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً (الأعراف: من الآية65) ، قال ابن عباس: أي ابن أبيهم، وقيل أخاهم من القبيلة، وقيل أي بشراً من بني أبيهم آدم. ا. هـ وقال أيضاً: وقيل له أخوهم لأنه منهم، وكانت القبيلة تجمعهم كما تقول: يا أخا تميم، وقيل إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم، كما أنهم من بني آدم. وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (الشعراء:106) : أي ابن أبيهم وهي أخوة نسب لا أخوة دين، وقيل هي أخوة المجانسة. ا. هـ
24-عبارة: يا تيس يا حمار، تعد من السباب المنهي عنه، والمسلم ليس بالسباب ولا بالفاحش ولا بالبذيء.
25-تسمية الأحكام الشرعية (عادات وتقاليد) خطأ لأن الأحكام الشرعية من عند الله، وليست مأخوذة من العادات والتقاليد، وقد صارت بعض الأحكام الشرعية عادات للمجتمعات المسلمة كالحجاب وعدم الاختلاط ونحو ذلك، وإنما يؤجر الشخص على فعل ذلك إذا قصد به وجه الله، لا المسايرة للمجتمع.
وننصح السائلة بمراجعة كتاب معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد، ففيه ذكر الكثير من العبارات الدارجة على الألسن وهي مما ينهى عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(9/2194)
حكم قول القائل \"مفهوم الجهاد ينبني على الطائفية\"
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر المدعو سيد قمني في حديث صحفي أن القرآن يقنن ويشرع الرق وأن القرآن فيه 23 آية في هذا الموضوع. ثم قال إن مفهوم الجهاد ينبني على الطاْْْئفية لأنه خاص بالمسلمين. ... ... ... ... ... ... ... ... ... نريد إجابات شافية وجزاكم الله خيرا عن المسلمين. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما موقف الإسلام من الرق فتراجع بشأنه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4492، 12210، 5730، 8720، 4341
وأما قول القائل إن مفهوم الجهاد ينبني على الطائفية، لأنه خاص بالمسلمين دون غيرهم، فكلام من لا يعي ما يقول، ذلك أن حقيقة الجهاد في الإسلام وغايته نشر عقيدة الإسلام وإزاحة كل ما يعترض طريقه حتى يصل إلى الناس كلهم ثم هم بعد ذلك بالخيار، إما أن يعتنقوه أو أن يبقوا على ما هم عليه من الأديان المختلفة ولا يكرهون على تركها، كما قال الله تعالى: لا إكراه في الدين، فإذا تقرر هذا فإنه من غير المعقول أن يقاتل من يكفر بهذه العقيدة في سبيل نشرها وأن يقدم روحه فداء لدين لا يرضاه، ولا يستقيم في العقل أن نطالب غير المسلمين أن يقاتلوا فيقتلوا وترمل نساؤهم وييتم أبناؤهم في سبيل دين غير دينهم، يقول الباجي في المنتقى: الجهاد أن يقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله والمشرك لا يقاتل لذلك.
على أن الاستعانة بأهل الذمة في القتال ليست ممنوعة بإطلاق فتجوز في حال دون حال كما هو مبسوط في كتب أهل العلم، ومن صور ذلك ما لو اعتدى على دولة الإسلام عدو خارجي فإن لمن في هذه الدولة من غير المسلمين أن يدافعوا عنها، ويقاتلوا دون استباحتها، وصورة أخرى أيضاً تتلاشى فيها مقولة الطائفية هذه وهي ما لو اعتدى معتد (مسلم أو كافر) على أهل الذمة في الدولة الإسلامية لوجب على جيش المسلمين الدفاع عنهم والقتال دونهم، يقول المرداوي: من حقوق أهل الذمة على خليفة المسلمين، وعلى الإمام حفظهم والمنع من أذاهم واستنقاذ من أسر منهم. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(9/2195)
حكم القول الدارج \"أنا رايح أشوف وجه ربي\"
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد الإنسان أن يذهب في نزهة أو أن \"يغير جو\" مثل ما يقولون فهناك قول دارج وهو \"أنا رايح أشوف وجه ربي\" فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة المذكورة في السؤال ليس المراد بها ظاهرها قطعاً، وإنما المراد بها النظر في مخلوقات الله تعالى من فضاء وأشجار وغير ذلك، ومع ذلك فإن في التعبير بها غلطاً فاحشاً لا يتناسب مع ما يستحقه الله على عباده من التعظيم، إضافة لما قد توهمه من فهم باطل، أما إن اعتقد المعنى الباطل الذي هو الحلول، أي أن الله حل في شيء من مخلوقاته فهذا القول باطل، وهو كفر صراح، وما صدر القول بالاتحاد والحلول إلا ممن لا يعرف ربه، ولم يقدره حق قدره، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(9/2196)
حكم قول القائل \"بفضل فلان حدث كذا\"
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن حكم قول المرء (بفضل فلان وقع كذا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة لا يجوز للمسلم أن يقولها، لأن الواجب على المسلم أن يرجع الفضل في كل ما يتقلب فيه من النعم إلى الله تعالى، قال تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (النحل: من الآية 53) ، وروى ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر ذلك اليوم.
ولذا كان إرجاع العبد الفضل إلى غير الله في ما يتقلب فيه من النعم كفراً لهذه النعم، وهو ضد شكرها بل قد يصل إلى الكفر بالله العظيم، ففي صحيح البخاري عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: أتدرون ماذا قال ربكم، قلنا الله ورسوله أعلم، فقال: قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنجم كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي.
قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: وأما قوله صلى الله عليه وسلم حاكياً عن الله عز وجل أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمعناه عندي على وجهين، أما أحدهما فإن المعتقد أن النوء هو الموجب لنزول الماء، وهو المنشئ للسحاب دون الله عز وجل، فذلك كافر كفراً صريحاً يجب استتابته عليه، وقتله لنبذه الإسلام ورده القرآن، والوجه الآخر أن يعتقد أن النوء ينزل الله به الماء وأنه سبب الماء على ما قدره الله وسبق في علمه، فهذا وإن كان وجهاً مباحاً فإن فيه أيضاً كفراً بنعمة الله عز وجل، وجهلاً بلطيف حكمته لأنه ينزل الماء متى شاء مرة بنوء كذا ومرة دون النوء.
وبهذا يعلم أنه لا ينبغي التكلم بهذه العبارة ويتعين تركها، وراجع لمزيد من التفصيل والفائدة الفتوى رقم: 24424.
فالواجب على المسلم أن يرجع الفضل إلى الله في كل ما من النعم، كما قال تعالى: وما بكم من نعمة فمن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(9/2197)
حكم قول: طور الله في برسيمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فى قول العبد من اللآخر "طور الله في برسيمه" وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة لا يجوز للمسلم أن يقولها لأخيه المسلم، لأنها من عبارات السب، كما هو معلوم عند من يستعملها، ومعناها أن الموصوف بها كالتور -أي الثور- الذي خلقه الله ولا هم له إلا أكل البرسيم، وهو نبات معروف يستعمل علفا للدواب، وهذا الوصف كناية عن البلادة والغباء، وإبدال الثاء تاء في كلمة التور من تصرف اللغة الدارجة، هذا فيما يتعلق بقول المسلم لأخيه هذه العبارة، وأما إضافة الثور إلى الله بحيث يقال: ثور الله، فلا بأس بها، لأنها إضافة ملك وخلق، كعبد الله وسماء الله، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(9/2198)
حكم رقول القائل نعيما لمن حلق
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلق أحد الناس شعره أو خففه يقول له بعض الآخرين نعيما ويقول الذي حلق رأسه أو خففه
الله ينعم عليك فهل هذا القول جائز أم لا افتونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول لمن حلق شعر رأسه أو قصره شيئاً، والظاهر أنه لا حرج في القول المذكور في السؤال، لكن ينبغي ألا يتخذ عادة خشية أن يعتقد الجاهل أنه سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(9/2199)
حكم مناداة الرجل أم زوجته بيا أمي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا أن أنادي أم زوجتي (ماما) إرضاءا لها ولزوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نرى مانعاً من مناداة أم زوجتك بماما أو بيا أمي لاعتبارات ثلاثة:
الأول: أن هذا اللفظ يحمل معنى الاحترام والتوقير لها، فكأنها في مقام أمك احتراماً.
الثاني: أن فيه إرضاء لها ولزوجتك وتوددا إليهما وهذا مماً ندب إليه الشرع، وهو يدخل ضمن قول الله عز وجل: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83] ، أي قولوا لهم الطيب من القول.
الثالث: أنه لا يترتب على ذلك محذور من جهة الشرع، لأن أم الزوجة محرمة على الزوج مؤبداً بمجرد العقد على الزوجة، فلم يكن في قوله لها أمي، محذور، بخلاف ما لو قال ذلك لزوجته، ولهذا قال الفقهاء: يكره أن يسمي الرجل امرأته بمن تحرم عليه كأمه وأخته، لما روى أبو داود: أن رجلا قال لامرأته: يا أخية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أختك هي؟! فكره ذلك ونهى عنه.
فهذا اللفظ هنا يشبه الظهار، وإن كان لا يترتب عليه حكم الظهار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(9/2200)
مقولة اللهم صل على سر الأسرار وترياق الأغيار
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ سلمه الله قرأت في أحد الكتب ما يلي:
اللهم صلِِّ على نور الأنوار وسر الأسرار وترياق الأغيار سيدنا محمد المختار وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار -
آمل إفادتنا جزاكم الله خيراً عن مشروعية هذه الصلاة مع أن المولى عز وجل قال في محكم كتابه بسم الله الرحمن الرحيم (الله نور السماوات والأرض) سورة النور]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن حبيبنا صلى الله عليه وسلم هو نور من الله تعالى، قال الله سبحانه: قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [المائدة:15] ، قال الإمام الطبري رحمه الله: يعني بالنور محمداً صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال النووي رحمه الله: يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وقيل الإسلام. انتهى.
وأما كونه سر الإسرار وترياق الأغيار، فهذا من الألفاظ المجملة التي يتوصل بها أهل الباطل إلى معان فاسدة، والنبي صلى الله عليه وسلم بشر يوحى إليه، وهو أفضل البشر، لكنه ليس سراً، وليس في ديننا أسرار بالمعنى الذي يرمي إليه البعض، وبالجملة فالصلاة المذكورة ليست مأثورة، وفي المأثور الواضح الجلي ما يغني عنها، وانظر الفتوى رقم: 18845، فقد ذكرنا فيها الصيغة المفضلة للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(9/2201)
حكم قول القائل "راعينا"
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا) ، هل النهي هنا عام لجميع المسلمين وفي جميع العصور، أم هذا النهي مقيد بخطاب المؤمنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أي هل هذا الأمر من خصوصيات رسول الله؟ لأننا نقول كلمة راعينا الآن فيما بيننا وبين الآخرين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النهي عام في الأصل، ولكن النهي في هذه الآية كان لسبب، وهو البعد عن إعطاء الفرصة لليهود ليسبوا النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 23171.
فإذا لم يوجد هذا السبب كما هو الحال الآن في كثير من اللهجات العربية، حيث يقال هذا الكلام عند المماكسة في الشراء، فإن النهي لا يتناوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(9/2202)
هل يشارك السامع الساب في الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا كانت لي رفقة سوء، وفي يوم سب أحدهم العقيدة وهو يضحك، فضحكت في وجهه، ثم عاتبت نفسي واستغفرت ... هل أكون بهذا خارج الملة؟ وماذا أفعل؟ والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن السامع لسب الدين لا يشارك القائل في كفره إلا إذا رضي به، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 35563. والواجب على من سمع ذلك أن ينكره على صاحبه بالصورة التي يراها مناسبة لهذا القائل، وراجع في هذا الفتوى رقم: 20346. وإذا كان الأخ السائل قد ضحك أمام هذا القائل موافقة له على قوله، وتشجيعا له، فالواجب أن يتوب إلى الله تعالى، وأن ينطق بالشهادتين، مع العزم على عدم العودة لذلك أبدا، أما إذا كان ضحكه دون موافقة له، فليستغفر الله فقط مما صنع، لما فيه من ترك الإنكار عليه، وقد نطق بكلمة مكفرة، وراجع الفتوى رقم: 133. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/2203)
حكم قول القائل في ذمتك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول في ذمتك أو في ذمة أبيك أو ذمة أمك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قول المرء في ذمتك أو ذمة أبيك أو ذمة أمك ونحوه يختلف حكمه باختلاف المقام المقول فيه ذلك، فإن كان القائل يقصد منك حاجة معينة مثلاً، وأراد بكلمته تلك أنه يجعلها في ذمتك، فلا بأس بذلك، وأما إن كان القصد هو الحلف، فإنه حينئذ يكون شركاً ولا يجوز.
أخرج الترمذي وأبو داود وصححه الحاكم وابن حبان من حديث عمران رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(9/2204)
حكم قول القائل "فلان ليس في يد الرحمن"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول لفظة "فلان مو في كف الرحمن" أو "فلان ليس في يد الرحمن"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود من هاتين الجملتين أن فلاناً ليس تحت قهر الله وسلطانه وقدرته وقوته، فلا شك في أنها جملة شنيعة، لما فيها من القدح في قدرة الله تعالى على خلقه وعلو سلطانه، وقائل هذه الجملة معتقداً المعنى الذي ذكرناه يكون خارجاً من ملة الإسلام، وراجع الفتويين التاليتين:
31970 / 17967 وإننا لنرجو من الأخ السائل أن يوضح لنا الأحوال التي تقال فيها هاتان الجملتان حيث إننا أجبناه جواباً عاماً على ما فهمنا من السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(9/2205)
حكم قول القائل: الله لا يمكن أن يرضي الجميع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في هذه العبارة: (الله لا يمكن أن يرضي الجميع) ، هل فيها شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه العبارة كفر لأنها نفي لقدرة الله تعالى، ونفي قدرة الله تعالى كفر باتفاق العلماء.
وعلى هذا فلا يجوز لمسلم أن يتفوه بها، ومن تفوه بهذه العبارة قاصداً أن ينفي قدرة الله فهو كافر، وإن لم يقصد أن ينفي قدرة الله، وإنما قصد أن الناس جميعاً لا يمكن أن يرضوا عن الله، لأن منهم الكافر والجاحد والمسلم الذي يتسخط قضاء الله، فهذا معنى صحيح، وكذلك إذا قصد أن الله لا يرضي الجميع مع أنه قادر على ذلك، لأن إرضاءهم جميعاً يستلزم غاية الفساد، كما قال تعالى: (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن ... ) ، فهذا أيضاً معنى صحيح، ولكن التعبير عنه بهذه العبارة لا يجوز، لأن الظاهر المتبادر منها كفر كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(9/2206)
حكم القول للكافر يا كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول للكافر "يا كافر"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز أن يقال للكافر يا كافر، ما لم تترتب على ذلك مفسدة أكبر، كأن يسب هذا الكافر المسلم أو دينه أو والديه، أو يسب الله عز وجل ونحو ذلك، فإذا ترتبت على ذلك مفسدة حرم قول ذلك له دفعاً للمفسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(9/2207)
لا يقال السلام والصلاة على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول صلاة الله والسلام على الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي أن يقال: الصلاة والسلام على الله تعالى، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا القول.
ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وفي روية: لا تقولوا: السلام على الله، ولكن قولوا: ... الحديث.
قال الحافظ في الفتح نقلا عن البيضاوي ما حاصله: أنكر عليهم صلى الله عليه وسلم التسليم على الله تعالى وبين أن ذلك عكس ما يجب أن يقال، فإن كل سلام ورحمة له ومنه وهو مالكها ومعطيها، وأمرهم أن يصرفوا ذلك إلى الخلق لحاجتهم إلى السلامة وغناه سبحانه وتعالى عنها.
وقد أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتمجيده والثناء عليه.. وأخبر أنه تعالى هو الذي يصلي عليهم وملائكته..
فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43] .
فالصلاة من الله تعالى الذكر في الملأ الأعلى أو الرحمة، والسلام: الأمان، والناس محتاجون ومفتقرون لذلك، والله تعالى هو الرحمن الرحيم، وهو السلام الذي يسلم الناس ويؤمنهم، ومنه السلام، وإليه يعود السلام.. وهو سبحانه وتعالى الغني عن العالمين.
وعلى المسلم أن ينتهي عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
وعليه أن يكثر من ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمؤمنين.
وبإمكانك أن تطلع المزيد من الفائدة في الفتويين التالية أرقامهما: 8643، 25329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(9/2208)
إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إطلاق العشق في حق الله؟
كقول بعضهم "إني أعشق الله" أو "قلبي عاشق لله"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى، لأن الألفاظ الشرعية ينبغي أن يقتصر فيها على ما جاء في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد هذا اللفظ في شيء من نصوص الوحي ولا على لسان أحد من الصحابة رضوان الله عليهم.
وإنما جاء بلفظ المحبة، كقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه [البقرة: ة165] .
وقوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: 54] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ... الحديث رواه البخاري ومسلم.
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان: ولما كانت المحبة جنسا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف، كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختص به ويليق به، كالعبادة والإنابة والإخبات، ولهذا لا يذكر فيها العشق والغرام والصبابة والشغف والهوى.. وقد يذكر لفظ المحبة كقوله تعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: 54] .
والحاصل، أن المسلم ينبغي له أن يتقيد بالألفاظ الشرعية ولا يجوز له أن يطلق ألفاظا في حق الله تعالى لم ترد في الكتاب ولا في السنة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 22296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(9/2209)
لا يصح أن يقال: قال الله على لسان فلان
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
سيقول عيسى عليه السلام يوم القيامة {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} .. والسؤال هل عيسى عليه السلام شبه نفسه كنفس الله وهذا ظاهر النص.. وإلا فما هو فصل الخطاب في المسألة؟.. وأيضا يا شيخ هل يجوز أن أقول قال الله على لسان.. وأسمي أحدا من أنبيائه؟ ..والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في قول الله تعالى حاكيًّا عن عيسى أنه قال: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة:116] ، ليس فيه تشبيه ولا هو الظاهر منه، بل في الآية إثبات النفس لله، ونحن نثبت ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن ما هو المراد بالنفس هنا؟ هذا سبق بيانه في الفتوى رقم: 28523، فلتراجع.
وأما قول بعض الناس: قال الله عز وجل على لسان - ثم يسمي نبيًّا- ثم يذكر قولاً لهذا النبي، فالذي يظهر لنا أن هذه العبارة لا تصح؛ لأنها قلب للمراد، إذا أنها تُفْهِم أن هذا النبي بلَّغ الناس عن الله هذه المقولة. والمتكلم يريد أن يقول: إن الله حكى لنا عن هذا النبي، أنه قال كذا. فينعكس المقصود كما هو ظاهر، ولكن العبارة الصحيحة أن نقول: قال الله حاكيًّا عن.. ونسمي من حكى الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(9/2210)
حكم قول: يعلم الله أني فعلت كذا، وما يترتب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم قول [يعلم الله] مثال: يعلم الله أني ذهبت لصديق؟
وجزاك الله خيراً.. وجزى الله القائمين على الشبكة خير جزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز ذكر هذه العبارة إن كان قائلها صادقًا فيما يقول، أما إن كان كاذبًا فلا يجوز إطلاقها، بل قد يترتب على ذلك وقوعه في الكفر كما نص على ذلك بعض الفقهاء. ففي حاشيتي قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي: ولو قال يعلم الله أو يشهد الله، فإن كان صادقًا فلا بأس، وإن كان كاذبًا فحرام، بل إن قصد أن الله يعلم ذلك، وهو كاذب فيه كفر، كما قاله النووي وتبعه شيخنا. اهـ
وفي كتاب البحر الرائق - وهو في الفقه الحنفي -: وفي قولهم يعلم الله أنه فعل كذا ولم يفعل كذا وهو يعلم خلافه، فيه اختلاف المشايخ، وعامتهم على أنه يكفر. اهـ
وعلى هذا فينبغي الحذر في إطلاق مثل هذه العبارة؛ هذا من حيث ذكرها ابتداءً.
وأما هل تترتب على ذلك كفارة أو لا؟ في هذا خلاف بين الفقهاء، فأوجب بعضهم فيها الكفارة، وذهب آخرون إلى عدم وجوب الكفارة فيها، وفصل فريق ثالث فقال: إن أراد بها الحلف فعليه الكفارة، وإلا فلا. واستحب فريق رابع الكفارة احتياطًا تنزيلاً له منزلة "عِلْم الله" مصدرًا، ولعل هذا القول الأخير أرجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(9/2211)
حكم وصف إنسان بـ (حيوان)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القول عن الإنسان إنه حيوان ناطق؟ وهل يلام الأب إذا قال لابنه (حيوان) إذا أخطأ؟ ويعلل بالمقولة السابقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عبارة "الإنسان حيوان ناطق" هي أحد الجمل التي أطلقها المناطقة، ويقصدون بالحيوان هنا الحياة، أي الإنسان حي ناطق، وذلك لأن كلمة الحيوان تطلق على كل ذي روح ناطقًا كان أو غير ناطق، فإذا قُيدت بالناطق قُصد بها الإنسان دون غيره؛ لأن الناطق هنا معناه: المفكر بقوة. هذا من حيث الأصل، لكن يُراعى ما تعارف عليه الناس في ذلك، فإن كلمة حيوان صارت تستخدم في عرف الناس للشتم والسب، لا للوصف بالحياة التي هي ضد الموت، ولذلك فإنه لا يجوز أن يُقال لإنسان يا حيوان مع غلبة العرف الذي ذكرناه، لاشتمالها على منهي عنه وهو الشتم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يحب الفاحش المتفحش. وصححه الألباني.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 4755.
والواجب على الأب في هذه الحالة أن يتوب إلى الله عز وجل مما يقول، وذلك بترك العمل به، والندم على ما فات منه، والعزم على عدم العودة إليه، كما على الابن أن ينصح والده بالمعروف دون تشنج أو إساءة أدب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(9/2212)
حكم من قال (لعنة الله علي)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
طلبني زوجي للفراش فرفضت طلبه وبعد مشادة كلامية بيننا قال لي بالحرف (لعنة الله علي لو مارست معك بعد اليوم) وبعد ما هدأ غضبه عرفت منه أنه كان يقصد توبيخي فقط ولا يدري كيف نطقها ولا يعلم الآن كيف يكفر عن خطئه وما الواجب عليه فعله؟
أفيدونا جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الرجل أن يستغفر الله تعالى مما قال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم رواه البخاري وغيره.
ولا يجب عليه شيء غير التوبة، وله أن يأتي أهله، ولا حرج عليه في ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإن قال: أخزاه الله أو قطع يده، أو لعنه الله إن فعل، ثم حنث، فلا كفارة عليه. نص عليه أحمد، وبهذا قال عطاء والثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي. وقال طاووس: والليث عليه كفارة. اهـ
وما ذكره الإمام ابن قدامة هو ما عليه المذاهب المتبوعة جميعًا. وأما المرأة فلا يجوز لها الامتناع عن فراش زوجها متى ما طلبها إلا لعذر. وانظري الفتوى رقم: 9572، والفتوى رقم: 1263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(9/2213)
هل في كلمة (ياويلاه) محذور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فهل كلمة ياويل بكسر اللام الأخيرة أو ياويلتاه كلمة شرك؟ وماذا على من قال الأولى إن أراد التوبة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الشخص: يا ويلي أو يا وليتاه. لا تعد من الشرك، إلا أنها دعاء على النفس بالويل، وقد تكون بمعنى الإخبار. قال في مختار الصحاح: ويل: كلمة مثل ويح، إلا أنها كلمة عذاب. يقال: ويله وويلك وويلي، وفي الندبة ويلاه.
وقال ابن كثير في النهاية: الويل: الحزن والهلاك والمشقة من العذاب، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل، ومعنى النداء فيه: يا حزني ويا هلاكي ويا عذابي احضر فهذا وقتك وأوانك، فكأنه نادى الويل أن يحضره.. ومنه الحديث في قوله لأبي بصير: ويل أمه مسعر حرب. تعجباً من شجاعته ... . اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(9/2214)
حكم تشبيه الزوجة بالملائكة أو الحورية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ملاطفة الزوجة باستخدام كلمة ملاكي.. أو حوريتي.. هل يعتبر هذا تعديا على الملائكة والحور العين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قصدت بقولك لامرأتك "ملاكي" تشبيهها بالملائكة، فهذا محرم، لأن مقتضى قولك أن في الملائكة إناثا وذكورا وبينهما تناكح ومودة وغير ذلك كما بينك وبينها، لأن هذا هو مقتضى التشبيه، وهو باطل بالاتفاق، ولذا فالواجب عليك الابتعاد عن هذه الكلمة وإبدالها بغيرها من العبارات الجامعة للمودة والألفة بينكما، كلفظ "حوريتي" ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(9/2215)
حكم قول المرء لا يجوز فعل أو قول كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل استخدام كلمة لايجوز فعل كذا أو قول كذا أو أكل كذا، مما أحله الله يعد حراما، لأنني ألاحظ الكثير يستخدمون كلمة لا يجوز في كل شيء بغض النظر عن حكمه الشرعي فهل هذه الكلمة لها أكثر من معنى؟ وأن أحد معانيها التحريم أم أن معناها واحد فقط وهو التحريم للشيء المذكور؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان القائل لهذه الكلمة يقصد أن هذا الشيء حرام شرعا، وهو محرم شرعا في حقيقة الأمر، فلا محذور فيها، وإن كان غير حرام، فهو متقول على الله ما ليس له به علم.
قال تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِب. [النحل: من الآية 116]
وإن كان يقصد به غير التحريم والتحليل الشرعي، فلا بأس من استخدامها، وكل شخص يعمل كلامه على عُرفه إن كان له عرف.
قال القرافي في الفروق:
القاعدة الأولى: كل من له عُرف يعمل كلامه على عرفه.
فمثلا إذا كان المتكلم بهذه الكلمة من أهل اللغة وكان الحديث في اللغة، فإنه يقصد أن هذا لا يجوز في عرف علماء اللغة.
وإذا كان المتكلم فقيها شرعيا وكان الحديث في الشرع، فإنه يقصد أن هذا لا يجوز في الشرع، وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(9/2216)
حكم نعت شخص بـ (طاغوت)
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم قول شخص لصاحبه يا طاغوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعريف الطاغوت عند أهل العلم هو: كل ما يعبد من دون الله تعالى أو يتحاكم إليه أو يطاع في ما لا يُعلم أنه طاعة لله، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 8937.
وإذا كان الشخص يرضى أن يعبد من دون الله فقد صار نداً لله تعالى وخرج من مقام العبودية له.
وعليه.. فمن قال لشخص يا طاغوت فهو بمثابة قوله له يا كافر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. متفق عليه.
فعلى هذا القائل أن يبادر إلى التوبة إلى الله ويبتعد عن مثل هذه العبارات الشنيعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(9/2217)
لا ينبغي أن تتخذ الألفاظ الشرعية مادة للسخرية والمزاح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هل تجوز كتابة شخص ما على سبيل المزاح بدلاً من عبارة أحبكم في الله، أن يكتب alle ef mokopeho وهو يقول مازحاً إنها العبارة السابقة (أحبكم في الله) ولكن بأحرف إنجليزية وتقرأ بالمقلوب؟ وجزاكم الله خيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحب في الله تعالى من أوثق عرى الإيمان، ومن أقوى أسباب النجاة يوم القيامة.
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله. رواه ابن أبي شيبة والبيهقي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله، -وذكر منهم- ورجلان تحابا في الله.... رواه البخاري ومسلم.: ومر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: إني لأحبه في الله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أأعلمته؟ قال: لا، قال: فأعلمه، قال: فلقيت الرجل فأعلمته، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له. رواه الحاكم عن أنس وصححه الذهبي.
وعلى هذا فالحب في الله أمره عظيم، ولا ينبغي أن تتخذ هذه الألفاظ الشرعية التي تعبر عن معاني كبيرة تمس بالعقيدة والدين للسخرية والمزاح.... أما إذا كان المقصود هو إخبار الشخص باللغة الأجنبية أصلاً أو كتابة اللفظ العربي بحروف أجنبية، فهذا لا مانع منه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(9/2218)
لا ينبغي أن تقول المرأة لأم زوجها يا أمي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم أن تنادي امرأة أم زوجها بأمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمرأة المسلمة أن تقول لأم زوجها يا أمي، لأن في ذلك ما يوهم أنها أمها على الحقيقة، ولو كانت أم زوجها أماً لها لكان زوجها أخاً لها، فتحرم عليه تحريماً أبدياً.
ولعل هذا المعنى هو الذي من أجله كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول الرجل لامرأته يا أختي، فقد روى أبو داود أن رجلاً قال لامرأته يا أُخَيّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأختك هي؟ فكره ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة ذلك، وبعضهم ذهب إلى تحريمه، وإن كان لا يترتب عليه طلاق.
قال مالك في المدونة: إن قال لزوجته يا أمي أو يا خالتي أو يا عمتي فلا شيء، وذلك من كلام السفه.
وعليه درج خليل المالكي في مختصره فقال: وسُفّه قائل يا أمي ويا أختي.
وعلى هذا، فعلى السائلة الكريمة إذا أرادت أن تنادي أمّ زوجها باحترام أن تقول لها: يا خالتي، أو ما أشبه من ألفاظ الاحترام والتوقير، مما ليس فيه شبهة الأمومة التي تحتمل أخوتها لزوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(9/2219)
يجوز للمرء أن يقول " سأفعل كذا والباقي على الله "
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول (أنا سوف أفعل كذا وكذا والباقي على الله) هل فيها عدم توكل على الله أم ماذا؟ لأن التوكل على الله في هذه الحالة أتى بعد التوكل على النفس.
أرشدونا لأننا نقولها كثيراً ونخشى من أن نشرك بالله ونحن لا نعلم ووفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التوكل على الله مطلوب في كل حال، كما قال الله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23] ، وقال الله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] ، وقال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3] .
وهذا التوكل عرفه العلماء بمباشرة الأسباب مع استشعار أنها لا تؤثر إلا بإذن الله، وعليه فالاعتماد الحقيقي في إنجاح المهمة على الله وحده، ولا يمنع ذلك أن تفعل ما تستطيع من الأسباب، فبذل السبب لا يناقض التوكل إذا كنت معتمداً على الله أثناء بذل السبب كما في الحديث: قيدها وتوكل. رواه الحاكم وجود إسناده الذهبي وحسنه الألباني، وفي رواية: اعقلها وتوكل. رواه ابن حبان والترمذي وحسنه الألباني.
ويدل لهذا تخطيط النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقد بذل أسباباً محكمة، ولما وقف المشركون على فم الغار قال أبو بكر لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما. رواه البخاري ومسلم.
كما يدل له أنه لبس درعه في غزوة أحد، كما في المسند بسند صحيح، وبناء عليه فإن من بذل وسعه في تحقيق مهمة وكان اعتماده في نجاحها على الله لا يعد فعله هذا منافياً للتوكل، لأن تعاطي الأسباب لا يتنافى في التوكل، أما إذا كان معتمداً على نفسه فقط وإذا عجز في الأخير يتوكل على الله، فهذا هو الاعتماد على النفس المنافي للتوكل.
ولكن القولة المذكورة في السؤال غالباً يقصد منها قائلها أنه سوف يأخذ بالأسباب التي من شأنها أن توصله إلى المهمة، ولكن النجاح الفعلي لا يتحمله وليس مسؤولاً عنه، وهذا هو المعبر عنه بالباقي على الله -أي ليس لي -دخل-
وعليه، فلا حرج في هذه المقولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(9/2220)
اللفظ إذا جرى على اللسان لا بقصد السوء فلا مؤاخذة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع الذي هو بحق من أفضل المواقع الشاملة والمفيدة لمتصفح شبكة الإنترنت.
سؤالي للإخوة الكرام حول التلفظ بلفظ شركي مثل قول ما شاء الله وشئت مثل الرجل الذي أتى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال ما شاء الله وشئت، فقال الرسول أجعلتني لله ندا، بل ما شاء الله وحده. هل إذا تلفظ الإنسان بهذا اللفظ دون قصد هل يأثم به؟ وهل الكلمة التي قد يقولها المرء لا يلقي لها بالا فترديه في جهنم والعياذ بالله لو كانت بدون قصد هل يأثم بها؟ وما هو رأيكم في قوله تعالى: (ربنا لا تؤخذنا ان نسينا أو أخطأنا) وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
أرجو من فضيلتكم توضيح هذا الأمر. ونسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ الحديث عن ابن عباس قال: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني والله عدلا بل ما شاء الله وحده رواه أحمد وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط صحيح لغيره.
ولا شك في أن امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم واجتناب نهيه هو السبيل الوحيد للفوز والنجاة يوم القيامة، قال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7] ، وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
لكن اللفظ إذا جرى على اللسان بسبب التعود لا بقصد السوء، فعلى صاحبه أن يستغفر الله، وهو غير مؤاخذ إن شاء الله، فهذا من الإصر الذي حطه الله عن هذه الأمة تخفيفاً، يقول الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وليس بين هذا الحديث وبين الآية التي سألت عنها تناقض، فظاهر لفظها الدعاء، لكن المقصود منه حقيقة الاعتراف بالنعمة، ففي تحفة الأحوذي جـ8 صـ270:.... أي قولوا ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، أي تركنا الصواب لا عن عمد، كما أخذت به من قبلنا، وقد رفع الله ذلك عن هذ الأمة، كما ورد في الحديث فسؤاله اعتراف بنعمة الله، قال: قد فعلت أي لا أؤاخذكم ...
أما الكلمة التي يقولها المرء لا يلقي لها بالاً فترديه في جهنم، قال الحافظ ابن حجر: إن الكلمة يسعى بها المرء للوقيعة بالمسلم عند سلطان جائر، وقال أيضاً: ... لا يعرف حسنها من قبحها، قال: فيحرم على الإنسان أن يتكلم بما لا يعرف حسنه من قبحه، قال النووي: في هذا الحديث حث على حفظ اللسان، فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق، فإن ظهرت فيه مصلحة تكلم، وإلا أمسك. انتهى من فتح الباري جـ11، صـ311.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(9/2221)
حكم الدعاء على الإنسان بلفظة " يورثك "
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع وبعد:
فأنا شاب ابن التاسعة عشرة أعيش فى مجتمع إذا أراد أحد أهله أن يدعوا على أحد يقول يورثك وهى تعني يقتل مولاك فهل هذا مخرج من الملة؟ علما بأنهم على ما أعتقد لايقولونها استهزاء بالله سبحانه وتعالى وإذا كان كذلك فماذا علي من أجل التوبة؟ وكيف أخبر المجتمع بذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العبارة يقولها أولئك القوم في الأصل دعوة يخاطب بها العبيد والحيوان، ونحو ذلك، ويراد بها في الحقيقة الدعاء على الملاك أن يموتوا فتورث عليهم أملاكهم، وقد يخاطب بها الأحرار على سبيل التجوز في الكلام من غير قصد معناه الحقيقي الذي هو الدعاء على مالك ذلك الشخص الحر، الذي هو الله سبحانه وتعالى، وكيف يكون قصد المتكلم هو ذلك، والعبارة في الأصل سؤال لله تعالى.
والاستخدام الأصلي لهذه العبارة لا يتوجه إليه الاستشكال الذي ذكره السائل، لكنه لا يجوز إذا قصد به حقيقة الدعاء على ذلك المسلم ظلماً وعدواناً، اللهم إلا إذا قالها القائل من باب ما تقوله العرب من الدعاء الذي لاتراد حقيقته كقولهم: ثكلته أمه، وتربت يداه، ونحو ذلك.
وقد تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، فدل ذلك على جوازه، فقد قال لأحد الصحابة: "ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" رواه الترمذي وغيره من حديث معاذ.
وقال لآخر: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه من حديث أبى هريرة.
وقال لأم سلمة: "تربت يمينك فبم يشبهها ولدها" متفق عليه أيضاً.
أما الاستخدام الآخر، فهو الذي يتوجه إليه استشكال السائل، وبما قدمناه من أن هذه العبارة لا يقصد بها حقيقتها التي هي الدعاء على مالك ذلك الشخص الحر يرتفع الإشكال، ويكون ذلك القول غير قادح في معتقده، وإن كان الأولى اجتنابه بعداً عن إيهام الوقوع فيما استشكله.
وقد نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين عن بعض الألفاظ التي فيها شبه بألفاظ يستخدمها اليهود بقصد سيء، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة:104] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(9/2222)
حكم كلمة كلمة باي.. أو باي باي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال هو: انتشر في النت هذا الكلام؟
أتعلمون أن معنى كلمة باي 000 تعني بحفظ البابا أو يليق بمسلم أن نقول له بحفظ البابا وهو من اعتنق أسمى الأديان ما حكم هذا الكلام؟ وهل هو صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كلمة باي أو باي باي.. كلمة عامية في اللغة الإنجليزية، والفصحى منها (جود باي) تعني إلى اللقاء أو مع السلامة، والمعنى الذي ذكرته قد يكون حادثاً، وعلى كل حال فالأولى اجتنابها واستعمال الألفاظ العربية والشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(9/2223)
إطلاق لفظ "سيد" بين الجواز والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مناداة الكافر بلفظ ياسيد ويا صديق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز قول سيدي أو سيدنا للمنافق والكافر لحديث: لا تقولوا للمنافق سيدنا , فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع وكذلك لفظ صديق؛ لأن مناداة الكافر بلفظ صديق يشعر بأنه له على المسلم من المودة والاحترام والنصرة ما يحرم أن يكون لكافر؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَق [الممتحنة:1] وقال جل وعلا أيضاً: تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُون [المائدة:80] والولاية والموالاة هي المحبة والنصر.
أما مناداته بلفظ: يا سيد الفلانيين؛ فهي جائزة لأنه سيد أهله أو سيد قبيلته, أونحو ذلك، وفي الترتيل وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَاب [يوسف: 25] .
وكانت العرب تسمي رؤساء القبائل والكبراء (سادة) (سيد بني فلان)
ومثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لما سأل بعض العرب: من سيدكم يابني فلان؟ أي من رئيسكم؟
ومن باب أولى أن يجوز إطلاقها على المسلم, قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
وإنما يكره أن يخاطب بـ (ياسيدي) (ياسيدنا) , لأنه لما قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: أنت سيدنا، قال: السيد الله تبارك وتعالى. ولأن هذا قد يكسبه غروراً وتعظماً فينبغي ترك ذلك, فيقال: يا فلان, أو يأ أبا فلان.. بالأسماء والكنى والألقاب التي تعرف.
وأما إطلاق كلمة السيد بالألف واللام كقولك: يا السيد فلا يجوز ولو على المسلم, لأن السيد هو الله, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: السيد الله. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(9/2224)
من أدب الألفاظ في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم عندما نقول " لولا فضل الله وفضل فلان علي لما حصل أو حدث لي هذا الشيء" أو بأن نقول "شكرا لله وشكراً لفلان على ... ". وكما نعرف بأن كل شيء يصيبنا (من خير أو شر) هو من عند الله وأن أي خير يحدث لنا هو من فضل الله، ولكن إذا أردنا أن نعطي شيئا من الفضل (أو أن نشكر) لشخص ما، فما هي أنسب طريقة (أو صيغة) لقول ذلك، ماذا عسانا أن نقول. ما هي الصيغة المناسبة لشكر فلان (أو نسب الفضل إليه) مع القول والتشديد بأن هذا كله هو من فضل الله سبحانه وتعالى، أرجو أن يكون قصدي وفكرتي واضحتان؟ مع الشكر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن استعمال حرف العطف (الواو) في ربط فعل العبد بفعل الله تعالى لا يجوز، بل هو نوع من الشرك الأصغر، إذ أنه يقتضي المشاركة، والصحيح هو استعمال لفظ (ثم) لأنها تقتضي التبعية والتراخي، فتقول - مثلاً -: لولا الله ثم فلان.
وقد سبق بيان ذلك كله في الفتوى رقم: 16150 - والفتوى رقم: 10578 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(9/2225)
يجوز إطلاق لفظ السيد على غير الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن أمر مهم وهو يوجد لدينا في ليبيا مشايخ خطبة الجمعة يقولون إن التصوف حرام ويقولون أيضا لا تسيدوا أحداً حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا تسيدوه بل قولوا رسول الله فقط هل هذا صحيح؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الصوفية المعاصرة تشتمل على انحرافات كثيرة قد يصل بعضها إلى الشرك الأكبر، وهي بعيدة كل البعد من المعنى الحقيقي للزهد والتعبد وفق شرع الله، وللإفادة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 322.
أما التسييد فلا حرج فيه، سواء كان للنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، وذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قوموا إلى سيدكم" يعني: سعد بن معاذ أخرجه البخاري.
وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وقال عن نفسه في الحديث الذي أخرجه مسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع".
ولعل الخطيب استند فيما ذكره إلى حديث: لا تسيدوني في الصلاة. وهو حديث ذكره علي القاري في كتابه المصنوع 206/1، وذكر أن السخاوي قال: لا أصل له.
وقد رجح ابن القيم رحمه الله جواز إطلاق لفظ السيد على غير الله تعالى في كتابه الفوائد 3/730.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(9/2226)
حكم قول: شاءت قدرة الله وشاء القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول شاءت القدرة الإلهية أو قول شاءت يد القدرة الإلهية أو نحوها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يصح أن يقال: شاءت القدرة الإلهية أو شاءت يد القدرة الإلهية أو نحوها.. كقول بعضهم: شاءت قدرة الله.
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله عن حكم قول: شاءت قدرة الله وشاء القدر؟ فأجاب بقوله: لا يصح أن يقال: شاءت قدرة الله لأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد والمشيئة لمن يشاء، ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع: هذه قدرة الله أي مقدوره، كما تقول: هذا خلق الله أي مخلوقه، وأما أن نضيف أمرا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز.
ومثل هذا قولهم: شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر. انتهى من مجموع الفتاوى والرسائل له المجلد الثالث صـ114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(9/2227)
يكره للرجل أن يدعو زوجته بمن تحرم عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: فبالبداية المزيد من الشكر على هذا الموقع الرائع
والسؤال هو هل من الحلال أن تنادي الزوجة زوجها بـ (بابا) وأن يناديها هو بـ
(ماما) أفيدوني أفادكم الله فقد سمعت أن فيها حرمة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للرجل أن يدعو زوجته بمن تحرم عليه كأمه وأخته وبنته.
قال ابن قدامة في المغني يكره أن يسمي الرجل امرأته بمن تحرم عليه كأمه وأخته أو بنته، لما روى أبو داود بإسناده عن أبي تميمة الهجيمي أن رجلاً قال لامرأته: يا أخية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أختك هي؟ فكره ذلك ونهاه عنه " ولأنه لفظ يشبه لفظ الظهار.. ولا تحرم بهذا ولا يثبت حكم الظهار.
والحديث الذي ذكره وإن كان ضعيفاً كما قال الألباني رحمه الله؛ إلا أن على المسلم أن يجتنب ذلك ولو كان على سبيل المزاح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد عاب الله من جعل امرأته كأمه. وكان عمر رضي الله عنه يضرب من يدعو امرأته أخته، وجاء ذلك في حديث مرفوع. وإنما جاز ذلك لإبراهيم صلى الله عليه وسلم عند الحاجة لا في المزاح انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(9/2228)
لا حرج في قول (يا غافلين لكم الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ما حكم قول بعض الناس في أوقات معينة " يا غافلين لكم الله ". وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العبارة تطلق في بعض البلاد، ويراد بها إظهار معية الله تعالى لمن يغبنون أو يفعلون بعض الأشياء التي لا يعلمون عواقبها، فإذا اكتشفوا ما غبنوا فيه أو ظهرت لهم عواقب أفعالهم قيل لهم "يا غافلين لكم الله" يعني أن الله يدافع عنكم ويذود عن أعراضكم، ولهذا فإننا لا نجد مانعاً من قول هذه العبارة لعدم اشتمالها على محذور شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(9/2229)
قول: يا لسخرية القدر.. حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قول: يا لسخرية القدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العبارة لا يجوز إطلاقها لأمرين:
الأول: لما تدل عليه من تسخط لقدر الله، والمسلم مطالب بأن يرضى بما قدره الله سواء كان حلوا أو مراً.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط
رواه ابن ماجه والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب، وحسنه الألباني.
والثاني: لما تتضمنه من نسبة السخرية إلى القدر، وهذا لا يجوز.
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتاب معجم المناهي اللفظية: ولا يقال: شاءت حكمة الله، ولا يقال: شاءت قدرة الله، ولا شاء القدر، ولا شاءت عناية الله، وهكذا من كل ما فيه نسبة الفعل إلى الصفة، وإنما يقال: شاء الله، واقتضت حكمة الله، وعنايته سبحانه. انتهى
فائدة: ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالسخرية على الرغم من أنه سبحانه أطلق ذلك على نفسه، كما جاء في سورة التوبة حيث قال تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة:79] .
قال الشيخ حافظ أحمد حكمي في معارج القبول: واعلم أنه قد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله عز وجل على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة، وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال، ولكن لا يجوز أن يشتق له تعالى منها أسماء ولا تطلق عليه في غير ما سيقت فيه من الآيات، كقول الله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] . انتهى
ومن هذا القبيل آية سورة التوبة السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(9/2230)
شرك الألفاظ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا امرأة متزوجة ولي ابنتان ولدت الاثنتين بعملية قيصرية أثناء ولادتي للابنة الثانية فوجئ الأطباء بنزيف وأنقدت بفضل الله والأطباء وطلب مني الطبيب أن لا أفكر في الإنجاب على الإطلاق وقد نصحني بعد ذلك بإجراء عملية عدم الإنجاب أنا أسأل هل هذا ممكن من الناحية الدينية؟ وهل أرتكب أي جرم بإجراء هذه العملية؟.
الرجاء إجابتي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم هذه المسألة في الفتويين التاليتين: 13986، 16524.
ولا يفوتنا أن ننبهك إلى أمر ورد في سؤالك وهو أن قولك: أنقذت بفضل الله والأطباء، لا يجوز وهو من شرك الألفاظ، والتعبير الصحيح أن تقولي: بفضل الله ثم بجهود الأطباء، أو نحو ذلك.
وقد ثبت في المسند وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان".
وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العطف بالواو في هذا المقام، وأرشد إلى العطف بثم، لأن الواو تفيد الجمع والتشريك، وأما ثم فتفيد الترتيب المتراخي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(9/2231)
قول: الله واحد عند عد أول عدد لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الألفاط يرددها الناس كثيرا أريد أن أعرف حكمها، الأول: بعض الناس عندما يبدأ العد يقول الله واحد1،2، 3 إلى آخره. الثاني: بعض الناس عندما يريد أن يقول للشخص لا تتعجل في الشي يقول له:
خذوه فغلوه فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جرت عادة كثير من الناس عند عد أول واحد من المعدودات أن يقول الله واحد، ويعتبرون هذا مناسبة للثناء على الله بالوحدانية، وهذا أمر حسن.
وأما قول السائل: إن بعض الناس يقول لمن يريده أن لا يتعجل في فعل شيء ما (خذوه فغلوه) فلم نسمع به من قبل، ولا ندري على أي أساس بني، وما المقصود به، ولذا ننصح بعدم استعماله لما يشعر به اللفظ من غلظة وتنفير، ومعلوم أن الله تبارك أمر الملائكة بغل الكافرين وإلقائهم في النار فقال (خذوه فغلوه) ، وينبغي استبدال هذا اللفظ بلفظ آخر كلفظ: لا تعجل، أو لا تتسرع.. ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(9/2232)
الأصولية.. والأصوليون
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم الأصوليون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننقل للسائل ما كتبه العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - حفظه الله - في تعريف الأصولية من كتابه القيم "معجم المناهي اللفظية"، وفي ذلك الكفاية وزيادة:
أصولي: من الجاري في مصطلحات العلوم الشرعية: أُصول الدِّين، ويُقال: الأصل، ويقصد به: علم التوحيد. ومنها: أُصول التفسير، أُصول الحديث، أُصول الفقه. وإلى هذا اشتهرت النسبة للمبرز فيه بلفظ: الأُصولي. وعنهم أَلَّفَ المراغي كتابه "طبقات الأُصوليين".
لكن في أعقاب اليقظة الإسلامية في عصرنا، وعودة الناس إلى الأخذ بأسباب التقوى والإيمان، والتخلص من أسباب الفسوق والعصيان، ابتدر أعداء الملة الإسلامية هذه العودة الإيمانية، فأخذوا يحاصرونها ويجهزون عليها بمجموعة من ضروب الحصار، والتشويه، وتخويف الحكومات منهم ومن نفوذهم، وفي قالب آخر تحسين المذاهب المعادية للإسلام، وعرضها بأحسن صورة- زعموا، وكان من هذه الكبكبة الفاجرة في الإجهاز على العودة الراشدة إلى الإسلام صافيًا: جلبُ مجموعة من المصطلحات المولودة في أرض الكفر، تحمل مفاهيم سيئة إلى حد بعيد، وكان منها هذا اللقب "الأُصولية"، النسبة إليها: "أُصولي".
التزمت. التطرف.
والذي يعنينا هنا هو هذا اللقب، الذي صار له من الشيوع والولوع بذكره الأمر العجيب، حتى في بني جلدتنا، فكأنهم مرصدون لتبني نفثات العداء، وإشاعتها بين المسلمين، ونقول: الله أكبر: إنها السنن، فكما كان أهل الأهواء يطلقون مجموعة ألقاب نكراء على أهل السنة، للتنقص منهم، والوقيعة فيهم، والتنفير منهم، والسخرية بهم، مثل: حشوية، مشبهة، مجسمة.
فتؤول النوبة اليوم إلى المبتدعة الجدد في بدعهم الكلامية الجديدة، وهي أشد مكرًا من سوابقها. والحمد لله الذي خذلهم جميعًا، وبقي الحق على الإسلام والسنة، لم تؤثر فيه تلك الأهواء الطاغية، والمقولات الفاسدة الفاجرة.
وعليه: فهذا اللقب "أُصولي" أصيلٌ في مبناه، طري في معناه، بل فاسد تسربل هذا المبنى، حتى يسهل احتضانه، والارتماء في حبائله، فهذه الياء "ياء النسبة" وأصل الشيء: قاعدته وجوهره.
لكن ماذا تحمل من معنى في محلها الذي ولدت في: "أمريكا"؟ إنها تعني: ديانة نصرانية كهنوتية ترفض كل مظهر من مظاهر الحياة وتراه خروجًا على الدين.
ولهذا فإن النصارى - ومن في ركابهم من أُمَم الكفر في عدائهم العريق لملة الإسلام - سحبوا هذا اللقب على كل مسلم مرتبط بدينه الإسلام: قولاً وعملاً، واعتقادًا، فسربلوه بهذا اللقب "أُصولي" وما يتبناه هو " الأُصولية".
وهي تلتقي تمامًا مع ما كان يقال بالأمس: "رجعية" و"رجعي"، لكن هذا اللقب "رجعي" فيه قدح ظاهر، أما "أُصولي" فهو قدح مبطن.
ولهذا فكم رأينا من أغمار استملحوه فأطلقوه، وامتحنوا الأُمة به.
ثم أوجد الحداثيون في عصرنا ألقابًا أخرى في هذا المعنى لمن تمسك بالإسلام منها: "الماضوية" نسبة إلى الماضي، "التاريخانية" نسبة إلى التاريخ القديم في الزمان الغابر، " الأُممية" نسبة إلى الرجوع إلى أمة واحدة والواجب في نظرهم: الخلط بين الناس من غير اعتبار دين يفرق بينهم.
وفي مقدمة الأستاذ/ عبد الوارث سعيد، لترجمة كتاب: " الأصولية" (ص/12) قال: في معرض كشفه لعدد من سلبيات كتابات الغربيين عن الإسلام (تقديم الصحوة الإسلامية من خلال مجموعة من المصطلحات التي وُلِدَت في بيئة الغرب وحُمِّلت بمعانٍ ومفاهيم متأثرة بتجارب الغرب، وقيمهِ، ونظرته للدين، والحياة، مثل: أصولية، والخلاص، والعهد السعيد، واليمين واليسار، والرجعية، والتقدمية، والحداثة، والرادكالية، والنضالية، والتحررية، والإحياء، والإصلاح، والانبعاث، وغيرها.
وخير مثال على خطورة تبني هذه المصطلحات، دون إعادة تحديدٍ مدلولاتها، مصطلح: " الأصولية"؛ إذ يعني في بيئته الأصلية: فرقة من البروتستنت، تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة في: "الكتاب المقدس" يدَّعي أفرادها التلقي المباشر عن الله، ويعادون العقل، والتفكير العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة، والعنف؛ لفرض هذه المعتقدات الفاسدة. انتهى.
وقال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - أثابه الله تعالى-: مما يلاحظ في هذه الأعوام - أي: 1412هـ وما بعده - بشكل خاص أن كثيرًا من وكالات الأنباء العالمية التي تخدم مخططات أعداء الإسلام، وتخضع لمراكز التوجيه النصراني، والماسوني، تخطط بأُسلوب ماكر؛ لإثارة العالم كله ضد ما يسمونه: "الاُصوليين"، وهم يقصدون بذلك الذَّمَّ والقدح في المسلمين المتمسكين بالإسلام على أُصوله الصحيحة، الذين يرفضون مسايرة الأهواء، والتقارب بين الثقافات والأديان الباطلة.
وقد وقع بعض الإعلاميين المسلمين في مصيدة الأعداء، وأخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإسلام، وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها، أو غرض في نفوس بعضهم، فكانوا بفعلهم هذا، أعوانًا للأعداء على الإسلام والمسلين، بدلاً من قيامهم بواجب التصدِّي لأعداء الإسلام، وإبطال كيدهم، ببيان أهمية الرابطة الدينية والأُخوة الإسلامية من الشعوب الإسلامية، وأن الأخطاء الفردية التي لا يسلم منها أحد، لا ينبغي أن تكون مبررًا للتشنيع على الإسلام والمسلمين، والتفريق بينهم. انتهى
وقد كنت كتبت فتوى عن حكم إطلاق هذا اللفظ واستعماله، هذا نصها: الأصولية: الأصولية.. الراديكالية.. النضالية.. الخلاص.. العهد السعيد.. جميعها، وأمثال لها من " الألقاب الدينية" مصطلحات أجنبية تولَّدت حديثًا في العالم الغربي، أوصافاً للكهنوتيين المتشددين.
فإذا أخذنا هذا المصطلح الأصولية نجد حقيقته كما يلي: أنه - يعني في بيئته الأصلية - العالم الغربي - فرقة من البروتستنت تؤمن بالعصمة لأفرادها الذي يدعون تلقيهم عن الله مباشرة، ويعادون العقل، والفكر العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة والعنف في سبيل هذا المعتقد الفاسد. فمصطلح الأصولية، وما في معناه هو إذًا: لإيجاد جو كبير من الرعب والتخوف من الدين، ومقاومة من يدعو إليه، في أي ديانة كانت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(9/2233)
حكم إطلاق مثل هذه الألفاظ في الأسئلة الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين هذه الألفاظ (مارأي الشرع في هذه المسألة، مارأيكم في المسألة، ماحكم المسألة) وهل هناك كراهة وما هو الصواب للسائل عندما يريد أن يستفتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالألفاظ المذكورة في السؤال يمكن بيان مدى شرعية الاستفتاء بها على الوجه التالي:
أولاً: قول السائل: ما رأي الشرع.. وما يشبهها، كقوله: ما رأي الدين أو ما رأي الإسلام، فهذه الألفاظ كما يقول الشيخ بكر أبو زيد في المناهي اللفظية: من الألفاظ الشائعة في أخريات القرن الرابع عشر الهجري، وهو إطلاق مرفوض شرعاً. انتهى
والعلة في عدم قبولها شرعاً: أن الرأي يتردد بين الخطأ والصواب، وإذا كان الأمر كذلك فمن الواضح عدم جواز إطلاقها على حكم الله وشرعه الذي هو دين الإسلام، المشتمل على أمر الله ونهيه، وقضائه. وما كان كذلك فلا يقال فيه: رأي، لأن الرأي مدرجة الظن والخطأ والصواب.؟ فيطلق حينئذ على هذا النوع من الأحكام "حكم الله وأمره ونهيه وقضاؤه" ولا يقال فيه: رأي.
ثانيا: قول السائل ما رأيكم في المسألة؟ فالسؤال بهذه الصيغة وأمثالها جائز في الأحكام الشرعية الاجتهادية لأنها تمثل رأي المجتهد لا حكم الله بعينه، وقد درج السلف على ذلك في كتبهم وما ورد إليهم من أسئلة، ومن أمثلة ذلك ما نقله صاحب مواهب الجليل من المالكية، عن المشذالي: سئل ابن عبد السلام من نام مع زوجته في فراش واحد فأصبح الولد بينهما ميتاً، لا يدرى أيهما رقد عليه؟ فقال: لم أر فيها نصاً وعندي أنها هدر.
قلت لشيخنا: فما رأيكم فيها؟ قال: كرأي ابن عبد السلام. . انتهى
ثالثاً: قول السائل ما حكم المسألة؟ فالسؤال بهذه الصيغة جائز أيضاً وهو مما أقره جهابذة العلماء ونطقوا به، ففي قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام رحمه الله عندما كان يتكلم على مسألة قران الرجل بين التمرتين دون إذن أصحابه، قال: فإن قيل: فما حكم مسألة القران؟ قلت لها أحوال. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(9/2234)
اللسان قد يردي في الهاوية
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني إنسان مدخن منذ فترة وقد قام أحد أقاربي بتوجيهي إلى ترك التدخين وبعد إصراره أخبرته أني سوف أترك التدخين ولن أعود إليه وإن عدت إليه كأني أزني في والدتي ولكني للأسف عدت فما الحكم في ذلك؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم الدخان قد سبق بيانه في الفتوى رقم:
1671 والفتوى رقم:
1819.
وأما هذا القول الذي قلته فهو سفاهة وحمق وهو من منكر القول بل من أبشعها، وكفارة ذلك الاستغفار والتوبة، ويجب عليك أن تحفظ لسانك وأن تطهره من الألفاظ القبيحة والبذيئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(9/2235)
مرتكب الكبائر هل يدخل في مسمى (الكفر)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مصير المهاجر وأبنائه كمسلمين وماهو الحرام في ترك البلاد الأم (الإسلامية) والهجرة إلي بلاد المهجر كما هو الحال عندي والعديد من المسلمين. كما أريد أن أشير إلى أن بلداننا أصبحت اليوم أكثر كفراً (إن صح التعبير) بكثرة فساد أبنائها وخاصة المفسدات منهن وكثرة اللصوص والراشين والمرتشين خاصة وغيرها من المحرمات. . . . شكرا على إجابتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم السفر إلى بلاد الكفار والمفاسد المترتبة على ذلك في فتوى سابقة برقم:
2007 فلترجع إليها.
وأما ما ذكره السائل من أن بلاد المسلمين أصبحت أكثر كفراً لما عدده هو في سؤاله من بعض المعاصي والمنكرات.. فكلام غير صحيح لأن السرقة والرشوة والزنى وشرب الخمر، وما يشابه ذلك في كونه من كبائر الذنوب كل ذلك ليس كفراً، وعلى المسلم أن يحذر من أن يصف مسلماً بالكفر بسبب ذنب ارتكبه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(9/2236)
الدعاء بطول العمر ... بين الاستحباب والكراهة والتحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع في كلمة "ياطويل العمر"أو"طال عمرك"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في إطلاق هذه الكلمة، لأن الدعاء بطول العمر جائز على الراجح من أقوال العلماء بقيود ستأتي، قال الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: ويجوز الدعاء بطول العمر، كما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لأنس. ا. هـ يعني ما رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قالت أمي: يا رسول الله، خادمك أنس ادع الله له. قال: " اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته " وقد ترجم عليه الإمام البخاري: (باب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله)
وقد ذكر الحافظ في الفتح أقوالاً لبعض أهل العلم في وجه مطابقة الحديث للترجمة ثم قال: والأولى في الجواب أنه أشار كعادته إلى ما ورد في بعض طرقه، فأخرج في "لأدب المفرد" من وجه آخر عن أنس قال: قالت أم سليم - وهي أم أنس-: خويدمك ألا تدعو له؟ فقال: " اللهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته، واغفر له " ا. هـ
وقد ذكر بعض أهل العلم قيوداً حسنة، لجواز إطلاق هذه العبارة من ذلك: ما ذكره الهيتمي في فتاويه حيث قال: وقيده بعض المحققين بمن في بقائه نفع للمسلمين، فيندب له الدعاء حينئذ، فإن كان نفعه قاصراً فهو دون الأول، قال: ومن عداهما قد يصل للكراهة، والتحريم إن اتصف بضدهما. ا. هـ
وذكر الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - أنه ينبغي أن يقيد ذلك بطاعة الله تعالى، ونسبه إلى الإمام أحمد - رحمه الله - بأن يقال: أطال الله عمرك في طاعته.
ومما ينبغي أن يعلم أن الدعاء بطول العمر لا يعارض كون الآجال محدودة ومعلومة، فقد ذكر صاحب كتاب: الفواكه الدواني بعد أن رجح القول بالجواز قوله: وما قيل من أن العمر لا يزيد ولا ينقص فباعتبار ما في صحف الملائكة. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى بالرقم 16122
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(9/2237)
مسئولية من انتشار أسماء المحرمة؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خير الأسماء ما حمد وعبد وخيرها عبد الله وعبد الرحمن." أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولكني الأحظ أسماء تبدأ بكلمة (عبد) ولكنها لا تضاف إلى اسم من أسماء الله الحسنى. مثل:
عبد الناصر. عبد الستار. عبد النعيم. عبد المنعم. عبد الرازق. عبد الفهيم. عبد الجواد. وغيرها كثير. فأسالكم ما حكم هذه الأسماء هل هي صحيحة شرعا. وإذا كانت الإجابة بالنفي فلماذا لا ينبه العلماء الآباء من المسلمين إلى هذه الأخطاء حتى لا يقعوا في معصية دائمة بتسمية أبنائهم بمثل هذه الأسماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننبه السائل أولاً أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو قوله: أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
وأما هذا اللفظ الذي ذكره هو فغير ثابت كما سبق في الفتوى رقم:
1206.
وأما بالنسبة لما سأل عنه فإنا نقول: يحرم التسمية بكل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد العزى وعبد المسيح ونحوهما، لما روى ابن أبي شيبة من حديث هانئ بن يزيد قال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون عبد الحجر، فقال: له ما اسمك؟ فقال: عبد الحجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنت عبد الله.
ومن جملة هذه الأسماء المحرمة ما أشار إليه السائل كعبد الناصر، وعبد الستار، وعبد النعيم، وعبد المنعم، وعبد الفهيم، وعبد الجواد، لأن هذه الأسماء المضاف إليها ليست من أسماء الله تعالى إذ من المعلوم أن أسماء الله تعالى توقيفية لا تثبت إلا بنص من القرآن أو من السنة، وراجع الفتوى رقم:
14948 والفتوى رقم: 20330.
وننبه هنا إلى أن المسؤولية تقع في الأساس على الآباء، إذ عليهم أن يختاروا لابنائهم أسماء طيبة، كما أن على العلماء أن يرشدوا الناس إذا وجدوا مثل هذه الأسماء. وعلى هذا فمن ابتلي بشيء من هذه الأسماء لزمه أن يغير اسمه في الوثائق الرسمية إن أمكنه ذلك، وإلا غيَّره في مجال تخاطبه مع الناس.
وبالجملة فإن كل الأسماء التي أوردها السائل أسماء غير صحيحة لإضافتها إلى اسم من غير أسماء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(9/2238)
الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها ملغاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدث في أحد الأيام عندما كنت في أحد أسوإ الأحوال أني قلت حرام عليك يا الله ثم استغفرت ربي في نفس اللحظة إلا أني قلتها 5 أو 6 مرات بعدها كأني فقدت القدرة على السيطرة على عقلي لكني بعد لحظات قليلة وبعد أن هدأت نفسي فكرت فيما قلت جيدا وبدأت استغفر الله عز وجل أنا أعلم بأن الله تبارك وتعالى له كمال الصفات فسبحان الله عما يقول الجاهلون. سؤالي: هل والعياذ بالله ما قلت أخرجني من ملة الإسلام والعياذ بالله؟ وماذا علي أن أفعل حتى يعفو الله عني ويغفر لي ويتوب علي؟
جزاكم الله جنة الفردوس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ضعف اليقين، وقلة الصبر الفزع، وإساءة الأدب مع الله تعالى إذا نزلت بالشخص نازلة، أو حلت به مصيبة، وهذا على خلاف ما أمرنا الله به في مثل هذه الأحوال، كما قال الله تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون) َ [البقرة:155-156] .
وقوله تعالى واصفاً عباده الصالحين: (إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ) [المعارج:19-22] .
واعلم أن الله تعالى لا يُسئل عما يفعل وهم يسئلون، فهو مالك الملك يتصرف فيه كيف يشاء أخذاً وعطاء قبضاً وبسطاً لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه.
وإذا كنت تلفظت بهذه العبارة في حالة من الغضب الشديد بلا قصد أو عقد قلب عليها فإن الله تعالى أكرم من أن يؤاخذك، وأنت في مثل هذه الحالة، فالله تعالى يقول: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة: 286] .
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: ومن تدبر مصادر الشرع وموارده تبين أن الشارع ألغى الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها، بل جرت على غير قصد منه كالنائم والناسي والسكران والجاهل والمكره والمخطئ من شدة الفرح أو الغضب أو المرض ونحوهم، ولم يكفر من قال من شدة فرحه براحلته بعد يأسه منها "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" إلى أن قال: فرفع عنها (أي الأمة المسلمة) المؤاخذة بذلك كله حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح والغضب والسكر، كما تقدمت شواهده. أ. هـ إعلام الموقعين. 3/86
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(9/2239)
حكم إطلاق اسم (عبد الناصر) وأشباهه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تسمية الشخص باسم عبد الناصر مع أن اسم الناصر ليس من أسماء الله الحسنى؟
أفيدونا مأجورين وأن جميع أوراقي الرسمية تمت بهذا الاسم.
السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أسماء الله تعالى توقيفية لا تثبت إلا بدليل، ولم يرد ما يدل على أن الناصر من أسماء الله.
وعليه، فلا يصلح أن يُسمى بعبد الناصر، قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه معجم المناهي اللفظية ص 3838: ومن هذا الغلط التعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله تعالى، وهي ليست كذلك، مثل: عبد المقصود وعبد الستار وعبد الموجود وعبد المعبود وعبد الهوه وعبد المرسِل وعبد الوحيد وعبد الطالب وعبد الناصر وعبد القاضي وعبد الجامع وعبد الحنان وعبد الصاحب، فهذه يكون الخطأ فيها من جهتين:
من جهة تسمية الله بما لم يرد به السمع، وأسماؤه سبحانه توقيفية على النص من كتاب أو سنة.
والجهة الثانية: التعبد بما لم يسم الله به نفسه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وكثير منها من صفات الله؛ لكن قد غلط غلطاً بيناً من جعل لله من كل صفة أسماء واشتق منها، فقول الله تعالى: (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ) [غافر:20] . لا يشتق منها اسم القاضي لهذا فلا يقال عبد القاضي وهكذا. انتهى كلام الشيخ.
وعليه، فإذا كان من الممكن أن تغير الاسم في الوثائق الرسمية فافعل، وإذا لم يكن ممكناً فغير اسمك في تعاملاتك مع الناس إلى اسم آخر مثلاً كعبد الله، ولا حرج عليك في الاسم الموجود في الوثائق الرسمية مادمت لا تستطيع تغييره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(9/2240)
حكم إطلاق اسم (البراق) و (ثمود) على شركات تجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم استخدام اسم (البُراق) الدّابة التي حملت الرسول الكريم صلوات ربّي وسلامه عليه كاسم لشركة طيران وسياحة؟ وماحكم استخدام اسم (ثمود) الذين كفروا ربّهم كاسم تجاري لشركة أو مكتب إنترنت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز استخدام اسم "البراق" كاسم لشركة طيران وسياحة أو أي شركة أخرى ما دامت لا تمارس أموراً محرمة، فإن كانت تمارسها فلا، لأنها حينئذ تمتهن هذا الاسم الذي هو محترم شرعاً، أما إذا كانت تعمل في مجال أمور لا تخالف الشريعة فإنها بهذه التسمية إنما تشرف نفسها بهذا الاسم والتشرف بالفاضل فيما هو محترم جائز.
أما استخدام اسم "ثمود" ونحوه كاسم تجاري لشركة أو مكتب إنترنت فلا يجوز، لأن ثمود قوم معذبون مغضوب عليهم، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن دخول ديارهم، فقال في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم.
وإذا كان مجرد دخول ديارهم -لمن لم يدخلها باكيا- منهياً عنه فما بالك بمن يسمي أشياءه التي يريد التنويه بها باسمهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(9/2241)
مواكبة العصر ... ذريعة للتفلت من أحكام الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
صديقي يريد أن يخطب فتاة وقد قال لي بأنه يتعين عليه أن يتحدث معها أولا قبل أن يخبر أباها حتى في زعمه وفي زعم الكثيرين، يتعرف على رأيها في الموضوع. وقد أخبرته مرارا بأن هذا العمل غير مشروع ولا يستند إلى أي أساس ديني وشرعي، إلا أنه مصر على رأيه مدعيا بأنه يجب التماشي مع روح العصر وواصفا إياي بالجمود والتطرف، ويتذرع بحديث: استفت قلبك.
أرجو أن تفيدونا في المسألة وبارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكلام مع المخطوبة غير المعقود عليها جائز إذا دعت إليه حاجة وكان باحتشام وبعد عن أي حديث يخدش الحياء، ولم يكن في خلوة ثم مع الالتزام بالآداب والأحكام المبينة في الفتوى رقم:
1847 والفتوى رقم: 8136.
ومن أراد الزواج بفتاة فليتق الله وليسلك في خطبتها الطريقة الشرعية المبينة في الفتوى رقم:
7391.
ومواكبة العصر لا تكون بمخالفة أحكام الله وشرعه وتقليد كل كافر وفاجر، فالمؤمن مطلوب منه إخضاع الواقع ليكون جارياً على مقتضى الشرع، لا مسايرته وموافقته ولو جرى على خلاف المشروع.
وعليك بنصح هذا الشاب، ودعوته إلى الحق، وحضه على الرجوع إلى دينه والالتزام بما فيه من أخلاق وآداب وأحكام، ونبهه إلى أن اتهام الإسلام وأهله بالجمود والتطرف دعوى يرددها أعداء الإسلام، فهل يرضى بأن يكون في صفهم؟!! وليتدبر قول الله جل وعلا: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] وليحكم عقله في الأمور ويسأل أهل العلم في المسألة، فإن قالوا فيها حكم الله فلا يجوز أن يتهموا بمثل هذه التهم إلا إذا كان من يتهمهم يتهم الإسلام نفسه بأنه جامد ومتطرف، ومن كان كذلك فقد خلع ربقَة الإسلام وخرج من الملة.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: اسّتفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك. والذي رواه أحمد والدارمي والطبراني وحسنه النووي، فليس معناه اتباع الهوى والتفلت من أحكام الإسلام ومقارفة صريح الحرام.
ومعنى الحديث هو أن من تعارضت عنده أقوال العلماء فإنه يجب عليه أن يقلد الأعلم الأورع، فإن لم يترجح عنده شيء في ذلك رجع إلى صدره وقلبه، فما وجد في صدره منه حرجاً تركه وابتعد عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(9/2242)
رب كلمة أدت إلى وقوع فتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ نعرف ماهي قيمة الجوال والرسائل القصيرة ولكن وصلني بالأيام الأخيرة رسالة مفادها: لولا الخوف والشرك بالله لجعلت حبك سادس أركان الإسلام فمرت علي أول مرة مرور الكرام ولكن قلبت الجهاز مرة أخرى ثم أمعنت بالنظر فيها فسؤالي: يا شيخ ما الحكم في هذه الرسالة؟ وهل هي جائزة وصحيحة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا ونحن في غفلة ولا ندري ما الحكم فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلاشك أن الجوال وسيلة من وسائل الاتصال النافعة التي يستفاد منها في كثير من أبواب البر والخير والصلة، ولكن الخطورة في كونه سلاحاً ذا حدين، فقد يستخدم في الشر أيضاً، ومن ذلك المعاكسات التي تحدث بين الفتيان والفتيات.
ومما يأتي منه من الشر ما ورد في هذه العبارة التي وردت بها الرسالة، فأي خوف من الله تعالى موجود في قلب يقدم صاحبه على مثل هذه المعاكسات، إذ أن الخوف من الله تعالى رادع عن كل ما يغضب الرب تبارك وتعالى، ويؤدي إلى نشر الفتنة بين قلوب الخلق، لذلك عندما تحدث القرآن عن مخالفة الكفار لأمر الله تعالى قال: (كَلَّا بَلْ لا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ) [المدثر:53] .
فنصيحتي لك أيها الأخ السائل ألا تلتفت لمثل هذه الرسائل ولو بمجرد التفكير فيها، لأن ذلك قد يؤدي إلى أن تكون خاطرة تصير فكرة.. إلى أن تقع في الفاحشة، لذلك قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [النور:21] .
هذا مع شكري لك على حرصك على الخير ومعرفة الحق، سائلين لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(9/2243)
الستار ليس من أسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في من يغير اسمه من عبد الستار إلى عبد الرحمن بادعاء أنه ليس من أسماء الله الحسنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالثابت أن (الستار) ليس اسماً من أسماء الله تعالى المنصوص عليها في الكتاب والسنة، وإنما جاء ذلك تفسيراً لاسم الله تعالى الغفار في كتب كثير من الفقهاء، كما جاء في كتاب مغني المحتاج، يقول الخطيب الشربيني يرحمه الله: (الغفار) اسم مبالغة من الغفر، وهو الستر أي الستار لذنوب من أراد من عباده المؤمنين، فلا يظهرها بالعقاب عليها.
وهذا التفسير فيه قصور في المعنى كما نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث يقول: وتفسير اسم الله الغفار بأنه الستار، وهذا تقصير في معنى الغفر، فإن المغفرة معناها وقاية شر الذنب بحيث لا يعاقب على الذنب، فمن غفر ذنبه لم يعاقب عليه، وأما مجرد ستره فقد يعاقب عليه في الباطن، ومن عوقب على الذنب باطناً أو ظاهراً فلم يغفر له، وإنما يكون غفران الذنب إذا لم يعاقب عليه العقوبة المستحقة بالذنب.
ومن خلال ما تقدم يعلم أنه لا بأس بتغيير الاسم المذكور في السؤال، بل إن تغييره أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(9/2244)
فضل العمل والكسب على تركه توكلا وتعبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكننا الرد على شبهة الرزق والسعي له؟ لأن من الناس من يقول: إن الرزق مقدر، فلماذا نسعى له؟ أرجو من فضيلتكم أن تستفيضوا في التوضيح وأن تذكروا لي بعض المراجع التي يمكنني الرجوع إليها للازدياد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي كتاب ـ الآداب الشرعية والمنح المرعية ـ لابن مفلح الحنبلي، فصل مهم عن هذا الموضوع بعنوان: فضل التجارة والكسب على تركه توكلا وتعبدا ـ قال في مطلعه: سأل رجل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ فقال: أربعة دراهم: درهم من تجارة ودرهم من صلة الإخوان، ودرهم من أجر التعليم، ودرهم من غلة بغداد، فقال: أحبه إلي من تجارة بزه وأكرهها عندي الذي من صلة الإخوان، وأما أجر التعليم، فإن احتاج فليأخذه، وأما غلة بغداد فأنت تعرفها فأي شيء تسألني عنها؟.
وقال المروذي: سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله: إني في كفاية، قال: الزم السوق تصل به الرحم وتعود به على نفسك.
وقال أحمد للميموني: استغن عن الناس فلم أر مثل الغنى عن الناس.
وقال رجل للفضيل بن عياض ـ رحمه الله: لو أن رجلا قعد في بيته وزعم أنه يثق بالله فيأتيه برزقه؟ قال: إذا وثق به حتى يعلم أنه قد وثق به لم يمنعه شيئا أراده، ولكن لم يفعل هذا الأنبياء ولا غيرهم، وقد قال الله تعالى: وابتغوا من فضل الله.
ولا بد من طلب المعيشة.
وقال إبراهيم النخعي ـ رحمه الله ـ وسئل عن الرجل يترك التجارة ويقبل على الصلاة، يعني ورجل يشتغل بالتجارة، أيهما أفضل؟ قال: التاجر الأمين.
وترك سعيد بن المسيب دنانير فقال: اللهم إنك تعلم إني لم أجمعها إلا لأصون بها ديني وحسبي، لا خير فيمن لا يجمع المال فيقضي دينه ويصل رحمه ويكف به وجهه.
وقال سفيان ـ رحمه الله: ليس من حبك الدنيا أن تطلب فيها ما يصلحك.
قال المروذي: وقد أنكر أبو عبد الله على المتوكلين في ذلك إنكارا شديدا، وقال في رواية عبد الله: ينبغي للناس كلهم يتوكلون على الله عز وجل، ولكن يعودون أنفسهم بالكسب، فمن قال بخلاف هذا القول فهذا قول إنسان أحمق، قال: وسمعت أبي يقول: الاستغناء عن الناس بطلب العمل أعجب إلينا من الجلوس وانتظار ما في أيدي الناس.
وقال صالح: سئل أبي ـ وأنا شاهد ـ عن قوم لا يعملون ويقولون نحن متوكلون، فقال: هؤلاء مبتدعة.
قال المروذي: قيل لأبي عبد الله: إن ابن عيينة كان يقول هم مبتدعة، فقال أبو عبد الله: هؤلاء قوم سوء يريدون تعطيل الدنيا.
وقال في رواية أبي الحارث: إذا جلس الرجل ولم يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما في أيدي الناس، فإذا شغل نفسه بالعمل والاكتساب ترك الطمع. اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح: المراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين، لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل، وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي، فقال: هذا رجل جهل العلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي. وقال: لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا. فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق.
قال: وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم والقدوة بهم. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب عامة الفقهاء ومحققوا الصوفية إلى أن التوكل على الله لا يتنافى مع السعي والأخذ بالأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من الأعداء وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله المعتادة، مع الاعتقاد أن الأسباب وحدها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا، بل السبب ـ العلاج ـ والمسبب ـ الشفاء ـ فعل الله تعالى، والكل منه وبمشيئته.
وقال سهل: من قال: التوكل يكون بترك العمل فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الرازي في تفسير قوله تعالى: وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله. دلت الآية: على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول بعض الجهال، وإلا كان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل، بل التوكل على الله أن يراعي الإنسان الأسباب الظاهرة، ولكن لا يعول بقلبه عليها، بل يعول على الله تعالى. اهـ.
وجمهور علماء المسلمين على أن التوكل الصحيح، إنما يكون مع الأخذ بالأسباب، وبدونه تكون دعوى التوكل جهلا بالشرع وفسادا في العقل.
قال عمر رضي الله عنه: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
وقد تواتر الأمر بالأخذ بالأسباب في القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، أخرج ابن حبان في صحيحه: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يترك ناقته وقال: أأعقلها وأتوكل؟ أو أطلقها وأتوكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اعقلها، وتوكل.
وقال صلى الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.
وقال تعالى: فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا. والغنيمة اكتساب.
وقال تعالى: فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان. والضرب عمل.
وقال: فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه.
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم.
وقال: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل. اهـ.
وقد سبق لنا في عدة فتاوى بيان أن التوكل الحقيقي لا ينافي الأخذ بالأسباب، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 53203، 20441، 18784، 15012، 52503.
ولزيادة الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 29607، 62010، 95493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(9/2245)
التعفف يجلب معونة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يعين الله العبد الذي يريد العفة؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد السائل الكريم بالعفة الامتناع عن سؤال الناس، ففي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من يستعف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله، ولن تعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر. متفق عليه.
قال ابن حجر في الفتح: قال القرطبي: معنى قوله ـ من يستعف ـ أي يمتنع عن السؤال. وقوله ـ يعفه الله ـ أي إنه يجازيه على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته.
وقال ابن الجوزي: لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى لهم فيكون صاحبه معاملا لله في الباطن فيقع له الربح على قدر الصدق في ذلك.
وقال الطيبي: معنى قوله ـ من يستعفف يعفه الله ـ أي إن عف عن السؤال ولو لم يظهر الاستغناء عن الناس لكنه إن أعطي شيئا لم يتركه يملأ الله قلبه غنى بحيث لا يحتاج إلى سؤال، ومن زاد على ذلك فأظهر الاستغناء فتصبر ولو أعطي لم يقبل فذاك أرفع درجة، فالصبر جامع لمكارم الأخلاق.
وقال ابن التين: معنى قوله ـ يعفه الله ـ إما أن يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال، وإما أن يرزقه القناعة. انتهى.
وإن كان مراد السائل بالعفة عفة الفرج، ففي ذلك ورد قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
قال القاري في مرقاة المفاتيح: الناكح الذي يريد العفاف ـ أي العفة عن الزنا. قال الطيبي ـ رحمه الله: إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها، وأصعبها العفاف، لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه، وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. انتهى.
وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في الفتويين رقم: 7863، ورقم: 66796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(9/2246)
علاج سوء الظن بالناس وعدم شكرهم على إحسانهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من صفة ذميمة وهي الجحود، فكلما قدم لي شخص معروف آخذه وأتجاهل صاحبه، وكأن ذلك من واجبه، ولا أنظر للبشر ولا أحسب معروفهم؛ ومما زاد صفة الجحود عندي أني تربيت في بيئة منانة والحمد لله، ولأن معظم الناس الذين خالطتهم لا يقدمون المعروف لوجه الله، بل لغاية ومصلحة خاصة لا يبدونها مما جعلني أشك في أي شخص يقدم لي معروفا وأسيء الظن به، وفعلا يكون ظني السيئ في محله، فهل من نصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لمن أهدى إليه أحد هدية أن يكافئه بمثلها أو أحسن منها، وبالدعاء له والثناء عليه، ولا يسوغ أن يترك الاعتراف بالفضل لأهله بسبب فساد حال الناس، فإن مكافأة من أحسن إليك والاعتراف له بالفضل والثناء عليه والدعاء له أمر مرغب فيه، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه.
فقد روى الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
وشكر الناس يكون بالكلمة الطيبة وبالدعاء لهم وبمكافأتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء. رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني.
وفي رواية: من أولي معروفاً أو أسدي إليه معروف فقال للذي أسداه: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وقد صححه الألباني.
وفي الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وابن حبان وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والنووي والأرناؤوط والألباني.
وفي الحديث: من أعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثن، فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زو ر. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وفي لفظ: من أتي إليه معروف فليكافىء به، ومن لم يستطع فليذكره، فإن من ذكره فقد شكره، ومن تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور. رواه أحمد وحسنه الألباني.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال المهاجرون يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله، ما رأينا قوما أحسن بذلا لكثير، ولا أحسن مواساة في قليل منهم، ولقد كفونا المؤنة. قال أليس تثنون عليهم به وتدعون لهم؟ قالوا: بلى. قال فذاك بذاك. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.
وفي لفظ عن أنس أيضا قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه المهاجرون فقالوا: يا رسول الله ما رأينا قوما أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنإ، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم.رواه الترمذي وصححه الألباني.
وفي بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي عند شرح حديث: لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
قال المؤلف: إذا أنعم الله تعالى عليك بواسطة عبد من عباده في نفع لك أو دفع عنك، أوجب عليك شكره، والمنعم في الحقيقة هو الله تعالى، قال الله تعالى: وما بكم من نعمة فمن الله. فوجب عليه الشكر لله تعالى فيما أنعم به عليك، ووجب عليك شكر من جعله سببا لنعمة النفع والدفع، كالشكر لله تعالى، أوله رؤية النعمة بالقلب من الله تعالى.... وشكر من جرت النعمة على يديه بالمكافأة له، والثناء عليه. ومعنى الثناء نشر الجميل عنه، وحسن الدعاء له، فمن قدر كافأ، ومن عجز دعا، والمكافأة مع القدرة، والدعاء عند العجز أيسرالشكرين: شكر الله تعالى، وشكر العباد، ومن ضيع شكر العباد الذي هو أيسر الشكرين، كان بشكر الله تعالى الذي هو أعظمهما قدرا، وأعسرهما مراما أضيع، فكأنه قال: لايكون قائما بشكر الله مع عظم شأنه من لم يقم بشكر الناس ... اهـ
وقال الخطابي: هذا يتأول على وجهين أحدهما: أن من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له. والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر. انتهى.
وقال الكلاباذي في شرح حديث: لا ما اثنيتم عليهم: أي لا يفضلونكم ولا يفوتكم، فإن دعاءكم الله لهم، وثناءكم عليهم يقوم منكم مقام نفقاتهم منهم وبذل أموالهم، فتعطون على الدعاء والثناء من الأجر ما يعطون على النفقة والعطاء. فيه أيضا وجوب مكافأة المعطي ومجازاة المحسن، ومعرفة الفضل للمنعم. ..اهـ
وأما ظنك السوء بالناس فهو محرم لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ. {الحجرات:12} .
وفي حديث الصحيحين: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.
فعليك أن تجاهد نفسك في التخلي عن الظنون والاتهامات المذكورة فقد قال عمر رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرا وأنت تجد لها في الخير محملا.
فيتعين أن لا تحمل فعل من قدم لك معروفا إلا على الخير ما دام ذلك ممكنا، ومن الوسائل المساعدة على عدم إساءة الظن بالناس أن تعلم أنه ينبغي لك أن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، فكما تحب أن يحسن الناس الظن بك فأحسن الظن بهم، وكما تكره أن يسيئوا الظن بك فابتعد عن إساءة الظن بهم، وإذا ظهر لك ما يؤكد صحة سوء ظنك فالتمس عذرا لمن أسأت به الظن. فقد قال ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد فقل لعل له عذرا لا أعرفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(9/2247)
المسلم يتقن عمله الدنيوي والأخروي ابتغاء وجه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن توضحوا لي: ما الفرق بين الإخلاص لله، والإخلاص في العمل؟ فكثيرا ما نلاحظ الفرق بين المنتجات الأصلية والمنتجات المقلدة فنقول عن الأصلية: إن أصحاب هذه المنتجات مخلصين في أعمالهم، فما هو هذا الإخلاص؟ ولمن؟ وما هو الإخلاص المطلوب مني؟ وإذا أردت أن أنجز عملا أو أصنع شيئا أو أتقدم لوظيفة فما هي النية الواجب توفرها؟ أرجو توضيح هذا الإشكال، وأرجو أن يتم الاستشهاد بأقوال علماء عاملين في هذا الموضوع.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخلاص العمل لله تعالى: يكون بقصده وحده لا شريك له لا يريد به صاحبه جزاء من أحد ولا شكرا عليه ولا يدخله رياء ولا سمعة، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف:110} . وهذا شيء لا يتأتى إلا من المسلم، وانظر الفتوى: 52210، للمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم.
وأما الإخلاص في العمل: فهو إتقانه وتحسينه وقد يصاحبه الإخلاص لله عز وجل وقد لا يصاحبه، كما يقع من البعض في صناعتهم المتقنة وتعاملاتهم المنضبطة فهؤلاء يتقنون أعمالهم ويبدعون فيها، ولكنهم لا يقصدون بذلك وجه الله ولا ثوابا منه عليها، هذا وقد أمرنا الله تعالى بالإحسان في كل شيء وعلى كل شيء، فقال تعالى: وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه. رواه الطبراني وغيره وصححه الألباني.
فالمطلوب من المسلم الذي يرجو لقاء ربه أن يخلص في عبادته وأن يتقن عمله الدنيوي والأخروي امتثالا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتى: 98017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(9/2248)
حرمة الغيبة وتتبع عورات المسلمين وإيذائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الأفاضل أريد توضيح قذف المحصنات المؤمنات: هل إذا سمعت عن فتاة أنها أقامت علاقة محرمة مع شاب وأنه توجد شكوك أنه حصل زنا بينهم، أو شيء من هذا القبيل وقمت بإخبار إحدى صديقاتي بتلك الأخبار أنني أثمت وأنني قمت بقذف هذه الفتاة وأنني لن أدخل الجنة لأنه يعد من الموبقات السبع التي حرمها الله تعالى ومهما عملت وندمت وأديت الحج لن يغفر الله لي؟
وهل إذا كانت هذه الفتاة هي نفسها من اعترفت بذلك لصديقتي أو لي شخصيا، وأمر فتاة أخرى يوجد شكوك في سلوكها والكل يتكلم عنها وعن تصرفاتها ومن ضمنها علاقات مع شباب، وسمعت مثل باقي الناس وتناقشت بموضوعها في جلسات مع الأهل والأصدقاء هل هذا يعد قذفا لهذه الفتاة؟ وهل لو قمت بمواجهتها وسؤالها عن صحة هذه الأقاويل أعد آثمة مع أنني حقيقة واجهت تلك الفتاة وقلت لها إن الناس يتكلمون عنها وإنهم متأكدون أنها تعمل المنكر أي علاقات مع شباب لدرجة النوم، ونصحتها ولكنها أنكرت ذلك ولم تعترف لي أن هذا الكلام صحيح ولكن عندما أناقشها لا أرى انفعالا على وجهها أو ألمس أنها مظلومة فأضغط عليها وأسمعها كلاما قاسيا حتى تعترف لي ولكن دون جدوى. فهل أأثم على ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك نقول: على المسلم ذكرا كان أو أنثي الإعراض عما لا يفيد من الأقوال والأفعال، وأن يعلم أن كلامه من عمله فسيجد في صحيفة أعماله يوم القيامة ما نطق به من خير وشر، ويحرم عليه الخوض في أعراض المسلمين وتتبع عوراتهم والتنقيب عن مساوئهم ويجتنب المجالس المشتملة على اللغو والكلام المحرم من الحديث في أعراض المسلمين وإشاعة الفاحشة والطعن في الأعراض مع نصح من يقوم بمثل هذه الأمور المحرمة.
وبخصوص سؤالك فأنت آثمة بإخبار صديقتك بشأن تلك العلاقة المحرمة المستندة إلى إشاعات، ولا يعتبر ما وقعت فيه قذفا يترتب عليه الحد الشرعي بل غيبة محرمة كما تقدم في الفتوى رقم: 126969، والفتوى رقم: 30061.
وعموما فقد ثبت التحذير من حكاية الحديث بمجرد سماعه دون التأكد من صحته بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
ودخول الجنة من أمور الغيب التي لا يمكن القطع به لشخص معين إلا بدليل من كتاب أو سنة صحيحة كما سبق في الفتوى رقم: 4625.
ولا يسقط عنك الإثم باعتراف الفتاة نفسها لصديقتك بما حصل، فأنت قد وقعت في عرضها وكان الأجدر بك الستر عليها ولو تحققت من وقوعها في الفاحشة، والفتاة الأخرى أيضا لا يعتبر الخوض في عرضها مع الخائضين وتبادل الإشاعات في شأنها قذفا بل هو غيبة كما تقدم.
وكان الأجدر بك البعد عن الخوض في تلك الأمور ونصح مَن يخوض فيها من الأهل وغيرهم، فإن عجزت أو لم تفد النصيحة فلتنصرفي عن ذلك المجلس.
قال الإمام النووي في رياض الصالحين: باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه. انتهى.
كما تأثمين أيضا بمواجهة تلك الفتاة وسؤالها عن حقيقة أمرها فذلك من كشف عورات المسلين وتتبعها، كما تأثمين بإسماعها كلاما قاسيا لتعترف بما أشيع عنها فهذا من الأذى في حقها وهو أمر محرم بلا شك بدليل قوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن الترمذي عن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
قال: ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.
وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
إضافة إلى إقدامك على السؤال والاهتمام بما لا يعنيك ولا يفيدك فلست مطالبة بالتحقيق مع تلك الفتاة ولا أخذ إقرارها.
وعليه فننصحك بالتوبة إلى الله تعالى فورا والإكثار من الاستغفار مع البعد عن الخوض في أعراض المسلمين وطلب السماح من تلك الفتاة عما أقدمت عليه تجاهها من هتك عرض وتتبع عورة وأذى بالكلام إلى غير ذلك.
وعلى أية حال فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الشريف، فاصدقي وأخلصي التوبة لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(9/2249)
سخرية لا غيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب قد جاءني من قبل الوسواس القهري، والحمد لله فقد تخلصت من أجزاء كبيرة منه ولكني الآن ألاحظ أنه يعود لي ولكن في صورة أخرى وهي أنه يأتيني في الأمور التي تتعلق بالغيبة والمعاصي الأخرى إلخ.. فأنتم تعلمون هنا في الغرب الكل يتكلم عن بعض والنساء متبرجات إلخ.. ولكن الشيطان في بعض الأحيان يحول لي حتى النظرة البسيطة إلى غيبة أي أن أحدا من حولي مثلا يغتاب الآخر فأنظر إلى أخ البنت التي يغتابونها ما هي ردة فعله وقد تكون نظرة أوتوماتيكية فيقول لي أنت شاركتهم في الغيبة، أو مثلا مرة كان شاب قادم إلينا ونحن مجتمعون وهذا الشاب دائما يمشي ويتبختر فأردت أن ألعب عليه فقلت لأصحابي إذا جاء صفقوا له وعندها أتى الشيطان وقال لي أنت الآن اغتبته لأنك بطريقة أو بأخرى كأنك قلت لأصحابك أنه كثير التبختر، وأيضا يوسوس لي ويقول أنت نظرت إلى تلك المرأة عن قصد وليست النظرة الأولى إلخ. فهل علي أن أتجاهل أي شيء جديد لم أكن أفكر فيه قبل الوسوسة الآن؟ هل أكون عاصيا إذا فعلت ذلك؟ وإذا فعلت ذلك أخاف أن أظلم بعض الناس بالغيبة أو.. مع العلم أنه شبه مستحيل الانعزال عن المجالس التي فيها معاصي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حقيقة الغيبة المحرمة هي: ذكرك أخاك بما يكره. كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم، فإذا علمت حقيقة الغيبة تبين لك أن مجرد نظرك لأخي الفتاة التي يغتابها زملاؤك ليس من الغيبة، وأن طلبك من زملائك التصفيق للمتبختر ليس من الغيبة كذلك، وإن كان الأخير من السخرية والاستهزاء، وهو عمل محرم لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ.
والذي ننصحك به هو أن تحذر هؤلاء الفساق من عاقبة ما هم عليه من عصيان وانحراف، فإن أبوا إلا العصيان فتجنب مجالستهم ولا تتخذهم أصدقاء؛ فإن صحبة أمثالهم تفسد على المرء دينه ودنياه، فانج بنفسك من شرهم قبل أن تندم، ولا تتعلل بصعوبة مقاطعة مجالسهم على نفسك؛ فإن هذا ليس بعذر، وقد قال الله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي. {الفرقان: 27-29} .
وعليك أن لا تستسلم للوساوس القهرية، وادفعها بالاستعانة بالله وبما تيسر من الأدوية، وانظر الفتويين: 3086، 51601.
هذا، وإن لم تكن في بقائك في بلاد الكفار متمكنا من شعائر دينك فيجب عليك مغادرتها فورًا، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 37470، 10043، 2007، 45909.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(9/2250)
مفاسد شيوع ونشر أخبار الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تصفحي لمواقع الإنترنت وجدت منتدى نسائيا صرح في عنوانه بأنه من دولة من الدول العربية المسلمة ووجدت به قسما للفضفضة يقوم بإعطاء العضوة عضوية أخرى باسم المحتارة، بحيث إنها تطرح مشكلتها دون حرج بين العضوات والأمر في ظاهره جيد، ولكن وجدت أولاً: أن هذا القسم مفتوح للزوار في حين أن مثل هذه الأقسام تكون مغلقة عن الزوار في منتديات أخرى، وما يزيد الطين بلة هو نوعية الموضوعات التي تطرح فمنهم من تقول ـ وهي فتاة لم تتزوج: أنها تمارس العادة السرية عبر الشاشة والهاتف مع شباب وتسأل: إن كانت في مقام الزانية أم لا؟ والزوجة التي تمارس نفس الشيء وتتعلل بأن زوجها يسافر وتريد رأي الدين في ذلك من شيخ ثقة، وأخرى تقول: إنها تفعل كذا بالخلف وكذا بالأمام ورأت دماء وتريد من لها خبرة أن تفيدها هل هي فقدت عذريتها أم لا؟ ومن تقول: إن أباها يتحرش بها في البيت وأخبرت أمها ولم تصدقها، فقولوا لي ماذا أفعل؟ وجل المواضيع على مثل هذه الشاكلة، وهذه المواضيع رأيتها وأنا لست بعضوة بالمنتدى وما يزيد على هذا: أن إدارة الموقع تقوم بإيقاف عضوية أي عضوة تعترض على هذا القسم بالذات أي أن هذا القسم له حصانة خاصة يمنع الإقتراب منها، فسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل ما تقوم به إدارة المنتدى يصح من الناحية الشرعية أم لا؟ وأقسام الفضفضة التي تنتشر في المنتديات ما مدى مشروعيتها؟ فإن ما رأيته مخزي، فكيف بشاب يقرأ هذا الكلام؟ وكيف يكون انطباعه عن نساء وفتايات هذه البلد؟ وكيف لفتاة صغيرة تقرأ هذا الكلام وقد يثرها الفضول لتعرف ما هي العادة السرية التي تسأل عنها؟ ألا يعد هذا نشرا للفاحشة بين المسلمات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال كما ذكرت فيما يسمى بأقسام الفضفضة في بعض المنتديات، فذلك غير جائز، لما فيه من فتح أبواب الفتن وذرائع الفساد دون حاجة معتبرة، فإنّ الأصل وجوب الستر والمنع من المجاهرة بالمعاصي، لما في ذلك من إشاعة الرذائل والتهوين من شأنها، قال الطاهربن عاشور عند تفسير قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور: 19} .
ولشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو بالكذب مفسدة أخلاقية، فإن مما يزع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها بله الإقدام عليها رويداً رويداً حتى تنسى وتنمحي صورها من النفوس، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع، فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها، وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة.
وإذا كان عند بعض النساء أسئلة شرعية أو طبية أو غيرها فيمكنهن طرحها على أهل التخصص الموثوقين في المواقع المخصصة لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(9/2251)
نظرات في عفو المظلوم عمن ظلمه أو الانتصار منه
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ولقد سمعت من أحد العلماء أن القلب السليم هو القلب الخالي من أمراض النفس من حقد وضغينة وكبر وغرور.....
والسؤال هو: إذا أساء شخص لي، وأنا لم أحقد عليه ولم أحاول النيل منه، وسامحته في هذه الدنيا، ولكن أريد أن آخذ حقي منه في الآخرة، فهل هذا الشعور يعتبر حقداً، أعني هل علي أن أسامحه في الدنيا والآخرة وأترك حسابه على الله حتى يسلم قلبي من مرض الحقد؟ وإن كانت الإجابة نعم، عندها قد يستغفر هذا الشخص من ذنبه ويغفر الله له، وبالنسبة لي، وبما أنني عفوت عنه في الآخرة والدنيا، عندها لن أستطيع أن آخذ حقي منه (أعلم أن العفو له أجره الكبير) في الآخرة، وبهذا أكون قد تضررت من هذا الشخص ونجا هو بالدنيا والآخرة.
الخلاصة هل العفو يقتضي المسامحة في الدنيا والآخرة أم هو المسامحة في الدنيا فقط، ويمكن للمرء أن يأخذ حقه في الآخرة؟
أرجو من الله أن أكون وفقت في توضيح سؤالي.
وشكراً لجهودكم المبذولة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من المناسب أن نعرف ببعض الألفاظ التي وردت في سؤالك.
فالقلب السليم كما قال ابن القيم: هو الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره. ويدخل في سلامته من الشهوة سلامته من الحقد والضغينة والكبر والغرور.
والحقد كما قال ابن منظور في لسان العرب: هو الضغن أو إمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها. ولكن مثل هذا إنما يكون صاحبه مذموما في حق من لم يكن له مبرر شرعي، وأما من كان له سبب مشروع كأن يجد المظلوم ضغنا في نفسه على ظالمه فمثل هذا لا يتوجه ذم على صاحبه. وله الحق في التربص به ليجد فرصة يرد فيها مظلمته، ولذا رفع الله تعالى عنه الحرج في قالة السوء؛ كما قال تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. {النساء: 148} . قد أباح الله تعالى للمظلوم أن ينتصر ممن ظلمه، قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {الشورى: 40-43} . وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.
فتحصل من هذا أن طلب المظلوم القصاص ممن ظلمه في الدنيا أو في الآخرة لا يتضمن محظورا. وقد دلت النصوص السابقة على أن العفو أفضل، فما يناله المرء من أجر العفو في الدنيا والآخرة أفضل مما قد يأخذه بالقصاص. فتبين بهذا أن الظالم إذا أصبح في حل من تبعة مظلمته بعفو المظلوم عنه لم يصبح المظلوم خاسرا، بل هو من الرابحين لأفضل مما قد تنازل عنه.
والمسامحة في الدنيا تقتضي تنازل المظلوم عن حقه، فإذ تنازل لم تكن هنالك تبعة على الظالم تلحقه في الآخرة، وهذا المعنى واضح في حديث أبي هريرة السابق، فقد حث الظالم على أن يتحلل من المظلوم حتى لا يؤاخذ في الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(9/2252)
حرمة فضح المسلم والتشهير به
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلتني رسالة بريد إلكتروني تحتوي على تحذير من رجل يبتز الفتيات ومحتوى الرسالة صورة له وإيميله ورقم جواله وفي نهاية الرسالة وجه كاتبها كلمة لهذا الرجل وهذه هي الكلمة:
" آسسفه ... * ع نشر ص ? ر ? ? فضيحت ?
.. مآت ? قع آحد بيِقب ?? ع‘ـقبهآ..
بس آنت ? عبت ? عبهـ مآنت قدهآ.. ? مآ آق ?? بتندمِ يع‘ـني بتندم..
? هآ ? شي س ? يتهـ آ ? بنت آ ? بآ ? آحرى س ? يته ع‘ـشآن بنآت خ‘ـ ? ق آ ?? هـ.
ما رأيكم في هذه الرسالة؟ فأنا أشعرأنها فضيحة قبل أن تكون نصيحة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من ستر عبدا ستره الله في الدنيا والآخرة.
فهل يجوز نشرها؟.
ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا على وجه الدقة مقصود هذه الرسالة ولا الهدف منها، لكن إن كانت تتضمن فضيحة لمسلم، فهذا حرام لا يجوز بحال وفاعلها آثم ولا يجوزلأحد أن يشاركه في نشرهذه الرسالة ولا إشاعتها بين الناس، لأن نشرها يعتبرمن تتبع عورات المسلمين وكشفها وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا حرام لا يجوز حتى وإن كان المتهم مذنبا على الحقيقة، كما بيناه في الفتوى رقم: 1039، وراجعي في ستر المسلم الفتوى رقم: 122960.
فكيف ومثل هذه الرسائل غالبا ما تكون من قبيل الإفك والبهتان والتشفي والانتقام، وقد قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58} .
قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِمَا اكْتَسَبُوا أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج.رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني. وردغة الخبال: هي عصارة أهل النار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1430(9/2253)
حكم ادعاء رؤية حلم لحض تارك الصلاة على أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة على خلق ودين وملتزمة بصلاتي, وأمور ديني ولله الحمد؛ لكن ما يضيق صدري وجود أشخاص من عائلتي لايصلون وللأسف.
سؤالي: هل يحل لي أن أكذب وأقول إني حلمت بك حلم كذا وكذا أنا في الحقيقه طبعا لم أحلم؛ وأذكر حلم كذب أؤلفه من خيالي لكي أنبهه وأخوفه من الله تعالى؛ وأن هذا مثل التحذير لك من الله لعدم صلاتك؟ أعرف أن الكذب يحرم وخصوصا لو كان بحلم؛ لكن هدفي من الكذب في هذا الخصوص أني أعرف أن هذا الشخص يخاف من ذكر الأحلام وخصوصا إذا كانت هكذا؟ أنا فكرت في هذه الفكرة لأني لا أستطيع أبدا أن أنصحه بطريقة أخرى هذه هي الطريقه الوحيدة التي أستطيع أن أحذره بها؛ أنا أكره الكذب؛ لكن والله قصدي من هذه الحالة أن يستقيم الشخص ويؤدي صلاته طاعة لله والله وحده يعلم نيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك على ما أعطاك الله من الدين والأخلاق والحرص على هداية عائلتك، ونفيدك أن الكذب خلق ذميم محرم تحريما شديدا، ويشتد التحريم والوعيد فيه إذا كان في إدعاء الحلم بما لم يره، ففي الحديث: من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل. رواه البخاري
وبناء عليه فننصحك بالبعد عن الكذب في هذا الأمر وأن ترغيبهم وترهبيهم بنصوص الوحيين فهي أعظم تأثيرا وأشد وقعا في النفوس من جميع الأقاصيص والمنامات. فقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ. {الأنبياء:45} . وقال تعالى: فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا. {الفرقان:52} . وقال تعالى: وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ. {سبأ:50} .
ويمكن الاستفادة من الأشرطة والرسائل الصغيرة والمطويات التي تبين مخاطر ترك الصلاة. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 26391، 35612، 41016، 76270، 105390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(9/2254)
تحب شخصا غير خطيبها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التعلق برجل غير خطيبي؟ علما أنني أحبه قبل أن أخطب، ولم أستطع نسيانه، أو أضع خطيبي مكانه في قلبي، لأن شخصيتهما مختلفة تماماً.
جزاكم ربي الجنان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، ولا ترضاه أخلاق الإسلام، وإذا حصل تعلق قلبي بين رجل وامرأة دون سعي منهما بأسباب محرمة كإطلاق البصر والكلام بغير حاجة ونحو ذلك فالسبيل المشروع لهما هو الزواج، فإذا لم يتيسر لهما الزواج فعليهما الانصراف عن هذا التعلق حتى لا يؤدي إلى الوقوع في المحرمات، فما دام لم يتيسر لك الزواج من هذا الرجل فالواجب عليك الإنصراف عنه وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر والانشغال بما يفيدك في دينك ودنياك.
وتجدر الإشارة إلى أن خطيبك إذا كان ذا خلق ودين فالأولى أن تقبليه زوجاً وتتناسي كل من سواه، وإذا رأيت أن الحياة الزوجية قد لا تستقيم لك مع خطيبك فلا حرج عليك في فسخ خطبته، ولك حينئذ أن تطلبي ممن تحبين التقدم لخطبتك إذا كان صاحب خلق ودين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(9/2255)
الاطلاع على بريد الأصدقاء الإلكتروني
[السُّؤَالُ]
ـ[في صفحة البريد الإكتروني الرئيسية أجد بعضا مما يفعله صديقي إذا كان بريده ضمن جهات الاتصال الخاصة بي، وهذا أيضا ينطبق على جميع من بريدهم الإلكتروني ضمن جهات الاتصال الخاصة بي، وهذا يحصل عندما أبعث لهم برسائل أيضا، فهل يعتبر تجسسا؟.
وبارك الله فيكم وجزاكم خيرا على ما تقدمونه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن اطلاعك على ما يفعله غيرك عن طريق بريده الإلكتروني ـ إن كان بدون إذنه ـ فيما لا يحب أن يطلع عليه فإنه يعتبر تجسسا، والأصل أن التجسس حرام، لقوله تعالى: ولا تجسسوا {الحجرات:12} .
ولقوله عليه الصلاة والسلام: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا. متفق عليه.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: قال بعض العلماء: التحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم، وبالجيم البحث عن العورات.
وقيل: بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر، والجاسوس صاحب سر الشر، والناموس صاحب سر الخير.
وقيل: بالجيم أن تطلبه لغيرك، وبالحاء أن تطلبه لنفسك. قاله ثعلب.
وقيل: هما بمعنى، وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال.
فعليك أن تكف عن الاطلاع على ما يخص غيرك في البريد الإلكتروني وغيره مما لا يأذنون بالاطلاع عليه. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 80953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(9/2256)
سمع من أناس أن فلانة العزباء حامل فتكلم بما سمعه منهم لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال أرجو الإجابة عنه جزاكم الله خيراً: من المعلوم أن قذف المحصنات من الكبائر، وأنا حدثت معي قصة منذ فترة انتشر خبر بين الناس بشكل كبير عن فتاة عزباء وقيل عنها إنها حامل، ووردت هذه القصة على مسامعي وتحدثت عنها لأحد الأشخاص، وقلت إنني سمعت من الناس أنهم يقولو أن فلانة حامل والحق أن الخبر منتشر بشكل كبير. فهل أنا ارتكبت كبيرة بهذا الشأن؟ وماذا إن كنت لا أعلم بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حدث منك من خوض في عرض هذه الفتاة بما يشيعه الناس حرام لا يجوز، فإن الخوض في أعراض المسلمين بغير حق من أعظم الكبائر وأقبحها. وكان عليك أن تصون لسانك عن أعراض المسلمين وعن التحدث بما ليس لك به علم، فإن الله قد عاب هذا المسلك وشنع على أصحابه وقبح صنيعهم بقوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ. {النور:15} . وهذه الآية نزلت في عتاب المؤمنين في الفتنة العظيمة التي اتهم فيها المنافقون أم المؤمنين عائشة الطاهرة المطهرة بالفاحشة.
يقول ابن كثير: إذ تلقونه بألسنتكم ... قال مجاهد وسعيد بن جبير: أي: يرويه بعضكم عن بعض، يقول هذا: سمعته من فلان، وقال فلان كذا وذكر بعضهم كذا. انتهى.
ولكن هذا الفعل -مع قبحه- فإنه ليس من القذف، بل هو من الغيبة المحرمة لأنك لم تتهمها بالسوء، بل نقلت كلام الناس وحكيته.
جاء في حاشية ابن عابدين: ... سمع من أناس كثيرة أن فلاناً يزني بفلانة فتكلم ما سمعه منهم لآخر مع غيبة فلان. لا يجب حد القذف لأنه غيبة لا رمي وقذف بالزنا، لأن الرمي والقذف به إنما يكون بالخطاب كقوله يا زاني أو يا زانية. انتهى.
ولا شك أن الغيبة من كبائر الذنوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 98340.
فبادر -رحمك الله- إلى التوبة مما كان منك من هذا الكلام، وأنصح لأولئك الذين يتخوضون في أعراض المسلمين ويتتبعون عوراتهم وذكرهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(9/2257)
هل تخبر زوجها بسب أخته له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخبر زوجي بما قالته فيه أخته؟ فهي تسبه لأمه وأنا أحاول أن أسكت ولكن لا أقدر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، والذي فهمناه منه أنّ أخت زوجك تسبّه في غيابه وأنت تسألين عن حكم إخبار زوجك بذلك، فإن كان الأمر كذلك، فاعلمي أنّه لا يجوز نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد، لأنّ ذلك من النميمة والنميمة محرّمة، فعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة نمّام. متفق عليه.
إلّا أن يكون في ترك إخبار زوجك بهذا الأمر مفسدة ظاهرة فلا مانع من إخباره حينئذ، قال ابن دقيق العيد: فإن النميمة إذا اقتضى تركها مفسدة تتعلق بالغير، أوفعلها مصلحة يستضرالغير بتركها لم تكن ممنوعة.
والظاهر أن الحال هنا ليس في ترك الإخبار بها مفسدة، وبالتالي: فالذي ينبغي لك حين تسمعين أخت زوجك تغتابه أن تنصحيها بالكفّ عن ذلك وتذكريها بحرمة الغيبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(9/2258)
خطورة العشق على دين المرء وآخرته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم أتزوج امرأة في الدنيا ولم يكن نصيبى فيها، فهل لى أن أتزوجها فى الآخرة هي نفسها وليس غيرها ولا واحدة تشبهها؟ وإذا كان ذلك ممكنا، فما موقف زوجها فى الدنيا من ذلك في الآخرة؟ وما موقف من يتمناها غيرى؟ وما موقف زوجتى فى الآخرة؟ أتمنى الإجابة، لأن ذلك الموضوع يضعنى في حالة عدم استقرار في علاقتي مع الله، والزهد ـ حتى في الآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها السائل أن تصريحك بالزهد في الدارالآخرة بسبب حبك لهذه المرأة كلام خطير يخشى على صاحبه ـ والعياذ بالله ـ من الفتنة وسوء الخاتمة، ويدل على أن قلبك قد تعلق بهذه المرأة تعلقا كبيرا، ووصل عشقك لها إلى الحد المخوف، وهذا الحد قد يؤدي بصاحبه ـ والعياذ بالله ـ إلى ما لا تحمد عقباه من تقديم رضا المخلوق ومحبته على رضا الخالق ومحبته.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الجواب الكافي: وهوـ أي العشق - تارة يكون كفراً لمن اتخذ معشوقه ندا يحبه كما يحب الله، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟ فهذا عشق لا يغفر لصاحبه، فإنه من أعظم الشرك والله لا يغفر أن يشرك به، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحق ربه وطاعته قدم حق معشوقه على حق ربه، وآثر رضاه على رضاه، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه وبذل لربه ـ إن بذل ـ أردى ما عنده، واستفرغ وسعه في مرضات معشوقه وطاعته والتقرب إليه، وجعل لربه ـ إن أطاعه ـ الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته، فتأمل حال أكثر عشاق الصور، هل تجدها مطابقة لذلك؟ ثم ضع حالهم في كفة وتوحيدهم في كفة وإيمانهم في كفة، ثم زن وزنا يرضي الله ورسوله ويطابق العدل، وربما صرح العاشق منهم بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه. انتهى.
فاتق الله ربك، وتنبه من هذه السكرة، ولا تضيع آخرتك ودنياك بالجري وراء هذا السراب، فليس شيء أفسد لدين المرء وقلبه وأضيع لمصالح دنياه وآخرته من العشق.
يقول ابن القيم: فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من عشق الصور، أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على الله، وعشق الصورأعظم شيئا تشعيثا وتشتيتا له، وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين، فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه، فمصالح دنياه أضيع وأضيع. انتهى.
وراجع كلامنا عن خطورة هذا المرض وطرق علاجه في الفتاوى التالية أرقمها: 9360 , 117632 , 27626.
أما عن حال المرأة المتزوجة، فإنها تكون في الجنة لزوجها في الدنيا إذا كان من أهل الجنة، فإن تزوجت أكثر من زوج في الدنيا فإنها تكون لآخرهم، كما صح في الحديث أن معاوية ـ رضي الله ـ عنه خطب أم الدرداء فأبت أن تتزوجه وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المرأة لآخر أزواجها، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً، فنصحها معاوية بالصيام. وفي رواية: أيما امرأة توفي عنها زوجها فتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها. والقصة مخرجة في السلسلة الصحيحة.
وعن حذيفة أنه قال لامرأته: إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة. أخرجه البيهقي في السنن.
وقيل: بل تكون لأحسنهم خلقا، ودليل ذلك ما ورد عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت يا رسول الله: المرأة تتزوج مرتين في الدنيا فيموتان ونموت، فلمن تكون هي في الآخرة؟ قال لأحسنهما خلقا يا أم سلمة، ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة. رواه الدارقطني.
وعلى كل فإننا ننصحك بالتوبة وتقوى الله، والعكوف على ما ينفعك ويعود عليك بمصالح الدين والدنيا، ولا تشغل نفسك بهذه المرأة ما دامت متزوجة، ولا سبيل لك إلى زواجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(9/2259)
حذار من الخلوة مع أبيك أو ملامسته أو الظهور أمامه بزينتك
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء، لدي سؤال أتمنى تقبله بصدر رحب وعدم النفور من بعض الكلمات الصريحة فيه: إنني فتاة أبلغ من العمر 21سنة تقريبا، وعندما كنت في سن صغيرة تقريبا وفي عمر أربع سنين كنت أفعل العادة السرية ـ وأستغفر الله تعالى وأتوب إليه ـ ورغم إنني صغيرة ولكنني أشعر بلذة معهاـ وعنما صرت أكبر قليلا وظهرت علي علامات النضج كان والدي يفعل لي حركات جنسية ـ عفوا لهذا الكلام ـ ولم يكن يخجل من ذلك، ولكني كنت أشعر بلذة ـ وحتى إنه مرة حاول لمس عضوي الداخلي ـ والآن عندما كبرت أصبحت أدرك حرمة ذلك فتركت الاقتراب من والدي أو تقبيله حتى من خده، لأنني لا أريد أن أتأثر بحركاته الجنسية وأعلمه أن هذه الأمور أمقتها منه، ولكنه لا يكف عن محاولة تقبيلي ويفعل لي حركات أعتذرعن ذكرها ـ وحتى إنه يحاول تقبيلي أو لمس يدي ـ ولكنني امتنعت عن ذلك ولا أقبله إلا في المناسبات، وإنني أكرهه جدا، لأنني أحس أنه كان فقط يمتع نفسه ولم يقدر ما سيحدث لي في الكبر، ورغم أنني تبت من العادة السرية إلا أنني ـ وللأسف ـ عدت إليها وأحيانا أتخيل والدي معي ـ أستغفر الله ـ وهو يضمني، لأنه كان يقوم بذلك في السابق
والآن، هل إذ تركت العادة أكون من المعتدين؟ لأنني كنت أفعلها في السابق، ولكنني أحيانا إذا قرأت أي شيء أو سمعت أي شيء فإنني أحس بشهوة في نفسي، فماذا أفعل؟ خصوصا وأنه ينزل أحيانا سائل شفاف ولكنه بشهوة، فهل يجب الغسل، لأنه نزل بشهوة، رغم أنه شفاف؟ وهل يعتبر حراما أنني أكره والدي؟ لأنه أذاني في الصغر، وكيف أخبره أنني لاأريد مسه أبدا ولاتقبيله؟ لأنه يؤذيني بتصرفاته المثيرة لي، وعذرا للجرأة.
... وجزاكم لله خيرا، ولكم سألت للحاجة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت عن سلوك والدك معك منكرعظيم وانحراف عن الفطرة، ولا يجوز لك أن تمكنّيه من ذلك أبداًً، وعليك أن تحذري من الخلوة معه أو ملامسته أو الظهور أمامه بزينتك، لكن كل ذلك لا يسقط حقه في البر والمصاحبة بالمعروف والطاعة في غير معصية، مع نصحه بالتوبة إلى الله والدعاء له بالهداية، أمّا كراهيتك له فما دامت هذه الكراهية لما يقوم به من أفعال مشينة محرّمة، فهي كراهية مشروعة، لكن إذا تاب وأقلع عن هذه الأمور فينبغي أن تزول هذه الكراهية.
والواجب عليك التوبة من ممارسة العادة السرية والحرص على صرف الأوقات في الأمور النافعة والبعد عن الوحدة، وعدم الاسترسال مع الخواطر والأفكار، مع الاستعانة بالله وكثرة دعائه فإنه قريب مجيب، وانظري فيما يعينك على التخلص من هذه العادة الفتويين رقم: 7170، ورقم: 60114.
وإذا تبت إلى الله من هذه العادة توبة صادقة، فلا يضرّك ما كان منك قبل ذلك، فإنّ التوبة الصادقة تمحو ما قبلها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الالباني.
ولمعرفة الفرق بين المني الذي يوجب الغسل والمذي الذي لا يوجب الغسل وإنما يوجب الوضوء، انظري الفتويين رقم: 65593، ورقم: 45075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(9/2260)