جارهم يؤذيهم ويتعامل معهم بالسحر والشعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الشيخ.. لنا جار مؤذ.. ويتخذ من الإسلام واللحية شعارا ورياءا وليس أهلا لها بشهادة جميع أهل المنطقة.. وله الكثير من عمليات النصب والاحتيال متسترا بالدين.. وله مخالفات شرعية خطيرة.. وعندما قمت بكشفه قام بإيذائي بعمل السحر والشعوذة.. بل أتى ببعض الناس من خارج البحرين من بلده مصر.. ليقوموا بايذائي وهذا الشخص يحلف بالله كذبا وليس عنده ضمير ولا إيمان.. والله سبحانه وتعالى على ما أقول شهيد.. لأني أعلم قول الله سبحانه وتعالى الذي يقول فيه: (واجتنبوا قول الزور) ولقد كشفت أمام عيني عدة حالات من عمليات النصب والاحتيال التي يقوم بها وللأسف الشديد فإن الذي يسانده هم مجموعة من المسؤولين في الشؤون الإسلامية..ولهذا فقد قام الشخص بايذائنا بالأسحار إيذاء شديدا ونحن لا نفعل مثل هذا الفعل ولا نذهب إلى مشعوذ ولا دجال مهما كانت الأسباب.. ومهما كان الايذاء فالله أرحم الراحمين هو الكافي والشافي والمعافي.. ونلتجئ إليه سبحانه وتعالى لأنه أرحم من الوالدة على ولدها.. ثم نطلب منكم رأيكم ومساعدتنا في علاج هذا السحر ولأي استفسار نرجو منكم الاتصال بي على هاتف: 39292312
أرجو الرد بأقصى سرعة ممكنة
وجزاكم الله عنا كلّ خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الجار في الإسلام عظيم، ولقد رغبنا رسولنا صلى الله عليه وسلم في الإحسان إليه وحذرنا من الإساءة إليه، فقال كما عند أحمد والترمذي: أحسن إلى جارك تكن مؤمنا ً، وقال: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه، وقال أيضاً: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر: فليكرم جاره. متفق عليه، وقال: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن: من لا يأمن جاره بوائقه. رواه البخاري. وعلى ذلك فإن الواجب عليك نصح هذا الجار وتخويفه بالله، فإن انتهى فبها ونعمت، وإلا فارفعوا أمركم إلى المسؤولين، واستعينوا عليه بالله ثم بكل وسيلة متاحة. هذا ولقد بينا الطرق الشرعية لعلاج السحر في الفتاوى التالية أرقامها: 2244، 5433، 5856، 8243، 17576، 18513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(9/972)
هل للجار أن يحدث بناء يحجب الريح والنور عن جاره
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه الأيام سيتم توسيع المسجد إلا أن بعض هذه التوسيعات غير ضرورية ومكلفة بجانب أنها سوف
تمثل جداراً على أصحاب البيت الملاصق للمنزل، أنا أشرت على مجلس إدارة المسجد بضرورة استئذان أهل هذا البيت قبل إنشاء هذه التوسيعات الزائدة والمكلفة، فقد قرأت حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم معناه أنه يجب علينا استئذان جيراننا قبل أن نرفع جداراً عليهم في البناء، ولكن قوبلت مشورتي ببعض اللامبالاة خاصة وأنني لم يكن لدي نص وإسناد الحديث، وأنا لا أحب أن يبنى بيت من بيوت الله على حساب أحد خلقه وخاصة أنها أسرة مسلمة، \"أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد كمن آمن بالله\" فالمسلم أكثر حرمة عند الله من المسجد، المهم الآن أني أرجو منكم إرسال نص وإسناد هذا الحديث ولا مانع من أن تبدوا رأيكم في قضيتي وأن تشيروا علي بما ترونه خيراً، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يوسع المسجد إذا ألحق ضرراً بجيرانه إلا أن يأذنوا أو يعوَّضوا تعويضاً عادلاً، وإن كانت التوسعة ضرورية فإنه يوسع ولو كُرْها على جار المسجد.
جاء في البحر الرائق: وإن جعل شيء من الطريق مسجداً صح ... يعني إذا بنى قوم مسجداً واحتاجوا إلى مكان ليتسع فأدخلوا شيئاً من الطريق ليتسع المسجد وكان ذلك لا يضر بأصحاب الطريق جاز ذلك، وكذا إذا ضاق المسجد على الناس وبجنبه أرض لرجل تؤخذ أرضه بالقيمة كرها، لما روي عن الصحابة رضي الله عنهم لما ضاق المسجد الحرام أخذوا أرضين بكره من أصحابها بالقيمة وزادوا في المسجد الحرام. انتهى.
وأما الحديث المشار إليه فهو ما رواه أبو الشيخ ابن حبان في حقوق الجار وفيه: ولا تطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه. والحديث قال عنه الألباني ضعيف جداً، كما في ضعيف الترغيب والترهيب، وقال الحافظ ابن حجر: إن سند الحديث واه (يعني ضعيفاً ضعفاً شديداً) . وأيضاً ضعفه العراقي في تخريج الإحياء.
ولما كان الحديث لا تقوم به حجة اختلف أهل العلم هل للجار أن يُحدِث بناء ولو أدى إلى سد الفضاء أو حجب الريح والنور عن جاره أم لا؟
جاء في تبصرة الحكام: فصل: وأما إحداث بناء يمنع الضوء والشمس والريح فاختلف فيه هل يمنع أم لا؟ وفي المتَيطيَّة: لا يمنع إلا أن يكون أظلم عليه. انتهى.
وجاء في كشاف القناع: وليس له أي الجار منعه أي منع جاره من تعلية دار ولو أفضى إعلاؤه إلى سد الفضاء عنه ... وقد احتج أحمد بالخبر: لا ضرر ولا ضرار. فيتوجه منه منعه. انتهى.
وجاء في حاشية الدسوقي: لا يقضى بمنع بناء مانع ضوءٍ وشمس وريح عن جاره، هذا هو المشهور، ومقابله ... أن يمنع من مانع الضوء والشمس والريح. انتهى.
والراجح في المسألة -والله أعلم- أن ينظر إن كان الجار سيتضرر تضرراً حقيقاً فيمنع من إحداث بناء، وإن لم يتضرر فلا يمنع لعموم حديث: لا ضرر ولا ضرار.
وبخصوص سؤال الأخ السائل، فإننا نقول: إنه لا يلزم إدارة المجسد استئذان صاحب البيت، وليس له منعهم من توسعة المسجد، لأن هذه التوسعة لا يتصور أن تمنع عنه الشمس ولا الريح ولا الضوء، بمعنى أنه لن يتضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(9/973)
هل تكذب على الجارة التي ترد ما أخذت على غير حالته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إن كان هناك أناس عندما نعطيهم بعض الحاجات على أن يعيدوها مثلماً هي ولكن للأسف لا يفعلوا ذلك وأمي طلبت مني على أن لا نعطيهم شيْْْئاً وهي غير موجودة فما حكم أن نكذب ونقول لهم لا يوجد لدينا ما يريد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجعي في جواب السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 30271، 29059، 39551، 9189.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(9/974)
حكم الأكل من شجرة الجار المتدلية
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا جار يزرع في حديقته شجره توت ومجموعه من هذه الأغصان متدلية على جانب بيتنا الذي نستأجره وفي إحدى المرات قطفنا ثمرا من الغصون المتدلية علينا وأكلنا أنا وأهلي دون استئذان صاحب الشجرة أفتوني جزاكم الله كل الخير بهذا وهل يعتبر ما أكلناه حلالا أم حراما وهل إعلامي للرجل صاحب الشجرة لاحقا بأني أكلت منها ينفي حالة الحرام حيث إن أي جزء نبت من الحرام فإن النار أولى به؟
بوركتم مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وعلى ذلك فلا يجوز للمسلم من مال أخيه المسلم إلا ما سمحت به نفسه أو دعت إليه الضرورة، وما عدا ذلك فلا يجوز، وإن كان عوداً من أراك.
ويستثنى من ذلك الأكل من الحائط أو المزرعة لمن مر بها، أو يشرب من لبن الماشية بعد أن ينادي صاحبها ثلاث مرات، فإذا لم يجب أكل وشرب من غير أن يتزود أو يحمل شيئاً ...
وذلك لما رواه أحمد وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم حائطاً فأراد أن يأكل فليناد: يا صاحب الحائط ثلاثاً فإن أجابه وإلا فليأكل، وإذا مر أحدكم بإبل فأراد أن يشرب من ألبانها فليناد يا صاحب الإبل أو يا راعي الإبل فإن أجاب وإلا فليشرب ...
والحاصل أن الأكل من ثمار الأشجار المتدلية عليكم من بيت جاركم لا يجوز إلا بإذنه، وما دمتم قد فعلتم ذلك فعليكم أن تستحلوه مما أخذتم، فإن سامحكم فلا شيء في ذلك ولا حرمة والله يجزيه الخير، وإن امتنع فعليكم أن تقضوه حقه وما استهلكتم من ماله، وفي هذه الحالة لا ينطبق عليكم ما ذكرت.
وإن كانت الأغصان المتدلية عليكم تضايقكم أو تضر بكم، فمن حقكم أن تطلبوا منه إزالتها عنكم بقطع أو غيره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 17384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(9/975)
إكرام الجار لجاره ليس من باب المعاوضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي عندما أكرم ضيفتي وجارتي عندما تأتي إلى بيتي مع العلم بأنها تبخل علي عندما أذهب لزيارتها ببيتها، وهي وزوجها حالتهم المادية جيدة جداً، وكذلك زوجي يأمرني بعدم إكرامها لشعوره بعدم الراحة النفسية لها، واستغلالها لي دائماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإحسان إلى الجار وإكرامه من آكد الحقوق وأعظمها، فقد أوصى القرآن الكريم بالإحسان إلى الجار، وأكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى بعدما أمر بعبادة الله تعالى وحده وبالإحسان إلى الوالدين: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا [النساء:36] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه.
وحق الجار على جاره ليس من باب المعاوضة ولا المعاملة بالمثل، فكل جار مطلوب منه أن يقوم بحق جاره وأن يحسن إليه ولو قصر جاره في حقه هو.
لذا فنقول للسائلة: أكرمي جارتك عندما تزورك في بيتك وأحسني إليها، وابذلي لها في سبيل تحقيق ذلك من مالك ما لا ضرر عليك فيه، واقصدي بذلك امتثال أمر الله تعالى وابتغاء مرضاته ولو كانت مقصرة في حقك فالمهم أنك تمتثلين أمر الله في جارتك، وأرشدي زوجك إلى ما ستستفيدنه من هذه الفتوى إن شاء الله تعالى من أهمية الإحسان إلى الجار وإكرامه وما فيه من الأجر العظيم والثواب الجزيل، مع العلم بأنه لا يجوز لك أن تصرفي في إكرامها والإحسان إليها من مال زوجك إلا بقدر المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(9/976)
شأن الأطفال عند التلاقي الشجار ثم التراضي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وعندي من الأولاد اثنان والحمد لله، ولكني أعاني من مشكلة لطالما أرقتني وأثرت في نفسي وبيتي وأولادي وهي جيراني الباب بالباب، كما يقال، هم شقيق زوجي وعائلته وعندهم من الأطفال 4 وأصغرهم يكبر ابني الكبير بـ 6 أشهر، ومن اليوم الأول لي في البيت وأنا أتحمل بكل صدر رحب مشاكل الأولاد وأخطائهم وأذاهم، وبعد أن رزقني الله مولودي الأول استمر الأمر على ما هو عليه، وعانيت الكثير من ضربهم له وإيذائهم له وبعد عام رزقت بالولد الثاني وازداد الأذى، ولكن الأمر اختلف في أني لم أعد أحتمل فيريدون مني أن أفهم ابن السنتين الصح والخطأ أما ابنة التاسعة وهي الكبيرة فهي جاهلة، كما يقولون فأصبحت عصبية وأصبحت أحس أني أكرههم وأحياناً ينقلب هذا على أولادي فأضربهم وأحياناً أعلمهم أن يقوموا بالمثل بالرغم من أني من داخلي أرفض هذا فأنا امرأة متدينة ومعروف عني، وهذا كلام الآخرين أني ذات صدر رحب أجيد التعامل مع الآخرين، وخصوصاً الأطفال لكن أحس أن هذه العائلة أفسدت أعصابي وإرادتي وأصبحت أخشى على أولادي مني ومنهم، وأحس أن إيماني وإن كان قوياً يضعف من أقل فعل أو كلمة منهم لي أو لأبنائي، مع العلم بأني شكوتهم كثيراً لبيت عمي ولا أجد تغييراً منهم أو أي رد إيجابي لأهلهم، مع العلم بأن زوجي غائب ولا يرجع إلا شهراً كل سنة، فأرجو منكم إن تكرمتم بإرشادي ماذا أفعل، مع العلم بأن الأمر بدأ يؤثر على صحتي سلبا من ارتفاع ضغط عند حدوث أي أمر والصداع وأحياناً أشعر بألم في ساقي ويدي اليمنى إثر الانزعاج، أرجو منكم الإفادة؟ والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عظم الإسلام شأن الجار فقال الله سبحانه وتعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (النساء:36] .
وفي الصحيحين واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه.
وإذا كان المسلم مأموراً بالإحسان إلى إخوانه المسلمين والصبر على أذيتهم ومقابلة السيئة بالحسنة، فالجار أولى الناس بذلك خاصة إذا كان هذا الجار قريباً ورحما، لأنه له ثلاثة حقوق، حق الإسلام وحق القرابة وحق الجوار، كما نص عليه أهل العلم، وعلى هذا فنقول لهذه الأخت السائلة: عليك بالصبر وعدم الانفعال خاصة أن الذي تشكين منه أمره سهل، فلا يحملنك حبك لأولادك إلى مخالفة الشرع في نفسك بتعريضها للأمراض كلما حدث شجار بين أطفالك وأبناء عمومتهم، فليس في الأمر ما يستدعي هذا الهم والعصبية، لأن من عادة الأطفال عند التلاقي الشجار ثم التراضي، هذا إن كان الشجار يحدث عفوياً وبدون تحريض من ذويهم، أما إن كان يتم من أهلم فإنهم بذلك قد ارتكبوا إثماً وأساءوا حق الجوار، فإن رأيت أنه لا فائدة من نصحهم فلا مانع أن تطلبي من زوجك الرحيل عن ذلك المكان إلى مكان آخر حفاظاً على بقاء الود بين الأسرتين معاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(9/977)
من طرق الوقاية من جارة السوء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا المركز الهادف للفتاوى..
لي جارة تسكن في الطابق الأعلى وأنا في الطابق الأسفل مع زوجي وأولادي لا تنقطع عن التجسس علينا والتنصت إلينا والتعليق على كلامنا بالتجريح مرة وبالتقليد لكلامنا وأفعالنا مرة أخرى.. غفر الله لها تطل علينا أيضا إذ كثيرا ما نراها تفعل ذلك والله على ما أقول شهيد.. سؤالي هو كيف نتعامل مع هذه المرأة التي تؤرقنا كثيرا بتصرفاتها ولولا علمنا بحقوق الجار وكبحنا لجماح الغضب الذي يشتعل كثيرا بسبب تصرفاتها اللا أخلاقية والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لكنا أوقفناها عند حدها أو وصلنا معها إلى ما لا تحمد عقباه.. بكل صراحة هي تضغط على أنفسنا ولا نستطيع التصرف في بيتنا بحرية لتنغيصها لنا.. هل نصبر ونزداد صبرا خصوصا لاستحالة تغييرنا للبيت لظروف واردة.. للإشارة هي أيضا متزوجة وأم لولد صغير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك في علاج هذه المسألة بأمور:
1ـ ننصحك بالصبر على جارتك ودفع إساءاتها بالإحسان والعفو
عملا بقول الله تعالى: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التغابن: 14) . وعملا بقوله) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35)
وعملا بحديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره
2ـ المحافظة على صلاة الصبح وتحريض الزوج والأبناء على الذهاب لصلاتها في المسجد فان من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله. رواه مسلم من حديث جندب بن عبد الله
3ـ محافظتكم جميعاً على الأذكار الصباحية والمسائية فهي حصن من شر كل ذي شر بإذن الله ويمكن أن تأخذوها من كتاب حصن المسلم وهو موجود في الإنترنت
4ـ دعوة جارتكم للإيمان والأخلاق الفاضلة عن طريق الحوار معها إن أمكن وإعارة الرسائل والأشرطة النافعة والكلام معها بواسطة صديقه أخرى ودعوة زوجها بواسطة من يؤثر كلامهم
فلعلها إذا علمت حكم إيذاء الجيران والوعيد المترتب عليه رجعت عنه
ففي حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره وفي المستدرك عن أبي هريرة قيل يا رسول الله إن فلانة تصلى الليل وتصوم النهار وفي لسانها شئ يؤذي جيرانها سليطة قال لا خير فيها هي في النار.. صححه الحاكم ووافقه الذهبي
5ـ مخالفتها بالتي هي أحسن وإفشاء السلام عليها فإن ذلك يوقع المحبة بين الناس والتقدير والاحترام ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم
6ـ مناقشة الموضوع معها بهدوء وبيان استيائكم مما يصدر لكم منها
7ـ إن لم تجد هذه الوسائل نذكركم بقصة حصلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري في الأدب المفرد والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه جاره فقال يا رسول الله إن جاري يؤذيني فقال أخرج متاعك فضعه على الطريق فأخرج متاعه فوضعه على الطريق فجعل كل من مر عليه قال ما شأنك قال إني شكوت جاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أخرج متاعي فأضعه على الطريق فجعلوا يقولون اللهم العنه اللهم اخزه قال فبلغ ذلك الرجل فأتاه فقال ارجع فو الله لا أوذيك أبدا صححه الحاكم وسكت عليه الذهبي وقال الألباني في تحقيقه الأدب المفرد حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(9/978)
فليكرم جاره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقوق الجيران؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للجار منزلة كبرى في الإسلام، بل وصل الأمر إلى أن الوصية به أخذت صوراً شتى:
فمنها: في حديث ابن عمر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه.
ومنها: حديث أبي هريرة: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن ... من لا يأمن جاره بوائقه. متفق عليه.
ومنها: عنه أيضاً من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. ولمسلم: فليحسن إلى جاره. ولأحمد: فليكرم جاره.
ومنها: ما رواه أبو داود عن أبي هريرة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال: اذهب فاصبر، فأتاه مرتين أو ثلاثاً، فقال: اذهب فاطرح متاعه في الطريق، فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه: فعل الله به وفعل، فجاء إليه جاره، فقال له: ارجع لا ترى مني شيئاً تكرهه.
بل حتى مع الجار الكافر كما عند الترمذي: عن عبد الله بن عمرو أنه ذبح شاة فقال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما زال جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وما للجار على جاره شيء كثير، منه الواجب ومنه المستحب، ومن ذلك:
حفظ حرمته حال غيبته وحضوره، وبدؤه بالسلام، وعيادته إذا مرض ونصحه وتعزيته عند المصيبة ومشاركته في فرحه، ومواساته وقت الحاجة.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حق الجار أن تبسط إليه معروفك، وتكف عنه أذاك، ومن ذلك الإكرام والإفضال، كما قال صلى الله عليه وسلم: فليكرم جاره.
قال صلى الله عليه وسلم: يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة. إلى غير ذلك من صور الإحسان إلى الجار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(9/979)
حد الجوار أربعون دارا
[السُّؤَالُ]
ـ[ (النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى بسابع جار) هل هذه المقولة صحيحة؟ وإذا كانت صحيحة فما المقصود بـ (سابع جار) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الإسلام أوصى بالجار وحث على إكرامه.
قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ [النساء: 36] .
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.
وفي مسند الإمام أحمد مرفوعا: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وأما حد الجوار، فأربعون دارا، كما روى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن جمع من السلف الصالح رضي الله عنهم.
وأما الوصية بسابع جار على الخصوص، فلم نقف عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(9/980)
من حقوق الجوار إسداء النصيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لي جار في نفس العمارة التي أسكن بها، وهذا الجار أخلاقه عالية جداً ويصلي جميع الأوقات في المسجد، ولكن المشكلة أن له بنات يخرجن من البيت إلى العمل بدون حجاب وهن متبرجات، هل أنصحه أم أتركه على ما هو عليه؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك نصح جارك وتذكيره بالمسؤولية التي أوجب الله تعالى عليه تجاه أهله بمن فيهم بناته، وذلك لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ... رواه البخاري ومسلم.
ومن لازم المسؤولية أن يحمل أهله على الطاعة وتجنب المعصية، ولا شك أن عدم التزام المرأة باللباس الشرعي وخروجها كاشفة متبرجة من الذنوب التي يعاقب الله تعالى عليها، ولأدلة وجوب الحجاب تراجع الفتوى رقم: 3350، والفتوى رقم: 5413.
وعلى هذا فانصح جارك ومره أن يتقي الله تعالى في بناته فلا يدعهن يخرجن متبرجات، وإلا فليعلم أنه مقصر وغاش لرعيته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(9/981)
من حق الجار أن تحذره من الشر وتبعده عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[جاري يدخن الأرجيلة وأنا لا أطيقها، ولهذا فإنني لا أتحمل أن أزوره لأنه يشربها وأنا جالس، وكذلك أرفض أن تجلس زوجتي مع زوجته بسبب أن الدخان يملأ شقتهم، فهل علي وزر في ذلك مع ما تعلمون من أضرار التدخين السلبي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تجتنب جارك هذا حال ارتكابه للمعصية، لأن القلب يألف المعصية بكثرة رؤيتها والسكوت عنها، فإذا اضطررت للجلوس معه أثناء فعله لها، فالواجب عليك الإنكار عليه بأسلوب حسن وطريقة مُثلى، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) (النحل: 125) ، وهجرك لجارك أثناء فعل معصيته لا يعني التفريط في حقه، وتضييع أمر الله فيه، بل الواجب عليك أن تؤدي إليه حق الإسلام وحق الجوار في غير تلك الأوقات، وإن من أعظم حقوقه عليك أن تدله على الخير وترغبه فيه، وأن تحذره من الشر وتبعده عنه، أما زوجتك فحكمها حكمك إذا كانت زوجة جارك تقع في ما يقع فيه زوجها من المعصية، أما إن كانت لا تقع في ما يقع فيه زوجها فلا مانع من زيارة زوجتك لها، مع تفادي الأوقات التي يحتمل فيها وجود ما يضرها، وهو ما ذكرت من أضرار التدخين السلبي الذي يحصل لمن يشم رائحة الدخان المتطاير من المواد المسببة له، وللفائدة راجع الفتاوى التالية: 15277 / 28848 / 14785 / 16603
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(9/982)
مراتب حقوق الجار المسلم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاني شخص نصراني لحضور حفل زفافه بالكنيسة، فهل يجوز الذهاب أم لا؟ أريد أن أعرف هل هو له حق الجار مثل المسلم؟ وأريد أن أعرف موجزا بسيطا عن معاملات أهل الذمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم إجابة دعوة غير المسلم للوليمة، وذلك في الفتوى رقم: 35009 وما ذكرناه فيها من الضوابط يشمل الكنيسة وغيرها.
أما عن قول السائل: هل له حق الجار مثل المسلم؟ فجوابه أنه ليس كالمسلم قطعًا، ولكن له حقًّا دون حقِّ المسلم، والناس في باب الجوار أقسام:
الأول: الجار المسلم القريب، وهذا له ثلاثة حقوق: حق الإسلام، وحق القرابة، وحق الجوار.
والثاني: الجار المسلم غير القريب، وهذا له حقان: حق الإسلام، وحق الجوار.
والثالث: الجار الكافر القريب، وهذا له حقان: حق الجوار، وحق القرابة.
والرابع: الجار الكافر غير القريب، وهذا له حق واحد وهو: حق الجوار فحسب.
وأما عن قول السائل: أريد أن أعرف موجزًا بسيطًا عن معاملات أهل الذمة؟ فجوابه: أن الكلام عن أحكام أهل الذمة طويل، لا يتسع المقام لذكره، فليرجع السائل إلى كتب الفقه في أبواب الجزية، أو يرجع إلى كتاب ابن القيم "أحكام أهل الذمة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(9/983)
من آدب الجوار
[السُّؤَالُ]
ـ[جاري يؤذيني بترك ماشيته تأكل حرثي وقد قلت له بذلك كثيرا ورددت على أقربائه ولكن لم ينته فهل لي أن أترك ماشيتي لتأكل من زرعه حتى يعتبر بذلك وينتهي عما يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر المولى عز وجل بالإحسان إلى الجار بحسب الطاقة قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) (النساء: من الآية36) .
ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أذية الجار فضلاً عن ظلمه والبغي عليه، وجعل ذلك من الذنوب الموجبة لنقصان الإيمان، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن! قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جأره بوائقه " والبوائق الغش والظلم كما جاء ذلك مفسراً في رواية حديث أحمد
وبناء على هذا؛ فلا يجوز لك أن تؤذي جارك، ولا أن تعتدي عليه؛ لكن إذا رأيت أنه مصر على فعله هذا وبذلت كل الطرق التي من شأنها أن تصده عن اعتدائه ولم تفد فيه، فلا حرج عليك حينئذ في رفع أمره إلى السلطات لرفع ضرره عنك، وأخذ الحق لك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(9/984)
حكم مصاحبة الجار الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعرفت على جارة لنا منذ سنتين. هذه الجارة علمت زوجتي شرب السجائر، قريبا جاءت هذه الجارة لزيارتنا وعرفت بأنها خلعت الحجاب (حيث كانت محجبة من قبل) هل المطلوب من زوجتي مقاطعتها؟ أم تأخذ بالقول بأن هذه حياتها وليس لنا التدخل؟ مع العلم بأن رأيي هو مقاطعتها ولكن حينما قلت ذلك لزوجتي كان منها الرفض والمشاكل معي؟ برجاء الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الجار عظيم في الإسلام، فالله سبحانه وتعالى أوصى به في كتابه قائلاً: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36] .
وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ففي الصحيحين عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
فعليك أن تحسن إلى جارتك وتجتهد في إصلاحها وإرشادها إلى الخير وتحذيرها مما ترتكبه من منكرات كخلع الحجاب ونحوه، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى اختلاطك أو خلوتك بها أو النظر إلى ما لا يجوز منها ونحو ذلك من المحظورات الشرعية، وحيث إنك أدركت تأثيرها على زوجتك فلا نرى أنها صالحة لأن تبقى على علاقة بها، فقد علمتها السجائر فلا يبعد أن تقنعها بنزع الحجاب، فيجب عليك أن تمنع زوجتك من مجالستها والخلطة بها، وعليك أن تظهر ولايتك وقوامتك على زوجتك حفظًا لها وصونًا لدينها وخلقها، فمصاحبة المجاهرين بالمعاصي خطر عظيم على الدين والأخلاق، فالصاحب ساحب، ومن جالس جانس، كما قيل. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن يحذيك وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(9/985)
لا حق للجار في إجبار جاره إتمام تشطيب جداره
[السُّؤَالُ]
ـ[سبقت جاري بالبناء وتركت الجدار الخارجي ناحيته (حد الأرض) بدون تشطيب (طوب أحمر) ولما
قام هو ببناء بيته حدث الخلاف بيننا حول حكم الشرع في وجوب إتمام تشطيب جداري من ناحيته حيث أنه ترك فراغا من أرضه لزوم الإضاءة والتهوية لبنايته منفردة! فمن منا صاحب الحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحسب ما فهمنا من سؤال السائل الكريم أنه لا علاقة لهذا الجار بجدار السائل، فهو له أرضه المستقلة وبناؤه قائم لحاله، فلا حق له في إجبار جاره على تجليد جداره، لأنه لا يترتب عليه ضرر بذلك.
ومع ذلك، فإن الأليق بك -أخي السائل- ومن حسن الجوار أن تقطع النزاع والخلاف مع جيرانك، وتكمل بناء جدارك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(9/986)
حكم ما يشعر به المرء من أحوال جيرانه
[السُّؤَالُ]
ـ[يفصلنا سور غير مرتفع مع جارنا وغالبا مانسمعه يتحدث مع زوجته كما أننا نشتم منهم الروائح التي تشير إلى أنهما يمارسان حياتهما الزوجية نرجو الإفادة عن ذلك مع العلم بأننا لا نسعى لذلك لكنه مفروض علينا بحكم طبيعة السكن؟ وجزاكم الله خيرا 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الممنوع هو أن يستمع الإنسان أو يتجسس إلى ما لا يجوز له الاطلاع عليه من أمور غيره.
أما ما وصل إلى سمعه أو شعر به من غير تشوف منه، وإنما بحكم قربه من جاره، أو بطريق الصدفة فلا يلحقه منه إثم.
ولكن يجب عليه أن يستر ذلك، ولا يطلع عليه غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(9/987)
الهدي اللائق في معاملة الجار الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار خيراً، ولكن إذا كان هذا الجار يتخذ من مسكنه وكرأً للفساد ونشر الرذيلة وإيذاء الجيران 0 فما العمل تجاهه علما أنه مصر على فعله 0 وشكرا0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث الإسلام على الإحسان إلى الجار ومعاملته بالرفق واللين ولو جارَ، وقد قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ [النساء:36] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.
وفيهما عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
قال العلماء: الإحسان إلى الجار يكون بثلاثة أمور:
الأول: الإحسان إليه بالهدية والقرض والسلام عليه والبشاشة في وجهه ومساعدته بكل ما يحتاج وتهنئته وتعزيته.
الثاني: كف الأذى عنه، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله لا يؤمن -أقسم على ذلك ثلاث مرات- قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه.
وأما الثالثة: فهي تحمل الأذى إذا صدر منه فيصبر عليه، وكان أبو حنيفة ببغداد له جار مزعج يؤذيه بالأصوات.. وكان يغني بالليل ويقول: "أضاعوني وأي فتى أضاعوا.....ليوم كريهة وسداد ثغر" وكان رضي الله عنه يتحمل ذلك.. وفي ليلة انقطعت عنه الأصوات فسأل عن الأمر فقيل له: إن الشرطة قبضت عليه وإنه في السجن، فذهب إلى المخفر فلما رآه صاحب الشرطة استقبله وقال له: ما جاء بك؟ قال: جاري عندكم في السجن، فأمر صاحب الشرطة بإطلاقه، فلما خرج قال له أبو حنيفة هل ضيعناك يا جارنا العزيز؟ فاستحيا منه وقال: لا والله ما ضيعتموني، فتاب إلى الله تعالى وحسن حاله.
فحق الجار عظيم.. والإسلام بتعاليمه وتوجيهاته يهدف إلى تكوين مجتمع مترابط متماسك متحاب له مناعة يقاوم بها الفساد من الداخل والأعداء من الخارج، فإذا كان الجار لا يراعي هذه التعاليم ويؤذي جيرانه، ويستخدم منزله وكراً للفساد، فإن علينا أن ننصحه أولاً وهذا من أبسط حقوقه علينا، والمسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وعلينا أن نذكره بالله تعالى وما يجب عليه من حقوق لله تعالى ولعباده، فإذا استجاب فبها ونعمت، وهذا خير كثير. وقد قال صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم.
وإذا لم يستجب وتمادى في غيه فعلينا أن نصبر إذا كان فساده مقتصراً على نفسه ولا ينشره في المجتمع، أما إذا كان متعدياً إلى غيره فيجب أن نبلغ عنه ولي الأمر حتى يوقفه عند حده، فنشر الفساد في المجتمع لا يجوز، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19] .
وإذا لم يُجْدِ كل ذلك نفعاً فإذا استطعنا الانتقال عنه إلى مكان آخر فذلك أولى. فلا خير في أرض يشاع فيها الفساد والمنكر، وكلما استطعت معالجته بحكمة وموعظة حسنة فذلك أحسن وأقرب إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسأل الله لنا ولكم التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(9/988)
الإحسان إلى الجار أمر مطلوب شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن عدم زيارة بعض الجيران اتقاء المشاكل فهل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حقوق الجار وكيفية التعامل مع الجار العاصي والمسيئ للجوار في الفتاوى التالية أرقامها:
10851 14785 15277
والخلاصة، أن الإحسان إلى الجار وصتله أمر مطلوب شرعاً لا ينبغي تركه إلا لمصلحة شرعية معتبرة، كأن يُهجر ليترك المعاصي، أو كان التواصل معه يوقع في الحرام، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(9/989)
حكم هجر الجار لغرض اجتناب المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مقاطعة الجيران وعدم زيارتهم لأني بذهابي إليهم أقترف ذنوبا كثيرة مثل الاستغابة وهم دائما ينتقدوني ويسخرون مني لأني مثلا قصيرة القامة وبشعة فأنا اضطر لاستغابتهم وصراحة أنا أكرههم بسبب تصرفاتهم الغير لائقة وانتقاداتهم فهل مقاطعتهم حرام اجتنابا لارتكاب الآثام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن حق الجار على جاره حق عظيم حث عليه الإسلام، وأوصى به كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما كتاب الله فيقول ربنا تعالى (واعبدو الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وماملكت أيمانكم إن الله لايحب من كان مختالاً فخوراً) [النساء: 36]
وأما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً ".
وفي مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه، أو قال لجاره ما يحب لنفسه ". وفي مسلم وابن ماجه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ".
وما يفعله جيرانك من السخرية ذنب يجب عليهم أن يتوبوا منه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنّ) [الحجرات: من الآية11] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " رواه أحمد عن أبي هريرة.
وعليك أن تحسني إليهم وإن أساؤا إليك، وأن ترشديهم إلى الخير بالوسائل المختلفة من الكلمة الطيبة والشريط الإسلامي الهادف والكتاب النافع. فإن لم يجد ذلك كله وكان في جلوسك معهم ارتكاب لبعض الذنوب كالغيبة - كما ذكرت - فلا حرج عليك أن تعرضي عنهم وتهجريهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(9/990)
الخطاب الأخلاقي للجار المؤذي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي جارة مطلقة لها أبناء في عمر أولادي (20 سنة تقريبا)
زارتني مرة فارتديت حجابي لوجود ابنها الكبير لكنها غضبت لذلك وناقشتني نقاشا حادا. وبعد مدة قصيرة أرسلت إلي رسالة بدون اسم وتضمنت كلاما بذيئاً وسيئا عني وعن ابني واتهمتني بتهم كثيرة. فما رأيكم بهذه المرأة؟ وهل يجب علي أن أقاطعها مع العلم أنها امرأة سريعة الانفعال ولا تنفع معها النصيحة وأخاف أن يزداد الموضوع سوءا إن ذهبت للحديث معها. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أقدمت عليه هذه المرأة من غضب وسباب وشتم وغيره لأجل تحجبك عن ولدها البالغ يعد فسوقاً لا يجوز لها فعله، بل كان عليها أن تشكرك على التزامك بأحكام الإسلام، وتحثك على ذلك، لذا عليك أن تكتبي لها رسالة وأن تخاطبيها برفق وعطف، تبيني لها فيها حكم الحجاب والسباب، وحقوق الجار، ولك أن تستعيني على ذلك بمن له قدرة على الكتابة، وعنده علم ومعرفة بالأحكام المذكورة.
ثم بعد بيان الحكم لها لا يهمك ما يأتي منها، فمن الأعمال التي يؤجر المسلم عليها تجاوزه عما يلاقيه من إساءات من الآخرين. ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يصفح ويعفو ويدفع بالتي هي أحسن، ليظفر بمغفرة الله وأجره، ومحبة المخاصم وقربه. فالله يقول: (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) [التغابن:14] ويقول سبحانه: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله) [الشورى:40] ويقول سبحانه: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت:34-35]
وعليك أن تحسني إليها قدر المستطاع، ولك أن تتركي زيارتها إن رأيت أنها تضر ولا تنفع، ولكن لا يجوز لك مقاطعتها في السلام أكثر من ثلاثة أيام، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" رواه البخاري ومسلم عن أنس. هذا كله إذا كانت غير جارة لك، أما وهي جارة فإن حقها يتأكد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" رواه الشيخان عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم.
وفيهما أيضاً عن أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه" وفيهما أيضاً عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره". فعليك بالقيام بحقوقها كاملة، واعلمي أن الله معظم لك الأجر على ذلك، وافعلي كما قال الشاعر العربي:
أقول لجاري إذ أتاني معاتبا مدلاً بحق أو مدلاً بباطل
إذا لم يصل خيري وأنت مجاور إليك فما شري إليك بواصل
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(9/991)
هل يمنع الجار الفاسد من الانتفاع بالملك المشترك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله أرجو أن تكونوا بخير وصحة جيدة أما بعد فلقد أوصى الله بالجار حتى ظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيورث ولكن إن كان الجار فاسداً ويريد أن يزعجني ومنعته من أن يتصرف بأملاك البناية العامة فهل يصح لي هذا مع العلم أنه يزعجني ويزعج غيري وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء الأمر في القرآن الكريم بالإحسان إلى الجار، والحث على مراعاة حقوقه، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في أحاديث صحيحة وكثيرة، بل جاء عنه صلى الله عليه وسلم التصريح بنفي الإيمان عمن لم يأمن جاره ظلمه واعتداءه، ففي صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه" أي خيانته وظلمه وعدوانه.
وسواء كان ذلك الاعتداء بالقول أو بالفعل، ويستوي الجار الصالح والفاسد، وإذا تقرر هذا فليعلم أنه لا يحق للجار أن يمنع جاره من أن يرتفق بجداره أو أرضه بما لا ضرر فيه على المالك، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره" رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولما منع محمد بن مسلمة رضي الله عنه جاراً له من أن يجري الماء إلى بستانه عبر أرضه، ورفعه إلى عمر رضي الله عنه ألزم عمر محمد بن سلمة بترك الماء يمر من أرضه إلى بستان جاره وقال: لئن منعته لأجرينه على بطنك.
فقضاء عمر هذا وقوله، وقول أبي هريرة رضي الله عنه راوي الحديث: والله لأرمين بها بين أكتافكم. دليل واضح على أن الجار لا يحق له أن يمنع جاره من الارتفاق والانتفاع من جداره أو أرضه بما لا يضر الجار المالك، حتى ولو كان ذلك الجار فاسداً.
أما إذا كان هنالك ضرر أو إزعاج يعود على المالك من انتفاع الجار بجداره، فإن له الحق حينئذ في منعه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجه والطبراني في الأوسط.
وإذا لم يكن للجار حق في منع جاره من الانتفاع بملكه هو على نحو ما قدمنا، فأحرى أن لا يكون له حق في منعه من الارتفاق ببناية عامة لا يملكها.
وهذا ما لم يكن الجار ينتفع بها انتفاعاً محرماً أو مضراً بالآخرين إضراراً يمكنه تفاديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1422(9/992)
حكم إلقاء السلام على من جهل حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في موضوع السلام: لقد وصانا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بإلقاء السلام على من مررنا به ـ سواء كنا تعرفه أو لا ـ فيجب علينا إلقاء السلام عليه، لكنني أعلم بأننا فقط يجب أن نلقي السلام على إخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات، فما حكم إلقاء السلام على غير المسلم؟ علما بأنني من لبنان وتتعدد الديانات في بلدنا وبذلك من الصعب علينا أن نعرف إن كان هذا الشخص الذي نلقى عليه السلام مسلما أم لا، فأحيانا نلقى السلام، لكننا فيما بعد نعرف أن هذا الشخص غير مسلم, وأحيانا لا نلقي السلام على شخص وبعدها نعلم أنه مسلم, فماذا علينا أن نفعل في هذه الحالة؟ هل نلقي السلام فقط على الشخص الذي نحن على يقين من أنه مسلم؟ أم هناك طريقة أخرى؟ علما بأننا نقع في هذه الحالة مرات عدة في اليوم الواحد.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ابتداء المسلم بالسلام سنة وليس بفريضة، ورد السلام فريضة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 18898.
وأما حكم ابتداء الكافر بالسلام، فقد بيناه في الفتوى رقم: 6067.
وأما إلقاء السلام على من جهل حاله ففيه تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 47183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(9/993)
هل يسلم الزوج على غيره حال اصطحابه لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يسلم على الناس الأجانب بتحية الإسلام في وجود الزوجة معه، وهل بذلك هو يلفت الأنظار إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إلقاء الرجل السلام على الرجال الأجانب حال اصطحاب زوجته معه، ومن المعلوم أن الواجب على الزوجة إذا خرجت من بيتها أن تلتزم بالحجاب الشرعي وتجتنب ما يثير الفتنة، كما أن الواجب على الرجال والنساء الأجانب غض البصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1430(9/994)
حكم التحية بـ: صباح الخير ومرحبا وهاي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول: صباح الخير ومرحبا وهاي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن تحية صباح الخير في الفتوى رقم: 74681، وما أحيل عليه فيها، كما تقدمت الكلمة على تحية مرحبا في الفتوى رقم: 26757.
وأما كلمة هاي فهي أعجمية والتخاطب بالكلمات غير العربية لا ينبغي إلا لحاجة، وانظر الفتويين رقم: 17504، ورقم: 27842، هذا فضلا عن أن البدء بتحية غير السلام لا ينبغي ـ ولو كانت بلفظ عربي ـ وعلى المسلم الاعتزاز بلغته العربية وثقافته الإسلامية في جميع شؤونه.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(9/995)
جواز مصافحة الصغيرة التي لا تشتهى
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة ملتزمة والحمد لله، ولكن لي قريب يدرس العلم الشرعي وله طفلة دون الخامسة من عمرها يقول لها لا تصافحي الرجال ويلح عليها فى ذلك بحجة أنه يعودها على الالتزام حتى أصبحت الطفلة كلما ترى رجلا يريد أن يصافحها باعتبارها طفلة تقول له أبي قال لي لا تصافحي الرجال، حتى إنها قالت نفس الكلام لخال والدتها عندما أراد أن يصافحها، مع العلم بأنه من المحارم وبالرغم من أنها طفلة. والسؤال هو: هل هذه التربية من هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لهذا الأب غيرته على بنته وحرصه على أن تنشأ ملتزمة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينيه بها، وينبتها نباتاً حسناً. وهذه الطفلة التي لم تبلغ الخامسة لا حرج في مصافحة الرجال لها طالما كانت بغير شهوة. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فإن كان اللمس بغير شهوة وكان الصغير أو الصغيرة ممن لا يشتهى جاز لمسه عند الحنفية والحنابلة، سواء اتحد الجنس أم اختلف، لعدم خوف الفتنة في هذه الحال، وهو الأصح عند الشافعية، وبناء عليه تحل مصافحته ما دامت الشهوة منعدمة، لأنها نوع من اللمس فتأخذ حكمه، وقد صرح في الهداية بجواز مصافحة الصغيرة التي لا تشتهى.
وأما إذا بلغ الصغير أو الصغيرة حد الشهوة فحكمه من حيث اللمس كحكم الكبار. والمصافحة مثله، فيفرق فيها بين حالة اتحاد الجنس وحالة اختلافه كما تقدم بيانه، وذهب المالكية إلى أن الصغير ابن ثمان سنوات فأقل يجوز مسه وإن اختلف الجنس، فإن زاد عن هذه السن أخذ حكم الرجال في المس، وأما الصغيرة فإن لم تتجاوز سن الرضاع جاز مسها، وإن جاوزت سن الرضاع وكانت مطيقة -أي مشتهاة- حرم مسها، وإن لم تكن مطيقة فقد اختلف فيها.. انتهى.
ومن العلماء من نص على جواز لمس البنت دون السبع سنوات.
ففي الإنصاف للمرداوي: لا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع، ولا لمسها نص عليه -يعني: الإمام أحمد- ونقل الأثرم في الرجل يضع الصغيرة في حجره ويقبلها إن لم يجد شهوة فلا بأس. انتهى.
كما أن الظاهر من السؤال أن الطفلة المذكورة لا تعي الفرق بين المحارم والأجانب. وبناء على ما سبق فإنا نرى أن يؤجل الأب نهيه لها عن المصافحة إلى أن تصل إلى حد الاشتهاء، كما ننبه إلى أهمية الرفق واستعمال الأسلوب الحكيم في تنشئة الأولاد، والبدء بالأهم فالأهم وترتيب الأولويات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(9/996)
حكم إجبار الطفلة على عدم مصافحة الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إجبار الطفلة على عدم مصافحة الرجال؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة الطفلة للرجال لا حرج فيه ما دامت صغيرة لا تشتهى، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أنَّ لَمْسَ الصِّغَارِ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ، سَوَاءٌ فِي حَالَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ أمْ فِي حَالَةِ اخْتِلاَفِهِ، وَسَوَاءٌ أبَلَغَ الصِّغَارُ حَدَّ الشَّهْوَةِ أمْ لَمْ يَبْلُغُوهَا، وَمِنَ اللَّمْسِ الْمُصَافَحَةُ، وَمِنْ شُرُوطِ مَشْرُوعِيَّةِ الْمُصَافَحَةِ عَدَمُ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَإِنْ كَانَ اللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَكَانَ الصَّغِيرُ أوِ الصَّغِيرَةُ مِمَّنْ لاَ يُشْتَهَى جَازَ لَمْسُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَمِ اخْتَلَفَ، لِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فِي هَذِهِ الْحَال، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ، تَحِل مُصَافَحَتُهُ مَا دَامَتِ الشَّهْوَةُ مُنْعَدِمَةً، لأَِنَّهَا نَوْعٌ مِنَ اللَّمْسِ فَتَأْخُذُ حُكْمَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِجِوَازِ مُصَافَحَةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى وَأمَّا إِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ أوِ الصَّغِيرَةُ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَحُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ اللَّمْسُ كَحُكْمِ الْكِبَارِ، وَالْمُصَافَحَةُ مِثْلُهُ، فَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ حَالَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَحَالَةِ اخْتِلاَفِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أنَّ الصَّغِيرَ ابْنَ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ فَأَقَل يَجُوزُ مَسُّهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، فَإِنْ زَادَ عَنْ هَذِهِ السِّنِّ أخَذَ حُكْمَ الرِّجَال فِي الْمَسِّ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَإِنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ سِنَّ الرَّضَاعِ جَازَ مَسُّهَا، وَإِنْ جَاوَزَتْ سِنَّ الرَّضَاعِ وَكَانَتْ مُطِيقَةً ـ أَيْ مُشْتَهَاةً ـ حَرُمَ مَسُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطِيقَةً فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ يُعْرَفُ حُكْمُ مُصَافَحَةِ الصِّغَارِ عِنْدَهُمْ، لأَِنَّهَا نَوْعٌ مِنَ اللَّمْسِ.هـ.
ومن ذلك يتضح أن المصافحة بشهوة محرمة مطلقا بغض النظرعن سن الطفلة، وكذلك إن كانت الطفلة ممن تشتهى فإن مصافحتها لا تجوز، وعلى ولي الأمر منعها من المصافحة وغيرها من أسباب الفتنة.
جاء في الموسوعة: عَلَى الأَْبِ أنْ يَمْنَعَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ عَنِ التَّبَرُّجِ إِذَا كَانَتْ تُشْتَهَى، حَيْثُ لاَ يُبَاحُ مَسُّهَا وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ.
أما إن كانت الطفلة لا تزال صغيرة لا تشتهى ولم تكن مصافحتها للرجال بشهوة، فلا حرج في مصافحتها ولكن إن كان ولي أمرها يرى مصلحة تربوية لها في منعها من مصافحة الرجال، فلا حرج عليه في ذلك، كسائر المباحات التي قد يرى المنع منها لمصلحة ما، وننبه إلى أهمية الرفق والمعاملة الحسنة واستعمال الأسلوب الحكيم في تنشئة الأولاد والبدء بالأهم فالأهم، وترتيب الأولويات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(9/997)
حكم مصافحة جدة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف، هل تجوز مصافحة جدة زوجتي ـ سواء كانت أم أمها، أو أم أبيها ـ وكذلك، هل تجوز مصافحة عمة زوجتي، وزوجة عمها، وزوجة خالي الكبيرة في السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجدة زوجتك من محارمك تجوز مصافحتها ـ سواء كانت من جهة الأب أو من جهة الأم ـ لأن من عقد على امرأة حرم عليه أصولها كالأم والجدة من الأب أو الأم، لقوله تعالى في ذكر المحرمات من النساء: وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ {النساء:23} .
قال القرطبي في تفسيره: فالأم اسم لكل أنثى لها عليك ولادة، فيدخل في ذلك الأم دنية، وأمهاتها وجداتها، وأم الأب وجداته وإن علون. انتهى.
ولا يجوز لك مصافحة عمة زوجتك -إذا لم تكن من محارمك - لأنها أجنبية منك فتحريمها مؤقت إذ يجوز لك الزواج منها بعد طلاق بنت أخيها وانقضاء عدتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 95144.
كما لا يجوز لك مصافحة زوجة عم زوجتك إذا لم تكن محرماً لها، أما زوجة خالك إذا كانت عجوزاً لا تشتهى عادة فتجوز مصافحتها عند بعض أهل العلم، والاحتياط البُعد عن ذلك خروجاً من خلاف أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(9/998)
حكم السلام على من يبغضه في الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السلام على مسلم وأنا أبغضه في الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلام على المسلم العاصي جائز ولو كنت تبغضه. فقد روى البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم وإن قلوبنا تلعنهم.
وينبغي للعبد أن يحكم الشرع في عواطفه، فليحب المسلم بقدر ما عنده من الدين ويبغضه بقدر ما عنده من الفسوق.
وإذا علم أن لهجران العاصي أثرا يؤدي لتوبته ورجوعه عن فسقه فيشرع هجره وعدم ابتدائه بالسلام حتى يتوب، وإن لم يعلم أن الهجران سيؤثر عليه فالأولى الاتصال به والسلام عليه، ومواصلة نصحه مع الدعاء له حتى يتوب.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 53017، 106731، 65710، 60224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(9/999)
جواز مصافحة عمة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحقيقة أنا منذ سنتين تقريبا أصبحت لا أصافح النساء، وكنت أظن أن عمة أمي ليست محرما لي فلا أصافحا، والآن علمت بمحرميتها هل أعود لمصافحتها مع العلم أنها اعتادت هذا فأنا فقط أقول لها: السلام عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القصد أنك كنت تصافح النساء الأجنبيات منك فهذا فعل محرم، ونهنئك على توبتك، ونسأل الله تعالى أن يتوب عليك.
وبالنسبة لعمة أمك فهي بمنزلة عمتك، وعليه فهي من محارمك وتباح لك مصافحتها، ولا إثم عليك في تركها. وراجع في ذلك الفتويين: 23881، 76629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(9/1000)
مصافحة المرأة لغير المسلم أولى بالحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة، ولكن في بعض الأوقات أضطر للسلام باليد على بعض الرجال النصارى باعتباره شيئاً عادياً عندهم. فهل يُعد هذا من السيئات أو الآثام التي تكتَب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حرمة مصافحة المرأة للرجل الأجنبي عنها، وأن هذه المصافحة من الذنوب والمنكرات، وبينا أدلة ذلك في كثير من الفتاوى، فراجعي هذه الفتوى رقم وما أحيل عليه فيها: 32160.
وكون المصافحة بين الرجال والنساء الأجنبيات من عادات النصارى، أو غيرهم، لا يبرر تركك للتمسك بدينك الذي حرم على المسلمة أن تصافح رجلا مسلما ليس بمحرم لها وأحرى إذا كانت المصافحة بين مسلمة ونصراني؟!
وننبه السائلة إلى أن من أكثر ما يلفت انتباه الكفار إلى الإسلام تمسك المسلم بدينه، واعتزازه بأحكامه وعقيدته، وراجعي الفتوى رقم: 116775. ففيها فوائد كثيرة حول هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(9/1001)
مسائل في السلام على الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[إن زوجي يسلم على زوجة أخيه، وأنا أعمل له دائما مشاكل بسبب هذا. فانا أشعر بغيرة كبيرة، وهي عندما يسافر ويرجع في اليوم التالي، فإنها تسلم عليه، وأنا أجن بسبب هذا، علما أنني أنا لا أسلم على إخوته وأنا ألتزم الحجاب في البيت أمامهم. فما لعمل أنا أعاني من غيرة شديدة، وأقول له اقطع هذا السلام، ولا يرضى. وأحس أن حياتي ستخرب بسبب هذا. أرشدوني أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالسلام هنا المصافحة، فلا يجوز للرجل مصافحة امرأة أجنبية عنه، وقد سبق بالفتوى رقم: 1025 بيان حرمة مصافحة الرجال للنساء الأجنبيات.
ولا يجوز للمسلم التهاون في هذا الأمر، فإنه مدعاة للفتنة، ويجب على زوجك التوبة من ذلك.
كما أن السلام على الأجنبية -ولو من دون مصافحة - يكره إن كانت شابة، أو ممن يشتهى مثلها، وكذا رده منها.
وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم. ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه يحرم على المرأة الشابة أن ترد على من سلم عليها. وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 6158.
والذي نوصيك به هو أن تنصحي زوجك في ضوء ما ذكرنا بشيء من الرفق واللين دون الدخول معه في المشاكل التي قد لا تحمد عقباها.
وقد أحسنت من جهتك بالتزامك بالحجاب أمام إخوة زوجك، وفقك الله وزادك حرصا على الخير وبعدا عن الشر.
واعلمي أن الغيرة بين الزوجين إن كانت مبنية على ريبة ونحوها فهي من الغيرة المحمودة، وإن كانت في غير ريبة فهي الغيرة المذمومة. وانظري الفتوى رقم: 100762.
ويبدو من هذا السؤال وجود شيء من التساهل في دخول الرجل على من لا تحل له من النساء، وهذا أمر خطير، ولا سيما بين الأقارب فالواجب الحذر، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 3819 لمزيد الفائدة.
ونود أن ننبه في ختام هذا الجواب إلى أن من حق المرأة مسكنا مستقلا تأمن فيه اطلاع الأجانب عليها، كما بينا بالفتوى رقم: 101474.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(9/1002)
حكم إلقاء الطالبة السلام على أساتذتها الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للطالبة إلقاء السلام على أساتذتها الرجال عند لقائهم في الطريق، وهل تعتبر طأطأتها لرأسها عندما تلتقي بأستاذ ولا تلقي عليه السلام تصرفا لا أخلاقيا، فما حكم الشارع في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يقوم بالتدريس للبنات النساء لا الرجال، وانظري لذلك الفتوى رقم: 16374.
أما عن سؤالك فإذا كان في إلقاء هذه الفتاة السلام على أساتذتها الرجال فتنة فلا يجوز لها ذلك، وأما إذا أمنت الفتنة كما لو كان رجلاً كبيراً في السن فلا يحرم إلقاء السلام عليه، فقد ذكر البخاري في صحيحه: باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال. قال ابن حجر: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. اهـ من فتح الباري لابن حجر.
وإذا كانت الطالبة تتجنب السلام على أساتذتها الرجال بأن تطأطئ رأسها إذا لقيتهم في الطريق فهذا من الحياء المطلوب، ولا يعد هذا التصرف تصرفاً غير لائق، وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(9/1003)
حكم ترك السلام مجازاة بالمثل
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي: يقاطعني بعض الزملاء في العمل، أختلف معهم ولكني أسلم عليهم ولا يردون السلام، ويدخلون الخلافات الشخصية مع العمل. هل إذا نفد صبري وعزمت ألا أسلم عليهم مرة أخرى أكون مذنبا؟
وجزاكم الله كل خير وغفر الله لنا إن كنا نضيع وقتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الله عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم
فما يفعله هؤلاء الزملاء من مقاطعتك إذا كان لغير مسّوغ شرعي فهو حرام، كما أنّ عدم ردّهم على سلامك لا يجوز، فإن ردّ السلام على المسلم واجب، وانظر الفتوى رقم: 22278.
أما عن حكم مقابلتك ذلك بمقاطعتهم وترك إلقاء السلام عليهم، فهو جائز لك ثلاثة أيام فقط، ولا يجوز بعد ذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وننبه إلى أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يوجد المودة، ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34} .
واعلم أن في العفو خيراً لك وأنه يزيدك عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.. وما زاد الله عبداً بعفو إلا عز ا.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ٌ. {النور:22} .
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 33964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(9/1004)
حكم رد السلام بقول وعليكم السلام والرحمة والمغفرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رد السلام بـ (وعليكم السلام والرحمة والمغفرة) فيه شيء من التشبه بالنصارى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم أن النصارى اليوم أو قبل ذلك يحيون بالسلام، بل هذه تحية الإسلام، وعلى ذلك فلا يمكن أن يكون في ذلك تشبه بهم.
وأما من حيث مشروعية الصيغة فالذي وردت به السنة أن تضاف الرحمة للفظ الجلالة هكذا: ورحمة الله. ولم نجد رواية بصيغة: والرحمة.
وأما زيادة لفظ: والمغفرة فقد سبق في الفتوى رقم: 30741، أن هذه الزيادة لا بأس بها في رد السلام.
وجاء في الموسوعة الفقهية: صيغة الرد أن يقول المسلم عليه: وعليكم السلام بتقديم الخبر وبالواو، ويصح أن يقول: سلام عليكم. بتنكير السلام وتقديمه، وبدون واو، لكن الأفضل بالواو لصيرورة الكلام بها جملتين، فيكون التقدير: علي السلام وعليكم، فيصير الراد مسلما على نفسه مرتين: الأولى من المبتدئ والثانية من نفس الراد، بخلاف ما إذا ترك الواو، فإن الكلام حينئذ يصير جملة واحدة تخص المسلم وحده. والأصل في صيغة الرد أن تنتهي إلى البركة فتقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإذا قال المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإن الزيادة تكون واجبة، فلو اقتصر المسلم على لفظ: السلام عليكم، كانت الزيادة مستحبة لقوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(9/1005)
حكم السلام عند دخول المسجد أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إلقاء السلام جهرا عند الدخول إلى المسجد أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة لمن دخل المسجد والناس في صلاة الجماعة أن يدخل معهم ولا يسلم على أحد ...
وإن كنت تقصد دخول المسجد في غير وقت صلاة الجماعة فالسنة أيضا أن يبدأ الداخل بتحية المسجد ثم يسلم على من أراد السلام عليه من مصل وغيره لحديث المسيء فإنه حين دخل المسجد بدأ بالصلاة ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فإذا أراد السلام على أحد فإنه يرفع صوته بحيث يسمع من يسلم عليه دون مبالغة في رفع الصوت تفضي إلى التشويس والأذية، وقد دلت السنة الصحيحة على أن السلام على المصلي مشروع، وعلى أن المصلي يرد بالإشارة، ولا ينافي ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه.
فإن هذا الحديث عام والقاعدة أن العام يحمل على الخاص مطلقا، وإذا جاز السلام على المصلي فالسلام على غيره بحضرته أولى بالجواز وعدم الإنكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(9/1006)
يتأكد امتناع المرأة عن مصافحة الأجانب في حال نهي الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي 24 سنة ومتزوج من بنت خالي ولي أقارب كثيرون جداً وأنا أغار على زوجتي من أقاربها وهنا السؤال هل يجوز أن تسلم بيدها على أولاد عمها الشباب وهل من الممكن أن تقف مع أولاد عمها وتتحدث معهم فى أي موضوع، وهل يجوز أن تسلم بيدها على الجيران (مع العلم بأن هؤلاء الجيران كبار في السن) ، وهل يجوز أن تسلم بيدها على رجل كبير في السن في بيت أبيها، أريد الفتوى في هذا الموضوع بسرعة لأن كل هذا حصل فعلا وحصل أنها اشتكتني إلى أبيها لمنعي لها أن تسلم على أي أحد، وما زالت المشكلة قائمة حتى الآن؟
سؤال آخر: أريد أن أجعل زوجتي ترتدي النقاب، ولكني لا أريد أن أجبرها على ذلك، أريد أن ترتديه على اقتناع فهل هذا حرام، أم أنني أجعلها ترتديه غصبا عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجتك مصافحة رجل أجنبي عنها أي من غير المحارم سواء كان هذا الرجل من أقاربها أو من غيرهم، وسواء كان كبيراً في السن أم لا ما دام بالغاً، ويتأكد امتناعها عن مصافحتهم بمنعك إياها من ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2412.
وأما تغطية المرأة وجهها فمحل خلاف بين العلماء، والراجح عندنا وجوب تغطيته، ولا حرج في أن تدعو زوجتك بالحسنى وتحاول إقناعها بالالتزام به، ولكن إن لم تمتثل فلك أن تلزمها بذلك ويجب عليها طاعتك فيه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 97067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1430(9/1007)
حكم الزيادة في المعانقة على مرة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صح شيء في معانقة الرجال أنها ثلاث مرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في عدة فتاوى أن المعانقة مشروعة للقادم من السفر ونحوه وأنها مكروهة فيما عدا ذلك، وانظر التفاصيل والأدلة وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16405، 34604، 56916.
ولم نقف لها على عدد معين، والظاهرمن الأحاديث الواردة فيها- والتي ذكرنا بعضها في الفتاوى المشار إليها- أنها مرة واحدة، وما دام أصلها مشروعا فلا نرى حرجا في زيادتها على واحدة ما لم يكن في ذلك غلو أو التزام بعدد معين لم يرد في الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(9/1008)
هل يصح الاقتصار في إلقاء السلام على كلمة سلام
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد لاحظت عدة مرات أن الكثير من الناس عند التحدث كتابة يقتصرون في التحية على قول: سلام. فهل تعتبر هذه الصيغة صحيحة؟ وإن لم تكن, فهل علي ان أردّ السلام عليهم أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة في السلام أن يقول المسلم: السلام عليكم ... فهي تحية أهل الإسلام في الدنيا، وتحية أهل الجنة في الآخرة. وانظر الفتوى: 107042.
ويجوز أن يقال: سلام عليكم. بالتنكير كما جاء في عدة آيات من كتاب الله تعالى.
وأما الاقتصار على كلمة " سلام " فإن كان يقصد بها التحية والدعاء للمخاطب كما هو المقصود من السلام أصلا فإنه لا مانع منه؛ فقد قص الله علينا خبر ملائكته الكرام عندما جاؤوا إلى إبراهيم عيه السلام في صورة ضيوف فقالوا "سلاما" فرد عليهم إبراهيم بقوله "سلام"
وعلى ذلك.. فمن سلم عليه مسلم بهذه الصيغة وجب عليه الرد بمثلها أو أحسن منها؛ لأن معناها أسلم عليك سلاما أو ما أشبه ذلك، ومن المعلوم عند أهل العلم أن رد السلام واجب.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ورد السلام واجب، والابتداء به سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(9/1009)
فرق بين السلام والمصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سلام البنات ذات ال11 أو 12 سنة على الرجال الأجانب وهن في الصف السادس الابتدائي كمثل السلام على المدرسين باليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الفتيات قد بلغن السنة الحادية عشر أو الثانية عشر فلا تجوز لهن مصافحة المدرسين ولا ملامستهن لأنهن قد وصلن إلى مرحلة من تشتهى عادة كما تقدم في الفتوى رقم: 26186.
وأما سلامهن على المدرسين بدون مصافحة فهو مباح عند بعض أهل العلم بشرط أمن الفتنة، وقال بعضهم بحرمته.
وراجع الفتوى رقم: 68268.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(9/1010)
مصافحة المرأة للأجنبي عنها بحائل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش هنا في أوربا وأعرف أن السلام باليد على الرجال حرام وينقض الوضوء وهناك لا بد عندما تدخل أي مكان مثل عيادة الدكتور وغيره لا بد من السلام باليد ولذلك أنا ألبس قفازين في يدي فهل هذا يعتبر حائلا لي وكذلك لما أرجع مصر كلهم يسلمون باليد أيضا، ولما أنا أقول لهم هذا حرام يقولولن لي هذا يرجع للنية أو يقولولون (علشان متكسفيش حد علشان كده أنا بلبس جوانتى) وهل عليهم إثم في مصر لأني أقول لهم الأحاديث وأن الرسول لم يلمس يد أمرأة لا تحل له قط وأنه لما امرأة كانت تمد يدها له لا يسلم عليها بل السيدة عائشة كانت تسلم بدله والرسول أولى أنه (ميكسفش حد منه) لأنه المعلم لنا هل هذا الكلام صحيح.
أفيدوني كذلك عمل الحواجب هل هو من النمص يقولون لي هؤلاء علماء الأزهر النساء كلهم يعملن حواجبهن ونشاهدهن في التليفزيون، كما أنه في برنامج قام شيخ وسلم على المذيعة وقال لها السلام ليس حراما.
أفيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة الرجل للمرأة الأجنبية غير جائزة، لقول عائشة: لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط. متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: إني لا أصافح النساء. رواه ابن ماجة، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني وصححه الألباني.
أما عن نقض الوضوء بذلك فقد اختلف فيه أهل العلم والراجح أن مجرد اللمس لا ينقض الوضوء، وتراجع الفتوى رقم: 2248.
وأما المصافحة بحائل، فالذي روي عن الإمام أحمد رحمه الله هو المنع عن مصافحة المرأة ولو بحائل، وذهبت الشافعية إلى جواز مصافحة الأجنبية مع الحائل وأمن الفتنة، وتراجع الفتوى رقم: 20219.
فالذي نوصيك به ترك المصافحة ولو مع لبس القفازين، ولا اعتبار لشيوع ذلك في المجتمع أو الخجل ممن يريد المصافحة، فينبغي للمسلمة أن تتمسك بدينها وتعتز بإسلامها، ولا تجامل أحداً على حساب دينها.
وأما عن حكم نتف الحاجبين فهو من النمص المحرم، ولمعرفة المزيد عن حكمه يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 22244.
ولتعلم السائلة أنه لا ينبغي تتبع رخص العلماء وزلاتهم، وأنه لا حجة في فعل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وننبه السائلة إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين ويترك الإقامة في بلاد الكفار، ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 23168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(9/1011)
التحريف في تحية الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤالكم عن حكم تحريف تحية الإسلام والمعروف أنها تحية أهل الجنة إلى سلامز أو السلام عليكم ورحمة الله وبركتاااااتو لاحظ (بركاته) كيف أصبحت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائلة بتحريف تحية الإسلام التحريف في الخط بزيادة حروف مد كثيرة كما في كتابة السائلة لغرض معين فليس من شك في أن الأولى تجنبه لئلا يسبب لبسا على القارئ، مع أننا لا نرى بأسا به.
وإن كان القصد بتحريفها تبديل ألفاظها فإن ذلك لا ينبغي لأن ألفاظ هذه التحية وردت في الشرع ولا يجوز تحريفها كما لا ينبغي البدء بالتحية بغير السلام.
ففي سنن أبي داود ومصنف عبد الرزاق وشعب الإيمان للبيهقي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا نقول في الجاهلية: أنعم بك عينا وأنعم صباحا، فلما جاء الإسلام نهينا عن ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: كانوا في الجاهلية يقولون: حييت مساء حييت صباحا فغير الله ذلك بالسلام.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 19566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1429(9/1012)
لا يرد السلام على الله كما يرد على المخلوقين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أسلم على ربي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز أن تقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، ولا يشرع أن تقول: السلام على الله، فقد ذكر شيخ الإسلام أنه لا يجوز، ويدل لذلك ما في حديث ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، فإن الله عز وجل هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله. رواه النسائي وصححه الألباني. والظاهر أن هذا النهي يشمل المصلي وغيره لعلة النهي، وقد ذكر شيخ الإسلام في علة المنع أن السلام إنما يطلب لمن يحتاج إليه والله هو السلام، فالسلام يطلب منه لا يطلب له، بل يثنى عليه فيقال: التحيات لله والصلوات والطيبات، فالحق سبحانه يثنى عليه ويطلب منه، وأما المخلوق فيطلب له فيقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وفي الموسوعة الميسرة في الكلام على حكم الذكر: وقد يكون الذكر حراما وذلك كأن يتضمن شركا كتلبية أهل الجاهلية، أو يتضمن نقصا مثل ما كانوا يقولون في أول الإسلام: السلام على الله من عباده.. اهـ
وقد ذكر ابن حجر في الفتح في شرح حديث البخاري: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء وفيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
ذكر ابن حجر في شرح الحديث أن فيه رواية للنسائي من حديث أنس قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئ خديجة السلام يعني فأخبرها فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته.
قال ابن حجر: قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل: وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد: السلام على الله فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن الله هو السلام فقولوا: التحيات لله، فعرفت خديجة لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضا دعاء بالسلام، وكلاهما لا يصلح أن يرد على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام والسلام اسمه ومنه يطلب ومنه يحصل؟ فيستفاد منه أنه لا يليق بالله إلا الثناء عليه فجعل مكان رد السلام على الثناء عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت: وعلى جبريل السلام.... اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(9/1013)
كيفية رد السلام على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في الرد على النصارى بقوله "ورحمة الله وبركاته" ويقول الله عز وجل "ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" وعليه لن تنال الرحمة ولا البركة ويصدر هذا الجواب مني لتعودي على رد السلام هكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الرد على الكفار إذا سلموا بصيغة التسليم المعروفة، فذهب كثير من أهل العلم إلى الاقتصار في الرد على قول: وعليكم، وذهب ابن القيم إلى أنه إذا تحقق من كونه سلم التسليم المعروف فلا بأس بالرد عليه بقول: وعليكم السلام.
وأما الدعاء بالرحمة فليس مشروعاً كما نص عليه ابن حجر ... وبناء عليه، فينبغي عليك ترك الرد بقولك: ورحمة الله وبركاته، وأما وعليكم السلام ففيها خلاف كما ذكرنا، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49281، 60304، 74314.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(9/1014)
مسائل في التقبيل بين المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقبيل الرجل لوالدة زوجته أو المرأة لوالد زوجها وهل ينقض هذا الوضوء والصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأم الزوجة محرم للزوج، ووالد الزوج محرم للزوجة، وتقبيل المحارم لا حرج فيه بشروط ثلاثة ذكرناها في الفتوى رقم: 110935، وانظر أيضاً الفتوى رقم: 110197، والفتوى رقم: 18773.
ولا تأثير للقبلة على الوضوء على القول المعتمد عندنا إذا لم يترتب عليها شيء؛ كما بينا في الفتوى رقم: 637.
وليس لها أيضاً تأثير على الصيام إذا لم يترتب عليها خروج مني، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(9/1015)
مدى جواز تقبيل الأخ لأخته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة مخطوبة عمري 24 سنة وأنتظر الزفاف قريباً بإذن الله تعالى، ولي إخوه ذكور في نفس سني تقريباً وأصغر مني وإخوتي يقبلونني ويداعبونني -الزغزغة- أحياناً بدون أي نية أو قصد سيئ لا سمح الله، لكن خطيبي لما علم ذلك اعترض بشدة وقال إن ذلك غير جائز شرعاً وهذا الفعل محرم بغض الطرف عن سلامة وسوء النية وطلب مني أن أمتنع عن تقبيل إخوتي وأن أمنعهم من ذلك إن حاولوا ذلك بأية طريقة، فهل تقبيلي لإخوتي حرام شرعاً أم لا؟ وهل لخطيبي الحق في منعي من ذلك؟ أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة حكم تقبيل الأخ أخته، وذكرنا أنه جائز في أصله بقيود معينة، وذكرنا هنالك أنه لو قال قائل بمنعه في هذا الزمان سدا للذريعة لم يكن قوله بعيدا بسبب ما انتشر من زنا المحارم، وإذا كان هذا في التقبيل فقط، فكيف بما ذكرت من هذه المداعبة، فصدور مثل هذا من إخوانك معك قبيح، فلا يجوز لك تمكين أحد منهم من تقبيلك أو فعل شيء من هذه التصرفات معك، وإلا ربما حدث ما لا تحمد عقباه، ويمكنك الاطلاع على الفتويين: 3222، 77365.
وننبه إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته ما لم يعقد عليها عقدا صحيحا، فلا تجوز له محادثتها إلا لحاجة مع مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك، كعدم الخلوة بها ونحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 30292.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(9/1016)
كيفية تهنئة القادم من السفر وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن تهنئة القادم من السفر بالسلامة وعن آداب رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة، قدمت من السفر والكل هنأني بالسلامة إلا أم زوجي؛ فاتصلت بها معاتبة ردت بأن المفروض أن أتصل بها وأن هذا هو الأصول وقالت: إنها تعرف أني قد وصلت ولكنها لا تريد تهنئتي بالسلامه، فكيف أتعامل معها أرشدوني وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتهنئة القادم من السفر من محاسن العادات ومكارم الأخلاق، وقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا إذا قدموا من سفر تعانقوا. رواه الطبراني في الأوسط، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ورجاله رجال الصحيح. وقد روي أنه لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم. قال الألباني في السلسلة الصحيحة أخرجه أبو يعلى في مسنده من طريق إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن عامر عن جابر قال: فذكره، قلت: وهذا إسناد مرشح للتحسين.
وما تعارف الناس عليه واعتادوه في هذه الأمور فلا حرج فيه ما لم يخالف الشرع، ومن الآداب التي يذكرها أهل العلم هنا زيارة القادم والسلام عليه، كما في الفتوى رقم: 100494 والفتوى رقم: 14707.
ولكن إذا قصر أحد من الناس في هذا الأمر فلم يزر أو يهنئ القادم فالأمر سهل، ولا ينبغي أن يكون بداية تقاطع أو دخول في مشاكل، فقد أوصى الشرع الزوجة بحسن عشرة زوجها، ومن حسن العشرة أن تعينه على بر والديه وصلة رحمه، كما أنه من حسن العشرة أن تحسن إلى أهله، وأن تتغافل عن زلاتهم، فالذي ننصحك به أن تحسني إلى أم زوجك، وإن استطعت أن تزوريها وتهديها هدية فإن ذلك من حسن الخلق، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن حسن الخلق يثقل الموازين يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق. رواه الترمذي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(9/1017)
كيف تنهى أمك عن مصافحة وتقبيل الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[.نحن 3 إخوة توفي والدنا ونحن صغار ولنا أمنا في كفالتنا ونسعى لإرضائها وتلبية طلباتها وبرها، وأنا أصغر إخوتي وكلنا متزوجون لكن أمي هداها الله تصر على السلام على الرجال الأجانب عنها أي ليسوا من المحارم بالتقبيل، وقد نهيتها ولكن لم تنته وحتى بعد أداء فريضة الحج ظلت على ذلك، وكنت الوحيد من أخوتي من ينهاها لكنها لم تنته بل أخذت ذلك عني حتى خشيت أن أقع في غضبها مع أني والله لا إريد لها إلا خيرا. كما أخشى إن سكت أن أقع في حكم الديوث -والعياذ بالله-كما تصر والدتي على الذهاب إلى حفلات الزفاف وما فيها من اختلاط علما أني أعيش في مجتمع كثر فيه الهرج والمرج مع فساد في العقيدة والأخلاق ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإنها والله غربة المؤمن. فأفتوني ماذا علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاكم الله خيرا على ما تقومون به من بر بأمكم ورعاية لمصالحها, ونسأل الله أن يعطيكم أجركم نورا يسعى بين أيديكم وبأيمانكم يوم القيامة.
وأما ما تفعله أمك – هداها الله وردها إليه ردا جميلا – من تقبيل الرجال الأجانب أثناء السلام فهو حرام بإجماع المسلمين.
وقد منع الشرع ما هو دون ذلك بكثير, فقد نص كثير من الفقهاء على منع كلام المرأة الشابة مع الرجل لغير حاجة, بل ونصوا على أنها لا ترد عليه السلام, ولا تبدأه بالسلام من باب أولى لأن ذلك يطمعه فيها.
ومن له أدنى معرفة بأحكام الشريعة يعلم أن مصافحة النساء الأجنبيات من المنكرات التي نهى عنها رسول الله بل وشدد في النهي عنها، فقد روى الطبراني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له.
وأخرج ابن ماجه في سننه عن عائشة أنها قالت: والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا ما أمره الله، ولا مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكن كلاما. صححه الألباني.
ذلك أن لمس الرجل للمرأة الأجنبية سواء في المصافحة أو غيرها يترتب عليه الكثير من المفاسد منها: تحريك الشهوة وفقدان الغيرة وذهاب الحياء, وسوء الظن, وتمكن الريبة وفتح الأبواب لوساوس الشيطان على مصارعها, وغير ذلك كثير.
والذي ننصحك به في هذا المقام هو أن تكرر النصح لأمك ليلا ونهارا, وتذكرها بالله وبآياته وأحكامه وأيامه, وتحذرها شؤم المعصية ومغبّة المخالفة مع الحرص على أن يكون كلامك معها بالرفق واللين. لا تشوبه شائبة عنف ولا غلظة فحق الأم عظيم, بل هو أعظم الحقوق على الإطلاق بعد حق الله ورسوله, جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال:" أبوك" متفق عليه.
فإن لم تستجب لك وأعرضت عن نصحك فيمكنك الاستعانة ببعض من يمكنه التأثير عليها كأبيها أو أخيها أو أحد من أخوالها أو أعمامها, أو بعض النساء الصالحات في بلدكم ممن له دراية بالعلم, ودور في الدعوة إلى الله سبحانه, فإن لم تستجب فقد أديت ما عليك, ويبقى دورك في مصاحبتها بالمعروف والإحسان إليها والبر بها ثم كثرة الدعاء لها منك ومن سائر إخوتك أن يهديها الله وأن يأخذ بناصيتها إلى سواء السبيل.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 31780 , 27658 , 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(9/1018)
تجنب تقبيل المحارم أمام الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[تعليق وإعادة استفسار حول الفتوى للسؤال أدناه: رقم الفتوى:109741
عنوان الفتوى: حكم تقبيل الرجل زوجته واحتضانها في الأماكن العامة
تاريخ الفتوى: 24 جمادي الثانية 1429 / 29-06-2008
كان سؤال الأخ السائل كما يلي: هل يجوز تقبيل الزوجة أو احتضانها في الأماكن العامة؟ حفظكم الله ورعاكم.
التعليق: سيدي الفاضل ... كما تعلم يا سيدي أنه في هذه الأيام كثيراً من الناس من يرسل أهله إلى بلد آخر بالطائرة أو أي وسيلة مواصلات أخرى، وقبل فراق الجميع يقوم كل شخص بتوديع الآخر بالسلام والتقبيل سواء كان هذا الشخص ذكراً أو أنثى (من محارمه) ، فأصبح الأمر أكثر من طبيعي أن ترى الرجل يحتضن ويقبل زوجته أو ابنته أو ابنة أخيه أو.... أي من محارمه، فما الغريب في هذا الأمر وما وجهة الحرمة فيه، أنا شبه متأكد من أن السائل عندما سأل عن هذا الموضوع لم يكن يعني أن يقبل الرجل زوجته قبلة حارة رطبة جهاراً نهاراً أمام الناس فهذا أمر غير مقبول في عاداتنا ولا في شرعنا، فهل تختلف الفتوى على هذا النحو (فيما يتعلق بعادات التوديع في المطار وغيره) أم أنها تبقى كما هي؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل أولاً لتواصله معنا وإبداء ملاحظاته، ثم إننا بنينا فتوانا المشار إليها على ما ظهر لنا من السؤال وبياناته، والسؤال ليس فيه من قريب ولا من بعيد أن السائل يعني تقبيل الزوجة واحتضانها عند توديعها للسفر، ولو أراد السائل ذلك لبينه ولا ندري من أين أخذ السائل أن السائل أراد الاحتضان والتقبيل عند التوديع في السفر..
ثم إن التوديع لا يسوغ للرجل أن يقبلها ولا أن يحتضنها أمام الأشهاد فهذا مخل بالأدب ويخدش الحياء ولو كان لأجل التوديع، وكيف لا يخدش الحياء أن تكشف امرأة خدها وتديره لزوجها أو لمحرمها ليقبلها والناس ينظرون، وتقبيل المحارم وإن كان الأصل جوازه بشروط، ذكرناها في الفتوى رقم: 77365. لكن ينبغي تجنب فعل ذلك أمام الناس حتى لا يظن بفاعله سوء أو قلة أدب ولا سيما الاحتضان للمحرم، وانظر ذلك الفتوى رقم: 24726، والفتوى رقم: 65794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(9/1019)
هل يمتنع عن زيارة أقربائه النساء هربا من مصافحتهن بيده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حديث عهد بالالتزام، ولما عرفت بأنه لا يجوز مصافحة المرأة الأجنبية اضطررت أن أتخلف عن زيارة بعض أقاربي وخصوصا تلك التي يكثر فيها النساء, حتى لا أقع في موقف محرج, علما بأن أقاربي لن يتقبلوا مني هذا التصرف وسيعتبرونه تطرفا وتشددا في الدين، فما العمل؟ أنا مخير بين زيارة بنات العائلة وبين التهرب من الزيارة. وشكرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
اعلم أخي الفاضل أن نعمة الطاعة نعمة عظيمة، فاحمد الله الذي شرح صدرك للالتزام ونحن نهنئك على هذا التوفيق ونرجو الله لك التثبيت.
وأما عن سؤالك فاعلم أنه من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس كما يفيده حديث الترمذي، فثق دائما يا أخي أن العاقبة للتقوى، وأما تركك لزيارة أقاربك خشية الوقوع فيما حرم الله أو التعرض لانتقادهم, فلا حرج في ذلك ما لم يتوقف عليها صلة الرحم بحيث يمكن أن تصلهم بغير الزيارة، أما إذا توقفت عليها صلة الرحم فعليك بزيارتهم مع الامتناع من مصافحة النساء غير المحارم لك، فإن استجابوا لذلك فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فلا يضرك شيئا قد يتضايقون بعض الوقت لكنهم سيعلمون بعد ذلك أنك على حق ويقرون لك بذلك.
نسأل الله لك الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد، وأن يوفقنا جميعا دائما للخير إنه ولي ذلك والقادر عليه، وراجع الفتوى رقم: 71338، والفتوى رقم: 2412، والفتوى رقم: 59396، والفتوى رقم: 31780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(9/1020)
فتاوى حول حكم وقوف الجندي لقائده والتحية العسكرية وتقصير اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: ما حكم وقوف الجندي لقائده من باب الاحترام والتقدير وليس من باب التعظيم؟
ثانياً: ما حكم التحية العسكرية من الجندي لقائده وهيئتها رفع الكف بجانب الأذن اليمنى وذلك أيضاً من باب الاحترام والتقدير؟
ثالثا: ما حكم تقصير اللحية وليس حلقها من باب المحافظة على نمط عسكري معين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله العظيم أن يعز الإسلام وأهله، وأن يذل الكفر وأهله، وأن ينجي المستضعفين من المسلمين، وأن ينصر المجاهدين لنصرة هذه الدين. اللهم آمين.
وبعد، فقد اختلف أهل العلم في مسألة القيام للقادم لاختلاف في فهم الآثار الواردة في ذلك، ومن أفضل ما قيل في الجمع بينها ما قاله أبو الوليد بن رشد في كتابه البيان والتحصيل: وحاصله أن القيام يقع على أربعة أوجه:
الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبراً وتعاظما على القائمين إليه.
والثاني: مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة.
والثالث: جائز، وهو أن يقع على سبيل الإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبه بالجبابرة.
والرابع: مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحاً بقدومه ليسلم عليه، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنيه أو مصيبة فيعزيه.
قال: فعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار ولا يتعارض شيء منها.
ومن أهل العلم من جعل الأصل في القيام الحظر إلا ما كان لصاحب ولاية أو عالم أو والد أو سيد في قومه، وعلى هذا جرى صاحب منظومة الآداب فقال:
وَكُلُّ قِيَامٍ لاَ لِوَالٍ وَعَالِمٍ وَوَالدِهِ أَوْ سَيِّدٍ كُرْهَهُ امْهَدِ.
وقال ابن كثير في تفسيره: اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء, على أقوال: فمنهم من رخص في ذلك محتجًّا بحديث: قوموا إلى سيدكم.
ومنهم من منع من ذلك محتجًّا بحديث: من أحَبَّ أن يَتَمثَّلَ له الرجال قيامًا فَلْيَتبوَّأ مَقْعَدَه من النار.
ومنهم من فصل فقال: يجوز عند القدوم من سفر، وللحاكم في محل ولايته، كما دلت عليه قصة سعد بن معاذ.. وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه، والله أعلم. فأما اتخاذه ديدنًا فإنه من شعار العجم. وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا جاء لا يقومون له، لما يعلمون من كراهته لذلك. .
ومن أهل العلم من فرق في الحكم باعتبار المقصد: هل هو الاحترام أو الإعظام؟ فقال الغزالي في إحياء علوم الدين: القيام مكروه على سبيل الإعظام، لا على سبيل الإكرام
قال ابن حجر: وهذا تفصيل حسن.
وقال القاري: لعله أراد بالإكرام القيام للتحية بمزيد المحبة، كما تدل عليه المصافحة، وبالإعظام التمثل له بالقيام هو جالس على عادة الأمراء الفخام.
وقال الرملي: يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِمُسْلِمٍ فِيهِ فَضِيلَةٌ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ , وَيَكُونُ الْقِيَامُ لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لَهُ، وَهُوَ جَائِزٌ.
ومن أهل العلم من نص على مراعاة المفسدة المترتبة على عدم القيام.
فقال ابن حجر: وفي الجملة متى صار ترك القيام يشعر بالاستهانة أو يترتب عليه مفسدة امتنع، وإلى ذلك أشار ابن عبد السلام.
وقال ابن الجوزي: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لا يقومون له لما يعرفون من كراهته.. وهذا كان شعار السلف، ثم صار ترك القيام كالإهوان بالشخص، فينبغي أن يقام لمن يصلح.
وقال ابن حجر الهيتمي: إِذَا تَأَذَّى مُسْلِمٌ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَامَ لَهُ؛ فَإِنَّ تَأَذِّيهِ بِذَلِكَ مُؤَدٍّ إلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ..
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والناس إذا اعتادوا القيام وإن لم يقم لأحدهم أفضى إلى مفسدة، فالقيام دفعا لها خير من تركه. وينبغي للإنسان أن يسعى في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعادتهم واتباع هديهم..
وقال أيضا: السلف وإن لم يكن من عادتهم قيام بعضهم لبعض ولا لمثل القادم من غيبة ونحو ذلك، ولم يكن أحد أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا يقومون له لما يرون في وجهه من كراهته لذلك، والأفضل للناس اتباع السلف في كل شيء.
وهذا الذي نبه عليه شيخ الإسلام من السعي في اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعادتهم وهديهم، هو الذي ينبغي لكل من ولاه الله أمرا من أمور المسلمين. فيجتهد في تمييز المسلمين وتميُّزهم على غيرهم، وصبغهم بما يناسب هويتهم الإسلامية، وتخليصهم من ربقة التقليد الأعمى لأعدائهم، فإن لهذا أعظم الأثر في رفعتهم ورفع الذل والصغار عنهم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ رواه أحمد والبخاري معلقا وصححه الألباني.
ثم ينبغي التنبه إلى أن الحكم السابق للقيام هو ما يخص القائم نفسه، أما الذي يقام له فينبغي أن يكره ذلك، بل وينهى عنه؛ فقد خَرَجَ مُعَاوِيَةُ ـ وهو خليفة المسلمين ـ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَامِرٍ فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ. رواه أبو داود والترمذي وحسنه وأحمد وصححه الألباني.
وقال أَنَس: لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وأحمد وصححه الألباني.
وانظر تفصيل الكلام في هذه المسألة في: المدخل لابن الحاج المالكي، فتح الباري ل ابن حجر الشافعي، الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي، غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني الحنبلي، الموسوعة الفقهية الكويتية.
وقد سبق الكلام باختصار عن القيام للقادم خلال الفتوى رقم: 64984.
وأما مسألة التحية العسكرية، وهي أيضا مما أخذناه من العادات الغربية غير الإسلامية، فاستبدلنا الذي هو أدني بالذي هو خير، حيث استبدلنا ذلك بالسلام الذي هو تحية أهل الجنة، والذي أمرنا الشرع بإفشائه. وقد سبقت فتوى في بيان الأهمية البالغة لإفشاء السلام في المجتمع في الفتوى رقم: 42715.
ومع ذلك ففيه من المحاذير الشرعية أنه سلام بالإشارة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقال عطاء بن أبي رباح: كانوا يكرهون التسليم باليد. رواه البخاري في الأدب المفرد وابن أبي شيبة في مصنفه وصححه الألباني.
وقال ابن حجر في فتح الباري: لا تكفي الإشارة باليد ونحوه، وقد أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه: لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرءوس والأكف، ويستثنى من ذلك حالة الصلاة.. وكذا من كان بعيدا بحيث لا يسمع التسليم يجوز السلام عليه إشارة ويتلفظ مع ذلك بالسلام.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لاَ تَحْصُل سُنَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلاَمِ بِالإِْشَارَةِ بِالْيَدِ أَوِ الرَّأْسِ لِلنَّاطِقِ، وَلاَ يَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ عَنْهُ بِهَا. لأَِنَّ السَّلاَمَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي جَعَل لَهَا الشَّارِعُ صِيَغًا مَخْصُوصَةً، لاَ يَقُومُ مَقَامَهَا غَيْرُهَا، إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ صِيغَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ. وَتَكَادُ تَتَّفِقُ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الإِْسْمَاعِ، وَلاَ يَكُونُ الإِْسْمَاعُ إِلاَّ بِقَوْلٍ.
وقال الشيخ ابن باز: لا يجوز السلام بالإشارة، وإنما السنة السلام بالكلام بدءا وردا. أما السلام بالإشارة فلا يجوز؛ لأنه تشبه ببعض الكفرة في ذلك؛ ولأنه خلاف ما شرعه الله، لكن لو أشار بيده إلى المسلم عليه ليفهمه السلام لبعده مع تكلمه بالسلام فلا حرج في ذلك؛ لأنه قد ورد ما يدل عليه.
وقَالَ النَّوَوِيّ: لَا يَرِدُ عَلَى هَذَا حَدِيث أَسْمَاء بِنْت يَزِيد مَرَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد وَعُصْبَة مِنْ النِّسَاء قُعُود فَأَلْوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ " فَإِنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظ وَالْإِشَارَة , وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثهَا بِلَفْظِ " فَسَلَّمَ عَلَيْنَا.
وقد سبق بيان أن التسليم بالإشارة خلاف الأولى في الفتوى رقم: 45617.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن التحية العسكرية بخصوصها فقال: الجمع بين السلام القولي والإشارة لا بأس به، مثل أن يقول: السلام عليكم، لكن الضرب بالرجل هذا ليس له أصل إطلاقاً، ولا ينبغي أن يضرب بالرجل، فربما يؤثر على رجله أو يؤثر على الأرض التي تحته إذا كانت من خشب أو ما أشبه ذلك، ولكن نرجو الله سبحانه وتعالى أن يهدي المسلمين إلى إلغاء مثل هذه الأمور، وإلى أن ينظروا إلى من سبقهم من هذه الأمة، لا إلى من تخلف عنهم من الأمم الحاضرة، نحن مسلمون والأولى بنا أن نقتدي بهدي المسلمين، إذا مر قال: السلام عليكم، وإذا كان بعيداً جمع بين الإشارة والقول، وإذا كان أصم جمع له أيضاً بين القول والإشارة، أما بدون ذلك مثل أن نقتصر على الإشارة فقط فهذا غلط. ثم إني رأيت بعض الجنود صاروا يسلمون تسليماً غريباً يعكف يده عل ى صدره، نسأل الله أن يهدي المسئولين إلى اتباع هدي السلف الصالح.
إذا مر الضابط عليه أن يسلم فيقول: السلام عليكم؛ لأن أخاه هذا مسلم، وإن كان أقل منه رتبة، والثاني يقول: وعليكم السلام، والله لو فعلوا هذا كان هذا دعاء وعبادة وثواب وأجر، الآن الجيش كلهم معتادون الدعاء لهم بالسلامة، فهل أفضل أن نقول: السلام عليكم؛ لأنهم كلهم يريدون السلامة، فنرجو الله تعالى أن يفطن المسئولون لهذا الأمر، وأن يكون لهم شعار خاص، وهو الشعار الذي كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه لقاء الباب المفتوح. دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية.
وقال الشيخ حمود التويجيري في الدرر السنية في الكتب النجدية: ومن التشبه بأعداء الله تعالى: الإشارة بالأصابع عند السلام، وكذلك: الإشارة بالأكف مرفوعة إلى جانب الوجه، فوق الحاجب الأيمن، كما يفعل ذلك الشُّرَط وغيرهم، وكذلك ضرب الشرط بأرجلهم عند السلام. ويسمون هذا الضرب المنكر، والإشارة بالأكف: التحية العسكرية، وهي: تحية مأخوذة عن الإفرنج وأشباههم من أعداء الله تعالى، وهي بالهزء والسخرية أشبه منها بالتحية.
أما بالنسبة لتقصير اللحية من باب المحافظة على نمط عسكري معين، فهذا أيضا خلاف الأولى، وغاية الرخصة فيه لمريد هذه الفضيلة هو أخذ ما زاد على القبضة. وقد سبق بيان أقوال العلماء في الأخذ من اللحية في الفتوى رقم: 14055، والفتوى رقم: 71215، وبيان أن من أهل العلم من رخص في أخذ ما زاد على القبضة من اللحية وذلك في الفتوى رقم: 3851، والفتوى رقم: 47753.
كما سبق بيان حرمة حلقها في عدة فتاوى منها: 2711، 3707، 5442، 4682، 19539، 20178، 14055، 21149، 49847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(9/1021)
حكم رد السلام على أصحاب المعاصي ومن ثبت فيه اللعن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند رد السلام على من ثبت فيه اللعن بنص الآية أو الحديث قول ورحمة الله وبركاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن المسلم لا يجوز لعنه بعينه على القول الراجح من أقوال الفقهاء وهو قول أكثرهم، وإن كان من أهل المعاصي والكبائر، لأننا لا ندري بما يختم له، وإنما يجوز لعن أصحاب المعاصي -ممن ثبت لعنهم بالدليل الشرعي- على وجه العموم.
وعليه؛ فيجوز رد السلام مع قول ورحمة الله وبركاته، وهو من قبيل الدعاء لهم لعل الله يرحمهم بترك ما استحقوا بسببه اللعن ويتوب عليهم ...
كما أنه يشرع في بعض الأحيان أن يترك رد السلام عليهم كلية، وذلك إذا كان في هجرهم حصول مصلحة في ارتداعهم وتركهم للمنكر، وإن كان الأمر مستوي الطرفين أي أن هجرهم أو عدم هجرهم لا يدعوهم إلى الخير، ولا يردعهم عن الشر فالأولى هجرهم، لأن المسلم مأمور بإنكار المنكر حسب وسعه، ومن ذلك أن يهجر صاحب المنكر حتى ينتهي عنه ويظهر توبته، ما لم تترتب على هذا الهجر مفسدة راجحة، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 14139.
وأما إن كنت تقصد من ثبت لعنهم من اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار فرد السلام عليهم على هذا النحو (إذا كانوا قد سلموا بمثل ذلك) مما اختلف في جوازه، فذهب بعض أهل العلم ومنهم النووي إلى أنهم لا يزداون على (وعليكم) وحجته عموم الأحاديث الآمرة بالرد عليهم بذلك، مثل حديث الصحيحين: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم.
ونقل ابن حجر في الفتح عن بعض الشافعية أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم (عليكم السلام) ، كما يرد على المسلم، ولكن لا يذكر فيه الرحمة، واحتج بقوله تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ {الزخرف:89} .
وذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة: أن الكتابي إن قال السلام عليكم ورحمة الله فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يرد عليه بنظير ما قال، وعلل ذلك قائلاً: فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا. فندب إلى الفضل وأوجب العدل. انتهى..
وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 74314.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(9/1022)
سلام المرء على من يعرف ومن لا يعرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أحب السلام على من لا أعرف وأشعر بأنه لا ضرورة لذلك, فماذا تنصحوني أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بإفشاء السلام على من عرفت ومن لا تعرف فهذه من خير خصال الإسلام التي دل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث: أن رجلا سأل النبي صلى الله علية وسلم: أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن ولم تعرف. أخرجه البخاري ومسلم.
قال النووي: أي تسلم على كل من لقيته، عرفته أم لم تعرفه ولا تخص به من تعرفه كما يفعل كثيرون من الناس.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 18888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(9/1023)
يلقي السلام على زميله في العمل فلا يرد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل معي في الشركة عندما ألقي له السلام لا يرد ويكره الاتجاه السلفي، فما العمل في هذا الحال؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه ينبغي أن يكون المسلمون على أحسن حال من الألفة والمودة، لقول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10} ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم ... رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، ويحرم التهاجر بين المسلمين لغير مسوغ شرعي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 7119.
فالذي ننصحك به أن تلتمس سبب عدم رد هذا الرجل السلام إذا سلمت عليه، فقد يكون ثمة أمر بلغه عنك أساء فهمه، فتبين له وجه الحقيقة، وقد يكون لغير ذلك من الأسباب، مع العلم بأنه لا يجوز له ترك رد السلام عليك وهو عاص بذلك، وأما ما ذكرت من كراهيته للاتجاه السلفي، فلربما يكون سببه عدم فهمه لهذا المنهج على وجهه الصحيح، أو قد لا يكون ذلك كرهاً منه لهذا المنهج وإنما كرهاً لتصرفات بعض من ينتمي إليه، فينبغي التماس سبب هذا الكره، وعلى كل حال فلو استمر في عدم رد السلام فلا تنقطع عن إلقاء السلام عليه، وراجع الفتوى رقم: 103241. وبالصبر يأتي الخير، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(9/1024)
حكم رد السلام على المرأة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رد السلام على المرأة الأجنبية، وكيف التعامل معها إذا كانت تبيع في محل تجاري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره رد السلام على الشابة الأجنبية لما يخشى من الافتتان وحضور الشيطان عند بعض أهل العلم، وقال الشافعية بحرمته، وإن دعت الحاجة إلى تكليم المرأة كما في التجارة شراء أو بيعاً ونحوه، فلا حرج إن تحققت الضوابط الشرعية من غض البصر وعدم الخلوة والخضوع بالقول، واقتصر الكلام على قدر الحاجة.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6158، 20614، 27431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(9/1025)
تحريم مصافحة القريبات الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[تربيت في قرية صغيرة وأقاربي كلهم يقيمون فيها وكنت أرى بنات أعمامي وبنات خالاتي وأسلم عليهن، ولكن ولله الحمد بعد انتقالي إلى الجامعة عرفت أن هذا لا يجوز فأصبحت أعرض عنهن إلا اللاتي رضعن معي وهذا ما يثير غضب أقاربي الذين لم أرضع مع بناتهم بحجّة أن بناتهن هن أيضا أخواتي ولو لم يرضعن معي، فماذا أفعل فأفتوني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد أحسنت عندما رفضت مصافحة قريباتك الأجنبيات، ومجرد إلقاء السلام عليهن والسؤال عن حالهن لا حرج فيه إذا كان بدون خلوة، وعليك أن تبين لأقاربك حرمة هذه العادة السيئة (المصافحة بين الأجانب) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يصافح امرأة أجنبية عنه، سواء كانت قريبة منه في النسب أو بعيدة، وذلك لما رواه الطبراني وغيره وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له.
ولذلك فإنك قد أحسنت عندما رفضت مصافحة قريباتك الأجنبيات عندما علمت الحكم الشرعي وحرمة ذلك، وعليك أن تشرح لأقاربك بطريقة ودية وهادئة سبب رفضك للمصافحة وأنها محرمة شرعاً، ويجوز لك أن تلقي السلام على قريباتك الأجنبيات وتسألهن عن حالهن دون مصافحة، وكذلك يجوز لهن ذلك بدون خضوع بالقول وعدم الخلوة وأمن الفتنة. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 22958 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(9/1026)
الحل في بيان حكم الشرع في حرمة مصافحة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في العشرين من عمري من الجزائر ومشكلتي هي في مصافحة زوجة عمي الذي نسكن في بيتين متجاورين فعادتنا في هذا البلد أن أبناء الأخ يصافحون زوجات أعمامهم أو زوجات أخوالهم أو زوجات إخوتهم إلا أنا فإني قررت ألا أصافح وأكتفي بالسلام من بعيد ومن يومها أصبح ينظر إلي في البيت نظرة الغريب وهذه النظرات حسستني بضيق شديد إزاء أهلي وأعمامي أفيدوني بارك الله فيكم، فهل يجوز لي أن أصافح زوجات أعمامي وأخوالي وإخوتي وإن لم يكن فأين المخرج فقد أصبحت أحس أنني غريب وسط أهلي؟ وبارك الله فيكم وجمعنا في الفردوس الأعلى بصحبة خير البشر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة المرأة الأجنبية حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. أخرجه الطبراني بسند رجاله ثقات من حديث معقل بن يسار.. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة أنها قالت: والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط.
وما فعلته أيها الأخ من ترك مصافحة زوجات أعمامك وأخوالك هو عين الصواب، ولا تبالي بما قد تلقاه من إنكار بعض الناس عليك، فإن هذا من ابتلاء الله لك على الثبات على طاعته، وإذا أطعت الله رضي عنك وأرضى عنك الناس، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا {مريم:96} ، أي مودة في قلوب الناس.
وينبغي لك أن تبين لهم بأسلوب حكيم وقول حسن حكم هذه المسألة عسى الله أن يجعلك هادياً مهدياً، وفقك الله لما يحب ويرضى، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40948، 2412، 5658، 12721، 13279.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(9/1027)
حكم السلام بصيغة (السلام على المسلمين)
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من يلقي السلام بقوله (السلام على المسلمين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة في السلام أن يقول المسلم: السلام عليكم ...
ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك، نفر من الملائكة، جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله ...
وهكذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم- وصحابته ومن بعدهم يسلمون
وعليه فقول القائل: السلام على المسلمين مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ولسنته..؛ ولا خير فيما خالف السنة
وعلى المسلم أن يجتنب هذا النوع من السلام وخاصة إذا كان فيه لمز أو تعريض ببعض الناس فيتأكد النهي عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(9/1028)
استحباب السلام عند الدخول لبيت ليس فيه أحد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الدخول إلى البيت بدون أن يكون فيه أحد هل يجب علينا السلام، وما هو الدليل في السنة النبوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلام لا يجب عند الدخول لبيت ليس فيه أحد كما رجحه ابن العربي، ولكنه يستحب لمن دخل بيته أن يسلم، لقول الله تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون {النور:61} ، قال القرطبي في التفسير بعد ذكر بعض التفسيرات في الآية: وقيل: المراد بالبيوت المسكونة، أي فسلموا على أنفسكم. قاله جابر بن عبد الله وابن عباس أيضاً وعطاء بن أبي رباح، وقالوا: يدخل في ذلك البيوت غير المسكونة، ويسلم المرء فيها على نفسه، بأن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، قال ابن العربي: القول بالعموم في البيوت هو الصحيح، ولا دليل على التخصيص، وأطلق القول ليدخل تحت هذا العموم كل بيت كان للغير أو لنفسه، فإذا دخل بيتاً لغيره استأذن كما تقدم، فإذا دخل بيتاً لنفسه سلم كما ورد في الخبر، يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، قاله ابن عمر. وهذا إذا كان فارغاً، فإن كان فيه أهله وخدمه فليقل: السلام عليكم. وإن كان مسجداً فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وعليه حمل ابن عمر البيت الفارغ. قال ابن العربي: والذي أختاره إذا كان البيت فارغاً ألا يلزم السلام ... انتهى.
وقال الإمام النووى يرحمه الله في كتاب الأذكار: ويستحب إذا دخل بيته أن يسلم وإن لم يكن فيه أحد، وليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وكذا إذا دخل مسجداً أو بيتاً لغيره ليس فيه أحد، يستحب أن يسلم، وأن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(9/1029)
حكم سلام الزوجين بالخد أمام الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يسلم زوجان على بعضهما بالخد أمام الغرباء، ولكن بدون أية إثارة مجرد سلام عادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلام بالطريقة المذكورة بين الزوجين أمام الناس لا بقصد الاستمتاع بل عند سبب يستدعيه لا حرج فيه لكن الأولى تركه في مجتمع يستهجن ذلك.
وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 65794، والفتوى رقم: 1571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(9/1030)
إلقاء السلام على القارئ والذاكر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السلام في الحالات التالية:
1- دخول المسجد والسلام بصوت مرتفع وما يصاحبه من تشويش أحيانآ وأحيانا من باب إنا هنا.
2- السلام باليد بعد الصلاة مباشرة.
3- السلام على المصلي الذي يردد الأذكار مما يؤدي إلى قطع الذكر.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على السؤال الأول في الفتوى رقم: 93085. وكذلك السؤال الثاني في الفتوى رقم: 8063.
أما عن السؤال الثالث فقد ذكر بعض الفقهاء أن السلام على الشخص المشتغل بالذكر غير مستحب، وأن الذاكر لا يجب عليه الرد، وقيل يجب.
ففي الفتاوى الهندية في الفقه الحنفي ما نصه: حكي عن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر محمد بن الفضل البخاري أنه كان يقول فيمن جلس للذكر أي ذكر كان فدخل عليه داخل وسلم عليه وسعه أن لا يرد , كذا في المحيط. انتهى.
وفي كتاب بريقة محمودية للخادمي في الفقه الحنفي أيضا: وكذا لا يسلم على القارئ والذاكر، فلو سلم قيل لا يجب الرد، والأصح يجب. انتهى.
وفي أسنى المطالب على روض الطالب في الفقه الشافعي للشيخ زكريا الأنصاري بعد أن نقل عن النووي أن الأصح أن قارئ القرآن كغيره في استحباب السلام عليه ووجوب الرد باللفظ على من سلم عليه. قال: قال في الأذكار: أما إذا كان مشتغلا بالدعاء مستغرقا فيه مجتمع القلب عليه فيحتمل أن يقال هو كالمشتغل بالقراءة، والأظهر عندي في هذا أنه يكره السلام عليه ; لأنه يتنكد به ويشق عليه أكثر من مشقة الأكل، قال الأذرعي: وإذا اتصف القارئ بذلك فهو كالداعي بل أولى لاسيما المستغرق في التدبر. انتهى.
ثم علق صاحب الحاشية هنا بقوله: قوله: لاسيما المستغرق في التدبر، وكذا المستغرق في الذكر ونحوه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1429(9/1031)
الحالات التي لا يشرع فيها السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أعرف ما هي السبع الأشياء أو الأماكن التي لا يجوز فيها السلام على الغير.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الحالات التي لا يشرع فيها السلام محل اختلاف بين أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الحالات التي لا يشرع فيها السلام، وإذا سلم الشخص لا يشرع الرد عليه مختلف فيها بين أهل العلم، ومنهم من أوصلها إلى أكثر من عشرين.
جاء في غذاء الألباب، شرح منظومة الآداب: يكره السلام على جماعة, منهم المتوضئ, ومن في الحمام, ومن يأكل, أو يقاتل, وعلى تال, وذاكر, وملب, ومحدث, وخطيب, وواعظ, وعلى مستمع لهم ومكرر فقه, ومدرس, وباحث في علم, ومؤذن ومقيم, ومن على حاجته, ومتمتع بأهله, أو مشتغل بالقضاء, ونحوهم. فمن سلم في حالة لا يستحب فيها السلام لم يستحق جوابا.
وقد نظمهم الخلوتي وزاد عليهم جماعة فقال:
رد السلام واجب إلا على * من في الصلاة أو بأكل شغلا
أو شرب أو قراءة أو أدعيه * أو ذكر أو في خطبة أو تلبيه
أو في قضاء حاجة الإنسان * أو في إقامة أو الأذان
أو سلم الطفل أو السكران * أو شابة يخشى بها افتتان
أو فاسق أو ناعس أو نائم * أو حالة الجماع أو تحاكم
أو كان في الحمام أو مجنونا * فهي اثنتان قبلها عشرونا
وهذه المذكورات ورد النص على بعضها وقاس أهل العلم بقيتها على ما ورد به النص.
جاء في سنن النسائي: عن المهاجر بن قنفذ: أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه حتى توضأ فلما توضأ رد عليه. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وفي حديث جابر بن عبد الله عند ابن ماجه أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك.
وعن المهاجر بن قنفذ: أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ فرد عليه وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنى كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة، قال فكان الحسن من أجل هذا الحديث يكره أن يقرأ أو يذكر الله عز وجل حتى يتطهر. قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.
وعن عطاء الخراساني يرفعه قال: ليس للنساء سلام ولا عليهن سلام: أخرجه أبو نعيم في الحلية وإسناده منقطع. ولعل أهل العلم أخذوا النهي عن السلام على الشابة من النهي عما يمكن أن يكون سببا للفتنة.
ومما يدل على أن المصلي لا ينهى عن السلام عليه، مع أنه هو منهي عن رد السلام باللفظ ما أخرجه النسائي من حديث ابن عمر، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مسجد قباء ليصلي فيه فدخل عليه رجال يسلمون عليه فسألت صهيبا وكان معه كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سلم عليه قال كان يشير بيده. قال الشيخ الألباني: صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(9/1032)
الكلام مع من لا يرد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أتكلم مع من لا يرد السلام؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي قلت إنه لا يرد السلام إذا كان المانع له من ذلك هو أنه رجل وأنت امرأة أجنبية عليه، فإنه يكون في ذلك مصيباً، لأن جمهور أهل العلم على أن الرجل لا يسلم على المرأة ولا تسلم هي عليه، ومن سلم منهما على الآخر فإنه لا يستحق جواباً، إلا أن تكون المرأة عجوزاً لا تشتهى.
قال النووي: وأما الأجنبي.. فإن كانت عجوزاً لا تشتهى استحب له السلام عليها، واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزاً تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جواباً. انتهى.
وأما إذا كان من تقصدينه رجلاً محرماً لك أو امرأة، فإن سنة السلام لا تسقط عنك ولو علمت أنه لا يرد السلام.
قال في مطالب أولي النهى: (ولا يتركه) -أي السلام- (وإن غلب على ظنه أن المُسلَِم عليه لا يرد) السلام كالجبابرة؛ لعموم: أفشو السلام. انتهى.
وعلى أية حال فإن الكلام معه إذا خُشيت منه الفتنة فإنه لا يجوز بحال، وإن لم تخش الفتنة وكان الكلام لمصلحة فلا ينبغي أن يمنع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(9/1033)
تحية الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد موضوعا عن تحية الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحية الإسلام هي تحية آدم عليه السلام وتحية ذريته. فقد أخرج الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، قال: فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، قال: فزادوه ورحمة الله.
وهذه التحية هي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه مع عمير لما دنا منه وقال: أنعموا صباحا وهي تحية أهل الجاهلية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكرمنا الله عن تحيتك، فجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهي السلام. فقال عمير: إن عهدك بها لحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أبدلنا الله خيرا منها. الحديث رواه الطبراني وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(9/1034)
حكم مصافحة الذمي والكافر والملحد والمبتدع والفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مصافحة الذمي والكافر والملحد والمبتدع والفاسق والتلطف معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو جواز مصافحة كل هؤلاء إن لم يكن هناك موجب لتحريم مسهم كمس الذكر للأنثى التي ليس بينها وبينه محرمية، ثم إنه يختلف الحال في المصلحة الموجودة في التعامل مع هؤلاء، فإن علم أن هجرهم يفضي لهدايتهم فلا بأس به، وإن علم أن تألفهم ومخالطتهم أقرب لهدايتهم عمل بما هو أدعى لهدايتهم.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 61152، 101068، 20802، 99145، 20995، 96777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(9/1035)
حكم مصافحة المشرك والمشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أفهم الإجابة على السؤال رقم: 2162381 ماذا ترى في السلام على المشرك أو المشركة باليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصافحة باليد للمشرك تجوز إذا كانا ذكرين أو أنثيين أو كان الذكر محرما للأنثى، وأما الأجنبي فلا تجوز مصافحته لغير محرمه، ولو كان غير مشرك، وقد نقل عن بعض أهل العلم كراهة مصافحة المسلم للكافر، وليس مع هذا القول من الدليل ما ينهض به، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50616، 3045، 6067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(9/1036)
المصافحة عند اللقاء ومتى تكون القبلات والعناق
[السُّؤَالُ]
ـ[كما تعلمون فإن الإسلام أمر بالسلام والمصافحة، أنا موظفة وأرى أن جميع الموظفات يقبل بعضهن البعض في كل صباح، وبصراحة فإني لا أحب هذه العادة وأكتفي بالسلام فقط، والقبلات والأحضان في اعتقادي جميلة في المناسبات والأعياد فقط وليست كل يوم أقبل فلانة وعلانة، والعجيب أنهن لما يقابل بعضهن البعض يبتدئون بالأحضان ولا يمدون اليد كما أمر الإسلام، في وجهة نظري هذه السمات ليست من سمات المسلمين ويقولون لي بأني ليست لدي أخلاق، وعلما بأني لا أجامل ولا أنافق أحدا ولا أحب المجاملات والنفاق أبداً وصريحة جداً ولا أكوّن علاقة صداقة مع أحد لا مع رئيسة قسم ولا مديرة من أجل الترقية أو رفع المستوى الوظيفي ومقتنعة برزقي ومؤمنة بأن الرزاق هو الله الواحد الأحد، كما يقول سبحانه (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل من بعده وهو العزيز الحكيم) ، فهل معنى ذلك أني ليست لدي أخلاق مثل ما يقولون، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الاقتصار على المصافحة في اللقاءات العادية هو السنة ولا مانع من المعانقة والتقبيل في المناسبات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يصافح المسلم أخاه إذا لقيه في الحالات العادية لقوله صلى الله عليه وسلم:..إن المسلم إذا صافح أخاه تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر. رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وأما التقبيل والاعتناق ... لغير مناسبة فقد نص أهل العلم على كراهته وذلك لما رواه الترمذي وحسنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم.
وأما في المناسبات (الأعياد وغيرها) فلا مانع من الاعتناق وتقبيل الوجه.. بغير شهوة وذلك لما رواه الترمذي: أن زيد بن حارثة قدم المدينة فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه، فاعتنقه وقبله. رواه الترمذي. وعلى ذلك فإن ما تفعلين من الاقتصار على المصافحة في الأيام العادية هو السنة وهو الصواب الملائم للشرع والطبع، لما في تكرار المعانقة والتقبيل بغير مناسبة من التكلف والحرج المرفوع شرعاً.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 34604، والفتوى رقم: 98506.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(9/1037)
السلام على القادم وتهنئته بالوصول
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعيش في دولة س وله بيت يقضي فيه صيفه في دولة ص حيث يعيش الأهل والأحبة والأصدقاء، فمن الذي يسلم أولا، القادم من السفر يهنئ بالسلامة من قبل قاطني البلاد ص وخصوصا إذا علموا بمقدمهم بطريقة أو أخرى, أم القادم من السفر يجب عليه الاتصال بالجميع فور الوصول إلى بلاد ص، وهل هنالك أدلة من القرآن أو السنة أو السيرة النبوية؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسأل عن الذهاب للسلام على القادم أو ذهاب القادم للسلام على المقدوم عليه، فإن أهل العلم قد ذكروا استحباب زيارة القادم ومعانقته والسلام عليه وتهنئته ... جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: ... وقال الشيخ وجيه الدين أبو المعالي في شرح الهداية تستحب زيارة القادم ومعانقته والسلام عليه، قال: وإكرام العلماء وأشراف القوم بالقيام سنة مستحبة.
وقال في الفروع: ... وفي الفنون: تحسن التهنئة بالقدوم للمسافر، كالمرضى تحسن تهنئة كل منهم بسلامته. مع العلم بأن هذا أمر مستحب -كما بينا- وليس بواجب، وإن بادر القادم بالسلام أو الاتصال فذلك حسن أيضاً وقد يكون هو الأولى إن كان فيه تأليف للقلوب وتحبيب الأهل والجيران.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(9/1038)
حكم السلام على العاصي ومجهول الحال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التسليم على الفاسق وعلى العاصي كالذي يسمع الأغاني مثلا؟ وما حكم التسليم على مجهول الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشرع السلام على جميع المسلمين، كما يشرع هجر الفاسق إن تؤكد من وجود المصلحة في ذلك؛ وإلا تعين الصبر على السعي في هدايته وتوبته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع السلام على جميع المسسلمين لعموم الحديث: سئل أي الإسلام خير؟ فقال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. رواه البخاري.
فمن لم يعرف يحتمل كونه فاسقا أو مجهول الحال.
ويشرع هجر الفاسق بعد دعوته ونصحه ونهيه عن المنكر إن تؤكد من فائدة الهجر، وإلا فلا يهجر بل يصبر على السعي في هدايته، كما صبر الأنبياء قديما على أقوامهم يدعونهم إلى الله ومنهم نوح الذي صبر ألف سنة إلا خمسين عاما يواصل دعوة قومه ليلا ونهارا سرا وجهارا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1428(9/1039)
حكم الوقوف للسلام والتقبيل والمعانقة والانحناء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكره الوقوف في السلام والتقبيل ولو كان للوالدين أو لعالم فاضل وتقبيل اليد للوالدين والانحناء في السلام وما الدليل ومتى يجوز التقبيل والمعانقة وغير ذلك، وما الدليل الصحيح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الوقوف للسلام على القادم بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: 8430، ولبيان حكم التقبيل والمعانقة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35766، 72196، 20802 ففيها التفصيل في حكم ذلك كله مع ذكر الأدلة وكلام أهل العلم.
ويجوز تقبيل يد الوالدين، فقد قال صاحب تبيين الحقائق عند قول الزيلعي: تقبيل يد العالم أو يد السلطان العادل سنة، قلت كذلك يجوز تقبيل يد الوالدين. انتهى.
أما الإنحناء في السلام فلا يجوز على كل حال لأنه في معنى الركوع، والركوع لا يجوز إلا لله تعالى، فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أنس بن مالك قال: قال رجل: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له، قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله، قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه، قال: نعم. والحديث حسنه الألباني. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 56916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(9/1040)
القيام للقادم له أربعة أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث كثيراً أن أكون جالسا فى المسجد ويأتي أحد شيوخ المسجد أو أي شخص آخر للسلام على فأقوم وأسلم عليه, إلا أن بعض الإخوة ذكر لي أنه لا ينبغي أن أقوم لأحد وأنا فى المسجد وأننى أسلم عليه وأنا جالس, علما بأنه قد يقف بعض الوقت ليتحدث معي وربما يكون شيخا كبيراً، فهل يصح أن أسلم عليه جالسا وهو واقف يكلمني، وفي الحديث الشريف ليس منا من لم يوقر كبيرنا، فمن أين أتى هؤلاء الإخوة بقولهم هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نجد من فرق في حكم قيام القاعد للقائم بين من كان في المسجد أو غيره، وعليه فالظاهر أنه لا حرج عليك في القيام للأشخاص المذكورين إذا كان ذلك على وجه البر والإكرام والتوقير، قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: نقل العيني في شرح البخاري عن أبي الوليد ابن رشد أن القيام على أربعة أوجه، الأول: محظور وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبراً وتعاظماً على القائمين إليه، والثاني مكروه وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر ولما فيه من التشبه بالجبابرة، والثالث جائز وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبه بالجبابرة، والرابع مندوب وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحاً بقدومه ليسلم عليه أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئة بحصولها أو مصيبة فيعزيه بسببها. انتهى.
قال الحافظ في الفتح: وقد قال الغزالي القيام على سبيل الإعظام مكروه وعلى سبيل الإكرام لا يكره وهذا تفصيل حسن. انتهى.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(9/1041)
السلام على تارك السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أكون قد ارتكبت أثماً حينما لا ألقي تحية الإسلام على أشخاص (مسلمين) لا يعملون بالسنة القولية والفعلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سلام المسلم على من لقيه من المسلمين سنة ولو كانوا غير ملتزمين كما ينبغي، إلا إن كان في هجرهم زجر لهم عن محرم يفعلونه، وترك السنة ليس مبرراً للهجر.
أما رد السلام فهو واجب ولا إثم في عدم ابتداء السلام لأنه ليس واجباً، إلا أن من تعمد عدم السلام كان تاركاً للسنة وهي تحية الإسلام والمسلمين، لذا فلا ينبغي للمسلم أن يترك سنة يؤجر على فعلها ولا يكلفه فعلها كبير عناء. ولتراجع في ذلك الفتوى رقم: 22278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(9/1042)
حكم سلام المرأة على أخي جدها ومصافحتها له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تسلم المرأة على أخي جدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخو الجد من المحارم لأنه عم. وعليه، فلا مانع من السلام على أخي الجد ومصافحته، فأخو الجد داخل فيمن استثناهم الله تعالى في قوله سبحانه وتعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1428(9/1043)
مسألة السلام والرد عليه في المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن مسألة السلام ورد السلام في المنتديات، إن دخلت على موضوع وقد كتب كاتبه السلام في بدايته، فهل أكتفي برد السلام في قلبي أم أكتبه، وهل يجب إن أردت التعقيب على كلام الكاتب أن أرد السلام عليه أم أسلم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله عز وجل: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا {النساء:86} ، وعليه.. فإن الغالب على الظن هو أن الكاتب يقصد بالسلام كل من دخل على هذا الموقع أو من يتحادث معه أو يعقب على كتابته ... وبالتالي فإن عليك أن تردي تحيته بمثلها وهو كتابة الرد، أو بأحسن منه ويدخل فيه الرد باللفظ والكتابة، ولا يكفي الرد بالقلب وحده بل لا بد من اللفظ أو الكتابة، وانظري أدلة ذلك وتفاصيله في الفتوى رقم: 51567، والفتوى رقم: 60533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(9/1044)
مسائل في إلقاء السلام في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي في مسجد قريب من المنزل.
يوجد بعض المصلين ممن يلقون التحية على بعضهم البعض من قول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مع العلم بأنه يلقي السلام عندما يصل إلى المكان الذي سوف يصلي فيه في المسجد.فإذا كان واجب إلقاء التحية في المسجد فيجوز له التحية على كل المصلين من أول المسجد إلى أن يصل إلى موضع صلاته. ومنهم من يقرأ القرآن بصوت مرتفع.
السؤال الأول: ما هو حكم السلام عند دخول المسجد وهل أمرنا الله عز وجل به؟
السؤال الثاني: هل ارتفاع صوت المصلين في المسجد من علامات الساعة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا ووفقنا الله جميعا لما فيه الخير للأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل المسجد ومر بطائفة من الناس فيه قبل أن يصل إلى المكان الذي سيصلي فيه فإنه يستحب له إلقاء السلام عليهم بما لا يزعج المصلين أو يشغلهم، ولا ينبغي أن يقتصر في السلام على من هم حول المكان الذي سيصلي فيه، بل السنة أن يعدده على كل طائفة مر بها ولم تسمع سلامه السابق؛ إلا إذا كان المسجد واسعا كمسجد مكة والمدينة وغيرهما من المساجد الكبيرة وهو مليء بالناس وهم متصلون ببعضهم فإنه يكتفي بالسلام عند الدخول وعند موضع صلاته؛ لما في تكراره من العسر والمشقة والتشويش بفعل ذلك من كل داخل.
وأما إذا كان الناس في مكان في المسجد ودخله ولم يمر بهم عند دخوله فإنه يبدأ بتحية المسجد ثم الذهاب إليهم والسلام عليهم. ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل ... فهذا الحديث يدل على أنه يبدأ بتحية المسجد قبل الصلاة لمن لم يمر بالناس قبل المكان الذي سيصلي فيه، واستدل به بعض أهل العلم على البدء بتحية المسجد مطلقا، ذكر هذا الاستدلال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(9/1045)
المصافحة بكلتا اليدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في المصافحة أن أضع صفح كفي اليمنى في صفح كفه اليمنى وأن أضع صفح كفي اليسري على ظهر كفه اليمنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك، وهذا الباب هو من العادات التي ترجع إلى عرف الناس، والأصل في ذلك هو الإباحة، بل إن في الكيفية المذكورة زيادة إشعار بالحفاوة والتقدير والمحبة.
وهذا ولا شك في مصافحة الرجل لمثله والمرأة لمثلها، أو الرجل لمحارمه، وأما مصافحة الأجنبية فحرام لا يجوز، ومن الأجنبيات زوجة الأخ، وبنت العم وبنت الخال، ولمعرفة من تحل مصافحتها ومن لا تحل راجع الفتوى رقم: 27658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(9/1046)
تحية المسلمين.. وتحية أهل الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد حديث صحيح بمعنى أن رجلا أتى النبي فحياه بتحية أهل الجاهلية بقوله أنعم صباحا فرد عليه النبي أن الله أبدلنا خيرا منها (السلام عليكم) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقدر روى الطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن شهاب الزهري رحمه الله في قصة عمير بن وهب الجمحي لما قدم المدينة يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر، أنه لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنعم صباحا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكرمنا الله عن تحيتك، وجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهي السلام، فقال عمير: إن عهدك بها لحديث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أبدلنا الله خيرا منها، فما أقدمك؟ .....الحديث.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 19566، والفتوى رقم: 58930.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1427(9/1047)
حكم إلقاء السلام في المواضئ المجاورة لمكان الخلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد لدينا دورات مياه بمدخل رئيسي واحد ثم بداخله تقسيمات المراحيض وكل له بابه الخاص، وسؤالي: أحيانا يدخل من يلقي السلام علي وأنا أتوضأ بعد تجاوز الباب الرئيسي، فهل يجوز الرد أم أنني بداخل الخلاء الذي لا يجوز فيه الذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلاء هو المكان المعد لقضاء الحاجة، لأن الإنسان يخلو فيه بحيث لا يراه أحد، فما كان خارج مكان قضاء الحاجة كأماكن الوضوء "المواضئ" لا يعد من الخلاء ولو كانت بجواره، فلا بأس بإلقاء السلام ورده، والتسمية عند أول الوضوء في المواضئ ولو كانت بجوار أماكن الخلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(9/1048)
حكم إلقاء السلام على الحيوانات والجمادات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إلقاء السلام على حيوان جميل حرام مثل قطة على السلم أو كلب في الطريق أو عصفور وهكذا، وكذلك هل إلقاء السلام على جماد يمر عليه الإنسان في طريقه كثيراً لدرجة الإحساس بألفة تجاهه حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإفشاء السلام من شعائر الإسلام الظاهرة وهو من أسباب المحبة بين المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم.
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام. رواه الترمذي.
هذا كله في إفشاء السلام بين المسلمين، وأما إلقاء السلام على الحيوانات مثل القطة والكلب والعصفور، أو إلقاؤه على الجمادات ونحو هذا ... فإنه في الحقيقة أقرب إلى العبث والتلاعب بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعليه؛ فلا نرى إباحته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(9/1049)
عمر بن الخطاب ومصافحة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[عن مصافحة النساء:
هل صحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صافح النساء نيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا سمعته من أستاذي في بعض دروسه. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة النساء من غير المحارم قد اتفق الأئمة الأربعة على تحريمها، إلا أن تكون المرأة عجوزا قد بلغت حدا من الشيخوخة لا يشتهى مثلها. فعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.
وأما ما سمعته من أستاذك من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صافح النساء نيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو خبر لم يثبت، وعلى افتراض ثبوته فله تفسير يخرجه عما زعمه أستاذك.
فقد أورد القرطبي في تفسيره عن أم عطية قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء الأنصار في بيت، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقام على الباب وسلم علينا فرددن أو فرددنا عليه السلام، ثم قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن، قالت: فقلن: مرحبا برسول الله، وبرسول رسول الله، فقال: تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين، قالت: فقلنا: نعم، قالت: فمد يده من خارج الباب أو البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: اللهم اشهد.
فهذا كلام أم عطية ـ رضي الله عنها ـ وليس فيه ما يدل على المصافحة ولا على إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك.
وقد رد الحافظ ابن حجر هذا الأثر مستدلا بحديث عائشة رضي الله عنها لما قالت: لا والله ما مست يده صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط في المبايعة. فقال: وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية. انظر: فتح الباري (8/488) .
والأثر على فرض صحته يمكن أن يجاب عنه بأن مد الأيدي من وراء حجاب فيه إشارة إلى وقوع المبايعة، وإن لم تقع المصافحة.
قال الشيخ الألباني عن هذه الروايات في مصافحة النساء في البيعة: وكلها مراسيل لا تقوم الحجة بها، وتراجع الفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(9/1050)
لمس الأجنبية أشد حرمة من النظر
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أشكرك يا شيخي الفاضل على ردك على الأسئلة بالسرعة القصوى ونحن نعلم كثرة الأسئلة عليكم الآن:
لي صديق في الجامعة رأيته يجلس مع فتاة أجنبية عنه في كافتيريا الجامعة يقول إنها صديقته فعندما انتهيا من جلستهما سلم عليها ومن ثم رفع يدها وقبلها وهي تصغره بسنة فعندما رأيت هذا المنظر صراحة غضبت من صديقي فذهبت لأناقشه بأنه لا يجوز التسليم عليها ويحرم تقبيل يدها فقال بكل سهولة إنه لا يوجد حكم شرعي يمنعني من تقبيل يدها فقلت له إن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما كان يتحدث مع المرأة كان يتحدث معها من وراء حجاب فقال لي بكل بساطة إن المذاهب الأربعة اختلفت في موضوع التسليم على المرأة وأن تقبيل اليد داخل في موضوع التسليم أي أن المذاهب الأربعة اختلفت أيضا في موضوع تقبيل يد فتاة أجنبية عنه وأن صديقي يقول لي إنه يحبها وينوي الزواج بها بعد الانتهاء من الجامعة لكن لم يتكلم مع والديها ولا أحد من والديها يعلم بأن شابا يعدها بالزواج
أما سؤالي الآن يا شيخي الفاضل:
1. هل ما فعله صديقي من التسليم عليها وتقبيل يدها حرام أو مباح؟
2. هل هناك نص شرعي من القرآن الكريم أو السنة النبوية يدل على تحريم ذلك؟ مع أن صديقي يقول إنه ندم أنه قبل يدها من الناحية الأخلاقية وليس من الناحية الدينية وصراحة فوجئت بجواب صديقي لأنني أعلم تصرفات صديقي منذ سنين وهو من النوع الذي لا يقطع أي فرض عليه.
3. هل علي ترك صديقي لأنه يدل من تصرفه هذا أنه من أصدقاء السوء أم علي أن أقوي صداقتي معه حتى أنسيه وأعظه عما فعله وأقوي دينه وأنصحه بالابتعاد عن فعل المنكر مرة أخرى؟
ولك جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله صديقك من مصافحته للأجنبية عنه وتقبيل يدها محرم شرعا؛ لقوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32} وقوله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} ولمس الأجنبية أشد من النظر إليها وهو من قربان الزنى وتعاطي أسبابه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. أخرجه الطبراني ورجاله ثقات، وكذا رواه البيهقي. وقد بينا ذلك مفصلا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2412، 1769، 3320، 1025. وأما ذكره لخلاف أهل العلم في حكم السلام على الأجنبية فهو إلقاء السلام بالقول عليها وليس المصافحة باليد أو التقبيل بالفم، وقد بينا أقوالهم في المسألة في الفتوى رقم: 6158، والواجب عليك أخي الكريم هو نصح صديقك ووعظه وعرض تلك الفتاوى والأدلة عليه دون مناقشته في شبهه التي يثيرها، فإن تاب وندم على تفريطه في جنب الله وتجاسره على ارتكاب ما نهاه عنه فلا ضير في مصادقته، وإلا فننصحك بالابتعاد عنه لئلا يجرفك معه إلى ما هو فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(9/1051)
هل يترك السلام على زوجة أبيه لكونها لا ترد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أنا الآن يا شيخي أبلغ من العمر 21 عاماً، ولقد ابتليت في صغري بزوجة أب قاسية حرمتني من رؤية أمي 15 سنة حتى توفيت ولم أرها إلا في مرض الوفاة، كما كنت في صغري أتقلب بين العذاب النفسي والجسدي لأتفه الأسباب حتى أني لا أنسى يوم أن قذفتني باللواط أمام أبي ومسمع من إخوتي بغير بينة أو أي دليل، والآن بعد أن كبرت فقد خفف الله من أذاها فلم تعد تؤذيني إلا بلسانها وببعض الكلام الذي يوقع العداوة بيني وبين أهلي وأنا والحمد لله لا أحمل أي حقد لها في قلبي، المشكلة تتلخص بأني عندما أدخل البيت فإني أسلم عليها وهي لا ترد السلام، فهل يجوز لي ترك إلقاء السلام في هذه الحالة أم أني أعتبر قاطعا للرحم، كما أني أتجنب الجلوس معها لأني لا أحب ذلك وتجنباً لأذاها، فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يأجرك على صبرك على ما تلقى من أذى زوجة أبيك، وأن يثيبك على عفوك وعدم مقابلتك الإساءة بالإساءة، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} .
أما عن سؤالك هل لك ترك السلام عليها، لعدم ردها السلام، فالجواب: أن السلام حق للمسلم على أخيه، ولا يسقط هذا الحق بعدم ردها السلام، قال في مطالب أولي النهى: (ولا يتركه) -أي السلام- (وإن غلب على ظنه أن المسلم عليه لا يرد) السلام كالجبابرة، لعموم: أفشوا السلام. (والهجر المنهي عنه، وهو) هجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام هو (ترك كلام مع من لقي لا عدمه) ، أي: لا عدم اللقى فهذا (يزول بالسلام) لأنه سبب التحابب، للخبر، فيقطع الهجر، وروي مرفوعاً: السلام يقطع الهجران. انتهى.
وينبغي لك أن تبين لها أن رد السلام واجب، وأنها تأثم إن لم ترد السلام.
وأما تجنبها وعدم الجلوس معها اتقاء لأذاها فلا حرج في ذلك دون هجر، كما قال الله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا {المزمل:10} ، والهجر الجميل قال ابن كثير: هو الذي لا عتاب معه. أي يتركهم ولا يتعرض لهم ولا يشغل باله بالتفكير فيهم كما قال بعض المفسرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(9/1052)
مذهب الأحناف في مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف رأي الإمام أبي حنيفة في مصافحة النساء؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحنفية يرون حرمة مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية؛ إلا إذا كانا شيخين قد ذهبت شهوتهما فيجوز، قال العلامة الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع مبينا حرمة المصافحة: هذا إذا كانا شابين، فإن كانا شيخين كبيرين فلا بأس بالمصافحة لخروج المصافحة منهما من أن تكون مورثة للشهوة لانعدام الشهوة، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصافح العجائز. اهـ.
والحديث المذكور لا أصل له، قال عنه ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية: لم أجده. وقال عنه الزيلعي في نصب الراية: غريب. فيبقى القول بالجواز مبنيا على النظر السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(9/1053)
الاكتفاء بالسلام إذا شقت المصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن المصافحة بين المسلمين مستحبة ومحبوبة لكن أحيانا تكون الشوارع مكتظة فيصعب مصافحة كل الناس الموجودين فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصافحة فضيلة ومرغب فيها شرعا وسبب من أسباب مغفرة الذنوب كما أشار السائل الكريم، فإذا استطاع المسلم تحصيلها بيسر وسهولة فينبغي له فعلها, وإذا كان في ذلك حرج أو مشقة تركها, فإن الحرج مرفوع ودين الله يسر, فيكتفي المسلم حينئذ بإلقاء السلام الذي يسن للمسلم ابتداؤه ويجب عليه رده, كما قال الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا {النساء: 86} ولذلك فإذا كانت المصافحة تصعب عليك فينبغي لك أن تقتصر على إلقاء السلام مع الإشارة أو بدونها. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتويين التاليتين: 72288، 5579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(9/1054)
السلام غير المصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الفتوى 32504 والتي فيها جواز لمس يد الخطيبة للمصافحة مع عدم الخلوة.
فهل بإمكانكم أن تذكروا لنا الدّليل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو من السائل الكريم أن يعيد قراءة الفتوى التي أشار إليها بتفهم وتأنٍ.
فقد وهم فيما ذكر عنا من جواز لمس يد المخطوبة ومصافحتها، وإنما قلنا بجواز السلام إذا أمنت الفتنة والمقصود بالسلام هو قول: السلام عليكم، ولا يقصد بالسلام المصافحة.
ونحن نعيد هنا ونؤكد أنه لا يجوز للخطيب لمس مخطوبته ولا مصافحتها ولا الخلوة بها إلا بعد عقد النكاح.
وقد بينا الأدلة على ذلك بالتفصيل في الفتوى التي أشار إليها السائل الكريم وفي غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(9/1055)
موقف المسلم ممن يسخر من إلقاء السلام والمصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[المصافحة وإفشاء السلام مستحبتان لكن هناك مشاكل وهو أن أغلب الناس لا يحبون أن أصافحهم ويتخذون ذلك سخرية ولا يردون علي السلام، فما العمل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإلقاء السلام سنة كما في الفتوى رقم: 22278 والمصافحة سبب لمغفرة الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا. رواه أبو داود والترمذي.
وعلاج المشكلة التي أشار إليها السائل يكون ببيان فضيلة إلقاء السلام والمصافحة لأولئك الناس المشار إليهم، وأن هذه السنن تزيد في الألفة وتقوى روابط الأخوة بين المؤمنين، وأن رد السلام واجب، ولعل فعلهم ذلك ناتج عن جهلهم فيحتاجون من الأخ السائل وغيره من طلبة العلم والصالحين إلى الصبر والنصح والإرشاد بحكمة.
وإن أصروا بعد تعليمهم على جهلهم وسخريتهم ولم تنفع معهم كل السبل، فقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا {المزمل:10} ، والهجر الجميل قال ابن كثير: هو الذي لا عتاب معه. أي يتركهم ولا يتعرض لهم ولا يشغل باله بالتفكير فيهم كما قال بعض المفسرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(9/1056)
البداءة بالسلام والتحية بغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز حدثنا حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام أن التحية هي تحية الإسلام فهل لا يجوز أن تحيي بتحية غيرها كصباح الخير وتصبح على خير وقول الله تعالى في كتابه الكريم "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا" وما تفسير هذه الآية بالضبط وجزاكم الله خيرا وأعانكم على خدمة المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأولى والأفضل أن يكون السلام هو التحية الأولى, وأن لا يكتفي بغيرها عنها, وقد روى الطبراني وابن السني وأبو نعيم في الحلية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. والحديث مختلف في سنده وحسنه الألباني، ولما قال وهب بن عمير للنبي صلى الله عليه وسلم " أنعم صباحا يا محمد " قال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أبدلنا الله خيرا منها. اهـ رواه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح. فالأولى أن يبدأ الإنسان عند التحية بالسلام, ولا بأس أن يتبعه بعد ذلك بلفظ آخر كقول " صباح الخير " ونحو ذلك، وإن بدأ بغير تحية السلام واكتفى بذلك فنرجو أن لا يأثم كما في الفتوى رقم: 19566، وأما الآية الكريمة من سورة النساء فقد قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرها بلفظ موجز وبليغ: أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم, فالزيادة مندوبة والمماثلة مفروضة. اهـ وبإمكان الأخ السائل الرجوع إلى كتب التفسير لمزيد اطلاع على تفسير هذه الآية الكريمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(9/1057)
استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في تكرار السلام عند الدخول على شخص أو أشخاص عدة مرات أو عند كل دخول أو يكفي مرة واحدة للمرة الأولى فقط.....جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه؛ كما بوب عليه النووي رحمه الله في رياض الصالحين فقال: باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل ثم خرج في الحال، أو حال بينهما شجرة ونحوها، وذكر في ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه:- في حديث المسيء صلاته- أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فرد عليه السلام، فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم حتى فعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه، وذكر فيه حديث: إذا لقي أحدكم أخاه فيلسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(9/1058)
أقوال العلماء في رد السلام على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام أحد من أهل الكتاب أو آخر ملحد بإلقاء السلام وبهذه الكيفية " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " فسيكون الرد عليه بعليكم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني قد سمعت أن أحد الدعاة يقول يمكن أن ترد عليه في هذه الحالة فقط بـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فأرجو التفصيل في ذلك ومدي ببحث مفصل عن هذه الحالة وبارك الله في عملكم وكان الله في عونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن الكافر إذا سلم على المسلم فإنه يرد عليه قائلا: " وعليكم" بدليل ما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم. متفق عليه وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ودل على التفرقة في الرد على المسلم والكافر, قال ابن بطال: قال قوم: رد السلام على أهل الذمة فرض لعموم الآية, وثبت عن ابن عباس أنه قال: من سلم عليك فرد عليه وإن كان مجوسيا, وبه قال الشعبي وقتادة, ومنع من ذلك مالك والجمهور, وقال عطاء: الآية مخصوصة بالمسلمين فلا يرد السلام على الكافر مطلقا, فإن أراد منع الرد بالسلام وإلا فأحاديث الباب ترد عليه. انتهى
ومن أهل العلم من قال: إذا تحقق المسلم أن الكافر قال: السلام عليكم فيرد عليه بقوله وعليك السلام لأن هذا من باب العدل والإحسان، وقد قال تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا {النساء:86} وراجع الفتوى رقم: 49281 والفتوى رقم: 60304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(9/1059)
إلقاء السلام على المصلين عند الدخول إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عذراً فالإجابة لم تكن واضحة بالنسبة لي، وسؤالي هو: هل أقول -السلام عليكم- عند دخولي المسجد متأخراً عن تكبيرة الإحرام والإمام يقرأ القرآن أم لا؛ وهل يرد المصلين علي بالإشارة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع لك في هذه الحالة السلام على المصلين لما يترتب عليه من التشويش عليهم وشغل قلوبهم عن الاستماع لقراءة الإمام، قال الكاساني في بدائع الصنائع: أما السلام فلأنه يشغل قلب المصلي عن صلاته فيصير مانعاً له عن الخير وإنه مذموم. انتهى.
وقد سبق في الفتوى رقم: 16214 بيان مذاهب أهل العلم حول السلام على المصلي، وإذا سلم شخص على المصلي في هذه الحالة فعليه أن يرد السلام بالإشارة وليس بالكلام هذا هو الثابت في السنة، وعليه جمهور أهل العلم كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(9/1060)
من أدب المصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله، هل يجب أن تكون الأصابع بطريقة معينة عند التسليم باليد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم المصافحة وفضلها في الفتوى رقم: 3878، والفتوى رقم: 5579.
وليست هنالك صفة محددة لها، ولكن ينبغي أن تكون اليد مبسوطة غير مقبوضة لأن قبضها قد يؤدي إلى تنافر لأن الآخر يظن بمن فعل ذلك به أنه يزدريه ويستهزئ به، وينبغي كذلك أن يقبض كل طرف على يد الطرف الآخر حتى يظهر له الغبطة والسرور به وهذا مما يزيد في الألفة ويبعث روح المحبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(9/1061)
سلام راكبي السيارات على بعضهم البعض
[السُّؤَالُ]
ـ[س: لو قلت لصديقة إنني لو كنت أدري أنك أنت التي كنت في السيارة لزمرت لك (صوت السيارة يستخدم للتنبيه) وفي الحقيقة أنني أدري بأنها سيارتها ولكني غير متأكدة أنها هي التي تسوق فقد قلت في نفسي قد يكون أخاها فهل عندما قلت لو كنت أدري أنك أنت التي كنت في السيارة لزمرت لك يعتبر كذبا والحقيقة أنني لا أريد أن تعرف؟ وماذا عليَّ أن أفعل في كلا الحالتين (إن كان كذبا أو إن لم يكن) ؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن إلقاء التحية وإفشاء السلام من سنن الإسلام العظيمة التي رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام. الحديث رواه الترمذي، وفي صحيح مسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. وتزمير السيارة والإشارة باليد مع إلقاء التحية يعتبر من إفشاء السلام لما رواه البخاري في الأدب المفرد عن أسماء بنت يزيد قالت: ألوى النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى النساء بالسلام. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: والمعنى أشار بيده مع التسليم فجمع بين اللفظ والإشارة.
ولذلك فإنك لو كنت تعلمين أن صديقتك هي التي في السيارة فأشرت لها بأي وسيلة مع إلقاء السلام عليها فقد أفشيت السلام وفعلت السنة، وما دمت لا تعلمين أنها هي التي في السيارة أو غيرها من أقاربها وقلت لها أن الذي منعك من تحيتها خشية أن يكون أخوها في السيارة فليس في هذا كذب، أما إذا كنت تعلمين أنها موجودة في السيارة وقلت ذلك تبريرا لعدم السلام عليها فهذا كذب وعليك أن تتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ونرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 1126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(9/1062)
حكم بعث السلام وتبليغه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ حول تبليغ السلام بحيث إذا قال لي صديقي سلم على عائلتك أي العائلة الصغيرة هل هنا أبلغ السلام إلى والديّ فقط أو إلى جميع الأفراد وهل أذهب مثلا لأقول لأختي أو أمي صديقي يسلم عليك أو أختي تقول لإخوتها الذكور صديقتي تسلم عليكم أم انتظر حتى تجتمع العائلة وأبلغ السلام أم كيف؟
وهل هو واجب بحيث من لم يفعله متعمدا أو ناسيا يأثم؟.آسف على طرحي أكثر من سؤال.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب أن يرسل الشخص السلام إلى غيره، ويجب على من أرسل معه السلام وتحمله منه أن يبلغه لمن أرسل إليه، وإلا كان آثما إذا تعمد عدم البلاغ، أما إذا نسي فلا شيء عليه.
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: يسن بعث السلام إلى من غاب عنه، وفيه أحاديث صحيحة، ويلزم الرسول تبليغه لأنه أمانة، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} وإذا ناداه من وراء حائط أو نحوه فقال السلام عليك يا فلان، أو كتب كتابا وسلم فيه عليه، أو أرسل رسولا وقال سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسول وجب عليه رد الجواب على الفور، صرح به أصحابنا منهم أبو الحسن الواحدي المفسر في كتابه البسيط، والمتولي والرافعي وغيرهم، ويستحب أن يرد على الرسول معه فيقول: وعليك وعليه السلام ورحمه الله وبركاته، وفيه حديث في سنن أبي داود إسناده ضعيف لكن أحاديث الفضائل يعمل فيها بالضعيف.اهـ
وقال ابن مفلح المقدسي رحمه الله في الآداب الشرعية: ولو سلم الغائب عن العين من وراء جدار أو ستر: السلام عليك يا فلان، أو سلم الغائب عن البلد برسالته أو كتابه وجبت الإجابة عند البلاغ عندنا وعندنا الشافعية لأن تحية الغائب كذلك، ويستحب أن يسلم على الرسول. قيل لأحمد: إن فلانا يقرئك السلام، قال: عليك وعليه السلام، وقال في موضع آخر: وعليك وعليه السلام. وقال: وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: أبي يقرئك السلام قال: عليك وعلى أبيك السلام. وقال الخلال: أخبرني يوسف بن أبي موسى قيل لأبي عبد الله: إن فلانا يقرئك السلام، قال: سلم الله عليك وعليه، وهو معنى ما سبق عندنا ولهذا يجب رد السلام. وقال ابن عبد البر: قال رجل لأبي ذر فلان يقرئك السلام فقال: هدية حسنة ومحمل خفيف. قال الشافعية: ويستحب بعث السلام ويجب على الرسول تبليغه، وهذا ينبغي أن يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الأمانة وإلا فلا يجب، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائش هذا جبريل يقرأ عليك السلام. فقالت: وعليه السلام ورحمة الله. زاد البخاري في رواية: وبركاته. زاد أحمد: جزاه الله خيرا من صاحب ودخيل، فنعم الصاحب ونعم الدخيل. فيه دليل على أنه لا يجب الرد على مبلغ السلام وهو الرسول.. ومعنى يقرأ عليك السلام: يسلم عليك. قال في شرح مسلم: وفيه بعث الأجنبي السلام إلى الأجنبية الصالحة إذا لم يخف ترتب مفسدة.. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل عليه الصلاة والسلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه خديجة معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. متفق عليه.
وعليه، فيلزمك إن كنت تحملت لصديقك تبليغ السلام أن تبلغه لجميع من أرسل لهم صديقك السلام من الأسرة ولا تقتصر على بعضهم ما لم تكن هناك قرينة دالة على قصر سلامه على البعض كالوالدين، فيكفيك حينئذ تبليغ المقصودين من الأسرة فقط، ويمكن أن تبلغهم السلام دفعة واحدة، ويمكن أن تبلغ كل واحد على حدة، ولا مانع من أن توكل بعضهم بتبليغ بعض مع ملاحظة ما مر من أنه يلاحظ في إبلاغ سلام الأجنبي إلى الأجنبية عدم ترتب مفسدة؛ وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(9/1063)
الموقف الشرعي من مصافحة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إن شاء الله يتعلق بمصافحة النساء للرجال أو بالعكس فرغم كل الفتاوى التي جاءت عن طريق الشبكة الإسلامية لم تقنع زوجتي التي تصر على مواصلة المصافحة باليد للأقارب رغم معاتبتي لها فهي تقول إن هناك علماء أجازوا ذلك وهي متدينة لكن من الصعب إقناعها في الأمور الدينية وهذا يؤلمني فبماذا تنصحونها وشكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم المصافحة بين الرجال والنساء وأقوال أهل العلم فيها في الفتوى رقم: 1025، ورقم: 27658 وذكرنا أنه لا خلاف بين أهل العلم في حرمتها؛ سوى مسألة العجوزين اللذين لا يشتهيان فاستثناها بعضهم من ذلك الحكم؛ كما بينا في الفتوى رقم: 31780.
وأما ما تعتمد عليه زوجتك وتحتج به مما ذهب إليه بعض المعاصرين في ذلك.. فينبغي أن تعلم أن من تتبع زلة كل عالم تجمع فيه الشر كله وضل وزاغ لأن المجتهد قد يخطئ. قال المزي في تهذيب الكمال: وقال غسان بن المفضل عن خالد بن الحارث: قال سليمان التميمي: لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله. وعلى فرض أن الأمر مشتبه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في المشتبهات: إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ... إلى آخره. متفق عليه.
وحتى لو فرض كون المصافحة جائزة فإنه يحرم عليها فعلها لنهيك إياها عنها؛ إذ طاعة الزوج واجبة إذا أمر بفعل مباح أو ترك جائز؛ كما بينا في الفتوى رقم: 1780 وننصحها أن تتقي الله عز وجل وتترك هذا الفعل الشنيع فإنها مسؤولة عنه بين يدي الله، وسيختم على لسانها وتشهد جوارحها بما كانت تفعل، كما قال تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {يس: 65} فلتعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا.
نسأل المولى جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقها ويهدي قلبها ويريها الحق حقا ويرزقها اتباعه ويريها الباطل باطلا ويرزقها اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(9/1064)
يستحب بعث السلام، ويجب على الرسول تبليغه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال شخص لآخر: بلغ سلامي إلى فلان ...
وكان بين الشخص الذي يحمل السلام وبين الشخص الذي يجب عليه أن يبلغ السلام إليه خصومه ...
ما الحكم في ذلك؟ وهل صحيح أن السلام يُحمل كأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتبليغ السلام إلى من أرسل إليه واجب عند بعض أهل العلم كالشافعية، وحمل ذلك بعض أهل العلم على ما إذا التزم الرسول بذلك فيجب عليه تبليغه؛ لأنه في هذه الحالة صار أمانة في عنقه. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية وهوحنبلي: قال الشافعية: ويستحب بعث السلام، ويجب على الرسول تبليغه، وهذا ينبغي أن يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الأمانة وإلا فلا يجب، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائش هذا جبريل يقرأ عليك السلام. أخرجه البخاري ومسلم. فقالت: وعليه السلام ورحمة الله. انتهى
ومن أرسل معه السلام إلى شخص فليبلغه له ولو كانت بينهما خصومة سابقة، هذا مع التنبيه إلي أن المسلم لا يجوز هجر أخيه المسلم فوق ثلاث ليال لقوله صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَا مِ متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(9/1065)
حكم ترك السلام على الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وزوجي سيء النية دائما مع الناس لدرجة أنه إذا تقابل مع خطيب أختي في مكان لا يلقي عليه السلام بحجة أنه لا يود أن يقيم معه علاقة، فهل عدم إلقائه السلام حرام، الرجاء الرد مدعم بالأدلة (الحديث - القرآن) حيث كما قلت عظيم الشك، أرجوكم المساعدة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإلقاء السلام من شعائر الإسلام الظاهرة وهو من أسباب المحبة بين المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
والبدء بالسلام سنة، ورده واجب، لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا {النساء:86} ، وقد كان بعض الصحابة كابن عمر وأبي هريرة يخرجون للأسواق لا يريدون إلا السلام على الناس، وللسلام آداب بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم، منها: ما جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير.
والذي ذكرناه من أن البدء بالسلام سنة هو الذي عليه أكثر أهل العلم، وقال البعض بوجوبه، وكنا قد بينا ذلك من قبل، فراجعي فيه فتوانا رقم: 22278.
وعليه فما يفعله زوجك لا يعتبر حراماً عند جمهور أهل العلم، إن كان الذي يمتنع منه هو الابتداء بالسلام فقط، ولكنه يرد على خطيب أختك إذا سلم عليه، وأما إن كان يمتنع عن الرد أيضاً، فإن ذلك حرام بالاتفاق، وهو في كلا الحالتين قد فاته خير كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1426(9/1066)
إلقاء السلام على المرأة الأجنبية بين الجواز وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشاكل تجعلني تعيسة وحزينة وغاضبة معظم وقتي, أعاني من الوسوسة الشيطانية السيئة التي تغلب على مخيلتي, عندما أرى شابا أو رجلا أو أسمع أحدا يمدحني أو عندما أسلم على رجل أو أنتبه لشرح أستاذي أو أرد على التليفون أو أسمع لكلام موسيقي أو يتغازل اثنان أمامي ,أشعر بأنه قد فسد وضوئي وأنه يجب علي الوضوء أو الاغتسال خوفا من وجود مني يفسد ذلك فتسيطر علي الوساوس الشيطانية التي لا تخطر على بالي من قبل فقط في هذه الأوقات تتجمع في مخيلتي وتتردد في صدري مع العلم أنا فتاة ملتزمة أخاف كثيرا من الله أصلي وأصوم وأقوم الليل ,لا استمع للموسيقى إلا إذا كنت بتكسي أو في فرح ولا أسلم على الرجال إلا إذا بادر هو بالسلام فأحرج فأضطر للسلام فأريد معرفة متى يكون ما يخرج مذي ومتى يكون مني. أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يشفيك ويعافيك من مرض الوسواس إنه أكرم مسؤول. وأما علاجه فقد فصلناه في الفتوى رقم: 51601، فراجعيها.
وأما سماعك للموسيقى في التكسي والأفراح فلا يجوز لك ذلك إذا كان بإمكانك تغيير هذا المنكر أو البعد عنه فهي محرمة في الأعراس وفي غيرها.
أما عن حكم إلقاء السلام على المرأة الأجنبية فقد ذهب بعض العلماء إلى جوازه من غير تفريق بين الشابة وغيرها بشرط أمن الفتنة بين الجنسين. قال ابن بطال عن المهلب قال: سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة.
وذهب الجمهور إلى جواز التسليم على العجائز دون الشابات لخوف الفتنة بحق الشابات وانعدامها في العجائز. قال النووي: وأما الأجنبي فإن كانت عجوزا لا تشتهى استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزا تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جوابا.
وهذا في مجرد إلقاء السلام أو رده، وأما المصافحة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه فلا تجوز كما في الفتوى رقم: 1025.
ولمعرفة أوصاف مني المرأة راجعي الفتوى رقم: 27564، وراجعي الفتوى رقم: 28755، لمعرفة صفة المذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(9/1067)
حكم الانحناء عند مصافحة العالم
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن حكم الإنحناء أثناء المصافحة للعالم ما حكمها، وما رأي فقهاء الأمة فيها، وهل يتعلق الفعل بنية المصافِح، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع الانحناء عند مصافحة العالم أو غيره، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رجل يا رسول الله: الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن، وحسنه الألباني.
والواجب على المسلمين أن يقتفوا آثار نبيهم وأن لا يغالوا في الأشخاص فيرفعوهم فوق مكانتهم، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا وإن كان الانحناء في التحية على هيئة الركوع بأن ينحني انحناءً خالصاً قدر بلوغ راحتيه ركبتيه، فإنه محرم، قال ابن علان الشافعي: من البدع المحرمة الانحناء عند اللقاء بهيئة الركوع، أما إذا وصل انحناؤه للمخلوق إلى حد الركوع قاصداً به تعظيم ذلك المخلوق كما يعظم الله سبحانه وتعالى، فلا شك أن صاحبه يرتد عن الإسلام ويكون كافراً بذلك، كما لو سجد لذلك المخلوق. انتهى بواسطة الموسوعة الفقهية الكويتية، وانظر الفتوى رقم: 31872، والفتوى رقم: 1337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(9/1068)
فتاوى سابقة في حرمة مصافحة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام على المرأة الأجنبية باليد؟ أنا أعلم أنه حرام ولا يجوز إلا أنه أحيانا يوضع الشخص في موقف يجبر عليه؟ وخصوصا الذي حدث معي اليوم أول مرة في حياتي وأنا كنت دائما أتنبه على هذه الناحية إلا أنني اليوم وقعت في هذه المشكلة والذي سببها قلة التدبير وقلة الخبرة في التعامل بهذه المواقف.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة المرأة قد بينا في عدة فتاوى حرمتها، وفصلنا القول فيها، فراجع الفتاوى التالية: 1025، 2412، 3045، 23511، وبينا أن ذلك حرام، ولو كان بدعوى الحرج ممن مدت يدها لمصافحته أو أنه كان بنية طيبة أو غيرها من الأسباب، فراجع الفتوى رقم: 12503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(9/1069)
لا يعان الأجنبي على مصافحة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في استدعاء صديق أو قريب إلى المنزل إثم، علما بأنه يصافح النساء والنساء عندنا في البيت يصافحن الرجال أم يبقى ذلك محصورا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استدعاء الرجل الأجنبي إلى المنزل إذا كان يصافح النساء أو يفعل غير ذلك مما حرم الله تعالى فلا يجوز، وفعل ذلك أو إقراره يعتبر من التعاون على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وقد سبقت الإجابة على حكم المصافحة للأجنبي بالتفصيل، نرجو أن تطلع عليها في الفتوى رقم: 9945، والفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(9/1070)
لا مانع من الوقوف للأب وغيره من أهل الفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[تفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: سلام الماشي على القاعد، وإذا كان والدي ماشيا أو أحد كبير ماشيا فهل أقف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير. وفي رواية: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير. قال ابن حجر في فتح الباري: وقد تكلم العلماء على الحكمة فيمن شرع لهم الابتداء، فقال ابن بطال عن المهلب: تسليم الصغير لأجل حق الكبير لأنه أمر بتوقيره والتواضع له. وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم، وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع. وقال ابن العربي: حاصل ما في هذا الحديث أن المفضول بنوع ما يبدأ الفاضل، وقال المازري: أما أمر الراكب فلأن له مزية على الماشي فعوض الماشي بأن يبدأه الراكب بالسلام احتياطا على الراكب من الزهو أن لو حاز الفضيلتين، وأما الماشي فلما يتوقع القاعد منه من الشر ولا سيما إذا كان راكبا، فإذا ابتدأه بالسلام أمن منه ذلك وأنس إليه أو لأن في التصرف في الحاجات امتهانا فصار للقاعد مزية فأمر بالابتداء، أو لأن القاعد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم فسقطت البداءة عنه للمشقة بخلاف المار عليه فلا مشقة عليه.. هذا بالنسبة للحديث وكلام أهل العلم حوله، وفيما يتعلق بالقيام للقادم فقد اختلف أهل العلم في إباحته، قال في تحفة الأحوذي: اعلم أنه قد اختلف أهل العلم في قيام الرجل للرجل عند رؤيتهن فجوزه بعضهم كالنووي وغيره، ومنعه بعضهم كالشيخ أبي عبد الله بن الحاج المالكي وغيره، وقال النووي في "الأذكار" وأما إكرام الداخل بالقيام فالذي نختاره أنه مستحب لمن كان فيه فضلية ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية ونحو ذلك، ويكون هذا القيام للبر والإكرام والاحترام لا للرياء والإعظام.. وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: فصل (في القيام للقادم وأدب السنة ومراعاة العادة فيه) . ويكره القيام لغير سلطان وعالم ووالد ذكره السامري، وقيل سلطان عادل، وزاد في الرعاية الكبرى: ولغير ذي دين وورع وكريم قوم وسن في الإسلام، وقال ابن تميم: لا يستحب القيام إلا للإمام العادل والوالدين وأهل العلم والدين والورع والكرم والنسب. وهو معنى كلامه في المجرد والفصول ... ومن هذا يتبين لك أنه لا مانع من وقوفك لأبيك إذا مر بك أو لأحد كبير غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(9/1071)
يجوز مصافحة بنت بنت الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسلم على بنت بنت أخي بإمساك اليد، هل يجوز لي أن أمسك يدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبنت بنت الأخ من محارم الرجل على التأبيد، وهي داخله في قوله تعالى: وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ {النساء:23} ، فحكمها حكم بنت الأخ في المحرمية، ومن كانت كذلك فيجوز مصافحتها ولمسها ولا مانع من ذلك ما لم يكن له أو لها ميل غير طبيعي للآخر، فيمنع حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(9/1072)
حكم السلام على من يجهل حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام على الكفار لا يجوز، إذا هل يجوز السلام عليه بمسك يده وإذا هو سلم علي ومد يده هل يجوز لي أن أمد يدي، وإذا مررت بجانب أي إنسان لا أعرف هل هو مسلم أو كافر كيف أسلم عليه؟ هل يجوز لأخواتي أن يسلموا على خال أمي بإمساك اليد والتقبيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 6067 والفتوى رقم: 26470 حكم ابتداء الكفار بالسلام، كما بينا في الفتوى رقم: 36289 حكم مصافحة الكافر.
وأما السلام على من يُجهَل حاله، فإن كان في بلاد الإسلام وعلى هيئة المسلمين، فالأصل والغالب أنه مسلم، فينبغي السلام عليه للأمر بإفشاء السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف، ففي البخاري من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف.
وأما إذا كان في بلاد الكفر أو على هيئة الكفار، فيغلب على الظن أنه كافر، فيكون حكم ابتدائه بالسلام، كما بينا في الفتاوى المحال إليها سابقاً، والفتوى رقم: 32758.
وأما سؤالك هل يجوز لأخواتك أن يسلمن على خال أمهن بلمس اليد وتقبيلها؟ فنقول: إنه لا حرج في ذلك ما لم يكن لشهوة، فإن حصلت شهوة ولذة له أو لهن بذلك فإنه لا يجوز، وإن كان الأصل عدم حصولها للنسب والسن، فهو خالهن يجب عليهن توقيره واحترامه، وإذا كان من العادة تقبيل يد الكبير أو المسافر عند عودته من المحارم كالوالدين والإخوة والأخوال والأعمام ونحوه فلا بأس به، قال في تبين الحقائق: ويجوز تقبيل يد الوالدين.
وبينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28906، 7421، 13930 فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(9/1073)
استحباب التيامن في كل شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا شائعة متداولة لدى الجميع, حيث تجد أناسا واقفين وتريد مصافحتهم فيقولون ابدأ على اليمين ولو كان عمر على اليسار، فهل هذه المقولة صحيحة، ومن قالها، وهل المصافحة تبدأ على اليمين، علما بأنني أعلم أن الرجال أحينا يكونون فى صدور المجالس، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لا نعلم شيئاً عن قائل هذه المقولة، ولكن الابتداء باليمين أولى لما في حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يحب التيمن في شأنه كله في نعليه وترجله وطهوره.
وفي الصحيحين أيضاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(9/1074)
حكم كلمة (ألو)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فعلا أن كلمة (ألو) حرام؟؟ .. وإن كانت حراما ما الدليل على ذلك؟؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة (آلو) قد تعارف الناس على الاستفتاح بها عند بداية المكالمات التلفونية. ولم يرد في الشرع ما يدل على النهي عنها أو عن مثلها من الكلمات. وما دام الأمر كذلك فليست حراما، لأن من القواعد المعروفة عند أهل العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم.
ولكن السنة أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام، كما قال النووي في المجموع وابن قدامة في المغني.
قال النووي: والأحاديث الصحيحة المشهورة وعمل الأمة على وفق هذا من المشهورات.
وعدم البداءة بالسلام هي خلاف الأولى، ويشرع للمجيب أن لا يكلم ولا يجيب من لم يبدأه بالسلام، لما في الحديث: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. رواه الطبراني وأبو نعيم وحسنه الألباني.
فهذا الحديث يفيد الترهيب من البداءة بغير السلام، ولكن لا يقال إن عدم البداءة بالسلام محرمة، لأن السلام من أصله غير واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(9/1075)
زيادة كلمة (تعالى) في السلام لا تثبت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ هل يجوز الإتيان بكلمة (تعالى) عند ذكر السلام، كالنحو الآتي: (السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ورود كلمة (تعالى) عند ذكر السلام في شيء من كتب السنة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً ثم قال: اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله.
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى الترمذي وأبو داود وغيرهما أن عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس فقال: ثلاثون. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وفي التشهد يقول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ولم نقف على من روى فيه زيادة كلمة: تعالى، وعليه فلا نرى زيادة هذه الكلمة في السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(9/1076)
لا مانع من الجمع بين إلقاء السلام مع صباح الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قيامي من النوم وذهابي إليه أحيي والدي بتحية الإسلام ولكن غضبت أمي غضباً كبيراً وقالت إن هذا تزمت وتطبيق للدين بغير روح وبغير مودة وتنفيذاً لأوامر الدين بدون أي تفكير أو وعي وكأني إله وأنه لا بد عند الاستيقاظ من أن أقول \\\"صباح الخير\\\" وعند الذهاب للنوم أن أقول \\\"تصبحين على خير\\\" وأن ذلك ليس حراماً بل هو مستحب لما فيه من كلمة الخير ويجب علي طاعتها في ما تأمر به لأن طاعتها من طاعة الله عز وجل وإلا فلن ترد علي السلام وسوف تهجرني ولا تكلمني فاضطررت إلى سماع كلامها فيما تقول وأصبحت أحييها بما تحب فهل في ذلك حرج وهل ما كنت أفعله من إلقاء السلام هو فعلاً تزمت وتطبيق للدين بغير روح ومودة وبدون أن أفكر فيما أفعل؟! أرجو الإفادة وبكل وضوح أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إفشاء السلام هو أفضل ما يخاطب ويبدأ به المسلم أخاه إذا لقيه، وليس في ذلك تزمت ولا عدم فهم للدين.
وأما كلمة تصبحين على خير أو صباح الخير فإنها لا تعوض السلام، ولا ينبغي البدء بها، لما في الحديث: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
فالأولى في هذه الحالة هو الجمع بينها وبين السلام، فحاول أن تخبر الوالدة عن فضائل السلام وتسلم عليها وتقول لها: صباح الخير أو صبحك الله بالخير أو تصحبين على خير، ويجوز لك قبل تفهمها الموضوع ورضاها أن تسلم عليها سرا وتجهر لها بقولك: صباح الخير لتحصل الأجر، وإلا، فالبدء بالسلام سنة وليس بواجب.
والخلاصة أننا نوصيك باسترضاء والدتك والتلطف بها واختيار الكلام الذي يرضيها ما لم يكن إثما.
وراجع في فضل السلام وتأكيد الابتداء به الفتاوى التالية أرقامها وأطلع الوالدة عليها: 22278، 22754، 26757، 42715، 18888، 57662، 51752، 51259.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(9/1077)
ينال أجر رد السلام دون الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[عند إلقاء السلام على الجماعة وقام بالرد شخص واحد فقط هل يأخذ الثواب كل الجماعة أم الفرد الذي قام بالرد فقط أرجو إعطاء الجواب مع الدليل من الكتاب أو السنة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 22278 أن الجماعة إذا سلم عليهم واحد كان الرد عليهم فرض كفاية، فإن رد أحدهم سقط عن الباقين، فإن لم يردوا كلهم أثموا، أما من حيث الأجر فالظاهر أن الذي يرد السلام منهم قد فاز بالأجر لسبقه إلى الرد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(9/1078)
حكم مصافحة ومعانقة المرأة لغير المسلمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الفاضل أنا امرأة متزوجة من رجل أمريكي مسلم لكن أفراد أسرته غير مسلمين، وعند زيارتهم لنا والدته وأخواته مصافحتهم تكون بالمعانقة فهل يجوز لي أن أعانق غير المسلمات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من مصافحة ومعانقة قريبات زوجك غير المسلمات على الراجح من أقوال أهل العلم، وخاصة إذا كان ذلك بعد طول عهد أو بقصد تأليف قلوبهن والتقرب إليهن بنية الدعوة إلى الله تعالى، ولعله في هذه الحالة يكون أفضل وخاصة إذا كان ذلك من العادة او المعمول به في مثل حالتكم، وإن كان الأصل المصافحة فقط.
ولمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 20802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(9/1079)
حول تحية (صباح الخير)
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض المتصوفة عندنا إنّ تحية \"صباح الخير\" ابتدعها اليهود عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فهل هذا صحيح؟ ويقولون؟ إنّ كلمة \"صحّة\" موجودة في جهنم فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قيل من أن تحية (صباح الخير) قد ابتدعها اليهود عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم نقف على ما يدل عليه، وراجع الفتوى رقم: 19566. أما كلمة (صحة) فلم يوضح السائل ما المقصود بها في السؤال، ولم يتضح لنا المراد منها حتى يتسنى لنا الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(9/1080)
كيفية رد السلام على غير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الجواب على غير المسلم إن سلم على المسلم بتحية الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن رد السلام من المسلم على الكافر يكون بلفظ: وعليك، أو وعليكم، وذهبت طائفة إلى جواز الرد عليه بمثل ما يرد به على المسلم، ودليل الجمهور هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم. رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 6067 والفتوى رقم: 37526.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(9/1081)
رد التحية على من قال مرحبا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا تركت عملا فقد أشركت بالله. مثلا إن قال شخص لي مرحبا فقلت له \" أهلا\" ولم أقل له وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فهل هنا أنا أشركت بالله وهل أنا ارتددت ويجب عليّ الغسل لأدخل في الإسلام. أرجوكم أريد الإجابة بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك رد السلام ليس موجبا للكفر بل هو كترك المأمورات الشرعية التي لم يرد نص من الشارع أن مجرد تركها كفر، فالذنوب المترتبة على ترك الأمر الواجب تتفاوت بحسب مراتب الأعمال.
ورد السلام واجب كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22278، وذهب عامة أهل العلم إلى أن الرد على من حيى بغير السلام غير واجب سواء كان بلفظ أو إشارة بالأصبع أو الكف أو الرأس إلا إشارة الأخرس أو الأصم فيجب الرد بالإشارة مع اللفظ ليحصل به الإفهام لأن إشارته قائمة مقام العبارة، وراجع الفتويين: 26757، 44040.
وعليه؛ فمن ترك الرد على من قال مرحبا لا شيء عليه ولا يأثم بذلك، وإن كان الأولى أن يجيبه بكلام شبيه مثلا أهلا، ولا يستحب أن يجيبه بعليكم السلام لأنه لم يحفظ عن أحد من السلف أنه كان يجيب من حيا بغير السلام بعليكم السلام.
وينبغي نصح هذا الشخص إن كان مسلما وأن يبين له هدي الإسلام في السلام فهو أكمل الهدي وأحسنه وأقومه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(9/1082)
السلام على النصارى في الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة وأتصل مع الزبائن بالهاتف وقد يكون الزبون نصرانيا وأشك في ذلك فهل يجوز أن أرد السلام إذا شككت به وإذا تيقنت من أنه نصراني كيف أبدأ مكالمتي معه هل أقول له مرحبا بدل السلام عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 49281، 6067، 26757، 22358.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(9/1083)
السلام بلفظ التحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دائرة حكومية وتتطلب وظيفتي كتابة بعض الرسائل, وقد انتهجت الدائرة أن تصيغ رسائلها مبتدئةً بما يلي: \"تهديكم (الدائرة) أطيب تحياتها و ... هكذا.....\" وقد نمى إلى علمنا أن هناك فتوى سابقة بعدم جواز استخدام كلمات \"تحيات، التحيات\" في مثل هذا الواقع. الرجاء إفادتنا بمدى جواز ذلك وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى للمسلم أن يحيي أخاه بالتحية الشرعية التي تتضمن الاحترام والدعاء والتكريم والأمان.. وهي التي علمها الله تعالى لأبينا آدم عليه السلام وقال له: إنها تحيتك وتحية ذريتك من بعدك؛ كما جاء في الصحيحين وغيرهما. ولفظها: السلام عليكم ـ أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ولا بأس أن يقال: تحياتي أو أهديكم تحياتي أو ما أشبه ذلك مع أن الأفضل التقيد بالألفاظ الشرعية. وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 50263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(9/1084)
حكم مصافحة الأقارب العجائز
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم سؤالا يتعلق بالمصافحة وتم إجابتي بالفتاوى 1025/15995/12503 وحيث إن الموضوع في غاية الأهمية لأنه يوجد لدينا بليبيا عادات وتقاليد تختلف عن البلدان الإسلامية الأخرى وبالإضافة إلى كبار السن فهم ليس لهم أي مستوى تعليمي فتوجد لدي زوجات أعمامي وزوجات أخوالي فإن لم أصافحهن فسوف تسبب مشاكل عائلية وبالإضافة إلى أنهن مثل أمي فهن كبيرات في السن وفي المصافحة لا توجد أي شبهة يمكن للشيطان أن يدخل في أحد الطرفين فهل يجوز المصافحة بالقفاز إن تطلب الأمر أو أن أبتعد عن زيارة أقاربي أي قطع صلة الرحم؟
فأرشدونا جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم الاحتياط لنفسه والسعي في سبيل التورع عن الأمور المشتبه فيها والمختلف فيها، فإن السلامة مما اختلف في جوازه وتحريمه إنما تتم بالبعد عنه.
ومسألة مصافحة العجائز اللاتي لا تخشى بهن الفتنة ورد فيها خلاف بين العلماء فعلاً، ولكن المسلم العاقل يحرص على سلامته من عذاب الله، ويقدم رضى الله على رضى الناس، ويتابع الهدي النبوي ويقدمه على العوائد، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البعد عن مصافحة النساء والوعيد الشديد على مسهن، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام. رواه البخاري ومسلم.
وقد أخرج الإمامان مالك في الموطأ وأحمد في المسند وغيرهما عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام فقلن: يا رسول الله؛ نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة. والحديث صححه الألباني والأرناؤوط.
وثبت عنه في الوعيد على مسهن قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.
وبهذا يتضح أن الأسلم والأرضى لله أن تترك مصافحتهن، وأما المصافحة بالقفاز فقد سئل الإمام أحمد عنها، وأفتى بمنعها. واعلم أن العوائد يجب نبذها عند خلافها للشرع كما قال الناظم:
فالعرف إن صادم أمر الباري *وجب أن ينبذ بالبراري
إذ ليس بالمفيد جري العيد *بخلف أمر المبدئ المعيد
واعلم أن قلوب العباد بيد الله، فإذا قدمت طاعته على هواهم أرضاهم عنك، فقد روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.
فالحاصل أنا ننصحك بترك المصافحة وبالاتصال بأعمامك وأخوالك دون أن تدخل على زوجاتهم، واحرص على تعليمهم العلم الشرعي وتقوية إيمانهم حتى يخضعوا للحق جميعاً، وليكن ذلك بحكمة ورفق، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع: 27658، 15995، 33816، 36155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(9/1085)
حكم تقبيل الرجل زوجة ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يقبل ابنته أو زوجة ابنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن يقبل الرجل ابنته كما تقدم في الفتوى رقم: 4657. وزوجة الابن كذلك لأنها من محارمه، لقوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ...... إلى قوله: وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ {النساء:23} بشرط أمن الفتنة كما تقدم في الفتوى المحال عليها، وبشرط أن لا تكون القبلة على الفم كما في الفتوى رقم: 18773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(9/1086)
تحية أهل الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي التحية المستخدمة قبل الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان أهل الجاهلية يستخدمون عدة ألفاظ في تحيتهم من ذلك: حييت صباحاً وحييت مساءاً، وأنعم صباحاً، وأنعم الله بك عينا، وأسْلمِ، وعش ألف عام، وأبيت اللعن....
وقد أبدلهم الله خيرا منها وهي تحية أبيهم آدم عليه السلام، ففي الصحيحين وغيرهما أن الله تعالى لما خلق آدم قال له: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 19566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(9/1087)
التسليم على النساء والمصافحة والمعانقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشريعة الإسلامية في الزيارة يوم العيد إلى الأقارب والأهل والجيران، وهل يجوز التسليم على النساء، وكيف تكون تهنئتهم بالمصافحة أو بالمعانقة، أو كل هذه الأفعال باطلة شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب والجيران والصالحين من أفضل الطاعات التي ينبغي للمسلم أن يعمل بها ويحافظ عليها وخاصة في الأعياد والمناسبات، فذلك مما يزيد البهجة والسرور في الأعياد التي شرع فيها الفرح، ولكن يجب أن يكون ذلك مضبوطاً بالضوابط الشرعية.
فلا يجوز للمسلم أن يصافح امرأة أجنبية ولو كانت قريبة له من النسب أو الجوار، وهذا في كل الأوقات سواء كان في العيد أو في غيره، فإذا جاء لزيارة الأقارب والجيران فمن السنة أن يصافح الرجال محارمه من النساء، أما الأجنبيات فيكتفي بإلقاء السلام عليهن عند أمن الفتنة ولا يصافحهن كما ذكرنا وراجع الفتوى رقم: 6158، والفتوى رقم: 1025.
ولا مانع من المعانقة بين الرجال والمحارم إذا أمنت الفتنة وخاصة إذا كان الفراق قد طال بينهم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله. رواه الترمذي، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 34604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(9/1088)
التسليم بلا لفظ هل يعتد به
[السُّؤَالُ]
ـ[يتقصد البعض ممن يركبون السيارات التحية بالأبواق والأضواء وبعضهم لديه عذرٌ وبعضهم عذرهم خفيف؛ إذ يستطيع أن يركن السيارة أو يخفف السرعة وينطق بالسلام علماً أن أغلبهم لا يتلفظ بالسلام عند التحية في السيارة، بل يشير بيده فقط
فهل هذا السلام أولى؟ أم الأولى ترك التحية إلى حين التلاقي؟ أو إيقاف السيارة لإسماع السلام؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشارع حث على إفشاء السلام بين المسلمين، كما في حديث مسلم: والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم. وفي حديث الصحيحين ذكر في حق المسلم على المسلم: وإذا لقيته فسلم عليه. والأفضل أن يتصافح المسلمان، لحديث: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأما الإشارة باليد من غير سلام، فإن الأولى تركها أو الإتيان بلفظ السلام مع الإشارة. ففي الحديث: ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف. رواه الترمذي، وصححه الألباني في الصحيح.
وقد ذكر الأنصاري في أسنى المطالب أن التسليم بلا لفظ خلاف الأولى، وأنه لا يجب له رد.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 42715،. 47980، 45617.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(9/1089)
رد السلام على الأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلني سلام من شخص قبل أن يتوفاه الله فهل يوجب عليّ الرد أم يسقط وجوب الرد بموته؟ وهل السلام حق من حقوق العباد أم حق لله أم أنه حق لله والعباد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في رد السلام الوجوب كما نزل له الآية: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا {النساء: 86} .
ويدخل في هذا السلام بالمراسلة، كما سبق موضحاً في الفتوى رقم: 51567.
ولا مانع من دخول الميت في الرد، لأن السلام إنما هو دعاء بالسلام والرحمة، وهذا يحتاجه الأموات كما يحتاجه الأحياء.
ثم إن السلام حق من حقوق الله وحقوق العباد، فقد أمر الله تعالى به، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(9/1090)
القيام للضيف والكبير على سبيل الإكرام مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من منطقة في سوريا نستعمل كلمات، وأفعالا تحببية في السلام والتعامل بحكم العرف والعادة ويعتبر تركها أحيانا كثيرة عيبا كبيرا وقلة ذوق وأدب، ومن تلك العادات السائدة جدا القيام للداخل والكبير والضيف وما شابه، وقد سمعت مؤخرا كراهة هذا الفعل في الإسلام فأفيدونا بما تجدونه حقا؟ وجزاكم الله خيراً.
وما مدى عذري في مراعاة أعرافهم في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من التعامل مع عادات القوم ما لم تخالف الشرع، ويتأكد العمل بالعادة إذا كانت تزيد في الألفة والمحبة والتماسك بين المجتمع، هذا ما لم يكن فيها ما يخالف الشرع، فإذا كان فيها ما يخالف الشرع فإنها مرفوضة ومردودة.
وأما القيام للضيف والكبير ... فقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحبابه إن كان على سبيل الإكرام وهو الراجح، وذهب بعضهم إلى كراهته، ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8430.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(9/1091)
ما يحرم وما يكره وما يباح من التقبيل والمعانقة
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت مؤخراً عن حكم المعانقة والتقبيل بين النساء وأنها مكروهة أو منهي عنها ولكن في بلدنا هذا العمل من العرف وإني لأستحي أن أقول لأمي أو لأقارب زوجي الغير ملتزمين إن هذا العمل غير مشروع فماذا أفعل بارك الله فيكم؟ فاذا كان لا بد من إخبارهم لأنه حرام فسأفعل بإذن الله؟ والله المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم المعانقة والتقبيل إذا اتحد الجنس أي أن يكون بين الرجال فيما بينهم أو بين النساء فيما بينهن مختلف فيه عند أهل العلم، فمنهم من كرهه مطلقاً، ومنهم من رأى سنيته للقادم من سفر، وكراهته فيما سوى ذلك، ومنهم من أباحه مطلقاً، ولم نر من قال بتحريمه.
أما بالنسبة للمرأة مع محارمها من الرجال، فالراجح أنه لا مانع من تقبيل المرأة ومعانقتها لمحارمها، بشروط كنا قد بيناها في الفتوى رقم: 18159.
وأما معانقة المرأة للرجل الأجنبي عنها فحرام بالإجماع، وكذا تقبيلها له أو تقبيله لها على أي وجه كان، وراجعي في تفصيل هذا الموضوع فتوانا رقم: 20802.
وعليك أيتها الأخت الكريمة أن لا تستحي من تبيين الحق لقرابتك وقرابة زوجك، فإن الله لا يستحي من الحق، وقد عرفت الآن ما هو محرم من التقبيل والمعانقة، وما هو مكروه منها أو مباح، فبيني كل ذلك لأهلك ولا تقتصري على المحرم فقط، وإذا اتخذت أسلوباً حكيماً مرناً، فإن الأهل وخاصة الملتزمين منهم سيحبونك لذلك، ويشكرونك بدلاً من أن يعنفوا أو يسخطوا كما تتصورين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(9/1092)
المصافحة سنة عند اللقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المصافحة بعد الصلاة المشروعة في المسجد وخاصة أيام العيد (مرور يوم على العيد) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصافحة بعد الصلوات الخمس لم يدل دليل على مشروعيتها، بل كرهها بعض أهل العلم كالشيخ عز الدين بن عبد السلام، كما في الفتوى رقم: 8063.
والمصافحة يوم العيد إذا كانت بسبب لقاء بين اثنين فهي سنة، قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: الذي دلت عليه صرائح السنة وصرح به النووي وغيره أنه حيث وجد تلاق بين اثنين سن لكل منهما أن يصافح الآخر وحيث لم يوجد ذلك بأن ضمهما نحو مجلس ولم يتفرقا لا تسن، سواء في ذلك المصافحة التي تفعل عقب الصلاة ولو يوم العيد أو الدرس وغيرهما، بل متى وجد منهما تلاق ولو بحيلولة شيء بين اثنين بحيث يقطع أحدهما عن الآخر سنت وإلا لم تسن. نعم التهنئة بالعيد والشهور سنة كما ذكره بعض أئمتنا واستدل له، ولا يلزم من ندبها ندب المصافحة فيها. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(9/1093)
ماحكم تعليق الزهور على العنق تحية للقادمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم تعليق الزهور على العنق تحية للقادمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ذلك من العادات الغالبة في بعض بلاد المسلمين فلا حرج فيه إن شاء الله، على أن لا يكون ذلك بديلا عن السلام الذي هو تحية أهل الإسلام، ولكن إن فعل ذلك تقليدا للكفار فلا يجوز، لأن التشبه بالكفار فيما اختصوا به منهي عنه؛ وكذلك إن كان على جهة التعبد أو الاستغناء به عن السلام، وراجع الفتوى رقم: 45779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(9/1094)
هل يأثم الشخص بإلقائه السلام على من يشك في إسلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إفشاء السلام على الكافر؟ هل يأثم الإنسان عندما يظن (أكثر من 50%) أن الذي أمامه كافر فلا يلقي عليه السلام بل يقول السلام فقط ويقصد به اسم من أسماء الله الحسنى
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم السلام على الكافر في الفتوى رقم: 6067. وذكرنا اختلاف العلماء في الموضوع هناك. ومنه يعلم السائل أنه لا يأثم بإلقائه السلام على من لم يتحقق من كفره وخصوصاً إذا كان في بلد مسلم. إذ الأصل هو الحكم بالإسلام لمن وجد في بلد مسلم لا يعلم كفره ولم يظهر منه ما يناقض الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(9/1095)
مصافحة النساء الأجنبيات بدعوى الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[بحكم عملي اضطر أن أصافح الناس وفي بعض الأحيان النساء فمنهن بمقام أمي وجدتي وفي بعض الأحيان صبايا وعندما أصافح إحدهن فلا أقصد سوى المصافحة وأعتبر كل واحدة مثل أختي فهل ترون ذلك غير مباح وما هو رأي الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مصافحة النساء الأجنبيات لا تجوز، ودعوى الضرورة هنا منتفية، وإذا كانت المرأة شابة أو كبيرة تشتهى فالأمر واضح، وإن كانت عجوزاً لا تشتهى فقد رخص بعض أهل العلم في مصافحتها، والأحوط اجتناب ذلك كله، لعموم الأدلة. وراجع الفتوى رقم: 1025. وننبهك إلى أنه لايجوز العمل في الأماكن التي يختلط فيها الرجال بالنساء اختلاطاً محرماً. وراجع الفتوى رقم: 8677.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(9/1096)
حكم ابتداء الكافر بسلام بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا ابتداء السلام بغير العربية للكافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في ابتداء الكفار بالسلام، لما اختلف في ذلك من الأدلة، روى مسلم وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ... الحديث، قال النووي في شرح مسلم: النهي للتحريم، فالصواب تحريم ابتدائهم.
واحتج القائلون بابتدائهم بالسلام، بقول الله تعالى حكاية عن إبراهيم لأبيه: سلام عليك، وقال تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ {الزخرف:89} ، وقال بعض أهل العلم إن السلام عليهم يجوز لحاجة، وراجع في هذا فتوانا رقم: 17051.
والأحسن أن يقال لهم سلام على من اتبع الهدى، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب في رسائله إلى هرقل وغيره، هذا فيما يتعلق بالسلام على الكافر، وأما أن يكون ذلك بغير العربية فالصحيح من أقوال أهل العلم أن السلام يجوز بغير اللغة العربية لمن يقدر على العربية، وراجع فيه الفتوى رقم: 51602.
وإذا صح السلام بغير العربية على المسلم، فالكافر -عند من يقول بجواز ابتدائه بالسلام- أولى بأن يسلم عليه بغير العربية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(9/1097)
توضيح حول السلام بالمأثور ورده بالعربية
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في الفتوى رقم: 51602، في السطر الثالث:
وأما رد السلام على من سلم باللفظ العربي المأثور فلا يجزئ بغير اللفظ المأثور لمن استطاعه.
إلا أني وجدت تناقضاً بين هذه العبارة وبين باقي الإجابة، فالذي تذهبون إليه أن السلام لا يشترط فيه
اللفظ، بل المعتبر فيه المعنى حسب الضابط الذي أوردتموه، وراجعت الموسوعة فوجدت عند مادة: سلام
(السّلام وردّه بالعجميّة كالسّلام وردّه بالعربيّة) فأرجو توضيح هذه النقطة؟ ولماذا اللفظ المأثور هو أولى من غيره إذا اتفقنا على أن المعنى هو المقصود من السلام وليس اللفظ؟
وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نشكر لك اتصالك بنا وسعيك في تنبيهنا على ما يحتمل وقوعه في فتاوينا من الخطأ، أو التنبيه على ما قد يلتبس فهمه على من لم يتأمل حتى يتضح له الموضوع اتضاحاً بيناً.
واعلم أخي أن من سلم يجب أن يرد عليه بمثل تحيته أو بأحسن منها، لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [سورة النساء: 86] .
وقد بينا في الفتوى السابقة قول ابن حجر في الفتح: واتفقوا على أن من سلم لم يجزئ في جوابه إلا السلام ... الخ.
وهذا في رد السلام على من سلم باللفظ المأثور. وأما ابتداء السلام فهو الذي بينا جوازه بغير اللفظ المأثور، وقد نقلنا كلام أهل العلم فيه، وبهذا يتضح لك أنه لا تعارض، فاقرأ ما كتبناه بتمعن وتدبر.
وأما كون اللفظ المأثور أولى من غيره فسببه أن البداءة بغير السلام خلاف الأولى، وأن اللفظ المأثور فيه امتثال للأمر الشرعي وفيه حصول على الأجر حيث ينال المسلم عشر حسنات أو عشرين أو ثلاثين.
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.
وفي سنن أبي داود والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه السلام ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال عشرون ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال ثلاثون.
ويدل لكون ترك الابتداء بغير السلام خلاف الأولى ما في الحديث: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. رواه الطبراني وأبو نعيم وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(9/1098)
حكم السلام ورده بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أتى المُسلم بالسلام بغير اللفظ العربي ابتدءاً أو رداً؛ فهل يصح سلامه أو يجزئه الرد؟
فقد ذكر النووي في أذكاره: بأن سلامه يصح وإن قدر على النطق باللغة العربية ...
وعلى كل حال ما الضابط لاستبدال اللغة العربية بالأعجمية في العبادات؟ علماً بأن لفظ السلام اسم من اسماء الله الحسنى،، فهل يصح تعبد الله بأسمائه الحسنى بغير اللفظ العربي مع القدرة عليه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ابتداء السلام بغير العربية للقادر على السلام بالعربية جائز على الأصح، ويجزئ فيه الرد بغير العربية ولكنه قد فات على من لم يأت باللفظ المأثور أجر عظيم،
هذا عن السلام، وأما رد السلام على من سلم باللفظ العربي المأثور فلا يجزئ بغير اللفظ المأثور لمن استطاعه.
قال ابن حجر في الفتح: واتفقوا على أن من سلم لم يجزئ في جوابه إلا السلام، ولا يجزئ في جوابه صبحت بالخير أو بالسعادة ونحو ذلك، واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام هل يجب جوابه أم لا.
ولو أتى بالسلام بغير اللفظ العربي هل يستحق الجواب فيه ثلاثة أقوال للعلماء، ثالثها يجب لمن يحسن بالعربية، وقال ابن دقيق: العيد الذي يظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب وليس بمكروه، إلا أن قصد به العدول عن السلام إلى ماهو أظهر في التعظيم من أجل أكابر أهل الدنيا، ويجب الرد على الفور فلو أخر ثم استدرك فرد لم يعد جوابا قاله القاضي حسين وجماعة وكأن محله إذا لم يكن عذر. انتهى المراد من كلام ابن حجر
وقال النووي في المجموع: حكى الرافعي في السلام بالعجمية ثلاثة أوجه أحدها: لا يجزئ والثاني: يجزئ، والثالث: إن قدر على العربية لم يجزئه وإلا فيجزئه والصحيح بل الصواب صحة سلامه بالعجمية ووجوب الرد عليه إذا فهمه المخاطب سواء عرف العربية أم لا، لأنه يسمى تحية وسلاما، وأما من لا يستقيم نطقه فيسلم كيف أمكنه بالاتفاق لأنه ضروروة، وقال الشرواني في حواشي المحتاج:
ولو سلم بالعجمية جاز وإن قدر على العربية حيث فهمها المخاطب ووجب الرد.
وكذا قال الشربيني في مغني المحتاج والإسنوي في التمهيد في تخريج الفروع على الأصول والشيخ زكريا في شرح البهجة.
وفي الموسوعة الفقهية: وفي السلام بالعجمية ثلاثة أوجه: أحدهما: إن قدر على العربية لم يجز، وقال النووي: الصواب صحة سلامه بالعجمية إن كان المخاطب يفهمها.
وأما الضابط في استبدال العربية بالأعجمية فإن المتعبد بلفظه يتوقف فيه على اللفظ المأثور إن قدر عليه، ولهذا فإنه يجب على المكلف تعلم الألفاظ المتعبد بها كالفاتحة وتكبيرة الإحرام والسلام في الصلاة.
ففي الموسوعة الفقهية: والضابط عند الشافعية في مسألة الترجمة هو: أن ماكان المقصود منه لفظه ومعناه، فإن كان لإعجازه امتنع قطعاً، وإن لم يكن كذلك امتنع للقادر، كالأذان وتكبير الإحرام والتشهد والأذكار المندوبة، والأدعية المأثورة في الصلاة، والسلام والخطبة.
وما كان المقصود منه معناه دون لفظه، فجائز، كالبيع والخلع والطلاق ونحوها. والقول الآخر عند الشافعية أن كون الخطبة بالعربية مستحب فقط، قال النووي: لأن المقصود الوعظ وهو حاصل بكل اللغات.
وقال النووي في المجموع: قال المتولي وغيره: يجب على السيد أن يعلم مملوكه التكبير وسائر الأذكار المفروضة وما لا تصح الصلاة إلا به، أو يخليه حتى يتعلم، ويلزم الأب تعليم ولده ويجب على المكلف أن يتعلم التكبير وسائر الأذكار الواجبة بالعربية.
وقال في بيان ما يترجم عنه بالعجمية وما لا يترجم: أما الفاتحة وغيرها من القرآن فلا يجوز ترجمته بالعجمية بلا خلاف، لأنه يذهب الإعجاز، بخلاف التكبير وغيره، فإنه لا اعجاز فيه.
وأما تكبيرة الإحرام والتشهد الأخير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وعلى الآل إذا أو جبناها فيجوز ترجمتها للعاجز عن العربية، ولايجوز للقادر، وأما ما عدا الألفاظ الواجبة فقسمان: دعاء وغيره، أما الدعاء المأثور ففيه ثلاثة أوجه أصحها: تجوز الترجمة للعاجز عن العربية، ولا تجوز للقادر، فإن ترجم بطلت صلاته، والثاني: تجوز لمن يحسن العربية وغيره. والثالث: لا تجوز لواحد منهما لعدم الضرورة إليه، ولايجوز أن يخترع دعوة غير مأثورة ويأتي بها بالعجمية بلا خلاف، وتبطل بها الصلاة بخلاف ما لو اخترع دعوة بالعربية فإنه يجوز عندنا بلا خلاف، وأما سائر الأذكار كالتشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والقنوت والتسبيح في الركوع والسجود، وتكبيرات الانتقالات فإن جوزنا الدعاء بالعجمية فهذه أولى وإلا ففي جوازها للعاجز أوجه أصحها: يجوز والثاني: لا والثالث: يترجم لما يجبر بالسجود دون غيره، وذكر صاحب الحاوي أنه إذا لم يحسن العربية أتى بكل الأذكار بالعجمية، وإن كان يحسنها أتى بها بالعربية فإن خالف وقالها بالفارسية فما كان واجبا كالتشهد والسلام لم يجزه وما كان سنة كالتسبيح والافتتاح أجزأه وقد أساء.
فرع: إذا أراد الكافر الإسلام فإن لم يحسن العربية أتى بالشهادتين بلسانه ويصير مسلما بلا خلاف، وإن كان يحسن العربية فهل يصح إسلامه بغير العربية فيه وجهان مشهوران الصحيح باتفاق الأصحاب صحته.
قال المرداوي في الإنصاف: الحكم فيمن عجز عن التعلم بالعربية في كل ذكر مفروض ـ كالتشهد والأخير والسلام ونحوه ـ كالحكم فيمن عجز عن تكبيرة الإحرام بالعربية، فإنه يأتي به بلغته.
وأما المستحب: فلا يترجم عنه، فإن فعل بطلت صلاته، نص عليه، وقيل: إن لم يحسنه بالعربية أتى به بلغته.
وانطلاقا من الضابط المذكور في الموسوعة يعلم صحة كلام من أجازوا السلام بالعجمية لأن السلام يقصد به التحية كما قال النووي ولأن اللفظ المأثور غير واجب كما نص عليه ابن العربي وابن دقيق العيد وابن قدامة وغيرهم.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
045861، 35811، 11329، 36485، 8086، 31941، 51259
، 26757، وراجع التنبيه في آخر الجواب رقم: 16215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(9/1099)
حكم رد السلام على المسلم في المذياع أو التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد: لدي بعض الأسئلة:
هل يجوز السلام بغير اللفظ العربي، ولست أقصد التحية بغير لفظ السلام، علما بأن الفرد قارد على النطق بالعربية، والتعليل، جزاكم الله خيراً.
الثاني: إذا وصلني كتاب فيه سلام من أحد هل يجب علي رد السلام كتابة، أو لفظاً من غير جواب الكتاب، أم ذلك مستحب، وهل يجب علي رد جواب الرسالة أم لا؟
الثالث: دائماً نسمع في الراديو أو التليفزيون أو في غرف الدردشة في الإنترنت أو في الرسائل الإلكترونية السلام، فهل يتوجب علينا رد هذا السلام أم لا، والتعليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما السلام بغير اللفظ العربي، بأن يسلم المرء على غيره بلغة عجمية فلا مانع منه ولو لقادر على العربية، إذ لم يرد نص يحتم أن يكون السلام باللفظ العربي، وراجع في هذا الفتوى رقم: 45861.
وإذا وصل الشخص كتاب فيه سلام فواجب أن يرد على المسلم فوراً باللفظ إذا قرأ الكتاب، وقد صرح بذلك الشافعية والحنابلة، وانظر كتاب الأذكار للنووي.
والأصل في هذا عموم قول الله عز وجل: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [النساء:86] ، وحديث الشيخين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا جبريل يقرأ عليك السلام، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله.
وأما جواب الرسالة فليس واجباً في الأصل إلا أن يكون ثمت ما يوجبه، كأن تتعلق بالرد عليها مصلحة أو دفع مفسدة ونحو ذلك، ومن سمع لفظ السلام في الراديو أو التلفاز أو أحد المواقع في شبكة الإنترنت فإن كان النقل مباشراً وجاء المسلم بلفظ شامل كالذي يقوله المذيع في التلفاز من نحو: أيهاالمستمعون والمشاهدون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مثلاً، فهذا يجب على كل من سمعه أن يرد عليه السلام، لأنه حينئذ داخل في الذين ألقى عليهم السلام، وإذا علم أن غيره قد رد هذا السلام سقط عنه الوجوب، لأن رد السلام إنما هو فرض على الكفاية.
وأما إن كان النقل غير مباشر كالبرامج المعادة، أو كان السلام موجها إلى معينين كما هو الحال في المسلسلات والقصص الممثلة ونحوها، فإن الرد غير واجب لأن المستمع حينئذ ليس هو المقصود.
ففي فتاوى الرملي: سئل عمن سمع سلام شخص ولم يقصده المسلم هل يجب على السامع في هذه الحالة الرد أو لا؟ فأجاب بأنه لا يجب على سامع السلام المذكور رد جوابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(9/1100)
من أدب الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول كلمة ألو قبل السلام عليكم في التليفون أو بصيغة أخرى أثناء مكالمة هاتفية هل تقديمنا لكلمة \"ألو\" على قول السلام عليكم حرام؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الابتداء بالسلام سنة عند الجمهور مرغب فيها، كما ذكر ابن العربي في التفسير وغيره، والسنة أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام، كما قال النووي في المجموع وابن قدامة في المغني.
قال النووي: والأحاديث الصحيحة المشهورة وعمل الأمة على وفق هذا من المشهورات.
وعدم البداءة بالسلام خلاف الأولى، ويشرع للمجيب أن لا يكلم ولا يجيب من لم يبدأه بالسلام، لما في الحديث: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه. رواه الطبراني وأبو نعيم وحسنه الألباني.
فهذا الحديث يفيد الترهيب من البداءة بغير السلام، ولكن لا يقال أن عدم البداءة بالسلام محرمة، لأن السلام من أصله ليس واجباً، وراجعي في الترغيب في السلام الفتوى رقم: 26757، والفتوى رقم: 22278، والفتوى رقم: 42715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(9/1101)
حكم السلام بلفظ \" تحياتي \"
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حكم قول تحياتي لاسيما أنها منتشرة في كثير من المنتديات ولقد نشر في إحدى المنتديات أنه لا يجوز
وهي فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله لأن التحيات بمعنى العظمة والملك والبقاء وهذه الصفات لاينبغي صرفها إلا لله
ونحن نقول في التشهد التحيات لله
أفيدوني جزاكم الله خيرا هل هذه الفتوى صحيحة
أختكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة "تحيات" جمع تحية، واختلف العلماء في معناها، فقيل: السلام، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: الملك، وقيل غير ذلك.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: التحيات جمع تحية، والتحية هي التعظيم، وقال أيضا: ولا أحد يُحَيّا على الإطلاق إلا الله، وأما إذا حيا إنسان إنسانا على سبيل الخصوص فلا بأس به، فلو قلت مثلا: لك تحياتي أو لك تحياتنا مع التحية فلا بأس بذلك. اهـ. من الشرح الممتع على الزاد.
والأولى أن يتقيد الإنسان في التحية باللفظ الذي جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذه التحية هي التي شرعها الله عز وجل.
روى البخاري في صحيحه ومسلم أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، قال: فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله، فزادوا ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذ راعا في السماء، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن. اهـ.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أبدلنا خيرا من ذلك السلام، تحية أهل الجنة. رواه الطبراني بإسناد فيه ضعف لاضطرابه.
فلا ينبغي للمسلم أن يعدل عن التحية المشروعة "السلام" ويأتي بألفاظ قد يكون فيها محظور شرعي ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(9/1102)
حكم الرد على الكافر بقول وعليكم السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نرد التحية على غير المسلمين إذا قالوا السلام عليكم؟ (سواء كانوا من أهل الكتاب أو من غيرهم)
وهل كان رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على اليهودي ب\"وعليكم\" يعني تعميم ذلك دائماً أو أن ذلك فقط في حالة سوء دعائهم أو تغييرهم التحية كما فعل ذلك اليهودي؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب أحكام أهل الذمة أنه إذا تحقق أن الكافر قال: السام عليكم أو شك فيما قال، فإنه يرد عليه بعليكم فقط.
وأما إذا تحقق أنه قال: السلام عليكم فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال: [وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا] النساء: 86. فندب إلى الفضل وأوجب العدل.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم النووي إلى أنهم لا يزداون على "وعليكم" وحجته عموم الأحاديث الآمرة بالرد عليهم بذلك، مثل حديث الصحيحين: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم.
وقد نقل ابن حجر في الفتح عن بعض الشافعية أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم: "عليكم السلام" كما يرد على المسلم، ولكن لا يذكر فيه الرحمة، واحتج بقوله تعالى: [فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ] (الزخرف: 89) .
ونقل عن ابن عباس وعلقمة أنه يجوز ذلك عند الضرورة، ويدل لرجحان التفصيل الذي ذكره ابن القيم أن بعض روايات الصحيحين قرنت الاقتصار على "عليك" بتحريف اليهود للفظ السلام، وذلك في رواية ابن عمر: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السام عليك، فقل وعليك.
وراجع الفتوى رقم: 6067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(9/1103)
حكم إلقاء السلام على القارئ للقرآن ونحوه
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دخول المسجد قبل إقامة الصلاة والناس داخله مشغولون بالتلاوة أو الذكر أو نحوها فهل يشرع السلام أم الأولى تركه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في إلقاء السلام على القارئ للقرآن ونحوه، قال ابن حجر في فتح الباري: وأما المشتغل بقراءة القرآن، فقال الواحدي: الأولى ترك السلام عليه، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظا استأنف الاستعاذه وقرأ. قال النووي: وفيه نظر، والظاهر أنه يشرع السلام عليه، ويجب عليه الرد. ثم قال: وأما من كان مشتغلا بالدعاء مستغرقا فيه مستجمع القلب، فيحتمل أن يقال هو كالقارئ، والأظهر عندي أنه يكره السلام عليه لأنه يتنكد به ويشق عليه أكثر من مشقة الأكل..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(9/1104)
لا حرج في مصافحة الأصول والفروع وخالة الأم والأب وعمتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المصافحه جائزة للأصول أو الفروع مثلا أن أصافح خالة أمي وأبي أو عمة أمي وأبي؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد، فتباح لك مصافحة أمك أو خالة أبيك فكل منهما بمنزلة خالتك أنت.
كما تباح لك مصافحة عمة أمك أو عمة أبيك لأن كلا منهما بمثابة عمتك، وكذا يباح لك مصافحة أصولك وفروعك من النساء
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(9/1105)
حكم الاتصال الهاتفي بين أبناء وبنات الخالات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لابن خالتي الاتصال هاتفيا على منزلنا للسلام علي أنا ابنة خالته والاطمئنان على حالتي الدراسية علما بأننا في نفس المرحلة الدراسية, وإن ذلك يتم بعلم عائلتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مقاصد الشريعة سد الذرائع التي قد توصل إلى الحرام، والاتصال هاتفيا بين الأجنبيين من دون ضرورة أو حاجة يعد من الوسائل التي قد تجر إلى الحرام، فهو حبالة من حبائل الشيطان التي يصطاد بها الناس، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على منع تكلم الشابة مخشيته الفتنة مع الأجنبي. قال صاحب كشاف القناع: وإن سلم الرجل عليها أي على الشابة لم ترده دفعا للمفسدة.
وقال في تحفة المحتاج: أما مشتهاة ليس معها امرأة أخرى فيحرم عليها رد سلام أجنبي، ومثله ابتداؤه..
وبناء عليه، فإذا لم تدع الحاجة إلى هذا الاتصال الهاتفي بينك وبين ابن خالتك، فلا يجوز أن يظل مستمرا بينكما إلا أن تكونا محرمين، وكونه يريد أن يطمئن على حالتك الدراسية ليس حاجة تدعو إالى مثل هذا، ويمكنه أن يجد أخبارك عند أمك وهي خالته، وعند أبيك..
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(9/1106)
لا أجر لمن لم يحتسب الأجر في إلقاء السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن العبادات لله والتحية (السلام عليكم) وردت في الأحاديث ومن يسلم له أجر ولكن هل يجوز أن نسلم على الناس من أجلهم وليس لأنها عبادة (إذا لم أكن مخطئ في أنها عبادة) ، وليس من أجل الأجر والثواب، حيث معلوم عندي أن العبادات لله وأنا سأسلم عليهم لأني قابلتهم وليس للأجر حيث إني إذا لم أقابلهم لن أسلم ولكن سأسلم عليهم من أجل أني قابلتهم، ولأني أريد أن أحييهم بهذه الجملة وهي جملة (السلام عليكم) ، فهل على شيء إذا أنا فعلت ذلك؟ شاكراً لك الرد على سؤالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إفشاء السلام عبادة رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم أنه قال: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم.
وفي الصحيحين أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
وفي الحديث: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود والترمذي وصححه الأرناؤوط والألباني.
واعلم أن استحضار النية واحتساب الأجر في السلام أمر ضروري لما في الحديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث: لا أجر لمن لا حسبة له. رواه البيهقي وحسنه الألباني، قال المناوي في شرح الحديث: أي لا أجر لمن لم يقصد بعمله امتثال أمره تعالى.
وأما سلام المرء على إخوانه من دون استحضار المثوبة على ذلك فهو جائز، وإنما المحظور أن تعمل ذلك رياء، أو تعتقد أنه عبادة وقربة يتعبد بها ويتقرب بها إلى الناس لأن صرف العبادة لغير الله شرك، وراجع الفتوى رقم: 22278، والفتوى رقم: 42715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(9/1107)
العلة المذكورة في السؤال لا تبيح المصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنوي إن شاء الله أن أحصل على درجة الدكتوراة في الأحياء الدقيقة، قسم الطب، فهل هذا يعتبر من تحصيل العلم الذي حث عليه رسولنا الكريم والذي يدخل الجنة، حيث سأرجع بهذا العلم المفيد إلى بلدي العربي لأفيد أبناء شعبي إن شاء الله، وأيضاً أواجه مشكلة المصافحة باليد، حيث إنني لا أستطيع أن أشرح لكل من يقابلني بأنني لا أصافح حيث إن ذلك يثير المشاكل وحنق الأمريكان لي ويعرقل من نجاح قبولي ودراستي وحياتي الاجتماعية، حيث إنهم يعتبرون عدم مصافحتي للرجال نوعا من قلة الاحترام، ولا أعرف ماذ أفعل وأشعر بتأنيب شديد في داخلي وأبكي أحياناً لشعوري بالذنب، فهل من مخرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلم الطب من فروض الكفايات كما هو مبين في الفتوى رقم: 39630، والفتوى رقم: 15872.
ومن طلب هذا العلم وابتغى به وجه الله بنفع المسلمين فإنه مأجور على ذلك بإذن الله، وأما عن المصافحة فإن ما ذكرته السائلة لا يسوغ لها ذلك، وعليها لزاماً مراجعة الفتوى رقم: 29380، والفتوى رقم: 5658.
ونريد أن ننبه السائلة إلى أمر مهم وهو: أن الدراسة في الجامعات المختلطة تشتمل على محذورات شرعية، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 39630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(9/1108)
حكم السلام على الكافر المتواجد في جمع من المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طالب جامعي ألقيت السلام على زملائي المسلمين وصافحتهم بينما كان يجلس معهم زميل مسيحي فلم أسلم عليه ولم أصافحه فعاتبنى زملائي المسلمين، فهل أنا على صواب أم أخطأت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الأولى أن تسلم على ذلك الطالب تبعاً لزملائه من المسلمين لأن في ذلك تأليفاً لقلبه، والكافر إذا كان مع المسلمين فلا مانع شرعاً من السلام عليه تبعا لهم بل هو السنة، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم على جماعة مختلطة من الأنصار فيهم عبد الله بن أبي رأس المنافقين فسلم عليهم وفيهم المشركون واليهود ...
وقد اختلف أهل العلم في السلام على الكافر ابتداء ورد السلام عليه إن سلم، فذهب بعضهم إلى تحريم ذلك وذهب بعضهم إلى جوازه، ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء، نحيلك إلى الفتوى رقم: 6067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(9/1109)
لا مؤاخذة على الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[عند زيارتي لمكتب السياحة والسفر لشراء تذكرة، كان الشخص المسؤول عن حجز التذاكر فتاة، وفاجأتني عند الانتهاء من حجز التذكرة بأن قامت بشكري ومن ثمّ مدّت يدها لمصافحتي، وأنا من دون تفكير صافحتها ولكن قمت بسحب يدي بسرعة، هل أنا آثم لذلك، لقد حدث كل شيء بسرعة ومن غير تفكير، مع العلم (والله أعلم) أنني مسحور، فهل يمكن أن يكون ذلك أثر على تصرفي، أنا أرجو من الله سبحانه وتعالى أن أكون من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة من غير حساب ولذلك لا أريد أن أرقي نفسي ولا حول ولا قوة إلا بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تعمد مصافحة النساء الأجنبيات من المنكرات التي ظهرت عند بعض المسلمين، وعلى المسلم أن يتجنبها ويحذر منها، فقد روى البيهقي والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له.
وما دمت لم تتعمد هذا الفعل وقمت بسحب يدك منها بسرعة فإنه ليس عليك إثم -إن شاء الله تعالى- لقول الله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، وقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب: 5] ,
وننبه السائل الكريم إلى أنه ينبغي له إن كان يعلم أن به مرضاً أن يتعالج منه ويتداوى بالأشياء المباحة والرقية الشرعية، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدواء واستعمال العلاج والرقية الشرعية لأن ذلك لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ... تدووا عباد الله، فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم.... رواه أحمد وأصحاب السنن، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(9/1110)
حكم السلام على من لا تعرف ديانته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مررت بجانب رجل لا أعرف ديانته فهل أسلم عليه أم لا أفيدونا جزاكم الله خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن أهل العلم اختلفوا أصلا في جواز ابتداء الكافر بالسلام، فقال بعضهم: لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ... الحديث. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.
وهذا نص صريح في ترك ابتدائهم بالسلام. قال في "سبل السلام": وإلى التحريم ذهب جمهور السلف والخلف، وقالت طائفة بجواز ابتدائهم بالسلام، واستدلوا على ذلك بأدلة تحتمل التأويل، مثل قول إبراهيم عليه السلام لأبيه: "سلام عليك" وهذا يحتمل أن يكون المراد بالسلام هنا المسالمة، أي المتاركة، وغير ذلك من الأدلة التي ليست صريحة في بابها، وإلى هذا القول ذهب طائفة من الشافعية، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ولا شك أن القول الأول أحوط وأبرأ للذمة.
وعليه، فإذا مررت برجل مشرك فلا تبدأه بالسلام، وأما إن خفي حاله عليك، ففي المسألة تفصيل:
فإن كان الغالب على أهل البلاد أنهم مسلمون فلك أن تسلم على من خفي عليك حاله منهم، وكذلك إن غلب على ظنك أن هذا الشخص مسلم فيشرع لك أن تسلم عليه، وإن كان أكثر أهل البلد غير مسلمين.
وكذلك إن مررت على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، فإنك تسلم عليهم، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلم عليهم ... الحديث مختصرا.
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان أوصاف الذين لا يلقى عليهم السلام، فنحيل السائل إليها، وهي برقم: 22358، وكذلك الأحوال التي يكره فيها البدء بالسلام تقدمت في الفتوى رقم: 39149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(9/1111)
حكم لمس الرجل المرأة الأجنبية دون قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لمس المرأة الأجنبية من غير قصد مثل أن يضرب كتف الرجل بها أو بكتفها من غير قصد عند تزاحم المرور أو عدم الانتباه ما هو حكمه؟
وما حكم أن تلمس المرأة الأجنبية الرجل ممازحة له مثل أن تضربه على كتفه بيدها ممازحة له دون رضاه فهل يقع على الرجل شيء إذا زجرها بعد لمسها له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فملامسة الرجل للمرأة من المحرمات التي ورد الوعيد الشديد فيها؛ لما روه الطبراني وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. وانظر الفتوى رقم: 35134، وهذا كله في حق العامد.
أما الناسي ومن في حكمه فلا إثم عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه.
ومن هذا يعلم أن لمس المرأة لرجل أجنبي عنها حرام، ولو كان ذلك ممازحة، فإن أنكر عليها هذا المنكر وبذل وسعه لتجنب وقوعه فلا إثم عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(9/1112)
تقبيل الأجنبية أمر منكر
[السُّؤَالُ]
ـ[عم زوجتي رجل محترم ومتدين ولكنه يقوم بتقبيل كل نساء العائلة أثناء الزيارات وقد قام بتقبيل حماتي أمامنا وأنا مستاء من تلك التصرفات؟
أرجو الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمصافحة الرجل الأجنبي للنساء غير المحارم وتقبيلهن منكر، والواجب على من وقع في ذلك التوبة إلى الله عز وجل، وعلى من رآه نصحه وإرشاده وبيان الأدلة الشرعية التي تحرم عليه ذلك، عسى الله أن يهديه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23208، والفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(9/1113)
لا يجوز للفتاة البالغة أن تجلس في حضن خالها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفتاة البالغة العاقلة أن تجلس في حضن خالها وأن تعانقه وذلك بدافع الحب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للفتاة البالغة أن تجلس في حضن خالها، ولو خلا ذلك عن الشهوة، لأنه غاية ما يجوز للخال أن يلمسه من ابنة أخته، المواضع التي يجوز له رؤيتها، عند بعض أهل العلم، والبعض الآخر لا يرخص في مس كل ما يجوز رؤيته، لأن المس أشد، ولمعرفة حدود ما يراه المحرم من محارمه راجع الفتوى رقم: 9417، ولمعرفة تفصيل الحكم الذي ذكرناه راجع الفتاوى التالية أرقامها: 18773 / 34393 / 31915.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(9/1114)
حكم السلام بقول \"سلام من الله عليكم\"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة قول الشخص (سلام من الله عليكم) بدل (السلام عليكم) ، أفادكم الله وجزاكم خيراً على هذا العمل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سئل شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي عمن قال سلام الله عليكم هل يجب بهذا الرد، وإذا قلتم بوجوبه فهل قولهم وصيغة السلام السلام عليكم أو سلام عليكم أو عليكم السلام حصر؟ فأجاب بأنه يحصل بالصيغة المذكورة سنة ابتداء السلام، ويجب الرد فيها، وعبارة الأصحاب المذكورة، وإن أفهمت الحصر فالحكم المذكور في هذه الصيغة مفهوم من عبارتهم بالأولى، بل لو قال سلام عليكم بغير تنوين حصل به سنة ابتداء السلام، ووجب الرد فقد حكى القاضي حسين في تعليقه خلافاً في التحلل من الصلاة بها، وعلل الإجزاء بأن ترك التنوين لا يغير المعنى.
وكلام الرملي -رحمه الله- كاف في بيان جواز قول المسلم لأخيه المسلم: سلام من الله عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(9/1115)
توديع الأهل والأصحاب مطلوب على سبيل الاستحباب لا الإيجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب توديع كل الأحباب والأقارب حين الذهاب إلى الحج أو الاقتصار على الأقرب؟ ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المرء أن يودع أحبابه ولا أقرباءه إذا أراد أو أرادوا الذهاب إلى الحج، وإنما يستحب للمسلم أن يودع أخاه المسلم في أي سفر أراده، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يودع أصحابه، وكان الصحابة رضي الله عنهم يودع بعضهم بعضاً، فقد أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد أن ابن عمر رضي الله عنهما قال لقزعة بن يحي البصري: هلم أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. وفي رواية أبي داود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستودع الجيش، قال: أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم. فهذه الأحاديث تدل على استحباب وداع المسافر ولم نجد من يوجب ذلك، ولا يفرق بين الحج وغيره من الأسفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(9/1116)
مصافحة امرأة الخال والعم لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أسلم على امرأة خالي وامرأة عمي, وبنت عم أمي وأبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تسلم على من ذكرت من هؤلاء النسوة إذا لم يكن هنالك موجب للتحريم غير هذا، وكون عمك أو خالك قد تزوجا لا ينشر ذلك الحرمة بينك وبين زوجتيهما، وكذلك الحال بالنسبة لبنتي عم أبيك وأمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(9/1117)
السلام مشروع باللغة العربية وغيرها من اللغات
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً لكم على هذا العمل الرائع.
يستخدم زملائي الألبان عندما يحيون بعضهم البعض بقول: السلام عليكم، باللغة العربية، وقد نصحتهم بالسلام باللغة الألبانية، وذلك لأسباب عدة: فالمولى عز وجل خلق الناس شعوباً وأمماً، وجعل لهم لغات مختلفة، وجعلنا نحن ألباناً ولدينا أقارب مسيحيون ينتابهم عدم الارتياح عندما يسلم أحدنا باللغة العربية فكأنه لا يعنيهم بسلامه حيث أن هذا السلام خاص بالمسلمين.
فهل يجوز أن نسلم باللغة الألبانية ليكون السلام شاملاً أم أن الإسلام يأمرنا بالسلام باللغة العربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلام مشروع باللغة العربية والألبانية وغيرهما، ولهذا فلا نرى وجهاً لإنكارك على من ألقى السلام بالعربية لكونه لم يرتكب منكراً، وإنما فعل أمراً مشروعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(9/1118)
التخشيم جائز بين المحارم لا الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[س3: ما حكم التخشيم أي السلام بالأنف من عاداتنا نحن أهل الإمارات وقيل لي بأن التخشيم على النساء لا يجوز. أريد أن أعرف هل يجوز أم لا؟ ومن الذين يجوز أن أخشم لهم ومن الذين لا يجوز أن أخشم لهم وما سبب عدم الجواز إذا كان لا يجوز؟ وإذا كانت نيتي هي صلة الأرحام لا أكثر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
3- التخشيم هو نوع من التقبيل، والتقبيل إن كان على الفم فهو مظنة الشهوة فلا يجوز، وإن كان على الأنف كما هو الحال في التخشيم، فإن ظن فيه حصول شهوة لم يجز، وإن أمن ذلك جاز فعله بين المحارم من الجنسين، لا بين الأجانب، وراجع الفتوى رقم: 3222.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(9/1119)
التسليم بالإشارة خلاف الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام بالإشارة دون التلفظ بكلمة السلام عليكم، وخاصة وأنا أقود السيارة فهل في هذا شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسليم بلا لفظ خلاف الأولى، قاله الأنصاري في أسنى المطالب قال: للنهي عنه ولا يجب لها رد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(9/1120)
حكم السلام على مجلس فيه مسلمون وكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعيش في عمارة يسكنها مسلمون وغير مسلمين ولا أعرف من المسلم من غيره ولا أستطيع أن أتبين
المشكلة هل يجوز لي أن أبدأ بالسلام علي جميع السكان أم ماذا أفعل
لأني كما أعلم لا يجوز بدء الكفار بالسلام وفي نفس الوقت إذا امتنعت سأمتنع عن الكل
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه لا يجوز بدء الكفار بالسلام. قال النووي في "المجموع": لا يجوز السلام على الكفار، هذا هو المذهب الصحيح وبه قطع الجمهور، وحكى الماوردي في الحاوي فيه وجهين أحدهما هذا، والثاني يجوز ابتداؤهم بالسلام. اهـ.
وعلى هذا، فمن تبين لك كفره ممن ذكرت، فالحكم فيه ما عليه الجمهور.
وإذا اختلط المسلمون بغير هم فسلم ناويا المسلمين.
قال النووي رحمه الله في "شرح المهذب": لو مر بمجلس فيه كفار ومسلمون أو مسلم واحد استحب أن يسلم عليه ويقصد المسلمين أو المسلم، لحديث أسامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(9/1121)
المرأة كالرجل في صيغة إلقاء السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقول المرأة السلام عليكم ورحمة الله وهي داخلة على جماعة من الناس أم يكون إلقاء السلام للمرأة بصيغة أخرى أرجو الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإلقاء السلام لا فرق فيه من جهة الصيغة بين الرجل والمرأة، ولكن المرأة الشابة تمنع من إلقاء السلام على الرجال الأجانب إذا خشي الافتتان بها، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 20614، والفتوى رقم: 6158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(9/1122)
الألفاظ التي تقال عند رد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أجر المسلم إذا ألقى السلام (السلام عليكم) وأجر من رد عليه بـ (وعليكم السلام ورحمة الله) وفي حالة إذا تمها بـ (وبركاته) . في الحالتين الآتيتين:
-اذا كان الثاني سيبدء بالسلام وإن لم يبدأ الأول.
- إذا كان الثاني لن يلقي السلام أولا.
السؤال الثاني:
ما حكم إلقاء السلام على من تراه أكثر من مرة في الساعة الواحدة أو في اليوم؟
السؤال الثالت:
ما حكم إلقاء السلام عند الدخول الى المسجد؟ وهل يجب الرد إذا كنت في الصلاة (الفرض أو النافلة)
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الأجر المرتب على إلقاء السلام وعلى رده، ففي سنن أبي داود عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس، فقال عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال ثلاثون، وفي رواية: ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال هكذا تكون الفضائل.
وقال الحافظ في فتح الباري: وأخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق عمرو بن شعيب عن سالم مولى ابن عمر، قال كان ابن عمر يزيد إذا رد السلام، فأتيته مرة فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد وزاد: "وطيب صلواته"، ومن طريق زيد بن ثابت أنه كتب إلى معاوية السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته، ونقل ابن دقيق العيد عن أبي الوليد بن رشد أنه يؤخذ من قوله تعالى: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا (النساء: من الآية86) الجواز في الزيادة على البركة إذا انتهى إليها المبتدئ ... وأخرج ابن السني بسنده من حديث أنس قال: كان رجل يمر فيقول: السلام عليك يا رسول الله، فيقول له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، وأخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف أيضاً من حديث زيد ابن أرقم كنا إذا سلم علينا النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على وبركاته. اهـ
وبهذا يتبين كيفية السلام والأجر المترتب عليه، وهو حاصل للمبتدئ والراد عليه، وإن كان الأدب أن يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير، كما ورد في حديث متفق عليه، ففي رواية عن البخاري: يسلم الصغير على الكبير. ولو حصل العكس أجزأ وحصل الأجر ولم يتضح لنا المراد من الحالتين اللتين ذكرتهما، ولعل في ما ذكرناه كفاية.
وأما جواب السؤال الثاني فإنه يسن لمن فارق أخاه ثم لقيه أن يسلم عليه، ولو تكرر ذلك أكثر من مرة في الساعة الواحدة، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً.
وأما إلقاء السلام عند دخول المسجد على القاعدين فيه فلا حرج فيه، كما بيناه في الفتوى رقم: 16214، ويندب للمصلي أن يرد السلام لكن بالإشارة دون اللفظ، كما في الحديث المذكور في الفتوى المحال عليها، فإن رد باللفظ بطلت صلاته، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: إذا سلم إنسان على المصلي لم يستحق جواباً لا في الحال ولا بعد الفرغ منها، لكن يستحب أن يرد عليه في الحال بالإشارة وإلا فيرد عليه بعد الفراغ لفظاً، فإن رد عليه في الصلاة لفظاً بطلت صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(9/1123)
لا ينبغي للرجل تقبيل محارمه في الشفة،
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي عمة في عمري تقريبا، ولكن أحيانا أقوم بتقبيلها من الشفاه؟ والله يعلم مدى حبي وصدق نيتي تجاهها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للرجل تقبيل محارمه في الشفة، لأن فعل هذا مما يثير الشهوة ويدعو للوقوع في الحرام، ومثل التقبيل العض الخفيف، وهذا كله مع أمن الفتنة، أما مع الريبة أو خشية الفتنة فحرام، سواء كان في الشفاه أو غيرها، وقد ذكرنا كلام أهل العلم في هذا الأمر في الفتوى رقم: 18773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(9/1124)
سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أدخل على مجموعة من الرجال فهل يجوز لي السلام بتحية الإسلام أم لا؟ وهل إذا كان المكان يوجد فيه رجال ونساء فهل يجوز لي ذلك علما بأني فتاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تسلم على الرجال والعكس، لكن بشرط أمن الفتنة، لما في البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة: هذا جبريل يقرأ عليك السلام، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله. وقد عقد البخاري بابا لهذا فقال: "باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال" ونقل الحافظ ابن حجر عن المهلب قوله: سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك خاص بالعجائز دون الشابات.
قال النووي: وأما الأجنبي، فإن كانت عجوزا لا تشتهى، استحب له السلام عليها، واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزا تشتهى، لم يسلم عليها الأجنبي، ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جوابا، ويكره رد سلامه، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور. اهـ.
ولا يحرم عند الشافعية أن تسلم المرأة على الرجل بحضرة امرأة أخرى، قال الجمل في "حاشية شرح المنهج": أما مشتهاة ليس معها امرأة أخرى، فيحرم عليها رد سلام أجنبي، ومثله ابتداؤه.
والحاصل أن سلام المرأة على الرجال مشروع في أصله إن أمنت الفتنة، والأولى تركه إن كانت شابة، خروجا من الخلاف، أما إن لم تؤمن الفتنة، فالعلماء متفقون على حرمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(9/1125)
الأهمية البالغة لإفشاء السلام في المجتمع
[السُّؤَالُ]
ـ[مدير كبير في التربية والتعليم عندما يدخل على موظفيه في إحدى المدارس لا يلقي السلام ولا يصافحهم.
بم تنصحونه؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنصيحتنا له أن يتخلق بأخلاق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وأن يبذل السلام لإخوانه المسلمين من الموظفين وغيرهم، وليعلم أن السلام تحية أهل الجنة، كما قال تعالى: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ [يونس:10] .
وإن السلام من طبع الأتقياء، وديدن الأصفياء، روى الترمذي عن أبي أمامة قال: قيل: يا رسول الله: الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ فقال: أولاهما بالله، قال الترمذي: هذا حديث حسن، وأن السلام من أسباب حصول التعارف والألفة وزيادة المودة والمحبة، ومن أسباب دخول الجنات، قال صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم.
والسلام يدل على تواضع المسلم ومحبته لغيره، وينبئ عن نزاهة قلبه من الحسد والحقد والبغض والكبر والاحتقار، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، قال عليه الصلاة والسلام: خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز. رواه مسلم.
وكان الصحابة يحرصون على أن يبدأوا من لقيهم بالسلام، أخرج الطبراني عن الأغر المزني قال: قال لي أبو بكر: لا يسبقك إلى السلام أحد، فكنا إذا طلع الرجل بادرناه بالسلام قبل أن يسلم علينا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يغدو إلى السوق ويقول: إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه. رواه مالك في "الموطأ" والبخاري في "الأدب المفرد".
وكذلك المصافحة مندوب إليها، وهي سبب لغفران الذنوب، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: أحدنا يلقى صديقه أينحني له؟ قال: لا، قال: فيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيصافحه؟ قال: نعم. رواه أحمد والترمذي من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الألباني.
وروى الطبراني عن أنس رضي الله عنه قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا. حسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الأرناؤوط والألباني.
فإذا كان إفشاء السلام والبداءة به والمصافحة بهذه المثابة من الخير والفضل، فجدير به أن يبادر إليه، ولا يحرم نفسه من فضله وثمراته، وليحذر أن يكون الحامل له على ترك السلام والمصافحة الكبر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. رواه مسلم.
وليراجع لزاما الفتوى رقم: 18888، والفتوى رقم: 34530، والفتوى رقم: 10706.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(9/1126)
لا قائل في المذاهب الأربعة بإباحة مصافحة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أقوال علماء المالكية والحنفية في تحريم مصافحة الرجل للأجنيات؟ لأن هناك من يزعم أن هذين المذهبين أجازا ذلك!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم ذكر المذاهب الأربعة ومنهم المالكية والحنفية في مصافحة الرجل للنساء الأجانب، فراجع مثلا الفتاوى التالية: 1025، 41103، 13820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(9/1127)
مذاهب العلماء وأدلتهم في حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[من أكبر المشاكل التي نعانيها في هذا الزمان أئمة مضلون أجازوا ما لم يسبقهم به أحد من العالمين، وكثير من الناس يعمل بفتاويهم ويقول الإختلاف رحمة، ولكي نواجههم لا نرى من عمل إلا نشر أقوال السلف، فنرجوا منكم أن تجمعوا كل ما أمكنكم من أقوال السلف -من كل المذاهب- في تحريم مصافحة النساء، مع تبيان أن هؤلاء حذّر منهم الشرع ويجب عدم الإلتفات لأقوالهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت فتاوى عديدة فيها نقل مذاهب العلماء وأدلتهم في حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عنه، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1025، 15995، 13820، 19518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(9/1128)
أحوال يكره فيها البدء بالسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أنه لا يجوز السلام في 3 حالات:
قارئ القرآن
من يكون في الخلاء
على مجالس العلم، وهذه الحالة الأخيرة لم أجدها.
أفيدوني جزاكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن إفشاء السلام مطلوب شرعا، وصاحبه محبوب طبعا، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ فقال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. رواه مسلم.
وقد استثنى أهل العلم من عموم الأمر بالسلام عدة أحوال يكره فيها البدء بالسلام، على خلاف بينهم في عدِّ هذه الأحوال، منها:
- إلقاء السلام على المشتغل بالأذان والإقامة، وقراءة القرآن، وتعليم العلم، أوالاشتغال بسماعه.
قال السفاريني في "غذاء الألباب": يكره السلام على جماعة، منهم: المتوضئ، ومن في الحمام، ومن يأكل، أو يقاتل، وعلى تالٍ وذاكر، وملب، ومحدِّث وخطيب، وواعظ، وعلى مستمع لهم، ومكرر فقه، ومدرس، وباحث في علم، ومؤذن، ومقيم، ومن على حاجته، ومتمتع بأهله، أو مشتغل بالقضاء، ونحوهم. اهـ.
وقد روى أصحاب السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فلم يرد عليه.
قال في "تحفة الأحوذي" شرح جامع الترمذي: في هذا دلالة على أن المسلم في هذه الحالة لا يستحق جوابا، وهذا متفق عليه بين العلماء، بل قالوا: يكره أن يسلم على المشتغل بقضاء حاجة البول والغائط، فإن سلم كره رد السلام.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 22358.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(9/1129)
من يجوز للرجل مصافحتهن ومن لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[من من النساء تجوز لي مصافحتهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق بيان من يجوز للرجل مصافحتهن ومن لا يجوز له ذلك في الفتوى رقم: 27658.
والمقصود بالمحارم من لا يجوز الزواج بهن على التأبيد، كالأم والأخت ونحوهما، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(9/1130)
حكم التقبيل يوم العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التقبيل يوم العيد، هل هو مشروع أم ماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن الإسلام يدعو إلى توثيق العلائق والروابط بين المسلمين عامة، ومن مظاهر ذلك تهنئة المسلم لأخيه المسلم بمناسبة يوم العيد، كأن يقول له تقبل الله منا ومنك، وذلك لما روى ابن حجر في الفتح بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك.
ولا حرج إن صاحبت ذلك مصافحة أو تقبيل يد ونحوه، سواء في ذلك الرجل مع الرجل أو المرأة مع المرأة، أو بين الرجال والنساء المحارم، مع أمن الفتنة واجتناب الأماكن المثيرة للشهوة كالفم ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(9/1131)
القول المشروع للمسلم إذا أراد أن يودع غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل قول عند الوداع بين اثنين: لا إله إلا الله ثم يرد الآخر بقول: محمد رسول الله جائز، وهل هو من الشرع في شيء وما الدليل إذا كان صحيحا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فم نعثر على هذا الذكر الوارد في السؤال في شيء من دواوين السنة المشهورة، فليس -إذن- من الشرع في شيء، والمشروع للمسلم إذا أراد أن يودع غيره أن يقول، السلام عليكم، لما رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له خير أن يجلس فليجلس، ثم إن قام والقوم جلوس فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة.
كما يشرع للمسافر أن يقول للمقيم عند الوداع: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. رواه أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ويشرع أيضاً للمقيم أن يقول للمسافر عند الوداع: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. رواه أحمد والترمذي وأبو داود من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(9/1132)
حكم مصافحة الجنب
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
فقد ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم من أمثال أبي هريرة وجابر وغيرهم أنهم كانوا يكرهون مجالسة الجنب، بل منهم من كان يتنحى عنه حتى بين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن لا ينجس، وفي رواية لمسلم، والسؤال ما قول الفقهاء في حكم مصافحة الجنب ومن في حكمه؟ بالتفصيل وبيان الراجح، وبالله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الأئمة على أن بدن الجنب طاهر، وعرقه طاهر، والثوب الذي يكون فيه عرقه طاهر، وكل ذلك بلا نزاع بين الأئمة.
وكذلك الحائض والنفساء بدنهما طاهر وعرقهما طاهر، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن للرجل في مباشرة زوجته الحائض، وفي صحيح البخاري وغيره: كان يأمرني -أي النبي صلى الله عليه وسلم - فأتزر فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض. وكان صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجر عائشة وهي حائض، فيقرأ القرآن. متفق عليه.
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ، فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيَّ. والنفساء في ذلك كالحائض باتفاق العلماء.
وإذا عرفت ذلك، فمصافحة الجنب والحائض والنفساء كمصافحة غيرهم، من جاز له أن يصافحهم قبل طروء هذه الأحداث، جاز له أن يصافحهم بعدها بلا فرق.
وراجع الفتوى رقم: 28721، والفتوى رقم: 11837، والفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(9/1133)
تجوز مصافحة كل من يحرم عليك نكاحها أبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[مَنْ مِنْ الرجال تجوز لي مصافحتهم, هل تجوز مصافحة زوج أختي أو زوج عمتي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة تجوز لها مصافحة من يحرم عليها نكاحهم حرمة أبدية، وهم: الابن، والأخ، والعم، والخال، والجد وإن علا. والأخ، وابن الأخ، والعم، والخال، وابن الأخت. وأمثالهم من الرضاعة، والربيب، وزوج الأم إذا دخل بها، وزوج البنت، وأبو الزوج. قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] . وفي الصحيحين: يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.
وليس من هؤلاء زوج الأخت ولا زوج العمة؛ لأنهما لا يحرم عليهما نكاحك حرمة أبدية، وإنما يحرم عليهما الجمع بينك وبين أختك أو عمتك، لقوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء:23] ، ولما في حديث الصحيحين: نهى أن تنكح المرأة على عمتها.
وعليه؛ فهما بمنزلة الأجنبي، لا يجوز الاختلاء به ولا التكشف أمامه. وراجعي الفتويين التاليتين:
21040، 26152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1424(9/1134)
تقبيل المرأة فم المرأة.
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت بالعديد من الأسئلة التي لم أحصل على رد عليها.
هل يجوز للفتاة أن تقبل فتاة أخرى من الفم؟
لقد قرأت كل الفتاوى المتعلقة بهذا الأمر ولكنني لم أحصل على إجابة واضحة لسؤالي. أرجوكم أريد إجابة منكم لا إحالة إلى فتاوى أخرى، أريد أن أعرف ما إذا كان تقبيل فتاة لأخرى من الفم حراما أم لا؟ أم جائز أم لا؟ مكروه أم ماذا؟ لن يكلفكم هذا شيئا علما بأنه بالتأكيد لن يتحول إلى سحاق فيما بعد فقط التقبيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتقبيل المرأة فم المرأة له حالتان، الأولى: أن يكون بغير شهوة فهو مكروه. والثانية: أن يكون بشهوة فهو محرم أدى إلى السحاق أم لم يؤدِّ.
قال في مطالب أولي النهى: وأما تقبيل الرجل فم الرجل، والمرأة فم المرأة، فمكروه مع أمن ثوران الشهوة، وإلا فحرام بلا ريب. اهـ
وفي الفتاوى الهندية: يكره تقبيل المرأة فم امرأة أخرى أو خدها عند اللقاء أو الوداع. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(9/1135)
هل تباح مصافحة المرأة لعموم البلوى
[السُّؤَالُ]
ـ[نسمع بعض المشايخ يفتون بإباحة بعض الأمور غير الجائزة بحجة أنها "قد عمت بها البلوى" فما رأيكم في مثل هذا؟ مثلا القول بأن المصافحة انتشرت وعمت بها البلوى وبالتالي فهي جائزة ...
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي هدانا الله وإياك لطاعته أن المشرع هو الله وحده، والمبلغ عنه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44] . وقال: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7] .
والأحكام إذا تقررت لا يمكن نسخها إلا بوحي من الله تعالى، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي، فلا سبيل إلى النسخ إذن.
وعليه، فإن مصافحة الأجنبية محرمة، وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
روى الطبراني من حديث معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له الحديث صححه السيوطي والألباني وغيرهما، ويعضده مفهوم الآية الكريمة: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ ... [النور: 30-31] .
فإذا كان غض البصر واجباً بين الأجانب، فأحرى بالمصافحة أن تحرم بينهم، وقول بعض الناس إن الشيء إذا عمت به البلوى صار جائزا ويُسْقِط ذلك على مسألة المصافحة، قول ساقط جملة وتفصيلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(9/1136)
رد السلام بـ (عليك ماقلت) تشرع في حال دون حال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول أحد من الناس لصاحبه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيرد صاحبه: وعليك السلام على ماقلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الذي بدأ بالسلام مسلمًا فرد تحيته بهذا القول فيه مخالفة لما أمر به الله عز وجل ولهدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى أمر برد التحية بمثلها أو أحسن منها كما في الآية 86 من سورة النساء: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا.
وقد بينَّ النبي صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والعملية كيف يكون الرد.. وأقله أن يقول: "وعليكم السلام". والزيادة عليه بقول: "على ما قلت" في حق المسلم تعتبر بدعة، لما فيها من الزيادة على المشروع من السنة.
أما إن كان بدأ بالسلام غير مسلم كالكتابي اليهودي أو النصراني فيشرع الرد بهذه العبارة أو الاقتصار بقول: "وعليك"، لما ثبت في الصحيحين والسنن والمسند، -وهذا حديث الترمذي - عن أنس رضي الله عنه أن يهوديًّا أتى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال: السام عليكم. فرد عليه القوم. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما قال هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، سلَّم يا نبي الله. قال: لا. ولكنه قال كذا وكذا، رُدّوه. فردوه. قال: قلت: السام عليكم. قال: نعم. قال: نبي الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: عليك ما قلت. قال: وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ [المجادلة:8] . قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(9/1137)
حكم لمس الأجنبية بشهوة أو بدون شهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ملامسة الرجل للمرأة الأجنبية إذا كان كل ذلك من دون شهوة في التمثيل مثلاً كالحضن والقبلة؟ وهل ينطبق على هذا الرجل كلمة الشاذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ملامسة الرجل للمرأة الأجنبية لا تجوز بحال مع الأحوال، فالله تعالى حرم النظر إلى بدنها وهو أخف في جلب الفتنة من الملامسة. قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور: 30، 31] .
وروى الطبراني عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. والحديث صححه الشيخ الألباني وغيره.
ولم يقيد النظر في الآية ولا اللمس في الحديث بقصد الشهوة. وإذا كان الحامل عليها أدوار التمثيل فإن ذلك يكون أشد تحريمًا، لأن التمثيل من أصله محرم لما يحوي من المفاسد والمناكر. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 19761.
وهذا في مجرد اللمس فما بالك به إذا كان معه الحضن والقبل ونحو ذلك. وأما كلمة الشاذ لا حكم له فلا نرى لها هنا معنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(9/1138)
تحية (يا مرحبا) لا بأس بها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
هل يجوز قول: يا مرحبا أو ياهلا؟ وهل في قولهما بهذه الصيغة شرك؟ وهل يجوز قول بداهة أو بديهي وقع هذا الأمر؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الشخص أن يقول لضيفه أو المتصل عليه بالتليفون أو غيره: يا مرحبًا، أو: يا أهلاً. ونحو ذلك، لأن المقصود بهذا النداء المخاطبة.
والنداء الذي يكون شركًا هو الذي تقصد به الاستغاثة بنداء شخص في ما لا يقدر عليه إلا الله تبارك وتعالى، كقول بعضهم: يا جيلاني. أو: يا بدوي فرج همي. أو ازرقني الولد. ونحو ذلك.
ولا حرج على الشخص في قوله عند وقوع شيء: وقع بداهة أو فجأة أو طبيعي أن يحصل هذا الأمر، ونحو ذلك.
أما إذا قصد أنه وجد بدون خالق ونحو ذلك فباطل، والأمر في هذا راجع إلى قصد المتكلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(9/1139)
هل يجوز تقبيل الرجل وجه صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقبيل الرجال بنفسهم بعضهم بعضا في الوجه؟ وما هي السنة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتقبيل الرجال بعضهم لبعض في الوجه مكروه إلا لقادمٍ من السفر ونحوه، نص على ذلك أهل العلم، قال الإمام النووي في الأذكار: وأما المعانقة وتقبيل الوجه لغير الطفل ولغير القادم من سفر ونحوه فمكروهان، نصَّ على كراهيتهما أبو محمد البغويّ وغيره من أصحابنا، ويدلَّ على الكراهة ما رويناه في كتابي الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله؛ الرجل منَّا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا. قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم. قال الترمذي: حديث حسن.
والدليل على أن تقبيل الرجل وجه صاحبه إذا قدم من سفرٍ ونحوه لا بأس به، ما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانًا يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانًا قبله ولا بعده، فاعتنقه وقبله.
ومحل الكراهة لتقبيل غير القادم من سفرٍ أو الجواز للقادم من السفر ونحوه، إنما هو مع عدم الشهوة، فإذا كان لشهوة فهو حرام مطلقًا، والسنة إذا لقي المسلم أخاه المسلم أن يصافحه، كما دل عليه الحديث المذكور في أول الفتوى، وكما دل عليه أيضًا ما في صحيح البخاري عن قتادة أنه قال لـ أنس رضي الله عنه: أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
وفي الصحيحين من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته، قال: فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(9/1140)
فضيلة المصافحة ومحذوراتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المصافحة في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مصافحة الرجل للرجل ومصافحة المرأة للمرأة ومصافحة الرجل لمحرمه، مما رغَّب فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وأقل حالاته الندب، ففي الحديث: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه. وصححه الأرناؤوط والألباني.
وفي الحديث: أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أحدنا يلقى صديقه أينحني له؟ قال: لا. قال: فيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال: فيصافحه. قال: نعم رواه أحمد والترمذي من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الألباني.
وروى الطبراني عن أنس رضي الله عنه قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا حسنه الألباني.
وأما ما سوى المحارم فلا تجوز مصافحته لما في الحديث: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وقالت عائشة في شأن بيعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: ما مسَّت كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط. رواه مسلم.
وللتفصيل في موضوع مصافحة النساء راجع الفتوى رقم: 1025، والفتوى رقم: 18478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(9/1141)
حكم مصافحة الأجنبية وإلقاء السلام عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز مصافحة زوجة الأخ، وهل يجوز السلام عليها بدون مصافحة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجة الأخ أجنبية وليست من المحارم، وعلى ذلك.. فلا تجوز مصافحتها، لأنه لا تجوز مصافحة النساء غير المحارم مطلقاً، لما رواه النسائي في البيعة وابن ماجه في الجهاد وأحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لا أصافح النساء.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام. رواه البخاري في الطلاق، ومسلم في الإمارة.
ولا فرق بين كونها تصافحه بحائل أو بغير حائل، لعموم الأدلة ولسد الذرائع المفضية إلى الفتنة، وأما السلام بدون مصافحة فجائز إذا أمنت الفتنة وبدون خلوة، فقد عادت أم الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار. رواه البخاري تعليقاً.
وروى البخاري أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما قالت: فدخلت عليهما، قلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ ... الحديث.
ولأن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يسلمن عليه ويستفتينه في ما يشكل عليهن، وهكذا كانت النساء يستفتين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما يشكل عليهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(9/1142)
لا تجوز مصافحة عمة الزوجة وخالتها وأختها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل المصافحة تنقض الوضوء عند مصافحة عمة وخالة وجدة العروس وأخواتها، وهل يجوز لي ذلك أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصافحة لا تنقض الوضوء بمجردها، وقد سبق أن ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 2248، ونضيف هنا أن عمة الزوجة وخالتها وأختها لسن من المحارم، وعليه فلا تجوز مصافحتهن ولا الخلوة معهن لأنهن أجنبيات، وتحريمهن أمر مؤقت ولا أثر له في هذه الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(9/1143)
هل للرد بالإشارة أثناء الصلاة كيفية معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم:
هل هناك من تأصيل شرعي لمسألة رد السلام أثناء الصلاة بتحريك اليد اليمنى في اتجاه نصف دائري ثم إعادتها فوق اليد اليسرى من جديد؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاتفق الفقهاء على عدم رد السلام باللفظ أثناء الصلاة، واخلفوا في الرد بالإشارة.
فذهب الحنفية إلى عدم الرد، فإن رد -أي بالإشارة- كره، ولم تبطل الصلاة.
وذهب المالكية إلى وجوب الرد بالإشارة، وجوازها في الابتداء، وهذا ما نص عليه الدسوقي في حاشيته.
وذهب الشافعية إلى سنية الرد، وظاهر كلام الحنابلة الإباحة، وليس للرد بالإشارة كيفية معينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(9/1144)
من لا يجوز للرجل مصافحتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ماهو حكم الدين فى البغدادي وهو عبارة عن أذكار عن الرسول عليه الصلاة والسلام؟
2- من هن النساء اللائي لا يجوز لي السلام باليد عليهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو أن ترسل لنا نص البغدادي حتى نتعرف على حكمه.
أما النساء اللاتي لا يجوز السلام عليهن باليد فهن من لا تربطك به رابطة محرمية من نسب أو رضاع أو مصاهرة.
فيدخل في المحارم جميع من حرم نكاحه؛ إلا أخت الزوجة وعمتها وخالتها والمتزوجة والزانية على القول بتحريم نكاحها، فيحرم السلام باليد على كل من جاز نكاحها وعلى من حرم نكاحها تحريماً غير مؤبد كأخت وعمة الزوجة والمتزوجة والزانية قبل التوبة.
وقد ذكر الله المحارم في آية النساء في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً* وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمًْ [النساء:23-24]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(9/1145)
لا تجوز مصافحة الأجنبي وإن مد يده مصافحا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن مصافحة الرجال الأجانب حرام ولكني أضطر فى بعض الأحيان إلى أن أسلم عندما يمد أحد يده للسلام علي خاصة إذا كان كبيراً فى السن، فهل يجب علي أن أمتنع عن السلام على جميع الرجال حتى إذا مدوا أيديهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن موضوع المصافحة بين الأجانب سبق حكمه في الفتوى رقم: 2248، والفتوى رقم: 1025، والفتوى رقم: 27658، والفتوى رقم: 3045. وينبغي للمسلم أن يستشعر عظمة الله وكبرياءه، وأن يستحيي من الله ويخافه ويخشاه، ولا يستحيي من الناس ويهابهم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(9/1146)
حكم السلام على المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الإخوة يدخلون المسجد فيجدون المصلين في الصلاة والإمام يقرأ فيسلمون بصوت جهير مما يربك البعض فهل يجوز ذلك؟ وماهي الأوقات التي لا يجوز فيها السلام كعند الأكل مثلا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم السلام على المصلي برقم: 15329.
كما سبق ذكر من لا يلقي عليهم السلام برقم: 22358.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(9/1147)
ضوابط جواز مصافحة العجوز الأجنبية والأجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد تفصيل حكم المصافحة بالنسبة لي..؟؟ علما بأنني أدرس بجامعة مختلطة ... فهل يجوز لي المصافحة بالجوارب..؟؟ وماذا عن الرجال كبار السن ... ؟؟ أفيدوني أفادكم الله ... وجزاكم الله عنا كل خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم مصافحة المرأة للرجل الأجنبي أو العكس في الفتوى رقم:
2412
ونضيف هنا أن من أهل العلم من استثنوا من ذلك التحريم جواز مصافحة العجوز التي لا تُشتهى، ومثلها الشيخ الكبير، لكن بشرط أمن الفتنة في كل من المتصافحين، قال في المبسوط: فإذا كانت العجوز لا تُشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها، إلى أن قال: ولما مرض الزبير رضي الله عنه بمكة استأجر عجوزاً لتمرضه، فكانت تغمز رجليه، وتفلي رأسه، ولأن الحرمة لخوف الفتنة فإذا كانت ممن لا تشتهى فخوف الفتنة معدوم، وكذلك إن كان هو شيخاً يأمن على نفسه وعليها فلا بأس بأن يصافحها، وإن كان لا يأمن عليها أن تشتهي لم يحل له أن يصافحها فيعرضها للفتنة، كما لا يحل له ذلك إذا خاف على نفسه.
وعلى هذا فإذا انعدمت الفتنة بين الطرفين جاز للمرأة مصافحة الرجل الكبير الأجنبي عنها، وإلا فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(9/1148)
يحرم رد السلام على المرأة الشابة إذا خيفت الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
لا أستطيع أن أخفي عنكم حزني لما آلت إليه بلادي (تونس) في هذا الوقت ونحن مقدمون على الصيف.. يكثرعدد البنات اللاتي يلبسن ملابس مغرية إلى حد كبير:"كاسيات عاريات" بل عاريات فقط. ومنهن من هن جيراني, أقربائي, زميلاتي في الجامعة خاصة (9/10 زميلات) ... من أخلاقهن الفاضلة أنهن يلقين السلام فلا أستطيع تلافي النظر إليهن لرد السلام (لكي لا تكون إحتقارا) وقد امتنعت أكثر من مرة عن رد السلام وكأني لم أسمع، وهذا يتناقض مع خلقي كمسلم فما الذي أرجح وكلتاهما معصية: النظر (أينما نظرت تجد عورة وهذا يضرني فعلا في هذا العمر) أم عدم إلقاء السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت النساء اللاتي يلقين عليك السلام شابات وغير محتجبات وتخشى على نفسك الفتنة في رد السلام عليهن، فإنه يحرم عليك رد السلام في هذه الحالة، وليس في عدم الرد أي مخالفة للشرع أو سوء أدب، ولذا فالواجب عليك عدم النظر إليهن، أو إلقاء السلام عليهن ورده، حفاظاً على نفسك من الوقوع في الحرام، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6158 والفتوى رقم: 20614
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(9/1149)
حكم الزيادة في رد السلام على وبركاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رد السلام بقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته؟ وهناك أيضا من يقولون: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ورضوانه؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها، ورده فريضة، لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء:86] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم: أفشو السلام بينكم. رواه مسلم.
وقد نص أهل العلم على فضل الزيادة في رد التحية، عملا بقوله تعالى:
فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا ... الاية
وفي حديث الصحيحين خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله قال فزادوه ورحمة الله قال فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن.
واختلف في مشروعية الزيادة على وبركاته ورجح ابن حجر وتابعه الشوكاني والمباركفوري مشروعيتها
قال الشوكاني في تفسيره: والمراد بقوله: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا} أن يزيد في الجواب على ما قاله المبتدىء بالتحية، فإذا قال المبتدىء: السلام عليكم، قال المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله، وإذا زاد المبتدىء لفظاً زاد المجيب على جملة ما جاء به المبتدىء لفظاً أو ألفاظاً نحو: وبركاته، ومرضاته، وتحياته.
وقال الحافظ في الفتح عند الكلام على حديث الصحيحين السابق مبينا الخلاف في المسألة والراجح: قوله فزادوه ورحمة الله فيه مشروعية الزيادة في الرد على الابتداء وهو مستحب بالاتفاق لوقوع التحية في ذلك في قوله تعالى فحيوا بأحسن منها أو ردوها فلو زاد المبتدئ ورحمة الله استحب أن يزاد وبركاته فلو زاد وبركاته فهل تشرع الزيادة في الرد وكذا لو زاد المبتدئ على وبركاته هل يشرع له ذلك أخرج مالك في الموطأ عن بن عباس قال انتهى السلام إلى البركة وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبد الله بن بأبيه قال جاء رجل إلى بن عمر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته فقال حسبك إلى وبركاته انتهى إلى وبركاته ومن طريق زهرة بن معبد قال قال عمر انتهى السلام إلى وبركاته ورجاله ثقات وجاء عن ابن عمر الجواز فأخرج مالك أيضا في الموطأ عنه أنه زاد في الجواب والغاديات والرائحات وأخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق عمرو بن شعيب عن سالم مولى بن عمر قال كان بن عمر يزيد إذا رد السلام فأتيته مرة فقلت السلام عليكم فقال السلام عليكم ورحمة الله ثم أتيته فزدت وبركاته فرد وزاد وطيب صلواته ومن طريق زيد بن ثابت انه كتب إلى معاوية السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته ونقل ابن دقيق العيد عن أبي الوليد بن رشد أنه يؤخذ من قوله تعالى فحيوا بأحسن منها الجواز في الزيادة على البركة إذا انتهى إليها المبتدئ..........
وأخرج بن السني في كتابه بسند واه من حديث أنس قال كان رجل يمر فيقول السلام عليك يا رسول الله فيقول له وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه وأخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف أيضا من حديث زيد بن أرقم كنا إذا سلم علينا النبي صلى الله عليه وسلم قلنا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوى ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على وبركاته.
وقد روى البخاري في التاريخ حديث البيهقي عن زيد بن أرقم وقد صححه الألباني، وهذا يعضد ما رجحه ابن حجر من مشروعية الزيادة على وبركاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(9/1150)
حكم مصافحة المرأة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
السلام عليكم.
هل السلام على المرأة والبنات باليد (يعني المصافحة) جائز أم لا؟ وهل يبطل الوضوء؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم مصافحة المرأة الأجنبية مفصلاً في الفتوى رقم:
1025، بما يغني عن الإعادة هنا. وكذا سبق بيان أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء ما لم يصاحبه خروج شيء، وذلك في الفتوى رقم: 637، فلتراجع هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(9/1151)
الثبات على المبدأ بالصبر على الابتلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن مصافحة المرأة للرجل الغير محرم عنها ونحن نعيش في الغرب ونتعرض لذلك كثيراً ويكون من الصعب علينا في أحيان كثيرة أن نعتذر حتى أن ذلك يبعدنا ويجنبنا أن نخلتط معهم ويتقربوا منا أي أن تكون المصافحة في حالة الضرورة؟ وجزاكم الله كل خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم مصافحة المرأة الأجنبية في الفتوى رقم:
1025، والفتوى رقم: 2412.
وما ذكرته السائلة لا يعتبر ضرورة تبيح لها هذا المحظور؛ لأن الضرورة المعتبرة شرعاً هي خوف الإنسان على نفسه أو ولده أو ماله المحتاج إليه أو نحو ذلك.
وما تجده السائلة من صعوبة في ذلك لا يخرج عن دائرة الابتلاء الذي يجب مقابلته بالصبر، فإن عاقبة هذا الصبر التمكين والنصر، إذ أن تثبيت المبادئ بالصبر على البلاء أدعى للإقبال على الدين من المداهنة والتنكر للمبادئ، فنصيحتنا للأخت السائلة وغيرها أن تتجنب مخالطة الرجال والأجانب ما أمكن، فإن عرض لقاء بهم فإن عليها التمسك بتكاليف دينها.
ثم إننا ننصح من لم تلجئه الضرورة للإقامة في بلاد الكفر أو كان غرضه القيام بواجب الدعوة بأن يهاجر منها إلى ديار المسلمين حفظاً لدينه وبعداً عن أسباب الفتن، إذ أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا لضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(9/1152)
حكم رد المرأة السلام على الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في جامعة مختلطة ولا أجد سبيلا غيرها.. فعندما يدخل أحد الفتيان ويسلم فهل من الواجب إفشاء السلام أم يمكن رد السلام بالقلب، وإذا سلم الصبي فهل يجوز للمرأة رد السلام أو إفشاءه أم هو مقتصر على الفتيان؟؟
وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دخل أحد الفتيان وسلم فيكفي أن يرد عليه أحد الفتيان، لأن رد السلام واجب على الكفاية، فإذا رد البعض سقط الإثم عن الآخرين، وإذا سلم الصبي جاز للمرأة أن ترد عليه، بل قد يتعين إذا لم يقم غيرها برد السلام.
ولمعرفة حكم إلقاء السلام على المرأة الأجنبية يرجى مراجعة فتوى رقم:
6158.
ولمعرفة حكم الاختلاط وضوابط الكلام بين الرجل والمرأة يرجى مراجعة الفتوى رقم:
4030، الفتوى رقم: 2672.
ونسأل الله لنا ولك الثبات والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(9/1153)
نهي الزوج زوجته عن المصافحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
زوجي يكره المصافحة وأنا أحياناً أحرج عندما يأتي بعض الأقارب ويصافح وخاصة أنني كنت أصافح فقط القريب وأنا أحرج وزوجي يغضب مني جداً ولكني أحياناً لا أعرف كيف أتجنب المصافحة مع العلم أنني لا أصافح الغريب وأن من أصافحهم هم إما من الذين كنت أعتبرهم إخوة لي وكنت أعلمهم وأطعمهم ومنهم مثل أبي أرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم المصافحة في الأجوبة التالية أرقامها:
1025، 15995، 12503.
وبالرجوع إلى تلك الأجوبة يتبين أن المصافحة منها ماهو محرم، ومنها ما ليس محرماً.
لذا فإنا نقول للسائلة: إذا كان من تصافحين من النوع الذي لا يجوز مصافحته لكونه أجنبياً عنك أو تخشي من مصافحة الفتنة فيجب عليك أن تكفي عن مصافحة ولو رضي الزوج بها، أما إذا كان من تصافحين من محارمك ولم تكن هنالك ريبة فالأصل الجواز؛ لكن إذا كان ذلك يغيظ الزوج وينهى عنه فإنه يجب طاعته عليك في غير معصية، وترك مصافحة المحارم أعلى درجاتها الجواز.
والله تعال أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(9/1154)
رد المصلي على السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المأموم رد السلام في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سلم أحد على المصلي سواء كان إمامًا أو مأموماً لم يكن له رد السلام بالكلام، فإن فعل بطلت صلاته، وهو قول أكثر أهل العلم كما ذكر ابن قدامة في المغني. روى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا، فقال: إن في - أو في - الصلاة لشغلاً. هذا فيما إذا كان السلام بالكلام.
أما رد السلام بالإشارة فهو قول الجمهور أيضاً، وقد وردت به السنة، فقد روى أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق. هذا فيما إذا كان المقصود سلام من هو خارج الصلاة.
أما إذا كان المقصود سلام الإمام أو المصلين معه فقد ذهب الشافعية إلى أنه ينوي الرد عليهم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
7821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(9/1155)
من تحل مصافحتها ومن لا تحل
[السُّؤَالُ]
ـ[رأي الدين في المصافحة، وهل كان السلف من الخلفاء الراشدين لا يصافحون مثل الرسول، وكيف نرد على من يقول لنا لماذا لا تصافحون وما هي الأدلة والبراهين على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنساء في المصافحة ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الزوجة وذوات المحارم، ولا خلاف في جواز مصافحتهن، إلا إذا خيفت الفتنة بذات المحرم.
القسم الثاني: المرأة العجوز التي لا تشتهي ولا تُشتَهى، فهذه يجوز مصافحتها لأمن الفتنة بها غالباً، ومنع من ذلك الشافعية ومالك. وترك مصافحتها أفضل.
القسم الثالث: المرأة الأجنبية الشابة، وهذه تحرم مصافحتها اتفاقاً، ومن الأدلة على تحريم مصافحتها قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسَّ امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: (رجاله ثقات)
وهذا خطاب عام للأمة، ولا شك أن المصافحة داخلة في المس، وإن كان النظر محرماً فاللمس والمصافحة من باب أولى، لأنها أجلب للشهوة من مجرد النظر، كما ذكر ذلك النووي رحمه الله، وانظر الفتوى رقم:
1025.
وأما كون ذلك خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فليس بصحيح بدلالة الحديث السابق وغيره، وبدلالة أن الأصل في فعله هو التأسي؛ إلا ما دل دليل على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم.
وأما الأثر الذي يشير إلى مصافحة عمر للنساء نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يصح كما قال الحافظ ابن حجر، وكذلك ما ورد من الآثار في مصافحة الصحابة للنساء جزم الألباني رحمه الله بأنها مراسيل لا تقوم بها حجة، كما في السلسلة الصحيحة (1/65) .
ومعلوم أن الصحابة كانوا يبادرون إلى امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(9/1156)
الأدلة على حرمة مصافحة الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في المصافحة وما هي الأدلة وماذا يمكننا أن نقول للشخص الذي يسألنا لماذا لا تصافح وهل كان الخلفاء الراشدون لا يصافحون؟ رجاءاً تعجيل الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفقت المذاهب المتبوعة على حرمة مصافحة النساء غير المحارم، وعلى ذلك دلت الأحاديث، ومن ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لا أصافح النساء. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وقول عائشة رضي الله عنها: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام. رواه البخاري ومسلم.
هذا هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثله خلفاؤه الراشدون، وذوو العلم والفضل من سلف هذه الأمة.
أما من يسأل لماذا لا تصافح؟ فيجاب بأن تحريم المصافحة من حدود الله، وقد قال تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون [البقرة:229]
وانظر الفتاوى التالية:
1025 22788 13279
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(9/1157)
إفشاء السلام فضيلة، وحكم قول أهلا ومرحبا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم السلام على المار في الطريق وهل يجوز قول أهلا أو مرحبا للمار؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إفشاء السلام من شعائر الإسلام الظاهرة وهو من أسباب المحبة بين المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
والبدء بالسلام سنة، ورده واجب، لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً [النساء:86] .
وقد كان بعض الصحابة كابن عمر وأبي هريرة يخرجون للأسواق لا يريدون إلا السلام على الناس. وللسلام آداب بينها النبي صلى الله عليه وسلم، منها: ما جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير.
وأما قول "أهلاً ومرحباً" للمار، فإذا كان بعد التحية بالسلام عليكم أو ردها وعليكم السلام فلا بأس، ولكن لا ينبغي الاقتصار عليه، لأن تحية الإسلام هي السلام، لا غيره من الألفاظ، ولا يكفي قول: أهلاً ومرحباً في رد السلام، ورده واجب كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(9/1158)
السنة أن يكون البادئ بالسلام الشخص المتصل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمستقبل أي مكالمة هاتفية أن يبدأ مكالمته للمتصل بقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يكون البادئ بالسلام الشخص المتصل لأنه في حكم الطارق، وعلى المتصل عليه إجابته برد التحية، ولكن إذا لم يحصل سلام من الطرف الأول، فالأحسن للطرف الآخر المتصَل عليه أن يسلم حتى لا تضيع هذه التحية بين المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(9/1159)
القيام للناس يأتي على أربعة أوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ... السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز الوقوف أمام القائد العسكري باستعداد أي من دون حركة عند دخوله لميدان العرض العسكري مع الموسيقى المصاحبة لدخوله وخروجه علماً أن غيابي يؤدي إلى تحقيق وخصم ثم إذا تكرر يؤدي إلى الحبس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخرج الترمذي في سننه قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه، فقال: اجلسا! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سره أن يتمثل له الرجال قياماً، فليتبوأ مقعده من النار"
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي عن أبي الوليد بن رشد: القيام على أربعة أوجه:
الأول: محظور، وهو: أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبراً وتعاظماً على القائمين إليه.
الثاني: مكروه، وهو: أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة.
الثالث: جائز، وهو: أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمَن معه التشبه بالجبابرة.
الرابع: مندوب، وهو: أن يقوم لمن قدِم من سفر فرحاً بقدومه ليُسلم عليه، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها.
وبالتأمل في هذا الحديث والتفصيل الذي ذكره ابن رشد نجد أنه لا يجوز القيام والوقوف أمام القائد دون حركة تعظيماً له عند دخوله أو خروجه.
وهذا النوع من القيام ينطبق عليه الحديث، والقسم الأول من أقسام القيام الأربعة المذكورة.
والحقيقة أن هذا النوع من المراسيم كغيره من مراسيم الجبابرة دخيلة على العرب والمسلمين، وكانت موجودة عند الأعاجم في الجاهلية، فكانوا يسجدون ويركعون وينحنون، ويقومون على عظمائهم وقادتهم، وهي من موروثات الاستعمار التي خلفها في بلاد المسلمين، فلم يكن ذلك يفعل في العهد النبوي، أو الراشدي، أو من بعدهم.
وهذا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ففي سنن ابن ماجه قال: لما قدم معاذ رضي الله عنه من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما هذا؟ " قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم (يعني عظماءهم) ، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
وأما ما يخص الموسيقى، فإنها لا تجوز، ولا يجوز للمسلم سماعها، فقد أخرج البخاري وغيره عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر، والحِرَ، والحرير، والمعازف".
وإذا كان التغيب عن هذه المنكرات يسبب لك ضرراً لا تستطيع تفاديه، فعليك بالبحث عن عمل غير هذا العمل الذي يفرض عليك ممارسة المنكر ومشاهدته، وسييسر الله تعالى، ويهيئ لك من وسائل الكسب الحلال ما تستغني به عن هذا النوع من العمل.
قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1423(9/1160)
تقبيل الصغير ... بين الإباحة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقبيل الفتاة الصغيرة بشهوة؟ وإذا حصل فما هو حد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرجل لا يجوز له أن يقبل أحداً بشهوة، بل ولا يمس ولا ينظر إلى أحد بشهوة إلا امرأته، أو جاريته التي هي ملك يمينه، فهما اللتان يباح له أن يطلق لشهوته العنان معهما بضوابط معروفة.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون:5-7] .
ومن هنا يعلم أنه لا يجوز تقبيل الفتاة الصغيرة ولا الكبيرة بشهوة، -ولو كانت من محارمه، ولو كانت ابنته- ما لم تكن زوجته أو ملك يمينه.
قال السرخسي في المبسوط: ولكن إنما يباح المس والنظر إذا كان يأمن الشهوة على نفسه وعليها، فأما إذا كان يخاف الشهوة على نفسه وعليها فلا يحل له ذلك، لما بينا أن النظر عن شهوة، والمس عن شهوة نوع زنا، وحرمة الزنا بذوات المحارم أغلظ. انتهى
وقال النووي في المجموع: وأما تقبيل خدِّ ولده الصغير وولد قريبه وصديقه وغيره من صغار الأطفال الذكر والأنثى على سبيل الشفقة والرحمة واللطف فسنة، وأما التقبيل بشهوة فحرام، سواء كان في ولده أو في غيره، بل النظر بالشهوة حرام على الأجنبي والقريب بالاتفاق، ولا يستثنى من تحريم القبلة بشهوة والنظر بشهوة إلا الزوجة وجاريته. انتهى
وأما النظر إلى المحارم ومسهن بغير شهوة فلا حرج فيه، ولمزيد في الفائدة راجع الفتوى رقم: 1025، والفتوى رقم: 15995.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(9/1161)
حكم مصافحة المرأة للرجال الأجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مصافحة الرجال تجوز شرعا أم لا وخاصة في الشغل؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الرجال من المحارم، فلا مانع من مصافتحهم، بل هو السنة، وإن كانوا أجانب فلا تجوز مصافحتهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له رواه الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار رضي الله عنه.
ولا فرق في التحريم بين أن يكون الشخص في العمل أو خارجه، ولمزيد من التفصيل والفائدة نحيلك إلى الفتوى رقم: 2412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(9/1162)
القيام للقادم بين الحظر والكراهة والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القيام عند التسليم على القادم سواء كان مسلما أو غير مسلم.
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قسم العلماء القيام للقادم إلى ثلاثة أقسام:
1- محظور وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبراً وتعاظماً على القائمين له، كما في الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار"
2- مكروه وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، كما أن فيه تشبهاً بالجبابرة.
3- أن يقام للقادم من أجل مصافحته أو الأخذ بيده ليوضع في مكان وما شابه ذلك، فهذا لا حرج فيه بل إنه من السنة، لما روى أبو داود في الأدب "أن النبي صلى الله عليه وسلم قام لفاطمة وقامت له" ولأمره صلى الله عليه وسلم الصحابة بالقيام لسعد بن معاذ لما قدم ليحكم في بني قريظة " كما في البخاري.
والحاصل أن القيام للقادم إذا كان لقصد المصافحة والتبشش في وجهه فهذا جائز بل هو من السنة ومكارم الأخلاق، وأما إذا كان تعظيماً له فهذا لا يجوز، هذا في حق المسلم.
أما الكافر فلا ينبغي صحبته ولا مجالسته، فضلاً عن القيام له والاعتناء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(9/1163)
حيلة إبليسية للاستمرار على ممارسة الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا نرى الرجل يصافح المرأة وكأنها أخته فاذا كانت أخته ألا يحرم عليه زواجها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد انتشر في كثير من المجتمعات مصافحة الرجال الأجانب للنساء، فإذا قيل لأحدهم: إن هذا لا يجوز. قال: إنما هي أختي.. يقصد أنه لاغرض له سيء في مصافحتها، فمصافحته لها كمصافحته لأخته النسبية، وهذه مقولة شيطانية، وحيلة إبليسية للاستمرار على ممارسة الحرام، ومجرد هذه المصافحة وقول الشخص إنها أختي لا يحرم عليه نكاحها. وقد سبقت لنا فتاوى برقم 1025 فيها بيان حكم مصافحة الرجل للمرأة فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(9/1164)
الأفضل تأخير رد السلام إلى الانتهاء من الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم رد السلام أثناء الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد عن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى توضأ، فرد عليه وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة. وللحديث شواهد.
فيؤخذ من هذا الحديث أنه لا بأس في إلقاء السلام على المتوضئ، وأنه لا بأس في أن يرد، والأفضل له أن يؤخر الرد إلى الانتهاء من الوضوء إذا كان الذي ألقى السلام باقياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(9/1165)
قارئ القرآن يرد السلام ويستحب له التعوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
إذا كنت أقرأ القرآن ودخل إنسان ثم ألقى السلام هل أرد عليه السلام أم أرد عليه بالإشارة وإذا رددت السلام بالكلام هل أعود للقراءة بالبسملة أم أكمل قراءة القرآن بدون ذكر البسملة يعني دون انقطاع أفتونا مأجورين وهل يوجد أدلة على ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإلقاء السلام سنة مؤكدة، ورده فرض عين إذا كان من ألقي عليه السلام واحداً، وفرض كفاية إذا كانوا جماعة، إذا رد أحدهم سقط عن باقيهم وفاز الراد بالأجر دونهم، وإذا لم يردوا أثموا جميعاً، وإذا ردوا كلهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة.
والقارئ كغيره ممن يسلم عليهم ويردون، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: إذا مر القارئ على قوم سلم عليهم وعاد إلى القراءة، فإن أعاد التعوذ كان حسناً، ويستحب لمن مر على القارئ أن يسلم عليه، ويلزم القارئ رد السلام باللفظ، وقال الواحدي من أصحابنا: لا يسلم المار، فإن سلم رد عليه القارئ بالإشارة، وهذا ضعيف. انتهى
والحاصل من هذا أنه لا فرق -على الراجح- بين وجوب رد السلام على من يقرأ ومن لا يقرأ، وأنه يرد كلاماً لا إشارة، ويستحب له أن يعيد التعوذ، فإن لم يعده فلا شيء عليه، لعدم طول الفصل.
أما عن إعادة البسملة، فالقارئ مخير فيها في غير ابتداء السور كالاستعاذة إن أتى بها فحسن، وإن لم يأت بها فلا شيء عليه سواء قطع القراءة لرد سلام أو كان مبتدئا لها، قال الإمام الشاطبي في منظومته في القراءات السبع:
ولا بد منها في ابتدائك سورة ... سواها وفي الأجزاء خير من تلا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(9/1166)
الأصناف الذين لا يلقى عليهم السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هل يجوز رد السلام أو إفشاء السلام على بائعي الخمور والمخدرات؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم مطلوب منه أن يفشي السلام بإلقائه على كل من عرف ومن لم يعرف، وأن يرد التحية بمثلها أو أحسن منها.
ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلو الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.
وفي الرد يقول تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86] .
ولهذا قال العلماء: إلابتداء بالسلام سنة ورده واجب. هذا على العموم ولكنهم استثنوا من ذلك أموراً فكرهوا إلقاء السلام على الكافر والظالم والفاسق وأهل البدع، وتشتد الكراهة إذا كانت البدعة غليظة، وعلى أهل اللهو وقت تلبسهم بلهوهم، وعلى الشابة لخشية الفتنة.
كما كرهوا إلقاء السلام على المشتغل بالأذان والإقامة وتلاوة القرآن والنائم وعلى الملبي.
واستثنوا من وجوب رد السلام من كان مشتغلاً بصلاة أو ذكر.... أو كان من مسلم فاقد عقل أو شابة تخشى منها الفتنة ذكر ذلك وزيادة المرابط أحمد زيدان في شرحه على خليل- وهو من علماء موريتانيا.
ومن هذا يتبين لنا أن كلا من إفشاء السلام ورده مطلوب شرعاً ولكن ذلك لا يشمل بائعي الخمور وأصحاب المخدرات وخصوصاً إذا كان في ترك السلام عليهم زجر لهم عن معاصيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(9/1167)
حكم إلقاء السلام على من لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أبناء الحي معظمهم لا يصلي وقد نصحتهم مرارا حتى الكبار منهم فهل من الواجب هجرهم؟ وما حكم إلقاء السلام عليهم؟ جزاكم الله خيراً.......
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان ضوابط هجر أهل المعاصي، وأن الأفضل في ذلك مراعاة المصلحة فراجع الفتوى رقم:
14139.
وننبه الأخ السائل إلى وجوب هجرهم إذا خاف علي نفسه التأثر بهم، وفتنته في دينه، أما مسألة إلقاء السلام عليهم فتراعى فيها المصلحة كما هو الحال في الهجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(9/1168)
حكم إلقاء السلام والرد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ما حكم إلقاء السلام ورده هل هو سنة أم فرض كفاية أو فرض عين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإلقاء السلام سنة عند جمهور العلماء، وهو سنة عين على المنفرد، وسنة كفاية على الجماعة، والأفضل السلام من جميعهم لتحصيل الأجر، وأما رد السلام ففرض بالإجماع.
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع، فإن كان السلام على واحد، فالجواب: فرض عين في حقه، وإن كان على جميع فهو فرض كفاية، فإذا أجاب واحد منهم أجزأ عنهم، وسقط الحرج عن جميعهم، وإن أجابوا كلهم كانوا كلهم مؤدين للفرض، سواء ردوا معاً أو متعاقبين، فلو لم يجبه أحد منهم أثموا كلهم، ولو رد غير الذين سلم عليهم لم يسقط الفرض والحرج عن الباقين.
وقال أيضاً: قال أصحابنا: يشترط في ابتداء السلام وجوابه رفع الصوت بحيث يحصل الاستماع، وينبغي أن يرفع صوته رفعاً يسمعه المسلَّم عليهم، والمردود عليهم سماعا محققاً، ولا يزيد في رفعه على ذلك، فإن شك في سماعهم زاد واستظهر. انتهى
وقد دل على استحباب إلقاء السلام قوله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم.
ودل على وجود الرد قوله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86] .
فأمر بالرد بمثلها أو بأحسن منها، والأصل في الأمر أن يكون للوجوب ما لم يوجد صارف إلى الندب ولا صارف هنا.
ولا شك أن ابتداء السلام مأمور به كذلك، لكن حمل الجمهور الأمر فيه للندب، وأخذ الحنفية بظاهره فأوجبوا إلقاء السلام، وهو قول للمالكية والمشهور عنهم موافقتهم للجمهور.
وهذا الذي ذكرناه هنا هو في السلام الواقع بين الرجال، وأما سلام الرجل على المرأة أو العكس فقد سبق بيانه في الفتوى رقم:
6158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(9/1169)
حكم مصافحة الرجل العجوز للأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[عم الوالدة يزورنا في السنة مرة واحدة وعمره
حوالي (70) عاما تقريبا فهل يجوز لزوجتي أن تسلم عليه بما أننا في بيت واحد علما أن زوجتي ليس بينها وبينه قرابة أرجو من الله ثم منكم الإجابة الكافية مع الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعم والدتك أجنبي عن زوجتك، وليس من محارمها، وحكمه بالنسبة لزوجتك حكم سائر الرجال الأجانب، فلا يجوز لها مصافحته ولا البروز أمامه إلا بحجابها الشرعي المغطي لجميع جسدها، لأن هذا الرجل وإن كان شيخا فانيالا تؤمن فتنته، وقد أخرج الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.
قال النووي: وقد قال أصحابنا كل من حرم النظر إليه حرم مسه بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها ولا يجوز مسها. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(9/1170)
المصافحة محرمة.. والسلام لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سلام الزوجه على عم الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عم الزوج ليس من المحارم، فإذا كان المقصود بالسلام هو المصافحة فإنه لا يجوز السلام عليه، وإذا كان المقصود بالسلام عليه، قول: السلام عليكم.. ونحو ذلك، فإنه لا بأس بذلك بشرط التقيد بالضوابط الشرعية للحجاب، وراجع الفتوى رقم:
7816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(9/1171)
حكم إلقاء السلام على أقارب الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو حكم سلام الزوجة على خال زوجها وابن عم والد زوجها أفيدونا يرحمكم الله وهل يعتبرون من المحارم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخال الزوج، وابن عم والده، ليسا من محارم الزوجة، بل هما أجنبيان عنها، كغيرهما من الرجال، فلا يجوز لها الخلوة بهما ولا مصافحتهما، ولا إبداء الزينة أمامهما، إلى غير ذلك مما لا يجوز إلا للمحارم، ولمعرفة حكم المصافحة بين الرجال والنساء الأجانب راجع الفتوى رقم:
1025.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم، من تساهل الزوجة مع أقارب الزوج، لأن الخطر من جانبهم أقوى وأعظم، وراجع هذا في الفتوى رقم:
19664 والفتوى رقم: 18575 والفتوى رقم: 19833.
هذا هو حكم المصافحة، أما إلقاء السلام، فلا مانع منه شرعاً، ما لم يصحبه خضوع في القول أو يؤدي إلى فتنة، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
8469، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 3878.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(9/1172)
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالى هو: ماحكم مصافحة الأجنبية وهل هناك قول وإن ضعف لإباحته؟ أفيدونا بالجواب وشكرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مصافحة الأجنبية لا تجوز شرعاً وللتفاصيل والأدلة نحيلك إلى الفتوى رقم:
2412
والفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(9/1173)
تفصيل الفقهاء في المعانقة لدى اتحاد الجنس
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أحب مديرتي في العمل حبا جما لدرجة أنني أتمنى تقبيلها واحتضانها باستمرار فهل هذا العمل غير جائز مع العلم بأنني أحبها كما أحب أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الحب بين النساء، مع ذكر أقسامه في الفتوى رقم:
8424.
أما المعانقة والتقبيل ففيهما خلاف بين العلماء إذا اتحد الجنس، فمذهب الحنفية والمالكية: الكراهة مطلقًا.
قال في البحر الرائق: ويكره تقبيل وغيره ومعانقة، ولا بأس بالمصافحة. انتهى
وقال في الفواكه الدواني: وكره مالك كراهة تنزيهية، المعانقة؛ لأنها من فعل الأعاجم. انتهى.
وذهب الشافعية إلى سنية ذلك للقادم من سفرٍ أو الغائب غيبة طويلة، وكراهيته في غير ذلك، قال في تحفة الحبيب: وتكره المعانقة والتقبيل في الرأس؛ إلا لقادم من سفرٍ أو تباعد لقاء -عرفًا- فسنة للاتباع. انتهى
قال في الحاشية: فسنة: أي عند اتحاد الجنس. انتهى
وذهب الحنابلة إلى: الجواز مطلقًا إذا كان إكرامًا واحترامًا لأجل الدين لا لأجل الدنيا. قال ابن مفلح في الآداب: وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديناً وإكرماً واحتراماً مع أمن الشهوة، وظاهر هذا عدم إباحته لأمر الدنيا، واختاره بعض الشافعية. انتهى
والراجح - والله أعلم - هو كراهية المعانقة، إلا لمن جاء من سفرٍ، جمعاً بين الأدلة الناهية والمبيحة، ففي سنن ابن ماجه عن أنس قال: قلنا: يا رسول الله أينحني بعضنا لبعضٍ؟ قال: لا، قلنا: أيعانق بعضنا بعضاً؟ قال: لا، ولكن تصافحوا. وصححه الألباني.0
وروى أحمد في مسنده عن أبي ريحانة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوشر والوشم والمشاغرة والمكامعة والوصال والملامسةً. وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
والمكامعة هي المعانقة، كذا ذكره الزيلعي في نصب الراية، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عانق القادمين من السفر، كما مضى بيانه في الفتوى رقم:
16405.
والحكم المذكور هو عن معانقة الرجل للرجل أو المرأة للمرأة.
أما معانقة الرجل لمحارمه، فراجع فيها الفتوى رقم: 18159.
وأما معانقة الرجل للمرأة الأجنبية البالغة، أو التي لم تبلغ لكنها تشتهى، فحرام بالإجماع، سواء كان بشهوةٍ أو بغير شهوة.
وإننا لنوصي الأخت الكريمة بمدافعة هذا الشعور؛ لأنه يؤدي في الغالب إلى ما لا تحمد عقباه، من الأمور المحرمة التي نهى الله العباد عن أن يقربوها، فقال: وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. [الأنعام:151] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(9/1174)
محل جواز السلام على الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في مصافحة المرأة؟ وما حكم النظر إلى القريبات أثناء الكلام معهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية مطلقاً -قريبة كانت أو بعيدة- وذلك لعدم تفرقة الشرع بين الجميع، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] .
وقد سبقت فتوى في حكم النظر إلى الأجنبية تحت رقم: 6402
أما عن حكم إلقاء السلام على المرأة الأجنبية، فقد ذهب بعض العلماء إلى جوازه من غير تفريق بين الشابة وغيرها، بشرط أمن الفتنة بين الجنسين.
قال ابن بطال نقلاً عن المهلب قال: سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة.
وذهب الجمهور إلى جواز التسليم على العجائز دون الشابات لخوف الفتنة بحق الشابات وانعدامها في العجائز، قال النووي: وأما الأجنبي.. فإن كانت عجوزا لا تشتهى استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزا تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جواباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(9/1175)
جواز تقبيل المرأة للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقبيل المرأة للمرأة بشكل عام وفي الشارع بشكل خاص؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا جواز تقبيل المحرم لمحرمه وضوابط ذلك في الفتوى رقم:
18773.
وعليه فلا حرج في تقبيل المرأة للمرأة ما لم يكن ذلك بتشهٍ، وخصوصاً إذا كان ذلك لداع مثل الأم والبنت ونحوهما.....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(9/1176)
كل امرأة يحل نكاحها يحرم تقبيلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقبل زوجة أخيك، أو زوجة ابن عمك، أو عمة زوجتك التي هي أخت أبي زوجتك لأنها تصبح بعد زواجك عمة زوجتك أنت وكذلك أنت تدعى لها يا عما أو كذلك الخالة. وكذلك بعض من الأقارب والأهل المقربين لك من أسرة أبيك أو أمك أو زوجتك. التقبيل عادة يكون على كف الأيدي أو على الوجه
لأن هذه العادة موجودة من زمن بين الأسر بشكل كثير وخاصة عندما يعود الرجل من سفر طويل فمع اشتياقه إلى الأهل هم الذين يبدؤون بالتقبيل على الوجة وإذا امتنعت عن ذلك يطيحون عليك بأنك رجل متشدد ومطوع للعلم أوكد لكم عندما يحصل التقبيل للمذكور سالفا وكأنني أقبل أمي لأنه لا يوجد أي نوع من شهوة أو رغبة وإنما احترام لهم لأننا أسرة
فأرجو توضيح سؤالي ماذا أعمل مع مراعاة أننا قبائل نمتاز بالغيرة على نسائنا ولكن أنا في وضع محير بعد قراءتي لبعض فتواكم حول التقبيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الرجل تقبيل النساء الأجنبيات عنه، والأجنبية: هي كل امرأة يحل نكاحها حالاً أو مستقبلاً بعد زوال المانع، وسواء وجد الشخص من نفسه شهوة أو لم يجد أمن الفتنة أم لا.
وتحريم هذا الفعل محل اتفاق بين العلماء، ولا عبره بعادة وعرف يصادم أحكام الشرع.
أما محارم الرجل وهي كل أمرأة يحرم زواجها على التأبيد بنسب أو رضاع أو مصاهرة، فيجوز له تقبيلهن إن أمن الفتنة، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قبلَّ فاطمة رضي الله عنها، وكذلك صح عن أبي بكر أنه قبل عائشة، وراجع الفتوى رقم:
11977 والفتوى رقم: 18773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(9/1177)
السلامة في ترك مصافحة الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، جزاكم الله خيرا على هذه الخدمة المتميزة أما بعد فسؤالي كالتالي:
أنا شاب عمري 16 سنة أسكن في إحدى الدول الإسلامية، شاركت في مسابقة علمية على مستوي الوطن العربي تنظمها وزارة التربية والتعليم في بلدي، فزت بمركز عال في هذه المسابقة، وتمت دعوتي لحضور حفل استلام الجوائز، والذي ترعاه إحدى الأميرات في بلدنا فيجب علي الصعود على المنصة والتسليم على هذه الأميرة واستلام الجائزة، وإلا فلن أستلم الجائزة - مع العلم بأن الجائزة قيمة- فهل يجوز لي أن أسلم عليها؟ (لأن تجنب ذلك صعب) وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أن تحضر الحفل، وتغض بصرك، وتصعد إلى المنصة لاستلام جائزتك، ولكن لا تمد يدك لمصافحة هذه المرأة، وأخبرها أنك لا تصافح النساء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أصافح النساء. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.
فإن سلمت لك الجائزة فلله الحمد، وإن لم تسلمها لك فاتركها لله عز وجل. واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه خيراً، وأن من يتق الله تعالى يرزقه من حيث لا يحتسب، ويهيئ له السبل المباحة الموصولة لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(9/1178)
تحية الإسلام ... وهل يجزئ عنها غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يقال لا يجوز أن نقول صباح الخير بحجة أن المشركين قالوها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بصباح غد فهل هذه حقيقه؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نعثر على ما يدل أن المشركين قالوا "صباح الخير" في صباح الغد من موت النبي صلى الله عليه وسلم، والمعروف أنهم كانوا يقولون مثلها في تحيتهم "أنعم صباحاً" قبل الإسلام، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذه التحية وقال: أبدلنا الله خيراً منها السلام، ففي سنن أبي داود ومصنف عبد الرزاق وشعب الإيمان للبيهقي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كنا نقول في الجاهلية "أنعم الله بك عيناً وأنعم صباحاً" فلما جاء الإسلام نهينا عن ذلك.
وأخرج أبن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: كانوا في الجاهلية يقولون: حييت مساء حييت صباحاً. فغير الله ذلك بالسلام.
إلى غير ذلك من الأحاديث التي يقوي بعضها بعضاً وتدل على النهي عن التحية بهذا اللفظ، خصوصاً إذا جيء بها بدلاً عن السلام لأنها تحية المشركين، ويشرع أن يقول الرجل لصاحبه إذا لقيه "كيف أصبحت؟ أو كيف أمسيت؟ وذلك بعد أن يسلم عليه، وإن ابتدأه بها قبل السلام واكتفى بها أجزأ.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: فصل في قول: كيف أمسيت؟ كيف أصبحت؟ بدلاً من السلام، قال الإمام أحمد لصدقة وهم في جنازة يا أبا محمد كيف أمسيت؟ قال: مساك الله بالخير، وقال أيضاً للمروذي وقت السحر: كيف أصبحت يا أبا بكر؟ وقال: إن أهل مكة يقولون إذا مضى من الليل -يريد بعد النوم- كيف أصبحت؟ فقال له المروذي: صبحك الله بخير يا أبا عبد الله، وظاهر هذا أنه اكتفى به بدلاً من السلام. وترجم عليه الخلال "قوله في السلام كيف أصبحت؟ " ... وروى أبو بكر البرقاني بإسناده عن ابن عباس أنه قال: لو لقيت رجلا فقال: بارك الله فيك. لقلت: وفيك" فقد ظهر من ذلك الاكتفاء بنحو: كيف أصبحت وكيف أمسيت؟ بدلاً من السلام، وإنه يرد على المبتدئ بذلك؛ وإن كان السلام وجوابه أفضل وأكمل. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(9/1179)
هل يجوز مصافحة الأجنبية بحائل
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن مصافحة النساء الأجنبيات محرم ولا يجوز ولكن! هل يجوز مصافحتهن إذا وضعنا على أيدينا حاجزا مثل وضع اليد داخل جيب الجاكيت ومن ثم مصافحتهن أو أن تضع المرأة يدها من تحت غطاء رأسها وتصافح … الخ؟.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكما لا تجوز مصافحة المرأة الأجنبية مباشرة لا تجوز مصافحتها بحائل لأن ذلك مظنه للشهوة والفتنة ومدعاة للنظر إليها.
قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: إن أبا عبد الله -أحمد بن حنبل- سئل عن الرجل يصافح المرأة. قال: لا، وشدد فيه جداً. قلت: فيصافحها بثوبه؟ قال: لا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(9/1180)
لا أثر لمصافحة المحرم على الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السلام باليد على رجل محرم ينقض الوضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مصافحة المرأة للرجل لا تنقض الوضوء سواء كان الرجل محرماً للمرأة أو أجنبياً عنها إلا أن مصافحة المحرم جائزة ومصافحة الأجنبي غير جائزة، وراجعي الفتوى رقم:
14904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(9/1181)
الابتداء بالسلام سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
سؤالي هو أنه في بلدنا إسنا بمصر في الغالب حينما نحيي أحدا نناديه باسمه بدل قول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز هذا؟
أفيدوني بالإجابة أفادكم الله وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن تبدأ بالسلام قبل أن تنادي من تريد، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" رواه البخاري ومسلم.
قال القرطبي أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها، ورده فريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(9/1182)
بذل السلام أدل أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين الإسلامي الحنيف في من يلقي السلام ولا يجيبه أحد؟ نظرا لأنني أعمل مع مجموعة من الزميلات وعددهن 3 وعندما أدخل وأسلم لا يجيب أحد هل ألقي السلام أم لا ألقيه عليهن؟ علماً بأنهن لا يكلمنني ولا يرغبن في الحديث معي أما أنا ففي حالة العمل وإن طلب المسؤول شيئا مني لهم أقول لهن ولا أهتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المقرر شرعاً أن ابتداء السلام مستحب ومرغب فيه شرعاً، ففي حديث عبد الله بن سلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس أطعموا الطعام، وأفشوا السلام" الحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
ورد السلام فرض كفاية، فإذا ألقيت السلام فقد فعلت ما أمر به الشرع، وعدم ردهن لا يضرك بل يقع الإثم عليهن.
وإذا استمر أمرهن على هذا الحال، فالذي نراه هو ألا تتوقفي عن السلام عليهن، بل استحضري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال النووي رحمه الله: وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، كما تقدم في الحديث الآخر، والسلام أدل أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، وفي إنشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين، وقد ذكر البخاري رحمه الله في صحيحه عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه قال: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار. وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبذل السلام للعالم، والسلام على من عرفت ومن لم تعرف، وإفشاء السلام كلها بمعنى واحد، وفيها لطيفة أخرى، وهي أنها تتضمن: رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به.
فوجهي نيتك، وواصلي السلام، فلعل الله يؤلف بينكن وهو سبحانه على كل شيء قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(9/1183)
يجوز أن يقبل المحارم بعضهم في ما جاز النظر إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقبيل خال الأم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خال الأم من المحارم وهو في منزلة الخال لأنه أخو جدتك، وأخو جدتك كأخي أمك لأن الجدة أم، فالأم إما حقيقية وهي من ولدتك، أو مجازية وهي التي ولدت من ولدتك وإن علت.
وعلى هذا فتقبيل الرجل لمحارمه والعكس جائز، يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: لا بأس للقادم من سفر بتقبيل ذوات محارمه إذا لم يخف على نفسه، لكن لا على الفم بل الجبهة والرأس. كشاف القناع 3/9
وسئل أيضاً عن الرجل يقبل أخته؟ فقال: قد قبل خالد بن الوليد أخته. وروى البيهقي أن أبا بكر دخل على عائشة وقد أصابتها الحمى فقال لها: كيف أنت يا بنية؟ وقبل خدها. السنن الكبرى 7/101
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل فاطمة وقبلته.
وبالجملة فالمحارم يجوز أن يقبل بعضهم بعضاً في ما جاز لهم النظر إليه، إذا أمنت الفتنة ولم تخش الشهوة وإلا حرم؛ حتى الرجل مع ابنته وأمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(9/1184)
النساء اللاتي يحل للرجل مصافحتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[من الذي يسمح لي أن أصافحه ومن لا أستطيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يصافح من النساء إلا محارمه أو زوجته، أما غير هؤلاء فلا تجوز له مصافحتهن، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "والله ما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط". رواه البخاري.
ولما روى الطبراني والبيهقي وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح، عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له".
وهذا الحكم في حق المرأة الشابة والمرأة المشتهاة، محل اتفاق بين الأئمة الأربعة.
أما المرأة العجوز الفانية التي لا تشتهى، فذهب بعضهم إلى أنها تجوز مصافحتها ما دامت الشهوة مأمونة من كلا الطرفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(9/1185)
المصافحة بين المحارم تغني عما وراءها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تقبل خالها في حالة عدم رضاء زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يوجد -فيما نعلم- ما يمنع المرأة من أن تقبل خالها بشروط:
الأول: ألا يكون لها ميل غير طبيعي.
الثاني: ألا تعلم من قرائن الأحوال أن له إليها ميلاً غير طبيعي.
الثالث: ألا ينهاها زوجها عن ذلك أو تعلم أنه يسوؤه؛ وإن لم ينهها، وانظر الفتوى رقم: 9417، والفتوى رقم: 17197، والذي ننصح به المحارم عموماً هو أن يكتفوا بالمصافحة، ولا يتجاوزوها إلى التقبيل أو المعانقة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(9/1186)
حكم تقبيل المرأة ليد المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: توجد لي صديقة وأنا أحبها في الله جدا ومرة قبلت يدها عن طيب قلب ونية فهل هذا جائز , جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
طالما أنك قبلت يد صديقتك بحسن نية -كما ذكرت- فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى،
ولا نعلم نهياً عن تقبيل المرأة ليد المرأة بلا شهوة ولا زيادة تعظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1423(9/1187)
أول من ألقى على النبي عليه الصلاة والسلام تحية الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[من أول من حيا الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول من حيا النبي صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام هو أبو ذر الغفاري، واسمه: جندب بن جنادة رضي الله عنه، وقصته في الصحيحين بطولها، وفيها في رواية مسلم: "قال أبو ذر: فكنت أول من حياه بتحية الإسلام ... ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(9/1188)
معانقة القادم من سفر مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مشروعية المعانقة إذا التقى الرجلان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعانقة القادم من سفر مشروعة، وأما معانقة غيره فمكروهة هذا ما يقتضيه الجمع بين الأدلة الشرعية، فقد روى أحمد والترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل: "يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا. قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم".
وروى الترمذي وحسنه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرياناً يجر ثوبه، والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده، فاعتنقه وقبله".
وروى الطبراني في (الأوسط) عن أنس رضي الله عنه قال: كانوا -الصحابة- إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا.
وروى البخاري في (الأدب المفرد) وأحمد وأبو يعلى في مسنديهما عن جابر بن عبد الله قال: بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيراً ثم شددت رحلي، فسرت إليه شهراً حتى قدمت الشام، فإذا عبد الله بن أنيس فقلت للبواب: قل له جابر على الباب، فقال ابن عبد الله قلت: نعم، فخرج فأعتنقني ...
فهذه الأحاديث تدل على مشروعية المعانقة للقادم من سفر، وعدم مشروعيتها لغير القادم من سفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(9/1189)
حكم صلاة من لمس امرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة أحضر دروس علم كثيرة وفي درس من الدروس قالت الداعية إن لمس المرأة للرجل بدون أي شهوة ولو عن طريق الخطأ أو عدم قصد ولو حتى مع البائع لا تقبل منها صلاة أربعين يوماً هل ذلك صحيح أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لمس كل من الرجال والنساء لغير المحارم من الطرف الآخر لا يجوز إذا تم عن قصد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" أخرجه الطبراني والبيهقي، وهو حديث حسن، فهذا الحديث -وغيره- يدل على أن لمس المرأة للرجل الأجنبي عنها حرام ولو لغير شهوة، أما إذا تم عن غير قصد فلا يترتب عليه إثم، وعلى أي وجه تم عمداً أو غير عمد فلا يوجد دليل على أنه يحول بين العبد وبين قبول صلاته، لكن الصلاة التامة الكاملة ينبغي أن تحول بين المصلي وبين انتهاك المحرمات مصداقاً لقوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت:45]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(9/1190)
العلة في كون النظر وما أشبهه نوع زنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مصافحة المرأة للرجل الأجنبي عنها؟ وهل صحيح أن ذنب المصافحة يعتبر كذنب الزنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه" فقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المذكورات بمثابة المقدمات للزنا، ولذلك حرمها الشرع، لأن الوسائل لها حكم المقاصد، وقد أكد القرآن الكريم على ذلك فقال تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32] ، أي لا تزنوا، ولا تخالطوا أسباب الزنا ودواعيه، وقد سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - زنى، لأنها تؤدي إليه، وليعلم أن المعاصي لا تتغير إلى طاعات بالنية، لأن النية لا مدخل لها في المحرمات، قال: الغزالي -رحمه الله- في الإحياء المعاصي لا تتغير بالنية، فلا ينبغي أن يفهم الجاهل ذلك من عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - "إنما الأعمال بالنيات" فيظن أن المعصية تنقلب طاعة ا.هـ
وقال أيضاً: والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلماً وعدواناً، بل قصده الخير بالشر -على خلاف مقتضى الشرع- شر آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاص بجهله، إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم. ا. هـ
وقال ابن أمير الحاج في المدخل الأفعال الشرعية ثلاثة، واجب ومندوب ومباح، والحرام والمكروه لا يتقرب بهما إلى الله تعالى ا. هـ
وقال الإمام النووي في شرح الأربعين: قال الحارث المحاسبي ولا إخلاص في محرم ولا مكروه، كمن ينظر إلى ما لا يحل له النظر إليه، ويزعم أنه ينظر ليتفكر في صنع الله تعالى، وهذا لا إخلاص فيه، بل لا قربة ألبتة. ا. هـ
ولمعرفة حكم مصافحة المرأة الأجنبية راجع الجواب رقم:
2412
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(9/1191)
الحياء في مثل هذه المواطن مذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت أصافح الرجال ولكنني قد توقفت عن ذلك والحمد لله. وراجعت الفتاوى الموجودة في الموقع، وكلها تنهى عن مصافحة الرجال للنساء، فماذا لو قدم الرجل يده؟ هل أصافحه أم لا؟ والسؤال الثاني: ما حكم مصافحة زوج الخالة أو زوج العمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد كون الرجل زوجا لعمتك أو خالتك لا يجعله محرما لك فلا يجوز لك مصافحته ألبتة، كما هو مبين في الجواب رقم:
8791 ولو مد من لا تجوز لك مصافحته يده فلا تصافحيه أبداً، فالحياء في مثل هذا الموطن مذموم، لأن الله أحق أن يستحيا منه، فلا يعصى في أمره ولا يخالف شرعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(9/1192)
تهنئة القادم من حج أو سفر ... ما يقال له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على جهودكم
ما حكم زيارة الحجيج عند عودتهم من الحج وهل كانت هذه العادة موجودة عند الصحابة وهل في ذلك ثواب للزائر
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تهنئة القادم من السفر والسلام عليه ومعانقته ومصافحته وصنع وليمة له تسمى النقيعة، واستقباله وتلقيه كل ذلك حسن ومستحب في حق كل قادم من سفر، خاصة سفر الحج، والقادم من غزو في سبيل الله تعالى.
قال السبكي: وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدموا من سفر تعانقوا، وقالت عائشة رضي الله عنها: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول لله في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي يجر ثوبه فاعتنقه وقبله رواه الترمذي وقال حديث حسن.
والتهنئة المستحبة للقادم من السفر تكون بلفظ: الحمد لله الذي سلمك أو الحمد لله الذي جمع الشمل بك، أو نحو ذلك من الألفاظ الدالة على الاستبشار بقدوم القادم.
ويهنأ القادم من سفر الحج بالقبول والمغفرة. قال القيلوبي -يرحمه الله- في حاشيته على شرح المنهاج: (يندب أن يحج الرجل بأهله، وأن يحمل هدية معه، وأن يأتي إذا عاد من سفر -ولو قصيراً- بهبة لأهله، وأن يرسل لهم من يخبرهم بقدومه إن لم يعلموا به، وأن يقصد أقرب مسجد فيصلي فيه ركعتين سنة القدوم، وأن يصنع له وليمة تسمى النقيعة، وأن يتلقوه كغيرهم، وأن يقال له -إن كان حاجاً أو معتمراً- تقبل الله حجك وعمرتك، وغفر ذنبك، وأخلف عليك نفقتك، -أو غازياً- الحمد لله الذي نصرك وأكرمك وأعزك.
ويندب للحاج الدعاء لغيره بالمغفرة وإن لم يسأله، ولغيره سؤال الدعاء منه بها. وذكروا أن ذلك يمتد أربعين يوماً من قدومه) انتهى كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1423(9/1193)
مذهب العلماء في مصافحة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم مصافحة المرأة الأجنبية والقريبات في كل المذاهب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم مصافحة المرأة الأجنبية في سؤال رقم:
3045 وبينا هناك أنها حرام لا تجوز، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة؛ وإن كانوا قد اختلفوا في مصافحة العجوز فأجازها بعضهم، وأما القريبات فإن كن محارم فالأصل هو جواز مصافحتهن، ما لم يأنس المصافح من نفسه ميلاً إليهن غير طبيعي أثناء المصافحة، فإن آنسه منع له أن يصافح، وكذا إذا آنس ممن يصافحها ميلاً إليه منع له أن يصافحها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(9/1194)
حكم مصافحة بنت العم بنية طيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أود الاستفسار عن المصافحة هل يجوز لي مصافحة ابنة عمي أمام أهلها وبدون أية نية سيئة وبالأخص عندما تمد يدها لي للسلام فلا أستطيع كسفها علما بأني آتي لزيارة عمي المريض فأجد أهله معه فأسلم عليهم باليد أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمصافحة المرأة الأجنبية لا تجوز سواء كانت المصافحة بحضرة محارمها أو لا، إلا أن الأمر يشتد عندما لا يوجد أحد من محارمها، فيجب عليك أن تُعلم ابنة عمك وأهلها أن مصافحة الأجنبية لا تجوز، واعلم أن الحياء في مثل هذا مذموم، فطبق أمر الله ولا تستح من أحد، فالله أحق أن يستحيا منه.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
1025
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1422(9/1195)
حكم مصافحة المرأة لزوج خالتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مصافحة زوج الخالة. وهل يجوز كشف الرأس أمامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تصافحي زوج خالتك، ولا أن ترفعي عنده حجابك، لأن الحرمة بينكما حرمة مؤقتة، متى زال سببها حللت له، والسبب هو كون خالتك في عصمته، فيجوز له أن يتزوجك بمجرد موتها أو طلاقها، فأنت محرمة عليه حرمة مؤقتة، والحرمة المؤقتة لا تبيح الخلوة، ولا المصافحة، ولا رفع الحجاب، ولا الاعتماد عليه في السفر كمحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1422(9/1196)
متى يسلم الرجل على المرأة ومتى لا يسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يسلم على المراة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا السؤال يحتمل أمرين:
الأول: إلقاء الرجل السلام على المرأة، فهو جائز عند أمن الفتنة، قال الإمام النووي نقلاً عن الإمام أبي سعيد المتولي: (وإن كانت أجنبية، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها، ولو سلم لم يجز لها رد الجواب، ولم تسلم هي عليه ابتداء، فإن سلمت لم تستحق جواباً، فإن أجابها كره له، وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها، وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل، أو كان الرجال جمعاً كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يخف عليه، ولا عليهن، ولا عليها، ولا عليهم فتنة.) الأذكار للنووي.
وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بقوله: (باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال) وعلق عليه الحافظ ابن حجر بقوله: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. وقال الحليمي: كان النبي صلى الله عليه وسلم للعصمة مأموناً من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلم، وإلا فالصمت أسلم. انظر على سبيل التوسع فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر (11/41) .
وأما الثاني: وهو مصافحة الرجل للمرأة فقد تقدم جواب ذلك مفصلاً برقم 1025
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(9/1197)
اجتناب التقبيل في الأحوال العادية أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديقة عندما أقبلها أحس بشهوة؟ ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ميل غير طبيعي ولو من ذكر إلى ذكر، أو من أنثى إلى أنثى، فإنه محرم ينبغي اجتناب دواعيه وأسبابه، وما يحدث لك من الشعور بالشهوة تجاه صديقتك عند تقبيلها هو من هذا القبيل، فالواجب عليك أن تقطعي الأسباب المثيرة لذلك، وأن تكتفي بمصافحة صديقتك دون تقبيلها، حسماً لمادة الشر، هذا مع أن التقبيل في الظروف العادية محل نظر، فقد منعه بعض أهل العلم، وكرهه آخرون، ومستند هؤلاء أنه صلى اله عليه وسلم سأله رجل، فقال يا رسول الله: الرجل يلقى أخاه أينحني له؟ قال: "لا"، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا"، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟. قال: "نعم" رواه أحمد والترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1422(9/1198)
حكم تقبيل الرجل للرجل على الشفاه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. هل يجوز تقبيل الرجل للرجل بشفاته. أي كل منهما يقبل الآخر بشفاته. أفيدونا جزاكم الله خيرا. وهل يوجد نص أو حديث يحرم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة إذا لقي المسلم أخاه أن يصافحه، وأما التقبيل فمنهي عنه، لما رواه الترمذي في سننه وحسنه عن أنس بن مالك قال: قال رجل: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا. قال: فيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا" قال: أفياخذ بيده ويصافحه؟ قال: "نعم".
والتقبيل على الفم خاصة أمر مستهجن في عادة أكثر الناس مع دخوله في النهي السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1422(9/1199)
هل نسلم على المتشبه بالكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا يرد السلام على مجموعة شبان أخلاقهم رديئة (لباسهم على الطراز الأمريكي وشعرهم على الطراز الفرنسي) وذلك بحجه أنه يترفع عن الشبهات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم نصح هؤلاء الشباب ودعوتهم إلى الله تعالى وحضهم على الرجوع إلى دينه وما فيه من الأخلاق الحميدة التي يحبها الله ويرضاها لهم، وفي ذلك السعادة الدنيوية والأخروية.
أما تقليد الكفار والتشبه بهم، فهو خطير جد خطير، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما. وأخرج الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الاشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الاشارة بالأكف".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1422(9/1200)
منع الأولاد من الخروج ليلا حفظ لهم من الشياطين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك حديث يقول إذا أردتم النوم وأنتم في بيتكم يجب على الأب أن يغلق باب غرفة الأولاد ثم يغلق بابه؟ أفتوني أثابكم الله هل هذا قول الناس أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا كان جنح الليل، أو أمسيتم، فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهبت ساعة الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً" ومعنى: (جنُح الليل) ظلامه، وقيل أول ما يظلم، ومعنى: (فكفوا صبيانكم) أي: ضموهم وا منعوهم من الانتشار. وهذه الآداب العظيمة يستحب فعلها عند عامة أهل العلم، وقال الظاهرية بوجوب ذلك.
وننبه إلى مراعاة آداب الاستئذان بين الآباء والأبناء وتعليم الأولاد ذلك، وتخصيص الأولاد بغرفة للنوم، وغلق بابها حال النوم إذا استلزم الأمر ذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية بين البنين والبنات ونقترح عليك مراجعة تفسير آيات الاستئذان في سورة النور: آية [58- 59] والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1421(9/1201)
يجوز للأب أن يقبل ابنته إذا أمنت الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أن يقبل ابنته حتى بعد أن تعدت سن البلوغ أو أصبحت كبيرة؟ وجزاكم الله خيراً،،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا أُمنت الفتنة في ذلك فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا دخلت عليه فاطمة رضي الله عنها قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه". كما في سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها في حديثها المشهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1202)
شرط جواز تقبيل الأخ لأخته على خدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ان تقبيل أخ لأخته مع خديها بعد رجوعه من السفر أو الأعياد أو المناسبات مع ذكر الدليل
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد قال العلماء المتقدمون: للرجل أن يقّبل أخته إذا قدم من سفر بشرط ألا يكون تقبيله لها تقبيل شهوة، فتقبيل المحارم بشهوة من أغلظ المحرمات، وقيد الحنابلة جوازه بأن لا يكون في الفم، وهو تقييد وجيه؛ لأن التقبيل على الفم مظنة للشهوة، ولو قال قائل الآن بمنع تقبيل المحارم مطلقا لما كان قوله ببعيد، وذلك سداً للذرائع فقد انتشر الفساد حتى بين المحارم، بل ظهرت بعض الدعوات الخبيثة للعلاقة الآثمة بين المحارم من خلال وسائل الإعلام الخبيثة بمختف أشكالها مرئية أو مسموعة أو مقروءة، وحتى إذا كان الرجل المحرم طيب النفس فقد لا تكون المرأة كذلك وهي تطالع في كل حين وسائل هدم الأخلاق. فلا شك أن الابتعاد عن التقبيل بكل أشكاله أقرب إلى السلامة. ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1203)
مصافحة النساء وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز مصافحة المرأة الأجنبية وماهو الدليل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمصافحة النساء الأجنبيات من المنكرات التي تفشت بين الناس وأصبح المنكر لها ينظر إليه على أنه سيئ النية ومنزوع الثقة مع أن هذا أمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بل ورد عنه عليه الصلاة والسلام الوعيد الشديد على فاعل ذلك فعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" أخرجه الطبراني ورجاله ثقات وكذا رواه البيهقي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قط إلا بما أمره الله تعالى وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط. ثم إنه من المعلوم أن المفاسد المترتبة على اللمس والمصافحة للنساء الأجنبيات كثيرة فمن ذلك تحريك الشهوة وضعف أو فقد الغيرة وذهاب الحياء، فإن من مدت يدها لمصافحة الرجال فلا تأمن أن تجرها المصافحة إلى الانبساط بالحديث وغيره. ولينبه إلى أن صنيع بعض من ينتسب إلى العلم لا يدل على جواز مثل هذا المنكر أو يبرر التساهل فيه، ولنا في رسول الله وصحابته الكرام الأسوة الحسنة.
والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(9/1204)
حكم المصافحة بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم المصافحة بعد الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فالمصافحة تسن عند كل لقاء لما رواه أبو داود والترمذي عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر الله لهما قبل أن يتفرقا ". وأما المصافحة بعد الصلاة فقال الرملي: لا أصل لها ولكن لا بأس بها. وقال النووي رحمه الله عن هذا: لا أصل له في الشرع على هذا الوجه؛ ولكن لا بأس به، فإن أصل المصافحة سنة، وكونهم خصوها ببعض الأحوال وفرطوا في أكثرها لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1205)
تحريم مصافحة المرأة الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية إسلامية مباركة وبعد إنني أعلم منذ فترة طويلة أن مصافحة المرأة الأجنبية حرام ويوجد حديث عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعناه:لأن يضع أحدكم في يده جمرة من نار خير له من مصافحة امرأة. ولكن قد أخبرت أنه في بيعة الرضوان والله أعلم وعندما بايع الرسول الكريم الصحابة جاءت النساء لمبايعته فرفض عليه السلام المبايعة باليد وهنا قال أحد الصحابة – والذي لا أعرف اسمه – إنني أنا أصافحهم يا رسول الله فلم يعترض عليه الصلاة والسلام على ذلك، ومن هنا يرى بعض العلماء أن حرمة المصافحة كانت خاصة بالرسول الكريم، أما باقي المسلمين فلا حرمة في ذلك أرجو إفادتي من علم الله الذي وهبكم إياه، ومدى صحة الرواية السابقة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مصافحة النساء لا تخلو من أحد أمرين: 1ـ أن يصافح الرجل محارمه فلا حرج فيه، لما روى أبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل فاطمة رضي الله عنها وتقبله إذا دخل عليها.
وإذا كان لمس المحارم على النحو المذكور جائزا فإن المصافحة نوع من اللمس، فتكون جائزة في حق المحارم، ويشملها حكم الاستحباب الذي استفيد مما تقدم.
2ـ أن يصافح النساء من غير محارمه: فإن كانت المرأة عجوزا فانية لا تشتهي ولا تشتهى فهو جائز ما دامت الشهوة مأمونة من كلا الطرفين، ولأن الحرمة لخوف الفتنة، فإذا كان أحد المتصافحين ممن لا يشتهي ولا يشتهى فخوف الفتنة معدوم أو نادر، ومنع الشافعية من مصافحة مثل هذه لعموم الأدلة ولم يستثنوا.
وإن كانت المرأة شابة فقد اتفق الأئمة الأربعة على تحريم مصافحتها، وقالت الحنابلة منهم: سواء كانت المصافحة من وراء حائل أو لا. فعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" رواه الطبراني والبيهقي. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات. ولا شك في أن المصافحة من المس. وعن عائشة رضي الله عنها قالت:" والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قط إلا بما أمره الله تعالى، وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن البيعة: "قد بايعتكن كلاما".
قال النووي رحمه الله: وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه، بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها، ولا يجوز مسها. انتهى.
أما قولك إنك أخبرت أنه في بيعة الرضوان ـ والله أعلم ـ وعندما بايع الرسول الكريم الصحابة: جاءت النساء لمبايعته فرفض عليه السلام المبايعة باليد، وهنا قال أحد الصحابة: إنني أصافحهن يا رسول الله، فلم يعترض عليه الصلاة والسلام على ذلك … إلخ.
فالجواب عنه أن يقال: هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أورد القرطبي في تفسير سورة الممتحنة آية (12) عن أم عطية قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء الأنصار في بيت، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقام على الباب وسلّم علينا فرددن أو فرددنا عليه السلام، ثم قال: أنا رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليكن، قالت: فقلنا: مرحباً برسول الله، وبرسولِ رسولِ الله، فقال: تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئاً ولا تسرقن ولا تزنين، قالت: فقلنا: نعم، قالت: (فمدّ يده من خارج الباب أو البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: اللهم اشهد) فهذا كلام أم عطية ـ رضي الله عنها ـ وليس فيه ما يدل على المصافحة ولا على إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك، وقد رّد الحافظ ابن حجر هذا الأثر مستدلاً بحديث عائشة رضي الله عنها لما قالت: لا والله ما مست يده صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط في المبايعة. فقال: وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية. انظر: فتح الباري (8/488) .
والأثر على فرض صحته يمكن أن يجاب عنه بأن مد الأيدي من وراء حجاب فيه إشارة إلى وقوع المبايعة، وإن لم تقع المصافحة.
قال الشيخ الألباني عن هذه الروايات في مصافحة النساء في البيعة: وكلها مراسيل لا تقوم الحجة بها. (سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/65) دار المعارف) .
أما قول البعض (إن حرمة المصافحة كانت خاصة بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أما باقي المسلمين فلا حرمة في ذلك) . فالجواب عنه إن هذه الدعوى يبطلها تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من مس النساء التي لا تحل حيث يقول: "لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له".
فقوله: (في رأس أحدكم) دليل على أنه يخاطب أمته. كيف وقد اتفق الأئمة الأربعة على تحريم مصافحة الشابة الأجنبية كما تقدم.
وأما قول القائل: جاءت النساء للمبايعة في بيعة الرضوان، فالصواب أن ذلك في بيعة النساء عام الفتح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1422(9/1206)
لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أشكركم على عملكم ومساعدتكم لنا، وأنا من قراء الموقع بشكل يومي تقريباَ وأعجبني جداً وجزاكم الله ألف خير.
قطعت علاقتي بأخت زوجي بعد ما استقبلتها في منزلي وضيفتها كثيراً هي وزوجها، وأقسم بالله أني أكرمتها جداً وكانت تأتي كل أسبوع تقريباً، تجلس يومين هي وزوجها، وأقوم أنا على خدمتهم ولا تساعدني في شيء وبصراحة ما كانت تراعي حرمة المنزل لا هي ولا زوجها، وتبلغ زوجي بحضورها في نفس اليوم، وفي مرة قال لها زوجي: نحن غير مستعدين فغضبت، وأصرت على الحضور، وحضرت فعلاً فأزعجني ذلك جداً، وبعد ذلك جاءتنا ظروف صعبة جداَ ولم يساعدونا في شيء، علما بأنها في ذلك الوقت كانت موجودة عندي كالعادة وتعاملت معنا بمنتهى البرود وجلست وتم ضيافتها، وقضت يومين وذهبت، بصراحة غضبت جداً منها هي وزوجها، لأنها كانت تتعامل معي على أني خادمة عندها، ولم تكن تساعدني في شيء، ولا حتى تشكرني على شيء، وطلبت من زوجي أن يرفض حضورها وإقامتها عندي مرة ثانية ولكنه رفض، بعد ذلك قطعت علاقتي بها لا أتحدث معها في الهاتف ولا أزورها في المنزل، وهي علمت أني غضبت منها بسبب موقفها، وآخر مرة كانت عندي -بصرحة- قابلتها مقابلة سيئة حتى لا تأتي مرة أخرى.
والآن لا أعرف هل علي ذنب بسب مقاطعتي لها؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما تفعله أخت زوجك من زيارتها لكم دون إذنكم لها لا يجوز، خصوصاً مع تضرركم من ذلك، فإن البيوت لها حرماتها وخصوصياتها ولا يجوز لأحد أن يدخل على أحد بيته إلا بعد أن يستأنس، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النور:27} ، فجعلت الآية دخول بيت الغير مرهوناً بالاستئناس الذي هو ضد الاستيحاش، وفي هذه إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون الدخول على وجه لا يستوحش منه أصحاب البيت ولا يتضررون، قال الرازي: وذلك لأنهم إذا استأذنوا وسلموا أنس أهل البيت، ولو دخلوا بغير إذن لاستوحشوا. انتهى.
وقال أيضاً: إ ن الحكمة في الاستئذان أن لا يدخل الإنسان على غيره بغير إذنه فإن ذلك مما يسوءه. انتهى.
ومع ذلك فإنا نوصيك بالصبرعليها والتغاضي عن إساءتها، فقد ندب الله إلى العفو فقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} ، وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
وندب سبحانه إلى رد السيئة بالحسنة استصلاحاً للمسيء واستئلافا لقلبه، فقال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
واعلمي أنه لا يجوز لك أن تهجريها ولا أن تقاطعيها، فهجر المسلم بدون مسوغ شرعي حرام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
ولكن اطلبي من زوجك أن ينصحها، وأن يعلمها بالحكم الشرعي في الاستئذان لعلها أن تتذكر وتراجع نفسها، فإن أصرت على ذلك فلزاما على زوجك أن يمنعها مما يلحق بك الأذى المترتب على زيارتها وزوجها، مع التنبيه على أنه لا يجب عليك خدمتها ولا خدمة زوجها، كما لا يحل لك أن تظهري أمام زوجها بغير الحجاب الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(9/1207)
لا بد من مراعاة آداب الزيارة والاستئذان
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع زوجتي الثانية قبل الزواج على وجود أبنائها من زوج سابق معنا في المنزل , وبعد الدخول بها لم يوافق والدهم على ذلك وقرر من طرف واحد أن يأتوا لزيارة أمهم متى ما رأى ذلك دون أن يكون لي رأي في تحديد مواعيد الزيارة حيث إنني رب المنزل وأنا وأم أولاده لنا ظروفنا الخاصة ويلزم الترتيب المسبق بيننا في تنظيم هذه المواعيد، هذا بالنسبة للأطفال الصغار, أما الكبار فهم يحضرون ويذهبون دائما وفي أي وقت وبدون أي سابق إشعار أو تحديد للوقت,, حيث إن المنزلين قريبين من بعض ولديهم وسائل مواصلات تعينهم على الحضور متى شاؤوا.. ولم يناسبني أن لا يكون لي رأي في تحديد مواعيد حضورهم حيث لا أستطيع ترتيب جدولي اليومي أو الأسبوعي مع أمهم لأننا لا نعلم متى يقرر والدهم إرسالهم إلينا, أو يكون هو المتصرف في أمورنا دون أن يحسب لنا أي حساب في ذلك, علما أننا لا نعلم متى سيحضرهم ولا ندري متى سيطلب منهم الرجوع بل يكون الأمر على ما يناسبه هو فقط ... وقد طلبت من والدتهم العمل على تصحيح هذا الوضع.. وأن يتم التفاهم مع والدهم حول ذلك فرفضت.. وحدث بيننا خلاف بهذا الشأن وتدخل إخوانها فعرضت عليهم تنظيما يرتب حضور أبنائها لزيارتها بحيث نعرف ما نحن عليه ونستطيع بموجبه معرفة متى سيحضرون ومتى سيذهبون, ونرتب برامجنا بموجبه فرأوه برنامجا عادلا ومناسبا, إلا أن والدهم ووالدتهم لم يلتزموا به سوى أقل من شهرين ثم عاد الوضع كما هو في السابق, ورجع الخلاف كما كان.. الشاهد في الموضوع أنها تقول: إني نقضت الميثاق الغليظ الذي تم بموجبه عقد الزوجية ونقضت الشرط الذي بيننا فيه, فهل قولها صحيح؟ ... علما أنني قلت لها إ نه ليس عندي مانع من وجود أبنائها معنا بصورة دائمة حسب الشرط في العقد, لأنني على الأقل أعلم يقينا أنهم سيذهبون لوالدهم في الإجازة الأسبوعية والإجازات الدراسية والأعياد وسأرتب أموري على ذلك،،، أما هكذا فالأمر عائم ولا يمكن لأي كان تحمله, ما هو الرأي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما طلبته من زوجتك بشأن تنظيم مواعيد زيارة أولادها لها، ولا يعد ذلك إخلافا للشرط، إذ أن البيوت لها حرماتها وخصوصياتها، والشرع قد راعى ذلك تمام المرعاة حتى أنه أمر باستذان أقرب أقارب الشخص وهم الأبناء بل حتى الذين لم يبلغوا الحلم منهم طالب الشرع آباءهم أن يعلموهم خلق الإستئذان، قال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ {النور:58} .
فالواجب على زوجتك وعلى الأولاد وعلى أبيهم أن يراعوا هذا، لئلا يتسببوا لغيرهم في العنت ويوقعوه في الحرج خصوصا مع التزامك بما اشترطوه من بقائهم مع أمهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(9/1208)
حكم وجود أم الزوجة مع الزوجين في غرفة نومهما لمتابعة حالة طفلهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تواجد أم الزوجة في غرفة النوم عند وجود الزوجين في نفس الوقت لغرض متابعة حالة طفلهما أم يكره ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن آداب الإسلام العظيمة التي شرعها الله ورسوله وجاء ذكرها في القرآن وفي السنة أدب الاستئذان، وهو خلق عظيم يستدفع به كثير من الشرور، فإن من حق الناس أن يطمئنوا في بيوتهم، وأن يأمنوا على حرماتهم، وأن يستتروا عن أعين الناظرين، ولكل فرد خصوصياته في ملبسه ومأكله وفي جلوسه ونومه، وقد يتخفف من الأعباء في داخل بيته، ولا يحب أن يراه أحد وهو في هذه الحال، ومن هنا أدب الله جل شأنه عباده فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {النور:27-28} ، وقال صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الاستئذان من أجل البصر. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن هذا الخلق ليس مختصاً بالأجانب فقط فالأقارب أيضاً لهم منه أوفر الحظ، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ {النور:58، وقال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {النور:59} ، وهناك بعض الأوقات التي يتأكد فيها أمر الاستئذان وهي ما ذكر الله سبحانه في الآية الكريمة: مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ {النور:58} .
وعلى ذلك فإنا نقول: لا ينبغي لأم زوجك أن تدخل عليكما غرفة النوم بدون استئذان لا لمتابعة الطفل ولا لغير ذلك من الأغراض، بل يجب عليها قبل الدخول أن تستأذن فإن أذن لها وإلا فلا تدخل، هذه هي تعاليم الإسلام وأحكامه.
أما لو أذنتما لها بالدخول وأنتما في جلسة عادية ليس فيها أي شيء مما يكون بين الرجل وزوجته فلا بأس ولا حرج في دخولها في هذه الحالة بشرط المحافظة على ستر العورات،
وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11327، 39303، 43128.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(9/1209)
ينبغي للمرء أن يتحلى بآداب الزيارة والاستئذان
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكرك سيادتكم علي إجابتي على سؤالي السابق ولكني أود أن أوضح عدة أشياء لم أكن قد ذكرتها من قبل ورجاء أن يتسع صدر سيادتكم لي حيث إن هذه المشكلة تؤرقني، كنت أعيش مع أم زوجي وبعد موتها أرادت ابنتها أن تأخذ نسخة من مفتاح الشقة وتأتي إليها في غيابي مع العلم أنها متزوجة وتعيش مع زوجها وهي بالفعل تأتي وتأخذ أشياء لوالدتها كانت قد تركتها لأستخدمها وذلك دون علمي ودون استئذاني هل لها الحق في ذلك؟ وهل تعتبر هذه الأشياء التي كنت أستخدمها أنا وأمها قبل وفاتها من الميراث. وهل لها الحق أن تشاركني منزلي مع العلم أنه حين تم الزواج كان الاتفاق أن هذه الشقة شقة زوجي، مع العلم بأن هذه الشقة إيجار وليست تمليكا، أرجو من سيادتكم إفادتي حيث إن هذه المشكلة ستدمر حياتي بسبب تدخل وسيطرة أخت زوجي ورغبتها في التحكم في بيتي وأكرر هل من حقها أن تعيش معي دون رضاي وهل من حقها أن تأخذ ما تريد دون علمي وأليس من حقي أن تستأذن في دخول بيتي في حالة عدم وجودي فيه، أرجو إفادتي حيث إني حريصة على رضا ربي وزوجي دون أن أتنازل عن حقوقي وكرامتي ولا أرغب في أخذ شيء ليس من حقي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك، والسؤال السابق كان بحاجة إلى بعض الإيضاحات التي ذكرت في هذه السؤال، لذلك كانت الإجابة السابقة متضمنة لعدة احتمالات، ويبدو أنك عرفت ما يخص حالتك غير أننا نقول: إنه لا يحق لأجنبي دخول بيت أحد حتى يستأذنه كما أمر الله، فلا يجوز لهذه المرأة أن تدخل بيتك حتى ولو كان فيه شيء يخص أمها إلا بإذن، أما هل من حقها أن تعيش معك دون رضاك مع أنها متزوجة وتعيش مع زوجها -كما قلت- فإن المفهوم أنك تقصدين زيارتها لك متى تشاء، فنقول: ننصح بعدم تعقيد الأمور ومنعها من زيارة بيت أخيها فإنه رحمها وهم أهلها ولا يحق لك منعها من ذلك، كما أن عليها أن تلتزم أدب الزيارة من الاستئذان وغيره كما أمر الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ {النور:27-28} ، ورفع الحرج في الأكل من بيوت الإخوة والأخوات وأبنائهم وطلب السلام والاستئذان في ذلك كله.
فهذه جملة آداب ينبغي التمسك بها من جهتك وجهتها.
أما أخذها ما تريد دون علمك فإن كان بإذن أخيها ومن ماله فلا حرج إلا أنه من كمال حسن العشرة إعلامك بهذا.
وننصحك بالصبر وطرد الوساوس الجالبة للتسخط والمشاكل الأسرية.
أما الامور الخاصة بوالدتها فهي من الميراث الذي يشترك في ملكه جميع الورثة ما لم تكن قد وهبت لك قبل وفاتها شيئا منها وحزته الحوز الشرعي، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(9/1210)
محل جواز الزيادة في الاستئذان على ثلاث مرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن عند أخي فهل يجوز لي أن أطرق عليه الباب أكثر من ثلاث مرات لأوقظه على صلاة الفجر لأني سمعت حديثا يقول إنه يوجد نهي عن الاستئذان أكثر من ثلاث.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك طرق الباب على أخيك ـ لإيقاظه ـ أكثر من ثلاث مرات إذا ظننت عدم سماعه للطرق لنوم أو غيره لأن الحديث حمله بعض أهل العلم على ظن سماع الاستئذان، أما من لم يسمعه فلا بأس بزيادة الاستئذان في حقه على ثلاث.
ولمزيد من التفصيل نقول: ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع، فقال: والله لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك. انتهى
وفي المنتقى للباجي: وروى أبو موسى وأبو سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع. قال الشيخ أبو القاسم: ولا يزيد على الثلاث؛ إلا أن يعلم أن استئذانه لم يسمع فلا بأس أن يزيد. انتهى
وقال النووي في المجموع: وإذا استأذن ثلاثا، ولم يؤذن له فظن أنه لم يسمع فلم أر لأصحابنا فيه كلاما. وحكى ابن العربي المالكي فيه ثلاثة مذاهب (أحدها) : يعيد الاستئذان (والثاني) : لا يعيده (والثالث) : إن كان بلفظ الاستئذان الأول لم يعده، وإن كان بغيره أعاده. قال: والأصح أنه لا يعيده بحال، وهذا ظاهر الحديث، لكن إذا تأكد ظنه أنهم لم يسمعوه لبعد المكان أو لغيره. فالظاهر أنه لا بأس بالزيادة، ويكون الحديث فيمن لم يظن عدم سماعهم. انتهى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(9/1211)
وجوب الاستئذان لمن يريد دخول بيت غير بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المرء الاستئذان عند دخول بيته الثاني أي بيت الأهل الذي يتوارد إليه كثيراً، علما بأنه يعلم برضاهم وهو يخشى أن يسبب استئذانه عند الدخول وعند الخروج إزعاجا للأهل وتضايقا منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم إذا أراد دخول بيت غير بيته أن يستأذن قبل الدخول ولو كان البيت لأقرب الناس إليه كالأبوين وغيرهما، وذلك لعموم قول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النور:27} ، ولما رواه مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله: أستأذن على أمي؟ فقال: نعم، قال الرجل: إني معها في البيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذن عليها، فقال الرجل: إني خادمها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فاستأذن عليها.
والحاصل أن عليك أن تستأذن على والديك وعيالهم أو تشعرهم قبل الدخول حتى لا تراهم على حالة لا تحب أو لا يحبون أن تراهم عليها، أو لا يجوز لك أن تراهم عليها. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 43128.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(9/1212)
الحكمة من الأمر بتعريف المستأذن بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[من الآداب التي علمها لنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا طرق أحد الباب وقيل له من بالباب فعليه أن يجيب باسمه، فما العلة في ذكر الاسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أنا. فالحكمة من ذلك أن الإجابة بـ (أنا) لا تفيد السائل، فهو إنما سأل ليعرف من هو المستأذن، فينبغي أن يجيب بذكراسمه، قال الإمام النووي في شرح مسلم: قال العلماء: إذا استأذن فقيل له من أنت؟ أو من هذا؟ كره أن يقول: (أنا) لهذا الحديث، ولأنه لم يحصل بقوله (أنا) فائدة، ولا زيادة، بل الإبهام باق، بل ينبغي أن يقول فلان باسمه، إن قال: (أنا فلان) فلا بأس كما قالت أم هانئ حين استأذنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقالت: أنا أم هانئ. ولا بأس بقوله (أنا أبو فلان) أو (القاضي فلان) أو (الشيخ فلان) إذا لم يحصل التعريف بالاسم لخفائه، وعليه يحمل حديث أم فلان ومثله لأبي قتادة وأبي هريرة، والأحسن في هذا أن يقول: أنا فلان المعروف بكذا. انتهى.
وقال الإمام القاري في مرقاة المفاتيح: قلت: اللهم إلا إذا كان من أهل البيت ممن يعرف بصوته على ما هو المتعارف إذ لا شك أنه لو عرفه بصوته لما أنكره عليه لحصول المقصود به -ثم قال-: والحاصل أن المقصود المعرفة ليترتب عليه الإذن وعدمه. انتهى.
وقال صاحب تحفة الأحوذي: إلا إن كان المستأذن ممن يعرف المستأذن عليه صوته، ولا يلتبس بغيره، والغالب الالتباس قاله المهلب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(9/1213)
حكم الذهاب إلى المناسبات من غير دعوة خاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل هل توجد فتوى عن آداب الزيارة, والسؤال هنا بالتحديد هو إذا تمت دعوتي من شخص ذاهب إلى مناسبة ما ولكن هذا الشخص ليس هو صاحب المناسبة بل هو مجرد ضيف في تلك المناسبة وحجته في تقديم الدعوة لي أنه ذو علاقة قوية مع صاحب الدعوة، مع العلم أيضاً بأنني أعرف صاحب المناسبة ولكن فضلت عدم الذهاب لعدم إحراج صاحب المناسبة وإحراج نفسي، فلست أدري إذا كان هناك نص في القرآن أو السنة عن هذا الموضوع أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من آداب زيارة الإخوان أن تكون بعد الاستئذان وفي الأوقات المناسبة، وقد أشارت الآية الكريمة إلى ذلك، فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {النور:27-28} .
وقد أشارت آية أخرى إلى أوقات غير مناسبة ووصفتها بأنها أوقات عورة وأن على الخاصة أن يستأذنوا فيها وأحرى غيرهم، فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لكم.. {النور:58} .
وأما الذهاب إلى المناسبات من غير دعوة خاصة فلا ينبغي إلا إذا كانت الدعوة عامة، أو اقتضى العرف ذلك، فمن غير المناسب أن يأتي المسلم إلى مناسبة أو مكان يُحتاج فيه إلى الدعوة وهو لم يُدع إليه، وإن فعل ذلك فإن عليه أن يستأذن عند الباب قبل الدخول، فقد روى مسلم في صحيحه: أن رجلاً من الأنصار دعا النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة من أصحابه إلى طعام، فجاء معهم رجل آخر، فلما بلغ الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا اتبعنا فإن شئت أن تأذن له وإن شئت رجع؟ قال: لا؛ بل آذن له يا رسول الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(9/1214)
ليس للجماع أوقات مفضلة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الآية (يا أيها الذين امنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات.... الآية) هل هذه الأوقات التي يفضل فيها الجماع, وهل يمكن أن يكون الجماع في غير هذه الأوقات يعني بعد صلاة الصبح مثلا، لأن هذا هو الوقت الوحيد المتوفر لي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الزوج في جماع زوجته بعد صلاة الصبح أو في أي وقت شاء، وأما الآية المذكورة فليس فيها تفضيل الجماع في هذه الأوقات، وإنما فيها مشروعية الاستئذان في هذه الأوقات وهي:
الأول: من قبل صلاة الفجر، لأنه وقت اليقظة من المضاجع، وتغيير ثياب النوم، وارتداء ثياب اليقظة، وفي هذا مظنة انكشاف العورة.
الثاني: وقت الظهيرة، لأنه وقت خلع ثياب العمل، والاستعداد للنوم.
الثالث: من بعد صلاة العشاء، لأنه وقت خلع ثياب اليقظة، ولبس ثياب النوم، والأمر بالاستئذان في هذه الأوقات لما يخشى من انكشاف العورات، إذ هي ساعات الخلوة والانفراد ووضع الملابس، وتراجع الفتوى رقم: 11327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(9/1215)
آداب الاستئذان تطبق على القريب والبعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شروط وقواعد الزيارة للبيوت تنطبق على أهل الزوجين وماهي أصول الزيارة الشرعية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل دخول بيت الغير إلا بعد استئذان، سواء أكان البيت مفتوحا أو مغلقا، وسواء أكان لقريب أو بعيد، لقول الحق سبحانه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور: 27] .
وفي الموطأ عن عطاء بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: يا رسول الله: أستأذن على أمي؟ فقال نعم: قال الرجل: إني معها في البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذن عليها، فقال الرجل: إني خادمها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذن عليها.
ولم يستثن من هذا الحكم إلا الصغير أو الخادم في غير الأوقات الثلاثة المبينة في قوله سبحانه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور: 58] .
وبهذا يتضح للسائل أنه لا بد لكل من أهل الزوجين من الاستئذان قبل الدخول.
أما كيفية الاستئذان، فالأصل فيه أن يكون باللفظ، كأن يقول المستأذن: "السلام عليكم أأدخل" وقد ينوب عنه غيره مما تعارف الناس عليه كقرع الباب.
ومن آداب الاستئذان أن يكرر المستأذن الاستئذان ثلاثا إذا لم يُسمع، فإن أذن له دخل، وإن لم يؤذن له رجع، ومن الآداب كذلك أن لا يقف المستأذن قبالة الباب إن كان مفتوحا، بل ينحرف ذات اليمين أو ذات الشمال، ولا يحل للمستأذن النظر داخل البيت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الاستئذان من النظر.رواه أبو داود. وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(9/1216)
دليل الاستئذان عند طروق الأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف أنه من أدب السنة الاستئذان قبل الدخول إلى أي مكان، حتى لو دخل الرجل على أهل بيته، أريد أن أعرف الحديث المؤكد لهذا المعنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستئذان الذي ورد الأمر به يعني دخول المرء بيتا غير بيته، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27] .
وأما الذي نُهِي عنه صاحب البيت فهو أن يطرق الرجل أهله طروقا، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقا. متفق عليه.
وفي رواية مسلم تقييد ذلك بالليل؛ قال: إذا قدم أحدكم ليلاً فلا يأتين أهله طروقاً حتى تستعد المغيبة وتمتشط الشعثة.، ولمسلم في رواية أخرى: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يلتمس عثراتهم.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
15470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(9/1217)
هل يجوز الأخذ بعلم الرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي استئذان الشخص صاحب الشيء الذي أريد أخذه إن كنت أعلم أن ليس لديه مانع وأخبره لاحقا أم لا أخبره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه يجوز لكل أحد أن يأخذ من مال غيره حاضراً أو غائباً، سواء كان هذا المأخوذ نقداً أو طعاماً أو غيرهما، إذا علم رضا صاحبه ولو بقرينة قوية تفيد رضاه، أما إذا شك فلا.
ودليل ما تقدم حديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه.
فإذا علم طيب نفس المالك بالقول أو بالقرينة القوية جاز الأخذ بدون علمه، جاء في الفتاوى الكبرى للهيتمي: وسئل بما لفظه هل يجوز الأخذ بعلم الرضا من كل شيء أم مخصوص بطعام الضيافة؟ فأجاب: بقوله: الذي دل عليه كلامهم أنه غير مخصوص بذلك، وصرحوا بأن غلبة الظن كالعلم في ذلك، وحينئذ فمتى غلب ظنه أن المالك يسمح له بأخذ شيء معين من ماله جاز له أخذه، ثم إن بان خلاف ظنه لزمه ضمانه وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(9/1218)
حكم الدخول على الأبوين بدون استئذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فى من دخل على أبويه فى الأوقات التي حرمها الله عن قصد، وما الكفارة، وهل يغفر الله له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الفعل قد وقع من شخص مكلف فلا شك أنه قد ارتكب إثماً وتجب عليه المبادرة إلى التوبة منه، لأن الكبير يجب عليه الاستئذان في كل وقت ما لم يكن مملوكاً لمن يريد الدخول عليه فيندب له في بعض الأوقات، وعلى كل حال، فلا يجوز لهذا الشخص الدخول بغير استئذان، وإن كان ذلك قد وقع منه وهو صغير فإنه لا يأثم بذلك، لأنه دون سن التكليف، ويستحب الاستئذان في حقه عند الجمهور، وعلى وليه توجيهه وإرشاده، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم: 11327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(9/1219)
دخول غرفة الأخ ضمن الآداب الشرعية لا مانع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة ملتزم. لقد دخلت غرفة نوم أخي فما الذي يلزمني فعله جزاكم الله خيراً انقذني أعانك الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في دخولك غرفة نوم أخيك إذا كان ذلك بعد الاستئذان منه، سواء كان ذلك في وجوده أو عدم وجوده، وكذا إذا كنت تعلم برضاه وعدم كراهته لذلك ولو لم يأذن لك أصلاً، ولا يجوز لك الاطلاع على شيء من أسراره إلا بإذنه.
فإذا كان دخولك وفقاً لهذه الضوابط فلا يلحقك به إثم، أما إن كنت قد خالفت شيئاً من ذلك فيجب عليك التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(9/1220)
حكم زيارة أهل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في زيارة أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهل هي واجبة؟ وما شروطها إن كانت ممكنة؟ وما سبب منعها إن كانت ممنوعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بزيارة أهل البيت زيارة قبورهم، فقد سبق الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 14373 فليراجع.
وإن كان المقصود زيارة من كان حيًّا منهم، فإن زيارتهم كزيارة غيرهم مباحة إن لم تتضمن حراماً، ومستحبة إن كانت لمريض منهم، أو كان الباعث عليها محبة المزور في الله تعالى، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا. غير أني أحببته في الله عز وجل. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(9/1221)
النهي عن الطروق يشمل الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أنه لا يجوز للزوج أن يباغت زوجته إذا كان على سفر، هل هذا صحيح؟ وهل هذا ينطبق على الزوجة؟ أعني هل يجوز للزوجة أن تباغت زوجها في وقت لا يتوقع أن تدخل عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما سمعته من النهي عن طروق الرجل لأهله ليلاً صحيح، فقد روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً".
وفي الحديث تقييد النهي بمن طالت غيبته ولم يكن أهله عالمين بقدومه، أما من قصرت غيبته كاليوم واليومين ونحو ذلك، أو كان أهله عالمين بقدومه فلا يتناوله النهي، لأن العلة من النهي في هذه الحالة منتفية، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، والعلة هي لئلا يجد الرجل أهله على غير أهبة، من التنظف والتزين المطلوب من أهله، فيكون ذلك سبباً للنفرة بينهما، ولئلا يحمله قدومه ليلاً على تخون أهله وطلب عثراتهم، فيتعمد أناس القدوم ليلاً لهذا الغرض، بنية الإفساد بينه وبين أهله، والنهي الوارد في الحديث موجه إلى الزوج، ولكنه يشمل الزوجة لوجود المعنى المشترك بينهما الذي من أجله ورد النهي، وكذلك مراعاة هذا الأدب مع غير الزوجين أولى، كما يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وهذا من عظم هذه الشريعة، وسمو منزلتها، نسأل الله تعالى أن يثبتنا عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(9/1222)
وضع اليد على الصدر بعد السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع اليد على الصدر بعد السلام سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود عن البراء رضي الله عنه أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا" والمصافحة لغة هي: الأخذ باليد، يقال: صافح الرجل الرجل إذا وضع صفح كفه في صفح كفه.
وبهذا يعلم أن وضع اليد على الصدر بعد المصافحة شيء زائد على المصافحة المرغب فيها، وأن الذي ينبغي الاقتصار عليه هو المصافحة بمعناها اللغوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1422(9/1223)
المصافحة وسيلة لغفران الذنوب.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في امرأة رفضت السلام باليد على أخرى لأنها ترتدي قفازا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب أن يُعْلم أولا أن المرأة مطالبة بلبس القفاز خاصة إذا كانت اليد مخضبة، ولا يجوز كشف الكفين والحالة هذه إذا كان ثَمَّ رجال أجانب. وللمرأة أن تكشف كفيها للحاجة، أو إذا كانت بحضرة نساء أو رجال من محارمها. وأما السلام على من تلبس القفازين فيجب أن نعلم أولاً أن السلام بمعناه الشرعي الذي هو (السلام عليكم) يسن ابتداؤه ويجب رده، بدليل قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) . [النساء: 86] وهو حق من حقوق الإسلام يجب بذله للمسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم". رواه مسلم. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ونصر الضعيف وعون المظلوم وإفشاء السلام وإبرار المقسم" متفق عليه. وأما السلام بمعنى المصافحة ـ وهو ما قصده السائل ـ فلا ينبغي تركه لمن قدر عليه لما فيه من الأجر العظيم ومن إشاعة الألفة والمحبة بين المتصافحين وقد روى أبو داود عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا.
وهذه المرأة التي رفضت المصافحة فاتها هذا الثواب وفوتت على نفسها تلك الفضيلة وهي مغفرة الذنوب وتكفير الخطايا.
هذا والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1224)
قابل صديقك بالبشاشة ولا تعامله بالمثل والتمس له عذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. قابلت أحد أصدقائي يوما بجفاء، لأنه لم يقابلني مرة من المرات بترحاب، وبعد ذلك أحسست بالذنب..فهل ارتكبت خطأ عندما قابلته بتلك الطريقة؟ ماذا أفعل؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
من الحسنات التي قد يغفل عنها الإنسان: ملاقاة الإخوان بوجه طليق ففي صحيح الإمام مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق". [رواه مسلم] . المؤمن لا يقابل السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ويدفع بالتي هي أحسن. وما عليك إلا أن تبادر بلقائه بالبشر والترحاب ليذهب ما في النفوس. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1225)
لا يجوز الانحناء عند القاء التحية
[السُّؤَالُ]
ـ[نذهب إلى اليابان للدراسة:
وعادة الشعب الياباني الانحناء إلى الأمام عند القاء التحية. فما حكم ذلك بالنسبة لنا كمسلمين؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع الانحناء عند القاء التحية لما رواه الترمذي وأحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا. قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم". قال الترمذي: هذا حديث حسن.
والإنحناء في معنى الركوع، فلا يجوز إلا لله عز وجل.
وأما المعانقة فقد ورد ما يفيد جوازها للقادم من سفر. وينبغي إعلام هؤلاء بأن مخالفتك لهم في هيئة التحية إنما هو التزام منك بدينك، وليس تكبراً ولا ترفعاً عليهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1226)
هل يزول الهجران بمجرد إلقاء السلام أو رده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تخاصم مع أخيه الأكبر الذي كان دائما يهينه لأبسط الأمور بكلمات سيئة: كيا بهيمة، فهجره وأصبح لا يزيد على أن يرد السلام إذا دخل وسلم على من في المنزل، والعكس بالعكس أيضا، ولم يتواجها بالسلام بينهما. وقد تعدت تلك الحال أكثر من 3 أيام، فهل يأثمان؟ وماذا تنصحني به تجاههما؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأخ إهانة أخيه أو أذيته بكلام أو غيره، لثبوت حرمة أذية المسلم وإهانته، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه؛ لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
إضافة إلى ما في هذه المعاملة من قطيعة الرحم، وكان الأجدر بالأخ الشفقة على أخيه، وأن يكون له بمثابة الأب في الإحسان والاحترام، ولا يجوز لهذين الأخوين الهجران فوق ثلاثة أيام، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه
وإذا كان الأخوان المذكوران يسلم أحدهما على الآخر ويرد الآخر عليه، فليس بينهما هجران محرم عند أكثر أهل العلم، وقال بعضهم لا يزول الهجران إلا برجوعهما لما كانا عليه من علاقة قبل الهجران، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء تزول الهجرة بمجرد السلام ورده. وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. انتهى.
والذي ننصحك به من أمرهما هو أن تبين لهما خطورة الهجران بين المسلمين، وخصوصا إذا كان معه قطع رحم، وأن واجبهما قطع هذا الهجران بما ينقطع به شرعا، وأن يصل كل منهما الآخر بما تحصل به الصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(9/1227)
أقل ما يزول به التهاجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أن بيني وبين بعض الأشخاص ـ هدانا الله ـ خصاما منذ عشرين سنة، وبعضه منذ أربع سنوات وبعضه من قريب، وحينما قابلت أحدهم أعرض عني ولم يسلم علي فلم أهتم لذلك ـ وقد كنت مستعداً للسلام عليه ـ ويشهد الله أنني لا أضمر لهم أي كراهية أو حقد أو شحناء أو بغضاء، بل إنني أدعو لهم بظهرالغيب وقد سامحتهم جميعا، على الرغم من أن كل الأخطاء منهم، فهل أعمالي لا ترفع كل يومي اثنين وخميس؟ أم أنني بسبب عفوي عنهم ترفع أعمالي؟ ويشهد الله أنني قد سامحتهم جميعا.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الله عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونواعباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.
وكلما طال الهجر فالإثم أشد، فعن أبي خراش السلمي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
كما أن هذه القطيعة تفوت عليك خيراً كثيراً، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تُعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً إلا أمرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا، اتركوا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
فالواجب عليك المبادرة بمصالحتهم، وإن أعرضواعنك فأقبل عليهم وابدأهم بالسلام ابتغاء مرضاة الله، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجرأخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
فلا يكفي في قطع التهاجرعفوك عنهم، وإنما أقل ما يزول به التهاجر هو السلام، قال ابن حجر: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولاً، وقال أيضاً: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. فتح الباري ابن حجر.
واعلم أن العفو عن المسيء سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، وهو يزيد المسلم عزاً وكرامة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(9/1228)
حكم هجر الوالدين والأقارب بسبب بعدهم عن الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص يريد هجر أهله لأسباب: أولا: أنهم بعيدون عن الدين. ثانيا: أن هجرهم فيه صلاح لدينه
واستقامة دينه، وأن في قربهم فساد دينه وزيغه عن الصراط المستقيم. فهل يجوز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن صلة الرحم من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى علام الغيوب جل وعلا. وقد ورد الحث الشديد على صلتها والتحذير من قطيعتها. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 104587.
فإن كان الأمر على ما ذُكر من كون الأرحام من أهل الغفلة، والبعد عن الله سبحانه، فالواجب نصحهم وتذكيرهم بالله سبحانه وبحقه عليهم، وينبغي للقريب أن يبالغ في نصحهم ويكثر من ذلك، فلعل الله أن يكتب لهم الهداية على يديه، فيحوز بذلك الأجر العظيم عنده سبحانه.
فإن قام بواجبه تجاههم من النصح والوعظ ولم يُجد ذلك معهم، فينبغي حينئذ التفريق بين الوالدين وبين غيرهما. فأما الوالدان فلا يجوز هجرهما بحال حتى وإن كانا كافرين يدعوان ابنهما إلى عبادة غير الله، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 22420.
ولكن يهجران في المعصية فقط، ويستمر البر بهما في بقية الأوقات، ويجوز التقليل من مخالطتهما بالقدر الذي يدفع عن الولد فتنة الدين.
أما ما سوى الوالدين فلا حرج في هجرهم واعتزالهم، بل قد يجب ذلك إذا كانت مخالطتهم ستسبب فتنة في الدين أو ضعفا في الإيمان. وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتويين: 29501، 119581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(9/1229)
لا حرج في اجتناب القريب الساحر وهجره إذا أصر على معصيته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمات مؤذيات جدا، ولهن باع في أمور السحر والعياذ بالله، ونحن عانينا الأمرين من هذه الأفعال، وأنا أخاف منهن ومن أفعالهن، ولا أريد مقاطعتهن حفاظا على صلة الرحم بيني وبينهن، ولكن أريد اجتنابهن قدر الإمكان، فمثلا زياراتي لهن خفيفة جدا تكاد أن تكون مرة أو مرتين في السنة، وأجنب زوجتي زيارتهن حتى لا يزرننا في بيتنا، فأنا وجميع إخوتي لا نقاطعهن مع أننا نعلم كم هن مؤذيات ولا يخفن الله، ولكن نتجنب كثرة الاجتماع بهن خوفا من الوقوع في حبالهن، فنحن صحيح دائما نتحصن بالأذكار والقرآن الكريم، ولكننا بشر يحتمل أن ننسى ولهذا نخاف من أفعالهن. فهل نحن بتجنبنا إياهن آثمون. أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر حقا على ما ذكرت من اشتغال عماتكم بهذه المحرمات الموبقات من السحر ونحوه فلا حرج عليكم في اجتنابهن، ولكن عليكم قبل ذلك أن تبذلوا لهن النصح وتعظوهن وتذكروهن بأن السحر من الأمور المحرمة، والتي قد تصل بصاحبها إلى حد الكفر بالله جل وعلا، وقد بينا ذلك في الفتويين: 114818، 4754.
فإن لم يستجبن لذلك، وأصررن على فعل هذه الموبقات، فلا حرج عليكم في اجتنابهن، بل ينبغي هجرهن زجرا لهن عن هذا الباطل، لأن هجر الظالم المعتدي المصر على الكبائر من شعب الإيمان، كما بيناه مفصلا في الفتوى رقم: 116397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(9/1230)
هل تهجر العائلة ولدها الذي ضرب أباه
[السُّؤَالُ]
ـ[أب لديه أكبر أبنائه متزوج وعلى خلاف دائم معه وشجار مستمر لدرجة أن الأمور تطورت فيما بينهما آخر مرة وقام الابن بضرب أبيه وأصابه في يده، وقام بإصابة نفسه إصابة بالغة في رأسه وعمل بها محضرا يشكو فيه الأب في الشرطة، وبعد تصفية الخلاف قانونيا قاطع الأب والأم وباقي الأبناء هذا الابن إلا أنه مؤخرا يحاول التحدث مع والدته دون علم أي أحد ومصالحتها، ويريد أن يتصالح مع إخوته أيضا مع العلم بأنه من قبل الزواج وهو يتسبب في العديد في المشكلات والتي زادت بعد زواجه. والسؤال: هل على باقي الأبناء والأم أي وزر أو ذنب لعدم التحدث مع هذا الابن وفقا لرغبة الأب ورفضا لما فعله معه (أي رفضهم لما فعله مع والدهم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من سلوك أخيك مع والده هو من أعظم درجات العقوق وأبلغ أنواع الإساءة، وذلك بلا شك من أكبر الكبائر وأشنع المنكرات، فالواجب عليكم نصح هذا الأخ وتخويفه عاقبة العقوق، فإذا لم ينتصح فلا إثم عليكم في مقاطعته، بل إنّ مقاطعته قد تجب عليكم إذا تعينت طريقاً لاستصلاحه، وكذلك يجوز لكم مقاطعته إذا كان في صلته ضرر عليكم، لكن الأولى صلته مع مداومة نصحه إذا كنتم ترجون صلاحه وتوبته، وانظري الفتوى رقم: 22411.
أمّا إذا كان هذا الأخ قد تاب إلى الله وندم على أفعاله السابقة، فلا يجوز لكم مقاطعته فإنّ التوبة تمحو ما قبلها. وفي هذه الحال إذا أمركم أبوكم بمقاطعته فلا تلزمكم طاعته في ذلك، فإنّ الطاعة إنّما تكون في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(9/1231)
جواز هجر ذي الرحم لمعصيته وفجوره
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل: جزاكم الله خيراً على ما تفعلونه من خدمة المسلمين وجعله الله فى ميزان حسناتكم، أما بعد:
فسؤالي هو: أنني ـ إن شاء الله تعالى ـ قمت بحجز الحج هذا العام، وإنني على علاقة طيبة بأقاربي جميعا إلا واحدة وهي خالتي ـ أخت أمي ـ نقاطعها جميعا من سنين بسبب سوء سلوكها وكثرة مشاكلها وكانت سببا ـ سامحها الله ـ فى أنني وقعت فى المعصية وعندي 20 سنة مع جارة لها، لأنها سهلت كل شيء حتى وقعت فى الزنا ـ غفر الله لي، والحمد لله ـ وأنا الآن أواظب على الصلاة من فترة طويلة وتبت إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحا، وأنا متزوج ولي أولاد، فهل لي سيدي أن أسافر إلى الحج بدون أن أكلمها؟ حيث إنني لا أجد بداخلي أي شيء تجاهها حتى أعاملها مرة أخرى.
وشكراً لسيادتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت مقاطعتك لخالتك هذه لله وفي الله، أوكنت تخشى إن أنت رجعت إلى محادثتها والاتصال بها أن يلحقك من ذلك ضرر في دينك أو خلقك، فلا حرج عليك في ترك صلتها ومداومة هجرها، لأن الهجر المنهي عنه في الشريعة هو ما كان لحظوظ النفس وأمور الدنيا، أما هجر الشخص لمعصيته وفجوره، فلا يدخل في هذا النهي حتى ولو كان المهجور من الأرحام، وقد ذكرنا أدلة هذا وأقوال أهل العلم فيه مفصلة في الفتاوى التالية أرقامها: 119581، 116397، 117551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(9/1232)
مقاطعة العاصي أو صلته يرجع إلى المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان زوجي قد أمرني بمقاطعة أخي الأصغر، وسنه 24 سنة بسبب أعماله التي تغضب الله ـ وآخرها زواجه العرفي من امرأة تكبره بأكثر من 12 سنة ـ وأحضرها لتعيش بمنزل أمي، وكان قصد زوجي من القطيعة منعا للمفسدة، علما بأن لي ابنتين يخاف عليهما من أسلوب حياته، وأن تكون هذه القطيعة سببا في إدراكه لخطئه ولكنه ـ للأسف ـ لم يدرك، وهو الذي لا يريد أن يكلمنا، لأننا لا نريده أن يعيش حياته كما يريد، وهو الآن مريض بالمستشفى، فهل أكلمه أو أزوره؟ أم أظل على موقف زوجي لعله يدرك خطأه يوما؟.
أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقاطعة القريب العاصي أمر يخضع للمصلحة الشرعية، فحيث كانت المقاطعة تنفع في ردعه وردّه إلى الصواب فهي مشروعة، وحيث كانت صلته أنفع في ذلك فهي الأولى، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 20400.
فالذي ننصحك به أن تستأذني زوجك في زيارة أخيك ومعاودة نصحه، لعلّ الله يجعلك سبباً لهدايته، ولا سيّما وهو في حال المرض قد يكون أقرب إلى الاستجابة للنصح، فإن لم يأذن لك زوجك فعليك طاعته، وعلى كل حال عليك بكثرة الدعاء لأخيك بالهداية.
وننبّه إلى أنّ زواج الرجل بامرأة تكبره في السنّ ليس فيه مخالفة للشرع، كما ننبّه إلى أنّ الزواج العرفيّ إ ن كان المقصود به: الزواج الذي لم يوثق عند القاضي، لكنه استكمل الشروط من الولي والشهود والإيجاب والقبول فإنّه زواج صحيح، وأما إذا كان المقصود: أن الزواج تم دون علم ولي المرأة، وأن المرأة هي التي زوجت نفسها، فهذا زواج باطل، وانظري الفتوى رقم: 5962.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(9/1233)
حكم قطع العلاقة مع الأخت التي تعاشر نصرانيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت زوجتي تعيش مع نصراني ومن دون زواج. لا تريد أن تتخلى عنه. هل يصح قطع العلاقة تماما معها. لقد خفت على أولادي وخاصة ابنتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنّه لا يجوز لزوجتك قطع أختها لأنّ قطع الرحم محرّم، لكن هذا إذا كان القطع لأمر دنيوي، أمّا إذا كان لمصلحة شرعية فهو جائز.
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
بل إنّه يجب إذا ترتبّ على صلة هذه الأخت فساد أو فتنة للزوجة أو الأولاد.
وإذا كانت هذه الأخت مسلمة فلتعلم أنّه لا يصحّ زواجها من نصراني، فقد أجمع العلماء على بطلان زواج المسلمة من غير المسلم، وعليكم نصحها وتخويفها بالله. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 121546.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(9/1234)
هجر العم لأجل الفسق جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل: أريد استشارتكم في موضوع في الحقيقة: هومشكلة لأخت لنا في الله، فقبل عدة أعوام قبل أن تلتزم كانت تحس بأن عمها ينظر إليها نظرات غريبة، ثم بدأت تحس بأشياء غريبة في الليل من تحريك غطاء ولمس وهكذا، وبعد إلتزامها التفت لأختها الصغرى وصارت فاجعة بحيث جرد نفسه أمامها ومرة نام بجوارها وأخذ يدها فوضعها فوق ذكره، فأفاقت مرعوبة، وكثير من الأفعال تشبه هذه، وفي الحقيقة هن محتارات ماذا يفعلن؟ فهو متزوج وزوجته تراه ـ ملكا ـ وكذلك الجميع، وإذا رأيته تظنه ـ ملكا، فلو اشتكته لزوجته أوأمها فلن يصدقها أحد، وبالفعل لا يمكن لأحد تصديق أن هذا ـ المتقي الورع ـ يفعل مثل هذه الأفعال، وبيته ملتصق ببيت الأخت وهي محتارة إذا لم تزرهم ستكون قاطعة رحم، وإذا أتى بيتهم ولم تفتح له سيكون شيئا غريبا وهي تستحيي من عدم استقبال عمها، وأنا نصحتها، فقلت لها لا تزوريه وهذه ليست قطيعة رحم فهو منافق، وقلت لها إذا طرق الباب وأنت وحدك فلا تفتحي له الباب، وإذا كانت أمك في البيت فلا بأس، فماهو رأيكم؟ فالفتاة تعيش كابوسا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكر من حصول مثل هذه الممارسات من هذا العم مع بنات أخيه، فلا شك في أن هذا جرم عظيم ومصيبة كبرى أن يكون من يرجى منه أن يكون حاميا للعرض المعتدي عليه، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت. رواه البخاري عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه.
فالواجب أن ينصح هذا العم ويذكر بالله تعالى ويبين له سوء عاقبة الإقدام على مثل هذه التصرفات وأنه قد يعاقب بمثل ذلك في بناته، فإن انتصح ـ فالحمد لله ـ وإن استمر في غيه فيجب على كل واحدة من هؤلاء البنات الحذر منه واجتناب إبداء شيء من الزينة أمامه أو تمكينه من الخلوة بها، فتعامله معاملة الأجنبي، فلا يجوز لها تمكينه من الدخول عليها إذا كانت وحدها في البيت، وينبغي أن تهدده بإخبار وليها بالأمر إذا حاول الاعتداء عليها.
ويجوز هجر هذا العم لأجل الفسق ولا يعتبر ذلك قطيعة للرحم، قال العراقي في طرح التثريب: وأما قوله: لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام، فمحله إذا كان الهجران لحظوظ النفس، وتعنتات أهل الدنيا، قال النووي في الروضة: قال أصحابنا وغيرهم هذا في الهجران لغير عذر شرعي، فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا يحرم، وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصحابة عن كلامهم، وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعضا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(9/1235)
لا حرج في هجر القريب إذا كانت صلته تجلب الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة عمي امرأة سيئة جدا، دائما ما تتسبب لنا بالمشاكل, وتريد لنا الضرر لكنها لا تظهر ذلك بشكل مباشر، كما أنها تتعامل بالسحر, وقد عملته لأشخاص من سكان البناية, وأنا أشك بشكل كبير أنها قد عملته لي أيضا وأكاد أكون متأكدة, وهي الآن تحاول إغراء أخي للزواج ببنت من بناتها, مع العلم أن بناتها يتبعن خطواتها بسوء الأخلاق وأمور أخرى سيئة.
سؤالي هو: هل يجوز لنا أن نقاطعهم ولا نجري بيننا وبينهم أي زيارات؟ هل يعد ذلك من قطع صلة الرحم, على اعتبار أن صلتنا بهم تسبب لنا الأذى الكبير, والابتعاد عنهم يجنبنا كثيرا من المشاكل وكثيرا من الضرر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المسلم السلامة، والواجب إحسان الظن به وعدم الإقدام على اتهامه إلا ببينة ظاهرة، وعليه، فإن كان اتهامك لزوجة عمك بعمل السحر دون بينة، فهو حرام لا يجوز.
أمّا إذا كنت متيقنة من قيامها بعمل السحر، فلا شكّ أنّ ذلك منكر عظيم، وقد عدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، لكن ذلك لا يمنع من صلتها بالقدر الذي لا يحصل لكم به ضرر في دينكم أو دنياكم، مع وجوب نصحها وبيان خطر ما هي عليه، فإذا لم تنتصح وكان في مقاطعتها زجر لها عن هذا المنكر، فالواجب عليكم هجرها إذا تعين ذلك طريقا لإصلاحها.
وكذا يجوز لكم أن تهجروها إذا غلب على ظنكم حصول ضرر لكم من جهتها.
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 53706.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(9/1236)
لا إثم على الواصل إذا استمر خصمه في القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قد تشاجرت وتلاسنت مع بعض الأشخاص، وقد قمت بالسلام على بعضهم فرفض ذلك، ويشهد الله أن نفسي طيبة عليهم، وقد أشهدت الله أنني سامحتهم وأنني مستعد متى ما قابلتهم أن أسلم عليهم، رغم علمي بكرههم لي، ومع ذلك فوالله إنني لم أحقد على أحد ولا أجد في قلبي على أحد.
وسؤالي هو هل أنا ممن ترد أعماله عليه بسبب الشحناء التي بيني وبين هؤلاء، لأنني أعرف عظم شان التدابر بين الناس، ولكن قلبي أبيض ومستعد للتسامح معهم في أي وقت، بل وإنني أدعو لهم بظهر الغيب بقوله تعالى (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بما وفقك الله من السلام على من تشاجرت معهم والسماح لهم وعدم الحقد عليهم، وعليك بمواصلة ذلك ومقابلة إساءتهم بالإحسان فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
فإذا واصلوا قطيعتك وهجرانك بعد كل ذلك خرجت من القطيعة وباءوا هم بالإثم، ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم. رواه مالك وأبو داود وصححه ابن حجر، وزاد أحمد: وخرج المسلم من الهجرة.
وقال الزرقاني في شرحه للموطأ: وخيرهما أي أفضلهما وأكثرهما ثوابا (الذي يبدأ) أخاه (بالسلام) لأنه فعل حسنة وتسبب إلى فعل حسنة وهي الجواب مع ما دل عليه ابتداؤه من حسن طويته وترك ما كرهه الشرع من الهجر والجفاء. قال الباجي وعياض وغيرهما: وفيه أن السلام يخرج من الهجران وهو قول مالك والأكثرين، وقال أحمد وابن القاسم: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(9/1237)
هل يهجر أخته التي تزني
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت زنت وأنجبت ولد زنا، وأردت أن أمنحها فرصة التوبة بمد يد المساعدة لها، ولكنها تمادت ووصل بها الحد إلى التحايل على الناس وأخذ مالهم، فقررت مقاطعتها، فهل يجوز مقاطعتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب على أختك، وأن يصلحها، ويهديها سواء السبيل.
وينبغي أن تستمر في نصحها وتذكيرها بالله تعالى، وبخطورة الزنا وأكل أموال الناس بالباطل، ويمكنك الاستعانة بالفتوى رقم: 1602، والفتوى رقم: 64597.
وإذا لم ترتدع بعد ذلك وترجع إلى صوابها، فيمكنك هجرها إن رجوت أن ينفعها الهجر، وإن غلب على ظنك أن يزيدها غياً وفساداً، أو أنه لا يفيد في علاجها، فالواجب عدم هجرها، فالهجر يرجع فيه إلى المصلحة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 26333.
وننصح وليها بالحزم معها، وحبسها في البيت، ومنعها من الخروج صيانة لها ودفعاً لشرها عن الناس، ويجب تحذير الناس من أمر تحايلها نصحاً للمسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(9/1238)
البعد عن الأقارب الفاسقين.. هل يعتبر قطعا للرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في زماننا الفساق والفجار، ولا يكاد يخلو منهم بيت، ولو نظرت حولك لوجدت أصحاب السنة باتوا غرباء في هذا المجتمع المسلم. والحمد لله أحاول الالتزام بالسنة النبوية قدر المستطاع، ولكن وللأسف أصطدم مع أقرب الناس إلي في هذه الأمور، وأحاول الابتعاد عن كل ما يشوش علي حياتي من فسق ومجون وغناء، وفي نفس الوقت أحيط عائلتي بهذه السنن لأحميهم وأحمي مستقبلهم، ولكن حتى أستمر في ذلك علي مقاطعة العديد من الأقارب والأصحاب والأهل كزوج أختي وخال لي وعم لي، وذلك لكثرة المصادمات بيننا في أمور السنة ولبعدهم عنها، ومحاولة إغواء أهل بيتي بأمور فاسدة، وحرصا مني على الحفاظ على عائلتي من كل التأثيرات الخارجية. فهل يعتبر هذا قطيعة رحم؟ وهل البعد عن الفساق من الأقارب واجب أم قطيعة رحم؟ وهل علي أن أبتعد عن مخالطتهم ظنا مني بأن مخالطتهم ستضر بأخلاق أهل بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدك رسوخا في الدين، وثباتا على الصراط المستقيم. واعلم أيها السائل أن نعمة الهداية والتوفيق هي أعظم نعم الله على العبد، وأن من صفات المؤمن التقي أنه محب لانتشار الخير وعموم النفع بين الناس، ويبذل أعظم الوسع والجهد في سبيل ذلك، ولا عجب فهذا من أحسن الأعمال والأقوال وأحبها إلى الله سبحانه. قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت: 33} وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه.
وراجع فضل الدعوة إلى الله سبحانه في الفتوى رقم: 75917.
وعليه، فالواجب عليك أن تبذل وسعك وطاقتك في هداية الناس، خصوصا من لهم عليك حقوق خاصة، كأرحامك وجيرانك، وأن ترغبهم في السير إلى الله والمسارعة إلى مغفرته ورضوانه جل وعلا، واحرص أن يكون هذا كله في جو من الرفق واللين وإظهار الحرص على نفعهم وهدايتهم، وأن تجتنب الشدة والعنف معهم، فقد قال الله سبحانه لنبيه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ {آل عمران: 159}
فإن بذلت ما عليك من الوعظ والتذكير بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم تجد لكلامك أذنا واعية، وخفت إن أنت واصلت علاقتك بهم أن يضلوك أو يفسدوا أهل بيتك، فالواجب عليك حينئذ هو أن تعتزلهم جميعا، ولا يعد هذا من قطيعة الرحم، بل هذا معدود من أعظم القربات التي يتقرب بها المتقربون. قال ابن عباس: أَحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغِضْ فِي اللَّهِ، وَوَالِ فِي اللَّهِ، وَعَادِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّهُ لا تُنَالُ وَلاَيَةُ اللَّهِ إِلا بِذَلِكَ؛ وَلاَ يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الإِيمَانِ وَإِنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ؛ وَصَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ ذَلِكَ لا يُجْزِئ عَنْ أَهْلِهِ شَيْئًا، ثُم قرأ: الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ {الزخرف: 67} ، وقرأ: لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة: 22} انتهى.
وقد سبق أن بينا بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: 119581. أن هجر أصحاب الكبائر المصرين عليها من أعظم الطاعات، وأنه واجب أو مستحب على خلاف بين أهل العلم، هذا إذا لم يخش المسلم على نفسه أن يضلوه، فإن خاف ذلك على نفسه وأهل بيته فلا خلاف بين أهل العلم في وجوب هجرهم حينئذ، قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(9/1239)
الهجران بين الإخوة من النسب أشد حرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت والدتي من أخي أن يذكر الله على أمر ما خشية العين لأنه لا يخلو من ذلك كما هو معلوم لديه شخصياً، فقلت له يا أخي أرح نفسك واذكر الله ولن تخسر شيئا ولتعلم ألا بذكر الله تطمئن القلوب فبدأ وكأنه يتشبث في الهجر غضبا مني، أمر لا يستحق فقط لكلمة أذكر الله وكانت مقدمة له بلطف، وله الآن أيام لا يحدثني وعلى العموم الهجر هو ديدنه الآن مخاصم أخته ابنت والديه دون أدنى سبب منذ سنوات ويهجر أمه ويرميها ظلما بالحديث أحيانا وكذلك ديدنه مع بقية إخوته منذ صباه حتى الآن رغم أنه الأكبر سنا، فو الله أكتب لكم فقط لكي أستوضح هل من ذنب يخالط صحيفتي والمشكلة لم يقدر أنني من ذوي الأحتياجات الخاصة ذوي الإعاقة الحركية مما يؤلم أنه يرتدي هندام الالتزام وأقسم لكم يمر في المنزل وحتى السلام لا يقوله لي هل يلحقني شيء من الذنب فأرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.. وكل عام وأنتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك وجزاك خيراً على إحسانك إلى أخيك وحرصك على الاستبراء لدينك، أما عن سؤالك فما ذكرته عن أخيك إن كان كذلك فهو سوء خلق، فقد نهى الله عن التدابر والهجران بين المسلمين.
فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.
وإذا كان التدابر والهجران بين الإخوة والأخوات من النسب، كان ذلك أشد، وأعظم من ذلك إساءته إلى أمه، فإن عقوقها من أكبر الكبائر ومن أسباب سخط الله.
وأما عن موقفك منه فما دمت لا تقاطعه فلا إثم عليك، لكن إن بدأته بالكلام فذلك أفضل، إلا أن يكون في ترك كلامه مصلحة شرعية بأن تغير المقاطعة من حاله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وننبه السائل إلى أن العفو عن المسيء لا يزيد المسلم إلا عزاً وكرامة، كما أنه سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1429(9/1240)
درجات الهجر والخصام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أود أن أعرف هل هناك أنواع للخصام لأن هناك درجات متفاوتة له فمثلا إذا خاصمت أخي هل يختلف عن تشاجري مع سائق تاكسي لأنه يريد أن يأخذ زيادة في الأجرة فهل هذا خصام أو إن عاقبت تلميذا بطريقة معينة ربما يتجنبني وأيضا ولي أمره يأخذ مني موقفا. فهناك ولي أمر تلميذ كل الذي يربطني به التلميذ فيخاصمني ومع ذلك سلمت عليه في المسجد وما زال يتهرب مني ويتجنبني هل زال عني الوزر، أرجو الإفادة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت نصوص الشرع بنهي المسلمين عن الخصام والتقاطع والتهاجر لغير مسوغ شرعي، وقد ذكرنا جملة من هذه النصوص بالفتويين التاليتين: 93882، 96341.
ويتفاوت الناس في حقوق بعضهم على بعض، فهنالك من له حق الإسلام فقط، وهنالك من له حق الإسلام والقرابة، وهنالك من له حق الإسلام والقرابة والجوار، وهكذا، فكلما كان حق المرء أعظم كان النهي عن الخصومة معه وهجره وقطيعته آكد.
وأما بخصوص ما حدث منك مع التلميذ المذكور فإن كنت قد أخطأت وتجاوزت الحد في أمر معاقبته فالواجب عليك التوبة واستسماح ولي أمره، وينبغي أن يقبل منك هذا الاعتذار، ولا يحل لهذا الرجل أن يهجرك إن لم يكن ثم سبب شرعي يدعو إلى ذلك، وقد أحسنت بمبادرتك إياه بالسلام فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في المتهاجرين: وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
ولا ندري ما الوزر الذي تسأل عنه فإن كان وزر معاقبة التلميذ فإنه يكفر بالتوبة واستسماح ولي أمره كما ذكرنا، وإن كنت تعني أمر استمراره في هجره لك فلا يلحقك بهذا إثم من هذه الجهة خاصة وأنك قد بادرته بالسلام.
ولمعرفة حكم ضرب الأطفال وضوابطه نرجو مراجعة الفتوى رقم: 37091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(9/1241)
الصلح والبعد عن الهجر هو الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مخاصم لأخي منذ 3 أشهر وهو الذي أخطأ إلي حيث ضربني وأنا عندما أصالحه سترجع المشاكل مرة أخرى هل أعمالي لا ترفع إلى الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل لك أن تقاطع أخاك هذه المدة الطويلة، فقد حرم الإسلام مقاطعة المسلم لأخيه المسلم فوق ثلاثة أيام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني.
وإذا كان هذا في حق المسلمين عموماً فإن الأمر يكون أشد بين إخوة النسب الذين فرض الإسلام صلة رحمهم ...
ولذلك فإننا ننصحك بتقوى الله تعالى وتجديد التوبة من قطيعة الرحم وغيرها من الذنوب وتبادر إلى مصالحة أخيك وصلة رحمه حتى يغفر الله لك ويقبل توبتك ويرفع عملك ...
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرءا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا.
وأما خوفك من رجوع المشاكل بعد الصلح فإنه من وساوس الشيطان التي لا يلتفت إليها، فلا يكون في الصلح إلا الخير والمودة والرضى، كما قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128} ، وعلى افتراض احتمال حصول المشاكل فإن لك أن تحترز من أسبابها، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 106360، 105466، 69295.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1429(9/1242)
تحريم الهجران عموما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأخي نسكن في بلد وليس هو بلدنا الأصلي على الرغم من أننا نسكن في مدن مختلفة.علاقة زوجتي بزوجة أخي تكاد تكون معدومة إذا كانت هناك علاقة أصلا. زوجتي تحاول الاتصال ولكنها تقابل بالجفاء ولا ندري ما السبب وراء ذلك. والسؤال: هل علاقة زوجتي بزوجة أخي صلة رحم وهل يأثمان بالقطيعة؟ وهل أنا وأخي نأثم بتركهما على هذا الحال؟ نريد منكم نصيحة مفصلة. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله بصلة الأرحام، ونهى عن قطعها فقال سبحانه: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} .
وقد اختلف العلماء في تحديد الرحم التي يجب صلتها على قولين قال النووي في شرحه على مسلم نقلا عن القاضي عياض: واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، وقيل: هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره. انتهى.
فبان من هذا أنه ليس بين زوجتك وزوجة أخيك علاقة الرحم التي أمر الله بصلتها، ولكن لا يعني ذلك أنهما لا يأثمان بما بينهما من قطعية، فإن هجران المسلم عموما – الأرحام وغيرهم - فوق ثلاث حرام إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة، فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني.
وعليه، فإن زوجتيكما تأثمان بهذه القطيعة، وإن لم يكن بينهما رحم تجب صلتها، وتأثمان أنتما أيضا أيها الأزواج ما إذا لم تنهيا عن المنكر، لأن الواجب على الزوج أن يأمر زوجته بطاعة الله وينهاها عن المعصية، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ {التحريم:6}
فالواجب عليكما المسارعة بإصلاح ذات البين، وإذا كان في حدوث مخالطة بينهما ما يخشى من ضرر ديني أو دنيوي بالنسبة لهما أو بالنسبة للزوجين فيلكتف بأدنى الوصل من السلام والكلام بالهاتف ونحو ذلك..
للفائدة تراجع الفتاوى رقم: 11449، 49762، 4417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(9/1243)
حكم هجر من يتصفح مواقع مشبوهة على الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 34 سنة ولدي أخ أصغر مني بـ 4 سنين، تبين لي أن أخي يزور مواقع مشبوهة في البيت على الشبكة وقد اكتشفت أمي الأمر وصعقت به (بأخي) ، فما كان مني إلا أن وبخته بشدة وأنا الآن لا أتحدث إليه علما أنه يعمل بالإمارات وأنا في قطر أي بمعنى أني مقاطعه بهدف القصاص وإظهار مدى استنكاري من هذا الأمر علما أن أمي أيضا قررت عدم الرد عليه على الهاتف الى ما شاء الله، هل يجوز لي مقاطعته بهذه الطريقة علما أن هذه المقاطعة تدخل في نطاق التأديب والتربية وإلى أي حد يمكنني الاستمرار؟ أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكر من أن أخاك يزور بعض المواقع المشبوهة على الإنترنت فلا شك أنه مسيء بذلك، ويجوز هجر مثله إن لم ينفعه النصح والتوجيه، ولكن ينبغي أن يكون هذا التوجيه بنوع من الرفق واللين فهذا أحرى بأن يؤتي ثمرته.
وينبغي أن يعلم أن الهجر إن غلب على الظن أن ينتفع به المهجور فالأولى المصير إليه، وأما إن كان قد يزيده عنادا وإصرارا على ما هو عليه من المنكر فالأولى عدمه. ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين: 38618، 102381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(9/1244)
افعلي ما تستطيعين لصلة أختك وكسر هجرانها
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله لدي مسألة وأريد حلها، لقد حدث خلاف بيني وبين إحدى الأخوات الأكبر مني سنا وبعده طلبت مني ألا أراسلها بعد ذلك، لقد غضبت مني ولكن قمت بعد ذلك بإرسال رسالة لها بالاعتذار ولم أكن أقصد في أحزانها ولكن للأسف لا أعرف كيف أعبر في بعض الأمور، وعندما أرسلت لها بالرسالة أنا متأكدة أنها لم تقرأ فماذا أفعل الآن، لا يجوز أن أهجر أختي المسلمة فوق ثلاث أيام وأنا الآن في حالة حزن، فأفيدوني أرجوكم ماذا أفعل حتى لا تحزن مني وحتى يرضى الله عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما دمت قد اتصلت بأختك وامتنعت من الرد عليك فقد ارتفع عنك الإثم وبقي عليها، فينبغي أن توسطي بينكما بعض المصلحين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وينبغي أن تبذلي ما تستطيعين من الجهد في صلة أختك وكسر هجرانها فإذا فعلت ذلك فقد أديت الذي عليك ويبقى الإثم عليها لرفضها للصلح الذي أمر الله تعالى به، فقال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128} .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
هذا وبإمكانك أن توسطي بعض الأهل والأقارب والأصدقاء ... ليصلح بينكما وينصح أختك ويبين لها الأحاديث التي تحرم مقاطعة المسلم لأخيه، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 75275.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(9/1245)
كيف تعاملين أخت الزوج الناكرة للجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حقوق أخت الزوج على الزوجة إذا كانت الزوجة تقدر وتحترم الجميع حتى إنها تنفق من مالها الخاص مساعدة لزوجها في تحمل أعباء الأسرتين لكن أخت الزوج تقابل كل ذلك بالنكران حتى يصل بها الحد إلى السب والقذف لزوجة أخيها، وهل تأثم الزوجة إذا قاطعتها اجتنابا للسانها لأنها لم تعد تحتمل الإهانة لكرامتها حتى الزوج أيضا أصيب بالنفور من أخته بسبب ما يسمعه منها مباشرة وليس عبر زوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حسن عشرة المرأة لزوجها إحسانها إلى أهله، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، والتغافل عن هفوات أهله، فهو مما يجلب المودة والألفة بين الزوجين، ويزيد احترام الزوج ومحبته لزوجته.
فما ذكرته السائلة من حسن معاملة أهل زوجها بل وإعانة زوجها بمالها لينفق عليهم فهو من الإحسان ومن مكارم الأخلاق، ونسأل الله أن يثبتك على ذلك ويتقبله منك.
أما ما ذكرته عن أخت زوجها فإن سلوكها بعيد عن أخلاق الإسلام، ومناف لمقتضى الطباع السليمة، فإن من أخلاق الإسلام ومقتضى الطباع السليمة مقابلة الإحسان بالإحسان، كما أن السب والقذف أمر محرم مناف لخلق المؤمن.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. متفق عليه.
فعليها بنصح أخت زوجها وتذكيرها بما ينبغي أن تكون عليه أخلاق المؤمنات والدعاء لها بالهداية، ويجوز لها إن أساءت إليها مقاطعتها ثلاثة أيام فقط؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
ولها بعد الثلاثة أيام أن تقتصر في معاملتها على القدر الذي يزول به الهجر، إلا أن يكون في مقاطعتها أكثر من ثلاثة أيام مصلحة شرعية، بأن تغير المقاطعة أمرها إلى الأفضل، فإن المقاطعة تجوز حينئذ، ولكن عليها أن تعين زوجها على صلتها ولا تعينه على مقاطعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(9/1246)
ضابط ومدة ترك رد السلام للتأديب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم رد السلام على جار لتأديبه لأنه استهزأ بي ولقبني بالمعتوه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حق الجار على جاره حق عظيم حث عليه الإسلام، وأوصى به كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما كتاب الله فيقول ربنا تعالى: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ {النساء:36}
وأما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
وفي مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه، أو قال لجاره ما يحب لنفسه. وفي مسلم وابن ماجه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
وما يفعله جارك من الاستهزاء بك ذنب يستوجب التوبة إلى الله سبحانه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنّ {الحجرات: من الآية11} وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
ولكن مع تضييع جارك لحقك عليه، فإنه لا ينبغي لك أن تفعل كفعله، ولا أن ترد سيئته بمثلها، بل ينبغي أن تعفو وتصفح وترد السيئة بالحسنة، مراغمة للشيطان وإغاظة له، وقهرا للنفس الأمارة بالسوء، واستجابة لأمر ربك القائل في محكم التنزيل: وَلَا تَستوِي الحَسَنَةُ ولا السيِئة ادفَع بِالتِي هِي أَحْسَنُ فإِذا الذِي بَينَكَ وَبَيْنَهُ عداوة كَأنه ولي حميم. {فصلت:34}
ويجوز لك أن تهجره ثلاثا، ولا يجوز لك الهجران فوق ذلك، ففي سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني. فيجوز لك أن تترك رد السلام عليه ثلاثة أيام، أما بعد ذلك فترك رد السلام إثم ومعصية، لأن رد السلام فرض.
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع، فإن كان السلام على واحد، فالجواب فرض عين في حقه، وإن كان على جميع فهو فرض كفاية، فإذا أجاب واحد منهم أجزأ عنهم، وسقط الحرج عن جميعهم، وإن أجابوا كلهم كانوا كلهم مؤدين للفرض، سواء ردوا معاً أو متعاقبين، فلو لم يجبه أحد منهم أثموا كلهم، ولو رد غير الذين سلم عليهم لم يسقط الفرض والحرج عن الباقين.
ونؤكد في الأخير أن ما نوصيك به هو العفو والصفح ابتغاء رضوان الله، ولا مانع أن تعاتب جارك على ما حدث منه عتابا لطيفا وتذكره بحق الجار على جاره، إن رأيت في العتاب مصلحة، وإلا فالزم العفو يرفعك الله.
وللفائدة تراجع الفتويين رقم: 15277، 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(9/1247)
لا بأس بالتقليل من زيارة المصر على الغيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة رأي الشرع في التعامل مع والدة الزوج، فوالدة زوجي تكذب كثيراً وتستغيب وتعيب غيرها، فتغاضيت عن ذلك وأصبحت أغير مجرى الحديث حين تفعل ذلك حفظاً لمشاعر زوجي، ولكنها مؤخراً أصبحت تجرحني كثيراً بكلامها حتى أنها تطاولت على أهلي فأصبحت لا أحب الذهاب عندها في أخر الأسبوع إلا جبراً لخاطر زوجي، وفي كثير من الأحيان أذهب إلى منزل خالتي أخت أمي التي تسكن قريباً منها لأقضي يوماً مع أم زوجي ويوماً مع خالتي، فهل أنا آثمة فيما أفعل، علماً بأن زوجي يقضي وقته مع أهله والحمد لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على إرضاء زوجك والمحافظة على شعوره وعلى محاولتك لثني أم زوجك عن الغيبة والاستمرار فيها، وأنت إن شاء الله مأجورة على ذلك.. ثم إنه لا إثم عليك في التقليل من زيارة أم زوجك، ولا سيما إذا كانت كما ذكرت، بل إن التقليل منها قد يكون هو المفيد إذا كنت لا تستطيعين تغيير ذلك المنكر.
وعليه؛ فلا تأثمين بالتقليل من زيارتها بل ولا من تركها بالكلية للأسباب التي سبق أن ذكرت عنها، وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32433، 75535، 80230، 93858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(9/1248)
يكره شخصا معينا بدون أن يخبره بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أكره شخصا ما ولا أخبره أني أكرهه ولكن دائما أتحدث مع نفسي أني لا أطيقه ولا أتحدث عن هذا الشخص أمام الآخرين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم إخبارك لمن تكرهين بكرهك إياه خير من إخباره بذلك لأنه ربما يترتب على الإخبار عداوة وفتنة؛ إلا أن يكون في الإخبار فائدة كأن يرتدع عن معصية فعلها كان البغض لأجلها، مع التنبيه إلى أن الكره القلبي لا إثم فيه؛ إذ لا يملك المرء دفعه ما لم يعمل بمقتضاه، كما لا مؤاخذة في حديث النفس لأنه مما تجاوز الله عنه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 108898، 97606، 25074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(9/1249)
لا حرج في الإعراض عن الأخ اتقاء لشره وظلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ سيء الخلق معي وهذه حاله مع الجميع أسأل الله تعالى أن يهدينا ويهديه وهو يضربني ويشتمني ويؤذيني لأقل الأسباب وأنا صابرة والحمد لله إلى أن يفرج الله تعالى علي وحتى لا أسبب لأمي الحزن وحتى إن كان معي يوما في حال جيد فهو يضحك معي ضحكا أعده إيذاء لي مثلا إذا كنت جالسة يأتي فجأة ويعبث في شعري ويجره أو يرمي علي قشور شيء ما بدعوى الضحك، لكنني أتاذى وأبقى ساكتة وإن تكلمت بكلمة صغيرة أو نظرة (يا نهاري) المهم أنا أحياناً أقابل هذا بعدم التعرض له بالكلام حتى أتجنب إيذاءاته ولأنه أصلاً لا يريد التكلم معي فوالله لن تتصور حجم الإيذاء إضافه أنه يؤذيني بتلك الأغاني المحرمة، فهل حينما لا أتكلم معه أدخل تحت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي معناه أنه يوم الخميس يغفر للمسلمين إلا المتشاحنين، علما بأنني أصوم الحمد لله الاثنين والخميس بفضل الله تعالى، أسأله تعالى أن يثبتني ويفرج همي وجزاكم الله خيراً، ادعو لي بالزوج الصالح الرباني الذي يعينني على طاعة الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الرباني المعين على الطاعات، وأما بخصوص سؤالك فالجواب عليه أننا نقول لك أولاً: إنه قد يكون بعض ما يصدر من أخيك في بدايته مزحاً، وربما يكون من المزح الثقيل فعلاً، وربما تكونين أنت من النوع الذي يتحسس كثيراً من مثل تلك التصرفات، ولذلك نرى أن تصبري وأن تتغاضي عما يمكن التغاضي عنه، وأن لا تحملي كل تصرفات أخيك على قصد إلحاق الأذى بك ما لم تتأكدي من ذلك، فإن تأكدت من ذلك فليس عليك إثم إن لم تتكلمي معه اتقاء لظلمه واعتدائه عليك، وما يفعله هذا الأخ هو من الإساءة والقطيعة المحرمة، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} ، وفي الحديث الذي رواه البخاري: أن الله عز وجل قال للرحم: ألا ترضي أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فذاك.
وأما ما ذكرت من الخشية من شمول عدم المغفرة لك بسبب المشاحنة.. فهذا لو كان الأمر من قبلك تعدياً وظلماً، أما والأمر كما ذكرت فلا إثم عليك ما دمت تعرضين عنه اتقاء لشره وظلمه، وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيم ٌ {الشورى:42} .. وننصحك بالصبر ودوام ذكر الله سبحانه والمغفرة، لقوله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} ، وانظري لذلك الفتوى رقم: 44685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(9/1250)
جواز هجر أصحاب المعاصي ليس على إطلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وأصلي والحمد لله ولكن لي بعض الأقارب والأصحاب والجيران يكفرون ويشتمون الله والعياذ بالله مع إني تكلمت مع أصحابي وقلت لجيراني وحكيت لأقربائي ولكن لا فائدة لمن تنادي.
الغريب في الأمر أن منهم يصلي ومنهم الذي لا يصلي ومنهم الذي لا يصلي معظم الأوقات؟
الأسئلة:
1- هل أقاطع أصحابي وجيراني نهائيا؟
2- ماذا عن أقربائي وهم إخوان أبي {عمي} وجدي ... هل أتكلم معهم أم أتركهم؟
3- ماذا عن أصحابي هل أسلم عليهم إذا رأيتهم وأصافحهم؟
4- هل ينطبق السلام أيضا على الجيران والأقرباء الذين يكفرون؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من سب الله تعالى فهو كافر ولو كان يصلي، ويجب هجرانه إن أفاد ذلك في رجوعه وتوبته، فإن لم يفد الهجر كانت المواصلة أولى لأجل دعوته واستئلافه، هذا باستثناء الوالدين فلا يشرع هجرهما، ثم إنه لا مانع من السلام على أهل المعاصي ومصافحتهم. أما من صدر منه ما يقتضي الكفر من سب الله تعالى ولم يتب فإن كان في السلام عليه مصلحة جاز وإلا فلا يشرع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك على الإيمان والإسلام، وأن يجعلك هاديا مهديا، ثم ينبغي أن تعلم أن سب الله تعالى كفر مخرج عن الملة، والعياذ بالله، ولو كان من يتفوه بذلك يصلي.
وأما عن السؤال الأول والثاني: فإن هجران أصحاب المعاصي مشروع، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو جيرانا باستثناء الوالدين، لكن قرر أهل العلم أن الهجر علاج، فينبغي أن يصار إليه إذا تحقق أو غلب على الظن أن هجر المهجور أنفع من وصله، فإن كان العكس كان عدم الهجر أولى، لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما. وعلى هذا، فإن لم يكن للهجر والمقاطعة هنا فائدة فلتستمر في مواصلة هؤلاء وتذكيرهم بنعم الله عليهم، وتخويفهم من نقمه وعقابه في الدنيا والآخرة، ودعوتهم إلى الرشد والكف عن الألفاظ الكفرية وإقناعهم بالرجوع إلى الله تعالى والتوبة والرجوع إلى الإسلام من جديد، وبالنسبة لمن صدر منه ما يقتضي خروجه منه وإن لم ترج فائدة من ذلك واستمروا على ما هم عليه من العصيان والتطاول على الله تعالى فلتقاطعهم ولتبحث عن جيران غيرهم إذ لا خير في مجاورة مثل هؤلاء، هذا باستثناء أبيك وجدك فلا تقاطعهما ولتستمر في دعوتهما بالتي هي أحسن لأن الله أمر بمعاملة الوالدين بالمعروف ولو كانا كافرين، والمقاطعة ليست من المعاملة بالمعروف.
وعن السؤال الثالث والرابع: فمن كان من هؤلاء لم يصدر منه ما يقتضي خروجه عن الإسلام فلا مانع من السلام عليه ومصافحته ولو كان عاصيا. ومن صدر منه ما يقتضي كفره والعياذ بالله تعالى من سبه لله تعالى -كما ذكرت- ولم يتب فهو كافر، ومن العلماء من يرى عدم جواز السلام على الكافر، ومنهم من يرى جواز ذلك، ومنهم من فصل فأجاز ذلك للمصلحة المعتبرة، ومنع منه لغير مصلحة. ولمزيد الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 20346، 15277، 37526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(9/1251)
الرحم الفاسق.. صلة أم هجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب قاتل في السجن، هل تجوز لي زيارته؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلة الرحم الفاسق ومقاطعته أمران يخضعان للمصلحة الراجحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صلة الرحم واجبة بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم؛ كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 24833.
وصلة الفاسق ومقاطعته تخضع للمصلحة، ولذلك فإذا كانت زيارة قريبك تصلحه وتنفعه في دينه.. فإن عليك زيارته ونصحه، واسأل الله تعالى الهداية له لعل الله تعالى يصلح حاله على يديك فتنال بذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى.
أما إذا كانت مقاطعته أصلح لحاله فإنها الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(9/1252)
حكم من قال لزوجته سأهجرك إن فعلت ذلك ولم يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال الرجل لزوجته سأهجرك إن فعلت ذلك ولم يفعل فهل يقع عليه شيء، وما معنى أن يهجر الرجل امرأته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أن الزوج قال (سأهجرك إن فعلت كذا) ففعلت الزوجة ذلك الأمر ولم يهجر الزوج ... إن كان هذا هو المقصود فالجواب: أن هذا لا يترتب عليه شيء، بل إن كان هذا الأمر الذي فعلته الزوجة ليست فيه معصية لله تعالى فلا ينبغي للزوج أن يفي بما أوعدها به من الهجر، وأصل الهجر الترك، وهذا الترك قد يقصد به ترك الكلام، أو ترك المضاجعة والوطء إلى غير ذلك، فيختلف الأمر باختلاف قصد الزوج.
وننبه إلى الحذر من التلفظ بمثل هذه الألفاظ بين الزوجين فإنها قد تبقي شيئاً من الوحشة بينهما، وينبغي أن تسود في حياتهما المودة والاحترام المتبادل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(9/1253)
هجر الأخ الذي يقابل الإحسان بالإساءة والكيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخي ابن أمي وأبي يعاملني معاملة سيئة للغاية طيلة سنوات. وكنت دائما أقابل ذلك بالحسنة خوفا من عقاب ربي ومحافظة على صلة الرحم..لكنه تمادى في ظلمه لي وتفنن في إيذائي بالقول ومحاولته الاعتداء علي ماديا لولا تدخل بقية أشقائي..وأصبح يكيد لي المكائد آخرها أن قدم قضية عدلية يتهمني فيها بالتدليس وهي جناية تصل بمرتكبها للسجن..وأنفق الأموال للمحامين في سبيل تثبيت ذلك..لكن كلمة الحق هي كلمة الله هي الأقوى..أنتظر منه كل يوم أو أسبوع مكيدة..مع العلم أن محل سكناي بعيد عنه..فهل يجوز لي الابتعاد عنه وعدم مقاربته؟ وهل أكون قاطع صلة رحم إن فعلت ذلك؟ مع العلم أني لا أكرهه ولا أكن له أي حقد..فقد طرقت معه كل أبواب الصلح..لكنه يفسر ذلك ضعفا مني وخوفا منه..ومع العلم كذلك أنني أبلغ 50 وهو يكبرني بعدة سنين..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن ثبت أن أخاك يقوم بإيذائك والكيد لك فلا حرج عليك في اجتنابه والبعد عنه، ولا يعتبر ذلك منك قطيعة لرحمك، وإن أمكنك صلته بإي أنواع الصلة الأخرى فافعل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على ما ذكرت من صبرك على أذى أخيك خوفا من الله تعالى وحرصا على صلة الرحم.
وإن ثبت عن أخيك ما ذكرت، ولم يكن له في ذلك مبرر شرعي، فلا شك أنه مسيء وقاطع لرحمه، وصبرك عليه تنال به الأجر العظيم من الرب الكريم، وعليك بكثرة الدعاء له بالصلاح، ولا تيأس في سبيل تحقيق ذلك وبذل أسبابه، عسى الله أن يجعل بينك وبينه مودة من بعد الخصام، وذلك على الله يسير.
وإن استمر في إيذائك والكيد لك فلا حرج عليك في اجتنابه والبعد عنه ولا يعتبر ذلك منك قطيعة لرحمك، وإن أمكنك صلته بأي أنواع الصلة الأخرى فافعل. وراجع الفتوى رقم: 66764، لمزيد الفائدة.
وينبغي لأشقائك أن يكون لهم دور في الإصلاح قدر الإمكان، أو أن يدفعوا عنك كيد أذاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(9/1254)
انقباض الشخص أو نفوره من مجالسة أو لقاء من أخطأ في حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف إذا أخطا أحدهم في حقي (أيا كان الخطأ) وسامحته لوجه الله هل علي إثم إذا كنت لا أحب مقابلته أو الجلوس معه بعد ذلك أو إذا شعرت بانقباض في القلب ناحيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العفو عن المسيء مرغب فيه شرعاً، لقول الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، ولقوله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} ، ولا إثم عليك في عدم حب مجالسته أو لقائه.
ولكن يتعين عليك ألا تهجره فوق ثلاثة أيام إن لم تخف من مخالطته حصول الضرر، لحديث الصحيحين: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. ويكفي في رفع الهجران أن تلقاه في الشارع وتسلم عليه، واعلم أن إفشاء السلام والمصافحة والتهادي من أهم الأسباب التي يحصل بها التحابب وانتهاء الغل بين الناس، لما في حديث مسلم: إلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم. وفي الحديث: تهادوا تحابوا، وتصافحوا يذهب الغل. رواه مالك وحسنه ابن عبد البر، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28565، 55889، 68976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(9/1255)
يكتفى بأدنى الصلة مع الشخص الشرير
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الأجلاء ... لي جارة سكنت منذ حوالي العام في العمارة بجانب الشقة المجاورة لشقتي, ولكنها للأسف حقودة وحسودة وحشرية وتراقب من طلع من نزل والعياذ بالله, من أول يوم وهي تسأل وتبحث وتضايقني وتستفزني كل ما أتت عندي أو ذهبت إليها، أسلوبها لاذع في الكلام والطرح واستفزازي لدرجة كبيرة، وليس هذا كلامي فقط ولكن كلام الجيران, قبل ثلاثه أشهر حدث لي معها قصة حيث كان الخزان المشترك بيني وبينها خربان فأخبرتها على أساس أن نتشارك في إصلاحه ووافقت وبعد أن أتيت أنا بالسباك وأشرفت عليه من الصباح إلى قبل المغرب ودفعت له المبلغ كاملاً ثم أخبرتها أن التكلفه طلعت كذا كذا ولكن قلت لها: لأني أنا أقدم منكم في العمارة ولي في الشقه 12سنة فلن أحملكم النصف بالنصف فكما يملي عليكم ضميركم كم كان وأنا سأتحمل الباقي فوافقت وقالت: أنها ستخبر زوجها وتعطيني المبلغ بالرغم من أنه مبلغ تافه جداً جداً, ومر الأسبوع تلو الآخر وهي لم تأت بالمبلغ وفي يوم قابلتها وعندما قلت لها: أين المبلغ لماذا لا تسددوه صاحت فوقي بصوتها كله، وقالت زوجي رفض يدفعها قال إنه لن يدفع وبلهجتها الصنعانيه قالت لي: (ماتشتيني اتصايح أنا وهو مارضيش ما أفعلك) , وعندما ذكرتها بأني أخبرتك من الأول بموضوع الخزان وإصلاحه هو مصلحة لي ولكم ولم أحملكم الكثير رفضت وقالت: لما تكون معي فلوس أدفعها لك، وبالرغم من أنها هي وزوجها يصرفون على القات يومياً أكثر بكثير من المبلغ الذي أطلبه منهم أنا, ولكن حسبي الله ونعم الوكيل، بعدها دخلت شقتي وأنا أبكي من تصرفها وصياحها بالصوت العالي في العمارة التي ما سمع لي أحد فيها صوتا خلال 12سنة, المهم انقطعت علاقتي بها نهائياً لمدة الشهر, ولأني لله الحمد أحضر مجالس العلم وأعرف أن الله ورسوله أوصى بالجار فرجعت أدق عليها الباب وأسأل عليها ما بين الحين والآخر وهي حتى جاء موعد سفري إلى بلدتي لقضاء الإجازة الصيفية ودققت عليها الباب وسلمت عليها وودعتها وغبت عن بيتي حوالي شهر وقليل، والآن منذ عودتي من قبل 10 أيام إلى الآن لم تكلف حالها تدق علي الباب أو تقول لي الحمد لله على السلامه, وسؤالي: أنا أريد أن أقطع علاقتي بها نهائياً ولا أسأل عليها وهي في حالها وأنا في حالي, فهل ذلك يجعلني آثمة شرعاً، خاصة وأن كل من في العمارة لا يطيقها من تصرفاتها وأسلوبها.
فأفيدوني بفتوى واضحة وصريحة هل ليس على إثم بمقاطتها؟ وجزاكم الله عني كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره، كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا الشخص إذا كان قريباً أو جاراً فيكتفى معه بأدنى الصلة، وبالسلام عليه عند لقائه، وهذا ما ننصحك به مع جارتك المؤذية حسبما ذكرت عنها، وبترك الاحتكاك بها، وليس في ذلك قطيعة ولا هجر، فترك الزيارة لا يلزم منه الهجر، وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(9/1256)
حكم هجر القريبة التي تزوجت بنصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتعامل مع ابنة اخي التي تزوجت مسيحيا وهو لا يزال على دينه وأنجبت منه بنت قاطعتها فترة وعندما سألت ماذا أفعل قالوا أوصلي صلة الرحم وحاولت لكني غير قادرة أتقبلها وزوجها ولا أحب أن أكون منافقة من أجل الناس.أرجو الحكم الشرعي ماذا أفعل؟
أبوها وأمها موافقان ويقولان لي أنت مالك هي وربها يحاسبها ولست أنت. أرجو الحكم الشرعي.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
زواج ابنة أخيك من ذاك المسيحي باطل، ويجب أن يفرق بينهما، والبنت تنسب إليها، وصلتها واجبة على كل حال، وهجرك لا يجوز إلا إذا غلب على ظنك أنها تنتفع به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج ابنة أخيك باطل وهو زنا، ويجب أن يفرق بينها وبين ذاك المسيحي، والبنت لا تنسب إليه وإنما إلى أمها، لأنها -عياذا بالله- نشأت عن سفاح لا نكاح، أما بخصوص صلة الرحم فهي واجبة على كل حال حتى مع كونك لا تقبلينها، ولربما تنتفع بصلتك لها حيث تنصحينها وتذكرينها بالله تعالى، فلربما تتوب وترجع. أما هجرها فلا يجوز إلا إذا غلب على ظنك أنها ستنتفع بهجرك لها، وقد سبق لنا بيان ذلك في فتاوى كثيرة فراجعي منها الفتاوى التالية أرقامها: 46677، 42804، 20346، 24833، 5640، 49000، ولمزيد فائدة راجعي الفتوى رقم: 11419.
وننبه إلى خطورة وقبح موقف والدي البنت الذين يريان أن تترك ابنتهما ولا ينكر عليها، وأن يوكل أمرها إلى الله فهذا موقف قبيح وهو من أبيها نوع من أنواع الدياثة، فكيف لأب أو أم أن يرضيا بأن تتزوج ابنتهما من كافر؟! والله يقول: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا {البقرة: من الآية221} وكيف لهما أن يرضيا بأن تقيم معه وتنجب منه بغير إنكار لتلك الجريمة الشنيعة، لا شك أن هذا تضييع للأمانة وتخل عن المسؤولية التي أنيطت بهما، وإلى الله وحده المشتكى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(9/1257)
هجر من يحتفل بالمولد النبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أهجر من يؤمن ببدعة المولد النبوي ويحض عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن لم تكن بدعته بدعة مكفرة يرجع في أمر هجره أو عدم هجره إلى المصلحة ويدخل في هذا من يحتفل بالمولد النبوي، وراجع الفتوى رقم: 53017، والواجب نصح من يفعل هذه البدعة أو يدعو إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(9/1258)
كيفية البعد عن صديق السوء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق يقودني إلى معصية الله وكلما حاولت أن أبتعد عنه لا أتمكن لأنني تعودت عليه فماذا أفعل؟ أنا قررت أن أخاصمه إلى الأبد وكأنني لم أكن أعرفه من قبل.فهل أنا على صواب؟ مع العلم أن هذه معصية كبيرة جدا وأنا كنت تبت إلى الله وقررت ألا أفعلها مرة ثانية، وبالفعل ابتعدت عنها لمدة أربعة أشهر، وبسبب هذا الصديق رجعت إليها مرة أخرى. فماذا أفعل؟ أرجو الإفادة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالإنسان يتأثر بمن يجالسه ويخالطه، وبالتالي فما دام هذا الصديق يقودك لارتكاب المعاصي وما يسخط الله تعالى فالواجب عليك قطع الصلة به والابتعاد عن مصادقته.
ومما يعين على السلامة من شره:
1ـ الابتعاد عن الأماكن التي يوجد فيها كالحي أو المدينة مثلا.
2ـ البحث عن رفقة صالحة تعين على الخير وتحث عليه.
3ـ شغل الوقت بما ينفع كتعلم العلم النافع أو حفظ ما تيسر من القرآن الكريم.
4ـ الإكثار من الطاعات والبعد عن المنكرات.
5ـ التأمل في المفاسد والعواقب الوخيمة المترتبة على مصاحبة رفقاء السوء.
وراجع الفتوى رقم: 9163.
وهجران الصديق العاصي يكون بحسب المصلحة، فعليك الابتعاد عن صحبته مادام مقيما على الانحراف وارتكاب المعاصى مع نصحه وبيان خطورة ما هو عليه.
وقد تقدم ضابط هجران أصحاب المعاصى في الفتوى رقم: 28560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(9/1259)
لا حرج في هجر الظالم إذا استمر على ظلمه بعد نصحه وتحذيره
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لي عم طاغ لا يصلي ويغير معالم الأرض ويغير حدود الأرض ويأكل مالي بالقوة حيث باع بعضا من ممتلكاتي وأكل ثمنها ومنعني من المرور بالطريق العام الذي يمر بجواره وأكل إرثي من الأموال والأرض وحطم سيارتي ويتفوه بالسب والشتائم القبيحة وهجم علي في بيتي وضربني وحاول قتلي بالسلاح ويطارد أبنائي ويضربهم وحاول الاعتداء على زوجة أخي مما أدى إلى طلاقها ويقوم بالزنا والكذب المتعمد والغش والزور علما باني لم أرد عليه بالمثل ولم أشتكه للشرطة خوفا أن يكون ذلك عقوقا، أتاه الناس يكلمونه فيرد عليهم بالشتم والسباب، أغلب أقربائه لا يتحدثون معه اجتنابا لشره وكذلك الجيران، وكل من أطلب منه التدخل بيني وبينه يرفض ويقول إنه لن يكلم ذلك الظالم الفاسق، فهل علي إثم في مقاطعته، حكم عليه العلماء الكفر حيث إنه كلما قابلني يبدأ بالشتائم والكلام القبيح مما يضطرني للهرب وترك المكان حيث إنه استغل عدم ذهابي للشرطة وزاد إيذاؤه لي، أفتوني في أمري المحير وادعو الله لي أن يحفظني من ظلمه ويهديه علما بأن أبناءه تركوه وويعتذرون لي عن تصرفاته. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من اجتمعت فيه هذه الأوصاف المذكورة فقد اجتمعت فيه الشرور؛ ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس أو تركه الناس اتقاء فحشه. وفي رواية:..اتقاء شره.
ولذلك فليس عليك إثم ولا حرج إذا قاطعته، أو رددت عليه بالمثل، أو اشتكيت منه للسلطات المعنية حتى يؤدي إليك حقك ويكف عنك شره، لقول الله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ {النساء: 148} " وقوله تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:41-43}
وإن كنا لا ننصح بذلك إلا بعد اتخاذ كل السبل والوسائل التي يمكن أن تسترجع بها حقك وتكفه عن الشر، فقد قال أهل العلم إن الفاسق إذا استمر على معصيته ونصح وبيِّن له الحق فلم يستجب لا شك أن مقاطعته حينئذٍ وهجرانه مشروعة.
ولكن المؤمن الحاذق يقدر الظروف، ويعطي لكل مقام ما يناسبه.
كما نرشدك إلى التوجه إلى الله تعالى بالدعاء وخاصة في أوقات الإجابة فإن دعوة المظلوم مستجابة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يرد دعاؤهم؛ الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
هذا ونسأل الله تعالى أن يحفظك من كل مكروه ومن ظلم الظالمين وكيد الكائدين.
وللمزيد انظر الفتوى: 53834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1428(9/1260)
تزوجت بدون رضا أهلها وترفض العودة إليهم ومصالحتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قريبة تزوجت بدون رضا أهلها مما أدى إلى غضب أهلها، مع العلم بأن أهلها بدأوا يحنون إليها وقد حاولت معها مرات عديدة بنصحها بأن تسعى إلى إعادة العلاقة مع والديها، ولكنها للأسف ترفض الرجوع إليهم، فهل أنا آثمة بأنني على علاقة معها وهي قاطعة لوالديها مع العلم بأنها لم يصدر أي خطأ منها في حقي، وهل أخبر أهلها عندما يسألون عنها أنها ترفض العودة لهم أم كيف أتعامل مع هذا الموضوع بما يرضي الله في المقام الأول والأخير، مع العلم بأنني بذلت ما في وسعي لإصلاح ذات البين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على ما قمت به وتقومين به من السعي لإصلاح ذات البين فإن هذا من أعظم القربات، وفيه ما فيه من الفضل وعظيم الأجر، وانظري الفتوى رقم: 50300.
فإن ثبت فعلاً ما ذكرت من أن هذه الفتاة هاجرة لوالديها رافضة للصلح معهما -ولم يكن لها مسوغ في ذلك- فهي آثمة وعاقة لوالديها، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، فإن حق الوالدين عظيم، وعقوقهما ذنب كبير، وتراجع الفتوى رقم: 17754.
ولا حرج عليك -إن شاء الله- في الاستمرار في العلاقة معها وذلك بقصد دعوتها ونصحها، وينبغي أن لا تيأسي في سبيل إقناعها، واستعيني في ذلك بكل من ترجين أن يكون قوله مقبولاً عندها، وبكل وسيلة قد تعينك في إصلاحها، وراجعي الفتوى رقم: 19478، وإن لم تجد تلك المساعي فينبغي أن تهجريها إن رجوت أن يكون الهجر رادعاً لها، وانظري ذلك في الفتوى رقم: 25079.
والأولى أن لا تخبري أهلها برفضها الإصلاح، فإن هذا يعيق سبيل الإصلاح، وإذا سألك أهلها فيمكنك التورية في الكلام وعدم التصريح برفضها، وبقي النظر فيما إذا كان هذا الزواج قد تم بغير إذن وليها، فإن كان الأمر كذلك فهو نكاح باطل يجب فسخه ما لم يكن قد حكم به حاكم فإنه حينئذ يمضي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 47816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(9/1261)
هجر الأقارب المستهزئين بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة من أخوالي بستهزؤون من الدين ضحكا ولعبا وخوضا بدون علم وقد ناصحتهم مراراً وتكراراً وأصبحوا يفتنوني لأنهم يريدون أن أصافح بناتهم ونساءهم ولا أصير متزمتا في نظرهم، فهل الحق في هجرهم حتى يتوبوا لأنهم يشكلون خطراً علي، وهل يعينون بالكفر مع الدليل؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستهزاء بالدين وشعائره كفر إجماعاً، فإذا وقع من مسلم فقد ارتد، وأما هجر الأقارب المستهزئين بالدين فيتوقف حكمه على مستوى خشية التأثر من فتنتهم لك، وعلى مستوى التأثير الذي يؤثره الهجر عليهم مع الجزم أنهم لا يُجالَسون وقت الاستهزاء بالدين، فإن خشيت أن يجروك إلى الفساد فابتعد عن مخالطتهم قدر الإمكان، ولا تزرهم في مكان يوجد معهم نساؤهم فيه، وأخبرهم بحكم الشرع فيما يقولون وفي تحريم مصافحة النساء الأجنبيات وادع الله لهم بالهداية، ولا تجاملهم في الوقوع في الحرام، ثم إن علمت أن هجرك إياهم سيؤثر عليهم فلا مانع من هجرهم بقدر الفائدة، وأما إن علمت أنه لا يؤثر عليهم فالأولى أن تصبر عليهم وتواصل نصحهم والدعاء لهم اتباعاً لهدي الأنبياء الذين صبروا على أقوامهم ولم يهجروهم، وراجع للمزيد في خطر الاستهزاء وردة فاعله وفي مصافحة الأجنبيات الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38738، 21800، 71338، 70170، 1845، 26193، 721، 93537، 27658، 77087، 67153، 42714، 48790، 57611، 48551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(9/1262)
هجران الفاسق والعاصي خاضع للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل ضابطا في الشرطة ويقبل الرشوة وهو تارك للصلاة، فكيف يجب أن أتعامل معه، وهل ماله حلال، وهل يجب علي حضور حفل زفافه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أخذ الرشوة كبيرة من الكبائر وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1713، والفتوى رقم: 3697.
وأما ترك الصلاة كسلاً لا جحوداً فقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه كفر مخرج من الملة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 68656 وما أحيل عليه فيها.
ومن اتصف بهذه الصفات فأقل ما يقال عنه أنه فاسق، فينبغي أن تتعامل معه بأخلاق الإسلام الفاضلة وتنصحه وتدعوه إلى الخير بالتي هي أحسن لعل الله تعالى أن يهدي قلبه ويصلح حاله على يديك فتنال بذلك الخير الكثير، والثواب الجزيل عند الله تعالى، وإذا لم ينفع فيه ذلك فإن صلته تكون بحسب المصلحة والمفسدة، فقد قال أهل العلم: هجران الفاسق والعاصي خاضع للمصلحة ودائر معها وجوداً وعدماً.
وبالنسبة لماله فإن كان له مال يكسبه من وجه حلال فإن ماله حينئذ يعتبر مالاً مختلطاً، وسبق بيان حكم التعامل والأكل ممن ماله مختلط وأنه جائز وذلك في الفتوى رقم: 94333 وما أحيل عليه فيها، وأما حضور حفل زفافه فإن كان المقصود به وليمة عرسه فحضورها واجب، إذا دعا إليها بشرط ألا يكون فيها منكر، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 65283، ولا مانع من الأكل من وليمته ما لم يكن من عين ماله الحرام كما أشرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(9/1263)
الهجر لغرض شرعي مقيد بوجود سببه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان أخي فاسقاً والاحتكاك به يؤدي إلى وقوعي في الآثام فما حكم هجره سنين وهل أعتبر كأني قتلته كما جاء في الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن الهجران إذا كان بسبب أمر شرعي فلا يلحق صاحبه إثم، وأنه تراعى فيه المصلحة الشرعية، ويمكنك أن تراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24833، 29984، 21837.
ولا يتقيد مثل هذا الهجر بزمن محدد، وإنما يتقيد بوجود سببه، وينبغي الاستمرار في نصح هذا الرجل بالحكمة والموعظة الحسنة، وليكن هذا النصح ممن يرجى أن يكون لقوله تأثير عليه من شيخ أو صديق أو غيرهما ولا ينبغي اليأس من هدايته، فكم من عاص مفرط قد كتب الله له الهداية والإنابة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 53349.
ولعلك تشير في سؤالك إلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. وهذا حديث صحيح، وهو محمول على الهجر لغير سبب، قال أبو داود بعد أن روى هذا الحديث وأحاديث أخر في هذا الباب: إذا كانت الهجرة لله فليس من هذا بشيء، وإن عمر بن عبد العزيز غطى وجهه عن رجل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(9/1264)
الترهيب من التقاطع بين المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صاحبت صديقة لي مدة 15 سنة والحمد لله مازلنا على هذا الحال ونحب بعضنا ولكن في السنة الماضية أمرها أبوها أن لا تصاحبني ولا آتي لمنزلهم بحجة أنني رفضت أن أسدي له خدمة ليست باستطاعتي، وأبى حتى أن يرد علي السلام، فما حكم منع البنت من مصادقة صديقتها بعد هذا كله، رغم أني لم يصدر مني عمل مسيء؟ وشكرا.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين إنهاء الهجران بينك وصديقتك إذا كان سببه معاملات دنيوية؛ لأن التقاطع والتدابر بين المسلمين في غير حق شرعي حرام، ولا يجوز للوالد حمل بنته عليه، وعليك أن تواصلي التسليم عليها وعيادتها إذا مرضت، والإحسان إليها وترضيتها بكل الوسائل، والاعتذار إليها بأن ما طلبه الوالد لم يكن بالاستطاعة الاستجابة له، وأن تطلبي منها إقناع والدها وتنبيهه على خطر التهاجر بين المسلمين، فإذا واصلت قطيعتك وهجرانك بعد كل ذلك فقد خرجت أنت من القطيعة وباءت هي بالإثم، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه، فقد باء بالإثم. رواه أبو داود في السنن، وزاد أحمد: وخرج المسلم من الهجرة. ومما ورد في التنفير من الهجر فوق ثلاث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري. ومنه ما رواه الإمام مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرأ بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد عن أبي خراش رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. وقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. ورغبيها فيما ذكر في الشرع في أهمية الصلح، فقد قال الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} ، وقال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128} ، واحرصي على الإحسان إليها، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(9/1265)
خير الأصحاب من يبدأ صاحبه بالسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أننا 6 عائلات موجودين في ديار الغربة فتارة نوع من الغيرة بين النسوة بما فيها الفتنة بين المرأة والأخرى فحدث الشقاق بيننا ولم نعد نكلم بعضنا أما العلاقة بين أزواجنا فلم يصبها شيء سوى بعض الفتور وأنا - والله شاهد - أنه لم يكن لدي أي علاقة سوى حسن النية وكذلك كنت أسمع كل ما يقال عن فلانة أو فلانة دون أن أعيد ما قيل وكانت هناك أخت ربنا يسامحها قد أخطات في حقي فربما كنت أخبرتها لا أدري تماما عن تضايقي من تصرفات واحدة منهن المهم هي راحت وأخبرتها فغضبت الأخرى واتصلت بها ونفيت الأمر وحاولت إرضاءها فتصالحنا ولكن بقي كل واحد منا في حاله المهم أن الأخت التي قامت بإخبارها طلبت السماح مني فسامحتها لأني أكن لها الحب والتقدير ولأنها طيبة كثيرا وساعدتني كثيرا وتحب ابنتي وكلما طلبت منها شيئا إلا ولبت طلبي الله يرضى عليها يا رب ولكن منذ شهر رمضان لم تعد تتصل بي وأنا لم أتصل بها لأني لاحظت انها كانت تتجاهلني المهم من ذلك الوقت لا أعرف أخبارها رغم أنها قريبة من سكني وسمعت أنها مريضة ولم أتصل بها لأنه أنا أيضا كانت عندي مشاكل ولم تتصل بي وأنا حاليا أريد التحدث إليها ولكن كبريائي يمنعني أحاول مرارا ولكن لم أستطع لأني أرى أنه هي الواجب أن تتصل بي بحكم أنني الأكبر منها سنا ولم أخطئ بحقها فبماذا تنصحوني؟ بارك الله فيكم ولكم وأرجوا الرد في أقرب وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أننا ننصحك بأن تتصلي بصاحبتك، وتحسني إليها، فإن الله تعالى يقول: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:10} ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُو، اوَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا.
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
وفي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ.
فكوني خيراً منها، وباردي بوصالها والسلام عليها. وانظري الفتوى رقم: 25074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(9/1266)
فتاوى في ضرر مصاحبة الفسقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي زميل في العمل كثير الإيذاء والضرر والمشاكل مثل: يغتاب والنميمة، ويجهر بسوء والفحشاء، ويعمل المشاكل بين زملائي في العمل والمسئول وبينهم وبين بعض هل أقطع هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 72546، 58252، 29790، 48265، 34422، 62549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(9/1267)
الهجر فوق ثلاث يشرع بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت مع زميلة وبالأحرى هي التي بدأت بسوء الظن وذكرت لي بأنها لا تريد صداقتي، وأن ليس بيني وبينها سوى السلام، وهي لا تحدثني أبداً وأنا أيضا أتجنبها لسوء طباعها وسلاطة لسانها وحبها للقيل والقال والسخرية من الناس، ولست أنا الوحيدة فالكثير من زميلاتي لا يحدثنها لسوء طباعها كذلك، وهي مشهورة كذلك بين الموظفين الرجال، وقد ذكرت لي مرة أنها كانت تكرهني ونيتها سيئة نحوي في وقت كنت معها بغاية الطيبة وصفاء النية.. سؤالي: هل أنا آثمه لمقاطعتها مع أنني لم أبدأ، ولكني في نيتي بأن لا أحدثها مع أنني حاولت محادثتها بالهاتف بعد المشاجرة مكالمة عمل ولكنها أغلقت السماعة في وجهي.. والحمد لله هو إنقاذ من الله منها وحفظ لأني خلال وقت الصفاء معها حلمت بثعبان لا أدري أعضني أم لا، ولكني عضضته وقتلته وفسر لي بصديقة تحاول إيذائي وأول ما خطر لي هي ... لسوء طبعها، هل من الممكن أن أكون قد ظلمتها مع أنني متأكدة أنها هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما من يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
ولكن أهل العلم قد أباحوا الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجر ضرراً على المرء، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
وعليه؛ فلا نرى أن عليك إثماً فيما قررته من مقاطعة زميلتك التي ذكرت من أمرها ما ذكرت، والأفضل أن لا تيأسي من نصحها والصفح عنها، وأما محاولة استرجاع صداقتها، فإن كنت تخشين منها تأثيراً على دينك فاجتنبيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(9/1268)
أفضل المتهاجرين هو من يبدأ بالاتصال والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حصل خلاف بين أخي وزوج أختي أدى إلى أن يمنع أخي دخول زوج أختي إلى منزلنا ومنعنا من الذهاب أو الاتصال على هاتفهم الشخصي وانقطعت علاقتنا بأسرة زوجها إلا أن علاقتنا بأختي طبيعية وهي تأتي إلى زيارتنا ونتصل على جوالها الخاص وفي الحقيقة أنا أنوي أن أعقد جلسة مصالحة بين أخي وزوج أختي وأحتاج إلى أن توجهوا رسالة ونصيحة إلى أخي بأن يقبل المصالحة فهو يرفض المصالحة وهو لا ينسى من يسيء إليه بل يسعى إلى أن يثأر منه والأكثر من ذلك أنه دائما يردد عبارة بأنه سيقتله في يوم من الأيام مع العلم أن الخلاف كان لمسألة متعلقة براتب أختي ولم يتدخل فيها أخي بشكل مباشر إلا أن زوج أختي اتصل بأخي وشتمه بألفاظ معيبة جدا جدا وأنا الآن أحاول أن أقنع أخي بأن يكون أفضل منه ويسامحه وأن يعطيه فرصة.
أرجو أن توضحوا لأخي جزاء من يقدم على المصالحة لأني سوف أريه إن شاء الله ردكم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم قد يصيبه طائف من الشيطان ونزغ منه ولكنه إذا ذكر تذكر ورجع وندم على ما بدر منه, والله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ {الأعراف:201} وقد أمر الله تعالى عباده بالقول الحسن فقال عزوجل: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53} ويقول الله: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} فعلى أخيك الفاضل الكريم أن يستجيب لأمر الرحمن ويحذر من عداوة وكيد الشيطان فإن الشيطان يحب الفرقة والفتنة ليصرف الناس عن الخير وطاعة الله وليوقعهم في الوعيد المذكور في الحديث الذي رواه مسلم قال صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا.
وأفضل المتهاجرين هو من يبدأ بالاتصال بأخيه فيسلم عليه فإن رد الآخر فبها ونعمت, وإلا سلم البادئ من الوعيد المذكور في الهجر وبقي الآخر على حاله, وذلك لما في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال, يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. ولا نظن بأخيك إذا سمع هذه الآيات والأحاديث إلا خيرا, وأنه سيقول سمعا وطاعة لكلام ربي جل جلاله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم, ولا يجوز لأخيك أن يقدم على الإضرار بزوج أخته أو أذيته لمجرد أنه أساء إليه وشتمه فكيف بالقتل الذي هو من أكبر الكبائر والله تعالى يقول: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(9/1269)
لا ينبغي هجر من ارتكب الخطيئة وتاب منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ارتكبت ابنة زوجة أبي من رجل ثان الخطيئة مع ابن عمي وتزوجها وقد كانت تعيش معنا قبل الخطيئة وقبل وفاة والدي فهل لي مواصلة التعامل معها وزوجها كالعادة أو مقاطعتهما كما فعلت.
هما يسكنان مع عمي الشيء الذي أجبرني على عدم زيارته مع أني أحبه وأريد زيارته.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن بنت زوجة أبيك من غير أبيك أجنبية عنك، فلا يحل لك النظر إليها ولا الخلوة بها ولا الدخول عليها في غير وجود محرم.
وأما عمك وابن عمك فلا ينبغي لك هجرهم ولا قطع الصلة بهم، وما وقع فيه ابن عمك فلعله قد تاب منه, وليس هو الآن مقيما على ذلك الذنب، بل قد ترك السفاح وانتقل إلى النكاح، فينبغي أن تزوره وتصله وتقوم بواجب النصيحة بالكلمة الطيبة والأسلوب اللين، وفي زماننا الذي كثرت فيه الفتن والمغريات وأصحاب السوء فإن ضرر الهجر أكبر من نفعه، فالهجر شرع ليكون رادعاً لصاحب الذنب عن ذنبه، فإذا أصبح الهجر إعانة لشياطين الإنس والجن على صاحب الذنب فإنه حينئذ يكون قد أدى إلى عكس ما أراده الشارع الحكيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(9/1270)
القريبة الزانية.. صلة أم هجر
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم عيادة النفساء من الزنا ومن رجل كافر وتهنئتها علما أنها من أقاربي فهل يجوز ذالك أم لا؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ارتكاب فاحشة الزنا من أكبر الكبائر وأقبح المنكرات, فقد حذرالله عزوجل من مجرد الاقتراب منها في محكم كتابه فقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا. {الإسراء: 32} وما دامت قريبتك قد ارتكبت هذه الفاحشة العظيمة فعليك أن تنصحيها بالمبادرة إلى التوبة النصوح إلى الله تعالى، وتبيني لها خطورة المعاصي وفضل التوبة, وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ولعل من أفضل المناسبات لتقبل نصحك لها هو زيارتها عند حاجتها للزيارة, ولا ننصحك بهجرها إلا بعد ما تبذلين المستطاع في النصح والدعاء, وقد يكون الهجر غير مجد, فعليك أن توازني بين الصلة والهجر لها, فإن كانت المصلحة تقتضي الصلة والزيارة ... فلا تقطعي صلتك بها لأن صلة الرحم واجبة والنصيحة للمسلم أساس الدين.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى التالية:، 24833، 21201، 22411، 29122،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(9/1271)
لا إثم في هجر أمثال هذا الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ تزوج من ابنة خالي وبعد الزواج بدأت تحدث مشاكل في البيت , الآن هو لا يكلم أحدا من أفراد العائلة من أخواته وإخوانه وحتى أبناؤهم، ووصلت به الوقاحة إلى سب الله عز وجل والتجاوز على أمه وأخواته بالكلام البذيء والصياح، حاولت أن أصالحه في العيد السابق ولكنه ما لبث أن عاد إلى أسوأ مما كان عليه , علما أن أبي وأمي غير راضيين عليه حتى اعتبرته أمي كأنه ميت وغير موجود , لقد سمعت حديثا أن الأخوين المتخاصمين لا ترفع صلاتهما، فهل صلاتي غير مقبولة، وما الذي أفعله معه وقد سد جميع الطرق وكلما أردت أن أصالحه أرى معاملته السيئة لأمي وأبي وإهانته لهما فيجزع منه قلبي ولا أتقبل النظر إليه. وفي مرات كنت أسلم عليه ولكن يمر هو ولا يسلم عليّ وكذلك مع أخي, وهل يمكن أن يكون مسحورا , لأنه منقاد تماما لزوجته, علما أن زوجة خالي قد فعلت نفس الشيء مع خالي وقد فرقت بينه وبين أخواته وأخيه.
جزاكم الله عنا خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي -بارك الله فيك- أنك مأجور على ما فعلت مع أخيك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال له الرجل: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله، والمل: الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
ولا إثم عليك في عدم صلة أخيك إن كان الحال كما ذكرتَ، ولكن قم بواجب النصيحة والتذكير، وبين له خطر ما وقع فيه من سب الله تعالى، فإن سب الله تعالى من نواقض الإيمان، وانظر الفتوى رقم: 39575، والفتوى رقم: 46385، والفتوى رقم: 71499، وبين له خطر عقوق الوالدين وأنه قد تصيبه دعوتهما، فيشقى بها في الدنيا والآخرة، ويمكنك الاستفادة من الفتوى رقم: 11287، والفتوى رقم: 11649، والفتوى رقم: 73417.
وأما هل هو مسحور أم لا؟ فالله أعلم، ولكن إذا ظهرت عليه علامات السحر وستجدها في الجواب رقم: 13199، والجواب رقم: 28390، فإن لك أن ترشده إلى علاج ذلك، ولا يجوز لك اتهام زوجته ولا أمها بذلك دون أن يكون عندك دليل واضح فإن ذلك أمر كبير جدا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1427(9/1272)
هل يهجرون أختهم لعدم صلاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مضى من عمري ما يقرب 25 عاما.... أعيش أنا وأخوتي في بيت والدي ... لدي أخت أصغر مني ... نجحت هي في الثانوية العامة وعملت بعدها لبعض الوقت ولم ترد أن تكمل دراستها، ولكن والدتي أصرت على أن تكمل دراستها في الجامعة وفعلا استعانت بي حتى تكمل دراستها الجامعية وكنت أدرس وقتها وبعد أن دخلت الجامعة وتعرفت على جوها كانت سعيدة جدا بهذا الشيء رغم أن حالتنا المادية وقتها لم تكن جيدة جداً حيث أننا كنا ثلاثة في الجامعة وكان ذلك يرهق والدي ماديا ولم يكن والداي يفرقان في النفقة بيننا مطلقا بل على العكس فان النفقة على أختي كانت أكثر بقليل عنا حتى لا تشعر بالنقص وأنا أؤكد لك أن والدتي قد كافحت من أجل تربيتنا وتعليمنا كلنا رغم أنها عصبية بعض الشيء، ولكن قلبها أبيض كقلب طفل صغير.. المشكلة يا إخواني أن أختي هذه لم تكن تريد أن تعيش بالطبيعة العادية التي فطرنا الله عليها فهي تحب التبرج وتقطع في الصلاة والخروج والعودة دون أي رقيب أو مسؤول وقد كانت المشاكل لا تنتهي من بيتنا في موضوع الحجاب والإصرار على أن تحافظ عليه وفي كثير من المواضيع الدينية التي لم نكن نبغي منها إلا اصلاحها، ولكن دون فائدة ونحن ما بين وعظ وإرشاد وتذكير بالله حتى وصلت الأمور إلى الضرب أحيانا بل كثيراً والله أنه ليس تسلطا ولكن حبا في أن تلتزم ... ولكن لا أعلم ما أقول يا أخي.... كانت دائما تقول (اتركوني.. أريد أن أعيش حياتي) .. أنا تخرجت بعدها والحمد لله وسافرت إلى الخارج لأعمل في دولة عربية وذات يوم فاجأني اتصال من أمي وأخبرتني أن أختي قد هربت من البيت ... وبعد متابعة الموضوع تبين أنها كانت على علاقة بشاب تقدم لخطبتها ولكن أمي رفضت وذلك بعد أن سألنا عليه تبين أنه أغضب والده وأنه متبر منه غير أنه متورط في الكثير من الجرائم المالية.. سأخبرك يا أخي واحدة منها وهي مثبتة عند الشرطة أن يوما أختي الكبرى فقدت بطاقة الصراف الآلي وبعد فترة طويلة اكتشفنا أن أختي الصغيرة سرقتها لهذا الشاب وقد سحبوا كل ما بحوزة أختي من نقود في حسابها ... هذا شيء يسير من الأمور التي فعلتها هي وهو فينا دون أن نحس أو ندري إلا بعد فترة ... المهم يا أخي وجدناهما واكتشفنا مكانهما واكتشفنا أنها تزوجته عرفيا وتحت ضغط الشرطة اضطر أبي إلى أن يعقد قرانهما رسميا في الشرطة من يومها افترقت عنا وافترقنا عنها.. أخي العزيز ... نحن أربع شباب في البيت منحنا الله من القوة والعلم والعقل الشيء الكثير -والحمد لله رب العالمين- وكلنا أمرنا الى الله تعالى رغم ما شهدناه من مشاكل كثيرة وكبيرة من ورائها ولم يرتح البيت وتذوقنا طعم السعادة ألا بعد أن غادرت وذهبت عنا، أريد أن أخبرك شيئا أخيراً ... كانت أختي دائمة الشكوى من والدتي وأنها غير حنونة وقاسية مع العلم أن عددنا أكثر من خمسة في البيت والحمد لله عاملتنا أمي نفس المعاملة دون أن تفضل أحدا علينا والآن أمي تحفظ أكثر من 15 جزء من القرآن وهمها الشاغل هو إتمام حفظ القرآن كاملا والقيام ليلاً في الليل للدعاء لنا والدعاء لأختي بالهداية والتوبة إلى الله قبل الممات، أخي هناك الكثير من الأسئلة التي تراودني في كيفية التعامل مع الموضوع وتصل بي الأفكار إلى حد خطير جدا ... هي لا تستحق أما ولا أهلا مثلنا وأني لا أزكي نفسي ولا أهلي على الله.. والله على ما أقول شهيد، نرجو منكم النصيحة أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الوالد (الولي) قد باشر أو أجاز عقد نكاحها، فالزواج صحيح، ولا يؤثر كونه اضطر لذلك، إلا في حالة الإكراه بغير حق، بضوابط الإكراه المتقدم بيانها في الفتوى رقم: 6106.
ففي هذه الحالة لا يصح النكاح، قال في حاشية الجمل: قوله: فلا يصح النكاح من مكره. أي بغير حق وإلا بأن دعته لتزويجها من كفء وامتنع فأجبره الحاكم صح. انتهى.
وعليه فليس أمامكم إلا الدعاء لهذه الأخت بالتوبة والهداية، ولا يجوز قطع صلتها بالكلية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 8730.
إلا إذا كان قطعها من باب الهجر المشروع، الذي يرجى منه صلاحها فلا بأس به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(9/1273)
هجر الأخ أخاه لأمر ديني
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يكبرني سناً وعلاقتي به كانت ممتازة خاصة في المزاح علماً بأنه لا يصلي وتفاجأت أيضا أنه يشرب الخمر وعندما نهيت ابنه عن الجلوس عند النساء أخبره ابنه بذلك واتصل أخي المخمور على الهاتف وأخذ يسبني ويكفر أي يسب الذات الإلهية بطريقة حقيرة جداً لم أتكلم أي كلمة على التلفون بعد أسبوعين تقريباً صحا من سكرته وحضر إلى منزلي دون أن يعتذر عن أي شيء وكأن شيئا لم يكن بعدها لم أستطع أن أجامله أو أقدر أن أتكلم معه لما صدر منه من أفعال وأقوال ولا أستطيع رؤية وجهه، فترة المقاطعة تقريباً شهران أرشدوني جزاكم الله خيرا خاصة وأنني أخاف من أن أكون من الذين يهجرون فوق ثلاثة أيام وكيف أتصرف معه علماً بأنه يسكن في بلد تبعد عني تقريباً 150ك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صدر سب الله منه أثناء سكره المحرم فإن جمهور الفقهاء على اعتبار ردته، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية والصحيح عند الحنابلة، وقول عند الحنفية، والصحيح عند الحنفية أنه لا يؤاخذ بردته أثناء سكره، فعلى قول الجمهور هو كافر، ويجب على ولي أمر المسلمين أن يقتله إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام، وعلى قول غيرهم هو مرتكب لذنب عظيم، وإثم كبير، فيحد حد الخمر ويعزر على ما صدر منه.
جاء في الموسوعة الكويتية ما نصه: اتفق الفقهاء على أن السكران غير المتعدي بسكره لا يحكم بردته إذا صدر منه ما هو مكفر , واختلفوا في السكران المتعدي بسكره فذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى تكفيره إذا صدر منه ما هو مكفر. لقول علي رضي الله عنه إذا سكر هذى, وإذا هذى افترى, وعلى المفتري ثمانون فأوجبوا عليه حد الفرية التي يأتي بها في سكره واعتبروا مظنتها, ولأنه يصح طلاقه وسائر تصرفاته فتصح ردته , وذهب الحنفية إلى عدم تكفير السكران مطلقا.
وأما بشأن تعاملك معه وهجرك له، فنقول إن كان للهجر فائدة كأن ينزجر عما هو عليه، فإن الهجر أفضل ولا شك، وإن كان في صلتك به إصلاح له وردٌ له عن غوايته فعدم هجره هو الأولى.
وأما الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، فهذا في الهجر لحظ النفس، أما إن كان الهجر لأمر ديني فلا يتناوله هذا الحديث، بل قد أمر الشرع بهجر أصحاب المعاصي وانظر الفتوى رقم: 58252.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(9/1274)
لا حرج على من هجر إنسانا ثم لم يتمكن من الاتصال معه
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لي صديقة، ولكن هجرنا بعضنا حوالي سنة حتى الآن وذلك بسبب مشكلة ولم أعلم بأن هذا حرام، فتابت توبة نصوحا وأردت بأن أصالحها، مع العلم بأني لا أحمل لها أي حقد وأكره بل أدعو لها بالخير، ولكن كلما أردت أن أتصل بها لا أجدها وأنا لا أعرف أي رقم آخر لها وأنا ندمانة جداً، فهل علي ذنب، وهل تعرض أعمالي لأني لا أعرف أين هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهجران بين المسلمين بسبب مشكلة دنيوية لا يجوز فوق ثلاثة أيام، وبما أنك تبت إلى الله تعالى وحاولت الاتصال بالأخت ومصالحتها ولم تتمكني من الاتصال بها، فننصحك بالذهاب إليها في بيتها أو أي مكان توجد به وتسلمي عليها، فإن لم يتيسر ذلك وكنت تائبة ولا تحملين في قلبك كراهية لها ولا حقداً عليها، فنرجو الله أن يغفر لك ويعفو عنك، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68519، 54971، 32914، 24125، 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(9/1275)
هل يشرع هجران المعتدي
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك مجموعة من دولة واحدة ومؤسسة واحدة ومبعوثون للدراسة في جامعة واحدة.. حصل بين طرفين نقاش أوصل إلى حد الضرب.. اجتمع الكل على أن يقاطع أحد المتشاجرين من جانب الكل ووضعت لائحة أن لا يسلم عليه لا يشاركهم ميز الأكل يفصل من صندوق دعم الطلاب كل من يتحدث معه أو يسلم عليه يدفع غرامة مالية.. واستمر هذا أكثر من نصف عام.. السؤال: ما رأي الدين.. وما الحدود التي وضعها الدين للذي حكمه المقاطعة وما الفترة الزمنية التي وضعها الإسلام..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو تحريم هجران المسلم فوق ثلاث ليال، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم
إلا أن هناك بعض الحالات التي يجوز فيها هجران المسلم فوق ثلاث، ذكرناها في الفتوى رقم: 7119.
فإن كان سبب هجرانكم لصاحبكم أنه هو المعتدي في الشجار وليس عصبية فقط فهو من الأسباب المشروعة للهجران؛ لأن اعتداءه من المعاصي التي يشرع هجر صاحبها حتى يرتدع عنها، ومع ذلك ننصحكم بسلوك سبيل الوعظ والتذكير بدلا من الهجران خاصة مع مرور نصف عام على هجره، ولعله يكون قد ندم على اعتدائه وظلمه، فلا تعينوا الشيطان على أخيكم، والله تعالى يقول: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى 40} وقال: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى: 43} وقال عز من قائل: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {البقرة: 237}
وأما العقوبات الأخرى التي ذكرتموها فإن كانت هذه الميزات التي حرمتموه منها من إنشائكم أنتم معشر الطلبة وليس له هو حق فيها جاز لكم المعاقبة بالحرمان منها على ما فصلناه من ضوابط , وأما إن كان هذا النظام قد أنشأته الدولة وهو من حقوق الطلاب التي تكلفها لهم القوانين فلا يجوز لكم حرمانه منها لأن ظلمه لا يسوغ أخذ حقه بأي حال من الأحوال.
هذا إذا كان هجركم له بسبب اعتدائه وظلمه، وأما إذا لم يكن هو الظالم المعتدي فإنكم آثمون في هجره ويجب عليكم التوبة من ذلك ومصالحته وطلب عفوه وإعطاؤه حقوقه كاملة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
27765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(9/1276)
حكم طرد البنت الفاسدة من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر أوّلا على هذا البرنامج القيم. وأشكر العلامة والدكتور على خدمتهما لأمور ديننا ودنيانا. ولديّ مشكل أريد بعد إذنكم استدراجه في رسالتي المطولة بعض الشيء. وهذه هي قصتي..
أنا أمّ لبنتين بالغتين وثلاثة أطفال قاصرين. جزائرية أعيش مع أسرتي بالمهجر، بإيطاليا زوجي والحمد لله ملتزم قدر المستطاع مما جعلنا نتسم بصورة جميلة للأسرة المسلمة وقد مضى علينا في الغربة سبعة عشر عاما. أنا ربة بيت ناجحة وزوجي شغال مواظب، وجميع أبنائي يدرسون. ابنتي الكبرى ذات 23 سنة
حصّلت على الإجازة في الحقوق بإيطاليا وتواظب الآن على تخصصها بالقانون الدولي. وابنتي الثانية طالبة بالسنة 3 كلية الطب بإيطاليا كذلك.
المهم في المشكل أن ابنتي الكبيرة تعرّفت وأحبّت كما اتضح للجميع شابا إيطاليا طالبا جامعيا ومسؤولا عن شركة كبرى لوالديه بالمدينة التي نقطنها مرت سنة دون أن نعرف شيئا عن العلاقة، وباختصار تدخلنا في الوقت المناسب وزارنا في المنزل وشرح له زوجي كل شروطنا لطلب يد الفتاة واتفق معه على أن يعتنق الإسلام ولكن بعد أن يحس بالإيمان ويوافق.لكن زوجي أصر على تحديد اللقاءات في المنزل أمام الجميع وأن لا يمكن له أن يخلو بها كما كان يريد مما دفع أبوه وأمه أن يزورونا ذات ليلة فوافق الأب على اعتناق الإسلام بشرط إن قبله بطواعيته ولكن صارحنا بأنه يعرف ابنه جيدا وقال إن وعدكم بشيء الآن فإنه يراوغكم لأنه يعرف أن ابنه لا يعرف الكذب وربما تأثير العلاقة دفعه لقول ذلك بينما أمه اعترضت وأصرّت على أن لا يتدخل الدين في حياة البشر، فأقنعهما زوجي بلباقة وحسن نقاش بأنه لايشترط شرطا بشريا ولكنه ديننا وجذورنا وثقافتنا ولا يحقّ لنا أن نغير شيئا مما أمر الله فاتفقا معنا على كل شرط من شروطنا.
أولا. أن يشهر إسلامه بالسفارة الجزائرية أمام عدل أو رجل دين.
أن تتم الخطوبة بعد ذلك وأن نقيم حفلا للإشهار بالخطبة.
ثالثا. أن يخضع للطهارة.
بدأ يتعاقب على البيت، بدأنا نساعده على تعلم اللغة العربية وعلى عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية الغنية اقترب موعد الاتفاق فأتانا الشاب بوجه آخر وبدأ يلمح لنا بأنه يظن أنه بالإمكان البقاء على الحياة العادية وفق القواعد الغربية وبعد جدال طويل، أفهمنا بأن ابنتي هي التي كانت تغشه وأقنعته بأن الفتاة يمكن أن تتزوج بمن تحب ولا تعترف أصلا بما نقول , وقد كان زوجي يتجادل دائما معها لأنها لاتؤمن بكل ما نحمله من الدين ولكن تتعلل دائما بأنها كبرت في أوروبا ولها الحق في فعل ما تريد.رفضنا بإلحاح هذه العلاقة وبعد أسبوع تقريبا عثرنا عن طريق الصدفة على تحاليل لأشعة الحمل باسمها , وكثيرا ما شرحنا لها بأن الله لا يقبل كذا وكذا ... كما أننا نظن أننا ربيناها والله يشهد على ما يرضي الله وخير دليل على ذلك أختها التي تصغرها بسنتين فقط ولكن والحمد الله غيرها في كل شيء. طردناها من المنزل وراحت تعيش مع أسرته لأنهم في حاجة ماسة لها لتدافع عن حقوق الشركة بعدما نسيت أن تدافع على حقوق الخالق.والآن أرجوكم سيدي الشيخ أن تفيدوني هل أخطأنا فيما فعلنا معها؟ وقد مرت سنة وقد علمنا أنها ندمت وتريد أن تعود للأسرة ولكنها ما زالت تخاف من أبيها. وقد أقنعنا بأنه أبعدها حتى لا تعدي البيت كله لأنها تفكر مثلما يفكر أعداء الإسلام فهي تكره الحجاب وأصحاب اللحى وتعاكس أوامر ونواهي الدين. والحمد لله فنحن نعيش بخير الآن. لم يكن سيدنا الشيخ لدينا حل آخر لأن القوانين الغربية كما تعلمون لا تتوافق مع كل معتقداتنا؟
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة في بلاد الكفار والعيش بين ظهراني المشركين هي السبب في ما حل بكم من مصيبة، وقد سبق بيان مخاطر الإقامة في تلك البلاد في الفتوى رقم: 2007، ولذا ننصحكم بالعودة إلى بلاد إسلامية، لكي تحافظوا على دين بقية الأبناء، وأما طردكم للفتاة من البيت فيرجع تقديره للمصلحة المرجوة منه، فإن رأيتم أن فيه درءًا لمفسدة أعظم من إفساد تلك البنت لأخواتها فلا بأس بذلك، أما إذا كانت مفسدته أعظم وسيؤدي إلى ضياع الفتاة ووقوعها في الرذيلة فلا يجوز حينئذ، والحل هو حبسها في البيت، ومنعها من الخروج أو التأثير على أخواتها.
مع العلم أن الفتاة إن اختارت طريق الكفر والعياذ بالله، وهذا ما لمسناه من قولك (لا تؤمن بكل ما نحمله من الدين، تفكر مثلما يفكر أعداء الإسلام تكره الحجاب) فيجب طردها، والتبرؤ منها، وليس بينكم وبينها قرابة، ولا ولاية، قال تعالى مخاطباً نوحاً عليه السلام حين قال: (رب إن ابني من أهلي) : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ {هود: 46} وقال تعالى عن إبراهيم وأبيه: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ {التوبة: 114}
ولا بأس بصلتها وتأليفها رجاء عودتها إلى الإسلام. وتراجع الفتوى رقم: 11768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1426(9/1277)
حكم مقاطعة من قطعت أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوني على السؤال التالي: ما حكم من قطع رحمه (أخته) علماً بأن أخته قطعت أمها منذ 3 سنوات وهي مريضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شأن الرحم عظيم عند الله تعالى، فقد نوه الشرع بمكانتها وأمر بصلتها وعدم قطيعتها، وتوعد من قطعها باللعن والمجازاة بمثل عمله، وتراجع الفتوى رقم: 13912.
وهذا في عموم الرحم، فإذا كانت هذه الرحم التي قطعت هي الأم فالأمر أشد والإثم أعظم، فإن كانت هذه البنت قد قطعت أمها ولم تصلها ولم يكن لها مسوغ شرعي في ذلك فقد أساءت أشد الإساءة، وظلمت نفسها وأمها أشد الظلم، وخاصة مع ما ذكر من مرض أمها، والذي ربما ازدادت منه ألماً بسبب قطيعة بنتها لها، فالواجب أن تُنصح هذه البنت وتُذَكر بالله تعالى، وبما قد يمكن أن يصيبها من أليم عقابه في الدنيا والآخرة إن هي أصرت على هذا المنكر العظيم.
وفي المقابل لا يجوز لأخي هذه البنت أن يقطع رحمه فلا يصل أخته، إذ إن هذا من معالجة الخطأ بخطأ مثله، ولكن ينبغي أن يستمر في نصحها، وأن يكثر من دعاء الله تعالى أن يصلح حالها، ولكن إن غلب على ظنه أن يكون هجره إياها رادعاً لها عن قطيعتها لأمها فلا حرج عليه في هجرها، وربما كان الهجر أولى في هذه الحالة، وتراجع الفتوى رقم: 24833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1426(9/1278)
العلة في أن أعمال المتخاصمين لا تعرض على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السبب في أن المتخاصمين من المسلمين لا تقبل أعمالهما ولا يرفع عملهما!!! فما هي الحكمة من الله في هذا الأمر؟
وهل يصح أن يكون بين المتخاصمين السلام فقط دون سلام اليد، وبذلك لا يسري عدم رفع الأعمال عليهما..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال سبحانه في محكم كتابه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء: 23} ولا يمكن الجزم بحكمة أو علة ما دون الخبر بذلك منه سبحانه أو من رسوله صلى الله عليه وسلم، وهنا قد أخبر عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا؛ إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: اركوا هذين حتى يصطلحا، اركوا هذين حتى يصطلحا. فذكر أن أعمال المتخاصمين لا تعرض على الله تعالى ولم يذكر علة ذلك، ولكن مما يمكن استنباطه من ذلك أن الإسلام حث على الإخاء والمودة، وحرم التدابر والتقاطع بين الإخوان، ونوَّع في ذلك الحث ما بين أسلوبي الترغيب والترهيب، وهنا جاء بأسلوب الترهيب للحث على إزالة الإحن وتقوية أواصر المودة، والتحذير مما يضاد ذلك من هجر وتقاطع.
ومما يمكن استنباطه أيضا ما ذكره بعض أهل العلم من أن سبب ذلك هو عظمة الجرم وخطورة الوزر، قال ابن عبد البر في التمهيد: وذلك لعظم ذنب المهاجرة والعداوة والشحناء لأهل الإيمان، وهم الذين يأمنهم الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، المصدقون بوعد الله ووعيده، المجتنبون لكبائر الإثم والفواحش. والعبد المسلم من وصفنا حاله ومن سلم المسلمون من لسانه ويده، فهؤلاء لا يحل لأحد أن يهجرهم ولا أن يبغضهم، بل محبتهم دين وموالاتهم زيادة في الإيمان واليقين. وفي هذا الحديث دليل على أن الذنوب بين العباد إذا تساقطوها وغفرها بعضهم لبعض أو خرج بعضهم لبعض عما لزمه منها سقطت المطالبة من الله - عز وجل - بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: حتى يصطلحا، فإذا اصطلحا غفر لهما.
فالشحناء بين المسلمين وهجر الإخوان ضرره كبير ووزره عظيم، هذا ما يدل عليه الحديث، وقد بينا ضابط الهجر ومتى يجوز ومتى لا يجوز في الفتوى رقم: 25074، 7119. وإذا كان بين المتخاصمين السلام بالقول دون المصافحة فذلك يكفي فلا يكونا متهاجرين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. فالبادئ بالسلام قد قطع الهجر، ولا يشترط لذلك المصافحة وإن كانت هي الأولى لما فيها من إظهار الإخاء ونفي الشحناء، وقد تكون في بعض الأعراف عنوان على ذلك. وعند ابن أبي شيبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. ورواه أحمد والبزار وأبو يعلى إلا أنه قال: كان حقا على الله أن يجيب دعاءهما، ولا يرد أيديهما حتى يغفر لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(9/1279)
حكم هجر الأخ الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أكلم أخي وأعلم أني قد آثم على ذلك:
سأعرفك على شخصية أخي والأسباب التي جعلتني لا أخاصمه لعدة سنوات ومن ثم أني راجية منك أشد الرجاء أن تدرس السؤال بتعمق والرد عليه بسرعة: علما ... أني مرتاحة أني لا أكلمه
أولا: شخصية أخي:-
1- تارك الصلاة.علما أنه حافظ القرآن ويسمع تفاسير عظماء العلماء مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2-عاق لوالديه:أبكى أمي عدة مرات وأبكى أبي مرة مع العلم أن أبي لم يبك من قبل. دموع الحزن تنهمر من عين والدي بسببه
3-يغتاب في ظهر الغيب. أي يستهزئ من الناس شكلا وأفعالا ويتظاهر أمامهم أنه أشد الاحترام مع العلم أنه معروف بين الأقارب بالطيبة واللين.
4-قاسي المعاملة مع الإخوان الصغار وأخواتي.
ثانيا: أسباب الخصومة:-
1-الضرب والإيذاء بالرغم أني فتاة لا أقدر ولا أتحمل ضربني.
2-لا أحمل أي غل وحقد عليه وإخواني وأخواتي يتعجبن مني عندما أساعده وهو مضطر. مثلا عندما يحتاج المال أعطيه كل ما أملك ومن ثم أسأل أبي إن احتجت أنا..أختي قالت لي أنت مظلومة وأعطيته 10.000 ليتزوج..يا شيخ والله إني أنصره في ظهر الغيب أي لا أغتابه ولا أحقد عليه بل أحبه كباقي الإخوة ولكني عندما أرى إخواني يكلمونه أنهم يتأذون منه ولا يحتملونه..لأنه شاذ ويتكلم كلام المجانين وليس كالعاقل ... إني أخبرك يا شيخ بكل شيء حتى تفيدني بالصواب..
بالإضافة هو يراني ويرى أخواتي بنظرة الشهوة والعياذ بالله..كما أنه كان يطلب من أختي التي تبلغ من العمر 12 تقبيله والله إني أخجل أن أتكلم بهذا الحديث ...
أخيرا أود أن أخبرك أني قرأت فقط دعاء الاستخارة قبل النوم ولم أصل. حلمت أنه يؤذيني.
فصليت صلاة الاستخارة اليوم التالي ولم أجد شيئا في الحلم. ولا أذكر كيف كانت نفسيتي كيف كانت عندما استيقظت ...
إني محتاجة للرد ... يا شيخ لأعلم ما هو الحق من الباطل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصلاة، وعقوق الوالدين، والنظر إلى المحارم بشهوة، والغيبة كل ذلك من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض العلماء إلى أن ترك الصلاة كفر أكبر مخرج من الملة، فينبغي لكم نصح أخيكم الواقع في هذه المعاصي وتذكيره بالله وتخويفه من عقابه، وإن كان لا يقبل منكم فعن طريق من ترونه يحترمه ويسمع كلامه، وبطريق شريط وكتيب إسلامي، يوضع له في غرفته أو سيارته، يتحدث عن هذه المواضيع، وإن كان يعاني من مرض نفسي أو عقلي، فينبغي عرضه على أهل الاختصاص في الأمراض النفسية والعقلية، وطلب الدواء له، والقراءة عليه عند من يحسن قراءة القرآن على المرضى من أهل الصلاح والتقوى، وإن كان ينظر إلى المحارم بشهوة ويلمسهن بشهوة فيجب الاحتجاب عنه.
ولا بأس باجتنابه لاتقاء شره من غير قطيعة، فله حق الصلة، ولا بأس بأدنى الوصل، من السلام والكلام، إلا إذا كان في هجره مصلحة، كأن يرتدع بذلك عن أفعاله القبيحة فلا بأس بهجره، قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 3/19: وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر وغيره ممن في هجره مصلحة له راجحة، فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. انتهى.
والله نسأل أن يشفيه، وأن يهديه، إلى رشده ويقيه شر نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(9/1280)
خير المتهاجرين الذي يبدأ بالسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على اهتمامكم والإجابة على الأسئلة التى تدور في بالنا ... زوجى رجل طيب جدا ومحبوب من كل أهله وأصدقائه ونحن نعيش فى بلد أوروبي ولديه صديق من أبناء بلده كان مقربا إليه جدا، هذا الصديق لديه بعض الصفات غير المحببة، وكم من الناس لديهم مواقف معه لكن لم يحدث بينهم شيء يعكر صفو العلاقة إلا قبل سنة تقريبا وكان السبب تافها جدا لا يستحق فقطع العلاقة بزوجى نهائيا وكان هذا الصديق يعمل لزوجي عقد عمل ففسخ عقد العمل وتصرف تصرفات كثيرة كانت غير متوقعة منه..المهم عندما أتى رمضان طلبت من زوجي أن نذهب لهم هو وزوجته (زوجته امرأة طيبة جدا) ونبارك لهم رمضان ونتعامل معهم بصورة عادية، وليس من الضروري أن ترجع العلاقة كما في الماضي، وكان قصدي من ذلك أن ينال زوجي الأجر لأني أعرف أن في رمضان لو كانت لديك عداوة مع أحد فمن المستحسن أن تبادر أنت بالصلح ولك الأجر..لكن زوجي رفض بشدة وطلب مني أن لا أفتح هذا الموضوع مرة أخرى ... سؤالي ماذا علي عندما طلبت من زوجي وماذا على زوجي عندما رفض..وماذا أفعل حتى أقنع زوجي؟
لكم الشكر الجزيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين إنهاء الهجران بين زوجك وصديقه إذا كان سببه معاملات دنيوية، ليسلما من الوعيد المذكور في حديث مسلم: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا. وأفضل المتهاجرين هو من يبدأ بالاتصال بأخيه فيسلم عليه فإن رد الآخر فبها ونعمت، وإلا سلم البادئ من الوعيد المذكور في الهجر وبقي الآخر على حاله. وذلك لما في الحديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.
فحرضي زوجك على قطع الهجران الحاصل بينه وبين زميله، وذكريه بأهمية الصلح والعفو، ويمكنك أن تتكلمي بالهاتف مع صديقتك زوجة الأخ الثاني وتحرضيها على السعي في إصلاح ذات بينهما وإقناع كل منهما بالصلح والتسامح، وتذكرا ما في ذلك من الأجر، فقد قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء: 114} وقال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء: 128} وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}
فعليك بالاستعانة بالله وسؤاله لزوجك أن يهديه للصواب في جميع معاملاته، وبمحاولة إقناعه بصلة صديقه وعدم هجره.
واستعيني في ذلك بما ذكرنا من الأدلة الموضحة لترك الهجر، ولأهمية الاتصال بين الناس والتسامح، وبيني له أن مقابلة الإساءة بالإحسان والعفو تسبب معية الله ومحبته، وتجر الطرف الآخر لمحبة العافي. وراجعي الفتوى رقم: 27765، والفتوى رقم: 59967.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(9/1281)
حكم هجر الديوث
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن عائلة قد تبرأت من شخص بما فيهم أبناؤه بعد ما فشلوا معه فى إقناعه بأن زوجته تقوم بأفعال غير شرعية منافية للدين والشرع، ومع العلم فإن زوجها على دراية بأفعال زوجته، ولكنه راض عن أفعال زوجته وقد أنجبت أولاد غير شرعيين من غيره وهو راض تماماً، فهل يلحق الإثم بالعائلة بأنها أخذت موقفاً من أحد أفراد العائله بالتبرؤ منه وقطع الصلة به نهائيا، ومع العلم فإنه يبلغ من العمر70 سنة، أرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن إقرار الرجل الخبث في أهل بيته من الذنوب الكبيرة ويسمى دياثة، وفي الحديث: لا يدخل الجنة ديوث. رواه أبو داود والطيالسي، والديوث هو الذي يقر السوء في أهله.
والواجب على أهله نصحه وتحذيره من هذا الذنب، وعليهم هجره إذا أصر على هذه المعصية، إذا رأوا مصلحة في هجره، فإن أصحاب المعاصي يهجرون عند تحقق المصلحة من هجرهم.
وأما إن لم يرج من الهجر تحقيق هذه المصلحة فلا يجوز الهجر حينئذ، وذلك أن له حق صلة الرحم، وله حق المسلم في عدم الهجر فوق ثلاث، إلا للمصلحة الدينية المذكورة.
ويجب على أولاده بره والإحسان إليه ولو ظل مصراً على ما هو عليه لأن فسق الوالد بل وكفره لا يسقط حقه من البر والصلة، علماً بأن أولاد تلك المرأة المذكورة لاحقون بذلك الرجل ولهم ما لغيرهم من أبنائه من الحقوق، ولو تحقق من زنى تلك المرأة فلا يقطع نسبهم من ذلك الرجل زوج أمهم إلا أن ينفيهم بلعان، أما أقارب الرجل فليس من حقهم نفي أولاده- أولاد زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(9/1282)
حكم هجر الأخ المؤذي
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الأكبر متزوج من امرأة سيئة الأخلاق ولا تقيم حدود الله وهي تكره عائلتي بشدة وتفعل ما بوسعها من أجل أن تؤذي أبي وأمي وإخوتي، أخي يسمع كلامها ويطيعها كأنه من أوامر الله والعياذ بالله.أخي هذا يعمل مع أبي ويأخذ الأجر المناسب لجهده وهو يحاول دائما سرقة أبي مرارا وتكرارا في إحدى المرات عندما حاول أخي الأصغر منعه من السرقة تهجم على أبي وحاول ضربه لكن أخي الأصغر منعه وضربه فذهب للشرطة مع زوجته وأراد سجن أبي وأخي لكن الضابط طرده عندما وجد أبي رجلا كبيرا في السن، طرده أبي من العمل ولكن بعد ذلك أعاده لأجل أولاده.... قمنا بمقاطعته 6سنوات لا يدخل بيتنا ولا نزوره.. بعدها تصالحنا بعدها بعام واحد قامت زوجته بعمل ما في وسعها للإيقاع بين الأشقاء والأب والأم وقامت بخطبة فتاة لأخي دون رغبة من أبي وأمي لأنها من عائلة لا تمت للدين بصلة ومعروف عنها الفسق والفجور كادت أمي وأبي أن يموتوا عندما علموا بأن ابنهم قد عقد زواجه على تلك الفتاة سرا ولكن رحمة الله كانت موجودة بعد مدة أخي عاد إلينا بعد علم وتوثق من أن أهل الفتاة أهل فسق وفجور لكنهم يحاولون إيذاءه بشتى الطرق........سؤالي هو يا فضيلة الشيخ نحن جميعا قررنا مقاطعة أخي وزوجته لأنهم لا يضمرون لنا إلا الشر ولا يريدون إلا رؤية الأحزان في بيتنا لقد دمروا حياة وسمعة أخي تقريبا....فنحن والله لم نقصر معهم يوما فقد كنا داعمين لهم فيما يحتاجون بكل ما نستطيع....فهم ينتهزون الفرص لا يضربون إلا بالشرف حتى أخواتي أخي يطعن بشرفهن وهن متزوجات من رجال أفاضل....هل علينا إثم إن قاطعنا من يضمر لنا الشر في أي مكان وأي زمان.. آسفة للإطالة وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الأخ وزوجته إن كانا كما ذكر، يصدق عليهما قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره. متفق عليه، وأما بشأن السؤال عن جواز قطعهما، فنقول: لا بأس باجتنابهما من غير قطيعة، فأخوكم له حق الصلة، فلا تقطعوها كل القطع، ولا بأس بأدنى الوصل، من السلام والكلام بالهاتف، وإن كان المندوب لكم أن تصلوه وإن قطعكم، وتحسنو إليه وإن أساء إليكم، كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي جاءه وقال له: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي. فقال: " لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك " رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
إلا إذا كان في هجره مصلحة، كأن يرتدع بذلك عن أفعاله القبيحة فلا بأس بهجره، قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 3/19: وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر وغيره ممن في هجره مصلحة له راجحة، فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. انتهى.
وهذا كله ما لم يتب أخوكم مما ذكرتم من السرقة والعقوق، أما إذا كان تاب فلا يجوز لكم هجره ولا قطع رحمه، أما المرأة فيمكن لكم تفادي ضررها بوسيلة ما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(9/1283)
قبول العذر من حسن الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق أحبه في الله حصل يوما سوء تفاهم في اجتماع لموظفي الشركة وكان صديقي هو رئيس القسم الذي أنا أعمل فيه حيث كان العمل هو عبارة عن صيانة سيارات بجهاز كمبيوتر وفي هذا العمل هناك الكثير من اللقطات الفنية السرية وكان هو يخفي عني تلك الأمور وفي يوم من الأيام وفي ذلك الاجتماع قد تكلمت بصفة عامة وقلت على كل شخص يحمل معلومة يجب عليه أن يعلمها لغيره ولا يجب أن يخفيها الحقيقة ليس هو فقط ولكن الكثير مثله يخفون المعلومات خوفا من أن يكون هناك منافس وبعد الاجتماع غضب مني ولم يكلمني بعدها ذهبت إليه وإلي بيتهم ولكن قال لي لا تأتي إليّ إلا بعد أن تتصل، في الحقيقة إني قد غضبت لذلك ثم حاولت أن أدخل أطرافا أخرى لرد العلاقة ولكن ما زال لا يريد أن يعفو عني بزعمه إني قد أسأت إليه وكنت كلما أحاول أن آتي بطرف محايد كان يزداد غضبا ويقول لقد قال لكل الناس أننا متخاصمان، وأخيرا وعندما جاء موعد سفره سلم على جميع موظفي الشركة ولم يسلم عليّ وعندما خرج من الشركة اتصلت به فرد لأنه لم يعرف الرقم فقلت له طريق السلامة فقال بعدما عرف صوتي (اوه اوه) وقفل الخط للعلم هو الذي استطاع أن يدخلني معه إلى الشركة وساعدني على العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن صديقك إليك حينما ساعدك على إيجاد عمل تتكسب منه، ونسأل الله تعالى له أحسن الجزاء على ذلك، وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدينا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
وقد أحسنت أنت أيضاً عندما بادرت إليه بالاعتذار بغض النظر عن كونك أخطأت أو لم تخطئ، فهذا دليل الإنصاف، فإن الشيطان حريص على إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم.
وما دمت قد اعتذرت لصديقك، فقد أديت ما عليك، ففي الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وننصحك بأن تبذل المستطاع من الأسباب لوصل ما انقطع بينك وبين صديقك، ومن ذلك أن تسأل الله في دعائك أن يفتح بين قلبيكما بالحق، ومن ذلك أيضاً أن تدخل أحد الإخوة الثقات الحريصين، فيصلح بينكما، ونذكر صاحبك بجزاء العافين عن الناس كقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشروى: 40} .
وقوله: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور: 22} .
ونحذره كذلك من مغبة التقاطع والتهاجر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلى من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
فإن لم تجد معه محاولات الصلح فلا عليك، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 22278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(9/1284)
حكم تلبية دعوة الأقارب في حال وجود منكر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أقارب يبيعون الخمر، هل التعامل معهم يصبح حراما، يقيمون عرسا هذه الأيام ودعوني إليه هل أذهب أم في ذهابي إثم لاسيما أن امي تصر على الذهاب ولا أريد أن أخالفها، أفيدوني
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل مع أهل الفسق والعصيان ينظر فيه وفيما يترتب عليه من مصحلة، فإن كان في هجرهم فائدة لهم ورجوع منهم عن العاصي فإنهم يهجرون ويقاطعون.. أما إذا كان الهجر لا يفيد فيهم ولا يردعهم عن معاصيهم.. فإنه لا يجوز لعدم فائدته، ولما فيه من التقاطع والتدابر المنهي عنه شرعا.
وأما إجابة دعوة المسلم فواجبة على أخيه المسلم المستطيع، وخاصة إذا كان قريبا لما في ذلك من صلة رحمه وتأليف قلبه.. ما لم يكن عنده منكر كأن يقدم الخمر على مائدته، لما رواه أبو داود وغيره مرفوعا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر. صححه الألباني. وعلى ذلك فإنه يجب عليك تلبية دعوتك أقاربك على عرسهم إذا لم يكن فيه منكر ولم يكن في ذلك ضياع ماهو أوجب. وكذلك إذا كان فيه منكر وكنت تستطيعين إنكاره وتغييره. وهذا كله بالنسبة لمجرد حضور الدعوة، أما بالنسبة للأكل من الطعام فإن كان المصدر الوحيد لدخل هؤلاء هو الخمر والتجارة فيها فإنه لا يجوز الأكل من طعامهم، وإذا كان لهم مصدر آخر فلا مانع من الأكل معهم ما لم يكن من عين المال الحرام. وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 5263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(9/1285)
هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله أبلغ من العمر 19سنة أعيش مع أخي وأسرته، ما حصل هو أنني في خلاف مع ابن أخي ومر على خصامنا شهران تقريبا حيث إننا نعيش في نفس البيت الشيء الذي جعل أخي ينزعج لهذا الشقاق ولكن أخي لا يعلم سبب الشقاق ولم أرد إخباره لأن ما فعله بي ابنه يمس بشرف المرء وعرضه السؤال هو هل اقترفت ذنبا في خصامي معه؟ وهل صحيح أن الله يغضب على مسلم إن هو على شقاق مع أخيه المسلم؟ وما قولكم في ما حدث لي مع ابن أخي؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب هجر ابن أخيك هذا وعدم إعطائه فرصة للحرام حتى يرتدع عن محاولاته الخسيسة معك، وذلك لأن الشريعة بحكمتها أباحت هجر أصحاب المعاصي، وخاصة من كان يخشى من مخالطته مضرة دينية أو دنيوية تعود إلى المخالط. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مخالطته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
وبهذا تعليمن أن ما قمت به من مقاطعة هذا الشاب المستهتر بحرمات الله تعالى هو الحق والصواب، فإن ارتدع وتاب عن سلوكه المشين معك فبها ونعمت، وإلا فالواجب عليك إذا خفت حصول فعل منه بطلبه منك ما لا يحل له أن تخبري والده بحقيقة الأمر حتى يوقفه عند حده، وقبل أن يقع ما لا تحمد عقباه من هتك العرض وحصول الفضيحة.
نسأل الله تعالى العافية والسلامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(9/1286)
شروط هجر أهل الفسق والمعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلة الرحم مع زوجة أخي واجبة علي في حال أنها متبرجة، لا تصلي ولا تتحلى بأخلاق الزوجة الصالحة، علما بأن أخي علماني ولا يصلي أيضا بالرغم من كل محاولات العائلة. صبرنا 12عاما على إساءاتها العديدة لأخي (في حضرتنا) ولجميع عائلتي وخاصة والدي ثم قطعنا أنا وإخوتي كل علاقة معها منذ 10 أشهر تقريبا. ألتقي بأخي وأولاده مرارا في أماكن أخرى غير منزله وأنا حائرة لأني لا أريد أن أعصي ربي لكن هذا القرار أعانني على حفظ بيتي ونفسي. لا أكرهها وأتمنى لها كل الخير لكن من بعيد ... أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوجة الأخ ليست من الرحم الخاصة التي يجب وصلها، وعليه؛ فلا إثم عليك إن لم تصليها الصلة الخاصة من غير قطيعة ولا هجر، مع المحافظة على صلة رحم أخيك.
مع التنبيه إلى أن الأصل عدم جواز هجر المسلم، إلا أنه يجوز هجر أهل المعاصي للمصلحة.
وعليه، فيجوز هجر هذه المرأة المذكورة إذا رجي تحقق المصلحة كالزجر والتأديب لها أو حفظ النفس أو الأهل من التأثر بمعاصيها.
وأما إن لم يرج من الهجر تحقيق هذه المصلحة فلا يجوز الهجر حينئذ، ففي الجملة زوجة الأخ ليس لها حق صلة الرحم، وإنما لها حق المسلم من عدم الهجر فوق ثلاث، إلا للمصلحة الدينية المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(9/1287)
الهجر فوق ثلاث يجوز في أحوال دون أحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[تصادقت منذ فترة مع شخصين في المواصلات بحكم طبيعة عملي التي تقتضي سفري يوميا لعملي ... وهذان الشخصان عندما نتحدث أحيانا يغتابان.. ويقذفان أعراض النساء بدون بينة فنبهتهم على ذلك وقلت لهم لا يجوز ولا تتحدث إلا بما ترى وإن رأيت فلا تتحدث ويجب الستر، وأنا أعلم أنهم يسيؤون الظن وليس لهم بينة فيقولون لي أنت هتعمل فيها شيخ.. ويتضايقون من النصيحة فأقول لهم استغفروا الله فهم لا يعتقدون أنهم مخطؤن فنبهتهم إلى حد القذف في الأعراض أكثر من مرة، ولكن لا يأبهون ويتغامزون ويتلامزون وبهم كبر واحتقار لبعض الناس ثم صاروا يسخرون من لحيتي ومن الملتحين ويفعلون حركات استهزاء باللحية فقلت لهم أتسخرون من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا لا نحن نسخر منك أنت فحذرتهم من السخرية بشعائر الإسلام وأن ذلك خطر كبير وكنت آمل أن ينصلح حال أحدهم لكن أصبحت عندما أحدثه في الأمور الدينية وأسدي له النصيحة بالحسنى فيقول لي انصح نفسك أولا أنت تعتقد أننا شياطين وأنت الملاك وتقرأ أي كتاب ديني وتأتي لتطبقه على أصحابك فقلت له ومن أين أستقي معلوماتي الدينية وكيف أتعلم ديني من غير هذا، وأقول له أنا أنصحك وأنصح نفسي معك لأني لست ملاكا أيضا وأخطئ فينزعج ويتضايق وعندما أواجه بخطئه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بطريقة لينة فيتهمني إني غير طبيعي وعندما أسايره فيما يفعل وأكلمه حسب هواه يقول لي إني رجعت لحالتي الطبيعية.. فترة بفترة أحسست أن إيماني والتزامي بدأ في الانخفاض والتراجع وبدأت اقترف بعض الذنوب من جراء مخالطتي لهم.. فحزنت وبدأت في تجنبهم وتذكرت ما يجنيه المرء من صحبة السوء.. وفي مرة سخروا مرة أخرى من اللحية فنبهتهم وزجرتهم ... وقررت مقاطعتهم لأني أحسست أنهم جروا علي البلاء وأنهم لا يرغبون إلا أن أكون مثلهم فيما يفعلوه، وقلت ليس بيني وبينهم غير السلام فقط، ولكني في قرارة نفسي كنت أتمنى كما لو أني لم أعرفهم ... بصراحة أصبحت لا أحب أن أراهم.. وأنا أعلم إن رجعت إليهم سيكررون نفس الكلام وتلك الأفعال.. لأني جربت ذلك معهم ولم يتعظوا، والواضح أنهم قاطعوني بسبب الموقف الأخير ... فقلت هذا أفضل.. فهل أنا مخطئ في قراري مقاطعتهم وهل أنا هكذا هاجر لأخواني فوق الثلاث أيام أم أنا منافق إذا خاصم فجر خصوصا أنهم لا يرون أنفسهم مخطئين.. وبعدها جاء لي وسواس عندما رددت عليهم في المرة الأخيرة وغضبت من سخريتهم من لحيتي هل غضبت لنفسي أم لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.. أحيانا بيني وبين نفسي أحس أني مرائي ومنافق.. أنا حزين لأني أصبحت مقصرا ولا أجد لذة في ألتزامي وأصبحت لا أقوى على جهاد نفسي.. إن الصبر على أذى الناس من قول أو فعل في هذا الزمان أصبح صعب جدا.. وأحيانا كثيرة أحس أني غريب في وسط الناس فأصبحت أجاريهم في بعض ما يفعلون من أقوال حمقاء أو أسكت عن أفعالهم ولكني ممتعض من داخلي.. واللهم أني أرى أن بعض الناس يتهمون الذين يحاولون أن يكونوا مع الله ويهتموا بتعلم دينهم بالتشدد والغلو والتعصب وهم في الحقيقة هم المتعصبون لأهوائهم متشددون ومتزمتون ولا يقبلون الرأي الآخر ووالدي يقول لي داري الناس ما دمت في دارهم ولا تجلب لنفسك المشاكل وخليك في حالك أنا دائما في حالي ولا أفرض نفسي على أحد.. واللهم أني أحيانا كثيرة بيني وبين نفسي أكون حزينا على حالي وحال الناس وأقول كيف سيكون للإسلام عزة ومنعة ونحن مغيبون هكذا وكل واحد فينا همه أن يأكل ويشرب ويلبس ويعمل.. هل هذا كاف للنجاة من العذاب ودخول الجنة ورضي الله علينا لا أدري كأن الواحد مساق إلى هاوية وهو يعلم ومعه عدة النجاة ولا يفعل شيئاً لإنقاذ نفسه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما بينته من حال هذين الشخصين اللذين تصادقت معهما وقد ذكرت أنهما يغتابان الناس ويقعان في أعراض النساء بدون بينة، ويتضايقان من النصيحة، ويتغامزان ويتلامزان وبهما كبر واحتقار لبعض الناس، ثم صارا يسخران من لحيتك ومن الملتحين ويفعلان حركات استهزاء باللحية، وقد أدى حالهما معك إلى ما ذكرته من إحساس بأن إيمانك والتزامك بدأ في الانخفاض والتراجع، وأنك بدأت تقترف بعض الذنوب من جراء مخالتطك لهما ... إلى آخر ما ذكرته من حالك معهما، كله يحتم عليك الابتعاد عنهما وترك مخالطتهما.
وعليه؛ فما قررته من مقاطعتهما وأن لا يكون بينك وبينهما غير السلام فقط، هو الصواب، ولست مخطئاً إذاً فيه، مع أن الأصل حرمة هجران المسلم فوق ثلاث، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
ولكن أهل العلم قد أباحوا الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجر ضرراً على المرء، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
وأقر العلماء أن من أسباب الهجر الشرعي فوق ثلاث هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر، كما في قصة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، وما يقوله لك والدك من مداراة الناس ما دمت في دارهم، وأن لا تجلب لنفسك المشاكل، وينبغي ألا يكون على حساب تغيير المنكر، كما ينبغي تنبيه الوالد على أن ذلك لا يتنافى مع وجوب ابتعادك عما يجلب لك الضرر، ومقاطعة أهل السوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(9/1288)
هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قاطع صاحبه عن الكلام والسلام بسب أنهما إذا كانا متصالحان يعملان المنكر والسوء لا محالة وإذا تفرقا يعملان الخير ويبتعدان عن المعاصي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ". رواه البخاري. ولكن أهل العلم رخصوا في الهجر إذا اقتضى مصلحة أو دفع مفسدة. قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. ومما يشرع من الهجر فوق ثلاث هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر.
وبناء على هذا فإنه يجوز الهجر والقطيعة بين ذينك اللذين ذكرت أنهما يكونان في معصية كلما اصطحبا، ويستقيمان كلما تقاطعا. بل إن القطيعة بينهما تصير هي الواجب على كل منهما لأن تجنب المعاصي واجب، وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(9/1289)
حكم من هجر أهله فرارا ونجاة بدينه وحفاظا على أسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة، والحمد لله أعيش أنا وزوجي ملتزمين بشرع الله، وأهلي غير ملتزمين بل ويحادوننا ويحاربون فينا التزامنا (بما في ذلك نقابي وهدينا الظاهر) ، وتعدى الأمر إلى تدخلهم في تفاصيل حياتي يريدون بذلك أن أتبعهم في كل شيء وبمجرد رفضي لتوجيهاتهم التي تخالف أوامر الله يزداد عداؤهم ومقاطعتهم لي في كثير من الأحيان خاصة أمي، الحاصل إني لا أرى فيهم إلا معولا يهدم في ديني والتزامي بل وحياتي الزوجية مؤثرين بذلك على زوجي مما أوصلنا في بعض الأحيان إلى حافة الطلاق لكن الله سلم، وأنا الآن بعيدة عنهم لا أزورهم ولا أصل رحمهم -فرارا ونجاة بديني وحفاظا على أسرتي- وأمي تدعي بذلك أني قطعت رحمهم، فهل علي من إثم في ذلك (علما بأن وجودي معهم يضطرني الى سماع ما لا يرضي الله والذي يصل في بعض الأحيان لسب الله والدين والصحابة وكل مظاهر التدين والالتزام) مع العلم بأني حاولت مرارا أن أصلح من شأنهم لكن دون جدوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فليس انقطاعك عنهم من قطع الرحم؛ بل من هجر مجالس المنكر وحفظ الدين، والذي نعجب له أن يكون حال المسلمين قد وصل إلى هذه الدرجة من الانحراف حتى أصبح بعضهم يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف. نسأل الله العافية، ونوصيك بإسداء النصح لهم وتذكيرهم بالله تعالى، ولو بإرسال الكتب والأشرطة النافعة عن طريق بعض الأصدقاء أو الأقربين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(9/1290)
هجر الفاسق والاستعلاء عليه يدور حكمه مع المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو هل يجوز التواضع مع الفاسق بدعوى أنه أخي في الإسلام؟ مع العلم أني إذا تواضعت معه ربما يسخر مني على قول المثل: وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا. أرجو الإجابة لأني أواجه الكثير من قليلي الإيمان في العمل وغيره.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أخلاق الإسلام الفاضلة التواضع للمسلمين والتراحم والتآلف والتعاون فيما بينهم، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد.
هذا من حيث العموم.
أما الفاسق أو العاصي والمبتدع، فينبغي نصحه وتوجيهه ومعاملته بالتي هي أحسن لعل الله تعالى يهدي قلبه ويصلح أمره على يدك، فتنال بذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى.
وإذا لم يرجع عن غيه وينزجر عن معصيته، فالأفضل الإعراض عنه وهجره إذا كان في ذلك مصلحة، فقد قال أهل العلم: هجران الفاسق والعاصي خاضع للمصلحة ودائر معها وجوداً وعدماً.
وعلى ذلك، فإن كانت المصلحة في هجر الفاسق والاستعلاء عليه فإنه يهجر، وإن كانت في التواضع معه والمواصلة له فإن ذلك هو الأفضل؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما كما قال أهل العلم.
ونرجو أن تطلع على الفتاوى التالية: 19998، 2284، 21242، 48344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(9/1291)
حكم مصادقة صاحب مقهى إنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق قال لي الصداقه التي بيني وبينك عليك أن تنساها وذلك لأني تركت العمل معه في محل للإنترنت لأن فيه ما يغضب الله، ولما ذكرت له السبب غضب علي، وعندما أذهب إليه في المحل لا يقبلني، هل أفعل ما يريده مني والذنب عليه هو أم أتركه علما بأن المحل فيه فتن كثيرة، وأنا الآن تركته ولكني أزوره في المحل لعله يعود إلى سابق عهده وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تركت العمل معه لأجل ما في العمل من المحرمات، فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يأجرك خيراً، وأن يعوضك بأفضل مما تركت، واعلم أن ترك الشيء لأجل الله دليل على إيمان العبد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وإن كان هذا الشخص يشترط لاستمرار الصداقة بينكما أن تعمل معه في عمل حرام فلا خير في صداقته، وانظر الفتوى رقم: 36991.
هذا، والواجب عليك نصحه في الله وتخويفه بعذابه سبحانه وتعالى، فإن أصر على ما هو فيه من العمل المحرم فلا تلتفت إليه وسيعوضك الله خيراً منه.
وكذلك اعلم أنه لا يجوز لك أن تغشى أماكن المنكرات، ولا أن تخالط أهل المنكر في منكرهم إلا أن تنكر عليهم، فلا تذهب إليه في ذلك المحل الذي فيه تلك المحرمات والمخالفات الشرعية.
وانظر للفائدة الفتويين: 29782، 10836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1425(9/1292)
ضوابط لمشروعية هجر أهل المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة أخي ارتدت عن الإسلام ودخلت فى الديانة المسيحية على حد قولها لي، وقد حاولت كثيراً الاستعانة بالله أولاً ثم ببعض علماء الدين فى محاولة لإثنائها عن ذلك ولكن باءت كل المحاولات بالفشل، وبناءً عليه طلبت من أخي أن يطلقها، ولكنه أبى ذلك وتحجج بالأولاد وأن بينهما أملاكاً مشتركة، فقررت مقاطعة أخي تماماً ولمدة حوالي العام، بعدها صالحته إرضاءً لوالدي وضغوط الأهل وبعد أن حلف أخى لي وأقسم أنها عادت للإسلام، ولكني أشاهدها بملابسها الخليعة وسفورها مما يجعلني أشك فى إسلامها لأنني كنت أتوقع الندم الشديد والعودة إلى الله وارتداء الحجاب، ولكن أي شيء من هذا لم يحدث، أرجو أن تفتوني فى أمري هل أعود لمقاطعة أخي مرة أخرى أم يبقى الوضع على ماهو عليه؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رابطة الأخوة الإيمانية التي تربط المسلم بالمسلم تمنع من هجر المسلم لأخيه المسلم فوق ثلاث ليال إلا لعذر شرعي، فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10} ، وهذه بعض النصوص الزاجرة والمحذرة من الهجر والقطيعة للمسلم، والقريب المسلم من باب أولى:
1- عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً إلا امرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
3- وعن أبي خراش رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. رواه أبو داود وصحح إسناده النووي والأرناؤوط وقال الألباني صحيح.
ولكن يجوز الهجر والقطيعة إذا كان سببها أمراً دينياً، على أن يكون الغرض منها الردع، والرجوع للحق، قال الشيخ ابن العربي المالكي: وأما إن كانت الهجرة لأمر أنكر عليه من الدين كمعصية فعلها أو بدعة اعتقدها، فيهجره حتى ينزع عن فعله وعقده، فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في هجران الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة حتى صحت توبتهم عند الله، فأعلمه فعاد إليهم. عارضة الأحوذي 8/91.
وقال الإمام البخاري في صحيحه: باب ما يجوز من الهجران لمن عصى. وقال كعب حين تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا وذكر خمسين ليلة.
وقال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري: أراد بهذه الترجمة بيان الهجران الجائز لأن عموم النهي مخصوص لمن لم يكن لهجره سبب مشروع، فبين هنا السبب المسوغ للهجر وهو لمن صدرت منه معصية، فيسوغ لمن اطلع عليها منه هجره عليها ليكف عنها.
وعليه، فلا بأس بهجر أخيك ومقاطعته حتى يرتدع عن الإمساك بعصمة الكافرة المرتدة، والله تعالى يقول: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ {الممتحنة:10} ، لكن بشرطين:
الأول: كون هذا الهجر لحق الله وليس لحظ النفس وهواها.
الثاني: التأكد من كون زوجة أخيك لم تتب من ردتها، وبقائها على كفرها، مع مراعاة ضوابط الهجر التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 18120.
وننبه هنا الأخ المتزوج من هذه المرأة إلى أن الزوجة إذا ارتدت عن الإسلام فلا يجوز له وطؤها، فإذا انقضت العدة قبل رجوعها إلى الإسلام فقد انفسخ عقد النكاح ولا بد من عقد جديد، أما إذا رجعت إلى الإسلام في العدة فلا ينفسخ النكاح، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الأم: وإذا ارتدا أو حدهما منعا الوطء، فإن انقضت العدة قبل اجتماع إسلامهما انفسخ النكاح، ولها مهر مثلها إن أصابها في الردة، فإن اجتمع إسلامهما قبل انقضاء المدة فهما على النكاح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(9/1293)
حكم هجر من طلق قريبته
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب صلة الرحم مع الأحباب إلا أن أخا زوجة أخي طلق أختي بثلاثة أولاد وهو في نفس الوقت ابن خالي وأشمئز لرؤيته في بيت أخي المتزوج بأخته، فهل علي إثم في مقاطعته، وما حكم الشرع في ذلك، وهل يعتبر من الأقارب، مع العلم بأن عائلته تضرنا صحبتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز هجران المسلم لأخيه المسلم أكثر من ثلاث ليال لحظ النفس، للحديث المتفق عليه: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
ويتأكد هذا في حق الأصهار والأرحام، وقد دل الحديث على أن الشحناء سبب لحرمان العبد من غفران الذنوب، لما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
ومن هنا ندعوك إلى عدم هجر هذا الرجل، وكونه قد طلق أختك لا يعد سبباً لهجره وبغضه ما لم يكن هناك سبب شرعي ككونه فاسقاً، وذلك لأن طائفة من أهل العلم اعتبر أبناء الأخوال من الأرحام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11449. أما مجرد الاشمئزاز لرؤيته، وعدم الارتياح لها، فلا تؤاخذ به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(9/1294)
إذا تقابل شخصان فحدثت بينهما مخاصمة ثم لم يلتقيا بعد فهل هذا من الهجران المنهي عنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم إخواني في الدين سؤالي هو:
أنه في يوم من الأيام قابلت رجلاً لا أعرفه وحدث بيننا سوء تفاهم ومنذ ذلك اليوم لم أره وسؤالي جزاكم الله خير هل أنا بذلك ينطبق علي قوله صلى الله عليه وسلم: رجلان لا يتكلمان لا يدخلان الجنة؟ وللعلم أنني لم أقصد ولم أره منذ ذلك اليوم وكم أنوي أن ذلك فقط سوء تفاهم. طمئنوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهجران بين المسلمين لا يجوز فوق ثلاثة أيام إذا كان مقصوداً، وأما إذا حصل التفرق من غير قصد للهجران ولم يتيسر اللقاء بعد ذلك، فإن هذا لا يعد من الهجران المنهي عنه، ولا يلزم أحداً منهم البحث عن صاحبه إلا إذا كانت تربطه به رابطة رحم، فإن صلة الرحم واجبة، وأما غير الرحم فإن من حقه السلام عليه عند اللقاء، وأما البحث عنه فغير مكلف به.
وعلى المسلم أن يحرص على الألفة مع الناس والإحسان إليهم، وإحسان الظن بهم والعفو عن مسيئهم.
واعلم أن الحديث الذي ذكرت لم نطلع عليه إلا أنه قد ثبتت عدة أحاديث في النهي عن القطيعة وهجران المسلم أخاه، فراجع فيها وفي المزيد من أحكام الهجران، وبعض الأحوال التي يجوز فيها الفتاوى التالية أرقامها: 25074، 7119، 24125، 32914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(9/1295)
المرء على دين خليله
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي تكلم واحدا حاولت إبعادها عنه لكن لا فائدة، كانت تطالعني أحيانا من الغرفة لما تكلمه وكنت أنزعج غضبت منها صار لي سنة ورمضان قريب وأحس أني كرهتها كإنسانه وما أريد منها سلاما ولا كلاما لأنها تتهمني بأني معقدة مع أنها كانت أقرب واحدة لي بالسكن أشكو لها وهي كانت تصارحني بكل شيء وكم مرة طلعنا التسوق مع طالبات السكن وحاولت تقابله وكنت أمنعها وتقول لي يريد يقابلني ما رايك أنا كنت أقول لها لا إلى أن لجأت إلى بنات ادعو الله أن يسترعليهم نفس الشيء يكلمون.فما هو الحل أنا أشعر أني كنت مخدوعة فيها ونادمة على أني ظننت أنهاسوف تكون لي مثال الأخت الصالحة بالسكن وفي غربتي فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذين تنبغي مصاحبتهم من الناس هم المتقون الصلحاء، وأما أهل السوء والأهواء الفاسدة فإن في مصادقتهم مخاطر مختلفة، ويكفي للابتعاد عنهم أن نتذكر تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من جلساء السوء قال: مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. رواه البخاري ومسلم. وفي حديث آخر. رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. ومع ما يمكن أن يجلب أصدقاء السوء لمن يصحبهم، فإنهم يتبرؤون يوم القيامة ممن يصادقهم ويعادونه، قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67} .فعليك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ أن تنصحي صديقتك هذه بالابتعاد عما حرم الله تعالى، والتوبة مما كان صدر منها، وتسعي وتبذلي لإقناعها بكل الوسائل، فإن لم ترعو ولم تسمع دعوتك فانجي نفسك وحصلي صديقات غيرها صالحات يعنك على الطاعة، ويذكرنك بالله. ولكن لا يعني هذا مقاطعتها وعدم رد السلام عليها أو ابتداءها بالسلام إلا إذا كان في هجرها ردع لها عما هي فيه من المعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(9/1296)
من أحوال جواز هجر الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الله عز وجل حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده حراماً ومنع أذية عباد الله والتطاول عليهم وأكل أموالهم بالباطل ويقول الله: ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام. وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم التعدي على أموال الناس وقال: المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه. وقال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه. وقال في حجته: إنما اموالكم ودماؤكم وأعراضكم حرام كحرمة شهركم هذا والأحاديث في هذه كثيرة
والمختصر أن لي قريب لي وهو عمي كان يعمل هو وأبي وإخوته في التجارة وربحوا من هذه التجارة وقاموا بشراء قطعة أرض من هذه الأرباح ومن حرصهم على رضى والدتهم سجلوا هذه الأرض باسمها كالهبة وقالت لهم أنا لا أريد فيكم شقيا ولا محروما من هذده الأرض ثم توفيت جدتي وبقيت أوراق هذه الأرض عند عمي وقام بالتلاعب في هذه الأوراق وقام بتسجيل هذه الأرض باسم زوجته مما أدى إلى خلاف بين هذه العائلة بسبب مافعله ونحن الآن نهجره ومع العلم أن الهجر لايجوز وكذلك فإن التعدي على الأموال محرم في الكتاب والسنة لأن النبي صلى الله عليه السلام قال لرجل جاءه لا تعطه مالك فقال الرجل أريت إن قاتلني فقال النبي صلى الله عليه وسلم قاتله فقال إن قتلني فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنت شهيد وإن قتلته فهو في النار، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أرضه فهو شهيد ونحن لا نريد القتل بل توجهنا بالأمر إلى القضاء لحل هذه المشكلة وإن لم يفصل فيها القضاء فسيفصل فيها الله عز وجل يوم القيامة وإذا أراد الإنسان أن لا يهجره أقاربه فعليه أن لايؤدي إلى الأسباب التي تودي إلى ذلك ومع العلم فإنه لايريد الصلح فما حكم فعل هذا الشخص وكيف نتعامل معه.
أفتونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق جواب هذا السؤال في الفتوى رقم: 49516، ونضيف هنا أن قطع الرحم حرام سواء كان صاحب هذا الرحم فاسقاً أو صالحاً، إلا أن يكون في قطيعته زجر له عن الفسق وإصلاح لحاله فلا بأس بقطيعته عندئذ، وراجع الفتوى رقم: 24833، والفتوى رقم: 21201. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(9/1297)
صلة أو هجر القريب العاصي يخضع للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي عمة لا تصلي وتدخن وتشرب الخمر كما أنها لا تسأل فينا عدا أعمال أخرى اقترفتها معنا هل تجب علي صلتها مع كل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عدم صلتك لعمتك من أجل ما تقوم به من المعاصي، وكان في مقاطعتك لها فائدة تؤدي إلى رجوعها وتوبتها إن وجدت نفسها منبوذة من قبل أقربائها بسبب أعمالها، فإن هذا أمر جائز؛ بل هو أمر مطلوب لأن العلماء ذكروا جواز هجران أصحاب المعاصي أكثر من ثلاثة أيام إن ترتب على ذلك فائدة، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص. فإن لم يترتب على مقا طعتها فائدة فالواجب حينئذ مراعاة المصلحة في الهجر، فيترك ويلجأ إلى أسلوب المواصلة واستمالة قلب العاصي، وبإمكانك الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1642، 14139، 29790.
وحيث لم يترتب على مقاطعتك لها فائدة فالواجب عليك صلتها ولو كانت تقاطعك أو تسيء إليك لأن الذنب لا يقابل بالآخر. وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 16726. لمزيد من الفائدة.
ثم إن على عمتك أن تتقي الله تعالى وترجع إلى رشدها وتتوب إلى الله تعالى مما ذكرت أنها متصفة به من ترك الصلاة وشرب الدخان والخمر، وكنا قد ذكرنا حكم ترك الصلاة في الفتاوى التالية: 16042، 11160. ولبيان منع شرب الدخان يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1671، كما يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 1108، في حرمة الخمر وعقوبة شاربها.
هذا ولا يجوز لعمتك أن تقطع رحمك لأن صلة الرحم واجبة وقطعها من أعظم الذنوب والعياذ بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(9/1298)
حكم هجر الأخ الزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مقاطعة الأخ بسبب رغبته في شيء من محرمات الله وإذا كان السلام يؤدي إلى تماديه فلذلك قطعت عنه حتى السلام لتفادي حدوث أي شيء، أرجو إفادتي بما يجب أن أعمله للعلم أنه لازال يمارس هذا الشيء (الزنا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا كبيرة من كبائر الذنوب وفاحشة نكراء، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. متفق عليه.
وعلى من ابتلي بأخ أو قريب يمارس هذه الفاحشة القبيحة، أن ينصحه، ويعظه ويذكره بالله، وبعقوبة المعصية وشؤمها على صاحبها في الدنيا والآخرة، ويوجه إليه من يذكره، ولا يدخر في ذلك جهداً، ولا بأس بأن يهدي إليه من الكتب والأشرطة وغيرها ما فيه مذمة هذا الفعل والتنفير منه.
وينبغي أن يدعو له بالهداية في أوقات الاستجابة، فإن الله تعالى يقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186} ، فإن لم يرعو عن المعصية ولم يثنه شيء من ذلك، فإن مقاطعته حينئذ وترك السلام عليه مشروعان، ولا سيما إن كان يرجى من وراء ذلك علاج موضوعه، أو كان يخشى من يخالطه من أن يتأثر بأخلاقه الذميمة، وراجعي فتوانا رقم: 21201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(9/1299)
الهجر لحق الله والهجر لحظ النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من منطقة يكثر فيها الهجر والهاجرون والمهجورون ولا ندري من هو على الصواب وطريق الحق كلنا إخوة في الله ونبتغي الحق دلونا على الطريق الصحيح وما هي ضوابط الهجر وهل كل الناس يقولون به وماهي الشروط التي يجب توفرها في الشخص الذي يقول بالهجر. والله أصبحنا لا ندري أينا على السنة وأينا المبتدع ويا حبذا لو أحلتمونا على كتاب أو رسالة أو موقع أحد المشائخ ليوضح لنا هذه المسألة
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحب في الله من أوثق عرى الإيمان، وتحقيق ذلك عبادة من أعظم العبادات، بل هو من كمال الإيمان. فعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان.رواه أبو داود، وقد شرع لنا الإسلام هجر أصحاب المعاصي والبدع لفوائد تعود على الهاجر والمهجور، وهذا ما يسمى بالهجر الشرعي وهو نوعان: أحدهما: بمعنى الترك للمنكرات. والثاني: هو الهجر لأهل المعاصي تأديبا لهم. فالأول هو المذكور في قوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام: 68} . وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه. أخرجه البخاري. أما الثاني وهو الهجر على وجه العقوبة والتأديب، وهو هجر من يُظهر المنكرات حتى يتوب منها.
ويختلف الهجر باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه. قال ابن تيمية: فإن كانت المصلحة في الهجرة راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعا، وإن كان المهجور لا يرتدع بذلك بل يزيد شره والهاجر فيه ضعيف بحيث تكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف. اهـ. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال الطبري: قصة كعب بن مالك أصل في هجر أهل المعاصي، فالهجر في الله من الأعمال التي أمر الله بها وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، والطاعة لا بد أن تكون خالصة لله موافقة لأمره، أما من هجر لهوى نفسه أو هجر هجرا غير مأمور به كان خارجا عن هذا، وفي هذه الحالة لا يجوز الهجر أكثر من ثلاثة أيام، كما جاء في الصحيحين عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
قال العلامة بكر بن أبي زيد: ليحذر كل مسلم من توظيف هوى نفسه وتأمير حظوظها على نفسه، فإن هذا هلكة في الحق، وهو شر ممن يترك الهجر عصيانا. اهـ.
فينبغي لكل مسلم أن يفرق بين الهجر لحق الله وبين الهجر لحظ نفسه، فالأول مأمور به، والثاني منهي عنه، ولو تجاوز الهجر ثلاثة أيام كان قطعا لحقوق الأخوة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عبادا لله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. متفق عليه عن أنس. وزاد الترمذي وأحمد: ولا تقاطعوا.
نسأل الله عز وجل أن يؤلف بين قلوب المؤمنين وأن يردهم إلى سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(9/1300)
حكم السكن والأكل مع الأقارب الذين لا يصلون
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا أسكن في منزل امرأة عمي وهي غير مسلمة (مسيحية) ، مع أن أبناءها الذين هم أبناء عمي مسلمون ولكن لا يصلون بتاتا، فهل يجوز لي الأكل معهم والعيش معهم، علما بأني لست في بلدي وأتيت للدراسة في الجامعة، وما واجبي نحو هذه المرأة النصرانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم سكن الرجل مع الأجنبية في بيت واحدة، والضوابط التي تشترط لجواز ذلك في الفتوى رقم: 3178، ولا فرق في ذلك الحكم بين أن تكون المرأة ربة البيت مسلمة أو كافرة.
أما أبناء العم الذين لا يصلون فواجبك اتجاههم سواء كنت تسكن معهم أو لا هو نصحهم وتوجيههم برفق وحكمة، وتذكيرهم حكم تارك الصلاة، وأنه على خطر عظيم إن لم يتب إلى الله تعالى من ترك هذا الركن الذي هو أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فإن استجابوا فذلك المطلوب، وإن لم يستجيبوا وأصروا على ترك الصلاة فلا خير لك في السكن معهم، والأولى لك أن تهجرهم ولا تساكنهم ما داموا على تلك الحالة، مع أنه لا مانع من الأكل معهم ولا سيما إذا كنت تحتاج إلى السكن معهم أو كنت تؤمل منهم أن يستجيبوا لك.
وأهم شيء بالنسبة لك في هذا الموضوع عدة أمور:
الأمر الأول: المواظبة على دعوتهم إلى الصلاة ودعوة أمهم إلى الإسلام حيث تسنى لك ذلك بدون خلوة بها.
الأمر الثاني: أن لا تحملك الحاجة إلى السكن معهم بالرضى بما هم عليه.
الأمر الثالث: أن يكون ذلك كله بالحكمة والرفق والموعظة الحسنة، نسأل الله تعالى أن يوفق جميع المسلمين لدينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(9/1301)
حكم هجر البنت التي أقامت علاقة مع نصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف أتصرف مع مشكلتي وهي أن ابنتي تعرف إنساناً على ديانة أخرى مسيحية وهي لا تعتقد في الديانات، وإنني أحاول منعها من ذلك وإذا حصل ما هو موقفي معهم يجب أن أقطع كل صلة بهم كيف أتصرف معهم إنني متزوج من إيطالية وهي كذلك لا تعتقد شيئا وهذا لا يساعدني كيف أتصرف حاليا هل أطرد ابنتي هل أقاطعها من الآن وشكرا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل استرعى الآباء على أبنائهم وحملهم كامل المسؤولية عنهم، وجعل تربيتهم وتنشئتهم على تعاليم الدين الإسلامي وأخلاق المسلمين من أولويات واجباتهم، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة] (التحريم: 6)
وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته. رواه البخاري وغيره.
فالتخلي عن هذه لمسؤولية وإهمالهم نتيجته الحتمية وثمرته المتوقعة من أبسطها هذه المشكلة التي وقع فيها الأخ السائل: إذ كيف تكون بنت مسلمة في سن الزواج مع أبيها المسلم خارجة عن طاعته بهذه الطريقة، ولا تميز بين مسلم وكافر، إنه الأثر السيء للتفريط البين والتقصير الواضح في تربية تلك البنت وتعليمها من أمر دينها ما لا غنى لها عنه.
فيجب عليك أخي الكريم أن تبادر بالتوبة من تقصيرك في حق بنتك، ثم إذا لم يكن الموقف خرج من دائرة نفوذك فأمسك ابنتك، في بيتها وفرق بينها وبين ذلك النصراني، أما إذا كان الأمر خرج من يدك وليست لك حيلة في الامتناع منه فلا أقل من الإنكار وتبيين حكم الله تعالى، فإذا أفاد ذلك فالحمدلله، وإن لم يفد وكان في قطع الصلة بهذه البنت زجر لها عن ما أقدمت عليه تعين هجرها وقطع الصلة بها، فإن لم يفد فلا فائدة في الهجر إذاً، وفي الأخير ننصحك بالخروج من هذه الدولة الكافرة ما دمت لا تسيطر فيها على من ولاك الله أمره وحملك المسؤولية عنه.
ولمزيد من الفائدة عن حكم الإقامة في بلاد الكفر تراجع الفتوى رقم: 20505
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(9/1302)
حكم هجر المصر على قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير
لدي أخ وأخت في لبنان وأخي هذا دائما يقطع صلته بأخته ويغضب لأتفه الأسباب وأحيانا بدون سبب وهو قاطع صلته بأخته منذ فترة رغم أن أختي تعرضت لأزمة صحية اتصلت به وطلبت أنا منه أن يزور أخته وأفهمته أنها صلة رحم ولا يجوز أن يقطع صلة رحمه وحاولت معه بكل الوسائل وخوفته بالله وعذابه على من يقطع صلة رحمه ولكن وللأسف دون جدوى وحاولت أختي أن تتصل به عدة مرات لكي تراضيه ودعته لحضور عقد قران ابنتها ولكن لم يحضر وهو يرفض أن يتكلم معها والأمر كله يا سيدي لا يستوجب ولا يوجد سبب للمقاطعة والآن أفكر بأن أهدده بأني سوف لا أكلمه إذا لم يصالح أخته لأني أعلم مدى محبته لي فهل أستطيع أن أفعل ذلك لأنني معه
والله ياسيدي أخاف عليه عذاب يوم عظيم بسبب هذا الأمر مع العلم بأنه لا يصلي وأرجو له الهداية وماتت والدتي وهي غضبانة عليه ووالدي أيضا ويعلم الله أنني أخاف عليه من العذاب
فهل أستطيع أن أهدده بأني سوف أقاطعه أنا إذا يتصالح مع شقيقتي
وما هي الطريقة المثلى لتقويمه
وجزاكم الله كل خير وجعله الله بميزان حسناتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أتى أخوك جملة من الكبائر العظام، نسأل الله تعالى العافية والهداية لنا وله.
وعليه؛ فإنه يجب عليه الآن المبادرة إلى التوبة قبل أن يأتي الأجل فيستحق ما توعد الله تعالى عليه مرتكب تلك المعاصي، ولمعرفة خطورة هذه الذنوب نحيلك على أرقام الفتاوى التالية: 1846، 17754، 13912.
وعلى هذا، فالواجب عليك أن تبذلي ما في وسعك من النصيحة والموعظة لأخيك هذا حتى يصلي ويصل رحم أخته، ولا بأس أن تستعيني على ذلك بالأشرطة والكتيبات التي فيها ذكر لهذه المواضيع، فإن لم يفد ذلك كله معه وكان تهديدك له بالقطيعة مجديا فلا حرج فيه، بل إن فعل ذلك ما دام على هذا الحال هو الأولى، كما هو مبين في الفتوى رقم: 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(9/1303)
حكم هجر متعاطي السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديقه هي طيبه وتصلي ولكن تفعل لزوجها عملا حتى يصبح خاتما في يديها وهي خاتم في يده ولقد نصحتها بأن هذا عمل لا يرضى به الله ولا رسوله فهي تقول من وجهة نظرها إنها لا تؤذي به أحد بالعكس إنها تصلح من شأن بيتها وأريد منكم الجواب ماذا أفعل معها هل أتركها ولا أصادقها أو أبقى على صداقة معها وأنا مقتنعة بأن هذا لا يجوز وحرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم من أتى منكم كاهنا أو عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
وشكرا جزاكم الله خيرا وثوابا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تعاطي السحر ذنب كبير، فهو قرين الشرك وقتل النفس، وموبقة من الموبقات السبع التي أمر الإسلام باجتنابها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
وعلى هذا، فالواجب عليك القيام بنصح صديقتك هذه بالتوبة من هذه المعصية وتخويفها عقوبة الله تعالى إذا هي لم تتب، ثم أخبريها أن الشرع قد جعل من الوسائل والطرق المشروعة للمحافظة على زوجها وكيان أسرتها ما يجعلها في غنى عن اللجوء إلى ارتكاب هذه المعصية، فإن تابت وقبلت نصيحتك فذلك ما نرجو، وإن أبت إلا الإصرار، فعليك بهجرها ما دامت متمسكة بمعصيتها إن كان في هجرك لها مصلحة شرعية كارتداعها ورجوعها عن معصيتها، وانظري الفتوى رقم: 24767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(9/1304)
حكم مصادقة تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على ما تفعلونه، ويجعله الله في موازين أعمالكم
لدي شخص أعرفه دائماً ما يأتي إلي بيتنا ويجلس معي وأخرج معه لكنه متهاون في الصلاة وأحياناً كثيرة لا يصلي حتى إني لا أراه في المسجد ودائماً أنصحه لكنه لا يستجيب ماذا أفعل معه، هل أقطع علاقتي معه ولا أدخله بيتنا أم استمر في نصيحته لعل الله أن يهديه حتى إنه في بعض من الأحيان يأخذ نصيحتي له بالمزاح وعدم المبالاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك مواصلة نصح صديقك هذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
فلعل الله تعالى أن يجعل هدايته على يديك فيكون ذلك في ميزان حسناتك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
فإن تبين لك عدم إفادة النصح فاهجره تأديباً له، فإن لم يفد ذلك فلا خير لك في صحبته، بل عليك أن تبتعد عن صحبته ومجالسته لما يترتب على مخالطة جليس السوء من مخاطر وأضرار على دين جليسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة. متفق عليه، وهذا لفظ للبخاري.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
وحول خطورة ترك الصلاة راجع فيها الفتوى رقم: 35039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(9/1305)
الفتح على الإمام يقابل بالشكر لا بالهجر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،
إمام المسجد يتجنب مكالمتي والسلام عليّ، وأعتقد أن ذلك لأنني قمت بتصحيح له أثناء قراءة القرءان في الصلاة (أكثر من مرة) . هل هذا يقع ضمن الطعن في العلماء (الإمام عالم في الدين) ؟ ولو فرضنا أنني أخطأت معه في هذه أو في شيء آخر، هل ما يفعله من مقاطعتي صحيح؟ أليس واجبه كعالم أن يصححني ويبين لي خطئي؟ أليس المؤمنون إخوة ويجب أن يعفو عن بعضهم ولا يجوز أن يقاطع المؤمن أخاه المؤمن لأكثر من 3 أيام (وخصوصاً من غير ذكر سبب!) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد صححت للإمام خطأ أثناء قراءته في الصلاة، فينبغي لهذا الإمام الدعاء لك وشكرك على ما قمت به، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا. وهذا لفظ البخاري، ولا يعتبر هذا طعنا في العلماء، بل هو المطلوب منك وتثاب عليه إن شاء الله، ولا يجوز لهذا الإمام هجرك أكثر من ثلاثة أيام، ومن الأفضل في حقك أن تبدأه بالسلام ولو لم يقابلك بالرد والحسن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وللتعرف على التفصيل في حكم الفتح على الإمام، راجع الفتوى رقم: 4195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(9/1306)
هل يهجر آكل الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زيارة المسلمين الذين يملكون منازل وقع شراؤها بقروض ربوية؟ خاصة إذا كان الهدف من الزيارة صلة الرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في زيارة من ذكرت، وينبغي نصحهم بالتوبة والإقلاع عن الربا، إذ الدِّين النصيحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. ولا حرج في تناول ما يقدمونه من طعام أو شراب، إلا إذا علم أنهم اشتروه بعين المال الحرام.
وليعلم أن هجر أصحاب المعاصي ليس مقصوداً لذاته، إنما المقصود هو صلاح أحوال العباد، وهذا قد يتحقق بالهجر، وقد يتحقق بالمخالطة على ما بيَّنَّاه في الفتوى رقم: 28560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(9/1307)
الهجر إذا وقع على الوجه الشرعي ليس قطيعا للرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوة زوجي أحدهم يتاجر في الخمور ويلعب القمار، والآخر يتاجر في الخمور ويقول بأن يوم الحساب وهم وأننا مخدوعون فهل أقاطعهم وأكون قاطعة لصلة الرحم، علما بأن زوجي أمرني بمقاطعتهم بسبب خلافات مالية قديمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن ما يقوم به هذان الرجلان من أكبر المنكرات ومن أعظم الموبقات لا سيما قول من قال منهما بإنكار اليوم الآخر، فهو كفر صريح، وقائله على خطر عظيم، يؤدي به إلى الخروج عن ملة الإسلام، إن كان قد تلفظ به قاصدا له وعالما به، فالواجب نصحهما وتذكيرهما بالله تعالى. هذا فيما يتعلق بما يقوم به هذان الرجلان من منكرات، أما بخصوص الأخت السائلة، فإن الواجب عليها مقاطعتهما والحالة هذه، لا سيما أن زوجها مقاطع لهما، وقد أمرها بذلك، والهجر إذا وقع على الوجه الشرعي لا يعتبر قطيعة للرحم، فقد هجر الصحابة كعب بن مالك وصاحبيه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الصحابة من هم من ذوي رحمهم، والقصة ثابتة في صحيح البخاري وصحيح مسلم ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(9/1308)
هل يجوز هجر أهل القاتل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: القاتل عندما يقتل أقارب الميت يقاطعون أهل القاتل، لا سلام ولا زواج ولا مودة بينهما ربما عندما يلتقيان مع اهل القاتل يشتمونهم ويضربونهم، وعندما أحد الأقارب يلتقي مع أهل القاتل يسلم عليهم أو يتحدث معهم يكون ذلك القريب أكبر عدو لأهل الميت، فهل يطاوع الولد والديه على مثل هذه الأمور؟ نرجو الإجابة وتقديم النصيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز التباغض والتقاطع بين المسلمين، وليس للمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاث ليال، روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. أخرجه الإمام مسلم وغيره.
فإذا علمت ذلك فاعلم أن طاعة الوالدين واجبة لكن بشرط أن لا يأمرا بمعصية، فإن أمرا بمعصية فلا طاعة لهما، ويترفق بهما حسب الإمكان، فلا ينهرا ولا يؤفف عليهما، ويقال لهما كريم القول مع خفض الجناح، وانظر الفتوى رقم:
27866.
ثم اعلم أن لا موجب لما ذكرت من القطيعة والعداوة والشتائم والضرب بين أهل القاتل وأهل المقتول، فإذا كان القاتل قد أذنب هذا الذنب في حقهم فلهم أن يفعلوا به ما يبيحه لهم الشرع، ولكن لا ذنب لأهله، إذ: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(9/1309)
الهجر يشرع إذا كان رادعا عن ارتكاب المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
1- من فضلك شيخي الكريم عندي ابنة خالتي حامل، تقيم في نفس المدينة التي أقيم فيها، وعائلتها تعيش في مدينة أخرى، السؤال يا شيخ: ابنة خالتي هذه ليست ملتزمة ولا متحجبة، متبرجة الله يهديها ويهدي جميع المسلمات، وأنا عكسها والحمد لله ملتزمة جداً الحمد لله، وزوجها مدمن على الخمر الله يحفظه ويعفو عنه وعن سائر من هو مدمن على هذا آمين، فهل إذا زرتها أنا وأمي في بيتها لكي نساعدها ونراها لأنها حامل وخصوصا هذا حملها الأول، لكن سوف نزورها طبعا عند غياب زوجها في عمله، فهل إذا حصلت هذه الزيارة نرتكب ذنباً في حق الله؟ يعني هل هذا حرام؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هجركم لها لا يفيد في ردعها عن ارتكاب المعاصي من ترك الحجاب ونحو ذلك، فلا بأس بزيارتها، بل قد تندب هذه الزيارة إذا كانت وترجى من ورائها دعوتها إلى الله وإصلاح حالها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14139، والفتوى رقم: 29790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(9/1310)
الإحسان إلى القريب المسيء يستجلب معونة الرب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبني أنا وأهلي وهددني والد زوجتي وبعد أسبوع دخل العمليات لإجراء منظار فلم أتصل به لأني مازلت حزيناً مما فعله، وأنوي أنا فقط مقاطعته فهل ما أفعل صحيح؟ وما هو حكم الإسلام فيما فعله والد زوجتي؟ أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الأحسن لك والأكثر ثواباً عند الله تعالى أن تعفو عن والد زوجتك وتحسن إليه وتعوده في مرضه، فإن المسلم مطالب أن يدفع السيئة بالحسنة، وهي مسألة شاقة على النفوس لا يصل إليها إلا الصابرون والراغبون في الأجور الكثيرة عند الله تعالى، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (فصلت:34-35) .
وأخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليه ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت قلت فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
ومعنى قوله تسفهم المل كما قال النووي: كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم.
هذا.. وننبه الأخ السائل على عظم أجر عيادة المريض وأهميتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه منادٍ أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً.
وأنه لا يجوز أن يهجر أبا زوجته أو يقاطعه؛ لقوله صلى الله عليه سلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. متفق عليه.
أما سبه لك ولأهلك بغير حق فلا يجوز شرعاً، وإثم ذلك عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(9/1311)
حكم هجر من يذهب للدجاجلة
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت بأن ابن عمتي يذهب إلى الدجالين بعد أن رفضنا خطبته من أختي أريد أن أتوقف عن زيارتي لهم في البيت ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذهاب إلى الدجالين والتعامل معهم وتصديقهم من الكبائر المحرمة، ففي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وعليك أن تنصح ابن عمتك هذا بعدم الذهاب إليهم، وأنه بهذا العمل يرتكب محرماً ومنكراً، ولك أن تهجره وتقاطعه إن كان ذلك مجدياً في منعه عما هو فيه، أما عمتك وبقية أقاربك فلا وجه لهجرهم وترك زيارتهم، لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، والواجب وصل الأرحام وزيارتهم؛ وإن بدت منهم القطيعة والجفاء، وفي الحديث أن رجلاً قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي! فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(9/1312)
الهجر يشرع إن كانت مصلحته راجحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: لي أخ دائما يعمل المشاكل في البيت وجميع من في البيت يغضبون منه ويخاصمونه بمن فيهم أبي وأمي لكن أبي وأمي لا يقدران على مقاطعته فأبقى أنا وإخواني لا نكلمه أشهراً ومع مخاصمتنا له لا يتغير فماذا أفعل أعرف أن الله لا يحب أن نتخاصم وأنه يغضب علينا مع أننا نصلي جميعا والحمد لله فهل أنا معذور في هذه الحالة أرشدني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبخصوص الهجر وما يجوز منه وما يحرم راجع الفتوى رقم:
7119، وفي ما يتعلق بصلة الرحم وتحريم قطعها راجع الفتوى رقم: 21824.
أما هل أنت معذور في مقاطعتك أخاك، فإن كان السبب راجعاً لأمور دينية كوقوعه في بعض المنكرات، وارتكابه بعض الكبائر فلا حرج عليك وعلى إخوانك في مقاطعته، وإن كان لأمور دنيوية بينكم فلا يجوز الهجر فوق ثلاث، ونرى أن الأولى بكم الصبر عليه، وأن تفعلوا مثل ما يفعل أبوكم وأمكم من صلته والكلام معه، خاصة أنك ذكرت أنه لا تجدي معه المقاطعة، وإنما شرع الهجر بين المسلمين إن كانت مصلحته راجحة كأن يرجى ارتداع المهجور، إذن فنصيحتنا لكم أن تداوموا على نصحه بالتي هي أحسن، وأن تسألوا الله له الهداية، فلعل الله أن يهديه ويصلحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(9/1313)
ليكن الهجر لمصلحة معتبرة لا لحظ النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل مع من يتطاول عليك باليد أو شتم والدتك شتائم سيئة جداً هل مقاطعته على الأقل تتعارض مع الحديث الصحيح إن من خاصم المسلم فوق 3 أيام لا يرفع عمله ويقال اتركهم حتى يصطلحوا كيف هذا وهذا أقل ما يفعل المقاطعة لأمد لا يعرف هل هذه المدة لا يقبل العمل فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرءاً بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا.
لكن إذا وُجدت مصلحة من الهجر فوق ثلاث جاز الهجر للمصلحة، كزجر العصاة وأهل البدع من المسلمين، فإذا تأدى الغرض من هجرهم جاز الهجر، وإذا أدى ذلك إلى مزيد نفور وعناد استعملنا مع من يستحق الهجر أنجع الوسائل لإصلاحه، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، وإننا لننصح الأخ السائل بالصفح والعفو وغير ذلك من الوسائل المفيدة، وهي أولى من الانتقام أو القصاص، قال الله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] .
وقال تعالى: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر:85] .
فإن وجدت أن المصلحة في هجرهم فافعل ذلك بقدر المصلحة، لا شفاءً لغيظ قلبك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20400، 21837، 22082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(9/1314)
هجر أهل الكبائر والمعاصي يدور مع المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
فأنا شاب مسلم عربي أعيش في أوروبا متزوج من ألمانية اعتنقت الإسلام بعد أن تزوجنا تصلي وتصوم مثل أي مسلم وترتدي الحجاب، ولي أخت تعيش أيضا في أوروبا مع زوجها الألماني اعتنق الإسلام قبل أن يتزوجها، أختي لا تصلي ولا ترتدي الحجاب زوجها كذلك لا يصلي، تكلمت معها عدة مرات ولكن دون جدوى، كلما أصلي أدعو لهما بالهداية، فأصبحت أنا وزوجتي نتجنب زيارتهما لهذا الشأن، فماذا عن صلة رحمي لها؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة عمود الدين، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة." رواه مسلم.
ويقول عمر بن الخطاب: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة."
فلا شك أن أختك وزوجها واقعان في إثم عظيم وشر مستطير، بل هو كفر في قول جماعة من أهل العلم، ويضاف إلى ذلك ترك أختك للحجاب الذي فرضه الله تعالى على كل امرأة مسلمة كما قال الله عز وجل: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31] .
ورضا زوجها بتبرجها جريمة تضاف إلى جريمة تركه الصلاة.
وأمام هذا كله ينبغي عليك أن تبذل جهدك في بذل النصيحة لهما ودعوتهما بالحسنى، قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} [النحل:125] .
وأما مقاطعتهما فلا نظن أنها تنفع في مثل المجتمع الذي تعيشون فيه، إذ يجدان على الشر أعواناً وأنصاراً، لكنه يجوز لك من جهة الشرع هجر أختك وزوجها بسبب عصيانهم لله تعالى وتركهم الفرائض كما بيناه في الفتوى رقم: 24833.
ولتعلم أن الهجر لأهل الكبائر والمعاصي يدور مع مصلحته، فإذا كان الهجر يؤثر في العاصي ويدفعه إلى ترك ما هو عليه من الفسق فينبغي أن يهجر بل قد يجب هجره، وأما إن كان الهجر يزيده طغياناً ونفوراً، فلا يهجر ولكن ينصح ويكرر له النصح عسى الله أن يهديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(9/1315)
مرتكب الكبائر بين الهجر والتأليف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز مواصلة مرتكب أكبر الكبائر بالتحية أو ما شابه ذلك مع العلم بمعاملة الرسول صلى الله عليه وسلم للثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وهل تكون هذه الحادثة مقياساً لنا على هؤلاء العصاة حتى يتوبوا إلى الله ونريد أن نعرف كيفية المعاملة معهم حتى ولو كانوا من أقرب الناس إلينا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أظهر المعصية وجب الإنكار عليه، ولو كان من أقرب الناس إلينا، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر حتى ينتهي عن معصيته، سواء كانت معصيته من أكبر الكبائر أو دون ذلك؛ ولكن هذا الهجر تختلف مشروعيته باختلاف الأحوال، فإذا كان مفيداً في ردع أصحاب المعاصي بحيث يشكل ضغطاً نفسياً عليهم يجعلهم يكفون عن المعصية كان مشروعاً مرغباً فيه، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر، وأمر الناس بهجرهم حتى كان حالهم كما وصف الله في قوله تعالى: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:118] .
وإذا كان الهجر مستلزماً لمفسدة راجحة، كأن يزداد المهجور بسبب الهجر في الشر وفعل المنكرات لم يكن مشروعاً، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل الهجران تارة والتأليف تارة، كما هجر الثلاثة الذين خلفوا ومنع الناس من مخالطتهم، وتألف أقواماً ممن هم حديثو عهد بالإسلام ومن يخاف عليه الفتنة.. كما في الحديث الصحيح: إِنِّي أُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي، أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْرِ ...
وهذا لأن المقصود دعوة الخلق إلى طاعة الله بأقوم طريق، فيستعمل الهجر حيث يكون أصلح والتأليف حيث يكون أصلح، ويدخل في الهجر المشروع ترك إلقاء السلام على من أظهر المعصية، وكذلك ترك عيادتهم وتشييع جنازتهم، ويدخل في التأليف المشروع الإحسان إليهم ووعظهم ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة والإنكار برفق عليهم.... إلى آخر الطرق المفيدة في هدايتهم وإصلاحهم، ومن هذا الباب ما رواه ابن أبي حاتم أن عمر رضي الله عنه، افتقد رجلاً من أهل الشام من أهل البأس، فقال: ما فعل فلان بن فلان، فقالوا: يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب -يعني الخمر-، قال: فدعا عمر كاتبه، فقال: اكتب من عمر بن الخطاب، إلى فلان بن فلان سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، ثم قال: لأصحابه ادعوا الله لأخيكم أن يُقْبِل بقلبه ويتوب عليه، فلما بلغ الرجل الكتاب جعل يقرؤه ويردده ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي. زاد أبو نعيم: فلما بلغ عمر خبره، قال: هكذا اصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل زلة فسددوه ووثقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(9/1316)
هل يزور أخاه إذا كان يقيم مع امرأة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ يعيش مع امرأة بدون زواج منذ سنوات وقد دعاني لزيارته فهل ألبي الدعوة أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة أجنبية عن أخيك -كما هو المفهوم من سؤالك- فإنه يعتبر عاصيًّا لله تعالى، مقيماً على ذنب من أخطر الذنوب وأعظم المنكرات، فيجب عليك أن تغير منكره هذا بقدر وسعك، فإن لم تستطع تغييره فانصحه، وإلا فلا تلبي دعوته إذا دعاك، بل الواجب عليك هو هجره ما دام مصرًّا على ما هو عليه إذا كان هجره يردعه عن معصيته، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(9/1317)
حكم مجالسة المدخنين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي.. بلدي الذي أنتمي إليه قد كثر فيه التدخين بل أبي وأخي وعمي وخالي هم الآخرون مدخنون ولي بعض الأصحاب الذين يؤدون حقوق الله التي كتبها عليهم وهم أيضاً مدخنون وزوجتي صاحبة الماجستير في الشريعة الإسلامية تقول لي لا يجوز لك مصاحبة هؤلاء الناس لأنهم يرتكبون أمرا حراما وهو شرب السجائر فابتعد عنهم فهل هذا الكلام صحيح أريد جواباً مفصلاً؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن التدخين من العادات السيئة المحرمة المضرة بصاحبها وبمن حوله، وقد أحسنت زوجتك عندما نصحتك بالابتعاد عن مصاحبة المدخنين؛ لأن المصاحبة ربما تؤدي إلى العدوى، وأقل أضرارها أنك تتعود على مشاهدة المنكر فضلاً عمَّا يصيبك من الأذى.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه.
وقال صلى الله عليه وسلم: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة. رواه البخاري ومسلم.
وإذا كنت تحس من نفسك القدرة على تجنب أذاهم وعدم مسايرتهم فيما هم فيه من المنكر فإن عليك مواصلتهم بقصد التأثير عليهم ونهيهم عن المنكر ودعوتهم إلى الخير.
فالمسلم الذي يخالط الناس ويدعوهم إلى الخير وينهاهم عن الشر ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، وفي كلٍ خير.
أما إذا كنت لا تستطيع ذلك أو تخشى من تأثيرهم عليك؛ فإن عليك أن تبتعد عنهم وتنجو بنفسك، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 3305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(9/1318)
رب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ وزوجته (بنت خالتة) يعقان والدته منذ أن تزوجا منذ 25 سنة ولم ينفع معهم لا النصح ولا المعاملة الحسنة من إخوتة ولم يتأثرا لا بمرض الوالدة ولا بكبر سنها ولا حتى بموتها وهما الآن يثيران المشاكل مع إخوته فهل يجوز لإخوته بعد أن نفد صبرهم أن يهجروهم أي يتعاملوا معهم في أضيق نطاق دون أن يقاطعوهم بالكلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرتم في السؤال فيسوغ لكم أن تهجروهما حتى يتوبا إلى الله تعالى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله في الفتاوى 3/19: وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر وغيره ممن في هجره مصلحة له راجحة، فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. انتهى.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية 1/230:. يسن هجر من جهر بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية. قال أحمد في رواية حنبل: إذا علم أنه مقيم على معصية وهو يعلم بذلك لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع، وإلا كيف يتبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير مُنْكِراً ولا جفوة صديق. انتهى.
وقال العراقي في طرح التثريب 8/99: فأما الهجران لمصلحة دينية من معصية أو بدعة فلا يمنع منه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجران كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم. قال ابن عبد البر: حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت له منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديباً له وزجراً عنها. وقال أبو العباس القرطبي: فأما الهجران لأجل المعاصي والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك ولا يختلف في هذا. وقال ابن عبد البر أيضاً: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ إلا أن يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه، فإن كان كذلك رخص له في مجانبته، وربِّ صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
وليعلم أن هجر أصحاب المعاصي ليس مقصوداً بذاته إنما المقصود صلاح أحوال العباد، فإذا كان الهجر سبباً في كف العاصي وصلاح حاله كان الهجر حسناً، بل قد يكون واجباً في بعض الأحوال.
وإذا كانت المخالطة سبباً في حصول تلك المصالح كانت المخالطة أولى من الهجر. قال في الفواكه الدواني 2/296: وإنما يقتصر المكلف على هجران المجاهر إذا كان (لا يصل إلى عقوبته) أي لا قدرة له على زجره عنها إذا كان لا يتركها إلا بالعقوبة (ولا يقدر على موعظته) لشدة تجبره، أو يقدر لكن (لا يقبلها) لعدم عقل ونحوه، وأما لو كان يتمكن من زجره عن مخالطة الكبائر بعقوبته بيده إن كان حاكماً أو في ولايته أو يرفعه للحاكم أو بمجرد وعظه لوجب عليه زجره وإبعاده عن فعل الكبائر، ولا يجوز له تركه بهجره. والحاصل أن المتجاهر بالكبائر لا يجب هجرانه مع بقائه على مخالطة الكبائر إلا عند العجز عن زجره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(9/1319)
القصد من هجر أصحاب المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ...
هل زوجة أخي تعد من صلة الأرحام وإن كنت مقاطعة لها لأنها تسبب مشاكل عديدة وحاولت أكثر من مرة إصلاحها وهي تحمل صفة النميمة مما جعلني أكره مجالستها علما بأن أخي يقول إنه ارتاح وعلاقتي بأولادهم طيبة؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حد الرحم التي يجب وصلها، ويحرم قطعها في الفتوى رقم: 7156.
وزوجة الأخ بزواجها من أخيك أصبحت واحدة من نساء العائلة يستحب وصلها وبرها والإحسان إليها، إلا إذا بدا منها ما يوجب هجرها كارتكابها أمراً محرماً مع الإصرار عليه.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 3/19: وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر وغيره ممن في هجره مصلحة له راجحة، فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. انتهى.
ولا شك أن النميمة محرمة وهي من كبائر الذنوب، والواجب عليك نصحها وتذكيرها بالله تعالى حتى تكفَّ عن هذا الخُلق الوضيع.
وليعلم أن هجر أصحاب المعاصي ليس مقصوداً بذاته إنما المقصود صلاح أحوال العباد، فإذا كان الهجر سبباً في كف العاصي وصلاح حاله كان الهجر حسناً، بل قد يكون واجباً في بعض الأحوال.
وإذا كانت المخالطة سبباً في حصول تلك المصالح كانت المخالطة أولى من الهجر.
قال في الفواكه الدواني 2/296: وإنما يقتصر المكلف على هجران المجاهر إذا كان (لا يصل إلى عقوبته) أي لا قدرة له على زجره عنها إذا كان لا يتركها إلا بالعقوبة (ولا يقدر على موعظته) لشدة تجبره، أو يقدر لكن (لا يقبلها) لعدم عقل ونحوه، وأما لو كان يتمكن من زجره عن مخالطة الكبائر بعقوبته بيده إن كان حاكماً أو في ولايته أو برفعه للحاكم أو بمجرد وعظه لوجب عليه زجره وإبعاده عن فعل الكبائر، ولا يجوز له تركه بهجره، والحاصل أن المتجاهر بالكبائر لا يجب هجرانه مع بقائه على مخالطة الكبائر إلا عند العجز عن زجره. انتهى.
فالحاصل أنه ينبغي عليك النظر في عواقب الأمور مع مراعاة جانب الإصلاح فهذا هو الغرض المقصود، فكل ما يؤدي إلى صلاح هذه المرأة كان مرغباً فيه شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(9/1320)
التهاجر لغير سبب شرعي نكران لحق الأخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي أن أهجر بعض الإخوة لتهميشهم لي لأنني لا أنتمي لحزب سياسي معين، مع العلم أنني أكثرهم علماً وهم يقرون بذلك، ولا أستطيع أن أقيم درساً أو حلقة علمية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
وعلى هذا، فلا يجوز لك أن تهجر إخوانك أو تحتقرهم وتقلل من شأنهم ... وكذلك الأمر بالنسبة لهم هم فلا يجوز لهم أن يهجروك لمجرد أنك لا تنتمي إلى حزب سياسي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
إلا إذا كان الحزب الذي ينتمون إليه يناوئ الإسلام أو يحارب الفضيلة.... كالاحزاب العلمانية أو أصحاب البدع الغليظة.
قال أهل العلم: يجب هجران أهل الأهواء والمبتدعة الذين يجاهرون ببدعهم ويدعون إليها، قال القرطبي: من جالسهم وركن إليهم حكمه كحكمهم، فيجب هجرانه.
وأما إذا كان هذا الحزب الذي ينتمون إليه يسعى لإقامة الدين ونشره والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وتثقيف الأمة وتنميتها وتزكيتها.... فهذا من باب نصرة الإسلام والتعاون على البر والتقوى الذي فرضه الله تعالى على عباده في محكم كتابه، فقال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ما لم يتخذ وسيلة للتعصب للأشخاص والآراء، واحتقار أحد من المسلمين والتقليل من شأنهم.
والحاصل أنه لا يجوز لك ولا لإخوانك أن تتهاجروا لغير سبب شرعي، وعليك أن تعامل إخوانك معاملة حسنة وإن أساءوا إليك، فإن ذلك من أفضل الأعمال كما قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:35] .
ويقول في هذا المعرض في آية أخرى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] .
وفي صحيح مسلم: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُم المَلَّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وننصحك بمراجعة الفتوى رقم:
6512 في مسألة الانتماء إلى الأحزاب السياسية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1423(9/1321)
الهجر للدين غيره للدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة خالي أهانتني إهانة شديدة وسبت ديني وآبائي وأجدادي وصرحت بكل وضوح عن حقدها الشديد لي ولكل من ينتمي إلى عائلتنا وتوعدتنا جميعا بالانتقام والويل ... لذا فأنا أقاطعها منذ حوالي ثلاث سنوات ولكن مع احتفاظي بعلاقات جيدة مع خالي وأولاده وبكل صراحة أنا من هول هذا الموقف أصبحت لا آمن جانبها وأعلم أنها تتمنى لي الهلاك وتدبر لي المكائد إن استطاعت على الرغم من أنني لم أقدم لها أي سوء بدليل علاقتي الوطيدة بخالي وأولاده وهو ما زاد من شدة غضبي منها حيث إن كل إساءاتها لي صدرت في موقف لم يكن لي فيه ناقة ولا جمل، فهل هذا الموقف حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم أن يحفظ لسانه عما حرم الله تعالى من السب والشتم واللعن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء. رواه الترمذي.
ثم إن الشتم والسب إذا كان لدين الله تعالى، فإن هذا كفر مخرج من الملة، فإذا وقع من مسلم، فقد ارتد عن دينه -والعياذ بالله- فعليه أن يستغفر الله تعالى، ويتوب إليه، ويتلفظ بالشهادتين، ومن تاب تاب الله عليه.
وعليه كذلك أن يجدد عقد زواجه إذا كان متزوجاً، لأن عقد النكاح ينفسخ بارتداد أحد الزوجين.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل لهذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
133.
وأما سب المسلم، فإنه حرام على العموم، فقد نهى الشرع عن ذلك كله، وعن أذية المسلم عموماً، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [الأحزاب:58] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. متفق عليه.
قال النووي: فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما من وقع عليه الخطأ، فينبغي له أن يصبر ويعفو، ويقابل السيئة بالحسنة، قال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى. وقال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.
ولا ينبغي للمسلم أن يحمل في قلبه الحقد والكراهية لأخيه المسلم، فكل ابن آدم خطاء، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الهجر والتقاطع بين المسلمين، فقال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.. رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية لهما: يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وعلى هذا، فلا يجوز لك أن تقاطع أحداً من إخوانك المسلمين هذه المدة الطويلة، وأحرى إذا كان من الأقارب وذوي الأرحام، فإن قطيعة ذوي الإرحام أشد تحريما، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
فعليك أن تكسر حاجز المقاطعة، وتكون خير المتقاطِعَيْن، وهو الذي يبدأ بالسلام والصلح، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10] .
وكل ما سبق في فضيلة العفو والصفح والحث عليه هو في حق من كانت الاساءة إلى ذاته.
أما إن كانت الاساءة إلى الدين أو إلى الرب جل وعلا، فيجب عليه أن ينكر المنكر بيده، فإن عجز فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والحاصل: أن المسلم لا ينبغي له أن يكون سباباً، ولا شتاماً، ولا لعاناً، وأن سب الدين كفر مخرج من الملة، وأنه ينبغي للمسلم أن يعفو ويصفح ويتجاوز عمن اساء إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(9/1322)
السعي للصلح بين الأرحام من أفضل الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أتصدق على خالتي الفقيرة خفية من أمي لأنهما متخاصمتان والمال مال والدي وإن كنت أعينهما في جلبه فهل يحصل الأجر لي؟
أرجو الإفادة وبارك الله فيكم وأسكنكم فسيح جنانه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول ما ننصح به السائل هو محاولة الإصلاح بين خالته وأمه، وبذل الجهد في ذلك، فإنه لا يجوز للمسلم هجر أخيه المسلم فوق ثلاث ليال، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
وأخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال".
أما عن الصدقة على الخالة الفقيرة، فهي ليست صدقة فحسب، بل صدقة وصلة رحم، كما جاء ذلك في الحديث، فقد أخرج الترمذي وحسنه عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور، وقال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة".
وكذلك أخرجه الحاكم في المستدرك، والنسائي في الكبرى.
لكن لابد أن يكون المال الذي تتصدقين به تملكينه، أما إذا كان لغيرك ولو أباك فلا يجوز لك أخذه بدون إذنه، وليس لك في التصدق به أجر، لأن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(9/1323)
هجر للعصاة مرتبط بالمصلحة والمفسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة
أبي يدخل القنوات الفاضحة إلى البيت ولم أستطع نصحه بالطريقة المباشرة ويدخل الأفلام الخليعة إلى البيت هل يجوز لي أن أترك البيت وأذهب للعم وقد حاولت أن أنصحه بشكل غير مباشر هل هذا العمل الذي سوف أقدم عليه يعد من عقوق الوالدين أفتونا جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزى الله الأخ السائل خيراً على تمسكه بدينه ووقوفه عند حدود الله عز وجل وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
وكان الواجب على هذا الأب أن يكسره الحياء من الله عز وجل، والحياء من ولده ويحجزاه عما هو عاكف عليه.
ونحن ننصح الأخ السائل بعدم مفارقة البيت، ما لم يخش وقوعه هو في الفتنة بل ينبغي في مثل هذه الحالة البقاء حتى تتمكن من النهي عن المنكر أو تقليله، ومحاولة الحفاظ على بقية أفراد الأسرة من الوقوع في هذا المستنقع الآسن، مع المحاولة المستمرة في نصح الوالد وتذكيره بالله والدار الآخرة، فإن الهجر للعصاة أمر مرتبط بالمصلحة والمفسدة، فإن كانت المصلحة في عدم الهجر كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقليل الفساد والشر وما شابه ذلك من المقاصد فلا ينبغي للمسلم أن يهجر العصاة والحالة هذه إذا كانوا أجانب فكيف بالوالد.
وأما إذا خشي المسلم على نفسه الفتنة في دينه والوقوع فيما حرم الله عز وجل عليه، فالواجب عليه أن يهجر مكان المعصية التي يخاف الوقوع فيها، ولو كان المقيم في ذلك المكان أباه، وليس ذلك ن العقوق في شيء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الطاعة في المعروف.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1424(9/1324)
هجر المسلم ... المشروع منه والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من يهجرأخاه أخطأ ثم اعتذر عن الخطأ وهو يرجو أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في سنن أبي داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال.
والمعنى: لا تتعاطوا أسباب البغض، ولا يتمنى بعضكم زوال نعمة بعض، سواء أرادها لنفسه أم لا، ولا تقاطعوا، ولا تولوا ظهوركم عن إخوانكم ولا تعرضوا عنهم، فوق ثلاث ليالٍ بأيامها. كما في شرح السنن.
وإنما جاز الهجر في هذه المدة وأقل منها لما جبل عليه الآدمي من الغضب، فسومح بهذا القدر ليرجع ويعود إلى عقله ورشده، وهذا فيما يكون بين المسلمين من عقاب وموجدة أو تقصير يقع في حقوق ذوي القرابات والصحبة.. دون ما كان من ذلك في جانب الدين، فإن هجر أهل الأهواء والبدع مطلوب على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق.
وما لم يكن الاختلاط بهم لأجل دعوتهم وتوجيههم وأرجى لأن يؤثر فيهم فهو حينئذٍ أولى.
وورد كذلك في سنن أبي داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنًا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم. زاد أحمد: وخرج المسلِّم من الهجرة.
وفي حديث آخر: فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار.
وفي حديث آخر أيضًا: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر في ذلك اليومين لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا إلا من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
فواجبك أيها الأخ المسلم أن تتوب إلى الله تعالى وتعود إلى علاقتك بأخيك، إن كان لا يرفض ذلك؛ لأن المسلمين إخوة، ولأن الصفح والتسامح من أخلاق الإسلام، فإن أبى هذا الأخ عن قبول اعتذارك إليه وواصل الاستمرار في هجرك، فلا تقطعه وصله وسلِّم عليه كلما لقيته، وعده إذا مرض، وأدِ إليه جميع الحقوق التي جعلها الله للمسلم على أخيه، ودعه يبوء بإثمه وحده، ولا تكن شريكه في الإثم.
وفقنا الله وإياك لما يستوجب الرحمة والمغفرة منه تعالى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.. آمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(9/1325)
يختلف حكم الهجر حسب الحال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من لا يتكلم مع أخيه من الدم عمله الصالح لا يرفع حتى يتكلم معه؟ وهل إذا تكلم معه بعد ذلك لا يذهب عمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحكم يختلف حسب السبب الموجب للهجر، حيث إن الأمر لا يخلو من حالين:
الأول: أن يكون السبب مقارفة المعصية، وعدم استجابته للنصيحة، فإن كان الهجر في أمر شرعي، فإنه لا يدخل في الوعيد الوارد في حديث المتشاحنين، إلا أنه ينبغي أن يعلم أن لهجر المسلم ضوابط لا بد من مراعاتها. تراجع في ذلك الفتوى بالرقم:
7119
الثاني: أن يكون السبب أمراً دنيوياً عادياً، فهذا الهجر لا يجوز، ويدخل فاعله تحت الوعيد الوارد في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا " ولا شك أنه إذا زال الهجر، فقد انتفى سبب ذلك الوعيد، فيزول أثره بزواله هو بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(9/1326)
هجر الرحم للفسق ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قطع رحم لأن صاحبها لا يتقي الله في أمور كثيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاتفقت الأمة على أن صلة الرحم واجبة، لقول الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء:1] .
المعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ولتأكيد حق الرحم دخل الفضل في صلة الرحم الكافرة، كما في حديث أسماء، قالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت عليّ راغبة وهي مشركة أفأصلها؟ قال: "صلي أمك". فإذا كان هذا في الكافر، فمن باب أولى أن يكون من حق المسلم الفاسق، ومما يدل على وجوب وصل الرحم الفاسق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري.
فالقاطع لرحمه فاسق، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلته، لكن إن كان في مقاطعة الرحم الفاسق زجرٌ له عن الفسق، وحمل له على الطاعة فلا يحرم.
قال العراقي في أحاديث الأحكام: ... وأما قوله: لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام. فمحله إذا كان الهجران لحظوظ النفس، وتعنتات أهل الدنيا. قال النووي في الروضة: قال أصحابنا وغيرهم هذا في الهجران لغير عذر شرعي، فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا يحرم، وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصحابة عن كلامهم، وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعض. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(9/1327)
لا تهجر من كان له فضل في هدايتك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أحسست من صديق لي أنه يمن علي بالهدايا التي يعطيني إياها فأرجعتها له وهجرته وذلك لعزة في نفسي ولم أتحمل الإهانة ومع ذلك كان وبفضل الله من الذي شجعوني على الإلتزام وكان يتفاخر هو بذلك أمام أصحابي ويقول: اهتدى على يدي فلان وكان يقصدني وحصل نقاش بيني وبينه وقال إنه لا يقصد وأنه يمزح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نذكرك أولاً بقول الله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى:40] .
وقوله سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [المؤمنون:96] .
فننصحك بإعادة العلاقة مع هذا الشخص، خصوصاً أنه كان ممن شجعك على الاستقامة والطاعة، واعلم أنه لا يجوز لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا بمسوغ شرعي، كأن يكون مجاهراً بالفسق أو البدعة.
وإذا رأيت منه مخالفة أو إساءة فانصحه بالرفق واللين، وبالتي هي أحسن، وأعطه ما يناسب ذلك من الكتب والأشرطة، أو أخبر غيرك ممن له كلمة عليه حتى ينصحه، وراجع الفتاوى التالية: 21549، 7120، 23349، 22082.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(9/1328)
المسلم يكسر حاجز القطيعة بالعفو والصلح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرام على المسلم أن كان لا يريد أن يستسمح مسلما آخر مع العلم أن هذا الآخر هو الظالم ولم يبادر بطلب الاستسماح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
فهذا الحديث الصحيح صريح بأن على المسلم أن يصطلح مع أخيه المسلم، ويحرم عليه هجرانه أكثر من ثلاثة أيام.
وقد استثنى العلماء من ذلك جواز هجران المجاهرين بالمعاصي فوق ثلاث، وكذلك أصحاب البدع الذين يدعون إلى بدعهم.
وعلى المسلم أن يكسر حاجز القطيعة بالعفو والصلح، فمن فعل ذلك فهو الأقرب إلى الله تعالى، قال تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة:237] .
وقال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى:40] .
وقال تعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128] .
وقال عز من قائل: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى:43] .
وإذا استسمح المسلم من أخيه المسلم واعتذر إليه، فينبغي له أن يقبل معذرته، فهذا من مكارم الأخلاق، وشيم الفضلاء.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من اعتذر إلى أخيه بمعذرة فلم يقبلها كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس" رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(9/1329)
هجر المسلم سبب لتأخير المغفرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:-
أنا أبلغ من العمر 14 سنة، وبعد بضعة شهور سوف أصبح بالغاً 15 عاماً المهم: لقد تخاصمت مع صاحبي منذ سنة ونصف تقريباً، ولقد سمعت أنه إذاهجر الأخ أخاه فوق ثلاثة أيام فإن الأعمال الحسنة لن تكتب لك، فهل هذا صحيح أم لا؟ وإذا كانت الإجابة بلا فما الذي يحصل بالتحديد.
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل للمسلم أن يهجره أخاه لحظ نفسه أكثر من ثلاث ليالٍ، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
فقطيعة المسلم أكثر من ثلاثة أيام حرام، إلا لعذرٍ شرعي كفسق وبدعة، وتزول هذه القطيعة بالسلام عليه، وليس صحيحًا ما أورده السائل من أن الأعمال الصالحة لا تكتب للمسلم إذا هجر أخاه المسلم، ولكن قد وردت الأحاديث بحرمان المسلم من مغفرة الله عز وجل بسبب الشحناء بينه وبين أخيه المسلم، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبدٍ لا يشرك بالله شيئًا إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا.
والإنسان لا يؤاخذ على ارتكابه للحرام قبل البلوغ، وإن كان قد يفوته الأجر الكبير، ولكنه لا يعاقب على فعله الحرام إلاَّ بعد بلوغه، والبلوغ يحصل للذكر بواحد من ثلاثة أمور: الاحتلام، أو نبات شعر العانة، أو بلوغ خمسة عشر عامًا، وتزيد المرأة علامة رابعة وهي: الحيض أو الحمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(9/1330)
يبادرونه بالصلة ويأبى إلا القطيعة ...
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أخي من أجنبية مسلمة من إحدى الدول الآسيوية مما أثار خلافاً في العائلة بين مؤيد ومعارض, وحدث إثر ذلك قطيعة رحم بين أخي وبقية إخوتي (أخي الأكبر وأختي وزوجها وامتدت حتى تاريخه لتشمل الأولاد, وبالرغم من مرور سنوات طويلة على هذه القطيعة, وقيام إخوتي بالمبادرة لإنهاء هذا الوضع غير السوي, إلا أن أخي المتزوج من الأجنبية لازال ُمصراً على قطع أرحامه بحجج واهية معانداً لنفسه بعدم الإصغاء لأهل الخير دون استثناء لكبيرهم وصغيرهم بالرغم من أنه بار بوالدي كريم في تعامله مع الآخرين ملبياً لواجباته تجاه الغير في السراء والضراء, راجياً منكم بيان موقفه من الشرع, حيث أني أخشى عليه من أن يلقى ربه وهو على هذه الكبيرة, مع الدعاء له ولنا بحسن الخاتمة؟
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو أن تُطلع إخوتك جميعًا، وخصوصًا المصر منهم على قطيعة رحمه على الفتاوى التالية:
12167
1764
5443
17813
4417.
ومنها سيعرفون حكم الشرع فيما هم فيه.
نسأل الله أن يصلح ذات بينكم، وأن يؤلف بين قلوبكم، وأن يحسن خاتمة الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(9/1331)
لا أقل من السلام والكلام للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماحكم اثنتين متخاصمتين من أربعة أشهر تقريبا إما أقل أو أكثر علما بأني أعرف أن هذا حرام ولايجوز ولكن أنا لا أحب أحدا أن يخاصمني مهما كان، تخاصمنا أكثر من مرة وحاولت معها كثيرا رغم انها أصغر مني وجلبت لي مشاكل وبعض الأحيان توجه لي كلاماً مزعجاً، وزوجي دائما يلومني رغم أنه يعرف بأني لا أعمل مشاكل معها فما رأيكم في هذا، وهي تكون زوجة أخي زوجي (سلفة) آسفة على إطالة السؤال؟ جزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت تعلمين أن الهجر والقطيعة حرام شرعاً، فالواجب عليك الابتعاد عنهما، والعودة للصلة مع هذه المرأة لأن المطلوب أن تكون بين جميع المؤمنين الألفة والمودة والرحمة لأن المؤمنين كالبنيان الواحد بل كالجسد الواحد، قال صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. متفق عليه.
وإذا كانت المخالطة والصحبة تورث بينكما النفرة والمشاكل، فليكن بينكما السلام، فإنه يرفع الهجر، واقتصرا عليه هو والكلام للحاجة.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
21549، والفتوى رقم:
20902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(9/1332)
قطع المعروف عن تارك الصلاة ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[حارس العمارة التي لدينا مسلم ولايصلي وأنا قبل أن أعلم هذا أرسل له وجبة غداء أتصدق بها عليه فهل أوقف ذلك أم ماذا افيدونا
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الصلاة شأنها عظيم، فهي أول ركن بعد الشهادتين، وأفضل العبادات، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 6061
والذي نراه في هذه المسألة الواردة في هذا السؤال هو الاستمرار في الإحسان إلى هذا الرجل ومعاملته بأسلوب كريم، فلعل ذلك يكون مؤثراً على قلبه، وهو أدعى لقبوله للنصح والإرشاد، إذ أن الاستمرار في تقديم النصيحة مطلوب، ومع استمرار هذا الإحسان فلعل الله تعالى يجعل السائل سبباً في هدايته. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي رضي الله عنه: " فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم " رواه البخاري ومسلم.
وإذا استمر في تركه للصلاة بعد النصح والإحسان، فيجوز قطع هذا الإحسان عنه وهجره، إذا كان يرجى أن يكون في هجره مصلحة بأن يحمله هذا الهجر على أداء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(9/1333)
هجر الوالدين العاصيين يختلف عن هجر غيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني المفتون أنا شاب أبلغ 24 سنة والدي هداه الله يدخل القنوات الفاضحة إلى البيت والأفلام الخبيثة وقد حاولت أن أنصحه ولم أستطع بشكل مباشر ولكن نصحته بطريقة غير مباشرة والآن أريد أن أترك هذا البيت من ذلك السبب هل هذا يعتبر من عقوق الوالدين؟ أفتونا جزاكم الله عنا خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على النصح لوالدك، ونسأل الله لك المزيد من التوفيق والسداد، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفضل القرب والطاعات التي يتقرب بها العبد لربه، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] .
وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم وغيره.
وأولى الناس بالنصح هم الأقارب الأدنون، إذ أن حقهم مضاعف فلهم حق الإسلام وحق القرابة، ولا شك أن حق الوالدين في هذا أوكد، وجهات الحق إذا تعددت ازداد تأكده.
إلا أننا ننبه السائل إلى اختيار الوسائل المناسبة لدعوته، والمحافظة على احترام الوالدين وتوقيرهما وتجنب الأفعال التي تدخل في عقوقهما، ولا يعد ترك البيت تجنباً للفتن عقوقاً للوالدين ولو نهياك عن ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد.
هذا إذا كان وجودك معهم فيه ضرر على دينك، أما إذا لم تتضرر بوجودك معهم ولم يؤد إلى ارتكاب محرم، ونهياك عن ترك البيت، فطاعتهما في ذلك واجبة، لعموم الأدلة على وجوب بر الوالدين، والطاعة نوع من البر، وحيث قلنا بجواز خروجك من البيت فإنه مشروط بعدم تضييع حقوقهما الواجبة كالخدمة والنفقة إن احتاجا إليها.
وليعلم أنه يسن هجرة أهل المعاصي في الجملة، ويجب أحياناً، أما الوالدان، فلهما حق زائد عن بقية الناس، فيهجران في المعاصي التي يفعلانها ويستمر البر بهما في بقية الأوقات، كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا [لقمان:15] .
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18120 والفتوى رقم:
19274.
ولمعرفة ضوابط هجر العصاة راجع الفتوى رقم:
20400 والفتوى رقم:
20346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(9/1334)
هجر القريبة الفاسقة خاضع للمصلحة والمفسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وأنا وأطفالي من الأسرالمحافظة الملتزمة بمنهج أهل السنة والجماعة والحمد لله. ولكن أختي الكبرى ليست ملتزمة ومقلدة للنصارى وأحيانا تسب الوالدين وكثيرا ما نقدم لها النصح وندعو الله أن يهديها, وفي أحد المرات كنا في زيارة الوالدين, سبت الوالد في حضورنا فغضب زوجي غضبا شديدا ومنعها من الحضور إلى بيتنا وحتى المهاتفة وكذلك منع اختلاطها بأولادنا وكل شيء يقربها منهم درءا للمفسدة والمحافظة عليهم. هذا ولكن لم يمنع مقابلتي لها في بيت والدي. السؤال هل يصح أن نرفض منها الهدايا المقدمة للأولاد،
وهل يصح أن نحرم الأولاد من زيارة خالتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اجتمع في أختك المذكورة جملة من المحرمات التي لا ينجيها منها إلا المسارعة بالتوبة إلى الله تعالى قبل أن يفجأها الأجل وهي على ذلك، وأول هذه المحرمات تقليد النصارى ومحاكاتهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وأبو داود.
وقد سبق بيان حكم التشبه بالكفار في الفتاوى التالية أرقامها:
19337
5810
3310.
وثاني هذه المحرمات عدم الالتزام بالأوامر الشرعية كالحجاب وإقامة الصلاة وغير ذلك من الواجبات، وقد سبق بيان حكم الحجاب في الفتوى رقم:
4470 والفتوى رقم:
21261.
وحكم تارك الصلاة في الفتوى رقم:
1846 والفتوى رقم:
1145.
وثالث هذه المحرمات وهو من أشدها: عقوق الوالدين بسبهما وشتمهما وهو من أكبر الكبائر التي جاء الإسلام بالتحذير منها، وسد كل باب يؤدي إليها.
ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه.
وفي صحيح مسلم عنه أيضاً، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه.
فقد تعجب الصحابة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يوجد من بينهم من يفعل ذلك، وهو عندهم من أعظم المنكرات.
فنسأل الله تعالى أن يهدي أختك هذه، وأن يرشدها سواء السبيل، ولمعرفة حكم بر الوالدين فلتراجع أختك الفتاوى التالية أرقامها:
19479
5925
20564
11287
9213.
أما بالنسبة لتعاملكم معها، فإنه خاضع للمصلحة والمفسدة، فإذا كانت المصلحة في التعامل معها ودوام الود بينكم وبينها، أملاً في هدايتها وإقلاعها عن هذه البلايا، فصلتها أفضل، وإن وجدتم أنها قد تنزجر إذا هجرتموها، فهجرها أفضل، هذا إذا كنتم تأمنون أن تتأثروا بها أنتم وأولادكم، فإن كنتم لا تأمنون ذلك فالسلامة لا يعادلها شيء، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ولمعرفة المزيد عن هجرة أهل المعاصي راجعي الفتوى رقم:
20400، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
20950.
والله أعلملله أعلمأعل
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(9/1335)
من عفا وأصلح فأجره على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أعرض مشكلتي التي لعل وعسى أن أجد لها حلاً أنا فتاة أبلغ من العمر 14 سنه تخاصمت مع أعز صديقاتي ولا أنكر أنها حاولت أن تعيد علاقتنا كما كانت لكن كنت أرفض بالرغم من أنني أريد أن أعيد علاقتي بها ولكن أستطيع أن أعتذر لها لأنه مرت سنة على تخاصمنا والآن أحضر محاضرات وسمعت الشيخ يقول إذا المرء على خلاف مع أخيه أن الله لا يقبل له عملا أردت فقط أن أستفسر هل يمكن أن أسامحها دون الاعتذار لها؟؟
وشكرا جزاكم الله خيراً وأرجو أن لا تهملوا رسالتي لأنني أعيش في حالة نفسيه سيئة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاثة، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
21549
20902
7119.
ومما ورد في التنفير من الهجر ما رواه الإمام مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر الله لكل أمرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا أمرأً بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد عن أبي خراش رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه.
فالواجب عليك الآن هو العودة إلى العلاقة مع صديقتك، وقطع الهجر، ويمكن أن يحصل بينكما السماح من غير لفظ الاعتذار، ونذكر الجميع بقول الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(9/1336)
الهدي النبوي في معاملة أصحاب المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جارة لا تصلي فنصحتها بالصلاة فأبدت استعدادها وحبها لذلك ولكنها قالت إنها مصابة بجن - وأحسبها صادقة - فأهديتها قميصا للصلاة ووعدت بأن تصلي، لكني في بعض الأحيان أشعر بأنها تكذب علي في شأن الصلاة فلا أدري هل أقطع علاقتي معها إذا اكتشفت حالتها أم أستمر في النصح والتذكير وإلى متى أرجو منكم جوابا شافيا مدعما بكلام العلماء والله يوفقكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في فتاوى سابقة بيان حكم تارك الصلاة وعقوبته، فلتراجع الفتوى رقم:
6061.
وهذه المرأة تحتاج إلى النصح، وبيان أهمية الصلاة، وثمارها في الدنيا والآخرة، وقد تكون مصابة بالجن فعلاً -كما قالت- فتحتاج إلى السعي في مداواتها، وذلك بالقراءة عليها ورقيتها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. رواه مسلم.
وإذا تبين أنها غير مصابة بالمس، ولكنها تتكاسل عن الصلاة، فينبغي أن يتبع الأفضل في إصلاحها، فإن كان هجرها ومقاطعتها سيردعها عما هي عليه، وسيكون سبباً في توبتها فينبغي أن تهجر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 23/ 252: ومن عرف منه التظاهر بترك الواجبات أو فعل المحرمات فإنه يستحق أن يهجر، ولا يسلم عليه تعزيراً له على ذلك حتى يتوب. انتهى
وإن كان الهجر لا يزيدها إلا سوءاً فينبغي أن لا تهجر بل تواصل بالنصح والتذكير لعل الله أن يهديها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: فإن كانت المصلحة في ذلك أي في هجر العاصي -راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر.. بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين. انتهى كلامه رحمه الله من مجموع الفتاوى 28/206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(9/1337)
الاستمرار في الإحسان من التخلق بأخلاق الله
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لديَّ صديقة عاملتها معاملة طيبة ولكنها كانت منكرة للجميل وتبدلت معاملتي معها فأصبحت لا أتكلم معها إلا بالتحية فقط فهل يجوز هذا في الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يجاهد نفسه لتكون أعماله كلها لله عز وجل، فإذا أحسن إلى أحد من خلق الله فلا ينتظر الثواب إلا من الله عز وجل، فإن أكثر الناس لا يشكرون الله عز وجل الذي يمدهم بكل نعمة! فكيف يطمع الإنسان بعد ذلك بأن يشكروه على معروف قدمه لهم؟
هذه حقيقة لابد من ترويض النفس عليها حتى يستمر الإنسان في إحسانه إلى الخلق، فقد يسيئون إليه، وهو يحسن إليهم، والصبر والمضي في إحسانه خير له.
وعليه، فنقول للأخت السائلة: ينبغي أن لا تقطعي معروفك عن صديقتك هذه لإساءتها إليك، أو لنكرانها الجميل، ولكن ذلك غير واجب عليك طالما أنك إذا لقيتها سلمت عليها، فإن السلام يرفع الهجر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(9/1338)
حكم هجر مرتكبي المعاصي والبدع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي عدم زيارة قريب لي في بيته إذ أن هذا القريب يشرب الخمر في بيته ويوجد ثلاجة خاصة بالمشروبات الروحية (الخمر) كما يكثر الاختلاط في بيته والنساء شبه عاريات مع الملاحظة أن هذا القريب من أصحاب الأموال. أيحق لي قطعه وعدم زيارته؟ وجزاكم الله خيراً........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهجر أهل المعاصي والبدع من أجل فسقهم مع عدم ترتب مفسدة راجحة سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها إذا كان الهجر غضباً لله تعالى، وقد يجب الهجر إن تعين وسيلة لإصلاح الفاسق.
وأما إن كانت نتيجة الهجر مفسدة أعظم من المعصية التي يرتكبها فلا ينبغي هجره لدفع أعظم المفسدتين.
وعلى هذا فنقول للأخ السائل: لا حرج عليك في قطع صلة هذا القريب وهجره لعله يرتدع عن فسقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(9/1339)
اللجوء لهجر العاصي آخر المطاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرى أحد الأشخاص يقوم بمعصية وقد منعته منها مرارا وأنا الآن لا أكلم هذا الشخص منذأربعة أشهر تقريبا هل يكون علي إثم؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي لك أن تتابع نصيحتك لهذا الأخ، وتذكره بالله تعالى، وبعقوبة المعصية وشؤمها على صاحبها في الدنيا والآخرة، وينبغي أن يكون ذلك باللين والرفق، كما قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. رواه البخاري ومسلم.
ومن الوسائل المعينة على إقلاعه عن المعصية أن توجه إليه بعض إخوانك الصالحين لينصحوه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حسب ما يقتضيه المقام.
ومن الوسائل المهمة أيضاً أن تهدي إليه بعض الأشرطة التي تنفع مثله، وخاصة التي تتحدث عن المعاصي وخطرها على الشخص ومجتمعه.
ومن الوسائل المهمة أيضاً، بل هي الأهم: أن تكثر له من الدعاء بالهداية والتوفيق.
أما المقاطعة فهي آخر الدواء، ولا تصلح في كل وقت، ولا مع كل شخص، فعليك أن تراعي ذلك حتى لا تعطي نتائج عكسية.
ولا شك أن الفاسق إذا استمر على معصيته، ونصح وبيِّن له الحق، فلم يستجب لا شك أنه شرع مقاطعته حينئذٍ وهجرانه.
ولكن الداعية يقدر الظروف، ويعطي لكل مقام ما يناسبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(9/1340)
يسن هجر المجاهر بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مقاطعة أخ أكل ميراث إخوته وذلك بالتحايل والنصب على أمه وإخوته مع العلم أن بعض إخوته شاركوه في ذلك؟ فهل هذا يعتبر قطعا لصلة الرحم وما الحل؟ أرجو الإفادة؟
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز هجر أهل المعاصي من المسلمين فوق ثلاثة أيام، زجراً لهم عن المعاصي، وحثاً لهم على تركها والإقلاع عنها، وقد سبق بيان الأحوال التي يجوز فيها هجر المسلم في الفتوى رقم:
7119.
لكن الهجر أحياناً قد لا يؤتي ثماره المرجوة منه، بل قد يأتي بنتيجة عكسية كتمادي العاصي في عصيانه، ففي هذه الحالة يجب على المسلم أن يُراعي المصلحة في الهجر، فيتركه ويلجأ إلى أسلوب غيره لاستمالة قلب العاصي أو غيره ممن يستحقون الهجر، وراجع في هذا الفتوى رقم:
14139 والفتوى رقم: 1642.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: يسن هجر من جهر بالمعاصي الفعلية والقولية والاعتقادية، قال أحمد في رواية حنبل: إذا علم أنه مقيم على معصيته لم يأثم إن هو جفاه، حتى يرجع، وإلا كيف يتبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكراً ولا جفوة من صديق؟. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(9/1341)
تراعى المصلحة في هجر من سب الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أشقائي يسب الدين ويفعل الكثير من المنكرات، فهل في هجره حرمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سب الدين كبيرة من الكبائر، أجمع أهل العلم على كفر مرتكبها، وقد سبق بيان حكمها وافيا في الفتوى رقم: 133 والفتوى رقم: 11652.
والأصل في الهجر في هذه الحالة أنه واجب، لأن هذا فعل كفري لما فيه من الاستهزاء والاستخفاف بالله تعالى وآياته ورسوله، لكننا ننبه السائل إلى أن الهجر قد لا يؤتي ثماره أحياناً بل قد يكون فيه زيادة طغيان من الفاعل، لاسيما إذا كان من العوام الذين لا حظ لهم من الثقافة أو العلم، ولذلك قال ابن مفلح نقلاً عن ابن تيمية -رحمه الله-: واعتبر الشيخ المصلحة في ذلك. انتهى
يعني تراعى المصلحة في الهجر بأن يدع الهجر إن أدى إلى مفسدة -كما ذكرنا- وأن يفعله إن أدى إلى مصلحة، وهذا الأمر يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، وراجع الفتوى رقم:
7119 والفتوى رقم:
14139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(9/1342)
هجر من يسعى بالإفساد بين الناس مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة لي خال لديه ابنة, وقد كنت أنا مخطوبة لشاب وقد قامت ابنة خالي هذه_ ولله الأمر_بمحادثة خطيبي بالهاتف واستمالته لها إلى أن فسخ خطبتي مني سعيا وراءها, وابنة خالي هذه تعرف الشبان وتحاكيهم بالهاتف ثم تقول إنني أنا من يفعل هذا. ولقد قطع خالي كل صلة له بالعائلة لأنه لا يريد أن يصدق أي كلام عنها. ويتصل بأمي ليسبها لو قالت له ابنته أن أمي نظرت لها في الشارع بطريقة سيئة (مع أن هذا لم يحدث) ولقد باءت كل محاولاتنا بالنصح والإرشاد له ولابنته بالفشل حتى إن شيخ الجامع لم يسلم من سب خالي له عندما حاول أن ينصحه بخصوص ابنته. ولقد هجرت أنا ابنة خالي هذه لأن سمعتها تلحق بي في كل مكان (بأنها تفعل كذا وكذا علنا..) فهل أنا مخطئه؟ أفتوني مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما وقعت فيه ابنة خالك أمر محرم من جهتين:
الجهة الأولى: أنها أقامت علاقة محرمة بشخص أجنبي عنها.
الجهة الثانية: أنها اعتدت عليك بمحاولتها التفريق بينك وبين خطيبك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، والحديث يفيد تحريم ذلك إذا تمت الخطبة صراحة، وركن كل من الخاطب ومخطوبته للآخر، وهو وإن كان نصاً في تحريم خطبة الرجل على خطبة أخيه إلا أنه يشمل النساء أيضاً، لأن فيه نفس المعنى الذي كان سبباً للتحريم، وهو حصول الضرر لأحد الخطيبين، وشيوع الشحناء والبغضاء بين المسلمين، ولا سيما إذا كان بقصد صد الخاطب عن المخطوبة الأولى، ولذلك قال الشيخ سيد سابق في فقه السنة، تعليقاً على هذا الحديث: وقد ينجم عن هذا التصرف الشقاق بين الأسر وترويع الآمنين. انتهى
وراجعي في هذا الفتوى رقم:
18625.
ونقول لك أيتها الأخت الكريمة، اصبري على أذى هذه المرأة، فإن عاقبة الصبر فلاح في الدنيا وفوز في الآخرة، قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] .
وقال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل: 126] .
ولا تحزني على ما فاتك من أمور الدنيا لأن فواتها قد يكون خيراً للعبد، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216] .
وقال أبي بن كعب: وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطاك لم يكن ليصيبك. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وبالصبر والدعاء واللجوء إلى الله تعالى يعوضك الله خيراً مما فاتك، واعلمي إن هجرك لهذه البنت أمر مشروع، تثابين عليه إن قصدت به وجه الله وكانت فيه مصلحة، وقد سبق بيان الهجر بضوابطه في الفتوى رقم:
7119 والفتوى رقم:
14139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(9/1343)
متى يهجر تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد: هل يجوز للمسلم ردالسلام على تارك الصلاة واستضافته في منزله، أو يزوره؟ وشكرا لكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتارك الصلاة تجب مناصحته، ودعوته إلى الحق، وبيان عظم شأن الصلاة له، وتحذيره من تركها، والعقوبة المترتبة على ذلك في الدنيا والآخرة.
وعليه فينبغي لك زيارته واستضافته إن كان في ذلك عون على إصلاحه، ولا يهجر إلا إذا غلب الظن أن الهجر سيكون سببا في معاودته للصلاة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
7376 ز
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(9/1344)
يراعى في هجر شارب الخمر هذه الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أربعة إخوان يشربون الخمر عندما تنصحهم يتضايقون ويتعصبون ويزدادون في شرب الخمر وعاهدت نفسي أن لا أكلم واحداً منهم إلا في حالة واحدة وهي أن يتركوا الخمر فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن شرب الخمر من كبائر الذنوب، بل إن الخمر هي أم الخبائث، لذلك حرمها الله تعالى في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لما يترتب عليها من كثير من الشرور، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة:90] .
وقد روى أبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها".
وقيامك بواجب النصيحة لإخوانك قيام بأمر هو من فرائض الله تعالى، ومن أهم القربات، فقد ثبت في صحيح مسلم عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة. ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" وعليك بالاستمرار في النصح لهم، والدعاء لهم بالهداية.
أما الهجر وعدم الكلام فله ضوابط شرعية لا بد أن تراعى، ومن هذه الضوابط:
1/ ألا يلجأ المسلم إليه إلا إذا غلب على الظن عدم جدوى النصح، وخشي الإنسان على نفسه من المخالطة.
2/ أو غلب على الظن أن الهجر قد يزجر المهجور، ويردعه عن فعل المعصية، أما إذا غلب على الظن أن يكون الهجر سبباً في التمادي والمعصية فلا يهجر.
ومن هنا، فقد ثبت الهجر عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحوال معينة، كما في هجره لكعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم وقصتهم في الصحيحين، وهنالك من أصحاب المعاصي من لم يهجرهم، كما ثبت في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حماراً، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوماً فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله".
إذن فلتواصل النصح، ولتقدر الأمور، وفقاً لما تقدم من تفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(9/1345)
حكم هجر المتكبر على الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الإعراض عن شخص متكبر؟
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام يدعو للتواضع والتآلف والتراحم والتكاتف والتعاون، ونحو ذلك من الأخلاق النبيلة، وينهى عن ضد ذلك من الكبر والحسد والتقاطع والتدابر، ونحو ذلك من الأخلاق الدنيئة.
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، وفيه أيضاً أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي بعضكم على بعض ... ".
أما بالنسبة للمتكبر، فينبغي لنا أن ننصحه -أولاً- ونذكره بالآيات والأحاديث في هذا الشأن، كما نذكره بعاقبة الكبر في الدنيا والآخرة، وأنه بالكبر يكرهه الله، ويكرهه خلق الله، فإن لم ينزجر فلا بأس بهجره والإعراض عنه إذا كانت المصلحة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(9/1346)
واجبك النصح وهجر باطله وفارقه حين خوضه فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم العيش والنوم مع أخ لي يستهزئ بالدين مع العلم بأني قد نصحته بالأدلة وهو يزيد عناداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن واجبك تجاه هذا الأخ هو النصح والتذكير بالله، وبخطر ما هو عليه من الاستهزاء والسخرية بالدين، وبأن فعله هذا يعد ردة عن الإسلام وكفراً بالله العظيم، فإن فعلت ما أوجب الله عليك من النصح فلا يضرك بعد ذلك فعله، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) [المائدة:105] ويجوز لك مساكنته ومؤاكلته حيث كنت مضطراً إلى ذلك، ويجب عليك هجر باطله ومفارقته حين خوضه في ذلك.
وإن كنت في دولة تقيم تعاليم الإسلام فعليك رفع أمره إلى القضاء لينال عقابه.
والله يرعاك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(9/1347)
الأفضل في هجر أهل المعاصي مراعاة المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-لي مشكلة مع أخي فهوالأصغر مني بسنة وهو دائما يكذب عليّ ويخدعني وفي أحد الأيام قررت مقاطعته وتجاهله واستمر الحال لمدة سنة ونصف وبعدها قررت أن أسامحه بأن ألعب معه أحياناً أو القيام بمساعدته ولكنني تبت إلى ربي فأخاف أن توبتي غير مقبولة ومع أن حالنا قد تحسنت قليلاً إلا أنني خجل من مصارحته أو القيام بالاعتذار له عما بدر مني في الأيام السابقة وأرجو أن تفيدونني عما يجب فعله وبأسرع وقت ممكن.
مع فائق الاحترام والشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أخوك لا يزال مقيماً على الكذب والخداع فإن واجبك أن تدعوه برفق وحكمة إلى التوبة، والتزام الصدق والأمانة، وترك الكذب والخيانة مع ربه سبحانه وتعالى ومع الناس، لأن الكذب والخيانة من كبائر الذنوب وأقبحها، ولا ينبغي لك الاقتصار على مسامحته ومساعدته فقط، وهو على هذه الحالة السيئة. وأما إن تاب إلى الله عز وجل، وترك ما كان عليه من المعاصي، فينبغي لك تثبيته على الحق.
وإذا كان الآن كما ذكرت، فإنك لم ترتكب خطأ تجاهه حتى تعتذر إليه، ولكن إذا كانت المصلحة تقتضي اعتذارك إليه ليقبل منك النصيحة، وتثبت بينك وبينه الألفة والمودة ونحو ذلك، فلا حرج في أن تعتذر إليه، إما مباشرة إن استطعت وإما عبر رسالة خطية أو عبر شخص، ونحو ذلك.
وأما هجرك له فليس ذنباً حتى تقول: (ولكنني تبت إلى ربي فأخاف أن توبتي غير مقبولة) لأن الهجر المحرم هو هجر من لا يستحق الهجر، وأما أخوك فقد استحق الهجر بسبب ارتكابه للكذب والخداع، وإن كان الأولى في هجر أهل المعاصي مراعاة المصلحة، وهي تارة تكون في الهجر، وذلك إن كان يحمله الهجر على ترك ما هو عليه من المعاصي، فالأفضل في هذه الحالة الهجر.
وتارة تكون المصلحة في ترك الهجر، وذلك إذا كان الهجر يحمله على تماديه وإصراره على المعاصي، فالأفضل في هذه الحالة ترك الهجر، ولو افترضنا أن ما فعلته من الهجر ذنب، فالله تعالى يغفر الذنوب للتائب مهما عظمت وكثرت، كما قال الله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر:53]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(9/1348)
الأخ أو القريب الكافر ... صلة أم قطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجب علي صلة الأخ (الشقيق) الكافر
الذي يكره سماع القرآن ويكره الصلاة والصيام أو حتى تذكيره بهم. ويهزأ منهم وممن يداوم عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب صلة القريب الكافر ومودته، سواء كان أخاً شقيقاً أو غيره لانقطاع الصلة بينه وبين قريبه المسلم، كما قال تعالى عن نوح وابنه: (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) وقال تعالى عن إبراهيم وأبيه (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) [هود:46] وقال تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) [المجادلة:22]
ولكن تجوز صلته بما يباح من أمر الدنيا، وتقديم الهدية له، ونحو ذلك، خصوصاً إذا رجي من وراء ذلك تأليفه على الإسلام، قال الله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) [الممتحنة:8]
وقال تعالى في حق الوالدين الكافرين: (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) [لقمان:15] وقال البخاري في صحيحه: (باب صلة الوالد المشرك، وروى بسنده عن أسماء رضي الله عنها قالت: أتتني أمي راغبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أصلها؟ قال: "نعم" قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) ا. هـ
وقال البخاري رحمه الله: "باب صلة الأخ المشرك، وروى بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى عمر حلة سيراء تباع فقال: يا رسول الله ابتع هذه، والبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفود، قال: "إنما يلبس هذه من لا خلاق له" فأتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر بحلة فقال: كيف ألبسها؟ وقد قلت فيها ما قلت. قال: "إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن لتبيعها أو تكسوها" فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم. وروى البخاري أيضاً عن عمرو بن العاص قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جهاراً غير سر يقول: "إن آل أبي "فلان" ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين"
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (قال ابن بطال: أوجب في هذا الحديث الولاية بالدين، ونفاها عن أهل رحمه إن لم يكونوا من أهل دينه، فدل ذلك على أن النسب يحتاج إلى الولاية التي يقع بها الموارثة بين المتناسبين، وأن الأقارب إذا لم يكونوا على دين واحد لم يكن بينهم توارث ولا ولاية، قال: ويستفاد من هذا أن الرحم المأمور بصلتها، والمتوعد على قطعها هي التي شرع لها ذلك، فأما من أمر بقطعه من أجل الدين فيستثنى من ذلك، ولا يلحق بالوعيد من قطعه، لأنه قطع من أمر الله بقطعه، لكن لو وصلوا بما يباح من أمر الدنيا لكان فضلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1422(9/1349)
الأحوال التي يجوز هجر المسلم فيها فوق ثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[2- متى يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق 3 أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"
وقد اعتبر السلف وجمهور الأئمة الابتداع في العقائد من الأسباب المشروعة للهجر، وأوجبوا هجران أهل الأهواء من المبتدعة، الذين يجاهرون ببدعهم أو يدعون إليها.
وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
ومن أسباب الهجر الشرعي فوق ثلاث هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر، كما في قصة كعب بن مالك، وصاحبيه رضي الله عنهم.
ويجوز الهجر فوق ثلاث للزوجة الناشز إلا أن هجرها لا يكون إلا في المضجع، وليس في كل الأحول، كما قال تعالى (
واهجروهن في المضاجع) [النساء:34] بعد العظة والنصيحة وبالجملة فإن الهجر علاج، ولا يصار إليه إلا إذا تحقق أو غلب على الظن أن هجر المهجور أنفع - في الجملة - من وصله، فإن كان العكس لم يشرع الهجر، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً
وعدماً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1421(9/1350)
الأحوال التي يجوز هجر المسلم فيها فوق ثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[متي يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاثة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". رواه البخاري.
وقد اعتبر السلف وجمهور الأئمة الابتداع في العقائد من الأسباب المشروعة للهجر، وأوجبوا هجران أهل الأهواء من المبتدعة، الذين يجاهرون ببدعهم أو يدعون إليها.
وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه،
أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
ومن أسباب الهجر الشرعي فوق ثلاث هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر، كما في قصة كعب بن مالك، وصاحبيه رضي الله عنهم.
ويجوز الهجر فوق ثلاث للزوجه الناشز إلا أن هجرها لا يكون إلا في المضجع، وليس في كل الأحول، كما قال تعالى (واهجروهن في المضاجع) [النساء:34] بعد العظة والنصيحة وبالجملة فإن الهجر علاج، ولا يصار إليه إلا إذا تحقق أو غلب على الظن أن هجر المهجور أنفع - في الجملة - من وصله، فإن كان العكس لم يشرع الهجر، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً
وعدماً. على أنه يشرع للمسلم إذا هجر أخاه لسبب مشروع أن يرد السلام ولو بصوت منخفض إذا رأى أن المصلحة في الإسرار برد السلام.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1421(9/1351)
النصح لمن يفعل المنكر فإن لم ينزجر فالهجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت في اختبار ولم أعرف الإجابة ولقد كنت أفكر فيها ولم أطلبها من أحد وبعد ذلك جاءت إلي المعلمة المراقبة على الاختبار ولم تكن هي معلمة المادة لأن معلمة المادة غائبة وسألتني (ماهو السؤال الذي لم تنته منه بعد) ولم أكن أعلم بأنها تريد أن تخبرني بالإجابة فعندما أخبرتها بالسؤال سألت الطالبات عن الإجابة فأخبروها وكتبتها أنا فهل في كتابتي للإجابة إثم علي وهل في عدم إبلاغ المشرفة عن المعلمة إثم؟ "
ما حكم الجلوس مع فصل يفعلون المنكر وماحكم عدم إبلاغ المشرفة عنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ما دمت حصلت على الإجابة من غير بحث ولا سؤال عنها، فلا حرج عليك في كتابتها والاستفادة منها، كما لا حرج عليك أيضا في عدم الإبلاغ عن المعلمة، ما لم يتكرر منها ما يسبب ضرراً عليك، أو على غيرك من الطالبات، بعد أن تنصحيها وتخبريها بأنها إذا لم تنته فسوف تخبرين المشرفة عنها، بل الواجب في هذه الحالة ـ أعني ما إذا لم يتكرر منها ما بدر منها ـ أن تستريها ولا تبلغي عنها ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة" رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني في الجامع الصغير.
أما من يفعلن المنكر، فالواجب عليك نحوهن أن تقدمي لهن النصح بأمرهن بالمعروف ونهيهن عن ذلك المنكر، فإذا لم تستجبن وتمادين في منكرهن متجاهرات، فبلغي عنهن المشرفة، أو غيرها ممن يرتدعن بنهيه، ولا تجلسي معهن في هذه الحالة. فإن العلماء قالوا إن من لم يقدر على تغيير المنكر فينبغي له أن لا يجالس أهله، وأن يقوم عنهم حتى لا يتناوله قوله تعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم) [النساء: 140] . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(9/1352)
نوم المرأة إلى جهة اليمين من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة في نومها يمين زوجها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال غموض، لكن إن كان المقصود من السؤال: نوم المرأة عن يمين زوجها، فلا حرج على المرأة في نومها عن يمين زوجها أو يساره، ولو أدى ذلك إلى نومها على شقها الأيسر لتواجه زوجها، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 31938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(9/1353)
حكم النوم بدون ملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز النوم فى غرفتي وأنا عاري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم في وضع ثيابه ونومه عاريا إذا كان في غرفة نومه الخاصة ولا يخشى اطلاع غيره على عورته ممن لا يحل له النظر إليه، ولا يجوز النظر إلى العورة إلا لزوجته، ومن هي في ملك يمينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. الحديث رواه أحمد والترمذي وغيرهما.
وقد أمر الله عز وجل الأطفال والخدم بالاستئذان في أوقات النوم والراحة التي هي مظنة لوضع الثياب. فقال تعالى: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ. {النور:58} .
قال أهل التفسير: في وقت القيلولة، لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله.. "ومن بعد صلاة العشاء لأنه وقت النوم ...
ومع ذلك فالأولى للمسلم أن يغطي عورته على كل حال. وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 13458، 106998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(9/1354)
استحباب إطفاء المصابيح عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيما يلي؟ وهل له أساس في الدين؟.
عدم استحباب إطفاء جميع مصابيح المنزل عند الجلوس بها، أوعند النوم، أوعند الخروج من المنزل
عدم استحباب رمي مياه ساخنة في دورة المياه إلا بعد التسمية.
أرجو الإفادة، وما هو الصحيح من حيث تجنب الشياطين والحذر منها؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطفاء المصابيح عند النوم مستحب شرعا، لما في حديث الصحيحين: أغلقوا الأبواب وأوكوا السقاء وأكفئوا الإناء وأطفئوا المصباح.
وأما التسمية عند رمي المياه الساخنة فلا حرج فيها والأولى عدم رميها في المكان الذي يتوهم وجود الحي به.
وأما التحصن من الشياطين فيتم بالحفاظ على الصلاة في الجماعة والمواظبة على أذكار المساء والصباح والدخول والخروج.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 58076، 72036، 52122، 33860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(9/1355)
هل يمنع النوم على الجانب الأيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النوم على الجانب الأيسر محرم لأنه من صفات الفسقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل يحرم النوم على الجانب الأيسر أو ينهى عنه، ولكن صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن النوم على البطن، فقد روى ابن ماجه وغيره عن قيس بن طخفة الغفاري عن أبيه قال: أصابني رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما في المسجد على بطني فركضني برجله وقال مالك ولهذا النوم هذه نومة يكرهها الله أو يبغضها الله"
ولمعرفة هدي النبي-صلى الله عليه وسلم في النوم انظر الفتوى: 22477. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(9/1356)
حكم النوم على سطح المنزل المكشوف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النوم على سطح المنزل المكشوف وليس بينه وبين السماء حائل أو سقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السطح المكشوف مسورا ولا يخشى من النوم عليه ضرر؛ فإنه لا حرج في النوم عليه، أما إذا كان يترتب على النوم عليه ضرر فإنه لا يجوز النوم عليه لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
وكذلك إذا كان غير مسور ولا يؤمن السقوط منه كما سبق بيانه في الفتوى: 58552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(9/1357)
كثرة النوم.. الداء والدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنام كثيراً ولا أستطيع أن أستيقظ بسرعة. فهل هذا غضب من الله؟ وكيف أتخلص من الإفراط في النوم، علما بأنني كلما حاولت الاستيقاظ أكون متعبة جداً ولا أستطيع النهوض وذلك كل يوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت كثرة النوم باختيار الإنسان وتمنعه من أداء ما افترض الله عليه من واجبات كالصلاة في مواعيدها المحددة فلا شك أن هذا نذير خطر وعلامة عدم رضا عن العبد، فإن التكاسل عن الواجبات لا سيما الصلاة من صفات من ذمهم الله في كتابه، فقال: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً. {النساء:142} ، وكذلك عدم الجد وترك الإسراع في الخيرات وتخلف العبد عن مواطن محاب الله من العلامات السيئة، كما قال تعالى: وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ. {التوبة:46} .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من العجز والكسل كما روى ذلك البخاري ومسلم.
وعن عبد الله رضي الله عنه قال: ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال: بال الشيطان في أذنه. رواه البخاري ومسلم.
فكثرة النوم باختيار الإنسان تؤدي إلى مفاسد في دين العبد ودنياه وتضيع مصالحه، ولهذا كان الربانيون يذمون كثرة النوم، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: خصلتان تقسيان القلب: كثرة النوم وكثرة الأكل.
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: وأما مفسدات القلب الخمسة فهي التي أشار إليها: من كثرة الخلطة، والتمني، والتعلق بغير الله، والشبع، والمنام، فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب. ثم شرحها إلى أن قال: المُفسد الخامس: كثرة النوم فإنه يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل، ومنه المكروه جداً، ومنه الضار غير النافع للبدن ... إلى آخر كلامه.
وهذا كله إن كان النوم اختيارياً، أما إن كان النوم لمرض عضوي أو نفسي فلا حرج على الإنسان إن طلب التداوي من ذلك، فاذهبي إلى متخصص في ذلك لعل الله يجعل لك فرجاً ويذهب عنك الكسل.
وأما عن كيفية التخلص من الإفراط في النوم فقد سبق لنا أجوبة فيها بيان أسباب الهداية، ومقومات الثبات، وعلاج الفتور، وهي تحت الأرقام التالية: 55394، 10943، 22960، 17666 فراجعيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(9/1358)
النوم في غرفة فيها القرآن الكريم أو آيات معلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن ينام المسلم في الغرف التي فيها القرآن الكريم أو آيات معلقة على الجدار لأنني سمعت من بعض الأشخاص أنه لا يمكن أن ننام في مثل هذه الغرف؛ لأن الإنسان قد يخرج منه ريح وهو نائم. هل هذا القول صحيح أم لا؟ وهل إذا جلس شخص في غرفة ما فيها القرآن الكريم وخرج منه ريح، هل يجب عليه ترك الغرفة أم لا؟ وماذا عن الذين لديهم مرض من هذا الشأن، هل يحرم عليهم الجلوس في مثل هذه الغرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلمُ دليلاً يمنع من تواجد المسلم في مكانٍ قد وُجدَ فيه القرآن أو شيءٌ منه، وإن كان في حال خروج الريح منه، إلا أنه يُمنع المحدث من مس القرآنِ إلا أن يكون طاهرا. وانظر الفتوى رقم: 29715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(9/1359)
حكم وضع الرجل في مستوى أعلى من الأشرطة الدينية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أن تضع مثلاً أشرطة دينية قد يكون عليها اسم الجلالة في درج مغلق قريب جداً من الأرض وفي نفس الغرفة يوجد آرائك وإذا وضعت رجلك فوق أريكة يصير مستوى رجلك فوق الأشرطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله تعالى- في وضع الرجل على شيء يرتفع في الوضع على الدرج أو الصندوق.. الذي توضع فيه الأشرطة الدينية.. وإذا وضعت الأشرطة أو الكتب الدينية في مكان مرتفع بقصد تعظيمها فلا شك أن ذلك أفضل.. وقد بينا حكم أشرطة القرآن وأسطواناته وأنه ليس لها حرمة كحرمة المصحف، ويجوز للحائض والجنب مسها وذلك في الفتوى رقم: 43883 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(9/1360)
حكم النوم لساعة متأخرة من النهار
[السُّؤَالُ]
ـ[أستيقظ لقيام الليل ساعة قبل الصبح وبعد الصبح أقرأ حزبا من القرآن الكريم وبعد ذلك أعود للنوم إلى ساعة متأخرة من النهار 10 والنصف أو 11 فهل في ذلك من حرج. علما أنني أكون في إجازة ذلك اليوم ولا أفعل ذلك في أيام العمل.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيامكَ من الليل وقراءتك القرآن بعد الصبح كله من الخير، الذي نرجو أن تجد ذخره عند الله، واعلم أنه لا حرج عليكَ في النوم بعد ذلك، وقد كره بعض العلماء النوم فيما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس لأنه وقت ذكر، ووقتٌ تصعدُ فيه الملائكة بأعمال العباد، وكره بعضهم النوم بعد العصر لهذا المعنى، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النوم قبل العشاء أي حتى لا يؤدي ذلك إلى تفويت العشاء.
وأما ما كانت تزعمه العرب من أن نومَ الضحى، والنوم بعد العصر يجلبُ الأسقام حتى قال قائلهم:
ألا إن نومات الضحى تورثُ الفتى خبالاً ونوماتِ العصور جنونُ
فكلامٌ لا يُسنده دليلٌ من الشرع، وإن قرره بعض العلماء معتقدينَ ثبوته من جهة الطب.
وعلى كلٍ؛ فنوم الليل خيرٌ من نوم النهار، والله قد باركَ لهذه الأمة في بكورها، كما ورد الحديث بذلك عند الترمذي.
والنوم في وسط النهار قد استحسنه كثيرٌ من أهل العلم، وظاهرُ القرآن يدلُ على مشروعيته: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ {النور:58} والنومُ قبل العشاء مكروه، وما عدا ذلك فالأصل فيه الإباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(9/1361)
حكم نوم الرجل مع حماته في فراش واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النوم مع الحماة في فراش واحد بملابس النوم وحضنه أمام زوجته وتقبيله أمام الحضور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على الرجل أن ينام مع الحماة في فراش واحد، بل يحرم عليه الدخول عليها وهي في غرفتها إلا بعد الاستئذان، وهذا الحكم ليس مع الحماة فقط بل مع الأم والأخت والابنة وغيرهن من المحارم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 57036.
وما ورد في السؤال من نومه مع حماته وبملابس النوم يعد من المنكرات التي يجب تجنبها، وأما عن تقبيله وضمه إلى صدرها فأيضاً لا يجوز، وقد ورد هذا السؤال في فتاوى اللجنة الدائمة برقم 17153 برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله فأجابت اللجنة: وأما تقبيل المرأة زوج ابنتها وضمه إلى صدرها فهذا منكر لا يجوز، لأن هذا لا يكون إلا مع الزوج، ولما يخشى فيه من الفتنة، ويجوز أن يقبلها على رأسها لعدم المحظور. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(9/1362)
كراهة النوم على البطن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أحاديث تتكلم على أن النوم على البطن مكروه.. أو غير مستحب، ولكني أنا لا أستطيع أن أنام إلا على بطني.. حيث إني أبتدئ بالنوم على جنبي الأيمن بعد ذلك الأيسر بعدها ظهري.. ولا أستطيع أن أنام بالساعات وحاولت مرارا وتكرارا.. ولكن لم أستطع..
أفيدوني هل هذا حرام..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت النهي عن النوم على البطن لكن هذا النهي محمول على الكراهة وليس على التحريم، فإذا نمت على بطنك لعدم القدرة على النوم على غيره فلم تفعل محرما، وراجع الفتوى رقم: 5439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(9/1363)
لا حرج عليك في السهر للمذاكرة ما لم يكن تفريط في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في كلية الطب السنة الثانية وظروف الدراسة في معظم الأحيان تضطرني الى العودة مع أذان العصر فأتناول الغداء ثم أنام وفي الليل أسهر تقريبا حتى الفجر ثم أنام بعد الصلاة هل في هذا شيء أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يحافظ على أداء الصلوات في أوقاتها دون تأخير، وأن يحرص على أدائها مع جماعة المسجد ما تيسر له ذلك، فإن كنت تأتي بذلك فأحسن الله إليك، ولا حرج عليك في السهر للمذاكرة ما دمت لا تضيع صلاة الفجر وما لم تضر نفسك بالسهر، وفي الحديث المتفق عليه: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(9/1364)
النوم على الشق الأيمن مستدبرا القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أن النوم ووجهك تجاه القبلة أفضل من أن تنام وظهرك إليها لكن النوم على الشق الأيمن سنة فأنا إن نمت على الشق الأيمن أعطيت القبله وجهي وإن أعطيت القبلة ظهري نمت على الشق الأيسر فأيهما أولى أن أنام على الشق الأيمن كما يفعل النبي أم أنام على الشق الأيسر وأعطي وجهي للقبلة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاذا كان بالإمكان الجمع بين الاتكاء على الشق الأيمن والاتجاه للقبلة عند النوم فإن ذلك أولى وأفضل، وإن لم يمكن الجمع بين ذلك فالأولى الاتكاء على الشق الأيمن لأنه ثبت أنه من هديه صلى الله عليه وسلم في النوم، وكما في الحديث الصحيح. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 18156، والفتوى رقم: 21580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(9/1365)
منع من لم يغسل يديه بعد النوم من مس الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بغسل أيدينا ثلاثا عند الاستيقاظ من النوم وقبل لمس أي طعام وأنا الحمد لله مواظبة على ذلك، ولكن أختي التي لا تصلي، ورغم نصحي لها، لا تؤمن بهذا ولا تتبع أي سنة من السنن النبوية. وسؤالي هو: إذا ما أرادت أختي هذه أن تلمس شيئا من طعامي عند استيقاظها فهل أمنعها من ذلك وآمرها بأن تغسل يديها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يبارك في الأخت السائلة، ويجزيها خيرا على حرصها على التمسك بالآداب والسنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم إن لها أن تمنع كل من امتنع عن غسل يديه بعد النوم من لمس طعامها، إذ قد يكون في ذلك ضرر عليها. وعليها أن تبذل ما في وسعها لإقناع أختها بالالتزام بالطهارة والصلاة، فإن الصلاة لا تصح بدون طهارة. والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين. ومن تركها جاحدا لوجوبها خرج من الملة باتفاق المسلمين. واختلف العلماء فيمن يتركها تكاسلا وتشاغلا عنها؛ فمنهم من يرى أنه كافر والعياذ بالله تعالى، ومنهم من يرى أنه فاسق مرتكب كبيرة، ومنهم من يرى أنه يكون كافرا إذا تركها بالكلية وهو ما نميل إلى رجحانه. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 17277.
وإذا وفق الله أختك للرجوع إليه والتزمت بالصلاة فعليها أن تقوم بقضاء ما فات عليها من الصلوات، وتقضي قدر استطاعتها في اليوم. ولمزيد التفصيل في حكم تارك الصلاة ووجوب قضائها وكيفيته يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 103984، 93959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(9/1366)
السير في الطريق التي بها حانة خمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل أستاذة في مكان بعيد عن المنزل وأذهب مع أبي بالسيارة وفي الطريق توجد حانة للخمر ما حكم سيرنا على تلك الطريق رغم أنه توجد طريق أخرى تؤدي إلى المدرسة ولكن صعبة السير ماذا أفعل؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع شرعاً من السير في الطريق التي بها حانة خمر إذا كانت أسهل أو أقرب من غيرها، وعلى من مر بها أن ينكر المنكر ولو بقلبه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم المرور على أماكن أهل المعاصي والسيئات والمعذبين وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بمكان ديار ثمود الذين أهلكهم الله تعالى فقال لأصحابه: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم.
قال الحافظ في الفتح: فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة، ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه لهم، وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك.
والتفكر أيضاً في مقابلة أولئك نعمة الله بالكفر وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به والطاعة له، فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال، ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل مثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم. اهـ
وعلى هذا، فينبغي للمسلم إذا مر بأماكن أهل المعصية أن يتعظ ويعتبر ويجدد التوبة ويحمد الله تعالى على نعمة الإيمان، ويسأله المزيد من إنعامه والعون على شكره ... ولا يلزم من ذلك ترك تلك الطريق السهلة واللجوء إلى الطريق الصعبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه بذلك عندما ما مروا في طريقهم على ديار ثمود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(9/1367)
حكم ترك مدفأة المازوت مشتعلة عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إبقاء المدفأة التي تعمل على المازوت ليلاً مشتعلة عند النوم وذلك في حالات البرد القارس، وهل يجوز إبقاؤها مشتعلة في حال عدم كون البرد قارسا أيضاً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان يخشى ضرر من ترك المدفأة تشتغل عند النوم أو تركها في البيت ولو لم يكن فيه أحد فإن ذلك لا يجوز، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن بيتاً بالمدينة احترق على أهله من الليل، فحدث النبي صلى الله عليه وسلم بشأنهم فقال: إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها.
أما إذا لم يخش أن يترتب على تركها ضرر فلا مانع منه، لأن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 53307، والفتوى رقم: 68030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(9/1368)
مدى ارتباط النوم على غير طهارة بالأحلام المزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو هل يتحقق حلم المرأة إذا نامت على حيض أي نجسة وهي في أيام الحيض نامت وحلمت بأحلام هل تتحقق الأحلام أم الأحلام لا تتحقق إلا إذا كان الإنسان على طهارة؟
لأنني حلمت أني قصصت شعري في الحلم وأنا أعرف أن من يقص الشعر ليس جيدا فهل حلمي سيتحقق وأنا لست على طهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط -فيما نعلم- لصدق الرؤيا أن يكون صاحبها قد نام على طهارة، أو أن تكون المرأة طاهرا غير حائض، ولا يتوقف وقوعها أو عدمه على ذلك، وإن كان النوم على طهارة أقرب لصدق الرؤيا؛ كما ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى. قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: وفائدة الوضوء مخافة أن يموت في ليله، وليكون أصدق لرؤاه، وأبعد من تلعب الشيطان به. انتهى.
وننصح الأخت السائلة بعدم ذكر ما رأته في النوم لأحد عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا، ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره. رواه البخاري. ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام. رواه مسلم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(9/1369)
تتوضأ للنوم ومشكلتها الغازات الكثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما أحب أن أتوضأ وأكون على طهارة وبالذات بالليل عند النوم, ولكن مشكلتي الغازات الكثيرة تجعلني لا أحتفظ بالوضوء بالذات عند النوم, فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحافظة على الطهارة الأمر بها على الاستحباب، فلو تمكن الشخص من المحافظة عليها عموماً وعند النوم بصفة خاصة من غير مشقة فذلك المطلوب؛ وإلا فلا حرج في النوم على غير طهارة، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 66320.
هذا وننبهك إلى أنه إذا كانت الغازات تتوقف وقتاً يتسع للطهارة والصلاة فإن حالتك لا تصل إلى السلس، وإن كانت لا تتوقف وقتاً يتسع لذلك فأنت من أصحاب السلس، وقد سبق بيان كيفية طهارة وصلاة ذوي السلس في الفتوى رقم: 8777، والفتوى رقم: 32885.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(9/1370)
أمور تفيد من تشعر بالأرق حين تنام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال إذا تكرمتم.
أنا متعودة من صغرى أني أنام في غرفة لوحدي وهذه الأيام يحدث لي أشياء غريبة أشعر وكأن شخصا ليس له ملامح وكأنه الشيطان ولعياذ بالله يأتي لي كثيرا ويريد خنقي وفي هذه الأحداث أشعر وكأنني لست نائمة إلا أن الله يلهمني أن أستعيذ منه كل مرة؟
وآخر مرة تحاورت معه وقلت له ماذا تريد مني (هلفط) تلجلج في الكلام بكلمات لم أسمعها من قبل ولم أعرف معناها ثم استعذت بالله منه.. وكل مرة ينصرف بعد أن تكاد روحي أن تخرج من خنقته لي ... وكلمت أمي وأبى في هذا الموضوع وقالوا لي نامي دائما على القرآن.
ففعلت رغم أنني كنت متعودة على هذا منذ الصغر ولكن كنت أنسى بعض الوقت ورغم نومي على القرآن إلا أنه يأتيني في بعض الأوقات والقرآن شغال فما الإجابة بالله عليكم أنا بقيت أخاف أنام يكون النوم في عيني لكن الخوف أكثر.
أرجو وأدعو الله أن تفيدوني أو تدلوني على شيخ جليل يفسر لي هذا.
آسفة على الإطالة وجزاكم الله كل الخير ووفقكم لما يحب الله ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء والعافية من كل مكروه، وننصحك بالحفاظ على الأذكار الصباحية والمسائية وأذكار النوم، وسؤال الله العافية، وقراءة سورة البقرة والدعاء بالاسم الأعظم، ودعوة يونس وحاولي ألا تنامي وحدك وأن تتعودي أنت وأهلك على دعاء الدخول والخروج من المنزل. وراجعي للمزيد وللبسط فيما ذكرنا مع أدلته الفتاوى التالية أرقامها: 73347، 61350، 33860، 57129، 69805، 4179، 4179، 11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(9/1371)
حكم النوم في الأماكن العامة والطرقات
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين....
يتواجد في بعض الحدائق العامة وبعض الطرقات عند كراسي الاستراحة بعض الناس النائمين، فهل النوم في الطرقات أو عند الكراسي العامة فيه أي محذور شرعي أو كراهة؟
وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب على النائم أن يسيل لعابه وقت النوم, وتنحل أعضاؤه, وتحصل له أحداث وهو لا يشعر، وأحيانا يبقى مثلة وقت نومه. وإذا كان الحال كذلك فينبغي لمن يريد النوم أن يتهيأ لذلك ويختار المكان المناسب.
جاء في المدخل: قال عز وجل في كتابه العزيز: ... بينما هو مستيقظ مدع للقوة والسطوة إذ أتاه ما لم يقدر على دفعه كما تقدم، فيسيل لعابه, وتنحل أعضاؤه, ويحدث وهو لا يشعر بنفسه. والغالب على بعضهم أنه يبقى مثلة إذ ذاك. ولأجل هذا المعنى كان من الأدب في النوم أن لا ينام بين مستيقظين.
وقد علمت من هذا أن النوم عند كراسي الاستراحة في حال تواجد المستيقظين فيها ليس من الأدب. ويمكن أن تقيس عليه الأماكن المشابهة، ما لم تدع الحاجة إلى النوم في تلك الأماكن، وقد يكون الأمر أشد من ذلك إذا كان يترتب عليه إلحاق ضرر بالناس وتعطيل بعض مصالحهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(9/1372)
مسائل في المعانقة بين المحرم ونومهم في سرير واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى أن تجيبوني بشكل مفصل مع الأدلة لأنني طالب علم إن شاء الله والأسئلة هي:
1- امرأة تحب أن تعانق ولدها الكبير البالغ وتضمه إلى صدرها وتنام معه في سريرها علماً أن الأم داعية لله وولدها ولد صالح ونحسبه من المتقين فما حكم الشرع بذلك؟.
2- ما حكم النظر إلى عورة الطفل والطفلة؟
3- ما حكم أن تلبس البنت الصغيرة 7 سنوات شورت تحت الركبة وتسبح في المسبح مع إخوتها فقط.
وجزاكم الله خير الجزاء وأحسن الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المعانقة بين الرجل ومحارمه من النساء جائزة في حال عدم وجود ميل من أحدهما تجاه الآخر، والأولى تركها، والنوم مع المحرم على سرير واحد جائز إذا أمنت الفتنة وكانا غير متلاصقيْنِ وغير متجردين، والأفضل الابتعاد عن ذلك لئلا يُساء بهما الظن، والطفل والطفلة إذا كانا قبل سبع سنين جاز نظر عورتهما بغير شهوة، والطفلة البالغة سبع سنين عورتها المغلظة ما بين السرة والركبة، ولا يجوز لها أن تمكن من كشف عورتها بحضور إخوتها إذا كان فيهم من تثور شهوته، أو كان مميزا يمكنه حكاية ما يراه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعانقة بين الرجل ومحارمه من النساء كالأم ونحوها جائزة بشرط ألا يكون للمرأة ميل غير طبيعي إلى محرمها، وألا تعلم بقرائن الأحوال وجود ميل له تجاهها، والأولى الاقتصار على المصافحة والبعد عما وراءها وراجع الفتوى رقم: 18159.
ونومهما في سرير واحد قد ذكرنا في الفتوى رقم: 23210، أن الراجح جوازه بثلاثة شروط وهي:
1ـ أمن الفتنة من الجانبين.
2ـ ألا يكونا متلاصقين ِ.
3ـ ألا يكونا عريانين.
إلا أننا نؤكد ضرورة نصح تلك المرأة بالابتعاد عن معانقة ولدها البالغ والنوم معه على سرير واحد، فإن هذا مما يسرع إنكاره إلى القلوب ويترتب عليه إساءة الظن بهما خصوصا كونك وصفت المرأة بالداعية إلى الله تعالى وولدها بالصلاح، والمسلم مطالب بأن يبعد نفسه عن مواقع التهم لئلا يساء به الظن، وراجع الفتوى: 97038.
والطفل أو الطفلة إذا كانا قبل سبع سنين جاز نظر عورتهما بغير شهوة، وإن زادا على السبع فعورة الطفل المغلظة القبل والدبر، والعورة المغلظة للطفلة ما بين السرة والركبة، وراجع الفتوى رقم: 7541، والفتوى رقم: 39008.
وبناء عليه؛ فإذا كانت تلك الطفلة قد بلغت سبع سنين فلا يجوز أن تمكن من كشف عورتها والسباحة مع إخوتها إذا كان فيهم من تثور شهوته أو كان مميزا يمكنه حكاية ما يراه؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 63990.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(9/1373)
السمر بعد العشاء بين الكراهة والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الحديث النبوي: (كان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها) أي صلاة العشاء؛ فمتى يبدأ النوم بعدها؛ هل بعد صلاة العشاء مباشرة، أم بعد الوتر -إن كان يعجله- وإن تمادى الوقت بعد صلاة العشاء؛ أم المعنى أن يصلي المرء صلاة يكون بها خاتمة يومه، فمما يشير إلى النوم بعد صلاة العشاء مباشرة، قول عائشة رضي الله عنها: (ما نَامَ رَسُولُ اللَّهِ* قَبْلَ الْعِشَاءِ* وَلَا سَمَرَ بَعْدَهَا) ؛ فهو يدل على مداومته على النوم بعدها، وما يشير إلى النوم بعد صلاة الوتر لمن يقدمه وإن تمادى الوقت بعد صلاة العشاء ... ما روي في ذلك: عن خيثمة: كانوا يستحبون إذا أوتر الرجل أن ينام، (مصنف أبي شيبة) وعن عبد العزيز بن عمر قال: كان عمر بن عبد العزيز يسمر بعد العشاء الآخرة قبل أن يوتر فإذا أوتر لم يكلم أحدا. (طبقات ابن سعد، ج 7 ص359) ، وعنه أيضاً: عن أبيه؛ أنه كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بحوائج الناس، أو قال: المسلمين، فإذا أوتر كفّ. (تعظيم قدر الصلاة؛ ح116) ، وما يشير إلى أن المعنى أن يصلي المرء صلاة يكون بها خاتمة يومه، قول النبي: (لا سمر إلا لمصل أو مسافر) ، فقوله: (لمصل) يشير إلى أن منتظر الصلاة أو من أراد الصلاة فله أن يستمر بعد العشاء في السمر أو السهر ما دام أنه سيصلي بعدها؛ ولذا ورد من فعل التابعين ما يدل على ذلك: عن القاسم بن أبي أيوب، قال: كان سعيد بن جبير «يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات، فأكلمه وأنا معه في البيت فما يراجعني الكلام» (تعظيم قدر الصلاة، ح104) ، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً ... ملحوظة: لم أتحقق من صحة جميع الآثار المذكورة في السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
السمر بعد العشاء مكروه إذا كان مشتملا على اللغو من الأقوال أو الأفعال، ويكون طاعة لله تعالى إذا كان في أمور الخير كمدارسة العلم الشرعي أو تدارس شؤون المسلمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنوم بعد العشاء ليس له وقت معين شرعاً بل يكون حسب المصلحة، فإذا كان السمر بعد صلاة العشاء في اللغو وما لا يفيد من الأقوال والأفعال فهذا مكروه لما قد يترتب عليه من النوم عن صلاة الفجر أو قيام الليل، وإن كان السمر في طاعة لله تعالى كمدارسة العلم الشرعي أو البحث في شؤون المسلمين ونحو ذلك فهو طاعة من الطاعات، وقد سمر صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر في بعض شؤون المسلمين، واستحب بعض السلف أن تكون الصلاة خاتمة الأعمال فينام بعدها ولا ينام على لغو، وإليك بعض كلام أهل العلم على ما سبق.
ففي شرح معاني الآثار لأحمد الطحاوي: باب الحديث بعد العشاء الآخرة حدثنا عبد الغني بن رفاعة اللخمي قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن سيار بن سلامة قال: دخلت مع أبي على أبي برزة فسمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء الآخرة، والحديث بعدها. حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة عن سيار فذكر بإسناده مثله. قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: أما الكلام الذي ليس بقربة إلى الله عز وجل، وإن كان ليس بمعصية، فهو مكروه حينئذ لأنه مستحب للرجل أن ينام على قربة وخير وفضل يختم به عمله، فأفضل الأشياء له أن ينام على الصلاة فتكون هي آخر عمله، واحتجوا في إباحة الحديث بعد العشاء، بما حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا وهيب عن عطاء بن السائب عن أبي وائل قال: قال: ثنا عبد الله ح. وحدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا هدبة بن خالد قال: ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي وائل قال: ثنا عبد الله قال: حبب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد صلاة العتمة، وقال مسلم: بعد صلاة العشاء. ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب لهم السمر بعد العشاء الآخرة، وفي الحديث الأول، أنه كان يكره ذلك، فوجههما عندنا والله أعلم أنه كره لهم من السمر ما ليس بقربة، وحبب لهم ما هو قربة على المعنى الذي ذكرناه عن أهل المقالة الثانية المذكورة في هذا الباب، وقد حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي قال: أبو الوليد قال: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: ربما سمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر ذات ليلة في الأمر يكون من أمر المسلمين.
فبين هذا الحديث، سمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يسمره، وأنه من أمور المسلمين، فذلك من أعظم الطاعات فدل ذلك أن السمر المنهى عنه خلاف هذا، وقد روي في ذلك أيضاً عن عمر رضي الله عنه ما حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال: حبب إلينا عمر السمر بعد العشاء الآخرة. ففي هذا الحديث أن عمر حبب إليهم السمر بعد العشاء الآخرة، ولم يبين لنا في هذا الحديث أي سمر ذلك فنظرنا في ذلك، فإذا سليمان بن شعيب قد حدثنا قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن الجريري قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد مولى الأنصار قال: كان عمر لا يدع سامراً بعد العشاء، يقول، أرجعوا لعل الله يرزقكم صلاة أو تهجداً. فانتهى إلينا وأنا قاعد مع ابن مسعود وأبي بن كعب وأبي ذر فقال ما يقعدكم؟ قلنا، أردنا أن نذكر الله فقعد معهم. فهذا عمر، قد كان ينهاهم عن السمر بعد العشاء، ليرجعوا إلى بيوتهم ليصلوا أو ليناموا نوماً، ثم يقومون لصلاة يكونون بذلك متهجدين فلما سألهم: ما الذي أقعدهم؟ فأخبروه أنه ذكر الله، لم ينكر ذلك عليهم وقعد معهم، لأن ما كان يقيمهم له هو الذي هم قعود له، فثبت بذلك أن السمر الذي في حديث أبي وائل عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر حبباه إليهم هو الذي فيه قربة إلى الله عز وجل، والنهي عنه في حديث أبي برزة هو: ما لا قربة فيه ليستوي معاني هذه الآثار، لتتفق ولا تتضاد، وقد روينا عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة أنهما سمرا إلى طلوع الثريا. فذلك -عندنا- على السمر الذي هو قربة إلى الله عز وجل، وقد ذكرنا ذلك الحديث بإسناده فيما تقدم، من كتابنا هذا. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أيضاً من طريق ليس مثله يثبت، أنها قالت: لا سمر إلا لمصل، أو مسافر. فذلك عندنا، إن ثبت عنها غير مخالف لما روينا، وذلك أن المسافر يحتاج إلى ما يدفع النوم عنه، ليسير فأبيح بذلك السمر، وإن كان ليس بقربة، ما لم تكن معصية، لاحتياجه إلى ذلك. فهذا معنى قولها (لا سمر إلا المسافر) . وأما قولها (أو مصل) فمعناه -عندنا- على المصلي بعد ما يسمر، فيكون نومه إذا نام بعد ذلك على الصلاة، لا على السمر، فقد عاد هذا المعنى إلى المعنى الذي صرفنا إليه معاني الآثار الأول، والله أعلم. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد العشاء فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج، وأكثر الحديث على الرخصة، وهذا الحديث يدل على عدم كراهة السمر بعد العشاء إذا كان لحاجة دينية عامة أو خاصة، وحديث أبي برزة وابن مسعود وغيرهما على الكراهة، وطريقة الجمع بينهما بأن توجه أحاديث المنع إلى الكلام المباح الذي ليس فيه فائدة تعود على صاحبه، وأحاديث الجواز إلى ما فيه فائدة تعود على المتكلم أو يقال دليل كراهة الكلام والسمر بعد العشاء عام مخصص بدليل جواز الكلام والسمر بعدها في الأمور العائدة إلى مصالح المسلمين، قال النووي: واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير. قيل: وعلة الكراهة ما يؤدي إليه السهر من مخافة غلبة النوم آخر الليل عن القيام لصلاة الصبح في جماعة أو الإتيان بها في وقت الفضيلة والاختيار، أو القيام للورد من صلاة أو قراءة في حق من عادته ذلك، ولا أقل لمن أمن من ذلك من الكسل بالنهار عما يجب من الحقوق فيه والطاعات. انتهى.
وفي فتح الباري للحافظ ابن حجر: وقد رويت كراهة السمر بعد العشاء عن عمر وحذيفة وعائشة وغيرهم. ثم منهم من علل بخشية الامتناع من قيام الليل، روي ذلك عن عمر، ومنهم من علل بأن الصلاة ينبغي أن تكون خاتمة الأعمال، فيستحب النوم عقيبها، حتى ينام على ذكر، ولا ينام على لغو. وروي عن عمر بن عبد العزيز، أنه كان يسمر ما لم يوتر، فجعل الختم بالوتر يقوم مقام الختم بالصلاة المكتوبة، وكانت عائشة تقول لمن يسمر: أريحوا كتابكم. تعني: الملائكة الكاتبين. ومتى كان السمر بلغو ورفث وهجاء فإنه مكروه بغير شك. انتهى.
وأما الآثار التي ذكرتها فتخريجها على النحو التالي:
1- كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها. متفق عليه.
2- ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
3- عن خثيمة: كانوا يستحبون إذا أوتر الرجل أن ينام. رواه المروزي في مختصر قيام الليل.
4- لا سمر إلا لمصل أو مسافر. قال عنه الألباني في السلسلة الصحيحة: لا سمر إلا لمصل أو مسافر. حسن صحيح وله شاهد عن عائشة مرفوعاً بلفظ: لا سمر إلا لثلاثة مصل أو مسافر أو عروس. وإسناده حسن. انتهى.
5- ما ورد عن عمر بن عبد العزيز أنه: إذا أوتر لم يكلم أحداً. رواه المروزى في مختصر قيام الليل ولم نقف على من حكم عليه بصحة أو ضعف.
6- ما ورد عنه أيضاً من كونه إذا أوتر كف عن حوائج الناس. لم نقف عليه في غير تعظيم قدر الصلاة للمروزى.
7- ما ورد عن سعيد بن جبير رواه ابن أبي شيبة في المصنف برواية تختلف عما ذكرته، ولم نقف على من حكم عليه بصحة أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(9/1374)
لا يؤاخذ العبد على الاحتلام لأنه خارج عن إرادته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنزل الحيوانات المنوية عندما أحلم أحلاما عادية وليست مثيرة للشهوة، وأنزلها أيضا عندما أحلم أننى أقبل قدم رجل وكنت أنام على بطني وكان ينزل المني، ولكني لم أكن أعرف أن النوم على البطن حرام، والآن عرفت ولم أفعله ثانياً، فهل أخذت ذنوبا كثيرة أو أنني سأدخل النار، وأنا عندي 14سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
النوم على البطن مكروه فالأولى تركه، ولا مؤاخذه على خروج المني أثناء النوم بأي سبب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المني أثناء النوم لا إثم فيه لأن النائم مرفوع عنه التكليف، وبالتالي فلا إثم عليك في الاحتلام المذكور، وتراجع الفتوى رقم: 96804.
والنوم على البطن مكروه فقط وليس بمحرم، والمكروه لا إثم في فعله وإن كان الأفضل تركه، وراجع الفتوى رقم: 5439، والفتوى رقم: 29544.
وعليه، فلا يلحقك إثم في احتلامك ولا نومك على البطن، وقد أحسنت بإقلاعك عن النوم على بطنك وهو المطلوب، علماً بأن كل من ارتكب معصية ثم تاب منها فإن الله عز وجل يتوب عليه.
ولمزيد من التفصيل تراجع الفتوى رقم: 31033، والفتوى رقم: 40747، والفتوى رقم: 25756.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(9/1375)
لا بأس بالسمر بعد العشاء لمصلحة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين في صحة هذه الآثار المروية في سمر الصحابة رضوان الله عليهم:
1. حدثنا علي بن هشام عن ابن أبي ليلى عن المنهال والحكم وعيسى وعبد الرحمن بن أبي ليلى: (أن أبا ليلى سمر عند علي) .
2. حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن زياد أبي يحيى عن ابن عباس: (أنه والمسور بن مخرمة سمرا) .
وفي تاريخ مدينة دمشق، ج58،ص168، جاء ما نصه:
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الفضل بن البقال أنا أبو الحسين بن بشران أنا عثمان بن أحمد نا حنبل بن إسحاق نا أبو نعيم نا موسى بن محمد عن حصين عن زياد أبي يحيى قال: (جلس ابن عباس والمسور بن مخرمة يتحدثان حتى طلعت الزهرة، فأتى ابن عباس خادمه فقال: قد طلعت الزهرة) .
3. حدثنا وكيع عن سفيان عن معاوية بن إسحاق الطلحي عن عائشة ابنة طلحة: (أن الحسن بن علي سمر هو ورجل) .
4. حدثنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين: (أن حذيفة وابن مسعود سمرا عند الوليد بن عقبة) .
وجاء كذلك في مصنف عبد الرزاق:
عن ابن سيرين قال: سمر عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان عند الوليد بن عقبة بن أبي معيط، ثم خرجا من عنده، فقاما يتحادثان حتى رأيا تباشير الفجر، فأوتر كل واحد منهما بركعة.
5. حدثنا ابن إدريس عن هشام عن أبيه: أنه كان يسمر بعد العشاء؛ حتى تقول عائشة: قد أصبحتم.
6. حدثنا وكيع عن عمران بن حدير عن عكرمة قال: (سمر ابن عباس عند معاويه حتى ذهب هزيع من الليل) .
وجاء في مصنف عبد الرزاق:
عن عكرمة مولى ابن عباس أخبره قال: وفد ابن عباس على معاوية بالشام، فكانا يسمران حتى شطر الليل فأكثر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأثر الأول والثاني ذكرهما ابن أبى شيبة في المصنف، وما نسبته من الآثار لتاريخ دمشق ذكره أيضا ابن أبى شيبة في مصنفه بدون ذكر خادم ابن عباس. واستمرار السمر إلى طلوع الزهرة، كما جاء في مصنف ابن أبى شيبة أيضا ما نسبته لمصنف عبد الرزاق مجملا دون ذكر بعض التفاصيل، وقد ذكرت هذه الآثار وغيرها في مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي.
ولم نقف على قول لأهل العلم بصحة هذه الآثار أو تضعيفها.
والنهي الوارد عن الكلام بعد صلاة العشاء لا يشمل الكلام بما فيه مصلحة شرعية كمدارسة العلم ونحو ذلك، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 12156، والفتوى رقم: 97138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(9/1376)
دخول الشخص في الأماكن المهجورة أو الكهوف أو الأماكن المظلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في دخول الشخص في الأماكن المهجورة أو الكهوف أو الأماكن المظلمة وهل في ذلك كراهة أو غير ذلك وهل ورد عن أهل العلم شيء فيها بأنها من مساكن الجن المفضلة و.....نرجو التفصيل في ذلك وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد الدخول في الأماكن المهجورة أو الكهوف أو الأماكن المظلمة لم يرد فيه نهي فيما نعلم لا في القرآن ولا في السنة، ولا نعلم أحدا من أهل العلم نهى عنه، وعليه فلا بأس بالدخول في تلك الأماكن ما لم يخش منها ضرر أو يترتب على دخولها أن يبيت الشخص فيها منفردا أو يمكث فيها فترة طويلة من غير حاجة، فقد أخرج الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده وأن يسافر وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1428(9/1377)
حكم الجلوس واضعا إحدى رجليه على الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يجلس المسلم واضعاً رجلاً على رجل، وهل هناك حديث نبوي صحيح في النهي عن هذه الجلسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجلوس مع وضع إحدى الرجلين على الآخرى لم نجد فيه نهياً، لكن الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه هو أن يستلقي الرجل واضعاً إحدى رجليه على الأخرى، وورد حديث آخر يعارضه فجمع العلماء بينهما أن ذلك جائز إذا لم يتسبب في كشف العورة، ففي الصحيحين عن عباد بن تميم عن عمه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى. وثبت أيضاً في صحيح مسلم عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره. قال النووي رحمه الله: قال العلماء: أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعاً إحدى رجليه على الأخرى، محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها، وأما فعله صلى الله عليه وسلم فكان على وجه لا يظهر منها شيء، وهذا لا بأس به ولا كراهة فيه على هذه الصفة.
وقال الحافظ ابن حجر: قال الخطابي: إن النهي الوارد عن ذلك (الاستلقاء مع وضع الرجل على الأخرى) منسوخ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة والجواز حيث يؤمن ذلك، قلت (الحافظ) الثاني أولى من النسخ.. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(9/1378)
أضرار النوم وقت الضحى وبعد العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين....
ورد في التصبح وهي نومة الصبح أو الضحى آثار متعارضة بين الصحابة رضوان الله عليهم؛ وذلك كما في مصنف أبي شيبة في كتاب الأدب؛ فما هو حكم الشرع في التصبح، أرجو توضيح ذلك بما لا يدع لبساً في المسألة؟
وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنوم بعد الصبح قد كرهه بعض أهل العلم نظرا لما يترتب عليه من آثار صحية وغيرها إلا إذا كان لعارض أو ضرورة، والأصل جواز النوم في هذا الوقت وقد فعله بعض الصحابة والتابعين وحذر منه أيضا جماعة منهم، كما أن النوم بعد الضحى بعد طلوع الشمس ثبت عن بعض الصحابة وذمه أيضا بعض أهل العلم، وبالتالي فيتعذر علينا بيان القول الفصل في المسألة، فمن ترك النوم في هذا الوقت تحاشيا للآثار المترتبة عليه فله ذلك ومن فعله فلا حرج عليه، فالأصل جواز ذلك، وإليك كلام أهل العلم في الموضوع:
قال ابن القيم في زاد المعاد: ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل، ويفسد اللون، ويورث الطحال، ويرخي العصب، ويكسل، ويضعف الشهوة إلا في الصيف وقت الهاجرة، وأردؤه نوم أول النهار، وأردأ منه النوم آخره بعد العصر، ورأى عبد الله بن عباس ابنا له نائما نومة الصبحة، فقال له: قم، أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق.
وقيل: نوم النهار ثلاثة: خلق، وحرق، وحمق. فالخلق: نومة الهاجرة، وهي خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. والخرق: نومة الضحى، تشغل عن أمر الدنيا والآخرة. والحمق: نومة العصر. قال بعض السلف: من نام بعد العصر، فاختلس عقله، فلا يلومن إلا نفسه. وقال الشاعر:
ألا إن نومات الضحى تورث الفتى خبالا ونومات العصير جنون
ونوم الصبحة يمنع الرزق، لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها، وهو وقت قسمة الأرزاق، فنومه حرمان إلا لعارض أو ضرورة، وهو مضر جدا بالبدن لإرخائه البدن، وإفساده للفضلات التي ينبغي تحليلها بالرياضة، فيحدث تكسرا وعيا وضعفا. وإن كان قبل التبرز والحركة والرياضة وإشغال المعدة بشيء، فذلك الداء العضال المولد لأنواع من الأدواء انتهى
وفي غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفارينى الحنبلي: ويكره نومك أيها المكلف بعد صلاة الفجر لأنها ساعة تقسم فيها الأرزاق فلا ينبغي النوم فيها , فإن ابن عباس رضي الله عنهما رأى ابنا له نائما نومة الصبحة فقال له: قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق. وعن بعض التابعين أن الأرض تعج من نوم العالم بعد صلاة الفجر , وذلك لأنه وقت طلب الرزق والسعي فيه شرعا وعرفا عند العقلاء. وفي الحديث اللهم بارك لأمتي في بكورها. وفي غريب أبي عبيد قال: وفي حديث عمر رضي الله عنه إياك ونومة الغداة فإنها مبخرة مجفرة مجعرة قال: ومعنى مبخرة تزيد في البخار وتغلظه. ومجفرة قاطعة للنكاح. ومجعرة ميبسة للطبيعة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(9/1379)
هل القيلولة عادة أم عبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان الصحابة رضي الله عنهم يقدمون القيلولة على صلاة الظهر، ويؤخرون صلاة الظهر إلى ما بعد الانتهاء من القيلولة وذلك لمشروعية الإبراد خلال شدة الحر، وكانوا يبكرون في صلاة الجمعة ويقيلون بعدها ... سؤالي من شقين: الأول: هل هذه الأفعال منهم نومة القيلولة عادات أم عبادات، يصح القول بالاستحباب والمتابعة، أم هي للإباحة؟ الثاني: إذا كان وقت القائلة لا يبدأ إلا بعد الزوال كما أشرتم في فتاوى سابقة، فمعنى هذا أنهم ينامون بعد دخول وقت الصلاة، وهذا محرم كما هو معلوم معكم، فكيف يجمع بين الأمرين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نوم القيلولة مستحب، وما كان مستحباً فهو من قبيل العبادات سواء اتفق كونه من العادات أم لا، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل. والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع.
والقيلولة قد تكون بالاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم كما قال الصنعاني في سبل السلام، وقد تكون بنوم ولها فوائد: منها أنها تريح البدن وتعين على القيام لصلاة الليل، واستحبابها لا يتعلق بالإبراد فإن الإبراد يختص بزمن الحر، وقد اختلف العلماء في تحديد وقت القيلولة هل هو قبل الزوال أو بعده، كما سترى في فتوى سنحيلك عليها إن شاء الله تعالى، وعلى القول بأن القيلولة تكون بعد الزوال لا يلزم أن يكون الصحابة يؤخرون صلاة الظهر عن وقتها المستحب، إذ من المحتمل أنهم كانوا ينامون بعد الصلاة، أما النوم بعد دخول الوقت فليس حراماً بإطلاق كما أشرت في السؤال، بل هو جائز إذا كان الشخص يعلم أن النوم لا يستغرقه أو كان عنده من يوقظه للصلاة، وإليك كلام بعض الفقهاء عن حكم النوم بعد دخول الوقت.
قال الشيخ أحمد الدردير في حاشيته على مختصر خليل في الفقه المالكي: وأما لو دخل الوقت فلا يجوز النوم بلا صلاة إن ظن الاستغراق. انتهى.
وقال الدسوقي معلقاً هنا: أما لو ظن عدم الاستغراق جاز له النوم ولا إثم عليه إن حصل استغراق، كما يجوز له النوم بعد دخول الوقت إذا ظن الاستغراق ووكل وكيلاً يوقظه قبل خروج الوقت. انتهى.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 31661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(9/1380)
النوم مع توجيه القدمين لجهة الشرق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للنوم باتجاه الغرب مشاكل صحية، أي الرأس باتجاه الغرب والقدمين باتجاه الشرق، حيث إن كثيرا من الناس يعتقدون أن النجوم تؤثر على الجسم وصحته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من مجال اختصاصنا الكلام على المشاكل الصحية، وأما النوم مع توجيه القدمين للشرق فلا حرج فيه شرعاً؛ ولا سيما إذا كان بأرض الشام، وكان مضطجعاً على يمينه متوجهاً إلى القبلة، وراجع في آداب النوم وفي البعد عن اعتقاد تأثير النجوم في أي شيء الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72985، 72412، 5565، 22477، 4311.
وراجع قسم الاستشارات الصحية بالشبكة لعلهم يفيدونك في الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(9/1381)
ما يقوله الملك وما يقوله الشيطان لابن آدم عندما يأوي لفراشه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح كل ليلة يقول ملكان للنائم: اختم بخير، وآخر: اختم بشر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد روى ابن حبان وأبو يعلى عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى الرجل إلى فراشه أتاه ملك وشيطان، فيقول الملك: اختم بخير, ويقول الشيطان: اختم بشر، فإن ذكر الله ثم نام باتت الملائكة تكلؤه، فإن استيقظ، قال الملك: افتح بخير، وقال الشيطان، افتح بشر، فإن قال: الحمد لله الذي رد علي نفسي، ولم يمتها في منامها، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا.. إلى آخر الآية، الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، فإن وقع من سريره فمات دخل الجنة.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة. وتابعه الشيخ حسين أسد في تحقيق مسند أبي يعلى. وللحديث شواهد في عمل اليوم والليلة لابن السني وللنسائي، وحلية الأولياء لابن نعيم، والتهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا.
وأما وجود ملك يأمر بالشر فإنه غير صحيح، ولا نعلم حديثاً يدل عليه، والمعروف عند من يتكلمون على الخواطر أن الملائكة لا تأمر بالشر، كما قال صاحب مطهرة القلوب:
وأبداً لا تأمر الملائكْ * إلا بخير خلقوا كذلكْ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(9/1382)
هل يأثم من يحتلم كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الرد على سؤالي هذا وقد سبق لي أن أرسلت سؤالاً ولم يصلني الرد عليه، والسؤال هو: أنني أحتلم كثيراً وأحياناً برؤية أمي، وإنني حزين لأجل ذلك، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنك تعني الاحتلام والذي هو خروج الماء الدافق أثناء النوم وأنك تخشى الإثم من ذلك، فإن كان هذا هو المقصود فاعلم أن المرء لا يؤاخذ بما يحدث منه دون قصد، إذ إن الاختيار من شرائط التكليف، ومعلوم أنه لا دخل للمرء فيما يقع منه من احتلام لأنه يقع حال النوم والنائم غير مكلف.
روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر. وعليه فلا يلحقك من هذا الاحتلام إثم، فلا داعي لما ذكرت من أمر الحزن، نسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، وراجع في بعض أحكام الاحتلام الفتوى رقم: 25940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(9/1383)
لا يطالب غير الجنب بالغسل عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا مأجورين.... فهل الغسل أفضل من الوضوء لمن أراد النوم، سواء أكان محدثاً حدثاً أصغر أو أكبر، وكيف يجمع ذلك من قول عائشة رضي الله عنها أنها سُئلت: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ فِي الْجَنَابَةِ؛ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ. رواه مسلم. 465؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد النوم قبل أن يغتسل، وله أن يغتسل قبل النوم، كل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 15688.
ولا شك أن النوم على طهارة كاملة أفضل من النوم على غيرها، ولا يتنافى هذا مع فعله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفعل الأمر الذي غيره أفضل منه ليبين للناس جواز الأمرين وأن في الأمر سعة. وكذلك يستحب الوضوء عند النوم لغير الجنب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26613.
ولا يطالب غير الجنب بالغسل عند النوم لا وجوباً ولا استحباباً فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(9/1384)
حكم مرافقة المرأة المحجبة لأخرى متبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لما أخرج مع متبرجة تصيبني اللعنة التي تصيب هذه المتبرجة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو ألا تصيبك اللعنة التي تصيب من تخرجين معها من المتبرجات، لقول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، ولكنا ننبهك إلى أهمية البحث عن صديقات متمسكات بالشرع ملتزمات به، لأن الإنسان يتأثر إيجاباً وسلباً بمن يرافقه ويصادقه، لما في الحديث: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وأبو داود. وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9163، 76546، 76270، 72415، 62549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(9/1385)
أمور تساعد على الوقاية من الخوف عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً ما هي الآيات الممكن كتابتها أو قراءتها على الإنسان الذي يخاف وكذلك يقفز وهو نائم من شدة الخوف، وهل الرقية في الماء كافية أم لا؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم آيات معينة تقرأ على من ينتابه الخوف، والرقية الشرعية نافعة في هذا المجال بإذن الله، سواء كانت بآيات من القرآن أو بالأذكار والأدعية الشرعية، ولا بأس بأن تكون الرقية بالقراءة في الماء أو الزيت ونحوهما. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 4310، والفتوى رقم: 13188، والفتوى رقم: 19900.
ثم إن الطهارة عند النوم والمحافظة على أذكار النوم مما يساعد في الوقاية من هذا الخوف. وانظر الفتوى رقم: 18860.
وإن كان هذا الخوف سببه ما يرى هذا الشخص من بعض الأحلام المزعجة أثناء النوم فههنا بعض الآداب التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي مضمنة بالفتوى رقم: 50640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(9/1386)
سجود الروح تحت العرش ووضوء الحائض والجنب قبل النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد في هدي رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بأن المؤمن إذا نام على وضوء فإن روحه تسجد تحت العرش وتستغفر له الملائكة حتى يصبح، وإذا وجد شيء فماذا يكون شأن الحائض والجنب هل يتوضآن قبل النوم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: إن الأرواح تعرج بها في منامها، وتؤمر بالسجود عند العرش، فمن كان طاهراً سجد عند العرش، ومن كان ليس بطاهر سجد بعيداً من العرش. قال البيهقي هكذا جاء موقوفاً، وتابعه ابن لهيعة عن وهب.
ورواه ابن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء، قال: إذا نام الإنسان عرج بروحه حتى يؤتى بها إلى العرش فإن كان طاهراً أذن لها بالسجود وإن كانت جنباً لم يؤذن لها بالسجود. وقد ورد الدليل على أن الجنب يتوضأ للنوم، ونص بعض الفقهاء على أن الحائض إذا أصابتها جنابة فإنه يسن لها أن تغتسل غسل الجنابة، وأن هذا الغسل يرفع عنها حكم الجنابة، ويبقى عليها حكم الحيض.
قال ابن قدامة: فإن اغتسلت للجنابة في زمن حيضها صح غسلها، وزال حكم الجنابة، وحكم الحيض لا يزول حتى ينقطع الدم، لأن أحد الحدثين لا يمنع ارتفاع الآخر.
وأما الوضوء فإنها تتوضأ عند النوم إذا كان دمها قد انقطع وإلا فهي معذورة، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري بعد أن ذكر استحباب وضوء الجنب عند النوم: وكالجنب فيما ذكر الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما ذكره -النووي- في الروضة عن الأصحاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1427(9/1387)
الوضوء قبل النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل ... لقد سمعت أن من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء قبل النوم، وسؤالي هو: إذا كنت متوضئا من صلاة العشاء وذهبت للنوم فهل أصبت السنة، أم أن علي أن أتوضأ وضوءاً خاصاً قبل النوم، وشق آخر هو أنه قد أتوضأ وأذهب للنوم ولكن لا أنام قبل نصف ساعة مثلاً، وفي ذلك الوقت أقوم من السرير للذهاب إلى دورة المياه، أو أحدث أياً من نواقض الوضوء الأخرى قبل أن أهوي فعلياً في النوم، فهل يجب أن أتوضأ مرة أخرى إذا ما أردت الالتزام بالسنة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوضوء قبل النوم سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن.... الحديث.
وقد نص العلماء على أن من كان متوضئا أصلاً كمن توضأ لصلاة العشاء مثلاً وبقي على طهارته كفاه ذلك الوضوء ويكون مصيباً للسنة إن شاء الله تعالى لأن المقصود هو النوم على طهارة، قال النووي رحمه الله تعالى: فإن كان متوضئاً كفاه ذلك الوضوء لأن المقصود النوم على طهارة.... انتهى.
فإن اضطجع متوضئاً ثم قام لقضاء حاجته استحب له أن يتوضأ لينام على طهارة لقوله في الحديث:.... إذا أتيت مضجعك فتوضأ.... الحديث.
وأما إن اضطجع متوضئاً ثم انتقض وضوؤه وهو في سريره فإنه يكفيه الوضوء الأول ويكون مصيباً للسنة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 66320، وفيها نقول مفيدة في الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1427(9/1388)
القيلولة معناها وبيان وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[2- ماهو وقت القيلولة قبل صلاة الظهر أو بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبخصوص وقت القيلولة فيمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 31661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(9/1389)
الجهة الفضلى في النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[يؤكد الأطباء أن نوم الحامل على يسارها أفضل وذلك لتجنب التفاف الحبل السري على رقبة الجنين ونقلا من أحد المنتديات العلمية: لذلك ينصح دوما الأطباء بنوم الأم على أحد جانبيها وخاصة الجانب اليسار حيث يسهل ذلك من تدفق الدم لجسمها ومنه إلى مشيمة الجنين مما يساهم فى تغذيته بالدم الذى يضمن له النمو والاستقرار.. وهذا أيضا السبب فى تحذير الحامل من النوم على الظهر حيث تسبب هذه الوضعية فى حدوث صعوبة فى التنفس, ارتفاع ضغط الدم, ألم الظهر, حدوث البواسير وغيرها مشكلات، فهل معقول أن السنة تخالف هذا حيث إن من السنة أن أفضل أشكال النوم على الظهر ثم على الجهة اليمنى ثم اليسرى ومكروه النوم على البطن، فأرجو التفسير فأنا حامل وأريد معرفة الطريقة الأفضل للنوم دون مخالفة السنة؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يثبت في السنة أن أفضل هيآت النوم هي النوم على الظهر, بل الصحيح أن أفضل هيئة له هي النوم على الجانب الأيمن لأنه الثابت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 21580.
والنوم على الظهر من أردأ هيأت النوم لما يترتب عليه من إضرار بالصحة، كما تقدم في الفتوى رقم: 22477.
وقد بين الإمام ابن القيم أن النوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب حيث إن الشخص لا يستغرق في النوم كثيراً وبالتالي يكون ذلك عونا له على قيام الليل, كما ذكر أن النوم على الجانب الأيسر جالب للصحة وسبب للراحة والاستغراق في النوم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5439.
وعليه فأفضل هيآت النوم هي النوم على الجانب الأيمن لكن مادام النوم على الأيسر مفيد لصحة الجنين فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(9/1390)
النوم على الشق الأيمن
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول عليه الصلاة والسلام: اذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن وقل......الى آخره, وسمعت من بعض الإخوة أن الذي ينام على جنبه الأيمن لا يتقلب حتى يستيقظ, وسمعت من بعض الأطباء أن الإنسان العادي الصحي يتقلب أثناء نومه 25 مرة أيهما أصح والرجاء بمرافقة الأدلة من الكتاب والسنة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، واانظره بتمامه في الفتوى رقم: 5565، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 18860.
وأما قول من قال إن الذي ينام على شقه الأيمن لا يتقلب فهذا لا نعلم له دليلا, والواقع يشهد بخلافه, بل والأدلة أيضا, فقد روى الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل من نام على وضوء: ... ولا ينقلب من الليل إلا قال ـ أي الملك: اللهم اغفر لعبدك. الحديث. فلا يصح القول بأن من نام على جنبه الأيمن لا يتقلب, وأما ما ذكر عن الأطباء فهذا لا علم لنا به, ولو صح فليس هناك تعارض بينه وبين الحث على النوم على الجانب الأيمن فالسنة أن ينام على جنبه الأيمن طاهرا ابتداء ثم إن تقلب بعد ذلك دعا له الملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(9/1391)
حكم توسد سجادة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ نرجو منكم الإجابة على سؤالي هذا: ما حكم من ينام ويضع تحت رأسه سجادة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في وضع السجادة تحت الرأس عند النوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(9/1392)
العقد التي يعقدها الشيطان على القافية عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم - نحن نعلم أننا عند النوم يعقد الشيطان ثلاث عُقد على الجبهة تُحل واحدة عند الاستيقاظ وذكر الله تعالى والأخرى تُحل عند الوضوء والثالثة تُحل عند الصلاة، والسؤال هو: أن البنت لها أسبوع لا تصلى فيه طبعا هذا طبيعي - ولكن هل تظل هذه العُقد طوال هذه المدة؟؟؟
أنا مسلمة والحمد لله ولديّ سؤال - هل سيدنا هارون أخو سيدنا موسى هو نفسه اخو السيدة مريم بنت عمران - أخت هارون؟؟؟؟
وشكراً،،،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 70920، والفتوى رقم: 70921.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(9/1393)
من توضأ للنوم ثم انتقض وضوؤه هل تلزمه إعادته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنام دائما على وضوء فهل إذا قمت ليلا وذهبت لقضاء الحاجة أو لشرب الماء لا بد لي من إعادة الوضوء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوضوء عند النوم مستحب، وإذا انتقض قبل النوم فلا تلزم إعادته لأنه ليس واجبا أصلا. ومن شاء أن يعيده أعاده، ومن شاء تركه، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن.... إلى آخر الحديث، روه البخاري وغيره. قال النووي: فإن كان متوضئا كفاه ذلك الوضوء لأن المقصود النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته، وليكون أصدق لرؤياه وأبعد من تلاعب الشيطان به في منامه وترويعه إياه. انتهى. ونقل الحطاب عن عياض قوله في شرح هذا الحديث: وتضمن ثلاث سنن الوضوء للنوم ليموت على طهارة، واختلف عندنا وعند غيرنا هل يستبيح بهذا الوضوء الصلاة والصحيح أنه إن نوى به ليبيت على طهارة استباح الصلاة وغيرها قلت وهذا الوضوء ينقضه الحدث الواقع قبل الاضطجاع لا الواقع بعده. انتهى. وعلى هذا القول فمن توضأ لينام على طهارة واضطجع لينام ثم انتقض وضوؤه بعد الاضطجاع لم ينتقض وضوؤه المطلوب استحبابا للنوم ولكن لا يصلي به. وقال العدوى في حاشيته على الخرشى في الفقه المالكي تعليقا على كلام عياض المتقدم: قوله ولا ينقضه الحدث الواقع بعد الاضطجاع أي بالنسبة للنوم على طهارة لا بالنسبة للصلاة ونحوها ولكن المعتمد أنه ينتقض بالحدث السابق على الاضطجاع واللاحق له. انتهى. بحذف قليل. وننبه إلى أن القيام إلى شرب الماء ليس من نواقض الوضوء، وبالتالي فمن قام عن فراشه ورجع فلا ينتقض وضوؤه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(9/1394)
سكن المرأة في بيت وحدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تسكن المرأة في بيت لوحدها حتى لا تدخل في مشاكل مع زوجات إخوانها وحتى لا تكون عبئا على غيرها مع توفر الأمن والأمان في المكان الذي تسكنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للإنسان أن يسكن وحده للنهي الوارد في ذلك كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54823، ويتأكد ذلك إن كان الساكن امرأة لضعفها، ولما يخشى من طمع أهل الفساد فيها، وخاصة ونحن في هذا العصر الذي قل الدين فيه، وعمت فيه الفتن وكثر الفساد. وعليه، فنقول لهذه المرأة عليك بالصبر على مشاكل زوجات إخوانك وحاولي حل تلك المشاكل بالصفح تارة، وبتوسيط إخوانك بينك وبين زوجاتهم حتى ييسر الله تعالى لك الفرج والخلاص من تلك المحنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(9/1395)
مسح الجسد عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[الحديث الوارد في أذكار النوم قراءة الإخلاص والمعوذتين ثم ينفث في يده ويمسح بها ما استطاع من جسده هل يمسح على الجسد حقيقة أم على الثياب؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ السور المذكورة عند نومه ثم ينفث في يديه ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات، ونص الحديث كما في البخاري مذكور في الفتوى رقم: 43670.
والظاهر أن المسح يكون على الجسد مباشرة لأنه الظاهر من اللفظ، ففي رواية للبخاري في الطب ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده.
ولأنه لا مانع منه شرعاً، ويمكن أن يمسح فوق الثياب أيضاً، ورواية الترمذي عن عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات.
وروايات الحديث ليس فيها تصريح بالمسح على الجسد مباشرة أو غير ذلك، ولم نطلع على من صرح بذلك من العلماء، إلا أن قول عائشة ما استطاع من جسده يظهر منه كما قلنا أن المسح وقع على الجسد مباشرة، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(9/1396)
حكم النوم على الشق الأيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز النوم على اليد اليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنوم على الشق الأيسر مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وللتعرف على هديه صلى الله عليه وسلم في نومه راجع الفتوى رقم: 18860، والفتوى رقم: 5565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(9/1397)
قول أهل العلم في النوم على السطح غير المسور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حكم النوم في مكان غير مسور أو محجر يختلف باختلاف الأشخاص وعاداتهم، وصغر الأسطح ووسعها؟ أم أنه على الكراهة دوماً، وما هو الصارف عن التحريم؟ أفتونا مأجورين.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النوم فوق السطح غير المسور مكروه لما في ذلك من تعريض النفس للتلف أو الضرر، والإنسان مطالب شرعا أن يحافظ على نفسه ولا يقصر في أخذ الأسباب اللازمة لذلك، ويتأكد ذلك في الأطفال ومن عادتهم الاستغراق في النوم والتحرك فيه، وربما حرم. قال السفاريني في شرح منظومة الآداب: ويكره تنزيها ـ على الأصح ـ لأن الغالب السلامة، وما غالبه السلامة لا يحرم فعله، ويكون النهي عنه للأدب. ثم قال: ويتوجه قول ثالث وهو: اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص وعاداتهم وصغر الأسطح ووسعها نظرا للمعنى.
وحاصل كلام السفاريني أن في المسألة ثلاثة أقوال: القول الأول: الكراهة تنزيها وهو القول الصحيح الذي نص عليه كثير من أهل العلم لغلبة السلامة. القول الثاني: أن النهي للتحريم. القول الثالث: التفصيل باعتبار وسع السطح واختلاف الأشخاص، فإن كان السطح واسعا يؤمن السقوط منه فلا حرمة ولا كراهة. وكذلك إذا كان من عادة الشخص أنه لايتحرك في نومه.. لأن علة النهي هي المحافظة على النفس وعدم تعريضها للخطر.
وقال فضل الله الجيلاني: من بات على ظهر بيت ليس له حجار فقد برئت منه الذمة - الحديث رواه أبوداود وصححه الألباني -لأنه قصر في مراعاة الأسباب العادية لاجتناب الأضرار، فإن النائم قد ينقلب في نومه، وقد يقوم ولا يزال أثر النوم عليه، فيسعى إلى غير الطريق فيسقط، فمن أخذ بالأسباب العادية وذكر الله تعالى واعتمد عليه فهو في ذمة الله عز وجل، إما أن يحفظه وإما أن يثيبه على ما أصابه من ضرر بكفارة السيئات ونحوهما، ومن قصر بعد وسعه لم يكن في ذمة الله عز وجل فإن أصابه ضرر لم يثب، وإن هلك لم يكن شهيدا، بل يخشى أن يعد قاتلا نفسه.
والحاصل أن النوم على السطح غير المسور الأصل فيه الكراهة وربما حرم؛ وذلك لاختلاف السطوح والأشخاص، وأن الصارف له عن التحريم غلبة السلامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(9/1398)
النوافذ مثل الأبواب في الأمر بإغلاقها ليلا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تتبع النوافذ حكم الأبواب في أمر الإغلاق ليلاً؟ وهل يدخل الشيطان منها إذا كانت مفتوحة؟ أم أن ذلك يرجع إن كان في إغلاقها حراسة للأنفس والأموال من أهل العبث أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن النوافذ مثل الأبواب في الأمر بإغلاقها، والعلة في ذلك هي حفظ الأنفس والأموال من عبث العابثين ومنع دخول الشياطين، والأمر في ذلك على جهة الندب والإرشاد كما صرح به جمع من أهل العلم، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 6978، والفتوى رقم: 44810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(9/1399)
حكم الإكثار من الأكل والنوم
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يكثر من الأكل والنوم فما حكمه شرعا وكيف يعالج ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم كثرة الأكل وكثرة النوم، ما لم يفض ذلك إلى ضرر، فإذا أفضى إلى ضرر حرم، قال في كشاف القناع: ويجوز أكله أكثر من ثلثه بحيث لا يؤذيه، وأكله كثيرا مع خوف أذى وتخمة يحرم.
وكثرة النوم تنشأ في الغالب عن كثرة الأكل. قال السفاريني في غذاء الألباب: قال الإمام ابن الجوزي في تبصرته: الشبع يوجب ترهل البدن وتكاسله، وكثرة النوم وبلادة الذهن، وذلك بتكثير البخار في الرأس حتى يغطي موضع الفكر والذكر، والبطنة تذهب الفطنة وتجلب أمراضا عسرة. ومقام العدل أن لا يأكل حتى تصد الشهوة وأن يرفع يده وهو يشتهي الطعام، ونهاية المقام الحسن قوله عليه الصلاة والسلام: ثلث طعام، وثلث شراب، وثلث نفس. والأكل على مقام العدل يصح البدن، ويبعد المرض، ويقلل النوم، ويخفف المؤنة.
وعلاج هذين الداءين إنما يكون بالتقليل من الطعام ومجاهدة النفس على ذلك. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: الأزم دواء -الأزم الإمساك عن الأكل-، ومراده الجوع، وهو من أجود الأدوية في شفاء الأمراض الامتلائية كلها، وهو أفضل في علاجها من المستفرغات إذا لم يخف من كثرة الامتلاء وهيجان الأخلاط وحدتها وغليانها. وقد روى أبو نعيم في الطب النبوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صوموا تصحوا. وقد أورد الهيثمي هذا الحديث في المجمع، وقال فيه: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(9/1400)
الأمر بتغطية الآنية وإغلاق الأبواب للاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حكم إغلاق الأبواب وتغطية الآنية مختص بالليل دون النهار؟ وذلك كما فسره راوي الحديث أبو حميد عند مسلم (93/2010) حيث قال: (إنما أُمِرَ بالأسقية أن توكأ ليلاً، وبالأبواب أن تغلق ليلاً) ، فهل قول أبي حميد هذا في حكم الحديث المرفوع أم أنه اجتهادٌ منه؟ علماً أن النووي ذهب في شرح مسلم إلى أن قول أبي حميد السابق خلاف الظاهر؛ ولقد ورد في تغطية الإناء ما يشير إلى النهار، في حديث جابر عن مسلم (99/2014) : (فإن في السنة يوماً) واللفظ السابق: (فإن في السنة ليلة) فهل يعمل بهما في تغطية الإناء دون إغلاق الأبواب؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر بغلق الأبواب وتغطية الآنية الظاهر منه أن ذلك يكون بالليل، لقوله صلى الله عليه وسلم: وأطفئوا المصابيح. عطف على المذكورات.
ويحتمل أن يكون الأمر شاملاً الليل والنهار -كما أشار السائل الكريم- لما فيه من زيادة حفظ لما يحتاج إلى حفظه من الأموال والطعام.
قال العلامة الباجي في شرح موطأ الإمام مالك بعد ما ذكر أن ذلك في الليل عند النوم: ويحتمل أن يريد سائر الأوقات على ما يريد الناس حفظه من الأموال والطعام وغير ذلك، فإنه أحرز لما يريد حفظه.
وقال الحافظ في الفتح: وقال ابن العربي: ظن قوم أن الأمر بغلق الأبواب عام في الأوقات كلها، وليس كذلك وإنما هو مقيد بالليل، وكأن اختصاص الليل بذلك لأن النهار غالباً محل تيقظ بخلاف الليل.
وأما قول أبي حميد رضي الله عنه: إنما أمر ... فهو تفسير منه واجتهاد، وقد وضح الإمام النووي موقف أهل العلم من مذهب الصحابي وتفسيره في نفس المادة التي أشرت إليها ويمكنك الرجوع إليها.
واعلم أن الأمر بتغطية الآنية وإغلاق الأبواب إنما هو للاستحباب والإرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(9/1401)
السقوط من سطح محجر
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من بات فوق بيت ليس به آجار فوقع فمات، برئت منه الذمة) ، ما معنى برئت منه الذمة؟ وهل من وقع ومات من سطح محجر له حكم الشهيد؟ أو أنه يؤجر على ما أصابه من أذى؟ ومن وقع ومات من سطح غير محجر لا يؤجر على ما أصابه من أذى؟ وإن مات فهو في حكم قاتل نفسه؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وصححه غير واحد من أهل العلم، فقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد مرفوعاً وموقوفاً وكلاهما رجاله رجال الصحيح، كما صححه الألباني في الصحيحة وحسنه في صحيح الترغيب والترهيب.
والذمة في اللغة العهد والضمان والأمانة.
ولعل معناها هنا أن من اقتحم نهي النبي صلى الله عليه وسلم لا ذمة له لاقتحامه نهي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في عون المعبود على شرح سنن أبي داود عند شرحه لكلمة: فقد برئت منه الذمة: قال في فتح الودود يريد أنه إذا مات لا يؤخذ بدمه. انتهى وقيل: إن لكل من الناس عهداً من الله تعالى بالحفظ والكلاءة، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة انقطع عنه.
وأما من سقط من سطح محجر فنرجو له الشهادة لما رواه الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صرع عن دابته فهو شهيد.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الشهيد فيكم؟ قلنا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، والمبطون شهيد، والمتردي شهيد، والنفساء شهيد، والغريق شهيد، والسل شهيد، والحريق شهيد، والغريب شهيد. رواه الطبراني في الكبير.
وأما من تعمد النوم فوق سطح غير محجر وسقط فمات فلا يتناوله هذا الحكم بالطبع، لأنه فعل ما لا يجوز له واقتحم نهي النبي صلى الله عليه وسلم وعرض نفسه للتهلكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(9/1402)
ضوابط نوم المحرم مع محرمته في بيت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المحارم التي يجب أن نتحاشاها؟ أنا من مصر أعتاد منذ صغري أن أنام بجوار محارمي في يوم وضعت لها مخدرا وفعلت الرزيلة معها ماذا أفعل أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الزنا كبيرة من أقبح الكبائر، وهو مع الأخوات والمحارم أشد حرمة وأشد جرما، والواجب على من استدرجه الشيطان فوقع في ذلك المبادرة إلى التوبة، وراجع الفتوى رقم: 29514.
أما بخصوص نوم المحرم مع محرمته في بيت واحد فلا حرج فيه، لكن بشرط أمن الفتنة والسلامة من التلاصق. قال صاحب الفواكه الدواني في الفقه المالكي: وأما تلاصق رجل وأنثى فلا ينبغي أن يشك في حرمة تلاصقهما تحت لحاف ولو من غير عورة ولو من فوق حائل، حيث كانا بالغين، أو الرجل والأنثى مع مناهزة الذكر، لأن المناهز كالكبير. اهـ.
ولأنه إذا كان التفريق مأمورا به في حق الصبيان الذين بلغوا عشرا فهو في حق الكبار بالأحرى. أخرج أحمد وأبو داود وصححه الألباني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. ولعل التساهل في هذه الأوامر والآداب النبوية نتيجته الحتمية هي ما وقع فيه السائل. نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(9/1403)
ما حكم النوم بعد العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم النوم بعد العصر وهل الحديث من نام بعد العصر فلا يلومن الانفسه صحيح، وماهي أضرار النوم بعد العصر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره بعض السلف النوم بعد العصر. روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن مكحول أنه كان يكره النوم بعد العصر. وقال: يخاف على صاحبه من الوسواس.
وأما الحديث المشار إليه، فقد رواه أبو يعلى والديلمي بلفظ: من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه. فقد ضعفه غير واحد من أهل العلم منهم الألباني في السلسلة.
ونقل ابن عدي في الكامل عن الليث بن سعد أنه قال: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل.
وعلى ذلك، فالحديث ضعيف لا يصلح للعمل ولا للاحتجاج، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 22479.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(9/1404)
النهي عن ترك النار مشتعلة في البيت عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عكيكم الله وبركاته والسوال أنا سمعت أن النار عندما تشتعل في البيت ماذا تعني هل هي كافر وماذا تعني أريد الجواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا السؤال، ولعل السائلة تقصد النهي الوارد عن ترك النار تشتعل في البيت عند النوم عنها أو الخروج من المنزل.
فإذا كان الأمر كذلك فقد ورد النهي عن النوم وترك النار في البيت في الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وإذا لم يكن ذلك قصدك فنرجو توضيح ما تقصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(9/1405)
كيفية قراءة المعوذات مع النفث ومسح الجسد
[السُّؤَالُ]
ـ[يجمع كفيه ثم ينفث فيهما فيقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات) ، رواه البخاري.
طريقة تطبيق عملية للحديث بحيث أني لا أعلم ما معنى ينفث وكيف أنفث وكيف تكون يدي مثل حركة الدعاء مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفث هو النفخ مصحوبا ببعض الريق أو بدون ريق.
قال ابن منظور في لسان العرب: النفث أقل من التفل، لأن التفل لا يكون إلا معه شيء من الريق، والنفث شبيه بالنفخ، وقيل هو التفل بعينه. انتهى.
وعليه، فالطريقة الصحيحة في هذه المسألة أن تجمع كفيك معا كما يفعل الشخص عند الدعاء، ثم تقرأ بالسور الثلاث فتنفث في يديك ثم تمسح بهما رأسك وما استطعت من جميع جسدك، تفعل ذلك ثلاث مرات.
وراجع الفتوى رقم: 43670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1425(9/1406)
النوم بهذه الكيفية والنية من خطوات الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم النوم بنية الاستحلام (وحضن المخدة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [النور:21] .
ولا شك أن النوم بهذه الطريقة والنية خطوة من خطوات الشيطان التي يستدرج بها العبد ليوقعه في المحرم كالعادة السرية -مثلاً- أو غيرها كالنظر إلى النساء ونحو ذلك، أو الزنا، فالواجب الكف عن ذلك.
وعلى المسلم إذا علم من نفسه أنها تتوق للزواج أن يسعى في ذلك، فإن لم يستطع فعليه بالصوم وليستعفف حتى يغنيه الله سبحانه وتعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه مسلم، وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 7170 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(9/1407)
حكم بيات الرجل وحيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إعلامي عن حكم نوم الرجل في بيته وحيدا وجزاكم اللة خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للرجل أن يبيت وحده، للنهي الوارد في ذلك، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة، أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده، قال في "تحفة الأحوذي" في تجنب الوحدة في الليل: لأن الخطر بالليل أكثر، فإن انبعاث الشرفيه أكثر والتحرز منه أصعب، ومنه قولهم الليل أخفى للويل.. والظاهر أن النهي المذكور للتنزيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(9/1408)
حكم مبيت الإخوة ذكورا وإناثا في غرفة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 4 إخوة 3 بنات وذكر، وقد توجب علينا أن نبيت كلنا في غرفة واحدة أنا وأخواتي البنات وأمي، أفيدوني من فضلكم عن حكم ذلك في ديننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لكل منكم فراش أو سرير منفصل ولحاف مستقل فلا حرج ولا مانع من هذا، مع أنه في حالة الاختيار والسعة ينبغي أن تكون للبنات غرفه مستقلة وللأولاد غرفة مستقلة وللأم كذلك غرفة مستقلة، أو تبيت مع بناتها، وأما إذا لم يك بد من أن تناموا جميعاً في غرفة واحدة فيتعين في هذه الحالة أن يكون لكل واحد فراشه ولحافه الخاص به إذا كان الأبناء بالغين أو قاربوا البلوغ، وراجع هذه المسألة بالتفصيل في الفتوى رقم: 23210، والفتوى رقم: 18678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(9/1409)
النهي عن مبيت الرجل وحده محمول على الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إعلامي عن حكم نوم الرجل وحيدا في بيته وإذا كان هناك نهي ما هو الدليل وكيف ينام إذا لم يكن له أحد ولا يحب أن يثقل على غيره وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن مبيت الرجل وحده في بيته، ففي مسند أحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة، أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده. قال المناوي في فيض القدير: " أن يبيت الرجل" ومثله المرأة "وحده" أي في دار ليس فيها أحد. انتهى.
وعلى هذا، فأقل أحوال ذلك الكراهة، وقد نص عليها فقهاء الحنابلة، فينبغي لهذا الرجل حينئذ أن يبحث عمن يبيت معه، أو من يبيت عنده، ولا إثم عليه في المبيت وحده، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى: 598، 35143، 35649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(9/1410)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[كم ساعة كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام ومتى تكون القيلولة، وكذلك كم ساعة كان الصحابة رضي الله عنهم ينامون وما هو رأي الشرع في عدد ساعات النوم، وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينام وقت القيلولة، ففي مسند أحمد في حديث الجساسة الطويل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولكن تميماً الداري أتاني فأخبرني خبراً منعني القيلولة من الفرح وقرة العين. وكان أصحابه كذلك على هذا الحال، فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة.
وروى البخاري ومسلم عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: وكان -أي النبي صلى الله عليه وسلم يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها. فهو على هذا كان يستحب التبكير في النوم، وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً.
هذه بعض الأحاديث التي تبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وقد قال عنه ابن القيم في زاد المعاد: وكان نومه أعدل النوم، وهو أنفع ما يكون من النوم، والأطباء يقولون هو ثلث الليل والنهار، ثماني ساعات. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(9/1411)
كيفية القراءة والنفث عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر النوم أن تنفث في الكف ثم تقرأ المعوذتين ثلاثا، فهل تقرأ ثم تمسح ثم تقرأ ثم تمسح ثم تقرأ ثم تمسح، أم تقرأ ثلاثا ثم تمسح ثلاثا، أم تقرأ مرة وتمسح ثلاثا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فروى البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس، يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
فقولها "يفعل ذلك ثلاث مرات" عائد على الصفة المقدمة، أي أنه يقرأ السور الثلاث ثم يمسح ثم يقرأ ثم يمسح ثم يقرأ ثم يمسح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(9/1412)
حكم توجيه السرير جهة القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وجزاكم الله كل خير
ماهو حكم توجيه سرير غرفة النوم بالاتجاه " شمال – جنوب" ووضع الرأس على جهة الشمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم هذه الكيفية في الفتوى رقم: 23108.
ولما يتعلق بالصفة الشرعية للنوم، راجع الفتوى رقم: 21580، والفتوى رقم: 5565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(9/1413)
شخير النائم لاتكليف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد:
أود الاستفسار عن حكم الإسلام في ما يسمى بـ (الشخير) وهو إحداث الصوت أثناء الشهيق، ومعذرة في استخدام اللفظ العامي، وأما ذلك لعدم تمكني من معرفته بالفصحى، نرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً.
وهل هو حرام أم مكروه، وهل يبطل الصلاة أربعين يوما أم هي مجرد افتراءات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالشخير ما يعتري بعض الناس عند النوم من صوت أثناء الشهيق، فهذا لا تكليف فيه، إذ لا تكليف بفعل النائم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يكشف عنه. رواه أحمد.
كما أن هذا الشخير يحدث بلا اختيار أو إرادة من الإنسان، وما كان كذلك فلا يدخل في نطاق التكليف.
قال الإمام الغزالي في المستصفى: لا يدخل تحت التكليف إلا الأفعال الاختيارية.
وبهذا تعلم أن هذا الشخير ليس حراماً أو مكروهاً ولا يبطل الصلاة أربعين يوماً أو أكثر أو أقل ولا ينجس الفم كما قيل، وهذا كله محض افتراءات، لكن ينبغي التنبه إلى الفرق بين كون هذا الشخير لا تكليف فيه، وبين ما قد يترتب عليه من حكم تكليفي، فلو فرض أن صاحب الشخير ينام مع غيره ويتأذى الغير بصوت شخيره ويمكنه علاج هذا الشخير بتناول دواء مباح لا يترتب عليه ضرر، وجب عليه تناول هذا الدواء دفعاً للضرر عن الغير، إذا لم يكن دفعه إلا بذلك، وإذا كان المقصود بالشخير ما يفعله بعض الفسقة عند المنازعات والمشاجرات من صوت مستنكر، فلا يجوز فعله، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود.
قال صاحب عون المعبود: ... قال القاري: أي من شبه نفسه بالكفار مثلاً من اللباس وغيره، أو بالفساق أو الفجار، أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار (فهو منهم) أي في الإثم والخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(9/1414)
نومه عليه الصلاة والسلام بعد ركعتي الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان النبي عليه الصلاة والسلام ينام ما بين الأذان والإقامة فقط في صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضطجع بعد ركعتي الفجر، روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة. متفق عليه.
وفي رواية عند النسائي من حديث ابن عباس قال: صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر ثم نام حتى استثقل فرأيته ينفخ، وأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله، فقام فصلى ركعتين، وصلى بالناس ولم يتوضأ. ولم ينقل أنه فعل ذلك في غير الفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(9/1415)
لا بأس في النوم أمام المرآة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت نائما وكانت أمامي مرآة وظهرت صورتي بها هل هذا حرام وتجب تغطية المرآة بشيء؟ وما الحكم إذا كنت مجامعاً زوجتي أمام المرآة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في النوم أمام المرآة، والصورة التي تظهر في المرآة ليست من الصور التي تحول دون دخول الملائكة إلى المنزل.
وأما عن مجامعة الرجل زوجته أمام المرآة فقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13572، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(9/1416)
ينام الصغير في غرفة والديه أم في غرفة مستقلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متزوج ولنا طفل عمره عام.
أسأل عن السن المناسب لجعل الطفل ينام في غرفة أخرى غير غرفتنا الخاصة، وهل هناك ما يمنع من أن تجلس معه أمه عند ما يستيقظ في الليل بملابس النوم الخفيفة والقصيرة؟ وهل يؤثر ذلك على الطفل من الناحية النفسية والأخلاقية؟
ما حدود ذلك؟ وإلى أي سن يجب أن تحتشم الأم أمام أطفالها ولايرونها بملابس النوم أو بدون ملابس إذا كانت الأم أوالأب يستحم مع أطفاله؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في نوم الطفل مع والديه في أي سن كان إذا أمن الاطلاع على العورات، وتراجع الفتوى رقم:
23210، لمزيد الفائدة.
فعلى هذا، فإن هذا الطفل ما دام في هذه السن، فالأولى نومه مع والديه لحاجته إلى الرعاية، فإذا بلغ سن التمييز، جاز نومه في غرفة أخرى، إذا كان لا يترتب عليه ضرر في ذلك.
وبخصوص التكشف أو لبس الملابس الخفيفة أمام الأطفال وحكمه، تنظر الفتوى رقم: 18691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(9/1417)
النهي عن الحديث بعد العشاء مقيد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
يقول صلى الله عليه وسلم ((لا سمر بعد العشاء)) .
أنا موظف أعمل في شركة، ويبدأ الدوام من الساعة الرابعة عصرا إلى الساعة 12 ليلا، وهذا يعني أنني أبقى إلى منتصف الليل أي بعد العشاء، فهل في هذا العمل الذي أنا فيه في ظل الحديث المذكور في الأعلى أي شبهة أو كراهية أو حرمة وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث تنهى عن السمر بعد العشاء، منها ما ذكرته أنت، ومنها ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. لكن الظاهر -والله أعلم- أن لا حرمة ولا كراهة في عملك هذا من حيث كونه يؤدي إلى السمر بعد العشاء، ذلك أن الحديث الذي ورد فيه النهي قيده العلماء وعللوه، فقد بين ابن حجر العسقلاني: أن هذه الكراهة مخصوصة بما إذا لم يكن في أمر مطلوب، وقيل: الحكمة فيه لئلا يكون سببا في ترك قيام الليل أو للاستغراق في الحديث ثم يستغرق في النوم فيخرج وقت الصبح. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. (249)
واظر المزيد في الفتوى رقم:
9954.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(9/1418)
ترك النوم على الشق الأيمن لمصلحة التأليف بين الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز لأحد الزوجين أن ينام على جنبه اليسار ليواجه زوجه النائم على جنبه اليمين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنوم على الشق الأيمن من السنن المستحبة في النوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إليه وحافظ عليه، كما أن النوم على الشق الأيمن أسرع إلى الانتباه وأصلح للبدن، وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن.....
لكن إن كان أحد الزوجين يحب أن ينام الآخر مواجهاً له فلا حرج في ترك النوم على الشق الأيمن، لأن الأمر إذا كان للاستحباب جاز تركه للحاجة، بل قد تترك بعض المستحبات والسنن، تأليفاً للقلوب، لأن مصلحة التأليف -لا سيما بين الزوجين- أعظم من مصلحة فعل مثل هذه المستحبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(9/1419)
القيلولة معناها ووقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث شريف يتحدث عن نومة الظهيرة (القيلولة) وهل القيلولة محكومة بوقت أو بمدة معينة أم أنها غير محددة؟ وهل هناك حديث نبوي شريف يقول"قيلوا فإن الشياطين لا تقيل"؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقيلولة هي: النوم نصف النهار، قال الفيومي في المصباح المنير: قال يقيل قيلاً وقيلولة: نام نصف النهار، والقائلة وقت القيلولة. انتهى.
وقال الصنعاني في سبل السلام: المقيل والقيلولة: الاستراحة نصف النهار، وإن لم يكن معها نوم. انتهى.
وقد اختلفت عبارات الفقهاء في تحديد وقت نصف النهار المقصود بالقيلولة، فذهب بعضهم إلى أنها قبل الزوال وذهب بعضهم إلى أنها بعده، قال الشربيني الخطيب: هي النوم قبل الزوال. انتهى.
وقال المناوي: القيلولة: النوم وسط النهار عند الزوال وما قاربه من قبل أو بعد. انتهى.
وقال البدر العيني: القيلولة معناها النوم في الظهيرة. انتهى.
والذي يُرجح أن القيلولة هي الراحة بعد الزوال -يعني بعد الظهر- ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. واللفظ لمسلم.
ونومة القيلولة مستحبة عند جمهور العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل. والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم4431.
ولأن القيلولة تعطي النفس حظها من الراحة في النهار، فإذا جاء الليل استقبلت السهر بقوة ونشاط وانبساط فيقوي ذلك على الطاعة في الليل بالتهجد والمذاكرة ونحو ذلك.
قال الخطيب الشربيني: يسن للمتهجد القيلولة، وهي: النوم قبل الزوال، وهي بمنزلة السحور للصائم.
وقالوا في الفتاوى الهندية: ويستحب التنعم بنوم القيلولة. انتهى.
وقال في كشاف القناع: ويستحب النوم نصف النهار، قال عبد الله: كان أبي ينام نصف النهار شتاء كان أو صيفاً. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 27334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(9/1420)
ثمار النوم على طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت مقولة تقول إن الشخص إذا توضأ قبل النوم فإن الملائكة تسبح نيابة عنه عند تقلبه على الفراش.. ما مدى صحة هذه العبارة؟ وما الدليل الذي يؤكد صحته ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوضوء قبل النوم ثابت بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن.......الحديث. وقد ذكر العلماء لذلك فوائد منها ما ذكره الحافظ ابن حجر.
الأولى: أن يبيت على طهارة، لئلا يبغته الموت فيكون على هيئة كاملة.
الثانيه: أن ذلك أصدق لرؤياه، وأبعد من تلاعب الشيطان به.
أما أن الملائكة تسبح له أثناء نومه فلا نعلم فيه دليلاً شرعياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(9/1421)
أفضل وقت للنوم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أنام ليلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم أن ينظم وقته ويوازن بين أعماله ومتطلبات جسمه.. فبذلك يحافظ على أداء العبادات في وقتها، ومتطلبات المعاش الضرورية. وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم حيث يقول تعالى (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) (القصص: من الآية77)
وهو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين بقوله " إن لربك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، ولزورك عليك حقا.. فأعط كل ذي حق حقه " وفي رواية: ولجسدك عليك حقا.
والنوم من متطلبات الجسد الضرورية ولا بد للإنسان أن يأخذ منه قسطاً حتى يستعيد الجسم نشاطه ويؤدي واجبه، وتكون فائدته أعظم إذا كان ذلك بالليل، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك فقال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) (يونس: من الآية67) ولكي ينام المسلم في الليل لا بد أن ينظم وقته. ولذلك نحيلك إلى الفتوى رقم: 1492
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(9/1422)
يجب التفريق بين ابن عشر وأبويه وإخوته في المضجع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نوم الابن البالغ بجوار أمه في فراش واحد حلال أم حرام أفيدونا جزاكم الله خيراً....؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. وقال الألباني: حسن صحيح.
فهذا الحديث دليل على وجوب التفريق بين الذكور والإناث بعد بلوغ سن العاشرة، قال المناوي في فيض القدير: أي فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغو عشراً، حذراً من غوائل الشهوة، وإن كن أخواته. انتهى
وهذا من باب التأديب والتدريب، وقد ألحق كثير من العلماء الأمهات والآباء بهذا الحكم، قال ابن عابدين في رد المحتار: وفي البزازية: إذا بلغ الصبي عشراً، لا ينام مع أمه وأخته وامرأة، إلا بامرأته أو جاريته. انتهى.
فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفاً من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشراً عقل الجماع، ولا ديانة له ترده، فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة، وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصاً في أبناء هذا الزمان، فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار. انتهى
وقال في روض الطالب: ويجب التفريق بين ابن عشر وأبويه وإخوته في المضجع. انتهى
والتفريق هنا له معنيان:
قال الشوبري في حاشيته على أسنى المطالب: قيل التفريق في المضاجع يصدق بطريقين: أن يكون لكل منهما فراش، وأن يكون في فراش واحد ولكن متفرقين غير متلاصقين. انتهى
والراجح -والله أعلم- أن التفريق يحصل باجتماعهما في فراش واحد وذلك بشروط:
الأول: أن لا يكونا متلاصقين.
الثاني: أن لا يكونا عريانين.
الثالث: أن تؤمن الفتنة، فإذا روعيت هذه الشروط جاز الجمع بينهما في فراش واحد.
ويكون التفريق بينهما في نفس الفراش حينئذ مستحباً، أخذاً بالأحوط، أما إذا فقد أحد هذه الشروط فإنه يحرم الجمع بينهما في فراش واحد، ووجب حينئذ التفريق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(9/1423)
الستر أدب المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
في أيام الصيف الحارة لاحظت ظاهرة غريبة عند استيقاظي من النوم وهي إنني أنام عريانا في غرفة لوحدي وعندما أستيقظ لصلاة الفجر أجد نفسي مستورا بغطاء مربوط على عورتي وقد كررت العملية عدة مرات وكانت نفس النتيجة. أفتونا في هذه الرؤيا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي للمسلم التستر وعدم تعمد العري وذلك حياء من الله عز وجل، وإكراماً للملائكة الكرام الحافظين الذين يلازمون الإنسان.
ثم اعلم أنما يحصل لك من الستر بعد نومك منكشفاً لعله بفعل أحد من أهلك أو أنك تفعل ذلك بنفسك أثناء النوم وأنت لا تشعر، وهذا يقع لبعض الناس.
وعلى كل فننصحك بملازمة أذكار النوم وأدابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(9/1424)
لا حرج في توجيه الرجلين جهة القبلة للنائم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل هناك أي حرمة في وضع الفراش بحيث تكون الرجل متجهة ناحية القبلة والرأس في الجهة الاخرى وذلك بسبب ديكور الغرفة ووجود المكيف في الناحية الخطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في توجيه الرِجل إلى جهة القبلة أثناء النوم، ولم يرد -فيما نعلم- شيء ينهى عن ذلك؛ بل الوارد في الأحاديث الصحيحة استحباب النوم على الجانب الأيمن دون تعرض لجهة القبلة أو غيرها.
وهذه الكيفية -أعني توجيه الرجلين إلى القبلة بحيث لو قام كان مستقبلاً للقبلة- قد نص بعض الفقهاء على أنها هي الكيفية الواجبة على المريض في صلاته إذا كان لا يستطيع الصلاة جالساً مما يدل على أنه لا يوجد عند أهل العلم مانع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(9/1425)
النوم ... فوائده..أحسن أوقاته وأردؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن فترة ما بين العصر والمغرب لا يجوز فيها النوم أو الاستحمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد امتن الله سبحانه وتعالى على عباده بنعمة النوم، فقال جل وعلا: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً [النبأ:9] .
والمسلم ينبغي أن تكون حياته متوازنة يعطي كل ذي حق حقه، فينام عندما يحتاج إلى النوم، ويستيقظ عندما يأخذ حاجته دون إفراط ولا تفريط.
يقول صاحب الظلال عند تفسير هذه الآية: فهذا السبات: أي الانقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي، وسر من أسرار القدرة الإلهية، ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه.....
ويقول ابن القيم في الطب النبوي: ومن تدبر نومه ويقظته -صلى الله عليه وسلم- وجده أعدل نوم وأنفعه للبدن والأعضاء والقوى: فإنه كان ينام أول الليل ويستيقظ أول النصف الثاني، فيقوم ويستاك ويتوضأ ويصلي ... فيأخذ البدن حظه من النوم والراحة، وحظه من الرياضة مع وفور الأجر ...
ثم يقول: ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه.... وللنوم فائدتان: الأولى: سكون الأعضاء وراحتها،
والثانية: هضم الغذاء.
ثم قال: ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل ... ويرخي العصب ويضعف الشهوة.... إلا في الصيف وقت الهاجرة، وأردأ منه نوم أول النهار، وأردأ منه النوم بعد العصر، ورأى عبد الله بن عباس ابناً له نائماً نومة الصبيحة فقال له: قم. أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟
ثم قال: وقيل نوم النهار ثلاثة: خلق، وحرق، وحمق. فالخلق نومة الهاجرة، وهو خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحرق نومة الضحى تشغل عن أمر الدنيا والآخرة، والحمق: نومة العصر.
ثم قال: قال بعض السلف: من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه.
وبناء على ما تقدم من كلام أهل العلم: فإن أحسن أوقات النوم هو ما كان في الليل عند الحاجة، وأسوأ أوقات النوم ما كان في النهار باستثناء القيلولة في الصيف، وأسوأ أوقات النهار هو ما كان بعد العصر.
ولعلهم بنوا ذلك على التجربة والطب.... لأنهم لم يستدلوا عليه بآية من كتاب الله أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر كذلك فهذا لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية لأن الشريعة إنما جاءت لجلب المصلحة ودرء المفسدة.. وعلى هذا فلا ينبغي النوم بعد العصر.
وأما الاستحمام أو الغسل بعد العصر فلم نقف على نهي عنه أو أمر به؛ وإنما هو كسائر الأوقات على الأصل، فإذا احتاج المسلم إلى الغسل فلا مانع من ذلك، وإذا وجب عليه الغسل من الجنابة أو انقطاع الحيض..... فيجب عليه أن يبادر بالغسل قبل صلاة المغرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(9/1426)
مضار النوم على الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه لا يجوز النوم على الظهرأوالبطن لأنه من نوم أهل النار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنوم على البطن مكروه وقد سبق بيان ذلك بنوع تفصيل في فتويين سابقتين برقم:
5439
21580 فليرجع إليها.
وأما النوم على الظهر فلم يرد فيه نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، ولكنه رديء مضر من حيث الصحة، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وكثرة النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه فتنصب إليه المواد. وأردأ النوم النوم على الظهر، ولا يضر الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم، وأردأ منه أن ينام منبطحاً على وجهه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(9/1427)
الهدي النبوي في هيئة النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الرجاء من الإخوة القائمين على حل الأسئلة الشرعية الإجابة على سؤالي ولهم جزيل الشكر
ذكر رسول الله حديثاً عن طرق النوم احفظ بعض مقتطفاته وهو:..... من نام منكم على بطنه فهو من أهل ... ومن نام منكم على ظهره فهو من أهل.... ومن نام منكم على جنبه.......
الرجاء كتابة الحديث كاملا
وما هي الحكمة من ربط الرسول عليه الصلاة والسلام بين طريقة النوم وانضمامه إلى قوم معينين.
مع خالص الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نعلم حديثاً صحيحاً أو ضعيفاً بهذا اللفظ الذي ذكره الأخ السائل، ولكن قد وردت أحاديث صحيحة تبين الهدي النبوي في النوم، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاضطجاع على الجنب الأيمن، ففي صحيح مسلم عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن........ الحديث.
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن النوم على البطن، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال: إن هذه ضجعة لا يحبها الله. وصححه الألباني.
وفي رواية لابن ماجه: إنما هذه ضجعة أهل النار.
أي أنها تشبه حال أهل النار في النار -نسأل الله العافية- فإن الله عز وجل قال عنهم: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48] .
وفي القرآن إشارة إلى أن النوم يكون على اليمين وعلى الشمال، قال سبحانه عن أهل الكهف: وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ [الكهف:18]
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وأنفع النوم أن ينام على الشق الأيمن ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة استقراراً حسناً، فإن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلاً، ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلاً ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد، ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن ليكون الغذاء أسرع انحداراً. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(9/1428)
نوم الفتاة في غرفة واحدة مع أخيها متى يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نوم الفتاة مع أخيها في غرفة واحدة وليس في فراش واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للفتاة أن تنام مع أخيها في غرفة واحدة، والدليل على ذلك مستفاد من مفهوم النهي الوارد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن.
فإذا نهى الحديث عن نومهم في فراش واحد، دل بمفهومه على جواز نومهم في مكان واحد إذا كان المضجع مختلفاً.
ولكن مما ينبغي التنبيه عليه أن هذا الجواز إنما هو عند أمن الفتنة، أما إذا خيف عليهم الفتنة، فإن ذلك لا يجوز، وقد وصلتنا أسئلة تتكلم عن حالات من هذا النوع يندى لها الجبين، فعلى ولي أمر البنت أن يكون يقظاً حذرا محافظا على ما استرعاه الله عليه، وراجع الفتوى رقم:
2376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(9/1429)
سنة النبي عليه الصلاة والسلام في النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية نوم النبي صلى الله عليه وسلم؟ بالتفصيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة القولية والعملية في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، في نومه كالآتي:
1- النوم مبكراً إلا لحاجة والاستيقاظ في الثلث الأخير للقيام، فقد روى البخاري عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً.
وفي الصحيحين أنه ذكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم: نام ليلة حتى أصبح! قال: ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه أو قال في أذنه.
2- الوضوء قبل النوم، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ...
3- تعاهد الفراش بنفضه ونحو ذلك، لما رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه.
4- أن يضجع على شقة الأيمن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للبراء بن عازب: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ...
5- الإتيان بأذكار النوم ومنها أن يجمع كفيه ينفث فيهما ويقرأ المعوذتين وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده، ويقرأ آية الكرسي، رواهما البخاري ويقول: ّاللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك. ّّ رواه أبو داود وصححه ابن حجر. ويقول أيضاً: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي. رواه مسلم، ويقول: باسم اللهم أموت وأحيا. وهناك أدعية كثيرة ويستحب أن يجعل آخرها ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم للبراء فقال له: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك والجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت. فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة. واجعلهن آخر ما تتكلم به. متفق عليه.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
5565 والفتوى رقم:
4514 وإذا رأى في نومه شيئا ًفليلتزم بما ذكرناه في الفتوى رقم:
11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(9/1430)
صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية نوم النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أي إتجاه كان يوجه وجهه ورأسه حين نومه صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري وغيره عن البراء بن عازب قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجات ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت. انظر صحيح البخاري 5840
اما بالنسبة للجهة التي كانت يستقبلها فإننا لا نعلم حديثا عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستقبل القبلة في نومه، ولكن نقول: إنها خير الجهات لمن تيسر له ذلك في نومه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(9/1431)
حكم توجيه القدمين جهة القبلة أثناء النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز النوم في السرير والرجلان باتجاه القبلة فيما إذا كان هذا الاتجاه أنسب من ناحية وضع السرير في غرفة النوم؟ مع جزيل الشكر لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تمام نعمة الله علينا وكمال هذا الدين العظيم أنه وجهنا إلى كل خير ينفعنا، وحذرنا من كل شر يضرنا في هذه الحياة وبعد الممات، والمسلم يرى النوم من نعم الله تعالى التي امتن بها على عباده، حيث يقول جل وعلا (وجعلنا نومكم سباتاً) [النبأ:9] أي راحة لأبدانكم وقطعاً لأعمالكم.
وفي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقياً -يعني على قفاه- في المسجد.
وفي سنن أبي داود عن يعيش الغفاري -رضي الله عنه- أنه كان مضجعاً في المسجد على بطنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه ضجعة يبغضها الله تعالى.
فمن هذه الأحاديث نعلم كيفية النوم على السنة، وكيفية النومة التي يبغضها الله تعالى.
فيجوز للمسلم أن ينام على ظهره أو جنبه ولكن لا ينام على بطنه، كما أن الجهة لم تحدد للنائم، ولكنه يستحب له أن ينام على جنبه الأيمن متوسداً يده اليمنى ومتوجهاً إلى القبلة إن تيسر ذلك، كما أسلفنا.
والنوم على السرير والرجلان إلى القبلة لا شيء فيه، بل إن الإمام مالكا وأبا حنيفة استحبا الصلاة بهذه الكيفية للعاجز.
والمنهي عنه هو استقبال القبلة واستدبارها بقضاء الحاجة (البول والغائط) إذا كان ذلك في الفضاء، لحديث أبي أيوب في الصحيحين: لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولا تستدبروها.
وبهذا يتضح لنا أنه لا مانع من النوم على السرير والرجلان إلى القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(9/1432)
وضع الثياب عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أنام مع زوجتي النوم العادي بدون قصد جماع أو مداعبة بشكل عار.
وبصيغة ثانية: هل أستطيع أن أنام عارياً هل ورد في ذلك نهي؟
وأشكركم لسعة صدركم.
ملاحظة رقم السؤال السابق:20862.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المسلم - رجلاً كان أو امرأة - أن ينام عرياناً، وإن لم يكن له حاجة بزوجه، فقد ثبت أن عائشة أم المؤمنين كانت تضع ثيابها عند نومها مع رسول الله صلى الله وسلم، وإن لم يمسها، ففي مسلم قالت عائشة رضي الله عنها: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي انقلب، فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويداً، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويداً، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع.. إلى أن قالت: قال: "فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك، وقد وضعت ثيابك ... " الحديث. رواه مسلم.
فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وقد وضعت ثيابك" وقول عائشة: "وتقنعت إزاري" أي لبست إزاري، يدلان على أنها نامت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1433)
السهر بعد العشاء ... كراهة أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يلزم أن تكون صلاة العشاء آخر عمل اليوم؟ وهل يجوز أن أفعل بعدها بعض الأعمال مثل مشاهدة التلفزيون والكلام مع الأسرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزم أن تكون صلاة العشاء هي آخر عمل اليوم، بل يجوز للإنسان أن يعمل وأن يتحدث بعدها بما ينفع، كالحديث في العلم، وفي مصالح المسلمين، والكلام مع الضيف، وما دعت إليه الحاجة، واستدل العلماء على ذلك بما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال: "أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد."
وبوب عليه النسائي في المناقب عن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة في الأمر من أمر المسلمين وأنا معه.
وأما ما رواه البخاري عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها فسبب كراهة الحديث بعد صلاة العشاء أنه يؤدي غالباً إلى سهر تفوت به صلاة الصبح، أو لئلا يقع في كلام المرء لغو يختم به يومه، أو لأنه يفوت به قيام الليل لمن له به عادة، ولتقع الصلاة التي هي أفضل الأعمال خاتمة عمله.
قال الإمام النووي: (وهذه الكراهة إذا لم تدع حاجة إلى الكلام، ولم يكن فيه مصلحة، أما الحديث للحاجة فلا كراهة فيه، وكذا الحديث بالخير كقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومذاكرة الفقه، وحكايات الصالحين، والحديث مع الضيف ونحوها، فلا كراهة في شيء من ذلك، وقد جاءت بهذا كله أحاديث صحيحة مشهورة.
وسبب عدم الكراهة في هذا النوع أنه خير ناجز فلا يترك لمفسدة متوهمة، بخلاف ما إذا لم يكن في الحديث خير، فإنه مخاطرة بتفويت الصلاة لغيره مصلحة)
وأما عن مشاهدة التلفزيون: فراجع الجواب رقم: 1886
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(9/1434)
حكم نوم الرجلين أو المرأتين في فراش واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نوم الرجلين في فراش واحد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نوم الرجلين في فراش واحد متجردين من ثيابهما لا حائل بينهما لا يجوز، ففي صحيح مسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد" قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد" وكذلك في المرأة مع المرأة، فهو نهي تحريم؛ إذا لم يكن بينهما حائل، وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان، وهذا متفق عليه) انتهى.
ولأن ذلك بريد فتنة، فيجب اجتنابه، وإذا وجد بينهما حائل، ولم يكونا متجردين من ثيابهما، وأمنا الفتنة، فيكره ولا يحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1422(9/1435)
النوم على الشق الأيسر مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوزالتحول في النوم من الجنب الأيمن وبعد قراءة دعاء النوم إلى الجنب الأيسر أم إن هذا مخالف للسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالنوم على الشق الأيمن من السنن الثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن متّ متّ على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول". ومن نام على شقه الأيسر أتى مكروهاً من المكروهات، وترك أدباً من آداب النوم، وسنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يأثم بذلك إن شاء الله.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ... ... ... ... ... ... ...
(في اضطجاعه على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلق في الجانب الأيسر، فإذا نام الرجل على الجنب الأيسر، استثقل نوماً، لأنه يكون في دعة واستراحة، فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن، فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم، لقلق القلب، وطلبه مستقره وميله إليه، ولهذا استحب الأطباء النوم على الجانب الأيسر لكمال الراحة وطيب المنام، وصاحب الشرع يستحب النوم على الجنب الأيمن، لئلا يثقل نومه فينام عن قيام الليل، فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب، وعلى الجانب الأيسر أنفع للبدن، والله أعلم، انتهى من زاد المعاد (1/321) وما بعدها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1436)
النوم على البطن والجانب الأيسر مكروه.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز للمسلم النوم على جانبه الأيسر؟ وهل يجوز له النوم على بطنه سواء إذا كان هذا النوم لراحة الظهر أو إذا كان للنوم فقط؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ... ... ... ... ... ... ...
(وفي اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلق في الجانب الأيسر، فإذا نام الرجل على الجنب الأيسر، استثقل نوماً، لأنه يكون في دعة واستراحة، فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن، فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم، لقلق القلب، وطلبه مستقره وميله إليه، ولهذا استحب الأطباء النوم على الجانب الأيسر لكمال الراحة وطيب المنام، وصاحب الشرع يستحب النوم على الجنب الأيمن، لئلا يثقل نومه فينام عن قيام الليل، فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب، وعلى الجانب الأيسر أنفع للبدن، والله أعلم، انتهى من زاد المعاد (1/321) وما بعدها. والله أعلم.
وأما النوم على البطن فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما في اسنن أبي داود وغيره عن يعيش ان طخفة الغفاري رضي الله عنه قال: قال أبي بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا رجل يحركني برجله فقال: " إن هذه ضجعة يبغضها الله" قال فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم: رواه أبو داود بإسناد صحيح. ومن العلماء من نص على كراهة النوم على البطن، كما في سنن الترمذي باب ما جاء في كراهية الاضطجاع على البطن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً مضطجعاً على بطنه، فقال: " إن هذا ضجعة لا يحبها الله" وفي حديث أبي ذر عند ابن ماجه " إنما هي ضجعة أهل النار" قال الإمام ابن القيم: وأنفع النوم أن ينام على الشق الأيمن ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة استقراراً حسناً، فإن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلاً، ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلاً ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد، ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن ليكون الغذاء أسرع انحداراً عن المعدة، فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايته، وكثرة النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه، فتنصب إليه المواد. وأردأ النوم على الظهر، ولا يضر الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم، وأردأ منه أن ينام منبطحاً على وجهه… قال
أبقراط في كتاب" التقدمة" وأما نوم المريض على بطنه من غير أن يكون عادته في صحته جرت بذلك، فذلك يدل على اختلاط عقل، وعلى ألم في نواحي البطن، قال الشراح لكتابه: لأنه خالف العادة الجيدة إلى هيئه رديئة من غير سبب ظاهر ولا باطن. انتهى. انظر زاد المعاد (4/241، 240) فصل في تدبيره لأمر النوم واليقظة.
وبناء على ما تقدم فالنوم على البطن مكروه ومضر صحياً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1437)
من رأى في نومه أنه يشتم الذات الإلهية
[السُّؤَالُ]
ـ[رغم أنني ملتزم وأؤدي الصلوات في المسجد ـ حتى صلاة الفجر ـ إلا أنني في يوم وبعد عودتي من صلاة الفجر رأيت مناما أنني قمت بشتم الرب، رغم أنني لم أقم بذلك أبداً في حياتي، ولكن قبل الحلم بأيام سمعت شخصا يتحدث في الهاتف مع شخص آخر قام بسب الرب، ف ما حكم من رأى في منامه أنه يسب الرب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أنك لا تؤاخذ على ما ترى في منامك أنك تقوله أو تفعله، فالنائم مرفوع عنه الحرج والتكليف حتى يستيقظ، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم في المستدرك - واللفظ له - وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.
وما رأيته في منامك هو ما يسمى بالحلم، كما ورد في الأحاديث، وهذا من تهاويل الشيطان ليحزن المؤمن، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرؤيا ثلاثة: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس. رواه مسلم.
وقد اشتكى الصالحون قبلنا من بعض الرؤى المزعجة حتى كان أحدهم يمرض من هول ما رأى حتى سمعوا العلاج النبوي واستعملوه فزال عنهم ما كانوا يجدون، فعن عبد ربه سعيد قال: سمعت أبا سلمة يقول: لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت لأرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الحسنة من الله.
وفي رواية: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شرالشيطان وليتفل ثلاثاً ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره. رواه البخاري - واللفظ له - ومسلم.
وفي روايته قول أبي قتادة رضي الله عنه: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليه.
وقد يكون هذا الحلم من حديث النفس مما رأيته في اليقظة من سب لله تعالى، وعلى كل حال فلا تحزن فما رأيته لا يقدح في التزامك بدينك ولن يضرك ـ إن شاء الله ـ قال هشام بن حسان: كان ابن سيرين يُسأل عن مائة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء إلا أن يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم. الآداب الشرعية لابن مفلح.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 64867، 73361، 11014، ففيها بيان لأسباب الرؤى السيئة ووسائل دفعها والآداب التي ينبغي مراعاتها تجاه هذه الرؤى السيئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(9/1438)
الرؤى لا يثبت بها حكم ولا أمر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو أني قد رأيت في المنام الوالد يقول لي علي غداء-صيام- يومين، وفي نفس الوقت يأخذ من حافظتي يطلع منها 60 ريال ويقول لي آخذ، وعندما نظرت إليها طلعت 180 وأنا في هذه الحال ماذا علي فعله؟ هل أصوم له اليومين وأخرج له كفارة كل يوم لمدة يومين؟ وكم مقدارها؟ جزاكم الله خير الجزاء. حلمت هذا الحلم مباشرة بعد أن صليت صلاة الفجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا لا يثبت بها حكم ولا أمر، ولكن الميت إذا مات وعليه صيام ولم يقض بعد فكان القضاء يستحب لوليه أن يصوم عنه كما رجحه النووي وابن قدامه واستدلا بحديث الصحيحين: من مات وعليه صيام صام عنه وليه.
وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يصام عنه وإنما يطعم عنه، واستدلوا ببعض الأثار عن ابن عباس وابن عمر وعائشة وبعضها مرفوع، ولكن النووي رد ذلك لضعف الآثار ولمعارضتها لما هو أصح منها، ولأنها لو صحت يمكن الجمع بالتخيير بين الصيام والإطعام.
وبناء عليه، فإنه يشرع أن تصوم أو تطعم عن الميت. فإن كان عليه صوم أجزأ ذلك عنه إن شاء الله، وإلا فإن ثواب الصيام والإطعام إذا أهدي له يصل كما ذكر النووي وابن القيم وكثير من المحققين.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 76640، 10602، 69795، 11599، 125254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(9/1439)
لا يشهد لمعين بجنة أو نار إلا ما فيه نص
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي رحمها الله، وفي ليلة وفاتها كان عمي يقرأ القرآن فأخذته إغفاءة، فرآها تحت ماء غزير تغتسل وقارئ يتلو حوالي عشر مرات الآية: وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
فهل هذه بشرى خير أنها في الجنة، علما أنها كانت كثيرة الصدقة وقبل يوم مرضها الذي توفيت فيه أخذت الزكاة لبيت فقير، وكان ديدنها التصدق على الفقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم أمك وأن يسكنها فسيح جناته، وأن يرزقكم الصبر والاحتساب، والرؤيا المذكورة هي علامة خير إن شاء الله تستأنسون بها وترجون بها الخير لأمكم، وهي من البشرى الحسنة، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ: لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. قَالَ: هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ أَوْ تُرَى لَهُ. رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجه والدارمي، وصححه الألباني.
قال المباركفوري في شرح سنن الترمذي: هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ أَيْ الْحَسَنَةُ أَوْ الصَّادِقَةُ وَهِيَ مَا فِيهِ بِشَارَةٌ أَوْ تَنْبِيهٌ عَنْ غَفْلَةٍ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. انتهى.
وهذه الرؤيا مع ما ذكرتم من حبها للصدقة وحرصها عليها هي علامة خير ترجون لأمكم بها الخير، وتسألون الله أن تكون من أهل الجنة، ولكن القاعدة في مذهب أهل السنة والجماعة؛ أن الشهادة لمعيّن بالجنة أو النار من أمور الغيب التي تؤخذ بالتلقي من الكتاب والسنة، ولا مجال للعقل بالاجتهاد فيها، فمن شهد لهم الله أو رسوله بالجنة بأعيانهم فهم من أهلها قطعا كالعشرة المبشرين بالجنة؛ ونشهد لهم بذلك. ومن شهد له الشّرع بالنار على التعيين فهو من أهلها كأبي لهب، وامرأته وغيرهم ونشهد لهم بذلك.
ومع هذا فنحن نرجو للمحسن الجنة، ونستبشر بعلامات الخير التي نراها، والله أعلم بالخواتيم.
ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23025. وكذلك الاطلاع على علامات حسن الخاتمة في الفتوى رقم: 29018.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(9/1440)
أقسام الرؤى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أختي تشاهد أن هنالك امرأة تريد خنقها، وتبدأ أختي بقراءة المعوذات وتذهب المرأة. هذا الشيء حدث لها مرتين بعد ولادة ابنها. ما هذا الشيء؟ أرجو التفسير؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمركز الفتوى معني بالإجابة عن الأسئلة الشرعية وليس فيه ركن لتفسير الأحلام، ولهذا نعتذر عن تفسير ما رأت أختك. إلا أنه من المفيد أن تعلم أن ما يراه النائم قد قسمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وقد سبق بيان ذلك والآداب المتعلقة بكل نوع في الفتوى رقم: 4473.
ثم اعلمي أختي الكريمة أن الأمر بيد الله وحده، وهو سبحانه القائل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. {الطلاق: 2-3} ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق: 4} .
فعليكم بالتوكل على الله، والاستقامة على تقواه، يكفكم ما أهمكم، وييسر لكم أمركم. وعليكم بكثرة الدعاء والاستعاذة بالله من شر هذه الرؤيا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، فَلَنْ يَضُرَّهُ. متفق عليه.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم وصححه، حسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1430(9/1441)
أنواع الرؤى
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي وكان عمرها 6 سنوات. والسؤال: لقد رأينا رؤيا تقول إنها لم تمت، يأتينا الناس ويقولون إنها لم تمت، ونحن نندهش. وهذه الرؤيا رآها كل أفراد البيت ومنهم أمي وأبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقكم الصبر والاحتساب، ونذكركم بما في الصبر من الأجر العظيم، وقد قدمنا تفصيل ما في الصبر من الأجر وما يساعد عليه في الفتوى رقم: 73790.
وهذا النوع من الرؤيا ينتج من شدة تعلق النفس بالميت وشغل الفكر دائما به، والتفكير في الذكريات التي كانت معه لا سيما قبل النوم مما يسبب رؤية ذلك في المنام، وقد ذكر النبي صلى عليه وسلم أنواع الرؤى التي يراها الإنسان ومنها رؤياكم هذه فقال: الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ. فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ. رواه مسلم.
فما ترونه من أن أختك لم تمت هو من حديث النفس، وهذا لا يترتب عليه حكم؛ إذ من المؤكد تيقنكم من موت تلك الأخت رحمها الله، فاصبروا واحتسبوا، واعلموا أن هذه الابنة التي ماتت ليس عليها حساب ولا عذاب؛ لأنها ماتت قبل البلوغ كما بينا في الفتوى رقم: 2978. فلتبشروا لها بكل خير، وما عند الله خير لها ولكم إن صبرتم واحتسبتم، وهذه بشارة للوالدين حتى يحمدوا الله على قضائه، وفيها بيان ثواب من مات ابنه واحتسبه، فعَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: دَفَنْتُ ابْنِي سِنَانًا وَأَبُو طَلْحَةَ الْخَوْلَانِيُّ جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ أَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا سِنَانٍ. قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1430(9/1442)
مخالفة الواقع لتفسير الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كنت قد سألتكم من قبل عن مدى صحة حديث معناه أن الرؤيا معلقة على رجل طائر فكما تفسّر تقع. وقد أجبتموني حينها -مشكورين- أن الحديث فعلا في مسند الإمام أحمد. رغم أني سألت دار الإفتاء وقالوا لا يوجد حديث هكذا.
أنا فقط سؤالي أنني بالفعل كنت قد استخرت الله تعالى على أمر خطبتي كثيرا كثيرا قبل الخطبة وأثناء الخطبة، وقد رأيت من الأحلام والرؤى الكثير الكثير- وكذلك رأى ذلك الخاطب- وكلها فسرت لي عند أكثر من واحد من المفسرين أن هذا الخاطب صالح، وأن زواجنا سيتم وأننا سننجب وو و......الخ.
لكن سبحان الله، منذ خطوبتي معه وأنا وهو في النازل إيمانياً، وقد جرأني-سامحه الله- على بعض المعاصي- كلامنا معا- وطاوعته في ذلك. وكلانا أخطأ كثيراً. والمهم أن الخطوبة فسخت بعد أن بدا لي منه شر كثير في سلوكياته وأخلاقياته - رغم أنه ملتح، ويصلي ويؤم الناس، ويحفظ من القرآن الكثير- والحمد لله على كل حال.
سؤالي هو: أين ذهبت كل هذه الرؤى التي رأيتها؟
إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد قال هذا الحديث فقد صدق، ويعلم الله أني آمنت بذلك، ولكن فقط أريد تفسيراً لكل هذه الرؤى التي رأيتها أنا وهو وفسّرت لنا بأنه خير كثير، ثم انتهى الأمر بعد شهور طويلة من الخطبة وبعد تعلقي الشديد به؟
أنا الآن رغم تعلقي الشديد به فقط أريد أن أنساه ولا أتمنى أن يعود إلي لما بدا لي منه من شر وسوء، أنا فقط أريد أن يبدلني الله خيرا منه وأن أنساه، لكن فقط سؤالي لماذا لم تقع أحلامي كما فسرت؟
هل يمكن لأني حكيت الحلم كما رأيته، ولكن المفسر ربما لم ينتبه لجزء من، هـ ففسّره متجاهلا - سهواً- أحد أجزاء الحلم، فجاء التفسير خاطئا فلم يقع؟ أم أن التفسير يقع سواء كان صحيحا أو خاطئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور صححه الحاكم ووافقه الذهبي والأ لب اني. وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 124223.
وبينا فيها أن محل هذا إذا كانت الرؤيا صادقة وعبرها المعبر تعبيرا صحيحا.
وأما إذ حصل ما حصل، فننصحك بالتوبة إلى الله تعالى، وصرف قلبك عن التعلق بهذا الرجل، فالرجال سواه كثير.
وراجعي في علاج الأمر الفتوى رقم: 105449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(9/1443)
إذا رؤي الميت في المنام وقال كلاما فهل يعتد به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رؤية الأموات في المنام والحديث معهم يدل على صحة مايقولون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤية الميت في النوم والحديث معه لا يدل على صدق ذلك وصحته، إذ قد يتمثل الشيطان بصورة الميت، ولكن إذا طلب الميت من الحي أن يعمل عملا صالحا، كالتصدق أو غير ذلك من أعمال البر فإنه يحسن العمل بذلك. وراجع الفتوى رقم: 45900، والفتوى رقم: 54639، والفتوى رقم: 18244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(9/1444)
صدق رؤيا الفاسق وتعبيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصدق تفسير الأحلام من مسلم لا يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ترك الصلاة كبيرة من أكبر الكبائر، ومن أهل العلم من قال بكفر تارك الصلاة، ومع ذلك فلم نقف على ما يمنع صدق تعبير الرؤيا ممن لا يصلي، فقد يصدق تعبيره وقد لا يصدق، كما يمكن أن تصدق رؤياه؛ بل ورؤيا الكافر الأصلي.
وقد قص علينا القرآن الكريم في قصة يوسف رؤيا صاحبيه في السجن، ورؤيا الملك والتي عبرها يوسف عليه السلام وهم جميعا كفار.
ولكن لا ينبغي للمسلم أن يقصد بتعبير رؤياه الفسقة وتاركي الصلاة ليعبروها له، وإنما يقصد بها أهل الصلاح والاستقامة..
وللمزيد عن الرؤيا انظر الفتويين: 31518، 74393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(9/1445)
هل للجنابة تأثير سيء على الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[الجنابة عند النوم هل تفسد الرؤيا أو الحلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم دليلا في الشرع من نصوص الوحي ولا من كلام أهل العلم يفيد أن للجنابة تأثيرا سيئا على الرؤيا، ومن المعلوم أن نوم الجنب مباح، والأفضل له أن يتوضأ لما في حديث مسلم عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة.
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر قال ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ، واغسل ذكرك، ثم نم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(9/1446)
رؤية الله تعالى في المنام ورؤية الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متدينة ومنذ صغرى أرى أحلاما عن الأنبياء وعن الله وكنت لا أصدق ما أراه وأقول في نفسي من أنا لأرى كل هذا. ولطالما كانت أحلامي تدعوني إلى الصلاة أو التدين.ولطالما رأيت مقامي في الجنة وكنت لا أعطي لكل هذا بالا. إلى أن جاءت ليلة فخرجت كعادتي أناجي ربي فسألته عن كل هذا وقلت له إنني لست بنبية لكي أرى كل هذه الأحلام، فرأيت ليلتها أنني في مكان عال وإذا بالله يناديني باسمي ويقول لي أنا ربك الأعلى فقلت له أعوذ بالله منك إن كنت شيطانا رجيما، فقال لي هذه آية لكي تصدقي أنني ربك الأعلى فإذا بطوفان يغمر المكان ولم يصل إلي وأنا لا أصدق كل هذا وإذا بطوفان آخر يعم المكان ولا يصل إلي فإذا بالله يخبرني أنها آية أخرى كي أصدق أنه ربي، فقلت له أنا لست نبية لكي أرى كل هذه الأحلام فقال لي إنا نوحي إلى عبادنا. ثم أخذت الأحلام تراودني وليلة رأيت وجه رجل كله أبيض يقول لي إذا ضاقت عليك الدنيا وكثرت الهموم فنادي يا ذا الجلال والإكرام وبعد أسبوع رأيت نفس الحلم ولم أهتم وذات ليلة رأيت نفسي جالسة جلست جبريلية وأنوار تتنزل علي فإذا بالله يقول: إني اصطفيتك على العالمين إني اخترتك لنفسي فناديني يا ذا الجلال والإكرام ناديني يا ذا الجلال والإكرام ناديني يا ذا الجلال والإكرام.
أرجوكم طمئنوا قلبي هل كل هذه رؤى صادقة وهل يمكن لامرأة فقيرة إلى الله ضعيفة الإيمان أن ترى كل هذه الرؤى ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤيه الله ورؤية الأنبياء في المنام تحصل لكثير من المؤمنين، فقد ذكر النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض أنه قال: اتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها. ... انتهى.
وذكر البغوي في كتابه شرح السنة عن شيخه الإمام أنه قال: رؤية الله في المنام جائزة، فإن رآه فوعد له جنة أو مغفرة أو نجاة من النار فقوله حق ووعده صدق. وإن رآه ينظر إليه فهو رحمته، وإن رآه معرضًا عنه فهو تحذير من الذنوب لقوله سبحانه وتعالى: أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وإن أعطاه شيئًا من متاع الدنيا فأخذه فهو بلاء ومحن وأسقام تصيب بدنه يعظم بها أجره لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة وحسن العاقبة. انتهى.
ويحكى عن الامام أحمد انه رأى الله تعالى مرات كثيرة.
وأما رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فيمكن حصولها لأي مسلم، وهي رؤيا حق لمن رآه على صفته التي ذكرها من وصفوه من أصحابه رضوان الله عليهم، وهي موجودة في كتب الشمائل والسير، ففي الحديث: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي. رواه مسلم.
وفي رواية البخاري: من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي، قال أبو عبد الله قال ابن سيرين إذا رآه في صورته. انتهى.
وفي رواية لأحمد بسنده عن عاصم بن كليب قال حدثني أبي أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي، قال عاصم قال أبي فحدثنيه ابن عباس فأخبرته أني قد رأيته قال رأيته قلت أي والله لقد رأيته، قال فذكرت الحسن بن علي قال إني والله قد ذكرته ونعته في مشيته، قال فقال ابن عباس إنه كان يشبهه.
قال شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي
ولا ينافي هذا كون النبوة قد انقطعت فان الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، رواه البخاري ومسلم.
وقال: إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه مسلم.
ثم إنا ننبه إلى أن الرؤيا تسر المؤمن ولكنه لا يعتمد عليها فان تضمنت كلاما فلا بد من عرضه على الشرع فإن قبله فلا حرج فيه، وإلا فإنه مردود، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36380.
وقد ذكر الزرقاني في شرح الموطأ: أن رجلا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اذهب إلى موضع كذا فاحفره فإن فيه ركازا فخذه لك ولا خمس عليك فيه، فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع فحفره فوجد الركاز فيه فاستفتى علماء عصره فأفتوه بأنه لا خمس عليه لصحة الرؤيا، وأفتى العز بن عبد السلام بأن عليه الخمس، وقال: أكثر ما ينزل منامه منزلة حديث روي بإسناد صحيح، وقد عارضه ما هو أصح منه وهو حديث في الركاز الخمس. انتهى.
وبناء عليه فلا مانع من صدق رؤياك لله وللأنبياء ورؤية منزلك في الجنة والإكثار من الدعاء بيا ذا الجلال والاكرام، وأما الاصطفاء فلا يمكن الجزم به ولا سيما اذا كان بالعبارات التي قالها الله لكليمه موسى عليه السلام فيخشى أن يكون من وحي الشياطين، ومثل ذلك ما يوهم الوحي إليك فإن الوحي قد انقطع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم نفهم ما تقصدينه من الجلسة الجبريلية.
هذا ويتعين على المسلم أن يشتغل بالعلم الشرعي ودراسة نصوص الوحيين ليتعرف على صفات الله تعالى وأحكامه وأوامره ووعده ووعيده
فقد سئل الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: هل يرى الله في المنام؟
فقال: إن الله سبحانه وتعالى يعلم بما أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم, فالقرآن كلام الله كأنما يخاطبك الله به, هذا يكفيك عن رؤية الله.... أما رؤيته في المنام فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المنام كما في حديث اختصام الملأ الأعلى, أما غير الرسول فذكر عن الإمام أحمد أنه رأى ربه والله أعلم هل يصح هذا أم لا يصح؟ لكن نحن لسنا في حاجة في الهداية إلى رؤية الله عز وجل, حاجتنا أن نقرأ كلامه ونعمل بما فيه, وكأنما يخاطبنا, ولهذا ذكر الله أنه أنزل الكتاب على محمد وأنزله إلينا أيضا حتى نعمل به, ولا تشغل نفسك بهذه الأمور, فإنك لن تصل إلى نتيجة مرضية, عليك بالكتاب والسنة والعمل بما فيهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(9/1447)
الحلم الذي يراه النائم هل يعول عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلات استخارة لأمر من أمور زواجي، وهو يمين طلاق لا أعرف إذا كان صحيحا أم لا؟ بمعنى أني شاك في صحة زواجي فرأيت أني أمه مما يعاشرون الشيطان. فهل هذا الحلم أو الرؤيا من عمل الشيطان؟ أم هذا يمكن أن يكون له تفسير في واقع زواجي؟ وهل يمكن أن يكون فيها شيء من الصحة. أم مع وجوده في الحلم أو الرؤيا ليس له معنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلم من الشيطان، والرؤيا من الله، والحلم لا يعول عليه، وأما الرؤيا فإنه يستأنس بها، فقد تدل على خير يؤتى أو تنبه على شر تحذر منه، وفي الحديث: إن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
نقل ابن حجر عن المهلب قال: الناس على هذا ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما تحتاج إلى تعبير، والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير، ومن عداهم يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث.
وأما الأحلام فقد قال فيها صلى الله عليه وسلم: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات، ويتعوذ من شرها فإنها لا تضره. متفق عليه.
وننبهك إلى أن الاستخارة إنما تكون فيما لا يدري المرء وجه الصواب فيه مما يريد الإقدام عليه مما هو مباح، وما ذكرت ليس من ذلك لأن صحة النكاح أو عدمها ليست مما يعلم بالاستخارة بل بالاستفتاء وسؤال أهل العلم.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 72271، 30093، 34394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(9/1448)
أقسام الرؤى وما يعبر منها وما لا يعبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أسأل عن تفسير الأحلام. هل هناك مقايييس لتفسير رموز الرؤى. لقد رأيت مناما أحسست أنه ليس كغيره، وأريد أن أعرف هل يمكن أن يفسر أم ليس من الجائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تفسير الأحلام جائز، فقد فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم، وفسرها أبو بكر رضي الله عنه بحضرته، كما في حديث البخاري، ولا بد لمن يفسرها أن يكون من أهل الخبرة في تعبيرها، وأما من ليس عنده خبرة بها وملكة في تعبيرها فلا يجوز له ذلك فقد قال الإمام مالك: لايعبر الرؤيا إلا من يحسنها.
وقال صاحب نظم محارم اللسان:
عبر الرؤى جاهلها لو بالكتب إثم وإثم افتخار بالنسب.
ثم إن الأحلام التي يراها النائم قسمها الرسول صلى الله عليه وسلم لثلاثة أقسام فقال: الرؤيا ثلاثة، منها أهاويل الشيطان ليحزن به بني آدم، ومنها ما يهتم به في اليقظة فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. رواه ابن ماجه والطبراني وابن حبان بألفاظ متقاربة وصححه الألباني.
وهذه الأقسام لا يعبر منها إلا الثالث، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على البسط في ذلك والمزيد فيما تقدم: 4473، 41233، 31518، 38258، 111740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(9/1449)
لا يجوز تعبير الرؤى إلا لمن له علم بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تفسير الأحلام ودخول موقع التفسير لابن سيرين لمعرفه مدلول الأشياء التي أراها في الحلم مثل الأرنب أو أي شيء فهل يعتبر ذلك حراما، وإن كان حراما فما هي الكفارة عنه. أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز تعبير الرؤيا إلا لمن له علم بها، كما جاء في في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أيي زيد القيرواني المالكي قال: وَلَا يَجُوزُ تَعْبِيرُالرؤيا بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ يَكْشِفُ نَحْوَ ابْنِ سِيرِينَ عِنْدَمَا يُقَالُ لَهُ أَنَا رَأَيْت كَذَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِأُصُولِ التَّعْبِيرِ فَهَذَا حَرَامٌ، لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ وَأَوْصَافِ الرَّائِينَ فَعِلْمُهَا عوِيصٌ يَحْتَاجُ إلَى مَزِيدِ مَعْرِفَةٍ بِالْمُنَاسَبَاتِ، وَلِذَلِكَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ سِيرِينَ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَنَا رَأَيْت نَفْسِي أُؤَذِّنُ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ تَسْرِقُ وَتُقْطَعُ يَدُك، وَسَأَلَهُ آخَرُ وَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ فَقَالَ لَهُ تَحُجُّ، فَوَجَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا فُسِّرَ لَهُ بِهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: رَأَيْت هَذَا بِسِمَةٍ حَسَنَةٍ وَالْآخَرُ بِسِمَةٍ قَبِيحَةٍ، وَلَا تَخْرُجُ الرُّؤْيَا عَنْ مَعْنَاهَا وَلَوْ فُسِّرَتْ بِغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وقال محمد مولود الشنقيطي في محارم اللسان:
عَبْرُ الرؤى جاهلها لو بالكتب إثم، وإثم افتخار بالنسب.
وعلى ذلك فلا يجوز لك تعبير الرؤيا بناء على ما كتب في المواقع المذكورة أو غيرها.. وبإمكانك أن تسألي أهل الاختصاص عن ما تجدين من المرائي، وعليك بالتوبة والاستغفار مما مضى، وليست هناك كفارة معينة.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 110061، 7314 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(9/1450)
هل شهر رمضان له أثر على الأحلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأحلام في رمضان تتحقق؟ لقد حلمت حلما في رمضان وأتمنى من الله أن يتحقق هذا الحلم إن شاء الله. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شهر رمضان لا شك أنه شهر فاضل ولكن ذلك لا أثر له على الأحلام، فقد يتحقق فيه ما يرى النائم وقد لا يتحقق، وقد يكون ما رآه رؤيا صادقة، وقد يكون مجرد أضغاث أحلام، ونسأل الله تعالى أن يحقق لك ما فيه الخير الديني والدنيوي، وراجع الفتوى رقم: 78521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(9/1451)
حديث النفس قد ينعكس في صورة أحلام يراها النائم
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أهنئكم على موقعكم الرائع هذا وأود أن أشكركم على هذه الجهود التي تبذلونها أسال الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم، أكتب لكم عن مشكله تخص إحدى قريباتي هي تبلغ من العمر اثنين وعشرين ربيعا طالبة وغير متزوجة ونحن نعيش في بلد أروبي، المشكلة أنها تعاني من خمس سنوات من أحلام مزعجة جدا فمثلا عندما تنام عن صلاه الفجر ترى إنسانا صغيرا على هيئة جن يضحك وتشاهد أكفان أموات تخرج من تحت سريرها كما أنها في بعض الأحيان عندما تكون شديدة الخوف من الموت ترى جدها وجدتها المتوفيين في المنام كذلك عندما تقوم بعمل سيئ أو معصية تكون نادمة عليها ترى في أحلامها جنا يدفعها إلى الأعمال السيئة وآخر ينصحها بالأعمال الحسنة وتستمر هذه الحلقة من النصائح إلى أن تستيقظ من النوم إلى أنها عندما تكون مشغولة جدا بالامتحانات مثلا أو مجهدة جسديا لا تعاني من هذه الأحلام لأنها إما أن تذهب إلى الفراش حتى تغط في نوم عميق ولا تجد وقتا للتفكير، علما أنها فتاه ملتزمة محجبة صاحبة أخلاق عالية ومحافظة على الصلاة، وتتابع دروسا لحفظ القرآن، فما تشخيصكم لهذه الحالة وما السبيل للعلاج وباراك الله فيكم؟
هذا وأرجو إرسال الاجابة على البريد الالكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يحدث لهذه الفتاة قد يكون راجعا لأمور نفسية كالخوف الشديد أو التفكير في بعض الأمور المزعجة فحديث النفس قد ينعكس في أحلام يراها النائم وقد يكون ذلك نتيجة للعين أو مس أو نحوهما، ولا يبعد أن يكون الجن والشياطين سببا في ذلك.
فالذي ننصحها به هو أن تكثر من دعاء الله تعالى أن يذهب عنها ذلك، وأن تكثر من ذكره ولا سيما أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وأن تحرص على أن تنام على وضوء وأن تواظب على الرقية، وراجع الفتويين: 4310، 112123.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(9/1452)
أنواع الرؤى وأحوالها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ما يرى في المنام من أحلام صحيحة وتتحقق فهناك من يقول إن الاحلام قبل صلاة الفجر تتحقق والبعض يقول بعد صلاة العصر يوم الجمعة فما صحة هذا الكلام، وبصورة عامة هل يؤخذ بالأحلام أم لا، فأفتونا؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤيا المسلم قد تكون رؤيا صادقة وهو الغالب في المؤمن المستقيم، وقد تكون أضغاث أحلام وهذا كثير الوقوع لمن نام يتفكر في أمر ما، وقد تكون من لعب الشيطان بالإنسان وهو كثير في الفجار، ففي الحديث: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب. متفق عليه. وفي صحيح مسلم وسنن ابن ماجه واللفظ له: أن رجلاً قال للنبي رأيت فيما يرى النائم البارحة كأن عنقي ضربت فسقط رأسي فأتبعته فأخذته ثم أعدته مكانه، فقال رسول الله: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس. وفي الحديث: الرؤيا ثلاثة منها أهاويل الشيطان ومنها ما يهتم به في يقظته فيراه في منامه.. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وقد تصدق رؤيا الفاجر كما حصل لصاحبي السجن وملك مصر في عهد يوسف عليه السلام، وقد وردت أحاديث ضعيفة في صدق الرؤيا قبل الفجر وبعد العصر، ولكنها لا يعتمد عليها لضعفها فمن ذلك حديث: صدق الرؤيا بالأسحار. رواه الترمذي وضعفه الألباني لأنه رواه عن دراج عن أبي الهيثم. والرؤيا على كل لا يعتمد عليها ولا يؤخذ بها ولا يعمل بها في الشرع، وأقصى ما فيها أن تكون مبشرة وعلامة خير فهي كما يقال تسر ولا تغر، ففي الحديث: لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه البخاري. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(9/1453)
قام من نومه فوجد كتابة بجسده كان قد حلم بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن تفسير لهذه الظاهرة أو حكمها: طفل حلم أن شخصا مقربا له يكتب طوال الليل أشياء على جسده فلما استيقظ من النوم وجد فعلا شيئا مكتوبا على جسده عبارة عن كتابة غريبة مكتوبة بالأخضر لا تزال أو تمحى وبعد مرور فترة استيقظ ولم يجدها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عندنا ما يمكن الجزم به في تفسير هذه الظاهرة، فإن كان الطفل استيقظ فعلاً ورأى كتابة على جسده لا يمكن محوها فيحتمل أن يكون حلم بما حصل له بالفعل ويحتمل أنه كان مخدراً يظن أنه نائم وهو في الحقيقة ليس نائماً وقد رأى بالفعل ما عمل له، وقد يكون عمل له سحر أو بعض أعمال المشعوذين، وقد يكون بعض الجان تصور له بصورة قريبه، وعلى كل نوصي بالتحصن بالتحصينات الربانية وبعدم سوء الظن بالقريب المذكور، وعليه بالرقية الشرعية.. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 112000، 80694، 106792.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(9/1454)
رأت جارته رؤيا لابنه أنه يموت غرقا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن عمره 12 سنة وله صديق من الجيران وقد رأت أم هذا الجار في حلمها أن ابني قد غرق بالبحر بمصر علماً أننا مقيمون بالسعودية فطلبت من زوجتي ألا ننزله البحر بالإجازة، وذكرت أنها رأت حلماً بموت أخيها أثناء صوت تلاوة القرآن، وقد تحقق ذلك بعد شهرين حيث مات بصعق كهربائي قبل صلاة الجمعة، علماً أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ماذا أفعل كوالد لهذا الطفل؟
وللعلم فجيراني من أهل الصلاح والاستقامة ونبهوا على ذلك حباً منهم لابني والذي تربطه علاقة طيبة بابنهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرؤيا المؤمن يغلب عليها الصدق؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ، وَمَا كَانَ مِنْ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ. قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ. رواه البخاري.
ومطابقة الرؤيا للواقع أمر حاصل ومشهور، ولكن لا سبيل إلى القطع بتحققه، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8138، 48547، 61522، 49408.
فعليك بكثرة الدعاء والاستعاذة بالله من شر هذه الرؤيا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، فَلَنْ يَضُرَّهُ. متفق عليه.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم وصححه، حسنه الألباني.
ولا حرج عليكم في اتقاء أسباب المكروه المتوقع واجتنابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(9/1455)
رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف لي أن أرى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمنام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام على وصفه الحقيقي منة ونعمة من الله تعالى لأن من رآه في المنام فقد رآه، وذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء، وإنما تؤتى نعم الله وفضله وثوابه بالاستقامة على دينه واتباع شريعة نبيه وهديه وسنته والإكثار من الصلاة عليه، فلعل الله يكرم بعد ذلك برؤيته في المنام، ويجمع به في الجنات يوم القيامة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 31854، والفتوى رقم: 22154.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(9/1456)
الحكمة من الرؤى والمنامات
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا خلق الله العلي العظيم المنام (الحلم) وما الهدف
منه وما حكم الرؤى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن تعلم أنه ليس كل ما خلقه الله نعلم حكمته فيه مع الجزم بأنه لا يفعل شيئا إلا لحكمة، فهو سبحانه الحكيم الخيبر، وهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ولعله يبين شيئا من الحكمة من هذه الرؤى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه. رواه مسلم. فيفهم من هذا الحديث وغيره أن من أسباب هذه الرؤى والحكمة منها أمور:
الأول: البشرى من الله تعالى للرائي أو المرئي له، ولذلك سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من الرؤى في حديث آخر مبشرات؛ كما في صحيح مسلم
الثاني: النذارة له لينتبه من أمر ما فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه، أو ليدع ما فيه مضرة عليه عاجلة وآجلة.
الثالث: ابتلاء المؤمن بما قد تسببه بعض الرؤى من تحزين الشيطان للمرء أي بأن يكدر عليه وقته فيريه في النوم ما يكرهه ويفزعه ويحزنه.
واعلم أنه قد فرق أهل العلم بين الرؤيا فخصوها بما يراه المسلم من الرؤيا الصالحة المبشرة، وبين الحلم فخصوه بما فيه تلاعب الشيطان بالإنسان وإراداته ما يكره ليحزنه، ويدل لصحة كلامهم ما في الحديث: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان. متفق عليه. وراجع الفتوى رقم: 78971.
وأما حكم الرؤى فلا يترتب عليها شيء بذاتها أي لا تبنى عليها أحكام شرعية، فلا يباح بها مكروه ولا محرم، ولا يجب بها مباح ولا مندوب، راجع الفتوى رقم: 31026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(9/1457)
قذف محصنة فدعا عليه أهلها فأصبح يرى رؤى مزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بقذف محصنة وأهلها يدعون علي وكل يوم في نومي أحلم بأن أحدا يربطني ويضربني في ظهري ضربا مبرحا، ولست أدري ماذا أفعل وطلبت منهم السماح والعفو واستغفرت الله وتبت إليه، ولكن ما زال الحلم يراودني، فأفيدوني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رمي المحصنات من الكبائر العظيمة، فهو من السبع الموبقات المذكورة في حديث الصحيحين، وقد توعد الله القاذف باللعن في الدنيا والآخرة والعذاب العظيم، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} ، فتجب التوبة واستسماح المقذوفة.
وعليك بالاعتذار لأهلها وأن تطلب منهم عدم الدعاء عليك، فدعوة المظلوم خطرها عظيم، وأما الرؤيا فالأصل أن لا يبني عليها شيء، إلا أنها هنا ينبغي أن تحثك على الصدق في التوبة، وبعدك عن الوقوع في أعراض المسلمين. وراجع في الذي يفعله من رأى رؤيا يكرهها في الفتوى رقم: 4179، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32178، 71974، 57330.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(9/1458)
الأدب عند رؤية الكوابيس في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ ما يقرب من سنتين وأنا لا أرى شيئاً في منامي سواءً كان كابوساً أو حلماً عادياً وهذه ليست القضية ولكن المشكلة أنه منذ حوالي أسبوع وأنا أرى كوابيس مفزعة كل ليلة مع أني والحمدلله أتوضأ قبل منامي إن لم يكن هناك ما يعوقني واقرأ أدعيتي كاملة.. فما السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن رأى ما يكره استحب له أمور:
1- ما جاء في صحيح الإمام البخاري من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره.
ففي هذا الحديث أمران الاستعاذة من شر هذه الرؤيا وعدم الإخبار بما رآه.
2- ومنها ما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه.
وهذا الحديث يدل على أمور زائدة على ما تقدم وهي البصق ثلاثا والتحول عن جنبه وتكرر الاستعاذة ثلاثا.
وقد نبه العلماء على هذه الآداب لمن رأى الرؤيا المكروهة، وقد لخصها الحافظ ابن حجر في الفتح في ستة أمور:
1ـ الاستعاذة من شرها.
2ـ الاستعاذة من شر الشيطان.
3ـ أن ينفث حين يهب من نومه عن يساره ثلاثا.
4ـ ألا يذكرها لأحد.
5ـ الصلاة فمن رأى ما يزعجه قام وصلى كما في صحيح مسلم.
6ـ التحول عن جنبه الذي كان عليه.
وعليه فننصحك أيها الأخ بهذه الأمور وسيذهب بإذن الله ما تجد، وراجع الفتوى رقم: 31725، والفتوى رقم: 73634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(9/1459)
الأدب عند رؤية ما يكره في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيوخ الكرام والعلماء الأفاضل لدى شيء يحيرني وأريد منكم المساعدة أعرف أن هناك طرقا لهذا، ولكن أرجو التكرم بالإفادة جزاكم الله خيرالجزاء.... إني أرى أحيانا في منامي وهذا يحدث قبل صلاة الفجر بقليل أو قبلها بقليل، أرى أنني في مكان به شياطين وجن وأحس بهم ويهرب كل من كان معي ويخاف إلا أنا وأظل أقرأ القرآن عليهم حتى أتخلص منهم، أرجو أن تفيدوني بخصوص هذا السؤال؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موقعنا ليس متخصصاً في شؤون المرائي وتغييرها، ولكن ظاهر الرؤيا يبشر بالخير، فكونك تعالج هذه المخاوف بقراءة القرآن مؤشر خير، وعليك بالحفاظ على آداب النوم وأذكاره، وأذكار الصباح والمساء، ولا بأس بأن تذهب إلى بعض أهل الخير والصلاح ممن يحسنون الرقية الشرعية ليرقوك. وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على ما ينبغي فعله إذا رأى الشخص في منامه ما يكره: 11014، 73361، 68043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(9/1460)
زيارة الميت لأهله في الرؤيا هل تؤشر على موت أحدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال يا فضيلة الشيخ بارك الله فيكم، والدي متوفى منذ خمس سنوات تقريبا أراه دائما في المنام يأتي إلينا في المنزل ومرات يتحدث إلينا ولكن لا أذكر ما يقول ومرات يكون صامتا.
مع العلم بأني دائما أترحم عليه وأطلب له المغفرة، رأيته من أسبوع تقريبا مرتين والمرة الثانية كانت أمي وأخواتي في الحلم رأيت أن أمي ذهبت للطبيب وأخبرها بأنها مريضة بمرض خطير نفس المرض الذي أصاب والدي وتوفي بسببه وأن نسبة المرض عندها 45 ونصف % وطلب منها أن تأخذ العلاج ولكنها رفضت، ولم يبين في الحلم في أي مكان أتاها المرض أخبرت أختي الأصغر مني بأن أمي مريضة بهذا المرض أخبرتي كيف وفي أي مكان؟ قلت لها ربما في ظهرها لأن أمي منذ سنوات وهي تعاني من ألم في أسفل الظهر ولكن الحمد لله المشكلة عندها في فقرات الظهر لا شيء آخر.
سؤالي يا فضيلة الشيخ هل من الممكن أن الحلم يتحقق؟ وهل صحيح أن الميت إذا زار أهل البيت ممكن أن يلحق أحد من أهل البيت به؟
مع العلم بأن أخي الكبير لديه طفلة عمرها تسع سنوات كانت مريضة وأجريت لها عملية كبيرة وهي في المستشفى رأى أخي أبي يأتيهم في المنزل وبعد فترة بسيطة ابنته توفيت.
أفيدوني بارك الله فيكم ما تفسير الحلم؟ أنا مؤمنة بقضاء الله أرجو إجابتي بكل صدق مع أنني والحمد لله دائما أصلي وأقرأ قرآنا قبل النوم واذكر المعوذات وآية الكرسي.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بما أعطاك الله من التوفيق للطاعات، وننصحك بالتعوذ من الشيطان، وسؤال الله العافية، والبعد عن الإخبار بمثل هذه الرؤى.
ففي حديث مسلم: فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره، وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره ولا يخبر بها أحدا.
واسألوا الله العافية لأمكم، واسعوا في علاجها بما يشرع من الدعاء والدواء والصدقات وغير ذلك.
وأما تحقق الرؤيا فقد يحصل أحيانا، وقد لا يحصل.
وأما كون زيارة الميت لأهله يحصل بها موت أحدهم فلا نعلم شيئا يدل على صحته، ولا نراه صحيحا فكم رأي بعض الناس موتاهم ولم يحصل موت أحدهم في الزمن القريب.
وأما تعبير الرؤيا فليس من اختصاص الموقع.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53369، 53369، 73010.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(9/1461)
رؤيا النائم رؤيا صالحة وهو على غير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرضت لظروف صعبة لكنها لم تؤثر فيّ مثل وفاة أبي وأمي وعندما ظهرت نتيجتي وأنا طالب فى كلية التجارة وظهر أني راسب في ثلاث مواد من سبع مواد أدركت وشعرت بشعور أنني يجب على التغير والاقتراب من الله، مع العلم بأني كنت بعيدا كل البعد عن ربي وأفعل كل المحرمات من شرب السجائر والمخدرات والعادة السرية وكنت سوف أتجه إلى فعل الزنا قبل وفاة أمى بيوم واحد فقط والحمد لله على كل شيء.... أحسست بعد ظهور النتيجة أني رأيت حلما وكنت طاهرا فى لحظتها وفهمت الحلم على أن ربي يريد أن يرشدني إلى الطريق الصحيح وكان الحلم أني أمشي بسيارتي فى شارعي وهو فيه العديد من الإصلاحات التي تسببت باستخدام نصف الشارع فقط للسيارات وأحسست أني أجاهد لكي لا أنزلق فأقع فى الحفر..... وتناسيت هذا الحلم حتى قررت أني سوف أترك المخدرات والعادة بقدر الإمكان وأن أتجه للصلاة التي لا أفعلها أبداًَ ولا حتى صلاة الجمعة..... ونمت البارحة وكنت غير طاهر وعندها حلمت حلما وهو ما أشعرني أنه ليس مجرد حلم وإنما هو رؤية مهمة وهذا ما أحسست به فعلاً وكان الحلم هو أنني أمشي بسيارتي أيضا في شارعي وفيه ذات الحفر ولكننى غصبا عني دخلت في منعطف على الشمال من الطريق والحفر على يميني وإذا بي عندما أنعطف لا أجد أني دخلت فى شارع جانبي وفى نهايته نور أبيض جداً جداً جداً ومبهج جداً وعندها أحسست فعلاً أنها رؤية وأن ربي يقول لي اتجه للصح وأنا معك وسوف أساعدك وبالفعل قمت من النوم اغتسلت وصليت الفجر وجلست أحاول أن أكلم دار الإفتاء فى محافظتي فلم أستطع ففكرت فى هذا الموقع قد أجد فيه إجابة، وهى: هل من الممكن أن تأتي للشخص رؤية فى منامه وهو غير مغتسل وغير طاهر، فأرجو أن أكون وضحت سؤالى جيداً وأرجو الإفادة سريعا وأنني سوف أتجه إلى صلاة ظهر الجمعة التي لم أصلها ممكن من سنين وربنا يوفقني وادعو لي بالهداية يارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يبعد أن يجد النائم على غير طهارة رؤيا صالحة، كما قدمناه في الفتوى رقم: 64680.
ولكن الأمل في صدق رؤيا النائم على طهارة أكثر، ولتعلم أن سلوك طريق التوبة والإيمان أمر واجب على كل مسلم لنصوص الوحي الموجبة له، ومن سلك طريق التوبة أصلح الله أمره وأسعده في الدارين، فقد قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {المؤمنون:1} ، وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31} ، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4307، 59097، 41001، 54604، 60327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(9/1462)
هذا الحلم لا يترتب عليه شيء شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[حلمت أن أمي قالت لي أن لا أسمي ابنتي التي سوف تأتي باسمها وزوجي يقول إن هذه الأحلام من الشيطان، علما بأني حلمت بعد صلاة الفجر، وهل الحلم من الشيطان والرؤية من الله، فأرجو الإفادة؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الحلم لا يترتب عليه شيء شرعاً، فيمكن أن يكون حديث نفس أو غير ذلك، وعليه فلا مانع من تسمية ابنتك باسم الأم أو بغيره من الأسماء المشروعة، وسبق بيان الضابط في الأسماء الممنوعة والمباحة في الفتوى رقم: 21697، والفتوى رقم: 12614.
وأما كون الرؤيا من الله والحلم من الشيطان فهذا صحيح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات ويتعوذ من شرها؛ فإنها لا تضره، وقال أبو سلمة: وإن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من الجبل فما هو إلا أن سمعت هذا الحديث فما أباليه. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(9/1463)
لا بأس في السؤال عن تأويل الرؤيا السارة والتحدث بها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أحلام حيرتني وأحب أن أسأل عنها، ولكن هل إذا سألت عنها تفسد خاصيتها، فهي أحلام فيها الخير إن شاء الله تعالى ولا أريد أن تفقد خاصيتها، وأريد أن أسألكم عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا السارة يجوز السؤال عن تعبيرها، وأن تحدث بها أحبابك، ولا يؤثر ذلك على ما فيها من التبشير، وأما الأحلام المفزعة فلا تحدث بها أحداً وتعوذ بالله من الشيطان فلن يصلك ضر إن شاء الله تعالى، كما في حديث الصحيحين، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11014، 41751، 64867، 73361، 100322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(9/1464)
الأولياء الصالحون من هم ورؤياهم في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي اسمه محمد ويبلغ من العمر 21 سنة وهو يحلم دائما بولي صالح وهو معروف لدينا في تونس واسمه "الحسن الشاذلي" ويقول له فيما معناه متى تأتي لزيارتي ثم يحلم بجارنا وهو أيضا شاب واسمه بلحسن يقول له أنا غاضب منك لماذا لم تأت لزيارتي، وهو حائر خاصة وأنه لا صلة لنا بالأولياء الصالحين وما يفعله الناس من خزعبلات، فهل هذه رؤيا وعليه زيارة هذا الولي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الأولياء والصالحين حقاً ليسوا على الوصف الذي انطبع في أذهان كثير من العوام من ادعاء جلب النفع ودفع الضر، فالولي هو المؤمن المتقي المستقيم على طاعة الله والبعد عن محارمه، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ {يونس:62-63} ، وقد أنزل على أفضل أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم قوله: قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ... {الأنعام:50} ، وقال على لسان رسوله عيسى عليه السلام: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ.. {المائدة:117} ، وحب هذا النوع من أولياء الله الصالحين أمر مطلوب شرعاً ومحمود طبعاً.
وهذا كان من دعاء الأنبياء أن يلحقوا بالصالحين، فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام يقول: رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {الشعراء:83} ، ويقول يوسف عليه السلام: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {يوسف:101} ، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه أحمد والبخاري في الأدب والنسائي والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه: اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.
مع العلم بأن الأولياء والصالحين لا يملكون جلب نفع ولا دفع ضر، والذي يملك ذلك كله هو الله جلت قدرته، ومن ادعى القدرة على التأثير في شيء من هذا الكون كان كاذباً، وهو لولاية الشيطان أقرب، وفيما يخص موضوع سؤالك فإن الرؤى والأحلام لا تنبني عليها الأحكام الشرعية، وكل ما فيها أنها إذا كانت حسنة كانت مؤشراً على صلاح الرؤيا، وإن كانت سيئة كانت من الشيطان، روى البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. وفي رواية: الرؤيا الحسنة.
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من الله والرؤيا السوء من الشيطان. ولك أن تراجعي في ما ينبغي أن يفعله من رأى رؤيا تسوؤه الفتوى رقم: 31518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(9/1465)
الفرق بين الحلم والرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لي ابن خال كلمني في يوم من الأيام وقال كان مرة بين النائم والصاحي وبينما هو على ذلك الحال فجأة إذ بشيء مسك على رقبته وعلى خصره من الخلف وكان يحاول أن يلقنه أن يقول أعوذ بالشيطان الرجيم من الله رب العالمين ولكن الولد كان يرفض ذلك ولم ينطق بها أبداً، وللعلم فإن الولد مبتعد قليلا عن الصلاة يعني أنه مهملها فماذا تقولون في هذا وما هو تفسيركم لهذا الشيء وهل هذا حلم أم نقول إنها رؤيا وما هو الفرق بين الحلم والرؤيا، ونفس الشخص أخبرني أنه يحب أن يحلم أحلام اليقظة وكأنه يطير وكان يحب ذلك تكرر هذا الشيء معه وكأنه حقيقه وفي ذات يوم وهو يتمنى ذلك بعد أن ذهب إلى الفراش وفجأة وكأنه بشيء كالغمام هبط عليه وبصورة امرأة ولعبته وهو كذلك وحاولت ممارسة الجنس معه لكنه رفض ذلك وحاولت مراراً، لكنه رفض ذلك، فنرجو منكم أن تفسروا لنا ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله لنا ولك ولقريبك العافية، ونفيدك أنه ليس عندنا ما يجزم به في شأن ما حصل له، وأما الفرق بين الحلم والرؤيا فقد نقل النووي عن المازري أن الرؤيا في المحبوب والحلم في المكروه، وعليكم بالتحصن بالأذكار المأثورة وشحن الوقت بما ينفع والمحافظة على الطاعات، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على المزيد في الأمر وبعض التوجيهات النافعة: 32576، 74570، 67633، 53302، 52423، 43636، 40025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(9/1466)
المنامات لا يثبت بخبرها شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[تلقيت في بريدي الإليكتروني رسالة من صديق ورد فيها أن الذي رسم الكاريكاتير على الرسول صلى الله عليه وسلم مات محروقا وأن الدنمارك متكتمة على الخبر ورجى مني أن أنشر الخبر لأن أختا في فلسطين رأت بأن من سينشر الخبر سيفرحه الله بعد 4 ساعات وأن رجلا يدعى د. عبد الله مصطفى شاهد في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصاه سلاما على الناس فيجب على كل من يقرأ الرسالة أن يوزعها على الناس وسيفرحه الله فرحا شديدا بعد 4 أيام وإن لم يفعل سوف يحزن حزنا شديدا.
ثم ورد بأنها أمانة في ذمتي إلى يوم القيامة وأنه علي أن أنشرها على 25 شخصا.
أوصوني جزاكم الله عني كل خير ماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنامات لا يثبت بها شيء ولا يلزم بخبرها شيء، وعلى المسلمين أن يسعوا في إحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعلموها وينشروها بين الناس ويذبون عن الرسول صلى الله عليه وسلم بما يستطيعون.
وأما المنامات فلا يعتمد عليها ولا على ما فيها من الوعد والوعيد، بل قد يكون إشاعة هذا النوع من الأخبار مما يسبب استهزاء الكفار بالمسلمين.
وراجع الفتوى رقم: 69450 مع إحالاتها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(9/1467)
الأحلام لا ينبني عليها حكم شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم خير الجزاء على الموقع.. يا شيخ إذا تكرر حلم مرتين عن شخص متوفى من شخصين مختلفين وهو كأنه مريض وقرأت تفسيره في كتاب ابن سيرين: (فإن رأى كأن على الميت ثيابا وسخة أو كأنه مريض فإنه مسؤول عن دينه فيما بينه وبين الله تعالى خاصة دون الناس ومن رأى الميت مشغولاً أو متعباً فذلك شغله بما هو فيه) ، فمامعنى (فإنه مسؤول عن دينه فيما بينه وبين الله تعالى خاصة دون الناس) ، ما واجبنا تجاه الميت في مثل هذه الحالة وهل من الأفضل إخبار أهله وزوجته بالحلم، ومامعنى (فذلك شغله بما هو فيه) ، عفواً أنا لا أطلب تفسير حلم بل شرح لوضع حالة الميت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أننا قد بينا من قبل حكم الاعتماد في تفسير الأحلام على كتاب ابن سيرين، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 41552.
ثم إن سؤالك قد تضمن أمرين هما:
1- قولك (ما واجبنا تجاه الميت في مثل هذه الحالة، وهل من الأفضل إخبار أهله وزوجته بالحلم؟.
2- سؤالك عن معنى (فإنه مسؤول عن دينه فيما بينه وبين الله تعالى خاصة دون الناس) ، وعن معنى (فذلك شغله بما هو فيه) .
فأما النقطة الأولى فإنها تضمنت سؤالاً عن أحكام شرعية يراد بناؤها على حلم، وجوابها أن الأحلام لا ينبني عليها حكم شرعي، وغاية ما فيها أنها إذا كانت صالحة فهي من الله، وإن كانت غير ذلك فهي من الشيطان، وعلى صاحبها أن يفعل ما أرشد إليه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لا تضره. وعلى كل حال فاستغفروا لهذا الميت واجتهدوا في الدعاء له، وإن تصدقتم عنه فذلك خير له.
أما النقطة الثانية فسنتعرض لشرح ما سألت عنه فيها من الناحية اللغوية، لا غير فقوله (فإنه مسؤول عن دينه فيما بينه وبين الله تعالى خاصة دون الناس) ، يعني أن رؤية الميت وكأن عليه ثياباً وسخه أو كأنه مريض، تدل على أنه في تلك الحالة يسأل عن أمر دينه المتعلق منه بحقوق الله (كالصلاة والصيام ونحوهما ... ) ، دون حقوق الناس (كالغيبة والديون المالية ونحو ذلك ... ) ، وقوله (فذلك شغله بما هو فيه) ، يعني أن رؤية الميت مشغولاً أو متعباً، تدل على أنه منشغل بالحال التي هو فيها.
واعلم أيها الأخ الكريم أن أمور الميت وما هو فيه من انشغال، إنما هي من مسائل الغيب التي لا يصح الاعتماد فيها إلا على الوحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(9/1468)
الهدي النبوي لمن رأى في نومه ما يكره
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأحيان أحلم وأتخيل أن أبي والعياذ بالله قد مات، علما أن معاملته جيدة وأنا أحبه كثير الحب، بعض الأشخاص قالوا لي هذا نقص إيمان، فهل هذا صحيح وكيف هو الحل؟ وجزاكم الله كل الخير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأحلام تسر ولا تضر بإذن الله، ولا يبنى عليها شيء، وإذا حلمت بشيء مما ذكرته فعليك أن تفعل ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره. رواه البخاري.
وروى الشيخان من حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب. وفي رواية: فليتحول عن جنبه الذي كان عليه. وفي رواية: فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(9/1469)
عاقبة الالتزام بالهدي النبوي في الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في هذه الشبكة من يفسر الأحلام، أحيانا أحلم بأحلام غير مرغوبة وغير مسرة وأرى نتيجته بعكس ما أحلم مثلا رأيت قبل سنة ديدان يخرجون من أذني بلون بني واستعذت منها ومن الشيطان الرجيم تفلت عن يساري 3 مرات ولم أحدث به أحدا إلى أن ذهبت إلى عملي وسمعت عكس ما رأيت رأيت بعض الزملاء وزميلاتي يباركونني بالترقية، سبحان الله هل معنى ذلك إن كل ما يحلم به إنسان ليس شرا، فما معنى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لدينا أحد بالشبكة الإسلامية يفسر الأحلام، وليس من اختصاص هذا الموقع القيام بذلك، وقد أحسنت بالتزام السنة عند رؤيتك في المنام ما تكرهين، وكونك قد سمعت في مكان عملك ما يسرك فذاك خير جواب على سؤالك وهو أن من هذه الرؤى ما يكون من الشيطان وأنها لا تضر صاحبها إن أتى بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من آداب، وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 27840.
ويظهر من سؤالك أنك تعملين في مكان فيه اختلاط بين الرجال والنساء فإذا كان الأمر كذلك فنرجو أن تراجعي ضوابط عمل المرأة المسلمة في الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1429(9/1470)
ما يفعله المرء إذا رأى في منامه ما يسره أو يحزنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أدرس في بلد غير عربي، أري نفسي في المنام أنني نايمة مع أحد إخواني وأشعر بلذة مع أنني لست متزوجة ومنذ أن أصبحت أصلي وأرتدي الحجاب وتغيرت کثيراً للأفضل من الناحية الدينية ازدادت المنامات خصوصا بعد صلاة الفجر مع أنني اأقرأ المعوذات وآية الکرسي قبل النوم، ماذا أفعل کي أتخلص من هذه المنامات، هل صحيح ما يقولون من أنني لن أتزوج طول عمري من أجل هذه المنامات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ما يفعله المرء إذا رأى في المنام شيئاً يسره أو يحزنه، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 78202.
وورد في نفس الفتوى أنه لا إثم على النائم فيما يحصل له من أحلام، لأن ذلك شيء خارج عن إرادته واختياره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل. رواه أبو داود وغيره.
وأما ما ذكرته من أن البعض يقولون إنك لن تتزوجي طول عمرك بسبب هذه الرؤى فإنه قول غير صحيح إطلاقاً، إذ لا دليل عليه في الشرع والواقع يثبت خلافه، فلا تشغلى نفسك في التفكير في مثل هذا الأمر واتقي الله تعالى واسأليه من فضله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(9/1471)
كيفية تعلم تعبير الرؤى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب الحمد لله ملتزم وأسعى لكي أتعلم العلم الشرعي وأنا قد أكرمني الله ببعض الرؤى الجميلة التي ينشرح لها صدري، ولكن لا أعلم لها تفسيرا، فهل يمكن أن أتعلم هذا العلم أو يمكن أن تدلوني على شيخ عالم بهذا الموضوع، فأنا أريد أن أتعلم العلوم الشرعية كلها ومنها الأحلام؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن العلم بتعبير الرؤى ليس شرطاً في حصول العلم الشرعي، ثم تعبير الرؤى قد ذكر أهل العلم أنه يكون بفهم الأحوال والأوقات، وأنه مجال للفراسة، وأنه يختلف باختلاف أحوال الناس وأزمانهم.
قال الدردير في الشرح الصغير: والعلم بتفسير الرؤيا ليس من كتب، كما يقع للناس من التفسير من ابن سيرين، فيحرم تفسيرها بما فيه، بل يكون بفهم الأحوال والأوقات وفراسة وعلم بالمعاني..
قال الصاوي في حاشيته على الشرح المذكور: فيحرم تفسيرها بما فيه ... أي إن لم ينضم لذلك بصيرة من المعبر، لأن ما في ابن سيرين وابن شاهين صحيح قطعاً، لكن لا تتحد الناس فيه، بل يختلف بحسب أحوال الناس وأزمانهم وأشغالهم ...
فهذا يدل على أن هذا العلم تشترط له أهلية خاصة، فإن أمكنك تحصيلها فالحمد لله، وإلا فننصحك -إذاً- بالإقبال على تعلم العلوم الشرعية، وتجنب تعبير الرؤى إذا لم يكن فيك ما ذكرناه من الأهلية له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(9/1472)
لا أثر للتفكير والاحتلام على البكارة
[السُّؤَالُ]
ـ[فى الحقيقة يحتمل أن يكون سؤالي غريبا ولكن مثلي مثل أي بنت تخاف على شرفها، في الحقيقة أنا صحيت مرة من النوم لقيت نفسي شبة مثارة جداً دون أي سبب ويمكن أن يكون من كثرة تفكيري في خطيبي، فهل هذا يمكن أن يؤثر علي لا قدر الله أم أنه مجرد حلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم المراد من سؤال الأخت بالتحديد وما الذي تخافه من هذا الأمر؟ فإن كان خوفاً من الإثم فليس في ما ذكرت إثم، لأن مجرد التفكير وحديث النفس ليس عليه مؤاخذة، وانظري الفتوى رقم: 8685.
وإن كان خوفاً على البكارة فلا أثر للتفكير والاحتلام على البكارة من قريب ولا من بعيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(9/1473)
التخلص من الكوابيس المزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[تأتيني كوابيس مزعجة أثناء النوم وتأتي علي شكل إنسان، وعندما تحدثت مع صديقاتي أتى الي وقال لو تكلمت سنأخذ منك ابنك، مع العلم بأني أحفظ القرآن ولا أضيع الصلاة وأقرأ سورة البقرة كثيرا وأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وغالبا ما تأتيني في الصباح بعد خروج الأولاد من المنزل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بعدم النوم وحدك وأن تواظبي على الأذكار والتعوذات المأثورة، وتلاوة سورة البقرة مع حضور القلب والثقة واليقين بوعد الله، وحصني عيالك بها، وأحسني الظن بالله أنه لن يضرك شيء ما دمت تواظبين على التحصينات الربانية. فالله تعالى يقول كما في الحديث القدسي الذي رواه الإمام أحمد: أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن بي خيرا فله وإن ظن بي شرا فله.
وراجعي للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 57129، 61869، 69805، 73010، 11014، 4179، 61490، 33860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(9/1474)
رؤية الله تعالى في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المرء إذا رأى حلما في منامه، أن الله عز وجل يحاسبه، وفيه تشبيه الخالق عز وجل بإنسان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن رؤية الله تعالى في المنام ممكنة وجائزة، وقد سبق أن بينا ذلك بالفتوى رقم: 8271.
وذكرنا فيها ما ذكره أهل العلم مما يمكن أن تدل عليه رؤية الله في المنام على وجه العموم، وأنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الله تعالى في نفسه مثل ما رأى في المنام فإن الله عز وجل لا يشبه الأنام.
وبما أن هذه الرؤيا متعلقة بالحساب فقد يكون فيها تنبيه لصاحبها ليستعد للحساب ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(9/1475)
المعتبر في صلاح الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم الحلم يكرهه فليبصق عن يساره وليستعذ بالله منه فلن يضره.
ما هو المقياس والأساس في معرفة ما يحب الإنسان ويكره في المنام من منظور هذا الحديث فالصالح يحب أن يرى صالحا ويكره غيره والفاسد يحب أن يرى الفساد ويكره غيره هل هذا معناه أن الصلاح للصالح خير والفساد للفاسد خير؟
وماذا لو رأى الإنسان في المنام ما لا يعرف أهو خير له أم غير ذلك ماذا عليه أن يفعل؟
وهل هذا الحديث خاص تطبيقه للمسلمين فقط؟
وهل يجوز له أن يخبر بما رأى من يشاء من رجال ونساء وصغار وكبار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم في تفسير صلاح الرؤيا أن صلاحها باعتبار صورتها وقيل باعتبار ما تعبر به وقيل باعتبار صحتها، كذا قال العتبيي في شرح البخاري.
ولا يعتبر ما يحب الإنسان صالحا إلا إذا كان محبوبا في الشرع، وأما من كان فاسد المزاج نظرا لفسقه أو قلة عقله فأحب ما هو ممنوع شرعا فرآه في النوم فلا يعتبر ذلك رؤيا صالحة لأن تحقق ما هو ممنوع شرعا ليس من صالح المسلم لأن المعاصي تزيل النعم وتسبب النقم.
وأما من رأى في النوم ما لم يفهم هل هو خير له أم لا فالأولى كتمه وعدم التحدث به لأن الصمت في الأصل أفضل من الكلام الذي لا يتحقق من وجود الخير فيه لما في الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. متفق عليه. ولأن الأصل عدم الإخبار بالرؤيا الشريرة لئلا يتأولها السامع بما يكره فكذلك ما جهل محتواها الأولى الصمت وعدم الإخبار لئلا يتأولها السامع بما يكره، ويجوز الحديث بين الرجال والنساء والصغار والكبار بما ذكر مع الالتزام بالضوابط الشرعية، وأما الكفار فأولى ما يهتم لهم به هو توحيدهم وعبادتهم ومع ذلك فإنهم لا يمنعون من شيء يجوز للمسلمين إلا ما خصه الدليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(9/1476)
دلالة رؤية الميت في حالة حسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي إلى رحمة الله وكان رجلاً صالحاً للغاية وكان طيب القلب كان الجميع يحبونة لقلبه الطيب وإحسانه عليهم ولعمله الصالح، ويعلم الله وحده مدى حبه له، وجه لي عندما كان فى المستشفى آخر شيء قاله أحبك وكانت بالإشارة حينها قبلت يده وانغمست فى البكاء اعتقدت بعد وفاته أنني سأموت بعده نعم أنا أتمنى الموت ليلاً ونهار حتى أكون بجانبه ولكن يحدث لي أنا وإخوتي شيء غريب وهو بعد وفاته بيومين جلسنا نضحك ولا نعلم كيف، وعندما تأتي سيرته نقرأ له قرآنا بعدها أيضا نجلس نضحك، فما معنى ذلك، بعد أسبوع من وفاته جاءني فى المنام وكان مناما أبيض وكان مبتسما وقال لي لا تعتقدي أني مت أنا عايش أنا عايش مبسوط أنا مرتاح من وجع آلام الأمراض فقبلته ونمت فى حضنه، فهل رؤية الميت حق وهل هي تخبر عن حالته التي عليها، أنا أحيانا كثيرة أتذكره بعدها أضحك كثيرا ولو على شيء تافه أضحك بشدة، فهل هذا معناه شيء، ولست أنا فقط كذلك بل أمي وأخواتى أيضا أخواتى الذين رفعوا الحداد بعد ثلاثة أيام وعاشوا حياتهم كما كانت، أتساءل هل أبي أو الرجل الصالح يطالب الآخرين بعدم الحزن عليه أم أن الله يلهيهم عن الحزن، مع العلم بأنني أتذكر أبي دائما وأنام ودموعي على خدي ... وأخيراً أتساءل أنا لست فصيحة فى قراءة القرآن فهل إذا قرأت القرآن وغلطت فى تنوين أو في كلمات هل يتعذب الميت، وما هو الشيء الذي أفعله لأبي حتى يصل إليه ويستمر معه إلى الأبد وينور قبره ويكون هدية من ابنته ويجعله من أهل الجنة، وهل يجوز الاستغفار والتسبيح لأبي، وما دليل ذلك من الكتاب والسنة؟ وجزاكم الله خيراً كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الموتى يُرَوْن في المنام، وعدم الحزن والبكاء على الميت من آكد ما يلزم ذويه، ويشرع لهم إهداء ثواب القربات له والاستغفار والحج عنه، ويتعين تصحيح ما يتلى من القرآن وعدم التساهل في الأخطاء على قدر الإمكان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاح الرجل واستقامته في الدنيا على الدين وتحاببه مع أهله أمور يرجى أن تكون سبب سعادته في الحياة البرزخية والآخروية، وأما تسلي أهله بعد وفاته بأيام وضحكهم ضحكاً طبيعياً عندما يوجد سبب الضحك فليس فيه ما يستغرب، فعليكم بالتسلي والصبر وإبعاد الحزن عنكم، ثم إن الموتى يُرَون في المنام كما حصل كثيراً في عهد الصحابة، وقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح كثيراً من أخبارهم ورؤيتهم بعد الموت في المنام، فلا يبعد أن تكون رؤياكم للوالد في حالة حسنة رؤيا صحيحة.
وأما قراءة القرآن قراءة صحيحة فهو فرض على التالي، فيجب بذل الوسع في سبيل تصحيح ما يقرأ، ولا يجوز التهاون في تغيير الشكل وترك التنوين، ولكنا لا نعلم ما يدل على تعذيب الميت بسبب ذنوب أولاده، بل الظاهر عدم ذلك لقول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وراجعي للمزيد فيما سبق وفيما ينبغي ويشرع فعله للميت الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5541، 76240، 69795، 96540، 80825، 53504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(9/1477)
كلمة حول الرؤى المنامية
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله
قرأت هذا الموضوع وأريد ردا عاجلا:
لم يكن والدي رحمه الله ممن يعنى بالكتابة والتأليف فلم يترك وراءه أي أثر من تأليف أو كتابات علمية غير أن ظاهرة فريدة برزت في تفكيره ونظام نشاطه العلمي على حين غرة.....
أما قصة المقال الأول فتبدأ بمقال..........
يتضمن نقداً لكلام كنت قد ذكرته عن اجتهاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن إمكان الخطأ في اجتهاده ولما جلست إليه في صباح اليوم التالي قال لي:
لقد رأيت الليلة رؤيا عجيبة لم أر مثلها في حياتي قط.
قلت له: خيراً رأيت. ورجوته أن يقصها عليّ.
فبدأ يقول والدهشة بادية عليه:
رأيت ربّ العزّة جلّ جلاله. ثم قال لي اكتب.... وأخذ يملي عليّ كلاماً في منتهى التحقيق والدقة عن مسألة اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمكان أو عدم إمكان خطئه في الاجتهاد ثم قال: هذه حصيلة الرؤيا العجيبة التي رأيتها.
أما قبل وفاته بأقل من أسبوع فيما أذكر فقد دخلت غرفته وقت صلاة الفجر أسأله عن حاله ونظرت فإذا وجهه يفيض ابتهاجاً وسروراً قال لي:
لقد رأيت الليلة رؤيا، إذا صدقت وكان الأمر ما رأيت حقاً فإنها أثمن من كل كنوز الدنيا والآخرة.
قلت: خيراً رأيت إن شاء الله.
قال لي:
رأيت نفسي في عرصات القيامة والكون من حولي مليء بناس لا أعرفهم وأُوقفتُ بين يدي الله عزّ وجلّ فقال لي:
" كنت تعظمني في الدنيا فاليوم أكرمك وذريتك ".)) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولا إلى أنه لا ينبغي شغل المسلمين بكتابة مثل هذه الحكايات التي لا يدرى إن كانت قد وقعت فعلا أم لا، ولا ينبغي للمسلمين أن يقفوا عند مثل هذه القصص وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكتب السير والتراجم من قصص الأنبياء وسير الصالحين ما يكفي المسلم لأخذ العظات والعبر.
ثم إن مثل هذه القصص قد تكون مختلقة ولا أساس لها من الصحة، وقد ورد الوعيد الشديد على أمر الكذب في الرؤيا، وقد ذكرناه بالفتوى رقم: 7562، فراجعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1428(9/1478)
ليس من حسن العشرة تهديد الزوجة بالطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشعر أن الشيطان يدخل بيني وبين زوجي فمثلا حلم زوجي أنه طلقني وهو يقول لي عندما يغضب لا تجعليني أطلقك مثل ما حلمت، مع العلم بأن زوجي عصبي جداً وأشعر هذه الفترة أنه غالبا عابس مع أني أحاول كل ما في جهدي أن أسعده ولا أغضبه، انصحوني هل هناك آيات أو أذكار أقرأها على مخدته وماذا أفعل فأنا تعبانة وزوجي لا يصلي مع أن ضميره يؤنبه ولا يتحمل أي كلمة مني بموضوع الدين؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في حرصك على إسعاد زوجك والبعد عما يغضبه، ولا شك أن من أهم ما يمكن أن يتحقق به إسعاده هدايته إلى الصراط المستقيم وجعله يحافظ على صلاته، ولا يلزم أن يكون نصحك له من طريق مباشر، إذ يمكنك استغلال بعض الوسائل كجهاز التسجيل ونحوه لإسماعه بعض أشرطة المواعظ المؤثرة أو الاستعانة ببعض أهل الخير والصلاح لنصحه ونحو ذلك من الوسائل.
وأما الرقية وقراءة القرآن فهي نافعة بإذن الله، وليس هنالك آيات معينة تقرأ في مثل هذه الحالة، فيمكن أن تقرئي عليه ما يتيسر من القرآن، وفي قراءة آية الكرسي والمعوذات الخير الكثير، ولا تنسي أن تكثري من الدعاء لزوجك بالهداية.
وننبه إلى أنه لا ينبغي للزوج أن يجعل الطلاق وسيلة يرهب بها زوجته، فإن هذا مما ينافي المعاشرة بالمعروف، وننبه أيضاً إلى أن مثل هذا الحلم من كيد الشيطان ليعكر صفو الحياة الزوجية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 50640، والفتوى رقم: 62008، والفتوى رقم: 5629، والفتوى رقم: 48860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1428(9/1479)
قد تقع الرؤيا كما رآها الشخص وقد يكون لها تأويل آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الشخص إذا سمع في منامه هاتفاً أو صوتا يخبره بشيء ما سيقع مثلاً فهل مثل هذه الأحلام تكون رؤى ولا تفسر بل تقع كما قيلت وسمعها، فقد حدث لي عندما كنت صغيرة وقبل أن يطرأ على بالي أصلا موضوع الزواج أن رأيت رجلاً له لحية ويرتدي ثياباً بيضاء كله نور, وأخبرني صوت في منامي بصفاته على أنه زوجي ومنها أنه سيكون "من أهل السنة والجماعة" والله قبل حتى أن أعرف معنى كلمة "أهل السنة والجماعة" ومن هم, حتى أني قلت ربما أكون فهمت خطأ, ولكن بعد أن كبرت عرفت من هم, وأنا فعلاً أرجو لنفسي واحداً هكذا، فهل رؤيا كهذه لي أن أعرضها على أهل تأويل الرؤى أم أنها تقع كما جاء على لسان هذا الصوت لأنه هاتف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا التي رأيت يمكن أن تقع بإذن الله تعالى كما رأيت، ويمكن أن يكون لها تفسير آخر يعرفه أهل الاختصاص في تعبير الرؤيا بالقرائن والأحوال ... ولذلك فنحن لا نقطع فيها بشيء لأن هذا ليس من اختصاصنا، وبإمكانك أن تسألي عنها أهل الاختصاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(9/1480)
يرى منامات وتتحقق غالبا فهل هذا سحر أو مس
[السُّؤَالُ]
ـ[من حكمة الله عز وجل أن جعل الإنسان لا يعلم المستقبل، إذ لو كان كذلك لا نفجر الإنسان من الهم والحزن (الغني سيصبح فقيرا، والعزيز ذليلا ... إلخ) ، منذ 6 سنوات، كل منام أراه يتحقق 100% أو يكون قد تحقق في الماضي مع أشخاص أعرفهم، مثال عن منام تحقق في الماضي مع أشخاص أعرفهم، رأيت صديقي يقوم بفعل محدد مع إشارات (اسم شخص، طيارة ... إلخ) لا ارتباط بينهم أبداً ولا حتى بالفعل الذي يفعله صديقي بالمنام أبدا ... فاعتقدت أن ذلك شيء لا معنى له، فسردت هذه الاشارات لصديقي فكان ذلك قصة حدثت معه وكل إشارة كان لها معنى من القصة الحقيقية، أحاول دوما أن لا أشغل نفسي بهذه الأشياء ولكن عندما يصبح المنام حقيقة لا أستطيع نسيان المنام أو التغاضي عنه، أعلم أن الرؤيا الصالحة منة من الله لكن عندما أرى أن التمديدات الصحية في بيت أحد أقاربي وفي منطقة معينة منه قد فاضت، أحيانا يكون المنام حديث النفس لكنه يتحقق, مثلا: بعد ممارسة الرياضة عدت إلى المنزل وأنا أشعر بشد في عضلات رجلي ونمت على ذلك فرأيت والدي في المنام ورجله اليمنى معضلة وقد ربطها بسترته الصوف التي لونها بني.... وكثير جداً جداً على مثل هذه الحالات.... في بداية هذا الأمر كنت أحدث بالمنام لكن بعدها (منذ 5 سنة) لا أحدث أحدا ورغم ذلك يتحقق المنام، ف أرجو من حضرتك يا شيخ أن تشعر بالهم الشديد والعظيم عندما أرى أي رؤيا تزعجني، (أني أعلم كل إرشادات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيال هذا الأمر من تفل على اليسار والاستعاذة..... إلخ) ، مثال آخر: عششت حمامتان على شرفة غرفتي ثم وضعتا بيضة واحدة فرأيت في المنام بعد يومين, التالي: أني أنا ممسك هذه البيضة بيدي (لكني لست أنا أو ليس ذلك شكلي) ، ثم أقوم بقضمها بفمي لتنكسر وتنزل منها مادة بيضاء وأشعر بطعم البيضة تماما، فأستيقظ وأنا مفزوع، وفي اليوم التالي أجد البيضة مكسورة على بعد 20 سم من العش وحولها مادة بيضاء وأمها تضرب النافذة!؟ والمصيبة لا تقف عند هذا فأحيانا يراودني شعور بأن شيئاً محددا قد يحدث فيحدث بعدها، مثلا: وأنا جالس بغرفتي لا أدري كيف بدأت أفكر بالصراصير فاذا بصرصار أسود كبير يمر بالقرب مني. راودني إحساس في بداية السنة الدراسية أني سأحصل على مجموع قدره 190 وحصل ذلك، ولو أردت ذكر القليل من هذه الحوادث + المنامات التي حصلت لاسترسلت جداً في الكتابة، السؤال هو: هل ذلك بسبب سحر أو مس كما قال البعض أو أنه من الله تعالى، علما بأن بعض أقاربي (لا علم لهم بذلك) يقولون إنه يوجد علي سحر (من خلال رؤيا في رمضان رأوها علي) ، وكيف تكون هذه المنامات التي تسبب الغم من الله عز وجل، وهل ذلك عقوبة من الله تعالى على إسرافي، علما بأني أعاني من قلق عام والقولون وفي الصعوبة البالغة في القيام بالصلوات وعدم التركيز فيها وتنميل الأطراف وصداع والعجز عن إكمال دراستي التي كنت متفوقا جداً بها وعدم القدرة على العمل والتركيز وغير ذلك.... فهل هذه أعراض مس أو سحر أو حسد، واذا كان كذلك فماذا أفعل، (أنا أعلم الرقى والآيات لكن ليس لدي القدرة على فعلها) ، شاهدت مناما لا أريد ذكره أشعر منه أن السحر الذي قد عمل لي من خلال الجن الطيار والشخص الذي أراد ذلك، فهل الجن الطيار يذهب عند سماع القرآن ثم يعود عند التوقف عن ذلك، لأني لا أشعر بأية أعراض غريبة عند سماع القرآن، كنت أستبعد هذه الاحتمالات تماما (السحر..) لأني كنت (والله أعلم) قريبا من الله أشعر بالقرب منه والمودة والرحمة والمعية ومراقبة الله دوما, لكن الآن فقدت الأمل من كل شيء بدون استثناء وأشعر الآن بأنني بدأت أبتعد عن الله عز وجل وكلما ابتعدت تزيد الأعراض، من كل ما سبق هل هذا نوع من أنواع السحر أو المس، أم ذلك بسبب ضعف إرادتي، علما بأني لم أكن هكذا أبداً، عذرا على الاطالة التي كانت يجب ذكرها للتوضيح فسامحني عفى الله عني وعنك ولا تتأخر علي في الرد وأسعفني بالنصح أكرمك الله وأعزك؟ "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" 97 النحل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تجده لا يمكن أن نقطع بأنه سحر أو غيره، فيمكن أن يكون من المرائي التي يراها بعض الأشخاص الطبيعيين فتتحقق كما هي، وذلك مشاهد في كل زمان ومكان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. رواه البخاري ومسلم.
ويمكن أن يكون من السحر أو من غيره، وقد ذكر بعض أهل العلم بعض الأعراض التي تدل على أن الشخص به سحر وذلك على سبيل الظن لا اليقين، ومن هذه الأعراض كره الزوج لزوجته أو العكس بعد أن كان سابق الحال بينهما هو المحبة والمودة، والكره للعمل بعد النشاط والاجتهاد، وتخيل وقوع أشياء لم تقع، والتأثر الشديد والانفعال والاضطراب خاصة عند قراءة الآيات المتعلقة بالسحر ... وقد سبق بيان بعض أعراض السحر وعلاجه في الفتوى رقم: 27789، فنرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
ولا يستبعد أن يكون من مس الشيطان أو عين الإنسان، وقد بينا علامات وأعراض المس والمصاب بالعين وعلاج ذلك في الفتوى رقم: 7967، فنرجو أن تطلع عليها، والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والاعتماد عليه والمحافظة على إقام الصلاة وعلى الأذكار المأثور وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم وغيرها، كما نوصيك بعدم الاهتمام بهذه المرائي، والحرص والاهتمام بما ينفعك في دينك ودنياك كما قال صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. الحديث رواه مسلم.
هذا وبإمكانك أن تكتب إلى قسم الاستشارات بالشبكة، نسأل الله تعالى أن يحفظك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1428(9/1481)
يحرم الكذب في شأن الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على حسن تعاونكم على الرد على أسئلتي وأسئلة المسلمين وبارك الله فيكم ورضي الله عنكم، لي سؤال أعزكم الله فهل يجوز أن أكذب على صديق لي بأن أقول له رأيت رؤيا صالحة بأنك سيرزقك الله بمولود قريبا إن شاء الله، لأن هذا الصديق لم يولد له منذ زواجه الذي دام أكثر من عشر سنين ولكي أصبره وأعطي له أملا في ذلك الأمر، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الإقدام على الكذب في شأن الرؤيا المذكورة لما ثبت من الوعيد الشديد في شأن تعمد الرؤيا الكاذبة، ولا يبرر ذلك بعث الأمل في نفس صديقك أو إرضائه بعد أن مكث سنين بعد زواجه ولم يولد له ولد، ولمعرفة الحديث الوارد في المسألة وبيان شرحه تراجع الفتوى رقم: 7562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(9/1482)
حكم ما يراه النائم من قيامه بأمر محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا ما حكم من يحتلم بالأولاد أي ينزل منه المني ولكنه لم ير أنثى بل يرى ذكرا الرجاء الرد على هذا السؤال في أسرع وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يراه النائم في نومه من قيامه بأمر محرم عليه لوكان في اليقظة لمجامعته لمن لا يحل له أو نحو ذلك لا يترتب عليه إثم؛ لأنه ليس حقيقة أولاً ولرفع القلم عنه هو ثانيا حتى لو صدر منه بالفعل ما يتصور صدوره منه كإتلافه لمال غيره أو روحه أو نحو ذلك.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: وعن النائم حتى يستيقظ........ .رواه الترمذي والنسائي وأبو داود وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(9/1483)
الفرق بين الرؤيا والحلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن يفرق المسلم بين الرؤيا والحلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يراه الإنسان في نومه منه ما هو رؤى صادقة، ومنه ما هو من الشيطان، ومنه ما هو من حديث النفس وما يكثر من ذكره والتعلق به والحديث عنه والتفكير فيه، والجميع من خلق الله تعالى وإرادته وقدره ... ولكن العلماء اصطلحوا على أن يسموا رؤية الأمر المحبوب في المنام رؤيا، ورؤية الأمر المكروه حلماً، ولذلك فالفرق عندهم بين الرؤيا والحلم هو أن الرؤيا تكون للأمر المحبوب والحلم يكون للأمر المكروه. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 57595، والفتوى رقم: 67914 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(9/1484)
النائم مرفوع عنه التكليف حتى يستيقظ
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء النوم أحس بلساني يتحرك أردد مرة سورة الفاتحة ومرة المعوذتين وأحيانا أناشيد للرسول صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنائم مرفوع عنه التكليف حتى يستيقظ لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل. رواه أصحاب السنن وغيرهم واللفظ للترمذي وصححه الشيخ الألباني.
ولا علم لنا بتعبير الرؤيا، لكن قد يكون ما تراه دلالة على خير وبركة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(9/1485)
رؤية الله تعالى في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[انفصلت عن زوجي بسبب موت الأطفال بالأمراض الوراثية....ورأيت في المنام أني رجعت لزوجي وأن الله ينظر إلينا وهو غير راض على الرجعة لأني حملت أيضا بطفل مريض.... ما هو تفسير رؤية الله
علما بأن طليقي يريدني أرجع له وقلت له الحلم وقال لي هذا من الشيطان.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في جواز رؤية الله- عز وجل- في المنام فقال بعضهم:
الله موجود وما به امترا * وكل موجود يصح أن يرى
والخلف في الجواز في الدنيا وفي * نوم وفي الوقوع للهادي قُفي
وقد رجح المحققون جواز الرؤية في النوم، وسبق بيان ذلك وأقوال أهل العلم حوله في الفتوى رقم: 8271.
وبخصوص ما رأيت فإننا نعتذر عن تفسيره، وبإمكانك أن تعرضيه على أهل الاختصاص في تعبير الرؤى.
وبخصوص الأمراض الوراثية فإنه إذا ثبت بالتجربة أو إخبار الطبيب الثقة أنها تنتقل إلى الأولاد فلا ما نع من رفض رجوع الزوجة إلى مطلقها إذا كانت قد خرجت من العدة، بل إن ذلك قد يكون أولى لها إذا كانت ترجو أن تجد من يتزوج بها، أما إذا كانت لم تخرج من العدة فلا يحق لها رفض الرجوع إذا أراده الزوج.
وللمزيد عن الزواج والأمراض الوراثية نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 62379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(9/1486)
المرائي لا ينبني عليها أحكام الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل، اسأل نيابة عن الشخص الذي كان قد كفر بربه ووطئ المصحف الشريف بقدميه ولجأ إلى ساحر كافر وهو يعلم والعياذ بالله من كل هذا، أنها حلمت بعد توبتها أنها تتحدث إلى أحد قريباتها، علما بأنها بعد التوبة قد التزمت بكتاب الله وقالت لها هذه السيدة أنت تضعين لونا على أظافرك وعندما نظرت وجدت هذا ملون الأظافر يتغير لونه من لون إلى لون، علما بأنها الآن لا تضعه وتقيم الصلاة في مواعيدها، فقالت لها السيدة إن الله لم يقبل توبتك فما تفسير هذا نريد أن نطمئن طمأن الله قلوبكم بالإيمان، وهل فعلا لن يقبل الله توبتها، أم أن الإنسان تقبل توبته إلى أن يغرغر، حتى ولو كفر والعياذ بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما دامت المرأة المذكورة قد تابت إلى الله وأنابت إليه فإن توبتها مقبولة إن شاء الله تعالى، ولا عبرة بما رأت في المنام وما قالت لها قريبتها في النوم، لأن المرائي لا تنبني عليها أحكام الشرع، والمهم هو التوبة والرجوع إلى الله تعالى والاستقامة على الدين وهو ما ذكرت أنها التزمت به والحمد لله تعالى على ذلك، وعليها أن تحافظ على استقامتها وتبعد عن الأسباب التي دعتها إلى ما ارتكبت من قبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(9/1487)
تعبير الرؤى يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حفظه الله ... أنا سيدة أبلغ من العمر 33 سنة.. متزوجة حاليا ولله الحمد وعندي طفلة من زواج سابق انتهى بالطلاق ... مواظبة ولله الحمد على الصلاة من صغري وكذلك النوافل وبفضل الله منذ عام تقريبا لم أقطع قيام الليل إلا لعذر شديد ... أرى الكثير من المنامات المبشرة في نومي ولكنها دائما ما تأتي على عكس تفسيرها تماما ... فمثلا لو رأيت الخبز وهو إشارة رزق حلال جاء تفسيره على العكس تماما وحرمت من رزق أو ضاع مني رزق حلال والكثير من الأمثلة طوال حياتي،، وكذلك البكاء في المنام وهو إشارة الفرج ولكن للأسف أجد أموري تتعقد وتتأزم يوما بعد يوم فهل من تفسير ديني وشرعي لذلك ... أرجو أن تتسع صدوركم لنا وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الخير والعافية في الدنيا والاخرة. واعلمي أن ما ذكرتِه من أن الخبز في المنام هو إشارة رزق حلال وأن البكاء في المنام هو إشارة الفرج ... ليس شيء من ذلك على إطلاقه، بل قد يكون كذلك بالنسبة لرؤيا شخص، ولا يكون كذلك لغيره.
ثم إن تعبير الرؤيا ليس لكل الناس، وإنما يباح لمن يحسن تعبيرها. وهي تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ...
قال الدرديري في الشرح الصغير: والعلم بتفسير الرؤيا ليس من كتب، كما يقع للناس من التفسير من ابن سيرين، فيحرم تفسيرها بما فيه، بل يكون بفهم الأحوال والأوقات وفراسة وعلم بالمعاني ... اهـ
وقال الصاوي في حاشيته على الشرح المذكور: فيحرم تفسيرها بما فيه ... اهـ أي إن لم ينضم لذلك بصيرة من المعبر؛ لأن ما في ابن سيرين وابن شاهين صحيح قطعا، لكن لا تتحد الناس فيه، بل يختلف بحسب أحوال الناس وأزمانهم وأشغالهم. ثم عليك أن تعلمي أن ضياع الرزق وغيره من المصائب لا يدل على أن الشخص ليس ذا مكانة عند الله فقد قال الله جل وعلا مخاطبا محمدا وأصحابه وهم خيرة أهل الأرض: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155} وقال: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ {آل عمران: من الآية186} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(9/1488)
درجات الناس في الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة بلغت حديثا وهي ترى منامات صادقة وجميلة وتسعد بها ونسعد معها ويحدث أمر أتعجب منه هو أنها مبتلاة بأمر معين فمن يعاتبها على ما يحدث منها أو يعيرها به يحدث لمن فعل ذلك معها ما كان يعاتبها عليه أو يعيرها به مع العجب كيف يحدث هذا، فهل هذا يدل على أن لها مكانة عند ربنا جل وعلا وهي ملتزمة ومطيعة؟ وبارك الله تعالى فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن لتقوى المرء آثاراً ملموسة تظهر له عاجلة مع ما يدخره الله له من المثوبة الآجلة، فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
قال ابن حجر عند الكلام على حديث (الرؤيا الحسنة) قال المهلب: فالناس على هذا ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير. والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير، ومن عداهم يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث.
ولكن ما ذكرته من صدق رؤى ابنتك، وأنها مبتلاة بأمر معين، وأن كل من يعاتبها على ما يحدث لها أو يعيرها يحدث له مثل ما يعيرها به، ليس فيه دليل على أن لها مكانة عند ربنا جل وعلا، وإنما الدليل على أن لها تلك المكانة هو ما ذكرته عنها من أنها ملتزمة ومطيعة، وهذا هو المهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(9/1489)
رؤية العاصي في المنام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[قصتي طويلة ولكني سأختصرها لكم:
أنا شاب أعزب عمري 29 سنة مشكلتي أني أشتهى الشباب كثيرا ولكن لا أقربهم أكتفي بالدردشة في الانترنت مع شباب يحبون هم أيضا الرجال ونستمني عبر الكاميرا وما شابه ذلك.
الغريب في كل هذا أني أكره ما أفعل وكل يوم أتوب وأتوضأ وأستغفر الله وما هي إلا أيام قليلة حتى أعود لفعل نفس الشيء.
أكره نفسي ولكن أصبر وكل مرة أقول سيتوب الله علي أبحث عن أي شيء يكون سببا في توبتي ولكن لا جدوى أجاهد وأجاهد ولا أدري ما يجري بداخلي أقول وأنا متأكد إنه مرض خطير فأين الدواء
سأقول لكم شيئا أغرب من هذا منذ صغري وأنا أرى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام حتى الآن وأراه ما يقارب 15 مرة كيف أرى النبي وأنا العاصي أراه دائما مبتسما ويكلمني رأيت نبي الله إبراهيم وآدم وموسى عليهم السلام ورأيت الملائكة جبريل وعزرائيل وإسرافيل عليهم السلام
وعندما أرى مناما يتحقق كيف ذلك وأنا أعصي ربي أناجيه وأبكي كل يوم لم أقدر أن أستحمل فساعدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ننصحك بالبدار للتوبة قبل أن يبغتك الموت فلا تأمن أن يفاجئك وأنت واقع في المعاصي. وعليك باستشعار مراقبة الله تعالى والاستحياء منه أن يراك على معصية.
فتب إلى الله من نظر الحرام والاستمناء ومشاركة أهل المعاصي في معاصيهم، واحرص على الزواج فهو السبيل الأنجع والمشروع في استفراغ الشهوة.
وأما رؤيتك في المنام للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره فإن هذا يبشر ولكنه لا يكفي في الدلالة على أنك على صواب أو أنك ستنجو من العقاب، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة كثير من المنافقين والكفار وسمعوا تلاوته وسمعوه يدعو الناس إلى الله ولم يكن ذلك كافيا لهم. وراجع في الوسائل المعينة على التخلص من هذه المحرمات الفتاوى التالية أرقامها: 52466، 52421، 69276، 69427، 23868، 52421، 59137، 59137، 59332، 68673، 72497، 76975.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(9/1490)
الأولى عدم إخبار الناس بالأحلام المزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا رأى الإنسان مناما وتضايق منه قليلا يعني ليس مرعبا ولكنه يضايق وليس مما فكر فيه من حديث نفس وأثناء أحداث اليوم يكتشف أمورا كان لا يعلمها شاهدها بالمنام فظهرت له أنها حقيقة بالصدفة والمنام كان فيه تنبيه فهل يخبر الآخرين بما شاهد لينبههم أم يبقى ساكتا ولا يحدث به أحدا؟ وهذا يتكرر وأحتار هل أخبر من يتحدث عنهم المنام لأنبههم أم لا؟ وأقول هل علي شيء إن لم أخبر أحدا من أهلي أو أقاربي أو من هم حولي؟ أم الأولى إخبارهم للتنبيه. وجزاكم الله تعالى كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى عدم إخبار الناس بما رآه من الأحلام المكروهة. وإن كان في الأمر تنبيه على ما ينبغي الحذر منه أو فعله كترك بعض المعاصي أو كفعل بعض ما فيه مصلحة أو ترك ما فيه ضرر، فعليك أن تنبههم أو تحذرهم على سبيل النصح أو الإرشاد ولا ينبغي أن تخبرهم بالمرائي المكروهة، وعليك بالإكثار من ذكر الله والتأدب بآداب النوم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 74393، 11014، 74510، 73361، 4179، 64867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(9/1491)
إذا رأى النائم ما يدعوه لفعل الخير فهل يجب عليه فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله تعالى كل خير كنت قد سألتكم سابقا عن هل يعلم الجن الغيب ويريه للإنسان حتى يوهمه بالصلاح ورددتم علي بارك الله فيكم وقلتم يجب أن يعرف الإنسان الإلهامات من الإيحاءات وأنا أسأل لأتنور ويرتاح قلبي أكثر فمثلا أن يرى الإنسان أنه سيأتيه طفل ويأتي بعد فترة وأنه سيأتيه مال ويأتي بعد فترة وأمور من هذا القبيل الحسن وقرأت في فتاويكم أن المنامات لا يؤخذ منها حكم شرعي وكنت قد رأيت من فترة في المنام أمرا أن أصلي قيام الليل ولو ركعتين وسوف أجد الخير الكثير حيث إنني كنت أعاني من الفزع ليلا وحيث كنت أحب القيام ومن الفزع لا أستطيع فصرت أجاهد نفسي على ذلك وارتحت كثيرا بعدها فهل مثل هذه الأمور التي لا مخالفة شرعية فيها لا يجب أن نعمل بها أم هي واجبة مثل هذا القبيل؟
وجزاكم الله خيرا علينا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يراه المسلم في نومه من الرؤيا الصالحة التي تتحقق له أو لغيره فهي من الله تعالى، وهي من المبشرات التي لم يبق من النبوة غيرها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة من الله. رواه البخاري وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم: لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه مسلم. وعلى ذلك فإن من يرى أو يرى له أنه سيرزق طفلا أو ما أشبه ذلك من المرائي الحسنة فنرجو أن يكون من الله تعالى.
وأما رؤياك من يأمرك بصلاة الليل، وأنك تجدين على ذلك خيرا كثيرا فنرجو أن تكون رؤيا خير وبركة لك، وأن تحافظي على قيام الليل لما فيه من الخير الكثير والثواب الجزيل من الله تعالى، وهو تربية النفس وصحة للجسم، فقد وصف الله عباده المتقين بالإحسان في الدنيا وأنهم كانوا لا ينامون من الليل إلا أقله فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ {الذاريات: 15 ـ 17} وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر: نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل، فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه.
وقيامك من الليل بناء على رؤياك لا يعني أن حكم قيام الليل مبني على الرؤيا؛ لأن قيام الليل مشروع أصلا بالكتاب والسنة والإجماع، ولذلك ينبغي لك أن تحافظي عليه ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فأمر الرؤيا يعد من باب الترغيب في الخير وليس الوجوب، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 31518، 9569، 78699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(9/1492)
الرؤيا في اليقظة والمنام والفرق بينها وبين الحلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أتعرف لو سمحتم على الرؤية وأنواعها يعني في اليقظة وفي المنام
2/كيف نفرق بينها وبين الحلم في المنام
3/هل لهذا علاقة بالنوم على اليمين أو الشمال
وجازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤية في اليقظة تطلق على إبصار الإنسان لشيء وعلى علمه به.
وأما ما يحصل في المنام فالأغلب إطلاق كلمة الرؤيا عليه، وقد جعل أهل العلم الرؤيا لما يراه المسلم من الرؤى الصالحة المبشرة، والحلم لتلاعب الشيطان بالإنسان وإرادته ما يكره ليحزنه، ويدل لصحة كلامهم ما في الحديث: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان. متفق عليه.
ولا نعلم شيئا يفيد أن النوم على اليمين أو الشمال له تأثير في الموضوع إلا أن من السنة النوم على اليمين.
ولا شك أن اتباع السنة سبب لفلاح الدنيا والآخرة وتحقيق صلاح حال العبد فيهما. وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 72203، 57595، 936، 15785، 11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(9/1493)
الرؤيا الصادقة والإلهامات الإلهية
[السُّؤَالُ]
ـ[لايجيب على سؤالي إلا من كان أهلا لذلك لأنه شيء كبير وبيني وبينكم الله..
حدث لي شيء عظيم يفوق الخيال ولا يحتمله عقلي ولكن قبل ذلك حدث شي آخر إذا فسرتم لي ما حدث أولا مع ذكر اسم الشيخ الذي يفسر سوف أكون شاكرة لا تفسروا لي الحدث الثاني والغريب..أما الأول فهو أني كنت جالسة في الصالة في بيت الجيران وكانت ابنتهم في المستشفى وأبوها متوفى وأم أبيها جالسة بالقرب مني هي وخالتي وفجأة شد نظري شيء عند باب الصالة فلم أجد شيئا فبدأ يحدثني بأن ابن الجيران المتوفى أبا البنت المريضة سيدخل مع الباب حتى أنني تغطيت فإذا به يدخل مع الباب فقلت له سلم على أمك قال لم آت لأمي بل أتيت لآخذ ابنتي فقلت ليست هنا في المستشفى فانصرف نظرت للجالسين بقربي فلم أجد أنهم لاحظوا شيئا لأنه كان خيالا شعرت به وتحدثت معه بدون صوت جهير ثم عدت للبيت ولم أخبر أحدا فإذا بزوجي يخبرني بأنها ماتت بعد ساعتين من الحدث ما تفسيركم لذلك وإن لم تكونوا تفسرون ماحدث دلوني على من يفسر لي ذلك لأن هناك شيئا أكبر حدث؟
الرجاء الرد بسرعة مع ذكر اسم المفسر......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ما رأيت كان في غفوة أو نومة سريعة أصابتك في ذلك الوقت فتكون رؤيا صادقة، فقد يرى المؤمن الرؤيا الصادقة التي تتضمن الأخبار عن المستقبل والأشياء الغيبية فتحصل كما رأى وهو كثير، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. ويمكن أن يكون من الإلهام والمكاشفات التي ربما تحصل لبعض عباد الله الصالحين في اليقظة وفي النوم، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر. قال العلماء: المحدثون هم الملهمون الذي يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضا من المغيبات كأنما حدثوا بها أو رأوها.
والإلهامات الإلهية تحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى، وهناك الإيحاءات الشيطانية التي تحصل لأولياء الشيطان من المبتدعة والمنحرفين عن شرع الله. وحصول الالهامات الإلهية لا يعني أن صاحبها أفضل من غيره فقد تحصل للمفضول أكثر من الفاضل، وقد يكون تفسير ما حصل لك غير ما ذكرنا، لأن مركزنا مختص بالفتاوى الشرعية وما له صله بها، وبإمكانك أن تبحثي عن المختصين في تعبير الرؤيا ونحوها، وننصحك بتقوى الله تعالى والبعد عن المشعوذين والعرافين والدجاجلة.
وبخصوص الإجابة على سؤالك فإنها من مركز الفتوى بإشراف الدكتور / عبد الله الفقيه. بالشبكة الاسلامية التابعة لوزارة الأوقاف بدولة قطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(9/1494)
الاستنجاء بالماء المستعمل هل له علاقة بالإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[رأت صديقة لي أحسبها متدينة ولا نزكيها على الله في المنام أن شيخا يخبرها أن أخبري فلانة أنه لكي تحمل أن تطحن حلبة وتضعها على بطنها ومن ثم تستحمل بها ثلاثا ثم يفعل الله ما يريد بدون ذكر تفاصيل المنام تقريبا هذا هو الأمر وفلانه هي صديقة لنا لم تحمل منذ إحدى عشرة سنة والحمد لله عملت فلانة ما أمرت به وحملت وأنجبت طفلة جميلة والآن لي صديقة أخرى لم تنجب منذ أربع سنين فرأت في المنام أن عليها أن تستنجي بالماء الذي تغتسل فيه للطهر من حيضها فهي محتارة، هل يجوز هذا الأمر شرعا أم لا، وهل به حرمة ولم تر شيخا مثل صاحبتنا الأخرى فقط رأت أن تفعل كذا وكذا، فأفتونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا ما يدل على صحة هذا العلاج علمياً، وليس عندنا متخصصون في تعبير الرؤيا حتى يفسروا المراد بها، ولا نعلم شيئاً يمنع هذا الأمر شرعاً، إلا أن الأولى هو البحث عن العلاج المجرب وأهمه الدعاء، والتداوي عند أهل الاختصاص، وراجعي في الأدعية النافعة إن شاء الله تعالى وفي الاستنجاء بالماء المستعمل الفتوى رقم: 15268، والفتوى رقم: 39792، والفتوى رقم: 55375، والفتوى رقم: 61710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(9/1495)
الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية في الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار بارك الله فيكم عن موضوع الرؤيا حيث إن الإنسان يرى الرؤيا ويستبشر خيراً إن شاء الله تعالى، فقرأت من مقال لأحد الشيوخ أنه قد يوهم عالم الجن بعض الناس بصلاحهم من الرؤيا الصادقة وحصولها والرؤى التي تخبر الإنسان بحصول أمر طيب له أو لمن يحب قبل حدوثها ومن ثم تحدث، فهل حقا يستطيع الجن ونحن نعلم أنه لا يعلم الغيب أن يتمكن من هذا الفعل، مع العلم بأني لا أنام إلا بعد قراءة آية الكرسي والأذكار ونحن والحمد لله نحاول جهدنا السير على خطى الكتاب والسنة وحتى لا يبقى في خاطرنا أي سؤال عن هذا الموضوع ولكي نستقر عينا وتطمئن نفوسنا أكثر فأكثر فأفتونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان. رواه البخاري ومسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه مسلم.
وفي حديث البخاري: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان. وروى ابن ماجه عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. وصححه الألباني أيضاً.
فقد جعل الله تعالى -لحكمة أرادها سبحانه وتعالى- قوة وقدرة للشيطان على الاتصال بنفس الإنسان، والوسوسة لها بالشر، فالشيطان عدو للإنسان، كما قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6} ، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.
وبناء على هذه الأحاديث فإن الشيطان يمكن أن يتدخل في أحلام الإنسان ويوسوس له فيها ليحزنه وليضله، وقد جعل الله تعالى له القدرة على ذلك في هذه الدنيا ابتلاء وامتحاناً، فالأمر كله بيد الله تعالى، ولا يخرج شيء منه عن مشيئته وإرادته.... وليعلم أنه ليس في صدق الرؤيا السارة دليل على صلاح الرائي بل العبرة بصلاح العبد، وقد وصف الله الصالحين بقوله: لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ {آل عمران:113-114} ، فمدار الأمر على استقامة الحال وسلامة المعتقد، وكما قال السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله، حتى يعرض على الكتاب والسنة.
فيجب على المسلم أن يعرف الفرق بين الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية، حتى لا يقع في شراك المبطلين، فالإلهامات الإلهية هي ما يحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى في الاعتقاد، والقول والعمل، وأما الإيحاءات الشيطانية فهي ما يحصل لأولياء الشيطان من الزنادقة والمبتدعة المنحرفين الضالين، والعقل لا يمنع حصول هذا الأمر فإن الشيطان قد يسرق على العبد شيئاً ثميناً ثم يريه إياه في المنام مطروحاً في مكان معين فيظنها كرامة وإنما هي لعبة من الشيطان، وأما من كان يحافظ على آية الكرسي فنرجو له السلامة من لعب الشيطان به، ففي حديث أبي هريرة أن الشيطان قال له إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك الشيطان حتى تصبح، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقول الشيطان، قال: صدقك وهو كذوب. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(9/1496)
ما يفعل إذا رأى في منامه ما يزعجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الحمد لله
السؤال: كثرة الأحلام في شهر رمضان المبارك بواقع مرتين قبل وبعد السحور مع العلم أني لم أكن أتعرض لمثل هذه الأحلام قبل الشهر الفضيل بل كانت نادرة، أما طبيعة الأحلام لم تكن مزعجة بل طبيعية ولم أكن أنزعج بها، وما يزعجني أنه ليلة العيد رأيت كأنه شيطان قد مسني.
أفتوني وأريحوني، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل كثرة الأحلام عليك في الفترة المذكورة كانت بسبب اهتمامك بالأمور التي تحلم بها أو كثرة حديثك عنها مع الآخرين أو مع نفسك أو غير ذلك من الأسباب.
والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والمحافظة على الأذكار عموما وعلى أذكار النوم خاصة.
وإذا رأيت ما يزعجك فعليك بما أرشدك إليه النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحالة فإنها لن تضرك.
ففي صحيح مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني، قال فلقيت أبا قتادة فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله من الشيطان، ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره.
نسأل الله تعالى لك السلامة والعافية.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتويين: 73634، 52423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(9/1497)
الرؤى قد تكون سببا في توبة صاحبها وإيقاظه من الغفلة
[السُّؤَالُ]
ـ[رؤية أم حلم أفيدوني أرجوكم:
أمي توفيت في منتصف شعبان الماضي وكانت والحمد لله تصلي وتصوم وتزكي وكانت أما حنونا وطيبة جدا إلى أبعد الحدود وأنا والحمد لله أصلي كثيرا وأقوم الليل وأدعو الله لها كثيرا وأقرأ لها القرآن وطلبت من الله أن أراها في منامي وبعد أيام جاءت لي في المنام في أول ليلة من العشر الأواخر في رمضان الحالي ورأيتها تبكي كما كانت تبكي في الدنيا حينما تحزن وقالت لي سوف أموت بعد 10 أيام يا محمد وسألتها ما السبب يا أمي فكشفت لي عن أعلى جزء في ظهرها الأيمن فرأيت بسيط جدا من الحبوب في هذا الجزء فقلت في نفسي يااااا يا أمي هذا هو الذي يؤلمك فحاولت مسرعاً أن أحجز لها طيران كي تقوم بأداء العمرة قبل الوفاة فلم أجد حجزا وحاولت أن أحجز عن طريق البر فرأيت أن الرحلة قد تستغرق وقتا كبيرا وقد أحرم إخواني وأبي من رؤيتها وانتهى بي هذا الحلم أو الرؤية علما بأني اعتمرت لها في الحقيقة ثلاث مرات بعد وفاتها وهي كانت مشتاقة جدا لأداء العمرة قبل وفاتها , بينما وجد لها أبي رؤية أخرى قبل رؤيتي رأى إنها ترتدي ملابس خضراء وعلى رأسها شال أبيض وجالسة على باب منزل وتنادي يا وحيد أو ما يسكن هذا المنزل شخص يدعى اسمه وحيد..... أفيدوني بالله عليكم لأني في أشد التعب والعذاب بسبب الرؤية الأولى وما تفسيرها هل طردت من رحمة الله بقولها إنها ستموت بعد 10 أيام أي مع انتهاء شهر رمضان أفيدوني أفيدوني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموقعنا هذا ليس معنيا بتفسير الرؤى والأحلام، ولكننا -أيها الأخ الكريم- نريد أن نلفت انتباهك إلى أن الرؤيا ليست مصدرا شرعيا يعتمد عليه، وتبنى عليه الأحكام.
فهي قد تكون سببا في يقظة صاحبها من غفلته ومدعاة لتوبته، كما وقع لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه رأى في المنام كأن ملكين أخذاه فذهبا به إلى النار، يقول رضي الله عنه: فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار. قال: فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه.
وعليه، فلا بأس بأن تعتمر عن أمك وتتصدق عنها، ولكن ينبغي أن يستقر في ذهنك أن ما رأيته في المنام لا يبنى عليه شيء ثابت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(9/1498)
ما تفعله من ترى رؤيا تكرهها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي دائما تحلم بأنها تجامع أنثى وهي منزعجة جدا من ذلك وتطالبني بأن أجد لها حلا وهي تخاف بأن تكون تاثم على ذلك، فما الحل.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما نفعل عندما نرى الرؤيا في النوم مما نحب أو ما نكره.
ومما جاء في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره.
وفي رواية: والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره.
ولهذا فعليك أن تنصح زوجتك بعدم ذكر هذا النوع من الأحلام وأن تستعيذ بالله منها وتتبع الإرشادات النبوية المذكورة.
وليس عليها إثم ولا حرج فيما ترى فإن النائم غير مكلف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل، رواه أبو داود وغيره.
ورؤية الجماع في النوم من طبيعة الناس رجالا ونساء، وعليها الغسل إذا رأت الماء (إذا نزل منها مني.)
ففي الصحيحين أن أم سليم سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(9/1499)
صدق الرؤى وانشغال المرء بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرؤيا أو الأحلام نعمة من الله أم لا؟ أنا أحلامي الحمد لله تتحقق باستمرار وحتى ولو بعد زمن طويل قد يمتد لسنوات ... لم أكن بالماضي أهتم بها أو أكترث بالأحلام إلى أن بدأت تتحق بشكل ملحوظ وكأن الحلم يخبرنا بالمستقبل والمكتوب ويتحقق في نفس الزمان والمكان كما ظهر بالحلم تماما وأحلامي ليست لنفسي فقط بل حتى أحلم لأقارب لي والحلم يتحقق بأدق تفاصيله منها أحلام لخير قادم وأحلام العياذ بالله لشر سيصيب أحدا، ما تفسير هذا الشيء وهل أهتم بها فمثلا هناك حلم أخبرني بحدث سيحصل بعد 4 سنوات ويليه حدث آخر بعد 5 سنوات من الحدث الأول، وبالفعل الحدث الأول تم في موعده بعد أربع سنوات من الحلم، والآن هل أنتظر الحدث الآخر أم أنساه، كثرة التفكير به تقلقني وتشل تفكيري عن العمل لأني كل ما أخطط لعمل شيء يناقضه أخاف وأتردد، الرجاء أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤيا المسلم قد تصدق كثيرا، ومن رأى رؤيا سارة فهي بشرى له، وإذا رأى لغيره رؤيا سارة فيمكن أن يحدثه بها، وأما الشر فيكتمه، ويكثر الدعاء وسؤال الله أن يصرف عنه الشر، ثم إنه لا يمكن الجزم بما في الرؤيا، وعلى من يرى المرائي أن لا يشغل قلبه بها وتسيطر على تفكيره وتشغله عن العمل، وعليه أن يحرص على ما ينفعه ويستعين بالله في تحقيق أموره، ففي الحديث: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.
وراجع للتفصيل في آداب الرؤيا وما يعمل من رأى ما يكره، وفي أنواع الرؤيا الفتاوى التالية أرقامها: 2970، 4473، 38057، 36380، 11052، 36265، 19059، 75714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(9/1500)
رؤيا المرأة في منامها أجنبيا كانت تعرفه قبل زواجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة من 4 سنوات وتحب زوجها ترى دائما في أحلامها إنسانا كانت قد أحبته في فترة مراهقتها.,كانت معه على علاقة لكنها تابت والحمد لله وهي لم تره منذ أكثر من 6 سنوات ولا تعرف عنه شيئا حتى أنها لا تعلم إن كان حيا أم ميتا. وتكون في أحلامها سعيدة جدا لمرافقتها له وعندما تستيقظ تشعر بانشراح ثم تعلم أن سبب هذا الانشراح هو ما رأته في الحلم فتستدرك نفسها لكنها تتسائل ما سبب ذلك مع أنها لا تذكره في يقظتها, هل يكون ذلك من الشيطان؟ لكن ذلك لا يمكن بما أن الحلم هو ما يراه النائم مما يكرهه أو يخيفه، وهو من الشيطان. لكنها لا تشعر في تلك الأحلام لا بالخوف ولا بالفزع بل على العكس. فما سبب هذه الأحلام وكيف لها أن تمنعها لأنها تشعر وكأنها تخون زوجها أو ربما الله لم يقبل توبتها فيريد دائما أن يذكرها بذنوبها لان الرؤيا هي مشاهدة النائم أمرا يسعده، وهي من الله تعالى, أتكون هذه الأحلام من الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 77181.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1427(9/1501)
سمات الرؤيا غير الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة من 4 سنوات وتحب زوجها ترى دائما في أحلامها إنسانا كانت قد أحبته في فترة مراهقتها.,كانت معه على علاقة لكنها تابت والحمد لله وهي لم تره منذ أكثر من 6 سنوات ولا تعرف عنه شيئا حتى إنها لا تعلم إن كان حيا أم ميتا. وتكون في أحلامها سعيدة جدا لمرافقتها له وعندما تستيقظ تشعر بانشراح ثم تعلم أن سبب هذا الانشراح هو ما رأته في الحلم فتستدرك نفسها لكنها تتساءل ما سبب ذلك مع أنها لا تذكره في يقظتها, هل يكون ذلك من الشيطان؟ لكن ذلك لا يمكن بما أن الحلم هو ما يراه النائم مما يكرهه أو يخيفه، وهو من الشيطان. لكنها لا تشعر في تلك الأحلام لا بالخوف ولا بالفزع بل على العكس. فما سبب هذه الأحلام وكيف لها أن تمنعها لأنها تشعر وكأنها تخون زوجها أو ربما الله لم يقبل توبتها فيريد دائما أن يذكرها بذنوبها لان الرؤيا هي مشاهدة النائم أمرا يسعده، وهي من الله تعالى أتكون هذه الأحلام من الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرؤيا لا تكون من الله إلا إذا كانت صالحة، أما الرؤيا غير الصالحة فهي من الشيطان وتسمى حلما، وفي الحديث " الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان "، قال في عمدة القارئ في شرح هذا الحديث:
قوله: الصالحة صفة للرؤيا إما صفة موضحة للرؤيا لأن غير الصالحة تسمى بالحلم كما ورد الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، وإما مخصصة أي الرؤيا الصالحة لا الرؤيا السيئة أو لا الكاذبة المسماة بأضغاث الأحلام، والصلاح إما باعتبار صورتها وإما باعتبار تعبيرها. قال القاضي يحتمل أن يكون معنى الرؤيا الصالحة والحسنة حسن ظاهرها، ويحتمل أن المراد صحتها. ورؤيا السوء تحتمل الوجهين أيضا سوء الظاهر وسوء التأويل. انتهى
إذا فالرؤيا إذا لم تكن صالحة سواء في صورتها أو في تعبيرها فهي حلم من الشيطان، ولا تكون من الله إلا إذا كانت صالحة. قال ابن العربي: ومعنى صلاحها استقامتها وانتظامها. انتهى.
وعليه فما ترينه ما هو إلا أحلام من الشيطان، لعدم صلاحها واستقامتها، ولا يشترط كون الحلم مخيفا، من الشيطان، بل ويكون عدم الصلاح باعتبار صورة هذه الرؤيا وباعتبار تأويلها.
والرؤى خارجة عن كسب الإنسان، فلا تؤاخذين عليها، وليس فيها خيانة للزوج، كما أنها لا تدل على عدم قبول التوبة، فهي أضغاث أحلام، ويكفيك أن تستعيذي بالله منها، وتتبعي الأدب النبوي عند رؤيتها، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 53369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(9/1502)
فتاوى في آداب الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الإخوان رأى في منامه أنه يصلي على الماء كأنه في نهر" فيه ماء قليل" وأنه يفقد توازنه.
فما تأويل هذه المنامة؟ وهل يجب على الإنسان أن يهتم بما رآه في منامه؟
أطلب منكم أن تجيبونا عبر الإيميل، أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا متخصصون في تأويل المرائي، ونرجو قبول عذرنا في عدم تعبير رؤياك، ونفيدك أن من رأى في منامه شيئا فعليه أن يعمل بآداب الرؤيا. وقد بيناها في الفتاوى التالية فراجعها: 11014، 31518، 68043.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(9/1503)
رؤيا مخالفة للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[رأى أحد الجيران رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام أنه يرسل له دعاء لي وكنت آنذاك طفلا وكان الدعاء أن أقول: اللهم إني أحسست بي أني مظلوم ومحقر الرزق، اللهم من لم يحترم اسمي فليحترم نفسي، اللهم دع أعدائي يعيشون في ظلم وإذ رزقتني فارزقني برسالة رسالة حب قبلة قبلة السعادة هدية مفتح الرزق أمنة ورزقني في الحرام وعذبني عنه لي يكن حلال علي وعلم وعلم الغيب ومرأة شريفة ومحسنة وأبشرن بي محمد صلى الله عليه وسلم وحمزة وعلي رضي الله عنهم وبعد ذلك ب 6 أشهر جاء إلي 3 رجال ادعوا أنهم مبشرين وأعطوني دعاء آخر وهو اللهم ارزقني في الأحلام وعذبني عنها لتكون حلالا علي وقالوا لي آنذاك أني عندما أصل من العمر 23 سنة أبدأ في العذاب، والسؤال هو: هل لي إثم بالدعاء، هل أنا مظلوم من حيث ما رأيت يوما أبيض منذ أن دعوته وكان عمرى 11سنة، هل أنا مظلوم بهذا الدعاء أفيدوني لأن حياتي أصبحت جحيماً، وكثيراً ما أقول قد ظلمتني بدعائك يا رسول الله أسيء الظن به حتى أنني أفكر بي حين ألتحق به لا أعرف لما دعا عني في الحرام أجيبوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤى لا يثبت بها أمر ولا يتلقى بها حكم، وإنما يستأنس بها إذا كانت مبشرة، وليعلم أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم إنما تعتبر رؤياه رؤيا حقيقية بشرط أن يكون رآه بصفته التي وصفه بها الصحابة الكرام، وهي مذكورة في كتب الشمائل والسير، وفيما رآه هذا الرائي ما يخالف الثابت من الشرع.
فقد حرم الشرع الاعتداء في الدعاء وطلب ما فيه إثم ودعاء العبد على نفسه، ففي الحديث: لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم. ومن الاعتداء طلب الاطلاع على علم الغيب، لأن الله تعالى ذكر في القرآن أنه لا يطلع الناس عليه، كما في قوله تعالى: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ {آل عمران:179} ، وثبت في الحديث عدم الاستجابة لمن دعا بالإثم، كما في حديث مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل....
هذا وليعلم أن ما يحصل للعبد من ضيق المعاش أو من نكد الحياة إنما يعالج بتقوى الله والتوبة والبعد عن المعاصي، ورجوع العبد على نفسه باللوم وحملها على الطاعة، فالمعاصي تسبب ضنك المعيشة، والتقوى تسبب الفلاح وتيسير الأمور وتفريج الكروب، كما قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا {طه:124} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3) ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وقال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {البقرة:189} ، وراجع في علاج المرائي المحزنة وفي علاج الابتلاءات الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56750، 76268، 11771، 43091، 46295، 47005.
هذا وليعلم أن في السؤال أشياء غير واضحة الكتابة وربما سبب ذلك عدم الإحاطة بجميع جوانب السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(9/1504)
العمل بمقتضى رؤيا النائم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى هل كل كلام الميت الذى يأتي لأحد أقاربه فى المنام للتحذير من شيء أو وصية معينة أو أي شيء آخر، هل كل كلامه فى هذا المنام يكون حقيقيا، ويجب أن نعتبر به وننفذه وهل فعلا يكون موجها من ناحية المتوفى ولا يكون موجها من ناحية الله سبحانه وتعالى. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا على ثلاثة أنواع، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة، فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس.
والرؤيا الصالحة جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة، وهي إما مبشرة وإما منذرة، ولا يترتب عليها حكم شرعي لعدم الوثوق برؤيا النائم، ولكن لو كانت حاثة على خير أو محذرة من شر فاحتاط الرائي وعمل بمقتضى ذلك فلا مانع منه.
ومن رأى أنه يكلم شخصا يعرفه فقد يكون هو، وقد يكون الشيطان تمثل به؛ إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فمن رآه بصفاته المعروفة فقد رآه حقا، فإن الشيطان لا يتمثل به، ومع ذلك فلا يثبت حكم شرعي بهذه الرؤية لعدم الثقة بضبط النائم لما يسمع، والرؤية الصادقة تكون نتيجة لتلاقي الأرواح، ويكون الكلام المسموع منه هو كلامه وليس كلام الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(9/1505)
الرؤيا الحسنة والمبشرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أروي لكم رؤيا لا أطلب تفسيرها ولكن عندي سؤال:
رأيت رؤيا فيها شقان، الشق الأول يخبرني بأيام عصيبة ومشاكل وبلاء وانسداد الدنيا في وجهي وهذا الذي أنا فيه اليوم حتى بالتفاصيل الصغيرة التي رأيتها في الرؤيا، آخر الرؤيا التي رأيتها كانت أفضل من أولها حيث خرحت من باب ضيق وأنا أنظر إلى السماء صافية وقلبي منشرح جدا أحسست به حتى بعد اليقظة.
وقد أخبرني بعض المفسرين أن ذلك علامة على الفرج بعد الضيق. ف هل تصنف رؤياي رؤيا صالحة؟
قال رسول الله: (الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح) . هل أنا رجل صالح؟ والله يحب الرجل الصالح؟
أنا في بلاء شديد جدا منذ سنوات والألم شديد ورسول الله يقول (إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه)
إذا أحبني الله أليس هذا هو الفلاح والفوز؟
لا أعتقد أن الله يغير رأيه لأنه يعرف الغيب فإذا كنت سأتحول فاسقا بعد الصلاح فإنه لن يحبني من البداية. فإذا أحبني مرة فسيحبني دائما أليس كذلك.
ثم إني أحب في الله وأبغض فيه، فإذا سمعت بالصالحين أحببتهم دون أن أراهم ولم أطلب منهم منفعة ولا مالا، وإذا سمعت بمسلمين مضطهدين انقبض قلبي وكأني أنا المقموع رغم أني بخير.
وأمقت المنافقين وأهل الفجور وكل من ينال الإسلام بكلمة أو فعل.
وأمنيتي هي العز والمجد والقوة والانتصار للمسلمين.
لا أنوي الزنا ولا الخمر ولا الربا ولا الحسد ولا الاعتداء على أحد قولا ولا فعلا ولا غمط أحد، فإذا مت على هذه الحالة هل أنا على خير مع الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الرؤيا الحسنة المبشرة مؤشر على صلاح الرؤيا، فقد روى البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. وفي رواية: الرؤيا الحسنة.
ومن رأى رؤيا حسنة فعليه أن يحمد الله ويشكره، ويزيد في طاعته ويجاهد نفسه وهواه والشيطان للابتعاد عن المعصية شكرا لله على تلك النعمة، ويكثر من الأعمال التي يحبها الله تعالى حتى يحبه ويحقق له مناه ويؤمنه مما يخاف، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه..
ومن الأعمال التي يحبها الله الحب في الله والبغض فيه، ويدل لذلك ما في الموطأ وصحيح ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في.
ولمزيد بيان عن فضل الحب في الله راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1109، 26373، 36998.
وقد بينا في الفتوى رقم: 74127، الوسائل التي تنال بها محبة الله فراجعها واعمل بها واجعلها ميزانا تعرف به نفسك هل أنت ممن يحبهم الله.
وراجع حكم البلاء وفضله في الفتاوى التالية أرقامها: 8138، 25874، 5249، 18103، 65354.
وأما قول السائل لا أعتقد أن الله يغير رأيه فإنه كلام لا يليق في حق الله تعالى، ومع ذلك كلام باطل لأن الله عز وجل يفعل ما شاء متى شاء وكيف شاء، فيحب المؤمن الطائع حين طاعته، فإذا فعل ما يبغضه الله أبغضه فإذا تاب أحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1427(9/1506)
رؤيا المرء في نومه أنه يموت بعد عدة أيام
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أستاذي الكريم لقد حلمت بأني سوف أموت بعد 9 أو 10 أيام فهل سأموت فعلا في هذا الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الحسنة من الله والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان، فإنها لا تضره، وفي رواية: ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره. ففي هذا الحديث وما أشبهه يرشد النبي صلى الله عليه وسلم من رأى رؤيا يكرهها لما يفعل، يقول أبو قتادة رضي الله عنه راوي الحديث: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل من جبل فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث، فما أباليها.
هذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم عندما نرى الرؤيا المكروهة.
وأما الأعمار فإنها بيد الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يعلم متى يكون الأجل، كما قال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ {لقمان:34}
والمسلم ينبغي له أن يكون دائما على استعداد للأجل المحتوم الذي هو سنة الله تعالى الجارية على كل حي كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ {آل عمران: 185}
فينبغي أن يكون هدف المسلم في هذه الحياة المحدودة القصيرة أن ينال رضى الله تعالى ويصل إلى تلك الحياة الأبدية التي لا موت فيها لينال النعيم المقيم الأبدي في الجنة.
ويعمل لذلك في هذه الدنيا كأنه يعيش أبدا ولآخرته كأنه يموت غدا لتمام استعداده، ولا يشغل باله بالأحلام التي قد تكون من الشيطان ليحزن بها الذين آمنوا، لذلك نوصيك بتقوى الله العظيم ومواصلة العمل الصالح وعدم الاهتمام بهذا النوع من الأحلام الذي هو من الشيطان.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 31865، 27840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1427(9/1507)
هل يعتمد المرء على الرؤى والموافقات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من فلسطين تخرجت وبحثت عن عمل في البلاد لمدة سنة ولم أجد فقمت بالذهاب إلى الإمارات لكي أجرب حظي هنالك، فكنت دائم الاستخارة في الإمارات بأن يهديني إلى الشركة الصواب.. ففي يوم من الأيام اتصلت بي شركة لإجراء مقابلة. والشركة تعمل في المجال الذي أحلم به. في نفس اليوم بينما كنت منتظرا الصلاة في المسجد، إذ برجل جاء وأعطاني كتيبا صغيرا، لما فتحته فوقعت عيني على عنوان الصفحة وكانت "واستجاب لكم" فاطمأننت وتفاءلت بالخير. وكانت أمي قد حلمت منذ فترة بأني أعمل في هذا المجال، فتفاءلت أكثر، وفي نفس اليوم أيضا كنت في نادي للانترنت، كان دائما يضع أغاني أجنبية في الصباح لكن في ذلك اليوم وضعوا سورة الواقعة فتفاءلت أكثر وأكثر. وعندما ذهبت إلى المقابلة بحمد الله عملت جيدا فيها وقبلت بعد ساعة. ووفقني الله ووقعت العقد.
ولكن يا شيوخنا الأفاضل ما لبثت في الشركة لمدة أسبوعين إلى أن تكشف لي بأن وضع الشركة متعب اقتصاديا، ووظفوني على أن أعمل في مشروع في قطر ولكنهم لم يأخذوا مشروع قطر.. ولا توجد رواتب حاليا واحتمال كبير يقيلوني من الشركة، فالآن أنا في حرب نفسية يا شيوخنا، سؤالي هو: هل كل ما حصل لي في ذلك اليوم هو بشرى من عند الله أم كانت تهيآت؟ بحيث لم يكن اختيارا موفقا! ولكن الحمدلله أنا صابر وكلي ثقة بأن الله عزوجل لن يضيعني؟
فدلوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإلهامات والرؤى والموافقات التي تنبئ عن الخير إنما يستأنس بها المؤمن ولكنه لا يعتمد عليها. وقد قيل قديما في الرؤيا الصالحة: الرؤيا الصالحة تسر ولا تغر، فعليك بتقوى الله فإنها من أسباب الرزق، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2، 3،} . وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} . ونوصيك بالتزود بالقناعة، ثم الأخذ بأسباب الرزق مع التوكل على الله، واللجوء إليه بالدعاء والتضرع بين يديه لاسيما في الثلث الأخير، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له. فارج الله، وضع مسألتك بين يديه، واسأله الرزق الحلال، فهو الذي لا يخيب من دعاه، فيده ملآى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، ينفق كيف يشاء. ولو تضرعت بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى.
فقد روى أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا. قال فقيل يا رسول الله: ألا نتعلمها فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعل مها. وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر، ومن فتنة النار، وعذاب النار، ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال. وغيرها من الأدعية المأثورة التي تجدها في كتب الأدعية والأذكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(9/1508)
الوصايا في المنام لا يترتب عليها حكم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتمحور حول الرؤيا في اليقظه وهو كتالي: في يوم30/5/2006 عند منتصف الليل رأى ابني ذو الإثنى عشرة سنة من العمر رأى جده أبا زوجتي المتوفى يقول له بعض الوصيا ليبلغها إلى أصحابها ومن بين هذه الوصايا، أنه قال له بلغ أن خالك فلانا وسماه باسمه أن به مسا ويجب الرقيه له وفي أقرب وقت وأيضا قل لخالك فلان وسماه باسمه أن يقرأ ستين حزبا في كأس من الماء ثم يعطيه لزوجته وستشفى من مرضها إن شاء لله, وقل لخالك فلان وخالك فلان وسماهم بأسمائهم أن يصلوا, وقل لخالك فلان وسماه باسمه أن يرقي لابنته، وقل لأمك إني راضي عنها وأن تزورني وتقرأ لي آية الكرسي، وقل لخالك فلان وسماه باسمه أن يكف عن متابعة البنات وإلا فإن صلاته باطلة، وقل لأبيك أن يرمي الهاتف النقال الذي بحوزته لأنه مسروق (الجوال جاءني من فرنسا ولا أعلم عليه شيئا) ، وهذا حدث بعد استيقاظه من النوم مفزوعا ويبكي خائفا وبعد لحظات رأته أمه يضحك، فقالت له ما بك قال لها إن جدي معي ويقول لي ما ذكرته سالفا, فقامت أمه بإبلاغي لأني أعمل بمنطقه بعيدة عنهم فتكلمت مع ولدي فأعاد علي القصة, فقلت له إن جاءك مرة ثانيه فتعوذ بالله واقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين; وعند صلاة الظهر ذهب إلى المسجد للصلاة وهو جالس جاءه جده وأصر عليه أن يبلغ ما أوصاه به وخاصه بالرقية لخاله أن به مسا من جان كافر وإلا سيقضي عليه وبعدها أمسكه من يده وقال له أما تتعوذ فأنا لست بشيطان إنما أردتك أن تبلغ ما أوصيتك به ثم يقول أنه أمسكه من يده وتلى عليه سورة البقرة والقصة طويله، مع العلم بأن الولد لم يرى جده إلا في الصور، أفيدونا يرحمكم لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤية الأموات في اليقظة لا تصح لأن خروج الأموات من قبورهم والحضور إلى الأحياء غير ممكن، وقد بينا ذلك بالأدلة في الفتوى رقم: 18244 نرجو أن تطلع عليه.
وما رآه هذا الولد -نسأل الله تعالى أن يحفظه من كل شر ومكروه- يمكن أن يكون جنياً تمثل له في صورة جده والله أعلم، والذي نؤكد عليه أنه لا يترتب على هذه الرؤية والوصايا حكم شرعي ولا يجب العمل بما ذكر فيها.
ولكننا ننصح الجميع بتقوى الله تعالى, والمحافظة على أداء الفرائض, والبعد عن ارتكاب ما نهى الله تعالى؛ فذلك من أعظم أسباب الوقاية من الشيطان، كما نوصي الأخ السائل وجميع من ذكر بالمحافظة على الأذكار المأثورة في السنة وخاصة أذكار الصباح والمساء والدخول والخروج وأذكار الطعام والنوم، كما نوصيه أن يرقي هذا الولد الرقية الشرعية, وأن يكثر أثناء الرقية من تلاوة آية الكرسي وسورة البقرة، كما يوصي هذا الولد بالإكثار من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(9/1509)
علاج أحلام اليقظة وأحلام النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في محل للملابس الجاهزة أعاني من مشكلة في عمل هي أنني في بعض الأحيان أصاب بالتخبط في الأوراق المالية أي أنه عندما أبيع سلعة بقيمة 150 ريالا ويعطيني الزبون 500ريال أعيد للزبون 850 ريال والمفروض أني أعيد له 350 ريالا لكني أعتقد 500 ألف وغيرها الكثير أي بالمختصر لا أميز في بعض الأحيان بين العملات الورقية 100 أحسبها 200 و500 أحسبها 1000 أرجوكم دلوني للحل بأسرع وقت ممكن لأنها تسبب لي المشاكل الكثيرة في عملي.
وهناك ملاحظه هي أنني أعاني من كثرة الأحلام والتخيل نظرا لظروف العمل التي تجبرني للجلوس وحيدا في المحل مع الوالد فقط أي لا أجد أحدا أظل أتحاور معه بشكل حري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لما ذكرته من التباس الأوراق النقدية عليك، فلا نرى له من العلاج إلا التركيز والانتباه، ولا بأس بأن تأخذ معك عاملا يعينك في عمليات الحساب، ويراقب تصرفك مع المشترين إلى أن تتدرب على ذلك، وتتأكد أنك صرت قادرا على القيام به بنفسك.
وبالنسبة لما ذكرته من كثرة الأحلام والتخيلات، فإن كنت تقصد أن ذلك يحدث لك في حال نومك فليس فيه ما يدعو إلى القلق. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحدا، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر بها ولا يخبر إلا من يحب. متفق عليه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه. وبه تعلم أنه لا داعي لانزعاجك بسبب هذه الأحلام خصوصا إذا اتبعت فيها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم من النفث عن يسارك، واستعاذتك بالله من الشيطان الرجيم.
ثم إننا ننبه الأخ إلى قراءة آية الكرسي عند النوم فقد ثبت في حديث أبي هريرة الطويل: أن الشخص إذا قرأها حين يأوي إلى فراشه فلن يزال عليه من الله حافظ، ولن يقربه شيطان حتى يصبح. والحديث رواه البخاري وغيره.
والمحافظة على أذكار النوم الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنوم على وضوء مع قراءة خواتيم سورة البقرة، والمعوذات ... إلخ مع الإكثار من الطاعات، والإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وإزالة المنكرات من البيت -إن وجدت- والابتعاد عن ما يغضب الله.
وإن كنت تقصد ما يعرف بأحلام اليقظة (الأماني) فإن عليك أن تتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ. رواه البخاري من حديث ابن عباس. فاشغل وقت فراغك بحفظ القرآن وتلاوته وتدبره، وبذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
ولا بأس بأن تريح فكرك من حين لآخر بشيء من الرياضات المباحة، والتحدث مع الإخوة والأصدقاء، ومشاهدة بعض المناظر الجميلة في الطبيعة، ونحو ذلك مما يستريح فيه الفكر ويتسلى به الضمير، ثم إن عليك أن تبتعد عن كل ما من شأنه أن يؤثر على العقل فقد يكون السبب الأكبر في عدم تركيزك خصوصا القات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(9/1510)
هل يثبت بالرؤى شيء إذا كانت تصدق أحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا جزاكم الله كل خير على اهتمامكم برسالتي السابقة والرد عليها والتي كانت تتعلق بما أراه في المنام وما أراه يحدث وكنت أتساءل هل هذا شيطان أم ماذا، ولقد تفضلتم وأبلغتموني أن هذا هبة من عند الله ولكن ما أراه يؤثر على حياتي، ففي بعض الأحيان أرى أن هناك مشكلة بيني وبين زوجي وأنه لا يريدني أن أعرف الحقيقة ويحاول الكذب علي ولكن للأسف أنا على علم بالحقيقة وفقا لما أراه في المنام وفى بعض الأحيان أحاول أنسى المشكلة وأحاول أصدق كلامه ولكن في داخلي أعرف أنه كذاب، ولقد حاولت كثيرا أن أقول له إنني أرى في المنام ما يحدث لكنه في أغلب الأوقات لا يعطي للموضوع أهمية، فماذا افعل لقد أصبحت افقد الثقه به، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على كل من الزوجين أن يحرص على ما يقوي العلاقة بينهما والثقة، ويتعاملان معاملة حسنة ويحسن كل منهما الظن بصاحبه ويعاشره بالمعروف ويؤدي الحق الذي عليه كاملا، وإن حصل تقصير من الطرف الآخر يتلطف معه في أخذ حقه منه أو يسامحه، ويسأل الله أن يرزقه أجرا أو يعوضه خيرا عملا بالحديث: إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالو يا رسول الله: كيف تأمر من أدرك ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم. متفق عليه.
وهذا الحديث وإن ورد في حقوق الراعي والرعية وأمور السلطان فلا مانع من العمل به هنا لأن الرجل راع في بيته وهو سلطانه كما في حديث الصحيحين: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته.
واعلمي أنه لا يثبت بالمرائي شيء ولو صدقت أحيانا، فلا تخبري الزوج بما رأيته في النوم ولا يكن ذلك سببا لإساءة الظن، وعامليه بما يظهر لك من حاله فقط، ويمكن أن تتدارسي معه الحقوق الواجبة لكل منكما وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 57022، 72203، 58787، 3698، 69888، 13748، 61245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(9/1511)
لا ينبغي ذكر المرائي المكروهة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مرات عديدة تحلم بأن شخصا ما من أقاربنا (وكله بإرادة الله -عز وجل-) قد اقترب أجله ويشاء الله -عز وجل- في كل حلم يحقق.
فهل يجوز أن نعرف الشخص الذي حلمت به لكي يكثر - بإذن الله - من الطاعات والأعمال الطيبة قبل مماته.
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان, فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان, فإنها لا تضره. وفي رواية: وإن رأي شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد, وليقم يصلي. ولذلك فلا ينبغي لزوجتك أن تقص المرائي المكروهة على أقاربها أو غيرهم, ولكن عليها أن تنصحهم وتأمرهم بالمعروف وتناهم عن المنكر وتعظهم وتحثهم على المبادرة إلى التوبة والإكثار من طاعة الله عز وجل.
والرؤيا الصادقة من العبد الصالح المستقيم على دينه نعمة من نعم الله تعالى تسر ولا تنفر؛ كما قال الإمام مالك رحمه الله، فينبغي لمن تصدق رؤياه وتحقق أن يحمد الله على ذلك, ويسأله المزيد من إنعامه والعون على شكره, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه البخاري وغيره. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى رقم: 72203 / 19059 / 36380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(9/1512)
كثرة الأحلام وما يفعل إذا رأى ما يسوؤه في نومه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما سبب كثرة الأحلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من أسباب كثرة الأحلام عند الشخص هو انشغاله واهتمامه بالأمور التي يحلم بها واحتواؤها على تفكيره حتى يكون حديثه النفسي ومع الآخرين، أو لكثرة توقعه أن شيئا ما سيحدث أو تغييرا سيحصل أو ما أشبه ذلك، وقد نقل الحافظ في الفتح عن الحكيم الترمذي قال: وقد كان غالب أمور الأولين الرؤيا إلا أنها قلت في هذه الأمة لعظم ما جاء به نبيها صلى الله عليه وسلم من الوحي ولكثرة ما في أمته من الصديقين ومن المحدثين وأهل اليقين. وقد ذكرنا أسباب الرؤيا المزعجة وكيفية دفعها والتخلص منها في الفتوى رقم: 11014، نرجو الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(9/1513)
الهدي النبوي لمن يرى أحلاما مزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي وأحبابي في الله،،،
أريد منكم تفسيرا ولو بسيطا لحالتي وأنا أعلم أنكم لستم أصحاب الاختصاص، فأنا ومنذ مايقارب الثلاث سنوات تراودني نفس الرؤيا." أرى نفسي دائما أن عددا من الجن والشياطين يطاردونني ويريدون أذيتي، أحيانا أراهم ظلالا سوداء وأحيانا أشكالا طويلة بلا وجوه وأحيانا أحس بوجودهم فقط فأستعيذ بالله من كيدهم وأبدأ بقراءة القرآن الكريم حتى أصرعهم واحدا واحدا ,في كل مر’ة أحس بخوف كبير ولكنني أتذكر بأنني الأقوى بالقرآن الكريم، فأعذبهم حتى يختفون وأنا دائما أقرأ السور: الإخلاص، الناس، الفلق، الكرسي ويس في المنام دائما.
فهل أنا بي مس؟ (أنا مصلية) _ علما بأنني أسمع دائما أصواتا غريبة في بيتي. أرجو أن تفيدوني؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الرؤى المفزعة التي ذكرت أنها ما فتئت تأتيك وتراودك منذ ثلاث سنين سببها الشيطان ليحزنك بها، وهي لا تفيد أن بك مسا من الجن، مع أننا لا نستطيع تأكيد أو نفي ذلك. وعليك أن لا تحدثي بها بعدُ. فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيت في المنام كأن رأسي قطع. قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يحدث به الناس.
والعلاج في دفع مثل هذه الرؤى هو: المحافظة على أذكار النوم، وقراءتها بتدبر وتمعن مع الجزم بنفعها، وحفظ الله لقارئها، وإذا رأيت بعد ذلك ما تكرهينه، فالتزمي بالعلاج النبوي، فلن تضرك تلك الرؤى مهما كانت. فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني، قال: فلقيت أبا قتادة، فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره، فليتفل عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من شر الشيطان، ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره. رواه مسلم. وفي رواية: وليتحول عن جنبه الذي كان عليه. وفي رواية عند مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل.
فمن فعل هذه الأشياء عندما يرى ما يكرهه، وهي:
1/ الاستعاذة بالله من الشيطان، ومن شر الرؤيا.
2/ النفث عن يساره ثلاثا.
3/ التحول عن الجنب الذي كان عليه إلى جنبه الآخر.
4/ يقوم فيصلي لله تعالى ركعتين أو أكثر.
5/ لا يحدث بها أحدا.
فلن تضره الرؤيا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مهما كانت مفزعة ومقلقة.
ولا بأس بأن تبحثي عمن يرقيك رقية شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(9/1514)
الرؤيا إذا تكررت هل يلزم العمل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ مدة ونحن نبحث عن اسم لابننا ولم نستقر على شيء بعد. لي خالة أحسبها تقية ولا أزكيها على الله، قالت لي: "رأيت نفسي في المنام وقد جلستُ في دار أبي، وكنتَ أنت جالسا أيضا، فإذا بشاب يدخل بأدب على المجلس ونظره إلى الأرض، فجفلتُ وكنت أريد أن أقوم لأرتدي حجابي، فقلتَ لي لا تقلقي هذا ابني إبراهيم". فلما سمعت والدتي هذا الحلم قالت لي عليك أن تسمي ابنك بإبراهيم لأنها رسالة من الله، فقلت لها هذا حلم ولا صفة ملزمة له، فهي لم تر رسول الله مثلا يوصي بذلك، فقالت لي هذا معروف بين الناس وهم يخشون إن لم يسموا أبناءهم بما يرونه في أحلامهم أو يراه غيرهم ممن يعرفون عليه الصلاح أن يصاب الولد بشيء أو أن لا يعيش أصلا، وروت لي قصصا واقعية حصلت في ذلك. فقلت لها إني لم أسمع بذلك في السنة أو عند السلف الصالح، فقالت لي ماذا لو رآه شخص آخر في منامه أن اسمه إبراهيم، هل ستسمه؟ فأجبت بأن سننظر أمرنا ونرى. ما رأيكم بذلك، هل ما يراه المؤمن في منامه له أو لغيره ملزم يجب التقيد به؟ وهل إذا رآه أكثر من شخص يتغير الحال؟ ماذا لو تكررت رؤية شيء ما عند نفس الشخص ثلاث مرات، هل يسارع للقيام به لزوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا لا يلزم العمل بها اتفاقا ولو تكررت, ويتعين على المؤمن أن يتوكل على الله في أموره ويؤمن بقضائه وقدره، ويعتقد أنه لا يصيبه إلا ما كتب له، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وأما التسمية باسم إبراهيم فهي مشروعة فقد سمى به النبي صلى الله عليه وسلم ولده الصغير، فقد أخرج مسلم وأحمد عن أنس قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح وقال: إنه ولد لي الليلة ولد وإني سميته باسم أبي إبراهيم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 45900، 66805، 11052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1427(9/1515)
الرؤيا والوحي والإلهام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أولا نشكركم على تواصلكم معنا عبر هذا الموقع العزيز، أما عن سؤالي اليوم فيتعلق بعلاقة الرؤيا من جهة، وعلم الغيب والوحي والإلهام من جهة أخرى، فهناك جماعة يزعم شيخها أن الرؤيا وحي من الله فكيف يكون هذا ممكن ونحن نعلم أن الوحي قد انقطع بوفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام متأولين الحديث الشريف ـ رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ـ وبناء على الرؤيا بدأت هذه الجماعة تدعي وقوع أشياء في هذه السنة ونحن نعلم من الكتاب والسنة أنه لا يعلم الغيب إلا الله، أرجو أن توضحوا لنا هذه الأمور التي تمس العقيدة؟
وبارك الله فيكم وأخيرا لا تنسوننا من خالص دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوحي قد بينا تعريفه وأنواعه في الفتوى رقم: 39071.
وأما علم الغيب فيعنى به معرفة ما غاب عن الناس، وهو نوعان: غيب مطلق لا يعلمه إلا الله كعلم وقت قيام الساعة، وغيب نسبي قد يطلع الله بعض عباده عليه عن طريق الرؤيا أو الإلهام أوالتفرس.
وأما الرؤيا فهي على ثلاثة أضرب: الرؤيا الصالحة وهي ما يراه الشخص الصالح في منامه من المبشرات، وهي من إكرام الله لعباده الصالحين، وحديث النفس فقد ينام الإنسان وهو مهتم بشيء ما فيرى حلما في النوم في شأنه، وتخويف من الشيطان للعباد، ففي حديث البخاري: لم يبق من النبوة إلا المبشرات.قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. وفي رواية مسلم: لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة.
وروى البخاري عن أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قال: قيل وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: الرؤيا الحسنة، أو قال: الرؤيا الصالحة.
وفي الحديث: الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة. رواه مسلم.
وهوعند البخاري بلفظ: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
وفي الصحيحين أيضا: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان.
وفي الحديث: الرؤيا ثلاث: فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويف من الشيطان، فإذا رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقص إن شاء، وإن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد، وليقم يصلي. رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني.
وروى ابن ماجه عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. وصححه الألباني أيضا.
قال المناوي في فيض القدير: الرؤيا الصالحة الحسنة أو الصحيحة المطابقة للواقع. وقال أيضا في شرح حديث عوف بن مالك السابق (الرؤيا ثلاثة منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم) ولا حقيقة لها في نفس الأمر (ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه) قال القرطبي: ويدخل فيه ما يلازمه في يقظته من الأعمال والعلوم والأقوال وما يقوله الأطباء من أن الرؤيا من خلط غالب على الرائي (ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) قال الحكيم: أصل الرؤيا حق جاء من عند الحق المبين يخبرنا عن أنباء الغيب وهي بشارة أو نذارة أو معاينة وكانت عامة أمور الأولين بها ثم ضعفت في هذه الأمة لعظيم ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي ولما فيها من التصديق وأهل الإلهام واليقين فاستغنوا بها عن الرؤيا والمؤمن محسود ولع به الشيطان لشدة عداوته فهو يكبده ويحزنه من كل وجه ويلبس عليه فإذا رأى رؤيا صادقة خلطها ليفسد عليه بشراه أو نذارته أو معاينته ونفسه دون الشيطان فيلبس عليه بما اهتم به في يقظته فهذان الصنفان ليسا من أنباء الغيب والصنف الثالث هي الرؤيا الصادقة التي هي من أجزاء النبوة. اهـ
واعلم أن الرؤيا الصالحة تعتبر وحيا من الله وجزءا من النبوة باعتبار ما فيها من الأخباروالبشائر ولكنها لا تعتبر من ناحية التشريع والأحكام فلا يبنى عليها حكم شرعي ولا يثبت بها حق، فقد حكى الإمام النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض في الاحتجاج بما يراه النائم في منامه قوله: أنه لا يبطل بسببه -أي المنام- سنة ثبتت، ولا يثبت به سنة لم تثبت، وهذا بإجماع العلماء.
وقال النووي: وكذا قال غيره من أصحابنا وغيرهم، فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع. انتهى
وقال النووي أيضا في المجموع: لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ولم ير الناس الهلال، فرأى إنسان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: الليلة أول رمضان لم يصح الصوم بهذا المنام، لا لصاحب المنام ولا لغيره. انتهى.
وأما الإلهام فقد اختلف في معناه على أقوال فقيل: هو الإصابة بغير نبوة، وقيل المحدث هو الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه. وقيل غير ذلك، والأصل في إثبات الإلهام والتحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب. متفق عليه.
وربما أطلق العلماء على هذا النوع من العلم بالمغيبات الكشف، ومدار الأمر على استقامة الحال وسلامة المعتقد، فإن جنس هذا العلم يحصل للبر والفاجر، والمسلم والكافر، والمحدث والكاهن فقد يلقي الشيطان بعض الأمور الغيبية على لسان شخص ما، ليفتتن به الناس، لا سيما إذا كانوا جهالا. وكما قال السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله، حتى يعرض على الكتاب والسنة. فيجب على المسلم أن يعرف الفرق بين الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية حتى لا يقع في شرك المبطلين. فالإلهامات الإلهية هي ما يحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى في الاعتقاد والقول والعمل. وأما الإيحاءات الشيطانية فهي ما يحصل لأولياء الشيطان من الزنادقة والمبتدعة المنحرفين الضالين، وأن المدرك الوحيد لأخذ الأحكام الشرعية هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح لهذه الأمة وأما غير ذلك من المكاشفات والإلهامات فليس مدركا للأحكام البتة، فلا ينبني عليه حكم شرعي إطلاقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(9/1516)
رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رؤية صورة الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المقصود حقيقة بالسؤال، ومن المعلوم أن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية موجودة ومبثوثة في كتب السنة ودواوينها.
وإن كان مقصود السائل أنه يريد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فإننا نوصيه بالاستقامة على شريعة النبي صلى الله عليه وسلم والحرص على اتباع هديه وسنته والإكثار من الصلاة عليه، فلعل الله يكرمه برؤيته في المنام، ويجمعه به في الجنان يوم القيامة.
وننبه السائل إلى أنه لا توجد صورة لا فوتوغرافية ولا يدوية تمثل النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً عن اتخاذ الصور وأمر بطمسها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1935، والفتوى رقم: 10154.
وللأهمية أيضاً نحيلك إلى الفتوى رقم: 9991، والفتوى رقم: 31854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(9/1517)
تواطؤ رؤى الصحابة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن بعض الصحابة كانوا يرون نفس الحلم (الرؤيا) في بعض الأحيان؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك أيها السائل الكريم تواطؤ الرؤى كأن يجد أحد الصحابة رؤيا ويجد الأخر مثلها تماما فهو واقع، وقد حدث للصحابة الكرام كما في قصة الأذان لما رآه عمر، ورآه عبد الله بن زيد. وتواطؤ رؤى الصحابة على أن ليلة القدر في العشر الآواخر فقال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري: أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الآواخر يعني ليلة القدر. كما أن تواطأ الرؤى قد يقع لغيرهم ولا غرابة في ذلك.
وكذا إن كان قصدك مطابقة الرؤيا للواقع وتحققها فقد وقع للصحابة ويقع لغيرهم من الناس كما بينا في الفتوى رقم: 8138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(9/1518)
لا تصلح الرؤيا لشغل الذمة بحق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد رأى أحد أقربائي والدي المتوفى منذ خمس سنوات في المنام، وقال له والدي إن ذمتي مشغولة، أنا مدين بمبلغ (30000) ليرة سورية، فماذا تنصحوني أن أفعل علماً بأنني لا أملك هذا المبلغ الآن ولا أعلم إن كان لأحد عليه نقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الرؤيا لا ينبني عليها حكم شرعي، ولا تصلح لإلزام الغير أو شغل الذمة بحق، وعليه فلا يلزمك بمجرد الرؤيا شيء، لكن إن جاءك أحد ببينة تبين أن له على والدك ديناً ففي ذلك تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 38260، والفتوى رقم: 39185، والفتوى رقم: 27409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(9/1519)
رؤية الله تعالى في المنام ورؤية الرسول صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل يومين تحدث لي صديقي أنه رأى وجه الله وقد كان مبتسما وخاطبه\"كما كنت أحب أراك أن تكون يا محمد\"
علما أنه اسمه ربيع.
علما أن هذا الشاب لا يصلي ودائما أدعوه للصلاة ولكنه متكاسل.وعندما أخبرني قلت له إنه آن الأوان للصلاة.
أفيدوني بالله عليكم علما أني أعرف أن الشيطان لا يستطيع أن يأتي على صورة النبي أما هذا المنام فقد أثار دهشتي
ما ردكم في ذلك؟؟؟
كما أريد من حضرتكم أني أطلب من الله عز وجل أن أرى نبينا محمدا _صلى الله عليه وسلم _منذ سنتين ولكني لا أراه فهل أنا لا استحق أن أراه؟ أم أن الله لا يحب أن يسمع دعائي؟
كما ما الذي أدعو به ربي كي أرى نبينا محمدا_ص_؟ إن كان هناك من عبادات تقربني من ذلك؟
أحاول بكل جهدي أن أكون ملتزما مهما استطعت.
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤية الله تعالى في المنام جائزة شرعا كما بيناه في الفتوى رقم: 8271، وإنما تمنع رؤيته يقظة في الدنيا لما في الحديث: لن تروا ربكم حتى تموتوا. رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فلا نعلم دعاء خاصا ولا عبادة خاصة في جلبها وقد جوز الشرع دعاء العبد ربه جميع مطالبه كما في الحديث: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله. رواه أبو يعلى وقال المحقق حسين أسد: إسناده صحيح. وحسنه الألباني في المشكاة.
فعليك بمواصلة الدعاء وعدم الملل والاستعجال، ففي الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. رواه مسلم.
وعليك بكثرة مطالعة كتب السيرة وبالحرص على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في حياتك كلها، وراجع الفتوى رقم: 63233.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(9/1520)
هل يؤخذ تعبير الرؤى من الكتب
[السُّؤَالُ]
ـ[رأت زوجتي فى المنام أنها تقرأ سورة النصر وقرأت تفسير ابن سيرين لها أنه قد حان أجلها، ومنذ ذلك الحين وهي دائمة البكاء، علما بأن عمرها لم يتجاوز الثلاثين وأخشى أن يؤثر ذلك على أطفالنا الأربعة، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤى المنامية لا يؤخذ تعبيرها من الكتب لأن تعبير الرؤيا يختلف باختلاف صفات الأشخاص، فقد أثر عن ابن سيرين أنه فسر رؤيا من رأى أنه يؤذن بأنه سيسرق، وفسر رؤيا مشابهة لها بأن صاحبها سيحج، وقد قال بعض أهل العلم وهو يعد محرمات اللسان:
عبر الرؤى جاهلها لو بالكتب * إثم وإثم افتخار بالنسب
وقد كان الأولى أن تسأل من عنده خبرة بتعبير الرؤيا من أهل السنة لتجد التعبير الصحيح، كما كان الأولى أن تتفاءل فألا حسناً لما في التفاؤل الحسن من حسن الظن بالله تعالى، فينبغي أن تتفاءل بحصول النصر للإسلام والمسلمين.
هذا وليعلم أن الموت له أجل مسمى لا يتقدم عنه ولا يتأخر، ويتعين على كل أحد الاستعداد للموت في كل حال إذ لا أحد يعلم متى يأتيه، ثم إذا تصورنا حلول أجل الإنسان فليس في البكاء علاج للمسألة بل الواجب البدار بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27840، 31518، 38258، 40637، 42189، 49408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(9/1521)
لا تبنى الأحكام الشرعية على الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول:
إنني رأيت رسول الله في منامي مرتين ولا أذكره إذا استيقظت في أي مرة.فهل هذه رؤية صحيحة له؟
السؤال الثاني:
إن كانت رؤية رسول الله صلى الله علية وسلم صحيحة فإنني عندما رأيت رسول الله وجدتني زوجة من زوجاته صلى الله عليه وسلم وكان يخطب فينا أنا وزوجاته قبل أن يرحل لأنه كان سيرحل وكان يحفظنا أدعية وكان يبشر إحدانا بان لها مكانة عالية فى الجنة ولكنها بعد رحيله ستزنى ثم تتوب ويتوب الله عليها فتمنت كل واحدة منا أن تكون هذه الذي تحدث عنها رسول الله صلى الله علية وسلم
وعلم هذه الزوجة بعلامة ثم نام رسول الله بجانبي تلك الليلة ثم وجدتني أنا التي تحدث عنها رسول الله صلى الله علية وسلم أي كانت العلامة بي أنا ولكني لا أذكر تلك العلامة ثم قلت الأدعية التي علمها لنا رسول الله.
إنني قلقة من الزنا الذي تحدث عنه رسول الله فهل تستطيع إفادتي بارك الله لك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في السنة الصحيحة قد انطبق على ما رأيته في المنام فقد رأيته صلى الله عليه وسلم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتخيل بي. متفق عليه. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
وننبه الأخت السائلة إلى أن الرؤيا لا تبنى عليها الأحكام الشرعية ولا يعتمد عليها اعتمادا كليا في تحديد ما سيحدث في المستقبل، ثم إن الزنا في الرؤيا قد يؤول بغير الزنا حين تعبيرها قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والتعبير خاص بتفسير الرؤيا وهو العبور من ظاهرها إلى باطنها.
ونعتذر عن تفسير رؤياك لأن هذا الموقع غير متخصص في تفسير الأحلام وإنما هو خاص بالفتاوى الشرعية ولكن يمكنك سؤال من تثقين فيه من المشايخ المتخصصين في تفسير الرؤيا.
ولمعرفة أنواع الرؤيا والآداب التي تسن لمن رأى ما يكره راجعي الفتوى رقم: 64867.
وللمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 23970، 22154، 45520.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(9/1522)
رؤية الملائكة في اليقظة والمنام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تتسع صدوركم لسؤالي هذا على ما قد يكون فيه من جهل.
سؤالي يتعلق برؤية الملائكة وخاصة ملك الموت من قبل البشر. فقد وقعت حادثتان جعلاني أرسل هذا السؤال. الأولى عندما توفي أبو صديقي قبل سنين، فقد قالت أخت صديقي وقتها إنها رأت في الليلة التي توفي فيها والدها رجلا يرتدي البياض يمر من أمام باب غرفتها إلى غرفة أبيها. والأخرى قبل أيام حيث رأت أختي أبي المتوفى من 9 سنين واقفا أمامها، وفي نفس الليلة توفيت جارتنا.
فهل يمكن أن يكون هناك علاقة بين هاتين الرؤيتين وحالات الوفاة التي حدثت؟
جزاكم الله خيرا على سعة صدركم وخدمتكم الجليلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من رؤية الملائكة من طرف بعض الناس، فقد أرسل الله جبريل إلى مريم في صورة بشر رجل، قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا {مريم: 16 ـ 17 ـ 18 ـ 19 ـ}
وإبراهيم عليه السلام جاءته الملائكة في صورة بشر رجال، ولم يعرف أنهم ملائكة حتى كشفوا له حقيقة أمرهم، قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ {الذاريات: 24 ــ 28}
وجاءوا إلى لوط في صورة شباب حسان الوجوه وضاق لوط بهم وخشي عليهم قومه فقد كانوا قوم سوء يفعلون السيئات ويأتون الذكران من العالمين، قال تعالى: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ {هود: 77}
وإذا قلنا بإمكان رؤية الملائكة في اليقظة فحري بها أن تمكن في النوم ولكن لا يستطيع أحد الجزم إذا رأى شيئا في اليقظة أو في النوم أن الذي رآه هم من الملائكة، لأن إثبات أنهم ملائكة متوقف على وحي من الله عز وجل ولأنه إذا كان أمرهم لم يتبين لإبراهيم ولوط عليهما السلام حتى أخبرتهم الملائكة فباقي الناس أولى بعدم التبين.
ثم إن الرؤى والأحلام لا يمكن أن يبنى عليها شيء، وإنما هي مبشرات إذا كانت سارة.
وعليه، فلا يمكن الجزم أن ثمت علاقة بين الرؤيتين وبين حالتي الوفاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(9/1523)
تعبير الرؤية اعتمادا على ما نسب لابن سيرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أريد أن أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي أطالعه كل يوم بشغف فأنا لا أستخدم الإنترنت إلا للدخول على هذا الموقع وفتح بريدي الإلكتروني.
جزاكم الله خيراً على هذا العمل الذي تعلمت منه الكثير من الأمور ومازلت أتعلم..
بعثت لكم مرتين لأستشيركم في موضوع ما وقد أفدتموني كثيراً, فالشكر لكم وجزاكم الله خيراً عما تقدمونه من مساعدة لي وللناس, وأدخلني الله وإياكم الجنة من باب الريان بغير حساب إن شاء الله.
أنا الحمد لله ملتزمة بالصلاة وقراءة القرآن والأدعية وأيضاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وأود إعلامكم بأني والحمد لله أديت العمرة وقد عدت الأسبوع الماضي وأنا في غاية السعادة والراحة النفسية والحمد لله. فقد راودتني مشاعر كثيرة رائعة وأنا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وأنا عند الكعبة أيضاً لم أكن مصدقة أنني في هذا المكان الرائع, عدت من هناك وأنا كلي حسرة لأني راحلة وطلبت من الله أن يعيدني إلى هناك إن شاء الله مرة ثانية ...
الآن أود أن اسئلكم عن بعض الأمور:
أولاً: كتب تفاسير الأحلام هل هي صحيحة أم لا مثلاً كتاب (ابن سيرين) هل هو صحيح أم لا, لأني أحياناً تراودني أحلاماً أشعر كأنها تنبئني بشيء, مثلاً حلمت مرة أنني أصلي مع رجل , وبعدها أنني أصطاد سمكا مع نفس هذا الرجل، أنا أعرفه وكنا قد اتفقنا على الخطوبة ولكن لبعض المشاكل والأسباب لم يتم ذلك حتى الآن، كل هذا وراء النصيب وأنا راضية بما كتبه الله لي لأنه سيكون خيراً من عنده.
وأريد أن أعرف إذا كانت الكحلة في العين محرمة أم مكروهة أم ماذا؟ لأني أحب الكحلة جداً وسألت أشخاصا أفتوا أنها محرمة وآخرون أنها غير محرمة.
وأريد أيضاً أن أعلم، أنا أعلم أن الله لعن النامصة والمتنمصة، ولكن أريد أن اخبركم أن شعر حاجبي ملفت للانتباه بشكل سيء لا أريد أن أنمصهم بأن أرسمهم أو أعمل بهم شكلاً لكن أريد أن أعرف إذا أزلت الشعر الزائد فقط من دون الرسم هل هو حرام أم لا، لأني لا أريد أن أغضب الله علي، فأنا أحب الله والرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً وأحب رضاهم عني. لذا أفيدوكم جزاكم الله خيراً
أرجو أن لا تجيبوني عن أسئلتي باستشارات لأشخاص غيري لو سمحتم ...
شكراً لكم كثيراً وجزاكم الله عن كل خير تقومون به بأضعاف, أنا أحبكم كثيراً وأحمد الله أن هناك أناسا مثلكم في هذا الزمان. (كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وأعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والرضى إن شاء الله) ..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابن سيرين رحمه الله كان مشهوراً بالتفسير للأحلام، ولكن لا يمكننا الحكم بأن كتاب تفسير الأحلام المنسوب إليه هو من تأليفه بل إن الغالب على الظن أنه ليس من تأليفه لأسباب ذكرناها في الفتوى رقم: 25645، وعلى افتراض صحة نسبته إليه وهو أمر مستبعد كما تقدم فإنه لا يمكن الاعتماد عليه في تفسير الرؤى، لأن تعبير الرؤى أمر عظيم وذلك لأنها جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة، كما ثبت في الحديث المتفق عليه من رواية أنس رضي الله عنه ولذلك لما سئل الإمام مالك: هل يعبر الرؤيا كل أحد؟ قال: أبالنبوة يلعب؟ ذكره أبو عمر بن عبد البر.
وجاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: ولا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتاب، كما يفعله بعض الجهلة يكشف نحو ابن سيرين عندما يقال له: أنا رأيت كذا، والحال أنه لا علم له بأصول التعبير، فهذا حرام لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وأوصاف الرائين، فعلمها عويص يحتاج إلى مزيد معرفة بالمناسبات، ولذلك سأل رجل ابن سيرين بأن قال له: أنا رأيت نفسي أؤذن في النوم. فقال: له تسرق وتقطع يدك. وسأله آخر وقال له مثل ما قاله الأول: فقال له: تحج. فوجد كل منهما ما فسر له به. فقيل له في ذلك، فقال: رأيت هذا بسمة حسنة , والآخر بسمة قبيحة. اهـ
واستعمال الكحل في العينين مستحب وفيه فوائد كثيرة ذكرناها في الفتوى رقم: 12480. وعليه فيشرع للمرأة وغيرها الاكتحال، إلا أن المرأة إذا اكتحلت فلا ينبغي أن تخرج إلى الأماكن العامة أو الأماكن التي يراها فيها الرجال الأجانب.
وإذا كان الشعر الذي في حاجبك فيه ما يشين أو يشوه الخلقة فلا مانع من إزالته، ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 1437، وفتوانا رقم: 60108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(9/1524)
أنواع الأحلام والرؤى
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للمسلمين من خير ونفع.
توفي أبى منذ ثلاثة أشهر.. ولقد كان مريضاً قبل وفاته ومات بسبب هذا المرض.. وخلال هذه الثلاثة أشهر أرى أحلاما بأن أبي مازال مريضاً بنفس مرضه هذا الذى كان به قبل وفاته فهل هذا دليل على شيء أم أنها مجرد أحلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأحلام أنواع: منها ما هو رؤى صادقة، ومنها ما هو من الشيطان، ومنها ما هو من حديث النفس وما يكثر المرء من ذكره والتعلق به والحديث عنه والتفكير فيه، وقد يكون ما تراه في منامك من هذا القسم الأخير. وعلى كل فمن رأى في نومه ما يزعجه فليستعذ بالله فإنه لا يضره.
وننصحك بالمداومة على أذكار النوم كما بيناها في الفتوى رقم: 4514.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4179، 8170، 11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(9/1525)
دلالة كثرة رؤية الوالد في النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثيرة الأحلام بأبي؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصحك بالمحافظة على أذكار النوم إذا تهيأت له كما بينا في الفتوى رقم: 4514.
وكثرة رؤيتك لوالدك قد تدل على شدة تعلقك به، وربما كثرة الحديث عنه، وإذا كنت ترينه في هيئة حسنة فاحمدي الله تعالى, وإن كنت ترينه في غير ذلك فأكثري من الدعاء والاستغفار له والصدقة عنه، وإذا كان عليه دين فاقضيه عنه، سواء كان لمخلوق أو ديناً للخالق من حج أو صيام أو زكاة.
كما ننصحك بصلة أحبابه وأودائه فقد بقي ذلك من بره بعد موته مع الدعاء له، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 8170 والفتوى رقم: 4179.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(9/1526)
الرؤى لا تبنى عليها أحكام شرعية ولا دنيوية
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأخبرني أن زوجتي تتعاون مع الأمريكان ونظرتي في ذلك الوقت أن ذلك خيانة لي في كل شيء علما أن لي ابنتان على وشك الزواج وأفعالها معي ليس بها أي وفاق هل الطلاق وارد، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤى لا تبنى عليها الأحكام الشرعية ولا التعاملات الدنيوية، لأنها ليست قطعية في ورودها ولا في دلالتها، ولا دليل من الشرع يدل على وجوب الانقياد لها والعمل بمقتضاها، ولا فرق في العمل بالرؤى بين رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم وبين رؤية غيره.
قال صاحب أنوار البروق وهو من المالكية نقلا عن العلامة العطار في حاشيته على محلي جمع الجوامع: ولا يلزم من صحة الرؤيا التعويل عليها في حكم شرعي لاحتمال الخطأ في التحمل وعدم ضبط الرائي. اهـ
وقال: فلذا اضطربت آراء الفقهاء فيمن رآه عليه الصلاة والسلام في المنام فقال له: إن امرأتك طالق ثلاثاً، وهو يجزم أنه لم يطلقها بالتحريم وعدمه لتعارض خبره صلى الله عليه وسلم عن تحريمها في المنام، وإخباره في اليقظة في شريعته المعظمة أنها مباحة له، استظهر الأصل أن إخباره عليه السلام في اليقظة مقدم على الخبر في النوم لتطرق الاحتمال للرائي بالغلط في ضبطه المثال (يعني ضبط كون المرئي هو الرسول أم لا) . اهـ
ثم قال: ومن هو من الناس من يضبط المثال على النحو المتقدم إلا أفراد قليلة من الحفَّاظ لصفته عليه السلام. اهـ
وبهذا يثبت أنه لا علاقة لهذه الرؤيا بتطليق زوجتك أو عدمه، بل الطلاق له أحكامه التي تتعلق به، فقد يكون واجباً وقد يكون حراماً وقد يكون مكروها وقد يكون مباحاً كما بيناه في الفتوى رقم: 43627. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 66805.
وقد وجدنا في سؤالك أنك رمزت للصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأحرف، وهذا خلاف الأولى عند بعض العلماء، ومكروه عند بعضهم، قال الإمام السيوطي في ألفيته:
واكتب ثناء الله والتسليما مع الصلاة والرضا تعظيما
ولا تكن ترمزها أو تفرد ولو خلا الأصل خلاف أحمد
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(9/1527)
الرؤيا ليست من مصادر التشريع
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) أحدنا في المنام بأن يطلق زوجته فهل يطلقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ممكنة، وقد بينا ذلك بضوابطه في الفتوى رقم: 23970 ولكن الرؤيا ليست من مصادر التشريع ولا تبنى عليها أحكام، فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم بصفته الحقيقية وأمره بتطليق امرأته فإنه لا يجب عليه تطليقها ولا يستحب له ذلك، ويبقى الطلاق كما هو من جريان الأحكام عليه بحسب الحال، فقد يحرم الطلاق وقد يكره وقد يباح وقد يندب وقد يجب كما هو مقرر عند العلماء.
قال المناوي في فيض القدير: سئل شيخ الإسلام زكريا عن رجل زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقول له مر أمتي بصيام أيام وأن يعيدوا بعدها ويخطبوا فهل يجب الصوم أو يندب أو يجوز أو يحرم؟ وهل يكره أن يقول أحد للناس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم بصيام أيام لأنه كذب عليه ومستنده الرؤيا التي سمعها من غير رائيها أو منه؟ وهل يمتنع أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى الله عليه وسلم ويقول للنائم إنه النبي صلى الله عليه وسلم ويأمره بطاعة ليتوصل بذلك إلى معصية كما يمتنع عليه التشكيل في صورته الشريفة أم لا، وبه تتميز الرؤية له صلى الله عليه وسلم الصادقة من الكاذبة وهل يثبت شيء من أحكام الشرع بالرؤية في النوم وهل المرئي ذاته صلى الله عليه وسلم أو روح أو مثل ذلك؟ أجاب: لا يجب على أحد الصوم ولا غيره من الأحكام بما ذكر ولا يندب بل قد يكره أو يحرم لكن إن غلب على الظن صدق الرؤية فله العمل بما دلت عليه ما لم يكن فيه تغيير حكم شرعي ولا يثبت لها شيء من الأحكام لعدم ضبط الرؤية لا للشك في الرؤية ويحرم على الشخص أن يقول أمركم النبي صلى الله عليه وسلم بكذا فيما ذكر بل يأتي بما يدل على مستنده من الرؤية إذ لا يمتنع عقلا أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى الله عليه وسلم ليقول للنائم إنه النبي صلى الله عليه وسلم ويأمره بالطاعة.. اهـ.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 58614، 36380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(9/1528)
لا دليل شرعي على ما يسمى خادم الترب (المقابر)
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لها بنت خالتها متوفاة وكانت تربطهما علاقة حميمة، وكانت تحبها جدا ومنذ يومين سمعتها أمي وهي نائمة قبل الفجر تنادي بصوت مختلف ليس صوتها باسمها ولما حاولت إفاقتها وتكلمت مع من يتحدث على لسان أمي وجدت أنه واحد وعرف نفسه على أنه خادم الترب وقد أتى من هناك برسالة أن المتوفاة (عمالة بتخبت وزعلانه) جدا على عيالها لأنه حقا هناك مشاكل وقضايا، ولكن الغريب حضور ذلك الغريب وهل هناك ما يسمى بخادم الترب علما بأنها امرأة فاضلة جدا ومحسنة وكانت ميتتها طيبة جدا وماتت وهي على وضوء وشهادة وبعد الإفاقة بالتحدث مع أمي قالت إنها كانت شايفة الترب وشايفها وهى تنعي أولادها وتبكي من أجلهم وهو قال إنه جاء بسبب أنها أحدثت له قلقا ولكن المحير أن الميت روحه تطلع عند ربنا والجسد يفنى ولكن ماذا حدث لا أعلم يقول أن عندما يكون الميت قلق على أحد ينزل إلى الأرض أفيدوني في ذلك وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم شيئا صحيحاعن خادم الترب، وما يعتقده البعض أن هناك ملكا أو جنيا يخدم المقابر أمر لا أساس له من الصحة، ولا ينبغي للمسلم أن يشغل خاطره به، وليعلم أن من مات انقطع من الدنيا ولم تعد عنده قدرة على الاهتمام بمشاكل عياله نظرا للبرزخ الحاجز بينه وبينهم حتى يبعثوا جميعا. قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {المؤمنون:99ـ100} . وقد نقل ابن كثير في التفسير عن محمد بن كعب أن البرزخ ما بين الدنيا والآخرة ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم، وقال مجاهد: البرزخ الحاجز ما بين الدنيا والآخرة. فعليكم جميعا أن تحافظوا على التعوذات والأذكار المسنونة وترحموا على أمواتكم وتصدقوا عنهم، وادعوا الله لهم واعلموا أن ما يراه النائم أو يخيل لفاقد العقل بأي سبب لا اعتبار له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(9/1529)
الرؤيا على ثلاثة أقسام
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي منذ سنتين ومن ذلك الحين أراها في منامي حتى أنها نبأتني بأني سأرزق ببنت فتحقق المنام هل يعني أنها راضية عني؟ يقال إن أبر البر هو البر بعد الممات فهل هذا صحيح؟ هل ذلك المنام رؤيا أم فقط حلم لأني أحس بها وكأنها حقيقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤيتك لها دائما تدل على تعلقك بها، والرؤيا قد تكون رؤيا صالحة وقد تكون حلماً من الشيطان، وقد تكون فما يحدث به المرء نفسه دائماً، كما بينا في الفتوى رقم: 64680.
وقد تطابق الرؤيا الواقع تماماً فيحدث ما رأيته في منامك كما هو، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 8138، والفتوى رقم: 936.
وبر الوالدين لا ينقطع بموتهما وهما أحوج ما يكونان إلى دعوة الولد وصلته وبره لهما بعد موتهما وانقطاع عملهما، وقد بينا ما بقي من برهما بعد موتهما، وما ينبغي للولد فعله اتجاههما، وذلك في الفتوى رقم: 10602، والفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(9/1530)
هل للرقم تسعة سر أو ميزة في الشرع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عدد الكواكب تسعة، يمكث الجنين في بطن أمه تسعة أشهر، عدد أقمار كوكب المشتري تسعة، رمضان هو الشهر التاسع من الأشهر القمرية، و11سبتمبر هو الشهر التاسع، وأنا ولدت في التاسع من الشهر التاسع، عدد آيات سيدنا موسى تسع، أسماء الله الحسنى تسع وتسعون، وما هو تفسير أني أرقي الناس وعمري لا يتجاوز 24 سنة، وما هي صفات الراقي، ما هو تفسير رؤية القمر أحمر أو خسوفه واكتماله في مدة ثلاثة أو أربعة أيام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأعداد التساعية لا نعلم لها سرا خاصاً، ومثلها تفسير أحوال القمر، وأما شروط الراقي فقد بيناها في الفتوى رقم: 26927.
ثم إن الرقية دعاء للمصاب قد يستجيبه الله ويقبله من الصغير والكبير معا، فهو مجيب دعاء من دعاه مهما كان حاله، واعلم أن أسماء الله تعالى ليست محصورة بعدد معين، كما يفيد الحديث: أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك.. رواه أحمد وصححه الألباني.
هذا ونشكرك على اتصالك بنا، وننصحك بالاهتمام بالنصوص الشرعية وتعلمها وتدبر معانيها، فالاهتمام بها أولى من محاولة استكشاف أسرار هذه المسائل والأعداد، ولو كان وراء ذلك خير لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله عليه قبل أن يموت: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {المائدة:3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(9/1531)
آداب يسن فعلها لمن رأى رؤيا يكرهها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن الأحلام، علما بأن أكثر أحلامي تفسر وخاصة أي شيء يحدث في اليوم التالي، وكنت أحلم قبل نتائج التوجيهي وكانت كلها تأتي بشكل صحيح ولم ينجح ابني، والآن قدم ابني آخر امتحان هو مادة الرياضيات وحلمت أحلاما كلها مخيفه ولا أنام الليل وأنا أفكر به ولا أستطيع أن أقول لأحد حتى لا تتحقق لما قرأته أن الأحلام التي تتشاءم منها لا تقولها لأحد حتى لا تتحقق أنقذوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا ثلاثة أقسام، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله، فمن رأى شيئاً يكرهه، فلا يقصه على أحد وليقم فليصل.
وهناك آداب يسن لمن رأى ما يكره أن يفعلها، إضافة إلى ما ذكر في هذا الحديث، ففي البخاري ومسلم أيضاً عن أبي سلمة قال: لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت أرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الحسنة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره.
فمن رأى رؤيا سوء، وفعل ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تلك الرؤيا لن تضره إن شاء الله تعالى مهما كانت، ولمزيد من التفصيل فيما ينبغي أن يفعله من رأى في المنام ما يكرهه، راجعي الفتوى رقم: 11014، ونعتذر للأخت السائلة عن تفسر رؤياها لأن الموقع لا يوجد عنده من هو مفرغ لتفسير الرؤى والأحلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(9/1532)
هل تصدق رؤيا من نام على غير وضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب تصديق الحلم طالما نام الإنسان بدون وضوء، وهل رؤية الأحلام دائما صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا ثلاثة أنواع، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس.
وقد سبق لنا بيان ما ينبغي فعله لمن رأى رؤيا يكرهها، فراجع الفتوى رقم: 53369، والفتوى رقم: 11014.
وأما تصديق رؤيا من نام على غير وضوء، فلم يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء حسب علمنا، ولكن الحافظ ابن حجر ذكر في الفتح عن علماء التعبير: أن من أدب الرائي أن يكون صادق اللهجة وأن ينام على وضوء وعلى جنبه الأيمن. وما ذلك إلا لأن النوم على وضوء وعلى الجنب الأيمن من السنة، فإذا كان الرائي قد نام على وضوء وعلى جنبه الأيمن، وكان صادق اللهجة فإن الغالب على رؤياه أن تكون صادقة إذا لم تكن فيما كان يحدث به نفسه.
وأما إذا نام على غير وضوء، فإن رؤياه تحتمل الأنواع الثلاثة المذكورة في الحديث احتمالا متساوياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(9/1533)
من أدب الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة هذا الكلام: أن من أراد أن يرى رؤيا صالحة يستحب أن يكون صادق اللهجة وأن ينام على وضوء على جنبه الأيمن وأن يقرأ عند نومه والشمس والليل والتين وسورة الإخلاص والمعوذتين ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أعوذ بك من سيئ الأحلام، وأستجير بك من تلاعب الشيطان في اليقظة والمنام اللهم إني أسألك رؤيا صالحة صادقة نافعة حافظة غير منسية، اللهم أرني في منامي ما أحب) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام الذي أشار إليه السائل ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح قال: وذكر أئمة التعبير أن من أدب الرائي أن يكون صادق اللهجة، وأن ينام على وضوء على جنبه الأيمن، وأن يقرأ عند نومه (والشمس والليل والتين وسورة الإخلاص والمعوذتين) ، ويقول: اللهم إني أعوذ بك من سيء الأحلام، وأستجيرك من تلاعب الشيطان في اليقظة والمنام، اللهم إني أسألك رؤيا صادقة نافعة حافظة غير منسية، اللهم أرني في منامي ما أحب، ومن أدبها ألا يقصها على امرأة ولا عدو ولا جاهل، ومن أدب العابر ألا يعبرها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند الزوال ولا في الليل. انتهى
وذكره المناوي في فيض القدير وبعض هذا الكلام لم نطلع عليه في الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أنه من كلام علماء التعبير كما نقل ابن حجر والمناوي وهما من أجلاء المحدثين.
وإنما ذكروا هذه الآداب لأن النوم على الطهارة وعلى الجنب الأيمن من السنة، ومن أسباب البعد عن تلاعب الشيطان، فإذا كان الشخص صادق اللهجة ونام على طهارة وعلى اليمين، فإنما يراه في نومه يكون غالباً رؤيا لا حلماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(9/1534)
رؤية ما يخيف في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد حلا ساعدوني بالله عليكم، أنا أرى كثيراً في المنام ثعابين مخيفة، أريد تفسير ذلك؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تفسير الرؤيا ليس عندنا متخصصون فيه، وننصحك بالحفاظ على أذكار النوم والوضوء للنوم، وأذكار الصباح والمساء والدخول والخروج، وإن رأيت في نومك ما تكره فانقلب على جنبك الأيسر واتفل ثلاثاً، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4179، 11014، 52423، 56750، 58076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(9/1535)
لا يمكن القطع بتحقق الحلم لكونه من علم الغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[رأى أخي في منامه زوجته وهي واضعة طفلا رضيعا في حجرها فسألها من هذا قالت هو ابنك فلما رأت تعجبه قالت له أليس لك نساء غيري فنظر خلفها فإذا فتاة هو يعرفها ثم نظر خلفهما فوجد رجلا واقفا يتبسم له وكان وجهه كقطعة قمر على الوصف هذا الرجل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هذا الحلم في الحرم في العشر الأواخر من رمضان وكان النبي يقف بجوار الكعبة وكانت هذه الفتاة مخطوبة في ذلك الوقت لكنها الآن قد فسخت خطوبتها. سؤالي هو هل لا بد وأن يقع هذا الحلم حيث إني أرغب في الزواج منها فماذا أفعل؟ أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما رآه أخوك لا يعدو كونه رؤيا، والرؤيا يستأنس بها وهي من المبشرات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات. قال: الرؤيا الصالحة. متفق عليه. ولكنها ليست مصدرا لتلقي الأحكام ولا يبني الإنسان عليها أمرا من دينه أو دنياه، بحيث يعمل بمقتضاها كفاً أو امتثالا. ولا يمكن القطع بتحققها لأن ذلك مما لا سبيل إلى القطع به لأنه من علم الغيب الذي اختص الله به. وما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن. يفهم من الحديث أن رؤيا المؤمن يغلب عليها الصدق إذا تقارب الزمان، وغلبة الصدق دالة على احتمال الكذب. وعليه، فإذا كنت ترغب في الزواج من هذه الفتاة وكانت ذات دين ولم تكن مخطوبة لغيرك فتوكل على الله وأقدم على خطبتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(9/1536)
فتاوى في الرؤى والأحلام
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان وفي المنام أرى أشياء تقع حقيقة في الواقع في بعض الأحيان يمكن أن أتذكر ما رأيت وأنبئ بعض الأشخاص الذين يهمهم الأمر وفي بعض الأحيان لا.
فما هذا الذي يقع معي هو إلهام رباني أو وسوسة شياطين أم هو حديث نفس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا لسؤال الفتاوى التالية أرقامها: 49408، 19059، 44242، 27840، 47801، 49656، 57595.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(9/1537)
رؤيا الليل ورؤيا النهار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الحلم بعد صلاة الصبح وقراءة القرآن رؤيا يتم تحقيقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤى بالليل وأخرى بالنهار، وبوّب لبعضها البخاري في صحيحه ببابين (باب رؤيا الليل) و (باب رؤيا النهار) وأورد في هذا الأخير قول ابن سيرين رحمه الله: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل.
وقد ورد في تفاوت الرؤى بحسب وقتها أقوال متباينة، واستدل أصحابها بأحاديث غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كاستدلال من يرى تفضيل رؤيا الليل بحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أصدق الرؤيا بالأسحار. رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وهو حديث ضعيف، حكم عليه ابن عدي بأنه منكر، وضعفه الألباني وشعيب الأرناؤوط. وكاستدلال من يرى تفضيل رؤيا النهار بحديث: أصدق الرؤيا ما كان نهاراً، لأن الله عز وجل خصني بالوحي نهاراً. رواه الحاكم في تاريخه والديلمي، وهو حديث ضعيف أيضاً كما ذكر المناوي في (فيض القدير) . فالذي يترجح لنا -والله أعلم- أن رؤيا الليل مثل رؤيا النهار، كما قال ابن سيرين رحمه الله تعالى.
وأما الرؤيا بعد قراءة القرآن، فلم يثبت ما يدل على أنها حينئذ تكون صادقة، لكن ورد في السنة النبوية ما يشير إلى أن رؤيا الصالحين غالبا ما تتحقق، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. وروى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا.
فكلما ازداد الرجل صدقا وصلاحا كلما غلب الصدق على رؤاه، قال المهلب: فالناس على هذا ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير، والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير، وما عداهم يقع في رؤياهم الصدق والأضغاث، وهم ثلاثة أقسام: مستورون فالغالب استواء الحال في حقهم، وفسقه والغالب على رؤياهم الأضغاث ويقل فيها الصدق، وكفار ويندر في رؤياهم الصدق جداً، ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً. نقله في الفتح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(9/1538)
رؤية الأنبياء وأهل البيت في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[معلوم أن من رأى محمدا صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رآه فعلا, هل ينطبق ذلك على بقية الأنبياء مثل سيدنا إبراهيم وعيسى عليهما السلام وأهل الرسول صلى الله عليه وسلم مثل السيدة زينب؟ أرجو أن توضحوا لي تفسير رؤياهم في المنام. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي. رواه البخاري ومسلم.
وأما غيره من الأنبياء وأهل البيت فإنا لا نعلم دليلا يدل على أنهم مثله في ذلك، وقد ذكر المناوي في فيض القدير أنهم مثله في ذلك.
وأما تفسير الرؤيا فإنه ليس من تخصصنا فيمكن أن تراجع فيه بعض المواقع الموثوقة التي تهتم بهذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(9/1539)
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم على غير صورته
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في المنام أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه كان شخصا أعرفه وكان شخصا عاديا ومستحيل أن يكون الرسول بهذ الشكل وخصوصا أنه كان يقفل باب محل في المنام وطبعا أنا أعرف الحديث الشريف القائل ومن رآني فى المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي وقد سألت عددا من الشيوخ فقالوا إنهم لا يعرفون هل الحديث صحيح أم أن هذا شكل الرسول وأنا أقول بعدم صحة الحديث أفضل من أن يكون هذا هو شكل الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه شخص عادي الذي رأيته يعمل فراشا في مدرسة ابتدائية وهو جارنا، علما أنني قد رأيت هذا المنام منذ أكثر من عشر سنوات في مرحلة كانت كل الأحلام التى أحلم بها فى المنام تتحق ثاني يوم مباشرة بالتفصيل ونادرا ما كنت أحلم حلما لا يتحقق أي أن الأحلام كانت في تلك المرحلة هي الأحداث التالية التى ستحدث بنفس الأسماء والأرقام والتواريخ
أرجوا الافادة أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي. رواه البخاري. فالحديث صحيح فعلا، ولكن رؤيته في المنام إنما تكون صحيحة إذا رآ هـ الرائي في صورته المعروفة له في حياته صلى الله عليه وسلم، قال البخاري في الصحيح: قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته. وقد ذكر ابن حجر في الفتح أنه روى أثر ابن سيرين بسند صحيح عن حماد بن زيد عن أيوب، قال كان محمد يعني ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: صف الذي رأيته فإن وصف له صفة لا يعرفها قال لم تره. ولمعرفة صفته صلى الله عليه وسلم راجع الفتوى رقم: 51979، والفتوى رقم: 36526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(9/1540)
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في الحلم جسد الرسول صلى الله عليه وسلم في راحة يدي اليمنى وكان مغطى بسجادة سوداء مطرزة بلون فضي ولما كشفت عنه رأيت شيخا يرتدي ثوبا أبيض وغترة (سماطة) بيضاء وهو أبيض الوجه وذو لحية بيضاء وكان طويل القامة نحيفا، وقد كان جسده كأنه جسد صنم، ومن ثم رأيت قبره صلى الله عليه وسلم وهو مغطى بسجادة سوداء منقوشة بالفضي وبعد سنوات رأيت في جهاز الكمبيوتر صورة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان نفس القبر الذي رأيته في الحلم ما عدا أن السجادة التي تغطية كانت بنية، وقد عرفت أن هذا الجسد هو جسد النبي وذلك بصوت داخل نفسي يقول لي هذا رسول الله أي بإحساسي الداخلي، فهل ما رأيته هو رسول الله وما تفسيركم لرؤيتي له ولقبره، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تفسير الرؤيا ليس من اختصاصنا، وننبه إلى أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون حقا، إذا كانت الصفة مثل صفته التي كان عليها في الدنيا، وهو لم يكن أبيض اللحية ولا نحيفاً، ولمعرفة صفاته الجسدية راجعي الفتوى رقم: 51979، والفتوى رقم: 36526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(9/1541)
اكتمي رؤياك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من عمري.. منّ الله عليّ بالنقاب منذ حوالي شهرين.. ولكني منذ أسابيع وأنا أحلم حلما غريبا يتكرر بنفس المضمون مع اختلاف الأحداث.. كثيرا ما أحلم أنني سافرة الوجه أمام رجال أعرفهم أو لا أعرفهم ولا أشعر بأي مشكلة.. وفجأة أتذكر أني منتقبة فأتعجب جدا من حالي وعلى الفور أغطي وجهي.. وأنا لم أكشف وجهي من يوم لبست النقاب أمام أحد من الرجال تماما الحمد لله وأسأل الله الثبات
أنا أخاف أن يكون هذا الحلم المتكرر علامة على فساد نيتي أو اتخاذي الأمر هزلا بشكل غير جدي.. أو أي أمر آخر يجب أن أنتبه له ولكني لا أستطيع تمييز معنى هذا الحلم المتكرر.. أم أنه أضغاث أحلام؟ ..
مع العلم أن خطبة أخي ستتم بعد شهر تقريبا وطلب مني العديد أن أكشف وجهي ذلك اليوم ولكني رفضت ولم يصر أحد على ذلك.. وأنا أضعف من أن أخبر أبي بعدم رغبتي في الذهاب فقررت أن أذهب وأخرج من مكان الاحتفال أنا وبعض الملتزمات.. حتى لا نكون في مكان يفعل به ما يغضب الله عز وجل.. أفيدوني أفادكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم شيئاً عن تعبير الرؤيا، ونرجو الله أن يسلمك من شر كل ذي شر، واكتمي رؤياك ولا تخبري بها إلا من يحبك كالأبوين أو الصديقات، واحرصي على الالتزام بحجابك فهو رمز عفتك، وابتعدي عن الأماكن التي يحصل فيها ما يغضب الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يتحسب، وأكثري من سؤال الله الهدى والاستقامة على الطاعة، واحذري من رفقة صويحبات السوء، وحافظي على أذكار النوم كل ليلة، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 31768، 29371.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(9/1542)
صفات المؤهل لتعبير الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك موقع للروحانيات وفيه أسئلة عن التنبؤ والاستخارة والأحلام وتفسيرها، فهل طلب الاستخارة من الموقع حلال أم حرام، وتفسير الأحلام من الموقع حلال أم حرام، أرجو الإفادة
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يستخير المسلم لنفسه ولا تنفع الاستخارة من غيره، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه أن يستخيروا إذا أراد أحدهم أمرا، ففي صحيح البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذاهم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعيشتي وعاقبة وأمري.. فيسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري.. فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته. فهذه طريقة الاستخارة في السنة وكيفيتها.
وأما طلب تعبير الرؤيا فينبغي أن يكون من شخص مباشر عنده علم وملكة في التعبير فلا يغني أحدهما عن الآخر، لأن تعبير الرؤيا الواحدة يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة. .. ولهذا منع أهل العلم الجاهل الذي ليست له ملكة التعبير أن يعبر الرؤيا ولو تعلم من الكتب أن هذه الرؤيا معناها كذا. قال محمد مولود الشنقيطي في كتابه محارم اللسان:
عَبْرُ الرؤى جاهلها لو بالكتب * إثم، وإثم افتخار بالنسب.
وعلى ذلك فلا ينبغي استفسار المواقع المذكورة وسؤالها عن الرؤى.. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 54415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(9/1543)
التمييز بين الرؤيا والحلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من المغرب تعرفت على شخص فرنسي عمره 50 سنة عبر الأنترنيت وطلبت منه خدمة فقام بها بدون تردد، لأن ما قام به بالنسبة له شيء بسيط وفرح كثيرا لتقديم هذه الخدمة وطلبت أن نبقى على اتصال فلم يمانع فصليت صلاة الاستخارة وحلمت حلما جميلا حلمت أن أختي قالت لي أني نجحت في الباكلوريا علما أني حاصل فقط على المستوى باكلوريا وحلمت أيضا أن بمنزلنا كلب يحرس الباب وهو كلب لم يصبنا بأذى مع العلم أنه لا يوجد كلب في البيت وحلمت أن هذا الكلب قام يتجول في البيت دون أن يصيبنا بأذى حتى أمي التي لا تطيق الكلاب تعاملت معه بلطف وكأن هذا الكلب يعيش معنا منذ زمن. هل ما حلمته مجرد حلم أم رؤيا؟ وهل ما حلمته يدل على أنه شخص صالح ولاخوف منه ونيتي أن أعمل المستحيل لإدخاله الإسلام. ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرؤيا من الله والحلم من الشيطان. وقد اصطلح العلماء على أن يسموا رؤية الأمر المحبوب في المنام رؤيا، ورؤية الأمر المكروه حلما. وكل من الرؤيا والحلم من خلق الله تعالى وتدبيره وإرادته. ولكن الرؤيا المحبوبة أضيفت إلى الله إضافة تشريف، بخلاف الرؤيا المكروهة التي هي الحلم. ومن هذا التمييز يتبين لك أن الذي رأيته أنت رؤيا وليس حلما. ونرجو الله أن تكون رؤياك هذه رؤيا خير، وليس في موقعنا ركن لتفسير الأحلام، فلذا نعتذر عن الإجابة على دلالة رؤياك. ولكن دعوة الرجل إلى الإسلام ومحاولة هدايته هي من الواجبات، وفيها الأجر الكثير من الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. متفق عليه. فبادر لدعوة الرجل إلى الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(9/1544)
التحدث بالرؤيا يوم الثلاثاء والأربعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكي الأحلام يومي الثلاثاء والأربعاء لأنها أيام نحس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحدث بالرؤيا في يوم من الأيام، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة الفجر أقبل بوجهه على أصحابه وقال: من رأى منكم الليلة رؤيا.... فإن رأى أحد رؤيا قصها عليه فيقول فيها ما شاء الله ... ولم يكن يختار لذلك يوما معينا أو يتجنب يوما, والتشاؤم ببعض الأيام لا يجوز، لأنه من أعمال الجاهلية. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 38340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(9/1545)
ليس كل احتلام سببه الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذه العبارة جائزة \'\' تخطاك الشيطان\'\' عندما يحتلم الإنسان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاحتلام قد يقع بسبب الشيطان، وقد يقع بسبب قوة المحتلم وغزارة المني عنده كما ذكر ابن القيم والنووي رحمهما الله تعالى، وبناء عليه، فإنه لا يمكن الجزم بأن كل احتلام من الشيطان، وعليه، فالأولى هو البعد عن هذه العبارة، وليعلم أن الاحتلام لا إثم فيه، ولذلك لا يؤثر على الصوم ولا على الحج، إلا أنه لا ينبغي التسبب فيه بالتفكر في أمور الجنس قبل النوم، ويتأكد منع ذلك في التفكر في النساء الأجنبيات فهو محرم، لأنه قد يسبب التعلق بهن والفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(9/1546)
رؤية الميت في المنام كرؤية الحي في صدقها وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل الأحلام بالمتوفى تعتبر رؤية صادقة حتى لو كانت في وضح النهار لأنه في دار الحق ونأخذ بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤى والأحلام سواء كانت في الليل أو في وضح النهار لا ينبني عليها شيء فقد تكون صادقة، وقد لا تكون، ولا فرق في ذلك بين ما تعلق منها بالميت وما تعلق بغيره، وكون المتوفى صار في دار الحق ليس معناه أن كل ما يتعلق به حق وصدق.
والرؤى قد يكون سببها تعلق الشخص الرائي بالموضوع المرئي، وقد تكون من عبث الشيطان ولعبه بمن لا يتحصنون منه بالتعاويذ والأذكار الشرعية، وقد يكون لها أسباب أخرى، وراجع في موضوع رؤية الميت في المنام الفتوى رقم: 10835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(9/1547)
لا يلزم ترك الخطبة لأجل رؤيا رآها
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت أحد أصدقائي المتوفين في المنام ينصحني بعدم الزواج من فتاة محددة وذلك بعد أن تمت الخطبة بعدة أيام علما بأني وتلك الفتاه نرغب جدا ببعضنا البعض فهل نأخذ بهذه الرؤيا؟
ولكم مني خالص الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة التي خطبت ذات دين وخلق، فننصحك بالمضي في خطبتها امتثالاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين ترتب يداك. متفق عليه.
أما إن كانت هذه الفتاة غير مرضية في دينها وخلقها، فهذه تركها مطلوب شرعاً من غير حاجة إلى تلك الرؤيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(9/1548)
هل تقع الرؤيا على أول ما فسرت به ومدى جواز تصديق المعبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ماحكم التصديق بتفاسير الحلم وهل أول تفسير للحلم يقع أرجو الرد
جزاكم الله خيرا
أختكم
ش. أ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن الرؤيا شأنها خطير ولا يحق لأحد أن يفسرها إلا إذا كان من أهل الخبرة بتأويل الرؤيا، فإذا عبرها من هو خبير بالتعبير فإن ذلك التفسير ليس تفسيراً قطعياً وإنما هو ظني ويجوز تصديقه، وإذا عبرها المعبر فإنها تقع كما يدل له الحديث: الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
قال المناوي في شرح الحديث:
إذا عبرت وقعت يعني أنه يلحق الرائي أوالمرئي له حكمها، قال في النهاية يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت كما أن الطير لا يستقر غالباً فكيف يكون ما على رجله، وفي عون المعبود أن السيوطي قال المراد أن الرؤيا هي التي يعبرها المعبر الأول فكأنها كانت على رجل طائر فسقطت ووقعت حيث عبرت.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 4473، 7314، 25785، 45232 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(9/1549)
كلام الميت في المنام لا يقطع بصدقه أو كذبه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث نبوي صحيح ينص على أن الكلام الذي تسمعه في المنام من إنسان متوفى هو كلام حق وصحيح مئة بالمئة. لكم مني صادق الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على حديث ينص على أن الكلام الذي يسمع في المنام من إنسان متوفى هو كلام حق وصحيح.
وأحوال الميت من الأمور الغيبية التي لا يمكن الكلام فيها إلا بدليل. والذي يسمع في المنام هو من باب الأحلام ولا يمكن القطع بصدقها أو كذبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(9/1550)
ما رئي في المنام لا يقطع بوجوده وتحقيقه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل أنا رجل أعزب وأريد الزواج وإني أسأل الله عز وجل أن يريني في منامي صورة للفتاة التي ستصبح زوجتي فهل يجوز هذا شرعا؟ وبفرض أن الله من عليّ بتلك الأمنية فكيف لي أن ما رأيته في منامي من عند الله وليس أضغاث أحلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغب الشرع الحكيم في الدعاء، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة: 186} . ولا حرج على الإنسان، في أن يدعو بأي شيء من أمور الدنيا والآخرة لا إثم فيه، فقد أخرج الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسع نعله إذا قطع. وفي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بعد أن علمهم التشهد: ثم ليتخير من المسألة ما شاء. وعليه فلا حرج في أن تدعو بأن يريك الله في المنام صورة الفتاة التي ستصبح زوجة لك، ولكن العاقل لا ينبغي أن يدعو إلا بما يترتب عليه جلب نفع أو دفع ضر، ولا شيء من ذلك في مثل هذا الدعاء. ثم ما يجده الإنسان من رؤيا في منامه كله بقضاء الله وقدره، إلا أنهم يسمون ما كان للخير رؤيا وينسبونه لله، وما كان مختلطا أو فيه شر يسمونه حلما أو أضغاث أحلام وينسبونه للشيطان لأنه هو السبب فيه، وعلى كل حال فإنه لايمكن القطع بوجود وتحقيق ما رئي في المنام. إلا ما تعلق برؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بشرط أن تنطبق على المرئي أوصافه صلى الله عليه وسلم انطباقا تاما فإن الشيطان لا يتمثل به كما في الحديث الشريف، ومع ذلك فلا يمكن أن تبنى على رؤيته أحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(9/1551)
التوجيه النبوي لمن رأى رؤيا يكرهها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحس بموت أعز الناس لي في الأحلام، أعيش معهم الأحلام، وبعد يوم أو 2 تحدث الفاجعة في أعز الناس أولهم أختي بالثانوية، ثم أبي ثم أمي ثم أخي منذ 5 شهور ثم زوجة عمي منذ أيام، علما بالحلم لا أدري بما سيحدث لكن أحس بأني سوف أفقد أعز الأحباب، فهل أحكي لأحد عن هذه الأحلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الشيخان من حديث أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب. وفي رواية: فليتحول عن جنبه الذي كان عليه. وفي رواية: فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل.
ومن فعل هذه التوصيات التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي:
- الاستعاذة بالله من الشيطان، ومن شر الرؤيا.
- النفث عن يساره ثلاثاً.
- التحول عن جنبه الذي كان عليه إلى الجنب الآخر.
- يقوم فيصلي لله ركعتين أو أكثر.
- لا يحدث بها أحداً.
فإنها لن تضره بإذن الله تعالى.
فعليك أخي الكريم بإتباع هذه التعليمات السديدة، ونسأل الله أن يحسن عزاءك فيمن فقدتهم من قرابتك، وأن يجزل لك الثواب، ويتقبلهم في رحمته إن رحيم كريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(9/1552)
الشيطان يتدخل في أحلام الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي: هل يمكن للشيطان الرجيم التدخل في الأحلام علما بأن الروح تكون في قبضة الله عز وجل، كيف ذلك ومتى، وماذا لو نام الشخص وهو متوضئ ومصل وقرأ القران وذكر الله أفيدونا أفادكم الله وأعانكم لما فيه الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان. رواه البخاري ومسلم.
فقد جعل الله تعالى -لحكمة أرادها سبحانه وتعالى- قوة وقدرة للشيطان على الاتصال بنفس الإنسان، والوسوسة لها بالشر وإلقاء الأحلام المزعجة إليها ليحزنها بذلك، فالشيطان عدو للإنسان كما قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر: 6} ، وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.
وبناء على هذه الأحاديث فإن الشيطان يتدخل في أحلام الإنسان ويوسوس له فيها ليحزنه بها، وقد جعل الله تعالى له القدرة على ذلك في هذه الدنيا ابتلاء وامتحانا، فالأمر كله بيد الله تعالى ولا يخرج شيء منه عن مشيئته وإرادته.... فإذا وجد العبد شيئاً يزعجه في نومه فعليه أن يعالج ذلك بالاستعاذة بالله تعالى وينفث عن يساره ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه، ولا يخبر بها أحداً فإنها لا تضره، وكذلك إذا نام متوضئاً وقرأ أذكار النوم (آية الكرسي وغيرها) فإن الله تعالى يحفظه بسبب ذلك مما يكره في نومه، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27840، 31517، 32576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(9/1553)
مسألة حول تفسير الأحلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تفسير الاحلام غير موجود بالدين الإسلامى لقول علماء الازهر لهذا مع ان بعض الانبياء كانوا يفسرون الأحلام مثل سيدنا يوسف وغيره من الانبياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب السؤال الفتوى رقم: 4473، والفتوى رقم: 38258، والفتوى رقم: 7314، والفتوى رقم: 45232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(9/1554)
تسمية المولود بغير الاسم الذي رؤي بالمنام
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت رؤيا أني ذاهب إلى صلاة العصر أن ابنته اسمها إيمان وتفاصيل أخرى وذلك قبل ولادتها بحوالي شهرين في الوقت الذي لم يكن يعرف الأطباء ما إذا كان المولود ولداً أم بنتاً
وأخبرته بالرؤية
ولكنه قام بتسمية البنت باسم لوجين بناء على رغبة أمها
ما حكم الرؤيا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرؤى لا تنبني عليها أحكام شرعية ملزمة فلا يجب بها شيء لم يكن واجبا في الأصل، ولا يحرم بها ما كان مباحاً.
والرؤيا إذا كانت صالحة فهي من المبشرات التي أخبر الصادق المصدوق عنها، وقال إنها هي ما بقي من مبشرات النبوة، ففي الحديث الشريف: إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه مسلم.
وعليه؛ فرؤياك أن شخصاً ما ولدت له بنت اسمها إيمان لا يحتم على هذا الشخص أن يسميها بهذا الاسم، وإن كان الأولى له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(9/1555)
النهي عن الإخبار بالأحلام المكروهة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أخي في الإسلام ما الحكم في إبلاغ المرأة زوجها بحلم مزعج وذلك بسبب إلحاحه وهي أخبرته لأنه قال لها أنا زوجك ولا تخبي شيئاً عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي قت ادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره وليتعوذ من الشيطان لا تضره ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب.
قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم في الرؤية المكروهة: ولا يحدث بها أحداً فسببه أنه ربما فسره تفسيراً مكروهاً على ظاهر صورتها، وكان ذلك محتملاً فوقعت بتقدير الله تعالى.
وعلى هذا، فالذي ينبغي للمرأة فعله في هذا الحلم السيئ هو عدم إخبار زوجها أو غيره بما رأت، ولا يتنافى هذا مع ما تقتضيه الزوجية من الصراحة، إذ لا علاقة له بالزوج لا من قريب ولا من بعيد، ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الإخبار بهذا النوع من الأحلام، وكان من حقها أن لا تخبره الحلم أصلاً حتى لا يسأل عن تفصيله، أما بعد الوقوع فنسأل الله لهذه الزوجة أن يقيها شر حلمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(9/1556)
لا حرج في تصديق من يفسر الرؤيا إذا تحققت فيه الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإيمان بتفسير الرؤية في المنام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد السائل هو السؤال عن حكم تصديق ما قاله من يفسر الرؤيا المنامية، فجوابه إن من كان معروفاً بالاستقامة والصلاح، وكان معروفاً بصدق تأويل الرؤيا يجوز تصديقه في تفسيره لرؤيا المؤمن المعروف بالصلاح، لأن الرؤيا الصالحة من المؤمن لا تكاد تكذب، كما في الحديث: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب. رواه البخاري ومسلم.
ثم إنه قد تصدق رؤيا الكافر أو الفاسق أحياناً كما حصل لصاحبي السجن ولملك مصر في عهد نبي الله يوسف عليه السلام، فلا حرج في تصديق من فسرها إذا كان معروفاً بالصدق وتفسير الرؤيا، ولكن الرؤيا لا ينبني عليها أي حكم شرعي ولا تعدو أن تكون بشرى لصاحبها تسر ولا تغر كما قال أهل العلم، وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 9555، 19059، 49408، 36380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(9/1557)
مات شريكه الذي يحبه ولا يراه في منامه على العكس من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[نحييكم وندعوا لكم الله أن يجعل ماتقدمون في ميزان حسناتكم
أما سؤالي فهو.
كان لي شريك في العمل وكنا نسير بما يرضي الله عز وجل وكنت أحبه في الله حبا كثيرا وتوفي من ثلاث سنوات، وأشعر دائما أنني مشتاق لرؤيته (وللعلم دائماً في صلاتي أدعو له ولأموات المسلمبن جميعا بالرحمة وسعة القبر وأن يجعله الله من رياض الجنة وإن كثيرا من الأهل والأصدقاء يقولون إننا رأيناه بالمنام إلا أنافلم أره طوال السنوات الثلاث حتى الآن) فهل عدم رؤيتي له بالمنام يوحي على شيء؟ وهل عند موتي سأتقابل معه أو أعرف أخباره. وللعلم أيضاً إننا كنا لا نفارق بعضنا وكناخلال السنوات الست الأخيرة قبل وفاته نخرج كل عام إلى العمرة وذات سنة أتم الله عليه نعمته وأدينا فريضة الحج.
فأرجو من فضيلتكم الإفادة ولكم الأجر والصواب من الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثيبك على الدعاء بالرحمة لشريكك في العمل ولأموات المسلمين، واعلم أن الرؤى لا تترتب عليها أحكام ولا يمكن أن يستدل بها على شيء دلالة متيقنة. روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاث: فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويف من الشيطان. وعليه، فرؤية الناس لصديقك في المنام وحرمانك من ذلك كل ذلك لا يترتب عليه شيء وليس له دلالة فيما نعلمه.
وعما إذا كنتما ستتقابلان بعد الموت وتتعرف على أخباره، فإن أرواح المؤمنين تتلاقى في الجملة، ولكن قد لا تكون بالكيفية التي تتصورها، وكل ما نعرفه في الموضوع هو أن الأصدقاء في الدنيا إذا كانوا من المتقين فإنهم قد يتجاورون قال تعالى: [وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ] (الحجر: 47) . وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 15281.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(9/1558)
لا ينبني على الرؤيا عمل ولا حكم شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حسب الشريعة الإسلامية هناك قيمة للأحلام, وخصوصا إذا رأيتها في الواقع, فإذا كان الشخص غير ملتزم ولكن كل حلم يحلمه يتحقق وأحيانا يعلم ما سوف يحدث فما تفسير ذالك؟؟؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد: فإن الرؤيا الصادقة التي تتحقق في اليقظة بالنسبة للشخص المستقيم في دينه تعتبر بشرى له، ففي حديث البخاري: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا وما المبشرات، قال: الرؤيا الصالحة. وفي رواية أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وفي حديث البخاري: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان. ولكنها لا يعتمد عليها ولا ينبني عليها أي أمر ولا حكم شرعي ولا بأس أن يتفاءل بها المسلم ويحدث بها من يحبه
وأما غير الملتزم فإن تكرر صدق رؤياه فعليه أن يبادر بالتوبة والإنابة إلى الله
وليحذر أن يكون ما يحصل له استدراجا من الله تعالى،
ثم إن صدق رؤياه لا يدل على تكريمه ولا شيء يمنع من صدق رؤياه لأن الكافر قد يرى رؤيا صادقة كما في قصة صاحبي السجن الذين سألا يوسف عن رؤياهما فعبرها لهما، وكما في قصة ملك مصر الذي رأى رؤيا وعبرها له يوسف
ولكن رؤياه لا يعتمد عليها أيضا ولا يبنى عليها أي حكم شرعي، وأما علم الإنسان بما سيحدث عن طريق الرؤيا فإنه قد يحصل ولكن لا يجعلنا نتحقق من الرؤيا قبل وقوعها إذا كان الشخص غير ملتزم، وأما الشخص المستقيم فإنه لا تكاد رؤياه تكذب كما في الحديث: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب. رواه البخاري ومسلم.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4473، 48547، 8138، 36380، 1105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(9/1559)
لا سبيل إلى القطع بتحقق الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فسرت لي ثلاثة رؤى كلها مبشرة بالخير والحمد لله، من قبل مفسر الأحلام وحدثت بها صديقتي الحميمة بعد التفسير فهل ستتحقق إن شاء الله أم لا، لأنني حدثت بها صديقتي، وهل كل تفسير للرؤيا لا بد أن يتحقق بالتأكيد أم لا، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولاً أن شأن الرؤيا جليل وأمرها عظيم، فلا تفسر إلا من عارف بتأويل الرؤى، ولا يؤخذ تعبيرها من الكتب، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 7314.
ومن رأى رؤيا حسنة فعليه أن يحمد الله ويشكره، ويزيد في طاعته ويجاهد نفسه وهواه والشيطان للابتعاد عن المعصية شكراً لله على تلك النعمة، والرؤيا الحسنة هي من المبشرات، روى البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. وفي رواية: الرؤيا الحسنة.
وقد أحسنت في تحديثك بها صديقتك الحميمة، ففي سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه والدارمي وأحمد عن أبي رزين العقيلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة وهي على رجل طائر ما لم يتحدث بها، فإذا تحدث بها سقطت، قال: وأحسبه قال: ولا يحدث بها إلا لبيباً أو حبيبا. وفي رواية: ولا تقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي.
وعما إذا كانت رؤاك ستتحقق أم لا، وهل كل تفسير الرؤى يتحقق بالتأكيد أم لا، فذلك ما لا سبيل إلى القطع فيه لأنه من علم الغيب الذي اختص الله به، وكل ما نعرفه في هذا الموضوع هو ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن.
ويفهم من الحديث أن رؤيا المؤمن سيغلب عليها الصدق إذا تقارب الزمان، وغلبة الصدق دالة على احتمال الكذب، وإن كان احتمالاً ضعيفاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(9/1560)
تدارك أمرك وحافظ على صلاتك
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في المنام.. ولدا أو بنتا جميلة..أو ولدا وسيما جدا.. وهو يذهب عني وهو عاتب.. وأنا أحاول استيقافه ورجوعه.. على عمامة كريستال خضرا.. وثوب شديد البياض.. وأمرد الوجه.. ومقصر ثوبه أو ثوبها.. وأنا موقن في منامي
أنها اسمه أو اسمها صلاة..فما معنى هذا الشيء؟؟ علما بأني قليل الطاعات..ومدخن ولكن أبكي وأمرض وأحزن كثيرا لأخبار العراق وفلسطين والشيان وكشمير.. والفلبين وإندنوسيا وغيرهم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الرؤيا التي رأيتها فهي رؤيا خير بالنسبة لك إن شاء الله تعالى، فهي تنبيه لك على أهمية الصلاة ومكانتها في هذا الدين العظيم، وأنه لا حظ في الإسلام لمن تركها، فأنت ولله الحمد على خير كثير ما دمت تحب الله ورسوله والمؤمنين وتوالي أولياءه ويسرك ما يسرهم ويسوءك ما يسوءهم، ولهذا فإن عليك أن تتدارك أمرك وتصلح شأنك وتحافظ على صلاتك وكل ما افترضه الله عليك.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق وصالح العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(9/1561)
استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة إلى تأويلها وتعجيلها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة تدعوني أحياناً لزيارتها تطلب مني أن نبقى نصلي مثلا على النبي صلى الله عليه وسلم كل واحدة على حدة لا بصوت جماعي لوقت معين كـ 10 دقائق، مثلاً كما أن هناك مجموعة من الأشخاص يجتمعون أسبوعياً لدرس وبعدها يقومون بالاستغفار أو أي ذكر آخر لوقت معين وأحياناً يكون لهم عدد للدقائق لتحديد وقت الذكر وذلك حتى في سائر الأيام (لا بصفة جماعية أيضاً) ، فهل يجوز هذا أيضاً نفس هاته المجموعة يجتمعون لمدة يومين أو ثلاثة في بيت أحدهم فيعتكفون فيه يصومون ويقومون الليل إلخ، وفي الصباح بعد الصلاة يسأل بعضهم من رأى منكم رؤيا ويسمونه مجلس الرؤيا لتأويل الرؤى ويعللون ذلك بأن ذلك وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل كل هذه الأمور جائزة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحديد الذكر بدقائق معينة على سبيل التعبد بتحديد الدقائق -سواء كان الذكر استغفاراً أو غيره- يعتبر من البدع الإضافية، كما صرح بذلك الإمام الشاطبي، كما في الفتوى رقم: 8381، كما يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 6823.
وتنظيم درس أسبوعياً لا مانع فيه، بدليل ما ثبت في صحيح البخاري وغيره عن أبي وائل قال: كان عبد الله يذكِّر الناس في كل خميس، فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. وعبد الله هو: ابن مسعود كما في فتح الباري، والاعتكاف لا يعتبر شرعاً إلا في المسجد، كما في الفتوى رقم: 22785.
وقيام الليل جماعة لا مانع منه؛ إلا إذا تعلق بتخصيص ليلة بعينها بالقيام فيكون ذلك بدعة، كما في الفتوى رقم: 21699.
وكذلك من البدع أيضاً تحديد أيام بالصيام لم يرد تحديدها كأن تكون غير الخميس والاثنين أو يوم عرفة أو عاشوراء ونحوها من الأيام التي ورد تخصيصها بالصيام.
والسؤال عن الرؤيا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري عن سمرة بن جندب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: من رأى منكم الليلة رؤيا.
وفي صحيح مسلم عن سمرة أيضاً قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه فقال: هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وفيه استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة إلى تأويلها وتعجيلها أول النهار لهذا الحديث، ولأن الذهن جمع قبل أن يتشعب بإشغاله في معايش الدنيا، ولأن عهد الرائي قريب لم يطرأ عليه ما يشوش الرؤيا عليه، ولأنه قد يكون فيها ما يستحب تعجيله كالحث على خير أو التحذير من معصية ونحو ذلك، وفيه إباحة الكلام وتفسير الرؤيا ونحوهما بعد صلاة الصبح. انتهى.
وعليه؛ فالسؤال عن الرؤيا وتعبيرها ممن يعرف ذلك مشروع لكن لم يثبت شرعاً ما يعرف بمجلس الرؤيا، وللتعرف على حكم تعبير الرؤيا، راجعي الفتوى رقم: 38258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(9/1562)
ترى أحلاما فتتحقق في الواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة غير ملتزمة، ومشكلتي هي أنني عندما أكون نائمة أحلم بأشياء عدة والتي تفاجئني بحدوثها في الواقع، وقد يحدث لي هذا دائماً، فأنا أحلم بشيء ما والذي بعد عدة أيام يحدث نفسه في الواقع، فما هو تفسير الشريعة لهذا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره ثلاثاً وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر بها ولا يخبر بها إلا من يحب.
وعلى هذا فإن كان ما ترين مما يكره أو يسوء فلا تخبري به أحداً ولتعلمي أنه من الشيطان ليحزن به المؤمن وعليك بعلاجها كما جاء في الحديث، أما إذا كانت الرؤيا حسنة فلا تخبري بها إلا من تحبين، ثم إننا ننصحك بالمحافظة على أذكار النوم وخاصة آية الكرسي بتدبر، كما ننصحك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعلى أداء الفرائض والبعد عن المحرمات، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4179، 11014، 3830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(9/1563)
لا تشاع الرؤى السيئة التي تدعو إلى الشقاق بين الأزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو أن أهل زوجي يروني في الأحلام بمشاهد غير أخلاقية.. مع إخوانهم من الذكور.. لا أعرف السبب لماذا أنا بالذات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا عبرة بهذه الأحلام، وننصحك ألا تبالي بها، لأنها إما كذب ممن زعمها، وإما صدق ولكنها رؤيا من الشيطان ليفسد بها بينك وبين زوجك، وما كان لمن رآها أن يتحدث بها، لأنها رؤيا سوء وداعية للشقاق وإشاعة الفاحشة، والحاصل أنه ينبغي لك نصح زاعم هذه الرؤيا بعدم الحديث بها، فإن أصر فإثمه على نفسه، ولا تبالي بذلك، والله عز وجل سيتولى كشف الحقيقة وفضح المفسد، وينبغي أن تطلعي زوجك على هذه الفتوى إن بلغه الخبر، وننصح الأخت بتقوى الله والتزام ما أوجبه عليها من الحجاب الشرعي أمام غير المحارم، ومن ذلك إخوان الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(9/1564)
هل ينفذ ما طلبه الميت في الرؤيا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يحدث أحيانا أن يرى المرء أحد أقاربه الميتين في المنام وهو يتكلم معهم ويطلبون منه أن ينفذ لهم بعض الأشياء كالتصدق عنهم والسؤال هو هل فعلا هم أرواح الأشخاص الذين تمت رؤيتهم في المنام وهل يجب علينا تنفيذ طلبهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن الجزم بأن هذه الروح التي رآها الشخص في المنام هي روح فلان مثلا، وإن كان ذلك ممكنا في الجملة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 15281، وأما تنفيذ ما طلب، فإن كان مشروعا كالصدقة عنهم ونحوه، فينبغي تنفيذه، لأنه أمر مرغب فيه أصلا، ولكن ليس ذلك على سبيل الوجوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(9/1565)
الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عدة سنوات رأيت الرسول صلي الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثة وكان الأمر واضحا لي جليا وبعد عدة سنوات أصبت بالخوف من أن تكون المعاصي قد غلبت علي وفي الأسابيع الماضية وبينما كنت أمر بظروف صعبة حلمت حلما أو رؤيا على الأصح وفرحت فرحا شديدا
بأنني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام طبعا ولكن المشكلة أن الفرح في النوم وبعد غلب علي ولم أتمكن من (احداث)
الرؤيا ومضت فترة لم أصرح لأحد وعندما صرحت، لأحد زملائي بدأت الوسوسة من أن أكون غير متأكد من رؤياي وبالتالي أكون كاذبا وما أشده من كذب..........مع أنني أعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأتي في المنام إلا حقيقة وأنه لا يتمثل
فما رأيكم؟ أنا في حيرة من أمري لم تحدث في الرؤيا السابقة وربما تكون وسوسة.
نرجو منكم أن تجيبوني على هذه الحيرة
وأضيف أنني أثناء الحلم كنت أفرح فرحا شديد لأنني كنت متأكدا من أنه هو عليه أفضل الصلاة والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك بالابتعاد عن الوسوسة فإنها من كيد الشيطان، روى أبو داود وأحمد من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة، ثم ما ذكرته من كونه صلى الله عليه وسلم لا يتمثل به الشيطان وأن من رآه في المنام فقد رآه، وأن الكذب عليه من أشد الكذب، كله صحيح، روى الشيخان من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.
وبناء عليه فلا داعي إلى أن تحار في الأمر، فإن كنت متأكداً مما رأيت فحدث به وأبعد عنك الوسوسة، وإن كنت غير متأكد فاترك الحديث به، إذ لا ضرر في ترك الحديث به، ولو كنت متأكداً، وأحرى إن لم تكن متأكداً.
وعليك بتلاوة القرآن وبالأذكار الصباحية والمسائية وبالتعوذ والاستغفار فإنها تطرد الشيطان، وراجع الفتوى رقم: 23970، والفتوى رقم: 29056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(9/1566)
الشروط اللازمة فيمن يقوم بتعبيرالرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الشروط اللازمة لمن يقوم بتفسير الأحلام؟ وكيف نستطيع أن نعرف من يفسر ومن الدجال؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي قوله: (ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها) .
قال شارح الرسالة النفراوي في كتابه "الفواكه الدواني": (لأنه يكون من الكذب، لأن الإخبار من غير العالم كذب، قال تعالى: [وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ] (الاسراء: 36) .
ومفهوم كلامه أنه إن كان له علم بها بأن كان يعلم أصول التعبير وهو الكتاب والسنة وكلام العرب وأشعارهم وأمثالهم وكان له فضل وصلاح وفراسة، يجوز له حينئذ تعبيرها، ولا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتاب التفسير كما يفعله بعض الجهلة، يكشف نحو ابن سيرين عند ما يقال له: أنا رأيت كذا، والحال أنه لا علم له بأصول التعبير، فهذا حرام، لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وأوصاف الرائين، فعلمها عويص يحتاج إلى مزيد معرفة بالمناسبات) . اهـ.
ففي كلام النفراوي رحمه الله ذكر الشروط لمن سيقوم بتفسير الرؤيا، وانظر الفتاوى التالية برقم: 38258، ورقم: 7314، ورقم: 9555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(9/1567)
رؤية الله تعالى في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في بعض الكتب من يدعي لرؤيته لله في المنام مستنداً إلى أن الإمام أحمد بن حنبل قد رأى الله في المنام فما صحة الخبر، وهل رؤية الله في المنام جائزة أم لا، أرشدونا؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق إجابة هذا السؤال في الفتوى رقم: 8271، والفتوى رقم: 14619.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(9/1568)
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في المنام ولكني رأيته في صورة ظل فقط أي (كما لو كنت أرى ظله فقط) فهل معنى هذا أنني لم أره وأن هذه ليست رؤيا؟ أم بما أنني أعلم أنه النبي صلى الله عليه وسلم فإنني فعلاً رأيته وأنه كان فعلا يحدثني؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنبي صلى الله عليه وسلم له صفات خَلْقية مذكورة في كتب الشمائل، فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الصفات فقد رآه، لأن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بهذه الصفات، وبما أن الذي رأيته هو ظل، فإننا لا نستطيع أن نجزم بأن الذي رأيته هو ظل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نستطيع أن نجزم بأنه ليس ظل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نرجو أن يكون هو ظل النبي صلى الله عليه وسلم، وراجعي الفتوى رقم: 23970.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(9/1569)
الرؤيا الصالحة من مبشرات النبوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متدين أحافظ علي جميع الصلوات في أوقاتها وبصفة خاصة الفجر وعلى الأذكار وقراءة القرآن وأعمال الخير وهناك بعض الأمور التي تحدث لي في اليقظة وفي النوم في النوم مثلا رأيت الكعبة وقبلت الحجر الأسود وقرأت في التفسير سوف أذهب إلى السعودية ولكني فقير وفجأة وبعد عدة شهور قال لي أحد الأثرياء في القرية أريد أن تعمل عمرة على حسابي وبالفعل ذهبت في رمضان الماضي بأداء عمرة وكثير من الرؤيا التي تشرح قلبي والأمور التي تحدث لي في اليقظة أتنبأ بحدوث شيء معين مثل أن أحد المصلين يأتي ليصلي الفجر ويأتي بالفعل مع العلم بأنه منذ شهور لم يأت وكثير من الأمور التي عندما تحدث أفرح وأشعر بلذة ما بعدها من لذة وعلى فكرة أنا كثير التفكر في الموت والآخرة وفي الله تعالى وكثير البكاء وكثيرا ما يخطر في بالي أن هذه الأشياء تحدث لي من الشيطان فهل هذا صحيح أفيدوني افادكم الله؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك للمحافظة على الصلوات وفعل الخيرات، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقك شكر هذه النعمة والثبات عليها، واعلم أن الرؤيا الصالحة من الله، وهي من المبشرات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. رواه مسلم. وما دمت ترى الشيء السار في المنام فيحصل كما رأيت، فهي بشرى لك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، رواه البخاري ومسلم وعند مسلم " الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزء من النبوة " فما تراه إذن من الرؤيا الصالحة يعتبر من الله وليس من الشيطان. قال صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان ... رواه مسلم.
وأما ما تتوقعه في اليقظة ويقع كما توقعته، فهذا نوع إلهام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم. وراه مسلم. وخص عمر لكثرة وقوع ذلك منه لا تخصيصه بذلك.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(9/1570)
العمل إذا رأى في منامه ما يفزعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأيام جاء تني في المنام صوره قبيحة كابوس وهي صورة والعياذ بالله صورة المسيح الدجال فقمت في المنام مفزوعا وقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لكن الصورة دائما في خيالي ولا أدري ماذا أعمل، فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم -واللفظ للبخاري - من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه، فلينفث عن يساره ثلاثا وليتعوذ من الشيطان، فإنها لا تضره.
وبناء عليه، فإن ما رأيت ليس له حكم، وإنما هو تلاعب من الشيطان بالمؤمن ليحزنه، فإذا رأيت شيئا من ذلك فاستعذ بالله من الشيطان، واتفل عن يسارك ثلاثا، ولتتحول عن جنبك الذي كنت عليه، وعليك بالمحافظة على الصلوات والأذكار، فإن ذلك أفضل عون على دفع الرؤيا المفزعة.
وانظر الفتوى رقم: 11014 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(9/1571)
الأحلام والرؤى لا يترتب عليها حكم شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة حامل كانت قد قررت مع زوجها أن تسمي ابنها إن كان ذكرا باسم عمرو أو نحوه.
لكنها رأت في المنام شخصا يقول لها ما معناه إن ابنك سيكون صالحا، لكن بشرط أن تسميه (ريان) .
فماذا تفعل؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأحلام والرؤى لا يترتب عليها حكم، وبالإمكان أن تسمي ابنك عمراً لأنه اسم أحد الصحابة وقادة الفتوح الإسلامية عمرو بن العاص رضي الله عنه، ويجوز أن تسميه ريان، كما سبق بيان جوازه مع بيان الضابط في الأسماء الممنوعة والمباحة في الفتوى رقم: 21697، والفتوى رقم: 12614.
وعلى الأبوين أن يسعيا في صلاح الولد ويربياه تربية إسلامية، وقد سبق بيان بعض التوجيهات التربوية في الفتاوى التالية أرقامها: 21752، 16372، 18336، 35308، 19635، 13767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(9/1572)
هل يقع تفسير الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبحت أهتم بتفسيرالأحلام كثيرا، هل يقع تفسير الحلم عندما أفسره، ومتى يقع التفسير الصحيح للحلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود وغيره عن أبي رزين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت، قال: وأحسبه قال: لا تقصها إلا على وادٍ أو ذي رأي.
ومعنى الحديث كما في عون المعبود ملخصاً أن الرؤيا لا استقرار لها، كالشيء الذي يكون على رجل الطائر، فإذا عبرت استقرت ولحق الرأي حكمها بأول تعبير معتبر، قال الإمام النووي رحمه الله: وإن الرؤيا ليست لأول عابر على الإطلاق، وإنما ذلك إذا أصاب وجهها.
وعليه؛ فإذا رأى الشخص رؤيا طيبة فينبغي أن يحدث بها من يحب، وأن يطلب تعبيرها من ذي رأي عارف بالتأويل، وأما الرؤيا التي يكرهها فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحديث بها، وأخبر أنها لا تضره إذا لم يحدث بها، وانظر الفتوى رقم: 4473، والفتوى رقم: 15785، والفتوى رقم: 25645.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(9/1573)
هل يجوز أن يري عينيه ما لم تر لمقصد محمود
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ لا يصلي أو بالأحرى يقطعها رغم كل النصائح التي تقدمها له أسرتي وزوجته، ظننت أني لو كذبت عليه بأن أقول له إنني رأيته في المنام بصورة سيئة لنفعت، فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكذب من أقبح المعاصي، ويزداد قبحاً وإثماً إذا تعلق بالرؤى، روى البخاري وأحمد من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تر. وفي رواية: ما لم تريا.
وترك الصلاة بالكلية كفر على الراجح من أقوال أهل العلم، وعند الجمهور أن فاعله يقتل حداً لا كفراً، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6061 فراجعيها.
وعليه فالأحوط لك ولأسرتك أن تستعينوا بالله على أخيكم وتكثروا له من الدعاء في أوقات الاستجابة، ولا تملوا من أمره بالصلاة وترغيبه فيها، فإذا لم يفد ذلك شيئاً وكنت -حقاً- تتوقعين أن الكذب سيجعله يتحمس للصلاة، فالذي يظهر هو أنه لا مانع من فعل ذلك مرة، لأن العلماء ذكروا أن الكذب قد يباح للمقاصد المحمودة، قال في دقائق أولي النهى: ويباح الكذب لإصلاح بين الناس، ومحارب، ولزوجه فقط قال ابن الجوزي: وكل مقصود محمود لا يتوصل إليه إلا به.، وراجعي الفتوى رقم: 25629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(9/1574)
حكم الاعتماد في تفسير الأحلام على كتاب ابن سيرين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن الرجوع أو الاعتماد في تفسير الأحلام على كتاب ابن سيرين، وهل يوجد موقع له على النت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يمكننا الحكم بأن كتاب تفسير الأحلام المنسوب إلى ابن سيرين هو من تأليفه، لأننا لم نطلع على ذلك في ترجمته المبثوثة في شتى كتب التراجم، لكنه كان مشهوراً بالتفسير للأحلام، وقد ورد عنه في ذلك العجب العجاب، وراجع في هذا الفتوى رقم: 25645، والفتوى رقم: 9555.
وللكتاب المنسوب إليه موقع على الإنترنت وهو:
WWW.Ibnsereen.COM، ولو صحت نسبة الكتاب إلى ابن سيرين فإنه لا يمكن الاعتماد عليه، لأن تفسير الرؤيا يختلف باختلاف الحال والزمان والمكان، ولا بأس أن يستأنس المتأهل به وبغيره من كتب التفسير، كما هو مبين في الفتوى رقم: 41233، والفتوى رقم: 7314.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(9/1575)
تفسير الرؤى يختلف حسب أحوال الناس وأزمانهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تفسير الأحلام من الكتب المتداولة مثل تفسير السمك المطهي بشيء والنيىء بعكسه أو مثلا اللبن بشيء آخر.... إلخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا إلى ثلاثة أقسام، روى مسلم والترمذي وأبو داود والدارمي وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه.، وراجع ما لا ينبغي تفسيره من ذلك، وما يمكن تفسيره في الفتوى رقم: 4473.
والرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوية، كما في حديث الشيخين وغيرهما، فلا يجوز أن يتلاعب بها، ولا أن تفسر على خلاف تفسيرها جرياً وراء تفسير الكتب قال الدرديري في الشرح الصغير: والعلم بتفسير الرؤيا ليس من كتب، كما يقع للناس من التفسير من ابن سيرين، فيحرم تفسيرها بما فيه، بل يكون بفهم الأحوال والأوقات وفراسة وعلم بالمعاني....
قال الصاوي في حاشيته على الشرح المذكور: فيحرم تفسيرها بما فيه ... أي إن لم ينضم لذلك بصيرة من المعبر، لأن ما في ابن سيرين وابن شاهين صحيح قطعاً، لكن لا تتحد الناس فيه، بل يختلف بحسب أحوال الناس وأزمانهم وأشغالهم ... 4/773.
وليقس السائل ما يحصل له من الرؤى على هذه الأقيسة، ولينظر هل هي أضغاث يريد بها الشيطان التحزين أو هي من حديث النفس، فلا تفسر في الحالتين، أم أنها من الرؤيا الصالحة فيجتهد أهل المعرفة والفراسة في تفسيرها، ولا يقتصر على ما في الكتب مما قد يكون صالحاً لزمان آخر غير هذا الزمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1424(9/1576)
الاعتماد على الكتب في تفسير الأحلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تفسير الأحلام من الكتب المتداولة مثل أن رؤية سمك النيئ تختلف عن السمك المطبوخ إلخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم تفسير الأحلام وآداب ذلك في الفتوى رقم: 4473، والفتوى رقم: 15785، ولا بأس باستئناس صاحب الأهلية بما في كتب تفسير الأحلام الموثوق بها، ولكن لا بد من العلم بأن حال الشخص له أكبر الأثر في تفسير الرؤيا، فقد يرى اثنان نفس الرؤيا ويكون تفسيرها مختلفا باختلاف الحال، وقد ذكر عن ابن سيرين أنه جاءه رجل فقال له: رأيت أني أؤذن فقال له: ستحج إن شاء الله، وجاءه آخر فقال: رأيت أني أؤذن، فقال له: لعل في نيتك أن تسرق، فقيل له في ذلك، فقال: أما الأول فرأيت في وجهه نور الطاعة، فتذكرت قول الله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج: 27] .
وأما الآخر، فرأيت على وجهه سواد المعصية، فتذكرت قول الله تعالى: ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ [يوسف: 70] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(9/1577)
لعلها رؤيا خير
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الصبح وبعدها أكملت قراءة القرآن الكريم قليلا ثم نمت، وبعد ساعتين أو ساعة ونصف أيقظتني أمي للذهاب إلى العمل وإذا بي عندما فتحت عيني أشم رائحة جميلة فوق رأسي كأنها شجرة فوقي رائحة أوراقها عطرة. أريد تفسيراً إن أمكن منكم لما قلت لكم وجزاكم الله كل خير.
وشكرا مقدما]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نستطيع الجزم بتأويل معين لما حدث لك، إلا أننا نرجو أن تكون هذه علامة خير، لاسيما أن ذلك قد وقع لك بعد هذه الأعمال الصالحة.
وليكن ذلك دافعاً لك إلى المزيد من الاجتهاد في الطاعة والاستقامة، وتجنبي الوقوف عند هذا الحدث كثيراً لئلا يدفعك إلى الاغترار به.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34071 والفتوى رقم:
7529
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(9/1578)
الأحلام لا تثبت شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ يقولون إن هذا الماء قد قام بشفاء بعض الناس من الأمراض مثل: السرطان،
وأن هذا الماء قد ظهر في منزل سيدة تعيش في عمان، وتقول أنها قد حلمت أن هذا الماء يشفي الناس ولا يباع بل يهدى وإذا تم بيعه لا فائدة منه ولون الماء أصفر أفيدونا في هذا الأمر وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأحلام لا تثبت شيئاً، وإن الله تعالى هو الشافي لا شافي إلا هو ولا شفاء إلا شفاؤه، كما في الحديث الصحيح: اللهم رب الناس أذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت رواه البخاري.
وفي رواية مسلم لا شفاء إلا شفاؤك.
وأما هذا الماء الأصفر فينبغي أن يعرض على الأطباء ليعلم هل هو سالم من مضرة، وهل تغير لونه بسبب سحر أو بسبب مادة وضعت فيه، فإن سلم من ذلك فيمكن أن تجرى عليه تحليلات طبية حتى تعلم فائدته.
وعلى المسلم أن يستغني بماء زمزم والعسل والحبة السوداء، وغير ذلك مما ثبت في الشرع التداوي به.
ولا يكون إمعة ينساق خلف كل طارئة أو حلم، إذ ما أكثر الخرافات التي تنسج في هذا الباب.
وراجع الفتوى رقم: 4473 والفتوى رقم: 38057 والفتوى رقم:
10835
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1424(9/1579)
تعبير الرؤيا يكون ممن يحسن تعبيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في تفسير الرؤى؟.. وهل هناك من هم جديرون بهذا التفسير يمكن الإشارة إليهم.. كي نفسر لديهم ما يراودنا من أحلام..أفيدونا بالعنوان البريدي للاتصال بهم.. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم تعبير الرؤيا الجواز، لمن يحسن تعبيرها، وأما من لم يحسن تعبيرها، فلا ينبغي له أن يعبرها.
وذلك لأن الرؤيا تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص..
وقد روى الطبراني في الأوسط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: منها أهاويل الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. ونقل الباجي في المنتقى عن مالك رحمه الله أنه سئل عن رجل يعبر الرؤيا لكل أحد.. قال: أبالنبوة يَلعب؟ ثم قال: إن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، أفيتلاعب بأمر من أمور النبوة؟.
وعلى هذا، فلا يجوز لمن لم يعرف تعبير الرؤيا أي يعبرها.
أما من كان على دراية من هذا العلم، فلا مانع من أن يعبر الرؤيا، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يعبرون الرؤيا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده، وهكذا كان أهل العلم من السلف الصالح.
وأما عن المعنيّين بتعبير الرؤيا في هذا العصر، فلا يمكن أن نعين لكِ شخصا بعينه، وإن كان لا يخلو منهم زمان ولا مكان، ولله الحمد، وبالإمكان أن تجدي بعضهم في البلد الذي أنتِ فيه أو في غيره.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 4473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(9/1580)
التسمي بـ (حورية) لا بأس به
[السُّؤَالُ]
ـ[اسم حورية هل هو حرام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحورية الواحدة من نساء الجنة، والتسمي بذلك تيمنا بهذا الاسم لا بأس به، بل هو من الأسماء الحسنة، والاسم الحسن مطلوب أن يُتسمى به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(9/1581)
السنة عدم التحدث بالرؤيا المكروهة
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من سماحتكم الإجابة عن الحلم بالموت من قبل صديق يخبرك ويتصل عليك ويقول الحمد لله أنك بخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من رأى في نومه أن فلاناً بعينه قد مات فالأحسن أن لا يخبره بذلك مخافة أن يحزنه أو أن يترك الشكوك والأوهام في نفسه، أما كونه يتصل به ويقول: الحمد لله أنك بخير فهذا لا دليل عليه ولم يثبت شرعاً أنه مطلوب، وأجل الإنسان لا يتقدم عن وقته ولا يتأخر؛ كما قال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] .
فلا ينبغي الالتفات إلى الخرافات والأمور التي لا دليل عليها شرعاً، والإنسان الذي يرى في النوم بعض الأمور المكروهة أو التي تزعجه ينبغي أن يواظب على الأذكار المناسبة في هذا المقام، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 4179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(9/1582)
السبيل إلى التخلص من الأحلام المزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 16 سنة واهتديت ولله الحمد قبل حوالي سنة وتعوّدت على أن أقرأ الأذكار قبل نومي ولكن أحيانا ومن شدة تعبي فإني أبدأ بقراءتها ولكني فجأة أغفو ولا أكملها وفي نومي أصير أبكي وأصرخ وتكون أحلامي مزعجة ومؤذيه ولا أعلم لماذا البعض يقول لي إن ذلك لأني مسحورة والبعض يقول لي جن وأعوذ بالله من شرورهم لماذا يحدث لي ذلك وماذا أفعل؟
حفظكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تتوضيء قبل النوم وتصلي، ثم تقرأي أذكار النوم كاملة، وتكوني حال قرأتها بهيئة تمكنك من إتمامها، وتبعد عنك النوم، فإذا أتممتها فنامي وأنت على يقين في الله تعالى، وأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك، وأن هذه الأذكار والأدعية نافعة بإذن الله جل وعلا، وهي سبب للحفظ لا حافظة بذاتها، وداومي على ذلك، فإنه بإذن الله تعالى سيزول ما بك، سواء كان مرضاً نفسياً، أو سحراً، أو مساً، أو غير ذلك.
وإذا انتبهت حال الرؤية المفزعة، فافعلي ما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(9/1583)
رؤيا المنام ... آداب وأحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأحلام؟ وهل لها معنى ويمكن أن يتحقق حلم ما أو أن يحلم الإنسان بشيء سيء فيحدث له سوء أم أنها لا تعبر عن أي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قسم الرسول صلى الله عليه وسلم ما يراه الإنسان في منامه إلى ثلاثة أقسام: رؤيا من الرحمن، وحلم من الشيطان، وحديث النفس.
وقد سبق ذكرها، وما يتعلق بكل قسم منها من حكم شرعي، وذلك في الفتوى رقم: 4473.
وقد يرى الإنسان في منامه ما يسوء فيتحقق ما رأى، روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفاً فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد.
وقد أرشد الشرع الحكيم إلى بعض الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها من رأى في منامه ما يكره، ومن ذلك:
أولاً: الاستعاذة بالله من شرها ومن شر الشيطان.
ثانياً: أن يتفل عن يساره ثلاثاً.
ثالثاً: أن لا يذكرها لأحد أصلاً.
رابعاً: أن يقوم فيصلي، ذكره البخاري ولم يصرح بوصله، وصرح به مسلم. هكذا قال الحافظ في الفتح.
خامساً: أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه، ذكره مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(9/1584)
لا دليل على أن رؤيا الحائض من الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[يقولون إن حلم المرأة الحائض فاسد وبالتالي لا يوجد له تفسير، كما يقولون إن أي حلم لا يوجد له تفسير لأنه من الشيطان إلا من يرى الرسول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صدق الرؤيا وعدمه يتوقف على صدق صاحبها، وهي جزء من خمسة وأربعين جزءاً من النبوة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة والرؤيا ثلاثة: فرؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس، قال: وأحب القيد واكره الغل. رواه مسلم.
وقد حصر هذا الحديث أحوال الناس في الرؤيا في هذه الأنواع الثلاثة، وعليه فإنه لا دليل على ما يقوله الناس من أن رؤيا المرأة الحائض من الشيطان، أو أنها لا تفسير لها، والحق أنه لا تأثير لشيء من ذلك على الرؤيا، وإنما التأثير في ذلك يرجع إلى صدق صاحبها أو كذبه كما أسلفنا، وللفائدة تنظر الفتوى رقم: 4473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(9/1585)
طاعة الزوج لا الأخذ بالرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي حلمت في المنام أنها تسمي ابنها باسم مولود ونحن نريد أن نسمي باسم آخر فهل واجب عليها اتباع الأسم الذي في الحلم أم تتبع رأي زوجها في اسم آخر وهل يجب عليها طاعة الزوج في اختيار اسم المولود أم اتباع الحلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب اتباع ما رأته الزوجة في المنام بل يجب عليها أن تطيع زوجها لأن طاعته واجبة وينبغي أن يُسمى المولود بأحسن الأسماء وأفضلها وأحبها إلى الله تعالى، في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن. خرجه البخاري وغيره من حديث ابن عمر ثم التسمي بأسماء الأنبياء ثم الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فإنها أفضل الأسماء، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم، أحد أبنائه إبراهيم، وكانت عائشة رضي الله عنها تكنى بأم عبد الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(9/1586)
الآداب المشروعة للتخلص من الأحلام المزعجة
[السُّؤَالُ]
ـ[قالت لي فتاة إن من يحلم حلما سيئاً أزعجه عليه ألا يخبر به أحداً بل يتوجه إلى الحمام ويبصق على جهة اليسار ثلاث مرات ثم يحكي هذا الحلم (أى يردده) في الحمام وبإذن الله تعالى لن يضره هذا الحلم.. أرجو فتواكم في هذا ... مع شكري الجزيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره، فقال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل من جبل فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها. متفق عليه، واللفظ لمسلم، وقال في آخره وزاد ابن رمح في رواية هذا الحديث: وليتحول عن جنبه الذي كان عليه. وفي رواية لأحمد عن أبي قتادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا من الله، والحُلم من الشيطان فمن رأى رؤيا يكرهها فلا يخبر بها وليتفل عن يساره ثلاثاً وليستعذ بالله من شرها فإنها لا تضره.
قال الإمام النووي رحمه الله: فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات ويعمل بها كلها.. فإذا رأى ما يكرهه نفث عن يساره ثلاثاً قائلاً: أعوذ بالله من الشيطان من شرها، وليتحول إلى جنبه الآخر، وليصل ركعتين، فيكون قد عمل بجميع الروايات، وإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى كما صرحت به الأحاديث. ا. هـ.
ومما سبق يعلم أنه لا يشرع لمن رأى حلماً يزعجه أن يتوجه إلى الحمام ثم يبصق فيه ثلاثاً على يساره، وإنما يفعل ذلك على فراشه، ويتعوذ ثلاثاً ثم يتحول عن جنبه، وإذا أراد أن يقوم من فراشه يقولها حين يقوم، لما جاء في صحيح مسلم حيث قال رحمه الله: وزاد في حديث يونس فليبصق على يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات.
وأما حكاية الحلم في الحمام فهي غير مشروعة كذلك؛ بل المشروع أن يتوقف عن حكاية الحلم مطلقاً لما جاء في رواية أحمد السابقة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:..... وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثاً ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره. متفق عليه من حديث أبي قتادة، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: وأما قوله صلى الله عليه وسلم فإنها لن تضره معناه أن الله تعالى جعل هذا سبباً لسلامته من مكروه يترتب عليها، كما جعل الصدقة وقاية للمال وسبباً لدفع البلاء. انتهى
ومن هذا يُعلم أن حكاية الحلم في الحمام لا يكون مانعاً من الوقوع في الضرر، بل قد يكون سبباً مباشراً للوقوع فيه لأن صاحبه مأمور بالكف عن حكايته مطلقاً كما سبق، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
4179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(9/1587)
أثر عائشة في إذا أرادت النوم بسؤالها الرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكننا أن نرى رؤية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نعلم دليلاً من القرآن أو السنة أو عن سلف هذه الأمة يحدد أشياء معينة تعين الشخص على تحصيل الرؤى في المنام، وإنما هذا الأمر بتقدير من رب العالمين سبحانه وتعالى.
فإذا كنت ترغب في ذلك فتوجه إلى العلي القدير واسأله التوفيق إلى الرؤيا الصالحة التي تعينك على الاستقامة والثبات على الحق. كما كانت تفعل عائشة رضي الله عنها فيما ذكره النووي في كتاب الأذكار:
أنها كانتْ إذا أرادتْ النومَ تقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ رُؤْيا صَالِحَةً، صَادِقَة غَيْرَ كاذِبَةً، نافِعَةً غَيْرَ ضَارَّةٍ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(9/1588)
الرؤيا المفزعة ... أسبابها ... ووسائل دفعها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما سبب من يرى أحلاما قابضة بصفة مستمرة وكلها لا تخلو من رؤية الأموات بها وذلك بالرغم من قراءة القرآن الكريم والأدعية قبل النوم مع العلم بأن من يتعرض لذلك امرأة وتعرضت بالسابق لسحر وقد تم معالجته بالقرآن الكريم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرؤيا المفزعة والمقلقة المحزنة سببها هو الشيطان، ليحزن بها المؤمن، وليس بضاره شيئاً إلا بإذن الله عز وجل.
وقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "رأيت في المنام كأن رأسي قطع. قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يحدث به الناس".
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان ... ".
والعلاج في دفع مثل هذه الرؤيا هو: المحافظة على أذكار النوم، وقراءتها بتدبر وتمعن مع الجزم بنفعها، وحفظ الله لقارئها.
وإذا رأى بعد ذلك ما يكره، فليلتزم العلاج النبوي، فلا تضره تلك الرؤيا مهما كانت، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني قال: فلقيت أبا قتادة، فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني، متى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره، فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لن تضره". رواه مسلم.
وفي رواية: "وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".
وفي رواية عند مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل ... ".
فمن فعل هذه الأشياء عندما يرى ما يكرهه، وهي:
1/ الاستعاذة بالله من الشيطان، ومن شر الرؤيا.
2/ النفث عن يساره ثلاثاً.
3/ التحول عن الجنب الذي كان عليه إلى جنبه الآخر.
4/ يقوم فيصلي لله تعالى ركعتين أو أكثر.
5/ لا يحدث بها أحداً.
فلن تضره الرؤيا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مهما كانت مفزعة ومقلقة، ولذا روى مسلم عن أبي سلمة رحمه الله قال: "إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها" وإذا استمرت هذه الأخت على امتثال هذه التوجيهات النبوية، فإن الله سيذهب عنها ما تعانيه إن شاء الله، نسأل الله عز وجل أن يعجل بشفائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1422(9/1589)
من رأى في المنام ما يكره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة أجد كوابس النوم ولا أستطيع النوم رغم أنني أصلي وأدعو قبل النوم. هل يعبر الحلم عن شيء ما وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر بها ولا يخبر إلا من يحب" متفق عليه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه. وبه تعلمين أنه لا داعي لانزعاجك بسبب هذه الأحلام خصوصاً إذا اتبعت فيها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم من النفث عن يسارك، واستعاذتك بالله من الشيطان الرجيم، والنفث: نفخ لطيف بلا ريق. ثم ننبه الأخت إلى قراءة آية الكرسي فقد ثبت في حديث أبي هريرة الطويل: أن الشخص إذا قرأها حين يأوي إلى فراشه فلن يزال عليه من الله حافظ، ولن يقربه شيطان حتى يصبح. والحديث رواه البخاري وغيره.
والمحافظة على أذكار النوم الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنوم على وضوء مع قراءة خواتيم سورة البقرة، والمعوذات ... إلخ مع الإكثار من الطاعات، والإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وإزالة المنكرات من البيت -إن وجدت- والابتعاد عن ما يغضب الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1422(9/1590)
موقف المسلم ممن يمارس اللواط وحكم الائتمام به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقفك كمسلم تجاه مسلم شاذ يمارس اللواط؟ هل تقاطعه؟ تنصحه؟ تخبرعنه محيطه؟ تستر عليه؟.....؟ علما أنه أحيانا يصلي بالناس في مسجد. أرجو إجابتي كيف أتعامل مع هذه الحالة؟ وما حكم من صلى خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنّه لا يجوز اتهام المسلم بالفاحشة من غير بينة، فذلك من كبائر الذنوب، وقد شدد الشرع في أمر الأعراض، فحكم على القاذف بالجلد ووصفه بالفسق وردّ شهادته، أمّا إذا كنت على بينة من وقوع هذا الشخص في تلك الفاحشة فما يفعله منكر شنيع.
فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، والواجب عليك في هذه الحال أن تنصحه وتعظه وتخوّفه من عواقب هذا الفعل القبيح.
فعن أبي سعيد رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ. رواه مسلم.
فإذا لم ينتصح فالمشروع هجره ومقاطعته لا سيما إذا رجي بذلك رجوعه عن المنكر.
جاء في الفروع لابن مفلح: ونقل حنبل: إذا علم من الرجل أنه مقيم على معصية لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع، وإلا كيف يبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرا عليه، ولا جفوة من صديق. انتهى.
أمّا الستر عليه فهو الأصل فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. متفق عليه.
لكن إذا كان الستر عليه يؤدي إلى تماديه في المعصية فلتبلغ عنه من يقدر على منعه من هذا المنكر.
قال النووي: وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يطمعه في الايذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله. انتهى. شرح النووي على مسلم.
وأمّا الإخبار عن أمره دون مصلحة معتبرة فغير جائز لما فيه من إشاعة الفواحش، وأمّا عن حكم الصلاة خلفه، فما دامت صلاته صحيحة فلا حرج في الصلاة خلفه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: كلُّ مَن صحَّت صلاتُهُ صحَّت إمامته. انتهى. الشرح الممتع على زاد المستقنع.
لكن الأولى أن يكون الإمام من أهل الصلاح والاستقامة، وانظر الفتوى رقم: 14675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(9/1591)
هجر الأخ أخاه إذا أتى كفرا وفسقا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ ما الحكم عليه إنه علا كثيرا وأسأل له الهداية وإن شاء الله تدعو له يا شيخ بالهداية والرجوع إلى الصراط المستقيم. فهو لا يحب الدين كثيرا، كلما تكلمت عن الإسلام كلما قهرني وهو يزني ويشرب الخمر والشيشة والتدخين، ويزني ويشاهد الأفلام الإباحية. وكان يبيع المخدرات والآن الله أعلم وكذلك في أحد المرات سب أمامي الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك الدين الإسلامي وسب الله سبحانه وتعالى. وهذه المرة الثانية التي يفعل فيها هذا، وفي المرة الأولى فعل نفس الشيء بالقول إن الله غير موجود الخ ولا يحترم حتى كلام أمي حيث عندما تنصحه يذهب ولا يتكلم معها مند مدة، ولا يصلي ودائما شديد الغضب معنا وخصوصا معي ولا يكون هكذا مع أصدقائه بل يكون لطيفا معهم. ليس لدي ما أقوله إلا أنني أطلب من الله سبحانه وتعالى أن يهديه.
وهذا يحزنني كثيرا ويعذبني وأصبحت أبغض هذا الأخ لسوء أخلاقه ولما يفعله ولا أعرف كيف أتعامل معه لأنه أخي وجاءني من صلة الرحم ومن قطع رحمه لا يدخل الجنة ولا تنزل رحمة الله عليه، ولو لم يكن أخي لابتعدت عنه غاية البعد فكيف أتعامل معه وهل إن قطعته فهل أرتكب كبيرة؟ وما الحكم الشرعي على ما يفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يهدي أخاك هذا ويشرح صدره للإسلام, ويأخذ بناصيته إلى صراطه المستقيم.
واعلم – أيها السائل – أن ما فعله أخوك من سب الله تعالى وسب رسوله ودينه كفر أكبر مستبين لا خلاف فيه, ولا عذر فيه بجهل أو تأويل, فالواجب عليك أن تنصح له وتعلمه أنه بهذا الفعل قد فارق دين المسلمين, وكفر برب العالمين, وتأمره بتجديد الدخول في الإسلام, فإن استجاب فأعلمه بحرمة ما يقدم عليه من هذه الكبائر الموبقات من ترك الصلاة والعقوق والزنا وشرب الخمر, فإن لم يستجب لك فأعرض عنه واقطع علاقتك به واهجره في ذات الله جل وعلا. فمثل هذا لا تجوز مخالطته ولا معاملته ولو كان من الأرحام الأقربين, بل إن هجرانك له وقطيعته من القيام بحقه عليك.
جاء في تحفة الأحوذي عند الكلام عن صلة الرحم:..... والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المث لى. انتهى.
واعلم أن هجرك له من الطاعات العظيمة التي تقربك من الله سبحانه وتهديك إلى عرى الإيمان الوثيقة.
قال ابن عباس: أَحِبَّ فِي اللَّهِ, وَأَبْغِضْ فِي اللَّهِ , وَوَالِ فِي اللَّهِ , وَعَادِ فِي اللَّهِ , فَإِنَّهُ لا تُنَالُ وَلاَيَةُ اللَّهِ إِلا بِذَلِكَ؛ وَلاَ يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الإِيمَانِ وَإِنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ؛ وَصَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا , وَإِنَّ ذَلِكَ لا يُجْزِئ عَنْ أَهْلِهِ شَيْئًا، ثُم قرأ: الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ. [الزخرف، آية: 67] ، وقرأ: لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. {المجادلة: 22} . انتهى.
وفي صحيح مسلم أن قريباً لعبد الله بن مغفل خَذَف فنهاه فقال: إنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن الْخَذْف وقال: إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْدًا وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ. قال: فعاد، فقال: أحدثك أن رسول الله نهى عنه ثم عُدْتَ تخذف لا أكَلِّمك أبداً.
قال النووي معلقا على حديث عبد الله بن مغفل: في هذا الحديث هجران أهل البدع والفسوق ومُنَابِذِي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائماً؛ والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائماً، وهذا الحديث مِمَّا يؤيده مع نظائر له كحديثِ كعب بن مالك وغيره. انتهى.
وجاء في صحيح البخاري: ودعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا على الجدار فقال ابن عمر غلبنا عليه النساء فقال من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك والله لا أطعم لكم طعاما فرجع. انتهى.
وقال ابنُ حَجَر في الفتح: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلى أنه لا يُسَلَّم على الْمُبتَدِع ولاَ الفاسق. انتهى.
وقال أيضا: وقال الْمُهَلب: تَرْكُ السَّلاَمِ على أهلِ الْمَعَاصِي سُنَّة مَاضية، وبه قال كَثير من أهلِ العِلْمِ في أهل البِدَع.
وقال النووي في رياض الصالحين: بابُ تحريمِ الْهُجْرَان بينَ المسلمين إلاَّ لِبِدْعَةٍ في الْمَهْجُور أو تظاهر بِفِسْق أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(9/1592)
آذاه زملاؤه فاستخار وتقدم لعمل أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله صابر على أمر الله، أعاني من الحسد وسوء التصرف من الزملاء في عملي لأني مستقيم بحقوق الله. فتقدمت لعمل آخر أفضل منه واستخرت الله بينهم. الأول ما زلت فيه والآخر منتظر الرد منهم بالقبول. فهل طريقتي صحيحة وساعدوني في ذلك لأن حالتي النفسية متعبة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نهنئك ونوصيك بالحمد لله على ما أعطاك من الاستقامة والصبر، وننصحك بالمواظبة على التحصينات الربانية والأذكار المأثورة في المساء والصباح وعند الخروج من المنزل، ففي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك من كل شيء. رواه الترمذي.
وفي الحديث: إذا خرج من بيته فقال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت. رواه أبو دواد وصححه الألباني.
وأما تحولك عن العمل الحالي إلى عمل آخر أفضل بعد الاستخارة فهو أمر طيب، والطريقة التي استخدمتها لا حرج فيها. وننصحك أن تهون عليك الأمر فكل شيء بقدر كما في حديث مسلم، وأيقن أن ما أعطاك الله لا يمكن لأحد أن يمنعه فقد قال الله تعالى: وإن يردك بخير فلا راد لفضله. والأولى أن تقابل المسيء إليك بالإحسان فذلك أدعى لتركهم الإساءة إليك.
وراجع الفتاوى: 114229، 102890، 111692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(9/1593)
كيفية التعامل مع من يسب الله والدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله: أريد أن أعرف، ما هو الأسلوب الذي أتبعه مع إنسان يسب الله والدين؟ أرجو المساعدة، وكيف أنصحه؟ وخاصة إذا كان هذا الإنسان في فترة المراهقة، وأنا أغضب عندما أراه يسب الله بكلمات غير لائقة، الرجاء المساعدة، لأنني لم أعد أحتمل سب الله والدين.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمراهقة هي مقاربة الشخص للبلوغ ولما يصل إليه بعد، كما في الفتوى رقم: 39835، فإن كنت تقصد هذا المعنى، فنقول: يجب نصح هذا الصبي بالأسلوب الحسن، وتنبيه أهله إلى خطورة ذلك الأمر، فإن من شب على شيء شاب عليه، مع أهمية الأخذ في الاعتبار ما لهذه المرحلة العمرية من خصوصية في التعامل، وانظر الفتوى رقم: 67272.
أما إن كنت تقصد بكلمة المراهق، أنه في بداية فترة الشباب، فهذا إنسان بالغ مؤاخذ بما يقوله، وسب الله ودينه كفرأكبر مخرج من الملة، وإذا مات الساب دون أن يتوب من ذلك توبة صادقة، فهو خالد مخلد في جهنم لا يخرج منها أبدا، فيجب تذكيره بذلك، فإن أصر على سبه للدين فهو مرتد يعامل كغيره من المرتدين، كما في الفتوى رقم 124082.
ويجب إظهار كراهية ما هو عليه، ولا يجوز الانبساط معه ولا مجالسته حين تلفظه بسب الدين، لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء: 140} .
اللهم إلا أن تكون مجالسته بقصد وعظه ونصحه بالتوبة مما هو عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(9/1594)
المعاملة بين الرجال والنساء في ضوء الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف المعاملة بين الرجال والمرأة من نظرية الإسلام وما مشاكلها المعاصر خاصة في بلدنا ماليزي؟ ا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة بين الرجال والنساء ضبطها الشارع بضوابط وافية وكافية وتقي بإذن الله كلا الطرفين من الوقوع في الرذيلة إذا التزم بها. فأمر المرأة بالستر والحشمة وعدم الخضوع بالقول وعدم التطيب عند الخروج وملازمة المحرم في السفر ونحو ذلك مما شرع في حقها. وأمر الرجال بغض الأبصار وعدم الخلوة بالنساء وحفظ الفروج ونحو ذلك. فإذا التزم كل منهما بما أمر به وشرع له فلا حرج في المعاملة بينهما وفق تلك الضوابط، ويستوي في ذلك كل المسلمين في أي مكان كانوا بماليزيا أو غيرها من بلاد الإسلام. وللمزيد انظر الفتويين: 72264، 3539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(9/1595)
لا يجوز للشخص دخول الإنترنت من اشتراك غيره بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في الشخص الذي يدخل الإنترنت من اشتراك غيره وبدون إذنه؟ ودمتم على طاعة الرحمن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يدخل الإنسان على الإنترنت باشتراك غيره بغير إذنه لأن في ذلك اعتداء على حق الآخرين وأكل لأموالهم بغير حق، وقد حرم الله تعالى ذلك، فقال: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني. وعلى من حصل منه ذلك أن يستسمح ممن اعتدى على حقه أو يدفع له مقابله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(9/1596)
حكم إطلاق كلمة حاج أو حاجة على الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل يجوز تسمية الوالدين بحاج أو حاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تسمية الوالدين أو غيرهما أو تلقيبه بالحاج لاسيما إذا كان الشخص الملقب بذلك قد سبق له الحج، وراجع الفتوى رقم: 5925، والفتوى رقم: 61379.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(9/1597)
تعريف الظلم وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الظلم وكيف أعرف أنني ظلمت إنساناً؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظلم هو وضع الشيء في غير محله، ومجاوزة الحق والتعدي على الآخرين في أموالهم أو أعراضهم، ومن فعل شيئاً من ذلك فقد ظلم نفسه وظلم غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظلم عند أهل اللغة: وضع الشيء في غير موضعه، وقد تعددت تعاريف العلماء له، فقيل هو مجاوزة الحق، وقيل: الظلم عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل، وهو الجور، وقيل: وضع الشيء بغير محله بنقص أو زيادة أو عدول عن زمنه، وقيل: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والتصرف في حق الغير، ومجاوزة حد الشرع، هكذا عبر عن تعريفه العلماء من أهل اللغة وغيرهم، والظلم ينقسم إلى عدة أقسام:
الأول: ظلم العبد فيما يتعلق بجانب الله، وهو الشرك وهذا أعظمها.
الثاني: ظلم العبد لنفسه.
الثالث: ظلم العبد لإخوانه.
أما الظلم الذي يتعلق بجانب المولى تبارك وتعالى فهو أن تعبد غير الله، قال سبحانه وتعالى على لسان لقمان لابنه: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ* وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {لقمان:12-13} ، وفي البخاري وغيره، عن عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي، قال: وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك، قلت: ثم أي، قال: أن تزاني حليلة جارك.
أما ظلم العبد لنفسه: فيدخل فيه الشرك والمعاصي، كبيرها وصغيرها، جليلها وحقيرها، فكل معصية فهي ظلم بحسبها على العبد،
وأما ظلم العبد لإخوانه فهو أن يأخذ من حقوقهم أو أعراضهم أو أموالهم أو دمائهم، ومن هذا يعلم أن من تعدى على حق الغير من مال أو عرض بأن اغتابه أو سبه أو بهته إلى غير ذلك من جميع المخالفات تجاه الآخرين فقد ظلمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(9/1598)
وسائل التربية على توقير الكبار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة في السابعة والعشرين من عمري متزوجة ولدي طفلان أردت تعليمهما الأخلاق الفاضلة وعلى نهج الدين القويم، سؤالي فضيلة الشيخ: كيف أربي أولادي على احترام الكبار وتوقيرهم وأدب التعامل معهم مستدلة بذلك من الكتاب والسنة؟ جزاك الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى الكريم أن يجزيك خيراً على حرصك على تعليم أبنائك الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة، ونسأله سبحانه أن يحقق لك أمنيتك هذه، واعلمي أن من أعظم ما يعينك في هذا السبيل أن تبيني لأولادك أهمية الأخلاق في الإسلام، وعظم أجر من اتصف بحسن الخلق، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 42432، والفتوى رقم: 54751.
وأما احترام الكبير فقد وردت بخصوصه نصوص عدة ومن ذلك:
1- ما روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا.
2- روى أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط.
3- روى البخاري ومسلم قصة حدثت في خيبر، ومما ورد فيها: فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال: كبر كبر، وهو أحدث القوم، فسكت فتكلما. ومعنى كبر: يتكلم الأكبر.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أمر مهم وهو أن القدوة الصالحة من قبل الأبوين لها أثر كبير في نجاحهما في تربية الأولاد، كما ننبه الأخت إلى أن تربية الصغار ينبغي أن تعتمد على أساليب مناسبة لأعمارهم، فأسلوب الاستدلال في بيان الأحكام قد لا يتناسب مع الصغير بينما تؤثر فيه القصة من قصص النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه ونحو ذلك من الأساليب التربوية التي ينبغي أن تتبع في تربية الطفل، ونحن نوصي الأخت الفاضلة لكي تنجح بإذن الله بمطالعة ما يكتبه المتخصصون، ويمكنها الاستعانة بموقع المربي الذي يشرف عليه المربي الشيخ محمد الدويش، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35308، 46732، 16372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(9/1599)
حقوق الأخ المسلم على إخوانه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حق الأخ على أخيه وأخته في نطاق أسري يحقق " صلة الرحم "؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن للأخ كل الحقوق التي لعامة إخوانك المسلمين والتي منها:
1ـ أن تسلم عليه إذا لقيته.
2 ـ وتجيبه إذا دعاك.
3 ـ وتشمته إذا عطس.
4 ـ وتعوده إذا مرض.
5 ـ وتشهد جنازته إذا مات.
6 ـ وتبر قسمه إذا أقسم عليك.
7 ـ وتنصح له إذا استنصحك.
8 ـ وتحفظه بظهر الغيب.
9 ـ وتحب له ما تحب لنفسك.
10 ـ وتكره له ما تكره لنفسك.
11 ـ وأن تعين محسنهم.
12 ـ وأن تستغفر لمذنبهم.
13 ـ وألا تؤذي أحدا منهم ولو بنظرة يكون فيها ازدراء أو احتقار.
14 ـ وأن تتواضع لكل مسلم.
15 ـ وألا تغتابه ولا تسمع غيبة فيه.
16 ـ وأن تقيل عثرته.
17 ـ وأن تعفو عن زلته.
18 ـ وألا تدخل على أحد منهم داره إلا بإذنه.
19 ـ وأن تخالق المسلمين بخلق حسن.
20 ـ وأن توقر العلماء.
21 ـ وأن ترحم الصبيان.
22 ـ وأن تكرم ذا الشيبة المسلم.
23 ـ وأن تكون مع الخلق رفيقا لينا.
كل هذه الحقوق مطلوبة مع الأخ والأخت وزيادة، لأنه إضافة إلى حقهما العام لهما حق خاص وهو صلتهما والإحسان إليهما، وقد حث ديننا الحنيف على صلة الرحم ورغب فيها وحذر من قطعها، بل قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر، فقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22 ـ 23} والشارع الحكيم لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، وعليه فمرجع ذلك إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة، وعلى المسلم أن يحرص على صلة الرحم قدر الإمكان بالكلمة اللينة تارة وبالهدية تارة وبالإنفاق على من هو محتاج إلى الانفاق وبالرسالة تارة وهكذا، نسأل الله أن يؤلف بين قلوب المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(9/1600)
تقييم المدرس لطلابه يخضع لمعايير عدة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الأفاضل أتمنى من الله عز وجل أن تكونوا بخير وعافية، اليوم عندي مشكلة وليس سؤال وأتمنى منكم أن تساعدوني في حلها وتعطوني الرأي السديد فيها، ويجزيكم عني الله كل الخير.
أنا تعبت في حياتي كثيرا وظلمت كثيرا، ومع هذا دائما أقول كله أجر وخير بإذن الله.
فمنذ شهر تقريباً التحقت بمعهد لتدريس اللغة الإنجليزية " دبلوم لمدة سبعة أشهر تقريباً "وذلك بمبلغ لا يستهان به على أن تتحمل نصف المبلغ الجهة التي أعمل بها ونصف المبلغ الأخر أتحمله أنا من حسابي الشخصي، وقد سجلت معي ابنة صاحب العمارة التي أنا مستأجرة عندهم، وهي بنت طيبة وتربطني بها علاقة طيبة، ولكن طبعاُ معروف الفرق بيني وبينها فهم أغنياء جدا ومع هذا هي متواضعة جدا معي، المهم سجلنا في المعهد مع بعض وفرحت بصحبتها ورفقتها معي وكان عددنا في الفصل لا يتجاوز " سبعة أشخاص " أنا وهي وخمسة أولاد وربنا وفقنا بمدرس ممتاز وعنده أسلوب قوي في توصيل المعلومة. المهم كان طول الوقت أستاذنا يشيد بأني أنا أفضل واحدة في الفصل من حيث المستوى فكان يعطي الأفضلية لصديقتي ويميزها في كل شيء في تصحيح الواجبات هي الأولى في الإجابة على السؤال هي الأولى حتى إذا غلطت يتجاوز عن غلطها ويشجعها..... وغيرها من التصرفات الأخرى، كل هذا لم يكن في بالي وأنا كنت على يقين ولازلت أنه يفضلها ليس لغرض في نفسه لا والله فالأستاذ إنسان محترم ومتزوج وكذلك صديقتي متزوجة وعندها طفلان، فقط حاليا هي في بيت أهلها لسوء تفاهم بينها وبين زوجها. سبحان الله القبول من الله والأستاذ يميل لها ويشجعها لأنها فعلا هي مثلي جاءت لكي تتعلم فعلاً. المهم جاء نهاية الدورة الأولى ويجب أن نمتحن لكي يتحدد مدى استيعابنا لما أخذنا. وفعلاً امتحنا وكان امتحانا لا يستهان به وطويل جدا. المهم أجبت على جميع الأسئلة ولله الحمد وكنت متوقعة أنني أحصل على الدرجة النهائية بإذن الله.
وللعلم صديقتي كنت أنا دائما أساعدها في واجباتها. ودائما تأتي عندي لكي نتذاكر مع بعض ودائما تقول لأهلها وصديقاتها بأن مستواي أفضل منها وأنا أقول لها دائماً: إن شاء الله تتحسني وتكوني أحسن مني وهي فعلاً مجتهدة جداً وتحاول بكل استطاعتها أن تتعلم وهذا أنا أشهد لها به. المهم جاءت يوم إعلان النتائج فأعلن الأستاذ بأني حصلت على 98% ولله الحمد لكن المفاجئة كانت أن صديقتي حصلت على نفس الدرجة 98% بالرغم أنها نسيت سؤالاً بأكمله لم تحل إجابته وعندها غلطات كثيرة عندما راجعنا مع بعض فهي كانت قلقة أنها نسيت سؤالا فكنت أطمئنها بأنها سيراعي الأستاذ مشاركتها في الفصل وعدم غيابها وواجباتها الكاملة دائماً. لكن لم أكن أعلم سيراعيها إلى أن يجعلها تساويني في الدرجة فهذا هو عين الظلم لي حينها أحبطت تماماً فلم أعد أستوعب ما يقول الأستاذ في الفصل لأني استأت وشعرت بأني ظلمت وبعد انتهاء الحصة شعر الأستاذ بأني لست على ما يرام فسألني ماذا هناك , ماذا عندك؟ , لماذا أنت متغيرة؟ وبكل صراحة أجبته والعبرة تأكلني بأنك يا أستاذ لم تعطني حقي.. فقال لي: هل كنت تريدين 100% لا يوجد أحد يأخذ العلامة كاملة لأن معنى ذلك أن الطالب تفوق على الأستاذ فقلت له: لا يا أستاذ أنا قابلة حتى 90% وهي درجتي فعلياً لكن أنت ظلمتني المهم وكانت صديقتي موجودة في هذا الحوار وقالت يا أستاذ: هي تحسست مني لماذا أنا 98% فقال الأستاذ لها: أنت متميزة في كل شيء وكنت دائما مثابرة وتعملي كل واجباتك ونشيطة واعتمدت هذا النشاط فأعطيتك هذه الدرجة تشجيعا لك ولجهدك حتى وإن نسيت سؤالا بأكمله فحضورك القوي جعلني أتغاضى عن ذلك فرددت عليه أنا وقلت يا أستاذ: وأنا، فقال: وأنت متميزة أيضاً فقلت إذن أنت مدين لي بدرجات زيادة تتعدى المائة يا أستاذ.المهم بقي مصرا الأستاذ على موقفه وقال العادل هو الله. وقلت لصديقتي بأني لن أكمل الدورات ولكن بعد تراجعت وقلت لها: سأكمل ولكن لن أتعب نفسي وأبذل كل ذلك الجهد لكي أتميز وفي النهاية يظلمني الأستاذ فسأكتب واجباتي وأشارك معه ليس بتلك الروح العالية التي كنت أتحلى بها فنصحتني بأن تميزي هو لي وليس لأحد غيري ولكن أنا عندي مبدأ أن الاجتهاد يكون للشخص نفسه وإذا كان هناك تشجيع وحافز فسيشجع على التميز، فأنا أريد منكم مشايخنا أن تساعدوني فهل كل ما شرحته يعتبر ظلما لي أولا؟ وهل أنا على حق أولا؟ وماذا أفعل هل أستمر في الدراسة أو أوقفها؟ أفيدوني جزاكم الله عني كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الاختلاط في الدراسة خطر كبير، وكنا قد بينا ذلك من قبل فلك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 11320.
وما ذكرته من تصرف الأستاذ وتسويته لصديقتك معك في الدرجة، مع أنها مقرة بتفوقك عليها، والأستاذ يشهد بذلك، قد يكون فيه ظلم لك وقد لا يكون.
ذلك أن للأستاذ معايير كثيرة ومقاييس متنوعة لتقويم طلبته، فقد يعطي الدرجة العليا لهذا لحسن إجابته، وقد يعطيها لذاك لحسن سلوكه، وقد يعطيها لآخر مراعاة لظروفه النفسية لتكون حافزا له على الجد والمثابرة، وقد يعطيها لمعايير أخرى يحددها هو انطلاقا من الظروف البيئية والنفسية التي فيها الطلبة.
وعلى أية حال، فإن نصيحتنا لك هي مواصلة الدراسة في فصل غير مختلط إن أمكن ذلك، أو التوقف عنها إن كنت لا تحتاجين إلى الشهادة التي تريدين الحصول عليها.
وليس هذا من باب أنك مظلومة وأنه هو الرد المناسب لما فعله ذلك الأستاذ، ولكن من باب الاحتياط للدين. فإن جميع ما يمكن أن يكسبه المرء في هذه الدنيا لا يساوي شيئا إذا قيس بما يترتب على أية مخالفة شرعية.
فدين المرء رأس ماله ولله در القائل:
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بطائل.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى إنه سميع الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(9/1601)
من أدب الصديق مع صديقه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وكما قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم اثنان تحابا في الله فظلهم الله بظله يوم القيامة كم تمنيت أن نبقى إخوة في الله، وكان أهون علي أن أفارقه من أن أعلم حقيقته المرة وأن أكتشف خبثه وخداعه، فظهر أن صاحبي ممثل بارع أوهمني بطيبته، ولكني تأكدت من مرضه فاعتقدت أن من يمثل على الآخرين ويتظاهر بالكمال ويحاول جاهداً إخفاء عيوبه يحتاج إلى علاج، فماذا أفعل هل أصارحه بما علمت وكيف لي بمساعدته فأنا أحتاج لوقت أتقبل فيه ما حدث، ومن الصعب أن أتخلى عنه بسبب ظروف يمر بها وهو في النهاية رفيقي، فأرجو مساعدته من فضلكم ساعدوني إن استطعتم؟ مع خالص الاحترام والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحبة في الله عظيمة جداً لما يترتب عليها من الثواب الجزيل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله قال:.... ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه. متفق عليه، قال المناوي في فيض القدير: (رجلان تحابا) بتشديد الموحدة وأصله تحاببا أي أحب كل منهما صاحبه (في الله) أي في طلب رضي الله أو لأجله لا لغرض دنيوي (فاجتمعا على ذلك) أي على الحب المذكور بقلوبهما (وافترقا عليه) أي استمرا على محبتهما لأجله تعالى حتى فرق بينهما الموت ولم يقطع تحابهما عارض دنيوي ...
والمحبة في الله هي الباقية وغيرها ينقلب إلى عداوة وبغضاء، كما قال الله تعالى: الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67} ، وقوله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا {الفرقان:27-28} .
وقد أمر سبحانه وتعالى بصبر النفس مع الأخيار والبعد عن الأشرار أصحاب الأهواء، كما في قوله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28} ، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً بليغاً بديعاً للصاحب الصالح والصاحب السوء فقال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك, وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك, وإما أن تجد ريحا خبيثة. متفق عليه واللفظ لمسلم.
فإن كان ظهر من صديقك ما يدل على خبثه وخداعه وأنه صاحب سوء فننصحك بتجنبه لأن الصاحب ساحب, والمرء على دين خليله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. أخرجه أبو داود والترمذي، وقديما قيل:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي
وأما إن كان صاحبك جليسا صالحا وصديقا حسنا ولكن تصدر منه بعض الأخطاء فاعذره وتمسك به وبين له خطأه وانصحه فكل الناس يخطئون، وينبغي أن تتثبت قبل نسبة الخطأ إليه فقد تكون واهما أو أنه صاحب عذر ونحو ذلك، واعلم أن من طلب صديقاً مبرءاً من كل عيب بقي ولا صديق له:
تريد مبرءا لا عيب فيه * وهل نار تفوح بلا دخان
ول بشار أبيات جميلة في هذا المعنى حتى أصبحت مثلاً يقول فيها:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً * صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه * مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
أما مسألة مساعدته فلا حرج فيها ولو لم تكن تنوي مصادقته فساعده وفرج كربته ابتغاء وجه الله، ففي الحديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه, من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته, ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة, ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. رواه مسلم. وللاستزادة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 42007، 61401، 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(9/1602)
صبر المرأة على صديقتها ومعاملتها بالتي هي أحسن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة ولي زميلة في العمل كنت على علاقة جيدة بها وفي يوم من الأيام احتاجت أن تمدد تدفئة مركزية لبيتها وطلبت مني أن يعملها لها أخي كونه فني تدفئة وقلت لأخي ووافق واتفقوا على 250 ديناراً أجرته ودفعت له 150ولكنهم اختلفوا في نهاية العمل على مبلغ 100 دينار ولم تدفعه له بحجة أنه قال سيأتي معي عامل آخر ولم يأت معه أحد وأنه لم يستكمل عمله عندها، ولكنه هو يقول أنه أكمل عمله ولولا أنه لم يكمل عمله لما عملت التدفئة في فصل الشتاء بشكل جيد فعلاً التدفئة عملت وهي كانت تقول إنها جيدة ولم تتعطل أبداً خلال فصل الشتاء الماضي، وهي الآن لا ترضى أن تعطيه بقية حقه وقد رفع عليها قضية في المحكمة وهي لما علمت أنه رفع عليها قضية عن طريق المحامي زعلت مني ولم تعد تكلمني ولا تسلم عليّ وأنا لا أعرف ما السبب إلا عن طريق زميلتي الأخرى التي أعلمتني السبب وهو -أن أخي رفع عليها قضية- أنا أسأل هل لها حق في زعلها علي، علماً بأنني أسلم عليها عندما أراها ولكنها لا ترد السلام أو تردها بشكل غير واضح على غير خاطر منها، سؤالي هل أنا أعتبر من المشاحنين أو المخاصمين الذين لا ترفع أعمالهم يومي الإثنين والخميس، أرجو أن توضحوا لي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فإنه لا حرج عليك ولا إثم، بل أنت مأجورة مشكورة -إن شاء الله تعالى- وذلك لما قمت به من السعي في تحصيل حاجة أختك وطلب الفني ليعمل لها ما تريد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:.... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.. رواه البخاري وغيره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:.... وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري وغيره، ولهذا فليس لها الحق أن تغضب عليك أو تقاطعك.
ولكن ينبغي لك أن تصبري عليها وتعامليها بالتي هي أحسن، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 7120، والفتوى رقم: 24125.
وفيما يخص أجرة العامل فإنه يلزمها دفع المبلغ المتفق عليه أصلاً إذا أتم العامل عمله بالمواصفات المطلوبة، وكونه لم يحضر عاملاً آخر معه فإن كان لذلك تأثير على عمله خصم منه مقابل ذلك، أما إن أتمه على الكيفية المتفق عليها فإنه يستحق بذلك الأجرة كاملة سواء كان وحده أو مع غيره، قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
وللأجير أجرة مكمله * إن تم أو بقدر ما قد عمله
ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(9/1603)
التوفيق بين الآراء وترك الفرقة أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترح علي أخ في القيام برحلة يوما في شقة عندي في منطقة زراعية وقال لي نأتي بطعام خفيف حتى لا نضيع الوقت في عمل الطعام ونقضيه في الاستمتاع بالرحله فوافقت على رأيه وقلت له نتفق مع باقي الإخوه فأخبرت أحد الإخوه فقال لي أفضل أن نأتي بدجاج ونقوم بشيه على الفحم فقلت له اتفق مع باقي الإخوه فإن لم يعترضوا فأنا موافق فأخبرت صديقي الأول فقال لي أنا معترض فقلت له وما المشكلة إذا وافق الباقي فقال لي أخذت برأيه ولم تأخذ برأيي قلت له لا ولكن إذا وافق الأغلبية (ونحن سبعة) على أي من الرأيين يطبق ويتنازل الباقي عن رأيه فقال لي فأنا لن أرتاح نفسيا في وجودي معكم إن فعلتم هذا فقلت له فإن وافق الأغلبية على رأي فيطبق، فقال لي إن حدث هذا فلن آتي معكم فقلت له لن نقوم برحلة حتى نصلح أنفسنا والأمر أصبح أكبر من هذا فهي حمية وعصبية وفرقة، فقال لي ليس هذا، ولكني لن أرتاح نفسيا فاختلفنا فقلت له نحتكم كما قال الله تبارك وتعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب) الشورى10، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو حرص المسلم على اجتماع إخوته وزملائه وبعدهم عما يؤدي بهم للتفرق، وقد حرص الشرع على التشاور بين الإخوان، ورفق بعضهم ببعض وإيثار بعضهم بعضاً والسعي في الإصلاح بينهم، فإن أمكن التوفيق بين آرائهم وإقناع بعضهم بالتنازل للبعض الآخر فهذا هو الأولى.
وإن لم يتيسر ذلك ولم يكن الأمر في فرض ولا محرم بل كان مباح الطرفين فيؤخذ برأي أهل الفقه والعبادة في الموضوع ويحاول جبر خاطر من لم يرض بالاعتذار إليه ومجاملته بأخذ رأيه في بعض الأشياء الأخرى.
ويدل لتقديم رأي أهل العلم والفضل فيما ليس فيه حكم شرعي، ما في الحديث عن علي رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان أمر ولا نهي فبم تأمرنا، قال: شاوروا فيه الفقهاء والعابدين ولا تمضوا فيه رأي خاصة. رواه الطبراني في الأوسط. وقال فيه الهيثمي: رجاله موثقون من أهل الصحيح، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2153، 27765، 53017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(9/1604)